وسيط السنهوري - الجزء 9 التاسع
الوسيط
في شرح القانون المدني
( 9 )
أسباب كسب الملكية
مع الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية
( حق الانتفاع وحق الارتفاق )
تأليف
عبد الرزاق أحمد السنهوري
دكتور في العلوم القانونية ودكتور في العلوم السياسية والاقتصادية
ودبلومية من معهد القانون الدولي بجامعة باريس
1968
الناشر
دار النهضة العربية
32 شار عبد الخالق ثروت - القاهرة
القسم الأول
اسباب كسب الملكية
تمهيد ( [1] )
1 - التقسيم العلمي لأسباب كسب الملكية : يتم كسب الملكية بأسباب معينة . وأسباب كسب الملكية تقابل مصادر الالتزام . وكل من أسباب كسب الملكية ومصادر الالتزام يمكن تقسيمه تقسيماً علمياً ، يقوم على أساس واحد .
ذلك أن جميع مصادر الحقوق ، عينية كانت أو شخصية ، بل جميع مصادر الروابط القانونية ، ترجع إما إلى الواقعة المادية ( fait materiel ) ، أو إلى التصرف القانوني ( acte iuridique ) . وقد سبق أن بينا ذلك تفصيلاً . عندما عرضنا لتقسيم مصادر الالتزام تقسيماً علمياً في الجزء الأول من الوسيط ( [2] ) .
وقد ذكر التقنين المدني أسباباً سبعة لكسب الملكية : الإستيلاء والميراث والوصية والالتصاق والعقد والشفعة والحيازة . فإذا أردنا تقسيم هذه الأسباب تقسيماً علمياً ، بإرجاعها إلى التصرف القانون والواقعة المادية ، دخل العقد والوصية في نطاق التصرف القانوني ، ودخل الإستيلاء والميراث والالتصاق والشفعة والحيازة في نطاق الواقعة المادية .
أما العقد فهو تصرف قانوني صادر من الجانبين ، في حين أن الوصية تصرف قانوني صادر من جانب واحد .
والاستيلاء واقعة مختلطة ( mixte ) ، اختلطت فيها الحيازة المادية وهي عنصر مادي بإرادة المستولى في أن يتملك في الحال وهي عنصر إرادي . ولكن العنصر المادي هنا هو المتغلب ، ومن ثم ألحق الإستيلاء بالوقائع المادية .
والميراث سبب كسب الملكية فيه هو الموت ، والموت واقعة مادية .
والالتصاق ، سواء كان التصاقاً بعقار أو التصاقاً بمنقول ، ليس إلا اتحاد شيء بآخر اتحاداً مادياً ، فيكسب صاحب الشيء الأصلي ملكية الشيء الفرعي . فالاتحاد المادي إذن هو سبب كسب الملكية . والاتحاد المادي ليس إلا واقعة مادية .
والشفعة واقعة مركبة ( complexe ) ، اقترن فيها الشيوع أو الجوار أو أي ارتباط آخر يقوم بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به ، وهذه واقعة مادية ، ببيع العقار المشفوع في وهذه واقعة مادية بالنسبة إلى الشفيع ، بإعلان الشفيع إرادته في الأخذ بالشفعة وهذا تصرف قانوني ، فهذه الوقائع المتسلسلة المركبة الغلبة فيها للواقعة المادية لا للتصرف القانوني ومن ثم يمكن إدخال الشفعة في نطاق الوقائع المادية .
والحيازة هي السيطرة الفعلية على الشيء أو الحق محل الحيازة ، ومن ثم تدخل الحيازة في نطاق الوقائع المادية ( [3] ) .
2 - التقسيم العملي لأسباب كسب الملكية : ولم يرد التقنين المدني أن يأخذ بالتقسيم العلمي سالف الذكر ، إذ هو أقرب إلى الفقه منه إلى التشريع ، وسلك في تقسيم أسباب كسب الملكية سبيلاً عملياً أقرب إلى الأذهان .
فميز بين كسب الملكية ابتداء في شيء لم يكن له مالك وقت كسب الملكية ( mode originaire ) ويتمثل ذلك في الإستيلاء ( occupation ) ، وبين كسب الملكية تلقياً عن مالك سابق ( mode derive ) فتنتقل الملكية من مالك إلى مالك آخر ، وهذا هو شأن أسباب كسب الملكية الأخرى غير الإستيلاء . وهذه الأسباب الأخرى إما أن تكون بسبب الوفاة ويتمثل ذلك في الميراث ( succession ) والوصية ( testament ) ، أو فيما بين الأحياء ويتمثل في ذلك في الالتصاق ( accession ) والعقد ( contrat ) والشفعة ( preemption ) والحيازة ( posscssion ) ( [4] ) .
وكانت المادة 44 / 66 من التقنين المدني السابق تعدد أسباب كسب الملكية ، فنص على أن " تكتسب الملكية والحقوق العينية الأخرى بالأسباب الآتية وهي العقود ، الهبة ، الميراث والوصية ، وضع اليد ، إضافة الملحقات للمالك ، الشفعة ، مضي المدة الطويلة " . فلم يتوخ هذا التقسيم أي ترتيب منطقي ، ولم يخل من التكرار إذ ذكر العقود وذكر إلى جانبها الهبة والهبة ليست إلا عقداً ، وسمى الإستيلاء " بوضع اليد " فأوجد لبساً ما بين الإستيلاء والحيازة ، وعندما عرض للحيازة سماها " مضي المدة الطويلة " والحيازة أوضع بكثير من ذلك ، وأطلق على الالتصاق عبارة " إضافة الملحقات إلى الملك " وفي هذه التسمية شيء من الإغراب والإبهام . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " رتب المشروع هذه الأسباب ترتيباً منطقاً دون أن يعددها ، وهذا بخلاف التقنين الحالي ( السابق ) ( م 43 / 66 ) فقد عددها دون أن يرتبها ترتيباً منطقياً . وقد ميز المشروع بين كسب الملكية ابتداء ، أي دون أن يكون لها مالك سابق تنتقل منه ، ويكون هذا بالاستيلاء ، وبين كسبها انتقالاً من مالك سابق . والكسب انتقالاً قد يكون بسبب الوفاة ويتم هذا بالميراث والوصية ، أو يكون انتقالاً بين الأحياء ويتم ذلك بالالتصاق والعقد والشفعة والحيازة . ولم يعرض المشروع في هذا المكان للهبة كما فعل التقنين الحالي ( السابق ) ، فهي كسبب من أسباب انتقال الملكية تندرج في العقد ، ولا محل لإفرادها بالذكر . وهي كعقد مسمى لها أحكام مفصلة يجب أن توضع في مكانها بين العقود المسماة ، وهذا ما فعله المشروع " ( [5] ) .
وأسباب كسب الملكية التي ذكرها التقنين المدني هي أسباب عامة شاملة . فهي عامة ، إذ هي لا تقتصر على الملكية وحدها ، بل تتناول سائر الحقوق العينية الأصلية كحق الانتفاع وحق الارتفاق . وقد كانت واردة في المشروع التمهيدي بعد الحقوق المتفرعة عن الملكية ، حتى تعم حق الملكية والحقوق العينية المتفرعة عنه . فرأت لجنة المراجعة أن تقدمها في الترتيب وتجعلها تالية مباشرة لحق الملكية ، لأنها متحققة جميعاً في حق الملكية ولا تتحقق جميعها في الحقوق المتفرعة عنه ، وما يتحقق منها في هذه الحقوق منصوص عليه في كل حق ( [6] ) . وهذه الأسباب هي أيضاً شاملة ، فهي قد حصرت جميع أسباب كسب الملكية . ويلاحظ في هذا الصدد أن الملكية قد تنتقل جبراً على صاحبها بإرادة من تنقل إليه دون إرادة المالك نفسه ، وأبرز ما تكون هذه الظاهرة في الشفعة وهنا ، حتى تكون الأسباب شاملة حقاً ، يجب أن نلحق بالشفعة ما يماثلها في نفس الظاهرة . ونذكر من ذلك استرداد الحصة الشائعة المبيعة قبل القسمة ، واسترداد الحق المتنازع فيه ، واشتراك الجار في الجزء المعلى من الحائط المشترك ، والمزاد الجبري عند تنفيذ الدائن على أموال المدين أو عند قسمة التصفية ، ونزع الملكية للمنفعة العامة ، والتأميم ، والمصادرة ( [7] ) . وهذه الأسباب كلها مذكورة في مواضعها فلا تعود إليها هنا ( [8] ) .
3 - خطة البحث : ونساير التقنين المدني في تقسيمه العمل لأسباب كسب الملكية ، فهو تقسيم واضح . ونبحث هذه الأسباب في أبواب ثلاثة : نفرد الباب الأول منها لكسب الملكية ابتداء عن طريق الإستيلاء ، نجعل الباب الثاني لكسب الملكية بسبب الوفاة فنبحث الميراث والوصية ، ونخصص الباب الثالث لكسب الملكية فيما بين الأحياء فنبحث الالتصاق والعقد والشفعة والحيازة .
الباب الأول
كسب الملكية ابتداء الإستيلاء
( Occupation )
4 - التمييز بين المنقول والعقار : الإستيلاء ، كسبب لكسب الملكية ، يفترض أن الشيء الذي تكسب ملكيته ليس له مالك وقت الإستيلاء . وعلى ذلك لا يرد الإستيلاء إلا على الأشياء ، فلا يرد على الأموال إذ وقت الإستيلاء كان الشيء لا مالك له ، فهو شيء لا مال ، ويصبح مالاً بالاستيلاء ( [9] ) . ويندر أن توجد أشياء لا مالك لها في المجتمعات المتحضرة . أما في المجتمعات البدائية التي لم تستغل مواردها الاقتصادية ، وفي المجتمعات الجديدة الناشئة ، وفي البلاد الصحراوية ، فكثير من أشيائها يكون لا مالك له ، ومن ثم يرد عليه الإستيلاء .
وإذا كان الشيء الذي لا مالك له نادراً في المجتمعات المتحضرة ، فهو في العقار أندر منه في المنقول ، ذلك أن العقار تقبل الناس على تملكه ، فلا يكاد يبقى عقار لا مالك له . وإذا بقيت أراض غير مزروعة في الصحراء أو في الجبل لا مالك لها ، فيغلب أن يتدخل المشرع ويعتبرها ملكاً للدولة ، كما فعل المشرع المصري عندما نص في المادة 874 / 1 مدني على أن " الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكاً للدولة " ( [10] ) .
لذلك يجب التمييز ، في الإستيلاء ، بين المنقول والعقار .
المبحث الأول
الإستيلاء على المنقول
5 - المنقول الذي لا مالك له – نص قانوني : يقع في بعض الأحيان أن يكون المنقول ليس له مالك ، إما بألا يكون له مالك منذ البداية . أو بأن يكون له مالك ثميخلى هذا عن ملكيته فيصبح المنقول لا مالك له .
مثل المنقول الذي لا يكون له مالك منذ البداية ( res nulius ) : الأشياء المشتركة ( res communes ) ، والسمك في الماء ، والطير في الهواء ، والحيوانات غير الأليفة .
وقد يكون للمنقول مالك ، ثم يتخلى هذا عنه ، وقد نصت المادة 871 / 1 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " يصبح المنقول لا مالك له ، إذا تخلى عنه مالكه بقصد النزل عن ملكيته " ([11]) . فإذا تخلى مالك المنقول عنه بقصد النزول عن ملكيته ، فقد هذه الملكية وأصبح المنقول ليس له مالك ، ومن ثم يجوز لأي شخص أن يتملكه بالاستيلاء ، مثل ذلك أن يلقى شخص في الطريق ، أو في سلة المهملات لتلقى في الطريق ، أوراقاً أو أشياء أصبحت غير ذات نفع له ، قاصداً بذلك النزول عن ملكيتها ( [12] ) . ومثل ذلك أيضاً أن يحوز شخصاً حيواناً غير أليف فيتملكه بالاستيلاء ، ثم يطلقه متخلياً عن ملكيته فيفقدها ، ثم يعود إلى حيازته مرة أخرى فيعود إلى تملكه بالاستيلاء . ومثل ذلك أخيراً الطير والأتربة التي تستخرج من باطن الأرض وتلقى على قارعة الطريق ، كما إذا حفر شخص خندقاً في أرضه أو طهر ترعة أو مصرفاً .
ويشترط في التخلي الذي يفقد المالك ملكية المنقول أن يكون متوافراً على عنصرين : ( 1 ) عنصر مادي ، هو ترك المنقول يخرج من حيازته . ( 2 ) وعنصر معنوي ، هو نية النزول عن ملكية المنقول ، وقد تستخلص هذه النية من الظروف كما هو الأمر في إلقاء الأشياء في الطريق أو في إطلاق الحيوان غير الأليف بعد اعتقاله ليعود إلى حريته . وعلى ذلك إذا ضاع منقول من مالكه ، فإن المالك لا يعتبر تخلياً عن ملكيته ، فهو إذا كان قد فقد حيازته فإن ذلك لم يقترن عنده بنية النزل عن الملكية ([13]) .
ويفهم من نص المادة 871 / 2 مدني ، عن طريق التدليل العكسي ، أن العقار لا يجوز أن يتخلى مالكه عنه ، إذ النص مقصور على المنقول فمن تخلى عن عقار ، قاصداً النزول عن ملكيته ، تخلصاً من الضرائب مثلاً أو من أحكام قانون الإصلاح الزراعي ، فإن العقار يبقى بالرغم من ذلك على ملكيته ، فلا يفقد هذه الملكية ، ولا يؤول العقار للدولة .
6 - كيف يتم الإستيلاء على المنقول الذي لا مالك له – نص قانوني : تنص المادة 870 مدني على ما يأتي :
" من وضع يده على منقول لا مالك له بنية تملكه ، ملكه " ( [14] ) .
ويخلص من هذا النص أن للاستيلاء أركاناً ثلاثة ، إذا اجتمعت تحقق الإستيلاء وكان سبباً لكسب الملكية :
أولاً – منقول لا مالك له : وقد رأينا فيما تقدم ( [15] ) أن المنقول الذي لا مالك له إما أن يكون كذلك منذ البداية ، أو أن يكون له مالك في أول الأمر ثم يتخلى هذا المالك عن ملكيته . ففي الحالتين يرد الإستيلاء على هذا المنقول الذي لا مالك له ، فيكون سبباً في كسب ملكيته لمن وضع يده عليه . ويجب أن يكون المنقول مادياً . فالمنقول المعنوي لا يرد عليه الإستيلاء . فلو أن شاعراً نظم شعراً ، ولم يرض عنه فألقى الورقة التي كتب فيها هذا الشعر في الطريق بنية النزول عن ملكيته للورقة وعن حقه المعنوي في الشعر الذي نظمه ، فالتقط الورقة عابر في الطريق واستولى عليها ، فإنه يملك بالاستيلاء الورقة وحدها دون الحق المعنوي للشاعر في شعره ، ومن ثم لا يجوز لمن استولى على الورقة أن ينشر الشعر ، وأن يستعمل في شأنه حق المؤلف المالي بدعوى أنه كسب هذا الحق بالاستيلاء ، وذلك لأن حق المؤلف المالي منقول معنوي ، وليس منقولاً مادياً حتى يمكن أن يرد عليه الإستيلاء . وقد وقع مثل ذلك فعلاً في فرنسا ، فمزق مصور الصورة التي رسمها ولم يرض عنها ، وألقى بها في الطريق ، فالتقطها أحد المارة . فقضى بألا حق له في جمع شتات أجزاء الصورة وإعادتها إلى أصلها وبيعها ، إذ اعتبر بيع الصورة هنا بعد جمع شتاتها نشراً للصورة ([16]) .
ثانياً – وضع اليد على هذا المنقول : وهذا هو العنصر المادي للحيازة . فيجب حتى يتحقق الإستيلاء أن يستحوذ من يريد تملك المنقول عليه ، فيصبح في قبضة يده ، ويستأثر به دون سائر الناس([17]) .
ثالثاً – نية التملك : وهذا العنصر المعنوي للحيازة . فيجب إذن على من يريد تملك المنقول بالاستيلاء أن يجمع بين عنصري الحيازة المادي والمعنوي . فيصبح حائزاً للمنقول ، وهذه الحيازة هي عين الإستيلاء . فلو التقط شخص منقولاً ملقى في الطريق مدفوعاً بعامل الفضول ، ولما تأمله زهد فيه وألقاه ثانية في الطريق ، فإنه لا يتملكه بالاستيلاء لفقد العنصر المعنوي للحيازة وهو نية التملك . ولما كانت نية التملك واجبة ، فإن عديم التمييز كالصبي غير المميز والمجنون لا يستطيع أن يتملك منقولاً بالاستيلاء ، لانعدام نية التملك المترتب على انعدام التمييز .
ونرى من ذلك أن الحيازة وحدها هنا ، غير مقترنة بأية واقعة أخرى ، تكفي للتملك ويرجع ذلك إلى أن الشيء الذي يرد عليه الإستيلاء هو منقول لا مالك له كما قدمنا ، فتملكه لا يتضمن سلباً لملكية الغير ، ولذلك كانت الحيازة وحدها كافية . أما إذا كان المنقول مملوكاً لشخص غير الحائز ، فالحيازة وحدها لا تكفي ، بل يجب أن يقترن بها السبب الصحيح وحسن النية . فإذا كان الشيء عقاراً ومملوكاً لشخص غير الحائز ، وجب لتملكه إلى جانب الحيازة انقضاء مدة التقادم الطويل وهي خمس عشرة سنة ، أو انقضاء مدة التقادم القصير وهي خمس سنوات على أن يقترن بذلك أيضاً السبب الصحيح وحسن النية . كذلك في تملك الثمار بالحيازة ، يجب أن تقترن الحيازة بحسن النية .
وننتقل الآن إلى بعض تطبيقات الإستيلاء ، ورد أكثرها في التقنين المدني ، ونميز فيها بين المنقول الذي ليس له مالك منذ البداية ، فنعرض للشيء المشترك ولصيد البر والبحر وللحيوانات غير الأليفة ، وبين المنقول الذي كان له مالك ثم أصبح لا مالك له ، فنعرض للأشياء المتروكة وللكنز وللقطة ( الأشياء الضائعة ) وللأشياء الأثرية وللتركة التي لا وارث لها .
1- المنقول الذي له مالك منذ البداية
7 - الشيء المشترك : هناك أشياء مشتركة النفع لجميع الناس ، كالشمس والهواء والبحر ، وهي غير قابلة للتعامل فيها ، لاستحالة هذا التعامل .
ولكن قد يصبح التعامل في هذه الأشياء ممكنا من بعض النواحي ، فعند ذلك تصبح منقولاً ليس له مالك ، ويجوز تملكها بالاستيلاء . ( [18] ) فأشعة الشمس يمكن أن يحصرها فوتوغرافي ، والهواء يمكن أن يستعمله الكيميائي في أغراضه ، والبحر يمكن أن يؤخذ من مائه ما يصلح أن يكون محلاً للتملك ( [19] ) ، فكل من الفوتوغرافي والكيمائي ومغترف الماء من البحر يملك بالاستيلاء ما أحرزه من كل ذلك بنية تملكه ( [20] ) .
8 - صيد البر والبحر – نص قانوني : تنص المادة 873 مدني على ما يأتي :
" الحق في صيد البحر والبر واللقطة والأشياء الأثرية تنظمه لوائح خاصة " ( [21] ) .
وندع جانباً القوانين واللوائح الكثيرة التي تنظم الصيد ، فهي تعرض لمسائل تفصيلية تدخل في مباحث القانون الإداري ( [22] ) .
وتبقى الناحية المدنية ، فالطير في الهواء والسمك في الماء منقول لا مالك له منذ البداية ، فيجوز لمن يستولى عليه أن يتملكه بالاستيلاء . والاستيلاء هنا هو صيد الطير أو السمك ، فالصائد إذا صاد طيراً أو سمكاً وأصبح في قبضة يده ، فقد ملكه .
والأصل في صيد الطير أن حق الصيد في أرض يملكه صاحب هذه الأرض . فإذا كانت الأرض شائعة ، كان لكل مالك في الشيوع حق الصيد فيها ، أما النزول للغير عن حق الصيد فيقتضي رضاء جميع الملاك في الشيوع ( [23] ) . وإذا ترتب على الأرض حق انتفاع ، فالمنتفع هو الذي يكون له حق الصيد ( [24] ) . أما المستأجر للأرض فلا يكون له حق الصيد فيها ، إلا باتفاق خاص ( [25] ) . فإذا كان الصيد في طريق عام ، فهو مباح للجميع ، بشرط مراعاة القوانين واللوائح التي تنظم هذا الحق . ولا يجوز ترتيب حق إرتفاق بالصيد ، فحق الارتفاق لا يترتب لمصلحة شخص وإنما بترتب لمصلحة عقار ( [26] ) . ولكن يجوز إيجار حق الصيد ، وتسري عليه أحكام عقد الإيجار ( [27] ) . ويكون إيجار حق الصيد تبعاً لإيجار الأرض ، أو مستقلاً عنها ، وعلى ذلك يكون لمالك الأرض أن يؤجر حق الصيد فيها مستقلاً عن الأرض ذاتها ، فيستبقى لنفسه الانتفاع بالأرض ويؤجر حق الصيد فيها لآخر ، كما له أن يؤجر الأرض لشخص وحق الصيد لشخص آخر ، وله أخيراً أن يؤجر الأرض ويستبقى حق الصيد لنفسه . وإذا أجر صاحب الأرض حق الصيد ، لم يجز له أن يصطاد بنفسه أو أن يسمح لأحد آخر بالصيد ، لأن هذا الحق قد أجره ونزل بذلك عن حق الانتفاع به . أما إذا سمح صاحب الأرض بالصيد فيها لآخر ولو بمقابل فهذا السماح لا يعتبر إيجاراً بل عقداً غير مسمى تعهد به صاحب الأرض بألا يمنع المتعاقد الآخر من الصيد في أرضه ، وهذا العقد غير المسمى لا يمنع صاحب الأرض من الصيد في أرضه ، ولا يمنعه أيضاً من السماح لأشخاص آخرين بالصيد ( [28] ) .
ويتحقق الإستيلاء على الطير بصيده ووقوعه ميتاً ولو في أرض الغير وإحرازه . ولكن ليس من الضروري لتحقق الإستيلاء الإحراز المادي للطير ، فالمسلم به أنه يكفي أن يقع الطير ميتاً أو مجروحاً جرحاً قاتلاً بحيث لا يستطيع توقي مطاردة كلاب الصيد له ولا يستطيع القرار منها ، فيكون إحرازه أمراً محققاً وشيك الوقوع ( [29] ) . أما إذا كان الطير لم يجرح جرحاً قاتلاً وكان يستطيع القرار ، فقبل إحرازه لا يتحقق تملكه بالاستيلاء ، ويجوز للغير أن يستولى عليه فيتملكه . وقد تقوم صعوبات عملية فيما إذا اصطاد شخصان طيراً واحداً في وقت واحد $ 22 $ أو على التعاقب ( [30] ) ، وفيما إذا لم يعثر على الطير بعد وقوعه ثم عثر عليه بعد ذلك ، وكل هذه من مسائل الواقع يبت فيها قاضي الموضوع ( [31] ) .
والسمك في الماء ، وسائر الأحياء المائية ( [32] ) ، هي أيضاً منقول لا مالك له ، ويجوز تملكه بصيده ، فيكون سبب كسب الملكية هو الإستيلاء . وينظم الصيد في البحر والبحيرات والمياه الداخلية لوائح كثيرة متنوعة . ولكن السمك الذي يوجد في مجارى المياه المملوكة ملكية فردية ، كالترع والمصارف الخاصة والمستنقعات ، لا يعتبر منقولاً لا مالك له ، بل هو ملك لمالك مجرى الماء الذي يوجد فيه السمك . ولا يجوز صيد السمك في مجارى المياه الخاصة إلا بإذن أصحاب هذه المجارى ، وإذا صاد شخص هذا السمك دون إذن يعتبر سارقاً له ( [33] ) . ويتحقق الإستيلاء على السمك الذي لا مالك له بصيده ووقعه في شبكة الصائد بحيث لا يستطيع الإفلات منها ، فإذا تمكن السمك من الإفلات ولم يستطع الصائد إحرازه قبل أن يفلت ، وعاد السمك إلى الماء ، فإنه يعود منقولاً لا مالك له ، ويجوز لأي شخص آخر صيده .
9 - الحيوانات غير الأليفة – نص قانوني : تنص المادة 871 / 2 مدني على ما يأتي :
" وتعتبر الحيوانات غير الأليفة لا مالك لها ما دامت طليقة . وإذا اعتقل حيوان منها ثم أطلق ، عاد لا مالك له إذا لم يتبعه المالك فوراً أو إذا كف عن تتبعه . وما روض من الحيوانات وألف الرجوع إلى المكان المخصص له ، ثم فقد هذه العادة ، يرجع لا مالك له " ( [34] ) .
ويخلص من هذا النص أن الحيوانات الأليفة ، كالدواجن والمواشي والخيل والحمير والبغال والكلاب والقطط والقردة والنسانيس وغير ذلك من الحيوانات الأليفة ، لا تعتبر منقولاً لا مالك له ، ولا يجوز تملكها بالاستيلاء ، فهي عادة يكون لها صاحب يملكها ، ولا تزول ملكيته عنها إلا بانتقالها إلى غيره بسبب ناقل للملكية ، ولا يكون ذلك بالاستيلاء . وإذا ضلت هذه الحيوانات أو تسربت ، فإن صاحبها لا يفقد ملكيتها ، وتسرى عليها أحكام الأشياء الضائعة . وإنما تملك بالاستيلاء إذا تخلى صاحبها عن ملكيتها ، فتصبح عندئذ منقولاً ولا لا مالك له ، ومن ثم يكسب ملكيتها من يستولى عليها ، وذلك كالكلاب والقطط إذا تخلى عنها أصحابها .
أما الحيوانات غير الأليفة ، ويدخل في ذلك الحمام والنحل ، كما تدخل الحيوانات التي تعيش طليقة على حالتها الأصلية من الحرية الطبيعية كالغزلان والذئاب والثعالب والطيور ، بل تدخل الحيوانات التي تعيش عادة في الغابات كالأسود والنمور والفيلة ( [35] ) ، فهذه جميعاً لا مالك لها منذ البداية ، وتبقى كذلك ما دامت طليقة ، ومن ثم يجوز كسبها بالاستيلاء ، ويتم ذلك باعتقالها وترويضها واستئناسها ، فإذا شيد شخص أبراجاً يأوي إليها الحمام ، أو اعتقل غزالاً أو طير وحبسه في قفص ، أو أحرز أسوداً ونموراً وفيلة لتعرض في ملعب من ملاعب " السيرك " ، فإنه يتملك هذه الحيوانات غير الأليفة بالاستيلاء ، وتبقى ملكاً له ما دامت معتقلة غير طليقة .
فإذا أطلقت هذه الحيوانات ، أو انطلقت من نفسها بغير علمه أو بالرغم منه ، عادت حيوانات لا مالك لها ، ويجوز لغيره تملكها بالاستيلاء على النحو الذي كان هو قد تملكها به . وذلك ما دام لم يتتبعها فوراً بعد علمه بانطلاقها ليعيد اعتقالها ، أو تتبعها وفراً ولكنه كف عن تتبعها يأساً منه أو زهداً فيها فبقيت طليقة . أما إذا تتبعها فوراً ، ولم يكف عن تتبعها حتى أمسك بها وأعاد اعتقالها ، فإن ملكيته لها التي كسبها بالاستيلاء في أول الأمر تبقى ولا تزول ، حتى في خلال الفترة التي كان يتتبعها فيها وهي طليقة . ولا يجوز لشخص آخر أن يستولى عليها في هذه الفترة وهو عالم بحالتها ، وإلا عد سارقاً لأنه اختلس منقولاً مملوكاً لغيره .
وإذا روضت هذه الحيوانات حتى أصبحت تألف الرجوع إلى المكان المخصص لها ، كالحمام في الأبراج ، فإنها تبقى ملكاً لمن استولى عليها ، حتى في الفترة التي تغادر فيها الأبراج وتطير في الهواء ، ما دامت قد ألفت الرجوع إلى الأبراج وما دامت ترجع بالفعل إليها . فإذا فقدت هذه العادة ، ولم تعد ترجع إلى الأبراج ، فإنها تعود طليقة ، وتصبح مرة أخرى منقولاً لا مالك له ، ومن ثم يجوز لأي شخص تملكها ثانية بالاستيلاء على النحو الذي سبق بيانه .
2 - المنقول الذي كان له مالك
10 - الأشياء المتروكة : ويقصد بها الأشياء المنقولة التي تركها أصحابها وتخلوا عن ملكيتها زهداً فيها أو تخلصاً منها ، وذلك كالأوراق والزجاجات الفارغة والأشياء التي يستغنى عنها فتلقى في سلة المهملات ومخلفات المنازل التي تلقى في صناديق القمامة وبقايا المأكولات التي يتركها الإنسان في قطارات السكك الحديدية وما يقصد الإنسان أن يتخلص منه فيلقيه في قارعة الطريق . ويدخل في ذلك البدرات من النقود الصغيرة ، التي يلقى بها على الجمهور ليلتقطها في الحفلات والأعراس ( [36] ) . وتسمى هذه الأشياء بالأشياء المتروكة ( res derelictace ) ، لأن صاحبها يتركها بنية التخلي عنها ( derelicto, abondon ) . فالترك إذن ، كما سبق أن بينا ( [37] ) ، يتكون من عنصرين ، أحدهما مادي وهو التجرد عن حيازة الشيء ، والآخر معنوي وهو نية التخلي عن ملكية الشيء وتركه ليستولي عليه أول إنسان يعثر عليه فيحوزه ( [38] ) . وعلى ذلك يجب التمييز بين الأشياء المتروكة ، والأشياء التي ليس لها مالك منذ البداية . فالأولى كان لها مالك ، ثم تخلى عن ملكيتها . أما الثانية فلم يكن لها مالك أصلاً ، كالطير في الهواء والسمك في الماء والحيوانات غير الأليفة على التفصيل الذي سبق بيانه . ولكن الأشياء المتروكة والأشياء التي ليس لها مالك من البداية سواء من حيث الإستيلاء ، فكلاهما يرد عليه الإستيلاء لأنه وقت أن يتم إحرازه والاستحواذ عليه لا يكون له مالك ، إما لأن المالك قد تركه أو لأنه لم يوجد له مالك أصلاً . كذلك يجب التمييز بين الأشياء المتروكة ، والأشياء الضائعة ( اللقطة ) . فالأشياء المتروكة تخلي عنها صاحبها طوعاً وعن بينة من أمره ، ففقد ملكيتها . أما الأشياء الصالحة فلم يتخل عنها صاحبها طوعاً ، بل هو قد فقدها بغير إرادته ولم يستطع
العثور عليها ، ولعله لا يدري أنه فقدها ، ولذلك تبقى ملكيتها له ولا تزول إلا بسبب قانوني ( [39] ) .
والأشياء المتروكة ، على النحو الذي قدمناه ، تصبح منقولاً لا مالك له ( [40] ) ، ومن ثمي جوز لأي شخص أن يتملكها بالاستيلاء فلا يجوز للمالك الأصلي نفسه ، إذا بدا له ذلك ، أن يعود فيستولى عليها إذا لم يكن أحد قد استولى عليها من قبل ، وعند ذلك يملكها مرة أخرى ولكن بسبب جديد هو الإستيلاء .
11 – الكنز – نص قانوني : تنص المادة 872 مدني على ما يأتي :
" 1 - الكنز المدفون أو المخبوء ، الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له ، يكون لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز أو لمالك رقبته " .
" 2 - والكنز الذي يعثر عليه في عين موقوفة يكون ملكاً خاصاً للواقف ولورثته " ( [41] ) .
ويخلص من هذا النص أنه يجب أن يتوافر في الكنز شرطان :
( الشرط الأول ) أن يكون مدفوناً أو مخبوءاً : فهو إذن مال منقول . أما العقار المدفون فيكون عادة أثراً من الآثار القديمة ( [42] ) ، تسرى عليه الأحكام المتعلقة بالآثار التاريخية لا الأحكام المتعلقة بالكنز . وما دام مدفوناً أو مخبوءاً فإنه يكون متميزاً عن الأرض ، فما يوجد من معادن ونفط وأحجار في باطن الأرض لا يكون كنزاً ، لأنه جزء من باطن الأرض وليس مدفوناً أو مخبوءاً فيها ( [43] ) . وإذا لم يكن المنقول مدفوناً أو مخبوءاً ، بل كان ملقى على سطح الأرض ، فهو ليس بكنز ، ويعتبر شيئاً ضائعاً تسري عليه أحكام الأشياء الضائعة ( [44] ) . وليس من الضروري أن يكون الكنز مدفوناً أو مخبوءاً في باطن الأرض أو في حائط لبناء قائم ، أي في عقار . بل يجوز أن يكون مخبوءاً في منقول آخر يحتويه ، كما إذا عثر على مجوهرات أو ذهب أو نقود في درج سري من أدراج المكتب ، أو على أوراق مالية أو سندات مخبوءة على صفحات كتاب أو سجل قديم ( [45] ) .
( والشرط الثاني ) ألا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته لهذا المنقول : فإذا استطاع شخص أن يثبت ملكيته للمنقول ، وأنه كان قد دفنه في باطن الأرض أو خبأه في مخبأ سري خوفاً عليه من السطو أو المصادرة أو للطمأنينة على بقائه محفوظاً ، فإنه لا يعتبر كنزاً ، ويجوز للمالك أن يسترده بدعوى الاستحقاق ( [46] ) .
ويلاحظ أن الكنز – بهذا التحديد – ليس من الدقة أن يقال إنه منقول لا مالك له . فقد رأينا أن المنقول الذي لا مالك له إما أن يكون لم يملكه أحد منذ البداية ، أو يكون قد ملكه شخص ثم تخلى عن ملكيته . والكنز ليس هذا ولا ذاك ، فهو قد كان له مالك ، ولم يثبت أن هذا المالك قد تخلى عن ملكيته بل الظاهر أنه كان حريصاً عليه عندما دفنه أو خبأه . لذلك يبدو أن الكنز لا يصح أن يكون محلاً للاستيلاء ( [47] ) ، كما يصح أن يكون محلاً للاستيلاء المنقول الذي لا مالك له . وإذا كنا نعالج هذه المسألة بين مسائل الإستيلاء ، فلأن الكنز يقرب من المنقول الذي ليس له مالك في أنه ولو أن له مالكاً إلا أن هذا المالك غير معروف ( [48] ) .
من أجل ذلك لم تسر على الكنز أحكام الإستيلاء كاملة في القانون الفرنسي ، ولم تسر أصلاً في القانون المصري .
أما القانون الفرنسي فيقسم الكنز مناصفة بين مالك العقار الذي وجد فيه الكنز وبين من عثر على هذا الكنز ، فإذا كان من عثر عليه هو نفس مالك العقار فالكنز له كله ( م 716 مدني فرنسي ) ([49]) . وفي الحالة الأولى ، إذا قسم الكنز مناصفة ، من عثر على الكنز يملك النصف بحكم القانون لا بحكم الإستيلاء ، لأن الاستيلاء لا يرد على الكنز ( [50] ) كما قدمنا . وقد رأى المشرع الفرنسي أن الكنز ، ومالكه غير معروف ، يتقاسمه الشخصان اللذان لهما شأن به ، وهما صاحب العقار ومن عثر على الكنز . أما من عثر على الكنز ، فلأنه هو الذي كشف عنه وقد كان قبل ذلك مدفوناً أو مخبوءاً ( [51] ) . وأما صاحب العقار . فلأن هناك احتمالاً أن يكون مالك الكنز هو أحد أجداده إذا كان يملك العقار من مدة طويلة ، وإلا فهناك احتمال آخر أنه كان يعثر على الكنز وهو موجود في عقاره لو لم يسبقه من عثر على الكنز فعلاً . وفي الحالة الثانية ، إذا عثر على الكنز مالك العقار نفسه فتملكه كله ، فهو يتملكه لا بحكم الالتصاق فهذه ليست حالة من حالاته ، ولا بحكم الإستيلاء فالكنز لا يصح أن يكون محلاً للاستيلاء كما قدمنا ، ولكن بحكم القانون ( [52] ) . فقد رأى المشرع الفرنسي أن صاحب الشأن في الكنز هو صاحب العقار وحده ، فهو الذي يملك العقار ، وهو الذي عثر على الكنز ، ومن ثم لا يوجد أحد يزاحمه فكان له الكنز كله ( [53] ) .
وأما القانون المصري فقد أغفل جانب من عثر على الكنز أصلاً ، فلم يجعل له أي نصيب في الكنز . وقد يفسر ذلك بأن من عثر على الكنز إما أن يكون قد عثر عليه مصادفة ، أو بناء على تكليف المالك إياه بالبحث . فإن عثر عليه مصادفة ، فليس له فضل في العثور عليه ولا يستحق شيئاً من أجل ذلك ، وهو لا يستطيع أن يتملك الكنز بالاستيلاء إذ الكنز لا يصح أن يكون محلاً للاستيلاء كما قدمنا . وإن عثر عليه بناء على تكليف المالك إياه بالبحث ، فهو إنما كان يعمل لحساب المالك ، ومن ثم لا يكون له حق في الكنز ، والمالك يجيزه طبقاً لما عسى أن يكون قد تم بينهما من اتفاق ، أو يرجع هو على المالك بدعوى الإثراء بلا سبب ( [54] ) .
وما دام القانون المصري قد أغفل جانب من عثر على الكنز ، فلا يبقى أمامه إلا مالك العقار الذي وجده فيه الكنز . وعلى ذلك جعل القانون المصري الكنز كله لهذا المالك ، سواء كان هو الذي عثر على الكنز أو كان شخص آخر هو الذي عثر عليه . فإذا كان هو الذي عثر على الكنز فإنه يملكه ، لا لأنه تملك الكنز بالاستيلاء فقد قدمنا أن الكنز لا يصح أن يكون محلاً للاستيلاء . وإنما يتملكه بحكم القانون وحده ( [55] ) ، فقد رأى المشرع المصري أنه ما دام لا يوجد أحد يستطيع أن يثبت ملكيته للكنز فأولى الناس بالكنز هو صاحب العقار ، فقد وجد الكنز في عقاره ولا يستطيع أحد أن يدعى على الكنز حقاً أقوى من حقه . وإذا كان غير المالك هو الذي عثر على الكنز ، فإن الكنز كله يكون مع ذلك للمالك وحده . فمن عثر على الكنز ، مصادفة أو بعد بحث ، لا يكون له حق في الكنز على الوجه الذي بسطناه . ولا يبقى إذن إلا صاحب العقار يتملك الكنز كله وحده ، ولا يأخذ من عثر على الكنز شيئاً إلا ما يتبرع به له المالك ، أو ما يتفق معه عليه ، أو ما تخوله له دعوى الإثراء بلا سبب ( [56] ) .
وإذا كان على العقار حق انتفاع لشخص أو حق حكر أو كان لها مستأجر ، وعثر شخص على كنز في العقار ، فإن الكنز لا يكون لصاحب حق الانتفاع ولا للمحتكر ولا للمستأجر ، لأن الكنز لا يعتبر ثماراً حتى يتملكها هؤلاء ( [57] ) . ويكون الكنز كله لمالك الرقبة في حالة صاحب حق الانتفاع ، أو للمحكر في حالة صاحب حق الحكر ، أو للمالك في حالة المستأجر . ونص التقنين المدني صريح في هذا المعنى ، إذ تقول المادة 872 / 1 مدني سالفة الذكر : " الكنز . . . . يكون لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز أو لمالك رقبته " . ويسري هذا الحكم ، ويكون الكنز كله لمالك الرقبة أو للمحكر أو للمالك ، حتى لو كان من عثر على الكنز ، مصادفة أو بعد بحث ، هو صاحب حق الانتفاع أو المحتكر أو المستأجر ( [58] ) ، فقد قدمنا أن العثور على الكنز لا يخول من عثر عليه ، في القانون المصري ، أي حق في الكنز .
وإذا كان العقار الذي عثر فيه على الكنز عيناً موقوفة ([59]) لا مالك لها ، فالكنز يكون لمن كان مالكاً للعقار عند وقفه، وهذا المالك لا بد أن يكون هو الواقف، وهو لا يمكن أن يكون قد وقف الكنز، فبقى على ملكه. ومن ثم يكون الكنز كله للواقف إذا كان لا يزال حياً، أو لورثته إذا كان قد مات ([60]) .
وإذا كان العقار ملكاً للدولة ، سواء كان ملكيتها للعقار ملكية عامة أو ملكية خاصة بما في ذلك ملكية الأراضي غير المزروعة والأراضي الصحراوية ، فالكنز يكون هنا أيضاً للمالك ، ومن ثم يكون الكنز كله للدولة ( [61] ) .
وإذا عثر على الكنز في منقول ، كان الكنز لمالك هذا المنقول ، سواء كان مالكاً للعقار الذي يوجد فيه المنقول أو لم يكن مالكاً له ( [62] ) .
وقد فرضنا في كل ما تقدم أنه لا يوجد أحد يستطيع أن يثبت ملكيته للكنز ، ولذلك أعطى الكنز لمالك العقار الذي وجد فيه . فإذا وقع أن ظهر مالك الكنز بعد ذلك ، واستطاع أن يثبت ملكيته له ([63]) ، فإنه يستطيع أن يسترده من تحت يد مالك العقار بدعوى الاستحقاق ، طبقاً للقواعد العامة المقررة في هذا الشأن . ولا يسقط حق مالك الكنز بالتقادم المسقط ، فإن دعوى الاستحقاق ولو في المنقول لا تسقط بالتقادم . وهناك رأي يذهب إلى أن مالك العقار الذي وجد فيه الكنز يكون قد حاز الكنز وهو منقول بحسن نية معتقداً أنه قد أصبح مالكاً له ، ومن ثم تسري القاعدة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية ، ولكن الكنز يعتبر في حكم المفقود فيكون لمالكه حق استرداده في خلال ثلاث سنوات من وقت فقده أي من وقت حيازة مالك العقار للكنز ( [64] ) . ولكن الرأي الراجح هو أن مالك العقار الذي حاز الكنز لا يمكن أن تكون حيازته بحسن نية لأنه يعلم أو ينبغي أن يعلم أن للكنز مالكاً من حقه أن يسترده ، هذا إلى أنه ليس لديه سبب صحيح ( فيما يتعلق بالقانون المصري ) . ومن ثم يكون لمالك الكنز أن يسترده من مالك العقار في أي وقت ، لا في خلال ثلاث سنوات فقط ، هذا ما لم يتملك مالك العقار الكنز بالتقادم الطويل ( [65] ) . أما إذا باع مالك العقار الكنز لمشتر حسن النية فإن المشترى يملكه بالحيازة ، ولا يستطيع مالك الكنز أن يسترده حتى في خلال ثلاث سنوات لأن الكنز لا يعتبر مفقوداً ولا مسروقاً ( [66] ) .
12 - اللقطة ( الأشياء الضائعة ) : رأينا أن المادة 873 مدني تنص على أن " الحق في . . . القطة . . تنظمه لوائح خاصة " ( [67] ) . واللقطة هي الشيء الضائع يفقده صاحبه ولا يعثر عليه ، فيعثر عليه شخص آخر ويلتقطه . وقد قدمنا ( [68] ) أنه يجب التمييز بين اللقطة والأشياء المتروكة . فاللقطة ضاعت من صاحبها ففقد حيازتها المادية ولكنه لم يتخل عن ملكيتها فبقى مالكاً لها ولا تكون محلاً للاستيلاء ، أما الأشياء المتروكة فقد تخلى صاحبها عن حيازتها وعن ملكيتها معاً فأصبحت غير مملوكة لأحد . والقرائن تميز بين اللقطة والأشياء المتروكة . فإذا وجد شخص في قطار بقايا طعام وزجاجات فارغة ، كان من حقه أن يفترض أن هذه أشياء متروكة تخلى عنها أصحابها ، بعد أن أصابوا من الطعام كافيتهم وبعد أن شربوا ما كانت الزجاجات الفارغة تحتويه ، فتسري أحكام الأشياء المتروكة ويجوز تملكها بالاستيلاء . أما إذا وجد في القطار حقيبة تدل الظواهر على أنها لمسافر نسيها ، فإن القرائن تدل في هذه الحالة على أن الحقيبة ليست شيئاً متروكاً ولم يتخل صاحبها عن ملكيتها ، ومن ثم تسري عليها أحكام الأشياء الضائعة ويكون الإستيلاء عليها بنية تملكها في حكم السرقة ( [69] ) .
كذلك يجب التمييز بين اللقطة والكنز . فهما يتفقان في أن كلاً منهما لم يتخل صاحبه عن ملكيته ، فلا يعتبر شيئاً لا مالك له ولا يكون محلاً للاستيلاء ( [70] ) . ويتفقان كذلك في أن كلاً منهما ، ولو أن له مالكاً ، إلا أن هذا المالك وقت العثور على الشيء غير معروف . ولكنهما يختلفان في أن اللقطة منقول ظاهر أمام الناس ، فهو إما ملقى على قارعة الطريق ، أو باد للعيان فوق رف أو على درج ، أو باق في مكانه الظاهر في قطار أو في سيارة للأجرة أو نحو ذلك . أما الكنز فقد قدمنا أنه منقول غير ظاهر للعيان ، فهو إما مدفون أو مخبوء . ويغلب أن يكون الكنز شيئاً ثميناً ، ولذلك دفن أو خبئ . أما اللقطة فيحتمل أن تكون محدودة القيمة ، ولكن يحتمل أيضاً أن تكون ذات قيمة كبيرة كمجوهرات أو مقدار كبير من النقود . ويغلب من الناحية العملية ألا يعرف المالك الحقيقي للكنز أبداً ، إذ يكون قد دفن الكنز أو خبأه منذ مدة طويلة ولا يعرف ذووه مكانه . أما اللقطة فاحتمال التعرف على صاحبها أقرب ، إذ يكون غالباً قد فقدها منذ مدة قريبة ولم ينقطع عن السؤال والبحث عنها .
ولا يتحقق ضياع الشيء من مالكه إلا إذا خرج من حوذته تماماً ، ولم تعد له سيطرة عليه . فمحفظة النقود التي ينساها صاحبها في منزله لا تكون لقطة ، فإذا عثر عليها أحد الخدم وجب عليه إرجاعها لمخدومه ولا حق له في العشر .
ويخلص مما تقدم أن اللقطة منقول له مالك ( [71] ) ، ولذلك لا يصلح أن يكون محلاً للاستيلاء ، كما سبق القول . وإنما عولجت هذه المسألة بين مسائل الإستيلاء ، لأن اللقطة وإن كان لها مالك إلا أن هذا المالك غير معروف ، فهي تقرب من المنقول الذي ليس له مالك . وهذا هو نفس التبرير الذي قدمناه في معالجة مسألة الكنز بين مسائل الإستيلاء ( [72] ) .
ولما كانت اللقطة لا تصلح أن تكون محلاً للاستيلاء لأن لها مالكاً ، لذلك لا تسري عليها أحكام الإستيلاء . فمن عثر عليها وأحرزها بنية تملكها لا يتملكها ، بل يعتبر في حكم السارق لأنه يعلم أنها لقطة لها مالك ( [73] ) .
وقد رأينا أن المادة 873 مدني تقضي بأن الحق في اللقطة تنظمه لوائح خاصة . وقد صدرت فعلاً لوائح كثيرة وأوامر إدارية تحدد المدة التي تحفظ في خلالها الأشياء الضائعة ، وتنظم كيفية التصرف في هذه الأشياء بعد انقضاء هذه المدة ، وحفظ ثمنها لحساب المالك ، ومتى تؤول هذه المبالغ للدولة إذا لم يتقدم أصحاب الأشياء الضائعة لتسلمها .
ونقف من هذه التشريعات عند الأمر العالي الصادر في 18 مايو سنة 1898 ، فهو أهمها وأكثرها شمولاً . ويقضي بأن من يعثر على شيء أو حيوان ضائع يجب عليه أن يبلغ عنه أمام أقرب نقطة للشرطة في المدن وأمام العمد في القرى ، وأن يسلمه . فإذا لم يطالب به مالكه . يبيع الشيء في خلال سنة من تسليمه ، أو الحيوان خلال عشرة أيام ، في المزاد العلني ، بواسطة الإدارة . ويصح تقصير الميعاد الذي يتم فيه البيع ، إذا كان الشيء الضائع يخشى عليه من التلف . ويكون لمن عثر على الشيء الضائع عشر الثمن ، يتملكه لا بحكم الإستيلاء فإن الشيء الضائع لا يكون محلاً للاستيلاء كما قدمنا ، بل بحكم القانون ( [74] ) . وتحتفظ الإدارة بباقي الثمن لحساب المالك مدة ثلاث سنوات ، فإذا لم يتقدم المالك في خلال هذه المدة لتسلمه ، فإنه يؤول إلى الدولة . وإذا آل الثمن إلى الدولة بعد ثلاث سنوات ، فإنما يكون ذلك أيضاً بحكم القانون لا بحكم الإستيلاء . ولا يصح أن يقال إن مدة ثلاث السنوات هذه هي المدة التي لا يستطيع بعد انقضائها مالك الشيء الضائع استرداده من الحائز حسن النية ، فإن الإدارة تعلم أن الثمن ناتج من بيع شيء غير مملوك للدولة ، فلا يسري هذا الحكم عليها .
أما إذا احتفظ من عثر على الشيء الضائع به ولم يبلغ عنه ولم يسلمه ، في خلال ثلاثة أيام في المدن وثمانية أيام في القرى ، فإن تشريع سنة 1898 يقضي بحرمانه من حقه في العشر ، وبعقوبته بغرامة لا تزيد على مائة قرش . وهذا الجزاء إنما هو جزاء على عدم التبليغ عن الشيء الضائع وعدم تسليمه في الميعاد . لكن إذا ثبت أن من عثر على الشيء الضائع قد احتفظ به بنية تملكه ، سواء كانت هذه النية معاصرة لوقت عثوره على الشيء أو جدت بعد ذلك ، فإنه يكون في حكم السارق . وبهذا يقضي الأمر العالي الصادر في 18 مايو سنة 1898 والسابق الإشارة إليه ، فإن المادة الأولى منه تقضي بأن من عثر على الشيء أو الحيوان الضائع ، إذا كان قد حبسه وكان الحبس مصحوباً بنية امتلاكه بطريق الغش ، تقام عليه الدعوى الجنائية المقررة لمثل هذه الحالة ( [75] ) . وهذا لا يمنع من أنه إذا عثر شخص على شيء ضائع واحتفظ به بنية تملكه ، وظل حائزاً له مدة خمس عشرة سنة ، فإنه يتملكه بالتقادم الطويل ( [76] ) . فإذا لم تتكامل مدة التقادم ، جاز لمالك الشيء الضائع أن يسترده من تحت يد من عثر عليه . ولا يستطيع هذا الأخير أن يدفع بسقوط دعوى الاسترداد بانقضاء ثلاث سنوات من وقت ضياع الشيء ( م 977 مدني ) ، فذلك لا يجوز إلا إذا كان حائز المنقول حسن النية ولديه سبب صحيح . وهنا حسن النية منتف فإن من عثر على الشيء يعلم أنه غير مملوك له ( [77] ) ، وكذلك واقعة العثور على الشيء الضائع لا تعتبر سبباً صحيحاً . ولكن إذا باعت جهة الإدارة الشيء الضائع بالمزاد العلني بعد سنة من تسليمه ، فإن من رسا عليه المزاد يستطيع أن يدفع دعوى استرداد المالك بانقضاء ثلاث سنوات من وقت الضياع . فإذا لمت نقض هذه المدة كان للمالك أن يسترد الشيء الضائع على أن يرد الثمن لمن رسا عليه المزاد ، ويرجع المالك على جهة الإدارة بباقي الثمن الذي أودع لحسابه بعد استنزال العشر الذي دفع مكافأة لمن عثر على الشيء الضائع ( [78] ) .
13 - الأشياء الأثرية : وتنص المادة 873 مدني أيضاً ، كما رأينا ( [79] ) ، على أن " الحق في . . . . الأشياء الأثرية تنظمه لوائح خاصة " . وكان ينظم الآثار القانون رقم 14 لسنة 1912 الخاص بالآثار والقانون رقم 8 لسنة 1918 الخاص بحماية آثار العصر العربي . ثم ألغى هذان القانونان وحل محلهما القانون رقم 215 لسنة 1951 ، وهو القانون الذي ينظم الآثار الآن في مصر . وبموجب هذا القانون الأخير يعتبر أثراً كل عقار أو منقول أظهرته أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان والأخلاق وغيرها في عصر ما قبل التاريخ وفي العصور التالية إلى نهاية عصر إسماعيل ، ويعتبر كذلك كل عقار أو منقول يكتشف في مصر لحضارة أجنبية كان لها اتصال بمصر في عصر من العصور المشار إليها . كما أنه يعتبر أثراً كل عقار أو منقول يقرر مجلس الوزراء أن للدولة مصلحة قومية في حفظه وصيانته ، حتى لو كان يرجع إلى عهد بعد عصر إسماعيل ، بشرط أن يتم تسجيله طبقاً للأوضاع التي ينص عليها قانون الآثار . ويعتبر في حكم الآثار الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى أوامر أو قرارات أو بمقتضى قرار يصدره وزير التربية والتعليم بعد الاتفاق مع وزير الاقتصاد ، وكذلك الأراضي المملوكة للأفراد التي تنزع الدولة ملكيتها لأهميتها الأثرية ( [80] ) .
ويتبين من ذلك أن الآثار قد تكون عقاراً أو منقولاً ، فهي بذلك تختلف عن الكنز واللقطة اللذين لا يكونان إلا منقولاً . وتختلف عن اللقطة في أن الآثار تكون في أغلب الأحيان مدفونة أو مخبوءة في باطن الأرض ، أما اللقطة فتكون كما قدمنا منقولاً ظاهراً أمام الناس . وإذا كانت الآثار تشترك مع الكنز في أن كل منهما مدفون أو مخبوء ، إلا أن الآثار ليست فحسب شيئاً له قيمة كالكنز ، بل هي فوق ذلك شيء من طبيعة خاصة ، فهي نتاج الحضارات المتعاقبة التي توالت على مصر أو الحضارات الأجنبية التي كان لها اتصال بمصر وتقتضي المصلحة القومية حفظه وصيانته . ويرى من ذلك أن الأصل في الآثار أن تكون أموالاً لا مالك لهان فهي مخلفات العصور الحالية وقد تركها أصحابها إلى غير مالك . ولكن لما كانت الآثار لها قيمة كبرى ، وأهمية بالغة من ناحية التاريخ والحضارة والمصلحة القومية ، فإنها لذلك لا تترك سائبة يأخذها أول من يستولى عليها تطبيقاً لقواعد الإستيلاء ، فقد أخرجها القانون من هذا النطاق ، وقرر من القواعد ما يكفل حفظها وصيانتها حتى تنتقل إلى الأجيال اللاحقة كما وصلت إلينا من الأجيال السابقة . وجعلها القانون في الأصل من الأملاك العامة للدولة ، إلا ما نص على أن يكون ملكاً خاصاً ( [81] ) . وعلى ذلك خرجت الآثار من أن تكون أموالاً لا مالك لها إلى أموال لها مالك ، وهذا المالك هو الدولة في الأصل تملك الآثار ملكية عامة لا ملكية خاصة ، ويجوز أن يتملك الأفراد بعض الآثار ملكية خاصة كما سيجئ . فالآثار إذن لا تكون محلاً للاستيلاء ، كما لا يكون محلاً للاستيلاء الكنز واللقطة فيما رأينا . وكل من يعثر مصادفة على أثر منقول أو عقارى على سطح الأرض أو في باطنها لا يجوز له الإستيلاء عليه ، ويجب أن يبلغ عنه في الحال وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه الجهة المختصة ، وإلا اعتبر مستولياً على أثر بغير ترخيص ، ووقعت عليه العقوبة المنصوص في المادة 30 من قانون الآثار . أما إذا كان العثور على الأثر قد وقع في أرض لم يتقرر أنها أثرية ، ولو كانت هذه الأرض مملوكة لمن عثر على الأثر ، فإن الأثر يبقى من الأملاك العامة ، ولمن يبلغ عنه أو يسلمه في الحال إلى أقرب جهة إدارية أو موظف المصلحة المختص مكافأة تقدرها لجنة خاصة يكون قرارها نهائياً وغير قابل للطعن أمام أية جهة أخرى .
وتنص المادة 7 من قانون الآثار على أنه " لا يجوز للهيئات أو الأفراد الحفر بحثاً عن الآثار ، ولو كانت الأرض مملوكة لهم ، إلا بترخيص يصدر بقرار من وزير المعارف العمومية ، بعد أخذ رأي المصلحة ، وبعد التحقق من توافر الضمانات العلمية والفنية والمالية وغيرها فيهم " .
والآثار التي تعتبر من الأموال العامة ، وهذا هو الأصل فيها كما قدمنا ، ترد عليها ، نظراً لصفتها هذه ، القيود الآتية : ( 1 ) لايجوز هدمها أو نقلها أو تجديدها أو ترمميها أو تغييرها على أي وجه كان بغير ترخيص سابق من وزير المعارف العمومية بعد موافقة لجنة تسجيل الآثار ، ويكون إجراء الأعمال المرخص بها تحت إشراف المصلحة المختصة التي يكون لها أن تباشر في أي وقت على نفقتها ما تراه من الأعمال لازماً لصيانة الأثر . ( 2 ) لا يجوز التصرف في الآثار ( [82] ) ، ولا الحجز عليها ، ولا ترتيب حقوق إرتفاق تعاقدية على العقار الذي به الأثر ، فلا يجوز فتح منافذ أو مطلات على مبان أو أسوار أو أرض أثرية ، بغير ترخيص من المصلحة المختصة ، وإلا كان لها حق الالتجاء إلى القضاء المستعجل لإزالة ذلك على حساب المخالف ، كما لا يجوز المرور على هذه المباني أو الأسوار أو الأراضي ، ويجوز أن تترتب حقوق إرتفاق قانونية ( قيود قانونية ) إذا كان لا ينشأ عنها ضرر للأثر ذاته . ( ثالثاً ) لا يجوز كسب أي حق على الآثار بالتقادم . ( رابعاً ) لا يجوز أن تنزع للمنفعة العامة ملكية الأراضي أو العقارات التي بها الأثر أو المتاخمة له ، إلا بعد موافقة وزير المعارف العمومية ولجنة تسجيل الآثار ( [83] ) .
وقد حددت المادة 22 من قانون الآثار ، على سبيل الحصر ، الآثار التي تعتبر مملوكة ملكية خاصة ، وهذه هي : ( 1 ) الآثار الموجودة وقت العمل بقانون الآثار في المجموعات الخاصة أو في حيازة تجار العاديات . ( 2 ) الآثار التي تعطى للمكتشف مكافأة له طبقاً لأحكام القانون . ( 3 ) الآثار التي تعطيها الحكومة بطريق البدل أو تتصرف فيها بالبيع أو التنازل طبقاً للمادة 5 من قانون الآثار التي تجيز تبادل الآثار المنقولة المكررة أو بيعها أو التنازل عنها ، وذلك بقرار يصدره مجلس الوزراء بناء على طلب وزير المعارف وبعد موافقة المصلحة المختصة . ( 4 ) الآثار المستوردة من الخراج لحساب المستورد ، كالتحف واللوحات الفنية التي ابتدعها فنانو الغرب في العصور الحالية . ( 5 ) آثار العصر المسيحي وما تلاه من العصور إلى نهاية عصر إسماعيل التي توجد في ملك الأفراد ، ويكون قد تم تسجيلها وفقاً للأوضاع القانونية دون أن تنزع الدولة ملكيتها ( [84] ) . ( 6 ) الآثار التي تعرضها المتاحف للبيع مما تستغني عنه .
هذا وقد أورد قانون الآثار قيوداً متعددة على الملكية الخاصة للآثار تقررت للمصلحة العامة ، وقد سبق بيانها عند الكلام في قيود الملكية الواردة للمصلحة العامة ( [85] ) .
14 - التركة التي لا وارث لها : إذا مات إنسان ولم يترك وارثاً ، ففي الشريعة الإسلامية تؤول تركته إلى بيت المال ، وقد قدمنا ، عند الكلام في الأشياء الخاصة المملوكة للدولة ( [86] ) ، أن بيت المال تمثله الآن خزانة الدولة ، فتكون التركات التي لا وارث لها ملكاً خاصاً للدولة . وتؤول التركة إلى الدولة ، لا باعتبارها تركة موروثة ، بل باعتبارها مالاً لا مالك له ( [87] ) .
وكان مقتضى أن التركة التي لا وارث لها تعتبر مالاً غير مملوك لأحد ، أن أموال هذه التركة يجوز تملكها بالاستيلاء ، شأنها في ذلك شأن الأموال التي تصبح دون مالك بعد أن كان لها مالك من قبل . ولكن المشرع أخرج التركات التي لا وارث لها من نطاق الإستيلاء ، لأهميتها وتطبيقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، وجعل ملكية هذه التركات للدولة ، فتتملك الدولة ، بمجرد وفاة المالك دون وارث ، تركته ، وذلك قبل أن تضع يدها على التركة ، لأنها تتملكها بحكم القانون لا بحكم الإستيلاء . وقد نصت الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 71 لسنة 1962 بشأن التركات الشاغرة التي تتخلف عن المتوفين من غير وارث على ما يأتي : " تؤول إلى الدولة ملكية التركات الشاغرة الكائنة بالجمهورية العربية المتحدة والتي يخلفها المتوفون من غير وارث ، أياً كانت جنسيتهم ، وذلك من تاريخ وفاتهم " ( [88] ) . وإذا ظهر وارث بعد ذلك ، أو أي شخص آخر له حق في التركة كدائن للمتوفى ، فإن له أن يرجع بحقه . ولكن هذه الحقوق كلها تسقط بالتقادم ، إذا انقضت خمس عشرة سنة من تاريخ الوفاة . وقد نصت الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون سالف الذكر على أن " ينقضي كل حق يتعلق بالتركة ، ولو كان سببه الميراث ، بمضي خمس عشرة سنة تبدأ من تاريخ وفاة المورث ، أياً كان تاريخ علم ذوي الشأن بواقعة الوفاة ، ما لم يتخلل هذه المدة سبب من أسباب وقف التقادم أو انقطاعه " .
وتصفى جميع عناصر التركة ، ويودع حاصل ثمنها بالخزانة العامة ( [89] ) لحساب التركة ، حتى تتقرر حقوق ذوي الشأن فيها أو تنتهي مدة سقوط هذه الحقوق بالتقادم وهي خمس عشرة سنة كما تقدم . وفي حالة ظهور مستحق للتركة ، يخصم من نصيبه رسم قدره 10% من إجمالي الإيراد نظير أعمال الإدارة و 5% من إجمالي الثمن نظير نفقات التصفية ، كما تخصم سائر المصروفات الفعلية الأخرى ( [90] ) .
المبحث الثاني
الإستيلاء على العقار
15 - نص قانوني : كانت المادة 874 مدني تنص على ما يأتي :
" 1 - الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكاً للدولة " .
" 2 - ولا يجوز تملك هذه الأراضي أو وضع اليد عليها إلا بترخيص من الدولة وفقاً للوائح " .
" 3 - إلا أنه إذا زرع مصري أرضاً غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها ، تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبني ولو بغير ترخيص من الدولة . ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس العشرة السنة التالية للتملك ( [91] ) .
وقد صدر بعد ذلك القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها ، فنص في المادة 86 منه على أن " تلغى الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدني . . . . " . وعلى ذلك تعتبر الفقرة الثالثة والأخيرة من النص سالف الذكر ملغاة ، ولا يبقى من النص قائماً إلا الفقرتان الأوليان .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 57 / 80 ( [92] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 832 – وفي التقنين المدني الليبي م 878 - وفي التقنين المدني العراقي م 1105 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 234 – 236 ( [93] ) .
وبعد أن صدر القانون رقم 100 لسنة 1964 يلغى الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني سالفة الذكر ، أصبح الإستيلاء على العقار غير جائز . وقد رسم قانون سنة 1964 ، ومن قبله القانون رقم 124 لسنة 1958 ، طريقة تملك الأراضى الصحراوية .
وعلى ذلك نبحث المسائل الآتية : ( 1 ) تحديد الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها فتكون ملكاً للدولة . ( 2 ) عدم جواز الإستيلاء على العقار بعد صدور القانون رقم 100 لسنة 1964 . ( 3 ) كيفية تملك الأراضى الصحراوية طبقاً لأحكام القانون رقم 124 لسنة 1958 ثم طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 . ( 4 ) تملك الأراضى الصحراوية طبقاً لأحكام الفقرة الثالثة المحذوفة من المادة 874 مدني . ( 5 ) حقوق الغير في الأراضى الصحراوية السابقة على القانون رقم 100 لسنة 1964 .
16 - تحديد الأراضى غير المزروعة التي لا مالك لها فتكون ملكاً للدولة : جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد تحديد هذه الأراضى ما يأتي : " يشمل المال المباح الأراضي غير المزروعة التي ليست ملكاً عاماً ولا ملكاً خاصاً ، وذلك كالصحارى والجبال والأراضى المتروكة . وتعتبر هذه الأراضى ملكاً للدولة ، ولكنها مملوكة لها ملكية ضعيفة إذ يجوز الإستيلاء عليها " ( [94] ) . وقد صدر بعد ذلك القانون رقم 100 لسنة 1964 ينظم تنظيماً شاملاً العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة ، ويحدد أقسامها المختلفة ، فيعرض لتحديد الأراضي غير المزروعة المشار إليها في المادة 874 مدني . وقد سبق أن عرضنا لأهم أحكام هذا القانون في صدد الكلام في الدوين الخاص للدولة ( [95] ) ، ونعود هنا لأحكام هذا القانون التي تتصل بالمادة 874 مدني محل البحث .
فقد قسم قانون سنة 1964 الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة أقساماً ثلاثة : الأراضى الزراعية ، والأراضي البور ، والأراضي الصحراوية . ويجب استبعاد الأراضي الزراعية والأراضي البور ، عند تحديد الأراضي غير المزروعة المشار إليها في المادة 874 مدني . أما استبعاد الأراضى الزراعية فواضح . فهي أراض مزروعة بالفعل ونحن في صدد تحديد أراض غير مزروعة . وكذلك تستبعد الأراضى البور وإن كانت تشترك في كثير من الأحكام مع الأراضى الصحراوية ، لأن المادة 2 ( حرف ب ) من قانون سنة 1964 تعرفها بأنها " الأراضى غير المزروعة الواقعة داخل الزمام والأراضى المتاخمة الممتدة خارج حد الزمام إلى مسافة كيلو مترين " . فهي إذن في معظمها أراض واقعة داخل الزمام ، ويبدو أن المادة 874 مدني لا تعرض للأراضى الواقعة داخل الزمام إذ أن هذه أراض لا يصدق عليها أنها " أراض لا مالك لها " قبل صدور قانون سنة 1964 ( [96] ) . فتبقى إذن الأراضى الصحراوية . وتعرفها المادة 2 ( حرف جـ ) من قانون سنة 1964 بأنها " الأراضى الواقعة في المناطق المعتبرة خارج الزمام بعد مسافة الكيلو مترين المشار إليها في البندين السابقين " . ويبدو أنه ، بعد صدور قانون سنة 1964 ، تكون العبرة في تحديد الأراضى المشار إليها في المادة 874 مدني بما إذا كانت الأراضى واقعة داخل الزمام أو خارجه ( [97] ) . فالأراضى الواقعة خارج الزمام بعد مسافة الكيلو مترين المشار إليها هي الأراضي التي تدخل في نطاق تطبيق المادة 874 مدني ، ويشمل ذلك الصحارى والجبال ( [98] ) .
وتنص المادة 22 من قانون سنة 1964 على أن " تحدد بقرار وزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضى ، بعد أخذ رأي وزير الأشغال ، المناطق التي يجوز أن تباع فيها الأراضى البور والأراضى الصحراوية غير المزروعة لاستصلاحها ، وذلك بعد التحقق من إمكان انتفاعها بالري من المياه الجوفية أو غيرها من موارد المياه " . فالمناطق التي تباع فيها الأراضى الصحراوية غير المزروعة لاستصلاحها يتوخى في تحديدها إمكان انتفاعها بالري من المياه الجوفية أو غيرها من موارد المياه ، والأراضى الداخلة في هذه المناطق في مجال تطبيق قانون سنة 1964 .
17 - عدم جواز الإستيلاء على العقار بعد صدور القانون رقم 100 لسنة 1964 : ويؤخذ مما تقدم أنه بعد صدور قانون سنة 1964 لم يعد يجوز تملك العقار عن طريق الإستيلاء ، إذ الإستيلاء يفترض أرضاً لا مالك لها ، وقانون سنة 1964 يجعل الأراضى الصحراوية مملوكة للدولة ملكية خاصة . وسنرى أن هذا القانون يجعل تملك هذه الأراضى يأتي عن طريق بيعها بالممارسة إلى الأفراد الراغبين في شرائها لاستصلاحها . فلم يعد جائزاً ، بعد أن ألغيت الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني على ما مر ، أن يعمد مصري بدون ترخيص إلى وضع يده على هذه الأراضي ، ويزرعها أو يغرس فيها أو يبنى عليها ، فيتملكها في الحال إذا هو لم ينقطع عن تعميرها على وجه معين ( [99] ) . وإذا قيل إن الأراضى التي لا يجوز الإستيلاء عليها هي الأراضى الداخلة في المناطق التي يتحقق من إمكان انتفاعها بالري من المياه الجوفية أو غيرها من موارد المياه ( [100] ) ، وإن الأراضى غير الداخلة في هذه المناطق تبقى محلاً للاستيلاء ، أجيب بأن الإستيلاء هنا لا قيمة له من الناحية العملية إذ المفروض أن هذه الأراضى لا يمكن انتفاعها بالري فهي إذن لا تصلح للزراعة . وحتى لو قيل إنها تصلح للتعمير عن طريق البناء ، فيبقى أنه بعد أن حذفت الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني لم يعد ممكناً تملك هذه الأراضى عن طريق التعمير وحده . ونرى من ذلك أن الإستيلاء بعد صدور قانون سنة 1964 لا يرد على العقار ، وإنما يرد على المنقول وحده .
أما قبل صدور قانون سنة 1964 . والأدق قبل صدور القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضى الصحراوية ، فإنه كان يمكن القول ، قبل حذف الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني ، إن الأراضى الصحراوية كانت تعتبر من وجه أرضاً لا مالك لها . فالفقرة الأولى من المادة 874 مدني تصرح بأنها أراض غير مزروعة " لا مالك لها " ، وإذا كانت نفس الفقرة تصرح في الوقت ذاته بأنها " ملك للدولة " ، فإن هذه الملكية كانت من الضعيف بحيث إنها كانت لا تحول دون الإستيلاء على الأرض دون ترخيص وتملكها في الحال إذا أخذ هذا الإستيلاء صورة التعمير . فلم تكن هذه الأراضى إذن بمنزلة الأراضى الداخلة في الزمام والتي تملكها الدولة ملكية خاصة ، بل كانت أرضاً مباحة يملكها من يستولى عليها عن طريق التعمير . وقبل أن يستولى علهيا أحد ، كانت ملكيتها تسند إلى الدولة ، وهي ملكية أقرب إلى السيادة منها إلى الملكية الحقيقية ( [101] ) . ولذلك كان الإستيلاء يرد عليها ، فال فحسب عن طريق التعمير ، بل أيضاً عن طريق الترخيص ، ومن هنا جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وللاستيلاء على المال المباح طريقان : طريق الترخيص الذي يصدر من الدولة وفقاً للوائح المقررة ، وطريق الإستيلاء الحر وشرطه التعمير ( [102] ) " .
أما الآن ، بعد أن صدرت القوانين التي تنظم تملك الأراضى الصحراوية وبخاصة قانون سنة 1964 ، لم يعد هناك محل للقول بأن ملكية الدولة للأراضى الصحراوية ملكية ضعيفة ، بل هي قد أصبحت كما سبق القول ملكية حقيقية كملكيتها لسائر أموالها الخاصة . فللدولة أن تؤجر هذه الأراضى وأن تبيعها وأن تتصرف فيها تصرفها في أي مال تملكه ملكية خاصة . وعلى ذلك أصبحت الأراضى الصحراوية لها مالك هو الدولة ، فلم يعد يجوز تملكها بالاستيلاء .
18 - كيفية تملك الأراضى الصحراوية طبقاً لأحكام القانون رقم 124 لسنة 1958 تم طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964
رأينا ( [103] ) أن الفقرة الثانية من المادة 874 مدني تنص على ما يأتي : " ولا يجوز تملك هذه الأراضى ( الأراضى الصحراوية ) أو وضع اليد عليها إلا بترخيص من الدولة وفقاً للوائح " .
وقد صدر فعلاً القانون رقم 124 لسنة 1958 ينظم تملك الأراضى الصحراوية . وقد سبق أن عرضنا لهذا القانون في صدد الكلام في القيود التي ترد على الحق في التملك ( [104] ) ، ونعرض له هنا في إيجاز باعتبار أنه كان قانوناً ينظم حق الأفراد في تملك الأراضى الصحراوية . وقد بدأ في مادته الأولى بأن يحظر على أي شخص أن يتملك بأي طريق كان . عدا الميراث ، عقاراً كائناً بإحدى المناطق المعتبرة خارج الزمام ، وهذه هي بوجه عام الأراضى الصحراوية . ثم أتى بعد ذلك باستثنائين . أجاز في الاستثناء الأول منهما لوزير الحربية أن يحدد بقرار منه مناطق معينة لا يشملها الخطر ، فيجوز للأفراد أن يتملكوا الأراضى الصحراوية الداخلة في هذه المناطق . ويبدو أنه كان يجوز للأفراد ، بالنسبة إلى هذه الأراضى التي استثنيت من الحظر ، أن يتملكوها بالاستيلاء عن طريق التعمير طبقاً لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني التي لم تكن قد ألغيت بعد ( [105] ) . والاستثناء الثاني خاص بالمناطق التي لم تستثن من الحظر ، فيجوز لوزير الحربية حتى في هذه المناطق الترخيص للأفراد في تملك الأراضي . وتقضي المادة الثالثة من القانون بأن يعتبر باطلاً كل تصرف يقع مخالفاً لهذه الأحكام . ولم يكن للقانون أثر رجعي ، فبقى الملاك السابقون محتفظين بحقوقهم المكتسبة .
ثم صدر القانون رقم 100 لسنة 1964 يلغى القانون السابق ، ويحل محله ، وهو القانون المعمول به في الوقت الحاضر . ويقضي بأن تكون الأراضي الصحراوية كلها ملكاً خاصاً للدولة ، ولا يجوز لأحد تملكها بالاستيلاء . وإنما يتملكها الأفراد لاستصلاحها في المناطق التي يكون محققاً إمكان انتفاعها بالري من المياه الجوفية أو غيرها من موارد المياه ، بطريق الشراء ممارسة من الدولة . فقد نصت المادة 23 من هذا القانون بأنه " يجوز لوزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضى أن يرخص في التصرف في مساحات من الأراضى البور والأراضى الصحراوية غير المزروعة ، ببيعها بطريق الممارسة إلى الأفراد الراغبين في شرائها لاستصلاحها ، في حدود عشرين فداناً من الأراضى البور أو خمسين فداناً من الأراضى الصحراوية بالنسبة إلى كل مشتر ، وذلك بالشروط الآتية : ( 1 ) أن يكون المشتري متمتعاً بجنسية الجمهورية العربية المتحدة ، بالغاً سن الرشد ، من ذوي السمعة الحسنة ، لم يسبق الحكم عليه بعقوبة جناية أو بالحبس في جريمة مخلة بالشرف ما لم يكن قد رد إليه اعتباره . ( 2 ) أن يتعهد المشتري باستصلاح الأراضى المبيعة وزراعتها خلال سبع سنوات بالنسبة إلى الأراضى البور ، وخلال عشر سنوات بالنسبة إلى الأراضى الصحراوية ، وذلك من تاريخ تسليم الأرض إليه . وتحدد اللائحة التنفيذية قواعد البيع بالممارسة ، وتقدير الثمن ، وشروط أدائه ، ومدته ، وفوائده ، وسائر أحكام البيع الأخرى " . وإذا لم يقم المشتري باستصلاح الأرض وزراعتها في خلال المدة المحددة ، اعتبر عقد البيع مفسوخاً من تلقاء بذاته دون حاجة إلى تنبيه أو إعذار أو حكم قضائي ، ويلزم المشتري الذي انفسخ عقده بأداء الأجرة المناسبة عن تلك الأرض عن المدة السابقة اعتباراً من تاريخ تسليمها إليه ، ويستنزل من قيمة هذه الأجرة ما أداه المشتري قبل الفسخ من ثمن وفوائد . كما يلزم المشتري الذي انفسخ عقده بتسليم الأرض بما عليها من منشآت ثابتة إلى الحكومة ، دون أن يكون له الحق في المطالبة بأية تعويضات عنها . وفي خلال المدة التي يستصلح فيها المشتري الأرض ، لا يجوز له التصرف فيها لأحد ، $ 59 $ فإذا ما أتم استصلاحها في خلال الميعاد المقرر ، جاز له أن يتصرف فيها . ويكون التصرف في هذه الحالة إلى صغار الزراع الذي تكون حرفتهم الزراعة أو الرعي أو الصيد باعتبارها مورد رزقهم الرئيسي ، وبشرط ألا يكون مجموع الأرض المتصرف فيها لكل واحد منهم وما يملكه هو وزوجته وأولاده القصر على عشرة أفدنة من الأراضى الزراعية والبور والأراضى الصحراوية المستصلحة . كذلك يجوز الترخيص في بيع مساحات تجاوز العشرين فداناً من الأراضى البور أو خمسين فداناً من الأراضى الصحراوية غير المزروعة إلى الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة ، بشرط أن تتم استصلاح ما تشتريه من الأراضى وزراعتها خلال عشر سنوات من تاريخ تسليمها إليها ، وإلا انفسخ عقد البيع على النحو الذي بيناه فيما تقدم . ولا يجوز لهذه الأشخاص الاعتبارية التصرف في الأراضى التي تشتريها إلا بعد أن تتم استصلاحها وزراعتها ، ويكون التصرف في هذه الحالة إلى صغار الزراع بالشروط المبينة فيما قدمناه .
ويجوز للدولة أن تعهد إلى أشخاص اعتبارية عامة أو خاصة في استصلاح الأراضى الصحراوية وتعميرها وزراعتها ، وفقاً لبرامج التنمية ومخططاتها . فإذا ما تم استصلاح هذه الأراضى ، وزعت على صغار الزراع وخريجي المعاهد الزراعية ، بحيث يختص كل منهم بملكية جديدة لا تقل عن أربعة فدان ونصف ولا تزيد على سبعة أفدنة ونصف تبعاً لجودة الأرض والحالة الاجتماعية للمنتفع . ويجب توافر شروط معينة فيمن توزع عليهم الأراضي الصحراوية المستصلحة ، وتكون الأولوية في توزيع هذه الأراضى وفقاً لترتيب معين . وتحدد اللائحة التنفيذية قواعد تقرير ثمن الأراضى المستصلحة ، وشروط أداء هذا الثمن ، ومدته ، وفوائده ، وسائر أحكام التوزيع .
ولوزير الحربية ، بعد أخذ رأي وزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي ، أن يحدد بقرار منه المناطق التي يحظر فيها تملك الأراضى الصحراوية ، لأغراض عسكرية . ويجوز نزع ملكية الأراضى الصحراوية أو الإستيلاء عليها استيلاء مؤقتاً . إذا اقتضت ذلك دواعى المحافظة على سلامة الدولة وأمنها القومي الخارجي أو الداخلي . وتحدد اللائحة التنفيذية الإجراءات التي تتبع في نزع ملكية الأراضي الصحراوية والاستيلاء المؤقت عليها ، ويتقاضى أصحاب هذه الأراضى تعويضاً عينياً أو نقدياً ( [106] ) .
وبعد أن بين قانون سنة 1964 الأحكام التي تسري في تملك الأراضى الصحراوية على النحو الذي قدمناه ، نص في المادة 47 / 1 منه على أنه " لا يجوز لأي شخص طبيعي أو معنوي أن يحوز أو يضع اليد بأية صفة كانت على العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة التي تسري عليها أحكام هذا القانون ، إلا وفقاً لهذه الأحكام " . فأصبح لا يجوز لأحد أن يضع يده على الأراضى الصحراوية بطريق الإستيلاء والتعمير ، على النحو المبين في الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني ، ومن ثم نص قانون سنة 1964 على إلغاء هذه الفقرة كما سبق القول .
19 – تملك الأراضى الصحراوية طبقاً لأحكام الفقرة الثالثة المحزوفة من المادة 784 مدني : وإذا كانت الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني قد ألغيت بالمادة 86 من قانون سنة 1964 ، فإن إلغاءها لم يكن بأثر رجعي ، وقد ظلت مطبقة من وقت العمل بالتقنين المدني الجديد ( 15 أكتوبر سنة 1949 ) إلى وقت إلغائها . لذلك يحسن أن نورد في إيجاز ما تشتمل عليه من الأحكام .
وتنص هذه الفقرة ، كما رأينا ( [107] ) ، على ما يأتي : " إلا أنه إذا زرع مصري أرضاً غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها ، تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبنى ولو بغير ترخيص من الدولة . ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال في خمس سنوات متتابعة خلال الخمس العشرة سنة التالية للتملك " .
ويستخلص من هذا النص أن هناك شروطاً ثلاثة للتملك بطريق الإستيلاء : ( 1 ) أن تكون الأرض المعتبرة ملكاً للدولة أرضاً غير مزروعة وقد سبق تحديد الأراضى غير المزروعة ( [108] ) ، فلا يجوز الإستيلاء على أرض مملوكة للدولة إذا كانت أرضاً مزروعة داخل الزمام ، ولا على أي أرض مملوكة للدولة داخل الزمام حتى لو كانت أرضاً بوراً . فتبقى إذن الأراضى الصحراوية خارج الزمام ، وهي التي يرد عليها الإستيلاء . ( 2 ) أن يكون الشخص الذي يستولى على الأرض مصري الجنسية ، سواء كان شخصاً طبيعياً أو شخصاً معنوياً كجمعية أو شركة أراض . وهذا الشرط مستحدث في التقنين المدني الجديد ، ولم يكن مطلوباً في التقنين المدني السابق فكان يجوز للأجنبي أن يستولى على الأراضي الصحراوية . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أوجب المشروع أن يكون المستولي مصرياً ، حتى لا يتملك أجنبي أرضاً مصرية بهذا الطريق السهل " ( [109] ) . ( 3 ) أن يكون الإستيلاء مصحوباً بالتعمير ، وهذا هو الغرض الأساسي من إباحة الإستيلاء على الأراضى الصحراوية ، حتى يكون هناك حافز يستحث ذوى المقدرة على إحياء الأرض الموات ، ويشجعهم على ذلك بأن يجزيهم على ما بذلوا من جهد وأنفقوا من مصروفات يجعلهم يتملكون الأرض التي يحيونها . والتعمير يكون ، كما يقول النص ، بأ ، يزرع المستولى الأرض أو يغرس فيها أشجاراً أو يقيم عليها بناء . وليس من الضروري أن يصل في هذه الأمور إلى نهايتها ، بل يكفي في زراعة الأرض أن يجعل منها مرعى ، وفي البناء عليها أن يسورها وينصب فيها خياماً متنقلة فالتسوير وحده لا يكفي ( [110] ) . ولكن يشترط أن يكون التعمير تعميراً جدياً من شأنه أن يحي الأرض ، وأن يدل على نية صاحبه من أنه آخذ في أسباب استغلالها والمضي في هذا السبيل ( [111] ) . وعلى ذلك لا يكفي مجرد وضع اليد على الأرض ، وقبل أن يعمر المستولى الأرض يجوز للدولة إخراجه منها حتى بالطرق الإدارية ، لأنه قبل التعمير لا يكون قد تملكها فيصح طرده منها ( [112] ) . ولا يلزم إلى جانب هذه الشروط الثلاثة أي شرط آخر . فلا يشترط أن يحصل المستولى على ترخيص من الدولة في الإستيلاء ، وقد كان هناك تردد في عهد التقنين المدني السابق في هذا الأمر . فكان هناك رأي يذهب إلى عدم لزوم هذا الشرط ( [113] ) ، ولكن الرأي الغالب كان يذهب إلى وجوب الحصول على ترخيص ( [114] ) . فحسم التقنين المدني الجديد هذا الخلاف بالنص صراحة على عدم لزوم الترخيص ، إذ يقوم كما رأينا : " . . . . تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبني ولو بغير ترخيص من الدولة " . كذلك لا يشترط ، لتملك الأراضي الصحراوية بالاستيلاء ، أن تفرض عليها ضريبة عقارية بعد الزراعة أو البناء ، أو تقيد في المكلفة باسم المستصلح ، فقبل فرض الضريبة والقيد في المكلفة يكون المستصلح قد تملك الأرض بتعميرها ( [115] ) .
ونرى من ذلك أن نملك المستصلح للأرض رهن بتوافر الشروط الثلاثة المتقدم ذكرها ، ويتم التملك من وقت التعمير . ويقول النص في هذا المعنى : " . . . . تملك في الحال . . . . ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس العشرة سنة التالية للتملك " . وتكييف ذلك من الناحية القانونية أن المستصلح يملك في الحال الأرض التي استصلحها ، ولكن ملكيته تكون معلقة على شرط فاسخ هو ألا ينقطع عن التعمير في خلال الخمس العشرة سنة التالية للتملك خمس سنوات متوالية ( [116] ) .
فهو أولاً يملك في الحال الأرض المستصلحة ، أي يملكها بمجرد استصلاحها ( [117] ) . ولا يتوقف ذلك على قيد في المكلفة كما قدمنا ، ولا يتوقف على تسجيل إذ التسجيل لا يكون إلا في التصرفات ، والتملك هنا قد تحقق لا بتصرف قانوني بل بواقعة مادية هي واقعة التعمير . وما دام المستصلح قد أصبح مالكاً للأرض بمجرد التعمير ، فهو ككل مالك يستطيع أن يتصرف فيها بالبيع والهبة والرهن وغير ذلك من التصرفات ، ولا ينتظر انقضاء الخمس العشرة سنة لأنه أصبح مالكاً قبل أن يبدأ سريان هذه المدة كما قدمنا ، بل إن سريان المدة لا يبدأ إلا من وقت تملكه كما سيجئ . ويستطيع المستصلح أن يؤجر الأرض المستصلحة ، وأن يعطيها لغيره مزارعة . ويجوز له أن يوصى بها ، وهي تورث عنه حتى قبل انقضاء الخمس العشرة سنة ( [118] ) . وسواء انتقلت ملكية الأرض المستصلحة إلى خلف خاص كمشتر أو إلى خلف عام كوارث ، فإنها تنتقل كما كانت وهي في ذمة المستصلح ، أي تنتقل معلقة على شرط فاسخ هو ألا ينقطع الخلف عن تعميرها خمس سنوات متواليات في خلال الخمس العشرة سنة التي تسري من وقت تعمير السلف للأرض ، وتحسب المدة التي انقطع فيها السلف عن التعمير كما تحسب المدة التي انقضت من الخمس العشرة سنة والأرض في ملك السلف .
ثم إن ملكية المستصلح تكون معلقة على شرط فاسخ . فهي لا تصبح ملكية باتة مستقرة إلا إذا لم ينقطع المستصلح أو خلفه عن تعمير الأرض خمس سنوات متواليات في خلال الخمس العشرة سنة التالية لتملك الأرض ( [119] ) فتحسب مدة الخمس العشرة سنة إذن من وقت تعمير الأرض ، لا من وقت وضع اليد . وقد كان التقنين المدني السابق يجعل هذه المدة تسرى من وقت وضع اليد ، فكانت المادة 57 / 80 من هذا التقنين تقول : " في ظرف الخمس العشرة سنة التالية لأول وضع يده عليها " . أما التقنين المدني الجديد فقد عدل بحق عن هذا الحكم ، وجعل المدة تسري من وقت التعمير إذ يقول : " خلال الخمس العشرة سنة التالية للتملك " . ذلك أن آل انقطاع عن التعمير يجب ألا يعتد به إلا من وقت التعمير ، ولو اعتد به من وقت وضع اليد لجاز أن تمضى مدة غير قصيرة بين وضع اليد والتعمير ، وينبغي ألا يحسب هذا الوقت ضمن الخمس العشرة سنةو ألا تسري هذه المدة إلا من وقت التعمير كما هو صريح نص التقنين المدني الجديد . وفي خلال هذه المدة يجب ألا ينقطع المستصلح عن تعمير الأرض مدة خمس سنوات متواليات . وقد كان التقنين المدني السابق لا يشترط التوالي صراحة ، فكان يقول " مدة خمس سنوات " ، ومن ثم كان هناك خلاف ، فرأي يذهب إلى وجوب التوالي ، ورأي آخر يذهب إلى عدم وجبه . وقد حسم التقنين المدني الجديد هذا الخلاف باشتراطه التوالي صراحة ، إذ يقول " خمس سنوات متتابعة " ( [120] ) . والفرق كبير بين التوالي وعدم التوالي ، إذ أن عدم التوالي كان يجعل التملك أشق بكثير . فكان يكفي أن ينقطع المستصلح عن تعمير الأرض خمس سنوات $ 66 $ ولو غير متوالية في خلال الخمس العشرة سنة حتى يتحقق الشرط الفاسخ ، فتنفسخ ملكية المستصلح . فإذا انقطع سنتين بعد انقضاء ثلاث سنوات من التعمير ، ثم استأنف التعمير خمس سنوات ، وانقطع بعد ذلك سنتين ، ثم استأنف التعمير سنتين ، فإنه إذا انقطع سنة بعد ذلك ، أي السنة الأخيرة لتمام الخمس العشرة سنة ، تحقق الشرط الفاسخ وانفسخت ملكيته ، مع أنه يكون قد بقى يعمر الأرض عشر سنوات كاملة ، ولم ينقطع عن تعميرها إلا خمس سنوات غير متوالية . أما في التقنين المدني الجديد فالأمر أيسر من ذلك بكثير ، إذ يشترط هذا التقنين التوالي كما قدمنا . فيكفي ، حتى لا يتحقق الشرط الفاسخ ، أن يعمر المستصلح الأرض سنة واحدة ثم ينقطع أربع سنوات ، ويعود إلى تعميرها سنة واحدة وينقطع أربع سنوات ، وهكذا حتى يتم الخمس العشرة سنة دون أن يكون قد قضى في تعمير الأرض أكثر من ثلاث سنوات وانقطع عن تعميرها امثنتي عشرة سنة . وتقول المذكرة الإ]ضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ذكر المشروع أن الخمس السنين التي يفقد المستولى الملكية بعدم استعمال الأرض في أثنائها يجب أن تكون سنين متواليات . فأصبح المستولى أقل تعرضاً لفقد ملكيته في المشروع عنه في التقنين الحالي ( السابق ) الذي لا يشترط التوالي . ويكفي في المشروع أن يستعمل المستولى الأرض سنة كل خمس سنوات حتى لأي تحقق الشرط الفاسخ لملكيته ، فإذا لم يبق من الخمس العشرة سنة إلا أربع سنوات دون أن يتحقق الشرط الفاسخ ، أصبحت ملكيته باتة حتى قبل انقضاء الأربع السنوات ، لاستحالة تحقق الشرط الفاسخ " ( [121] ) . وانقطاع المستصلح عن التعمير معناه أنه إذا كان قد زرع الأرض يكف عن زراعتها ، وإذا كان قد غرسها أشجاراً ينقطع عن تعهد الأشجار بالتسميد والصيانة ، وإذا كان قد أقام فيها بناء يترك البناء دون استعمال ودون صيانة حتى يصبح معرضاً للتخرب .
ويتحقق الشرط الفاسخ ، كما قدمنا ، بانقطاع المستصلح عن التعمير خمس سنوات متواليات في خلال الخمس العشرة سنة التالية للتملك ( [122] ) . فإذا ما تحقق ، انفسخت ملكية المستصلح بأثر رجعي ، واعتبر أنه لم يكن مالكاً منذ البداية . وعلى ذلك تزول جميع تصرفاته في الأرض المستصلحة تبعاً لزوال ملكيته بأثر رجعي ( [123] ) . وتسري القواعد العامة المقررة في تحقق الشرط الفاسخ ( [124] ) ، وتعود ملكية الأرض المستصلحة للدولة .
أما إذا لم يتحقق الشرط الفاسخ ، فإن ملكية المستصلح تصبح ملكية باتة ، وتثبت جميع تصرفات المستصلح في الأرض المستصلحة ، وتسري القواعد العامة المقررة في تخلف الشرط الفاسخ . ويلاحظ أن تخلف الشرط الفاسخ هنا معناه أن يكون قد مضى على تعمير الأرض المستصلحة مدة خمس عشرة سنة دون أن ينقطع المستصلح عن تعميرها خمس سنوات متوالية . ولا يفهم من ذلك أن المستصلح قد ملك الأرض بالتقادم الطويل ، أي بانقضاء خمس عشرة سنة ، فهو قد تملك الأرض بمجرد تعميرها وقبل أن تبدأ الخمس العشرة سنة كما قدمنا ، وتملكها بالاستيلاء المصحوب بالتعمير لا بالتقادم . وعلى ذلك لا تكون مدة الخمس العشرة سنة مدة تقادم ، بل هي ميعاد حدده القانون لا يجوز في خلاله أن ينقطع المستصلح عن التعمير مدة خمس سنوات متوالية . ومن ثم لا ترد أسباب الوقف ولا أسباب الانقطاع على مدة الخمس العشرة سنة ، فلا توقف هذه المدة ولا تنقطع ( [125] ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " فالملكية هنا لا تكسب بالتقادم العادي وإلا وجب أن تتراخى إلى خمس عشرة سنة ، وإنما هي تكسب في الحال معلقة على هذا الشرط الفاسخ " ( [126] ) .
20 - حقوق الغير في الأراضى الصحراوية السابقة على القانون رقم 100 لسنة 1964 : ولما كان القانون رقم 100 لسنة 1964 ليس له أثر رجعي ، وليس للقانون رقم 124 لسنة 1958 كذلك أثر رجعي كما سبق القول ، لذلك تبقى حقوق الغير الثابتة في الأ{اضى الصحراوية والسابقة على هذين القانونين كما هي لا تمسها أحكام هذين القانونين . وتأكيداً لذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 71 من القانون رقم 100 لسنة 1964 على أن " جميع التصرفات التي تمت قبل العمل بهذا القانون الواردة على عقارات كانت داخلة في ملكية الدولة الخاصة ، تبقى نافذة بذات الشروط والأحكام السارية وقت إقرارها " .
ويمكن القول ، استخلاصاً مما تقدم ، وتطبيقاً للقواعد العامة ، أنه إذ وضع شخص يده على أرض صحراوية لتعميرها في 15 أكتوبر سنة 1949 ( وقت العمل بالتقنين المدني الجديد ) ، وعمرها بعد سنة ، فإنه يتملكها بمجرد التعمير في سنة 1950 ، وفقاً لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني التي كانت معمولاً بها وقت ذلك ولم تكن قد حذفت . ولكن ملكيته تكون معلقة على شرط فاسخ ، هو عدم الانقطاع عن تعميرها على النحو الذي قدمناه . فإذا هو لم ينقطع عن تعميرها خمس سنوات متواليات في مدة الخمس العشرة سنة التالية للتملك ، أي إلى سنة 1965 ( [127] ) في الفرض الذي نحن بصدده ، فإن ملكيته تصبح باتة لتخلف الشرط الفاسخ . ولا يمس ملكيته هذه ، التي ثبتت له منذ سنة 1950 ، لا صدور القانون رقم 124 لسنة 1958 ولا صدور القانون رقم 100 لسنة 1964 .
على أن القانون رقم 100 لسنة 1964 قد نظم هذه الحقوق المكتسبة تنظيماً تشريعياً ، إذ نصت المادة 75 منه على ما يأتي : " يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بحقوق الملكية والحقوق العينية الأخرى الواردة على عقارات كائنة في إحدى المناطق المعتبرة خارج الزمام في تاريخ العمل بالقانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه ، المستندة إلى عقود تم شهرها أو أحكام نهائية سابقة على هذا التاريخ أو إلى عقود صدرت من الحكومة وتم تنفيذ الشروط الواردة بها ولم تشهر بعد – ويعد مالكاً بحكم القانون : ( 1 ) كل غارس أو زارع فعلى لحسابه لأرض صحراوية لمدة سنة كاملة على الأقل سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه ، وذلك بالنسبة إلى ما يقوم بزراعته بالفعل من تلك الأراضي في تاريخ العمل بهذا القانون ، وبما لا يجاوز الملكية العقارية المقررة قانوناً . ولا يسري هذا الحكم على الأراضي التي تزرع جزءاً من السنة على مياه الأمطار فقط . فإذا كانت تلك الأراضي تروي من آبار طمست دون تعمد أو تقصير بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 24 السنة 1958 المشار إليه ، فيجوز أن يعوض ملاك تلك الأراضى عنها بمساحات مماثلة لها في مناطق الآبار الجديدة التي تنشئها الدولة . ( 2 ) كلم ، أتم قبل العمل بالقانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه إقامة بناء مستقر بحيزه ثابت فيه ولا يكون نقله منه ، وذلك بالنسبة إلى الأرض المقام عليها البناء والمساحة المناسبة التي تلحق به وتعد مرفقاً له بحيث لا تزيد على المساحة المقام عليها البناء ذاته على الأكثر ، وذلك بشرط بقاء البناء قائماً حتى تاريخ العمل بهذا القانون " ( [128] ) .
هذا ويجوز أن يكون شخص قد اشترى ، قبل العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1964 ، أرضاً صحراوية من الحكومة بقصد استصلاحها ، ولم ينجز هذا الاستصلاح . فيبقى حقه دون مساس به بعد صدور القانون المذكور ، بل ويمنحه هذا القانون مهلة إضافية يتم في خلالها استصلاح الأرض ، إذا نصت المادة 74 منه على أن " يمنح كل من اشترى أرضاً بوراً أو أرضاً صحراوية من الحكومة بقصد استصلاحها قبل العمل بهذا القانون مهلة يتم خلالها استصلاح الأراضى المبيعة له وزراعتها ، مدتها عشر سنوات من تاريخ تسليمها إليه أو سبع سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أي المدتين أطول - فإذا لم يقم المشتري باستصلاح الأرض المبيعة وزراعتها خلال المهلة المشار إليها ، اعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إعذار أو حكم قضائي " . وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون في هذا الصدد : " ولما كان هذا الحكم المستحدث قد يدهم بعض المتصرف إليهم قبل تاريخ العمل بالقانون المرافق ممن تقاعسوا عن استصلاح وزراعة الأراضى البور والصحراوية المتصرف فيها إليهم رغم انقضاء مدة العشر سنوات المشار إليها من تاريخ تسلمهم تلك الأراضى ، لذلك فقد رؤى إتاحة فرصة جديدة أمامهم بمنحهم مهلة إضافية مدتها سبع سنوات من تاريخ العمل بالقانون المرافق ، يلتزمون بإتمام أعمال استصلاح وزراعة الأراضى المشار إليها خلالها . وروعى في قصر هذه المهلة الإضافية على مدة السبع سنوات التالية على العمل بهذا القانون دفع المتصرف إليهم المذكورين إلى مضاعفة جهودهم في استصلاح تلك الأراضي وزراعتها مستقبلاً ، حتى يتيسر تعويضهم في أقر وقت ممكن عما فاتهم من كسب ، وتعويض ما فوتوه من نفع على المجمع بفعلهم وتقصيرهم في إحياء الأرض الموات المبيعة إليهم طوال المدة السابقة الممتدة من تاريخ تسلمهم تلك الأراضى " .
الباب الثاني
كسب الملكية
بسبب الوفاة
الفصل الأول
الميراث
( succession )
21 - نص قانوني : تنص الفقرة الأولى من المادة 875 مدني على ما يأتي :
" تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال أموال التركة إليهم تسري في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها " ( [129] ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن هذا التقنين كان يشتمل على نص ( م 54 / 77 ) يعرض لأحكام القانون الدولي الخاص في الميراث ، ويقرر أن القانون الواجب التطبيق في هذه المسألة هو قانون الدولة التي ينتمي إليها المتوفى بجنسيته ( [130] ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 825 / 3 وم 826 ( 1 ) وم 836 / 1 و 2 – وفي التقنين المدني الليبي م 879 / 1 – وفي التقنين المدني العراقي م 1106 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 204 / 2 وم 228 ( أ ) وم 230 - 231 ( [131] ) .
ويتبين من النص سالف الذكر أنه عرض للمسائل الرئيسية الثلاث التي يشتمل عليها الميراث ، وهي تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم في الإرث وانتقال ملكية هذه الأنصبة إليهم ، وذكر أن الشريعة الإسلامية وما يصدر من قوانين خاصة هي التي تسري على هذه المسائل . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد حسم المشروع بهذا النص الخلاف القائم في أمرين جوهرين في الميراث . فقضى بأن الشريعة الإسلامية هي التي تطبق في ميراث المصريين حتى لو كانوا غير مسلمين ، وحتى لو اتفقوا جميعاً على تطبيق قانون ملتهم ، وجعل هذه الشريعة هي التي تنطبق على جميع مسائل الميراث ، ومنها انتقال ملكية التركة إلى الورثة . فيجب إذن تطبيق القاعدة الشرعية المعروفة التي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، وهي قاعدة رشيدة تفصل ما بين شخصية المورث وشخصية الوارث ، وإذا كانت تغاير النظم اللاتينية ، فإنها تتمشى مع النظم الحرمانية . ولكن الأخذ بهذه القاعدة يقتضي وضع نظام مفصل لتصفية التركات ، فإن إغفال هذا النظام في التقنين المدني الحالي ( السابق ) أوقع القضاء والفقه في كثير من الارتباك . وقد أراد المشروع أن يتلافى هذا النقص الخطير بوضع نصوص ينظم بها تصفية التركة ، وتعتبر هذه النصوص من أهم ما استحدث " ( [132] ) .
وقد أراد المشروع بوضع نظام لتصفية التركة تطبقه جماعية أن يحمي حقوق دائني التركة . ولكنه لم يجعل هذه التصفية أمراً إجبارياً ، فنظم ، عند عدم الالتجاء إلى التصفية الجماعية ، طريقاً لحماية الدائنين إذا اتخذوا إجراءات فردية ، وذلك بشهر حقوقهم .
ثم إن قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، ومن بعده قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 ، عالج كل منهما نقصاً خطيراً كان ملحوظاً في قانون التسجيل رقم 18 / 19 لسنة 1923 ، فأصبح الآن واجباً شهر حق الإرث حتى يستطيع الوارث أن يتصرف في الحقوق التي آلت إليه بالميراث .
ويخلص مما تقدم أن المسائل التي يجب بحثها في الميراث هي : ( 1 ) تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الميراث . ( 2 ) تنظيم حماية حقوق دائني التركة عن طريق إجراءات فردية أو إجراءات جماعية ( تصفية التركة ) . ( 3 ) شهر حق الإرث .
البحث الأول
تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الميراث
22 - الشريعة الإسلامية تطبق جميع المصريين وفي جميع مسائل الميراث : قدمنا أن التقنين المدني الجديد قد حسم الخلاف في أمرين جوهريين :
( 1 ) فقد قضى بأن الشريعة الإسلامية ، في الميراث تطبق على جميع المصريين ، مسلمين أو غير مسلمين ( [133] ) . والمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي واضحة كل الوضوح في هذا الصدد ، إذ تقول : " الشريعة الإسلامية والتقنينات المستندة منها هي التي تنطبق على ميراث المصريين جميعاً ، مسلمين أو غير مسلمين . ولا ينطبق قانون الملة على غير المسلمين ، حتى لو اتفق الورثة جميعاً على أن ينطبق . ولم يعد هناك محل للبحث فيما إذا كان قانون الملة هو الذي يحدد الورثة مبدئياً ، لينظر بعد ذلك فيما إذا كان هؤلاء الورثة متفقين على قانون الملة ليطبق نهائياً ، أو مختلفين فتطبق الشريعة الإسلامية . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بذلك أخيراً ، مجللفة ما جرت عليه التقاليد من أن الشريعة الإسلامية هي التي تحدد الورثة من أول الأمر ، فإن لم يتفق هؤلاء الورثة على تطبيق قانون الملة طبقت الشريعة الإسلامية نهائياً . وقد قضى المشروع على هذا الخلاف ، فإن الشريعة الإسلامية هي التي تطبق أولاً وأخيراً ، ولم يعد هناك محل لتطبيق قانون الملة في أي فرض من الفروض " ( [134] ) .
( 2 ) وقضى التقنين المدني الجديد كذلك بأن الشريعة الإسلامية تطبق في جميع مسائل الميراث ، لا فحسب في تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم ، بل أيضاً في انتقال ملكية التركة من المورث إلى الوارث .
فنستعرض في إيجاز المسائل المتعلقة بتعين الورثة وتحديد أنصبائهم ، وهي التي يطبق فيها قانون المواريث وهو مستمد من أحكام الشريعة الإسلامية . ثم نستعرض كيفية انتقال التركة من المورث إلى الوارث ، ونبين في إيجار أحكام الشريعة الإسلامية في هذا الصدد وهي الأحكام الواجب تطبيقها وفقا للمادة 875 مدني سالف الذكر ( [135] ) .
1 - تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم
23 - قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 وما عرض من المسائل : كانت المحاكم الشرعية تطبق ، في تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم ، أحكام المذهب الحنفي في أرجح أقواله ، وكانت هذه الأحكام غير مقننة . وقد رؤى ، حتى قبل إدماج المحاكم الشرعية في المحاكم الوطنية ، أن هناك حرجاً في الاقتصار على أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة . فهناك مسائل في المذهب الحنفي وقع فيها اختلاف في ترجح الأقوال ، أو لم ينص على ترجيح ، فتضاربت الأحكام باختلاف نظر القضاة . وهناك حوادث تدعو المصلحة إلى أن يكون الحكم فيها بالمرجوح من أقوال المذهب الحنفي ، أو بأحكام المذاهب الأخرى . فاستقر الرأي على وضع تقنين شامل للأحوال الشخصية وللأوقاف والمواريث والوصية ، تختار أحكامه من المذاهب الإسلامية المختلفة ، ويراعى فيها ما يلائم حالة البلاد وما يساير رقيها الاجتماعي . فصدر القانون رقم 77 لسنة 1943 بأحكام المواريث . والقانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف ، والقانون رقم 71 لسنة 1946 بأحكام الوصية .
والذي يعنينا هنا هو قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 ، وقد قسم أبواباً ثمانية : الباب الأول في أحكام عامة وموانع الإرث ، والباب الثاني في أسباب الإرث وأنواعه ، والباب الثالث في الحجب ، والباب الرابع في الرد ، والباب الخامس في إرث ذوي الأرحام ، والباب السادس في الإرث بالعصوبة السببية ، والباب السابع في استحقاق التركة بغير إرث . والباب الثامن في أحكام متنوعة .
ولا نعرض لشرح ما اشتملت عليه هذه الأبواب من الأحكام ، فهي من مباحث كتب الفقه الإسلامي . ولكننا نستعرض هنا في إيجاز تام ، من خلال هذه الأبواب الثمانية ، ما ينطوي تحت عبارة " تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم " من المسائل الرئيسية .
24 - الأحكام العامة في الميراث : ففي الأحكام العامة ، يقرر قانون المواريث أن سبب استحقاق الإرث هو موت المورث أو اعتباره ميتاً بحكم القاضي في حالة المفقود ، وموت المورث هو واقعة مادية تنقل ملكية التركة من المورث إلى الوارث . ويجب لاستحقاق الإرث تحقق حياة الوارث وقت موته المورث أو وقت الحكم باعتباره ميتاً ، فإذا مات اثنان ولم يعلم أيهما مات أولاً كما في حالة الغرقى والهدمى والحرقى فلا استحقاق لأحدهما في تركة الآخر .
ويستحق من التركة قبل إرث الورثة : ( 1 ) ما يكفي لتجهيز الميت ومن تلزمه نفقته . ( 2 ) ديون الميت . ( 3 ) ما أوصى به في الحد الذي تنفذ فيه الوصية .
ويمنع من الإرث : ( 1 ) قل الوارث للمورث عمداً ، إذا كان القتل بلا حق ولا عذر وكان القاتل بالغاً من العمر خمس عشرة سنة ، ويعد من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعي . ويعتبر في حكم القتل أن يشهد الوارث على المورث شهادة زور تؤدي إلى الحكم على المورث بالإعداد ، مع تنفيذ هذا الحكم . ( 2 ) اختلاف الدين والدار . فلا توارث بين مسلم وغير مسلم ، ويتوارث غير المسلمين بعضهم من بعض . واختلاف الدارين لا يمنع من الإرث بين المسلمين ، ولا يمنع من الإرث بين غير المسلمين إلا إذا كانت شريعة الدار الأجنبية تمنع من توريث الأجنبي عنها .
25 - الإرث بالفرض ( أصحاب الفروض ) ويبدأ في التوريث بأصحاب الفروض ، وهم :
( 1 ) الأب والجد الصحيح : ولكل منهما فرض السدس إذا وجد للميت ولد أو ولدين وإن نزل .
( 2 ) أولاد الأم : ولأولاد الأم فرض السدس ، والثلث للاثنين فالأكثر ، ذكورهم وإناثهم في القسمة سواء ( [136] ) . ويحجب أولاد الأم كل من الأب والجد الصحيح وإن علا ، والولد وولد الابن وإن نزل .
( 3 ) الزوج والزوجة : وللزوج فرض النصف عند عدم الولد وولد الابن وإن نزل ، والربع مع الولد أو ولد الابن وإن نزل . وللزوجة ، ولو كانت مطلقة رجعياً ( [137] ) إذا مات الزوج وهي في العدة ، أو الزوجات فرض الربع عند عدم الولد وولد الابن وإن نزل ، والثمن مع الولد أو ولد الابن وإن نزل .
( 4 ) البنات وبنات الابن : وللواحدة من البنات فرض النصف ، وللاثنتين فأكثر الثلثان . ولبنات الابن الفرض المتقدم ذكره عند عدم وجود بنت أو بنت ابن أعلى منهن درجة ، ولهن واحدة أو أكثر السدس مع البنت أو بنت الابن الأعلى درجة . ويحجب كل من الابن وابن الابن وإن نزل ، بنت الابن التي تكون أنزل منه درجة ) ، ويحجبها أيضاً بنتان أو بنتا ابن أعلى منها ما لم يكن معها من يعصبها .
( 5 ) الأخوات الشقيقات والأخوات لأب : للواحدة من الأخوات الشقيقات فرض النصف ، وللاثنتين فأكثر الثلثان . وللأخوات لأب الفرض المتقدم ذكره عند عدم وجود أخت شقيقة ، ولهن واحدة أو أكثر السدس مع الأخت الشقيقة . ويحجب الأخت الشقيقة كل من الابن وابن $ 83 $ الابن وإن نزل ، والأب – ويحجب الأخت لأب كل من الأب والابن وابن الابن وإن نزل ، كما يحجبها الأخ الشقيق والأخت الشقيقة إذا كانت عصبة مع غيرها والأختان الشقيقتان إذا لم يوجد أخ لأب .
( 6 ) الأم والجدة الصحيحة : وللأم فرض السدس مع الولد أو ولد الابن وإن نزل ، أو مع اثنين أو أكثر من الأخت والأخوات . ولها الثلث في غير هذه الأحوال . غير أنها إذا اجتمعت مع أحد الزوجين والأب فقط ، كان لها ثلث ما بقى بعد فرض الزوج . والجدة الصحيحة هي أم أحد الأبوين أو الجد الصحيح وإن علت . وللجدة الصحيحة أو الجدات السدس ، ويقسم بينهن على السواء لا فرق بين ذات قرابة وذات قرابتين . وتحجب الأم الجدة الصحيحة مطلقاً ، وتحجب الجدة القريبة الجدة البعيدة ، ويحجب الأب الجدة لأب ، كما يحجب الجد الصحيح الجدة إذا كانت أصلاً له .
هذا وإذا زادت أنصباء أصحاب الفروض على التركة ، ق 5 سمت بينهم بنسبة أنصبائهم في الإرث ، وهذا هو العول . ففي زوج وشقيقتين للزوج النصف فرضاً وللشقيقتين الثلثان فرضاً ، فزاد مجموع الأنصباء على الواحد الصحيح . فتقسم التركة بينهم بنسبة أنصبائهم ، ويكون للزوج ثلاثة أسباع التركة وللشقيقتين أربعة أسباعها .
وعلى العكس من ذلك ، إذا لم تستغرق الفروض التركة ، ولم توجد عصبة من النسب ، رد الباقي على غير الزوجين من أصحاب الفروض بنسبة فرض كل منهم . ففي بنت زوجة للبنت النصف فرضاً وللزوجة الثمن فرضاً ، ويرد باقي التركة وهو ثلاثة الأثمان على البنت دون الزوجة . ويرد باقي التركة إلى أحد الزوجين إذا لم يوجد عصبة من النسب أو أحد أصحاب الفروض النسبية أو أحد ذوي الأرحام . فإذا مات الزوج . ولم يترك من أصحاب الفروض إلا الزوجة ، وليست له عصبة من النسب ولا أحد من ذوي الأرحام ، أخذت الزوجة ربع التركة فرضاً وثلاثة أرباعها رداً . ونرى من ذلك أن الرد ، في أحواله المختلفة ، هو نقيض العول .
26 - الإرث بالتعصيب ( العصبات ) : وإذا لم يوجد أحد من ذوي الفروض ، أو وجد ولم تستغرق الفروض التركة ، كانت التركة أو ما بقى منها بعد الفروض للعصوبة من النسب . والعصبة من النسب ثلاثة أنواع :
( أ ) العصبة بالنفس وهم جهات أربع ، مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي : ( 1 ) البنوة ، وتشمل الأبناء وأبناء الابن وإن نزل . ( 2 ) الأبوة ، وتشمل الأب والجد الصحيح وإن علا . ( 3 ) الأخوة ، وتشمل الإخوة الأشقاء والإخوة لأب وأبناء الأخ الشقيق وأبناء الأخ لأب وإن نزل كل منهما . ( 4 ) العمومة ، وتشمل أعمام الميت وأعمام أبيه وأعمام جده الصحيح وإن علا سواء أكانوا لأبوين أم لأب ، وأبناء من ذكر وأبناء أبنائهم وإن نزلوا .
وإذا اتحدت العصبة بالنفس في الجهة ، كان المستحق للإرث أقربهم درجة إلى الميت ، فيقدم الابن على ابن الابن فإذا اتحدوا في الجهة والدرجة ، كان التقديم بالقوة ، فمن كان ذا قرابتين للميت قدم على من كان ذا قرابة واحدة ، فيقدم الأخ الشقيق على الأخ لأب . فإذا اتحدوا في الجهة والدرجة والقوة ، كان الإرث بينهم على السواء ، فتنتصف التركة أو ما يبقى منها بعد الفروض بين الابين أو بين الأخوين الشقيقين . والمراد من التقديم سالف الذكر هو التقديم في الإرث بالتعصيب ، فلا ينفي هذا أن الأب مثلاً يرث بالفرض مع الابن الذي يرث وحده بالتعصيب باقي التركة بعد فرض الأب ، فيرث الأب السدس ويرث الابن خمسة الأسداس .
( ب ) العصبة بالغير وهن : ( 1 ) البنات مع الأبناء . ( 2 ) بنات الابن وإن نزل مع أبناء الابن وإن نزل إذا كانوا في درجتهن مطلقاً أو كانوا أنزل منهن إذا لم ترثن بغير ذلك . ( 3 ) الأخوات الشقيقات مع الأخوة الأشقاء . والأخوات لأب مع الإخوة لأب . ويكون الإرث بينهم ، في جميع هذه الأحوال ، للذكر شل حظ الأنثيين .
( ج ) العصبة مع الغير وهن : الأخوات الشقيقات أو لأب يصبحن عصبة إذا اجتمعت مع البنات أو بنات الابن وإن نزل ، فيكون لهن الباقي من التركة بعد الفروض . وفي هذه الحالة يعتبرون بالنسبة إلى باقي العصبات في مقام الأخوة الأشقاء أو لأب ، ويأخذن أحكامهم في التقديم بالجهة والدرجة والقوة ( [138] ) .
27 – إرث ذوي الأرحام : وإذا لم يوجد أحد من العصبة بالنسب ، ولا أحد من ذوي الفروض النسبية ، كانت التركة ، أو الباقي منها في حالة وجود الزوج أو الزوجة ، لذوي الأرحام ، وذوو الأرحام أربعة أصناف مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي :
الصنف الأول - أولاد البنات وإن نزلوا . وأولاد بنات الابن وإن نزل .
الصنف الثاني – الجد غير الصحيح وإن علا ، والجدة غير الصحيحة وإن علت .
الصنف الثالث - أبناء الإخوة لأم وأولادهم إن نزلوا ، وبنات الإخوة الأشقاء أو لأب أو لأم وأولادهم وإن نزلوا ، وبنات أبناء الإخوة الأشقاء أو لأب وإن نزلوا ، وأولادهن وإن نزلوا .
الصنف الرابع – ويشمل ست طوائف مقدماً بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي : ( الطائفة الأولى ) أعمام الميت لأم وعمامته وأخواله وخالاته لأبوين أو لأحدهما . ( الطائفة الثانية ) أولاد من ذكروا في الطائفة الأولى وإن نزلوا ، وبنات أعمام الميت لأبوين أو لأب ، وبنات أبنائهم وإن نزلوا ، وأولاد من ذكروا وإن نزلوا . ( الطائفة الثالثة ) أعمام أبي الميت لأم وعماته وأخواله وخالاته لأبوين أو لأحدهما . وأعمام أم الميت وعماتها وأخوالها وخالاتها لأبوين أو لأحدهما . ( الطائفة الرابعة ) أولاد من ذكروا في الطائفة الثالثة وإن نزلوا ، وبنات أعمام أبي الميت لأبوين أو لأب وبنات أبنائه وإن نزلوا ، وأولاد من ذكرن وإن نزلوا . ( الطائفة الخامسة ) أعمام أب أب الميت لأم ، وأعمام أب أم الميت وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما لأبوين أو لأحدهما ، وأعمام أم أم الميت وأم أبيه وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما لأبوين أو لأحدهما . ( الطائفة السادسة ) أولاد من ذكروا في الطائفة الخامسة وإن نزلوا ، وبنات أعمام أب أب الميت لأبوين أو لأب ، وبنات أبنائهم وإن نزلوا ، وأولاد من ذكرن وإن نزلوا ، وهكذا ( [139] ) .
2 - انتقال التركة من المورث إلى الوارث
28 – المسائل التي يتناولها البحث : ولم يتناول قانون المواريث كيفية انتقال التركة من المورث إلى الوارث ، إذ لم يعتبر هذا الموضوع من موضوعات الأحوال الشخصية . فالأمر هنا يتعلق بالميراث باعتباره سبباً من أسباب كسب الملكية ، تنتقل به ملكية التركة من المورث إلى الوارث ، فهو يدخل إذن في الأحوال العينية ( الأموال ) لا في الأحوال الشخصية . ولكن أحكام الشريعة الإسلامية مع ذلك هي التي تسري في شأنه ، وقد صرحت بذلك المادة 875 مدني ( [140] ) كما رأينا .
فيعنينا إذن ، ما دمنا نعرض للميراث باعتباره سبباً من أسباب كسب الملكية ، أن نبين أحكام الشريعة الإسلامية في هذا الموضوع ، فإن هذه الأحكام هي الواجبة التطبيق فيما نحن بصدده .
ومن ثم نتناول بالبحث المسائل الآتية : ( 1 ) انتقال حقوق التركة إلى الورثة . ( 2 ) متى تنتقل حقوق التركة إلى الورثة . ( 3 ) هل تنتقل ديون التركة إلى الورثة أسوة بحقوقها وما هو مدى نطاق القاعدة التي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين . ( 4 ) حكم تصرف الورثة في أعيان التركة قبل سداد الديون وما يجب من الحماية لحقوق دائني التركة .
29 - انتقال حقوق الشركة إلى الورثة : تنتقل جميع حقوق الوارث المالية – وهذه هي حقوق التركة – إلى الورثة عن طريق الميراث بوفاة المورث ، إذ الوارث خلف المورث في حقوق المالية . وقد قلنا في هذا المعني في الجزء الخامس من مصادر الحق في الفقه الإسلامي : " وإذا كان الفقه الإسلامي سلم بانتقال الحق إلى الوارث ، فذلك بفضل خلافة الوارث للمورث . فكرة الخلافة هذه تقضى بأن الوارث يقوم مقام المورث ويخلفه ، فيجب إذن أن يخلفه في مجموع الحقوق لا في حق معين بالذات ، فينتقل إلى الوارث هذا المجموع من الحقوق . بل لعل الأدق أن يقال إن الوارث هو الذي ينتقل ليحل محل مورثه في مجموع حقوقه ، فيقوم مقامه في هذه الحقوق ويخلفه عليها . ومثل الوارث الموصى له بجزء من مجموع الحقوق ، فإن نظرية الخلافة تتسع له كما اتسعت للوارث ، إذ أن كليهما يخلف الميت في مجموع الحقوق لا في حق معين بالذات " ( [141] ) . ويؤيد ذلك ما ذهب إليه الحنفية من أن حق التعلى مستقلاً عن البناء المستعلى ينتقل بالميراث ، ولا ينتقل بالبيع . وذلك لأن انتقاله بالميراث لأي كون باعتباره حقاً معيناً بالذات ، بل باعتباره عنصراً داخلاً في مجموع المال الذي خلف عليه الوارث المورث . أما انتقاله بالبيع فلا يجوز . لأن البيع لا ينقل إلا حقاً معيناً بالذات ، ولا يكون حق التعلى حقاً معيناً بالذات إلا إذا كان تابعاً للبناء المستعلى ( [142] ) .
والحقوق التي تنتقل إلى الوارث هي الحقوق المالية ، فتنتقل إليه ملكية أعيان التركة ، والحقوق العينية الأصلية الأخرى التي للمورث إلا ما كان منها ينقضي بالموت كحق الانتفاع ، والحقوق العينية التبعية كحق الرهن وحق الاختصاص وحقوق الامتياز ( [143] ) . أما ما كان من الحقوق ليس حقاً مالياً ، وما كان حقاً مالياً ولكنه متصل بشخص المورث ، وما اتصل بمشيئة المورث لا بماله ، فإن شيئاً من هذا لا ينتقل إلى الوارث ، لأن طبيعة الحق تستعصى على هذا الانتقال ، وتأبى إلا بقاء الحق مع صاحبه الأصلي وزواله بموته .
ومثل الحقوق غير المالية حق الحضانة وحق الولاية على النفس وحق الولاية على المال ، فهذه كلها لا تنتقل إلى الوارث لأنها حقوق غير مالية .
ومثل الحقوق المالية المتصلة بشخص المورث الحق في النفقة . سواء كان الدائن بها زوجة أو قريباً ، فلا ينتقل هذا الحق إلى الوارث بعد موت الدائن بالنفقة ، وذلك ما لم يأذن القاضي للدائن بالاستدانة ويستدن فعلاً . كذلك حق الرجوع في الهبة حين يجوز الرجوع حق متصل بشخص الواهب ، فلا ينتقل منه إلى وارثه ، بل يسقط بموته . وقد أكدت هذا المعنى المادة 502 مدني ، حين جعلت من موانع الرجوع في الهبة موت أحد طرفي العقد ، الواهب أو الموهوب له . وحق الأجل في الدين قام فيه خلاف من حيث اتصاله بشخص المدين لا بشخص الدائن . فهو يورث عن الدائن دون خلاف في ذلك ، فإذا مات الدائن قبل حلول الأجل بقى الأجل على حاله ولم يحل الدين ، وعلى ورثة الدائن أن يتربصوا حتى يحل الأجل ليطالبوا بحق مورثهم . أما إذا مات المدين قبل حلول الأجل ، فمن يقول باتصال الأجل بشخص المدين لا يجعل الأجل ينتقل إلى الوارث فينتفع بما بقى منه كما كان ينتفع المدين لو بقي حياً ، وعلى ذلك يسقط الأجل بموت المدين ولا ينتقل إلى الوارث ، فيحل الدين ولو لم يحل أجله . وظاهر أن هذا القول يتعارض مع ما هو مقرر في القانون المصري من أن الأجل في الدين متصل بالدين ذاته لا بشخص المدين ، بل هو وصف في الدين ، فإذا مات المدين لم يحل الدين إذا كان الأجل لم ينقض . وقد حصرت المادة 273 مدني أسباب سقوط حق المدين في الأجل ، وليس الموت من بينها ، فالأجل إذن لا يسقط بموت المدين . ولا شك في أن هذا هو القانون الوضعي في مصر ، فلا تجوز مخالفته . بقى أن نتلمس قولاً في الفقه الإسلامي يتفق مع هذا الحكم ، حتى لا يتعارض الفقه الإسلامي مع أحكام القانون في مسألة قلنا إن أحكام الشريعة الإسلامية تسري في شأنها . وفي مذهب مالك لا يسقط الأجل بموت المدين ، إذا اشترط المدين بقاء الدين مؤجلاً بعد موته إلى أن ينقضي الأجل ( [144] ) . ولكن هذا لا يكفي ، إذ يكون الأصل في الأجل عند مالك أن يسقط بموت المدين إلا إذا اشترط المدين بقاءه بعد موته . أما في القانون المصري فالأجل لا يسقط بموت المدين ، سواء اشترط المدين بقاءه بعد موته أو لم يشترط . والأقرب إلى القانون المصري في هذه المسألة هو رواية في المذهب الحنبلي ( [145] ) ، ففي هذا المذهب روايتان في سقوط الأجل بموت المدين ، إحداهما أن الأجل لا يسقط بموت المدين إذا وثق الورثة الدين ( [146] ) . ومعنى توثيق الورثة للدين أن يقدموا ضماناً للدائن يأمن به على حقه ، وهذا هو نفس ما تقضى به المادة 895 / 2 مدني في تصفية التركة تصفية جماعية ، إذ تقول : " وترتب المحكمة لكل دائن من دائني التركة تأميناً كافياً على عقار أو منقول ، على أن تحتفظ لمن كان له تأمين خاص بنفس هذا التأمين . فإن استحال تحقيق ذلك . ولو بإضافة ضمان تكميلي يقدمه الورثة من مالهم الخاص ، أو بالاتفاق على أية تسوية أخرى ، رتبت المحكمة التأمين على أموال التركة جميعها " . وإذا لم تصف التركة تصفية جماعية ، ففي تأشير الدائن بحقه ، وفقاً لأحكام المادة 914 مدني وسيأتي تفصيلي ذلك ما يأتي ، ضمان كاف بطمئن معه الدائن إلى استيفاء حقه من التركة حتى مع بقاء الأجل قائماً بعد موت المدين ، ويقوم هذا الضمان مقام توثيق الورثة للدين .
ومثل الحقوق المالية التي تتصل بمشيئة المورث لا بماله الخيارات ، وحق الأخذ بالشفعة ( [147] ) . وأهم الخيارات هي خيار الشرط وخيار الرؤية وخيار التعيين وخيار العيب وخيار فوات الوصف . ويذهب صاحب الحنفية إلى أن هذه الخيارات لا تورث ، إذ هي متصلة بشخص صاحب الخيار ، وليست إلا اتجاها لإرادته ومظهراً من مظاهر مشيئته . وليس للإرادة أو المشيئة بقاء بعد الموت ، فتنتهي به ولا تنتقل إلى الوارث . إلا أن كلاً من خيار التعيين وخيار العيب وخيار فوات الوصف يثبت للوارث بعد موته المورث ابتداء ، لا بطريق الوراثة والخلافة ، لأن هذه الخيارات إنما تثبت لعلل تحققت في العين ذاتها . فخيار التعيين يثبت نتيجة لاختلاط المال . وكل من خيار العيب وخيار فوات الوصف يثبت لضياع بعض المال أو نقصه . وهذه العلل تبقى قائمة حتى بعد انتقال العين إلى الوارث ، فيثبت الخيار للوارث ابتداء لقيام العلة ، لا لأن الخيار انتقل إليه من وارثه . ويذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أن كلاً من خيار التعيين وخيار العيب وخيار الوصف ينتقل بالميراث ، لأنها حقوق مالية تنتقل إلى الوارث كسائر الحقوق ، وإذا كان انتقال العين نفسها إلى الوارث بطريق الإرث والخلافة فكذلك يكون انتقال الخيار المتعلق بها . وكذلك الحكم في خيار الشرط عند الشافعي ومالك إذ هو حق مالي يقوم الوارث فيه مقام مورثه ، خلافاً لأحمد فقد ذهب إلى أنه لا يورث إلا إذا اختار من له الخيار قبل موته ، أما إذا لم يختر قبل الموت فلا يورث الخيار ( [148] ) .
30 - متى تنتقل حقوق التركة إلى الورثة : وإذ قررنا أن الحقوق المالية تنتقل بالميراث من المورث إلى الورثة ، فإنه يبقى أن تحدد متى تنتقل هذه الحقوق إلى الورثة . وقد اختلفت المذاهب في تحديد وقت انتقال التركة إلى ملك الورثة .
فعند المالكية ، تبقى أموال التركة على ملك الميت بعد موته إلى أن يسدد الدين ، فإذا ما سدد انتقلت ملكية التركة إلى الورثة من وقت السداد .
وعند الحنفية ، يجب التمييز بين ما إذا كان الدين مستغرقاً للتركة أو كان غير مستغرق لها . فإن كان الدين مستغرقاً ، تبقى أموال التركة على ملك الميت ولا تنتقل إلى ملك الورثة ( [149] ) ، فإذا ما صفيت وسددت الديون لم يبق من التركة شيء لأن الدين مستغرق لها . وأما إن كان الدين غير مستغرق ، فالرأي الراجح أن أموال التركة تنتقل إلى الورثة بمجرد موت المورث مع تعلق الدين بهذه الأموال . وهناك رأي ثان يذهب إلى أن الأموال لا تنتقل في هذه الحالة إلى الورثة إلا بعد سداد الدين ، ورأي ثالث يذهب إلى أنه يبقى على ملك الميت من الأعيان ما يكفي لسداد الدين وتنتقل بقية الأموال إلى الورثة .
وعند الشافعية في المذهب الجديد والحنابلة في أشهر الروايتين ، تنتقل أموال التركة إلى ملك الورثة فوراً بموت المورث مع تعلق الدين بها ، سواء كان الدين غير مستغرق للتركة أو كان مستغرقاً لها ( [150] ) .
ولا شك في أن أموال التركة ، في القانون المصري ، تنتقل ملكيتها إلى الوارث فوراً بمجرد موت المورث ، سواء كانت التركة غير مدينة أو كانت مدينة ، وسواء كان الدين غير مستغرق لها أو كان مستغرقاً . وذلك لأن الميراث سبب لكسب الملكية كما بينا ، فتنتقل الملكية بمجرد تحقق سبب انتقالها . والميراث يكون بموت المورث ، ومن ثم تنتقل أموال التركة إلى الوارث بمجرد موت المورث . وقد أكدت ذلك المادة الأولى من قانون المواريث إذا نصت على أن " يستحق الإرث بموت المورث أو باعتباره ميتاً بحكم القاضي " ( [151] ) . وعلى ذلك يكون حكم القانون المصري في هذه المسألة متفقاً مع الشريعة الإسلامية ، وذلك في مذهبين من مذاهبها : الشافعية في المذهب الجديد والحنابلة في أشهر الروايتين .
ويلاحظ أن تحديد وقت انتقال ملكية أعيان التركة إلى الورثة بموت المورث لا يعني حتماً أن الورثة يستطيعون التصرف في هذه الأعيان من ذلك الوقت ، فإن ملكية الأعيان قد تنتقل إليهم والديون متعلقة بها فلا يستطيعون التصرف فيها على النحو الذي سنبينه فيما يلي . ولكن هناك نتائج أخرى تترتب على تحديد وقت انتقال أعيان التركة إلى ملك الورثة بموت المورث ، لا بوقت سداد الديون ( [152] ) .
31 - هل تنتقل ديون التركة إلى الورثة أسوة بحقوقها – مدى نطاق القاعدة التي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين : والآن نعرض لأهم مسألة تبرز بين مسائل انتقال التركة إلى الورثة ، وإن كانت أهميتها أصبحت الآن أهمية نظرية بعد أن عالجها التقنين المدني الجديد وقانون الشهر العقاري علاجاً عملياً .
فهناك قاعدة معروفة في الفقه الإسلامي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، فهل تعني هذه القاعدة بأن ديون التركة لا تنتقل إلى الورثة كما تنتقل حقوقها ، وأن التركة لا تنتقل إلى الورثة إلا خالصة من الديون .
هذا هو الرأي المشهور في الفقه الإسلامي ، فإذا مات المورث عن دين في ذمته ، بقى الدين في التركة ولا ينتقل إلى ذمة الورثة ( [153] ) . ويكون لدائني التركة أن ينفذوا حقوقهم على أموال التركة ، حتى لو تصرف فيها الوارث كما سنرى . وليس لهم أن ينفذوا على أموال الوارث الشخصية ، فالتركة وحدها هي المسئولة عن ديونها ، ولا تختلط بأموال الوارث . وهذا بخلاف القانون الفرنسي ، فإن دين التركة فيه ينتقل إلى ذمة الوارث ، ولدائني التركة أن ينفذوا على أموال الوارث الشخصية ، إلا إذا رفض الوارث الميراث أو قبله بشرط التجنيب أو الجرد ( sous beanefice d'inventaire ) ( [154] ) . والحقوق التي تترتب على التركة في الفقه الإسلامي هي على الترتيب الآتي : ( أولاً ) حق الميت في تجهيزه ودفنه . ( ثانياً ) حقوق دائني التركة . ( ثالثاً ) حقوق الموصي لهم فيما لا يجاوز ثلث التركة بعد سداد ديونها ، إلا إذا أجازت الورثة ما يزيد على ذلك . ( رابعاً ) حقوق الورثة ، وتأتي بعد وفاء حق الميت وسداد ديون التركة وتنفيذ الوصايا .
ولكن ما دام دين التركة لا ينتقل إلى ذمة الوارث بعد موت المورث ، ففي ذمة من إذن يكون؟ هنا اختلفت المذاهب الفقهية وتضاربت فيها الروايات ، ويمكن تلخيص هذا الاختلاف في إيجاز على الوجه الآتي :
ذهب الحنفية والشافعية إلى أن الدين يبقى في ذمة الميت حتى بعد موته ، فهم يفترضون بقاء الذمة قائمة بعد الموت ، ولكن بشرط أن تتقوى بتركة أو بكفيل . وتقوية الذمة بتركة أو بكفيل معناه أن هناك ضماناً للدين يكفل سداده ، وهذا الضمان إما أن يكون تركة الميت فهي مسئولة عن ديونه ، أو كفيلاً يتركه الميت بدينه فيكون الكفيل هو المسئول عن سداد الدين . ومتى وجد هذا الضمان ، أمكن افتراض بقاء ذمة المدين قائمة بعد موته ، ففي هذا الافتراض فائدة هي بقاء الدين قائماً إلى أن يسدد إما من التركة أو من الكفيل . أما إذا لم يترك الميت تركة أو كفيلاً بالدين ، فلا سبيل إلى سداد الدين ولا فائدة من افتراض ذمة الميت قائمة تتحمل به ، ومن ثم تخرب الذمة ويسقط الدين . ولا شك في أن افتراض ذمة الميت قائمة بعد موته هو مجرد مجاز قانوني لا يطابق الحقيقة ، فالواقع أن المدين إذا مات لم تعد له ذمة باقية ، وليس افتراض قيام ذمته بعد موته إلا من قبيل الصنعة القانونية .
وذهب المالكية إلى أن الذمة لا تبقى بعد الموت لأنها صفة من صفات الحيازة فتزول بزوالها ، والدين يتعلق بالتركة نفسها لا بذمة الميت . فإذا مات المدين ولم يترك مالاً ، سقط دينه لانعدام محله . والمالكية في هذا هم أيضاً قد لجأوا إلى الصنعة القانونية . ويمكن تفسير قولهم ، في لغة القانون الحديث ، بأحد تفسيرين . فأما أن يقال إن التركة تصبح في هذه الحالة شخصاً معنوياً ، يتعلق الدين بذمته ( [155] ) . وهذا القول يتعارض مع أحكام القانوني الوضعي في مصر ، فقد عددت المادة 52 مدني الأشخاص المعنوية وليست التركة من بينها . أو أن يقال إن تركة المورث تصبح ذمة مالية ( patrimoine ) مستقلة تضاف إلى ذمة الوارث الأصلية وتتميز عنها ، فتتعدد ذمة الوارث المالية ( [156] ) ، وقد أقرت النظرية الحديثة في الذمة المالية تعدد الذمة كما بينا عند الكلام في هذا المضووع في الجزء الثامن من الوسيط . ولكن تعدد الذمة المالية للشخص الواحد لا يتنافى مع أن كلاً من هذه الذمم المالية المتعددة هو ذمة لهذا الشخص ، فتكون تركة المورث ، وهي ذمة مالية مضافة إلى ذمة الوارث الأصلية ، هي ذمة مالية للوارث نفسه . ويكون مؤدى القول بأن دين الميت يتعلق بتركته أن هذا الدين يتعلق بإحدى ذمتي الوارث ، فهو إذن يتعلق بذمة الوارث على كل حال . وهذا ما لم يرده المالكية ، فهم قد قصدوا بجعلهم الدين يتعلق بالتركة أن يفصلوه عن ذمة الوارث بقدر ما قصدوا أن يفصلوه عن ذمة المورث .
أما الحنابلة ، فمنهم من ذهب مذهب الحنفية والشافعية فقال إن الدين يتعلق بذمة الميت على فرض بقائها قائمة بعد موته ، ومنهم من ذهب مذهب المالكية فقال إن الدين يتعلق بالتركة نفسها لا بذمة الميت . وهناك رأي ثالث في المذهب الحنبلي يذهب إلى أن الدين لا يتعلق بذمة الميت ولا يتعلق بالتركة ، وإنما يتعلق بذمة الوارث ولكن في حدود ما يتركه الميت من أموال . وهذا الرأي الأخير هو الذي نقف عنده ، فهو أقرب إلى المعمول به في القانون الفرنسي إذا قبل الوارث الميراث بشرط الجرد أو التجنيب . وهو في الوقت ذاته أكثر انسجاماً مع المنطق الذي ساد الفقه الإسلامي في انتقال الحقوق إلى الورثة ، فكما أن حقوق التركة تنتقل إلى ذمة الوارث بمجرد موت المورث عند الشافعية في المذهب الجديد وعند الحنابلة في أشهر الروايتين كما قدمنا ، فمن العدالة والمنطق أن تنتقل أيضا ديون التركة إلى ذمة الوارث بمجرد موت المورث . فإن الحقوق تقابلها الديون ، فتنتقل الديون إلى ذمة الوارث في حدود ما انتقل إلى ذمته من الحقوق . وسنرى أن القانون الوضعي في مصر ، في تنظيمه لحماية دائي التركة في كل من التقنين المدني وقانون الشهر العقاري ، يتفق مع هذا الرأي الأخير في مذهب الحنابلة . ومن ثم يكون انتقال التركة من المورث إلى الوارث ، بمالها من حقوق وما عليها من ديون ، وهى مسألة يجب أن تسرى في شانها أحكام الشريعة الإسلامية كما قدمنا ، يتفق فيها التقنين المدني مع الفقه الإسلامي في بعض مذاهبه .
على أن اختلاف مذاهب الفقه الإسلامي ، في انتقال ديون التركة ، ليست له آثار عملية . فقد اتفقت هذه المذاهب علي أن دين الميت يستوفي مما يتركه الميت من أموال ، فتصبح تركة الميت هي المسئولة عن سداد ديونه . والدين علي هذا النحو يتعلق بمالية التركة لا بذوات أعيانها ، إذ حق الدائن هو أن يستوفى الدين من مالية التركة لا من عين بالذات ( [157] ) .
32 - حكم تصرف الورثة في أعيانه التركة قبل سداد الديون وما يجب من أمانة لحقوق دائي الشركة : وما دامت تركة الميت هي المسئولة عن سداد ديونه كما قدمنا ، فما هو حكم تصرف الوارث في عين من أعيان التركة قبل سداد الديون ، هل يكون صحيحا أو يبطل ؟
اختلفت المذاهب الفقهية في ذلك . ولكنها لا تربط الصحة والبطلان بوقت انتقال ملكية أعيان التركة إلى الورثة ، وإلا لوجب القول بأن من يذهب إلى انتقال الملكية بمجرد موت المورث وقبل سداد الديون يجعل تصرف الوارث قبل سداد الدين صحيحا مادامت الملكية قد انتقلت إليه ، ولكننا سنرى أن هذا غير مطرد . فعند الشافعية ، وهم يقولون كما رأينا بانتقال أموال التركة إلى ملك الورثة فورا بمجرد موت المورث ، لا يجوز مع ذلك للوارث أن يتصرف في أعيان التركة المدينة ، ولو كان الدين غير مستغرق للتركة . ذلك أن التركة تنتقل إلى الوارث مثقلة بالدين ، فيتعلق الدين بها كما يتعلق الرهن ، والرهن عندهم مانع من بيع العين المرهونة . على أن في مذهب الشافعي رواية أخرى تقضي بأنه يصح تصرف الوارث في التركة المدينة ، لأن الدين حق تعلق بالمال من غير رضاء المالك فلم يمنع التصرف كمال المريض . فإن قضى الوارث الدين نفذ تصرفه ، وإن لم يقضه فسخ التصرف . ويتساوى الدائنون في اقتضاء حقوقهم من التركة ، فإن ظهر دائن لم يكن معروفاً وقت أن اقتسم الدائنون التركة ، رجع عليهم وشاركهم فيما أخذوه على قدر دينه ( [158] ) .
وفي مذهب الحنابلة روايتان ، أشهرهما أن أموال التركة تنتقل إلى ملك الورثة فوراً بموت المورث مع تعلق الدين بها ، فإن تصرف الوارث في التركة قبل سداد الدين صح تصرفه ولزمه أداء الدين ، فإن أداه نفذ التصرف وإن لم يؤده فسخ . والرواية الثانية تقضي بأن أموال التركة لا تنتقل إلى ملك الورثة إلا بعد سداد الدين ، فإن تصرف الوارث في مال للتركة قبل سداد الدين لم يصح التصرف ، لأنه يكون قد تصرف في غير ملكه ( [159] ) .
ورأينا أن الحنفية يميزون بين ما إذا كان الدين مستغرقاً للتركة أو كان غير مستغرق لها . فإن استغرق الدين أموال التركة ، تبقى هذه الأموال على ملك الميت ولا تنتقل إلى ملك الورثة ، ويكون أي تصرف للوارث في مال التركة باطلاً في هذه الحالة . وإن لم يستغرق الدين أموال التركة ، فبالرغم من أن هناك قولاً بانتقال أموال التركة إلى ملك الورثة ، لا يجوز مع ذلك للوارث التصرف في هذه الأموال ، فإن تصرف كان تصرفه باطلاً . وهناك من فقهاء الحنفية من يذهب إلى أن تصرف الوارث في هذه الحالة يكون صحيحاً نافذاً ما بقى في التركة ما يفي بسداد الدين ، أو إذا أجاز الدائن التصرف ( [160] ) .
وعند المالكية ، وهم القائلون ببقاء أموال التركة على ملك الميت حتى يسدد الدين ، يقتضى منطق هذا القول أن يكون تصرف الوارث في أعيان التركة قبل سداد الدين باطلاً ، سواء كان الدين مستغرقاً أو غير مستغرق . ولكن هذا هو أحد رأيين في المذهب ، وليس مبنياً على انعدام ملك الورثة ، بل على حماية حق الدائن فهو مقدم على الورثة . والرأي الآخر يذهب إلى أن تصرف الوارث في التركة المدينة قبل أداء الدين صحيح إذا لم يمس حق الدائن ولم يتضرر هذا به ، كأن يأذن فيه قبل أن يباشره الوارث ، أو ينزل عن دينه ، أن يبقى من التركة بعد التصرف ما يكفي لسداد الدين . وإذا لم يستطع الدائنون أخذ حقوقهم إلا من البيع ، فلذلك حالتان : الحالة الأولى أن يكون الوارث عالماً بالدين وقت تصرفه أو أن يكون الميت مشهوراً بأنه مدين ، وعند ذلك يفسخ البيع إلا إذا دفع المشتري قيمة المبيع يوم قبضه ، فإذا دفعها لزم البيع ورجع المشتري على بائعه من الورثة بما غرم من قيمته . والحالة الثانية أن يكون الوارث غير عالم بالدين ولم يكن الميت مشهوراً بأنه مدين ، وعند ذلك يسلم المبيع لمشتريه ، ويرجع الدائنون على الوارث بقدر الثمن سواء كان فيه وفاء بالدين أولاً ، ولا رجوع لهم على المشتري بشيء إلا إذا حاباه الوارث في البيع فيرجع الدائنون بقدر المحاباة فقط . ويتساوى الدائنون في اقتضاء حقوقهم من التركة ، فإن ظهر بعد ذلك دائن لم يقتض حقه ، رجع على الورثة بما في أيديهم من أموال التركة . فإن لم تكف هذه الأموال لوفاء دينه ، رجع على الدائنين بما فاته من حصته ( [161] ) .
ويخلص مما قدمنا في اختلاف المذاهب الفقهية أن منع الورثة من التصرف في أعيان التركة قبل سداد الدين لا يرجع إلى عدم انتقال الملكية إليهم قبل هذا السداد ، بل يرجع إلى حماية دائني التركة . ولما كان نظام شهر الحقوق عن طريق التسجيل أو القيد نظاماً حديثاً لا تعرفه القوانين القديمة ولم يكن مستطاعاً حماية حقوق الدائنين عن طريق الشهر ، فقد لجأ الفقه الإسلامي لحماية حقوق دائني التركة قبل سداد الديون باطلاً ، وبذلك تبقى الأعيان في التركة لينفذ عليها الدائنون . ونجد هذا القول في كل من المذاهب الأربعة على النحو الذي أسلفناه ، وهو طريق فيه إمعان في حماية الدائنين وتضحية لمصالح الورثة ومن يتصرف له هؤلاء . ( 2 ) أو يوفق بين حق الدائن وحق الوارث ، فيبيح تصرف الوارث في أعيان التركة قبل سداد الدين ويجعل هذا التصرف صحيحاً ، ولكنه لا يجعل نافذاً في حق الدائن إلا إذا أجاز الدائن التصرف أو نزل عن دينه أو استوفى هذا الدين أو بقى في التركة مال يكفي للوفاء به . وهذا القول الآخر نجده أيضاً في كل من المذاهب الأربعة ، كما سبق البيان .
ولما كان التقنين المدني قد صرح ، كما رأينا ، بوجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في انتقال التركة إلى ملك الوارث ، فإنه قد التزم هذه الأحكام ، واختار من المذاهب المختلفة ما يتلاءم مع مبادئه العامة ( [162] ) . ومن ثم فقد قرر ، في انتقال أموال التركة من المورث إلى الوارث وفي حقوق الدائنين المتعلقة بالتركة وكيفية سداد الديون ، المبادئ الرئيسية الآتية :
أولاً – تنتقل أموال التركة إلى الورثة بمجرد موت المورث ، مع تعلق حقوق دائني التركة بها . فتنتقل هذه الأموال إلى الورثة مثقلة بحق عيني ( [163] ) ، قريب من أن يكون حق رهن ولكنه رهن مصدره القانون ، ومن ثم فهو أقرب إلى أن يكون حق رهن قانوني . وليس هو بحق امتياز لأن الامتياز يرجع إلى طبيعة الحق الممتاز ، ولم تتغير طبيعة حق الدائن بموت مدينه .
ثانياً – ولما كانت أموال التركة تنتقل إلى الورثة بمجرد موت المورث ، فإنه يجوز للورثة منذ هذا الوقت أن يتصرفوا فيها إذا شهروا حقوق إرثهم على النحو الذي سنبينه فيما يلي . ولكن تصرفهم يكون خاضعاً لحقوق الدائنين ( [164] ) ، على النحو الذي أسلفناه .
ثالثاً – وقد استعان التقنين المدني بنظام الشهر المعروف في القوانين الحديثة ، والذي لم يكن معروفاً في الفقه الإسلامي كما قدمنا . وبدلاً من أن يلجأ ، كما لجأ الفقه الإسلامي ، إلى إبطال تصرف الوارث الصادر قبل سداد الدين ، أو حتى إلى جعله غير نافذ في حق دائني التركة ، فإنه قد لجأ إلى نظام الشهر هذا . فأوجب شهر حق الدائن وهو حق عيني كما أسلفنا ، فإذا ما شهر هذا الحق صار نافذاً في حق الغير ممن عسى أن يتصرف له الوارث . وبذلك تتم حماية دائني التركة على أسلوب يتفق مع النظم الحديثة في الشهر وهي النظم التي تتلاءم مع مبادئ القانون المصري ( [165] ) ، ويكون لهؤلاء الدائنين حق تتبع أعيان التركة في يد من تصرف له الوارث وحق التقدم على دائني الوارث ، فتتوافر لهم الحماية كاملة ( [166] ) .
ونفصل ما يلي ما أجملناه من هذه المبادئ ، في حماية حقوق دائني التركة في القانون المصري .
المبحث الثاني
تنظيم حماية حقوق دائني التركة في القانون المصري
33 - الطريقان اللذان تنظمهما القانون –
طريق الإجراءات الفردية وطريق التصفية الجماعية : وقد نظم القانون طريقين لحماية حقوق دائني التركة:
( الطريق الأول ) طريق الإجراءات الفردية ، وهو الطريق المعتاد المألوف . وفيه يبدأ الدائنون بشهر حقوقهم بالتأشير بها على هامش شهر حق الإرث ، على النحو الذي سنبينه فيما يلي . ثم ستوفى الدائنون حقوقهم من أموال التركة بموجب إجراءات فردية يتولاها كل دائن لنفسه ، فيتخذ من الإجراءات التحفظية والإجراءات التنفيذية لاستيفاء حقه ما يقرره القانون لكل دائن ، وذلك إما عن طريق الحجز على أموال التركة وهي في يد الورثة ( [167] ) ، أو عن طريق تتبعها والحجز عليها في يد الغير بعد أن يتم شهر حق الدائن . ويترتب على ذلك أن حالة الدائنين ، فيما بينهم ، بعد موت المدين ، من حيث الالتجاء إلى الإجراءات الفردية ، تماثل حالتهم قبل موته . فمن سبق منهم غيره إلى التنفيذ ظفر بحقه ، ومن تأخر فقد يضيع عليه حقه كله أو بعضه . على أنه لا يجوز لأي دائن ، بعد موت المدين ، أخذ اختصاص على عقار في التركة ( م 1085 / 2 مدني ) . ولكن دائني التركة ، في هذا الطريق الأول ، يتقدمون على دائني الورثة الشخصيين ، ويتتبعون أعيان التركة في يد من تصرف له الوارث فيها . فميزة هذا الطريق لا تظهر في علاقة دائني التركة فيما بينهم ، وإنما تظهر في علاقتهم بدائني الورثة الشخصيين وبالغير الذي يتصرف له الوارث .
( الطريق الثاني ) طريق الإجراءات الجماعية ، وهو طريق التصفية الجماعية للتركة . وسنرى فيما يلي أن هذا الطريق طويل معقد ، وهو لا يصلح إلا للتركات الكبيرة الكثيرة الديون . ومن ثم جعل طلب إخضاع التركة لنظام التصفية رخصة لأي من ذوي الشأن - الدائن أو الموصي له أو الوارث – على أن يخضع هذا الطلب لتقدير القاضي ، فإن لم ير موجباً لذلك رفض إخضاع التركة لهذا النظام . ويبدأ الطريق بتعيين مصف للتركة ، ويشهر الأمر الصادر بتعيين المصفي عن طريق القيد ، ويقوم هذا القيد مقام تأشير الدائن بدينه في الطريق الأول ، وتغل أيدي الورثة عن التصرف في أموال التركة ، وتصبح حقوق الدائنين نفاذة في حق الغير . ويكون سداد الديون بإجراءات جماعية يتولاها المصفي ، ومن ثم لا يجوز لأي دائن أن يتخذ إجراءات فردية لاستيفاء حقه . بل يقوم المصفي في التركة ، كما يقوم السنديك في التفليسة ، بجرد أموال التركة وحصر الديون التي عليها وسدادها ، ثم يوزع ما بقى بعد السداد على الموصى لهم والورثة . وإن ضاقت التركة بوفاء الديون ، تحاص الدائنون وأخذ كل منهم حصة بنسبة حقه ، إلا من كان من الدائنين له حق التقدم قانوناً على غيره كدائن مرتهن ، ولا يأخذ الموصى لهم والورثة شيئاً في هذه الحالة ( [168] ) . ونرى من ذلك أن ميزة هذا الطريق الثاني ، طريق الإجراءات الجماعية ، لا تظهر فحسب في علاقة دائني التركة بدائني الورثة الشخصيين وبالغير الذي تصرف له الوارث ، بل أيضاً – وهذا ما يتميز به عن الطريق الأول طريق الإجراءات الفردية – في علاقة دائني التركة فيما بينهم ، فلا يسبق أحدهم الآخرين ويتساوون جميعاً كما يتساوى دائنو التفليسة .
ونستعرض الآن تفصيلاً كلاً من الطريقين سالفي الذكر .
المطلب الأول
طريق الإجراءات الفردية
34 - نص قانوني : تنص المادة 914 مدني على ما يأتي :
" إذا لم تكن التركة قد صفيت وفقاً لأحكام النصوص السابقة ، جاز لدائني التركة العاديين أن ينفذوا بحقوقهم أو بما أوصى به لهم على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها ، أو التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير ، إذا أشروا بديونهم وفقاً لأحكام القانون ( [169] ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولم يكن في هذا التقنين نظام لشهر حقوق دائني التركة .
ويقابل النص في التقنينات المدينة العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 875 – وفي التقنين المدني الليبي م 918 – وفي التقنين المدني العراقي م 1107 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 131 ( [170] ) .
ويخلص من النص سالف الذكر أنه إذا لم تتقرر تصفية التركة تصفية جماعية على النحو الذي سنبينه ، لم يكن أمام دائني التركة إلا اتخاذ إجراءات فردية للتنفيذ بحقوقهم على أموال التركة ، كما كانوا يفعلون لو أن المورث مدينهم كان حياً . وقد يقع أن يتصرف الورثة في عقارات التركة بعد شهر حقوقهم في الإرث ، أو يرتبوا على هذه العقارات لصالح الغير حقاً عينياً كرهن رسمي أو رهن حيازة ، إذا أن ملكية هذه العقارات قد انتقلت إلى الورثة بمجرد موت المورث كما سبق القول . فعلى دائني التركة ( وكذلك الموصى لهم إذا أصبحوا دائنين للتركة بموجب الوصية ويأتون في الترتيب بعد الدائنين ) ، إذا أرادوا أن يحتفظوا لأنفسهم بحق تتبع العقارات في أيدي الذين تصرف لهم الورثة ، وبحق التقدم على الدائنين الذين رتبت لهم الورثة على العقارات حقوقاً عينية ، أن يقوموا بنشر حقوقهم وفقاً لأحكام القانون . والقانون نا هو قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، فقد نص في المادة 14 منه على أنه " يجب التأشير بالمحررات المثبتة لدين من الديون العادية على المورث في هامش تسجيل الإشهادات أو الأحكام أو السندات ( المثبتة لحق الإرث ) وقوائم الجرد المتعلقة بها . ويحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله ، ومع ذلك إذا تم التأشير في خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه ، فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً عقارياً وقام بشهره قبل هذا التأشير " ( [171] ) . وقد تلى قانون تنظيم الشهر العقاري قانون نظام السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 ، وهو قانون يعمل به في الأقسام المساحية التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل على الوجه الذي سنبينه عند استعراض هذا القانون في أثناء الكلام في العقد باعتباره سبباً لكسب الملكية . وقد نصت المادة 31 من قانون نظام السجل العيني هي أيضاً على أنه " يجب التأشير بالمحررات المثبتة لدين من الديون العادية على المورث في صحف السجل العيني المخصصة لأعيان التركة أو حقوقها . ويجب على الدائن إعلان كل ذي شأن بقيام الدين قبل التأشير به . ويحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله ، ومع ذلك إذا تم التأشير في خلال سنة من تاريخ القيد المشار إليه في المادة السابقة ( قيد حق الإرث ) ، فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً وقام بقيده قبل هذا التأشير " .
فدين التركة يجحب إذن شهره ، ويكون ذلك عادة في خلال سنة من شهر حق الإرث . ونبحث في هذا الصدد المسائل الآتية : ( 1 ) من يقوم بشهر الدين . ( 2 ) كيف يكون شهر الدين . ( 3 ) حالة شهر الدين في خلال سنة من شهر حق الإرث . ( 4 ) حالة شهر الدين بعد انقضاء سنة من شهر حق الإرث . ( 5 ) حالة عدم شهر الدين أصلاً . ( 6 ) حالة تصرف الوارث في منقول للتركة قبل سداد ديونها .
35 – من يقوم بشهر الدين : الذي يقوم بمشهر الدين هو دائن التركة نفسه ، فهو صاحب الشأن في ذلك . وكل دائن من الدائنين العاديين للتركة يستطيع أن يقوم بشهر دينه . والدائنون العاديون للتركة هم دائنوا المورث ، وهم الذين كانت الذمة المالية لمدينهم المورث ضماناً عاماً لحقوقهم ، فإذا مات المدين أصبحت تركته هي الضمان العام لهذه الحقوق . ويدخل أيضاً ضمن الدائنين للتركة الموصى لهم الذين يصبحون بموجب الوصية دائنين للتركة ، وهم غير دائني المورث الأصليين لأنهم لم يصبحوا دائنين إلا بموت المورث ، وقد أصبحوا دائنين مباشرة للتركة دون أن يكونوا دائنين للمورث نفسه . والموصي له الذي يصبح دائناً للتركة بموجب الوصية إما أن يكون قد أوصى له بمبلغ من النقود يأخذه من التركة فيصبح دائناً بهذا المبلغ ، أو أن يكون قد أوصى له بعين معينة بالذات في التركة ، عقاراً كانت أو منقولاً ، فيكون له حق المطالبة بها . وفي الحالتين يجب عليه أن يؤشر بما أوصى له به على هامش شهر حق الإرث ، حتى إذا ما تصرف الوارث في أعيان التركة أو في العقار الموصى به أو رتب عليها حقاً عينياً كان للموصى له حق التتبع وحق التقدم كسائر دائني التركة . غير أن الموصى له يتأخر عن دائني التركة الأصليين ، ولهؤلاء أن يتقاضوا حقوقهم أولاً من أعيان التركة بما في ذلك العين الموصى بها عقاراً كانت أو منقولاً ، فإن بقى شيء أخذ الموصى له منه ما أوصى له به ، وما يبقى بعد ذلك فهو للورثة ( [172] ) .
والدائن الذي يقوم بشهر الدين هو الدائن العادي للموروث . أما الدائن الذي يكفل حقه رهن أو اختصاص أو امتياز على عقار من عقارات المورث وقد قام بقيد هذا التأمين ، وبتجديد القيد في المواعيد المحددة قانوناً ، فإنه ليس في حاجة إلى التأشير بحقه في هامش تسجيل حق الإرث . وذلك أن حقه مكفول بالتأمين العيني الذي حصل عليه في حياة المورث ، ويستطيع أن يتتبع العقار الضامن لحقه وأن يتقدم فيه علي سائر الدائنين من غير أن يؤشر بحقه بعد موت المدين . ولكنه مع ذلك قد يرى نفسه في حاجة إلى هذا التأشير ، إذا هو رأى أن التأمين العيني الذي حصل عليه لم يعد كافيا للوفاء بحقه ، فيكون التأشير مفيدا له حتى يستعمل حتى التتبع وحق التقدم على عقارات التركة لاستيفاء ما يبقى غير مضمون من حقه .
36 - كيف يكون شهر الدين : يكون شهر الدين بطريق التأشير الهامشي ، ويحصل هذا التأشير ( ( في هامش تسجيل الإشهادات أو الأحكام أو السندات ) ) المثبته لحق الإرث . وسنري فيما يلي أن حق الإرث يجب شهره ، ويقوم الوارث أو أي ذي شأن اخر بهذا الشهر ، ويقدم للشهر السند المثبت لحق الإرث من إعلام وراثة أو حكم أو أي سند آخر . فيجب إذن ، حتى يتم شهر الدين ، أن يكون حق الإرث قد سبق شهره ، وذلك حتى يتمكن الدائن من شهر الدين بالتأشير على هامش تسجيل حق الإرث . فا ذا لم يكن حق الإرث قد شهر ، فا ن شهر الدين يكون غير مستطاع ، ولكن الوارث في هذه الحالة لا يستطيع التصرف في أعيان التركة إذ هو لا يستطيع ذلك إلا بعد شهر حق الإرث كما سيجيء .
ولما كان للدائن مصلحة في شهر حقه ، فقد أجيز له ، كواحد من أصحاب الشأن أن يقوم هو بنفسه بشهر حق الإرث بطريق التسجيل حتى يتمكن من التأشير على هامش التسجيل بسند حقه . فيأمن على هذا السند من العبث والضياع ، ولا يبقى في حالة تربص دائم يوالي البحث المستمر في مختلف مكاتب الشهر التي تقع عقارات التركة في دائرة اختصاصها حتى يعثر على تسجيل لحق الإرث فيؤثر على هامشه بسند حقه . فتجنباً لهذا الإرهاق يقوم هو بشهر حق الإرث ، ويقوم في الوقت ذاته بالتأشير على هامش تسجيل هذا الحق بسند الدين الذي له ، فيطمئن بذلك إلى المحافظة على حقه . وكل ذلك إلا تراخى الوارث في شهر حق الإرث ، بالرغم من أن له مصلحة في المبادرة إلى شهره حتى يستطيع التصرف في عقارات التركة من جهة ، وحتى تظهر من جهة أخرى الديون العادية التي على المورث عن طريق التأشير بها على هامس تسجيل حق الإرث فيتمكن الوارث من فحصها ومناقشتها ومن الوفاء بها إذا اقتنع بصحتها حتى تتخلص التركة من الديون .
ويجري شهر الدين بأن يقدم الدائن لمكتب الشهر العقاري الذي تم فيه شهر حق الإرث ، أو لمكاتب الشهر العقاري في حالة تعدد عقارات التركة ، طلباً بالتأشير الهامشي مصحوباً بسند الدين الذي يريد التأشير به وسائر الأوراق المؤيدة لهذا الدين ( [173] ) . فيتم التأشير بناء على هذا الطلب ، وفقاً لإجراءات نص عليها المواد 37 – 40 من قانون الشهر العقاري وهي النصوص الخاصة بالتأشيرات الهامشية . ولما كانت المسندات المقدمة تأييداً لطلب التأشير الهامشي تحفظ في مكاتب الشهر ، فقد كان الأصل أن يقدم الدائن السند المثبت لحقه لحفظه بمكتب الشهر العقاري ضمن المستندات بعد إجراء التأشير المطلوب ، ويعطي الدائن صورة فوتوغرافية من هذا السند . ولكن الدائن قد يكون في حاجة إلى استرداد أصل السند للمطالبة به ودياً أو قضائياً ، ومن ثم نصت الفقرة الأخيرة من المادة 23 من اللائحة التنفيذية لقانون الشهر العقاري على ما يأتي : " ومع ذلك يجوز للدائن ، بالنسبة إلى التأشيرات المنصوص عليها في المادة 14 من القانون رقم 114 لسنة 1946 ، أن يسترد سند الدين بعد استخراج صورة فوتوغرافية منه وإقراره عليها بما يفيد صحتها " . فعلى الدائن الذي يريد استرداد أصل سند الدين أن يتقدم بطلب بذلك إلى أمين مكتب الشهر ، فيرد له أصل السند . ولكن لما كان هذا الأصل واجب الحفظ كمستند من مستندات التأشير الهامشي ، فقد استعيض عنه بصورة فوتوغرافية تستخرج على نفقة الدائن ، ويجب أن يوقع الدائن وأمين المكتب على هذه الصورة الفوتوغرافية بما يفيد صحتها ومطابقتها للأصل الذي تم التأشير بموجبه ( [174] ) .
وتنص الفقرة الأولى من المادة 18 من قانون الشهر العقاري على أنه يجوز " لكل ذي شأن أن يطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة محو التأشير المشار إليه في المادة الرابعة عشرة ، فيأمر به القاضي إذا كان سند الدين مطعوناً فيه طعناً جدياً " ( [175] ) . فيجوز إذن أن يطلب محو التأشير الوارث ، أو دائن آخر للتركة ، أو دائن شخصي للوارث ، أو مشتر من الوارث ، أو أي شخص آخر يضره التأشير فيطلب محوه . ويطلب ذو المصلحة محو التأشير إذا كان الدين المؤشر به مطعوناً فيه طعناً جدياً ، إما في وجوده أصلاً أو لانقضائه بعد وجوده بأ ، تقدمت مثلاً مخالصة بالدين . والطعن يتم بطريق التقاضى بدعوى مستعجلة يختصم فيها المدعى الدائن العادي ، ويدخل فيها خصماً مكتب الشهر ليصدر الحكم في مواجهته . فإذا تبين لقاضي الأمور المستعجلة أن الطعن الموجه لسند الدين هو طعن جدي ، كأن كانت هناك مخالصة عنه يقدمها الوارث أو حكم صدر ببطلان الدين ، أمر بمحو التأشير . ويشهر حكم المحو بطريق التأشير الهامشي على هامش تسجيل حق الإرث ، إعلاماً للغير بإلغاء التأشير بسند الدين . وعلى هذا النحو لا يصبح الوارث أو ذو المصلحة تحت رحمة أي تأشير يقوم به دائن مزعوم ، لا سيما أن التأشير يتم أصلاً في غيبة الورثة ، وليس لدى مكاتب الشهر المعلومات التي تخولها حق رفض هذا التأشير منذ البداية ( [176] ) .
37 - حالة شهر الدين في خلال سنة من شهر حق الإرث : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 14 من قانون الشهر العقاري تنص على ما يأتي : " ويحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله ، ومع ذلك إذا تم التأشير في خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه ( تسجيل حق الإرث ) ، فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً عقارياً وقام بشهره قبل هذا التأشير " ( [177] ) . ويخلص من هذا النص أنه إذا قام الدائن بالتأشير بحقه وفقاً للإجراءات التي تقدم ذكرها ، في خلال سنة من شهر حق الإرث ، كان له على عقارات التركة حق التتبع وحق التقدم .
أما حق التتبع فيتحقق إذا باع الوارث مثلاً عقاراً من عقارات التركة ، وسجل المشتري البيع . فإذا لم يستوف الدائن حقه من الوارث أو من أي طريق آخر ، كان له أن يتتبع العقار المبيع تحت يد المشتري كما كان يتتبعه لو أنه كان دائناً مرتهناً ، فيستوفى حقه منه . وذلك حتى لو كان البيع مسجلاً قبل تأشير الدائن بحقه ، ما دام التأشير قد تم في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث ( [178] ) . ونرى من ذلك أن من يتعامل مع الوارث فيشتري منه عقارات للتركة يجب عليه أن يحتاط ، فلا يقدم على الشراء قبل انقضاء سنة من تاريخ شهر حق الإرث ( [179] ) ، وعند ذلك يستطيع أن يتبين ما إذا كان هناك دائن للتركة أشر بدينه حتى يتعامل مع الوارث على هذا الأساس . فأما أن يحتجز من الثمن مقدار الدين ليقوم هو بسداده للدائن ، أو أن يجعل الوارث يفي بالدين . فإذا لم يفعل لا هذا ولا ذاك ، عرض نفسه لإجراءات التتبع التي يقوم بها دائن التركة ( [180] ) . ويبدو أن المشتري من الوارث لا يستطيع تطهير العقار كما كان يستطيع لو أن العقار كان مرهوناً رهناً رسمياً ، فإن التطهير إجراء استثنائي لا يمتد من الرهن الرسمي إلى غيره من الحقوق المماثلة إلا بنص في القانون . ولذلك جاز التطهير في حق الاختصاص ( م 1095 مدني ) وفي حقوق الامتياز الواقعة على عقار ( م 1134 / 1 مدني ) لوجود هذا النص ، ولم يجز في الرهن الحيازي لانعدامه ( [181] ) .
وأما حق التقدم فيتحقق إذا رتب الوارث رهناً مثلاً على عقار من عقارات التركة ، وقيد الدائن المرتهن الرهن . فإذا لم يستوف الدائن حقه من أعيان التركة الأخرى ، فإن له أن يستوفيه من العقار المرهون ، متقدماً في استيفائه لحقه على الدائن المرتهن . وذلك حتى لو كان الرهن قد قيد قبل تأشير الدائن بحقه ، ما دام التأشير قد تم في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث . وعلى ذلك يجب على من يرتهن من الوارث عقاراً من عقارات التركة أن يتربص سنة من وقت شهر حق الإرث قبل أن يقدم على ارتهان العقار ، فإذا رأى أن دائناً للتركة قد أشر بحقه في خلال هذه السنة ، علم أن هذا الدائن يتقدم عليه في العقار المرهون بالرغم من أنه قد قيد الرهن قبل أن يؤشر دائن التركة بحقه .
وإذا كان هناك دائنان للتركة أشر كل منهما بحقه في هامش تسجيل حق الإرث ، وسبق أحدهما الآخر في هذا التأشير ، فإنه لا يتقدم عليه في استيفاء حقه من عقارات التركة . ذلك أن الأفضلية المترتبة على أسبقية الشهر لا تكون فيما يبين دائني التركة ، فلا يتقدم أحدهم على الآخر لمجرد أنه أشر بحقه قبله . ولكن الدائن الذي أشر بحقه في خلال السنة له أن يتتبع العقار في يد الغير وأن يتقدم فيه على دائن مرتهن من الوارث قيد رهنه قبل التأشير ، ولا يستطيع هذا التتبع ولا هذا التقدم الدائن الذي لم يؤشر بحقه في خلال السنة ( [182] ) .
38 - حالة شهر الدين بعد انقضاء سنة من شهر حق الإرث : أما إذا تراخى الدائن في التأشير بحقه ، ولم يجر هذا التأشير إلا بعد انقضاء سنة من وقت تسجيل حق الإرث ، فإن هذا التأشير المتأخر لا يكون مع ذلك عديم القيمة ، فقد نصت المادة 14 / 2 من قانون الشهر العقاري كما رأينا على أن يحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله " ( [183] ) .
وعلى ذلك إذا باع الوارث عقاراً في التركة وسجل المشتري عقد البيع ، وبعد انقضاء سنة من تسجيل حق الإرث أشر دائن التركة بحقه ، فإن هذا الدائن لا يكون له حق تتبع العقار المبيع إذا كان المشتري قد سجل عقد البيع قبل أن يؤشر الدائن بحقه ، سواء حصل البيع قبل انقضاء سنة من تسجيل حق الإرث أو بعد انقضائها . ذلك لأن التأشير الذي أجراه دائن التركة بعد انقضاء سنة من تسجيل حق الإرث لا يحتج به إلا من تاريخ حصوله ، وقد حصل بعد أن سجل المشتري من الوارث عقد البيع ، فلا يحتج بالتأشير إذن على المشتري ، ولا يكون لدائن التركة حق تتبع العقار المبيع ( [184] ) . أما إذا كان المشتري من الوارث قد سجل البيع بعد أن أشر الدائن بحقه ، سواء حصل البيع بعد التأشير أو قبله ، فإن التأشير بالدين يكون سابقاً على تسجيل البيع ، ويكون لدائن التركة حق تتبع العقار بالرغم من أنه لم يؤشر بحقه إلا بعد انقضاء سنة من تسجيل حق الإرث ، ما دام تأشيره بحقه قد سبق تسجيل البيع .
كذلك إذا أشر الدائن بحقه بعد انقضاء سنة من تسجيل حق الإرث ، ورهن الوارث عقاراً في التركة وقيد الدائن المرتهن الرهن قبل تأشير الدائن بحقه ، فإن الدائن المرتهن يتقدم على دائن التركة لأن قيد الرهن سبق التأشير بحق الدائن . أما إذا سبق التأشير قيد الرهن ، فإن دائن التركة يتقدم على الدائن المرتهن .
وفي جميع الأحوال يجوز لدائن التركة ، إذا لم يستطع أو لم يرد تتبع العقار أو التقدم فيه ، أن يستوفى حقه من أموال التركة الأخرى التي لا تزال باقية في يد الوارث ، كما له أن يرجع بالتعويض على الوارث في ماله الشخصي إذا كان هذا قد باع العقار أو رهنه غشاً وإضراراً بحقوق دائن التركة ، ولو لم تتوافر شروط الدعوى البولصية ( [185] ) .
39 - حالة عدم شهر الدين أصلاً : هنا يجب التمييز بين فرضين :
( الفرض الأول ) ألا يكون الوارث قد شهر حق إرثه : وفي هذا الفرض لا يستطيع الوارث أن يتصرف في عقارات التركة ، إذ يجب عليه تسجيل حق الإرث إذا اشتملت التركة على حقوق عينية عقارية ، " وإلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف من الوارث في حق من هذه الحقوق " ( م 13 / 1 من قانون الشهر العقاري و م 30 / 1 من قانون السجل العيني ) . وعلى ذلك لا يستطيع الوارث أن يبيع عقاراً من عقارات التركة ، أو يرتب عليه رهناً . ومن ثم تبقى عقارات التركة في ملك الوارث خالصة من أي حق عيني يرتبه عليها ، ومحملة بديون التركة كما لو كانت مرهونة في هذه الديون ، فيستطيع دائن التركة إذن ، بالرغم من عدم شهره لحقه ، أن ينفذ على هذه العقارات دون أن يعترضه في ذلك حق للغير . وليس لدائني الوارث أن ينفذوا على عقارات التركة ، قبل أن يستوفى دائنو التركة حقوقهم منها .
وتقول المذكرة الإيضاحية لقانون الشهر العقاري تأييداً لما قدمناه : " أما إذا لم يشهر حق الإرث ، فللدائن أن ينفذ على أعيان التركة استيفاء لحقه . والمفروض أنها تكون باقية على ملك الوارث ، إذ لا يجوز شهر أي تصرف صادر منه قبل شهر حق الإرث ، ، ، ، فإذا أهمل الوارث شهر حقه ، لم يلتزم دائن التركة بشهر دينه ، مع بقائه محمياً بقاعدة لا تركة إلا بعد وفاء الديون فتظل ديون التركة برغم خفائها عالقة بأعيانها ، كما لو كانت مرهونة بها " .
( الفرض الثاني ) أن يكون الوارث قد شهر حق إرثه : ونحن نفرض أن الدائن لم يشهر حقه ، وذلك بالرغم من شهر الوارث لحق الإرث ، ومن ثم يستطيع الوارث أن يتصرف في عقارات التركة ، كأن يبيعها وأن يرهنها ، وتكون هذه التصرفات جميعها نافذة في حق دائن التركة لأنه لم يشهر حقه ، فلا يستطيع الدائن أن يتتبع العقار المبيع في يد المشتري ، ولا أن يتقدم على الدائن الذي ارتهن عقاراً من الوارث في هذا العقار بل يتقدم هذا الدائن عليه . ولكن ما يبقى في يد الوارث من عقارات التركة دون تصف يكون محملاً بحقوق دائني التركة ، فيستطيع الدائن أن ينفذ على هذه العقارات بحقه دون أن يتعرضه في ذلك حق للغير . وليس للدائنين العاديين للورثة أن ينفذوا على هذه العقارات قبل أن يستوفى دائنوا التركة حقوقهم منها .
وتأييداً لما قدمناه تقول المذكرة الإيضاحية لقانون تنظيم الشهر العقاري : " وللدائن في جميع الأحوال ، ولو أغفل التأشير بدينه بعد استطاعته ذلك - أي بعد شهر حق الإرث – أن ينفذ على أعيان التركة التي تكون باقية على ملك الوارث . بمعنى أنه إذا باع الوارث بعض عقارات التركة وسجل عقد البيع ( بعد تسجيل حق الإرث ) ولم يؤشر الدائن بدينه ، كان لهذا الأخير الرجوع على عقارات التركة التي لم يتعلق بها حق للغير ، وإذا رهن الوارث بعض عقارات التركة وقيد الرهن ، فللدائن الذي لم يؤشر بدينه أن يرجع على هذا العقار المرهون ، ولكن يكون للدائن المرتهن أن يحتج قبله بحق الرهن " .
40 - حالة تصرف الوارث في منقول التركة قبل سداد ديونها : وما قدمناه من تأشير دائني التركة بحقوقهم تأشيراً هامشياً إنما يتعلق بعقارات التركة ، ولا شأن له بمنقولاتها . فالمنقول في التركة لا يحكمه نظام تسجيل حق الإرث ولا تأشير دائن التركة بحقه ، وإنما تحكمه القاعدة المعروفة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية .
فسواء سجل الوارث حق الإرث أو لم يسجل ، وسواء أشر دائنو التركة بحقوقهم أو لم يؤشروا ، وبالرغم من تعلق ديون التركة بمنقولاتها كتعلقها بعقاراتها ، فإنه إذا باع الوارث منقولاً في التركة قبل سداد ديونها ، وتسلم المشتري المنقول وهو حسن النية أي لا يعلم أن المنقول الذي يشتريه هو من أموال تركة لم تسدد ديونها ، فقد ملك المنقول خالياً من حقوق دائني التركة . ولا يستطيع دائن التركة أن يتتبعه في يده ، وليس للدائن إلا الرجوع بحقه على بقية أموال التركة التي لا تزال في يد الوارث . فإن لم يجد شيئاً يستوفي منه حقه ، رجع بثمن المنقول على الوارث إذا كان حسن النية ، أو رجع عليه بالتعويض إذا كان سيء النية أي كان يعلم قبل أن يبيع المنقول أن على التركة ديناً لم يسدد .
أما إذا كان المشتري للمنقول سيء النية ، أي كان يعلم أن المنقول الذي يشتريه هو من أموال تركة لم تسدد ديونها ، فإنه يجوز لدائن التركة أن يتتبع هذا المنقول في يد المشتري وأن يستوفى حقه منه . وهذا لا يخل بحقه في الرجوع على بقية أموال التركة التي لا تزال في يد الوارث ، على النحو الذي قدمناه ( [186] ) .
المطلب الثاني
طريق الإجراءات الجماعية
41 - التصفية الجماعية للتركة اختياري وهو على كل حال أمر استثنائي : الأصل في تسوية ديون التركة أن تكون بإجراءات فردية ، على النحو الذي فصلناه فيما تقدم . أما تسوية هذه الديون عن طريق إجراءات جماعية ، أي التصفية الجماعية للتركة فهذا أمر اختياري ، بل هو أمر استثنائي لا يجوز الالتجاء إليه إلا عند الضرورة . ذلك أن نظام التصفية الجماعية ينطوي علي إجراءات طويلة ، ويقتضي تكاليف كبيرة ، فلا يصح أن يكون نظاماً إجبارياً تخضع له كل التركات . بل هو ليس بنظام اختياري ، بمعنى أنه يجوز لذوي الشأن أن يطبقوه متى شاءوا . وإنما هو نظام وضع لتصفية التركات الكبيرة إذا أثقلتها الديون وتعقدت شؤونها ، فالنظام ملائم كل الملاءمة لمثل هذه التركات . والقاضي وحده هو الذي يقدر ما إذا كان يستجيب لطلب إخضاع التركة لنظام التصفية ، وهو لا يستجيب لهذا الطلب إلا إذا وجد من ظروف التركة ما يبرر ذلك ( [187] ) .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " وتصفية التركة من طريق تعيين مصف لها أمر اختياري لذوي الشأن وللقاضي . فلكل ذي شأن أن يطلب هذه التصفية إذا أراد . وللقاضي أن يجيب الطلب ، وله أن يرفضه إذا رأى أن التركة ليست في حاجة إلى تصفية منظمة ، إما لانعدام الديون ، أو لتفاهتها ، أو لتفاهة التركة نفسها " ؟ ( [188] ) .
42 - معنى أن تصفية التركة هي تصفية جماعية : وتبين المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي معنى أن تصفية التركة هي تصفية جماعية ، فتقول : " ومعنى ذلك أن المصفى وحده هو الذي يمثل التركة ، فلا يجوز للدائن اتخاذ أي إجراء إلا في مواجهته ، ولا يجوز لأحد منهم الحصول على حق اختصاص على العقارات الموجودة في التركة ، ولا يجوز للوارث أن يتصرف في مال التركة قبل تصفيتها . فترتفع بذلك يد الدائن والورثة عن التركة ، ويمتنع اتخاذ أي إجراءات فردية حتى تتم التصفية . وبهذا تتحقق المساواة الفعلية بين الدائنين كما هو الأمر في الإفلاس التجاري ، وتنتقل أموال التركة إلى الورثة خالية من الديون فيتحقق المبدأ القاضي بألا تركة إلا بعد سداد الديون على وجه عملي ، ويستطيع الورثة أن يتصرفوا في هذه الأموال للغير دون أن يخشى الغير ظهور دائن للتركة ينازعه ، فيستقر بذلك التعامل في الأموال الموروثة . . . . ويستخلص مما تقدم أن الإجراءات التي نظمها المشروع تكفل حماية المصالح المختلفة . فهي تكفل حماية مصلحة الورثة ، فكثيراً ما يختلفون على تصفية التركة أو يهملون في ذلك ، ويترتب على اختلافهم أو إهمالهم أكبر الضرر ، أما بعد وجود إجراءات منظمة للتصفية فقد امتنع الخلاف أو الإهمال . وهي تكفل حماية مصلحة من يتعامل مع الورثة ، يجعلهم يطمئنون إلى هذا التعامل ويأمنون أن يرجع عليهم الدائنون . وهي تكفل حماية مصلحة دائني التركة يجعل التصفية جماعية ، لا يفضل فيها دائن على آخر دون مبرر قانوني . هذا إلى أن السبيل قد مهد للوارث إذا أراد إفراز حصته في الميراث ، كما أن المورث قد أعطى حق قسمة تركته قبل موته ، وهو أمر تفرضه الظروف على رب الأسرة في أحوال كثيرة ( [189] ) " .
43 – مراحل التصفية الجماعية للتركة : ويمكن تقسيم إجراءات التصفية الجماعية للتركة إلى مراحل أربع : ( 1 ) تعيين مصف للتركة . ( 2 ) جرد التركة بمالها وما عليها . ( 3 ) تسوية ديون التركة . ( 4 ) تسليم أموال التركة للورثة خالية من الديون وقسمة هذه الأموال بينهم عند الاقتضاء ( [190] ) .
1 - المرحلة الأولى – تعيين مصف للتركة
44 - نصوص قانونية : تنص الفقرة الثانية من المادة 875 مدني على ما يأتي : " وتتبع في تصفية التركة الأحكام الآتية " . وتنص المادة 876 مدني على ما يأتي :
" إذا لم يعين المورث وصياً لتركته وطلب أحد ذوي الشأن تعيين مصف لها ، عينت المحكمة ، إذا رأت موجباً لذلك ، من يجمع الورثة على اختياره ، فإن لم تجمع الورثة على أحد تولى القاضي اختيار المصفي ، على أن يكون بقدر المستطاع من بين الورثة ، وذلك بعد سماع أقوال هؤلاء " .
وتنص المادة 877 مدني على ما يأتي :
" 1 - لمن عين مصفياً أن يرفض تولي هذه المهمة ، أو أن يتنحى عنها بعد توليها ، وذلك طبقاً لأحكام الوكالة " .
" 2 - وللقاضي أيضاً ، إذا طلب إليه أحد ذوي الشأن أو النيابة العامة أو دون طلب ، عزل المصفي واستبدال غيره به ، متى وجدت أسباب تبرر ذلك " .
وتنص المادة 878 مدني على ما يأتي :
" 1 - إذا عين المورث وصياً للتركة ، وجب أن يقر القاضي هذا التعيين " .
" 2 - ويسري على وصي التركة ما يسري على المصفي من أحكام " .
وتنص المادة 879 مدني على ما يأتي :
" 1 - على كاتب المحكمة أن يقيد يوماً فيوماً الأوامر الصادرة بتعيين المصفين وبتثبيت أوصياء التركة ، في سجل عام تدون فيه أسماء المورثين بحسب الأوضاع المقررة للفهارس الأبجدية . ويجب أن يؤشر في هامش السجل بكل أمر يصدر بالعزل وبكل ما يقع من تنازل " .
" 2 - ويكون لقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي من الأثر على حق الغير الذي يتعامل مع الورثة في شأن عقارات التركة ما للتأشير المنصوص عليه في المادة 914 " ( [191] ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق ، إذ لم يكن هذا التقنين يعرف نظام التصفية الجماعية للتركة .
وتقابل النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى ، في التقنين المدني السوري م 836 / 2 – 840 وفي التقنين المدني الليبي م 879 / 2 – 883 – وفي التقنين المدني العراقي لا مقابل – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل ( [192] ) .
وتقتضي هذه النصوص بحث المسائل الآتية : ( 1 ) كيف يعين المصفي . ( 2 ) قيد الأوامر الصادرة بتعيين المصفي . ( 3 ) كيف تنتهي مهمة المصفي .
45 – كيف يعين المصفي : يجب التمييز هنا بين فرضين : فإما أن يكون المورث قد عين وصياً للتركة حال حياته ، أو ألا يكون قد فعل ذلك .
أ - فإذا كان المورث قد عين وصياً للتركة ، فإن المادة 878 / 1 مدني تقضي ، كما رأينا ، بأنه يجب " أن يقر القاضي هذا التعيين " ( [193] ) . ويبدو أنه في حالة تعيين وصي للتركة يتعين على القاضي أن يقرر تصفية التركة تصفية جماعية ، إذ أن هذه هي إرادة المورث بدت من تعيينه وصياً للتركة ، ولا يجوز لا للورثة ولا للدائنين أن يعارضوا في ذلك ( [194] ) . ومتى تقررت تصفية التركة تصفية جماعية ، فإنه يتعين على القاضي أيضاً أن يثبت الوصي الذي عينه المورث ويعتبر أنه هو المصفي للتركة . ولا يجوز له أن يستبدل به ابتداء شخصاً آخر ، وإن كان يجوز له أن يعزله كما سنرى . وتقول الفقرة الثانية من المادة 878 مدني كما رأينا : " ويسري على وصي التركة ما يسري على المصفي من أحكام " . وعلى ذلك يكون لوصي التركة جميع سلطات المصفي ، وعليه جميع التزاماته . فللموصي ، كما للمصفي ، أن يرفض تولي المهمة أو أن يتنحى عنها بعد توليها ، وله أن يطلب أجراً عادلاً على قيامه بمهمته . وعليه جميع واجبات المصفي من تسلم أموال التركة وإدارتها ، واتخاذ جميع الاحتياطات المستعجلة بما في ذلك تجهيز الميت والنفقة على من كان يعوله الميت من الورثة ، وجرد التركة بمالها من حقوق وما عليها من ديون ، وتسوية ديون التركة ، وتسليم أموال التركة للورثة خالصة من الديون ، وهي شائعة أو بعد تقسيمها . ويجوز للقاضي عزل وصي التركة واستبدال غيره به متى وجدت أسباب تبرر ذلك ، كما يجوز له ذلك بالنسبة إلى المصفي .
والقاضي المختص بتثبيت وصي التركة وبعزله . وكذلك بتعيين مصفي التركة وبعزله ، وبوجه عام ينظر جميع المسائل المتعلقة بتصفية التركة تصفية جماعية ، كان في المشروع التمهيدي للمادة 876 مدني ، للقاضي الجزئي الذي يقع في دائرته آخر موطن للمورث . ولكن لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة " عينت المحكمة " بعبارة " عين القاضي الجزئي الذي يقع في دائرته آخر موطن للمورث " ، وقالت في تبرير هذا التعديل إن " قانون المرافعات هو الذي يتكفل بتعيين المحكمة المختصة بالنسبة إلى نوع الدعوى وبالنسبة إلى المكان " ، وأقر مجلس الشيوخ هذا التعديل ( [195] ) . ولما كان تقنين المرافعات لا يشتمل على نص خاص يعين المحكمة المختصة بتصفية التركات تصفية جماعية ، فلم يبق إلا تطبيق القواعد العامة في هذا التقنين . ويبدو أنه فيما يتعلق بالاختصاص النوعي تكون المحكمة الابتدائية هي المختصة ، إذ أن المادة 51 / 1 مرافعات تقضي بأن تختص المحكمة الابتدائية بالحكم في جميع الدعاوى التي ليست من اختصاص القاضي الجزئي . ولم يذكر تقنين المرافعات تصفية التركات ضمن الأمور التي يختص بها القاضي الجزئي ، فتكون إذن من اختصاص المحكمة الابتدائية ، إلا إذا كانت قيمة التركة لا تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً نصاب القاضي الجزئي ولكن التركات التي لا تجاوز قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً لا تصفي تصفية جماعية لتفاهة قيمتها . وفيما يتعلق بالاختصاص المحلي قد نصت المادة 59 مرافعات على أن " الدعاوى المتعلقة بالتركات التي يرفعها الدائن قبل قسمة التركة تكون من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها محل افتتاح التركة ، وكذلك الدعاوى التي يرفعها بعض الورثة على بعض قبل القسيمة " . وإذا كانت تصفية التركة لا تدخل في نطاق حرفية هذه المادة ، إلا أنه يؤخذ من النص أن المحكمة المختصة بالنظر في المسائل المتعلقة بالتركة قبل تسوية ديونها وقبل قسمتها هي المحكمة التي يقع في دائرتها محل افتتاح التركة . وعلى ذلك يمكن القول بأن المحكمة المختصة بنظر تصفية التركة تصفية جماعية هي المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها محل افتتاح التركة ، أي المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها آخر موطن للمورث . وقد نصت المادة 947 مرافعات ، فيما يتعلق بتركات الأجانب ، فعلاً على اختصاص هذه المحكمة إذا قالت : " تختص المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها آخر موطن للمورث بتعيين مصف للتركة وعزله واستبدال غيره به ، وبالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتصفية " . ونصت المادة 948 مرافعات ، فيما يتعلق بتركات الأجانب أيضاً ، على أنه " فيما عدا الأحوال التي يختص بها قاضي الأمور الوقتية برفع الطلب ويفصل فيها وفقاً للأحكام والإجراءات والمواعيد المعتادة في الدعاوى " .
ب - وغذا لم يكن المورث قد عين وصياً لتركته ، فهنا يتسع مجال التقدير للمحكمة ( [196] ) . فهي تقدر أولاً ما إذا كان هناك محل لتقرير أن تكون تصفية التركة تصفية جماعية ، ولا تقرر ذلك إلا إذا طلب إليها أحد ذوي الشأن تعيين مصف للتركة . وذوو الشأن هنا هم بوجه عام الورثة والموصي لهم والدائنون . فإذا طلب أحد من هؤلاء ، في صورة دعوى يرفعها بالأوضاع المعتادة ، تعيين مصف للتركة ، فالمحكمة غير ملزمة بإجابته إلى طلبه ، بل تقدر ما إذا كان هناك مبرر لتصفية التركة تصفية جماعية . فقد قدمنا أن هذه التصفية إنما هي نظام استثنائي وضع لتصفية التركات الكبيرة المثقلة بالديون ، وللقاضي أن يرفض إخضاع التركة لهذا النظام الطويل الإجراءات الكثير النفقات إذا رأى أن التركة ليست في حاجة إليه ، إما لانعدام الديون أو لتفاهتها أو لتفاهة التركة نفسها ( [197] ) . والمحكمة تقدر ثانياً ، إذا قررت إجابة ذوي الشأن إلى طلب التصفية الجماعية ، من يكون المصفي للتركة ، إذ هي التي تعينه ، وهي غير ملزمة برأي أحد في ذلك ، إلا إذا أجمعت الورثة على اختيار شخص معين ، سواء كان وارثاً أو غير وارث . فعند ذلك تتقيد المحكمة بمن أجمعت الورثة على اختيار ، ولا تستطيع العدول عنه إلى غيره ولو عارض في اختياره الدائنون أو الموصى لهم ( [198] ) . فإذا لم تجمع الورثة على اختيار أحد ، عينت المحكمة بنفسها المصفي ، ويكون من الورثة بقدر المستطاع ، وذلك بعد أخذ رأي الورثة ( م 876 مدني سالفة الذكر ) . ولا تتقيد المحكمة في اختيار المصفي بأغلبية الورثة ، فإذا اختارت الأغلبية شخصاً واختارت الأقلية شخصاً آخر ، كان للمحكمة أن تعين الشخص الذي اختارته الأغلبية أو الشخص الذي اختارته الأقلية ، أو تختار شخصاً آخر غيرهما بحسب تقديرها ، إذ هي لا تتقيد كما قدمنا إلا بالشخص الذي أجمعت على اختياره الورثة .
والمصفي هو في حكم الوكيل عن الورثة ، وهو نائب عنهم نيابة قانونية . وتسري عليه أحكام الوكالة ( [199] ) ، فيجوز له أن يرفض تولي المهمة ، سواء كان مصفياً أجمعت على اختياره الورثة أو مصفياً اختارته المحكمة أو وصياً للتركة عينه المورث حال حياته . فإذا رفض تولي المهمة ، كان على المحكمة تعيين مصف للتركة بدلاً منه ، بنفس الطريقة التي سبق بيانها .
46 – قيد الأوامر الصادرة بتعيين المصفين – نصوص قانونية : وقد رأينا أن المادة 879 مدني تقضي بأن " على كاتب المحكمة أن يقيد يوماً فيوماً الأوامر الصادرة بتعيين المصفين وبتثبيت أوصياء التركة ، في سجل عام تدون فيه أسماء المورثين بحسب الأوضاع المقررة للفهارس الأبجدية : ويجب أن يؤشر في هامش السجل بكل أمر يصدر بالعزل وبكل ما يقع من تنازل " . وقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي إذا اختارته المحكمة أو أجمعت عليه الورثة ، وبتثبيت الوصي إذا عين المورث وصيا للتركة قبل موته ، مسألة هامة إذ تترتب عليها نتائج خطيرة كما سنرى : لذلك يجب أن يكون القيد في اليوم نفسه الذي يصدر فيه الأمر بالتعيين أو بالتثبيت . ويعد كاتب المحكمة لهذا القيد سجلاً عاماً ، تقيد فيه أسماء المورثين بحسب الترتيب الأبجدي ، فيسهل العثور على اسم المورث المطلوب عند البحث عنه . فإذا صدر أمر بتعيين مصف أو بتثبيت وصي للتركة ، عمد كاتب المحكمة في يوم صدور الأمر إلى قيد هذا الأمر ، ويتضمن طبعاً اسم المصفي أو الوصي أمام اسم المورث . فيستطيع دائن التركة مثلاً ، إذا علم أن مدينه قد مات ، أن يعرف ما إذا كان قد تقررت تصفية تركته تصفية جماعية . وذلك بأن يبحث في قلم كتاب المحكمة الابتدائية التي يدخل في دائرتها آخر موطن لهذا المدين ، وفي السجل المعد لقيد الأوامر الصادرة بتعيين المصفين ، وأمام اسم المدين ( المورث ) المدون في السجل بحسب الترتيب الأبجدي ، ما إذا كان قد صدر أمر بتعيين مصف للتركة . فإذا كان قد صدر هذا الأمر ، فإنه لا محالة يعثر على اسم المورث مدوناً في السجل ، ويجد أمام هذا الاسم الأمر الصادر بتعيين المصفي مقيداً ( [200] ) . ويجب أيضاً على كاتب المحكمة أن يؤشر في هامش السجل ، بجانب كل أمر صادر بتعيين مصف للتركة ، كل أمر يصدر بعزل هذا المصفي أو ما يقع منه من تنازل أو تنح عن مهمته ، ثم يقيد أمام اسم المورث دائماً الأمر الصادر بتعيين المصفي الجديد الذي حل محل المصفي السابق . وبذلك يتمكن كل من يطلع على هذا السجل أن يعلم بالنسبة إلى تركة معينة ، ما إذا كانت هذه التركة قد تقررت تصفيتها تصفية جماعية ، ومن هو المصفي الذي عين للقيام بهذه التصفية ، ومن عسى أن يكون قد حل محله إذا كان قد عزل أو كان قد تنحى .
وتقول الفقرة الثانية من المادة 879 مدني كما رأينا : " ويكون لقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي من الأثر في حق الغير الذي يتعامل مع الورثة في شأن عقارات التركة ما للتأشير المنصوص عليه في المادة 914 " . والتأشير المنصوص عليه في المادة 914 مدني هو تأشير دائن التركة بحقه في هامش تسجيل حق الإرث ، وقد رأينا أن هذا التأشير يغل يد الورثة عن التصرف في أموال التركة . وعلى ذلك يكون لقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي أثران هامان :
( أولاً ) لا يجوز للوارث ، من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي إلى أن يتسلم شهادة التوريث التي تعطي له بعد تسوية الديون وسيأتي بيانها فيما يلي ، أن يتصرف في أموال التركة أو أن يستوفى ما للتركة من ديون . وتنص المادة 884 في هذا الصدد على ما يأتي : " لا يجوز للوارث ، قبل أن تسلم إليه شهادة التوريث المنصوص عليها في المادة 901 ، على أن يتصرف في مال التركة ، كما لا يجوز له أن يستوفي ما للتركة من ديون أو أن يجعل ديناً عليه قصاصاً بدين للتركة " ( [201] ) . ذلك أنه من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي تبدأ الصفة الجماعية للتصفية ، وهذه الصفة لها أثرها بالنسبة إلى الورثة كما نرى هنا ، وبالنسبة إلى دائني التركة كما سيجئ . فبالنسبة إلى الورثة . تغل أيديهم عن التصرف في أموال التركة بالبيع أو الرهن أو غير ذلك من التصرفات ، عن قبض الديون التي للتركة ، وعن إجراء المقاصة في دين عليه بدين للتركة على دائنه وذلك لأن التصفية الجماعية تكون قد بدأت بقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي ( [202] ) . وشأن التركة التي تصفي تصفية جماعية هو شأن أموال المفلس التي تصفي تصفية جماعية ، وشأن المصفي هو شأن سنديك التفليسة . وكما تغل يد المفلس عن التصرف في أمواله كذلك تغل يد الورثة عن التصرف في أموال التركة ، وكما يكون للسنديك وحده حق التصرف في أموال المفلس كذلك يكون للمصفي وحده حق التصرف في أموال التركة . ولا ضير في ذلك على الورثة فقد علموا بتعيين المصفي وقد يكونون هم الذي اختاروه ، ولا على من قد يتعامل مع الورثة فهؤلاء يستطيعون قبل التعامل أن يبحثوا في سجلات المحكمة الابتدائية فيعثروا على الأمر الصادر بتعيين المصفي مقيداً فيعلموا أن الورثة لا يحق لهم التعامل في أموال التركة ، ولا على المدينين للتركة فهؤلاء قبل أن يوفوا ديونهم للورثة بطريق مباشر ، أو يوفوها بطريق غير مباشر بأن يجعلوها قصاصاً في حق لهم على الورثة ( [203] ) ، يستطيعون هم أيضاً أن يعثروا في سجلات المحكمة الابتدائية على الأمر الصادر بتعيين المصفي فيعلموا أن الوفاء بالديون يجب أن يكون للمصفي دون الورثة ( [204] ) . ويحسن بمصفي التركة أن يبادر منذ تعييه إلى تسجيل شهادة الإرث في مكاتب الشهر التي تقع في دوائرها عقارات التركة ، وبذلك يستحث دائني التركة أن يؤشروا بحقوقهم على هامش هذا التسجيل ، فيتمكن من معرفة الديون العادية التي على التركة مما يساعده على تسوية هذه الديون . وبذلك أيضاً يكون أمام من يتعامل مع الورثة طريقان لمعرفة الخطر الذي يتهددهم إذا أقدموا على هذا التعامل : طريق قيد الأمر بتعيين المصفي في سجلات المحكمة ، وطريق تأشير دائني التركة بحقوقهم على هامش تسجيل حق الإرث في مكاتب الشهر العقاري ( [205] ) .
( ثانياً ) لا يجوز لدائني التركة ، من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي ، أن يتخذوا أي إجراء فردي على أموال التركة . فقد بدأت الصفة الجماعية للتصفية من وقت قيد هذا الأمر كما قدمنا ، فيجب أن تكون إجراءات دائني التركة إجراءات جماعية ، وفي مواجهة المصفي لا في مواجهة الورثة . وتنص المادة 883 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " 1 - لا يجوز من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي أن يتخذ الدائنون أي إجراء على التركة ، كما لا يجوز لهم أن يستمروا في أي إجراء اتخذوه ، إلا فيم واجهة المصفي . 2 - وكل توزيع فتح ضد المورث . ولم تقل قائمته النهائية ، يجب وقفه حتى تتم تسوية جميع ديون التركة متى طلب ذلك أحد ذوي الشأن " ( [206] ) . فكل إجراء فردي يتخذه أحد دائني التركة على أموالها بعد قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي يكون باطلاً ، إذ يجب كما قدمنا بعد قيد هذا الأمر أن تكون إجراءات الدائنين جماعية وفي مواجهة المصفي . فالمصفي هو الذي يفحص الديون التي لهم ، ويحصرها ، ويقوم بسدادها ، فإذا كانت التركة موسرة تقاضي كل دائن حقه كاملاً ، وإذا كانت معسرة تقاضى كل دائن من أموال التركة بنسبة الحق الذي له ، وبذلك تتحقق المساواة الفعلية ما بين الدائنين ، وهذه هي فائدة التصفية الجماعية للتركة بالنسبة إلى الدائنين . وغني عن البيان أنه إذا كان لدائن منهم حق التقدم قانوناً كأن كان دائناً مرتهناً أو له حق امتياز ، استوفى حقه من المال محل الضمان متقدماً على سائر الدائنين . ويلاحظ في هذا الصدد أنه لا يجوز لأي من دائني التركة ، بعد موت المدين ، أن يأخذ حق اختصاص على عقار في التركة ( م 1085 / 2 مدني ) ، فإنه بموت المدين يتحدد مركز دائنيه بعضهم بالنسبة إلى بعض حتى تتحقق المساواة فيما بينهم ، فلا يتفاضلون بعضهم على بعض إلا بسبب كان موجوداً قبل موت المدين ، كرهن أو امتياز أو اختصاص أخذ في حياة المدين . وإذا اتخذ أحد دائني التركة إجراء فردياً على مال المدين قبل موته ، بأن حجز مثلاً على ماله ، فبموت المدين وقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي يجب وقف هذا الإجراء الفردي ، ولا يجوز للدائن أن يستمر فيه إلا في مواجهة المصفية ، وبذلك ينقلب إلى إجراء جماعي ، ويتخلص الدائن مع سائر دائني التركة أموال المدين إلا إذا كان له حق التقدم بسبب موجود قبل موت المدين كما سبق القول . ولكن إذا كان الدائن قد وصل في الإجراء الفردي الذي اتخذه على مال المدين حال حياته إلى حد بيع هذا المال وفتح باب التوزيع فيه وإقفال قائمة التوزيع النهائية ، فعند ذلك يكون الدائن قد وصل في الإجراء الفردي الذي اتخذه إلى نهايته ، ولم يعد هناك بد من تنفيذ قائمة التوزيع النهائية كما هي ، وحصول كل دائن على ما خصص له في هذه القائمة . أما إذا كانت قائمة التوزيع النهائية لم تقفل قبل قيد الأمر بتعيين المصفي ، فإنه يجب وقفها بناء على طلب المصفي أو بناء على طلب أي من ذوي الشأن كوارث أو دائن ، وذلك حتى يتم حصر ديون التركة جميعاً فتضم التوزيعات بعضها إلى بعض ، وتسوي الديون جملة واحدة ( [207] ) .
47 - كيف تنتهي مهمة المصفي : ومهمة المصفي تنتهي في الأصل بانتهاء التصفية . ولكنها قد تنتهي قبل انتهاء التصفية بأحد أمور ثلاثة : بالتنحي أو بالموت أو بالعزل .
أما انتهاؤها بالتنحي فلأن المصفي في حكم الوكيل ، وللوكيل أن يتنحى عن الوكالة . وتقول الفقرة الأولى من المادة 877 مدني في هذا المعنى كما رأينا : " لمن عين مصفياً أن يرفض تولي هذه المهمة ، أو ينحى عنها بعد توليها طبقاً لأحكام الوكالة " ومن أحكام الوكالة في تنحي الوكيل ما تنص عليه المادة 716 / 1 مدني من أنه " يجوز للوكيل أن ينزل في أي وقت عن الوكالة ولو وجد اتفاق مخالف لذلك ، ويتم التنازل بإعلانه للموكل . فإذا كانت الوكالة بأجر ، فإن الوكيل يكون ملزماً بتعويض الموكل عن الضرر الذي لحقه من جراء التنازل في وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول " . ويبدو أن المصفي إذا أراد أن يتنحى عن مهمته . يجب أن يبلغ تنحيه للمحكمة التي عينته ، ولو كان الورثة هم الذين اختاره بالإجماع ، أو كان وصياً للتركة عينه المورث قبل موته وثبتته المحكمة . ومن أحكام التنحى عن الوكالة أيضاً ما نصت عليه المادة 717 / 1 مدني من أنه " على أي وجه كان انتهاء الوكالة ، يجب على الوكيل أن يصل بالأعمال التي بدأها إلى حالة لا تتعرض معها للتلف " .
وقد تنتهي مهمة المصفي بموته قبل انتهاء التصفية ، إذ هو في حكم الوكيل كما قدمنا ، والوكالة تنتهي بموت الوكيل ( م 714 مدني ) .
وتنص المادة 717 / 2 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " وفي حالة انتهاء الوكالة بموت الوكيل ، يجب على ورثته . إذا توافرت فيهم الأهلية وكانوا على علم بالوكالة ، أن يبادروا إلى إخطار الموكل بموت مورثهم ، وأن يتخذوا من التدبيرات ما تقتضيه الحال لصالح الموكل " . ويبدو أن ورثة المصفي يجب أن يخطروا المحكمة التي عينت المصفي بموته ، كما يجوز أن يخطر المحكمة بذلك كل ذي شأن كالورثة والدائنين والموصي لهم .
وتنتهي مهمة المصفي قبل انتهاء التصفية ، أخيراً ، بالعزل . وقد رأينا الفقرة الثانية من المادة 877 مدني تقول في هذا الصدد : " وللقاضي أيضاً ، إذا طلب إليه أحد ذوي الشأن أو النيابة العامة أو دون طلب ، عزل المصفي واستبدال غيره به ، متى وجدت أسباب تبرر ذلك " . والأسباب التي تبرر عزل المصفي متنوعة ، فقد تكون عدم كفايته لإدارة التركة وتصفيتها ، وقد تكون عدم أمانته ، وقد تكون ما يبدو منه من إهمال وتقصير وقد تكون غير ذلك من الأسباب . فمتى تجمعت لدى المحكمة أسباب جدية تبرر عزل المصفي عزلته ، وقد يكون هذا العزل بناء على طلب أحد من ذوي الشأن كدائن أو وارث أو موصي له ، أو بناء على طلب النيابة العامة ( [208] ) ، أو دون طلب من أحد فتعزل المحكمة المصفي من تلقاء نفسها ( [209] ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وكما أن القاضي هو الذي يعين المصفي ، فهو الذي يملك عزله أيضاً بناء على طلب أحد من ذوي الشأن أو دون طلب ، سواء في ذلك أن يكون المصفي قد عين بإجماع الورثة أو كان مختاراً من القاضي " ([210]) .
وإذا انتهت مهمة المصفي قبل انتهاء التصفية ، سواء كان انتهاؤها بتنحي المصفي أو بموته أو بعزله ، فعلى المحكمة أن تعين مصفياً آخر مكانه
حتى يتم تصفية التركة التي بدأها المصفي السابق . ويكون تعيين المصفي الجديد إما باختيار الورثة له بالإجماع ، أو باختيار المحكمة إياه إذا لم يكن هناك إجماع من الورثة ، وذلك على الوجه الذي بسطناه عند الكلام في تعيين المصفي ( [211] ) .
2 - المرحلة الثانية – جرد التركة بما لها وما عليها
48 - خطوات هذه المرحلة : بعد مرحلة تعيين المصفي ، ندخل في مرحلة جرد التركة بما لها وما عليها . وهذه المرحلة الثانية تشتمل على إجراءات أولية ، تتولها إجراءات إدارة التركة وجردها .
أما الإجراءات الأولية فتنظم الخطوات الآتية : ( 1 ) تسلم المصفي أموال التركة وما يتعلق بأجره وبنفقات التصفية ( م 880 مدني ) . ( 2 ) اتخاذ الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة : ( م 881 مدني ) ( 3 ) تجهيز الميت وصرف نفقة لمن كان الميت يعولهم من ورثته ( م 882 مدني ) .
وأما إجراءات إدارة التركة وجردها فتنظم الخطوات الآتية : ( 1 ) إدارة التركة ومسئولية المصفي عن الإدارة ( م 885 مدني ) . ( 2 ) تكليف دائني التركة ومدينيها بتقديم بيان عمالهم من حقوق وما عليهم من ديون ( م 886 مدني ) . ( 3 ) جرد حقوق التركة وديونها ( م 887 – 889 مدني ) . ( 4 ) الفصل في المنازعات المتعلقة بالجرد ( م 890 مدني ) .
49 – تسلم المصفي أموال التركة وما يتعلق بأجره وبنفقات التصفية – نص قانوني : تنص المادة 880 مدني على ما يأتي :
" 1 - يتسلم المصفي أموال التركة بمجرد تعيينه ، ويتولي تصفيتها برقابة المحكمة . وله أن يطلب منها أجراً عادلاً على قيامه بمهمته " .
" 2 - ونفقات التصفية تتحملها التركة ، ويكون لهذه النفقات حق امتياز في مرتبة امتياز المصروفات القضائية " ( [212] ) .
ويخلص من هذا النص أن المصفي يبدأ بتسلم أموال التركة بمجرد تعيينه ، ليقوم بتصفيتها وسداد الديون برقابة المحكمة الابتدائية التي عينته ، وهي المحكمة التي يوجد في دائرتها آخر موطن للمورث أي المحكمة المختصة بنظر مسائل التصفية . ويتسلم المصفي أموال التركة ممن هي تحت يدهم من ورثة الميت وأقاربه وذويه ودعائه وغيرهم ممن يحرزون هذه الأموال كالمصارف والشركات ، كما يتسلم أوراق الميت ومستنداته ليستعين بها على معرفة حقوقه وديونه .
ويجوز للمصفي ، ولو كان وارثاً ، أن يطلب من المحكمة أن تحدد له أجراً عادلاً ، لتعويضه عما يتكلفه من جهد ووقت في أعمال التصفية وهذا الأجر يدخل ضمن نفقات التصفية ، ويكون حقاً ممتازاً مثلها .
أما نفقات التصفية الأخرى فتشمل المصروفات القضائية التي أنفقت في تعيين المصفي وقيد الأمر الصادر بتعيينه ومصروفات شهر حق الإرث ، وما ينفق من مصروفات في اتخاذ الاحتياطات المستعجلة من وضع الأختام وإيداع النقود والأوراق المالية والأشياء ذات القيمة ، وفي القيام بالوسائل التحفظية وما يلزم من أعمال الإدارة ، ومصروفات دعوة دائني التركة ومدينيها إلى التقدم بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون والإعلانات الخاصة بذلك ، ومصروفات الجرد وتقدير أموال التركة بخبير أو بمن يكون له في ذلك دراية خاصة ، ومصروفات التقاضي الخاصة بالمنازعات في صحة الجرد ، ومصروفات وفاء ديون التركة وبيع منقولاتها وعقاراتها في المزاد العلني عند الاقتضاء ، ومصروفات استيفاء حقوق التركة ، ومصروفات تنفيذ الوصايا وغيرها من التكاليف ، ومصروفات تسليم أموال التركة بعد سداد الديون إلى الورثة ، وغير ذلك من المصروفات . ونفقات التصفية هذه جميعاً تتحملها التركة ، وتكون حقاً ممتازاً ، وله مرتبة امتياز المصروفات القضائية ، أي المرتبة الأولى بين حقوق الامتياز العامة . وهذا أمر ظاهر ، فإن نفقات التصفية بعضها أقرب إلى أن يكون مصروفات قضائية ، وبعضها هو مصروفات قضائية بالفعل .
أما مصروفات قسمة أموال التركة ، بعد سداد ديونها ، بين الورثة إذا طلب أحدهم ذلك ، فهذه لا تدخل في نفقات التصفية ، لأن التصفية تتم بتسوية ديون التركة وصيرورة التركة خالية من الديون . فتصبح أموال التركة عندئذ ملكاً شائعاً بين الورثة ، وتسري على مصروفات قسمتها بينهم الأحكام التي تسري على مصروفات القسمة بوجه عام .
50 - اتخاذ الاحتياطيات المستعجلة للمحافظة على التركة نص قانوني :
تنص المادة 881 مدني على ما يأتي :
" على المحكمة أن تتخذ عند الاقتضاء جميع ما يجب من الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة ، وذلك بناء على طلب أحد ذوي الشأن أو بناء على طلب النيابة العامة أو دون طلب ما . ولها بوجه خاص أن تأمر بوضع الأختام ، وإيداع النقود والأوراق المالية والأشياء ذات قيمة " ( [213] ) .
ويخلص من هذا النص أن هناك إجراءاً احتياطياً مستعجلاً يجب على المحكمة أن تبادر إلى الأمر به ، وذلك عند نظرها في تعيين المصفي ، وقبل تعيينه إذا اقتضى الأمر . وذلك أن الغالب في التركات التي تصفي تصفية جماعية أن تشتمل على أشياء ثمينة ، كأثاث فاخر وحلي وجواهر ونقود وأوراق مالية من أسهم وسندات ونحو ذلك من الأشياء ذات القيمة . فهذه تقتضي الحيطة التحفظ عليها ، حتى لا يتخطفها من يكون على مقربة منها ويستطيع الإستيلاء عليها خفية ، إضراراً بالورثة والدائنين . ومن أجل ذلك تصدر المحكمة ، بناء على طلب أحد من ذوي الشأن كوارث أو دائن أو موصي له ، أو بناء على طلب النيابة العامة ، أو دون طلب من أحد من تلقاء نفس المحكمة ، أمراً بوضع الأختام على الغرف والقاعات التي تحتوي على الأثاث الفاخر ، وعلى الخزائن والدواليب التي تحتوي على الحلى والجواهر والنقود والأوراق المالية والملابس وما إلى ذلك . وتأمر المحكمة أيضاً بإيداع النقود والأوراق المالية والأشياء الأخرى ذات القيمة كالحلي والجواهر في أحد المصارف ، وذلك للمحافظة عليها لحساب التركة إلى أن تتم تصفيتها ( [214] ) .
وتكون هذه الأشياء كلها تحت تصرف المصفي عند تعيينه ، بجردها ويقدر قيمتها ويدرجها في القائمة ، شأنها في ذلك شأن سائر أموال التركة .
51 – تجهيز الميت وصرف نفقة مؤقتة لمن كان الميت يعولهم من ورثته نص قانوني : تنص المادة 882 مدني على ما يأتي :
" 1 - على المصفي أن يقوم في الحال بالصرف من مال التركة لتسديد نفقات تجهيز الميت ونفقات مأتمه بما يناسب حالته . وعليه أيضاً أن يستصدر أمراً من قاضي الأمور الوقتية بصرف نفقة كافية بالقدر المقبول من هذا المال إلى من كان المورث يعولهم من ورثته حتى تنتهي التصفية ، على أن تخصم النفقة التي يستولى عليها كل وارث من نصيبه في الإرث " .
" 2 - وكل منازعة تتعلق بهذه النفقة يفصل فيها قاضي الأمور الوقتية " ( [215] ) .
ويخلص من هذا النص أن المصفي ، وهو يواجه بمجرد تعيينه نفقات تجهيز الميت ونفقات مأتمه ، يجب عليه أن يقوم بتسديد هذه النفقات من أموال التركة ، لأن هذه النفقات مقدمة على جميع ديون التركة . وقد كان المشروع التمهيدي يقضي بالصرف من مال التركة " على تجهيز الميت " ، فعدل النص في لجنة الشؤون التشريعية إلى الصرف من مال التركة " لتسديد نفقات تجهيز الميت " ( [216] ) . وهذا التعديل تعديل صائب ، إذ يغلب أن يجئ تعيين المصفي بعد دفن الميت ، ويكون ذووه هم الذين قاموا بنفقات تجهيزه ، فيرجعون بها على المصفي يسددها من أموال التركة . ولم يكن المشروع التمهيدي يذكر نفقات المأتم إلى جانب نفقات تجهيز الميت ، فأضافت لجنة مجلس الشيوخ نفقات المأتم " لأن تجهيز الميت لا يشمل هذه النفقات " ( [217] ) . فيجب إذن على المصفي أن يسدد نفقات تجهيز الميت ونفقات مأتمه ، بما يناسب حالته ، لمن قام بهذه النفقات من ذوي الميت .
ويأتي بعد تسديد نفقات تجهيز الميت ونفقات مأتمه ، النفقة على من كان الميت يعوله من ورثته ، ويدخل في ذلك أصحاب الوصية الواجبة إذ يعتبرون من الورثة . وهذا أمر على جانب كبير من الاستعجال ، إذ كثيراً ما يكون الميت يعول زوجته وأولاده وبعض أقاربه كأمه وأبيه وإخوته . وهؤلاء تنقطع عنهم موارد الرزق بموت عائلهم ، إذا صفيت تركته تصفية جماعية فرفعت يد الورثة عن أموال التركة حتى تتم التصفية . فيكونون في أشد الحاجة إلى إسعاف عاجل ، إذا لم يكن لهم مورد من العيش بعد موت العائل . لذلك أوجب القانون على المصفي أن يبادر إلى استصدار أمر من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة بنظر التصفية ، يقدر فيه القاضي مبلغاً معقولاً يكفي للنفقة عليهم موقتاً ، ويأخذونه من أموال التركة حتى تتم تصفيتها ويتمكنوا من تسلم ما يخصهم منها ، ويشترط فيمن تصرف له هذه النفقة الموقتة أن يكون وارثاً ، وأن يكون ممن يعولهم المورث حال حياته ، فلا يتصرف لمن كان الميت يعولهم من غير ورثته إذ ليس لهؤلاء نصيب في تركته ( [218] ) ، ولا لوارث لا يكون الميت يعوله حال حياته . وقد كان المشروع التمهيدي يجعل الاختصاص في نظر هذه النفقة لقاضي الأمور المستعجلة ، فعدلت لجنة مجلس الشيوخ النص وجعلت الاختصاص لقاضي الأمور الوقتية ، لأن الالتجاء إلى قاضي الأمور الوقتية أيسر وأسرع " حيث لا يقتضي الأمر رفع دعوى ، بل يكتفي بطلب يقدم للقاضي ويؤشر عليه " ( [219] ) . وإذا قدر قاضي الأمور الوقتية النفقة التي تعطي لمن كان الميت يعولهم من ورثته ، فنازع فيها الورثة الآخرون أو الدائنون أو الموصي لهم ، بأن ادعوا أن من قررت لهم النفقة ليسوا من الورثة ، أو هم من الورثة ولكن الميت كان لا يعولهم حال حياته ، أو أن المبلغ الذي قدر لهم مبالغ فيه لا يتناسب مع أنصبائهم في الإرث ، نظر قاضي الأ / ور الوقتية هذه المنازعات وبث فيها نهائياً . ومتى قدرت النفقة على هذا النحو ، فإنها تخصم مما يستولى عليه كل وارث قدرت له النفقة من نصيبه في الإرث .
52 – إدارة الشركة ومسئولية المصفي عن الإدارة – نص قانوني : تنص المادة 885 مدني على ما يأتي :
" 1 - على المصفي في أثناء التصفية أن يتخذ ما تتطلبه أموال التركة من الوسائل التحفظية ، وأن يقوم بما يلزم من أعمال الإدارة . وعليه أيضاً أن ينوب عن التركة في الدعاوى ، وأن يستوفى مالها من ديون قد حلت " .
" 2 - ويكون المصفي ، ولو لم يكن مأجوراً ، مسئولاً مسئولية الوكيل المأجور ، وللقاضي أن يطالبه بتقديم حساب عن إدارته في مواعيد دورية " ( [220] ) .
ويعرض النص هنا لما يلي الإجراءات الأولية التي سبق بيانها ، من أعمال إدارة التركة . ذلك أن المصفي ، في أثناء تصفيته للتركة بل وقبل أن يبدأ التصفية ، يجد تحت يده أموال التركة ، وهذه في حاجة إلى الإدارة إلى أن تتم التصفية وتسلم الأموال للورثة . فيتعين عليه أن يقوم بهذه الإدارة .
وأول ما يعرض له من ذلك هو ما يجب اتخاذه من الوسائل التحفظية ، فإذا كان للتركة دين في ذمة الغير مثلاً وكان مضموناً برهن رسمي ولم يكن الرهن قد قيد ، وجب على المصفي أن يقيد الرهن ، وإذا كان الرهن قد قيد وحان ميعاد تجديده وجب عليه أن يجدد القيد . وإذا كان للتركة مال تحت يد الغير وقد وضع الغير يده على المال كمالك وقد سرت مدة التقادم المكسب ، وجب على المصفي أن يقطع التقادم أولاً ، ثم يطالب باستحقاق المال . وإذا كان للتركة دين في ذمة الغير وليس للمدين مال ظاهر ولكن له دين في ذمة شخص ثالث ، كان على المصفي أن يوقع حجزاً ما للمدين لدى الغير تحت يد مدين المدين . وإذا كان للتركة أجرة متأخرة في ذمة مستأجر ، كان على المصفي أن يوقع حجزاً تحفظياً على المنقولات الموجودة في العين المؤجرة . وهكذا يكون على المصفي أن يقوم بجميع الإجراءات التحفظية الواجب اتخاذها ، للمحافظة على أموال التركة من الضياع .
ثم تأتي بعد ذلك أعمال الإدارة المألوفة ، كأن يقبض غلة أموال التركة وأن يجني محصول الأرض وأن يبيع المحصول وأن يؤجر أعيان التركة لمدد قصيرة وأن يجدد الإيجار إذا اقتضى الأمر ذلك ، فهذه كلها تدخل في أعمال الإدارة المألوفة ، ويجب على المصفي أن يقوم بها قبل تصفيته للتركة وفي أثناء تصفيته لها . ومن أعمال الإدارة المألوفة أن يقوم المصفي بقبض الديون المستحقة للتركة والتي تكون قد حلت ، وأن ينوب عن التركة في الدعاوى التي ترفع منها أو عليها .
ولما كان المصفي في حكم الوكيل عن التركة ( أو عن الورثة الذين يملكون التركة ) ، فإن مسئوليته عن الإجراءات التحفظية وأعمال الإدارة المألوفة التي سبق ذكرها هي مسئولية الوكيل . فللمحكمة الابتدائية المختصة أن تطالبه بتقديم حساب عن إدارته في مواعيد دورية تحددها له ، وعليه أن يوافي المحكمة بالمعلومات الضرورية عما وصل إليه في تنفيذ مهمته ( م 705 مدني ) . وليس له أن يستعمل مال التركة لصالح نفسه ، وعليه فوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه من وقت استخدامها ، وعليه أيضاً فوائد ما يتبقى في ذمته من أموال التركة من وقت أن يعذر ( م 706 مدني ) . وتقول الفقرة الثانية من المادة 885 مدني كما رأينا : " ويكون المصفي ، ولو لم يكن مأجوراً ، مسئولاً مسئولية الوكيل المأجور " . ومسئولية الوكيل منصوص عليها في المادة 704 مدني إذ تقول : " 1 - إذا كانت الوكالة بلا أجر ، وجب على الوكيل أن يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة ، دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الرجل المعتاد . 2 - فإن كانت بأجر ، وجب على الوكيل أن يبذل دائماً في تنفيذها عناية الرجل المعتاد " . وعلى ذلك يكون المصفي ، سواء كان مأجوراً أو غير مأجور بأ ، كان لم يطلب من المحكمة تقدير أجر له ، ملتزماً في القيام بتصفية التركة وفي إنجاز مهمته ببذل عناية الرجل المعتاد ، ولو زادت هذه العناية على العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة .
53 – تكليف دائني التركة ومدينيها بتقديم بيان عما لهم من حقوق ما عليهم من ديون – نص قانوني : تنص المادة 886 مدني على ما يأتي :
" 1 - على المصفي أن يوجه تكليفاً علنياً لدائني التركة ومدينيها يدعوهم فيه لأن يقدموا بياناً بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون ، وذلك خلال ثلاثة أشهر من التاريخ الذي ينشر فيه التكليف آخر مرة " .
" 2 - ويجب أن يلصق التكليف على الباب الرئيسي لمقر العمدة في المدينة أو القرية التي توجد بها أعيان التركة ، أو على الباب الرئيسي لمركز البوليس في المدن التي تقع في دائرتها هذه الأعيان ، وفي لوحة المحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها آخر موطن للمورث ، وفي صحيفة من الصحف اليومية الواسعة الانتشار " ( [221] ) .
وهنا يمهد المصفي لجرد التركة ، باتخاذ إجراء يستطيع أن يكشف به عن دائني التركة ومدينيها . وسنرى أن عنده وسائل أخرى للكشف عن ذلك بما هو ثابت في السجلات العامة من حقوق للتركة وديون عليها ، وبما تكشف عنه أوراق المورث ومستنداته ، وبما يصل إلى علمه من أي طريق كان . ولكن هذا كله لا يكفي ، فقد لا يعلم دائنو التركة ومدنيوها بموت صاحبها ويكونون من الدائنين أو المدينين العاديين فلا تكشف عنهم السجلات العامة ، كما أنه ليس من الضروري أن تكشف عنهم أوراق المورث ومستنداته . ومن أجل هاذ وجب أن يوجه إليهم تكليف علني ، بأن يقدموا بياناً بما لهم من حقوق على التركة وما عليهم من ديون للتركة ، في ميعاد معين .
وقد قضى القانون ، كما رأينا ، بأن على المصفي أن يوجه تكليفاً علنياً لدائني التركة ومدينيها ، يدعوهم فيه أن يقدموا بياناً عما لهم من حقوق ما عليهم من ديون ، وذلك في خلال ثلاثة أشهر من آخر مرة ينشر فيها التكليف . ولما كان التكليف ينشر أكثر من مرة كما سنرى ، فيجب أن يحدد المصفي ميعاداً لتقديم البيان المشار إليه يكون أطول من ثلاثة شهور في المرات الأولى من النشر ، بحيث لا يقل هذا الميعاد عن ثلاثة شهور من التاريخ الذي ينشر فيه التكليف آخر مرة .
وحتى تتوفر للتكليف العلانية الواجبة ، قضى القانون بأن ينشر بطرق ثلاثة ( [222] ) : ( 1 ) النشر المحلي : بالنسبة إلى أعيان التركة الموجودة في القرى ومدن الأقاليم يلصق التكليف على الباب الرئيس لمقر العمدة في القرية أو المدينة ، وبالنسبة إلى أعيان التركة الموجودة في المدين الكبرى يلصق التكليف على الباب الرئيسي لمركز البوليس الذي تتبعه الأعيان . ( 2 ) النشر في لوحة الإعلانات بالمحكمة : يلصق التكليف في لوحة المحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها آخر موطن للمورث ، ويلاحظ أن المحكمة المختصة بنظر القضية هي المحكمة الابتدائية لا المحكمة الجزئية كما سبق القول . ( 3 ) النشر في الصحف اليومية : ينشر التكليف في صحيفة من الصحف اليومية الواسعة الانتشار . ولا يوجد ترتيب معين لهذه الطرق الثالثة ، فقد ينشر التكليف في الصحيفة اليومية قبل لصقه في لوحة المحكمة وعلى الباب الرئيسي لمقر العمدة أو لمركز البوليس ، وقد ينعكس هذا الترتيب . والمهم أن تكون المهلة المعطاة في التكليف لا تقل عن ثلاثة أشهر من تاريخ آخر مرة ينشر فيها التكليف كما قدمنا .
54 - جدد حقوق التركة وديونها - نصوص قانونية : تنص المادة 887 مدني على ما يأتي :
" 1 - على المصفي أن يودع قلم كتاب المحكمة ، خلال أربعة أشهر من يوم تعيينه ، قائمة تبين ما للتركة وما عليها وتشتمل على تقدير لقيمة هذه الأموال . وعليه أيضاً أن يخطر ، بكتاب موصي عليه في الميعاد المتقدم ، كل ذي شأن بحصول هذا الإيداع " .
" 2 - ويجوز أن يطلب إلى القاضي مد هذا الميعاد ، إذا وجدت ظروف تبرر ذلك " .
وتنص المادة 888 مدني على ما يأتي :
" 1 - للمصفي أن يستعين في الجرد وفي تقدير قيمة أموال التركة بخبير أو بمن يكون له في ذلك دراية خاصة " .
" 2 - ويجب على المصفي أن يثبت ما تكشف عنه أوراق المورث وما هو ثابت في السجلات العامة من حقوق وديون وما يصل إلى علمه عنها من أي طريق كان ، وعلى الورثة أن يبلغوا المصفي عما يعلمونه من ديون على التركة وحقوق لها " .
وتنص المادة 889 مدني على ما يأتي :
" يعاقب بعقوبة التبديد كل من استولى غشاً على شيء من مال التركة ، ولو كان وارثاً " ( [223] ) .
وتعرض هذه النصوص لجرد المصفي للتركة وحصر مالها من حقوق وما عليها من ديون وإيداع قائمة بهذا الجرد قلم كتاب المحكمة ، وهذا هو جانب من جوانب المهمة الرئيسية للمصفي .
فعليه أولاً أن يجرد التركة . وحتى يحصى ما للتركة من حقوق وما عليها من ديون يستطيع أن يلجأ إلى الوسائل الآتية : ( 1 ) يرجع إلى أوراق المورث ودفاتره ومذكراته ومستنداته ، ويستخلص ما يجد فيها من ذكر لحقوق المورث أو ديونه معتمداً على ما عسى أن يؤيد ذلك من مستندات يجدها عند المورث . ( 2 ) ويرجع إلى السجلات العامة ، وبخاصة إلى مكاتب الشهر وتكاليف الأطيان ، ليكشف عن التسجيلات والقيود التي تثقل عقارات التركة فيعرف ما على التركة من ديون مكفولة بتأمينات عينية ، وليكشف من تكاليف الأطيان عما في تكليف المورث من أراض زراعية . ( 3 ) ويرجع إلى الورثة والموصي لهم ليستعلم منهم عما يعرفون من حقوق للتركة أو ديون عليها ، ويستوثق مما يقولون في ذلك بالمستندات والأوراق الأخرى إذا أمكن . ( 4 ) وقد رأينا أن من الأعمال التي يبادر المصفي إلى القيام بها أن يشهر حق الإرث في مكاتب الشهر العقاري التي تقع في دائرتها عقارات التركة ، ويؤدي ذلك إلى أن كثيراً من دائني التركة العاديين يؤشرون بحقوقهم على هامش تسجيل حق الإرث ، فيعرف من هذه التأشيرات كثيراً من الديون العادية التي على التركة . ( 5 ) ورأينا أيضاً أن المصفي يعلن تكليفاً لدائني التركة ومدينيها يدعوهم فيه إلى تقديم بيان بما لهم من حقوق ما عليهم من ديون ، وبذلك يستطيع الوقوف على كثير مما للتركة وما عليها . ( 6 ) وللمصفي أخيراً أن يلجأ إلى أية وسيلة أخرى يجدها في استطاعته للكشف عما للتركة وما عليها ، كأن يستعلم عن ذلك من المصارف والشركات ومن دائني التركة ومدينيها الظاهرين ومن شركاء المورث في الأعمال التي كان يقوم بها ومن مستخدميه الخاصين الذين كانوا على اتصال بأعماله ومن غير أولئك وهؤلاء ممن يستطيعون أن يقدموا له معلومات في هذا الشأن ، سواء تقدم إليهم في ذلك أو تقدموا هم من تلقاء أنفسهم بهذه المعلومات .
فإذا ما حصر المصفي ما للتركة من نقود وأوراق مالية ومفروشات وأثاث وحلى ومجوهرات وحقوق معنية ( كحق المؤلف وحق المخترع ) ومنقولات أخرى وتما تشتمل عليه من أرض ومبان ، وجب عليه أن يقدر قيمة هذه الأموال ، وله أن يستعين في هذا التقدير بخير أو بمن يكون له دراية خاصة في تقديم بعض هذه الأموال كالحلى والمجوهرات والحقوق المعنوية .
ويلاحظ أن القانون حرم الإستيلاء على شيء من أموال التركة ، فمن كان تحت يده شيء من هذه الأموال ، حتى لو كان دائناً أو موصي له أو وارثاً ، يجب عليه أن يسلمه للمصفي . وقد نصت المادة 889 مدني كما رأينا على أن " يعاقب بعقوبة التبديد كل من استولى غشاً على شيء من مال التركة ولو كان وارثاً " . فإذا أخفى الذين كانوا يقيمون مع الميت شيئاً من ماله غشاً بنية الإستيلاء عليه وتملكه ، اعتبروا في حكم المبددين وعوقبوا بعقوبة التبديد ، حتى لو كان من فعل ذلك زوجة الميت أو أولاده إذا أخفوا مثلاً شيئاً من نقود الميت أو أوراقه المالية أو ما يملك من حلى ومجوهرات . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد نصت المادة . . . . من المشروع على عقوبة جنائية هي عقوبة التبديد ، توقع على كل من استولى غشاً على مال التركة حتى لو كان وارثاً . فمن كان في يده مال للتركة ولم يبلغ عنه بنية تملكه ، وقعت عليه عقوبة التبديد حتى لو كان وارثاً ، وليس للوارث أن يحتج بأنه يملك بالميراث ما استولى عليه . وهذا لا يخل بتوقيع عقوبات أخرى أشد من عقوبة التبديد ، كعقوبة السرقة ، إذا كان هناك محل لذلك . أما مجرد الإهمال في التبليغ عن أموال التركة أو تعمد عدم التبليغ ، ما دام غير مصحوب بالاستيلاء على مال التركة ، فلا يدخل في حكم المادة . . . . . . " ( [224] ) .
ويعد المصفي ، بعد جرد التركة على النحو الذي بسطناه ، قائمة تبين ما للتركة من حقوق وما عليها من ديون ، وتشتمل على تقدير قيمة هذه الأموال . وهذه القائمة تبين حالة التركة مبدئياً ، هل هي موسرة أو معسرة ، وما مقدار حقوقها وديونها ، و لا تتبين حالة التركة نهائياً إلا بعد تصفية المنازعات في القائمة على ما سيجئ .
وقد أوجب القانون على المصفي أن يودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة الابتدائية المختصة بنظر التصفية ، وضرب له ميعاداً لذلك أربعة أشهر من يوم تعيينه . ويغلب أن يضيق هذا الميعاد بما يستغرقه إعداد القائمة من وقت ، ويكفي أن نذكر بياناً لذلك أن شهر حق الإرث في مكاتب الشهر المختلفة يستغرق وقتاً غير قليل ، ويكون بعد ذلك لدائني التركة العاديين أن يؤشرا بحقوقهم في خلال سنة كاملة من وقت تسجيل حق الإرث ، فلا يستطيع المصفي أن يحصي دائني التركة العاديين ولو على وجه تقريبي إلا بعد انقضاء سنة من شهر حق الإرث ، أي بعد انقضاء أكثر من سنة من وقت تعيينه . وإذا هو لم يعتمد على شهر حق الإرث وتأشير الدائنين بحقوقهم ، واكتفى بالتكليف الذي يدعو فيه دائني التركة ومدينيها أن يتقدموا ببيان ما لهم من حقوق وما عليهم من ديون ، فإن القانون أعطى مهلة للتقدم بهذا البيان ثلاثة أشهر من وقت نشر هذا التكليف آخر مرة . فلا يكون أمام المصفي لإعداد القائمة متضمنة تقديراً لقيمة أموال التركة ، وإيداعها قلم كتاب المحكمة ، وإخطار كل ذي شأن بحصول هذا الإيداع - كما تقول المذكرة الإ]ضاحية للمشروع التهيدي – " إلا شهر واحد من وقت ورود آخر بيان ، بفرض أنه تمكن من توجيه التكليف المشار إليه لدائني التركة ومدينيها ، وتمكن كذلك من نشره ، في أول يوم عين فيه " ( [225] ) لذلك قضت الفقرة الثانية من المادة 887 مدني ، كما رأينا ، بأنه يجوز للمصفي أن يطلب إلى المحكمة مد ميعاد الأربعة الأشهر إلى مدة كافية لإعداد القائمة وإيداعها والإخطار بها على الوجه السالف الذكر ، وذلك إذا وجدت ظروف تبرر ذلك ، وكثيراً ما توجد هذه الظروف ( [226] ) .
ومتى أعد المصفي قائمة الجرد ، وجب عليه إيداعها قلم كتاب المحكمة الابتدائية المختصة بنظر التصفية . ووجب عليه كذلك إخطار كل ذي شأن ، من وارث وموصي له ودائن للتركة ومدين لها ، بكتاب موصي عليه ، بحصول هذا الإيداع ، حتى يطلع هؤلاء إذا شاءوا على القائمة في قلم كتاب المحكمة ، والتقدم بما عسى أن يكون لهم من اعتراضات عليها إلى المحكمة لتفحص منازعاتهم وتتصرف فيها على الوجه الذي سنبينه فيما يلي . ويجب أن يكون إيداع القائمة وإخطار ذوي الشأن ، كما قدمنا ، في ميعاد الأربعة الأشهر أو في الميعاد الذي حددته المحكمة أزيد من ذلك كما يقع غالباً .
55 - الفصل في المنازعات المتعلقة بالجرد – نص قانوني : تنص المادة 890 مدني على ما يأتي :
" 1 - كل منازعة في صحة الجرد ، وبخاصة ما كان متعلقاً بإغفال أعيان أو حقوق للتركة أو عليها أو بإثباتها ، ترفع بعريضة للمحكمة ، بناء على طلب كل ذي شأن ، خلال الثلاثين يوماً التالية للإخطار بإيداع قائمة الجرد " .
" 2 - وتجري المحكمة تحقيقاً ، فإذا رأت الشكوى جدية أصدرت أمراً بقبولها . ويصح التظلم من هذا الأمر وفقاً لأحكام قانون المرافعات " .
" 3 - وإن لم يكن النزاع قد سبق رفعه إلى القضاء . عينت المحكمة أجلاً يرفع فيه ذو الشأن دعواه أمام المحكمة المختصة ، وتقضي فيها هذه المحكمة على وجه الاستعجال ( [227] ) " .
ويعرض هذا النص لإجراءات الفصل في المنازعات المتعلقة بالجرد . فإذا أودع المصفي قائمة الجرد قلم كتاب المحكمة وأخطر ذوي الشأن بإيداعها على النحو الذي بيناه فيما تقدم ، تمكن هؤلاء من الإطلاع عليها في قلم كتاب المحكمة . ولأي منهم أن ينازع فيها ، فالوارث أو الموصي له قد ينازع في أن القائمة قد أغفلت أعياناً أو حقوقاً للتركة ( [228] ) ، أو أنها أثبتت ديوناً على التركة ليست صحيحة ، ودائن التركة قد ينازل في أن له مبلغاً أكبر من المبلغ الذي أدرج في القائمة ، ومدين التركة قد ينازع في أن دينه أقل مما أدرج ، وهكذا . أما دائنو التركة العاديون الذين لم يدرجوا في القائمة لعدم ظهورهم ، فهؤلاء يظلون غير معروفين فلا يمكن إخطارهم بإيداع القائمة ولا يتمكنون من المنازعة ، وقد عالج القانون أمرهم في المادة 897 مدني كما سيجئ .
والمنازعة في قائمة الجرد ترفع بعريضة إلى المحكمة الابتدائية التي تنظر تصفية التركة ، ويرفعها صاحبها في خلال الثلاثين يوماً التالية لإخطار المصفي له بإيداع قائمة الجرد في قلم كتاب المحكمة . وتفحص المحكمة المنازعة فحصاً مبدئياً ، فإذا رأت أنها غير جدية أمرت برفضها ، وإلا أصدرت أمراً بقبوله أن ويصح التظلم من الأمر الذي تصدره المحكمة ، وفقاً لأحكام قانون المرافعات . وتقضي المادة 375 مرافعات بأن الخصم الذي صدر عليه الأمر الحق في التظلم منه لنفس المحكمة التي أصدرت الأمر ، مع تكليف خصمه الحضور أمامها ، وتقضي المحكمة في التظلم على وجه السرعة ( [229] ) بتأييد الأمر أو إلغائه .
فإذا ما صدر أمر نهائي في شأن المنازعة ، فإن كان هذا الأمر قد صدر برفضها ، لم يبق أمام صاحب المنازعة إلا الطريق العادي للتقاضى . وإذا صدر الأمر النهائي بقبول المنازعة لأنها جدية ، ولم تكن المنازعة قد سبق رفعها إلى القضاء ، عينت المحكمة التي أصدرت الأمر أجلاً يرفع فيه صاحب المنازعة دعواه أمام المحكمة المختصة ( [230] ) . وقد تكون المحكمة المختصة هي نفس المحكمة التي أصدرت الأمر ، وفي هذه الحالة ترفع الدعوى أمامها بالأوضاع العادية للتقاضي . وفي جميع الأحوال تقضي المحكمة المختصة في المنازعة على وجه الاستعجال . ولا تجوز المعارضة في الحكم الذي تصدره تطبيقاً للمادة 385 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ، وتقضي بعدم جواز المعارضة إلا في الحالات التي ينص عليها القانون . ولما كانت المادة 118 مرافعات ( المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ) تقضي بأن تسري على الدعاوى التي يوجب قانون المرافعات أو غيره من القوانين الفصل فيها على وجه السرعة القواعد العامة في رفع الدعاوى ونظرها وإجراءات الطعن في الحكم الصادر فيها ومواعيده . لذلك تسري في ميعاد الاستئناف المادة 402 / 2 مرافعات ( المعدة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ) وهي تقضي بأن يكون هذا الميعاد ستين يوماً من يوم صدور الحكم ، وذلك إذا كان الاستئناف جائزاً .
3 - المرحلة الثالثة – تسوية ديون التركة
56 – المسائل التي تتضمنها هذه المرحلة : تتضمن هذه المرحلة المسائل الآتية : ( 1 ) متى توفى ديون التركة ومن أين توفى ( م 891 - 893 مدني ) . ( 2 ) تعجيل الوفاء بالديون المؤجلة ( م 894 مدني ) . ( 3 ) استبقاء أجل الديون وتوزيعها على الورثة ( م 895 – 896 مدني ) . ( 4 ) وفاء الديون التي لم تظهر في قائمة الجرد ( م 897 مدني ) . ( 5 ) تنفيذ الوصايا وغيرها من التكاليف ( م 898 مدني ) .
57 - متى توفى ديون التركة ومن أين توفى – نصوص قانونية : تنص المادة 891 مدني على ما يأتي :
" بعد انقضاء الميعاد المعين لرفع المنازعات المتعلقة بالجرد ، يقوم المصفي بعد استئذان المحكمة بوفاء دوين التركة التي لم يقم في شأنها نزاع . أما الديون التي توزع فيها ، فتسوي بعد الفصل في النزاع نهائياً " .
وتنص المادة 892 مدني على ما يأتي :
" على المصفي ، في حالة إعسار التركة أو في حالة احتمال إعسارها ، أن يقف تسوية أي دين ، ولو لم يقم في شأنه نزاع ، حتى يفصل نهائياً في جميع المنازعات المتعلقة بديون التركة " .
وتنص المادة 893 مدني على ما يأتي :
" 1 - يقوم المصفي بوفاء ديون التركة مما يحصله من حقوقها ، ومما تشتمل عليه من نقود ، ومن ثم ما يكون قد باعه بسعر السوق من أوراق مالية ، ومن ثم ما في التركة من منقول . فإن لم يكن كل ذلك كافياً ، فمن ثمن ما في التركة من عقار " .
" 2 - وتابع منقولات التركة وعقاراتها بالمزاد العلني وفقاً للأوضاع وفي المواعيد المنصوص عليها في البيوع الجبرية ، إلا إذا اتفق جميع الورثة على أن يتم البيع بطريقة أخرى أو على أن يتم ممارسة . فإذا كانت التركة معسرة ، لزمت أيضاً موافقة جميع الدائنين ، وللورثة في جميع الأحوال الحق في أن يدخلوا في المزاد " ( [231] ) .
وتعرض هذه النصوص للوقت الذي يوفي فيه المصفي ديون التركة ، ولأموال التركة التي توفي منها هذه الديون . وقد رأينا أن المصفي قد أعد قائمة جرد التركة وأودعها قلم كتاب المحكمة وأخطر كل ذي شأن بهذا الإيداع ، فانفتح بهذا الإخطار باب تقديم المنازعات في الجرد . ورأينا أن القانون ضرب ميعاداً للتقدم بهذه المنازعات ، ثلاثين يوماً من وقت الإخطار . فعلى المصفي أن يتربص حتى انقضاء هذا الميعاد ، وفي نهاية الثلاثين يوماً يستطيع أن يقف على المنازعات التي تقدمت في صحة قائمة الجرد . فإذا كانت هناك حقوق أو أموال للتركة أغفل إدراجها في القائمة وعلم بها عن طريق تقدم وارث أو دائن أو أي ذي شأن آخر بمنازعة في شأنها ، بحث الأمر وسعى في الحصول على ما نقص التركة من مال ولو كان ذلك عن طريق التقاضي ، وقد رأينا أنه ينوب عن التركة في الدعاوى التي ترفع منها أو عليها ( م 885 / 1 مدني ) . وإذا كانت هناك منازعات في ديون التركة التي أدرجها في القائمة ، فإنه يقف على هذه المنازعات ويعرف ديون التركة التي ليس فيها نزاع وتلك التي توزع فيها .
وسواء كانت ديون التركة خالية من النزاع أو كان متنازعاً فيها ، فإنه يستطيع أن يعرف من قائمة الجرد التي أعدها حالة التركة ، وهل هي موسرة أوت معسرة . وفي تقديره لإعساره التركة يكفي أن يقوم احتمال لأن تكون معسرة ، فيفرض لذلك أن الديون المتنازع فيها ديون صحيحة حتى يكون في الجانب المأمون .
فإذا رأى أن التركة معسرة ، أو أن هناك احتمالاً لأن تكون معسرة على النحو الذي قدمناه ، فعليه أن يقف وفاء أي دين ولو لم يقم في شأنه نزاع . ذلك لأن إذا تبين نهائياً أن التركة معسرة ، فإن دائن التركة لا يستطيع الحصول على كل حقه ولابد أن يكتفي بحصة منه ، والمصفي لا يستطيع أن يعرف مقدما " مقدار هذه الحصة . فلا بد إذن من أن ينتظر حتى يفصل نهائياً في الديون التي رفعت في شأنها منازعات ، وعند ذلك يستطيع أن يتثبت من مقدار جميع الديون التي على التركة في صورتها النهائية . وفي ذلك الوقت فقط يوفي دوين التركة ، فيوزع أموال التركة على دائنيها ، ولما كانت التركة معسرة فإن دائني التركة يتحاصون أموالها ، ويأخذ كل منهم حصة بنسبة الدين الذي له .
أما إذا رأى المصفي أن التركة موسرة حتى مع حساب الديون المتنازع فيها ، فإنه لا يقوم حينذاك مانع من الوفاء بالديون التي لم يقم في شأنها نزاع . وعلى المصفي أن يوفي هذه الديون من أموال التركة على النحو الذي سنبينه ، ويوفيها بعد انقضاء الثلاثين يوماً المحددة لرفع المنازعات المتعلقة بقائمة الجرد ، وبعد أن يستأذن في الوفاء بها المحكمة الابتدائية التي تنظر شؤون التصفية . أما الديون المتنازع فيها ، فلا يوفيها إلا عند الفصل في النزاع القائم في شأنها نهائياً ، ولما كانت التركة موسرة فإنها تتسع لوفاء كل هذه الديون .
وهو يوفي ديون التركة ، على النحو الذي قدمناه ، من أموال التركة . ويبدأ من هذه الأموال بما يقتضيه من حقوق لها في ذمة مدينيها وبما تشتمل عليه التركة من نقود ، فهذه كلها مبالغ حاضرة يستطيع أن يوفي منها ديون التركة فوراً ( [232] ) .
فإذا لم تكف هذه المبالغ للوفاء بالديون ، شرع في بيع أموال التركة الأخرى ، الأيسر فالأيسر . فيبدأ ببيع الأوراق المالية من أسهم وسندات إذا وجدت ويبيعها بسعر السوق في يوم البيع فإن للأوراق المالية أسعاراً يومية معينة في البورصة . فإذا كان ثمن الأوراق المالية لا يزال غير كاف للوفاء بالديون ، فإنه يبيع منقولات التركة ، ثم يبيع عقاراتها ، وهذه وتلك بالقدر الكافي لوفاء الديون
وتباع منقولات التركة ( غير الأوراق المالية ) وعقاراتها بالمزاد العلني طبقاً للإجراءات التي رسمها تقنين المرافعات للبيوع الجبرية وفي المواعيد التي حددها هذا التقنين . ومع ذلك يجوز ، باتفاق جميع الورثة ، وباتفاق دائني التركة ( أو الموصي لهم ) أيضاً إذا كانت التركة معسرة ، إدخال تعديل في هذه الإجراءات أو في هذه المواعيد ، فتحذف مثلاً بعض الإجراءات أو تضاف إجراءات أخرى ، أو يتفق على تقصير بعض المواعيد أو على إطالتها ( [233] ) . فإذا بيع المنقول أو العقار بالمزاد العلني ، جاز للورثة $ 167 $ بالرغم من أنهم يعتبرون مالكين لأموال التركة ، وجاز من باب أولى لدائني التركة وللموصي لهم ، أن يدخلوا في المزاد . ويجوز أيضاً ، باتفاق جميع الورثة ، مع اتفاق دائني التركة والموصي لهم في حالة إعسار التركة ، أن يباع المنقول والعقار لا في المزاد العلني بل ممارسة ، سواء كان البيع لأجنبي أو لوارث أو لدائن أو لموصي لها ( [234] ) .
58 – تعجيل الوفاء بالديون المؤجلة – نص قانوني : تنص المادة 894 مدني على ما يأتي :
" للمحكمة ، بناء على طلب جميع الورثة ، أن تحكم بحلول الدين المؤجل ، وبتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن مراعية في ذلك حكم المادة 544 " ( [235] ) .
ويعرض هذا النص لديوان التركة المؤجرة . فهذه لا تحل آجالها بموت المدين ، بل يبقى الدين مؤجلاً بعد موته ، ولا يجوز لدائن التركة ذي الدين المؤجل أن يطالب المصفي بالدين إلا عند حلول الأجل . وقد لأي حل الأجل إلا بعد وقت طويل ، ويكون من مصلحة الورثة تعجيل الدين المؤجل ودفعه قبل حلول الأجل . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " فقد يكون من مصلحة الورثة جميعاً الحكم بحلول الديون المؤجلة ، فإذا انعقد إجماعهم على ذلك ، طلبوا من القاضي أن يحكم بحلول الدين المؤجل وبتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن " ( [236] ) . وتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن الذي عجل دينه يجري بالتطبيق للمادة 544 مدني ، وتنص على أنه " إذا اتفق على الفوائد ، كان للمدين إذا انقضت ستة أشهر على القرض أن يعلن رغبته في إلغاء العقد ورد ما اقترضه ، على أن يتم الرد في أجل لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ هذا الإعلان ، وفي هذه الحالة يلزم المدين بأداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان . ولا يجوز بوجه من الوجوه إلزامه بأن يؤدي فائدة أو مقابلاً من أي نوع بسبب تعجيل الوفاء ، ولا يجوز الاتفاق على إسقاط حق المقترض في الرد أو الحد منه " .
ويخلص منه هذا النص أن الدين المؤجل ، الذي اتفق فيه على فوائد ويراد التعجيل بالوفاء به ، يجب أن يكون قد انقضى من أجله ستة أشهر على الأقل ولو كان ذلك قبل موت المورث ، فيعلن المصفي الدائن بعد انقضاء هذه المدة ، بناء على طلب جميع الورثة ، بتعجيل الوفاء . وعند ذلك تقضي المحكمة المختصة بنظر شؤون التصفية بحلول الدين المؤجل ، وبوفاء الدين في أجل لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ إعلان الدائن بتعجيل الوفاء ، على أن تؤدي له الفوائد المستحقة عن ستة أشهر أخرى تالية لهذا الإعلان وعلى ذلك يتقاضى الدائن فوائد سنة على الأقل : ستة أشهر انقضت قبل إعلانه بالتعجيل ، وستة أشهر أخرى تالية لإعلانه بالتعجيل ( [237] ) .
أما إذا كان الدين المؤجل لا فوائد له ، فالتعجيل لا يضر الدائن في شيء بل يفيده ، فلا يقدر له تعويض ، ولكن لا يخصم منه شيء في نظير التعجيل ( [238] ) .
59 - استيفاء أجل الديون وتوزيعها على الورثة – نص قانوني : تنص المادة 895 مدني على ما يأتي:
" 1 - إذا لم يجع الورثة على طلب حلول الدين المؤجل ، تولت المحكمة توزيع الديون المؤجلة وتوزيع أموال التركة ، بحيث يختص كل وارث من جملة ديون التركة ومن جملة أموالها بما يكون في نتيجته معادلاً لصافي حصته في الإرث " .
" 2 - وترتب المحكمة لكل دائن من دائني التركة تأميناً كافياً على عقار أو منقول ، على أن تحتفظ لمن كان له تأمين خاص بنفس هاذ التأمين . فإن استحال تحقيق ذلك ، ولو بإضافة تأمين تكميلي يقدمه الورثة من مالهم الخاص أو بالاتفاق على أية تسوية أخرى ، رتبت المحكمة التأمين على أموال التركة جميعها " .
" 3 - وفي جميع الأحوال ، إذا ورد تأمين على عقار ولم يكن قد سبق شهره ، وجب أن يشهر هذا التأمين وفقاً للأحكام المقررة في شهر حق الاختصاص " .
وتنص المادة 896 مدني على ما يأتي :
" يجوز لكل وارث ، بعد توزيع الديون المؤجلة ، أن يدفع القدر الذي اختص به قبل أن يحل الأجل طبقاً للمادة 894 " . ( [239] )
وتفترض هذه النصوص أن الورثة لم يجمعوا على تعجيل بالوفاء بالديون المؤجلة ، وآثروا أو آثر بعضهم أن تبقى مؤجلة للاستفادة من الأجل . عند ذلك تتولى المحكمة المختصة بنظر شؤون التصفية توزيع ديون التركة المؤجلة ( [240] ) على الورثة وكذلك توزيع أموال التركة ، بحيث يكون لكل وارث حصة من الأموال وحصة من الديون إذا استنزلت الثانية من الأولى كان الباقي معادلا لصافي حصته في الإرث . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وهذه عملية حسابية دقيقة ، قد يستعين القاضي فيها بخبير . وتبقى مشكلة أخرى هي أن الديون المؤجلة بتوزيعها على الورثة تقد تجزأ ضمانها ، فقد كانت كل التركة ضامنة لأي دين منها ، فأصبح الدين بعد أن اختص به وارث معين لا يضمنه إلا جزء من التركة هو الجزء الذي وقع في نصيب هذا الوارث . وهذه نتيجة يجب التسليم بها لأنها تترتب على تجزئة الدين . ولما كان المفروض أن التركة موسرة ، لأن التركة المعسرة يحل فيها الديون المؤجلة وتوزع كلها على الدائنين ، فالمفروض تبعاً لذلك أن جزء التركة الذي وقع في نصيب الوارث يفي بالدين الذي اختص به . ولكي يكون الدائن مطمئناً على حقه ، يجوز للقاضي أن يرتب له حق اختصاص على عقارات التركة التي وقعت في نصيب الوارث ، وذلك بالرغم من أن الدين مؤجل ولم يصدر به حكم . بل تجوز مطالبة الوارث بإضافة ضمان تكميلي من ماله الخاص أو مطالبته بأية تسوية أخرى ، كتقديم كفيل عيني أو شخصي أو عقد تأمين لمصلحة الدائن . فإذا لم يكن أن يتحقق للدائن الضمان الكافي ، فإن حقه يبقى غير قابل للتجزئة ، وضمانه هو كل أموال التركة ، ما وقع منها في نصيب الوارث وما وقع في نصيب الورثة الآخرين ، مع مراعاة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإشهار هذا الحق " ( [241] ) .
وهناك تعقيبان على ما تقدم : ( 1 ) تقول الفقرة الثانية من المادة 895 : " على أن تحتفظ ( المحكمة) لمن كان له تأمين خاص بنفس هذا التأمين " . فمن كان له من الدائنين منذ البداية تأمين خاص ، كرهن أو امتياز ، يبقى له هذا التأمين كما كان . ويحسن في هذه الحالة أن يكون الوارث الذي وقع في نصيبه العين المثقلة بهذا التأمين الخاص هو الذي يختص بالدين الذي لصاحب هذا التأمين . ( 2 ) قد ترى المحكمة حاجة إلى إضافة ضمان تكميلي يقدمه الوارث من ماله الخاص أو الاتفاق على أية تسوية أخرى ، مع أن المفروض أن نصيب الوارث من أموال التركة يفي بنصيبه من أموال التركة منقولاً ، بل قد لا يقع في نصيبه أي عقار . ففي هذه الحالة يجب عليه أن يقدم ضماناً تكميلياً من ماله الخاص ، كأن يقدم عقاراً يملكه ترتب عليه المحكمة حق اختصاص . وهذا لا يمنع من ترتيب تأمين على المنقولات التي وقعت في نصيب الوارث ، كأن تكون حلياً أو مجوهرات أو أوراقاً مالية يقدمها الوارث رهناً حيازياً للدائن ( [242] ) . ويلاحظ أن عملية تأمين الديون المؤجلة بعد توزيعها على الورثة تقتضي أن كثيراً من عقارات التركة ترتب عليها المحكمة حقوق اختصاص لمصلحة الدائنين ، وقد كانت خالية من قبل من أي تكليف عيني . لذلك أضيفت في لجنة المراجعة إلى المادة 895 فقرة ثالثة تقول : " وفي جميع الأحوال إذا ورد تأمين على عقار ولم يكن قد سبق شهره ، وجب أن يشهر هذا التأمين وفقاً للأحكام المقررة في شهر حق الاختصاص " .
فإذا ما اختص كلو ارث بنصيب من الديون المؤجلة على النحو السابق الذكر ، فقد يرغب أحد الورثة تعجيل الوفاء بالديون المؤجلة التي وقعت في نصيبه . وقد قدمنا أن الذي دعا إلى توزيع الديون المؤجلة على الورثة دون التعجيل بوفائها هو أن الورثة لم يجمعوا على هذا التعجيل ، فيجوز إذن أن يكون من بينهم من كان يريد تعجيل الوفاء بالديون المؤجلة ومنعه من ذلك عدم انعقاد إجماع الورثة . فيستطيع هذا الوارث الذي كان يريد تعجيل الوفاء بالديون المؤجلة أن يقوم هو بتعجيل الوفاء بما وقع في نصيبه من هذه الديون . ويطلب إلى المحكمة أن تقضي بحلول الدين المؤجل الذي وقع في نصيبه ، وبتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن طبقاً لأحكام المادة 894 التي سبق بيانها ( [243] ) .
60 - وفاء الديون التي لم تظهر في قائمة الجرد . . . نص قانوني : تنص المادة 897 مدني على ما يأتي :
" دائنو التركة الذين لم يستوفوا حقوقهم لعدم ظهورها في قائمة الجرد ولم تكن لهم تأمينات على أموال التركة ، لا يجوز لهم أن يرجعوا على من كسب بحسن نية حقاً عينياً على تلك الأموال ، وإنما لهم الرجوع على الورثة بسبب إثرائهم " ( [244] ) .
وبعرض هذا النص لدائني التركة الذين ليس لهم تأمين خاص على أموال التركة ، ولم يعلموا بالتكليف الذي وجهه المصفي للدائنين ، بل قد يكونون لم يعلموا بموت المدين ، فلم تظهر الديون التي لهم على التركة في قائمة الجرد ، ولم يستطيعوا المنازعة في القائمة لجهلهم بها . فهؤلاء يبقون في الغالب مجهولين حتى تتم التصفية ، ويستولي كل وارث على نصيبه على اعتبار أنه خالص من الديون . لا شك في أن هؤلاء الدائنين تبقى حقوقهم قائمة ما داموا لم يستوفوها ، ويستطيعون الرجوع بها على أموال التركة ما بقيت هذه الأموال في أيدي الورثة ، إذ لا تركة إلا بعد سداد الديون . فإذا رجع أحد منهم على عين للتركة في يد أحد الورثة ونفذ بحقه على هذا العين ، رجع الوارث على الورثة الباقين كل بقدر حصته في الدين .
ولكن إذا تصرف الوارث في عين للتركة ، أو رتب عليها حقاً عينيا كرهن لأجنبي حسن النية لأي علم إن هناك دائنين للتركة لم يستوفوا حقوقهم ، لم يستطع هؤلاء الدائنون أن يتتبعوا العين أو يتقدموا على الأجنبي ، حتى لو لم يشهر حق الإرث أو شهر ولم تنقض سنة من وقت شهره واستطاع الدائنون أن يؤشروا بحقوقهم على هامش تسجيل حق الإرث قبل انقضاء هذه السنة . ذلك لأن التصفية الجماعية تقطع السبيل على دائني التركة الذين لم يتقدموا في التصفية ، وإذا كانت التصفية لا تحمي الورثة من هؤلاء الدائنين ما دامت أعيان التركة باقية في أيديهم ، فإنها تحمي الغير . ومن يتعامل مع الوارث بحسن نية بعد انتهاء التصفية من حقه أن يطمئن إلى أن التصفية قد خلصت التركة من الديون ، فلا يجوز لدائن لم يظهر في التصفية أن يتتبع عيناً للتركة تحت يده أو أن يتقدم عليه فيها . وإنما يجوز لهذا الدائن أن يرجع على الوارث الذي تصرف في هذه العين أو رتب عليها حقاً عينياً ، وذلك – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي – " في حدود ما عسى أن يكون قد أخذه مقابلاً لمال التركة ، كالثمن إذا كان التصرف بيعاً والبدل إذا كان مقايضة والعوض إذا كان هبة " ( [245] ) والرجوع هنا يكون بسبب إثراء الوارث على حساب الدائن . وهذا كله دون إخلال برجوع الدائن على الوارث الذي تصرف في العين عن طريق غير طريق الإثراء هذا ، وذلك بأن يرجع الدائن على أعيان التركة التي لا تزال باقية في يد هذا الوارث كما سبق القول .
61 – تنفيذ الوصايا وغيرها من التكاليف - نص قانوني : تنص المادة 898 مدني على ما يأتي :
" يتولى المصفي ، بعد تسوية ديون التركة ، تنفيذ الوصايا وغيرها من التكاليف " ( [246] ) .
ويعرض هذا النص لما يبقى بعد سداد الديون من التكاليف على التركة . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " بعد سداد ديون التركة تنفذ الوصايا وغيرها من التكاليف ، ومن التكاليف ما عسى أن يكون على التركة من ضريبة لخزينة الدولة " . ( [247] ) وضريبة التركات تستوفي من التركة بعد سداد ديونها ، إذ هي تفرض على صافي أموال التركة . والوصية تنفذ في حدود ثلث أموال التركة بعد سداد ديونها أيضاً إذ أن ديون التركة تقدم على الوصايا ، وما جاوز حدود الثلث لا ينفذ إلا بأجازة الورثة ، وسنبحث الوصية فيما يلي :
فالمصفي إذن ، بعد أن يوفي ديون التركة وهي مقدمة على الوصايا والتكاليف الأخرى ، ينفذ التكاليف التي على التركة ، وينفذ الوصايا إن وجدت في الحدود المتقدمة الذكر ( [248] ) .
4 - المرحلة الرابعة – تسليم أموال التركة للورثة خالية من الديون وقسمة هذه الأموال
62 - المرحلة التي تتضمنها هذه المرحلة : بعد أن يسدد المصفي الديون والوصايا والتكاليف ، يكون ما بقى من أموال التركة ملكاً خالصاً للورثة ، إذ يكون قد تحقق المبدأ القاضي بألا تركة إلا بعد سداد الديون تحققاً عملياً . فعلى المصفي أن يسلم للورثة ما بقى من أموال التركة ، كل بحسب نصيبه في الإرث . ولكن هذه الأموال تكون شائعة بين الورثة ، ومن ثم يجوز لأي وارث أن يطلب من المصفي أن يسلمه نصيبه مفرزاً ، فيتعين على المصفي عندئذ أن يقوم بالقسمة . وتسري على القسمة القواعد المقررة لها ، إلا أن هناك أشياء ثلاثة تنفرد بأحكام خاصة : ( 1 ) الأوراق العائلية والأشياء التي تتصل بعاطفة الورثة نحو المورث . ( 2 ) المستغل الزراعي أو الصناعي أو التجاري الذي عسى أن يوجد في التركة . ( 3 ) الديون التي للتركة على الغير . وقد يقوم المورث نفسه حال حياته بقسمة تركته على ورثته عن طريق الوصية ، وهذا ما يسمى بقسمة المورث . ولما كانت هذه القسمة تتناول أموال التركة والورثة والديون التي على التركة ، وهذه كلها لا تتحدد نهائياً إلا عند موت المورث ، فيجب وضع قواعد خاصة للحالات التي لا تتناول فيها قسمة المورث كل أموال التركة أو كل الورثة أو كل ديون التركة .
فالمسائل التي يجب بحثها في هذه المرحلة الرابعة هي إذن : ( 1 ) تسليم ما بقى من أموال التركة بعد تصفيتها للورثة ( م 899 – 901 ) . ( 2 ) قسمة المصفي للتركة ( م 902 – 904 ) – ( 3 ) أحكام خاصة تنفرد بها بعض أموال التركة عند قسمتها ( م 905 – 907 ) . ( 4 ) قسمة المورث ( م 908 – 909 و م 912 ) . ( 5 ) الحالات التي لا تتناول فيها قسمة المورث كل أموال التركة أو كل الورثة أو كل ديون التركة ( م 910 – 911 وم 913 ) .
63 – تسليم ما بقى من أموال التركة بعد تصفيتها للورثة – نصوص قانونية : تنص المادة 899 مدني على ما يأتي :
" بعد تنفيذ التزامات التركة ، يؤول ما بقى من أموالها إلى الورثة ، كل بحسب نصيبه الشرعي " .
وتنص المادة 900 مدني على ما يأتي :
" 1 - يسلم المصفي إلى الورثة ما آل إليهم من أموال التركة " .
" 2 - ويجوز للورثة ، بمجرد انقضاء الميعاد المقرر للمنازعات المتعلقة بالجرد ، المطالبة بأ ، يتسلموا بصفة مؤقتة الأشياء والنقود التي لا يحتاج لها في تصفية التركة أو أن يتسلموا بعضاً منها ، وذلك مقابل تقديم كفالة أو بدون تقديمها " .
وتنص المادة 901 مدني على ما يأتي :
" تسلم المحكمة إلى كل وارث يقدم إعلاماً شرعياً بالوراثة أو ما يقوم مقام هذا الإعلام ، شهادة تقرر حقه في الإرث وتبين مقدار نصيبه منه ، وتعين ما آل إليه من أموال التركة " ( [249] ) .
وتعرض هذه النصوص لتسليم المصفي للورثة ما بقى من أموال التركة بعد تصفيتها ، أي بعد سداد ديونها وتنفيذ التكاليف والوصايا . ذلك أن التركة بعد هذه التصفية تصبح ملكاً خالصاً للورثة كما قدمنا ، فيسلمها المصفي لهم ، كل بحسب نصيبه في الإرث . وتعتبر هذه الأموال مملوكة للورثة من وقت موت المورث ، لا من وقت التسليم فحسب . ولكنهم لا يستطيعون التصرف فيها إلا من وقت أن يتسلموا من المحكمة التي تنظر في شؤون التصفية سنداً بملكيتهم للأموال الموروثة ، وهم في ذلك كالورثة في التركة التي لم تخضع للتصفية الجماعية لا يستطيعون التصرف في أموال التركة إلا بعد شهر حق الإرث وإن كانوا يملكون هذه الأموال من وقت موت المورث .
والمحكمة تسلم لكل وارث ، بعد تصفية التركة وعند تسلم الورثة ما بقى من أعيان التركة ، سند ملكيته للأموال الموروثة المشار إليه فيما تقدم . وهذا السند هو شهادة الإرث ، يحصل عليها الوارث من المحكمة بعد أن يقدم لها إعلاماً شرعياً بالوراثة ( [250] ) ، أو ما يقوم مقام هذا الإعلام كحكم صادر من المحكمة المختصة باستحقاقه في الإرث إذا ما أنكر عليه باقي الورثة حقه كوارث فاستصدر هذا الحكم في مواجهتهم ( [251] ) . وهذه الشهادة التي يتسلمها من المحكمة ورقة رسمية تقرر حقه في الإرث ، وتبين مقدار نصيبه في التركة ، وتعين أموال التركة التي آلت إليه بعد التصفية ( [252] ) . ويستطيع الوارث أن يشهر حقه في الإرث عن طريق تسجيله لهذه الشهادة ، إذ هي تتضمن كل البيانات اللازمة .
وليس من الضروري أن ينتظر الوارث نهاية التصفية قبل أن يتسلم بعضاً مما يؤول إليه من أموال التركة . فقد رأينا الفقرة الثانية من المادة 900 مدني تنص على ما يأتي : " ويجوز للورثة ، بمجرد انقضاء الميعاد المقرر للمنازعات المتعلقة بالجرد المطالبة بأن يتسلموا بصفة مؤقتة الأشياء والنقود التي لا يحتاج لها في تصفية التركة أو أن يتسلموا بعضاً منها ، وذلك مقابل تقديم كفالة أو بدون تقديمها " . فمن المحتمل . بعد انقضاء الميعاد المقرر لرفع المنازعات المتعلقة بقائمة الجرد . وهو ثلاثون يوماً من يوم إخطار آخر وارث بإيداع القائمة قلم كتاب المحكمة ، أو يتبين ، من الرجوع إلى القائمة وما يقدم فيها من منازعات ، أن التركة ظاهرة اليسار وأن المصفي ليس في حاجة للاحتفاظ بجميع أموال التركة لتصفيتها . ففي هذه الحالة يجوز للوارث أن يطالب المصفي بأ ، يسلمه فوراً كل نصيبه أو بعضه في الأشياء والنقود التي لا يحتاج لها المصفي في تصفية التركة ، فيسلمه المصفي ما طلبه على أن يخصم من نصيبه النهائي في الميراث . ويطالب المصفي الوارث بكفالة أو لا يطالبه بها بحسب مقدار يسار التركة ، فإن كان اليسار كبيراً لم يطالبه بتقديم كفالة إذ لا يتضمن تسلم الوارث لشيء من أموال التركة أي خطر ، وإن كان اليسار غير كبير طالبه بتقديم كفالة إذ قد يتبين في النهاية أن المال الذي تسلمه الوارث لازم لتصفية التركة فتضمن الكفالة رد هذا المال . وما تسلمه الوارث من الأموال وقتئذ يستطيع التصرف فيه ، دون انتظار لنهاية التصفية وتسلم شهادة الإرث ( [253] ) .
64 – قسمة المصفي للتركة – نصوص قانونية : تنص المادة 902 مدني على ما يأتي :
" لكل وارث أن يطلب من المصفي أن يسلمه نصيبه في الإرث مفرزاً ، إلا إذا كان هذا الوارث ملزماً بالبقاء في الشيوع بناء على اتفاق أو نص في القانون " .
وتنص المادة 903 مدني على ما يأتي :
" 1 - إذا كان طلب القسمة واجب القبول ، تولي المصفي إجراء القسمة بطريقة ودية على ألا تصبح هذه القسمة نهائية إلا بعد أن يقرها الورثة بالإجماع " .
" 2 - فإذا لم ينعقد إجماعهم على ذلك ، فعلى المصفي أن يرفع على نفقة التركة دعوى بالقسمة وفقاً لأحكام القانون ، وتستنزل نفقات الدعوى من أنصباء المتقاسمين " .
وتنص المادة 904 مدني على ما يأتي :
" تسري على قسمة التركة القواعد المقررة في القسمة ، وبوجه خاص ما يتعلق منها بضمان التعرض والاستحقاق وبالغبن وبامتياز المتقاسم ، وتسري عليها أيضاً الأحكام الآتية " ( [254] ) .
وتعرض هذه النصوص لحالة إذا طلب أحد الورثة ( [255] ) من المصفي أن يسلمه نصيبه في الإرث مفرزاً ، فإن أموال التركة بعد تصفيتها تكون شائعة بين الورثة . ولما كان لا يجبر أحد على البقاء في الشيوع إلا باتفاق كما هو الأمر في ملكية الأسرة أو بنص في القانون كما هو الأمر في الشيوع الإجباري ، فإن الوارث الذي يطلب تسلم حصته مفرزة ، إذا لم يوجد اتفاق أو نص يمنعه من التقدم بهذا الطلب ، لا بد أن يجاب إلى طلبه . ويتعين على المصفي في هذه الحالة أن يجري قسمة أموال التركة ، حتى يفرز نصيب الوارث . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " إذا لم يوجد مانع من إجابة الوارث إلى طلب تسليم نصيبه مفرزاً ، تولى المصفي تجنيب حصته مفرزة بالاتفاق مع الورثة ، فإن لم يتفقوا جميعاً ، رفع دعوى القسمة وتكون نفقاتها على الورثة ، ويسري على هذه الدعوى أحكام دعوى القسمة ، ويترتب عليها نفس الأحكام " ( [256] ) . ويترتب على القسمة بوجه خاص ضمان التعرض والاستحقاق ، ونقض القسمة للغبن ، وامتياز المتقاسم ، وقد سبق بيان ما يتعلق بالتعرض والاستحقاق وبالغبن ، وسيأتي بيان امتياز المتقاسم عند الكلام في التأمينات العينية .
65 - أحكام خاصة تنفرد بها بعض أموال التركة عند قسمتها – الأوراق العائلية وما إليها والمستغل الزراعي أو الصناعي أو التجاري والديون التي للتركة – نصوص قانونية : وقد أفرد القانون بعض أموال التركة عند قسمتها بأحكام خاصة .
فنصت المادة 905 مدني على ما يأتي : " إذا لم يتفق الورثة على قسمة الأوراق العائلية أو الأشياء التي تتصل بعاطفة الورثة نحو المورث ، أمرت المحكمة إما ببيع هذه الأشياء أو بإعطائها لأحد الورثة مع استنزال قيمتها من نصيبه في الميراث أو دون استنزال ، ويراعى في ذلك ما جرى عليه العرف وما يحيط بالورثة من ظروف شخصية " ( [257] ) .
فالأوراق العائلية والأشياء التي تتصل بعاطفة الورثة نحو المورث ، كمذكراته وشهاداته وأوسمته وملابسه الرسمية وصوره الفوتوغرافية وما تركه من ذكريات مادية كالأسلحة وأصول المؤلفات والمكتب الذي كان يقعد إليه والقلم الذي كان يكتب به وما إلى ذلك ، إذا اتفق الورثة على أمر في شأنها ، نفذ هذا الاتفاق . أما إذا لم يتفق الورثة على طريقة تقسيمها ، تولت المحكمة المختصة بنظر شؤون التصفية البت في شأنها ، مستلهمة في ذلك العرف وظروف الأسرة والظروف الشخصية للورثة . فقد تأمر ببيعها وتوزيع ثمنها على الورثة ، وقد تعطيها لوارث معين هو أليق الورثة باقتنائها بعد استنزال قيمتها من نصيبه في الإرث ، أو دون استنزال إذا تمحضت قيمتها في عنصرها المعنوي .
ونصت المادة 906 مدني على ما يأتي : " إذا كان بين أموال التركة مستغل زراعي أو صناعي أو تجاري مما يعتبر وحدة اقتصادية قائمة بذاتها ، وجب تخصيصه برمته لمن يطلبه من الورثة إذا كان أقدرهم على الاضطلاع به ، وثمن هذا المستغل يقوم بحسب قيمته ويستنزل من نصيب الوارث في التركة . فإذا تساوت قدرة الورثة على الاضطلاع بالمستغل ، خصص لمن يعطى من بينهم أعلى قيمة بحيث لا تقل عن ثمن المثل " ( [258] ) .
فالمستغل الزراعي أو الصناعي أو التجاري الذي يعتبر وحدة اقتصادية قائمة بذاتها ، كبستان غرست به أشجار الفاكهة أو الزهور وكمصنع وكمحل تجاري ، يراعى فيه هذه الوحدة الاقتصادية ، فلا يصح تقسيمه وإلا كان في ذلك انتقاص كبير من قيمته . فيعطى المستغل برمته لأقدر الورثة على استغلاله ، ويقدر ثمن المستغل بحسب قيمته كرأس مال لا بحسب ما ينتجه من إيراد . ويستنزل هذا الثمن من نصيب الوارث الذي أعطى له المستغل ، فإذا لم يف نصيبه بثمن المستغل ألزم بدفع الفرق . فإذا تساوت وارثان أو أكثر في القدرة على الاستغلال ، أعطى المستغل لمن يدفع فيه أعلى قيمة بحيث لا تقل عن ثمن المثل . وإذا لم يوجد أحد من الورثة تتوافر فيه القدرة على الاستغلال ، بيع المستغل لأجنبي طبقاً للقواعد المقررة في القسمة ، ووزع ثمنه على الورثة . وإذا لم يوجد في التركة غير المستغل أو كان هو معظم التركة ، ووجد وارث تتوافر فيه القدرة على استغلاله ورضى بدفع ثمنه ، أعطى له ، ويكتفي باقي الورثة كل بحصته في الثمن بنسبة نصيبه في الإرث .
ونصت المادة 907 مدني على ما يأتي : " إذا اختص أحد الورثة عند اقسمة بدين للتركة ، فإن باقي الورثة لا يضمنون له المدين إذا هو أعسر بعد القسمة ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك " ( [259] ) .
ويلاحظ في صدد هذا النص أنه يعرض للديون التي للتركة ، أي للحقوق الشخصية ( creanees ) التي يكون فيها المورث دائناً لأجنبي . وهذه الحقوق الشخصية لا تدخل في الشيوع مع أموال التركة الشائعة ، بل هي تنقسم بمجرد وفاة المورث على الورثة ، كل بنسبة حصته في الميراث ( [260] ) . فإذا وضع كل الحق الشخصي عند القسمة في نصيب أحد الورثة ، فإنما يكون ذلك فيما بين الورثة وحدهم . أما بالنسبة إلى المدين بهذا الحق ، فإنه بموت المورث يصبح مديناً لكل وارث بمقدار حصته . ويجب أن يحول باقي الورثة حصصهم للوارث الذي وقع في نصيبه الحق عن طريق حوالة الحق ( [261] ) . ولكن هؤلاء الورثة لا يضمنون للوارث الذي اختص بالحق وحده إعسار المدين بعد القسمة إلا إذا وجد اتفاق يقضي بلك ، كما تقول المادة 907 مدني سالفة الذكر . فهم إذن يضمنون للوارث ، دون اتفاق ، إعسار المدين عند القسمة . وفي هذا تشديد للضمان الذي تقرره القواعد العامة ، إذ تنص المادة 309 / 1 مدني على أنه " لا يضمن المحيل يسار المدين ، إلا إذا وجد اتفاق خاص على هذا الضمان " . فالمحيل لا يضمن إلا وجود الدين وقت الحوالة ، ولا يضمن يسار المدين في هذا الوقت إلا باتفاق خاص . أما هنا في قسمة التركة ، حيث تقتضي القسمة مراعاة المساواة ما بين المتقاسمين ، فالورثة يضمنون يسار المدين عند القسمة دون حاجة إلى اتفاق خاص على ذلك . أما إذا أريد ضمان يسار المدين عند حلول المدين ، فهذا الرأي يقتضي اتفاقاً خاصاً كما تقضي بذلك المادة 907 مدني التي تقدم ذكرها .
66 - قسمة المورث – نصوص قانونية : تنص المادة 908 مدني على ما يأتي :
" تصح الوصية بقسمة أعيان التركة على ورثة الموصي ، بحيث يعين لكل وارث أو لبعض الورثة قدر نصيبه ، فإن زادت قيمة ما عين لأحدهم على استحقاقه في التركة كانت الزيادة وصية " .
وتنص المادة 909 مدني على ما يأتي :
" القسمة المضافة إلى ما بعد الموت يجوز الرجوع فيها دائماً ، وتصبح لازمة بعد وفاة الموصي " .
وتنص المادة 912 مدني على ما يأتي :
" تسري في القسمة المضافة إلى ما بعد الموت أحكام القسمة عامة ، عدا أحكام الغبن " ( [262] ) .
وتعرض هذه النصوص لقسمة المورث ، وهي القسمة التي يجريها المورث في تركته بين ورثته حال حياته ، وتكون في صورة وصية يجوز الرجوع فيها ، ولو لم يجز الرجوع فيها لكانت تعاملاً في تركة مستقبلة وكانت باطلة ، فجعلت وصية يجوز الرجوع فيها لأن الوصية مستثناة من حكم بطلان التعامل في التركة المستقبلة . والمادة 908 مدني سالفة الذكر تقرر المبدأ العام في هذه المسألة ، وهي منقولة من المادة 13 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 التي تجري على الوجه الآتي : " تصبح الوصية بقسمة أعيان التركة على ورثة الموصي ، بحيث يعين لكل وارث أو لبعض الورثة قد نصيبه ، وتكون لازمة بوفاة الموصي . فإن زادت قيمة ما عين لأحدهم عن استحقاقه في التركة ، كانت الزيادة وصية " . وتقول المذكرة الإيضاحية لقانون الوصية في صدد هذا النص : " ماجدة جديدة وضعت لتمكين المورث من تنظيم تركته وقسمتها بين الورثة على وجه المصلحة التي يراها . فيجوز للمورث أن يعين لكل وارث قدر نصيبه في التركة ، وأن يوصي بأن يكن لكل وارث ما عينه لهن ووصيته بذلك صحيحة نافذة ( قال بذلك بعض فقهاء الشافعية والحنابلة ) . وبناء على ما جاء بالمادة 38 من جواز الوصية للوارث بالثلث بدون توقف على إجازة الورثة ، يجوز للمورث أن يزيد في بعض الأنصباء ما يراه بحيث لا يتجاوز مجموع الزيادة ثلث التركة . فإن كان أكثر من الثلث ولم يجز الورثة الزائد ، قسم الثلث بين أصحاب الأنصباء المزايدة بنسبة ما زاده لكل منهم ، ورد الباقي إلى التركة " .
وليس من الضروري أن يقسم المورث تركته على جميع ورثته ، بل يصح أن يفرز نصيب بعض الورثة دون غيرهم ، ويكون باقي التركة للباقي من الورثة شائعاً بينهم . ومن أفرز المورث نصيبه في التركة لا يجوز أن يزيد قيمة نصيبه على استحقاقه في الإرث إلا بقدر ثلث التركة ، إذ تعتبر هذه الزيادة وصية .
وقسمة المورث هي وصية من ناحية ، وقسمة من ناحية أخرى . فمن حيث إنها وصية ، يجوز للمورث الرجوع فيها دائماً حال حياته ، ولا تصبح لازمة إلا بوفاته ( م 909 مدني سالفة الذكر ) . ومن حيث إنها قسمة ، تسري عليها أحكام القسمة ، وبخاصة أحكام ضمان التعرض والاستحقاق وأحكام امتياز المتقاسم . ويستثنى من ذلك أحكام الغبن فهي لا تسري على قسمة المورث . وقد قدمنا أنه يجوز للمورث أن يعطي أحد الورثة أكثر من استحقاقه وتكون الزيادة وصية . فالزيادة إذن لا تكون غبناً بل تعتبر وصية وتنفذ دون إجازة الورثة ما دامت في حدود ثلث التركة ، وعلى ذلك وجب استبعاد أحكام الغبن ( [263] ) .
67 - الحالات التي لا تتناول فيها قسمة المورث كل أموال التركة أو كل الورثة أو كل ديون التركة – نصوص قانونية : ولما كان المورث يقسم تركته بين ورثته حال حياته ، وكانت أموال التركة والورثة وديون التركة لا تمكن معرفتها على وجه التحقيق إلا عند وفاة المورث ، لذلك كان من الجائز ألا تتناول القسمة كل أموال التركة أو كل الورثة أو كل ديون التركة . ففيما يتعلق بعدم تناول القسمة كل أموال التركة ، تنص المادة 910 مدني على ما يأتي : " إذا لم تشمل القسمة جميع أموال المورث وقت وفاته ، فإن الأموال التي لم تدخل في القسمة تؤول شائعة إلى الورثة طبقاً لقواعد الميراث " ( [264] ) . وهذا النص يسري فيما إذا استجد للمورث مال بعد القسمة التي أجراها بين ورثته ، ولم يتمكن من إدخال هذا المال الجديد في القسمة قبل موته ، أو لم يرد ذلك . فتبقى القسمة التي أجراها في الأموال التي أجريت فيها على ما هي عليه ، أما المال الذي استجد فيؤول إلى الورثة ضمن تركته ، ولكنه يكون شائعاً بينهم لأنه لم يدخل في القسمة ، ويوزع بينهم طبقاً لقواعد الميراث ( [265] ) . وقد يقع العكس ويتصف المورث في بعض الأموال التي دخلت في القسمة ، فتختل بذلك القسمة التي أجراها بين الورثة . ولما كانت القسمة قد أجريت بطريق الوصية ، فإن تصرف المورث في بعض الأموال التي أدخلها في القسمة يعتبر عدولاً منه عن الوصية . فتسقط القسمة ، وتكون الأموال التي يتركها المورث لورثته عند وفاته دون أن يتصرف فيها تركة شائعة بين الورثة . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " وإذا كان الأمر بالعكس وتصرف المورث في بعض الأموال التي دخلت في القسمة ، فإن القسمة تبطل ويجب إجراء قسمة جديدة " ( [266] ) .
وفيما يتعلق بعدم تناول القسمة كل الورثة ، تنص المادة 911 مدني على ما يأتي : " إذا مات قبل وفاة المورث واحد أو أكثر من الورثة المحتملين الذين دخلوا القسمة ، فإن الحصة المفرزة التي وقعت في نصيب من مات تؤول شائعة إلى باقي الورثة طبقاً لقواعد الميراث " . ( [267] ) وهذا النص يسري فيما إذا مات قبل وفاة المورث واحد أو أكثر من الورثة الذين دخلوا القسمة . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وإذا نقصوا ( الورثة الذين دخلوا القسمة ) بأن مات أحد منهم قبل وفاة المورث ، ولم تتغير أنصباء الباقي بعد هذا الموت ، فإن الحصة المفرزة التي وقعت في نصيب من ممات تؤول شائعة لبقية الورثة بنسبة حصة كل منهم في الميراث . وإن حجب أحد منهم بوارث وجد بعد القسمة وتغيرت الأنصباء بهذا الحجب ، بطلت القسمة " ( [268] ) . وهناك فرض ثان ، هو أن يزيد الورثة عما كانوا عليه وقت الوصية بالقسمة ، سواء دخل كل الورثة الموجودين وقت الوصية القسمة أو دخل بعضهم فقطز وفي هذا الفرض تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وفيما يتعلق بالورقة ، إذا زادوا وقت الموت عما كانوا وقت الوصية ، فإن القسمة تصبح باطلة " ( [269] ) ، وذلك لأن أنصباء الورثة تكون قد تغيرت وقت الموت عما كانت وقت الوصية بالقسمة بسبب من استجد من الورثة . بقى الفرض الأخير ، وهو أن يدخل بعض الورثة دون بعض في القسمة ، ويبقى الورثة وقت الموت كما كانوا وقت الوصية بالقسمة بسبب من استجد من الورثة . بقى الفرض الأخير . وهو أن يدخل بعض الورثة دون بعض في القسمة ، ويبقى الورثة وقت الموت كما كانوا وقت الوصية بالقسمة . وفي هذا الفرض تبقى قسمة المورث صحيحة ، إذ يكون المورث قد أفرز نصيب بعض الورثة دون بعض ولم تتغير أنصباء الورثة وقت الموت عما كانت وقت الوصية بالقسمة ، وهذا جائز طبقاً لصريح نص المادة 908 مدني والمادة 13 من قانون الوصية .
وفيما يتعلق بعدم تناول القسمة كل ديون التركة . تنص المادة 913 مدني على ما يأتي : " إذا لم تشمل القسمة ديون التركة ، أو شملتها ولكن لم يوافق الدائنون على القسمة ، جاز عند عدم تسوية الديون بالاتفاق مع الدائنين ، أن يطلب أي وارث قسمة التركة طبقاً للمادة 895 ، على أن تراعى بقدر الإمكان القسمة التي أوصى بها المورث والاعتبارات التي بنيت عليها " ( [270] ) ويلاحظ في هذا الصدد أن قسمة المورث للديون التي على التركة بين الورثة يجب ، حتى تكون نافذة في حق دائني التركة ، أن يوافقوا عليها . فإذا لم يوافق الدائنون على القسمة ، أو لم تشمل القسمة ديون التركة ، فإن التركة تبقى مثقلة بهذه الديون . فإذا استطاع الورثة أن يتفقوا مع الدائنين على تسوية هذه الديون ، نفذ ما اتفقوا عليه جميعاً في هذا الشأن . وإذا لم يستطع الورثة الاتفاق مع الدائنين ، فإن قسمة المورث تكون غير كاملة إذ لم تندرج فيها الديون . ويجوز عندئذ لأي وارث أن يطلب من المحكمة المختصة بنظر شؤون التصفية أن تتولى قسمة التركة من جديد طبقاً لأحكام المادة 895 مدني التي سبق ذكرها . فتوزع المحكمة الديون المؤجلة وأموال التركة " بحيث يختص كل وارث من جملة ديون التركة ومن جملة أموالها بما يكون في نتيجته معادلاً لصافي حصته في الإرث ( م 895 مدني ) ، وترتب المحكمة التأمينات الكافية على أموال التركة لضمان حقوق دائني التركة طبقاً لأحكام الفقرتين الأخيرتين من المادة 895 مدني . وتلتزم المحكمة في كل ذلك بقدر الإمكان ، القسمة التي أوصى بها المورث والاعتبارات العائلية والشخصية التي بنيت عليها هذه القسمة ، فلا تنحرف عنها إلا لضرورة ، حتى تحترم بذلك وصية المورث بقدر المستطاع .
المبحث الثالث
شهر حق الإرث
68 – خضوع حق الإرث للشهر منذ قانون تنظيم الشهر العقاري : لم يستقص قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 استقصاء تاماً المحررات التي يجب شهرها . فقد اقتصر في التصرفات القانونية على العقود ما بين الأحياء ، وترك الوقائع والتصرفات التي تنقل الملك بسبب الموت وهي الإرث والوصية . وقد كان عدمشهرهما ثغرة واسعة في نظام الشهر الذي قرره التقنين المدني السابق . فبقى ثغرة واسعة في نظام الشهر الذي قرره قانون التسجيل . فالوصية تصرف قانوني ، ولكنها ليست بعقد من جهة وهي من جهة أخرى تنتقل الملك بسبب الموت لا فيما بين الأحياء ، ومن ثم لم تكن خاضعة للتسجيل طبقاً لأحكام قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 . وكذلك حق الإرث لم يكن خاضعاً للتسجيل طبقاً لهذا القانون ، فالإرث ينقل الملك بسبب الموت لا فيما بين الأحياء ، وهو ليس بعقد ، بل هو ليس بتصرف قانوني إذ هو واقعة مادية . وقد كان ذلك سبباً في قصور دفاتر الشهر عن أن تكشف عن تسلسل الملكية العقارية ، فكثيراً ما تنتقل هذه الملكية بالإرث أو بالوصية فتنقطع حلقات السلسلة عن ذلك . لهذا لم يكن قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 أساساً صالحاً للتمهيد لنظام السجل العيني مع وجود هذه الثغرات فيه . وقد سد هذه الثغرات قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 المعمول به منذ أول يناير سنة 1947 ، ولا يزال معمولاً به حتى الآن . فقد استقصى هذا القانون جميع التصرفات الواجب شهرها . منشئة كانت أو كاشفة . فدخل فيما يجب شهره جميع التصرفات ، سواء كانت بين الأحياء كالبيع أو بسبب الموت كالوصية ، وكانت الوصية لا تخضع للتسجيل من قبل كما سبق القول . وتناولت المادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقاري واقعة مادية لا تصرفاً قانونياً . وهي واقعة الإرث ، فأخضعتها للشهر لما في شهرها من أهمية بالغة ، إذ هي من أكثر الأسباب شيوعاً في نقل الملكية ( [271] ) .
فحق الإرث إذن لا يخضع للشهر إلا بموجب قانون تنظيم الشهر العقاري ، منذ أول يناير سنة 1947 وهو تاريخ العمل بهذا القانون . وعلى ذلك فحقوق الإرث التي نشأت قبل أول يناير سنة 1947 ، بموت المورث قبل هذا التاريخ ، لا تخضع للشهر وتنقل فيها الملكية للورثة ، ويستطيع هؤلاء أن يتصرفوا في العقارات التي ورثوها وتشهر تصرفاتهم دون حاجة إلى شهر حق الإرث . على أن قانون تنظيم الشهر العقاري نص في المادة 53 منه على أن " تطبق المواد 48 وما يليها على حقوق الإرث التي تنشأ ابتداء من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون . أما حقوق الإرث السابقة على هذا التاريخ ، فلا تطبق في شأنها المواد المذكورة إلا اختياراً " ( [272] ) . فالقانون إذن أباح لمن تلقى حق الملكية بطريق الميراث قبل أول يناير سنة 1947 أن يقوم بشهر حق الإرث إذا أراد ذلك ، فالشهر ليس إجبارياً بالنسبة إليه وإن كانت له مصلحة عملية كبيرة في القيام به ( [273] ) .
69 – كيف يتم شهر حق الإرث طبقاً لقانون تنظيم الشهر العقاري : تنص المادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقاري على ما يأتي : " يجب شهر حق الإرث بتسجيل إشهادات الوراثة الشرعية أو الأحكام النهائية أو غيرها من السندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عينية عقارية ، وذلك بدون رسم ، وإلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من الوارث في حق من هذه الحقوق . ويجوز أن يقصر شهر حق الإرث على جزء من عقارات التركة . وفي هذه الحالة يعتبر هذا الجزء وحده يبني على أساسها تصرفات الورثة ( [274] ) " .
ويتبين من هذا النص أن انتقال ملكية أموال التركة إلى الورثة لا يتوقف على شهر حق الإرث كما يتوقف انتقال ملكية العقار المبيع إلى المشتري على شهر عقد البيع ، بل إن أموال التركة تنتقل ملكيتها إلى الورثة بمجرد وفاة المورث كما سبق القول . ولكن الوارث إذا تصرف في عقارات التركة قبل شهر حق الإرث ، لا يجوز شهر تصرفه هذا كما سنرى .
ويجوز أن يقوم بشهر حق الإرث كل ذي شأن . وأول ذوي الشأن في هذا هم الورثة ، فيجوز لأي وارث ، أو لمن يقوم مقام الوارث كالوكيل والولي والوصي والقيم ، أن يقوم بهذا الشهر . ويعتبر ذا شأن ، فيجوز له أن يقوم بالشهر ، دائن التركة والموصي له ومن تصرف له الوارث ومصفي التركة . أما الدائن فيشهر حق الإرث حتى يتمكن من أن يؤشر على هامش التسجيل بحقه ، فيكون له حق التتبع وحق التقدم في عقارات التركة على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم . وأما الموصي له فيستطيع أيضاً أن يقوم بشهر حق الإرث إذا كان دائناً للتركة ، وشأنه في ذلك هو شأن الدائن ( [275] ) . أما من تصرف له الإرث فإنه لما كان لا يستطيع شهر التصرف الصادر له من الوارث إلا بعد شهر حق الإرث ، لذلك تكون له مصلحة في شهر هذا الحق وله أن يقوم به . ولمصفي التركة أن يقوم بشهر حق الإرث لأنه ينوب عن الورثة ، وهو بشهره حق الإرث يحمل الدائنين العاديين للتركة على أن يؤشروا بحقوقهم على هامش التسجيل ، فيكون هذا الشهر هو إحدى الوسائل للكشف عن هؤلاء الدائنين .
والمحرر الذي يسجل هو السند المثبت لحق الإرث . ويعتبر سنداً مثبتاً لحق الإرث إعلام الوراثة ، والحكم النهائي الصادر بثبوت هذا الحق فيما إذا قام نزاع بين الورثة واستصدر كلهم أو بعضهم حكماً نهائياً بثبوت حقهم في الإرث ، وشهادة الإرث التي تعطيها المحكمة للوارث فيما إذا خضعت التركة للتصفية الجماعية على النحو الذي سبق بيانه . وإذا اشتملت التركة على عقارات ، وجب أيضاً أن يسجل ، إلى جانب السند المثبت لحق الإرث قوائم جرد التركة بما تشتمل عليه من بيانات عن هذه العقارات .
ولا يدفع رسم عن شهر حق الإرث ، وذلك حثاً للورثة على القيام بهذا الشهر ( [276] ) . على أن ذلك لا يعفي طالب شهر حق الإرث من دفع الرسوم الفرعية وهي رسوم التصوير ورسوم الحفظ ( [277] ) ، لأن كلا من التصوير والحفظ تقوم به الهيئة التي تباشر عمليات الشهر لمصلحة الورثة أنفسهم فهي في مقابل خدمات أديت لهم ، وهي بعد رسوم ضئيلة لا إرهاق فيها .
وجزاء عدم شهر حق الإرث ليس هو عدم انتقال ملكية العقارات إلى الورثة ، وإلا بقيت هذه العقارات دون مالك في الفترة ما بين موت المورث وشهر حق الإرث . فملكية عقارات التركة إلى الورثة ، كما تنتقل ملكية منقولاتها ، بمجرد وفاة المورث كما قدمنا . ولكن إذا تصرف الوارث في عقار للتركة قبل شهر حق الإرث ، كأن باعه أو رهنه أو أجرى القسمة فيه ، فإن تصرفه هذا لا يجوز شهره ، ويجب على الهيئة التي تقوم على أعمال الشهر أن تمتنع عن شهر هذا التصرف حتى يتم شهر حق الإرث . والجزاء على هذا النحو غير كاف ، فكثير من الورثة يتلقون عقارات التركة ويتملكونها بمجرد وفاة مورثهم ، ولا يعنيهم بعد ذلك أن يشهروا حق الإرث ما داموا يستبقون هذه العقارات في أيديهم ولا يتصرفون فيها .
ولما كان الشهر يتم في مكاتب الشهر التي تقع في دوائرها عقارات التركة ، فمن الجائز أن يتم هذا الشهر بالنسبة إلى عقار واحد أو بعض عقارات التركة دون باقي العقارات في مكتب الشهر الذي يقع في دائرته هذا العقار أو هذه العقارات . وتقول الفقرة الأخيرة من المادة 13 من قانون الشهر العقاري ، كما رأينا ، في هذا الصدد : " ويجوز أن يقصر شهر حق الإرث على جزء من عقارات التركة ، وفي هذه الحالة يعتبر هذا الجزء وحدة يبني على أساسها تصرفات الورثة " . فلو أن التركة لها ورثة ثلاثة لكل منهم الثلث ، وقصر شهر حق الإرث على العقار أو العقارات الواقعة في دائرة اختصاص أحد مكاتب الشهر دون العقارات الأخرى ، وأراد أحد الورثة أن يتصرف في هذا العقار أو العقارات ، اعتبرت العقارات التي تم الشهر في شأنها وحدة يبني على أساسها تصرف الوارث . ولما كان الوارث لا يملك في التركة إلا الثلث . فهو لا يستطيع أن يتصرف إلا في حدود هذا الثلث ، على اعتبار أن العقارات التي تم في شأنها الشهر هي كل التركة . وذلك حتى لو ثبت أن هذه العقارات لا تجاوز ثلث التركة ، وأن التركة لو قسمت بين الورثة لصح أن تقع كل العقارات التي تصرف فيها الوارث في نصيبه .
70 - إجراءات شهر حق الإرث طبقاً لقانون تنظيم الشهر العقاري : تبين المواد 48 – 52 من قانون تنظيم الشهر العقاري الإجراءات الواجب إتباعها في شهر حق الإرث . وتتلخص هذه الإجراءات فيما يأتي :
أولاً – طلب شهر حق الإرث : يوقع هذا الطلب الوارث طالب الشهر ( وفي حالة تعدد الورثة يكفي توقيع أحدهم عن جميع التركة أو عن جزء منها ) ، أو من يقوم مقامه من وكيل أو ولي أو وصي أو قيم ، أو أي ذي شأن ، كدائن التركة ، أو الموصي له ، أو من تلقى حقاً عينياً عقارياً من الوارث كالمشتري أو الدائن المرتهن ، أو مصفي التركة . ويشتمل الطلب على بيانات خاصة بالمورث وهي اسمه ولقبه واسم أبيه وجده لأبيه وصناعته وديانته وجنسيته ( [278] ) ومحل إقامته وتاريخ ومحل وفاته ( [279] ) ، وبيانات خاصة بالورثة وهي أسماؤهم وألقابهم وسنهم وجنسياتهم ومحال إقامتهم وأسماء آبائهم وأجدادهم لآبائهم ، وبيانات خاصة بالعقار أو العقارات التي تشتمل عليها التركة وذلك بوصفها وصفاً دقيقاً وتعيين حدودها ومسطحاتها مع ذكر البيانات الخاصة بما على العقار من حقوق عينية كحق ارتفاق أو حق رهن والبيانات الخاصة بالتكليف وبأصل ملكية المورث ، وبيانات خاصة برسم الأيلولة بأن يذكر المبلغ المستحق لمصلحة الضرائب وما دفع منه وما بقي في ذمة الورثة . ويقدم الطلب إلى مأمورية الشهر التي تقع العقارات في دائرتها ، فإذا كانت عقارات التركة تقع في دائرة اختصاص أكثر من مأمورية قدم طلب مستقل لكل مأمورية عن العقار أو العقارات الواقعة في دائرة اختصاصها . ويخضع طلب شهر حق الإرث للشروط التي تخضع لها طلبات الشهر بوجه عام ، من حيث التقديم والمدة والأسبقية بالنسبة إلى ما عداه من الطلبات .
ثانياً – المستندات التي ترفق بطلب شهر حق الإرث : ويجب أن يرفق بطلب شهر حق الإرث المستندات المؤيدة لما جاء فيه ، وهذه المستندات هي : ( 1 ) إعلام الوراثة أو الحكم النهائي الصادر بثبوت حق الإرث أو أي سند آخر مثبت لحق الإرث كسند الإرث الذي تسلمه المحكمة للوارث عقب انتهاء التصفية الجماعية للتركة . ( 2 ) ما يثبت صفة من يقوم مقام الطالب إن كان يقوم مقامه أحد ، كقرار الوصاية أو القوامة وكالتوكيل . وإذا وكل الوارث شخصاً في إجراء شهر حق الإرث ، وجب أن تكون الوكالة وكالة خاصة ، لأن شهر حق الإرث يمكن الوارث من التصرف في عقارات التركة فيلحق بأعمال التصرف ، والتوكيل في أعمال التصرف يجب أن يكون توكيلاً خاصاً . وإذا وكل الوارث غيره في بيع نصيبه في التركة ، كان التوكيل الخاص في البيع توكيلاً ضمنياً في شهر حق الإرث ، لأن الوكيل لا يتمكن من البيع إلا إذا أجرى هذا الشهر ، فشهر حق الإرث إجراء من إجراءات البيع ( [280] ) . ( 3 ) كشوف رسمية عن عقارات المورث مستخرجه من دفاتر للتكليف وعوائد المباني ، وذلك للتثبت من أن العقارات المبينة في الطلب ، سواء كانت أرضاً زراعية أو مباني ، هي بذاتها التي كان المورث يملكها حال حياته وظلت على ملكه إلى يوم وفاته ، لإمكان مطابقتها على مستندات ملكيته . ( 4 ) مستندات ملكية المورث ، لأن شهر حق الإرث يتوقف على مدى صلاحية هذه المستندات لإثبات ملكية المورث . ومستندات الملكية هي نفس ما أوجب المشرع تقديمه عند بحث طلب الشهر بوجه عام ( م 22 سادساً من قانون الشهر العقاري ) ، وقد حددت المادة 23 من قانون الشهر العقاري على سبيل الحصر المحررات التي تقبل مستندات للملكية في الشهر بوجه عام . فإذا تعذر على طالب شهر حق الإرث تقديم هذه المحررات لأنه قد يكون دائناً للتركة أو موصي له أو وارثاً لا يتمكن من الحصول على هذه المحررات ، جاز الاكتفاء بكشوف رسمية من دفاتر التكليف ابتداء من سنة 1923 لغاية تاريخ الوفاة . وقد أجاز المشرع على هاذ النحو إثبات ملكية المورث لعقارات التركة ، إذا كان سند ملكيته لهاذ هو وضع اليد عليها ابتداء من سنة 1923 لغاية تاريخ الوفاة . وليس هذا مبنياً على التقادم المكسب للملكية ( [281] ) ، بل هو مبني على أن القانون يفترض أن المورث تلقى حقا الملكية قبل أول يناير سنة 1924 بعقد غير مسجل وفي وقت كانت الملكية فيه نتقل بمجرد التراضي ، ولا يستطيع طالب الشهر تقديم هذا العقد غير المسجل فاكتفى القانون في إثباته بإثبات أن العقارات كانت مكلفة باسم المورث قبل أول يناير سنة 1924 واستمرت كذلك إلى تاريخ الوفاة ، أي أن المورث كان واضعاً اليد عليها طوال هذه المدة ( [282] ) . وإذا كان أصل ملكية المورث هو الميراث ، وجب أن يقرن الطلب بالسند المثبت لهذا الميراث كإعلام شرعي أو حكم . ( 5 ) شهادة من مصلحة الضرائب برسم الأيلولة المستحق وما دفع منه ( [283] ) . فقد يحدث أن أحد الورثة هوي الذي يقوم بشهر حق الإرث ، ويسدد الضريبة المستحقة عليه بالنسبة إلى نصيبه في التركة ، فتسلمه مصلحة الضرائب شهادة بذلك . وفي هذه الحالة يشهر حق الإرث ، مع التأشير على الشهر بأنه غير صالح إلا فيما يتعلق بالوارث الذي قدم ما يفيد دفعه للضريبة . فإذا ما أراد وارث آخر أن يتصرف ، مستفيداً في ذلك من قيام الوارث الأول بشهر حق الإرث ، كلفه المكتب المختص بتقديم ما يفيد دفع باقي الضريبة أو على الأقل دفع الجزء من الضريبة المستحق عليه ( [284] ) .
ثالثاً – عملية الشهر : فإذا تقدم طلب الشهر مع المستندات المشار إليها ، بحيث الطلب وأشر عليه بالقبول للشهر طبقاً للإجراءات المتبعة في بحث طلبات الشهر بوجه عام . وعند ذلك يقوم طالب الشهر بتحرير قائمة بجرد عقارات التركة المطلوب إجراء الشهر عنها ، ويقدم للمأمورية المختصة هذه القائمة ومعها صورة طلب الشهر المؤشر عليه بالقبول للشهر والمستندات السابق تقديمها مع الطلب فتؤشر المأمورية على قائمة الجرد وعلى السند المثبت لحق الإرث بما يفيد صلاحيتها للشهر ، بعد التثبت من اشتمال قائمة الجرد على جميع البيانات الموضحة في صورة الطلب المؤشر عليه بالقبول للشهر . فسند الإرث وقائمة الجرد هما اللذان يشهران بعد كتباهما على الورق الأزرق الخاص ، أما المستندات فترفق على اعتبار أنها مؤيدة للشهر ، وتكون جزءاً متمما له . وإذا تسلم الطالب سند الإرث والقائمة مؤشراً عليها بالصلاحية للشهر ، قدم القائمة إلى مكتب التوثيق للتصديق على توقيعه فيها . ثم يقدم سند الإرث والقائمة المصدق على التوقيع فيها إلى مكتب الشهر المختص لإجراء عملية الشهر النهائي ، طبقاً لأحكام المادتين 31 و 32 من قانون الشهر العقاري .
71 – شهر حق الإرث في قانون السجل العيني : وقد قدمنا ( [285] ) أنه صدر بعد قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 . وسنرى عند الكلام في العقد كسبب لكسب الملكية أن قانون السجل العيني لا يطبق إلا في الأقسام المساحية التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل ، وأن قانون تنظيم الشهر العقاري يستمر العمل به في المناطق التي لا يطبق نظام السجل العيني بها . ولما كان لم يصدر إلى اليوم قرار بتعيين أي قسم مساحي يسري عليه نظام السجل العيني ، فإن قانون تنظيم الشهر العقاري لا يزال هو القانون المعمول به في جميع أنحاء البلاد . وقد بسطنا أحكامه فيما تقدم بالنسبة إلى شهر حق الإرث .
ونورد هنا النص الخاص بشهر حق الإرث في قانون السجل العيني ، فقد نصت المادة 30 من هذا القانون على ما يأتي : " يجب قيد حق الإرث ، إذا اشتملت التركة على حقوق عينية عقارية ، بقيد السندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة التي يجب أن تتضمن نصيب كل وارث ، وإلى أن يتم هذا القيد لا يجوز للوارث أن يتصف في حق من هذه الحقوق . ويكون قيد حق الإرث في خلال خمس سنوات من تاريخ وفاة المورث بدون رسم ، أما بعد ذلك فلا يقبل القيد إلا بعد أداء الرسم المفروض على نقل الملكية أو الحق العيني . وتبدأ مدة الخمس السنوات بالنسبة إلى حقوق الإرث القائمة من تاريخ نفاذ القرار المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار " . والقرار المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار هو قرار وزير العدل بتعيين الأقسام المساحية التي يسري عليها نظام السجل العيني ، ويحدد هذا القرار تاريخ سريانه على أن يكون هذا التاريخ لاحقاً لصدور القرار بمدة ستة أشهر على الأقل ، فتبدأ إذن مدة سريان الخمس السنوات المشار إليها في النص ، بالنسبة إلى حقوق الإرث القائمة ، من تاريخ سريان قرار وزير العدل على قسم من الأقسام المساحية يكون فيه المورث قد مات قبل سريان هذا القرار .
ويبدو أنه ، حتى في قانون السجل العيني ، تنتقل ملكية عقارات التركة إلى الوارث بمجرد وفاة المورث ، ولا يتوقف انتقال الملكية على قيد حق الإرث في السجل العيني . ذلك أن المادة 30 من قانون السجل العيني سالفة الذكر تقول : " وإلى أن يتم هذا القيد لا يجوز لوارث أن يتصرف في حق من هذه الحقوق " . فجزاء عدم القيد إذن ليس هو عدم انتقال الحق إلى الوارث ، بل هو عدم جواز تصرف الوارث في هذا الحق بعد أن يكون قد انتقل إليه .
وتنص المادة 46 من قانون السجل العيني على أن " تقدم طلبات القيد إلى مأمورية السجل العيني التي يقع العقار في دائرة اختصاصها ، وفقاً للإجراءات والأوضاع المشار إليها باللائحة التنفيذية " . وهذه اللائحة التنفيذية ، يصدر بها قرار من وزير العدل ، وهذا القرار لم يصدر إلى اليوم .
وبمقارنة المادة 30 من قانون السجل العيني سالفة الذكر بالمادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقاري المتعلقة بشهر حق الإرث والتي سبق ذكرها ، يتبين أن نظام شهر حق الإرث في قانون السجل العيني يقرب كثيراً من نظام شهر هاذ الحق في قانون تنظيم الشهر العقاري ، وقد بحثنا تفصيلاً هذا النظام الأخير . وأهم الفروق ما بين النظامين هو ما يأتي : ( 1 ) جعل قانون الشهر العقاري جزاء عدم تسجيل حق الإرث هو عدم جواز شهر أي تصرف يصدر من الوارث في عقارات التركة ، فتصرف الوارث يكون إذن جائزاً والذي لا يجوز هو شهر هذا التصرف . أما قانون السجل العيني فيجعل الجزاء هو عدم جواز التصرف في عقارات التركة ، فغير الجائز إذن هو التصرف ذاته لا مجرد شهر التصرف ، وهذا جزاء أشد . ( 2 ) ينص قانون الشهر العقاري على أن شهر حق الإرث في أي وقت يكون بدون رسم ، ي ين أن قانون السجل العيني يجعل فيها حق الإرث بدون رسم إذا تم هذا القيد في خلال خمس سنوات من تاريخ وفاة المورث ، أما بعد ذلك فلا يقبل القيد إلا بعد أداء الرسم المفروض على نقل الملكية أو الحق العيني ، وفي هذا حثٌّ للوارث على المبادرة إلى قيد حق الإرث حتى لا يتراخى القيد إلى ما بعد الخمس السنوات فيضطر إلى دفع الرسم . ( 3 ) أجاز قانون الشهر العقاري قصر شهر حق الإرث على جزء من عقارات التركة ، وفي هذه الحالة يعتبر هذا الجزء وحدة يبني على أساسها تصرفات الورثة ، وقد سبق بيان ذلك ( [286] ) . أما قانون السجل العيني فلمي نص على هذه الرخصة ، ويبدو أنه يتطلب أن يقيد الوارث حق الإرث بالنسبة إلى جميع عقارات التركة ، وإلا لم يجز التصرف في أي عقار منها ، حتى بالنسبة إلى نصيبه في هذا العقار وحتى لو قيد حق الإرث بالنسبة إلى هذا العقار . ( 4 ) التسجيل في قانون الشهر العقاري ليست له حجية مطلقة ، أما القيد في السجل العيني فله هذه الحجية ، وقد نصت المادة 37 من قانون السجل العيني في هذا الصدد على أن " يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه ، ولا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل " .
الفصل الثاني
الوصية
( Testament )
72 – نص قانوني : تنص المادة 915 مدني على ما يأتي :
" تسري على الوصية أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها " ( [287] ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن هذا التقنين كان يشتمل على نص ( م 55 فترة أولى / 78 فترة أولى ) يعرض لأحكام القانون الدولي الخاص في الوصية ، ويقرر أن القانون الواجب التطبيق في هذه المسألة هو قانون الدولة الذي ينتمي إليها الموصي بجنسيته ( [288] ) .
ويقابل النص التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 876 – وفي التقنين المدني الليبي م 919 – وفي التقنين المدني العراقي م 1108 - وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 228 / 2 و م 231 ( [289] ) ويتبين من النص سالف الذكر أنه يقرر مبدأ عاماً جوهرياً ، هو أن تسري على الوصية أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها . ويستوي في ذلك وصية المسلم ووصية غير المسلم ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما المشروع فقد أحال على الشريعة الإسلامية كل الأحكام الموضوعية للوصية . وقد أصبحت الشريعة الإسلامية بذلك هي التي تنطبق من حيث الموضوع على وصايا المصريين ، مسلمين كانوا أو غير مسلمين ( [290] ) " .
ثم تقول المذكرة الإيضاحية أيضاً : " وعرض المشروع لمسألتين في الوصية على جانب كبير من الأهمية : المسألة الأولى التصرف الصادر في مرض الموت ، وقد اعتبر كلع مل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية . والمسألة الثانية التصرف الصادر لأحد الورثة من مورث يحتفظ بحيازة العين وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته ، وقد جعل هذا التصرف تسري عليه هو أيضاً أحكام الوصية ( [291] ) " . والمسألتان المشار إليهما في المذكرة الإيضاحية يحققان حماية الورثة من الوصايا المستترة .
ثم إن قانون تنظيم الشهر العقاري ، ومن بعده قانون السجل العيني ، عالج كل منها نقصاً خطيراً كان في قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ، فأصبح الآن واجباً شهر الوصية حتى تنتقل ملكية العقار الموصي به إلى الموصي سواء بالنسبة إلى الغير أو فيما بين ذوي الشأن .
ويخلص مما تقدم أن المسائل التي يجب بحثها في الوصية هي : ( 1 ) تطبيق أحكام الشريعة في الوصية . ( 2 ) حماية الورثة من الوصايا المستترة . ( 3 ) شهر الوصية .
المبحث الأول
تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الوصية
73 – قانون الوصية المستمر من الشريعة الإسلامية هو الذي يسري على الوصية : كانت المحاكم الشرعية تطبق في الوصية أحكام المذهب الحنفي في أرجح أقواله ، وكانت هذه الأحكام غير مقننة . وقد قننت في قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 ، كما قننت أحكام الميراث في قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 ، ولنفس الأسباب ( [292] ) . وصار هذا القانون هو الذي يسري على الوصية ، ويستوي في ذلك وصايا المسلمين وغير المسلمين من المصريين . فوصية غير المسلم من المصريين تسري عليها أحكام الشريعة الإسلامية قبل أن تقنن ، ثم قانون الوصية بعد تقنين هذه الأحكام ، وقد استقر القضاء على ذلك حتى قبل صدور قانون الوصية ( [293] ) .
ويشتمل قانون الوصية على بابين : ( الباب الأول ) في أحكام عامة ، وينتظم فصولاً ثلاثة : الفصل الأول في تعريف الوصية وركنها وشرائطها ، والفصل الثاني في الرجوع عن الوصية ، والفصل الثالث في قبول الوصية وردها . ( والباب الثاني ) في أحكام الوصية ، وينتظم فصولاً سبعة : الفصل الأول في الموصى له ، والفصل الثاني في الموصى به ، والفصل الثالث في الوصية بالمنافع ، والفصل الرابع في الوصية بالمرتبات ، والفصل الخامس في أحكام الزيادة في الموصى به ، والفصل السادس في الوصية الواجبة ، والفصل السابع في تزاحم الوصايا .
ولا نعرض لشرح ما اشتملت عليه هذه الأواب والفصول من الأحكام ، فهي من مباحث الفقه الإسلامي ، ولكننا نستعرض هنا في إيجاز تام ، كما استعرضنا في الميراث ، الأحكام الرئيسية التي أشتمل عليها قانون الوصية . فنعر للمسائل الآتية : ( 1 ) شكل الوصية وشروط صحتها ( م 1 – 17 من قانون الوصية ) . ( 2 ) رجوع الموصي عن الوصية ( م 18 – 19 من قانون الوصية ) . ( 3 ) قبول الموصي له للوصية ورده إياها ( م 20 – 25 من قانون الوصية ) . ( 4 ) الموصى له ( م 26 – 36 من قانون الوصية ) . ( 5 ) الموصى به ( م 37 – 75 من قانون الوصية ) . ( 6 ) الوصية الواجبة ( م 76 – 79 من قانون الوصية ) .
74 – شكل الوصية وشروط صحتها : تنص المادة الأولى من قانون الوصية على أن " الوصية تصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت " . ونرى من ذلك أن الوصية استثناء من الحكم القاضي ببطلان التعامل في التركة المستقبلة ، إذ هي تعالم من الموصي في تركته المستقبلة بإرادته المنفردة ، وقد أجيزت استثناء بموجب أحكام الشريعة الإسلامية .
وتعرض المادة الثانية من قانون الوصية لصيغة الوصية وشكلها ، فتنص على أن " تنعقد الوصية بالعبارة أو بالكتابة ، فإذا كان الموصي عاجزاً عنهما انعقدت الوصية بإشارته المفهمة . ولا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الرجوع القولي عنها ، بعد وفاة الموصي ، ي الحوادث السابقة على سنة 1911 الإفرنجية ، إلا إذا وجدت أوراق خالية من شبهة التصنع تدل على صحة الدعوى . وأما الحوادث الواقعة من سنة 1911 الإفرنجية فلا تسمع فيها دعوى ما ذكر ، بعد وفاة الموصي ، إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفي وعليها إمضاؤه كذلك تدل على ما ذكر ، $ 208 $ أو كانت ورقة الوصية أو الرجوع عنها مصدقاً على توقيع الموصي عليها " . والذي يعنينا من هذا النص هو شكل الوصية ، وقد جعل القانون الجزاء على الإخلال به هو عدم سماع الدعوى كما هو المألوف في أحكام الشريعة الإسلامية .
ويخلص من النص أن الوصية ، منذ سنة 1911 ، يجب أن تتخذ أحد أشكال ثلاثة : ( 1 ) تحرر بها ورقة رسمية . ( 2 ) تحرر بها ورقة عرفية يصدق فيها على مضاء الموصي أو ختمه . ( 3 ) تحرر بها ورقة عفية مكتوبة جميعها بخط الموصي وموقع عليها بإمضائه ( [294] ) .
وهناك شروط لصحة الوصية ، بعضها في الموصي وبعضها في الموصى له وبعضها في الموصى به ، فيشترط في الموصى أن يكون أهلاً للتبرع ، على أنه إذا كان محجوراً عليه لسفه أو غفلة أو بلغ من العمر ثماني عشرة سنة جازت وصيته بإذن المحكمة . ويشترط في الموصي له أن يكون معلوماً ، وأن يكون موجوداً عند الوصية إن كان معيناً ، فإن لم يكن معيناً كالوصية لأولاد فلان فلا يشترط أن يكون موجوداً عند الوصية ولا وقت موت الموصي ( [295] ) . وتصح الوصية مع اختلاف الدين والملة ، وتصح مع اختلاف الدارين ما لم يكن الموصي تابعاً لبلد إسلامي والموصي له غير مسلم تابع لبلد غير إسلامي تمنع شريعته من الوصية لمثل الموصي . ويشترط في الموصي به أن يكون مما يجري فيه الإرث أو يصح أن يكون محلاً للتعاقد حال حياة الموصي ، وأن يكون متقوماً عند الموصي إن كان مالاً ، وأن يكون موجوداً عند الوصية في ملك الموصي إن كان معيناً بالذات ( [296] ) . وتصح الوصية بقسمة أعيان التركة على ورثة الموصي بحيث يعين لكل وارث أو لبعض الورثة قدرن صيبه ، وتكون لازمة بوفاة الموصي ، فإن زادت قيمة ما عين لأحدهم عن استحقاقه في التركة كانت الزيادة وصية ( [297] ) . وتبطل الوصية بجنون الموصي جنوناً مطبقاً إذا اتصل بالموت ( [298] ) ، وبموت الموصي له قبل موت الموصي ، وبهلاك الموصى به إذا كان معيناً وهلك قبل قبول الموصى له . ولا تبطل بالحجر على الموصي للسفه أو الغفلة ( [299] ) .
75 – رجوع الموصي عن الوصية : ويجوز للموصي الرجوع عن الوصية كلها أو بعضها ، صراحة أو دلالة . ويعتبر رجوعاً عن الوصية كل فعل أو تصرف يدل بقرينة أو عرف على الرجوع عنها ، ومن الرجوع دلالة كل تصرف يزيل ملك الموصى عن الموصى به ( [300] ) .
ولا يعتبر رجوعاً عن الوصية جحدها ( إنكارها ) ، ولا إزالة بناء العين الموصى بها ، ولا الفعل الذي يزيل اسم الموصى به أو يغير معظم صفاته ، ولا الفعل الذي يوجب فيه زيادة لا يمكن تسليمه إلا بها ، كل ذلك إلا إذا دلت قرينة على أن الموصى يقصد به الرجوع عن الوصية .
76 - قبول الموصي لـ للوصية ورده إياها : ولا تلزم الوصية إلا بقبولها من الموصي له صراحة أو دلالة بعد وفاة الموصي ، فإذا كان الموصي له جنينا أو قاصراً أو محجوراً عليه يكون قبول الوصية أو ردها ممن له الولاية على ماله بعد إذن المحكمة . ويكون القبول عن الجهات والمؤسسات والمنشآت ممن يمثلها قانوناً ، فإن لم يكن لها من يمثلها لزمت الوصية بدون توقف على القبول . وإذا قبل الموصي له بعض الوصية ورد البعض الآخر ، لزمت الوصية فيما قبل وبطلت فيما رد . وإذا قبلها بعض الموصي لهم وردها الباقون ، لزمت بالنسبة إلى من قبلوا وبطلت بالنسبة إلى من ردوا . وإذا قبل الموصى له الوصية على النحو المتقدم ، استحق الموصى به من وقت الموت ( [301] ) ، ما لم يفد نص الوصية ثبوت الاستحقاق في وقت معين بعد الموت . وتكون زوائد الموصي به بعد وفاة الموصي ، من وقت وفاة الموصي إلى وقت قبول الوصية ، ملكاً للموصي لأنها نماء ملكه ، ولا تعتبر وصية فلا تدخل في حساب خروج الوصية من الثلث ، وعلى الموصي له نفقة الموصي به في تلك المدة .
وإذا رد الموصي له الوصية كلها أو بعضها بعد وفاة الموصي ، بطلت الوصية فيما رد ، أما الرد قبل وفاة الموصي فلا يبطل الوصية ( [302] ) .
ولا يشترط في القبول ولا في الرد أن يكون فور موت الموصي . ومع ذلك تبطل الوصية إذا بلغ الوارث أو من له تنفيذ الوصية الموصي له ، بإعلان رسمي مشتمل على بيان كاف ، عن الوصية وطلب منه قبولها أوردها ، ومضى على علمه بذلك ثلاثون يوماً كاملة خلاف مواعيد المسافة القانونية ولم يجب بالقبول أو الرد كتابة دون أن يكون له عذر مقبول . وإذا مات الموصي له قبل قبول الوصية أو ردها ، قام ورثته مقامه في ذلك ( [303] ) .
77 - الموصي لـ : تصح الوصية للمعدوم ، وتصح الوصية بالمنافع لطبقتين ، وتصح الوصية لمن لأي حصون كطلبة الجامعة ويختص بها المحتاجون منهم ( [304] ) . وإذا كانت الوصية لمعينين ، فمن كان غير أهل للوصية منهم عند موت الموصي يعود نصيبه في الوصية إلى التركة . وتصح الوصية للحمل في الحالتين الآتيين : ( 1 ) إذا أقر الموصي بوجود الحمل وقت الوصية ، وولد الحمل حياً لثلثمائة وخمسة وستين يوماً فأقل من وقت الوصية .
( 1 ) إذا لم يقر الموصي بوجود الحمل ، وولد الحمل حيا لمائتين وسبعين يوماً فأقل من وقت الوصية ، ما لم تكن الحامل وقت الوصية معتدة لوفاة أو فرقة بائنة فتصح الوصية إذا ولد الحمل حياً لثلثمائة وخمسة وستين يوماً فأقل من وقت الموت أو الفرقة البائنة . وإذا كانت الوصية لحمل من معين ، اشترط لصحة الوصية مع ما تقدم ثبوت نسبة الحمل من ذلك المعين . وإذا مات الموصي قبل انفصال الحمل ، أوقفت غلة الموصي به إذا كانت له غلة حتى ينفصل الحمل حياً فتكون له ، وإلا كانت لورثة الموصي . وإذا جاءت الحامل ، في وقت واحد أو في وقتين بينها أقل من ستة أشهر ، بولدين حيين أو أكثر ، كانت الوصية بينهم بالتساوي ، إلا إذا نصت الوصية على خلاف ذلك . وإذا انفصل أحدهم غير حي ، استحق الحي منهم كل الوصية . وإن مات أحد الأولاد بعد الولادة ، كانت حصته بين ورثته في الوصية بالأعيان ، وتكون لورثة الموصي في الوصية بالمنافع .
78 – الموصي به : وتصح الوصية بالثلث ( [305] ) للوارث ( [306] ) وغيره ، وتنفذ من غير إجازة الورثة ([307]) . وتصح بما زاد على الثلث ، ولا تنفذ في الزيادة ( [308] ) إلا إذا أجازها الورثة بعد موت الموصي وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه ( [309] ) . وتنفذ وصية من لا دين عليه ولا وارث له $ 214 $ بكل ماله أو بعضه ، من غير توقف على إجازة الخزانة العامة لأنها لا تعتبر وارثاً . وتصح وصية المدين المستغرق ماله بالدين ، ولا تنفذ إلا ببراءة ذمته منه وذلك في ثلث التركة ، فإن برئت ذمته من بعضه أو كان الدين غير مستغرق نفذت الوصية في ثلث الباقي بعد وفاء الدين . وإذا كان الدين غير مستغرق واستوفى كله أو بعضه من الموصي به ، كان للموصي له أن يرجع بقدر الدين الذي استوفى في ثلث الباقي من التركة بعد وفاء الدين ( [310] ) .
وتصح الوصية بسهم شائع في التركة ، كربع التركة أو ثلثها ( [311] ) ،
وذلك في حدود الثلث على ما سبق القول . ويعتبر الموصي له في هذه الحالة خلفاً عاماً للموصي ، شأنه في ذلك شأن الورثة ( [312] ) .
وتصح الوصية بمنعة العين ، فإذا كانت العين الموصي بمنفعتها تحتمل الانتفاع أو الاستغلال على وجه غير الذي أوصى به ، جاز للموصي له أن ينتفع بها أو يستغلها على الوجه الذي يراه ، بشرط عدم الإضرار بالعين الموصي بمنفعتها . وإذا كانت الوصية لمعين بالمنفعة ولآخر بالرقبة ، فإن ما يفرض على العين من الضرائب وما يلزم لاستيفاء منفعتها يكون على الموصي له بالمنفعة . وإذا كانت الوصية بالمنفعة لمعين مؤبدة أو لمدة حياته أو مطلقة ، استحق الموصي له المنفعة مدة حياته في جميع هذه الأحوال ، وذلك بشرط أن ينشأ استحقاقه للمنفعة في مدى ثلاث وثلاثين سنة من وفاة الموصي . وإذا كانت الوصية بكل منافع العين أو ببعضها ، وكانت مؤبدة أو مطلقة أو لمدة حياة الموصي له أو لمدة تزيد على عشر سنين ، قدرت الوصية بقيمة العين الموصي بكل منافعها أو ببعضها . فإذا كانت الوصية لمدة لا تزيد على عشر سنين ، قدرت بقيمة المنفعة الموصى بها في هذه المدة . وإذا كانت الوصية بحق من الحقوق ، قدرت بالفرق بين قيمة العين محملة بالحق الموصي به وقيمتها بدونه . وتسقط الوصية بالمنفعة بوفاة الموصي له قبل استيفاء المنفعة الموصي بها كلها أو بعضها ، وبشراء الموصي له العين التي أوصى له بمنفعتها ، وبإسقاط حقه فيها لورثة الموصي بعوض أو بغير عوض ، وباستحقاق العين .
وتصح الوصية بالمرتبات من رأس المال لمدة معينة ، ويوقف من مال الموصي ما يضمن تنفيذ الوصية على وجه لا يضر بالورثة . فإذا زاد ما أوقف لضمان تنفيذ الوصية على ثلث التركة ولم تجز الورثة الزيادة ، يوقف منه بقدر الثلث ، وتنفذ الوصية فيه وفي غلته إلى أن يستوفى الموصي له قيمة ثلث التركة حين الوفاة ، أو إلى تنتهي المدة ، أو إلى أن يموت الموصي له . ويجوز لورثة الموصي الإستيلاء على الموقوف لتنفيذ الوصية بالمرتب أو التصرف فيه ، بشرط أن يودعوا في جهة يرضاها الموصي له أو يعينها القاضي جميع المرتبات نقداً ويخصص المبلغ المودع لتنفيذ الوصية . فإذا مات الموصي له قبل نفاد المبلغ المودع ، رد الباقي لورثة الموصي . ويزول كل حق للموصي له في التركة بالإيداع والتخصيص ( [313] ) .
79 – الوصية الواجبة : وإذا لم يوص الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حكماً بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثاً في تركته لو كان حياً عند موته ، وجبت للفرع في التركة وصية بقدر هذا النصيب في حدود الثلث ، بشرط أن يكون غير وارث ، وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عوض من طريق تصرف آخر قدر ما يجب له ، وإن كان ما أعطاه أقل منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله . وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ، ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا ، على أن يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره ، وأن يقسم نصيب كل أصل على فرعه وإن نزل قسمة الميراث كما لو كان أصله أو أصوله الذين يدلي بهم إلى الميت ماتوا بعده وكان موتهم مرتباً ترتيب الطبقات .
وإذا أوصى الميت لمن وجبت له الوصية بأكثر من نصيبه كانت الزيادة وصية اختيارية ، وإن أوصى له بأقل وجب له ما يكمله . وإن أوصى لبعض من وجبت لهم الوصية دون البعض الآخر ، وجب لمن لم يوص له قدر نصيبه . ويؤخذ نصيب من لم يوص له ، ويوفي نصيب من أوصى له بأقل مما وجب ، من باقي الثلث . فإن ضاق عن ذلك ، فمنه ومما هو مشغول بالوصية الاختيارية .
والوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا . فإذا لم يوص الميت إلى من وجبت لهم الوصية وأوصى لغيرهم ، استحق كل من وجبت له الوصية قدر نصيبه من باقي ثلث التركة إن وفى ، وإلا فمنه ومما أوصى به لغيرهم . وفي هذه الحالة الأخيرة والحالة السابقة عليها ، يقسم ما يبقى من الوصية الاختيارية بين مستحقيها بالمحاصة ( [314] ) .
المبحث الثاني
حماية الورثة من الوصايا المستترة
80 - حالتان يحمي فيهما الوارث من الوصايا المستترة : نص التقنين المدني على حالتين يحمي فيهما الوارث ( [315] ) من الوصايا المستترة ( [316] ) : ( الحالة الأولى ) التصرفات التي تصدر من المورث في مرض الموت ( [317] ) ، تعتبر تصرفات مضافة إلى ما بعد الموت وتسري عليها أحكام الوصية ، وبذلك يحمي القانون الورثة من هذه التصرفات إذ يكشف عن حقيقتها ويحيطها بقيود الوصية . (الحالة الثانية) التصرفات التي يحتفظ فيها المورث بحيازة العين وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته ، إذ تعتبر تصرفات مضافة إلى ما بعد الموت ، فتحمي الورثة منها بأن تحاط هي أيضاً بقيود الوصية ( [318] ) .
81 - الحالة الأولى – التصرفات التي تصدر من المورث في مرض الموت – نص قانوني : تنص المادة 916 مدني على ما يأتي :
" 1 - كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ، ويكون مقصوداً به التبرع ، يعتبر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت ، وتسري عليه أحكام الوصية أياً كانت التسمية التي تعطي لهذا التصرف " .
" 2 - وعلى ورثة من تصرف أن يثبتوا أن العمل القانوني قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت ، ولهم إثبات ذلك بجميع الطرق ، ولا يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا لم يكن هذا التاريخ ثابتاً " .
" 3 - وإذا أثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت ، اعتبر التصرف صادراً على سبيل التبرع ، ما لم يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك . كل هذا ما لم توجد أحكام خاصة تخالفه " ( [319] ) .
فالتصرف الصادر من المورث في مرض الموت ، ( [320] ) ، ويكون مقصوداً به التبرع ، يعتبره القانون وصية مستترة ، وتسري عليه أحكام الوصية . وبذلك تحمي الورثة ، إذ أن هذا التصرف لا ينفذ في حقهم فيما زاد على ثلث التركة إلا إذا أجازوه ( [321] ) ، وهذا هو حكم الوصية كما قدمنا . وحتى تسري أحكام الوصية يجب ، كما هو ظاهر من النص ، أن يتوافر في التصرف شرطان : ( 1 ) أن يكون تصرفاً صادراً في مرض الموت . ( 2 ) وأن يكون مقصوداً به التبرع .
82 – الشرط الأول – التصرف صادر في مرض الموت : سبق ، عند الكلام في البيع ، أن بحثنا البيع الصادر في مرض الموت ، ورأينا أن أحكام
الوصية تسري عليه . أما هنا فالنص عام ولا يقتصر على البيع ، بل هو يشمل كل تصرف صدر في مرض الموت أياً كانت التسمية التي أعطيت لهذا التصرف . ومن ثم يدخل ، إلى جانب البيع ، الهبة والإقرار والإبراء وغير ذلك من التصرفات . فإذا وهب المورث عيناً ، أو أقر بدين عليه ( [322] ) ، أو أبرأ مديناً له ، وصدر التصرف والمورث في مرض الموت ، سرت على هذا التصرف أحكام الوصية . فلا تنفذ الهبة ولا الإقرار بالدين ولا الإبراء من الدين إلا في ثلث التركة ، ما لم تجز الورثة ما يجاوز الثلث في كل ذلك .
وعبء إثبات أن التصرف قد صدر في مرض الموت يقع على الورثة . ولهم إثبات ذلك بجميع الطرق ، ويدخل في ذلك البينة والقرائن ، لأنهم إنما يثبتون واقعة مادية ( [323] ) . فيستطيعون إثبات مرض الموت بتقارير الأطباء وبشهادة الشهود وبالقرائن المستخلصة من ظروف المرض وبغير ذلك من الأدلة ( [324] ) . وتقول العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 916 مدني سالفة الذكر : " ولا يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا لم يكن هذا التاريخ ثابتاً " . والمقصود بالسند هنا هو سند التصرف الصادر من المورث ، فإذا حمل تاريخاً عرفياً من شأنه أن يجعل التصرف صادراً في وقت سابق على مرض الموت ، كان هذا التاريخ حجة على الورثة . ولكن لهم أن يثبتوا أن التاريخ قد قدم عمداً وأن التاريخ الحقيقي لصدور السند يقع في وقت كان المورث فيه مريضاً مرض الموت ، فقدم التاريخ ليخفي هذه الحقيقة . ويكون للورثة إثبات ذلك بجميع الطرق وتدخل فيها البينة والقرائن بالرغم من أنهم يثبتون عكس ما هو مكتوب ، لأن تقديم التاريخ على هذا النحو غش والغش يجوز إثباته بجميع الطرق ( [325] ) . ومن هذا نرى أن عبارة النص غير دقيقة ، إذ هي تقول إنه لا يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا لم يكن هذا التاريخ ثابتاً . وقد رأينا أن التاريخ ، حتى لو لم يكن ثابتاً ، يحتج به على الورثة ، وإنما يكون لهم إثبات العكس كما قدمنا . وقد سبق أن استظهرنا عدم دقة النص عند الكلام في التاريخ الثابت في الأوراق العرفية في الجزء الثاني من الوسيط ، فقلنا في هذا الصدد : " فالأصل أن الوارث يحتج عليه بتاريخ التصرف الصادر من مورثه ، ولو لم يكن هذا التاريخ ثابتاً . ولكن إذا أدعى أن التصرف قد صدر من مورثه وهو في مرض الموت ، كانت له مصلحة في إثبات عدم صحة التاريخ ، وله أن يثبت ذلك بجميع الطرق ومنها البينة والقرائن ، لما ينطوي عليه تقديم تاريخ التصرف من غش أريد به الإخلال بحقه الشخصي في الميراث . إلى هنا ونص التقنين الجديد مستقيم . لكن تأتي بعد ذلك العبارة الأخيرة : ولا يحتج على الورثة بتاريخه إذا لم يكن هذا التاريخ ثابتاً . وهي عبارة غير صحيحة على إطلاقها . إن أريد بها – كما هو ظاهر العبارة – أن التاريخ العربي للتصرف الصادر من المورث لا يحتج به على الورثة ، فهذا غير صحيح ، وقد رأينا أن هذا التاريخ حجة على الوارث إلى أن يثبت عدم صحته . وإن أريد بها – كما هو التأويل المستخلص من سياق النص – أن التاريخ العرفي لا يحتج به على الوارث إلى الحد الذي يمنعه من إثبات العكس بل يجوز له ما دام التاريخ غير ثابت أن يقيم الدليل على عدم صحته ، فهذا صحيح . ولكن فيم الحاجة إلى إيراد هذا الحكم البديهي فمن المسلم أن كل شخص يكون التاريخ العرفي حجة عليه ، ولو كان هو المتعاقد نفسه ، يستطيع أن يثبت عدم صحة هذا التاريخ " ( [326] ) .
83 – الشرط الثاني التصرف مقصود به التبرع : ويجب أيضاً أن يكون التصرف الصادر من المورث في مرض الموت قد قصد به التبرع . ذلك أنه من المحتمل ، وإن كان هذا نادراً ، أن يكون المورث قد تصرف في مرض موته معاوضة لا تبرعاً . وأكثر ما يقع ذلك في عقد البيع ، فإن كان الثمن لا محاباة فيه فإن البيع ينفذ في حق الورثة ، وتسري عليه أحكام البيع لا أحكام الوصية . أما إذا كان في الثمن محاباة ، فهذه المحاباة وحدها هي التي تسري عليها أحكام الوصية . وقد نصت المادة 477 مدني على أنه : " 1 - إذا باع المريض مرض الموت لوارث أو لغير وارث بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت البيع ، فإن البيع يسري في حق الورثة إذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تجاوز ثلث التركة داخلاً فيها البيع ذاته . 2 - أما إذا كانت هذه الزيادة تجاوز ثلث التركة ، فإن البيع فيما يجاوز الثلث لا يسري في حق الورثة إلا إذا أقروه أو رد المشتري للتركة ما بقى بتكملة الثلثين " .
وعبء إثبات أن التصرف الصادر من المورث في مرض الموت قد قصد به التبرع لا يقع على الورثة كما يقع العبء عليهم في إثبات أن التصرف صدر في مرض الموت ، وإنما يقع هنا على من صدر له التصرف . ذلك أنه متى أثبت الورثة أن التصرف قد صدر في مرض الموت ، فقد أقام القانون قرينة قانونية على أن هذا التصرف إنما قصد به التبرع . فالإنسان لا يتصرف في مرض موته عادة إلا على سبيل التبرع ، ويندر أن يكون في تصرفه والموت ماثل أمام عينيه قد قصد المعاوضة . على أن هذه القرينة القانونية قابلة لإثبات العكس ، فيجوز لمن صدر له التصرف أن يدحضها بأن يثبت أنه دفع عوضاً للمورث . فإذا أثبت ذلك ، وكان في التصرف مع ذلك محاباة له ، فإن هذه المحاباة وحدها هي التي تسري عليها أحكام الوصية كما سبق القول .
84 – الحالة الثانية – التصرفات التي يحتفظ فيها المورث بحيازة العين وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته – نص قانوني : تنص المادة 927 مدني على ما يأتي .
" إذا تصرف شخص لأحد ورثته ، واحتفظ بأي طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته ، اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ، ما لم يقم دليل يخالف ذلك " . ( [327] )
وهنا نرى أن تصرف المورث لم يصدر في مرض موته ، بل صدر وهو في صحته . ولكن المورث لم يطلق التصرف ، بل قيده بأن احتفظ لنفسه بشيئين : حيازة العين وحقه في الانتفاع بها مدى حياته . فإذا باع المورث مثلاً داراً لأحد ورثته ، واحتفظ بحيازته للدار ويحق الانتفاع بها مدى حياته ، اقترب هذا التصرف كثيراً من الوصية . صحيح أن التصرف لم يصدر في مرض الموت ، ولكن احتفاظ المورث بحيازة الدار وبالانتفاع بها طول حياته ، بحيث لا ينتفع الوارث بالدار ، بل ولا يحوزها ، إلا عند موت المورث ، كل هذا من شأنه أن يجعل الوارث في منزلة الموصي له لا في منزلة المشتري ، فالموصي له هو أيضاً لا يحوز العين الموصي بها ، ولا ينتفع بها ، إلا عند موت المورث ( [328] ) .
وقد كان القضاء ، في عهد التقنين المدني القديم ، يجعل احتفاظ المتصرف بحيازة العين وبالانتفاع بها مدى حياته قرينة قضائية على أن التصرف ودية ( [329] ) ، لا سيما إذا اقترن ذلك باشتراط عدم تصرف المشتري في الرقبة طول حياة البائع ، وصاحب ذلك عدم تسجيل عقد البيع ( [330] ) .
وقد وضع المشروع التمهيدي لنص المادة 917 مدني سالفة الذكر في وقت كانت الوصية للوارث فيه محظورة ، وكان الناس يتحايلون على هذا الحظر بستر وصاياهم في صورة بيوع يحتفظون فيها بحيازة العين وبحق الانتفاع بها مدى الحياة . وقد تضاربت أحكام القضاء في تكييف التصرف على هذا النحو ، هل هو تصرف منجز ( بيع أو هبة ) أو وصية مستترة ( [331] ) . فحسم المشروع هذا الخلاف بأن قرر أن هذا التصرف يعتبر وصية ، ما لم يقم دليل على غير ذلك . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع : " كثيراً ما يلجأ المورث ، وهو عاجز عن الإيصاء لوارثه ، إلى وصية يسترها في شكل تصرف آخر ، كبيع أو هبة ، ويحتفظ في هذا التصرف بحيازة العين وبحقه في الانتفاع بها ، إما من طريق اشتراط حق المنفعة وعدم جواز التصرف في العين ، وإما عن طريق الإيجار مدى الحياة ، $ 228 $ أو من أي طريق آخر . وقد تضاربت الأحكام في ذلك تضارباً كبيراً ، حتى أصبحت الأقضية في هذا الشأن أدخل في باب الحظ منها في باب الحقوق الثابتة . فحسم المشروع الخلاف بأن قرر أن مثل هذا التصرف يعتبر وصية ، ما لم يقم دليل على غير ذلك . وقد فرض المشروع ما هو أكثر انطباقاً على الواقع ، وترك الباب مفتوحاً لإثبات العكس في الحالات الأخرى النادرة . ويلاحظ أنه إذا فتح باب الوصية للوارث قلت المنازعات كثيراً في هذا الشأن ، ولم تعد الناس في حاجة للاحتيال وتسمية الوصية الصادرة للوارث باسم آخر " ( [332] ) . وقد فتح باب الوصية فعلاً للوارث ، في الفترة ما بين وضع المشروع التمهيدي والمراحل التشريعية التالية للتقنين المدني ، إذ أجاز قانون الوصية الصادر في سنة 1946 كما رأينا الوصية للوارث. ومع ذلك بقى نص المشروع التمهيدي على حاله ، واستقر نصاً من نصوص التقنين المدني ([333]).
وقد عرض هذا النص لتصرف المورث " لأحد ورثته " ، لأن التصرف للوارث كان هو الغالب عندما كانت الوصية غير جائزة له . فإذا تصرف المورث لغير الوارث بأن باع مثلاً له دار واحتفظ بحيازتها وبحق الانتفاع بها طول حياته ، ألا يجوز في هذا الفرض إعمال القرينة القانونية التي وردت في النص واعتبار التصرف وصية حتى يقوم الدليل على العكس؟ لا شك في أن هناك ظروفاً تدفع المورث إلى الإيصاء لغير الوارث بأكثر من ثلث التركة ، كما لو كان ورثته من غير الأقربين وكانت علاقة قوية تربطه بأجنبي يؤثر معها أن يوصي له بكل ماله أو بأكثره ، فيلجأ في هذه الحالة إلى الوصية المستترة . ونرى أن الاحتفاظ بحيازة العين وبحق الانتفاع مدى الحياة ، في التصرف لغير الوارث ، إذا لم يصلح قرينة القانونية على أن التصرف وصية مستترة مطاوعة لحرفية النص ، فلا أقل من اعتباره قرينة قضائية . وسواء اعتبر قرينة قانونية أو قرينة قضائية ، فهو في الحالتين يقبل إثبات العكس .
وقد جعل النص مع احتفاظ المورث في تصرفه بحيازة العين بأية طريقة كانت وبحقه في الانتفاع بها مدى الحياة قرينة قانونية على أن التصرف وصية مستترة ( [334] ) . ويحتفظ المورث بحيازة العين وبالانتفاع بها مدى الحياة بطرق مختلفة . والطريقة المألوفة هي أن يشترط لنفسه في عقد بيع يصدر منه حق الانتفاع بالعين المبيعة مدى الحياة ، مع منع المشتري من المتصرف في الرقبة . وبذلك يبقى حائزاً للعين باعتباره منتفعاً لا مالكاً ، ويبقى حائزاً لها مدى حياته ، دون حاجة إلى تتبع حقه في الانتفاع في يد الغير بفضل شرط المنع من التصرف في الرقة ( [335] ) . ويصح ، للاحتفاظ بحيازة العين المبيعة وبالانتفاع بها مدى الحياة ، أن يلجأ إلى طريقة أخرى وإن كانت غير مألوفة . وذلك بأن يستأجر العين مدى حياته من المشتري ، بأجرة يحصل على مخالصة بها دون أن يدفع شيئاً ( [336] ) . وقد علمنا عند الكلام في عقد الإيجار أن الإيجار لمدة حياة المستأجر جائز ( [337] ) ، وأن الإيجار صحيح حتى لو نزل المؤجر عن الأجرة بعد أن ثبتت له في ذمة المستأجر ( [338] ) ، جر فأولى أن يكون صحيحاً لو أعطى المؤجر للمستأجر مخالصة بالأجرة المستحقة عن مدة الإيجار بأكملها . ويتمنكن المورث بهذه الطريقة من أن يستبقى حيازة العين في يده وأن ينتفع بالعين مدى حياته ، وذلك بموجب عقد الإيجار . أما مجرد الانتفاع الفعلي الذي لا يستند إلى حق قانوني فلا يكفي لقيام القرينة القانونية ، إذ لا يكون زمام الانتفاع بالعين في هذه الحالة في يد المتصرف ، بل يكون موكولاً إلى مشيئة المتصرف إليه ، فيستطيع أن ينتزع الانتفاع من يد المتصرف متى أراد ( [339] ) .
والاحتفاظ بحيازة العين وبالانتفاع بها مدى الحياة ( [340] ) ، وإن قام قرينة قانونية على أن التصرف وصية مستترة ، ليس بالقرينة القاطعة . بل يجوز لمن تصرف له المورث أن يدحض هذه القرينة بإثبات العكس ( [341] ) ، ولو عن طريق تقديم قرائن قضائية مضادة . فيصح أن يثبت المشتري من $ 234 $ المورث أن التصرف الصادر له هو بيع منجز أو هبة منجزة مستترة في صورة البيع ، وليس بوصية مضافة إلى ما بعد الموت . وذلك بأن يثبت مثلاً أن البيع قد سجل وقد نقل له التكليف ، وأن البائع قد نزل عن شرط المنع من التصرف ، وأن احتفاظ البائع بالحيازة يرجع إلى أن المشتري قاصر وقد باشر البائع الحيازة نيابة عنه باعتباره ولياً ، وأن احتفاظ البائع بمنفعة العين مدى حياته يقابله إنقاص الثمن بما يتناسب مع هذه المنفعة .
فإذا دحض من تصرف له المورث القرينة القانونية بإثبات عكسها على النحو سالف الذكر ، فإن التصرف لا يعتبر وصية مستترة ولا تسري عليه أحكام الوصية ، بل يعتبر بيعاً منجزاً أو هبة منجزة وتسري عليه أحكام البيع أو الهبة ( [342] ) . وإذا لم يستطع من تصرف له المورث دحض القرينة بإثبات العكس ، وهذا هو الغالب في العمل ، بقيت القرينة قائمة ، واعتبر التصرف وصية مستترة تسري عليها أحكام الوصية ( [343] ) . ومن ثم لا تنفذ في حق الورثة فيما يجاوز ثلث التركة إلا إذا أجازوها ، ولا تسري في حق دائني التركة أصلاً بل يقدم حق الدائن على حق الموصي له . ويجوز للموصي في حال حياته أن يعدل عن الوصية ، فتسقط بالعدول عنها ، وكذلك تسقط إذا مات الموصي له قبل موت الموصي ( [344] ) .
المبحث الثالث
شهر الوصية
85 - خضوع الوصية للشهر منذ قانون تنظيم الشهر العقاري : قدمنا ( [345] ) أن قانون التسجيل المصادر في سنة 1923 لم يجعل الوصية بالعقار خاضعة للتسجيل ، إذ أن التصرفات التي أخضعها للتسجيل هي التصرفات فيما بين الأحياء والوصية تصرف مضاف إلى ما بعد الموت . وقد كان عدم إخضاع الوصية وحق الإرث للشهر نقصاً واضحاً في قانون التسجيل ، إذ أن ذلك كان يقطع حلقات تسلسل الملكية العقارية كما سبق القول ( [346] ) .
وقد تلافى هذا النقص قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 المعمول به منذ أول يناير سنة 1947 ولا يزال معمول به حتى اليوم ، إذ أخضع كلاً من الوصية بالعقار وحق الإرث للشهر .
فالوصية إذن ، كحق الإرث ، لا تخضع للشهر إلا بموجب قانون تنظيم الشهر العقاري ، أي منذ أول يناير سنة 1947 . وعلى ذلك فالوصية الصادرة من شخص توفى قبل أول يناير سنة 1947 لا تخضع للشهر وتسري على هذه الوصية ، من حيث عدم خضوعها للشهر ، أحكام التسجيل الصادر في سنة 1923 ، فتنتقل بها ملكية العقار الموصي به من الموصي إلى الموصي له وقت وفاة الموصي دون حاجة إلى التسجيل .
86 - كيف يتم شهر الوصية طبقاً لقانون تنظيم الشهر العقاري : تنص المادة 9 من قانون تنظيم الشهر العقاري على ما يأتي : " جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك ، يجب شهرها بطريق التسجيل ، ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية . ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تزول ، لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم . ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن " . ونرى من ذلك أن قانون تنظيم الشهر العقاري قد نص صراحة على وجوب شهر الوصية بعقار ، باعتبار أنها تصرف من شأنه نقل ملكية هذا العقار من الموصي إلى الموصي له . وقد ذكر الوصية بالذات من بين التصرفات التي يجب شهرها ، حتى يزيل كل لبس في هذه المسألة . فقد قدمنا أن قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 لم يكن يخضع الوصية للشهر ، لأنها تصرف مضاف إلى ما بعد الموت في حين أن التصرفات التي تخضع للتسجيل طبقاً لهذا القانون هي التصرفات فيما بين الأحياء . فأطلق قانون تنظيم الشهر العقاري لفظ " التصرفات " ولم يقيدها بأنها التصرفات فيما بين الأحياء ، ثم عاد فذكر الوصية بالذات كما قدمنا إمعاناً منه في التأكيد بأن الوصية تخضع للشهر .
وتشهر الوصية بطريق التسجيل ، كما هو صريح النص . وتشهر بعد وفاة الموصي وقبول الموصي له إياها ، إذ في ذلك الوقت يتحقق أن الوصية تصف نهائي من شأنه أن ينقل الملكية لموصي له . أما شهر الوصية عند صدروها وقبل وفاة الموصي فسيعرض عملية التسجيل للنقض إذا رجع الموصي عن الوصية ، إذ يجب عند ذاك التأشير على هامش التسجيل برجوع الموصي . كذلك يكون الأمر إذا شهرت الوصية بعد وفاة الموصي وقبل قبول الموصي له إياها ، فقد يردها الموصي له وعند ذلك يجب التأشير على هامش التسجيل بالرد . ومع ذلك يجوز للموصي أن يسجل الوصية باختياره بعد صدورها وقبل وفاته حتى يؤكد وجودها ويعلنه ، فإذا لم يؤشر على هامش التسجيل برجوع الموصي عنها أو برد الموصي له إياها ، بقي التسجيل نافذ المفعول وانتقلت الملكية إلى الموصي له عند فواة الموصي ( [347] ) .
والذي يقوم بتسجيل الوصية هو الموصي له بعد وفاة الموصي ، وقد يقوم تبسجيلها الموصي في حياته كما قدمنا .
والمرحر الذي يسجل هو السند المثبت للوصية ، أي الورقة الرسمية التي حررت لإثبات الوصية ، أو الورقة العربية المصدق فيها على إمضاء الموصي ، أو الورقة العربية المكتوبة كلها بخط الموصي والموقع علهيا بإمضائه . وقد يقوم نزع في شأن الوصية ، فيستصدر الموصي له حكماً نهائياً بصحتها ، ويقوم بتسجيل هذا الحكم .
ويدفع رسم نسبي عن تسجيل الوصية ، هو نسبة مئوية من قيمة العقار الموصي به وقت التسجيل . ويتم التسجيل في مكتب الشهر الذي يوجد العقار الموصي به في دائرته .
وجزاء عدم تسجيل الوصية هو ، كما تقول المادة 9 من قانون الشهر العقاري سالفة الذكر ، أن ملكية العقار الموصي به لا نتقل لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم . فهي لا نتقل بين ذوي الشأن فتبقى في التركة عند الورثة ، ولا تنتقل إلى الموصي له ( [348] ) . وهي لا تنتقل بالنسبة إلى الغير ، فلو أن الورثة رتبوا على العقار الموصي به حقاً عينياً وسجل هذا الحق قبلت سجيل الوصية ، لم يجز الاحتجاج بالوصية على من ترتب له الحق العيني وقام بتسجيله . وقد قدمنا عند الكلام في شهر حق الإرث أن الموصي له إذا أشر بالوصية على هامش تسجيل حق الإرث في خلال السنة التالية لهذا التسجيل ، كان له أن يسجل الوصية في خلال هذه السنة فإذا قام بالتسجيل في خلال هذه المدة ، كان له أن يحتج بالوصية على من ترتب له حق عيني على العقار الموصي به ، ولو سجل هذا الأخير حقه العيني قبل تسجيل الوصية ( [349] ) . أما إذا سجل الموصي له الوصية بعد انقضاء هذه المدة ، فالعبرة بتاريخ التسجيل ، ولا يحتج الموصي له بالوصية إلا إذا كان تسجيله سابقاً على تسجيل من ترتب له حق عيني على العقار الموصي به ( [350] ) . وتقول المادة 9 من قانون الشهر العقاري سالفة الذكر أيضاً إن الوصية غير المسجلة لا يكون لها من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن . وعلى ذلك يكون هناك التزام شخصي على التركة بنقل ملكية العقار الموصي به إلى الموصى له ، ويجوز لهذا الأخير أن يرفع دعوى بصحة الوصية ونفاذها على الورثة إذ هم الذين يمثلون التركة . ويسجل صحيفة الدعوى ، ومتى صدر الحكم بصحة الوصية ونفاذها أشر بهذا الحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى .
87 – إجراءات شهر الوصية طبقاً لقانون تنظيم الشهر العقاري : نستعرض هنا أربع صور ، يختلف بعضها عن بعض في إجراءات الشهر . ففي الصورة الأولى تكون الوصية موثقة في ورقة رسمية أو محررة في ورقة عرفية مصدق فيها على إمضاء أو ختم الموصي ، ويقوم بتسجيلها الموصي له بعد وفاة الموصي وبعد أن يكون الموصي له قد قبلها . وفي الصورة الثانية تكون الوصية في وضع الصورة الأولى ، ولكنها تكون محررة في ورقة عرفية مكتوبة كلها بخط الموصي وعليها إمضاؤه . وفي الصورة الثالثة يقوم الموصي نفسه في حالة حياته بتسجيل الوصية ، سواء كانت الوصية موثقة في ورقة رسمية أو محررة في ورقة عرفية . أما الصورة الرابعة ، فهي صورة الوصية الواجبة التي سبق بيانها ( [351] ) .
1 - ففي الصورة الأولى حيث يقوم الموصي له بعد وفاة الموصي بتسجيل الوصية الموثقة في ورقة رسمية أو المحررة في ورقة عرفية مصدق فيها على إمضاء الموصي أو ختمه ، وهذه هي الصورة الغالبة ، يقدم الموصي له إلى مكتب الشهر المختص ، وهو المكتب الكائن في دائرته العقار الموصي به ، الورقة الرسمية أو الورقة العرفية محررة على الورق الأزرق . ويرفق بالوصية المستند المثبت لوفاة الموصي وانحصار إرثه في ورثته ، وكذلك إقراراً بقبوله هو للوصية . وبعد استيفاء مراحل الشهر التمهيدية من طلبات ومشروعات ، يقوم مكتب الشهر بتسجيل الوصية وتصويرها وإخطار الجهات المختصة ، و يرسل صورة من الوصية للمحافظة الكائن في دائرتها العقار الموصي به لنقل التكليف الخاص بهذا العقار من اسم الموصي لاسم الموصي له .
2 - وفي الصورة الثانية ، التي هي كالصورة الأولى ولكن الوصية فيها محررة في ورقة عرفية بيضاء مكتوبة كلها بخط الموصي وعليها إمضاؤه ، قد يستطيع الموصي له . أن يتفق مع ورثة الموصي على تحرير ورقة يوقعون عليها جميعاً بقبول الموصي له للوصية وبإقرارها من ورثة الموصي . وفي هذه الحالة تحرر قائمة جرد لشهر حق الإرث على الورق الأزرق ، وتتضمن القائمة بياناً خاصاً بالوصية وبياناً آخر خاصاً بحق الإرث . ويقدم الموصي له لمكتب الشهر الكائن في دائرته العقار الموصي به الوصية مرفقاً بها قائمة الجرد والورقة الموقع عليها منه بقبول الوصية ومن الورثة بإقرارها . وبعد استيفاء مراحل الشهر التمهيدية من طلبات ومشروعات ، ثم التوقيع على قائمة الجرد من الموصي له والورثة بمكتب الشهر المختص ، يتم تسجيل الوصية مع تسجيل حق الإرث مرة واحدة . ثم يصور سند الوصية وسند الإرث وقائمة الجرد ، وتخطر الجهات المختصة ، وكذلك تخطر المحافظة المختصة لنقل التكليف من اسم المورث لاسم الموصي له بالقدر الموصي به ، ولاسم الورثة بالقدر الباقي بعد الوصية .
وإذا لم يستطع الموصي له الاتفاق مع الورثة ، فعليه أن يستصدر حكماً من المحكمة المختصة في مواجهة الورثة بصحة الوصية ونفاذها . ويسجل عريضة الدعوى ، كما يؤشر بمضمونها على هامش تسجيل حق الإرث . وعليه ، عد صدور الحكم بصحة الوصية ونفاذها ، أن يؤشر به على هامش تسجيل عريضة الدعوى . وبذلك يتم تسجيل الوصية ، وتنتقل ملكية العقار الموصي به إلى الموصي بهذا التسجيل ، ولكن من يوم وفاة الموصي لا من يوم التسجيل .
3 - وفي الصورة الثالثة حيث يقوم الموصي نفسه في حالة حياته بتسجيل الوصية ، يقدم هذا الأخير لمكتب الشهر الكائن بدائرته العقار الموصي به محرر الوصية بعد توثيقه أو بعد التصديق على التوقيع فيه . وبعد استيفاء مراحل الشهر التمهيدية من طلبات ومشروعات والتأشير بها على محرر الوصية ، يقوم مكتب الشهر بتسجيل هذا المحرر . ولكنه يمتنع عن التأشير عليه بخاتم نقابل للتكليف ، لأن الملكية لا تنتقل إلى الموصي له إلا عند وفاة الموصي ، فإذا ما توفى الموصي ، تقدم الموصي له بالمستندات المثبتة لوفاته ولقبوله هو للوصية . فيقوم مكتب الشهر بالتأشير بذلك في هامش تسجيل الوصية وبإخطار الجهات المختصة ، وكذلك بإخطار المحافظة المختصة لتقوم بنقل التكليف لاسم الموصي له ( [352] ) .
4 - وفي الصورة الرابعة وهي صورة الوصية الواجبة ، إذا وجد أصحاب وصية واجبة وقد سبق بيان من هم ( [353] ) ، يبدأ بتحديد نصيبهم في قائمة الجرد الخاصة بشهر حق الإرث ، وما يتبقى يكون تركة لباقي الورثة يوزع بينهم بحسب أنصبتهم في الميراث ويبين ذلك في قائمة الجرد . ويقدم الإعلام الشرعي المثبت لوفاة المورث وانحصار إرثه في ورثته أو ما يقوم مقام هذا الإعلام لمكتب الشهر المختص ، ومعه قائمة الجرد ، وذلك بعد استيفاء مراحل الشهر التمهيدية من طلبات ومشروعات . فيقم المكتب بتسجيل شهادة الإرث وقائمة الجرد وتصويرهما ، وإرسال الصور للجهات المختصة ، ومنها المحافظة المختصة لتقوم بنقل التكليف لاسم أصحاب الوصية الواجبة وورثة المورث ( [354] ) . ولا يستحق على شهر الوصية الواجبة أو الحكم المثبت لها أي رسم نسبي على انتقال الملكية ، إذ أن أصحاب الوصية الواجبة ملحقون بالورثة ، فلا يدفعون إلا رسم التصوير ورسم الحفظ ( [355] ) .
88 - شهر الوصية في قانون السجل العيني : وقد قدمنا أن قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 لا يطبق إلا في الأقسام المساحية التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل ، وأنه إلى اليوم لم يصدر قرار بتعيين أي قسم مساحي يسري عليه هذا النظام ، ولذلك فإن قانون تنظيم الشهر العقاري لا يزال هو القانون المعمول به في جميع أنحاء البلاد ( [356] ) .
ونورد هنا النص الخاص بشهر الوصية في قانون السجل العيني ، وهو مماثل لنص المادة 9 من قانون الشهر العقاري التي أسلفنا ذكرها ( [357] ) ، فنص المادة 26 من قانون السجل العيني على ما يأتي : " جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك ، يجب قيدها في السجل العيني ، ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية . ويترتب على عدم القيد أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول ، لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم ، ولا يكون للتصرفات غير المقيدة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن " . وقد نص قانون السجل العيني ، كما نص قانون تنظيم الشهر العقاري ، صراحة على وجوب شهر الوصية .
ويتم قيد الوصية في قانون السجل العيني بطريقة مماثلة للطريقة التي يتم بها تسجيلها في قانون الشهر العقاري ، من حيث الوقت الذي يتم فيه القيد ، وتعيين من يقوم بالقيد ، والمحرر الذي يقيد ، وجزاء عدم القيد ، وقد بسطنا ذلك فيما تقدم ( [358] ) .
وأهم فرق بين القانونين هو أن التسجيل في قانون الشهر العقاري ليست له حجية مطلقة ، أما القيد في السجل العيني فله هذه الحجية ، وقد نصت المادة 37 من قانون السجل العيني على أن " يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه . ولا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل " .
الباب الثالث
كسب الملكية
فيما بين الأحياء
الفصل الأول
الالتصاق
89 – مقومات الالتصاق وتكييفه القانوني : الالتصاق هو اندماج أو اتحاد شيئين متميزين أحدهما عن الآخر ، ومملوكين لمالكين مختلفين ، دون اتفاق بينهما على هذا الاندماج .
ويجب في الاندماج أن يكون بحيث يتعذر الفصل ما بين الشيئين ، دون تلف يلحق بأحدهما أو بكليهما . فالكنز المدفون في الأرض لا يعتبر ملتصقاً بها ، إذ يمكن فصله عن الأرض دون تلف يلحق بأي منها . وإذا كان صاحب الأرض يتملك الكنز في القانون المصري ، فإنه لأي تملكه بسبب الالتصاق ولكن بحكم القانون ( [359] ) .
ويجب أن يكون الشيئان متميزين أحدهما عن الآخر ، فالإصلاحات أو التحسينات التي يجريها الحائز في ملك غيره لا تعتبر شيئاً متميزاً عن الشيء الذي يجري فيه الإصلاح أو التحسين ، ومن ثم لا تسري عليها أحكام الالتصاق ، بل تسري عليها أحكام المصروفات ( م 980 مدني ) ( [360] ) .
كذلك الثمار التي تتولد من الشيء ، سواء كانت ثماراً طبيعية أو مستحدثة أو مدنية ، ليست متميزة عن الشيء مستقلة عنه بل هي متولدة منه ، ولذلك لا تسري عليها أحكام الالتصاق ، بل تسري عليها أحكام الثمار ( م 978 – 979 مدني ) . وكالثمار المنتجات ، إذ منتجات الشيء جزء منه ، وليست شيئاً مستقلاً عنه .
ويجب أن يكون الشيئان مملوكين لمالكين مختلفين ، فلو أقام شخص بماله بناء في أرضه لم يملك البناء بالالتصاق ، وإنما يملكه من الأصل إذا أقامه بماله . وإذا وجد في أحوال الالتصاق ، كما سنرى ، حالة يبدو فيها لأول وهلة أن أحد الشيئين غير مملوك لأحد ، وهي حالة الأرض التي تتكون من طمي النهر إذ قد يقال إن الطمي لا يملكه أحد ، فالصحيح أن الطمي قبل أن يملكه المالك المجاور بالالتصاق كان ملكاً عاماً فهو ملك الدولة ( [361] ) ، وقد تحول إلى ملك خاص وتملكه المالك المجاور بالالتصاق . ولو كان الطمي غير مملوك لأحد ، لوجب القول بأن المالك المجاور يتملكه بالاستيلاء لا بالالتصاق .
ويجب أخيراً ألا يكون هناك اتفاق بين المالكين السابقين سابق على الاندماج ، الصانع إذا أخذ من رب العمل المادة التي يستخدمها وأدمج فيها مادة من عنده فأصبحتا شيئاً واحداً ، ملك رب العمل هذا الشيء بعقد المقاولة لا بالالتصاق ، لسبق وجود اتفاق بين المالكين .
والالتصاق ، على هذا النحو ، هو واقعة مادية تكون سبباً لكسب الملكية . فاندماج أحد الشيئين في الشيء الآخر ، وهذه هي الواقعة المادية ، تكسب ملكية أحد الشيئين لمالك الشيء الآخر . ذلك أن الشيئين بهذا الاندماج قد أصبحا شيئاً واحداً ، إذ يتعذر الفصل فيما بينها دون تلف كما سبق القول . ولما لم يكن هناك اتفاق سابق بين المالكين على من منهما يملك هذا الشيء بعد الاندماج ، فقد كان يمكن القول إن الشيء يكون مملوكاً لهما على الشيوع ، كل بنسبة قيمة الشيء الذي كان يملكه مفرزاً . ولكن هذا الحل غير مناسب من الناحية الاقتصادية في أكثر الأحوال ، ولذلك تدخل القانون فأسند ملكية الشيء كاملاً بعد الاندماج إلى أحد المالكين ، إلا في حالات استثنائية أوجب فيها الفصل فيما بين الشيئين ولو أدى هذا الفصل إلى إتلاف أحدهما . واختار من المالكين مالك الشيء الأصلي فجعله مالكاً للشيء التابع الذي اندمج في الشيء الأصلي ، على أن يعوض مالك الشيء التابع عن فقد ملكيته . وهذا هو الحل المعقول ، فمالك الأصل هو الذي يملك التتبع ( [362] ) . بقى أن نعرف كيف ميز القانون بين الشيء الأصلي والشيء التابع . لم نقم هناك صعوبة في أهم صور الالتصاق وهي صور الالتصاق بالعقار ، فهذه الصور كما سنرى ، يلتصق فيها منقول ( [363] ) بالأرض . فاعتبرت الأرض هي الشيء الأصلي في جميع هذه الصور ، حتى لو كانتا أقل قيمة من المنقول الذي التصق بها ، كما لو أقيم بناء ضخم على أرض قيمتها أقل بكثير من قيمة البناء . أما في صور الالتصاق $ 246 $ بالمنقول وهي صورة نادرة ، فقد ترك القانون الأمر فيها للمحكمة " مسترشدة بقواعد العدالة ، ومراعية في ذلك الضرر الذي حدث ، وحالة الطرفين ، وحسن نية كل منهما " ( م 931 مدني ) . فإذا استطاع القاضي أن يميز الشيء الأصلي من الشيء التابع ، ولم تحل قواعد العدالة أو الظروف المحيطة بالمالكين ، وبخاصة ظروف سوء النية ، دون أن يجعل مالك الشيء الأصلي هو المالك للشيء التابع ، فعل ذلك . وقد يجعل ، عند عدم استطاعة التمييز بين الأصل والتبع ، الشيء مملوكاً على الشيوع للمالكين معاً .
فالقاعدة إذن أن مالك الشيء الأصلي هو الذي يملك الشيء التابع ، ويملكه بسبب واقعة مادية هي واقعة الالتصاق . ولا يجوز الخلط ، كما قدمنا ، بين تملك المالك للثمار المتولدة من الشيء وتملكه للشيء التابع بسبب الالتصاق . فملكية الثمار ليست ملكية جديدة ، بل هي ملكية متفرعة عن ملكية الشيء الذي تولدت منه الثمار ، فيمتد حق الملكية من الشيء إلى ثماره . أما الملكية بسبب الالتصاق فملكية جديدة مستقلة عن ملكية الشيء الأصلي ، كسبت بموجب سبب مستقل قائم بذاته هو الالتصاق . فالمالك بالالتصاق قد كسب ، بسبب جديد ، ملكية جديدة . أما مالك الثمار فلم يتملكها بسبب جديد بل ملكها بموجب ملكيته الأصلية ، وهذه الملكية الأصلية ذاتها هي التي جعلته مالكاً للثمار ، إذا امتدت من الشيء إلى الثمار التي تولدت منه ( [364] ) .
90 - ما استحدث التقنين المدني الجديد من الأحكام في الالتصاق : لم يستحدث التقنين المدني الجديد في الالتصاق إلا قليلاً من الأحكام ، وقد نقل أكثر أحكام الالتصاق عن التقنين المدني السابق . وتبسط مثله في الأحكام المتعلقة بتملك المنشآت المقامة على الأرض بسبب الالتصاق ، فميز بين صور ثلاث : فقد يقيم صاحب الأ{ض منشآت عليها بمود مملوكة لغيره ، وقد يقيم صاحب المواد منشآت على أرض مملوكة لغيره ، وقد يقيم شخص منشآت بمواد مملوكة لغيره على أرض هي أيضاً مملوكة للغير . وصدر التقنين الجديد هذه الصور الثلاث بنص لا مقابل له في التقنين السابق ، إذ قضى بأن كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأ{ض وأنه أقامه على نفقته ، ويكون مملوكاً له ، وجعل هذه القرينة القانونية قابلة لإثبات العكس ، فقد يقيم أجنبي الديل على أنه هو الذي قام بالمنشآت على نفقته بترخيص من صاحب الأرض أو بدون ترخيص ، أو أن المنشآت التي أقامها صاحب الأرض انتقلت ملكيتها إلى الأجنبي ( م 922 مدني ) .
وأهم ما استحث التقنين المدني الجديد من الأحكام وهو ما يأتي :
1 - أجاز للقاضي ، عند الحكم بالتعويض للباني في أرض الغير ، أن يجعل وفاء التعويض له على أقساط دورية ( م 927 مدني ) .
2 - عكس في حالة استثنائية أحكام الالتصاق ، فجعل صاحب البناء هو الذي يتملك الأرض . وذلك فيما إذا كان المالك الذي يقيم بناء ي ملكه قد جاز بحسن نية على جزء صغير من الأرض المجاورة ، فيجبر صاحب الأرض المجاورة على أن ينزل لجاره عن ملكية الجزء الصغير من الأرض المشغول ببناء الجار ، وذلك في نظير تعويض عادل ( م 928 مدني )
3 - لم يعمل أحكام الالتصاق في حالة المنشآت الصغيرة التي تقام على أرض الغير دون أن يكون مقصوداً بقاؤها على الدوام ، كالأكشاك والحوانيت والمآوي . فهذه تكون ملكاً لمن أقامها ، ولا يتملكها صاحب الأرض بالالتصاق ( م 929 مدني ) ( [365] ) .
91 – أحوال الالتصاق : وقد جعل التقنين المدني للالتصاق أحوالاً ثلاثاً :
( الحالة الأولى ) حالة الالتصاق الطبيعي بالعقار ( accession naturelle ) وهي حالة التصاق المنقول بالأرض بفعل المياه .
( الحالة الثانية ) حالة الالتصاق الصناعي بالعقار ( accession artificielle ) ، وهي حالة التصاق المنشآت بالأرض بفعل الإنسان .
( الحالة الثالثة ) حالة التصاق المنقول بالمنقول .
المبحث الأول
الالتصاق الطبيعي بالعقار
( التصاق المنقول بالأرض بفعل المياه )
92 - نصوص قانونية : تنص المادة 918 مدني على ما يأتي :
" الأرض التي تتكون من طمي يجلبه النهر بطريقة تدريجية غير محسوسة تكون ملكاً للملاك المجاورين " .
وتنص المادة 919 مدني على ما يأتي :
" 1 - الأرض التي ينكشف عنها البحر تكون ملكاً للدولة " .
" 2 - ولا يجوز التعدي على أرض البحر ، إلا إذا كان ذلك لإعادة حدود الملك الذي طغى عليه البحر " .
وتنص المادة 920 مدني على ما يأتي :
" ملاك الأراضي الملاصقة للمياه الراكدة ، كمياه البحيرات والبرك ، لا يملكون ما تنكشف عنه هذه المياه من أراض ، ولا تزول عنهم ملكية ما تطغى عليه هذه المياه " .
وتنص المادة 921 مدني على ما يأتي :
" الأراضي التي يحولها النهر من مكانها أو ينكشف عنها ، والجزائر التي تتكون في مجراه ، تكون ملكيتها خاضعة لأحكام القوانين الخاصة بها ( [366] ) .
وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق م 60 – 63% 84 – 88 ( [367] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المواد 879 – 884 – وفي التقنين المدني الليبي المواد 922 – 925 – وفي التقنين المدني العراقي م 1113 – 11116 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني المواد 206 - 211 ( [368] ) .
ويتبين من هذه النصوص أن الالتصاق الطبيعي بفعل المياه قد يكون بفعل مياه البحر أو بفعل مياه راكدة في البحيرات والبرك ، وليس في هذه الحالة مجال للتملك بالالتصاق . وقد يكون بفعل مياه النهر عن طريق تراكم الطمي ، فالأرض التي تتكون من هذا الطمي تكون ملكاً لصاحب الأرض المجاورة . وفي هذه الحالة وحدها يقوم الالتصاق سبباً لكسب الملكية ، إذ يتملك صاحب الأرض المجاورة الأرض التي تكونت من الطمي بسبب الالتصاق . وقد يحول النهر أرضاً من مكانها إلى مكان آخر ، أو ينكشف عنها ، أو يكون جزراً في مجراه ، وهذا ما يسمى بطرح النهر ، فهذه الأراضي جميعاً تخضع لقوانين خاصة ولا تسري عليها أحكام الالتصاق . فنبحث كلا من هذه الحالات الثلاث .
93 – فصل مياه البحر والمياه الراكدة كالبحيرات والبرك : رأينا أن المادة 919 مدني تقضي بأن البحر إذا انحسر عن شاطئه وانكشف عن أرض ، فهذه الأرض تكون من أملاك الدولة الخاصة ( [369] ) . وقد قدمنا في الجزء الثامن من الوسيط أن شواطئ البحر تعتبر من الأملاك العامة ، ولكن الأراضي التي تتكون من طمي البحر والأراضي التي تنكشف عنها مياه البحر ( les lais et relais de la mer ) هي من أملاك الدولة الخاصة لا من أملاكها العامة ، فيجوز للدولة التصرف فيها ( [370] ) .
ومن جهة أخرى إذا طغى البحر على الأراضي المجاورة لشواطئه فغمرها بالمياه ، فإن ملاك هذه الأراضي لا يفقدون ملكيتها ، وليس من شأن طغيان البحر وهو قوة قاهرة أن يفقدهم هذه الملكية ، ويجوز لهم أن يعملوا على إعادة حدود أراضيهم التي طغت عليها مياه البحر . ولكن فيما عدا ذلك لا يجوز لهم التعدي على أرض البحر ، لا على شواطئه لأنها من أملاك الدولة العامة ، ولا على الأرض التي ينحسر عنها أو يكونها طميه لأنها من أملاك الدولة الخاصة كما قدمنا .
وكالبحر البحيرات والبرك والمستنقعات ، وقد رأينا أنها من الأملاك العامة للدولة ( [371] ) . وتقضي المادة 920 مدني سالفة الذكر أن ملاك الأراضي المجاورة لمجاري هذه المياه الراكدة لا يملكون ما تنكشف عنه من أراض ، فالأراضي التي تنكشف عنها هذه المجارى هي إذن من أملاك الدولة الخاصة كالأراضي التي ينكشف عنها البحر فيما قدمنا . كذلك إذا غمرت مجارى هذه المياه الراكدة الأراضي المجاورة ، فان ملاك هذه الأراضي لا يفقدون ملكيتها ، ويستطيعون العودة إلى حيازتها إذا انحسرت عنها المياه . فحكم المياه الراكدة إذن كحكم مياه البحر ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " والالتصاق بفعل المياه الراكدة كالبحيرات والبرك يكون بانكشاف هذه المياه عن أرض كانت قد طغت عليها من قبل ، فترجع لصاحبها . أما إذا انكشفت عن أرض لم تكن مملوكة لأحد ، فإن هذه الأرض تكون ملكاً للدولة . فحكم المياه الراكدة كحكم مياه البحر " ( [372] ) .
94 - فعل مياه النهر عن طريق تراكم الطمي ( alluvion ) : رأينا ( [373] ) أن المادة 918 مدني تنص على أن " الأرض تتكون من طمي يجلبه النهر بطريقة تدريجية غير محسوسة تكون ملكاً للملاك المجاورين " . و يستخلص من هذا النص أنه يشترط في تراكم الطمي بفعل مياه النهر أن يكون الطمي قد جلبه النهر بطريقة تدريجية غير محسوسة ( successivement et imperceptiblement ) ( [374] ) ، فيجب إذن أن يتراكم الطمي على ضفة النهر وبجانب الأرض المجاورة ( [375] ) متدرجاً في خلال مدد طويلة متعاقبة وعلى وجه غير محسوس ( [376] ) . أما إذا حول النهر فجأة ، بفعل قوة الفيضان غير العادي ، أرضاً من مكانها إلى مكان آخر ، فليس هذا تراكم الطمي التدريجي غير المحسوس ( alluvion ) وإنما هو طرح النهر ( avulsion ) ، ولا تكون الأرض المنتزعة ملكاً للملاك المجاورين بطريق الالتصاق ، وإنما تكون من الأملاك الخاصة للدولة وتسري عليها أحكام القوانين الخاصة بها كما سيجئ . وإذا كان يشترط في تراكم الطمي أن يكون غير فجائي ، فإن هذا لا يمنع من أن يكون ظهوره فجائياً . فقد يتراكم الطمي على مدى السنين بطريقة تدريجية غير محسوسة ولكنه يكون مغطى بالماء غير ظاهر ، ثم يزيد تراكم الطمي فتظهر الأرض المتكونة منه فجأة فوق الماء ، وتصبح مملوكة للملاك المجاورين بطريق الالتصاق ( [377] ) . ويجب أن تعلو الأرض المتكونة من الطمي أعلى منسوب المياه في أشد وقت من أوقات فيضان النهر ( [378] ) ، وإلا بقيت جزءاً من مجرى النهر ، وذلك بشرط أن يكون الفيضان عادياً ( [379] ) فلا يعتد بتغطية المياه للأرض في أثناء الفيضانات غير العادية . ويستوي أن يكون تراكم الطمي قد نشأ من فعل مياه النهر بطبيعتها ( [380] ) ، أو أن يكون هذا التراكم قد جاء نتيجة لأعمال قام بها الملاك المجاورون أو الغير على ضفتي النهر ( [381] ) . ويجب أخيراً أن تكون الأرض المتكونة من الطمي قد تكونت ملاصقة لضفة النهر ، فإذا حال بينها وبين ضفة النهر جسر مجرى عام ( [382] ) ، أو كانت المياه لا تزال تجري بينها وبين ضفة النهر ، فإنها لا تخضع لأحكام الالتصاق ( [383] ) .
ومتى توافرت الشروط المتقدمة الذكر ، فإن الأرض المتكونة من الطمي تصبح ملكاً لمالك الأرض المجاورة لها وذلك بطريق الالتصاق ، وهذه هي الصورة الوحيدة للتملك بالالتصاق بفعل المياه كما سبق القول . ويلاحظ أن الأرض المتكونة من الطمي كانت قبل أن تلتصق بضفة النهر طمياً من أملاك الدولة العامة ، فأصبحت بالالتصاق ملكاً خاصاً لمالك الأرض المجاورة ، ولا يلتزم هذا المالك بدفع تعويض للدولة . وعلى ذلك يكون الالتصاق قد نقل الشيء من الملك العام للدولة إلى الملك الخاص لصاحب الأرض المجاورة ( [384] ) دون تعويض ( [385] ) ، وهنا أيضاً تكون هذه الحالة هي الحالة الوحيدة التي يتملك فيها صاحب الشيء الأصلي بالالتصاق الشيء التابع دون أن يدفع تعويضاً لصاحب هذا الشيء التابع ([386]).
وإذا تعددت الأراضي المجاورة للأرض التي تكونت من الطمي على النحو سالف الذكر ، واختلف ملاكها ، تملك كل مالك منهم الجزء المقابل لأرضه ، أي الجزء الواقع بين مستقيمين عمودين مقامين على جهة النهر من نهايتي كل أرض ( [387] ) .
95 - طرح النهر وأكله : رأينا ( [388] ) أن المادة 921 مدني تنص على أن " الأراضي التي يحولها النهر من مكانها ، أو ينكشف عنها ، والجزائر التي تتكون في مجراه ، تكون ملكيتها خاضعة لأحكام القوانين الخاصة بها " . ويستخلص من هذا النص أن النهر ، في أوقات فيضانه الشديد ، قد يحول جزءاً من الأرض عن مكانه إلى مكان آخر ، في نفس الضفة أو في الضفة المقابلة . وقد ينكشف النهر عن أرض كانت جزءاً من مجراه ، ويغمر أرضاً أخرى فتتحول مجرى له . وقد يكون الطمي في وسط مجراه جزراً ترتفع عن أعلى منسوب المياه ، فتظهر أرضاً في وسط الماء الذي يحيطها من جميع الجهات . وقد تتكون هذه الجزر عن طريق تحويل النهر أرضاً من مكانها والقذف بها في وسط المجرى ، فتعلوا على منسوب المياه وتصبح جزراً في مجرى النهر . وهذه العمليات جميعاً – تحويل الأرض من مكانها والانكشاف عنها وتكوين الجزر – تتضمن ظهور أرض جديدة في مكان لم تكن فيه وهذا ما يسمى بطرح النهر ، واختفاء أرض عن المكان الذي كانت فيه من قبل وهذا ما يسمى بأكل النهر .
وتقضي المادة 921 مدني ، كما رأينا ، بأن ملكية الأراضي التي يشتمل عليها طرح النهر تخضع لأحكام القوانين الخاصة بها . وهذه القوانين الخاصة تسري أيضاً ، بطريق التلازم ، على أكل النهر . وقد تعاقبت هذه القوانين الخاصة ، يأتي قانون بعد آخر يلغيه ويحل محله . وأولها اللائحة السعيدية الصادرة في 24 ذي الحجة سنة 1274 هجرية ( سنة 1858 ميلادية ) ( [389] ) ، وتلاها القانون رقم 48 لسنة 1932 ( [390] ) ، ثم تلاه القانون رقم 73 لسنة 1953 . ثم القانون رقم 181 لسنة 1957 ، فالقانون رقم 192 لسنة 1958 ( [391] ) . وقد ألغى هذا القانون الأخير بالقانون رقم 100 لسنة 1964 الخاص بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها ، وهو القانون المعمول به الآن ، وقد أفرد الباب الثاني منه للأحكام الخاصة بطرح النهر وأكله ، فتقف عنده وحده ، وتستعرض في إيجاز هذه الأحكام ( [392] ) .
يعتبر القانون رقم 100 لسنة 1964 مملوكاً للدولة ملكية خاصة " أراضي طرح النهر ، وهي الأراضي الواقعة بين جسر نهر النيل وفرعيه التي يحولها النهر من مكانها أو ينكشف عنها والجزائر التي تتكون في مجراه " ( م 2 - أ ) . وتفصل المادة 11 من نفس القانون هذا الحكم ، فتنص على أن " يكون طرح النهر من الأملاك الخاصة للدولة . وتتولى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حصر مقدار طرح النهر وأكله في كل سنة ، وذلك بعد عمل المساحة بالاشتراك مع الجهات الإدارية المختصة بوزارة الخزانة والمحافظات . ويصدر قرار من وزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي أو من ينيبه بتحديد تاريخ حدوث طرح النهر وأكله وحصر مقداره سنوياً ، ويودع هذا القرار في مكتب الشهر العقاري المختص بغير رسوم . ويترتب على هذا الإيداع آثار الشهر القانونية " ( [393] ) . وتبدأ الإدارة بتأجير أراضي الطرح إلى أن تتمكن من بيعها ، ويكون التأجير طبقاً لأحكام المادة 5 من القانون رقم 100 لسنة 1964 ، فتؤجر في حدود سبعة أمثال الضريبة الأصلية المقدرة لها أو على أساس أجرة المثل . ثم تباع هذه الأراضي طبقاً للأحكام المقررة في التصرف في الأراضي الزراعية بموجب القانون رقم 100 لسنة 1964 ، فتوزع على صغار الفلاحين طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي ( م 8 / 1 من القانون رقم 100 لسنة 1964 ) ( [394] ) . ولا يدخل في الأراضي التي توزع أراضي طرح النهر غير الثابت التي لم يمض على ظهورها سنتان ، وكذلك الأراضي الواقعة في أسفل ميول الطرح الواطي التي لا تنحسر عنها المياه حتى أول شهر فبراير من كل سنة ، وذلك حتى تستقر هذه الأراضي وتثبت صلاحيتها للتوزيع وفقاً لحالتها على الطبيعة ووصفها الوارد في سجلات قوائم الحصر والمساحة ( م 8 / 2 من قانون سنة 1964 ) ( [395] ) .
ويعوض أصحاب أكل النهر تعويضاً نقدياً ، بما يعادل خمسين مثلاً من الضريبة العقارية المفروضة على الحياض الواقع بها أكل النهر وقت حدوثه . وإذا لم تكن هذه الحياض قد ربطت عليها ضريبة وقت صدور الأكل أو إذا تعذر تحديد الحوض الواقع فيه الأكل ، كان تقدير التعويض على أساس متوسط الضريبة المفروضة وقت الأكل على حياض أراضي الجزائر الملاصقة للنيل في البلدة الواقع في زمامها الأكل ( م 14 / 1 من قانون سنة 1964 ) ( [396] ) . ولا يجوز التصرف في حق التعويض عن أكل النهر ، ويقع باطلاً كل تصرف يتم بالمخالفة لهذا الحكم ( م 14 / 2 من قانون سنة 1964 ) .
وترفع الضرائب العقارية عن الأراضي التي يأكلها النهر ابتداء من أول شهر يناير التالي لتاريخ حدوث الأكل ، وتربط على أراضي طرح النهر التي توزع أو تباع الضريبة العامة للحوض الذي تقع فيه ابتداء من أول يناير التالي لتاريخ تسليمها إلى المتصرف إليه فيها ( م 20 من قانون سنة 1964 ) . وتختص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بالفصل في المنازعات المتعلقة بتوزيع طرح النهر والتعويض عن أكله . وتكون القرارات الصادرة من هذه اللجنة نهائية وغير قابلة لأي طعن بعد التصديق عليها من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ، وتنفذ بالطريق الإداري ( م 21 من قانون سنة 1964 ) .
المبحث الثاني
الالتصاق الصناعي بالعقار
( التصاق المنشآت بالأرض بفعل الإنسان )
96 – مالك الأرض يعتبر مالكاً للمنشآت التي فيها – نص قانون : تنص المادة 922 مدني على ما يأتي :
" 1 - كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى ، يعتبر من عمل صاحب الأرض أقامه على نفقته ويكون مملوكاً له " .
" 2 - ويجوز مع ذلك أن يقام الدليل على أن أجنبياً قد أقام هذه المنشآت على نفقته ، كما يجوز أن يقام الدليل على أن مالك الأرض قد خول أجنبياً ملكية منشآت كانت قائمة من قبل ، أو خوله الحق في إقامة هذه المنشآت وتملكها " ( [397] ) .
ويتبين من النص المتقدم ، في فقرته الأولى ، أن المشرع قد وضع قرينة قانونية تقضي بأن كل ما يوجد على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى ( [398] ) يعتبر من عمل صاحب الأرض ، وأنه هو الذي أنشأه على نفقته ، ومن ثم يكون مملوكاً له . وتستند هذه القرينة القانونية إلى مبدأ عام سبق أن بسطناه عند الكلام في حق الملكية في الجزء الثامن من الوسيط ، وتقرره المادة 803 / 2 مدني إذ تقول : " وملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها ، علواً أو عمقاً " . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص الأخير : " ملكية الأرض تشمل السطح وما فوقه علواً وما تحته عمقاً إلى الحد الذي يصلح للاستعمال . . . وتأسيساً على هذا المبدأ أورد المشروع نصين . . . يقرر في الثاني أن كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض ، أقامه على نفقته ويكون مملوكاً له " ( [399] ) . وعلى ذلك إذا قامت منشآت فوق الأرض أو تحتها ، فالمفروض أنها مملوكة لصاحب الأرض وأنه هو الذي أقامها على نفقته ، ولا يجوز في خصومة بينه وبين شخص آخر يدعي ملكية هذه المنشآت أن يطالب بإقامة الدليل على ذلك . كذلك إذا رفع شخص دعوى استحقاق على الحائز لأرض أقيم فيها منشآت ، وقدم الدليل على ملكيته للأرض ، فهذا الدليل وحده يكفي لافتراض أنه يملك المنشآت أيضاً دون أن يطالب بإقامة دليل غير الدليل الذي قدمه على ملكيته للأرض .
ويتبين كذلك من النص سالف الذكر ، في فقرته الثانية ، أن القرينة القانونية التي أقامتها الفقرة الأولى على النحو المتقدم قرينة قابلة لإثبات العكس . فيجوز للخصم الذي يدعي ملكية المنشآت دون الأرض أن يدحض هذه القرينة القانونية بتقديم الدليل على أن المنشآت مملوكة له ، فيقع عبء الإثبات عليه دون صاحب الأرض ( [400] ) . ويجوز له أن يثبت ملكيته للمنشآت أياً كانت قيمتها بجميع الطرق ويدخل فيها البينة والقرائن ، إذا كانت الواقعة التي يدعيها سبباً لكسب هذه الملكية واقعة مادية لا تصرفاً قانونياً ، كما إذا أدعى أنه هو الذي أقام المنشآت على نفقته . أما إذا أدعى أن سبب كسب ملكيته للمنشآت هو تصرف قانوني ، كما إذا أدعى أن هناك اتفاقاً بينه وبين صاحب الأرض يخوله ملكية المنشآت أو يخوله الحق في إقامة المنشآت وتملكها ، فلا يجوز له أن يثبت هذا التصرف القانوني إلا وفقاً للقواعد المقررة في إثبات التصرفات القانونية ، أي بالكتابة أو بما يقوم مقامها فيما تجاوز قيمته عشرة جنيهات .
ونرى من ذلك أن الدليل العكسي الذي يقدمه من يدعي ملكية المنشآت إما أن يكون تصرفاً قانونياً أو واقعة مادية . وقد أجازت الفقرة الثانية من المادة 922 مدني سالفة الذكر صراحة ، كمثل للتصرف القانوني ، أن يقيم أجنبي الدليل على أن صاحب الأرض قد خوله ملكية المنشآت . ويتحقق ذلك إذا أثبت الأجنبي أن هناك اتفاقاً بينه وبين صاحب الأرض يخوله الحق في إقامة المنشآت وتملكها ، فيكون هو لا صاحب الأرض الذي أقام المنشآت على نفقته وتملكها بموجب هذا الاتفاق . وتنص المادة 803 / 3 مدني تأكيداً لذلك : " يجوز بمقتضى القانون أو الاتفاق أن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها أو ما تحتها " . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا $ 263 $ الصدد : " ويجوز بالاتفاق تملك ما فوق السطح أو ما تحته مستقلاً عن السطح نفسه ولا يعتبر هذا الاتفاق مخالفاً للنظام العام ، وما . . . حق الحكر وحق التعلي إلا ضروب مختلفة من ملكية ما فوق السطح " ( [401] ) . ويلاحظ أنه إذا تملك الأجنبي المنشآت المقامة في الأرض بموجب اتفاق بينه وبين صاحب الأرض ، فإنه لا يكون هناك مجال لإعمال حكم الالتصاق كسبب لكسب الملكية ، وتبقى ملكية الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها وما تحتها كما يقول النص ، ولا يحق لصاحب الأرض أن يطالب بملكية المنشآت عن طريق الالتصاق على خلاف الاتفاق الذي تم بينه وبين صاحب المنشآت .
وأجازت الفقرة الثانية من المادة 922 مدني سالفة الذكر صراحة أيضاً . كمثل للواقعة المادية ، أن يقيم الأجنبي الدليل على أنه هو الذي أقام المنشآت على نفقته دون سابق اتفاق مع صاحب الأرض . ولكن هنا يقوم الالتصاق سبباً لكسب الملكية ، ومتى أقام الأجنبي الدليل على أنه هو الذي أقام المنشآت على نفقته ، فإن صاحب الأرض يتملك المنشآت بالالتصاق ( [402] ) في مقابل دفع تعويض للأجنبي .
97 - صور ثلاث لتملك صاحب الأرض المنشآت بالالتصاق : وإذا أقام الأجنبي الدليل على أنه هو الذي أقام المنشآت على نفقته ، أو أقام الدليل على أن صاحب الأرض هو غير صاحب المنشآت لأن الأجنبي هو الذي كان يملك المواد التي أقيمت المنشآت بها ، فلا يخلو من أن يكون في إحدى صور ثلاث :
الصورة الأولى : أن يكون صاحب الأرض هو الذي أقام المنشآت في أرضه بأدوات مملوكة للأجنبي ، فيكون صاحب الأرض هو الباني ( [403] ) بأدوات غيره .
الصورة الثانية : أن يكون الأجنبي هو الذي أقام المنشآت في الأرض بمواد مملوكة له ، فيكون صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره .
الصورة الثالثة : أن يكون الأجنبي هو الذي أقام المنشآت في الأرض بمواد مملوكة لشخص ثالث ، فيكون الباني قد بنى في أرض غيره وبأدوات غيره .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " بعد أن قررت المادة . . . قرينة في صالح مالك الأرض هي أنه مالك لما فوقها وما تحتها ، أصبح عبء الإثبات على من يدعى ملكية بناء أو غراس أو منشآت أخرى والأرض ليست له . فإذا أقام الدليل على أن صاحب الأرض هو غير صاحب المنشآت ، فلا تخلو الحال من أ؛د فروض ثلاثة : إما أن يكون صاحب الأرض هو الباني بأدوات غيره ، وإما أن يكون صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره ، وإما أن يكون الباني قد بنى في أرض غيره وبأدوات غيره " ( [404] ) . وفي هذه الصور الثلاث جميعاً يملك صاحب الأرض المنشآت بالالتصاق ، سواء كان هو الذي بنى بمواد غيره في أرضه ، أو كان الباني أجنبياً قد بنى في أرضه بمواد مملوكة للأجنبي أو مملوكة لشخص ثالث . وفي جميع الأحوال يجب على صاحب الأرض ، في مقابل تملكه للمنشآت ، أن يعوض صاحبها وفقاً للأحكام التي سيأتي بيانها ، وهي أحكام تقوم في أساسها على مبدأ الإثراء بلا سبب ( [405] ) .
وقبل أن نعرض بالتفصيل لكل من الصور الثلاث التي قدمناها لكسب صاحب الأرض للمنشآت بطريق الالتصاق ، نذكر أنه يجب لتحقق الالتصاق سبباً لكسب ملكية المنشآت أن تكون هذه المنشآت قد اندمجت في الأرض اندماجاً تاماً وأصبحت بهذا الاندماج عقاراً بطبيعته . أما مجرد وضع منقول في أرض الغير دون أن يندمج في الأرض فيصبح عقاراً بطبيعته ، فلا يكفي لأن يتملك صاحب الأرض المنقول بالالتصاق . وحتى لو خصص صاحب الأرض المنقول لخدمة الأرض أو استغلالها ، فإن هذا لا يكفي أيضاً لجعل المنقول عقاراً بالتخصص ، إذ يجب ليكون المنقول عقاراً بالتخصيص أن يكون مالك الأرض هو مالك المنقول ، وهنا قد اختلف المالك . فيستطيع إذن صاحب المنقول أن يسترده من صاحب الأرض ، ولا يستطيع هذا الأخير أن يدعي ملكيته بطريق الالتصاق . وذلك ما لم يكن صاحب الأرض حسن النية في حيازته للمنقول ، فعندئذ يتملك المنقول بالحيازة ، وعندئذ يجوز أن يكون المنقول عقاراً بالتخصيص لاتحاد المالك . ولكن إذا كان صاحب الأرض قد تملك المنقول هنا ، فإنما يتملكه بالحيازة كما قدمنا لا بالالتصاق ، لأن المنقول لم يصبح عقاراً بطبيعته ( [406] ) .
ويجب أيضاً ، حتى يتحقق التملك بالالتصاق ، ألا يكون هناك اتفاق بين صاحب الأرض وصاحب المنشآت على مصير هذه المنشآت . فإذا وجد اتفاق صريح أو ضمني ، امتنع التحدي بقواعد الالتصاق ( [407] ) .
المطلب الأول
الصورة الأولى – صاحب الأرض هو الباني بأدوات غيره
98 - نص قانوني : تنص المادة 923 مدني على ما يأتي :
" 1 - يكون ملكاً خالصاً لصاحب الأرض ما يحدثه فيه من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يقيمها بمواد مملوكة لغيره ، إذا لم يكن ممكناً نزع هذه المواد دون أن يلحق هذه المنشآت ضرر جسيم ، أو كان ممكناً نزعها ولكن لم ترفع الدعوى باستردادها خلال سنة من اليوم الذي يعلم فيه مالك المواد أنها اندمجت في هذه المنشآت " .
" 2 - فإذا تملك صاحب الأرض المواد ، كان عليه أن يدفع قيمتها مع التعويض إن كان له وجه . أما إذا استرد المواد صاحبها فإن نزعها يكون على نفقة صاحب الأرض " ( [408] ) .
ويقابل هذا النص المادة 64 من التقنين المدني الوطني السابق ( [409] ) .
ويقابل في التقنينات المدينة العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 887 – وفي التقنين المدني الليبي م 927 – وفي التقنين المدني العراقي م 118 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 214 ( [410] ) .
ويخلص من هذا النص أن صاحب الأرض إذا بنى بأدوات غيره يملك المنشآت التي بناها على التفصيل الذي سنذكره ، وعليه أن يعوض صاحب الأدوات عن ملكية الأدوات التي فقدها . على أنه يجب التمييز في ذلك بين ما إذا كان صاحب الأرض حسن النية ، أو كان سيء النية ، ثم إن الذي يملكه صاحب الأرض بالالتصاق هي أدوات البناء ، أما غير أدوات البناء كتمثال يدمجه في البناء فإنه لا يملكه بالالتصاق ، ونفصل الآن ما أجملناه .
99 - صاحب الأرض حسن النية : إذا كان صاحب الأرض ، وهو يبني بأدوات غيره ، حسن النية أي يعتقد أن هذه الأدوات هي ملك له ، فيغلب أن يكون قد تملكها فلعاً بالحيازة . وعلى ذلك لا يكون في حاجة إلى أن يتملكها بالالتصاق ، ويكون قد بنى في أرضه بأدوات مملوكة له ، فتكون المنشآت ملكاً له ، وتسري عليها أحكام الحيازة لا أحكام الالتصاق ( [411] ) .
وقد يكون صاحب الأرض متعقداً أن الأدوات مملوكة له فيتوافر عنده حسن النية ، ولكن لايتوافر عنده السبب الصحيح ، كما لو كان حائزاً للأدوات بسبب ظني لا وجود له ، أو تكون الأدوات مسروقة أو ضائعة . فعندئذ لا تتوافر شروط القاعدة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية ، ولا يتملك صاحب الأرض الأدوات بالحيازة . ويكون في هذه الحالة قد بنى في أرضه بأدوات مملوكة لغيره بالرغم من حسن نيته ، فإذا ما أقام المنشآت تلمكها لا بالحيازة بل بالالتصاق ، ويستوي في ذلك هو وصاحب الأرض سيء النية ( [412] ) .
100 – صاحب الأرض سيء النية : أما إذا كان صاحب الأرض سيء النية بأن كان يعلم أن الأدوات غير مملوكة له ، أو كان حسن النية ولكن لم يتوافر عنده السبب الصحيح ليتملك الأدوات بالحيازة على النحو الذي قدمناه ، فإنه يجب التمييز بين فرضين ( [413] ) .
( الفرض الأول ) ألا يكون ممكناً نزع الأدوات دون أن يلحق بالمنشآت ضرر جسيم ( [414] ) ، كأن تكون هذه الأدوات طوباً أو جبراً أو جبساً أو دهاناً أو نحو ذلك ، وهذا هو الفرض الغالب . وفي هذا الفرض يتملك صاحب الأرض الأدوات بمجرد إدماجها في الأرض بحيث تصبح عقاراً بطبيعته ، وسبب كسب الملكية هنا هو الالتصاق . ومتى تملك صاحب الأرض الأدوات بالالتصاق على هذا النحو ، فإنه لا يفقد ملكيتها إلا بسبب جديد من أسباب نقل الملكية . وعلى ذلك لو هدمت المنشآت بعد أن اندمجت في الأرض ، سواء كان ذلك بحادث فجائي أو بفعل صاحب الأرض ، فإن صاحب الأدوات لا يستعيد ملكيتها ، سواء كان قد أخذ التعويض عنها من صاحب الأرض أو كان لم يأخذه بعد ، وسواء عرض رد التعويض إذا كان قد أخذه أو لم يعرض رده ( [415] ) .
وما دام صاحب الأرض يتملك الأدوات بالالتصاق على النحو الذي ذكرناه ، فإنه يكون ملتزماً بالتعويض نحو صاحب هذه الأدوات . فعليه أولاً أن يدفع له قيمتها ، ويبدو أن القيمة تقدر وقت انتقال ملكية الأدوات لصاحب الأرض ، أي وقت إدماج الأدوات في الأرض وصيرورتها عقاراً بطبيعته ( [416] ) . وعليه فوق ذلك أن يدفع لصاحب الأدوات تعويضاً عما عسى أن يكون قد أصابه من ضرر بسبب عدم استرداده للأدوات التي كانت مملوكة له ، كما لو كان في حاجة إلى هذه الأدوات وتسبب عن تأخره في استبدال غيرها بها ضرر له ( [417] ) . وليس من الضروري لاستحقاق التعويض أن يكون صاحب الأرض قد أدمج الأدوات في الأرض " بطريق الغش والتدليس " كما كان التقنين المدني الوطني السابق يشترط ، ويكفي أن يكون هناك خطأ في جانب صاحب الأرض ولو لم يصل هذا الخطأ إلى حد الغش والتدليس ، فإن المادة 923 / 2 مدني تلزم صاحب الأرض بدفع التعويض " إن كان له وجه " . وغني عن البيان أن التعويض يزيد في حالة ما إذا كان صاحب الأرض سيء النية يعلم أن الأدوات غير مملوكة له ، عما إذا كان حسن النية يعتقد أن الأدوات مملوكة له وكنه لم يتملكها بالحيازة لعدم توافر السبب الصحيح . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صديد هذا التعويض : " . . . . . ودفع ( صاحب الأرض ) تعويضاً لصاحب الأدوات يزيد إذا كان صاحب الأرض سيء النية " ( [418] ) . وواضح أن ما يلتزم به صاحب الأرض لصاحب الأدوات من دفع قيمة الأدوات والتعويض ليس تطبيقاً دقيقاً لمبدأ الإثراء بلا سبب ، فإن هذا المبدأ كان يقضي بأن يدفع صاحب الأرض أقل القيمتين ، قيمة ما أثرى به وقيمة ما افتقر به صاحب الأدوات . ومن ثم يكن التزام صاحب الأرض بدفع قيمة الأدوات التزاماً مصدره القانون لا مبدأ الإثراء بلا سبب ، وتكون مدة تقادمه خمس عشرة سنة لا ثلاث سنوات ( [419] ) . أما التزامه بدفع التعويض فمصدره العمل غير المشروع ، ويتقادم بثلاث سنوات وفقاً للقواعد المقررة في تقادم الالتزامات التقصيرية .
( الفرض الثاني ) أن يكون ممكناً نزع الأدوات دون أن يلحق المنشآت ضرر جسيم ( [420] ) ، كأن تكون الأدوات أبواباً وضعها صاحب الأرض في البناء أو أدوات صحية ألصقها به أو بلاطاً ألصقه بأرضيته أو خشباً من " الباركيه " غطى به أرضية الغرف ، فإن هذه الأدوات وأمثالها يمكن نزعها من البناء دون أن يلحقه من هذا النزع ضرر جسيم . وفي هذا الفرض لا يتملك صاحب الأرض الأدوات بمجرد إدماجها في الأرض ، بل تبقى على ملك صاحبها . ويستطيع هذا المطالبة بنزعها من الأرض واستردادها ، بشرط أن يرفع دعوى الاسترداد في خلال سنة من اليوم الذي يعلم فيه أنها اندمجت في المنشآت ، والعلم بذلك واقعة مادية يجوز لصاحب الأرض إثباتها بجميع الطرق . فإذا رفع صاحب الأدوات دعوى الاسترداد في هذا الميعاد ، كان له أن يسترد الأدوات فقد بقيت على ملكه كما قدمنا . ويلتزم صاحب الأرض بنفقة نزع الأدوات ، ويلتزم كذلك بتعويض صاحب الأدوات إن كان لهذا التعويض محل ( [421] ) ، ويستوي في كل ذلك أن يكون صاحب الأرض سيء النية أو حسن النية ولكنه لم يتملك الأدوات بالحيازة لعدم توافر السبب الصحيح ( [422] ) .
أما إذا انقضت السنة دون أن يرفع صاحب الأدوات دعوى باستردادها ، فإنه لا يستطيع استردادها بعد ذلك ( [423] ) ، ويتملكها صاحب الأرض بالالتصاق ( [424] ) . وتكون ملكية صاحب الأرض للأدوات بطريق الالتصاق إذن ملكية معلقة على شرط واقف ، هو ألا يرفع صاحب الأدوات دعوى الاسترداد في خلال السنة . وهذا الشرط هو نفسه شرط فاسخ بالنسبة إلى صاحب الأدوات ، فهو يملكها ملكية معلقة على شرط فاسخ هو ألا يرفع دعوى الاسترداد في خلال السنة . فإذا تحقق الشرط ولم يرفع صاحب الأدوات دعوى الاسترداد في خلال السنة ، أصبح صاحب الأرض مالكاً بحكم الالتصاق للأدوات منذ إدماجها في الأرض بفضل الأثر الرجعي لتحقق الشرط الواقف واعتبرت ملكية صاحب الأدوات لهذه الأدوات منذ إدماجها في الأرض كأنها لم تكن بفضل الأثر الرجعي لتحقق الشرط الفاسخ . وإذا أصبحت ملكية صاحب الأرض للأدوات ملكية نافذة باتة بتحقق الشرط الواقع ، وجب عليه أن يدفع قيمة الأدوات لصاحبها وأن يدفع له تعويضاً إن كان للتعويض محل ، وذلك كله على التفصيل الذي سبق أن بسطناه في الفرض الأول . وغني عن البيان أن صاحب الأدوات ليس في حاجة لأن ينتظر انقضاء السنة لتقاضي قيمة الأدوات والتعويض ، فإن له أن ينزل قبل ذلك عن دعواه في استرداد الأدوات ، فيستحق قيمتها والتعويض منذ نزوله عن دعواه .
101 - وضع منقول في الأرض غير أدوات البناء : والمفروض في كل ما تقدم أن الذي أدمجه صاحب الأرض في أرضه هو من أدوات البناء . أما إذا كان قد أدمج شيئاً غير أدوات البناء ، كأن أدمج تمثالاً أ وأثراً ثميناً مملوكاً للغير ، فإنه لا يتملكه بالالتصاق . ويبقى المنقول على ملكية صاحبه ، وله في أي وقت أن يسترده ولو بعد انقضاء السنة ، بل ولو أحدث نزعه ضرراً جسيماً بالبناء أو بالأرض ، وكل ذلك ما لم يكن صاحب الأرض قد تملك المنقول بالحيازة أو بالتقادم الطويل . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ومفروض فيما تقدم أن صاحب الأرض بنى بأدوات بناء . أما إذا كان قد أدخل في بنائه تمثالاً أو أثراً ثميناً أو نحو ذلك مما لا يعتبر من أدوات البناء ، فلا يتملكه بالالتصاق مطلقاً . بل يجب نزعه في أي وقت يطلب صاحب التمثال أو الأثر فيه ذلك ، ولو بعد السنة ، بل ولو أحدث النزع ضرراً جسيماً بالبناء " ( [425] ) .
المطلب الثاني
الصورة الثانية – صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره
102 – قروض مختلفة : نواجه في هذه الصورة الثانية وضعاً عكسياً للوضع السابق ، ففي الوضع السابق واجهنا صاحب الأرض يبني بأدوات غيره ، وفي هذا الوضع نواجه صاحب الأدوات يبني في أرض غيره . والوضع في هذه الصورة الثانية هو الأكثر وقوعاً في العمل ، فقبل أن نجد مالكاً يبني في أرضه بأدوات غيره ، ولكن كثيراً ما نجد أجنبياً يبني بأدواته في أرض غيره .
وأول الفروض التي تقع لنا في هذه الصورة الثانية أن يكون للأرض حائز لا يملكها ، ويقيم فيها منشآت ، ثم يرفع مالك الأرض دعوى استحقاق على الحائز ، فيسترد منه الأرض . وفيما يتعلق بالمنشآت التي أقامها الحائز ، يقضي القانون بأنها تكون ملكاً لصاحب الأرض ، وقد تملكها بطريق الالتصاق ، وعليه أن يعوض صاحب المنشآت . ويختلف التعويض بحسب ما إذا كان الحائز سيء النية أو حسن النية ، فعندنا إذن فرضان : فرض ما إذا كان الباني سيء النية يعلم أن الأرض مملوكة لغيره ، وفرض ما إذا كان الباني حسن النية يعتقد أن له الحق في إقامة المنشآت . والأحكام التي تسري على هذين الفرضين هي الأحكام العامة في الالتصاق في صورته الثانية .
وليس الأمر مقصوراً على الحائز يبني في أرضه غيره فترفع عليه دعوى الاستحقاق وتسترد منه الأرض والمنشآت ( tiers evince ) ، بل إن النصوص عبارتها عامة تشمل كل شخص يقيم منشآت في أرض مملوكة لغيره ( [426] ) . ويستوي في ذلك أن يكون الباني حائز الأرض بنية التملك أو يكون حائزاً لها حيازة عرضية ، كما يستوي أن تكن هناك علاقة تعاقدية بين صاحب الأرض والباني أو أن تكون هذه العلاقة غير موجودة . ومن ثم تسري أحكام الالتصاق في الفروض الآتية : ( 1 ) فرض ما إذا رخص صاحب الأرض للباني في البناء . ( 2 ) فرض ما إذا بني المنتفع في الأرض المنتفع بها . ( 3 ) فرض ما إذا بني المالك ثم أبطلت ملكيته أو فسخت ، ( 4 ) فرض ما إذا بني البائع في الأرض المبيعة قبل تسجيل عقد البيع ، أو بني المشتري في هذه الأرض قبل التسجيل . ففي هذه الفروض ج ميعاً ، إذا تملك صاحب الأرض المنشآت بطريق الالتصاق ، وجب عليه أن يدفع تعويضاً لصاحب المنشآت . وقد جعل القانون ، من جهة ، ضماناً لصاحب المنشآت هو حق حبسها حتى يستوفي التعويض ، ويسر ، من جهة أخرى ، على صاحب الأرض أداء التعويض بأن أجاز للقاضي أن يجعل الأداء على أقساط دورية .
على أن أحكام الالتصاق لا تسري في الفروض التي وردت فيها نصوص صريحة مخالفة لهذه الأحكام ، إذ يجب عندئذ تطبيق هذه النصوص الصريحة دون أحكام الالتصاق . ونذكر من هذه الفروض الثلاثة : ( 1 ) فرض ما إذا بنى المستأجر في العين المؤجرة . ( 2 ) فرض ما إذا بنى المشتري في العقار المشفوع فيه . ( 3 ) فرض ما إذا بنى المحتكر في الأرض المحكرة .
ويبقى بعد ذلك أن نستبعد فرضين لا ينطبق عليهما أحكام الالتصاق : ( 1 ) فرض ما إذا بني المالك في الشيوع في الأرض الشائعة . ( 2 ) فرض ما إذا بنى الفضولي أو الوكيل في أرض رب العمل أو الموكل ( [427] ) .
واستثنى القانون أخيراً من أحكام الالتصاق فرضين : ( 1 ) فرض ما إذا جاز الباني حبسن نية على جزء صغير من الأرض الملاصقة . ( 2 ) فرض المنشآت الصغيرة المقامة في أرض الغير لا على سبيل الدوام .
فهذه جملة من المسائل قد تجمعت تحت الصورة الثانية التي نحن بصددها ، والتي هي الصورة الأكثر وقوعاً في العمل كما قدمنا . فنبحث هذه المسائل على التعاقب تحت العناوين الآتية : ( 1 ) الأحكام العامة في الالتصاق في صورته الثانية . ( 2 ) فروض أخرى تسري عليها الأحكام العامة للالتصاق في صورته الثانية . ( 3 ) أداء التعويض لصاحب المنشآت . ( 4 ) فروض وردت فيها أحكام خاصة غير أحكام الالتصاق . ( 5 ) فروض تستبعد أصلاً من نطاق أحكام الالتصاق . ( 6 ) فروض تستثني من أحكام الالتصاق .
1 - الأحكام العامة في الالتصاق في صورته الثانية
103 – الباني سئ النية بعلم أن الأرض مملوكة لغيره – نص قانوني تنص المادة 924 مدني على ما يأتي :
" 1 - إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض ، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه ، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت ، أو أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة ، أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت " .
" 2 - ويجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إذا كان ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً ، إلا إذا اختار صاحب الأرض أن يستبقى المنشآت طبقاً لأحكام الفقرة السابقة " ( [428] ) .
والنص جاء في عبارات عامة تشمل كل شخص يقيم منشآت في أرض غيره بمواد من عنده ، وهو يعلم أن الأرض غير مملوكة له . ونقتصر هنا على تطبيقه في أحد فروضه ، هو الفرض الذي يكون فيه الباني في أرض غيره حائزاً للأرض بنية تملكها ، وترفع عليه دعوى استحقاق من مالك الأرض ، فيسترد هذا الأخير الأرض والمنشآت طبقاً للقواعد التي سنذكرها فيما بعد . وهذه القواعد هي الأحكام العامة في الالتصاق فيما يتعلق بالباني في أرض غيره بمواد من عنده وهو يعلم أن الأرض غير مملوكة له ، نوردها هنا ، على أن نطبقها بعد ذلك في فروض أخرى مختلفة غير فروض الحائز للأرض بنية تملكها .
ونفرض الآن أن شخصاً وضع يده على أرض مملوكة لغيره باعتبار أنه المالك ، وقد أقام منشآت في هذه الأرض بمواد من عنده . ونفرض أن مالك الأرض رفع دعوى الاستحقاق على الحائز واسترد الأرض ، فعند ذلك تأتي مسألة المنشآت . ويفترض بادئ ذي بدء ، أن الحائز حسن النية وقت أن أقام المنشآت ، فإذا أدعى مالك الأرض أنه سيء النية ، أي يعلم وقت أن أقام المنشآت أن الأرض مملوكة لغيره وقد أقام المنشآت دون رضاء مالك الأرض ، فعلى هذا الأخير يقع عبء الإثبات ( [429] ) . وعلى ذلك يجب على مال الأرض أن يثبت سوء من أقام المنشآت ، كأن يثبت أن هذا الأخير قد اغتصب الأرض ، أو أنه حازها في مبدأ الأمر وهو حسن النية بأن اعتقد أنه وارث لها أو أنها آلت إليه عن طريق الوصية ثم كشف بعد ذلك أنه غير وارث أو أن الوصية باطلة أو عدل عنها الموصي ومع ذلك بقى حائزاً للأرض وأقام فيها المنشآت وهو يعلم أنها غير مملوكة له ( [430] ) .
ففي هذا الفرض ، عندما يسترد مالك الأرض أرضه وتأتي مسألة المنشآت التي أقامها الحائز ، يضع القانون في هذه المسألة قواعد مفصلة ، يستخلص منها أنه يجب التمييز بين عهدين :
( العهد الأول ) السنة التي تبدأ من اليوم الذي يعلم فيه مالك الأرض بإقامة المنشآت ، وعبء إثبات العلم هنا يقع على صاحب المنشآت ، وله أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات لأن العلم واقعة مادية . ففي خلال هذه السنة يكون صاحب الأرض بالخيار بين أمرين : الأمر الأول أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها ، ويطلب منه فوق ذلك التعويض عما عسى أن تحدثه إزالة المنشآت من ضرر بالأرض ، وذلك جزاء سوء نية من أقام المنشآت فقد أقامها في الأرض وهو يعلم أنها غير مملوكة له . وفي هذه الحالة يهدم صاحب المنشآت فقد أقامها في الأرض وهو يعلم أنها غير مملوكة له . وفي هذه الحالة يهدم صاحب المنشآت منشآته ويأخذها أنقاضاً بعد أن يدفع مصروفات الهدم ، ولا محل هنا لإعمال الالتصاق سبباً لكسب الملكية فقد أزيلت المنشآت ولم يتملكها صاحب الأرض ( [431] ) . والأمر الثاني ، إذا لم يطلب صاحب الأرض إزالة المنشآت ، فله أن يعلن في خلال السنة إرادته في استبقاء المنشآت في الأرض ، وعند ذلك يتملكها بالالتصاق ( [432] ) . وعليه أن يدفع تعويضاً لصاحب المنشآت أقل القيمتين : ( 1 ) قيمها مستحقة الإزالة ، فقد كان من حقه أن يطلب إزالتها فله أن يستبقيهما مستحقة الإزالة ، أي أنه يدفع قيمة الأنقاض منقوصاً منها مصروفات الهدم . ( 2 ) قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت ، وتقدر هذه القيمة بخبير عند الاقتضاء ( [433] ) ، وتمثل المقدار الذي اغتنى به صاحب الأرض بسبب إقامة المنشآت ( [434] ) . ويلاحظ ، أولاً ، أننا قد انحرفنا عن قواعد الإثراء بلا سبب ، فقد كانت هذه القواعد تقضي على صاحب الأرض بأن يدفع أقل القيمتين ، قيمة ما اغتنى به هو وقيمة ما افتقر به صاحب المنشآت . وهو هنا يدفع أقل القيمتين : قيمة ما اغتنى به هو وقيمة الأنقاض بعد هدم المنشآت . وهذه القيمة الأخيرة تكون عادة أقل من قيمة ما افتقر به صاحب المنشآت ، إذ أن هذه القيمة الأخيرة هي قيمة المواد وأجرة العمل . فيكون صاحب المنشآت قد عوامل معاملة أسوأ مما تقضي به قواعد الإثراء بلا سبب ، وذلك كما قدمنا جزاء له على سوء نيته ( [435] ) . وعلى ذلك يكون التزام صاحب الأرض بدفع أقل القيمتين على النحو الذي قدمناه ليس مصدره الإثراء بلا سبب ، بل مصدره هو القانون فهو الذي قضى بذلك ، وتكون مدة تقادم هذا الالتزام خمس عشرة سنة كما هو الأمر في الالتزامات الناشئة من القانون ، لا ثلاث سنوات وهي مدة تقادم الالتزامات الناشئة من الإثراء بلا سبب ( [436] ) ، ويلاحظ ، ثانياً ، أن تخيير صاحب الأرض بين دفع قيمة الأنقاض بعد هدم المنشآت وقيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت يستفاد منه أن قيمة ما زاد في ثمن الأرض قد تكون أقل من قيمة الأنقاض ، فيختار صاحب الأرض دفعها دون دفع قيمة الأنقاض . ولا يتصور أن تكون قيمة الأنقاض أكبر من قيمة زيادة ثمن الأرض إلا إذا افترضنا أن مواد البناء قد علا سعرها لظروف استثنائية ، فأصبح نزع القديم منها كالأبواب والشبابيك والأدوات اصحية ونحوها يعود بقيمة أكبر من قيمة بقائها في الأرض وما ينتج عن ذلك من زيادة ثمن الأرض . وهذا الافتراض لايتحقق ، كما قدمنا ، إلا في ظروف استثنائية محضة .
وفي خلال السنة أيضاً ، وفي الوقت الذي يكون فيه لصاحب الأرض الخيار الذي قدمناه ، تقضي الفقرة الثانية من المادة 924 مدني ، كما قدمنا ، بأنه " يجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إن كان ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً ، إلا إذا اختار صاحب الأرض أن يستبقى المنشآت طبقاً لأحكام الفقرة السابقة " . ويخلص من ذلك أن صاحب المنشآت يستطيع ألا ينتظر سنة كاملة حتى يستعمل صاحب الأرض خياره ، إذ يستطيع هو منذ البداية دون أن ينتظر انقضاء السنة أن يبادر إلى طلب نزع المنشآت ، فيجبر بذلك صاحب الأرض على قبول نزع المنشآت أو على استعمال خياره في استبقائها مع دفع أقل القيمتين على النحو الذي قدمناه . ولكن يشترط في ذلك أن يكن نزع المنشآت ليس من شأنه أن يلحق ضرراً بالأرض ، وإلا حملنا هذا الضرر لصاحب الأرض دون مسوغ إذا هو اضطر أن يقبل نزع المنشآت دون أن يطلب استبقاءها . وعلى هذا النحو يكون وضع الطرفين في خلال السنة على الوجه الآتي : لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة أو الاستبقاء مع دفع أقل القيمتين ، وكذلك لصاحب المنشآت أن يطلب الإزالة إذا كانت لا تلحق بالأرض ضرراً فيجبر بذلك صاحب الأرض على قبول الإزالة أو على استبقاء المنشآت مع دفع أقل القيمتين وذلك منذ البداية وقبل انقضاء السنة .
( العهد الثاني ) عند انقضاء السنة . فإذا انقضت السنة دون أن يختار صاحب الأرض الإزالة أو يعلن إرادته في الاستبقاء ( [437] ) ، ودون أن يطلب صاحب المنشآت نزعها إذا كان النزع لا يلحق بالأرض ضرراً ، فإن المنشآت تبقي في الأرض ، ويتملكها صاحب الأرض بالالتصاق . ويجبر صاحب الأرض على استبقائها لأنه لا يستطيع طلب الإزالة بعد أن انقضت السنة ( [438] ) ، كما يجر على دفع أقل القيمتين على النحو الذي قدمناه .
ولكن يلاحظ أن الفقرة الثانية من المادة 924 مدني ، عندما أجازت لصاحب المنشآت طلب نزعها إذا كان النزع لا يلحق بالأرض ضرراً ، لم تحدد ميعاداً لهاذ الطلب ، كما حددت الفقرة الأولى من المادة نفسها ميعاد سنة لصاحب الأرض في طلب الإزالة . وعلى ذلك يبدو أنه يجوز لصاحب المنشآت حتى بعد انقضاء السنة ، طلب نزعها إذا كان النزع لا يلحق بالأرض ضرراً . وعند ذلك يكون صاحب الأرض مخيراً بين قبول النزع أو استبقاء المنشآت مع دفع أقل القيمتين . أما إذا لم يطلب صاحب المنشآت نزعها بعد انقضاء السنة وطالب صاحب الأرض بدفع التعويض ، فإن هذا الأخير يكون مجبراً على دفع أقل القيمتين لصاحب المنشآت ( [439] ) .
وتكون ملكية صاحب الأرض للمنشآت بطريق الالتصاق إذن ملكية معلقة على شرط واقف ، هو ألا ننزع المنشآت من الأرض ، لا بناء على طلب صاحب الأرض في خلال السنة وليس هذا شرطاً إرادياً محضاً لأن الأمر لا يتوقف على محض إرادة صاحب الأرض بل تختلط بإرادته ظروف تكيف من هذه الإرادة ، ولا بناء على طلب صاحب المنشآت في أي وقت واستجابة صاحب الأرض لهذا الطلب . فإذا لم تنزع المنشآت من الأرض ، تحقق الشرط الواقف ، وأصبحت ملكية صاحب الأرض للمنشآت بطريق الالتصاق ملكية نافذة باتة ، وكان لتحقق الشرط أثر رجعي فتستند ملكية صاحب الأرض للمنشآت إلى وقت إدماجها في الأرض .
104 – الباني حسن النية يعتقد أن لـ الحق في إقامة المنشآت – نص قانوني : تنص المادة 925 مدني على ما يأتي :
" 1 - إذا كان من أقام المنشآت المشار إليها في المادة السابقة يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامتها ، فلا يكون لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة ، وإنما يخير بين أن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل أو أن يدفع مبلغاً يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت ، هذا ما لم يطلب صاحب المنشآت نزعها " .
" 2 - إلا أنه إذا كانت المنشآت قد بلغت حداً من الجسامة يرهق صاحب الأرض أن يؤدي ما هو مستحق عنها ، كان له أن يطلب تمليك الأرض لمن أقام المنشآت نظير تعويض عادل " ( [440] ) .
وهنا أيضاً جاء النص في عبارات عامة تشمل كل شخص يقيم منشآت في أرض غيره بمواد من عنده ، وهو يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامتها : ولكننا نقتصر ، كما اقتصرنا في المادة السابقة ، على تطبيق النص في أحد فروضه ، هو الفرض الذي يكون فيه الباني في أرض غيره حائزاً للأرض بنية تملكها ، وترفع عليه دعوى استحقاق من مالك الأرض ، فيسترد هذا الأخير الأرض والمنشآت طبقاً للقواعد التي سنذكرها فيما بعد . وهذه القواعد هي الأحكام العامة في الالتصاق فيما يتعلق بالباني حسن النية ، وتكمل الأحكام التي سبق أن أوردناها في خصوص الباني سيء النية ، وسنطبق هذه الأحكام جميعاً ، فيما يتعلق بالباني حسن النية كان أو سيئها ، في فروض أخرى مختلفة غير فرض الحائز للأرض بنية تملكها كما سبق القول ( [441] ) .
ونفرض هنا ، كما فرضنا فيما تقدم ( [442] ) ، أن شخصاً وضع يده على أرض مملوكة لغيره باعتبار أنه المالك ، وقد أقام منشآت في هذه الأرض بمواد من عنده . ونفرض أن مالك الأرض رفع دعوى استحقاق على الحائز ، واسترد الأرض . والمفروض أن الحائز حسن النية وقت أن أقام المنشآت ، إلا إذا أثبت صاحب الأرض أنه سيء النية كما قدمنا ( [443] ) . ومعنى حسن النية هنا أن يعتقدا الباني أن له الحق في إقامة المنشآت ، وليس معناه حتماً أنه يعتقد أنه يملك الأرض ( [444] ) . فإذا أثبت صاحب الأرض أن الباني كان يعلم وقت أن أقام المنشآت أنه لا يملك الأرض ، فإن ذلك لا يكون قاطعاً في إثبات سوء نيته ( [445] ) ، إذ يبقى بعد ذلك أن يثبت الباني أنه بالرغم من علمه بعدم ملكيته للأرض كان يعتقد وقت أن أقام املنشآت أن له الحق في إقامتها ( [446] ) . مثل ذلك أن يثبت أنه رخص له من صاحب الأرض في إقامة المنشآت ( [447] ) ، أو أنه منتفع رخص له مالك الرقبة في البناء على الأرض المنتفع بها ( [448] ) ، أو أنه مستأجر رخص له المؤجر في أن يقيم منشآت في الأرض المؤجرة دون أن يتفق معه على مصير هذه المنشآت ( [449] ) ، أو كان يعتقد أن له حق حكر يخوله البناء ( [450] ) . فإذا كان الباني حائزاً للأرض بنية تملكها ، فإن حسن نيته يتمثل عادة في اعتقاده أنه يملك الأرض ، كما لو وضع يده على أرض يعتقد أنه ملكها بالميراث أو بالوصية أو بعقد ، ولم يكن يعلم وقت أن أقام المنشآت أنه في الحقيقة غير وارث أو أن الوصية قد رجع فيها الموصي أو أن العقد باطل .
ففي هذا الفرض لا يكون لصاحب الأرض أن يطلب إزالة المنشآت ، كما كان له هذا الحق فيما إذا كان الحائز سيء النية على النحو الذي قدمناه ( [451] ) . ذلك بأننا أجزنا لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة جزاء على سوء نية الحائز ، أما هنا فالحائز حسن النية فلا يجوز لصاحب الأرض طلب الإزالة . وللحائز أن يطلب استبقاء المنشآت في الأرض ، وفي هذه الحالة يملكها صاحب الأرض بالالتصاق . وعليه أن يعوض الحائز ، وله في هذا التعويض الخيار في أن يدفع أقل القيمتين . فأما أن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل وهذه هي القيمة التي افتقر بها الحائز ، أو أن يدفع مبلغاً يساوي ثمن ما زاد في قيمة الأرض بسبب المنشآت وهذه هي القيمة التي اغتنى بها صاحب الأرض . فصاحب الأرض إذن يدفع أقل القيمتين ، قيمة ما اغتنى به وقيمة ما افتقر به الحائز . وهذا هو عين ما يدفعه طبقاً للقواعد المقررة في الإثراء على حساب الغير . ولا يجوز له أن يختار دفع قيمة المنشآت مستحقة الإزالة كما يكون له ذلك في حالة الحائز سيء النية فيما قدمناه ، لأنه ليس له أن يطلب الإزالة كما قدمنا ومن ثم لا يوجد مسوغ لدفع قيمة المنشآت مستحقة الإزالة ، ولأن هذه القيمة ( وهي قيمة أنقاض البناء منقوصاً منها مصروفات هدمه ) تكن عادة أقل بكثير من القيمتين الأخرين اللتين بخير بينهما صاحب الأرض فلا يجوز فرضه أعلى الحائز وهو حسن النية إذا جاز فرضها على الحائز سيء النية ، وإذا كان صاحب الأرض بخير ، في حالة الحائز حسن النية ، بين دفع قيمة ما اغتنى به ( زيادة قيمة الأرض ) أو دفع قيمة ما افتقر به الحائز ( قيمة الأدوات وأجرة العمل ) ، فيبدو أن ذلك ليس مجرد تطبيق لقواعد الإثراء على حساب الغير ، وإلا لما كان هناك حاجة إلى النص على ذلكن أو إذا وجد النص لاكتفى بالإحالة على هذه القواعد . ويحسن القول ، تنسيقاً لأحكام الالتصاق في مجموعها ، إن التزام صاحب الأرض بدفع تعويض للحائز وتقدير هذا التعويض بقيمة معينة ، في جميع فروض الالتصاق – حتى في الفرض الذي نحن بصدده حيث يقضي القانون بتعويض مماثل للتعويض الذي تقضي به قواعد الإثراء على حساب الغير – هو التزام مصدره القانون لا مبدأ الإثراء على حساب الغير ( [452] ) . ومن ثم يتقادم هذا الالتزام بخمس عشرة سنة لا بثلاث سنوات ، شأنه في ذلك شأن الالتزامات الأخرى التي ينشئها القانون في صدد التملك بالالتصاق ( [453] ) .
ولما كان الباني في أرض غيره في الفرض الذي نحن بصدده حسن النية ، فقد أولاه القانون رعاية خاصة في أمرين : ( الأمر الأول ) أنه أجاز له ، بدلاً من تقاضى أقل القيمتين على النحو الذي قدمناه ، أن يطلب نزع المنشآت من الأرض إذا رأى له مصلحة في ذلك . وقد تتحقق هذه المصلحة فيما إذا كان نزع المنشآت لأي نشأ عنه تلف كبير لها ، وكانت قيمتها بعد النزع أكبر مما يتقاضاه من صاحب الأرض على الوجه السابق بيانه . ولكنه يلتزم في هذه الحالة بإعادة الأرض إلى أصلها بعد نزع المنشآت منها ، أو بتعويض صاحب الأرض عما عسى أن يصيب الأرض من ضرر بسبب نزع المنشآت ( [454] ) . وإذا كان للباني حسن النية طلب نزع المنشآت على الوجه المتقدم ، فإن هذا حق لا واجب عليه ( [455] ) فليس لصاحب الأرض أن يجبره على ذلك ، وقد قدمنا أنه ليس لصاحب الأرض طلب الإزالة . ( والأمر الثاني ) ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 925 مدني فيما رأيناه من أنه " إذا كانت المنشآت قد بلغت حداً من الجسامة برهق صاحب الأرض أن يؤدي ما هو مستحق عنها ، كان له أن يطلب تمليك الأرض لمن أقام المنشآت نظير تعويض عادل " . ويلاحظ أننا لم نقف هنا عند معيار موضوعي كما وقف التقنين السوري والتقنين العراقي والقانون اللبناني ( [456] ) ، فلم نوازن بين قيمة الأرض وقيمة المنشآت ، ولم نجعل لصاحب المنشآت أن يتملك الأرض إذا كانت قيمة المنشآت أكبر من قيمة الأرض . بل أخذنا بمعيار ذاتي ، فجعلنا العبرة بالمقدرة المالية لصاحب الأرض شخصياً ، فإن كان يرهقه أن يؤدي لصاحب المنشآت ما هو مستحق له الجسامة المنشآت التي أقيمت ، كان له ، بدلاً من تملك المنشآت بالالتصاق ، أن يطلب تمليك الأرض لصاحب المنشآت ، على أن يدفع هذا له تعويضاً عادلاً عن الأرض يقدره الخبير عند الاقتضاء ( [457] ) . ويجوز للقاضي أن يجعل أداء هذا التعويض على أقساط دورية بناء على طلب صاحب المنشآت ، أسوة بسائر أنواع التعويض التي تستحق بسبب الالتصاق ( [458] ) . وقد كان نص المشروع التمهيدي في هذا الصدد يقضي ، كشرط لتمليك الأرض لصاحب المنشآت ، عدم استطاعة صاحب الأرض دفع المستحق عليه إذا هو تملك المنشآت . فعدل النص في لجنة مجلس الشيوخ واكتفى بأن الدفع مرهقاً لصاحب الأرض ، " لأن المقصود هو مجرد الإرهاق لا التثبت من عدم الاستطاعة " ( [459] ) . ويملك صاحب المنشآت الأرض ، إذا توافر شرط الإرهاق ، لا بحكم الالتصاق ، فإن الالتصاق إنما يكون سبباً لتملك لصاحب الأرض للمنشآت لا لتملك صاحب المنشآت للأرض . وإنما يملك صاحب المنشآت الأرض ويلتزم بدفع التعويض بحكم القانون ، بناء على إرادة منفردة تصدر من صاحب الأرض . وقد قصر حق تمليك الأرض لصاحب المنشآت على حالة البناء بحسن نية دون حالة البناء بسوء نية ، لأنه في حالة البناء بسوء نية يستطيع صاحب الأرض أن يتفادى الإرهاق بأن يطلب الإزالة ، في حين أنه في حالة البناء بحسن نية لا يستطيع صاحب الأرض طلب الإزالة فأعطى عوضاً عنه حق تمليك الأرض لصاحب المنشآت تفادياً للإرهاق ( [460] ) .
وإذا ملك صاحب الأرض المنشآت بالالتصاق على النحو الذي قدمناه ، فإن ملكيته هذه تكون معلقة على شرط واقف ، هو ألا يطلب صاحب المنشآت نزعها أو يطلب هو تمليك الأرض لصاحب المنشآت . فإذا تحقق الشرط الواقف ، ولم تنزع المنشآت من الأرض وبقيت الأرض على ملك صاحبها ، فإن صاحب الأرض يتملك المنشآت بالالتصاق كما قدمنا ، ويكون لتحقق الشرط أثر رجعي ، فيستند إلى الوقت الذي أدمجت فيه المنشآت في الأرض ، وقد سبق تقرير ذلك في مواضع مختلفة ( [461] ) .
2 - فروض أخرى تسري عليها الأحكام العامة للالتصاق في صورته الثانية .
105 - فرض ما إذا رخص صاحب الأرض للباني في البناء – نص قانوني : تنص المادة 926 مدني على ما يأتي :
" إذا أقام أجنبي منشآت بمواد من عنده بعد الحصول على ترخيص من مالك الأرض ، فلا يجوز لهذا المالك إذا لم يوجد اتفاق في شأن هذه المنشآت أن يطلب إزالتها . ويجب عليه ، إذا لم يطلب صاحب المنشآت نزعها ، أن يؤدي إليه أحد القيمتين المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة " ([462]).
ويخلص من هذا النص أننا نواجه هنا فرضاً يكون فيه الباني غير حائز للأرض بنية تملكها ، إذ هو قد حصل على ترخيص من صاحب الأرض في إقامة البناء . وهذا إقرار منه بأن الأرض ليست ملكه ، ولا يضع يده عليها بنية تملكها . ولكنه بالترخيص الذي حصل عليه من صاحب الأرض يكون له الحق في إقامة البناء ، ومن ثم يكون في وضع الحائز حسن النية الذي يعتقد أن له الحق في إقامة المنشآت . والمفروض أن الترخيص قد سكت عن مصير المنشآت ، فليس هناك اتفاق بين صاحب الأرض ومن أقام المنشآت على ما إذا كان صاحب الأرض يتملك هذه المنشآت ، وفي نظير أية قيمة يكون هذا التملك ، أو ما إذا كان له أو لصاحب المنشآت الحق في طلب إزالتها . وكان المثل الظاهر لهذا الوضع هو المستأجر ، يرخص له المؤجر في البناء في العين المؤجرة دون أن يتفق معه على مصير المنشآت ( [463] ) ، لولا أن القانون أورد نصوصاً خاصة بعقد الإيجار يجب تطبيقها دون تطيق الأحكام العامة في الالتصاق على ما سيجئ ( [464] ) ، ويمكن افتراض أن الباني قد بنى في أرض ترتب له عليها حق انتفاع ، وقد بنى بترخيص من مالك الرقبة دون أن يتضمن هذا الترخيص اتفاقاً على مصير البناء ، فهنا يكون المنتفع قد بنى في الأرض المنتفع بها بعد الحصول على ترخيص من مالك الأرض ( [465] ) .
وفي هذا الفرض لا شك في وجوب اعتبار الباني حسن النية ، فهو إن كان يعلم أنه غير مالك للأرض ، إلا أنه حصل على رخصة من صاحب الأرض في البناء . فله إذن الحق في إقامته . وعلى هذا يكون في وضع مماثل تماماً لوضع الحائز الذي يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامة البناء ، وهو الوضع المنصوص عليه في المادة 925 مدني فما قدمناه .
وعلى ذلك فالواجب تطبيق أحكام المادة 925 مدني في هذا الفرض ، وقد طبقت المادة 926 مدني سالفة الذكر فعلاً هذه الأحكام . فهي تقضي بأن مالك الأرض لا يجوز له ، بعد أن رخص في إقامة البناء ، أن يطلب إزالته ، فيبقى البناء إذن في الأرض ، ويتملكه صاحب الأرض بالالتصاق ، ويدفع تعويضاً للبناني أقل القيمتين ، قيمة زيادة ثمن الأرض بسبب البناء وقيمة المواد مع أجر العمل . ويجوز للباني ، لا لصاحب الأرض ، أن يطلب نزع البناء من الأرض ، على أن يعيد الأرض إلى أصلها أو يعوض صاحبها عن الضرر الذي عسى أن يصيبها من جراء نزع البناء . ويشترط في ذلك ألا يكون نزع البناء من شأنه أن يضر بالأرض ضرراً جسيماً ، وإلا كان الباني متعسفاً في استعمال حقه في طلب نزع البناء .
ونرى من ذلك أننا طبقنا في هذا الفرض ، بموجب المادة 926 مدني سالفة الذكر ، نفس الأحكام الواردة في المادة 925 مدني ، وهي الأحكام العامة في الالتصاق فيما إذا كان الباني حسن النية . ولا شك في حسن نية الباني في فرضنا هذا ، ومن ثم تسري الأحكام العامة في الالتصاق بصريح نص المادة 926 مدني كما نرى ، وتسري بما أوردناه من تفصيلات فيما أسلفناه ( [466] ) .
غير أن هناك حكماً خاصاً نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 925 مدني ، يحيز لصاحب الأرض أن يملك الأرض للبناني حسن النية في نظير تعويض عادل ، إذا كان البناء قد بلغ حداً من الجسامة يرهق صاحب الأرض أن يؤدي ما هو مستحق عنها ( [467] ) . ولما كان هذا الحكم هو حكم استثنائي محض ، فلا يصح إجراؤه إلا بنص خاص . ولم تشتمل المادة 926 مدني على ها النص كما اشتملت عليه المادة 925 مدني فيما رأينا . ومن ثم يبدو أنه لا يجوز تطبيقه في الفرض الذي نحن بصدده . ولا يستطيع صاحب الأرض ، إذا لم يختر الباني نزع البناء ، إلا أن يتملك البناء بأدنى القيمتين بطريق الالتصاق ، ولا يجوز له أن يملك الأرض للبناني ولو كان التعويض الواجب عليه دفعه مرهقاً له ( [468] ) .
106 – فرض ما إذا بنى المنتفع في الأرض المنتفع بها : وإذا بنى المنتفع في الأرض المنتفع بها ، وجب التمييز بين أمرين :
( الأمر الأول ) أن يكون المنتفع قد حصل على ترخيص مالك الرقبة في البناء ( [469] ) . وهنا يعتبر بانياً حسن النية ، وتسري عليه تبعاً لذلك أحكام المادتين 925 و 926 مدني . فيتملك صاحب الرقبة البناء بالالتصاق ، وعليه أنيدفع للمنتفع أدنى القيمتين ، قيمة المواد وأجر العمل وقيمة زيادة ثمن الأرض بسبب البناء . وللمنتفع ، إذا اختار ذلك ، أن يطلب نزع البناء من الأرض على أن يعيدها إلى أصلها ، ولكن ليس لصاحب الرقبة أن يطلب إزالة البناء ( [470] ) .
( والأمر الثاني ) أن يكون المنتفع قد بنى في الأرض المنتفع بها دون الحصول على ترخيص في ذلك من مالك الرقبة . وهنا يعتبر بانياً سيء النية ، وتسري عليه تبعاً لذلك أحكام المادة 924 مدني . فيجوز لمالك الرقبة أن يطلب إزالة البناء ، وإذا استبقاه تملكه بالالتصاق على أن يدفع للمنتفع أدنى القيمتين ، قيمة البناء مستحق الإزالة أو قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء ( [471] ) . وقد اعتبرنا المنتفع الذي لم يحصل على ترخيص في البناء سيء النية ، لأنه لا يستطيع أن يتمسك بأن له حقاً كمنتفع في البناء على الأرض المنتفع بها إذا لم يكن قد حصل على ترخيص في ذلك من مالك الرقبة . فإن المادة 988 مدني توجب على المنتفع " أن يستعمل الشيء بحالته التي تسلمه بها " ، ويترتب على ذلك أنه ليس من حقه أن يغير حالة الأرض المنتفع بها بإقامة بناء عليها ، وإذا هو فعل فإنه يكون قد بنى وهو سيء النية فتسري عليه أحكام الباني سيء النية ( [472] ) .
وهذه المسألة محل خلاف شديد في القانون الفرنسي . فالقضاء الفرنسي يذهب إلى أن المنتفع إذا بنى في الأرض المنتفع بها دون ترخيص من مالك الرقبة ، وجب عليه أن يترك البناء لمالك الرقبة دون أن يتقاضى منه أي تعويض ، شأن البناء في ذلك شأن التحسينات التي يجريها المنتفع في العين المنتفع بها فلا يتقاضى عنها تعويضاً . أما الفقه الفرنسي فمنقسم ، فمن الفقهاء من يساير القضاء الفرنسي فيما ذهب إليه ( [473] ) ، ومنهم من يخالفه ويعامل المنتفع معاملة الباني سيء النية ( [474] ) . أما في القانون المصري فلا محل لهذا الخلاف ، إذ لا يتضمن التقنين المدني المصري ، كما تضمن التقنين المدني الفرنسي ( م 599 ) ، نصاً يحرم المنتفع من الرجوع بالتحسينات التي أجراها في العين المنتفع بها على مالك الرقبة ، وهو النص الذي قاس عليه القضاء الفرنسي حرمان المنتفع من الرجوع بأي تعويض على مالك الرقبة فيما يقيمه من منشآت في العين المنتفع بهاز فالمنتفع إذن ، في القانون المصري ، له الحق في الرجوع بالتعويض على مالك الرقبة فيما يقيمه من بناء ، ولكنه يعتبر بانياً سيء النية ما دام لم يحصل على ترخيص في البناء من مالك الرقبة كما سبق القول ( [475] ) .
107 – فرض ما إذا بنى المالك ثم أبطلت ملكية أو فسخت ، وهنا أيضاً لا نواجه حائزاً للأرض بنية تملكها ، بل نواجه مالكاً للأرض وقد بنى فيها وهو لا يزال مالكاً ، ثم أبطلت ملكيته أو فسخت . فتسري عليه الأحكام العامة للالتصاق سريانها على الحائز للأرض بنية تملكها .
ونستعرض بادئ ذي بدء فرضاً يكون فيه الباني واضعاً يده على الأرض بموجب عقد باطل . فهنا يكون الباني غير مالك للأرض أصلاً ، ويكون بانياً في أرض غيره بنية سيئة أو بنية حسنة بحسب الأحوال . فإن كان يعلم أن عقده باطل وأنه لا يملك الأرض بهذا العقد ، فهو بان سيء النية ، ويكون لمالك الأرض حق الإزالة أو حق استبقاء البناء وتملكه بالالتصاق في مقابل أدنى القيمتين ، قيمة البناء مستحق الإزالة أو قيمة زيادة الأرض ، وذلك كله وفقاً لأحكام المادة 924 مدني على التفصيل الذي قدمناه ( [476] ) . وإن كان لا يعلم ببطلان عقده ويعتقد وقت أن بنى أنه مالك للأرض وأن له حق البناء فيها ، كان بانياً حسن النية ، ولا يكون لمالك الأرض حق الإزالة بل يتملك البناء بالالتصاق في مقابل أدنى القيمتين ، قيمة المواد مع أجر العمل أو قيمة زيادة الأرض . ولكن يكون للباني حق نزع البناء إذا شاء ، ويكون لمالك الأرض تمليكها للبناني ، وذلك كله وفقاً لأحكام المادة 925 مدني على التفصيل الذي قدمناه ( [477] ) .
وقد يكون الباني مالكاً للأرض بعقد قابل للإبطال ، وبني قبل إبطال العقد . فإذا أبطل العقد كان إبطاله بأثر رجعي ، وتبين أن الباني قد بنى في أرض لا يملكها ، فإن كان يعلم بعيوب عقده وأنه قابل للإبطال ، كان بانياً سيء النية ، وتسري عليه أحكام المادة 924 مدني . أما إذا كان لا يعلم بعيوب العقد ويعتقد أنه يملك الأرض وأن له الحق في إقامة البناء ، فإنه يكون بانياً حسن النية ، وتسري عليه أحكام المادة 925 مدني .
وقد يكون الباني مالكاً للأرض ، وقد بنى عليها وهو لا يزال مالكاً ، ثم فسخت ملكيته ، مثل ذلك مشتر للأرض لم يدفع الثمن ، أو رأس عليه مزاد الأرض وتخلف عن دفع باقي الثمن . فالأول يفسخ عقده بأثر رجعي ، والثاني يعاد البيع على مسئوليته ويفسخ رسو المزاد عليه بأثر رجعي كذلك ، وهذا وذاك يعتبران أنهما لم يملكا الأرض أصلاً وأنهما وقت أن بنيا فيها لم يكن لهما الحق في إقامة البناء . ولما كان سبب الفسخ راجعاً إلى خطأهما إذ تخلفا عن دفع الثمن ، فإن كلا منهما يعتبر بانياً في أرض غيره وهو سيء النية ، فتسري عليه أحكام المادة 924 مدني ( [478] ) .
وقد يكون الباني مشترياً للأرض تحت شرط فاسخ ، أو رأس عليه مزاد الأرض وقررت عليه الزيادة بالعشر ، فتحقق الشرط الفاسخ بأثر رجعي أو رسا المزاد على شخص غير من رسا عليه المزاد الأول . فيعتبر المشتري تحت شرط فاسخ إذا تحقق الشرط بغير خطئه ، وكذلك الراسي عليه المزاد الأول ، كل منهما قد بنى في أرض غيره وهو حسن النية ، فتسري عليه أحكام المادة 925 مدني . أما إذا تحقق الشرط الفاسخ بخطأ المشتري ، فإنه يعتبر بانياً في أرض غيره وهو سيء النية ، وتسري عليه أحكام المادة 924 مدني ( [479] ) .
108 - فرض ما إذا بنى البائع في الأرض المبيعة قبل تسجيل عقد البيع أو بنى المشتري في هذه الأرض قبل التسجيل : إذا باع شخص لشخص آخر أرضاً ، فقبل تسجيل عقد البيع يبقى البائع مالكاً للأرض ، ويكون المشتري غير مالك لها .
فإذا بنى البائع في الأرض قبل التسجيل ، ثم سجل عقد البيع قانتقلت الملكية إلى المشتري ، فهل يعتبر البائع بانياً في أرض غيره وتجري عليه أحكام الالتصاق؟ لا يمكن القول بذلك إلا إذا سلمنا بأن للتسجيل أثراً رجعياً فيما بين البائع والمشتري ، فتنتقل الملكية بالتسجيل إلى المشتري – بالنسبة إلى البائع وحده – من وقت انعقاد البيع لا من وقت التسجيل . فيتبين أن البائع قد بنى في الأرض وهي في ملك المشتري ، فيكون بانياً في أرض الغير وهي سيء النية . وتسري عليه أحكام المادة 924 مدني ، ويكون للمشتري الحق في طلب إزالة البناء أو استبقائه في مقابل دفع أدنى القيمتين ، قيمة البناء مستحق الهدم أو قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء .
أخذ القضاء بهذه الحلول ، ولكنه لم يؤسسها على فكرة الأثر الرجعي للتسجيل فيما بين المتعاقدين ، فعند أن التسجيل ليس له هذا الأثر الرجعي . بل اعتبر البائع وهو يبني في الأرض التي باعها قبل التسجيل يبني في أرض يملكها ، ولكنه لما كان ملتزماً بموجب عقد البيع أن يسلم المبيع للمشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع ( م 431 مدني ) ، فإنه ببنائه في الأرض يكون قد أخل بهذا الالتزام . وقد كان مقتضى ذلك أن يجبر البائع على إزالة البناء ، ويكون هذا تعويضاً عينياً عن الإخلال بالتزامه . ولكن القضاء شبه البائع وهو يبني في الأرض قبل التسجيل بالباني في أرض غيره وهو سيء النية ، فأجرى عليه أحكام الالتصاق الواردة في المادة 924 مدني عن طريق القياس ، وأجاز للمشتري إذا طلب البائع إزالة البناء أن يستبقيه في مقابل دفع قيمته مستحق الهدم أو دفع ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء ( [480] ) . وفي رأينا أن هذا القضاء محل للنظر ، وقد قررنا عند الكلام في البيع أننا نذهب إلى أن للتسجيل أثراً رجعياً فيما بين البائع والمشتري ( [481] ) . فلو أخذنا بهذا الرأي لظهر في وضوح أن البائع ، وقد بنى في الأرض المبيعة قبل التسجيل ثم سجل العقد ، إنما يبني في أرضه لا يملكها إذ هي مملوكة للمشتري بعد أن سجل عقد البيع ، ويملكها منذ انعقاد البيع لا من وقت التسجيل وذلك بالنسبة إلى البائع وحده . فتستقيم الحلول التي أخذ بها القضاء ، ولا نحتاج إلى القول بأن البائع ، وقد بنى في أرض يملكها ما دام البيع لم يسجل وقت إقامة البناء ، يعتبر كالباني في ملك غيره ، فنثبت له الملكية من جهة وننفيها عنه من جهة أخرى . وقد قلنا في هذا الصدد ، عندما واجهنا هذه المسألة عند الكلام في عقد البيع : " ولا شك في أن القول بالأثر الرجعي ( فيما بين المتعاقدين ) هنا أفضل – من ناحية الصناعة القانونية – من إنكار هذا الأثر . فإننا إذا أنكرنا الأثر الرجعي ، كما فعل القضاء ، كان من الواجب التسليم بأن البائع قد بنى في ملكه وقت أن بنى . ولا يمكن الوصول ، من طريق أن البائع ملزم بألا يحدث تغييراً في العين المبيعة وهو الطريق الذي اختارته محكمة النقض ، إلا إلى شيء قريب مما وصلت إليه المحكمة ، ولكنه ليس هو بالذات . وكل ما نصل إليه هو أن البائع قد أخل بالتزامه في ألا يبني في الأرض المبيعة ، فيطلب إليه تنفيذ التزامه عيناً ، فيهدم البناء ويأخذه أنقاضاً ، وقد يؤثر ذلك على أن يأخذ ثمن البناء مستحق الهدم ، فلا يستطيع المشتري إجباره على إبقاء البناء . فواضح إذن أننا لو أخذنا بفكرة الأثر الرجعي للتسجيل ، لوصلنا عن طريق مأمون إلى النتيجة التي نشدتها محكمة النقض وهي اعتبار البائع بانياً بسوء نية في أرض غيره ، وإجباره إذا شاء المشتري على إبقاء البناء في الأرض مقابل قيمته مستحق الهدم " ( [482] ) .
وإذا فرضنا ، على عكس الفرض الذي قدمناه أن المشتري هو الذي بنى في الأرض قبل تسجيل عقد البيع ، ثم سجل العقد ، فالقول بالأثر الرجعي للتسجيل فيما بين المتعاقدين لا تصبح له أهمية في هذه الحالة . ذلك أنه لو قيل بالأثر الرجعي ، لتبين أن المشتري قد بنى في ملكه . وإذا قيل بأن التسجيل لا ينقل ملكية الأرض ، فيما بين البائع والمشتري ، إلا من وقت تسجيل البيع ، لتبين أن المشتري قد بنى في غير ملكه ، ولكنه أصبح هو نفسه المالك بالتسجيل ، فلا يعود للبائع شأن بالبناء الذي أقامه المشتري قبل التسجيل ( [483] ) . ولكن تدق المسألة لو أن مشترياً ثانياً من البائع سبق المشتري الأول الذي بنى في الأرض إلى تسجيل عقده ، فانتقلت الملكية إلى المشتري الثاني دون المشتري الأول . ونرى أن الواجب في هذه الحالة معاملة المشتري الأول معاملة الباني في أرض غيره وهو حسن النية ، لأنه وقت أن بنى كان يعتقد أنه لا يتعدى على حق لأحد وأن له حقاً في البناء . ومن ثم تسري عليه أحكام المادة 925 مدني وهي الأحكام العامة للالتصاق فيما إذا كان الباني حسن النية ، ويتملك المشتري الثاني البناء بالالتصاق على أن يدفع للمشتري الأول أدنى القيمتين ، قيمة المواد مع أجر العمل أو قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء . ويكون للمشتري الأول الحق في نزع البناء من الأرض مع إعادتها إلى أصلها ، كما يكون للمشتري الثاني أن يملك الأرض للمشتري الأول في مقابل تعويض عادل إذا كان التزامه بدفع أدنى القيمتين للمشتري الأول في مقابل تملكه البناء بالالتصاق مرهقاً له .
3 - أداء التعويض لصاحب المنشآت
109 – حق صاحب المنشآت في حبس الأرض حتى يستوفي التعويض وحق صاحب الأرض في تقسيط دفع التعويض : رأينا فيما تقدم أن الأحكام العامة للالتصاق توجب على صاحب الأرض ، عندما يتملك بالالتصاق المنشآت التي أقامها أجنبي في أرضه ، دفع تعويض لصاحب المنشآت يختلف باختلاف ما إذا كان من أقام المنشآت حسن النية أو سيئها . فهو إذا كان حسن النية ، كان التعويض الذي يلتزم به صاحب الأرض أدنى القيمتين : قيمة المواد مع أجر العمل أ وقيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب المنشآت . وهذا ما لم يختر صاحب المنشآت نزع البناء من الأرض وإعادتها إلى أصلها . وهناك تعويض آخر في هذا الفرض ، فقد يختار صاحب الأرض تمليك الأرض لصاحب المنشآت إذا كان التعويض المستحق عليه مرهقاً له ، وذلك في مقابل تعويض عادل عن الأرض يكون الملتزم به في هذه الحالة هو صاحب المنشآت نحو صاحب الأرض . وإذا كان من أقام المنشآت سيء النية ، كان لصاحب الأرض أن يطلب إزالة المنشآت ، وله أن يستبقيها ويتملكها بالالتصاق . ويكون التعويض الملتزم به في هذه الحالة نحو صاحب المنشآت هو أدنى القيمتين ، قيمة المنشآت مستحقة للإزالة أو قيمة زيادة ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت .
ولما كان التعويض يستحقه ، في أغلب هذه الأحوال . صاحب المنشآت قبل صاحب الأرض ، وكان الأول هو الذي يحوز الأرض التي أقام عليها المنشآت ، فمن حقه طبقاً للقواعد العامة أن يحبس الأرض حتى يستوفي التعويض المستحق له . وقد يكون التعويض ، في جميع الأحوال المتقدمة بما فيها حالة التعويض الذي يدفعه صاحب المنشآت لصاحب الأرض عند تمليك الأرض لصاحب المنشآت ، عبئاً ثقيلاً على المدين به ، فأجاز له القانون تيسيراً عليه أن يطلب التقسيط في الوفاء بهذا التعويض .
ونبحث كلاً من هذين الأمرين :
110 - حبس صاحب المنشآت للمنشآت حتى يستوفى التعويض : هنا يجب أن نستبعد ، كما قدمنا ، حالة تمليك الأرض لصاحب المنشآت فيما إذا كان هذا الأخير حسن النية وكان يرهق صاحب الأرض أن يدفع له التعويض المستحق عليه . ذلك لأن الأرض والمنشآت تكون في هذه الحالة في حيازة صاحب المنشآت ، فهو الحائز وهو في الوقت ذاته المدين بالتعويض . أما الدائن بالتعويض فهو صاحب الأرض ولا يحوز شيئاً ، فلا يتصور إذن إعطاؤه حق حبس المنشآت حتى يستوفي التعويض المستحق له .
وإنما يثبت حق الحبس المنشآت لمن أقامها ، عندما يكون دائناً بالتعويض لصاحب الأرض على التفصيل الذي سبق أن بسطناه ، فهو الحائز للأرض والمنشآت معاً ، ويستطيع أن يحبس المنشآت ، ومعها الأرض ضرورة ، حتى يستوفي التعويض المستحق له . وهذا الحق في الحبس يثبت له بموجب القواعد العامة ، وهي مقررة في المادة 246 مدني إذ تقول : " 1 - لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ، ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به ، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا . 2 - ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه ، إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة ، فإنه له أن يمتنع عن ردها هذا الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له ، إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع " . وواضح أن صاحب المنشآت ، بعد أن ملكها صاحب الأرض بالالتصاق ، ملزم بأن يسلمها لصاحب الأرض . ولكن صاحب الأ{ض ملزم أيضاً بأن يدفع لصاحب المنشآت التعويض المستحق له ، وهذا الدين بالتعويض في ذمة صاحب الأرض مترتب على التزام صاحب المنشآت بتسليمها لصاحب الأرض ومرتبط به ، فتوافرت شروط الحبس ، وجاز لصاحب المنشآت أن يحبسها عن صاحب الأرض وعن دائنيه وعن أي شخص آخر تنتقل إليه من صاحب الأرض ملكية المنشآت أو أي حق عيني عليها ( [484] ) ، وذلك حتى يستوفي صاحب المنشآت التعويض المستحق له . وإذا كان لحائز الشيء الذي أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة حق حبسه حتى يستوفي ما هو مستحق له بصريح نص الفقرة الثانية من المادة 246 مدني سالفة الذكر ، فأولى أن يثبت حق الحبس لمن أنشأ الشيء إنشاء ولم يقتصر على إنفاق مصروفات نافعة عليه ، حتى يستوفي ما هو مستحق له ( [485] ) . وما دام قد ثبت لصاحب المنشآت حق حبسها على النحو الذي ذكرناه ، فإن الأحكام العامة للحق في الحبس تسري ، وقد سبق تفصيلها الجزء الثاني من الوسيط ( [486] ) . وينتهي الحق في الحبس إذا قدم صاحب الأرض تأميناً كافياً للوفاء بالتعويض ، أو قضى بأن يكون الوفاء بالتعويض على أقساط دورية بشرط أن يقدم صاحب الأرض الضمانات اللازمة ( م 927 و 982 مدني ) كما سيجيء ( [487] ) .
وليس لصاحب المنشآت حق امتياز عليها ، فإن الامتياز لا يثبت إلا بنص والنص غير موجود ، ومجرد الحق في حبس الشيء لا يثبت حق امتياز عليه بصريح النص ( م 247 / 1 مدني ) .
111 – حق صاحب الأرض في تقسيط دفع التعويض – نص قانوني : المادة 927 مدني على ما يأتي :
" تسري أحكام المادة 982 في أداء التعويظي المنصوص عليه في المواد الثلاث السابقة " ( [488] ) .
والمواد الثلاث السابقة هي المواد 924 – 926 مدني ، وهي فيما يتعلق بالتعويض تعرض : ( 1 ) للتعويض الذي يستحقه صاحب المنشآت في حالة ما إذا كان سيء النية ، وهو أدنى القيمتين ، قيمة المنشآت مستحقة الإزالة وقيمة زيادة ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت ( م 924 مدني ) . ( 2 ) والتعويض الذي يستحقه صاحب المنشآت في حالة ما إذا كان حسن النية أو كان قد بنى بترخيص من صاحب الأرض ، وهو أدنى القيمتين ، قيمة المواد مع أجر العمل وقيمة زيادة ثمن الأرض بسبب المنشآت ( م 925 / 1 و 926 مدني ) . ( 3 ) والتعويض الذي يستحقه صاحب الأرض في حالة ما إذا ملك الأرض لصاحب المنشآت حسن النية ، حتى يتفادى تملك المنشآت بالالتصاق فيكون التزامه بتعويض صاحبها مرهقاً له ، وهو تعويض عادل يدفعه صاحب المنشآت لصاحب الأرض ( م 925 / 2 مدني ) .
فقد يكون التعويض المستحق في هذه الأحوال المختلفة مبلغاً جسيماً يعيي المدين به دفعه فوراً وجملة واحدة . فقرر القانون أني عامل المدين بهذا التعويض معاملة المالك المدين بتعويض الحائز عما أنفقه من مصروفات ضرورية ومصروفات نافعة ، تيسيراً له في الوفاء بالتعويض المستحق . وهذا التيسير في دفع التعويض عن المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة تضمنته المادة 982 مدني ، وقد أحالت المادة 927 مدني سالفة الذكر عليها ، فتسري إذن أحكام المادة 928 مدني على أداء التعويض المستحق بموجب أحكام الالتصاق . وتنص المادة 982 مدني هذه على أنه " يجوز للقاضي ، بناء على طلب المالك ، أن يقرر ما يراه مناسباً للوفاء بالمصروفات المنصوص عليها في المادتين السابقتين . وله أن يقضي بأن يكون الوفاء على أقساط دورية ، بشرط تقديم الضمانات اللازمة . وللمالك أن يتحلل من هذا الالتزام ، إذا هو عجل مبلغاً يوازي قيمة هذه الأقساط مخصوماً منها فوائدها بالسعر القانوني لغاية مواعيد استحقاقها " .
فللقاضي إذن ، بناء على طلب المدين بالتعويض ( صاحب الأرض أو صاحب المنشآت بحسب الأحوال ) ، أن يقرر ما يراه مناسباً للوفاء بهذا التعويض . وله بوجه خاص أن يقسط هذا التعويض ، فيكون الوفاء به على أقساط دورية في مواعيد يحددها القاضي ، كما أن له أن يؤجل دفع التعويض فيدفعه المدين به جملة واحدة في ميعاد يحدده القاضي . وسواء قسط القاضي التعويض أو أجل دفعه ، فالواجب أن يقدم المدين بالتعويض الضمانات اللازمة للوفاء به في مواعيد الدورية أو عند حلول الأجل الذي حدده القاضي . فيقدم مثلاً رهناً أو كفالة عينية أو شخصية ( [489] ) . ويستطيع المدين بالتعويض ، إلا لم يجد سبيلاً لتقديم هذه الضمانات ، أن يتحلل من الالتزام بتقديمها إذا هو وفى التعويض فوراً وجملة واحدة بعد خصم فوائدها بالسعر القانوني ( 4% ) من يوم أن وفى بها إلى يوم استحقاقها وفقاً للمواعيد التي حددها القاضي . وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في التزام المالك بتعويض الحائز عما أنفقه من المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة ( [490] ) .
4 - فروض وردت فيها أحكام خاصة غير أحكام الالتصاق :
112 - فروض ما إذا بنى المستأجر في العين المؤجرة : ورد في هذا الفرض نص خاص ، ليس هو مجرد تطبيق لأحكام الالتصاق المتقدم ذكرها ، بل يغاير هذه الأحكام بعض المغايرة ، ومن ثم يجب تطبيق هذا النص الخاص دون أحكام الالتصاق . فقد نصت المادة 592 مدني على أنه " 1 - إذا أوجد المستأجر في العين المؤجرة بناء أو غراساً أو غير ذلك من التحسينات مما يزيد في قيمة العقار ، التزم المؤجر أن يرد للمستأجر عند انقضاء الإيجار ما أنفقه في هذه التحسينات أو ما زاد في قيمة العقار ، ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغير ذلك . 2 - فإذا كانت تلك التحسينات قد استحدثت دون علم المؤجر أو رغم معارضته ، كان له أيضاً أن يطلب من المستأجر إزالتها . وله أن يطلب فوقها ذلك تعويضاً ع الضرر الذي يصيب العقار من هذه الإزالة إن كان للتعويض مقتض . 3 - فإذا اختار المؤجر أن يحتفظ بهذه التحسينات في مقابل رد إحدى القيمتين المتقدم ذكرهما ، جاز للمحكمة أن تنظره إلى أجل للوفاء بها " .
ونبين هنا فيم تتفق هذه الأحكام مع أحكام الالتصاق وفيم تختلف ، وهي على كل حال واجبة التطبيق في الفرض الذي نحن بصدده ، اتفقت مع أحكام الالتصاق أو اختلفت معها .
ففي حالة ما إذا أحدث المستأجر البناء أو الغراس بعلم المؤجر ودون معارضته ، وعلى المستأجر إثبات العلم وعلى المؤجر إثبات المعارضة ، وجب التسليم بأن المؤجر موافق على إقامة هذه المنشآت في العين المؤجرة موافقة ضمنية على الأقل ، إذ هو عالم بها ولم يعارض فيها . ومن ثم يكون المستأجر في وضع الحائز حسن النية ، وقد قضى النص بأ ، يستبقى المؤجر البناء أو الغراس لأنه كان موافقاً علىإحداثه فلا يجوز له طلب إزالته ، ويرد للمستأجر عند نهاية الإيجار أقل القيمتين ، ما أنفقه في تلك التحسينات أو ما زاد في قيمة العين المؤجرة . وإلى هنا نتفق هذه الأحكام مع أحكام الالتصاق . ولكن الحائز حسن النية في أحكام الالتصاق يجوز له ، إذا أراد ، نزع المنشآت مع إعادة العين إلى أصلها ، أما المستأجر فلا يجوز له نزع المنشآت إذا أراد المؤجر استبقاءها ( [491] ) . وكذلك يجوز في أحكام الالتصاق أن يطلب صاحب الأرض تمليك الأرض لصاحب المنشآت في نظير تعويض عادل إذا كان $ 310 $ التزامه بتعويض صاحب المنشآت فيما إذا استبقاها التزاماً مرهقاً له ، أما المؤجر فلا يجوز له تمليك العين المؤجرة للمستأجر إلا باتفاق خاص .
وفي حالة ما إذا أحدث المستأجر البناء أو الغراس دون علم المؤجر أو بعلمه ولكن رغم معارضته ، وجب القول إن المؤجر يكون غير موافق فعلاً على ما أحدثه المستأجر إذا تم رغم معارضته ، أو غير موافق عليه حكماً إذا تم دون علمه . ومن ثم يكون المستأجر في وضع الحائز سيء النية ، وقد قضى النص بأن يكون للمؤجر طلب الإزالة ، وعلى المستأجر عندئذ أن ينزع ما أحدثه في العين المؤجرة وأن يعيد العين إلى أصلها ، وللمؤجر أن يطلب تعويضاً عن الضرر الذي يصيب العين المؤجرة إن كان للتعويض مقتض . وإلى هنا تتفق هذه الأحكام مع أحكام الالتصاق ( [492] ) . ويجوز للمؤجر كذلك أن يستبقى ما أحدثه المستأجر ، ولكن عليه أن يرد له أدنى القيمتين ، ما أنفقه المستأجر أو ما زاد في قيمة العقار . وهنا تختلف هذه الأحكام عن أحكام الالتصاق . فأحكام الالتصاق تقضي بأن يرد صاحب الأرض أدنى القيمتين ، قيمة المنشآت مستحقة الإزالة أو ما زاد في قيمة الأرض . فقيمة المنشآت مستحقة الإزالة في أحكام الالتصاق يقابلها ما أنفقه المستأجر في أحكام الإيجار ، ولم أكان الغالب أن يكون ما أنفقه المستأجر أكبر من قيمة المنشآت مستحقة الإزالة ، فإن القانون يكون قد عامل المستأجر معاملة أفضل من معاملته للحائز سيء النية في أحكام الالتصاق ( [493] ) .
وفي جميع الأحوال ، إذا احتفظ المؤجر بالمنشآت التي أقامها المستأجر ووجب عليه تعويضه على النحو سالف الذكر ، جاز للمحكمة أن تنظر المؤجر إلى أجل للوفاء بالتعويض ( م 592 / 3 مدني سالفة الذكر ) . ويجوز التوسع في تفسير هذا الحكم ، بحيث يقال إن للمحكمة أيضاً أن تقسط التعويض على أقساط دورية ، وأن لها أن تلزم المؤجر بالضمانات اللازمة ، فتقرب أحكام الإيجار في هذا الصدد من أحكام الالتصاق كما هي مقررة في المادتين 927 و 982 مدني ( [494] ) .
113 - فرض ما إذا بنى المشتري في العقار المشفوع فيه : وورد هنا أيضاً نص خاص ، يغاير مغايرة كبيرة الأحكام العامة في الالتصاق ، فيجب في هذا الفرض تطبيق هذا النص الخاص دون هذه الأحكام . فقد نصت المادة 946 مدني على أنه " 1 - إذا بنى المشتري في العقار المشفوع أو غرس فيه أشجاراً قبل إعلان الرغبة في الشفعة ، كان الشفيع ملزماً تبعاً لما يختاره المشتري أن يدفع له إما المبلغ الذي أنفقه أو مقدار ما زاد في قيمة العقار بسبب البناء أو الغراس . 2 - وأما إذا حصل البناء أو الغراس بعد إعلان الرغبة في الشفعة ، كان للشفيع أن يطلب الإزالة . فإذا اختار أن يستبقي البناء أو الغراس فلا يلزم إلا بدفع قيمة أدوات البناء وأجرة العمل أو نفقات الغراس " . ونرى من هذا النص أنه يفرق بين حالتين : ( الحالة الأولى ) حالة ما إذا بنى المشتري أو غرس قبل إعلان الرغبة في الشفعة ، وهنا يمكن اعتبار المشتري في وضع الحائز حسن النية . ولكن الأحكام التي تسري عليه تغاير أحكام الالتصاق ، فإنه يكون مخيراً ، إذا ترك البناء أو الغراس في العقار المشفوع فيه يتملكه الشفيع ، بين أن يتقاضى من الشفيع المبلغ الذي أنفقه أو مقدار ما زاد في قيمة العقار . ويبدو أن للمشتري ، بدلاً من ترك البناء أو الغراس في العقار المشفوع فيه وتقاضى أكبر القيمتين المتقدمي الذكر ، الحق في نزع البناء أو الغراس من العقار على أن يعيد العقار إلى أصله ، إذ لا يوجد لا في النصوص ولا في المبادئ العامة ما يحول دون ذلك ، فضلاً عن أن الحكم لا شك في عدالته ( [495] ) . ويتبين من الأحكام سالفة الذكر مغايرة كبيرة بينها وبين أحكام الالتصاق في حالة الحائز حسن النية . ذلك أن الحائز حسن النية ، إذا لم ينزع المنشآت من الأرض ويعيد الأرض إلى أصلها ، يبقى هذه المنشآت في الأرض ويتملكها صاحب الأرض بالالتصاق ، على أن يدفع لأصحاب المنشآت أقل القيمتين ، المبلغ الذي أنفقه الحائز في إقامة المنشآت أو ما زاد في قيمة العقار . أما هنا فالمشتري الذي أقام المنشآت – لا الشفيع الذي يعتبر في وضع صاحب الأرض لأنه يصبح بالشفعة صاحب العقار المشفوع فيه – هو الذي يختار ، إذا لم ينزع المنشآت من العقار المشفوع فيه ، بين أكبر القيمتين ( لا بين أقل القيمتين كما هو الأمر في أحكام الالتصاق ) ، المبلغ الذي أنفقه المشتري في إقامة المنشآت أو ما زاد في قيمة العقار . وهذا فرق جوهري ما بين أحكام الشفعة وأحكام الالتصاق ، إذ أن المشتري إنما يقيم المنشآت في ملكه ، ولم يكن عليه قبل إعلانه برغبة الشفيع في الأخذ بالشفعة أن يحسب حساب هذه الرغبة عند إقامة المنشآت . وفرق آخر ما بين أحكام الشفعة وأحكام الالتصاق ، هو أن الشفيع لا يجوز له تمليك العقار المشفوع فيه للمشتري حتى لو كان التعويض المستحق عليه مرهقاً له وكان أمامه أن يتفادى هذا الإرهاق بترك الأخذ بالشفعة ، في حين أن صاحب الأرض له هذا الحق بالنسبة إلى الحائز حسن النية كما سبق القول .
( الحالة الثانية ) حالة ما إذا بنى المشتري أو غرس بعد إعلان الرغبة في الشفعة ، وهنا يمكن اعتبار المشتري في وضع الحائز سيء النية . ويجوز للشفيع طلب الإزالة ، وإعادة العقار إلى أصله مع التعويض إن كان له مقتض ، وإلى هنا تتفق أحكام الشفعة مع أحكام الالتصاق . فإن اختار الشفيع أن يستبقى البناء أو الغراس ، أخذه بقيمة ما أنقه المشتري فيه . وهنا تختلف أحكام الشفعة عن أحكام الالتصاق اختلافاً بيناً ، فإن صاحب الأرض في أحكام الالتصاق إذا استبقى المنشآت أخدها بأقل القيمتين ، قيمة المنشآت مستحقة الإزالة وقيمة زيادة العقار المشفوع فيه بسبب هذه المنشآت .
وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في الشفعة ورجوع المشتري على الشفيع بسبب ما أقامه من بناء أو غراس في العقار المشفوع فيه ( [496] ) .
114 – فرض ما إذا بنى المحتكر في الأرض المحكرة : وقد ورد نص خاص في هذا الفرض أيضاً تختلف أحكامه قليلاً عن أحكام الالتصاق ، فيعمل بأحكام النص الخاص دون أحكام الالتصاق . إذ نصت المادة 1010 مدني على أنه " 1 - عند فسخ العقد أو إنهائه ، يكون للمحكر أن يطلب إما إزالة البناء أ, الغراس أو استبقاءهما مقابل دفع أقل قيمتيهما مستحقي الإزالة أو البقاء ، وهذا كله ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره . 2 - وللمحكمة أن تمهل المحكر في الدفع إذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر الإمهال ، وفي هذه الحالة يقدم المحكر كفالة لضمان الوفاء بما يستحق في ذمته " .
وهنا عامل القانون المحتكر معاملة الحائز سيء النية ، لأنه وهو يبني أو يغرس في الأرض المحكرة يعلم أن الأرض مملوكة لغيره . وأعطى للمحكر صاحب الأرض الحق في طلب الإزالة وإعادة الأرض إلى أصلها ، وهنا تتفق أحكام الحكر مع أحكام الالتصاق . فإذا اختار المحكر استبقاء البناء أو الغراس ، تملكه بأدنى القيمتين ، قيمته مستحق الإزالة أو قيمته مستحق البقاء . وله أن يطلب مهلة في الدفع ، مع تقديم كفالة لضمان الوفاء بما يستحق في ذمته . وفي هذا كله أيضاً تتفق أحكام الحكر مع أحكام الالتصاق ، فتكون أحكام الحكر في مجموعها منفعة مع أحكام الالتصاق .
إلا أنه مع ذلك يوجد فرق ما بين أحكام الحكر وأحكام الالتصاق . ففي أحكام الالتصاق ، في حالة الحائز سيء النية ، لا يجوز لصاحب الأرض طلب الإزالة إلا في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت ، أما في الحكر فلم ينص القانون على ميعاد محدد يطلب فيه المحكر الإزالة ، ومن ثم يجوز له طلب الإزالة في أي وقت شاء ( [497] ) .
5 - فروض تستبعد أصلاً من نطاق أحكام الالتصاق
115 - فرض ما إذا بنى المالك في الشيوع في الأرض الشائعة : إذا أقام أحد الشركاء بناء على جزء مفرز من الأرض الشائعة قبل قسمتها ، فإن أحكام الالتصاق هنا لا تسري ، ويجب استبعاد هذا الفرض أصلاً من نطاق تطبيقها . وأحكام الشيوع هي التي تسري في هذا الفرض ، إذ تعتبر إقامة الشريك بناء في جزء مفرز من الأرض الشائعة عملاً من أعمال الإدارة غير المعتادة ( [498] ) ، فيجب تطبيق أحكام الإدارة غير المعتادة في المال الشائع .
ومقتضى تطبيق أحكام الإدارة غير المعتادة في المال الشائع أن بناء الشريك يقتضي موافقة الشركاء أصحاب ثلاثة أرباع الأرض الشائعة ويدخل فيهم الشريك الباني نفسه ، أو في القليل إقرار هذه الأغلبية الخاصة لعمل الشريك الباني بعد أن يتم البناء . فإذا لم توافق هذه الأغلبية على البناء ولم تقره بعد إقامته ، جاز إجبار الشريك الباني على إزالة البناء ودفع تعويض لسائر الشركاء عما عسى أن تكون إزالة هذا البناء قد ألحقت بالأرض من ضرر ، أما إذا وافقت الأغلبية الخاصة على البناء قبل إقامته ، أو أقرته بعد إقامته ، فإن جميع الشركاء يساهمون في تكاليف البناء كل بنسبة حصته في الأرض الشائعة ( [499]).
116 – فرض ما إذا بنى الفضولي أو الوكيل في أرض رب العمل أو الموكل : ويقع أن يقوم فضولي بالبناء في أرض رب العمل ، ويكون هذا البناء أمراً عاجلاً فتتحقق شروط الفضالة . وفي هذه الحالة لا يعتبر الفضولي بانياً في أرض الغير ، ولا تسري أحكام الالتصاق . بل يجب استبعاد هذا الفرض أصلاً من نطاق تطبيق أحكام الالتصاق ، وتطبيق أحكام الفضالة ، فيجب على رب العمل أن يرد للفضولي النفقات التي صرفها في البناء مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها ، وأن ينفذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه ، وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها في أثناء قيامه بالبناء ، وأن يعوضه عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بهذا العمل ( م 195 مدني ) .
وقد يوكل شخص شخصاً آخر في إدارة أعماله ، ويكون من الأعمال التي يقوم بها الوكيل تنفيذاً لوكالته إقامة بناء في أرض الموكل ، فيجب هنا أيضاً عدم اعتبار الوكيل بانياً في أرض غيره ، بل يجب استبعاد هذا الفرض أصلاً من نطاق تطبيق أحكام الالتصاق . وأحكام الوكالة هي التي يجب تطبيقها في هذا الفرض ، فيلتزم الموكل بأن يرد للوكيل ما أنفقه في إقامة البناء مع الفوائد من وقت الإنفاق ، وإذا طلب الوكيل مبالغ للإنفاق منها في شؤون البناء وجب على الموكل أن يقدم هذه المبالغ ( م 710 مدني) ( [500] ) .
6 - فروض تستثنى من أحكام الالتصاق
117 - فرض ما إذ اجار الباقي بحسن نية على جزء صغير من الأرض اللاصقة – نص قانوني : تنص المادة 928 مدني على ما يأتي :
" إذا كان مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جار بحسن نية على جزء من الأرض الملاصقة ، جاز للمحكمة إذا رأت محلاً لذلك أن تجبر صاحب هذه الأرض على أن ينزل لجاره عن ملكية الجزء المشغول بالبناء ، وذلك في نظير تعويض عادل " ( [501] ) .
ويفرض هذا النص أن أرضاً بنى عليها مالكها ، وفي أثناء البناء جاوز ، دون أن يتنبه لذلك ، حدود ملكه إلى جزء صغير من الأرض الملاصقة لأرضه ، فامتد البناء إلى هذا الجزء الصغير . وقد يكون ذلك ، كما هو الغالب ، لعدم ظهور الحدود وأبنهامها ما بين الجيران . وهذا فرض يدخل في نطاق أحكام الالتصاق . فالباني قد بنى بحسن نية في هذا الجزء الصغير الملاصق لأرضه ، فيكون قد بنى في ملك غيره . وكان مقتضى تطبيق أحكام الالتصاق في هذا الفرض أن يتملك الجار الملاصق الجزء من البناء المقام على هذا الجزء الصغير من أرضه بالالتصاق ، وذلك بأدنى القيمتين ، قيمة ما أنفقه الباني في هذا الجزء من البناء وقيمة ما زاد في الجزء الصغير الملاصق بسبب البناء . وكلا القيمتين تافه إزاء التضحية التي يتحملها الباني من أن يكون جزء لأي تجزأ من بنائه مملوكاً لجاره بالالتصاق . وإذا جاز للباني وهو حسن النية أن ينزع البناء من الجزء الملاصق ، فإن تضحيته تكون تضحية أكبر . وإذا جاز للجار الملاصق أن يملك هذا الجزء الصغير من الأرض لصاحب البناء ، فإن هذا هو حق للجار الملاصق لا التزام عليه ، ولا يستطيع الباني أن يجبره على استعماله . والحل العادل في هذا الفرض هو جواز إجبار الجار الملاصق على أن ينزل عن ملكية هذا الجزء الصغير من أرضه المشغول بالبناء لجاره الباني في نظير تعويض عادل . ولكن هذا الحل العادل يخالف أحكام الالتصاق كما رأينا ، ومع ذلك فقد كان القضاء المصري يجري عليه في عهد التقنين المدني السابق أخذاً بمقتضيات العدالة ( [502] ) . وكان ينقصه أن يستند إلى نص في ذلك يستثنى هذا الفرض من أحكام الالتصاق ، ويجعل الحكم فيه هو هذا الحكم العادل .
وقد أوجد التقنين المدني الجديد هذا النص العادل ، وهو المادة 928 مدني سالفة الذكر ( [503] ) . ويجب لتطبيقها توافر شرطين : ( 1 ) أن يكون الباني إنما يبني أصلاً في أرضه ، وقد جاوزها إلى جزء صغير من الأرض مملوك للجار الملاصق . ( 2 ) أن تكون هذه المجاوزة من الباني قد وقعت بحسن نية ( [504] ) .
فإذا توافر هذان الشرطان ، جاز للقاضي ألا يجري أحكام الالتصاق ، وأن يستثنى هذا الفرض من هذه الأحكام . وبدلاً من أن يملك الجزء من البناء لصاحب الجزء الصغير من الأرض الملاصق ، يملك هذا الجزء الصغير من الأرض لصاحب البناء ، وذلك في نظير تعويض عادل يقدره الخبير عند الاقتضاء ( [505] ) . ويلاحظ أن هذا أمر جوازي للقاضي وخاضع لتقديره ، فإذا رأى من ظروف القضية ومن حسن نية الباني ومن صغر الجزء من الأرض الملاصقة المشغول بالبناء ما يشفع في الأخذ بهذا الحكم الذي يخرج فيه على أحكام الالتصاق ، جاز له أن يستثنى هذا الفرض ، وبدلاً من أن يخضعه لأحكام الالتصاق يخضعه لهذا الحكم العادل ( [506] ) .
118 – المنشآت الصغيرة المقامة على أرض الغير لا على سبيل الدوام – نص قانوني : تنص المادة 929 مدني على ما يأت :
" المنشآت الصغيرة ، كالأكشاك والحوانيت والمآوي التي تقام على أرض الغير دون أن يكون مقصوداً بقاؤها على الدوام ، تكون ملكاً لمن أقامها " ( [507] ) .
وهذا استثناء آخر من أحكام الالتصاق ، اقتبس من المادة 677 مدني سويسري . فإن الأصل أن المنشآت ، كبيرة كانت أو صغيرة ، متى اندمجت في الأرض ، تملكها صاحب الأرض بالالتصاق على التفصيل الذي قدمناه . ولكن القانون استثنى في هذا الفرض المنشآت الصغيرة التي تقاوم موقتاً على أرض الغير ، دون أن يقصد بقاؤها فيها على الدوام . وذلك كالأكشاك الخشبية والدكاكين الصغيرة والعشش والاستراحات الموقتة وأكشاك الاستحمام التي لها أساس ثابت في الأرض وغير ذلك من المآوي . فهذه ليست فحسب منشآت صغيرة ، بل هي أيضاً منشآت موقتة لم يقمها صاحبها على أرض الغير على سبيل الدوام . وكان مقتضى تطبيق أحكام الالتصاق أن صاحب الأرض يتملكها بالالتصاق ، على أن يدفع تعويضاً لأصحابها يختلف باختلاف الأحوال .
ولكن استثناء من أحكام الالتصاق ، ونظراً لصغر قيمة هذه المنشآت وبالأخص لأنها منشآت موقتة لم يقصد من إقامتها أن تبقى على سبيل الدوام ، قضت المادة 929 مدني سالفة الذكر بأن صاحب الأرض لا يتملكها بالالتصاق ، بل تبقى ملكاً لمن أقامها . ويستوي في ذلك أن يكون من أقام هذه المنشآت حسن النية يعتقد أن له الحق في إقامتها في أرض الغير ، أو كان سيء النية يعلم أن الأرض مملوكة للغير وألا حق له في إقامة المنشآت عليها .
ويترتب على ذلك أن صاحب هذه المنشآت يستطيع نزعها من الأرض حتى لو كان سيء النية ، بشرط أن يعيد الأرض إلى أصلها وأن يعوض صاحب الأرض عما عسى أن يكون قد أصابه من الضرر . ويترتب على ذلك أيضاً أن صاحب الأرض يستطيع أن يطلب إزالتها حتى لو كان صاحبها حسن النية ( [508] ) ، ما دام لم يتفق معه على إقامتها أو لم يحدد الاتفاق مصير المنشآت .
وتبقى المنشآت قائمة على الأرض ومملوكة لمن أقامها ، حتى ينزعها هذا الأخير أو يطلب إزالتها صاحب الأرض . وذلك ما لم يتفق صاحب الأرض وصاحب المنشآت على أمر آخر ، كأن يتفقا على أن تبقى المنشآت في الأرض لمدة معينة في نظير أجرة عن الأرض يدفعها صاحب المنشآت ، أو يتفقا على تملك صاحب الأرض للمنشآت أو صاحب المنشآت للأرض في نظير مبلغ معين . أو يتفقا على أي أمر آخر ( [509] ) .
المطلب الثالث
الصورة الثالثة – الباني بنى في أرض غيره وبأدوات غيره
119 - نص قانوني : تنص المادة 930 مدني على ما يأتي :
" إذا قام أجنبي منشآت بمواد مملوكة لغيره ، فليس لمالك المواد أن يطلب استردادها . وإنما يكون له أن يرجع بالتعويض على هذا الأجنبي ، كما له أن يرجع على مالك الأرض بما لا يزيد على ما هو باق في ذمته من قيمة تلك المنشآت " ( [510] ) .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني الوطني السابق المادة 66 ( [511] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 891 . وفي التقنين المدني الليبي م 934 - وفي التقنين العراقي م 1122 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 218 ( [512] ) .
وهذه الصورة الثالثة من صور الالتصاق الصناعي ، وفيها يقيم الباني منشآت في أرض غيره مواد مملوكة لشخص ثالث . فيكون أمامنا أشخاص ثلاثة : صاحب المواد التي أقام بها الباني المنشآت ، والباني الذي أقام المنشآت ، وصاحب الأرض التي أقيمت فيها المنشآت . وعلينا إذن أن نحدد : ( 1 ) علاقة صاحب المواد بالباني . ( 2 ) علاقة صاحب المواد بصاحب الأرض . ( 3 ) علاقة الباني بصاحب الأرض .
120 - علاقة صاحب المواد بالباني : لما كانت المواد منقولاً ، فمن الجائز أن يكون الباني قد حازها بحسن نية وبسبب صحيح ، فيكون قد تملكها بالحيازة . فإذا أقام بها منشآت في أرض غيره ، يكون قد أقام هذه المنشآت بمواد مملوكة له في أرض الغير ، ولا رجوع لصاحب المواد السابق عليه بشيء ، وتكون العلاقة بينه وبين صاحب الأرض محكومة بالقواعد التي فصلناها في الصورة الثانية من صور الالتصاق الصناعي في المطلب السابق .
أما إذا كان الباني لم يتملك المواد بالحيازة ، بل أقام بها المنشآت وهي غير مملوكة له ، فقد يكون بنى في أرض غيره ( [513] ) وهو سيء النية فأجبر على نزعها من الأرض ، أو بنى وهو حسن النية واختار هو أن ينتزعها من الأرض . وفي الحالتين ، ما دامت المواد قد نزعت من الأرض ولم يتملكها صاحب الأرض بالالتصاق ، فإنه يبدو أن صاحب المواد يستطيع استردادها من الباني ما دامت قد احتفظ بذاتيتها ، لأن صاحب الأرض لم يتملكها بالالتصاق ولم تنتقل ملكيتها إلى الباني بسبب من أسباب انتقال الملك فبقيت على ملك صاحبها ، ويكون أيضاً لهذا الأخير أن يرجع على الباني بالتعويض إن كان قد أصابه ضرر ( [514] ) .
وإذا كان صاحب الأرض قد تملك المواد بالالتصاق ، فإن لصاحب المواد أن يرجع على الباني بالتعويض لأنه قد تسبب في أن تضيع عليه ملكية مواده . فيرجع بقيمة هذه المواد وقت إقامة المنشآت بها ، وبالتعويض عما قد يكون أصابه من ضرر بسبب فقده لملكية المواد .
121 – علاقة صاحب المواد بصاحب الأرض : إذا تملك صاحب الأرض المواد بالالتصاق ، فإن ملكية هذه المواد تنتقل من صاحبها إلى صاحب الأرض بسبب من أسباب كسب الملكية هو هذا الالتصاق بالذات . وليس صاحب الأرض في الأصل مسئولاً نحو صاحب المواد ، وإنما هو مسئول نحو الباني بالتعويض الذي فصلناه فيما تقدم . ولما كان صاحب الأرض مديناً للبانين وكان الباني مديناً بدوره لصاحب المواد على الوجه الذي أسلفناه ( [515] ) ، فإنه يجوز لصاحب المواد أن يرجع على صاحب الأرض بالدعوى غير المباشرة باعتباره دائناً لدائنه .
ولكن القانون أعطى لصاحب المواد فوق ذلك دعوى مباشرة على صاحب الأرض ، إذ تقول العبارة الأخيرة من المادة 930 مدني كما رأينا : " كما له ( لصاحب المواد ) أن يرجع على مالك الأرض بما لا يزيد على ما هو باق في ذمته من قيمة هذه المنشآت " . ذلك أن الباني إذا كان قد بنى وهو سيء النية ولم يطلب صاحب الأرض الإزالة ، فعلى صاحب الأرض أن يدفع للباني أدنى القيمتين ، قيمة المنشآت مستحقة الإزالة وقيمة ما زاد في الأرض بسبب المنشآت . وإذا كان الباني قد بنى وهو حسن النية ، ولم يطلب نزع المنشآت من الأرض ، فعلى صاحب الأرض أن يدفع للباني أدنى القيمتين ، قيمة المواد مع أجر العمل وقيمة ما زاد في الأرض بسبب المنشآت . ونرى من ذلك أن صاحب الأرض ، في الحالتين ، إذا تملك المنشآت بالالتصاق ، عليه أن يدفع تعويضاً للباني بمقدار حدده القانون على النحو سالف الذكر . وعلى صاحب الأرض أن يدفع هذا التعويض للباني ، فإن دفعه كله أو بعضه دون أن يعلم بحق صاحب المواد قبل الباني ، فقد برئت ذمته من هذا التعويض بمقدار ما دفع . أما إذا أنذر صاحب المواد صاحب الأرض بما له من حق التعويض في ذمة الباني على النحو الذي قدمناه ( [516] ) ، فإنه يجب على صاحب الأرض أن يستبقي في يده التعويض المستحق للباني قبله أو الباقي من هذا التعويض . ويكون لصاحب المواد الحق في الرجوع على صاحب الأرض بدعوى مباشرة ، بالتعويض المستحق له قبل الباني في حدود التعويض المستحق للباني قبل صاحب الأرض أو ما هو باق في ذمته من هذا التعويض . فإذا دفع صاحب الأرض للباني التعويض المستحق له بالرغم من الإنذار الموجه إليه من صاحب المواد ، لم يسر هذا الدفع في حق صاحب المواد وكان لهذا الأخير أن يرجع على صاحب الأرض بما هو مستحق له في حدود الباقي في ذمة صاحب الأرض للباني وقت الإنذار . ولصاحب الأرض أن يرجع على الباني بما أجبر على دفعه لصاحب المواد على النحو المتقدم الذكر .
ويبرر إعطاء القانون لصاحب المواد هذه الدعوى المباشرة على صاحب الأرض أن المنفعة التي قدمها صاحب المواد بمواده كانت هي السبب في حق التعويض الذي وجد في ذمة صاحب الأرض للباني . وتقوم الدعوى المباشرة على نص صريح ، يرجع إلى أن الدائن الذي ثبتت له دعوى مباشرة ضد مدين مدينه هو شخص قد أوجد لمدينه حقاً في ذمة مدين المدين ، بسبب منفعة قدمها أو بسبب خسارة تحملها ( [517] ) . وهنا توجد منفعة قدمها صاحب المواد كما سبق القول ، كما يوجد النص الصريح في العبارة الأخيرة من المادة 930 مدني سالفة الذكر .
122 – علاقة الباني بصاحب الأرض : أما علاقة الباني بصاحب الأرض فواضحة مما قدمناه في الصورة الثانية من صور الالتصاق الصناعي . فالباني إما أن يكون سيء النية ، أو حسن النية .
فإن كان سيء النية ، كان لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة وإعادة الأرض إلى أصلها مع التعويض . وعند ما يزيل الباني المواد من الأرض ، يجوز كما قدمنا ( [518] ) أن يستردها صاحبها منه . وإذا لم يطلب صاحب الأرض الإزالة ، تملك المنشآت بالالتصاق ، ووجب عليه أن يدفع للباني أدنى القيمتين ، قيمة المنشآت مستحقة الإزالة وقيمة ما زاد في الأرض بسبب المنشآت . وفي حدود هذا التعويض يستطيع صاحب المواد أن يرجع بدعوى مباشرة على صاحب الأرض لتقاضى ما يستحقه من التعويض قبل الباني ( [519] ) .
وإن كان الباني حسن النية ، كان له أن ينزع المواد من الأرض مع إعادة الأرض إلى أصلها . وعندما ينزع الباني المواد من الأرض ، يجوز هنا أيضاً كما قدمنا ( [520] ) أن يستردها صاحبها منه . وإذا لم ينزع الباني المواد من الأرض ، تملك صاحب الأرض المنشآت بالالتصاق ، على أن يدفع للباني أدنى القيمتين ، قيمة المواد مع أجر العمل وقيمة ما زاد في الأرض بسبب المنشآت . وهنا أيضاً يستطيع صاحب المواد أن يرجع في حدود هذا التعويض بدعوى مباشرة على صاحب الأرض ، لتقاضي ما يستحقه من التعويض قبل الباني ( [521] ) . ويلاحظ أخيراً أنه إذا كان التزام صاحب الأرض بتعويض الباني على النحو سالف الذكر مرهقاً له ، كان أن يملك الأرض للباني في نظير تعويض عادل طبقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن ( [522] ) .
المبحث الثالث
التصاق المنقول بالمنقول
123 – نص قانوني : تنص المادة 931 مدني علي ما يأتي : " إذا التصق منقولان لمالكين مختلفين بحيث لا يمكن فصلهما دون تلف ، ولم يكن هناك اتفاق بين المالكين ، قضت المحكمة في الأمر مسترشدة بقواعد العدالة ، ومراعية في ذلك الضرر الذي حدث وحالة الطرفين وحسن نية كل منهما ( [523] ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 67 / 92 ( [524] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 893 – وفي التقنين المدني الليبي م 935 – وفي التقنين المدني العراقي م 1125 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل ( [525] ) .
وهذه هي الحالة الثالثة من أحوال الالتصاق . ففي الحالتين الأوليين كان الالتصاق بعقار ، وكان إما التصاقاً طبيعياً في الحالة الأولى ، أو التصاقاً صناعياً في الحالة الثانية . أما في هذه الحالة الثالثة ، فالالتصاق هو التصاق منقول بمنقول ، وهو قليل الوقوع في العمل ، وإذا وقع فأهميته محدودة . ولذلك لم يفرد له التقنين المدني إلا نصاً واحداً وكل فيه الأمر للقاضي ، وقد اقتفى في ذلك أثر التقنين المدني السابق . ويستوي في هذا الالتصاق أن يكون قد وقع عمداً أو بقوة قاهرة ، كما يستوي أن يكون أحد لمالكين أو كلاهما حسن النية أو سيء النية . والمهم أن تتوافر شروط التصاق المنقول بالمنقول ، فإذا ما توافرت ترتب على ذلك أحكام مردها جميعاً إلى تقدير القاضي .
124 – شروط التصاق المنقول بالمنقول : يجب توافر شروط أربعة : أولاً – أن يتم الالتصاق بين منقول ومنقول . أما إذا تم التصاق منقول بعقار ، فقد ميزنا فيما تقدم بين الالتصاق الطبيعي والالتصاق الصناعي ، واستعرضنا صور كل من هاتين الحالتين ، وبسطنا الأحكام المتعلقة بكل من هذه الصور .
ثانياً – أن يكون المنقولان مملوكين لمالكين مختلفين . أما إذا اتحد المالك ، فلا يكون هناك مجال لإعمال أحكام الالتصاق ، إذ يكون المنقولان الملتصقان في حالتهما الجديدة مملوكين لنفس المالك الواحد الذي كان يملك كلاً منهما .
ثالثاً – أن يندمج المنقولان أحدهما في الآخر بحيث لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر دون تلف يصيب أحدهما أو كليهما . وهذا هو الذي يبرر إعمال قواعد الالتصاق ، لأن المنقولين يصبحان على هذا النحو منقولاً واحداً ، فلا بد من تعيين أي من المالكين المختلفين يكون هو المالك لهذا المنقول الجديد . أما إذا أمكن الفصل ، فلا يكون هناك حاجة لإعمال قواعد الالتصاق ، ووجب فصل المنقولين أحدهما عن الآخر وإعطاء كل منقول لصاحبه .
رابعاً – ألا يكون هناك اتفاق سابق بين المالكين المختلفين في شأن مصير المنقولين بعد الالتصاق . وهذا شرط جوهري ، وقد رأيناً نظيره في الالتصاق الصناعي بعقار في صور الثلاث ( [526] ) . ذلك أنه إذا وجد اتفاق سابق ، كعقد استصتاع مثلاً ، فهذا الاتفاق هو الذي يسري ، ولا تسري أحكام الالتصاق . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " إلا أن المشروع نبه إلى أمر هام ، هو ألا يكون هناك اتفاق بين المالكين للمنقولين الملتصقين . وهذا القيد هو الذي يمنع من تطبيق الحكم في العلاقة ما بين المستصنع والصانع ، فإن الصانع وإن كان يخلط مواد مملوكة له بمواد مملوكة للمستصنع ، يخضع للاتفاق المعقود بينه وبين المستصنع ، وهو عقد الاستصناع " ( [527] ) .
125 – أحكام التصاق المنقول بالمنقول : نستبعد أولاً من نطاق هذه الأحكام الفرض الذي فيه يتملك أحد المالكين المختلفين المنقول الآخر بالحيازة إذا كان حسن النية ، فيتحد المالك في هذا الفرض ، ولا تعود شروط الالتصاق ومنها اختلاف المالك متوافرة .
ويبقى إذن الفرض الذي فيه يلتصق المنقولان وهما وقت الالتصاق مملوكان لمالكين مختلفين ، لأن أحداً منهما لم يتملك المنقول الآخر بالحيازة . وقد أطال التقنين المدني الفرنسي في تفريع أحكام هذه الحالة من الالتصاق ، حتى أنه خصص لهذه المسألة المحدودة الأهمية والنادرة الوقوع ثلاث عشرة مادة ( م 565 – 577 مدني فرنسي ) ، مقتفياً في ذلك أثر القانون الروماني الذي كان يعير المسألة أهمية كبيرة نظراً لأن قاعدة تملك المنقول بالحيازة لم تكن معروفة عنده ، وهذه القاعدة تحول إلى حد بعيد دون تطبيق أحكام الالتصاق كما سبق القول .
أما التقنين المدني المصري ، القديم والجديد ، فلم يعر المسألة هذه الأهمية الكبيرة ، واكتفى كما قدمنا بنص واحد وكل فيه الأمر للقاضي ، بعد أن وضع له توجيهات عامة يسترشد بها .
وأول هذه التوجيهات هو أن يحكم القاضي مسترشداً بقواعد العدالة . فقد يختلط منقولان مختلفا القيمة أحدهما بالآخر ، فقواعد العدالة تقضي بأن يتملك صاحب الشيء الأكبر قيمة الشيء الأقل قيمة على أن يدفع قيمة هذا الشيء لصاحبه ، أو أن يتملك صاحب الشيء الأصلي الشيء التابع على أن يدفع لصاحبه قيمته . فإذا امتزج السمن بالعسل أو المشروبات الروحية بالماء أو بالصودا ، فظاهر أن صاحب السمن أو صاحب المشروبات الروحية ، وهو مالك الشيء الأكبر قيمة ، يتملك العسل أو الماء أو الصودا ، على أن يدفع قيمة هذه الأشياء لأصحابها . وإذا اندمجت قطعة " غيار " في " ماكينة " السيارة ، فظاهر أن مالك السيارة ، وهو مالك الشيء الأصلي ، يتملك قطعة الغيار وهي شيء تابع على أن يدفع قيمتها لصاحبها .
ومن هذه التوجيهات أيضاً أن يراعى القاضي الضرر الذي حدث ، فإن المالكين يصيبه ضرر أكبر بفقد ملكية منقولة هو الذي يستبقى ملكية هذا المنقول ويتملك المنقول الآخر ، فإذا خلط شخص قمحاً مملوكاً له بقمح مملوك لشخص آخر ، فأي المالكين يكون أحوج إلى القمح المخلوط يتملك قمح الشخص الآخر على أن يدفع له تعويضاً عنه .
ومن هذه التوجيهات كذلك أن يراعى القاضي حالة كل من الطرفين من حيث القدرة المالية . فأي المالكين أقوى قدرة على تعويض الطرف الآخر هو الذي يتملك المنقولين بعد التصاقهما ، على أن يدفع للطرف الآخر التعويض المستحق له .
ومن هذه التوجيهات أخيراً أن يراعى القاضي حسن نية كل من الطرفين ، فأي منهما كان حسن النية ، وكان قادراً على تعويض الطرف الآخر ، هو الذي يتملك المنقولين بعد التصاقهما ، على أن يدفع للطرف الآخر التعويض المستحق له . وقد يجعل القاضي المنقول ملكاً للمالك سيء النية الذي تعمد خلط أحدهما بالآخر ، إذا كان من شأن هذا الخلط أن ينقص من قيمتيهما ، ويوجب عليه تعويض المالك حسن النية عن منقوله بقيمته كاملة قبل أن تنتقص بالخلط . وقد يرى القاضي أن العدالة تقضي بتمليك صاحب الشيء غير الأصلي الشيء الأصلي ، نظراً لسوء نية صاحب هذا الشيء الأخير .
وقد لا يرى القاضي مرجحاً لجعل الملكية لأحد المالكين . فيجعل المنقول الذي نتج من التصاق المنقولين أحدهما بالآخر مملوكاً على الشيوع لهما معاً ، كل بنسبة قيمة المنقول الذي كان يملكه . ففي القمح المخلوط ، قد يرى القاضي أن يجعله شركة بين المالكين بالنسبة التي تقدم ذكرها . وقد يرى أن يباع ، ويقسم ثمنه بينهما بنفس النسبة .
ويميز القانون الفرنسي في هذا الصدد بين الضم ( adjonction ) ، والخلط أو المزج ( mélange ou confusion ) ، والتحويل ( specifieation ) . فالضم اتحاد منقولين مع إمكان تمييز كل منهما عن الآخر ، فيملك صاحب المنقول الأصلي أو المنقول الأكبر قيمة المنقولين معاً ، على أن يعوض صاحب المنقول الآخر . فوضع قطعة من الماس ( solitaire ) في خاتم من ذهب يجعل صاحب الماس هو المالك على أن يعوض صاحب الذهب ، وذلك بشرط أن يكون من المتعذر فصل المنقولين أحدهما بالآخر بحيث لا يمكن تمييز أي منهما ، كخلط غلال مملوكة لشخص بغلال مملوكة لشخص آخر ، أو مزج نبيذين مملوكين لمالكين مختلفين . والأصل أن يكون المنقول الجديد مملوكاً على الشيوع للمالكين معاً ، فيباع ويقسم ثمنه عليها كل بنسبة قيمة المنقول الذي كان يملكه . ولكن إذا كان أحد المنقولين أكبر قيمة من الآخر ، ملك صاحبه المنقول الجديد ، وعوض صاحب المنقول الآخر . والتحويل هو صنع شخص لشيء جديد من مادة مملوكة لآخر ، فصاحب المادة هو الذي يملك في الأصل الشيء الجديد على أن يعوض الشخص الآخر النفقات التي تكلفها وأجر عمله . ويشترط في ذلك أن تكون قيمة المادة أكبر من قيمة العمل . فمن خاط قماشاً أو صنع طقماً من " الأوبيسون " ، كان عمله في الغالب أقل قيمة من القماش الذي خاطه أو " الأوبيسون " ، كان عمله في الغالب أقل قيمة من القماش الذي خاطه أو " ألأوبيسون " الذي صنع منه طقماً ، فيملك صاحب القماش أو صاحب " الأوبيسون " الذي صنع منه طقماً ، فيملك صاحب القماش أو صاحب " الأوبيسون " القماش بعد خياطته أو " الأوبيسون " بعد صناعته طقماً ، على أن يعوض الصانع عن عمله . أما إذا كانت قيمة العمل أكبر من قيمة المادة ، فإن الصانع يملك الشيء المصنوع ، على أن يعوض صاحب المادة . فمن صنع تمثالاً من رخام أو نبيذاً من عنب ، ملك التمثال أو النبيذ ، وعوض صاحب الرخام أو العنب . ويشترط في كل ذلك بداهة ألا يكون هناك اتفاق سابق بين المالكين؛ فإن وجد اتفاق كعقد استصناع فإن الاتفاق هو الذي يسري كما سبق القول .
وهذه الأحكام لا يوجد ما يمنع من تطبيقها في مصر ، إذا وجد القاضي أنها تتفق مع قواعد العدالة التي يجب أن يسترشد بها في هذا الصدد كما قدمنا .
الفصل الثاني
العقد
( Contrat )
126 - كسب الملكية بالعقد – نص قانوني : تنص المادة 932 مدني على ما يأتي :
" تنتقل الملكية وغيرها من الحقوق العينية ، في المنقول والعقار ، بالعقد متى ورد على محل مملوك للمتصرف طبقاً للمادة 204 ، وذلك مع مراعاة النصوص الآتية " ( [528] ) .
ويخلص من هذا النص أن الملكية ، في المنقول والعقار على السواء ، تنتقل بالعقد ، على أن يرد العقد على عين معينة بالذات مملوكة للمتصرف . ونقل الملكية في المنقول بالعقد ظاهر . وإذا كانت الملكية في العقار لا تنتقل إلا بالتسجيل ، فإن معنى ذلك أن الملكية لا تنتقل إلا إذا تمت إجراءات التسجيل . ولكن الذي ينقل الملكية ، حتى في العقار ، هو العقد لا التسجيل . ذلك أن التسجيل آل ينقل بذاته الملكية إلا في نظام السجل العيني ، وهذا النظام لا يزال غير معمول به حتى اليوم وإن كان قد صدر به قانون كما سيجئ . وحتى لو قلنا مع الرأي الراجح إن الملكية في العقار لا تنتقل فيما بين المتعاقدين إلا من وقت التسجيل ، فإن ذلك لا يمنع من أن الذي نقل الملكية هو العقد ، ولكن يتراخى أثره في نقل الملكية إلى وقت التسجيل ( [529] ) . والصحيح في نظرنا أن العقد المسجل ينقل الملكية في العقار فيما بين المتعاقدين منذ انعقاده لا من وقت التسجيل ، ولا ينفذ نقل الملكية في حق الغير إلا من وقت التسجيل . وقد بسطنا رأينا هذا في تفصيل وافق عند الكلام في البيع ( [530] ) .
ويحيل النص في انتقال الملكية بالعقد إلى المادة 204 مدني ، وهي تنص على أن " الالتزام بنقل الملكية أو أي حق عيني آخر ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق ، إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم ، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل " . فنقل الملكية إذن يسبقه التزام بنقل الملكية ، وهذا الالتزام يتم تنفيذه من تلقاء نفسه مع مراعاة التسجيل في العقار ، فتنتقل الملكية عن طريق تنفيذ هذا الالتزام ( [531] ) .
وليس كل عقد يكسب الملكية أو يكشف عن كسبها . والعقود المسماة المكسبة للملكية هي البيع والمقايضة والهبة والشركة والقرض ، وأهم هذه العقود جميعاً هو عقد البيع . والعقود المسماة التي تكشف عن كسب الملكية هي الصلح والقسمة .
127 – كسب الملكية بالعقد في المنقول – نص قانوني : فإذا فكان الشيء الذي يرد عليه العقد منقولاً ، وجب التمييز بين الشيء المعين بالذات والشيء الذي لم يعين إلا بنوعه .
ففي الشيء المعين بالذات ، يتم تنفيذ الالتزام بنقل الملكية المتولد من العقد بمجرد نشوء هذا الالتزام . فإذا باع شخص سيارة معينة بالذات لشخص آخر ، كان ملتزماً بنقل ملكية السيارة إلى المشتري ، ومتى نشأ هذا الالتزام في ذمته ثم تنفيذه بمجرد نشوئه . فتنتقل ملكية السيارة فعلاً إلى المشتري ، وذلك دون حاجة إلى أي إجراء آخر من تسليم أو نحوه ( [532] ) .
وفي الشيء المعين بنوعه ، تنص المادة 933 مدني على ما يأتي :
" المنقول الذي لم يعين إلا بنوعه لا تنتقل ملكيته إلا بإفرازه طبقاً للمادة 205 " ( [533] ) .
والمادة 205 مدني التي تشير إليها المادة 933 مدني سالفة الذكر تنص على أنه " 1 - إلا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شيء لم يعين إلا بنوعه ، فلا ينتقل الحق إلا بإفراز هذا الشيء . 2 - فإذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ، جاز للدائن أن يحصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين ، بعد استئذان القاضي ، أو دون استئذانه في حالة الاستعجال ، كما يجوز له أن يطالب بقيمة الشيء ، من غير إخلال في الحالتين بحقه في التعويض " . فيتم انتقال الملكية في المنقول الذي لم يعين إلا بنوعه بالإفراز ، ولو قبل التسليم فلو أن شخصاً باع إلى شخص آخر عشرين أردباً من القمح ، لم تنتقل الملكية إلى المشتري بمجرد البيع . ويجب إفراز كمية من القمح معادلة للمقدار المحدد في عقد البيع بقصد تسليمها إلى المشتري ، ومن ثم يصبح المبيع شيئاً معيناً بالذات ، فتنتقل ملكيته بالإفراز دون حاجة إلى التسليم ([534]).
128 - كسب الملكية بالعقد في العقار – وجوب الشهر – نص قانوني تنص المادة 934 مدني على ما يأتي :
" 1 - في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى ، سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان في حق الغير ، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة في قانون تنظيم الشهر العقاري " .
" 2 - ويبين القانون الشهر المقدم الذكر التصرفات والأحكام والسندات التي يجب شهرها ، سواء أكانت ناقلة للملكية أم غير ناقلة ، ويقرر الأحكام المتعلقة بهذا الشهر " ( [535] ) .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص : " أما في العقار فلا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى ، حتى فيما بين المتعاقدين ، إلا بتسجيل . ولكن متى تم التسجيل تعتبر الملكية منتقلة من وقت العقد لا من وقت التسجيل ، لأن سبب نقل الملكية هو العقد " ( [536] ) . والمقصود أن الملكية تنتقل ، حتى في العقار ، بالعقد . ومتى تم تسجيل العقد فإنها تنتقل من وقت العقد لا من وقت التسجيل ، على أن انتقالها لا يكون نافذاً في حق الغير إلا من وقت التسجيل ( [537] ) .
ويحيل النص سالف الذكر . في انتقال ملكية العقار ، إلى قانون تنظيم الشهر العقاري ، وهو القانون رقم 114 لسنة 1946 ، ويبين هذا القانون التصرفات والأحكام القضائية والسندات التي يجب شهرها ، ويقرر الأحكام المتعلقة بهذا الشهر .
وقد عرضنا ، عند الكلام في البيع ، إلى نظام الشهر العقاري في مصر . وبينا أن هناك نظامين للشهر ، نظام الشهر الشخصي وهو المعمول به حتى اليوم ، ونظام السجل العيني وقد صدر به أخيراً القانون رقم 142 لسنة 1964 ولكن لمي عمل بهذا القانون حتى الآن . وقارنا بين النظامين ، فرأينا أن نظام السجل العيني يعلو كثيراً على نظام الشهر الشخصي ( [538] ) .
واستعرضنا المراحل الأربع التي مر بها في مصر انتقال الملكية في العقار حتى صدور قانون بتنظيم الشهر العقاري في سنة 1946 ( [539] ) .
ففي المرحلة الأولى ، وهي المرحلة السابقة على التقنين المدني القديم ، لم يوجد نظام لشهر انتقال الملكية في العقار . إذ كانت الشريعة الإسلامية هي المعمول بها في ذلك العهد وهي لا تعرف نظام الشهر ، ولم يصدر أي تشريع يضع نظاماً للشهر . وقد خفف من عيوب عدم وجوب نظام للشهر وجود نظام آخر هو نظام المكلفات الإدارية ، وهو نظام إداري وضع لجبي الضرائب العقارية ، ويقضي بتحرير التصرف في حجة شرعية وتسجيله في سجل خاص بكل مديرية ، وذلك لإثبات كل تغيير في شخص الملتزم بالضريبة العقارية في هذه السجلات أو المكلفات . فكان هذا النظام ، الذي وضع في الأصل لتنظيم جبي الضريبة العقارية ، يستخدم في الوقت ذاته كطريق لشهر الحقوق العينية ، إذ كان السجل الخاص بكل مديرية علنياً يستطيع ذوو الشأن الإطلاع عليه لمعرفة الحقوق التي ترتبت على الأراضي ( [540] ) .
وفي المرحلة الثانية ، وهي المرحلة التي بدأت بصدور التقنين المدني القديم ، أدخل المشرع المصري نظاماً لشهر الحقوق العينية اقتبسه من النظام الفرنسي الذي كان قد أدخل في فرنسا قبل ذلك بقانون 23 مارس سنة 1855 . ولا تزال نصوص هذا التقنين المدني القديم معمولاً بها في حالة المحررات التي لها تاريخ ثابت قبل أول يناير سنة 1924 ، وهو تاريخ العمل بقانون التسجيل الذي سيأتي ذكره . ويقضي التقنين المدني القديم بوجه عام بأن الملكية والحقوق العينية الأخرى تنتقل فيما بين المتعاقدين بالعقد دون حاجة إلى تسجيل ، وبأنها لا تنتقل بالنسبة إلى الغير إلا بتسجيل العقود التي هي مصدر لها . وأهم عيوب هذا النظام أنه كان نظاماً شخصياً ، يتم الشهر فيه وفقاً لأسماء الأشخاص ، ويتوزع بين جهات ثلاث ، المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمحاكم الوطنية . ولم تكن له حجية كاملة كالحجية التي تقترن بنظام السجل العيني ، فليس الشهر إلا تسجيلاً للعقد كما هو على علاته وبجميع ما ينطوي عليه من عيوب ، فلا يصح عقداً باطلاً ولا يبطل عقداً صحيحاً . ولم يكن التسجيل ضرورياً لنقل الملكية والحقوق العينية الأخرى فيما بين المتعاقدين ، وحتى بالنسبة إلى الغير كان النظام يخرج بعض الوقائع الهامة من منطقة الشهر ، كالميراث والوصية والوقف والتصرفات الكاشفة عن الحقوق العينية كالصلع والقسمة ( [541] ) .
وفي المرحلة الثالثة ، وهي المرحلة التي بدأت بصدور قانون التسجيل في سنة 1923 ، بقيت نصوص هذا القانون معمولاً بها في شأن جميع المحررات التي تم شهرها قبل أو يناير سنة 1947 ، وهو تاريخ العمل بقانون تنظيم الشهر العقاري الذي سيأتي ذكره . وقد عالج هذا القانون بعض وجوه النقض في نظام الشهر السابق عليه . فجعل التسجيل لازماً في نقل الملكية والحقوق العينية الأخرى ، لا بالنسبة إلى الغير فحسب ، بل أيضاً فيما بين المتعاقدين . وأضاف إلى منطقة التسجيل العقود والأحكام الكاشفة عن الحقوق العينية كالقسمة والصلح ، فأوجب تسجيلها ليجوز الاحتجاج بها على الغير ، وتناول دعاوى البطلان والفسخ والإلغاء والرجوع في العقد ودعوى الاستحقاق ، فأوجب شهرها ، وجعل الاحتجاج على الغير بالأحكام التي تصدر في هذه الدعاوى من تاريخ شهر صحيفة الدعوى لا من تاريخ شهر الحكم فحسب . ولكن قانون التسجيل مل يقطع الطريق إلى نهايته ، بل ترك دون علاج كثيراً من عيوب نظام الشهر السابق عليه . فبقى النظام نظاماً خصيصاً وفقاً للأسماء لا تبعاً للعقار ، وبقى لا حجية له في ذاته إذ العقد يشهر على علاته ، وبقيت جهات الشهر متعددة ، واقتصر التسجيل على العقود فيما بين الأحياء فم يخضع له الميراث والوصية والوقف ( [542] ) .
وفي المرحلة الرابعة ، وهي المرحلة التي بدأت بصدور قانون تنظيم الشهر العقاري في سنة 1946 ، لا تزال نصوص هذا القانون معمولاً بها حتى الآن ، ويخضع لها جميع المحررات الصادرة منذ أول يناير سنة 1947 ، وهو تاريخ العمل بهذا القانون . وإذ تقرر إلغاء الامتيازات الأجنبية في سنة 1949 ، ودخلت مصر في مرحلة انتقالية مدتها اثنتا عشرة سنة من سنة 1937 إلى سنة 1949 ، فقد تهيأ الجو لتوحيد جهات الشهر . وقد وحدها قانون الشهر العقاري فعلاً في جهة واحدة ، هي مكاتب الشهر العقاري ومأمورياتها المنتشرة في المدن والأقاليم ، تحت إشراف مكتب رئيسي عام . وهذا هو أهم إصلاح حققه القانون الجديد ، وبه بدأت نصوصه ، وكان ذلك خطوة كبرى في طريق إدخال نظام السجل العيني . وقد ضم قانون الشهر العقاري نظام تسجيل الحقوق العينية الأصلية ونظام قيد الحقوق العينية التبعية في صعيد واحد ، فأصلح عيباً وقع فيه قانون التسجيل ، إذ فصل هذا القانون نظام التسجيل عن نظام القيد الذي بقى خاضعاً لنظام التقنين المدني القديم . واستقصى قانون الشهر العقاري المحررات الواجبة إخضاعها للشهر ، فلم يترك ثغرات كتلك التي تركها قانون التسجيل ، وخضع للشهر الميراث والوصية والوقف ودعوى صحة التعاقد والدعوى البولصية كذلك خضع للشهر القرارات الإدارية الناقلة للملك ، كمراسيم نزع الملكية للمنفعة العامة ومراسيم تقسيم الأراضي الصادرة بناء على القانون رقم 52 لسنة 1940 وقرارات ردم البرك والمستنقعات والإذن بإحياء الأرض الموات . وحافظ قانون الشهر العقاري على وجوه الإصلاح التي حققها قانون التسجيل ، فجعل التسجيل في التصرفات المنشئة ضرورياً لنقل الحق العيني لا في حق الغير فحسب بل أيضاً فيما بين المتعاقدين ، وأخضع للتسجيل العقود الكاشفة ، وفرض إجراءات دقيقة للتحري عن صحة المحررات بل إنه قد سار في هذا الطريق شوطاً أبعد من قانون التسجيل . على أن هناك عيبين جوهريين باقيين في نظام الشهر ، لم يستطع قانون تنظيم الشهر العقاري معالجتهما . فلا يزال النظام نظاماً شخصياً بحسب الأسماء لا بحسب العقار ، ولا يزال الشهر ليست له حجية كاملة في ذاته . وما كان قانون تنظيم الشهر العقاري يستطيع معالجة هذين العيبين ، فإن العلاج الوحيد لهما هو إدخال نظام السجل العيني ( [543] ) .
وقد صدر فعلاً القانون رقم 142 لسنة 1964 بإدخال نظام السجل العيني . ولكن هذا النظام ، بالرغم من صدور قانون به ، لم يعمل به حتى اليوم . ذلك أن المادة 2 من قانون إصداره تنص على ما يأتي : " 1 - يصدر قرار من وزير العدل بتعيين الأقسام المساحية التي يسري عليها نظم الشهر على أساس إثبات المحررات في السجل العيني . ويحدد القرار التاريخ الذي يبدأ فيه هذا السريان على أن يكون هذا التاريخ لاحقاً لصدور القرار بمدة ستة أشهر على الأقل . 2 - ويستمر العمل بقوانين الشهر المعمول بها في المناطق التي لم يطبق نظام السجل العيني فيها طبقاً لأحكام الفقرة السابقة " . ولما كان لم يصدر حتى الآن قرار من وزير العدل بتعيين أي قسم مساحي يسري عليه نظام السجل العين ، فإنه لا يمكن القول إن هذا النظام قد أدخل فعلاً في مصر . وتقضي الفقرة الثانية من المادة 2 من قانون الإصدار ، كما رأينا ، بأنه حتى يصدر قرار من وزير العدل بتعين أقسام مساحية لإدخالها في نظام السجل العيني يبقى قانون تنظيم الشهر العقاري معمولاً به في كل قسم لم يدخل في هذا النظام . ومعنى ذلك أن قانون تنظيم الشهر العقاري لا يزال هو القانون المعمول به في جميع أنحاء البلاد دون استثناء . وتنص المادة 3 من قانون الإصدار على أنه " في الفترة المشار إليها في المادة السابقة تستكمل المصلحة إعداد السجل العيني للقسم المساحي على الوجه المبين بالقانون المرافق " . ففي الفترة التي يجب أن تفصل ما بين صدور القرار الوزاري بإدخال قسم مساحي في نظام السجل العيني وإدخال هذا النظام فعلاً فيه ، تستكمل مصلحة الشهر العقاري إعداد القسم المساحي الذي صدر به القرار الوزاري ليكون صالحاً لنظام السجل العين . ويظهر أنه لايوجد حتى الآن قسم مساحي في مصر يمكن إعداده لنظام السجل العين ، لعدم توافر الإمكانيات المالية والمادية . وتنص المادة 4 من قانون الإصدار على أنه " يصدر باللائحة التنفيذية قرار من وزير العدل " . ولم يصدر حتى الآن قرار من وزير العدل بهذه اللائحة التنفيذية ( [544] ) .
ولما كان قانون تنظيم الشهر العقاري هو كما قدمنا القانون المعمول به حتى الآن في جميع أنحاء البلاد ، ويقدر أن يبقى معمولاً به زمناً طويلاً حتى يتيسر إدخال نظام السجل العيني تدريجياً وعلى فترات متعاقبة بالقدر المستطاع ( [545] ) ، فإننا نتولى بحث قانون تنظيم الشهر العقاري ( [546] ) ، مقارنين إياه بقانون السجل العيني حتى تتبين أهم الفروق ما بين القانونين ( [547] ) ، ونقسم الكلام في ذلك على مبحثين : ( 1 ) المحررات الواجب شهرها وما يترتب من أثر على الشهر . ( 2 ) إجراءات الشهر .
المبحث الأول
المحررات الواجب شهرها وما يترتب من أثر على الشهر
129 – المحررات الواجب شهرها : يمكن حصر المحررات الواجب شهرا ، وفقاً لقانون الشهر العقاري ، فيما يأتي :
أولاً – التصرفات المنشئة أو الناقلة أو المنهية لحق عيني عقاري أصلي ، والأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك ( م 9 من قانون الشهر العقاري ) .
ثانياً – التصرفات والأحكام النهائية الكاشفة عن حق عيني أصلي ( م 10 من قانون الشهر العقاري ) .
ثالثاً – حق الإرث ومصدره واقعة مادية هي وفاة المورث ، والمحررات المثبتة لدين عادي على المورث ( م 13 – 14 من قانون الشهر العقاري ) .
رابعاً – دعاوى الطعن على التصرف واجب الشهر ودعاوى استحقاق حق عيني عقاري أصلي ودعاوى صحة التعاقد ( م 15 – 18 من قانون الشهر العقاري ) .
خامساً – التصرفات والأحكام المتعلقة بالحقوق العينية التبعية ( م 12 وم 19 من قانون الشهر العقاري ) .
سادساً – بعض التصرفات المتعلقة بحقوق شخصية : الإيجارات والسندات التي ترد على منفعة العقار إذا زادت مدتها على تسع سنوات ، والمخالصات والحوالات بأكثر من أجرة ثلاث سنوات مقدماً ( م 11 من قانون الشهر العقاري ) .
ونستبعد من بحثنا هذا :
أولاً – حق الإرث والمحررات المثبتة لدين على المورث ، فقد سبق أن بحثنا شهر حق الإرث وفقاً لقانون الشهر العقاري ( [548] ) ، ووفقاً لقانون السجل العيني ( [549] ) ، كما بحثنا شهر الديون التي على المورث ( [550] ) .
ثانياً – التصرفات والأحكام المتعلقة بالحقوق العينية التبعية ، إذ أن بحثها يكون عند الكلام في التأمينات العينية في الجزء العاشر من الوسيط .
ثالثاً – بعض التصرفات المتعلقة بحقوق شخصية ، أي الإيجارات إذا زادت مدتها على تسع سنوات والمخالصات والحوالات بأكثر من أجرة ثلاث سنوات مقدماً ، فهذه قد سبق بحثها عند الكلام في عقد الإيجار في الجزء السادس من الوسيط .
ويبقى إذن للبحث هنا :
أولاً – التصرفات والأحكام المتعلقة بإنشاء حق عيني عقاري أصلي أو نقله أو تغييره أو زواله .
ثانياً – التصرفات والأحكام الكاشفة عن حق عيني أصلي .
ثالثاً – الدعاوى الخاضعة للشهر .
المطلب الأول
التصرفات والأحكام المتعلقة بإنشاء حق عيني عقاري أصلي أو نقله أو تغييره أو زواله
1 - التصرفات والأحكام الواجبة الشهر
130 - العقود الواجبة الشهر : تنص الفقرة الأولى من المادة 9 من قانون الشهر العقاري على أن " جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك ، يجب شهرها بطريق التسجيل ، ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية " ( [551] ) . ويخضع هذا النص للتسجيل ، لا العقود فحسب ، بل أيضاً التصرفات الصادرة من جانب واحد ، وكذلك الأحكام النهائية .
فالعقود الواجبة التسجيل بموجب هذا النص هي :
( 1 ) العقود المنشئة لحق عيني عقاري أصلي . مثل ذلك عقد ينشئ حق انتفاع أو حق استعمال على عقار ، أو حق سكنى ، أو حق إرتفاق أو حق حكر . أما حق الملكية فلا ينشئه العقد ، لأن الإنشاء معناه الإيجاد ، والملكية لا توجد ابتداء إلا بالاستيلاء . والاستيلاء ليس بعقد ولا هو يتصرف قانوني ، وإنما هو واقعة مختلطة ، اختلطت فيه الحيازة المادية وهي عنصر مادي بإرادة المستولي في أن يتملك في الحال وهي عنصر إرادي ، ولكن العنصر المادي هو المتغلب ، ومن ثم ألحق الاستيلاء بالوقائع المادية ( [552] ) . وعلى ذلك لا يعتبر الاستيلاء تصرفاً قانونياً ، ولا يكون واجب التسجيل .
( 2 ) العقود الناقلة لحق عيني عقاري أصلي . وعلى رأس هذه الحقوق العينية العقارية الأصلية التي ينقلها العقد حق الملكية في العقار ، وعلى رأس العقود الناقلة للملكية عقد البيع . ومن ثم كان عقد بيع العقار هو الذي يؤخذ عادة نموذجاً للعقود واجبة التسجيل ، وما يسري عليه في هذا الشأن يسري على سائر العقود الناقلة للملكية وللحقوق العينية العقارية الأصلية الأخرى . ومن العقود الناقلة لحق الملكية في العقار ، إلى جانب البيع ، ومن ثم يجب تسجيلها ، المقايضة في العقار ، والوفاء بمقابل إذا كان هذا المقابل عقاراً ، وهبة العقار ، والشركة إذا قدم الشريك عقاراً حصة له في الشركة . وقد ينقل العقد حقاً عينياً عقاريا أصلياً آخر غير حق الملكية ، فيجب تسجيله . من ذلك أن يبيع المنتفع حق انتفاعه في العقار ، أو يهب هذا الحق ، أو يقدمه حصة في شركة ، أو يقدمه مقابلاً لوفاء الداين . وما يقال عن حق الانتفاع يقال عن حق الارتفاق ، فيبيع مالك العقار حق إرتفاق مقرراً لمصلحة عقاره تبعاً لبيع هذا العقار ، أ ويهب هذا الحق مع العقار ، أو يقدمه مع العقار حصة في شركة ، أو يقدمه مع العقار مقابلاً لوفاء دين .
( 3 ) العقود المغيرة لحق عيني عقاري أصلي . ويمكن التمثيل لعقد مغير لحق الملكية على عقار ، بعقد يجعل هذه الملكية قابلة للتصرف فيها بعد أن كانت مقترنة بالشرط المانع من التصرف ، وبعقد ملكية الأسرة . كذلك يمكن التمثيل لعقد مغير لحق الانتفاع على عقار لمدة معينة ، بعقد يطيل هذه المدة أو ينقص منها . ويمكن التمثيل أيضاً لعقد مغير لحق الارتفاق ، بعقد يزيد في مدى هذا الحق أو ينتقص من مداه . فهذه العقود جميعاً عقود مغيرة لحق عيني عقاري أصلي ، ومن ثم تكون واجبة التسجيل .
( 4 ) العقود المزيلة أو المنهية لحق عيني عقاري أصلي . مثل ذلك عقد ينهي حق الانتفاع في عقار قبل انقضاء مدته ، أو عقد ينهي حق الاستعمال في عقار أو حق السكنى قبل انقضاء مدة الحق وكان كل من الحقين معقوداً لمدة معينة ، أو عقد ينهي حق إرتفاق ولم تكن له مدة محددة . هذه العقود جميعاً عقود مزيلة لحق عيني عقاري أصلي ، ومن ثم تكون واجبة التسجيل . ويلاحظ أن حق الملكية حق أبدى ، فلا يزول ما دام الشيء المملوك باقياً ، ومن ثم لا يتصور إبرام عقد ينهي حق الملكية .
131 - التصرفات الصادرة من جانب واحد الواجبة الشهر : ولم يقتصر قانون الشهر العقاري ، في الإخضاع للتسجيل ، على العقود كما اقتصر قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ، بل جاوز العقود إلى التصرفات الصادرة من جانب واحد . وقد قصد بذلك أن يعالج عيباً في قانون التسجيل كان ملحوظاً ، إذ أدخل في حظيرة التسجيل تصرفين قانونيين صادرين من جانب واحد لم يكونا داخلين من قبل . وقد نص عليهما صراحة ، وهما الوقف الوصية ، في المادة 9 / 1 منه كما رأينا . وكانا يدخلان دون نص في عموم لفظ " التصرفات " ، ولكن المشرع أراد أن يؤكد وجوب تسجيلهما بالنص الصريح . وكذلك يدخل في عموم لفظ " التصرفات " إنشاء المؤسسة ، والتصرفات الإدارية التي من شأنها إنشاء حق عيني أصلي أو نقله . فيخضع إذن للتسجيل التصرفات الآتية :
( 1 ) الوقف : وهو تصرف قانوني صادر من جانب واحد هو الواقف ، ومن شأنه أن يغير من ملكية العقار الموقوف ، ويجعل هذا العقار غير مملوك لأحد من العباد ، وينشئ حقوقاً عينية فيه للمستحقين ، ويجعله خاضعاً لنظام خاص تقرر الشريعة الإسلامية قواعده في كثير من التفصيل ، وقد كان الوقف لا يسجل إلا في المحاكم الشرعية قبل نفاذ قانون الشهر العقاري ، ومنذ نفاذ هذا القانون أصبح واجب التسجيل في مكاتب الشهر العقاري لأنه يدخل في عموم التصرفات الواقعة على عقار . وبصريح النص كما سبق القول . وقد قلت أهمية الوقف بعد إلغاء الوقف الأهلي ، ولم يبق الآن إلا الوقف الخيري وهو واجب التسجيل في مكاتب الشهر العقاري .
( 2 ) الوصية : وهي تصرف قانوني صادر من جانب واحد هو الموصي ، فإذا وقعت على عقار نقلت ملكية هذا العقار من الموصي إلى الموصى له بعد موت الموصي . وقد كان قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 يخرج الوصية بالعقار من منطقة التسجيل ، لأن هذا القانون كان لا يخضع للتسجيل إلا العقود فيما بين الأحياء ، والوصية ليست بعقد ، وهي فوق ذلك تكسب الملكية بسبب الوفاة . فعالج قانون الشهر العقاري هذا العيب ، واستعمل لفظ " التصرفات " بدلاً من عبارة " العقود فيما بين الأحياء " ، فدخلت الوصية في عموم لفظ التصرفات ، إلى جانب النص عليها صراحة كما سبق القول . ومن ثم يجب تسجيل الوصية إذا وقعت على عقار ، وقد بسطنا فيما تقدم كيف يتم شهر الوصية طبقاً لقانون الشهر العقاري وطبقاً لقانون السجل العيني ( [553] ) .
( 3 ) إنشاء المؤسسة : وتنص المادة 69 مدني على أن " المؤسسة شخص اعتباري ينشأ بتخصيص مال مدة غير معينة ، لعمل ذي صفة إنسانية أو دينية أو علمية أو فنية أو رياضية أو لأي عمل آخر من أعمال البر أو النفع العام ، دون قصد إلى أي ربح مادي " . وتنص المادة 70 / 1 مدني على أن " يكون إنشاء المؤسسة بسند رسمي أو بوصية " . ويتبين من هذه النصوص أن إنشاء المؤسسة تصرف قانوني صادر من جانب واحد ، ينقل ملكية المال من مالكه منشئ المؤسسة إلى المؤسسة ذاتها وهي شخص اعتباري . فإذا كان المال عقاراً ، كان إنشاء المؤسسة تصرفاً قانونياً ناقلاً للملكية ، ومن ثم يدخل في عموم " التصرفات " الناقلة للملكية ، ويكون واجب التسجيل ، ويستوي في ذلك أن يكون إنشاء المؤسسة بسند رسمي في حال الحياة لما قدمناه ، أو يكون بوصية لما قدمناه ولأن الوصية بعقار يجب تسجيلها كما سبق القول .
( 4 ) التصرفات الإدارية : ونذكر من هذه التصرفات قرارات نزع الملكية للمنفعة العامة وقرارات تقسيم الأراضي وقرارات ردم البرك والمستنقعات وقرارات طرح البحر وأكله ( [554] ) .
ففيما يتعلق بقرارات نزع الملكية ، رأينا ( [555] ) أن القانون رقم 577 لسنة 1954 يقضي بوجوب إتباع إجراءات معينة كنزع ملكية العقار للمنفعة العامة أو للتحسين . فيصدر قرار من الوزير المختص ببيان المشروع المطلوب اعتباره من أعمال المنفعة العامة أو من أعمال التحسين ، وتحص العقارات المطلوب نزع ملكيتها ، وتعد المصلحة القائمة بنزع الملكية كشوفاً من واقع عملية الحصر تبين فيها العقارات التي تم حصرها ، وتعرض هذه الكشوف ، فإذا لم تقدم اعتراضات عليها أصبحت نهائية ، ويوقع أصحاب هذه العقارات نماذج خاصة بنقل ملكيتها للمنفعة العامة . أما إذا قدمت اعتراضات ، أو تعذر لأي سبب آخر الحصول على توقيع أصحاب الحقوق على النماذج الخاصة بنقل الملكية ، أصدر الوزير المختص قراراً بنزع ملكية العقارات . وتودع النماذج أو القرار الوزاري الصادر بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري ، ويترتب على هذا الإيداع بالنسبة إلى العقارات الواردة فيها جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع ، فتنتقل العقارات من ملكية أصحابها الخاصة إلى الملكية العامة . ونرى من ذلك أن القرار الوزاري الصادر بنزع الملكية ، وهو قرار إداري ناقل للملكية ، يجب شهره بطريق إيداعه في مكتب الشهر العقاري .
وفيما يتعلق بقرارات تقسيم الأراضي ، يقضي القانون رقم 52 لسنة 1940 الخاص بتقسيم الأراضي المعدة للبناء بأن يقدم صاحب الأرض المراد تقسيمها مشروعاً بالتقسيم ، يترك فيه المسافات اللازمة للشوارع والميادين والحدائق والمنتزهات ، ويصدر بهذا المشروع مرسوم ( قرار جمهوري ) ينشر في الجريدة الرسمية . ويجب تسجيل قرار التقسيم في مكتب الشهر العقاري ، ويمر بمراحل الشهر التمهيدية ، وترفق به خريطة يبين فيها التقسيم وما يتضمنه من منافع ، ويودع معه صورة من قائمة شروط بيع أجزاء الأرض المقسمة ، ولا تعتبر الشوارع والميادين والمرافق الأخرى داخلة في أملاك الدولة العامة إلا من تاريخ تسجيل قرار التقسيم . وهنا نرى أيضاً قراراً إدارياً ، وهو القرار الصادر بمشروع التقسيم ، واجب التسجيل ، لأنه ينقل ملكية أجزاء من الأرض المقسمة – الميادين والشوارع والمرافق الأخرى – إلى أملاك الدولة العامة .
وفيما يتعلق بقرارات ردم البرك والمستنقعات ، خول القانون رقم 76 لسنة 1946 الخاص بردم البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر وزارة الصحة والمجالس البلدية والإقليمية الحق في استصدار قرارات بنزع ملكية البرك والمستنقعات لتباشر ردمها أو تجفيفها ، وهذه القرارات بنزع الملكية ، وهي قرارات إدارية ، خاضعة للشهر بطريق التسجيل . وقد أجاز القانون المذكور للمالك المنزوعة ملكيته استرداد هذه الملكية ، في مقابل الوفاء بتكاليف الردم أو التجفيف ورد الثمن الذي يكون قد قبضه ، ويسقط هذا الحق إذا لم يستعمل في ميعاد لا يجاوز سنة من تاريخ إتمام الردم أو التجفيف . ويتم الاسترداد إما بعقد أو بقرار وزاري ، ويجب شهر العقد أو القرار الوزاري بطريق التسجيل دون رسم نسبي حتى ترد الملكية لصاحبها السابق .
وفيما يتعلق بقرارات طرح النهر ، كان القانون رقم 73 لسنة 1953 يقضي بتوزيع الطرح على مستحقيه من أصحاب أكل النهر على مقتضى قواعد معينة . ويكون التوزيع بقرار يصدره وزير المالية والاقتصاد ، ولهذا القرار الإداري قوة الورقة الرسمية ، ويجب تسجيله دون رسم نسبي ، ويؤشر به بعد تسجيله في تكليف المالك الذي صدر القرار لصالحه . وقد قدمنا ( [556] ) أن هذا القانون قد ألغاه القانون رقم 181 لسنة 1957 ، ثم ألغى هذا القانون بالقانون رقم 192 لسنة 1958 ، وقد ألغى هذا القانون الأخير بالقانون رقم 100 لسنة 1964 . ومنذ صدور قانون سنة 1957 استحدثت قاعدة جديدة هي تعويض أصحاب الأكل تعويضاً نقدياً لا تعويضاً عينيا نص ، ويباع طرح النهر لصغار المزارعين على الوجه المبين في القانون رقم 100 لسنة 1964 ( [557] ) . وبموجب هذا القانون الأخير المعمول به الآن تتولى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حصر مقدار طرح النهر وأكله في كل سنة ، ويصدر قرار من وزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي أو من ينيبه بتحديد تاريخ حدوث طرح النهر وأكله وحصر مقداره سنوياً ، ويودع هذا القرار في مكتب الشهر العقاري المختص بغير رسوم ، ويترتب على هذا الإيداع آثار الشهر القانونية .
132 - الأحكام المنشئة الواجبة الشهر : رأينا ( [558] ) أن المادة 9 / 1 من قانون الشهر العقاري توجب تسجيل " الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك " ، أي لشيء من " التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله " . وإذا فهمنا النص على هذا النحو ، كانت الأحكام المثبتة لتصرف من التصرفات المشار إليها هي الأحكام الصادرة في دعاوى صحة التعاقد ( [559] ) . فالأحكام المثبتة للعقود المنشئة لحق عيني عقاري أصلي ، كإنشاء حق انتفاع أو استعمال على عقار أو إنشاء حق سكنى أو حق ارتفاق أو حق حكر ، هي الأحكام الصادرة في دعاوى إثبات صحة التعاقد المتعلق بإنشاء هذه الحقوق . والأحكام المثبتة للعقود الناقلة لحق عيني عقاري أصلي ، كنقل حق الملكية أو حق الانتفاع ، هي الأحكام الصادرة في دعاوى إثبات صحة التعاقد المتعلق بنقل هذه الحقوق ، وعلى رأسها دعوى إثبات صحة التعاقد في بيع العقار وهي الدعوى التي تقصد عادة إذا أطلقت عبارة " دعوى صحة التعاقد " . وكذلك قلع الأحكام المثبتة للعقود المغيرة لحق عيني عقاري أصلي ، والأحكام المثبتة للعقود المزيلة أو المنهية لحق عيني عقاري أصلي ( [560] ) . ومن ثم تكون كل هذه الأحكام النهائية واجبة التسجيل بموجب نص المادة 9 / 1 من قانون الشهر العقاري .
ولكن قد يتعرض على هذا الفهم بأن قانون الشهر العقاري قد خص " دعاوى صحة التعاقد " بالذكر ، ولم يذكرها في المادة 9 / 1 منه ، بل ذكرها في المادة 15 / 2 ضمن الدعاوى الواجبة التسجيل . وهذا الاعتراض لا يؤثر في وجوب شهر الأحكام النهائية الصادرة في دعاوى صحة التعاقد ، وإنما تكون هذه الأحكام واجبة الشهر وجب المادتين 15 و 16 من قانون الشهر العقاري لا بموجب المادة 9 / 1 من هذا القانون ولكنها تكون واجبة الشهر على كل حال . ويبقى بعد ذلك ، إذا اعتددنا بهذا الاعتراض ، أن نحدد ما هي الأحكام النهائية الواجبة التسجيل بموجب المادة 9 / 1 من قانون الشهر العقاري . ولما كانت هذه المادة مأخوذة من المادة الأولى من قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ، فإن الرجوع إلى المادة الأولى سالفة الذكر ، وهي تقول " الأحكام النهائية التي يترتب عليها من ذلك " ، يبين أن المقصود هو الأحكام النهائية التي يترتب عليها إنشاء حق عيني عقاري أو نقله أو تغييره أو زواله . ولا يوجد حكم ينشئ حقاً عينياً عقارياً أو بغيره أو يزيله ، لأن الأحكام هي في الأصل مقررة للحقوق لا منشئة ولا مغيرة ولا مزيلة ، ولكن توجد أحكام تنقل حق الملكية ، فهي من ناحية تعتبر أحكاماً منشئة لا أحكاماً مقررة . ومن هذه الأحكام أحكام مرسى المزاد ، ومنها أيضاً الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة على الرأي الذي أخذت به محكمة النقض .
فأحكام مرسى المزاد في العقار تصدر عقب انتهاء المزايدة لأول مرة أو عقب زيادة العشر ، أو عند إعادة البيع على مسئولية المشتري المتخلف ، وذلك طبقاً للإجراءات التي رسمها تقنين المرافعات . وفي جميع الأحوال يصدر حكم مرسي المزاد بديباجة الأحكام ، ويشتمل منطوقه على أمر للمدين أو للحائز بتسليم العقار للراسي عليه المزاد ( م 685 مرافعات ) . ويقوم قلم الكتاب بالنيابة عن ذوي الشأن بطلب تسجيل حكم مرسي المزاد خلال ثلاثة الأيام التالية لصدوره ، ويكون الحكم المسجل سنداً بملكية من رسا عليه المزاد ( م 687 مرافعات ) . ومع ذلك لا يكون حكم مرسي المزاد ناقلاً للملكية ، ولكنه يعتبر كاشفاً عنها ، في حالتين : ( 1 ) إذا بيع العقار الشائع لعدم إمكان قسمته ورسا المزاد على أحد الشركاء ، فإن رسو المزاد هنا يعتبر قسمة لا بيعاً فيكون كاشفاً عن الملكية لا ناقلاً لها ، وقد سبق بيان ذلك عند الكلام في القسمة في الجزء الثامن من الوسيط . و يجب على كل حال تسجيل الحكم بمرسى المزاد هنا ، ولكن التسجيل يكون بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري لا بموجب المادة 9 / 1 من هذا القانون . ( 2 ) إذا رسا مزاد العقار المرهون على الحائز لهذا العقار ، فإن الحائز الذي رسا عليه المزاد في هذه الحالة يكون مالكاً للعقار بموجب سند ملكيته الأصلي ، ويكون حكم مرسى المزاد كاشفاً عن هذه الملكية لا ناقلاً لها . وتنص المادة 1075 مدني في هذا المعنى على أنه " إذا نزعت ملكية العقار المرهون ، ولو كان ذلك بعد اتخاذ إجراءات التطهير أو التخلية ، ورسا المزاد على الحائز نفسه ، اعتبر هذا مالكاً للعقار بمقتضى سند ملكيته الأصلي ، ويتطهر العقار من كل حق مقيد إذا دفع الحائز الثمن الذي رسا به المزاد أو أودعه خزانة المحكمة " . وهذا لا يعفى حكم مرسى المزاد في هذه الحالة من الشهر ، ولكن الشهر يكون بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري ، $ 355 $ لا بموجب المادة 9 / 1 من هذا القانون . والشهر هذا لا يكون بالتسجيل ، وإنما يكون بالتأشير بحكم مرسي المزاد في هامش تسجيل السند الذي تملك الحائز بموجبه العقار أصلاً وفي هامش تسجيل إنذار الحائز . وتنص المادة 688 مرافعات في هذا المعنى على أنه " إذا رسا مزاد العقار على الحائز ، لا يكون تسجيل حكم مسي المزاد واجباً ، ويؤشر بالحكم في هامش تسجيل السند الذي تملك بمقتضاه العقار أصلاً ، وفي هامش تسجيل إنذار الحائز " .
أما الحكم الذي يصدر بثبوت الشفعة ، فقد نصت المادة 944 مدني في خصوصه على ما يأتي : " الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة يعتبر سنداً لملكية الشفيع ، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل " ( [561] ) . وليس هناك شك في أن الحكم النهائي بثبوت الشفعة يجب تسجيله حتى تنتقل الملكية من البائع إلى الشفيع ، ولكن يقوم الشك في تحديد وقت انتقال الملكية ، وفيما إذا كان هذا الحكم بثبوت الشفعة ناقلاً للملك أو كاشفاً عنه . وسنعرض لهذه المسألة عند الكلام في الشفعة ( [562] ) ، ويكفي هنا أن نقرر أن الرأي الذي استقر في القضاء هو أن الحكم بثبوت الشفعة هو حكم ناقل للملك ، ومن ثم يجب تسجيله طبقاً لأحكام المادة 9 / 1 من قانون الشهر العقاري ( [563] ) .
2 - ما يترتب على الشهر من أثر
أولاً – التصرف أو الحكم قبل أن يشهر :
133 – في قانون الشهر العقاري : تنص الفقرتان 2 و 3 من المادة 9 من قانون الشهر العقاري على ما يأتي : " ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنقل ولا تتغير ولا تزول ، لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم . ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن " ( [564] ) . ويفهم من هذا النص أن التصرف أو الحكم غير المسجل لا ينشئ ولا ينقل ولا يغير ولا يزيل الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية الأصلية الأخرى ، لا بالنسبة إلى الغير وليس في هذا جديد فقد كانت هذه هي القاعدة في التقنين المدني السابق ، ولا بين ذوي الشأن وهذا هو الجديد فقد كان التصرف أو الحكم غير المسجل في عهد التقنين المدني السابق ينشئ أو ينقل أو يغير أو يزيل الحق العيني فيما بين ذوي الشأن . فتجريد التصرف أو الحكم غير المسجل من هذا الأثر فيما بين ذوي الشأن كان السياسة التشريعية المرسومة لكل من قانون التسجيل وقانون الشهر العقاري ، بقصد تقوية أثر التسجيل وحمل الناس على المبادرة إلى تسجيل عقودهم . وتوخياً للإيجاز ، نمثل للتصرف أو الحكم الذي من شأنه أن ينشئ أو ينقل أو يغير أو يزيل الحقوق العينية العقارية الأصلية ، بعقد البيع الذي من شأنه أن ينقل ملكية العقار . فتقتصر من التصرفات والأحكام في عمومها على عقد البيع ، ونقتصر من الآثار على النقل دون الإنشاء والتغيير والإزالة ، ونقتصر من الحقوق العينية العقارية الأصلية على حق الملكية دون الحقوق العينية الأخرى . وذلك لأن عقد البيع الذي من شأنه أن ينقل ملكية العقار هو التصرف الذي يغلب وقوعه في العمل ، ولأن الأحكام التي تسري على عقد البيع فيما نحن بشأنه تسري على جميع التصرفات الأخرى والأحكام التي من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تغير أو تزيل الحقوق العينية العقارية الأصلية .
فالبيع غير المسجل إذن لا ينقل الملكية بالنسبة إلى الغير ، ولا حتى فيما بين المتعاقدين ، ويترتب على ذلك أن المشتري لا يصبح مالكاً للعقار المبيع ما دام البيع لم يسجل ( [565] ) ، فلا يستطيع أن يرفع على البائع دعوى استحقاق يطالب فيها بتثبيت ملكيته على العقار المبيع ، وإن كان يستطيع كما سنرى أن يرفع دعوى بصحة التعاقد أو دعوى بصحة التوقيع . ويبقى البائع مالكاً للعقار المبيع ( [566] ) ، ولكنه مع ذلك يلتزم بتسليمه للمشتري ، وذا سلمه لم يستطع استرداده بالرغم من أنه لا يزال مالكاً له لأنه ضامن لاستحقاقه . ويجري هذا الحكم على وارث البائع ، فلا يجوز له أن يمتنع عن تسليم المبيع إلى المشتري أو أن يسترده منه بعد أن سلمه إياه . ولكن إذا باع وارث البائع العقار لمشتر آخر ، فإنه يكون قد باع ما يملك لأن ملكية العقارات كون قد انتقلت إليه من مورثه ، فإذا سجل وارث البائع حق الإرث وسجل المشتري منه عقد شرائه ، فضل المشتري من وارث البائع على المشتري من المورث نفسه إذا سبق الأول الثاني في التسجيل ( [567] ) .
ولكن البيع غير المسجل لا يزال بيعاً ، فينتج آثاره عداً نقل الملكية بالفعل . ويترتب على ذلك أن البيع غير المسجل ينشئ جميع التزامات البائع ، فيلتزم بموجبه البائع بتسليم المبيع إلى المشتري وبضمان التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية . وينشئ جميع التزامات المشتري ، فيلتزم بموجبه المشتري بدفع الثمن والمصروفات وبتسلم المبيع ( [568] ) . ففيما يتعلق بالتزامات البائع ، يلتزم هذا بموجب البيع غير المسجل بتسليم العقار المبيع إلى المشتري ، ويجبر على التسليم حتى قبل تسجيل البيع ، وتنتقل تبعة هلاك المبيع إلى المشتري عبد التسليم ولو قبل التسجيل . ويضمن البائع للمشتري التعرض الصادر منه والتعرض الصادر من الغير والاستحقاق ، فلا يجوز للبائع أن يبيع العقار مرة ثانية ، وإذا سجل المشتري الثاني قبل أن يسجل المشتري الأول ضمن البائع للمشتري الأول التعرض الصادر منه الناشئ عن استحقاق المشتري الثاني للعقار . ويضمن البائع للمشتري العيوب الخفية ، وللمشتري أن يرجع بدعوى العيب الخفي على البائع حتى قبل أن يتسلم المبيع وحتى قبل أن يسجل البيع . وفيما يتعلق بالتزامات المشتري ، يلتزم هذا بموجب البيع غير المسجل بدفع الثمن والمصروفات وبتسليم العقار المبيع ، ويستطيع البائع قبل تسجيل البيع أن يطالبه بتنفيذ كل هذه الالتزامات ( [569] ) . ويترتب على البيع غير المسجل آثاره بوصفه بيعاً ، فيؤخذ فيه بالشفعة ، ولا يؤثر عدم تسجيله في قابلية بيع مالك الغير للإبطال فإذا صدر من غير مالك كان بيع ملك الغير وكان قابلاً للإبطال ( [570] ) .
وينشئ البيع غير المسجل بوجه خاص في ذمة البائع التزاماً بنقل ملكية العقار المبيع إلى المشتري . ولما كان هذا الالتزام لا يمكن تنفيذه إلا بتسجيل عقد البيع ، ولما كان التسجيل يتطلب إجراءات لا بد فيها من تدخل البائع الشخصي إذ لا بد أن يكون مقراً بصدور البيع منه وأن يكون توقيعه مصدقاً عليه ، من أجل ذلك كان للمشتري أن يطالب البائع بأن يقوم بالأعمال الواجبة لتسجيل العقد . ولا يكتفي المشتري بأن يطالب البائع بالتعويض عن الإخلال بالتزامه ، بل يجوز له أن يصل إلى إجبار البائع على تنفيذ التزامه عيناً ونقل الملكية بالتسجيل عن طريق دعوى صحة التعاقد ( [571] ) .
134 - في قانون السجل العيني : والبيع غير المقيد في السجل العين ، عندما يكون نظام السجل العيني نافذاً ، هو أيضاً لا ينقل الملكية إلى المشتري ، ولا يترتب عليه من الأثر سوى الالتزامات الشخصية فيما بين البائع والمشتري ، وتنص الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 26 من قانون السجل العيني في هذا المعنى على ما يأتي : " ويترتب على عدم القيد أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول ، لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم . ولا يكون للتصرفات غير المقيدة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن " .
وكل ما ذكرناه في شأن البيع غير المسجل في قانون الشهر العقاري ( [572] ) ، يصدق بالنسبة إلى البيع غير المقيد في السجل العيني . فالمشتري لا يصبح مالكاً للعقار المبيع ما دام البيع لم يقيد في السجل العيني ، ويبقى البائع مالكاً للعقار المبيع ، ولكنه مع ذلك يلتزم بتسليمه للمشتري ، كما يلتزم بضمان التعرض والاستحقاق وبضمان العيوب الخفية . ويلتزم المشتري ، بموجب البيع غير المقيد ، بدفع الثمن والمصروفات وبتسلم المبيع . ويفضل المشتري من وارث البائع على المشتري من المورث نفسه ، إذا سبق الأول الثاني إلى قيد عقده في السجل العيني . ويؤخذ في البيع غير المقيد بالشفعة ، كما يؤخذ بالشفعة في البيع غير المسجل . ويبدو أن البيع غير المقيد في السجل العيني لا يزال ينشئ التزاماً بنقل الملكية في ذمة البائع ( [573] ) .
ثانياً : التصرف أو الحكم بعد أن يشهر :
135 - في قانون الشهر العقاري : ونتخذ هنا أيضاً عقد البيع المسجل نموذجاً للتصرف أو الحكم المسجل ، لنفس الاعتبارات التي قدمناها ( [574] ) . وغني عن البيان أن جميع الآثار التي يرتبها البيع قبل أن يسجل تبقى قائمة بعد أن يسجل البيع . فيبقى البيع بعد تسجيله ، كما كان قبل تسجيله ، منشئاً لالتزامات في جانب المشتري هي دفع الثمن والمصروفات وتسلم المبيع ، ومنشئاً لالتزامات في جانب البائع هي تسليم العقار المبيع وضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية . ويؤخذ في البيع المسجل بالشفعة بداهة ، ويصلح البيع المسجل سبباً صحيحاً في التقادم المكسب القصير ، بل أصبح البيع المسجل دون البيع غير المسجل هو الذي يصلح سبباً صحيحاً في التقادم المكسب القصير في التقنين المدني الجديد ( م 969 / 3 مدني ) ، و يبقى بيع ملك الغير قابلاً للإبطال قبل التسجيل وبعده .
ويزيد البيع المسجل في آثاره على البيع غير المسجل في أنه ينقل ملكية العقار فعلاً من البائع إلى المشتري ، وذلك فيما بينهما وبالنسبة إلى الغير . ويشترط في ذلك أن يكون العقار وقت البيع مملوكاً للبائع فلا ينقل بيع ملك الغير الملكية ولو سجل البيع ، وأن يكون البيع جدياً غير صوري وغير مزور ، وأن يكون صحيحاً فالبيع الباطل لا ينقل الملكية ولو سجل . ويستخلص ذلك من طبيعة التسجيل والمهمة التي يقوم بها ، فالتسجيل في قانون الشهر العقاري ، بخلاف القيد في قانون السجل العيني ، مهمته شهر المحرر على علاته . والبيع بعد التسجيل يبقى كما كان قبل التسجيل ، فإن كان صادراً من غير المالك لم ينقل الملكية بالرغم من تسجيله ، وإن كان صورياً أو مزوراً يبقى بعد التسجيل كذلك ، وغن كان باطلاً يبقى بعد التسجيل على بطلانه إذ التسجيل لا يصحح البطلان . فالذي ينقل الملكية إذن ، في نظام الشهر العقاري ، هو العقد ذاته وليس التسجيل ( [575] ) .
ونتابع البيع المسجل في نقله الملكية فيما بين المتعاقدين ، وفي نقله الملكية بالنسبة إلى الغير :
1 - فالبيع المسجل بنقل الملكية ، على النحو الذي قدمناه ، فيما بين المتعاقدين . ويترتب على ذلك أن يكون للمشتري حق التصرف في العقار المبيع باعتباره مالكاً ، ولو قبل أن يتسلمه من البائع . ويترتب على ذلك أيضاً أنه إذا أفلس البائع بعد التسجيل وقبل تسليم المبيع ، جاز للمشتري أن يأخذ عين العقار المبيع من تفليسة البائع باعتباره قد أصبح مالكاً له دون أن يزاحمه فيه دائنو البائع . والرأي الذي استقر عليه القضاء والفقه هو أن الملكية تنتقل فيما بين المتعاقدين من وقت التسجيل ، فليس لانتقالها أثر رجعي يستند إلى وقت البيع . بهذا صرحت المذكرة الإيضاحية لقانون الشهر العقاري ( [576] ) ، وعلى هذا جرى قضاء محكمة النقض ( [577] ) . وهناك رأي معارض يذهب إلى أن للتسجيل أثراً رجعياً فيما بين المتعاقدين ، أما بالنسبة إلى الغير ( [578] ) فليس له بطبيعة الحال هذا الأثر ولا تنتقل الملكية بالنسبة إلى الغير إلا من وقت التسجيل .
ونحن نؤثر هذا الرأي المعارض ، لأنه هو الرأي الذي يتفق مع طبيعة عقد البيع وطبيعة نظام التسجيل ومقتضيات الصناعة القانونية ، وقد أسهبنا في الدفاع عن هذا الرأي عند الكلام في عقد البيع ( [579] ) . وبينا أن القول بالأثر الرجعي أكثر استساغة من ناحية الصناعة القانونية ، إذ هو الذي يفسر تفسيراً مستساغاً أن ثمر المبيع وماءه يكون للمشتري من وقت تمام البيع لا من وقت تمام التسجيل ، وعليه تكاليف البيع من وقت تمام البيع كذلك ( م 458 ) . وهو الذي يفسر تفسيراً مستساغاً أيضاً أن البائع إذا أحدث بناء في الأرض المبيعة قبل تسجيل عقد البيع يعامل معاملة الباني بسوء نية في أرض غيره . وهو الذي يفسر تفسيراً مستساغاً كذلك أنه إذا تصرف المشتري في المبيع قبل أن يسجل عقد شرائه يعتبر في بعض الفروض في منزلة من يتصرف فيما يملك ( [580] ) .
ثم بينا أن هناك فروضاً يكون فيها القول بالأثر الرجعي ليس فحسب القول الأكثر الاستساغة من ناحية الصناعية القانونية ، بل هو وحده القول الحق . ونقتصر هنا على الإشارة على فرضين من الفروض الخمسة التي سبق أن ذكرناها . فلو فرضنا مشترياً لعقار لم يسجل عقده ، وبيع عقار مجاور لهذا العقار توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة ، فطلب الأخذ بالشفعة ثم سجل عقده ، فلو أخذنا بالأثر الرجعي لاعتبر المشتري مالكاً للعقار المشفوع به قبل بيع العقار المشفوع فيه ولأمكنه الأخذ بالشفعة . أما إذا أنكرنا الأثر الرجعي ، وهذا ما فعلته محكمة النقض ، فإن المشتري لا يعتبر مالكاً للعقار المشفوع به إلا بعد بيع العقار المشفوع فيه ، فلا يمكنه الأخذ بالشفعة . ونؤثر الأخذ بالأثر الرجعي ، وإعطاء المشتري الحق في الأخذ بالشفعة ( [581] ) . ولو فرضنا أن شخصاً باع داراً وقبل أن يسجل المشتري عقد شرائه أجر البائع الدار لشخص آخر ، ثم سجل المشتري . فإذا أخذنا بالأثر الرجعي لكانت ملكية الدار قد انتقلت إلى المشتري قبل صدور عقد الإيجار ، فلا يسري الإيجار في حق المشتري . أما إذا أنكرنا الأثر الرجعي ، فإن ملكية الدار لا تنتقل إلى المشتري إلا من وقت إجراء التسجيل ، أي في وقت تال لصدور الإيجار ، فيسري الإيجار في حق المشتري . ونؤثر الأخذ بالأثر الرجعي هنا أيضاً ، فلا يكون الإيجار سارياً في حق المشتري ( [582] ) .
وبينا بعد ذلك أن القول بالأثر الرجعي هو الذي يتفق مع القواعد العامة ، ذلك أن مهمة التسجيل في نظام الشهر الشخصي وهو النظام المعمول به في قانون الشهر العقاري هي إعلام الناس بوقوع التصرف وليست نقل الحق ، فالعقد في هذا النظام هو الذي ينقل الحق . أما مهمة القيد في نظام السجل العيني فهي نقل الحق ، إذ القيد في هذا النظام وليس العقد هو الذي ينقل الحق ( [583] ) .
$ 367 $ وبينا أخيراً أن القول بالأثر الرجعي لا يتعارض مع نصوص القانون ، $ 368 $ فالمادة التاسعة من قانون الشهر العقاري توجب تسجيل البيع ، وترتب على عدم تسجيله أن الملكية لا تنتقل ، لا فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير . ويؤخذ من ذلك أن البيع إذا سجل ، انتقلت الملكية به فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير . هذا كل ما ورد في النص صراحة أو دلالة ، ولم يعرض النص لتحديد الوقت الذي تنتقل فيه الملكية إذا ما سجل البيع . فوجب أن نرجع في ذلك إلى مهمة التسجيل في نظام الشهر الشخصي وإلى طبيعة البيع بعد صدور قانون الشهر العقاري . فمهمة التسجيل تحدد الوقت الذي تنتقل فيه الملكية بالنسبة إلى الغير ، ولا يمكن أن يكون إلا وقت إجراء التسجيل . وطبيعة البيع تحدد الوقت الذي تنتقل فيه الملكية فيما بين المتعاقدين ، فما دامت الملكية تنتقل بالبيع وجب أن تنتقل عند تمامه ، ولا تحول مهمة التسجيل دون ذلك . ثم صدر التقنين المدني الجديد بعد صدور قانون الشهر العقاري ، فنصت الفقرة الأولى من المادة 934 من هذا التقنين على أنه " في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى ، سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان في حق الغير ، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة في قانون تنظيم الشهر العقاري " . وجاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع التقنين المدني في هذا الصدد ما يأتي : " أما في العقار فلا تنتقل الملكية . ولا الحقوق العينية الأخرى ، حتى فيما بين المتعاقدين ، إلا بالتسجيل . ولكن متى تم التسجيل تعتبر الملكية منتقلة ، فيما بين المتعاقدين ، من وقت العقد لا من وقت التسجيل ، لأن سبب نقل الملكية هو العقد " ( [584] ) .
2 - والبيع المسجل بنقل الملكية ، على النحو الذي قدمناه أيضاً ( [585] ) ، $ 369 $ بالنسبة إلى الغير ( [586] ) . ولا يكون انتقال الملكية بالنسبة إلى الغير إلا من وقت إجراء التسجيل ، ما في ذلك من خلاف . والأصح أن يقال إن الملكية تنتقل بالبيع ، ولكن انتقالها لا يكون نافذاً في حق الغير إلا من وقت إجراء التسجيل . فلو أن شخصاً باع عقاراً مملوكاً له لمشتر ثم باع نفس العقار لمشتر ثان ، وسجل المشتري الثاني قبل أن يسجل المشتري الأول ، فإن المشتري الثاني يعتبر من الغير بالنسبة إلى المشتري الأول ، ولا يحتج عليه بالبيع الصادر إلى المشتري الأول إلا من وقت تسجيله ، أي في وقت متأخر عن تسجيل عقده هو . ومن ثم لا ينفذ في حقه البيع الأول ، وبذلك يفضل على المشتري الأول ( [587] ) . ولكن هل يشترط في تطبيق هذه القاعدة ، وتفضيل المشتري الثاني على المشتري الأول في الفرض الذي نحن بصدده ، أن يكون المشتري الثاني حسن النية وقت أن اشترى ، أي لا يعلم أن هناك مشترياً سبقه إلى شراء العقار وأن هذا المشتري لم يسجل عقده؟ عرضنا لهذه المسألة بالتفصيل عند $ 370 $ الكلام في البيع ( [588] ) ، واستعرضنا فيها العهود الثلاثة : عهد التقنين المدني السابق ، وعهد قانون التسجيل ، وعهد قانون الشهر العقاري .
ففي عهد التقنين المدني السابق ، كان الرأي الراجح هو اشتراط حسن النية في التسجيل حتى ينتج أثره ، فإذا كان المشتري الثاني الذي سجل أولاً بعلم وقت أن اشترى أن هناك مشترياً سبقه إلى شراء العقار ولم يسجل عقده ، فبادر هو إلى التسجيل ، فإن التسجيل في هذه الحالة لا ينتج أثره لعدم توافر شرط حسن النية ، ومن ثم يفضل عليه المشتري الأول ( [589] ) .
وفي عهد قانون التسجيل ، ذهبت محكمة النقض إلى أنه لا يشترط في التسجيل حسن النية ، فينتج التسجيل أثره حتى لو كان المشتري الثاني سيء النية ، فينتج التسجيل أثره حتى لو كان المشتري الثاني سيء النية يعلم وقت أن اشترى بسبق تصرف البائع في العقار المبيع ، بل وحتى لو كان المشتري الثاني متواطئاً كل التواطؤ مع البائع على حرمان المشتري الأول من الصفقة ، فلا يقبل مطلقاً الاحتجاج على صاحب العقد المسجل الذي انتقلت إليه الملكية فلعاً بتسجيله لا بسوء نية ولا بتواطؤه مع البائع ( [590] ) .
$ 371 $
وفي عهد قانون الشهر العقاري ، وهو العهد الحاضر ، فإن محكمة النقض ، بعد أن قصد واضعو قانون الشهر العقاري بإغفالهم إيراد نص صريح في هذه المسألة أن يتركوها لحكم المبادئ العامة ( [591] ) ، بقيت مع ذلك مصرة على المبدأ الذي قررته في عهد قانون التسجيل من أن التواطؤ لا يفسد العقد المسجل ، وانه لا يجوز الطعن في هذا العقد إلا بدعوى الصورية أو بالدعوى البولصية ( [592] ) . وقد بينا أن الموقف الذي نراه متفقاً مع المبادئ العامة $ 372 $ هو استبعاد الرأي الذي يشترط حسن النية لصحة التسجيل لتطرفه من ناحية ، وكذلك استبعاد الرأي الذي أخذت به محكمة النقض من أن التواطؤ ذاته لا يبطل التسجيل لتطرفه من الناحية الأخرى ( [593] ) . ويجب إذن الوقوف $ 373 $ عند الرأي الوسط ، وهو الرأي الذي لا يشترط حسن النية لصحة التسجيل ولكنه يجعل التواطؤ مبطلاً له . ذلك أن هذا الرأي الوسيط يدعم نظام التسجيل ، دون إغراق يعرض مصالح الناس للخطر . فلا يشترط لصحة التسجيل حسن النية ، حتى لا يتزعزع نظام التسجيل بإدخال عناصر نفسية فيه تهدد استقراره . ولكن يشترط لصحة التسجيل عدم التواطؤ ، فكل تصرف يكون ثمرة التواطؤ لا يسري تسجيله في حق الغير ، وبذلك لا تتعرض مصالح الناس للضياع عن طريق التدليس والغش ( [594] ) .
$ 374 $
136 - في قانون السجل العيني : جميع الآثار التي يرتبها البيع قبل أن يقيد في السجل العيني تبقى قائمة بعد أن يقيد هذا السجل . فيبقى البيع بعد قيده ، كما كان قبل قيده ، منشئاً لالتزامات شخصية في جانب المشتري هي دفع الثمن والمصروفات وتسلم المبيع . ومنشئاً لالتزامات شخصية في جانب البائع هي تسليم العقار المبيع وضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية . ويؤخذ في البيع المقيد بداهة بالشفعة .
ويزيد البيع المقيد في آثاره على البيع غير المقيد في أنه ينقل ملكية العقار فعلاً من البائع إلى المشتري ، وذلك فيما بينهما وبالنسبة إلى الغير . والذي ينقل الملكية هنا ، بخلاف ما قررناه في قانون الشهر العقاري ، هو نفس القيد في السجل العيني وليس عقد البيع . وقد قدمنا أن التسجيل في قانون الشهر العقاري مهمته شهر المحرر على علاته ، فيبقى البيع بعد التسجيل كما كان قبل التسجيل ، فإن كان باطلاً يبقى على بطلانه لأن التسجيل لا يصحح البطلان ، والذي ينقل الملكية في قانون الشهر العقاري هو العقد ذاته وليس التسجيل ( [595] ) $ 375 $ أما في السجل العيني فالأمر يختلف ، فمجرد القيد في السجل له حجية مطلقة ، وهو الذي ينقل الملكية كما قدمنا . وإذا قيد البيع في السجل العيني ، لم يعد من الجائز الطعن فيه بالتزوير ، ولا بأنه صادر من غير مالك . وجميع البيانات الواردة في السجل العيني تعتبر صحيحة ، ولها حجية مطلقة في حق جميع الناس ، وتصل هذه الحجية إلى حد أنه لو قيد عقد البيع في السجل العيني فانتقلت الملكية إلى المشتري بهذا القيد ، بقى المشتري مالكاً للعقار المبيع حتى لو خرج العقار من تحت يده إلى يد حائز استمر واضعاً يده عليه المدة المقررة للتقادم ، ولا يتملك الحائز العقار بالتقادم . وتنص المادة 37 من قانون السجل العيني في هذا المعنى على أنه " يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه . ولا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل " ( [596] ) . ذلك أن قانون السجل العيني يتحرى في إجراءاته أقصى ما يمكن من الدقة حتى لا يثبت فيه من البيانات إلا ما كان صحيحاً ، سواء عند قيد الحقوق في صحائفه لأول مرة ، أو بعد قيدها وورود تصرفات عليها فيما بعد . ففي القيد الأول تكفلت المواد 10 – 20 من قانون السجل العيني بوضع إجراءات دقيقة لهذا القيد حتى يطابق الحقيقة بقدر المستطاع ، وتكفلت المواد 21 – 25 من نفس القانون بتنظيم إجراءات تكفل التثبت من صحة البيانات الواردة بالسجل عن طريق فتح باب المعارضة فيها لجميع ذوي الشأن ، والبت فيما عسى أن يقدم من الاعتراضات بواسطة لجنة قضائية يجوز استئناف أحكامها أمام محكمة الاستئناف . وعند التصرف $ 376 $ في الحقوق ، لا يقبل في إثبات أصل الملكية أو الحق العيني سوى صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادة المستخرجة من السجل العيني ( م 48 من قانون السجل العيني ) ، وإذا قام اعتراض رفع الأمر إلى اللجنة القضائية للبت فيه على الوجه المبين في قانون السجل العيني . لهذا كله يكون مستساغاً أن تكون للبيانات الواردة في السجل العقاري هذه الحجية المطلقة ، وهذه الحجية هي حجر الزاوية في نظام السجل العيني كما تقول المذكرة الإ]ضاحية لمشروع قانون السجل العيني وهي تعدد مزايا هذا النظام ، فتجعل على رأسها " تحقيق الأمان التام لكل من يتعامل على العقار وفق البيانات الثابتة بالسجل ، إذ أنه بمجرد إثبات البيان في السجليصبح هذا البيان ممثلاً للحقيقة ونفياً من أي عيب عالق بسند الملكية بعد مضي مواعيد الطعن المنصوص عليها في المشروع أو الفصل نهائياً فيما قد يرفع من طعون . ذلك أن المشروع يأخذ بمبدأ القوة المطلقة للقيد في السجل العيني ، ويمثل هذا المبدأ حجر الزاوية للنظام ، ومعناه أن كل ما هو مقيد في السجل العيني هو الحقيقة بالنسبة للغير . وبذلك يصبح من يتعامل مع من قيد كمالك للعقار في حماية من كل دعوى غير ظاهرة في السجل ، مما يقتضي أن يؤشر بالدعاوى التي ترفع ضد البيانات المدرجة في السجل لحماية رافعها من القرينة المطلقة التي تستمد من القيد فيه " . وتعدد المذكرة الإيضاحية أيضاً من مزايا نظام السجل العيني " حظر التملك بالتقادم ، كقاعدة عامة ، في مواجهة الحقوق المقيدة بالسجل . فمن أثبت اسمه في السجل كمالك للعقار يصبح في مأمن تام من أن يفاجأ بإدعاء أي مغتصب يزعم أنه تملك العقار بوضع اليد ، وهو أم تقتضيه طبيعة القوة المطلقة للقيد في السجل . ورعاية لوضع اليد المستقر في ظل القانون القائم ، نص المشروع على طريقة القيد في السجل لأول مرة بالنسبة لمن تملك العقار فعلاً بوضع اليد قبل العمل به ، كما نص على فترة انتقال يحترم خلالها وضع يد من لم يتم مدة التقادم ، وكل ذلك على التفصيل الموضح بالمشروع " ( [597] ) .
$ 377 $
ونتابع هنا البيع المقيد في السجل العيني ، كما تابعنا البيع المسجل في مكتب الشهر العقاري ، في نقله الملكية فيما بين المتعاقدين ، وفي نقله الملكية بالنسبة إلى الغير .
1 - فالبيع المقيد في السجل العيني ينقل الملكية فيما بين المتعاقدين . ويترتب على ذلك أن يكون للمشتري حق التصرف في العقار المبيع باعتباره مالكاً ، ولو قبل أن يتسلمه من البائع . ويترتب على ذلك أيضاً أنه إذا أفلس البائع بعد قيد البيع في السجل العيني وقبل تسليم العقار المبيع ، جاز للمشتري أن يأخذ عين العقار المبيع من تفليسة البائع باعتباره قد أصبح مالكاً له دون أن يزاحمه فيه دائنو البائع . وهنا لا مجال للخلاف في أن الملكية تنتقل للمشتري ، حتى في العلاقة بينه وبين البائع ، من وقت قيد البيع في السجل العيني لا من وقت إبرام البيع ، فليس للقيد أي أثر رجعي . وإذا صح أن يقوم خلاف في قانون الشهر العقاري فيما إذا كان للتسجيل أثر رجعي فيما بين المتعاقدين ( [598] ) ، فهذا الخلاف لا يصح أن يقوم في قانون السجل العيني ، إذ الملكية فيه تنتقل فيما بين المتعاقدين من وقت القيد ، وليس للقيد أثر رجعي ما في ذلك من ريب . والذي دعا للخلاف في هذه المسألة في قانون الشهر العقاري هو أن الملكية فيه تنتقل بالبيع لا بالتسجيل كما أسلفنا ، فأمكن القول بأن الملكية تنتقل من وقت إبرام البيع فيما بين المتعاقدين ، ومن وقت التسجيل بالنسبة إلى الغير . أما في نظام السجل العيني فالملكية تنتقل بالقيد لا بالبيع كما سبق القول ، ف لم يعد هناك شك في أنها لا تنتقل إلا من وقت تمام القيد ، سواء كان ذلك بالنسبة إلى الغير أو كان فيما بين المتعاقدين . فالقيد وحده هو الذي ينقل الملكية ، وبتمامه ، ومن وقت تمامه ، تنتقل ، حتى فيما بين المتعاقدين . وإذا كانت محكمة النقض تصر على أن الملكية في قانون الشهر العقاري تنتقل حتى فيما بين المتعاقدين من وقت التسجيل كما سبق أن بينا ( [599] ) ، فليس ذلك في نظرنا إلا تعجلاً لترتيب النتائج التي تستخلص من نظام السجل العيني . وقد رتبت على $ 378 $ التسجيل ما لا يترتب إلا على القيد استباقاً للحوادث ، وتمهيداً لإدخال نظام السجل العيني ، وتأليفاً للمتعاملين على خصائص هذا النظام حتى قبل دخوله . وقد بينا أن ذلك لا يخلو من خلط بين نظامين متعارضين لكل نظام خصائصه : نظام الشهر الشخصي ونظام السجل العيني ( [600] ) .
2 - والبيع المقيد في السجل العيني ينقل الملكية بالنسبة إلى الغير . ولا يكون انتقال الملكية بالنسبة إلى الغير بداهة إلا من وقت إجراء قيد $ 379 $ البيع في السجل العيني . فلو أن شخصاً باع عقاراً لمشتر ، وقبل أن يقيد هذا المشتري عقد البيع باع البائع العقار مرة أخرى لمشتر ثان وقيد هذا المشتري الثاني البيع قبل أن يتمكن المشتري الأول من قيد عقده ، فإن المشتري الثاني دون المشتري الأول هو الذي تنتقل إليه الملكية . ويكون هذا القيد صحيحاً ، ويحتج به على المشتري الأول ، ولو كان المشتري الثاني سيء النية وقت أن اشترى أي كان يعلم بسبق تصرف البائع في العقار ، بل ولو كان متواطئاً مع البائع ، فإن القيد في السجل العيني لا يفسده سوء النية ولا يفسده التواطؤ لأن له حجية مطلقة كما قدمنا . وهذا بخلاف التسجيل في قانون الشهر العقاري ، فقد قدمنا ( [601] ) أنه إذا كان سوء النية لا يؤثر في صحته فإن التواطؤ يفسد ، لأن التسجيل ليست له الحجية المطلقة التي للقيد . وقد رأينا أن محكمة النقض قضت بغير ذلك ، وبأن التواطؤ لا يفسد التسجيل في قانون الشهر العقاري . وقد تعجلت محكمة النقض هنا ، كما تعجلت في نفي الأثر الرجعي للتسجيل فيما بين المتعاقدين ، النتائج التي لا تستخلص إلا من نظام السجل العيني ، وذلك سعياً منها دائماً في التمهيد لاتصال نظام السجل العيني . وقد كادت في سبيل ذلك أن تعطي للتسجيل الحجية المطلقة التي للقيد ، مع فرق ما بين النظامين ، ومع ما في نظام السجل العيني من ضمانات قوية تعوز نظام الشهر الشخصي ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك ( [602] ) ، ونرى أنه في نظام السجل العيني إذا اقترن القيد بالتواطؤ ، وطعن المشتري $ 380 $ الأول الذي لم يقيد عقده بالدعوى البولصية في البيع الصادر للمشتري الثاني الذي قيد عقده ، فإن هذا الطعن لا يؤثر في القيد بالرغم من اقترانه بالتواطؤ ، لأن القيد في السجل العيني له حجية مطلقة كما قدمنا . ولا يستطيع المشتري الأول إلا أن يرجح بالتعويض على كل من البائع والمشتري الثاني متضامنين لتواطئهما ، وذلك على أساس المسئولية التقصيرية . وإذا كان عقد البيع يفسده التواطؤ ، فإن التواطؤ لا يفسد القيد ، والملكية قد انتقلت إلى المشتري الثاني بالقيد لا بعقد البيع .
المطلب الثاني
التصرفات والأحكام الكاشفة عن حق عيني عقاري أصلي
التصرفات والأحكام الواجبة الشهر
137 - العقود الكاشفة الواجبة الشهر : تنص المادة 10 من قانون الشهر العقاري على أن " جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية يجب كذلك تسجيلها . . . ويسري هذا الحكم على القسمة العقارية ، ولو كان محلها أموالاً موروثة ( [603] ) " . ويخضع هذا النص للتسجيل ، لا العقود الكاشفة فحسب ، بل أيضاً التصرفات الكاشفة الصادرة من جانب واحد ، وكذلك الأحكام النهائية الكاشفة .
فالعقود الكاشفة ، الواجبة التسجيل بموجب هذا النص ، عقدان :
( 1 ) عقد القسمة ، أي القسمة بالتراضي ، إذا وقع العقد على عقار : وقد قدمنا عند الكلام في القسمة ، في الجزء الثامن من الوسيط ، أنها كاشفة للحق . فإذا كان هناك عقار شائع بين عدة شركاء وأجرى الشركاء قسمته بالاتفاق فيما بينهم ، كانت القسمة رضائية أي عقداً أطرافه هم الشركاء في العقار . ولما كان أثر القسمة هو إفراز حصة كل شريك في العقار الشائع ، فيصبح الشريك مالكاً لجزء مفرز من العقار بعد أن كانت حصته شائعة فيه ، فإن عقد القسمة هذا وهو يتناول الملكية فيحولها من ملكية $ 381 $ شائعة إلى ملكية مفرزة ، يكون واجب التسجيل . وتوجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري ، كما رأينا ، تسجيل القسمة " ولو كان محلها أموالاً موروثة " . والميراث هو من أهم أسباب الشيوع في الملكية ، فإذا آل عقار بالميراث إلى عدة ورثة ، فإنهم يملكون هذا العقار في الشيوع . فإذا قسموه بموجب عقد قسمة رضائية ، وجب تسجيل هذا العقد . وقد كان حق الإرث غير واجب الشهر في عهد التقنين المدني السابق وفي عهد قانون التسجيل ، ولم يصبح واجب الشهر إلا في قانون الشهر العقاري . لذلك نبت رأي ، في عهدي التقنين المدني السابق وقانون التسجيل ، يذهب إلى أنه لما كانت القسمة كاشفة عن الحق ، فإن القسمة بين الورثة تكون كاشفة عن حقوقهم لا منشئة لها ، ويكون سبب الملك هنا هو الإرث لا القسمة . وغذ كان الإرث غير واجب الشهر في العهدين المشار إليهما ، فإن القسمة بين الورثة ، ويرجع سبب الملك فيها إلى الإرث كما قدمنا ، لا تكون واجبة الشهر . وعيب هذا الرأي أنه إذا لم تشهر القسمة بين الورثة ، لم يتسع الغير أن يعلم إذا كان الورثة لا يزالون باقين في الشيوع أو أنهم قسموا التركة فيما بينهم ، ولا يأمن أن يتعامل مع وارث منهم إذ لا يستطيع أن يعلم إذا كانت حصته في التركة قد أفرزت بالقسمة أو أنها لا تزال شائعة . لذلك قضت محكمة النقض بوجوب تسجيل القسمة حتى لو كان محلها أموالاً موروثة ( [604] ) ، وردد قانون الشهر العقاري هذا الحكم بما نص عليه من وجوب تسجيل القسمة حتى " لو كان محلها أموالاً مورثة " كما سبق القول .
وقد يتفق الشركاء على البقاء في الشيوع في العقار لمدة لا تزيد على خمس سنوات ، فلا يجوز لأحد منهم طلب القسمة قبل انقضاء هذه المدة . ولكن هذا الاتفاق لا يسري في حق الخلف الخاص للشريك ، كمشتر لحصة هذا الشريك الشائعة ، إلا إذا سجل . فإذا سجل سري في حق هذا المشتري ، ولا يستطيع وقد أصبح شريكاً في الشيوع مكان سلفه أن يطلب القسمة قبل انقضاء المدة المتفق على بقاء الشيوع فيها . أما إذا لم يسجل الاتفاق ، $ 382 $ فإنه لا يسري في حق المشتري ، ويستطيع هذا أن يطلب القسمة في أي وقت ليفرز على الأقل حصته ، ولو كان ذلك قبل انقضاء المدة المتفق عليها . ولكن يشترط أن يكون المشتري حسن النية ، أي أنه لا يعلم بوجود الاتفاق على البقاء في الشيوع فإذا كان يعلم بوجود هذا الاتفاق سرى في حقه ولو لم يسجل .
وإذا وقع في القسمة الرضائية غبن يزيد على الخمس ، جاز للشريك المغبون نقضها ، إلا إذا أكمل له الشركاء الآخرون ما نقص من حصته نقداً أو عيناً . ودعوى نقض القسمة في العقار للغبن يجب تسجيل صحيفتها وتسجيل الحكم فيها ، على الوجه الذي سنبينه عند الكلام في تسجيل الدعاوى ( [605] ) . فإذا أكمل باقي الشركاء حصة الشريك المغبون نقداً لوقف سير دعوى النقض ، وجب شهر السند المثبت لدفع التكملة نقداً ، سواء كان إيصالاً من الشريك المغبون أو محضراً للجلسة التي تم فيها الدفع . ويكون شهر هذا السند بطريق التأشير الهامشي ، على هامش تسجيل صحيفة دعوى نقض القسمة أو على هامش تسجيل عقد القسمة نفسه ، بما يفيد هذا الدفع وانقضاء الدعوى تبعاً لذلك . أما إذا أكمل باقي الشركاء حصة الشريك المغبون عيناً فترتب على ذلك تعديل في أنصبة الشركاء المفرزة ، فإنه يصح تحرير محضر رسمي أمام المحكمة بما جرى من التعديل في أنصبة الشركاء ، وتسجيل هذا المحضر مع التأشير بمضمونه على هامش تسجيل عقد القسمة إن كان قد تم تسجيله . ويصح كذلك أن يحرر بهذه التكملة وما يستتبع من التعديل في الأنصبة عقد بين الشركاء ، ويسجل هذا العقد بالطريقة التي تم بها تسجيل عقد القسمة الأصلي ، مع التأشير بمضمونه على هامش تسجيل عقد القسمة ( [606] ) .
وفي قسمة المهايأة المكانية ، إذا دامت هذه القسمة خمس عشرة سنة فانقلبت قسمة نهائية ، وجب تسجيلها عندئذ بنفس الطريقة التي يسجل بها عقد القسمة الرضائية .
$ 383 $
( 2 ) عقد الصلح : وقد قدمنا عند الكلام في الصلح في الجزء الخامس من الوسيط أنه عقد كاشف للملكية ، فيجب إذن تسجيله إذا وقع على عقار طبقاً للمادة 10 من قانون الشهر العقاري . فإذا تصالح شخصان بعقد حرراه فيما بينهما على حقوق متنازع عليها ، وكان ضمن هذه الحقوق حق عيني عقاري أصلي ، وجب تسجيل هذا الصلح . فإذا كان النزاع على دار وأرض ، وتصالح المتنازعان على أن تكون الدار لأحدهما والأرض للآخر ، وجب تسجيل عقد الصلح في مكتب الشهر العقاري الواقع في دائرته الدار ، وكذلك في مكتب الشهر العقاري الواقع في دائرته الأرض .
وقد يتضمن الصلح حقوقاً غير متنازع عليها ، وفي هذه الحالة يكون له أثر كاشف بالنسبة إلى الحقوق المتنازع عليها وأثر ناقل بالنسبة إلى الحقوق غير المتنازع عليها . فإذا تنازع شخصان على دار وتصالحا على أن يختص أحدهما بالدار في نظير أن يعطي للآخر أرضاً ، فهذا الصلح له أثر كاشف بالنسبة إلى الدار وأثر ناقل بالنسبة إلى الأرض . ويجب تسجيله بالنسبة إلى الدار في مكتب الشهر الواقع في دائرته الدار طبقاً للمادة 10 من قانون الشهر العقاري ، ومن ثم يحتج بتسجيله على الغير ، أما فيما بين المتعاقدين فلا حاجة إلى التسجيل لأن العقد يعتبر كاشفاً عن الملكية كما سنرى . وكذلك يجب تسجيله بالنسبة إلى الأرض في مكتب الشهر الواقع في دائرته الأرض طبقاً للمادة 9 من قانون الشهر العقاري ، ولا يسري قبل التسجيل لا بالنسبة إلى الغير ولا فيما بين المتعاقدين لأن العقد يعتبر بالنسبة إلى الأرض ناقلاً للملكية .
والحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح ( jugement d'homologation ) الذي تم بين الخصوم في دعوى مرفوعة بينهم أمام القضاء لا يعتبر حكماً إلا من الناحية الشكلية ، وهو لا يخرج من الناحية الموضوعية عن كونه عقداً تم بين الخصوم في ورقة رسمية ، هي محضر الصلح ، وثقها القاضي في حدود سلطته الولائية . وهذا بخلاف الاتفاق ( jugement convenu, jugement d'expedient ) ، وصورته أن يعمد الخصمان في أثناء نظر الدعوى إلى الاتفاق على حسم النزاع بإنزال ما يطلبه المدعى إلى قدر معين ، فيعدل $ 384 $ المدعى طلباته إلى هذا القدر ، ويسلم المدعى عليه بالطلبات المعدلة ، فلا يسع القاضي في هذه الحالة إلا أن يقضي بهذه الطلبات . والحكم الصادر على هذا النحو إنما هو في الواقع نتيجة صلح بين الخصمين واتفاق ، ولذلك سمى بالحكم الإتفاقي . ولكنه يختلف في طبيعته عن الحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح ، إذ هو حكم حقيقي صدر من القاضي في حدود سلطته القضائية ( [607] ) . وسواء كان الحكم صادراً بالتصديق على محضر الصلح أو كان حكماً اتفاقياً فإنه يجب في الحالتين تسجيله ، فيسجل في الحالة الأولى باعتباره عقد صلح؛ ويسجل في الحالة الثانية باعتباره حكماً كاشفاً عن الحق كما سيجئ .
138 - التصرفات الكاشفة الصادرة من جانب واحد الواجبة الشهر : ونذكر من هذه التصرفات الإقرار للغير بملكية عقار ، وإقرار العقد الصادر من الغير ، وإجازة العقد القابل للإبطال ، وترك الحق في التقادم .
أما الإقرار ( reconnaissance ) للغير بملكية عقار ، فتارة يكون تصرفاً إنشائياً فيجب تسجيله على أن تصرف إنشائي بموجب المادة 9 من قانون الشهر العقاري ، وتارة يكون تصرفاً كاشفاً فيجب تسجيله على أنه تصرف كاشف بموجب المادة 10 من هذا القانون . فإذا باع شخص عقاراً لشخص آخر ولم يسجل عقد البيع ، وأراد المشتري أن يتصرف في العقار بالبيع مثلاً ، فطولب بسند ملكيته فوجد أنه سند غير مسجل وأن البائع لا يزال مالكاً للعقار ، جاز لهذا البائع أو لورثته أن يوقعوا مع المشتري عند البيع الصادر من هذا الأخير مقرين بملكية المشتري للعقار . ويعتبر الإقرار بالملك في هذه الحالة ، وإن كان تصرفاً صادراً من جانب واحد ، مخفياً لتصرف بالبيع صادر من البائع أو ورثته للمشتري ، ومن ثم يجب تسجيله على أنه تصرف ناقل للملك بموجب المادة 9 من قانون الشهر العقاري . وإذا أراد مالك في الشيوع أن يتصرف في جزء مفرز من العقار الشائع ، ووقع العقد معه شركاؤه في الشيوع مقرين بملكيته لهذا الجزء المفرز ، اعتبر الإقرار بالملك هنا ، وإن كان تصرفاً صادراً من جانب واحداً ، مخفياً لقسمة بين الشركاء في الشيوع نتج عنها إفراز حصة الشريك $ 385 $ المقر له بالملك ، ومن ثم يجب تسجيله على أنه تصرف كاشف عن الملك بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري ( [608] ) .
وإقرار العقد الصادر من الغير ( confirmation ) تصرف صادر من جانب واحد . فإذا باع شخص عقاراً مملوكاً لغيره ، وأقر المالك الحقيقي هذا البيع ، فإن بيع ملك الغير هنا ينقلب صحيحاً بالإقرار ، وتنتقل ملكية العقار للمشتري بالبيع . أما الإقرار الصادر من المالك الحقيقي فهو تصرف صادر من جانب واحد ، وهو إقرار كاشف لا ناقل ، ومن ثم يجب تسجيله مع البيع على أنه من التصرفات الكاشفة بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري ، أو التأشير به على هامش تسجيل البيع إن كان البيع قد سجل ( [609] ) . وإجازة العقد القابل للإبطال ( ratification ) تصرف صادر من جانب واحد ، وهو في حقيقته نزول من المتعاقد عن التمسك بحقه في إبطال العقد ، فينقلب العقد صحيحاً بهذه الإجازة . فإذا باع قاصراً عقاراً مملوكاً له ، وعند بلوغه سن الرشد أجاز العقد ، فإن ملكية العقار تنتقل إلى المشتري بالبيع . أما الإجازة فهي تصرف صادر من جانب واحد ، مثلها في ذلك مثل إقرار بيع ملك الغير في الفرض المتقدم . ومن ثم يجب تسجيل الإجازة مع البيع لتكون حجة على الغير ، وتسجيل على أنها من التصرفات الكاشفة $ 386 $ بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري ، أو يؤشر بها على هامش تسجيل البيع إن كان قد سجل ( [610] ) .
وترك الحق في التقادم ( renunciation ) تصرف صادر من جانب واحد ، وهو في حقيقته نزول من الخصم عن حقه في التمسك بالتقادم . فإذا حاز شخص عقاراً المدة الواجبة للتملك بالتقادم ، فإنه لا يملك العقار بالتقادم إلا إذا تمسك به . فإذا نزل عن حقه في التمسك بالتقادم ، فإن العقار يبقى على ملك مالكه الأصلي ، وسبب الملك هنا هو السبب الأصلي الذي تملك به هذا المالك ، عقداً كان أو ميراثاً أو وصية أو غير ذلك . أما النزول عن التقادم فهو تصرف كاشف صادر من جانب واحد ، وقد كشف به الحائز للعقار عن أن المالك الأصلي للعقار لا يزال مالكاً له . فإذا صدر هذا النزول من الحائز فإنه لا يسري في حق الغير إلا إذا سجل باعتباره من التصرفات الكاشفة بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري . وعلى ذلك لو تمت مدة التقادم المكسب لملكية العقار ، ونزل الحائز عن التمسك بالتقادم ولم يسجل هذا النزول ، ثم باع هذا العقار باعتباره مالكاً إياه بالتقادم لشخص آخر ، جاز للمشتري أن يتمسك بالتقادم الذي تم لمصلحة البائع له ( م 387 و 973 مدني ) ، ولا يحتج عليه بنزول البائع عن التقادم لأن هذا النزول لم يسجل ( [611] ) .
139 - الأحكام الكاشفة الواجبة الشهر : رأينا ( [612] ) أن المادة 10 من قانون الشهر العقاري توجب تسجيل " الأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية " . ويمكن القول هنا ، كما قلنا ، في الأحكام المنشئة واجبة التسجيل ( [613] ) ، أن الأحكام الصادرة بصحة التعاقد في عقدي القسمة والصلح الواقعين على عقار هي أحكام مثبتة لوقوع عقد القسمة $ 387 $
أو لوقوع عقد الصلح ، ومن ثم تكون أحكاماً كاشفة عن حق عيني عقاري أصلي . فيجب إذن تسجيلها باعتبارها أحكاماً كاشفة ، بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري . ولكن قد يقال هنا أيضاً إن قانون الشهر العقاري قد خص " دعاوى صحة التعاقد " بالذكر في المادة 15 / 2 منه ضمن " الدعاوى واجبة الشهر وكذلك الأحكام النهائية الصادرة في هذه الدعاوى بموجب المادة 16 منه ، فهي إذن تسجل بموجب هاتين المادتين لا بموجب المادة 10 .
ولكن يبقى بعد ذلك ، عدا أحكام صحة التعاقد ، أحكام كاشفة لا تتصل بعقود سابقة ، بل هي تكشف بذاتها عن حقوق عينية عقارية أصلية ، فيجب إذن تسجيلها بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري . ونذكر من هذه الأحكام الحكم الصادر في القسمة القضائية ، والحكم الإتفاقي ، والحكم بإرساء المزاد على الشريك ، والحكم بإرساء المزاد على الحائز للعقار .
فالقسمة إذا كانت قسمة قضائية عقارية تتم بحكم هو الذي يكشف عن حقوق المتقاسمين ، ومن ثم يجب تسجيل هذا الحكم باعتباره حكماً كاشفاً وذلك بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري . ولا تخضع عريضة دعوى القسمة للشهر ، لأن هذه الدعوى ليست من الدعاوى الواجب شهرها بموجب المادة 15 من قانون الشهر العقاري ، وإنما يجب شهرها بموجب المادة 10 من هذه القانون كما قدمنا .
وقد رأينا ( [614] ) أن الحكم الإتفاقي ( iugement convenu, iugcment d, expedient ) ( هو حكم يتفق عليه الخصمان وذلك بالاتفاق على تعديل طلبات المدعي ، فيسلم المدعي عليه بالطلبات المعدلة ، ويصدر الحكم بالقضاء بهذه الطلبات . فالحكم إذن نتيجة صلح بين الخصمين واتفاق ، ولذلك سمي بالحكم الإتفاقي . وهذا الحكم حكم حقيقي صدر من القاضي في حدود سلطته القضائية ، فإذا كان محله ملكية عقار كان حكماً كاشفاً عن حقوق عينية عقارية أصلية ، ووجب تسجيله على هذا الاعتبار بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري .
$ 388 $
ورأينا ( [615] ) كذلك أنه إذا بيع العقار الشائع لعدم إمكان قسمته ، ورسا المزاد على أحد الشركاء ، فإذا رسو المزاد يعتبر قسمة لا بيعاً . ويجب تسجيل حكم مرسي المزاد في هذه الحالة ، ولكن تسجيله يكون على اعتبار أنه حكم كاشف ، فيتم بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري .
ورأينا كذلك ( [616] ) أنه إذا رسا مزاد العقار المرهون على الحائز لهذا العقار ، فإن هذا الحائز يعتبر مالكاً للعقار بموجب سند ملكيته الأصلي ، ويكون حكم مرسى المزاد كاشفاً عن الملكية لا ناقلاً . ومن ثم يجب تسجيل هذا الحكم على اعتبار أنه حكم كاشف ، ويتم التسجيل بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري .
أما الحكم الصادر في دعوى نقض القسمة الرضائية للغبن ، فهو لا يدخل ضمن الأحكام الكاشفة الواجب تسجيلها بموجب المادة 10 من قانون الشهر العقاري ، ولكن يدخل ضمن الأحكام الصادرة في دعاوى الغرض منها الطعن في تصرف هو عقد القسمة ، فيجب تسجيل صحيفة الدعوى بموجب المادة 15 / 1 من قانون الشهر العقاري ، ويجب التأشير بالحكم بموجب المادة 16 من نفس القانون كما سيجيء .
2 - ما يترتب على الشهر من أثر
أولاً - التصرف أو الحكم قبل أن يشهر :
140 - في قانون الشهر العقاري : تنص الفقرة الأولى من المادة 10 من قانون الشهر العقاري على أن " جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية . يجب كذلك تسجيلها ، ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير " ( [617] ) .
$ 389 $
ونتخذ القسمة نموذجاً للتصرفات والأحكام الكاشفة ، كما اتخذنا البيع نموذجاً للتصرفات والأحكام المنشئة أو الناقلة أو المعدلة أو المنهية ، وذلك لنفس الاعتبارات ( [618] ) .
والذي يفهم من النص سالف الذكر أن القسمة ، رضائية كانت أو قضائية ، إذا لم تسجل ، فإنها تنتج مع ذلك أثرها فيما بين المتقاسمين ، ولكنها لا تكون حجة على الغير, وقد قضت محكمة النقض ، تطبيقاً لذلك ، بأنه بمجرد حصول القسمة وقبل تسجيلها ، يعتبر المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع في نصيبه دون غيره من أجزاء العقار المقسوم ، وبأنه لا يحتج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة ( [619] ) . والسبب في أن القسمة تنتج أثرها فيما بين المتعاقدين ولو كانت غير مسجلة أنها تكشف عن ملكية الشريك المفرزة دون أن تنشئها ، والكشف عن الملكية المفرزة فيما بين المتعاقدين أمر يقع بمجرد حصول القسمة لأن القسمة هي ذاتها التي تكشف عن ذلك . ولا محل لتراخي هذا الأثر إلى وقت تسجيل القسمة ، لأن التسجيل مهمته في نظام الشهر الشخصي هي مجرد إعلام الغير بوقوع القسمة حتى تدخل في حسابهم عند التعامل مع الشركاء في العقار الذي انتهي فيه الشيوع بالقسمة . وهذا هو الذي يعلل أيضاً أن القسمة لا تكون حجة على الغير إلا من وقت تسجيلها ، فقبل التسجيل يفترض أن الغير لا يعلم بالقسمة ، فمن حقه أن يتعامل مع الشركاء في العقار باعتبار أنه باق على الشيوع .
ويترتب على أن القسمة تنتج أثرها فيما بين المتعاقدين ولو لم تسجل أنه لو قسم عقار شائع بين شريكين ، اعتبر كل منهما بالنسبة إلى الأخر مالكاً للحصة المفرزة التي وقعت في نصيبه ، فلو وضع أحد الشريكين يده على العقار ، كان للشريك الآخر أن يحاسبه على غلة الحصة المفرزة بالذات التي وقعت في نصيبه ، وليس له أن يحاسبه على غلة الحصة المفرزة التي لمتقع في نصيبه بل وقعت في نصيب شريكه . ولو آجر أحد الشريكين الحصة
$ 390 $
المفرزة التي وقعت في نصيبه يعتبر الإيجار صادراً من مالك ، لأن المستأجر لا يعتبر من الغير فتكون القسمة نافذة فيحقه ولو قبل تسجيلها . أما إذا أجر الحصة المفرزة التي وقعت في نصيب شريكه ، فإن الإيجار يعتبر صادراً من غير مالك . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه متى كان الحكم إذ قرر ، أن القسمة مقررة للحق وليست منشئة له ، وتسجيلها غير لازم للاحتجاج بها فيما بين المتعاقدين أو طرفيا لخصومة في دعوى القسمة ، وإن كان واجباً بالنسبة إلى الغير وهم من لهم حقوق عينية على العقار محل القسمة وليس من بينهم المستأجر لأنه صاحب حق شخصي ، فإن هذا الذي قرره لا خطأ فيه ويتفق مع المادة 10 من قانون الشهر العقاري رقم 141 لسنة 1946 ( [620] ) . والجار الملاصق لأحد جانبي العقار المقسوم لا يعتبر هو أيضاً من الغير لأنه ليس له حق عيني على هذا العقار ، فتنفذ القسمة في حقه ولو قبل تسجيلها ، ولكل من الشريكين أن يحتج عليه بالقسمة غير المسجلة ، كما أن له أن يحتج بهذه القسمة غير المسجلة على كل منهما . فإذا كانت هناك أرض شائعة بين مالكين واقتسماها ، فاختص أحدهما بالقسم الشرقي من الأرض والآخر بالقسم الغربي ، وباع الجار الملاصق للقسم الشرقي أرضه ، لم يجز للشريك الذي وقع في نصبيه القسم الغربي الأخذ بالشفعة ولو لم تكن القسمة قد سجلت . ذلك أن هذا الشريك قد اعتبر ، بالنسبة إلى الجار الملاصق ، غير مالك للقسم الشرقي الملاصق للعقار المشفوع فيه ، فلم يعد جاراً ملاصقاً حتى يصح له الأخذ بالشفعة ، ويستطيع الجار أن يتمسك عليه بالقسمة غير المسجلة ( [621] ) . والذي يأخذ بالشفعة في هذه الحالة هو الشريك الذي وقع في نصبيه القسم الشرقي ، لأنه هو الحار الملاصق للعقار المشفوع فيه .
ولا يحتج بالقسمة غير المسجلة على الغير . والغير هو كل من تلقى حقاً عينياً على العقار وهو لا يزال شائعاً وقام بشهر عقده طبقاً للقانون ، وذلك
$ 391 $
كمن اشتري قبل القسمة من أحد الشركاء في الشيوع حصته الشائعة وقام بتسجيل عقد البيع . فإذا باع شريك ، قبل القسمة أو بعدها ولكن قبل تسجيلها ، حصته شائعة في العقار المقسوم ، وسجل المشتري البيع قبل أن تسجل القسمة ، لم يجز للشركاء أن يحتجوا عليه بالقسمة لأنها لم تسجل قبل تسجيل البيع ( [622] ) ، ويكون للمشتري طلب الحكم بتثبيت ملكيته للحصة الشائعة المبيعة ، وله أن يطلب إجراء قسمة جديدة إذ لا يزال العقار شائعاً في حقه وقد أصبح شريكاً على الشيوع فيه ( [623] ) . أما المشتري لجزء مفرز قبل القسمة ، فلا يعتبر من الغير لأنه لم يثبت له حق عيني على العقار الشائع قبل قسمته . وقد قضت محكمة النقض بأن الغير في حكم المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري هو من تلقى حقاً عينياً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاً على الشيوع ، وقام بتسجيله قبل تسجيل سند القسمة . وأما من تلقى من أحد الشركاء حقاً مفرزاً فإنه لا يعتبر غيراً ، ولو سبق إلى تسجيل حقه قبل أن تسجل القسمة ، إذ أن حقه في الجزء المفرز الذي أنصب عليه التصرف بتوقف مصيره على النتيجة التي تنتهي إليها القسمة ، وذلك لما هو مقرر بالمادة 826 / 2 مدني من أن التصرف الذي أنصب على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي اختص به المتصرف بموجب القسمة ، $ 392 $ مما مفاده أن القسمة غير المسجلة يحتج بها على من اشترى جزءاً مفرزاً من أحد المتقاسمين ، ويترتب عليها في شأنه ما يترتب عليها في شأن المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع واعتبار كل متقاسم مالكاً للجزء المفرز الذي وقع في نصيبه بموجب القسمة . ومن ثم فانه لا يكون لمن اشترى جزءاً مفرزاً لم يقع في نصيب البائع له بموجب القسمة أن يطلب الحكم بصحة عقد البيع بالنسبة إلى ذلك الجزء ذاته ، طالما أن القسمة وإن كانت لم تسجل تعتبر حجة عليه ، وترتب انتقال حقه من الجزء المفرز المعقود عليه إلى النصيب الذي اختص به البائع له بموجب تلك القسمة ( [624] ) .
$ 393 $
141 - في قانون السجل العيني : ويختلف حكم التصرف الكاشف غير المقيد في قانون السجل العيني عن حكم التصرف الكاشف غير المسجل في قانون الشهر العقاري ، إذ قد نصت المادة 27 / 1 من قانون السجل العيني على أنه " يجب كذلك قيد جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية ، ويترتب على عدم القيد أن هذه الحقوق لا تكون حجة لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم " . وهذا الحكم طبيعي ، فإن القيد في قانون السجل العيني ، بخلاف التسجيل في قانون الشهر العقاري ، هو الذي ينشئ الحقوق العينية العقارية الأصلية ، ويترتب على عدم القيد أن هذه الحقوق لا تكون حجة لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم " . وهذا الحكم طبيعي ، فإن القيد في قانون السجل العيني ، بخلاف التسجيل في قانون الشهر العقاري ، هو الذي ينشئ الحقوق العينية أو يكشف عنها ، وليس للتصرف أثر في ذلك . فإذا لم يقيد التصرف في السجل العيني ، لم يكن له من أثر غير إنشاء التزامات شخصية بين ذوي الشأن . وإذن يكون حكم القسمة غير المقيدة في السجل العيني هو نفس حكم البيع غير المقيد في هذا السجل ، فلا تكون هذه القسمة بما تكشف عنه من حقوق عينية حجة على الغير ولا فيما بين ذوي الشأن .
$ 394 $
ويخلص من ذلك أن القسمة غير المقيدة في السجل العيني لا تكون حجة على الغير ، وكل ما قلناه في هذا الصدد في شأن القسمة غير المسجلة بالنسبة إلى الغير في قانون الشهر العقاري ( [625] ) ينطبق هنا . فتحديد ما هو الغير في قانون السجل العيني هو نفس تحديده في قانون الشهر العقاري . وإذا باع شريك ، قبل القسمة أو بعدها ولكن قبل قيدها في السجل العيني ، حصة شائعة في العقار المقسوم ، كان المشتري من الغير . فإذا قيد سنده قبل قيد القسمة لم يحتج عليه بها ، وله أن يطلب تثبيت ملكيته للحصة الشائعة . المبيعة وإجراء قسمة جديدة ، إذ لا يزال العقار شائعاً ما دامت القسمة لم تقيد . أما المشتري لجزء مفرز من العقار الشائع ، فسواء اشترى هذا الجزء المفرز قبل القسمة أو بعدها ، وإذا اشترى بعد القسمة فسواء اشترى نفس الجزء المفرز الذي وقع في نصيب البائع له بالقسمة أو اشترى جزءاً مفرزاً آخر ، فإن القسمة غير المقيدة لا تكون قد أفرزت حصة الشريك البائع بالنسبة إليه ، سواء اعتبر من الغير أو لم يعتبر ، لأن القسمة غير المقيدة لا تفرز العقار الشائع بأي حال . وعلى ذلك يعتبر المشتري للجزء المفرز قد اشترى هذا الجزء من مالك لا يزال في الشيوع ، وتسري عليه أحكام المادة 826 / 2 مدني وتنص على ما يأتي : " وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ، ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف ، انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة . وللمتصرف إليه ، إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة ، الحق في إبطال التصرف " .
وكذلك لا تنتج القسمة غير المقيدة في السجل العيني أثراً في إفراز العقار الشائع ، حتى فيما بين المتقاسمين ، وهذا بخلاف القسمة غير المسجلة في قانون الشهر العقاري فقد قدمنا أنها تنتج جميع آثارها فيما بين المتقاسمين بالرغم من عدم تسجيلها . ويترتب على أن القسمة غير المقيدة في السجل العيني لا تنتج أثرها في إفراز العقار المقسوم فيما بين المتقاسمين أنه لو قسم عقار شائع بين $ 395 $ شريكين ولم تقيد القسمة ، اعتبر كل منهما بالنسبة إلى الآخر لا يزال مالكاً في الشيوع . وإذا أجر أحد منهما حصة مفرزة ، ولو كانت نفس الحصة التي وقعت في نصيبه بالقسمة غير المقيدة ، كان حكم إيجاره هو حكم إيجار حصة مفرزة صادر من مالك على الشيوع . وإذا كانت هناك أرض شائعة بين مالكين واقتسماها ، فاختص أحدهما بالقسم الشرقي من الأرض والآخر بالقسم الغربي ، وباع الجار الملاصق للقسم الشرقي في أرضه ، وكانت القسمة لم تقيد ، جاز لأي من الشريكين أو لكليهما أن يأخذ بالشفعة ، لأنهما لا يزال المالكين على الشيوع للأرض المشفوع بها ما دامت القسمة لم تقيد في السجل العيني ، فهما يملكان على الشيوع كلاً من القسم الشرقي والقسم الغربي .
ثانياً – التصرف أو الحكم بعد أن يشهر :
142 - في قانون الشهر العقاري : ونتخذ هنا أيضاً عقد القسمة المسجل نموذجاً للتصرف أو الحكم الكاشف المسجل . وغني عن البيان أن جميع الآثار التي ترتبها القسمة قبل أن نسجل تبقى قائمة بعد أن تسجل القسمة . فتبقى القسمة بعد تسجيلها ، كما كانت قبل تسجيلها ، منتجة لجميع آثارها فيما بين المتقاسمين .
وتزيد القسمة المسجلة في آثارها على القسمة غير المسجلة في أنها تكون حجة على الغير . وقد سبق تحديد ما هو الغير ، وكيف لا تكون القسمة غير المسجلة حجة عليه ( [626] ) ، ولا تزيد هنا على أن نقول إنه في جميع الفروض التي لا تكون فيها القسمة غير المسجلة حجة على الغير ، نكون حجة عليه إذا ما سجلت ، ومن وقت هذا التسجيل ، فإذا باع شريك بعد القسمة وقبل تسجيلها عقاراً كان شائعاً قبل القسمة ، وكان العقار المبيع لم يقع بالقسمة في نصيب الشريك البائع ، ولكن القسمة سجلت قبل تسجيل البيع ، فإن الشريك الذي وقع في نصيبه بالقسمة العقار المبيع يستطيع أن يحتج بالقسمة على المشتري ، ومن ثم لا يعتد بالبيع الصادر لهذا المشتري ، ويكون تسجيل القسمة صحيحاً حتى لو كان المتقاسم الذي وقع العقار في نصيبه سيء النية ، $ 396 $ إذ أن سوء النية لا يفسد التسجيل ، وإنما يفسده التواطؤ على الخلاف الذي بسطناه عند الكلام في تسجيل البيع ( [627] ) .
143 - في قانون السجل العيني : إذا قيدت القسمة في السجل العيني ، فإنها تنتج جميع آثارها في إفراز العقار المقسوم ، سواء كان ذلك بالنسبة إلى الغير أو فيما بين المتقاسمين . ويلاحظ أن القيد في السجل العيني له حجية مطلقة ليست للتسجيل في قانون الشهر العقاري ، وقد سبق أن بسطنا القول في ذلك ( [628] ) . فإذا قيدت القسمة في السجل العيني ، لم يعد من الجائز الطعن فيها بالتزوير ، ولا بأنها صادرة من غير مالك . وجميع البيانات الواردة في السجل العيني في شأن القسمة المقيدة فيها تعتبر صحيحة ، ولها حجية مطلقة في حق جميع الناس . ولا يفسد القيد في القسمة ، كما لا يفسد القيد في البيع ، لا سوء النية ولا التواطؤ ( [629] ) .
فالقسمة المقيدة تكون حجة على الغير ، فإذا باع الشريك بعد القسمة وقبل قيدها عقاراً شائعاً ، ووقع هذا العقار بالقسمة في نصيب هذا الشريك ، وقيدت القسمة قبل أن يقيد البيع ، احتج الشريك الذي وقع في نصيبه العقار المبيع بالقسمة المقيدة على المشتري لهذا العقار . ومن ثم يبقى هذا الشريك مستأثراً بالعقار ، ويرجع المشتري على الشريك البائع بضمان الاستحقاق .
والقسمة المقيدة تنتج أثرها في إفراز العقار الشائع فيما بين المتقاسمين ، وكانت قبل قيدها لا تنتج هذا الأثر كما سبق القول ( [630] ) . فإذا قسم عقار شائع بين شريكين وقيدت القسمة ، اعتبر كل منهما بالنسبة إلى الآخر مالكاً للحصة المفرزة التي وقعت في نصيبه بالقسمة . وإذا آجر هذه الحصة كان الإيجار صادراً من مالك ، أما إذا آجر الحصة المفرزة التي وقعت في نصيب الشريك الآخر كان الإيجار صادراً من غير مالك . وإذا كانت هناك أرض شائعة بين مالكين واقتسماها ، فاختص أحدهما بالقسم الشرقي $ 397 $ من الأرض والآخر بالقسم الغربي ، وقيدت القسمة في السجل العيني ، وباع الجار الملاصق للقسم الشرقي أرضه ، فإن الشفيع هنا يكون صاحب القسم الشرقي لأنه أصبح مالكاً بالقسمة المقيدة للأرض الملاصقة للأرض المشفوع فيها . ولا يجوز لصاحب القسم الغربي أن يأخذ بالشفعة ، لأنه لم يعد مالكاً إلا لهذا القسم بعد أن قيدت القسمة ، وهو غير ملاصق للأرض المشفوع فيها .
المطلب الثالث
الدعاوى الخاضعة للشهر
1 - أنواع الدعاوى الخاصة للشهر
144 - دعاوى الطعن في التصرفات الواجبة الشهر : تنص الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون الشهر العقاري على أنه " يجب التأشير في هامش تسجيل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجوداً أو صحة أو نفاذاً ، كدعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع . فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر ، تسجل تلك الدعاوى " ( [631] ) .
والمحررات واجبة الشهر التي يجب التأشير في هامش تسجيلها بما يقدم ضدها من دعاوى الطعن هي المحررات التي تتضمن تصرفات ناقلة ( أو معدلة أو منهية ) للحقوق العينية العقارية الأصلية ( [632] ) وعلى رأسها عقد البيع ، أو تصرفات منشئة لهذه الحقوق وعلى رأسها العقد المنشئ لحق انتفاع أو لحق إرتفاق ، أو تصرفات كاشفة عن هذه الحقوق وعلى رأسها عقد القسمة .
أما دعاوى الطعن في هذه التصرفات التي يجب التأشير بها أو تسجيلها فهي الدعاوى التي تطعن في وجود التصرف ، أو في صحته ، أو في نفاذه .
$ 398 $
فالدعاوى التي تطعن في وجود التصرف نوعان : ( 1 ) دعاوى تنكر وجود التصرف منذ البداية ، وهذه هي دعاوى الطعن ببطلان التصرف لسبب من أسباب البطلان المطلق ( كانعدام الأهلية وفقد التمييز وعدم مشروعية المحل أو السبب ) ، ودعاوى الطعن بصورية التصرف فيكون التصرف في هذه الحالة لا وجود له منذ البداية ( [633] ) . ( 2 ) دعاوى لا تنكر وجود التصرف منذ البداية ولكنها تهدف إلى فسخه أو إلى إلغائه . ويدخل في هذه الدعاوى : دعاوى الفسخ في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يف أحد المتعاقدين بالتزاماته ، ودعاوى الانفساخ إذا كان العقد قد انفسخ من تلقاء نفسه لشرط في العقد يقضي بذلك أو لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبي ، ودعاوى الرجوع في الهبة لعذر مقبول وعدم وجود المانع من الرجوع ، ودعاوى حل الشركة بناء على طلب أحد الشركاء لسبب يسوغ الحل ( م 530 / 1 مدني ) أو انحلالها بسبب طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة لسبب معقول إذا كانت الشركة معينة المدة ( م 531 / 2 مدني ) .
والدعاوى التي تطعن في صحة التصرف يتدرج تحتها : ( 1 ) جميع دعاوى إبطال التصرف ، لسبب نقص في الأهلية أو عيب في الرضاء من غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال . ( 2 ) دعوى نقض القسمة الرضائية ، إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس ( م 845 مدني ) . أما إكمال باقي الشركاء حصة الشريك المغبون نقداً أو عيناً ، فقد سبق بيان كيفية إجراء شهره ( [634] ) . وأما دعوى تكملة الثمن بسبب غبن يزيد على الخمس في بيع عقار مملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية ، فهذه ، إذا قضى فيها بتكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل ( م 425 مدني ) ولم يف المشتري بالتزامه من دفع تكملة الثمن ، تؤول إلى دعوى فسخ ويجب شهرها كسائر دعاوى الفسخ ، وقبل هذا الشهر " لا تلحق هذه الدعاوى ضرراً $ 399 $ بالغير حسن النية إذا كسب حقاً عينياً على العقار المبيع " ( م 426 / 2 مدني ) .
والدعاوى التي تطعن في نفاذ التصرف يتدرج تحتها : ( 1 ) الدعوى البولصية ، وهي الدعوى التي يرفعها الدائن طالباً فيها عدم نفاذ تصرف المدين في حقه إذا توافرت في هذا التصرف شروط معينة ( م 237 مدني ) . ( 2 ) دعوى عدم نفاذ الوصية في حق الورثة فيما يزيد على ثلث التركة . ويلحق بها دعوى عدم نفاذ بيع المريض مرض الموت ( أو تصرفه بوجه عام ) في حق ورثته فيما يزيد على ثلث التركة ( م 477 مدني ) ، وقبل شهر هذه الدعوى لا يسري الحكم فيها " إضراراً بالغير حسن النية إذا كان هذا الغير قد كسب بعوض حقاً عينياً على العين المبيعة " ( م 478 مدني ) ( [635] ) .
ويخلص مما تقدم أن دعاوى الطعن في التصرفات واجبة الشهر ، واليت يجب التأشير بها أو تسجيلها ، تشتمل على الدعاوى الآتية : ( 1 ) دعوى الطعن ببطلان التصرف . ( 2 ) دعوى الطعن بصورية التصرف . ( 3 ) دعوى المطالبة بفسخ التصرف . ( 4 ) دعوى تقرير انفساخ التصرف ( [636] ) . ( 5 ) دعوى الرجوع في الهبة . ( 6 ) دعوى حل الشركة أو انحلالها . ( 7 ) دعوى الطعن بإبطال التصرف . ( 8 ) دعوى نقض القسمة الرضائية للغبن . ( 9 ) الدعوى البولصية . ( 10 ) دعوى عدم نفاذ الوصية أو عدم نفاذ تصرف المريض مرض الموت في حق الورثة فيما يجاوز ثلث التركة .
145 - دعاوى حق التعاقد : تنص العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الشهر العقاري على ما يأتي : " كما يجب تسجيل $ 400 $ دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية " ( [637] ) . ودعوى صحة التعاقد لم تكن مذكورة في قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ، ولكن العمل ابتدعها بخاصة في عقد البيع تحت اسم " دعوى صحة ونفاذ العقد " منذ صدور هذا القانون ، ليواجه بها امتناع البائع عن القيام بالأعمال الواجبة لتسجيل عقد البيع ، وبخاصة التصديق على إمضائه في الورثة العربية المثبتة لعقد البيع . فإذا ما صدر الحكم بثبوت البيع أو بصحته ونفاذه ( realisatin, constatation de le vente ) ، جعل منه المشتري سنداً يغنيه عن عقد البيع الصالح لتسجيل ، إذ هو يثبت وقوع البيع صحيحاً نافذاً ، فيجوز إذن للمشتري أن يسجل هذا الحكم باعتباره سنداً قاطعاً على وقوع البيع ، ولا يحتاج في تسجيله إلى تدخل البائع ، ومتا سجله انتقلت إليه ملكية المبيع ( [638] ) . بل إن العمل سار مرحلة أبعد من ذلك ، وغل يد البائع عن التصرف في العقار المبيع من وقت رفع الدعوى بصحة التعاقد ، وذلك بأن يسجل المشتري صحيفة دعوى صحة التعاقد ، ومن وقت تسجيلها لا يستطيع البائع أن يتصرف في العقار ، حتى إذا صدر الحكم بصحة التعاقد بعد ذلك أشر المشتري به على هامش تسجيل صحيفة الدعوى ، فيصبح أي تصرف صادر من البائع من وقت تسجيل صحيفة الدعوى بصحة التعاقد غير نافذ في حق المشتري . وقد أقرت محكمة النقض العمل فيما جرى عليه من ذلك ، واعتبرت دعوى صحة التعاقد دعوى استحقاق مآلاً حتى تجعلها خاضعة للشهر كدعاوى $ 401 $ الاستحقاق التي ذكرها صراحة قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ( [639] ) . وجاء قانون الشهر العقاري مؤيداً للعمل والقضاء ، فنص صراحة كما رأينا في المادة 15 / 2 على أنه " يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية " ، ورتب على تسجيلها كما جاء في المادة 17 / 1 منه على أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به على هامش تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد يكون حجة على ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة هذه الدعوى ( [640] ) .
ودعوى صحة التعاقد ، على الوجه التقدم الذكر ، أكثر ما ترفع في خصوص مطالبة المشتري بالحكم بصحة ونفاذ عقد البيع ، وهو عقد ناقل للملكية . ولكن لا يوجد ما يمنع من رفعها في خصوص المطالبة بالحكم بصحة ونفاذ أي عقد آخر غير البيع ، سواء كان هذا العقد ناقلاً أو منشئاً لحق عيني عقاري آخر غير حق الملكية كحق الانتفاع أو حق الارتفاق ، أو كان كاشفاً عن حق عيني عقاري . فيجوز رفع الدعوى بصحة ونفاذ عقد المقايضة أو عقد الهبة أو عقد الشركة أو عقد الوفاء بمقابل يكون عقاراً أو عقد ينقل حق الانتفاع من المنتفع إلى غيره ( بيع حق الانتفاع ) ، أو عقد $ 402 $ ينشئ حق إرتفاق ، أو عقد يكشف عن حق الملكية العقارية كعقد القسمة أو عقد الصلح .
ويخلص إذن مما تقدم أن جميع دعاوى صحة التعاقد ، على النحو الذي أسلفناه ، يجب تسجيل صحائفها إذا وقعت حلو حقوق عينية عقارية ، كما هو صريح نص المادة 15 / 2 من قانون الشهر العقاري فيما قدمناه .
146 - دعوى الاستحقاق العقار : تنص العبارة الأولى من الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الشهر العقاري على ما يأتي : " ويجب كذلك تسجيل دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية أو التأشير بها على حسب الأحوال " ( [641] ) .
والأصل في دعوى الاستحقاق العقارية أن تكون المطالبة فيها بحق ملكية العقار دون الحقوق العينية الأخرى . ولا تطلق دعوى الاستحقاق ( action en revendication ) بمعناها المألوف على الدعوى العينية التي يطالب فيها المدعى بحق عيني عقاري آخر غير حق الملكية ، كحق الانتفاع وحق الارتفاق . غير أن النص سالف الذكر يوجب " تسجيل دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية أو التأشير بها " . فهذا النص الواسع يشمل في نظرنا الدعاوى الآتية :
1 - دعوى الاستحقاق العقارية بمعناها المعروف ، وهي الدعوى التي يطالب فيها بملكية عقار . ولا يقصد هنا بدعوى الاستحقاق هذه الدعوى على إطلاقها ، أي الدعوى التي يرفعها المالك الحقيقي على الحائز لاسترداد عقاره . فإن هذه الدعوى إذا سجلت وقضى للمالك الحقيقي بملكيته للعقار ، كان الحكم حجة على من اشترى العقار من الحائز ولو كان حسن النية وسجل عقد شرائه قبل تسجيل صحيفة دعوى الاستحقاق ، لأنه يكون قد اشترى من غير مالك . وإنما يقصد بدعوى الاستحقاق الدعوى التي يرفعها المالك على الحائز في الأحوال التي يكون فيها تصرف الحائز في العقار نافذاً في حق المالك ، كدعوى الاستحقاق التي يرفعها المالك ضد الوارث الظاهر ودعوى $ 403 $ الصورية التي يرفعها البائع بعقد صوري ضد المشتري . فدعوى الاستحقاق التي يرفعها المالك ضد الوارث الظاهر يجب تسجيل صحيفتها ، أو التأشير بها على هامش تسجيل حق الإرث الذي قام به الوارث الظاهر . فإذا باع الوارث الظاهر العقار لمشتر حسن النية وسجل المشتري عقد شرائه قبل شهر صحيفة دعوى الاستحقاق ، لم يسر الحكم بالاستحقاق في حق المشتري . أما إذا شهرت صحيفة دعوى الاستحقاق قبل تسجيل البيع الصادر من الوارث الظاهر ، فإن الحكم بالاستحقاق يسري في حق المشتري من الوارث الظاهر ، ويكون حجة عليه . ودعوى الصورية التي يرفعها البائع بعقد صوري ضد المشتري منه يجب تسجيل صحيفتها ، أو التأشير بها على هامش تسجيل عقد البيع الصوري . فإذا باع المشتري في العقد الصوري العقار لمشتر آخر حسن النية ، وسجل هذا المشتري الآخر عقد شرائه قبل شهر دعوى الصورية ، لم يسر الحكم بالصورية في حق المشتري من المشتري بعقد صوري . أما إذا شهرت دعوى الصورية قبل تسجيل البيع الصادر من المشتري في العقد الصوري ، فإن الحكم بالاستحقاق يسري في حق المشتري من المشتري بعقد صوري ويكون حجة عليه ( [642] ) .
2 - دعوى استحقاق أي حق عيني آخر غير حق الملكية ، كحق الانتفاع وحق الارتفاق . وتسمى هذه الدعوى بدعوى الإقرار بحق عيني ( aeticn confessoire ) ، إذا طالب فيها شخص بحق انتفاع أو حق إرتفاق على عقار للغير . فيجب تسجيل صحيفة هذه الدعوى ، أو التأشير بها على هامش تسجيل سند ملكية الغير المطالب بحق الانتفاع أو حق الارتفاق على عقاره . فإذا انشأ المالك لهذا العقار نفس حق الانتفاع أو نفس حق الارتفاق لشخص آخر ، وسجل هذا الأخير سند إنشاء حقه قبل شهر صحيفة دعوى الإقرار بالحق العيني وكان حسن النية ، لم يكن الحكم الصادر لمصلحة $ 404 $ المدعى في دعوى الإقرار بالحق العيني حجة عليه . أما إذا شهرت صحيفة الدعوى قبل تسجيل سند الإنشاء ، فإن الحكم يكون حجة على من كسب حق الانتفاع أو حق الارتفاق مرة ثانية ولو كان حسن النية .
3 - وإلى جانب دعوى الإقرار بحق عيني توجد دعوى إنكار الحق العيني ( action negatoire ) ، ويرفعها مالك العقار على من يتمسك بحق انتفاع أو حق إرتفاق على عقاره وينكر المالك عليه هذا الحق ، وهذه أيضاً يجب تسجيل صحيفتها . فإذا باع مدعى حق الانتفاع هذا الحق لمشتر حسن النية ، أو باع مدعى حق الارتفاق عقاره المرتفق بما له من حق الارتفاق المدعى به لمشتر حسن النية ، وكان مدعى حق الانتفاع أو حق الارتفاق وارثاً ظاهراً لحق الانتفاع أو للعقار المرتفق ، فإنه إذا سجل البيع قبل تسجيل صحيفة دعوى إنكار الحق العيني ، لم يكن الحكم في دعوى إنكار الحق العيني حجة على من اشترى حق الانتفاع أو اشترى العقار المرتفق . أما إذا سجلت دعوى إنكار الحق العيني قبل تسجيل البيع ، فإن الحكم الصادر في دعوى إنكار الحق العيني يكون حجة على من اشترى حق الانتفاع أو اشترى العقار المرتفق ( [643] ) .
147 - الدعاوى الخاضعة للشهر في قانون السجل العيني : تنص المادة 32 من قانون السجل العيني على أن " الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري أو بصحة أو نفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها يجب أن تتضمن الطلبات فيها إجراء التغيير في بيانات السجل العيني ، ولا تقبل الدعوى إلا بعد تقديم شهادة دالة على حصول التأشير في السجل بمضمون هذه الطلبات " . وتحديد الدعاوى الواجب التأشير بها على الوجه الوارد في هذا النص لا يخلو من شيء من الغموض .
والأمر المحقق أن " الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري " تشمل دعوى الاستحقاق ودعوى الإقرار بالحق العيني ودعوى الإنكار للحق العيني ، وقد بينا فيما تقدم ( [644] ) ما هو المقصود بهذه الدعاوى . ومن ثم يجب أن تتضمن $ 405 $ الطلبات فيها إجراء التغيير في بيانات السجل العيني بما يقتضيه مضمون هذه الطلبات ، والتأشير في السجل بهذه الطلبات بما فيها طلبات إجراء التغيير في بيانات السجل على النحو المتقدم . ونأخذ على سبيل المثال دعوى الاستحقاق فمن الجائز ، حتى في نظام السجل العيني ، أن يقيد حق الإرث في السجل ، ثم يتبين ، بالرغم من الفحص الدقيق الذي يقتضيه هذا النظام ، أن الواردة الذي قيد حقه ليس هو الوارث الحقيقي . ويتقدم الوارث الحقيقي يطالب الوارث الظاهر باستحقاقه للعقار الموروث ، وهذه دعوى إرث أو هي دعوى استحقاق عن طريق الميراث ، فيجب في هذه الحالة أن يضمن الوارث الحقيقي طلب استحقاق العقار طلب إجراء التغيير في بيانات السجل الواردة في قيد حق الإرث بما يفيد أن المالك للعقار ليس هو الوارث الظاهر بل هو الوارث الحقيقي . ويجب فوق ذلك أن يؤشر الوارث الحقيقي بهذه الطلبات جميعاً أمام البيانات الواردة في السجل بشأن قيد حق الإرث ، وأن يقدم شهادة دالة على حصول هذا التأشير حتى تقبل منه دعوى الإرث أو دعوى الاستحقاق عن طريق الميراث .
والأمر المحقق أيضاً أن الدعاوى المتعلقة " بصحة أو نفاذ تصف من التصرفات الواجب قيدها " تشمل دعوى الطعن ببطلان التصرف ، ودعوى الطعن بإبطال التصرف ، ودعوى نقض القسمة الرضائية للغبن ، لأن هذه كلها دعاوى متعلقة بصحة التصرف . كذلك تشمل الدعوى البولصية ، ودعاوى عدم نفاذ الوصية وعدم نفاذ تصرفات المريض مرض الموت في حق الورثة بما يجاوز ثلث التركة ، لأن هذه الدعاوى متعلقة بنفاذ التصرف . ويجب أيضاً أن تشمل دعاوى الفسخ والانفساخ والرجوع في الهبة وحل الشركة أو انحلالها والصورية ، وإن كانت هذه الدعاوى لا تتعلق بصحة التصرف أو نفاذه ، إلا أنها دعاوى يتصور رفعها بالرغم من قيد التصرف في السجل العيني ، والحكم فيها بطلبات المدعى من شأنه أن يغير من بيانات السجل . ومن ثم يجب ، في رأينا ، أن يضمن المدعى في جميع الدعاوى المتقدم ذكرها – وقد سبق بيانها فيما تقدم ( [645] ) - طلباته طلب إجراء التغيير $ 406 $ في بيانات السجل العيني ، والتأشير بهذه الطلبات جميعاً أمام بيانات السجل المراد تغييرها ، وتقديم شهادة دالة على حصول هذا التأشير حتى يمكن قبول الدعوى ( [646] ) .
ويبدو أن قانون السجل العيني يختلف عن قانون الشهر العقاري فيما يأتي : في قانون الشهر العقاري ، يمكن ألا يشهر المدعى دعواه ويكتفي بشهر الحكم الصادر في الدعوى ، وفي هذه الحالة لا يسري الحكم في حق الغير إلا من وقت شهره لأن صحيفة الدعوى لم تشهر . أما في قانون السجل العيني ، إذا لم يشهر المدعى دعواه على النحو الذي بسطناه فيما تقدم ، فإن الدعوى لا تقبل منه أصلاً ، فلا يتمكن بناء على ذلك من الحصول على حكم في الدعوى ( [647] ) .
$ 407 $
2 - كيف يكون إجراء شهر الدعاوى وما يترتب عليه من أثر
148 - كيف يكون إجراء شهر الدعاوى في قانون الشهر العقاري : يجب التمييز في هذا الصدد بين دعاوى الطعن في التصرفات ( وجوداً أو صحة أو نفاذاً ) ودعاوى الاستحقاق من جهة ، ودعاوى صحة التعاقد من جهة أخرى .
فأما دعاوى الطعن في التصرفات ودعاوى الاستحقاق ، فتشهر بأحد طريقين : ( 1 ) بطريق التأشير في هامش تسجيل التصرفات المطعون فيها في حالة دعاوى الطعن في التصرفات ، أو في هامش تسجيل سند المدعى عليه في حالة دعاوى الاستحقاق ( [648] ) ، وذلك إذا كان التصرف المطعون فيه أو سند المدعى عليه مسجلاً . ( 2 ) فإذا لم يكن التصرف أو السند مسجلاً ، كان شهر صحيفة الدعوى عن طريق تسجيلها استقلالاً ، إذ لم يعد التأشير بها ممكناً . وتنص المادة 15 / 1 و 2 من قانون الشهر العقاري في هذا المعنى ، كما رأينا ، على أنه " يجب التأشير في هامش تسجيل المحررات واجبة الشهر مما يقدم ضدها من الدعاوى . . فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر ، تسجل تلك الدعاوى . ويجب كذلك تسجيل دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية أو التأشير بها على حسب الأحوال . . . . . " .
وأما دعاوى صحة التعاقد ، فلا يكون شهرها إلا بطريق تسجيل صحائفها استقلالاً ، وتقول الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الشهر العقاري في هذا المعنى : " . . . . كما يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية " .
والسبب في هذا التمييز أن دعاوى الطعن في التصرفات ودعاوى الاستحقاق تنصب مباشرة على تعديل حقوق قد يكون سبق تسجيلها ، فيكون شهر هذه الدعاوى إما بطريق التأشير إذا كانت هذه الحقوق قد سجلت ، أو بطريق التسجيل إذا كانت هذه الحقوق لم تسجل . أما دعاوى صحة التعاقد $ 408 $ فتنصب ، لا على تعديل حقوق سابقة ، بل على تصرفات جديدة تنقل هذه الحقوق إلى شخص جديد ، فيجب تسجيلها استقلالاً .
ويخلص من ذلك أن الدعاوى الخاضعة للشهر يكون شهرها بطريق التأشير في حالات معينة ، وبطريق التسجيل في حالات أخرى . وتنص الفقرة الثالثة من المادة 15 من قانون الشهر العقاري على ما يأتي : " وتحصل التأشيرات والتسجيلات المشار إليها بعد إعلان صحيفة الدعوى وقيدها بجدول المحكمة " . والسبب في ذلك هو عدم تمكين المدعى من شهر الدعوى إلا بعد أن يثبت أنه جاد في رفع دعواه ، بأن يقيد الدعوى بجدول المحكمة ويعلنها ( [649] ) قبل شهر صحيفتها . ولو لم يوجب القانون قيد الدعوى وإعلانها قبل شهر صحيفتها ، لأمكن المدعى أن يشهر صحيفة الدعوى ثم لا يعلنها . فتبقى هذه الدعوى سيفاً معلقاً يهدد المدعى عليه ، بما يستتبعه شهر صحيفتها من تقييد حريته في التصرف في العقار محل النزاع ، إذ لا يقدم أحد على التعامل معه في هذا العقار إلا وهو يحسب حساب الدعوى التي شهرت صحيفتها . ويقف المدعى عند شهر صحيفة الدعوى ، فلا هو كف عن هذا الشهر حتى $ 409 $ لا يقيد حرية المدعى عليه في التصرف ، ولا هو مضى في الدعوى إلى أن يبت فيها ويتبين مصيرها .
وطريق آخر فتحه المشرع للمدعى عليه يعالج به رفع المدعى للدعاوى الكيدية ، وشهر صحائفها تعنتاً وتعسفاً . فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 18 من قانون الشهر العقاري على ما يأتي : " كذا للطرف ذي الشأن أن يطلب إلى القاضي ( قاضي الأمور المستعجلة ) محو التأشير أو التسجيل المشار إليه في المادة الخامسة عشرة ، فيأمر به القاضي إذا تبين أن الدعوى التي نأشر بها أو سجلت لم ترفع إلا لغرض كيدي محض " ( [650] ) . فيجوز إذن للمدعى عليه ، وكذلك لدائنه لا فحسب بطريق الدعوى غير المباشرة بل أيضاً بطريق مباشر لأنه ذو شأن ، أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة محو التأشير بصحيفة الدعوى أو محو تسجيلها إذا أثبت أن هذه الدعوى دعوى كيدية محضة ، الغرض منها غل يد المدعى عليه عن التصرف في عقاره ، أو غل يد دائنه عن التنفيذ على هذا العقار .
والتأشير بصحيفة الدعوى أو تسجيلها ليس إلا إجراء تمهيداً يراد به التحضير للتأشير بمنطوق الحكم النهائي الذي يصدر في هذه الدعوى . فإذا ما صدر الحكم النهائي لصالح المدعى في الدعوى التي شهرت صحيفتها ، كان على هذا الأخير أن يؤشر بمنطوق هذا الحكم في ذيل التأشير بصحيفة الدعوى إذا كانت هذه الحصيفة قد أشر بها ، أو في هامش تسجيل الصحيفة إذا كانت قد سجلت . وتنص المادة 16 من قانون الشهر العقاري في هذا المعنى على أن " يؤشر بمنطوق الحكم النهائي في الدعاوى المبينة بالمادة السابقة في ذيل التأشير بالدعوى أو في هامش تسجيلها " ( [651] ) .
$ 410 $
149 - كيف يكون إجراء شهر الدعاوى في قانون السجل العيني : رأينا أن المادة 32 من قانون السجل العيني تنص على أن " الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري أو بصحة أو نفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها يجب أن تتضمن الطلبات فيها إجراء التغيير في بيانات السجل العيني ، ولا تقبل الدعوى إلا بعد تقديم شهادة دالة على حصول التأشير في السجل بمضمون هذه الطلبات ( [652] ) " . ويتبين من هذا النص أن شهر الدعاوى الواجبة الشهر في قانون السجل العيني يستوجب خطوات ثلاثاً :
أولاً – تضمن الطلبات الواردة في صحيفة الدعوى طلباً إضافياً هو إجراء التغيير في بيانات السجل العيني بما يقتضيه مضمون هذه الطلبات . فإذا كانت الدعوى مثلاً بطلب بطلان عقد ، وجب أن تتضمن الطلبات طلبا بمحو القيد الخاص بهذا العقد في السجل العيني . فإذا ما خلت صحيفة العقار من هذا القيد بعد الحكم بمحوه ، رجع العقار إلى ملك المدعى بموجب القدي السابق – على القيد المحكوم بمحوه ، ويعتبر القيد الممحو كأن لم يكن .
ثايناً – التأشير في السجل العيني بمضمون الطلبات في الدعوى ، بما فيها طلب إجراء التغيير في بيانات السجل العيني على النحو سالف الذكر .
ثالثاً – تقديم شهادة تدل على حصول التأشير على الوجه المتقدم الذكر ، ولا يجوز قبول الدعوى إلا بتقديم هذه الشهادة .
وبعد هذه الخطوات الثلاث يسار في نظر الدعوى ، بعد أن تكون صحيفتها قد شهرت ( [653] ) ، إلى أن يبت فيها بحكم نهائي .
ويجب أن يؤشر في السجل العيني بمنطوق هذا الحكم النهائي ، إذ تنص المادة 34 من قانون الشهر العقاري على أن " يؤشر في السجل العيني بمنطوق الحكم النهائي الصادر في الدعوى المبينة في المادة السابقة " .
150 - ما يترتب على شهر الدعاوى من أثر في قانون الشهر العقاري : تنص المادة 17 من قانون الشهر العقاري على أنه " يترتب على تسجيل الدعاوى $ 411 $ المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعى ، إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون ، يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما " ( [654] ) .
ويتبين من هذا النص أن شهر الدعاوى السابق ذكرها يكون حجة على الغير ، والغير هنا هو من ترتب له حق عيني على العقار محل الدعوى وقام بشهره طبقاً للقانون . فإذا فرض أن عقاراً بيع وأن عقد البيع سجل ، ثم رفع البائع دعوى بفسخ البيع ، فقد قدمنا أنه يجب أن يؤشر على هامش تسجيل البيع بصحيفة دعوى الفسخ . فإذا تصرف المشتري في العقار بأن رهنه مثلاً ، وقيد الدائن المرتهن الرهن قبل صدور الحكم في دعوى الفسخ ، ثم صدر الحكم بفسخ البيع وللفسخ أثر رجعي إذ يعتبر العقد المفسوخ كأن لم يكن كما هو معروف ، فهل يحتج بفسخ البيع على الدائن المرتهن فيعتبر أنه قد ارتهن من مالك قد فسخ عقده أي من غير مالك فيكون الرهن باطلاً؟ هنا يجب التمييز بين حالتين :
$ 412 $
( الحالة الأولى ) أن يكون الدائن المرتهن قد قيد حق الرهن بعد شهر دعوى الفسخ ، أي بعد التأشير بصحيفة الدعوى على هامش تسجيل البيع . وفي هذه الحالة يكون الحكم بفسخ البيع حجة عليه ، فيسترد البائع العقار بعد فسخ البيع خالياً من الرهن . ويستوي في ذلك أن يكون الدائن المرتهن سيء النية أو حسن النية ، فلو أنه كان لا يعلم وقت أن ارتهن العقار أن هناك دعوى مرفوعة بفسخ البيع أي لو أنه كان حسن النية ، فإن الحكم بالفسخ يكون مع ذلك حجة عليه . ذلك لأن شهر صحيفة الدعوى يفرض معه فرضاً غير قابل لإثبات العكس أن الدائن المرتهن كان يعلم ، أو كان ينبغي أن يعلم ، بسبق رفع دعوى الفسخ ، إذ كان من الواجب عليه قبل أن يقدم على ارتهان العقار أن يبحث في سجلات الشهر العقاري فيجد أن صحيفة دعوى الفسخ قد شهرت . ويلاحظ أن شهر الحكم النهائي بالفسخ على الوجه الذي قدمناه ( [655] ) يكون على هذا النحو له أثر رجعي ، فإن هذا الحكم يحتج به على الدائن المرتهن ، لا من وقت شهره فحسب ، بل أيضاً من وقت شهر صحيفة الدعوى بالفسخ التي صدر فيها هذا الحكم ، أي من وقت متقدم على الوقت الذي شهر فيه الحكم وهذا الأثر الرجعي هو الأمر الجوهري المقصود بشهر صحيفة الدعوى ، فما تطلب القانون شهر صحيفة الدعوى إلى ليجعل لشهر الحكم الصادر في هذه الدعوى أثراً رجعياً ينسحب إلى وقت شهر الدعوى . فمنع القانون بهذه الطريقة المدعى عليه ، عندما ترفع عليه الدعوى ، من أن يندفع إلى التصرف في العقار قبل صدور الحكم النهائي إذا توقع أن هذا الحكم سيصدر لغير صالحه . وذلك بأن أوجب شهر صحيفة الدعوى حتى يكون الشهر حجة على من يتصرف له المدعى عليه ، وجعل لشهر الحكم النهائي أثراً رجعياً يستند إلى وقت شهر صحيفة الدعوى ، فيصبح الحكم حجة على الغير الذي تصرف له المدعى عليه .
( الحالة الثانية ) أن يكون الدائن المرتهن قد قيد الرهن قبل شهر دعوى الفسخ . في هذه الحالة لا يكون الحكم النهائي بالفسخ ، حتى لو شهر ، $ 413 $ حجة عليه ، ويبقى حق رهنه قائماً بالرغم من فسخ البيع ، ويسترد البائع العقار من تحت يد المشتري بعد فسخ البيع محملاً بحق الرهن . ولكن يشترط في ذلك أن يكون الدائن المرتهن وقت أن ارتهن العقار حسن النية ، أي لا يعلم ولا يستطيع أن يعلم أن هناك سبباً لفسخ البيع ويعتقد أن ملكية المشتري الراهن ملكية باتة لا عيب فهيا ولا تقبل النقض ( [656] ) . فإذا كان سيء النية يعلم بعيب في ملكية المشتري أو أنها ملكية معرضة للفسخ ، كان الحكم النهائي بالفسخ إذا شهر حجة عليه فيزول حق الرهن بحكم الأثر الرجعي للفسخ ، ويسترد البائع العقار من تحت يد المشتري خالياً من الرهن .
وإذا فرض أن الدعوى المرفوعة ، بدلاً من دعوى الفسخ ، هي دعوى صحة التعاقد ( مثلاً دعوى صحة ونفاذ البيع ) وشهر المشتري صحيفة الدعوى ، فإذا كان البائع قد باع العقار مرة ثانية وسجل المشتري الثاني عقده بعد شهر صحيفة دعوى صحة ونفاذ البيع ، فإن الحكم النهائي الذي يصدر في الدعوى متى شهر يكون حجة على المشتري الثاني كما سبق القول في الحالة الأولى . أما إذا سجل المشتري الثاني عقده قبل شهر صحيفة الدعوى ، فإن $ 414 $ الحكم النهائي الصادر في دعوى صحة التعاقد ، حتى لو شهر ، لا يكون حجة عليه ، بشرط أن يكون حسن النية . وحسن النية هنا ليس معناه مجرد عدم علم المشتري الثاني يسبق صدور بيع من البائع ، فإن المشتري الثاني في دعوى صحة التعاقد لا يكون سيء النية إذا سبق إلى التسجيل ، ولا يكون تسجيله باطلاً ، إلا إذا كان متواطئاً مع البائع للإضرار بالمشتري الأول ( [657] ) ، وقد قدمنا أن التسجيل في قانون الشهر العقاري لا يبطله إلا التواطؤ ( [658] ) .
151 – ما يترتب على شهر الدعاوى من أثر في قانون السجل العيني : تنص المادة 35 من قانون السجل العيني على أنه " يترتب على التأشير بالدعاوى في السجل العيني أن حق المدعى ، إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون خلال خمس سنوات من تاريخ صيرورته نهائياً ، يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق وأثبتت لمصلحتهم بيانات في السجل ابتداء من تاريخ التأشير بهذه الدعاوى في السجل . وتبدأ مدة الخمس السنوات بالنسبة إلى الأحكام $ 415 $ النهائية القائمة وقت العمل بهذا القانون من تاريخ نفاذ القرار المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار " . ويتبين من هذا النص أنه يجب التمييز بين حالتين :
( الحالة الأولى ) أن يؤشر بالحكم النهائي الصادر في الدعوى التي شهرت صحيفتها في السجل العيني في خلال خمس سنوات من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً ( [659] ) . وفي هذه الحالة يكون الحكم النهائي حجة على الغير ، ممن ترتبت لهم حقوق عينية على العقار وأثبتت لمصلحتهم بيانات في السجل العين ، بأثر رجعي ينسحب إلى وقت شهر صحيفة الدعوى . فإذا كانت الدعوى يطالب فيها البائع يفسخ بيع عقار صادر منه ومقيد فيا لسجل العيني ، وكان المشتري قد رتب رهناً على هذا العقار ، ولكن البائع شهر صحيفة دعوى الفسخ قبل أن يقيد الدائن المرتهن حق رهنه في السجل العيني ، فإن الحكم النهائي الصادر بفسخ البيع إذا أشر به في السجل يستند أثره إلى الماضي أي إلى وقت شهر صحيفة دعوى الفسخ ويكون حجة على الدائن المرتهن ولو كان حسن النية ، فيزول الرهن ، ويسترد البائع من المشتري العقار خالياً من هذا الحق . أما إذا قيد الدائن المرتهن حق رهنه في السجل $ 416 $ العين قبل شهر صحيفة دعوى الفسخ ، فإن الحكم بالفسخ ، حتى لو أشر به في السجل العيني ، لا يكون حجة على الدائن المرتهن ، ويبقى حق رهنه قائماً بالرغم من فسخ البيع ، ويسترد البائع من المشتري العقار محملاً بهذا الحق . وهنا ، في قانون السجل العيني بخلاف قانون الشهر العقاري ، لا يشترط أن يكون الدائن المرتهن حسن النية حتى يظل حق رهنه قائماً . فما دام هذا الدائن قد قدي حق رهنه في السجل العيني قبل شهر صحيفة دعوى الفسخ ، فإن لقيد حقه حجية مطلقة لا يزيلها سوء النية بل ولا التواطؤ ، فيبقى حقه قائماً يحتج به على البائع حتى بعد صدور حكم نهائي بفسخ البيع وبعد استرداد البائع العقار المرهون من تحت يد المشتري ، فيسترده مثقلاً بحق الرهن .
( الحالة الثانية ) أن يؤشر بالحكم النهائي الصادر في الدعوى التي شهرت صحيفتها في السجل العيني ويكون التأشير بعد انقضاء خمس سنوات من وقت صيرورة الحكم نهائياً . وفي هذه الحالة لم يرد المشرع في قانون السجل العيني أن يمنح من صدر الحكم لصالحه الميزة التي منحها له فيما لو أشر بالحكم في خلال الخمس السنوات ، فسكت عن أن يجعل للتأشير بالحكم أثراً رجعياً يستند إلى وقت شهر صحيفة الدعوى ، وذلك جزاء له على تأخره في التأشير بالحكم ، وحثاً لمن صدرت أحكام لمصلحتهم على ألا يتأخروا عن التأشير بها أكثر من خمس سنوات . ومن ثم تسري القواعد العامة في هذه الحالة ، ولا ينتج التأشير بالحكم – ونفرضه حكماً بفسخ البيع – أثره إلا من وقت التأشير به في السجل العيني ، دون أثر رجعي يستند إلى وقت شهر صحيفة دعوى الفسخ . وعلى ذلك إذا ترتب حق رهن مثلاً على العقار ، وقيد الدائن المرتهن حقه في السجل العيني بعد التأشير بحكم الفسخ ، كان الحكم حجة على هذا الدائن وزال حق رهنه بفسخ البيع ، واسترد البائع من تحت يد المشتري العقار خالياً من هذا الرهن . أما إذا قيد الدائن المرتهن حق رهنه قبل التأشير بحكم الفسخ ، ولو بعد رفع دعوى الفسخ ، بل ولو بعد شهر صحيفة هذه الدعوى ، فإن التأشير بالحكم بالفسخ لا يكون حجة على الدائن المرتهن ، حتى لو كان سيء النية أي كان يعلم وقت أن ارتهن العقار أن $ 417 $ هناك دعوى مرفوعة بفسخ البيع ، بل ولو كان متواطئاً مع المشتري . فيبقى حق رهنه قائماً بالرغم من فسخ البيع ، ويسترد البائع من تحت يد المشتري العقار المرهون مثقلاً بهذا الحق . ذلك أن قيد الرهن في السجل العيني له حجية مطلقة كما قدمنا لا يزيلها سوء النية ولا التواطؤ ، ثم إن البائع لم يؤشر بحكم الفسخ إلا بعد خمس سنوات من صيرورة الحكم نهائياً ، فيكون قيد الرهن حجة عليه إلى وقت التأشير بالحكم ، حتى لو كان قد شهر صحيفة دعوى الفسخ قبل ذلك .
المبحث الثاني
إجراءات الشهر
المطلب الأول
إجراءات الشهر في قانون الشهر العقاري
152 - تحديد الموضوع : نوجز القول في إجراءات الشهر في قانون الشهر العقاري ، فهي إجراءات تغلب فيها الناحية العملية ، ويرجع فيها إلى ما جرى عليه العمل في مكاتب الشهر العقاري وهو ما يضيق عنه هذا الكتاب .
ونستبعد من بحثنا : ( 1 ) تنظيم مكاتب الشهر ، ويمكن الرجوع إلى قانون الشهر العقاري ( في الباب الأول منه ) للإلمام بهذا التنظيم ( [660] ) . $ 418 $ ( 2 ) إجراءات قيد الحقوق العينية التبعية ( في الباب الخامس من قانون الشهر العقاري ) ، لأن الكلام فيها يكون عند الكلام في التأمينات العينية في الجزء العاشر من الوسيط . ( 3 ) إجراءات شهر حق الإرث ( في باب السادس من قانون الشهر العقاري ) ، فقد سبق بيانها ( [661] ) . ( 4 ) وقد مضى القول في المحررات الواجب شهرها ( في الباب الثاني من قانون الشهر العقاري ) ، وهو ما قدمناه في المبحث الأول . أما الباب السابع والأخير من قانون الشهر العقاري ، فيعرض لأحكام وقتية ، سيأتي بيان بعضها في موضعه .
فلا يبقى من أبواب قانون الشهر العقاري إلا بابان : الباب الثالث في إجراءات الشهر بوجه عام ، والباب الرابع في التأشيرات الهامشية . ونقتصر – في إيراد إجراءات الشهر موجزة على هذين البابين . ويتبين من الرجوع إليهما أن هناك مسائل أربعاً تستوجب البحث : ( 1 ) طلب الشهر والتأشير عليه بقبول إجراءات الشهر . ( ب ) مشروع المحرر المراد شهره والتأشير عليه بصلاحيته للشهر . ( ج ) توقيع المحرر وعملية التسجيل . ( د ) التأشير الهامشي .
$ 419 $
153 - طلب الشهر والتأشير عليه بقبوله للشهر : يقدم طلب الشهر ، من أصل وصورتين ، للمأمورية التي يقع العقار في دائرة اختصاصهان موقعاً عليه من صاحب الشأن ( [662] ) أو من يقوم مقامه قانوناً كوكيل أو ولي أو وصي أو قيم ( [663] ) . ويجب أن يشتمل ، فضلاص عما يتطلبه القانون في أحوال خاصة ، البيانات الآتية : ( أولاً ) البيانات الدالة على شخصية كل طرف ، وعلى الأخص اسمه ولقبه وسنه وجنسيته ومحل إقامته ( [664] ) واسم أبيه وجده لأبيه . ويجب أن يتبين صفة مقدم الطلب ، كما في حالة قيام وكيل أو وصي أو قيم بإجراء الشهر ، ويرفق بالطلب التوكيل أو قرار المحكمة أو أي مستند آخر يفيد هذه الصفة . ( ثانياً ) البيانات اللازمة والمفيدة في تعيين العقار ، وعلى الأخص بيان موقعه وحدوده ومساحته ، فإن كان من الأراضي الزراعية وجب ذكر اسم الناحية والحوض ورقم القطعة ، وغن كان من أراضي البناء أو من العقارات المبنية وجب ذكر اسم القسم والشارع والحارة والرقم إن وجد . وإذا اقتضى التصرف تغييراً في دفاتر المكلفة ، وجب أن يتضمن الطلب بياناً عن رقم المكلفة الخاصة بالعقار وسنتها واسم صاحب التكليف حسبما هو ثابت في آخر ورد للمال أو قسيمة العوايد أو من وقاع مستخرج رسمي من دفاتر المكلفات . ويقرن الطلب بما يؤيد بيانات التكليف من مستندات ليتسنى للمأمورية مراجعتها واتخاذ اللازم نحو إجراء التغيير في دفاتر المكلفات ، حتى تكون كاشفة عن جميع التطورات التي طرأت على الملكية العقارية . ويجب أيضاً أن يتضمن الطلب بيان الحقوق العينية المقررة على العقار . وعلى الأخص ارتفاقات الري والصرف .
$ 420 $
( ثالثاً ) بيان موضوع المحرر المراد شهره ، وبيان المقابل ( من ثمن أو بدل ) أو مقدار الدين ( في حالة الرهن ) إن وجد . ( رابعاً ) البيانات الخاصة بأصل حق الملكية أو الحق العيني محل التصرف ، وذلك في العقود والإشهادات وأحكام صحة التعاقد ( [665] ) . ويجب أن تشتمل هذه البيانات على اسم المالك أو صاحب الحق العيني السابق ، وطريق انتقال الملكية أو الحق العيني إليه ، ورقم وتاريخ شهر عقد التملك إن كان قد شهر . ويقرن الطلب بالأوراق والمستندات المؤيدة لهذه البيانات ( [666] ) . ولا يقبل من المحررات ، فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية أو الحق العيني ، إلا المحررات الآتية : ( 1 ) المحررات التي سبق شهرها ، ففي حالة تلقي البائع أو الراهن الملكية بعقد أو حكم سبق شهره يكتفي بتقديمه . ( 2 ) التصرفات التي تتضمن تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت تم قبل أو يناير سنة 1947 تاريخ العمل بقانون الشهر العقاري ، والمقصود بذلك الوصية لأنها لم تكن خاضعة للشهر قبل هذا التاريخ . ويشترط أن تكون الوصية قد تمت ، ومات الموصي ، وقبلها الموصي له ، قبل أول $ 421 $ يناير سنة 1947 ، فلا عبرة إذن بتاريخ تحرير الوصية ، ولا بتاريخ وفاة الموصي ، بل العبرة بانتقال الملكية إلى الموصي له قبل هذا التاريخ . ( 3 ) المحررات التي ثبت تاريخها قبل أول يناير سنة 1924 تاريخ العمل بقانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ، لأن الملكية كانت تنتقل قبل هذا التاريخ فيما بين المتعاقدين بغير تسجيل ، فالعقد الذي ثبت تاريخه قبل أول يناير سنة 1924 يعتبر في حكم العقد المسجل من حيث انتقال الملكية فيم ابين المتعاقدين . ويشترط أنيكون ثبوت التاريخ عن غير طريق وجود ختم أو توقيع لإنسان توفى ، فقد شوهد من استقراء الحوادث أن كثيراً من المتعاملين يلجأون إلى إثبات تاريخ عقود غير ثابتة التاريخ عن طريق ختمها بختم إنسان توفى قبل سنة 1924 وترك ختمه بعد وفاته ، أو عن طريق تزوير توقيعه على هذه العقود ( [667] ) . ( 4 ) المحررات التي تحمل تاريخاً غير ثابت سابقاً على سنة 1924 ، إذا كان قد أخذ بها في محررات تم شهرها أو نقل التكليف بموجبها لمن صدرت لصالحه . فما دام العقد غير ثابت التاريخ قد اعتبر مستنداً لأصل الملكية في محرر تم شهره أو نقل التكليف بموجبه ، فقد وجب أن يعتبر مستنداً لأصل هذه الملكية في ظل قانون الشهر العقاري . وقد أضافت المادة 55 من هذا القانون ( في أحكامه الوقتية ) ، إلى المستندات التي تعتبر أصلاً للملكية ، المحررات التي تحمل تاريخاً غير ثابت سابقاً على أول يناير سنة 1924 ، إذا كان المحرر الذي يراد شهره قد تم توقيعه أو التصديق على الإمضاءات فيه أو صدر بشأنه حكم بصحة التعاقد أو التوقعي قبل أول يناير سنة 1924 . ذلك لأن المحرر المراد شهره يكون في هذه الحالة قد تمت مراجعته نهائياً طبقاً لأحكام قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ، وأشر عليه من قلم استعلام المساحة بختم " نظر " وسدد عنه الرسم ، $ 422 $ وتم توثيقه أو التصديق على التوقيع فيه ، فلا يسري عليه قانون الشهر العقاري ( [668] ) .
ويدون الطلب " بدفتر أسبقية الطلبات " ( [669] ) ، مع ذلك تاريخ وساعة تقديمه للمأمورية . فإذا قدم للمأمورية طلبان متعارضان أو أكثر في شأن عقار واحد ، كما لو باع شخص عقاراً مرتين وتقدم المشتريان بطلبين للشهر يسبق إحداهما الآخر بوقت معين ، وجب بحث الطلب الأسبق مع وقف الطلب أو الطلبات اللاحقة إلى أن يتم التصرف في الطلب الأول . فإذا كان الطلب الأول تام الإجراءات . بحث وسلم إلى صاحبه . ثم يبحث الطلب الثاني المزاحم ، ولا يسلم إلى صاحبه إلا بعد انقضاء فترة على تسليم الطلب الأول تساوي الفترة التي تقع بين ميعاد تدوين كل منهما في دفتر $ 423 $ أسبقية الطلبات ، بحيث لا تجاوز الفترة سبعة أيام . أما إذا كان الطلب الأول ينقصه بعض البيانات أو المستندات ، فإنه يحدد لصاحب الشأن أجل لاستيفاء النقص لا يجاوز خمسة عشر يوماً . فإذا استوفى النقص في الميعاد ، فحص الطلب وسلم لصاحبه ، ويجب انقضاء الفترة اللازمة قبل تسليم الطلبات اللاحقة لأصحابها . أما إذا لم يقم صاحب الشأن باستيفاء النقص في الميعاد المحدد ، رفع رئيس المأمورية الأوراق إلى أمين مكتب الشهر الذي تتبعه المأمورية فيقرر أمين المكتب إما سقوط أسبقية الطالب الأول ويجب أن يكون هذا القرار مسبباً ، أو وقف الإجراءات الخاصة بالطلبات التالية إذا كان تخلف صاحب الطلب الأول عن استيفاء النقص لا يرجع إلى تقصير منه ( [670] ) . $ 424 $ وبهذا تتقرر الأسبقية فيما بين الطلبات المتعارضة ، فيقدم الطلب السابق على الطلب اللاحق ، ما لم يتقرر نهائياً سقوط أسبقية الطلب السابق ( [671] ) .
وبحث الطلب يكون من الناحية الهندسية ، ومن الناحية القانونية . فمن الناحية الهندسية ألحق بالمأموريات أقلام استعلامات هندسية ، وهذه تراجع الطلب من الناحية المساحية للتثبت من موقع العقار وحدوده ومسطحه ، وقد ينتقل القلم الهندسي لمعاينة العقار على الطبيعة وتحديده بوضع علامات حديدية عليه . فإذا ما أتم الطلب الهندسي بحث الطلب من الناحية المساحية ، بحث الطلب بعد ذلك من الناحية القانونية . فتتولى المأمورية بحث البيانات الواردة فيه للتأكد من مطابقتها للأوضاع المقررة قانوناً ، ثم تبحث المستندات المرافقة للطلب لتتثبت بوجه خاص من أصل الملكية بفحص المستندات المقدمة من البائع مثلاً إثباتاً لملكيته . فإذا ما تم بحث الطلب من الناحيتين الهندسية والقانونية ، أشرت المأمورية بالقبول للشهر بختم نقش عليه عبارة " مقبول للشهر " ( [672] ) .
$ 425 $
154 – مشروع المحرر المراد شهره والتأشير عليه بصلاحية للشهر : يعتبر " القبول للشهر " ترخيصاً لصاحب الشأن في إعداد المحرر المراد شهره ، بعد أن تكون المأمورية قد ضبطت البيانات الخاصة بالعقار وأصل ملكيته ، وتأكدت من مطابقة المحرر من ناحية الشكل لجميع الشروط المنصوص عليها في القانون لإجراء الشهر . وقد انتهت بالتأشير على الطلب بالقبول للشهر وهي الخطوة الأولى من المرحلة التمهيدية للشهر ، وتأتي بعد ذلك الخطوة الثانية لهذه المرحلة التمهيدية وهي تحضير مشروع المحرر .
فإذا كان المحرر المراد شهره عرفياً ، وجب أن يحرر على الورق الأزرق الخاص المعد لذلك ، ويكون التحرير بالمداد الأسود ، وهذا هو الأصل الذي يحفظ وتؤخذ منه صور فوتوغرافية . وإذا كان المحرر رسمياً ، كان التحرير على ورق أبيض عادي مسطر ، وبعد توثيقه تحفظ منه الصورة الأولى وهي محررة على الورق الأزرق ، وتؤخذ من هذه الصورة الصور الفوتوغرافية . وفي الحالتين يجب أن يشتمل المحرر على جميع البيانات الواردة في " إخطار القبول للشهر " . فيجب إذن أن يكون مشروع المحرر صورة كاملة لما هو وارد في إخطار القبول من بيانات ، وإلا وجب تقديم طلب جديد برسم جديد وأسبقية جديدة .
فإذا أعد مشروع المحرر على النحو سالف الذكر ، قدمه صاحب الشأن إلى المأمورية مقروناً به إخطار القبول أو صورة الطلب المؤشر عليه بالقبول للشهر وجميع المستندات التي سبق تقديمها مع الطلب . فتقوم المأمورية بتدوينه ، بحسب تاريخ وساعة تقديمه ، " بدفتر أسبقية مشروعات المحررات " . فإذا قدم للمأمورية أكثر من مشروع محرر خاص بنفس العقار ، وجب بحث هذه المشروعات بحسب ترتيب تقديمها ، وإعادة المشروعات إلى أصحابها بنفس الترتيب بعد انقضاء فترة معادلة للفترة التي تقع بين ميعاد تقديم كل منها بحيث لا تجاوز الفترة خمسة أيام ( [673] ) .
$ 426 $
وبحث مشروع المحرر يكون بالتثبت من مطابقة البيانات الواردة فيه لبيانات الطلب الخاص به ، فإذا وجدت مطابقة أشرت المأمورية على مشروع المحرر بصلاحيته للشهر ، وذلك بوضع خاتم عليه في صدره وفي آخره من الناحيتين يسمى " صالح للشهر " ( [674] ) .
155 - توقيع المحرر وعملية التسجيل : تنتهي بالتأشير على مشروع المحرر بالصلاحية للشهر المرحلة التمهيدية لإجراءات الشهر ، فإذا ما تسلم صاحب الشأن مشروع المحرر مؤشراً عليه بالصلاحية للشهر قدمه إلى مكتب التوثيق المختص أو إلى أحد فروعه لتوقيعه من ذوي الشأن . فإذا كان المحرر رسمياً تولى مكتب التوثيق عملية توقيعه ، وإذا كان عرفياً تولى مكتب التوثيق التصديق على توقيعات ذوي الشأن . ولا تتم عملية التوقيع أو التصديق إلا بعد دفع رسم التوثيق أو التصديق ورسوم التسجيل كاملة .
ثم يقدم صاحب الشأن المحرر بعد توقيعه لمكتب الشهر الكائن في دائرته العقار ، وهو المكتب الذي تتبعه المأمورية التي تولت إتمام المرحلة التمهيدية للشهر ، ويرفق بالمحرر جميع المستندات المؤيدة للصفة والتكليف وأصل الملكية . ويعطي مكتب الشهر لمن قدم المحرر إيصالاً مبيناً به رقم الشهر $ 427 $ وتاريخه ، ويبين في الإيصال المستندات التي قدمها صاحب الشأن مع المحرر . ورقم الشهر الذي يحمله الإيصال هو رقم مسلسل لكل محرر يقدم بحسب ترتيب تقديم المحررات ( [675] ) ، بحيث لا يتم شهر محرر إلا في دور رقمه المسلسل ( [676] ) .
وتتم عملية التسجيل بتدوين المحرر في دفتر يعد لذلك بكل مكتب ، ويسمى " بدفتر الشهر " ( [677] ) ، وتثبت فيه المحررات بأرقام متتابعة وفقاً لتواريخ وساعات تقديمها للشهر ، وبحسب أسبقيتها في التقديم للمكتب . ويحفظ أصل المحرر المدون على الورق الأزرق الخاص إن كان من المحررات العرفية ، أو الصورة الأولى المحررة على الورق الأزرق الخاص إن كان من المحررات الرسمية ، وذلك في أماكن خاصة معدة لهذا الغرض . أما الذي يدون في دفتر الشهر فرقم الشهر وتاريخ وساعة إجرائه واسم الصادر لمصلحته $ 428 $ المحرر ، واسم الصادر ضده هذا المحرر ، وبيان العقار ، ونوع التعامل . ويتولى مكتب الشهر التأشير على المحرر بما يفيد تدوينه في دفتر الشهر بمحضر يبين فيه رقمه المتتابع في هذا الدفتر ، مع ذكر تاريخ اليوم والشهر والسنة وبيان الساعة التي تم فيها التدوين . ويوقع هذا المحضر أمين المكتب أو الأمين المساعد ( [678] ) .
فإذا ما تمت عملية التسجيل على هذا النحو ، قامت أقلام التصوير الشمسي التابعة لمكتب الشهر بإعداد صورتين فوتوغرافيتين من كل محرر تم شهره . وتؤخذ هاتان الصورتان من أصل المحرر العرفي المدون على الورق الأزرق ، أو من الصورة الأولى المدونة على الورق الأزرق من أصل المحرر الرسمي ، مع حفظ كل من أصل المحرر العرفي والصورة الأولى من أصل المحرر الرسمي بالأماكن الخاصة المعدة لذلك ( [679] ) . كما سبق القول . وتسلم إحدى $ 429 $ الصورتين الفوتوغرافيتين لصاحب الشأن بعد التأشير عليها من أمين المكتب بمطابقتها للأصل وذكر اسم من سلمت الصورة إليه ، وترسل الصورة الفوتوغرافية الأخرى إلى إدارة المحفوظات التابعة للمكتب الرئيسي للشهر العقاري وذلك لحفظها فيها ( [680] ) .
156 – التأشير الهامشي : يثبت مكتب الشهر التأشير الهامشي في هامش المحرر المتعلق به أو في ورقة تلحق بهذا المحرر . ويقدم الطلب الخاص بالتأشير الهامشي لمكتب الشهر الذي تم فيه شهر المحرر المراد التأشير في هامشه ( [681] ) . ويجب أن يكون الطلب مشتملاً على اسم الطالب واسم أبيه وجده لأبيه ولقبه وصناعته وصفته ومحل إقامته ، وبيان نوع المحرر المراد التأشير في هامشه مع ذكر تاريخ ورقم شهرهن والسند الذي يبيح التأشير مع إيضاح تاريخ ونو عه ومضمونه والجهة التي صدر عنها كمكتب التوثيق إذا كان محرراً رسمياً وكالمحكمة التي أصدرته إذا كان حكماً ، وأسماء ذوي الشأن في السند الذي يبيح التأشير . ويجب أن يقرن الطلب بالسند الذي يبيح التأشير ، وبسائر الأوراق المؤيدة له .
وتدرج طلبات الشهر الهامشي " بدفتر أسبقية طلبات التأشير الهامشي " بأرقام متتابعة حسب تاريخ وساعة تقديمها للمكتب ، كما يبين في هذا الدفتر ما تم في شأن كل طلب منها . ولمكتب الشهر أن يحيل الطلب إلى مأمورية الشهر المختصة عند الاقتضاء ، فيمر الطلب بمراحل الشهر من حيث القبول والصلاحية للشهر ، ثم يعاد إلى مكتب الشهر لشهره .
فإذا أصبح الطلب مستوفياً لجميع البيانات التي يتطلبها القانون ، وكانت $ 430 $ المستندات المرافقة له تتيح لصاحبه حق شهره بطريق التأشير الهامشي ( [682] ) ، أثبت المكتب هذا التأشير في هامش المحرر المتعلق به أو في ورقة تلحق بهذا المحرر ، مع بيان تاريخ التأشير والساعة التي تم فيها ، ويوقع على هذا التأشير أمين المكتب أو الأمين المساعد .
فإذا ما تم إجراء الشهر بطريق التأشير الهامشي ، أعطى المكتب صاحب الشأن شهادة تفيد حصول هذا التأشير . ويبين في الشهادة نوع المحرر الذي أجرى التأشير في هامشه وتاريخ وساعة شهره ، وكذلك تاريخ وساعة إجراء عملية التأشير الهامشي نفسها . وتحل هذه الشهادة محل الصورة الفوتوغرافية $ 431 $ التي تعطي لصاحب الشأن في حالة التسجيل ( [683] ) .
$ 432 $
المطلب الثاني
إجراءات الشهر في قانون السجل العين
157 - تنظيم السجل العين : تعرف المادة الأولى من قانون السجل العيني هذا التسجيل بأنه " هو مجموعة الصحائف التي تبين أوصاف كل عقار ، وتبين حالته القانونية ، وتنص على الحقوق المترتبة له أو عليه ، وتبين المعاملات والتعديلات المتعلقة به " . وتتولى مصلحة الشهر العقاري أعمال السجل العيني ، بما لها من مكاتب ، وبما يلحق بكل مكتب للسجل العيني من مأموريات ، بحيث يختص كل مكتب من مكاتب السجل العيني دون غيره بقيد المحررات المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصه .
وتقسم البلاد من مدن وقرى إلى أقسام مساحية ، بصدر قرار من وزير العدل بتعيينها . ويخصص سجل عيني لكل قسم مساحي ، ويتكون القسم المساحي من وحدات عقارية . وتعتبر وحدة عقارية : ( 1 ) كل قطعة من الأرض تقع في قسم مساحي واحد وتكون مملوكة لشخص واحد أو أشخاص على الشيوع ، دون أن يفصل جزءاً منها عن سائر الأجزاء فأصل من ملك $ 433 $ عام أو خاص . ودون أن يكون لجزء منها أو عليه من الحقوق ما ليس للأجزاء الأخرى أو عليها . ( 2 ) المناجم والمحاجر . ( 3 ) المنافع العامة . ويجوز بقرار من وزير العدل أن تعتبر منطقة من مناطق السكنى أو غيرها وحدة عقارية في جملتها ، وتقرر لها صحيفة عامة ، ويعد لشهر التصرفات الخاصة بهذه المساكن فهرس يرتب بأسماء الأشخاص ويلحق بالصحيفة العقارية .
ويفرد في السجل العيني للقسم المساحي صحيفة خاصة بكل وحدة عقارية . ترقم وفقاً للقواعد الخاصة بكيفية إمساك السجل . وتبين اللائحة التنفيذية كيفية إمساك السجل العيني ، وكذلك الوثائق المتعلقة به ( [684] ) .
$ 434 $
ويلحق بكل سجل عيني للقسم المساحي فهرس شخصي هجائي ، يكون فيه لكل مالك صحيفة خاصة يبين فيها الوحدات العقارية التي يملكها في هذا القسم المساحي ، وتدون بيانات هذا الفرس من واقع البيانات المثبتة في السجل العيني .
ولا يجوز أن تنقل من مكاتب السجل العيني أصول المحررات التي تم قيدها ولا السلجات والدفاتر والوثائق المتعلقة بالقيد ، على أنه يجوز للسلطات القضائية أو من تندبه من الخبراء الإطلاع عليها .
والقواعد المتعلقة بالرسوم الخاصة بالشهر العقاري تسري على التصرفات والحقوق الخاضعة لقانون السجل العيني ، سواء فيما يتعلق بقيدها أو التأشير بها أو حفظها أو بالنسبة إلى طلبات الإجراء فيها .
158 – إثبات الحقوق في السجل العيني لأول مرة : أول خطوة في إدخال نظا السجل العيني هي إنشاء هذا السجل في كل قسم مساحي . فيجب حصر جميع الوحدات العقارية الكائنة بالقسم المساحي ، وتفرد لكل وحدة عقارية الصحيفة الخاصة بها ، وتثبت الحقوق في هذه الصحيفة ، وهذا ما يسمى بالقيد الأول . وتنص المادة 11 من قانون السجل العيني على أنه " لا تثبت الحقوق في صحائف السجل إلا إذا كانت قد نشأت أو تقررت بسبب من أسباب اكتساب الحقوق العينية ، وإذا كان هذا السبب تصرفاً أو حكماً وجب أن يكون قد سبق شهره " ( [685] ) .
وتستخلص بيانات الصحائف من المصادر الآتية :
( 1 ) دفتر المساحة وسجل الأطيان .
( 2 ) التصرفات التي سبق شهرها ، وهي مدونة في دفاتر الشهر العقاري التي سبقت الإشارة إليها . وفي حالة قيام التناقض يبن هذه المحررات عن قطعة مساحية واحدة ، تتولى مصلحة الشهر العقاري إثبات الحقوق في حصيفة الوحدة باسم من تعتبره صاحب الحق بعد فحص المحررات المتناقضة ودراستها ، ويرفق بصحيفة الوحدة العقارية تقرير عن نتيجة هذه الدارسة . وإذا كانت $ 435 $ هناك محررات تتناول نقل حق عيني أو إنشائه أو زواله ولم يسبق شهرها ، وكانت ثابتة التاريخ عن غير طريق وجود توقيع أو ختم لإنسان توفى ، فإن هذه المحررات تخفض رسوم شهرها بمقدار 50% إذا قدمت للشهر في خلال شهرين من تاريخ صدور القرار الوزاري بتعيين الأقسام المساحية التي يسري عليها نظام السجل العيني . والغرض من تخفيض الرسوم في هذه الحالة تشجيع الناس على شهر تصرفاتهم ، وحثهم على المبادرة إلى ذلك ، بتحديد ميعاد قصير يتم فيه هذا الشهر . فإذا ما تقدمت طلبات الشهر إلى مكاتب الشهر العقاري ، أرسلت صور من هذه الطلبات بمجرد تقديمها إلى الهيئة القائمة على إعداد السجل العيني للنظر في إثبات الحقوق في صحائف الوحدات العقارية على أساس هذه المحررات .
( 3 ) استمارات التسوية المشار إليها في المادة 19 من قانون السجل العين . وتنص هذه المادة على أنه " في أحوال تبادل على عقارات بعقود لم تشهر ، وفي أحوال وضع اليد على عقارات مفرزة بمقتضى عقود قسمة لم تشهر . وفي جميع الأحوال الأخرى التي لا يكو وضع اليد فهيا ثابتاً في محررات مشهرة ، يجوز لأصحاب الشأن ، باتفاقهم واتفاق من يكون له حقوق عينية تبعية على هذه الأعيان ، أن يقوموا في ميعاد الشهرين المشار إليه في المادة السابقة بإثبات اتفاقاتهم في استمارات تسوية تقوم مقام المحررات المشهرة وتسلم هذه الاستمارات إلى الهيئة القائمة على إعداد السجل العيني للنظر في إثبات الحقوق في صحائف الوحدات العقارية وفقاً لها . وتخفض رسوم الشهر . المستحقة عن هذه الاستمارات بمقدار 50% ، إذا كان وضع اليد سابقاً على صدور القانون بمدة خمس سنوات على الأقل . ويصدر قرار من وزير العدل ببيان كيفية تحرير الاستمارات " . وقد قصد من استمارات التسوية بهذه تشجيع الناس على إثبات حقوقهم المستمدة من وضع اليد ، إذا لم يكن وضع اليد ثابتاً في محررات تم شهرها . فتقوم استمارات التسوية ، التي تتضمن اتفاق أصحاب الشأن على إثبات هذه الحقوق وكذلك أصحاب الحقوق العينية التبعية على العقارات ، مقام هذه المحررات ، وتسلم إلى الهيئة القامة على إعداد السجل العيني للنظر في إثبات الحقوق التي تتضمنها في صحائف $ 436 $ الوحدات العقارية . وقد أشار النص بوجه خاص إلى أحوال التبادل على عقارات بعقود لم تشهر ولكن تلاها وضع اليد على العقارات . وإلا عقارات مفرزة وضع المتقاسمون أيديهم عليها بموجب عقود قسمة لم تشهر . ويجب أن يقوم أصحاب الشأن بإثبات اتفاقاتهم في استمارات التسوية في خلال شهرين من تاريخ صدور القرار الوزاري بتعيين الأقسام المساحية التي يسري عليها نظام السجل العيني ، فإذا كان وضع اليد قديماً أي سابقاً على صدور قانون السجل العيني في 24 مارس سنة 1964 بمدة خمس سنوات على الأقل خفضت رسوم الشهر المستحقة عن هذه الاستمارات بمقدار 50% .
( 4 ) وضع اليد في غير الأحوال المشار إليها فيما تقدم ، ويجب تحقيق واقعة وضع اليد ( [686] ) . ولكن لا تثبت الحقوق في السجل العيني على أساس وضع اليد ، إلا إذا لم يكن في المحررات التي تم شهرها ما يناقضها ( [687] ) .
$ 437 $
وبعد أن ينشأ السجل العيني في القسم المساحي وتثبت فيه الحقوق لأول مرة على الوجه الذي بسطناه ، تتخذ الإجراءات لدعوة أصحاب الشأن من ملاك وأصحاب حقوق عينية إلى الإطلاع على بيانات الوحدة العقارية الخاصة بهم ، حتى إذا كان هناك وجه للاعتراض عليها منهم تقدموا بدعاواهم وطلباتهم إلى اللجنة القضائية التي سيأتي ذكرها ، ويكون ذلك بعد صدور القرار الوزاري بتعيين الأقسام المساحية التي يسري عليها نظام السجل العيني . وتنص المادة 20 من قانون السجل العيني في هذا الصدد على أنه " بعد صدور القار الوزاري المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار ، ينشر في الجريدة الرسمية ، وفقاً للإجراءات والمواعيد التي تحددها اللائحة التنفيذية ، إعلان يتضمن تنبيه أصحاب الشأن من ملاك وأصحاب حقوق عينية إلى ميعاد سريان القانون في القسم المساحي ، ودعوتهم إلى الإطلاع على بيانات الوحدة العقارية الخاصة بهم ، كما يتضمن تنبيهاً إلى ميعاد الطعن المذكور في المادة 21 . وعند حلول ميعاد السريان المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار ، ينشر عن البيانات الخاصة بالوحدات العقارية الكائنة بالقسم المساحي للإطلاع أصحاب الشأن عليها . ويرسل إخطار ، بالطريقة التي تبينها اللائحة ، إلى $ 438 $ أصحاب الشأن الواردة أسماؤهم في كل صحيفة من صحائف الوحدات العقارية ببيان ما أثبت باسمهم في هذه الصحائف من حقوق ، وما يقع على هذه الوحدات العقارية من تكاليف وحقوق عينية .
وفي خلال سنة من بدء سريان قانون السجل العيني على القسم المساحي - ويجوز بقرار من وزير العدل مدها سنة أخرى – يجوز لكل ذي شأن أن يتقدم بطلب إجراء تغيير في بيانات السجل العيني المتعلقة بالوحدات العقارية الواقعة في هذا القسم المساحي . ويفع هذا الطلب إلى لجنة قضائية تشكل في كل قسم مساحي ، برياسة رئيس محكمة ابتدائية وعضوية اثنين من منظفي مصلحة الشهر العقاري أحدهما قانوني والثاني هندسي ، ويصدر بتعيين أعضائها ولائحة إجراءاتها قرار من وزير العدل . وتكون الأحكام الصادرة من اللجنة القضائية قابلة للاستئناف أمام محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها القسم المساحي ، ومع ذلك تكون هذه الأحكام نهائية لا تقبل الاستئناف : ( 1 ) إذا كان التغيير المطلوب إجراؤه في بيانات السجل متفقاً عليه بين جميع ذوي الشأن الواردة أسماؤهم في صحائف الوحدات المطلوب إجراء التغيير فيها . ( 2 ) إذا كان هذا التغيير لا يمس بحق شخص من الأشخاص الواردة أسماؤهم في صحائف الوحدات المطلوبة إجراء التغيير فيها . ( 3 ) إذا كان الحق المتنازع فيه لا يتجاوز أصلاً النصاب النهائي للمحكمة الابتدائية ( [688] ) .
159 – التغيير والتصحيح في بيانات السجن العيني : والبيانات المدونة في صحائف السجل العيني لا يجوز في الأصل إجراء تغيير أو تصحيح فيها .
$ 439 $
أما التغيير في البيانات ، فلا يجوز إجراؤه إلا بناء على حكم صادر من اللجنة القضائية على الوجه الذي سبق بيانه ( [689] ) ، أو بناء على حكم أو قرار صادر من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها ، أ وبناء على محررات رسمية صادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل ( 39 / 1 من قانون السجل العيني ) ( [690] ) . كذلك تعدل بيانات السجل العيني إذا تناول الوحدة العقارية تغيير بسبب إضافة مبان أو إنشاء تفاصيل هامة أو تعديلها أ, إزالتها ، سواء أخطر عنها مالك الوحدة العقارية أو تكشفت في أثناء إجراء عملية تحديد أو غيرها ، وهذا ما تنص عليه المادتان 40 و 41 من قانون السجل العيني . فتنص المادة 40 على أنه " يجب على مالك الوحدات العقارية إخطار أمين السجل بكل تغيير يتناول الوحدة العقارية بسبب إضافة مبان أو إنشاء تفاصيل هامة أو تعديلها أو إزالتها ، ويرفق بالإخطار إقرار رسمي يتضمن التغييرات ، وتعدل بيانات السجل العيني تبعاً لها دون اقتضاء أية رسوم . يوجب أن يتم الإخطار في خلال الثلاثة الأشهر التالية لإتمام التغيير " . وتنص المادة 41 على أنه " إذا تبين عند الانتقال للطبيعة لإجراء عملية تحديد أو غيرها وجود تغييرات غير مثبتة في صحائف السجل ، أثبتت في السجل بقرار يصدره الأمين متضمناً هذه التغييرات ، مع إلزام المالك المتخلف عن الإخطار المشار إليه بالمادة السابقة بغرامة قدرها 1 / 2% من قيمة العقار وبشرط ألا تتجاوز مائة جنيه ولا تقل عن عشرة جنيهات ، ويعتبر هذا القرار $ 440 $ نهائياً . وتحصل بالطريق الإداري ، وتكون لها مرتبة امتياز رسوم الشهر وللأمين العام الإقالة من الغرامة أو تخفيضها ، إذا أبديت أعذار مقبولة " ( [691] ) .
وأما التصحيح في بيانات السجل العيني . فلا يتناول إلا الأخطاء المادية البحتة . فإذا كان القيد لم يتم بعد ، كان لأمين السجل أن يصحح هذه الأخطاء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب الشأن . أما إذا تم القيد . فإنه يجب على الأمين عدم إجراء التصحيح إلا بعد إخطار ذوي الشأن بكتاب موصي عليه بعلم وصول ، ويحرر محضراً يوضح فيه أسباب الخطأ وكيفية كشفه ( م 39 / 2 و 3 من قانون السجل ) ( [692] ) .
وتتم إجراءات التغيير والتصحيح بناء على طلب ذوي الشأن أو من يقوم مقامهم ، وفقاً للشروط والأوضاع التي ينص عليها قانون السجل العيني ولائحته التنفيذية . ويخطر كل شخص تغيرت حقوقه أو زالت ، نتيجة للتغيير أو التصحيح ، بكل قيد أو محو أو تأشير أو تصحيح أجرى في السجل العيني ، وذلك بإرسال خطاب موصي عليه مع علم وصول إلى $ 441 $ محله المعين في السجل العيني . ويدرج القيد أو المحو أو التأشير أو التصحيح بأكمله في سند الملكية وهو صورة من الصحيفة العقارية تسلم للمالك ، وفي الشهادة التي تسلم لغير الملاك من ذوي الشأن وبها البيانات الخاصة بهم في السجل العيني . وإذا ألغى المحو ، عاد لقيد الحق العيني التبعي مرتبته الأصلية في السجل العيني ، ومع ذلك لا يكون لإلغائه أثر رجعي بالنسبة إلى القيود التي أجريت في الفترة ما بين المحو والإلغاء .
160 - إجراءات القيد في السجل العيني : وإذا ما أعد السجل العيني في قسم مساحي وأثبتت في صحائفه الحقوق لأول مرة على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ، فإن جميع التصرفات والأحكام واجبة الشهر التي تصدر منذ بدء سريان نظام السجل العيني في هاذ القسم المساحي يجب قيدها في السجل العيني ، وفقاً لإجراءات تتلخص فيما يأتي :
يقدم طلب القيد إلى مأمورية السجل العيني التي يقع العقار في دائرة اختصاصها ، وفقاً للإجراءات والأوضاع المقررة في اللائحة التنفيذية . ويشتمل الطلب ، فضلاً عما يتطلبه القانون في أحوال خاصة ، على البيانات التي تحددها اللائحة التنفيذية . ويرفق بالطلب صحيفة الوحدة العقارية والمستندات المؤيدة للبيانات الواردة في الطلب ، ولا يقبل في إثبات أصل الملكية أو الحق العيني . سوى صحيفة الوحدة العقارية أو الشهادات المستخرجة من السجل العيني ذلك أنه بعد إجراء القيد الأول في السجل وإتمام النشر عنه وفوات مواعيد الطعن أو الفصل نهائياً فيما يرفع من طعون ، لا يقبل أي مستند لإثبات أصل الملكية أو الحق العيني سوى المستندات المستخرجة من السجل . وتدون الطلبات على حسب تواريخ وساعة تقديمها بدفتر يعد لذلك بالمأمورية ، يسمى " دفتر أسبقية الطلبات " . وترقم الطلبات بأرقام مسلسلة ، ويبين في هذا الدفتر مراحل العمل في الطلبات ( [693] ) . وهذه المراحل هي التي تتضمن بحث الطلب بالمأمورية ( [694] ) .
$ 442 $
وإذا قدم للمأمورية أكثر من طلب في شأن عقار واحد ، وجب أن تبحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية تدوينها في دفتر أسبقية الطلبات ، وأن تنقضي بين إعادة الطلب السابق مؤشراً على المحرر الخاص به بالصالحية وإعادة الطلب اللاحق مؤشراً عليه بذلك فترة معادلة للفترة التي تقع بين ميعاد تدوين كل منهما ، على ألا تجاوز هذه الفترة سبعة أيام وعلى أن تحسب من تاريخ الإرسال . فإذا لم يتيسر إتمام الإجراءات الخاصة بالطب بالأسبق بسبب نقص أو عيب في البيانات أو الأوراق ، أخطر صاحب الشأن بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم وصول لتلافي هذا النقص أو العيب في خلال أجل لا يجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ الإرسال . فإذا لم يفعل ، رفع الأمر إلى أمين السجل العيني ، وللأمين أن يصدر قراراً مسبباً بسقوط أسبقية هذا الطلب ، أو بوقف الإجراءات الخاصة بالطلبات التالية إذا رأى منح أجل جديد لصاحب الطلب الأسبق . ولمن تقرر سقوط أسبقية طلبهن وكذلك لمن أشر على طلبه باستيفاء بيان لا يرى وجهاً له ، أن يطلب إلى أمين السجل العيني ، في خلال عشرة أيام من وقت إبلاغ قرار السقوط أو الاستيفاء إليه ، قيد المحرر ي دفتر العرائض ، وذلك بعد توثيقه وبعد أداء الرسم وإيداع كفالة قدرها 1 / 2% من قيمة الحق الذي يتضمنه المحرر على ألا يزيد مقدار هذه الكفالة على عشرة جنيهات ، ويجب أن يبين الطالب في طلبه الأسباب التي يستند إليها . فإذا لم يتقدم بهذا الطلب في الميعاد المحدد ، أصبح قرار السقوط أو الاستيفاء نهائياً . وإذا تقدم به ، وجب على أمين السجل العيني ، بعد توثيق المحرر ، قيد الطلب في دفتر العرائض ، ثم رفع الأمر إلى اللجنة القضائية التي سبقت الإشارة إليها ( [695] ) ، ويوقف بحث الطلبات اللاحقة إلى أن يصدر قرار اللجنة . وتصدر اللجنة على وجه السرعة قراراً $ 443 $ مسبباً إما بتأييد قرار أمين السجل العيني ورفض قيد المحرر ، أو بجواز هذا القيد ، تبعاً لتخلف أو تحقق الشروط التي يتطلب القانون توافرها لقيد المحرر في السجل العيني ، ولا يجوز الطعن في قرار اللجنة بأي طريق من طرق الطعن . فإذا صدر القرار برفض قيد المحرر ، وجب التأشير بالرفض في دفتر العرائض أمام الطلب ، ورد المحرر لصاحب الشأن بعد التأشير عليه بمضمون القرار وتاريخه . أما إذا صدر قرار اللجنة بقيد المحرر ، وجب إجراء ذلك بحسب ترتيب قيد الطلب المتعلق في دفتر العرائض . ويجب أن يتضمن قرار اللجنة رد الكفالة للمتظلم إذا قبل تظلم أو رفض ولكن اللجنة رأت أنه بنى على أسباب جدية ، وإلا وجب أنه يتضمن القرار مصادرة الكفالة .
وإذا قدم طلب لإجراء قيد المحرر ، ورأى أمين السجل العيني رفض هذا الطلب لأنه لم يستوف الشروط اللازمة ، فعلى الأمين أن يذكر أسباب هذا الرفض على الطلب وفي دفتر العرائض ، وإبلاغ ذلك للطالب مع تحديد ميعاد أسبوعين له من تاريخ الإرسال لتقديم اعتراضاته على هذا الرفض ، ويصبح قرار الأمين بالرفض نهائياً إذا مضى الميعاد المذكور دون أن يقدم الطالب اعتراضاً . فإذا قدم اعتراضاً في الميعاد ، ورفض أمين السجل العيني هذا الاعتراض ، كان للطالب ، في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إرسال قرار الرفض غليه ، أن يطلب إلى الأمين رفع الأمر إلى اللجنة القضائية . وتصدر اللجنة قرارها على وجه السرعة ، إما بتأييد رفض القيد أو الإلزام بإجرائه .
وإذا توافرت جميع الشروط واستوفيت جميع الإجراءات ، تم القيد في السجل العيني بالمطابقة للمستندات المقدمة ، وبترتيب الطلبات في دفتر العرائض ، وبنفس تاريخ القيد . ويتم القيد بكل عناية ، وبخط واضح ، دون كشط أو محو أو شطب أو تحشير .
وكل من توصل إلى قيد محرر لسلب عقار مملوك للغير أو ترتيب حق عيني عليه ، مع علمه بذلك ، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضى $ 444 $ بها أي قانون آخر . ويعاقب على الشروع في هذه الجريمة بنصف هذه العقوبة ( [696] ) .
161 – سندات الملكية والشهادات المستخرجة من السجل العين : ويسلم صور للمالك من الصحيفة العقارية الخاصة به بعد أداء رسم قدره مائة قرش ، وتسمى هذه الصورة " سند الملكية " . وإذا تعدد الملاك على الشيوع لعقار واحد ، سلم كل منهم صورة من سند الملكية باسم جميع الملاك المشتاعين ( [697] ) ، ويؤدي كل منهم رسماً قدره مائة قرش .
أما غير الملاك من ذوي الشأن ، كصاحب حق انتفاع أو حق إرتفاق أو حق رهن أو حق اختصاص أو حق امتياز ، فتسلم لهم ، بناء على طلبهم ، شهادة بها البيانات الخاصة بهم في السجل العيني ، بعد أداء الرسم المقرر .
وعلى أمين السجل العيني أن يعطى في أي وقت شهادة بمطابقة سند الملكية أو الشهادة للسجل العيني ، وذلك بعد أداء الرسم المقرر .
ولا يجوز تسليم صورة ثانية من سند الملكية أو الشهادة إلا في حالة تلف أو ضياع الصورة الأولى . ويكون ذلك بقرار من اللجنة القضائية ، وبعد أداء الرسم المقرر ( [698] ) .
$ 445 $
الفصل الثالث
الشفعة
( preemption )
تمهيد
162 - التعريف بالشفعة وتكييفها القانوني – نص قانوني : تنص المادة 935 مدني على ما يأتي :
" الشفعة رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري ، في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في المواد التالية " ( [699] ) .
$ 446 $
ويخلص من هذا التعريف أن الشفعة ، وهي سبب من أسباب كسب الملكية ، رخصة إذا استعملها الشفيع – وسيأتي بيان من هو الشفيع – تملك عقاراً باعه صاحبه لغيره ، وحل الشفيع محل المشتري في هذا البيع ، بشروط سيأتي بيانها . فهي إذن لا تكون إلا في بيع عقار ويسمى العقار المشفوع فيه ، ومن شفيع عيَّن القانون أحواله ، وجعله كما سنرى يشفع
$ 447 $
بعقار آخر يملكه ويسمى العقار المشفوع به . فالشفعة تفترض أن هناك شفيعاً وهو الذي يأخذ بالشفعة ، ومشفوعاً منه وهو المشتري الذي يحل محله الشفيع ، وبائعاً لهذا المشتري وهو الذي حل الشفيع بإزائه مشترياً محل المشتري الأصلي ، وعقاراً مشفوعاً به وهو العقار المملوك للشفيع وقد شفع به ، وعقاراً مشفوعاً فيه وهو العقار الذي باعه صاحبه للمشتري الأصلي وشفع الشفيع فيه .
وقد قام في الفقه المصري جدل مشهور في تكييف الشفعة ، هي هي حق عيني أو حق شخصي . والذين قالوا بأن الشفعة حق عيني إنما قصدوا أن يرتبوا على ذلك نتائج من أهمها أن تكون دعوى الشفعة من اختصاص المحكمة الكائن في دائرتها العقار المشفوع فيه . ولم يكونوا في حاجة إلى هذا القول للوصول إلى هذه النتيجة ، إذ كان يكفيهم أن يقولوا إن الشفعة تكسب الشفيع ملكية العقار المشفوع فيه ، فهو عندما يقيم دعوى الشفعة يطالب بحق عيني عقاري ، فيثبت لمحكمة العقار الاختصاص بنظر الدعوى . والذين قالوا بأ ، الشفعة حق شخصي قصدوا إلى معنى هو صحيح في ذاته ، ولكنه يعيد كل البعد عن معنى الحق الشخصي المقابل للحق العيني ، إذا أرادوا أن يقولوا إن الشفعة حق لصيق بشخص الشفيع فلا يورث عنه ولا تجوز حوالته ولا يجوز لدائني الشفيع أن يستعملوه باسمه . ولم يكونوا هم أ]ضاً في حاجة إلى معارضة صفة العينية بصفة الشخصية ، فمعنى الشخصية الذي قصدوا إليه لا يتعارض مع معنى العينية .
والصحيح أن الشفعة ليست بحق عيني ولا بحق شخصي ، بل هي ليست بحق أصلاً . إنما الشفعة سبب لكسب الحق ، فالشفيع يكسب بالشفعة ملكية عقار أو حقاً عينياً على هذا العقار كحق انتفاع أو حق رقبة أو حق حكر . والفرق واضح بين الحق نفسه وبين سبب من أسباب كسبه . فالملكية مثلاً حق عيني ، وتكسب بالاستيلاء والميراث والوصية والالتصاق والعقد والحيازة والشفعة . ولم يتساءل أحد هل الاستيلاء أو الميراث أو الوصية أو الالتصاق أو العقد أو الحيازة حق عيني حق عيني أو حق شخصي ، $ 448 $ فلماذا يتساءلون عن الشفعة هل هي حق عيني أو حق شخصي ( [700] ) .
والشفعة باعتبارها سبباً لكسب الحقوق العينية هي ، كما قدمنا ( [701] ) ، واقعة مركبة ( complexe ) اقترن فيها الشيوع أو الجوار أو الصلة المادية الأخرى القائمة بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به وهذه واقعة مادية ، ببيع العقار المشفوع فيه وهذه بالنسبة إلى الشفيع واقعة مادية أخرى ، بإعلان الشفيع إرادته في الأخذ بالشفعة وهذا تصرف قانوني صادر من جان واحد . فهذه الوقائع المتسلسلة المركبة الغلبة فيها للواقعة المادية لا للتصرف القانوني ، ومن ثم يمكن إدخال الشفعة في نطاق الواقعة المادية .
وإذا سرنا في هذا التكييف خطوة أبعد ، قلنا إن هناك مراكز قانونية إذا تهيأت أسبابها لشخص استطاع أن يكسب الحق بإرادته المنفردة . فمن وجه إليه إيجاب وقبل هذا الإيجاب ، فهو بهذا القبول – والقبول إرادة منفردة – قد تعاقد مع الموجب ، فكسب بالعقد حقاً شخصياً . فمن وجه إليه الإيجاب تهيأ له مركز قانوني بتوجيه الإيجاب إليه ، فاستطاع بإرادته المنفردة ، وهي قبول هذا الإيجاب ، أن يكسب الحق . وإذا توافرت الشروط التي قررها القانون في الشرب أو المجرى أو المسيل أو المرور ، وهي الشروط التي بسطناها عند الكلام في قيود الملكية في الجزء الثامن من الوسيط ، تهيأ بتوافرها مركز قانوني للجار يستطيع به إذا أراد ، أي بإرادته المنفردة ، أن يكسف حقاً عينياً $ 449 $ في أرض جاره هو حق الشرب أو حق المجرى أو حق المسيل أو حق المرور . ومن كان شريكاً مشتاعاً في منقول أو في مجموع من المال وباع أحد شركائه حصته في المال الشائع ، تهيأ له بذلك مركز قانوني يستطيع به أن يسترد بإرادته المنفردة الحصة المبيعة ، وهذا هو حق الاسترداد في المال الشائع الذي بسطنا أحكامه في الجزء الثامن من الوسيط . ومن كان شريكاً مشتاعاً في عقار أو جاراً ملكاً لعقار ، وبيعت حصة شائعة في العقار أو بيع عقار مجاور للعقار الذي يملكه ، تهيأ له بذلك مركز قانوني يستطيع به أن يشفع بإرادته المنفردة في الحصة الشائعة أو في العقار المجاور ، وهذه هي الشفعة التي نحن الآن بصددها . فالشفعة إذن تبدأ بأن تكون مركزاً قانونياً تتهيأ أسبابه للشفيع ، فيكون شريكاً مشتاعاً في عقار أو مالكاً لعقار ، وتباع حصة شائعة في العقار أو يباع عقار مجاور للعقار الذي يملكه . وهنا ينشأ المركز القانوني الذي أشرنا إليه ، ويكون للشفيع رخصة في أن يتملك العقار المشفوع . ومن هنا جاء في نص المادة 935 مدني سالفة الذكر أن " الشفعة رخصة " ، فالرخصة تتولد إذن بقيام هذا المركز القانوني ( [702] ) . وهذه الرخصة تخول للشفيع الحق في أن يتملك العقار $ 450 $ المشفوع فيه بإرادته المنفردة ، وذلك بأن يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة . فالشفعة لا تكون سبباً لكسب الملك إلا بقيام مركز قانوني معين تتهيأ أسبابه $ 451 $ باجتماع وقائع مادية معينة ، فيكون للشفيع ، ليس حق الملك ، بل الحق في أن يتملك . فإذا أعلن إرادته في الأخذ بالشفعة ، وهذه إرادة منفردة أي تصرف قانوني صادر من جانب واحد ، تكاملت عناصر الشفعة باعتبارها سبباً من أسباب كسب الملكية فيتملك الشفيع العقار المشفوع فيه ، ويتحول حقه في أن يتملك هذا العقار إلى حقه في ملكيته ، وذلك عن طريق حلوله محل المشتري ( [703] ) .
$ 452 $
163 - الشفعة متصلة بشخص الشفيع – نص قانوني : جاء في المشروع النهائي لنص المادة 935 مدني ما يأتي : " والحق في الشفعة لا ينتقل بالتحويل ولا بالميراث " ، ولكن هذه العبارة حذفت في لجنة مجلس الشيوخ ، " وترك حكمها لاجتهاد القضاء " ( [704] ) . ولما كان تالاعتبارات التي قامت عليها الشفعة ، وهي تضرر الشفيع من أن يخلف شريكه في الملك أو جاره شريك أو جار جديد ، هي اعتبارات شخصية بحتة تترك لمحض تقدير الشفيع إن شاء أخذ بالشفعة وإن شاء لم يأخذ بها ، لذلك لا نتردد في القول بأ ، الشفعة متصلة بشخص الشفيع ولصيقة به . ونستخلص من ذلك النتائج الآتية : ( 1 ) أن دائني الشفيع لا يجوز لهم أن يستعملوا الشفعة نيابة عن الشفيع بطريق الدعوى غير المباشرة . ( 2 ) أن الشفعة لا تنتقل بطريق الحوالة من الشفيع إلى الغير . ( 3 ) أن للشفيع أن ينزل عن الشفعة بعد قيام سببها ، بل وقبل أن يقوم بها سببها ( م 948 مدني ) . ( 4 ) أن الشفعة ، إذا مات الشفيع قبل أن يستعمل حقه فيها ، لا تنتقل بالميراث إلى ورثته . وسنتعرض هذه النتائج تباعاً .
( أولاً ) لا يجوز لدائني الشفيع أن يستعملوا الشفعة نيابة عن الشفيع بطريق الدعوى غير المباشرة : وذلك لسببين . أولهما أن الشفعة رخصة وليست بحق ، ومن المقرر في قواعد الدعوى غير المباشرة أنه لا يجوز للدائنين أن يستعملوا ما لمدينهم من رخص ، فحق الشفيع في الأخذ بالشفعة وحق الشريك في استرداد الحصة الشائعة كلاهما رخصة لا يجوز للدائن استعمالها بالنيابة عن المدين ، مثلها مثل قبول الإيجاب الموجه إلى المدين ( [705] ) والسبب الثاني أن الشفعة متصلة بشخص الشفيع كما قدمنا ، ومن المقرر في قواعد الدعوى غير المباشرة أنه لا يجوز للدائن أن يستعمل باسم مدينه ما كان متصلاً بشخص المدين خاصة ( م 235 / 1 مدني ) ( [706] ) .
$ 453 $ ( ثانياً ) لا تنتقل الشفعة بطريق الحوالة من الشفيع إلى الغير : فلا يجوز للشفيع ، عندما يثبت له حق الأخذ بالشفعة ، أن يحول هذا الحق إلى غيره ، وذلك أيضاً لسببين ، أولهما أن الشفعة متصلة بشخص الشفيع ، فلا يجوز له النزول عنها إلى غيره . والسبب الثاني أن الشفعة تتبع العقار المشفوع به فلا تنفصل عنه ، وإذا أراد الشفيع أن ينزل عن الشفعة لغيره وجب عليه أولاً أن ينزل عن العقار المشفوع به إلى الغير ، فتتبع الشفعة هذا العقار وتنتقل بالتبعية إلى من انتقل إليه العقار ( [707] ) . وعلى ذلك إذا باع الشفيع العقار المشفوع به وأصبح المشتري مالكاً لهذا العقار ، ثم بيع العقار المشفوع فيه ، كان لمشتري العقار المشفوع به وهو مالكه الجديد أن يأخذ بالشفعة ، وقد انتقلت إليه مع العقار المشفوع به . أما إذا بيع العقار المشفوع فيه قبل بيع العقار المشفوع به ، فإن المالك الجديد للعقار المشفوع به لا يستطيع الأخذ بالشفعة لأنه لم يكن مالكاً له وقت بيع العقار المشفوع فيه . وإنما يأخذ بالشفعة في بيع جديد يرد على العقار المشفوع فيه ، بعد أن تنتقل إليه ملكية العقار المشفوع به .
( ثالثاً ) للشفيع أن ينزل عن الشفعة بعد قيام سببها بل وقبل أن يقوم بها سببها : وتنص المادة 948 ( 1 ) مدني في هذا الخصوص على ما يأتي :
" يسقط الحق في الأخذ بالشفعة في الأحوال الآتية : ( أ ) إذا نزل عن حقه في الأخذ بالشفعة ، ولو قبل البيع " ( [708] ) . وقد كان قانون الشفعة $ 454 $ السابق لا يجيز النزول عن الشفعة إلا بعد ثبوت الحق فيها ، وذلك لأن القواعد العامة تقضي بأنه لا يجوز النزول عن حق إلا بعد ثبوت هذا الحق . فكان لا يجوز للشفيع ، قبل بيع العقار المشفوع فيه ، أي قبل أن يثبت له الحق في الأخذ بالشفعة ، أن ينزل عن هذا الحق ( [709] ) . أما التقنين المدني الجديد $ 455 $ فقد أجاز ذلك بنص صريح كما رأينا ( م 948 ( أ ) مدني سالفة الذكر ) ، وذلك تضييقاً منه للحق فيالأخذ بالشفعة بعد أن حصر هذا الحق في أضيق نطاق ، " وحتى يستطيع المشتري أن يأمن جانب الشفيع قبل أن يقدم على الشراء " ( [710] ) . وعلى ذلكي جوز الآن للشفيع أن ينزل عن الحق في الأخذ بالشفعة ، بعد ثبوت هذا الحق وقبل ثبوته ، صراحة أو ضمناً ( [711] ) . أما النزول الصريح عن حق الشفعة بعد ثبوته فيصح أن يكون بالكتابة الرسمية أو العرفية ، كما يصح أن يكون شفوياً ولكن يقع على من ي تمسك بهذا النزول من مشتر أو بائع للعقار المشفوع فيه عبء الإثبات طبقاً للقواعد العامة المقررة في الإثبات . ويصح النزول في أي وقت ، إلى يوم صدور الحكم بثبوت الشفعة ( [712] ) . وقد يكون النزل عن حق الشفعة بعد ثبوته نزولاً ضمنياً ، $ 456 $ ويكون ذلك بأي عمل يصدر من الشفيع يفيد حتماً أنه نزل عن حقه . مثل ذلك أن يعترف الشفيع بالمشتري للعقار المشفوع فيه مالكاً لهذا العقار على وجه بات نهائي ( [713] ) ، كأن يتعامل معه على هذا الأساس فيشتري منه العقار أو يرتهنه أو يأخذ عليه حق اختصاص أو يرتب عليه لعقاره حق إرتفاق أو يرتب له حق إرتفاق على عقاره ، وكأن يتصرف المشتري في العقار المشفوع فيه للغير فيشهد الشفيع على هذا التصرف دون تحفظ أو يكون وسيطاً بين المشتري والمتصرف له ( [714] ) .
$ 457 $
وقد يقع نزول الشفيع عن الشفعة قبل ثبوت الحق فيها ، أي قبل بيع العقار المشفوع فيه ، ويكون الغرض من ذلك أن يأمن المشتري جانب الشفيع قبل أن يقدم على الشراء كما سبق القول . فيحصل المشتري من الشفيع على نزول صريح عن الشفعة قبل أن يتعاقد مع مالك العقار المشفوع فيه على البيع ( [715] ) ، ويكون هذا النزول الصريح إما كتابة أو شفها وعلى المشتري عبء إثبات هذا النزول طبقاً للقواعد المقررة في الإثبات ( [716] ) . ويصح أن يكون النزول عن الشفعة قبل ثبوتها نزولاً ضمنيا ، بأن يأتي الشفع بعمل يستفاد منه حتماً هذا النزول . مثل ذلك أن يكون الشفيع قد توسط بنفسه بين المشتري ومالك العقار المشفوع فيه في عقد صفقة البيع التي صدرت من الثاني للأول ، أو رضى أن يكون وكيلاً عن المشتري في شراء العقار المشفوع فيه أو وكيلاً $ 458 $ عن البائع في بيع هذا العقار . وإذا شهد الشفيع دون تحفظ على عقد البيع الذي تم بين مالك العقار المشفوع فيه والمشتري ، كان هذا نزولاً ضمنياً منه عن الشفعة ، ويكون النزول الضمني هنا معاصراً لثبوت الحق في الشفعة ( [717] ) .
( رابعاً ) لا تنتقل الشفعة ، إذا مات الشفيع قبل أن يستعمل حقه فيها ، إلى ورثته . فإذا مات بعد أن يكون قد استعمل حقه ، بأن يكون قد أعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل موته ، فإن حقه في تملك العقار المشفوع فيه يكون قد ثبت ، وينتقل هذا الحق منه إلى ورثته ، حتى لو لم يكن قد رفع دعوى الشفعة ، أو لم يكن قد تراضى عليها مع البائع المشفوع منه . ومن باب أولى لو أنه رفع دعوى الشفعة ثم مات ، فإن ورثته يحلون محله في الدعوى ويأخذون العقار المشفوع فيه بالشفعة ، إلا إذا نزلوا عن هذا الحق . وبديهي أنه لو صدر الحكم بثبوت الشفعة للشفيع وأصبح مالكاً للعقار المشفوع فيه ، فإن ملكية هذا $ 459 $ العقار تنتقل إلى ورثته كسائر أعيان تركته ، بل إن الورثة لا يستطيعون في هذه الحالة النزول عن حق الشفعة بعد أن صدر الحكم بثبوتها لمورثهم . كذلك من البديهي أنه إذا مات الشفيع قبل بيع العقار المشفوع فيه ، فإن ملكية العقار المشفوع به تنتقل من الشفيع إلى ورثته ، فإذا بيع العقار المشفوع فيه بعد ذلك ، ثبت حق الأخذ بالشفعة للورثة ، ولكن لا بطريق الاستخلاف عن المورث بل بطريق الأصالة عن أنفسهم ، إذ أن بيع العقار المشفوع فيه لم يقع إلا بعد أن انتقلت إلى ملكية العقار المشفوع به . كل هذه فروض الحكم فيها واضح ، وهو ما قدمناه . وإنما يقع الخلاف فيما إذا مات الشفيع بعد بيع العقار المشفوع فيه وقبل أن يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة ، فهل ينتقل إلى ورثة الشفيع حق مورثهم في الأخذ بالشفعة ، ويكون لهم أن يعلنوا رغبتهم في بذلك كما كان لمورثهم أن يفعل لو أنه لم يمت ، إذا كان ميعاد الأخذ بالشفعة لم ينقض؟
اختلفت الآراء في هذه المسألة اختلافاً بيناً في عهد قانون الشفعة السابق ، فرأي يذهب إلى أنه لا يجوز للورثة الأخذ بالشفعة وأن الشفعة لا تورث ، ورأي آخر يذهب إلى أن الشفعة تورث فيجوز للورثة الأخذ بالشفعة . وقد رددت مشروعات التقنين المدني الجديد صدى هذا الخلاف . فكانت الفقرة الثانية من المادة 1382 من المشروع التمهيدي تنص على ما يأتي : " والحق في الشفعة لا ينتقل بالحوالة ، وإنما ينتقل بالميراث . . . . " ( [718] ) . ولكن لجنة المراجعة عدلت النص على الوجه الآتي : " والحق في الشفعة لا ينتقل بالتحويل ولا بالميراث . . . . " وفي لجنة مجلس الشيوخ دار نقاش حول توريث حق الشفعة ، ثم استقر رأي اللجنة على حذف الفقرة الثانية من المادة الخاصة بهذه $ 460 $ المسألة " وترك حكمها لاجتهاد القضاء " ( [719] ) . وترك الحكم في هذه المسألة لاجتهاد القضاء أمر محير ، فالقضاء فيها جد مختلف . وإذا كانت محكمة النقض قد قضت بأن الشفعة تورث ، إلا أنه يصعب القول بأن هذا القضاء قد حسم كل خلاف ، وبخاصة أن الفقه المصري لا يزال ، حتى بعد صدور التقنين المدني الجديد ، منقسماً كل الانقسام . بل إن المسألة في الشريعة الإسلامية ، وهي المصدر الذي اشتق منه الشفعة ، مسألة من المسائل التي اختلفت فيها المذاهب واضطربت فيها الأقوال . ونبدأ بإيراد الخلاف في المسألة بين مذاهب الفقه الإسلامي ، ثم بين أحكام القضاء المصري ، ثم بين الآراء الفقهية ، تمهيداً لإبداء رأينا فيها .
أما الخلاف في الفقه الإسلامي ، فقد لخصناه في الجزء الخامس من كتابنا " مصادر الحق في الفقه الإسلامي " على الوجه الآتي : " أما حق الشفعة فيذهب الحنفية إلى أنه لا يورث ، كما لا يورث خيار الشرط ، لأن كلاً منهما مشيئة والمشيئة لا تورث . وهذه رواية عن أحمد ، وفي رواية أخرى عنه حق الشفعة يورث لأنه حق متعلق بالمال ومفض إلى تملكه . وأما ما تقوله الحنفية من أنه إرادة ومشيئة ، فالإرادة تتعلق هنا بشيء له وجود سابق ، إذ الشفيع لا يستطيع المطالبة بأخذ أي عقار بالشفعة ، بل يأخذ عقاراً معيناً بالذات لأنه أولى به من مشتريه . فإذا مات الشفيع قبل أن يطلب لم تتغير حال المبيع ، فيكون الوارث أحق به من مشتريه لقيام الوارث مقام المورث . جاء في البدائع ( جزء 5 ص 22 ) وهو من كتب الفقه الحنفي : وأما الضروري ( فيما تبطل به الشفعة ) فنحو أن يموت الشفيع بعد الطلبين قبل الأخذ بالشفعة ، فتبطل شفعته . وهذا عندنا ، وعند الشافعي رحمه الله لا تبطل ولوارثه حق الأخذ . ولقب المسألة أن خيار الشفعة هل يورث؟ عندنا لا يورث ، وعنده يورث . والكلام فيه من الجانبين على نحو الكلام في خيار الشرط . وجاء في بداية المجتهد ( جزء 2 ص 218 ) . وهو من كتب الفقه المالكي : فمن ذلك اختلافهم في ميراث حق الشفعة ، فذهب الكوفيون إلى أنه لا يورث كما أنه لا يباع ، وذهب مالك والشافعي وأهل الحجاز إلى أنها موروثة قياساً على الأموال . وجاء في المهذب ( جزء $ 461 $ أول ص 383 ) وهو في كتب الفقه الشافعي : وإن مات الشفيع قبل العفو والأخذ ، انتقل حقه من الشفعة إلى ورثته ، لأنه قبض ما استحقه بعقد البيع فانتقل إلى الورثة كقبض المشتري في البيع ، ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال فورث كالرد بالعيب . وجاء في المغني ( جزء 5 طبعة ثالثة ص 346 – ص 347 ) وهو من كتب الفقه الحنبلي : والشفعة لا تورث ، إلا أن يكون الميت طالب بها . وجملة ذلك أن الشفيع ، إذا مات قبل الأخذ بها ، لم يخل من حالي . ( أحدهما ) أن يموت قبل الطلب بها ، فتسقط ولا تنتقل إلى الورثة . وقال أحمد الموت يبطل به ثلاثة أشياء : الشفعة والحد إذا مات المقذوف والخيار إذا مات الذي اشترط الخيار لم يكن للورثة . هذه الثلاثة الأشياء إنما هي بالطلب ، فإذا لم يطلب فليس تجب ، إلا أن يشهد أني على حقي من كذا وكذا وأني قد طلبته ، فإن مات بعده كان لوارثه الطلب به . وروى سقوطه بالموت عن الحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي ، وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي . وقال مالك والشافعي والعنبري يورث ، قال أبو الخطاب ويتخرج لنا مثل ذلك لأنه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال فيورث كخيار الرد بالعيب . ولنا أنه حق فسخ ثبت لا لفوات جزء فلم يورث كالرجوع في الهبة أو لأنه نوع خيار جعل للتمليك أشبه خيار القبول . أما خيار الرد بالعيب ، فإنه لاستدراك جزء فات من البيع ، . ( الحال الثاني ) إذا طالب بالشفعة ثم مات ، فإن حق الشفعة ينتقل إلى الورثة قولاً واحداً ، ذكره أبو الخطاب وقد ذكرنا نص أحمد عليه . لأن الحق يتقرر بالطلب ، ولذلك لا يسقط بتأخير الأخذ بعده ، وقبله يسقط " ( [720] ) ويخلص مما قدمناه من الخلاف في الفقه الإسلامي أن الخلاف محتدم في هذا الفقه . فالحنفية والحنابلة وكثير من الأئمة المجتهدين من غير المذاهب الأربعة ، كالحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي والثوري وإسحاق ، يذهبون جميعاً إلى أن الشفعة لا تورث . والذين يقولون بأنها تورث هم المالكية والشافعية . فوضح من ذلك أنه لا يمكن ترجيح رأي على رأي على وجه جازم ، وإن كان الأٌرب إلى الرجحان هو القول بعدم انتقال الشفعة بالميراث ، وقد أيد هذا القول تأييداً قوياً أحد فقهاء $ 462 $ الحنفية البارزين ، ورد القول الآخر ردوداً جلية واضحة ( [721] ) .
أما القضاء المصري في هذه المسألة ، فهو أيضاً مختلف . قضى بعض الأحكام بأن الشفعة لا تورث ( [722] ) ، وقضى بعض آخر بأنها تنتقل بالميراث ( [723] ) . ثم طرحت المسألة على دوائر محكمة استئناف مصر المجتمعة ، فقضت في 3 $ 463 $ مايو سنة 1930 بأن الحق في الشفعة لا ينتقل إلى الوارث بوفاة الشفيع قبل التملك بالتراضي أو بقضاء القاضي ( [724] ) . ولكن عندما أنشئت محكمة النقض $ 464 $ رفع إليها الأمر ، فقضت في 8 يونيه سنة 1939 بعكس ما قضت به الدوائر المجتمعة لمحكمة استئناف مصر ، وبأن الحق في الشفعة ينتقل بالميراث ( [725] ) ، $ 465 $ وأكدت نفس المبدأ في أحكام تالية ( [726] ) .
وأما الفقه المصري ، بعد صدور التقنين المدني الجديد وسكوت هذا التقنين عن النص على هذه المسألة تاركاً إياها لاجتهاد الفقه والقضاء ، فهو كذلك منقسم ، ولا يكاد الباحث يتبين فيه الرأي الراجح من الرأي المرجوح . فمن الفقهاء من يذهب إلى أن الحق في الشفعة لا يورث ، ويخالف في ذلك قضاء محكمة النقض على الوجه الذي بسطناه ( [727] ) . ومن الفقهاء من يذهب $ 466 $ إلى عكس هذا الرأي ويقول بأن الحق في الشفعة يورث ويتفق في ذلك مع قضاء محكمة النقض ( [728] ) .
ونحن إزاء هذا الخلاف المحتدم ، وقد شمل كلاً من الفقه الإسلامي وأحكام القضاء وأقوال الفقهاء ولم يسعف فيه نص صريح في التقنين المدني إذ ترك هذا التقنين الأمر لاجتهاد القضاء ( [729] ) ، لا يسعنا إلا أن نتقدم إلى القضاء بالملاحظات الآتية :
$ 468 $
يجب بادئ ذي بدء أن نحدد المسألة تحديداً دقيقاً ، فقد قدمنا أن المقصود بحق الشفعة ، الذي ينظر في انتقاله إلى الورثة أو عدم انتقاله ، ليس هو الحق الذي استقر للشفيع قبل موته بعد أن أعلن رغبته في الأخذ بالشفعة . ففي رأينا – وسنبسط ذلك فيما يلي - أن الشفيع إذا أعلن رغبته في الأخذ بالشفعة يكون قد تكاملت عنده عناصر سبب كسب ملكية العقار المشفوع فيه ، وحل بإعلان هذه الرغبة محل المشتري في الصفقة التي عقدها هذا مع البائع . ولا شك في أنه إذا مات بعد ذلك ، انتقل حقه هذا ، أي حق ملكية العقار المشفوع فيه ، إلى ورثته ، وعلى هؤلاء أن يستمروا في إجراءات الأخذ بالشفعة حتى يحصلوا على حكم بثبوتها أو يحصلوا على رضاء بها . والذي يستلفت النظر في الأحكام الثلاثة التي صدرت من محكمة النقض في هذه المسألة ، هو أن الثابت من وقائع الدعوى في كل منها أن الشفيع لم يمت إلا بعد أن أعلن رغبته في الأخذ بالشفعة ، بل وبعد أن رفع الدعوى بها . فالأحكام الثلاثة التي قضت كلها بانتقال الشفعة إلى الورثة تكون إذن ، من وجهة النظر التي أبديناها ، صحيحة . ولكن محكمة النقض ، كما سنرى ، تذهب إلى أن حق الشفيع لا يثبت إلا عند صدور الحكم . وأياً كان الوقت الذي يثبت فيه للشفيع الحق في الحلول محل المشتري – وقت إعلان الرغبة أو وقت صدور الحكم – فإن المسألة التي نبحثها هنا هي هل ينتقل إلى الورثة الحق في الأخذ بالشفعة إذا مات الشفيع بعد بيع العقار المشفوع فيه وقبل أن يثبت له حق الحلول محل المشتري ، أي قبل إعلان الرغبة في رأينا أو قبل صدور الحكم بثبوت الشفعة فيما ذهبت إليه محكمة النقض؟ هناك فرضان لا يجوز الخلاف فيهما : ( 1 ) إذا مات الشفيع قبل بيع العقار المشفوع فيه وانتقلت ملكية العقار المشفوع به إلى الورثة ، فلهؤلاء أن يأخذوا بالشفعة عند بيع العقار المشفوع فيه ، وهم يأخذون بالشفعة كما قدمنا أصالة عن أنفسهم باعتبارهم ملاكاً للعقار المشفوع به وقت بيع العقار المشفوع فيه ، لا باعتبارهم ورثة حلوا محل مورثهم . ( 2 ) إذا مات الشفيع بعد أن حل محل المشتري ، سواء بإعلان الرغبة في الرأي الذي نقول به أو بصدور الحكم بثبوت الشفعة في الرأي الذي تذهب إليه محكمة النقض ، كان للورثة أن يأخذوا بالشفعة ، ولكن لا أصالة عن أنفسهم كما في الفرض الأول ، بل لأنهم حلوا محل مورثهم بعد أن انتقل إليهم حقه بالميراث . $ 469 $ والفرض الذي يجوز فيه الخلاف هو ، كما قدمنا ، الفرض الذي يموت فيه الشفيع بعد بيع العقار المشفوع فيه وقبل حلوله محل المشتري . وهنا ننظر إلى المسألة من ناحية تطبيق المبادئ العامة للقانون المدني ، ومن ناحية الاستناد إلى الفقه الإسلامي وهو المصدر الذي اشتقت منه نصوص الشفعة .
فمن ناحية تطبيق المبادئ العامة للقانون المدني ، يجب القول إن الشفيع في الفرض الذي نحن بصدده ، بعد بيع العقار المشفوع فيه وقبل حلوله محل المشتري ، لم يثبت له حق في العقار المشفوع فيه . وليست الشفعة في هذه المرحلة إلا رخصة ، أو هي منزلة وسطى ما بين الرخصة والحق ( [730] ) . وسواء كانت رخصة أو كانت منزلة وسطى ، فهي لم تكسب الشفيع بعد حقاً كاملاً في العقار المشفوع فيه . والذي ينتقل إلى الورثة من مورثهم هي الحقوق الكاملة التي تثبتت للمورث ، ولا ينتقل إليهم رخصة أو منزلة وسطى ما بين الرخصة والحق ، فهذه وتلك ليستا بحقوق كاملة حتى تنتقلا إلى الورثة ( [731] ) . ومن ثم لا يجوز القول ، من ناحية المبادئ العامة للقانون المدني ، إن الشفعة في الفرض الذي نحن بصدده تنتقل إلى الورثة .
ومن ناحية الاستناد إلى الفقه الإسلامي ، نرى أن المذهب الفقهي الذي هو أقرب إلى المبادئ العامة للقانون المدني هو المذهب الحنفي ، فهو يقول عن الشفعة إنها إرادة ومشيئة . وهذه الإرادة أو المشيئة هي التي نعبر عنها في القانون بأنها رخصة أو هي المنزلة الوسطى ما بين الرخصة والحق ، فهي لا تورث لا في القانون ولا في المذهب الحنفي . ونحن نأخذ هنا بالمذهب الحنفي لا لأنه هو المذهب الواجب الأخ به في الفقه الإسلامي ، فنحن نسلم بجواز الأخذ بأي مذهب وبأي قول في الفقه الإسلامي في المسائل المالية ، ما دام هذا المذهب أو هذا القول هو الذي ينسجم مع مبادئ القانون المدني . وقد رأينا أن المذهب الحنفي هو الذي ينسجم مع مبادئ القانون المدني في هذه $ 470 $ المسألة ، ومن أجل ذلك نأخذ به . ثم إنه من المقرر في الفقه الإسلامي ، وهو مقرر أيضاً في القانون نقلاً عن الفقه الإسلامي ، أن الشفيع يجب أن يكون مالكاً للعقار المشفوع به وقت بيع العقار المشفوع فيه ، وأن يبقى هذا الملك متصلاً من وقت البيع إلى وقت الأخذ بالشفعة . فإذا مات الشفيع بعد بعي العقار المشفوع فيه وقبل الأخذ بالشفعة ، فإن ورثة الشفيع لا يستطيعون الأخذ بالشفعة باعتبارهم ورثة ، إذ لميخلف لهم مورثهم إلا إرادة ومشيئة متصلة بشخصه ، وهذه لا تورث ( [732] ) . وهم لا يستطيعون أيضاً الأخذ بالشفعة أصلاء عن أنفسهم باعتبارهم ملاكاً للعقار المشفوع به الذي انتقلت ملكيته إليهم من مورثهم ، وذلك لأنهم كانوا لايملكون العقار المشفوع به وقت بيع العقار المشفوع فيه ، فملكيتهم غير متصلة . ويعتبر الزيلعي عن هذا المعنى في عبارات جلية إذ يقول : " . . . . بخلاف الشفعة لأنها مجرد الرأي والمشيئة ، ولهذا لا يجوز الاعتياض عنها ، وكذا لا يمكن إرثها . ولأ ، الشفيع يزول ملكه بالموت عن داره التي يشفع بها ، ويثبت الملك فيها للوارث بعد البيع . وقيام ملك الشفيع في التييشفع بها من وقت البيع إلى الأخذ بالشفعة شرط ، ولم يوجد في حق الميت وقت الأخذ ، ولا في حق الوارث وقت البيع . فبطلت ، لأ ، ها لا ستتحق بالملك الحادث بعد البيع ، ولا بالملك الزائل وقت الأخذ " ( [733] ) . ودع عنك ، بعد كل هذا ، أن القول بعدم انتقال الشفعة إلى الورثة هو القول الذي يتفق مع فكرة التضييق في حق الشفعة ، وهي الفكرة التي سادت نصوص الشفعة في التقنين المدني الجديد .
بقى أن نستعرض في إيجاز موقف محكمة النقض فيما ذهبت إليه من انتقال الشفعة بالميراث . فهي في حكمها الأول الصادر في 8 يونيه سنة 1939 قد أفرطت في الاستناد إلى الفقه الإسلامي ، واستخلصت من هذا الفقه رأياً راجحاً أسندته إلى المالكية والشافعية والإسناد هنا صحيح . وإلى الحنابلة $ 471 $ والإسناد هنا محل للنظر فقد أوردنا فيما قدمناه المذهب الحنبلي وهو أقرب إلى المذهب الحنفي ( [734] ) . واستخلاص رأي راجح في الفقه الإسلامي يقول بتوارث حق الشفعة على النحو الذي ذهبت إليه المحكمة النقض هو أيضاً محل للنظر ، فقد قدمنا أنه لا يمكن ترجيح رأي على رأي على وجه جازم ، وأن الحنفية والحنابلة وكثيراً من الأئمة المجتهدين من غير المذاهب الأربعة يقولون بعدم انتقال الشفعة بالميراث ، وأن هذا القول هو الأقرب إلى الرجحان . ولم يستوقف محكمة النقض هذا التمييز الدقيق بين خيار وخيار الذي ورد في المذهب الحنفي ، وهو من التميزات المنطقية المحكمة التي اشتهر بها هذا المذهب . وقد أحسنت محكمتنا العليا التعبير عنه ، وإن كانت لم تأخذ به ، حين تقول : " فأبو حنيفة وأصحابه يذهبون إلى أن الوارث يكون له ما كان للمورث من الخيارات في خيار العيب وخيار فوات الوصف المرغوب فيه وخيار التعيين وخيارات أخرى ، لا على اعتبار أن الذي ينتقل إلى الورثة هو حق من الحقوق ، بل على اعتبار أن المنتقل إليهم عين التصقت بها حقوق . ففي خيار العيب وخيار فوات الوصف ، السبب الحامل على الخيار قائم بالعين بعد موت المورث كما كان قائماً قبله . أما خيار الشفعة ، فليس متعلقاً بالعين المشفوع فيها ولاصقاً بها ، بل هو راجع لمحض إرادة الشفيع إن شاء أخذ وإن شاء ترك ، فهو لا ينتقل إلى الوارث لأنه ليس بمال ولا في معنى المال " . وإذا كانت محكمة النقض قد أفرطت في الاستناد إلى الفقه الإسلامي في حكمها الأول ، فهي في حكمها الثاني الصادر في 31 يناير سنة 1946 قد فرطت في الاستناد إلى هذا الفقه ، إذ تقول : " فكون الشريعة الإسلامية هي مصدر تشريع الشفعة لا يوجب النقيد بآراء أئمتها عند البحث في هل ينتقل حق الشفعة بالإرث أو لا ينتقل " ( [735] ) . وعند المحكمة أن " الاستشفاع . . . توافرت فيه $ 472 $ عناصر المالية . . . وجب اعتباره مالاً " . وتستدل على ذلك بأحكام القانون الوضعي " الذي جعل إعلان الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة وتسجيل هذا الإعلان حجة على الغير ، وجعل أن كل رهن من المشتري وكل حق اختصاص حصل عليه دائنوه وكل حق عيني قبله المشتري أو اكتسبه الغير ضده بعد تاريخ التسجيل المذكور لا يسري على الشفيع " . وتستخلص محكمة النقض من ذلك أنه لا يمكن القول " بأن حق الشفعة حق متصل بشخص الشفيع ولا تعلق له بالمال " . ولا توجد علاقة ظاهرة بين ما تقدمت به المحكمة من أدلة وين ما انتهت إليه من نتيجة . ثم إنه لأي وجد تعارض بين أن تكون الشفعة حقاً متصلاً بشخص الشفيع وأن تكون متعلقة بالمال ، فكثير من الحقوق التي تتصل بشخص الدائن يمكن أن تتعلق بالمال ، كحق النفقة وحق التعويض عن الضرر الأدبي . وأخيراً يؤخذ على قول محكمة النقض إن الاستشفاع وهو الحق في الأخذ بالشفعة يجب اعتباره مالاً ، أن الفرق بين الاستشفاع والمال هو الفرق بين السبب والمسبب ، فالاستشفاع إنما هو سبب لكسب المال وليس بمال . . ومن أجل ذلك لا ينتقل الاستشفاع ، كما ينتقل المال ، إلى الوارث ، لأنه سبب متروك إلى إرادة الشفيع ومتصل بشخصه .
$ 473 $
164 – التشريعات المتعاقبة في الشفعة – أنصار الشفعة وخصومها – التضييف في حق الشفعة في التقنين المدني الجديد : كانت أحكام الفقه الإسلامي في الشفعة هي المعمول بها قبل صدور التقنين المدني المختلط ثم التقنين المدني الوطني السابق . ولما صدر هذان التقنينان أشتمل كل منهما على نصوص في الشفعة هي تقنين لأحكام الفقه الإسلامي . صدر التقنين المدني المختلط أوالً ، فاشتمل على المواد 93 – 101 والمادتين 562 - 563 تقرر حق الشفعة وتنظم هذا الحق . فجعلت الشفعة في العقار ( م 93 – 101 ) ، وكذلك في المنقول حيث أضيفت الشفعة إلى حق الاسترداد ( م 562 – 563 ) . كما جعلت " لمن أعار أرضه لإنسان وأذن له بالبناء أو الغرس فيها حق الشفعة ، إذا دفع الثمن المطلوب البيع به ولو قبل انقاض مدة العارية " ( م 93 ) ، فيشفع صاحب الأرض في البناء أو الغرس إذا باعه صاحبه . ثم جعلت الشفعة للشريك في العقار الشائع ، ثم للجار . " وفي كل الأحوال يجب على من له حق الشفعة أن يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة في العقار المبيع في ظرف أربع وعشرين ساعة من وقت التكليف الرسمي الحاصل هل بإبداء رغبته ، ويزاد عليها مسافة الطريق ، وإلا سقط حقه " ( م 101 ) . ثم صدر التقنين المدني الوطني . فاشتمل على المواد 68 – 75 تقرر حق الشفعة في العقار ، أما حق استرداد الحصة الشافعة فقد جعل في العقار والمنقول ( م 462 ) . وأحكام الشفعة في التقنين المدني الوطني تماثل ، فيما عدا فروقاً قليلة ، أحكام الشفعة في التقنين المدني المختلط . ومن هذه الفروق ما نصت عليه المادة 75 من التقنين المدني الوطني من أنه " يجب على من له حق الشفعة ، ويرغب الأخذ بها ، أن يبين رغبته في ذلك بتقرير يقدمه لقلم كتاب المحكمة التابعة لها الجهة الكائن فيها لعقار ، في ظرف خمسة عشر يوماً بالأكثر من بعد تكليفه رسمياً بمعرفة المشتري بإبداء رغبته ، وإلا سقط حقه ، ويزاد على هذا الميعاد مسافة الطريق " .
وقد أظهر العمل أن هذه النصوص ليست وافية ، واستدعى اقتضابها الرجوع إلى أحكام الفقه الإسلامي ، فأدى ذلك إلى تناقض الأحكام . فصدر قانون خاض بالشفعة ، هو الأمر العالي الصادر في 26 مارس سنة 1900 بالنسبة إلى القضاء المختلط ، والأمر العالي الصادر في 23 مارس سنة 1901 $ 474 $ بالنسبة إلى القضاء الوطني . وبذلك انفصل قانون الشفعة عن التقنين المدني ، وألغى هذا القانون النصوص السابقة الإشارة إليها في التقنين المدني . وهذا هو قانون الشفعة السابق ، الذي استمدت منه نصوص الشفعة في التقنين المدني الجديد ، بعد أن أعيدت هذه النصوص إلى مكانها الطبيعي في التقنين المدني . وقد جعل قانون الشفعة السابق الشفعة في العقار للشريك في العقار الشائع أولاً ، ثم للجار المالك في أحوال معينة . واعتبر شريكاً في العقار المشفوع فيه من يكون له حق الانتفاع فيه كله أو بعضه ، وله طلب الشفعة إذا لم يطلبها مالك الرقبة نفسه . ويسقط حق الشفعة إذا لم يظهر الشفيع رغبته في الأخذ بها في ظرف خمسة عشر يوماً من وقت علمه بالبيع أو من وقت تكليفه رسمياً بإبداء رغبته ، ويجب على من يرغب الأخذ بالشفعة أن يعلن للبائع والمشتري طلبه لها كتابة على يد محضر ، ويكون هذا الإعلان مشتملاً على عرض الثمن وملحقاته الواجب دفعها قانوناً . وترفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري ، والحك مالي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة يعتبر سنداً لملكية الشفيع ، وعلى المحكمة تسجيله من تلقاء نفسها . و يحل الشفيع بالنسبة إلى البائع محلي المشتري في جميع حقوقه والتزاماته ، فإذا ظهر أن العقار المشفوع فيه مستحق للغير فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع ، ولكن ليس للشفيع أن ينتفع بالأجل الممنوح للمشتري في دفع الثمن إلا برضاء البائع . وقد كان قانون الشفعة السابق أو في بكثير مما سبقه من النصوص التي وردت في التقنيين الوطني والمختلط ، وعالج كثيراً من وجوده النقض في هذه النصوص .
وعند إعداد المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ، لم يعدل المشروع في النصوص التي كانت لجنة الأستاذ كامل صدقي قد وضعتها في شأن الشفعة مستمدة إياها من قانون الشفعة السابق كما قدمنا ، بل بقيت هذه النصوص كما هي مع تعديل طفيف في ترتيبها وفي بعض أحكامها . وقد استقر رأي هذه اللجنة ، بعد مناقشات طويلة ( [736] ) ، على إبقاء الشفعة سبباً لكسب الملكية . $ 475 $ وقد كان للشفعة خصوم يرون وجوب إلغائها لأنها قيد خطير يرد على حرية التعاقد ، ولم يرد لها ما يسوغها ، وبخاصة الشفعة بسبب الجوار . غير أن المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد استبقى الشفعة كاملة بما في ذلك الشفعة بسبب الجوار ، لاعتبارات تاريخية ، ولا ، هذا النظام قد أصبح جزءاً من التقاليد القانونية للبلاد ، هذا إلى ما للشفعة من فائدة في جمع ما تفرق من حق الملكية كضم حق الانتفاع إلى الرقبة من طريق الأخذ بالشفعة ( [737] ) . وعند نظر المشروع التمهيدي في لجنة المراجعة ، حذفت هذه اللجنة الشفعة بسبب الجوار ، إذ هي موضع خلاف بين مذاهب الفقه الإسلامي ، ولا يقول بها إلا المذهب الحنفي مع تقييدها بشروط معينة . وعلى ذلك قدم المشروع النهائي لنصوص الشفعة إلى مجلس النواب خالية من الشفعة بسبب الجوار . فاحتدمت المناقشة في هاذ المجلس ، بين مؤيدين لإلغاء شفعة الجوار ومنادين بوجوب إرجاعها . وانتصر أخيراً الرأي القائل بوجوب إرجاعها ، وأقر مجلس النواب نصوص الشفعة بعد أن أعاد إليها النص الخاص بالشفعة بسبب الجوار ( [738] ) . $ 476 $ وفي لجنة مجلس الشيوخ ، اقترح أحد الأعضاء إلغاء شفعة الجوار " وعدم $ 477 $ الأخذ بتعديل مجلس النواب ، خصوصاً وأن الجوار أصبح لا يعتد به الآن ، وقد لا يعرف الجار جاره ، وأن التوسع في الأخذ بالشفعة ينافي الشعور السائد في منع تكتل الملكية " . ولكن اللجنة ، بأغلبية الآراء ، أقرت شفعة الجوار ، ووافقت على المشروع بالتعديل الذي أدخله مجلس النواب ( [739] ) . وعلى ذلك أقر المشروع في مجلس الشيوخ على الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، شاملاً لشفعة الحوار ، ومستحدثاً في قانون الشفعة السابق لبعض أحكام تفصيلية سنعرض لها في مواضعها .
ومهما يكن من أمر استبقاء الشفعة سبباً لكسب الملكية ، ومن أمر الاحتفاظ فيها بشفعة الجوار ، فقد شاعت في نصوص التقنين المدني الجديد في الشفعة روح التضييف من هذا الحق . وتظهر هذه الروح جلية في تعديلات استحدثها التقنين المدني الجديد ، نذكر منها ما يأتي :
1 - أهم تعديل استحدثه التقنين المدني الجديد ، للتضييق من حق الأخذ بالشفعة ، هو التعديل القاضي بوجوب إيداع الشفيع خزانة المحكمة " كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة ، فإن لم يتم الإيداع في هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة " ( م 942 / 2 مدني ) . ولم يكن قانون الشفعة السابق بوجوب هذا الإيداع ، بل كان يقتصر على النص على أن يكون إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة " مشتملاً على عرض الثم وملحقاته الواجب دفعها قانوناً " ( م 14 / 1 من قانون الشفعة السابق ) . فلم يكن عرض الثمن عرضاً حقيقياً محتماً ، يله الإيداع في خزانة المحكمة ، بل كان يكفي أن يبدي الشفيع استعداده لدفع الثمن وملحقاته في صحيفة دعوى الشفعة . فوضع التقنين المدني الجديد ، بإيجابه إيداع الثمن خزانة المحكمة ، حداً لدعاوى الشفعة غير الجدية التي يقصد بها في الغالب فتح المجال للمضاربة عن طريق تهديد المشتري حتى يضطر إلى مساومة الشفيع على ترك دعوى الشفعة لقاء مبلغ من المال . لا سيما إذا لوحظ $ 478 $ أن الشفيع لم يكن ملزماً في قانون الشفعة السابق ، كما هو ملزم في التقنين المدني الجديد ( م 943 مدني ) ، بقيد الدعوى في ميعاد معين ، فكان يكتفي بإعلان صحيفتها دون أن يقيدها ، ثم يفتح الباب لمساومة المشتري . وهكذا ضيق التقنين المدني الجديد بهذا الحكم أشد التضييق من حق الشفعة ، إذا أصبح واجباً على الشفيع أن يودع خزانة المحكمة كل الثمن قبل رفع دعوى الشفعة ، وليس هذا بالأمر اليسير في كثير من الأحوال .
2 - أجاز التقنين المدني الجديد نزول الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة ولو قبل البيع ( م 948 أ مدني ) ، فمهد بذلك السبيل للمشتري في أن يصلح على نزول الشفيع عن الشفعة مقدماً قبل أن يقدم على الشراء ، وذلك حتى يطمئن على مصير الصفقة ، وقد سبق بيان ذلك ( [740] ) . أما قانون الشفعة السابق ، فعبارته الواردة في المادة 19 ( أولاً ) منه تفيد أنه لا يجوز النزول عن الشفعة قبل ثبوت الحق فيها ، وإن كانت محكمة النقض قد قضت ، تطبيقاً لأحكام قانون الشفعة السابق ، بأن النزول عن الشفعة جائز حتى قبل البيع ( [741] ) .
3 - منع التقنين المدني الجديد الأخذ بالشفعة " إذا وقع البيع بين الأصول والفروع ، أو بين الزوجين ، أو بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة ، أو بين الأصهار لغاية الدرجة الثانية " ( م 939 ب مدني ) . أما قانون الشفعة السابق ، فقد كان ينص في المادة 3 منه على أنه " . . . لا شفعة فيما بيع من الأصول لفروعهم وبالعكس ، ولا فيما بيع من أحد الزوجين للآخر ، أو من المالك لأحد أقاربه لغاية الدرجة الثالثة " . ونرى من ذلك أن التقنين المدني الجديد قد توسع في منع الأخذ بالشفعة ، فضيق من هذا الحق ، بأن منعه في البيع بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة ولم يقتصر على الدرجة الثالثة التي اقتصر عليها قانون الشفعة السابق ، ومعه في البيع ما بين الأصهار لغاية الدرجة الثانية ولم يكن قانون الشفعة السابق يمنعه في البيع ما بين الأصهار أصلاً .
4 - أسقط التقنين المدني الجديد الحق في الأخذ بالشفعة " إذا انقضت أربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع " ( م 948 ب مدني ) ، في حين أن $ 479 $ قانون الشفعة السابق في المادة 22 منه كان لا يسقط الشفعة إلا " بعد مضي ستة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع " .
5 - نص التقنين المدني الجديد صراحة على أنه إذا توافرت في المشتري الشروط التي كانت تجعله شفيعاً ، " فإنه يفضل على الشفعاء الذين هم من طبقته " ( م 937 / 3 مدني ) . وقد كانت محكمة النقض ، بالتطبيق لأحكام القانون الشفعة السابق ، لا تفضل المشتري الشفيع على شفيع من طبقته ، فكانت تفتح باباً للأخذ بالشفعة أغلقه التقنين المدني الجديد بالنص سالف الذكر ، وسنعرض لهذه المسألة في موضعها .
هذا إلى أن تكييف التقنين المدني الجديد الشفعة تكييفاً قانونياً صحيحا ، وتصريحه في المادة 935 مدني بأن " الشفعة رخصة " ، ساعد على ترجيح الرأي القائل بأن الشفعة لا تنتقل بالميراث ، إذ أن الرخص لا تورث على التفصيل الذي سبق أن بسطناه ( [742] ) . وفي عدم انتقال الشفعة بالميراث تضييق في الأخذ بها ، ما دامت ورثة الشفيع لا يجوز لهم الأخذ بالشفعة ( [743] ) .
وبالرغم من هذا التضييق في الأخذ بالشفعة ، فإن التقنين المدني الجديد لا يزال يعتبر الجوار في حالات معينة سبباً من أسباب الأخذ بها . وإذا كان من المستساغ أن يثبت للشريك في الشيوع حق الأخذ بالشفعة تفادياً من دخول أجنبي بين الشركاء ، وكان من المستساغ أيضاً أن يثبت لصاحب الرقبة $ 480 $ أو لصاحب لحق الانتفاع أو للمحكر أو للمستحكر أن يأخذ بالشفعة جمعاً لما تفرق من شتات الملكية ، فليس من المستساغ بعد أن استدار الزمن أن يبقى للجار حق الأخذ بالشفعة . فالشفعة قيد خطير على حرية التعاقد ، وعامل من عوامل عدم الاستقرار في المعاملات العقارية ، ولا يبررها إلا اعتبار أشد خطراً منها . والجوار قد أصبح في الوقت الحاضر ليس بذي خطر كما كان في الماضي ، فلم يعد يصلح مبرراً للأخذ بالشفعة . بل إن الجوار ، حتى في الماضي ، لم يكن سبباً من أسباب الأخذ بالشفعة في أكثر مذاهب الفقه الإسلامي . فإذا أضيف إلى ذلك أنه كثيراً ما يتخذ ذريعة لتكتيل الملكية العقارية والتوسع في تملك الأراضي والمباني المجاورة على حساب صغار الملاك وذي الحاجة منهم ، تبين أنه كان من الصواب الوقوف عند المشروع النهائي للتقنين المدني الجديد الذي أقرته لجنة المراجعة ، وقد حذف فيه الجوار سبباً للأخذ بالشفعة على النحو الذي ذكرناه فيما تقدم .
وبعد هذه النظرة التمهيدية في الشفعة ، نتناول أحكامها في مباحث ثلاثة : ( 1 ) شروط الأخذ بالشفعة . ( 2 ) كيفية الأخذ بالشفعة . ( 3 ) آثار الأخذ بالشفعة .
المبحث الأول
شروط الأخذ بالشفعة
165 - خلاصة شروط الأخذ بالشفعة : تتلخص هذه الشروط في أمرين : ( 1 ) بيع عقار . ( 2 ) ووجود شفيع .
المطلب الأول
بيع عقار
166 – مسألتان : نعرض هنا لمسألتين : ( 1 ) بيع العقار الأصل فيه جواز الأخذ بالشفعة . ( 2 ) ومع ذلك هناك بيوع عقارية لا يجوز فيها الأخذ بالشفعة .
$ 481 $
1 - بيع العقار الأصل فيه جواز الأخذ بالشفعة
167 - ما يشتمل عليه بيع العقار من مسائل : إذا بيع عقار ، انفتح باب الشفعة . والأصل جواز أن يؤخذ هذا العقار بالشفعة ، إذا وجد شفيع وتوافرت سائر شروط الشفعة . والمفروض أن يكون هناك عقار ، وقد ورد عليه عقد البيع .
فالشفعة لا تكون إلا في العقار ، أما المنقول فيرد عليه حق الاسترداد دون حق الشفعة . ثم إن الشفعة غير قابلة للتجزئة ، فلا تجوز تجزئة العقار أو العقارات المبيعة عند الأخذ بالشفعة ، وذلك حتى لا تتجزأ الصفقة .
ثم يجب أن يرد على العقار عقد البيع ، فهذا العقد هو التصرف الوحيد الذي يجوز فيه الأخذ بالشفعة ، وأي عقد آخر ولو كان ناقلاً للملكية لا تجوز فيه الشفعة . ولا يشترط في البيع ، حتى يصح الأخذ بالشفعة ، أن يكون مسجلاً . وقد تتوالى البيوع على العقار الواحد ، فيثار التساؤل في أيها يجوز الأخذ بالشفعة .
فهذه جملة من المسائل ، نستعرضها متعاقبة على الترتيب الآتي : ( 1 ) لا شفعة في المنقول . ( 2 ) الشفعة غير قابلة للتجزئة . ( 3 ) لا تجوز الشفعة إلا في عقد البيع . ( 4 ) جواز الأخذ بالشفعة في البيع غير المسجل . ( 5 ) الأخذ بالشفعة عند توالي البيوع .
168 - لا شفعة في المنقول : الشفعة لا تكون إلا في العقار ، ولا شفعة في المنقول . وإنما يرد على المنقول حق الاسترداد ، لا حق الشفعة . وقد سبق أن بسطنا القول في حق الاسترداد في الجزء الثامن من الوسيط عند الكلام في الملكية الشائعة ، وبينا أن حق الاسترداد يثبت في المنقول الشائع إذا باع أحد الشركاء حصته الشائعة في هذا المنقول لأجنبي بطريق الممارسة . ولحق الاسترداد قواعد ومواعيد وإجراءات تختلف عن قواعد الشفعة ومواعيدها وإجراءاتها ، وهذا الحق مستمد من القانون الفرنسي في حين أن الشفعة مستمدة من الفقه الإسلامي . على أن طبيعة حق الاسترداد هي نفس طبيعة حق الشفعة ، وليست الشفعة إلا حق استرداد يثبت في العقار في أحوال خاصة وبشروط $ 482 $ معينة . أم شروط حق الاسترداد فيه تنحصر ، على ما سبق أن بنيا ( [744] ) ، في أن يصدر بيع من أحد الشركاء في مجموع من المال أو في منقول معين بالذات ، وأن يرد هذا البيع على حصة شائعة ، وأن يصدر البيع إلى أجنبي عن الشركاء ، وأن يكون المسترد هو أحد الشركاء ( م 833 مدني ) . ويجب طلب الاسترداد قبل القسمة ، في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علم الشريك المسترد بالبيع أو من تاريخ إعلانه به ، وإجراءات الاسترداد ليست من التعقيد بالقدر الذي عليه إجراءات الشفعة ، وهي إجراءات تتلاءم مع طبيعة المنقول .
وعلى ذلك لا ترد الشفعة في بيع حصة شائعة في السفينة ، لأن السفينة منقول ، والذي يرد هو حق الاسترداد ( [745] ) . كذلك لا ترد الشفعة في المنقول بحسب المآل ، كبيع بناء للهدم أو غراس للقلع ، فلا يشع في هذا البناء أو الغراس شريك أو جار . أما بيع البناء على سبيل القرار ولكن استقلالا عن الأرض ، كبيع المحتكر للبناء الذي أقامه على الأرض المحكرة أو بيع صاحب الطابق الأعلى من منزل لا يملك طابقه الأسفل ، فهو بيع عقار لا بيع منقول . ومن ثم يجوز للشريك المشتاع وللجار الملاصق للبناء المبيع أخذ هذا البناء بالشفعة ، إذا توافرت فيه سائر الشروط ( [746] ) .
والعقار بالتخصيص هو منقول بطبيعته رصد على خدمة العقار أو استغلاله ، فإذا بيع مستقلاً عن العقار الذي رصد لخدمته أو استغلاله فالبيع بيع منقول ، ولا يجوز الأخذ فيه بالشفعة . أما إذا بيع مع هذا العقار ، فإنه يجوز أخذه بالشفعة تبعاً للعقار . وعلى ذلك إذا بيعت مزرعة بما فيها من $ 483 $ مواش وآلات ري ونحوها مما يعد عقاراً بالتخصيص ، فإن الشفعة تثبت في المزرعة وما تشتمل عليها من المواشي وآلات الري وغيرها من العقارات بالتخصيص . أما إذا فصلت المواشي أو آلات الري عن الأرض وبيعت مستقلة ، فإن الشفعة لا تثبت إذ البيع يكون في هذه الحالة بيع منقول ( [747] ) .
169 – الشفعة غير قابلة للتجزئة : معنى أن الشفعة غير قابلة للتجزئة أنه لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة ، في صفقة واحدة ، بعض المبيع دون بعض ، وذلك حتى لا تتفرق الصفقة على المشتري فيضار بذلك . وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 935 مدني ينص على هذا الحكم صراحة ، إذ كان هذا النص يتضمن فقرة ثانية تجري على الوجه الآتي : " والحق في الشفعة لا ينتقل بالحوالة ، وإنما ينتقل بالميراث ، وهو حق لا يتجزأ في استعماله " . واجتازت هذه الفقرة المراحل التشريعية حتى وصلت إلى لجنة مجلس الشيوخ ، بعد أن عدلت في لجنة المراجعة بما يجعل الشفعة لا تنتقل بالميراث على ما مر بيانه ( [748] ) . ودار نقاش في لجنة مجلس الشيوخ حول توريث حق الشفعة وتجزئته ، ثم استقر رأي اللجنة على حذف الفقرة كلها من المشروع " وترك حكمها لاجتهاد القضاء " ( [749] ) . والقضاء مضطرد على عدم جواز تجزئة الشفعة ، وهذا هو الحكم أيضاً في الفقه الإسلامي ( [750] ) .
وتأصيل المسألة أنه إذا تعددت الصفقة ، جاز للشفيع أن يأخذ بالشفعة
$ 484 $
في بعض الصفقات دون بعض إذا توافرت شروط الشفعة فيما يأخذ بالشفعة فيه ، ولا يكون هذا تجزئة للشفعة ( [751] ) . فإذا باع المالك عقاراً وأحد المشترين متعددين في صفقات متعددة ، بأن اشترى كل من المشترين جزءاً مفرزاً من العقار بثمن مسمى ، ولو انتظم عقد واحد كل هذه الصفقات ، وكان للعقار جار توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة ، كان لهذا الجار أن يأخذ بالشفعة في جميع الصفقات فيستولى على كل العقار ، وكان له أيضاً أن يأخذ بالشفعة في بعض الصفقات دون بعض إذ هو لم يفرق الصفقات فقد كانت مفرقة من الأصل ( [752] ) . وكذلك إذا باع المالك عقارات متعددة ولو لمشتر
$ 485 $
واحد ، في صفقات متفرقة ، كان للشفيع أن يأخذ بالشفعة ، إذا توافرت شروطها ، في بعض الصفقات دون بعض . وليسفي هذا تجزئة للشفعة ، فإن الصفقات كانت من الأصل متفرقة ( [753] ) .
أما إذا كانت الصفقة واحدة ، فإنه لا يجوز للشفيع أن يفرقها بأن يأخذ بالشفعة في بعض الصفقة دون أن يأخذ الصفقة كاملة ، إذ أن ذلك يكون تجزئة للشفعة ( [754] ) . ويمكن تصور وحدة الصفقة في فرضين : إذا باع المالك عقاراً واحداً لمشترين متعددين على الشيوع وهذا هو فرض تعدد المشترين مع وحدة العقار المبيع ( [755] ) ، إذا باع المالك عقارات متعددة لمشتر واحد في صفقة واحدة وهذا هو فرض تعدد العقارات المبيعة مع وحدة المشتري ( [756] ) .
أ - ففي فرض تعدد المشترين مع وحدة العقار المبيع ، إذا باع المالك عقاراً واحداً لمشترين متعددين على الشيوع ، لم تجز الشفعة إلا في العقار بتمامه حتى لا تتفرق الصفقة ، وهذا بخلاف ما إذا كان كل من المشترين قد اشترى $ 486 $ جزءاً مفرزاً من العقار في صفقة مستقلة ولو في عقد واحد مع سائر المشترين ، فقد قدمنا أن للشفيع أن يأخذ بالشفعة مع بعض المشترين دون بعض . وقد كانت المادة 11 من قانون الشفعة السابق تنص صراحة على هذا الحكم إذ تقول : " إذا بيع العقار لعدة أشخاص مشاعاً بينهم ، فلا تجوز الشفعة إلا فيه بتمامه . أما إذا عينت في العقد حصة كل منهم فمروزة ، كان للشفيع الحق في طلب أخذه بتمامه ، أو أخذ حصة واحدة أو أكثر مع مراعاة القواعد المقررة لطلب الأخذ بالشفعة " . فالمناط في وحدة الصفقة وتعددها يكون إذن ببيع العقار لمشترين متعددين على الشيوع فتكون الصفقة واحدة ولا يجوز تفريقها ( [757] ) ، أو بيع العقار أجزاء مفرزة لمشترين متعددين لكل منهم جزء مفرز معين فتكون الصفقة متعددة ويجوز الأخذ بالشفعة في بعض الصفقات دون بعض . وإذا كانت المادة 11 من قانون الشفعة السابق لم تنقل إلى نصوص التقنين المدني الجديد ، فإنه يصح مع ذلك الأخذ بحكمها ، إذ هو حكم لا ينحرف عن المبادئ العامة ، فضلاً عن أنه كان مطبقاً منذ زمن طويل فاستقر في عرف التعامل ( [758] ) . وقد قضت محكمة النقض ، تطبيقاً لهذا الحكم ، بأن المادة 11 من قانون الشفعة القديم تقضي بأنه إذا بيع العقار لعدة أشخاص مشاعاً بينهم ، فلا تجوز الشفعة إلا فيه بتمامه . وهذا يفيد بداهة أن الشفيع إذا رغب في استعمال حقه في أخذ كل العقار المبيع بالشفعة ، وجب عليه أن يوجه الدعوى بها إلى $ 487 $ جميع المشترين حتى تتم عملية التحويل في مواجهة جميع أطرافها . ولا يعفيه من ذلك طعنه بصورية عقد أحد هؤلاء المشترين ، بحجة أن إدخاله في عقد الشراء كان إجراءاً صورياً قصد به إسقاط حقه في الشفعة ( [759] ) .
وإذا بيع عقار واحد لمشترين متعددين على الشيوع ، وكان أحد هؤلاء المشترين من أصول البائع أو من فروعه أو من أقاربه لغاية الدرجة الرابعة أو من أصهاره لغاية الدرجة الثانية فلا يجوز الأخذ منه بالشفعة كما سيجئ ، فإن الشفعة تبطل بالنسبة إلى سائر المشترين . ذلك بأن الشفيع يتحتم عليه في هذه الحالة أن يشفع في العقار بتمامه حتى لا تتفرق الصفقة كما قدمنا ، وهو لا يستطيع أن يشفع في حصة المشتري الذي لا يجوز الأخذ منه بالشفعة ، وعلى ذلك لا يستطيع أن يشفع في العقار بتمامه ، فتسقط شفعته بالنسبة إلى جميع المشترين ( [760] ) . وذلك ما لم يطعن بالصورية في عقد المشتري الذي لا يجوز الأخذ بمنه بالشفعة على اعتبار أنه قد أقحم بين المشترين بعقد صوري تحايلاً لمنع الأخذ بالشفعة ، فيجوز عندئذ إذا أثبت الشفيع صورية هذا العقد أن يأخذ بالشفعة في كل العقار . ولكن يتعين عليه عند طلب الشفعة أن يوجه الطلب إلى المشتري الصوري ، وأن يدخله خصماً في دعوى الشفعة حتى يثبت فيم واجهته صورية عقده ، وبهذا قضت محكمة النقض في الحكم الذي سبق ذكره ( [761] ) . وقد يتحايل البائع لمنع الأخذ بالشفعة من طريق آخر ، فيكون قصده أن يبيع العقار كله لمشتر واحد أو لمشترين متعددين على الشيوع ، ولكنه يعمد إلى فصل جزء صغير من هذا العقار هو الذي يلاصق العقار المشفوع به ، فيبيعه مفرزاً بيعاً صورياً لشخص آخر ، حتى يفصل بذلك الجزء الأكبر من العقار المبيع عن العقار المشفوع به فيمنع الأخذ بالشفعة . فإذا أثبت الشفيع ذلك ، كان له أن يأخذ كل العقار بالشفعة ، ويفوت على البائع غرضه غير المشروع ( [762] ) .
$ 488 $
ب - وفي فرض تعدد العقارات المبيعة مع وحدة المشتري ، إذا باع المالك عقارات متعددة لمشتر واحد في صفقة واحدة وبثمن واحد ، وجب التمييز بين حالتين : ( 1 ) أن تتوافر في هذه العقارات جميعاً شروط الأخذ بالشفعة ، وفي هذه الحالة يجب على الشفيع أن يطلب أخذ العقارات جميعاً بالشفعة لتوافر شروطها في كل العقارات ، ولأن الصفقة واحدة فلا يجوز تفريقها على المشتري . ومما يؤكد وحدة الصفقة أن تكون العقارات المتعددة متصلة بعضها ببعض ( [763] ) ، أو إذا كانت منفصلة أن تكون مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة بحيث إن استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى بعض منها يجعل الباقي غير صالح لما أعد له من الانتفاع ( [764] ) . وإذا أراد الشفيع أن يقتصر في الأخذ بالشفعة على بعض $ 489 $ العقارات دون بعض ، فلا بد أن يكون ذلك بموافقة المشتري ، فهو وحده الحكم فيما إذا كان تفريق الصفقة يضر به أو أنه يرضاه ليتمكن بذلك من أن يستبقى بعض العقارات لقيام مصلحة له في ذلك . ( 2 ) أن تتوافر شروط الأخذ بالشفعة في بعض العقارات دون بعض آخر ، وفي هذه الحالة يبدأ الشفيع بأن يطلب الأخذ بالشفعة في العقار أو العقارات التي تتوافر فيها الشروط ( [765] ) . ولما كان قد حدد في الغالب ثمن واحد لجميع العقارات ، فإن قيمة العقارات التي يطلب الشفيع أخذها بالشفعة تقدر بواسطة خبير بنسبة من هذا الثمن الواحد تتفق مع مساحة هذه العقارات وصقعها بالنسبة إلى باقي العقارات ( [766] ) . ولكن يجوز للمشتري ، إذا رأى أن تفريق الصفقة على هذا الوجه يضر به ، أن يتمسك بأن يأخذ الشفيع بالشفعة كل العقارات ، ما توافرت فيه شروط الشفعة وما لم تتوافر ، وذلك حتى لا تتجزأ عليه الصفقة . وحينئذ يتعين على الشفيع أن يأخذ كل العقارات بالشفعة حتى ما لم تتوافر فيه الشروط ، أو أن يتركها جميعاً حتى ما توافرت فيه الشروط . وقد جرى القضاء على هذا المبدأ في أحكام متعددة ( [767] ) $ 490 $ على أن المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد كان يتضمن نصاً يقضي بغير هذا الحكم ، فقد كانت المادة 1385 من هذا المشروع تنص على أنه : " 1 - لا شفعة إن شمل البيع في نفس الوقت وبثمن واحد ، غير الحق الذي يجوز أخذه بالشفعة ، حقوقاً أخرى لا شفعة فيها . 2 - إلا أنه إذا كان يملك المنفعة أو الرقبة أشخاص متعددون وبيع كل الرقبة أو كل المنفعة ، جاز لهؤلاء الأشخاص أن يطلبوا الأخذ بالشفعة مجتمعين " . وقد جاء في المذكرة الإ]ضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " هذا النص حل محل المادة 11 من قانون الشفعة ( السابق ) . وهو يفرض أن المشتري قد اشترى ، صفقة واحدة وبثمن واحد ، العقار الذي يمكن أخذه بالشفعة مع عقارات أخرى لا شفعة فيها . ففي هذه الحالة لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة لا العقار الذي توافرت فيه شروط الشفعة حتى لا تتجزأ الصفقة ، ولا العقارات جميعاً لأن منها عقارات لا شفعة فيها . ويستدرك النص في حالتين : ( أ ) إذا كان يملك المنفعة أشخاص متعددون وبيعت الرقبة كلها ، فإن أحداُ من المنتفعين لا يستطيع أن يشفع وحده في الجزء من الرقبة الذي يقابل حق انتفاعه حتى لا تتجزأ الصفقة ، كما لا يستطيع أن يشفع وحده في كل الرقبة لأنه لا يملك الشفعة في بعض أجزائها . ولكن يجوز للمنتفعين مجتمعين أن يطلبوا الأخذ بالشفعة في الرقبة كلها ، لأن الصفقة في الحالة لا تتجزأ كما أن كل جزء من الرقبة مشفوع $ 491 $ فيه . ( ب ) إذا كان يملك الرقبة أشخاص متعددون وبيع حق المنفعة كله ، فإن أحداً من أصحاب الرقبة لا يستطيع أن يشفع وحده في الجزء من حق المنفعة الذي يقابل ما يملك من الرقبة حتى لا تتجزأ الصفقة ، كما لا يستطيع أن يشفع وحده في حق المنفعة كله لأنه لا يملك الشفعة في بعض أجزائه . ولكن يجوز لأصحاب الرقبة مجتمعين أن يطلبوا الأخذ بالشفعة في حق المنفعة كله ، لأن الصفقة في هذه الحالة لا تتجزأ كما أن كل جزء من حق المنفعة مشفوع فيه " . وقد اجتاز هذا النص مراحله التشريعية ، حتى وصل إلى لجنة مجلس الشيوخ . وفي هذه اللجنة لوحظ أن الحكم الوارد في الفقرة الأولى يخالف ما جرى عليه العمل ، وبعد مناقشة انقسمت اللجنة إلى رأيين ، الأول يذهب إلى جواز تجزئة الصفقة والأخذ بالشفعة في العقار الذي توافرت فيه شروطها ، والثاني يذهب إلى عدم جواز الشفعة إلا في الصفقة كلها . وانتهت اللجنة إلى حذف المادة ، وترك حكمها لاجتهاد القضاء ( [768] ) . ويتبين مما قدمناه أن النص الذي كان وارداً في المشروع التمهيدي ، والذي كان يقضي بعدم جواز الشفعة أصلاً ، سواء في العقارات التي لا تتوافر فيها شروط الشفعة أو العقارات التي تتوافر فيها هذه الشروط ، يخالف ما جرى به العمل ، ولم يقدر له أن يكون تشريعاً ، بل ترك الأمر لاجتهاد القضاء . لذلك لا يجوز الأخذ بحكم هذا النص ( [769] ) ، لا سيما بعد أن بدأ أن الميل متجه إلى العمل بما سار عليه القضاء . وقد قدمنا أن الرأي الذي نقول به - وهو جواز الأخذ بالشفعة في العقارات التي توافرت فيها شروطها وذلك ما لم يتمسك المشتري بعدم تفريق الصفقة عليه فيتحتم عندئذ أن يأخذ الشفيع جميع العقارات – هو الرأي الذي يتمشى مع ما يسير عليه القضاء في هذه المسألة . ولا يجوز الاعتراض على هذا الرأي بما قيل من أن الشركات العقارية تتضرر منه إذا اشترت شركة منها جملة $ 492 $ عقارات بقصد تقسيمها ، وتصادف أن كان منها عقار يجوز فيه الأخذ بالشفعة فيحبط الشفيع مشروع الشركة ( [770] ) ، ذلك بأن الشفيع في هذه الحالة لا يستطيع أن يأخذ بالشفعة إلا العقار الذي توافرت فيه شروطها دون غيره من العقارات ، ويسلم للشركة بعد ذلك ما بقى من العقارات فتتمكن من القيام بمشروعها ( [771] ) .
وإذا بيعت العقارات المتعددة لمشتر واحد ، ولكن في صفقات متعددة ، كأن كانت العقارات منفصلة بعضها عن بعض ولم تكن مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة ، فلا مجال في هذه الحالة لتطبيق مبدأ عدم تجزئة الشفعة ، لأن الصفقات متعددة ومبدأ عدم التجزئة لايسري إل في حالة وحدة الصفقة . وعلى ذلك يجوز للشفيع في هذه الحالة أن يأخذ بالشفعة للعقار أو العقارات التي توافرت فيها شروطها ، ولا يتعترض عليه في ذلك أنه يجزئ الصفقة لأن الصفقات كانت متعددة من مبدأ الأمر ، وهو لا يأخذ بالشفعة إلا في صفقة واحدة لم يجزئها . ولا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة العقار أو العقارات التي لم تتوافر فيها الشروط إذ أن الحق في الأخذ بالشفعة في هذه العقارات منعدم ، كما لا يجوز للمشتري أن يجبر الشفيع على الأخذ بالشفعة في هذه العقارات لأنه لا يستطيع أن يستند في ذلك إلى مبدأ عدم التجزئة فهو غير منطبق لتعدد الصفقات ( [772] ) .
ويقرب ما قررناه ، فيما تقدم ، من أحكام الفقه الإسلامي . فعند أبي حنيفة ومالك والشافعي أنه إذا تعدد المبيع ، بأن اشترى شخص دارين بعقد واحد ، وتوافر في كل من الدارين شروط الأخذ بالشفعة ، لم يكن للشفيع إلا أن يأخذ الدارين جميعاً بالشفعة ، وليس له أخذ أحدهما وترك الأخرى لما في ذلك من تفريق الصفقة على المشتري . أما إذا تعدد العقد ، أو كانت $ 493 $ شروط الشفعة لا تتوافر إلا في إحدى الدارين ، كان للشفيع في الحالة الأولى أخذ أحد الدارين دون الأخرى بالشفعة لأن الصفقة كانت متفرقة منذ البداية لتعدد العقد ، وكان له في الحالة الثانية أخذ الدار التي توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة دون الأخرى لأنه لا يشفع إلا فيها .
هذا ونحن فيما قدمناه إنما نقف عند المسائل الرئيسية لمبدأ عدم قابلية الشفعة للتجزئة ، دون الخوض في التفصيلات التي تباينت فيها الآراء واحتدمت في شأنها المناقشات ( [773] ) ، وهي تفصيلات يحسن تركها لاجتهاد القضاء كما قررت لجنة مجلس الشيوخ ، فيستهدي القضاء في كل حالة بالظروف الخاصة بها وبما يحيطها من ملابسات .
170 - لا تجوز الشفعة إلا في عقد البيع : كان التقنين المدني السابق يجيز الشفعة في البيع وفي المقايضة ، فكانت المادة 70 / 96 منه تنص على أنه " لا يصح الأخذ بالشفعة من الموهوب له ولا ممن تملك بغير المبايعة أو المعاوضة " . ولما كان الشفيع يأخذ العقار المشفوع فيه بثمنه والثمن لا يوجد إلا في البيع ، ولو أخذ في المقايضة لتعين أن يأخذ العقار بقيمته إذ لا ثمن في المقايضة ، ولتعين إجبار المالك على تقاضي قيمة العقار الذي قايض به بدلاً من العين التي قايض عليها ، وهو إنما أراد بالمقايضة هذه العين بالذات ، لذلك كان من المناسب ألا تجوز الشفعة في المقايضة ، وألا تجوز إلا في البيع . وهذا ما حققه قانون الشفعة السابق ، إذ نص في المادة 5 منه على أنه " لا يصح الأخذ بالشفعة من الموهوب له ، ولا ممن تملك بغير المبايعة " . وقد سار التقنين المدني الجديد على هذا النهج ، إذ تعرف المادة 935 مدني ، كما رأينا ، الشفعة بأنها " رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري . . . " ، ثم إن جميع نصوص الشفعة إنما تتكلم عن البائع والمشتري على أساس أن الشفعة لا تجوز إلا في البيع .
فلا بد إذن من عقد بيع يصدر من مالك العقار المشفوع فيه إلى المشتري المشفوع منه ، حتى يجوز الأخذ بالشفعة . وعقد البيع تصرف قانوني صادر $ 494 $ من الجانبين وناقل للملكية بعوض . فإذا انتقلت ملكية العقار بغير تصرف قانوني ، كالميراث والالتصاق والتقادم ، فلا شفعة . ولا شفعة أيضاً إذا انتقلت ملكية العقار بتصرف قانوني صادر من جانب واحد كالوصية . وحتى لو كان التصرف القانوني صادراً من الجانبين ، أي كان عقداً ، فلا بد أن يكون عقد معاوضة ، فالهبة لا يجوز الأخذ فيها بالشفعة ( [774] ) ، حتى لو كانت بعوض ما دامت هبة حقيقية ( [775] ) . فإذا كانت حقيقة الهبة بعوض أنها بيع أخفى تحت $ 495 $ ستار الهبة ، وسمى الثمن عوضاً ، فالعبرة بحقيقة العقد وبأنه بيع ، فتجوز فيه الشفعة ( [776] ) . ويأخذ الشفيع العقار بالعوض المذكور في العقد ، إلا إذا ثبت أنه دون الثمن الحقيقي المتفق عليه ، وأنه إنما ذكر في العقد ناقصاً عن الثمن الحقيقي لإحكام ستر البيع وإلباسه ثوب الهبة بعوض ، فعندئذ يأخذ الشفيع العقار بالثمن الحقيقي لا بالعوض المذكور في العقد ( [777] ) . وعلى العكس من ذلك إذا كان البيع هو الذي يستر الهبة ، كما هو الغالب ، لم يجز الأخذ فيه بالشفعة ، ويحتج على الشفيع بالعقد الحقيقي دون العقد الظاهر لأنه ليس من الغير في الصورة كما سيجئ ، وعلى ذلك لا يجوز الأخذ بالشفعة في الهبة السترة في صورة بيع ( [778] ) . وقد يتحايل البائع والمشتري لمنع الأخذ بالشفعة ، فيهب $ 496 $ البائع للمشتري جزءاً صغيراً مقتطعاً من الأرض المبيعة يكون هو الجزء الملاصق لأرض الشفيع ، فيحول هذا الشريط من الأرض دون تحقق الجوار بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به ، وذلك حتى يمكن الاحتجاج على الشفيع بأنه لا يستطيع أخذ العقار بالشفعة لعدم تحقق الجوار ، بل ولا أخذ هذا الشريط من الأرض بالشفعة لأنه محل لعقد هبة لا لعقد بيع . وفي هذه الحالة يجوز للشفيع أن يثبت ، بجميع طرق الإثبات ، أن الهبة صورية وقد قصد بها التحايل لمنع الأخذ بالشفعة . فيأخذ بالشفعة كل العقار ، ويدخل فيه قطعة الأرض الموهوبة ، بالثمن المسمى في عقد البيع الواقع على بقية العقار ، على اعتبار أن حقيقة التعامل هو بيع واقع على كل العقار بالثمن المسمى في عقد البيع ( [779] ) .
فإذا وجد عقد معاوضة ناقل للملكية ( [780] ) ، فلا يؤخذ فيه بالشفعة إلا إذا $ 497 $ كان عقد بيع ( [781] ) . فالمقايضة ، ولو كانت بمعدل ، لا يؤخذ فيها بالشفعة ( [782] ) ، إلا إذا كان المعدل كبيراً يفوق بكثير قيمة البدل بحيث يستخلص أن حقيقة المقايضة هي أنها عقد يع استتر في صورة مقايضة . فتكون العبرة في هذه الحالة بالعقد الحقيقي وهو بيع ، فيجوز الأخذ فيه بالشفعة ( [783] ) . ولا يجوز الأخذ بالشفعة في الشركة ، إذا كانت حصة الشريك في الشركة عقاراً ، فلا يؤخذ هذا العقار بالشفعة من الشركة ولو أعطاها الشفيع قيمته ، لأن الشركة إنما تعاقدت مع الشريك على هذا العقار بالذات وقد لا ترضى بقيمته بديلاً عنه إذ قد يخل ذلك بأغراضها من تملك العقار ( [784] ) . ولا تجوز الشفعة $ 498 $ في الوفاء بمقابل ، إذا أعطى المدين للدائن عقاراً في مقابل الدين ، لأن الوفاء بمقابل فيه معنى استيفاء الدين ، وقد لا يرضى الدائن إلا بالعقار ذاته في مقابل الوفاء بهذا الدين ، وهذا هو أيضاً الحكم في الفقه الإسلامي ( [785] ) .
فإذا كان عقد المعاوضة الناقل للملكية هو عقد بيع ، جاز الأخذ فيه بالشفعة . ومع ذلك لا يؤخذ بالشفعة في عقد البيع الباطل ، لأن هذا العقد لا وجود له حتى يصح الأخذ فيه بالشفعة . كذلك لا يؤخذ بالشفعة في عقد البيع الصوري لأنه عقد لا وجود له كالعقد الباطل ، وقد قدمنا أنه لا يجوز الأخذ بالشفعة في الهبة المستترة في صورة بيع لأن البيع الذي يستر الهبة إنما هو عقد بيع صوري . ولا يجوز الاعتراض على ذلك بأن الشفيع يعتبر من الغير في الصورية فله أن يأخذ بالعقد الصوري وهو العقد الظاهر فيجوز له على هذا الأساس أن يأخذ بالشفعة . لا يجوز هذا الاعتراض ، لأن الشفيع ، في رأينا ، لا يعتبر من الغير في الصورية ( [786] ) . وعلى ذلك إذا باع المالك عقاره بيعاً صورياً $ 499 $ لمشتر حرر معه ورقة ضد ( contre - lettre ) ، وأراد الشفيع أن يأخذ العقد بالشفعة ، جاز الاحتجاج عليه بورقة الضد هذه وإن كان حسن النية ، وبأن البيع صوري لا وجود له فلا يجوز الأخذ فيه بالشفعة ( [787] ) . وعلى ذلك أيضاً إذا ذكر في عقد البيع ثمن أقل من الثمن الحقيقي تخففاً من رسوم التسجيل ، فالذي يسري على الشفيع هنا هو الثمن الحقيقي ، ولا يجوز له التمسك بالثمن الصوري المخفض لأنه ليس من الغير ( [788] ) .
$ 500 $
فإذا كان عقد البيع غير باطل ولا صوري ، فهو بيع موجود ، ويجوز كما قدمنا الأخذ فيه بالشفعة . ويعتبر بيعاً موجوداً ، ويجوز الأخذ فيه بالشفعة ، البيع الابتدائي . ذلك أن البيع الذي يسمى عادة بالبيع الابتدائي هو بيع تام بات ، يلتزم فيه البائع بنقل الملكية وضمان التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية ، ويلتزم فيه المشتري بدفع الثمن وملحقاته . وإنما سمى بالبيع الابتدائي $ 501 $ لأنل الالتزامات المتقدم ذكرها لا يقصد المتعاقدان تنفيذها في الحال ، بل تبقى موقوفة إلى حين تحرير العقد النهائي المعد للتسجيل والذي اتفق المتعاقدان على إبرامه في ميعاد معين . والذي يدعو المتعاقدين إلى إبرام هذا العقد الابتدائي قبل إبرام العقد النهائي يكون عادة اعتبارات عملية محضة ، فقد يرى المشتري بعد أن قيد البائع بالبيع وتقيد هو بالشراء أن يبحث عن حالة العقار ، فإذا ما رآه خالياً من التكاليف أبرم العقد النهائي ، وإلا فسخ العقد الابتدائي . وقد يرى المشتري أن يتسع له الوقت لتدبير الثمن ، فيكتفي عادة بدفع عربون حتى إذا ما دبر باقي الثمن أبرم العقد النهائي . ولكن الغالب أن الذي يدعو إلى إبرام العقد الابتدائي قبل إبرام العقد النهائي هو أن تسجيل البيع يقتضي إجراءات تستغرق مدة طويلة ، ويريد كل من الطرفين أن يقيد الآخر بعقد ابتدائي إلى أن تتم الإجراءات اللازمة للتسجيل فيبرما العقد النهائي . فالبيع الابتدائي إذن هو بيع تام ملزم للطرفين ، وإذا امتنع أحد الطرفين دون مبرر عن القيام بالتزاماته جاز للطرف الآخر إجباره على ذلك ( [789] ) . ولما كان البيع الابتدائي ينشئ على هذا النحو كل آثار البيع ، فإن الشفعة تجوز فيه كما $ 502 $ قدمنا وتستحق من وقت صدوره . فإذا بيع عقار بيعاً ابتدائياً وكان لهذا العقار شفيع ، استطاع الشفيع أن يطلب الأخذ بالشفعة من وقت صدور العقد الابتدائي ، وتسري مواعيد الشفعة من هذا الوقت ( [790] ) . وإذا أبرم البيع النهائي فسخ البيع الابتدائي ، ولكن إذا كان الشفيع قد طلب الأخذ بالشفعة في البيع الابتدائي ، بقى حقه في الشفعة قائماً وبشروط البيع الابتدائي ، حتى بعد إبرام البيع النهائي ، وحتى لو تغيرت شروط البيع النهائي عن شروط البيع الابتدائي . ويبدو أن الشفيع ، إذا فاته الأخذ بالشفعة في البيع الابتدائي ، يجوز له الأخذ بالشفعة في البيع النهائي في مواعيد هذا البيع وبشروطه . ولكن إذا هو أسقط شفعته بعد علمه بالبيع الابتدائي ، بأنه نزل عنها أو ترك المواعيد تفوت ، لم يستطع بعد ذلك الأخذ بالشفعة في البيع النهائي إلا إذا اختلفت شروطه عن شروط البيع الابتدائي ، وبخاصة إذا انقص الثمن ( [791] ) . وقد يقترن البيع الابتدائي بعربون ، ودفع العربون وقت إبرام العقد الابتدائي يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه ، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك ( م 103 / 1 مدني ) . فإذا اتفق المتعاقدان على أن دفع العربون هو تأكيد للعقد فلم يعد $ 503 $ لأحد منهما حق العدول عنه ، كان العقد الابتدائي باتاً ملزماً على الوجه الذي تقدم ذكره ، وجاز الأخذ فيه بالشفعة على النحو الذي أسلفناه . أما إذا لم يتفق المتعاقدان على أن دفع العربون هو تأكيد للعقد ، كانت دلالة العربون هي أن كلاًم ، المتعاقدين قد حفظ لنفسه الحق في العدول عن البيع في نظير أن يدفع قيمة العربون للطرف الآخر . وقد اختلف في تكييف العربون في الفقه الفرنسي ، فبعض يذهب إلى أنه يجعل البيع معلقاً على شروط فاسخ فينفذ البيع في الحال ولكن يجوز لكل من المتعاقدين فسخ البيع فيخسر البيع فيخسر العربون ، وبعض يذهب إلى أنه يجعل البيع معلقاً على شرط واقف فلا ينفذ البيع إلا إذا انقضت المدة المتفق عليها دون أن يعدل أحد الطرفين عنه . وقد سبق أن كيفنا العربون بأنه مقابل للرجوع في البيع ، فيكون هو البدل في التزام بدلي ، ويكون المدين ، بائعاً كان أو مشترياً ، ملتزماً أصلاً بالالتزام الوارد في البيع ، ولكن تبرأ ذمته من هذا الالتزام إذا هو أدى العربون ( [792] ) . وسواء كيف العربون بأنه يجعل البيع معلقاً على شرط فاسخ أو شرط واقف ، أو كيف بأنه بدل في التزام بدلي ، ففي جميع الأحوال لا يمنع العربون عقد البيع من أن يوجد ، وإن كان وجوده مقترنا بجواز العدول عنه . وما دام البيع موجوداً فإنه يجوز الأخذ فيه بالشفعة ، ومن ثم يجوز الأخذ بالشفعة في البيع الابتدائي اقترن بالعربون أو لم يقترن ( [793] ) .
ويجوز الأخذ بالشفعة أيضاً في البيع المعلق على شرط فاسخ أو على شرط واقف ، لأن البيع في الحالتين يكون موجوداً وإن كان وجوده على خطر الزوال ، ففي البيع المعلق على شرط فاسخ يكون البيع نافذاً من وقت إبرامه ، وعلى الشفيع أن يراعى مواعيد الشفعة ، وتسري من وقت إبرام العقد . فإذا أخذ بالشفعة في مواعيدها ، حل محل المشتري في البيع المعلق على شرط فاسخ ، $ 504 $ فإذا ما تخلف الشرط صار البيع باتاً ، وإذا ما تحقق زال البيع بأثر رجعي كما كان يزول بالنسبة إلى المشتري لو لم يأخذ الشفيع بالشفعة ( [794] ) . أما إذا فوت الشفيع مواعيد الشفعة محسوبة من وقت إبرام العقد كما قدمنا ، فإن حقه في الشفعة يسقطن ولم يجز له إذا تخلف الشرط الفاسخ وأصبح البيع باتاً أن يأخذ بالشفعة في مواعيد جديدة يحسبها من وقت تخلف الشرط . وفي البيع المعلق على شرط واقف يكون البيع غير نافذ ، ولكنه يكون موجوداً ، فيجوز الأخذ فيه بالشفعة ( [795] ) كما قدمنا ، وتحسب مواعيد الشفعة في الشرط الواقف ، كما $ 505 $ تحسب في الشرط الفاسخ ، من وقت إبرام البيع لا من وقت تحقق الشرط . فإذا أخذ الشفيع بالشفعة في هذه المواعيد ، حل محل المشتري في البيع المعلق على شرط واقف . فإذا تحقق الشرط نفذ البيع بأثر رجعي ونفذت معه الشفعة ، وإذا تخلف الشرط زال البيع بأثر رجعي كذلك كما كان يزول بالنسبة إلى المشتري لو لميأخذ الشفيع بالشفعة وزالت معه الشفعة . أما إذا فوت الشفيع مواعيد الشفعة محسوبة من وقت إبرام البيع ، فإن حقه في الشفعة يسقط ، ولم يجز له إذا تحقق الشرط الواقت ونفذ البيع أن يأخذ بالشفعة في مواعيد بحسبها من وقت تحقق الشرط ( [796] ) .
وإذا تقابل المتبايعان قبل طلب الشفعة ، فإذا قلنا من محكمة النقض إن التقابل هو فسخ للبيع القائم لا إنشاء لبيع جديد ، أنبنى على ذلك أن البيع يزول بالتقابل ( ويسمى أيضاً بالتفاسخ ) ، ويكون زواله بأثر رجعي فيعتبر كأن لم يكن . وعلى ذلك لا يستطيع الشفيع أن يطلب الأخذ بعد التقابل ، لأن البيع الذي يريد الأخذ فيه بالشفعة يكون غير موجود وقت طلب الشفعة ، وشرط الشفعة أن يكون البيع قد قام بعد توافر شروط الأخذ بها وأن يبقى قائماً عند طلبها ( [797] ) . ولكن التقابل لا يكون حتماً فسخاً للبيع القائم ، بل الأمر $ 506 $ يتوقف على قصد المتقايلين . فقد يقصدان إلغاء العقد القائم بعقد جديد يزيله دون أثر رجعي ، فيكون هناك عقد بيع أول من البائع إلى المشتري يعقبه عقد بيع ثان من المشتري إلى البائع ، بل إن هذا في نظرنا هو الأصل في التقايل ( [798] ) . وفي هذه الحالة لا يستطيع الشفيع أن يطلب الشفعة في البيع الأول لأنه زال بالتقايل ، ولكنه يستطيع طلبها في البيع الثاني وهو البيع الذي يتضمنه التقايل ذاتهن وطبقاً لمواعيد هذا البيع الثاني ( [799] ) . وإذا طلب الشفيع الشفعة في مواعيدها في البيع القائم قبل التقايل منه ، ثبت له الحق فيها ولا يسقط التقايل حقه ، سواء اعتبر التقايل فسخاً للبيع القائم أو بيعاً جديداً ( [800] ) . فإن كان فسخاً لم تسقط الشفعة ، لأن الفسخ هنا يكون تفاسخاً بالتراضي بين المتبايعين ولا يملك $ 507 $ هذان إسقاط الشفعة بتراضيهما ( [801] ) . وإن كان بيعاً جديداً أعقب البيع الأول ، فإن الشفيع قد طلب الشفعة في البيع الأول فلا يسقط حقه بالبيع الثاني ، وإنما يسقط هذا الحق لو أنه لم يطلب الشفعة قبل البيع الثاني فيتعين عليه في هذه الحالة أن يطلب الشفعة في البيع الثاني لا في البيع الأول ( م 938 مدني وسيجئ ذكرها ( [802] ) . وهذا لا يمنع الشفيع ، إذا كان طلب الشفعة في البيع الأول قبل التقايل منه ، أن ينزل عن هذا الطلب ويطلب الشفعة في البيع الثاني ( [803] ) .
ويجوز الأخذ بالشفعة حتى في البيع القابل للإبطال ، فالبيع الباطل هو الذي لا يؤخذ فيه بالشفعة لأنه غير موجود ، أما البيع القابل للإبطال فبيع موجود نفاذ ، ولا يزول إلا إذا حكم بإبطاله . وعلى ذلك يجوز الأخذ بالشفعة في البيع الصادر من القاصر دون إذن المحكمة وفي البيع الذي شابه غلط أو تدليس أو إكراه ، في المواعيد المقررة وتسري منذ برام البيع القابل للإبطال . فيحل الشفيع محل المشتري في هذا البيع ، ويكون مثله معرضاً للمطالبة بإبطال البيع من البائع . فإذا أجاز البائع البيع زال سبب الإبطال ، وانقلب البيع صحيحاً بأثر رجعي ، وأصبحت ملكية الشفيع للعقار المشفوع فيه ملكية باتة نهائية . أما إذا طلب البائع إبطال البيع وحكم له بذلك ، فإن البيع يزول بأثر رجعي ويعتبر كأن لم يكن ، وتزول ملكية الشفيع عن العقار وتعود إلى البائع ، كما كان يقع للمشتري لو لم يأخذ الشفيع بالشفعة . إذا فوت الشفيع مواعيد الشفعة التي تحسب منذ إبرام البيع القابل للإبطال كما قدمنا ، ثم أجاز البائع البيع $ 508 $ فانقلب بيعاً صحيحاً ، لم يجز للشفيع أن يأخذ بالشفعة ولم تنفتح له مواعيد يبدأ سريانها منذ إجازة البيع ( [804] ) .
ويخلص مما تقدم أن الشفعة لا تجوز إلا في البيع ( [805] ) . فأي سبب آخر لكسب $ 509 $ الملكية كالميراث والالتصاق والتقادم لا تجوز فيه الشفعة ، ولا تجوز في أي تصرف قانوني آخر كالوصية والقسيمة والصلح والهبة ولو بعوض والشركة والوفاء بمقابل والمقايضة ولو بمعدل . ويشترط في البيع ، حتى يجوز الأخذ فيه بالشفعة ، أن يكون موجوداً ، فإذا كان غير موجود كالبيع الباطل والبيع الصوري فلا شفعة . ومتى وجد البيع بعد توافر شروط الأخذ بالشفعة وبقى قائماً إلى وقت طليها جاز الأخذ بها ، سواء كان البيع صحيحاً نافذاً كعقد البيع النهائي وعقد البيع الابتدائي والبيع بالعربون والبيع المعلق على شرط فاسخ والبيع المتقابل فيه ، أو كان صحيحاً غير نفاذ كالبيع المتعلق على شرط واقف ، أو كان غير صحيح ما دام موجوداً كالعقد القابل للإبطال .
ويقع على الشفيع عبء إثبات البيع ، وأن هذا البيع قد قام بعد أن توافر في الشفيع شروط الأخذ بالشفعة ، وبقى قائماً إلى وقت طلبها ( [806] ) . ولما كان البيع ، بالنسبة إلى الشفيع ، يعتبر واقعة مادية كما قدمنا وهو لم يكن طرفاً فيه ، فإن للشفيع أن يثبته بجميع طرق الإثبات ويدخل في ذلك البينة والقرائن ، ولو زاد الثمن على عشرة جنيهات كما هو الغالب ( [807] ) . ولكن الذي يقع في العمل أن الشفيع كثيراً ما يستغنى عن إثبات البيع ، إما بالإقرار الصادر من البائع أو المشتري في الإنذار الرسمي الصادر منه إلى الشفيع متضمناً بيان العقار المبيع والثمن وشروط البيع واسم كل من البائع والمشتري ( م 941 مدني ) على $ 510 $ ما سنرى ، أو بتسجيل البيع نفسه إذا لم يوجه للشفيع هذا الإنذار إذ يبقى حقه في الشفعة قائماً حتى تنقضي أربعة أشهر من يوم تسجيل البيع ( م 948 ب مدني ) كما سيجئ .
171 - جواز الأخذ بالشفعة في البيع غير المسجل : قبل صدور قانون التسجيل في سنة 1923 كان البيع غير المسجل ينقل الملكية إلى المشتري ، ولم يكن التسجيل الزماً حينئذ إلا للاحتجاج بالبيع على الغير . فلم يقم إذ ذاك خلاف فيما إذا كان يصح الأخذ بالشفعة في البيع غير المسجل ، فقد كان هذا البيع يجعل المشتري مالكاً فتجتمع فيه صفة المشتري وصفة المالك في وقت واحد . فكان يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة العقار من المشتري قبل أن يسجل هذا عقده ، إذ أنه كان يأخذه من مشتر هو في الوقت ذاته مالك . ولما صدر قانون التسجيل في سنة 1923 ، أصبح البيع غير المسجل لا ينقل الملكية حتى فيما بين المتعاقدين ، ولا يترتب عليه إلا نشوء التزامات شخصية . فقام خلاف في أول الأمر فيما إذا كان البيع بعد صدور قانون التسجيل قد أصبح عقداً شكلياً لا ينعقد باعتباره بيعاً – وليس فحسب لنقل الملكية - إلا إذا سجل . ولكن لما كان البيع غير المسجل يترتب عليه جميع التزامات البائع ومنها الالتزام بنقل الملكية وجميع التزامات المشتري ومنها الالتزام بدفع الثمن ، ولما كان يمكن إجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل الملكية تنفيذاً عينياً في بيع غير مسجل عن طريق دعوى صحة التعاقد ، فإن هذا الخلاف لم يدم وقتاً طويلاً . وما لبث الرأي الذي يقول بأن البيع غير المسجل هو عقد بيع كامل ، يتم بالتراضي دون حاجة إلى التسجيل وينشئ جميع الالتزامات التي ينشئها البيع المسجل ، أن تغلب على الرأي الآخر الذي يقول بأن البيع قد أصبح عقداً شكلياً لا ينعقد إلا بالتسجيل . واستقر الرأي الأول بعد مدة قصيرة في الفقه والقضاء ، ولم يعد أحد ينازع فيهم نازعة جدية .
وكان قد تفرع عن الخلاف المتقدم الذكر خلاف آخر يتعلق بالشفعة ، فذهب بعض الفقهاء وبعض المحاكم إلى أنه لا يجوز الأخذ بالشفعة إلا في البيع المسجل ، ليس فحسب لأن البيع أصبح عقداً شكلياً لا ينعقد إلا بالتسجيل فيما $ 511 $ يذهب إليه من يقولون بذلك ، بل أيضاً لسبب خاص بالشفعة حتى مع القول بأن البيع بقى عقداً رضائياً بعد صدور قانون التسجيل . ذلك بأن الشفيع ، في رأي من يقولون بأن الشفعة لا تجوز إلا في البيع المسجل ، إنما يأخذ بالشفعة العقار من تحت يد المشتري إذا أصبح مالكاً . فشرط الشفعة عندهم أن تخرج ملكية العقار المشفوع فيه من البائع إلى المشتري ، إذ أن المشتري لا يصح جاراً للشفيع أو شريكاً معه في الشيوع فيتضرر الشفيع من جواره أو من شركته ، إلا إذا أصبح المشتري مالكاً . فيجب إذن التربص بالشفعة حتى يتحقق الضرر الذي شرعت الشفعة لتفاديه ، أي حتى يصبح المشتري مالكاً ، ولا يكون ذلك إلا بتسجيل البيع ، فلا تجوز الشفعة في بيع غير مسجل ( [808] ) .
ولكن هذا الخلاف أيضاً لم يدم وقتاً طويلاً ، فإن نصوص قانون الشفعة السابق ، وهو القانون الذي قام الخلاف في عهده ، صريحة في أن الشفعة تؤخذ من المشتري ، وهي لا تتكلم إلا عن البيع والبائع والمشتري . ولما كان البيع غير $ 512 $ المسجل ، حتى بعد صدور قانون التسجيل وقانون الشهر العقاري ، هو بيع كامل كما قدمنا ، فيجوز إذن الأخذ بالشفعة في البيع غير المسجل . ونصوص الشفعة في التقنين المدني الجديد لا تقل صراحة في هذا الشأن عن نصوص قانون الشفعة السابق ، بل يتصدر هذه النصوص نص يعرف الشفعة بأنها " رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري " ( م 935 مدني ) ، فالشفعة إذن جائزة في بيع العقار ، ولا يزال بيع العقار " بيعاً " ولو لم يسجل . ثم إن الأخذ بالشفعة في بيع غير مسجل يؤدي إلى نفس النتيجة التي يؤدي إليها الأخذ بالشفعة في بيع مسجل ، وهي أن يتملك الشفيع العقار المشفوع فيه . فالشفيع في البيع غير المسجل يحل محل المشتري في حقوقه ، ومن هذه الحقوق التزام في ذمة البائع بنقل الملكية إلى المشتري . فيصبح البائع ملتزماً نحو الشفيع ، بعد أن حل هذا محل المشتري ، بنقل ملكية العقار المبيع إليه . ويستطيع الشفيع أن يجبر البائع على تنفيذ هذا الالتزام تنفيذاً عينياً ، كما كان يستطيع المشتري . بل إن الحكم بثبوت الشفعة للشفيع ، إذا سجل – ويستطيع الشفيع أن يقوم بتسجيله – ينقل ملكية العقار المبيع فعلاً من البائع إلى الشفيع . يضاف إلى ذلك أن التربص بالشفعة حتى يسجل البيع ، وقد يطول انتظار الشفيع حتى يتم هذا التسجيل ، من شأنه أن يجعل ملكية العقار مقلقلة غير مستقرة مدة غير قصيرة . بل إن المشتري قد يتعنت ، إذا هو أمن جانب البائع ولم يخش منه التصرف في العقار مرة أخرى ، فيبقى البيع دون تسجيل إذ أن أمر التسجيل في يده ، فيعطل بذلك حق الشفيع المدة التي يريدها ( [809] ) .
$ 513 $
هذه الأسباب وغيرها ( [810] ) كانت من الوجاهة بحيث لم تجعل الخلاف يدوم طويلاً كما قدمنا . وما لبث الفقه أن انحاز بحق إلى الرأي الذي يقول بأن الشفعة تجوز في البيع غير المسجل ( [811] ) ، ثم ما لبث القضاء أيضاً أن انحاز إلى هذا الرأي . فقضت محكمة استئناف مصر بدوائرها المجتمعة في 3 ديسمبر سنة 1927 بأن الشفعة تجوز في البيع غير المسجل ، لأن نقل الملكية ليس ركناً من أركان البيع ، ولأ ، قانون التسجيل لم ينص على بطلان العقد غير المسجل ، ولأن التسجيل إنما شرع لصالح المشتري وهو بيده فلا يمكن أن يؤثر التقصير في إجراء التسجيل أو التعمد في عدم التسجيل من جانب المشتري في حق ذوي الشأن قبله ، ولأنه إذا قيل بأ ، الشفيع لا يملك حق الشفعة إلا من تاريخ التسجيل نكون قد وسنا في حق الشفعة بتضييق مسقطاتها خلافاً لنصوص القانون ولطبيعة حق الشفة باعتباره حقاً ضعيفاً لا يصح التوسع فيه ، ولأدى ذلك إلى عدم استقرار الملكية في يد أربابها وهو ما أرد القانون تلافيه بالنص على مسقطات الشفعة وبحصر المواعيد في إجراءاتها وفي طرق الطعن في الأحكام الصادرة فيها ، وأخيراً لأنه لا ضرر على المشتري من استعمال الشفيع حقه في الشفعة قبل التسجيل لأن الشفيع إنما يحل محله في البيع بشروطه ، وإنما الضرر في السماح للمشتري بتعطيل حق الشفعة والتلاعب بأحكام القانون بتأخير تسجيل عقده ( [812] ) . وقد تواترت الأحكام بعد ذلك بهذا المعنى ، واستقر القضاء على هذا المبدأ ( [813] ) .
$ 514 $
وأكد استقرار القضاء أن محكمة النقض قررت نفس المبدأ في أحكام متوالية ، وأقرت محكمة استئناف مصر بدوائرها المجتمعة على قضائها . فقضت في 15 فبراير سنة 1945 بأنه من المقرر أن ملكية الشفيع للعقار الذي يشفع به يجب أن تكون ثابتة وقت بيع العقار الذي يشفع فيه ، وأن الشفعة جائزة في العقار المبيع ولو كان عقد البيع لم يسجل ، ولقد سبق للدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف أن بحثت هذا الموضوع على ضوء النصوص الواردة في قانوني الشفعة والتسجيل ، وأصدرت فيه حكماً في 3 من ديسمبر سنة 1927 قالت فيه إن حق الشفعة الذي ينشأ من يوم البيع لايمكن تعليقه على حصول تسجيل العقد أو القول بتولده من يوم التسجيل فقط ، ومحكمة النقض تقر هذا الحكم والمقومات التي أقيم عليها ( [814] ) . وقضت أيضاً في 18 فبراير سنة 1954 بأ ، ه يجب ثبوت ملكية الشفيع للعقار الذي يشفع به وقت قيام سبب الشفعة ، أي وقت انعقاد بعي العقار الذي يشفع فيه ، ولا عبرة بتاريخ تسجيل هذا البيع لأن حق الشفعة يتولد عن عقد البيع ولو لم يكن مسجلاً ( [815] ) . وقضت كذلك بأنه لا يشترط قانوناً في البيع الذي تجوز فيه الشفعة أن يكون بعقد مسجل أو ثابت التاريخ ( [816] ) .
ولم يغير التقنين المدني الجديد في هذا الأمر شيئاً ، فالحجج التي استند إليها الرأي القائل بجواز الشفعة في البيع غير المسجل في عهد قانون الشفعة $ 515 $ السابق لا تزال قائمة في عهد التقنين المدني الجديد . بل إن الأعمال التحضيرية للتقنين المدني الجديد تزيد هذا الأمر تأكيداً ، ففي محضر جلسة 5 نوفمبر سنة 1937 من محاضر لجنة الأستاذ كامل صدقي أجمع أعضاء اللجنة إلا واحداً على عدم النص على اشتراط تسجيل البيع لجواز الأخذ بالشفعة ، وعلى الأخذ بما ذهب إليه قضاء محكمة النقض وسائر المحاكم من أن نقل الملكية والتسجيل ليسا ركناً من أركان البيع وإنما هما أثر من أثاره ، ولذلك لا يجوز جعل تسجيل البيع شرطاً لاستعمال حق الشفعة ( [817] ) .
والآن بعد أن استقر القضاء والفقه ( [818] ) على جواز الشفعة في البيع غير المسجل للأسباب الوجيهة التي قدمناها ، بقى أن نلاحظ ما يأتي :
$ 516 $
1 - لم يكن هناك بد من القول بجواز الشفعة في البيع غير المسجل ، ما دمنا نقول بجواز الشفعة في العقد الابتدائي . فالعقد الابتدائي ، والشفعة جائزة فيه كما قدمنا ( [819] ) ، ما هو إلا عقد بيع غير مسجل .
2 - إذا كان التسجيل لا يشترط في البيع للأخذ بالشفعة ، فإن ثبوت تاريخ البيع أيضاً لا يشترط ، وقد رأينا محكمة النقض تقول إنه لا يشترط $ 517 $ في البيع الذي تجوز فيه الشفعة أن يكون بعقد مسجل أو ثابت التاريخ ( [820] ) . ذلك بأن الشفيع لا يعتبر من الغير لا في الصورية ولا في ثبوت التاريخ ، فإذا واجهة المشتري بعقد بيع غير ثابت التاريخ ، كان هذا التاريخ حجة عليه إلى أن يثبت عكسه . فإذا كان التاريخ العرفي لعقد البيع سابقاً على تاريخ تملك الشفيع للعقار المشفوع به ، لم يجز للشفيع أن يتمسك بأن هذا التاريخ غير الثابت لا يحتج به عليه ، وبأن عقد البيع يجب أن يكون ثابت التاريخ وسابقاً على تملك الشفيع للعقار المشفوع به حتى لا يكون للشفيع الحق في الأخذ بالشفعة . بل للمشتري أن يتمسك بالتاريخ العرفي لعقد البيع وهو التاريخ السابق على تاريخ تملك الشفيع للعقار المشفوع به ، وأن يحتج به على الشفيع حتى يسلبه الحق في الأخذ بالشفعة . ولكن للشفيع أن يثبت بجميع طرق الإثبات أن التاريخ العرفي لعقد البيع قد قدم غشاً ليكون سابقاً على تملك الشفيع للعقار المشفوع به ، وأن يحتج به على الشفيع حتى يسلبه الحق في الأخذ بالشفعة . ولكن للشفيع أن يثبت بجميع طرق الإثبات أن التاريخ العرفي لعقد البيع قد قدم غشاً ليكون سابقاً على تملك الشفيع للعقار المشفوع به ، بقصد حرمانه من الأخذ بالشفعة ( [821] ) . ويرجع ذلك ، لا فحسب إلى أن الغش هنا يسوغ إثبات عكس ما هو ثابت بالكتابة بجميع الطرق ، بل يرجع أيضاً إلى أن البيع يعتبر بالنسبة إلى الشفيع واقعة مادية كما قدمنا ( [822] ) ، فله أن يثبت واقعة البيع ويتضمن ذلك تاريخها بجميع الطرق ( [823] ) .
3 - وإذا كان لا يشترط في بيع العقار المشفوع فيه أن يكون مسجلاً للأخذ بالشفعة ، فعلى العكس من ذلك يشترط ، إذا كان سند الشفيع في ملكية العقار الذي يشفع به عقد بيع ، أن يكون هذا البيع مسجلاً . ذلك بأن الشفيع $ 518 $ لا يشفع إلا بعقار يملكه كما سنرى ( [824] ) ، وهو لا يملك العقار المشفوع به عن طريق البيع إلا إذا كان هذا البيع مسجلاً . ويخلص من ذلك أنه في حين أن بيع العقار المشفوع فيه لا يشترط أن يكون مسجلاً ، يشترط على العكس من ذلك أن يكون بعي العقار المشفوع به مسجلاً وأن يكون التسجيل سابقاً على انعقاد بيع العقار المشفوع فيه .
172 – الأخذ بالشفعة عند توالي البيوع – نص قانوني : تنص المادة 938 مدني على ما يأتي :
" إذا اشترى شخص عيناً تجوز الشفعة فيها ، ثم باعها قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة طبقاً للمادة 942 ، فلا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني ، وبالشروط التي اشترى بها " ( [825] ) .
ويفرض هذا النص بيوعاً قد توالت ، ويحدد في أي بيع منها يأخذ $ 519 $ الشفيع بالشفعة . ولتبسيط المسألة نفرض أن المالك باع عقاره لمشتر ، ثم إن هذا المشتري باع العقار لمشتر ثان ، فهل يأخذ الشفيع بالشفعة في البيع الأول أو في البيع الثاني؟ ويستوي في هذا الفرض أن يكون المشتري الأول قد سجل عقده قبل أن يبيع للمشتري أو لم يسجل ، وإن كان الغالب في العمل أن المشتري الأول لا يبيع للمشتري الثاني أو لم يسجل ، وإن كان الغالب في العمل أن المشتري الأول لا يبيع للمشتري الثاني إلا بعد أن يكون قد سجل عقده . ويستوي كذلك أن يكون المشتري الثاني قد سجل عقده أو لم يسجل ، فقد قدمنا أن الشفعة تجوز في البيع غير المسجل .
ويجيب النص سالف الذكر على السؤال المتقدم بالتمييز بين حالتين :
( الحالة الأولى ) أن يكون المشتري الأولي لم يبع العقار للمشتري الثاني إلا بعد أن طلب الشفيع الشفعة في البيع الأول وسجل هذا الطلب . ففي هذه الحالة لا يسري البيع الصادر من المشتري الأول للمشتري الثاني في حق الشفيع ، إذ تنص المادة 947 مدني كما سنرى على أنه " لا يسري في حق الشفيع . . . أي بيع صدر من المشتري ولا . . . إذا كان كل ذلك قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة في الشفعة " . ومعنى أن البيع الثاني الصادر بعد تسجيل طلب الشفعة لا يسري في حق الشفيع أن الذي يسري في حقه هو البيع الأول وحده . وعلى ذلك يأخذ الشفيع بالشفعة في هذا البيع الأول بالشروط الواردة فيه ، والمفروض أنه سجل طلب الشفعة في هذا البيع فيمضي في إجراءات الشفعة إلى غايتها ( [826] ) . وذلك لا يمنعه ، إذا رأى أن شروط البيع الثاني أيسر أو أن الثمن فيه أقل ، من أن ينزل عن طلب الشفعة في البيع الأول ، ويطلبها في البيع الثاني في مواعيد هذا البيع وبشروطه ( [827] ) .
$ 520 $
( الحالة الثانية ) أن يكون المشتري الأول باع العقار للمشتري الثاني قبل أن يسجل الشفيع طلب الشفعة في البيع الأول ( [828] ) . ففي هذه الحالة يكون هذا البيع الثاني سارياً في حق الشفيع ، لأنه صدر قبل تسجيل طلب الشفعة ، وكل تصرف يصدر من المشتري قبل تسجيل طلب الشفعة يسري في حق الشفيع ( مفهوم المخالفة من المادة 947 مدني ) ( [829] ) . وما دام هذا البيع الثاني يسري في حق الشفيع ، فإنه يكون قد فسخ البيع الأول الذي لم يأخذ فيه الشفيع بالشفعة أو أخذ بها ولكن لم يسجل طلبه قبل صدور البيع الثاني . وعلى ذلك لا يستطيع الشفيع أن يأخذ بالشفعة في البيع الأول المنسوخ ، وكل ما يستطيعه هو أن يأخذه بالشفعة في البيع الثاني الذي يبقى وحده قائماً بعد أن نسخ البيع الأول ، ويكون أخذه بالشفعة في هذه الحالة في مواعيد البيع الثاني وبشروطه ، وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 938 مدني سالفة الذكر ( [830] ) . وما دام الشفيع $ 521 $ يأخذ بالشفعة في البيع الثاني دون البيع الأول ، فإنه يترتب على ذلك أنه إذا كان البيع الثاني لا يجوز الأخذ فيه بالشفعة لأي سبب ، امتنع على الشفيع الأخذ بها حتى لو كان البيع الأول يجيزها . ذلك بأن الشفيع يطلب الشفعة في البيع الثاني ولا شفعة فيه ، ولا يستطيع طلب الشفعة في البيع الأول بعد أن نسخه البيع الثاني ( [831] ) . وعلى ذلك إذا كان البيع الثاني صادراً من المشتري الأول إلى زوجه أو أحد من أقاربه أو أصهاره ممن لا يجوز الأخذ منهم بالشفعة ، أو كان المشتري الأول بدلاً من أن يبيع العقار وهبه أو قايض عليه ، لم يستطع الشفيع الأخذ بالشفعة ، فقد فاته الأخذ بها في البيع الأول وامتنع عليه الأخذ بها في التصرف الذي صدر من المشتري الأول ( [832] ) .
$ 522 $
وقد يكون التصرف الذي صدر من المشتري الأول ، كبيعه لأحد أقاربه أو هبته للعقار ، تصرفاً صورياً قصد به التحايل لمنع الشفعة . فيجوز للشفيع حينئذ أن يثبت بجميع الطرق ( [833] ) صورية التصرف ( [834] ) ، وعند ذلك يكون هذا التصرف غير موجود فلا ينسخ البيع الذي صدر من المالك للمشتري الأول ، ويستطيع الشفيع أن يأخذ بالشفعة في هذا البيع الأول بشروطه وفي مواعيده ( [835] ) ) . أما إذا كان التصرف الصادر من المشتري الأول بيعاً جدياً وتجوز فيه الشفعة ، فلا يؤخذ بالشفعة إلا فيه كما قدمنا . ويجب على الشفيع في هذه الحالة أن يوجه طلب الشفعة إلى كل من المشتري الأول والمشتري $ 523 $ الثاني ، دون البائع للمشتري الأول ، لأن الشفعة إنما تطلب في البيع الثاني المبرم ما بين المشتري الأول والمشتري الثاني لا في البيع المبرم ما بين البائع والمشتري الأول ( [836] ) . والأخذ بالشفعة في البيع الثاني يكون ، كما قدمنا ، في مواعيد هذا البيع وبشروطه ، ولا يعتد بشروط البيع الأول ( [837] ) . فإذا كان الثمن في البيع الثاني أعلى من الثمن في البيع الأول ، كان على الشفيع أن يودع خزانة المحكمة هذا الثمن الأعلى ( [838] ) ، وكذلك إذا كان ثمن البيع الثاني هو الأدنى كان الثمن الأدنى هو الواجب إيداعه ( [839] ) .
ولا عبرة بتسجيل البيع في كل ذلك كما قدمنا ، فقد يكون البيع الأول $ 524 $ غير مسجل وكذلك البيع الثاني ، ومع ذلك يأخذ الشفيع بالشفعة في البيع الثاني بالرغم من أنه غير مسجل ( [840] ) .
2 - البيوع التي لا يجوز الأخذ فيها بالشفعة
173 - نص قانوني : تنص الفقرة الأولى من المادة 939 مدني على ما يأتي :
" لا يجوز الأخذ بالشفعة : ( أ ) إذا حصل البيع بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات رسمها القانون . ( ب ) إذا وقع البيع بين الأصول والفروع ، أو بين الزوجين ، أو بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة ، أو بين الأصهار لغاية الدرجة الثانية . ( ج ) إذا كان العقار قد بيع ليجعل محل عبادة ، أو ليلحق بمحل عبادة " . ( [841] ) .
$ 525 $
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق المادتين 3 و 6 ( [842] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري لا مقابل ، وفي التقنين المدني الليبي م 493 / 1 ، وفي التقنين المدني العراقي م 1134 ، وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 244 / 2 وم 254 ( [843] ) .
$ 526 $
ويتبين من النص سالف الذكر أن هناك موانع من الأخذ بالشفعة تتعلق بالبيع الذي يؤخذ بها فيه . وموانع الشفعة غير مسقطاتها ، فالمانع يلغي الشفعة ابتداء ، أما المسقط فيلغي الشفعة بعد أن تقوم . فإذا باع زوج لزوجه عقاراً ، قام هنا مانع من الأخذ بالشفعة ، فلا تقوم الشفعة منذ البداية . وإذا نزل الشفيع عن الشفعة ، أو لم يأخذ في مواعيدها المقررة ، أو لم يراع الإجراءات المرسومة لها ، أو انقضت أربعة أشهر منذ تسجيل البيع دون أن يأخذ بها ، فإن الشفعة تسقط إنتهاء بعد أن قامت ابتداء . وهذه الضوابط تغنينا عن حصر موانع الشفعة ومسقطاتها ، فحيث لا تقول الشفعة ابتداء في بيع عقار فهناك مانع ، وحيث تضيع الشفعة بعد قيامها فهناك مسقط .
وموانع الشفعة المتعلقة بالبيع ، كما هي ظاهرة من النص سالف الذكر ، نرجع إلى اعتبارات مختلفة . منها ما يرجع إلى الطريقة التي تم بها البيع ، ويتحقق هذا في البيع الذي حصل بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات رسمها القانون . ومنها ما يرجع إلى العلاقة فيما بين البائع والمشتري ، فقد تكون علاقة عائلية لا تسمح بأن يقتحمها أجنبي ويأخذ العقار المبيع بالشفعة ، ويتحقق هذا في البيع بين الأصول والفروع أو بين الزوجين أو بين الأقارب أو الأصهار لدرجة معينة . ومنها ما يرجع إلى الغرض الديني الذي أعد له العقار المبيع ، ويتحقق هذا في العقار المبيع ليجعل محل عبادة أو ليلحق به .
وليس ما ورد في النص سالف الذكر هي كل موانع الشفعة المتعلقة بالبيع ، فهناك موانع أخرى متناثرة في تشريعات مختلفة ( [844] ) . من ذلك ما نصت عليه $ 527 $ المادة 9 من قانون الإصلاح الزراعي من أن " توزع الأرض المستولي عليها في كل قرية على صغار الفلاحين ، بحيث يكون لكل منهم ملكية صغيرة لا تقل عن فدانين ولا تزيد على خمسة أفدنة تبعاً لجودة الأرض " . ثم تضيف الفقرة الأخيرة من المادة نفسها : " لا يجوز أخذ الأراضي التي توزع بالشفعة " . والحكم في منع الشفعة هنا واضحة ، فهذه أراض مقسمة إلى قطع صغيرة ، تبيعها الحكومة لصغار الفلاحين بأثمان زهيدة مقسطة أقساطاً طويلة الأجل وبشروط معينة ، بغية رفع المستوى الاقتصادي لمعيشة صغار الفلاحين ، فلو أبحنا الشفعة في مثل هذا البيع لضاع الغرض الأساسي الذي يهدف الإصلاح الزراعي إلى تحقيقه ، ولنزعت هذه الأراضي بالشفعة من أيدي طائفة من الفلاحين قصد القانون حمايتها . وكذلك قضت المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي بوضع حدود لتصرف المالك في الأرض التي يملكها وتكون زائدة على الحد الأقصى الجائز تملكه ، فيجوز للمالك التصرف في هذا المقدار الزائد لأولاده فيما لا يزيد على مائة فدان ، ولصغار الفلاحين فيما لا يزيد على خمسة أفدنة لكل مشتر ، ولخريجي المعاهد الزراعية فيما لا يزيد على عشرين فداناً لكل منهم . ثم تقضي المادة 4 مكررة من قانون الإصلاح الزراعي بأنه لا يجوز أن تؤخذ بالشفعة الأرض المتصرف فيها على الوجه المبين في المادة 4 سالفة الذكر . وحكمة منع الشفعة هنا أيضاً واضحة ، فقد قصد القانون أن يكون التصرف لفئات معينة ، منها الأولاد والشفعة ممنوعة في شأنهم من الأصل ، ومنها صغار الفلاحين ، ومنها خريجو المعاهد الزراعية ، وذلك كله بأقدار معينة . فإباحة الشفعة ، وانتزاع الأرض من أيدي هذه الفئات ، يضيع على المشروع غرضه . ومن ذلك ما قضت به المادة 58 من القانون رقم 100 لسنة 1964 الخاص بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها من أن العقارات المملكة للدولة ملكية خاصة والتي تتصرف فيها طبقاً لأحكام هذا القانون لا يجوز أخذها بالشفعة . والحكمة في منع الشفعة هنا هي نفس الحكمة التي قدمناها في التشريعات السابقة ، إذ التصرف في هذه العقارات إنما يكون $ 528 $ لفئات معينة من صغار الملاك روعيت فيهم شروط واعتبارات خاصة ، فيضيع على المشروع غرضه لو أبحنا أخذ هذه العقارات بالشفعة ( [845] ) .
ونستعرض الآن الموانع الثلاثة من الشفعة المذكورة في المادة 939 / 1 مدني سالفة الذكر .
174 – البيع بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات رسمها القانون : رأينا أن المادة 939 / 1 مدني تنص على عدم جواز الأخذ بالشفعة " إذا حصل البيع بالمزاد العلني ، وفقاً لإجراءات رسمها القانون " . فيشترط إذن لمنع الشفعة أمران : ( 1 ) أن يكون البيع بالمزاد العلني . ( 2 ) وأن يجري وفقاً لإجراءات رسمها القانون . ويتوافر هذان الشرطان في البيوع الآتية :
1 - بيع بالمزاد العلني الجبري أمام القضاء ، بناء على طلب الدائنين لنزع ملكية عقار مدينهم لاستيفاء حقوقهم من ثمنه ، فهذا دون شك بيع بالمزاد العلني ، ويجري وفقاً لإجراءات رسمها تقنين المرافعات ، فلا تجوز فيه الشفعة .
2 - بيع بالمزاد العلني أمام القضاء لعقار شائع لا تمكن قسمته عيناً دون ضرر ، وهذا ما يسمى بقسمة التصفية ( licitation ) . وقد نصت المادة 718 مرافعات في هذا الصدد على أن " العقار المملوك على الشيوع ، إذا أمرت المحكمة ببيعه لعدم إمكان القسمة بغير ضرر ، يجري بيعه بطريق المزايدة بناء على قائمة بشروط البيع يودعها قلم كتاب المحكمة المختصة من يعنيه التعجيل من الشركاء " . وهذا أيضاً بيع بالمزاد العلني ، يجري وفقاً لإجراءات رسمها تقنين المرافعات ( أنظر المواد 718 – 720 و 723 مرافعات ) ، فلا تجوز فيه الشفعة .
$ 529 $
3 - بيع الدولة لأملاكها الخاصة بالمزاد العلني وفقاً للإجراءات المقررة في التشريعات الخاصة بذلك . فهذا بيع بالمزاد العلني أمام جهة الإدارة ، يجري وفقاً لإجراءات رسمها القانون ، فلا تجوز فيه الشفعة ( [846] ) .
4 - الحجز الإداري وبيع العقار المحجوز عليه لاستيفاء الضرائب بمختلف أنواعها وفقاً لإجراءات قررتها تشريعات الضرائب ( [847] ) ، فهذا أيضاً بيع بالمزاد العلني ، أمام جهة الإدارة ، يجري وفقاً لإجراءات رسمها القانون ، فلا تجوز فيه الشفعة .
5 - بيع عقار المفلس وعديم الأهلية والغائب بالمزاد العلني ، أمام جهة القضاء . وتنص المادة 712 مرافعات في هذا الصدد على أن " بيع عقار المفلس وعقار عديم الأهلية المأذون ببيعه وعقار الغائب ، بطريق المزايدة ، يجري بناء على قائمة شروط البيع التي يودعها قلم كتاب المحكمة المختصة وكيل الدائنين $ 530 $ أو النائب عن عديم الأهلية أو الغائب " . ويجري البيع وفقاً لإجراءات رسمها تقنين المرافعات في المواد 713 – 717 منه . فهنا أيضاً بيع بالمزاد العلني أمام جهة القضاء ، يجري وفقاً لإجراءات رسمها القانون ، فلا تجوز فيه الشفعة .
6 - بيع العقار المثقل بتكاليف عينية بيعاً اختيارياً بالمزاد العلني ، أمام جهة القضاء . وتنص المادة 722 مرافعات في هذا الصدد على أنه " يجوز لمن يملك عقاراً مقرراً عليه حقوق امتياز أو اختصاص أو رهون رسمية أو حيازية ، لم يحصل تسجيل تنبيه بنزع ملكيته ، أن يبيعه أمام القضاء ، بناء على قائمة بشروط البيع يودعها قلم كتاب المحكمة المختصة " . ويجري البيع وفقاً للإجراءات التي رسمها تقننين المرافعات ليس عقار المفلس وعديم الأهلية والغائب . فيما عدا إخبار النيابة العامة بإيداع قائمة شروط البيع . فهنا البيع بيع اختياري بالمزاد العلني ، يجري أمام القضاء وفقاً لإجراءات رسمها القانون ، فلا تجوز فيه الشفعة ( [848] ) .
$ 531 $
فهذه جميعاً بيوع عقارية بالمزاد العلني ، تقع أمام القضاء أو أمام جهة الإدارة ، وتكون جبرية أو اختيارية ، لاستيفاء ديون أو لتصفية عقار شائع أو لمجرد بيع العقار مع إحاطة البيع بضمانات كافية ، وتجري كلها وفقاً لإجراءات رسمها القانون ، سواء كان هذا القانون هو تقنين المرافعات أو أي تشريع آخر . والمهم في كل ذلك أن يكون هناك ، كما قدمنا ، بيع بالمزاد العلني يجري وفقاً لإجراءات رسمها القانون ( [849] ) .
ومن ثم يخرج من هذا النطاق ، فتجوز فيه الشفعة ، الحالتان الآتيتان ( [850] ) :
$ 532 $
1 - بيع المالك لعقاره بيعاً حراً بالمزاد العلني ، دون أن يتقيد في ذلك بالإجراءات والشروط التي قررها تقنين المرافعات للبيوع الاختيارية التي تجري بالمزاد العلني ( أنظر م 722 مرافعات ) . فقد يعمد المالك إلى بيع عقاره ، ولو لم يكن مثقلاً بتكاليف عينية ، بالمزاد العلني . ويجري في ذلك وفقاً لإ<راءات يضعها هو ( [851] ) ولا يتقيد فيها بالقانون ، قاصداً بذلك أن يحصل على أعلى ثمن ممكن لعقاره . فهذا البيع ، وإن كان بالمزاد العلني ، لم يجر وفقاً لإجراءات رسمها القانون . فلا تحوطه ضمانات كافية ، ويستطيع المالك أنيجري البيع ، كما يشاء وبالطريقة التي تروقه ، بل يستطيع ألا يرسي المزاد على أعلى مزايد إذا اشترط ذلك مقدماً . ومن ثم تجوز الشفعة في هذا البيع ، لأنه لم يجر وفقاً لإجراءات رسمها القانون ( [852] ) .
2 - بيع المالك عقاره بالمظاريف ، فتتقدم العطاءات في مظاريف مقفلة ، ولا يعلم أحد من المتقدمين للشراء بالعطاءات التي قدمها الآخرون . فهذا البيع لا تتوافر فيه العلانية ، ولا يزيد أحد على آخر فيه ، بل الكل يتقدمون بعطاءات سرية ليست نتيجة للمزايدة بين المتقدمين ، فلا يمكن اعتباره بيعاً بالمزاد العلني . وحتى لو رسم له القانون إجراءات معينة ، وأجرى البيع وفقاً لهذه الإجراءات ، فإنه يكون بيعاً جرى وفقاً لإجراءات رسمها القانون ، ولكنه لا يكون بيعاً بالمزاد العلني ، ومن ثم تجوز فيه الشفعة ( [853] ) .
$ 533 $
فلا بد إذن ، لامتناع الأخذ بالشفعة ، أن يكون البيع بالمزاد العلني ، وأن يجري وفقاً لإجراءات رسمها القانون . والحكمة في امتناع الأخذ بالشفعة في البيع على الوجه المتقدم تتمثل في أمور ثلاثة : ( 1 ) لما كان هذا البيع يجري بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات تكفل له الضمانات الكافية والعلانية التامة ، فمن اليسير على الشفيع أن يعلم بأمره ، وما عليه إذا أراد أخذ العقار إلا أن يدخل في المزاد ، فيحصل عليه من طريق لا يحتاج فيه إلى الشفعة ، التي هي حق لامتنع كثير من الدخول في المزاد خشية الأخذ بالشفعة ، فمنع الشفعة إذن يوفر لهذا البيع دخول أكبر عدد ممكن من المزايدين ، والحصول على أعلى ثمن ممكن . ( 3 ) الجاء الشفيع ، إذا أراد أخذ العقار ، إلى الدخول في المزاد $ 534 $ من شأ ، ه أن يصل بالثمن إلى حد أكبر من أعلى عطاء يتقدم به المزايديون ، إذ لا بد للشفيع من أن يزيد على هذا العطاء الأعلى حتى يرسو عليه المزاد ( [854] ) .
175 - البيع بين الزوجين أو بين الأقارب أو الأصهار لدرجة معينة :
رأينا ( [855] ) أن المادة 939 ( ب ) مدني تنص على عدم جواز الأخذ بالشفعة " إذا وقع البيع بين الأصول والفروع ، أو بين الزوجين ، أو بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة ، أو بين الأصهار لغاية الدرجة الاثنية " . ومنع القانون الشفعة هنا لاعتبار في المشتري ، فإذا باع المالك عقاره لمشتر تصله به صلة وثيقة من الزوجية أو القرابة أو المصاهرة ، فإن هذا البيع لا بد أن يكون قد لوحظت فيه شخصية المشتري ويغلب أن المالك ما كان يبيع عقاره لسواه ، لذلك لا يجوز للشفيع أن يأخذ العقار بالشفعة وينتزعه من يد المشتري . وقد عدد القانون على سبيل الحصر فئات معينة يمتنع الأخذ منها بالشفعة ، وهذه هي :
1 - بعي الزوج لزوجته ، أو بيع الزوجة لزجها ، ففي هذا البيع أو ذاك لا يجوز الأخذ بالشفعة ( [856] ) .
2 - بيع المالك لفروعه مهما نزلوا ، أو لأصوله مهما علوا ، فلا تقيد القرابة هنا بدرجة معينة . فإذا باع الأب ( أو الأم ) عقاره لابنه أو لبنته أو لابن ابنه أو لبنت ابنه أو لابن بنته أو لبنت بنته ، مهما نزل الفرع ، فإن الشفعة لا تجوز . كذلك إذا باع الابن ( أو البنت ) عقاره لأبيه أو لأمه أو لأبي أبيه أو لأم أبيه أو لأبي أمه أو لأم أمه ، مهما علا الأصل ، فإن الشفعة أيضاً لا تجوز .
3 - بيع المالك لأحد من أقاربه من الحواشي لغاية الدرجة الرابعة ، وقد كان قانون الشفعة السابق ( م 3 ) يقتصر في المنع على الدرجة الثالثة ، فمد التقنين المدني الجديد المنع إلى الدرجة الرابعة تضييقاً للأخذ بالشفعة ( [857] ) . $ 535 $ وحساب درجة الحواشي نصت عليه المادة 36 مدني إذ تقول : " . . . . وعند حساب درجة الحواشي تعد الدرجات صعوداً من الفرع للأصل المشترك ، ثم نزولاً منه إلى الفرع الآخر ، وكل فرع فيما عدا الأصل المشترك يعتبر درجة ( [858] ) " . و معنى ذلك أن الأخ يعتبر بالنسبة إلى أخيه في الدرجة الثانية ، إذ أن الأصل المشترك للأخوين هو الأب ، فيحسب الأخ درجة ، ومنه نصعد إلى الأب وهو الأصل المشترك فلا يحسب ، ثم ننزل من الأب إلى الأخ الآخر فيحسب هذا أيضاً درجة ، فهاتان درجتان . ويكون البيع الصادر من الأخ لأخيه أو لأخته ، أو الصادر من الأخت لأخيها أو لأختها ، بيعاً لا تجوز فيه الشفعة . ويعتبر العم بالنسبة إلى ابن أخيه في الدرجة الثالثة ، إذ أن الأصل المشترك هو الجد ، فيحسب العم درجة ، ومنه نصعد إلى الجد وهو الأصل المشترك فلا يحسب ، ثم تنزل من الجد إلى ابن الأخ بدرجتين ، للأخ درجة ولابنه درجة ثانية ، فيكون مجموعة الدرجات ثلاثاً . وقل مثل ذلك عن العمة والخال والخالة ، ويكون البيع الصادر من العم أو العمة أو الخال أو الخالة لابن أخيه أو لابن أخيها أو لابن أخته أو لابن أختها بيعاً واقعاً بين أقارب من الدرجة الثالثة ، فلا تجوز فيه الشفعة . وكذلك لا تجوز الشفعة في البيع الصادر من ابن الأخ لعمه أو ابن الأخت لخاله وهكذا ، لأن البيع واقع أيضاً بين أقارب من الدرجة الثالثة . ويعتبر ابن العم بالنسبة إلى ابن عمه في الدرجة الرابعة ، إذ أن الأصل المشترك بينهما هو الجد ، فنصعد من ابن العم إلى الجد بدرجتين ، ولا نسحب الجد ، ثم ننزل من الجد إلى ابن العم الآخر بدرجتين ، $ 536 $ فيكون مجموع الدرجات أربعاً . ويكون البيع الصادر من ابن العم لابن عمه بيعاً واقعاً بين أقارب من الدرجة الرابعة ، فلا تجوز فيه الشفعة . وكذلك قل عن بنت العم وابن العمة وابن الخال وبنت الخال وابن الخالة وبنت الخالة ، كل هؤلاء أقارب من الدرجة الرابعة ، فالبيع الذي يقع بينهم لا تجوز فيه الشفعة ( [859] ) . ولكن البيع الواقع بين الشخص وابن ابن عمه يكون بيعاً واقعاً بين أقارب من الدرجة الخامسة ، فتجوز فيه الشفعة .
4 - بيع المالك لأحد من أصهاره لغاية الدرجة الثانية . وقد كان قانون الشفعة السابق لا يمنع الشفعة في البيع الواقع بين الأصهار أصلاً ( [860] ) . ومنعها التقنين المدني الجديد بين الأصهار لغاية الدرجة الثانية كما قدمنا ، " نظراً لأن صلتهم لا تقل في غالب الأحيان عن صلة الأقارب ، وقد رؤى الوقوف عند الدرجة الثانية توخياً للتضييق ، وذلك تحقيقاً للفكرة المقصودة من النص وهي استبعاد الأجنبي على اعتبار أن الصفقة عائلية " ، كما قيل في لجنة مجلس الشيوخ وهي التي استحدث هذا النص ( [861] ) . ولحساب درجة المصاهرة يرجع إلى المادة 37 مدني ، وهي تنص على أن " أقارب أحد الزوجين يعتبرون في نفس القرابة والدرجة بالنسبة إلى الزوج الآخر " . فالزوج يعتبر في الدرجة الأولى ، من ناحية المصاهرة ، بالنسبة لأبي زوجته أو لابن زوجته من زوج آخر ، لأن كلاً من أبي الزوجة وابنها يعتبر بالنسبة إليها في الدرجة الأولى ، فكذلك يعتبر كل منهما في الدرجة الأولى بالنسبة إلى الزوج . وعلى ذلك يكون البيع الصادر من الزوج لأبي زوجته أو أبي الزوج للزوج . وعلى ذلك يكون البيع الصادر من الزوج لأبي زوجته أو أبي الزوجة للزوج ، وكذلك البيع الصادر من الزوجة لأبي زجها أو الصادر من أبي الزوجة للزوجة ، كل $ 537 $ هذا بيع صادر بين الأصهار من الدرجة الأولى ، فلا تجوز فيه الشفعة . وأخو الزوجة يعتبر في الدرجة الثانية ، من ناحية المصاهرة ، بالنسبة إلى الزوج ، لأن أخاً الزوجة يعتبر بالنسبة إليها في الدرجة الثانية فكذلك يعتبر في نفس الدرجة بالنسبة إلى الزوج . فالبيع الصادر من الزوج لأخي زوجته ، أو الصادر من أخى الزوجة للزوج ، يعتبر بيعاً واقعاً بين أصهار من الدرجة الثانية ، فلا تجوز فيه الشفعة . أما البيع الصادر من الزوج لعمة الزوجة مثلاً ، وعم الزوجة يعتبر في الدرجة الثالثة بالنسبة إلى كل من الزوجة والزوج ، فإنه بيع تجوز فيه الشفعة لأن درجة المصاهرة هنا جاوزت الدرجة الثانية .
والحكمة في منع الشفعة في الأحوال المتقدم ذكرهما هي ، كما قدمنا ، أن المشتري روعيت فيه اعتبارات خاصة بشخصه فلا يجوز لشفيع أن ينتزع العقار المبيع من تحت يده ، أو كما قالت لجنة مجلس الشيوخ " هي استبعاد الأجنبي على اعتبار أن الصفقة عائلية " ( [862] ) . ولكن لا يفهم من ذلك أن الشفيع ، في البيوع المتقدم ذكرها ، يأخذ بالشفعة لو كان هو أيضاً أحد أقارب البائع . فإن هذه البيوع ممنوع فيها الأخذ بالشفعة أصلاً للاعتبارات الخاصة بشخص المشتري ، حتى لو كان الشفيع في نفس درجة قرابة المشتري ( [863] ) ، بل وحتى لو كان أقرب منه إلى البائع . فلو صدر البيع من ابن العم لابن عمه لم يجز الأخذ بالشفعة في هذا البيع ، لأنه بيع بين أقارب من الدرجة الرابعة كما قدمنا . ويستوي في ذلك أني كون الشفيع أجنبياً ، أو يكون ابن عم آخر للبائع أي في درجة المشتري ، أو يكون أقرب إلى البائع من المشتري كأن يكون زوجاً أو ابناً أو بنتاً أو أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً . ومهما دنت قرابة الشفيع من المالك ، فإن البيع لا يجوز الأخذ فيه بالشفعة أصلاً ( [864] ) ، ولذلك $ 538 $ لا محل هنا للمفاضلة بين الشفيع والمشتري كما تقع المفاضلة فيما بين الشفعاء المتعددين فيما سنرى .
176 – العقار قد بيع ليجعل محل عبادة أو ليلحق بمحل عبادة : رأينا ( [865] ) أن المادة 939 ( ج ) مدني تنص على عدم جواز الأخذ بالشفعة " إذا كان العقار قد بيع ليجعل محل عبادة ، أو ليلحق بمحل عبادة " . فمنع القانون الشفعة هنا لاعتبار ديني قدمه على مصلحة الشفيع ، وقد كان هذا هو الحكم أيضاً في قانون الشفعة السابق ( م 5 ) .
فإذا باع المالك أرضه لمشتر بقصد أن يخصص المشتري الأرض لبناء مسجد فقوها ، أو ليلحقها بمسجد قائم لتوسيع المسجد أو لكون دورة للمياه مثلاً أو لتكون مقصورة تخصص للنساء إذا أتين المسجد للصلاة أو نحو ذلك ، فهنا يكون العقار قد بيع ليكون محل عبادة أو ليلحق بمحل عبادة ، فلا تجوز الشفعة في هذا البيع ، حتى لا يضيع على المشتري غرضه الديني الذي أراد أن يحققه . و إذا ادعى الشفيع أن الغرض المذكور في البيع من أن العقار قد بيع ليجعل محل عبادة أو ليلحق به غير مطابق للحقيقة ، وإنما هو قد ذكر تهرباً من الشفعة ومنعاً للأخذ بها ، فعلى الشفيع أن يطلب الشفعة في مواعيدها ، وأن يثبت أن سبب البيع المذكور في العقد لا صحة له ، وله أن يثبت ذلك بجميع الطرق .
ولا يقتصر الأمر في محل العبادة على الدين الإسلامي ، بل هو يتناول كل دين آخر من الأديان المعروفة . فيتناول المنع من الشفعة كل دور العبادة ، كالمساجد والكنائس والبيع والحاخامات وغيرها من المعابد . ولكنه لا يتناول عقاراً بيع لغرض ديني آخر غير العبادة ، كعقار يباع ليجعل داراً لتحفيظ القرآن أو معهداً دينياً أو مقراً لجمعية دينية ( [866] ) .
كذلك لا يتناول المنع عقاراً بيع ليكون مدرسة أو مبرة أو ملجأ أو مستشفى أو مصحة أو مؤسسة اجتماعية من أي نوع كان ، ويجوز في هذا البيع الأخذ بالشفعة . وقد تقدم في هذا الصدد اقتراح من أحد أعضاء لجنة $ 539 $ مجلس الشيوخ للجنة يرمي إلى " التسوية في الحكم بين محل العبادة وبين المدارس والمؤسسات الاجتماعية ، حتى تتحقق نفس الحكمة من تمكين المشتري من أن يخصص العقار لهذه الأغراض كلها ، ولكن اللجنة لم توافق على هذا الاقتراح " ( [867] ) .
المطلب الثاني
وجود شفيع
177 - مسألتان : وقد قدمنا ( [868] ) أن شروط الأخذ بالشفعة تتلخص في أمرين : بيع عقار ووجود شفيع . وقد بحثنا بيع العقار ، وننتقل الآن إلى وجود الشفيع .
وهناك مسألتان نبحثهما في صدد وجود الشفيع : ( 1 ) من هم الشفعاء . ( 2 ) تعدد الشفعاء وتزاحمهم .
1 - من هم الشفعاء
178 – صفة الشفيع وشروطه : وفي تحديد من هم الشفعاء نبين : ( أ ) من تثبت له صفة الشفيع . ( ب ) الشروط الواجب توافرها في الشفيع .
( أ ) من تثبت له صفة الشفيع
179 - - نص قانوني : تنص المادة 936 مدني على ما يأتي :
" يثبت الحق في الشفعة " :
( أ ) " لمالك الرقبة ، إذا بيع كل حق الانتفاع الملابس لها أو بعضه " .
( ب ) " للشريك في الشيوع ، إذا بيع شيء من العقار الشائع إلى أجنبي " .
( ج ) " لصاحب حق الانتفاع ، إذا بيعت كل الرقبة الملابسة لهذا الحق أو بعضها " .
( د ) " لمالك الرقبة في الحكر إذا بيع حق الحكر ، وللمستحكر إذا بيعت الرقبة " .
$ 540 $
( هـ ) " للجار المالك في الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا كانت العقارات من المباني أو من الأراضي المعدة للبناء ، سواء أكانت في المدن أم في القرى . ( 2 ) إذا كان للأرض المبيعة حق إرتفاق على أرض الجار ، أو كان حق الارتفاق لأرض الجار على الأرض المبيعة . ( 3 ) إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المبيعة من جهتين ، وتساوي من القيمة نصف ثمن الأرض المبيعة على الأقل ( [869] ) "
$ 541 $
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق المادتين 1 و 2 ( [870] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين السوري لا مقابل – وفي التقنين المدني الليبي م 940 – وفي التقنين المدني العراقي م 1129 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 239 ( [871] ) .
$ 542 $
ويخلص من النص سالف الذكر أن المشروع استهدى باعتبارات ثلاثة لإثبات صفة الشفيع ، منها اعتبار غريب عن الفقه الإسلامي ، واعتبار مختلف فيه في هذا الفقه . وهذه الاعتبارات هي :
( الاعتبار الأول ) هو لم شتات الملكية بعد تفرقها ، وهذا الاعتبار هو الغريب عن الفقه الإسلامي ، وكان مع ذلك اعتباراً مسلماً به في قانون الشفعة السابق ( م 2 من هذا القانون ) ، وكان اعتباراً أساسياً لاستبقاء الشفعة في لجنة الأستاذ كامل صدقي ( [872] ) . ويتمثل هذا الاعتبار في إثبات صفة الشفيع لمالك الرقبة حتى يلم شتات الملكية بضم حق الانتفاع إلى الرقبة ، وفي إثبات صفة الشفيع لصاحب حق الانتفاع حتى يلم شتات الملكية $ 543 $ بضم الرقبة إلى حق الانتفاع ، وفي إثبات صفة الشفيع لكل من مالك الرقبة إذا بيع حق الحكر وللمستحكر إذا بيعت الرقبة وهذا ما استحدثه التقنين المدني الجديد " جمعاً لما ترفق من حق الملكية ، وابتغاء لوسيلة جديدة ينتهي بها حق الحكر وهو حق غير مرغوب في بقائه " ( [873] ) .
( والاعتبار الثاني ) هو إبعاد الأجنبي من أن يقتحم نطاق الشركاء في الملكية الشائعة والتقليل ، عدد هؤلاء الشركاء كلما أمكن ذلك ، فثبت للشريك في الشيوع صفة الشفيع إذا بيع شيء من العقار الشائع إلى أجنبي . وهذا الاعتبار هو المسلم به اتفاقاً ، سواء كان ذلك في الفقه الإسلامي أو كان في التشريعات المتعاقبة الخاصة بالشفعة في التقنين المدني السابق وفي قانون الشفعة السابق وفي التقنين المدني الجديد .
( والاعتبار الثالث ) هو منع مضايقات الحوار ، فتثبت صفة الشفيع للجار المالك في أحوال ثلاث . وهذا الاعتبار مختلف فيه في الفقه الإسلامي ، فالحنفية هم الذين يسلمون به ، أما المذاهب الثلاثة الأخرى فلا تعتبر الجوار سبباً للأخذ بالشفعة . وقد كان هذا الاعتبار محلاً للمناقشة في لجنة الأستاذ كامل صدقي ، فأيده بعض الأعضاء وعارضه بعض آخر ( [874] ) . وجعل المشروع $ 544 $ التمهيدي للتقنين المدني الجديد الجوار في أحوال الثلاث سبباً للأخذ بالشفعة ، ثم ألغى أصلاً في المشروع النهائي أمام لجنة المراجعة ، وأعادته في إحدى أحواله الثلاث لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب ، وأعاده مجلس النواب كاملاً في أحواله الثلاث بعد مناقشات طويلة سبقت الإشارة إليه ( [875] ) ، وأقر ذلك مجلس الشيوخ . فأصبح الجوار بجميع أحواله سبباً من أسباب الأخذ بالشفعة في التقنين المدني الجديد ، كما كان الأمر في قانون الشفعة السابق ( [876] ) .
ولما كانت المادة 936 مدني قد عددت الشفعاء مرتبين ، فنستعرضهم هنا بهذا الترتيب الذي يتفاضلون به عند تزاحمهم كما سنرى .
180 - مالك الرقبة : تثبت صفة الشفيع ، في المرتبة الأولى ، " لمالك الرقبة إذا بيع كل حق الانتفاع الملابس لها أو بعضه " ( م 936 بند أ مدني ) .
$ 545 $
وهذه الحالة ، وإن كانت نادرة الحصول في العمل ( [877] ) ، يمكن أن نتصور تحققها في فروض مختلفة .
وأبسط هذه الفروض أن يكون هناك عقار مملوك لشخص ، وقد رتب عليه حق انتفاع لآخر . فإذا باع صاحب حق الانتفاع حقه ، كان لمالك العقار وقد أصبح بعد ترتيبه لحق الانتفاع مالكاً للرقبة أن يشفع في حق الانتفاع المبيع . فإذا ما أخذ هذا الحق بالشفعة لم شتات ملكيته ، وعاد كما كان مالكاً للعقار ملكية تامة . وهذا هو الغرض الذي من أجله أعطى مالك الرقبة الحق في أن يأخذ بالشفعة حق الانتفاع . وفي هذا الفرض المبسط لا نرى شفيعاً آخر يزاحم مالك الرقبة في أخذ حق الانتفاع بالشفعة .
وفي فرض آخر أكثر تعقيداً ، يرتب مالك العقار حق انتفاع لمصلحة شخصين ( أو أكثر ) في الشيوع . فإذا باع أحد الشريكين حصته الشائع في حق الانتفاع ونفرض أنها النصف ، كان لمالك الرقبة أن يشفع في هذه الحصة المبيعة ، فيصبح مالكاً ملكية تامة لنصب العقار ، ومالكاً لرقبة النصف الآخر . وهو إذا لم يكن في هذا الفرض قد لم شتات الملكية على وجه تام ، فإنه تمكن من لم شتاتها في نصف العقار . ولا يستطيع الشريك الآخر في حق الانتفاع أن يزاحم مالك الرقبة في أخذ الحصة الشائعة المبيعة في حق الانتفاع بالشفعة ، لأن مالك الرقبة مقدم في الترتيب على الشريك في الشيوع كما سنرى .
وهناك فرض أكثر تعقيداً من الفرضين المتقدمين ، يملك فيه العقار اثنان في الشيوع ( كل بمقدار النصف مثلا ) ، ويرتب الاثنان معاً على العقار الشائع حق انتفاع لشخص آخر ، فيصبحان مالكين في الشيوع لرقبة العقار . فإذا باع صاحب حق الانتفاع حقه ، فلا شك في أن مالكي الرقبة يستطيعان أن يأخذا معاً بالشفعة حق الانتفاع المبيع ، فيعودا كما كانا مالكين للعقار ملكية تامة . كذلك يستطيع أحد مالي الرقبة وحده أن يأخذ بالشفعة نصف حق الانتفاع ، إذ هو النصف " الملابس " للنصف الذي يملكه في الرقبة ، فيعود $ 546 $ كما كان مالكاً لنص العقار في الشيوع ملكية تامة ، ويبقى المالك الآخر للرقبة الذي لم يأخذ بالشفعة مالكاً لنصف الرقبة في حين أن المشتري لحق الانتفاع يستبقى نص هذا الحق . وعلى هذا الوجه يكون نصف العقار في الشيوع مملوكاً لأحد المالكين ملكية تامة ، والنصف الآخر يملك رقبته المالك الآخر ويملك حق الانتفاع فيه المشتري لحق الانتفاع . وقد يعترض المشتري لحق الانتفاع على هذه النتيجة ، ويتمسك بعدم تفرق الصفقة عليه ، إذ هو قد اشترى كل حق الانتفاع ولم يخلص له إلا نصفه . ففي هذه الحالة يكون له الحق في إجبار مالك نصف الرقبة الذي أخذ بالشفعة نصف حق الانتفاع على أن يأخذ أيضاً النصف الآخر لحق الانتفاع منعاً لتفرق الصفقة ، أو أن يترك الشفعة في نصف حق الانتفاع الذي أراد أخذه . فإن أخذ مالك نصف الرقبة كل حق الانتفاع أصبح مالكاً لنصف العقار ملكية تامة ومالكاً لحق الانتفاع في النصف الآخر ، وإن ترك الشفعة خلص لمشتري حق الانتفاع حقه كاملاً ولا تتفرق عليه الصفقة ، ويبقى مالكا الرقبة كما هو مالكين للرقبة في الشيوع بعد أن ترك كل منهما حق الأخذ بالشفعة ( [878] ) .
$ 547 $
يبقى أن نستعرض فرضاً أخيراً ، هو أن يملك العقار مالكان في الشيوع ( كل بمقدار النصف مثلاً ) ، ويرتبان معاً حق الانتفاع في هذا العقار لمصلحة شخصين في الشيوع كل بمقدار النصف . فإن باع أحد صاحبي حق الانتفاع النصف الشائع الذي له ، جاز لمالكي الرقبة أن يأخذا معاً هذا النصف بالشفعة ، لأن كلا منهما يملك الأخذ بالشفعة . كذلك يستطيع أحد مالكي الرقبة وحده أن يأخذ هذا النصف ، ولا يستطيع المشتري أن يعترض لأن الصفقة لم تتفرق عليه . وإذا باع صاحبا حق الانتفاع كل الحق لمشتر واحد ، جاز لمالكي الرقبة أن يأخذاه معاً بالشفعة ، وجاز لأحدهما أن يأخذ بالشفعة نصف حق الانتفاع الملابس لحقه في الرقبة ، إلا إذا تمسك المشتري بعدم تفرق الصفقة فيتحتم عندئذ على مالك نصف الرقبة إما أن يأخذ كل حق الانتفاع أو أن يترك الأخذ بالشفعة أصلاً ( [879] ) .
181 – الشريك في الشيوع : وتثبت صفة الشفيع ، في المرتبة الثانية ، " للشريك في الشيوع إذا بعي شيء من العقار الشائع إلى أجنبي " ( م 936 بندب مدني ) . ويخلص من النص أن هناك عقاراً شائعاً وأن أحد الشركاء في الشيوع باع حصته الشائعة أو شيئاً منها إلى أجنبي ، فيكون للشركاء في الشيوع الآخرين أو لأي منهم أن يأخذ بالشفعة الحصة الشائعة المبيعة . فيجب إذن : ( 1 ) أن يكون هناك عقار شائع . ( 2 ) وأن يبيع أحد الشركاء حصته الشائعة . ( 3 ) وأن يكون البيع الأجنبي .
يجب أن يكون هناك عقار شائع ( [880] ) . فالعقار الذي كان شائعاً ، ثم قسم $ 548 $ إلى أجزاء مفرزة لكل شريك جزء مفرز اختص به ، لا تكون فيه شفعة بسبب الشركة في الشيوع ( [881] ) . وإذا باع أحد منهم جزءه المفرز ، لم يكن للآخرين $ 549 $ أنيشفعوا فيه باعتبارهم شركاء في الشيوع ، فهم بعد القسمة لم يعودوا شركاء في الشيوع بل أصبحوا جيراناً . وعلى ذلك إذا جاز لأحد منهم أن يأخذ بالشفعة الجزء المفرز المبيع ، فإنما يجوز له ذلك باعتباره جاراً إذا استوفى سائر شروط الجار فيما سنبينه . ولا يجعل الحائط المشترك الفاصل بين عقارين هذين العقارين شائعين بين مالكيهما ، لأن الشركة هنا مقصورة على الحائط وليست في ذات العقار ، بل يكون كل مالك منهما جاراً للمالك الآخر ، ويشفع بالجوار إذا توافرت شروطه ( [882] ) . كذلك إذا كان هناك فناء مشترك أو طريق مشترك أو مجرى مشترك ( [883] ) بين عقارين ، فالعقاران لا يكونان شائعين بل يكونان متجاورين ، والشفعة في كل منهما تكون بالجوار إذا توافرت شروطه .
ويجب أن يبيع أحد الشركاء حصته الشائعة . فإذا باع جزءاً مفرزاً من المال الشائع ، فقد قدمنا في الجزء الثامن من الوسيط أن هذا البيع وإن كان صحيحاً فيما بين المتعاقدين فيما لو كان المشتري يعلم أن البائع للجزء المفرز إنما $ 550 $ يملك في الشيوع ، يكون يغر نافذ في حق الشركاء المشتاعين الآخرين ، فلا يصبح المشتري مالكاً على الشيوع معهم . وقررنا أنه لا يجوز لأحد من هؤلاء الشركاء المشتاعين أن يستعمل حق الاسترداد لهذا الجزء المفرز المبيع فيما لو كان جزءاً مفرزاً في مال منقول أو في مجموع من المال ، بل ولا يجوز أن يسترد من المشتري حتى الحصة الشائعة التي للشريك البائع في الجزء المفرز المبيع ، لأن حق الاسترداد إنما يكون في بيع حصة شائعة ولا يكون في بيع شيء مفرز . وما قررناه فيما يتعلق باستعمال حق الاسترداد هناك نقرره فيما يتعلق باستعمال حق الشفعة هنا ، فلا يجوز لشريك في الشيوع أن يشفع في جزء مفرز من العقار الشائع باعه شريك آخر ، ولا تجوز الشفعة إلا إذا بيعت حصة شائعة في العقار لا جزء مفرز فيه . ويجب تفسير عبارة " إذا بيع شيء من العقار الشائع إلى أجنبي " الواردة في المادة 936 بند ب مدني فيما رأينا ، بأن لفظ " شيء " مقصود به حصة شائعة ، فيكون المقصود من عبارة " بيع شيء من العقار الشائع " بيع حصة شائعة في هذا العقار . وكما لا يجوز للشريك المشتاع أن يشفع في جزء مفرز من العقار الشائع باعه شريك آخر ، كذلك لا يجوز للمشتري لهذا الجزء المفرز أن يشفع في حصة شائعة من الشيوع مع الشركاء المشتاعين كما سبق القول ، فلا يجوز له أن يشفع في حصة شائعة في العقار باعها شريك مشتاع ( [884] ) . وإذا اشترى هذا المشتري بعد ذلك حصة شائعة في نفس العقار ، وأراد أحد الشركاء الآخرين أخذ هذه الحصة بالشفعة ، جاز له ذلك ، ولا يحتج عليه المشتري بأنه هو نفسه شريك مشتاع مثله قبل شرائه للحصة الشائعة بحجة أنه سبق له أن اشترى الجزء المفرز حتى لا يجوز لشريك أن يأخذ منه بالشفعة ( [885] ) .
$ 551 $
ويجب أخيراً أن يكون بيع الحصة الشائعة لأجنبي . فلو باع الشريك المشتاع حصته الشائعة لشريك مشتاع مثله ، لما جاز لشريك مشتاع ثالث أخذ هذه الحصة الشائعة المبيعة بالشفعة . ذلك أن بيع الحصة الشائعة التي يراد أخذها بالشفعة يجب أن يكون صادراً إلى أجنبي لا إلى شريك مشتاع ، وهذا هو صريح نص المادة 936 بند ب مدني إذ تقول كما رأينا : " للشريك في الشيوع ، إذا بيع شيء من العقار الشائع إلى أجنبي " . هذا إلى أن المادة 937 / 3 مدني تنص على ما يأتي : " فإذا كان المشتري قد توافرت فيه الشروط التي كانت تجعله شفيعاً . بمقتضى نص المادة السابقة ، فإنه يفضل على الشفعاء الذين هم من طبقته أو من طبقة أدنى ، ولكن يتقدمه الذين هم من طبقة أعلى " . فإذا كان المشتري للحصة الشائعة هو نفسه شريك في الشيوع ، فضل على شفيع هو مثله شريك في الشيوع لأنه شفيع من طبقته . وإنما يأخذ الشريك في الشيوع الحصة الشائعة المبيعة بالشفعة إذا كان الذي اشترى هذه الحصة أجنبياً أي غير شريك في الشيوع ، لأن الشفيع هنا يكون من طبقة أعلى فيتقدم المشتري ( [886] ) . ولم يكن هذا الحكم المعقول هو السائد في عهد التقنين المدني السابق ولا في عهد قانون الشفعة السابق ، فقد كانت نصوص هذه التشريعات غير واضحة في هذا المعنى . وساد في عهدها الرأي العكسي الذي يجعل الشريك المشتري لا يتقدم على الشركي الشفيع ، بل يتقاسمان الصفقة معاً . فكان لا يشترط إذن أن يكون بيع الحصة الشائعة صادراً إلى أجنبي كما اشترط ذلك صراحة التقنين المدني الجديد ، بل كان يجوز الأخذ بالشفعة من المشتري لحصة شائعة ولو كان هو نفسه شريكاً في الشيوع . وكان هذا الرأي العكسي يدعمه الفقه الإسلامي في مختلف مذاهبه ، كما كان يدعمه الفقه والقضاء ، وأقرته محكمة النقض في أحكام متعاقبة ( [887] ) . وسنعود إلى هذه المسألة بتفصيل أوفى عند الكلام في تزاحم الشفعاء .
$ 552 $
وقد رأينا فيما تقدم أن الشرط الأول لأخذ الشريك في الشيوع الحصة الشائعة بالشفعة هو أن يكون هناك عقار شائع . ونحدد الآن ما هو المقصود بالعقار الشائع . يشمل العقار الشائع أول ما يشمل ، بطبيعة الحال ، العقار المملوك ملكاً تاماً لعدد من الشركاء في الشيوع . ولكنه يشمل أيضاً رقبة العقار إذا انفصل عنها حق الانتفاع ، فتكون رقبة العقار عقاراً شائعاً إذا كانت مملوكة لعدد من الشركاء في الشيوع . ويشمل أخيراً حق الانتفاع بعقار إذا انفصلت عنه الرقبة ، فيكون حق الانتفاع بعقار عقاراً شائعاً إذا كان هذا الحق مملوكاً لعدد من الشركاء في البيوع ( [888] ) . ويجب أن نميز تمييزاً دقيقاً بين مالك الرقبة باعتباره مالكاً للرقبة ، وبين مالك الرقبة باعتباره مالكاً في الشيوع . فمالك الرقبة باعتباره مالكاً للرقبة لا يتقدم كشفيع إلا إذا كان يشفع في حق الانتفاع ، ونص المادة 936 بند أ مدني صريح في هذا المعنى إذ يقول : " يثبت حق الشفعة لمالك الرقبة ، إذا بيع كل حق الانتفاع الملابس لها أو بصفة " . أما مالك الرقبة ، إذا شفع في حصة شائعة في هذه الرقبة لا في حق الانتفاع ، فإنه يتقدم كشفيع باعتباره مالكاً في الشيوع لعقار شائع هو الرقبة ، لا باعتباره مالكاً للرقبة . وإذا تقدم مالك الرقبة يشفع في حق الانتفاع باعتباره مالكاً للرقبة كانت له المرتبة الأولى بين الشفعاء ، أما إذا تقدم يشفع في حصة شائعة في الرقبة باعتباره مالكاً في الشيوع فإن مرتبته بين الشفعاء تكون هي المرتبة الثانية لا المرتبة الأولى . ويجب كذلك أن نميز تمييزاً دقيقاً بين صاحب حق الانتفاع باعتباره صاحب حق انتفاع ، وبين صاحب حق الانتفاع باعتباره مالكاً في الشيوع . فصاحب حق الانتفاع باعتباره صاحب حق انتفاع لا يتقدم كشفيع إلا إذا كان يشفع في الرقبة ، ونص المادة 936 بند ج مدني صريح في هذا المعنى إذ يقول : " يثبت حق الشفعة لصاحب حق الانتفاع ، إذا يبعث كل الرقبة الملابسة لهذا الحق أو بعضها " . أما صاحب حق الانتفاع ، إذا شفع في حصة شائعة في حق الانتفاع $ 553 $ لا في الرقبة ، فإنه يتقدم كشفيع باعتباره مالكاً في الشيوع لعقار شائع هو حق الانتفاع ، لا باعتباره صاحب حق انتفاع ( [889] ) . وإذا تقدم صاحب الانتفاع يشفع في الرقبة باعتباره صاحب حق انتفاع كانت له المرتبة الثالثة بين الشفعاء ، أما إذا تقدم يشفع في حصة شائعة في حق شائعة في حق الانتفاع باعتباره مالكاً في الشيوع فإن مرتبته بين الشفعاء تكون هي المرتبة الثانية لا المرتبة الثالثة .
$ 554 $
ويخلص من ذلك أمران : ( الأمر الأول ) أن رقبة العقار التي انفصل عنها حق الانتفاع هي نفسها عقار ، وقد يملكها عدة شركاء في الشيوع . فإذا بيعت حصة شائعة في هذه الرقبة ، كان لها شفيعان : ( 1 ) شريك مشتاع في الرقبة غير الشريك البائع ، ويشفع باعتباره مالكاً في الشيوع ، أي باعتباره شفيعاً في المرتبة الثانية . ( [890] ) صاحب حق الانفتاع ، وهو الحق الذي انفصل عن الرقبة ، ويشفع صاحبه باعتباره صاحب حق انتفاع ، أي باعتباره شفيعاً في املرتبة الثالثة . فإذا تزاحم هذان الشفيعان قدم من كان في مرتبة أعلى ، ومن ثم يقدم الشركي المشتاع فيالرقبة وهو في المرتبة الثانية على صاحب حق الانتفاع وهو في المرتبة الثالثة ( [891] ) . ( والأمر الثاني ) أن حق الانتفاع الذي انفصل عن الرقبة هو نفسه عقار ، وقد يملكه عدة شركاء في الشيوع . فإذا بيعت حصة شائعة في حق الانتفاع ، كان لها شفيعان : ( 1 ) مالك الرقبة ، وهي الحق الذي انفصل عنه حق الانتفاع ، ويشفع مالكه باعتباره مالكاً للرقبة ، أي باعتباره شفيعاً في المرتبة الأولى . ( 2 ) شريك مشتاع في حق الانتفاع غير الشريك البائع ، ويشفع باعتباره مالكاً في الشيوع ، أي باعتباره شفيعاً في المرتبة الثانية . فإذا تزاحم هذان الشفيعان قدم من كان فيم رتبة أعلى ، ومن ثم يقدم مالك الرقبة وهو في المرتبة الأولى على الشريك المشتاع في حق الانتفاع وهو في المرتبة الثانية .
182 - صاحب حق الانتفاع ، وتثبت صفة الشفيع ، في المرتبة الثالثة ، " لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت كل الرقبة الملابسة لهذا الحق أو بعضها " ( م 936 بند ج مدني ) . ويخلص من هذا النص أن صاحب حق الانتفاع هنا يشفع في الرقبة ولذلك يأتي في المرتبة الثالثة كما قدمنا ، أما إذا كان يشفع في حصة شائعة في حق الانتفاع فإنه يشفع فيها كشريك في الشيوع ويأتي في المرتبة الثانية شأنه في ذلك شأن سائر الشركاء في الشيوع كما سبق القول .
$ 555 $
وقد تقدم الكلام في صاحب حق الانتفاع عندما يشفع في حصة شائعة في هذا الحق عند الكلام في شفعة الشريك في الشيوع ( [892] ) ، والذي يعنينا هنا هو الكلام في صاحب حق الانتفاع عندما يشفع في الرقبة ( [893] ) . ونتدرج في الفروض هنا ، كما تدرجنا في الفروض بالنسبة إلى شفعة مالك الرقبة في حق الانتفاع ( [894] ) .
فأبسط الفروض هو أن يكون هناك عقار مملوك لشخص ، وقد رتب عليه حق انتفاع لمصلحة شخص آخر ، فأصبح مالك العقار مالكاً لرقبته فقطز فإذا باع هذا الأخير الرقبة التي يملكها ، كان لصاحب حق الانتفاع أن يشفع في الرقبة المبيعة ، فلم بذلك شتات الملكية إذ يصبح مالكاً للعقار ملكية تامة . $ 556 $ وهذا هو الغرض الذي أعطى صاحب حق الانتفاع الشفعة في الرقبة .
وفي يفرض ثان أكثر تعقيداً يملك العقار شخصان في الشيوع ، ويرتبان عليه حق انتفاع لمصلحة شخص واحد ، فيصبحان مالكين لرقبة العقار في الشيوع ، ونفرض أن لكل منهما النصف . فإذا باع أحدهما النصف الذي يملكه في الرقبة ، كان لهذا النصف شفيعان كما قدمنا ( [895] ) ، مالك النصف الآخر للرقبة ويعتبر شريكاً في الشيوع وهو مقدم إذ هو في المرتبة الثانية من الشفعاء ، فإذا لم يأخذ بالشفعة جاز أن يأخذ بها صاحب حق الانتفاع وهو تال في المرتبة الثالثة بين الشفعاء . فإذا أخذ صاحب حق الانتفاع النصف المبيع من الرقبة بالشفعة ، لم شتات ملكية العقار في نصفه إذ يصبح مالكاً ملكية تامة لهذا النصف ، ويظل صاحب حق انتفا في النصف الثاني من العقار . فهذه على كل حال خطوة نحو لم شتات الملكية ، قد تتلوها خطوة أخرى إذا باع مالك النصف الآخر من الرقبة النصف الذي يملكه ، فيأخذه بالشفعة صاحب حق الانتفاع في هذا النصف من الرقبة باعتباره صاحب حق انتفاع يشفع في الرقبة ، بل يستطيع أن يأخذه قبل ذلك باعتباره شريكاً في الرقبة إذ قد سبق له أن شفع في نصفها ويكون ذلك باعتباره شريكاً في الشيوع ، فيملك في الحالين العقار كله ملكية تامة ، ويلم شتات الملكية على وجه كامل .
والفرض الثالث الأكثر تعقيداً من الفرضين المتقدمين ، يملك فيه العقار شخص واحد ويرتب عليه حق انتفاع لشخصين في الشيوع ( لكل منهما النصف مثلاً ) ، فيصبح بذلك مالكاً لرقبة العقار . فإذا باع هذه الرقبة ، فلا شك في أن صاحبي حق الانتفاع لهما أن يشفعا معاً في الرقبة كل بقدر النصف ، فيصبحا مالكين مناصفة للعقار ملكية تامة . كذلك يستطيع أحد صاحبي حق الانتفاع أن يأخذ بالشفعة نصف الرقبة الملابس للنصف الذي يملكه في حق الانتفاع ، فيصبح مالكاً لنصف العقار في الشيوع ملكية تامة ، ويبقى النصف الآخر من العقار مقسماً بين صاحب حق الانتفاع الآخر والمشتري لكل الرقبة وقد أصبح الآن لا يملك إلا نصفها بعد أن أخذ منه النصف بالشفعة . وقد يعترض هذا المشتري على ذلك متمسكاً بعدم تفرق الصفقة عليه ، إذ هو قد اشترى كل الرقبة ولم يخلص له إلا نصفها . ففي هذه الحالة يكون له الحق في إجبار صاحب $ 557 $ نصف حق الانتفاع الذي أخذ بالشفعة نصف الرقبة على أن يأخذ النصف الآخر في الرقبة منعاً لتفرق الصفقة ، أو أن يترك الشفعة في نصف الرقبة الذي أراد أخذه . فإن أخذ صاحب نصف حق الانتفاع كل الرقبة ، أصبح مالكاً لنصف العقار ملكية تامة ومالكاً للرقبة في النصف الآخر . وإن ترك الشفعة ، خلص لمشتري الرقبة حقه كاملاً في الرقبة التي شاتراها ولا تتفرق عليه الصفقة ، وظل مالكاً حق الانتفاع كما هما مالكين لهذا الحق في الشيوع بعد أن ترك كل منهما حق الأخذ بالشفعة ( [896] ) .
يبقى أن نستعرض فرضاً أخيراً ، هو أن يملك العقار مالكان في الشيوع ( كل بمقدار النصف مثلاً ) ، ويرتبان معاً حق الانتفاع في هذا العقار لمصلحة شخصين في الشيوع كل بمقدار النصف . فإن باع أحد مالكي الرقبة النصف الشائع الذي يملكه في الرقبة ، جاز لمالكي حق الانتفاع أن يأخذا معاً هذا النصف بالشفعة ، لأن كلاً منها يملك الأخذ بالشفعة ، ما لم يطلبه الشريك الآخر في الرقبة فيأخذه لأنه شريك في الشيوع ومقدم في المرتبة على صاحبي $ 558 $ حق الانتفاع ( [897] ) . كذلك يستطيع أحد مالكي حق الانتفاع وحده أن يأخذ نصف الرقبة المبيع بالشفعة إذا لم يطلبه الشريك الآخر في الرقبة ، ولا يستطيع المشتري أن يعترض لأن الصفقة لم تتفرق عليه . وإذا باع مالكا الرقبة كل الحق ، جاز لصاحي حق الانتفاع أن يأخذاه معاً بالشفعة ، وجاز لأحدهما أن يأخذ بالشفعة نصف الرقبة الملابس لحقه في الانتفاع ، إلا إذا تمسك المشتري بعدم تفرق الصفقة ، فيتحتم عندئذ على هذا الشفيع إما أن يأخذ كل الرقبة أو أن يترك الأخذ بالشفعة أصلاً ( [898] ) .
183 – مالك الرقبة والمستحكر في الحكر : وتثبت صفة الشفيع ، في المرتبة الرابعة ، " لمالك الرقبة في الحكر إذا بيع حق الحكر ، وللمستحكر إذا بيعت الرقبة " . وهذا السبب من أسباب الأخذ بالشفعة قد استحدثه التقنين المدني الجديد ، فلم يكن معروفاً لا في التقنين المدني السابق ولا في قانون الشفعة السابق ( [899] ) . وقالت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في تبرير استحداثه : " ويلاحظ ثانياً أن المشروع قد زاد على الشفعاء الذين أقرتهم اللجنة المحتكر ومالك الرقبة ، فكل منها يأخذ بالشفعة من الآخر ، جمعاً لما تفرق من حق الملكية كما في الرقبة وحق الانتفاع ، وابتغاء لوسيلة جديدة ينتهي بها حق الحكر $ 559 $ وهو حق غير مرغوب في بقائه " ( [900] ) .
ونلاحظ بادئ ذي بدء أن الحقين اللذين يأخذ أحدهما بالشفعة في الآخر ، في أرض محكرة للمحكر رقبتها وللمستحكر حق الحكر فيها ، هما حق الرقبة في هذه الأرض وحق الحكر فيها . أما البناء أو الغراس الذي يحدثه المحتكر في الأرض المحكرة فهو عقار متميز عن كل من الرقبة وحق الحكر ( [901] ) ، ولا يشفع فيه إلا بطريق الجوار كما سيأتي ، أو بطريق بيعه تبعاً لحق الحكر ذاته فعندئذ يؤخذ حق الحكر وما يتبعه من بناء أو غراس بالشفعة .
والفرض الذي نحن بصدده هو أن أرضاً رتب عليها صاحبها حق حكر ، فأصبح مالكاً لرقبة الأرض المحتكرة وإلى جانبه المحتكر صاحب حق الحكر .
$ 560 $
فإذا باع هذا الأخير حق الحكر ، كان لمالك الرقبة أن يأخذ هذا الحق بالشفعة ، فينتهي بلك حق الحكر غير المرغوب فيه ، ويلم مالك الرقبة شتات الملكية ويصبح كما كان مالكاً للأرض ملكية تامة . وإذا باع مالك حق الرقبة حقه ، كان لصاحب الحكر أن يأخذ الرقبة بالشفعة ، فيصبح هو أيضاً مالكاً للأرض ملكية تامة ، وينتهي هنا أيضاً حق الحكر غير المرغوب فيه . وقد يكون هناك جار يملك الأرض الملاصقة للأرض المحكرة ، وتتوافر فيه شروط الشفعة بالنسبة إلى رقبة الأرض وبالنسبة إلى حق الحكر . فإذا أخذ مالك الرقبة حق الحكر . بالشفعة ، أو أخذ صاحب الحكر رقبة الأرض بالشفعة تقدم أي منهما على الجار الشفيع إذا أراد هذا أخذ الحكر أو الرقبة بالشفعة . ذلك أن كلاً من مالك الرقبة وصاحب حق الحكر في المرتبة الرابعة بين الشفعاء ، أما الجار ففي المرتبة الخامسة كما سيأتي ، فيكون كل منهما متقدماً في المرتبة على الجار وأولى منه بالشفعة .
ويلاحظ أخيراً أن الفرض الذي نحن بصدده – شفعة مالك الرقبة وشفعة المستحكر – نادر الحصول في العمل . ويرجع ذلك إلى أن حق الحكر أصبح ، من وقت العمل بالتقنين المدني الجديد ، لا يجوز ترتيبه إلا على أرض موقوفة ( م 1012 / 1 مدني ) . فضاق بذلك نطابق تطبيق الحكر ، وبخاصة بعد أن ألغيت الأوقاف الأهلية بالقانون رقم 180 لسنة 192 . فنجم عن ذلك انتهاء حق الحكر الذي كان مترتباً على الأعيان الموقوفة طبقاً للمادة 1008 / 3 مدني ، وهي الكثرة الساحقة من الأحكار . ولم يعد باقياً من الأحكار القديمة إلا تلك المترتبة على الأوقاف الخيرية وعلى الأعيان غير الموقوفة . ثم صدر القانون رقم 649 لسنة 1953 ، فأجاز بقرار من زير الأوقاف بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف أن ينهى الأحكار المترتبة على الأوقاف الخيرية إذا اقتضت المصلحة ذلك . ويخلص من هذا أن الحكر قد أصبح الآن ، بفضل هذه التشريعات المتعاقبة ، ذا مجال ضيق محدود . فهو ، منذ صدور التقنين المدني الجديد ، لا يمكن ترتيبه على أرض غير موقوفة . والأرض الموقوفة التي يمكن ترتيب حق الحكر عليها قد انحصرت في الوقف الخيري ، بعد إلغاء الوقف الأهلي ، وحتى في هذا المجال الضيق – الوقف الخيري – يندر ترتيب $ 561 $ حكر جديد ، وما هو قائم من أحكار قديمة يمكن إنهاؤه بقرار إداري ( [902] ) . وإذا كانت هناك أحكار قديمة مرتبة على وقف خيري ، أو فرض – وهذا نادر – أن يرتب فيما بعد حق حكر على وقف خيري ، فإن الوقف لا يجوز له أن يأخذ بالشفعة كما سيجئ . فإذا بيع حق الحكر المرتب على وقف خيري ، لم يجز لهذا الوقف أن يأخذه بالشفعة . ولكن إذا بيعت الأرض المحكرة الموقوفة وقفاً خيرياً عن طريق الاستبدال ، جاز لصاحب حق الحكر أن يأخذها بالشفعة ، فيلم بذلك شتات الملكية وصبح مالكاً للأرض ملكية تامة . كذلك تجوز الشفعة في الأحكار القديمة ، المنشأة قبل العمل بالتقنين المدني الجديد على أرض غير موقوفة ( [903] ) فإذا بيع حق الحكر أو بيعت حق الرقبة ، في هذه الأحكار القديمة وهي في سبيلها إلى الزوال ، فإن لصاحب أي الحقين أن يأخذ الحق الآخر بالشفعة على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم .
184 – الجار المالك – أحوال ثلاث : وتثبت صفقة الشفيع ، في المرتبة الخامسة ، " للجار المالك في الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا كانت العقارات تمن المباني أو من الأراضي المعدة للبناء ، سواء أكانت في المدن أم في القرى .
$ 562 $
( 2 ) إذا كان للأرض المبيعة حق إرتفاق على أرض الجار ، أو كان حق الارتفاق لأرض الجار على الأرض المبيعة . ( 3 ) إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المبيعة من جهتين ، وتساوي من القيمة نصف ثمن الأرض المبيعة على الأقل " ( م 936 بند هـ مدني ) ( [904] ) .
ونرى من ذلك أنه يجب مبدئياً التمييز بين المباني والأراضي المعدة للبناء من جهة ، والأراضي غير المعدة للبناء ويغلب أن تكون هذه الأراضي الزراعية من جهة أخرى . فكل المباني القائمة فعلاً ، سواء كانت قائمة في المدن أو في القرى ، داخل حدود المباني أو خارجها ، تدخل في الطائفة الأولى . وتدخل في الطائفة الأولى أيضاً الأراضي التي لا تقوم عليها مبان فعلاً ولكنها تعتبر أراضي معدة للبناء . و يرجع في تحديد هذه الأراضي المعدة للبناء إلى الخرائط التي تعين حدود المدينة أو القرية ( الكردون ) ( [905] ) ، فإذا كانت الأرض تدخل في نطاق هذه الحدود فهي أرض معدة للبناء ، حتى لو كان صاحبها قد خصصها مؤقتاً لغرض آخر كالزراعة . والأرض التي لا تدخل في نطاق هذه الحدود تعتبر أرضاً غير معدة للبناء ، وذلك ما لم يكن صاحبها قد أعدها بالفعل لتكون أرض $ 563 $ بناء فتعتبر في هذه الحالة أرضاً معدة للبناء ( [906] ) . فإذا استبعدنا المباني القائمة فعلاً والأراضي المعدة للبناء على التحديد الذي ذكرناه ، كان ما بقى من $ 564 $ الأراضي يعتبر أرضاً غير معدة للبناء – ويغلب أن تكون أرضاً مزروعة أو معدة للزراعة – وتدخل في الطائفة الثانية .
والشفعة في المباني والأراضي المعدة للبناء – وهذه هي الحالة الأولى للجوار – يكفي فيها مجرد الملاصقة . أما الأراضي غير المعدة للبناء ، فالشفعة فيها لا تكون بمجرد الملاصقة ، بل يجب أيضاً فوق ذلك أحد أمرين : إما أن يكون للأرض أو عليها حق إرتفاق بالنسبة إلى الأرض المشفوع فيها وهذه هي الحالة الثانية للجوار ، أو أن تكون الأرض ملاصقة للأرض المشفوع فيها من جهتين وتساوي في الوقت ذاته نصف ثمن هذه الأرض الأخيرة على الأقل وهذه هي الحالة الثالثة للجوار . ونستعرض تفصيلاً كلاً من هذه الأحوال الثلاث .
185 – الحالة الأولى للجوار – المباني والأراضي المعدة للبناء : يكفي للأخذ بالشفعة ، في هذه الحالة ، أن يكون العقاران المشفوع به والمشفوع فيه متجاورين ، أي متلاصقين من جهة واحدة ( [907] ) . ولا يطلب أي شرط آخر ، كوجود حق إرتفاق أو التلاصق من جهتين أو قيمة معينة للعقار المشفوع به ، فهذه الشروط إنما تطلب بالإضافة إلى التلاصق في الأراضي غير المعدة للبناء ، أي في الحالتين الثانية والثالثة ، كما سبق القول .
أما في حالة المباني والأراضي المعدة للبناء ، وهي الحالة الأولى التي نحن بصددها ، فيكفي التلاصق من جهة واحدة كما قدمنا . وإذا كان كل من العقار المشفوع به والعقار المشفوع فيه أرضاً معدة للبناء ، فالتلاصق يكون بين $ 565 $ الأرضين بداهة . وإذا كان كل من العقارين ، أو كان أحدهما ، بناء مقاماً على أرض كمنزل مقام على أرض بعضها حديقة للمنزل أو فناء له ، فالتصاق هنا أيضاً يكفي أن يقوم بين الأرض المقام عليها البناء والأرض الأخرى سواء أقيم عليها بناء أو كانت أرض فضاء ( [908] ) . أما إذا كان الشفيع يشفع ببناء يملكه دون الأرض المقام عليها البناء ، كأن كان مستأجراً للأرض وأقام عليها بناء ( [909] ) ، فإن البناء المشفوع به نفسه ، وليس الأرض وحدها ، يجب أن يكون ملاصقاً للعقار المشفوع فيه . فإن كان هذا العقار المشفوع فيه هو أيضاً بناء بيع وحده دون الأرض التي أقيم عليها ، وجب أن يقوم التلاصق بين البنائين نفسيهما ، ويتحقق ذلك إذا أقام بينهما حائط فاصل سواء كان هذا الحائط مشتركاً أو غير مشترك ( [910] ) .
$ 566 $
ويمنع التلاصق على الوجه المتقدم أن يكون هناك بين العقار المشفوع به والعقار المشفوع فيه فاصل غير مملوك للشفيع ( [911] ) . فإذا فصل ما بين العقارين ترعة عامة أو مصرف عام أو طريق عام ، لم يتحقق التلاصق ( [912] ) . أما إذا كانت الترعة أو المصرف أو الطريق مملوكاً للشفيع أو مملوكاً للبائع أو مشتركاً بينهما ، فإن التلاصق يتحقق ( [913] ) ، ولا يحول دون تحقق التلاصق في هذه الحالة أن يكون للغير حق إرتفاق على الترعة أو المصرف أو الطريق ، فإن حق الارتفاق لا يمنع أن يبقى صاحب العقار مالكاً لعقاره ( [914] ) . وإذا كان الفاصل بين العقارين قطعة أرض مملوكة للغير ، أو مملوكة للبائع دون الشفيع ولم $ 567 $ يشملها البيع ، فإن التلاصق لا يستحقق ( [915] ) . وقد يفتح ذلك باب التحايل لمنع الشفعة ، فيقتطع البائع من الأرض المبيعة شريطاً هو الملاصق للعقار المشفوع به والممتد على طول حده المجاور ، فيحتفظ بملكيته ولا يدخل في البيع حتى يفصل به ما بين العقارين المشفوع به والمشفوع فيه ، أو يهبه للمشتري منعاً للشفعة أيضاً . وقد أجاز هذا النوع من التحايل بعض فقهاء الشريعة الإسلامية ، بدعوى أن الشفعة حق ضعيف ( [916] ) . ولكن الصحيح أن التحايل على القانون لا يجوز ، فإذا فعل البائع شيئاً من ذلك ، جاز للشفيع أن يثبت التحايل بجميع طرق الإثبات ، ومتى كشف عن الحقيقة وجب الأخذ بها وإعطاء الشفيع حقه في الأخذ بالشفعة ( [917] ) .
$ 568 $
فإذا كان العقاران المشفوع به والمشفوع فيه متلاصقين على النحو الذي فصلناه . فإنه يكفي لتحقق التلاصق أن يكون قائماً بين العقارين بأي امتداد مهما صغر ، ولو كان بشبر واحد . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه لما كان الشارع قد استمد شفعة الجار من فقه الحنفية كملاً بما أورده في النص من شروط ، وكان الرأي في هذا المذهب هو أن التلاصق ولو بشبر واحد يكفي ويستوي من التلاصق من ثلاث جهات في حق الشفعة ، لما كان ذلك ، فإنه يكون مخالفاً للقانون وللمصدر الذي استمد منه الشارع شفعة الجار أن يضيق الحكم إلى القيود التي أوردها النص قيداً لم يرد فيه ، بأن يشترط لثبوت شفعة الجار المالك أن يكون التلاصق على امتداد كاف . في حين أن المقرر في قواعد التفسير ألا مساغ للاجتهاد في مورد النص وأن المطلق يجري على إطلاقه ( [918] ) .
والتلاصق ، بأي امتداد مهما صغر . يكفي أيضاً أن يكون من جهة واحدة ما دام العقار بناء أو أرضاً معدة للبناء . والمعتاد أن يكون التلاصق أفقياً ، فيكون العقار المشفوع به ملاصقاً للعقار المشفوع فيه ملاصقة جانبية ، أي يكون إلى جانبه في أية جهة من جهاته . ولكن يجوز مع ذلك أن تكون الملاصقة رأسية لا أفقية ، فيكون العقار المشفوع به ملاصقاً للعقار المشفوع فيه في أعلاه $ 569 $ أو في أسفله ، وهذا يتحقق في ملكيات الطبقات ( [919] ) . ففي البناء ذي الطبقات المتعددة المملوكة لملاك مختلفين ، تكون أعلى طبقة ملاصقة للطبقة التي تليها في أعلاها ، وهذه ملاصقة للطبقة الأسفل في أعلاها كذلك ، وهكذا . فيجوز إذن أن يشفع صاحب إحدى هذه الطبقات في الطبقة التي هي فوقه مباشرة وفي الطبقة التي هي تحته مباشرة ، لأن طبقته ملاصقة لكل من هاتين الطبقتين : الطبقة الأعلى في أسفلها والطبقة الأدنى في أعلاها ( [920] ) . بل إن صاحب الطبقة وهو الجار الرأسي أولى بالشفعة من الجار المعتاد وهو الجار الجانبي ، إذ أن الأول يرجح الثاني بأنه فوق ملاصقته للعقار المشفوع فيه شريك أيضاً في الشيوع في الأجزاء المشتركة للعقار كالسلب والباب الخارجي والفناء وتما إلى ذلك ( [921] ) . بل إننا نذهب إلى أبعد من ذلك ، ونقيم شفعة أصحاب الطبقات لا على مجرد الجوار الرأسي ، ولكن أيضاً على الشركة في الشيوع . ذلك بأن أبنية الطبقات تقوم كلها على الأرض ، والأرض تعتبر ملكاً شائعاً جميع ملاك الطبقات ، وتنص المادة 856 / 1 مدني صراحة في هذا المعنى على أنه " إذا تعدد ملاك طبقات الدار أو شققها المختلفة ، فإنهم يعدون شركاء في ملكية الأرض " . فصاحب الطبقة إذا باعها إنما يبيع معها حصته الشائعة في $ 570 $ الأرض التي أٌيمت عليها طبقته ، فيشفع الشركاء الآخرون كل بحصته الشائعة في الأرض ، في الطبعة التي بيعت ( [922] ) . والشيوع هنا أقوى من الشيوع العادي . فهو شيوع إجباري لا يستطيع الشركاء أن يطلبوا فيه القسمة ليتخلصوا من مضاره ، فأولى أن يكون لهم حق الشفعة حتى يتخلصوا من هذه المضار ولو تخلصاً جزئياً . وإذا أخذ بوجهة النظر هذه ، ترتب على الأخذ بها أن صاحب الطبقة يكون شفيعاً في كل الطبقات الأخرى ولو لم تكن ملاصقة لطبقته فهو لا يشفع باعتباره جاراً ملاصقاً ، وإنما يشفع باعتباره شريكاً في الشيوع في الأرض التي أقيمت عليها الطبقات ( [923] ) .
186 – الحالة الثانية للجوار - للأرض المبيعة أو عليها حق إرتفاق لأرض الجار : وفي هذه الحالة نواجه أراضي غير مبنية وغير معدة للبناء ، وهي – أكثر ما تكون – أراض زراعية . ويجب بادئ ذي بدء ، لجواز الأخذ بالشفعة هنا ، أن تكون الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها متلاصقتين . وقد بسطنا القول في شرط التلاصق في أراضي البناء . وينطبق هنا ما قلناه هناك .
ولا يكفي التلاصق هنا ، وكان يكفي في المباني وفي الأراضي المعدة للبناء كما سبق القول . بل يجب في هذه الحالة الثانية أن تكون هناك صلة أخرى بين الأرضين فوق التلاصق ، هي أن يكون هناك حق إرتفاق للأرض المشفوع فيها على الأرض المشفوع بها ، أو حق إرتفاق للأرض المشفوع به أعلى الأرض المشفوع فيها ( [924] ) . فيترتب على الأخذ بالشفعة أن يزول حق الارتفاق في $ 571 $ الفرضين ، وإما أن تتخلص الأ{ض المشفوع بها مما عليها من حق إرتفاق للأرض المشفوع فيها في الفرض الأول ، أو تتخلص الأرض المشفوع فيها من حق الارتفاق الذي عليها للأرض المشفوع بها في الفرض الثاني ( [925] ) . وفائدة الشفيع في أن تتخلص أرضه من حق الارتفاق الذي عليها في الفرض الأول واضحة . وكذلك له فائدة في أن يزول حق الارتفاق الذي لأرضه على الأرض المشفوع فيها في الفرض الثاني ، إذ يصبح مالكاً للأرض المرتفق بها وتزول أسباب النزاع التي تتولد عادة من وجود حق إرتفاق لأرض على أخرى ( [926] ) .
وحق الارتفاق الذي يكون لأرض على أخرى ، فيسوغ الأخذ بالشفعة ، قد يكون مصدره الاتفاق . فيجوز الاتفاق بين صاحبي أرضين متلاصقتين على أن يكون لإحداهما حق إرتفاق على الأخرى ، كارتفاق بالشرب $ 572 $ أو بالمجرى أو بالصرف أو المرور ( [927] ) . وقد يكون مصدر حق الارتفاق الوصية أو تخصيص المالك الأصلي ( [928] ) أو التقادم ، وأياً كان المصدر فثمة حق إرتفاق يجيز الأخذ بالشفعة . ومثل حقوق الارتفاق القيود القانونية التي تحد من منفعة عقار لمصلحة عقار آخر ، وقد سبق بيان هذه القيود تفصيلاً عند الكلام في القيود القانونية التي ترد على حق الملكية . فالقيود المتعلقة بالري من شرب ومجرى ومسيل ، والقيود المتعلقة بالمطلات المواجهة أو المنحرفة ، وحق المرور القانوني ، كل هذه قيود قانونية ، وقد رأينا أن هناك رأياً يذهب إلى أنها حقوق إرتفاق قانونية . وأياً كان تكييفها . وسواء اعتبرت قيوداً قانونية أو حقوق إرتفاق قانونية ، فإن قيام أي منها يسوغ الأخذ بالشفعة ( [929] ) .
ولا مانع من أن يتحقق التلاصق بين العقارين في نفس المكان المقرر عليه حق الارتفاق ( [930] ) . كذلك لا يمنع من الأخذ بالشفعة أن يكون حق الارتفاق المقرر على الأرض المشفوع بها لمصلحة الأرض المشفوع فيها مقرراً مثله أيضاً $ 573 $ لمصلحة أراض أخرى ، فإذا كان هناك حق صرف أو حق مرور مثلاً مقرر لمصلحة عدة أراض على أرض الشفيع ، ويبعث إحدى هذه الأراضي ، فإن للشفيع أني أخذ الأرض المبيعة بالشفعة ، ولا يمنعه من ذلك أن حق الارتفاق يبقى قائماً على أرض الشفيع لمصلحة الأراضي الأخرى التي لم يجر بيعها . ذلك أن الشفيع ، إذا لم يستخلص في هذه الحالة من حق الارتفاق تخلصاً كلياً ، فقد تخلص منه تخلصاً جزئياً ، وهذه على كل حال خطوة نحو التخلص منه نهائياً . وكذلك لا يمنع من الأخذ بالشفعة أن يكون حق الارتفاق المقرر على الأرض المشفوع فيها لمصلحة الأرض المشفوع بها مقرراً مثله لمصلحة أراض أخرى ، فإن الأخذ بالشفعة في هذه الحالة أيضاً ، إذا كان لا يقضي حق الارتفاق قضاء كليا ، فهو على كل حال خطوة نحو تحقيق ذلك ( [931] ) .
وإذا كان سبب الأخذ بالشفعة قيام حق إرتفاق للأرض المشفوع فيها على الأرض المشفوع بها ، وكان المبرر للأخذ بالشفعة في هذا الفرض هو قضاء حق الارتفاق ، فإن هذا المبرر يزول إذا نزل المشتري عن حق الارتفاق لمصلحة الشفيع . فإذا كانت الأرض المشفوع بها محملة بحق مرور مثلاً لمصلحة الأرض المشفوع فيها ، فإن المشتري لهذه الأرض الأخيرة ، وقد انتقل إليه حق المرور مع الأرض المبيعة ، يستطيع أن ينزل عن هذا الحق فيزول ، ولا يعود هناك مبرر للشفيع في الأخذ بالشفعة ، فيسقط حقه في ذلك ( [932] ) . والمقرر في هذا $ 574 $ الشأن أن نزول المشتري عن حق الارتفاق لا يكون له هذا الأثر إلا إذا وقع قبل رفع دعوى الشفعة ، فإذا رفعت هذه الدعوى لم يعد لنزول المشتري عن حق الارتفاق من أثر ، لأنه لا يستطيع بعمله وحده أن يغير من النتائج القانونية التي تترتب على رفع الدعوى فيحرم الشفيع من حق الشفعة ، وهو حق أقره له القانون وقام هو بالمطالبة به ( [933] ) . وهناك رأي يذهب إلى أن نزول المشتري عن حق الارتفاق ينتج أثره ويسقط حق الشفيع حتى لو وقع بعد رفع دعوى الشفعة ، بشرط أني قع قبل صدور الحكم بالشفعة أو التسليم بها من جانب المشتري ، إذ يشترط للأخذ بالشفعة أن يظل سببها قائماً من وقت صدور البيع إلى أن يحكم بها أو يسلم بها المشتري ( [934] ) . وعندنا أن حق الشفيع يثبت بمجرد $ 575 $ إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة ، إذ تكون عناصر الشفعة قد تكاملت ، وبتكاملها يثبت حق الشفيع ويحل محل المشتري في البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة . وليس رفع دعوى الشفعة بعد ذلك وصدور الحكم بثبوت الشفعة إلا تقريراً لما تم من أثر قانوني ترتب مباشرة على إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة . ومقتضى هذا النظر أن نزول المشتري عن حق الارتفاق لا يكون له أثر في إسقاط حق الشفيع إلا إذا صدر قبل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، وليس قبل صدور حكم بثبوت الشفعة أو قبل رفع الدعوى بالشفعة ( [935] ) .
187 – الحالة الثالثة للجوار – أرض الجار ملاصقة للأرض المبيعة من جهتين وتساوي من القيمة نصف ثمن الأرض المبيعة على الأقل : وهنا أيضاً نواجه أراضي زراعية . وقد حل محل شرط قيام حق الارتفاق ، الواجب توافره في الحالة الثانية ، شرطان يجب توافرهما في هذه الحالة الثانية ، شرطان يجب توافرهما في هذه الحالة الثالثة : ( 1 ) ملاصقة أرض الشفيع للأرض المبيعة من جهتين . ( 2 ) كون أرض الشفيع لا تقل في القيمة عن نصف ثمن الأرض المبيعة . ونبحث كلاً من هذين الشرطين :
( الشرط الأول ) ملاصقة أرض الشفيع للأرض المبيعة من جهتين : لا يكفي هنا ، في هذه الحالة الثالثة كما كان ذلك كافياً في الحالتين الأولى والثانية ، ملاصقة أرض الشفيع للأرض المبيعة من جهة واحدة ، بل تجب الملاصقة من جهتين . وهذا من شأنه أن يوثق صلة الجوار ما بين الأرضين ويقوم ، إلى جانب قيمة أرض الشفيع ، مقام حق الارتفاق في توثيق صلة $ 576 $ الجوار في الحالة الثانية . فالملاصقة من حد واحد إذن لا تكفي ، ولو كانت في نقطتين من هذا الحد ( [936] ) ، بل ولو كانت على طول هذا الحد الواحد بأكمله ( [937] ) .
فيجب إذن أن تكون الملاصقة من جهتين أو من حدين ( [938] ) . والمقصود بالجهة أو الحد جهة من الجهات الأصلية الأربع : الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب . وليس يلزم أن تكون الجهتان الواجب الملاصقة فيهما متجاورتين ، بل يصح أن تكونا غير متجاورتين . فكما يجوز أن تكون الملاصقة من الشمال والشرق أو من الغرب والجنوب ، يجوز أيضاً أن تكون من الشرق والغرب $ 577 $ أو من الشمال والجنوب ( [939] ) . وتكفي الملاصقة ، في كل من الحدين في نقطة واحدة ولو بمقدار شبر واحد ، فلا يلزم أن تكون على امتداد كاف كنصف الحد أو ثلثه ( [940] ) . والملاصقة من جهتين ينظر فيها إلى أرض الشفيع لا إلى الأرض المبيعة ، فإذا لاصقت الأرض المبيعة أرض الشفيع في جهتين منها توافر الشرط ، حتى لو كانت الملاصقة في جهة واحدة فقط من الأرض المبيعة ( [941] ) .
$ 578 $
ويجب أن يلاصق الشفيع ، في حدين من حدود أرضه الواحدة ، الأرض المبيعة ، فلو لاصقها في حد واحد من حدود أرض مملوكة له ، وفي حد واحد آخر من حدود أرض أخرى مملوكة له ، لما جازت الشفعة . إذ يجب لجوازها أن يلاصق الشفيع بأرض واحدة – لا بأكثر - الأرض المبيعة ، ويلاصقها في حدين من حدود الأرض الواحدة التي يشفع بها ( [942] ) على الوجه الذي سبق بيانه .
( الشرط الثاني ) كون أرض الشفيع لا تقل في القيمة عن نصف ثمن الأرض المبيعة : وقد كان هذا الشرط غير مطلوب في التقنين المدني الأسبق ، فكان بعض الناس يضاربون عن طريق المطالبة بالشفعة ، فيشترون قطعاً صغيرة من الأرض في وسط أراض واسعة . ويتربصون ، حتى إذا بيعت أرض مجاورة لأرضهم الصغيرة أخذوا يهددون أصحاب الشأن بأن يطلبوا الأرض المبيعة بالشفعة ، ثم يساومون وينزلون عن حق الشفعة في نظير مبلغ من المال ( [943] ) . فاشترط قانون الشفعة السابق أن تكون أرض الشفيع لا تقل في القيمة عن نصف ثمن الأرض المبيعة ، للحد من هذه المساومات والمضاربات وانتقل هذا الشرط إلى التقنين المدني الجديد ( [944] ) .
$ 579 $
والعبرة بقيمة أرض الشفيع وقت إبرام عقد البيع الذي يؤخذ فيه بالشفعة ، لأن هذا هو الوقت الذي يجب أن تتوافر فيه شروط الأخذ بالشفعة بما فيها قيمة أرض الشفيع ( [945] ) . أما بالنسبة إلى الأرض المبيعة ، فالعبرة بالثمن الحقيقي الذي بيعت به ولو زاد على قيمة الأرض الحقيقية ، لأن هذا هو صريح النص ، ولأن هذا هو الثمن الذي يجب على الشفيع تقديمه للأخذ بالشفعة ( [946] ) . أما مساحة كل من الأرضين فلا يعتد بها ، فقد تكون مساحة أرض الشفيع ضعف مساحة الأرض المبيعة ومع ذلك تقل قيمتها عن نصف الثمن الذي اشتريت به الأرض المبيعة ، فلا يجوز في هذه الحالة الأخذ بالشفعة ( [947] ) .
وإذا كانت أرض الشفيع حصة شائعة في أرض مجاورة للأرض المبيعة ، فالعبرة بقيمة كل الأرض الشائعة إذا طلب الشركاء الأخذ بالشفعة ، لأن الأرض المشفوع بها تكون في هذه الحالة هي كل الأرض الشائعة ( [948] ) . أما إذا طلب الشفعة أحد الشركاء في الشيوع دون الباقي ، فالعبرة بقيمة حصته الشائعة وحدها لا بقيمة كل الأرض ، لأن هذه الحصة الشائعة تكون في هذه الحالة هي الأرض المشفوع بها ( [949] ) .
$ 580 $
( ب ) الشروط الواجب توافرها في الشفيع
188 - بيان هذه الشروط : يجب ، حتى يستطيع الشفيع الأخذ بالشفعة ، أن تتوافر فيه الشروط الآتية :
( 1 ) أن يكون مالكاً للعقار المشفوع به من وقت بيع العقار المشفوع فيه إلى وقت ثبوت حقه في الشفعة ( [950] ) .
( 2 ) أن يكون متوافراً على الأهلية الواجبة .
( 3 ) أن يكون غير ممنوع من شراء العقار المشفوع فيه .
( 4 ) ألا يكون وقفاً .
189 - الشرط الأول - الشفيع مالك للعقار المشفوع به من وقت بيع العقار المشفوع فيه إلى وقت ثبوت حقه في الشفعة : يجب أولاً أن يكون الشفيع مالكاً للعقار المشفوع به ( [951] ) . فإن كان يشفع برقبة أو بحق انتفاع أو بحكر ( [952] ) ، وجب أن يكون مالكاً للرقبة أو لحق الانتفاع أو لرقبة العين المحتكرة أو لحق الحكر . وإن كان يشفع بحصة شائعة في عقار مملوك على $ 581 $ الشيوع ، وجب أن يكون مالكاً لهذه الحصة الشائعة أي أن يكون أحد الشركاء في الشيوع . وغن كان يشفع بعقار مجاور في إحدى حالاته الثلاث المتقدم ذكرها ، وجب أن يكون مالكاً لهذا العقار المجاور .
وملكية الشفيع للعقار المشفوع به يجب أن تكون سابقة على البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة . وأهم ما يعرض في العمل في هذا الصدد أن يكون الشفيع مالكاً للعقار المشفوع به بموجب عقد بيع . فيجب أن يكون هذا البيع موجوداً وسابقاً على البيع الذي يؤخذ فيه بالشفعة ، فمجرد المفاوضات بين الشفيع والبائع له لا تكفي إذا لم يتم البيع ( [953] ) . وتمام البيع نفسه لا يكفي ، بل يجب أيضاً أن يكون هذا البيع مسجلاً ، حتى تنتقل إلى الشفيع بالتسجيل ملكية العقار المشفوع به ( [954] ) ، $ 582 $ وأن يكون هذا التسجيل سابقاً على البيع الذي يؤخذ فيه بالشفعة ( [955] ) . وقد اطرد قضاء محكمة النقض على أنه إذا لم يكن عقد شراء الشفيع للعقار المشفوع به مسجلاً وقت البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة ، فإن الشفعة لا تجوز حتى لو كان شراء الشفيع ساقاً على البيع المشفوع فيه وسجل الشفيع عقد شرائه قبل تسجيل هذا البيع ( [956] ) . ولا تأخذ محكمة النقض بالأثر الرجعي للتسجيل فيما بين المتعاقدين ( [957] ) ، ولو أخذت به ، كما نأخذ ، لتبين أن الشفيع بعد أن سجل عقد شرائه أصبح مالكاً للعقار المشفوع به – بالنسبة إلى من لا يعتبر غيراً في هذا العقد ويدخل فيهم المشتري للعقار المشفوع فيه – من وقت شراء العقار المشفوع به لا من وقت تسجيل هذا الشراء . فيكون الشفيع ، بفضل هذا الأثر الرجعي ، مالكاً للعقار المشفوع به وقت صدور البيع المشفوع فيه ، حتى لو سجل المشتري المشفوع ضده هذا البيع قبل أن يسجل الشفيع عقد $ 583 $ شرائه . فيجوز إذن ، في رأ]نا ، للشفيع أن يأخذ بالشفعة متى سبق قد شرائه للعقار المشفوع به البيع المشفوع فيه ، على شرط أن يسجل عقد شرائه ( [958] ) ، أما قبل هذا التسجيل فلا يجوز له الأخذ بالشفعة .
ولايكفي أن يكون الشفيع مالكاً للعقار المشفوع به وقت صدور البيع المشفوع فيه ، بل يجب أيضاً أن يبقى مالكاً لهذا العقار حتى وقت ثبوت حقه في الشفعة ( [959] ) . فلو أنه ، ما بين وقت صدور البيع المشفوع فيه ووقت ثبوت $ 584 $ حقه في الشفعة ، باع العقار المشفوع به أو وهبه فلم يعد مالكاً له ( [960] ) ، أو وقفه فأصبح لا يستطيع أن يشفع بالعقار الموقوف ( [961] ) كما سيجئ ، أو انفسخ سند ملكيته للعقار المشفوع به بتحقق شرط فاسخ مثلاً ، أو انقطع التلاصق ما بين العقار المشفوع به والعقار المشفوع فيه فلم يعد الشفيع جاراً يجوز له الأخذ بالشفعة ( [962] ) ، أو انقسم العقار المشفوع به وكان حصة شائعة فأصبح عقاراً مفرزاً لا يلاصق العقار المشفوع فيه ، فإن ملكية الشفيع للعقار المشفوع به على الوه الذي يصح معه الأخذ بالشفعة تكون قد انقطعت قبل أن يثبت حقه في الشفعة ، فلا يستطيع المضي بعد ذلك في إجراءات الأخذ بالشفعة إذ يكن حقه فيها قد سقط ( [963] ) .
ويجب أن تكون ملكية الشفيع ، من وقت البيع المشفوع فيه إلى وقت ثبوت حقه في الشفعة على النحو الذي قدمناه ، ملكية قائمة . فلو لم تكن قائمة ، فلا شفعة . ويترتب على ذلك أن الشفيع ، إذا كان يملك العقار المشفوع به بالتقادم ولم تكن مدة التقادم قد اكتملت وقت صدور البيع المشفوع فيه ، لا يحق له الأخذ بالشفعة ، حتى لو اكتملت هذه المدة قبل الأخذ بالشفعة ( [964] ) . كذلك $ 585 $ لا شفعة إذا كان سند الشفيع في ملكية العقار المشفوع به عقداً صورياً أو عقداً باطلاً ، فإن كلاً من العقدين لا وجود له حتى لو سجل ، ولا يكون من شأنه أن يجعل الشفيع مالكاً للعقار المشفوع به ( [965] ) . ولا شفعة أيضاً إذا كان سند الشفيع في ملكية العقار المشفوع به بيعاً معلقاً على شرط واقف ولو سجل ، فإن ملكية الشفيع للعقار المشفوع به تكون موقوفة . ولا يتغير الحكم حتى لو تحقق الشرط الواقف قبل الأخذ بالشفعة ، فإن ملكية الشفيع كانت موقوفة غير قائمة وقت صدور البيع المشفوع فيه . ولا يعتد هنا بالأثر الرجعي للشرط الواقف ، فإن هذا الأثر الرجعي مجرد افتراض لإرادة المتعاقدين ولا عمل له في نطاق الشفعة ( [966] ) . وقد قدمنا أنه لا تجوز الشفعة إذا كان سند ملكية الشفيع للعقار المشفوع به غير مسجل وقت صدور البيع المشفوع فيه ، فإن السند غير المسجل لا يجعل الشفيع مالكاً للعقار المشفوع به .
ولكن يجوز الأخذ بالشفعة إذا كان سند ملكية الشفيع للعقار المشفوع به بيعاً معلقاً على شرط فاسخ . فإن هذا البيع إذا سجل تنتقل به ملكية العقار المشفوع به إلى الشفيع معلقة على شرط فاسخ ، والملكية المعلقة على شرط فاسخ بخلاف الملكية المعلقة على شرط واقف ملكية قائمة تجوز الشفعة بها . وكان المشتري للعقار وفاء ، وقت أن كان بيع الوفاء جائزاً ، إذا سجل البيع ، يجوز له الأخذ بالشفعة لأنه يكون مالكاً تحت شرط فاسخ ( [967] ) ، ولا تجوز الشفعة للبائع $ 586 $ وفاء لأنه يصبح مالكاً تحت شرط واقف . وإذا أخذ المالك تحت شرط فاسخ بالشفعة وثبت له حق في ذلك ، ثم تحقق الشرط الفاسخ ولم يعد الشفيع مالكاً للعقار المشفوع به بأثر رجعي ، فإن ذلك لا أثر له في ثبوت حق الشفعة لهن وقد قدمنا أن الأثر الرجعي للشرط لا يعتد به في نطاق الشفعة . لكن إذا تحقق الشرط الفاسخ قبل ثبوت حق الشفيع في الشفعة ، فإن ملكية الشفيع للعقار المشفوع به تنفسخ ، ولا يعود الشفيع مالكاً لهذا العقار ، وبذلك لا تستمر ملكية الشفيع للعقار المشفوع به إلى وقت ثبوت الحق في الشفعة ، ومن ثم يسقط حق الشفيع في الأخذ بها ( [968] ) .
وكذلك يجوز الأخذ بالشفعة إذا كانت ملكية الشفيع للعقار المشفوع به ملكية شائعة ، وكان الجوار هو سبب الأخذ بالشفعة ( [969] ) . فلو كان العقار المشفوع به الملاصق للعقار المشفوع فيه مملوكاً على الشيوع لعدة شركاء ، فإن الشركاء جميعاً يستطيعون الأخذ بالشفعة . ويجوز لأي شريك منهم أيضاً أن يأخذ وحده بالشفعة مستنداً في ذلك إلى حصته الشائعة ، فإن الحصة الشائعة عقار مملوك لصاحب هذه الحصة ، وتجوز الشفعة به ( [970] ) . وقد قدمنا أنه إذا $ 587 $ كان الشفيع بالحصة الشائعة جاراً للعقار المشفوع فيه وكان الواجب أن تكون قيمة العقار المشفوع به لا تقل عن نصف ثمن العقار المشفوع فيه ، فالعبرة في هذه الحالة بقيمة الحصة الشائعة وحدها لا بقيمة العقار الشائع كلها ( [971] ) . وإذا أخذ مالك الحصة الشائعة بالشفعة ، وثبت له الحق فيها ، فإن اقتسامه بعد ذلك للعقار الشائع مع شركائه لا أثر له في حقه الذي ثبت له في الأخذ بالشفعة ، حتى لو كانت هذه الحصة الشائعة بعد إفرازها بالقسمة أصبحت غير ملاصقة للعقار المشفوع فيه ، ولا يعتد بالأثر الرجعي للقسمة في نطاق الشفعة . لكن إذا أفرزت الحصة الشائعة بالقسمة قبل ثبوت حق الشفيع في الشفعة ، وأصبحت بعد الإفراز غير ملاصقة للعقار المشفوع فيه ( [972] ) ، فإن الحق في الشفعة يسقط ، لأن الملاصقة للعقار المشفوع فيه لم تستمر إلى وقت ثبوت الحق في الشفعة ( [973] ) .
$ 588 $
ويجوز الأخذ بالشفعة أخيراً إذا كان سند ملكية الشفيع للعقار المشفوع فيه قابلاً للإبطال ، كما لو كان بيعاً صادراً من ناقص الأهلية أو مشوباً بعيب في الرضاء . فإن البيع القابل للإبطال ، إذا سجل ، بنقل الملكية إلى الشفيع ، فتكون ملكية الشفيع للعقار المشفوع به ملكية قائمة وإن كانت معرضة للإبطال ، فتجوز الشفعة بها ( [974] ) . وإذا ثبت حق الشفيع في الشفعة في هذه الحالة ، ثم أبطل عقد البيع سند ملكية الشفيع ، فإن الملكية تزول بأثر رجعي ، ولكن لا يكون لزوالها على هذا النحو أثر في الحق الذي يثبت للشفيع في الأخذ بالشفعة ( [975] ) . أما إذا أبطل البيع قبل ثبوت حق الشفيع في الشفعة ، وزالت ملكية الشفيع ، فإن حقه في الشفعة يسقط ، لأن ملكيته للعقار المشفوع به لم تستمر إلى وقت ثبوت الحق في الشفعة .
$ 589 $
190 - الشرط الثاني – الشفيع قد توافرت فيه الأهلية الواجبة : ويجب أن تتوافر في الشفيع الأهلية الواجبة للأخذ بالشفعة . ولما كان الأخذ بالشفعة من أعمال التصرف لا من أعمال الإدارة ، إذ هو في حكم شراء العقار المشفوع فيه ، والشفيع إنما يحل بإرادته أي بتصرفه القانوني محل المشتري ، فإن الأهلية الواجب توافرها في الشفيع للأخذ بالشفعة هي أهلية التصرف ولا تكفي أهلية الإدارة .
وعلى ذلك إذا كان الشفيع كامل الأهلية ، أي بالغاً سن الرشد غير محجور عليه ، توافرت فيه الأهلية الواجبة للأخذ بالشفعة ، وجاز له أن يستقل بإعلان رغبته في الأخذ بها . وإذا كان له وكيل وكالة عامة ، لم يجز للوكيل الأخذ بالشفعة لأن وكالته مقصورة على أعمال الإدارة ، ولابد من وكالة خاصة للأخذ بالشفعة لأن الأخذ بها من أعمال التصرف كما قدمنا ( م 702 مدني ) .
أما إذا كان الشفيع قاصراً ، وله أب ولي عليه أو يلي الولاية عليه ولي الأب ، فإنه يجوز للولي أن يأخذ بالشفعة نيابة عن القاصر دون استئذان المحكمة . فإذا كان ولي القاصر هو الجد ، لم يجز له أن يأخذ بالشفعة نيابة عن القاصر إلا بعد استئذان المحكمة ، ذلك بأن المادة 15 من قانون الولاية على المال تنص على أنه " لا يجوز للجد ، بغير إذن المحكمة ، التصرف في مال القاصر ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو إضعافها " . والأخذ بالشفعة تصرف في مال القاصر ، إذ يترتب عليه أن يحل القاصر محل المشتري في التزاماته وأن يودع تمهيداً لذلك خزانة المحكمة كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع . أما إذا لم يكن للقاصر ولي ، فوصيه هو الذي يأخذ بالشفعة نيابة عنه ، ولكن يجب عليه استئذان المحكمة ( [976] ) . وكالوصي القيم على المحجور عليه ، فإذا كان الشفيع محجوراً عليه ، فالقيم هو الذي يأخذ بالشفعة نيابة عنه ويجب عليه استئذان المحكمة ( [977] ) .
$ 590 $
191 – الشرط الثالث –الشفيع غير ممنوع من شراء العقار المشفوع فيه : ولما كان الأخذ بالشفعة بمثابة شراء للعقار المشفوع فيه ، إذ الشفيع يحل محل المشتري فيصبح هو المشتري للعقار ، لذلك لا تجوز الشفعة إذا كان الشفيع ممنوعاً بحكم القانون من شراء هذا العقار . ونذكر أحوالاً ثلاثاً الشفيع فيها ممنوع من شراء العقار المشفوع فيه ، ومن ثم لا يجوز له أخذه بالشفعة :
( الحالة الأولى ) إذا كان العقار المشفوع فيه أرضاً زراعية ، وكان من شأن شرائها أن يزيد ما يملكه الشفيع من الأراضي الزراعية على الحد الأقصى الجائز تملكه بموجب قانون الإصلاح الزراعي ( مائة فدان ) ، فكما لا يجوز له شراء هذه الأرض ، كذلك لا يجوز له أن يشفع فيها ( [978] ) ، فلو أن شخصاً يملك ثمانين فداناً مثلاً ، ويجاور أرضه أرض مقدارها أربعون فداناً باعها صاحبها ، فلا يجوز للأول أن يأخذ الأرض المبيعة بالشفعة . ذلك بأنه لو أخ الأرض المبيعة كلها بالشفعة ، لأصبح ما يملك من الأراضي الزراعية مائة وعشرين فداناً وهذا غير جائز ، ولو اقتصر على أخذ عشرين فداناً منها ليبلغ ما يملك مائة فدان فلا يجاوز الحد الأقصى لتفرقت الصفقة على المشتري وهذا أيضاً غير جائز ( [979] ) .
( الحالة الثانية ) نصت المادة 479 مدني على أنه " لا يجوز لمن ينوب عن غيره بمقتضى اتفاق أو نص أو أمر من السلطة المختصة أن يشتري بنفسه أو باسم مستعار ، ولو بطريق المزاد العلني ، ما نيط به بيعه بموجب هذه النيابة ، ما لم يكن ذلك بإذن القضاء ، ومع عدم الإخلال بما يكون منصوصاً عليه في قوانين أخرى " . ويخلص من هذا النص أن من كان نائباً عن غيره في بيع مال هذا الغير لا يجوز له شراء هذا المال لنفسه ، لتعارض مصلحته الشخصية باعتباره مشترياً مع مصلحة من ينوب عنه باعتباره بائعاً . والنيابة في بيع مال الغير $ 591 $ قد تأتي من اتفاق وهذه هي الوكالة ، وقد تأتي عن طريق نص في القانون وذلك هو الولي ، وقد تأتي عن طريق أمر من السلطات المختصة كما هي الحال في الوصي والقيم والوكيل عن الغائب والسنديك والحارس القضائي ( [980] ) .
فالنائب عن غيره ، على الوجه المتقدم ، في بيع مال هذا الغير ، ممنوع من شراء هذا المال لنفسه . فلا يجوز له أن يتعاقد مع نفسه ، نائباً في البيع وأصيلاً في الشراء . وكما لا يجوز له أن يشتري لنفسه عقاراً نيط به بيعه ، كذلك لا يجوز له ، إذا باع هذا العقار للغير تنفيذاً لنيابته ، أن يشفع فيه . فإذا وكل مالك العقار شخصاً في بيع عقاره ، وباعه الوكيل لمشتر تنفيذاً للوكالة ، لم يجز للوكيل ، إذا توافرت له أسباب أخذ العقار بالشفعة ، أن يشفع فيه . وذلك لسبب عام ، هو ما قدمناه من أن الوكيل بالبيع ، أو أي نائب عن غيره في البيع ، ممنوع من شراء ما نيط به بيعه ، سواء عن طريق الشراء مباشرة ، أو عن طريق الأخذ بالشفعة وهو في حكم الشراء . ويساند هذا السبب سبب آخر ، هو أنه لو جاز لمن نيط به بيع العقار أن يشفع فيه ، لما أعياه أن يتواطأ مع المشتري على ثمن بخص وشروط يسيرة ، حتى إذا ما أخذ بالشفعة أفاد من كل ذلك . ثم إن هناك سبباً ثالثاً يتضافر مع السببين المتقدمين ، في حالة ما إذا كانت النيابة في بيع العقار مصدرها الاتفاق أو الوكالة ، هو أن الوكيل الذي يرضى أن يكون وكيلاً في بيع العقار لأجنبي يكون قد نزل بذلك نزولاً ضمنياً عن حقه فيأخذ هذا العقار بالشفعة ، وقد قدمنا أنه يجوز النزول مقدماً عن الأخذ بالشفعة ( [981] ) .
( الحالة الثالثة ) نصت المادة 471 مدني على أنه " لا يجوز للقضاة ولا لأعضاء النيابة ولا للمحامين ولا لكتبة المحاكم ولا للمحضرين أن يشتروا ، $ 592 $ لا بأسمائهم ولا باسم مستعار ، الحق المتنازع فيه كله أو بعضه ، إذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها ، وإلا كان البيع باطلاً " . ونصت المادة 472 مدني على أنه " لا يجوز للمحامين أن يتعاملوا مع موكليهم في الحقوق المتنازع فيها ، إذا كانوا هم الذين يتولون الدفاع عها ، سواء أكان التعامل بأسمائهم أم باسم مستعار ، وإلا كان العقد باطلاً " . ويتبين من هذه النصوص أن المحظور عليهم شراء الحقوق المتنازع فيها هم القضاة وأعضاء النيابة والمحامون وكتبة المحاكم والمحضرون ، على وجه سبق تفصيله عند الكلام في البيع . ( [982] ) وجزاء الحظر هو بطلان البيع لمخالفته للنظام العام ، فمهما يخالف النظام العام أن يستغل عامل القضاء نفوذه في شراء الحقوق المتنازع فيها ، وإذا كان لم يقصد أن ستغل نفوذه فعلاً ففي القليل قد ألقى بشرائه الحق المتنازع فيه ظلاً من الشبهة في حيدة القضاء في نزاع يقع في اختصاصه ( [983] ) .
فإذا كان شراء عقار متنازع فيه محظوراً على عمال القضاء الذين سبق ذكرهم ، متى وقع النزاع في اختصاصهم ، فكذلك لا يجوز لهم أن يشفعوا في هذا العقار المتنازع فيه إذا توافرت لهم أسباب أخذه بالشفعة . فإذا باع شخص عقاراً ينازعه شخص آخر في ملكيته ، فالقاضي الذي يدخل في اختصاصه نظر هذا النزاع ، أو المحامي الموكل في هذا النزاع بل حتى لو لم يكن موكلاً فيه متى كان نظر النزاع من اختصاص محكمة مسموح له بالمرافعة أمهامها ، لا يجوز له أن يشتري هذا العقار للسبب المتقدم ذكره . وإمعاناً في درء الشبهات عن سمعة القضاء ، لو أن هذا العقار المتنازع فيه باعه صاحبه لأجنبي ، وتوافرت لقاض أو لمحام أو لأي عامل آخر من عمال القضاء ، يكون نظر النزاع داخلاً في اختصاصه أو في اختصاص المحكمة المسموح له بالمرافعة أمامها ، أسباب أخذه بالشفعة ، لم يجز له أخذه . فما يحرم عليه شراؤه ، يحرم عليه كذلك أخذه بالشفعة . ولو أجزنا له الأخذ بالشفعة وحل محل المشتري في شراء العقار المتنازع فيه ، فإن النزاع لا يزال داخلاً في اختصاصه ، ويصعب على من $ 593 $ ينازع البائع في ملكية هذا العقار أن يطمئن إلى حيدة عمال القضاء عند نظر هذا النزاع وواحد منهم هو الذي شفع في العقار وحل محل مشتريه ولو تنحى بعد ذلك عن نظر النزاع . ثم ألا يجوز لعامل القضاء ، لو أبيح له الأخذ بالشفعة ، أن يستعمل الأخذ بها سبيلاً للتحايل ليتغلب على منعه من شراء العقار المتنازع فيه مباشرة؟ فما عليه للوصول إلى ذلك إلا أن يتواطأ مع صاحب العقار المتنازع فيه ، فيبيع هذا الأخير العقار لأجنبي ، ثم يأخذه عامل القضاء بالشفعة مع هذا الأجنبي ( [984] ) .
192 – الشرط الرابع – الشفيع ليس بوقف – نص قانوني : تنص الفقرة الثانية من المادة 939 مدني على ما يأتي :
" ولا يجوز للوقف أن يأخذ بالشفعة " ( [985] ) .
$ 594 $
ويتبين من هذا النص أنه إذا كان العقار المشفوع به عقاراً موقوفاً ، فلا يجوز الأخذ بالشفعة . وهذا هو حكم الفقه الإسلامي ، ففيه لا شفعة للوقف لا بشركة ولا بجوار . فإذا بيع عقار مجاور لوقف ، أو كان المبيع بعضه ملك وبعضه وقف وبيع الملك ، فلا شفعة للوقف – من ناظر أو موقوف عليه – لا في العقار المجاور ولا في الجزء الملك من العقار ( [986] ) . والسبب في ذلك أن ناظر الوقف لا يعتبر مالكاً للعقار الموقوف حتى يصلح أن يكون شفيعاً ، وكذلك الموقوف عليه ليس مالكاً للعقار الموقوف فشأنه شأن الناظر في عدم الصالحية للأخذ بالشفعة . ثم إنه لو جاز أن يأخذ الوقف بالشفعة ، لوجب أن يصبح العقار المشفوع فيه هو أيضاً وقفاً دون أن تصدر حجة بوقفه . وإذا كان العقار المشفوع به ملكاً لا وقفاً وقت بيع العقار المشفوع فيه ، ثم وقف قبل ثبوت الحق في الشفعة ، فإن الشفعة تسقط لأن العقار المشفوع به وإن كان ملكاً وقت البيع المشفوع فيه لم يستمر كذلك إلى وقت ثبوت الحق في الشفعة ( [987] ) . وإذا تمسك الشفيع بأن وقف العقار المشفوع به غير صحيح ، وأنه لذلك يستطيع أن يشفع به إذ يبقى ملكاً بعد أن بطل وقفه ، وجب أن توقف دعوى الشفعة حتى يفصل من المحكمة المختصة في صحة الوقف ( [988] ) .
$ 595 $
وإذا كانت الشفعة لا تجوز بالوقف ، فإنها تجوز في الوقف . ويتحقق ذلك إذا بيع الوقف بمسوغ شرعي ، كما إذا شرط الواقف استبداله فاستبدل ، فإن العقار الموقوف إذ يباع للاستبدال يصبح ملكاً فتجوز الشفعة فيه . وأما ثمنه فيشتري به عقار آخر ، هو الذي يصبح وقفاً ، ولا تجوز الشفعة فيه ( [989] ) . أما إذا كان لا يجوز بيع العقار الموقوف أصلاً ، كأن كان مسجداً . فلايجوز أخذه بالشفعة لأنه لا يصح بيعه ( [990] ) . وإذا كان العقار المشفوع فيه ملكاً ، فوقفه المشتري بعد طلب الشفعة ، اعتبر هذا تهرباً من الشفعة ، فيكون الوقف باطلاً ويجوز أخذ العقار بالشفعة ( [991] ) . وفي التقنين المدني الجديد ، كما في قانون الشفعة السابق ، العبرة بتسجيل إعلان الرغبة في الشفعة ، فإذا وقف العقار المشفوع فيه بعد تسجيل هذا الإعلان فإن الوقف لا يسري في حق الشفيع ، ويستطيع أخذ العقار بالشفعة بالرغم من وقفه ( م 947 مدني ) ( [992] ) .
2 - تعدد الشفعاء وتزاحمهم
13 – نص قانوني : تنص المادة 937 مدني على ما يأتي :
1 - " إذا تزاحم الشفعاء ، يكون استعمال حق الشفعة على حسب الترتيب المنصوص عليه في المادة السابقة " .
2 - " وإذا تزاحم الشفعاء من طبقة واحدة ، فاستحقاق كل منهم للشفعة يكون على قدر نصيبه " .
$ 596 $
3 - " فإذا كان المشتري قد توافرت فيه الشروط التي كانت تجعله شفيعاً بمقتضى نص المادة السابقة ، فإنه يفضل على الشفعاء الذين هم من طبقته أو من طبقة أدنى ، ولكن يتقدمه الذين هم من طبقة أعلى " ( [993] ) .
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق المادة 7 ( [994] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري لا مقابل – وفي التقنين المدني الليبي م 941 – وفي التقنين المدني العراقي م 1131 – 1132 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 240 – 241 ( [995] ) .
$ 597 $
ويفترض النص المتقدم الذكر أن هناك أكثر من شفيع واحد توافرت فيهم شروط الأخذ بالشفعة . فإذا لم يتقدم منهم لطلب الشفعة إلا شفيع واحد ، ولم يزاحمه في طلبها أحد من الشفعاء الآخرين ، جاز له أن يأخذ بالشفعة كل العقار المشفوع فيه أو بعضه طبقاً لما يقرره مبدأ عدم قابلية الشفعة للتجزئة وعدم $ 598 $ جواز تفريق الصفقة على المشتري فيما قدمناه ( [996] ) . أما إذا تعدد الشفعاء وزاحم بعضهم بعضاً في طلب الشفعة ، فهنا ينفتح مجال البحث في الحالات المختلفة لتزاحم الشفعاء على الوجه المبين في المادة 937 مدني سالفة الذكر .
194 – الحالات المختلفة لتزاحم الشفعاء : وقد أوردت المادة 937 مدني المشار إليها حالات ثلاثاً لتزاحم الشفعاء :
( الحالة الأولى ) تزاحم الشفعاء وهم من طبقات مختلفة ( م 937 / 1 ) مدني .
( الحالة الثانية ) تزاحم الشفعاء وهم من طبقة واحدة ( م 937 / 2 مدني ) ، وهنا يعرض بحث عدم جواز تفرق الصفقة على المشتري .
( الحالة الثالثة ) تزاحم الشفعاء مع المشتري وهو شفيع مثلهم ( م 937 / 3 مدني ) ، وهنا يجب بحث فروض ثلاثة : ( 1 ) تزاحم املشتري مع شفعاء أدنى من طبقته . ( 2 ) تزاحم المشتري مع شفعاء من نفس طبقته . ( 3 ) تزاحم المشتري مع شفعاء أعلى من طبقته .
195 - الحالة الأولى – تزاحم الشفعاء وهم من طبقات مختلفة : تنص الفقرة الأولى من المادة 937 مدني ، كما رأينا ( [997] ) ، على أنه " إذا تزاحم الشفعاء ، يكون استعمال حق الشفعة على حسب الترتيب المنصوص عليه في المادة السابقة " . فإذا تزاحم الشفعاء ، وكانوا من طبقات مختلفة يعلو بعضها بعضاً ، استحق الشفعة منهم من كان أعلاهم طبقة دون غيره من الطبقات الأدنى ، وذلك بحسب الترتيب المبين في المادة 936 وقد سبق ذكرها ( [998] ) . وبالرجوع إلى نص هذه المادة يتبين أن طبقات الشفعاء مرتبة على الوجه الآتي :
( 1 ) في الطبقة الأولى مالك الرقبة ، عندما يشفع في حق الانتفاع . فإذا كان هناك عقار قد رتب عليه حق انتفاع لمصلحة شخصين في الشيوع ، وباع $ 599 $ أحد صاحبي حق الانتفاع حصته ، كان الشفعاء في هذه الحصة هم مالك الرقبة ، ثم صاحب حق الانتفاع الآخر باعتباره شريكاً في الشيوع في حق الانتفاع الذي بيع بعضه ، ثم الجار الملاصق للعقار الذي رتب عليه حق الانتفاع إذا كان في حالة من الأحوال الثالث التي يشفع فيها الجار ( [999] ) . فإذا تقدم هؤلاء الشفعاء جميعاً للأخذ بالشفعة ، فضل مالك الرقبة لأنه في الطبقة الأولى من الشفعاء ، واستقل وحده في الأخذ بالشفعة . ويليه الشريك في الشيوع في حق الانتفاع ، ثم الجار .
( 2 ) في الطبقة الثانية الشريك في الشيوع ، إذا بيعت حصة شائعة غير التي يملكها لأجنبي . والمراد بالشريك في الشيوع هنا ، ليس فحسب الشريك في عقار مملوك ملكاً تاماً لعدد من الشركاء في الشيوع ، بل أيضاً الشريك في الشيوع في رقبة العقار أو في حق انتفاع في عقار أو في حق حكر . فإذا كان هناك عقار مملوك لشخصين على الشيوع ، وباع أحد الشريكين حصته الشائعة لأ<نبي ، كان الشفيعان في هذه الحصة هما الشريك الآخر والجار . ولما كان الشريك الآخر في الشيوع وهو في الطبقة الثانية يتقدم على الجار ، كان هو الذي يأخذ بالشفعة دون الجار ( [1000] ) . وإذا كان هناك عقار يملكه شخصان على الشيوع ، وقد رتبا عليه حق انتفاع فأصبحا يملكان الرقبة في الشيوع ، وباع أحدهما حصته الشائعة في الرقبة لأجنبي ، كان الشفعاء في هذه الحصة هم الشركي المشتاع الآخر في الرقبة وصاحب حق الانتفاع والجار . ولما كان الشريك المشتاع الآخر في الرقبة هو شريك في الشيوع فهو في الطبقة الثانية ، ويتقدم على كل من صاحب حق الانتفاع والجار ، فهو وحده الذي يأخذ بالشفعة دون الاثنين الآخرين .
وقد كان الأمر على العكس من ذلك في المشروع التمهيدي لنص المادة 936 مدني ، فقد كان صاحب حق الانتفاع في هذا المشروع يتقدم على $ 600 $ الشريك في الشيوع ( [1001] ) . ثم انعكس الترتيب في لجنة المراجعة ، فأصبح الشريك في الشيوع ، في المشروع النهائي وفيما تلاه من المشروعات إلى أن استقرت تقنينا كما رأينا ، هو الذي يتقدم على صاحب حق الانتفاع . ولو أخذنا بحكم المشروع التمهيدي في المثل المتقدم ، لتأخر الشريك المشتاع الآخر في الرقبة عن صاحب حق الانتفاع ، ولتقدم هذا الأخير على هذا الشريك المشتاع وعلى الجار ، فأخذ وحده دونهما الحصة الشائعة التي بيعت في الرقبة .
( 3 ) في الطبقة الثالثة صاحب حق الانتفاع ، عندما يشفع في الرقبة . فإذا كان هناك عقار مملوك لشخص وقد رتب عليه حق انتفاع فأصبح مالكاً للرقبة وحدها ، ثم باع الرقبة . فالشفيعان في الرقبة هما صاحب حق الانتفاع والجار . ولما كان صاحب حق الانتفاع في الطبقة الثالثة ويتقدم على الجار ، فإنه هو وحده الذي يأخذ بالشفعة دون الجار .
( 4 ) في الطبقة الرابعة صاحب الرقبة عندما يشفع في حق الحكر ، أو صاحب حق الحكر عندما يشفع في الرقبة . فإذا كان هناك عقار رتب عليه صاحبه حق حكر ، ثم باع صاحب حق الحكر حقه ، فالشفيعان في هذا الحق هما صاحبا الرقبة والجار . ولما كان صاحب الرقبة هنا في الطبقة الرابعة ويتقدم على الجار ، فإنه هو وحده دون الجار الذي يأخذ حق الحكر بالشفعة . ولو أن صاحب الرقبة هو الذي باع الرقبة ، فإن الشفيعين في هذه الرقبة يكونان هما $ 601 $ صاحب حق الحكر والجار . ولما كان صاحب حق الحكر في المرتبة الرابعة ويتقدم هو أيضاً على الجار ، فإنه هو وحده دون الجار الذي يأخذ الرقبة بالشفعة .
( 5 ) في الطبقة الخامسة والأخيرة الجار المالك ، وهو أدنى الشفعاء طبقة . فإذا كان هناك عقار مملوك ملكاً تاماً لشخص واحد وباعه ، ففي هذا الفرض لا يوجد مالك رقبة ولا شريك في الشيوع ولا صاحب حق انتفاع ، وليس العقار محكراً حتى يكون هناك مالك رقبة وصاحب حق حكر . ومن ثم لا يوجد إلا شفيع واحد هو الجار ، فله حينئذ أن يأخذ بالشفعة . وهذا الفرض هو الذي يكثر وقوعه في العمل ( [1002] ) .
196 - الحالة الثانية – تزاحم الشفعاء وهم من طبقة واحدة : تنص الفقرة الثانية من المادة 937 مدني ، كما رأينا ( [1003] ) ، على ما يأتي : " وإذا تزاحم الشفعاء من طبقة واحدة ، فاستحقاق كل منهم للشفعة يكون على قدر نصيبه " . والمفروض هنا أن الشفعاء الذين هم من طبقة أعلى قد فضلوا على من هم دونهم طبقة من الشفعاء على النحو الذي بيناه فيما تقدم ، وطلب أصحاب الطبقة الأعلى وحدهم الأخذ بالشفعة .
فإذا كانوا من الطبقة الأولى ، وهم ملاك الرقبة يشفعون في حق الانتفاع ، وكانوا ثلاثة مثلاً لأحدهم نصف الرقبة في الشيوع وللثاني الثلث وللثالث $ 602 $ السدس ، اقتسموا حق الانتفاع الذي تقدموا لأخذه بالشفعة فيما بينهم بنسبة نصيب كل منهم في ملكية الرقبة . وعلى ذلك يأخذ الأول بالشفعة نصف حق الانتفاع ، والثاني الثلث ، والثالث السدس .
وإذا كانوا من الطبقة الثانية ، وهم الشركاء في الشيوع ، فإذا كان هناك عقار يملكه أربعة مثلاً على الشيوع ، لأحدهم النصف وقد باعه لأجنبي ، ولكل من الثلاثة الآخرين السدس ، فإن هؤلاء الثلاثة يقتسمون فيما بينهم النصف المبيع من العقار الذي أخذوه بالشفعة ، بالتساوي فيما بينهم لكل منهم السدس ، فيصبح العقار ، بعد الأخذ بالشفعة ، مملوكاً لهؤلاء الثلاثة على الشيوع ، بالتساوي فيما بينهم لكل منهم الثلث . وقل مثل هذا فيما إذا كان الشفعاء شركاء في الشيوع في الرقبة ، ويشفعون في حصة شائعة في الرقبة باعها أحدهم . وكذلك الحكم فيما إذا كان الشفعاء شركاء في الشيوع في حق الانتفاع ، ويشفعون في حصة شائعة في حق الانتفاع باعها أحدهم . وإذا اعتبرنا ملاك الطبقات شفعاء بوصفهم شركاء في الشيوع في الأرض المقام عليها البناء ، فإنهم يأخذون جميعاً بالشفعة الطبقة المبيعة ، ويصبحون ملاكاً لها على الشيوع بنسبة نصيب كل منهم في الأرض الشائعة المقام عليها البناء .
وإذا كان الشفعاء من الطبقة الثالثة ، وهم أصحاب حق الانتفاع يشفعون في الرقبة ، وكان اثنان مثلاً يملكان حق الانتفاع على الشيوع لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث ، وبيعت الرقبة ، فإن صاحبي حق الانتفاع يأخذانها بالشفعة بنسبة نصيب كل منهما في حق الانتفاع ، فيصبح الأول مالكاً العقار في الشيوع ملكية تامة بمقدار الثلثين ، ويصبح الآخر مالكاً في الشيوع ملكية تامة بمقدار الثلث .
وإذا كان الشفعاء من الطبقة الرابعة ، وكان لرقبة الأرض المحكرة مالكان في الشيوع مثلاً يملكانها بالتساوي ، وبيع حق الحكر ، اقتسماه عند أخذه بالشفعة بالتساوي فيما بينهما . وكذلك لو كان حق الحكر لاثنين مثلاً يملكانه على الشيوع بالتساوي ، وبيعت الرقبة ، اقتسماها عند أخذها بالشفعة بالتساوي فيما بينهما .
$ 603 $
وإذا كان الشفعاء من الطبقة الخامسة والأخيرة ، وهم الجيران ويدخل فيهم ملاك الطبقات على الرأي الغالب ، فللمفاضلة فيما بينهم إذا تزاحموا قاعدة أخرى سيأتي بيانها فيما يلي ( [1004] ) .
ونحن نفرض في كل ما تقدم أن الشفعاء من الطبقة الأعلى ( [1005] ) قد تقدموا جميعاً للأخذ بالشفعة ( [1006] ) ، فاقتسموا العقار المشفوع فيه ، كل منهم بنسبة نصيبه في العقار المشفوع فيه ، كل منهم بنسبة نصيبه في العقار المشفوع به . ولكنهم قد لا يتقدمون جميعاً للأخذ بالشفعة ، بل يتقدم بعضهم دون بعض ، أو يتقدم واحد منهم فقط ، فعند ذلك تثار مسألة هامة هي مسألة عدم تفرق الصفقة عند تعدد الشفعاء من الطبقة الواحدة ، فنعرض لها فيما يلي .
197 – عدم تفرق الصفة عند تعدد الشفعاء من الطبقة الواحدة : إذا تعدد الشفعاء من الطبقة الواحدة ، وكانت هذه الطبقة هي الطبقة الأعلى التي لها الأخذ بالشفعة ، فإن كل شفيع منهم يجب أن يطلب الشفعة في كل العقار المشفوع فيه ، ولا يقتصر على طلب جزء من هذا العقار بنسبة نصيبه في العقار المشفوع به . ذلك أن هناك احتمالاً في ألا يطلب الشفعة إلا بعض الشفعاء دون بعض أو ألا يطلبها أحد غيره ، فإذا اقتصر على طلب الشفعة في جزء من العقار المشفوع فيه بنسبة نصيبه في العقار المشفوع به ، فإن الصفقة تتجزأ على المشتري ، ومن حقه ألا تتجزأ عليه الصفقة . كذلك هناك احتمال ، حتى لو طلب الشفعة جميع الشفعاء ، أن يسقط طلب أحدهم أو بعضهم لسبب يتعلق بالمواعيد أو بغيرها من إجراءات الشفعة ، فتتفرق الصفقة على المشتري . لذلك يجب على كل شفيع أن يطلب الشفعة في جميع العقار المشفوع فيه كما قدمنا ، فإاذ طلبوا الشفعة جميعاً ولم يسقط طلب أي منهم ، قسم عليهم العقار المشفوع فيه كل بنسبة نصيبه في العقار المشفوع به على الوجه الذي سبق بيانه . وإذا طلب الشفعة بعضهم دون بعض ، أو طلب الجميع ولكن سقط طلب بعضهم ، $ 604 $ فإن العقار المشفوع فيه كل يقسم على الشفعاء الذين تقدموا أو الذين صح طلبهم ، كل بنسبة نصيبه في العقار المشفوع به . و إذا انفرد واحد من هؤلاء الشفعاء بطلب الشفعة ، أو لم يصح إلا طلب واحد منهم فقط ، فإن هذا الشفيع الواحد يأخذ بالشفعة كل العقار المشفوع فيه . وهكذا لا تتفرق الصفقة على المشتري ، في أي فرض من هذه الفروض ( [1007] ) . فإذا كان هناك ثلاثة من الشفعاء من طبقة واحدة ستحقون الأخذ بالشفعة ، وجب على كل منهم أن يطلب الشفعة في كل العقار المشفوع فيه ، فأما أن يأخذ العقار كله إذا انفرد ، أو يأخذ بعضه بالنسبة التي سبق بيانها إذا اشترك معه غيره ، وفي جميع الأحوال يأخذ من صح طلبه من الشفعاء الثلاثة كل العقار المشفوع فيه ، فلا تتفرق الصفقة على المشتري . وإذا كان لا يجوز تفريق الصفقة على المشتري ، فإنه لا يجوز أيضاً للمشتري إجبار الشفيع على أن يقتصر في الأخذ بالشفعة على مقدار نصيبه بدعوى أن عدم تفريق الصفقة إنما تقررت لمصلحة المشتري وحده . ذلك بأن عدم تفريق الصفقة تقرر لمصلحة الشفيع أيضاً ، فهو أخذ بالشفعة لإخراج المشتري من الصفقة ، فإذا اقتصر على مقدار نصيبه ، ولم يطلب الشفعاء الآخرون الشفعة أو سقط طلبهم ، بقى المشترى داخلاً في الصفقة بمقدار نصيب هؤلاء الشفعاء الآخرين ، وهذا ما يحق للشفيع أن يتفاداه .
والقاعدة التي قررناها من وجوب أن يطلب الشفيع الشفعة في كل العقار المشفوع فيه لا تنطبق فحسب في حالة وجود طبقة واحدة من الشفعاء تستحق الأخذ بالشفعة ، بل تنطبق أيضاً في حالة وجود طبقات متعددة . فأي شفيع من أية طبقة يجب أن يطلب الشفعة في كل العقار المشفوع فيه ، لاحتمال ألا يطلب الشفعة أحد من الطبقات التي هي أعلى منه ، ولا أحد من الشفعاء الذين هم في طبقته . وتنطبق القاعدة أيضاً على الطبقة الدنيا من الشفعاء وهم الجيران ، فأي جار يريد الأخذ بالشفعة يجب أن يطلبها في كل العقار المشفوع فيه ، حتى $ 605 $ لو وجد من الجيران من هم أحق بالشفعة منه ، لاحتمال ألا يطلب أحد من هؤلاء الأخذ بالشفعة .
وإذا كان شفيعان ، طلب أحدهما الشفعة في بعض العقار المشفوع فيه ، وطلبها الآخر في كل العقار ، أخذ الشفيع الثاني دون الشفيع الأول كل العقار بالشفعة ( [1008] ) . وإذا طلب شفيع الشفعة في بعض العقار المشفوع فيه ، لم يصح طلبه ، ولا يجوز له بعد ذلك أن يطلب الشفعة في كل العقار المشفوع فيه إذا كانت المواعيد قد انقضت ( [1009] ) .
198 - التزاحم فيما بين الجيران عند تعددهم : بقى أن نواجه حالة التزاحم فيما بين الجيران عند تعددهم . ذلك أن القاعدة التي تقضي بأن يقتسم الشفعاء عند تعددهم العقار المشفوع فيه كل بنسبة نصيبه في العقار المشفوع به لا تنطبق هنا ، إذ أن الجيران يختلفون عن غيرهم من الشفعاء في أنهم لا يشتركون جميعاً في عقار مشفوع به واحد . فلكل جار عقاره الذي يشفع به ، لا يشترك فيه معه غيره من الجيران الآخرين . والذي يجب أن يأخذ بالشفعة من الجيران ، إذا تعددوا وتزاحموا على الأخذ بها ، هو جار واحد ، وهو الجار الذي تعود على ملكه منفعة من الشفعة أكثر من غيره . وقد كان هذا هو الحكم الذي نص عليه صراحة قانون الشفعة السابق ، فقد نصت المادة 7 ( رابعاً ) من هذا القانون على ما يأتي : " وإذا تعدد الجيران ، يقدم منهم من تعود على ملكه منفعة من الشفعة أكثر من غيره " . وقد ورد هذا النص نفسه في المشروع التمهيدي للمادة 937 من التقنين المدني الجديد ، عندما جعل هذا المشروع الجوار سبباً من أسباب الأخذ بالشفعة . ولكن عندما حذف الجوار كسب للأخذ بالشفعة في المشروع النهائي ، حذف النص مع سائر النصوص التي تتعلق بالجوار . ولما أعيد الجوار ضمن أسباب الشفعة في مجلس النواب ، سهى على ها المجلس أن يعيد النص كما كان ، واقتصر على إيراد الجوار كسبب للأخذ بالشفعة ، دون أن ينص على أنه عند تزاحم الجيران يقدم منهم من تعود $ 606 $ على ملكه منفعة من الشفعة أكثر من غيره . وبقيت المادة 937 مدني خلواً من هذا النص عندما عرضت على مجلس الشيوخ ، وقد سهى على هذا المجلس أيضاً أن يعيد النص . فخرج التقنين المدني في المادة 937 منه على الوجه الذي خرج به ، خالياً من هذا النص ( [1010] ) .
ولما كانت المادة 937 / 2 مدني ، على الوجه الذي استقرت عليه ، تجعل استحقاق كل شفيع ، عند تعدد الشفعاء من طبقة واحدة ، " بقدر نصيبه " . وهذه القاعدة لا يمكن انطباقها في حالة تعدد الجيران وتزاحمهم لأنهم لا يشفعون بعقار واحد كما قدمنا حتى يأخذ كل منهم الشفعة بنسبة نصيبه في هذا العقار ، فقد وجب الرجوع إلى القاعدة القديمة التي تضمنها قانون الشفعة السابق وتضمنها المشروع التمهيدي للمادة 937 مدني ، باعتبارها عرفاً مستقراً جرى عليه العمل ولم يكن إغفالها إلا لمجرد السهو ، وهي على كل حال الحكم العادل عند سكوت النص . فيقضي بالشفعة ، إذا تعدد الجيران وتزاحموا ، للجار الذي تعود على ملكه منفعة من الشفعة أكثر من غيره من الجيران الآخرين ( [1011] ) .
$ 607 $
وعلى ذلك إذا تزاحم جاران في أخذ الأرض معدة للبناء بالشفعة ، وكان عقار أحد الجارين ملاصقاً للأرض المشفوع فيها ولها في الوقت ذاته حق إرتفاق عليها كحق مطلب أو حق مرور ، وكان عقار الجار الآخر ملاصقاً للأرض المشفوع فيها ولا شيء غير ذلك ، فضل الجار الأول وأخذ وحده الأرض بالشفعة ، لأن عقاره أكثر اتصالا بالعقار المشفوع فيه ، فتعود الشفعة على عقاره بمنفعة أكبر .
وإذا تزاحم جاران في أخذ أرض زراعية بالشفعة ، وكانت أرض أحد الجارين ملاصقة للأرض المشفوع فيها من ثلاث جهات ، وكانت أرض الجار الآخر ملاصقة للأرض المشفوع فيها من جهتين اثنتين فقط ، فضل الجار الأول وأخذ وحده الأرض بالشفعة ، لأن أرضه أكثر اتصالاً بالأرض المشفوع فيها ، فتعود الشفعة على أرضه بمنفعة أكبر . أما إذا كانت أرض الجار الثاني ملاصقة للأرض المشفوع يها من جهتين وعليها في الوقت ذاته حق إرتفاق لمصلحة الأرض المشفوع فيها ، فيغلب أن يقدم الجار الثاني عل الجار الأول ، لأن الملاصقة من جهتين مع قيام حق إرتفاق تجعل أرض الجار الثاني في الغالب أكثر اتصالاً بالأرض المشفوع فيها من أرض الجار الأول الملاصقة للأرض المشفوع فيها من ثلاث جهات ، فيأخذ الجار الثاني وحده الأرض المشفوع فيها ( [1012] ) . على أن ذلك يجب أن يكون محلاً لتقدير قاضي الموضوع ، $ 608 $ فإذا قدر أن الملاصقة من ثلاث جهات في حالة بعينها تجعل الاتصال أوثق ، كان له أن يقضي بالشفعة للجار الأول وحده ( [1013] ) .
وإذا اعتبرنا مالك الطبقة من الدار جاراً ملاصقاً للطبقة التي تحته وللطبقة التي فوقه كما هو الرأي الراجح ، وزاحمه جار عادي ، فإنه يفضل على الجار العادي ، لأن طبقته أكثر اتصالاً بالطبقة المبيعة من عقار الجار العادي . أما إذا بيعت طبقة من الدار وتزاحم على أخذها بالشفعة مالك الطبقة الأعلى مباشرة ومالك الطبقة الأسفل مباشرة ، فالغالب تفضيل مالك الطبقة الأعلى ، فيأخذ وحده الطبقة المتوسطة بالشفعة . على أن المسألة متروكة لتقدير قاضي الموضوع ، فقد يرى ، من موقع كل من الطبقتين بالنسبة إلى الطبقة المتوسطة ومن الظروف الأخرى المحيطة بالبناء ، تفضيل مالك الطبقة الأسفل مباشرة ، فالغالب تفضيل مالك الطبقة الأعلى ، فيأخذ وحده الطبقة المتوسطة بالشفعة . على أن المسألة متروكة لتقدير قاضي الموضوع . فقد يرى ، من موقع كل من الطبقتين بالنسبة إلى الطبقة المتوسطة ومن الظروف الأخرى المحيطة بالبناء ، تفضيل مالك الطبقة الأسفل ، فيأخذ هذا وحده الطبقة المبيعة بالشفعة .
وهناك خلاف في الرأي ، فيما إذا لم يتيسر تعيين من الجيران المتزاحمين تعود الشفعة عليه بمنفعة أكبر ، بحيث يبدو أن الكل يتساوون في المنفعة . فرأي يذهب إلى أن العقار المشفوع فيه يقسم في هذه الحالة بين الجيران المتزاحمين بالتساوي فيما بينهم ، ما دام أن أحداً منهم لا يرجح الآخر في المنفعة التي تعود عليه من الشفعة ، فلا يجوز لأحد أن يستأثر بها ، كما لا يجوز حرمان الجميع منها ، وهذا هو الحكم المقرر في الفقه الإسلامي ( [1014] ) . ويذهب رأي آخر إلى أنه لا يجوز تقسيم العقار المشفوع فيه بين الجيران ، والتقسيم لا يكون إلا بين الشفعاء الآخرين غير الجيران بحسب صريح النص إذ يقسم العقار المشفوع فيه بين هؤلاء الشفعاء الآخرين بنسبة نصيب كل منهم في العقار $ 609 $ المشفوع به ، أما الجيران فلم يرد في شأنهم نص مماثل ، بل ورد النص ( في قانون الشفعة السابق ) بوجوب تفضيل من تعود عليه من الأخذ بالشفعة منفعة أكبر . وقد رجعت محكمة الاستئناف المختلطة إلى هذا الرأي ، إذا قضت بأن قسمة العقار المشفوع فيه التي كانت مقررة في الشريعة الإسلامية قد ألغاها قانون الشفعة الذي يقدم في حالة التزاحم الجار الذي تعود على عقاره منفعة أكبر من غيره ، ولا يقرر القسمة إلا في حالة التزاحم بين مالك الرقبة أو الشركاء في الملك أو أصحاب حق الانتفاع ( [1015] ) . والذي نراه أنه عندما تقرر تفضيل الجار الذي تعود الشفعة على ملكه بمنفعة أكبر ، افترض في ذلك أنه يمكن دائماً ، إذا تزاحم الجيران الشفعاء ، تعيين جارو أحد منهم ينتفع بالشفعة أكثر من غيره ، وهذا الجار هو الجار هو الذي يأخذ وحده بالشفعة ولا يزاحمه فيها الجيران الآخرون . وما دامت المسألة متروكة إلى تقدير قاضي الموضوع ، فإن القاضي سيجد دائماً في ظروف الدعوى ، وموقع العقارات ، واتصال العقار المشفوع به بالعقار المشفوع فيه ، والحاجات المتنوعة للعقار المشفوع به ، وافتقاره في بعض الأحيان إلى توسيع رقعته أو زيادة مرافقه أو يتيسر اتصاله بطريق عام أو ترعة عامة أو مصرف عام ، وما إلى ذلك ، مبرراً لتقديم جار على جار ، وإيثار أحد الجيران المتزاحمين دون غيره في الأخذ بالشفعة .
199 - الحالة الثالثة – تزاحم الشفعاء مع المشتري وهو شفيع مثلهم – تزاحمه مع شفعاء أدنى من طبقة : تنص الفقرة الثالثة من المادة 937 مدني ، كما رأينا ( [1016] ) ، على ما يأتي : " فإذا كان المشتري قد توافرت فيه الشروط التي كانت تجعله شفيعاً بمقتضى نص المادة السابقة ، فإنه يفضل على الشفعاء الذين هم . . . من طبقة أدنى . . . " . والنص يفترض أن المشتري نفسه قد توافرت فيه وقت الشراء شروط الأخذ بالشفعة في العقار الذي اشتراه ، $ 610 $ ويتقدم لأخذ العقار منه بالشفعة شفيع أدنى منه طبقة ( [1017] ) .
فهو إما مالك الرقبة في عقار تقسم فيه حق الانتفاع بين شريكين في الشيوع ، وقد اشترى حصة أحد الشركيين في حق الانتفاع . فإذا تقدم للأخذ بالشفعة صاحب الحصة الأخرى في حق الانتفاع باعتباره شريكاً في الشيوع ، أو تقدم الجار للأخذ بها ، لم يجز لأي منهما الأخذ بالشفعة . ذلك أنه لو كان المشتري شخصاً آخر غير مالك الرقبة ، لكان مالك الرقبة نفسه شفيعاً في الطبقة الأولى من الشفعاء . ولو زاحمه في الأخذ بالشفعة صاحب الحصة الأخرى في حق الانتفاع باعتباره شريكاً في الشيوع في الطبقة الثانية بين الشفعاء ، أو زاحمه الجار وهو في الطبقة الخامسة والأخيرة بين الشفعاء ، لفضل على كل منهما باعتباره أعلى طبقة ، ولأخذ وحده دونهما بالشفعة الحصة الشائعة المبيعة في حق الانتفاع . فإذا كان هو الذي شاتراها ، فإنه من باب أولى يفضل على كل من الشفيعين الآخرين اللذين هما أدنى منه طبقة . وعلى ذلك لا يجوز لأحد من هذين أن يأخذ بالشفعة عقاراً اشتراه شفيع أعلى منه طبقة .
$ 611 $
وقد يكون المشتري هو أحد شريكين لعقار شائع بينهما ، وقد اشترى حصة الشريك الآخر . فإذا تقدم الجار لأخذ الحصة المبيعة بالشفعة ، لم يكن هذا جائزاً . ذلك أنه لو كان المشتري شخصاً آخر غير الشريك في الشيوع ، لكان الشركي في الشيوع نفسه شفيعاً في الطبقة الثانية بين الشفعاء . ولو زاحمه في الأخذ بالشفعة الجار وهو في الطبقة الخامسة والأخيرة ، لفضل عليه باعتباره أعلى طبقة ، ولأخذ وحده دون الجار الحصة الشائعة المبيعة بالشفعة . فإذا كان هو الذي شاتراها ، فإنه من باب أولى يفضل على الجار ، وعلى هذا لا يجوز لهذا الأخير أن يأخذ بالشفعة عقاراً شفيع هو أعلى منه طبقة .
وقد يكون المشتري هو صاحب حق الانتفاع في عقار ، وقد اشترى الرقبة من صاحبها . فإذا تقدم الجار لأخذ الرقبة بالشفعة ، لم يكن هذا جائزاً . ذلك أنه لو كان المشتري شخصاً آخر غير صاحب الانتفاع ، لكان صاحب حق الانتفاع نفسه شفيعاً في الطبقة الثالثة بين الشفعاء . ولو زاحمه الجار وهو في الطبقة الخامسة والأخيرة ، لفضل ليه باعتباره أعلى طبقة ، ولأخذ وحده الجار الرقبة المبيعة بالشفعة . فإذا كان هو الذي اشتراها ، فإنه من باب أولى يفضل على الجار ، ومن ثم لا يجوز لهذا الأخير أن يأخذ بالشفعة عقاراً اشتراه شفيع هو أعلى منه طبقة .
وقد يكون المشتري هو صاحب الرقبة في أرض محكرة وقد اشترى حق الحكر ، أو يكون هو صاحب حق الحكر وقد اشترى الرقبة . ففي الحالين إذا تقدم الجار لأخذ حق الحكر أو الرقبة بالشفعة ، لم يكن هذا جائزاً . ذلك لأنه لو كان الذي اشترى حق الحكر أو الرقبة شخصاً آخر غير صاحب الرقبة أو صاحب الحكر ، لكان صاحب الرقبة أو صاحب الحكر نفسه شفيعاً في الطبقة الرابعة بين الشفعاء . ولو زاحمه الجار وهو في الطبقة الخامسة والأخيرة لفضل عليه باعتباره أعلى طبقة ، ولأخذ بالشفعة دونه الحكر أو الرقبة . فإذا كان هو الذي اشترى الحكر أو الرقبة ، فإنه من باب أولى يفضل على الجار ، فلا يجوز للجار أن يأخذ بالشفعة عقاراً اشتراه شفيع هو أعلى منه طبقة .
$ 612 $
200 - تزاحم المشتري مع شفعاء من نفس طبقته : تنص الفقرة الثالثة من المادة 937 مدني ، كما رأينا ( [1018] ) ، على ما يأتي : " فإذا كان المشتري قد توافرت فيه الشروط التي كانت تجعله شفيعاً بمقتضى نص المادة السابقة ، فإنه يفضل على الشفعاء الذين هم من طبقته . . . " . و النص يفترض أن المشتري نفقه قد توافرت فيه وقت الشراء شروط الأخذ بالشفعة في العقار الذي اشتراه ، ويتقدم لأخذ العقار منه بالشفعة شفيع من نفس طبقته .
وهذه المسألة ، قبل أن يبت فيها التقنين المدني الجديد بنص صريح كما رأينا ، كانت من بين المسائل التي اشتد فيها الخلاف وانقسم فيها كل من الفقه والقضاء . ونعرض في إيجاز خلاصة لهذا الخلاف بعد أن أصبح في ذمة التاريخ منذ أن حسم بالنص الصريح كما قدمنا . فقد كان التقنين المدني المختلط السابق يحتوي نصاً لا يخلو من الموضوع هو نص المادة 95 من هذا التقنين ، ويقضي بجواز أن يأخذ الشريك في الشيوع بالشفعة من شريك مثله اشترى من شريك ثالث حصته الشائعة ، وعلى هذا الشريك الشفيع أن يشارك فيما أخذه بالشفعة جميع شركائه في العين إذا طلبوا ذلك . ولم يكن لهذا النص نظير في التقنين المدني الوطني الأسبق فتضاربت الأحكام الوطنية والمختلطة . فمن الأحكام المختلطة ما قاس حالة الجار على حالة الشريك في الشيوع ، وأجاز للجار أن يأخذ بالشفعة من المشتري حتى لو كان جاراً مثله ، فيقسم العقارات المشفوع فيه بين الجار المشتري والجار طالب الشفعة ( [1019] ) . ومنها ما قضى بألا شفعة للجار من المشتري إذا كان جاراً مثله ، لعدم ورود نص في الجار كما ورد النص في الشريك في الشيوع ( [1020] ) . ومن الأحكام الوطنية ما طبق حكم المادة 95 مدني مختلط من غير أن يكون لها نظير في التقنين المدني الوطني ، فقضى بجواز أن يأخذ الشريك في الشيوع بالشفعة من شريك مثله ويتقاسم معه الحصة الشائعة المشفوع فيها ( [1021] ) . ومنها ما قضى بألا شفعة من مشتر شفيع ، لعدم ورود $ 613 $ نص في التقنين المدني الوطني يماثل نص المادة 95 من التقنين المدني المختلط ( [1022] ) . ثم صدر قانون الشفعة السابق يلغي النصوص الخاصة بالشفعة في التقنينين الوطني والمختلط ، ويستبدل بها نصوصاً أخرى متطابقة للقضائين الوطني المختلط . وقد حل محل المادة 95 من التقنين المدني المختلط المادة 8 من قانون الشفعة في كل من القضاء الوطني والقضاء المختلط ، وتنص على أن " يثبت حق الشفعة ، وتراعى الأحكام المقررة في المادة السابقة فيما يتعلق بالأولوية ، ولو كان المشتري حائزاً لما يجعله شفيعاً باعتبار ما ذكر في المادة الأولى ( [1023] ) " . وفي نظرنا أن هذا النص ، وإن كان هو أيضاً لا يخلو من شيء من الغموض ، أراد واضعه به أن يحل محل المادة 95 من التقنين المدني المختلط ، مع تعميم حكمه على جميع الفروض ، دون قصره على الفرض الذي يأخذ فيه الشريك في الشيوع بالشفعة من المشتري إذا كان شريكاً مثله . فالنص يضع مبدأ عاماً ، هو أن يبقى ( subsiste ) حق الشفعة للأشخاص الذي تثبت لهم صفة الشفيع ، حتى لو كان المشتري هو نفسه شفيعاً مثلهم . ولما كان هذا مبدأ عاماً يتناول جميع الفروض الثلاثة ، فرض ما إذا كان الشفيع أعلى طبقة بين الشفعاء من المشتري وفرض ما إذا كان في طبقته وفرض ما إذا كان دونه في الطبقة ، فقد أراد واضع النص أن يغطي هذه الفروض الثلاثة بعبارة واحدة قال فيها " وتراعى الأحكام المقررة في المادة السابقة فيما يتعلق بالأولوية ( preference ) " . فيتفاضل المشتري ، وهو شفيع ، مع الشفعاء الذين يزاحمونه ويريدون الأخذ منه بالشفعة ، ولا يمنعهم من ذلك كون المشتري شفيعاً مثلهم بعد أن تقرر المبدأ العام القاضي بجواز الأخذ بالشفعة من المشتري الشفيع . فإذا ما تفاضل المشتري الشفيع مع الشفعاء الآخرين . وجب أن " تراعى الأحكام المقررة في المادة السابقة فيما يتعلق بالأولوية " . وعلى ذلك إذا كان الشفيع أعلى طبقة من المشتري فضل $ 614 $ عليه وأخذ العقار المبيع منه بالشفعة ، وإذا كان في طبقته ساواه وشاركه في العقار المبيع ، وإذا كان دونه طبقة لم يجز له الأخذ بالشفعة إذ يفضل عليه المشتري . وهذه الأحكام تتفق في جملتها مع ما هو مقرر في الفقه الإسلامي ، وقد أراد المشرع المصري أن يستلهم هذا الفقه فيما قرره من ذلك ( [1024] ) . ومع أنه من اليسير أن تستخلص هذه الأحكام من نص المادة 8 من قانون الشفعة السابق الذي تقدم ذكره ، إلا أن كلاً من الفقه والقضاء انقسم في تفسير هذا النص . فبعض فهم منه أنه يقضي بجواز أن يأخذ الشفيع بالشفعة من مشتر في طبقته أو دونه طبقة ولا يأخذ بها من مشتر أعلى من طبقة ، وهذا هو التفسير المعقول للنص ( [1025] ) . وبعض قصر النص على فرض واحد هو ما إذا زاحم المشتري شفيع أعلى منه طبقة مفسراً لفظ الأولوية ( preference ) بهذا $ 615 $ المعنى ، ففي هذا الفرض وحده يأخذ الشفيع بالشفعة من المشتري الشفيع ويفضل عليه ، أما في الفرضين الآخرين ، إذا كان الشفيع في طبقة المشتري أو كان دون في الطبقة ، فلا ينطبق النص ولا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة ( [1026] ) . ثم أخذ الرأي الأول يتغلب شيئاً فشيئاً حتى ساد الفقه أولاً ( [1027] ) ، ثم ساد القضاء بعد ذلك ( [1028] ) ، وبه أخذت محكمة النقض ( [1029] ) .
$ 616 $
وواجه التقنين المدني الجديد هذا الرأي المتغلب ، ووازن بينه وبين الرأي الآخر ، فرجح عنده الرأي الآخر . ذلك أنه إذا أمكن التسليم بأن يأخذ الشفيع بالشفعة من مشتر يكون الشفيع أعلى منه طبقة ، فلس من اليسير أن يسلم بهذا الحق الاستثنائي ، وفيه خروج واضح على قاعدة جوهرية من قواعد القانون المدني هي القاعدة التي تقضي بألا ينزع من المالك ملكه دون رضاه ، لشفيع لا يعلو على المشتري في طبقته . فإن الشفيع إذا كان في طبقة المشتري ، فلا معنى لإعطائه الحق في الشفعة ومشاركة المشتري في العقار المشفوع فيه ، فإن المشتري يعادله في الطبقة ويزيد عليه بأنه هو الذي وقع عليه دون الشفيع اختيار البائع فآثاره بالصفقة . ولا مبرر هنا للتجاوز عن إرادة البائع وإهدار هذه الإرادة ، فالشفيع لا يعلو على المشتري في الطبقة ، ثم إن المشتري ليس بأجنبي طرأ على الشركة أو الجوار ويراد التخلص منه بالشفعة ، إذ هو شريك قديم أو جار قديم لا يقل شأنه في ذلك عن شأن الشفيع . وعلى ذلك أخذ التقنين المدني الجديد بعكس الرأي الذي كان سائداً في الفقه والقضاء . ونص كما رأينا على أنه " إذا كان المشتري قد توافرت فيه الشروط التي كانت تجعله شفيعاً بمقتضى نص المادة السابقة ، فإنه يفضل على الشفعاء الذين هم من طبقته . . . " . وقد حسم هذا النص كل خلاف في هذه المسألة ، ووضع الأمور في نصابها الصحيح .
فإذا كان هناك عقار يملكه اثنان في الشيوع ورتبها عليه حق انتفاع فأصبحا مالكين للرقبة فقط ، واشترى أحدهما حق الانتفاع ، لم يجز للشريك الآخر في الرقبة أن يأخذ بالشفعة من الشريك الأول المشتري ويشاركه في حق الانتفاع لأن المشتري شفيع مثله وفي طبقته ، وهي الطبقة الأولى . وإذا كان هناك عقار يملكه ثلاثة على الشيوع ، وباع أحد هؤلاء الشركاء حصته الشائعة لشريك $ 617 $ ثانٍ ، لم يجز للشريك الثالث أن يأخذ بالشفعة من الشريك الثاني ويشاركه في الحصة الشائعة المبيعة ، لأن المشتري شفيع مثله وفي طبقته ، وهي الطبقة الثانية . وإذا رتب صاحب العقار حق انتفاع على عقاره لشخصين على الشيوع فأصبح مالكاً للرقبة فقط ، ثم باع الرقبة لأحد صاحبي حق الانتفاع ، لم يجز لصاحب حق الانتفاع الآخر أن يأخذ بالشفعة من المشتري ويشاركه في الرقبة ، لأن المشتري شفيع مثله وفي طبقته ، وهي الطبقة الثالثة . وإذا كان شخصان يملكان أرضاً وحكراها فأصبحا لا يملكان إلا الرقبة ، وباع صاحب حق الحكر حقه لأحدهما ، فإن الثاني لا يجوز له الأخذ بالشفعة من المشتري ويشاركه في حق الحكر ، لأن المشتري شفيع مثله وفي طبقته ، وهي الطبقة الرابعة . والعكس صحيح ، فإذا كان شخص يملك عقاراً وحكره لشخصين على الشيوع فأصبح لا يملك إلا الرقبة ، ثم باع الرقبة لأحد صاحبي الحكر ، فإن صاحب الحكر الثاني لا يجوز له أن يأخذ الشفعة من المشتري ويشاركه في الرقبة ، لأن المشتري شفيع مثله وفي طبقته ، وهي أيضاً الطبقة الرابعة . وإذا باع شخص عقاره لأحد جيرانه ممن يحق لهم أخذ العقار بالشفعة ، لم يجز لجار آخر أن يأخذ بالشفعة من الجار المشتري ، إذ أن المشتري شفيع مثله وفي طبقته ، وهي الطبقة الخامسة .
201 – تزاحم المشتري مع شفعاء أعلى منه طبقة : تنص الفقرة الثالثة من المادة 937 مدني ، كما رأينا ( [1030] ) ، على ما يأتي : " فإذا كان المشتري قد توافرت فيه الشروط التي تجعله شفيعاً بمقتضى نص المادة السابقة ، فإنه يفضل . . . ولكن يتقدمه الذين هم من طبقة أعلى " . والنص يفترض أن المشتري نفسه قد توافرت فيه وقت الشراء شروط الأخذ بالشفعة في العقار الذي اشتراه ، ويتقدم لأخذ العقار منه بالشفعة شفيع أعلى منه طبقة . ففي هذا الفرض وحده يفضل الشفيع على المشتري لأنه أعلى منه طبقة ، ويجوز له أخذ العقار المبيع بالشفعة من المشتري . وليس للمشتري أن يعترض ، فإن سبب الشفعة في الشفيع أقوى من سببها في المشتري ، وليس للبائع أن يؤثر المشتري على $ 618 $ الشفيع على خلاف ما يقضي به القانون من إيثار الشفيع على المشتري ( [1031] ) .
وعلى ذلك إذا كان مالك العقار قد رتب عليه حق انتفاع لشريكين في الشيوع فأصبح لايملك إلا الرقبة ، وباع أحد الشريكين في حق الانتفاع حصته الشائعة في هذا الحق للشريك الآخر ، فإن مالك الرقبة له أن يأخذ هذه الحصة الشائعة م المشتري بالشفعة . ولا يستطيع المشتري الشريك في حق الانتفاع أن يدفع دعوى الشفعة بأنه هو أيضاً شفيع لأنه شريك في الشيوع ، ذلك لأن مالك الرقبة الشفيع أعلى منه طبقة ، إذ هو في الطبقة الأولى في حين أن الشريك في الشيوع في الطبقة الثانية .
وعلى ذلك أيضاً إذا كان شخصان يملكان عقاراً في الشيوع ورتبا عليه حق انتفاع فأصبحا لا يملكان إلا الرقبة ، وباع أحدهما حصته الشائعة في الرقبة لصاحب حق الانتفاع ، فإن الشريك الآخر في الرقبة له أن يأخذ هذه الحصة الشائعة بالشفعة من صاحب حق الانتفاع . ولا يستطيع هذا الأخير أن يدفع دعوى الشريك بأنه هو أيضاً شفيع لأنه صاحب حق الانتفاع ، ذلك لأن الشريك الآخر في الرقبة شريك في الشيوع فهو أعلى منه طبقة ، إذ هو في الطبقة الثانية في حين أن صاحب حق الانتفاع في الطبقة الثالثة .
وعلى ذلك أيضاً إذا كان شخصان يملكان عقاراً على الشيوع وحركاه فأصبحا لا يملكان إلا الرقبة ، وباع أحدهما حصته الشائعة في الرقبة لصاحب حق الحكر ، جاز للشريك الآخر في الرقبة أن يأخذ هذه الحصة الشائعة بالشفعة من صاحب حق الحكر . ولا يستطيع هذا الأخير أن يدفع دعوى الشفعة بأنه هو أيضاً شفيع لأنه صاحب حق الحكر ، ذلك لأن الشريك الآخر في الرقبة شريك في الشيوع فهو أعلى منه طبقة ، إذ هو في الطبقة الثانية في حين أن صاحب حق الحكر في الطبقة الرابعة .
$ 619 $
وعلى ذلك أخيراً إذا كان شخصان يملكان عقاراً في الشيوع ، وباع أحدهما حصته الشائعة لجار ، جاز للشريك الآخر في الشيوع أن يأخذ الحصة الشائعة من الجار بالشفعة . ولا يستطيع الجار أن يدفع دعوى الشفعة بأنه هو أيضاً شفيع لأنه جار ، ذلك أن الشريك الآخر في الشيوع أعلى منه طبقة ، إذ هو في الطبقة الثانية والجار في الطبقة الخامسة .
أما إذا باع مالك العقار عقاره لجار توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة ، فإن أي جار آخر ، ولو كانت الشفعة تعود عليه بمنفعة أكبر ، لا يستطيع الأخذ بالشفعة من الجار المشتري . ذلك أن كل الجيران في رأينا من طبقة واحدة ، ولا يعلو أحدهم على الآخرين لمجرد أن الشفعة تعود عليه بمنفعة أكبر . والمادة 936 مدني ، عندما رتبت طبقات الشفعاء ، لم تجعل للجار إلا طبقة واحدة هي الطبقة الأخيرة ، فلا يعلو جار على جار . ومن ثم إذا اشترى جار العقار المشفوع فيه ، لم يستطع أي جار آخر ولو كانت منفعته أكبر أن يأخذ منه العقار بالشفعة لأنه من طبقته ( [1032] ) ، والشفيع لا يأخذ بالشفعة من مشتري كون شفيعاً من طبقته كما سبق القول ( [1033] ) . وإنما يتفاضل الجيران بالمنفعة الأكبر إذا كانوا كلهم شفعاء دون أن يكون فيهم مشتر ، فإذا كان أحد الجيران هو المشتري تميز على سائر الجيران لأنهم جميعاً من طبقته كما قدمنا فلا يجوز لهم أن يأخذوا منه العقار المبيع بالشفعة ( [1034] ) . وإذا اعتبرنا مالك الطبقة شفيعاً بسبب الجوار كما $ 620 $ هو الرأي الراجح ، فإنه يدخل أيضاً في الطبقة الخامسة مع سائر الجيران . وعلى ذلك إذا باع صاحب الطبقة طبقته لصاحب الطبقة الأعلى لم يستطع صاحب الطبقة الأسفلى أن يأخذ بالشفعة من مشتر هو من طبقته ، وكذلك إذا باع صاحب الطبقة طبقته لصاحب الطبقة الأسفل لم يستطع صاحب الطبقة الأعلى أن يأخذ بالشفعة لنفس السبب . ولنفس السبب أيضاً إذا باع صاحب الطبقة طبقته لأحد صاحبي الطبقتين الأعلى والأسفل ، لمي ستطع الجار العادي أن يأخذ بالشفعة الطبقة المبيعة . ولنفس السبب أخيراً إذا باع صاحب الطبقة طبقته لجار عادي ، لم يستطع أي من صاحبي الطبقتين الأعلى والأسفل أن يأخذ بالشفعة الطبقة المبيعة ، وذلك بالرغم من أن صاحب الطبقة الشفيع أوثق اتصالاً بالطبقة المبيعة وتعود عليه الشفعة بمنفعة أكبر ، فهو مع ذلك كله لا يزال في طبقة الجار العادي كما سبق القول . ولو قلنا بأن صاحب الطبقة يشفع باعتباره شريكاً في الشيوع لتغير الحكم ، ولأخذ بالشفعة من مشتر هو جار عادي لأنه يصبح أعلى منه طبقة ، إذ يصبح في الطبقة الثانية باعتباره شريكاً ي الشيوع في حين أن الجار العادي هو في الطبقة الخامسة . ولكن صاحب الطبقة ، حتى باعتباره شريكاً في الشيوع ، لا يأخذ بالشفعة الطبقة المبيعة من مشتر هو صاحب طبقة أخرى ، لأن كلاً من الشفيع والمشتري شريك في الشيوع أي في طبقة واحدة ، ولا يأخذ شفيع بالشفعة عقاراً اشتراه شفيع من طبقته كما سبق القول ( [1035] ) .
$ 621 $
المبحث الثاني
كيفية الأخذ بالشفعة
202 - إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وإيداع الثمن مع رفع دعوى الشفعة وصدور حكم بثبوت الحق فيها : ومتى توافرت شروط الأخذ بالشفعة على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ، فإن الشفيع يلزمه إتباع إجراءات رسمها القانون للأخذ بالشفعة . ويمكن تقسيم هذه الإجراءات إلى مرحلتين : ( المرحلة الأولى ) إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة .
( المرحلة الثانية ) إيداع الثمن ورفع دعوى الشفعة وصدور حكم بثبوت الحق فيها .
المطلب الأول
إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة
203 - نص قانوني – تنص المادة 940 مدني على ما يأتي :
" على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري ، وإلا سقط حقه . ويزاد على تلك المدة ميعاد المسافة إذا اقتضى الأمر ذلك ( [1036] ) " .
$ 622 $
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق م 14 / 1 وم 19 / 2 ( [1037] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري لا مقابل – وفي التقنين المدني الليبي م 944 – وفي التقنين المدني العراقي م 1138 ( العبارة الأولى ) – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 247 / 2 ( [1038] ) .
والحق في الشفعة يثبت إما بالتراضي أو بالتقاضي .
وهو يثبت بالتراضي متى سلم المشتري للشفيع بالشفعة عن رضاء منه ، فيحل الشفيع محل المشتري في الصفقة التي عقدها هذا الأخير مع البائع ، $ 623 $ ويكون على الشفيع التزامات المشتري وله حقوقه على الوجه الذي سنبينه عند الكلام في آثار الأخذ بالشفعة . ويصح التسليم بالشفعة في أي وقت إلى يوم رفع دعوى الشفعة . ومتى حصل التسليم بالشفعة ، وجب تسجيل هذا التسليم حتى تنتقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع . وهذا يقتضي أن يكون التسليم مكتوباً ، وأن تتخذ الإجراءات المقررة في القانون للتسجيل .
ولكن الشفعة أكثر ما تؤخذ بالتقاضي ، وقل أن يسلم المشتري للشفيع بالشفعة . ولو كان التسليم في قيمته لتردد كثيراً قبل أن يقدم على الشراء . وذلك ما لميكن يجهل وجود الشفيع أو كان يعلم بوجوده ولكنه يعتقد أنه لايأخذ بالشفعة . وللقاضي في الشفعة إجراءات رسمها القانون ، ومواعيد محددة تجب مراعاتها .
فهناك إجراءات تسبق إيداع الثمن ورفع دعوى الشفعة ، وهي التي تتولى هنا بيانها ، وأول هذه الإجراءات هو الإجراء الذي يرمي إلى إخبارالشفيع بوقوع البيع ، ويكون ذلك بإنذار رسمي يوجه إليه من المشتري أو من البائع . ويلي علم الشفيع بوقوع البيع عن طريق الإنذار الرسمي أن يبدي الشفيع رغبته فيالأخذ بالشفعة بإعلان رسمي لكل من المشتري والبائع ، وذلك في ميعاد معين ، ثم يسجل الشفيع إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة .
فنتكلم في المسائل الآتية : ( 1 ) الإنذار الرسمي بوقوع البيع . ( 2 ) إبداء الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة . ( 3 ) ميعاد إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة . ( 4 ) تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة .
204 – الإنذار الرسمي بوقوع البيع – نص قانوني : تنص المادة 941 مدني على ما يأتي :
" يشتمل الإنذار الرسمي المنصوص عليه في المادة السابقة على البيانات الآتية وإلا كان باطلاً " :
" ( أ ) بيان العقار الجائز أخذه بالشفعة بياناً كافياً " .
" ( ب ) بيان الثمن والمصروفات الرسمية وشروط البيع واسم كل من البائع والمشتري ولقبه وصناعته وموطنه " ( [1039] ) .
$ 625 $
وتفتتح إجراءات الشفعة عادة بهذا الإنذار الرسمي ، والغرض منه إخطار الشفيع بقووع البيع الذي يجوز الأخذ فيه بالشفعة وبالثمن وشروط البيع ، حتى يتدبر الشفيع أمره فإذا رأى الأخذ بالشفعة أعلن رغبته في ذلك . والإنذاريوجهه المشتري أو البائع ( أنظر م 940 مدني ) ، فإذا وجهه أحدهما أغنى ذلك من أن يوجه الآخر . ويوجه الإنذار إلى الشفيع ( [1040] ) إذا كان واحداً ، فإذا تعدد الشفعاء ولو تفاوتت طبقاتهم وجب أن يوجه الإنذار إلى كل منهم ، حتى من كانت طبقته متأخرة ، لاحتمال أن يترك الشفعاء المتقدمون شفعتهم فيأخذ المتأخر بالشفعة .
ويجب أن يكون الإنذار رسمياً على يد محضر ، فالإخطار الشفوي ، بل الإخطار المكتوب ( ككتاب في البريد ولو كان مسجلاً بعلم وصول ) إذا لم يكن إنذاراً رسمياً على يد محضر ، لا يكفي لجعل ميعاد الخمسة العشر يوماً لإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة يسرى ( [1041] ) .
ويجب أن يشتمل الإنذار على البيانات الآتية : وإلا كان باطلاً فلا يسري ميعاد الخمسة العشر يوماً : أولاً – بيان العقار المشفوع فيه بايناً كافياًن ويكون ذلك بتعيين موقعه وحدوده ومساحته وبذلك أي بيان آخر من شأنه أن يكون نافياً للجهالة بالعقار ( [1042] ) . ثانياً – بيان الثمن الذي بيع به العقار ، وبيان $ 626 $ المصروفات الرسمية بالإضافة إلى الثمن . ويراد بالمصروفات الرسمية الرسوم المقررة ، كرسوم توثيق البيع إذا كتب في ورقة رسمية ورسوم التسجيل إذا سجل ، أما المصروفات الأخرى ، كالسمسرة وأتعاب المحاماة ، فليس من الواجب ذكرها ، فإذا لم تذكر كانت محل مطالبة على حدة بشرط أن يقيم المشتري الدليل عليها وفقاً للقواعد المقررة في الإثبات ( [1043] ) . ويذكر كذلك في الإنذار اسم كل من المشتري والبائع ولقبه وصناعته وموطنه وذلك حتى يتعين تعييناً كافياً وحتى يمكن أن يعلن برغبة الشفيع في الأخذ بالشفعة إذا ما رغب في ذلك ( [1044] ) .
$ 627 $
وحتى يسري ميعاد الخمسة العشر يوماً لإعلان الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة ، يجب توجيه هذا الإنذار الرسمي إلى الشفيع على الوجه السابق بيانه ، ولا يغني عنه أية ورقة رسمية أخرى ولو كانت معلنة على يد محضر . فلو أن المشتري لحصة شائعة في عقار رفع على البائع دعوى بصحة التعاقد ، وأدخل في الدعوى سائر الشركاء في الشيوع ليكون الحكم في مواجهتهم فأعلنهم بعريضة الدعوى بصحة التعاقد ، لم يغن إعلان هذه العريضة عن الإنذار الرسمين بالرغم من أن عريضة دعوى صحة التعاقد تتضمن عادة البيانات التي يتضمنها الإنذار الرسمي . ( [1045] ) . ومن ثم يبقى للشركاء في الشيوع حق الأخذ بالشفعة ، حتى لو انقضى خمسة عشر يوماً من وقت إعلان عريضة دعوى صحة التعاقد ، ما دام المشتري أو البائع لم يوجه لهم الإنذار الرسمي على الوجه الذي تقدم ذكره .
وإذا كان الشفيع يستطيع إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة في خلال خمسة عشر يوماً من يوم إنذاره من المشتري ا, من البائع بوقوع البيع ، فإن ذلك لا يمنع من أنه يستطيع إعلان هذه الرغبة قبل أن يصله أي إنذار رسمي . فمتى علم بالبيع ، جاز له أن يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة على الوجه الذي سنبينه ( [1046] ) ، دون حاجة إلى انتظار الإنذار . بل جاز له قبل الإنذار أن يجاوز مرحلة إعلان الرغبة إلى مرحلة إيداع الثمن ورفع دعوى الشفعة ، ويعتبر إعلان عريضة دعوى الشفعة إعلاناً للرغبة في الأخذ بالشفعة كما سيجئ ( [1047] ) .
205 - إعلان الشفيع رغبة في الأخذ بالشفعة – نص قانوني : تنص الفقرة الأولى من المادة 942 مدني على ما يأتي :
" إعلان الرغبة بالأخذ بالشفعة يجب أن يكون رسمياً ، وإلا كان $ 628 $ باطلاً . ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير إلا إذا سجل " ( [1048] ) .
فمتى أنذر الشفيع بوقوع البيع على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ، فإنه يجب عليه ، إذا أراد الأخذ بالشفعة ، أن يبدي رغبته في ذلك ، وأن يعلن هذه الرغبة إلى كل من المشتري والبائع . وقد رأينا أن المادة 940 مدني ( [1049] ) تقول : " على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع $ 629 $ والمشتري . . . " فإعلان الرغبة يوجه من الشفيع إذا كان واحداً ، أو من كل شفيع يريد الأخذ بالشفعة إذا تعدد الشفعاء . ويجب أن يوجه إلى كل من المشتري والبائع ، فإذا وجه إلى أحدهما دون الآخر ، أو وجه إلى أحدهما في الميعاد المقرر وإلى الآخر بعد الميعاد المقرر ، كان بطلاًن ومن ثم تسقط شفعة الشفيع ( [1050] ) . ذلك أن كلا من المشتري والبائع خصم في دعوى الشفعة إذا أخذت بالتقاضي ، وطرف فيها إذا تمت بالتراضي . فالشفيع ، إذا ثبت له الحق في الشفعة ، يحل محل المشتري في مواجهة البائع ، فيكون له حقوق المشتري قبل البائع وعليه التزاماته نحوه ، ومن ثم كان هو طرفاً في الشفعة والطرف الآخر هو كل من المشتري والبائع ( [1051] ) .
ويكون إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة لكل من المشتري والبائع إعلاناً رسمياً على يد محض ، وإلا كان باطلاً ، كما تنص على ذلك صراحة المادتان 940 و 942 / 1 مدني سالفتا الذكر ( [1052] ) . فيوجه الشفيع الإعلان الرسمي إلى $ 630 $ موطن كل من المشتري والبائع ، أي إلى المحل الذي يقيم فيه ، ولا يصح أن يوجه الإعلان إلى المحل الذي يباشر فيه عمله من تجارة أو حرفة . ذلك أن المادة 11 مرافعات تقضي بتسليم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه ، وتقضي المادة 40 / 1 مدني بأن " الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة " . فيجب إذن إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة في المكان الذي يقيم فيه عادة كل من المشتري والبائع . ولا يجوز إعلانه في المكان الذي يباشر فيه المشتري أو البائع تجارته أو حرفته ، فإن هذا المكان لا يعتبر موطناً له إلا " بالنسبة إلى إدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة " ( م 41 مدني ) ( [1053] ) .
$ 631 $
وإذا أعلن الشفيع رغبته في الأخذ الشفعة ( [1054] ) على الوجه المتقدم الذكر ، ولم يمض في الإجراءات التالية لذلك ، كأن لم يودع الثمن خزانة المحكمة أو لم يرفع دعوى الشفعة في الميعاد القانوني على ما سنذكره ، فإن حقه في الشفعة يسقط . وإعلانه الرغبة في الأخذ بالشفعة إرادة منفردة صادرة م جانبه ، فهي تصرف قانوني صادر من جانب واحد . وفي رأينا أن هذه الإرادة التي صدرت من جانب الشفيع هي العنصر الذي يستكمل به عناصر الأخذ بالشفعة ، وبمجرد إعلانها إلى كل من البائع والمشتري تتكامل هذه العناصر ، فيحل الشفيع محل المشتري إزاء البائع بحكم القانون ( [1055] ) . ومن ثم لا يجوز للشفيع أن يرجع في هذه الإرادة ويعدل عن طلب الشفعة بعد أن أعلن رغبته في الأخذ بها ، إلا برضاء المشتري ( [1056] ) . ولابد من هذا الرضاء أيضاً – ومن باب $ 632 $ أولى – إذا رفع الشفيع دعوى الشفعة ، وأراد بعد ذلك العدول عن طلبها . أما الرأي الذي يقول بأن الشفيع لا يتم له الأخذ بالشفعة إلا بصدور حكم بثبوت حقه في ذلك أو بالتراضي عليها مع المشتري ، وسيجئ بيان ذلك ، فإنه يذهب بحكم منطقه إلى أنه يجوز للشفيع أن يعدل عن طلب الشفعة بعد أن أعلن رغبته في الأخذ بها ، وذلك ما لم يقبل المشتري طلب الشفيع ويسلم له الشفعة ويخطره بهذا القبول ، فعند ذلك لا يجوز للشفيع أن يرجع في طلبه لحصول تعاقد صريح بين الطرفين لا يجوز الرجوع فيه إلا بتراض جديد ( [1057] ) .
ويصح للشفيع أن يستغنى عن إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة برفع دعوى الشفعة رأساً على كل من البائع والمشتري . ولكن يشترط في ذلك أن تعلن عريضة الدعوى إلى كل من البائع والمشتري في خلال خمسة عشر يوماً من يوم الإنذار بوقوع البيع حتى تصلح العريضة لأن تكون إعلاناً بالرغبة في الأخذ بالشفعة حاصلاً في الميعاد القانوني ، كما يشترط إيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع الدعوى حتى يكون رفع الدعوى صحيحاً إذ تشترط الفقرة الثانية من المادة 942 مدني كما سنرى " أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة " ( [1058] ) . وعند ذلك يحل إعلان عريضة الدعوى محل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، ويستطيع الشفيع بعد ذلك أن يمضي في الإجراءات ( [1059] ) . $ 633 $ ولكن إذا سلم المشتري عند بدء إجراءات الدعوى بشفعة الشفيع ، فإن الشفيع هو الذي يتحمل مصروفات الدعوى إذ يتبين أنه كان في غنى عن رفعها ( [1060] ) .
206 - ميعاد إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة – نص قانوني : ويجوز إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ولو قبل إنذار الشفيع بوقوع البيع ، فيستطيع الشفيع دون أن ينتظر هذا الإعلان ، وبمجرد علمه بوقوع البيع ، أن يبادر إلى إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة إلى كل من المشتري والبائع ( [1061] ) . بل يجوز للشفيع أن يجاوز مرحلة إعلان الرغبة إلى مرحلة رفع دعوى الشفعة رأساً ، بعد أن يودع الثمن خزانة المحكمة ، ويقدم إعلان عريضة الدعوى مقام إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة كما سبق القول ( [1062] ) .
ولكن إذا لم يوجد مبدأ للوقت الذي يجوز فيه للشفيع إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة غير وقت وقوع البيع ، فإنه توجد نهاية لهذا الوقت لا يستطيع الشفيع إذا جاوزها أن يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة إعلاناً صحيحا ، ومن ثم تسقط شفعته ، فهو لا يستطيع أولاً أن يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة ، إذا أنذره البائع أو المشتري بوقوع البيع ، إلا في خلال خمسة عشر يوماً من هذا الإنذار وهو لا يستطيع ثانياً أن يعلن هذه الرغبة ، إذا لم ينذره البائع أو المشتري بوقوع البيع ، إلا في خلال أربعة أشهر من وقت تسجيل البيع . وهو لا يستطيع أخيراً إعلان هذه الرغبة ، إذا لم ينذر البيع ولم يسجل هذا العقد ، بد خمس عشرة سنة من تمام عقد البيع لأن حقه في طلب الشفعة يكون قد سقط بالتقادم . ونتناول هذه الفروض الثلاثة على التعاقب :
$ 634 $
أولاً –إذا أنذر الشفيع بوقوع البيع : رأينا ( [1063] ) أن المادة 940 مدني تنص على أنه " على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري ، وإلا سقط حقه . ويزاد على تلك المدة ميعاد المسافة إذا اقتضى الأمر ذلك " . فيجب إذن على الشفيع ، إذا أنذره أي من البائع أو المشتري بوقوع البيع وأراد الأخذ بالشفعة ، أن يعلن رغبته إلى كل من البائع والمشتري في الأخذ بها في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ وصول الإنذار الرسمي إليه بوقوع البيع . وكانت المادة 19 / 2 من قانون الشفعة السابق تقضي بأن يسقط حق الشفعة " إذا لمي ظهر الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة في ظرف خمسة شعر يوماً من وقت علمه بالبيع أو من وقت تكليفه رسمياً بإبداء رغبته سواء كان بناء على طلب البائع أو بناء على طلب المشتري . ويزاد على هذه المدة عند الاقتضاء ميعاد المسافة " ( [1064] ) . وكان المشروع التمهيدي لنص المادة 940 من التقنين المدني الجديد موافقاً في حكمه لحكم المادة 19 / 2 من قانون الشفعة السابق ، إذ كان يقضي بأن ميعاد الخمسة العشر يوماً يسري من وقت إنذار الشفيع بوقوع البيع أو من وقت علمه بذلك . وقد حذفت لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب عبارة " من تاريخ علمه بالبيع " ، فجعلت ميعاد الخمسة العشر يوماً يسري من تاريخ الإنذار الرسمي وحده دون العلم بالبيع ، " إذا دلت التجارب على أن إثبات لعلم بالبيع كواقعة مادية يثير كثيراً من الإشكالات والقضايا ، فحسماً لذلك رأت اللجنة أن تبدأ المدة من تاريخ الإنذار الرسمي وحده " . وأبدت لجنة مجلس الشيوخ وجهة النظر هذه ، إذ رأت حسماً للخلاف ومنعاً للإشكالات أن تقتصر على أن الميعاد يبدأ من تاريخ الإنذار الرسمي ، لأنه تاريخ ثابت لا يحتمل التأويل " ( [1065] ) .
وعلى ذلك لا يعتد بعلم الشفيع بوقوع البيع ، كما كان يعتد به في قانون الشفعة الأسبق ( [1066] ) - ومهما أقام المشتري من دليل على علم الشفيع بالبيع وأثبت $ 635 $ على وجه التحقيق أنه علم به في وقت معين ، فإن ميعاد الخمسة العشر يوماً $ 636 $ لا يسري من هذا الوقت . ويستطيع الشفيع أن ينتظر ولا يطلب الشفعة حتى $ 637 $ يصله الإنذار الرسمي بوقوع البيع ، ويبقى محتفظاً بحقه في طلب الشفعة المدة التي تفصل ما بين العلم بالبيع وتاريخ الإنذار الرسمي مهما طالت . فإذا ما وصله الإنذار الرسمي بوقوع البيع ، فعند ذلك فقط يسري ميعاد الخمسة العشر يوماً ، ويتعين عليه إذا أراد الأخذ بالشفعة أن يعلم رغبته في ذلك في خلال هذه المدة إلى كل من البائع والمشتري . ويحسب ميعاد الخمسة العشر يوماً وفقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات . فلا يحسب اليوم الذي سلم فيه الشفيع الإنذار $ 638 $ الرسمي ، وإلا كان الميعاد ناقصاً . وقد نصت المادة 20 / 1 مرافعات في هذا الصدد على أنه " إذا عين القانون للحضور أو لحصول الإجراءات ميعاداً مقدراً بالأيام أو بالشهور أو بالسنين ، فلا يحسب منه يوم التكليف أو التنبيه أو حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون مجرباً للميعاد . . . " ( [1067] ) ويحسب اليوم الأخير ، فيجب على الشفيع أن يعلم رغبته في الأخذ بالشفعة بحيث يصل هذا الإعلان إلى كل من البائع والشمتري في ميعاد نهايته اليوم الخامس عشر من اليوم التالي لليوم الذي تسلم فيه الشفيع الإنذار الرسمي . وقد نصت المادة 20 / 1 مرافعات في هذا المعنى على أن " . . . ينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير منه ، إذا كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء . . . " ( [1068] ) . ونصت المادة 6 مرافعات ، في خصوص أن تكون العبرة بحصول الإعلان فعلاً إلى البائع والمشتري لا بتقديمه إلى قلم المحضرين ، على أنه " إذا نص القانون على ميعاد حتمي لرفع دعوى أو طعن أو أي إجراء آخر يحصل بالإعلان ، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله " ( [1069] ) . وقد نصت العبارة الأخيرة من المادة 940 مدني $ 639 $ كما رأينا ، على أن " يزاد على تلك المدة ميعاد المسافة إذا اقتضى الأمر ذلك " . والمفروض هنا أن يكون بين موطن الشفيع وموطن البائع أو موطن المشتري مسافة يحسب لها ما يعاد ، إذ المطلوب أن يعلن الشفيع كلاً من البائع والمشتري في مواطنه ، فإذا بعد هذا الموطن عن موطن الشفيع يحسب لهذا البعد ميعاد المسافة الذي يقرره القانون ( [1070] ) . وقد نصت المادة 21 مرافعات في هذا الصدد على أنه " إذا كان الميعاد معيناً في القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه ، زيد عليه يوم لكل مسافة مقدارها خمسون كيلو متراً بين المكان الذي يجب الانتقال منه وبين المكان الذي يجب الانتقال إليه ، وما يزيد من الكسور على ثلاثين كيلو متراً يزاد له يوم على الميعاد ، ولا يجوز بأية حال أن يتجاوز ميعاد المسافة أربعة أيام . ويكون ميعاد المسافة خمسة عشر يوماً بالنسبة لمن يقع مواطنه في مناطق الحدود ( [1071] ) " . فإذا بعد موطن المشتري عن موطن الشفيع بمقدار خمسين كيلو متراً أو ستين كيلو متراً أو سبعين كيلو متراً ، زيد ميعاد المسافة ، بالنسبة إليه ، يوماً واحداً فيصبح الميعاد ستة عشر يوماً . و إذا بعد موطن البائع عن موطن الشفيع بمقدار تسعين كيلو متراً أو مائة كيلو متر إلى مائة وثلاثين ، زيد الميعاد ، بالنسبة إليه ، يومين فيصبح سبعة عشر يوماً . وإذا بعد موطن أي من البائع أو المشتري عن موطن الشفيع بمقدار مائتي كيلو متر أو أكثر ، زيد ميعاد المسافة ، بالنسبة إليه ، أربعة أيام فيصبح الميعاد تسعة عشر يوماً . وإذا وقع اليوم الأخير $ 640 $ من ميعاد الخمسة الشعر يوماً فيما إذا لم تكن هناك مواعيد مسافة ، أو وقع اليوم الأخير من الميعاد مضموماً إليه مواعيد المسافة متصلة به اتصالاً مباشراً بحيث يكون هو وإياها ميعاداً واحداً متواصل الأيام ، ي يوم عطلة رسمية ، امتد الميعاد إلى أول يوم عمل بعدها ( [1072] ) . وقد نصت المادة 23 مرافعات في هذا الصدد على أنه " إذا صادف آخر الميعاد عطلة رسمية ، امتد إلى أول يوم عمل بعدها " . فإذا ما انتهى ميعاد الخمسة العشر يوماً ، وكانت الأيام الأربعة التالية لانتهائه أيام عطلة ، وكان الواجب ضم ويمين إلى الميعاد للمسافة ، فإن هذين اليومين يتصلان بالميعاد الأصلي اتصالاً مباشراً ، وينتهيان نهاية اليومين الأولين من أيام العطلة . ولما كان اليوم التالي لانتهائهما هو يوم عطلة أيضاً وكذلك اليوم الذي يليه ، إنه يجب إتمام إعلان الشفعة في اليوم التالي مباشرة لانتهاء أيام العطلة الأربعة ( [1073] ) .
والميعاد ، ضمت إليه مواعيد مسافة أو لم تضم ، ليس مدة تقادم prescription بل مدة سقوط decheance ، فيسري حتى على الغائبين ومن كان غير أهل $ 641 $ للتصرف ، ولا يقبل الانقطاع ( interruption ) ولا الوقف ( suspension ) ( [1074] ) .
ثانياً – إذا لم ينذر الشفيع بوقوع البيع أو كان الإنذار باطلاً ، ولكن المشتري سجل عقد البيع : تنص المادة 948 ( ب ) مدني على ما يأتي : " يسقط الحق في الأخذ بالشفعة في الأحوال الآتية : . . . . ( ب ) إذا انقضت أربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع . . . " ( [1075] ) . ويخلص من هذا النص أن الشفيع ، إذا $ 642 $ لم يحصل علمه بوقوع البيع عن طريق الإنذار الرسمي السابق ذكره ، فالقانون يفترض افتراضاً غير قابل لإثبات العكس أنه علم بالبيع إذا سجله المشتري ، إذ أن مهمة التسجيل هي شهر البيع . ولكن لما كان علم الشفيع بوقوع البيع ليس إلا علماً افتراضياً ، فقد أطال القانون المدة التي يتعين في خلالها أن يطلب الشفيع الشفعة ، فجعلها أربعة أشهر من وقت التسجيل ( [1076] ) ، وقد كانت ستة أشهر في قانون الشفعة السابق ، وأنقضت في المشروع التمهيدي لنص المادة 948 ( ب ) إلى ثلاثة أشهر ( [1077] ) ، ثم رفعت إلى أربعة أشهر في لجنة مجلس الشيوخ ، واستقرت على ذلك في التقنين المدني الجديد ( [1078] ) . وقد يقال إن إسقاط حق الشفيع إذا انقضت أربعة أشهر من يوم تسجيل البيع دون أن يستعمل الشفيع هاذ الحق يجعل من اليسير على المشتري إضاعة حق الشفيع ، فما عليه إلا أن يبادر إلى تسجيل البيع ، وينتظر أربعة أشهر يحتمل كثيراً في أثنائها أن يبقى الشفيع جاهلاً بوقوع البيع ، فينقضي الميعاد دون أن يطلب الشفيع الشفعة ، فيسقط حقه فيها . ولكن يمكن الرد على هذا الاعتراض بأن المشتري قد لا يعلم على وجه محقق من هم الشفعاء حتى ينذرهم بوقوع البيع ، ولا يدري كذلك ما إذا كان حقهم في الأخذ بالشفعة حقاً ثابتاً لا يتطرق إليه الشك . وبقاؤه كذلك في حال من القلق وعدم الاطمئنان لا يجوز أن يدوم وقتاً طويلاً . فتوخياً لاستقرار التعامل ، ولأن الشفعة حق استثنائي من شأنه أن يخل بحق $ 643 $ المالك في التصرف في ملكه لمن يريد ، جعل المشرع سبيلاً ميسراً للمشتري يطمئن معه إلى سقوط حق الشفعة وإلى أن الصفقة التي عقدها قد خلصت له على وجه حاسم . وسيله إلى ذلك أن يسجل عقد البيع ، فإذا انقضت أربعة أشهر من يوم التسجيل دون أن يطلب أحد الشفعة ، اطمأن المشتري إلى صفقته ، وأيقن أن العقار الذي اشتراه أصبح بمنجاة من أن يأخذ أي شفيع بالشفعة . هذا إلى أن الشفيع يكون عادة جاراً للبائع أو شريكاً له ، فإذا باع هذا عقاره فالغالب أن يشعر الشفيع بذلك ، فإذا أراد التثبت من وقوع البيع فما عليه إلا أن يكشف عن العقار في سجلات الشهر العقاري فيجد البيع مسجلاً فيها ، وله أربعة أشهر من يوم التسجيل يستطيع في خلالها أن يطلب الشفعة .
وميعاد الأربعة الأشهر ميعاد سقوط لا ميعاد تقادم ، فلا ينقطع ولا يقف ويسري في حق الغائبين وغير كاملي الأهلية ( [1079] ) . وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 948 ( ب ) مدني يشتمل على نص صريح في هذا المعنى ، فحذف في لجنة المراجعة اكتفاء بالقواعد العامة ( [1080] ) . ويسري الميعاد من اليوم التالي مباشرة لليوم الذي حصل فيه التسجيل ( [1081] ) حتى لا يكون ناقصاً ، وتحسب الشهور $ 644 $ الأربعة بالتقويم الميلادي إذ لا يوجد نص على خلاف ذلك ( م 3 مدني وم 20 / 3 مرافعات ) ( [1082] ) . فإذا تم التسجيل مثلاً في اليوم الأخير من شهر أكتوبر سنة 1967 ( 31 أكتوبر سنة 1967 ) ، وجب على الشفيع أن يطلب الشفعة في ميعاد غايته اليوم الأخير من شهر فبراير سنة 1968 ( 29 فبراير سنة 1968 ) ، أي أن طلب الشفعة يتم إعلانه لكل من البائع والمشتري في هذا الميعاد . وإذا كان اليوم الأخير لطلب الشفعة يوم عطلة ، امتد الميعاد إلى أول يوم من أيام العمل يلي انتهاء العطلة ، وكل ذلك على التفصيل الذي قدمناه فيم يعاد الخمسة العشر يوماً من يوم إنذار الشفيع بوقوع البيع . فإذا لم يطلب الشفيع الشفعة في الميعاد على الوجه المتقدم الذكر ، كان لمشتري أن يتمسك بسقوط الحق في الشفعة ( [1083] ) وليس عليه إلا أن يثبت أن البيع قد سجل وأنه قد مضى على تسجيله أربعة أشهر من غير أن يستعمل الشفيع حقه ( [1084] ) . فليس عليه أن يثبت أن الشفيع $ 645 $ قد علم البيع ، إذ القانون يفترض افتراضاً غير قابل لإثبات العكس كما قدمنا أن الشفيع قد علم بالبيع ما دام أنه قد سجل ( [1085] ) .
هذا وقد كان المشروع النهائي للمادة 948 ( ب ) مدني يشتمل على حالة أخرى لسقوط حق الشفعة أضافتها لجنة المراجعة ، وهي انقضاء سنة كاملة من وقت وضع يد المشتري على العقار دون أن يطلب الشفيع الشفعة ، علم بوقوع البيع أو لم يعلم . ولكن هذه الحالة قد حذفت في لجنة مجلس الشيوخ ، لأنها قد تؤدي إلى إشكالات في العمل في إثبات وضع اليد مماثلة للإشكالات التي كان إثبات العلم بالبيع يثيرها في عهد قانون الشفعة السابق ، ولأن سقوط حق الشفعة $ 646 $ بانقضاء أربعة أشهر على تسجيل البيع يغني عن هذه الحالة الجديدة ، ولأن هذا الحكم قد يؤدي إلى التلاعب بقصد إضاعة حق الشفيع ( [1086] ) .
ثالثاً – سقوط دعوى الشفعة بالتقادم المسقط بانقضاء خمسة عشرة سنة : ونفرض الآن فراضً يندر وقوعه ، هو أن المشتري لم ينذر الشفيع بوقوع البيع ، ولم يسجل في الوقت ذاته عقد البيع ، وعلى ذلك لا تسقط الشفعة بانقضاء خمسة عشر يوماً من يوم الإنذار بوقوع البيع لأن هذا الإنذار لم يصدر ، ولا بانقضاء أربعة أشهر من تاريخ تسجيل عقد البيع لأن هذا العقد لم يسجل . وقد قدمنا أن التقنين المدني الجديد لا يسقط الشفعة بانقضاء مدة معينة من وقت علم الشفيع بالبيع كما كان يسقطها قانون الشفعة السابق ، فإذا علم الشفيع بوقوع البيع من غير طريق الإنذار الرسمي فإنه يبقى محتفظاً بحقه في طلب الشفعة . ويبقى محتفظاً بهذا الحق ، ما لم يصدر منه ما يفيد نزوله عنه ولو ضمناً ، وقد يؤول طول سكوته عن استعمال الحق مع علمه بوقوع البيع مقترناً بظروف أخرى بأنه نزول ضمن عن الحق . فإذا لم يستخلص هذا النزول الضمني من الظروف والوقائع ، فلا مناص من القول بأن الشفيع يبقى محتفظاً بالحق في طلب الشفعة ، وله أن يعلن هذا الطلب إلى كل من البائع والمشتري ، وأن يرفع بعد ذلك دعوى الشفعة بعد أن يودع الثمن خزانة المحكمة . ويبقى هذا الوضع قائماً إلى أن تنقضي خمس عشرة سنة من وقت تمام البيع المشفوع فيه ، وعندئذ يسقط حق الشفيع في رفع دعوى الشفعة بالتقادم المسقط ، شأن دعوى الشفعة في ذلك شأن سائر الدعاوى التي تسقط بخمس عشرة سنة . وليس في هذا إلا تطبيق للقواعد العامة في شأن التقادم المسقط ( [1087] ) .
207 – تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة : رأينا ( [1088] ) أن الفقرة الأولى من المادة 942 مدني تنص على أن " إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة يجب أن يكون رسمياً ، وإلا كان بطالً . ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير $ 647 $ إلا إذا سجل " . ويخلص من هذا النص أن تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ليس إجراء ضرورياً من إجراءات الشفعة ، وإنما هو طريق لجعل هذا الإعلان حجة على الغير . فيستطيع الشفيع بعد إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ألا يسجل هذا الإعلان ، ويمضي في إجراءات الشفعة التالية فيودع الثمن خزانة المحكمة ويرفع دعوى الشفعة ويستصدر حكماً بثبوت حقه في الشفعة ، ولا يمنعه من ذلك أن إعلان طلب الشفعة لم يسجل . ولكنه في هذه الحالة يعرض نفسه لخطر تصف المشتري في العقار المشفوع فيه ، ويصبح هذا التصرف نافذاً في حق الشفيع ما دام قد صدر قبل تسجيل إعلان طلب الشفعة ، حتى لو صدر بعد ذلك حكم يقضي بثبوت حق الشفعة للشفيع . فيجدر إذن بالشفيع ، إذا أعلن رغبته في الأخذ بالشفعة لكل من البائع والمشتري ، أن يبادر إلى تسجيل هذا الإعلان فيم كتب الشهر العقاري الكائن بدائرته العقار المشفوع فيه ، وبذلك يأمن من تصرفات المشتري التي تصدر بعد هذا التسجيل ، إذ تصبح غير نافذة في حقه . وقد نصت المادة 947 مدني في هذا المعنى على أنه " لا يسري في حق الشفيع أيرهن رمسي أو أي حق اختصاص أخذ ضد المشتري ولا أي بيع صدر من المشتري ولا أي حق عيني رتبه أو ترتب ضده ، إذا كان كل ذلك قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة في الشفعة . ويبقى مع ذلك للدائنين المقيدين ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل للمشتري من ثمن العقار " . وسيجيء تفصيل ذلك عند الكلام في آثار الأخذ بالشفعة .
وليس هناك ميعاد لتسجيل إعلان طلب الشفعة ، فيصح أن يتم التسجيل في أي وقت ، حتى بعد رفع دعوى الشفعة . ولكن إذا تأخر الشفيع في تسجيل الإعلان ، فإنه يعرض نفسه كما قدمنا لخطر أن يصدر من المشتري تصرف في العقار المشفوع فيه قبل تسجيل الإعلان فيصبح هذا التصرف نافذاً في حق الشفيع .
وهناك أمر آخر يجعل لتسجيل إعلان طلب الشفعة أثراً له أهميته . فقد قدمنا ( [1089] ) أن المشتري إذا باع العقار المشفوع فيه لمشتر ثان قبل تسجيل إعلان طلب الشفعة ، فإن هذا البيع الثاني يكون نافذاً في حق الشفيع ، وينسخ البيع $ 648 $ الأول من ناحية الأخذ بالشفعة . ويتعين على الشفيع عندئذ أن يطلب الشفعة في البيع الثاني في مواعيده وبشروطه ( م 938 مدني ) ، وتبطل الإجراءات التي يكون الشفيع قد باشرها للأخذ بالشفعة في البيع الأول . ومن ثم يكون من مصلحة الشفيع أن يبادر إلى تسجيل إعلان طلب الشفعة ، حتى يحدد بهذا التسجيل البيع المشفوع فيه ، فيمضي في الإجراءات بالنسبة إلى هذا البيع وهو آمن من تعاقب البيوع وما يستتبع هذا التعاقب من نسخ البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة ما يترتب على ذلك من بطلان الإجراءات التي يكون قد اتخذها في شأن هذا البيع . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه إذا باع العين مشتريها بعد تقديم طلب الشفعة وتسجيله ، فإن دعوى الشفعة تقام على المشتري الأول بالشروط التي اشترى بها ( [1090] ) .
المطلب الثاني
إيداع الثمن ورفع دعوى الشفعة وصدور حكم بثبوت الحق فيها
208 – المرحلة الثانية من إجراءات الشفعة وهي مرحلة إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، ننتقل إلى المرحلة الثانية من هذه الإجراءات . وهذه المرحلة الثانية تشتمل على خطوتين : ( 1 ) إيداع الثمن خزانة المحكمة . ( 2 ) رفع دعوى الشفعة وصدور حكم بثبوت الحق فيها .
1 - إيداع الثمن خزانة المحكمة
209 – نص قانوني : تنص الفقرة الثانية من المادة 942 مدني على ما يأتي :
" وخلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان ( إعلان طلب الشفعة ) ، يجب أن يودع خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى $ 649 $ بالشفعة . فإن لم يتم الإيداع في هذا الميعاد على الوجه المتقدم ، سقط حق الأخذ بالشفعة " ( [1091] ) .
$ 650 $
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق المادة 14 / 1 ( [1092] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري لا مقابل – وفي التقنين المدني الليبي م 946 / 2 – وفي التقنين المدني العراقي م 1140 - وفي قانون الملكية العقارية م 249 ( [1093] ) .
ويخلص من هذا النص أنه يجب على الشفيع إيداع كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار المشفوع فيه ، وذلك في $ 651 $ خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلان طلب الشفعة وقبل رفع دعوى الشفعة . وهذا الإيداع على الوجه المتقدم الذكر ضروري ، فإن لم يقم به الشفيع سقط حقه في الأخذ بالشفعة سقط حقه في الأخذ بالشفعة .
ومسالة إيداع الثمن مرت بتطورات تشريعية متعاقبة ، حتى استقرت في التقنين المدني الجديد على الوجه السابق بيانه . وكذلك الأمر فيما يتعلق بوقت الإيداع . ثم إن الذي يجب إيداعه هو كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع كما تقدم القول ، حتى لو كان الثمن مؤجر فيما بين البائع والمشتري أن كان المشتري لم يدفع للبائع إلا جزاء منه فقط . أما ملحقات الثمن ، وأما المصروفات الضرورية والنافعة التي انفقها المشتري ، فلا يجب على الشفيع ايداعها . وجزاء مخالفة الشفيع لالتزامه بإيداع الثمن على هذا الوجه هو ، كما قدمنا ، سقوط شفعته .
فعلينا إذن أن نبحث ، في صدد إيداع الثمن ، المسائل الآتية : ( 1 ) تطور التشريع في شأن إيداع الثمن . ( 2 ) وقت الإيداع ومكانه . ( 3 ) ما لذي يجب إيداعه : كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع . ( 4 ) إيداع كل الثمن ولو كان مؤجلا أو لم يدفع المشتري إلا جزاء منه فقط . ( 5 ) ملحقات الثمن . ( 6 ) المصروفات الضرورية والنافعة . ( 7 ) جزاء مخالفة المشتري لا لتزامه بإيداع الثمن .
210 – تطور التشريع في شأن إيداع الثمن : لم يكن قانون الشفعة السابق واضحا وضوحا كافيا في هذه المسألة ، فقد كانت المادة 14 / 1 منه تنص على أنه " يجب على من يرغب الأخذ بالشفعة أن يعلن للبائع والمشتري طلبه لها كتابة على يد محضر ، ويكون هذا الإعلان مشتملا على عرض الثمن وملحقاته الواجب دفعها قانونا " . فعرض الثمن وملحقاته كان واجبا ، في قانون الشفعة السابق ، وقت إعلان طلب الشفعة . واختلف الفقه والقضاء ، عهد هذا القانون فيما هو المقصود بالعرض . فذهب رأي إلى وجوب عرض الحقيقي المقترن بالايداع والمبرئ للذمة ( [1094] ) ، ولكن الرأي الذي $ 652 $ تغلب ( [1095] ) ، وأخذت به محكمة الاستئناف في دوائرها المجتمعة ( [1096] ) ، ومن بعدها محكمة النقض ( [1097] ) ، هو أن العرض الواجب هو العرض البسيط أي مجرد إظهار الشفيع استعداده لدفع الثمن والملحقات في إعلان طلب الشفعة .
$ 653 $
وفي أثناء أعداد مشروع التقنين المدني الجديد ، ذهبت لجنة الأستاذ كامل صدقي ، وهي اللجنة التي قامت بإعداد مشروع نصوص الشفعة ، بعد مناقشات طويلة ( [1098] ) ، إلى وجوب أن يودع الشفيع خزانة المحكمة مبلغا يساوي على الأقل $ 654 $ ثلث الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع . وقدم المشروع التمهيدي على هذا الأساس إلى لجنة المارجعة ، ولكن هذه اللجنة عدلت النص ، إذ أوجبت أن يكون المبلغ الواجب إيداعه في خلال خمسة عشر يوما من وقت إعلان طلب الشفعة هو كل الثمن الحقيقي لا ثلثه فقط . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب ، عدل عن فكرة إيداع الثمن إلى فكرة عرض الثمن عند إعلان عريضة دعوى الشفعة ، إذ كان من رأي هذه اللجنة أن " هذا العرض كاف لضمان جدية الدعوى ، وهو لا يعطل في الوقت ذاته استغلال المال فيما إذا وجب إيداع الثمن " . ومن ثم عدلت اللجنة النص على الوجه الآتي : " ويجب أن تكون عريضة الدعوى مصحوبة بالثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ، مصوما منه قيمة ما يكون العقار المشفوع فيه مثقلا به من حقوق عينية " . والمشتري وشأنه ، إذا شاء قبض الثمن ، وإلا عاد المال إلى الشفيع بعد هذا العرض الحقيقي . ووافق مجلس النواب على هذا التعديل . ولما عرض النص على لجنة مجلس الشيوخ ، رأت أن الأسلم هو إيداع كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع في خلال خمسة عشر يوما من يوم إعلان طلب الشفعة ، لأن الإيداع يحفظ حقوق الدائنين المسجلين وحق البائع في باقي الثمن إذا لم يكن قد دفع له . ثم تقدم إلى اللجنة اقتراح بالعودة إلى عرض الثمن والاستغناء به عن الإيداع ، وبأنه إذا رؤى ضرورية إيداع الثمن يكون الحكم بسقوط حق الشفعة في حالة عدم الإيداع جوازيا للقاضي . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح " لأنها اتجهت إلى تقييد الشفعة للتوفيق بين رأي $ 655 $ القائلين بإلغاء هذا النظام ورأي القائلين بابقائه . واشتراط إيداع الثمن مظهر من مظاره التقييد . ثم إن جعل الحكم بسقوط الحق في الشفعة جوازيا للقاضي عند عدم الإيداع لا يستجيب لما ينبغي في المعاملات من استقرار . على أن اللجنة رأت أن مدة الخمسة عشر يوما التي يجب أن يتم فيها الإيداع قصيرة ، فجعلتها ثلاثين يوما توخيا للتيسير ، وقررت تعديل النص على هذا الأساس " . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ، وهو النص الذي استقر أخيراً في التقنين المدني الجديد ( م 942 / 2 مدني سالفة الذكر ) ( [1099] ) .
211 – وقت إيداع الثمن ومكانه : تقضي المادة 942 / 2 مدني ، كما رأينا ( [1100] ) ، بان إيداع الثمن يجب أن يتم في خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ إعلان طلب الشفعة ، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع دعوى الشفعة ، ويجب أن يكون الإيداع في خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار المشفوع فيه وهي المحكمة المختصة بنظر دعوى الشفعة .
فيصح إذن أن يكون إيداع الشفيع للثمن عقب إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة ، أو عند إعلان هذه الرغبة فيضمن الإعلان بيانا بأنه أودع الثمن في خزانة المحكمة ويجوز أن يتراخى الإيداع إلى ما بعد ذلك ، ريثما يدبر الشفيع المبلغ الواجب إيداعه . ولكن لا يجوز أن يتأخر الإيداع بحيث يجاوز ثلاثين يوما من وقت إعلان طلب الشفعة ، أي من وقت وصول الإعلان إلى كل من البائع والمشتري . ولا يحسب يوم وصول الإعلان ، فيسري الميعاد في اليوم التالي ، وينقضي بانقضاء ثلاثين يوما ابتداء من هذا اليوم ، فيجب أن يتم الإيداع في اليوم الثلاثين على الأكثر . فإذا صادف يوم عطلة ، امتد الميعاد إلى أول يوم من أيام العمل يلي انتهاء العطلة . وقد يصل إلا عن طلب الشفعة إلى البائع وإلى المشتري في يومين مختلفين ، في حدود الخمسة عشر يوما من يوم الإنذار الرسمي بوقوع البيع ، فتكون العبرة بآخر هذين اليومين لا بأولهما ، لأن إعلان طلب الشفعة لا يتم إلا إذا وصل الإعلان إلى كل من البائع والمشتري . فإذا وصل الإعلان إلى المشتري في يوم معين ، ثم وصل الإعلان $ 656 $ إلى البائع بعد يومين مثلا من اليوم الذي وصل فيه الإعلان إلى المشتري ، فإن ميعاد الثلاثين يوما يسري ، من اليوم التالي لليوم الذي وصل فيه الإعلان إلى البائع ( [1101] ) .
ويجب على كل حال أن يكون الإيداع قبل رفع دعوى الشفعة ( [1102] ) ، وسنرى عند الكلام في دعوى الشفعة أن هذه الدعوى يجب أن ترفع هي أيضاً في خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلان طلب الشفعة وإلا سقط الحق فيها . ويستطيع الشفيع بطبيعة الحال أن يودع الثمن خزانة المحكمة قبل انقضاء الثلاثين يوما بوقت كاف يمكنه من أن يرفع دعوى الشفعة في الميعاد ، وبذلك لا يسقط حقه لا من ناحية التأخير في الإيداع ولا من ناحية التأخر في رفع دعوى الشفعة ، وهذا هو الأفضل ، أما إذا تأخر في الإيداع إلى اليوم الثلاثين ، فإنه يستطيع أن يجد مخرجا له من سقوط حقه . فهو إذا أودع الثمن في اليوم الثلاثين ، لم يكن متأخرا في الإيداع ولم يسقط حقه في هذه الناحية . ولكن يجب عليه في هذه الحالة أن يقدم صحيفة دعوى الشفعة إلى قلم المحضرين في نفس اليوم ، ويعتبر تقديم صحيفة الدعوى قاطعا لمدة السقوط . ومن ثم لا يعتبر متأخرا في رفع $ 657 $ دعوى الشفعة في خلال الثلاثين يوما بعد أن قطع تقديم صحيفة الدعوى مدة السقوط ، ويعتبر في الوقت ذاته قد أودع الثمن قبل رفع دعوى الشفعة . وتنص المادة 75 مرافعات ، بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ، في هذا المعنى على ما يأتي : " وتعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من يوم تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملا ، أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فلا تسري إلا من وقت إعلان المدعي عليه بصحيفتها " وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في رفع دعوى الشفعة ( [1103] ) .
ويخلص مما قدمناه أن توقيت إجراءات الشفعة يجري في الغالب على الوجه الآتي : يبدأ المشتري ، عقب شرائه العقار المشفوع فيه ، بإنذار الشفيع إنذاراً رسميا بوقوع البيع . وفي خلال خمسة عشر يوما من هذا الإنذار ، يعلن الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة إلى أكل من البائع والمشتري . وفي خلال ثلاثين يوما من إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، يودع الشفيع الثمن في خزانة المحكمة ، ويرفع دعوى الشفعة على كل من البائع والمشتري ( [1104] ) .
212 – ما الذي يجب إيداعه – كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع : والذي يجب على الشفيع إيداعه خزانة المحكمة في الميعاد المتقدم الذكر هو ، كما تقول المادة 942 مدني ، " كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع " . والأصل أن الثمن المذكور في عقد البيع يفترض أنه هو الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ، إلا إذا ثبت عكس ذلك .
$ 658 $
ومن ثم يجب على الشفيع ، في الأصل ، أن يودع خزانة المحكمة الثامن المذكور في عقد البيع . ويستطيع العلم به إما من الإنذار الرسمي الذي وجهه إليه البائع أو المشتري بوقوع البيع ويشتمل فيما يشتمل عليه من بيانات ذكر الثمن الذي حصل به البيع ( [1105] ) ، أو من البحث في سجلات الشهر العقاري إذا لم يصله إنذار رسمي وكان البيع قد سجل فيكشف عن الثمن المذكور في العقد من واقع التسجيل . فإذا ما أودع الثمن ( [1106] ) المذكور في عقد البيع ، كان إجراء الإيداع سليما لا مطعن عليه . وله بعد ذلك أن يثبت ، بجميع طرق الإثبات ، أن هذا الثمن المذكور في عقد البيع هو أكبر من الثمن الحقيقي ، وقد ذكر في العقد مبالغا فيه على هذا النحو لتعجيز الشفيع عن الأخذ بالشفعة أو لإلزامه بدفع مبلغ يزيد على الثمن الحقيقي فيربح المشتري من وراء ذلك ، وهذا ما يحدث كثيرا في العمل ( [1107] ) . فإذا ما اثبت الشفيع مقدار الثمن الحقيقي ، استرد مما أودعه خزانة $ 659 $ المحكمة مقدار الزيادة . كذلك يستطيع البائع أو المشتري ، في رأينا ، أن يثبت بالطرق الجائزة في الإثبات فيما بين البائع والمشتري أن الثمن المذكور في العقد $ 660 $ هو أقل من الثمن الحقيقي ( [1108] ) ، وقد ذكر في العقد ناقصا لتحقيق غرض معين ولو كان غرضا غير مشروع كالهرب من دفع رسوم التسجيل كاملة . فإذا ما ثبت الثمن الحقيقي ، وأن الثمن الذي أودعه الشفيع خزانة المحكمة هو أقل منه ، كان الإيداع مع ذلك إجراء صحيحا لأن الشفيع يكون معذورا إذا هو لم يعلم بالثمن الحقيقي واعتمد على ما هو مذكور في العقد أنه هو الثمن ، ولكنه يلزم بدفع الفرق بين الثمن الحقيقي وبين ما أودعه فعلا خزانة المحكمة ( [1109] ) . على أن هذا الرأي ليس هو الرأي الذي تأخذ به محكمة النقض وفريق من الفقهاء ، فهؤلاء يذهبون إلى أن الشفيع يعتبر من الغير في عقد البيع المشفوع فيه ، فإذا كان هذا العقد صوريا ولو في جزء منه كالثمن ، فإن للشفيع إذا كان حسن النية أن يأخذ بالعقد الظاهر ، وعلى ذلك لا يلتزم إلا بدفع الثمن المذكور في العقد إذا كان هذا الثمن صوريا وكان أقل من الثمن الحقيقي ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [1110] ) .
هذا كله إذا أودع الشفيع خزانة المحكمة الثمن المذكور في العقد ، وهو ما يجدر به أن يفعله حتى يطمئن اطمئناناً تاما إلى أن إجراء الإيداع قد تم صحيحا لا مطعن عليه كما سبق القول . ولكن يقع في بعض الأحيان أن يكون الثمن المذكور في العقد مبالغا فيه مبالغة شديدة بقصد إرهاق الشفيع بإلزامه بإيداع ثن أكبر من الثمن الحقيقي . فهل يستطيع الشفيع في هذه الحالة أن يقتصر على إيداع ما يعتقد أنه الثمن الحقيقي ؟ إن ما تتطلبه المادة 942 / 2 مدني هو كما رأينا إيداع " كل الثمن الحقيقي " ، فإذا عرف الشفيع هذا الثمن ، وكان أقل من الثمن المذكور في عقد البيع ، فهو لا يلتزم إلا بإيداع الثمن الحقيقي دون الثمن المذكور في العقد ، ويكون الإيداع صحيحاً في هذه الحالة . ولكنه هو الذي يحمل عبء إثبات أن ما أودعه خزانة المحكمة هو الثمن الحقيقي ، ويستطيع أن يثبت ذلك $ 661 $ بجميع طرق الإثبات ( [1111] ) . فإذا ما اثبت أن المبلغ الذي أودعه لا يقل عن الثمن الحقيقي ، سواء كان معادلا له أو كان أكبر منه ، فإن الإيداع يكون صحيحا كما قدمنا ، حتى لو كان هذا المبلغ أقل من الثمن المذكور في العقد ، وله أن يسترد الفرق فيما إذا ودع مبلغا أكبر من الثمن الحقيقي . أما إذا لم يستطيع إثبات ذلك ، أو ثبت أن الثمن الحقيقي هو أقل من الثمن المذكور في العقد ولكنه أكبر من المبلغ الذي أودعه خزانة المحكمة ، فإنه لا يكون قد أودع " كل الثمن الحقيقي " . فيكون الإيداع غير صحيح ، حتى لو ذكر عند الإيداع أنه مستعد لإكمال المبلغ المودع إلى مقدار الثمن الحقيقي فيما لو ظهر أن المبلغ المودع أقل ، ومن ثم تسقط شفعته ( [1112] ) .
$ 662 $
وغني عن البيان أنه إذا رفعت دعوى الشفعة في الوقت الذي كان قانون الشفعة السابق معمولا به ، فإن الشفيع لم يكن في حاجة وقتذاك إلى إيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع الدعوى ، بل كان يكفيه أن يعرض الثمن وملحقاته عرضا بسيطا في إعلان طلب الشفعة ( [1113] ) . فإذا فعل ذلك ، ثم صدر التقنين المدني الجديد ، فإن المادة 942 / 2 من هذا التقنين لا تسري في حقه إذ ليس لها أثر رجعي . ومن ثم يعتبر العرض البسيط الذي صدر منه إجراء قد تم صحيحا طبقا لأحكام قانون معمول به ، فلا يلتزم بعد صدورى التقنين المدني الجديد بإيداع الثمن خزانة المحكمة ، حتى لو كانت دعوى الشفعة لم يفصل فيها وقت صدور هذا التقنين . وقد نصت المادة 2 / 1 مرافعات على أن " كل إجراء من $ 663 $ إجراءات المرافعات ثم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحا ، ما لم ينص على غير ذلك " . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه متى كان الحكم المطعون فيه ، إذ قضى للشفيع بالشفعة ، قد قرر أن عرض الثمن عرضا حقيقيا وإيداعه خزانة المحكمة ليس لازما لصحة الشفعة ، بل يكفي العرض البسيط للثمن الذي يراه الشفيع حقيقيا ، ولا محل للتمسك بالمادة 942 من القانون المدني الجديد إذ أن دعوى الشفعة قد رفعت قبل العلم بهذا القانون ولا أثر له على الماضي ، فإن هذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه ( [1114] ) . وقضت أيضاً بان الإيداع في حكم القانون الجديد شرط لقبول الدعوى ، ولما كانت الدعوى قد رفعت صحيحة وفقا لقانون الشفعة القديم ، فلا يسري عليها نص المادة 942 من القانون المدني الجديد ، سواء اعتبر هذا الشرط متعلقا بالإجراءات أو متصلا بموضوع الحق ( [1115] ) .
213 – إيداع كل الثمن ولو كان مؤجلا ولم يدفع المشتري إلا جزءا من فقط : تقضي المادة 945 / 2 مدني ، كما سنرى ( [1116] ) ، بان الشفيع لا يحق له الانتفاع بالأجل الممنوح للمشتري في دفع الثمن إلا برضاء البائع . فإذا اتفق البائع والمشتري على أن يكون الثمن مؤجلا أو مقسطا ، فإن الشفيع لا يستفيد من هذا التأجيل أو التقسيط الذي راعى فيه البائع اعتبارات خاصة بالمشترين بل يجب عليه إيداع الثمن كله قبل رفع دعوى الشفعة . فإذا أراد الشفيع أن يستفيد من التأجيل أو التقسيط ، وجب عليه الحصول على رضاء البائع بذلك ، بعد ثبوت حقه في الشفعة .
$ 664 $
فواضح إذن أن الشفيع ، في حالة ما إذا كان الثمن مؤجر أو مقسطا بالنسبة إلى المشتري ، يجب عليه إيداع كل الثمن في الميعاد القانونين ، حتى لو كان المشتري لم يدفع للبائع شيئاً من الثمن في حالة التأجيل ، أو دفع جزءاً منه فقط في حالة التقسيط . فالشفيع ملزم في الحالتين ، كما قدمنا ، بدفع كل الثمن فورا للبائع ، فيجب عليه إذن إيداع كل الثمن خزانة المحكمة في الميعاد الذي عينه القانون .
وحتى لو حصل الشفيع مقدما على رضاء البائع بالتأجيل أو بالتقسيط ، فأصبح غير ملزم بدفع كل الثمن فورا للبائع ، فإنه يتعين عليه ، من ناحية الإيداع كاجراء ضروري من إجراءات الشفعة ، أن يودع كل الثمن خزانة المحكمة في الميعاد الذي عينه القانون . ذلك أن المادة 942 / 2 مدني ، وهي تتكلم عن الإيداع ، يختلف نطاق تطبيقها عن نطاق تطبيق المادة 9945 / 2 مدني الخاصة بميعاد وفاء الشفيع بالثمن للبائع . فالنص الأخير مقصور على العلاقة ما بين الشفيع والبائع بعد أن يثبت حق الشفيع في الشفعة ، فيجيز للبائع بالنسبة إلى الشفيع أن يؤجل الثمن أو يقسطه كما أجله أو قسطه بالنسبة إلى المشتري . أما النص الأول فخاص بإجراء ضروري من إجراءات الشفعة لا بد من القيام به وإلا سقط حق الشفيع ، وهو ياداع الثمن . وقد جاء النص عاما مطلقا ، وأوجب على الشفيع في جميع الأحوال أن يودع كل الثمن خزانة المحكمة في الميعاد القانوني . على أن المقصود بالزام الشفيع بإيداع كل الثمن خزانة المحكمة ، ليس فحسب مراعاة مصلحة البائع حتى يقال إن هذا الالتزام يسقط برضائه ، بل أيضاً لأن إيداع الثمن ، كما جاء في تقرير لجنة مجلس الشيوخ ، مظهر من مظاهر تقييد الشفعة للتوفيق بين رأي القائلين بإلغائها ورأي القائلين بابقائها . فإذا أودع الشفيع كل الثمن خزانة المحكمة في الميعاد القانونين على الوجه الذي يتطلبه القانون ، فقد قام بالإجراء الواجب حتى يثبت حقه في الشفعة . وعند ذلك يستطيع الشفيع أن يلزم البائع بما اتفق عليه معه ، فيحسب الثمن كله أو بعضه من خزانة المحكمة بإذن من البائع ، ثم يسدده له في الأجل المتفق عليه أو بالأقساط المتفق عليها ( [1117] ) $ 665 $
214 – ملحقات الثمن : رأينا فيما تقدم أن الشفيع يجب عليه أن يوجع كل الثمن خزانة المحكمة ، فهل يجب عليه أيضاً أن يودع مع الثمن ملحقاته ؟ وملحقات الثمن قد تكون رسمية كرسوم توثيق عقد البيع المشفوع فيه ورسوم تسجيله ورسوم استخراج الشهادات العقارية ، وقد تكون غير رسمية كالسمسرة وأتعاب المحاماة ومصروفات معاينة العقار المشفوع فيه .
لم نذكر المادة 942 / 2 مدني ، في شأن الإيداع ، إلا إيداع " كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع " . فلم نذكر ملحقات الثمن ، ولو أراد الشارع أن تودع ملحقات الثمن ، رسمية أو غير رسمية ، لما فاته ذكر ذلك . فقد ذكر ، في شأن البيانات التي يجب أن يشتمل عليها الإنذار الرسمي بوقوع البيع الموجه من البائع أو المشتري للشفيع ( م 941 مدني ) ، أن من هذه البيانات " بيان الثمن والمصروفات الرسمية " ، فلم يغفل المصروفات ، بل لم يغفل تحديد نوعها . فالو أراد أن يودع مع الثمن ملحقاته ، لما اغفل ذكر الملحقات ، ولنص عليها $ 666 $ نصا صريحا كما فعل في البيانات واجب ذكرها في الإنذار الرسمي . وقد اكتفى المشرع بإيداع كل الثمن دون إيداع الملحقات ، إذ قد لا يتيسر حساب الملحقات على وجه التحقيق لأول وهلة وبخاصة غير الرسمية منها . وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 942 / 2 مدني يكتفي بإيداع " ثلث الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع " ، فرفع ثلث الثمن إلى كل الثمن في المراحل التالية . وهذا يدل على أنه لم يكن المقصود أن يودع الشفيع خزانة المحكمة كل ما يستحق في ذمته لقاء الأخذ بالشفعة ، بل يودع مبلغا يكفي للدلالة على جدية طلبه وعلى أنه لا يقصد المساومة والمضاربة بطلبه الشفعة ( [1118] ) . وإذا كان المشرع قد أوجب إيداع " كل الثمن " ، فليس المقصود من هذا التعبير أن يتضمن الثمن ملحقاته ، وإنما أريد أن يشمل الإيداع " كل " الثمن بعد أن كان لا يشمل في المشروع التمهيدي إلا " ثلثه " كما سبق القول . فالشفيع إذن لا يلتزم بإيداع ملحقات الثمن ، وتكون هذه محل مطالبة من المشتري للشفيع في أثناء نظر دعوى الشفعة ، وعلى المشتري أن يقدم ما يثبته مفردات هذه الملحقات وانه صرفها جميعا حتى يقضى له بها على الشفيع .
وهذا هو الرأي الذي استقر عليه الفقه في مصر ( [1119] ) ، كما أخذت به محكمة النقض بعد أن كانت قد قضت بعكسه ( [1120] ) . فقد انتهت محكمة النقض في قضائها الأخير إلى أن تقرر أن الشارع تعمد في القانون الجديد إغفال ملحقات $ 667 $ الثمن فيما يجب إيداعه اكتفاء منه بتقييد حق الشفعة بإيداع الثمن الحقيقي فحسب ، مما يتعين معه أعمال هذا القيد في أضيق الحدود ، فلا ينسحب إلى ملحقات الثمن التي لم يرد بها تكليف في القانون . ويؤيد هذا النظر أن المشرع في التقنين الجديد لم يكن يغيب عنه أمر الملحقات ، فأورد ذكرها في المادة 940 مدني التي حددت البيانات التي يشتمل عليها الإنذار الرسمي الذي يوجه إلى الشفيع لإعلانه بالبيع ، ومنها بيان الثمن والمصروفات الرسمية . ولما أراد الشارع أن يقرر القاعدة التي انتهجها في التقنين الجديد في خصوص الإيداع ، نص في المادة 942 التالية على ما يجب إيداعه ، فذكر الثمن وحده دون الملحقات ، مما يقطع في الدلالة على أنه لا يوجب إيداع ملحقات الثمن ( [1121] ) .
215 – المصروفات الضرورية والنافعة والتعويض عن البناء والغراس : وسنرى أن الشفيع يجب أن يرد للمشتري ما أنفقه على العقار المشفوع فيه من مصروفات ضرورية ومصروفات نافعة ، وذلك طبقاً للقواعد التي قررها القانون في شأن هذه المصروفات . كذلك يجب عليه أن يعوض المشتري عما أحدثه هذا في العقار المشفوع فيه ومن بناء وغراس ، وهذا طبقا لقواعد خاصة بالشفعة قررها القانون في المادة 946 مدني ، وسيجئ بيانها تفصيلا فيما يلي .
وإذا كان الشفيع غير ملزم بإيداع ملحقات الثمن خزانة المحكمة مع الثمن ، فهو من باب أولى غير ملزم بإيداع ما يستحق في ذمته للمشتري بسبب المصروفات الضرورية والنافعة وبسبب البناء والعراس ، لنفس الاعتبارات التي قدمناها في ملحقات الثمن ويكون ما يستحق في ذمته بسبب كل ذلك موضوع مطالبة $ 668 $ خاصة يتقدم بها المشتري في دعوى الشفعة ، ويقضي له بها على الشفيع إذا هو اثبتها طبقا للقواعد المقررة قانونا ( [1122] ) .
216 – الجزاء المترتب على عدم إيداع الثمن في الميعاد القانونين : رأينا ( [1123] ) أن المادة 942 / 2 مدني ، بعد أن قررت وجوب إيداع كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار المشفوع فيه في ميعاد معين حددته نصت في أخرها على ما يأتي : " فإن لم يتم الإيداع في هذا الميعاد على الوجه المتقدم ، سقط حق الأخذ بالشفعة " . فالنص صريح إذن في أن جزاء إخلال الشفيع بالتزامه من إيداع كل الثمن الحقيقي خزانة المحكمة في الميعاد القانونين هو سقوط حقه في الشفعة .
ويستطيع المشتري أو البائع أن يدفع بسقوط حق الشفعة لهذا السبب في أية حالة كانت عليها الدعوى ، بل إن للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها . وقد قدمنا أن سقوط الشفعة بسبب انقضاء مواعيدها هو من النظام العام ، فللمحكمة أن تقضي بسقوط الشفعة من تلقاء نفسها وفي أية حالة كانت عليها الدعوى ، وحتى لو نزل صاحب الحق صراحة عن التمسك بالسقوط ( [1124] ) . وقد قضت محكمة النقض ، في خصوص إيداع الثمن ، بان للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة إذا لم يقم بإيداع الثمن في الميعاد المحدد في المادة 942 مدني ( [1125] ) .
وما دام يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بسقوط حق الشفيع لعدم إيداع الثمن في الميعاد المحدد ، فإنه يترتب على ذلك أنه يجوز إيداء الدفع بسقوط الشفعة لهذا السبب لأول مرة ، لا فحسب أمام محكمة الاستئناف ، بل أيضاً أمام محكمة النقض .
$ 669 $
2 - رفع دعوى الشفعة وصدور حكم بثبوت الحق فيها
217 – نص قانوني : تنص المادة 943 مدني على ما يأتي :
" ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى أمام المحكمة الكائن فى دائرتها العقار ، وتقيد بالجدول . ويكون كل ذلك فى ميعاد ثلاثين يوما من تاريخ الاعلان المنصوص عليه فى المادة السابقة ، وإلا سقط الحق فيها . ويحكم فى الدعوى على وجه السرعة " ( [1126] ) .
$ 670 $
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق المادتين 15 و 16 ( [1127] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري لا مقابل – وفي التقنين المدني الليبي م 947 – وفي التقنين المدني العراقي م 1139 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 247 / 2 و م 248 ( [1128] ) .
والنص سالف الذكر يقتضي بحث المسائل الآتية : ( 1 ) الخصوم في دعوى الشفعة . ( 2 ) المحكمة المختصة بنظر دعوى الشفعة . ( 3 ) رفع دعوى الشفعة وقيدها في ميعاد معين . ( 4 ) الحكم في دعوى الشفعة على وجه السرعة . ( 5 ) الخصوم في استئناف الحكم الصادر في دعوى الشفعة وفي الطعن فيه بالنقض . ( 6 ) الحكم النهائي بثبوت الحق في الشفعة وتسجيله .
$ 671 $
218 – الخصوم في دعوى الشفعة ، المدعى في دعوى الشفعة هو الشفيع ( [1129] ) . وقد قدمنا أن الأخذ بالشفعة ، هو عمل من أعمال التصرف لا من أعمال الإدارة ، ولذلك يشترط في الشفيع أهلية التصرف . فإذا كان كامل الأهلية ، أي بالغا سن الرشد غير محجور عليه ، جاز له وحده أن يرفع دعوى الشفعة . وله أن يوكل في رفعها غيره بشرط أن تكون الوكالة وكالة خاصة ، فالوكالة العامة لا تكفي لأنها تقتصر على أعمال الإدارة دون أعمال التصرف ( [1130] ) . أما إذا كان الشفيع قاصرا أو محجورا عليه ، فوليه أو وصيه هو الذي يرفع دعوى الشفعة ، بإذن من المحكمة أو بغير إذن على التفصيل الذي قدمناه عند الكلام في أهلية الشفيع ( [1131] ) .
والمدعى عليه في دعوى الشفعة هو كل من المشتري والبائع ، فرفع الدعوى على المشتري وحده أو على البائع وحده لا يكفي . وقد كان التقنين المدني السابق يجعل المدعى عليه في دعوى الشفعة هو المشترى وحده ، فكانت دعوى $ 672 $ الشفعة ترفع على المشتري دون البائع ( [1132] ) . أما قانون الشفعة السابقة ، ومن بعده التقنين المدني الجديد ، فيجعلان المدعى عليه في دعوى الشفعة هو كل من المشتري والبائع ، ولا بد أن ترفع الدعوى على كليهما ( [1133] ) . والسبب في ذلك أن ثبوت الحق في الشفعة يترتب عليه أن يحل الشفيع محل المشتري في مواجهة البائع ، فأثر الشفعة إذن يمتد إلى كل من المشتري والبائع ، فيكون هذان معاً طرفا سواء في توجيه إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة إليهما أو في رفع دعوى الشفعة عليهما ( [1134] ) . وما دام الشفيع يحل محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته نحو البائع ، وما دامت حقوق البائع قبل المشتري تسقط ولا يستطيع البائع أن يطالب بها إلا الشفيع الذي حل محل المشتري ، وما دام الشفيع يصبح هو الدائن للبائع بضمان الاستحقاق وبضمان العيوب الخفية ، فإنه يخلص من كل ذلك أن الحكم بثبوت الشفعة هو حكم يمس البائع بقدر ما يمس المشتري ( [1135] ) . وعلى ذلك لا بد من رفع الدعوى على كل من المشتري والبائع في الميعاد القانوني ، $ 673 $ وإلا سقط حق الشفيع في الشفعة ( [1136] ) . فإذا رفعت الدعوى على أحدهما في الميعاد القانوني ، وعلى الآخر بعد انقضاء الميعاد القانوني لم تصح الدعوى ( [1137] ) . ولكن إذا رفع الشفيع الدعوى على بعض بائعي العقار في الميعاد القانوني وهو لا يعلم بوجود غيرهم ، جاز له رفع الدعوى على البائعين الآخرين بمجرد علمه بهم ولو كان ذلك بعد انقضاء الميعاد القانوني ( [1138] ) . ويجب على الشفيع أن يختصم جميع البائعين وجميع المشترين الذين وردت أسماؤهم في الإنذار الرسمي الموجه إليه بوقوع البيع ، حتى لو كان يتمسك بان عقود بعض المشترين عقود صورية يراد بها التحايل على منع الشفعة . فالطعن بالصورية لا يمنع من اختصام المشتري المطعون في عقده في دعوى الشفعة ، وفي هذه الدعوى يطعن في العقد $ 674 $ بالصورية فيكون الحكم حجة على هذا المشتري إذ قد أدخل خصما في الدعوى ( [1139] ) .
219 – المحكمة المختصة بنظر دعوى الشفعة : رأينا ( [1140] ) أن المادة 943 مدني تنص على أن " ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري أمام المحكمة الكائن في دائرتها العقار . . . . " . فالمحكمة المختصة بنظر دعوى الشفعة هي إذن المحكمة الكائن بدائرتها العقار المشفوع فيه ، وذلك لأن دعوى الشفعة هي دعوى عينية إذ يطالب فيها الشفيع بملكية العقار المشفوع فيه بسبب من أسباب كسب الملكية هو الشفعة . وقد نصت المادة 943 مدني المشار إليها صراحة على اختصاص محكمة العقار ، فقد كان هناك رأي يذهب إلى أن دعوى الشفعة هي دعوى شخصية فتكون من اختصاص المحكمة الكائن في دائرتها موطن المدعى عليه ، فأراد المشرع أن يحسم الخلاف في هذه المسألة بان ينص صراحة على اختصاص محكمة العقار ليدل على أن دعوى الشفعة دعوى عينية عقارية ( [1141] ) .
$ 675 $
هذا من حيث الاختصاص المحلي . أما من حيث الاختصاص النوعي ، فمحكمة العقار المختصة هي المحكمة الكلية أو المحكمة الجزئية تبعا لمقدار الثمن الوارد ذكره في عقد البيع . فإذا كان هذا المقدار يزيد علىمائتين وخمسين جنيها ، فالمحكمة الكلية هي المختصة ، ويكون حكمها دائما قابلا للاستئناف ، ويكون الحكم الصادر في الاستئناف قابلا للنقض . وإذا كان مقدار الثمن المذكور في عقد البيع لا يجاوز مائتين وخمسين جنيها ، فالمحكمة الجزئية هي المختصة ، ويكون حكمها انتهائيا إذا لم يجاوز مقدار الثمن خمسين جنيها ، فإن جاوز هذا المبلغ كان الحكم قابلا للاستئناف ولكن الحكم الصادر في الاستئناف لا يكون قابلا للنقض ( [1142] ) . والعبرة فيما قدمناه هي ، كما أسلفنا ، بالثمن المذكور في العقد . فإذا كان هذا الثمن 300 جنيه مثلا ، وكان الشفيع يعتقد أن الثمن الحقيقي هي 250 جنيها فقط ، وجب عليه مع ذلك أن يرفع الدعوى أمام المحكمة الكلية ، وهذه المحكمة هي التي تفصل في مقدار الثمن الحقيقي ( [1143] ) . وقد يكون الأمر على العكس من ذلك ، فيكون الثمن المذكور في العقد أقل من الثمن الحقيقي للتخفف مثلا من رسوم التسجيل . فإذا ذكر في العقد أن الثمن 250 جنيها مثلا ، وجب على الشفيع أن يرفع الدعوى أمام المحكمة الجزئية . فإذا اثبت المشتري أو البائع ، وفقا للرأي الذي نقول به ونأخذ بعكسه محكمة النقض وفريق من الفقهاء ( [1144] ) ، أن الثمن الحقيقي هو 350 جنيها مثلا ، قضت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها ، وأمرت بالحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الكلية المختصة ، وجاز لها أن تحكم بغرامة لا تجاوز عشرة جنيهات تمنح كلها أو بعضها للشفيع مع عدم الإخلال بحقه في طلب التضمينات ، وتلتزم المحكمة الكلية المحال إليها الدعوى بنظرها ( [1145] ) .
وإذا رفع الشفيع دعوى الشفعة أمام محكمة غير مختصة ، فإنه مع ذلك يقطع مدة الثلاثين يوما المقررة لسقوط حق الشفعة بانقضائها . فإذا قضت المحكمة التي رفعت إليها الدعوى بعدم اختصاصها بنظرها ، فللشفيع بعد صدور $ 676 $ هذا الحكم مدة ثلاثين يوما جديدة لرفع الدعوى أمام المحكمة المختصة . وقد كان هذا هو ما جرى عليه القضاء في عهد التقنين المدني السابق ( [1146] ) ، فأولى أن يكون هذا هو الحكم أيضاً في عهد التقنين المدني الجديد وقد تضمن نصا صريحا كان التقنين المدني السابق خاليا منه ، هو المادة 383 مدني وتنص على أن " " ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة . . . " ، ويقاس على انقطاع مدة التقادم انقطاع مدة السقوط . وتسري مدة الثلاثين يوما الجديدة من وقت صدور حكم المحكمة بعدم الاختصاص ( لا من وقت إعلان هذا الحكم ) ، إلا إذا استأنف الشفيع الحكم بعدم الاختصاص في خلال المدة المحددة للاستئناف ، فيتولد بهذا الاستئناف سبب جديد للانقطاع . ويظل الانقطاع قائما حتى بعد صدور الحكم في الاستئناف ، فإذا كان مؤيدا لعدم الاختصاص ، وجب على الشفيع عندئذ أن يرفع دعوى الشفعة من جديد أمام المحكمة المختصة في خلال ثلاثين يوما من تاريخ هذا الحكم النهائي ( [1147] ) .
$ 677 $
210 – رفع الدعوى وقيدها في الميعاد القانوني : تقول المادة 943 مدني ، كما رأينا ( [1148] ) ، " ترفع دعوى الشفعة . . . . وتقيد بالجدول . ويكون كل ذلك في ميعاد ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان المنصوص عليه في المادة السابقة ( إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ) ، وإلا سقط الحق فيها . . . " . ونرى من ذلك أن هناك ميعادا معينا لرفع دعوى الشفعة وقيدها ، وهو ثلاثون يوما من إعلان الشفيع لكل من البائع والمشتري رغبته في الأخذ بالشفعة ( [1149] ) . ويحسن أن نستعرض تطور هذه المسألة ، التي تعتبر من أهم مسائل الشفعة ، منذ قانون الشفعة السابق .
فقد كانت المادة 15 من قانون الشفعة السابق تنص على أن " ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري أمام المحكمة الكائن بدائرتها العقار في ميعاد ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان المنصوص عنه في المادة الرابعة عشرة ( إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ) ، وإلا سقط الحق فيها " ( [1150] ) . فكان هذا النص يقضي برفع دعوى الشفعة في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ $ 678 $ بالشفعة ، ولم يكن هناك ميعاد لقيد الدعوى بعد رفعها ( [1151] ) . فكان الشفيع يستطيع ، إذا أراد المضاربة واستغلال حقه في طلب الشفعة ، أن يعلن صحيفة دعوى الشفعة لكل من البائع والمشتري في ميعاد الثلاثين يوما بعد أن يؤدي ربع رسم الدعوى ، ثم يقف عند ذلك . فهو لم يكن ملزما ، تطبيقا لأحكام قانون الشفعة السابق ووفقا للرأي الذي كان سائدا وقت ذاك ، بعرض الثمن عرضا حقيقيا ولا بإيداعه خزانة المحكمة ، بل كان يكفيه العرض البسيط . ثم أنه لم يكن ملزما ، تطبيقا لأحكام تقنين المرافعات السابق ، بقيد الدعوى وتأدية ثلاثة أرباع الرسم الباقية في ميعاد معين . فكان يقتصر على إعلان صحيفة الدعوى في الميعاد القانوني بعد رفع ربع الرسم فقط ، ثم يتربص مترقبا وقد شهر هذا السيف في وجه المشتري . فلا هو يمضي في إجراءات دعوى الشفعة ، ولا هو ينزل عنها ، ويبقى هذا السيف معلقا ، ويبقى هو منتظرا حتى يسعى إليه المشتري يساومه على النزول عن دعوى الشفعة . وكل ذلك لم يكلفه إلا دفع ربع الرسم . ( [1152] )
فأراد التقنين المدني الجديد علاج هذا الوضع . فأوجب على الشفيع أولاً ، كما رأينا ، أن يودع خزانة المحكمة كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ، ثم أوجب عليه ثانياً أن يرفع دعوى الشفعة ، وأوجب عليه ثالثاً أن يقيد الدعوى ( [1153] ) . $ 679 $ وكل هذا يجب عليه أن يقوم به في خلال الثلاثين يوما التالية لإعلان رغبته في الأخذ بالشفعة ( [1154] ) . ولما كانت هذه الأعمال الثلاثة – إيداع الثمن ثم رفع الدعوى ثم قيدها – قد رتبها القانون بحيث يلي بعضها بعضا ، فإيداع الثمن يجب أن يتم قبل رفع الدعوى بحسب أحكام التقنين المدني الجديد في الشفعة ، ورفع الدعوى يجب إني تم قبل قيدها بحسب أحكام تقنين المرافعات الجديدة في إجراءات $ 680 $ التقاضي ، فعلى الشفيع إذن أن يقوم بكل هذه الأعمال الثلاثة ، وعلى هذا الترتيب ، في ميعاد الثلاثين يوما . ويترتب على ذلك أنه لا يستطيع أن ينتفع بهذا الميعاد إلى آخر يوم فيه إلا في العمل الأخير من هذه الأعمال الثلاثة وهو قيد الدعوى . فهو إذا قيد الدعوى في نهاية الثلاثين يوما ودفع الرسم كاملا ، فلا بد له من أن يرفعها قبل ذلك أي قبل نهاية الثلاثين يوما . ثم إذا هو رفع الدعوى قبل نهاية الثلاثين يوما ببضعة أيام ، فلا بد له من إيداع الثمن قبل رفع الدعوى ببضعة أيام أخرى ، فالتقنين المدني الجديد إذا كان قد اقفل الباب في وجه المساومات واستغلال حق الشفعة بوضعه هذه القيود الثقيلة في استعمال هذا الحق . فإنه قد تضافر مع تقنين المرافعات في جعل ميعاد الثلاثين يوما ميعادا صوريا بالنسبة إلى كل من إيداع الثمن ورفع الدعوى ، إذ لا بد للشفيع من أن يقوم بكل من هذين العملين دون أن ينتفع بهذا الميعاد كاملا . ولم يكن ميعاد الثلاثين يوما ميعادا حقيقيا ، إلا بالنسبة إلى قيد الدعوى . وكان الأولى إذن أن يضع القانون لكل عمل من هذه الأعمال الثلاثة ميعادا خاصا به ، لا أن يجمعها كلها في ميعاد واحد . فكان يستطيع مثلا أن يوجب على الشفيع إيداع كل الثمن في العشرين يوما التالية لإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، ثم رفع الدعوى في عشرة الأيام التالية لإيداع الثمن ، ثم قدي الدعوى في ميعاد قصير يحدده بعد رفع الدعوى وليكن خمسة أيام أخرى .
على أن القانون رقم 100 لسنة 1962 ، الذي عدل كثيرا من نصوص تقنين المرافعات ، قد حور من هذا الوضع قليلا . فقد عدل المادة 75 من تقنين المرافعات الجديد ، في كيفية رفع الدعوى ، على الوجه الآتي : " على المدعى أن يقدم لقلم كتاب المحكمة ، وقت تقديم صحيفة دعواه ، صورا منها بقدر عدد المدعى عليهم وصورة لقلم الكتاب – ويقيد قلم الكتاب الدعوى في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك بعد أن يثبت تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها ، ثم يعيدها إلى المدعى ليتولى تسليمها إلى قلم المحضرين لإعلانها – وتعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملا ، أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فلا تسري إلا من وقت إعلان المدعى عليه بصحيفتها " . $ 681 $ فأصبح قيد الدعوى ، بموجب هذا النص ، سابقا على رفعها ، بعد أن كان تاليا لرفع الدعوى بموجب أحكام تقنين المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ( [1155] ) . وأصبح ميعاد السقوط ، وهو الثلاثون يوما ، كافياً لقطعه تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملا . وبالجمع بين أحكام التقنين المدني في الشفعة وهذه الأحكام الجديدة في تقنين المرافعات ، أصبح الأمر يجري على الوجه الآتي : يعد الشفيع صحيفة دعوى الشفعة والصور المطلوبة منها ، ويقدمها إلى قلم كتاب المحكمة . فيقوم قلم الكتاب بقيد الدعوى في اليوم نفسه في السجل الخاص بذلك بعد أن يستوفى الرسم كاملا ، وبهذا يتم قيد الدعوى ، ويصبح العمل الأخير من الأعمال الثلاثة التي يجب على الشفيع القيام بها في ميعاد الثلاثين يوما هو العمل الأول . ثم يودع الشفيع الثمن خزانة المحكمة ، وبهذا يتم الإيداع وهو العمل الثاني . ثم يتسلم الشفيع من قلم كتاب المحكمة أصل صحيفة الدعوى وصورها ويقدمها إلى قلم المحضرين ، وبمجرد تقديمها إلى قلم المحضرين يكون قد قطع مدة الثلاثين يوما فينقطع سريان هذه المدة . وعلى ذلك يكفيه أن يقوم ، في خلال الثلاثين يوما ، بقيد الدعوى وإيداع الثمن وتقديم صحيفة الدعوى وصورها إلى قلم المحضرين ، فيطمئن بذلك إلى أنه قد قام بالقيد والإيداع ورفع الدعوى في الميعاد القانوني . ويستطيع ، $ 682 $ في شيء من الجهد ، أن يقوم بهذه الأعمال الثلاثة في يوم واحد ( [1156] ) . فينتفع بميعاد الثلاثين يوما كاملا لكل منها ، إذا كان هذا اليوم هو اليوم الأخير من الميعاد ( [1157] ) . ثم يقوم قلم المحضرين ، بعد أن يتسلم من الشفيع صحيفة الدعوى وصورها ، بإعلان الصحيفة في خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسليمها أو قبل اليوم المحدد للجلسة إذا حدد قبل ذلك ( م 77 مرافعات معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ) . ولكن مدة الإعلان هذه لا تحسب على الشفيع ضمن ميعاد الثلاثين وما ، إذ أن هذا الميعاد يكون قد انقطع بتقديم صحيفة الدعوى وصورها إلى قلم المحضرين كما سبق القول .
ويكون إعلان صحيفة دعوى الشفعة في موطن كل من المشتري والبائع أي في المحل الذي يقيم فيه ( [1158] ) ، على الوجه الذي بيناه في إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ( [1159] ) . ويحسب ميعاد الثلاثين يوما الواجب في خلالها قيد الدعوى $ 683 $ ورفعها من اليوم التالي لليوم الذي أعلن فيه كل من المشتري والبائع بالرغبة في الأخذ بالشفعة ، فإذا أعلنا في يومين مختلفين فالعبرة باليوم المتأخر منهما على النحو الذي بيناه في حساب الميعاد بالنسبة إلى إيداع الثمن ( [1160] ) . ويحسب اليوم الأخير ، فيجب على الشفيع أن يقدم إلى قلم المحضرين أصل صحيفة الدعوى وصورها ، بعد أن يقيد قلم الكتاب الدعوى على الوجه الذي قدمناه ، في ميعاد نهايته اليوم الثلاثون من اليوم التالي لليوم الذي أعلن فيه كل من المشتري والبائع بالرغبة في الأخذ بالشفعة . ولم ينص القانون هنا ، كما نص في ميعاد إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، على إضافة ميعاد للمسافة إذا اقتضى الأمر ذلك . وبعد تعديل نصوص تقنين المرافعات بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ، بما جعل الأمر بالنسبة إلى الشفيع ينتهي بتقديم صحيفة الدعوى وصورها إلى قلم المحضرين فتنقطع مدة الثلاثين يوما عند ذلك ، لم يعد الشفيع في حاجة إلى إضافة ميعاد للمسافة ، إذا اصحت العبرة بتقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين ، لا بإعلانها فعلا إلى البائع والمشتري حتى يكون هناك محل لإضافة ميعاد للمسافة ، أما قبل القانون رقم 100 لسنة 1962 ، حيث كان يجب أن يتم إعلان البائع والمشتري فعلا في خلال الثلاثين يوما ، فالظاهر أنه كان يجب إضافة ميعاد للمسافة بالرغم من عدم النص على هذا الميعاد كما نص عليه في ميعاد إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، وذلك أنه يوجد نص عام في تقنين المرافعات على مواعيد المسافة ورد في المادتين 21 و 22 من هذا التقنين ، فيكتفي بهذا النص العام لإضافة ميعاد للمسافة دون حاجة إلى نص خاص في ذلك ( [1161] ) . وإذا وقع $ 684 $ اليوم الأخير من ميعاد الثلاثين يوما في يوم عطلة رسمية ، امتد الميعاد إلى أول يوم عمل يلي انتهاء العطلة ، على الوجه الذي بيناه في ميعاد إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ( [1162] ) ، وميعاد الثلاثين يوما ليس مدة تقادم بل مدة سقوط ( [1163] ) ، فيسري حتى على الغائبين ومن كان غير كامل الأهلية ، ولا يقبل الوقف كما لا يقبل الانقطاع إلا بتقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين على الوجه الذي سبق بيانه .
وغنى عن البيان أن الشفيع إذا لم يقم برفع دعوى الشفعة وقيدها في الميعاد القانوني على الوجه الذي بسطناه ، فإن حقه في الشفعة يسقط ، كما هو صريح نص المادة 943 مدني فيما قدمناه ( [1164] ) ، فإن هذا النص يقول كما رأينا : " وإلا سقط الحق فيها " ( [1165] ) . ويستطيع المشتري أو البائع أن يدفع بسقوط حق $ 685 $ الشفعة لهذا السبب في أية حالة كانت عليها الدعوى ، كما يجوز إبداء هذا الدفع لأول مرة ولو أمام محكمة النقض ، وللمحكمة أن تقضي بسقوط الشفعة من تلقاء نفسها حتى ل نزل صاحب الحق عن التمسك به ( [1166] ) ، وقد سبق بيان ذلك عند الكلام في الجزاء المترتب على عدم إيداع الثمن في الميعاد القانوني ( [1167] ) .
221 – الحكم في الدعوى على وجه السرعة : جاء في آخر المادة 943 مدني ، كما رأينا ( [1168] ) ، في خصوص دعوى الشفعة : " ويحكم في الدعوى على وجه السرعة " ( [1169] ) . وكان تقنين المرافعات الجديد يشتمل على أحكام خاصة بالدعاوى التي يحكم فيها " على وجه السرعة " ، وقد حورت هذه الأحكام لما عدل تقنين المرافعات بالقانون رقم 100 لسنة 1962 .
فقبل تعديل تقنين المرافعات بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ، كانت أهم الأحكام الخاصة بالدعاوى التي يحكم فيها على وجه السرعة ، ومنها دعوى الشفعة ، هي ما يأتي : ( 1 ) ما نصت عليه المادة 118 مرافعات من أن كل الدعاوى التي ينص القانون على وجوب الفصل فيها على وجه السرعة " تقدم مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على التحضير ، ويتعين على المدعى فيها أن ويدفع مستنداته قلم الكتاب عند قيد دعواه ، ويقدم المدعى عليه ما يكون لديه من مستندات في جلسة المرافعة نفسها . وفي جميع الأحوال تعطي المحكمة $ 686 $ الخصوم المواعيد المناسبة للاطلاع على المستندات والرد عليها ، وكلما اقتضت الحال تقديم مستندات أو طلبات عارضة أو إدخال خصوم حددت المحكمة المواعيد التي يجب أن يتم فيها ذلك " . ( 2 ) ما نصت عليه المادة 386 مرافعات من أنه " لا تجوز المعارضة في الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة ولا في المواد التي يوجب القانون الحكم فيها على وجه السرعة " . ( 3 ) ما نصت عليه المادة 402 مرافعات من أنه " ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، يكون ميعاد الاستئناف . . . ويكون الميعاد عشرة أيام في المواد المستعجلة والمواد التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة ، أياً كانت المحكمة التي أصدرت الحكم " . وقد نصت المادة 379 / 1 مرافعات على أن " تبدأ مواعيد الطعن من تاريخ إعلان الحكم ما لم ينص القانون على غير ذلك ، ويكون الإعلان لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي " . ويتخلص كل ذلك في أن النتائج التي كانت تترتب على نظر دعوى الشفعة " على وجه السرعة " هي أن الدعوى لم تكن تعرض على قاضي التحضير ، ولم يكن الحكم فيها قابلا للمعارضة ، وميعاد استئناف الحكم الصادر في الدعوى عشرة أيام تبدأ من تاريخ إعلان الحكم لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي ، وذلك سواء كان الحكم صادرا من محكمة جزئية أو من محكمة كلية ( [1170] ) .
ثم صدر القانون رقم 100 لسنة 1962 فأزال التفرقة ما بين الدعاوى العادية والدعاوى التي تنظر على وجه السرعة ( [1171] ) ، على الوجه الآتي : ( 1 ) ألغى نظام تحضير القضايا بإلغاء المواد من 110 إلى 117 مكررة مرافعات ، فأصبحت الدعاوى العادية كالدعاوي التي تنظر على وجه السرعة لا تمر بالتحضير . ولكن لم تلغ المادة 118 مرافعات ، فبقيت دعوى الشفعة ، باعتبارها $ 687 $ من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة ، يتعين على الشفيع فيها أن يودع مستنداته قلم الكتاب عند قيد دعواه ، ويقدم المدعى عليه ما يكون لديه من مستندات في جلسة المرافعات نفسها . ( 2 ) ألغيت المعارضة في الأحكام ، إذ عدلت المادة 385 مرافعات على الوجه الآتي : " لا تجوز المعارضة إلا في الحالات التي ينص عليها القانون " ، وذلك بعد أن عدلت المادة 95 مرافعات على الوجه الآتي : " إذا تخلف المدعى عليه أو المدعى عليهم كلهم أو بعضهم عن الحضور في الجلسة الأولى ، وجب على المحكمة في غير الدعاوى المستعجلة تأجيل نظر القضية الىجلسة تالية يعلن المدعى بها الخصم الغائب ، ويعتبر الحكم في الدعوى بمثابة حكم حضوري في حق المدعى عليهم جميعا . وعلى ذلك تساوت الدعاوى العادية والدعاوى التي تنظر على وجه السرعة ، من حيث عدم جواز المعارضة في الأحكام الصادرة في جميع الدعاوى . ( 3 ) أصبح ميعاد استئناف الحكم الصادر في الدعوى التي تنظر على وجه السرعة هو نفس ميعاد استئناف الحكم الصادر في الدعوى العادية ، إذ عدلت المادة 402 مرافعات على الوجه الآتي : " ميعاد الاستئناف ستون يوما ، ما لم ينص القانون على غير ذلك . ويكون الميعاد خمسة عشر يوما في المواد المستعجلة ، أياً كانت المحكمة التي أصدرت الحكم " . وفي مقابل إطالة ميعاد الاستئناف ، جعل هذا الميعاد يسري من تاريخ صدور الحكم لا من تاريخ إعلانه ، إذ عدلت المادة 379 / 1 مرافعات على الوجه الآتي : " يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ، ما لم ينص القانون على غير ذلك " . وعلى ذلك يكون ميعاد استئناف الحكم الصادر في دعوى الشفعة هو ستون يوما من وقت صدور الحكم ( [1172] ) .
ومجمل القول أن دعوى الشفعة ، بعد القانون رقم 100 لسنة 1962 ، أصبحت كغيرها من الدعاوى : لا تمر على قاضي التحضير ، ولا تجوز $ 688 $ المعارضة في الحكم الصادر فيها ، وميعاد استئناف الحكم فيها ستون يوماً من تاريخ صدوره . وانحصرت الفائدة من كون دعوى الشفعة تنظر " على وجه السرعة " في سرعة تقديم المستندات ، وفي توصية عامة للمحكمة في أن تراعى السرعة في الفصل في الدعوى فلا تكثر من التأجيل وتقصر مواعيد التأجيلات إذا اقتضاها الأمر ( [1173] ) .
222 – الخصوم في استئناف الحكم الصادر في دعوى الشفعة وفي الطعن فيه بالنقض : رأينا فيما تقدم ( [1174] ) أن الخصوم في دعوى الشفعة هم الشفيع من جانب وكل من المشتري والبائع من جانب آخر . فلا بد إذن أن يدخل الشفيع في الخصومة كلا من المشتري والبائع ، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة . وكما أن هؤلاء هم الخصوم في محكمة أول درجة ، فإنهم يبقون كذلك أمام المحكمة الإستئنافية إذا استؤنف الحكم الصادر في دعوى الشفعة ، وأمام محكمة النقض إذا طعن في الحكم بالنقض .
ففيما يتعلق بالاستئناف ، أياً كان الخصم المستأنف ، الشفيع إذا خسر الدعوى والمشتري أو البائع إذا كسب الشفيع الدعوى وقضى له بالشفعة ، يجب على المستأنف إدخال الخصمين الآخرين في الخصومة أمام المحكمة الإستئنافية في الميعاد القانوني ( [1175] ) . فإذا كان الشفيع هو المستأنف وجب عليه $ 689 $ إدخال كل من البائع والمشتري ، وإذا كان المشتري أو البائع هو المستأنف وجب عليه إدخال الشفيع والخصم الآخر ( البائع أو المشتري ) . والواجب ، في عهد تقنين المرافعات السابق ، إدخال كل من الخصمين الآخرين وإعلانهما بالاستئناف في الميعاد القانوني ، وإلا كان الاستئناف باطلا ( [1176] ) . وقد كانت $ 690 $ محكمة استئناف مصر قد قضت بان وجوب رفع الدعوى في ميعاد معين على البائع والمشتري معاً مقصور حكمه على دعوى الشفعة عند رفعها ، أما بعد رفع الدعوى وصدور حكم فيها فإن رفع استئناف عن هذا الحكم لا يخضع لهذه القاعدة الخاصة وإنما يخضع للقواعد العامة المقررة في باب الاستئناف . لذلك وجب إلا يعاب على الشفيع المستأنف للحكم الصادر في دعوى الشفعة ، وهي دعوى غير قابلة للتجزئة ، أن يكون قد فاته أن يعلن البائع في الميعاد القانوني إذا كان قد أعلن المشتري في الميعاد المذكور . ذلك أن القواعد العامة المقررة في باب الاستئناف في الدعاوى غير القابلة للتجزئة تقضي بأنه إذا رفع الاستئناف في الميعاد بالنسبة إلى واحد من المحكوم لهم ، صح الاستئناف ولو لم يعلن الباقون إلا بعد الميعاد القانوني ( [1177] ) . ولكن عندما طعن في هذا الحكم بالنقض ، لم تقر محكمة النقض محكمة الاستئناف على ما ذهبت إليه ، وقضت بأنه إذا أعلن الشفيع المشتري بالاستئناف في الميعاد القانوني ، ولم يعلن البائع إلا بعد هذا الميعاد ، فإن الاستئناف يكون غير مقبول . ذلك أن القانون في دعوى الشفعة قد حتم اختصام أفراد مخصوصين في الميعاد المعين لها ، فيكون واجبا على الشفيع اختصامهم في الميعاد المذكور وإلا كانت دعواه غير مقبوله ، والحال كذلك في الاستئناف . فطلب الشفعة هو طلب موجه إلى البائع والمشتري في أن واحد ، والحكم في هذا الطلب هو حكم عليهم معاً ( [1178] ) . ونرى من ذلك أن $ 691 $ محكمة النقض قد قررت في عهد قانون الشفعة السابق وتقنين المرافعات السابق أن يختصم الشفيع في الاستئناف كلا من البائع والمشتري ، وأن يعلن كلا منهما بالاستئناف في الميعاد القانوني ، فإذا أعلن أحدهما في الميعاد القانونين والآخر بعد هذا الميعاد كان استئنافه غير مقبول .
ولكن تقنين المرافعات الجديد استحدث نصا هو المادة 384 منه وتجري على الوجه الآتي : " لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ، ولا يحتج به إلا على من رفع عليه . على أنه إذا كان الحكم غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو $ 692 $ في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين ، جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضما إليه في طلباته . وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد ، وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم . . . " . ولما لم يكن هذا النص موجودا في تقنين المرافعات السابق الذي قررت في عهده محكمة النقض المبدأ المتقدم الذكر ، فالظاهر أن هذا النص الجديد من شأنه أن يعدل من هذا المبدأ . لا يزال من الواجب دون شك أن يختصم الشفيع في الاستئناف كلا من المشتري والبائع وإلا كان استئنافه غير مقبول . ولكنه إذا أعلن أحدهما بالاستئناف في الميعاد القانوني وإعلان الآخر به بعد فوات هذا الميعاد ، كان استئنافه مقبولا . ذلك أن دعوى الشفعة يصدق عليها وصف إنها غير قابلة للتجزئة ووصف أن القانون يوجب فيها اختصام أشخاص معينين ، فينطبق عليها الاستثناء الوارد في المادة 384 مرافعات سالفة الذكر . ومن ثم ينطبق عليها ما ورد في آخر النص من أنه " إذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد ، وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم " . فإذا أعلن الشفيع الاستئناف إلى المشتري مثلا في الميعاد القانوني ، وجب عليه اختصام البائع وإعلان بالاستئناف ولو بعد فوات ميعاد الاستئناف ، ويكون استئنافه مقبولا بالرغم من أنه أعلن للبائع بعد فوات الميعاد ( [1179] ) . $ 693 $
وفيما يتعلق بالنقض فلا بد من اختصام الشفيع والمشتري والبائع ، سواء كان الطاعن هو الشفيع اوا لمشتري أو البائع . فإذا كان الشفيع هو الطاعن ، فلا بد من أن يوجه الطعن إلى كل من المشتري والبائع ، وأن يعلن كلا منهما بتقدير الطعن في الميعاد القانوني . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بان القانون قد أوجب على الشفيع اختصام المشتري والبائع كليهما معاً في دعوى الشفعة ، وإلا كانت غير مقبولة . وهذا الحكم يسري على الدعوى في درجتي التقاضي الابتدائية والاستئنافية . ولما كان الطعن بالنقض مرحلة من مراحل الدعوى ينظر فيها من حيث الموضوع عند تصدي محكمة النقض له ، فإن اختصام المشتري والبائع كليهما في الطعن يكون واجبا كذلك . ولا يغض من هذا النظر ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الصادر بإنشاء محكمة النقض من أن لرافع النقض الحرية في تعيين الخصوم الذين يراد إدخالهم في الدعوى دون إلزامه بتوجيه الطعن إلى جميع الخصوم في الحكم المطعون فيه ، فإن هذا لا يمكن أن يفيد أنه في دعوى الطعن لا يكون الطاعن ملزما باختصام من لا تقبل الدعوى إلا باختصامه . بل معناه أنه بعد مراعاة مقتضى الحال من اختصام من يجب قانوناً اختصامه في الدعوى ، يكون للطاعن أن يقصر الطعن على من يهمه نقض الحكم في حقه . وعلى ذلك إذا لم تعلن البائعة في دعوى الشفعة بتقرير الطعن ، كانت دعوى الطعن بالنقض غير مقبولة . وللنيابة العامة أن تطلب الحكم بعدم $ 694 $ قبول الطعن ، بسبب عدم صحة اختصام من لا يصح الطعن إلا باختصامه ( [1180] ) . وقد استقر قضاء محكمة النقض على ذلك ، فقضت بأنه متى كان الطعن مرفوعا من أحد ورثة البائعة دون باقي الورثة الذين كانوا خصوما في الاستئناف ، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلا ( [1181] ) . وقضت كذلك بان بطلان الطعن بالنسبة إلى أحد البائعين يترتب عليه حتما عدم قبوله شكلا بالنسبة إلى باقي المطعون عليهم ( [1182] ) . وإذا كان الواجب إعلان جميع المطعون عليهم بتقرير الطعن في $ 695 $ الميعاد القانوني في عهد تقنين المرافعات السابق ، ففي عهد تقنين المرافعات الجديد وطبقا للمادة 384 من هذا التقنين السالف ذكرها ، إذا أعلن بعض المطعون عليهم بتقرير الطعن في الميعاد القانوني فإنه يجوز إعلان باقي المطعون عليهم بعد فوات هذا الميعاد ، ويكون الطعن في هذه الحالة مقبولا شكلا ، لأن دعوى الشفعة غير قابلة للتجزئة ولأنها من الدعاوى التي يجب أن يختصم فيها أشخاص معينون ( [1183] ) .
223 – الحكم النهائي بثبوت الحق في الشفعة وتسجيلها – نص قانوني : تنص المادة 944 مدني على ما يأتي :
" الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة يعتبر سندا لملكية الشفيع ، وذلك دون إخلال بالقوات المتعلقة بالتسجيل " ( [1184] ) .
$ 696 $
ويخلص من هذا النص أنه إذا صدر حكم نهائي بثبوت حق الشفيع في الشفعة ، فإن هذا الحكم يعتبر سندا لملكية الشفيع للعقار المشفوع فيه ، فما هو المقصود بعبارة أن الحكم " يعتبر سندا لملكية الشفيع " ؟ لقد اقتبس نص المادة 944 مدني الذي وردت فيه هذه العبارة من المادة 18 من قانون الشفعة السابق ، إذ كانت هذه المادة الأخيرة تجري على الوجه الآتي : " الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة يعتبر سندا لملكية الشفيع ، وعلى المحكمة ستجيله من تلقاء نفسها " . وقد عرضت محكمة النقض لتفسير عبارة " يعتبر سندا لملكية الشفيع " الواردة في المادة 18 من قانون الشفعة السابق ، فذهبت إلى أن المقصود " بسند الملكية " هو السبب القانوني المنشيء لحق الملكية ، لا دليل الملكية وحجيتها . ولا شك في أن عبارة " سند الملكية " تحتمل المعنيين ، متى السبب القانوني المنشيء لحق الملكية ومعنى دليل الملكية وحجيتها . وبحسبنا هنا أن ننقل بعض السباب حكم لمحكمة النقض ، ناقشت فيه هذين المعنيين ، وأخذت بالمعنى الأول دون الثاني . قالت المحكمة : " وحيث إن الطعن مبناه أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تفسير المادتين 13 و 18 من قانون الشفعة . . . . أما خطأ الحكم في تفسير المادتين 13 و 18 من قانون الشفعة فوجهه أن الحكم قد استند إلى هاتين $ 697 $ المادتين في القول بان حكم الشفعة ينشيء ملكية الشفيع ولا يقررها ، في حين أن التفسير الصحيح لهاتين المادتين لا يؤدي إلى ما استخلصته المحكمة منها . ذلك لأن المادة 18 تنص على أن الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة يعتبر سندا لملكية الشفيع ، وهذا النص لا يفيد أكثر من أن حكم الشفعة هو دليل الشفيع على ملكية العين المشفوعة ، كما أن حكم القسمة هو دليل المتقاسم على ملكية ما اختص به في القسمة . أما سبب الملكية ، وهو غير دليلها ، فسابق على الحكم في كلتا الحالتين . . والشفيع في ذلك شبيه بصاحب حق الاسترداد الوراثي ، والحكم له ، فيما هو مجمع عليه في فرنسا وفي مصر ، يقرر حقه ولا ينشئه ، واثره لا يبدأ من يوم صدوره بل يرجع إلى يوم البيع الذي حل فيه المسترد محل المشتري . . . وحيث إن الشارع إذا كان قد نص في المادة 18 من قانون الشفعة على أن حكم الشفعة يعتبر سندا لملكية الشفيع ( titre de propriete ) فإنه لم يرد بهذا النص أن يعتبر الحكم المذكور حجة أو دليلا على الملكية التي قضى بها ، وإلا لكان هذا النص عبثا مع وجود المادة 232 التي نصت على حجية الأحكام . بل الذي اراده الشارع هو اعتبار حكم الشفعة سببا قانونيا ( causc juridique ) لملكية الشفيع ، كما أراد بنص المادة 587 من قانون المرافعات اعتبار حكم البيع سببا قانونيا لملكية من رسا لعيه المزاد ، وكما أراد بنص المادة 608 من القانون المدني اعتبار مجرد وضع اليد سببا صحيحا لملكية واضع اليد على المنقول . وكلمة سند ( tire ) التي وردت في هذه النصوص كلها إنما جاءت على معنى السبب القانوني المنشيء لحق الملكية ، ولم تجئ على معنى دليل الملكية أو حجيتها ، ومتى كان حكم الشفعة في نظر القانون هو سبب ملكية الشفيع ومنشأها ، فإن مقتضى هذا النظر ولازمه إلا بصير المشفوع إلى ملك الشفيع إلا بعد الحكم . أما قبله فلا ، لأن المسبب لا يوجد قبل سببه ، ولان ما جعله الشارع من الأحكام منشئا للحقوق لا ينسحب على الماضي " ( [1185] ) .
ونقتصر هنا على تسجيل المعنين المختلفين لمعنى عبارة " سند ملكية الشفيع " ، وعلى الإشارة إلى أن قضاء محكمة النقض قد استقر على الأخذ بان السند معناه $ 698 $ السبب القانوني المنشيء لملكية الشفيع ، على أن نعود إلى مناقشة هذه المسألة فيما يلي ( [1186] ) .
بقى تسجيل الحكم النهائي بثبوت الشفعة . وقد كان قانون الشفعة السابق يقضي في المادة 18 منه ، كما رأينا ، بان " على المحكمة تسجيله من تلقاء نفسها " . وكان المشروع التمهيدي لنص المادة 944 من التقنين المدني الجديد يقضي بنفس الحكم ، ولكن لجنة المراجعة عدلت النص بأن تركت " أمر تسجيل حكم الشفعة لقواعد الشهر بعد فصلها عن القانون المدني " ( [1187] ) . والقواعد المقررة في قانون الشهر العقاري لسنة 1946 تقضي بان " تتم إجراءات الشهر في جميع الأحوال بناء على طلب ذوي الشأن أو من يقوم مقامهم " ( م 20 من قانون الشهر العقاري ) . وعلى ذلك لا تقوم المحكمة من تلقاء نفسها بتسجيل حكم الشفعة كما كانت الحال في قانون الشفعة السابق ، بل يقوم الشفيع وهو صاحب الشأن في التسجيل بمباشرة إجراءاته ( [1188] ) . ويباشرها وفقا للقواعد المقررة في قانون الشهر العقاري ( [1189] ) ، فيقدم طلب التسجيل لمأمورية الشهر العقاري التي يقع العقار المشفوع فيه في دائرة اختصاصها ( م 21 قانون الشهر العقاري ) ، ويتم التسجيل في مكتب الشهر العقاري الذي تتبعه هذه المأمورية ( م 5 من قانون الشهر العقاري ) .
$ 699 $
وإذا سايرنا محكمة النقض واعتبرنا حكم الشفعة منشئا لملكية الشفيع ، فإن تسجيل هذا الحكم يجري تطبيقا للمادة 9 من قانون الشهر العقاري ، وتنص على أن " جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك ، يجب شهرها بطريق التسجيل . . . ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا ينتقل ولا تتغير ولا تزول ، لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم . . . . " ( [1190] ) . فقبل تسجيل حكم الشفعة ، لا تنتقل ملكية العقار المشفوع فيه لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى الغير . فإذا ما سجل الحكم ، انتقلت الملكية إلى الشفيع ، ويكون انتقالها من وقت التسجيل ، سواء بالنسبة إلى الغير أو بين ذوي الشأن ، طبقا للرأي الذي استقر عليه قضاء محكمة النقض في خصوص نفي أثر الرجعي للتسجيل بين ذوي الشأن .
وإذا قلنا إن حكم الشفعة ليس منشئا لملكية الشفيع ، وإنما هو كاشف عن ثبوت حق الشفيع في الشفعة كما سيجيء ( [1191] ) ، شأنه في ذلك شأن سائر الأحكام تكشف عن الحق لا تنشئه ، فتسجيله لا يمكن أن يكون على اعتبار أنه حكم منشيء . كذلك لا يمكن أن يكون على اعتبار أنه حكم بتصرف ، ناقلا كان هذا التصرف أو كاشفا ( [1192] ) ، لأنه لا يقضي بحصول تصرف ما ، وإنما يقضي بحصول واقعة الشفعة وهي واقعة مركبة وليست تصرفا محضا كما سبق القول . وقد كان يحسن إفراد نص خاص في قانون الشهر العقاري يقضي بوجوب تسجيل حكم الشفعة حتى تنتقل الملكية إلى الشفيع ، فيكون هذا النص هو الذي تشير إليه المادة 944 مدني عندما تقوم " دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل " . وقد تدارك قانون السجل العيني هذا النقص ، فأورد هذا النص الخاص وربط فيه ما بين تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وتسجيل الحكم بالشفعة ، فنصت المادة 36 من هذا القانون على أنه " يجب التأشير بإعلان الرغبة في الأخذ $ 700 $ بالشفعة في صحف الوحدات العقارية ، ويترتب على ذلك أنه إذا تقرر حق الشفيع بحكم قيد في السجل أن يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ التأشير المذكور " ( [1193] ) . وما دام هذا النص لم يوجد في قانون الشهر افلعقاري ، فإن أقرب نصوصه إلى تسجيل حكم الشفعة هو النص القاضي بتسجيل " دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية " ( م 15 م 2 من قانون الشهري العقاري ) . فالحكم بالشفعة هو حكم بحلول الشفيع محل المشتري في عقد البيع الذي تم ما بين المشتري والبائع . ولما كان عقد البيع هذا واجب التسجيل حتى تنتقل الملكية إلى المشتري ، ولما كان حكيم الشفعة قد كشف عن أن الشفيع قد حل محل المشتري بالرغم من منازعة المشتري والبائع في ذلك ، فيكون حكم الشفعة هو حكم بأن التعاقد قد وقع للشفيع دون المشتري . فهو بمثابة حكم بصحة التعاقد ، ولكن لا لمصلحة المشتري الأصلي بل لمصلحة الشفيع . ومن ثم وجب تسجيله كما يسجل الحكم بصحة التعاقد ، حتى تنتقل ملكية العقار المشفوع فيه بهذا التسجيل من البائع إلى الشفيع ، بدلا من انتقالها من البائع إلى المشتري . وكما أن الحكم بصحة التعاقد في البيع يجعل منه المشتري سندا يغنيه عن عقد البيع الصالح للتسجيل ، فيسجله فتنتقل إليه ملكية المبيع ، كذلك الحكم بالشفعة يجعل منه الشفيع سندا يغنيه عن عقد بيع يصدر له من البائع ، فيسجله فتنتقل إليه ملكية العقار المشفوع فيه . وفي دعوى صحة التعاقد يسجل المشتري صحية الدعوى ( [1194] ) ، أما في الدعوى الشفعة فلا يسجل الشفيع صحيفة الدعوى ولكنه يسجل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، ويقوم تسجيل هذا الإعلان مقام تسجيل صحيفة الدعوى .
المبحث الثالث
آثار الأخذ بالشفعة
224 – انتقال ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع – علاقة الشفيع بالبائع وبالمشتري وبالغير : يترتب على ثبوت حق الشفيع في الأخذ بالشفعة أن تنتقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع ، على التفصيل الذي سنبسطه $ 701 $ فيما يلى . وانتقال ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع إنما هو ذاته نتيجة ترتبت على حلول الشفيع محل المشترى فى عقد البيع الذى تم ما بين البائع والمشترى ، فتنتقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع دون المشترى بناء على هذا الحلول . وما دام الشفيع قد حل محل المشترى ، فيتعين أن نحدد ، بعد أن يتم هذا الحلول ، علاقة الشفيع بالبائع وعلاقته بالمشترى وعلاقته بالغير( [1195] ) .
فنبحث إذن المسألتين الآتيتين : ( 1 ) انتقال ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع . ( 2 ) علاقة الشفيع بالبائع وبالمشترى وبالغير .
المطلب الأول
انتقال ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع
225 ـ الشفعة بالتراضى أو بالتقاضى سبب لحلول الشفيع محل المشترى فانتقال الملكية إليه دون المشترى : قدمنا أن الشفعة واقعة مركبة ، اقترن فيها الشيوع أو الجوار أو أى ارتباط آخر يقوم بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به وهذه واقعة مادية ، ببيع العقار المشفوع فيه وهذه واقعة مادية بالنسبة إلى الشفيع ، بإعلان الشفيع إرادته فى الأخذ بالشفعة وهذا تصرف قانونى( [1196] ) . فهذه الواقعة المركبة تشتمل إذن على عناصر ثلاثة : الارتباط ما بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به ، وبيع العقار المشفوع فيه ، وإعلان الشفيع إرادته فى الأخذ بالشفعة . ومتى تكاملت هذه العناصر الثلاثة ، فقد قامت الشفعة سببًا قانونيًا يحدث أثره . والأثر المباشر الذى يترتب على قيام الشفعة ، مستكملة لعناصرها الثلاثة ، هو حلول الشفيع محل المشترى فى البيع الذى تم ما بين المشترى والبائع . فالمادة 935 مدنى تنص كما رأينا على أن " الشفعة رخصة تجيز فى بيع العقار الحلول محل المشترى فى الأحوال وبالشروط المنصوص عليها فى المواد التالية " . وتؤكد المادة 945 / 1 مدنى ، كما سنرى ، أن الأثر المباشر للشفعة هو حلول الشفيع محل البائع بالنص على أن " يحل الشفيع قبل البائع محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته " .
ولما كان استكمال الشفعة لعناصرها الثلاثة المتقدمة الذكر كثيرًا ما يكون محل منازعة بين الشفيع من جهة والمشترى والبائع من جهة أخرى ، فقد أراد القانون أن يقف عند دلالة قاطعة لانحسام هذا النزاع ، إما عن طريق تسليم المشترى باستكمال الشفعة لعناصرها وهذه هى الشفعة بالتراضى ، أو عن طريق حكم قضائى يحسم النزاع نهائيًا وهذه هى الشفعة بالتقاضى . فالتراضى أو التقاضى ليس من شأنه أن يقيم الشفعة سببًا لإنتاج أثرها ، بل هو مجرد فض للنزاع والتدليل بوجه قاطع على أن الشفعة قد قامت فعلاً مستكملة لعناصرها الثلاثة . ولم يطلب القانون فى التراضى إلا تسليم المشترى بأن الشفعة قد استكملت عناصرها الثلاثة ، وأن الشفيع قد ثبت له حق الأخذ بالشفعة . أما التقاضى فقد رسم القانون لدعوى الشفعة إجراءات خاصة وحدد لها مواعيد معينة تقدم بيانها تفصيلاً ، فإذا ماراعاها الشفيع انتهى إلى حكم يقضى بثبوت حقه فى الشفعة ، أى بتقرير أن الشفعة قد استكملت عناصرها الثلاثة وأن الشفيع قد ثبت له حق الأخذ بالشفعة .
وسواء كان الدليل القاطع على أن الشفعة قد استكملت عناصرها الثلاثة هو التراضى أو التقاضى ، فإن الشفعة تنتج أثرها المباشر ، وهو حلول الشفيع محل المشترى ، منذ أن تستكمل عناصرها الثلاثة التى تنتهى بإبداء الشفيع رغبته فى الأخذ بالشفعة . فمتى أبدى الشفيع هذه الرغبة ، وأعلنها لكل من المشترى والبائع على الوجه الذى رسمه القانون والذى سبق أن بسطناه ، فقد حل الشفيع بحكم القانون محل المشترى فى البيع المشفوع فيه ، وتحولت الصفقة ، بعد أن كانت بين البائع والمشترى ، إلى أن تكون بين البائع والشفيع . ويكون ذلك بطبيعة الحال منذ أن وجدت الصفقة ، أى منذ تمام البيع بين البائع والمشترى $ 703 $ فالقانون ، متى استكملت الشفعة عناصرها الثلاثة ، يحل الشفيع محل المشترى ، ويجعل الشفيع هو المشترى منذ البداية ، ويخرج المشترى من الصفقة كأنها لم تنعقد له أصلاً . ويبقى البيع قائمًا منذ أن انعقد ، ولكنه يكون بيعًا المشترى فيه هو الشفيع لا المشترى الأصلى . وينتج البيع آثاره فيما بين البائع والشفيع ، فيكون للشفيع حقوق المشترى وعليه التزاماته ، وذلك منذ أن انعقد البيع كما سبق القول ، لأن المشترى يختفى تمامًا ويعتبر كأنه لم يتدخل بتاتًا فى الصفقة( [1197] ) . وتنعقد الصلة مباشرة بين البائع والشفيع فى نفس البيع الذى سبق أن تم ، فلا يكون المشترى وسيطًا بينهما بعد أن خرج من الصفقة . وعلى ذلك يكون الشفيع هو الدائن مباشرة للبائع بحقوق المشترى ، وهو المدين مباشرة للبائع بالتزامات المشترى( [1198] ) .
ومن حقوق المشترى أن تنتقل إليه ملكية العين المبيعة من البائع ، فتنتقل إذن ملكية العقار المشفوع فيه مباشرة من البائع إلى الشفيع . ولكن متى تنتقل؟ ومتى يحل الشفيع محل المشترى؟ .
226 ـ متى تنتقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع ومتى يحل الشفيع محل المشترى ـ اختلاف الآراء : هذا التحليل لطبيعة الشفعة الذى تقول به ، على بساطته وعلى تمشيه مع النصوص والحلول العلمية المسلم بها فى الشفعة ، ليس محلاً لاتفاق الآراء .
ولو سلم به ، لأمكن القول دون تردد إن الشفيع ، وقد حل محل المشترى ، تنتقل إليه ملكية العقار المبيع فى الوقت الذى كانت تنتقل فيه إلى المشترى لو بقى $ 704 $ هذا فى الصفقة مشتريًا ولم ينتزعها منه الشفيع ، والمشترى لا يصبح مالكًا للعقار المبيع إلا إذا سجل عقد البيع ، ويكون مالكًا من وقت التسجيل بالنسبة إلى الغير . أما فيما بينه وبين البائع ، فمن وقت التسجيل أيضًا وفقًا لما استقر عليه قضاء محكمة النقض ، ومن تمام البيع وفقًا للرأى الذى نقول به . وعلى ذلك يجب على الشفيع ، حتى تنتقل إليه ملكية العقار المشفوع فيه من البائع ، أن يسجل السند الذى حل بالنسبة إليه محل سند البيع بالنسبة إلى المشترى ، وهو التراضى على الشفعة إذا تمت بالتراضى( [1199] ) أو الحكم بثبوتها إذا أخذت بالتقاضى . فإذا $ 705 $ سجل هذا السند انتقلت إليه الملكية ، كما كانت تنتقل إلى المشترى بتسجيل سند البيع . وتنتقل الملكية إلى الشفيع من وقت التسجيل بالنسبة إلى الغير ، أما فيما بينه وبين البائع والمشترى فتنتقل أيضًا من وقت التسجيل وفقًا لقضاء محكمة النقض ، ومن وقت تمام البيع الذى حل فيه الشفيع مشتريًا بحكم الشفعة وفقًا للرأى الذى نقول به .
ولكن الآراء اختلفت فى هذه المسألة . وهى لم تختلف فى الواقع من الأمر فى وقت انتقال الملكية إلى الشفيع ، فهذا الوقت تحدده أحكام التسجيل لا أحكام الشفعة . ولا خلاف فى أن ملكية العقار المشفوع فيه لا تنتقل إلى الشفيع إلا بتسجيل حكم الشفعة ( أو سند التراضى ) ، وتنتقل إليه من وقت التسجيل بالنسبة إلى الغير . وإذا كان هناك خلاف فى أن الملكية تنتقل إلى الشفيع فيما بينه وبين البائع والمشترى ، إذا سجل الشفيع سنده ، من وقت التسجيل أو من وقت البيع ، فهذا خلاف واقع لا فى أحكام الشفعة بل فى أحكام التسجيل . والخلاف الواقع فى أحكام الشفعة ، وهو الخلاف الذى نقصده هنا ، هو فى وقت حلول الشفيع محل المشترى ، لا فى وقت انتقال الملكية إلى الشفيع .
فهناك رأى يذهب إلى ما ذهبنا إليه ، ويقول إن الشفيع يحل المشترى من وقت تمام البيع المشفوع فيه( [1200] ) . وهناك رأى ثان يذهب إلى أن الشفيع يحل $ 706 $ محل المشترى من وقت إعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة إلى كل من المشترى والبائع( [1201] ) . وهناك رأى ثالث يذهب إلى أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت رفع دعوى الشفعة( [1202] ) . ولكن الرأى الذى يستوقفنا طويلاً هو الرأى الرابع الذى استقر عليه قضاء محكمة النقض وتابعها فيه جمهور الفقهاء( [1203] ) ، ويذهب إلى أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت صدور الحكم له بثبوت حقه فى الشفعة ( أو من وقت التراضى ) ، فإن هذا الحكم طبقًا لهذا الرأى يعتبر $ 707 $ منشئًا لحق الشفيع لا كاشفًا عنه( [1204] ) . وقد كنا أشرنا إلى هذا الرأى فيما قدمناه فى تفسير عبارة أن حكم الشفعة " يعتبر سندا لملكية الشفيع " ( م 944 مدنى )( [1205] ) ، والآن نتولى بسط الرأى بالتفصيل ، وننظر فيه بعد ذلك نظرة تقديرية .
227 ـ رأى محكمة النقض ـ بحل الشفيع محل المشترى من وقت صدور الحكم له بثبوت حقه فى الشفعة لأن هذا الحكم منشئ لحق الشفيع لا كاشف عنه : وقد استقر قضاء محكمة النقض ، كما قدمنا ، على أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت صدور الحكم له بثبوت حقه فى الشفعة ، وبأن حكم الشفعة منشئ لحق الشفيع لا كاشف عنه ، فلا يصير العقار المشفوع فيه إلى ملك الشفيع إلا بعد هذا الحكم . وقد أصدرت فى عهد قانون الشفعة السابق حكمًا أساسيًا فى هذه المسألة سبقت الإشارة إليه( [1206] ) ، وقضت فيه بأنه إذا كان حق الشفيع فى طلب الأخذ بالشفعة إنما ينشأ بالبيع مع قيام المسوغ ، فإن العين المشفوعة لا تصير إلى ملك الشفيع فى غير حالة التراضى إلا بالحكم النهائى القاضى بالشفعة . ولا سند فى القانون لدعوى الشفيع بريع العين عن المدة السابقة للحكم ، ولو كان قد عرض الثمن على المشترى عرضًا حقيقًا وأودعه خزانة المحكمة إثر $ 708 $ رفضه . ذلك بأن الشارع ، إذ نص فى المادة 18 من قانون الشفعة على أن حكم الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع ، إنما أراد بالسند السبب القانونى المنشئ لحق الملكية ، لا دليل الملكية أو حجيتها . ومقتضى هذا النظر أو لازمه أن المشفوع لا يصير إلى ملك الشفيع إلا بعد هذا الحكم ، أما قبله فلا ، لأن المسبب لا يوجد قبل سببه ، ولأن ما جعله الشارع من الأحكام منشئًا للحقوق لا ينسحب على الماضى . ولا يفيد أن الحكم الشفعة أثرًا رجعيًا ما جاء فى المادة العاشرة من قانون الشفعة مقيد أحق المشترى فى البناء والغراس فى العين المشفوعة ، ولا ما جاء فى المادة الثانية عشرة قاضيًا بأنه لا يسرى على الشفيع كل رهن من المشترى وكل حق اختصاص حصل عليه دائنوه وكل بيع وكل حق عينى قبله المشترى أو اكتسبه الغير ضده بعد تسجيل طلب الشفعة ، فإن الشارع المصرى إنما أخذ أحكام هاتين المادتين جملة من فقه الحنفية ، وهى مخرجة فيه لا على فكرة الأثر الرجعى بل على فكرة العدل والبعد عن الجور والتوفيق بقدر المستطاع بين ما تعارض من مصلحتى المشترى والشفيع . وكذلك لا يتعارض القول بتملك الشفيع من وقت الحكم بالشفعة مع ما نص عليه فى المادة الثالثة عشرة من حلول الشفيع محل المشترى فى حقوقه والتزاماته بالنسبة إلى البائع ، ولا مع ما نص عليه فيها من أن الشفيع ليس له فى حالة الاستحقاق أن يرجع إلا على البائع ، فإن هذا لا يعين أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت طلب الشفعة( [1207] ) . وصدر بعد ذلك حكم آخر ، فى ظل قانون الشفعة السابق ، يؤكد معنى الحكم الأول ، ويقضى بأن المادة 18 من قانون الشفعة القديم نصت على أن الحكم الذى يصدر نهائيًا بثبوت الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع ، ومن مقتضى هذا النص أن العين المشفوع فيها لا تصير إلى ملك الشفيع إلا بالحكم النهائى القاضى بالشفعة ، إذ هو سند تملكه . وينبنى على ذلك أن يكون ريع هذه العين من حق المشترى وحده عن المدة السابقة على تاريخ هذا الحكم ، ولا يكون للشفيع حق فيه إلا ابتداءً من هذا التاريخ فقط ، حتى لو كان قد عرض الثمن على المشترى عرضًا حقيقيًا أو أودعه على ذمته خزانة المحكمة إثر رفضه . وبذلك لا يكون هناك محل للتفريق بين حالة ما إذا كانت الشفعة قد قضى بها الحكم الاستئنافى بعد أن $ 709 $ كان قد رفضها الحكم الابتدائى وحالة ما إذا كان قد قضى بها الحكم الابتدائى وحالة ما إذا كان قد قضى بها الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم الاستئنافى ، إذ العبرة فى الحالتين بالحكم النهائى سواء أكان ملغيًا أم مؤيدًا للحكم الابتدائى( [1208] ) .
ولم تعدل محكمة النقض عن هذا المبدأ الذى قررته من أن حكم الشفعة منشئ لا كاشف ، حتى بعد أن صدر التقنين المدنى الجديد وأوجب على الشفيع إيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة . فقضت ، فى عهد التقنين المدنى الجديد ، بأن قضاء محكمة النقض قد استقر فى ظل أحكام دكريتو 23 من مارس سنة 1901 بقانون الشفعة ، على أن ملكية الشفيع للعين المشفوع فيها لا تنشأ إلا برضاء المشترى بالشفعة أو بالحكم الصادر بها ، وأن هذه الملكية لا يرتد أثرها إلى تاريخ البيع الحاصل للمشترى ولا إلى تاريخ المطالبة بالشفعة . ولم يعدل القانون المدنى الجديد شيئًا من أحكام ذلك الدكريتو فى هذا الخصوص فجاء نص المادة 944 مطابقًا لنص المادة 18 من الدكريتو من أن الحكم الذى يصدر نهائيًا بثبوت الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع ، وانتهى المشرع إلى ترك الأمر فى تحديد ملكية الشفيع إلى ما كان عليه الحكم قبل إصدار القانون المدنى الجديد . وعلى ذلك لا تنتقل الملكية للشفيع ، فى ظل القانون المدنى الحالى ، إلا من $ 710 $ تاريخ الحكم بالشفعة( [1209] ) . وأكدت المحكمة ، فى حكم تال للحكم المتقدم ، المبدأ الذى أخذت به حتى بعد صدور التقنين المدنى الجديد ، إذ قضت بأن المشرع ، عندما نظم أحكام الشفعة فى التقنين المدنى الجديد ، انتهى إلى ترك الأمر فى تحديد تاريخ بدء ملكية الشفيع إلى ما كان عليه الحكم قبل صدور هذا التشريع . فجاء نص المادة 944 منه مطابقًا فى هذا الصدد لنص المادة 18 من قانون الشفعة القديم التى كانت تنص على أن " الحكم الذى يصدر نهائيًا بثبوت الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع ، ومؤدى هذا ألا يصير المشفوع إلى ملك الشفيع إلا بعد هذا الحكم . أما ما أورده القانون فى المادة 942 / 2 من إلزام الشفيع بإيداع الثمن خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ، $ 711 $ فلم يقصد به تغيير الوضع ، وهو لا ينم عن رغبة المشرع فى العدول إلى رأى القائلين بارتداد ملكية الشفيع إلى وقت إتمام إجراءات المطالبة بالشفعة . وإنما كان ذلك تمشيًا مع اتجاهه فى التضييق من حق الشفعة ، وضمانًا لجدية طلبها . وطالما أن حق الشفيع فى العين المشفوع فيها لا يستقر إلا بصدور الحكم له فى الشفعة ، فلا محل للقول باستحقاقه للريع ابتداء من تاريخ إيداع الثمن . أما النص فى المادة 945 من القانون المدنى الجديد على حلول الشفيع محل المشترى فى حقوقه والتزاماته بالنسبة إلى البائع ، فهو نص لم يستحدث حكمًا جديدًا ، بل هو مماثل لنص المادة 13 من قانون الشفعة القديم . وهو لا يفيد اعتبار الشفيع الذى حكم له بطلبه حالاً محل المشترى فى الريع منذ قيام الطلب . إذ اعتباره كذلك ، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ، لا يجوز إلا على تقدير أثر رجعى لحلوله محل المشترى ، الأمر الذى يتنافى مع ما هو مقرر من أن حكم الشفعة منشئ لا مقرر لحق الشفيع ، مما يمتنع معه القول بحلوله محل المشترى قبل الحكم نهائيًا بالشفعة( [1210] ) .
228 ـ الحجج التى استندت إليها محكمة النقض فى القول بأن الحكم بالشفعة منشئ لحق الشفيع : وقبل أن ننظر نظرة تقديرية فى قضاء محكمة النقض الذى استقر على أن الحكم بالشفعة منشئ لحق الشفيع ، تستعرض الحجج التى استندت إليها المحكمة للقول بذلك .
والحجة الرئيسية التى استندت إليها المحكمة ، والتى رددتها فى كثير من المواطن ، هى تفسيرها للمادة 18 من قانون الشفعة السابق ( المطابقة للمادة 944 من التقنين المدنى الجديد ) ، وهى تنص على أن " الحكم الذى يصدر نهائيًا بثبوت الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع " . فالمشرع لم يرد بهذا النص ، على ما تقول محكمة النقض ، " أن يعتبر الحكم المذكور حجة أو دليلاً على الملكية التى قضى بها ، وإلا لكان هذا النص عبثًا مع وجود المادة 232 التى نصت على حجية الأحكام . بل الذى أراده الشارع هو اعتبار حكم الشفعة سببًا قانونيًا ( carse jruidique ) ، لملكية الشفيع ، كما أراد بنص المادة $ 712 $ 587 من قانون المرافعات اعتبار حكم البيع سببًا قانونيًا لملكية من رسا عليه المزاد ، وكما أراد بنص المادة 608 من القانون المدنى اعتبار مجرد وضع اليد سببًا صحيحًا لملكية واضع اليد على المنقول . وكلمة سند Titrc التى وردت فى هذه النصوص كلها إنما جاءت على معنى السبب القانونى المنشئ لحق الملكية ، ولم تجئ على معنى دليل الملكية أو حجيتها . ومتى كان حكم الشفعة فى نظر القانون هو سبب ملكية الشفيع ومنشأها ، فإن مقتضى هذا النظر ولازمه ألا يصير المشفوع إلى ملك الشفيع إلا بعد هذا الحكم ، أما قبله فلا ، لأن المسبب لا يوجد قبل سببه ، ولأن ما جعله الشارع من الأحكام منشئًا للحقوق لا ينسحب على الماضى " ( [1211] ) .
ثم ترد المحكمة بعد ذلك على جملة من الاعتراضات وجهت إلى ما ذهبت إليه من رأى ، ونلخص هذه الاعتراضات والردود عليها فيما يلى :
أولاً ـ ما جاء فى المادة 10 من قانون الشفعة السابق ( م 946 مدنى جديد ) من تقييد حق المشترى فى أن يبنى وأن يغرس فى العين المشفوعة ، وما جاء فى المادة 12 من نفس القانون ( م 947 مدنى جديد ) من عدم سريان تصرفات المشترى فى العين المشفوعة فى حق الشفيع إذا صدرت بعد تسجيل طلب الشفعة . فلو كان المشترى قد بقى مالكًا حتى صدور الحكم بالشفعة ، كما هو مقتضى ما نذهب إليه محكمة النقض ، لما وردت هذه القيود على حق ملكيته قبل صدور الحكم بالشفعة ما دام هذا الحق يبقى قائمًا إلى وقت صدور الحكم . وتنكر محكمة النقض أن تكون هذه القيود نتيجة ترتبت على زوال ملكية المشترى بأثر رجعى إذا صدر الحكم بالشفعة ، فإن المشرع لم يرد " أن يجعل حكم الشفعة ذا أثر رجعى ، لأن هذا الأثر لا يستقيم إلا على تقدير أن مجرد طلب الشفعة يجعل $ 713 $ المشترى مالكًا تحت شرط فاسخ هو الحكم بالشفعة ، ويجعل فى الوقت نفسه الشفيع مالكًا تحت شرط توفيقى هو الحكم له بطلبه ، بحيث إذا صدر هذا الحكم وتحقق الشرط الفاسخ لملك المشترى والموقف لملك الشفيع ، زالت ملكية المشترى واعتبرت كأن لم تكن ، واعتبر الشفيع مالكًا منذ إعلان طلبه . وهذا تقدير غير مقبول ، لأن حق الشفيع الذى سيتولد عند البيع هو حق متعلق بعقار jrs ad rem لا حق ملكية ، وهو لا يخول صاحبه إلا مداعاة المشترى بدعوى شخصية . ثم إن الأصل فى التصرفات التنجيز ، والتعليق يثبت بعارض الشرط . والتعليق بالشرط لا يكون إلا فى الالتزامات الاتفاقية . وإذن فلا يمكن أن يثبت للمشترى ـ الذى اشترى بعقد غير مضاف ولا معلق على شرط ولا مقترن به ثم سجل عقده ـ إلا حق ملكية تامة ناجزة تبقى له إلى أن تزول عنه بسبب من الأسباب التى تؤدى إلى هذا الزوال . أما أن تتحول هذه الملكية التامة الناجزة إلى ملكية معلقة لمجرد أن البيع الذى كان علة لها قد ولد حقًا لمن قام به سبب من أسباب الشفعة ، فذلك لا يتأتى قانونًا " ( [1212] ) . ثم تبين المحكمة المصدر الذى اشتقت منه هذه الأحكام فتقول إن " الواقع أن الشارع أخذ أحكام هاتين المادتين ( 10 و 12 من قانون الشفعة السابق ) جملة من فقه الحنفية " ( [1213] ) .
$ 714 $ ثانيًا ـ ما نصت عليه المادة 13 من قانون الشفعة السابق ( م 945 مدنى جديد ) من حلول الشفيع محل المشترى فى حقوقه والتزاماته بالنسبة إلى البائع . فيستخلص من هذا الحلول أن المشترى يختفى من الصفقة ويحل محله الشفيع ، وكأن الشفيع لا المشترى هو الذى تعاقد مع البائع منذ إبرام لابيع ، فينشأ حق الشفيع من هذا الوقت لا من وقت صدور الحكم بالشفعة . وترد محكمة النقض على ذلك بأن حلول الشفيع محل المشترى فى وقت سابق على صدور الحكم بالشفعة " لا يجوز إلا على تقدير أثر رجعى لحلوله محل المشترى ، وهو تقدير يتنافى مع ما تقرر من قبل من أن حكم الشفعة منشئ لا مقرر لحق الشفيع ، لأن لازم كونه منشئا ألا تتصل العين المشفوعة بملك الشفيع إلا بعد الحكم . ولما كانت ملكية الشفيع لهذه العين هى جوهر الحق الذى يحل فيه المشترى ، وكان إسناد هذه الملكية للشفيع قبل الحكم له بالشفعة ممتنعًا ، فإن حلوله فيها $ 715 $ قبل الحكم بالشفعة يكون ممتنعًا أيضًا " ( [1214] ) . ويعنى ذلك أن حلول الشفيع محل المشترى إنما يكون لا منذ إبرام البيع ولا منذ طلب الشفعة ، بل منذ صدور الحكم بالشفعة ، إذ أن هذا الحكم هو الذى ينشئ حق الشفيع وهو سند ملكيته أى مصدرها .
ثالثًا ـ ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 13 من قانون الشفعة السابق ( الفقرة الأخيرة من المادة 945 مدنى جديد ) من أنه " إذا ظهر من الأخذ بالشفعة أن العقار المشفوع مستحق للغير ، فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع " . فرجوع الشفيع مباشرة على البائع بضمان الاستحقاق يفيد أن الصلة انعقدت بينهما منذ إبرام البيع ، وحل الشفيع محل المشترى فى هذا الوقت . ولو كانت الصلة لم تنعقد بين البائع والشفيع منذ إبرام البيع ولم يحل الشفيع محل المشترى إلا من وقت صدور الحكم بالشفعة كما تقول محكمة النقض ، لبقى المشترى فى الصفقة يتوسط بين البائع والشفيع من وقت إبرام البيع إلى وقت صدور الحكم بالشفعة ، ولتلقى الشفيع الملكية عند صدور هذا الحكم من المشترى لا من البائع ، ولكان رجوعه المباشر بضمان الاستحقاق على المشترى لا على البائع . وترد محكمة النقض على ذلك بأن " الشفيع ، إذ يرجع بالضمان فى حالة الاستحقاق ، إنما يستعمل حقًا من حقوق المشترى الذى حل محله ، ولا يتأتى مع هذا الوضع أن يرجع على المشترى نفسه ، بل الذى يتأتى أن يرجع على البائع الذى ادعى ملك ما باع ثم نقضت دعواه بالاستحقاق . وعلى ذلك فلا تعارض بين نفى الأثر الرجعى لحكم الشفعة واعتبار المشترى مالكًا إلى يوم هذا الحكم ، وبين إيجاب الضمان فى حالة الاستحقاق على البائع ضد المشترى " ( [1215] ) .
$ 716 $ رابعًا ـ ما هو مقرر فى شأن حق الاسترداد وهو مماثل لحق الشفعة ، فالمسترد لحصة شائعة يحل محل المشترى لهذه الحصة منذ إبرام البيع الذى حصل بسببه الاسترداد ، وكذلك الشفيع ينبغى أن يحل محل المشترى منذ غبرام البيع المشفوع فيه ، لا منذ الحكم بالشفعة كما تقول محكمة النقض . وترد المحكمة على ذلك بأنه إذا كان العمل قد جرى فى فرنسا فى خصوص حق الاسترداد الوراثى بأن يحل المسترد محل المشترى منذ إبرام البيع لا منذ صدور حكم الاسترداد ، " فذلك لأن الشارع هناك لم يجعل حكم الاسترداد منشئًا لحق المسترد ، كما جعل الشارع هنا حكم الشفعة منشئًا لحق الشفيع " ( [1216] ) .
خامسًا ـ ما هو مقرر كمبدأ عام من أن الأحكام كاشفة عن الحقوق لا منشئة لها ، فكذلك حكم الشفعة يكشف عن حق الشفيع لا ينشئه . وترد المحكمة على ذلك بقولها " أما قول الطاعن بأن اعتبار المشترى مالكًا إلى يوم الحكم بالشفعة فيه افتيات على القاعدة التى تقضى بأن الأحكام مقررة لا منشئة للحقوق ، فرده أن الشارع نفسه هو الذى جعل حكم الشفعة منشئًا لحق الشفيع كما جعل البيع منشئًا لحق الراسى عليه المزاد ، فكان النزول على حكم الشارع واجبًا لا معدى عنه " ( [1217] ) .
سادسًا ـ ما استظهر من أحكام الفقه الإسلام وأحكام الفقه الحنفى نفسه من أنها ليست متفقه على أن القضاء بالشفعة للشفيع هو الذى ينشئ حقه فى الشفعة ، وأن الفقه الإسلامى على كل حال لا يقيد القضاء المدنى ، فلا محل للاستناد إلى هذا الفقه فى القول بأن حكم الشفعة منشئ لحق الشفيع كما تقول محكمة النقض . وترد المحكمة على ذلك بأن الحكم المطعون فيه والذى رفضت محكمة النقض الطعن فى شأنه " لم يقم قضاءه على رأى الحنفية فيصح النعى عليه بأن هذا الرأى ليس مجمعًا عليه عندهم وأنه على فرض الإجماع عليه لا يقول القضاء المدنى ، بل أقام قضاءه على ما استمده استمداد صحيحًا من نصوص المادتين 18 و 13 من قانون الشفعة " ( [1218] ) .
$ 717 $ سابعًا ـ ما احتج به من أن الشفيع يودع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة ، فتأخير تملكه العقار المشفوع فيه إلى وقت صدور الحكم بالشفعة على ما تذهب إليه محكمة النقض يحرمه من ريع العقار من وقت إيداع الثمن إلى وقت صدور الحكم لأنه لا يكون مالكًا للعقار فى هذه الفترة ، فيجتمع عليه الحرمان من الريع والحرمان من استغلال الثمن الذى أودعه خزانة المحكمة . وترد محكمة النقض على ذلك فى عهد قانون الشفعة السابق ، وكان هذا القانون لا يلزم الشفيع بإيداع الثمن ، بأن الشفيع لا حق له فى الريع إلا من وقت صدور حكم الشفعة الذى ينشئ حقه ، " ولا يغير من هذا النظر أن يكون الشفيع قد عرض الثمن على المشترى عرضًا حقيقيًا وأن يكون قد أودعه خزانة المحكمة إثر رفضه ، لأنه ما كان ليصبح مدينًا بالثمن للمشترى بمجرد طلب الشفعة ولا كان ملزمًا قانونًا بعرضه ولا بإيداعه ، فإذا كان قد ألزم نفسه بما لم يلزمه به القانون فهو وشأنه . على أنه ليس له أن يتوسل بفعله إلى حرمان المشترى من حقه " ( [1219] ) .
ثم لما صدر التقنين المدنى الجديد يلزم الشفيع بإيداع الثمن خزانة المحكمة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة وقبل رفع الدعوى ، لم تغير محكمة النقض موقفها ، وإنما عدلت الرد على الاعتراض المتقدم الذكر فى حكمين طبقت فيها أحكام التقنين المدنى الجديد . فقالت فى الحكم الأول : " كما أن ما أورده القانون فى المادة 942 / 2 من إلزام الشفيع بإيداع الثمن خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة لا ينم عن رغبة المشرع فى العدول إلى رأى القائلين بارتداد ملكية الشفيع إلى وقت إتمام إجراءات المطالبة بالشفعة ، بدليل أن المادة 944 التى جاءت تالية للمادة 942 قد أفصحت عن رأى المشرع فى اعتبار حكم الشفعة هو المنشئ لملكية الشفيع " ( [1220] ) . وقالت فى الحكم الثانى : " أما ما أورده القانون فى المادة 942 / 2 من إلزام الشفيع بإيداع الثمن خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ، فلم يقصد به تغيير الوضع . وهو لا ينم عن رغبة المشرع فى العدول إلى رأى $ 718 $ القائلين بارتداد ملكية الشفيع إلى وقت إتمام إجراءات المطالبة بالشفعة ، وإنما كان ذلك تمشيًا مع اتجاهه فى التضييق من حق الشفعة وضمانًا لجدية طلبها . وطالما أن حق الشفيع فى العين المشفوع فيها لا يستقر إلا بصدور الحكم له فى الشفعة ، فلا محل للقول باستحقاقه الريع ابتداء من تاريخ إيداعه الثمن " ( [1221] ) .
229 ـ نظرة تقديرية للحجج التى استندت إليها محكمة النقض : لاشك فى أن الحكم الصادر من محكمة النقض فى 31 أكتوبر سنة 1946 ، والذى استخدمنا الأسباب الواردة فيه لبيان الحجج التى استندت إليها محكمة النقض فى تقرير أن حكم الشفعة منشئ لحق الشفيع( [1222] ) ، هو الحكم الأساسى الذى صدر من المحكمة فى هذه المسألة الهامة . والأحكام التى تلت هذا الحكم إنما تردد الحجج التى وردت فيه أو تلخصها . وحتى الأحكام التى صدرت بعد صدور التقنين المدنى الجديد مطبقة لأحكام هذا التقنين فى الشفعة ، هى أيضًا ، كما رأينا( [1223] ) ، لم تعدل عن المبدأ الذى قرره هذا الحكم ، بل والتزمت حججه وصارت هى الأخرى ترددها . ولم تزد عليها إلا الرد على ما استحدثه التقنين المدنى الجديد من إلزام الشفيع بإيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة ، وإلا استعراض مناقشات اللجنة التى قامت بوضع مشروع نصوص الشفعة فى شأن تحديد الوقت الذى يعتبر فيه الشفيع مالكًا وما جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الخصوص( [1224] ) .
وهذا الحكم الأساسى الذى أصدرته محكمة النقض لاشك فى أنه حكم قوى الأسلوب ، ولكنه يخفى تحت قوة الأسلوب ما يصح أن يكون محلاً للنظر من ناحية المنطق القانونى .
فالحجة الرئيسية التى استند إليها هذا الحكم هى ، كما قدمنا( [1225] ) ، تفسيرها للعبارة التى وردت فى المادة 18 من قانون الشفعة السابق من أن حكم الشفعة $ 719 $ " يعتبر سندًا لملكية الشفيع " . وإلى هذه الحجة ترد أكثر الحجج الأخرى ، فنبدأ بالنظر فيها . ونحن نسلم مع محكمة النقض أن التقنين المدنى الجديد لم يستحدث جديدًا فى المسألة التى نحن بصددها ، فلا يزال الوقت الذى يحل فيه الشفيع محل المشترى وتنتقل إليه الملكية فى هذا التقنين هو نفس الوقت الذى يحدده لذلك قانون الشفعة السابق ، ولم يغير إلزام الشفيع بإيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع الدعوى فى ذلك شيئًا . فما ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى وفى مناقشات اللجنة التى قامت بوضع نصوص الشفعة ليس ، فى نظرنا ، إلا تفسيرًا لقانون الشفعة السابق . فنحن فى مناقشتنا للحجج التى استندت إليها محكمة النقض فى عهد قانون الشفعة السابق ، إنما نناقش حججًا يمكن الاستناد إليها فى عهد التقنين المدنى الجديد .
تقول محكمة النقض إن المادة 18 من قانون الشفعة السابق ( م 944 مدنى جديد ) تنص على أن " الحكم الذى يصدر نهائيًا بثبوت الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع " . والمشرع لم يرد بهذا النص " أن يعتبر الحكم حجة أو دليلاً على الملكية التى قضى بها ، وإلا لكان هذا النص عبثًا مع وجود المادة 232 التى نصت على حجية الأحكام " . ونقف عند هذه النقطة قليلاً ، إذ يبدو أن محكمة النقض تريد أن تستعد معنى لكلمة " السند " لم يخطر على بال أحد أن يسنده لها . فالمادة 232 من التقنين المدنى السابق التى تشير إليها المحكمة تنص على أن " الأحكام التى صارت انتهائية تكون حجة بالحقوق الثابتة بها ، ولا يجوز قبول إثبات على ما يخالفها إذا لم يكن اختلاف فى الحقوق المدعى بها ولا فى الموضوع ولا فى السبب ولا فى الصفة المتصف بها الأخصام " . فالنص يعرض ، كما نرى ، لحجية الأمر المقضى ، ولم يقل أحد إن المادة 18 من قانون الشفعة السابق تريد أن تقرر أن حكم الشفعة حجة بما جاء فيه فيكسب بذلك حجية الأمر المقضى . وإنما المعارضون لما ذهبت إليه محكمة النقض يقولون إن لكلمة " السند " معنيين مختلفين ، ليست حجية الأمر المقضى أحدهما . فكثيرًا ما تستعمل النصوص كلمة " السند " على المعنى الذى ذهبت إليه محكمة النقض ، فيكون معناها السبب القانونى ( cause juridique ) . وقد وردت الكلمة فعلاً على هذا المعنى ، $ 720 $ كما تقول محكمة النقض ، فى المادة 608 من التقنين المدنى السابق( [1226] ) . وفى المادة 587 من تقنين المرافعات السابق( [1227] ) . ولكن كثيرًا ما تستعمل النصوص أيضًا كلمة " السند " على معنى آخر غير المعنى الذى ذهبت إليه محكمة النقض ، فيكون معناها دليل الإثبات أو الدليل المكتوب للحق الذى يتمسك به صاحبه . ولعل هذا المعنى الآخر هو الذى يغلب القصد إليه فى النصوص . استعملت كلمة " السند " بهذا المعنى الآخر فى المواد 148 و 273 و 549 من التقنين المدنى السابق ، وهو التقنين الذى كان معمولاً به عند صدور حكم محكمة النقض فى سنة 1946 . فنصت المادة 148 من هذا التقنين على أنه " لا يكون الرد مستحقًا إذا دفع إنسان دين شخص آخر غلطا لدائن ذلك الشخص وقبضه الدائن المذكور معتقدًا صحة الدفع وانعدم سند الدين ، وإنما يجوز الرجوع بالمدفوع على المدين الحقيقى " . ونصت المادة 273 من نفس التقنين على أن " تسليم مجرد الحقوق يكون بتسليم سنداتها . . . " . ونصت المادة 549 من نفس التقنين على أنه " لا يصح رهن المنقول بالنسبة لغير المتعاقدين إلا إذا كان بسند ذى تاريخ ثابت بوجه رسمى . . . " . واستعملت هذه الكلمة بهذا المعنى أيضًا فى سلسلة من النصوص متعاقبة ، فنصت المادة 218 على أنه يجوز الإثبات بالبينة " إذا وجد دليل قطعى على ضياع السند بسبب قهرى " . ونصت المادة 220 على أنه " يجوز للدائن أن يثبت بالبينة أن وجود السند تحت يد المدين كان لسبب آخر غير تخلصه من الدين " . ويطول بنا القول لو عددنا النصوص $ 721 $ التى استعملت فيها كلمة " السند " ( [1228] ) . على هذا المعنى ، سواء كان ذلك فى التقنين المدنى السابق أو فى التقنينات الأخرى ، ونكتفى بالإشارة على سبيل المثال إلى المادة 231 والمادة 272 من التقنين المدنى السابق ، وإلى المواد 38 و 39 و 113 و 333 و 348 و 370 و 405 و 406 و 407 من التقنين التجارى ، وإلى المواد 28 و 36 و 251 و 254 و 384 و 391 و 398 و 410 و 412 و 417 و 463 و 511 و 537 و 541 من تقنين المرافعات السابق .
فلكلمة " السند " إذن معنيان فى لغة النصوص القانونية ، المعنى الأول هو السبب القانونى المنشئ للحق ، والمعنى الآخر هو دليل الحق المثبت له أو دليله المكتوب . فبأى معنى من هذين المعنين استعملت كلمة " السند " الواردة فى المادة 18 من قانون الشفعة السابق؟ تقول محكمة النقض إنها استعملت بمعنى السبب القانونى المنشئ لحق الشفيع ، وهذا محتمل . ولكن يوجد أيضًا احتمال أن تكون استعملت بمعنى الدليل المثبت لحق الشفيع( [1229] ) ، فما هى القرينة التى تغلب أحد الاحتمالين على الاحتمال الآخر؟ قد توجد قرينة تقطع فى أن المقصود " بالسند " فى المادة 18 من قانون الشفعة السابق هو الدليل المثبت أو الدليل المكتوب ، فإن نص هذه المادة يجرى على الوجه الآتى : " الحكم الذى يصدر نهائيًا بثبوت الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع ، وعلى المحكمة تسجيله من تلقاء نفسها " . فلو كان الضمير فى كلمة " تسجيله " يعود على أقرب اسم إليه ، لعاد على كلمة " السند " ، ومعنى ذلك أن السند هو الذى يجب تسجيله ، ولقطع ذلك فى أن المقصود بالسند هو الدليل المكتوب لأن الدليل المكتوب هو وحده الذى يصلح للتسجيل . ولكن الضمير قد يكون عائدًا على كلمة " الحكم " ، $ 722 $ وبخاصة إذا رجعنا إلى النص الفرنسى للمادة( [1230] ) ، فيكون الواجب التسجيل هو حكم الشفعة ، فلا تقوم القرينة التى أشرنا إليها . وعلينا إذن أن نتلمس مرجحًا آخر لتغليب أحد المعنيين . وفى رأينا أنه لا يصح الوقوف عند الألفاظ والتحليل اللغوى لتغليب أحد المعنيين ، بل يجب النظر إلى نصوص الشفعة جملة واحدة واستخلاص المعنى الذى يقصد إليه المشرع من مجموع الحلول العملية التى أوردها . وهنا ننتقل إلى النظر فى الحجج الأخرى التى استندت إليها محكمة النقض ، وتتضمنها الردود التى أجابت بها على الاعتراضات التى وجهت إليها .
فالاعتراض الأول الذى وجه إلى محكمة النقض هو أنه لو كان الشفيع لا يملك إلا بعد صدور الحكم بالشفعة الذى هو سند الشفيع بمعنى أنه هو الذى ينشئ حقه كما تقول محكمة النقض ، لا قتضى ذلك أن يبقى المشترى مالكًا إلى وقت صدور هذا الحكم . فإذا بنى أو غرس فى العقار المبيع لكان يبنى أو يغرس فى عقار يملكه ، ولو تصرف فى هذا العقار لكان متصرفًا فى ملكه ، فلا محل إذن لأن يقيد المشرع حقه فى البناء والغرس كما يقيد حق من يبنى أو يغرس فى ملك غيره ، ولا أن يقيد حقه فى التصرف كما يقيد حق من يتصرف فى ملك الغير . وتجيب محكمة النقض على هذا الاعتراض بأنه لا يمكن أن تكون هذه القيود قد ترتبت على زوال ملكية المشترى بأثر رجعى ، لأن هذا الأثر لا يستقيم إلا على تقدير أن يكون المشترى مالكًا تحت شرط فاسخ هو الحكم بالشفعة وأن يكون الشفيع مالكًا تحت شرط توقيفى هو الحكم له بطلبه ، وأن الأصل فى التصرفات التنجيز والتعليق يثبت بعارض الشرط ، والتعليق بالشرط لا يكون إلا فى الالتزامات الاتفاقية . وواضح أن القول بزوال ملكية المشترى بأثر رجعى على تقدير أن يكون المشترى مالكًا تحت شرط فاسخ هو الحكم للشفيع بالشفعة لم يخطر ببال المعترضين ، بل إن هؤلاء إنما يقولون بأن حكم الشفعة كاشف لا منشئ . ولا يقصدون بتاتًا أن يعلقوا $ 723 $ ملكية المشترى على شرط فاسخ هو الحكم للشفيع بالشفعة ، وإنما يقصدون أن يقولوا إن حكم الشفعة هو كسائر الأحكام كاشف عن حق الشفيع وإن هذا الحق قد نشأ قبل صدور الحكم بالشفعة ولم يفعل الحكم إلا أن كشف عن وجوده . فدفع الاعتراض بهذا الرد لا يكفى لدحضه . وكان يمكن لمحكمة النقض أن ترد على الاعتراض لو أنها قالت إن تقييد حق المشترى فى البناء والغرس وفى التصرف فى العقار لا يكفى وحده لنفى ملكيته ، فقد يكون الشخص مالكًا للشئ ويورد القانون قيودًا على حريته فى استعماله وفى التصرف فيه( [1231] ) . وبذلك ينهدم الاعتراض الأول ، فننتقل إلى الاعتراض الثانى .
وفى هذا الاعتراض الثانى يثار حلول الشفيع محل المشترى ، فيختفى المشترى من الصفقة ، وكأن الشفيع لا المشترى هو الذى تعاقد مع البائع منذ إبرام لابيع ، فينشأ حق الشفيع من هذا الوقت لا من وقت صدور الحكم بالشفعة ـ ولكن محكمة النقض ترد على ذلك بأن حلول الشفيع محل المشترى إنما يكون ، لا منذ إبرام البيع ، بل منذ صدور الحكم بالشفعة ، إذ أن هذا الحكم هو الذى ينشئ حق الشفيع . وهذا الرد يكفى لدحض الاعتراض ، ولكنه ينطوى على أمر هام لا منص من التسليم به . فالقول بأن حلول الشفيع $ 724 $ محل المشترى لا يكون إلا منذ صدور الحكم بالشفعة معناه الحتمى هو أن يبقى المشترى مالكًا للعقار المبيع إلى وقت صدور هذا الحكم ، ومعناه الحتمى أيضًا هو أن الشفيع ، إذ يحل محل المشترى منذ صدور الحكم ، يتلقى ملكية العقار من المشترى لا من البائع فإن المشترى هو المالك وقت صدور الحكم .
وهنا يأتى الاعتراض الثالث ، وهو الاعتراض الحاسم ، فنص المادة 13 من قانون الشفعة السابق ( م 945 مدنى جديد ) صريح فى أن الشفيع يرجع بضمان الاستحقاق مباشرة على البائع . فلو أن الشفيع تلقى الملكية من المشترى كما هو مقتضى ما ذهبت إليه محكمة النقض ، لكان الواجب أن يكون المشترى هو الذى يرجع عليه الشفيع بضمان الاستحقاق ، فإذا رجع الشفيع بهذا الضمان على البائع فإنما يكون ذلك عن طريق الدعوى غير المباشرة يرفعها الشفيع باسم المشترى . فلننظر ماذا تقول محكمة النقض فى الرد على هذا الاعتراض . تقول إن " الشفيع ، إذ يرجع بالضمان فى حالة الاستحقاق ، إنما يستعمل حقًا من حقوق المشترى الذى حل محله ، ولا يأتى مع هذا الوضع أن يرجع على المشترى نفسه ، بل الذى يتأتى أن يرجع على البائع الذى ادعى ملك ما باع ثم نقضت دعواه بالاستحقاق . وعلى ذلك فلا تعارض بين نفى الأثر الرجعى لحكم الشفعة واعتبار المشترى مالكًا إلى يوم هذا الحكم ، وبين إيجاب الضمان فى حالة الاستحقاق على البائع دون المشترى " . وهذا القول فى حاجة إلى إمعان من النظر . فإذا كانت محكمة النقض تريد ، بقولها إن الشفيع فى رجوعه بالضمان على البائع إنما يستعمل حقًا من حقوق المشترى ، أن الشفيع يستعمل الدعوى غير المباشرة يرفعها باسم البائع ، فإن هذا القول يتناقض مع صريح النص . فالمشرع يقول " ليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع " ، فهو ينفى الرجوع على المشترى . ولو أراد المشرع أن يكون رجوع الشفيع باسم المشترى ، لما منع ذلك من أن الشفيع يرجع رجوعًا مباشرًا على المشترى إلى جانب رجوعه رجوعًا غير مباشر على البائع ، بل لما كان هناك حاجة إلى النص على جواز رجوع الشفيع بالدعوى غير المباشرة فإن القواعد العامة تكفل هذا الرجوع دون حاجة إلى نص . وإذا كانت محكمة النقض تقصد القول إن الشفيع إنما يستعمل حق المشترى الذى انتقل إليه هو عندما حل محل المشترى منذ صدور الحكم بالشفعة $ 725 $ فالشفيع يرجع رجوعًا مباشرًا على البائع بضمان الاستحقاق كما كان يرجع المشترى ، فإن هذا القول لا يمنع من أن الشفيع يرجع أيضًا رجوعًا مباشرًا على المشترى بضمان الاستحقاق مستمدًا هذا الرجوع من أن الملكية انتقلت إليه من المشترى لا من البائع( [1232] ) . ففى هذا القول أيضًا يكون للشفيع أن يرجع رجوعًا $ 726 $ مباشرًا بضمان الاستحقاق على أى من البائع أو المشترى . ولكن المشرع منع بنص صريح رجوع الشفيع بضمان الاستحقاق على المشترى ، وجعل الرجوع بهذا الضمان على البائع وحده ، إذ يقول النص كما رأينا " فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع " . وهذا معناه أن المشترى قد اختفى من الصفقة منذ البداية وحل محله الشفيع ، وذلك منذ إبرام البيع لا منذ صدور الحكم بالشفعة ، وهذا ما يناقض مذهب محكمة النقض . فالمحكمة إذن بين أن تخالف نصًا صريحًا فى القانون ، وبين أن تأخذ به فتنقض مذهبها . والصحيح فى نظرنا أن نص المادة 13 من قانون الشفعة السابق ( م 945 مدنى جديد ) هو وحده القاطع فى أن الشفيع يحل محل المشترى منذ إبرام البيع ، فتنعقد الصلة مباشرة بينه وبين البائع ، فيكون له إذن أن يرجع رجوعًا مباشرًا على البائع دون المشترى بضمان الاستحقاق . وهذا النص هو ودده الذى يغلب أحد الاحتمالين فى تفسير كلمة " السند " التى وردت فى المادة 18 من قانون الشفعة السابق ( م 944 مدنى جديد ) ، ويصرف معنى هذه الكلمة إلى أن يكون دليل الحق المثبت له أو دليله المكتوب ، لا أن يكون السبب القانونى المنشئ للحق . إذ لو كان معنى كلمة " السند " السبب القانونى المنشئ للحق ، لوجب القول مع محكمة النقض إن حكم الشفعة منشئ لا كاشف ، وإن الشفيع لا يحل محل المشترى إلا منذ صدور هذا الحكم ، وهذا ما نعتقد أننا أثبتنا عكسه . فالشفيع يحل محل المشترى منذ إبرام البيع ، حتى يستطيع أن يرجع رجوعًا مباشرًا بضمان الاستحقاق على البائع وحده دون المشترى .
فإذا ما انتهينا على هذا النحو إلى أن حكم الشفعة كاشف لا منشئ( [1233] ) ، وإلى أن حلول الشفيع محل المشترى يكون منذ إبرام البيع لا منذ صدور الحكم بالشفعة ، لم يبق بعد ذلك حائل دون قياس حق الشفعة على حق الاسترداد . $ 727 $ فالشفيع كالمسترد لحصة شائعة ، كلاهما يحل محل المشترى منذ إبرام البيع ، لا منذ الحكم بالشفعة أو الحكم بالاسترداد . وما حق الاسترداد إلا حق شفعة مقصور على المنقول والمجموع من المال ، فهو يماثل حق الشفعة تمامًا من حيث حلول المسترد محل المشترى . وتقول المادة 833 / 1 مدنى فى هذا الصدد : " ويحل المسترد محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته إذا هو عوضه عن كل ما أنفقه " . والمجمع عليه فى فرنسا وفى مصر أن حلول المسترد محل المشترى معناه أن المشترى يختفى من الصفقة تمامًا ، ويعتبر المسترد كأنه هو الذى اشترى الحصة الشائعة مباشرة من البائع ، وكأن المشترى لم يتدخل بتاتًا فى الصفقة . وهذا الذى تقرر إجماعًا فى حق الاسترداد يجب أن يكون مقررًا أيضًا فى حق الشفعة . ولا يحول دون ذلك ما تقوله محكمة النقض من أن " الشارع هناك لم يجعل حكم الاسترداد منشئًا لحق المسترد ، كما جعل الشارع هنا حكم الشفعة منشئًا لحق الشفيع " ، فإن حكم الشفعة كما رأينا لا ينشئ حق الشفيع بل يكشف عنه ، كما يكشف عن حق المسترد حكم الاسترداد .
ولم يبق بعد ذلك من حجج محكمة النقض ما يستوقفنا إلا ما استظهرته من أن حكم الشفعة يخالف المبدأ العام فى الأحكام من أنها كاشفة لا منشئة ، وتعلل ذلك بأن " الشارع نفسه هو الذى جعل حكم الشفعة منشئًا لحق الشفيع كما جعل حكم البيع منشئًا لحق الراسى عليه المزاد ، فكان النزول على حكم الشارع واجبًا لا معدى عنه " . وقد رأينا أن النص الذى تستند إليه محكمة النقض لا يسعفها فى القول بأن الشارع نفسه هو الذى جعل حكم الشفعة منشئًا لحق الشفيع ، ومن ثم لا محل لاستثناء حكم الشفعة من المبدأ العام الذى يقضى بأن الأحكام كاشفة لا منشئة ، فحكم الشفعة لا يخرج على هذا المبدأ إذا هو كاشف لا منشئ .
130 ـ موقف الفقه الإسلامى من المسألة : ليس هناك اتفاق فى الفقه الإسلامى على أن حكم الشفعة منشئ لحق الشفيع ، لا فى المذهب الحنفى ولا فى المذاهب الأخرى .
ففى المذهب الحنفى ، عند أبى حنيفة ، إذا أتى الشفيع بطلب المواثبة وبطلب الإشهاد والتقرير صحيحين ، استقر حقه على وجه لا يبطل بتأخير طلب الخصومة حتى يسقطها بلسانه . وهذه هى أيضًا إحدى الروايتين عن أبى $ 728 $ يوسف ، وهو ظاهر المذهب ، وعليه الفتوى ، كذا فى الهداية( [1234] ) . ووجه قول أبى حنيفة أن الحق للشفيع قد ثبت بالطلبين ، والأصل أن الحق متى ثبت لإنسان لا يبطل إلا بإبطال ولم يوجد ، لأن تأخير طلب الخصومة لا يكون إبطالاً ، كتأخير استيفاء القصاص وسائر الديون( [1235] ) . وذكر الكرخى أن الاقضى إذا قضى بالشفعة ينتقض البيع الذى كان بين البائع والمشترى فى المشهور من قولهم . وروى عن أبى يوسف أنه لا ينتقض . واختلف المشايخ فيه . قال بعضهم البيع لا ينتقض . بل تتحول الصفقة إلى الشفيع . وقال بعضهم ينتقض البيع الذى جرى بين البائع والمشترى وهذا قول محمد ، وينعقد للشفيع بيع آخر ، كأنه كان من البائع إيجابان ، أحدهما مع المشترى والآخر مع الشفيع . فإذا قضى القاضى بالشفعة فقد قبل الشفيع الإيجاب الذى أضيف إليه ، وانتقض ما أضيف إلى المشترى ، سواء قبل المشترى الإيجاب المضاف إليه أو لم يقبل . ووجه قول من قال بالتحول لا بالانتقاض أن البيع لو انتقض تعذر الأخذ بالشفعة ، لأنه من شرائط وجوب الشفعة ، فإذا انتقض لم تجب ، فتعذر الأخذ . ووجه قول من قال بالانتقاض لا بالتحول أن للشفيع أن يرد الدار على من أخذها منه بخيار الرؤية ، وإذا رد عليه لا يعود شراء المشترى . ولو تحولت الصفقة إلى الشفيع لعاد شراء المشترى ، لأن التحول كان لضرورة مراعاة حق الشفيع ، ولما رد فقد زالت الضرورة ، فينبغى أن يعود الشراء . ولأنها لو تحولت لصار المشترى وكيلاً للشفيع ، لأن عقده يقع له ، ولو كان كذلك لما ثبت للشفيع خيار الرؤية إذا كان المشترى قد رآها قبل ذلك ورضى بها ، لأن خيار الرؤية يبطل برؤية الوكيل ورضاه . وكذلك لو كان الشراء بثمن مؤجل ، فأراد الشفيع أن يأخذها للحال ، يأخذ بثمن حال ، ولو تحولت الصفقة إليه لأخذها بثمن مؤجل . وكذا لو اشتراها على أن البائع برئ من كل عيب بها عند البيع ، ثم أخذها الشفيع فوجد بها عيبًا ، فله أن يردها على من أخذها منه . ولو تحولت تلك الصفقة إلى الشفيع ، لما ثبت له حق الرد ، كما لم ثبت للمشترى . فدلت هذه المسائل على أن شراء المشترى ينتقض ، ويأخذها الشفيع بشراء مبتدأ بعد $ 729 $ إيجاب مبتدأ مضاف إليه . وقد خرج الجواب عن قولهم إن البيع لو انتقض لتعذر الأخذ بالشفعة ، لأنه لا يأخذ بذلك العقد لانتقاضه ، بل بعقد مبتدأ بين البائع والشفيع على ما سبق تقريره( [1236] ) . أما إذا كان المبيع فى يد المشترى ، فأخذه الشفيع منه ودفع الثمن إليه ، فالبيع الأول صحيح ، لأن التملك وقع على المشترى ، فيجعل كأنه اشترى منه( [1237] ) .
$ 730 $ وفى المذاهب الأخرى غير مذهب الحنفية ، ذهب مالك إلى أن الشفيع يتملك المشفوع فيه بقوله أخذته بالشفعة وما فى معناه ، دون اشتراط قضاء من القاضى أو رضاء من المشترى متى كان عالمًا بالثمن . لأن ذلك يعتبر قبولاً لبيع البائع ، وكأن إيجابه وجه إليه عند حصوله . وقال أحمد يملكه بذلك الطلب ، وإن لم يعلم الثمن . وقال الشافعى يملكه به ، بشرط أن يدفع الثمن إلى المشترى . وجه قولهم أن الشارع جعل الشفيع أحق بالمبيع من المشترى رضى بذلك أو أبى ، فلا يتوقف تملك الشفيع المبيع على رضاه ، ولم يرد عن الشارع أنه اشترط لتملكه قضاء القاضى( [1238] ) .
ويخلص من كل ذلك أن الحنفية فى أكثر أقوالهم يذهبون إلى أن الشفيع يملك المشفوع فيه من وقت رضاء المشترى أو من وقت قضاء القاضى ، فيكون حكم الشفعة منشئًا لحق الشفيع . ولكن أبا حنيفة يذهب إلى أن الشفيع يستقر حقه بطلب المواثبة وطلب الإشهاد والتقرير ، دون حاجة إلى قضاء القاضى ، وهذه هى إحدى الروايتين عن أبى يوسف . فلا يكون قضاء القاضى إذن فى هذا القول ضروريًا لاستقرار حق الشفيع ، ومن ثم لا يكون حكم الشفعة هو الذى ينشئ حق الشفيع . وفى المذاهب الثلاثة الأخرى لا يتوقف تملك الشفيع للعقار المشفوع فيه ، ومن ثم لا يكون حكم الشفعة منشئًا لحق الشفيع .
231 ـ حلول الشفيع محل المشترى من وقت البيع هو الذى يتفق مع طبيعة الشفعة ومع الحلول العملية فيها : والآن بعد أن أثبتنا أنه لا يمكن الاستناد إلى المادة 18 من قانون الشفعة السابق ( م 944 مدنى جديد ) ، وهى التى تقرر أن حكم الشفعة " يعتبر سندًا لملكية الشفيع " ، للقول بأن حكم الشفعة منشئ لحق الشفيع وبأن حلول الشفيع محل المشترى يحصل تبعًا لذلك من وقت صدور هذا الحكم ، نكون قد أزحنا الحجة الرئيسية التى يعتمد عليها أصحاب هذا القول . ولا يستطيع أصحاب هذا القول ، من جهة أخرى ، الاستناد إلى الفقه الإسلامى . فقد رأينا أن هذا الفقه قد اختلفت فيه الآراء ، وإذا كان المذهب الحنفى يقول فى بعض آرائه إن الشفيع يتملك من وقت القضاء له بالشفعة ، فإن إمام هذا المذهب ، ويتابعه فى ذلك فقهاء آخرون ، يقول إن حق الشفيع يستقر قبل القضاء له بالشفعة ، أما المذاهب الثلاثة الأخرى فمجمعة على أن الشفيع يتملك قبل القضاء له بالشفعة .
لم يبق إذن ، وقد استبعدنا نص المادة 18 من قانون الشفعة ( م 944 مدنى جديد ) واستبعدنا الفقة الإسلامى ، إلا أن نرجع إلى المبادئ العامة فى الشفعة ، وإلى الحلول العملية التى أوردها المشرع والتى يكون من شأنها أن تنير لنا الطريق ، مستأنسين بالأعمال التحضيرية للتقنين المدنى الجديد .
أما المبادئ العامة فى الشفعة فترجع هنا إلى التكييف الصحيح لطبيعة الشفعة . وقد عرضنا لهذا التكييف غير مرة ، وقررنا( [1239] ) أن الشفعة واقعة مركبة من عناصر ثلاثة ، الارتباط ما بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به ، وبيع العقار المشفوع فيه ، وإعلان الشفيع إرادته فى الأخذ بالشفعة . فمتى تكاملت هذه العناصر ، فقد قامت الشفعة سببًا قانونيًا يحدث أثره ، وهذا الأثر هو حلول الشفيع محل المشترى فى البيع الذى تم بين المشترى والبائع منذ تمام هذا البيع . فالشفعة إذن لا تحدث أثرها إلا عند إعلان الشفيع إرادته فى الأخذ بالشفعة ، ولكن متى أحدثت هذا الأثر فقد حل الشفيع محل المشترى منذ تمام البيع لا منذ إعلان الشفيع لإرادته . وعلى ذلك يجب ، كما استبعدنا القول بأن الشفيع يحل محل المشترى من وقت صدور الحكم بالشفعة ، أن نستبعد أيضًا أن يكون هذا الحلول من وقت رفع دعوى الشفعة ، أو من وقت تسجيل إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ، أو من وقت إعلان هذه الرغبة ، وهذه أقوال ثلاثة أخرى لكل قول منها أنصار فى الفقه وفى القضاء وقد سبقت الإشارة إليها( [1240] ) . صحيح أنه يجب أن نقف عند إعلان الشفيع رغبته فى الأخذ بالشفعة ، ولكن لنقرر أن $ 732 $ الشفعة قد تكاملت عناصرها وقامت سببًا قانونيًا لحلول الشفيع محل المشترى ، على أن يكون هذا الحلول واقعًا من وقت إبرام البيع لا من وقت إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ، بحيث يختفى شخص المشترى من الصفقة فلا يتوسط ما بين البائع والشفيع ، وتكون الصلة ما بين البائع والشفيع صلة مباشرة على الوجه الذى بسطناه فيما تقدم( [1241] ) . وكما أن الحكم بالشفعة إنما يكشف عن ثبوت حق الشفيع وعن أن الشفيع قد حل محل المشترى ، كذلك إعلان الشفيع رغبته فى الأخذ بالشفعة إذا هو أنشأ حق الشفيع فإن ذلك معناه أنه أنشأ حق الشفيع فى الحلول محل المشترى منذ إبراهم البيع . فالشفعة تتم سببًا قانونيًا ، لإحلال الشفيع محل المشترى ، عند إعلان الشفيع رغبته فى الأخذ بالشفعة . ولكن متى حل الشفيع محل المشترى فإن حلوله هذا يحصل منذ إبرام البيع ، وتعتبر الصفقة قد انعقدت مباشرة لا بين البائع والمشترى بل بين البائع والشفيع .
ويتأكد ذلك إذا رجعنا إلى الحلول العملية التى أوردها المشرع ومن شأنها أن تنير لنا الطريق . فقد رأينا أن المادة 945 مدنى تنص صراحة على أن الشفيع لا يرجع فى ضمان الاستحقاق على المشترى ، وإنما يرجع مباشرة فى هذا الضمان على البائع . ولا يتأتى ذلك إذا بقى المشترى فى الصفقة يتوسط بين البائع والشفيع ، فتنتقل الملكية أولاً بالبيع من البائع إلى المشترى ، ثم تنتقل بعد ذلك بالشفعة من المشترى إلى الشفيع . إذ لو كان الأمر على هذا النحو ، لوجب أن يرجع الشفيع بضمان الاستحقاق على المشترى فهو الذى نقل الملكية إلى الشفيع ، ولو رجع على البائع لما كان له أن يرجع إلا باسم المشترى عن طريق الدعوى غير المباشرة ، أو يرجع عليه رجوعًا مباشرًا ولكن هذا الرجوع لا يمنعه من أن يرجع أيضًا رجوعًا مباشرًا على المشترى . ويقاس على ضمان الاستحقاق سائر التزامات البائع ، من الالتزام بنقل الملكية والالتزام بتسليم المبيع والالتزام بضمان العيوب الخفية ، فهذه كلها يرجع فيها الشفيع مباشرة على البائع لا على المشترى كما هى الحال فى ضمان الاستحقاق . وقد سبق أن قررنا أن نص المادة 945 مدنى ، الذى يجعل الشفيع لا يرجع بضمان الاستحقاق إلا على البائع ، هو النص الحاسم فى المسألة التى نحن بصددها . فهذا النص يحمل الدليل القاطع على أن الشفيع يحل $ 733 $ محل المشترى منذ إبرام البيع ، وأن شخص المشترى يختفى من الصفقة لتكون الصلة ما بين البائع والشفيع صلة مباشرة . فلا يكون حكم الشفعة منشئًا لحق الشفيع بحيث لا يقع حلول الشفيع محل المشترى إلا منذ صدور هذا الحكم ، بل هو حلول يقع قبل ذلك ومنذ إبرام البيع( [1242] ) .
ونستأنس بعد ذلك ، فيما قدمناه ، بالأعمال التحضيرية للتقنين المدنى الجديد . وأولى ما نستأنس به هو ما دار من مناقشات حول هذه المسألة فى اللجنة التى قامت بوضع نصوص المشروع التمهيدى فى الشفعة . وأول قول صريح فى هذه المسألة نقرأه فى محضر جلسة 25 فبراير سنة 1938 من جلسات اللجنة ، إذ يقول أحد الأعضاء : " فالواقع أن الشفيع مالك منذ تاريخ البيع ، غير أن ملكيته هذه مشروطة باستعمال حقه فى الشفيع مالك منذ تاريخ البيع ، غير أن ملكيته هذه مشروطة باستعمال حقه فى الشفعة فى الميعاد القانونى والاعتراف بحقه هذا فيما بعد باسناد ملكية العقار إليه . فالشفيع إذن يتلقى حقه من البائع مباشرة ، بدليل أنه يحل بحكم القانون محل المشترى . ويكتسب الثمار ابتداءً من تاريخ البيع ، كما يدفع فوائد الثمن من نفس التاريخ ، فضلاً عن أن الشفيع يعد هو المالك الوحيد منذ البيع ، ولو أن ملكيته فى الحقيقة معلقة على شرط إذ أن حقه فى الملكية رهين بقيامه بالإجراءات التى يتطلبها القانون ، إلا أنه مالك يتلقى حقه مباشرة من البائع ، مما يترتب عليه أن كل بيع يحصل من المشترى ابتداءً من اللحظة التى يستعمل فيها الشفيع حقه فى الشفعة لا يحتج به عليه ولا يسرى حقه " ( [1243] ) . وهذا القول لا غبار عليه( [1244] ) ، ولكنه بطبيعة الحال إنما يعبر عن الرأى الشخصى للعضو الذى قاله ، لا عن رأى اللجنة( [1245] ) .
$ 734 $ ولما تفرغت اللجنة لمناقشة المسألة ، انقسم الأعضاء فيما أدلوا به من آراء ، وقرنوا مسألة تحديد وقت انتقال الملكية بالوقت الذى يكسب فيه الشفيع الحق فى الثمار ، فهو يكسب الثمار من الوقت الذى يصبح فيه مالكًا للعقار المشفوع فيه . ورأى أحد الأعضاء أن يحدد الوقت بتاريخ البيع ، ورأى أعضاء آخرون أن يكون هذا الوقت هو وقت إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ، ولم ير غلا عضو واحد أن يكون حكم الشفعة منشئًا على الوجه الذى ذهبت إليه محكمة النقض وأن يتأخر انتقال الملكية إلى الشفيع إلى وقت صدور هذا الحكم . ولما لم تستطع اللجنة الاتفاق على رأى( [1246] ) ، عقب أحد الأعضاء " بأن الموضوع $ 735 $ الوحيد الذى يتعين علاجه بنص إنما هو مسألة الثمار وفوائد الثمن ، وأن النص الواجب وضعه يجب أن يكون الغرض منه وضع حل لذلك ، وطلب أخذ الرأى فى هذه النقطة . فوافقت اللجنة بالأغلبية على هذا الاقتراح ، وقررت أن ينص فى المادة الواجب وضعها على أن الشفيع يتملك الثمار ويلتزم بالفوائد من تاريخ إعلان رغبته فى الشفعة " ( [1247] ) . وعهدت اللجنة إلى أحد الأعضاء بصياغة هذا النص ، ولكن يظهر أن اللجنة حلت قبل أن يعرض النص عليها .
ولم يتضمن المشروع التمهيدى نصًا فى هذا الخصوص ، ولكن المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع جاء فيها ما يأتى : " هذا وقد تناقشت اللجنة فى جلستها الأخيرة التى عقدتها للنظر فى نصوص الشفعة ( الجلسة الثانية عشرة ) فى إضافة نص يقضى بأن الغلة تكون للشفيع من وقت إعلانه الأخذ بالشفعة ، وعليه من ذلك الوقت أيضًا فوائد ما لم يودعه من الثمن فى خزينة المحكمة . وقد اقترح $ 736 $ أحد الأعضاء فى لجنة فرعية نصا بهذا المعنى ، ولكن اللجنة لم تناقشه " . ثم أضافت المذكرة الإيضاحية ما يأتى : " والرأى فى ذلك أن الشفيع يحل محل المشترى فى الصفقة ، فيملك من وقت البيع الأول ويعتبر المشترى كأنه لم يملك أصلا . ( فإذا ) استولى على ثمار المبيع إلى إعلان الرغبة ، فهو يتملك الثمار بالحيازة إذ هو حسن النية إلى هذا الوقت . وما دام قد تملك الثمار ، فلا يتقاضى فائدة على الثمن . ومنذ تعلن الرغبة فى الأخذ بالشفعة لا يملك الثمار ، وتكون للشفيع إذ هو المالك . وللمشترى أن يطالب بالفوائد من الوقت الذى لا يتملك فيه الثمار " ( [1248] ) .
ويتبين مما أوردناه من مناقشات اللجنة ومن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى أن اللجنة لم تكن فى صف محكمة النقض تقول بأن حكم الشفعة منشئ لحق الشفيع ، وبأن الشفيع يحل محل المشترى من وقت صدور هذا الحكم ، مع أنها هى التى أقرت نص المادة 944 مدنى القاضى بأن حكم الشفعة " يعتبر سندًا لملكية الشفيع " . ولم يفهم أحد من الأعضاء أن المقصود بالسند هنا هو السبب القانونى المنشئ لحق الشفيع كما ذهبت محكمة النقض ، وإلا لما كان هناك محل لأن تتناقش اللجنة طويلاً فى تحديد الوقت الذى ينشأ فيه حق الشفيع فلا تصل إلى قرار فى ذلك ، مع وجود نص صريح أمامها يحدد هذا الوقت بتاريخ صدور حكم الشفعة إن صح تفسير محكمة النقض للمادة 18 من قانون الشفعة السابق وللمادة 944 من التقنين المدنى الجديد على الوجه الذى ذهبت إليه . وإذا كانت اللجنة قد أقرت ، من حيث المبدأ ، أن تكون الثمار للشفيع من وقت إعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة ، فإن هذا لا يعنى حتمًا أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت هذا الإعلان فقط . فإنه يمكن أن يحل الشفيع محل المشترى من وقت البيع ، ومع ذلك لا تكون الثمار له إلا من وقت إعلانه المشترى برغبته فى الأخذ بالشفعة ، إذ يتملك المشترى ، وهو حسن النية قبل إعلانه بهذه الرغبة ، الثمار بالحيازة . بل إن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى تضمنت رأيًا صريحًا فى أن الشفيع " يملك من وقت البيع الأول ، ويعتبر المشترى كأنه $ 737 $ لم يملك أصلاً " . صحيح ، كما تقول محكمة النقض( [1249] ) ، أن هذا الرأى هو رأى شخصى لواضع المذكرة . ولكن هذا الرأى ، الذى ضمناه المذكرة الإيضاحية التى قمنا بوضعها ، لا يتناقض مع نص المادة 944 مدنى على خلاف ما ذهبت إليه محكمة النقض . فكل ما تقوله المادة 944 مدنى هو أن حكم الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع ، وليس فى هذا ما يتعارض مع القول بأن الشفيع يحل محل المشترى من وقت البيع . وقد بسطنا تفصيلاً فيما تقدم أن حكم الشفعة ليس منشئًا لحق الشفيع بل هو كاشف عنه ، وأن هذا الحكم إذا اعتبر سندًا لملكية الشفيع فإن معنى السند هنا ليس هو السبب القانونى المنشئ ، بل معناه أنه دليل الحق المثبت له أو دليله المكتوب . هذا إلى أن حلول الشفيع محل المشترى من وقت إبرام البيع هو الذى تمليه المبادئ العامة ، ويفرضه التكييف الصحيح لطبيعة الشفعة ، وتنطق به الحلول العملية التى وضعها المشرع .
232 ـ الأهمية العملية لرأى محكمة النقض تكاد تكون محصورة فى مسألة الثمار : على أن المشرع فى وضعه لنصوص الشفعة قد تكفل بوضع الحلول العملية للمسائل الخاصة بعلاقة الشفيع بالبائع ، وبعلاقته بالمشترى ، وبعلاقته بالغير ، على الوجه الذى سنبسطه فيما يلى . فلم تعد هناك أهمية عملية كبيرة للقول بأن الشفيع يحل محل المشترى من وقت صدور حكم الشفعة أو من وقت البيع . وتكاد تنحصر هذه الأهمية ، بعد الحلول العملية التى وضعها المشرع ، فى مسألة الثمار . وهى المسألة التى كاد المشرع أن يضع لها هى الأخرى نصًا ولكنه لم يتمكن من تحقيق بغيته . وسنرى أن الخلاف إنما يثور فى شأن هذه المسألة ، ولم تر محكمة النقض حاجة لتقرير أن حكم الشفعة منشئ إلا فى صددها . أما بقية المسائل فقد وضع المشرع لها ، كما قدمنا ، حلولاً مستقرة ثابتة ، ولا يكاد يثور فى شأنها أى خلاف .
ونفصل الآن ما أجملناه .
$ 738 $ المطلب الثانى
علاقة الشفيع بالبائع وبالمشترى وبالغير
1 ـ علاقة الشفيع بالبائع
233 ـ نص قانونى : تنص المادة 945 مدنى على ما يأتى :
1 ـ " يحل الشفيع قبل البائع محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته " .
2 ـ وإنما لا يحق له الانتقاع بالأجل الممنوح للمشترى فى دفع الثمن ، إلا برضاء البائع " .
3 ـ " وإذا استحق العقار للغير بعد أخذه بالشفعة ، فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع " ( [1250] ) .
ويقابل النص فى قانون الشفعة السابق المادة 13( [1251] ) .
ويقابل فى التقنيات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى لا مقابل ـ وفى التقنين المدنى الليبى م 949 ـ وفى التقنين المدنى العراقى م 1142 ـ وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 253 ( [1252] ) .
$ 739 $ ويخلص من هذا النص أنه متى ثبت للشفيع حقه فى الشفعة ، رضاء أو قضاء ، تحول البيع بين أن يكون بين البائع والمشترى إلى أن يكون بين البائع والشفيع . ويعتبر الشفيع هو المشترى منذ البداية ، إذ أنه قد حل محل المشترى فى هذا البيع . ويختفى شخص المشترى من الصفقة ، ولا يتوسط بين البائع والشفيع . ولا يعتبر أن هناك بيعًا أولاً انعقد بين البائع والمشترى ، ثم أعقبه بيع ثان انعقد بين المشترى والشفيع ، فباع البائع للمشترى ثم باع المشترى للشفيع ، بل هو بيع واحد انعقد بين البائع والشفيع فقامت بينهما صلة مباشرة ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . ويترتب على ما قدمناه أن العلاقة ما بين الشفيع والبائع يحددها عقد البيع وقد أصبح فيه الشفيع مشتريًا ، ويحل قبل البائع محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته كما يقول النص ( م 945 / 1 مدنى ) . ومن ثم يلتزم البائع نحو الشفيع بجميع التزامات البائع ، كما يلتزم الشفيع نحو البائع بجميع التزامات المشترى( [1253] ) .
$ 740 $ والتزام البائع هى نقل ملكية المبيع ، والتسليم ، وضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية . والتزامات المشترى هى دفع الثمن والفوائد إذا كان لها مقتض ، وتسلم المبيع ، فنستعرض هذه المسائل على التعاقب .
234 ـ التزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى الشفيع : يصبح البائع مدينًا بنقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع . ولما كانت ملكية العقار لا تنتقل إلا بالتسجيل ، فإن الشفيع يسجل الحكم الصادر بثبوت حقه فى الشفعة على النحو الذى قدمناه( [1254] ) ، فتنتقل إليه الملكية رأسًا من البائع : ويقوم مكتب الشهر المختص بالتأشير على هامش تسجيل إعلان الرغبة بما يفيد صدور هذا الحكم النهائى ، وكذلك يتولى المكتب إجراء التأشير بمنطوق الحكم على هامش تسجيل عقد البيع الذى صدر أولاً من البائع إلى المشترى إذا كان المشترى قد قام بتسجيل هذا العقد( [1255] ) .
أما إذا تمت الشفعة بالتراضى ، وكان عقد البيع الصادر إلى المشترى قد تم تسجيله ، فإنه يكفى فى هذه الحالة أن يوقع المشترى إقرارًا بتسليمه الشفعة للشفيع ، ويكون هذا الإقرار موثقًا أو مصدقًا على التوقيع فيه . وتتأكد مأمورية الشهر من قيام الشفيع بإعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة ، لتستوثق من أن هذا الإقرار يعتبر استعمالاً لحق الشفعة ، وليس ببيع جديد صادر من المشترى إلى الشفيع . ثم يقدم الإقرار إلى مكتب الشهر المختص لتسجيله ، والتأشير بمضمونه على هامش تسجيل عقد البيع وعلى هامش تسجيل إعلان الرغبة . فإذا كان عقد البيع الصادر إلى المشترى لم يسجل ، فإن الإقرار فى هذه الحالة يجب أن يكون موقعًا من البائع والمشترى والشفيع ، ويكون موثقًا أو مصدقًا على التوقيعات فيه . ويجوز أن يحرر عقد بيع من البائع رأسًا للشفيع ، ولكن يجب أن يوقعه معهما المشترى إثباتًا لتسليمه بالشفعة ، ويكون عقد البيع موثقًا أو مصدقًا على التوقيعات فيه . ويسجل الإقرار أو عقد البيع ، ويؤشر بمضمونه على هامش تسجيل إعلان الرغبة ، على النحو الذى سبق بيانه( [1256] ) . وإذا وقع $ 741 $ المشترى الإقرار أو عقد البيع ، وأبى بعد ذلك أو أبى البائع القيام بالإجراءات اللازمة للتسجيل كأن امتنع أحدهما عن التصديق على إمضائه ، جاز للشفيع أن يرفع دعوى بصحة الإقرار بالشفعة من جانب المشترى على كل من المشترى والبائع ، فإذا حصل على حكم بذلك سجله فتنتقل إليه الملكية( [1257] ) . فإذا سجل الشفيع حكم الشفعة أو الإقرار بها من المشترى على الوجه الذى سبق بيانه ، وانتقلت إليه الملكية ، فإنها تنتقل من وقت التسجيل بالنسبة إلى الغير . فالملكية إذن لا تنتقل من وقت البيع ، ولا من وقت إعلان الرغبة فى الشفعة ، ولا من وقت تسجيل هذا الإعلان ، بل ولا من وقت صدور الحكم النهائى بالشفعة ، وإنما تنتقل من وقت تسجيل هذا الحكم النهائى أو تسجيل الإقرار بالشفعة من المشترى . والوقت الذى يحل فيه الشفيع محل المشترى لا أهمية له فى تحديد وقت انتقال الملكية . وسواء حل الشفيع محل المشترى من وقت البيع على الرأى الذى نقول به . أو من وقت صدور الحكم النهائى بالشفعة على الرأى الذى تقول به محكمة النقض . أو من وقت إعلان الرغبة أو من وقت تسجيل هذا الإعلان على ما يقول به آخرون . فإن الملكية فى جميع هذه الآراء لا تنتقل إلا من وقت تسجيل حكم الشفعة أو تسجيل إقرار المشترى بالشفعة وهذا ما تفرضه أحكام التسجيل . أما فيما بين الشفيع وبين البائع والمشترى وهما ليسا من الغير على الرأى الذى نقول به ، فالملكية لا تنتقل أيضًا إلى الشفيع إلا بتسجيل حكم الشفعة أو تسجيل إقرار المشترى بالشفعة على ما تذهب إليه محكمة النقض ، ولكنها تنتقل فى رأينا من وقت البيع لا من وقت التسجيل .
ومتى انتقلت الملكية إلى الشفيع على النحو الذى قدمناه ، فإنه يجوز له أن يتصرف فى العقار المشفوع فيه متى شاء وكيف شاء ، فإنه قد أصبح مالكًا $ 742 $ للعقار وللمالك أن يتصرف فى ملكه ، ولا يعترض على ذلك بأن الشفيع إنما أخذ العقار بالشفعة ليستبقيه لا ليتصرف فيه ، وإلا كان مضاربًا يستغل حقه فى الشفعة للكسب والربح ، لا يجوز هذا الاعتراض ، لأن القضاء للشفيع بالشفعة أو تراضيه عليها مع المشترى معناه أنه لم يكن متعسفًا فى طلبها ولم يقصد الاستغلال ، فإذا ما أصبح مالكًا للعقار المشفوع فيه صارت له جميع حقوق المالك ، وأخصها حقه فى التصرف فى ملكه( [1258] ) .
235 ـ التزام البائع بتسلم العقار المبيع إلى الشفيع ـ تبعة الهلاك قبل التسليم : والمفروض هنا أن العقار المشفوع فيه لا يزال فى يد البائع ، ولم يسلمه للمشترى . فيلتزم فى هذه الحالة بتسليمه للشفيع ، لأنه هو المشترى بعد أن أخذ $ 743 $ العقار بالشفعة . وكل ما ذكرناه عند الكلام فى عقد البيع ، فى شأن التزام البائع بتسليم المبيع ، ينطبق هنا( [1259] ) . ونشير بوجه خاص إلى أن البائع يلتزم بتسليم العقار المبيع إلى الشفيع بالحالة التى كان عليها وقت البيع ، وبالمقدار الذى عين له فى العقد ، وبالملحقات التى تتبعه . وملحقات العقار المشفوع فيه هى كل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال÷ ، وذلك طبقًا لما تقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد البائع والمشترى ( م 432 مدنى ) . ويكون التسليم بوضع العقار المشفوع فيه تحت تصرف الشفيع بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ، ولو لم يستول عليه استيلاءً ماديًا ، ما دام البائع قد أعلمه بذلك ، ويحصل هذا التسليم على النحو الذى يتفق مع طبيعة الشئ المبيع ( م 435 / 1 مدنى ) . ويتم التسليم فورًا بمجرد ثبوت حق الشفيع فى الشفعة ، إلا إذا حدد ميعاد معين فى عقد البيع يتم فيه التسليم ، أو كان هناك عرف يقضى بتسليم المبيع فى ميعاد معين ، أو اقتضت طبيعة المبيع شيئًا من الوقت لتسليمه . ويتم التسليم فى المكان الذى يوجد فيه العقار المشفوع فيه ، فعلى الشفيع أن يسعى إلى هذا المكان لتسلم العقار . وإذا تأخر البائع عن التسليم ، كان للشفيع أن يطالبه بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب هذا التأخر .
ولما كان الالتزام بالتسليم متفرعًا عن الالتزام بنقل الملكية وهو التزام بتحقيق غاية ، فإن البائع إذا لم يسلم العقار المشفوع فيه للشفيع ، حتى لو كان راجعًا إلى سبب أجنبى ، كأن كان العقار بناء فاحترق قضاء وقدرًا ، فإن البائع يكون مع ذلك لم يقم بالتزامه بالتسليم ، فيصبح مسئولاً عن ذلك . ومن ثم تكون تبعة هلاك العقار أو تلفه قبل التسليم على البائع ، لا على الشفيع . وقد ورد نص صريح فى هذا المعنى فى البيع يجعل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم على البائع لا على المشترى ، فنصت المادة 437 مدنى على أنه " إذا هلك المبيع قبل التسليم لسبب لا يد للبائع فيه ، انفسخ البيع واسترد المشترى الثمن ، إلا إذا كان الهلاك بعد أعذار المشترى لتسلم المبيع " . وتكون تبعة الهلاك قبل التسليم على البائع لا على الفيع ، حتى لو كان الشفيع قد سجل حكم الشفعة أو إقرار المشترى بها فانتقلت إليه ملكية العقار المشفوع فيه قبل أن يتسلمه من البائع . أما إذا تسلم $ 744 $ الشفيع العقار المشفوع فيه ، فإن تبعة الهلاك تكون عليه حتى لو كان لم يسجل حكم الشفعة أو إقرار المشترى بها فلم تنتقل الملكية إليه . ونرى من ذلك أن تبعة الهلاك تنتقل مع انتقال الحيازة لا مع انتقال الملكية ، فتبعه هلاك العقار المشفوع فيه تكون على البائع قبل التسليم ولو انتقلت الملكية إلى الشفيع ، وتكون على الشفيع بعد التسليم ولو لم تنتقل إليه الملكية . ومعنى أن البائع يتحمل تبعة الهلاك أنه إذا هلك العقار وهو لا يزال فى يده لم يسلمه إلى الشفيع ، فإن كان قد قبض الثمن الذى أودعه الشفيع خزانة المحكمة ( أو تسلمه من المشترى أو من الشفيع فى حالة الشفعة بالتراضى ) ، وجب عليه أن يرده للشفيع ، وإن كان لم يقبضه لم تجز له مطالبة الشفيع أو المشترى به . ومعنى أن الشفيع يتحمل تبعة الهلاك أنه إذا هلك العقار بعد أن يكون قد تسلمه ، جاز للبائع أن يقبض الثمن من خزانة المحكمة إذا لم يكن قد قبضه قبل الهلاك ، فإذا كان قد قبضه لم يجز للشفيع أن يطالبه برده . وإذا أعذر البائع الشفيع ليتسلم العقار ، فمن وقت الإعذار يعتبر العقار فى حكم المسلم للشفيع . فإذا هلك حتى قبل التسليم الفعلى فإن هلاكه يكون على الشفيع لا على البائع . وفى هذا نقول العبارة الأخيرة من المادة 437 مدنى كما رأينا : " إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشترى لتسلم المبيع " ، أى أن الهلاك يكون استثناء على الشفيع إذا وقع بعد إعذاره لتسلم المبيع .
وإذا كان الهلاك جزئيًا أو نقصًا فى قيمة العقار بسبب تلف أصابه ، فإن التبعة تكون على البائع قبل التسليم ، وعلى الشفيع بعد التسليم . وتنص المادة 438 مدنى فى هذا المعنى على أنه " إذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه ، جاز للمشترى إما أن يطلب فسخ البيع إذا كان النقص جسيمًا بحيث لو طرأ قبل العقد لما تم البيع ، وإما أن يبقى البيع بعد إنقاص الثمن " . فتكون تبعة الهلاك الجزئى أو نقص القيمة قبل تسليم العقار على البائع ، للأسباب نفسها التى ذكرناها فى حالة الهلاك الكلى . فالبائع ملزم بتسليم المبيع كاملاً دون نقص أو تلف ، وهذا الالتزام متفرع عن الالتزام بنقل الملكية ، وهو التزام بتحقيق غاية ، فإذا لم يقم به البائع كان مسئولاً ، حتى لو رجع ذلك إلى قوة قاهرة أو حادث فجائى ، فتكون التبعة عليه هنا كما كانت التبعة عليه فى الهلاك الكلى ، وينبنى على ذلك أن الشفيع ، فى حالة الهلاك الجزئى أو نقص القيمة $ 745 $ قبل تسليم العقار إليه ، يكون بالخيار بين الفسخ( [1260] ) أو إنقاص الثمن بما يتناسب مع ما هلك من العقار أو نقص من قيمته ، دون أن يكون له حق فى التعويض لأن الهلاك أو النقص قد حدث بقوة قاهرة أو حادث فجائى . ولكن إذا كان الهلاك أو نقص القيمة لم يبلغ من الجسامة قدرًا بحيث لو كان قد طرأ قبل العقد لما تم البيع ، لم يكن للشفيع حق الفسخ ، وإنما يكون له حق إنقاص الثمن فقط . وغنى عن البيان أن البائع إذا أعذر الشفيع لتسلم المبيع ، فإن الهلاك الجزئى أو نقص القيمة ، إذا طرأ بعد ذلك على العقار قبل أن يتسلمه الشفيع فعلاً ، يتحمل الشفيع تبعته كما يتحملها فى الهلاك الكلى على ما أسلفنا( [1261] ) .
236 ـ التزام البائع : بضمان التعرض والاستحقاق للشفيع : رأينا( [1262] ) أن الفقرة الثالثة من المادة 945 مدنى تنص صراحة على أنه " إذا استحق العقار للغير بعد أخذه بالشفعة ، فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع " . ورأينا( [1263] ) أن هذا النص هو الذى يحمل الدليل القاطع على أن الشفيع يحل محل المشترى منذ إبرام البيع ، وأن شخص المشترى يختفى من الصفقة فتكون الصلة ما بين البائع والشفيع صلة مباشرة . فالبائع إذن يلتزم للشفيع باعتباره مشتريًا بضمان التعرض والاستحقاق ، وتسرى هنا أحكام ضمان التعرض والاستحقاق فى البيع ، لأن الشفيع قد حل كما قدمنا محل المشترى فيرجع بالضمان على البائع $ 746 $ كما يرجع المشترى( [1264] ) . فيرجع الشفيع إذن على البائع بضمان التعرض الصادر من البائع نفسه ، وكذلك بضمان التعرض الصادر من الغير ويدخل فى ذلك ضمان الاستحقاق . وتنص المادة 439 مدنى فى هذا المعنى على أن " يضمن البائع عدم التعرض للمشترى فى الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه ، سواء كان التعرض من فعله هو أو من فعل أجنبى يكون له وقت البيع حق على المبيع يحتج به على المشترى . ويكون البائع ملزمًا بالضمان ولو كان الأجنبى قد ثبت حقه بعد البيع ، إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع نفسه " .
ففيما يتعلق بضمان البائع لتعرضه هو ، يتحقق هذا الضمان إذا صدر من البائع عمل من شأنه أن يحول كليًا أو جزئيًا دون انتفاع الشفيع بملكية العقار المشفوع فيه ، ويستوى فى ذلك أن يكون التعرض مبنيًا على سبب مادى ( trouble de fait ) ، أو أن يكون مبنيًا على سبب قانونى ( trouble de droit ) . فالتعرض المبنى على سبب مادى إما أن يقوم على أعمال مادية محضة ، أو أن يقوم على تصرفات قانونية . فالتعرض الذى يقوم على أعمال مادية مثله أن يكون البائع قد باع قطعة أرض حددها بميدان مملوك له ، وأخذ الأرض شفيع بالشفعة ، فلا يجوز للبائع أن يلغى الميدان ويقسمه أجزاء لبيعه لأن فى ذلك حرمان الشفيع من الانتفاع بمنظر الميدان ، ويكون البائع فى هذه الحالة ملزمًا بضمان التعرض المبنى على عمل مادى صادر منه هو( [1265] ) . والتعرض الذى يقوم على تصرفات قانونية مثله أن يرهن البائع العقار بعد بيعه ، ويقيد الدائن المرتهن رهنه قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ، فيسرى الرهن فى حق الشفيع . فهنا يقع تعرض من جانب الدائن المرتهن وهو تعرض صادر من الغير ، وهو فى الوقت ذاته تعرض صادر من البائع نفسه لأن الدائن المرتهن فى تعرضه قد $ 747 $ استمد حقه من البائع ، وتعرض البائع فى هذه الحالة يقوم على تصرف قانونى لا على عمل مادى . يبقى تعرض البائع المبنى على سبب قانونى ، ويتحقق إذا ادعى البائع حقًا على العقار المشفوع فيه فى مواجهة الشفيع ، سواء كان الحق المدعى به سابقًا على البيع أولاً حقا له . مثل الحق السابق على البيع أن يكون البائع قد أفرز عقارًا بموجب قسمة قابلة للإبطال ، ثم باع العقار فأخذه شفيع بالشفعة ، فلا يجوز للبائع أن يطالب بإبطال القسمة لئلا يبطل البيع فتبطل الشفعة ، فيكون هذا تعرضًا من البائع للشفيع مبنيًا على سبب قانونى سابق على البيع . ومثل الحق اللاحق للبيع أن يبيع شخص عقارًا غير مملوك له فيأخذ شفيع بالشفعة ، ثم يصبح البائع مالكًا للعقار بالإرث أو بالشراء مثلاً ، فيحتج على الشفيع بهذا الملك الحادث بعد البيع ، فعند ذلك يجوز للشفيع أن يدفع دعوى البائع بالتزامه بضمان التعرض الصادر منه هو بسبب قانونى لا حق للبيع . وقد لجأ القانون فى هذه الحالة إلى طريق أقصر ، إذ جعل الملكية فى مثل هذا البيع ، وهو بيع ملك الغير ، تنتقل إلى المشترى أى إلى الشفيع إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور البيع ( م 467 / 2 مدنى ) . والتزام البائع بعدم التعرض للشفيع التزام دائم ، فيجب على البائع أن يمتنع عن التعرض للشفيع فى أى وقت بعد البيع ، ولو كان قد انقضى على البيع أكثر من خمس عشرة سنة وهى مدة التقادم . فإذا أخل البائع بالتزامه بأن تعرض فعلاً للشفيع ، تولد عن الالتزام الأصلى بعدم التعرض التزام جزائى بالتعويض . وهذا الالتزام الجزائى هو الذى يقسط بالتقادم ، فإذا لم يطالب به الشفيع فى خلال خمس عشرة سنة من وقت وقوع التعرض فعلاً سقط بالتقادم . وتختلف طريقة تنفيذ هذا الالتزام الجزائى باختلاف الأحوال التى يقوم فيها ضمان التعرض . فإذا كان تعرض البائع للشفيع قائمًا على أعمال مادية محضة ، كإلغاء البائع للميدان الذى يطل عليه العقار المشفوع فيه ، وجب على البائع تعويض المشترى عما أصابه من الضرر ، وجاز فى الوقت ذاته أن يطلب الشفيع التنفيذ العينى لالتزام البائع فيجبره على إعادة الميدان إلى ما كان عليه . وإذا كان تعرض البائع قائمًا على تصرف قانونى صادر منه هو ، كرهنه العقار المشفوع فيه وقيد هذا الرهن قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة ، فلا مناص من سريان الرهن $ 748 $ فى حق الشفيع ، ويرجع الشفيع فى هذه الحالة بالتعويض على البائع ، إما بموجب استحقاق الغير للعقار استحقاقًا جزئيًا كما سيأتى ، أو بموجب ضمان البائع للتعرض الصادر منه هو لأن الدائن المرتهن استمد حقه من البائع نفسه . وإذا كان تعرض البائع مبنيًا على سبب قانونى بأن ادعى حقًا على المبيع سابقًا على البيع أولاً حقًا له ، فالجزاء هنا يتخذ صورة خاصة هى أن ترد دعوى البائع بهذا الحق ، فإذا ادعى الملكية وأراد الاسترداد لم يستطع أن يسترد . لأن من وجب عليه الضمان لم يجز له الاسترداد . وقد يكون هناك اتفاق بين البائع والمشترى على تعديل أحكام التعرض الصادر من البائع ، إما بزيادة الضمان أو بإنقاصه أو بإسقاطه ، فيسرى هذا الاتفاق على الشفيع لأنه حل محل المشترى . والاتفاق على زيادة الضمان أو على إنقاصه جائز ، فيزيد الضمان أو ينقص تبعًا لذلك بالنسبة إلى الشفيع . أما الاتفاق على إسقاط الضمان فغير جائز ، وقد نصت المادة 446 / 1 مدنى على أنه " إذا اتفق على عدم الضمان ، بقى البائع مع ذلك مسئولاً عن أى استحقاق ينشأ عن فعله هو ، ويقع باطلاً كل اتفاق يقضى بغير ذلك " . فإذا كان البائع لا يستطيع أن يحتج على المشترى بالاتفاق على إسقاط الضمان ، فإنه لا يستطيع كذلك الاحتجاج بهذا الاتفاق على الشفيع( [1266] ) .
وفيما يتعلق بضمان البائع للتعرض الصادر من الغير ، يجب التمييز بين التعرض المبنى على سبب مادى والتعرض المبنى على سبب قانونى . وقد رأينا فى التعرض الصادر من البائع أنه يستوى أن يكون التعرض مبنيًا على سبب قانونى أو مبنيًا على سبب مادى ، أما فى التعرض الصادر من الغير فيجب أن يكون هذا التعرض مبنيًا على سبب قانونى . فالتعرض المبنى على سبب مادى الصادر من الغير لا يضمنه البائع ، وما دام الغير لا يدعى أن له حقًا على المبيع فالشفيع وشأنه مع المتعرض يدفع تعرضه بالوسائل التى أعطاها إياه القانون . فإذا ادعى الغير حقًا على العقار المشفوع فيه ، فهذا هو التعرض المبنى على سبب قانونى ويلتزم البائع بضمانه . ويشترط أن يكون الحق الذى يدعيه الغير سابقًا على البيع ، أو يكون تاليًا له ولكنه مستمد من البائع . فإذا كان الحق تاليًا للبيع وغير مستمد من البائع لم يلتزم البائع بالمضان . ومثل الحق السابق على البيع أن $ 749 $ يكون البائع قد باع عقارًا فى حيازة الغير ، فأخذه شفيع بالشفعة ، ثم تبين أن الحائز للعقار قد ملكه قبل البيع بالتقادم الطويل أو التقادم القصير . فهنا يدعى الحائز حقًا على العقار سابقًا على البيع ، وهو حق الملكية الذى كسبه بالتقادم ، فيكون البائع ضامنًا للشفيع هذا التعرض . ومثل الحق التالى للبيع وهو مستمد من البائع أن يكون البائع قد باع عقارًا فأخذه شفيع بالشفعة ، وبعد البيع رتب البائع على العقار رهنًا قيده صاحبه قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة . فهنا يدعى الدائن المرتهن حقًا على العقار لا حقًا للبيع ولكنه مستمد من البائع ، وهو حق الرهن الذى قيده قبل تسجيل إعلان الرغبة ، فيكون البائع ضامنًا أيضًا هذا التعرض للشفيع . ومتى قام ضمان البائع للتعرض الصادر من الغير على النحو المتقدم ، فإن البائع يجب عليه أن ينفذ التزامه بالضمان تنفيذًا عينيًا ، بأن يجعل الغير الذى تعرض للشفيع يكف عن تعرضه وينزل عن إدعائه( [1267] ) . فإذا عجز عن التنفيذ العينى ، بأن فاز الغير بإثبات ما يدعيه وقضى له بالحق المدعى به ، فقد وجب على البائع أن ينفذ التزامه بالضمان عن طريق التعويض ، فيعوض الشفيع عما أصابه من الضرر بسبب استحقاق المشفوع فيه وهذا هو ضمان الاستحقاق . وهو إما أن يكون ضمانًا عن استحقاق كلى ، أو ضمانًا عن استحقاق جزئى . ففى الضمان عن الاستحقاق الكلى ، نصت المادة 443 مدنى على أنه " إذا استحق كل المبيع ، كان للمشترى ( وهنا المشترى هو الشفيع أن يطلب من البائع :
1 ـ قيمة المبيع وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت .
2 ـ قيمة الثمار التى ألزم المشترى بردها لمن استحق المبيع .
3 ـ المصروفات النافعة التى لا يستطيع المشترى أن يلزم بها المستحق ، وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع سئ النية .
4 ـ جميع مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق ، عدا ما كان المشترى يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر البائع بالدعوى طبقًا للمادة 440 .
5 ـ ويوجه عام تعويض المشترى عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع . كل هذا ما لم يكن رجوع المشترى مبنيًا على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله " ( [1268] ) .
$ 750 $ وفى الضمان عن الاستحقاق الجزئى ، نصت المادة 444 مدنى على أنه " إذا استحق بعض المبيع ، أو وجد مثقلاً بتكليف ، وكانت خسارة المشترى ( الشفيع ) قد بلغت قدرًا لو علمه لما أتم العقد ، كان له أن يطالب البائع بالمبالغ المبينة فى المادة السابقة ، على أن يرد له المبيع وما أفاده منه .
2 ـ فإذا اختار المشترى استبقاء المبيع ، أو كانت الخسارة التى لحقته لم تبلغ القدر المبين فى الفقرة السابقة ، لم يكن له إلا أن يطالبه بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق " ( [1269] ) . وقد يتوقى الشفيع استحقاق المبيع كله أو بعضه بدفع مقابل للمستحق ، وفى هذه الحالة تنص المادة 442 مدنى على أنه " إذا توقى المشترى ( الشفيع ) استحقاق المبيع كله أو بعضه بدفع مبلغ من النقود أو بأداء شئ آخر ، كان للبائع أن يتخلص من نتائج الضمان بأن يرد للمشترى المبلغ الذى دفعه أو قيمة ما أداه مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات " ( [1270] ) . وقد يكون هناك اتفاق بين البائع والمشترى على تعديل أحكام التعرض الصادر من الغير ، إما بزيادة الضمان أو بإنقاصه أو بإسقاطه ، فيسرى هذا الاتفاق على الشفيع لأنه حل محل المشترى . على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلاً إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الأجنبى ، وعلى ذلك يقع هذا الشرط باطلاً أيضًا بالنسبة إلى الشفيع . وكذلك إذا اتفق على إسقاط الضمان دون أن يتعمد البائع إخفاء حق الأجنبى ، كان مع ذلك مسئولاً عن رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق ، إلا إذا أثبت أن المشترى كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق أو أنه اشترى ساقط الخيار . فتسرى هذه الأحكام أيضًا على الشفيع وقد حل محل المشترى ، ويعتد فى العلم بسبب الاستحقاق وفى الشراء مع سقوط الخيار بالمشترى لا بالشفيع . وفى هذا كله تنص المادة 445 مدنى على أنه " 1 ـ يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا ضمان الاستحقاق ، أو أن ينقصا منه ، أو أن يسقطا هذا الضمان . 2 ـ ويفترض فى حق الارتفاق أن البائع قد اشترط عدم $ 751 $ الضمان إذا كان هذا الحق ظاهرًا ، أو كان البائع قد أبان عنه للمشترى .
3 ـ ويقع باطلاً كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه ، إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الأجنبى " . وتنص المادة 446 / 2 مدنى على ما يأتى : " أما إذا كان استحقاق المبيع قد نشأ من فعل الغير ، فإن البائع يكون مسئولاً عن رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق ، إلا إذا أثبت أن المشترى كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق ، أو أنه اشترى ساقط الخيار " ( [1271] ) .
237 ـ التزام البائع بضمان العيوب الخفية للشفيع : ويلتزم البائع أخيرًا ـ مباشرة نحو الشفيع وحده ـ بضمان العيوب الخفية ، كرجوعه المباشر على البائع وحده بضمان التعرض والاستحقاق ، دليل قاطع على أن الشفيع قد حل محل المشترى من وقت البيع . وقد نصت المادة 447 مدنى فى خصوص ضمان العيوب الخفية على أن " 1 ـ يكون البائع ملزمًا بالضمان إذا لم يتوافر فى المبيع وقت التسليم الصفات التى كفل للمشترى ( وقد حل محله الشفيع ) وجودها فيه ، أو إذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته ، أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة مستفادة مما هو مبين فى العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشئ أو الغرض الذى أعد له ، ويضمن البائع هذا العيب ولو لم يكن عالمًا بوجوده .
2 ـ ومع ذلك لا يضمن البائع اليعوب التى كان المشترى يعرفها وقت البيع ، أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادى ، إلا إذا أثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب ، أو أثبت أن البائع قد تعمد إخفاء العيب غشًا منه " . فالعيب فى العقار المشفوع فيه ، حتى يوجب الضمان ، يجب أن يكون مؤثرًا ، وأن يكون خفيًا فإذا كان ظاهرًا وقت أن تسلم العقار المشترى أو الشفيع ورضى به هذا أو ذاك لم ضمنه البائع( [1272] ) ، وأن يكون غير معلوم للمشترى وقت أن تسلم العقار فإذا كان $ 751 $ الشفيع هو الذى تسلمه مباشرة من البائع وجب أن يكون العيب غير معلوم له( [1273] ) . فإذا وجد بالعقار عيب توافرت فيه الشروط المتقدمة ، وجب على الشفيع المبادرة إلى إخطار البائع به ، فإذا ما أخطره ، كان له أن يرجع عليه بالضمان . ويجب التمييز هنا بين ما إذا كان العيب جسيمًا بحيث لو أن المشترى كان يعلمه وقت البيع لما أقدم على الشراء ، وبين ما إذا كان العيب لم يبلغ من الجسامة هذا الحد . ففى الحالة الأولى يكون الشفيع مخيرًا بين رد العقار المشفوع فيه وما أفداه منه إلى البائع والمطالبة بالمبالغ التى كان يطالب بها فى حالة الاستحقاق الكلى( [1274] ) ، وبين استبقاء العقار مع المطالبة بتعويض عما أصابه من ضرر بسبب العيب . وفى الحالة الثانية لا يكون للشفيع إلا أن يطالب البائع بتعويض عما أصابه من ضرر بسبب العيب( [1275] ) .
وتسقط بالتقادم دعوى ضمان العيوب الخفية إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع إلى المشترى ، فإذا لم يسلم إلى المشترى فمن وقت تسليمه رأسًا إلى الشفيع . وقد نصت المادة 452 مدنى فى هذا الصدد على أن " 1 ـ تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المشترى العيب إلا بعد ذلك ، ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان مدة أطول .
2 ـ على أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بالنسبة لتمام التقادم ، إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشًا منه " ( [1276] ) .
$ 753 $ وقد يكون هناك اتفاق بين البائع والمشترى على تعديل أحكام ضمان العيوب الخفية ، إما بزيادة الضمان أو بإنقاصه أو بإسقاطه ، فيسرى هذا الاتفاق على الشفيع لأنه حل محل المشترى . على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلاً إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب فى العقار المشفوع فيه غشًا منه ، وعلى ذلك يقع هذا الشرط باطلاً أيضًا بالنسبة إلى الشفيع . وتنص المادة 453 مدنى فى هذا الصدد على أنه " يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا فى الضمان أو أن ينقصا منه أو أن يسقطا هذا الضمان ، على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلاً إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب فى المبيع غشًا منه " ( [1277] ) .
382 ـ التزام الشفيع بدفع الثمن للبائع ـ الثمن المؤجل ـ الفوائد : والمفروض هنا أن البائع لم يقبض الثمن من المشترى ، فإذا ما أخذ الشفيع العقار المشفوع فيه بالشفعة ، أصبح ملتزمًا بدفع الثمن للبائع . وغنى عن البيان أن مقدار الثمن يكون قد تعين إما فى الحكم القاضى بالشفعة( [1278] ) ، أو بالتراضى بين جميع الأطراف إذا أخذت الشفعة بالتراضى ، ففى الحالة الأولى ، حالة الكم بالشفعة ، يكون الشفيع قد أودع الثمن خزانة المحكمة( [1279] ) ، فما على البائع إلا أن يسحب من خزانة المحكمة ما أودعه الشفيع ، ويكون الشفيع قد وفى على هذا النحو بالتزامه بدفع الثمن( [1280] ) . وقد يكون ما أودعه الشفيع أكثر من $ 754 $ الثمن الحقيقى ، بأن يكون قد أودع الثمن المذكور فى العقد ثم أثبت فى دعوى الشفعة أن ما ذكر فى العقد أكثر من الثمن الحقيقى ، فمن حقه أن يسحب من خزانة المحكمة الفرق بين ما أودعه وبين الثمن الحقيقى . بل له أن يتقاضى تعويضًا من البائع والمشترى متضامنين على أساس المسئولية التقصيرية لأنهما تواطأ معًا على ذكر ثمن فى العقد أكبر من الثمن الحقيقى ، فيحكم له بالفوائد القانونية للزيادة التى أودعها من وقت الإيداع إلى وقت سحبها من خزانة المحكمة . ويحدث أن يودع الشفيع الثمن المذكور فى العقد ، ثم يثبت المشترى أو البائع أنه أقل من الثمن الحقيقى( [1281] ) ، وعند ذلك يكون الشفيع ملتزمًا بدفع الباقى من الثمن للبائع . أما فى الحالة الثانية ، حالة التراضى على الشفعة ، فإن الشفيع يكون ملتزمًا بدفع كل الثمن المتفق عليه للبائع ، لأنه لا يكون قد أودع شيئًا من الثمن خزانة المحكمة .
وأيًا كان المبلغ الذى يلتزم الشفيع بدفعه للبائع ، كل الثمن أو الباقى منه ، فإنه يلتزم بدفعه فورًا . وهذا حتى لو كان البائع قد اتفق مع المشترى فى الأصل على تأجيل الثمن ، فليس للشفيع أن ينتفع بالأجل الممنوح للمشترى . وقد رأينا( [1282] ) أن الفقرة الثانية من المادة 945 مدنى تنص فى هذا الصدد على ما يأتى : " وإنما لا يحق له ( للشفيع ) الانتفاع بالأجل الممنوح للمشترى فى دفع الثمن ، إلا برضاء البائع " . والسبب فى ذلك واضح ، فإن البائع قد يضع فى المشترى ثقة لا يضعها فى الشفيع فيقبل أن يؤجل الثمن للأول دون الثانى ، وقد تربطه بالمشترى دون الشفيع من الصلات ما يدفعه إلى تأجيل الثمن للمشترى . فتأجيل الثمن أمر منظور فيه لاعتبارات تتعلق بشخص المشترى ، فلا تتعدى هذه الاعتبارات إلى شخص الشفيع . ومع ذلك قد يرضى البائع ، كما يقول النص سالف الذكر ، بتأجيل الثمن للشفيع أيضًا لأسباب يراها مبررة لذلك ، فيتأجل الثمن على الشفيع على النحو الذى رضى به البائع( [1283] ) . ورضاء البائع بتأجيل $ 755 $ الثمن للشفيع إنما يأتى بعد الأخذ بالشفعة ، أما فى أثناء إ<راءات دعوى الشفعة فيجب على الشفيع أن يودع كل الثمن خزانة المحكمة حتى لو كان البائع راضيًا بتأجيل الثمن وقد سبق بيان ذلك( [1284] ) . فإذا ما ثبت حق الشفيع فى الشفعة ، ورضى البائع بتأجيل الثمن أو تقسيطه ، استطاع الشفيع أن يسحب الثمن كله أو بعضه من خزانة المحكمة بإذن من البائع ، وعليه بعد ذلك أن يسدده للبائع فى الأجل المتفق عليه أو بالأقساط المتفق عليها( [1285] ) . هذا إذا أخذ الشفيع الشفعة قضاء ، فإن أخذها بالتراضى فإن الثمن يكون مؤجلاً أو مقسطًا تبعًا لما يتم الاتفاق عليه بينه وبين البائع .
وفى المدة التى يودع فيها الثمن خزانة المحكمة ، من وقت الإيداع إلى وقت صدور الحكم بالشفعة وتمكن البائع من سحب الثمن ، لا يلتزم الشفيع بدفع فوائد عن الثمن ، لأن تعطيل الثمن لم يكن بخطأه فقد أودعه خزانة المحكمة وكان على البائع والمشترى أن يسلما له بالشفعة فيقبض البائع الثمن فورًا( [1286] ) . وإذا كان المشترى دون البائع هو الذى لم يسلم بالشفعة ، كان رجوع البائع بالفوائد مدة تعطيل الثمن فى خزانة المحكمة على المشترى لا على الشفيع . فإذا ثبت حق الشفيع فى الشفعة ، بالتقاضى أو بالتراضى ، وبقى الثمن أو بعضه فى ذمة الشفيع للبائع لسبب من الأسباب التى تقدم ذكرها ، فإن استحقاق البائع للفوائد تسرى فى شأنه القواعد العامة . وتنص المادة 458 مدنى فى هذا الصدد على أنه " 1 ـ لا حق للبائع فى الفوائد القانونية عن الثمن ، إلا إذا أعذر المشترى ( ونقد حل محله الشفيع ) أو إذا سلم الشئ المبيع وكان هذا الشئ قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى ، هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغيره .
2 ـ وللمشترى ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضًا ، هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغيره " ، ويخلص من هذا النص أنه إذا كان الشفيع لم يدفع الثمن إلى البائع ، سواء كان الثمن حالاً واجب الأداء فورًا أو كان مقسطًا أو كان مؤجلاً إلى وقت معين ، $ 756 $ فإن الشفيع لا يكون مسئولاً عن فوائد هذا الثمن إلا فى حالات ثلاث : ( 1 ) إذا وجد اتفاق بين البائع والشفيع ، عند تأجيل الثمن مثلاً أو تقسيطه ، على أن الشفيع يدفع فوائد عن الثمن المستحق فى ذمته . وتكون الفوائد فى هذه الحالة فوائد اتفاقية لا يجوز أن تزيد على 7% ، والاتفاق هو الذى يحدد من أى وقت تسرى الفوائد المتفق عليها( [1287] ) . ( 2 ) فإذا لم يوجد اتفاق على الوفائد ، كانت الفوائد مستحقة من وقت تسلم الشفيع للعقار المشفوع فيه إذا كان هذا العقار قابلاً لأن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى ، والفوائد المستحقة فى هذه الحالة هى الفوائد القانونية . ( 3 ) فإذا لم يتسلم الشفيع العقار المشفوع فيه أو تسلمه ولم يكن قابلاً لأن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى ، ولم يكن هناك اتفاق على دفع فوائد ، فإن الفوائد لا تستحق على الثمن إلا إذا كان الثمن إلا إذا كان الثمن مستحق الوفاء وأعذر البائع الشفيع أن يدفعه ، فمن وقت الإعذار إلى وقت الدفع تجب الفوائد القانونية( [1288] ) . وجزاء إخلال الشفيع بالتزامه من دفع الثمن والفوائد تسرى فى شأنه القواعد العامة ، فللبائع حق الفسخ( [1289] ) ، كما له أن يحبس العقار $ 757 $ فى يده حتى يستوفى الثمن والفوائد ، وله حق امتياز البائع على هذا العقار( [1290] ) .
وقد رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 458 مدنى تقضى بأن للمشترى ثمر المبيع ونماءه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليفه من هذا الوقت أيضًا . واستحقاق المشترى ، وقد حل محله الشفيع ، للثمرات والنماء لا يرجع إلى أن هذه تعتبر من ملحقات المبيع فتسلم إليه مع المبيع ، بل يرجع إلى أن المشترى قد أصبح مالكًا للمبيع وباعتباره مالكًا يملك ثمر ملكه ونماءه ويكون عليه تكاليفه( [1291] ) . ويترتب على ذلك أن الشفيع ، بعد أن حل محل المشترى ، لا يتملك ثمار العقار المشفوع فيه إلا من وقت أن تنتقل إليه ملكية هذا العقار ، وذلك سواء كان العقار لا يزال فى يد البائع وهو الذى يتسولى على ثماره ، أو سلم إلى المشترى فأصبح هو الذى يقبض هذه الثمار . وهنا تظهر الأهمية العملية فى تحديد الوقت الذى تنتقل فيه ملكية العقار إلى الشفيع ، فإن الشفيع يملك الثمار من هذا الوقت( [1292] ) . وقد رأينا أن لمحكمة النقض فى هذه المسألة قضاء مستقرًا يطبق عادة عند تسليم العقار المشفوع فيه للمشترى فيقبض هذا ثماره ويطالبه الشفيع بردها ، فترجئ بحث المسألة إلى حين الكلام فى علاقة الشفيع بالمشترى( [1293] ) . أما هنا فنقتصر على تملك الشفيع للثمار ، إذا كان العقار لا يزال فى يد البائع ولم يتسلمه المشترى . ففى هذه الحالة ، وقد حل الشفيع محل المشترى ، فإنه يتملك الثمار وهى فى يد البائع من الوقت الذى كان المشترى يتملكها فيه . ونقضى المادة 458 / 2 مدنى كما رأينا بأن للمشترى ثمر المبيع ونماءه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضًا . فيتملك الشفيع ، وقد حل محل المشترى كما قدمنا ، الثمار وهى فى يد البائع من وقت تمام البيع ، فله $ 758 $ أن يطالب البائع بها . أو عليه أن يرد للبائع ، من ذلك الوقت أيضًا ، التكاليف كالضرائب ونفقات حفظ العقار وصيانته ونفقات الاستغلال ومصروفات تحصيل الثمرة ونحو ذلك( [1294] ) .
239 ـ التزام الشفيع بتسلم العقار المشفوع فيه : ويلتزم الشفيع بتسلم العقار المشفوع فيه ، يتسلمه من البائع إذا كان لا يزال فى يده أو يتسلمه من المشترى إذا كان هذا قد تسلمه . وقد نصت المادة 463 مدنى ، فى صدد تسلم المشترى ( وقد حل محله الشفيع ) للمبيع ، على أنه " إذا لم يعين الاتفاق أو العرف مكانًا أو زمانًا لتسلم المبيع ، وجب على المشترى أن يتسلمه فى المكان الذى يوجد فيه وقت البيع ، وأن ينقله دون إبطاء إلا ما يقتضيه النقل من زمن " . ونصت المادة 464 على أن " نفقات تسلم المبيع على المشترى ، ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضى بغير ذلك " . والتسلم ، فى أغلب صوره ، هو العملية المتممة للتسليم . فالبائع يلتزم بتسليم المبيع ، والشفيع يلتزم بتسلمه بأن يتسولى عليه فعلاً . وقد قضى بأنه لا يجوز للشفيع ، بعد القضاء له بالشفعة ، أن يرفض تسلم العقار المشفوع فيه ودفع الثمن ، بحجة أن الحكم صدر لمصلحته وأنه متنازل عنه ، وذلك لأن الحكم قد خول حقًا للمشترى أو البائع ، وهو قبض الثمن( [1295] ) .
ونفقات تسليم المبيع تكون على البائع ، أما نفقات تسلمه فتكون على المشترى وقد حل محله الشفيع( [1296] ) .
$ 759 $ 2 ـ علاقة الشفيع بالمشترى
240 ـ نص قانونى : تنص المادة 946 مدنى على ما يأتى :
1 ـ " إذا بنى المشترى فى العقار المشفوع أو غرس فيه أشجارًا قبل إعلان الرغبة فى الشفعة ، كان الشفيع ملزمًا تبعًا لما يختاره المشترى أن يدفع له إما المبلغ الذى أنفقه أو مقدار ما زاد فى قيمة العقار بسبب البناء أو الغراس " .
2 ـ " وأما إذا حصل البناء أو الغراس بعد إعلان الرغبة فى الشفعة ، كان للشفيع أن يطلب الإزالة ، فإذا اختار أن يستبقى البناء أو الغراس فلا يلتزم إلا بدفع قيمة أدوات البناء وأجرة العمل أو نفقات الغراس " ( [1297] ) . ويقابل النص فى قانون الشفقة السابق المادة 10( [1298] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى لا مقابل ـ وفى التقنين المدنى الليبى م 950 ـ وفى التقنين المدنى العراقى م 1143 ـ وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل( [1299] ) .
والنص يواجه خصوصية هامة من خصوصيات علاقة الشفيع ويمكن القول بوجه عام إن المشترى إما أن يتسلم العقار المشفوع فيه من البائع ، وعندئذ تنشأ علاقات متعددة بينه وبين الشفيع بسبب انتقال حيازة العقار المشفوع فيه إليه ، أو لا يتسلمه . وفى الحالة الأخيرة ، إذا لم يتسلم الشفيع العقار المشفوع فيه ، فإن علاقته بالشفيع تكون جد محدودة ، فهو قد اختفى من الصفقة كما قدمنا وحل الشفيع محله فيها ، ولم يتسلم العقار المشفوع فيه حتى ينشأ عن هذا التسلم حقوق والتزامات لكل منهما قبل الآخر ، وتكاد تنحصر العلاقة بينهما فى رجوع المشترى على الشفيع بمصروفات لابيع التى يلتزم بها المشترى عادة فيدفعها ، فإذا أخذ الشفيع بالشفعة رجع بها عليه ، سواء تسلم العقار أو لم يتسلمه . ويستوى فى ذلك أن يكون المشترى قد سجل عقد شرائه أو لم يسجله . أما إذا تسلم المشترى العقار المشفوع فيه من البائع ، وهذا هو الغالب ، فسواء سجل عقد شرائه أو لم يسجله ، فإن حقوقًا له قد تنشأ قبل الشفيع ، وتنشأ للشفيع حقوق قبله . ذلك أن المشترى ، وقد اختفى من الصفقة ولكنه تسلم العقار المشفوع فيه ، يمكن اعتباره حائزًا لهذا العقار ، ويكون حائزًا حسن النية قبل إعلانه برغبة الشفيع فى الشفعة ، وحائزًا سئ النية بعد إعلانه بهذه الرغبة . وعلى ذلك تكون حقوق المشترى قبل الشفيع ، إذا تسلم المشترى العقار المشفوع فيه ، هى : ( 1 ) استرداد الثمن إذا كان قد وفاه للبائع ، واسترداد مصروفات البيع لأنه يكون قد دفعها . ( 2 ) التعويض عن $ 761 $ المصروفات الضرورية والمصروفات المنافعة ، إذا كان قد أنفق على العقار المشفوع فيه شيئًا من ذلك . ( 3 ) التعويض عن البناء أو الغراس ، إذا كان قد بنى أو غرس فى العقار المشفوع فيه ، طبقًا للأحكام الواردة فى المادة 946 مدنى سالفة الذكر . وأما حقوق الشفيع قبل المشترى فهى : ( 1 ) تسلم العقار المشفوع فيه وما ينطوى عليه ذلك من تحمل تبعة الهلاك ، لأن المشترى وقد تسلم العقار المشفوع فيه من البائع يلتزم بتسليمه للشفيع . ولا يلتزم المشترى بنقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع ولا بضمان التعرض والاستحقاق ولا بمضان العيوب الخفية ، فهذه كلها التزامات يتحمل بها البائع رأسا نحو الشفيع ، وقد تقدم القول فيها . ( 2 ) استرداد ثمار العقار المشفوع فيه ، لأن المشترى وقد تسلم هذا العقار يكون قد قبض ثماره . فنبحث هذه المسائل الخمس على التعاقب .
241 ـ حق المشترى فى استرداد الثمن من الشفيع واسترداد مصروفات البيع : المفروض هنا أن الثمن غير مؤجل ، وأن المشترى قد دفعه للبائع . فإذا أخذ الشفيع العقار المشفوع فيه بالشفعة قضاء ، فأودع الثمن خزانة المحكمة ، سحب المشترى الثمن من الخزانة ، فاسترد على هذا النحو الثمن الذى سبق أن دفعه للبائع ، وبذلك يكون الشفيع قد وفى التزامه نحو المشترى من رد الثمن إليه . وقد سبق بيان ما يجب خصمه من المبلغ المودع خزانة المحكمة إذا أثبت الشفيع أن هذا المبلغ أكبر من الثمن الحقيقى ، وما تجب إضافته إلى هذا المبلغ إذا أثبت البائع أو المشترى أنه أقل من الثمن الحقيقى ، فنحيل إلى ما تقدم فى هذا الشأن( [1300] ) . وفى حالة التراضى على الشفعة ، يكون الشفيع ملتزمًا بدفع الثمن المتفق عليه للمشترى( [1301] ) . وأيًا كان المبلغ الذى يلتزم الشفيع بدفعه ، كل الثمن أو الباقى منه ، فإنه يلتزم بدفعه فورًا للمشترى . ولا يلتزم الشفيع بدفع فوائد عن $ 762 $ الثمن ، إلا فى الحالات التى سبق أن بيناها فى التزام الشفيع بدفع الثمن للبائع( [1302] ) . وإذا أخل الشفيع بالتزامه بدفع الثمن وفوائده للمشترى ، وجب تطبيق القواعد العامة . ولما كان البائع قد استوفى الثمن من المشترى كما سبق القول ، فإنه يمتنع الفسخ لعدم رد الشفيع الثمن للمشترى( [1303] ) . ذلك بأن المشترى إنما يسترد من الشفيع الثمن الذى دفعه للبائع ، لأنه دفع عنه دينًا واجبًا فى ذمته للبائع ، فيكون رجوع المشترى على الشفيع طبقًا لقواعد الإثراء بلا سبب . ومن ثم لا يكون للمشترى حق الفسخ كما قدمنا ، وإنما يكون له حق التنفيذ على أموال الشفيع ، كما أن له أن يحبس العقار المشفوع فيه حتى يسترد من الشفيع الثمن والفوائد( [1304] ) . $ 763 $ ويسترد المشترى من الشفيع أيضًا مصروفات البيع ، سواء كانت رسمية كرسوم توثيق البيع المشفوع فيه ورسوم الدمغة ورسوم التصديق على الإمضاءات ورسوم التسجيل ورسوم استخراج الشهادات العقارية ، أو كانت غير رسمية كالسمسرة وأتعاب المحاماة ومصروفات معاينة الأرض المشفوع فيها . وهذه المصروفات التزم المشترى بدفعها عند شرائه العقار ، وقد نصت المادة 462 مدنى فى هذا الصدد على أن " نفقات عقد البيع ورسوم الدمغة والتسجيل وغير ذلك من مصروفات تكون على المشترى ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك " . وعلى هذا يسترد المشترى من الشفيع هذه المصروفات طبقًا لقواعد الإثراء بلا سبب كما فى استرداد الثمن ، ويكون للمشترى حق التنفيذ على أموال الشفيع وله أن يحبس العقار المشفوع فيه . وقد قدمنا أن الشفيع لا يلتزم بإيداع مصروفات البيع مع الثمن خزانة المحكمة إذا رفع دعوى الشفعة ، وإنما تكون هذه المصروفات محل مطالبة من المشترى للشفيع فى أثناء نظر الدعوى ، وعلى المشترى أن يثبت مقدار ما أنفقه منها حتى يقضى له به على الشفيع( [1305] ) .
242 ـ حق المشترى فى التعويض عن المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة : وقد ينفق المشترى على العقار المشفوع فيه ، بعد أن يتسلمه من البائع ، مصروفات ضرورية أو مصروفات نافعة أو مصروفات كمالية . وفى هذه الحالة يعتبر المشترى حائزًا للعقار المشفوع فيه ، وقد أنفق عليه هذه المصروفات فيرجع بها على المالك وهو هنا الشفيع ، طبقًا للقواعد العامة المقررة فى هذا الشأن . وتنص المادة 980 مدنى فى هذا الصدد على أنه " 1 ـ على الملك الذى $ 764 $ يرد إليه ملكه أن يؤدى إلى الحائز جميع ما أنفقه من المصروفات الضرورية ، 2 ـ أما المصروفات النافعة فيسرى فى شأنها أحكام المادتين 924 و 925 ، 3 ـ فإذا كانت المصروفات كمالية ، فليس للحائز أن يطالب بشئ منها . ومع ذلك يجوز له أن ينزع ما استحدثه من منشآت على أن يعيد الشئ إلى حالته الأولى ، إلا إذا اختار المالك أن يستبقيها مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة " . وتقضى المادة 982 مدنى بأنه يجوز للقاضى بناء على طلب المالك أن يقرر ما يراه مناسبًا للوفاء بالمصروفات المتقدمة الذكر ، " وله أن يقضى بأن يكون الوفاء على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة ، وللمالك أن يتحلل من هذا الالتزام إذا هو عجل مبلغًا يوازى قيمة هذه الأقساط مخصومًا منها فوائدها بالسعر القانونى لغاية مواعيد استحقاقها " .
وسنتولى شرح هذه الأحكام تفصيلاً عند الكلام فى الحيازة وفى علاقة الحائز بالمالك . ونقتصر هنا على القول بأن المشترى ، إذا أنفق على العقار المشفوع فيه مصروفات ضرورية ، استردها بأكملها من الشفيع ، وعليه أن يثبت مقدار هذه المصروفات ، فى أثناء دعوى الشفعة ليقضى له بها ، أو أن يرفع بها دعوى على حدة, أما المصروفات النافعة ، فيطبق فى شأنها قواعد الالتصاق المقررة فى المادة 924 و 925 مدنى ، وقد مر ذكرهما عند الكلام فى قواعد الالتصاق( [1306] ) . ويجب التمييز فى هذا الصدد بين ما إذا كانت هذه المصروفات النافعة قد أنفقت على العقار المشفوع فيه قبل إعلان المشترى برغبة الشفيع فى الشفعة فيكون المشترى فى هذه الحالة حسن النية وتسرى عليه أحكام المادة 925 مدنى( [1307] ) ، وما إذا كانت هذه المصروفات قد أنفقت بعد إعلان المشترى برغبة الشفيع فى الشفعة فيكون المشترى فى هذه الحالة سئ النية وتسرى عليه أحكام المادة 924( [1308] ) . وفى الحالتين يطالب المشترى الشفيع بالتعويض عن المصروفات النافعة طبقًا للأحكام المشار إليها إما فى أثناء نظر دعوى الشفعة ، أو فى دعوى على حدة . وإذا كانت المصروفات كمالية ، فليس $ 765 $ للمشترى أن يطالب الشفيع بشئ منها ، سواء أنفقت هذه المصروفات بعد إعلان المشترى برغبة الشفيع فى الشفعة أو قبل إعلان هذه الرغبة . ويكون الشفيع بالخيار بين أن يستبقى المنشآت للكمالية التى استحدثها المشترى مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة ، أو أن يجبر المشترى على إزالتها وعلى إعادة العقار إلى حالته الأولى . ويطالب الشفيع المشترى بذلك إما فى أثناء نظر دعوى الشفعة ، أو فى دعوى على حدة . وللمشترى حبس العقار المشفوع فيه حتى يسترد من الشفيع المستحق له ، بسبب المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة والمصروفات الكمالية .
243 ـ حق المشترى فى التعويض والغراس : وقد يبنى المشترى فى العقار المشفوع فيه أو يغرس فيه أشجارًا ، بعد أن يتسلمه من البائع . وقد تكفلت المادة 946 مدنى سالفة الذكر( [1309] ) ببيان ما يرجع به المشترى على الشفيع من التعويض بسبب هذا البناء أو الغراس . ولم يطبق المشرع ، فى هذه المادة ، الأحكام العامة فى الالتصاق ، بل انحرف عنها كثيرًا( [1310] ) . فقد ميز بين حالتين : حالة ما إذا بنى المشترى أو غرس قبل إعلانه بالرغبة فى الشفعة فاعتبر المشترى فى هذه الحالة حائزًا حسن النية ، وحالة ما إذا بنى أو غرس بعد إعلانه بهذه الرغبة فاعتبر فى هذه الحالة حائزًا سئ النية . ولم تطبق الأحكام العامة فى الالتصاق فى كلتا الحالتين ، بل عومل المشترى فى كل منهما معاملة أفضل مما تقضى به هذه الأحكام . والسبب فى ذلك أن الشمترى عندما يبنى أو يغرس فى العقار المشفوع فيه ، سواء كان ذلك قبل إعلان الرغبة فى الشفعة أو بعد إعلانها ، إنما يبنى أو يغرس فى عقار اشتراه . فعنده من الأسباب ما يبرر أن يتصرف فى هذا العقار تصرف المالك ، فيبنى فيه أو يغرس ، وقد يتصرف فيه بالبيع أو الرهن أو غير ذلك من التصرفات $ 766 $ كما سنرى . وهو ، حتى بعد إعلانه بطلب الشفعة ومعارضته لهذا الطلب ، قد يكون على حق فى هذه المعارضة ، أو فى القليل قد يعتقد أنه على حق فيها ، فلم يشأ أن يشل نشاطه ، وأقبل يبنى أو يغرس فى العقار المشفوع فيه( [1311] ) .
وفى الحالة الأولى ، عندما يبنى المشترى أو يغرس قبل إعلان الرغبة فى الشفعة ، تقضى الفقرة الأولى من المادة 946 مدنى كما رأينا بأن المشترى يكون بالخيار بين أن يطالب الشفيع بما أنفقه فى البناء أو الغراس( [1312] ) أو بمقدار ما زاد فى قيمة العقار بسبب البناء أو الغرس ، أى القيمتين أكبر . فهنا قد عومل المشترى فى الشفعة معاملة أفضل من الحائز حسن النية فى الأحكام العامة للالتصاق ، فإن هذا يتقاضى ما أنفقه فى البناء أو الغراس أو ما زاد فى قيمة العقار بسبب البناء أو الغراس أى القيمتين أقل . يضاف إلى ذلك أنه فى الأحكام العامة فى الالتصاق " إذا كانت المنشآت قد بلغت حدًا من الجسامة يرهق صاحب الأرض أن يؤدى ما هو مستحق عنها : كان له أن يطلب تمليك الأرض لمن أقام المنشآت نظير تعويض عادل " ( م 925 / 2 مدنى ) . فيستطيع إذن صاحب الأرض ، فى الأحكام العامة فى الالتصاق ، أن يتفادى تعويض الحائز من البناء أو الغراس ، بأن يطلب تمليكه الأرض فى نظير تعويض عادل . أما فى الشفعة ، فلا يستطيع الشفيع أن يتفادى تعويض المشترى عن البناء أو الغراس أن يطلب تمليكه العقار فى نظير تعويض عادل ، إذ لم يرد فى الشفعة نص فى هذا المعنى كما ورد هذا النص فى الأحكام العامة فى الالتصاق . والسبب فى ذلك واضح ، فإن الشفيع إذا أراد أن يتفادى تعويض المشترى عن البناء أو الغراس ، فإن الأولى به ألا يطلب أخذ العقار بالشفعة ، بدلاً من أن يأخذه ثم يعيده إلى المشترى فى نظير تعويض عادل . بقى أنه فى الأحكام العامة فى الالتصاق ، يجوز للحائز أن يطلب نزع المنشآت التى استحدثها على أن يعيد الأرض إلى أصلها ( م 925 / 1 مدنى ) . وهذا أيضًا جائز فى الشفعة ، فيصح $ 767 $ للمشترى ، بدلاً من أن يتقاضى من الشفيع التعويض المنصوص عليه فى المادة 946 مدنى ، أن يطلب نزع البناء أو الغراس من العقار المشفوع فيه على أن يعيد العقار إلى أصله( [1313] ) .
وفى الحالة الثانية ، عندما يبنى المشترى أو يغرس بعد إعلان الرغبة فى الشفعة ، تقضى الفقرة الثانية من المادة 946 مدنى كما ر ، ينا أنه يصح للشفيع أن يطلب إزالة البناء أو الغراس على نفقة المشترى وإعادة العقار إلى أصله مع التعويض إن كان له مقتض . وإلى هنا يتساوى المشترى فى الشفعة مع الحائز سئ النية فى الأحكام العامة فى الالتصاق ، فإنه طبقًا لهذه الأحكام يجوز لصاحب الأرض " أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه " ( م 924 / 1 مدنى )( [1314] ) . ولكن يجوز لكل من الشفيع فى أحكام الشفعة ولصاحب الأرض فى الأحكام العامة فى الالتصاق أن يطلب استبقاء البناء أو الغراس . وفى هذا الفرض يعامل المشترى فى الشفعة معاملة أفضل من معاملة الحائز سئ النية فى الأحكام العامة فى الالتصاق . فالمشترى فى الشفعة ، طبقًا لأحكام المادة 946 / 2 مدنى ، يتقاضى من الشفيع ما أنفقه فى البناء أو الغراس ، أما الحائز سئ النية فى الأحكام العامة فى الالتصاق فلا يتقاضى ، طبقًا لأحكام المادة 924 / 1 مدنى ، إلا أقل القيمتين ، قيمة البناء أو الغراس مستحق الإزالة أو دفع مبلغ يساوى ما زاد فى ثمن الأرض بسبب البناء أو الغراس( [1315] ) .
244 ـ حق الشفيع فى تسلم العقار المشفوع فيه من المشترى ـ تعبة الهلاك ولما كان المشترى قد تسلم العقار المشفوع فيه من البائع ، فإنه بعد الأخذ بالشفعة يلتزم بتسليمه للشفيع . وكل ما ذكرناه من أحكام فى تسليم البائع العقار المشفوع فيه للشفيع يسرى هنا فى تسليم المشترى هذا العقار للشفيع . فالمشترى يلتزم بتسليم العقار بالحالة التى كان عليها وقت البيع ، وبالمقدار الذى $ 768 $ عين له فى العقد ، وبالملحقات التى تتبعه . ويكون التسليم بوضع العقار تحت تصرف الشفيع بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ، ويحصل هذا التسليم على النحو الذى يتفق مع طبيعة العقار . ويتم التسليم فورًا بمجرد ثبوت حق الشفيع فى الشفعة ، فإذا تأخر المشترى عن التسليم ، كان للشفيع أن يطالبه بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب هذا التأخر( [1316] ) .
يبقى أن نحدد على من تقع تبعة هلاك العقار المشفوع فيه ، إذا هلك هذا العقار بسبب أجنبى قبل أن يسلمه المشترى للشفيع( [1317] ) . لا شك فى أن هذه التبعة لا تقع على البائع ، فهو قد سلم العقار إلى المشترى فارتفعت عنه بهذا التسليم تبعة الهلاك . ويبقى تحمل التبعة محصورًا بين المشترى والشفيع ، وكثير من الفقهاء يذهبون إلى أن تبعة هلاك العقار قبل أن يسلمه المشترى للشفيع تقع على المشترى( [1318] ) . وحجتهم فى ذلك أن تبعة هلاك المبيع قبل التسليم تكون على البائع لأنه ملتزم بالتسليم ، وقد أصبح المشترى هو الملتزم بالتسليم فتقع عليه هو تبعة الهلاك .
ولكن يلاحظ على هذا الرأى أن تبعة الهلاك إنما تقع على الملتزم بالتسليم إذا كان الالتزام بالتسليم متفرعًا عن الالتزام بنقل الملكية ، فيكون الالتزام بالتسليم ليس فى حقيقته إلا التزامًا مكملاً للالتزام ينقل الملكية إذ لا تخلص الملكية فعلاً إلا بالتسليم( [1319] ) . أما هنا فالمشترى ليس ملتزمًا بنقل الملكية للشفيع ، بل الملتزم بنقلها هو البائع كما قدمنا ، والبائع قد ارتفعت عنه التبعة تسليم العقار إلى المشترى كما سبق القول . فعلى أى أساس إذن يبنى تحمل المشترى لتبعة الهلاك قبل التسليم؟ فى رأينا أن المشترى لا يتحمل تبعة الهلاك لأنه ملتزم بالتسليم ، إذ التزامه بالتسليم هو التزام مستقل وليس متفرعًا عن التزام بنقل $ 769 $ الملكية . والأصل أن الذى يتحمل تبعة الهلاك فى هذه الحالة هو المالك( [1320] ) ، والمالك هنا هو الشفيع متى سجل سند شفعته ( الحكم بالشفعة أو إقرار المشترى بها ) ، فكان ينبغى أن يكون الشفيع هو الذى يتحمل تبعة الهلاك . ولكن المشترى ، قبل تسليمه العقار للشفيع ، يعتبر حائزًا له كما قدمنا ، حائزًا حسن النية قبل إعلانه بالرغبة فى الشفعة ، وحائزًا سئ النية بعد هذا الإعلان . وقد بين القانون فى نصوص صريحة على من تقع تبعة هلاك الشئ ، إذا هلك وهو فى يد الحائز . فنصت المادة 983 مدنى على أنه " 1 ـ إذا كان الحائز حسن النية وانتفع بالشئ وفقًا لما يحسبه من حقه ، فلا يكون مسئولاً قبل من هو ملزم برد الشئ إليه عن أى تعويض بسبب هذا الانتفاع . 2 ـ ولا يكون الحائز مسئولاً عما يصيب الشئ من هلاك أو تلف ، إلا بقدر ما عاد عليه من فائدة ترتبت على هذا الهلاك أو التلف " . وعلى ذلك تكون تبعة الهلاك على الشفيع ، إذا هلك العقار بسبب أجنى هو فى يد المشترى قبل إعلانه بالرغبة فى الشفعة ، أى طالما كان المشترى معتبرًا حائزًا حسن النية( [1321] ) . وتنص المادة 984 مدنى على أنه " إذا كان الحائز سئ النية ، فإنه يكون مسئولاً عن هلاك الشئ أو تلفه ولو كان ذلك ناشئًا عن حادث مفاجئ ، إلا إذا ثبت أن الشئ كان يهلك أو يتلف ولو كان باقيًا فى يد من يستحقه " . وعلى ذلك تكون تبعة الهلاك على المشترى إذا هلك العقار وهو فى يده بعد إعلانه بالرغبة فى الشفعة ، أى عندما يعتبر حائزًا سئ النية . وسنعود إلى بحث المادتين 983 و 984 مدنى عند الكلام فى الحيازة وفى علاقة الحائز بالمالك( [1322] ) ، ونقتصر هنا على القول بأن هاتين المادتين هما المنطبقتان ، فى أرينا ، فى حالة هلاك العقار المشفوع فيه بسبب أجنى وهو لا يزال فى يد المشترى قبل أن يسلمه للشفيع( [1323] ) .
$ 770 $
وإذا كان الهلاك جزئياً أو نقصاً فى قيمة العقار بسبب تلف أصابه ، وكان ذلك قبل إعلان المشترى بالرغبة فى الشفعة ، فإن التبعة تكون على الشفيع كما هو الأمر فى الهلاك الكلى . أما إذا وقع الهلاك الجزئى أو النقص فى قيمة العقار بعد إعلان المشترى بالرغبة فى الشفعة ، فإن التبعة تكون على المشترى كما هو الأمر أيضاً فى الهلاك الكلى ، ويجوز للشفيع " إما أن يطلب فسخ البيع إذا كان النقص جسيماً بحيث لو طرأ قبل العقد لما تم البيع ، وإما أن يبقى البيع بعد إنقاص الثمن " ( م 438 مدنى ) ( [1324] ) .
245 - حق الشفيع فى استرداد ثمار العقار المشفوع فيه من المشترى : قدمنا أن الفقرة الثانية من المادة 458 مدنى تنص على ما يأتى : " وللمشترى ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضاً . هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغيرة " . وذكرنا أن استحقاق المشترى ، وقد حل محله الشفيع ، للثمرات وإنماء لا يرجع إلى أن هذه تعتبر من ملحقات المبيع فتسلم إليه مع المبيع ، بل يرجع إلى أن المشترى قد أصبح مالكاً للمبيع وباعتباره مالكاً يملك ثمر ملكه ونماءه ، ويكون عليه تكاليفه . وقد رتبنا على ذلك أن الشفيع ، بعد أن حل محل المشترى ، لا يتملك ثمار العقار المشفوع فيه إلا من وقت أن تنتقل إليه ملكية هذا العقار ، وذلك سواء $ 771 $ كان العقار لا يزال فى 3 يد البائع وهو الذى يستولى على ثماره ، أو سلم إلى المشترى فأصبح هو الذى يقبض هذه الثمار ( [1325] ) . ومتى ثبت للشفيع الحق فى ثمرات العقار المشفوع فيه من وقت تملكه لهذا العقار ، فعليه من هذا الوقت أيضاً تكاليفه ، كالضرائب ونفقات حفظ العقار وصيانته ونفقات الاستغلال ومصروفات تحصيل الثمرة ونحو ذلك ، لأن العقار لم ينتج هذه الثمرات إلا بعد هذه التكاليف ، والغرم بالغنم ( [1326] ) .
ويبقى الآن تحديد متى يعتبر الشفيع مالكاً للعقار المشفوع فيه ، حتى يكون من وقت تملكه لهذا العقار مستحقاً لثماره فيستردها من المشترى ، وملتزماً بأن يرد إليه نفقات الحفظ والصيانة وسائر التكاليف . وهنا تظهر الأهمية العملية لقضاء محكمة النقض الذى استقر على أن حكم الشفعة منشئ لحق الشفيع ، وأن ملكية العقار المشفوع فيه لا تنتقل إلى الشفيع إلا من وقت تسجيل هذا الحكم ( [1327] ) . فقد رأينا أن محكمة النقض ذهبت فى كثير من أحكامها ، فى عهد قانون الشفعة السابق ، إلى أن العين المشفوعة لا تصير إلى ملك الشفيع ، فى غير حالة التراضى ، إلا بالحكم النهائى القاضى بالشفعة ، وبلا سند فى القانون لدعوى الشفيع بريع العين عن المدة السابقة للحكم ، ولو كان قد عرض الثمن على المشترى عرضاً حقيقياً وأودعه خزانة المحكمة إثر رفضه ( [1328] ) . فعند محكمة النقض أن ثمار العقار المشفوع فيه تكون من حق المشترى وحده عن المدة السابقة لتاريخ الحكم النهائى القاضى بالشفعة ، ولا محل للتفريق بين حالة ما إذا كانت الشفعة قد قضى بها الحكم الاستئنافى بعد أن كان قد رفضها الحكم الابتدائى وحالة ما إذا كان قد قضى بها الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم الاستئنافى ، إذ العبرة فى الحالتين بالحكم النهائى سواء كان ملغياً أو مؤيداً للحكم الابتدائى ( [1329] ) . $ 772 $ وقد قدمنا أن محكمة النقض لم تعدل عن هذا المبدأ ، حتى بعد أن صدر التقنين المدنى الجديد وأوجب على الشفيع إيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة ( [1330] ) .
هذا هو ما استقر عليه محكمة النقض فى قضائها ، فهى تذهب إلى أن حق الشفيع لا يستقر وإلى أن الشفيع لا يحل محل المشترى إلا عند صدور الحكم النهائى بالشفعة . فمن ذلك الوقت فقط يستحق الشفيع ( بعد تسجيل حكم الشفعة ) ثمار العقار المشفوع فيه ويرجع بها على المشترى ، ومن ذلك الوقت أيضاً يلتزم الشفيع بأن يرد إلى المشترى مصروفات الحفظ والصيانة ونفقات الاستغلال وتحصيل الثمرة ونحو ذلك .
وقد سبق أن استعرضنا الحجج التى استندت إليها محكمة النقض فى قضائها هذا ، وانتهينا من هذا الاستعراض إلى القول بأن حكم الشفعة ، على عكس ما تذهب إليه محكمة النقض ، كاشف لا منشئ ، وإلى أن حلول الشفيع محل المشترى يكون منذ إبرام البيع لا منذ صدور الحكم بالشفعة ( [1331] ) . وقدمنا أن الشفيع مع ذلك لا تنتقل إليه ملكية العقار المشفوع فيه إلا إذا سجل الحكم النهائى بالشفعة أو إقرار المشترى بها ، وذلك سواء حل الشفيع محل المشترى $ 773 $ من وقت البيع على الرأى الذى نقول به ، أو من وقت صدور الحكم النهائى بالشفعة أو إقرار المشترى بها على الرأى الذى تقول به محكمة النقض ، أو من وقت إعلان الرغبة أو من وقت تسجيل هذا الإعلان عى ما يقول به آخرون . فالملكية فى جميع هذه الآراء لا تنتقل إلا بتسجيل الحكم النهائى بالشفعة أو تسجيل إقرار المشترى بها ، وهذا هو الذى تفرضه أحكام التسجيل . وتنتقل الملكية من وقت هذا التسجيل بالنسبة إلى الغير ، وهذا بإجماع الآراء أما فيما بين الشفيع والمشترى ، والمشترى ليس من الغير بالنسبة إلى الشفيع على الرأى الذى تقول به ، فالملكية لا تنتقل أيضاً إلا بالتسجيل ، ولكن إذا تم التسجيل فإنها تنتقل فى رأينا من وقت البيع ، وذلك على خلاف ما ذهبت إليه محكمة النقض من أن الملكية لا تنتقل إلا من وقت التسجيل حتى بالنسبة إلى المشترى ( [1332] ) .
ففى الرأى الذى نقول به تنتقل الملكية إذن ، فيما بين الشفيع والمشترى ، بتسجيل الحكم النهائى بالشفعة أو تسجيل إقرار المشترى بها ، ولكن من وقت البيع لا من وقت التسجيل . فهل يتملك الشفيع الثمار وهى فى يد المشترى من وقت تمام البيع ، كما كان يتملكها لو كانت فى يد البائع كما سبق القول؟ ( [1333] ) يختلف موقف الشفيع من المشترى عن موقفه من البائع . ذلك بأن المشترى ، بعد أن ثبت للشفيع الحق فى الشفعة ، يعتبر حائزاً للعاقر منذ أن يتسلمه ، وهو حائز حسن النية قبل إعلانه بالرغبة فى الشفعة ، وحائز سيئ النية بعد هذا الإعلان ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . ويعتبر الشفيع ، بالنسبة إلى المشترى ، مالكاً للعقار من وقت البيع كما تقدم القول . فموقف الشفيع من المشترى ، بالنسبة إلى الثمار ، هو إذن موقف المالك من الحائز . وتنص المادة 978 / 1 مدنى على أن " يكسب الحائز ما يقبضه من ثمار مادام حسن النية " . وتنص المادة 979 مدنى على أن " يكون الحائز سيئ النية مسئولاً من وقت أن يصبح سيئ النية عن جميع الثمار التى يقبضها والتى قصر فى قبضها ، غير أنه يجوز أن يسترد ما أنفقه فى إنتاج هذه الثمار " . وعلى ذلك يتملك المشترى الثمار ، فلا يلتزم بردها إلى الشفيع ، إلى وقت إعلانه بالرغبة فى الشفعة ، إذ يكون عند $ 774 $ ذلك حائزاً حسن النية ، وهو الذى يتحمل التكاليف إلى ذلك الوقت ( [1334] ) . ومن وقت إعلان المشترى بالرغبة فى الشفعة ، يصبح المشترى حائزاً سيئ النية ، فلا يتملك الثمار . وتكون الثمار من ذلك الوقت للمالك أى للشفيع ، ويستطيع هذا أ ، يستردها من المشترى ، وعليه ، من ذلك الوقت أيضاً ، أن يرد للمشترى التكاليف التى سبق بيانها من مصروفات حفظ وصيانة وغيرها من المصروفات وما أنفقه المشترى فى إنتاج هذه الثمار ( [1335] ) .
والحل الذى نقول به هو الحل الذى تمليه النصوص والمبادئ العامة ، وينهض به فوق ذلك اعتباران . الاعتبار الأول هو أنه الحل المنطقى . فالمشترى قبل إعلانه بطلب الشفعة من حقه أن يتصرف تصرف المالك فى العقار الذى اشتراه ، وله بوجه خاص أن يقبض ثماره ولا يكون مسئولاً عن ردها لأحد ، فإذا ما أعلن بطلب الشفعة تغير موقفه ، ووجب عليه أن يستعد لهذا الطلب ، وأن يواجه احتمال نجاح الشفيع فى أن يأخذ العقار بالشفعة فيطالبه بالثمار من وقت إعلانه بهذا الطلب ، فيكون عندئذ مستعداً لرد هذه الثمار . والاعتبار الثانى هو هذا الحل هو الحل العادل . فقد أصبح الشفيع ، بموجب التقنين الجديد ، ملزماً بإيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة ( [1336] ) ، أى بعد إعلانه $ 775 $ المشترى بطلب الشفعة بأيام قليلة . فمن العدل ، وقد أودع الثمن خزانة المحكمة وحرم نفسه من استغلاله بسبب عدم تسلمي المشترى له بالشفعة عن غير حق ، أن يستعيض عن فوائد هذا الثمن باسترداد الثمن من المشترى من وقت أن أصبح هذا حائزاً سيئ النية ، أى من وقت إعلانه بطلب الشفعة .
3 - علاقة التشفيع بالغير
246 - نص قانونى : تنص المادة 947 مدنى على ما يأتى :
" لا يسرى فى حق الشفيع أى رهن رسمى أو أى حق اختصاص أخذ ضد المشترى ولا أى بيع صدر من المشترى ولا أى حق عينى رتبه أو ترتب ضده ، إذا كان كل ذلك قد تم بعد التاريخ الذى سجل فيه إعلان الرغبة فى الشفعة . ويبقى مع ذلك للدائنين المقيدين ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل للمشترى من ثمن العقار " ( [1337] ) .
ويقابل النص فى قانون الشفعة السابق المادة 12 ( [1338] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية : فى التقنين المدنى السورى لا مقابل – وفى التقنين المدنى الليبى م 951 - وفى التقنين المدنى العراقى م 1144 - وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( [1339] ) .
$ 776 $
ويواجه النص حالة ما إذا ترتبت حقوق عينة على العقار المشفوع فيه من جانب المشترى ومتى تسرى فى حق الشفيع ، وهنا يجب التمييز بين الحقوق العينية التى ترتبت قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة وتلك التى ترتبت بعد تسجيل هذا الإعلان . وقبل ذلك نبحث حالة الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب البائع ومتى تسرى فى حق الشفيع ، وهنا أيضاً تميز بين الحقوق التى ترتبت قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة وتلك التى ترتبت بعد تسجيل هذا الإعلان .
وعلى ذلك نبحث المسائل الآتية : ( 1 ) الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب البائع قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة . ( 2 ) الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب البائع بعد تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة . ( 3 ) الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب المشترى قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة . ( 4 ) الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب المشترى بعد تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة .
247 - الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب البائع قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة : والحقوق العينية التى يمكن أن يرتبها البائع على العقار المشفوع فيه حقوق متنوعة بتنوع التصرفات التى يجريها البائع فى هذا العقار . وأبلغ هذه التصرفات هو أن يتصرف البائع فى ملكية العقار نفسها ، فيبيع العقار أو يقايض عليه أو يهبه مثلاً . وقد تكون التصرفات دون ذلك ، بأن يرتب البائع على العقار حقاً عينياً أصلياً كحق انتفاع أو حق ارتفاق . وقد يترتب على العقار من جانب البائع حق عينى تبعى ، كأن يرهنه رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً أو يأخذ على العقار حق اختصاص من قبل دائنى البائع أو يترتب عليه حق امتياز يكفل ديناً فى ذمة البائع . كل هذه حقوق عينية تترتب على العقار المشفوع فيه من جانب البائع .
فإذا ترتب حق منها فإنه يسرى فى حق الشفيع إذا أخذ العقار بالشفعة ، بشرط أن صاحب هذا الحق يشهر حقه قبل أن يسجل الشفيع إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة إلى البائع ، وقبل أن يسجل المشترى عقد شرائه ( أو صحيفة $ 777 $ دعواه بصحة التعاقد ) . ذلك بأن صاحب الحق العينى الذى ترتب على العقار لا يستطيع أن يكشف ، عن طريق البحث فى سجلات الشهر العقارى ، عن البيع الذى صدر من البائع للمشترى إذ أن المشترى لم يسجل عقد شرائه ( أو لم يسجل صحيفة دعواه بصحة التعاقد ) ، ولا عن طلب الشفعة إذ أن الشفيع لم سجل إعلان هذا الطلب للبائع . فإذا شهر صاحب هذا الحق حقه ، بالتسجيل أو بالقيد بحسب الأحوال ، قبل أن يسجل الشفيع إعلان البائع بطلب الشفعة وقبل أن يسجل المشترى عقد شرائه ، فإن حقه يكون نافذاً على كل من الشفيع والمشترى طبقاً للقواعد المقررة فى التسجيل .
فإذا باع البائع مثلاً ، بعد البيع الأول ، العقار ثانية وسجل المشترى الثانى قبل أن يسجل المشترى الأول عقد شرائه وقبل أن يسجل الشفيع إعلان طلب الشفعة ، فإن البيع الثانى يكون نافذاً فى حق الشفيع ، فلا يستطيع أن يأخذ بالشفعة إلا من المشترى الثانى ، فى مواعيد البيع الثانى وبالثمن الذى ورد فيه وبالشروط التى تم بها . وإذا قايض البائع على العقار المبيع أو وهبه وسجلت المقايضة أو الهبة قبل أن يسجل المشترى وقبل أن يسجل الشفيع ، فإن المقايضة أو الهبة تسرى فى حق الشفيع ، فلا يستطيع هذا أن يأخذ بالشفعة فى البيع الذى انتقض بالمقايضة أو الهبة ، ولا فى المقايضة أو الهبة لأنه لا يجوز الأخذ بالشفعة فى أى منهما . وإذا رتب البائع مثلاً حق انتفاع أو حق ارتفاق على العقار بعد بيعه ، وسجل صاحب حق الانتفاع أو ساحب حق الارتفاق قبل أن يسجل المشترى وقبل أن يسجل الشفيع ، فإن الشفيع يأخذ العقار بالشفعة محملاً بحق الانتفاع أو بحق الارتفاق ، وفى هذه الحالة يرجع بضمان الاستحقاق على البائع . وإذا رتب البائع على العقار بعد بيعه رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً ، أو ترتب عليه حق اختصاص من قبل دائنيه أو حق امتياز يكفل ديناً فى ذمته ، وقيد الدائن حقه قبل أن يسجل المشترى وقبل أن يسجل الشفيع ، فإن هذا الحق يسرى على الشفيع ، ويأخذ العقار بالشفعة مثقلاً به ، ويرجع بضمان الاستحقاق على البائع .
248 - الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع به من جانب البائع بعد تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة : أما إذا ترتب حق عينى على العقار $ 778 $ المشفوع فيه من جانب البائع على الوجه المتقدم ذكره ، ولكن صاحب هذا الحق لم يشهره إلا بعد أن سجل الشفيع إعلان البائع بطلب الشفعة ، أو بعد أن سجل المشترى عقد شرائه ، فإن هذا الحق لا يكون نافذاً فى حق الشفيع .
فإذا باع البائع ، بعد البيع الأول ، العقار ثانية أو قايض عليه أو وهبة ، ولم يجر تسجيل هذا التصرف قبل تسجيل الشفيع إعلان البائع بطلب الشفعة ، فإن التصرف لا ينفذ فى حق الشفيع ، والذى يسرى فى حقه هو البيع الأول وحده ، فيأخذ فيه بالشفعة ويمضى فى إجراءاتها إلى النهاية . ويرجع المشترى الثانى أو المقايض أو الموهوب له على البائع بالضمان ، طبقاً لأحكام القانون . وحتى لو سجل التصرف قبل تسجيل إعلان البائع بطلب الشفعة ، ولكنه سجل بعد تسجيل المشترى الأول ، فإن التصرف لا ينفذ فى حق هذا المشترى طبقاً للقواعد المقررة فى التسجيل . وما دام لا ينفذ فى حق المشترى الأول ، فإنه لا ينفذ أيضاً فى حق الشفيع الذى حل محل المشترى الأول . ولا يسرى أيضاً فى هذه الحالة فى حق الشفيع إلا البيع الأول ، فيأخذ فيه بالشفعة .
وإذا رتب البائع ، بعد البيع ، حق انتفاع أو حق ارتفاق على العقار المشفوع فيه ، ولم يسجل صاحب حق الانتفاع أو صاحب حق الارتفاق التصرف الصادر له قبل تسجيل الشفيع إعلان البائع بطلب الشفعة ، فإن هذا الحق لا يسرى على الشفيع ، ويأخذ العقار بالشفعة خالياً من حق الانتفاع أ من حق الارتفاق ، ويرجع صاحب هذا الحق بالضمان على البائع . وكذلك الحكم فيما لو سجل المشترى عقد شرائه قبل تسجيل التصرف الصادر لصاحب حق الانتفاع أو لصاحب حق الارتفاق ، فلا يسرى هذا الحق على المشترى ، ومن ثم لا يسرى على الشفيع .
وإذا رتب البائع على العقار ، بعد بيعه ، رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً ، أو ترتب عليه حق اختصاص من قبل دائنيه أو حق امتياز يكفل ديناً فى ذمته ، ولم يقيد الدائن حقه قبل أن يسجل الشفيع إعلان البائع بطلب الشفعة ، أو قبل أن يسجل المشترى عقد شرائه ، فإن هذا الحق لا يسرى على الشفيع ، ويأخذ هذا الأخير العقار بالشفعة خالياً من هذا الحق . وفى هذه الحالة يحتفظ الدائن بحق الأولوية عى ما عسى أن يكون قد آل للبائع من ثمن العقار ، ونقيس $ 779 $ على ذلك على حالة ما إذا كان التصرف قد صدر من المشترى طبقاً لأحكام المادة 947 مدنى على ما سنرى ( [1340] ) ، فضلا عن أنه يوجد نص صريح فى هذا المعنى فى خصوص حق الرهن الرسمى ( [1341] ) ، وفى خصوص حق الاختصاص ( [1342] ) ، وفى خصوص حقوق الامتياز ( [1343] ) .
249 - الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب المشترى قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة : والمفروض هنا أن الحقوق العينية قد ترتبت على العقار المشفوع فيه على الوجه الذى سبق بسطه ( [1344] ) ، من جانب المشترى ، لا من جانب البائع كما كان الأمر فيما تقدم . فإذا ترتبت هذه الحقوق العينية قبل تسجيل إعلان المشترى بطلب الشفعة ، فإنها تسرى فى حق الشفيع كما يستفاد بطريق الدليل العكسى من المادة 947 مدنى سالفة الذكر ( [1345] ) .
ويتخذ أنصار الرأى القائل بأن حكم الشفعة منشئ لحق الشفيع وبأن المشترى يبقى مالكاً للعقار المشفوع فيه حتى صدور هذا الحكم من هذه القاعدة دليلاً على صحة ما يذهبون إليه . فعندهم أنه ما دامت تصرفات المشترى فى الفرض المتقدم تسرى فى حق الشفيع ، فليس ذلك إلا لأن المشترى يعتبر مالكاً للعقار وقد تصرف فيه فسرى تصرفه فى حق الشفيع ( [1346] ) . وهذا الدليل لا يستقيم ، إذ لو تمسكنا به لنتج عنه أن المشترى وقد بقى مالكا للعقار المشفوع $ 780 $ فيه إلى وقت صدور حكم الشفعة وفقاً لما يقول به أنصار هذا الرأى ، كان ينبغى أن تسرى تصرفاته فى حق الشفيع ، ليس فحسب التصرفات الصادرة قبل تسجيل إعلانه بطلب الشفعة ، بل أيضاً التصرفات الصادرة بعد تسجيل هذا الإعلان إذا تمت قبل صدور حكم الشفعة ، وهذا ما يخالف صريح نص المادة 947 مدنى . هذا إلى أنه يمكن فى كثير من اليسر تبرير نفاذ تصرفات المشترى فى حق الشفيع إذا صدرت قبل تسجيل إعلان طلب الشفعة للمشترى بغير التجاء إلى فكرة أن المشترى يبقى مالكاً للعقار المشفوع فيه ، فقد قدمنا أن المشترى ، بعد أن يأخذ الشفيع بالشفعة ، يعتبر منذ إبرام البيع حائزاً للعقار المشفوع فيه . ويكون بمثابة المالك الظاهر للعقار ، وكل من يتعامل معه قبل تسجيل إعلانه بطلب الشفعة يكون حسن النية إذا حسبه مالكاً . ذلك بأن هذا الغير الذى يتعامل معه لا يستطيع أن يكشف من سجلات الشهر العقارى ، قبل تسجيل هذا الإعلان ، عن أنه مطلوب منه الأخذ بالشفعة ، فيكون الغير حسن النية إذا تعامل معه على أساس أنه هو المالك وأن ملكيته غير مهددة . ومن ثم يكون المشترى ، إلى حين تسجيل الإعلان ، فى مركز المالك الظاهر الذى يتعامل مع الغير حسن النية ، فينفذ تعامله فى حق المالك الحقيقى وهو هنا الشفيع . ويرجع الشفيع على المشترى بقاعدة الإثراء بلا سبب ، شأن كل مالك حقيقى عندما يرجع على المالك الظاهر الذى تسرى تصرفاته فى حقه . فإذا ما سجل إعلان الشفيع للمشترى بطلب الشفعة ، فإن من يتعامل مع المشترى بعد هذا التسجيل لا يعتبر حسن النينة ، إذ كان يمكنه أن يعرف من تسجيل الإعلان أنه يتعامل مع مشتر مطلوب منه الأخذ بالشفعة فملكتيه مهددة بالزوال ، وعلى ذلك لا ينفذ تعامله مع هذا المشترى فى حق المالك الحقيقى أى فى حق الشفيع .
ونرى من ذلك أن الحقوق العينية التى تترتب من جانب المشترى ، قبل تسجيل إعلان الشفيع للمشترى بطلب الشفعة ، تسرى فى حق الشفيع . فإذا باع المشترى العقار المشفوع فيه وسجل المشترى من المشترى عقد شرائه قبل تسجيل الإعلان ، فإن البيع الثانى ينفذ فى حق الشفيع وينسخ البيع الأول ، ولا يأخذ الشفيع بالشفعة إلا فى البيع الثانى بثمنه وفى مواعيده وطبقاً لشروطه ، $ 781 $ وقد قدمنا أن هذا صحيح أيضاًً ، طبقاً للمادة 938 مدنى ، حتى لو لم يسجل المشترى من المشترى عقد شرائه ، ما دام قد صدر له البيع قبل تسجيل إعلان الرغبة ( [1347] ) . وكذلك إذا قايض المشترى ، بعد الشراء ، على العقار أو وهبه ، وسجلت المقايضة أو الهبة قبل تسجيل الرغبة ، فإنها تسرى فى حق الشفيع ، فلا يستطيع الأخذ بالشفعة لأن الشفعة لا تجوز لا فى المقايضة ولا فى الهبة ( [1348] ) .
وإذا رتب المشترى حق انتفاع أو حق ارتفاق على العقار المشفوع فيه ، وسجل صاحب حق الانتفاع أو صاحب حق الارتفاق التصرف الصادر إليه قبل أن يسجل الشفيع إعلان الرغبة ، فإن الشفيع يأخذ العقار بالشفعة محملاً بحق الانتفاع أو بحق الارتفاق ، وفى هذا لحالة يرجع على المشترى بعد إعلانه برغبة الشفيع فى الأخذ بالشفعة وقبل تسجيل هذا الإعلان .
وإذا رتب المشترى على العقار المشفوع فيه رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً ، أو ترتب عليه حق اختصاص من قبل دائنيه أو حق امتياز يكفل ديناً فى ذمته ، وقيد الدائن حقه قبل أن يسجل الشفيع رغبته فى الأخذ بالشفعة ، فإن هذا الحق يسرى على الشفيع ، ويأخذ العقار بالشفعة مثقلاً به ، ويرجع على المشترى بقاعدة الإثراء بلا سبب أو بالتعويض .
250 - الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب المشترى بعد تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة : وهذا هو الفرض الذى تواجهه مباشرة المادة 947 مدنى سالفة الذكر ( [1349] ) . فهى تقرر أن الحقوق العينية التى تترتب على العقار المشفوع فيه من جانب المشترى ، بعد تسجيل إعلان الرغبة ، لا تسرى فى حق الشفيع . وقد قدمنا أن السبب فى ذلك أن المشترى ، ولو أنه يعتبر مالكاً ظاهراً ، إلا أنه يتعامل فى العقار بعد تسجيل إعلان الرغبة ، فلا $ 782 $ يعتبر من يتعامل معه حسن النية إذ كان يمكنه أن يكشف من سجلات الشهر العقارى عن حقيقة مركز المشترى .
وعلى ذلك إذا باع المشترى العقار المشفوع فيه بعد تسجيل إعلان الرغبة ، لم يسر فى حق الشفيع البيع الثانى الصادر إلى المشترى من المشترى . ويأخذ الشفيع بالشفعة فى البيع الأول ، بثمنه وفى مواعديه وطبقاً لشروطه . والمفروض أنه سجل طلب الشفعة فى هذا البيع ، فيمضى فى إجراءات الشفعة إلى غايتها ( [1350] ) وذلك لا يمنعه ، إذا رأى أن شروط البيع الثانى أيسر أو أن الثمن فيه أقل ، من أن ينزل عن طلب الشفعة فى البيع الأول ، ويطلبها فى البيع الثانى بثمنه وفى مواعيده وطبقاً لشروطه ( [1351] ) . وكذلك الحكم فيما إذا قايض المشترى على العقار المشفوع فيه أو وهبه بعد تسجيل إعلان الرغبة ، فلا تسرى المقايضة أو الهبة فى حق الشفيع ، ويستمر فى الأخذ بالشفعة فى البيع الأول .
وإذا رتب المشترى حق انتفاع أو حق ارتفاق على العقار المشفوع فيه ، وذلك بعد تسجيل إعلان الرغبة ، لم يسر هذا الحق على الشفيع ، ويأخذ هذا الأخير العقار بالشفعة خالياً من حق الانتفاع أو حق الاتفاق .
وإذا رتب المشترى على العقار المشفوع فيه رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً ، أو ترتب عليه حق اختصاص من قبل دائنيه أو حق امتياز يكلف ديناً فى ذمته ، وكان ذلك بعد تسجيل إعلان الرغبة ، لم يسر هذا الحق على الشفيع ، ويأخذ هذا الأخير العقار بالمنفعة خالياً منه ( [1352] ) . وفى هذه الحالة يحتفظ الدائن بحق $ 783 $ الأولوية على ما آل للمشترى من ثمن العقار فيما إذا كان المشترى قد دفع الثمن للبائع ويريد تقاضيه من الشفيع ، فإن هذا الدائن الذى قيد حقه بتقدم على دائنى المشترى العاديين فى الثمن الذى يكون فى ذمة الشفيع للمشترى أو فى الثمن الذى أودعه الشفيع خزانه المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة ( [1353] ) . وفى ذلك تقول العبارة الأخيرة من المادة 947 مدنى كما رأينا ( [1354] ) " ويبقى مع ذلك للدائنين المقيدين ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل للمشترى من ثمن العقار " .
الفصل الرابع
الحيازة ( [1355] )
( Possession )
تمهيد
251 - تعريف الحيازة وتكييفها القانونى : كان المشروع التمهيدى $ 784 $ للتقنين المدنى الجديد يتضمن نصاً يعرف الحيازة ، هو نص المادة 1398 من هذا المشروع ، وكان يجرى على الوجه الآتى : " الحيازة وضع مادى به يسيطر الشخص سيطرة فعلية على شئ يجوز التعامل فيه ، أو يستعمل بالفعل حقاً من الحقوق " . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الخصوص ما يأتى : " الحيازة هى سيطرة فعلية على شئ أو حق ، فتجوز حيازة الحقوق العينية كحق الانتفاع وحق الارتفاق وحقوق الرهن المختلفة ، كما تجوز حيازة الحقوق الشخصية " ( [1356] ) . وقد حذفت هذه المادة فى لجنة مجلس الشيوخ " لأنها تتضمن تعريفاً تغلب عليه الصبغة الفقهية " ( [1357] ) .
ويخلص من هذا التعريف أن الحيازة وضع مادى ينجم عن أن شخصاً يسيطر سيطرة فعلية على حق ، سواء كان الشخص هو صاحب الحق أو لم يكن . والسيطرة الفعلية على الحق تكون باستعماله عن طريق أعمال مادية يقتضيها مضمون هذا الحق . فإن كان حق ملكية ، اختلط الحق بالشئ محل الحق ، وقد انتقل هذا الاختلاط إلى القانون الحديث من القانون الرومانى ، فيقال أن الشخص يسيطر سيطرة فعلية على الشئ نفسه محل حق الملكية . وتكون السيطرة الفعلية هنا عن طريق أعمال مادية وهى الأعمال التى يقوم بها المالك عادة فى استعماله لحق الملكية ، فيستعمل الشئ ويستغله ويتصرف فيه تصرف المالك . فالشخص يكون حائزاً لحق الملكية ، أو للشئ محل هذا الحق ، متى استعمل بالنسبة إليه حقوق المالك ، فيسكنه مثلاً أو يؤجره إذا $ 785 $ كان داراً ويزرعه أو يعطيه لمن يزرعه بالإيجار أو بالمزارعة إذا كان أرضاً زراعية ، ويحرزه وينتفع به بحسب ما تقتضيه طبيعته إذا كان سيارة أو كتاباً أو مأكولاً أو مشروباً ، ويتصرف فيه بالبيع أو الهبة أو الرهن أو غير ذلك من التصرفات التى تجوز للمالك . وذلك كله سواء كان هذا الشخص يملك الشئ حقيقة أو لا يملكه ، فلسنا فى صدد حق الملكية ، بل فى صدد الحيازة المادية لهذا الحق ، أى فى صدد استعمال هذا الحق استعمالاً فعليا . وإذا لم يكن الحق محل الحيازة حق ملكية ، كأن كان حق ارتفاق بالمرور أو بالشرب أو بالمجرى مثلاً ، فإن حيازته تكون باستعماله فعلاً ، فيمر الحائز فى أرض الجار أو يأخذ الماء من مروى لجاره لرى أرضه أو يأخذه من ترعة عامة ويجعله يجرى فى أرض جاره حتى يصل إلى أرضه لريها ، وذلك كله سواء كان قد كسب حق الارتفاق بسبب من أسباب كسبه أو لم يكسبه أصلاً . وما يقال فى حق الارتفاق يقال أيضاً فى حق الانتفاع ، وفى غير حق الارتفاق وحق الانتفاع من الحقوق الأخرى .
والحيازة ، على هذا التعريف ، ليست بحق عينى أو حق شخصى ، بل هى ليست حقاً أصلاً . فهى كالشفعة ليست بحق ، ولكنها سبب لكسب الحق . وتختلف عن الشفعة فى أن الشفعة واقعة مركبة كما سبق القول ، أما الحيازة فتكييفها القانونى أنها واقعة مادية بسيطة ( pur fait materiel ) تحدث آثاراً قانونية ( [1358] ) . وإذا سايرنا المذهب الشخصى فى الحيازة على ما سيجئ ، وقلنا إن هناك عنصراً معنوياً للحيازة هو القصد ( animus ) - قصد التصرف كمالك أو قصد استعمال الحق محل الحيازة – فليس المراد بالقصد هنا إرادة كسب الحق محل الحيازة ( [1359] ) ، بل المراد أن تكون الأعمال المادية التى يقوم بها الحائز مصحوبة بقصد استعمال حق معين . ومؤدى ذلك أن تكون أعمال $ 786 $ الحائز أعمالاً قصدية ، وهذا لا يخرجها عن أن تكون أعمالاً مادية محضة ، وهى أعمال اختيارية قصد بها صاحبها أن تحدث آثارها القانونية . أما إذا قلنا مع المذهب المادى إن القصد ينصب على الحيازة المادية فى ذاتها كما سنرى ، فإن هذا يكون أشد دلالة على أن القصد لا يخرج أعمال الحائز عن أن تكون أعمالاً مادية محضة . ومن ثم تكون الحيازة ، فى كل من المذهبية ، واقعة مادية بسيطة من شأنها أن تنتج آثاراً قانونية ( [1360] ) كما سبق القول .
252 - تطور الحيازة لتنطبق على جميع الحقوق : بدأت الحيازة فى القانون الرومانى سيطرة فعلية يباشرها الحائز على شئ مادى على اعتبار أنه مالك لهذا الشئ ، فيحرزه إحرازاً مدادياً ويباشر عليه سلطة المالك . فكانت الحيازة ، على هذا النحو ، استعمالاً لحق الملكية على شئ مادى . ولما كان حق الملكية عند الرومان يختلط بالشئ المادى ، فقد كان الورمان يصورون الحيازة على أنها تقع على الشئ المادى ذاته ، يتصرف فيه الحائز تصرف الملاك فيستعمله ويستغله ويتصرف فيه ويستهلكه . فكانت الحيازة سلطة مادية محضة ، لا تنطبق إلى على الأشياء المادية . ثم تطور القانون الرومانى ، فأخذ يعترف ، إلى جانب هذه الحيازة للأشياء المادية ( possessio rei ) ، بنوع آخر من الحيازة ، هى حيازة حق الارتفاق أو حق الانتفاع ، أى استعمال حق الارتفاق أو حق الانتفاع على شئ استعمالاً فعلياً وسمى هذا النوع من الحيازة بحيازة الحق أو شبه الحيازة ( possessio juris, quasi - possessio ) .
وبقى هذا التمييز ما بين الحيازة وتنطبق على الأشياء المادية ، وشبه الحيازة وتنطبق على حق الارتفاق وغيره من الحقوق العينية ، قائماً فى القانون الفرنسى القديم . ونجده قائماً حتى فى آخر عهود هذا القانون عند بوتييه ، وهو يميز بين الحيازة وشبه الحيازة ( [1361] ) .
$ 787 $
وعند وضع التقنين المدنى الفرنسى ( تقنين نابليون ) ، قضى واضعوه على هذا التمييز ، وجعلوا الحيازة وشبه الحيازة شيئاً واحداً هو الحيازة . ذلك بأن حيازة الشئ المادى ليست إلا حيازة حق الملكية على هذا الشئ ، فهى لا تخرج إذن عن أن تكون حيازة لحق من الحقوق ، هو حق الملكية . ولما كان شبه الحيازة هو حيازة حق عينى آخر غير حق الملكية ، فقد تلاقت الحيازة وشبه الحيازة فى أن كلا منهما هو حيازة لحق عينى ، حق الملكية أو حق عينى آخر . فلا محل إذن للتمييز بين الحيازة وشبه الحيازة ، وتمكن تسمية كل منهما بالحيازة . وهذا ما فعلته المادة 2228 من التقنين المدنى الفرنسى إذ عرفت الحيازة ، وأدخلت فى نطاقها حيازة الشئ المادى أى حيازة حق الملكية وشبه الحيازة أى حيازة الحقوق العينية الأخرى ، فقالت : " الحيازة هى إحراز شئ أو استعمال حق ، نحرره أو نستعمله بأنفسنا أو بوساطة شخص آخر يحرزه أو يستعمله بالنيابة عنا " ( [1362] ) .
ووقف تطور الحيازة عند هذا الحد فى فرنسا . فالحيازة فى القانون الفرنسى هى استعمال حق الملكية أو حق من الحقوق العينية الأخرى ، كحق الارتفاق أو حق الانتفاع أو حق رهن الحيازة ( [1363] ) ، على شئ معين استمالاً فعلياً ، بما يقتضيه هذا الاستعمال من أعمال تتفق مع طبية الحق العينى المستعمل ، وبما يصحب هذه الأعمال من قصد إلى استعمال هذا الحق . ويستوى فى ذلك أن يكون الحائز للحق يملك هذا الحق فعلاً أو لا يملكه ، فملكية الحق العينى شئ وحيازته شئ آخر . واستقر القانون الفرنسى على أنه لا يخضع للحيازة ، ما يأتى : ( 1 ) الحقوق الشخصية ، إذ لا يخضع للحيازة إلا الحقوق العينية كما سبق القول . فالمستأجر والمستعير ليس لأى منها حق عينى فى العين المؤجرة أو الشئ المعار ، وليس له إلا حق شخصى قبل المؤجر أو المعير ، $ 788 $ ولا يجوز أن يكون هذا الحق الشخصى محلاً للحيازة . وإنما يجوز للمستأجر أو المستعير العين المؤجرة أو الشئ المعار حيازة مادية محضة ، والحيازة الصحيحة هى للمؤجر أو المعير يباشرها باسمه ونيابة عنه المستأجر أو المستعير . وما يقال عن " حيازة الحق الشخصى " ( possession de la creance ) ليس حيازة بالمعنى الصحيح ، وإنما هو تعبير مجازى عن مركز " الدائن الظاهر " ، فمن يظهر أمام الناس أنه هو الدائن يكون بمثابة الحائز للحق الشخصى لا الذى يدعيه ، ولكن لا تنطبق عليه قواعد الحيازة . وذلك ما لم يتجسد الحق الشخصى فى السند المثبت له كالسندات لحاملها ، فعند ذلك يعتبر الحق الشخصى منقولاً مادياً ويخضع للحيازة . ( 2 ) الأموال العامة ، فهذه لا يصح أن تكون محلاً لحق خاص ، ومن ثم لا تخضع للحيازة . على أن ذلك ليس على إطلاقه ، فالدولة والأشخاص المعنوية العامة الأخرى تحميها دعاوى الحيازة فى أموالها العامة ، وكذلك من يحصل على ترخيص ( concession ) فى استعمال المال العام تحميه دعاوى الحيازة ضد الغير لا ضد الجهة الإدارية المرخصة ( le concedant ) . ولكن لا تجوز حيازة الأموال العامة بحيث تؤدى هذه الحيازة إلى تملكها بالتقادم ، فإن الأموال العامة غير قابلة للتملك بالتقادم . ( 3 ) المجموع من المال ( universalite ) كالتركة والمتجر ( fonds de commerce ) ، لا يخضع للحيازة باعتباره مجموعاً ، وإن كانت الأعيان التى تكون هذا المجموع تجوز حيازتها كل عين على حدة ( [1364] ) .
ولكن تطور الحيازة لم يقف عند هذا الحد فى البلاد الجرمانية . فالتقنين المدنى الألمانى والتقنين المدنى السويسرى ، متأثرين بالنظرية المادة للحيازة وهى النظرية التى قال بها إهرنج على ما سنرى ، مدا الحيازة حتى شملت الحقوق الشخصية دون أن تقتصر على الحقوق العينية . فالمستأجر مثلاً ، فى هذين التقنينين ، يعتبر حائزاً لحقه الشخصى قبل المؤجر بالنسبة إلى العين المؤجرة ، $ 789 $ وتحميه فى حيازته هذه دعاوى الحيازة . وسنرى أن التقنين المدنى المصرى الجديد سار شوطاً بعيداً فى هذا الطريق ( [1365] ) .
253 - ما استحدثه التقنين المدنى الجيد فى موضوع الحيازة : ولم يعرض التقنين المدنى السابق لموضوع الحيازة بوجه عام ، بل اقتصر على إيراد بعض آثارها ، وبخاصة فى التقادم وفى تملك المنقول بالحيازة ، دون أن يورد هذه الآثار كاملة . أما التقنين المدنى الجديد فقد عنى بموضوع الحيازة عناية تامة ، فأفرد لها مكاناً خاصاً ، وأورد أحكامها العامة فى نصوص مستحدثة . ثم بين ما يترتب عليها من الآثار ، ومن أهم هذه الآثار كسب الملكية ، ومن هنا وضعت الحيازة فى مكانها بين أسباب كسب الملكية ( [1366] ) .
254 - تقسيم الموضوع : ونبحث الحيازة فى قسمين : ( 1 ) الحيازة بوجه عام . ( 2 ) والحيازة باعتبارها سبباً لكسب الملكية .
الفرع الأول
الحيازة بوجه عام
255 - كسب الحيازة وانتقالها وزوالها - حماية الحيازة فى ذاتها والعلاقة بين الحيازة والملكية : تكسب الحيازة ، وتنتقل من حائز إلى آخر ، وتزول ، كل ذلك على الوجه الذى رسمه القانون .
$ 790 $
ويحمى القانون الحيازة فى ذاتها ، ولو كان الحائز غير مالك . ويرجع ذلك إلى سببين : ( السبب الأول ) أن الحائز هو الذى يسيطر سيطرة فعلية على المال الذى يقع فى حيازته ، فيجب لاعتبارات تتعلق بالأمن العام أن تبقى له هذه السيطرة ، فلا يعتدى أحد عليها ولو كان هو المالك للمال . وعلى المالك أن يلجأ إلى الطرق التى رسمها له القانون لاسترداد ماله من الحائز ، فالقانون يحمى الحيازة كما يحمى الملكية ، وقد جعل لحماية كل من الحيازة والملكية طرقها الخاصة . ولا يجوز للمالك أن ينتزع ماله من الحائز عنوة وقهراً ، فينتصف لنفسه بنفسه ، ويعكر صفو السلام والأمن العام . بل يجب عليه ، إذا لم يرد الحائز إليه ماله طوعاً ، أن يسترده عن طريق القضاء وفقاً للإجراءات التى رسمها القانون فى ذلك ( spoliatus ante omnia restituendus ) ( [1367] ) . ( والسبب الثانى ) أن الحائز للمال ، فى الكثرة الغالبة من الأحوال ، يكون هو المالك له . وأول مزايا الملك أن يحوز المالك المال الذى يملكه ، وقل أن يوجد مالك لا يحوز ملكه بنفسه أو بوساطة غيره . لذلك يفرض القانون مبدئياً أن الحائز هو المالك ، فيحمى الملكية عن طريق حماية الحيازة ( [1368] ) . ومن أجل ذلك كانت الحيازة قرينة على الملكية ، ولكنها قرينة لإثبات العكس . ففى الأحوال القليلة التى لا يحوز فيها المالك ماله بنفسه أو بوساطة غيره ، وتكون الملكية فى يد والحيازة فى يد أخرى ، أباح القانون للمالك ، بعد أن يقيم الدليل على ملكيته ، أن ينتزع ماله من يد الحائز بالطرق المرسومة لذلك . فحماية الحيازة فى ذاتها إنما هى حماية للملكية ، ولكنها حماية موقتة إلى أن يقوم الدليل على أن الحائز لا يملك المال الذى فى حيازته ، فعندئذ يرد المال إلى مالكه ( [1369] ) .
ونتكلم فى الحيازة بوجه عامة فى مبحثين ، نجعل المبحث الأول منهما فى كسب الحيازة وانتقالها وزوالها ، ونجعل المبحث الثانى فى حماية الحيازة فى ذاتها والعلاقة بين الحيازة والملكية .
$ 791 $
المبحث الأول
كسب الحيازة وانتقالها وزوالها
كسب الحيازة – الحيازة بحسن نية والحيازة بسوء نية
256 - المسائل التى يتناولها المبحث : الحيازة تتكون من عنصرين ، وكسب الحيازة يكون بالجمع ما بين هذين العنصرين . وحتى تكون الحيازة منتجة لآثارها ، وبخاصة حتى تجوز حمايتها بدعاوى الحيازة وحتى تكون سبباً لكسب الملكية سواء بنفسها أو عن طريق التقادم ، يجب ألا تكون مشوبة بعيب . والحيازة إذا اقترنت بحسن النية ، كانت أبعد مدنى فى آثارها عما لو لم تكن مقترنة بحسن النية .
فنبحث إذن المسائل الآتية : ( 1 ) عنصر الحيازة . ( 2 ) عيوب الحيازة . ( 3 ) الحيازة بحسن نية والحيازة بسوء نية .
1 - عنصر الحيازة
( Elements de la possession )
257 - العنصر المادة والعنصر المعنوى : الحيازة ، كما قدمنا ، تتكون من عنصرين ، أحدهما مادى وهو الإحراز أو السيطرة المادية ( corpus ) ، والثانى معنوى وهو القصد ( animus ) ( [1370] ) .
أ - العنصر المادى – السيطرة المادية
258 - كيف تتحقق السيطرة المادية : قد تتحقق السيطرة المادية ابتداء ، وقد تتحقق هذه السيطرة انتقالاً من الغير . وقد يباشر الشخص السيطرة المادية بنفسه وهذا هو الأصل ، وقد يباشرها بواسطة الغير . وتجوز مباشرة السيطرة $ 792 $ المادية على الشيوع . ثم إذا تحققت السيطرة المادية ، فإنه يحجب على الحائز استبقاؤها .
فهذه جملة من المسائل ، نستعرضها على التعاقب .
259 - كيف تتحقق السيطرة المادية ابتداء : هنا نواجه الفرض الذى يسيطر فيه الشخص سيطرة مادية على الشئ دون أن تنتقل إليه هذه السيطرة من غيره ، فهو يسيطر على الشئ ابتداء . ويستوى فى ذلك أن يكون الشئ مملوكاً لشخص آخر أو غير مملوك لأحد ( [1371] ) ، وأن يكون عقاراً أو منقولاً ، فالحائز يحرز الشئ ويسيطر عليه ، دون أن يستمد هذه السيطرة من أحد .
وتتحقق السيطرة المادية فى هذا الفرض بأن يحرز الحائز الشئ فى يده إحرازاً مادياً ، ويباشر فيه من الأعمال المادية ما يباشره المالك عادة فى ملكه . فإذا كان الشئ داراً ، دخل فيها واستحوذ عليها ، وسكنها أو أسكن فيها غيره بالإيجار مثلاً فيسيطر عليها بواسطة المستأجر كما سيجئ . وإذا كان الشئ أرضاً زراعية ، احتلها وزرعها بنفسه أو بواسطة غيره من مزارع أو مستأجر ( [1372] ), إذا كان منقولاً كسيارة أو كتاب ، أحرز المنقول وجعله فى قبضته ، وباشر عليه من الأعمال المادية ما يباشره المالك عادة . هذا كله إذا كان الحائز يستعمل حق الملكية على الشئ ، فإذا كان يستعمل حقاً آخر ، كحق انتفاع أو حق ارتفاق ، فالسيطرة المادية على هذا الحق تكون باستعماله عن طريق الأعمال المادية التى يقتضيها استعماله . فإن كان ارتفاق مرور مثلاً أو ارتفاق شرب ، كانت السيطرة المادية عليه بالمرور فعلاً فى المكان المراد استعمال الحق فيه ، أو بأخذ المياه فعلاً من مروى الجار ( [1373] ) .
$ 793 $
ولابد ، فى الفرض الذى نحن بصدده ، من عمل مادى إيجابى يستحوذ به الحائز على الشئ . فلا يكفى مجرد التمكن من الاستحواذ ، دون الاستحواذ فعلاً . وقبل الاستحواذ الفعلى لا يمكن القول بأن العنصر المادى ، وهو السيطرة المادية ، قد تحقق ( [1374] ) .
260 - كيف تتحقق السيطرة المادية انتقالاً من الغير - إحالة : وهنا نواجه فرضاً يتخلف عن الفرض السابق ، فى أن الشخص لا يسيطر على الشئ ابتداء كما هو الأمر فى الفرض السابق ، بل تنتقل إليه السيطرة من شخص آخر كان هو الذى له السيطرة المادية على الشئ ثم نقلها إليه . مثل ذلك أن يبيع شخص عقاراً أو منقولاً فى حيازته لشخص آخر ، ويسلم الشئ المبيع إلى المشترى . ففى هذا المثل كانت السيطرة المادية على الشئ للبائع سواء كان مالكاً للشئ أو غير مالك ، ثم نقل هذه السيطرة إلى المشترى بتسليمه المبيع له . ولا يشترط فى هذا الفرض ، كما اشترط فى الفرض السابق ، الاستحواذ الفعلى على الشئ ، بل يكفى مجرد التمكن من الاستحواذ . فإذا كان المبيع داراً ، فإنه يكفى لنقل السيطرة المادية على الدار للمشترى أن تسلم له مفاتيحها وسند الملكية ، فتنقل السيطرة المادية للمشترى بمجرد وضع الدار تحت تصرفه وتمكنه من تسلمها دون حاجة إلى أن يتسلمها بالفعل ( [1375] ) . وإذا كان المبيع جواهر أو حلياً ، فإن السيطرة المادية على المبيع تنتقل إلى المشترى بتسليمه مفتاح الصندوق أو الخزانة التى تحتوى على الجواهر أو الحلى ، فيتمكن بذلك من الاستحواذ عليها دون حاجة إلى الاستحواذ عليها بالفعل .
$ 794 $
وسنبحث هذه المسألة فى تفصيل أوفى عند الكلام فى انتقال الحيازة ، فتحيل هنا إلى ما سنذكره هناك ( [1376] ) .
261 - السيطرة المادية بواسطة الغير - نص قانونى : تنص المادة 951 مدنى على ما يأتى :
1 - " تصح الحيازة بالوساطة ، متى كان الوسيط يباشرها باسم الحائز ، وكان متصلاً به اتصالاً يلزمه الائتمار بأوامره فيما يتعلق بهذه الحيازة " .
2 - " وعند الشك يفترض أن مباشر الحيازة إنما يحوز لنفسه ، فإن كانت استمراراً لحيازة سابقة افترض أن هذا الاستمرار هو لسحاب البادئ بها " ( [1377] ) .
$ 795 $
ويخلص من هذا النص أن الأصل فى الحائز أن يباشر السيطرة المادية بنفسه ، أى أنه يستعمل بنفسه استعمالاً فعلياً على الوجه الذى قدمناه الحق الخاضع لحيازته ، سواء كان حق ملكية أو كان حقاً آخر . ولكن يقع مع ذلك أن يباشر هذه السيطرة المادية بالوساطة ( corpore aliens ) ، فيباشرها باسمه وسيط يكون متصلاً به اتصال التابع بالمتبوع ، ويأتمر بأوامره فيما يتعلق بهذه السيطرة المادية . ويجتمع عند الحائز فى هذه الحالة عنصرا الحيازة : العنصر المعنوى وهو القصد وسيأتى بيانه ولا ينوب عنه فيه أحد ، والعنصر المادى وهو السيطرة المادية ويباشرها بالوساطة . ومن ثم يبقى الحائز الأصلى هو الحائز ، وتنتج الحيازة آثارها القانونية فى شخصه . أما الوسيط فى السيطرة المادية فليس بحائز ، وليس لديه إلا السيطرة المادية ، وهذه السيطرة أيضاً لا يباشرها باسمه وإنما يباشرها باسم الحائز الأصلى .
والأمثلة على مباشرة السيطرة المادية بالواسطة كثيرة . من ذلك أن يباشر الحائز السيطرة المادية بواسطة خدمة وأتباعه وعماله ومستخدميه ، فهؤلاء يستولون عادة على منقولات يحصلون عليها باسم مخدومهم أو متبوعهم فى أثناء تأدية أعمالهم ، فتدخل فى حيازة المخدوم أو المتبوع ويباشر هذا السيطرة المادية على المنقولات بواسطة أتباعه . ويبقى عنده العنصر المعنوى للحيازة ، ويكفى أن يكون قصداً عاماً فى حيازة ما يستولى عليه الأتباع من المنقولات باسمه ، حتى قبل أن يعلم باستيلائهم عليها . فيكون عنده العنصر المعنى مباشرة وهو القصد ، والعنصر المادى بالواسطة وهو السيطرة المادية ( [1378] ) .
$ 796 $
ويباشر الحائز السيطرة المادية بالواسطة ، إذا حصل وكيل عنه على حيازة شئ اشتراه له مثلاً فى حدود الوكالة ، ما دام الوكيل يعمل باسم الموكل ويأتمر بأوامره فيما يتعلق بحيازة الشئ . وما لم يعلن الوكيل أنه اشترى الشئ لنفسه وحازه لحسابه ، فإنه يعتبر قد اشتراه لموكله وحازه لحساب الموكل . ويدخل الشئ فى حيازة الموكل حتى قبل أن يعلم هذا أن الكيل قد حازه ، بل قبل أن يعلم أن الوكيل قد اشتراه ( [1379] ) . أما إذا خرج الوكيل عن حدود الوكالة أو كان فضوليا ، فإن الشئ لا يدخل فى حيازة الموكل أو حيازة رب العمل إلا فى الوقت الذى يعلم فيه أن الوكيل أو الفضولى قد حاز الشئ ويقر فيه هذا العمل ( [1380] ) .
كذلك يباشر الحائز السيطرة المادية بالواسطة ، إذا كان قاصراً أو محجوراً عليه وكان مميزاً ، فيباشر باسمه السيطرة المادية الولى أو الوصى أو القيم ( [1381] ) .
ويباشر الحائز السيطرة المادية بالواسطة ، إذا كان شخصاً معنوياً فيباشر باسمه السيطرة المادية المديرون أو الأشخاص الذين يفوضون فى ذلك ( [1382] ) . وقد قضى بأن المجالس المحلية تباشر السيطرة المادية على الطرق العامة الداخلة فى حيازتها ، لا بوساطة ممثليها فحسب ، بل أيضاً بوساطة الناس الذين يغدون ويروحون فى هذه الطرق والذين يستعملونها وفقاً لما أعدت له ( [1383] ) .
$ 797 $
هذا ونص المادة 951 مدنى سالف الذكر مقصور على الوسيط الذى يباشر الحيازة باسم الحائز ويكون متصلاً به اتصال التابع بالمتبوع فيأتمر بأوامره فيما يتعلق بهذه الحيازة ، كما هو الأمر فى الأمثلة التى قدمناها . أما إذا كان الوسيط يتمتع بشئ من حرية التصرف ، كصاحب حق الانتفاع أو المستأجر ، فإنه لا يعتبر وسيطاً بالمعنى الوارد فى المادة 951 مدنى ، بل هو حائز عرض ( possesseur a titre precaire ) فيما يتعلق بحق الملكية وحائز أصيل فيما يتعلق بحقه هو . فهو يحوز حق الملكية لحساب صاحب الرقبة أو المؤجر ، ويحوز لحساب نفسه حق الانتفاع العينى أو حق المستأجر الشخصى . وستعود إلى هذه المسألة فيما يأتى ( [1384] ) .
والسيطرة المادية بواسطة الغير ( [1385] ) لا تفترض ، فإذا وجدت السيطرة المادية عند شخص افترض أنه يباشرها لحساب نفسه لا لحساب غيره ، فيكون هو الحائز إذ يجتمع عنده إلى جانب العنصر المادى المعنوى . وعلى من يدعى أنه هو الذى يوجد عنده العنصر المعنوى ، وأن الذى يباشر السيطرة المادية إنما يباشرها نيابة عنه ، أن يثبت ذلك ( [1386] ) . وإذا ما ثبت أن $ 798 $ شخصاً يباشر السيطرة المادية بالوساطة عن غيره ، فإنه يبقى مباشراً لها بهذه الصفة ، ويفترض فيه أنه مستمر فى مباشرة السيطرة المادية بالوساطة عن غيره . فلا يستطيع أن يغير بنفسه لنفسه الأصل الذى تقوم عليه مباشرته للسيطرة المادية ، وذلك ما لم تتغير صفته إما بفعل الغير وإما بفعل منه يدل فى وضوح على أنه أصبح يباشر السيطرة المادية لحساب نفسه ( [1387] ) . وفى هذا تقول الفقرة الثانية من المادة 951 مدنى كما رأينا : " وعند الشك يفترض أن مباشر الحيازة إنما يحوز لنفسه ، فإن كانت استمراراً لحيازة سابقة افترض أن هذا الاستمرار هو لحساب البادئ بها " . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " والقاعدة أن من عنده الحيازة يفترض أنه حائز لنفسه ، ويبقى حائزاً لنفسه إلى أن يقوم الدليل على أنه حائز لغيره ، أو أنه أصبح يحوز لغيره " ( [1388] ) .
262 - السيطرة المادية على الشيوع : كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يتضمن نصاً ، هو المادة 1402 من هذا المشروع ، يجرى على الوجه الآتى : " إذا حاز شخصان أو أكثر شيئاً شائعاً ، أو حازوا جميعاً حقاً واحداً ، جاز لكل منهم أن يقوم بالأعمال التى تترتب على حيازة الشئ أو الحق على ألا يحول ذلك دون قيام سائر الشركاء بما يجوز لهم من تلك الأعمال " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذا النص : " كما تكون الملكية شائعة تكون الحيازة أيضاً شائعة ، فقد يحوز شخصان أو أكثر أرضاً على الشيوع . ويجوز لكل شخص من الحائزين على الشيوع أن يقوم بأعمال الحيازة ، بشرط ألا يحول ذلك دون قيام شركائه بهذه الأعمال " . ولكن هذا النص حذف فى لجنة المراجعة " تجنباً للتفضيلات " ( [1389] ) .
فالنص قد حذف إذن لأنه تطبيق تفصيلى للقواعد العامة ، فحذفه لا يمنع من العمل به . والحائز على الشيوع يكون عنده العنصران المعنوى والمادى $ 799 $ للحيازة ، ولكنه فى العنصر المعنوى يقصد استعمال الحق شائعاً مع غيره لا خالصاً لنفسه ، وفى العنصر المادى يباشر السيطرة المادية شائة مع غيره لا خالصة لنفسه . فيقوم بالأعمال المادية للحيازة ، بشرط ألا يحول قيامه بهذه الأعمال دون أن يقوم الحائزون على الشيوع معه هم أيضاً بها . مثل ذلك دار يحوزها شخص على الشيوع مع شخص آخر ، فيسكنان الدار معاً ، ويؤجرانها معاً ، وقد يقتسمانها فيما بينهما قسمة مهايأة مكاتبة فيستقل كل منها بسكنى طابق إذا كانت الدار تشتمل على طابقين ، أو قسمة مهايأة زمانية فينتفع كل منهما بالدار مدة معينة على التعاقب .
والحيازة على الشيوع على هذا النحو لا تنتج من الآثار إلا ما يتفق مع هذا الشيوخ . فلا تحمى حيازة كل شخص بدعاوى الحيازة إلا على أساس أنها حيازة على الشيوع ، فكما تحمى حيازة أحد الشريكين تحمى أيضاً حيازة الآخر على اعتبار أن حيازة كل منهما شائعة . كذلك لا يكسب أحد الشريكين الحق بالتقادم إلا شائعاً ، فيملك نصفه مثلاً أو ثلثه شائعاً إذا توافرت شروط التقادم ( [1390] ) .
$ 800 $
وهذا لا يمنع أحد الشريكين من أن يغير بعمل منه صفة الشيوع ، إذا كان هذا العمل يدل في وضوع على أنه أصبح يحوز الحق كله خالصا لنفسه . وعند ذلك تحمي حيازته بدعاوى الحيازة على أنها حيازة خالصة له شائعة ، ويكسب الحق كله خالصا بالتقادم إذا توافرت شروطه ([1391]) .
$ 801 $
والحيازة فى الشيوع هى ، كما رأينا ، حيازة يشترك فيها شخصان أو أكثر ، كل منهم يحوز الحق شائعاً مع سائر شركائه . ومن ثم لا يجوز أن يحوز شخصان شيئاً واحداً إلا على أساس أنهما يحوزانه على الشيوع ، أو على أساس أن كلا منهما يحوز جزءاً مفرزاً من هذا الشئ ، أو على أساس أن كلا منهما يحوز حقاً على الشئ غير الحق الذى يحوزه الآخر فيحوز أحدهما مثلاً حق الانتفاع والآخر حق الرقبة . أما أن يحوز كل منهما الشئ كله خالصاً لنفسه فهذا لا يجوز ، لأن حيازة أحدهما للشئ كله خالصاً له تمنع من حيازة الآخر لنفسه الشئ على هذا النحو . فإذا اغتصب شخص من المالك أرضه ، أصبح هو الحائز وحده للأرض . أما المالك فقد تجرد من الحيازة ، مع استبقائه لحق الملكية حتى يكسبه الحائز هو أيضاً بالتقادم ( [1392] ) . ولا يجود إلا استثناء واحد من هذه القاعدة ، هو أن يغتصب شخص الحيازة من شخص آخر فيصبح هو الحائز ، ويجوز فى الوقت ذاته لمن فقد الحيازة أن يطلب فى خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه بدعوى استرداد الحيازة ( م 958 مدنى ) . ففى هذه الحالة يعتبر كل من الحائز الفعلى والحائز الذى فقد الحيازة حائزاً لنفس الشئ ، دون أن يكونا حائزين على الشيوع . أما الحائز الفعلى فحيازته هى الحيازة الفعلية الواقعة ، وأما من فقد الحيازة فحيازته تتمثل فى إمكان استرداد الحيازة التى فقدها فى خلال السنة فإذا ما استردها اعتبر كأنه لم يفقدها أبداً ( [1393] ) .
263 - استبقاء السيطرة المادية : ومتى تحقق السيطرة المادية لشخص على شئ ، عقاراً كان الشئ أو منقولاً ، فإنها تبقى ما دامت لم تنقطع . فيستبقى الشخص السيطرة المادية على المنقول ، ما دام فى قبضة يديه ولم يخرج من حوزته . ويستبقيها على العقار ما دام محتفظاً بالعنصر المعنوى أى بعنصر القصد ، حتى لو انقطع عن استعمال العقار فترات معينة ، تطول أو تقصر ، ويكفى استبقاء عنصر القصد لاستبقاء الحيازة ( animo retinetur poasessic ) $ 802 $ فما دام الشخص متمكنا من حيازة الشئ والسيطرة عليه سيطرة مادية ، فإنه يستبقى العنصر المادى ما دام محتفظاً بالعنصر المعنوى أى بعنصر القصد ( sol animo ) ( [1394] ) . فإذا كان الشئ داراً وانقطع عن زراعتها ، فإنه يبقى مع ذلك محتفظاً بعنصر السيطرة المادية على الدار أو على الأرض ، ما دام يبقى متمكناً من العودة إلى سنى الدار أو إلى زراعة الأرض . ولا تزول السيطرة المادية إلا إذا أصبح الشخص غير متمكن من ذلك ، كأن استولى شخص آخر على الدار أو الأرض ومضى على فقد الشخص الأول لحيازته أكثر من سنة ، أو إلا إذا ترك الحائز الدار أو الأرض ففقد بذلك عنصر القصد . فانقطاع الشخص عن سكنى الدار مدة ولو طالت مع تمكنه من العودة إلى سكانها ، وانقطاعه عن زراعة الأرض سنوات ولو تعددت مع تمكنه من العودة إلى زراعتها ، قد يشوب الحيازة بعيب التقطع ( discontinuite ) فلا تنتج أثرها من حيث كسب الملكية بالتقادم كما سيجئ ، ولكنه لا يجعل الشخص يفقد الحيازة فى ذاتها ، بل يبقى محتفظاً بعنصريها ، عنصر السيطرة المادية الذى استبقاه بتمكنه من العودة إلى هذه السيطرة ، وعنصر القصد الذى لا يضيعه إلا إذا كان الانقطاع قد دام مدة طويلة بحيث يستخلص من ذلك أن الشخص قد فقد هذا العنصر ( [1395] ) .
وإذا بوشرت السيطرة المادية بالواسطة ، فإنها تبقى حتى لو تجرد الوسيط عن الحيازة أو مات أو أصبح عديم التمييز ، ما دام أجنبى لم يستول على هذه السيطرة المادية ( [1396] ) .
وقد يتوقف العنصران لعارض طارئ ، كأن يفقد الحائز التمييز فيفقد عنصر الصد وعنصر السيطرة المادية معاً ، ومع ذلك تستمر الحيازة باقية $ 803 $ لا تنقطع ما دام النائب قانوناً عن الحائز ، من ولى أو وصى أو قيم ، ناب عنه فى خلال وقت معقول فى استبقاء العنصرين ، فيستبقى من فقد التمييز كلا العنصرين بالوساطة ( [1397] ) .
ب - العنصر المعنوى – القصد
264 - كيف يتحقق عنصر القصد : يتحقق العنصر المعنوى ، وهو عنصر القصد ( animus ) ، فى النظرية التقليدية وهى النظرية الشخصية ، بأن يقوم الحائز بالأعمال المادية للحيازة بقصد استعمال الحق الذى يريد حيازته . وإلى جانب هذه النظرية الشخصية التى يمثلها سافينى ، توجد النظرية المادية التى يمثلها إهرنج . وقد وقف التقنين المدنى المصرى الجديد موقفاً معيناً من هاتينا لنظريتين . ولا يعتبر استعمال الرخصة من المباحات ولا أعمال التسامح منطوية على عنصر القصد ، فلا تقوم الحيازة على هذه الأعمال لانعدام العنصر المعنوى . وعنصر القصد يجب أن يوجد عند الحائز شخصياً ، فلا ينوب عنه غيره فيه إلا إذا كان الحائز عديم التمييز ولا يعتبر عنصر القصد متوافراً عند الحائز العرضى ( possesseur precaire ) وهو الحائز لحساب غيره ، ما لم تتغير صفة الحيازة العارضة فينقلب الحائز العرض إلى حائز لحساب نفسه .
هذه هى المسائل التى نبحثها فى خصوص العنصر المعنوى .
265 - النظرية الشخصية فى عنصر القصد : هذه هى النظرية التقليدية فى الحيازة ، وهى النظرية التى يأخذ بها التقنين المدنى الفرنسى والتقنينات اللاتينية الأخرى المتفرعة عنه ، وتذهب إلى أن للحيازة عنصراً معنوياً إلى جانب العنصر المادى ، وإلى أنه لا تكفى لتحقق الحيازة السيطرة المادية ( corpus ) وهى العنصر المادى ، بل يجب إلى جانب هذا العنصر المادى توافر عنصر معنوى وهو عنصر القصد ( animus ) . والمقصود بعنصر القصد ، فى هذه النظرية الشخصية ، أن يكون الحائز قاصداً أن يستعمل الحق لحساب نفسه . فإذا كان الحق هو حق الملكية – وهو يختلط كما قدمنا بالشئ ذاته طبقاً للتقاليد الرومانية $ 804 $ الموروثة . . . وجب أن يتوافر عند الحائز قصد استعمال حق الملكية لحسابه ( animus domini ) ، فيتصرف فى الشئ تصرف الملاك ، يستعمله ويستغله ويستهلكه كما يفعل المالك . وإذا كان الحق هو حق ارتفاق أو حق انتفاع ، وجب أن يتصرف الحائز كما لو كان هو صاحب الحق وقد توافرت عنده نية استعماله لحساب نفسه . فالقصد إذن هو نية الحائز فى أن يستعمل الحق لحساب نفسه ( animus rem sibi habendi ) ، سواء كان حق ملكية أو حقاً آخر . فالحائز لحساب غيره ، كالمستأجر والمستعير والمودع عنده ، لا يتوافر عنده عنصر القصد ، إذ هو لا يستعمل الشئ لحساب نفسه ، بل يستعمله لحساب المؤجر أو المعير أو المودع .
ولم يكن القانون الرومانى يتطلب توافر عنصر القصد بالمعنى المتقدم ، بل كان يحمى الحيازة حيث تكون حمايتها نافعة ، دون حاجة إلى توافر هذا العنصر ( [1398] ) .
أما القانون الفرنسى القديم فقد كان يشترط توافر عنصر القصد لقيام الحيازة ، وقد أشار إليه فقهاء هذا القانون صراحة . بل إن أحدهم ، وهو Dunod ، استعمل التعبير الدال على ذلك ، فذكر عبارة animus domini وعبارة animus rem sibi habendi ، ولم يكن سافينى هو أول من استعمل هذه التعبيرات . وقد ذكر Domat قبل ذلك أن الحيازة الحقيقية هى إحراز الشخص الشئ على أساس أنه هو المالك له ، فذا أحرز شخص شيئاً لحساب غيره ، كالمستأجر وصاحب حق الانتفاع ، فإنه لا يكون عنده إلا مجرد الإحراز ، أما الحائز فهو هذا الغير الذى عنده قصد التصرف كمالك والذى يحرز الشئ بوساطة المستأجر أو صاحب حق الانتفاع ( [1399] ) . وقال Pothier فى هذا المعنى إنه لا يجوز الخلط بين الحيازة الطبيعية ( prosseion naturelle ) وبين جرد إحراز ( detention ) الشخص لضئ لحساب غيره وباسم هذا $ 805 $ الغير كما هو شأن المستأجر والمودع عنده والمستعير . فإحراز هؤلاء الأشخاص للشئ المؤجر لهم أو المودع عندهم أو المعار إياهم ليس إلا مجرد إحراز ( mera custodia ) ، لأنهم لا يحرزون الشئ لحسابهم ، بل لحساب من أجر الشئ أو أودعه أو أعاره . والمؤجر أو المودع أو المعير هو الحائز ، ويحرز الشئ عن طريقهم وبوساطتهم ( [1400] ) .
وانتقل وجوب توافر عنصر القصد فى الحيازة من القانون الفرنسى القديم إلى التقنين المدنى الفرنسى ، ويتبين ذلك من الرجوع إلى المذكرة الإيضاحية لهذا التقنين ( [1401] ) . وأصبح الآن مقرراً فى القانون الفرنسى أن العنصر المعنوى ، وهو عنصر القصد ، لابد من توافره لقيام الحيازة ( [1402] ) . فلا بد أن يكون عند الحائز نية استعمال الحق لحساب نفسه ، فإذا انعدمت هذه النية لم تقم الحيازة . ولما كانت النية تتعلق بالشخص ، فقد سميت هذه النظرية بالنظرية الشخصية . ونادى بها سافينى حتى أنها عرفت باسمه ، فعنده أن عنصر القصد هذا هو العنصر الجوهرى فى الحيازة ، وهو الذى يقبل مجرد السيطرة المادية إلى حيازة صحيحة تنتج آثارها . أما من يحرز الشئ لحساب الغير فلا يتوافر عنده عنصر قصد الحيازة لحساب نفسه ( animus domini ) ، وليس لديه إلا نية الإحراز لحساب الغير ( animus detinendi ) ( [1403] ) .
266 - النظرية المادية فى عنصر القصد : وقد عارض إهرنج ، بما سماه النظرية المادية ( theorie objective ) فى القصد ، النظرية الشخصية ( theorie subjective ) التى عرفت باسم سافينى فيما قدمناه . فعند $ 806 $ إهرنج ( [1404] ) ليس عنصر القصد عنصراً مستقلاً عن عنصر السيطرة المادية ، بل إن هذا العنصر الثانى يتضمن ضرورة العنصر الأول . فالسيطرة المادية هى الحيازة بذاتها ، وإذا كانت هناك إرادة أو نية أو قصد فى الحيازة ، فليست هذه الإرادة أو القصد إلا فى الإعمال المادية التى يقوم بها الحائز لتحقيق سيطرته ، إذ أن هذه الأعمال يجب أن تكون أعمالاً إرادية قصدية . فالنائم لا يحوز ما يلقى فى يده فى أثناء نومه ، والسجين لا يحوز ما يقيده من الأغلال . وكذلك عديم التمييز لا يستطيع حيازة شئ بنفسه لأنه لا إرادة له ، والأعمال المادية التى يقوم بها تكون أعمالاً غير إرادية . وهو لا يحوز إلا بوساطة الغير ، فينوب عنه الولى أو الوصى أو القيم فى الأعمال الإرادية التى تتحقق بها الحيازة وكل من يسيطر على شئ سيطرة مادية عن طريق أعمال إرادية قصدية يكون حائزاً له ، سوا كان يحوز الشئ لحساب نفسه أو لحساب الغير . فالمستأجر أو المستعير يعتبر حائزاً ، لأنه يسيطر على الشئ سيطرة مادية وينتفع به . ولا يمنع من أن يكون حائزاً أنه لا يحوز لحساب نفسه بل لحساب المؤجر أو المعير ، إذ أن إهرنج لا يشترط فى الحيازة عنصر القصد بالمعنى المفهوم فى النظرية الشخصية . وقد رأينا أن عنصر القصد فى النظرية الشخصية معناه أن يحوز الشخص لحساب نفسه ، أما عنصر القصد فى النظرية المادية فمعناه كما قدمنا أن تكون الأعمال المادية التى يسيطر بها الشخص على الشئ أعمالاً إرادية قصدية ، سواء كان الشخص يحوز لحساب نفسه أو لحساب غيره ( [1405] ) ويقول إهرنج إن هذا كان هو الحكم فى القانون الرومانى ، فلم يكن هذا القانون يشترط فى الحيازة عنصر القصد بالمعنى الذى تقول به النظرية الشخصية ، وكان الحائز لحساب غيره كالحائز لحساب نفسه كل منهما يعتبر حائزاً . ولم يكن $ 807 $ القانون الرمانى يميز بين السيطرة المادية ( detenion ) والحيازة ( pessession ) ، فالسيطرة المادية عنده هى الحيازة ولو كانت لحساب الغير . وكان القانون الرومانى يحمى الحيازة بهذا المعنى حيث تكون حمايتها نافعة ( [1406] ) ، فتارة يحمى الحائز لحساب الغير إذا كان يتمتع فى حيازته بشئ من حرية التصرف ، وتارة لا يحميه إذا كان فى حيازته مجرد تابع لا يصدر إلا عن رأى متبوعه وطبقاً للتعليمات التى يتلقاها منه كما هو شأن الخادم والعامل والرسول . ويذهب إهرنج ، تبعاً لذلك ، إلى أن الذى يميز الحيازة ( possession ) عن مجرد الإحراز ( detention ) ليس هو وجود قصد الحائز فى أن يحوز لحساب نفسه كما تقول النظرية الشخصية ، فإن وجود هذا القصد ليس ضرورياً لقيام الحيازة ، وقد يحوز الشخص لحساب غيره ومع ذلك يعتبر حائزاً بالمعنى الصحيح . ولكن قد يحرز الشخص شيئاً ويكون فى إحرازه إياه مجرد أداة فى يد الغير يحوز الشئ باسمه ولحسابه ، فيكون هذا العنصر عاملاً سلبياً يستبعد الحيازة الصحيحة ( causa possessione ) فتقلب إلى مجرد إحراز ( causa detentionis ) . أما حيث لا يكشف القاضى عن هذا العامل السلبى الذى يستبعد الحيازة ، فقد وجب عليه أن يعتبر الحيازة قائمة لمجرد قيام مظهر خارجى محسوس من السيطرة المادية ، وتكون هذه السيطرة المادية هى الحيازة ذاتها ، ومن ثم سمى إهرنج نظريته بالنظرية المادية .
ولعل أهم نتيجة عملية للنظرية المادية هى جواز حماية الحائز لحساب غيره بدعاوى الحيازة ، حيث لا تحميه النظرية الشخصية . وأهم تطبيق لهذه النتيجة العملية هو حماية حيازة المستأجر ، إذ المستأجر لا يحوز لحساب نفسه بل لحساب المؤجر ، ومن ثم لا تحميه النظرية الشخصية ، أما النظرية المادية فتحميه بجميع دعاوى الحيازة ( [1407] ) .
$ 808 $
267 - موقف التقنين المدنى المصرى الجديد من النظريتين الشخصية والمادية : الآن وقد استعرضنا النظريتين الشخصية والمادية فى العنصر المعنوى $ 809 $ للحيازة وهو عنصر القصد ، نقف قليلاً لنتعرف ما هو موقف التقنين المدنى المصرى الجديد من هاتين النظريتين ( [1408] ) .
لا شك فى أن المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد قد أخذ مبدئياً بالنظرية الشخصية ، ولكنه وسعها بأن استعار من النظرية المادية أهم نتائجها وهى امتداد الحيازة إلى الحقوق الشخصية وعدم اقتصارها على الحقوق العينية . ورتب على هذه النتيجة أهم تطبيق عملى ، وهو اعتبار المستأجر حائزاً لحقه الشخصى ، وحمى حيازته هذه بجميع دعاوى الحيازة ( [1409] ) . وللتدليل على ما ذكرناه نقدم ما يأتى :
أولاً - كان المشروع التمهيدى يتضمن نصاً ، هو المادة 1398 منه ، يعرف الحيازة على الوجه الآتى : " الحيازة وضع مادى به يسيطر الشخص سيطرة فعلية على شئ يجوز التعامل فيه ، أو يستعمل بالفعل حقاً من الحقوق " . وبالرجوع إلى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( [1410] ) نجد أن هذا النص مقتبس من المادتين 919 و 920 من التقنين المدنى السويسرى ، وهما مادتان $ 810 $ متأثران إلى حد بعيد جداً بالنظرية المادية ( [1411] ) . والعبارة الأخيرة الواردة فى نص المشروع التمهيدى ، وهى " أو يستعمل بالفعل حقاً من الحقوق " ، قصد بها استعمال أى حق ، وساء كان هذا الحق عينياً أو شخصياً ، جرياً على نهج نصوص التقنين المدنى السويسرى سالفة الذكر . ويقطع فى ذلك ما ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص المادة 1398 المشار إليها : " الحيازة هى سيطرة فعلية على شئ أو حق . فتجوز حيازة الحقوق العينية كحق الانتفاع وحق الارتفاق وحقوق الرهن المختلفة ، كما تجوز حيازة الحقوق الشخصية ( [1412] ) " . فالمادة 1398 من المشروع التمهيدى قد مدت إذن الحيازة إلى الحقوق الشخصية ولم تقصرها على الحقوق العينية ، متأثرة فى ذلك بالنظرية المادية للحيازة التى تأثرت بها نصوص التقنين المدنى السويسى ، ما فى ذلك من ريب ( [1413] ) . ولكن يبدو أن المشروع التمهيدى لم يرد أن يعتنق النظرية المادية اعتناقاً تاماً وأن يهجر النظرية الشخصية ، فإن المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع ، بعد أن ذكرت أن الحيازة تمتد إلى الحقوق الشخصية وعددت شروط الحيازة ، قالت ما يأتى : " وللحيازة ، بعد توافر شروطها ، عنصران عنصر مادى هو السيطرة المادية ، وعنصر معنوى هو نية استعمال حق من الحقوق ( [1414] ) " . وفى هذا القول إشارة واضحة إلى النظرية الشخصية ، وتعريف $ 811 $ للعنصر المعنوى للحيازة على النحو الذى تعرفه به هذه النظرية ( [1415] ) .
ثانياً - بقى المشروع التمهيدى متأثراً بالنظرية المادية فى الحيازة ، فاعتبر الحيازة لحساب الغير كحيازة المستأجر حيازة صحيحة ( possession ) كما تقضى بذلك النظرية المادية ، ولم يعتبرها مجرد إحراز ( detention ) كما تقضى بذلك النظرية الشخصية . ولم يستثن من ذلك إلا حيازة الخدم والعمال والأتباع الذين يأتمرون بأوامر مخدوميهم ومتبوعيهم ، فاعتبر هذه الحيازة مجرد إحراز وهذا ما تقضى به النظرية المادية فى الحيازة كما رأينا ( [1416] ) . وقد نصت المادة 1401 / 1 من المشروع التمهيدى ، وهى مقتبسة من المادة 855 مدنى ألمانى المتأثرة بالنظرية المادية على هذا الحكم فيما يأتى : " لا تدوم الحيازة حتى لو باشرها باسم الحائز شخص آخر ، وكان منه بمكان التابع بحيث يكون ملزماً أن يمتثل لأوامره فيما يتعلق بالشئ أو الحق الذى ترد عليه الحيازة " . وقد أشير فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى إلى المقابلة ما بين الخادم والمستأجر ، فالمستأجر بخلاف الخادم يحوز حقه الشخصى لحساب نفسه ، وقد ورد فى هذا الصدد : " ويتبين من ذلك أن المستأجر يحوز لنفسه حقه كمستأجر ، ويحوز للمالك حق الملكية " ( [1417] ) .
ثالثا - وأبلغ أثر للنظرية المادية فى المشروع التمهيدى هو ترتيب هذا المشروع على اعتبار حيازة المستأجر حيازة صحيحة ( posseion ) لا مجرد إحراز ( detention ) نتيجته المنطقية ، وهى حماية المستأجر لحقه $ 812 $ الشخص بجميع دعاوى الحيازة . فظهر بوضوح أن المشروع التمهيدى قد مد الحيازة إلى الحقوق الشخصية ولم يقصرها على الحقوق العينية ، أخذاً فى ذلك بالنظرية المادية للحيازة . وقد نصت المادة 774 / 1 من المشروع فى هذا الخصوص على ما يأتى : " لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض المادى إذا صدر من أجنبى ، ما دام المتعرض لا يدعى حقاً ، وهذا دون إخلال بما للمستأجر من حق فى أن يقاضى باسمه المتعرض مطالباً بالتعويض ، وبما له من حق فى أن يرفع باسمه جميع دعاوى وضع اليد ( [1418] ) " .
ويستخلص مما قدمناه أن المشروع التمهيدى قد مزج ما بين النظريتين الشخصية والمادية للحيازة ، فاستبقى من النظرية الشخصية العنصر المعنوى للحيازة وهو عنصر القصد أى نية استعمال حق من الحقوق ، وأخذ من النظرية المادية التوسع فى نطاق الحيازة ومدها إلى الحقوق الشخصية وعدم قصرها على الحقوق العينية . فهل بقيت الحال على ما كانت عليه فى المشروع التمهيدى عندما أصبح هذا المشروع تقنيناً مدنياً وتشريعاً معمولاً به؟ لننظر ماذا صارت إليه النصوص الثلاثة التى أسلفنا ذكرها فى المشروع التمهيدى ، لنرى هل بقيت على حالها فى التقنين المدنى الجديد ، فنستخلص من ذلك موقف هذا التقنين من النظريتين الشخصية والمادية :
1 - ففيما يتعلق بالنص الأول ( م 1398 من المشروع التمهيدى ) ، وهو النص الخاص بتعريف الحيازة ، سار النص فى مراحله التشريعية حتى وصل إلى لجنة مجلس الشيوخ ، فلقى اعتراضاً " لأنه تعريف ناقص ، وينقصه ركن التملك إذ تناول الحيازة المادية فقط ، وترك الحيازة بنية التملك . وقد أشار هذا الاعتراض مناقشة طويلة ، رؤى بعدها حذف النص لأن ذلك أنسب من الوجهة التشريعية " . وقررت اللجنة حذف النص " اكتفاء بالتعريف المقرر للحيازة فى الفقه " ، وورد فى تقريرها : " رأت اللجنة حذف هذه المادة لأنها تتضمن تعريفاً تغلب عليه الصبغة الفقهية " ( [1419] ) . ويخلص من ذلك أن مناقشة أعضاء اللجنة كانت تدور حول عدم ذكر العنصر المعنوى وهو نية التملك فى التعريف ، إذ كان التعريف لا يذكر إلا السيطرة المادية أى العنصر $ 813 $ المادى ، فكان أقرب إلى الأخذ بالنظرية المادية . ولما طالت المناقشة ، ولم يتغيب رأى على آخر ، لا الرأى المتشبع بالنظرية الشخصية تشبعاً تاماً ولا الرأى الذى يميل إلى الأخذ بالنظرية المادية ، حذف النص وترك الأمر للفقه يقول رأيه فيه . وعلى ذلك لا يعتبر حذف هذا النص دليلاً على استبقاء النظرية الشخصية فى الحيازة ، ولا هو دليل على الأخذ بالنظرية المادية ، بل إن الأمر فى ذلك متروك للفقه .
2 - وفيما يتعلق بنص المادة 1401 / 1 من المشروع التمهيدى ، وهو النص الخاص بحيازة الخدم والأتباع لحساب مخدوميهم ومتبوعيهم وباعتبار هذه الحيازة مجرد إحراز مادى لا حيازة بالمعنى الصحيح ، اقتصر على تعديل النص تعديلاً لفظياً فى لجنة المراجعة . وفى لجنة مجلس الشيوخ تناقش الأعضاء طويلاً فى ورود الحيازة على الشئ دون الحق ، فقال بعض أن الحيازة قد ترد على الشئ دون الحق ، وقال بعض آخر بأن الحيازة فى كل صورها تكون على الحق وبأن حيازة الشئ ليست إلا حيازة حق الملكية على هذا الشئ . وقد لقى هذا الرأى الأخير موافقة أغلبية اللجنة ، فحذفت كلمة " الشئ " التى تصاحب كلمة " الحق " اكتفاء بالكلمة الأخيرة ( [1420] ) . ويلاحظ أن هذه هى الخطة التى اتبعت دائماً حيث ذكرت كلمة " الشئ " سابقة على كلمة " الحق " ، فإن كلمة " الشئ " تحذف لأن حيازة " الشئ " ليست إلا حيازة حق الملكية ، ولم يكن حذف كلمة " الشئ " سببه استبعاد النظرية المادية والأخذ بالنظرية الشخصية كما ذهب بعض الفقهاء ( [1421] ) ويستخلص من بقاء نص المشروع التمهيدى كما $ 814 $ هو - فيما عدا بعض تعديلات لفظية - فى التقنين المدنى الجديد فى المادة 951 منه ، أن هذا التقنين قد أخذ بالنظرية المادية فيما يتعلق بالتمييز فى الحيازة لحساب الغير بين الحيازة بالمعنى الصحيح ( possession ) كحيازة صاحب حق الانتفاع وحيازة المستأجر ، وبين مجرد الإحراز المادى ( detention ) كحيازة الخدم والأتباع . ونرى من ذلك أن التنين المدنى الجديد قد بقى يحمل آثار النظرية المادية فى الأخذ ببعض مبادئها .
3 - وفيما يتعلق بنص المادة 774 / 1 من المشروع التمهيدى ، وهى الخاصة بحق المستأجر وأن حيازته تحمى بجميع دعاوى الحيازة ، استبقى النص كما هو – فيما عدا بعض تعديلات لفظية أجرتها لجنة المراجعة - فى التقنين المدنى الجديد فى المادة 575 / 1 منه . ويستخلص من بقاء هذا النص فى التقنين المدنى الجديد أن هذا التقنين قد أخذ بأهم تطبيق عملى للنظرية المادية ، حيث أعطى للمستأجر جميع دعاوى الحيازة لحماية حيازته ، فمد بذلك الحيازة إلى الحقوق $ 815 $ الشخصية ولم يقصرها على الحقوق العينية ، وقد تأثر فى ذلك تأثراً ظاهراً بالنظرية المادية ( [1422] ) .
ويستخلص من كل ما تقدم أن التقنين المدنى الجديد ، ولو أنه أخذ من حيث المبدأ بالنظرية الشخصية فأوجب لقيام الحيازة توافر العنصر المعنوى وهو عنصر القصد أى نية استعمال حق من الحقوق ( [1423] ) " قد تأثر تأثراً كبيراً بالنظرية المادية . فمد الحيازة ، أخذاً بهذه النظرية ، إلى الحقوق الشخصية ، ولم يقصرها على الحقوق العينية كما قصرتها النظرية الشخصية . وأخذ بأهم تطبيق عملى للنظرية المادية ، إذ حمى حيازة المستأجر بجميع دعاوى الحيازة فى المادة 575 / 1 منه ، فأقر بذلك بحيازة الشخص لحساب غيره وجعلها حماية بالمعنى الصحيح ( ) تحمى بجميع الحيازة . ومميز فى الوقت ذاته ، فى الحيازة لحساب الغير ، بين الحيازة بالمعنى الصحيح كحيازة المستأجر ، ومجرد الإحراز المادى ( ) كما هو الأمر فى حيازة الخدم والأتباع لحساب مخدوميهم ومتبوعيهم ، وذلك فى المادة 951 منه ، وقد أخذ فى ذلك بالنظرية المادية ( [1424] ) .
$ 816 $
268 - انتفاء عنصر القصد فى إتيان الرخصة من المباحات وفى أعمال التسامح نص قانونى : تنص الفقرة الأولى من المادة 949 مدنى على ما يأتى :
" لا تقوم الحيازة على عمل يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المباحات ، أو عمل يتحمله الغير على سبيل التسامح " ( [1425] ) .
وهذا النص يميز بين عملين : ( 1 ) عمل يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المباحات . ( 2 ) وعمل يتحمله الغير على سبيل التسامح . ويشترك العملان فى أن كلا منهما لا تقوم به الحيازة ، وذلك لأن كلاً من عنصر الحيازة المادية وعنصر القصد يختلف فى العمل الأول فلا تقوم الحيازة لتخلف عنصريها معاً ، ولأن عنصر القصد وحده يتخلف فى العمل الثانى فلا تقوم الحيازة لتخلف أحد عنصريها .
والعمل الذى يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المباحات ( acte de pure daculte ) هو عمل يكون للشخص الحرية التامة فى أن يأتيه أولا $ 817 $ يأتيه ، فإذا أتاه لم يكن لأحد أن يمنعه منه . فهو إذن فى إتيانه لهذا العمل لا يتعدى على حق لأحد ، ولا يتحمل منه أحد هذا العمل على سبيل التسامح . بل إن العمل محض رخصة يأتيها ، فلا هو فى إتيانها حاز حقاً لأحد ولو مجرد حيازة مادية ، ولا هو من باب أولى توافر عنده عنصر قصد استعمال حق لأحد ، ومن ثم لا تقوم الحيازة بإتيان هذه الرخصة لتخلف عنصريها كما سبق القول . من ذلك أن يقيم شخص حائطاً على حدود ملكه يفصل بينه وبين جاره ويفتح فى هذا الحائط منوراً مستوفياً لشروطه ، فهو فى فتحه للمنور إنما أتى رخصة من المباحات لم يقصد بها الاعتداء على حق لأحد ولم يقع بها فعلاً أى اعتداء على حق لأحد . فلا تقوم له حيازة فى هذه الحالة ولا يكسب حقاً قبل الجار ، ويجوز للجار حتى لو بقى المنور مفتوحاً مدة خمس عشرة سنة أو أكثر أن يقيم حائطاً فى حدود ملكه يسد به المنور ، ولا يجوز لصاحب المنور أن يتمسك بأنه كسب حق فتح المنور بالتقادم ( [1426] ) . ومثل آخر للرخصة يأتيها الشخص فلا تقوم له حيازة ولا يكسب حقاً أن يفتح مطلاً مستوفياً لقيد المسافة ، فهو فى ذلك إنما يستعمل رخصة فى حدودها القانونية . ومن ثم يجوز لصاحب العقار المجاور أن يقيم حائطاً فى حدود ملكه دون أن يبعد عن هذه الحدود بالمسافة القانونية ، لأن صاحب المطل لم يكسب حقاً قبل جاره بفتحه المطل إذا هو لم يأت فى ذلك إلا برخصة من المباحات ( [1427] ) . ولكن الجار لا يستطيع أن يفتح فى الحائط الذى $ 818 $ أقامه فى حدود ملكه مطلاً لأنه لا يكون فى حدود المسافة القانونية ، وعليه إذا أراد فتح مطل فى هذا الحائط أن يبتعد عن الخط الفاصل بمقدار المسافة القانونية ، أو أن يقتصر على فتح منور إذا أقام الحائط فى حدود ملكه ( [1428] ) . ويلاحظ فيما قدمناه من الأمثلة على إتيان رخصة من المباحات أن الشخص يأتى رخصة ، أى يقوم بعمل إيجابى ، ولكن هذا العمل لا تقوم به الحيازة ولا يكسب حقاً بالتقادم كما قدمنا . وهناك صورة عكس ذلك ، يمتنع فيها الشخص عن إتيان رخصة من المباحات ، أى يقوم بعمل سلبى . وفى هذه $ 819 $ الحالة لا نكون بصدد عدم كسب حق عن طريق التقادم المكسب ، بل نكون بصدد عدم سقوط حق عن طريق التقادم المسقط . مثل ذلك أن يكون لمالك الأرض حق البناء عليها وأن يعلى بناءه كما يشاء فى الحدود التى ترسمها اللوائح والقوانين ، فهذه رخصة لمالك الأرض له ألا يأتيها ، فإذا هو لم يقم على أرضه بناء وتركها فضاء مدة خمس عشرة سنة أو أكثر ، فإن رخصته فى البناء لا تسقط بالتقادم المسقط ، ويستطيع أن يقيم بناء على أرضه فى أى وقت شاء . ولا يستطيع جاره أن يحتج بأنه بقى ينتفع بمجاورته لأرض فضاء لا تحول دون الرؤية إلى مدى واسع مدة خمس عشرة سنة ، وبأنه كسب حق ارتفاق على جاره بعدم البناء ( servitude non aedificandi, non altius tollendi ) على هذا النحو . ومثل ذلك أيضاً أن لكل مالك أن يجبر جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة ، فهذه رخصة ، للجار ألا يأتيها مدة خمس عشرة سنة أو أكثر ، ولا تسقط رخصته فى طلب وضع الحدود بانقضاء هذه المدة ، ويبقى دعوى تعيين الحدود غير قابلة للسقوط بالتقادم ( [1429] ) . ومثل ذلك أخيراً أن للجار الذى لم يساهم فى نفقات تعلية الحائط المشترك أن يصبح شريكاً فى الجزء المعلى ( م 816 مدنى ) فهذه أيضاً رخصة للجار ألا يأتيها ، فإذا هو لم يأتها وانقضت على التعلية مدة خمس عشرة سنة أو أكثر ، لم تسقط رخصته فى أن يطلب الاشتراك فى الجزء المعلى ولو بعد انقضاء هذه المدة ( [1430] ) . ففى هذه الأمثلة وغيرها ( [1431] ) لسنا فى صدد إتيان رخصة من المباحات لا تقوم به الحيازة ولا يكسب حقاً بالتقادم كما فى الأمثلة المتقدمة ، بل نحن فى صدد عدم إتيان رخصة من المباحات والرخصة إذا لم تستعمل لا تسقط بالتقادم ( [1432] ) .
$ 820 $
وننتقل الآن إلى الأعمال التى يتحملها الغير على سبيل التسامح ( actes de simple tolerance ) . وهذه الأعمال ، بخلاف إتيان الرخص من المباحات ، تتضمن حيازة مادية لحق من حقوق الغير ، ففيها إذن اعتداء على هذا الحق . ولكن صاحب الحق لا يحمل هذه الحيازة المادية على محمل الاعتداء ، بل يتحملها على سبيل التسامح . وكذلك من يقوم بهذه الحيازة المادية يتجرد من عنصر القصد ، فهو لا يقصد استعمال الحق بل يقتصر على القيام بعمل مادى رخص له فيه صاحبه ولو ترخيصاً ضمنياً وتسامح معه فيه ، حفاظاً منه على حسن لعشرة ومراعاة لحسن الجوار . فتكون الحيازة هنا قد تجردت من أحد عنصريها وهو عنصر القصد ، فقام العنصر المادى وتخلف العنصر المعنوى ، ( [1433] ) فهى إذن لا تقوم ( [1434] ) . مثل ذلك أن يختار صاحب الأرض المحبوسة ممراً له ، لا فى العقار المجاور بقصد استعمال حق المرور القانونى بل فى عقار آخر ، أو أن تكون الأرض غير محسوبة عن الطريق العام ولكن صاحبها يمر فى أرض الجار لأن المسافة منها إلى الطريق العام أقصر وأيسر . فإذا بقى صاحب الأرض فى هاتين الحالتين يمارس بشكل ظاهر حق المرور خمس عشرة سنة ، فإنه يكسب بالتقادم حق ارتفاق بالمرور فى الأرض التى بقى يمر فيها طول هذه المدة . وذلك ما لم يثبت أن مرور صاحب الأرض كان على سبيل التسامح ولم يكن عند هذا الأخير قصد استعمال حق ارتفاق بالمرور ، فعند ذلك تكون حيازته لحق المرور حيازة مادية محضة مجردة من العنصر المعنوى وهو عنصر القصد ، فلا يكسب أى حق ( [1435] ) . ومثل ذلك أيضاً أن يفتح الجار مطلاً أو منوراً فى الحائط المشترك ، $ 821 $ ويبقى المطل أو المنور مفتوحاً المدة اللازمة للتقادم ، فإن الجار يكسب حق ارتفاق بالمطل أو بالمنور فى الحائط المشترك . وذلك ما لم يكن جاره الشريك فى الحائط قد تركه يفتح المطل أو المنور على سبيل التسامح ، فعند ذلك تكون حيازة المطل أو النور حيازة مادية محضة مجردة من العنصر المعنوى وهو عنصر القصد, فلا يسكب الجار أى حق ( [1436] ) . ومثل ذلك أيضاً أن يقيم الجار على حدود ملكه حائطاً يفتح فيها مطلاً على أرض الجار وهى أرض فضاء ، فيغلب أن يترك صاحب الأرض الفضاء جاره يفتح المطل على سبيل التسامح ، لأن فتح المطل فى هذه الحالة لا يضايقه غذ أن أرضه فضاء فلا يضيره أن يفتح جاره مطلاً عليها . وعلى ذلك يكون الجار الذى فتح المطل وتسامح له جاره فى ذلك لم يحز حق المطل إلا حيازة مادية محضة مجردة من العنصر المعنوى وهو عنصر القصد ، فلا يكسب حق ارتفاق بالمطل على جاره ولو بقى المطل مفتوحاً مدة خمس عشرة سنة أو أكثر ( [1437] ) . ومثل ذلك أخيراً أن يترك الجار مواشى جاره ترعى فى أرضه على سبيل التسامح فلا يكسب الجار صاحب المواشى حق ارتفاق ويجوز منعه فى أى وقت من رعى مواشيه فى أرض الجار ( [1438] ) ، $ 822 $ أو أن يترك الجار طريقاً خاصاً لا يستعمله يمر فيه جاره على سبيل التسامح فلا يكسب هذا الجار لا حق ملكية ولا حق ارتفاق بالتقادم ، أو أن يترك الجار لجاره مخزناً مهجوراً يضع فيه أمتعته على سبيل التسامح فلا يكسب هذا الأخير ملكية المخزن بالتقادم . وقاضى الموضوع هو الذى يقدر ما إذا كانت الأعمال التى قام بها الجار قد تحملها منه جاره على سبيل التسامح ، فلا تكسب هذه الأعمال لا حق ملكية ولا حق ارتفاق ( [1439] ) . وقد يدق الأمر ، فيتلمس القاضى أية علامة مادية تنم عن نية التسامح عند الجار ، كأن يحيط الطريق الذى يمر فيه جاره بسياج يدل على نيته فى الاحتفاظ بطريقة ، ولو فتح فى هذا السياج باباً يمر منه جاره فيكون هذا المرور على سبيل التسامح ( [1440] ) .
$ 823 $
ويجوز أن تنقلب الأعمال التي يستعمل الشخص بواسطتها رخصة من المباحات ، أو التي يقوم بها على سبيل التسامح من الجار ، إلى أعمال حيازة صحيحة تتوافر فيها عنصرا الحيازة المادي والمعنوي . فتتغير صفة هذه الأعمال ، وبعد أن كانت إعمالاً لا تقوم بها الحيازة ، تصبح إعمالاً تتم بها الحيازة وتنتج آثارها . ويتحقق ذلك بان يأتي الجار الذي يستعمل الرخصة أو يقوم بأعمال التسامح بعمل مادي يعتبر معارضة لحق المالك ، ويشعره بأنه إنما يحوز حقا وأنه يقصد استعماله ، فتصبح حيازته لهذا الحق حيازة صحيحة قد توافر فيها العنصر المادي والعنصر المعنوي ، وتنتج آثارها القانونية . فيعمد مثلا صاحب الأرض المنخفضة الذي يتلقى ماء المطر من الأرض المرتفعة ويباشر رخصة الانتفاع بها إلى وضع مواسير في الأرض المرتفعة تنتقل منها المياه إليه ، فيدل بذلك على نيته أنه لا يباشر رخصة وإنما يستعمل حقا ، وتصبح حيازته حيازة صحيحة كاملة ، وإذا استمر هذا الوضع مدة خمس عشرة سنة فإنه يكسب حق إرتفاق على الأرض المرتفعة . أو يعمد الجار الذي يمر في أرض جاره على سبيل التسامح إلى ترصيف الطريق الذي يمر فيه أو إلى تعبيده إذا لم يكن معبدا ، وإلى إحاطته بسياج ليختص به وحده ، مما يقطع في أن نيته قد تحولت من القيام بعمل على سبيل التسامح إلى القيام بعمل من أعمال الحيازة الصحيحة الكاملة التي توافر فيها عنصرها المادي وعنصرها المعنوي ، فإذا استمر الوضع على هذا النحو مدة خمس عشرة سنة دون معارضة من الجار ، فإن الحيازة تنتج أثرها ويكسب الحائز حق إرتفاق بالمرور في الطريق أو حق ملكية الطريق ذاتها بحسب الأحوال . ولهذا نظير في الحيازة العرضية ، فسنرى أن هذه الحيازة تنقلب إلى حيازة صحيحة غير عرضية إذا تغيرت صفة الحيازة بفعل يعتبر معارضة لحق المالك ( م 972 / 2 مدني ) ( [1441] ) .
269 – عنصر القصر يجب أن يوجد عند الحائز شخصيا فلا تجوز النيابة فيه إلا إذا كان الحائز عديم التمييز – نص قانوني : تنص المادة 950 مدني على ما يأتي :
" يجوز لغير المميز أن يكسب الحيازة عن طريق من ينوب عنه نيابة قانونية " ( [1442] ) .
وقد قدمنا ( [1443] ) أن العنصر المادي للحيازة ، أي السيطرة المادية ، تجوز مباشرتها بواسطة الغير ، كالخادم والتابع والحائز العرضي . أما العنصر المعنوي للحيازة وهو عنصر القصد ، فهو خلاف العنصر المادي لا تجوز مباشرته بالواسطة ، بل يجب أن يكون موجودا عند الحائز نفسه شخصيا . فلا يجوز أن يكون عنصر القصد عند غير الحائز ، ولا يصح أن يحوز شخص حقا ويكون قصد استعمال هذا الحق موجودا عند غيره ، لأن القصد أمر شخصي فلابد أن يوجد عند شخص الحائز .
ومع ذلك إذا كان الحائز عديم التمييز ( [1444] ) ، كالصبي غير المميز والمجنون والمعتوه غير المميز ، فإن إرادته تكون معدومة ، فيستحيل أن يتوافر عنده $ 824 $ عنصر القصد ، إذ أن هذا العنصر يفترض وجود الإرادة . ومن ثم تقضي الضرورة هنا أن يكون عنصر القصد موجودا عند من ينوب نيابة قانونية عن عديم التمييز ، من ولى أو وصى أو قيم . فيجوز عديم التمييز الحق ، وينوب عنه نائبه في كل من عنصري الحيازة ، العنصر المادي والعنصر المعنوي ، ذلك لأن العنصر المادي أي السيطرة المادية لا تتحقق إلا عن طريق أعمال إرادية ، وعديم التمييز لا إرادة له ، فهو غير قادر على السيطرة المادية وهي العنصر المادي ، كما هو غير قادر على عنصر القصد وهو العنصر المعنوي ، فينوب عنه نائبه في كل من العنصرين ( [1445] ) .
270 – الحيازة العرضية أو الحيازة لحساب الغير : والحيازة العرضية ( POSSESSION PRECAIRE ) ليست حيازة صحيحة ، لأن من يحوز الحق حيازة عرضية لا يحوزه لحساب نفسه ، بل يحوزه لحساب غيره . فعنصر القصد ، أي قصد الشخص استعمال الحق لحساب نفسه ، غير موجود عند الحائز العرضي ، بل هو موجود عند الغير الذي يستعمل الحق باسمه . فهذا الغير هو الحائز ، يباشر عنصر القصد أصيلاً عن نفسه ، ويباشر عنصر السيطرة المادية بواسطة الحائز العرضي . فمالك الشيء مثلا يحوزه عادة ، أي يجمع بين عنصري الحيازة ، فيسيطر على الشيء سيطرة مادية بقصد استعمال حق الملكية فيه لحساب نفسه . وقد ينقل السيطرة المادية على الشيء لحائز عرضي ، كتابع أو وكيل أو صاحب حق انتفاع أو دائن مرتهن رهن حيازة أو مستأجر أو مستعير أو مودع عنه . ويبقى محتفظا بعنصر القصد ، أي قصد استعمال حق الملكية ، ولكن عنصر السيطرة المادية ينتقل إلى الحائز العرضي أن حيازته للشيء حيازه مادية محضة ، وأنه يحوزه لحساب غيره ، وأنه يلتزم برده للمالك . وهذا الالتزام بالرد ( OBLIGATION DE RESTITUTION ) $ 826 $ هو الذي يحدد مركز الحائز العرضي ، وهو الذي يجعل حيازته حيازة مادية محضة ( DETENTION ) أي حيازة عرضية . فالحائز العرضي ( PROSSESSEUR PRECAIRE ) إذن هو كل شخص انتقلت إليه من الحائز السيطرة المادية على الشيء يباشرها باسم الحائز ولحسابه ، وذلك بموجب عقد كما هي الحال في التابع والوكيل والمستأجر والمستعير وصاحب حق الانتفاع والمرتهن رهن حيازة وغيرهم ممن يرتبطون بعقد مع الحائز ، أو بحكم القضاء أو القانون لتأدية مهمة معينة كما هي الحال في الحارس والسنديك ومصفى التركة ومصفى الشركة بعد حلها والوصي والقيم والوكيل عن الغائب . وينشأ الالتزام بالرد من العقد أو من القانون بحسب الأحوال ( [1446] ) . والحائزون العرضيون فريقان :
( الفريق الأول ) الحائزون العرضيون الذين ينزلون من الحائز الأصلي منزلة التابع من المتبوع ، فيأتمرون بأوامره ويلتزمون تعليماته وليست لهم أية حرية في التصرف . وقد قدمنا ( [1447] ) أن المادة 951 مدني ، وتنص الفقرة الأولى منها على أن " تصح الحيازة بالوساطة ، متى كان الوسيط يباشرها باسم الحائز ، وكان متصلا به اتصالا يلزمه الائتمار بأوامره فيما يتعلق بهذه الحيازة " ، مقصورة على هؤلاء . ورأينا ( [1448] ) أن هذا الفريق الأول يشمل الخدم والعمال والمستخدمين وسائر الاتباع كالطاهي والسائق وناظر الزراعة ، والوكيل ما دام يعمل باسم الموكل ويأتمر بأوامره فيما يتعلق بحيازة الشيء الذي اشتراه في حدود الوكالة ( [1449] ) ، والولي والوصي والقيم إذا كان القاصر أو المحجور عليه مميزا ، والمدير أو المفوض من الشخص المعنوي في حيازة ماله ، وبوجه عام كل شخص يباشر $ 827 $ السيطرة المادية على الشيء لحساب غيره ويكون تابعا يأتمر في هذه السيطرة بأوامر من يباشرها لحسابه .
( والفريق الثاني ) الحائزون العرضيون الذين يحوزون لحساب غيرهم ، ولكنهم لا يعتبرون اتباعا للحائز الأصلي بل يبقى لهم شيء ، حرية التصرف في حيازتهم . ويدخل ضمن هؤلاء صاحب حق الانتفاع أو حق الاستعمال أو حق السكني ، وصاحب حق الحكر ، والدائن المرتهن رهن حيازة ، والمستأجر والمزارع ، والمستعير ، والحارس والمودع عنده ( [1450] ) . فهؤلاء يتفقون مع الفريق الأول في إنهم مثله يحوزون لحساب غيرهم ، فهم جميعا حائزون عرضيون ( [1451] ) . ولكنهم يختلفون عن الفريق الأول في أنهم لا يقتصرون $ 827 $ علىحيازة الشيء مجرد حيازة مادية ( DETENTION ) ، بل هم يجمعون إلى هذه الحيازة المادية حيازة صحيحة كاملة ( POSSESSION ) لحق عيني اوحق شخصي يحوزونه لحساب أنفسهم . ويتوافر عندهم بالنسبة إلى هذا الحق عنصرا الحيازة ، السيطرة المادية وقصد استعمال الحق لحساب أنفسهم ، فهم إذن لا يعتبرون حائزين عرضيين لهذا الحق ، بل هم حائزون اصليون . ويصدق هذا على الأقل على صاحب حق الانتفاع وصاحب حق الاستعمال وصاحب حق السكنى ، وصاحب حق الحكر ، والدائن المرتهن رهن حيازة ، والمستأجر والمزارع . فكل من هؤلاء يعتبر حائزا عرضيا للشيء بالنسبة إلى حق الملكية فيه ، إذ يحوز هذا الحق لحساب المالك لا لحساب نفسه ، ولا يباشر فيه إلا السيطرة المادية نيابة عن المالك ( [1452] ) . والحائز لحق الملكية هو المالك وحده ، فهو الذي يوجد عنده عنصر القصد ، ويباشر السيطرة المادية وبوساطتهم ( [1453] ) . أما بالنسبة إلى الحق العيني من حق انتفاع أو حق استعمال أو حق سكنى أو حق حكر أو حق رهن حيازي ، أو بالنسبة إلى الحق الشخصي من حق المستأجر $ 829 $ أو حق المزارع ، فإن كلا منهم يحوز الحق الذي يباشره لحساب نفسه لا لحساب المالك ويجمع فيه بين عنصري الحيازة عنصر السيطرة المادية وعنصر القصد ، فيعتبر حائزا حيازة صحيحة كاملة لهذا الحق ، ويستطيع أن يلجأ في حماية حيازته هذه إلى جميع دعاوى الحيازة . بل إن الحيازة بالنسبة إلى هذا الحق تنتج آثارها كاملة ، فيجوز لمن يحوز حقا عينيا منهم أن يتملك هذا الحق بالتقادم ، كما يجوز أن يتملك الحق العيني العقاري بالتقادم القصير إذا كان حسن النية ، وإذا كان الحق العيني منقولا تملكه بالحيازة المقترنة بحسن النية ( [1454] ) .
ولما كنا هنا في صدد الحيازة العرضية ، فتقتصر عليها لنبين أحكامها ، ويستوي في هذه الأحكام الفريقان الأول والثاني السابق ذكرهما . ونترك جانبا الحيازة الأصلية لصاحب حق الانتفاع وغيره من أصحاب الحقوق العينية والحيازة الأصلية للمستأجر والمزارع فيما يتعلق بالحق العيني أو الحق الشخصي الذي يباشره كل منهم ، فهذه الحيازة الأصلية تسري عليها أحكام الحيازة شأنها في ذلك شأن كل حيازة أصلية أخرى ( [1455] ) .
271 – أحكام الحيازة العرضية : والحائز العرضي ، أي الحائز لحساب غيره أياً كان لا يستطيع أن يتمسك بهذه الحيازة العرضية لكسب حق بالتقادم ( [1456] ) ، أو لحماية هذه الحيازة بدعوى من دعاوى الحيازة . وهو لا يستطيع ذلك إلا باسم الحائز الأصيل ، إذ أنه يحوز لحسابه . فالمستأجر مثلا لا يكسب حق الملكية على العين المؤجرة بالتقادم ، مهما طالت مدة حيازته للعين . وإنما يستطيع أن يتمسك باسم المؤجر بحيازته للعين المؤجرة ، كأن يكون $ 830 $ المؤجر غير مالك للعين ويكون قد وضع يده عليها مدة اثنتي عشرة سنة مثلا ثم آجرها وحازها المستأجر مدة ثلاث سنوات أخرى ، فيعتبر المؤجر قد حاز العين بواسطة المستأجر هذه المدة الأخيرة ، فيكون قد أكمل مدة التقادم لكسب ملكية العين . وكذلك لا يستطيع المستأجر أن يحمي حيازته لحق ملكية العين المؤجرة بدعاوى الحيازة ، لأن هذه الحيازة حيازة مادية محضة وهي لحساب المؤجر ، فإذا لجأ مثلا إلى دعوى منع التعرض فيما يتعلق بالملكية لم يستطع اللجوء إليها إلا باسم المؤجر . وهذا لا يمنع من أن يلجأ إلى جميع دعاوى الحيازة فيما يتعلق بحيازته لحقه الشخصي كمستأجر ، ويرفع هذه الدعاوى أصالة عن نفسه لا باسم المؤجر ، فقد قدمنا أنه إذا كان يعتبر حائزا عرضيا بالنسبة إلى حق الملكية فإنه يعتبر حائزا أصيلاً بالنسبة إلى حقه كمستأجر .
وعلى ذلك لا يستطيع الحائز العرضي إني حمي باسمه حيازته العرضية كما قدمنا . وهذا لا منع من أن يلجأ إلى الوسائل التي يخولها إياه القانون لحماية نفسه ولدفع الاعتداء عنه . فيستطيع مثلا إذا انتزع منه الشيء عنوة وجبرا أن يسترده بدعوى استرداد الحيازة ، وهذه هي دعوى الحيازة الوحيدة التي يستطيع الحائز العرضي أن يرفعها باسمه ، وذلك لحرص القانون على أن يحافظ على الأمن العام . ويستطيع الحائز العرضي أن يستبقى حيازة الشيء حتى يستوفى ماله من حقوق في ذمة الغير بسبب هذه الحيازة ، ولكن ذلك لا يرجع إلى أن القانون يحميه في حيازته العرضية ، بل يرجع إلى ما خوله إياه القانون من الحق في حبس العين حتى يستوفى ماله من الحقوق ( [1457] ) .
ولا يستطيع الحائز العرضي أن يكسب بحيازته العرضية حق ملكية العين بالتقادم . فالمرتهن رهن حيازة لا يستطيع إني كسب ملكية العين المرهونة بالتقادم ، مهما طال الزمن الذي تبقى فيه العين في يده ولو زاد على خمس عشرة سنة ( [1458] ) . ويستوى في ذلك أن يكون المالك للعين هو المدين الراهن ، أو كانت $ 831 $ العين مملوكة لغيره . فإذا كان المالك هو المدين الراهن ، وبقيت العين في يد الدائن المرتهن رهن حيازة مدة خمس عشرة سنة أو أكثر سواء استوفى الدائن حقه أو لم يستوفه ، فإن الدائن لا يتملك العين بالتقادم ضد المدين مالك العين ، وذلك طوال المدة التي تبقى فيها حيازة الدائن حيازة عرضية ولم تتغير صفتها فتتحول إلى حيازة أصيلة على الوجه المقرر في القانون والذي سيأتي بيانه ( [1459] ) . وتبقى حيازة الدائن للعين حيازة عرضية لا يكسب بها ملكية العين بالتقادم ، حتى لو سقط التزامه برد العين إلى المدين الراهن بالتقادم المسقط بعد استيفائه الدين . فسقوط الالتزام بالرد بالتقادم المسقط لا يمنع من أن تبقى الحيازة حيازة عرضية لا تصلح لكسب الملكية بالتقادم المكسب ، وإذا كان المدين الراهن لا يستطيع بعد تمام التقادم المسقط أن يرفع على الدائن دعوى الاسترداد الشخصية ، فإن ذلك لا يمنعه من رفع دعوى الاستحقاق العينية إذ أن الدائن لم يكسب ملكية العين بحيازته العرضية ( [1460] ) . وإذا كانت العين المرهونة رهن حيازة مملوكة لغير المدين الراهن ، فإن الدائن لا يستطيع أيضاً بحيازته العرضية أن يكسب ملكية العين بالتقادم ضد مالكها الحقيقي ، ويستطيع هذا الأخير أن يسترد العين من الدائن بدعوى الاستحقاق بعد إدخال المدين في الدعوى . ولكن يجوز للدائن أن يكسب حق الرهن لا حق الملكية ، لأنه يحوز الحق الأول لحساب نفسه فهو أصيل في حيازته إياه كما قدمنا . فإذا كان حسن النية وارتهن $ 832 $ العين من غير مالك ، فإنه يكسب حق الرهن بمجرد الحيازة في المنقول ، وبخمس سنوات وهي مدة التقادم القصير في العقار . أما إذا لم يكن حسن النية وارتهن العين من غير مالك ، فلا يملك حق الرهن ، سواء في العقار أو في المنقول ، إلا بالتقادم الطويل أي بخمس عشرة سنة .
وتبقى الحيازة العرضية على صفتها هذه مهما طالت ، فلا تحمي بدعاوى الحيازة ولا تكسب الملكية بالتقادم على النحو الذي قدمناه . وتنتقل من الحائز العرضي إلى وارثه حيازة عرضية كما كانت عند المورث ، وهكذا تنتقل من وارث إلى وارث دون أن تتغير صفتها . فلو أن حائزا عرضيا ، كمودع عنده أو حارس ، بقى واضعا يده على العين المودعة أو الموضوعة تحت الحراسة مدة طويلة ، ثم خلفه عليها وارثه ثم وارث وارثه ، وبقيت الورثة واضعين اليد على العين مددا طويلة أخرى ( [1461] ) ، ولو بلغت هذه المدد مائة عام أو أكثر ، فإن أحداً منهم لا يكسب ملكية العين بالتقادم ، لأن كلا منهم حيازته عرضية ( [1462] ) . $ 833 $ ويستوي في ذلك أن يكون الوارث حسن النية أو سيء النية ، كما يستوي إذا كان سيء النية أن يستبقى صفة مورثه أو أن يضع يده كما لك ، فما دامت حيازة مورثه حيازة عرضية ، لوم يغير هو صفة هذه الحيازة بأن يحولها إلى حيازة أصيلة على الوجه الذي قرره القانون ، فإن حايزته تبقى كحيازة مورثه حيازة عرضية ليس من شأنها أن تكسب ملكية العين بالتقادم . أما إذا نقل الحائز العرضي ملكية العين إلى خلف خاص بتصرف ناقل للملكية ، معاوضة أو تبرعا ، فإن الخلف الخاص لا تكون حيازته حيازة عرضية ، بل تكون حيازة أصيلة تجوز حمايتها بدعاوى الحيازة وتصلح لكسب الملكية بالتقادم . ذلك لأن الخلف الخاص يبتدئ حيازة جديدة توافرت فيها عنصرا الحيازة من قصد وسيطرة مادية ، أما الخلف العام فتنتقل إليه حيازة مورثه ذاتها فتبقى عرضية كما كانت عند مورثه ( [1463] ) . ويستوي أن يكون الخلف الخاص حسن النية أو سيء النية ، فلو كان يعلم حقيقة حيازة سلفه وأنها حيازة عرضية ، فإن ذلك لا يمنع من أن تكون حيازته هو حيازة أصيلة ما دام سلفه قد تعامل معه لا على أنه حائز عرضي بل على أنه مالك ( [1464] ) .
وقد قدمنا ( [1465] ) إن الفقرة الثانية من المادة 951 مدني تنص على ما يأتي : " وعند الشك يفترض أن مباشر الحيازة إنما يحوز لنفسه ، فإن كانت استمرارا لحيازة سلفه افترض أن هذا الاستمرار هو لحساب البادئ بها " . ونرى من ذلك أن القانون قد وضع قرائن قانونية تذلل كثيرا من الصعاب التي تحوط بالحيازة العرضية ، وكيف تثبت هذه الحيازة . وقد قررنا في هذا الصدد ( [1466] ) أن الحيازة العرضية لا تفترض ، بل يفترض في الحائز أنه يحوز لحساب نفسه حيازة أصيلة لا حيازة عرضية . وعلى من يدعى العكس ، ويتمسك بأن الحائز ليس إلا حائزا عرضيا يحوز لحساب غيره فلا يستطيع مثلا أن يتملك بالتقادم ، $ 834 $ أن يثبت ذلك فهو الذي يحمل عبء الإثبات ( [1467] ) . فإذا ما ثبت أن الحيازة حيازة عرضية وأن الحائز إنما يحوز لحساب غيره ، فانهي فترض أنه قد بقى حائزا عرضيا على ما كان عليه ولم تتغير صفة حيازته ، إلى أن يثبت هو أن صفة حيازته قد تغيرت وأن هذه الحيازة قد تحولت إلى حيازة أصيلة ( [1468] ) . فننظر الآن كيف تتغير صفة الحيازة ، فتتحول من حيازة عرضية إلى حيازة أصلية .
272 – تغير صفة الحيازة العرضية وتحولها إلى حيازة أصيلة – نص قانونين تنص المادة 972 مدني على ما يأتي :
" 1 - ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده . فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذى تقوم عليه هذه الحيازة " .
" 2 - ولكن يستطيع أن يكسب بالتقادم إذا تغيرت صفة حيازته ، إما بفعل الغير وإما بفعل منه يعتبر معارضة لحق المالك . ولكن فى هذه الحالة لا يبدأ سريان التقادم إلا ن تاريخ هذا التغيير " ( [1469] ) .
$ 835 $
ويخلص من هذا النص أن الحائز العرضي يبقى حائزاً عرضياً كما قدمنا مهما طال الزمن على حيازته . فلا يستطيع أن يغير صفة حيازته هذه بمجرد تغيير نيته ، كأن يعلن المستأجر المؤجر مثلا أنه غير نيته من حيازة العين كمسـتأجر إلى حيازتها كمالك ولو صاحب هذا الإعلان أن يمتنع عن دفع الأجرة للمؤجر . فإن إعلانه تغيير نيته لا يغير من صفة حيازته العرضية ، وامتناعه عن دفع الأجرة إخلال بالتزامه كمستأجر ، وهذا وذاك لا يكفيان في تحويل حيازته العرضية إلى حيازة أصلية . وعلى ذلك تبقى حيازته حيازة عرضية ، ولا يستطيع بموجبها أن يكسب ملكية العين المؤجرة بالتقادم ، وهذا لأنه " ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده ، فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته " ( [1470] ) . كذلك وارث الحائز العرضي يبقى حائزا عرضيا مثل مورثه كما سبق القول ، ولا يستطيع تحويل حيازته العرضية إلى حيازة أصيلة . بمجرد تغيير نيته وإعلانه أنه أصبح يحوز كمالك على خلاف حيازة مورثه . ومن ثم لا يستطيع كسب ملكية العين التي تلقاها من مورثه بالتقادم لمجرد أنه غير بنفسه لنفسه أصل حيازته وهي في أصلها حيازة عرضية ، وهذا لأنه " ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده ، فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه . . الأصل الذي تقوم عليه هذه الحيازة " .
ولا يستطيع الحائز العرض أو وارثه إني كسب بالتقادم ملكية العين ، إلا إذا تغيرت صفة حيازته وتحولت هذه الحيازة من حيازة عرضية إلى حيازة أصلية . ولا يبدأ سريان التقادم إلا من الوقت الذي يتم فيه هذا التحول ، ومن ذلك الوقت أيضاً يمكن للحائز أن يحتمي بدعاوى الحيازة " ( [1471] ) .
وتتغير صفة الحيازة العرضية وتتحول إلى حيازة أصيلة بأحد أمرين ( [1472] ) :
$ 836 $
( الأمر الأول ) فعل يصدر من الغير : وهذا الفعل يكون عادة تصرفا ناقلا للملكية ( [1473] ) ، يتلقاها الحائز العرضي من الغير فتتغير به صفة حيازته العرضية وتتحول إلى حيازة أصيلة ، إذ أن الحائز يحوز العين من وقت هذا التصرف كمالك لحساب نفسه ، لا كحائز عرضي لحساب غيره . ومن ذلك الوقت يستطيع ا لحائز أن يحتمي كمالك بجميع دعاوى الحيازة كما قدمنا ، كما يستطيع أن يكسب الملكية بالتقادم . مثل ذلك أن يعتقد المستأجر للعين أنه استأجر من غير المالك ، فيتقدم إلى الشخص الذي يعتقد أنه هو المالك ويشتري منه العين . فهنا قد صدر تصرف ناقل للملكية من الغير وهو الشخص الذي يعتقد المستأجر خطأ أنه هو المالك ، وقد صدر هذا التصرف إلى المستأجر وهو الحائز العرضي . فيضع هذا الحائز يده على العين كمالك بمجرد صدور عقد البيع له ، ومن ثم تنقلب حيازته من حيازة عرضية إلى حيازة أصيلة ، ويستطيع أن يكسب ملكية العين بالتقادم إذا أكمل مدته ضد المؤجر وهو المالك الحقيقي للعين ( [1474] ) . ولا يشترط أن يكون الحائز العرضي ، وقت أن تلقى التصرف الناقل للملكية ، حسن النية أي يعتقد أنه تعامل مع المالك الحقيقي . فلو كان $ 837 $ سيء النية ، أي يعرف أنه يتعامل مع غير المالك ، فإن التصرف الصادر إليه علىهذا النحو يغير هو أيضاً من صفة حيازته فتقلب هذه الحيازة من حيازة عرضية إلى حيازة أصيلة ( [1475] ) . وفي جميع الأحوال يجب أن يتصرف الحائز على مقتضى سنده الجديد الناقل للملكية ، ففي المثل الذي قدمناه يجب أن يمتنع المستأجر بعد أن تلقى التصرف من دفع الأجرة للمؤجر . فيستطيع عندئذ أن يتملك العين ، إما بالتقادم القصير إذا كان حسن النية إذ أن لديه السبب الصحيح ، أو بالتقادم الطويل إذا لم يكن حسن النية . وكذلك يستطيع في الحالتين أن يحمي حيازته الجديدة بجميع دعاوى الحيازة ، ولو ضد المؤجر . أما إذا استمر بدفع الأجرة للمؤجر ، فإن حيازته تكون حيازة غامضة ( equivoque ) ، لا تصلح لكسب الملكية بالتقادم ولا لأن تحمي بدعاوى الحيازة ( [1476] ) .
ويمكن أن يصدر التصرف الناقل للملكية للحائز العرضي في نفس الشخص الذي يحوز الحائز العرضي العين باسمه ، فتتحول الحيازة العرضية بذلك إلى حيازة أصيلة . وذلك بأن يصدر التصرف الناقل للملكية من المؤجر نفسه وهو المالك الحقيقي ، فيشتري المستأجر منه العين المؤجرة ويحوزها منذ شرائها كمالك لحساب نفسه . بل قد يكون المؤجر غير مالك للعين المؤجرة ، ويتلقى منه المستأجر عقد البيع فتتحول به حيازته العرضية إلى حيازة أصيلة ، ويستطيع المستأجر في هذه الحالة إني كسب ملكية العين بالتقادم ضد المالك الحقيقي ، $ 838 $ كما يستطيع أن يحتمي بجميع دعاوى الحيازة ضد المالك الحقيقي وضد المؤجر ( [1477] ) .
( والأمر الثاني ) فعل يصدر من الحائز العرضي يعارض به حق المالك : ولا يكفي في ذلك مجرد إنكار الحائز العرضي لحق المالك وإعلانه ذلك على ملأ من الناس ، بل لا يكفي تصرفه في العين تتصرف الملاك فيهدمها مثلا أو يقيم عليها بناء أو يبيعها ، فإن هذا يعد تعسفا منه في استعمال حيازته العرضية وليس من شأن هذا التعسف أن يغير صفة الحيازة ويحولها إلى حيازة أصيلة ( [1478] ) . بل يجب أن يعارض الحائز العرضي حق المالك فيقوم بينهما مباشرة نزاع على ملكية العين ، يدعيها الحائز لنفسه وينكر المالك عليه ذلك ( [1479] ) .
وقد يكون هذا النزاع نزاعا قضائياً ، فيطالب المالك أمام القضاء الحائز العرضي برد العين إليه ، ويدعي الحائز ملكيتها . ولكن ليس من الضروري إني كون النزاع قضائياً ، فيكفي أن يعلن الحائز المالك بادعائه ملكية العين بإنذار رسمي أو بكتاب مسجل أو غير مسجل أو بإخطار شفوي على أن يكون عليه هو عبء إثبات الأخطار . ففي هذه الحالة يكون الحائز قد عارض حق $ 839 $ المالك واعلنه بهذه المعارضة ، وذكر له أنه يضع يده على العين كمالك لا كحائز عرضي . فمن وقت علم المالك بمعارضة الحائز لحقه ، تنقلب حايزة الحائز العرضية إلى حيازة أصيلة ، تجوز حمايتها بدعاوى الحيازة إذا توافرت شروطها ، وتصلح لكسب ملكية العين بالتقادم إذا توافرت الشروط واكتملت الدة . وقد لا يعلن الحائز العرضي المالك بمعارضته لحقه ، ولكن المالك يطالبه برد العين فيمتنع الحائز عن ردها مدعيا أنه هو الذي يملكها ، فيكون في هذه الحالة قد صدر فعل من الحائز يعارض به حق المالك وعلم المالك بهذه المعارضة ، فتنقلب الحيازة العرضية إلى حيازة أصيلة تجوز حمايتها بدعاوى الحيازة وتؤدي إلى كسب الملكية بالتقادم ( [1480] ) . ونرى من ذلك أن هذا الأمر الثاني التي تتغير به صفة الحيازة العرضية وتتحول إلى حيازة أصيلة تختلف عن الأمر الأول في أن الحائز العرضي في الأمر الثاني لا يحصل على سند جديد لحيازته بل يكون حائزا دون سند ، أما في الأمر الأول فقد رأينا أنه يحصل على سند جديد لحيازته يصدر إليه من الغير ( [1481] ) .
وسواء تغيرت صفة الحيازة العرضية بالأمر الأول أو بالأمر الثاني ، فإن تقدير الوقائع والسندات التي تتغير بها صفة الحيازة يترك إلى قاضي الموضوع ( [1482] ) ، ولكن تحت رقابة محكمة النقض لترى ما إذا كانت هناك أسباب سائفة دعت $ 840 $ محكمة الموضوع إلى تقدير هذه الوقائع والسندات على وجه معين ( [1483] ) . واثبات الوقائع والسندات التي تتغير بها صفة الحيازة تسري فيه القواعد العامة ، فيجوز إثبات الوقائع المادية بجميع طرق الإثبات ، أما التصرفات القانونية فلا يجوز اثباتها بالبينة أو القرائن إلا فيما لا يزيد على عشرة جنيهات . ويجب أن يتمسك بالخصم رد المصلحة بأن صفة الحيازة قد تغيرت ، فلا يجوز للقاضي أن يحكم بتغير صفة الحيازة من تلقاء نفسه ( [1484] ) .
2 - عيوب الحيازة
( Vices de la possession )
273 – نص قانونين : تنص الفقرة الثانية من المادة 949 مدني على ما يأتي " وإذا اقترنت ( الحيازة ) بإكراه أو حصلت خفية أو كان فيها لبس ، فلا يكون لها أثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها ، إلا من الوقت الذى تزول فيه هذه العيوب " ( [1485] ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .
$ 841 $
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 907 / 2 - وفي التقنين المدني الليبي م 953 / 2 – وفي التقنين المدني العراقي م 1146 وم 1145 / 2 ( العبارة الأخيرة ) – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 257 – 258 / 1 ( [1486] ) .
هذا وقد اغفل النص ذكر عيب عدم الاستمرار إذا قامت الحيازة على أعمال متقطعة ، وكان هذا العيب مذكوراً في المشروع التمهيدي للنص ( [1487] ) ، وحذف دون سبب ظاهر في لجنة المراجعة . والصحيح أن الحيازة يجب ، حتى تكون حيازة صحيحة تنتج آثارها القانونية ، وبخاصة حتى تحمي بدعاوى الحيازة وحتى تكسب الملكية بالتقادم أو بدون تقادم ، أن تكون مستمرة ظاهرة هادئة واضحة ، أي أن تكون خالية من عيوب الحيازة . فعيوب الحيازة هي إذن عدم الاستمرار ( التقطع ) ، والخفاء ( عدم العلانية ) ، والإكراه ( عدم الهدوء ) ، والغموض ( اللبس ) ( [1488] ) .
$ 842 $
ويجب التمييز بين عناصر الحيازة وعيوب الحيازة . فالحيازة لا توجد إلا إذا توافر عنصراها ، على الوجه الذي سبق بيانه تفصيلا . فإذا توافر عنصراها ووجدت ، فإنه يجب أيضاً أن تكون خالية من العيوب حتى تنتج آثارها ، وبخاصة حتى تحمي بدعاوى الحيازة وحتى تكون سببا للتملك ( [1489] ) . والعناصر والعيوب بالنسبة إلى الحيازة تناظر العناصر والعيوب بالنسبة إلى الإرادة . فالإرادة لا توجد إلا إذا توافرت عناصرها ، ولا تكون صحيحة بعد وجودها إلا إذا كانت خالية من العيوب . ولكن الحيازة ، بخلاف الإرادة ، لا تنتج أي أثر من آثارها القانونية المعروفة إلا إذا كانت موجودة وكانت خالية من العيوب . أما الإرادة فإذا توافرت عناصرها وكانت مشوبة بعيب ، فإنها تكون إرادة موجودة تنتج آثاراً ، ولكنها تكون إرادة غير صحيحة لا تنتج إلا آثاراً محدودة .
ونستعرض فيما يلي عيوب الحيازة وهي ، كما قدمنا ، عدم الاستمرار أو التقطع ( discontinuite ) ، والخفاء أو عدم العلانية ( clandestinite ) والإكراه أو عدم الهدوء ( violence ) ، والغموض أو اللبس ( equivoque ) .
العيب الأول – عدم الاستمرار أو التقطع :
274 – معنى عدم استمرار الحيارة أو تقطعها : إذا قامت الحيازة على أعمال متقطعة تكون مشوبة بعيب عدم الاستمرار أو التقطع ، ومن ثم لا تنتج آثارها القانونية . وحتى تسلم الحيازة من هذا العيب وتكون مستمرة غير متقطعة ، يجب أن تتوالى أعمال السيطرة المادية على الشيء في فترات متقاربة منتظمة . فيستعمل الحائز الشيء من وقت إلى آخر كلما تقوم الحاجة إلى استعماله ، كما يستعمل المالك ملكه في العادة . فإذا مضى بين العمل والآخر فترة طويلة من الزمن لا يستعمل فيها الحائز الشيء ، وكانت هذه الفترة من الطول بحيث لا يدعها المالك الحريص على الانتفاع بملكه انتفاعا كاملا تمضي دون أن يستعمل ملكه ، فإن الحيازة تكون في هذه الحالة غير مستمرة أو $ 843 $ متقطعة ، فلا تصلح أساساً لدعاوى الحيازة ولا للتملك بالتقادم ( [1490] ) . والواجب إلا ينقطع الحائز عن استعمال الشيء إلا المدة التي ينقطع فهيا المالك عادة عن استعمال ملكه ، فالحائز الذي يحوز حق الملكية إنما يتصرف في الشيء كمالك ، فيجب أن يظهر مظهر المالك في استعماله لهذا الشيء . أما إذا كان يحوز حقا آخر غير حق الملكية ، كحق الانتفاع أو حق الارتفاق أو حق رهن الحيازة أو حق المستأجر ، فالواجب إلا ينقطع عن استعمال الحق الذي يحوزه كما لو كان فعلا صاحب هذا الحق .
وليس من الضروري ، بطبيعة الحال ، أن يستعمل الحائز الحق في كل وقت بغير انقطاع حتى تكون الحيازة مستمرة ، فإن هذا أمر غير عملي ويكاد يكون مستحيلا ، بل يكفي كما قدمنا أن يستعمل الحائز الحق على فترات متقاربة منتظمة كما يفعل صاحب الحق نفسه ( [1491] ) .
27 - انتظام الاستعمال يختلف باختلاف طبيعة الشيء : والبت فيما إذا كان استعمال الشيء منتظما ، بحيث تعتبر الحيازة مستمرة ، يتوقف على طبيعة الشيء . فهناك أشياء تقتضي طبيعتها أن تستعمل على فترات متقاربة جدا ، وأخرى تقتضي طبيعتها أن تستعمل في وقت معين ثم تترك بعد ذلك دون استعمال . فإذا حاز شخص حق السكنى مثلا ، فحتى تكون الحيازة مستمرة يجب أن يسكن المنزل ، وألا ينقطع عن سكناه إلا عند سفر أو لقضاء بعض الوقت في مصيف أو مشتى أو نحو ذلك . وإذا حاز شخص حق إرتفاق بالمرور ، وجب ، حتى تكون الحيازة مستمرة في القانون المصري ، أن يمر من الطريق الذي يستعمل فيه هذا الحق في الأوقات المألوف المرور فيها وبالقدر الذي يقتضيه الانتفاع بالعقار المرتفق . وإذا حاز شخص أرضا زراعية من الأراضي التي تروي بالحياض ، كان عليه ، حتى تكون حيازته مستمرة ، أن $ 844 $ يزرع الأرض في أثناء الفيضان ، ولا يعتبر انقطاعه عن راعتها في غير هذا الوقت إخلالاً باستمرار حيازته ، لأن طبيعة ري الأرض تقتضي هذا الانقطاع . وإذا حاز شخص مرعى لرعي المواشي ، فإن انتفاعه بالأرض يكون مقصورا على الرعي ، وهذا يقتضي أن يستعمل الأرض في أوقات معينة هي أوقات الرعي ، وأن ينقطع عن استعمالها في غير هذه الأوقات ، ولا يعتبر هذا الانقطاع إخلالاً بالاستمرار في حيازته ( [1492] ) .
ولا يعتبر الكف عن استعمال الشيء بسبب قوة قاهرة ، كفيضان يغمر الأرض أو استيلاء موفت أو احتلال جيش أجنبي ، انقطاعا يخل بالاستمرار في الحيازة ( [1493] ) .
276 – عدم الاستمرار وغير ذلك من عيوب الحيازة من مسائل الواقع التي لا تخعض لرقابة محكمة النقض : وتقدير ما إذا كانت الحيازة غير مستمرة ، أو ما إذا كان يشوبها عيب آخر من عيوب الحيازة ، يترك لقاضي الموضوع يقضي فيه دون معقب عليه من محكمة النقض . وهذا ما ذهب إليه الفقه والقضاء في فرنسا ، فقاضي الموضوع وحده هو الذي يقدر ما إذا كانت الحيازة قد استوقت جميع الشروط الواجبة ( [1494] ) .
$ 845 $
ويترتب على ذلك أن قاضي الموضوع ليس عليه أن يستقصى عيوب الحيازة عيبا عيبا ليستبعد كل عيب منها ، وبحسبه أن يقرر بوجه عام أن الحيازة قد توافرت شروطها وإنها لذلك تكون صالحة لكسب الملكية بالتقادم ( [1495] ) . على أنه إذا تمسك الخصم بان الحيازة يشوبها عيب معين ، كان على محكمة الموضوع أن تبت فيما إذا كان هذا العيب موجوداً أو غير موجود وأن تبنى قضاءها في ذلك على أسباب سائغة ، ولمحكمة النقض أن تنقض حكمها لقصور في التسبيب .
277 – عيب عدم استمرار الحيازة عيب مطلق – لكل ذي مصلحة أن يتمسك به – زوال هذا العيب : وإذا تبين أن الحيازة غير مستمرة ، فإن هذا عيب يشوبها ويجعلها غير صالحة لأن تنتج آثارها كما سبق القول ، فلا تجوز حمايتها بدعاوى الحيازة ولا تؤدي إلى التملك بالتقادم . وهذا لاعيب ، بخلاف عيوب الحيازة الأخرى ، عيب مطلق ( vice absolu ) ، لكل ذي مصلحة أن يتمسك به . ذلك بأن الحيازة تكون في ذاتها غير مستمرة بالنسبة إلى الناس كافة ، فلكل ذي مصلحة أن يتمسك بعدم استمرارها لأنها غير $ 846 $ مستمرة بالنسبة إليه كما هي غير مستمرة بالنسبة إلى غيره ، فلا يحتج بها عليه ( [1496] ) . أما عيوب الحيازة الأخرى فهي عيوب نسبية ( vices relatifs ) وسنرى أن الحيازة الخفية لا يكون لها أثر قبل من أخفيت عنه الحيازة وحده ، وأن الحيازة التي يشوبها الإكراه لا يكون لها أثر قبل من وقع عليه الإكراه ، وأن الحيازة التي يشوبها اللبس لا يكون لها أثر قبل من التبس عليه أمرها ( [1497] ) .
ولكن عيب عدم استمرار الحيازة يزول مع ذلك إذا هي تحولت إلى حيازة مستمرة على النحو الذي بسطناه فيما تقدم . فعند ذلك تكون الحيازة خالية من هذا العيب ، وتنتج آثارها ولكن من الوقت الذي يزول فيه العيب وتصبح الحيازة مستمرة .
278 – التمييز بين عدم استمرار الحيازة أو تقطعها وبين انقطاع التقادم : والحيازة غير المستمرة هي الحيازة المتقطعة كما سبق القول ، وقد تشتبه الحيازة المتقطعة ( possession diseontinue ) بالتقادم المنقطع ( prescription interrompue ) . ففي كليها تنقطع الحيازة ولا يصبح ما سبق منها أساساً للتقادم ، حتى إذا عادت الحيازة مستمرة صلحت أن تكون أساسا للتقادم ما لم ينطقع التقادم بسبب من أسباب الانقطاع . وسنرى فيما يلي أن التقادم المكسب ينقطع انقطاعاً طبيعيا " إذا تخلى الحائز عن الحيازة أو فقدها ولو بفعل الغير . غير أن التقادم لا ينقطع بفقد الحيازة إذا استردها الحائز خلال سنة أو رفع دعوى باستردادها في هذا الميعاد " ( م 975 مدني ) . هذا إلى أن التقادم المكسب ينقطع أيضاً انقطاعا حكميا بالمطالبة القضائية وما في حكمها ، وبإقرار الحائز بحق صاحب الحق ( م 383 – 384 مدني ) .
ويتبين من ذلك أن أسباب انقطاع التقادم تختلف عن سبب تقطع الحيازة فالتقادم ينقطع انقطاعا حكميا بالمطالبة القضائية وما في حكمها ، ومع ذلك تبقى الحيازة مستمرة غير متقطعة . أما إذا اقر الحائز بحق صاحب الحق فإن التقادم ينقطع ، وكذلك الحيازة تنقلب من حيازة أصيلة إلى حيازة عرضية . $ 847 $ فإذا انقطع التقادم انقطاعا طبيعيا بتخلي الحائز عن الحيازة أو بفقده إياها ولو بفعل الغير ، فهنا يشتبه انقطاع التقادم بتقطع الحيازة اشتباها كبيراً . ولكن حتى في هذا الفرض توجد فروق ملحوظة بين انقطاع التقادم وتقطع الحيازة . فانقطاع التقادم في هذا الفرض يقع عادة بفعل الغير بان ينتزع شخص من الحائز حيازته ولا يستردها الحائز في خلال سنة ، أما تقطع الحيازة فيكون بفعل الحائز نفسه بان ينقطع عن استعمال الحق إلا في فترات متباعدة غير منتظمة على خلاف المألوف لاستعمال صاحب الحق حقه . وحتى لو انقطع التقادم بفقد الحائز للحيازة أو بتخليه عنها طوعا ، فإن هذا الانقطاع يفترض وجود حيازة سابقة مستمرة غير منقطعة على الوجه الذي سبق بيانه ، وعلى ذلك ينقطع التقادم دون أن تتقطع الحيازة .
وينقطع التقادم دون أن تتقطع الحيازة ، لا في الفرض المتقدم فحسب ، بل أيضاً عندما ينقطع التقادم انقطاعا حكميا بالمطالبة القضائية وما في حكمها وباقرار الحائز بحق صاحب الحق . ففي هذه الأحوال ينقطع التقادم ولا تحسب مدة الحيازة التي سبقت هذا الانقطاع ، ولكن الحيازة تبقى مستمرة غير متقطعة في حالة انقطاع التقادم بالمطالبة القضائية وما في حكمها ، وتبقى أيضاً مستمرة غير متقطعة في حالة انقطاع التقادم بقرار الحائز بحق صاحب الحق ولكنها تفقد عنصر القصد فيصبح الحائز حائزا لحساب غيره .
وعلى العكس من ذلك قد تتقطع الحيازة دون أن ينقطع التقادم ، ويتحقق هذا القرض إذا بقى التقادم مستمرا دون أن ينقطع بسبب من أسباب انقطاعه ، ولكن الحائز مع ذلك يستعمل الحق في فترات متباعدة غير منتظمة مما يجعل الحيازة متقطعة على النحو السالف ذكره . ويلاحظ في هذه الحالة أنه لا تكون هناك ثمة حاجة لقطع التقادم ، لأن الحيازة نفسها تكون متقطعة فلا تصلح أساساً للتقادم ( [1498] ) .
ويختلف انقطاع التقادم عن تقطع الحيازة من ناحية عبء الإثبات . ففيما يتعلق بانقطاع التقادم يكون المفروض أن التقادم لم ينقطع ، وعلى من 848 يدعى انقطاعه أن يثبت ذلك ، فلا يقع عبء الإثبات على الحائز . أما فيما يتعلق بتقطع الحيازة ، فإن عبء الإثبات يقع على الحائز ، وعليه أن يثبت أن حيازته مستمرة غير متقطعة ( [1499] ) .
ثم إن عيب تقطع الحيازة عيب مطلق كما قدمنا ( [1500] ) ، فلكل ذي مصلحة أن يتمسك به . أما في اقنطاع التقادم فيجب التمييز بين ما إذا كان هذا الانقطاع قد وقع بسبب المطالبة القضائية وما في حكمها فيكون الانقطاع غير مطلق ولا ينقطع التقادم إلا لمصلحة من قام بالمطالبة القضائية وما في حكمها ، وبين ما إذا كان الانقطاع قد وقع بسبب التخلي عن الحيازة أو فقدها فيكون الانقطاع مطلقا ولكل ذي مصلحة أن يتمسك به ، أو وقع بسبب إقرار الحائز بحق صاحب الحق فتنقلب الحيازة كما قدمنا إلى حيازة عرضية ولكل ذي مصلحة هنا أيضاً أن يتمسك بعرضية الحيازة ( [1501] ) .
279 – معنى الخفاء أو عدم العلانية : قد تكون الحيازة مستمرة على الوجه الذي اسلفناه فتخلو من عيب عدم الاستمرار أو التقطع ، ولكن مع ذلك يشوبها عيب الخفاء أو عدم العلانية . فالحيازة يجب أن تكون علنية غير خفية ، يباشرها الحائز على مشهد من الناس ، أو في القليل من مشهد من المالك أو صاحب الحق الذي يستعمله الحائز . فإذا أخفاها الحائز عن المالك أو صاحب الحق ، بحيث لا يشعر هذا بان حقه في حيازة غيره ، كانت الحيازة مشوبة بعيب الخفاء أو عدم العلانية ، ومن ثم لا تكون صالحة لأن تحمي بدعاوى الحيازة ولا لأن تؤدي إلى التملك بالتقادم . هذا إلى أن من يحوز حقا يجب أن يستعمله كما لو كان هو صاحب الحق ، وصاحب الحق لا يستعمله خفية بل يستعمله علنا ( [1502] ) .
$ 849 $
واخفاء حيازة المنقول سهل ميسور ، وما على الحائز إلا أن يخبء المنقول في حرز فيبعده عن اعين الناس ، كما إذا أخفى الحائز المجوهرات التي يحوزها أو الأوراق المالية أو الأمتعة أو الأثاث أو التحف الفنية أو غير ذلك من المنقولات التي يمكن اخفاؤها . أما إخفاء حيازة العقار فأمر ليس باليسير ، إذا يصعب أن يخفى الحائز حيازته لمنزل وهو يسكنه ( [1503] ) أو يؤجره ، أو يخفى حيازته لأرض زراعية وهو يقوم بزراعتها أو بايجارها ( [1504] ) . ومع ذلك يمكن أن نتصور شخصا يوسع من كهف في أسفل منزله عن طريق سرداب يحفره تحت أرض جاره ، دون أن يشعر الجار بذلك ، ودون أن يترك صاحب الكهف علامة ظاهرة تتم عن السرداب الذي حفره تحت أرض الجار . ففي هذه الحالة تكون حيازة صاحب الكهف للسرداب حيازة خفية ، لا يحتج بها على الجار لا عن طريق رفع دعاوى الحيازة ولا عن طريق التملك بالتقادم ( [1505] ) . كذلك قد يعتبر ، في رأي ، أن جور الجار على شريط صغير من أرض جاره على حدود ملكه ، وإدخال هذا الشريط في أرضه يزرعه أو يمد إليه بناءه ، دون أن يشعر الجار بذلك ودون أن تكون هناك علامة ظاهرة تتم عن مجاورة الحائز لحدود ملكه ، حيازة خفية لا تصلح أساساً لدعاوى الحيازة ولا لتملك بالتقادم ( [1506] ) . وإذا سلمنا بهذا الرأي ، فإن خفاء الحيازة لا يؤثر فيها حسن $ 850 $ نية الحائز أو سوء نيته ، فهي تبقى حيازة خفية حتى لو كان الحائز قد جار على هذا الشريط من أرض جاره بحسن نية وهو يعتقد أنه لم يجاوز حدود ملكه ( [1507] ) .
وليس من الضروري ، حتى تكون الحيازة علنية خفية ، أن يعلم بها المالك على سبيل اليقين ، بل يكفي أن تكون من الظهور بحيث يستطيع المالك أن يعلم بها . فامكان العلم ، وليس العلم ذاته ، هو الذي يجعل الحيازة علنية خالية من عيب الخفاء ( [1508] ) .
280 – عيب الخفاء أو عدم العلانية عيب نسبي لا يكون له أثر إلا قبل من أخفيت عنه الحيازة : وعيب الخفاء أو عدم العلانية ، بخلاف عيب عدم الاستمرار أو التقطع ، عيب نسبي ( vice relative ) . وفي هذا تقول المادة 949 / 2 مدني ، كما رأينا ( [1509] ) ، إنه إذا حصلت الحيازة خفية " فلا يكون لها أثر قبل من . . . أخفيت عنه الحيازة " . فالذي يحتج بخفاء الحيازة هو من أخفيت عنه وحده دون غيره ممن تكون الحيازة ظاهرة أمام عينيه . فليس من الضروري إذن أن تكون الحيازة خافية على جميع الناس حتى تكون مشوبة بعيب الخفاء ، بل يكفي أن تكون خافية على صاحب الحق الذي يحوزه الحائز حتى يستطيع هذا أن يتمسك بأنها حيازة معيبة ، ولو كانت ظاهرة أمام غيره من الناس وبعبارة أخرى يصح أن تكون الحيازة ظاهرة أمام الناس ولكنها خافية على صاحب الحق ، فيجوز لهذا الأخير أن يتمسك بخفائها ( [1510] ) . وعلى العكس من ذلك إذا كانت الحيازة ظاهرة أمام صاحب الحق ، ولكنها خافية على سائر الناس ، لم يجز لصاحب الحق أن يتمسك بخفاء الحيازة بدعوى إنها خافية عن الناس ما دامت ظاهرة له هو ( [1511] ) .
وهناك رأي يذهب إلى أن عيب الخفاء عيب مطلق ، فلا يعتد بالحيازة إلا إذا كانت ظاهرة أمام جميع الناس . فإذا خفيت على بعض الناس دون $ 851 $ بعض ، كانت الحيازة مشوبة بعيب الخفاء ، حتى لو كانت ظاهرة لصاحب الحق نفسه . فالحائز لحق يجب إني ستعمله كما يستعمله صاحب الحق نفسه ، وصاحب الحق يستعمل حقه علنا أمام جميع الناس . وإذا أمكن في دعاوى الحيازة التساهل في شرط الخفاء وعدم اشتراط أن تكون الحيازة خافية على جميع الناس والاكتفاء بان تكون خافية على صاحب الحق وحده ، ففي التملك بالتقادم لا يجوز هذا التساهل بل يجب اشتراط أن يكون الحيازة خافية على جميع الناس ، إذ أن من يريد أن يتملك حقا بالتقادم يجب أن يظهر أمام جميع الناس على أنه هو صاحب الحق ( [1512] ) ولكن هذا الرأي لمي سد ، والذي ساد هو الرأي الأول ( [1513] ) ، وقد أخذ التقنين المدني المصري صراحة بهذا الرأي الأول السائد كما سبق القول ( [1514] ) .
281 – زوال عيب الخفاء بظهور الحيازة : وكما يزوول عيب عدم استمرار الحيازة إذا هي تحولت إلى حيازة مستمرة ، كذلك يزول عيب الخفاء إذا ظهرت الحيازة واستطاع أن يعلم بها صاحب الحق . فإذا ما زال عيب الخفاء على هذا النحو ، أصبحت الحيازة صالحة لأن تنتج آثارها ، وبخاصة أصبح من الجائز أن تحمي بدعاوى الحيازة وأن تؤدي إلى التملك بالتقادم ، ولكن من الوقت الذي يزول فيه عيب الخفاء . وتقضي المادة 949 / 2 مدني صراحة في هذا الخصوص بأنه إذا اقترنت الحيازة " باكراه أو حصلت خفية أو كان فيها لبس فلا يكون لها أثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب " ( [1515] ) .
وعلى ذلك إذا بدأت الحيازة خفية وبقيت كذلك مدة معينة ، ثم ظهرت بعد ذلك ، فلا يعتد بالمدة التي كانت خفية في اثنائها ، ولا تكون الحيازة خالية من عيب الخفاء إلا من وقت أن ظهرت . فمن ذلك الوقت فقط يعتد بالحيازة ، وتصبح صالحة لأن تنتج آثارها ( [1516] ) .
$ 852 $
امااذا بدأت الحيازة ظاهرة ثم خفيت بعد ذلك ، فلا يعتد بها إلا في الوقت الذي كانت فيه ظاهرة ، ومذن الوقت الذي أصبحت فيه خفية لا تنتج آثارها . فإذا كانت مدة التقادم لم تكتمل في نهاية الوقت الذي ظلت فيه الحيازة ظاهرة ، فإن خفاءها بعد ذلك يقطع التقادم إذ تصبح الحيازة معيبة ، وشرط التقادم أن تكتمل مدته والحيازة قائمة خالية من العيوب .
العيب الثالث – الإكراه أو الهدوء :
282 – معنى الإكراه أو عدم الهدوء : قد تكون الحيازة مستمرة وظاهرة على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم فتخلو من عيبي عدم الاستمرار والخفاء ، ولكن مع ذلك يشوبها عيب الإكراه أو عدم الهدوء . وتكون الحيازة مشوبة بعيب الإكراه أو عدم الهدوء إذا حصل عليها صاحبها بالقوة أو بالتهديد ( [1517] ) ، وبقى محتفظا بها دون أن تنقطع القوة أو التهديد الذي حصل عليها به . فما دام الحائز قد حصل على الحيازة على هذا الوجه ، فإن حيازته تكون مشوبة بعيب الإكراه ، ما دامت القوة أو التهديد باقيا لم ينقطع ( [1518] ) . ويستوي في ذلك أن تكون القوة أو التهديد قد استعمل ضد المالك الحقيقي لانتزاع ملكه منه أو استعمل ضد حائز سابق غير مالك لانتزاع حيازته ، كما يستوي أن يكون من استعمل القوة الو التهديد هو الحائز نفسه أو أعوان له يعملون باسمه ( [1519] ) . ويستوي أخيراً أن تكون الحيازة قد انتزعت عنوة بالقوة أو التهديد ، أو أن يكون الحائز السابق قد اذعن للقوة أو التهديد فسلم العين مكرها ( [1520] ) .
ويخلص من ذلك أن الإكراه يجب أن يكون قد استعمل ابتداء للحصول على الحيازة ( [1521] ) ، وأن يكون قد بقى مستعملا لا ستبقائها دون أن ينقطع . وقد $ 853 $ كان هذا هو حكم القانون الروماني ، وبه يقول فريق من رجال الفقه في فرنسا ( [1522] ) . وعلى ذلك إذا انقطع الإكراه وبقى الحائز بعد انقطاعه مستمرا في حيازته ، فإن الحيازة تصبح هادئة خالية من عيب الإكراه ، ومن ثم تصبح صالحة لإنتاج آثارها ، حتى لو اضطر الحائز بعد ذلك وقد رأى حيازته عادت مهددة أن يدفع القوة بالقوة ، ما دامت الحيازة لم تنتزع منه فينقطع بانتزاعها التقادم . وهذا هو الرأي الذي أخذت به ضمنا محكمة النقض في مصر ، عندما قضت بان التعدي الذي يقع في أثناء حيازة بدأت هادئة ، ويمنعه الحائز ، لا يشوب الحيازة التي تظل هادئة بالرغم من ذلك ( [1523] ) .
ولكن القضاء الفرنسي وفريقا آخر من رجال الفقه في فرنسا يذهبون إلى أنه لا يكفي أن ينقطع الإكراه الذي حصل به الحائز على الحيازة ابتداء ، حتى تكون الحيازة خالية من عيب الإكراه . بل يجب فوق ذلك أن تستمر الحيازة هادئة ( paisible ) طوال المدة التي تبقى فيها ، فإذا كانت مهددة يعكر صفاءها أن يكون صاحبها مضطرا في أي وقت للدفاع عنها بالقوة ، فإنها تكون حيازة غير هادئة يشوبها عيب الإكراه ، ولا تصلح الآن تنتج آثارها القانونية . كذلك تكون الحيازة غير هادئة يشوبها عيب الإكراه ، حتى لو حصل عليها صاحبها ابتداء بغير القوة أو التهديد ، ولكنه بعد ذلك أصبح مهددا في حيازته بحيث يعكر صفاء هذه الحيازة احتمال انتزاعها منه عنوة واضطراره في أي وقت لأن يواجه هذا الاحتمال ولأن يدفع القوة بالقوة ( [1524] ) . $ 854 $ ولكن أصحاب هذا الرأي يقتربون كثيرا من الرأي الأول بإدخال تحفظين على رأيهم : ( 1 ) فعندهم أنه لا يعكر من صوف الحيازة ولا يجعلها مشوبة بعيب الإكراه أن يضطر الدائن ، في أثناء حيازته ، إلى الإكراه السلبي ( violence passive ) ، فيتحمل العنف الصادر من الغير ويستبقى الحيازة مع ذلك دون أن يدفع هذا العنف بالقوة . وحجتهم في ذلك أنه لا يجوز التسليم بأن عملا يصدر من الغير لا يتحمل الحائز تبعته ، ويكون من شأن هذا العمل أن يجعل الحيازة معيبة . ( 2 ) وحتى لو اضطر الحائز إلى الإكراه الايجابي ( violence aetive ) ودفع عن حيازته القوة بالقوة ، فإن أعمال الإكراه الصادرة من الغير لا يكون من شأنها أن تعيب الحيازة إذا كانت إعمالاً قد ارتكبت من بعيد ( de loin en loin ) . فهذا التحفظان يؤديان إلى القول بان أعمال العنف الواقعة على الحيازة بعد استقرارها ، سواء قومت مقاومة سلبية أو قوومت مقاومة ايجابية ، لا يكون من شأنها أن تشوب الحيازة بعيب الإكراه ، فالإكراه إذن لا يعتد به إلا إذا كان الحائز نفسه هو الذي ارتكبه للحصول على الحيازة ابتداء ( [1525] ) .
283 – عيب الإكراه أو عدم الهدوء عيب نسبي لا يكون له أثر إلا قبل من وقع عليه الإكراه : وعيب الإكراه أو عدم الهدوء ، كعيب الخفاء أو عدم العلانية ، وبخلاف عيب عدم الاستمرار أو التقطع ، عيب نسبي ( vice relative ) وتقول ذلك صراحة المادة 949 / 2 مدني فيما رأينا ( [1526] ) . فإذا انتزع شخص من آخر حيازة عين بالإكراه ، كانت حيازة $ 855 $ منتزع الحيازة مشوبة بعيب الإكراه بالنسبة إلى الشخص الآخر الذي انتزعت منه الحيازة وحده . وبالنسبة إلى هذا الشخص الآخر وحده ، لا يستطيع منتزع الحيازة أن يحتج بحيازته للتملك بالتقادم إلا إذا انقطع الإكراه ومن وقت انقطاعه . وكذلك لا يستطيع أن يلجأ إلى دعاوى الحيازة إلا إذا انقطع الإكراه كذلك . وحتى لو انقطع الإكراه فإن من انتزعت منه الحيازة يستطيع أن يستردها في خلال السنة التالية لانتزاعها منه طبقا لقواعد دعوى استرداد الحيازة التي سيأتي بيانها .
فإذا كان الشخص الذي انتزعت منه الحيازة ليس هو المالك ، لم يجز للمالك إني حتج على منتزع الحيازة بعيب الإكراه ، لأن المالك ليس هو الذي وقع عليه الإكراه ، وعيب الإكراه كما قدمنا عيب نسبي لا يحتج به إلا من وقع عليه الإكراه . وعلى ذلك يجوز لمنتزع الحيازة في هذه الحالة أن يحتج بحيازته على المالك باعتبارها خالية من عيب الإكراه ، فيحمي هذه الحيازة منه بدعاوى الحيازة كما يستطيع أن يتملك ضده بالتقادم ( [1527] ) .
284 – زوال عيب الإكراه بانقطاع الإكراه : وكما يزول عيب عدم استمرار الحيازة إذا هي تحولت إلى حيازة مستمرة ، ويزول عيب الخفاء بظهور الحيازة ، كذلك يزول عيب الإكراه بانقطاع الإكراه . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 949 / 2 مدني ، إذ تقضي كما رأينا ( [1528] ) بأنه إذا اقترنت الحيازة باكراه لم يكن لها أثر قبل من وقع عليه الإكراه إلا من الوقت الذي يزول فيه هذا العيب . وزوال العيب هنا يكون بانقطاع الإكراه .
$ 856 $
فإذا انتزع شخص حيازة عين بالإكراه ، كانت حيازته مشوبة بعيب الإكراه ما دام الإكراه قائماً وما دام الحائز مستبقيا العين في حيازته بالإكراه . فإذا ما انقطع الإكراه ، واستقرت الحيازة لمنتزعها ، فإن عيب الإكراه يزول . فيجوز لمنتزع الحيازة بعد زوال الإكراه أن يحمي حيازته بدعاوى الحيازة وأن يتملك بالتقادم ، بالنسبة إلى الشخص الذي انتزع منه الحيازة وبالنسبة إلى أي شخص آخر ولو كان هو المالك الحقيقي للعين ( [1529] ) .
ويلاحظ مع ذلك أن الشخص الذي انتزعت منه الحيازة بالإكراه له أن يستردها في خلال سنة من وقت انتزاعها منه بدعوة استرداد الحيازة ( [1530] ) ، وفقا للقواعد المقررة في هذه الدعوى والتي سيأتي بيانها .
العيب الرابع – الغموض أو اللبس :
285 – معنى الغموض أو اللبس : قد تكون الحيازة مستمرة وظاهرة وهادئة على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ، فتخلو من عيوب عدم الاستمرار والخفاء والإكراه ، ولكن مع ذلك يشوبها عيب الغموض أو اللبس . وتكون الحيازة مشوبة بعيب الغموض أو اللبس إذا هي اشتبه أمرها فيما يتعلق بعنصر القصد ، أحد عنصري الحيازة المتقدم ذكرهما . ويشتبه أمر الحيازة فيما يتعلق بعنصر القصد إذا احتملت معنيين ، معنى أن الحائز يحوز لحساب نفسه خاصة ومعنى أنه يحوز لحساب غيره أو لحساب نفسه وحساب غيره معاً .
$ 857 $
وهناك مثلان يقدمان عادة للحيازة التي يشوبها عيب الغموض أو اللبس ( [1531] ) : ( المثل الأول ) شخص يموت ويوجد في منزله أشياء – كمجوهرات أو اثاث أو أوراق مالية أو منقولات أخرى – تكون في حيازة زوجته ، أو وارث يعيش معه ، أو رفيقة يعاشرها ، أو خادم ، أو أحد من اتباعه ممن يعيشون معه . فالمعاشرة وحدها قد لا تكفي لتعييب الحيازة ، ولكنها قد تشوب الحيازة بعيب الغموض إذا التبس الأمر وكانت حيازة أحد من هؤلاء ممن كانوا يعيشون مع الميت تحتمل أن تكون حيازة لحساب نفسه أو أن تكون حيازة لحساب الميت بحكم المعاشرة . فإذا احتج الحائز بهذه الحيازة ، أمكن القول إنها حيازة مشوبة بعيب الغموض أو اللبس ، ومن ثم لا تنتج آثارها . ( المثل الثاني ) أن تكون هناك عين شائعة ، فيحوزها أحد الشركاء في الشيوع . وقد يتمسك هذا الشريك بأنه قد حاز العين لحساب نفسه خاصة ، ولكن أعمال الحيازة المادية التي يأتيها في العين تكون من قبيل الأعمال التي يأتيها الشريك في الشيوع ، وأعمال الشريك في الشيوع هي نفس أعمال المالك ملكية مفرزة ، ولكن يأتيها الشريك بنيه أنه يوجد غيره معه يشاركه في الملك . فهنا يقدم اللبس في حيازة الشريك في الشيوع للعين الشائعة إذا تمسك بأنه يحوز العين لحسابه خاصة ، إذ هي حيازة تحتمل هذا المعنى كما تحتمل معنى أن الشريك يحوز لحساب نفسه ولحساب غيره من الشركاء في الشيوع ( [1532] ) . $ 858 $ فتكون الحيازة في هذه الحالة مشوبة بعيب الغموض أو اللبس ، ومن ثم لا تنتج آثارها ( [1533] ) .
ونرى من ذلك أن عيب الغموض أو اللبس ينصب على عنصر القصد في الحيازة كما سبق القول ، ولا يختلط بغيره من العيوب الأخرى للحيازة . ولكن هناك رأي يذهب إلى أن عيب الغموض ليس بعيب مستقل ، بل هو يختلط بالعيوب الأخرى . إذ هو في هذا الرأي يتناول ما تقدم ، ويشمل أيضاً أن يكون خلو الحيازة من العيوب الأخرى ، عيب عدم الاستمرار وعيب الخفاء وعيب الإكراه ، غير ثابت ثبوتا تاما ، بل إن فيه شيئا من اللبس ، فتكون الحيازة مشوبة بعيب الغموض ( [1534] ) . ولكن بحسن الوقوف عند الرأي $ 859 $ الأول ، والقول بأن عيب الغموض عيب مستقل ، وبأنه ينصب على عنصر القصد وحده ، ولا يختلط بالعيوب الأخرى للحيازة . أما الرأي الآخر فيخلط بين خلو الحيازة من العيوب وبين درجة إثبات خلوها منها ، فإن كان هذا الخلو ثابتا ثبوتا تاما لم تكن الحيازة مشوبة بعيب الغموض ، أما إذا لم يكن ثابتا ثبوتا تاما فإنها تكون مشوبة بهذا العيب . وهذا لا يجعل لعيب الغموض معنى ، وإذا أخذنا به كان الأولى عدم ذكر الغموض كعيب في الحيازة ، والاقتصار على القول بأن خلو الحيازة من العيوب يجب أن يكون ثابتا ثبوتا تاما . ومثل هذا القول لا وزن له ، إذ أنه من البديهي ، إذا اشترط القانون خلو الحيازة من العيوب ، أن يكون هذا الخلو ثابتا ثبوتا تاما ، شأنه في ذلك شأن أي أمر آخر يتمسك به الخصم ويكون عليه عبء إثباته ( [1535] ) .
286 – عيب الغموض أو اللبس عيب نسبي لا يكون له أثر إلا قبل من التبس عليه الأمر : وعيب الغموض أو اللبس ، كعيب الخفاء وعيب الإكراه ، وبخلاف عيب عدم الاستمرار ، عيب نسبي ( vice relative ) وتقول ذلك صراحة المادة 949 / 2 فيما رأينا ( [1536] ) ، فلا يكون له أثر إلا قبل من التبس عليه أمر الحيازة من حيث عنصر القصد .
ففي المثل الذي قدمناه عن الحيازة الغامضة عند الزوجة والوارث والخادم والتابع ممن كانوا يعيشون مع الميت في مسكن واحد ، لا يكون لعيب الغموض من أثر إلا قبل ورثة الميت الآخرين ، فلا يحتج عليهم بهذه الحيازة الغامضة ، ولكن يحتج بها على غير ورثة الميت . وفي المثل الآخر ، وهو الحيازة الغامضة عند الشريك في الشيوع ، لا يكون لعيب الغموض من أثر إلا قبل الشركاء الآخرين في الشيوع ، فلا يحتج عليهم بهذه الحيازة الغامضة ( [1537] ) ، ولكن $ 860 $ يحتج بها على غير هؤلاء الشركاء ( [1538] ) .
287 – زوال عيب الغموض بانتفاء اللبس : وكما يزول عيب عدم استمرار الحيازة إذا هي تحولت إلى حيازة مستمرة ، ويزول عيب الخفاء بظهور الحيازة ، ويزول عيب الإكراه بانقطاع الإكراه ، كذلك يزول عيب الغموض بانتفاء اللبس ، ومن وقت هذا الانتفاء . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 949 / 2 مدني ، إذا تقضي كما رأينا ( [1539] ) بأنه إذا شاب الحيازة لبس أو غموض لم يكن لها أثر قبل من التبس عليه أمرها إلا من وقت أن يزول هذا العيب وينتفي اللبس أو الغموض .
فإذا كانت حيازة الوارث أو من يعيش مع الميت حيازة غامضة ، أو كانت حيازة الشريك في الشيوع حيازة غامضة ، ظلت الحيازة في كل من الحالتين على غموضها ، إلى أن ينتفي اللبس ، ويزول الغموض وينتفي اللبس ويزول الغموض ، إذا عمد الحائز الذي يشوب حيازته الغموض إلى التصرف في العين تصرفا يظهر بجلاء وفي غير لبس أو غموض أنه إنما يحوز العين لحساب نفسه خاصة ، وأنه أصبح واضحاً أنه لا يحوزها لحساب غيره أو لحساب نفسه وغيره معاً .
ولا يشترط في ذلك تغيير صفة الحيازة بأحد السببين اللذين تتغير بهما صفة الحيازة العرضية فتتحول إلى حيازة أصيلة ، وهما فعل من الغير أو فعل يصدر من الحائز يعارض به حق المالك ( [1540] ) ، فإن الحيازة الغامضة غير الحيازة العرضية ، والمقصود هو إزالة الغموض لا تحويل حيازة عرضية إلى حيازة $ 860 $ أصيلة ( [1541] ) . لذلك يكفي في زوال عيب الغموض أو اللبس أن يكون تصرف الحائز بحيث يستخلص منه في وضوح أنه إنما يحوز لحساب نفسه خاصة ولا يحوز لحساب غيره . فيستأثر مثلا من كان يعيش مع الميت بما في حيازته من المنقولات ، بأن يعلن إنها له وحده وليس للميت أي حق فيها ، أو أن يقرر في قائمة الجرد أن هذه المنقولات هي ملكه ويجب استبعادها من قائمة الجرد . ويستقل حائز العين الشائعة بحيازتها فلا يشاركه في هذه الحيازة أحد غيره من الشركاء ، وإذا حاول شريك أن يفعل منعه من ذلك . فهنا يظهر في غير لبس ولا غموض أن الحائز يحوز لحساب نفسه خاصة ، ويزول بذلك عيب الغموض أو اللبس ، وتصبح الحيازة صالحة لانتاج آثارها . ولكن يجب أن تصدر من الحائز أعمال ظاهرة صريحة في أنه إنما يحوز لحساب نفسه خاصة ، وتتعارض هذه الأعمال مع أية حيازة أخرى يمكن أن تخالط حيازته ( [1542] ) .
3 - الحيازة بحسن نية الحيازة بسوء نية
( Possession de bonne foi et possession de mauvaise foi )
288 – نصوص قانونية : تنص المادة 965 مدني على ما يأتي :
" 1 - يعد حسن النية من يجوز الحق وهو يجهل أنه يعتدي على حق الغير ، إلا إذا كان هذا الحق ناشئا عن خطأ جسيم " .
" 2 - فإذا كان الحائز شخصا معنويا فالعبرة بنية من يمثله " .
" 3 - وحسن النية يفترض دائما ، ما لم يقم الدليل على العكس " .
وتنص المادة 966 مدني على ما يأتي :
" 1 - لا تزول صفة حسن النية لدى الحائز إلا من الوقت الذى يصبح فيه عالما أن حيازته اعتداء على حق الغير " .
" 2 - ويزول حسن النية من وقت إعلان الحائز بعيوب حيازته فى صحيفة الدعوى ، ويعد سيئ النية من اغتصب بالإكراه الحيازة من غيره " .
$ 862 $
وتنص المادة 967 مدني على ما يأتي :
" تبقى الحيازة محتفظة بالصفة التى بدأت بها وقت كسبها ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك " ( [1543] ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام كان معمولا بها دون نص .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى ( [1544] ) : في التقنين المدني السوري $ 863 $ لا مقابل – وفي التقنين المدني الليبي م 969 – 971 – وفي التقنين المدني العراقي م 1148 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
ويخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن الحيازة قد تكون بحسن نية أو بسوء نية . ونبحث ، في صدد هذه النصوص وتمييزها بين حسن النية وسوء النية في الحيازة ، المسائل الآتية : ( 1 ) أهمية التمييز بين حسن النية وسوء النية في الحيازة . ( 2 ) متى يعتبر الحائز حسن النية . ( 3 ) حسن النية يفترض دائماً . ( 4 ) متى يعتبر الحائز سيء النية . ( 5 ) إثبات سوء النية في الحيازة . ( 6 ) متى يعتبر الحائز سيء النية ولو كان يعتقد أن له حقا في الحيازة . ( 7 ) احتفاظ الحيازة بصفتها حتى يقوم الدليل على العكس . ( 8 ) صفة الحيازة بعد انتقالها إلى خلف عام أو إلى خلف خاص .
289 – أهمية التمييز بين حسن النية وسوء النية في الحيازة : ليس للتمييز بين حسن النية وسوء النية في الحيازة أهمية في دعاوى الحيازة ، إذ يستوي في الالتجاء إليها أن يكون الحائز حسن النية أو سىء النية . ولكن هذا التمييز له أهمية بالغة في أحوال الخرى ، نذكر منها خاصة ما يأتي :
( 1 ) عند استرداد الحائز من المالك المصروفات النافعة التي يكون قد انفقها على العني ، يختلف الحكم فيما إذا كان الحائز حسن النية عما إذا كان سيء النية ( م 980 / 2 مدني ) وسنرى تفصيل ذلك فيما سيأتي ( [1545] ) .
( 2 ) في مسئولية الحائز عن هلاك العين التي كانت في حيازته ، يجب التمييز بين الحائز حسن النية والحائز سيء النية ، فإن حكم أحدهما يختلف عن حكم الآخر ( م 983 – 984 مدني ) . وسنبين ذلك تفصلا فيما سيأتي ( [1546] ) .
( 3 ) في اعتبار الحيازة سببا للتملك ، يختلف حكم الحيازة بحسن نية اختلافا بينا عن حكم الحيازة بسوء نية . ويظهر ذلك فيما يأتي :
( أ ) إذا كان الحائز سيء النية ، فإنه لا يتملك بالتقادم ، كلا من العقار والمنقول ، إلا بانقضاء خمس عشرة سنة ، وهذا هو التقادم الطويل ( [1547] ) .
( ب ) إذا كان الحائز حسن النية ، فإنه يتملك العقار بالتقادم القصير أي بخمس سنوات إذا أكان لديه سبب صحيح كما سيأتي ( [1548] ) .
( ج ) وكذلك ، إذا كان حسن النية ، يتملك المنقول في الحال بمجرد الحيازة ، إذا كان لديه سبب صحيح ، كما سيأتي ( [1549] ) .
$ 864 $
( د ) ويتملك أخيرا ، إذا كان حسن النية ، الثمار بمجرد قبضها ، وسيأتي بيان ذلك ( [1550] ) .
290 – متى يعتبر الحائز حسن النية : رأينا ( [1551] ) أن الفقرة الأولى عن المادة 965 مدني تنص على أنه " يعد حسن النية من يجوز الحق وهو يجهل أنه يعتدي على حق الغير ، إلا إذا كان الجهل ناشا عن خطأ جسيم " . ويؤخذ من هذا النص أن الحائز لحق ، حق ملكية أو حق انتفاع أو حق إرتفاق أو حق رهن حيازة أو حق مستأجر أو غير ذلك من الحقوق ، يعتبر حسن النية إذا كان يعتقد أن حيازته لهذا الحق لا تنطوي على اعتداء على حق للغير . وأقرب تطبيق لذلك هو أن يكون الحائز لحق الملكية يعتقد أنه هو المالك فيكون حسن النية في حيازته لحق الملكية سواء كان هو المالك فعلا أو لم يكن ، وأن يكون الحائز لحق غير حق الملكية يعتقد أنه هو المالك فيكون حسن النية في حيازته لحق الملكية سواء كان هو المالك فعلا أو لم يكن . فإذا اشترى شخص مثلا عينا من شخص آخر معتقدا أنه هو المالك ، وتسلم العين من البائع ، فإنه يجوز حق الملكية ، ويكون في حيازته إياه حسن النية ما دام يعتقد أنه قد اشترى من المالك ، وذلك سواء كان البائع مالكا حقيقة أو لم يكن . ويصح ، بدلا من أن يشترى العين ، أن يرثها أو أن يوصى له بها أو أن توقب له أو أن يأخذها بالشفعة ، ففي جميع هذه الأحوال إذا تسلم العين فإنه يعتبر حائزا لحق الملكية بحسن نية ما دام يعتقد أن المورث أو الموصي أو الواهب أو البائع للمشترى الذي أخذ منه العين بالشفعة هو المالك ، سواء كان مالكا حقا أو غير مالك . وكذلك إذا تعاقد مع شخص على ترتيب حق إرتفاق لمصلحة عقاره على عقار مملوك لهذا الشخص ، أو ارتهن منه مالا رهن حيازة ، أو استأجر منه عينا ، فإنه يحوز حق الارتفاق أو حق رهن الحيازة أو حق المستأجر ، ويعتبر حائزا حسن النية ما دام يعتقد أن الشخص الذي تعامل معه يملك نقل الحق إليه ، سواء كان هذا الشخص يملك فعلا نقل الحق إليه أو لا يملك .
وهذا هو أقرب تطبيق لعبارة " يحوز الحق وهو يجهل أنه يتعدىعلى حق الغير " كما قدمنا ، فما دام الشخص الذي يحوز الحق يعتقد أن هذا الحق له ، $ 865 $ فلا شك في أنه " يجهل أنه يعتدي على حق الغير " . ولكن هذه العبارة أوسع من التطبيقات التي قدمناها ، فقد يجهل الحائز أنه يعتدي على حق الغير ، ولكنه مع ذلك يعلم أن الحق الذي يحوزه ليس له . وأقرب مثل لذلك نجده في الإستيلاء ، فقد يعتقد شخص أن منقولا معينا ليس مالا مباحا بل هو مملوك لشخص آخر ، فإن الحائز للمنقول يكون جاهلا أنه في حيازته لهذا المنقول يعتدي على حق الغير ، ولكنه مع ذلك يعرف عند حيازته إياه أنه غير مملوك له . ففي هذه الحالة أيضا يكون حائزا للمنقول وهو حسن النية ، ما دام لا يعلم أن المنقول مملوك لأحد . ومن هنا نرى أنه ليس من الضرورى ، في جهل الحائز أنه يعتدي على حق الغير ، أن يعتقد أ الحق الذي يحوزه هو حق مملوك له . والمهم ، في حسن نية الحائز ، أنه يجهل أنه يعتدي على حق الغير . وليس من الضرورى أن يعتقد أن الحق مملوك له .
ومتى جهل الحائز أنه يعتدي على حق الغير ، فإنه يعتبر في الأصل حائزا حسن النية . ومع ذلك قد يكون ، في جهله أنه يعتدي على حق الغير ، ارتكب خطأ جسميا . فقد يكون ، في شرائه العين من غير مالك مثلا ، في استطاعته أن يعلم بحقيقة الأمر لو أنه بذل أقل جهد في التحري عنه . ومع ذلك يقدم على الشراء في رعونة ودون مبالاة ، فإذا حاز العين التي اشتراها من غير المالك ، فإنه يكون قد ارتكب خطأ جسميا في جهله أنه بحيازته هذه يعتدي على حق الغير . ذلك بأن الخطأ الجسيم يلحق بسوء النية ، فسوء النية أمر عسير الإثبات إذ هو يتعلق بالنوايا الخفية ، فيؤخذ الخطأ الجسيم قرينة على وتكون القرينة هنا غير قابلة لإثبات العكس ( [1552] ) . $ 866 $ وإذا كان الحائز شخصا معنويا كجمعية أو شركة ، فلما كان لا يمكن أن يكون للشخص المعنوى نية كالشخص الطبيعي ، فقد جعل القانون العبرة بنية هذا الشخص الطبيعي حسنة على الوجه المبين فيما قدمناه ، كان الشخص المعنوى نفسة حسن النية ، و إلا فهو سيء النية . وتنص الفقرة الثالثة من المادة 965 مدني ، كما رأينا ( [1553] ) ، في هذا الصدد على ما يأتي : " فإذا كان الحائز شخصا معنويا ، فالعبرة بنية من يمثله " .
ويخلص من ذلك أن الحائز يكون حسن النية إذا لم يعلم ، وكان لا يستطيع أن يعلم ، أنه في حيازته هذه قد اعتدى على حق الغير .
291 – حسن النية يقترض دائما : ولا يطلب من الحائز أن يثبت حسن نيته ، فالمفروض أصلا أنه حسن النية ، إلى أن يثبت خصمه العكس . وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 965 مدني ، كما رأينا ( [1554] ) ، على ما يأتي : " وحسن النية يفترض دائما ، ما لم يقيم الدليل على العكس " .
والسبب في افتراض حسن النية في الحائز أن المشاهد في أغلب الأحيان أن الشخص الذي يحوز شيئا يكون هو المالك له ، والذي يستعمل حقا غير حق الملكية يكون هو صاحب هذا الحق . فافترض القانون حسن النية في الحائز ، أخذا بالغالب الراجح . وذلك إلى أن يثبت من يدعى أن الحائز سيء النية سوء نيته ، فيحمل هذا المدعى عبء إثبات سوء النية . مثل ذلك أن يرفع $ 867 $ المالك الحقيقي على الحائز دعوى الاستحقاق مطالبا إياه برد العين وبالثمار التي قبضها ، فيتمسك الحائز بأنه تملك الثمار بقبضها لأنه كان حسن النية في حيازته . ففي هذه الحالة لا يكلف الحائز بإثبات حسن نيته لأن حسن النية مفترض في جانبه كما قدمنا ، وعلى المالك أن يثبت أن الحائز كان سيء النية حتى يستطيع أن يسترد منه الثمار . والمالك يثبت أن الحائز كان سيء النية بأن يثبت أنه كان وقت حيازته يعلم أو ينبغي أن يعلم بأنه يتعدىعلى حق ملكيته ، على الوجه الذي سنبنيه فيما يأتي ( [1555] ) .
هذا وافتراض حسن النية في الحائز هو الأصل ، على أنه يجوز أن ينص القانون في حالة معينه على عدم افتراض حسن النية في الحائز وتكليفه هو بإثبات حسن نيته . مثل ذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 955 مدني من أن " تنتقل الحيازة للخلف أنه كان في حيازته حسن النية ، جاز له أن يتمسك بحسن نيته " . فالمفروض هنا أن حائز الثبت سوء؛ وانتقلت حيازته إلى وارثه فأصبح هذا هو الحائز . ففي هذه الحالة لا يفرض القانن في الوارث أنه حسن النية ، بل إن الحيازة تنتقل إلية بالصفة التي كانت عليها عند المورث ، فيعتبر الوارث حائزا سيء النية كما كان مورثه إلى أن يثبت هو حسن نيته . وستعود إلى المسألة بتفصيل أو في فيما يأتي ( [1556] ) .
292 – متى يعتبر الحائز سيء النية : يستخلص مما قدمناه أن الحائز يعتبر سيء النية في حالتين :
( الحالة الأولى إذا ثبت أن الحائز كان يعلم ، وهو يحوز الحق الذي يستعمله ، أن حيازته لهذا الحق اعتداء على حق الغير . فالسارق يعتبر حائزا سيء النية للشيء المسروق ، لأنه هو يسرقه يعلم أن يعتدي على حق المالك . والمغتصب لمال الغير ، عقاراً كان هذا المال أو منقولا ، يعتبر حائزاً سيء النية ، لأنه وقد اغتصب مال الغير قد علم أنه بعمله هذا قد اعتدى على حق هذا الغير . ومن وجد مالا ضائعاً فاستولى عليه لنفسه دون أن يبلغ عنه يعتبر $ 868 $ حازا سيء النية ، لأنه يعلم أن هذا المال ليسرقله وأن هنا احتمال أن يكون له صاحب ، فلهو يعمل إذن أن حيازته لهذا المال اعتداء على حق صاحبة فيما لو ظهر أن له مالكا . ومن أخفى شيئا مسروقا وهو يعلم بسرقته يعتبر حائزا سيء النية ، لأنه يعلم أن حيازته لهذا المال اعتداء على حق مالكه . ومن جار على أرض الجار فأدخل جزءا منها في أرضه يكون حائزا سيء النية إذا كان يعلم أن هذا الجزء من الأرض ليس له ، لأنه يكون بحيازته إياه عالما بأنه يعتدي على حق الجار . ومن اشترى عينا من بائع لا يملكها وهو يعلم ذلك وتسلم العين ، يكون حائزا سيء النية ، لأنه يعلم بأن العين لم تنتقل ملكيتها إلية وأنه بحيازته إياها يعتدي على حق مالكها . ومن وجد في تركة مورثه عينا يعلم أنها غير مملوكة للمورث ، وأدخلها في التركة واستولى عليها ، يكون حائزا سيء النية ، لأنه يعلم بأنه يعتدى على حق مالك العين . فإذا كان يعتقد أن العين له ، فإن الوارث يكون مع ذلك حسن النية ، ولكن حسن نيته في هذه الحالة لا يفترض ويجب عليه هو أن يثبته ، لن الحيازة تنتقل إليه من مورثه على اعتبار أنها حيازة بسوء نية إلى أن يثبت أنه هو حسن النية ( [1557] ) .
( الحالة الثانية ) إذا ثبت أن الحائز ، وإن كان لا يعلم بأن حيازته اعتداء على حق الغير ، كان ينبغي عليه أن يعلم ذلك . فيكون جهله بأن حيازته اعتداء على حق الغير نتيجة لخطأ جسيم . وقد رأينا أن الجهل بالاعتداء على حق الغير لا يعتد به إذا كان نتيجة لخطأ جسيم ، وأن الحائز في هذه الحالة يعتبر في حكم من يعلم بأن حيازته اعتداء على حق الغير ، ومن ثم يكون حائزا سيء النية ( [1558] ) . فمن تسلم شيئا من شخص معروف بسوء السيرة وأنه قد ألف السرقة ، وكان هذا الشيء ذا قيمة كبيرة بحيث يستبعد أن يكون مملوكا لهذا الشخص ، فإنه يكون حائزا سيء النية ، سواء اشترى الشيء أو ارتهنه أو قبله وديعة عنده . ويرجع ذلك إلى أنه وإن لم يثبت بوجه قاطع أن الحائز يعلم أن الشيء مسروق ، إلا أنه كان يستطيع أن يعلم أن مسروق لو أنه بذل أقل جهد في التحري عن
$ 869 $
مصدر هذا الشيء ، فيكون جهله بأنه يعتدى على حق الغير نتيجة لخطأ جسيم في جانبه . ومن جار على جزء من الأرض المجاورة لأرضه ، وكان من السهل عليه أن يتبين لو أنه بذل أقل جهد فلي التحري أن هذا الجزء من الأرض هو لجاره وليس مملوكا له ، يكون حائزا سيء النية ، لأن جهله بأن حيازته اعتداء على حق الجار يرجع إلى خطأ جسيم في جانبه .
وإذا كان الحائز في البداية حسن النية ، ثم علم بعد ذلك أن العين مملوكة للغير ، فإنه يصبح سيء النية من وقت هذا العلم . وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 966 مدني ، كما رأينا ( [1559] ) ، صراحة على ذلك إذ تقول : " لا تزول صفة حسن النية لدى الحائز إلا من الوقت الذي يصبح فيه عالما أن حيازته اعتداء على حق الغير " ( [1560] ) .
293 – إثبات سوء النية في الحيازة : وقد قدمنا أنه يفترض في الحائز أنه حسن النية ، وعلى صاحب الحق الذي يستعمله الحائز أن يثبت أن الحائز سيء النية . فعلى صاحب الحق إذن أن يعلم ، أن حيازته اعتداء على حقه . ولما كان علم الحائز بذلك ، أو إمكان عمله به ، واقعة مادية ، فإن صاحب الحق يستطيع إثبات هذه الواقعة بجميع طرق الإثبات ، ويدخل في ذلك البينه و القرائن .
ومن القرائن القانونية على علم الحائز أن يكون مورثه الذي نقل إليه الحيازة قد ثبت سوء نيته ، فيفترض قانونا أن الوارث هو أيضا مثل مورثه سيء النية يعلم أن العين غير مملوكة لمورثه . ولكن هذه القرينة . القانونية قابلة لإثبات العكس ، فيستطيع الوارث أن ينقضها بأن يثبت أنه هو كان حسن النية خلافا لمورثه ، وأنه كان يعتقد أن العين كانت مملوكة لمورثه ( [1561] ) . ومن القرائن القضائية على علم الحائز أيضا أن يكون قد اشترى أرضا معلومة الحدود ، ومع ذلك يجاوز هذه الحدود الظاهرة عند تسلمه الأرض من البائع .
$ 870 $ ومن القرائن القضائية على إمكان علم الحائز بأن الشيء مملوك لشخص آخر ما قدمناه من أن يشترى هذا الشيء من شخص معروف بسوء السيرة وقد ألف السرقة ، وأن الشيء كبير القيمة بحيث يستعبد أن يكون مملوكا لهذا الشخص .
294 – متى يعتبر الحائز سيء النية ولو كان يعتقد أن ل حقا في الحيازة : رأينا ( [1562] ) أن الفقرة الثانية من المادة 96 مدني تنص على ما يأتي " ويزول حسن النية من وقت إعلان الحائز بعيوب حيازته في صحيفة الدعوى ، ويعد سيء النية من اغتصب بالإكراه الحيازة من غيره " . ويخلص من هذا النص أن هناك حالتين يعتبر فيهما الحائز سيء النية ولو كان يعتقد أن له حقا في الحيازة :
( الحالة الأولى ) إذا أعلن الحائز في صحيفة الدعوى بأن الحق الذي يحوزه ليس له وطولب رده إلى صاحبه ، فمن وقت إعلان صحيفة الدعوى إلى الحائز متضمنه هذا المعنى يصبح الحائز سيء النية ، حتى لو كان يعتقد بالرغم من هذا الإعلان أن الحق الذي يحوزه هو له وأن المدعى مبطل في دعواه . فلو ظهر حقا أن المدعى مبطل في دعواه وأن الحائز على حق في اعتقاده بأن الحق الذي حوزه هو له ، فلا تثار في هذا الفرض مسألة سوء نية الحائز لأنه قد ثبت أن الحق هو حقه ، فلا يسترد منه المدعى شيء . أما إذا ظهر أن المدعى على حق في دعواه وأن الحق الذي يستعمله الحائز ليس له ، فعندئذ يعامل الحائز كما لو كان سيء النية من وقت أن وصل إليه إعلان المدعى ، حتى لو أثبت أنه كان يعتقد أن له حقا في الحيازة بالرغم من هذا الإعلان كما سبق القول . ويترتب على ذلك بوجه خاص أنه يطالب برد جميع نمار العين التي قبضها والتي قصر في قبضها من وقت أن يصبح سيء النية ، أي من وقت وصول إعلان المدعى إليه على النحو الذي قدمناه . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 979 مدني إذ تقول : " يكون الحائز سيء النية مسئولا من وقت أن يصبح سي النية عن جميع الثمار التي يقبضها والتي قصر في قبضها ، غير أنه يجوز أن نسترد ما أنفقه في إنتاج هذه الثمار " وسنعود إلى هذه المسألة فيما يلي ( [1563] ) .
$ 871 $ ويلاحظ أنن الحائز لا يطالب برد الثمرات إلا من وقت إعلان صحيفة الدعوى إليه ، ففي هذا الوقت فقط يمكن القول بأنه علم بما يوجه إلى حيازته من اعتراض ، بحيث لو كان هذا الاعتراض صحيحا أمكن تبرير مطالبته برد الثمرات من وقت عمله بالاعتراض كما لو كان سيء النية . ولا يكفي في ذلك قيد الدعوى في قلم كتاب المحكمة وتقديم صحيفتها إلى قم المحضرين بعد أداء الرسم كاملا ، فإن المادة 75 من تقنين المرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 إنما تعتبر " الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملا ، أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فلا تسرى إلا من وقت إعلان المدعى عليه بصحيفتها " . ومن باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى اعتبار الحائز سيء النية ، فلا يترتب هذا الأثر إلا من وقت إعلان الحائز فعلا بصحيفة الدعوى ( [1564] ) .
$ 872 $ ( الحالة الثانية ) إذا إغتصب الحائز بالإكراه الحيازة من غيره . والذي يجعل الحائز سيء النية في هذه الحال هو نفس اغتصاب الحيازة بالإكراه ، ولو كان يعتقد أن الحق الذي اغتصب حيازته هو حقه . وذلك بأنه حتى لو اعتقد أن الحق حقه ، فما كان ينبغي أن يغتصب حيازته بالإكراه ، بل كان الواجب أن يلجا إلى الوسائل القانونية لا ستراداده . أما وقد اغتصب حيازته بالإكراه ، فإنه يعتبر حائزا سيء النية ، وتجرى عليه أحكام الحيازة بسوء نية بوجه خاص فيما يتعلق بالمسئولية عن الهلاك و يوجوب رد الثمار وذلك فيما لو ظهر أن الشيء الذي اغتصب حيازته بالإكراه ليس له . ولا يشفع له أن يثبت أنه كان يعتقد وقت اغتصاب الحيازة بالإكراه أن الشيء مملوك له ، إذ لا يجوز لأحد أن ينتصف لنفسه بنفسه ( [1565] ) .
وبديهي أنه إذا اغتصب الحائز الحيازة بالإكراه وهو يعتقد أن الشيء مملوك له ، ثم ظهر أن الشيء مملوك له فعلا ، فإن المدعى لا يرجع عليه بشيء ولا تثار مسألة سوء نية الحائز في هذه الحالة . وهذا آل يخل بما للحائز السابق الذي اغتصبت منه الحيازة من حق في رفع دعوى استرداد الحيازة طبقا لشروطها ، ولا يخل لحقه أيضا في طلب تعويض عن الإكراه الذي وقع عليه طبقا لقواعد المسئولية التقصيرية .
295 – احتفاظ الحيازة بصفتها حتى يقوم الدليل على العكس : رأينا ( [1566] ) أن المادة 967 مدني تنص على أن " تبقى الحيازة محتفظة بالضفة التي بدأت بها وقت كسبها ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك " . فإذا كسب شخص الحيازة وكان حسن النية – وحسن النية مفترض كما قدمنا _ فإنه يبقى حائزا حسن النية ، إلى أن يثبت صاحب الحق سوء نيته على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ( [1567] ) . وإذا ثبت أن الحائز سيء النية ، فإنه يبقى حائزا سيء $ 872 $ النية ، وتنقل حيازته بصفتها هذه إلى وارثه ، فيعتبر الوارث سيء النية مثل مورثه إلى أن يثبت أنه حسن النية ( م 955 / 1 مدني ) .
ويلاحظ أن الحيازة تتغير صفتها عما كانت عليه من قبل بمجرد إقامة الدليل على أن هذه الصفة قد تغيرت على الوجه السابق بيانه . فلا يشترط في تغير صفة الحيازة قيام أحد السببين اللذين تتغير بهما الحيازة العرضية فتتحول إلى حيازة أصلية ، وهما فعل يصدر من الغير ومعارضة الحائز لحق المالك . ونرى من ذلك أنه لا يشترط قيام أحد هذين السببين إلا في تحول الحيازة العرضية إلى حيازة أصلية ، أما في تغير صفة الحيازة من حسن النية إلى سوء النية أو بالعكس من سوء النية إلى حسن النية ، وفي زوال عيب من عيوب الحيازة كانقطاع الإكراه أو انتقاء الغموض ، فلا يشترط قيام أحد هذين السببين ، بل تكفي إقامة الدليل على تغير صفة الحيازة أو على زوال العيب .
296 – صفة الحيازة بعد انتقاله إلى خلف عام أو إلى خلف خاص – إحالة : وسنرى أنه إذا انتقلت الحيازة إلى خلف عام فإنها تنتقل إلية بالصفة التي كانت عليها عند السلف . أما إذا انتقلت إلى خلف خاص ، فإنه يبتدئ حيازة جديدة يفترض فيها حسن النية كما هي القاعدة العامية ، وذلك إلى أن يقوم الدليل على العكس .
وقد نصت المادة 955 مدني على هذه الأحكام ، وسنعود إلى هذا النص فيما يأتي ، فنحيل هنا إلى ما سنقرره هناك ( [1568] ) .
المطلب الثاني انتقال الحيازة وزوالها
1 – انتقال الحيازة
( transfert de ia possession )
297 – نصوص قانونية : تنص المدة 952 مدني على ما يأتي : " تنتقل الحيازة من الحائز إلى غيره إذا اتفقا على ذلك ، وكان في استطاعة من انتقلت علية الحيازة أن يسيطر على الحق الواردة عليه الحيازة ، ول لم يكن هناك تسلم مادي للشيء موضوع هذا الحق " .
$ 874 $
وتنص المادة 953 مدني على ما يأتي :
" يجوز أن يتم نقل الحيازة دون تسليم مادي إذا استمر الحائز واضعا يده لحساب من يخلفه في الحيازة ، أو استمر الخلف واضعا يده ولكن لحساب نفسه " .
وتنص المادة 954 مدني على ما يأتي :
" 1 – تسليم السندات المعطاة عن البضائع المهود بها إلى أمين النقل أو المودعة في المخازن يقوم مقام تسليم البضائع ذاتها " .
" 2 – على أنه إذا تسلم شخص هذه المستندات وتسلم آخر البضاعة ذاتها ، وكان كلاهما حسن النية ، فإن الأفضلية تكون لمن تسلم البضاعة " .
وتنص المادة 955 مدني على ما يأتي :
" 1 – تنتقل الحيازة للخلف العام بصفاتها ، على أنه إذا كان السلف سيء النية وأثبت الخلف أنه كان في حيازته حسن النية ، جاز له أن يتمسك بحسن نيته " .
" 2 – ويجوز للخلف الخاص أن يضم إلى حيازته حيازة سلفه في كل ما يرتبه القانون على الحيازة من أثر " ( [1569] ) .
$ 875 $
ولا مقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق ، فيما عدا المادة 955 / 2 مدني فيقابله في التقنين المدني السابق المادة 77 / 103 ( [1570] ) .
وتقابل النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 911 – 914 وفي التقنين المدني الليبي م 956 – 959 – وفي التقنين المدني العراقي م 1149 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 258 / 1 ( [1571] )
وتعرض النصوص سالفة الذكر لا نتقال الحيازة من حائز إلى حائز آخر ، ويحسن أولا تحديد معنى انتقال الحيازة في هذا الصدد .
$ 876 $
198 – تحديد معنى انتقال الحيازة من حائز إلى حائز آخر : براد بانتقال الحيازة من حائز إلى حائز آخر أن تكون الحيازة في هذا الانتقال حيازة متصلة ، لا تنقطع اللاحقة منها عن السابقة ، ولا تعتبر اللاحقة حيازة مبتدأ . وهذا الاتصال ما بين الحيازتين السابقة واللاحقة يكون من شأنه حوار ضم مده الحيازة السابقة إلى مدة الحيازة اللاحقة ( accession de ia possessions ) ( jonction des possessions ) ، لأن الاتصال يجعل الحيازة السابقة تستمر في الحيازة اللاحقة فيكون هناك استمرار للحيازة ( continuation de ia possession ) . وعلى ذلك في حيازة المنقول ابتداء عن طريق الإستيلاء ، إذا لم يكن للمنقول مالك ، ليس فيه انتقال للحيازة ، لأن المنقول لم يكن في حيازة أحد قبل الإستيلاء عليه ، فلم تنتقل حيازته من شخص إلى آخر . واغتصاب الحيازة من الحائز أو انتزاع الحيازة منه بالإكراه لا يعتبر انتقال للحيازة ، لأن المغتصب أو منتزع الحيازة بالإكراه يبتدئ حيازة جديدة لا تتصل بالحيازة القديمة ، ولا تعتبر استمرارا لها ، ولا يجوز أن تصم إلى مدتها مده الحيازة القديمة ( [1572] ) . وحيازة غير الوارث لعين من أعيان التركة ، سواء كان الحائز $ 877 $ سيء النية أو حسن النية ، تعتبر هي أيضاً حيازة مبتدأة لا تتصل بحيازة المورث ، ولا تعتبر استمرار لها ، ولا تضم إلى مدتها مدة حيازة المورث .
أما انتقال الحيازة من حائز إلى آخر بالمعنى الذي اسلفناه فيتم بأحد طريقين : ( أ ) بالميراث ، فتنتقل حيازة المورث إلى الوارث ، وهذا هو انتقال الحيازة إلى الخلف العام . ( ب ) بالاتفاق ، فيتفق الحائز مع شخص آخر على أن ينقل له الحيازة ، كما إذا اتفق البائع مع المشتري على أن ينقل له حيازة الشيء المبيع أو اتفق الورثة مع الموصى له بعين معينة على أن ينقلوا له حيازة هذه العين ، ويستوي في ذلك أن يكون الحائز السابق مالكا للحق الذي ينقل حيازته إلى الحائز اللاحق أو غير مالك ، وهذا هو انتقال الحيازة إلى الخلف الخاص ( [1573] ) .
ونستعرض كلا من الطريقين :
1 - انتقال الحيازة إلى خلف عام :
299 – كيف تنتقل الحيازة إلى الخلف العام : ويراد بالخلف العام هنا الوارث والموصى له بجزء من مجموع التركة كالثلث أو الربع . وقد رأينا ( [1574] ) أن الفقرة الأولى من المادة 955 مدني تقول : " تنتقل الحيازة للخلف العام بصفاتها . . " ويخلص من هذا النص أن الحيازة تنتقل من السلف إلى الخلف العام بحكم القانون ، فقد كان الميت هو الحائز ف يحال حياته فإذا مات انتقلت حيازته إلى خلفه العام دون حاجة إلى أن يتسلم الخلف المال تسلما فعليا . وهذا هو الحكم الذي تقضي به طبيعة الأشياء ، ففي الفترة ما بين موت السلف وتسلم الخل تسلما فعليا ، لا بد أن يكون للمال حائز ما دام مالا مملوكا غير سائبة . وما دامت ملكية المال تنتقل إلى الخلف العام بمجرد موت السلف ، فالحيازة $ 878 $ تتبع الملكية هنا ، وتنتقل هي أيضا مع الملكية إلى الخلف العام بحكم القانون وبمجرد موت السلف ( [1575] ) .
والمفروض في انتقال الحيازة إلى الخلف العام بحكم القانون أن هذه الحيازة لم تنقطع . فإذا استولى الغير على المال ، ولكن الوارث استرد الحيازة في خلال سنة من هذا الاستيلاء فإنه يعتبر حائزا بأثر رجعى من وقت موت السلف ، ولا يعتد بفترة الانقطاع التي لم تبلغ السنة . أما إذا بقيت حيازة الغير سنة دون أن يستردها الخلف العام الدائن فإن الحيازة تبقى عند هذا الغير ويستطيع أن يلجأ في حمايتها إلى دعاوى الحيازة . وإذا لم يستول أحد على المال ، فإن المال يعتبر في حيازة الخلف العام على الوجه الذي قدمناه ، ول لم يتسلمه الخلف العام فعلا وبقى دون أن يتسلمه مدة سنة أو أكثر ، ما دام المال لم يستول عليه أحد غيره ( [1576] ) .
300 – بأية صفة تنتقل الحيازة إلى الخلف العام : رأينا أن الحيازة تنتقل إلى الخلف العام بصفاتها . وأنهم هذه الصفات هي أن تكون الحيازة حيازة عرضية أو حيازة أصلية ، وأن تكون مشوبة بعيب من عيوب الحيازة أو غير مشوبة ، وأن تكون بحين نية أو بسوء نية .
وقد قدمنا ( [1577] ) وأن حيازة المورث إذا كانت حيازة عرضية تنتقل بهذه الصفة إلى الوارث ، فيبقى الوارث كما كان المورث حائزا عرضيا يحوز لحساب غيره . ولا تصبح حيازة الوارث حيازة أصلية إلا إذا تغيرت صفتها العرضية بأحد الأمرين اللذين تتغير بهما الصفة العرضية لحيازة الوارث : فعل يصدر $ 879 $ من الغير ، أو من فعل يصدر من الوارث يعارض به حق المالك ( [1578] ) . وقد بسكنا تفضيلا كلا من هذين الأمرين ، فنحيل هنا إلى ما سبق أن قدمناه هناك ( [1579] ) . وغنى عن البيان أن حيازة المورث إذا كانت حيازة أصلية تنتقل إلى الوارث حيازة أصلية كذلك تنتقل إلى الوارث حيازة أصلية كذلك ، ويحوز الوارث ، كما كان يحوز المورث ، لحساب نفسه . ولا تتغير هذه الصفة الأصلية عند الوارث إلى صفة عرضية إلا إذا أصبح الوارث يحوز لحساب غيره ، شأنه في ذلك شأن المورث .
كذلك إذا كانت الحيازنة عند المورث مشوبة بعيب ، كأن كانت حيازة خفية أو حيازة باكراه أو حيازة غامضة ، فإنها تنتقل إلى الوارث مشوبة بهذا العيب . ولا بد ، حتى تنتج الحيازة آثارها عند الوارث ، أن يزول العيب الذي هي مشوبة به ، كما كان يجب أن يزول هذا العيب في حياة المورث . فلا بد من أن تصبح الحيازة ظاهرة إذا انتقلت حيازة خفية إلى الوارث أو ينقطع الإكراه إذا انتقلت مشوبة بالإكراه ، أو يزول اللبس إذا انتقلت غامضة ( [1580] ) .
وإذا كان المورث حسن النية في حيازته وبقى حسن النية إلى أن مات ، فإن الحيازة تنتقل إلى الوارث مقترنة بحسن النية . ويعتبر الوارث ، كما كان يعتبر المورث ، حسن النية في حيازته ، إلى أن يثبت سوء نيته على الوجه الذي قدمناه ي إثبات سوء نية الحائز ( [1581] ) . وكذلك يعتبر الوارث سيء النية ، ولو كان يعتقد كمورثه أن للمورث حقا في الحيازة ، إذا أعلن الوارث في صحيفة الدعوى بأن الحق الذي يحوزه ليس لمورثه وطولب برده إلى صاحبه . فمن وقت إعلان صحيفة الدعوى إلى الوارث يصبح هذا سيء النية ، كما كان مورثه يعتبر سيء النية لو أنه هو الذي أعلن في حياته بصحيفة الدعوى ( [1582] ) .
$ 880 $
وإذا كان المورث قد اغتصب الحيازة بالإكراه من غيره ، فقد قدمنا ( [1583] ) . أنه يعتبر سيء النية حتى لو كان يعتقد أن الحق الذي اغتصب حيازته هو حقه ، وتنتقل الحيازة بهذه الصفة إلى الوارث ، فيعتبر سيء النية حتى لو كان يعتقد أن الحق الذي اغتصب بالإكراه هو حق مورثه وأنه لم يغتصبه بالإكراه . أما إذا كان المورث سيء النية في حيازته ، فإن الحيازة تنتقل إلى الوارث مقترنة بسوء النية ، ولا يفترض في الوارث أنه حسن النية . ويبقى الوارث معتبرا كمورثه سيء النية ، إلى أن يثبت أنه هو حسن النية أي يعتقد أن مورثه كان على حق في حيازته . فعند ذلك يعتبر الوارث حسن النية منذ أن انتقلت إليه الحيازة من مورثه ، ويبقى تحسن النية بكل ما يترتب على حسن النية من آثار ( [1584] ) إلى أن يزول حسن نيته ، ويزول حسن نيته إذا أثبت صاحب الحق أن الوارث أصبح الآن يعلم أن مورثه لم يكن على حق في حيازته . $ 881 $
103 – ضم مدة حيازة السلف إلى مدة حيازة الخلف العام : ولم كانت حيازة الخلف العام استمرارا لحيازة السلف ، فالأصل أن تضم مدة حيازة المورث إلى مدة حيازة الوارث ما دام للوارث فائدة في هذا الضم .
فإذا كانت مدة حيازة السلف نصف سنة مثلا ، وانتقلت الحيازة إلى الوارث ، فيكفي أن يستمر هذا حائزا نصف سنة أخرى حتى يستطيع أن ينتفع بدعوى منع التعرض . وهذه الدعوى يشترط فيها أن يكون الحائز للعقار قد استمر حائزا له سنة كاملة ( م 961 مدني ) ، فيضم الوارث مدة حيازة مورثه إلى مدة حيازة هو فتكمل هله مدة السنة التي يتطليها القانون . وهذا هو الحكم أيضا في استكمال الوارث مدة حيازته إلى سنة كاملة بضم حيازة مورثه ، إذا أراد أن يرفع دعوى وقف الأعمال الجديدة ( م 962 مدني ) . وإذا كان المورث قد انتزع الحيازة بالإكراه وانقطع الإكراه ، وبقى حائزا بعد انقطاع الإكراه مدة أقل من سنة ، فإن هذه المدة تضم إلى مدة حيازة وارثه حتى يستكمل الوارث مدة السنة الواجبة حتى يستطيع أن يحمي حيازته بدعاوى الحيازة .
وكذلك يستطيع الوارث أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة مورثه ، إذا أراد التملك بالتقادم المكسب . فادا كان المورث سيء النية في حيازته ، وانتقلت الحيازة مقترنة بسوء النية إلى الوارث كما قدمنا ، فإن الوارث يستطيع ، يكسب ملكية العين بالتقادم الطويل إذا ضم مدة حيازة مورثه إلى مدة حيازته . ونفرض في ذلك أن المورث بقى حائزا خمس سنوات أخرى حتى يستكمل مدة التقادم الطويل وهي خمس عشرة سنة ، فيتملك العين بالتقادم . وإذا كان المورث قد حصل على سبب صحيح وكان حسن النية وقت حصوله عليه ، فإن الحيازة تنتقل إلى الوارث مقترنة بحسن النية وبالسبب الصحيح . إذا كن المورث قد بقى حائزا للعقار مدة ثلاث سنوات مثلا ، ثم انتقلت الحيازة إلى الوارث ، فإنه يكفي أن يستمر الوارث حائزا للعقار سنتين أخريين حتى يستكمل مدة التقادم القصير وهي خمس سنوات ، فيمتلك العقار $ 882 $ بالتقادم ( [1585] ) وإذا كان المورث سيء النية وقت حصوله على السبب الصحيح ، فإن الحيازة تنتقل إلى وارثه مقترنة بسوء النية ، ولا يجدي الوارث بعد ذلك أتن يثبت حسن نيته هو ، فإن العبرة بحسن النية وقت تلقى الحق ، أي بحسن نية المورث وقت حصول على السبب الصحيح . ولعل ذلك لا يستطيع الوارث في هذا الفرض أن يتملك العقار إلا بالتقادم الطويل ، وله أن يضم مدة حيازة مورثه إلى مدة حيازته حتى يستكمل مدة التقادم الطويل وهي خمس عشرة سنة ( [1586] ) . ما إذا كان المورث حسن النية ولكن ليس لدية سبب صحيح وبقى حائزا للعين مدة ثماني سنوات مثلا ، ثم انتقلت الحيازة للوارث . فأنها تنتقل إليه مقترنة بحسن النية وبمجرد من السبب الصحيح كما كانت عند المورث . ولا يستطيع الوارث في هذا الفرض أن يتملك العقار بالتقادم القصير لانعدام السبب الصحيح ، ولا يبقى له إلا التملك بالتقادم الطويل ، سواء بقى حسن النية أو ثبت سوء نيته بعد انتقال الحيازة إليه . وفي الحالتين يستطيع ضم مدة حيازة مورثه المقترنة بحسن النية إلى مدة حيازته هو سواء بقيت مقترنة بحسن النية أو أصبحت مقترنة بسوء النية ، فيتملك بالتقادم الطويل إذا بقى حائزا سبع سنوات أخرى إذ تضم إليها مدة حيازة مورثه وهي ثماني سنوات .
وتقول العبارة الأخيرة من المادة 955 / 1 مدني ، ما رأينا ( [1587] ) ، ما يأتي : " على أنه إذا كان السلف سيء النية وأثبت الخلف أنه كان في حيازته حسن النية ، جاز له أن يتمسك بحسن نيته " . ويتحقق ذلك في كسب الثمار بالحيازة ، إذا اقترنت الحيازة بحسن النية . فإذا كان المورث سيء النية في حيازته ، وجب عليه أن يرد الثمار للمالك ( م 979 مدني ) . فإذا انتقلت الحيازة $ 883 $ إلى الوارث ، وأثبت هذا حسن نيته ، جاز له أن يتمسك بحسن نيته هذه فلايرد الثمار التي قبضها إلى المالك ما دام حسن النية ( م 978 مدني ) .
ب – إنتقال الحيازة إلى خلف خاص :
302 – كيف تنتقل الحيازة إلى الخلف الخاص : والمقصود هنا أن تنتقل الحيازة في عين معينة بالذات من الحائز إلى شخص آخر ، وهذا بخلاف انتقال الحيازة إلى الخلف العام فالذي ينتقل إلى الخلف العام هو مجموع من المال أو جزء من هذا المجموع كالتركة أو جزء من التركة ، لا عين معينة بالذات . ويلحق بالخلف الخاص كل شخص يجب أن تنتقل إليه حيازة العين من الحائز بناء على التزام في ذمة الحائز بنقلها إليه ، وكل شخص ردت إليه حيازة العين على أثر فسخ التصرف أو إبطاله أو بطلانه أو نقضه أو إلغائه أو الرجوع فيه أو زواله بأي سبب آخر ، وبوجه عام كل شخص تربط حيازته اللاحقة بالحيازة السابقة رابطة قانونية ( [1588] ) .
وتنتقل الحيازة من الحائز إلى الخلف الخاص ( ومن في حكمه ) بالاتفاق بينهما على نقلها من الحائز إلى الخلف الخاص اتفاقا يعقبه التسليم . والتسليم قد يكون تسليما فعليا فيكون انتقال الحائز انتقال ماديا ، أو تسليما حكميا فيكون انتقال الحيازة انتقالا معنويا ، أو تسليما عن طريق التمكن فيكون انتقال الحيازة انتقالا رمزيا ( [1589] ) . وحيازة الخلف الخاص ، بخلاف حيازة الخلف العام ، $ 884 $ تستقل عن حيازة السلف في صفاتها ، فلا تكون لحيازة الخلف الخاص بالضرورة صفات حيازة السلف . وللخلف الخاص أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة سلفه ، وله ألا يضمها ، تبعا لمصلحته . فهذه جمله من المسائل نبحثها فيما يلي .
303 – إنتقال الحيازة إنتقالا ماديا بالتسليم الفعلي : رأينا ( [1590] ) أن المادة 952 مدني تنص على أن " تنتقل الحيازة من الحائز إلى غيرة إذا اتفقا على ذلك وكان في استطاعته من انتقلت إليه الحيازة أن يسيطر على الحق الواردة عليه الحيازة ، ولو لم يكن هناك تسلم مادي للشيء موضوع هذا الحق " . وخير تطبيق لهذا النص هو انتقال حيازة المبيع من البائع إلى المشترى ، إذا أن المشترى يعتبر خلفا خاصا للبائع ، لا في انتقال الملكية فحسب بل أيضا فغي انتقال الحيازة ، فالبائع ملتزم بتسليم المبيع إلى المشترى أي بنقل حيازته إليه وقد نصت في هذا الخصوص الفقرة الأولى من المادة 435 مدني على أن " يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكم من حيازته والانتفاع به دون عائق ، ولو لم يستول عليه إستيلاء ماديا ، ما دام البائع قد أعلمه بذلك . ويحصل هذا التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع " . وهذا هو التسليم الفعلي للمبيع ، وينطوي كما نرى على عنصرين : ( 1 ) وضع المبيع تحت تصرف المشترى ، ويشترط لذلك أن يكون المشترى متمكنا من حيازة المبيع حيازة يستطيع معها أن ينتفع به الانتفاع المقصود من غير أن يحول حائل دون ذلك . ولكن لا يشترط أن يتسلم المشترى المبيع فعلا ، فما دام متمكنا من هذا التسلم ، فإن البائع يكون قد نفذ التزامة بالتسليم ( [1591] ) . ( 2 ) أن يخطر البائع المشترى بوضع $ 885 $ المبيع تحت تصرفه ، ولا يوجد شكل معين لهذا الإخطار . فقد يكون بإنذار رسمي ، وقد يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، وقد يكون شفويا ولكن يقع على البائع عبء إثبات أنه أخطر المشترى فعلا بوضع المبيع تحت تصرفه ( [1592] ) .
فإذا كان المبيع دارا يسكنها البائع ، وجب عليه أن يخليها وأن يسلم المشترى مفاتيحها فيمكنه من حيازتها . وإذا كان أرضا زراعية ، وجب عليه أن يتركها وأن يمكن المشترى من الإستيلاء عليها . وإذا كان منقولا ، فوضعه تحت تصرف المشترى يكون عادة يمناولته إياه يدا بيد ، ويتيسر ذلك في المنقول في أكثر الأحيان . وإذا كان محصولات آل تزال قامة في الأرض أو ثمارا لا تزال فوق الأشجار ، فيخلي البائع ما بينها وبين المشترى حتى يستولى هذا عليها . وتسليم الشيء المعين بنوعه فقط يكون بافرازه في حضور المشترى ودعوته لتسلمه ، ويع الإفراز بالعد أو الكيل أو الوزن أو المقاس . وإذا كان المبيع حق ارتفاق كحق المرور ، فإنه يسلم للمشترى بالترخيص له في استعملا هذا الحق ، مع تمكينه من ذلك بازالة ما قد يحول بينه وبين المرور . وقد يكون المبيع حقا شخصيا لا حقا عينيا ، كما في حوالة الحق ، وعندئذ يوضع الحق تحت تصرف المحال له بتسليمه سند الحق لتمكينه من استعماله في مواجهة المحال عليه . وفي الأسهم والكمبيالات والشيكات لحاملها يكون التسليم بالمناولة ، وفي السندات والشيكات الإذنية يكون التسليم بالتظهير ، وفي السندات الاسمية لا يتم التسليم إلا بعد القيد في دفاتر الشركة . ويتبين من ذلك أن طريقة التسليم تتكيف بحسب طبيعة المبيع ( [1593] ) .
$ 886 $
304 – إنتقال الحيازة انتقالا معنويا بالتسليم الحكمي : رأينا ( [1594] ) أن المادة 953 تنص على أنه " يجوز أن يتم نقل الحيازة دون تسليم مادة إذا استمر الحائز واضعا يده لحساب من يخلفه في الحيازة ، أو استمر الخلف واضعا يده ولكن لحساب نفسه " . وهنا أيضا نورد انتقال حيازة المبيع من البائع إلى المشترى تطبقا جاء في الفقرة الثانية من المادة 435 مدني ، وتجري على الوجه الآتي : " ويجوز أن يتم التسليم بمجرد تراضي المتاعقدين إذا كان المبيع في حيازة المشترى قبل البيع ، أو كان البائع قد استبقى المبيع في حيازته لسبب آخر غير الملكية " . وهذا هو التسليم الحكمي للمبيع ، فتنتقل حيازته بهذا التسليم الحكمي انتقالا معنويا من البائع إلى المشترى . ويتم التسليم كما نرى بمجرد تراضي المتعاقدين ، ويتراضيان على أن المبيع قد تم تسليمه من البائع إلى المشترى . ويتميز التسليم الحكمي بذلك عن التسليم الفعلي بأنه مجرد اتفاق ( convention ) أو تصرف قانوني ( acte juridique ) غير مصحوب بعمل مادي ، أما التسليم الفعلي فهو اتفاق مصحوب بعمل مادي .
وللتسليم الحكمي صورتان :
( الصورة الأولي ) أن يكون المبيع في حيازة المشترى قبل البيع ، باجارة أو إعارة أو وديعة أو رهن حيازة أنو نحو ذلك ، ثم يقع البيع . فيكون المشترى $ 887 $ حائزا فعلا للمبيع وقت صدور البيع ، ولا يحتاج إلى إستيلاء مادي جديد ليتم التسليم ولتنتقل الحيازة . وإنما يحتاج إلى اتفاق مع البائع على أن يبقى المبيع في حازته ، ولكن لا كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده أو دائن مرتهن رهن حيازة ، بل كمالك له عن طريق الشراء . فتتغير نية المشترى في حيازته للمبيع وتتغير صفة حيازته بعمل يصدر من الغير وهو البائع ( interversion du totre ) وإن كانت الحيازة المادية تبقى كما كانت . ويسمى هذا التسليم بالتسليم المختصر ( traditio drevi manu )
( الصورة الثانية ) أن يبقى المبيع في حيازة البائع بعد البيع ، ولكن لا كمالك فقد تجرد عن الملكية بعقد البيع ، بل كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده أو مرتهن رهن حيازة أو غير ذلك من التصرفات التي تتم بين المشترى والبائع بعد البيع وتستلزم نقل حيازة الشيء من المشترى إلى البائع . فبدلا من أن ؟؟؟ البائع المبيع للمشترى بموجب عقد البيع ، ثم يعود إلى تسلمه من المشترى بموجب عقد الإيجار أو أي عقد آخر ، يبقى المبيع في يد البائع بعد أن يتفق الطرفان على أن هذا يعد تسليما من البائع للمشترى ثم إعادة الحيازة من المشترى للبائع بموجب العقد الجديد الذي أعقب عقد البيع ، ويسمى هذا الاتفاق ( rossessoire corstitut ) . وتتغير صفة حيازة البائع في هذه الصورى ، إذا كانت حيازة أصلية قبل البيع فأصبحت حيازة عرضية بعد البيع بموجب هذا العقد الجديد . ويصح أن يكون هذا العقد الجديد عقد بيع ثان أو عقد هبه ، فيبيع المشترى الشيء للبائع بعد أن اشتراه منه أو يهبه إياه ، ومن ثم يبقى الشيء في حيازة البائع كمالك له ، ولكن بعقد بيع جديد أو بعقد هبة لا على حكم الملك الأصلي ( [1595] ) .
$ 888 $
305 – إنتقال الحيازة إنتقالا رمزيا عن طريق التمسكين : رأينا ( [1596] ) أن المادة 954 مدني تنص على أن " 1 – تسليم السندات المعطاة عن البضائع المعهود بها إلى أمين النقل أو المودعة في المخازن يقوم مقام تسليم البضائع ذاتها . 2 – على أنه إذا تسلم شخص هذه المستندات وتسلم آخر البضاعة ذاتها ، وكان كلاهما حسن النية ، فإن الأفضلية تكون لمن تسلم البضاعة " . ونورد هنا تطبيقا لهذا النص أيضا في انتقال حيازة المبيع من البائع إلى المشترى .
فنفرض أن شخصا اشترى من آخر بضائع ، كان البائع قد عهد بها إلى أمين النقل أو أودعها المخازن . ويتسلم صاحب البضائع عادة سندات عن البضائع ، يأخذها من أمين النقل أو من المخازن التي أودعت بها البضائع ، ليسحب بموجبها بضائعة . ففي انتقال حيازة هذه البضائع انتقال ماديا من البائع إلى المشترى ، يجب أولا أن يسحب البائع البضائع من أمين النقل أو من المخازن بموجب السندات التي تسلمها ، ثم يسلم هذه البضائع بعد سحبها تسليما فعليا إلى المشترى . أما في انتقال الحيازة إنتقالا رمزيا ، وهو الفرض الذي نحن بصدده ، فبدلا من أن يسحب البائع ثم يسلمها للمشترى ، يكتفي بتسليم المشترى سندات البضائع فيستطيع هذا الأخير أن يقوم بسحبها بنفسه بموجب هذه السندات من أمين النقل أو من المخازن . ولكن مجرد تسلم المشترى لسندات البضائع من البائع يعد انتقالا لحيازة البضائع إليه ، إذ أن هذه السندات متى صارت في يده أصبح صاحب الحق في سحب البضائع . ومن ثم يعتبر تسلم المشترى لسندات البضائع انتقالا لحيازة البضائع إليه لأن البضائع أصبحت تحت تصرفه في يد أمين النقل أو في المخازن . وانتقال الحيازة هذا ليس إنتقالا فعليا بل هو انتقال رمزي ، لأن المشترى لم يتسلم البضائع تسلما فعليا بمجود $ 889 $ تسلمه للسندات ، بل تسلمها رمزيا ، وعليه بعد ذلك أن يتسلمها تسلما فعليا بسحبها من تحت يد أمين النقل أو من المخازن بموجب السندات التي تسلمها .
والمثلان اللذان ذكرناهما – تسلم سندات البضائع المعهود بها إلى أمين النقل وتسلم سندات البضائع المودعة في المخازن – لم يذكرا في المادة 954 مدني على سبيل الحصر بل على سبيل المثال ( [1597] ) . ومن الأمثلة الأخرى ، في نقل حيازة المنقول ، تسليم البائع للمشترى مفاتيح منزل أو مخزن أو صندوق أو أي مكان آخر يحتوي هذا المنقول . وقد قضت محكمة النقض في هذا الخصوص بأن حيازة مفتاح الخزانة هي حيازة رمزية لمنقول غير حاصل فعلا في اليد ، وليست بذاتها دليلا قاطعا على حيازة ما هو في الخزانة . وكون الشيء حاصلا فعلا في حوزة من يدعى حيازته أو غير حاصل فيها هو من الواقع الذي يحصله قاضي الموضوع في كل دعوى بما يتوافر فيها من دلائل . وإذا كان القانون ( المدني السابق ) قد نص في باب البيع على أن تسليم المنقولات المبيعة يصح أن يتم بتسليم مفاتيح المخازن الموضوعة فيها ، فإن هذا النص لا يعني أن كل من يحمل مفتاحا لخزانة يكون ولا بد حائزا فعلا لمحتوياتها ، لأن حمل المفتاح لا يلزم عنه حتما أن حامله مسلط على الخزانة . فحيث تدل الظروف على أن حامل مفتاح الخزائن كان متسلطا فعلا على ما فيها حاز اعتباره حائزا ، وإلا فلا . وما يراه قاضي الموضوع في هذا الشأن هو رأي في مسألة واقعية يستقل هو بتقديرها ، ولا يخضع قضاؤه فيها لرقابة محكمة النقض ( [1598] ) . وإذا تعارض انتقال الحيازة المادي مع انتقال الحيازة الرمزي ، كانت الأفضلية لا نتقال الحيازة المادي ، لأنه أكثر واقعية من انتقال الحيازة الرمزي ولأن من حصل على الحيازة المادية جدير به أن يكون أكثر اطمئنانا ممن لم يحصل $ 890 $ إلا على حيازة رمزية . فإذا باع صاحب البضائع بضائعه وهي في يد أمين النقل ، لشخصين متعاقبين ، فإن ملكية البضائع تنتقل للمشترى الأول بموجب عقد البيع الصادر له . فإذا ما تسلم هذا المشترى الأول البضائع تسلما رمزيا بتسلمه يندات البضائع ، ولم يتسلم المشترى الثاني البضائع أصلا ، بقيت ملكية البضائع عند المشترى الأول ، فهو صاحب البيع الأول وهو الذي تسلم البضائع . ولكن إذا تسلم المشترى الثاني البضائع ذاتها تسلما فعليا من أمين النقل ولو بعد أن تسلم المشترى الأول سندات هذه البضائع ، كان المشترى الثاني هو صاحب الحيازة المادة والمشترى الأول هو صاحب الحيازة الرمزية ، وتعارضت الحيازتان . وعند تعارضهما تفضل الحيازة المادية كما قدمنا ، فيعتبر المشترى الثاني صاحب الحيازة المادية هو الحائز للبضائع دون المشترى الأول صاحب الحيازة الرمزية . ومن ثم يكون البائع قد باع الضائع مرتين ، وسلمها تسليما فعليا للمشترى الثاني دون المشترى الأول . فتنتقل ملكية البضائع إلى المشترى الثاني ، لا بموجب عقد البيع الثاني الصادر له فقد سبق هذا البيع الثاني بيع أول نقل الملكية إلى المشترى الأول ، بل بموجب الحيازة المادة التي انتقلت إلى المشترى الثاني كما قدمنا ، فتنقل هذه الحيازة المادة وحدها إليه ملكية البضائع ما دام حسن النية ، طبقا للقاعدة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية . وتقول الفقرة الثانية من المادة 954 مدني ، كما رأينا ( [1599] ) ، تأكيدا لذلك : " على أنه إذا تسلم شخص هذه المستندات وتسلم آخر البضاعة ذاتها ، وكان كلاهما حين النية ، فإن الأفضلية تكون لمن تسلم البضاعة " .
306 – صفات الحيازة بعد إنتقالها إلى الخلف الخاص : رأينا ( [1600] ) أن الحيازة تنتقل إلى الخلف العام بالصفات التي كانت عليها عند السلف ، فتكون كما كانت عند السلف حيازة عرضية أو حيازة أصلية ، مشوبة بعيب أو غير مشوبة ، مقترنة بحسن النية أو بسوء النية . ذلك بأن الحيازة عند ما تنتقل إلى الخلف العام ليست إلا استمرا لحيازة السلف ، فكما كانت عند السلف تكون عند الخلف العام . أما الحيازة عند ما تنتقل إلى الخلف الخاص ، فأنها $ 891 $ تطو حيازة جديدة مستقلة عن حيازة السلف ، تتميز بصفاتها الخاصة التي قد تغاير الصفات التي كانت عليها عند السلف . ويترتب على أن حيازة الخلف الخاص حيازة جديدة ، وليست مجرد استمرار لحيازة السلف ، أن تكون هناك حيازتان ، حيازة السلف وحيازة الخلف الخاص ، وقد تختلفان في الصفات ، وقد تضم مدة إحداهما إلى مدة الأخرى وقد لا تضم بحسب مصلحة الصلف الخاص .
فالحيازة الخلف الخاص إذن قد تخالف في صفاتها حيازة السلف ، وذلك من وجوه عدة :
فقد تكون حيازة السلف حيازة عرضية ، وتكون حيازة الخلف الخاص مع ذل حيازة أصلية . مثل ذلك أن يكون السلف مستأجرا للعين أو مستعيرا لها أو مودعة عنده ، فتكون حيازته حيازة عرضية لأنه يحوز لحساب المؤجر أو المعير أو المودع . ثم يبيع العين ، وسواء كان المشترى حين النية أو سيء النية فإنه كمشتر يحوز العين كمالك ، أي يحوزها لحساب نفسه . فتكون حيازته وهو خلف خاص حيازة أصلية ، في حين أن حيازة السلف حيازة عرضية ( [1601] ) .
وعلى العكس من ذلك قد تكون حيازة السلف حيازة أصلة ، وتكون حيازة الخلف الخاص مع ذلك حيازة عرضية . مثل ذلك أن يؤجر المالك العين أو يعيرها أو يودعها أو يرهنها رهن حيازة ، فتكون حيازة المستأجر أو المستعير أو المودع عنده أو المرتهن رهن حيازة ، بالنسبة إلى حق الملكية ، حيازة $ 892 $ عرضية لأنه يحوز لحساب المالك . أما حيازة المالك ، وهو السلف في الحيازة ، في حيازة أصلية تغاير في هذه الصفة حيازة الخلف الخاص وقد رأينا أنها حيازة عرضية .
وقد تكون حيازة السلف مشورة بعيب ، كأن تكون خفية أو غامضة أو يشوبها الإكراه . فإذا إنتقلت إلى الخلف الخاص ، فليس من الضرورى أن يشوبها عند انتقالها هذا العيب ، فقد تكون حيازة الخلف الخاص عند انتقالها إليه ظاهرة بعد أن كانت خفيفة عند السلف ، أو واضحة لا لبس فيها بعد أن كانت غامضة ، أو هادئة بعد أن كان يشوبها الإكراه . على العكس من ذلك قد تكون حيازة السلف غير مشوبة بعيب ، ثم يشوب حيازة الخلف الخاص عيب الإكراه أو عيب الغموض أو عيب الخفاء أو عيب عدم الاستمرار .
وقد تكون حيازة السلف مقترنة بسوء النية ، ومع ذلك يكون الخلف الخاص حسن النية في حيازته . وإذا انتقلت الحيازة إلى الخلف الخاص ، فسوءا كان السلف حسن النية أو سيء النية فإن الحيازة تنتقل إلى الوارث مقترنة بسوء النية ، ولا يفترض في الوارث أنه حسن النية إلى أن يثبت حسن نيته ، لأن حيازة الوارث ليست إلا إستمرارا لحيازة المورث ( [1602] ) . وإذا افترض في الخلف الخاص حسن النية كما سبق القول ، فإن هذا الافتراض يبقى ( [1603] ) إلى أن يثبت صاحب الحق سوء نية الخلف الخاص . وفي جميع الأحوال يعتبر الخلف الخاص سيء النية ، ولو كان يعتقد أنه تلقى الحق من صاحبه ، إذا أعلنه صاحب الحق الحقيقي في صحيفة الدعوى بأن الحق الذي يحوزه قد تلها ه من غير صاحبه . فمن وقت إعلان صحيفة الدعوى إلى الخلف الخاص $ 893 $ يصبح هذا سيء النية على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ( [1604] ) . وإذا كان السلف قد اغتصب الحيازة بالإكراه فأصبح بذلك سيء النية ، فإن هذا لا يمنع ، أن الحيازة إذا انتقلت إلى الخلف الخاص يفترض في هذا الأخير أنه حسن النية ، لأن حيازة الخلف الخاص مستقلة عن حيازة السلف وليست استمرارا لها كما سبق القول . وقد يكون السلف حسن النية ، وتنتقل الحيازة إلى خلف خاص ، فيفترض في الخلف الخاص أنه حسن النية إلى أن يثبت صاحب الحق أنه سيء النية . وليس ذلك راجعا إلى أن حيازة السلف المقترنة بحسن النية قد انتقلت على هذه الصفة إلى الخلف الخاص ، بل إن هذا رجع إلى أن حسن النية يفترض في الحائز ، ولما كان حيازة الخلف الخاص حيازة جديدة مبتدئه فإنه يفترض فيها حسن النية ، شأنها في ذلك شأن أية حيازة أخرى .
307 – ضم مدة حيازة السلف إلى حيازة الخلف الخاص : وقد رأينا ( [1605] ) أن الفقرة الثانية من المادة 955 مدني تنص على ما يأتي : " ويحوز للخلف الخاص أن يضم على حيازته حيازة سلفه في كل ما يرتبه القانون على الحيازة من أثر " . فبالرغم من أن حيازة الخلف الخاص حيازة جديدة مستقلة عن حيازة السلف وليست استمرارا لها كما تقد م القول ، إلا أن الخلف الخاص بالخيار بين أن يضم إلى حيازته حيازة سلفه أو أن يفصل ما بين الحيازتين ويتمسك باحداهما دون الأخرى ، وذلك تبعا لما يرى لها من المصلحة في ذلك ( [1606] ) .
فللخلف الخاص أن يضم إلى حيازته حيازة سلفه ، إذا كانت له مصلحة في ذلك ، للتملك بالتقادم ( [1607] ) ، فقد نقل له سلفه كل حقوقه على العين $ 894 $ ومنها مزايا حيازته السابقة من ناحية التقادم ( causam usudapiendi ) ( [1608] ) . فإذا كان السلف سيء النية وبقى حائزا للعين مدة ثماني سنوات مثلا ، ثم انتقلت حيازة العين إلى خلف خاص ه أيضا سيء النية ، فللخلف الخاص أن يتملك العين بالتقادم الطويل إذا هو بقى حائزا للعين سبع سنوات أخرى ( [1609] ) . وإذا كان السلف غير مالك للعقار ولكنه حسن النية ولديه سبب صحيح ، وبقى حائزا للعقار مدة ثلاث سنوات مثلا ، ثم نقل الحيازة بسبب صحيح ناقل للملكية إلى خلف خاص هو أيضا حسن النية ، فللخلف الخاص أن يتملك العقار بالتقادم القصير إذا هو بقى حائزا له مدة سنتين أخريين . ولكن يشترط في ذلك أن تكون كل من الحيازتين ، حيازة السلف وحيازة الخلف الخاص مستوفيه لشروط التملك بالتقادم القصير ، فيجب أن تكون كلن منهما مقترنة بحسن النية وبالسبب الصحيح ( [1610] ) . وإذا كان السلف سيء النية ، وبقى حائزا للعين مدة اثنتي عشرة سنة مثلا ، ثم تقل الحيازة بسبب صحيح ناقل للملكية إلي خلف خاص حسن النية فسنرى أن هذا الخلف الخاص يستطيع أن يستقل بحيازته ، وهي مقترنة بحسن النية وبالسبب الصحيح فيتملك بالتقادم القصير إذا بقى حائزا للعقار مدة خمس سنوات . ولكنه في الفرض المتقدم يفضل أن يضم حيازة سلفه سيء النية إلى حيازته هو ولو انح حسن النية ، فيتملك بالتقادم الطويل بدلا من التقادم القصير . ذلك أنه في حالة ما إذا ضم مدة حيازة سلفه وهي اثنتا عشرة سنة ، لا يحتاج إلا إلى حيازة تدوم ثلاث سنوات أخرى $ 895 $ يستكم بها مدة التقادم الطويل . أما في حالة ما إذا أراد التملك بالتقادم القصير ، فإنه لا يستطيع أن يضم مدة حيازة سلفة سيء النية إلى مدة حيازته وهو حسن النية . فلابد إذن من إسقاط مدة حيازة سلفة والتعويل على حيازته وحدها ، فيحتاج إلى حيازة تدوم خمس سنوات بدلا من ثلاث سنوات ، للتملك بالتقادم القصير . وإذا فرضنا العكس وكان السلف حسن النية ولديه سبب صحيح ، ولكنه لم يجز العقار إلا مدة ثلاث سنوات فقط ، ثم نقل حيازته إلى خلف خاص سيء النية يعلم أن العقار ليس مملوكا لسلفه ، فإن الخلف الخاص لا يستطيع أن يتملك العقار بالتقادم القصير لأنه سيء النية . ولكنه يستطيع أن يتملك العقار بالتقادم الطويل ، فإذا هو حازه مدة اثنتى عشرة سنة ، استطاع أن يضم إليها مدة حيازة سلفه حسن النية وهي ثلاث سنوات ، فيستكمل بها مدة التقادم الطويل ( [1611] ) .
وللخلف الخاص أن يفصل ما بين حيازة سلفه وحيازته هو ، ويتمسك باحداهما دون الأخرى ، وذلك تبعا لمصلحته . فقد تكون له مصلحة في أن يتمسك بحيازة سلفه وحدها ، ويسقط حيازته هو من الحساب . ويتحقق ذلك فيما إذا كان السلف حسن النية ولديه سبب صحيح ، وكان الخلف سيء النية . فإذا كانت مدة حيازة السلف المقترنة بحسن النية بلغت خمس سنوات ، وبلغت مدة حيازة الخلف الخاص المقترنة بسوء النية مدة خمس سنوات أخرى ، فإن من مصلحة الخلف الخاص أن يتمسك بحيازة سلفه وحدها وأن يسقط حيازته هو . وذلك لأن حيازة سلفه بلغت خمس سنوات وهي مقترنة بحسن النية والسبب الصحيح ، وهذا كاف لتملك العقار بالتقادم القصير . فلا يكون الخلف الخاص في حاجة إلى التمسك إلا بحيازة السلف هذه ، فتخلص له ملكية العقار نقلا عن سلفه كما خلصت له حيازته . أما إذا أراد أن يتمسك بمدة حيازته المقترنة بسوء النية ، فهو لا يستطيع أن يتملك إلا بالتقادم الطويل ، ولو ضم مدة حيازة سلفه وهي خمس سنوات إلى مدة حيازته وهي خمس سنوات أخرى ، لنقصه خمس سنوات ثالثة حتى يكمل المدة خمس عشرة سنة وهي مدة التقادم الطويل . ونرى من ذلك أن من مصلحة الخلف الخاص في هذا المثل ألا يتمسك $ 896 $ بحيازته هو ، وأن يقتصر على التمسك بحيازة سلفه وحدها ( [1612] ) ، وقد تكون له مصلحة على العكس من ذلك في أن يتمسك بحيازته هو وحدها ، وأن يسقط حيازة سلفه . ويتحقق ذلك فيما إذا كان السلف سيء النية ، وحاز العقار لمدة ثلاث سنوات ، ثم نقل حيازته بسبب صحيح إلى خلف خاص حسن النية بقى حائزا له مدة خمس سنوات . فهنا يستطيع الخلف الخاص أن يتملك العقار بالتقادم القصير ، إذ أنه قد حازه خمس سنوات ولديه السبب الصحيح وحسن النية . ولا يحتاج في ذلك إلا إلى التمسك بحيازته هو دون حيازة سلفه . أما إذا أراد ضم حيازة سلفه سيء النية ، فلا يستطيع أن يتملك إلا بالتقادم الطويل . ولما كانت مدة حيازة سلفه ثلاث سنوات ومدة حيازته هو خمس سنوات ، فإنه بذلك ينقصه سبع سنوات أخرى حتى يكمل المدة خمس عشرة سنوة وهي مدة التقادم الطويل . ونرى من ذلك أن مصلحة الخلف الخاص في هذا المثل ، بخلاف المثل السابق ، هي في أن يتمسك بحيازته هو وحدها وأن يسقط حيازة سلفه . ولو أن السلف سيء النية كانت مدة حيازته اثنتي عشرة سنة ، بدلا من ثلاث ، وكانت مدة حيازة الخلف الخاص ثلاث سنوات أخرى ، بدلا من خمس ، لكان من مصلحة الخلف الخاص أن يتمسك بحيازة السلف سيء النية فيضمها إلى مدة حيازته ، ويستكمل بها خمس عشرة سنة ، ويتملك بالتقادم الطويل ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [1613] ) .
$ 897 $
2 - زوال الحيازة
( perte de le possession )
308 – نصوص قانونية : تنص المادة 956 مدني على ما يأتي :
" تزول الحيازة إذا تخلى الحائز عن سيطرته الفعلية على الحق أو إذا فقد هذه السيطرة بأية طريقة أخرى " .
وتنص المادة 957 مدني على ما يأتي :
" 1 - لا تنقضي الحيازة إذا حال دون مباشرة السيطرة الفعلية على الحق مانع وقتي " .
" 2 - ولكن الحيازة تنقضي إذا أستمر هذا المانع سنة كاملة ، وكان ناشئا من حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز أو دون علمه . وتحسب ابتداء من الوقت الذى بآت فيه الحيازة الجديدة ، إذا بدأت علنا ، او من وقت علم الحائز الأول بها إذا بدأت خفية " ( [1614] ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام كان معمولا بها دون نص .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 915 – 916 – وفي التقنين المدني الليبي م 960 – 961 – وفي التقنين المدني الواقي لا مقابل – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل ( [1615] ) .
$ 898 $
ويلخص من هذه النصوص أن الحيازة تزول بزوال عنصرها المادى ، وهو السيطرة الفعلية على الحق الذى يستعمله الحائز . ثم إن الحيازة تزول أيضاً بزوال عنصرها المعنوى ، وهو قصد الحائز أن يستعمل الحق لحساب نفسه ، إذ أن الحيازة متى فقدت أحد عنصريها ، المادى أو المعنوى ، تكون قد فقدت أحد مقوماتها فتزول . ومن باب أولى تزول الحيازة إذا فقدت العنصرين معاً ، العنصر المادى والعنصر المعنى ( [1616] ) . ويلاحظ أن انتقال الحيازة إلى خلف خصا ينطوى على معنى زوال حيازة السلف ، فقد قدمنا أن الحيازة إذا انتقلت غلى خلف خصا تكون حيازة جديدة مستقلة عن حيازة السلف ، ومعنى ذلك أن حيازة السلف قد زالت وبدأت حيازة جديدة هى حيازة الخلف الخاص . وهذا بخلاف انتقال الحيازة إلى الخلف العام ، فإن حيازة الخلف العام ليست حيازة جديدة ، بل هى استمرار لحيازة السلف ( [1617] ) .
فنبحث إذن ، فى زوال الحيازة ، المسائل الآتية : ( 1 ) زوال الحيازة بفقد عنصريها المادة والمعنى . ( 2 ) زوال الحيازة بفقد عنصرها المادى وحده . ( 3 ) زوال الحيازة بفقد عنصرها المعنوى وحده .
309 - زوال الحيازة بفقد عنصريها المادى والمعنوى : تزول الحيازة بداهة إذا فقد الحائز عنصريها المادة والمعنوى معاً ، ففقد عنصر السيطرة المادية وعنصر قصد استعمال الحق لسحاب نفسه ، ويتحقق ذلك فى أحد فرضين :
( الفرض الأول ) بإرادة الحائز متطابقة مع إرادة خلفه الخاص فى الحيازة فيتفق الحائز مع خلفه الخاص على أن ينقل له حيازة الحق الذى يستعمله ، وتنتقل الحيازة فعلاً إلى الخلف الخاص بناء على هذا الاتفاق . فهنا قد فقد الحائز عنصر السيطرة المادية على الحق وعنصر قصد استعماله لحساب نفسه ، $ 899 $ ففقد الحيازة يفقد عنصريها ، وبدأ الخلف الخاص حيازة جديدة مستقلة عن حيازة السلف ، فإن هذه الحيازة السابقة قد زالت بفقد عنصريها كما تقم القول . وقد سبق الكلام فى هذا فى أحكام انتقال الحيازة إلى الخلف الخاص ، فنحيل إلى ما قدمناه فى ذلك ( [1618] ) .
( الفرض الثانى ) بإرادة الحائز وحده . فيتخلى الحائز عن حيازة الشئ وهذا التخلى ( abandon ) هو تخل من الحائز عن كل من السيطرة المادية وقصد استعمال الحق لحساب نفسه ، أى نزول عن العنصرين المادى والمعنوى . فإذا كان الشئ عقاراً ، زالت الحيازة دون أن تزول الملكية . وإذا كان الشئ منقولاً ، زالت الحيازة والملكية معاً متى كان قصد الحائز من التخلى عن الحيازة هو التخلى عن الملكية . وتنص المادة 871 / 1 مدنى فى هذا المعنى على أن " يصبح المنقول لا مالك له ، إذا تخلى عنه مالكه بقصد النزول عن ملكيته " . فإذا ألقى شخص فى الطريق أو فى سلة المهملات لتلقى فى الطريق منقولاً لم يعد ذا نفع له ، أو حفر خندقاً فى أرض أو طهر ترعة أو مصرفاً فألقى بالطين والأتربة التى تستخرج من باطن الأرض على قارعة الطريق ، أو ألقى بمخلفات منزله فى صناديق القمامة ، فإن هذه المنقولات تسمى بالمنقولات المتروكة ( res derelicate ) ، وتصبح سائبة لا مالك لها ، بعد أن تخلى المالك عن حيازتها بقصد النزول عن ملكيتها ( [1619] ) .
310 - زوال الحيازة بفقد عنصرها المادى وحده : وقد يفقد الحائز السيطرة المادية على الحق الذى يستعمله ، فيفقد حيازته ، ولو استبقى العنصر المعنوى وهو قصد استعمال الحق ، فإن قصد استعمال الحق لا يجديه شيئاً إذا هو فقد استعماله فعلاً أى فقد السيطرة عليه ( [1620] ) . ويفقد الحائز السيطرة المادية على الحق إذا اغتصب الغير منه الشئ محل الحق عقاراً كان أو منقولاً ، أو سرقة منه أو ضاع إذا كان منقولاً . مثل ذلك أن يغتصب الغير من الحائز الأرض التى لى حيازته ، أن يسرق متاعاً له ، أو يضيع من الحائز مجوهرات يملكها $ 900 $ أو يتسرب حيوان كان فى حيازته . ففى هذه الفروض يفقد الحائز الحيازة بفقده السيطرة المادية ، مهما استبقى العنصر المعنوى واحتفظ بالقصد ، فإن عنصرا من عنصرى الحيازة قد فقد فتزول بفقده الحيازة ( [1621] ) . وتقول المادة 956 مدنى ، كما رأينا ( [1622] ) ، فى هذا المعنى : " تزول الحيازة إذا تخلى الحائز عن سيطرته الفعلية على الحق ، أو إذا فقد هذه السيطرة بأية طريقة أخرى " . ويلاحظ أن تخلى الحائز عن سيطرته الفعلية يتضمن تخليه أيضاً عن عنصر القصد ، فتزول الحيازة بفقد عنصريها المادة والمعنوى معا . ولكن فى غير التخلى ، إذا فقد الحائز سيطرته الفعلية أى العنصر المادى وحده ، فإنه يفقد الحيازة بفقده أحد عنصريها . ففى حالة اغتصاب الأرض يكون الحائز هو المغتصب ، وهو يبتدئ حيازة جديدة لا صلة لها بالحيازة السابقة التى زالت بفقد عنصرها المادى ( [1623] ) . والحائز ، فى حالة السرقة ، هو اللص ، وهو أيضاً يبتدئ حيازة جديدة لا صلة لها بالحيازة السابقة التى زالت بفقد عنصرها المادى . أما إذا ضاع الشئ أو تسرب الحيوان ، دون أن يعثر عليه أحد فيحوزه ، فإن حيازته تزول أيضاً بفقد عنصرها المادى . ولكن الشئ الضائع أو الحيوان المتسرب لا يكون فى حيازة أحد ، وإن بقى فى ملكية الحائز السابق وبقى هذا محتفظاً بعنصر القصد . وقد كان المشروع التمهيدى لنص المادة 956 مدنى يتضمن فقرة ثانية تقرر حكماً غير هذا الحكم ، إذ كانت تجرى على الوجه الآتى : " إذا فقد الحائز الشئ دون أن يحوزه شخص آخر ، كان له أن يستبقى الحيازة بمحض نيته ، ما دام لم يفقد الأمل فى العثور على المفقود " ( [1624] ) وقد حذفت هذه الفقرة فى لجنة المراجعة " لأنها تطبيق للقواعد العامة " ( [1625] ) ، والصحيح أن حكم هذه الفقرة المحذوفة يخالف القواعد العامة ، فإن الحيازة متى فقدت عنصرها المادى تزول ولو استبقى الحائز عنصر القصد وهو العنصر $ 901 $ المعنوى . وقد كان المقصود بإيراد هذه الفقرة فى المشروع التمهيدى أن تكون استثناء من القواعد العامة ، لا تطبيقاً لها ، أما وقد حذفت ، فلم يعد بعد مجال لهذا الاستثناء . ويجب اعتبار من أضاع شيئاً أنه فقد حيازته ، وليس له أن يستبقى الحيازة بمحض نيته ( animo solo ) ، ولو لم يفقد الأمل فى العثور على المفقو ( [1626] ) .
والاستثناء من القاعدة التى تقضى بزوال الحيازة بفقد عنصرها المادى هو ما أوردته الفقرة الأولى من المادة 957 مدنى ، إذ تقول كما رأينا ( [1627] ) : " لا تنقضى الحيازة إذا حال دون مباشرة السيطرة الفعلية على الحق مانع وقتى " . والمروض هنا أن المانع الذى حال دون مباشرة السيطرة الفعلية هو مانع طبيعى أو قوة قاهرة ، وأنه مانع وقتى زواله مترقب ، وذلك كفيضان غمر الأرض لمدة موقوتة ولا يلبث أن ينحصر فتعود لحائز الأرض السيطرة المادية عليها . فلا تعبر الحيازة فى هذا الفرض قد زالت بفقد السيطرة المادة فقدا موقتاً بقوة قاهرة ، ويبقى الحائز على حيازته للأرض حتى فى أثناء المدة التى غمرها الفيضان فيها . أما إذا غمر الأرض البحر أو النهر لمدة غير موقتة ، فإن الحائز للأرض يكون قد فقد السيطرة المادية عليها ، ومن ثم يفقد الحيازة ( [1628] ) .
$ 902 $
وإذا كان الشئ عقاراً واغتصب حيازته بعلم الحائز أو دون علمه ، فالأصل كما قدمنا أن يفقد الحائز للعقار السيطرة المادية عليه فيفقد الحيازة . ولكنه مع ذلك يجوز أن يسترد حيازة العقار بدعوى استرداد الحيازة طبقاً لقواعدها التى سيأتى بيانها ، ومن هذه القواعد أن يرفع دعوى الاسترداد فى خلال سنة من وقت حيازة المغتصب الجديدة إذا بدأت علنا ، أو من وقت علم الحائز بالحيازة الجديدة إذا بدأت خفية . فإن استرداد الحائز حيازته على هذا الوجه ، اعتبر مستبقياً للحيازة بأثر رجعى حتى فى أثناء المدة التى اغتصبت فيها منه الحيازة . أما إذا لم يستردها فى خلال السنة ، فإن الحيازة تزول من وقت أن اغتصبها المغتصب ، وذلك بسبب فقد عنصر السيطرة المادية . وتقول الفقرة الثانية من المادة 957 مدنى كما رأينا ( [1629] ) فى هذا المعنى : " ولكن الحيازة تنقضى إذا استمر هذا المانع سنة كاملة ، وكان ناشئاً من حيازة جديدة وقعت رقم إرادة الحائز أو دون علمه . وتحسب السنة ابتداء من الوقت الذى بدأت فيه الحيازة الجديدة إذا بدأت علنا ، أو من وقت علم الحائز الأول بها إذا بدأت خفية ( [1630] ) " .
وتزول الحيازة أيضاً بفقد عنصرها المادى وهو عنصر السيطرة المادية ، إذا هلك الشئ ، أو إذا دخل فى الأملاك العامة ( الدومين العام ) ( [1631] ) .
311 - زوال الحيازة بفقد عنصرها المعنوى وحده : وتزول الحيازة أخيراً بفقد عنصرها المعنوى وحده ، مع بقاء عنصرها المادى وهو السيطرة الفعلية . ويتحقق ذلك فيما إذا كان فقد الحائز عنصر القصد فى أن يحوز الشئ لحساب نفسه فيفقد بذلك العنصر المعنوى للحيازة ، مع استبقائه السيطرة المادية على الشئ فيستبقى العنصر المادى ، وإن كان يستبقيه نيابة عمن انتقل إليه $ 903 $ الشئ . وأكثر ما يكون ذلك فيما إذا باع شخص شيئاً ، واتفق مع المشترى على أن يستبقيه عنده لحساب المشترى ( constutut possessoire ) . فهنا يكون البائع قد استبقى السيطرة المادية على المبيع نيابة عن المشترى ، وفقد العنصر المعنوى فلم يعد يحوز المبيع لحساب نفسه بل لحساب المشترى . وعلى ذلك يفقد الحيازة الأصلية لأنه فقد عنصرها المعنوى ، وتنقلب حيازته إلى حيازة عرضية ( [1632] ) .
المبحث الثانى
حماية الحيازة فى ذاتها والعلاقة بين الحيازة والملكية
المطلب الأول
حماية الحيازة فى ذاتها
( دعاوى الحيازة الثلاث ) ( [1633] )
312 - خصائص دعاوى الحيازة : لدعاوى الحيازة خصائص تتميز بها ، فهى : ( أولاً ) دعاوى تحمى الحيازة فى ذاتها . ( ثانياً ) دعاوى تحمى حيازة العقار دون حيازة المنقول . ( ثالثاً ) دعاوى تحمل طابع الاستعجال فتدخل فى اختصاص القاضى الجزئى .
$ 904 $
313 - ( أولاً ) دعاوى الحيازة تحمى الحيازة فى ذاتها : فهذا الدعاوى إنما جعلت لحماية الحيازة فى ذاتها ، دون نظر إلى ما إذا كان الحائز يملك الحق الذى يحوزه أو لا يملكه . فالحائز لأرض ، أى الحائز لحق الملكية فى هذه الأرض ، تحميه دعاوى الحيازة . ولا يطلب منه ، فى مباشرته لهذه الدعاوى ، إلا أن يثبت حيازته للأرض بالشروط الواجب توافرها فى الحيازة على الوجه الذى سبق أن بسطناه . فلا يطلب منه أن يثبت أنه مالك للأرض ، فالملكية تكون محلاً لدعوى الاستحقاق ، وهى دعوى ملية لا دعوى حيازة تتميز ، على خلاص دعوى الحيازة ، بإجراءات طويلة معقدة ، وبطرق إثبات تزيد كثيراً فى الصعوبة والعسر على طرق إثبات الحيازة . وسواء كان الحائز للأرض مالكاً لها أو غير مالك ، فإنه متى أثبت حيازته للأرض كان له أن يحمى حيازته هذه بدعاوى الحيازة فيستطيع أن يسترد حيازته ، إذا كانت قد انتزعت منه عنوة أو خلسة ، بدعوى استرداد الحيازة . وإذا لم ينتزع منه الحيازة ، ولكنها تعرضت للاعتداء أو التهديد ، فإنه يستطيع أن يدفع عنها الاعتداء أو التهديد بدعوى منع التعرض . وإذا لم تتعرض حيازته للاعتداء أو التهديد ، ولكنها توشك أن تتعرض لذلك من جراء أعمال بدئ بها ولما تتم ، فإنه يستطيع أن يطلب وقف هذه الأعمال بدعوى وقف الأعمال الجديدة .
وما قلناه فى حق الملكية يقال فى الحقوق الأخرى التى تكون محلاً للحيازة . فدعاوى الحيازة تحمى حائز حق الانتفاع أو حائز حق الارتفاق أو حائز حق رهن الحيازة أو حائز حق المستأجر . فلا يطلب من الحائز لأحد هذه الحقوق إلا أن يثبت حيازته لهذا الحق ، فتحمى حيازته دون أن يطلب منه أن يثبت أنه صاحب هذا الحق فعلاً . ومن ثم يستطيع أن يسترد حيازته للحق بدعوى استرداد الحيازة ، وأن يرفع عنها الاعتداء والتهديد بدعوى منع التعرض ، وأن يطلب وقف الأعمال الجديدة التى توشك أن تهدد حيازته بدعوى وقف الأعمال الجديدة .
314 - ( ثانياً ) دعاوى الحيازة تحمى حيازة العقار دون حيازة المنقول : ودعاوى الحيازة لا تحمى حيازة المنقول ، فالمنقول ليس له كالعقار مستقر ثابت يتيسر معه تمييز الحيازة عن الملكية فى شأنه . فيد الحائز للمنقول تختلط بيد $ 905 $ المالك ، ومن ثم اختلط الحيازة فى المنقول بالملكية ، وحمت دعوى الملكية حيازة المنقول وملكيته معاً ، إذ أصبحت الحيازة فى المنقول إذا اقترنت بحسن النية هى نفسها سند الملكية . هذا إلى أن دعاوى الحيازة قد نشأت كما سنرى فى القانون الفرنسى القديم ، حيث كان المنقول على خلاف العقار غير ذى خطر ، فلم يستأهل أن تكن حمايته فى حيازته مستقلة عن حمايته فى ملكيته ( mobilium possession vilis ) ( [1634] ) .
وكما لا يحمى المنقول بدعاوى الحيازة ، كذلك لا يحمى المجموعة من المالك ( universalite ) كالتركة . فالحائز لمجموع من المال كالوارث إنما يحمى فى حيازته لعقار معين من هذا المجموع ، ولا يحمى فى حيازته لمجموع المال ذاته إذ المجموع من المال لا يقبل الحيازة ( [1635] ) .
ودعاوى الحيازة إنما تحمى حيازة العقار المعين بالذات ، وحماية جميع الحقوق العينية التى تقع على العقار مما يكون قابلاً للحيازة . وعلى ذلك تحمى هذه الدعاوى : ( 1 ) حيازة العقار ، أى حيازة حق الملكية فى العقار ، إذا كان العقار قابلاً للحيازة . فإذا كان العقار داخلاً فى الدومين العام ، فإنه لا يكون فى الأصل قابلاً للحيازة ، وكان ينبغى ألا يكون هناك مجال فى شأنه لدعاوى الحيازة ( [1636] ) . ولكن القضاء فى فرنسا جرى على حماية الشخص العام ، فى حيازته للعقار الداخل فى الدومين العام ، ضد أعمال التعرض والاغتصاب الصادر من $ 906 $ الغير . بل إنه يحمى كل من حصل من الأفراد على ترخيص فى الانتفاع بالعقار الداخل فى الدومين العام ، فى حيازته لهذا العقار ، بجميع دعاوى الحيازة ضد الغير ( [1637] ) ، فيما عدا الجهة الإدارية التى منحته الترخيص . أما حيازة العقار المملوك للشخص العام ملكية خاصة فتحمى بداهة بجميع دعاوى الحيازة ، شأنها فى ذلك شأن أى عقار مملوك للأفراد ( [1638] ) . ( 2 ) حيازة حق الانتفاع وحق الاستعمال وحق السكنى ، إذا تعلقت هذه الحقوق الحيازة ، أى حقوق الارتفاق الظاهرة ( م 1016 / 2 مدنى ) ( [1639] ) . ( 4 ) حيازة حق الحكر . ( 5 ) حيازة حق هن الحيازة إذا تعلق بعقار ( [1640] ) .
315 - ثالثاً دعاوى الحيازة تحمل طابع الاستعجال فتدخل فى اختصاص القاضى الجزئى : ودعاوى الحيازة تحمل طابع الاستعجال ، إذ هى لا تتعرض للملكية كما قدمنا بل تقتصر على مجرد حماية الحيازة فى ذاتها . فإجراءاتها غير طويلة وغير معقدة كدعاوى الملكية ، وهى قريبة الشبه بالدعاوى المستعجلة التى لا يجوز التعرض فيها للموضوع . ولذلك تدخل دعاوى الحيازة ، كالدعاوى المستعجلة ، فى اختصاص القاضى الجزئى أياً كانت قيمة العقار ، ولو زادت هذه القيمة على نصاب هذا القضاء . وتنص المادة 47 مرافعات $ 907 $ فى هذا الصد على أن " تختص محكمة المواد الجزئية كذلك بالحكم ابتدائياً فى : ( أ ) دعاوى الحيازة . ( ب ) طلب التعويض عن سلب الحيازة أو التعدى عليها إذا رفع بالتبعية لدعوى الحيازة " ( [1641] ) . هذا من ناحية الاختصاص النوعى ، ومن ناحية الاختصاص المحلى تختص بنظر دعاوى الحيازة المحكمة الجزئية الواقع فى دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعاً فى دوائر محاكم متعددة ( م 56 / 1 مرافعات ) . وتستأنف الأحكام الصادرة من المحكمة الجزئية فى دعاوى الحيازة ، ولو لم تزد قيمة العقار على النصاب النهائى للقاضى الجزئى ، أمام المحكمة الابتدائية التى تتبعها المحكمة الجزئية التى أصدرت هذه الأحكام .
ويعتبر اختصاص القضاء الجزئى بنظر دعاوى الحيازة ( الاختصاص النوعى ) من النظام العام . فغذا رفعت دعوى الحيازة إلى غير القضاء الجزئى ، جاز لكل خصم أن يدفع بعدم الاختصاص فى أية حالة 3 كانت عليها الدعوى ، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، بل ولأول مرة أمام محكمة النقض ، ويجوز للمحكمة أن تقضى بعدم الاختصاص من تلقاء نفسها . أما الاختصاص المحلى فلا يعتبر من النظام العام ، ويجب إبداء الدفع بعدم الاختصاص المحلى $ 908 $ قبل إبداء أى طلب أو دفاع فى الدعوى وإلا سقط الحق فيه ، ولا يجوز للمحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بدم اختصاصها اختصاصاً محلياً بنظر الدعوى الحيازة .
ولا يجوز من المدعى عليه فى دعوى الحيازة أن يدفعها بالاستناد إلى الحق ، ولا تقبل دعواه بالحق قبل الفصل فى دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذى يصدر فيها إلا إذا تخلى بالفعل عن الحيازة لخصمه ، وكذلك لا يجوز الحكم فى دعاوى الحيازة على أساس ثبوت الحق أو نفيه ( م 48 / 2 و 3 مرافعات وسيأتى بيانها ) .
ويختص القضاء الجزئى كما رأينا ( م 47 ب مرافعات ) بالنظر فى طلب التعويض عن سلب الحيازة أو التعدى عليها إذا رفع بالتبعية لدعوى الحيازة ، أياً كان مقدار التعويض المطلوب ولو جاوز نصاب القاضى الجزئى . ويكون حكمه فى ذلك قابلاً للاستئناف أمام المحكمة الابتدائية التى تتبعها المحكمة الجزئية التى أصدرت الحكم ، ولو لم يود مقدار التعويض المطلوب على النصاب النهائى للقاضى الجزئى . ويختص القضاء الجزئى كذلك بالنظر فى طلب الحكم بالغرامة التهديدية ( astreintes ) ( [1642] ) .
316 - الأصل التاريخ لدعاوى الحيازة : يبدو أن دعاوى الحيازة لا تمت بأصلها إلى القانون الرومانى ، إذ ليست لها صلة بما كان يسمى عند الرومان ( interdits ) ,وإن حاول البعض دون جدوى إرجاع أصلها إلى ذلك ( [1643] ) .
والظاهر أن أصل هذه الدعاوى يرجع إلى القانون الكنسى ( droit canonique ) ، وقد ظهرت فى العصور الوسطى فى صورة دعاوى ثلاث : دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة .
وأقدم هذه الدعاوى دعوى استرداد الحيازة ، وقد ورد ذكرها فى نصوص القانون الكنسى ، واستخلص منها فقهاء هذا القانون دعوى $ 909 $ ( actiospolii ) ودفعاً ( exception splii ) لحماية من انتزعت منه الحيازة بالإكراه . وتلت هذه الدعوى دعوى منع التعرض ، وقد ظهرت فى القرن الثالث عشر فى العادات القديمة ( coutumes de Beauvoisis de Baumanoir ) لحماية من يقع له تعرض فى حيازة تدوم سنة كاملة . ثم ظهرت دعوى وقف الأعمال الجديدة ، وقد صيغت على غرار دعوى رومانية ( nuncatio novi operis ) لحماية حائز العقار من أعمال جديدة يقوم بها جاره وتوشك أن تهدد حيازته . وقد أدمجت دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض ، منذ القرن الرابع العاشر فى دعوى واحدة ( complainte en cas de saisine et de nouvellete ) .
ولكن القانون الفرنسى الحديث رجع إلى التمييز بين هذه الدعاوى الثلاث . فذكر التقنين المدنى الفرنسى دعوى استرداد الحيازة فى المادة 2060 ( ثانياً ) منه فى خصوص الإكراه البدنى ، وقد ألغى هذا النص مع النصوص الأخرى المتعلقة بالإكراه البدنى بقانون 22 يوليه سنة 1867 . وقضى تقنين المرافعات الفرنسى باختصاص قاضى الصلح فى نظر دعاوى الحيازة ، ونصت المادة 23 مرافعات فرنسى على أن " دعاوى الحيازة لا تقبل إلا إذا رفعت فى خلال سنة من وقت التعرض لمن بقيت حيازتهم ، بأنفسهم أو بمن ينوب عنهم ، منذ سنة على الأقل ، حيازة هادئة وبصفة غير عرضية " . ثم ذكرت دعاوى الحيازة الثلاث فى المادة 6 / 1 من قانون 25 مايو سنة 1838 ، ثم فى المادة 7 / 2 من قانون 12 يوليه سنة 1905 الذى ألغى قانون 25 مايو سنة 1838 وحل محله ( [1644] ) .
317 - التمييز بين دعاوى الحيازة الثلاث ومكانها فى التشريع المصرى : وقد ميز التقنين المدنى المصرى الجديد بين دعاوى الحيازة الثلاث تمييزاً واضحاً وخصها بنصوص ( م 958 - 962 مدنى ) وردت بين النصوص المتعلقة بالحيازة .
ويلاحظ أن هنا فرقاً جوهرياً بين دعوى استرداد الحيازة من جهة وبين دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة من جهة آخرى . ففى حين $ 910 $ أن الدعويين الأخيرتين تحميان الحيازة بعد أن تستقر وبعد أن تدوم سنة على الأقل ويراد بها دفع التعرض عن هذه الحيازة المستقرة ، إذا بدعوى الاسترداد تعطى كما سنرى لكل حائز ، ولو كان حائزاً عرضياً ، ولو لم تدم حيازته ، سنة واحدة ، بل ولو لم تستمر حيازته غير يوم واحد أو أقل ، ما دامت هذه الحيازة قد انتزعت منه عنوة أو كان قد فقدها خفية . ثم إن دعوى منع التعرض تتميز عن دعوى وقف الأعمال الجديدة فى أن الدعوى الأولى تدفع عن الحيازة اعتداء قد وقع فعلاً ، فى حين أن دعوى وقف الأعمال الجديدة تحمى الحيازة ، لا من اعتداء قد وقع فعلاً ، بل من اعتداء يوشك أن يقع وهو سيقع حتماً لو تمت الأعمال التى بدئ بها .
وكثير من التشريعات ، كالقانون الفرنسى والقانون المصرى السابق ، يكتفى بالإشارة إلى دعاوى الحيازة فى نصوص تقنين المرافعات وفى خصوص تحديد المحكمة المختصة بنظر هذا الدعاوى . أما التقنين المدنى المصرى الجديد فقد عنى بدعاوى الحيازة ، ووضعها فى مكانها الصحيح بين نصوصه المتعلقة بالحيازة ، تحت عنوان " حماية الحيازة – دعاوى الحيازة الثلاث " . وبدأ بدعوى استرداد الحيازة فأفرد له المواد 958 - 960 مدنى ، وأعقبها بدعوى منع التعرض فأفرد لها المادة 961 مدنى ، وانتهى إلى دعوى وقف الأعمال الجديدة فافرد لها المادة 962 مدنى . ونستعرض الآن هذه الدعاوى الثلاث على التعاقب .
1 - دعوى استرداد الحيازة
( La reintegrande )
318 - نصوص قانونية : تنص المادة 958 مدنى على ما يأتى :
" 1 - لحائز العقار ، إذا فقد الحيازة ، أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه . فإذا كان فقد الحيازة خفية ، بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك " .
" 2 - ويجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من كان حائزاً بالنيابة عن غيره " وتنص المادة 959 مدنى على ما يأتى :
$ 911 $
" 1 - إلا لم يكن من فقد الحيازة قد انقضت على حيازته سنة وقت فقدها ، فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل . والحيازة الأحق بالتفضيل هى الحيازة التى تقوم على سند قانونى . فإذا لم يكن لدى أى من الحائزين سند ، أو تعادلت سنداتهم ، كانت الحيازة الأحق هى الأسبق فى التاريخ " .
" 2 - أما إذا كان فقد الحيازة بالقوة ، فللحائر فى جميع الأحوال أن يسترد خلال السنة التالية حيازته من المعتدى " .
وتنص المادة 960 على ما يأتى :
" للحائز أن يرفع فى الميعاد القانونى دعوى استرداد الحيازة على من انتقلت إليه حيازة الشئ المغتصب منه ، ولو كان هذا الأخير حسن النية ( [1645] ) " .
ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق ( [1646] ) .
$ 912 $
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى لا مقابل - وفى التقنين المدنى الليبى م 962 - 964 - وفى التقنين المدنى العراقى م 150 - 1153 - وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( [1647] ) .
$ 913 $
ويخلص من هذه النصوص ما يأتى : ( 1 ) المدعى فى دعوى استرداد الحيازة هو الحائز للعقار ، ولو كان حائزاً عرضياً بالنيابة عن غيره . ( 2 ) المدعى عليه فى دعوى استرداد الحيازة هو من انتزع الحيازة من الحائز ، وكذلك خلفه ولو كان حسن النية . ( 3 ) المدة التى ترفع فى خلالها دعوى استرداد الحيازة هى سنة من وقت فقد الحيازة أو من وقت العلم بفقدها . ( 4 ) ما يحكم به القاضى فى دعوى استرداد الحيازة يختلف باختلاف ما إذا كانت الحيازة قد دامت سنة قبل انتزاعها ، وما إذا كانت قد انتزعت بالقوة ، وما إذا كان منتزع الحيازة أحق بالتفضيل . ( 5 ) التكييف القانونى لدعوى استرداد الحيازة هو إنها تتراوح بين أن تكون دعوى شخصية من دعاوى المسئولية ودعوى مستقلة من دعاوى الحيازة .
فنبحث هذه المسائل متعاقبة .
319 - المدعى فى دعوى استرداد الحيازة : المدعى فى هذه الدعوى هو الحائز للعقار . ويجب عليه أن يثبت أنه وقت أن انتزعت منه الحيازة كان $ 914 $ حائزاً للعقار ( [1648] ) حيازة خالية من العيوب ، أى حيازة مستمرة علنية هادئة غير غامضة ( [1649] ) محل الوجه الذى بسطناه فيما تقدم .
وليس من الضرورى فى دعوى استرداد الحيازة ، وهذا هو الذى يميزها عن سائر دعاوى الحيازة ، أن يكون الحائز حائزاً أصيلاً أى حائزاً لحساب نفسه . فيجوز للحائز العرضى ، وهو الحائز لحساب غيره ، أن يكون مدعياً فى دعوى استرداد الحيازة ، ويطالب باسترداد حيازة أو مستأجراً أو حارساً قضائياً ، أى حازاً لحق الملكية حيازة عرضية لحساب المالك ( [1650] ) . وتصرح الفقرة الثانية من المادة 958 مدنى ، كما رأينا ( [1651] ) ، بهذا الحكم إذ تقول : " ويجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من كان حائزاً بالنيابة عن غيره " .
وكما يجوز للحائز العرضى أن يكون مدعياً فى دعوى استرداد الحيازة ، كذلك يجوز لمن قامت حيازته على عمل من أعمال التسامح ، وهو مثل الحائز العرضى مجرد من عنصر القصد فى الحيازة وليس لديه إلا السيطرة المادية ، أن يكون مدعياً فى دعوى استردادا الحيازة . ويكون مدعياً فى دعوى استرداد الحيازة أيضاً من حصل على ترخيص ( concession ) من الجهة الإدارية $ 915 $ فى الانتفاع بعقار داخل فى الأملاك العامة ، ولو أن حيازته للملك العام معرضة للزوال فى أى وقت بمجرد رجوع الجهة الإدارية فى الترخيص ( [1652] ) . ولكل من الحائز على سبيل التسامح والحائز بموجب ترخيص إدارى أن يسترد الحيازة بدعوى استردادا الحيازة ، حتى من المالك الذى أجاز الحيازة على سبيل التسامح ، أو من الجهة الإدارية التى منحت الترخيص ( [1653] ) . على أنه لا يجوز استرداد الحيازة من الجهة الإدارية إذا كانت هذه الجهة قد انتزعت الحيازة من المرخص له ، لا باعتبارها تدير الملك العام ، بل بموجب سلطتها العامة التنظيمية ( pouvoir general reglementaire ) ، كأن تستصدر قراراً باعتبار الأعمال التى دعت لانتزاع الحيازة من أعمال المنفعة العامة ( [1654] ) .
وليس من الضرورى أخيراً لرفع دعوى استرداد الحيازة ، أن يكون الحائز قد دامت حيازته سنة كاملة قبل أن يفقد الحيازة كما يشترط ذلك فى دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة على ما سنرى . فأية حيازة تكون كافية ، ولو كانت حيازة لم تدم إلا يوماً واحداً أو أقل كما سبق القول ( [1655] ) .
$ 916 $
320 - المدعى عليه فى دعوى استرداد الحيازة : والمدعى عليه فى دعوى استرداد الحيازة هو الشخص الذى ينتزع الحيازة من الحائز بالقوة ( violence ) أو بالغصب ( voie de fait ) علناً أو خفية ( [1656] ) . فيشترط إذن أن يكون العمل الذى صدر من المدعى عليه : ( 1 ) هو عمل عدوانى ( acte agressif ) . وقد يكون هذا العمل العدوانى من الأعمال التى تعتبر جريمة فى القانون الجنائى ، ولكن ليس من الضرورى أن يون كذلكن فيكفى أن يكون عملاً غير مشروع من الناحية المدنية . والمهم أن يكون اعتداء إيجابياً يقع على حيازة الحائز ، ويكون من شأنه أن يعكر السلام ويخل بالأمن العام ويبرر حق الدفاع الشرع . فالمدعى عليه ، فى إتيانه لهذا العمل ، يكون فى موقف من يأخذ حقه بيده دون أن يلجأ إلى القضاء ( [1657] ) . وهذا هو المحور الذى تدور عليه دعوى استرداد الحيازة ، فهى جزاء حق على هذا العمل العدوانى منطوياً على القوة والعنف وإن كان هذا هو الغالب ، بل يكفى أن يستولى المعتدى على العقار غصباً وقهراً ، أو خلسة دون علم الحائز ، بحيث يقوم عقبة أمام الحائز فى حيازته لا يستطيع تخطيها إلى إذا التجأ إلى العنف ( [1658] ) . ( 2 ) ويجب أن يكون $ 917 $ هذا العمل العدوانى قد وقع فى العقار ذاته الذى هو فى حيازة الحائز ، أما إذا وقع فى عقار المعتدى فإن ذلك لا يكفى لرفع دعوى استرداد الحيازة ، وإن كان يكفى لرفع عوى منع التعرض أو دعوى وقف الأعمال الجديدة ( [1659] ) . ( 3 ) ويجب أخيراً أن يكون هذا العمل العدوانى قد انتهى إلى انتزاع الحيازة من الحائز ، بحيث لا يصبح فى مكنة الحائز أن يستعيد هذه الحيازة دون أن يقف من هذا العمل أمامه عقبة تحول دون ذلك ( [1660] ) .
وليس يلزم أن يكون المدعى عليه الذى ارتكب هذا العمل العدوانى سيئ النية ، فقد يكون متقداً بحسن نية ، بل يكون على حق فى اعتقاده ، بأن العقار الذى انتزع حيازته هو عقار مملوك له . ولكنه مع ذلك يكون قد أخطا فى تعمده أن يأخذ حقه بيده بدلاً من أن يلجأ إلى القضاء ، ومن ثم يكون انتزاعه الحيازة عملاً عدوانياً يوجب قبل كل أمر آخر أن ترد الحيازة إلى الحائز ( spoliatus ante amnia resitiuendus ) . ثم ينظر بعد ذلك ، بالوسائل التى قررها القانون ، - من الخصمين له الحق فى ملكية العقار ، أو له الحق فى حيازته ( [1661] ) .
ولا يجوز للمدعى رفع دعوى استرداد الحيازة إذا كان مرتبطاً مع المدعى عليه بعقد وكان انتزاع الحيازة يدخل فى نطاق هذا العقد ، فالواجب فى هذه $ 918 $ الحالة أن يلجأ المدعى إلى دعوى العقد ، لا إلى دعوى استرداد الحيازة ، لإلزام المدعى عليه بمراعاة شروط العقد ( [1662] ) .
وإذا انتقلت حيازة العقار المغتصب من المغتصب إلى الغير ، سواء كان الغير خلفاً عاماً كالوارث أن خلفاً خاصاً كالمشترى ، فن خلف المغتصب الذى انتقلت إليه الحيازة يكون هو المدعى عليه فى دعوى استرداد الحيازة ( [1663] ) . ويستطيع المدعى أن يسترد منه حيازة العقار بهذه الدعوى ، حتى لو كان الخلف حسن النية لا يعلم أن سلفه قد اغتصب حيازة العقار . وتنص المادة 60 صراحة على هذا الحكم ، إذ تقول كما رأينا ( [1664] ) : " للحائز أن يرفع فى الميعاد القانونى دعوى استردادا الحيازة على من انتقلت إليه حيازة الشئ المغتصب منه ، ولو كان هذا الأخير حسن النية " . أما فى فرنسا فدعوى استرداد الحيازة دعوى شخصية محضة لا ترفع إلا على مغتصب الحيازة نفسه ، ولا ترفع على الغير الذى انتقلت إليه الحيازة المغتصبة إلا إذا كان شريكاً للمغتصب أو كان سيئ النية يعلم أن الحيازة التى انتقلت إليه حيازة مغتصبة ( [1665] ) ، ومن ذلك نرى أن دعوى استرداد الحيازة فى مصر تنطوى على شئ من العينية ، فهى إلى أنها جزاء على الاغتصاب فى ذاته تعتبر كذلك حماية للحيازة ، فيجوز عن طريقها للحائز أن يسترد حيازته ، لا من المغتصب فحسب ، بل أيضاً من الغير الذى نقل إليه المغتصب الحيازة ولو كان هذا الغير حسن النية .
321 - المدة التى ترفع فى خلالها دعوى استرداد الحيازة : تنص المادة 958 / 1 مدنى ، كما رأينا ( [1666] ) ، على أن " لحائز العقار ، إذا فقد الحيازة ، $ 919 $ أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه . فإذا كان فقد الحيازة خفية ، بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك " . فيجب إذن أن ترفع دعوى استرداد الحيازة فى خلال سنة واحدة تسرى من وقت انتزاع الحيازة من الحائز إذا كان هذا الانتزاع بالقوة أو بالغصب علانية ، إذ يكون الحائز عالماً فى هذه الحالة بوقت انتزاع الحيازة منه . أما إذا كان انتزاع الحيازة وقع خلسة دون أن يعلم به الحائز وقت وقوعه ، فإن السنة التى يجب أن ترفع فى خلالها دعوى استرداد الحيازة تسرى من وقت أن ينكشف ذلك ، أى من وقت أن يعلم الحائز بانتزاع الحيازة منه ( [1667] ) .
ومدة السنة هذه مدة سقوط ( dellaide decheance ) لا مدة تقادم ( delai de prescription ) ، فإذا لم ترفع دعوى استرداد الحيازة فى خلالها لم يجز رفعها بعد انقضاء السنة ، والدعوى التى ترفع بعد انقضاء هذه المدة لا يجوز قبولها . ولما كانت مدة السنة مدة سقوط ، فإنه يترتب على ذلك أنها تسرى على غير كاملى الأهلية من قاصر ومحجور عليه وعلى الغائبين . ويترتب على ذلك أيضاً أنها لا توقف ، ولا تنقطع . وهذا هو الرأى المعمول به فى فرنسا ، وإن كانت محكمة النقض الفرنسية قضت فى بعض أحكامها بأن مدة السنة التى يجب أن ترفع فى خلالها دعاوى الحيازة هى مدة تقادم لا مدة سقوط ، فيرد عليها الوقف والانقطاع ( [1668] ) .
$ 920 $
322 - ما يحكم به دعوى استرداد الحيازة – أحوال أربع : أما الذى يحكم به القاضى فى دعوى استرداد الحيازة ، إذا توفرت شروطها على النحو الذى بسطناه ، فيختلف باختلاف الأحوال . وهناك أحوال أربع يجبن فى هذا الصدد ، تمييزها بعضها عن بعض : ( الحالة الأولى ) إذا كان المدعى الذى انتزعت منه الحيازة قد دامت حيازته مدة لا تقل عن سنة . ( الحالة الثانية ) إذا كانت حيازة المدعى لم تدم سنة كاملة ولكن المدعى فقد الحيازة بالقوة ( voilence ) . ( الحالة الثالثة ) إذا كانت حيازة المدعى لم تدم سنة كاملة ولم يفقد المدعى الحيازة بالقوة ( بل فقدها غصباً أو خلسة ) ولكن المدعى عليه لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل . ( الحالة الرابعة ) إذا كانت حيازة المدعى لم تدم سنة كاملة ولم يفقد المدعى الحيازة بالقوة ولكن المدعى عليه يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل .
323 - الحالة الأولى – حيازة المدعى دامت مدة لا تقل عن سنة : ويلاحظ فى هذه الحالة أن المدعى كان يستطيع رفع دعوى منع التعرض ، لأن حيازته دامت مدة لا تقل عن سنة . وإنما لجأ إلى دعوى استرداد الحيازة لأن الاعتداء على حيازته لم يقتصر على مجرد التعرض لها ، بل انتهى إلى انتزاعها منه عنفاً أو غصباً أو اختلاساً ، فليس له بد من رفع دعوى استرداد الحيازة .
فإذا ما رفعها قضى له برد حيازته إليه ، وبإعادة العقار إلى أصله إن كان المدعى عليه قد أحدث فيه تغييراً . فإن كان قد أقام فيه بناء جديداً اقضى بهدمه ، أو هدم بناء كان موجوداً قضى بإعادته ( [1669] ) . ويستطيع القاضى أن يحكم على المدعى عليه بغرامة تهديدية ، ليحمله على تنفيذ ما قضى عليه به . كذلك يحكم القاضى بتعويض على المدعى عليه عما سببه من أضرار للمدعى بسبب التعدى على حيازته ، وذلك طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية ( [1670] ) .
$ 921 $
والحكم الذى يصدر برد الحيازة إلى المدعى ، فى الحالة التى نحن بصددها ، يرد الحيازة إليه وكأنها لم تنقطع مدة انتزاعها منه . والمفروض أن المدعى قد دامت حيازته قبل انتزاعها مدة لا تقل عن سنة ، فعندما ترد إليه الحيازة تعتبر هذه الحيازة دائمة لم تنقطع ، فتكون قد دامت أكثر من سنة . وعلى ذلك يستطيع دفع الاعتداء عنها بجميع دعاوى الحيازة ، لأنها دامت سنة بل أكثر كما سبق القول . ومن ثم يستطيع أن يرفع د عوى استرداد الحيازة من جديد فيما إذا انتزعت منه الحيازة مرة أخرى .
324 - الحالة الثانية : حيازة المدعى لم تدم سنة كاملة ولكن الحيازة انتزعت بالقوة : فى هذه الحالة لا يكون للمدعى عدوى منع التعرض لو وقع اعتداء على حيازته دون أن تنتزع منه الحيازة ، لأن الحيازة لم تدم سنة كاملة وشرط دعوى منع التعرض أن تدوم الحيازة المدة كما سنرى .
ولكن المفروض فى هذه الحالة أن الحيازة قد انتزعت من المدعى بالقوة ( viobnce ) ، لذلك يكون له رفع دعوى استرداد الحيازة بالرغم من أن حيازته لم تدم سنة كاملة ، لأنه لا يشترط فى هذه الحالة أن تكون الحيازة قد دامت هذه المدة . وتكون دعوى استرداد الحيازة هنا جزاء على انتزاع الحيازة بالقوة ، أى دعوى مسئولية تقصيرية أكثر منها دعوى لحماية الحيازة . وتنص الفقرة الثانية من المادة 959 مدنى ، كما رأينا ( [1671] ) ، فى هذا الصدد على ما يأتى : " أما إذا كان فقد الحيازة بالقوة ، فللحائز فى جميع الأحوال أن يسترد خلال لسنة المالية حيازته من المعتدى " .
وعلى ذلك يقضى للمدعى برد حيازته إليه ، وبإعادة العقار إلى أصلة ، وبالغرامة التهديدية ، شأن المدعى فى هذه الحالة شأنه فى الحالة الأولى . ويقضى له كذلك بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب انتزاع حيازته منه ، ويلاحظ هنا بوجه خاص استعمال المدعى عليه للقوة فى انتزاع الحيازة .
والحكم الذى يصدر برد الحيازة فى هذه الحالة يقتصر على رد الحيازة المادية إلى المدعى موقتاً ، دون أن يحسم النزاع فيمن له حق الحيازة القانونية . فيجوز للمدعى عليه ، بعد أن يرد الحيازة للمدعى ، أن يعود فيرفع هو دعوى $ 922 $ استرداد الحيازة على المدعى ، إذا استطاع رفعها فى الميعاد القانونى وأثبت أن المدعى كان قد سبق له أن انتزع منه الحيازة . فإذا نحج فى دعواه واسترد الحيازة ، كان له أيضاً أن يرفع دعوى منع التعرض أو دعوى وقف الأعمال الجديدة إذا توافرت شروط أى دعوى منها ( [1672] ) .
325 - الحالة الثالثة - حيازة المدعى لم تدم سنة كاملة ولم تنتزع بالقوة ولكن المدعى عليه لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل : فى هذه الحالة الثالثة لم تدم حيازة المدعى سنة كاملة ولم تنتزع منه بالقوة ، حتى يحل له رفع دعوى استرداد الحيازة كما كان يفعل فى الحالتين الأولى والثانية . ولكن القانون يعطيه مع ذلك حق رفع دعوى استرداد الحيازة ، لأن المدعى عليه الذى انتزع منه الحيازة لا يستند هو نفسه إلى حيازة أحق بالتفضيل .
وهنا تعمد الفقرة الأولى للمادة 959 مدنى إلى وضع قواعد للمفاضلة بين حيازة وأخرى ، وهى قواعد تشبه القواعد التى وضعها القضاء الفرنسى لإثبات حق الملكية ، إذ هى مثلها تميز بين صور ثلاث : صورة ما إذا وجد سند قانونى عند كل من الخصمين ، وصورة ما إذا لم يوجد سند قانونى عند أى من الخصمين ، وصورة ما إذا وجد سند قانونى عند أحد الخصمين دون الآخر . وقد سبق بسط هذه القواعد فيما يتعلق بإثبات حق الملكية ( [1673] ) ، والآن نعرض لنظائرها فيما يتعلق بالمفاضلة بين حيازة وأخرى . فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 959 مدنى ، كما رأينا ( [1674] ) ، على أنه " إذا لم يكن من فقد الحيازة قد انقضت على حيازته سنة وقت فقدها ، فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل . والحيازة الأحق بالتفضيل هى التى تقوم على سند قانونى . فإذا لم يكن لدى أى من الحائرين سند ، أو تعادلت سنداتهم ، كانت الحيازة الأحق هى الأسبق فى التاريخ " . ويستخلص من النص سالف الذكر أنه إذا أريدت المفاضلة بين حيازتين ، وجب التمييز بين الصورة الآتية : ( 1 ) إذا قامت كل من الحيازتين على سند قانونى ، كأن يتمسك $ 923 $ المدعى بسند بيع صادر له من شخص فى حين أن المدعى عليه يتمسك بسند بيع صادر له من شخص آخر ، فضلت الحيازة الأسبق فى التاريخ سواء كان سندها سابقاً على سند الحيازة الأخرى أولاً حقاً له . ( 2 ) إذا لم تقم أى من الحيازتين على سند قانونى ، فإن الحيازة الأسبق فى التاريخ هى التى تفضل هنا أيضاً . ( 3 ) إذا قامت إحدى الحيازتين على سند قانونى ولم تقم الحيازة الأخرى على سند مقابل ، فضلت الحيازة التى تقوم على سند قانونى سواء كانت سابقة على الحيازة الأخرى أو لا حقه لها .
ونطبق هذه القواعد فى الحالة الثالثة التى نحن بصددها . فإذا كان المدعى عليه فى دعوى استرداد الحيازة لم يثبت أنه كان يجوز العقار حيازة أحق بالتفضيل من حيازة المدعى ، فلم يثبت أن حيازته تقوم سند قانونى فى حين أن حيازة المدعى لا تقوم على سند مقابل ، أو لم يثبت أن حيازته أسبق فى التاريخ فى حين أن كلاً من الحيازتين يقوم على سند قانونى أولاً يقوم أى منهما على هذا السند ، كسب المدعى الدعوى ، وقضى برد الحيازة إليه ، وبإعادة العقار إلى أصلة ، وبالغرامة التهديدية ، وبالتعويض ، كما هو الأمر فى الحالتين الأولى والثانية . وإذا ردت الحيازة إلى المدعى بقيت مستقرة عنده لأن المدعى عليه لم يثبت أنه كان يجوز العقار حيازة أحق بالتفضيل . وإذا أراد المدعى عليه أن يسترد العقار من المدعى ، لم يكن أمامه لاسترداده إلا أن يرفع دعوى الملكية على المدعى لأن هذا هو الحائر . فيصبح المدعى عليه فى دعوى استرداد الحيازة مدعياً فى دعوى الملكية ، ويحمل عبء إثبات حق ملكيته للعقار .
326 - الحالة الرابعة – حيازة المدعى لم تدم سنة كاملة ولم تنزع بالقوة ولكن المدعى عليه يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل : فى هذه الحالة الرابعة لم تدم حيازة المدعى سنة كاملة ولم تنتزع منه بالقوة ، فليس له أن يسترد حيازته لأحد هذين السببين . ثم إن المدعى عليه يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل ، فيضل عليه ، ولا يستطيع المدعى أن يسترد منه الحيازة . وهذه الحالة الرابعة هى الحالة الوحيدة بين الحالات الأربع التى فيها لا يستطيع المدعى أن يسترد الحيازة ، بالرغم من أن الحيازة قد انتزعت منه غصباً أو خلسة ، ما دامت $ 924 $ لم تنتزع منه بالقوة ، وما دامت حيازة المدعى عليه أحق بالتفضيل ( [1675] ) .
ويحمل المدعى عليه عبء إثبات أن حيازته أحق بالتفضيل . وعليه أن يثبت ، إذا قام كل من الحيازتين على سند قانونى أو لم يقم أى منهما على هذا السند ، أن حيازته أسبق فى التاريخ من حيازة المدعى . وكذلك تكون حيازته أحق بالتفضيل ، إذا هو أثبت أنها تقوم على سند قانونى ، ولم يثبت المدعى أن حيازته تقوم هى أيضاً على سند قانونى .
فإذا أثبت المدعى عليه أن حيازته أحق بالتفضيل على الوجه سالف الذكر ، لم يقض برد الحيازة إلى المدعى ، وبقى المدعى عليه مستقراً فى الحيازة التى انتزعها لأنها حيازة أحق بالتفضيل كما سبق القول . وإذا أراد المعى أن يسترد العقار ، فليس أمامه إلا أن يرفع دعوى الملكية بعد أن أخفق فى دعوى استرداد الحيازة . وفى دعوى الملكية يبقى المدعى عليه وقد استقر فى حيازته هو المدعى عليه كما كان فى دعوى استرداد الحيازة ، ويقع عبء إثبات الملكية على المدعى . فإذا استطاع أن يثبت ملكيته استرد العقار بالرغم من أن حيازة المدعى عليه أحق بالتفضيل ، وإذا لم يستطيع إثبات ملكيته بقى العقار فى يد المدعى عليه بعد أن أثبت أن حيازته أحق بالتفضيل .
327 - التكييف القانونى لدعوى استرداد الحيازة : ودعوى استرداد الحيازة فى القانون المصرى ، على النحو الذى قدمناه ، هى دعوى تتراوح بين أن تكون دعوى وضعت جزاء لعمل غير مشروع هو انتزاع الحيازة فهى دعوى من دعاوى المسئولية ، وبين أن تكون دعوى وضعت لحماية الحيازة فهى دعوى من دعاوى الحيازة . وهذا بخلاف القانونى الفرنسى ، فدعوى استرداد الحيازة فى هذا القانون أقرب إلى أن تكون دعوى شخصية من دعاوى المسئولية وضعت جزاء على عمل غير مشروع هو انتزاع الحيازة ، من أن تكون دعوى عينية من دعاوى الحيازة وضعت لحماية الحيازة فى ذاتها ( [1676] ) .
$ 925 $
أما أن دعوى استرداد الحيازة فى القانون المصرى تشارك دعاوى المسئولية ، فإن هذا يظهر فى نواح متعددة : ( 1 ) فهى ترد الحيازة حتى للحائز العرضى الذى لا يحوز لحساب نفسه بل يحوز لحساب غيره ، فيكفى أن يكون للشخص مجرد سيطرة مادية على الشئ ، فإذا انتزعت منه هذه السيطرة كان هذا عملاً غير مشروع جزاؤه رد هذه السيطرة لمن كانت له من قبل عن طريق دعوى استردادا الحيازة . ( 2 ) وكذلك الحال فيما لو قامت الحيازة على عمل من أعمال التسامح أو على ترخيص إدارى يجوز الرجوع فيه فى أى وقت ، فإننا لا نكون بصدد حيازة بالمعنى الصحيح بل بصدد مجرد سيطرة مادية . ومع ذلك إذا انتزعت هذه السيطرة من صاحبها ، كان هذا أيضاً عملاً غير مشروع ، وجاز أن ترد هذه السيطرة إلى من كانت له من قبل ، عن طريق دعوى استرداد الحيازة . ( 3 ) وإذا اكتمل للحيازة عنصراها فأصبحت حيازة قانونية ، ولكنها لم تستقر استقراراً كافياً بأن لم تدم مدة سنة كاملة ، فإن انتزاعها بالقوة يعتبر كذلك عملاً غير مشروع ، وتكون دعوى استرداد الحيازة هنا أيضاً جزاء على القوة التى استعملت فى نزع الحيازة . ورد الحيازة إلى صاحبها فى هذا لفرض أقرب إلى أن يكون جزاء على عمل غير مشروع هو القوة التى استعملت ، من أن يكون حماية لحيازة لم تستقر ولم تدم مدة كافية .
وأما أن دعوى استرداد الحيازة فى القانون المصرى تشارك دعاوى الحيازة ، فإن هذا أيضاً يظهر فى نواح متعدد : ( 1 ) فإن الحيازة إذا انتزعت بغير القوة لا ترد إلا إذا كانت قد دامت سنة كاملة ، أى كانت حيازة مستقرة دامت مدة كافية . فالدعوى هنا أقرب إلى أن تكون دعوى من دعاوى الحيازة تحمى الحيازة المستقرة ، من أن تكون جزاء على المسئولية . ( 2 ) ولا ترد الحيازة إذا انتزعت بغير القوة ، ولو لم تدم سنة كاملة ، من الشخص الذى انتزعها وكانت له حيازة أحق بالتفضيل من حيازة المدعى . فهذا معناه أننا نفاضل بين حيازة وحيازة ، ونحمى الحيازة الأحق بالتفضيل . فالدعوى على هذا النحو أقرب إلى أن تكون دعوى من دعاوى الحيازة تحمى الحيازة الأحق بالتفضيل ، من أن تكون جزاء على المسئولية . ( 3 ) ويجوز رفع الدعوى على من انتقلت إليه حيازة العقار المغتصب من مغتصب الحيازة ، ولو كان الأول $ 926 $ حسن النية ( م 960 مدنى ) . وقد قدمنا فى هذا الصدد أن دعوى استرداد الحيازة فى مصر تنطوى على شئ من العينية ، فهى إلى أنها جزاء على الاغتصاب فى ذاته تعتبر كذلك حماية للحيازة ، فيجوز عن طريقها للحائز أن يسترد حيازته من الغير ولو كان هذا الغير حسن النية ( [1677] ) .
2 - دعوى منع التعرض
( La complainte )
328 - نص قانونى : تنص المادة 961 مدنى على ما يأتى :
" من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة ، ثم وقع له تعرض فى حيازته ، جاز أن يدفع خلال السنة التالية دعوى بمنع هذا التعرض ( [1678] ) " .
ولا مقابل لنص فى التقنين المدنى السابق ( [1679] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى لا مقابل – وفى التقنين المدنى الليبى م 965 - وفى التقنين المدنى العراقى م 1154 - وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( [1680] ) .
$ 927 $
وهذا النص يعرض لدعوى منع التعرض ، وهى دعوى الحيازة الرئيسية ، إذ هى تحمى الحيازة فى ذاتها وهى الحيازة الأصلية دون الحيازة العرضية . ولذلك تتميز عن دعوى استرداد الحيازة ، فقد رأينا أن هذه الدعوى الأخيرة تحمى الحيازة العرضية كما تحمى الحيازة الأصلية ، وأنها تتراوح بين أن تكون دعوى شخصية من دعاوى المسئولية ودعوى مستقلة من دعاوى الحيازة . أما دعوى منع التعرض التى نحن بصددها فلا تحمى إلا الحيازة الأصلية وبشرط أن تستقر مدة سنة كاملة على الأقل ، ولذلك تتمحض دعوى حيازة ، بل هى دعوى الحيازة المثلى .
ونبحث فى شأنها ، كما بحثنا فى شأن دعوى استرداد الحيازة ، المسائل الآتية : ( 1 ) المدعى فى دعوى منع التعرض . ( 2 ) المدعى عليه هذه الدعوى . ( 3 ) المدة التى ترفع الدعوى فى خلالها . ( 4 ) ما يحكم به القاضى فى هذه الدعوى .
329 - المدعى فى دعوى منع التعرض : المدعى فى دعوى منع التعرض هو الحائز للعقار . ويجب عليه أن يثبت هنا ، كما رأينا أنه يجب عليه أن يثبت فى دعوى استرداد الحيازة ( [1681] ) ، أنه وقت أن وقع التعرض له كان حائزاً للعقار ( [1682] ) حيازة خالية من العيوب ، أى حيازة مستمرة علنية هادئة ( [1683] ) $ 928 $ غير غامضة ( [1684] ) .
ويجب عليه أيضاً أن يثبت ، خلافاً لما قررناه فى دعوى استرداد الحيازة ( [1685] ) أن حيازته حيازة أصلية لا حيازة عرضية ، أى أنه يحوز لحساب نفسه لا لحساب غيره . فلا يجوز ، إذا وقع تعرض على حق الملكية ، أن يدفعه بدعوى منع التعرض من لم يكن حائزاً لحق الملكية لحساب نفسه . وعلى ذلك لا يجوز أن يرفع دعوى منع التعرض ، فى هذه الحالة ، صاحب حق الانتفاع أو صاحب حق الارتفاق أو المرتهن رهن حيازة أو المستأجر . فهؤلاء جميعاً حائزون عرضيون بالنسبة إلى حق الملكية ، لأنهم إنما يحوزون هذا الحق لحساب غيرهم وهو المالك ( [1686] ) . والذى يرفع دعوى منع التعرض فى هذه الحالة هو المالك الذى يعتبر حائزاً لحق الملكية لحساب نفسه ( [1687] ) ، ويباشر السيطرة المادة على العقار بواسطة هؤلاء . وإنما يجوز لكل من صاحب حق الانتفاع ( [1688] ) وصاحب حق الارتفاق والمرتهن رهن حيازة والمستأجر أن يرفع دعوى منع التعرض إذا وقع التعرض على الحق الذى يباشر استعماله لحساب نفسه ، فهو أصيل فى حيازته ويحوزه لحساب نفسه لا لحساب المالك ( [1689] ) .
وإذا قامت الحيازة على عمل من أعمال التسامح أو على ترخيص من جهة الإدارة يجوز الرجوع فيه فى أى وقت ، فإن الحيازة لا تكون عرضية إلا بالنسبة إلى المالك المتسامح أو إلى جهة الإدارة المرخصة . فلا يجوز للحائز ، فى هاتين $ 929 $ الحالتين أن يرفع دعوى منع التعرض على المالك نفسه أو جهة الإدارة نفسها إذا تعرض أحد منهما لحيازته ( [1690] ) . وفيما عدا هذين تعتبر الحيازة حيازة أصلية تبيع رفع دعوى منع التعرض ، فيستطيع الحائز ، إذا تعرض له فى حيازته غير المالك أو غير جهة الإدارة ، أن يدفع هذا التعرض بدعوى منع التعرض . فالعرضية التى ترجع إلى قيام الحيازة على عمل من أعمال التسامح أو على ترخيص من جهة الإدارة عرضية نسبية لا مطلقة ، ولا يتمسك بها إلا المالك المتسامح أو جهة الإدارة المرخصة ( [1691] ) كما سبق القول .
ولا يشرط لرفع دعوى منع التعرض ، كما لا يشترط لرفع دعوى استرداد الحيازة ( [1692] ) ، أن يكون لحائز حسن النية ، فللحائز رفع دعوى منع التعرض حتى لو كان سيئ النية .
وكما تتميز دعوى منع التعرض عن دعوى استرداد الحيازة فى أن الحيازة فى الدعوى الأولى يجب أن تكون حيازة أصلية لا حيازة عرضية على النحو الذى بسطناه فيما تقدم ، كذلك تتميز الدعوى الأولى عن الدعوى الثانية فى أن الحيازة فى الدعوى الأولى يجب أن تكون حيازة مستقرة ، أى حيازة ما دامت مستمرة علنية هادئة غير غامضة مدة سنة كاملة على الأقل . وشرط دوام $ 930 $ الحيازة سنة كاملة شرط مقرر بصريح النص ، فقد رأينا ( [1693] ) أن المادة 961 مدنى تنص على أن " من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة . . . . " ( [1694] ) . وقد قدمنا أن هذا الشرط يقطع فى أن دعوى منع التعرض تتمحض دعوى من دعاوى الحيازة ، فهمى حمى الحيازة المستقرة التى تكون قد دامت وقتاً كافياً قدر بسنة كاملة ( [1695] ) . وقد نقل التقنين المدنى المصرى هذا الشرط عن القانون الفرنسى ، ونقله هذا القانون بدوره عن تقاليد القانون الفرنسى القديم ، وكانت هذه تقضى بأن تكون الحيازة قد دامت سنة ويوماً ، فأصبحت سنة واحدة فى القانون الفرنسى ( [1696] ) . والمهم أن تكون الحيازة ، وقت وقوع التعرض ، قائمة وأن تكون قد دامت سنة كاملة على الأقل منذ أن بدأت إلى وقت وقوع التعرض . ويكفى أن يثبت المدعى أنه قد حاز العقار قبل وقوع التعرض بسنة وأنه يحوزه فعلاً وقت وقوع التعرض ، حتى يفترض أنه استمر حائزاً له فى الفترة ما بين الزمنين ما لم يثبت المدعى عليه عكس ذلك ، وذلك تطبيقاً لنص المادة 976 مدنى إذ تقول : " إذا ثبت قيام الحيازة فى وقت سابق معين وكانت قائمة حالاً ، فإن ذلك يكون قرينة على قيامها فى المدة ما بين الزمنين ، ما لم يقم الدليل على العكس " ( [1697] ) . فالمدعى هو الذى يحمل عبء $ 931 $ إثبات أن حيازته قد دامت سنة كاملة على الوجه المتقدم الذكر ( [1698] ) ، وله فى حساب السنة أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة سلفه ، سواء كان المدعى خلفاً عاماً لهذا السلف ( [1699] ) أو كان خلفاً خاصاً ( [1700] ) .
330 - المدعى عليه فى دعوى منع التعرض : والمدعى عليه فى دعوى منع التعرض هو الشخص الذى يتعرض للمدعى فى حيازته . والتعرض الصادر من المدعى عليه إما أن يكون تعرضاً مادياً ( trouble de fait ) ، أو تعرضاً قائماً على تصرف قانونى ( trouble de droit ) . وقد ينجم التعرض عن أشغال عامة ( travaux publics ) . أو عن أشغال خاصة ( travaux prives ) رخصت فيها جهة الإدارة . وفى جميع الأحوال لا يجوز الالتجاء إلى دعوى منع التعرض لتنفيذ عقد يربط ما بين المدعى والمدعى عليه . والأصل أن دعوى منع التعرض ترفع ضد المدعى عليه نفسه الذى صدر منه التعرض . وقد ترفع مع ذلك ضد الغير ولو كان حسن النية . فهذه جملة من المسائل نبحثها على التعاقب .
331 - تحديد معنى التعرض الصادر من المدعى عليه : يعتبر تعدياً يبيح رفع دعوى منع التعرض كل عمل مادى أو كل تصرف قانونى يتضمن ، بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر . ادعاء يعارض به المدعى عليه حيازة المدعى ( [1701] ) . فدخول المدعى عليه فى أرض يحوزها المدعى من غير $ 932 $ إذنه ( [1702] ) يعتبر تعرضا ، بل قد يصل التعرض فى هذه الحالة إلى حد إخراج المدعى من الأرض وسلبه حيازتها ( depossession ) ويبقى الأمر مع ذلك فى نطاق دعوى منع التعرض ، لا فى نطاق دعوى استرداد الحيازة التى تقتضى سلب الحيازة بالقوة أو بالغصب أو خفيه ( [1703] ) كما سبق القول . وإقامة المدعى عليه حائطاً أو بناء فى أرضه يسد به مطلاً لجاره ، أو يمنع به النور والهواء عنه ، يعتبر تعرضاً . ورعى المدعى عليه مواشيه فى أرض جاره دون إذن منه ، ومروره فيها مدعياً أن له عليها حق ارتفاق بالمرور ، ودخوله دار يحوزها المدعى متمسكاً بأنه استأجر هذه الدار من مالكها أو أن له عليها حق انتفاع ، كل هذه أعمال تعتبر تعرضاً للمدعى فى حيازته ، وتبيح لهذا الأخير رفع دعوى منع التعرض .
ويكفى أن يعارض المدعى عليه حق المدعى فى الحيازة ليكون هناك تعرض $ 933 $ واقع من المدعى عليه ( [1704] ) . فلا يشترط : ( 1 ) أن يكون التعرض قد ألحق ضرراً بالمدعى . فليس يلزم أن يكون كل تعرض صدر من المدعى عليه قد أحدث ضرراً للمدعى ، كما ليس يلزم أن يعتبر العمل الصادر من المدعى عليه تعرضاً لمجرد أنه أحدث ضرراً للمدعى . وفى هذه الحالة الأخيرة ، إذا كان العمل قد أحدث ضرراً للمدعى دون أن يتضمن ادعاء يعارض حيازته ، لا يكون هناك محل لرفع دعوى منع التعرض ، وإنما يكون للمدعى أن يرفع دعوى التعويض ( [1705] ) . ( 2 ) أو أن يكون التعرض غير قائم على أساس حق ثابت للمدعى عليه . فحتى لو كان المدعى عليه يستند فى تعرضه إلى حق ثابت له ، فإنه يقضى عليه مع ذلك بمنع التعرض ، لأن قاضى الحيازة لا شأن له بموضوع الحق . ودعوى منع التعرض إنما تحمى الحيازة فى ذاتها متى كانت ثابتة ، بصرف النظر عما إذا كان للحائز حق يستند إليه فى حيازته أو ليس له هذا الحق ( [1706] ) . ( 3 ) أو أن يكون المدعى عليه سيئ النية . فحتى لو كان المدعى عليه حسن النية فى تعرضه ، وكان بالرغم من أنه ليس له حق يستند إليه فى تعرضه يعتقد بحسن نية أن له هذا الحق ، فإنه يقضى عليه مع ذلك بمنع التعرض . ذلك بأن دعوى منع التعرض إنما تحمى الحيازة فى ذاتها متى كانت ثابتة كما قدمنا ، بصرف النظر عما إذا كان المتعرض سيئ النية أو حسن النية ( [1707] ) . ( 4 ) أو أن تكون أعمال التعرض قد وقت رأساً فى العقار الذى يجوزه المدعى . فقد تقع $ 934 $ هذه الأعمال فى عقار يحوزه المدعى عليه ، أو فى عقار يحوزه الغير ( [1708] ) . ( 5 ) أو أن تكون أعمال التعرض قد اقترنت بالعنف أو ارتكبت علناً . فقد تكون هذه الأعمال لم تقترن بأى عنف أو تكون قد ارتكبت خلسة وفى خفية عن المدعى ، وتبقى مع ذلك تعرضاً يجوز دفعه بدعوى منع التعرض ( [1709] ) .
332 - التعرض المادى والتعرض القائم على تصرف قانونى : والتعرض الصادر من المدعى عليه ، على النحو الذى بسطناه ، إما أن يكون تعرضاً مادياً أو تعرضاً قائماً على تصرف قانونى .
فالتعرض المادى هو عمل مادى من أعمال التعدى يقع على حيازة المدعى . وقد قدمنا كثيراً من الأمثلة على التعدى المادى ، فإقامة المدعى عليه حائطاً أو بناء فى أرضه يسد به مطلاً لجاره ، ورعى المدعى عليه مواشيه فى أرض جاره دون إذن منه ، ومروره فيها مدعياً أن له حق ارتفاق بالمرور ، كل هذه أعمال تعتبر تعرضاً مادياً للمدعى فى حيازته . وقاضى الموضوع هو الذى يقدر ما إذا كان هناك تعرض مادى ، ولا معقب على تقدير من محكمة النقض ( [1710] ) .
أما التعرض القائم على تصرف قانونى ، فيقوم على ؟؟؟؟؟؟؟؟ المدعى عليه يعلن به نيته فى معارضته لحيازة المدعى . وقد يصدر هذا التصرف $ 935 $ خارج مجلس القضاء ، كما إذا أنذر المدعى عليه مستأجراً بدفع الأجرة له هو لا للمؤجر فيكون هذا تعرضاً لحيازة المؤجر للعين المؤجرة ، وكما إذا أنذر المدعى عليه المدعى ألا يقيم بناء فى الأرض التى يحوزها هذا الأخير فيكون هذا تعرضاً لحيازة المدعى للأرض . ويعتبر كذلك تعرضاً قائماً على تصرف قانونى صادر خارج مجلس القضاء تحرير محضر من جهة الإدارة لحائز العقار فيما يختص بأعمال حيازته لهذا العقار ، وصدور قرار إدارى باعتبار طريق يحوزه المدعى طريقاً عاما . وقد يقع التعرض عن طريق نزاع فى الحيازة يرفع أمام القضاء ، كرفع دعوى أو تقديم طلبات فى دعوى يعارض فيها المدعى عليه حيازة المدعى ، وكذلك يعد تعرضاً تنفيذ حكم على شخص لم يكن طرفاً فى الخصومة ( [1711] ) .
333 - التعرض الناجم يعن الأشغال العامة : وقد ينجم عن قيام الإدارة بأشغال عامة ( ) تعرض لحيازة الأفراد ، فإذا كانت $ 936 $ هذه الأشغال العامة تنتهى إلى نزع ملكية الأفراد ، كلياً أو جزئياً ، دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية ، كان قاضى الحيازة المدنى مختصاً بإثبات قيام الحيازة إذا كانت متنازعاً فيها ، وله كذلك أن يأمر بعدم المضى فى القيام بالأشغال العامة ( [1712] ) . ولكن ليس له أن يأمر بهدم هذه الأشغال أو بإعادة الأرض إلى حالتها الأصلية ، لأن هذا ينطوى على تعطيل لتنفيذ قرار إدارى ، ولا ولاية للقضاء العادى فى ذلك ( [1713] ) .
أما إذا كانت الأشغال العامة تؤدى بطريق غير مباشر إلى نزع الملكية ، كما إذا كان القانون يبيح استيلاء الإدارة على أملاك الأفراد استيلاء نهائياً دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية ، كان قاضى الحيازة المدنى مختصاً بتقرير حيازة المدعى وأنها دامت لمدة سنة ، لأن هذا يكون أساساً يستند إليه فى طلب التعويض المستحق له ( [1714] ) . ولكن لا يجوز لقاضى الحيازة أن يأمر بهدم الأشغال لأن فى هذا تعطيلاً لتنفيذ قرار إدارى؟ ( [1715] ) ، ولا ولاية للقضاء العادى فى ذلك ( [1716] ) .
334 - التعرض الناشئ عن أشغال خاصة رخصت فيها الإدارة : أما إذا نجم التعرض عن أشغال خاصة رخصت فيها الإدارة ، كما إذا أدار شخص $ 937 $ محلاً مقلقاً للراحة أو مضراً بالصحة أو خطراً بعد أن حصل على رخصة فى إدارته من جهة الإدارة ، فإن التعرض فى هذه الحالة تسرى عليه القواعد العامة . فيختص القضاء العادى لا القضاء الإدارى بنظره ، ويجوز الأمر بمنع التعرض وبإزالة الأعمال التى تمت ونجم عنها التعرض . ولا يمنع من ذلك صدور ترخيص إدارى فى القيام بهذه الأعمال ، فإن هذا الترخيص لا يعنى أكثر من أن الأعمال المرخص فيها لا تتعارض مع مصلحة عامة ، مع حفظ حقوق الأفراد فيما إذا أصابهم ضرر من جراء هذه الأعمال ( salvo juri tertii ) . وعلى ذلك يستطيع أى شخص يقع تعرض لحيازته ينجم عن أشغال خاصة رخصت فيها الإدارة أن يرفع دعوى منع التعرض على صاحب هذه الأشغال أمام القضاء العادى ، ويجوز لهذا القضاء أن يأمر بإزالة ما تم من الأعمال ونجم عنه التعرض وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه ( [1717] ) .
كذلك إذا نجم التعرض عن أشغال قامت بها الدولة ( أو شخص معنوى عام ) فى الأموال الخاصة التى تملكها ( domaine prive ) ، جاز لمن وقع التعرض لحيازته أن يرفع دعوى منع التعرض أمام القضاء العادى ، وان يحصل على حكم بإزالة ما تم من أعمال نجم عنها التعرض ، وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه ( [1718] ) .
335 - عدم جواز الالتجاء الدعوى منع التعرض لتنفيذ عقد يربط ما بين المدعى والمدعى عليه : ولا يجوز رفع دعوى منع التعرض بغرض تنفيذ عقد يربط ما بين المدعى والمدعى عليه ، فإذا كان التعرض ناجماً عن عدم تنفيذ عقد كان على المدعى أن يطلب تنفيذ العقد بدعوى العقد لا بدعوى منع التعرض ( [1719] ) . وعلى ذلك إذا أتى الراهن رهن حيازة عملاً ينقص من قيمة $ 938 $ الشئ المرهون أو يحول دون استعمال الدائن لحقوقه المستمدة من العقد ، فليس للدائن المرتهن أن يلجأ إلى دعوى منع التعرض لإلزام الراهن بعدم الإخلال بعقد رهن الحيازة ، بل يلجأ غلى دعوى عقد رهن الحيازة ذاته لإلزام الراهن بتنفيذ العقد . وتنص المادة 1101 مدنى فى هذا الصدد على أن " يضمن الراهن سلامة الرهن ونفاذه ، وليس له أن يأتى عملاً ينقص من قيمة الشئ المرهون أو يحول دون استعمال الدائن لحقوقه المستمدة من العقد ، وللدائن المرتهن فى حالة الاستعجال أن يتخذ على نفقة الراهن كل الوسائل التى تلزم للمحافظة على الشئ المرهون " . كذلك إذا حال المؤجر دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ، مخلاً فى ذلك بشروط عقد الإيجار ، فإن سبيل المستأجر إلى إلزام المؤجر بتنفيذ العقد ليس هو رفع دعوى منع التعرض ، بل رفع الدعوى الشخصية الناشئة عن عقد الإيجار ( [1720] ) .
ولو جاز رفع دعوى منع التعرض لتنفيذ عقد ، لكان من جراء ذلك أن يتعرض قاضى الحيازة المرفوع أمامه دعوى منع التعرض إلى موضوع الحق الناشئ عن العقد لإلزام المدعى عليه بعدم الإخلال به ، ولترتب على ذلك الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى موضوع الحق ، وسنرى فيما يأتى أنه لا يجوز الجمع بين الدعويين ( [1721] ) .
336 - رفع دعوى منع التعرض على المتعرض نفسه وعلى الغير : وغنى عن البيان أن المدعى عليه فى دعوى منع التعرض هو المتعرض نفسه ، أى $ 939 $ الشخص الذى صدرت منه أعمال التعرض . ويحل محل المتعرض خلفه العام ، أى ورثته ، فتوجه إليهم الدعوى بعد موت المتعرض ( [1722] ) .
ولا يحول دون أن يكون المتعرض هو المدعى عليه أن يكون فى تعرضه قد عمل لصالح الغير أو بأمر منه ، كما إذا كان التعرض قد صدر من المستأجر أو الوكيل بأمر من المؤجر أو من الموكل أو لصالحه ( [1723] ) . وليس للمستأجر أو الوكيل أن يطلب إخراجه من دعوى منع التعرض بحجة أنه إنما عمل بأمر من المؤجر أو من الموكل ، بل يبقى خصماً فى الدعوى وله أن يدخل المؤجر أو الموكل فيها ضامناً .
وإذا كان المطلوب فى دعوى منع التعرض تخلية العقار أو إعادة الحالة إلى أصلها ، فإن الدعوى يمكن أن ترفع على الغير الذى انتقل إليه العقار . ولو كان هذا الغير حسن النية لا علم له بالتعرض . فيطالبه المدعى بالتخلية أو بإعادة الحالة إلى أصلها كما كان يطالب المتعرض نفسه ، ولكن لا يطالبه بتعويض عن الضرر الذى أصابه إلا إذا أثبت أنه سيئ النية . وإذا كانت دعوى استرداد الحيازة يمكن أن ترفع على الغير ولو كان حسن النية ( [1724] ) . ، فأولى أن يكون هذا صحيحاً بالنسبة إلى دعوى منع التعرض التى هى أكثر عينية ( [1725] ) .
337 - المدة التى ترفع فى خلالها دعوى منع التعرض : وقد رأينا ( [1726] ) ، أن المادة 961 مدنى تقضى بأن " من وقع له تعرض فى حيازته ، جاز له أن يرفع خلال السنة التالية دعوى بمنع هذا التعرض " . فدعوى منع التعرض يجب أن ترفع فى خلال سنة من وقت وقوع التعرض . وإذا كان التعرض أعمالاً متعاقبة ، سرت المدة السنة من وقت أول عمل من هذه الأعمال يظهر فيه $ 940 $ بوضوح أنه يتضمن تعرضاً لحيازة المدعى ( [1727] ) . وقد تكون أعمال التعرض المتعاقبة مستقلة بعضها عن بعض بحيث يعتبر كل عمل منها تعرضاً قائماً بذاته ، فتتعدد دعاوى منع التعرض بتعدد هذه الأعمال ، وتسرى مدة السنة بالنسبة إلى كل دعوى منها من وقت وقوع العمل الذى أنشأها ، فتسرى هذه المدة بالنسبة إلى آخر دعوى من وقت وقوع آخر عمل من أعمال التعرض المستقلة ( [1728] ) . وإذا كان التعرض مبنياً على تصرف قانونى ، سرت السنة من وقت وقوع التصرف الذى اعتبر تعرضاً ( [1729] ) . وإذا كان التعرض عملاً قام به المدعى عليه فى ملكه هو ، فلا تسرى السنة فى دعوى منع التعرض إلا من الوقت الذى يتقدم فيه هذا العمل حتى يصبح تعرضاً واقعاً على حيازة المدعى ( [1730] ) .
ومدة السنة هى مدة سقوط لا مدة تقادم ، ومن ثم تسرى على غير كامل الأهلية والغائب ، ولا توقف ولا تنقطع ( [1731] ) . وقد سبق بيان ذلك عند الكلام $ 941 $ فى مدة السنة التى ترفع فى خلالها دعوى استرداد الحيازة ، فنحيل هنا إلى ما ذكرناه هناك ( [1732] ) .
338 - ما يحكم : فى دعوى منع التعرض : إذا توفرت شروط دعوى منع التعرض على الوجه الذى أسلفناه ، حكم للمدعى وهو الحائز للعقار ببقائه فى حيازته ( la maintenue possessoire ) ومنع التعرض له فى هذه الحيازة ( [1733] ) . وقد يقتضى ذلك الحكم بإزالة أعمال قد تمت ، ويهدم بناء قد أقيم أو إقامة بناء قد هدم ، وبإعادة الشئ إلى أصلة ( [1734] ) . ويستوى فى ذلك أن تكون أعمال التعرض قد تمت فى عقار المدعى ، أو فى عقار المدعى عليه ، أ, فى عقار الغير ( [1735] ) . على أنه لا يجوز للقضاء العادى ، كما قدمنا ( [1736] ) أن يحم بإزالة أشغال عامة أقامتها جهة الإدارة ، إذا كان هذا الحكم ينطوى على إلغاء قرار إدارى أو تعطيل تنفيذه .
ويحكم قاضى الحيازة بمنع التعرض على الوجه سال الذكر ، حتى وكان هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن المتعرض سيفوز فى دعوى الملكية أو دعوى موضوع الحق . ذلك لأن قاضى الحيازة لا شأن له بالملكية ، ولا يجوز الجمع بين الحيازة والملكية كما سنرى ( [1737] ) . ومع ذلك يجوز لقاضى الحيازة ، فى هذه الحالة ، أن يمنح المدعى عليه أجلاً يوقف فيه تنفيذ حكم الإزالة أو إعادة $ 942 $ الشئ إلى أصلة ، بشرط أن يرفع المدعى عليه دعوى موضوع الحق أو دعوى الملكية فى خلال هذا الأجل ( [1738] ) .
ويجوز لقاضى الحيازة أن يحكم بغرامة تهديدية ( astreintes ) على المدعى عليه ، لإجباره على تنفيذ الحكم بإخلاء العقار أو بالإزالة أو بإعادة الشئ إلى أصلة ( [1739] ) .
ويجوز لقاضى الحيازة أيضاً أن يحكم على المدعى عليه بتعويض الضرر الذى أصاب المدعى من جراء أعمال التعرض التى صدرت من المدعى عليه ، ولو كان ذلك بناء على طلب إضافى يقدمه المدعى فى دعوى منع التعرض . ولا يغير طلب التعويض من طبيعة دعوى منع التعرض فى أنها دعوى من دعاوى الحيازة ، حتى لو قرر المدعى عليه أنه لا ينازع فى حيازة المدعى ( [1740] ) .
وإذا ادعى المدعى عليه المتعرض ، فى دعوى فرعية ، أنه هو الحائز للعقار وقدم أدلة على ذلك ، نظر القاضى فيما إذا كانت حيازة المدعى عليه لا تتعارض مع حيازة المدعى ، وفى هذه الحالة حكم لكل منهما باستبقائه لحيازته وعدم تعرض الخصم الآخر له فى هذه الحيازة . أما إذا تعارضت $ 943 $ الحيازتان ، فإن القاضى يفاضل فيما بينهما ، ويقضى لمن كانت حيازته أفضل على الوجه الذى بسطناه فيما تقدم ( [1741] ) . فإذا تعادلت الحيازتان ، ولم يكن هناك وجه لتفضيل إحداهما على الأخرى جاز للقاضى أن يحم ببقاء الحيازة مشتركة بين الخصمين . ويجوز له أيضاً ، إذا لم ير بقاء الحيازة مشتركة بين الخصمين ، أن يحكم بأن يلجأ الخصمان إلى دعوى الملكية أو دعوى موضوع الحق . وقد يقيم فى هذه الحالة الأخيرة حارساً على العقار المتنازع على حيازته ، أو يقيم أحد الخصمين حارساً على العقار على أن يقدم حساباً عن غلته عند الاقتضاء ، فيكون لهذا الخصم حراسة موقتة مقترنة بالتزام بتقديم حساب عن الغلة ( [1742] ) .
3 - دعوى وقف الأعمال الجديدة
( La denunciation de nouvel oeuvre )
339 - نص قانونى : تنص المادة 962 مدنى على ما يأتى :
" 1 - من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة ، وخشى لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته ، كان له أن يرفع الأمر إلى القاضى طالباً وقف هذه الأعمال ، بشرط ألا تكون قد تمت ، ولم ينقض عام على البدء فى العمل الذى يكون من شأنه أن يحدث الضرر " .
" 2 - وللقاضى أن يمنع استمرار الأعمال أو أن يأذن فى استمرارها ، وفى كلتا الحالتين يجوز للقاضى أن يأمر بتقديم كفالة مناسبة ، تكون فى حالة الحكم بوقف الأعمال ضماناً لإصلاح الضرر الناشئ من هذا الوقف متى تبين بحكم نهائى أن الاعتراض على استمرارها كان على غير أساس ، وتكون فى حالة الحكم باستمرار الأعمال ضماناً لإزالة هذه الأعمال كلها أو بعضها إصلاحاً للضرر الذى يصيب الحائز إذا حصل على حكم نهائى لمصلحته " ( [1743] ) .
$ 944 $
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ( [1744] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى لا مقابل - وفى التقنين المدنى الليبى م 966 - وفى التقنين المدنى العراقى م 1155 - وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( [1745] ) .
وهذا النص يعرض لدعوى وقف الأعمال الجديدة ، وهى الدعوى الثالثة والأخيرة من دعاوى الحيازة . وهى تتميز عن دعوى استرداد الحيازة بأن الحيازة فيها لا تنتزع من الحائز ، وعن دعوى منع التعرض بأن الأعمال التى تصدر فيها من المدعى عليه ليست بأعمال تعرض قد وقع فعلاً ، بل هى أعمال تكون تعرضاً لو أنها تمت ( [1746] ) . ونبحث فى شأنها ، كما بحثنا فى شأن دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض ، المسائل الآتية : ( 1 ) المدعى فى دعوى وقف الأعمال الجديدة . ( 2 ) المدعى عليه فى هذه الدعوى . ( 3 ) المدة التى ترفع الدعوى فى خلالها ( 4 ) ما يحكم به القاضى فى هذه الدعوى .
340 - المدعى فى دعوى وقف الأعمال الجديدة - إحالة : المدعى فى هذه الدعوى هو نفس المدعى فى دعوى منع التعرض . فهو الحائز للعقار ، $ 945 $ ويجب عليه أن يثبت أن حيازته خالية من العيوب ، أى حيازة مستمرة علنية هادئة غير غامضة ( [1747] ) . ويجب أن يثبت كذلك أن حيازته حيازة أصيلة لا حيازة عرضية ، أى أنه يحوز لحساب نفسه لا لحساب غيره . وإذا قامت الحيازة على عمل من أعمال التسامح أو على ترخيص من جهة الإدارة يجوز الرجوع فيه فى أى وقت ، فإن الحيازة لا تكون عرضية إلا بالنسبة إلى المالك المتسامح أو غلى جهة الإدارة المرخصة ، وفيما عدا هذين تعتبر الحيازة حيازة أصلية تبيح رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة . ولا يشترط أن يكون الحائز حسن النية . ويتشرط أن تكون حيازة المدعى قد دامت سنة كاملة على الأقل ، وتنص على ذلك صراحة المادة 962 / 1 مدنى كما رأينا ( [1748] ) إذ تقول : " من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة . . . " وللمدعىن فى حساب السنة أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة سلفه ، سواء كان المدعى خلفاً عاماً أو خلفاً خاصاً .
وجميع ما بسطناه فى شأن المدعى فى دعوى منع التعرض ينطبق على لمدعى فى دعوى وقف الأعمال الجديدة ، فتحيل هنا إلى ما قدمناه هناك ( [1749] ) .
341 - المدعى عليه فى دعوى وقف الأعمال الجديدة : والمدعى عليه فى دعوى وقف الأعمال الجديدة هو الشخص الذى يبدأ أعمالاً لم تصل بعد إلى أن تكون تعرضاً وقع فعلاً على حيازة المدعى ، ولكن هناك من الأسباب المعقولة ما يدعو إلى الاعتقاد بأن هذه الأعمال لو تمت لكانت تعرضاً كاملاً لحيازة المدعى . ففى حين أن دعوى منع التعرض تحمى الحيازة من تعرض مستقبل على خطر الوقوع . مثل ذلك أن يبدأ شخص بناء حائط فى حدود أرضه أو إقامة بناء ، لو أنه مضى فيه إلى نهايته لسد النور والهواء على جاره أو لسد مطلاً لجاره ، ولنجم عن ذلك تعرض لحيازة الجار للعقار المجاور أو المطل . فالمدعى عليه ، وهو لا يزال آخذاً فى بناء الحائط أو إقامة $ 946 $ البناء ، لم يسد بعد النور والهواء أو المطل على جاره . ومن ثم لا يكون هناك محل رفع دعوى منع التعرض ، لأن التعرض لما يقع . ولكن يكون هناك محل لرفع دعوى وقف الأعمال الجديدة ، فيصدر قاضى الحيازة حكماً بوقف بناء الحائط أو بوقف إقامة البناء إلى أن يفصل فى دعوى موضوع الحق ( [1750] ) .
ويشترط فى الأعمال التى يجب وقفها بدعوى وقف الأعمال الجديدة أمران :
( الأمر الأول ) أن تكون هذه الأعمال قد بدأت ولكنها لم تتم . وذلك لأنها لو تمت لوقع التعرض فعلاً ، ولكان الواجب فى هذه الحالة ليس رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة ، بل رفع دعوى منع التعرض . على أنه يجب أن تكون هناك أسباب معقولة تدعو للاعتقاد إلى أنه لو تمت هذه الأعمال ، لنجم عنها تعرض فعلى لحيازة المدعى . وهذه مسألة واقع يقدرها قاضى الموضوع ، ويستعين فى ذلك بالمعاينة ، وقد يستعين برأى الخبراء . وتنص الفقرة الأولى من المادة 962 مدنى ، كما رأينا ( [1751] ) ، صراحة على هذا الشرط إذ تقضى بأن الحائز للعقار إذا " خشى لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته ، كان له أن يرفع الأمر إلى القاضى طالباً وقف هذه الأعمال ، بشرط ألا تكون قد تمت . . . . " .
( والأمر الثانى ) أن تكون هذه الأعمال التى بدأها المدعى عليه قد وقعت فى عقاره هون ، لا فى عقار المدعى ولا فى عقار الغير . وهذا الشرط يستخلص من طبائع الأشياء ، لأن الأعمال لو بدأت فى عقار المدعى لكان التعرض حالاً لا مستقبلاً ، ولو بدأت فى عقار الغير لكان التعرض لحيازة هذا الغير قد وقع هو أيضاً حالاً لا مستقبلاً ، ولوجب فى الحالتين رفع دعوى منع التعرض لا دعوى وقف الأعمال الجديدة ( [1752] ), بقى أن يكون الغير راضياً بهذه الأعمال أو متواطئاً مع المعى عليه فى شأنها ، وفى هذه الحالة يكون الغير شريكاً للمدعى عليه ، ويستوى إذن أن تبدأ الأعمال فى عقار المدعى عليه أو فى عقاره هو .
$ 947 $
342 - المدة التى ترفع فى خلالها دعوى وقف الأعمال الجديدة : وقد رأينا ( [1753] ) أن المادة 962 / 1 مدنى تقضى بأن يرفع المدعى دعوى وقف الأعمال الجديدة " بشرط ألا تكون قد تمت ، ولم ينقض عام على البدء فى العمل الذى يكون من شأنه أن يحدث الضرر " . فدعوى وقف الأعمال الجديدة يجب أن ترفع أولاً قبل الانتهاء من الأعمال الجديدة ، لأن هذه الأعمال لو تمت لوقع التعرض فعلاً ولوجب رفع دعوى منع التعرض لا دعوى وقف الأعمال الجديدة كما سبق القول ( [1754] ) . ويجب أن ترفع دعوى وقف الأعمال الجديدة ثانياً فى خلال سنة من وقت البدء بهذه الأعمال ( [1755] ) .
وتسرى السنة من وقت البدء بالأعمال الجديدة كما قدمنا ، فلو كانت أعمالاً متعاقبة سرت المدة من وقت البدء فى أول عمل منها فول انقضت السنة دون أن ترفع الدعوى ، ورفعت بعد ذلك ، لم تكن مقبولة ، حتى لو كانت الأعمال الجديدة لم تتم . ويجب فى هذه الحالة على المدعى أن يتربص حتى تتم هذه الأعمال ويقع التعرض فعلاً على حيازته ، وعندئذ يكون له أن يرفع دعوى منع التعرض فى خلال سنة من وقت وقوع التعرض أى من وقت تمام الأعمال الجديدة ( [1756] ) .
ومدة السنة هى مدة سقوط لا مدة تقادم ومن ثم تسرى على غير كامل الأهلية والغائب ، ولا توقف ولا تنقطع ، وقد سبق بيان ذلك بالنسبة إلى دعوى استرداد الحيازة ( [1757] ) ، وبالنسبة إلى دعوى منع التعرض ( [1758] ) .
343 - ما يحكم به فى دعوى وقف الأعمال الجديدة : والذى يحكم به القاضى فى دعوى وقف الأعمال الجديدة ، ليس هو إزالة الأعمال الجدية $ 948 $ التى بدئ بها كما كان يحكم بذلك لو أن الدعوى كانت دعوى منع التعرض ، بل وقف هذه الأعمال دون إزالتها ( [1759] ) . وتقضى المادة 962 / 1 مدنى بذلك صراحة ، كما رأينا ( [1760] ) ، إذ تقول إن للمدعى " أن يرفع الأمر إلى القاضى طالباً وقف هذه الأعمال . . . . " .
ولا تخلو الحال من أحد أمرين :
( 1 ) فأما أن يرى قاضى الحيازة أن المدعى على حق فى دعواه ، ويقدر أن هناك أسباباً معقولة يخشى معها أن يكون هناك تعرض فعلى لحيازة المدعى لو تمت الأعمال الجديدة . فعند ذلك يحكم القاضى بوقف الأعمال وعدم الاستمرار ، إلى أن ترفع دعوى الملكية أو دعوى موضوع الحق ويفصل فيها . وفى هذه الحالة يجوز للقاضى أن يأمر المدعى الذى حم لمصلحته بتقديم كفالة مناسبة ، تكون ضماناً للمدعى عليه الذى قضى عليه بوقف الأعمال التى بدأها . فإذا ما قضى بحكم نهائى ، فى دعوى الملكية أو دعوى موضوع الحق ، أن المدعى عليه كان هو المحق ، وأن اعتراض المدعى على استمرار الأعمال الجديدة كان على غير أساس من حيث موضوع الحق لا من حيث الحيازة ، جاز أن يحكم على المدعى بتعويض لإصلاح الضرر الذى أصاب المدعى عليه من جراء وقف الأعمال التى بدأها . وعندئذ تكون الكفالة التى قدمها المدعى بناء على حكم قاضى الحيازة ضماناً لهذا التعويض .
( 2 ) أو أن يرى قاضى الحيازة أن المدعى ليس على حق فى دعواه لأن شروط دعوى وف الأعمال الجديدة لم تتوافر ، فيقضى برفض الدعوى ، ومن ثم يستمر المدعى عليه فى الأعمال الجديدة التى بدأها إلى أن ترفع دعوى الملكية أو دعوى موضوع الحق ويفصل فيها . وفى هذه الحالة يجوز للقاضى أن يأمر المدعى عليه المحكوم لصالحه بتقديم كفالة مناسبة ، تكون ضماناً للمدعى الذى حكم برفض دعواه . فإذا ما قضى بحكم نهائى ، فى دعوى الملكية أو دعوى $ 949 $ موضوع الحق ، أن المدعى كان هو المحق وأن اعتراضه على مضى المدعى عليه فى الأعمال الجديدة كان على أساس من حيث موضوع الحق لا من حيث الحيازة ، جاز أن يحكم على المدعى عليه بإزالة هذه الأعمال كلها أو بعضها . وعندئذ تكون الكفالة التى قدمها المدعى عليه بناء على حكم قاضى الحيازة ضماناً لهذه الإزالة .
وهذا هو الذى قضت به صراحة الفقرة الثانية من المادة 962 مدنى ، فهى تنص ، كما رأينا ( [1761] ) على ما يأتى : " وللقاضى أن يمنع استمرار هذه الأعمال أو أن ياذن فى استمرارها ، وفى كلتا الحالتين يجوز للقاضى أن يأمر بتقديم كفالة مناسبة ، تكون فى حالة الحكم بوقف الأعمال ضماناً لإصلاح الضرر الناشئ من هذا الوقف متى تبين بحكم نهائى أن الاعتراض على استمرارها كان على غير أساس ، وتكون فى حالة الحكم باستمرار الأعمال ضماناً لإزالة هذه العمال كلها أو بعضها إصلاحاً للضرر الذى يصيب الحائز إذا حصل على حكم نهائى لمصلحته " ( [1762] ) .
ويخلص مما تقدم أن هناك فروقاً ثلاثة بين دعوى وقف الأعمال الجديدة ودعوى منع التعرض : ( 1 ) فى دعوى وقف الأعمال الجديدة تبدأ الأعمال فى عقار المدعى عليه ، أما فى دعوى منع التعرض فقد تكون فى عقار المدعى عليه أو فى عقار المدعى أو فى عقار الغير . ( 2 ) فى دعوى وقف الأعمال الجديدة تبدأ هذه الأعمال دون أن تتم ودون أن يقع تعرض فعلى ، أما فى دعوى منع التعرض فتتم هذه الأعمال ويقع تعرض فعلى . ( 3 ) فى دعوى وقف الأعمال الجدية يقضى بوقف الأعمال الجديدة دون إزالتها ، أما فى دعوى منع التعرض فيجوز أن يقضى . بإزالة هذه الأعمال ( [1763] ) .
$ 950 $
المطلب الثانى
العلاقة بين الحيازة والملكية
344 - مسألتان : فى العلاقة ما بين الحيازة والملكية ، نقابل ما بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية ، ثم نتكلم فى العلاقة ما بين الحائز والمالك فيما يختص باسترداد الحائز للمصروفات وبمسئوليته عن الهلاك فيما لو ظهر أن الحائز غير مالك .
1 - دعوى الحيازة ودعوى الملكية
345 - المقابلة ما بين دعاوى الحيازة ودعاوى الملكية : بسطنا فيما تقدم دعاوى الحيازة الثلاث ، وإلى جانب دعاوى الحيازة ( actions possessoires ) توجد دعاوى الملكية ( actions petitoires ) . والفرق بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية أن دعوى الحيازة لا تحمى إلا الحيازة فى ذاتها ولا شأن لها بالملكية أى بموضوع الحق ، أما دعوى الملكية فعلى العكس من ذلك تحمى الملكية أى موضوع الحق ولا شأن لها بالحيازة إلا حيث تكون الحيازة سبباً لكسب الملكية . وقد قدمنا أن دعاوى الحيازة الثلاث يقابلها دعاوى ملكية ثلاث : فيقابل دعوى استرداد الحيازة دعوى استرداد الملكية وهذه هى دعوى الاستحقاق ، ويقابل
$ 951 $ دعوى منع التعرض فى الحيازة دعوى منع التعرض فى الملكية ، ويقابل دعوى وقف الأعمال الجديدة فى الحيازة ، دعوى وقف الأعمال الجديدة فى الملكية . وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى يتضمن نصا بعدد دعاوى الملكية ، فكانت المادة 1165 من هذا المشروع تنص على أن " لمالك الشىء أن يسترده ممن يكون قد حازه أو أحرزه دون حق ، وأن يطالب من تعرض له فيه بالكف عن التعرض ، وإذا خشى تعرضا كان له أن يطالب بمنع وقوعه " ( [1764] ) . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، " اكتفاء بالقواعد العامة " ( [1765] ) .
وقد سبق أن قررنا فى صدد دعاوى الحيازة ودعاوى الملكية ما يأتى " ولما كانت دعاوى الحيازة لا تقتضى إلا أن يثبت المدعى حيازته مستوفيه لشرائطها ، أما دعاوى الملكية فتقتضى أن يثبت المدعى ملكيته للشىء ، وهو إثبات أشد مشقة بكثير من إثبات مجرد الحيازة ، لذلك يلجأ المالك عادة إلى دعاوى الحيازة ليحمى بها حيازته . ولا يتكلف مشقة الإثبات بعد ذلك كما قدمنا ، بل على من يدعى الملكية أن يرفع دعوى الاستحقاق على الحائز ، ويتحمل هو دون الحائز عبء إثبات الملكية ، وهو عبء شاق كما سبق القول . ومن ثم حلت دعاوى الحيازة فى العمل محل دعاوى الملكية ، وأغنت عنها فى كثير من الأحوال " ( [1766] ) .
346 - إثبات الحيازة – نص قانونى : تنص المادة 963 مدنى على ما يأتى :
$ 952 $ " إذا تنازع أشخاص متعددون على حيازة حق واحد ، اعتبر بصفة مؤقتة أن حائزة هو من له الحيازة المادية ، إلا إذا ظهر أنه قد حصل على هذه الحيازة بطريقة معينـة " ( [1767] ) .
ويخلص من هذا النص أن الحيازة ، وهى تتكون من عنصرين عنصر الحيازة المادية وعنصر القصد ، يكفى فى إثباتها مبدئيا العنصر الأول وهو عنصر الحيازة المادية . ولما كانت الحيازة المادية هى واقعة مادية ، فإنه يجوز لمن يتمسك بأنه حائز لحق معين أن يثبت هذه الحيازة بجميع طرق الإثبات . ويدخل فى ذلك البينة ، فيجوز للقاضى أن يحيل الدعوى على التحقيق ، ليثبت من يدعى الحيازة حيازته بالبينة . ويجوز أيضا أن يقبل القاضى طريقا آخر للإثبات غير البنية ، فيستخلص من وقائع الدعوى والأوراق والمعاينة ثبوت الحيازة المادية أو عدم ثبوتها . وعلى مدعى الحيازة أن يثبت أيضا خلوها من العيوب ، وأنها حيازة مستمرة علنية هادئة غير غامضة ( [1768] ) . فإذا ظهر أنها حيازة معيبة ، كأن ثبت أن الحائز قد حصل عليها بالإكراه أو فى خفاء ، فإنها لا تصلح أن تكون قرينة على وجود الحيازة القانونية .
$ 953 $
أما إذا أثبت الحائز الحيازة المادية على الوجه المتقدم الذكر ، قامت هذه الحيازة وحدها قرينة على وجود الحيازة القانونية كاملة ، أى الحيازة مقترنة بعنصر القصد . فعنصر القصد ، أى أن الحائز يحوز لحساب نفسه لا لحساب غيره ، هو إذن يفترض بثبوت الحيازة المادية . ولكن هذه القرينة القانونية قابلة لإثبات العكس ، فيجوز للخصم الآخر أن يدحضها بأن يثبت أن عنصر القصد غير موجود ، وأن الحائز بالرغم من ثبوت الحيازة المادية لديه إنما يحوز لحساب غيره لا لحساب نفسه . كذلك يجوز للخصم أن يثبت أن الحائز إنما تقوم حيازته على عمل من أعمال التسامح ، فينتقى بذلك عنصر القصد .
347 - إثبات الملكية – نص قانونى : تنص المادة 964 مدنى على ما يأتى :
" من كان حائزا للحق ، اعتبر صاحبه ، حتى يقوم الدليل على العكس " ( [1769] ) .
$ 954 $ ويخلص من هذا النص أن القانون قد أقام قرينة قانونية ، إذ جعل من حيازة الحق قرينة على الملكية . والقرينة غير قاطعة ، فهى تقوم لصالح الحائز ، حتى يقيم خصمه مدعى الملكية الدليل على عكس ذلك وأنه هو المالك ( [1770] ) .
وقد سبق أن فصلنا طرق إثبات الملكية ، بعد أن قسمناها إلى طرق إثبات دلالتها يقينية وطرق إثبات دلالتها ظنية . فالطرق الأولى هى السجل العينى والتقادم والحيازة ، والطرق الأخرى هى قرائن قضائية تثبت احتمالات راجحة ( probabilites ) كسند التمليك والمكلفة ودفع الضرائب وخريطة فك الزمام والتسجيل . وقد تتعارض طرق الإثبات ، فإذا قدم كل من الخصمين فى دعوى الملكية طرق إثباته وتعارضت هذه الطرق ، فهناك طريقان قاعا الدلالة فى الملكية هما السجل العينى والتقادم المكسب . فمتى استطاع الخصم أن يثبت ملكيته عن طريق السجل العينى ، إذا كان هذا السجل ساريا فى المنطقة التى فيها العقار المتنازع فيه ، كان هو المالك . فإذا لم يكن السجل العينى سارياً ، واستطاع الخصم أن يثبت أنه تملك العقار المتنازع فيه بالتقادم ، كان هو المالك . فإذا لم يكن السجل العينى ساريا ، ولم يستطع الخصم أن يثبت الملكية بالتقادم ، فالصورة المألوفة التى تبقى بعد ذلك أن يكون المدعى عليه هو الحائز للعقار . فيتمسك بالحيازة قرينة قانونية على أنه هو المالك ، ويلقى على عاتق خصمه عبء دحض هذه القرينة . فإذا لم يقدم المدعى قرينة تدحض قرينة الحيازة ، رفضت دعواه وبقى الحائز على حيازته . أما إذا قدم الدعى قرينة تعارض قرينة الحيازة ، من سند تمليك أو مكلفة أو دفع ضرائب أو غير ذلك ، وقدر القاضى أن القرينة التى قدمها المدعى تدحض قرينة الحيازة ، حكم للمدعى بالملكية . فالقرينة التى تدخض قرينة الحيازة ينبغى أن يترك أمر تقديرها إلى $ 955 $ القاضى ، فهو الذي يقدر ما إذا كانت الاحتمالات المستمدة من الحيازة أقوى فيرفض دعوى الملكية ، أو أن الاحتمالات المستخلصة من القرائن التى قدمها المدعى هى الأقوى فيقضى له بالملكية ( [1771] ) .
ويخلص مما تقدم أن القانون قد رسم طريقا لإثبات الملكية ، واستعان فى ذلك بقرينتين قانونيتين : ( الأولى ) أن الحيازة المادية قرينة على الحيازة القانونية ، إلى أن يثبت العكـس . ( والثانية ) أن الحيازة القانونية قرينة على الملكية ، إلى أن يثبت العكس . فيستطيع الخصم الذي يتمسك بأنه هو المالك أن يبدأ بإثبات حيازته المادية ، ويثبت ذلك بجميع طرق الإثبات ، وعند التنازع ما بين حيازتين رسم القانون طرق المفاضلة فيما بينهما على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ( [1772] ) . فإذا ما ثبتت الحيازة المادية ، كانت هذه الحيازة قرينة على الحيازة القانونية ، إلا إذا أقام الخصم الآخر الدليل على العكس . أما إذا لم تدحض هذه القرينة وتثبتت بذلك الحيازة القانونية ، فإن هذه الحيازة تكون هى بدورها قرينة على الملكية ، وذلك بشرط ألا يحتج الحائز بهذه القرينة على من تلقى منه الحيازة ( [1773] ) . وإذا قامت الحيازة القانونية قرينة على الملكية ، فإن $ 956 $ للخصم الآخر أن يدحض هذه القرينة بأن يقيم الدليل على أنه هو المالك . وقد وضع القضاء عند التنازع فى طرق إثبات الملكية ، كما وضع القانون عند التنازع فى طرق إثبات الحيازة ، قواعد للمفاضلة ما بين طريقة وأخرى ( [1774] ) .
348 - عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية : وهناك قاعدة هامة فى خصوص العلاقة ما بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية ، وهى تقضى بعدم جواز الجمع بين الدعويين . وقد نصت المادة 48 من تقنين المرافعات على هذه القاعدة ، وهى تجرى على الوجه الآتى : " لا يجوز أن يجمع المدعى فى دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق ، وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة . ولا يجوز من المدعى عليه فى دعوى الحيازة أن يدفعها بالاستناد إلى الحق ، ولا تقبل دعواه بالحق قبل الفصل فى دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذي يصدر فيها ، إلا إذا تخلى بالفعل عن الحيازة لخصمه . وكذلك لا يجوز الحكم فى دعاوى الحيازة على أساس ثبوت الحق أو نفيه " ( [1775] ) .
$ 957 $ ونرى من هذا النص أن قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية تلزم المدعى ، وتلزم المدعى عليه ، وتلزم القاضى ( [1776] ) .
ثم إن الحكم الصادر فى دعوى الحيازة لا تكون له حجية فى دعوى الملكية . فهذه مسائل أربع ، نستعرضها تباعا .
349 - قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية تلزم المدعى : رأينا ( [1777] ) أن الفقرة الأولى من المادة 48 مرافعات تنص على أنه " لا يجوز أن يجمع المدعى فى دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق ، وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة " . ويمكن أن تتصور فى هذا الصدد أن المدعى طالب فى دعوى الحيازة ذاتها بالملكية أو موضوع الحق ، أو أنه رفع دعوى الحيازة وقبل أن يفصل فيها رفع دعوى موضوع الحق ، أو أنه رفع دعوى موضوع الحق وقبل أن يفصل فيها رفع دعوى الحيازة . ففى هذه الفروض الثلاثة جميعا ، يكون المدعى قد جمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية أى دعوى موضوع الحق ، وهذا لا يجوز ، ويسقط الادعاء بالحيازة كما يقول النص أى تصبح دعوى الحيازة غير مقبولة .
$ 958 $ ففى الفرض الأول ، إذا طالب المدعى فى دعوى الحيازة ذاتها بالملكية أو موضوع الحق ، فإن هذا لا يتأتى إلا إذا كان القاضى الجزئى المختص بنظر دعوى الحيازة مختصا أيضا بدعوى الملكية ، وهذا نادر ( [1778] ) . والغالب أن تجاوز دعوى الملكية نصاب القاضى الجزئى ، فإذا رفعت أمامه حكم بعدم الاختصاص بنظر دعوى الملكية ، وبعدم قبول دعوى الحيازة لأن رفع دعوى الملكية ولو أمام محكمة غير مختصة يتضمن نزول المدعى عن دعوى الحيازة كما سنرى . أما إذا كان القاضى الجزئى مختصا بنظر دعوى الملكية ، ورفع المدعى دعوى الحيازة وطالب بالملكية فى نفس الدعوى ، فإن القاضى ينظر طلب الملكية لأنه مختص بنظره ، ويحكم فى دعوى الحيازة بعدم القبول لأن رفع دعوى الملكية يتضمن نزول المدعى عن دعوى الحيازة ( [1779] ) .
وفى الفرض الثانى ، إذا رفع المدعى دعوى الحيازة وقبل أن يفصل فيها رفع دعوى الملكية ، فإن رفعه لدعوى الملكية قبل أن يفصل فى دعوى الحيازة يعتبر نزولا منه عن دعوى الحيازة ، فيقضى بعدم قبول هذه الدعوى ، ولا تنظر إلا دعوى الملكية ( [1780] ) .
وفى الفرض الثالث ، إذا رفع المدعى دعوى الملكية وقبل أن يفصل فيها رفع دعوى الحيازة ، حتى لو نزل عن دعوى الملكية ، فإن دعوى الحيازة تحكم بعدم قبولها ، لأن رفع دعوى الملكية قبل ذلك يتضمن نزولا عن دعوى الحيازة ( [1781] ) . وغنى عن البيان أنه لا يتصور أن يفصل فى دعوى الملكية ، ثم يرفع المدعى دعوى الحيازة بعد ذلك . ذلك لأنه إذا فصل فى دعوى الملكية $ 959 $ لصالح المدعى لم يعد فى حاجة إلى دعوى الحيازة ، وإذا قضى فيها لغير صالحه فلا يجديه أن يرفع دعوى الحيازة ( [1782] ) .
فالواجب إذن أن يقتصر المدعى على رفع دعوى الحيازة ، أو على رفع دعوى الملكية . فإذا كانت حيازته ثابتة وتوافرت شروطها ، اقتصر على رفع دعوى الحيازة ( [1783] ) . فإذا ما قضى لصالحه فى دعوى الحيازة ، بقى على حيازته ، وعلى خصمه أن يرفع دعوى الملكية فيكون هو باعتباره حائزاً مدعى عليه فيها . أما إذا لم تكن حيازته ثابتة أو غير متوافرة الشروط ، اقتصر على رفع دعوى الملكية على الحائز ، وعليه فى هذه الحالة أن يثبت الملكية لا الحيازة ( [1784] ) .
ويخلص مما تقدم أن رفع المدعى لدعوى الملكية ، وإن كان لا يتضمن اعترافا منه بأن الحيازة عند خصمه ولا نزولا منه عن التمسك بمزايا الحيازة ، إلا أنه يتضمن نزولا منه استعمال دعوى الحيازة ( [1785] ) . ويلاحظ فى هذا الصدد : ( أولا ) أن رفع دعوى الملكية هو الذي يتضمن النزول عن دعوى الحيازة ، فأية دعوى أخرى يرفعها المدعى لا تتضمن هذا النزول ، والوصف القانونى للدعوى بأنها دعوى ملكية يخضع لرقابة محكمة النقض ( [1786] ) . وعلى ذلك $ 960 $ لا يتضمن نزولا عن دعوى الحيازة رفع طالب الحيازة دعوى بالشفعة ضد من سلب حيازته ( [1787] ) ، أو رفعه دعوى مستعجلة باتخاذ بعض إجراءات تحفظية ( [1788] ) . ولكن يكفى أن ترفع دعوى الملكية ليتضمن رفعها نزولا عن دعوى الحيازة ، حتى لو رفعت الدعوى أمام محكمة غير مختصة ( [1789] ) ، وحتى لو ترك المدعى الخصومة بعد رفع الدعوى ( [1790] ) . ( ثانياً ) أن رفع دعوى الملكية إنما يكون نزولا عن دعوى الحيازة التى يكون سببها راجعا إلى تاريخ سابق على رفع دعوى الملكية ، أما إذا كان سبب دعوى الحيازة لاحقا لرفع دعوى الملكية فبديهى أن دعوى الملكية لا تتضمن نزولا عن سبب جد بعد رفعها( [1791] ) .
$ 961 $
350 - قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية تلزم المدعى عليه : رأينا ( [1792] ) أن الفقرة الثانية من المادة 48 مرافعات تنص على ما يأتى : " ولا يجوز من المدعى عليه فى دعوى الحيازة أن يدفعها بالاستناد إلى الحق ، ولا تقبل دعواه بالحق قبل الفصل فى دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذي يصدر فيها ، إلا إذا تخلى بالفعل عن الحيازة لخصمه " . ويؤخذ من هذا النص أن المدعى عليه يلتزم بعدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية من ناحيتين :
( الناحية الأولى ) أنه إذا رفعت عليه دعوى الحيازة ، فإنه لا يستطيع أن يدفع هذه الدعوى إلا بدفع مستمد من الحيازة ذاتها ، بصرف النظر عن موضوع الحق . فلا يستطيع أن ينكر على المدعى حيازته بدعوى أنه هو المالك فيجب أن تكون عنده الحيازة ، لأن فى هذا الدفع جمعا بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية . وإنما يستطيع أن يدفع دعوى الحيازة بان الحيازة غير ثابتة للمدعى ، أو بأنها لم تتوافر فيها الشروط الواجبة ، أو بغير ذلك من الدفوع التى ترجع إلى الحيازة لا إلى الملكية .
( الناحية الثانية ) أنه إذا رفعت عليه دعوى الحيازة ، فإنه لا يستطيع ، قبل أن يفصل فى هذه الدعوى ، أن يرفع هو دعوى الملكية على المدعى فى دعوى الحيازة . ذلك لأنه يجب أن يتربص حتى يقضى فى دعوى الحيازة حتى لا يجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية ، فإذا حكم فى دعوى الحيازة لصالح المدعى وجب عليه أيضا أن ينفذ الحكم كاملا وألا يضيع على خصمه الحيازة التى قضى له بها ( [1793] ) . وبعد ذلك ، أى بعد أن يستقر خصمه فى $ 962 $ حيازته ، يستطيع هو أن يرفع عليه دعوى الملكية . فإن رفعها قبل ذلك ، أى قبل أن يفصل فى دعوى الحيازة أو قبل أن ينفذ الحكم الصادر لمصلحة خصمه فى هذه الدعوى ، فإن دعوى الملكية التى يرفعها لا تكون مقبولة ( [1794] ) ، إلا إذا تخلى بالفعل عن الحيازة لخصمه ( [1795] ) .
هذا إذا كانت الدعوى المرفوعة هى دعوى الحيازة . أما إذا كانت الدعوى المرفوعة هى دعوى الملكية ، فإن المدعى عليه فى هذه الدعوى يستطيع ، قبل الفصل فيها ، أن يرفع دعوى الحيازة ، سواء كان سبب دعوى الحيازة سابقا على رفع دعوى الملكية أو لاحقا لرفع هذه الدعوى . وهذا بخلاف المدعى فى دعوى الملكية فقد رأينا ( [1796] ) أنه لا يستطيع رفع دعوى الحيازة إلا إذا كان سبب هذه الدعوى لاحقا لرفع دعوى الملكية ، إذ أن رفع المدعى لدعوى الملكية يتضمن نزولا منه عن دعوى الحيازة كما سبق القول . وترجع العلة فى التفريق فى دعوى الملكية ما بين المدعى والمدعى عليه على النحو المتقدم ، أن المدعى هو الذي رفع دعوى الملكية باختياره ، فيحمل هذا منه على نزول ضمنى عن دعوى الحيازة ، بخلاف المدعى عليه فهو لم يرفع دعوى الملكية بل رفعها عليه المدعى ، فلا يجوز أن يحرمه المدعى بفعله من حقه فى رفع دعوى الحيازة ( [1797] ) .
$ 963 $
351 - قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية تلزم القاضى : رأينا( [1798] ) أن الفقرة الأخيرة من المادة 48 مرافعات تنص على ما يأتى : وكذلك لا يجوز الحكم فى دعاوى الحيازة على أساس ثبوت الحق ونفيه " . ويعنى ذلك أن القاضى يتقيد بقاعدة عدم الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية من ناحيتين :
( الناحية لأولى ) أن القاضى لا يستطيع أن يبنى حكمه فى دعوى الحيازة ، قبولا أو رفضا ، على أسباب يستمدها من موضوع الحق ( [1799] ) . فيجب عليه أن يبنى الحكم على أسباب مستمدة من الحيازة ذاتها ، ومن أنها استوفت شروطها . فإذا استند فى إجابته لطلب المدعى فى دعوى الحيازة على أنه هو المالك ، أو على أن حيازته تستخلص من سند ملكيته ، أو على أنه قد قضى له بالملكية بموجب حكم سابق ، كان هذا جمعا غير جائز بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية ( [1800] ) . كذلك يعتبر جمعا غير جائز بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية أن يرفض القاضى دعوى الحيازة بعد أن تثبت له الحيازة مستوفية $ 352 $ لشرائطها ، مستندا فى ذلك إلى أن المدعى عليه إنما كان يستعمل حقا ثابتاً له ، أو أنه لم يلحق المدعى أى ضرر من تعرضه ( [1801] ) . ولكن إذا استند القاضى فى حكمه فى دعوى الحيازة إلى أن الحيازة ثابتة مستوفية لشرائطها ، وأضاف $ 965 $ مع ذلك تزيدا أسبابا أخرى مستمدة من موضوع الحق ، واقتصر فى منطوق الحكم على الحيازة دون موضوع الحق ، لم يكن هذا جمعا بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية ( [1802] ) .
( الناحية الثانية ) أن القاضى لا يستطيع ، فى منطوق حكمه فى دعوى الحيازة ، أن يمس موضوع الحق ، أو أن يجعل الحيازة متوقفة على الملكية لا تنفصل عنها ، أو أن يقضى بوقت الفصل فى دعوى الحيازة إلى أن يصدر حكم فى الملكية . فلو أن القاضى ، فى منطوق حكمه فى دعوى الحيازة ، لم يقتصر على الحيازة فى ذاتها ، بل قضى للمدعى بحقوق أوسع مدى أو أشد قوة استنادا إلى موضوع الحق ، كان هذا جمعا غير جائز بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية ( [1803] ) .
كذلك يعتبر جمعا غير جائز بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية أن يرفض القاضى دعوى الحيازة على أساس أن الحيازة لا تنفصل عن الملكية ، أو دون أن يرفض دعوى الحيازة بوقف الفصل فيها جاعلا من الفصل فى الملكية مسألة أولية تسبق الفصل فى دعوى الحيازة ( [1804] ) .
ولا يعتبر جمعا بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية أن يأمر القاضى فى دعوى الحيازة بمعاينة محل النزاع ( [1805] ) ، أو أن يفحص سندات الملكية المقدمة من الخصوم ليسترشد بها فى التعرف على طبيعة الحيازة ومداها واستيفائها لشروطها ( [1806] ) . وتحرى المحكمة من المعاينة والمستندات ما إذا كان العقار المرفوع $ 966 $ بشأنه دعوى منع التعرض ملكا عاما ليس فيه جمع بين دعويى اليد والملك ، لأن المقصود هو أن تستبين المحكمة حقيقة وضع اليد ، وقضاؤها المؤسس على أن العقار من المنافع العامة لا يمكن أني كون حاسما للنزاع فى الملك ( [1807] ) . أما الحيازة ذاتها فيجب أن تثبت من الأعمال المادية المكونة لها ، ولا يصح أن تثبت من سند الملكية وحده فيحل هذا السند محل الحيازة ( [1808] ) .
$ 967 $
المادة 982 مدنى تجرى على الوجه الآتى : " وللملك أن يتحلل من هذا الالتزام ، إذا هو عجل مبلغا يوازى قيمة هذه الأقساط مخصوما منها فوائدها بالسعر القانونى لغاية مواعيد استحقاقها " . فتغير معنى النص بهذا التعديل تغيرا جوهرياً . وأصبح الالتزام الذي يتحلل منه المالك ليس هو الالتزام بتقديم الضمانات اللازمة ، بل الالتزام برد المصروفات . وأصبح المالك يستطيع أن يتحلل من هذا الالتزام الأخير بتعجيل مبلغ يوازى قيمة ما يتبقى فى ذمته من الأقساط مخصوما منها فوائدها بالسعر القانونى لغاية مواعيد استحقاقها . فإذا قسط القاضى على المالك المبلغ الذي يجب عليه دفعه للحائز أقساطا سنوية خمسة مثلا مع تقديم الضمانات اللازمة ، ودفع المالك للحائز القسطين الأولين فى ميعاديهما ، ورأى المالك بعد ذلك أنه يستطيع أن يوفى الحائز الأقساط الثلاثة الباقية فورا ، فإن القانون يبيح له فى هذه الحالة أن يعجل للحائز مبلغاً يوازى قيمة الأقساط الثلاثة الباقية ، مخصوما منه الفوائد بالسعر القانونى لغاية ميعاد استحقاق كل قسط منها ، وذلك فى نظير التعجيل بالوفاء قبل ميعاد الاستحقاق ( [1809] ) .
ب - مسئولية الحائز عن هلاك العين أو تلفها
360 - نصوص قانونية : تنص المادة 983 مدنى على ما يأتى :
1 - " إذا كان الحائز حسن النية وانتفع بالشىء وفقا لما يحسبه من حقه ، فلا يكون مسئولا قبل من هو ملزم برد الشىء إليه عن أى تعويض بسبب هذا الانتفاع " .
$ 977 $ 2 - " ولا يكون الحائز مسئولا عما يصيب الشىء من هلاك أو تلف ، إلا بقدر ما عاد عليه من فائدة ترتيب على هذا الهلاك أو التلف " .
وتنص المادة 984 مدنى على ما يأتى :
" إذا كان الحائز سىء النية ، فإنه يكون مسئولا عن هلاك الشىء أو تلفه ولو كان ذلك ناشئا عن حادث فجائى ، إلا إذا ثبت أن الشىء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقيا فى يد من يستحقه " ( [1810] ) .
ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الأحكام كان معمولا بها دون نص .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 934 - 935 – وفى التقنين المدنى الليبى م 987 - 988 - وفى التقنين المدنى العراقى م 1168 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( [1811] ) .
$ 978 $
ويخلص من النصوص سالفة الذكر أنه ، فى مسئولية الحائز عن هلاك الشىء أو تلفه ، يجب التمييز بين ما إذا كان الحائز حسن النية فلا يتحمل تبعة هلاك الشىء ، وما إذا كان سيئ النية فيتحمل هذه التبعة .
361 - مسئولية الحائز حسن النية : إذا كان الحائز حسن النية ، ويعتقد أن الشىء مملوك له ، فإنه ينتفع به كما ينتفع المالك بملكه ، فله أن يستعمله ، وأن يستغله . فإذا نقصت قيمة الشىء بسبب الاستعمال أو الاستغلال ، لم يكن مسئولا قبل المالك عن نقص القيمة . وإذا جنى ثماره ، فإنه يملكها بالقبض ، ولا يكون مسئولا عن ردها للمالك كما سيأتى . وبالجملة لا يكون مسئولا قبل المالك عن أى تعويض بسبب انتفاعه بالشىء على الوجه المتقدم الذكر . وتقول الفقرة الأولى من المادة 983 مدنى ، كما رأينا ( [1812] ) ، فى هذا الصدد : " إذا كان الحائز حسن النية وانتفع بالشىء وفقا لما يحسبه من حقه ، فلا يكون مسئولا قبل من هو ملزم برد الشىء إليه عن أى تعويض بسبب هذا الانتفاع . "
أما إذا استهلك الحائز الشىء أو هلك الشىء بخطأه ، فالواجب تطبيق القواعد العامة ، ويكون الحائز مسئولا عن التعويض ( [1813] ) .
$ 979 $
بقى فرض ما إذا كان الشىء قد هلك بسبب أجنبى ، أى بغير خطأ الحائز . وقد تكلفت الفقرة الثانية من المادة 983 مدنى ببيان الحكم فى هذا الفرض ، فقالت كما رأينا ( [1814] ) : " ولا يكون الحائز مسئولا عما يصيب الشىء من هلاك أو تلف ، إلا بقدر ما عاد عليه من فائدة ترتبت على هذا الهلاك أو التلف " .
وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " إذا هلك الشىء فى يد الحائز حسن النية ، فلا يكون مسئولا عنه ما دام أنه كان يستغله وفقا لما يحسب أنه حق له ، ولا يرد للمالك إلا ما عاد عليه من فائدة بسب بهذا الهلاك أو التلف من مبلغ تأمين أو تعويض . ويتصل بهذا الحكم حكم من تسلم شيئا وهو حسن النية وتصرف فيه بعوض ، فيجب أن يرد ما قبضه من عوض " ( [1815] ) . فالقاعدة العامة هى إذن ، فى فرض ما إذا هلك الشىء فى يد الحائز حسن النية بسبب أجنبى ، ألا يكون الحائز مسئولا عن الهلاك ، إلا بقدر ما عاد عليه من فائدة بسبب هذا الهلاك ( [1816] ) .
$ 980 $
362 - مسئولية الحائز سيئ النية : وإذا كان الحائز سيئ النية ، فإنه يكون مسئولا قبل المالك عن استعمال الشىء واستغلاله ، فإذا نقصت قيمة الشىء بسبب الاستعمال أو الاستغلال ، وجب عليه التعويض . وإذا جنى ثمار الشىء ، فإنه يلتزم بردها إلى المالك كما سيجئ .
ويكون الحائز سيئ النية مسئولا عن هلاك الشىء ، سواء هلك الشىء بخطأه أو بسبب أجنبى . أما مسئوليته فيما إذا هلك الشىء بخطأه ، فترجع إلى هذا الخطأ . وأما مسئوليته فيما إذا هلك الشىء بسبب أجنبى وبغير خطأه . فترجع إلى أنه سيئ النية فى حيازته للشىء . وقد نصت المادة 984 مدنى صراحة على هذا الحكم ، إذ تقول كما رأينا ( [1817] ) : " إذا كان الحائز سيئ النية . فإنه يكون مسئولا عن هلاك الشىء أو تلفه ، ولو كان ذلك ناشئا عن حادث فجائى ، إلا إذا ثبت أن الشىء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقيا فى يد من يستحقه " . ويحسن أن يوضع إلى جانب هذا النص نص المادة 207 مدنى ، $ 981 $ ونص المادة 256 من المشروع التمهيدى ، وقد حذفت فى لجنة المراجعة " تجنبا للتفصيلات " . أما المادة 207 مدنى فتنص على أنه " 1 - إذا التزم المدين أن ينقل حقا عينيا أو أن يقوم بعمل ، وتضمن التزامه أن يسلم شيئا ولم يقم بتسليمه بعد أن أعذر ، فإن هلاك الشىء يكون عليه ولو كان الهلاك قبل الإعذار على الدائن . 2 - ومع ذلك لا يكون الهلاك على المدين ولو أعذر ، إذا أثبت أن الشىء كان يهلك كذلك عند الدائن لو أنه سلم إليه ، ما لم يكن المدين قد قبل أن يتحمل تبعة الحوادث المفاجئة . 3 - على أن الشىء المسروق إذا هلك أو ضاع بأية صورة كانت ، فإن تبعة الهلاك تقع على السارق " . وكانت المادة 256 من المشروع التمهيدى تنص على ما يأتى : " فإذا ضاع هذا الشىء أو تلف ، التزم ( المدفوع له ) برد قيمته وقت الضياع أو التلف إذا كان قد تسلمه وهو سيئ النية ، وذلك دون إخلال بحق من سلم هذا الشىء فى استرداده ولو تالفا مع التعويض عن نقص قيمته بسبب التلف " ( [1818] ) . وقد قربت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى بين هذه النصوص الثلاثة – المادة 984 مدنى والمادة 207 مدنى والمادة 256 من المشروع التمهيدى – واستخلصت من هذا التقريب ما يأتى : " إذا كان الحائز سيئ النية ، وهلك الشىء فى يده ولو بسبب أجنبى ، فإن الحيازة مع سوء النية تعتبر خطأ كافيا لجعله مسئولا عن هلاك الشىء . ويلاحظ وجوب تقريب المادة 256 ( من المشروع التمهيدى ) من المادة 1346 ( من المشروع التمهيدى وقد أصبحت المادة 984 مدنى ) ، فهما تعرضان لمسألة واحدة . ومن مجموع هذين النصين يستخلص أن الحائز السيئ النية يلتزم برد قيمة الشىء وقت الهلاك أو الضياع أو التلف ، وذلك دون إخلال بحق المالك فى استرداد الشىء ولو تالفا مع التعويض عن نقص قيمته بسبب التف . على أن الحائز لا يكون مسئولا ، إذا هو أثبت أن الشىء كان يلهك أو يتلف حتى لو كان باقيا فى يد من يستحقه ، شأنه فى ذلك شأن المدين بتسليم شئ إذا كان قد أعذر ( م 284 / 2 من المشروع التمهيدى وقد أصبحت المادة 207 / 2 مدنى ) . على أن الحائز إذا كان قد سرق الشىء يكون مسئولا عن هلاكه ، حتى إذا تبين أنه كان يهلك أيضا لو بقى فى يد المالك $ 982 $ ( م 184 / 3 من المشروع التمهيدى وقد أصبحت المادة 207 / 3 مدنى ) " ( [1819] ) .
فالقاعدة إذن أن الحائز السيئ النية يكون مسئولا عن هلاك الشىء ولو كان الهلاك بسبب أجنبى ، فيرد للمالك قيمة الشىء وقت الهلاك ، وذلك دون إخلال بحق المالك فى استرداد الشىء ولو تالفا مع التعويض عن نقص قيمته بسبب التلف . ولا يكون الحائز السيئ النية مسئولا عن هلاك الشىء بسبب أجنبى ، إذا هو أثبت أن الشىء كان يهلك حتى لو كان باقيا فى يد المالك . وذلك ما لم يكن الحائز قد سرق الشىء ، فإنه يكون مسئولا عن هلاكه ولو كان الهلاك بسبب أجنبى ، ولو أثبت الحائز أن الشىء كان يهلك حتى لو كان باقيا فى يد المالك ( [1820] ) .
$ 983 $
الفرع الثانى
الحيازة باعتبارها سببا لكسب الملكية
363 - متى تكون الحيازة سببا لكسب الملكية : بعد أن فرغنا من الكلام فى الحيازة بوجه عام ، ننتقل إلى الكلام فيها باعتبارها سببا لكسب الملكية ، وهى على هذا الاعتبار تدخل ضمن أسباب كسب الملكية التى هى موضوع البحث .
وقد قدمنا أن الحيازة إذا وقعت على منقول لا مالك له ، كان هذا استيلاء بكسب الحائز ملكية المنقول . وقد سبق الكلام فى الاستيلاء تفصيلا ، فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك .
أما إذا وقعت الحيازة على شىء له مالك ، فإنها تكسب الحائز ملكية هذا الشىء ، إما بالتقادم الطويل فى العقار والمنقول ، أو بالتقادم القصير فى العقار وحده ، أو بمجرد الحيازة فى المنقول وحده ، أو بالقبض فى تملك الثمار .
364 - التمييز بين الحيازة بسوء نية والحيازة بحسن نية : ويجب ، فى الحيازة باعتبارها سببا لكسب الملكية ، التمييز بين الحيازة بسوء نية والحيازة بحسن نية .
$ 984 $
فالحيازة بسوء نية تكون سببا لكسب الملكية ، فى العقار والمنقول على السواء ، بالتقادم الطويل .
والحيازة بحسن نية تكون سببا : ( 1 ) لكسب ملكية العقار ، بالتقادم القصير . ( 2 ) ولكسب ملكية المنقول ، بمجرد الحيازة إذ أن الحيازة فى المنقول سند الملكية . ( 3 ) لكسب ملكية الثمار ، بمجرد قبضها أى حيازتها ( [1821] ) .
فنستعرض فى مبحثين الحيازة بسوء نية ، والحيازة بحسن نية ، باعتبار أن كلا منهما سبب لكسب الملكية .
المبحث الأول
الحيازة بسوء نية باعتبارها سبب لكسب الملكية
( التقادم المكسب الطويل فى العقار والمنقول )
365 - التقادم المكسب والتقادم المسقط والفرق بينهما : قدمنا عند الكلام فى التقادم المسقط فى أسباب انقضاء الالتزام ( [1822] ) ، أن الفروق ما بين التقادم المكسب ( prescription aequisitive, usucapion ) والتقادم المسقط ( prescription extinative ) فروق واضحة . فالتقادم المسقط يقضى الحقوق الشخصية والحقوق العينية ( فيما عدا حق الملكية ) على السواء ، إذا لم يستعمل صاحب الحق حقه مدة معينة . أما التقادم المكسب ، ونقترن به الحيازة دائما ، فيكسب الحائز ما حل من حقوق عينية – دون الحقوق الشخصية – بعد أن تستمر حيازته لها مدة معينة .
والتقادم المسقط لا يتمسك به إلا عن طريق الدفع ، فإذا رفع صاحب الحق الذي سقط بالتقادم دعواه أمكن المدعى عليه أن يدفع هذه الدعوى بالتقادم المسقط . أما التقادم المكسب فيتمسك به عن طريق الدفع وعن طريق الدعوى على السواء ، فللحائز أن يدفع دعوى الاستحقاق المرفوعة عليه من $ 985 $ المالك بالتقادم المكسب ، كما أن له إذا انتزعت منه الحيازة أن يرفع دعوى الاستحقاق على الحائز الجديد ويتمسك قبله بالتقادم للكسب .
ثم إن التقادم المكسب يعتد فيه بحسن النية ، إذ الحائز حسن النية يملك الحق فى مدة أقصر من المدة التى يملكه فيها الحائز سيئ النية . أما فى التقادم المسقط فلا يعتد بحسن النية ، والمدة التى يحددها القانون لسقوط الحق تقصر أو تطول تبعا لطبيعة هذه الحق ، لا تبعا لثبوت حسن النية أو انتفائه .
336 - القواعد المشتركة فيما بين التقادم المكسب والتقادم المسقط - نص قانونى : تنص المادة 973 مدنى على ما يأتى :
" تسرى قواعد التقادم المسقط على التقادم المكسب فيما يتعلق بحساب المدة ، ووقف التقادم وانقطاعه ، والتمسك به أمام القضاء ، والتنازل عنه ، والاتفاق على تعديل المدة ، وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه هذه القواعد مع طبيعة التقادم المكسب . ومع مراعاة الأحكام الآتية " ( [1823] ) .
$ 986 $ التقادم المكسب فيما لا تتعارضان فيه مع طبيعة هذا التقادم . أما المادة 380 مدنى فلا تتعارض فى شىء مع طبيعة التقادم المكسب ، ومن ثم تسرى عليه ، وهى تنص على أن " تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات ولا يحسب اليوم الأول ، وتكمل المدة بانقضاء آخر يوم منها " . وأما المادة 381 مدنى وهى الخاصة ببدء سريان التقادم المسقط ، ففى عدم تعارضها مع طبيعة التقادم المكسب تفصيل سنبينه فى مكانه .
2 - وقف التقادم وانقطاعه : ففيما يتعلق بوقف التقادم ، ورد فى التقادم المسقط المادة 382 / 1 مدنى ، وهى تسرى على التقادم المكسب أيضا ، وتجرى على الوجه الآتى : " لا يسرى التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ، ولو كان المانع أدبيا . وكذلك لا يسرى التقادم فيما بين الأصيل والنائب " . أما المادة 382 / 2 مدنى ، وهى أيضا متعلقة بوقف التقادم المسقط ، فتجرى على الوجه الآتى : " ولا يسرى التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات فى حق كل من لا تتوافر فيه الأهلية أو فى حق الغائب أو فى حق المحكوم عليه بعقوبة جناية ، إذا لم يكن له نائب يمثله قانونا " . ويؤخذ من هذا النص أن التقادم المسقط لا يوقف ، ولو وجد سبب لوقفه ، إذا كانت لا تزيد على خمس سنوات . أما التقادم المكسب ، فمتى وجد سبب لوقفه فإنه يوقف ، حتى لو لم تزد مدته على خمس سنوات كما هو الأمر فى التقادم المكسب القصير . وقد نصت المادة 974 مدنى على ذلك صراحة ، إذ تقول : " أيا كانت مدة التقادم المكسب ، فإنه يقف متى وجد سبب لوقفه " ، وسنعود إلى هذه المسألة تفصيلا فى مكانها . وفيما يتعلق بانقطاع التقادم ، ورد فى التقادم المسقط المواد 383 - 385 مدنى تبين أن هذا التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية وما فى حكمها وباقرار المدين بحق الدائن ، وتذكر حكم انقطاع التقادم وأن تقادما جديدا يبدأ ساريا من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع . وكل هذه الأحكام تسرى على التقادم المكسب ، ويزيد التقادم المكسب سببا آخر للانقطاع يستعصى على طبيعة التقادم المسقط ، هو تخلى الحائز عن الحيازة أو فقدها ولو يفعل الغير ( م 975 مدنى ) . وسيأتى بيان ذلك تفصيلا فى المكان المناسب .
$ 987 $ 3 - التمسك بالتقادم أمام القضاء : وقد ورد فى هذا الشأن فى التقادم المسقط المادة 387 مدنى ، وتوجب على ذى الشأن أن يتمسك بالتقادم المسقط أمام القضاء ، فلا يجوز للمحكمة أن تقضى بهذا التقادم من تلقاء نفسها . وهذا النص لا يتعارض مع طبيعة التقادم المكسب ، ومن ثم يسرى عليه ، وسيأتى تفصيل ذلك فى مكانه .
4 - التنازل عن التقادم والاتفاق على تعديل المدة : وقد ورد فى هذا الشأن فى التقادم المسقط المادة 388 مدنى ، وهى تقضى بأنه لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه ، كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم فى مدة تختلف عن المدة التى عينها القانون . ولما كان هذا النص لا يتعارض مع طبيعة التقادم المكسب ، فإنه يسرى عليه ، وسنبين ذلك تفصيلا فى المكان المناسب ( [1824] ) .
367 - الاعتبارات العملية التى قام عليها التقادم المكسب : قدمنا فى التقادم المسقط ( [1825] ) أن هذا النوع من التقادم يرتكز على اعتبارات عملية تقوم على استقرار التعامل ، ويكفى أن نتصور مجتمعا لم يدخل التقادم فى نظمه القانونية لندرك إلى أى حد يتزعزع فيه التعامل وتحل الفوضى محل الاستقرار . فإذا كان للدائن أن يطالب مدينة بالدين مهما طالت المدة التى مضت على استحقاقه ، وكان على المدين أن يثبت براءة ذمته من الدين بعد أن يكون قد وفاه فعلا وحصل على مخالصة به ، أليس من الإرهاق أن يكلف المدين بالمحافظة على هذه المخالصة إلى وقت لا نهاية له حتى يستطيع إبرازها فى أى وقت شاء الدائن أن يطالبه فيه بالدين . أليس واجبا لاستقرار التعامل أن يفترض فى الدائن الذي سكت مدة طويلة عن المطالبة بدينه أنه قد استوفاه ، $ 988 $ أو فى القليل قد أبرأ ذمة المدين منه بعد هذا السكوت الطويل؟ فالتقادم المسقط لا يقوم على قرينة الوفاء ، أكثر مما يقوم على وجوب احترام الأوضاع المستقرة التى مضى عليها من الزمن ما يكفى للاطمئنان إليها وإحاطتها بسياج من الثقة المشروعة . ولا بد من تحديد وقت ما إذا انقضى لا يستطيع الدائن أن يطالب بالدين ، وإلا ظلت الناس يطالب بعضهم بعضا بديون مضت عليها أجيال طويلة . والمشرع يختار مدة لا يكون من شأنها إرهاق المدين بجعله معرضا للمطالبة وقتا أطول مما يجب ، ولا مباغتة الدائن باسقاط حقه فى وقت أقصر مما يجب . وقد اختار المشرع المصرى خمسة عشر عاما ، وهى المدة التى لا يجوز بعدها سماع الدعوى فى الفقه الإسلامى . فإذا انقضت المدة التى يتم بها التقادم ، وادعى المدين براءة ذمته ، وأصر الدائن على المطالبة بالدين ، فالأولى بالرعاية هو المدين لا الدائن . ذلك أن الدائن إذا لم يكن قد استوفى حقه فعلا ، ولم يكن قد أبرأ ذمة المدين من الدين بسكوته عن المطالبة به هذه المدة الطويلة ، فلا أقل من أنه قد أهمل إهمالا لا عذر له فيه بسكوته حقبة طويلة من الدهر ثم مباغته المدين بعد ذلك بالمطالبة . وبين مدين اطمأن إلى وضع ظاهر مستقر ، ودائن أقل ما يؤخذ به الإهمال الذي لا مبرر له ، المدين دون ريب هو الأولى بالرعاية .
هذا فيما يتعلق بالتقادم المسقط والاعتبارات العملية التى قام عليها هذا النوع من التقادم . أما فيما يتعلق بالتقادم المكسب ، وبأنه يقوم هو الآخر على اعتبارات عملية لا تقل فى الأهمية عن تلك التى قام عليه التقادم المسقط ، ففى البلاد التى لا يوجد فيها سجل عينى يكون القيد فيه ذا دلالة مطلقة على الملكية والحقوق العينية الأخرى ، يصبح التقادم المكسب ضرورة لا مندوحة عنها فى إثبات هذه الحقوق . ذلك بأنه لو اعتمدنا فى إثبات الملكية على انتقالها من مالك إلى آخر ، لوجب إثبات أن من تلقى الملكية تلقاها من مالك ، وأن هذا قد تلقاها من مالك قبله ، وهذا أيضا تلقاها من مالك عن مالك عن مالك ، إلى مالا نهاية . وهذا دليل يتعذر تقديمه ، وإذا لم يكن هناك سجل عينى يكون القيد فيه هو الدليل المطلق على الملكية ، فلا بد من الوقوف عند حد زمنى .
أثبت الشخص أنه حاز فى خلاله العين دون انقطاع فإنه يكون بذلك قد قدم الدليل على ملكيته للعين بحيازتها طوال هذه المدة ، وهذا هو التقادم المكسب $ 989 $ فالتقادم المكسب إذن هو أهم دليل من الناحية العملية على الملكية والحقوق العينية الأخرى ، وبه يستقر التعامل ويأمن من يتعامل مع حائز العين أنه يتعامل مع شخص يستطيع أن يثبت أنه هو المالك ( [1826] ) . ويكفى فى ذلك أن يكون الحائز للعين قد بقى حائزا لها المدة الواجبة للتملك بالتقادم المكسب ، وهى فى الغالب خمس عشرة سنة .
وإلى جانب أن التقادم المكسب يقوم دليلا عمليا على الملكية ، يوجد لهذا النوع من التقادم مهمة اجتماعية أخرى . فبفضلة يصبح الوضع الفعلى مطابقا للوضع القانونى ، ويصبح من يحوز العين مدة معينة هو المالك لها ولو لم يكن مالكا من قبل ، وتنقلب الحيازة وهى مجرد وضع فعلى واقع إلى ملكية وهى وضع قانونى مشروع . وبذلك تستقر الأوضاع الفعلية بعد أن انقلبت إلى أوضاع قانونية ، ويطمئن الناس إلى التعامل مع الحائز للعين ، إذ يعلمون أن الحيازة إذا دامت مدة معينة انقلبت إلى ملكية . وإذا صح أن يقع أن الحائز للعين يكون قد اغتصبها وظل حائزا لها حتى تملكها بالتقادم ، فإن هذا إنما يقع فى ظروف قليلة ، والضرر الذي ينجم عنه لا يعدل الفائدة التى تعود على المجتمع من استقرار الأوضاع الناجم عن التقادم المكسب على النحو الذي أشرنا إليه . على أنه حتى فى هذا الفرض الأخير ، لا يمكن أن يسلم المالك للعين المغتصبة ، الذي سكت على هذا الاغتصاب مدة طويلة تصل إلى خمس عشرة سنة وقد تزيد بما يعتور هذه المدة من أسباب وقف وانقطاع ، من تهمة الإهمال الذي لا مبرر له . وبين مالك مهمل بترك ما يملكه فى أيدى الناس دون أن يقوم على رعايته واستغلاله ، وحائز نشيط يقوم على استغلال العين ويرعاها رعاية المالك لملكه ، الحائز دون ريب هو الأولى بالرعاية ( [1827] ) .
368 - لمحة تاريخية : يرج التقادم المكسب فى أصله إلى القانون الرومانى ، وقد سبق ظهوره فى هذا القانون ظهور التقادم المسقط بمدة طويلة ( [1828] ) . ويصعد فى أصوله الأولى إلى الألواح الاثنى عشر ، وكانت $ 990 $ مدده قصيرة لا تجاوز العام أو العامين ، فقد كانت الأعيان فى روما محدودة وأصحابها لا يكادون يبرحونها ، فكانت هذه المدد القصيرة كافية لإشعارهم بأى اغتصاب يقع على أراضيهم ، فيبادرون إلى منعه ويقطعون بذلك مدة التقادم .
وبدأ التقادم المكسب فى روما يؤدى مهمتين متميزتين إحداهما عن الأخرى المهمة الأولى هى تحويل الحيازة الفعلية إلى ملكية رومانية صحيحة ، إذ كانت هذه الملكية الرومانية كثيرة التعقيد زاخرة بالأشكال والأوضاع الرومانية . فإذا لم تستكمل هذه الأوضاع ، وكثيرا ما كانت لا تستكملها ، أغنى عنها حيازة لمدة قصيرة ينقلب عند انتهائها حق الحائز إلى حق ملكية قانونية ( dominium ex jure quiritium ) . ( [1829] ) والمهمة الثانية التى كان التقادم المكسب يقوم بها هى علاج مركز من يتعامل مع غير المالك ، فلا تنتقل إليه الملكية بداهة ، فيأتى التقادم المكسب لنجدته بأن ينقل إليه الملكية بعد حيازة العين لمدة قصيرة ، إذا كان حسن النية ومعه سبب صحيح . وبذلك كان التقادم المكسب ، فى كل من هاتين المهمتين ، يضع حدا لتزعزع الملكية وعدم استقرارها ، وتنقلب به الحيازة إلى ملكية قانونية صحيحة . ولكنه كان لا يسرى إلا على الأشياء القابلة للملكية الرومانية ( propiete quiritaire ) ، وعلى الرومان دون الأجانب . أما الأراضى التى فى الأقاليم ( fonds provinciaux ) ، فكان هذا النوع من التقادم لا يسرى عليها فادخل البريطور الرومانى ، إلى جانب هذا النوع من التقادم المكسب ( Usucapio ) ، نوعاً آخر من التقادم المكسب ( prascriptio longi temporis ) يسرى على أراضى الأقاليم وعلى الأجانب . واشترط لإعماله أن يكون الحائز حسن النية ومعه سبب صحيح ، وجعل مدة التقادم عشر سنوات إذا كان الحائز والمالك الحقيقى يقيمان معاً فى إقليم واحد ، وعشرين سنة إذا كان يقيمان فى إقليمين مختلفين . وبدأ هذا التقادم البريطورى بأن يكون دفعا ودعوى فى وقت واحد . فيستطيع الحائز أن يدفع به دعوى الاستحقاق ، كما يستطيع أن يرفع هو دعوى الاستحقاق على من يأخذ منه الحيازة .
$ 991 $ ولما زالت الفروق بين الأشياء الرومانية ( res mancipi ) والأشياء غير الرومانية ، وبين الأراضى الإيطالية وأراضى الأقاليم ، وبين المواطن الرومانى والأجنبى ، اندمج النوعان من التقادم المكسب أحدهما فى الآخر ، وخلص من هذا الاندماج نظام مشترك ، مدته عشر سنوات أو عشرون سنة فى العقار وثلاث سنوات فى المنقول .
ثم أنشأ القانون البيزنطى ( قانون الامبراطور ثيودوس سنة 424 ) ، إلى جانب هذا النظام المشترك ، نظاما جديدا هو التقادم المكسب الطويل ( pacscriptio longissimi temporis ) مدته ثلاثون سنة ، ويغنى بطول مدته هذه عن اشتراط حسن النية والسبب الصحيح . وزادت المدة إلى أربعين سنة بالنسبة إلى أموال الخزانة العامة وأموال الإمبراطور وأموال الكنائس والمؤسسات الدينية ، ثم زادت إلى مائة سنة بالنسبة إلى أموال الكنيسة . وخلط جوستنيان فى مجموعاته بين التقادم المكسب والتقادم المسقط ، وكانا قبلة منفصلين أحدهما عن الآخر . وانتقل هذا الخلط إلى التقنين المدنى الفرنسى نفسه ، وكان مصدرا لكثير من الاضطراب والتشويش فى تفهم أحكام التقادم ، سواء فى القانون الرومانى أو فى القانون الفرنسى .
وأخذ التقادم المكسب الذي عرفه القانون الرومانى على النحو سالف الذكر طريقة إلى القانون الفرنسى القديم ، وبخاصة فى الجنوب بلاد القانون المكتوب ( pays de droit ecrit ) . على أن العادات الجرمانية والأوامر الملكية عدلت من أحكام القانون الرومانى ، وأثر القانون الكنسى ( droit canonique ) بوجه خاص على هذه الأحكام . وكان القانون الكنسى ينظر إلى التقادم بوجه عام نظرة استنكار ، ويستعصى عليه أن يسلم أن شخصا لا يملك الحق يصبح مالكا له بالتقادم ، ويرى فى ذلك ضربا من تحليل الغصب وجعله مشروعا . فقلب التقادم الرومانى من أن يكون قائما على أساس استقرار التعامل ، إلى أن يكون قائما على أساس أنه الدليل على وجود الحق حيث تتعذر إقامة الدليل . وتوسع كثيرا فى أسباب وقف التقادم ، واشترط حسن النية فى الحائز طوال مدة حيازته فلا يكفى حسن النية وقت بدء الحيازة . ومنحت امتيازات خاصة لبعض الأموال فأصبحت غير قابلة للتملك بالتقادم أو أطيلت مدة التقادم فيها ، من ذلك أموال الكنيسة وأموال التاج وأموال الطوائف المهنية .
$ 992 $ وقد أخذ التقنين المدنى الفرنسى نظام التقادم من هذه المصادر جميعا ، نقلا عن Dunod وعن Domat ، وجعل القانون الرومانى هو الأساس ، مع تعديله بالعادات الجرمانية وبالأوامر الملكية وبالقانون الكنسى . ولكن واضعى التقنين المدنى الفرنسى بسطوا من قواعد التقادم ، وأرجعوها إلى أصلها الرومانى ، وألغوا الامتيازات الخاصة التى تمنعت بها بعض الأموال من ناحية قابليتها للتملك بالتقادم فيما سلف ذكره ( [1830] ) .
369 - تقسيم الموضوع : ونجعل بحثنا للتقادم المكسب الطويل فى مطلبين ( 1 ) كيف يتحقق التقادم المكسب الطويل . ( 2 ) إعمال التقادم المكسب والآثار التى تترتب عليه .
المطلب الأول
كيف يتحقق التقادم المكسب الطويل
370 - شروط تحقيق التقادم المكسب الطويل : حتى يتحقق التقادم المكسب الطويل ، يجب أولا أن يكون هناك حق يمكن كسبه بهذا النوع من التقادم فيحوزه الشخص حيازة تتوافر فيها الشروط ، ويجب ثانياً أن تتم مدة التقادم فتدوم هذه الحيازة خمس عشرة سنة كاملة ، ويجب ثالثاً ألا يوقف التقادم وألا ينقطع .
1- الحقوق التى يمكن كسبها بالتقادم المكسب الطويل
371 - نص قانونى : تنص المادة 968 مدنى على ما يأتى :
" من حاز منقولا أو عقارا دون أن يكون مالكا له ، أو حاز حقا عينيا على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصا به ، كان له أن يكسب ملكية الشىء أو الحق العينى إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة " ( [1831] ) .
$ 993 $ ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المادة 76 / 102 ( [1832] )
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 917 و 919 و 925 و 926 – وفى التقنين المدنى الليبى م 972 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1158 / 1 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 255 - 257 و 260 ( [1833] ) .
$ 994 $ ويخلص من هذا النص أن الحقوق العينية وحدها ، وعلى رأسها حق الملكية ، فى العقار وفى المنقول على السواء ، هى التى يمكن تملكها بالتقادم المكسب الطويل ، أما الحقوق الشخصية فلا يجوز تملكها بالتقادم . وليس كل حق عينى قابلا للتملك بالتقادم ، بل يجب أن يكون هذا الحق قابلا للتعامل فيه حتى يمكن كسبه بالتقادم . ويجب فوق ذلك أن يكون حقا من الحقوق التى تقبل الخضوع للحيازة ، ويستدعى ذلك أن نعرض لأنواع خاصة من الأموال ، هى أموال الدولة العامة والخاصة وأموال الوقف وحق الإرث . ثم إن الحق الذي يراد تملكه بالتقادم المكسب الطويل ، إذا استوفى الشروط سالفة الذكر ، يجب أن يكون فى حيازة الشخص الذي يريد تملكه ، وأن تكون هذه الحيازة مستوفية لعنصريها المادى والمعنوى ، وأن تكون خالية من العيوب . فهذه جملة من المسائل نبحثها على التعاقب .
372 - الحقوق العينية وحدها دون الحقوق الشخصية هى التى يمكن تملكها بالتقادم : وأول الحقوق العينية التى يمكن كسبها بالتقادم المكسب الطويل هو حق الملكية ، ويستوى فى ذلك العقار والمنقول . ولا يعترض ، بالنسبة إلى المنقول ، بأنه يملك بمجرد الحيازة ، فمحل ذلك أن تكون الحيازة مقترنة بحسن النية ومصحوبة بالسبب الصحيح . أما إذا لم تقترن الحيازة بحسن النية أو لم تكن مصحوبة بالسبب الصحيح ، فالمنقول والعقار سيان ، كلاهما $ 995 $ لا يملك إلا بالتقادم المكسب الطويل ومدته خمس عشرة سنة ( [1834] ) . وعلى ذلك يكون قابلا للتملك بالتقادم العقار . ويدخل فى ذلك الأرض زراعية كانت أو أرضا فضاء ، وكل ما تنبته الأرض من ثمار ومحصول وزرع ، وكل ما يغرس فيها من أشجار ونخيل ، وكل ما يقام على الأرض من مبان ومنشآت كالمساكن والمكاتب والحوانيت والمصانع والمخازن والمحالج والجاراجات والزرائب والأفران والمطاحن وغير ذلك من الأماكن التى تشيد فوق سطح الأرض ، أو تشيد فى باطنها كالأنفاق والمجارى والآبار والمواسير والأنابيب المدفونة فى باطن الأرض . ويكون قابلا للتملك بالتقادم المنقول . ويدخل فى ذلك العروض والمكيلات والموزونات والمأكولات والمشروبات وأثاث المنزل والبضائع والكتب والورق والأقلام والسيارات والمركبات والسفن والعوامات والذهبيات والطيارات وأكشاك الاستحمام وأكشاك الأسواق والمعارض وخيام البدو الرحل وخيام الكشافة والأكشاك الخشبية والمبانى التى تقام مدة الأعياد والموالد إذا لم تثبت فى الأرض .
وكما تكسب الملكية فى العقار والمنقول بالتقادم المكسب الطويل ، كذلك يكسب بهذا التقادم كل حق عينى آخر . فتكسب الملكية الشائعة فى العقار والمنقول ، وملكية الرقبة فى العقار والمنقول ، وحق الانتفاع وحق الاستعمال وحتى السكنى فى العقار والمنقول ، وحق الارتفاق الظاهر ، وحق الحكر القائم على أرض غير موقوفة قبل العمل بالتقنين المدنى الجديد ، وحق الرهن الحيازى فى العقار والمنقول .
أما الحقوق الشخصية ( creances ) فلا تكسب بالتقادم المكسب ، ولكنها تنقضى بالتقادم المكسب ، ولا يكسب الحق الشخصى بالتقادم حتى لو كان قابلا للحيازة ، كما هو شأن حق المستأجر فالمستأجر إذا كان يحوز حقه كمستأجر إلا أن حيازته هذه لا تؤدى به إلى كسب هذا الحق بالتقادم المكسب ، وإن كانت تصلح لأن تحمى بجميع دعاوى الحيازة ، وقد سبق بيان ذلك . وهناك حقوق شخصية تتجسد فى سنداتها وتصبح هى والسند شيئا واحدا ، وهذه هى $ 996 $ السندات لحاملها ( titres au porieur ) ، فهذه تعامل معاملة المنقول المادى ، ومن ثم يجوز كسبها بالتقادم المكسب الطويل بالرغم من أنها حقوق شخصية .
373 - وجوب أن يكون الحق العينى قابلا للتعامل فيه وقابلا للحيازة : وليس كل حق عينى – ونقف هنا عند حق الملكية فى العقار والمنقول لأنه هو موضوع البحث فى أسباب كسب الملكية – يمكن كسبه بالتقادم . بل يجب أن يكون العقار أو المنقول قابلا للتعامل فيه ، وقابلا للحيازة ( [1835] ) .
أما أن العقار أو المنقول يجب أن يكون قابلا للتعامل فيه ( commerce dans le ) فذلك واضح ، لأن مالا يقبل التعامل فيه لا تنتقل ملكيته ، ومن ثم لا يجوز تملكه بالتقادم . والشىء لا يكون قابلا للتعامل فيه ، كما قدمنا عند الكلام فى محل الالتزام ( [1836] ) ، إذا كانت طبيعته أو الغرض الذي خصص له يأبى ذلك ، أو إذا كان التعامل فيه غير مشروع . فالشىء لا يكون قابلا للتعامل فيه بطبيعته إذا كان لا يصلح أن يكون محلا للتعاقد ، كالشمس والهواء والبحر ( [1837] ) . وقد يكون الشىء غير قابل للتعامل فيه بالنظر إلى الغرض الذي خصص له . فالملك العام لا يصح التعامل فيه لأنه مخصص لمنفعة عامة ، وتخصيصه هذا يتنافى مع جواز التصرف فيه ومع جواز تملكه بالتقادم . وقد يكون الشىء $ 997 $ غير قابل للتعامل فيه لأن ذلك غير مشروع . وعدم المشروعية يرجع إما إلى نص فى القانون أو إلى مخالفة هذا التعامل للنظام العام أو للآداب . على أن نص القانون الذي يمنع من التعامل فى الشىء يكون مبنيا على اعتبارات ترجع هى ذاتها إلى النظام العام أو إلى الآداب . فما ورد فيه نص يحرم التعامل فيه إنما هو فى الوقت عينه مخالف للنظام العام أو للآداب أولهما معاً . ومن أمثلة الأشياء التى لا يجوز التعامل فيها لمخالفة ذلك للنظام العام أو للآداب ، ومن ثم لا يجوز تملكها بالتقادم ، الأهلية والحالة المدنية والمخدرات والحشيش وبيوت الدعارة وبيوت المقامرة . والأصل أن الشىء الذي لا يجوز التعامل فيه لا يكون قابلا للتصرف فيه وغير قابل للتملك بالتقادم . ولكن توجد استثناءات لهذه القاعدة . فهناك أشياء غير قابلة للتصرف فيها ، ومع ذلك يجوز تملكها بالتقادم . من ذلك الوقف الأهلى ، فقد كان قبل إلغائه غير قابل للتصرف فيه ، وكان مع ذلك يجوز تملكه بالتقادم مدة ثلاث وثلاثين سنة . ومن ذلك أيضا العين غير القابلة للتصرف فيها بموجب شرط مانع من التصرف يتضمنه عقد أو وصية ، فهذه العين لا يجوز التصرف فيها وهى مع ذلك قابلة بالتقادم المكسب الطويل ( [1838] ) . وعلى العكس من ذلك ، قد يكون الشىء قابلا للتصرف فيه ، ومع هذا لا يجوز تملكه بالتقادم . من ذلك الارتفاقات غير الظاهرة ، فهذه يجوز التصرف فيها مع العقار المرتفق ولكن لا يجوز تملكها بالتقادم ( م 1016 / 2 مدنى ) . ومن ذلك أيضا أملاك الدولة الخاصة ، فهذه يجوز التصرف فيها ومع ذلك لا يجوز تملكها بالتقادم ( قانون رقم 147 لسنة 1957 ) .
ولا يكفى أن يكون العقار أو المنقول قابلا للتعامل فيه حتى يكون قابلا للتملك بالتقادم ، بل يجب أيضا أن يكون قابلا للحيازة إذ التملك بالتقادم يفترض أن الشىء قد خضع للحيازة مدة طويلة . والأصل أن الشىء القابل للتعامل فيه يكون أيضا قابلا للحيازة ، ولكن ذلك ليس حتما فقد يوجد شىء قابل للتعامل فيه ومع ذلك لا يكون قابلا للحيازة . فالمجموع من المال ( universalite ) كالتركة لا يخضع للحيازة باعتباره مجموعا ، ومع ذلك يكون قابلا للتعامل $ 998 $ فيه . ومن ثم لا تكون التركة كمجموع من المال قابلة للتملك بالتقادم ، إذ هى ، وإن كانت قابلة للتعامل فيها ، غير قابلة للحيازة .
ونطبق ما قدمناه على الأموال العامة ( الدومين العام ) ، وعلى الأموال الخاصة المملوكة للدولة ( الدومين الخاص ) ، وعلى الوقف ، وعلى حق الإرث .
374 - الأموال العامة " الدومين العام " : لما كانت الأموال العامة غير قابلة فى الأصل للتعامل فيها وذلك بالنظر إلى الغرض الذي خصصت له إذ هى مخصصة لمنفعة عامة ، لذلك لا يجوز تملكها بالتقادم . وقد نصت المادة 87 / 2 مدنى ، تأكيدا لذلك ، على أن الأموال العامة " لا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم " .
فهذه قيود ثلاثة تحيط بالأموال العامة لحمايتها : عدم جواز التصرف وعدم جواز الحجز وعدم جواز التملك بالتقادم . وأهم هذه القيود الثلاثة هو قيد عدم جواز التملك بالتقادم ، فهو أهم بكثير من قيد عدم جواز التصرف ومن قيد عدم جواز الحجز . وقد سبق أن قررنا فى هذا الصدد ( [1839] ) : " ووجه ذلك واضح ، فإنه يصعب تصور أن الدولة أو الشخص الإدارى يعمد إلى التصرف فى الشىء العام إلا إذا كان غير عالم بصفته ، وكذلك يندر أن يقدم دائن للشخص الإدارى على حجز أمواله العامة بل حتى على حجز أمواله الخاصة لأن الشخص الإدارى يكون عادة موسرا فلا يكون دائنة فى حاجة إلى التنفيذ الجبرى على ماله . وإنما الخشية كل الخشية هى فى أن تعتدى الأفراد على الشىء العام بوضع اليد عليه أملا فى أن تكسب ملكيته بالتقادم ، ومن ثم سد القانون هذا الباب فى أوجه المعتدين ، وحرم تملك الشىء العام بالتقادم . كذلك لا يجوز لشخص أن يكسب بالتقادم حق إرتفاق على الأموال العامة . وإذا كان الشخص الإدارى يستطيع رفع دعاوى الحيازة ليحمى حيازته ، فإن الأفراد لا يحمون فى حيازتهم للشىء العام لأن هذه الحيازة لا يعتد بها " ( [1840] )
$ 999 $
375 - الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الشخص العام " الدومين الخاص " – نص قانونى : تنص المادة 970 مدنى ( المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1957 وبالقانون رقم 39 لسنة 1959 ) على ما يأتى :
1- " فى جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم ، إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة " .
2 - " ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة ، وكذلك أموال الأوقاف الخيرية ، أو كسب أى حق عينى عليها ، بالتقادم . كما لا يجوز التعدى عليها ، وفى حالة حصول التعدى يكون للجهة صاحبة الشأن حق إزالتها إداريا بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة ( [1841] ) " .
$ 1000 $ ويؤخذ من الفقرة الثانية من النص سالف الذكر أن الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة ، وهى الأموال المعروفة باسم " الدومين الخاص " ، لا يجوز كسب ملكيتها ولا كسب أى حق عينى آخر عليها كحق إرتفاق ، بالتقادم المكسب . وهذا حكم جديد لا سابقة له فى التشريع المصرى ، استحدثه القانون رقم 147 لسنة 1957 ، مخالفا فى ذلك التقاليد التشريعية المصرية ، وراجعا بنا إلى أيام القانون الفرنسى القديم حيث كانت تكثر الامتيازات الخاصة التى تمنح لأملاك الدولة وأملاك الكنيسة وغيرها من أملاك الطوائف المهنية فتجعل غير قابلة للتملك بالتقادم ( [1842] ) . ذلك بأن حق الدولة فى الأشياء المملوكة لها ملكية خاصة هو حق ملكية مدنية محضة ، وشأن الدولة فى تملك الأشياء الخاصة شأن أى فرد فى تملك المال الخاص ، وتملك الدولة الأشياء الخاصة بنفس أسباب كسب الملكية الخاصة . وقد كان أهم فرق عملى بين الملك العام والملك الخاص أن الملك العام لا يجوز تملكه بالتقادم ، أما الملك الخاص فيجوز تملكه بهذا الطريق .
وقدر كان الأفراد يضعون أيديهم على بعض أملاك الدولة الخاصة ، وتنقضى المدة اللازمة للتقادم ، فيمتلكونها بوضع اليد . وقد رأت الحكومة أخيرا أن فى ذلك خطرا على أملاكها الخاصة ، فهى مشتتة فى أنحاء البلاد ، ولا تستطيع فى كل حالة أن تدفع عنها اعتداء الأفراد فى الوقت المناسب . على أن هذا الخطر يتضاءل ، إذا قيس بمارأته الحكومة من علاج لدفعه ، وهو تقرير عدم قابلية الأملاك الخاصة للتملك بالتقادم ، وما ينجم عن ذلك من تزعزع فى المعاملات وعدم استقرار فى الملكية . ذلك بأن الحكومة ، إذا تعرضت فى أملاكها الخاصة لبعض ضروب من الغصب تحرمها مع تطاول الزمن من بعض هذه الأملاك ، يجب أن تسلم أن تعامل الناس فى هذه الأملاك الخاصة $ 1001 $ لا يستقر ولا يؤمن جانبه إلا إذا أحيط بسياج من قابلية الملك الخاص للتملك بالتقادم ، فعند ذلك فقط يستطيع من يتعامل مع الحائز الذي دامت حيازته خمس عشرة سنة أن يطمئن إلي هذا التعامل ، حتي لو ثبت بعد ذلك أن الملك الذي تعامل فيه هو الحائز هو ملك خاص للدولة . وعلي الحكومة ، من جانبها ، أن تحكم طرق الرقابة والإشراف علي أملاكها الخاصة ، حتي تقلل من فرض الاعتداء علي هذا الأملاك إلي أدني حد ممكن .
ومهما يكن من أمر ، فقد انحرفت الحكومة عن القاعدة الهامة التي تقضي بقابلية الملك الخاص للتملك بالتقادم ، وقررت بتشريع خاص أن الأشياء الخاصة المملوكة لها لا يجوز تملكها بالتقادم ( القانون رقم 147 لسنة 1957 ) ( [1843] ) . وكما لا يجوز تملك المال الخاص للدولة بالتقادم ، كذلك لا يجوز بالتقادم كسب أي حق عيني عليه ، كحق إرتفاق أو حق انتفاع أو حق رهن حيازي ( [1844] ) .
ويلاحظ - كما سبق أن قررنا في الجزء الثامن من الوسيط ( [1845] ) - أن أملاك الدولة الخاصة التي تم كسب الأفراد لها بالتقادم قبل نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 تبقي مملوكة لمن كسبها بالتقادم ( [1846] ) ، إذ ليس للقانون سالف الذكر أثر رجعي . أما إذا كان هناك ملك خاص للدولة في حيازة أحد الأفراد ولم يكن قد مضي علي حيازته له وقت نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 خمس عشرة سنة كاملة ، فإن الحائز لا يستطيع كسب هذا الملك الخاص بالتقادم ، حتي لو أتم بعد نفاذ هذا القانون مدة خمس عشرة سنة وهو حائز للملك .
$ 1002 $ ولم تقف حماية الأموال الخاصة المملوكة للدولة وللأشخاص العامة الأخري عند هذا الحد . فقد كان الأصل في هذه الأموال الخاصة أنه إذا وقع اعتداء عليها ، لم يكن للحكومة أن تنتصف بنفسها لنفسها ، وأن تلجأ إلي الطرق الإدارية لإزالة هذا الاعتداء كما تلجأ إلي هذه الطرق لإزالة الاعتداء علي الأموال العامة . بل كان الواجب أن تلجأ إلي القضاء العادي تطلب دفع هذا الاعتداء ، شأن الحكومة في ذلك شأن الأفراد في دفع الاعتداء عن أموالهم الخاصة ولكن صدر القانون رقم 39 لسنة 1959 ، يسبغ علي الأملاك الخاصة المملوكة للدولة ولغيرها من الأشخاص العامة حمارية أخري ، فوق الحماية التي أضفاها عليها القانون رقم 147 لسنة 1957 بجعلها غير قابلة للتملك بالتقادم . فقد نص القانون رقم 39 لسنة 1959 علي عدم جواز التعدي علي الأملاك الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة ، وأضاف ما يأتي : " وفي حالة حصول التعدي يكون للجهة صاحبة الشأن حق إزالته إداريا بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة " . وهذه ميزة أخري للأموال الخاصة . فقد قدمنا أن الأصل أن الحكومة ليس لها أن تلجأ إلي الطرق الإدارية إلا لإزالة الاعتداء علي الملك العام ، أما الملك الخاص إذا اعتدي أحد عليه فإنه طبقا للقواعد العامة لا يجوز للحكومة أن تزيل الاعتداء عليه بالطرق الإدارية ، بل عليها أن تلجأ إلي القضاء العادي في ذلك . وقد تغير الموقف بعد هذا التعديل الأخير ، وأصبح الملك الخاص كالملك العام في جواز دفع الاعتداء عليه بالطرق الإدارية دون الالتجاء إلي القضاء . فإذا حاز شخص عينا ، وادعت الحكومة أن هذا العين هي من أملاكها الخاصة ، كان لها ، دون أن تلجأ إلي القضاء ، أن تنتزع العين من يد حائزها بالطرق الإدارية ، والحائز هو الذي يلجأ إلي القضاء بعد انتزاع العين من يده ( [1847] ) .
376 - الوقف :كانت المادة 970 مدني ، قبل تعديلها بالقانونين رقم 147 لسنة 1957 ورقم 39 لسنة 1959 ، تجري علي الوجه الآتي : " في جميع الأحوال لا تكسب الأموال الموقوفة ولا حقوق الإرث بالتقادم ، إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة " . وكان الوقف ، الأهلي والخيري $ 1003 $ علي السواء ، قائما لم يلغ وقت نفاذ التقنين المدني الجديد في 15 أكتوبر سنة 1949 . فكانت الأعيان الموقوفة وقفا أهليا أو وقفا خيريا ، طبقا للمادة 970 مدني سالفة الذكر قبل تعديلها ، قابلة للتملك بالتقادم المكسب ، ولكن مدة هذا التقادم ، بدلا من أن تكون خمس عشرة سنة كما هي القاعدة العامة ، كانت ثلاثا وثلاثين سنة ( [1848] ) . وقد أطيلت مدة التقادم المكسب علي هذا النحو حماية للوقف ، $ 1004 $ واقتباسا من المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي كانت تقضي بعدم جواز سماع دعوي الوقف بعد ثلاث وثلاثين سنة مع الإنكار للحق في هذه المدة وتمكن المدعي من رفع الدعوي وعدم العذر الشرعي ( [1849] ) . وكان التقادم في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أقرب إلي التقادم المسقط ، إذ أن أثره لم يكن تملك الوقف بالتقادم المكسب بل عدم جواز سماع الدعوي وفقا لما هو مقرر في الفقه الإسلامي .
وبعد أن ألغي الوقف الأهلي في سنة 1952 ، لم يبق هناك مجال لتطبيق المادة 970 مدني سالفة الذكر إلا علي الوقف الخيري الذي بقي قائما ، فأصبحت $ 1005 $ الأعيان الموقوفة وقفا خيريا يجوز تملكها بالتقادم المكسب إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة .
ولكن هذا الحكم لم يدم طويلا ، فقد صدر القانون رقم 147 لسنة 1957 ، كما رأينا ، يقضي بعدم جواز تملك أموال الأوقاف الخيرية بالتقادم . وأصبحت الأموال الموقوفة وقفا خيريا شأنها في هذا الصدد شأن الأموال الخاصة المملوكة للدولة ، كلا النوعين من المال لا يجوز تملكه بالتقادم بموجب نفس القانون رقم 147 لسنة 1957 . وكما لا يجوز تملك الوقف الخيري بالتقادم ، كذلك لا يجوز بالتقادم كسب أي حق عيني كحق ارتفاق أو حق انتفاع أو حق رهن حيازي وقد كان من الحائز الاكتفاء بالحلول التقليدية المقررة في هذا الشأن وجعل المال الموقوف وقفا خيريا قابلا ككل مال آخر للتملك بالتقادم ، مع إطالة مدة التقادم إلي ثلاث وثلاثين سنة كحماية خاصة للوقف . ولكن المشرع المصري لم يرد أن يقف عند هذا الحد ، وكما جعل المال الخاص المملوك للدولة غير قابل للتملك بالتقادم ، جعل أيضا غير قابل للتملك بالتقادم المال الموقوف وقفا خيريا . وبذلك أخذت الاستثناءات من القاعدة الجوهرية التي تقضي بجواز التملك بالتقادم تتكاثر ، ورجع القانون القهقري خطوات إلي الوراء في هذه المسألة الهامة .
ومهما يكن من أمر ، فإن الوقف الخيري الذي تم كسبه بالتقادم قبل نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 يبقي علي ملك من كسبه بالتقادم ، دون أن يكون للقانون سالف الذكر أثر رجعي . أما الوقف الخيري الذي يكون في حيازة شخص وقت نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 ، ولم يكن قد انقضي علي حيازته مدة ثلاثة وثلاثين سنة ، فإنه لا يجوز تملكه بالتقادم ، ولو تمت مدة الثلاث والثلاثين سنة بعد نفاذ هذا القانون .
ويبدو أن الحماية الإضافية ، التي أسبغها القانون رقم 39 لسنة 1959 علي الأملاك الخاصة المملوكة للدولة من جواز دفع الاعتداء عنها بالطرق الإدارية ، لا تتناول الوقف الخير ، وذلك بالرغم من غموض النص . فإن الالتجاء للطرق الإدارية هو حق خاص بجهة الإدارة ، فلا يجوز أن يمتد إلي ناظر الوقف الخيري ولو كان هذا الناظر هو وزارة الأوقاف . هذا إلي أن جواز الالتجاء للطرق الإدارية دون القضاء هو حق استثنائي ضيق ، يجب عند غموض النص عدم التوسع في تفسيره .
$ 1006 $ وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 970 مدني يتضمن فقرة ثانية تجري علي الوجه الآتي : " وليس للوقف أن يكسب حقا بالتقادم " وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص هذه الفقرة ما يأتي : " ولا يملك الوقف بالتقادم ، لأنه يشترط في إنشائه أن يكون بحجة شرعية " ( [1850] ) ولكن هذه الفقرة حذفت في لجنة مجلس الشيوخ " ليترك الأمر للقضاة ليتصرفوا حسب القواعد العامة " ( [1851] ) . وقد كان القضاء غير مستقر في هذه المسألة ، فن الأحكام ما قضي بجواز أن يملك الوقف عينا يحوزها بالتقادم العادي فتصبح العين موقوفة ( [1852] ) . ولكن كثيرا من الأحكام كان يقضي علي العكس من ذلك بأن الوقف لا يتملك عينا بالتقادم فتصبح وقفا لأن صفة الوقف لا تثبت للأعيان إلا بحجة شرعية بعد استيفاء إجراءات خاصة ، ولأن الذي يضع يده ناظر الوقف وليس الوقف كشخص معنوي( [1853] ) علي أن محكمة النقص حسمت هذا الخلاف ، واستقر قضاؤها علي أن للوقف أن يتملك بالتقادم بحكم كونه شخصا معنويا له أن ينتفع بأحكام القانون في خصوص التقادم المكسب للملك ، إذ ليس في القانون ما يحرمه من ذلك ( [1854] ) . وعلي ذلك يجوز للوقف الخير $ 1007 $ أن يضع يده علي عين مملوكة مدة خمس عشرة سنة أو مدة خمس سنوات بحسب الأحوال ، فيتملكها الوقف وتصبح عينا موقوفة .
377 - حق الإرث :رأينا ( [1855] ) أن الفقرة الأولي من المادة 970 مدني بعد تعديلها تجري علي الوجه الآتي : " في جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم ، إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة " . وهذا النص يستوقف النظر ، وكان يستوقف النظر أيضا قبل تعديل المادة 970 مدني ، فقد كانت هذه المادة قبل التعديل تجري علي الوجه الآتي : " في جميع الأحوال لا تكسب الأموال الموقوفة ولا حق الإرث بالتقادم ، إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة " .
أما أن الأموال الموقوفة تكسب بالتقادم إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة فأمر لا يستعصي علي القواعد العامة ، ويكفي أن يجوز شخص عينا موقوفة وتدوم حيازته لها مدة ثلاث وثلاثين سنة حتي يمكن القول طبقا للمادة 970 مدني سالفة الذكر ( قبل التعديل ) إن الحائز قد تملك العين الموقوفة بالتقادم المكسب . وليس في هذا القول خروج علي طبيعة الأشياء ، وكل ما فيه أن المشرع هنا قد نقل قاعدة عن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ( م 375 ) بعد تحويرها تحويرا قلب به التقادم المسقط ( أو عدم جواز سماع الدعوي ) إلي تقادم مكسب . فقد كانت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لا تجعل الوقف يكسب بالتقادم ولا تعطي دعوي استحقاق لمن حاز عينا موقوفة مدة ثلاث وثلاثين سنة ، ولكن نقتصر علي إعطاء الحائز دفعا لا دعوي ، وهذا الدفع أقرب إلي أن يكون دفعا بالتقادم المسقط إذ أنه دفع بعدم جواز سماع الدعوي . فكان ناظر الوقف إذا طالب بعين موقوفة بعد ثلاث وثلاثين سنة $ 1008 $ لا تسمع دعواه ، وتضيع هذه العين علي الوقف لا لأنها كسبت بالتقادم ، بل لأن الدعوي بالمطالبة بها لا يجوز سماعها . فترك المشرع فكرة عدم جواز سماع الدعوي ، أي ما يعادل التقادم المسقط ، إلي فكرة التقادم المكسب . وأعطي لمن حاز العين الموقوفة مدة ثلاث وثلاثين سنة دعوي استحقاق إذ جعله يملك العين الموقوفة بالتقادم المكسب ، ولم يقتصر علي إعطائه مجرد دفع بعدم جواز سماع الدعوي . وهذا القدر من التحوير يملكه المشروع لأنه لا يستعصي علي قواعد الحيازة والتقادم المكسب ، إذا العين الموقوفة لا شك في إمكان حيازتها وإن كانت غير قابلة للتصرف فيها ، فمتي حازها شخص ودامت حيازته لها مدة ثلاث وثلاثين سنة ، ساغ للمشرع أن يقرر أن الحيازة لهذه المدة الطويلة تكسب الحائز ملكية العين الموقوفة .
والأمر جد مختلف بالنسبة إلي حق الإرث ، فالوارث إنما يضع يده علي التركة وهي مجموع من المال ( universalite ) ، والمجموع من المال لا يقبل الحيازة ( [1856] ) . وليست التركة كالعين الموقوفة ، إذ التركة لا تقبل الحيازة كما قدمنا ، أما العين الموقوفة فتقبل الحيازة . لذلك كان انتقال المشرع في العين الموقوفة من التقادم المسقط ( أو عدم جواز سماع الدعوي ) إلي التقادم المكسب أمراً مستساغاً ، ما دامت العين الموقوفة تقبل الحيازة ، فجعلت حيازتها مدة ثلاث وثلاثين سنة سببا لكسب ملكيتها . أما انتقال المشرع في حق الإرث من التقادم المسقط إلي التقادم المكسب ، علي الوجه الذي سار عليه في العين الموقوفة ، فأمر غير مستساغ إذ التركة مجموع من المال لا يقبل الحيازة ، فقول المشرع إن حق الإرث يكسب بالتقادم إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة قول يخالف القواعد الأساسية في الحيازة ولا يمكن التسليم به . والواجب أن يقال إن حق الإرث يسقط بالتقادم المسقط أي لا يجوز سماع الدعوي فيه ، لا أن يقال إن حق الإرث يكسب بالتقادم المكسب . وعلي ذلك يجب أن ينتقل الكلام في حق الإرث من التقادم المكسب إلي التقادم المسقط ( [1857] ) . ويؤيد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع $ 1009 $ التمهيدي ، فهي قد أبرزت هذا الخطأ إذ تقول : " أما دعوي الإرث فهي تسقط بثلاث وثلاثين سنة ، والتقادم هنا مسقط لا مكسب ، لذلك يجب حذف حقوق الإرث من المادة 1421 ( م 970 مدني ) وجعل الكلام عنها في التقادم المسقط " ( [1858] ) ولكن هذه الإشارة في المذكرة الإيضاحية التي كان من شأنها وضع المسألة في وضعها الصحيح لم تنفذ ، وبقي حق الإرث مذكوراً في التقادم المكسب علي أ ، ه يجوز تملكه بهذا التقادم بعد حيازة تدون ثلاثا وثلاثين سنة .
من أجل كل ذلك نميل إلي القول بأن الفقه والقضاء يجب عليهما تصحيح هذا الخطأ غير المقصود في التشريع ، والذي نبهت المذكرة الإيضاحية إلي وجوب تصحيحه ولكنه لم يصحح طوال المراحل التشريعية التي سار فيها النص . ويترتب علي ذلك وجوب القول بأن حق الإرث لا يكسب بالتقادم لأنه غير قابل للحيازة ، وإنما تكسب أعيان التركة ، كل عين علي حدة ، بالتقادم المكسب ، إذا حاز العين حائز وانقضي علي حيازته لها خمس عشرة سنة ، لا ثلاث وثلاثون سنة .
ولكن حق الإرث يسقط بالتقادم المسقط ، أو بعدم جواز الدعوي فإذا سكت الوارث ، مع التمكن ودون عذر شرعي ، عن مطالبة سائر الورثة بحقه في الإرث مدة ثلاث وثلاثين سنة( [1859] ) ثم رفع دعوي المطالبة $ 1010 $ بالإرث بعد ذلك ، فإن أقر له الورثة بحقه ، قضي له به وسلم نصيبه في التركة . أما إذا أنكرت الورثة عليه حقه ، ودفعوا دعواه بعدم جواز سماعها أو بسقوطها بالتقادم ، قضي بعدم جواز سماع دعواه ( [1860] ) . وفي هذه الحالة الأخيرة يبقي سائر الورثة وورثتهم من بعدهم علي ما كانوا عليه من حيازة أعيان التركة ، كل بقدر نصيبه . وإذا كان في يد أحدهم جزء من نصيب الوارث الذي قضي بعدم جواز سماع دعواه ، فإنه لا يملك هذا الجزء بالتقادم المكسب ، وإنما قضي له بعدم جواز سماع الدعوي فيه ، فبقي في يده علي هذا الأساس ( [1861] ) .
378 - خضوع الحق الذي يكسب بالتقادم لحيازة مستوفية لعنصريها وخالية من العيوب :ويجب أن يخضع الحق الذي يكسب بالتقادم خضوعا فعليا لحيازة مستوفيه لعنصريها المادي والمعنوي . فالسيطرة المادية وحدها ، وهي العنصر المادي ، لا تكفي ، بل يجب أن تقترن بالعنصر المعنوى . وإذا اقتصرنا علي حق الملكية في العقار أو في المنقول ، فإنه يجب أن يحوز الشخص العقار أو المنقول حيازة مادية مقترنة بنية أنه يحوزه لحساب نفسه باعتبار أنه مالك . أما الحيازة العرضية ، وهي الحيازة المادية المجردة من العنصر المعنوي أو الحيازة لحساب الغير ، فإنها لا تكفي في تملك العقار أو المنقول $ 1011 $ بالتقادم المكسب ( [1862] ) . وإذا أراد الحائز العرضي الذي يحوز لحساب غيره لا لحساب نفسه أن يغير صفة هذه الحيازة العرضية وأن يحولها إلي حيازة أصيلة لحساب نفسه بحيث يستطيع أن يتملك العقار أو المنقول بالتقادم المكسب عن طريق هذه الحيازة ، فلا يكفي في ذلك تغيير نيته وتصريحه بأنه أصبح يحوز العقار أو المنقول لحساب نفسه لا لحساب غيره . بل يجب عليه أن يلجأ في ذلك إلي أحدي الطريقتين اللتين عينهما القانون لهذا الغرض ، إما بفعل يصدر من الغير أو بفعل يصدر منه هو يعارض به حق المالك ويجابهه ، وقد بينا ذلك تفصيلا فيما تقدم ( [1863] ) .
ويجب ، ، فوق استيفاء الحيازة لعنصريها ، أن تكون خالية من العيوب ، حتي يمكن أن تؤدي إلي التملك بالتقادم . فالحيازة المعيبة لا تؤدي إلي التملك بالتقادم ، ما دام العيب ملابسا لها . وقد فصلنا فيما تقدم عيوب الحيازة ، وذكرنا أن هذه العيوب أربعة ، هي عدم الاستمرار والخفاء ( [1864] ) وعدم الهدوء والغموض ( [1865] ) .
$ 1012 $ ونري من ذلك أن العقار أو المنقول المراد تملكه بالتقادم المكسب يجب أن يحوزه الشخص حيازة مستوفية لعنصريها وخالية من العيوب . ثم يجب فوق ذلك أن تدوم هذه الحيازة علي النحو المتقدم الذكر مدة خمس عشرة سنة كاملة ، وهي المدة اللازمة التي عينها القانون لاكتمال التقادم ، أي مدة التقادم المكسب الطويل ( [1866] ) ، وهذا ما ننتقل الآن إليه .
" 2 - مدة التقادم المكسب الطويل
379 - المسائل الواجب بحثها :مدة التقادم المكسب الطويل هي كما قدمنا خمس عشرة سنة ، ولا يجوز الاتفاق علي تعديلها . ويقتضي الأمر أن $ 1013 $ نبحث في هذا الصدد كيفية حساب هذه المدة ، وبدء سريانها ، والقرينة علي قيام الحيازة ما بين بدء مدة التقادم ونهايتها ، وضم المدد في حالة تعاقب الحائزين .
380 - مقدار مدة المكسب الطويل خمس عشرة سنة ولا يجوز الارتفاق علي تعديلها :رأينا ( [1867] ) أن المادة 968 مدني تنص علي أن " من حاز منقولا أو عقاراً دون أن يكون مالكا له ، أو حاز حقا عينيا علي منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصا به ، كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة " . فمدة التقادم المكسب الطويل هي إذن ، كما تبين من هذا النص ، خمس عشرة سنة كاملة .
وهذه المدة تعتبر من النظام العام ، فلا يجوز الاتفاق علي تعديلها ، لا عن طريق إطالتها ولا عن طريق تقصيرها . وقد رأينا ( [1868] ) أن المادة 973 مدني تقضي بسريان قواعد التقادم المسقط علي التقادم المكسب فيما يتعلق بالاتفاق علي تعديل المدة ، فوجب الرجوع في هذا الشأن إلي المادة 388 / 1 مدني ، وهي تنص علي أنه : " لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه ، كما لا يجوز الاتفاق علي أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون " . فلا يجوز إذن الاتفاق بين الحائز والمالك ( [1869] ) علي أن تكون مدة التقادم المكسب الطويل أكثر من خمس عشرة سنة ، كما $ 1014 $ لا يجوز الاتفاق علي أن تكون أقصر من خمس عشرة سنة ، بل يتحتم أن تكون المدة خمس عشرة سنة لا تزيد ولا تنقص ( [1870] ) .
ويحرم القضاء الفرنسي الاتفاق علي إطالة مدة التقادم ، إذ قد يكون وسيلة إلي النزول عن التقادم قبل أن يتم ، كما إذا اتفق الطرفان علي إطالة مدة التقادم إلي خمسين سنة مثلا أو إلي مائة ، فيكون هذا بمثابة النزول مقدماً عن التقادم من الناحية العملية . ولكن القضاء الفرنسي يجيز الاتفاق علي تقصير مدة التقادم ، بشرط أن تكون المدة المتفق عليها كافية لمطالبة المالك بحقه ، فلا تكون قصيرة إلي حد لا يمكنه من ذلك عمليا . أما التقنين المدني المصري الجديد فقد آتي ، كما رأينا بنص صريح في المسألة فقضي في المادة 388 / 1 مدني كما مر القول بتحريم الاتفاق علي إطالة مدة التقادم أو تقصيرها ، واعتبر مدة التقادم ، التي حددها القانون بخمس عشرة سنة في التقادم المكسب الطويل ، ملزمة للطرفين فلا يجوز لهما أن يتفقا علي تعديلها . فتكون مدة التقادم إذن من النظام العام ، ولا يجوز أن يترك تحديدها لمشيئة الأفراد . ويترتب علي ذلك أنه إذا اتفق الطرفان علي تقصير مدة التقادم المكسب الطويل ، وهي خمس عشرة سنة ، إلي عشر سنوات أو خمس مثلا ، لم يعتد بهذا الاتفاق ، بل تكون المدة خمس عشرة سنة كاملة . وإذا اتفق الطرفان علي إطالة المدة إلي عشرين سنة مثلا أو خمس وعشرين ، كان هذا الاتفاق باطلا ، وتبقي مدة التقادم خمس عشرة سنة كما حددها القانون ( [1871] ) .
علي أن ما قررناه من عدم جواز الاتفاق علي إطالة مدة التقادم المكسب الطويل لا يمنع من أن هذه المدة قد تطول فعلا بطرق أخري . فإذا وقف سريان التقادم ، طالت مدته بمقدار المدة التي وقف فيها عن السريان . وإذا انقطعت مدة التقادم طال التقادم بمقدار المدة التي انقطع في آخرها وهي المدة التي أصبحت لا يعتد بها ، وبمقدار المدة التي يبقي فيها سبب الانقطاع نافذ الأثر . وقد تطول المدة علي هذا الوجه ، من الناحية العملية ، إلي ثلاثين سنة أو إلي أربعين أو إلي أكثر من ذلك ( [1872] ) .
$ 1015 $ 381 - كيفية حساب مدة التقادم :رأينا ( [1873] ) أن المادة 973 مدني تقضي بسريان وقواعد التقادم المسقط علي التقادم المكسب فيما يتعلق بحساب المدة ، فوجب الرجوع في هذا الشأن إلي المادة 380 مدني ، وهي تنص علي أن " تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات ، ولا يحسب اليوم الأول ، وتكمل بانقضاء آخر يوم منها " . بالأيام لا بالساعات . ذلك أننا لو حسبنا المدة بالساعات ، لاقتضي الأمر أن نعرف في أية ساعة علي وجه الدقة بدأ سريسان التقادم ، وهذا أمر نتعذر معرفته ( [1874] ) . فوجب إذن حساب المدة من يوم إلي يوم ، ابتداء من منتصف الليل إلي منتصف الليل التالي ، وفقا للتقويم الميلادي ( [1875] ) . ويقتضي هذا عدم حساب اليوم الأول ، لأنه يكون يوما ناقصا أو هو جزء من يوم ( [1876] ) فالحساب بالأيام يقتضي إذن إغفال اليوم الناقص ، ثم حساب مدة التقادم يوما فيوما ، حتي نصل إلي منتصف الليل من اليوم الذي تتم به عدة التقادم خمس عشرة سنة كاملة ، ولا يتم التقادم إلا عند منتصف هذا الليل ولذلك تقول المادة 380 مدني كما رأينا : " ولا يحسب اليوم الأول ، وتكمل المدة بانقضاء آخر يوم منها " . فإذا بدأ سريان التقادم المكسب الطويل يوم 5 فبراير سنة 1950 مثلا ، فإن التقادم يكتمل عند منتصف الليل الذي يفصل ما بين يوم 5 فبراير سنة 1965 و 6 فبراير سنة 1965 ( [1877] ) .
ويدخل في الحساب ما يتخلل هذه الأيام من مواسم وأعياد ، وإذا كان التقادم لا يكتمل إلا بانقضاء آخر يوم منه ، فإنه يقع صحيحا ما يتخذ من الإجراءات بشأن قطع التقادم في هذا اليوم . فإن كان هذا اليوم الأخير يوما من أيام الأعياد أو المواسم ، وتعذر اتخاذ إجراء فيه لقطع التقادم ، فإن $ 1016 $ سريان التقادم يوقف بالقوة القاهرة إلي اليوم التالي أو إلي أول يوم صالح لاتخاذ الإجراء ، ولا يكتمل التقدم بانقضاء هذا اليوم دون أن يتخذ المالك إجراء يقطع به سريان التقادم ( [1878] ) .
وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ينص علي حساب مدة التقادم بالتقويم الهجري ، كما كان الأمر في عهد التقنين المدني السابق حيث كان القضاء يحسب مدة التقادم وهي مأخوذة من الشريعة الإسلامية بالتقويم الهجري ( [1879] ) . ولكن التقنين المدني الجديد حذف النص علي الحساب بالتقويم الهجري ، فوجب الحساب بالتقويم الميلادي تطبيقا لأحكام المادة 3 مدني وتنص علي أن " تحسب المواعيد بالتقويم الميلادي ، ما لم ينص القانون علي غير ذلك ( [1880] ) .
$ 1017 $ 382 - بدء سريان مدة التقادم :وينبني علي ما قدمناه أن مدة التقادم يبدأ سريانها من اليوم التالي لليوم الذي بدأت فيه الحيازة ، أي في منتصف الليل الذي يعقب مباشرة اليوم الذي بدأت فيه الحيازة . فقد قدمنا ان اليوم الذي بدأت فيه الحيازة فعلا هو بالضرورة يوم ناقص أو هو جزء من يوم ، فلا يحسب Dies a quo computatur in termino ( [1881] ) .
383 - بدء سريان مدة التقادم بالنسبة إلي الحقوق المعلقة علي شرط واقف أو المقترنة بأجل واقف :فإذا كان الحق محل الحيازة حق ملكية معلقا علي شرط واقف ، وجب تطبيق المادة 381 مدني الواردة في التقادم المسقط ، إذ أن المادة 973 مدني تقضي كما رأينا ( [1882] ) بأ ، تسري قواعد التقادم المسقط علي التقادم المكسب فيما يتعلق بحساب المدة ، ويدخل في حساب المدة تحديد بدء سريانها ( [1883] ) . وقد نصت المادة 381 / 1 و 2 في خصوص التقادم المسقط علي أنه " 1 - لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء . 2 - وبخاصة لا يسري التقادم بالنسبة إلي دين معلق علي شرط واقف إلا من الوقت الذي يتحقق فيه الشرط ، وبالنسبة إلي ضمان الاستحقاق إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق ، وبالنسبة إلي الدين المؤجل إلا من الوقت الذي ينقضي فيه الأجل " .
فإذا طبقنا هذا الأحكام علي التقادم المكسب ، ترتيب علي ذلك أن المالك تحت شرط واقف لا سري في حقه التقادم المكسب إلا من وقت تحقق الشرط . فقبل تحقق الشرط لم يكن حق المالك نافذاً وإن كان موجوداً ، والعبرة في بدء سريان التقادم بنفاذ الحق لا بوجوده ( [1884] ) . فإذا باع شخص $ 1018 $ منزلا لمشتر تحت شرط واقف ، أو أوصي بالمنزل لشخص معلقا الوصية علي شرط واقف ، كان المشتري أو الموصي له مالكا للمنزلة تحت شرط واقف . فإذا وضع الغير يده علي المنزل قبل تحقق الشرط الواقف بنية تملكه ، أمكن لواضع اليد أن يتملك المنزل بالتقادم المكسب . ولكن بدء سريان التقادم لا يكون من وقت الحيازة ، بل من وقت تحقق الشرط الواقف حيث تكون الملكية نافذة ، فيبدأ سريان التقادم من وقت نفاذها ( [1885] ) .
ومثل الحق المعلق علي شرط واقف الحق المقترن بأجل . فإذا كان لشخص حق انتفاع في منزل يؤول إليه بعد انقضاء زمن معين ، كان حق الانتفاع هذا مقترنا بأجل . فإذا وضع شخص يده علي حق الانتفاع المؤجل أمكن أن يتملكه بالتقادم ، ولكن لا يبدأ سريان التقادم وقت وضع اليد وقبل حلول الأجل ، لأن الحق لم يكن نافذا في هذا الوقت وإن كان موجوداً . وإنما يبدأ سريان التقادم في الفرض الذي نحن بصدده من وقت حلول الأجل الواقف حيث يصبح حق الانتفاع نافذا ، فيبدأ سريان التقادم من وقت نفاذه ( [1886] ) .
$ 1019 $ 384 - بدء سريان مدة التقادم بالنسبة إلي الحقوق الاجتماعية :قدمنا ( [1887] ) أن الحق الاحتمالي هو حق ينقصه عنصر من عناصره الجوهرية ، والوصف في الحق الاحتمالي هو بالذات نقصان هذا العنصر الجوهري . والفرق بين الحق الاحتمالي والحق المعلق علي شرط واقف انه يمكن تصور قيام الحق المشروط دون الشرط إذ أن الشرط أمر عارض ، أما الحق الاحتمالي فحق ينقصه عنصر من العناصر الجوهرية حتي يكون حقا كاملاً كما سبق القول فلا يمكن تصور قيام هذا الحق الكامل دون استكمال هذا العنصر الجوهري . ومن أمثلة الحق الاحتمالي حق الموصي له قبل أن يموت الموصي ، فلا يكون للموصي له قبل موت الموصي إلا حق احتمالي قد نقصه $ 1020 $ عنصر من العناصر الجوهرية لتكوينه وهو موت الموصي ، ولا يعتبر هذا الموت شرطاً بل هو عنصر من عناصر الحق . ومن أمثلة الحق الاحتمالي أيضا حق الموعود له بالبيع ، فهذا الحق لا يوجد ولا يستكمل عناصره الجوهرية إلا إذا أبدي الموعود له رغبته في الشراء ، ولا يعتبر إبداء الرغبة شرطا بل هو عنصر من عناصر الحق .
وإذا كان الحق المعلق علي شرط واقف والحق المقترن بأجل لا يبدأ سريان التقادم بالنسبة إليهما إلا من وقت تحقق الشرط أو وقت حلول الأجل ، أي من الوقت الذي يصبح فيه الحق نافذا ، فأولي أن يكون ذلك بالنسبة إلي الحق الاحتمالي . ومن ثم لا يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلي الحق الاحتمالي إلا من وقت استكماله لجميع عناصرها الجوهرية ، وصيرورته حقا موجوداً نافذا . وعلي ذلك لا يبدأ سريان التقادم في العين الموصي بها بالنسبة إلي الموصي له إلا من وقت موت الموصي ، ففي هذا الوقت فقط يوجد حق الموصي له وينفذ إذ يستكمل عناصره الجوهرية . وكذلك لا يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلي حق الموعود له بالبيع إلا من وقت إبداء رغبته في الشراء ، ففي هذا الوقت فقط يوجد حقه وينفذ باستكمال عناصره الجوهرية( [1888] ) .
385 - القرينة علي قيام الحيازة ما بين بدء مدة التقادم ونهايتها - نص قانوني :تنص المادة 971 مدني علي ما يأتي :
" إذا ثبت قيام الحيازة في وقت سابق معين وكانت قائمة حالا ، فإن ذلك يكون قرينة علي قيامها في المدة مات بين الزمنين ، ما لم يقم الدليل علي العكس " ( [1889] ) . وهذا النص يماثل المادة 2234 من التقنين المدني الفرنسي ، $ 1021 $ وهي تنص علي أن " الحائز الحالي الذي يثبت أنه قد حاز في وقت سابق يفترض فيه أنه قد حاز في الفترة المتوسطة ما بين الزمنين ، إلا إذا ثبت عكس ذلك " . وهذه القاعدة كانت معروفة في القانون الفرنسي القديم ، نقلها واضعوا التقنين المدني الفرنسي عن Dunod وهو فقيه معروف من فقهاء القانون الفرنسي القديم المتأخرين ، ويعبر عنها بالعبارة اللاتينية الآتية :( Probatis extremis media praesumuntur )
فيكفي الحائز إذن ، ليثبت أن حيازته دامت خمس عشرة سنة وهي مدة التقادم المكسب الطويل ، أو دامت خمس سنوات وهي مدة التقادم المكسب القصير ( [1890] ) ، أن يثبت أنه يجوز العين حالا ، وأنه قد حازها بنفسه أو بواسطة سلف له في زمن سابق يرجع إلي خمس عشرة سنة أو خمس سنوات من قبل . وعند ذلك يقيم القانون قرينة قانونية علي أن الحيازة بقيت مستمرة في القترة ما بين الزمنين ، أي بقيت مستمرة طوال مدة الخمس العشرة سنة أو طوال مدة الخنس السنوات بحسب الأحوال . وعلي ذلك يكون الحائز قد اثبت ، بفضل هذه القرينة القانونية ، علي أنه بقي حائزا طوال المدة اللازمة للتقادم . ولكن هذه القرينة القانونية قرينة قابلة لإثبات العكس ، فيجوز للمالك أن يدحضها بأن يثبت بجميع طرق الإثبات أن $ 1022 $ الحيازة لم تستمر في الفترة ما بين الزمنين بأن انتزعت من الحائز مثلا أو تخلي عنها ، أو يثبت أن الحيازة وإن استمرت فعلا في الفترة ما بين الزمنين إلا أنها قد شابها عيب من عيوب الحيازة فجعلها غير صالحة لأن تؤدي إلي التملك بالتقادم ( [1891] ) .
والواجب ، حتي تقوم القرينة القانونية سالفة الذكر ، أن يثبت الحائز أمرين : ( 1 ) أنه حائز للعين حالا ، حيازة مستوفية لجميع شرائطها أي خالية من العيوب ، بأن تكون الحيازة ظاهرة هادئة غير غامضة مستمرة واستمرار الحيازة معناه أن تكون الحيازة قد استقرت منتظمة علي الوجه المألوف مدة تكفي لاعتبارها مستمرة ، وليس من الضروري أن تكون هذه المدة سنة فأية مدة يمكن أن يستخلص منها استمرار الحيازة وانتظامها تكفي ( [1892] ) . ويستطيع الحائز أن يثبت كل ذلك بجميع طرق الإثبات ، بما في ذلك البينة والقرائن والمعاينة ، لأنه إنما يثبت واقعة مادية . ( 2 ) وأنه قبل خمس عشرة سنة أو قبل خمس سنوات ، كان هو أو سلفة من مورث أو موص أو بائع أو نحو ذلك يحوز العين هذه الحيازة المستوفية للشروط ، أي حيازة ظاهرة هادئة غير غامضة مستمرة ، ويكفي في الاستمرار هنا أيضا أن تكون الحيازة قد دامت منتظمة علي الوجه المألوف مدة تكفي لاعتبارها مستمرة ، وليس من الضروري أن تكون قد استمرت سنة كاملة ( [1893] ) . ويستطيع الحائز هنا أيضا أن يثبت كل ذلك بجميع طرق الإثبات . ولابد أن يثبت الحائز كلا من الأمرين المتقدمي الذكر ، ولا يعني إثبات أحدهما عن إثبات الآخر . $ 1023 $ فإثبات الحيازة السابقة لا يغني من وجود الحيازة الحالية ، كما أن إثبات الحيازة الحالية لا يفترض وجود الحيازة السابقة ( [1894] ) .
وقد كان المشروع التمهيدي لصن المادة 971 مدني سالفة الذكر يتضمن فقرة ثانية تجري علي الوجه الآتي : " ولا يعتبر قيام الحيازة في الحال قرينة علي قيامها في وقت سابق ، إلا إذا كان لدي الحائز سند يعطيه الحق في الحيازة . ويعد في هذه الحالة حائزا من بدء التاريخ الثابت لهذا السند ، ما لم يقم الدليل علي غير ذلك " ( [1895] ) . فكان إثبات الحيازة الحالية ، طبقا لهذا النص ، يفترض وجود الحياة السابقة بشرط أن يكون لدي الحائز سند كعقد شراء يعطيه الحق في الحيازة ، وبشرط أن يكون هذا السند ثابت التاريخ فإذا توافر هذان الشرطان افترض وجود حيازة سابقة من بدء التاريخ الثابت للسند ، ما لم يقم الدليل علي غير ذلك . ومتي افترض وجود الحيازة السابقة ولم يقم دليل عكسي ، افترض أيضا افتراضا قابلا لإثبات العكس استمرار الحيازة من بدء التاريخ الثابت للسند إلي وقت قيام الحيازة الحالية وفقا للقرينة القانونية التي تقدم ذكرها ( [1896] ) . ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفت هذه الفقرة الثانية " اكتفاء بالقواعد العامة في وسائل إثبات الحيازة بالقرائن أو بالشهود أو بالسندات " ( [1897] ) . ويبنني علي حذف هذا النص أن وجود سند $ 1024 $ ثابت التاريخ يعطي الحق في الحيازة لا يكون قرينة قانونية علي قيام الحيازة وقت هذا التاريخ الثابت ، ولكن هذا لا يمنع من أن يكون قرينة قضائية يأخذ بها القاضي أو لا يأخذ ، وهي علي كل حال قرينة قابلة لإثبات العكس ( [1898] ) .
386 - ضم المدد في حالة تعاقب الحائزين : ويقع في العمل ألا يكون شخص واحد هو الذي حاز العين ، وبقي بشخصه حائزاً لها مدة خمس عشرة سنة فملكها بالتقادم المكسب الطويل . بل يحدث كثيراً أن عدة أشخاص يتعاقبون علي حيازة العين ، فيعقب الوارث المورث ، أو يعقب المشتري البائع ، وعندئذ يكون هناك مجال لضم مدة حيازة السلف إلي مدة حيازة الخلف حتي يبلغ مجموع المدد خمس عشرة سنة ، وهي المدة اللازمة للتملك بالتقادم المكسب الطويل .
وقد سبق أن ميزنا في هذا الصدد بين الخلف العام والخلف الخاص ، وبينا كيف تضم المدد في كل من الحالتين ( [1899] ) .
ففيما يتعلق بالخلف العام ، سبق أن قررنا ( [1900] ) أن الوارث يستطيع أن يضم إلي مدة حيازته مدة حيازة مورثه . فإذا كان المورث سيء النية فانتقلت الحيازة مقترنة بسوء النية إلي الوارث ولو كان هذا الأخير حسن النية ، فإن الوارث يستطيع أن يكسب ملكية العين بالتقادم المكسب الطويل إذ ضم مدة حيازة مورثه ، ولتكن خمس سنوات مثلا ، إلي مدة حيازته هو إذا بلغت عشر سنوات علي الأقل . وإذا كان المورث عنده سبب صحيح وكان حسن النية وقت حصوله عليه ، فإن الحيازة تنتقل إلي الوارث مقترنة بحسن النية $ 1025 $ وبالسبب الصحيح . فإذا كان المورث قد بقي حائزاً للعقار مدة سنتين ، كان للوارث ولو كان سيء النية ، إذا بقي حائزاً للعقار مدة ثلاث سنوات ، أن يضم إليها مدة حيازة سلفه وهي سنتان ، فيستكمل بذلك خمس السنوات اللازمة لتملك العقار بالتقادم المكسب القصير . وإذا كان المورث حسن النية وليس لديه سبب صحيح ، وبقي حائزا للعقار مدة ست سنوات مثلا ، ثم انتقلت الحيازة للوارث ، فإنها تنتقل إليه مقترنة بحسن النية ومجردة من السبب الصحيح كما كان الأمر في شأن المورث . ولا يستطيع الوارث في هذا الفرض أن يتملك العقار بالتقادم القصير لانعدام السبب الصحيح ، ولا يبقي له إلا التملك بالتقادم الطويل ، سواء بقي حسن النية أو ثبت سوء نيته بعد انتقال الحيازة إليه . وفي الحالتين يستطيع ضم مدة حيازة مورثه المقترنة بحسن النية إلي مدة حيازته هو سواء بقيت مقترنة بحسن النية أو أصبحت مقترنة بسوء النية ، فيتملك بالتقادم الطويل إذا بقي حائزاً تسع سنوات أخري إذ تضم حيازة مورثه وهي ست سنوات ( [1901] ) .
وفيما يتعلق بالخلف الخاص ، سبق أن قررنا ( [1902] ) أن له أن يضم إلي حيازته حيازة سلفه ، أو أن يفصل ما بين الحيازتين ويتمسك بإحداهما دون الأخري ، وذلك تبعا لما يري له من المصلحة في ذلك . فإذا كان السلف سيء النية وبقي حائزاً للعين مدة عشرة سنوات مثلا . ثم باع العين إلي مشتر هو أيضا سيء النية ، فللمشتري أن يتملك العين بالتقادم الطويل إذا هو بقي حائزا لها مدة خمسة سنوات أخري إذ يضم إلي مدة حيازته مدة حيازة سلفه . وإذا كان البائع حسن النية ولديه سبب صحيح ، وبقي حائزاً للعقار مدة سنتين ، ثم نقل الحيازة إلي المشتري وكان هذا أيضا حسن النية ، فللمشتري أن يتملك العقار بالتقادم القصير إذا هو بقي حائزا له مدة ثلاث سنوات أخري ، إذ يضم إلي مدة حيازته مدة حيازة سلفه . وإذا كان البائع سيء النية ، وبقي حائزاً $ 1026 $ للعقار مدة أربع عشرة سنة مثلا ، ثم باع العقار إلي مشتر حسن النية ، فالمشتري يستطيع أن يتملك بالتقادم القصير إذا بقي حائزاً للعقار مدة خمس سنوات . ولكنه في هذا الفرض يفضل ان يتملك بالتقادم الطويل ، إذ يستطيع في هذه الحالة أن يتملك العقار إذ بقي حائزاً له مدة سنة واحدة بدلا من خمس سنوات ، لأنه يضم إلي مدة حيازته مدة حيازة سلفه . وإذا فرضنا العكس وكان البائع حسن النية ولديه سبب صحيح ، وكلنه لم يحز العقار إلا مدة أربع سنوات فقط ، ثم باعة إلي مشتر سيء النية يعلم أن العقار ليس مملوكاً للبائع ، فإن المشتري لا يستطيع أن يتملك العقار بالتقادم القصير لأنه سيء النية ولكنه يستطيع أن يتملك العقار بالتقادم الطويل ، فإذا هو حازه أحدي عشرة سنة أخري استطاع أن يضم إليها مدة حيازة البائع وهي أربع سنوات فيستكمل بها مدة التقادم الطويل وللخلف الخاص أن يفصل ما بين حيازة سلفه وحيازته هو ، ويتمسك بإحداهما دون الأخري وذلك تبعا لمصلحته فله أن يتمسك بحيازته هو وحدها ، وأن يسقط حيازة سلفه ويتحقق ذلك فيما إذا كان البائع سيء النية وحاز العقار لمدة ست سنوات مثلا ، ثم باعه إلي مشتر حسن النية بقي حائزاً له مدة خمس سنوات فهنا يستطيع المشتري أن يتملك العقار بالتقادم القصير ، ولا يحتاج في ذلك إلا إلي التمسك بحيازته هو ، دون حيازة البائع أما إذا أراد ضم حيازة البائع سيء النية ، فلا يستطيع أن يتملك إلا بالتقادم الطويل ، فيحتاج إلي حيازة مدتها تسع سنوات بدلا من خمس ، ولذلك يفضل أن يتمسك بحيازته هو المقترنة بحسن النية وبالسبب الصحيح دون حيازة البائع المقترنة بسوء النية ( [1903] ) . وله أن يتمسك بحيازة سلفه دون حيازته هو إذا كانت له مصلحة في ذلك وتتحقق هذه المصلحة إذا كان البائع حسن النية ولديه سبب صحيح ، وكان المشتري سيء النية : فإذا كانت مدة حيازة البائع قد بلغت خمس سنوات وبلغت مدة حيازة المشتري ثماني سنوات ، فإن من مصلحة المشتري أن يتمسك بحيازة البائع وحدها وأن يسقط حيازته هو فقد بلغت حيازة البائع $ 1027 $ خمس سنوات وهو حسن النية ولدية السبب الصحيح وهذا كاف لتملك العقار بالتقادم القصير ، فتخلص للمشتري ملكية العقار نقلا عن البائع كما خلصت له حيازته أما إذا أراد المشتري أن يتمسك بمدة حيازته المقترنة بسوء النية ، فانه لا يستطيع أن يتملك إلا بالتقادم الطويل ، ولو ضم مدة حيازة البائع وهي خمس سنوات إلي مدة حيازته وهي ثماني سنوات ، لنقصه سنتان حتي يكمل المدة خمس عشرة سنة فمصلحته إذن في هذا الفرض هي ألا يتمسك بحيازته ، وأن يقتصر علي التملك بحيازة البائع .
" 3 - وقف التقادم المكسب وانقطاعه
( أ ) وقف التقادم المكسب
( Suspension de la prescription )
387 - سريان قواعد التقادم المسقط علي وقت التقادم المكسب فيما عدا حكم واحداً – نص قانوني : رأينا ( [1904] ) أن المادة 973 مدني تقضي بأن تسري قواعد التقادم المسقط علي التقادم المكسب فيما يتعلق بوقف التقادم مع مراعاة أحكام معينة . وقد قررت المادة 974 مدني حكما يخالف فيه وقف التقادم المكسب وقف التقادم المسقط ، فنصت علي ما يأتي :
" أيا كانت مدة التقادم المكسب ، فإنه يقف متي وجد سبب لوقفه ( [1905] ) " .
$ 1028 $ ويخلص مما تقدم أن قواعد التقادم المتوسط في وقف التقادم تسري علي وقف التقادم المكسب ، فيما عدا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 382 مدني في شأن التقادم المسقط من أنه " لا يسري التقادم الذي تزيد مدته علي خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية ، أو في حق الغائب ، أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جناية ، إذا لم يكن له نائب يمثله قانونا " . ويؤخذ من ذلك أن التقادم المسقط لا يوقف إذا كانت مدته لا تزيد علي خمس سنوات ، وقد رأينا أن التقادم المكسب علي خلاف التقادم المسقط يوقف سريانه أيا كانت مدته كما يقضي بذلك نص المادة 974 مدني فيما قدمنا . ونستعرض في ضوء ما تقدم قواعد وقف التقادم المسقط لنطبقها علي وقف التقادم المكسب ، مع مراعاة ما اختص به التقادم المكسب من هذا الحكم الخاص الذي أشرنا إليه ( [1906] ) .
388 - القاعدة العامة في وقف التقادم – القاعدة التقليدية التي تقضي بأن يوقف التقادم حيث يتعذر علي صاحب الحق قطع سريانه :
تقضي بأن يوقف التقادم حيث يتعذر علي صاحب الحق قطه سريانه : وردت القاعدة العامة في وقف التقادم ، في شأن التقادم المسقط ، في الفقرة الأولي من المادة 382 مدني ، وتنص علي ما يأتي : " لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه علي الدائن أن يطالب بحقه ، ولو كان المانع أدبيا وكذلك لا يسري التقادم فيما بين الأصلي والنائب " ( [1907] ) . ويسري هذا النص $ 1029 $ علي التقادم المكسب بموجب المادة 973 مدني ، فلا يسري التقادم المكسب كلما وجد مانع يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه ، ولو كان المانع أدبيا ، وكذلك لا يسري التقادم المكسب فيما بين الأصيل والنائب .
وقد استحدث التقنين المدني الجديد علي هذا الوجه تعديلا هاما في أسببا وقف التقادم ، فبعد أن كانت هذه الأسباب مذكورة علي سبيل الحصر في التقنين المدني السابق ( [1908] ) أسوة بالتقنين المدني الفرنسي ، أصبحت في التقنين المدني الجديد سببا عاما يندرج تحته كتير من الأسباب ، فكلما وجد مانع يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه يقف سريان التقادم ، ولو كان هذا المانع أدبيا .
وقد أخذ التقنين المدني الجديد في ذلك بقاعدة تقليدية كانت معروفة في القانون الفرنسي القديم لا يزال القضاء الفرنسي يأخذ بها علا خلاف الفقه الفرنسي ، وهي تقضي بأن يوقف التقادم حيث يتعذر علي صاحب الحق أن يقطع سريانه Contra non valentem agree non currit proesciptio فأى مانع يتعذر معه على صاحب الحق أن يقطع التقادم يكون سبباً فى وقف سريانه .
389 - موقف الفقه الفرنسى والقضاء الفرنسى من القاعدة التقليدية :
لم ينقل التقنين المدنى الفرنسى هذه القاعدة التقليدية ، بل هو قد عدد أسباب وقف التقادم ، وقرر فى المادة 2251 منه أن التقادم يسرى فى حق كل شخص إلا إذا كان الشخص مستثنى بموجب نص القانون .
$ 1030 $ وعل ذلك يأبي الفقه الفرنسي الأخذ بالقاعدة التقليدية القديمة ، فلا يسلم بوقف التقادم حيث يتعذر علي صاحب الحق أن يقطع سريانه . ويحتج لذلك بأن هذه القاعدة التقليدية إنما قامت في القانون الفرنسي القديم علي أساس أن التقادم إنما وجد لعقاب صاحب الحق المهمل ، فإذا ثبت أنه لم يهمل بل تعذر عليه أن يطالب بحقه فلا محل إذن للتملك ضده بالتقادم وكان الفقهاء الأولون الذين قالوا بهذه القاعدة في القانون الفرنسي القديم يقصرونها علي الموانع القانونية التي تحول دون أن يطالب صاحب الحق بحقه ، ولكن ما لبثت القاعدة أن اتسعت حتي شملت الموانع القانونية والموانع المادية جميعا ، فانطوي في القاعدة جميع الأحوال التي يتعذر فيها علي صاحب الحق أن يطالب بحقه ، من قصر وجنون وحجر وقيام حرب وانقطاع مواصلات وغيبة منقطعة وجهل بالحق وقوة قاهرة وغير ذلك . وكان للقانون الكنسي ، وهو ينزع إلي التضييق من نطاق التقادم ، أثر كبير في توسيع القاعدة . ويذهب الفقه الفرنسي إلي ان التقنين المدني الفرنسي أراد القضاء علي هذه القاعدة القديمة بما تجره من اضطراب ومنازعات ، فنص في المادة 2251 منه علي أن التقادم يسري في حق كل شخص إلا إذا كان الشخص مستثني بموجب نص في القانون . فأسباب وقف التقادم إذن مذكورة ، في نظل الفقه الفرنسي ، علي سبيل الحصر في نصوص القانون ، وليست متفرعة عن قاعدة عامة كالقاعدة سالفة الذكر . وأيا كان المانع الذي يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه ، فإن هذا المانع لا يكون سببا لوقف التقادم إلا إذا ورد به نص صريح في القانون . ويزيد الفقه الفرنسي علي ما تقدم أن التقادم لم يعد يقوم علي فكرة عقاب صاحب الحق المهمل ، وهي الفكرة التي تعتبر من أقوي المبررات للقاعدة التقليدية القديمة ، بل يقوم التقادم علي فكرة تثبيت الأوضاع القائمة ودعم الثقة المشروعة حتي يستقر التعامل . وهي فكرة يستوي عندها أن يقوم مانع يحول دون أن يطالب صاحب الحق بحقه أو لا يقوم ، ففي الحالتين ينبغي أن يتملك الحائز بالتقادم العين التي يحوزها حتي تتوطد الثقة المشروعة وتستقر الأوضاع القانونية ( [1909] ) .
$ 1031 $ أما القضاء الفرنسي فلم يساير الفقه الفرنسي فيما ذهب إليه ، بل قصر نص المادة 2251 مدني فرنسي علي أسباب وقف التقادم التي ترجع إلي حالة الشخص كما هو ظاهر النص ، فهذه الأسباب مذكورة علي سبيل الحصر في نصوص القانون أما الأسباب التي لا ترجع إلي حالة الشخص ، بل ترجع إلي ظروف خارجية ، فهي غير مذكورة علي سبيل الحصر ، ويميل القضاء الفرنسي في شأنها إلي تطبيق القاعدة التقليدية المشار إليها ، فأي مانع خارجي يتعذر معه علي صاحب الحق أن يقطع التقادم يكون سببا في وقف سريانه . ويذهب القضاء الفرنسي إلي أن المقصود بالمادة 2251 مدني فرنسي ه القضاء علي الامتيازات التي كان يتمتع بها بعض الأشخاص في القانون الفرنسي القديم ، كالكنيسة والهيئات العامة وأملاك التاج ، فكان التقادم لا يجري في حقها أو يجري تقادم أطول ( [1910] ) . فقضي النص بأن التقادم يجري في حق كل شخص ، دون تمييز بين شخص وآخر ، ما لم يرد نص خاص يقف سريان التقادم بالنسبة إلي طائفة معينة من الأشخاص نظراً لحالة شخصية قائمة بها ، كما وردت المادة 2252 مدني فرنسي في خصوص القصر والمحجورين . أما إذا كان المانع الذي يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه لا يرجع إلي حالة شخصية ، فهذا أمر آخر لم تعرض له المادة 2251 ويطبق القضاء الفرنسي القاعدة التقليدية القديمة في هذا النطاق بعد أن يخرج الموانع التي ترجع إلي حالة شخصية فيجعلها خاضعة للمادة 2251 ( [1911] ) فعنده إذا تعذر علي صاحب الحق أن يطالب بحقه ، بسبب حري أو غزو أو ثورة أو انقطاع المواصلات أو إقفال المحاكم أو غيبة $ 1032 $ منقطعة أو جهل صاحب الحق بحقه أو غير ذلك ، كان هذا كافيا لوقف سريان التقادم ( [1912] ) . وهذا الاتجاه الذي سار فيه القضاء الفرنسي ، ومن شأنه أن يخفف من حده ما قد ينطوي عليه التقادم من إنكار لحقوق ثابتة ، هو الذي أخذ به التقنين المدني المصري الجديد ( [1913] ) .
390 - موقف التقنين المدني المصري الجديد من القاعدة التقليدية : وقد كان التقنين المدني المصري السابق قد حذا حذو التقنين المدني الفرنسي في مصر أسباب وقف التقادم كما سبق القول ( [1914] ) . ولكن التقنين المدني المصري الجديد قد عدل عن هذه المحاذاة ، وجعل التقادم يقف لا بالنسبة إلي ناقص الأهلية والمحجورين فحسب ، ولا فيما بين الأصيل والنائب فحسب ، بل بوجه عام يقف سريان التقادم كلها وجد مانع يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا ( [1915] ) . فجاءت عبارة النص من حيث العموم والشمول بحيث تذكر بالقاعدة التقليدية في القانون الفرنسي القديم ، التي تقضي بأن يوقف التقادم حيث يتعذر علي صاحب الحق أن يقطع سريانه ( [1916] ) .
$ 1033 $ ويشفع للتقنين المدني الجديد في مسلكه هذا أنه ، بعد أن أخذ مدة التقادم من الشريعة الإسلامية وجعلها خمس عشرة سنة وهي مدة لا تبلغ إلا نصف المدة المقررة في التقنين المدني الفرنسي ، لم ير بأسا من أن تطول هذه المدة بالعذر الشرعي ، وهو ما أخذت به الشريعة الإسلامية أيضا عندما قررت عدم جواز سماع الدعوي علي المنكر بعد تركها من غير عذر شرعي . ذلك أن مدة التقادم والعذر الشرعي أمران يتلازمان ، وقد أخذ التقنين الجديد فيهما معا بأحكام الشريعة الإسلامية وما العذر الشرعي إلا قيام المانع الذي يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه ، والعذر الشرعي والمانع كلاهما يمكن تقريبه من القاعدة الفرنسية القديمة التي كانت تقضي بوقف التقادم حيث يتعذر علي صاحب الحق قطع سريانه .
علي أنه من المصلحة أن تضبط ، من ناحية التطبيق ، حدود المانع الذي يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه ، حتي لا يختل الأساس الذي قام عليه التقادم . فالتقادم إنما شرع لصيانة الأوضاع القائمة المستقرة ، فلا يجوز إهدار هذه الصيانة ، ويجب التشدد في ضبط أسباب وقف التقادم . وقد ورد من هذه الأسباب ، في نص التقنين المدني المصري وفي المذكرة الإيضاحية وفي التقنينات الأجنبية نقص الأهلية والحجر ، والعلاقة ما بين الأصيل والنائب ، والعلاقة ما بين الزوجين ، والعلاقة ما بين الأصول والفروع ، والعلاقة ما بين الشخص المعنوي ومديره ، والعلاقة ما بين المخدوم والخادم ، وحالة ما إذا $ 1034 $ كان صاحب الحق غائبا غيبة اضطرارية في سفر أو أسر أو نحو ذلك ، وحالة اتحاد الذمة . وهذه كلها أسباب تتعلق بالشخص : شخص صاحب الحق كما في القصر والحجر والغيبة والأسر واتحاد الذمة ، أو العلاقة بينه وبين الحائز كما في العلاقة بين الزوجين وبين الأقارب وبين المخدوم والخادم . وبعض هذه الموانع موانع مادية ، وبعضها موانع أدبية . وقد تقوم موانع يتعذر معها أن يطالب صاحب الحق بحقه وترجع ، لا لأسباب تتعلق بالشخص ، بل لظروف مادية أقرب ما تكون إلي القوة القاهرة كقيام حرب أو نشوب فتنة أو إعلان الأحكام العرفية أو انقطاع المواصلات ( [1917] ) . ونستعرض كلا من هذين النوعين من أسباب وقف التقادم في التقنين المدني المصري ( [1918] ) .
$ 1035 $ 391 - أسباب وقف التقادم التي تتعلق بالشخص : أهم هذه الأسباب هو السبب المتعلق بناقص الأهلية والمحجورين وسواء كانت مدة التقادم هي خمس عشرة سنة وهي مدة التقادم الطويل ، أو كانت خمس سنوات وهي مدة التقادم القصير ، فإن التقادم يقف سريانه في حق ناقصي الأهلية والمحجورين ( [1919] ) . وقد نصت المادة 974 مدني صراحة ، كما رأينا ( [1920] ) ، علي أنه " أيا كانت مدة التقادم المكسب ، فإنه يقف متي وجد سبب لوقفه " . ويجب التمييز في هذا الصدد بين ما إذا كان للمحجور نائب يمثله أو ليس له نائب ففي حالة ما إذا كان له نائب لا يقف سريان التقادم ، وعلي النائب أن يقطع التقادم وأن يطالب بحق محجوره ، وإلا كان هو المسئول نحو المحجور . وهذا حكم استحدثه التقنين المدني الجديد ، فقد نصت المادة 382 / 2 من هذا التقنين في صدد التقادم المسقط علي أنه " لا يسري التقادم الذي تزيد مدته علي خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو في حق الغائب ، أو في حق المحكوم عليه بعقوبة $ 1036 $ جنائية ، إذا لم يكن له نائب يمثله قانونا " . وذلك تضييقا من أسباب وقف التقادم بإقفال مالا تقوم الضرورة لتبريره . وفي حالة ما إذا لم يكن للمحجور نائب يمثله ، فهنا يقف التقادم لقيام الضرورة إذ لا يوجد نائب عن المحجور يقطع التقادم ( [1921] ) .
وقد يقوم مانع يتعلق بالشخص ، غير القصر والحجر ، يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه . من ذلك الغيبة الاضطرارية لسجن أو أسر أو نحو ذلك ، وهذه غير الغيبة المنقطعة التي يقام من أجلها وكيل للغائب والتي تدخل في أسباب الحجر سالفة الذكر . فيقف سريان التقادم ، إلي أن تهيأ لصاحب الحق أسباب العودة لمباشرة أعماله . وتقرير ما إذا كان هذا المانع يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه مسألة واقع ، تترك لتقدير قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض ( [1922] ) .
وقد يكون المانع من أن يطالب صاحب الحق بحقه هي العلاقة القائمة بينه وبين الحائز للعين فالعلاقة ما بين الزوجين مانع أدبي لأي منهما من أن يطالب الآخر بحقه ، وإلا تعكر صفو السلام في الأسرة فوجب وقف سريان التقادم ما دامت علاقة الزوجية قائمة ، ويعود التقادم إلي السريان بمجرد أن تنقصم عري الزوجية لموت أو طلاق أو غير ذلك ( [1923] ) . والعلاقة ما بين الأصول والفروع $ 1037 $ هي أيضا مانع أدبي . وقد يكون مانعا أدبيا علاقة القرابة أيا كانت ، مادامت علاقة وثيقة واقترنت بملابسات تؤكد معني المنع ، كالعلاقة ما بين الأشقاء ، وعلاقة الأعمام والأخوال بأولاد الأخ أو أولاد الأخت ، وهذه مسألة واقع يقدرها قاضي الموضوع . والعلاقة ما بين الأصيل والنائب مانع يقف سريان التقادم ، وقد ورد نص صريح في هذا المعني في المادة 382 / 1 مدني كما رأينا ( [1924] ) . ويدخل في ذلك العلاقة ما بين الموكل والوكيل ما دامت الوكالة قائمة ، وذلك في حدود أعمال الوكالة . كما تدخل العلاقة ما بين الولي أو الوصي أو القيم بالمحجور ما دام الحجر قائما . وكذلك تدخل العلاقة ما بين الشخص المعنوي والمدير ، ما دامت صفة الإدارة قائمة ( [1925] ) .
ويقف سريان التقادم في جميع الموانع التي قدمناها ، أيا كانت مدة التقادم : خمس عشرة سنة أو خمس سنوات .
392 - أسباب وقف التقادم التي ترجع إلي ظروف مادية اضطرارية : وقد يرجع المانع ، لا إلي اعتبار يتعلق بالشخص ، بل إلي ظرف مادي اضطراري يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه . فيقف سريان التقادم أيا كانت مدته ، خمس عشرة سنة أو خمس سنوات .
من ذلك قيام حري مفاجئة ، أو نشوب فتنة ، أو إعلان حالة الطواريء ، إذا كان شيء من هذا قد منع المحاكم من مباشرة أعمالها فلا يتمكن صاحب الحق من المطالبة قضائيا بحقه .
ومن ذلك أيضا انقطاع المواصلات بحيث لا يتمكن صاحب الحق من اتخاذ الإجراءات اللازمة للمطالبة بحقه ، فيقف سريان التقادم لهذا المانع . $ 1038 $ والمسألة موكولة إلي تقدير قاضي الموضوع ، ولا معقب علي هذا التقدير من محكمة النقض .
ومن ذلك أخيراً جهل صاحب الحق بوجود حقه من غير تقصير منه ، فيكون ذلك مانعا يقف سريان التقادم ( [1926] ) . وقد قضت محكمة النقض بأن الجهل باغتصاب الحق قد يكون من الأسباب الموقفة للتقادم ، إذا لم يكن ناشئا عن إهمال صاحب الحق ولا تقصيره ، فإذا كان الحكم قد نفي عن صاحب الحق كل إهمال أو تقصير من جانبه في جهله باغتصاب ملكه ، فإنه لا يكون مخطئا إذ اعتبر مدة التقادم لا تحتسب في حقه إلا من تاريخ علمه بوقوع الغصب علي ملكه ( [1927] ) .
393 - الأثر الذي يترتب علي وقف التقادم : ومتي وقف سريان التقادم لسبب أو لآخر من الأسباب التي تقدم ذكرها ، فإن المدة التي وقف سريان التقادم في خلالها تحسب ضمن مدة التقادم ، وتحسب المدة السابقة والمدة اللاحقة .
فلو أن شخصا وضع يده علي عين مملوكة للغير ، وبقي واضعا يده عشر $ 1039 $ سنوات ، ثم مات المالك وورثه قاصر لم يعين له وصي إلا بعد سنتين من موت المورث ، فإن التقادم يقف سريانه مدة هاتين السنتين . وتحسب المدة التي سبقت السنتين وهي عشر سنوات ، فيبقي للقاصر من وقت تعيين وصي له خمس سنوات يقطع فيها التقادم . فإذا انقضت خمس سنوات من وقت تعيين الوصي دون أن يقطع التقادم ، اكتمل للحائز مدة خمس عشرة سنة يتملك بانقضائها العين بالتقادم المكسب الطويل ، بعد أن يكون قد وضع يده علي العين سبع شعرة سنة منها سنتان وقف فيهما سريان التقادم ( [1928] ) .
ب - انقطاع التقادم
( Interruption de la prescription )
394 - أسباب انقطاع التقادم المكسب : رأينا ( [1929] ) أن المادة 973 مدني تقضي بأن تسري قواعد التقادم المسقط علي التقادم المكسب فيما يتعلق بانقطاع التقادم ، وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه هذه القواعد مع طبيعة التقادم المكسب . وقد ورد في التقادم المسقط أن هذا التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية ( م 383 مدني ) ، كما ينقطع بإقرار المدين بحق الدائن ( م 384 مدني ) ( [1930] ) . وهذان السببان لانقطاع التقادم المسقط ينطبقان علي التقادم المكسب ، فينقطع $ 1040 $ هذا التقادم بالمطالبة القضائية وبإقرار الحائز بحق المالك . ويضاف إلي هذين السببين سبب ثالث خاص بالتقادم المكسب لأن طبيعة هذا السبب تستعصي علي التقادم المسقط ، وهو انقطاع التقادم المكسب إذا تخلي الحائز عن الحيازة أو فدقها ولو بفعل الغير ( م 975 مدني ) .
ويمكن تقسيم هذه الأسباب الثلاثة لانقطاع التقادم المكسب إلي أسباب تصدر من الحائز وهي إقرار الحائز بحق المالك وتخليه عن الحيازة أو فقده إياها ، وأسباب تصدر من المالك وتقتصر علي المطالبة القضائية الصادرة من المالك كذلك يمكن تقسيم أسباب انقطاع التقادم المكسب إلي أسباب انقطاع مدنية ( interruption civile ) وهي المطالبة القضائية وإقرار الحائز بحق المالك ، وأسباب انقطاع طبيعية ( interruption naturclle ) وتقتصر علي تخلي الحائز عن الحيازة أو فقدها إياها . ونستعرض أسباب انقطاع التقادم المكسب الثلاث ، دون نظر إلي تقسيمها ، فنبحث انقطاع التقادم بالمطالبة القضائية ، وانقطاعه بإقرار الحائز بحق المالك ، وانقطاعه بتخلي الحائز عن الحيازة أو فقده إياها ( [1931] ) .
395 - السبب الأول لانقطاع التقادم المكسب – المطالبة القضائية : تنص المادة 383 مدني فيما يتعلق بالتقادم المسقط علي أ ، " ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوي إلي محكمة غير مختصة ، وبالتنبيه ، والحجز ، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع ، وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه في أحدي الدعاوي ( [1932] ) . ولا يكاد ينطبق من هذا $ 1041 $ النص علي التقادم المكسب إلا المطالبة القضائية . أما التنبيه ( [1933] ) والحجز ( [1934] ) والطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع ، فيفترض كل ذلك دائنا يطالب بدين له ، فلا ينطبق إلا علي التقادم المسقط .
وعلي ذلك ينقطع التقادم المكسب بمطالبة صاحب الحق بحقه مطالبة قضائية ( demande judiciaire ) ، أي بإقامة دعوي بحقه $ 1042 $ ( citation en justice ) ( [1935] ) . فلابد إذن أن يصل صاحب الحق ، حتي يقطع التقادم ، إلي حد المطالبة القضائية ، فلا تكفي المطالبة الودية ولو بكتاب مسجل أو بإنذار رسمي علي يد محضر ( summation ) ( [1936] ) .
ولا يكفي لقطع التقادم مجرد اتخاذ إجراءات تحفظية ، كطلب وضع العين تحت الحراسة ( [1937] ) . كذلك لا يكفي لقطع التقادم المطالبة القضائية أمام قاضي الأمور المستعجلة . لأن القضاء المستعجل غير مختص إلا بإجراءات وقتية عاجلة لا تمس موضوع الحق ، ويترتب علي ذلك أن دعوي إثبات الحالة لا تقطع التقادم ( [1938] ) . ولكن إذا تضمنت المطالبة القضائية أمام القضاء المستعجل ، عن خطأ ، طلبات في موضوع الحق ، أمكن اعتبار المطالبة القضائية في هذه الحالة مطالبة بموضوع الحق أمام محكمة غير مختصة فتقطع التقادم ( [1939] ) . ولا يكفي أيضا لقطع التقادم طلب المعافاة من الرسوم القضائية ، ولو انتهي $ 1043 $ الأمر إلي قبول الطلب ، فإن هذا لا يعتبر مطالبة قضائية بالحق ذاته ( [1940] ) كذلك لا يكفي لقطع التقادم التظلم المرفوع إلي سلطة إدارية ، فإن هذا التظلم لا يعتبر مطالبة قضائية .
فالواجب إذن ، لقطع التقادم ، أن يطالب المالك الحائز بملكية العين مطالبة قضائية ، أي أن يرفع عليه دعوي الاستحقاق ( [1941] ) . وتصدر المطالبة القضائية من المالك أو من نائبة كوكيل أو ولي أو وصي أو قيم أو دائن للمالك يستعمل حقوق مدنيه ولما كان قطاع التقادم لا يقتضي أهلية التقاضي بل تكفي فيه أهلية مباشرة الإجراءات التحفظية ، لذلك يجوز للقاصر ولمن تتوافر فيه أهلية الإدارة أن يقوم بالمطالبة القضائية التي تقطع التقادم . فتصح المطالبة القضائية في هذه الحالة من حيث أثرها في قطع التقادم ولكن يبج للاستمرار في التقاضي من التوافر علي أهلية التقاضي ، ومن ثم يجب أن يتدخل في الدعوي الولي أو الوصي أو القيم لتصحيح الإجراءات ولاستبقائها قائمة ( [1942] ) . وتوجه المطالبة إلي الحائز الذي ينتفع بالتقادم أو إلي من ينوب عنه ، فلو وجهت إلي $ 1044 $ مستأجر منه ليست له صفة في تمثيله فإنها لا تقطع التقادم ( [1943] ) . ويرفع المالك دعوي الاستحقاق علي الحائز لقطع التقادم طبقا لأحكام المادة 75 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 وتنص هذه المادة علي أنه " علي المدعي أن يقدر لقلم كتاب المحكمة وقت تقديم صحيفة دعواه صوراً منها بقدر عدد المدعي عليهم وصورة لقلم الكتاب . ويقيد قلم الكتاب الدعوي في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك . بعد أن يثبت تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها ، ثم يعيدها إلي المدعي ليتولي تسليمها إلي قلم المحضرين لإعلانها . وتعتبر الدعوي قاطعة للتقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلي قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملا ، أما باقي الآثار التي تترتب علي رفع الدعوي فلا تسري إلا من وقت إعلان المدعي عليه بصحيفتها " . فتعتبر دعوي الاستحقاق إذن قاطعة للتقادم المكسب من وقت تقديم صحيفتها إلي قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملا ، ولو أن المدعي عليه الحائز للعين لم يعلن بعد بصحيفة الدعوي ( [1944] ) .
396 - رفع الدعوي أمام محكمة غير مختصة : وقد جاء في صدر المادة 383 مدني ، كما رأينا ( [1945] ) ، أنه " ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوي أمام محكمة غير مختصة " . فإذا أخطأ المالك ورفع الدعوي علي الحائز أمام محكمة غير مختصة ، فإن المطالبة القضائية تقطع التقادم بالرغم من عدم $ 1045 $ اختصاص المحكمة ( [1946] ) . وذلك لسببين : ( أولهما )أن القواعد التي يقوم عليها اختصاص المحاكم قد تكون معقدة في بعض الأحوال ، فيلتبس الأمر علي المالك ويرفع الدعوي أمام محكمة غير مختصة ، فرفع الدعوي يكفي لقطع التقادم بالرغم من عدم اختصاص المحكمة . ويفرض القانون أن المالك لم يرفع الدعوي أمام محكمة غير مختص إلا عن خطأ مغتفر ، إذ لا مصلحة له في تكبد المصروفات وإضاعة الوقت في رفع الدعوي أمام محكمة غير مختصة إلا إذا كان قد وقع في هذا الخطأ ( [1947] ) . ( والسبب الثاني ) أن المالك ، وقد رفع الدعوي علي الحائز يطالبه بحقه ، قد أظهر بذلك نيته المحققة في أنه يريد تقاضي هذا الحق قضائيا . ويستوي في ظهور هذه النية أن تكون الدعوي مرفوعة أمام محكمة مختصة أو أمام محكمة غي مختصة ، وهذه النية من جانب المالك هي الأصل في قطع التقادم .
ويستوي أن تكون المحكمة غير مختصة اختصاصا محليا أو غير مختصة اختصاصا نوعيا ، ففي الحالتين ينقطع التقادم . ويبدو أن رفع الدعوي إلي محكمة لا ولاية لها ( defaut de jurisdiction ) ، كرفع الدعوي أمام القضاء الإداري وهي من اختصاص القضاء العادي أو العكس ، يقطع التقادم لنفس السببين الذين قدمناهما في رفع الدعوي إلي محكمة لا اختصاص لها ، فمسائل الولاية أشد تعقيدا في بعض الأحوال من مسائل الاختصاص ، ونية المالك في المطالبة بحقه قضائيا محققة ( [1948] ) .
$ 1046 $ 397 - بطلان صحيفة الدعوي وترك الخصومة وسقوطها ورفض الدعوي : تنص المادة 2247 مدني فرنسي علي أنه " إذا كانت صحيفة الدعوي باطلة لعيب في الشكل ، أو ترك المدعي الخصومة ، أو جعلها تسقط بمضي المدة ، أو رفضت دعواه ، فإن انقطاع التقادم يعتبر كأن لم يكن " . وليس في التقنين المدني المصري مقابل لهذا النص ، ولكن النص ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ بأحكامه في مصر ( [1949] ) .
فصحيفة الدعوي ، إذا كانت باطلة لعيب في الشكل ، فليس لها وجود قانوني ، ولا يترتب عليها أي أثر ، ومن ثم لا تقطع التقادم ( [1950] ) .
كذلك إذا كان المالك ، بعد أن رفع الدعوي علي الحائز فقطع التقادم ، ترك الخصومة بإعلان منه للحائز علي محضر أو بتقرير منه في قلم الكتاب أو ببيان صريح في مذكرة موقع عليها منه أو من وكيله مع إطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفويا بالجلسة وإثباته في المحضر ( م 308 مرافعات ) ، مع ملاحظة قبول الحائز لترك المالك الخصومة إذا كان الحائز قد أبدي طلباته في الدعوي قبل صدور الترك من المالك ( م 309 مرافعات ) ، فإنه يترتب علي الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوي والحكم علي التارك بالمصاريف ، ولكن لا يمس ذلك الحق المرفوعة به الدعوي ( م 310 مرافعات ) ويخلص من ذلك أنه إذا ترك الدائن الخصومة علي النحو الذي قدمناه ، ترتب علي هذا الترك إلغاء صحيفة الدعوي وإلغاء ما ترتب عليها من آثار ، ومن ذلك $ 1047 $ انقطاع التقادم فيعتبر هذا الانقطاع كأن لم يكن . ويعتبر التقادم الذي كان قد بدأ سريانه مستمراً أبدا في السريان ، فإذا كان التقادم وقت ترك الخصومة قد اكتمل ، فإن الحائز يكسب الحق بالتقادم المكسب ، أما إذا كان التقادم لم يكتمل ، فإن ترك الخصومة لا يمس الحق الذي رفعت به الدعوي ، ولكن التقادم يستمر في سريانه إلي أن يكتمل فيكسب الحائز الحق ، أو إلي أن ينقطع بعمل آخر فيبدأ تقادم جديد ( [1951] ) .
وإذا قضي بسقوط الخصومة لانقضاء سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي دون أن يسار في الدعوي بفعل المالك أو امتناعه ، وذلك وفقا للمواد 301 - 303 مرافعات فإن الحكم بسقوط الخصومة يترتب عليه إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوي . ولكنه لا يسقط الحق في أصل الدعوي ( م 304 مرافعات ) ويخلص من ذلك أن الحكم بسقوط الخصومة يترتب عليه إلغاء صحيفة الدعوي بما ترتب عليها من الآثار ، ومن ذلك قطع التقادم . فيعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن ، وأن التقادم لا يزال ساريا منذ البداية . فإن كان قد اكتمل وقت الحكم بسقوط الخصومة كسب الحائز الحق ، وإن كان لم يكتمل فإن الحكم بسقوط الخصومة لا يسقط الحق نفسه ، ولكن التقادم يستمر في سريانه إلي أن يكتمل فيكسب الحائز الحق ، أو إلي أن ينقطع بعمل آخر فيبدأ تقادم جديد . فإذا وقف السير في الدعوي أكثر من سنة ولم يطلب ذوو الشأن من الخصوم الحكم بسقوط الخصومة ، انقضت الخصومة في جميع الأحوال بمضي خمس سنوات علي آخر إجراء صحيح ( م 307 مرافعات ) . وانقضاء الخصومة يقع بحكم القانون ، بمجرد انقضاء خمس السنوات ، دون حاجة إلي صدور حكم بذلك . ومتي انقضت الخصومة علي هذا النحو ، فقد ألغيت جميع إجراءاتها ، وألغيت صحيفة الدعوي وما ترتب عليها من الآثار ، ويدخل في ذلك انقطاع التقادم . فيعتبر هذا الانقطاع كأن لم يكن ، وأن التقادم لا يزال ساريا منذ البداية . فإذا كان $ 1048 $ قد اكتمل وقت انقضاء الخصومة ، فقد كسب الحائز الحق بالتقادم المكسب . وإن كان لم يكتمل استمر في السريان إلي أن يكتمل فيكسب الحائز الحق ، أو إلي أن ينقطع بعمل آخر فيبدأ تقادم جديد .
بقي الفرض الأخير ، وهو زوال انقطاع التقادم برفض الدعوي . وقد يقال ما دام المدعي قد رفضت دعواه ، فهو لا يستطيع رفعها من جديد وإلا دفعها الحائز ، لا باكتمال التقادم بعد أن زال ما أصابه من انقطاع ، ولكن بقوة الأمر المقضي . فلا حاجة إذن للبحث في زوال انقطاع التقادم واحتمال تكامله بعد هذا الزوال . ولكن الفقه الفرنسي يجيب علي ذلك بأن هناك أحوالا يفيد فيها القول بأن التقادم قد زال انقطاعه ، وأنه مستمر في سريانه منذ البداية . ويتحقق ذلك فيما إذا رفع المالك الدعوي علي الحائز فقطع التقادم ، ثم رفضت دعواه ليس لا يرجع إلي موضوع الحق . فقد ترفض دعواه مثلا بالحالة التي هي عليها ، فيستطع رفعها من جديد بعد أن يستوفي الشروط التي كانت غير متوافرة فإذا رفعت الدعوي الجديدة ، لم يستطع الحائز أن يدفعها بقوة الأمر المقضي ، ولكن له أن يدفعها بالتقادم قد انقطع برفع الدعوي الأولي ، فإن الدعوي الأولي بعد أن رفضت قد زال أثرها في قطع التقادم ( [1952] ) .
398 - ما يترتب علي انقطاع التقادم المكسب بالمطالبة القضائية : وإذا انقطع التقادم المكسب بالمطالبة القضائية ، بقي أثر الانقطاع قائما ما دامت الدعوي قائمة . فإذا انتهت بحكم نهائي يقضي للمالك بطلباته ، واسترد المالك $ 1049 $ العين ، ولكن الحائز عاد إلي حيازتها مدة أخري بنية تملكها ، بدأ تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة ، ولو كان التقادم الأول مدته خمس سنوات لأن ، الحائز أصبح سيء النية . وكذلك يبدأ تقادم جديد ولو لم يسترد المالك العين وبقيت في يد الحائز ، واستمر هذا في حيازتها بنية تملكها ( [1953] ) . أما إذا انتهت الدعوي برفض طلبات المالك ( [1954] ) ، أو بترك المالك للخصومة ، أو بسقوط الخصومة بسنة أو بخمس سنوات ، فقد قدمنا ( [1955] ) أن هذا يترتب عليه إلغاء صحيفة الدعوي بما أحدثته من الآثار ومنها قطع التقادم ، فيعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن ، وأن التقادم لا يزال ساريا منذ البداية وقد تنتهي الدعوي ، إذا رفعت إلي محكمة غير مختصة ، بحكم نهائي بعد الاختصاص وفي هذه الحالة تبقي صحيفة الدعوي حافظة لأثرها من قطع التقادم ، ويظل التقادم منقطعا طوال المدة التي تستغرقها الدعوي المقامة ، ثم يسري من يوم صدور الحكم النهائي بعدم الاختصاص تقادم جديد له صفات التقادم الذي قطع ومدته ، ويكون خاضعا لنفس القواعد التي تسري عليه( [1956] ) .
$ 1050 $ ولا يتعدى أثر انقطاع التقادم المالك الذي قطع التقادم . فإذا كانت أرض شائعة بين عدة ملاك ، وقطع أحدهم التقادم برفع الدعوي علي الحائز ، لم ينقطع التقادم بالنسبة إلي الملاك في الشيوع الآخرين ، بل يقتصر أثر قطع التقادم علي المالك في الشيوع الذي قطع التقادم وإذا حاز أرضا عدة حائزين علي الشيوع ، فقطع المالك التقادم بالنسبة إلي أحدهم برفع الدعوي عليه ، فإن التقادم لا ينقطع بالنسبة إلي الحائزين الآخرين ( [1957] ) .
كذلك لا يتناول انقطاع التقادم إلا الحق الذي قطع فيه التقادم ، فلا يتناول أثر الانقطاع غيره من الحقوق . فإذا كان للمالك أرض حازها شخص بنية تملكها ، وحاز شخص آخر حق ارتفاق عليها ، وقطع المالك التقادم بالنسبة إلي حق الملكية فإنه لا ينقطع بالنسبة إلي حق الارتفاق ، أو قطع التقادم بالنسبة إلي حق الارتفاق فإنه لا ينقطع بالنسبة إلي حق الملكية ( [1958] ) .
399 - السبب الثاني لانقطاع التقادم المكسب – إقرار الحائز بحق المالك : تنص المادة 384 مدني علي أن " 1 - ينقطع التقادم إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحا أو ضمنيا . 2 - ويعتبر إقراراً ضمنيا أن يترك المدين تحت $ 1051 $ يد الدائن مالا مرهونا رهنا حيازيا تأمينا لوفاء الدين " ولا ينطبق من هذا النص علي التقادم المكسب إلإ الفقرة الأولي ، أما الفقرة الثانية فيقتصر تطبيقها علي التقادم المسقط .
وعلي ذلك ينقطع التقادم المكسب بإقرار الحائز بحق المالك ، فإذا مضت مدة علي حيازة الحائز دون أن يتكامل التقادم ، ثم أقر الحائز أن العين ملك لصاحبها ، فإنه يكون بهذا الإقرار قد نزل عما انقضي من مدة الحيازة . وأما كان النزل عن مدة التقادم كلها يعد تكاملها جائزا ، فأولي أن يجوز النزول عن بعض مدة التقادم بعد انقضائها . ويؤدي ذلك إلي انقطاع التقادم الذي كان ساريا وعدم الاعتداد بالمدة التي انقضت . وابتداء تقادم جديد من وقت صدور الإقرار .
وليس الإقرار بحق المالك القاطع للتقادم هو مجرد تقرير للواقع ، وإلا لما كان من شأنه أن يقطع التقادم ، فإن تقرير الحائز أن العين مملوكة لصاحبها لا يتعارض في طبيعته مع سريان التقادم . ولكن الإقرار هنا ينطوي علي نزول الحائز عن الجزء الذي مضي من مدة التقادم ، فهو كإقرار المدعي عليه أمام القضاء وقعة مادية تنطوي علي تصرف قانوني هو نزول المقر عن حقه في مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه ( [1959] ) .
ويشترط في إقرار الحائز بحق المالك ، وهو الإقرار الذي يقطع التقادم المكسب ، أن يكون الحائز متوافرا علي أهلية التصرف في العين التي يجوزها . ذلك لأن هذا الإقرار قطع التقادم ولو لم يقطعه فاكتملت مدته لملك الحائز العين ، فالإقرار إذن ينطوي علي ضرب من التصرف في العين ( [1960] ) . وهذا بخلاف التقادم المسقط ، فالإقرار الذي هذا التقادم لا يشترط في صحته أهلية التصرف ، بل تكفي أهلية الإدارة . ذلك لأن الإقرار القاطع للتقادم المسقط يتمحض نزولا عن مدة التقادم ولا ينطوي علي تصرف في الحق . فالصبي المميز إقراره صحيح وقاطع للتقادم المسقط في حدود أهليته للإدارة ( [1961] ) .
$ 1052 $ وإقرار الحائز بحق المالك ، علي النحو الذي بيناه ، تصرف صادر من جانبه وحده . فلا حاجة لقبول المالك لهذا الإقرار ، ولا يجوز للحائز بعد الإقرار أن يرجع فيه( [1962] ) .
400 - الإقرار الصريح والإقرار الضمني : ويكون إقرار الحائز بحق المالك إقرارا صريحا ، أو إقراراً ضمنيا .
والإقرار الصريح لا يشترط فيه شكل خاص ، فأي تعبير عن الإرادة يفيد معني الإقرار يكفي . وقد يكون مكتوبا أو غير مكتوب ، في صورة رسالة أو في غير هذه الصورة ، موجها إلي المالك أو غير موجه إليه . وقد يكون في صورة اتفاق بين الحائز والمالك ، أوف ي صورة اتفاق بين الحائز والغير ، أو صادراً من جانب الحائز وحده دون أي اتفاق . وقد يرد الإقرار الصريح في محضر جرد لحصر تركة المالك فيقر الحائز في هذا المحضر بأن العين التي في حيازته هي ملك للميت ، أو في إيجاب صادر من الحائز دون أن يقترن به قبول من المالك ، أو في مذكرات يتقدم بها الحائز في قضية لا يكون المالك خصما فيها ، أو في عقد قسمة ، أو في تصفية شركة ، أو في تصرف قانوني حكم ببطلانه دون أن يمس البطلان بالحق الوارد في هذا التصرف ( [1963] ) .
والإقرار الضمني يستخلص من أي عمل يمكن أن يفيد معني الإقرار . فيعتبر إقرارا ضمنيا مفاوضة الحائز للمالك في دفع تعويض له عن العين ، أو دفع الحائز الضرائب عن العين لحساب المالك ، أو تسليم الحائز ثمار العين للمالك . وإذا عرض الحائز علي المالك أن يدفع مبلغا علي سبيل الصلح ، لم يعتبر هذا العرض إقراراً ضمنيا بحق المالك ، إذ أن رغبة الحائز في الصلح وحسم النزاع لا يستخلص أمنها حتما أنه يقر بحق المالك ( [1964] ) ، وقاضي الموضوع هو $ 1053 $ الذي يقدر ما إذا كان العمل الذي صدر من الحائز ينطوي علي إقرار ضمني ، ولا معقب علي تقديره من محكمة النقض ( [1965] ) .
401 - إثبات الإقرار : ولما كان الإقرار واقعة مادية تنطوي علي تصرف قانوني ، ويغلب فيها معني التصرف القانوني كما هو الأمر في الوفاء ، فإن إثبات الإقرار يخضع للواعد العامة في إثبات التصرف القانوني ولو كان صادرا ًمن جانب واحد . فيجوز الإثبات بجميع الطرق إذا كانت قيمة العين التي يرد قطع التقادم فيها لا تزيد علي عشرة جنيهات ، فإن زادت وجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها . وعبء الإثبات يقع علي المالك الذي يدعي انقطاع التقادم ( [1966] ) .
402 - ما يترتب علي انقطاع التقادم المكسب بإقرار الحائز بحق المالك :
المالك : إذا كان سبب قطع التقادم هو إقرار الحائز بحق المالك ، لم يعتد بمدة الحيازة التي سبقت هذا الإقرار وتعتبر كأن لم تكن . ولكن إذا بقي الحائز علي حيازته للعين بنية تملكها ، بدأ سريان تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة فوراً عقب هذا الإقرار . وذلك حتي لو كان الحائز في مدة $ 1054 $ حيازته الأولي حسن النية ولديه سبب صحيح ، وكان يستطيع التملك بالتقادم القصير أي بخمس سنوات . فإنه بعد أن أقر بحق المالك انقطع هذا التقادم ، والتقادم الجديد الذي بدأ سريانه عقب انقطاع التقادم السابق لم يكن فيه حسن النية بعد أن أقر بحق المالك ( [1967] ) .
بل إن إقرار الحائز بحق المالك قد يكون مصحوباً بنية أن يكون الحائز من وقت الإقرار حائزاً لحساب المالك ، كما لو استأجر الحائز من المالك العين التي يحوزها ، فأقر علي هذا الوجه بحق المالك وفي الوقت ذاته أصبح يحوز العين لحساب المالك وانقلبت حيازته من حيازة أصيلة إلي حيازة عرضية . ففي هذه الحالة لا يبدأ تقادم جديد عقب إقرار الحائز بحق المالك علي هذا النحو . بل تبقي حيازته حيازة عرضية غير صالحة للتملك بالتقادم أصلا ( [1968] ) . وذلك إلي أن تتغير صفة الحيازة العرضية فتصبح حيازة أصيلة مرة أخري بفعل يصدر من الغير أو بفعل يصدر من الحائز نفسه يعتبر معارضة لحق المالك ، فيبدأ سريان تقادم جديد ولكن من تاريخ تغير صفة الحيازة ( [1969] ) .
403 - السبب الثالث لانقطاع التقادم المكسب – تخلي الحائز عن الحيازة أو فقده إياها– نص قانوني : تنص المادة 975 مدني علي ما يأتي :
$ 1055 $ 1 - " ينقطع التقادم المكسب إذا تخلي الحائز عن الحيازة أو فقدها ولو بفعل الغير " .
2 - " غير أن التقادم لا ينقطع بفقد الحيازة إذا استردها الحائز خلال سنة أو رفع دعوي باستردادها في هذا الميعاد " ( [1970] ) .
وواضح ، كما قدمنا ( [1971] ) ، أن هذا السبب لقطع التقادم ينفرد به التقادم المكسب دون التقادم المسقط ، لأن المفروض فيه أن تزول الحيازة والحيازة لا تكون إلا في التقادم المكسب . ويؤخذ من النص سالف الذكر أنه إذا زالت الحيازة قبل أن يكتمل التقادم المكسب ، فإن هذا التقادم ينقطع . ذلك بأن التقادم المكسب يقوم علي أساسين : بقاء الحيازة عند الحائز المدة اللازمة قانونا ، وعدم مطالبة المالك بحقه . فإذا اختل أحد هذين الأساسين ، بأن لم تبق الحيازة عند الحائز إلي أن تكتمل مدة التقادم ، أو طالب المالك بحقه ( أو ما $ 1056 $ يعدل ذلك أقر له الحائز بهذا الحق ) ، فإن التقادم المكسب ينقطع ، ولا يعتد بالمدة التي سبقت انقطاعه ( [1972] ) .
وقد سبق أن بينا ( [1973] ) كيف تزول الحيازة . فهي تزول بفقد عنصريها المادي والمعنوي معا ولو بإرادة الحائز وحده ، فيتخلي هذا عن حيازة العين ، ويغلب أن يكون ذلك في المنقول دون العقار . وقد تزول الحيازة بفقد الحائز للعنصر المادي وحده أي للسيطرة المادية علي العين ، ويفقد الحائز هذه السيطرة إذا انتزع منه المالك نفسه أو الغير حيازته للعين عقاراً كانت أو منقولا ، أو سرقت منه العين أو ضاعت إذا كانت منقولا ففي هذه الفروض يفقد الحائز الحيازة بفقد السيطرة المادية ، مهما استبقي العنصر المعنوي واحتفظ بالقصد ، فإن عنصراً من عنصري الحيازة قد فقد فتزول بفقده الحيازة ( [1974] ) وقد تزول الحيازة بفقد الحائز عنصرها المعنوي وحده ، فيفقد عنصر القصد في أن يحوز العين لحساب نفسه ويصبح حائزاً لها حيازة مادية لحساب الغير ، وتتحول حيازته بذلك إلي حيازة عرضية غير صالحة لأن تؤدي إلي التقادم المكسب ( [1975] ) .
$ 1057 $ وسواء فقد الحائز الحيازة بالتخلي عنها وهذا فرض نادر ، أو فقدها بفقد العنصر المادي وحده أو العنصر المعنوي وحده علي النحو سالف الذكر ، وسواء كان من انتزع منه الحيازة هو المالك نفسه أو الغير ، فإن الحيازة تزول ، ومن ثم ينقطع التقادم إذا كانت مدته لم تكتمل .
وقطع التقادم يفقد الحيازة علي الوجه المتقدم الذكر له أثر مطلق ، فينقطع التقادم ، لا بالنسبة الي من انتزع الحيازة وحده ، بل أيضاً بالنسبة إلي كل ذي مصلحة في التمسك بقطع التقادم . فلو أن عينا يملكها شخصان علي الشيوع ، ووضع شخص ثالث يده عليها ، ثم انتزع أحد المالكين علي الشيوع الحيازة من واضع اليد ، فإن التقادم ينقطع ، لا بالنسبة إلي المالك الذي انتزع الحيازة وحدة ، بل أيضا بالنسبة إلي المالك الآخر علي الشيوع الذي لم ينتزع الحيازة . ذلك بأن فقد الحيازة أمر مادي وحقيقة واقعة تنتج أثرها بالنسبة إلي الجميع ، وليست كالتصرف القانوني يقتصر أثره علي من كان طرفا فيه ( [1976] ) .
404 - ما يترتب علي انقطاع التقادم المكسب يتخلي الحائز عن الحيازة أو فقده إياها : يجب في هذا الصدد التمييز بين تخلي الحائز عن الحيازة اختياراً ، وبين فقده غياها بغير إرادته .
ففي حالة تخلي الحائز عن الحيازة اختياراً ، ينقطع التقادم بمجرد هذا التخلي ، ولو استرد الحائز الحيازة بعد يوم واحد من تخليه عنها . فلو أن الحيازة قبل التخلي دامت وقتا طويلا دون أن تكتمل مدة التقادم ، فإن هذا الوقت الطويل الذي سبق التخلي لا يعتد به ما دام التقادم قد انقطع . وإذا استرد الحائز الحيازة بعد التخلي ، فإنه يبدأ حيازة جديدة ، ويبدأ بذلك سريان تقادم جديد من وقت استرداد الحائز للحيازة ( [1977] ) .
$ 1058 $ وفي حالة فقد الحائز الحيازة بغير إرادته ، وكانت العين عقاراً ( [1978] ) ، فإن للحائز أن يسترد العقار بدعوي الحيازة ( دعوي استرداد الحيازة أو دعوي منع التعرض ) في خلال سنة من وقت فقده إياها . فإن استرد الحيازة فعلا في خلال سنة ، أو رفع دعوي الحيازة في خلال هذه المدة وهي المدة التي يجوز في أثنائها رفع دعاوي الحيازة وانتهت الدعوي باسترداد الحيازة ولو بعد انقضاء السنة ( [1979] ) ، فإن الحيازة لا تعتبر قد زالت أصلا ، بل تعتبر باقية دائما لدي الحائز وذلك بالرغم من أنه كان قد فقدها ( [1980] ) . وعلي ذلك لا ينقطع التقادم ، بل يستمر ساريا كما لو كانت الحيازة لم تفقد ، وذلك إلي أن تكتمل مدة التقادم أو إلي أن يقطع بسبب من أسباب الانقطاع التي سبق بيانها . وتقول الفقرة الثانية من المادة 975 مدني في هذا الشأن كما رأينا ( [1981] ) : " غير أن التقادم لا ينقطع يفقد الحيازة إذا استردها الحائز خلال سنة ، أو رفع دعوي باستردادها في هذا الميعاد " ( [1982] ) . والمفروض أن العين عقار ، وإن كان النص لم يصرح بذلك ، حتي يمكن أن يرفع في شأنها دعوي الحيازة . فإذا لم يسترد الحائز الحيازة في مدة السنة ، ولم يرفع في خلال هذه المدة دعوي الحيازة لاستردادها ، فإن التقادم ينقطع في هذه الحالة بانقضاء السنة ( [1983] ) .
$ 1059 $ ولا يبدأ سريان تقادم جديد إلا إذا استرد الحائز حيازة العقار بعد انقضاء السنة ، وعندئذ يبدأ سريان هذا التقادم الجديد من وقت استرداد الحائز للحيازة .
المطلب الثاني
إعمال التقادم المكسب والآثار التي تترتب عليه
" 1 - أعمال التقادم المكسب
405 - وجوب التمسك بالتقادم المكسب وجواز النزول عنه بعد اكتماله - سريان قواعد التقادم المسقط : إذا اكتملت مدة التقادم ، بعد مراعاة أسباب الوقف والانقطاع علي النحو الذي تقدم ذكره ، فأن الحق لا يكسب بالتقادم من تلقاء نفسه ، بل لا بد للحائز من أن يتمسك به . بل إنه يجوز للحائز ، بعد اكتمال مدة التقادم ، ألا يتمسك به وأن ينزل عنه ، فيبقي الحق لصاحبه ولا يكسبه الحائز بالتقادم .
فهناك إذن مسألتان : ( 1 ) وجوب التمسك أو الدفع بالتقادم . ( 2 ) النزول عن التقادم . وفي كلتا المسألتين تسري قواعد التقادم المسقط ، فقط رأينا ( [1984] ) . أن المادة 973 مدني تقضي بسريان قواعد التقادم المسقط علي التقادم المكسب فيما يتعلق بالتمسك به أمام القضاء والتنازل عنه .
أ - وجوب التمسك بالتقادم المكسب والدفع بالتقادم :
406 - قواعد التقادم المسقط وسريانها علي التقادم المكسب : تنص المادة 387 مدني ، فيما يتعلق بالتقادم المسقط ، علي أنه " 1 - لا يجوز للمحكمة أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها ، بل يجب أن يكون ذلك بناء علي طلب المدين أو بناء علي طلب دائنيه أو أي شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين . 2 - ويجوز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوي ولو أمام المحكمة الإستئنافية " ( [1985] ) .
فإذا طبقنا هذا النص علي التقادم المكسب ، خلص لنا ما يأتي :
1 - لا تقضي المحكمة بالتقادم المكسب من تلقاء نفسها بل لا بد من التمسك $ 1060 $ به . 2 - ويتمسك بالتقادم المكسب الحائز وكل ذي مصلحة . 3 - ويجوز التمسك بالتقادم المكسب في أية حالة كانت عليها الدعوي .
407 - لا تقضي المحكمة بالتقادم المكسب من تلقاء نفسها بل لا بد من التمسك به : لا يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بكسب الحق بالتقادم ، بل يجب علي ذي المصلحة أن يتمسك به . وليس المقصود من التمسك بالتقادم أن يعلن ذو المصلحة إرادته في أن يجري التقادم ، بل إن التقادم يقع من غير هذا الإعلان . وإنما أريد من وجوب التمسك بالتقادم أن يكون التقادم دفعا ( exception ) يدفع به الحائز دعوي المالك ، ولابد لذي الشأن من غبداء هذا الدفع والتمسك به ( [1986] ) .
وليس للتمسك بالتقادم شكل خاص ، فأية عبارة تدل في وضوح علي أن الحائز يتمسك بالتقادم تكفي . ولكن لا يكفي أن يتمسك الحائز بالتقادم في مرافعته الشفوية دون أن يتضمن ذلك طلباته الختامية ، ولا يكفي تمسكا بالتقادم ما كان عاما من طلباته الختامية ، كالتقدم إلي المحكمة في أن تأخذ بما تري الأخذ به من الدفوع ( [1987] ) . ذلك بأن التمسك بالتقادم يجب أن يكون طلبا قائما بذاته ، ولا يندرج في طلب أصلي عام ( [1988] ) . ويجب أن يقع التمسك به أمام القضاء ، فلا يكفي التمسك به في أثناء محاولات الصلح . وإذا تمسك الحائز بالتقادم أمام محكمة أول درجة فقضت له بذلك ، فبحسبه أمام محكمة الاستئناف أن يطلب تأييد الحكم المستأنف حتي يعتبر متمسكا بالتقادم أمام هذه المحكمة . أما إذا تمسك بالتقادم أمام محكمة أول درجة ولكنه كسب الدعوي دون نظر إلي التقادم ، فإنه لا يكفي في الاستئناف أن يطلب تأييد $ 1061 $ الحكم المستأنف ، بل لابد له من التمسك بالتقادم من جديد ( [1989] ) . والتمسك بالتقادم الطويل لا يغني عن التمسك بالتقادم القصير ( [1990] ) ، وكذلك التمسك بالتقادم القصير لا يغني عن التمسك بالتقادم الطويل ، إذ ( [1991] ) أن لكل تقادم شروطه وأحكامه ( [1992] ) .
وقد أوجب القانون علي ذي المصلحة أن يتمسك بالتقادم للأسباب الآتية : 1 - ليس كسب الحق بالتقادم من النظام العام ، فهو وإن كان مبنيا علي اعتبارات تمت للمصلحة العامة لضمان الأوضاع المستقرة ، إلا أنه يتصل مباشرة بمصلحة الحائز الخاصة . فالحائز وشأنه ، إن رأي أن يتمسك بالتقادم كان له ذلك ، وإن أراد النزول عن هذا الدفع صح نزوله . 2 - هذا إلي أن التمسك بالتقادم أمر يتصل اتصالا وثيقا بضمير الحائز ، فإن كان الحائز مطمئنا إلي أن له حقا ، دفع بالتقادم ليوفر علي نفسه مشقة إثبات حقه بعد هذه المدة الطويلة . أما إن كان يعلم ألا حق له ، وتحرج من التذرع بالتقادم ، فقد فتح $ 1062 $ له القانون الباب لذلك عن طريق عدم التمسك بالتقادم . 3 - يضاف إلي ما تقدم أن التقادم من شأنه أن يثير وقائع كثيرة لا يتيسر للقاضي أن يستخلصها من تلقاء نفسه من واقع الأوراق والمستندات ، فلابد من أن يثيره الخصوم ويكون محلا لمناقشاتهم حتي يتمحص وجه الحق فيه ( [1993] ) .
408 - يتمسك بالتقادم المكسب الحائز وكل ذي مصلحة : والأصل أن الحائز هو الذي يتمسك بالتقادم المكسب ، كما يتمسك به خلف الحائز عاما كان أو خاصا . فلوارث الحائز أن يتمسك بالتقادم ، وللمشتري من الحائز كذلك أن يتمسك به ، بل إن مدة الحائز قد تضم إلي مدة خلفه ليكتمل التقادم كما سبق أن بينا ( [1994] ) .
كذلك يستطيع أن يتمسك بالتقادم كل ذي مصلحة ( [1995] ), وبوجه خاص دائنو الحائز . فيجوز لدائن الحائز أن يتمسك بالتقادم نيابة عن مدينة الحائز ( الدعوي غير المباشرة ) ، ولا يعترض علي ذلك بأن هذا التمسك حق متصل بشخص المدين فلا يجوز للدائن استعماله . ذلك بأن من حق الدائن أن يعتمد علي أن مدينة الحائز قد ملك العين بالتقادم ، فيستطيع هو أن ينفذ عليها باعتبارها داخله في أموال مدينة ( [1996] ) . ومهما يكن من أمر ، فنص المادة 387 / 1 مدني صريح ، كما رأينا ( [1997] ) ، في جواز أن يستعمل الدائن حق مدينة الحائز في التمسك بالتقادم . وقد يعترض أيضا بأن التمسك بالتقادم رخصة وليست حقا ، والرخص لا يستعملها الدائن باسم المدين . ولكن النص صريح هنا في جواز أن يستعمل الدائن رخصة مدينة في التمسك بالتقادم ، $ 1063 $ وقد تقدم بيان ذلك عند الكلام في الدعوي غير المباشرة ( [1998] ) . هذا وسنري أنه كما ثبت للدائن أن يستعمل حق مدينة الحائز في التمسك بالتقادم وفقا للفقرة الأولي من المادة 387 مدني ، كذلك يثبت له ، إذا لم يقتصر الحائز علي الامتناع عن التمسك بالتقادم بل خطأ خطوة أخري إيجابية ونزل عن التقادم أن يطعن في هذا النزول بالدعوي البولصية وفقا للفقرة الثانية من المادة 388 مدني . فللدائن إذن أن يستعمل حق مدينة الحائز في التمسك بالتقادم وفقا لأحكام الدعوي غير المباشرة ، إذا سكت الحائز عن التمسك بالتقادم وله كذلك ، إذ نزل الحائز عن التقادم ، أن يطعن في هذا النزول بالدعوي البولصية ، حتي إذا نجح في طعنه عمد بعد ذلك إلي التمسك بالتقادم نيابة عن الحائز . فهو إذا طعن بالدعوي البولصية ، لم يكن له بد ، بعد أن ينجح في طعنه ، من الانتقال إلي الدعوي غير المباشرة ( [1999] ) .
409 - يجوز التمسك بالتقادم المكسب في أية حالة كانت عليها الدعوي : ولما كان التمسك بالتقادم المكسب دفعا موضوعيا ، فإن لذي المصلحة أن يتمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوي ( [2000] ) . فله أن يتمسك به منذ البداية ، وقبل الدخول في أي دفع موضوعي أو شكلي . وله أن يؤخره إلي أن يستنفد جميع دفوعه الأخري الشكلية والموضوعية ، فإذا لم ينجح فيها عمد بعد ذلك إلي الدفع بالتقادم ( [2001] ) . وكل ما ينبغي أن يحتاط له أمران : 1 - ألا ينطوي تأخيره للدفع بالتقادم علي معني المنزول عنه ضمنا ، فإنه إذا نزل عنه لم يعد بعد ذلك أن يعود إليه . ومن ثم كان من المناسب ، وهو يبدي أوجه دفاعه الأخري ، أن يذكر أن عنده دفعا بالتقادم يؤخره إلي ما بعد أن ينتهي من أوجه الدفاع التي يبديها . 2 - ألا يؤخر الدفع بالتقادم إلي ما بعد إقفال باب المرافعة ، فإنه إذا أقفل هذا الباب فليس له بعد ذلك أن يبدي أي طلب( [2002] ) .
$ 1064 $ فان فات الحائز الدفع بالتقادم أمام محكمة أول درجة ، فإنه يستطيع ما لم ينطو تركة للدفع أمام محكمة أول درجة علي معني النزول ، أن يدفع بالتقادم لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية ، وفي أية حالة كانت عليها الدعوي إلي وقت إقفال باب المرافعة ( [2003] ) .
فإذا لم يدفع الحائز بالتقادم لا أمام محكمة أول درجة ولا أمام المحكمة الإستئنافية ، فليس له أن يدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض ( [2004] ) . ذلك بأن محكمة النقض لا تستطيع أن تنظر أوجها جديدة لم يسبق الدفع بها أمام محكمة الموضوع ، وليس الدفع بالتقادم كما قدمنا معتبراً من النظام العام حتي يجوز لمحكمة النقض أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها ( [2005] ) . لكن إذا استطاع الحائز أن يحصل من محكمة النقض علي حكم بنقض الحكم المطعون فيه لسبب غير التقادم ، كخلل في الإجراءات أو خطأ في تطبيق القانون في مسألة أخري ، وأحالت محكمة النقض الدعوي علي دائرة أخري من دوائر محكمة الاستئناف ، فإنه يجوز للحائز أمام محكمة الإحالة ، وهي محكمة موضوع ، أند يدفع بالتقادم لأول مرة ، وفي أية حالة كانت عليها الدعوي وذلك إلي وقت إقفال باب المرافعة أمام محكمة الإحالة ( [2006] ) .
ب - النزول عن التقادم المكسب
410 - قواعد التقادم المسقط وسريانها علي التقادم المكسب : تنص المادة 388 مدني ، فيما يتعلق بالتقادم المسقط ، علي أنه " 1 - لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه ، كما لا يجوز الاتفاق علي أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون . 2 - وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل ولو ضمنا عن التقادم بعد ثبوت $ 1065 $ الحق فيه ، علي أن هذا النزول لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضراراً بهم " ( [2007] ) . فإذا طبقنا هذا النص علي التقادم المكسب ، خلص لنا ما يأتي : 1 - عدم جواز النزول عن التقادم المكسب مقدما قبل ثبوت الحق فيه ( [2008] ) . 2 - جواز النزول عن التقادم المكسب بعد ثبوت الحق فيه . 3 - جواز النزول عن المدة التي انقضت في تقادم مكسب لم يكتمل .
411 - عدم جواز النزول عن التقادم المكسب مقدما قبل ثبوت الحق فيه : يكاد يتعذر أن نتصور كيف يتحقق هذا النزول في التقادم المكسب ، وكان من الممكن القول إنه لا يتحقق إلا في التقادم المسقط ، وإنه يستعصي علي طبيعة التقادم المكسب فلا محل لتطبيقه علي هذا التقادم ( [2009] ) . ولكن يمكن مع ذلك أن نتصور فرضا ، وإن كان بعيد الوقوع ، يتفق فيه المالك مع الحائز ( كصاحب حق انتفاع أو محتكر ) علي أن ينزل الحائز عن التقادم المكسب مقدما قبل ثبوت الحق فيه بل قبل سريانه ، ويكون هذا إجراء أشد من قطع التقادم بالمطالبة القضائية أو بإقرار الحائز بحق المالك . ذلك بأنه في حالة قطع التقادم علي هذا الوجه أو ذالك يمكن سريان تقادم جديد علي النحو الذي قدمناه ( [2010] ) ، أما في حالة الاتفاق علي النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه وقبل سريانه ، لو صح هذا الاتفاق ، فإنه لا يبدأ سريان تقادم $ 1066 $ جديد إذا أن الحائز قد نزل مقدما عن التقادم علي أنه إذا أمكن تصور مثل هذا الفرض ، فحكم القانون صريح في بطلانه ، إذ تقول المادة 388 / 1 مدني كما رأينا ( [2011] ) " لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه " ( [2012] ) .
ويستوي ، في عدم جواز النزول عن التقادم المكسب قبل ثبوت الحق فيه ، أن يكون التقادم طويلا مدته خمس عشرة سنة أو قصيراً مدته خمس سنوات .
412 - جوائز النزول عن التقادم المكسب بعد ثبوت الحق فيه : فإذا اكتملت مدة التقادم المكسب ، طويل كان التقادم أو قصيراً ، وثبت حق الحائز في التمسك به ، فإن نزوله بعد ثبوت حقه في جائز ، وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة 388 مدني فيما قدمنا ( [2013] ) .
وقد يكون نزول الحائز عن التقادم بعد ثبوت حقه فيه صريحا ، ولا يشترط في النزول الصريح شكل معين أو عبارات خاصة فقد يكون مكتوبا أو شفويا ( [2014] ) . ولكن يجب في إثبات هذا النزول ، وهو تصرف قانوني ، إتباع القواعد العامة في الإثبات فيجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت قيمة العين علي عشرة جنيهات . وقد يكون نزول الحائز عن التقادم بعد ثبوت حقه فيه ضمنيا ، وأكثر ما يكون ذلك إذا أغفل الحائز الدفع بالتقادم عمداً بحيث يفهم من موقفه أنه لا يريد الالتجاء إلي هذا الدفع . ولكن ليس من الضروري أن يستخلص من تأخير الدفع بالتقادم أن الحائز $ 1067 $ قد نزل عنه ، فقد قدمنا ( [2015] ) . أن له أن يدفع بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوي ولو أمام محكمة الاستئناف لأول مرة ، ما لم يستخلص من ظروف تأخيره للدفع أنه قد نزل عنه . وقاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان يستخلص من موقف الحائز ما يستفاد منه حتما أنه قد نزل عن الدفع بالتقادم ( [2016] ) ، زلا يفترض ذلك عند الشك فإن النزول عن الحق لا يفترض . وقد يستخلص النزول الضمني مثلا من قبول الحائز ، بعد اكتمال مدة التقادم ، أن يدفع للمالك أجرة للعين ( [2017] ) .
والأهلية الواجبة للنزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه ، كما تقول المادة 388 / 2 مدني فيما رأينا ( [2018] ) ، هي أهلية التصرف ، فلا تلزم أهلية التبرع ولا تكفي أهلية الإدارة أما أن أهلية التبرع لا تلزم ، فذلك لأن الحائز لا يكسب الحق إلا إذا تمسك بالتقادم ، وهو لم يتمسك به بل نزل عن حقه فيه . فهو إذن لم يكسب الحق حتي يقال إن نزوله عن التقادم هو بمثابة تبرع بهذا الحق بعد أن كسبه ، ومن ثم لا تلزم أهلية التبرع ( [2019] ) . وأما أن أهلية الإدارة لا تكفي فذلك لأن الحائز بنزوله عن حقه في التمسك بالتقادم لا يقوم بعمل مألوف من أعمال الإدارة ، بل يقوم بعمل أكبر خطراً من ذلك ، إذ هو قد نزل عن حق إذا كان لم يكسبه فإنه كان يستطيع كسبه . $ 1068 $ فلا تكفي إذن أهلية الإدارة ، بل تجب أهلية التصرف . ويترتب علي ذلك أن الصغير والمحجور لا يستطيع أي منهما أن ينزل عن حقه في التمسك بالتقادم المكسب ، وكذلك لا يستطيع الوصي أو القيم أن ينزل عن حق الصغير أو المحجور في التمسك بالتقادم المكسب من غير إذن المحكمة . ولا يستطيع الوكيل النزول عن التمسك بالتقادم ، إلا إذا أعطي توكيلا خاصا في ذلك ( [2020] ) .
وإذا نزل الحائز عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه علي النحو الذي بيناه كان نزوله هذا تصرفا قانونيا صادراً من جانب واحد لا حاجة له إلي قبول المالك ، وكان هذا النزول ملزما لا يجوز الرجوع فيه ( [2021] ) . وإذا لم يكن لدي الحائز سبب آخر غير التقادم لتملك العين ، واستمر علي حيازته بعد النزول عن التقادم يبدأ تقادم جديد ( [2022] ) . ومدة التقادم الجديد خمس عشرة سنة حتي لو كانت مدة التقادم السابق خمس سنوات ، فالتقادم القصير لا يكون إلا إذا كان الحائز حسن النية ، وقد انتفي حسن النية هنا بنزوله عن التقادم السابق ، وانطوي هذا النزول علي إقرار منه بأن العين قد آلت إليه من غير مالك ، فلم يعد يستطيع أن يتملك بالتقادم القصير .
$ 1069 $ وتقول العبارة الأخيرة من المادة 388 / 2 مدني كما رأينا ( [2023] ) " علي أن هذا النزول لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضرار بهم " . وفي هذا تطبيق لقواعد الدعوي البولصية علي تصرف قانوني صدر من المدين ، هو نزوله عن التقادم بعد ثبوت حقه فيه وقد رأينا ( [2024] ) من قبل كيف أن المادة 387 / 1 مدني طبقت قواعد الدعوي غير المباشرة ، فأزالت الشبهة في جواز استعمال الدائنين لحق مدينهم في التمسك بالتقادم وهو حق متصل بشخصه ، بل هو رخصة لم ترق إلي مرتبة الحق . والآن نري أن المادة 388 / 2 مدني هي أيضا تزيل الشبهة في جواز الطعن بالدعوي البولصية في نزول المدين عن التمسك بالتقادم ، مع أن نزول المدين هذا تصرف لا ينقص من حقوقه ولا يزيد في التزاماته ( [2025] ) ، فكان الواجب ، لولا النص ، ألا يقع هذا التصرف تحت طائلة الدعوي البولصية . علي أن القواعد الأخري للدعوي البولصية يجب تطبيقها هنا بدقة . ومن ثم يشترط أن يكن نزول الحائز عن التمسك بالتقادم ، حتي يجوز الطعن فيه يالدعوي البولصية ، سببا في إعسار الحائز أو في زيادة إعساره . فإذا بقي الحائز موسراً بعد النزول عن التقادم ، فلا شأن لدائنيه بهذا النزول ما دامت حقوقهم مكفولة . ولما كان نزول المدين عن التمس بالتقادم لا يعتبر تبرعا كما قدمنا ، فإنه يشترط ، لعدم نفاذ هذا النزول في حق الدائنين ، أن يكون منطويا علي غش من الحائز وأن يكون المالك الذي صدر لمصلحته هذا النزول علي علم بهذا الغش ( [2026] ) .
$ 1070 $ 413 - جواز النزول عن المدة التي انقضت في تقادم مكسب لم يكتمل : وقد يقع أن الحائز ينزل عن التقادم ، لا قبل سريانه فيكون نزولا عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه ومن ثم يكون باطلا ، ولا بعد اكتماله فيكون نزولا عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه ومن ثم يكون صحيحا ، ولكن في أثناء سريان التقادم . وهذا النزول يكون صحيحا فيما يتعلق بالمدة التي انقضت ، لأنه نزول عن حق في مدة قد انقضت فعلا . ومن ثم نزول هذه المدة ولا يعتد بها في حساب التقادم ، ويبدأ تقادم جديد يسري من وقت النزول عن المدة التي انقضت .
والتكييف الصحيح لهذا النوع من النزول إنما هو قطع للتقادم عن طريق إقرار الحائز بحق المالك . ذلك بأن الحائز إذا نزل عن المدة التي انقضت في تقادم لم يكتمل ، إنما يقر بحق المالك ، فيقطع الإقرار التقادم ، ولا يعتد بالمدة التي انقضت كما سبق القول عند الكلام في انقطاع التقادم بالإقرار( [2027] ) .
" 2 - الآثار التي تترتب علي التقادم المكسب
414 - التقادم المكسب سبب لكسب الملكية : ليس التقادم المكسب مجرد قرينة قانونية غير قابلة لإثبات العكس علي أن الحائز هو المالك للعين التي حازها المدة اللازمة للتقادم ، بل هو سبب مباشر لكسب الملكية ( [2028] ) . $ 1071 $ فلو أن الحائز كان غير مالك للعين ، وحازها مدة خمس عشرة سنة في التقادم المكسب الطويل ، أو خمس سنوات في التقادم المكسب القصير ، وتمسك بالتقادم ، فإن ملكية العين تنتقل من الشخص الذي كان يملكها وقت بدء الحيازة إلي الحائز ، ويصبح هذا الأخير هو المالك ، وسبب انتقال الملكية إليه هو التقادم المكسب الطويل أو التقادم المكسب القصير ( [2029] ) . وهذا ما تؤكده المادة 968 مدني في التقادم المكسب الطويل ، فهي تقول كما رأينا ( [2030] ) : " من حاز منقولا أو عقاراً دون أن يكون مالكا له ، أو حاز حقا عينيا علي منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصا به ، كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة " فالحائز إذن يكون له " أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني " ، ويتحقق هذا الكسب عن طريق التمسك بالتقادم المكسب الطويل ، فهذا التقادم يكون بناء علي ذلك سببا من أسباب كسب الملكية ( [2031] ) . وهذا $ 1072 $ ما تؤكده أيضا المادة 1969 / 1 مدني في التقادم المكسب القصير ، إذ تقول : " إذا وقعت الحيازة علي عقار أو علي حق عيني عقاري وكانت مقترنة بحسن النية ومستندة في الوقت ذاته إلي سبب صحيح ، فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات " فالتقادم بخمس سنوات يكسب إذن الحائز ملكية العقار أو الحق العيني العقاري ، وعلي ذلك يكون التقادم المكسب القصير هو أيضا سبب من أسباب كسب الملكية ( [2032] ) .
والحائز الذي يكسب الملكية بالتقادم يستطيع أن يتمسك بكسبها عن طريق الدفع أو عن طريق الدعوي . فإذا رفع المالك عليه دعوي الاستحقاق دفع دعواه هذه بالتمسك بالتقادم ، فيكون التمسك بكسب الملكية هنا بطريق الدفع ( [2033] ) كذلك يستطيع أن يتمسك بكسب الملكية بطريق الدعوي ، فلو أن العين بعد أن تملكها بالتقادم المكسب خرجت من حيازته ، فإنه يستطيع أن يرفع دعوي الاستحقاق علي من آلت إليه الحيازة ويتمسك بالتقادم المكسب سببا لكسب الملكية ، فيكون التمسك بكسب الملكية هنا بطريق الدعوي ( [2034] ) .
$ 1073 $ 415 - التقادم المكسب يكسب الملكية بأثر رجعي : وإذا كسب الحائز الملكية بالتقادم عن طريق التمسك به ، فإن الملكية تنتقل إلي الحائز ، لا من وقت التمسك بالتقادم أو من وقت اكتمال مدة التقادم فحسب ، بل تنتقل إليه بأثر رجعي من وقت بدء الحيازة التي أدت إلي التقادم . فيعتبر الحائز مالكا للعين التي كسبها بالتقادم من وقت أن وضع يده عليها بنية تملكها ، ويكون مالكا إياها طوال مدة التقادم ( [2035] ) واستناد التقادم بأثر رجعي إلي وقت بدأ سريانه إنما تقضي به طبيعة نظام التقادم ، والهدف الذي يرمي هذا النظام إلي تحقيقه . فهو يرمي إلي حماية الأوضاع المستقرة ، وقد أخذت هذه الأوضاع تستقر منذ بدأ سريان التقادم . ومن ذلك الوقت أخذ الحائز يظهر بمظهر المالك ويتعامل في العين تعامل الملاك فيديرها ويؤجرها ويقبض ثمارها ويرتب عليها حقوقا للغير ، فإذا اكتملت مدة التقادم وملك الحائز العين أيجوز بعد ذلك أن تناقش هذه الأوضاع التي استقرت ومضت عليها مدة طويلة ، فاطمأنت إليها الناس ؟ الواجب إذن الرجوع إلي الوقت الذي بدأ فيه سريان التقادم ، واعتبار الحائز مالكا للعين من ذلك الوقت ( [2036] ) .
ويترتب علي أن للتقادم المكسب أثراً رجعيا علي النحو الذي قدمناه ، وأن الحائز يعتبر مالكا للعين منذ بدء الحيازة ، النتائج الآتية :
( أولا ) : أن الحائز الذي يملك العين بالتقادم لا يرد ثمارها للمالك ، حتي لو لم يتملك هذه الثمار استقلالا بالقبض أو بالتقادم . فقد يكون سيء النية ولا يمضي علي قبضه للثمار مدة خمس عشرة سنة ، فلا يستطيع أن يتملك الثمار بالقبض لأنه سيء النية ، ولا أن يتملكها بالتقادم لأنه لم يمص علي حيازته إياها مدة خمس عشرة سنة . ومع ذلك لا يرد الثمار للمالك ، وذلك بفضل الأثر الرجعي للتقادم . فقد اعتبر الحائز مالكا منذ بدأ سريان التقادم كما قدمنا ، فتكون العين علي ملكه وقت أن أنتجت الثمار فيتملك الثمار باعتباره مالكا لأصل العين ( [2037] ) .
( ثانياً ) : إذا رتب المالك ، في خلال مدة التقادم ، حقا عينيا علي العين التي وضع الحائز يده عليها كحق رهن فإن هذا الحق ، إذا اكتملت مدة التقادم وتمسك الحائز به فملك العين ، لا يسري في حق الحائز ( [2038] ) . ولا يفسر ذلك إلا الأثر الرجعي للتقادم المكسب ، فإن الحائز يعتبر مالكا للعين من وقت بدء سريان التقادم ، فلا يكون المالك السابق مالكا إياها في خلال هذا الوقت وهو الوقت الذي رتب فيه حق الرهن ، ومن ثم يكون الرهن صادراً من غير مالك فلا يسري في حق الحائز بعد أن كسب العين بالتقادم . أما الحقوق العينية التي يكون المالك قد رتبها علي العين قبل بدء سريان التقادم ، فإنها تسري في حق الحائز حتي بعد أن يتملك العين بالتقادم ، إلا إذا كانت قد انقضت بالتقادم المسقط أو انتقلت إلي الحائز بالتقادم المكسب مستقلة عن حق الملكية ( [2039] ) .
$ 1075 $ ( ثالثاً ) : إذا رتب الحائز ، في خلال مدة التقادم ، حقا عينيا علي العين التي حازها ، ثم تملك العين بالتقادم ، فإن هذا الحق يصبح نافذا باتا ( [2040] ) . والأثر الرجعي أيضا هو الذي يفسر ذلك ، فأن الحق العيني الذي رتبه الحائز في خلال مدة التقادم كان صادراً من غير مالك إذ أن مدة التقادم لم تكن قد $ 1076 $ اكتملت ، فكان ينبغي أن يبقي معتبراً أنه صدر من غير مالك حتي بعد اكتمال مدة التقادم لو أن التقادم المكسب لم يكن له أثر رجعي . أما وهذا التقادم له أثر رجعي ، فإن الحائز يعتبر مالكا للعين من وقت بدء سريان التقادم ، فيكون مالكا لها وقت أن رتب الحق العيني ، ومن هنا يصبح هذا الحق نافذا باتا كما سبق القول .
16 - تخلف التزام طبيعي عن التقادم المكسب : وكما يتخلف التزام طبيعي عن الالتزام الذي ينقضي بالتقادم المسقط ، وقد صرحت بذلك المادة 368 / 1 مدني إذ تقول : " يترتب علي التقادم انقضاء الالتزام ، ومع ذلك يتخلف في ذمة المدين التزام طبيعي " ( [2041] ) ، كذلك يتخلف التزام طبيعي عن الحق الذي يكسب بالتقادم المكسب . فإذا ملك الحائز العين بالتقادم المكسب ، ولم يكن قبل التقادم مالكا لها ، فإنه بالرغم من تملكه العين بالتقادم يبقي ملتزما التزاما طبيعيا نحو المالك الحقيقي برد العين إليه ( [2042] ) .
والآثار التي تترتب علي هذا الالتزام الطبيعي هي نفس الآثار التي تترتب علي أي التزام طبيعي . وأهم هذه الآثار هي : ( 1 ) يجوز للحائز أن يوفي مختاراً وعن بينة من أمره بالتزامه الطبيعي ، فيرد العين . فإذا كان الحائز ، بعد التمسك بالتقادم وكسب الحق ، قد استجاب لداعي ضميره فرد العين إلي مالكها الحقيقي ، كان هذا وفاء لالتزام طبيعي وليس تبرعا ومن ثم لا يشترط في هذا الوفاء شكل خاص ، ولا تشترط أهلية التبرع ، ولا يجوز للحائز أن يسترد العين بعد ردها للمالك الحقيقي ( [2043] ) وغني عن البيان أن الالتزام الطبيعي $ 1077 $ لا يتخلف في ذمة الحائز ، إلا إذا كان هذا الأخير لا يملك العين قبل التقادم واعتمد في تملكها علي التمسك بالتقادم فيكون ضميره في هذه الحالة هو الرقيب عليه ، فقد يدعوه إلي رد العين لمالكها الحقيقي حتي يأخذ كل ذي حق حقه . ويكون هنا قد وفي بالتزام طبيعي . أما إذا كان يملك العين قبل التقادم ، وإنما لجأ إلي التمسك بالتقادم تخففا من عبء إثبات ملكيته للعين ، فلا محل للقول بتخلف التزام طبيعي ، بل يملك الحائز العين بالتقادم دون أن يتخلف أي التزام طبيعي عن ذلك . فالأمر إذن موكول إلي ضمير الحائز ، يهديه إلي ما يجب عليه أن يفعله ( [2044] ) . ( 2 ) يجوز كذلك اتخاذ الالتزام الطبيعي المتخلف في ذمة الحائز سببا صحيحا لإنشاء التزام مدني . فإذا كان الحائز ، بدلا من أن يرد العين فعلا لمالكها الحقيقي . تعهد بأن يردها إليه ، فإنه ينشيء بهذا التعهد التزاما مدنيا في ذمته يجبر علي الوفاء به . ويجب أن يكون قد قصد أن يلتزم برد العين التزاما مدنيا ، فلا يكفي مجرد الاعتراف بوجود التزام طبيعي في ذمته ( [2045] ) . ( 3 ) ولكن لا تجوز كفالة الالتزام الطبيعي المتخلف في ذمة الحائز ، إذا قصد بالكفالة أن يترتب في ذمة الكفيل التزام مدني يضمن الالتزام الطبيعي . ولكن إذا كفل الكفيل هذا الالتزام الطبيعي وهو يعتقد أنه التزام مدني ، فإنه التزامه يكون التزاما طبيعيا مثل الالتزام الأصلي ، إذ لا يصح أن يكون التزام الكفيل أشد من التزام المدين ( [2046] ) .
المبحث الثاني
الحيازة بحسن نية باعتبارها سببا لكسب الملكية
المطلب الأول
كسب ملكية العقار
( التقادم المكسب القصير في العقار )
417 - نص قانوني : تنص المادة 969 مدني علي ما يأتي .
" 1 - إذا وقعت الحيازة علي عقار أو علي حق عيني عقاري وكانت مقترنة بحسن النية ومستندة في الوقت ذاته إلي سبب صحيح ، فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات " .
$ 1078 $ " 2 - ولا يشترط توافر حسن النية إلا وقت تلقي الحق " .
" 3 - والسبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحب للحق الذي يراد كسبه بالتقادم ، ويجب أن يكون مسجلا طبقا للقانون " ( [2047] ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 76 / 102 ( [2048] ) .
$ 1079 $ ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري م 918 - وفي التقنين المدني الليبي م 973 - وفي التقنين المدني العراقي م 1158 / 2 و 3 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 257 ( [2049] ) .
والصورة المألوفة لتطبيق النص سالف الذكر هي أن يبيع غير المالك عقاراً باعتبار أنه هو المالك ، ويكون المشتري حسن النية أي يعتقد أن البائع مالك للعقار ، فإذا حاز المشتري العقار فإنه لا يحتاج في تملكه إياه إلي التقادم الكسب الطويل ومدته خمس عشرة سنة ، بل يكتفي في تملكه للعقار بالتقادم المكسب القصير ومدته خمس سنوات فقط . والسبب في تقصير مدة التقادم ، وجعلها خمس سنوات بدلا من خمس عشرة سنة ، هو أن الحائز هنا يمتاز عن الحائز في التقادم المكسب الطويل بأنه حسن النية وعنده سبب صحيح يدعم حسن نيته . وهذا كله في العقار ، أما في المنقول فإن من يشتريه من غير مالك ويكون $ 1080 $ حسن النية يتملكه في الحال بمجرد الحيازة كما سيأتي ، وذلك بموجب القاعدة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية .
فالقانون هنا يعالج حالة خاصة ، هي حالة من يتلقي الملكية من غير مالك بسبب صحيح وهو حسن النية . وقد وجده جديراً بالعناية ، وأراد أن يحصنه من مطالبة المالك الحقيقي له . فلم ير أن يجعله معرضا لهذه المطالبة طوال مدة الخمس العشرة سنة وهي المدة اللازمة للتملك بالتقادم المكسب الطويل ، بل قصر هذه المدة إلي خمس سنوات في العقار ، وألغاها أصلا في المنقول فيتملك الحائز المنقول بمجرد الحيازة ، وذلك كله جزاء علي حسن النية المدعوم بالسبب الصحيح . فالتقادم المكسب القصير في العقار ، ومدته خمس سنوات ، أريد بع تغطية من يتعامل في العقار مع غير المالك ، فيصبح بعد انقضاء هذه المدة القصيرة كأنه تعامل مع المالك ( [2050] ) .
والتقادم المكسب القصير علي النحو الذي بيناه يشترك في أكثر قواعده مع التقادم المكسب الطويل ، ثم ينفرد بقواعد خاصة به .
418 - القواعد التي يشترك فيها التقادم المكسب القصير مع التقادم المكسب الطويل : الأصل أن قواعد التقادم المكسب الطويل تسري علي التقادم المكسب القصير ، إلا فيما استثني بنص خاص . وعلي ذلك يسري علي التقادم المكسب القصير قواعد التقادم المكسب الطويل فيما يتعلق بالأمور الثلاثة الجوهرية الآتية : ( 1 ) كيف يتحقق التقادم . ( 2 ) إعمال التقادم . ( 3 ) الآثار التي تترتب علي التقادم . وقد سبق أن طبقنا نفس القواعد علي كل من التقادم الطويل والتقادم القصير في مناسبات مختلفة .
1 - ففيما يتعلق بتحقق التقادم ، يتحقق التقادم المكسب القصير طبقا للقواعد التي يتحقق بها التقادم المكسب الطويل . فيجب أن يكون العقار الخاضع للتقادم المكسب القصير عقاراً قابلا للتعامل فيه ، وقابلا للحيازة ( [2051] ) . ومن $ 1081 $ ثم لا يسري التقادم المكسب القصير علي الدومين العام ( [2052] ) ، ولا علي الدومين الخاص ( [2053] ) ، ولا علي الوقف الخيري ( [2054] ) . ويجب أن يخضع العقار لحياة مستوفية لعنصريها المادي والمعنوي ، وخالية من العيوب ( [2055] ) . ومدة التقادم ، وهي خمس سنوات في التقادم القصير كما قدمنا ، لا يجوز الاتفاق علي تعديلها وتحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات ، ولا يحسب اليوم الأول ، وتكمل بانقضاء آخر يوم منها ( [2056] ) . ويبدأ سريان التقادم من اليوم التالي لليوم الذي بدأت فيه الحيازة ( [2057] ) ، ولا يسري في الحقوق المعلقة علي شرط واقف إلا من وقت تحقق الشرط ، ولا في الحقوق المقترنة بأجل إلا من وقت حلول الأجل ( [2058] ) ، ولا في الحقوق الاحتمالية إلا من وقت تكامل عناصرها ( [2059] ) . وإذا ثبت قيام الحيازة في وقت سابق معين وكانت قائمة حالا ، فإن ذلك يكون قرينة علي قيامها في المدة ، ما بين الزمنين ما لم يقم الدليل علي العكس ( [2060] ) . وتسري قواعد ضم المدد في حالة تعاقب الحائزين علي الوجه الذي بسطناه في التقادم الطويل ( [2061] ) . وتسري قواعد وقف التقادم علي النحو الذي يدمناه ، فلا يسري التقادم القصير ( [2062] ) ، كما لا يسري التقادم الطويل ، كلما وجد مانع يتعذر معه علي المالك أن يطالب بحقه ، ولو كان المانع أدبيا ( [2063] ) ومن أسباب وقف التقادم أسباب تتعلق بالشخص ( [2064] ) ، ومنها أسباب ترجع إلي ظروف مادية اضطرارية( [2065] ) . كذلك تسري قواعد انقطاع التقادم ، فينقطع التقادم $ 1082 $ القصير بالمطالبة القضائية ( [2066] ) . وبإقرار الحائز بحق المالك ( [2067] ) ، وبفقد الحيازة ( [2068] ) .
2 - وفيما يتعلق بأعمال التقادم ، يكون إعمال التقادم القصير ، كأعمال التقادم الطويل ، عن طريق التمسك بالتقادم ، فلا تقضي المحكمة بالتقادم القصير من تلقاء نفسها ، بل لا بد من التمسك به ( [2069] ) ، ويتمسك به الحائز وكل ذي مصلحة ( [2070] ) ، ويجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوي ( [2071] ) . ولا يجوز النزول عن التقادم القصير مقدما قبل ثبوت الحق فيه( [2072] ) ، ولكن يجوز النزول عنه بعد ثبوت الحق فيه ( [2073] ) ، كما يجوز النزول عن المدة التي أنقضت في تقادم قصيرة لم يكتمل ( [2074] ) .
3 - وفيما يتعلق بالآثار التي تترتب علي التقادم ، تترتب علي التقادم القصير نفس الآثار التي تترتب علي التقادم الطويل . فالتقادم القصير سبب لكسب الملكية ( [2075] ) ، وهو يكسب الملكية بأثر رجعي ( [2076] ) ، ويتخلف عنه التزام طبيعي ( [2077] ) .
$ 1083 $ ويمكن القول بوجه عام إن جميع القواعد التي تسري علي التقادم الطويل تسري علي التقادم القصير ، فيما عدا مسائل معينة انفرد بها التقادم القصير ، تنتقل الآن إليها .
419 - القواعد التي ينفرد بها التقادم المكسب القصير : يمكن حصر هذه القواعد في أربع : المدة التي يتم بها التقادم القصير ، واقتصار التقادم القصير علي العقار دون المنقول ، وضرورة قيام السبب الصحيح ، واقتران السبب الصحيح بحسن النية .
أما المدة في التقادم القصير فهي خمس سنوات بدلا من خمس عشرة سنة كما تقدم القول ، وتحسب علي الوجه الذي تحسب به مدة الخمس العشرة سنة في التقادم الطويل ، وقد سبق بيان ذلك ( [2078] ) . ولا تحسب مدة الخمس السنوات إلا من وقت اجتماع السبب الصحيح والحيازة ، فإذا سبقت الحيازة السبب الصحيح أو سبق السبب الصحيح الحيازة ، لم تسر المدة إلا بعد أن السبب الصحيح إلي الحيازة أو تنضم الحيازة إلي السبب الصحيح .
ويقتصر التقادم القصير علي العقار دون المنقول . فلا يخضع لهذا التقادم إلا عقار معين بالذات ، أو حق عيني علي عقار كحق الانتفاع بالعقار وحق الارتفاق الظاهر وحق رهن الحيازة العقاري . أما المجموع من المال ( universalite ) ولو لم يشتمل إلا علي عقارات ، فلا يخضع للتقادم القصير ، كما لا يخضع للتقادم الطويل فيما قدمنا ( [2079] ) . فمن اشتري من الوارث الظاهر نصيبا في الميراث أي جزءاً من مجموع التركة ، وهو حسن النية يعتقد أن البالغ هو الوارث $ 1084 $ الحقيقي ، لا يملك بالتقادم القصير ما اشتراه ولو كان كله عقاراً . فالتقادم القصير إنما يحول إذن دون دعوي استحقاق عقار بالذات يرفعها مالك هذا العقار ، ولا يحول دون دعوي الإرث يرفعها الوارث الحقيقي ( [2080] ) .
بقي السبب الصحيح وحسن النية ، وهذان هما دعامتا التقادم المكسب القصير ، فنتناولهما فيما يلي ببحث مفصل .
" 1 - السبب الصحيح
420 - تحديد معني السبب الصحيح : المفروض أن عقارا انتقلت حيازته الس خض ، وأن انتقال الحيازة يرجع إلي سبب قانوني يوجب انتقالها . فإذا كان هذا السبب هو تصرف قانوني ( acue juridique ) ناقل للملكية ( trsnslatif de propriete ) كالبيع والوصية ، ولكنه مع ذلك لم ينقلها للحائز لأنه صادر من غير مالك ( [2081] ) ، وكان ينقلها لو أنه صدر من المالك ، فهذا هو السبب الصحيح ( juste titre ) في معني التقادم المكسب $ 1085 $ القصير ( [2082] ) . وسمي " صحيحا " ( juste ) لأنه كان ينقل الملكية لو صدر من المالك ، لا لأنه خال من أسباب البطلان فسنري أن التصرف القابل للإبطال يعتبر مع ذلك " سببا صحيحا " ( [2083] ) فالمهم في السبب الصحيح هو أن يكون $ 1086 $ صادراً من غير المالك علي اعتبار أنه هو المالك فيتعاقد بالأصالة عن نفسه ، ولا يهم بعد ذلك أن يكون العقد مشوبا بعيوب أخري أو غير مشوب مادام له وجود قانوني . ولأنه صادر من غير المالك فهو لا ينقل الملكية إلي الحائز ، ومن أجل ذلك شرع التقادم المكسب القصير لحماية الحائز حسن النية الذي صدر له هذا السبب الصحيح . فإن هذا الحائز ، إذا كان لا يكسب الملكية بموجب هذا التصرف القانوني ، فإنه يكسبها بتقادم قصير مدته خمس سنوات فقط رعاية لحسن نيته ، حتي لا يبقي معرضا لدعوي استحقاق يرفعها عليه المالك الحقيقي طوال خمس عشرة سنة ، إذا لم يفتح له القانون إلا باب التقادم المكسب الطويل أسوة بالحائز سيء النية أو الحائز حسن النية ولكن ليس معه هذا السبب $ 1087 $ الصحيح ( [2084] ) . ولا يقتصر السبب الصحيح علي التصرف الناقل للملكية ، فكل تصرف ناقل أو منشيء لحق عيني قابل لأن يكسب التقادم ، كحق الانتفاع وحق الارتفاق الظاهر وحق الرهن الحيازي ، إذا صدر من غير صاحب هذا الحق لشخص آخر ، يعتبر هو أيضا سببا صحيحا . فالعقد الذي ينشيء أو ينقل حق انتفاع ممن لا يملكه ، والعقد الذي يرتب حق ارتفاق ظاهر من غير مالك العقار المرتفق به ، ورهن الحيازة الصادر من غير مالك العقار المرهون ، كل هذه تصرفات تعتبر سببا صحيحا لا تنشيء أو تنقل $ 1088 $ بذاتها الحق العيني ، ولكن يستطيع الحائز حسن النية أن يستند إليها ليكسب الحق بالتقادم المكسب القصير ( [2085] ) .
وإذا كان التصرف القانوني الصادر من المتصرف إلي الحائز يجب أن يكون " سببا صحيحا " ، أي تصرفا ناقلا للملكية علي النحو سالف الذكر ، فإن سند المتصرف نفسه الذي استند إليه في تصرفه للحائز لا أهمية له . فقد يكون هذا المتصرف هو أيضا حسن النية وعنده سبب صحيح لم ينقل إليه الملكية ، وقد لا يكون عنده سبب صحيح ولكنه حسن النية يعتقد أنه يملك العقار الذي يتصرف فيه ، وقد يكون حائزا عرضيا كمستأجر وقد باع العقار المؤجر إلي الحائز ، وقد يكون حائزا سيء النية اغتصب العقار وباعه إلي الحائز . فيسوتوي إذن أن يكون عند المتصرف سند أو ليس عنده سند ، ويستوي أن يكون حسن النية أو سيء النية ، ويتسوي أن يكون حائزا أصيلا أو حائزا عرضيا أو غير حائزا أصلا ( [2086] ) . والمهم فيه أن يكون غير مالك للعقار non dominus ، أو غير صاحب الحق الذي تصرف فيه للحائز ( [2087] ) .
421 - ما يعتبر سببا صحيحا : وتطبيقا لما قدمناه ، يعتبر علي الأخص سببا صحيحا :
1 - عقد البيع : وهو السبب الصحيح الأكثر شيوعا في الحياة العملية فعقد البيع الصادر من غير المالك علي اعتبار أنه هو المالك يتعاقد بهذه الصفة ، أي بيع ملك الغير ، يعتبر سببا صحيحا ، إذ البيع عقد ناقل للملكية وقد صدر $ 1089 $ من غير مالك فتوافرت فيه شروط السبب الصحيح . فمشتري العقار من غير المالك ، إذا كان حسن النية ، يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير إذا دامت حيازته خمس سنوات .
2 - عقد المقايضة : فلو قايض شخص شخصا آخر منزلا بأرض ، وكان لا يملك المنزل الذي قايض به ، وكان المقايض الآخر يعتقد بحسن نية أن المقايض الأول يمللك المنزل ، فإن المقايض الآخر يتوافر عنده علي هذا الوجه السبب الصحيح وهو عقد المقايضة لأنه تصرف قانوني ناقل للملكية ، وحسن النية ، فيستطيع أن يتملك المنزل بالتقادم المكسب القصير ( [2088] ) .
3 - عقد الهبة : وهو تصرف قانوني ناقل للملكية ، فيصلح أن يكون سببا صحيحا . فلو وهب شخص عقارا لآخر وكان لا يملك هذا العقار ، ولكن الموهوب له كان يعتقد أن الواهب يمالك العقار الموهوب ، فإن الموهوب له في هذه الحالة يتوافر عنده السبب الصحيح وهو عقد الهبة مع حسن النية ، فيستطيع أن يتملك العقار الموهوب بالتقادم للكسب القصير .
4 - الوصية بعقار معين بالذات : والوصية وإن كانت تصرفا قانونيا صادراً من جانب واحد ولا تنتج أثرها إلا عند الموصي ، إلا أنها مع ذلك تعتبر كالبيع تصرفا قانونيا ناقلا للملكية ، ومن ثم تصلح أن تكون سببا صحيحا إذا صدرت من غير مالك فلو أن الموصي كان لا يملك العقار الذي أوصي به ، وكان الموصي به وقت موت الموصي يعتقد أن الموصي يملك العقار ، فإن الموصي له يكون قد توافر عنده ، إلي جانب السبب الصحيح وهو الوصية ، حسن النية ، فيستطيع أن يتملك العقار الموصي به بالتقادم المكسب القصير ( [2089] ) .
5 - رسو مزاد العقار المحجوز عليه ( adjudieatim sur saisie ) وهو بمثابة بيع ، البائع فيه هو المدين والمشتري هو الراسي عليه المزاد ، فيكون تصرفا قانونيا ناقلا للملكية ، ومن ثم يصلح أن يكون سببا صحيحا . فلو أن العقار كان غير مملوك للمدين ، ورسا مزاده علي شخص يعتقد أنه مملوك للمدين ، فقد توافر عند الراسي عليه المزاد السبب الصحيح وهو رسو المزاد ، وحسن $ 1090 $ النية ، وعلي ذلك يجوز أن يتملك العقار الذي رسا مزاده عليه بالتقادم المكسب القصير ( [2090] ) .
6 - الوفاء بمقابل ( dation en paiement ) : وهو أيضا تصرف قانوني ناقل للملكية كالبيع ، فيصلح أن يكون سببا صحيحا ( [2091] ) . فلو أن المدين وفي دينه بمقابل هو عقار ، وكان لا يملك هذا العقار ، وكان الدائن حسن النية أي يعتقد أن العقار مملوك للمدين ، فإن الدائن يكون علي هذا النحو قد توافر عنده السبب الصحيح وهو الوفاء بمقابل الصادر من غير مالك ، وحسن النية ، ومن ثم يستطيع أن يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير .
7 - تقديم الشريك عقاراً حصة له في الشركة ( apport er societe ) : وهذا أيضا تصرف قانوني ناقل للملكية ، غذ أن الشريك ينقل بهذا التصرف ملكية العقار للشركة فلو أن الشريك كان لا يملك العقار ، ومع ذلك قدمه حصه له في الشركة ، فإن تقديم العقار علي هذا النحو يعتبر سببا صحيحا . وعلي ذلك إذا كانت الشركة حسنة النية أي تعتقد أن العقار مملوك للشريك ، فإنها بذلك تكون قد توافر عندها السبب الصحيح وهو تقديم العقار حصة في الشركة وحسن النية ، فتستطيع أن تتملك العقار بالتقادم المكسب القصير ( [2092] ) .
$ 1091 $ 422 - ما لا يعتبر سببا صحيحا : ولما كان السبب الصحيح هو ، كما قدمنا ، تصرف قانوني ناقل للملكية ، فلا يكون سببا صحيحا الوقائع المادية إذ هي ليست بتصرفات قانونية ، ولا التصرفات القانونية التي تقتصر علي إنشاء التزامات شخصية ، ولا التصرفات القانونية التي لا تنقل الملكية ولكن تقتصر علي الكشف عنها ( [2093] ) . ومن ثم لا يعتبر ، بوجه خاص ، سببا صحيحا .
1 - الميراث في عقار معين بالذات : فهو وإن كان ينقل الملكية ، إلا أنه واقعة مادية هي موت المورث ، وليس تصرفا قانونيا ، فلا يعتبر سببا صحيحا . ويد الوارث إنما هي استمرار ليد المورث ، فإن كان المورث يحوز عقاراً بسبب صحيح وحسن نية ، انتقلت حيازة العقار علي هذا النحو إلي الوارث ( [2094] ) . ويكمل الوارث حيازة المورث فيتملك العقار بالتقادم المكسب القصير ، إذا ضمت مدة حيازة المورث إلي مدة حيازته فبلغت المدتان معا خمس سنوات . ولكن ذلك لا يرجع إلي أن الميراث سبب صحيح ، فالسبب الصحيح وحسن النية كانا متوافرين عند المورث كما قدمنا ، وانتقلا كما هما إلي الوارث . أما إذا كان المورث عنده سبب صحيح ولكنه لم يكن حسن النية ، أو كان حسن النية ولكن ليس عنده سبب صحيح ، أو لم يكن عنده لا السبب الصحيح ولا حسن النية ، فإن العقار تنتقل حيازته إلي الوارث ولكن لا يستطيع أن يتملكه بالتقادم المكسب القصير ولو كان حسن النية اعتماداً علي أن الميراث سبب صحيح ( pro herede ) ولا يتملك العقار في هذه الحالة إلا بالتقادم المكسب الطويل ، وله أن يضم إلي مدة حيازته مدة حيازة سلفه ( [2095] ) .
$ 1092 $ 2 - عقد الإيجار وعقد العارية وعقد الحراسة وعقد الوديعة وعقد الوكالة وغيرها من العقود التي ليس من شأنها أن تنقل الملكية ولا تنشيء إلا التزامات شخصية : فهذه تصرفات قانونية لا تنقل الملكية ، ومن ثم لا تصلح أن تكون سببا صحيحا فالمستأجر أو المستعير أو الحارس أو المودع عنده أو الوكيل ، بالنسبة إلي عقار تلقاه من غير مالك ، لا يستطيع أن يتملك هذا العقار بالتقادم المكسب القصير حتي لو غير صفة حيازته العرضية إلي حيازة أصلية ، لأنه أولا لا يكون حسن النية ، ولأنه ثانياً لا يستطيع أن يستند إلي أي عقد من هذه العقود كسبب صحيح .
3 - القسمة الاختيارية : فهي تصرف قانوني ولكنه غير ناقل للملكية إذ هو يقتصر علي الكشف عنها ، ومن ثم لا تصلح القسمة الاختيارية أن تكون سببا صحيحا ( [2096] ) . فإذا دخل في الأعيان المقسومة عقار ليس مملوكا للمتقاسمين ووقع في نصيب أحدهم بالقسمة ، وكان هذا المتقاسم حسن النية ، فإنه مع ذلك لا يستطيع تملك هذا العقار بالتقادم المكسب القصير استناداً إلي عقد القسمة ، لأن هذا العقد ليس بسبب صحيح كما قدمنا . ولكن إذا تضمنت القسمة معدلا ( solute ) ، بأن قدم أحد المتقاسمين عقارا خاصا به لتعديل القسمة ، ولم يكن مالكا لهذا العقار ، فإن تقديمه إياه يعتبر تصرفا قانونيا ناقلا للملكية ( [2097] ) ، ومن ثم يصلح أن يكون سببا صحيحا . وعلي ذلك لو وقع هذا العقار في نصيب أحد المتقاسمين وهو حسن النية ، فإنه يستطيع أن يتملكه بالتقادم المكسب القصير ( [2098] ) . كذلك تعتبر قسمة المورث سببا صحيحا ، لأنها تنقل ملكية أعيان معينة ( وليس نصيبا شائعا في التركة ) من المورث إلي الوارث . فلو وقع في نصيب أحد الورثة عقار أدخله المورث في القسمة ولم يكن مملوكا له ، وكان هذا الوارث حسن النية وقت موت المورث ، أمكنه $ 1093 $ تملك العقار بالتقادم المكسب القصير استناداً إلي أن قسمة المورث تعتبر كالوصية سببا صحيحا ( [2099] ) .
4 - الصلح : وهو عقد كاشف عن الملك لا ناقل له ، ومن ثم لا يصلح أن يكون سببا صحيحا فلو أن عقارات متنازعا عليها بين شخصين وزعت بينهما صلحا ، وكان أحد هذه العقارات مملوكا لشخص ثالث ، فإن من أخذ هذا العقار صلحا لا يتملكه بالتقادم المكسب القصير استنادا إلي عقد الصلح ، لأن هذا العقد ليس بسبب صحيح ، كما قدمنا . لكن إذا أعطي أحد المتصالحين عقاراً خاصا به للمتصالح الآخر في مقابل بعض الأعيان المتنازع عليها ، فإن الصلح بالنسبة إلي هذا العقار غير المتنازع عليه يعتبر تصرفا قانونيا ناقلا للملكية . فإذا كان المتصالح الذي أعطي العقار لا يملكه ، استطاع المتصالح الآخر إذا كان حسن النية أن يتملكه بالتقادم المكسب القصير استنادا إلي عقد الصلح ، فهو هنا تصرف قانوني ناقل للملكية كما قدمنا ، فيصلح أن يكون سببا صحيحا ( [2100] ) .
5 - الحكم القضائي : وهو كاشف عن الحق لا منشيء له ولا ناقل ، ومن ثم لا يصلح أن يكون سببا صحيحا . فإذا رفع شخص دعوي استحقاق يطالب فيها بعقار ، وحكم له ، فإن هذا الحكم لا يعتبر سببا صحيحا . وعلي ذلك إذا ثبت فيما بعد أن هذا العقار غير مملوك له ولا للمدعي عليه في دعوي الاستحقاق ، ولكنه مملوك لشخص ثالث ، لم يستطع المحكوم له في دعوي الاستحقاق حتي لو كان حسن النية أن يعتبر الحكم الذي صدر لمصلحته سببا صحيحا حتي يتملك العقار ضد مالكة الحقيقي بالتقادم المكسب القصير . ومن باب أولي إذا صدر الحكم في دعوي الاستحقاق لمصلحة المدعي عليه الحائز للعقار وقضي برفض دعوي الاستحقاق ، فإن المدعي عليه حتي لو كان حسن $ 1094 $ النية لا يستطيع أن يعتبر الحكم الذي صدر لمصلحته سببا صحيحا ، وأن يستند إليه لتملك العقار ضد المالك الحقيق بالتقادم المكسب القصير ( [2101] ) . وكذلك لا يعتبر سببا صحيحا الحكم الصادر بالقسمة القضائية ، فهو لا ينقل الملكية بل يكشف عنها ، ومن ثم إذا وقع عقار مملوك للغير في نصيب أحد المقتاسمين بموجب حكم القسمة ، لم يستطع هذا المتقاسم ولو كان حسن النية أن يعتبر هذا الحكم سببا صحيحا لتملك العقار ضد المالك الحقيقي بالتقادم المكسب القصير ( [2102] ) . وفي قسمة التصفية ( licitation ) ، إذا رسا المزاد بحكم قضائي علي أحد المتقاسمين ، فإن رسو المزاد يعتبر قسمة كاشفة لا ناقلة ومن ثم لا يعتبر سببا صحيحا ( [2103] ) . وهذا بخلاف ما إذا رسا المزاد علي أجنبي ، فأن حكم رسو المزاد يعتبر بمثابة بيع ناقل للملكية ويصلح أن يكون سببا صحيحا . وكذلك الحكم برسو مزاد العقار المحجوز عليه يعتبر بمثابة بيع ينقل ملكية العقار إلي الراسي عليه المزاد ، ومن ثم يعتبر سببا صحيحا ، وقد تقدم القول في ذلك ( [2104] ) .
423 - فروض مختلفة في السبب الصحيح : ويبقي بعد ذلك أن نستعرض فروضا مختلفة في السبب الصحيح ، لنتبين ما إذا كان المتصرف القانوني الناقل للملكية يبقي علي اعتباره سببا صحيحا في الفروض الآتية : ( 1 ) التصرف القانوني الباطل . ( 2 ) التصرف القانوني القابل للإبطال . ( 3 ) التصرف القانوني المعلق علي شرط واقف أو علي شرط فاسخ . ( 4 ) التصرف القانوني الظني ( putative ) . ( 5 ) التصرف القانوني غير المسجل .
$ 1095 $ التصرف القانوني الباطل : إذا كان التصرف القانوني الذي تلقي الحائز بموجبه حيازة العقار تصرفا قانونيا باطلا ، فإن هذا التصرف لا يكون له وجود قانوني ، ومن ثم لا يصلح أن يكون سببا صحيحا ( [2105] ) . ويستوي في ذلك أن يكون التصرف القانوني باطلا من ناحية الشكل أو من ناحية الموضوع .
فإذا كان التصرف القانوني باطلا من ناحية الشكل ، كهبة عقار باطلة لعدم كتابتها في ورقة رسمية أو كوصية باطلة لعدم استيفائها الشكل الواجب قانونا ، فإن كلا من الهبة والوصية لا يكون له وجود قانوني ، ولا يصلح أن يكون سببا صحيحا . فلو وهب شخص لآخر عقاراً لا يملكه في ورقة غير رسمية ، فإن الهبة تكون باطلة ، ولا يستطيع الموهوب له ولو كان حسن النية أن يعتبرها سببا صحيحا ليتملك العقار ضد المالك الحقيقي بالتقادم المكسب القصير ( [2106] ) . ولكن إذا أمكنت إجازة الهبة الباطلة شكلا ، فإنها تنقلب اتلي هبة صحيحة ، ومن ثم تصلح أن تكون سببا صحيحا . وفي هذا الصدد تنص المادة 489 مدني علي أنه " إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل ، فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه " . وقد قدمنا عند الكلام في الهبة أنه إذا نفذ الواهب أو ورثته هبة باطلة في الشكل ، فإنه لا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه ، لا لأن التنفيذ وفاء لالتزام طبيعي ، بل لأنه إجازة بطريقة خاصة نص عليها القانون في المادة 489 مدني لهبة باطلة في الشكل ، $ 1096 $ وهذه الإجازة صححت الهبة ( [2107] ) . وعلي ذلك إذا نفذ الواهب أو ورثته هبة العقار المملوك للغير تنفيذا اختياريا بأن سلموا العقار للموهوب له ، فقد أصبحت الهبة صحيحة وصارت صالحة لأن تكون سببا صحيحا ، واستطاع الموهوب له الذي تسلم العقار إذا كان حسن النية أن يتملك العقار ضد المالك الحقيقي بالتقادم المكسب القصير .
وإذا كان التصرف القانوني باطلا من ناحية الموضوع ، لم يكن له وجود قانوني أيضا . فلا يصلح لأن يكون سببا صحيحا ( [2108] ) ، وعلي ذلك لا يكون البيع الباطل لعدم مشروعية السبب أو لصدوره من عديم التمييز سببا صحيحا يجيز التملك بالتقادم المكسب القصير . وإذا اشتري قاض أو محام عقاراً متنازعا فيه ، وكان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشر أعماله في دائرتها ، كان الشراء باطلا ( م 471 مدني ) فلا يصلح أن يكون سببا صحيحا . فإذا كان العقار المتنازع فيه غير مملوك للبائع ، فإن المشتري ولو كان حسن النية لا يجوز له أن يستند إلي البيع الصادر له علي هذا النحو ، ولا يصح له أن يعتبره سببا صحيحا لتملك العقار ضد المالك الحقيقي بالتقادم المكسب القصير ( [2109] ) .
$ 1097 $ 425 ـ التصرف القانونى القابل للأبطال : أما إذا كان التصرف قابلاً للإبطال ، فإنه يكون له وجود قانونى ، ومن ثم يصلح لأن يكون سببًا صحيحًا ، لأنه كان ينقل الملكية لو أنه صدر من المالك( [2110] ) .
فإذا باع قاصر عقارًا مملوكًا للغير ، كان البيع قابلاً للإبطال لمصلحة القاصر ، وجاز اعتباره سببًا صحيحًا . فلو أن المشترى كان حسن النية أى يعتقد أن العقار مملوك للقاصر( [2111] ) ، فإنه يجوز له أن يستند إلى البيع الصادر له من القاصر بالرغم من أنه بيع قابل للإبطال ، وأن يعتبره سببًا صحيحًا يجيز له أن يتملك العقار المبيع ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير( [2112] ) .
وإذا باع شخص عقارًا مملوكًا للغير ، وكان البيع يشوبه غلط أو تدليس أو إكراه فكان قابلاً للإبطال لهذا السبب أيضًا ، فإنه يصلح فى هذه الحالة أن يكون سببًا صحيحًا ، فلو أن المشترى كان حسن النية فإنه يستطيع أن يستند $ 1098 $ إلى هذا البيع القابل للإبطال وأن يعتبره سببًا صحيحًا ، فيجوز له أن يتملك العقار المبيع ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير( [2113] ) .
ونرى من ذلك أن التصرف القانونى القابل للإبطال ، النقص فى الأهلية أو لعيب فى الرضاء ، يصلح أن يكون سببًا صحيحًا فى التقادم المكسب القصير ، ومن باب أولى يصلح هذا التصرف لأن يكون سببًا صحيحًا لو أجازه القاصر أو إجازه من تقرير الإبطال لمصلحته ، فإن التصرف القانونى ينقلب بهذه الإجازة تصرفًا صحيحًا ، ويصلح بداهة لأن يكون سببًا صحيحًا . أما إذا أبطل من تقرر الإبطال لمصلحته التصرف القانونى ، فإن هذا التصرف يصبح لا وجود له ، فلا يعود صالحًا لأن يكون سببًا صحيحًا( [2114] ) .
426 ـ التصرف القانونى المعلق على شرط واقف أو على شرط فاسخ : أما إذا كان التصرف القانونى الناقل للملكية معلقًا على شرط واقف ، فإنه لا ينفذ إلا من وقت تحقق الشرط ، وعلى ذلك لا يصلح أن يكون سببًا $ 1099 $ صحيحًا إلا من هذا الوقت( [2115] ) . ولا يقال إن لتحقق الشرط أثرًا رجعيًا فيعتبر التصرف نافذًا منذ البداية لا من وقت تحقق الشرط فحسب ، فإن الأثر الرجعى لا يعتد به بالنسبة إلى المالك الحقيقى . فلو أن شخصًا باع تحت شرط واقف عقارًا غير مملوك له لمشتر حسن النية ، فإن هذا البيع لا يعتبر سببًا صحيحًا يجيز للمشترى تملك العقار ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير إلا من وقت تحقق الشرط الواقف . وإذا لم يتحقق الشرط ، انعدم التصرف القانونى واعتبر كأن لم يكن ، ومن ثم لا يمكن اعتباره سببًا صحيحًا . وقد يضع المشترى فى الفرض المتقدم يده على العقار قبل تحقق الشرط الواقف وفى هذه الحالة لا يعقد بمدة الحيازة التى انقضت قبل تحقق الشرط ، ولا يبدأ سريان مدة الخمس السنوات إلا من وقت تحقق الشرط . ذلك بأن الحائز ، وهو يضع يده على العقار قبل تحقق الشرط ، كان يعلم أنه يضع يده لا على وجه بات ، إذ هو معرض لأن يتخلف الشرط الواقف فينعدم البيع ويعتبر كأن لم يكن ، ويرد المشترى العقار إلى البائع( [2116] ) .
وإذا كان التصرف القانونى معلقًا على شرط فاسخ ، فإنه يكون نافذ منذ البداية ، وعلى ذلك يصلح لأن يكون سببًا صحيحًا من أول الأمر( [2117] ) . فإذا باع شخص عقارًا غير مملوك له لمشتر حسن النية ، وكان البيع معلقًا على شرط فاسخ ، صلح لأن يكون سببًا صحيحًا منذ انعقاده ، ويستطيع المشترى استنادًا إلى هذا البيع تملك العقار ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير . فإذا لم يتحقق الشرط الفاسخ ، أصبح تملك المشترى للعقار باتًا ، أما إذا تحقق الشرط الفاسخ ، فإن البيع يزول ويعتبر كأن لم يكن ، فينعدم السبب $ 1100 $ الصحيح ، ويجب على المشترى أن يرد العقار للمالك الحقيقى إذا استرده هذا بدعوى الاستحقاق( [2118] ) .
427 ـ التصرف القانونى الظنى : التصرف القانونى الظنى ( prtatif titre ) ( [2119] ) هو تصرف لا وجود له فى الحقيقة ، ولكنه متوهم الوجود . فيظن الحائز للعقار أن العقار قد انتقل إليه يتصرف قانونى ناقل للملكية ، ولكن ظنه هذا مجرد وهم ، إذ أن هذا التصرف القانونى لا يوجد فى الواقع ، ولا وجود له إلا فى خيلته ، ومن ثم لا يمكن أن يكون التصرف الظنى سببًا صحيحًا للتملك بالتقادم القصير( [2120] ) . مثل ذلك وصية بعقار مملوك لغير الموصى ، فيتسلم الموصى له العقار عند موت الموصى وهو حسن النية أى يعتقد أن العقار مملوك للموصى . ويتبين فيما بعد أن الوصية التى تسلم الموصى له العقار بموجبها قد رجع عنها الموصى قبل موته ، فزالت ولم يعد لها وجود . فالوصية تصرف قانونى ناقل للملكية ، ولكنه هنا تصرف ظنى لا وجود له فى الواقع ، فلا يصح اعتباره سببًا صحيحًا( [2121] ) ، ومن ثم لا يستطيع الموصى له أن يستند إلى هذه الوصية كسبب صحيح لتملك العقار ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير .
ومثل ذلك أيضًا أن يبيع شخص أراضى لا يملكها لمشتر حسن النية ، ويعين فى عقد البيع هذه الأراضى ، ثم يضع المشترى يده عليها ، ولكن يدخل $ 1101 $ ضمن ما وضع يده عليه أرض أخرى لم يشملها عقد البيع ويعتقد المشترى بحسن نية أن عقد البيع قد شملها . فعقد البيع فيما يتعلق بهذه الأرض عقد ظنى لا وجود له إلا فى مخيلة المشترى . ومن ثم لا يستطيع هذا الأخير أن يستند إلى هذا العقد الظنى وأن يعتبره سبباً صحيحاً ليتملك الأرض التى لم يشملها عقد البيع ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير ( [2122] ) .
ومثل ذلك أخيراً أن يفوض شخص وكيلاً له فى شراء أرض ، ثم يضع يد على أرض يعتقد بحسن نية أنها هى الأرض التى اشتراها له الوكيل ولا يكون الوكيل قد اشتراها . فعقد الشراء الذى توهمه الموكل يكون فى هذه الحالة عقداً ظنياً لا يستطيع أن يستند إليه الموكل معتبراً إياه سبباً صحيحاً ليتملك الأرض ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير ( [2123] ) .
428 - التصرف القانونى غير المسجل : ونفرض هنا أن شخصاً باع عقاراً لا يملكه لمشتر حسن النية ، وقد وضع المشترى يده على العقار دون أن يسجل عقد البيع ، فهل يصلح عقد البيع غير المسجل لن يكون سبباً صحيحاً لتملك المشترى العقار ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير؟ .
فى عهد التقنين المدنى السابق ، وقبل قانون التسجيل ، حيث كان التصرف القانى غير المسجل ينقل الملكية فيما بين المتعاقدين ولا يشترط $ 1102 $ التسجيل إلا لنق الملكية بالنسبة إلى الغير ، كان الرأى المجمع عليه هو أنه لا يشترط التسجيل ليكون التصرف القانونى الناقل للملكية سبباً صحيحاً فى التقادم المكسب القصير ( [2124] ) . ولكن كان يجب ثبوت تاريخ التصرف القانونى للاحتجاج به على المالك الحقيقى لأنه يعتبر من الغير من ناحية ثبوت التاريخ ( [2125] ) . ولا تحسب مدة الخمس السنوات إلا ابتداء من التاريخ الثابت .
ثم صدر قانون التسجيل ومن بعده قانون الشهر العقارى فى عهد التقنين المدنى السابق ، فأصبح التصرف القانونى غير المسجل لا ينقل الملكية لا بالنسبة إلى الغير ولا فيما بين المتعاقدين . فاختلف الفقه والقضاء فيما إذا كان يجب تسجيل التصرف القانونى الناقل للملكية حتى يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً . فذهب رأى إلى وجوب التسجيل ( [2126] ) ، وذهب رأى آخر إلى عدم $ 1103 $ وجوبه وإلى أن التصرف القانونى غير المسجل يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً ( [2127] ) . وقد أخذت محكمة النقض بهذا الرأى الآخر ، ولم تشترط التسجيل فى السبب الصحيح ( [2128] ) .
وقد راعى التقنين المدنى الجديد قيام هذا الخلاف ، فحسمه بنص صريح أخذ فيه بالرأى الأول واشترط فى التصرف القانونى أن يكون مسجلاً حتى يصلح أن يكون سبباً صحيحاً ، إذ قال فى الفقرة الثالثة من المادة 969 مدنى كما رأينا ( [2129] ) : " والسبب الصحيح . . . يجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذا النص : " ويجب أن يكون السبب الصحيح مسجلاً خلافاً لما جرى عليه القضاء فى مصر ، وآثر المشروع هذا الحل حتى يمكن للتسجيل تمهيداً لإدخال السجل العقارى " ( [2130] ) . فأصبحت المسألة ، بعد نفاذ التقنين المدنى الجديد ، لا يمكن أن تكون محلاً للخلاف . ولا شك ، أمام صراحة النص ، فى أن التصرف القانونى غير المسجل لا يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً ( [2131] ) . فإذا وضع المشترى قعد البيع ، فإنه لا يستطيع أن يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير إلا إذا سجل العقد ( [2132] ) . ومن وقت تسجيله ، إذا كان حائزاً للعقار ، $ 1104 $ يبدأ سريان مدة الخمس السنوات اللازمة للتملك بالتقادم المكسب القصير ( [2133] ) . وغنى عن البيان أنه ما دام يشترط تسجيل التصرف القانونى ليكون سبباً صحيحاً ، لم يعد هناك محل لاشتراط ثبوت التاريخ لجواز الاحتجاج بالتصرف على المالك الحقيقى ، فإن التصرف المسجل يكون دائماً ثابت التاريخ .
429 - السبب الصحيح شرط مستقل عن شرط حسن النية ويقع عبء إثباته على الحائز : ولما كان السبب الصحيح هنا شرطاً مستقلاً عن شرط حسن النية ( [2134] ) وليس عنصراً من عناصر حسن النية ، فإنه لا يفترض توافره كما يفترض توافر حسن النية فيما سنرى . لذلك كان من الواجب إثبات قيام السبب الصحيح على التحديد الذى فصلناه فيما تقدم ، ويقع عبء الإثبات على الحائز الذى يتمسك بالتقادم ( [2135] ) .
ويثبت الحائز السبب الصحيح ، وهو تصرف قانونى كما قدمنا ، طبقاً للقواعد العامة فى الإثبات ( [2136] ) . فإذا كان السبب الصحيح بيعاً مثلاً ، وجب على الحائز أن يثبت هذا البيع بالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت قيمة العقار على عشرة جنيهات ( [2137] ) . وحتى لو كانت قيمة العقار لا تزيد على عشرة جنيهات ، وهذا فرض شديد الندورة ، فإن مقتضى أن يكون $ 1105 $ السبب الصحيح مسجلاً كما سبق القول ( [2138] ) أن يكون البيع مكتوباً حتى يمكن تسجيله ( [2139] ) .
2 - حسن النية
430 - تحديد معنى حسن النية : ويشترط أيضاً ، إلى جانب السبب الصحيح ، فى التملك بالتقادم المكسب القصير ، توافر حسن النية عند الحائز . وفى ذلك تقول المادة 969 / 1 مدنى كما رأينا ( [2140] ) : " إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عينى عقارى وكانت مقترنة بحسن النية ومستندة فى الوقت ذاته إلى سبب صحيح . . . " ومعنى حسن النية هنا ، على وجه التحديد ، هو كما قدمنا أن يكون الحائز قد اعتقد ، وقت تلقيه الملكية أو الحق ، أنه يتلقى الملكية من المالك أو الحق من صاحبه . فحسن النية إذن يتحدد عند الحائز بأنه غلط يقع فيه ، يدفعه إلى الاعتقاد بأن المتصرف هو مالك العقار أو صاحب الحق ( [2141] ) . ويجب أن يكون حسن النية كاملاً ، فأى شك يقع فى نفس $ 1106 $ الحائز فى أن المتصرف قد لا يكون هو المالك أو هو صاحب الحق ينفى حسن النية ( [2142] ) .
ويستوى أن يكون الغلط الذى وقع فيه الحائز غلطاً فى الواقع أو غلطاً فى القانون ( [2143] ) . فيصح أن يتعامل الحائز مع مالك سابق للعقار تكون ملكيته قد فسخت أو بطلت والحائز يجهل ذلك ، ويعتقد أن المتصرف لا يزال مالكاً للعقار ، وهذا غلط فى الواقع . ويصح أن يتعامل مع مجرد حائز للعقار حسن النية أو سيئ النية ، وهو يعتقد أن هذا الحائز يملك العقار بسبب أو بآخر ، وهذا أيضاً غلط فى الواقع . ويصح أن يتعامل الحائز مع شخص $ 1107 $ سند ملكتيه للعقار هبة فى صورة بيع وهو سند عرفى ، وقد ذكر فيه أن البائع قد وهب الثمن للمشترى ، فيعتقد الحائز أن الهبة على هذا الوجه صحيحة دون ورقة رسمية ، ثم يتبين بعد أن يشترى العقار من الموهوب له أن الهبة باطلة لأنها هبة مكشوفة لا هبة مستترة فلابد من كتابتها فى ورقة رسمية ، وهذا غلط فى القانون . وسواء كان الغلط فى الواقع أو فى القانون ، فقاضى الموضوع هو الذى يقدر دون معقب عليه توافر حسن النية نتيجة لهذا الغلط ، وما إذا كان الغلط مغتفر ( excusable ) فيستقيم مع حسن النية ، أو غير مغتفر ( inexcusable ) فينفى حسن النية ( [2144] ) .
431 - علم الحائز بعيوب سند المتصرف ينفى حسن النية : وعلم الحائز بالعيوب التى تشوب سند من تلقى منه الملكية ، وأن هذا السند باطل أو قابل للإبطال أو قابل للفسخ أو معرض للإلغاء بأى وجه من الوجوه ، ينفى عند الحائز حسن النية الواجب توافره فيه ( [2145] ) .
وعلى ذلك إذا تعالم الحائز مع شخص سنده عقد هبة مثلاً بالة فى الشكل ، وكان يعلم ببطلان الهبة لهذا السبب ، فإنه يكون عالماً بأنه تعامل مع غير مالك ، فينتفى حسن نيته ، وإذا تعامل مع مالك سنده عقد بيع صدر له من قاصر ، وكان الحائز يعلم ذلك ، فإنه يكون عالماً بأن سند من تصرف له فى العقار قابل للإبطال وأن القاصر إذا أبطل هذا السند أصبح المتصرف غير مالك بأثر رجعى ، ومن ثم يكون عالماً بأنه تعامل مع شخص يحتمل أن يظهر أنه غير مالك ، فينتفى حسن نيته . وإذا تعامل مع مشتر للعقار لم يوف ثمنه للبائع ، وكان الحائز يعلم ذلك ، فإنه يكون عالماً بأن سند المتصرف قابل للفسخ لعدم دفع الثمن وأن هذا السند إذا فسخ لهذا السبب ظهر أن المتصرف $ 1108 $ غير مالك ، ومن ثم يكون عالماً بأنه تعامل هنا أيضاً مع شخص يحتمل أن يظهر أنه غير مالك ، فينتفى حسن نيته كذلك ( [2146] ) .
وعلى ذلك أيضاً إذا تعامل الحائز مع مالك للعقار تحت شرط فاسخ أو تحت شرط واقف ، وكان يعلم ذلك ، فإنه يكون عالماً بأن سند المتصرف معرض للزوال بتحقق الشرط الفاسخ أو بعدم تحقق الشرط الواقف ، ومن ثم يكون عالماً بأنه تعامل مع شخص يحتمل أن يظهر أنه غير مالك ، فينتفى حسن نيته .
432 - على الحائز بعيوب السبب الصحيح لا ينفى حسن النية : وهناك عيب يشوب السبب الصحيح دائماً ، ومن المحتم أن يشوبه ، وهو أن يكون هذا السبب الصحيح صادراً من غير مالك ، كما سبق القول . فهذا العيب وحده هو الذى يجب أن يجهله الحائز ، لأن حسن النية هو كما قدمنا الجهل بأن السبب الصحيح صادر من غير مالك .
أما العيوب الأخرى التى تشوب السبب الصحيح ، فمنها ما يجعل التصرف القانونى الصورى, وهذه مسألة ترجع إلى السبب الصحيح لا إلى حسن النية ، وسواء علم الحائز بأن التصرف باطل أو ظنى أن لم يعلم ، فإن السبب الصحيح نفسه غير موجود ، فلا محل إذن للبحث فيما إذا كان الحائز حسن النية أو سيئها ، ففى الحالتين لا يستطيع أن يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير لانعدام السبب الصحيح .
بقيت العيوب التى تشوب التصرف القانونى ولا يكون من شأنها أن تجعله غير موجود ، وذلك كأن يكون التصرف قابلاً للإبطال لنقص فى الأهلية أو لعيب فى الرضاء أو قابلاً للفسخ أو معلقاً على شرط فاسخ أو شرط واقف . فهذه العيوب لا تمنع التصرف من أن يكون سبباً صحيحاً ، وعلم الحائز بها لا ينفى حسن النية ( [2147] ) . وعلى ذلك إذا اشترى الحائز من غير $ 1109 $ المالك عقاراً ، وكان البائع قاصراً أن كان البيع مشوباً بغلط أو تدليس أو إكراه ، فإن السبب الصحيح هنا يكون قابلاً للإبطال . وعلم الحائز بأن السبب الصحيح قابل للإبطال ، لنقص فى الأهلية أو لعيب فى الرضاء ، لا ينفى كما قدمنا حسن النية ، فيستطيع إذن أن يتملك العقار ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير ( [2148] ) . ولكن لما كان التصرف قابلاً للإبطال فإن من تقرر الإبطال لمصلحته يستطيع أن يبطل التصرف إذا كانت دعوى الإبطال لم تسقط بالتقادم . ويستطيع المالك الحقيقى أن يستعمل دعوى مدينه وهو من تقرر الإبطال لمصلحته وتصرف فى العقار للحائز ، فيطلب باسمه إبطال التصرف ، فيعود العقار إلى المتصرف ، وعند ذلك يسترده منه المالك الحقيقى بدعوى الاستحقاق ( [2149] ) . وعلى ذلك أيضاً إذا اشترى الحائز العقار من غير مالكه ، وقسط عليه الثمن سنوات عدة ، واشترط البائع أن يكون البيع مفسوخاً إذا لم توف الأقساط فى مواعيدها ، فإن السبب الصحيح هنا $ 1110 $ يكون قابلاً للفسخ بمجرد التأخر عن دفع الأقساط . وعلم الحائز بذلك لا ينفى حسن النية ، فيستطيع إذن أن يتملك العقار المبيع ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير . فإذا ما كسبه بالتقادم ، يبقى أنه إذا كانت هناك أقساط من الثمن لا تزال فى ذمته ، ولم يوفها فى مواعيدها ، فإن المالك الحقيقى ، وهو دائن للبائع ، يستطيع أن يستعمل دعوى مدينه ويطلب فسخ البيع . فإذا ما فسخ ، ورد العقار إلى البائع ، استطاع المالك الحقيقى أن يسترده منه بدعوى الاستحقاق . وعلى ذلك أخيراً ، إذا اشترى الحائز عقاراً من غير مالكه ، وكان البيع معلقاً على شرط واقف أو على شرط فاسخ ، فإنه يكون مع ذلك سبباً صحيحاً ، وعلم الحائز بتعليق البيع على الشرط لا ينفى حسن نيته . فيستطيع إذن أن يتملك العقار ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير ، فإذا ما كسبه بالتقادم بعد تحقق الشرط الواقف أو كسبه بالتقادم ثم تخلف الشرط الفاسخ ، فإن ملكية العقار تخلص باتة الحائز . أما إذا تخلف الشرط الواقف ، أو تحقق الشرط الفاسخ ، فإن البيع يعتبر كأن لم يكن ويعود العقار إلى بائعه ، ثم يسترده المالك الحقيقى من البائع بدعوى الاستحقاق .
433 - الوقت الذى يجب أن يتوافر فيه حسن النية : تنص الفقرة الثانية من المادة 969 مدنى كما رأينا ( [2150] ) على ما يأتى : " ولا يشترط توافر حسن النية إلى وقت تلقى الحق " . فحسن النية ، على التحديد الذى قدمناه ، يجب أن يتوافر عند الحائز فى الوقت الذى كان فيه يتلقى الملكية أو الحق لو أنه كان يتعامل مع المالك أو صاحب الحق ( [2151] ) . فإذا اشترى الحائز العقار من غير مالك ، فحتى يمكنه أن يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير يجب أن يكون قد اعتقد بحسن نية وقت تسجيل عقد البيع ، وهو الوقت الذى يتلقى فيه ملكية العقار ، أنه اشترى من مالك وأن الملكية قد انتقلت إليه على $ 1111 $ هذا النحو بالتسجيل ( [2152] ) . وهذا يكفى ، فلا يشترط أن يبقى حسن النية بعد ذلك طوال السنين الخمس اللازمة للتملك بالتقادم القصير . فلو أنه علم ، ولو بعد انقضاء مدة قصيرة تسجيل البيع ، أن البائع غير مالك ، لما اثر ذلك فى توافر شرط حسن النية فيه ( [2153] ) ( mala fides dsuperveniens impeit usueapionem ) .
وأكثر من ذلك ، لو أنه كان حسن النية على النحو الذى قدمناه وقت تسجيل البيع ، وقبل أن يتسلم العقار المبيع علم أن البائع غير مالك ، فبدأت حيازته للعقار وهو على هذا العلم ، لعد شرط حسن النية مع ذلك متوافراً عنده ( [2154] ) .
وتطبيقاً لما قدمناه ، لو أن شخصاً أوصى بعقار غير مملوك لشخص آخر ، فحسن النية عند الموصى له يجب أن يتوافر وقت موت الموصى $ 1112 $ لا وقت قبول الوصية ، لأن الموصى له يتملك الموصى به عند موت الموصى ( [2155] ) .
والقاعدة التى قدمناها ، من أنه يكفى أن يتوافر شرط حسن النية وقت تلقى الحق ولا يشترط بقاء حسن النية بعد ذلك ، قاعدة موروثة من القانون الرومانى . وزاحمها فى القانون الفرنسى القديم قاعدة عكسية قررها قانون الكنيسة ، فاشترط هذا القانون بقاء حسن النية طوال المدة اللازمة للتقادم المكسب القصير . ثم انتقلت القاعدة الرومانية إلى التقنين المدنى الفرنسى متغلبة على القاعدة التى قررها قانون الكنسية ، ومن التقنين المدنى الفرنسى انتقلت القاعدة الرومانية إلى التقنين المدنى المصرى القديم والجديد ( [2156] ) .
434 - إثبات حسن النية : رأينا ( [2157] ) أن الفقرة الثالثة من المادة $ 1113 $ 965 مدنى تنص على ما يأتى : " وحسن النية يفترض دائماً ، ما لم يقم الدليل على العكس " . وقدمنا أنه لا يطلب من الحائز أن يثبت حسن نيته ، فالمفروض فيه أصلاً أنه حسن النية حتى يثبت العكس ( [2158] ) .
وعلى ذلك يفترض فى الحائز الذى يتمسك بالتقادم المكسب القصير أنه حسن النية ، فلا يكلف إثبات حسن نيته . ويستوفى فى ذلك أن يكون جهل الحائز بأن من تعامل معه غير مالك راجعاً إلى غلط فى الواقع أو إلى غلط فى القانون ، ففى الحالتين يفترض حسن نية الحائز . وهناك رأى يذهب إلى أن حسن النية لا يفترض فى حالة الغلط فى القانون ، فإن الغلط فى القانون لا يحوز افتراضه ويجب على الحائز إثابته . ولكن ما دمنا نسلم أنه إذا كان جهل الحائز راجعاً إلى غلط فى القانون فإنه يعتبر حسن النية ، وما دام حسن النية يفترض دائماً ، فإن الواجب التسليم بأن الحائز يفترض فيه دائماً حسن النية ، سواء رجع جهلة إلى غلط فى الواقع أو إلى غلط فى القانون ( [2159] ) .
وقد قدمنا أن حسن النية مفترض ، إلى أن يقوم الدليل على العكس . وعلى ذلك إذا ادعى المالك الحقيقى أن الحائز لم يكن حسن النية ، وأنه كان يعلم وقت تلقى الملكية أن المتصرف غير مالك ، فعليه هو يقع عبء إثبات ذلك . وله أن يثبت سوء نية الحائز بجميع طرق الإثبات ، لأن سوء النية واقعة مادية فيجوز إثباتها بالبينة والقرائن ( [2160] ) . ويقع كثيراً فى العمل أن $ 1114 $ يلجأ المالك الحقيقى ، فى إثبات سوء نية الحائز ، إلى سند المتصرف الذى تعامل الحائز على مقتضاه . فقد تبين من هذا السند أن المتصرف غير مالك أو أن ملكيته ليست خالصة ، فيستخلص من ذلك سوء نية الحائز ما دام يعلم ، أو كان ينبغى أن يعلم ، أنه يتعامل مع غير مالك ( [2161] ) .
المطلب الثانى
كسب ملكية المنقول
( الحيازة فى المنقول سند الملكية )
435 - نص قانونى : تنص المادة 976 مدنى على ما يأتى :
" 1 - من حاز بسب بصحيح منقولاً أو حقاً عينياً على منقول أو سند لحامله ، فإنه يصبح مالكاً له إذا كان حسن النية وقت حيازته " .
" 2 - فإذا كان حسن النية السبب الصحيح قد توافر لدى الحائز فى اعتباره الشئ خالياً من التكاليف والقيود العينية ، فإنه يكسب الملكية خالصة منها " .
" 3 - والحيازة فى ذاتها قرينة على وجود السبب الصحيح وحسن النية ، ما لم يقم الدلي على عكس ذلك " ( [2162] ) .
$ 1115 $
ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المواد 46 / 68 و 607 / 733 و 608 / 734 ( [2163] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 927 - وفى التقنين المدنى الليبى م 980 - وفى التقنين المدنى العراق م 1163 ( [2164] ) .
$ 1116 $
ويخلص من النص المتقدم الذكر أن حيازة المنقول بحسن نية وبسبب صحيح تنقل ملكية المنقول إلى الحائز ، فيصبح مالكاً له بمجرد الحيازة . ويورد التقنين المدنى الفرنسى هذه القاعدة الهامة فى المادة 2279 منه ، ويصدر هذه المادة بعبارة مشهورة استعارها من القانون المدنى الفرنسى القديم كما وردت على لسان Bourjon أحد فقهاء هذا القانون ، تجرى على الوجه الآتى : " En fait de meubles, la possession vaut titre " ( [2165] ) . وقد ألف الفقه فى مصر أن يؤدى هذه القاعدة ، التى انتقلت من القانون الفرنسى إلى القانون المصرى ، بالعبارة الآتية : " الحيازة فى المنقول سند الملكية " ( [2166] ) .
والمفروض أن حائز المنقول قد تعامل مع غير المالك بموجب تصرف قانونى ناقل للملكية كالبيع وهذا هو السبب الصحيح ، فباع له غير المالك منقولاً ، فلم تنتقل إليه الملكية بالبيع لأنه صادر من غير مالك كما قدمنا . فهل يبقى مشترى المنقول حسن النية معرضاً مدة معينة لدعوى استحقاق يرفعها عليه المالك الحقيقى ، كما رأينا مشترى العقار من غير المالك معرضاً مدة خمس سنوات لدعوى استحقاق يرفعها عليه المالك الحقيقى؟ لم ير القانون الفرنسى القديم أن يجعل مشترى المنقول فى مركز مشترى العقار ، إذ أن المنقول على خلاف العقار يقتضى السرعة فى التعامل ، ويصعب فى المنقول فحص أصل ملكية $ 1117 $ البائع إذ المنقول كثير التنقل من يد إلى يد ، وبحسب مشتريه أن يراه فى يد البائع حتى يطمئن إلى أنه يتعامل مع المالك . ومن ثم إذا ظهر أن بائع المنقول لم يكن هو المالك ، ولم تنتقل الملكية إلى المشترى بالبيع ، فإنها تنتقل بحيازة المشترى للمنقول إذا كان وقت الحيازة حسن النية أى يعتقد أن البائع هو المالك . وبذلك يكون المشترى ، بمجرد حيازة المنقول على هذا الوجه ، بمأمن من أن يرفع عليه المالك الحقيقى دعوى الاستحقاق ، ولا يضطر أن يبقى حائزاً للمنقول طوال خمس سنوات كما يضطر إلى ذلك مشترى العقار فيما رأيناه فى التقادم المكسب القصير ( [2167] ) .
فالحيازة بحسن نية تنقل إذن ملكية المنقول فوراً إذا كانت مقترنة بالسبب الصحيح ، ولا تنقلها فوراً وبدون حاجة إلى سبب صحيح فى الثمار كما سنرى .
وتملك المنقول بالحيازة على النحو الذى قدمناه أمر يقتضيه ، لا سرعة التعامل فى المنقول فحسب ، بل أيضاً استقرار التعامل فيه . وبدون هذه القاعدة يصبح التعامل فى المنقول محفوفاً بالمخاطر ، فينبغى إذن لمن يشترى منقولاً من غير المالك وهو يعتقد أنه المالك أن يعتبر كأنه اشترى من المالك نفسه ( [2168] ) ، وإذا لم تنتقل إليه الملكية بالبيع فإنها تنتقل بالحيازة . وهذا ما وصل إليه القانون الفرنسى القديم فى عهوده الأولى ثم فى تطوراته الأخيرة ، وذلك على خلاف القانون الرومانى الذى كان لا يعرف هذه القاعدة . ويدعو ذلك إلى إيراد عجالة سريعة فى الأصل التاريخى للقاعدة .
446 - الأصل التاريخى لقاعدة تملك المنقول بالحيازة : لم يعرف القانون الرومانى هذه القاعدة ، بل كان حائز المنقول إذا كان حسن النية لا يتملكه فوراً ، وإنما كان يتملكه بالتقادم كالعقار ، ولكن فى مدة أقصر : سنة واحدة $ 1118 $ ثم أطلبت فى عهد جستنيان إلى ثلاث سنوات ( [2169] ) .
أما لقانون الفرنسى القديم فقد ظل فى عهوده الأولى محتفظاً بالتقاليد الجرمانية ولم يتبع القانون الرومانى ، فكان لا يعطى لمالك المنقول إذا خرج المنقول من حيازته إلى حيازة شخص آخر دعوى استحقاق ضد الحائز الجديد . فإذا كان خروج المنقول من حيازة مالكه بإرادة المالك ، كما فى الوديعة والعاري ، فإن للمالك أن يرفع دعوى شخصية ضد المودع عنده أو المستعير يسترد بها المنقول ، ولكن ليس له أن يرفع دعوى استحقاق ضد حائز انتقلت غليه الحيازة من المودع عنده أو المستعير . ومن هنا جرت القاعدة بأن المنقول ليس فيه حق التتبع ( Meubles n'ont pas de suite, . Moobilie non hebent scquelam ) ( [2170] ) . أما إذا كان خروج المنقول من حيازة مالكه بسبب السرقة أو الضياع ، فإن القانون كان يعطى للمالك دعوى ذات صبغة جنائي ، ما لبثت أن انقلبت إلى دعوى استحقاق مدنية يرفعها المالك ضد الحائز للمنقول ( [2171] ) .
وبقى الأمر على هذا النحو إلى القرن الثالث عشر ، إذ بدأ القانون الفرنسى القديم يتأثر فى هذه المسالة بالقانون الرومانى شيئاً فشيئاً ، فيكون للمالك دعوى استحقاق يسترد بها المنقول ولو خرج من حيازته طوعاً دون سرقة أو ضياع . وما أقبل القرن السادس عشر حتى أصبحت القاعدة الرومانية مستقرة فى القانون الفرنسى القديم ، وأصبح للمالك ، كما كان الأمر فى القانون الرومانى ، دعوى $ 1119 $ استحقاق يسترد بها المنقول فى أى يد كان ( [2172] ) .
ولكن سرعان ما تفاقمت المخاطر التى يتعرض لها التعامل فى المنقول من جراء القاعدة الرومانية ، إذا كان الحائز للمنقول حسن النية . وتوالت الجهود ، منذ أوائل القرن السابع عشر ، للتضييق من دعوى استحقاق المنقول ، فأنقصت المدة التى كان يجوز أن ترفع فى خلالها وكانت ثلاث سنوات كما حددها جستنيان . ثم ألغيت دعوى استحقاق المنقول بتاتا ، إذا كان المالك هو الذى نقل حيازة المنقول بإرادته إلى شخص ائتمنه عليه فتصرف فيه على غير ما يريده المالك . ولم تستبق دعوى استحقاق المنقول إلا فى حالتى السرقة والضياع ، فعاد الأمر فى القرن الثامن عشر إلى ما كان عليه قبل القرن الثالث عشر . وهكذا بقى القانون الفرنسى القديم متأثراً بالقانون الرومانى طوال خمسة قرون ، ثم رجع إلى تقاليده القديمة ، واستبعد دعوى الاستحقاق فى المنقول .
وورد ذكر استبعاد دعوى الاستحقاق فى المنقول ، فى القرن الثامن عشر ، فى كتاب ( [2173] ) لأحد فقهاء القانون الفرنسى القديم – بورجون Bourjon - ظهر فى سنة 1747 . وقد أرجع بورجون هذه القاعدة إلى قضاء محكمة Chatelet بباريس ، ويبدو على الأرجح أن هذا القضاء كان حديثاً وقت أن كتب بورجون ( [2174] ) . وقد عدل فقهاء القانون الفرنسى القديم فى هذا العهد $ 1120 $ الأخير عن العبارة التى كانت مألوفة منذ القرن الثالث عشر من أن المنقول ليس فيه حق التتبع ( meulbes n'ont pas de suite ) ، إلى عبارة أخرى هى أن " الحيازة تعدل السند " ( Possession vaut titre ) . وكان المقصود بهذه العبارة الأخيرة ، فى أول الأمر ، أن حائز المنقول إذا ادعى ملكيته لم يطالب بتقديم دليل على هذه الملكية ، وتكفى حيازته للمنقول سنداً له إى أن يثبت خمسه أنه هو المالك . ثم ظهر قضاء Chatelet ، والجديد فيه أنه أعطى لهذه العبارة قوة أكبر بكثير مما كانت عليه ، فلم تعد تعنى أن حيازة المنقول تقتصر على مجرد افتراض أن حائز المنقول هو المالك له إلى أن يقوم الدليل على العكس ، بل أصبحت تعنى أن حائز المنقول يصبح مالكاً له بمجرد الحيازة فلا يستطيع من يدعى استحقاق المنقول أن يسترده من يد الحائز ( [2175] ) .
وعلى ذلك أصبحت العبارة تفيد فى القانون الفرنسى القديم معنيين مختلفين . المعنى الأول أن حيازة المنقول طريق لإثبات ملكيته ، فيفترض فى الحائز أنه هو المالك ولا يكلف تقديم دليل على ذلك وتكفيه الحيازة سنداً ، وذلك إلى أن يقدم مدعى الاستحقاق الدليل على أنه هو المالك دون الحائز . والمعنى الآخر أن حيازة المنقول ليست فحسب طريقاً لإثبات ملكيته ، بل هى أيضاً طريق لكسب ملكيته . فلا تقتصر حيازة المنقول على مجرد إقامة قرينة على ملكيته إلى أن يقوم الدليل على العكس ، بل إن هذه الحيازة تكسب الحائز ملكية المنقول إذا لم يكن مالكاً له قبل الحيازة . وقد انتقل هذان المعنيان من القانون الفرنسى القديم إلى القانون الفرنسى الحديث ، حيث أصبحت المادة 2279 مدنى فرنسى تعبر بطريق مباشر عن المعنى الثانى ( [2176] ) ، وحيث ألصق القضاء الفرنسى المعنى الأول بالمادة نفسها إذ لم يجد نصاً آخر يفيد مباشرة هذا المعنى ( [2177] ) . فأصبح لحيازة المنقول دوران ، فهى طريق للإثبات ، وهى سبب لكسب الملكية . وهذا ما ننتقل الآن إليه .
$ 1121 $
437 - حيازة المنقول لها دوران - طريق للإثبات وسبب لكسب الملكية : الملكية : أما أن حيازة المنقول طريق للإثبات ، فيظهر ذلك إذا كان النزاع بين حائز المنقول ومن تلقى الحائز منه الحيازة ، ويكون هذا الأخير فى العادة هو المالك ، ويستوى فى ذلك أن يكون الحائز حسن النية أو سيئها . وأما أن حيازة المنقول سبب لكسب الملكية ، فإن ذلك إنما يكون إذا كان حائز المنقول قد تعامل مع غير المالك ( non domino ) وتلقى وهو حسن النية الحيازة منه ، فتكون الحيازة سبباً لكسب الحائز ملكية المنقول ( [2178] ) . فالحيازة إذن تكون طريقاً للإثبات إذا تعالم الحائز مع المالك ، وسبباً لكسب الملكية إذا تعامل مع غير المالك . ونستعرض كلا من هذين الدورين :
( الدول الأول ) حيازة المنقول طريق للإثبات : الحائز للمنقول ، كالحائز للعقار ، يفترض فيه أنه للمالك لما يحوزه . وافتراض أن الحائز هو المالك لا نص عليه فى التقنين المدنى الفرنسى . ولكنه يستخلص من تقاليد القانون ، ومن الفهم السليم ، ومما جرى عليه القضاء الفرنسى فى تتابع واضطراد . ولما كان القضاء الفرنسى لا يجد نصها صريحاً يستند إليه فى هذه المسألة ، فقد اضطر للالتجاء إلى المادة 2279 مدنى فرنسى يستند إليها فى ذلك ( [2179] ) . أما فى مصر ، ففى التقنين المدنى المصرى نص صريح فى هذا المعنى ، فقد نصت المادة 964 مدنى فيما قدمناه على أن " من كان حائزاً للحق اعتبر صاحبه ، حتى يقوم الدليل على العكس " . فالحيازة القانونية تفترض الملكية عند الحائز ، على أن يثبت العكس . ثم إن الحيازة المادية تفترض الحيازة القانونية ، فقد نصت المادة 963 مدنى فيما رأينا على أنه " إذا تنازع أشخاص متعدون على حيازة حق واحد ، اعتبر بصفة مؤقتة أن حائزه هو من له الحيازة المادية ، إلا إذا ظهر أنه قد حصل على هذه الحيازة بطريقة معيبة " . فإذا طبقنا هذه النصوص على $ 1122 $ حيازة المنقول ، أمكن القول بأن التقنين المدنى المصرى صريح فى أن من يحوز المنقول حيازة مادية يفترض فيه أنه يحوزه حيازة قانونية ، ومن يحوزه حيازة قانونية يفترض فيه أنه مالكه ، وذلك كله ما لم يقم الدليل على العكس . وعلى ذلك تكفى الحيازة المادية للمنقول حتى يستخلص منها الحيازة القانونية ، والحيازة القانونية بدورها تفترض فى حائز المنقول أنه مالكها ، ويستوى فى ذلك كما قدمنا أن يكون حائز المنقول حسن النية أو سيئها .
وافتراض أن حائز المنقول يملكه يقوم فى جميع الأحوال ، ولا يطلب من الحائز أن يقدم الدليل على ملكيته إذ أن ملكيته مفترضة ، ويطلب من مدعى الاستحقاق أن يقدم هو الدليل على ملكيته . ولكن أكثر منا يستعين فيه حائز المنقول بهذا الافتراض عندما يقوم نزاع بينه وبين من تلقى منه الحيازة على ملكية المنقول ، فيطلب هذا الأخير من الحائز أن يرد له المنقول مدعياً أنه إنما تخلى له عن حيازته على سبيل الوديعة أو على سبيل العارية مثلا ، ويدعى الحائز أنه تلقى ملكية المنقول من هذا الحائز السابق وقد اشتراه منه مثلاً أو وهبه هذا إياه . ويتحقق ذلك بوجه خاص إذا وجدت منقولات ذات قيمة ، كمجوهرات ، أو سندات لحاملها أو أثاث ، فى يد قريب أو وارث أو خادم أو ممرضة أن خليلة لشخص كان يملك هذه المنقولات ثم توفى ، ويطالب الورثة باستردادها من الحائز ، ويدعى الحائز أن المورث قد وهبا إياه ( [2180] ) . فعند ذلك يستطيع الحائز أن يتمسك بالحيازة قرينة على أن الملكية قد انتقلت إليه من المورث بموجب تصرف قانونى صحيح ولا يطلب منه إثبات هذا التصرف ( [2181] ) ، ولكن يشترط فى ذلك أن يثبت الحائز أن حيازته للمنقولات حيازة حقيقية ، وأنها مقترنة بنية التملك ( animo domini ) ، وأنها خالية من العيوب . فحيازة المنقولات حيازة رمزية ، عن طريق تسليم السندات المعطاة عن البضائع المعهود بها إلى أمين النقل أو المودعة فى المخازن ، ليست حيازة حقيقية ( انظر م 954 / 2 مدنى ) . ولا يعتبر المشترى قد حاز المبيع حيازة حقيقية ، إذا هو تركه فى يد البائع يحوزه نيابة عنه constitute possessoire ( [2182] ) .
$ 1123 $
ولكن يعتبر حيازة حقيقية تسلم الحائز مفاتيح المكان أو الصندوق الذى أودع فيه المنقول ، بحيث يستطيع الاستيلاء على المنقول فى أى وقت يشاء ( [2183] ) . ونية التملك مفترضة عند الحائز ، إلا إذا أقام مدعى الاستحقاق الدليل على أن الحيازة إنما هى حيازة عرضية غير مقترنة بنية التملك ( [2184] ) . ويجب أن تكون الحيازة خالية من عيب الإكراه ، ومن عيب الخفاء ، ومن عيب الغموض ( [2185] ) .
فإذا أثبت الحائز حيازته للمنقول على النحو الذى قدمناه ، فإنه لا يكلف تقديم الدليل على أنه مالك للمنقول إذ أن الحيازة لم تتوافر فيها الشروط المطلوبة . فله أن يثبت أن الحيازة حيازة عرضية بأن يثبت مثلاً وجود عقد وديعة أو عقد وكالة أو عقد عارية أو عقد آخر يعترف بموجبه الحائز أنه لا يجوز المنقول إلا لحساب مالكه وأنه ملتزم برده له ( [2186] ) . ويسرى فى أثبات هذا العقد القواعد العامة فى الإثبات ، فلا يجوز إثباته إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت قيمة المنقول على عشرة جنيهات ( [2187] ) . ولمدعى الاستحقاق أيضاً أن يثبت أن الحيازة حيازة خفية ، كأن يثبت مثلاً أن الحائز قد أخفى المستندات لحاملها فلم يذكرها فى محضر حصر التركة على أنها كانت للميت ثم وهبه إياها ، وجعل يقبض " كوبوناتها " بواسطة الغير مدة طويلة ، فلما اشتهر أمرها عند الورثة تمسك الحائز بحيازتها . ففى مثل هذا الفرض تكون الحيازة حيازة خفية ، فلا يعتد بها ولا تكون قرينة على الملكية ( [2188] ) . وعيب الخفاء واقعة مادية ، يجوز إثباتها بجميع الطرق . ولمدعى الاستحقاق أن يثبت أن الحيازة حيازة غامضة ، كأن يثبت مثلاً أن الحائز كان فى معيشة واحدة مع المورث ( cohabitation ) $ 1124 $ وأن المنقولات انتقلت إلى يده بحم هذه المعيشة الواحدة ، فيشوب الحيازة غالباً عيب الغموض ، ومن ثم لا يعتد بها ولا تكون قرينة على الملكية ( [2189] ) .
وعيب الغموض هو أيضاً واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ، ويترك التقدير فيها لقاضى الموضوع ( [2190] ) . ولمدعى الاستحقاق كذلك أن يثبت أن الحائز إنما استولى على المنقولات بطريق الاحتيال والغش ، فلا يعتد عندئذ بالحيازة ولا تكون قرينة على الملكية ، ويجوز إثبات الاحتيال والغض بجميع الطرق .
فإذا ما نجح مدعى الاستحقاق فى إثبات شئ مما تقدم ، وأصبحت الحيازة لا يعتد بها كقرينة على الملكية ، فإن عليه أن يثبت ملكيته هو أو ملكية مورثة للمنقولات ولو عن طريق حيازة سابق ، ليسترد هذه المنقولات بدعوى الاستحقاق التى رفعها ( [2191] ) . وقد يستردها بالدعوى الشخصية ، إذا ما أثبت مثلاً أن الحائز ، كان مودعاً عنده أو مستعيراً وأن عليه التزاماً بالرد ( [2192] ) . أما إذا لم ينجح مدعى الاستحقاق فى إثبات ما يوجهه من طعن فى الحيازة ، فإن الحيازة تبقى محتفظة بقيمتها ، وتكون قرينة على ملكية الحائز ( [2193] ) . ولكن هذه $ 1125 $ القرينة قابلة لإثبات العكس ، ولا يكفى لدحضها أن يثبت مدعى الاستحقاق أنه كان يملك المنقول ، إذ تبقى قرينة انتقال هذه الملكية منه إلى الحائز يفضل الحيازة الثابتة قائمة . بل على مدعى الاستحقاق أن يثبت ملكيته للمنقول ، وأن يثبت فوق ذلك أن الملكية لم تنتقل إلى الحائز بتصرف قانونى خال من العيوب ( [2194] ) .
( الدور الثانى ) حيازة المنقول سبب لكسب الملكية : ويفرض هنا أن الحائز تلقى الحيازة وهو حسن النية ، لا من المالك كما هو الأمر فى الحيازة التى تكون طريقاً للإثبات . بل من غير المالك . فيكسب الحائز ملكية المنقول ، لا بموجب التصرف القانونى الصادر من غير المالك فإن هذا التصرف لا ينقل الملكية ما دام قد صدر من غير المالك ، ولكن بموجب الحيازة نفسها التى تعتبر فى هذه الحالة سبباً لكسب ملكية المنقول . وذلك ما لم يكن المنقول قد سرق من مالكه أو ضاع منه ، فإن المالك فى هذه الحالة ، وقد خرج المنقول من حيازته بغير إرادته ، يعامل معاملة أفضل من المالك الذى خرج المنقول من حيازته بإرادته ووضع ثقته فيمن لا يستحقها ، فتخلى عن حيازة المنقول لشخص خان الأمانة وتصرف فى المنقول لحائز حسن النية .
وعلى ذلك يستطيع المالك ، فى حالتى السرقة والضياع ، أن يسترد المنقول من الحائز بالرغم من حسن نيته على تفصيل سيرد بيانه فيما يلى .
وهذا الدور الثانى لحيازة المنقول ، وهو أن تكون الحيازة سبباً لكسب $ 1126 $ الملكية هو الذى يعنينا هنا ، فنقتصر عليه فى بحثنا ( [2195] ) . ونتكلم أولاً فى القاعدة التى تقضى بأن الحيازة فى المنقول سند الملكية ، ثمن نتكلم فى حكم الحيازة إذا كان المنقول مسروقاً أو ضائعا .
1 - القاعدة العامة – الحيازة فى المنقول سند الملكية
438 - شروط تطبيق القاعدة والآثار التى ترتبت على تطبيقها : وهناك شروط لابد من توافرها حتى يمكن تطبيق القاعدة التى تقضى بأن الحيازة فى المنقول سند الملكية ، فإذا ما توافرت هذه الشروط ووجب تطبيق القاعدة نتج عن تطبيقها آثار معينة .
أ - الشروط الواجب توافرها لتطبيق القاعدة
439 - شروط أربعة : يجب لتطبيق القاعدة توافر شروط أربعة : ( 1 ) أن يكون هناك منقول . ( 2 ) وأن يخضع هذا المنقول لحيازة صحيحة . ( 3 ) وأن يصحب هذه الحيازة سبب صحيح . ( 4 ) وأن تقترن الحيازة بحسن النية ( [2196] ) .
440 - الشرط الأول – المنقول الذى تنطبق عليه القاعدة – المنقول المادى : تنطبق القاعدة على كل منقود مادى ، أى كل شئ يمكن أن ينتقل من مكان إلى آخر دون تلف ، فيدخل فى ذلك العروض الحيوانات والمأكولات والمشروبات وأثاث المنزل والبضائع والكتب والورق والأقلام والسيارات والمركبات وأكشاك الأٍسواق والمعارض وخيام البدو الرحل وخيام الكشافة ومواد البناء ما دامت لم تشيد والأنقاض المتهدمة من البناء وغير ذلك من المنقولات $ 1127 $ المادية ( [2197] ) . وتعبر النسخة الأصلية من المصنف ( manuserit ) منقولاً مادياً فتنطبق عليه القاعدة ، ومن ثم إذا اشتراها شخص حسن النية من غير المالك تملكها بالحيازة . ولكن لا يترتب على انتقال الملكية إلى الحائز أن تنتقل إليه حقوق المؤلف ، ولا يكون له الحق فى نشر المصنف ، ومن جهة أخرى لا يجوز للمؤلف أن يلزم الحائز بأن يمكنه من نسخ النسخة الأصلية إلا باتفاق معه ( [2198] ) . ويستثنى من المنقولات المادية فلا يخضع للقاعدة : ( 1 ) المنقولات المعتبرة من الأملاك العامة ، لأنها غير قابلة للتملك فلا يجوز تملكها بالحيازة . ويدخل ضمن هذه المنقولات المستندات والوثائق المحفوظة لذى الوزارات والمصالح المختلفة أو دار المحفوظات العامة ، والتحف والتماثيل والصور المعروضة بالمتاحف العامة ، والتماثيل والمنقولات الأثرية ( [2199] ) ، والكتب والمخطوطات الموجودة بالمكتبات العامة ، والذخائر والأسلحة والمهمات الحربية ، وكل منقول آخر خصص للمنفعة العامة ( [2200] ) . وتستطع الدول أن الشخص العام أن يسترد هذه المنقولات من أى حائز لها ولول كان حسن النية وتوافرت فيه شروط تملك المنقول بالحيازة ، ويستردها فى أى وقت كان ولو بعد انقضاء خمس عشرة سنة أو أكثر ( [2201] ) . ( 2 ) المنقولات الخاضعة للقيد أو المنقولات ذات $ 1128 $ الطبيعة الخاصة : وأهم هذه المنقولات هى السف والطائرات ، إذ يمكن تعيين مكان ثابت لها لا يتغير تقيد فيه السفينة أو الطائرة ، كما تقيد التصرفات الواردة على أى منهما ، والقيد ( immatriculation ) هنا يعدل التسجيل ( transcriptoin ) أو القيد ( inscription ) فى العقارات . ومن ثم لا تنتقل ملكية هذه المنقولات ما لم يشهر التصرف ، فهى منقولات تلحق بالعقارات من هذه الناحية ، وهى كالعقارات لا تخضع لقاعدة تملك المنقول بالحيازة ( [2202] ) .
وما دام المنقول المادى هو الذى يخضع للقاعدة على النحو الذى قدمناه ، فلا تخضع لها إذن العقارات بطبيعتها . كذلك لا يخضع لها العقار بالتخصيص ، وهو المنقول الذى يضعه صاحبه فى عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله ، وما دام هذا المنقول ملحقاً بالعقار ، فإنه يسترده مع العقار بدعوى الاستحقاق ( [2203] ) ، ولا تحول دون ذلك قاعدة تملك المنقول بالحيازة لو أن حائزاً حسن النية حاز العقار وما ألحق به من عقار بالتخصيص ( [2204] ) . ولكن $ 1129 $ إذا فصل العقار بالتخصيص عن العقار ، فإنه يرجع منقولاً بطبيعته كما كان قبل إلحاقه بالعقار ، ومن ثم يخض للقاعدة يصح تملكه بالحيازة . فإذا استأجر شخص أرضاً زراعية بما عليه من مواش وآلات زراعية مملوكة لصحاب الأرض ، وفصل المستأجر ماشية أو آلة زراعية منها وباعها لمشتر حسن النية ، فإن هذا المشترى يملك الماشية أو الآلة الزراعية بمجرد الحيازة ، ولا يجول دون ذلك أن الماشية أو الآلة الزراعية كانت فى الأصل عقاراً بالتخصيص ما دامت قد فصلت عن الأرض ( [2205] ) .
ولا يخضع للقاعدة الحقوق الشخصية ، كالديون ( creances ) والأوراق التجارية ( effets de cxommeree ) ، فإن الديون تنتقل بالحوالة ( cession de creance ) ، والأوراق التجارية تنتقل بالتحويل ( transfert ) أو بالتظهير ( condossement ) ( [2206] ) . ويستثنى من ذلك السندات لحاملها ، فسنرى ( [2207] ) أنها تخضع للقاعدة ويجوز تملكها بالحيازة .
ولا تخضع للقاعدة المجموع من المال ( universalite ) ، لأنه لا يقبل الحيازة . ومن ثم لا يخضع للقاعدة المتجر ( fonds de commerce ) ( [2208] ) $ 1130 $ ولا التركة ولو لم تشتمل إلا على منقولات فإن الطالبة بالتركة إنما تكون بدعوى الإرث لا بدعوى الاستحقاق ( [2209] ) .
441 - السند لحامله : رأينا ( [2210] ) أن الفقرة الأولى من المادة 976 مدنى تقول : " من حاز بسب صحيح منقولاً أو حقاً عينياً على منقول أو سنداً لحامله . . . " . فألحق السند لحامله ( titre au porteur ) بالمنقول فى تطبيق المادة 976 مدنى ، فإذا انتقلت إلى شخص حسن النية حيازة سند لحامله بسبب صحيح تملك هذا السند بمجرد الحيازة . والسند لحامله هو حق شخص ( creance ) الدائن فيه هو أى شخص يحمل السند ، فينتقل هذا الحق لا عن طريق الحوالة ( cession de creance ) كما تنتقل الحقوق الشخصية ، ولا عن طريق التحويل ( transfert ) كما تنتقل السندات الاسمية ( titres nominatfs ) ، ولا عن طريق التظهير ( endossement ) كما تنتقل السندات الإذنية ( titres a ordre ) ، بل عن طريق المناولة من يد إلى يد ، فأى شخص يحمل السند يكون هو الدائن كما قدمنا . وعلى ذلك يختلط الحق الشخصى فى السند لحامله بالورقة ذاتها التى تثبت السند ، ويصبحان شيئاً مادياً واحداً هو هذه الورقة التى أثبتت فيها السند . ويتجسد الحق الشخصى فى الورقة ، فتنتقل إليه ماديتها . ويصبح السند لحامله فى حكم المنقول المادى ، كل من يحوزه بحسن نية يعتبر مالكاً له كالمنقول سواء بسواء ومن أجل ذلك أدخل المشرع السند لحامله فى نطاق تطبيق المادة 976 مدنى ، شأنه فى ذلك شأن المنقول المادى ( [2211] ) .
وكما يخضع السند لحامله لقاعدة تملك المنقول بالحيازة ، كذلك تخضع " كوبوناته " ( conpms ) لنفس القاعدة . فمن حاز هذه الكوبونات بخسن نية وبسبب صحيح ، يصبح مالكاً لها ( [2212] ) .
وإذا ظهر السند الإذنى على بياض ( endosse en blanc ) ، فأصبح $ 1131 $ ينتقل بالمنازلة من يد إلى يد ، فإنه يأخذ حكم السند لحامله ، ويدخل كالسند لحامله فى نطاق تطبيق المادة 976 مدنى ( [2213] ) .
والأوراق النقدية ( billets de banqu ) هى فى الواقع سندات لحاملها ، ومن ثم تدخل فى نطاق تطبيق المادة 976 مدنى . فمن حاز بحسن نية وبسبب صحيح ورقاً نقدياً من غير مالكه ، فإنه يملكه . أما إذا كان سيئ النية ، فإن لمالك الورق النقدى ، على فرض أنه أمكن التعرف على ذاتية هذا الورق النقدى وهذا نادر ، أن يسترده منه بدعوى الاستحقاق . وكالورق النقدى النقود المعدنية ، إذا أمكن التعرف على ذاتيتها ( [2214] ) .
442 - الحقوق العينية على المنقول : ويدخل كذلك فى نطاق تطبيق المادة 976 مدنى الحقوق العينية على المنقول ( م 976 / 1 مدنى ) ، وذلك بشرط أن يكون الحق العينى على المنقول قابلاً للحيازة . ويقبل الحيازة من الحقوق العينية على المنقول حق الانتفاع بالمنقول وحق استعماله ، ورهن حيازة المنقول ، وحق الامتياز على المنقول .
فأما حق الانتفاع بالمنقول ( usufruit ) وحق استعماله ( usage ) ، فيكسبان ، كما تكسب ملكية المنقول نفسه ، بالحيازة إذا اقترنت بسبب صحيح وتوافر حسن النية عند الحائز . فإذا رتب غير المالك ، على منقول مادى ، لشخص حق انتفاع أو حق استعمال ، وتسلم هذا الشخص المنقول وهو حسن النية للانتفاع به أو لاستعماله ، فإنه يملك حق الانتفاع أو حق الاستعمال بالحيازة . والسبب الصحيح هنا هو عقد إنشاء حق الانتفاع أو حق الاستعمال ، وقد صدر من غير مالك المنقول . والاعتبارات التى بنى عليها تملك حق الانتفاع أو حق الاستعمال فى المنقول بالحيازة هى نفس الاعتبارات التى بنى عليها كسب ملكية المنقول نفسه بالحيازة : استقرار التعامل فى المنقول ومقتضيات سرعة التداول . قد نصت المادة 985 / 1 مدنى على أن " حق الانتفاع يكسب بعمل قانونى أو بالشفعة أو بالتقادم " ، وأغفل النص الحيازة فى المنقول سهواً ، ولا يشملها التقادم لأن التملك بالحيازة غير التملك بالتقادم كما سيأتى .
$ 1132 $
وأما حق رهن الحيازة فى المنقول ، فقد ورد فى شأنه نص صريح ، إذ نصت المادة 1118 مدنى على أن " 1 - الأحكام المتعلقة بالآثار التى تترتب على حيازة المنقولات المادية والسندات التى لحاملها تسرى على رهن المنقول . 2 - وبوجه خاص يكون للمرتهن إذا كان حسن النية أن يتمسك بحقه فى الرهن ولو كان الراهن لا يملك التصرف فى الشئ المرهون ، كما يجوز من جهة أخرى لكل حائز حسن النية أن يتمسك بالحق الذى كسبه على الشئ المرهون ولو كان ذلك لاحقاً لتاريخ الرهن " . وسيأتى تفصيل ذلك عند الكلام فى رهن الحيازة فى الجزء العاشر من الوسيط . ويكفى هنا أن نقرر أنه إذا رتب غير المالك على المنقول حق رهن حيازة لشخص تسلم المنقول على سبيل الرهن وهو حسن النية ، فإن هذا الشخص يصبح دائناً مرتهناً للمنقول ، لا بموجب عقد الرهن إذ هو صادر من غير المالك ، ولكن بموجب الحيازة الواقعة على حق الرهن لا على حق الملكية ، والسبب الصحيح هنا هو عقد الرهن الصادر من غير المالك . ويستطيع الحائز أن يحتج بهذا الرهن على المالك الحقيقى للمنقول ( [2215] ) . واستمرار التعامل فى المنقول ، هنا أيضاً ، هو الذى يبرر كيف يكسب الدائن حق رهن الحيازة فى المنقول بالحيازة ، إذا صدر الرهن من غير مالك المنقول ( [2216] ) . وتتبين أهمية ذلك بوجه خاص بالنسبة إلى بنوك الرهون ، فهى تقرض المدينين وتأخذ ضماناً للقرض رهن حيازة على منقول يقدمه المدين ، كسندات لحاملها أو مجوهرات أو غير ذلك من المنقولات . ولا يستطيع الدائن أن يثبت مما إذا كان المدين هو المالك للمنقولات المرهونة ، فمن حقه أن يستند إلى حيازة المدين الراهن للمنقول ليطمئن إلى أنه هو المالك ، وإلا لما استقر التعامل ، ولتعطل هذا الوجه من وجوه الائتمان .
وأما حق الامتياز على المنقول ، فإنه يثبت بالحيازة مع حسن النية حيث $ 1133 $ يكون حق الرهن مبيناً على فكرة الرهن الضمنى ، فيأخذ حكم رهن الحيازة على النحو الذى قدمناه . من ذلك امتياز المؤجر على المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة ، فإنه يثبت " ولو كانت المنقولات مملوكة لزوجة المستأجر أو كانت مملوكة للغير ، ولم يثبت أن المؤجر كان يعلم وقت وضعها فى العين المؤجرة بوجود حق للغير عليها ، وذلك دون إخلال بالأحكام المتعلقة بالمنقولات المسروقة أو الضائعة " ( م 1143 / 2 مدنى ) . ومن ذلك أيضاً امتياز صاحب الفندق على أمتعة النزيل ، فيقع الامتياز على الأمتعة " ولو كانت غير مملوكة للنزيل ، إذا لم يثبت أن صاحب الفندق كان يعلم وقت إدخالها عنده بحق الغير عليها . بشرط ألا تكون تلك الأمتعة مسروقة أو ضائعة " ( [2217] ) ( م 1144 / 2 مدنى ) .
443 - الشرط الثانى - الحيازة : ويجب أن يحوز الشخص المنقول حيازة صحيحة ، حتى يتملكه . والحيازة هنا هى سبب كسب ملكية المنقول ، أو سبب كسب الحق العينى على المنقول كحق الانتفاع وحق رهن الحيازة .
وحتى تكسب الحيازة الحائز الملكية أو الحق العينى ، يجب أن تكون حيازة حقيقية ، وأن تكون متوافرة على عنصرها المعنوى إلى جانب هذا العنصر المادى ، وأن تكون خالية من العيوب . وقد قدمنا مثل ذلك فى الحيازة عندما تقوم بدورها الآخر ، كطريق للإثبات لا كسبب الملكية ( [2218] ) .
فيجب أن تكون الحيازة حيازة حقيقية ( reelle ) ، فحيازة المنقول حيازة رمزية لا تكفى كما إذا تسلم الشخص البضائع المعهود بها إلى أمين النقل $ 1134 $ أو المودعة فى المخازن عن طريق تسلم سنداتها ( [2219] ) . كذلك لا تعتبر حيازة المشترى للمنقول المبيع حيازة حقيقية ، إذا هو تركه فى يد البائع يحوزه نيابة عنه ( constitute possessoire ) . ويعتبر حيازة حقيقية تسلم الحائز مفاتيح الصندوق الذى أودع فيه المنقول ، بحيث يستطيع الاستيلاء عليه فى أى وقت شاء ( [2220] ) . وكون الحيازة حيازة حقيقية من مسائل الواقع ، يستقل بتقديرها قاضى الموضوع ( [2221] ) .
ويجب أن تكون الحيازة حيازة أصلية ( animo domini ) لا حيازة عرضية ( precaire ) ، فيجب أن يحوز الحائز لحساب نفسه لا لحساب الغير ، وبنية التملك أو بنية كسب الحق العينى محل الحيازة . ويفترض فى الحيازة أن تكون حيازة أصلية لا حيازة عرضية ، وعلى مدعى الاستحقاق أن يثبت العكس ، فيثبت أن الحائز لا يحوز لحساب نفسه بل لحسان غيره . فإذا أثبت $ 1135 $ مثلاً أن الحائز إنما يحوز المنقول على سبيل الوديعة أو العارية أو الإيجار أو الوكالة ، فقد أثبت أن الحيازة حيازة عرضية ليس من شأنها أن تكسب الحائز العرضى الملكية أو الحق العينى ( [2222] ) .
ويجب أخيراً أن تكون الحيازة خالية من العيوب ، أى أن تكون حيازة غير متقطعة غير مصحوبة بإكراه وغير خفية وغير غامضة . ولما كان شرط تملك المنقول بالحيازة أن يكون الحائز حسن النية ، فإن حسن النية بتنافى مع أن تكون الحيازة مصحوبة بإكراه أو أن تكون خفية . وكذلك لا يتصور أن تكون الحيازة متقطعة ، فإن مجرد الحيازة الحقيقية هنا ولو لحظة واحدة يكفى لكسب الملكية أو الحق العينى . فليس هناك متسع من الوقت لتقطع الحيازة . بقى عيب الغموض ، والغالب أن إثبات نية التملك ينفى أن تكون الحيازة غامضة . وعلى ذلك إذا أثبت الحائز أن حيازته حيازة حقيقية مقترنة بنية التملك ، فيغلب أن يتضمن ذلك إثبات أن الحيازة خالية من العيوب ( [2223] ) .
444 - الشرط الثالث - السبب الصحيح : لا يعتبر السبب الصحيح فى القانون الفرنسى شرطاً لتملك المنقول بالحيازة ، أو فى القليل لا يعتبر شرطاً مستقلاً عن شرط حسن النية بل هو يندمج فى هذا الشرط الأخير . ذلك بأن الحائز حسن النية إنما يعتمد عادة فى حسن نيته على اعتقاده أنه تلقى ملكية المنقول من المالك بتصرف قانونى من شأنه أن ينقل إليه الملكية ، وهذا التصرف القانونى هو السبب الصحيح ، فهو إذن عنصر من عناصر حسن النية وليس بشرط مستقل ( [2224] ) ، وينبنى على ذلك أن التصرف القانونى الباطل والتصرف القانونى الظنى ، وكل منهما ليس له وجود قانونى ، يصلحان لأن يستند إليهما الحائز فى حسن نيته متى اعتقد أن الملكية قد انتقلت إليه بأى منهما ( [2225] ) . أما إذا $ 1136 $ كان التصرف القانونى قابلاً للإبطال وعلم الحائز بذلك ، فإن هذا العلم لا ينفى حسن نيته ( [2226] ) . وقد استعبد السبب الصحيح شرطاً مستقلاً فى القانون الفرنسى على النحو الذى قدمناه إذ لم يرد له أى ذكر فى المادة 2279 / 1 مدنى فرنسى ، فهذا النص يقتصر على القول بأن الحيازة فى المنقول سند الملكية ( En fait de meubles, la possession vaut titre ) . فلم يذكر النص لا السبب الصحيح ، ولا حسن النية . ولكن شرط حسن النية قد ورد فى نص آخر هو المادة 1141 مدنى فرنسى ، ويعتبر هذا النص تطبيقاً للقاعدة ، ومن ثم استعير منه شرط حسن النية وكمل به نص المادة 2279 / 1 . أما شرط السبب الصحيح فلم يرد ذكره ، لا فى المادة 2279 / 1 كما قدمنا ، ولا فى أى نص آخر . وهذا بخلاف التقادم المكسب القصير فى العقار ، فقد نصت المادة 226 مدنى فرنسى صراحة على أن يتشرط فيه وجود السبب الصحيح .
ويختلف التقنين المدنى المصرى عن التقنين المدنى الفرنسى اختلافاً واضحاً فى هذا الشأن . فقد اشترطت المادة 976 مدنى مصرى صراحة وجود السبب الصحيح لتملك المنقول بالحيازة ، فقد رأيناها ( [2227] ) تقول : " 1 - من حاز بسبب صحيح . . . 2 - فإذا كان حسن النية والسبب صحيح . . . 3 - والحيازة فى ذاتها قرينة على وجود السبب الصحيح . . . " . ( [2228] ) وعلى ذلك يكون السبب الصحيح ، فى القانون المصرى ، شرطاً قائماً بذاته ومستقلاً عن شرط حسن النية لتملك المنقول بالحيازة .
وقد بحثنا السبب الصحيح كشرط مستقل من شروط التقادم المكسب $ 1137 $ القصير فى العقار ، وما قلناه هناك ( [2229] ) ينطبق هنا . فالسبب الصحيح هو تصرف قانونى ( acte juridique ) ناقل للملكية ( [2230] ) ، ولكنه مع ذلك لم ينقلها للحائز لأنه صادر من غير مالك ، وكان ينقلها لو أنه صدر من المالك ( [2231] ) . ولا يقتصر السبب الصحيح على التصرف الناقل للملكية ، فكل تصرف ناقل أو منشئ لحق عينى منقول آخر قابل لأن يكسب بالحيازة ، كحق الانتفاع فى المنقول وحق رهن الحيازة فى المنقول ، إذا صدر من غير صاحب هذا الحق ، يعتبر هو أيضاً سبباً صحيحاً . وإذا كان التصرف القانونى الصادر من المتصرف إلى الحائز يجب أن يكون " سبباً صحيحاً " على النحو السالف الذكر ، فإن سند المتصرف نفسه الذى استند إليه فى تصرفه للحائز لا يعتد به . فقد يكون هذا المتصرف ليس عنده سبب صحيح ولكنه حسن النية يعتقد أنه يملك المنقول الذى يتصرف فيه ، وقد يكون حائزاً عرضياً كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده أو وكيل وقد باع المنقول للحائز فيكون سيئ النية . فيستوى إذن أن يكون المتصرف حسن النية أو سيئ النية ، ويستوى أن يكون حائزاً أصيلاً أو حائزاً عرضياً أو غير حائز أصلا ، والمهم فيه أن يكون غير مالك للمنقول أو غير صاحب الحق العينى المنقول الذى تصرف فيه للحائز . وقد رأينا فيما يتقدم ( [2232] ) ما يعتبر سبباً صحيحاً وما لا يعتبر . فيعتبر سبباً صحيحاً بوجه خاص البيع والمقايضة والهبة والوصية بمنقول معين بالذات ورسو مزاد المنقول المحجوز عليه ( [2233] ) والوفاء بمقابل وتقديم الشريك منقولاً حصة له فى الشركة ، ولا يعتبر $ 1138 $ سبباً صحيحاً بوجه خاص الميراث والعقود التى ليس من شأنها أن تنقل الملكية ( كالإيجار والعارية والوديعة والوكالة ) والتصرفات الكاشفة عن الملكية ( كالقسمة الاختيارية والصلح ) والحكم القضائى . وقدمنا ( [2234] ) أن التصرف القانونى الباطل من ناحية الشكل أو من ناحية الموضوع ليس له وجود قانونى ، لفلا يعتبر سبباً صحيحاً . وكذلك لا يعتبر سبباً صحيحاً التصرف القانونى الظنى ، لأنه هو أيضاً ليس له وجود قانونى ( [2235] ) . أما التصرف القانونى القابل للإبطال فإنه يصلح أن يكون سبباً صحيحاً ، لأنه كان ينقل الملكية لو أنه صدر من المالك ( [2236] ) . وكذلك يصلح أن يكون سبباً صحيحاً التصرف القانونى المعلق على شرط فاسخ ، كما يصلح أن يكون سبباً صحيحاً التصرف القانونى المعلق على شرط واقف ولكن من وقت تحقق الشرط ( [2237] ) .
ولكن السبب الصحيح فى تملك المنقول بالحيازة يختلف عن السبب الصحيح فى تملك العقار بالتقادم المكسب القصير فى أمرين : ( 1 ) لا يسجل السبب الصحيح فى تملك المنقول بالحيازة لأن التسجيل لا يكون إلا فى العقار ، أما السبب الصحيح فى تملك العقار بالتقادم المكسب القصير فيجب تسجيله كما أسلفنا القول ( [2238] ) . ( 2 ) فى إثبات السبب الصحيح فى تملك العقار بالتقادم المكسب القصير ، قدمنا ( [2239] ) أن السبب الصحيح لا يفترض وجوده ، لذلك كان من الواجب إثباته ، ويقع عبء الإثبات على الحائز الذى يتمسك بالتقادم ، ويثبته طبقاً للقواعد العامة فى الإثبات . أما فى تملك المنقول بالحيازة ، فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 976 مدنى كما رأينا ( [2240] ) على ما يأتى : " والحيازة فى ذاتها قرينة على وجود السبب الصحيح وحسن النية ، ما لم يقم $ 1139 $ بدليل على عكس ذلك " . ونرى من هذا النص أن حائز المنقول لا يكلف إثبات وجود السبب الصحيح ، فمجرد حيازته للمنقول يفترض وجود هذا السبب . وإذا نازع المالك الحقيقى للمنقول فى وجود السبب الصحيح ، فعليه هو أن يثبت أنه غير موجود ، أو أنه تصرف قانونى باطل أو تصرف قانونى ظنى ليس لأى منهما وجود قانونى . ولا يكفى أن يثبت أن التصرف القانونى قابل للإبطال أو معلق على شرط ، فقد قدمنا أن التصرف القانونى فى هاتين الحالتين يصلح أن يكون سبباً صحيحاً .
445 - الشرط الرابع - حسن النية : ويشترط أخيراً فى الحائز ، حتى يتملك المنقول بالحيازة ، أن يكون حسن النية ، وفى هذا تقول المادة 976 / 1 مدنى كما رأينا ( [2241] ) : " من حاز بسبب صحيح منقولاً . . . فإنه يصبح مالكاً له إذا كان حسن النية وقت حيازته " . ومعنى حسن النية هنا هو نفس معناه فى تملك العقار بالتقادم المكسب القصير ( [2242] ) : أن يكون الحائز قد اعتقد أنه يتلقى ملكية المنقول من المالك ( [2243] ) . فحسن النية إذن غلط يقع فيه الحائز يدفعه إلى الاعتقاد بأن المتصرف هو مالك المنقول ، على أن يكون هذا الغلط مغتفراً حتى يستقيم مع حسن النية ، فإذا كان غير مغتفر فإنه ينفى حسن النية ( [2244] ) . ويستوى أن يكون الغلط فى الواقع أو فى القانون ( [2245] ) . وفى جميع الأحوال يجب أن يكون حسن النية كاملاً ، فأى شك يقع فى نفس الحائز فى أن المتصرف قد لا يكون هو مالك المنقول ينفى حسن النية .
وعلم الحائز بالعيوب التى تشوب سند من تلقى منه الملكية ، وأن هذا السند باطل أو قابل للإبطال أو قابل للفسخ أو معرض للإلغاء بأى وجه من الوجوه ، $ 1140 $ بنفى حسن النية الواجب توافره عند الحائز ( [2246] ) . أما العيوب التى تشوب السبب الصحيح نفسه أى التصرف القانونى الصادر للحائز ، فمنها عيب لابد للحائز من أن يجهله ، وهو أن يكون التصرف صادراً من غير المالك . إذا لابد أن يعتقد الحائز أن التصرف صادر من المالك ، حتى يكون حسن النية كما أسلفنا . بقيت العيوب الأخرى التى تشوب السبب الصحيح ، ومن هذه ما يجعل التصرف القانونى غير صالح لأن يكون سبباً صحيحاً كالتصرف الباطل والتصرف الظنى ، وسواء علم بها الحائز أو لم يعلم فإن السبب الصحيح غير موجود ، فلا محل إذن للبحث فيما إذا كان العلم بها ينفى حسن النية أو لا ينفيه إذ فى الحالتين لا يستطيع الحائز أن يتملك المنقول بالحيازة لانعدام السبب الصحيح . فإذا كان العيب الذى يشوب السبب الصحيح لا يمنع من صلاحيته لأن يكون سبباً صحيحاً ، وذلك كأن يكون التصرف قابلاً للإبطال لنقص فى الأهلية أو لعيب فى الرضاء أو قابلاً للفسخ أو معلقاً على شرط واقف أو معلقاً على شرط فاسخ ، فعلم الحائز بمثل هذه العيوب لا ينفى حسن نيته . ذلك لأن حسن النية هو ، كما قدمنا ، ليس الجهل بجميع عيوب السبب الصحيح ، بل الجهل بعيب واحد منها فقط هو أن التصرف صادر من غير المالك . أما وقد جهل الحائز هذا العيب ، فهو حسن النية ، سواء كان لا يعلم بالعيوب الأخرى أو كان يعلم بها ( [2247] ) .
أما الوقت الذى يجب أن يتوافر فيه حسن النية ، فقد نصت المادة 976 / 1 مدنى كما رأينا ( [2248] ) فى هذا الصدد على أن " من حاز بسبب صحيح منقولاً . . . فإنه يصبح مالكاً له إذا كان حسن النية وقت حيازته " . فالعبرة إذن ، فى توافر حسن النية فى تملك المنقول بالحيازة ، بوقت حيازة المنقول ، لا بوقت $ 1141 $ تلقى الحق كما هو الأمر فى تملك العقار بالتقادم المكسب القصير ( [2249] ) . وعلى ذلك إذا كان الحائز حسن النية وقت تلقى الحق ، ولكنه أصبح سيئ النية عند بدء الحيازة ، فإنه لا يعتبر حسن النية ولا يتملك المنقول بالحيازة ( [2250] ) . ولما كان يصعب أن نتصور الفرض العكسى ، وهو أن يكون الحائز سيئ النية وقت تلقى الحق ثم يصبح حسن النية وقت الحيازة ( [2251] ) ، فإن الذى يقع عملاً هو أن يكون الحائز حسن النية من وقت تلقى الحق إلى وقت بدء الحيازة ( [2252] ) . ذلك لأن الحائز إنما يتملك المنقول بمجرد الحيازة ، ولا يشترط أن تدون الحيازة وقتاً ما ، ومن ثم تشدد القانون فى تحديد الوقت الذى يجب أن يتوافر فيه حسن النية فجعله وقت بدء الحيازة ، حتى يشمل وقت تلقى الحق ووقت بدء الحيازة معاً . أما فى تملك العقار بالتقادم المكسب القصير ، فإن الحائز يجب أن يستمر فى حيازته خمس سنوات حتى يتملك العقار ، فاقتصر القانون فى الوقت الذى $ 1142 $ يجب أن يتوافر فيه حسن النية على وقت تلقى الحق . وينبغى على ما قدمناه أن الموصى له بمنقول ، إذا كانت الوصية صادرة من غير المالك ، يجب حتى يتملك المنقول بالحيازة أن يكون حسن النية وقت تسلمه المنقول الموصى به ، ولا يكفى حسن نيته وقت موت الموصى ، بل ولا وقت قبول الوصية . وإذا حدث أن المنقول كان فى حيازة الحائز قبل صدور السبب الصحيح ، كأن تسلمه بعقد إيجار ثم اشتراه من المؤجر وكان هذا لا يملك المنقول ، أو تسلمه بتصرف قانونى معلق على شرط واقف ثم تحقق الشرط ، وجب أن يتوافر حسن النية وقت الحيازة ، ولكن لا فى وقت بدايتها ، بل فى الوقت الذى اشترى فيه الحائز المنقول أو فى الوقت الذى تحقق فيه الشروط الواقف .
وحسن النية يفترض دائماً ، ما لم يتم الدليل على العكس ( م 965 مدنى ) . وقد طبقت المادة 976 / 3 مدنى هذا المبدأ تطبيقاً خاصاً فى تملك المنقول بالحيازة ، فنصت كما رأينا ( [2253] ) على ما يأتى : " والحيازة فى ذاتها قرينة على وجود السبب الصحيح وحسن النية ، ما لم يتم الدليل على عكس ذلك " . وعلى ذلك لا يكلف حائز المنقول أن يثبت إلا الحيازة وحدها ( [2254] ) ، فإذا ما أثبتها افترض القانون أن هذه الحيازة مقترنة بحسن النية ومصحوبة بالسبب الصحيح ( [2255] ) . ويستوى أن يكون الغلط الذى وقع فيه الحائز من أن المتصرف فى المنقول هو المالك له غلطاً فى الواقع أو غلطاً فى القانون ، نفى الحالتين يفترض فى الحائز أنه حسن النية حتى يقيم المالك الحقيقى للمنقول الدليل على العكس ( [2256] ) . فإذا ادعى هذا المالك أن الحائز سيئ النية وأنه كان يعلم وقت بدء الحيازة أن المتصرف غير مالك ، فعلى المالك يقع عبء إثبات ذلك . وله أن يثبت سوء نية الحائز بجميع $ 1143 $ طرق الإثبات لأن سوء النية واقعة مادية فيجوز إثباتها بالبينة والقرائن ( [2257] ) . وكثيراً ما يلجأ المالك ، فى إثبات سوء نية الحائز ، إلى إثبات أن الحائز لم يتخذ الاحتياطات البديهية التى تمليها الظروف الملابسة للتثبت من ملكية المتصرف للمنقول . ويتخذ من ذلك قرينة على أن الحائز كان يعلم ، أو كان ينبغى أن يعلم ، أن المتصرف غير مالك للمنقول ، وأن الغلط الذى وقع فيه فى هذا الشأن كان غلطاً غير مغتفر ، مما ينتفى معه حسن النية ( [2258] ) .
ب - الآثار التى تترتب على تطبيق القاعدة
446 - الأثر المكسب والأثر المسقط : إذا توافرت الشروط الأربعة التى بسطناها فيما تقدم ، فإن الحائز للمنقول أو للحق العينى المنقول يصبح مالكاً للمنقول أو صاحباً للحق العينى ، وهذا هو الأثر المكسب للقاعدة . وإذا كان المنقول مثقلاً بتكاليف أو قيود عينية ، كرهن حيازة أو حق انتفاع ، ووضع الحائز يده على المنقول باعتباره خالياً من هذه التكاليف والقيود ، فإنه يتملك المنقول خالصاً منها ، إذ هى تسقط أيضاً بالحيازة ، وهذا هو الأثر المسقط للقاعدة .
447 - الأثر المكسب : وقد رأينا فيما تقدم أن الحائز للمنقول بسبب صحيح وبحسن نيته ، يكسب ملكيته بمجرد الحيازة ومن ثم كانت الحيازة وحدها سبباً من أسباب كسب ملكية المنقول ، ولم يكسب الحائز الملكية بالسبب الصحيح لأنه صادر من غير مالك ، وإنما كسبها بالحيازة المصحوبة بالسبب الصحيح والمقترنة بحسن النية .
وهذا هو الحكم أيضاً فيما إذا وضع الحائز يده على حق عينى فى منقول ، كحق انتفاع أرض رهن حيازة . فالحائز يكسب حق الانتفاع أو حق رهن الحيازة ، لا بالسبب الصحيح لأنه صادر ممن لا يملك ترتيب هذا الحق ، بل بالحيازة المصحوبة بالسبب الصحيح والمقترنة بحسن النية .
$ 1144 $
فإذا رفع المالك الحقيقى للمنقول دعوى استحقاق يطالب بموجبها الحائز برد المنقول إليه ، كان للحائز أن يدفع دعوى الاستحقاق هذه بأنه تملك المنقول بالحيازة ، أو تملك بها حق الانتفاع أو حق رهن الحيازة . فلا يستطيع المالك أن يسترد المنقول أصلاً من الحائز ، أو لا يستطيع أن يسترده إلا مثقلاً بحق الانتفاع أو بحق رهن الحيازة لمصلحة الحائز ( [2259] ) . وهذا بخلاف ما إذا كانت شروط القاعدة لم تتوافر ، فإن المالك الحقيقى فى هذه الحالة يستطيع أن يسترد المنقول من تحت يد الحائز غير مثقل بأى حق عينى ، وذلك بموجب دعوى الاستحقاق . ولا يستطيع الحائز أن يرد هذه الدعوى إلا إذا تملك المنقول أو الحق العينى بالتقادم المكسب الطويل ، أى بعد حيازة تدوم خمس عشرة سنة وفقاً للقاعدة المقررة فى هذا التقادم ( [2260] ) .
ويستطيع الحائز الذى تملك المنقول بالحيازة وفقاً للقواعد التى بسطناها فيما تقدم ، ليس فحسب دفع دعوى الاستحقاق التى يرفعها عليه المالك الحقيقى ، بل أيضاً دفع دعوى الإبطال أو الفسخ التى يرفعها عليه شخص باع مثلاً المنقول لشخص آخر بعقد قابل للإبطال أو الفسخ ، واشترى الحائز هذا المنقول من المشترى ، ثم أبطل البائع الأول البيع أو فسخه ، وطالب الحائز برد المنقول المبيع مستنداً إلى الأثر الرجعى للإبطال أو الفسخ ، ذلك لأن البائع الأول ، لما أبطل البيع أو فسخه ، جعل المشترى منه غير مالك للمنقول ، ويكون البيع الصادر من هذا الأخير للحائز صادراً من غير مالك . فتتوافر فى الحائز ، إذا كان حسن النية لا يعلم بسبب الإبطال أو الفسخ ، شروط تملك المنقول بالحيازة . ومن ثم يستطيع أن يرد دعوى البائع الأول ، فإن هذه الدعوى ليست فى الواقع من الأمر ، بعد الإبطال أو الفسخ ، إلا دعوى استحقاق يجوز للحائز ردها إذا أنه تلك المنقول بالحيازة ( [2261] ) .
وعلى العكس من ذلك ، لا يحول تملك الحائز للمنقول بالحيازة دون الدعاوى الشخصية الناشئة من عيوب السبب الصحيح . فإذا كان السبب الصحيح أى التصرف القانونى الذى تلقى به الحائز الحيازة من غير المالك ، قابلاً للإبطال $ 1145 $ أو للفسخ ، فإن غير المالك الذى تصرف فى المنقول للحائز يستطيع أن يرفع هذه الدعاوى الشخصية على الحائز . وإذا كان المالك الحقيقى دائناً لمن تصرف فى المنقول بسبب أن هذا الأخير قد انتزع منه الحيازة أو تصرف فى منقول لا يملكه ، فإن المالك الحقيقى يستطيع أن يرفع دعوى الإبطال أو دعوى الفسخ باسم مدينه ، فيسترد المنقول لهذا المدين ، ثم يسترده منه بدوره بدعوى استحقاق يرفعها عليه ( [2262] ) .
448 - الأساس القانونى الذى يقوم عليه الأثر المكسب - نظرية التقادم الفورى : بقى أن نعرف على أى أساس قانونى يقوم تملك الحائز للمنقول .
هناك نظرية قديمة تذهب إلى أن الحائز يتملك المنقول بالتقادم ، ولما كان الحائز ليس فى حاجة حتى يتملك المنقول إلى أن تدون الحيازة وقتاً ما ، فإن التقادم هنا يكون تقادماً فورياً ( prescription instantance ) لا يحتاج إلى مرور الزمن . والقائلون بهذه النظرية من الفقهاء الفرنسيين ( [2263] ) تأثروا كثيراً بالمكان الذى وردت فيه المادة 2279 فى التقنين المدنى الفرنسى . فقد ورد هذا النص ضمن النصوص التى عرضت للتقادم وفى الفصل ذاته الذى أورد مدد التقادم ، متدرجاً من التقادم الطويل ومدته ثلاثون سنة ، إلى التقادم المكسب القصير ومدته من عشر إلى عشرين سنة ، إلى أنواع أخرى من التقادم تتفاوت مددها من خمس سنوات إلى ستة أشهر ، حتى وصل إلى المادة 2279 وفيها التقادم لا تدون مدته إلا لحظة واحدة . ويقول هؤلاء الفقهاء إن هذا يتفق مع التطور التاريخى الذى مرت به قاعدة تملك المنقول بالحيازة . فقد كان المنقول فى القانون الرومانى تكسب ملكيته بالتقادم كالعقار ، وانتقلت هذه القاعدة من القانون الرومانى إلى القانون الفرنسى القديم فى بعض عهوده . واقتضى استقرار التعامل فى المنقول إنقاص مدة التقادم فيه شيئاً فشيئاً ، ثم انتهى الأمر إلى إلغاء المدة بتاتاً . ولم تتغير طبيعة نظام تملك المنقول بإلغاء المدة ، فلا يزال المنقول يتملكه الحائز بالتقادم وإن أصبحت مدته لحظة واحدة . ولا يزال الحائز $ 1146 $ كما هو الأمر فى كل تقادم مكسب ، يكسب ملكية الشئ ويجرد المالك الحقيقى منها لاعتبارات تتعلق باستقرار التعامل .
وهذه النظرية بادية الضعف ، ولم يعد يقول بها أحد من الفقهاء المحدثين . ذلك أن التقادم معناه مرور الزمن ، والتقادم بغير مرور الزمن لا يكون تقادماً وعبارة " التقادم الفورى " عبارة ينقض بعضها بعضاً إذ أن التقادم ينفى الفورية . والقول بأن الحيازة هنا تدوم لحظة واحدة فيتحقق التقادم قول لا يقوم على أساس ، إذ أن التقادم يقتضى مرور الزمن ، ومرور الزمن لا يتحقق إلا إذا دامت الحيازة وقتاً ما ولو كان قصيراً . فإن تدون الحيازة لحظة واحدة ويقال إن هذا هو مرور الزمن ، ومرور الزمن لا يتحقق إلا إذا دامت الحيازة وقتاً ما ولو كان قصيراً . فأن تدوم الحيازة لحظة واحدة ويقال إن هذا هو مرور الزمن ، فمتى إذن تقوم حيازة دون أن يصحبها مرور الزمن! وأما المكان الذى اختاره التقنين المدنى الفرنسى لتملك المنقول بالحيازة بين النصوص المتعلقة بالتقادم ، فلا يفيد حتماً أن تملك المنقول بالحيازة يقوم على أساس التقادم . فقد يورد المشروع نصاً يقوم على أساس معين ، ثم يودر إلى جانبه نصاً يقوم على أساس مناقض للأساس الأول ، ويكون الجامع بين النصين جامع الضدية لا جامع التماثيل . ومنذ كان المنقول ، فى القانون الرومانى وفى بعض عهود القانون الفرنسى القديم ، يملك بحيازة تدوم وقتاً معيناً ، كان تملكه يقوم على أساس التقادم حقاً ، واستمر يقوم على أساس التقادم حتى بعد إنقاص المدة شيئاً فشيئاً ما دامت هناك مدة ما . فلما ألغيت المدة بتاتاً ، لم يعد يجوز القول إن تملك المنقول يقوم على أساس التقادم ، وإنما هو يقوم على أساس الحيازة وحدها مجردة من أية مدة للتقادم . وهذا ما قاله Bourjon نفسه ، وهو الفقيه الذى نقل عنه التقنين المدنى الفرنسى نص المادة 2279 / 1 ، إذ يقرر فى هذا الصدد : " إن التقادم ليس له أى اعتبار فى شأن المنقول ، إذ أن الحيازة وحدها بالنسبة إلى هذا النوع من المال تنتج كل آثار سند التملك المتكامل " ( [2264] ) .
449 - نظرية القرينة القانونية غير القابلة لإثبات العكس : وأبرز القائلين بهذه النظرية أوبرى ورو وبارتان ( [2265] ) ، فهم يقولون إن الحيازة بذاتها $ 1147 $ تنشئ على الفور لمصلحة حائز المنقول قرينة على ملكيته للمنقول . وهى قرينة مطلقة قاطعة غر قابلة لإثبات العكس ، ويستطيع الحائز بواسطتها أن يرد دعوى الاستحقاق التى ترفع عليه من المالك السابق للمنقول ( [2266] ) . فالحيازة إذن ، فى هذه النظرية ، لا تكسب بذاتها الملكية للحائز ، ولكنها تفترض أن الحائز يملك المنقول ملكية موجودة من قبل ، وليست الحيازة إلا قرينة على وجودها . وهذه القرينة لا يقبل من مدعى الاستحقاق دحضها بإثبات العكس وأنه هو لا الحائز الذى يملك المنقول ( [2267] ) ، فيقف مدعى الاستحقاق أمام هذه القرينة القاطعة عاجزاً لا يستطيع إثبات عكسها ، ومن ثم يخسر دعوى الاستحقاق ، ويحكم عليه برفضها ، ويقضى لحائز بالملكية .
وضعف هذه النظرية ، فى رأينا ، أننا لو أخذنا بأن الحيازة فى المنقول قرينة قاطعة على ملكية الحائز ، فإن من المسلم به فى القرائن القاطعة أن من وجدت هذه القرينة القاطعة فى مصلحته له أن ينزل عنها بالإقرار أو بالنكول عن اليمين ، فكل القرائن القاطعة قابلة للنقض بالإقرار أو اليمين . ولم يقل أحد إن لحائز المنقول أن ينزل عما رتبته الحيازة فى مصلحته من كسب ملك المنقول ، بأن يقر أن مدعى الاستحقاق كان هو المالك الحقيقى وأنه إنما تلقى المنقول من غير المالك وهو يعتقد أنه المالك ، أو بأن ينكل عن اليمين التى توجه إليه فى هذا الشأن . فملكية الحائز للمنقول ملكية باتة مستقرة ، لا تقبل النقض لا بالإقرار ولا باليمين . وهناك فرق بين القرينة القاطعة والقاعدة الموضوعية ، فالقرينة القاطعة هى قاعدة إثبات لا قاعدة موضوعية ، وإذا كانت لا تقبل إثبات العكس فإنه يجوز دائماً نقضها بالإقرار أو اليمين . أما القاعدة الموضوعية فلا يجوز نقضها حتى بالإقرار أو اليمين ، وهى إذا كانت تبنى كالقرينة القانونية على الكثرة الغالبة من الأحوال ، إلا أن عامل الراجح الغالب الوقوع $ 1148 $ فيها يختفى وراءها فتستغرقه ، ويكون منها بمثابة العلة من المعلول . فمتى تقررت القاعدة الموضوعية توارت العلة خلفها ولم يعد لها بعد ذلك مجال للظهور ، ومن ثم لا تجوز معارضة القاعدة الموضوعية بعلتها فقد اختفت هذه العلة واستغرقتها القاعد ، وهذا هو المعنى المقصود من أن القاعدة الموضوعية لا يجوز نقضها حتى بالإقرار أو اليمين ( [2268] ) . وقاعدة تملك المنقول بالحيازة قاعدة موضوعية لا قرينة قانونية قاطعة ، إذ هى كما قدمنا لا يمكن نقضها بالإقرار أو اليمين ( [2269] ) .
صحيح أن الحيازة فى المنقول قد تقوم قرينة قانونية على ملكية الحائز ، ولكن ليس ذلك فى الحيازة باعتبارها سبباً لكسب الملكية حين يتلقى الحائز المنقول من غير المالك ويرفع عليه المالك السابق دعوى الاستحقاق وهو الأمر الذى تبحثه هنا ( [2270] ) ، بل فى الحيازة باعتبارها طريقاً للإثبات حين يتلقى الحائز المنقول من المالك ويقع النزاع بينهما فيمن هو المالك . وعند ذلك تكون الحيازة قرينة قانونية ، ولكنها مع ذلك لا تكون قرينة قانونية قاطعة ، بل تقبل إثبات $ 1149 $ العكس ، وللمالك أن يثبت مثلاً أن حيازة الحائز حيازة عرضية أو أن هذه الحيازة لم تتوافر فيها الشروط المطلوبة ( [2271] ) .
450 - نظرية أن الحيازة وحدها هى التى تسكب حائز المنقول ملكية بحكم القانون : والنظرية الثالثة ، وهى النظرية الصحيحة فى نظرنا ، تذهب إلى أن الحيازة فى المنقول ليست قادماً كما تقول النظرية الأولى إذ لا يشترط فى الحيازة أن تدون وقتاً ما ، وليست مجرد قرينة ولو قاطعة على سبق وجود الملكية عند الحائز كما تقول النظرية الثانية إذ لو كانت مجرد قرينة لأمكن نقضها بالإقرار أو اليمين . وإنما الحيازة فى المنقول هى وحدها ، وبذاتها ، التى تكسب الحائز ملكية المنقول ، فالحيازة تكون على هذا الاعتبار سبباً من أسباب كسب الملكية . والقانون هو الذى جعلها كذلك ، فالحائز إذا تملك المنقول بالحيازة ، فإنما يكون ذلك بحكم القانون . ومن أجل ذلك يجعل القائلون بهذه النظرية تملك المنقول بالحيازة حالة من حالات التملك بحكم القانون ( un cas d,acquisition lege ) ( [2272] ) . وهى تشبه حالة التملك بالاستيلاء ( occupation ) ، فى أن القانون فى كل من الحالتين يجعل الحائز يتملك فوراً بالحيازة . ولكنها تخالفها فى أن تملك المنقول بالحياة يفترض أن المنقول كان مملوكاً لمالك سابق ، ولذلك تشدد القانون فاشترط أن تكون الحيازة مقترنة بحسن النية ( ومصحوبة بالسبب الصحيح فى القانون المصرى ) حتى تنتقل الملكية من المالك السابق إلى الحائز ، فى حين أن التملك بالاستيلاء يفترض أن المنقول لم يكن قبل الاستيلاء مملوكاً لأحد فيملكه الحائز ابتداء ، ولذلك لم يشترط القانون أن تكون الحيازة مقترنة بحسن النية ولا مصحوبة بالسبب الصحيح ( [2273] ) .
$ 1150 $
وهذه النظرية هي التي أخذ بها التقنين المدني المصري ، كما هو ظاهر من الترتيب الذي ابتعه . فقد عرض لأسباب كسب الملكية في فصل وأحد ، فبدأ بالاستيلاء ، وأعقبه بالميراث والوصية ، والالتصاق والعقد والشفعة ، وختم أسباب كسب الملكية بالحيازة . فجعلها سببا لكسب الملكية ، تارة مصحوبة بالتقادم كما في التقادم المكسب الطويل والتقادم المكسب القصير ، وطوراً بذاتها غير مصحوبة بأي تقادم كما في تملك المنقول بالحيازة الذي نحن يصدده وتملك الثمار بالقبض – وعلى هذه النظرية أجمع الففه في مصر ( [2274] ) . وهذه النظرية نفسها هي التي أخذ بها في فرنسا كثير من الفقهاء القدامي ( [2275] ) . ثم أخذ بها الفقهاء المحدثون ( [2276] ) ، فاستقرت أخيراً في الفقه الفرنسي . ولا يلقي الفقهاء الذين يأخذون بها بالا إلى المكان الذي وضع فيه التقنين المدني الفرنسي المادة 2279 بين النصوص المتعلقة بالتقادم ، إذ ليس مستغرباً أن يضع المشرع بين نصوص التقادم قاعدة يستبعد فيها التقادم فالمناسبة واضحة . ويزداد وضوح المناسبة إذا أخذ في الاعتبار أن المنقول المسروق أو الضائع يمكن استرداده من الحائز حسن النية في مدة ثلاث سنوات ، فكان لا بد من ذكر القاعدة أولاً ثم إيراد هذا الاستثناء عيها ، هذا إلى أن هذه النظرية هي التي أخذ بها فقهاء القانون الفرنسي القديم ، ومنهم ( B ourjon ) ، وعنهم نقل التقنين المدني الفرنسي نص المادة 2279 ، فيكون قد نقل هذا النص بالأساس القانوني الذي أقامه عليه هؤلاء الفقهاء . فالقانون إذن هو الذي أكسب حائز المنقول الملكية بمجرد الحيازة ، بالرغم من أن هذا الحائز قد تعامل مع غير المالك ( [2277] ) ، $ 1151 $ وذلك رعاية لحسن النية وحماية لاستقرار التعامل في المنقول ( [2278] ) .
451 - الأثر المسقط : وكما أن لقاعدة تملك المنقول بالحيازة أثرا مكسبا يتمثل في كسب الحائز لملكية المنقول أو للحق العيني على المنقول على الوجه الذي بسطناه ، كذلك لهذه القاعدة أثر مسقط يتمثل في إسقاط التكاليف والقيود العينية التي يكون المنقول مثقلا بها فيتملك الحائز المنقول خالصاً من هذا التكاليف والقيود كما سبق القول ( [2279] ) .
وعلى ذلك إذا وضع الحائز حسن النية يده على منقول بعدان اشتراه من غير المالك ، وكان هذا المنقول مرهونا رهن حيازة من المالك الحقيقي للمنقول وخرج من حيازة الدائن المرتهن لسبب ما ، واستولي عليه شخص غير المالك وباعه للحائز حسن النية على ما قدمناه ، فإن هذا الحائز لا يكسب بالحيازة ملكية المنقول فحسب ، بل أيضاً يكسب هذه الملكية خالصة من رهن الحيازة الذي كانت مثقلة به . فيضيع في هذا الفرض على المالك الحقيقي ملكيته التي كسبها الحائز بالحيازة وهذا هو الأثر المكسب ، وفي الوقت ذاته يضيع على الدائن المرتهن رهنه الحيازى رهنه الذي سقط بالحيازة أيضاً وهذا هو الأثر المسقط ( [2280] ) $ 1152 $ كذلك إذا كان المنقول قد رتب عليه المالك حق انتفاع ، ثم استولي على المنقول شخص غير المالك وغير صاحب حق الانتفاع وباعه إلى حائز حسن النية ، فإن هذا الحائز يتملك المنقول بالحيازة ، ويتملكه خالصاً من حق الانتفاع . فيضيع على المالك ملكيته التي كسبها الحائز بالحيازة يفضل الأثر المكسب ، كما يضيع على صاحب حق الانتفاع حقه الذي سقط بالحيازة أيضاً بفضل الأثر المسقط .
وإذا كان المنقول عقاراً بالتخصيص تابعاً لعقار مرهون رهناً رسمياً ، ونزعه غير المالك عن العقار وباعه لحائز حسن النية ، فإن هذا العقار بالتخصيص يصبح بعد نزعه من العقار منقولا ، ويكسب الحائز بالحيازة ملكيته خالصة من الرهن الرسمي الذي كان مترتبا عليه هو والعقار عند ما كان عقارا بالتخصيص .
وغنى عن البيان أن المفروض ، في كل الأحوال المتقدمة ، أن الحائز عندما حاز المنقول كان حسن النية بالنسبة إلى ملكية المنقول وبالنسبة إلى الحق العيني الذي كان يثقل المنقول . فيكون الحائز قد اشتري المنقول من شخص يعتقد أنه المالك وقت الحيازة ، وهذا هو معنى حسن النية النسبة ملكية المنقول . ويكون الحائز في الوقت ذاته لا يعلم وقت الحيازة أن المنقول مثقل بحق رهن حيازة أو بحق انتفاع أو بحق رهن رسمي على أساس أنه كان عقاراً بالتخصيص ، وهذا هو معنى حسن النية بالنسبة إلى الحق العيني الذي يثقل المنقول .
وكذلك الحكم فيما إذا كان لشخص حق امتياز على منقول ، كحق امتياز المؤجر أو حق امتياز صاحب الفندق ، ونقل المال ما من العين المؤجرة أو من الفندق على الرغم من معارضة المؤجر أو صاحب الفندق أو على غير علم منه . فإن المنقول المثقل بحق الامتياز إذا انتقل إلى حائز حسن النية ، كسب هذا الحائز ملكية المنقول خالصة من حق الامتياز ( انظر المادة 1143 / 5 مدني والمادة 1144 / 2 مدني ( [2281] ) ( .
$ 1153 $
أما إذا كان هناك منقول منع من التصرف فيه عقد أو وصية ( 823 مدني ) ، وباعه غير المالك لحائز حسن النية ، يجهل أن البائع غير مالك ويجهل أن المنقول مثقل بتكليف هو المنع من التصرف ، فإن البيع الصادر من غير المالك إلى الحائز يكون باطلا وفقاً لأحكام المادة 824 مدني . ولما كان البيع الباطل لا يصلح أن يكون سبباً صحيحاً في تملك المنقول بالحيازة ، فإن الحائز بالرغم من حسن النية ينقصه السبب الصحيح . ومن ثم لا يتملك هذا المنقول بالحيازة ، لا خالصاً من تكليف منع التصرف ولا مثقلا بهذا التكليف ( [2282] ) .
452 - الأساس القانوني الذي يقوم عليه الأثر المسقط :ويقوم الأثر على نفس الأساس القانوني الذي يقوم عليه الأثر المكسب فتسقط التكاليف والقيود العينية بالحيازة وحدها . متى كان حسن النية والسبب الصحيح قد توافر لدى الحائز في اعتباره الشيء خالياً من التكاليف والقيود العينية ، وذلك بحكم القانون . وتنص الفقرة الثانية من المادة 976 مدني ، كما رأينا ( [2283] ) على ذلك صراحة إذ تقول : " فإذا كان حسن النية والسبب الصحيح قد توافرا لدى الحائز في اعتباره الشيء خالياً من التكاليف والقيود العينية ، فإنه يكسب الملكية خالصة منها " .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ذلك لأن لحيازة المنقول أثرين لا أثراً واحدا : أثر مكسباً وأثراً مسقطاً . فبمجرد $ 1154 $ توفرها ، تكسب الحائز الملكية ، وتسقط التكاليف . وحتى تبين هذان الأثران المتميزان ، أصبحنا في غنى عن النظرية الفقهية التي تجعل الحيازة مكسبة لملكية جديدة متميزة عن الملكية القديمة . فإن هذا القول يصطدم مع ما هو معروف من أن الملكية حق دائم ، وأصبح من الواضح أن الملكية هي لم تتغير ، وأنها انتقلت بحكم الحيازة ، وانتقلت خالصة من التكاليف بحكم الحيازة أيضاً ( [2284] ) " . وتشير المذكرة الإيضاحية بهذا القول إلى نظرية فقهية تذهب إلى أن الحيازة سبب منشئ لملكية جديدة منبته الصلة بالملكية القديمة التي كانت للمالك السابق ( [2285] ) . وقد سبق أن عارضنا هذه النظرية ، وقلنا في معارضتها ما يأتي : " كذلك التملك بالحيازة … يواجه مالكاً سابقاً ، فينقل ملكيته هي ذاتها إلى الحائز ، ولا ينشئ ملكية جديدة ذلك بأن الملكية تتميز بأنها دائمة ، وتتأيد في انتقالها . فما دام الشيء مملوكاً وكان باقيا لم يهلك ، فإن الملكية تتميز بأنها دائمة وتتأيد في انتقالها . فما دام الشيء مملوكاً وكان باقياً لم يهلك ، فإن الملكية باقية وإذا ملك مالك جديد ، فإنما يكون ذلك بانتقال الملكية من المالك القديم إلى المالك الجديد ، لا بانقضاء الملكية وقيام ملكية جديدة مكانها . . فما دام الشيء باقيا فإن الملكية تبقى دائماً ، والذي يتبدل هو المالك لا الملكية . . ويستخلص مما تقدم أن الالتصاق والحيازة ، كالعقد والشفعة ، سببان ناقلان للملكية فيما بين الأحياء . كذلك الميراث والوصية سببان ناقلان للملكية ، ولكن بسبب الوفاة . وهذه الأسباب الناقلة الملكية جميعاً ، سواء كان نقل الملكية فيما بين الأحياء أو كان بسبب الوفاة ، بعضها ينقل الملكية مع استخلاف المالك الجديد للمالك القديم ، وبعضها ينقل الملكية دون استخلاف . فالأسباب التي تنقل الملكية مع الاستخلاف ، فإنهما ينقلان الملكية دون استخلاف . فالذي يميز الالتصاق والحيازة عن غيرها من الأسباب الناقلة للملكية ، ليس أنهما لا ينقلان $ 1155 $ الملكية ، بل هما ينقلانها ، ولكن دون استخلاف . وهذا هو الذي يفسر أن المالك الجديد ، في الالتصاق والحيازة ، لا يخلف المالك السابق في ملكيته . . فلا يتقيد بالأعباء والتكاليف التي كانت تفيد المالك السابق " ( [2286] ) . ونرى من ذلك أن الحيازة لا تنشئ ملكية جديدة كما ذهب القائلون بالنظرية التي تعارضها ، بل هي تنقل نفس الملكية من المالك السابق إلى المالك الجديد . ولكن المالك الجديد في الحيازة لا يخلف المالك السابق ، ومن ثم تخلص له الملكية خالية من الأعباء والتكاليف السابقة لأنه ليس بخلف للمالك السابق ، وهذا هو الذي يفسر ما ورد في المذكرة الإيضاحية مما ذكرناه سابقاً من أنه " متى تبين هذان الأثران المتميزان الأثر المكسب والأثر المسقط ، أصبحنا في غنى عن النظرية الفقهية التي تجعل الحيازة مكسبة لملكية جديدة متميزة عن الملكية القديمة . فإن هذا القول يصطدم مع ما هو معروف من أن الملكية حق دائم ، وأصبح من الواضح أن الملكية هي لم تتغير ، وأنها انتقلت بحكم الحيازة ، وانتقلت خالصة من التكاليف بحكم الحيازة أيضاًَ " ( [2287] ) .
2 - المنقولات المسروقة أو الضائعة
453 - نص قانوني : تنص المادة 977 مدني على ما يأتي :
" 1 - يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله ، إذا فقده أو سرق منه ، أن يسترده ممن يكون حائزا له بحسن نية ، وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة " .
$ 1156 $
" 2 - فإذا كان من يوجد الشيء المسروق أو الضائع في حيازته قد اشتراه بحسن نية في سوق أو مزاد علني أو اشتراه ممن يتجر في مثله ، فإن له أن يطلب ممن يسترد هذا الشيء أن يعجل له الثمن الذي دفعه " ( [2288] ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادتين 86 - 87 / 115 - 116 ( [2289] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 928 - وفي التقنين المدني الليبي م 981 - وفي التقنين المدني العراقي م 1164 ( [2290] ) .
$ 1157 $
ويخلص من هذا النص أن مالك المنقول ، إذا لم يخرج المنقول من حيازته بارادته حيث تطبق القاعدة العامة في تملك المنقول بالحيازة وقد سبق تفصيلها بل خرج المنقول من حيازته بغير إرادته بأن سرق منه أو ضاع ، يعامل معاملة أفضل لأن المنقول انتزع من حيازته بالرغم منه . فيجوز له أولا ، أن يسترد المنقول المسروق أو الضائع ممن سرقه أو ممن عثر عليه ولم يرده . ويجوز له ، ثانياً ، أن يسترد هذا المنقول أيضاً ممن أنتقل المنقول إلى حيازته إذا كان هذا الحائز سيئ النية . ويجوز له ، أخيراً ، أن يسترد المنقول من حائز حسن النية ولكن في خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع ويرجع الحائز حسن النية في هذه الحالة ، إذا رد المنقول إلى مالكه ، بالضمان على من يجب عليه الضمان وإذا كان الحائز حسن النية قد اشتري المنقول في سوق عمومي أو في ظروف متشابهة ، فِإنه يستطيع أن يمتنع عن رد المنقول إلى مالكه حتى يجعل له المالك الثمن الذي دفعه ، ويرجع المالك في هذه الحالة الأخيرة على المسئول الذي عجله للحائز .
فهذه جملة من المسائل تعرض لها تباعاً على الوجه الآتي ( 1 ) من له حق استرداد المنقول المسروق أو الضائع . ( 2 )استرداد المنقول المسروق أو الضائع ممن سرقه أو ممن عثر عليه . ( 3 ) استرداد المنقول المسروق أو الضائع ممن تلقاه وهو يسئ النية . ( 4 ) استرداد المنقول المسروق أو الضائع ممن تلقاه وهو حسن النية ، والمدة التي يسترد فيها ، ورجوع الحائز حسن النية بالضمان .
( 5 )متى يجوز للحائز حسن النية أن يحبس المنقول المسروق أو الضائع حتى يستوفي من المالك الثمن الذي دفعه . ( 6 ) رجوع المالك بالثمن الذي عجله للحائز حسن النية .
454 - من له حق استرداد المنقول المسروق أو الضائع : رأينا ( [2291] ) أن صدر الفقرة الأولي 977 تنص على أنه " يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله ، إذا فقده أو سرق منه ، أن يسترده … " فالمفروض إذن أن هناك منقولا أو سنداً لحامله سرق من مالكه أو ضاع منه ، فيكون له الحق $ 1158 $ في استرداده . وإذا أطلقنا فيما يلي كلمة " المنقول " ، فإنها تشمل أيضاً السند لحامله ( [2292] ) .
والمقصود بالسرقة هنا أن تكون سرقة بالمعنى المحدد لها في القانون الجنائي ، فلا تدخل خيانة الأمانة ولا النصب ( [2293] ) . فمن أودع منقولا له شخصا ائتمنه عليه ، وباع المودع عنده هذا المنقول لحائز حسن النية فارتكب بذلك جريمة خيانة الأمانة ، ملك الحائز المقول وفقا للقاعدة العامة في تملك المنقول بالحيازة ولا يجوز للمالك استرداده منه . كما كان يسترده لو أن المنقول قد سرق منه أو ضاع ، لأن خيانة الأمانة غير السرقة ، بل أن خيانة الأمانة هي المجال المألوف لتطبيق القاعدة العامة في تملك المنقول بالحيازة ( [2294] ) . وكما لا تدخل خيانة الأمانة ضمن السرقة ، كذلك لا يدخل النصب كما قدمنا ، فلو نصب شخص على آخر ، وحصل منه على منقول بطريق الاحتيال ، ثم باع هذا المنقول لحائز حسن النية ، ملك الحائز المنقول ، ولا يجوز للمالك استرداده منه كما كان يسترده لو أن المنقول سرق أو ضاع ( [2295] ) . وفيما يتعلق بالسرقة ، $ 1159 $ يعتبر المنقول مسروقا حتى لو كان السارق غير معروف ، وحتى لو كانت السرقات التي يعفي القانون من ارتكابها من العقوبة ( [2296] ) فلو سرق أحد فروعه أو الفرع من أحد أصوله ، فإن السارق يعفي من العقاب ، ولكن المنقول يبقى معتبراً أنه مسروق في حكم المادة 977 مدني . وينبني على ذلك أنه لو باع السارق في هذه الأحوال المنقول لحائز حسن النية ، جاز لمالك المنقول أن يسترده من الحائز ، ولا يصح الاعتراف على ذلك بأن السرقة لا عقاب عليها ( [2297] ) . ويعتبر المنقول ضائعاً ، ليس فحسب عندما يفقده صاحبه بإهمال مباشر أو غير مباشر ، بل أيضاً ومن باب أولي عندما يخرج من حيازة صاحبه بقوة قاهرة ، كأن يكتسحه فيضان أو يضيع في زحام أو عقب تفتيش أو عند جلاء اضطراري عن المكان الذي فيه المنقول ( [2298] ) . وإذا أرسل المنقول إلى عنوان غير صحيح فقد ، عد ضائعاً ، سواء كان ذلك بخطأ المرسل أو بخطأ أمين النقل ( [2299] ) .
$ 1160 $
والذي يكون له الحق في استرداد المنقول المسروق أو الضائع على الوجه المتقدم الذكر هو مالك هذا المنقول . وكذلك يسترده من كان له الحق فيه كالحائز للمنقول حيازة بينية التملك ، وصاحب حق الانتفاع في المنقول . والمرتهن للمنقول رهن الحيازة بل يستطيع أن يسترده الشخص الذي أودع عنده فالتزم بالمحافظة عليه ( [2300] ) ويكون استرداد المنقول هنا مماثلا لدعوى استرداد حيازة العقار عندما تعطى هذه الدعوى للحائز العرضي ( [2301] ) .
455 - استرداد المنقول المسروق أو الضائع ممن سرقه أو ممن عثر عليه : والأصل أن المسترد المنقول المسروق أو الضائع من أي شخص يكون هذا المنقول في يده ، ولو كان هذا اشخص حائزاً عرضيا ، وعلى الحائز العرضي أن يدخل في الخصومة من يجوز المنقول لحسابه ( [2302] ) .
استرداد المنقول من تحت يد الحائز ، أن يتخلى هذا غشا عن الحيازة لشخص آخر ، ليتوقى بذلك استرداد المنقول من تحت يده ( [2303] ) .
فإذا كان المنقول لا يزال باقيا في يد من سرقه أو من عثر عليه ، جاز استرداده من أي منهما في أي وقت ، ولو بعد انقضاء ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع ، بل ولو بعد انقضاء خمس عشرة سنة لأن دعوى الاستحقاق لا تسقط بالتقادم ، ولا يمتنع الاسترداد ، إلا إذا تملك المنقول السارق أو من عثر عليه بالتقادم المكسب الطويل ( [2304] ) . فإذا بقى أي من $ 1161 $ هذين حائزاً للمنقول بنية تملكه مدة خمس عشرة سنة ، وكانت الحيازة خالية من العيوب ، وبخاصة من عيب الخفاء وهو عيب كثير ما يشوب حيازة السارق لأن هذا يعمد عادة إلى إخفاء الشيء ، فإن المنقول يتم تملكه بالتقادم المكسب الطويل ولا يجوز استرداده بعد ذلك .
وفيما يتعلق بالشيء الضائع يجب أن تراعي أحكام الأمر العالي الصادر في 18 مايو سنة 1898 الخاص بالأشياء أو الحيوانات الضائعة ، وقد عرضنا له عند الكلام في اللقطة أو الأشياء الضائعة ( [2305] ) ويقضي هذا الأمر بأن من يعثر على شيء أو حيوان ضائع يجب أن يبلغ عنه أمام أقرب نقطة للشرطة في المدن وأمام العمد في القرى ، ويسلمه ( [2306] ) . فإذا احتفظ به ولم يبلغ عنه ولم يسلمه ، في خلال ثلاثة أيام في المدن وثمانية أيام في القرى ، حرم من حقه في العشر وقضى عليه بغرامة لا تزيد على مائة قرش ، وهذا هو جزاء عدم التبليغ فقط . لكن إذا ثبت أن من عثر على الشيء الضائع قد احتفظ به بنية تملكه ، سواء كانت هذه النية معاصرة لوقت عثوره على الشيء أوجدت بعد ذلك ، فإنه يكون في حكم السارق ، ويستطيع المالك بدعوى الاستحقاق أن يسترد الشيء منه كما يسترده من السارق على ما قدمناه ، ولو بعد انقضاء ثلاث سنوات من وقت الضياع ، أو حتى بعد انقضاء خمس عشرة سنة لأن دعوى الاستحقاق لا تسقط بالتقادم ( [2307] ) . ولكن يستطيع من عثر على الشيء ، $ 1162 $ كما يستطيع السارق ، أن يتملك المنقول الضائع بالتقادم المكسب الطويل إذا ظل حائزاً له مدة خمس عشرة سنة ، وكانت الحيازة مستوفية لشرائطها كما سبق القول .
456 - استرداد المنقول المسروق أو الضائع ممن تلقاء وهو سيء النية : فإذا تصرف في المنقول من سرقة أو عثر عليه ، وكان المتصرف إليه سيء النية ، أي يعلم أن المتصرف لا يملك المنقول ، علم أو لو لم يعلم أن المنقول مسروق أو ضائع ، فإن المالك يستطيع أن يسترد المنقول بدعوى الاستحقاق من هذا الحائز سيء النية ، كما كان يسترده ممن سرق المنقول أو ممن عثر عليه فيما قدمنا .
وعلى ذلك يستطيع المالك أن يسترد المنقول من الحائز سيء النية ولو بعد انقضاء ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع ، بل ولو بعد انقضاء خمس عشرة سنة لأن دعوى الاستحقاق لا تسقط بالتقادم . ولا يمنع الاسترداد إلا أن يتملك الحائز سيء النية المنقول المسروق أو الضائع بالتقادم المكسب الطويل ، بأن يبقى حائزاًٍ له خمس عشرة سنة وتكون الحيازة مستوفية لشرائطها ( [2308] ) .
وإذا لم يستطيع المالك أن يسترد المنقول من الحائز سيء النية بسبب أن هذا قد تملكه بالتقادم المكسب الطويل ، فإنه يستطيع أن يرجع بدعوى التعويض على من سرق المنقول أو على من عثر عليه إذا كانت هذه الدعوى لم تسقط بالتقادم ( [2309] ) .
$ 1163 $
458 - استرداد المنقول المسروق أو الضائع ممن تلقاء وهو حسن النية مدة الاسترداد رجوع الحائز حسن النية بالضمان : بقيت حالة ما إذا كان المنقول المسروق أو الضائع قد تلقاه حائز حسن النية ، وهي الحالة التي عرضت لها المادة 977 / 1 مدني فيما رأينا ( [2310] ) إذا إذا تقول : " يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله ، إذا فقده أو سرق منه ، أن يسترده ممن يكون حائزا له بحسن نية ، وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة " . وفي هذه الحالة وحدها نخرج عن حدود تطبيق القواعد العامة ولذلك وجب نص كما نرى ، في حين أنه في الحالتين تطبيق القواعد العامة ولذلك وجب النص كما نرى ، في حين أنه في الحالتين الأوليين ، حالة استرداد المنقول ممن سرقه أو ممن عثر عليه وحالة استرداده من حائز سيء النية ، لم نفعل إلا أن طبقنا القواعد العامة . وقد كانت القواعد العامة تقضي ، في الحالة الأخيرة التي تحن بصددها وهي حالة استرداد المنقول من حائز حسن النية بأن المالك لا يجوز له الاسترداد أصلا ، لأن المنقول في يد حائز حسن النية فتملكه بالحيازة ، ولكن القانون هنا وازن بين مصلحة المالك ومصلحة الحائز حسن النية ، فوجد المصلحة الأولي في حاجة إلى شيء من الرعاية . فالمالك ، عندما يخرج المنقول من يده باختياره إلى شخص يخون الأمانة فيبيع المنقول لحائز حسن النية ، يكون قد أخطأ في أنه أخرج المنقول من يده باختياره واضعاً ثقته في شخص خان هذه الثقة ، ومن ثم لا نحمل الحائز حسن النية خطأ المالك ، ونجعل هذا الحائز يتملك المنقول بالحيازة ، ونمنع المالك من استرداد المنقول . أما إذا خرج المنقول من يد المالك على غير إرادته ، بأن سرق منه أو ضاع ، فإن المالك لا يكون قد أخطأ ، ولذلك يراعي القانون مصلحته إلى حد معين . فيجيز له أن يسترد المنقول من تحت يد الحائز حسن النية ( [2311] ) ، وبذلك يضحي مصلحة هذا $ 1164 $ الأخير ويراعي مصلحة المالك . ولكن يضرب للاسترداد أجلا هو ثلاث سنوات لا يستطيع المالك بعد انقضائها أن يسترد المنقول من تحت يد الحائز ، وبذلك يضحي مصلحة المالك ويراعي مصلحة الحائز حسن النية ( [2312] ) . وفي هذا توازن عادل بين المصلحتين المتعارضتين ، مصلحة المالك ومصلحة الحائز حسن النية .
ويستوي أن يكون الحائز حسن النية قد تلقى المنقول مباشرة ممن سرق أو من عثر عليه ، أو تلقاه من حائز أو حائزين متعاقبين تلقوه من أحد هذين والمهم أن يكون هو حسن النية أو سيء النية ( [2313] ) . ويستوي كذلك أن يكون حائزا لحساب نفسه أو حائزاً عرضيا لحساب غيره إذا كان هذا الغير حسن النية ، وفي هذه الحالة الأخيرة يدخل الحائز العرضي الحائز الأصيل خصما في الدعوى ( [2314] ) .
والمدة التي يستطيع فيها المالك أن يسترد المنقول المسروق أي الضائع من الحائز حسن النية هي ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع ( [2315] ) . فليس من الضروري إذن أن يستمر الحائز حسن النية على حيازته للمنقول المسروق أو الضائع مدة ثلاث سنوات ، إذا لسنا هنا في صدد تقادم مكسب مدته ثلاث سنوات . بل يكفي أن يكون قد انقضي على سرقة المنقول أو ضياعه ثلاث سنوات ليمتنع على المالك الاسترداد ، حتى لو كان الحائز حسن النية لم تستمر حيازته للمنقول غير سنة واحدة أو حتى غير يوم وأحد ( [2316] ) وكما $ 1165 $ أن مدة الثلاث سنوات ليست مدة تقادم مكسب ، كذلك ليست هي مدة تقادم إذ أن دعوى الاستحقاق لا تسقط بالتقادم ، بل هي ميعاد سقوط ( delai de decheance ) فهي مدة قد حددها القانون لمالك المنقول المسروق أو الضائع ليرفع في خلالها دعوى الاستحقاق على الحائز حسن النية . وعلى ذلك تسري هذه المدة على ناقص الأهلية والمحجورين ، أو حتى لو كان المالك أو رثته محجوراً عليهم لصغر السن أو لغير ذلك من أسباب الحجر ، وتسري عليهم دون أن توقف أو تنقطع ( [2317] ) . وتسري من وقت السرقة أو الضياع حتى لو لم يعلم المالك بالسرقة أو الضياع ، وقد تكتمل المدة قبل أن يعلم ذلك فلا تقبل منه دعوى الاستحقاق بالرغم من عدم عمله . ويقع عبء إثبات أن المنقول مسروق أو ضائع على عاتق المالك الذي يطلب استرداد المنقول ، فإذا ادعى الحائز حسن النية أن مدة الثلاث السنوات قد انقضت من وقت السرقة أو الضياع فلا يجوز قبول دعوى الاستحقاق بعد انقضائها ، فعلى الحائز عبء إثبات ذلك ، ويثبت تبعاً لهذا تاريخ السرقة أو الضياع ( [2318] ) .
فإذا انقضت مدة الثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع دون أن $ 1166 $ يرفع المالك دعوى الاستحقاق على الحائز حسن النية ، فقد أصبحت دعوى الاستحقاق غير مقبولة بعد انقضاء هذه المدة ,وعلى ذلك يعود الحائز حسن النية إلى الانتفاع بقاعدة تملك المنقول بالحيازة ، فيتملك المنقول المسروق أو الضائع على وجه بات دون أن يكون معرضاً لدعوى الاستحقاق ( [2319] ) . وليس للمالك بعد ذلك أن يرجع بشيء على الحائز حسن النية وله أن يرجع بدعوى المسئولية على من تحقق مسئوليته ، فيرجع على السارق أو على من عثر على الشيء الضائع ولم يرده وعلى كل حائز سيء النية تلقي المنقول من أحد هذين ، وذلك كله إذا كانت دعوى المسئولية لم تسقط بالتقادم .
أما إذا رفع المالك دعوى الاستحقاق على الحائز حسن النية في خلال مدة الثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع ، فإنه يسترد من هذا الحائز المنقول المسروق أو الضائع ( [2320] ) . ولا يستطيع هذا الأخير أن يحتج على المالك بأنه تملك المنقول بالحيازة ، ما دام المنقول مسروقاً أو ضائعاً وما دامت دعوى الاستحقاق قد رفعت على الحائز حسن النية في هذه الحالة ، بعد أن يرد المنقول إلى المالك ، هو أن يرجع بدعوى الضمان على من تلقى منه المنقول المسروق أو الضائع ( [2321] ) . وتسري القواعد المقررة في دعوى الضمان ، ويرجع الحائز حسن النية على من تلقى منه المنقول ، سواء كان هذا الأخير سيء النية $ 1167 $ أو حسن النية ، فإذا كان سيء النية كانت مسئوليته أشد . على أن للحائز حسن النية ، قبل أن يرد المنقول المسروق أو الضائع إلى المالك ، أن يحبس هذا المنقول حتى يستوفي من المالك الثمن الذي دفعه ، وذلك في حالة استثنائية تنتقل الآن إليها .
458 - متى يجوز للحائز حسن النية أن يحبس المنقول المسروق أو الضائع حتى يستوفي من المالك الثمن الذي دفعه : تنص الفقرة الثانية من المادة 977 مدني ، كما رأينا ( [2322] ) ، على ما يأتي : " فإذا كان من يوجد الشيء المسروق أو الضائع في حيازته قد اشتراه بحسن نية في سوق أو مزاد علني أو اشتراه ممن يتجر في مثله ، فإن له أن يطلب ممن يسترد هذا الشيء أن يعجل له الثمن الذي دفعه " . ويخلص من هذا النص أن الحائز حسن النية إذا وجد في مركز خاص يجعله جديراً بالرعاية ، بأن يكون حسن نيته مدعو ما بملابسات خارجية تجعله يطمئن إلى أنه اشتري المنقول في ظروف مألوفة تحمل على الاعتقاد بسلامة التعامل ، فإن القانون يوليه حماية فعالة ، حتى ضد مالك المنقول المسروق أو الضائع . فيجعل له الحق في أن يحبس المنقول ، بعد أن يقضي لصالح المالك في دعوى الاستحقاق باسترداده ، فلا يسلمه الحائز للمالك إلا بعد أن يستوفي منهم الثمن الذي دفعه في شراء هذا المنقول ( [2323] ) . وبذلك يستوفي حقه قبل أن يسلم المنقول ، وعلى المالك الذي وفي الثمن للحائز أن يرجع به على المسئول ( [2324] ) والظروف الخارجية التي تبرر معاملة الحائز حسن النية هذه المعاملة الخاصة قد ذكرها القانون على سبيل الحصر ، وهي أن يكون الحائز حسن النية قد اشتري المنقول المسروق أو الضائع في سوق أو في مزاد $ 1168 $ على أو اشتراه ممن يتجر في مثله . فهذه الظروف قد حملت المشرع على أن يعيد النظر في الموازنة بين مصلحة الحائز حسن النية ومصلحة المالك ، فيجعل مصلحة الحائز حسن النية ، وقد اشتري المنقول في ظروف بعيدة عن أية شبهة أو ريبة ، هي المصلحة الراجحة ، وذلك إمعاناً في حماية استقرار التعامل في المنقول ( [2325] ) .
فيجب إذن أن يكون الحائز حسن النية قد اشتري المنقول المسروق أو الضائع في سوق أو مزاد علني أو اشتراه ممن يتجر في مثله ، ويعتبر بورصة الأوراق المالية سوقا لشراء السندات لحاملها . وكذلك يعتبر سوقا لشراء هذه السندات وكان الصراف ( boutique d un changeur ) إذا باعها الصراف لحائز حسن النية ، ولكن الصراف نفسه إذا اشتري السندات لحاملها المسروقة أو الضائعة في دكانه لا يعتبر أنه اشتراها في سوق ، ويجوز للمالك استرداد هذه السنوات منه في خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع دون أن يكون ملزماً بتعجيل ثمنها له ( [2326] ) . ويستوي في المزاد العلني أن يكون مزادا إجبارياً أو مزادا اختيارياًَ ( [2327] ) كما يستوي أن يكون مزاداً قضائياً أو مزادا إداريا . ولا يعتبر المصرف ، إذا باع سندات لحاملها مسروقة أو ضائعة ، ممن يتجر في مثل هذه الأشياء ( [2328] ) ، إلا إذا كانت هذه السندات أذونات على الخزانة العامة ( [2329] ) . $ 1169 $ فإذا كان الحائز حسن النية قد اشتري المنقول المسروق أو الضائع من سوق أو مزاد علني أو اشتراه ممن يتجر في مثله ، كان للمالك مع ذلك أن يسترد المنقول بدعوى استحقاق يرفعها على الحائز في خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع كما قدمنا ، ولكنه لا يستطيع أن يجبر الحائز على تسليم المنقول إليه إذا عجل له الثمن الذي دفعه ، والمقصود بالثمن هنا هو المبلغ الذي دفعه الحائز لشراء المنقول ، فيدخل الثمن الأصلي للمنقول والمصروفات التي أنفقها الحائز في شرائه ، بل يدخل أيضاً وفقاً لنص المادة 980 / 1 مدني المصروفات الضرورية التي انفقها الحائز على المنقول ، وتسري في شأن المصروفات الناقصة والمصروفات الكمالية أحكام المادة 980 / 3 و 2 مدني ولا يتقاضى الحائز فوائد على هذه المبالغ لأنه انتفع بالمنقول ( [2330] ) . وواضح من عبارة " يعجل له الثمن الذي دفعه " , وهي العبارة الواردة في آخر المادة 977 / 2 مدني ( [2331] ) . أن الحائز لا يسلم المنقول للمالك إلا إذا استوفي منه الثمن على النحو المتقدم ، أي أن له أن يحبس المنقول في يده حتى يستوفي الثمن ( [2332] ) . وليس في هذا إلا تطبيق للقواعد العامة في الحق في الحبس ( [2333] ) .
$ 1170 $
ويعامل الدائن المرتهن ورهن حيازة لمنقول مسروق أو ضائع معاملة مالك المنقول في كل ما قدمناه ، وقد نصت المادة 1118 مدني على أن " 1 - الأحكام المتعلقة بالآثار التي تترتب على حيازة المنقولات المادية والسندات التي لحاملها تسري على رهن المنقول . 2 - وبوجه خاص يكون للمرتهن إذا كان حسن النية أن يتمسك بحقه في الرهن ، ولو كان الراهن لا يملك التصرف في الشيء المرهون … )( [2334] ) وعلى ذلك إذا رهن غير المالك المنقول لمرتهن رهن حيازة حسن النية يعتقد أن الراهن هو مالك المنقول ، فأن للدائن المرتهن أن يتمسك بهذا الرهن وأن يحتج به على مالك المنقول . فإذا كان المنقول مسروقاً أو ضائعا ، واسترده المالك في خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة الو الضياع ، فإنه يسترده خالياً من حق الرهن بالرغم من أن الدائن المرتهن حسن النية . فإذا كان الدائن المرتهن قد ارتهن المنقول من شخص يتعامل في مثل المنقول ، فليس للمالك أن يسترد المنقول خالياً من الرهن إلا بعد أن يعجل للدائن المرتهن الدين الذي له المضمون بالرهن وما يتبع هذه الدين من مصروفات وفوائد ، بعد استنزال ما يقابل المدة الباقية لحلول الدين من الفوائد بالسعر القانوني أو بالسعر الاتفاقي بحسب الأحوال ( [2335] ) .
459 - رجوع المالك بالثمن الذي عجله للحائز حسن النية : وإذا عجل المالك للحائز حسن النية الثمن على النحو الذي قدمناه ، فإنه يرجع بما عجله على سارق المنقول أو على من عثر على المنقول ، وذلك على سيبل التعويض عن الخطأ التقصيري الذي ارتكبه هذا الأخيران وليس له أن يرجع على من تلقى المنقول من سارقه أو ممن عثر عليه ، أو من حائز تال له ، إلا إذا أثبت سوء نيته أو أثبت في جانبه خطأ ، وذلك وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية فإذا باع سارق المنقول مثلا المنقول للمشتري سيء النية ، ثم باع المشتري المنقول للحائز حسن النية في سوق أو في مزاد علني أو كان المشتري يتجر في مثل هذا المنقول . فإن مالك المنقول يجب ، قبل أن يبترد المنقول أن يجعل الثمن للحائز حسن النية ثم يرجع بما عجله على السارق ، وكذلك يجوز له أن يرجع به على المشتري الأول سيء النية الذي اشتري المنقول من السارق وباعه للحائز حسن النية وقبض منه الثمن ( [2336] ) وهو لا يرجع على هذا المشتري الأول إلا على أساس الخطأ التقصيري الذي ارتكبه بسوء نيته ( [2337] ) .
وقد يقع أن سارق المنقول مثلا يبيع لحائز حسن النية في سوق أو مزاد علنى أو يكون السارق ممن يتجر في مثل هذا المنقول ، ثم يبيعه الحائز حسن $ 1172 $ النية لمشتر ثان حسن النية أيضاً ويكنه لا يشتري في الظروف التي تسوغ أن يطلب تعجيل الثمن ففي هذه الحالة يرفع المالك دعوى الاستحقاق على المشتري الثاني فلا يكون هذا الأخير أن يطلب تعجيل الثمن إذ ليس له حق في ذلك . ولكنه إذا أدخل المشتري الأول خصما ضامنا في الدعوى ، وجب على المالك أن يعجل الثمن لهذا المشتري الأول ، ولا يعجل إلا الثمن الذي دفعه المشتري الأول للسارق إذا كان هذا الثمن أقل من الثمن الذي دفعه المشتري الثاني للمشتري الأول ( [2338] ) ثم يرجع المالك على السارق بما عجله من الثمن ( [2339] ) .
$ 1173 $
المطلب الثالث
كسب ملكية الثمار
460 - نصوص قانونية : تنص المادة 978 مدني على مايأتي
" 1 - يكسب الحائز ما يقبضه من ثمار ما دام حسن النية " .
" 2 - والثمار الطبيعية أو المستحدثة تعتبر مقبوضة من يوم فصلها ، أما الثمار المدنية فتعتبر مقبوضة يوما فيوما " .
" ويكون الحائز سيء النية مسئولا من وقت أن يصبح سيء النية عن جميع الثمار التي يقبضها والتي قصر في قبضها ، غير أنه يجوز أن يسترد ما أنفقه في إنتاج هذه الثمار " ( [2340] ) .
$ 1174 $
وتقول هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 146 / 207( [2341] ) وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 929 - 930 - وفي التقنين المدني الليبي م 982 - 983 - وفي التقنين المدني العراقي م 1165 - 1166 ( [2342] ) . ويخلص من هذه النصوص أن الحائز يتملك الثمار بقبضها إذا كان حسن النية ، أما إذا كان سيء النية فإنه لا يتملكها ، بل يجب أن يردها للمالك بعد أن يسترد منه أما أنفقه في إنتاجها . وعلى ذلك نبحث الحالتين الآتيتين :
( 1 ) تملك الحائز للثمار . ( 2 )عدم تملك الحائز للثمار ووجوب ردها للمالك .
$ 1175 $
1 - تملك الحائز للثمار
461 - المسائل التي تبحث : المفروض هنا أن الحائز لم يملك أصل العين لا بالتقادم ولا بالحيازة في المنقول ولا بأي سبب أخر من أسباب كسب الملكية ، ويطالبه المالك برد العين التي يحوزها ( [2343] ) . فتبحث أولاً الدعاوى التي يمكن أن يطالب بها المالك الحائز برد العين . ونبحث بعد ذلك ، إذا مارد الحائز العين إلى المالك ، ما هي الشروط التي إذا هي توافرت تملك الحائز الثمار فلا يردها مع العين إلى المالك . ثم نبحث كيف يتملك الحائز الثمار إذا توافرت شروط تملكها . ونبحث أخيراً اِلأساس القانوني لتملك الحائز للثمار .
62 - الدعاوى التي يمكن أن يطالب بها المالك الحائز برد العين :
الدعوى المألوفة التي يطالب بها المالك الحائز برد العين التي يحوزها هي دعوى الاستحقاق . والمفروض هنا أن الحائز قد استولي عل عين غير مملوكة له بنية تملكها ، أما بأن يتلقاها من غير المالك أو بأن يستولي عليها دون سند ، أي سواء كان حسن النية ، فقد رأينا أنه يتملك المنقول بمجرد الحيازة على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ، فلا يكون هناك مجال للمالك لا لاسترداد العين ولا لاسترداد ثمارها ( [2344] ) . أما إذا كانت العين عقاراً ، أو كانت منقولا ولكن الحائز كان سيء النية ، فإن العين تبقى على ملكية مالكها ما لم يتملكها الحائز بالتقادم القصير في العقار أو بالتقادم الطويل في كل من العقار والمنقول . فإذا لم يتملكها الحائز بالتقادم ، فإن المالك يستردها منه ، وهنا تثار مسألة الثمار ، وهل يتملكها الحائز أو لا يتملكها .
$ 1176 $
وليست دعوى الاستحقاق هي الدعوى الوحيدة التي تثار فيها مسألة الثمار ، وإن كانت هي الدعوى المألوفة كما قدمنا . فكثيراً ما تثار مسألة الثمار في الدعوى الشخصية باسترداد ما دفع حق ، وتنص المادة 185 مدني في هذا الصدد على أنه " 1 - أما إذا كان من تسلم غير المستحق حسن النية ، فلا يلتزم أن يرد إلا ما تسلم .
2 - أما إذا كان سيء النية ، فإنه يلتزم أن يرد أيضاًَ الفوائد والأرباح التي جناها ، أو التي قصر في جنيها ، من الشيء الذي تسلمه بغير حق ، وذلك من يوم الوفاء أو من اليوم الذي أصبح فيه سيء النية .
3 - على أي حال يلتزم من تسلم غير المستحق برد الفوائد والثمرات من يوم رفع الدعوى " .
كذلك تثأر مسألة الثمار فيما إذا تلقى الحائز من المالك ملكية العين بعقد باطل أو قابل للإبطال أو قابل للنقض للغبن أو قابل للفسخ أو معلق على شرط فاسخ فإذ ا ما اتضح بطلان العقد ، أو أبطل ، أو نقض للغبن ، أو فسخ ، أو تحقق الشرط الفسخ ( [2345] ) فإن العقد لا يكون له وجود بأثر رجعي ويعتبر كأن لم يكن . ومن يسترد المالك العين من الحائز ، وهنا تثار مسألة الثمار ، وهل يتملكها الحائز من وقت أن حاز العين إلى وقت ردها إلى المالك أولاً يتملكها ( [2346] ) .
ونرى من ذلك أن تملك الثمار يختلف عن تملك العقار بالتقادم القصير وتملك المنقول بالحيازة . ففي الحالتين الأخيرتين رأينا الحائز يتلقى العين من غير المالك وهو يعتقد بحسن نية أنه يتلقاها من المالك . أما في الحالة الأولي ، وهي حالة تملك الثمار ، فقد يتلقى الحائز العين من غير المالك ثم يستردها منه المالك مع $ 1177 $ الثمار أو بغيرها ، أو يتلقاها من المالك نفسه بعقد معيب يزول بأثر رجعي فيسترد المالك العين مع الثمار أيضاً أو بغيرها .
463 - الشروط الواجب توافرها حتى يتملك الحائز الثمار فلا يردها مع العين إلى المالك . المفروض أن الحائز قد حاز العين بنية تملكها فتوافر في الحيازة عنصراها المادي والمعنوي ، وأن الحيازة خالية من العيوب ، وقد تقدم الكلام في ذلك . وحتى يتمسك الحائز بتملكه الثمار بقبضها ، فلا يردها إلى المالك ، في دعوى من الدعاوى التي يطالب فيها المالك الحائز برد العين والتي تقدم ذكرها . يجب أن يكون الحائز حسن النية ، ولكن ليس من الواجب أن يكون لديه سبب صحيح . وقد رأينا ( [2347] ) الفقرة الأولي من المادة 978 مدني تقول : " يكسب الحائز ما يقبضه من ثمار ما دام حسن النية " . ولم يذكر النص السبب الصحيح شرطاً لتملك الثمار ، كما ذكره في تملك العقار بالتقادم المكسب القصير ( [2348] ) ، وكما ذكره في تملك المنقول بالحيازة ( [2349] ) . ونلاحظ منذ الآن تدرج التقنين المدني المصري في اشتراط السبب الصحيح فهو يتطلبه شرطا مستقلا عن حسن النية ، ويلقى عبء إثباته على الحائز ، في التقادم المكسب القصير . ويتطلبه كذلك شرطاً مستقلا عن حسن النية ، ولكن يفترضه ويلقي عبء إثبات العكس على المالك ، في تملك المنقول بالحيازة ولا يتطلبه أصلا ، ويكتفي بشرط حسن النية ، في تملك الثمار .
ونتكلم الآن في اشتراط حسن النية ، ثم نتكلم في عدم اشتراط السبب الصحيح .
464 - اشتراط حسن النية : حسن النية هنا يختلف معناه عن المعنى الذي ذكر ناه في التقادم المكسب القصير وفي تملك المنقول بالحيازة . ففي هاتين الحالتين الأخيرتين ذكرنا أن حسن النية هو جهل الحائز بأنه تعامل مع غير المالك فلا يؤثر في حسن النية ، فقد يكون عالما بأن هذا السند قابل $ 1178 $ للإبطال أو قابل للنقض ، ومع ذلك يبقى حسن النية ما دام يعتقد أن من تلقى منه العين هو المالك لها . أما هنا ، في تملك الثمار ، فحسن النية معناه جهل الحائز بعيوب سنده جميعاً ، أيا كانت هذه العيوب . فقد يكون تعامل مع غير المالك ، فإذا جهل ذلك واعتقد أن من تلقى منه العين هو المالك ، فهو حسن النية ( [2350] ) . إذا لم يكن السند تشويه عيوب أخرى . فإن كانت عيوب أخرى تشويه ، وجب أن يكون جاهلا لهذه العيوب أيضاً حتى يكون حسن النية وإذا كان قد تعامل مع المالك ، وكان سنده مشويا بعيب ، كأن كان باطلاً أو قابلا أو قابلا للنقض ، وجب أن يكون جاهلا بالعيب حتى يكون حسن النية . فحسن النية في تملك الثمار معناه إذن أن يعتقد الحائز أنه يملك العين التي أنتجت هذه الثمار ملكاً صحيحاً لا تشويه شائبة ، وأن ملكية العين قد انتقلت إليه من مالكها انتقالا صحيحاً باتا ، فأصبح هو المالك للعين ، وتبعا لذلك أصبح مالكا للثمار ( [2351] )
ولا أهمية للسبب الذي يعتقد الحائز أن ملكية العين قد انتقلت إليه بموجبه فقد يكون هذا السبب تصرفا ناقلا للملكية ، كبيع أو وصية ، صادرا من غير مالك أو صادرا من المالك . ,قد يكون السبب واقعة مادية كالميراث ، سواء كان الحائز وارثا فعلا ( [2352] ) أو غير وارث ما دام يعتقد أنه وارث . بل قد يكون السبب هو الاستيلاء ، وهو سبب يكسب الملكية ابتداء ولا ينقلها . فإذا استولي شخص على ماله اعتقد أنه مباح له وأنه قد تملكه بالاستيلاء ، $ 1179 $ ثم تبين أن المال له مالك ، واسترده المالك من الحائز ، جاز لهذا الأخير أن يتمسك بحسن نيته لتملك الثمار . فالمهم إذن كما قدمنا أن يعتقد الحائز أنه يملك العين التي أنتجت الثمار بأي سبب من أسباب كسب الملكية ، وان يعتقد أن هذه الملكية لا شائبة فيها ، حتى يكون حسن النية فيتملك الثمار بالقبض .
ولما كان المفروض أن الحائز لم يملك العين التي أنتجت الثمار ، فلا بد أن يكون قد وقع في علط وهو يعتقد أنه ملكها . ولا بد أن يكون هذا الغلط مغتفراً ( excusable ) فالغلط غير المغتفر ( inexecusable ) ينفي حسن النية . ويستوي أن يكون الغلط غلطاً في القانون ( [2353] ) . ما لم يكن الغلط في القانون متعلقاًَ بمسألة تعتبر من النظام العام ، فعند ذلك يكون الغلط غلطاً غير مغتفر وينفي حسن النية ( [2354] ) .
ويجب أن يتوافر حسن النية على الوجه الذي بيناه في الوقت الذي يقبض فيه الحائز الثمار ، فإذا تولي قبضه للثمار وجب أن يكون حسن النية في كل مرة يقبض الثمار فيها ( [2355] ) . وعلى ذلك إذا تلقى الحائز العين من مورثه ، وكان المورث سيء النية والوارث حسن النية ، لم يؤثر سوء نية المورث في حسن نية الوارث . ويتملك الوارث الثمار التي يقبضها بعد موت المورث ، ما دام حسن النية وقت قبضها ( [2356] ) . أما الثمار التي قضها المورث وهو سيء النية ، فهذه $ 1180 $ يجب ردها للمالك . وإذا لم تكن قد ردت في حياة المورث كانت دينا على التركة ولم تخلص للوارث إلا بعد الوفاة هذا الدين ، وإذا فرضنا العكس وكان المورث حسن النية والوارث سيء النية ، فهنا أيضاً لا يؤثر حسن النية المورث في سوء نية الوارث ، ويتملك المورث الثمار التي يكون قد قبضها ما دام أنه كان حسن النية وقت قبضها إذ إنه سيئ النية ( [2357] ) . والمفروض أن الحائز حسن النية حتى يثبت المالك سوء نيته ، إذ أن حسن النية مفترض حتى يقوم الدليل على العكس ( م 965 / 3 مدني )( [2358] ) . فإذا كان السند الذي تلقى به الحائز العين بثبوته عيب ، لم يكلف الحائز إُثبات أنه كان يجهل هذا العيب وقت قبض الثمار ، بل على المالك إذا أراد استرداد الثمار أن يثبت هو أن الحائز كان عالماً بالعيب وقت القبض . وإذا قضى للمالك بالثمار ، وجب أن يذكر الحكم صراحة أن الحائز كان سيء النية وقت قبضه إياها ( [2359] ) .
$ 1181 $
وإذا تقدم المالك لإثبات سوء نية الحائز ، جاز له أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات ، لأن سوء النية واقعة مادية فيجوز إثباتها بالبينة والقرائن ( [2360] ) . وقد يلجا إلى إثبات أن الحائز لم يتخذ الاحتياطات الأولية للتثبت من أن ملكية العين قد انتقلت إليه ، ويتخذ من ذلك قرينة على أن الغلط الذي وقع فيه الحائز كان غلطاً غير مغتفر فيكون في حكم سيء النية ( [2361] ) .
465 - عدم اشتراط السبب الصحيح : رأينا أن التقنين المدني المصري ( م 978 / 1 مدني )( [2362] ) لم يشترط وجود السبب الصحيح إلى جانب حسن النية حتى يتملك الحائز الثمار ، وان حسن النية وحده يكفي . وعندما حللنا شرط حسن النية ( [2363] ) ، رأينا أن الحائز يستند عادة في حسن نيته إلى اعتقاده بوجود سبب قانوني كسب به ملكية العين التي انتجب الثمار ملكية خالصة من كي شائبة . ولكن ذلك ليس به ملكية العين التي انتجت الثمار ملكية خاصة من كل شائبة . ولكن ذلك ليس معناه أن هذا السبب القانوني يجب أن يكون تصرفا ناقلا للملكية كما هو الأمر في السبب الصحيح في كل من التقادم المكسب القصير وتملك المنقول بالحيازة ، إذ قد يكون واقعة مادية كالميراث ، أو يكون سببا يكسب به الحائز الملكية ابتداء كالاستيلاء . كذلك ليس من الضروري أن يكون هذا السبب القانوني شرطا مستقلا عن شرط حسن النية ، كما يطلب ذلك في السبب الصحيح في التقادم المكسب القصير وفي تملك المنقول بالحيازة بل ليس من الضروري أن يكون هذا السبب القانوني عنصرا من عناصر حسن النية ، كما هو الأمر في السبب الصحيح الذي يشترطه التقنين المدني الفرنسي في تملك الحائز للثمار .
$ 1182 $
ذلك بأن المادة 550 مدني فرنسي ، عندها تعرف حسن النية في تملك الحائز للثمار ، تقول : " يكون الحائز حسن النية ، إذا حاز بينة التملك بموجب سند ناقل للملكية ، وكان يجهل عيوب هذا السند . وينتفي حسن نية الحائز بمجرد أن تصبح هذه العيوب معروفه له " . فيشترط التقنين الفرنسي إذن وجود السبب الصحيح في تملك الحائز للثمار ، ويعرفه بأنه سند ناقل للملكية . ولكنه لا يعتبر السبب الصحيح شرطا مستقلا عن شرط حسن النية ، بل يعتبره مندمجا فيه ، وعنصراً جوهريا من عناصر ، وعلى أساسه يقوم المبرر للقول بتوافر شرط حسن النية ( [2364] ) . وعلى ذلك يجوز أن يكون السبب الصحيح تصرفا باطلا لا وجود له قانونا ، أو تصرفا ظنيا لا وجود له فعلا ( [2365] ) . فإذا كان تصرفا ظنيا لم يفترض وجوده ، بل يقع على الحائز عبء إثبات أنه كان عنده من الأسباب المعقولة ما يبرر اعتقاده بوجود هذا التصرف فيكون هذا استثناء من افتراض حسن النية ، إذ يكون على الحائز إثبات حسن نيته بإثبات اعتقاده بوجود التصرف الظني ( [2366] ) .
ومع أن السبب الصحيح الذي يشترطه القانون الفرنسي لتملك الحائز الثمار قد آل على هذا النحو إلى أن يندمج في شرط حسن النية فلا يتميز عنه بوجود مستقل ، إلا إإنه لا زال شرطا يستند إليه الحائز في توافر حسن نيته ، بل يجب عليه إثباته إذ كان تصرفاً ظنيا كما قدمنا . فلا تزال هناك فروق بين القانون المصري الذي لا يشترط السبب الصحيح أصلا في تملك الحائز للثمار ، وبين القانون الفرنسي الذي يشترط السبب الصحيح وإن كان قد أدمجه في شرط $ 1183 $ حسن النية ونذكر بوجه خاص من هذه الفروق فرقين : ( 1 )لا يزال الحائز حتى يملك الثمار في القانون الفرنسي في حاجة إلى الاستناد إلى تصرف ناقل للملكية ( tite transltjf de propriete ) حتى يوجد عنده السبب الصحيح الذي تشترطه صراحة المادة 550 مدني فرنسي كما رأينا . أما في القانون المصري ، فقد رأينا أن الحائز ليس في حاجة إلى أن يستند إلى تصرف ناقل للملكية ، فإي سبب مكسب يكفي ، ومن ثم يكفي السبب المكسب للملكية ابتداء كالاستيلاء ، كما يكفي التصرف الكاشف عن الملكية كالقسمة والصلح ( [2367] ) . ( 2 ) إذا استند الحائز في القانون الفرنسي إلى تصرف قانوني ظني ، وجب عليه إثباته كما قدمناه ، أما في القانون المصري ، فترى أن الحائز لا يطلب منه إثبات السبب الظني ، فإن حسن نيته مفترض ويتناول هذا الافتراض حسن النية حتى لو استند فيه الحائز إلى تصرف ظني ( [2368] ) .
466 - كيف يتملك الحائز الثمار : إذا توافرت الحيازة وحسن النية على الوجه الذي قدمناه تملك الحائز الثمار وتنص الفقرة الثانية من المادة 978 مدني ، كما رأينا ( [2369] ) ، على ما يأتي : " والثمار الطبيعية أو المستحدثة تعتبر مقبوضة من يوم فصلها ، أما الثمار المدنية فتعتبر مقبوضة يوما فيوما " . وقد قدمنا في الجزء الثامن من الوسيط ( [2370] ) أن الثمار هي كل ما ينتجه الشيء $ 1184 $ من غلطة دورية متجددة ، وتتميز الثمار بأمرين : ( 1 )أنها غلة دورية متجددة ، أي أنها تتجدد عادة في أوقات متعاقبة منتظمة دون انقطاع . ( 2 ) أنها مع تفرعها عن الشيء لا تمس أصله ولا تنقص منه ، بل يبقى الأصل على حاله دون نقصان . ويجب التفريق بين الثمار ( fruits ) والمنتجات ( produits ) فالمنتجات هي كل ما يخرجه الشيء من ثمرات غير متجددة ، وتتميز بعكس ما تتميز به الثمار : ( 1 )فهي غير دورية ولا متجددة ، بل تخرد من الشيء في أوقات منقطعة غير منتظمة . ( 2 ) وهي تمس أصل الشيء وتنتقص منه ، فالمعادن التي تخرج من المناجم والأحجار التي تخرج من المحاجر والأشجار التي تخرج من الغابات هي في الأصل منتجات لا ثمار ، لأنها تنتقص من المناجم والمحاجر والغابات ، وتنتهي إلى أن تنفذ بعد وقت يطول أو يقصر على أنه إذا أعد المنجم أو المحجر أو الغابة للاستغلال بحيث يمكن الحصول منها على إيراد دوري متجدد فأعد المنجم لاستخراج ما به من معادن والمحجر لقطع ما في جوفه من أحجار والغابة لخير ما تحتويه من أشجار ، فإن ما ينتج منها في هذه المواعيد الدورية يعتبر ثماراً ولو كان من شأنه المساس إلى حد ما بأصل الشيء أما إذا لم يعد المنجم أو المحجر أو الغابة للاستغلال ، فإن المعادن والأحجار والأشجار تعد منتجات لا ثمارا ( [2371] ) . وتعتبر أقساط الإيراد المرتب مدي الحياة من المنتجات لا من الثمار لأنها تنتقص من الأصل إلى أن ينفد بموت صاحب الإيراد وذلك بالرغم من أن الأقساط دورية متجددة ، أما أقساط الإيراد الدائم فهذه ثمار لا منتجات لأنها دورية متجددة ولا تنتقص من الأصل ، شأنها في ذلك شأن فوائد رؤوس الأموال واِلأسهم والسندات . ويعتبر نتاج الحيوان من المنتجات لا من الثمار ، لأنه إذا كان لا ينتقص من الأصل إلا أنه غير دوري ( [2372] ) $ 1185 $ وبعد أن فرقنا بين الثمار والمنتجات على هذا النحو ، يجب القول بأن الذي يتملكه الحائز بالحيازة هي الثمار لا المنتجات . والثمار على أنواع ثلاثة :
1 - ثمار طبيعية ( fruits naturels ) ، وهي من عمل الطبيعة لا دخل للإنسان فيها ، كالكلأ والأعشاب التي تنبت في الأرض دون عمل الإنسان . وهذه يتملكها الحائز بفصلها من الأرض وحيازتها ، بشرط أن يكون حسن النية وقت الفصل والحيازة كما سبق القول . ولا يشترط أن يستهلكها أو أن ينقلها من مكانها .
2 - ثمار صناعية أو مستحدثة ( fruits jndustriels ) وهي التي ينتجها عمل الإنسان ، كالمزروعات وفواكه البساتين وخشب الأشجار إذا كانت معدة للقطع على وجه دوري منتظم وعسل النحل وحرير دورة القز . وهذه كالثمار الطبيعية يتملكها الحائز بفصلها وحيازتها وهو حسن النية وقت الفصل والحيازة ( [2373] ) . ولا يشترط هنا أيضاً أن يستهلكها ، أو أن ينقلها من مكانها .
3 - ثمار مدنية ( fruits civils ) ، وهي الريع الدوري المتجدد الذي يقبضه مستثمر الشيء من الغير لقاء نقل منفعة الشيء إلى هذا الغير ، وذلك كأجور المساكن والأراضي الزراعية ( [2374] ) . وفوائد الأسهم والسندات ورؤوس الأموال بوجه عام ، وما تدفعه مصلحة المناجم والمحاجر لصاحب الأرض من الإيجار لقاء استغلال المنجم أو المحجر . وهذه الثمار المدنية يتملكها الحائز يوما فيوما ولو لم تقبض فعلا ، ما دام الحائز باقيا على حسن نيته . فإذا انقطع حسن النية أو انتهت الحيازة ، لم يتملك الحائز منها إلا ما كان مستحقا يوم انقطاع حسن النية أو انتهاء الحيازة ، فإذا عجل له منها ما يجاوز $ 1186 $ هذا اليوم استبقى ما كان مستحقا إلى هذا اليوم ورد الباقي إلى المالك ( [2375] ) .
467 - الأساس القانوني لتملك الحائز للثمار : يتملك الحائز للثمار بمجرد قبضه لها على النحو الذي قدمناه ، ويكون سبب الملكية هنا هي الحيازة المقترنة بحسن النية ، وهي تقع على الشيء الأصلي الذي انتج الثمار ثم على الثمار سبب الملكية . ولكن لا يجوز اعتبار قاعدة تملك المنقول بالحيازة ( [2376] ) . وهي سبب الملكية . ولكن لا يجوز اعتبار قاعدة تملك الحائز للثمار تطبيقا لقاعدة تملك المنقول بالحيازة ، فالحائز يتملك الثمار لاعتبارات تختلف عن الاعتبارات التي يتملك الحائز من أجلها المنقول ، ثم أن كلا من القاعدتين تختلف عن الأخرى في نطاق تطبيقها ، وفي شروط هذا التطبيق ( [2377] ) . أما أن الاعتبارات تختلف ، فذلك لأن القاعدة تملك المنقول بالحيازة تقوم على أساس استقرار التعامل في المنقول كما قدمنا ( [2378] ) . أما قاعدة تملك الحائز للثمار فتقوم على اعتبارات أخرى . ذلك أن الحائز للعين وهو يعتقد أنها ملكه يجني ثمارها ، وهو يعتقد بداهة أنها مملوكة له . وهو يستهلكها ، دون أن يخطر في باله أنه مسئول عن ردها لأحد . وما دام هو حسن النية وقت أن يقبض $ 1187 $ الثمار ، وما دام جهله أنها غير مملوكة له يقوم على غلط مغتفر ، فمن العدل أن يتقدم القانون لحمايته ، ويعتبره مالكاً لها فعلا ، فلا يكون مسئولا عن ردها وبين المالك للعين الذي تركها في أيدي الناس حتى وقعت في يد حائز حسن النية ومن ثم لا يخلو من اللوم ، وبين الحائز حسن النية الذي لم يرتكب خطأ في استهلاكه لثمار يعتقد أنها مملوكة له ، الحائز حسن النية الذي لم يرتكب خطأ هو الأولي بالرعاية من المالك للعين الذي يمكن أن ينسب إليه شيء من الخطأ وقد عرف القانون الروماني قاعدة الحائز للثمار للاعتبارات التي قدمناها ، دون أن يعرف قاعدة تملك المنقول بالحيازة لأنها مبينة على اعتبارات أخرى لم يأخذ بها ( [2379] ) .
وأما أن نطاق التطبيق يختلف ، فذلك من وجهين : ( 1 ) نطاق قاعدة تملك المنقول بالحيازة يتناول المنقول كشيء أصلي chose principale ) ) يتملكه الحائز باعتبار أنه هو الأصل لا باعتبار أنه تابع لشيء آخر أما نطاق قاعدة تملك الحائز للثمار فمقصور على الثمار باعتبارها شيئاً تابعاً ( chose accessoire ) فالحائز لا يتملك الشيء الأصلي الذي انتج الثمار ، إنما يتملك توابعه وهي الثمار ، ولا يتملك من التوابع إلا الثمار فلا يتملك المنتجات لذلك كانت قاعدة تملك المنقول بالحيازة ، وتتناول الشيء الأصلي بما يشتمل عليه من توابع ، أشد في شروطها ، من بعض الوجوه ، من قاعدة تملك الحائز للثمار وهي القاعدة التي تقتصر على الشيء التابع دون الشيء الأصلي . ( 2 ) نطاق قاعدة تملك المنقول بالحيازة ينحصر في منقول مادي معين بالذات أو حق عيني في هذا المنقول ، ولا يتناول المجموع من المال ، وقد سبق بيان ذلك ( [2380] )
نطاق قاعدة تملك الحائز الثمار ، فيستوي فيها أن يكون الشيء الذي ينتج الثمار شيئا معنيا بالذات أو مجموعا من المال فالوارث الظاهر إذا رد إلى الوارث الحقيقي نصيبه في التركة يتملك الثمار التي جناها من هذا النصيب إذا كان حسن النية ( [2381] ) .
$ 1188 $
وأما أن الشروط تختلف ، فيظهر ذلك إذا قارنا شروط تملك المنقول بالحيازة بشروط تملك الحائز للثمار في القانون المصري ، فنجد أن هناك فروقا بين القاعدتين أهمهما ما يأتي ( 1 ) في تملك المنقول بالحيازة ، يشترط وجود السب الصحيح شرطا مستقلا عن شرط حسن النية ، وإن كان يفترض وجوده أما في تملك الحائز للثمار ، فلا يشترط وجود السبب الصحيح أصلا ، ولو كعنصر من عناصر حسن النية . ( 2 ) في تملك المنقول بالحيازة ، المفروض دائماً أن الحائز قد تعامل مع غير المالك . أما في تملك الحائز للثمار فقد تعامل الحائز مع غير المالك أو مع المالك . ( 3 ) في تملك المنقول بالحيازة ، حسن النية معناه أن الحائز يعتقد انه تعامل مع المالك ، في حين أنه يكون قد تعامل مع غير المالك . أما في تملك الحائز للثمار ، فحسن النية معناه أن يجهل الحائز عيوب سنده ولو تعامل مع المالك ، فيعتقد أن ملكية العين قد خلصت له دون شائبة . ( 4 ) وفي تملك المنقول بالحيازة ، يكفي أن يتوافر حسن النية وقت بدء الحيازة ، فيتملك الحائز المنقول في الحال ، وينتقل المنقول إلى وارثه حتى لو كان هذا سيء النية . أما في تملك الحائز للثمار ، فيجب أن يتوافر حسن النية وقت القبض في كل مرة يقبض فيها الحائز الثمار ، ولا يكفي أن يكون حسن النية في الثمار التي يقبضها أولاً إذا انقطع حسن نيته فيما يقبض بعد ذلك من ثمار ، بحيث أن المورث لو كان حسن النية وتملك الثمار بالقبض فإن الوارث لا يتملكها إذا كان سيء النية ( [2382] ) 2 - عدم تملك الحائز للثمار ووجوب ردها للمالك
468 - متى لا يتملك الحائز الثمار : قدمنا أن الحائز لا يتملك الثمار إلا إذا كان حسن النية وقت قبضها ، وعلى ذلك لا يتملكها في الأحوال الآتية :
( 1 ) إذا كان سيء النية منذ البداية . ( 2 ) إذا كان حسن النية في أول الأمر ثم أصبح سيء النية بعد ذلك . ( 3 ) منذ أن يرفع عليه المالك الدعوى بالاسترداد حتى لو ظل حسن النية بعد رفع الدعوى .
$ 1189 $
469 - الحالة الأولي –الحائز سيء النية منذ البداية : إذا كان الحائز وهو يضع يده على العين التي تنتج الثمار ، سيء النية منذ البداية ، كأن ورثها وهو يعلم أنها غير مملوكة لمورثه ، أو أخذها بوصية يعلم أن الموصي قد عدل عنها ( [2383] ) ، أو اغتصبها ، أو اشتراها من غير مالك وهو يعلم هذا العيب ، فإنه لا يتملك الثمار بالحيازة ما دام أنه سيء النية . فإذا رفع المالك دعوى على الحائز سيء النية يسترد بها العين ، فإنه يستردها ويسترد معها جميع الثمار التي قبضها الحائز أو التي قصر في قبضها على ما سنرى ( [2384] ) .
ولا يمتنع على المالك أن يسترد من الحائز سيء النية ثمار العين إلا في أحد الفروض الآتية L 1 )إذا تملك الحائز سيء النية العين بالتقادم الطويل ، فإنه يكسب تبعا لملكية العين ملكية ثمارها ، حتى الثمار التي لم يمض على قبضها مدة خمس عشرة سنة ، وذلك بفضل الأثر الرجعي للتملك بالتقادم ( [2385] ) . ( 2 )إذا تملك الحائز سيء النية الثمار بالتقادم الطويل ، استقلالا عن أصل العين . فقد لا يتملك الحائز العين نفسها لسبب أو لآخر ، كان يتخلى عن حيازتها أو تنزع منهم قبل أن تكتمل مدة التقادم ، ومع ذلك يكون قد قبض ثمارها ويبقى حائزاً للثمار مدة خمس عشرة سنة . فيتملكها بالتقادم الطويل استقلالا عن العين ، ويمتنع على المالك استردادها . ( 3 )إذا سقطت دعوى استرداد الثمار بالتقادم المسقط ، فقد تمضي على استحقاق الثمار في ذمة الحائز مدة خمس عشرة سنة دون أن يتملكها بالتقادم المكسب ، فتسقط دعوى استردادها بالتقادم المسقط .
$ 1190 $
وتنص المادة 375 / 2 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " ولا سقط الربع المستحق في ذمة الحائز سيء النية . . إلا بانقضاء خمس عشرة سنة " ( [2386] )
470 - الحالة الثانية - الحائز حسن النية في أول الأمر ثم أصبح سي النية بعد ذلك : رأينا ( [2387] ) أن المادة 979 مدني تنص على أن يكون الحائز سيء النية مسئولا من وقت أن يصبح سيء النية عن جميع الثمار التي يقبضها والتي قصر في قبضتها … " فقد يبدأ الحائز حيازته للعين وهو حسن النية ، ثم يعلم بعد مدة ما أن العين لم تخلص له ملكيتها ، فينقلب إلى حائز سيء النية ، وقد يبقى على حسن نيته إلى أن يموت ، ويرث العين وارث يعلم أنها غير مملوكة لمورثه فيكون الوارث سيء النية . ولما كان حسن النية في تملك الحائز للثمار مطلوباً توافره وقت قبض الحائز للثمار وفي كل مرة يقبض فيها هذه الثمار ( [2388] ) ، فإنه متى أصبح سيء النية على الوجه الذي قدمناه لا يستطيع أن يتملك الثمار بالحيازة من وقت أن يصبح سيء النية ( [2389] ) . والمفروض أن الحائز حسن النية وأنه يبقى مستمراً في حسن نيته ، وعلى المالك أن يثبت أن الحائز قد أصبح سيء النية في وقت معين ، وله أن يثبت ذلك بجميع الطرق لأن سوء النية واقعة مادية . وإذا أثبت المالك أن الحائز قد أصبح سيء النية في وقت معين ، فإن الثمار التي يكون قد قبضها أو قصر في قبضها من الوقت الذي أصبح فيه سيء النية ، فإنه لا يتملكها بالحيازة ويجب عليه ردها للمالك . وتسري ، منذ الوقت الذي أصبح فيه الحائز سيء النية ، الأحكام التي قدمناها في الحالة الأولي عندما يكون الحائز سيء النية منذ البداءة . فيسترد المالك العين مع جميع الثمار التي قبضها الحائز أو قصر في قبضها منذ أن أصبح سيء النية ، ولا يمتنع على المالك أن يسترد هذه الثمار إلا في أحد الفروض الثلاثة التي سبق بيانها في الحالة الأولي ( [2390] ) .
$ 1191 $
471 - الحالة الثالثة باق على حسن نيته ولكن المالك رفع عليه الدعوى : وليست هذه الحالة الثالثة مصرحا بها في المادة 979 مدني ( [2391] ) . ولكن يجب أن تستكمل هذه المادة بنصين آخرين وردت فيهما هذه الحالة بالذات . فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 966 مدني على ما يأتي : " ويزول حسن النية من وقت إعلان الحائز بعيوب حيازته في صحيفة الدعوى ، وبعد سيء النية من أغتصب بالإكراه الحيازة من غير " . وتنص المادة 185 مدني على أنه " 1 - إذا كان من تسلم غير المستحق حسن النية ، فلا يلتزم إلا برد ما تسلم . 2 - أما إذا كان سيء النية ، فإنه يلتزم أن يرد أيضاًَ الفوائد والأرباح التي جناها ، أو التي قصر في جنيها ، من الشيء الذي تسلمه بغير حق ، وذلك من يوم الوفاء أو من اليوم الذي أصبح فيه سيء النية . 3 - وعلى أي حال يلتزم من تسلم غير المستحق برد الفوائد والثمرات من يوم رفع الدعوى " .
والدعوى التي يرفعها المالك على الحائز حسن النية ، فيجعله برفعها سيء النية ، تتنوع بحسب الأحوال . ويغلب أن تكون دعوى استحقاق يطالب فيها المالك الحائز باعين وثمارها ، ويصح أن تكون دعوى استرداد الثمار مستقلة عن العين نفسها ، وسنعود إلى هذه المسألة فيما يلي ( [2392] ) . وأيا كانت هذه الدعوى ، فإن رفعها على الحائز حسن النية يجعله في حكم الحائز سيء النية من وقت رفع الدعوى . ومعنى ذلك أنه لا يتملك الثمار من ذلك الوقت ، ويجب عليه ردها للمالك فيما لو كسب هذا الأخير الدعوى . وكذلك يكون الحكم حتى لو لم ترفع دعوى على الحائز حسن النية ولكن يكون قد اغتصب الحيازة بالإكراه ، فيعامل معاملة الحائز سئ النية ، ولا يتملك الثمار بالحيازة ويجب عليه ردها للمالك فيما لو تبين أنه هو غير مالك للعين .
والمفروض هنا أن الحائز حسن النية ، عندما رفعت عليه الدعوى أو عندما اغتصب الحيازة بالإكراه ، بقى على حسن النية يعتقد أنه يملك العين بالرغم من رفع الدعوى عليه أو بالرغم من أنه اغتصب الحيازة بالإكراه ، وبالرغم من $ 1192 $ بقائه على حسن نيته فإنه يعامل معاملة الحائز سيء النية فلا يتملك الثمار . ولو أنه تبين من رفع الدعوى عليه أنه لا يملك العين ، لاختلطت هذه الحالة الثالثة بالحالة الثانية ، ولكان الحائز بعد حسن نيته قد أصبح سيء النية ، ولما كان هناك محل لتمييز هذه الحالة الثالثة عن الحالة الثانية . أو لو أن الحائز عندما اغتصب الحيازة بالإكراه كان يعلم أنه غير مالك العين فاغتصب حيازتها ، لاختلطت هذه الحالة الثالثة بالحالة الأولي ، ولكان الحائز سيء النية منذ البداية ، ولما كان هناك محل لتمييز هذه الحالة الثالثة عن الحالة الأولي .
فالمفروض إذن كما قدمنا أن الحائز بقى على حسن نيته بالرغم من رفع الدعوى عليه ، أو كان حسن النية عندما اغتصب الحيازة بالإكراه يعتقد أن العين مملوكة له وأرد أن ينتصف لنفسه بنفسه . فإذا كان اعتقاده بأنه هو المالك للعين صحيحاً ، كسب دعواه ، واستبقى العين وثمارها . ولم يعد هناك محل لإثارة اعتباره سئي النية لمنعه من تملك الثمار ، فقد تبين أنه يملك الثمار لا بالحيازة بل لأنه يملك العين نفسها التي أنتجت هذه الثمار أما إذا كان اعتقاده بأنه هو المالك غير صحيح ، فإنه يجب عليه أن يرد العين للمالك ، وان يرد له الثمار من وقت رفع الدعوى ، على أساس أن الحكم يستند إلى وقت رفع الدعوى . فالحكم عليه ترد العين يستند إلى هذا الوقت ، ولهذا يرد الثمار من وقت رفع الدعوى بالرغم من أنه بقى حسن النية بعد رفعها ( [2393] ) ويرد للمالك الثمار من $ 1193 $ وقت اغتصاب الحيازة بالإكراه ، لأنه ما كان ينبغي أن ينتصف لنفسه بنفسه بل كان عليه أن يلجأ إلى الوسائل القانونية لاسترداد ما يعتقد أنه يملكه ، والآن وقد تبين أنه غير مالك للعين لم يجز أن يتملك الثمار بحيازة كان الإكراه منشأها ولو كانت مقترنة بحسن النية . وقد سبق أن بسطنا القول في ذلك فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك ( [2394] ) .
472 - الثمار التي يجب ردها للحالات : وتنص المادة 978 مدني ، كما رأينا ( [2395] ) ، على أن " يكون الحائز سيء النية مسئولا من وقت أن يصبح سيء $ 1194 $ النية عن جميع الثمار التي يقبضها والتي قصر في قبضها ، غير انه يجوز أن يسترد ماأنفقه في إنتاج هذه الثمار " . ويخلص من هذا النص أنه في الأحوال التي يجب فيها على الحائز رد الثمار إلى المالك ، يلزم الحائز برد الثمار التي قبضها والتي قصر في قبضها ، ومن جهة أخرى يجوز له أن يسترد من المالك ما أنفقه في إنتاج هذه الثمار . فالحائز يلتزم بأن يرد للمالك الثمار التي قبضها وهذه يردها عينا إذا كانت لا تزال موجودة في يده ، أو يرد قيمتها وقت قبضها إذا كان قد استهلكها . ويجوز أيضاً أن يلزم بدفع فوائد قيمة الثمار بالسعر القانوني من وقت قبضها إلى وقت رد القيمة إلى المالك ، وذلك على سبيل التعويض ( [2396] ) .
ويلتزم الحائز فوق ذلك بأن برد إلى المالك قيمة الثمار التي قصر في قبضتها أي الثمار التي كان يجنيها المالك لو أن العين كانت في حيازته ، ويقدر قاضي الموضوع قيمة هذه الثمار . وكذلك يلتزم بدفع فوائد هذه القيمة على الوجه الذي سبق ذكره . وعلى ذلك يلتزم الحائز بأن يرد للمالك قيمة الثمار التي جناها من تلقى الحيازة من الحائز ، سواء كان هذا قد جناها بسوء نية أو بحسن نية ( [2397] )
وإذا كان الحائز سيء النية يلتزم بأن يرد للمالك الثمار التي قبضها أو قصر في قبضها على الوجه السالف الذكر ، فإن المالك من جهة أخرى يلتزم بأن يرد للحائز المصروفات التي أنفقها هذا في إنتاج هذه الثمار ( [2398] ) ، ويشمل ذلك أجر العمل وقيمة البذر ونفقات الأعمال التي قام بها الحائز للحصول على هذه الثمار كذلك يرد المالك للحائز مصروفات الصيانة ، والتكاليف التي تثقل الثمار من ضرائب ورسوم وغيرها . فالحائز إذن لا يرد للمالك إلا القيمة الصافية للثمار بعد استنزال المصروفات والتكاليف ، وإلا أثرى المالك على حساب الحائز ( [2399] ) .
$ 1195 $
473 - كيف يسترد المالك الثمار من الحائز سيء النية : والمالك يسترد الثمار من الحائز سيء النية أما مع العين التي انتجت هذه الثمار وهذا هو الغالب ، أو مستقلة عن هذه العين .
فيسترد الثمار مع العين بأن يرفع في العادة دعوى استحقاق يطالب الحائز فيها بالعين مع ثمارها . ودعوى الاستحقاق هذه لا تسقط بالتقادم ، فللمالك أن يرفعها على الحائز في أي وقت ليسترد بها العين والثمار ، ولو بعد انقضاء خمس عشرة من خروج العين من حيازة المالك . وذلك ما لم يكن الحائز قد تملك العين بالتقادم الطويل ، فعند ذلك لا يستطيع المالك أن يسترد العين ولا ثمارها ( [2400] ) . وقد يكون المالك سلم العين للحائز معتقداً أنها ملك هذا الأخير ، ويتبين بعد ذلك أن العين غير مملوكة للحائز فيجوز في هذا الفرض أن يسترد المالك العين من الحائز بدعوى شخصية هي دعوى استرداد غير المستحق . فإذا كان الحائز قد تسلم العين وهو حسن النية معتقداً أنه يملكها ، لم يلتزم أن يرد للمالك إلا العين وحدها دون الثمار ، لأنه يكون قد تملك الثمار بالحيازة إذ هو حسن النية ( م 185 / 1 مدني ) . أما إذا كان الحائز سيء النية فإنه يلتزم أن يرد للمالك العين والثمار ، لأنه لم يتملك الثمار إذ هو سيء النية ( م 185 / 2 مدني ) . ويلتزم الحائز على كل حال ، ولو كان حسن النية ، برد الثمار من يوم أن يرفع عيه المالك دعوى استرداد غير المستحق ( م 185 / 3 مدني )وقد سبق ذكر ذلك ( [2401] ) . وتسقط بالتقادم الدعوى الشخصية باسترداد غير المستحق ، من عين وثمار ، بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه المالك بحقه في الاسترداد ، وتسقط الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم أن يسلم المالك العين للحائز ( م 187 مدني ) .
ويسترد المالك من الحائز سيء النية الثمار مستقلة عن العين ، إذا خرجت العين من حيازة الحائز وبقيت الثمار في يده ، فعند ذلك يستطيع المالك أن يسترد هذه الثمار عينا من الحائز بدعوى استحقاق لأنه هو المالك للثمار ، $ 1196 $ ولا تسقط دعوى الاستحقاق هذه بالتقادم . ولكن يجوز للحائز أن يتملك الثمار بالتقادم المكسب الطويل إذا بقى حائزاً لها مدة خمس عشرة سنة ، وعند ذلك لا يستطيع المالك أن يستردها . وإذا كان الحائز قد استهلك الثمار ، أو كانت الثمار تتمثل في مبلغ من النقود هو ربع العين ، فإنها تصبح دينا في ذمة الحائز للمالك . فيجوز للمالك أن يطالب الحائز بهذا الدين ، مع العين إذا كانت باقية في يد الحائز أو بدونها إذا خرجت من يده ولا يعتبر الثمار إذا أصبحت دينا في ذمة الحائز أو بدونها إذا خرجت من يده ولا تعتبر الثمار إذا أصبحت ديناً في ذمة الحائز حقا دوريا متجددا كالأجرة يسقط بخمس سنوات ، بل لا يسقط هذا الدين إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت استحقاقه بالتقادم المسقط . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 375 مدني صراحة على ذلك إذ تقول : " ولا يسقط الربع المستحق في ذمة الحائز سيء النية … إلا بانقضاء خمس عشرة سنة " ( [2402] )
$ 1197 $
القسم الثاني
الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية
( حق انتفاع وما يلحق به – حق الارتفاق )
$ 1198 $
تمهيد
474 - حصر الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية : قدمنا الجزء الثامن من الوسيط ( [2403] ) أن حق الملكية يتفرع عنه حقوق عينية أصلية خمسة ، ذكرها التقنين المدني ، وهي حق الانتفاع ، وحق الاستعمال ، وحق السكنى ، وحق الارتفاق ، وحق الحكر .
ويضاف إلى هذه الحقوق العينية الخمسة المذكورة في التقنين المدني حقوق ثلاثة أخرى . وهي حق المستحق في الوقف فهو حق عيني غير الحق الشخصي الذي له في تقاضي الغلة من الناظر ، والحق الذي يرد على الأشياء غير المادية كحق المؤلف وحق المخترع ، وحق استغلال المناجم والمحاجر ( [2404] ) .
475 - الباقي للبحث من هذه الحقوق : وقد سبق بحث حق الحكر عند بحث عقد الإيجار ، في الجزء السادس من الوسيط . وكذلك سبق بحث حق المؤلف وحق المخترع ، وبحث حق استغلال المناجم والمحاجر ، في الجزء الثامن من الوسيط . أما حق المستحق في الوقف فهو من مباحث الشريعة الإسلامية ، وقد ألغى على كل حال فيما عدا الوقف الخيري .
فلم يبق للبحث إذن من الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية غير حق الانتفاع وحق الاستعمال وحق السكنى ، وغير حق الارتفاق .
ولما كان حق الاستعمال وحق السكني نوعين خاصين من حق الانتفاع ، لذلك نبحث حق الانتفاع ومعه حق الاستعمال وحق السكني في الباب الأول من هذا القسم . ونبحث في الباب الثاني حق الارتفاق .
$ 1200 $
الباب الأول
حق الانتفاع وحق الاستعمال وحق السكني
الفصل الأول
حق الانتفاع
( Usufruit )
تمهيد
476 - التعريف بحق الانتفاع : لم يورد التقنين المدني الجديد تعريفا لحق الانتفاع ، جريا على عادته في الإقلال من التعريفات بقدر المستطاع . ولكن التقنين المدني السابق عرف هذا الحق في المادة 13 / 49 منه بأنه " هو حق للمنتفع في استعمال ملك غيره واستغلاله " . وعيب هذا التعريف أنه أوسع مما يجب ، فهو يشمل أي حق للشخص في الانتفاع بملك غيره واستغلاله ، فيدخل حق المنتفع كما يدخل حق المستأجر وحق المحتكر . والانتفاع بملك الغير يكون إما بموجب حق شخصي كما هو الأمر في حق المستأجر ، أو بموجب حق عيني كما هو الأمر في حق المنتفع وحق المحتكر . فكان الواجب أن يميز حق الانتفاع في التعريف بأنه حق عيني ، حتى يفارق بذلك حق المستأجر . ثم إن حق الانتفاع ينتهي حتما بموت المنتفع ، على خلاف حق المحتكر فإنه قد يبقى بعد موت المحتكر فينتقل إلى ورثته وقد يدوم ستين سنة . فكان الواجب أيضاًَ أن يذكر في تعريف حق الانتفاع هذا المميز الجوهري ، وهو أنه ينتهي حتما بموت المنتفع ( [2405] ) .
$ 1201 $
ويعرف الفقه الفرنسي عادة حق الانتفاع تعريفاً أقرب إلى الدقة ، على النحو الآتي : حق الانتفاع هو الحق العيني في الانتفاع بشيء مملوك للغير ، بشرط الاحتفاظ بذات الشيء لرده إلى صاحبه عند نهاية حق الانتفاع ، الذي يجب أن ينتهي حتما بموت المنتفع ( [2406] ) . ويشار في صدد هذا التعريف إلى أنه يميز حق المنتفع حتما بموته . ويرجع إلى ظروف المعاملة ونية المتعاقدين لمعرفة ما إذا كان الحق حق انتفاع ، أو كان حقاً عينياً آخر ، أو حقا شخصياً في الانتفاع بمالك الغير ( [2407] ) .
477 - خصائص حق الانتفاع : ويتبن من التعريف سالف الذكر أن حق الانتفاع حق عيني ، وأنه ينتهي حتما بموت المنتفع ، وأنه يقع على شيء غير قابل للاستهلاك .
1 - فحق الانتفاع حق عيني : وبهذا يتميز عن حق المستأجر كما قدمنا ، فالمستأجر دائن للمؤجر بين المستأجر والعين المؤجرة ، أما المنتفع فه حق عيني يقع مباشرة على الشيء المنتفع به ولا يتوسط بينهما مالك الشيء ويترتب على ذلك أن المالك ليس ملتزما قبل المنتفع بتمكينه من الانتفاع كما يلتزم المؤجر نحو المستأجر ، بل كل ما على المالك هو إلا يتعرض للمنتفع في مباشرة حقه ولا يلتزم نحوه بشيء . فإذا احتاجت العين إلى إصلاح لم يلتزم المالك أن يقوم به كما يلتزم المؤجر ، وسيأتي بيان ذلك . وإذا كان محل حق الانتفاع عقاراً ، فإن حق الانتفاع مالا عقاريا يجوز رهنه رسميا ، بخلاف ما إذا كانت العين المؤجرة عقاراً فإن حق المستأجر وهو حق شخصي لا يعتبر مالا عقارياً بل مالا منقولا لا يجوز رهنه رهناً رسميا . وإذا نزل المنتفع عن حق الانتفاع للغير فإنه ينزل عن حق عيني لا يقتضي تدخل المالك كما يقتضي تدخله النزول عن حق المستأجر ، إذ يعتبر نزول المستأجر عن حقه الشخصي للغير حوالة حق فتقتضي إعلان المؤجر بها . فإذا ما كانت العين $ 1202 $ عقارا ، فإن المستأجر عن حقه الشخصي للغير يبقى حوالة فلا يجب التسجيل . أما نزول المنتفع عن حق انتفاعه بالعقار للغير فإنه يعتبر انتقالا لحق عيني ، فيقتضي التسجيل سواء بالنسبة إلى الغير أو فيما بين المتعاقدين ( [2408] ) .
وإذا كان حق الانتفاع حقا عينيا ، فإنه حق عيني يتميز عن حق الملكية ، بل هو يثقل حق الملكية ونتقص منها . وقد قدمنا أن حق الملكية يشتمل على عناصر ثلاثة ، حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف . فحق الانتفاع ويشتمل على حق عس الاستعمال وحق الاستغلال ( [2409] ) . يجرد حق الملكية من هذين العنصرين ولا يبقى لها إلا العنصر الثالث وهو حق التصرف ، ومن ثم تصبح الملكية المثقلة بحق الانتفاع ملكية غير كاملة وتسمي بملكية الرقبة ( nue - propriete ) ويتجمع في المال الواحد حقان عينيان ، حق الرقبة للمالك ويسمي مالك الرقبة وحق الانتفاع للمنتفع ( [2410] ) . ومالك الرقبة والمنتفع ليسا شريكين على الشيوع في المال فالشيوع لا يكون إلا في حقوق من طبيعة واحدة تتزاحم على الشيء الواحد . أما طبيعة حق الرقبة فتختلف عن طبيعة حق الانتفاع ( [2411] ) . وعلى ذلك لا يجوز للمالك الرقبة ولا للمنتفع أن يطلب قسمة المال كما يجوز ذلك للمالك في الشيوع ، ويبقى كل منهما محتفظا بحقه متميزا عن حق الآخر دون تزاحم بينهما ولكن يصح أن تكون الرقبة نفسها $ 1203 $ أو حق الانتفاع نفسه مملوكاً على الشيوع لعدة أشخاص ، فيجوز عندئذ الشريك على الشيوع في الرقبة أو في حق الانتفاع أن يطلب القسمة ( [2412] ) .
2 - وحق الانتفاع ينتهي حتما بموت المنتفع : فلا يبقى حق الانتفاع موت المنتفع ، بل يرجع إلى مالك الرقبة فتعود لهذا ملكية العين كاملة . وهذا بخلاف حق المستأجر ، فهو في الأصل لا ينتهي بموت المستأجر ، وإذا انتهي فإنما ذلك في حالات استثنائية ( م 601 / 2 وم 602 مدني ) , وهذا لا يعني أن حق الانتفاع يجب أن يدوم طوال الحياة المنتفع ، فقد يحدد له أجل قصير أو طويل ، ومتى انتهي الأجل المحدد انتهي حق الانتفاع ولو قبل موت المنتفع . ولكن قبل انقضاء الأجل ، فإن حق الانتفاع ينتهي $ 1204 $ حتما ، وذلك بالرغم من أن الأجل لم ينقض . والحكمة في انتهاء حق الانتفاع حتما بموت المنتفع ، أن حق الانتفاع يشل إلى حد ما من تداول المال ، فلا المنتفع يملك الرقبة حتى يستطيع التصرف في ملكية المال كاملة ، ولا مالك الرقبة يتيسر له أن يجد مشتريا للرقبة وهي عاطلة عن حق الانتفاع ( [2413] ) فأصبح المال في وضع اقتصادي غير مرغوب فيه ، ولذلك عين المشرع حد أقصى لهذا الوضع ، وهو حياة المنتفع . فلا ينتقل حق الانتفاع بموت المنتفع إلى ورثته بل ينتهي حتما ، فتعود الملكية كاملة لصاحب الرقبة ، ويرجع المال إلى وضعه العادي من التداول .
وإذا كان حق الانتفاع يحد من حركة التداول المال كما قدمنا ، فإنه أيضاًٍ يحمل في ذاته عاملا من عوامل الشك وعدم استقرار بسبب القاعدة التي نحن بصددها من أنه ينتهي حتما بموت المنتفع . فسواء حدد لحق الانتفاع أجل أو لم يحدد ، فإنه لا يعرف متى ينتهي ، إذا قد يموت المنتفع قبل انقضاء هذا الأجل والموت لا يعرف موعده على وجه محقق . فتقدير قيمة حق الانتفاع ، عندما يكون هناك محل لذلك ، يصعب البت فيه ، إذ يحول دون ذلك عدم معرفة موعد انقضائه حتى لو كان له أجل محدد ، إذ ينتهي حتما بموت المنتفع ولو قبل انقضاء الأجل كما سبق القول . وقدم واجه المشرع هذه الصعوبة في حالات مختلفة ، ففي حالتين منهما لجأ إلى التحكم لأنه أراد أن يبت في حق الانتفاع في الحال . الحالة الأولي إذا نزعت ملكية العقار للمنفعة العامة ، وأريد توزيع التعويض المستحق عن نزع الملكية بين مالك الرقبة والمنتفع ، فعلى القاضي في هذه الحالة أن يقدر قيمة حق الانتفاع اجتهادا ، مراعيا في ذلك سن المنتفع وحالته الصحية . والحالة الثانية ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون الإصلاح الزراعي في شأن توزيع التعويض المستحق عن الاستيلاء بين مالك الرقبة والمنتفع ، ففي هذه الحالة يكون المالك الرقبة ثلثا التعويض وللمنتفع الثلث الباقي . وفي حالة $ 1205 $ ثالثة لم يلجأ المشرع إلى التحكم ، إذ نص في المادة 994 على أن " ينتهي حق الانتفاع بهلاك الشيء ، إلا أنه ينتقل من هذا الشيء إلى ما قد يقوم مقامه من عوض " فإذا قام مقام الشيء تعويض أو مبلغ تأمين مثلا على سبيل الحلول العيني ، كان للمنتفع الفوائد المدة التي يدوم فيها حق الانتفاع ، ويبقى رأس المال دون فوائد لمالك الرقبة إلى أن ينتهي حق الانتفاع ، فإذا انتهي آلت الفوائد للمالك ( [2414] ) .
3 - وحق الانتفاع يقع على شيء غير قابل للاستهلاك : وذلك لأن الشيء بذاته يعود إلى المالك عند انتهاء حق الانتفاع ، فوجب أن يكون باقيا بعد الانتفاع به ، ويعني ذلك أن يكون شيئا غير قابل للاستهلاك ( [2415] ) .
هذا هو الأصل غير أنه يقع في بعض الأحيان أن يوصي شخص لآخر بحق الانتفاع في جزء من تركته ، وقد تشتمل التركة على أشياء قابلة للاستهلاك فإذا أفرزت الأموال التي يستعمل عليها المنتفع حق انتفاعه دخل في هذه الأموال أشياء قابلة للاستهلاك . فكيف يباشر المنتفع حق انتفاعه على هذه الأشياء ، وهو لا يستطيع الانتفاع بها إلا باستهلاكها ؟تجيب على ذلك المادة 587 من التقنين المدني الفرنسي بأنه " إذا شمل حق الانتفاع أشياء لا يمكن استعمالها دون استهلاكها ، كالنقود والغلال والخمور ، كان للمنتفع الحق في استهلاكها ، بشرط أن يرد مثلها في الكمية والصفة والجودة " ( [2416] ) . ويستخلص من هذا النص أن الذي ينتقل إلى المنتفع في الشيء القابل للاستهلاك ليس هو مجرد حق انتفاع ، بل هو حق ملكية كاملة يبيح للمنتفع أن يستهلك الشيء ، على أن يرد $ 1206 $ مثله أو قيمته عند انتهاء حق الانتفاع ( [2417] ) فالمنتفع إذن يصبح مالكاً للشيء القابل للاستهلاك ، فلا تكون هناك رقبة تبقى للمالك ، وإنما يكون المالك دائنا للمنتفع بمثل الشيء أو قيمته ( [2418] ) . وهكذا تتحول الرقبة من حق عيني هو ملك الرقبة إلى مجرد دائنية ( creance ) للمالك في ذمة المنتفع ( [2419] ) وهذا هو الحكم الذي أخذ به في مصر ، وقد ورد في شأنه نص صريح ، إذ تقول الفقرة الثانية من المادة 992 مدني : " وللمنتفع الذي قدم لكفالة أن يستعمل الأشياء القابلة للاستهلاك . وإنما عليه أن يرد بدلها عند انتهاء حقه في الانتفاع " ( [2420] ) .
478 - الأشياء التي تصلح أن تكون محلا لحق الانتفاع : يصلح أن يكون محلا لحق الانتفاع العقار كالدور والأراضي الزراعية والمناجم والمحاجر ، والمنقول كالآلات والسيارات والمركبات والمواشي والأسهم والسندات وسائر القيم المنقولة التي لحاملها والأشياء القابلة للاستهلاك ويترتب على هذه الأشياء الأخيرة شبه حق انتفاع كما سبق القول .
ويصلح أن يكون محلا لحق الانتفاع ، ليس فحسب الأشياء المادية كالأشياء التي تقدم ذكرها ، بل أيضاً الأشياء غير المادية ، كحق المؤلف $ 1207 $ وحق المخترع ، والحقوق الشخصية ( creances ) ( [2421] ) والإيرادات المرتبة والأسهم والسندات وسائر القيم المنقولة التي ليست لحاملها وسندات القروض التي تعقدها الدولة كقروض الإنتاج وغيرها ، بل أن حي الانتفاع نفسه يصلح أن يكون محلا لحق انتفاع يترتب عليه ، فيكون للمنتفع بحق الانتفاع غلة هذا الحق وثماره ( [2422] ) . وكذلك يصلح أن يكون محلا لحق الانتفاع حق الارتفاق يشترط أن يشمل حق الانتفاع العقار المرتفق وحق الارتفاق معاً ، فلا يترتب حق انتفاع على حق الارتفاق مستقلا عن العقار المرتفق ( [2423] ) .
ويصلح أن يكون محلا لحق الانتفاع من المال ( universalite ) سواء كان مجموعا قانونيا كالتركات ( [2424] ) ، أو كان مجموعا فعليا كالمتاجر والقطيع من الغنم ( [2425] ) . وبوجه عام كل ما يصلح أن يكون محلا لحق الملكية يصلح أن يكون محلا لحق الانتفاع ( [2426] ) .
وفي جميع الأحوال يصلح الشيء أن يكون محلا لحق الانتفاع ، حتى لو كان مما يبلي بطول الاستعمال كالأثاث والملابس والسيارات والمركبات ولا يتحول حق الانتفاع هنا إلى شبه حق انتفاع ، فهناك فرق واضح بين شيء يبلى بطول الاستعمال وشيء يستهلك فوراً بالاستعمال . وعلى ذلك يرد $ 1208 $ المنتفع بها فيما إذا كان ورد حق الانتفاع على شيء يبلى بطول الاستعمال ، نفس الشيء في الحالة التي يكون عليها وقت نهاية حق الانتفاع ، دون أن يكون قد أصابه تلف بخطأ المنتفع ( [2427] ) .
479 - ما أدخله التقنين المدني الجديد من تعديلات على التقنين المدني السابق في خصوص حق الانتفاع : أهم ما أخله التقنين المدني الجديد من تعديلات على التقنين المدني السابق في خصوص حق الانتفاع أنه حذف نصوصاً خاصة بالوقف أقحمها التقنين المدني السابق على النصوص المتعلقة بحق الانتفاع . وبعض النصوص قد بطل العمل بها ، كنص المادة 18 / 27 من التقنين المدني السابق المتعلق بالمسقفات والمستغلات التي تكسب بعد الايجارتين ويجوز تأجيرها أو إعطاؤها بالغاروقة ، وكالمواد 35 و 36 و 37 من التقنين المدني المختلط الخاصة بالأرضي الخارجية وبعض آخر من هذه النصوص تورد أحكاماً في الوقف غير صحيحة ، من ذلك ما نصت عليه المادة 17 / 34 من أنه " يجوز أن يوصي لمحل خيري تابع لديوان الأوقاف بملك العين ولشخص أو أكثر وورثته على التعاقب بحق الانتفاع ، وحينئذ لا يكون للمحل الخيري حق الملك التام إلا بعد انقراض الموصي إليهم بحق الانتفاع " ( [2428] ) .
$ 1209 $
ثم أن التقنين المدني الجديد رتب موضوع حق الانتفاع ترتيبا منطقياً فبدأ ببيان الأسباب التي يكسب بها حق الانتفاع ، ثم قرر ماذا يترتب على كسبه فعدد حقوق المنتفع والتزاماته ، وانتهي بذكر الأسباب التي ينقص بها حق الانتفاع ( [2429] ) .
480 - الأهمية المحدودة لحق الانتفاع في مصر وأهميته الكبيرة في فرنسا : وإذا كان لحق الانتفاع أهمية كبيرة في فرنسا ، فإنه ذلك يرجع إلى أن التقنين المدني الفرنسي قرر حالات هامة فيها يكسب الشخص حق الانتفاع في مال غيره ، وهذه هي حالات حق الانتفاع المقررة بحكم القانون وتسمي بحقوق الانتفاع القانونية ( usufruits legaux ) فالمادة 384 مدني فرنسي تجعل للأب ، على ترتيب خاص ، حق الانتفاع في أموال الأولاد حتى يبلغوا سن الثمانية عشرة والمادة 754 مدني فرنسي تجعل لمن بقى حيا من الوالدين ، فيما يرثه من أموال ولده ، حق انتفاع في المال الذي لا تؤول له ملكيته كاملة . وقد جعلت قوانين فرنسية متعاقبة ، في 14 يوليه سنة 1866 وفي 9 مارس 1891 سنة وفي 29 أبريل سنة 1925 ، حق انتفاع لمن بقى حيا من الزوجين في بعض أموال الزوج الآخر فشاع بموجب هذه الأحكام حق الانتفاع في التعامل ، وتكفل التقنين المدني الفرنسي بتنظيم هذا الحق تنظيما مفصلا .
أما في مصر فالأمر يختلف ، إذ لا يوجد في القانون المصري حقوق انتفاع قانونية . ويندر في العمل أن يرتب شخص على ماله حق انتفاع لشخص آخر .
$ 1210 $
بعقد أو وصية ، ومتى كان حق الانتفاع نادراً على هذا النحو فإنه يندر تبعا لذلك أن يكسب بالشفعة أو بالتقادم ما دام أنه ليس موجودا من الأصل والذي يقع غالباً هو أن يبيع الشخص لأولاده أو لزوجته مالا له ، ويحتفظ لنفسه بحق الانتفاع في هذا المال طول حياته . وحتى في هذا الفرض ، كثيرا ما يعتبر التعامل غير متعلق بحق انتفاع جدي ، وإنما يعتبر وصية مستترة أراد بها الموصي التحايل على أحكام الميراث والوصية ، وقد نصت المادة 917 مدني صراحة على هذه القرينة القانونية وإن قررت أنها تقبل إثبات العكس من أجل ذلك لم يسهب التقنين المدني المصري ، على خلاف التقنين المدني الفرنسي ، في تفصيل أحكام حق الانتفاع ، واقتصر على إيراد مبادئه الجوهرية ، وتجاريه في ذلك .
481 - خطة البحث : ونبحث حق الانتفاع في فروع ثلاثة :
( 1 )أسباب كسب حق الانتفاع . ( 2 )الآثار التي تترتب على قيام حق الانتفاع .
( 3 ) انتهاء حق الانتفاع .
الفرع الأول
أسباب كسب حق الانتفاع
482 - نص قانوني : تنص المادة 985 مدني على ما يأتي :
" 1 - حق الانتفاع يكسب بعمل قانوني أو بالشفعة أو بالتقادم " .
" 2 - ويجوز أن يوصي بحق الانتفاع لأشخاص متعاقبين إذا كانوا موجودين على قيد الحياة وقت الوصية ، كما يجوز للحمل المستكن " ( [2430] ) .
$ 1211 $
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام كان معمولا بها دون نص
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السور م 937 - وفي التقنين المدني الليبيم 989 - وفي التقنين المدني العراقي م 1249 - 1250 - وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 33( [2431] ) .
وقد ساير النص في أسباب كسب حق الانتفاع أسباب كسب الملكية بعد أن حذف من أساب كسب الملكية مالا يتفق منها مع طبيعة حق الانتفاع فالاستيلاء لا يرد على حق الانتفاع ، وكذلك الميراث لأن حق الانتفاع لا يورث إذ ينتهي حتما بموت المنتفع ، وتستعصي طبيعة حق الانتفاع على الالتصاق فيبقى إذن من أسباب كسب الملكية التي تنطبق على حق الانتفاع الوصية والعقد ، وقد جمعها النص في كلمة " العمل القانوني " . والشفعة والتقادم ( [2432] ) .
483 - كسب حق الانتفاع ابتداء وكسبه انتقالا : وحق الانتفاع كحق الملكية ، يمكن كسبه ابتداء وكسبه انتقالا . بل أن حق الانتفاع في هذا الصدد يتميز عن حق الملكية في أن الغالب فيه أن يكسب ابتداء لا انتقالا ، $ 1212 $ فى حين أن الغالب فى حق الملكية أن يكسب انتقالا ولا يكسب ؟؟؟ إلا بالاستيلاء .
فحق الانتفاع يكسب ابتداء الوصية ، ويكسب انتقالا بالشفعة ، ويكسب ابتداء وانتقالا بالعقد والتقادم .
أما أن حق الانتفاع لا يكسب بالوصية إلا ابتداء ، فذلك لأنه لا يمكن الإيصاء بحق انتفاع ينتقل إلى الموصى له بموت الموصى . فإن حق الانتفاع ينتهى حتما بموت المنتفع ، فلا يجوز للمنتفع أن يوصى بحق الانتفاع لأن هذا الحق يكون قد انتهى بموته ، وعلى ذلك لا يكسب حق الانتفاع انتقالا بالوصية .
وإنما يمكن بالوصية إنشاء حق الانتفاع ابتداء ، فيوصى المالك ملكية كاملة للعين بحق الانتفاع بها ، وبذلك ينشئ ابتداء بالوصية حق الانتفاع ولا ينقله .
وإما أن حق الانتفاع لا يكسب بالشفعة إلا انتقالا . فذلك لأن الشفعة إنما تنقل للشفيع حق انتفاع قد تم إنشاؤه قبل أخذه بالشفعة . فأخذ حق الانتفاع بالشفعة إنما ينقل هذا الحق للشفيع ، ولا ينشئه .
والعقد تارة ينشئ حق الانتفاع وهو الغالب ، وطورا ينقل هذا الحق . فالمالك ملكية كاملة للعين ينشئ حق انتفاع على العين لمصلحة شخص آخر ، فيكون العقد فى هذه الحالة منشئا لحق الانتفاع ابتداء . ومتى أنشئ حق الانتفاع بأى سبب من أسباب إنشائه ، جاز للمنتفع أن ينقل حقه للغير ببيع أو مقايضة أو هبة ، فيكون العقد فى هذه الحالة ناقلا لحق الانتفاع لا منشئا له .
والتقادم كذلك تارة ينشئ حق الانتفاع وهو الغالب ، وطورا ينقل هذا الحق . فقد ينشئ شخص على عقار غير مملوك له حق انتفاع لشخص آخر ، ثم يضع هذا الأخير يده على حق الانتفاع معتقدا بحسن نية أنه تعامل مع المالك فيستطيع أن يكسب حق الانتفاع إذا ظل حائزا إياه خمس سنوات بالتقادم المكسب القصير ، ويكون التقادم فى هذه الحالة قد أنشأ حق الانتفاع ابتداء . وقد يكون هناك حق انتفاع ثم إنشاؤه ، ويؤجر المنتفع العين المنتفع بها ، ثم يغير المستأجر صفة حيازته من حيازة عرضية إلى حيازة أصيلة بنية تملك حق الانتفاع ، فيتملكه بالتقادم المكسب الطويل ، فيكون التقادم هنا ناقلا لحق الانتفاع لا منشئا له . ويقوم مقام التقادم المكسب القصير فى العقار الحيازة $ 1213 $ بحسن نية فى المنقول ، وسيأتى بيان ذلك عند الكلام فى التقادم باعتبار سببا لكسب حق الانتفاع ( [2433] ) .
ويخلص مما قدمناه أن هناك أسبابا أربعة لكسب حق الانتفاع : العقد والوصية والشفعة والتقادم ، ويضاف إلى التقادم الحيازة فى المنقول .
484 - السبب الأول – العقد : يكون العقد سببا لكسب حق الانتفاع فى حالات ثلاث :
( الحالة الأولى ) يكسب العقد فيها حق الانتفاع بطريق الإنشاء ( de consitution par voire ) ، وهذا طريق مباشر . فيرتب مالك العين ، عقارا كانت العين أو منقولا ، حق انتفاع على العين لمصلحة شخص آخر . ويكون ذلك بعقد منشئ للحق العينى ، وأكثر ما يكون هذا العقد بيعا أو هبة ، وقد يكون مقايضة أو وفاء بمقابل . أما البيع فنادر ، إذ يصعب تقدير قيمة حق الانتفاع وهى موقوفة على حياة المنتفع كما قدمنا ، فيصعب تبعا لذلك تقدير الثمن . وأما المقايضة فأنذر ، ولكن يمكن تصور ذلك إذا تقايض شخصان على عينين ، فيكون لكل منهما حق الانتفاع فى العين المملوكة للآخر . والهبة أقرب تصورا ، فيهب شخص لآخر حق الانتفاع فى عقار أو منقول مملوك للأول ليجد المنتفع بذلك موردا للعيش . فإن كان الهبة واقعة على عقار وجب أن تكون بورقة رسمية ، ما لم تكن مستترة تحت اسم عقد آخر . وإن كانت واقعة على منقول وجب أيضا أن تكون بورقة رسمية ، ما لم يقبض المنتفع المنقول أو تكن الهبة مستترة تحت اسم عقد آخر . وأيا كان العقد ، بيعا أو هبة أو مقايضة أو غير ذلك ، فإنه يجب تسجيله إذا رتب حق الانتفاع على عقار ، ولا ينشأ حق الانتفاع لا بالنسبة إلى الغير ولا فيما بين المتعاقدين إلا إذا سجل العقد طبقا للقواعد المقررة فى التسجيل .
ويحدد العقد مدة لحق الانتفاع ، وينهى حق الانتفاع حتما بموت المنتفع حتى قبل انقضاء المدة المحددة ، فإذا لم يحدد العقد مدة ، عد حق الانتفاع مقررا مدى حياة المنتفع ( م 993 / 1 مدنى ) . وإذا كان حق الانتفاع مرتبا $ 1214 $ لمصلحة شخص معنوى ، فقد ورد فى هذا الشأن نص فى التقنين المدنى الفرنسى ، إذ تقضى المادة 619 من هذا التقنين بأن المدة لا يجوز أن تزيد فى هذه الحالة على ثلاثين سنة . وورد فى كل من التقنين المدنى السورى ( م 936 ) وقانون الملكية العقارية اللبنانى ( م 32 ) أنه لا يجوز إنشاء حق الانتفاع لصالح أشخاص معنويين ( [2434] ) . ولما كان التقنين المدنى المصرى لا يشتمل على مثل هذه النصوص ، وجب القول من جهة إن حق الانتفاع يجوز ترتيبه لصالح شخص معنوى ، ومن جهة أخرى إنه لا يوجد حد أقصى لمدة حق الانتفاع فى هذه الحالة . وعلى ذلك يجوز فى القانون المصرى ترتيب حق الانتفاع لصالح شخص معنوى ، ولكن ينتهى حق الانتفاع حتما بانحلال الشخص المعنوى حتى قبل انقضاء المدة المحددة فى العقد .
والعقد الذي أنشأ حق الانتفاع هو الذي يقرر حقوق المنتفع والتزاماته وغير ذلك من الشروط ، على أن يستكمل كل ذلك بالأحكام الواردة فى القانون وسيأتى بيانها ( م 986 مدنى ) . ويصح أن ينشئ العقد حق الانتفاع منجزا ، كما يصح أن يعلقه على شرط فاسخ أو على شرط واقف ، أو أن يقرنه بأجل واقف فلا يبدأ حق الانتفاع إلا فى وقت معين . ويجب أن يكون حق الانتفاع دائما مقترنا بأجل فاسخ ، فإن لم يحدد العقد هذا الأجل كان الأجل الفاسخ هو مدة حياة المنتفع كما سبق القول . ويجوز أن يقترن العقد بشروط وتكاليف ( charges ) ( [2435] ) ، وبوجه خاص يجوز جعل حق الانتفاع غير قابل للنزول عنه ولا للحجز عليه ، فيكون حق الانتفاع كحق الملكية مقترنا بشرط مانع من التصرف ، ويراعى فى ذلك نفس الأحكام التى سبق تفصيلها فى حق الملكية ( م 823 – 824 مدنى ) ( [2436] ) .
$ 1215 $ ( الحالة الثانية ) يكسب العقد فيها حق الانتفاع بطريق الاحتفاظ بهذا الحق ( par voie de retentuion ) ، وهذا طريق غير مباشر . فينقل مالك العين بالعقد الرقبة للغير ، ويحتفظ لنفسه بحق الانتفاع مدى حياته فى الغالب . ويكون العقد فى هذه الحالة منشئا لحق الرقبة لا لحق الانتفاع ، وإنما يبرز حق الانتفاع بطريق غير مباشر عن طريق فصل الرقبة عن الملكية الكاملة ، فيكون حق الانتفاع بعد أن انفصلت عنه الرقبة للمالك الأصلى ، وتكون الرقبة لمن تصرف له هذا المالك . وقد قدمنا ( [2437] ) أن هذه الصورة هى التى تتحقق عادة فى العمل فى مصر ، وأنه يقصد بها غالبا التحايل على أحكام الميراث والوصية ، ومن أجل ذلك وضعت المادة 917 مدنى قرينة قانونية على أن التصرف على هذا النحو يعتبر وصية مستترة ما لم يقم الدليل على العكس . فإن قام الدليل على العكس ، كان الحكم هو ما قدمنا ، وكان العقد هو الذي أنشأ حق الرقبة وبانفصالها عن الملكية الكاملة برز حق الانتفاع ( [2438] ) . أما إذا لم يقم الدليل على العكس ، فالتصرف فى مجموعة يعتبر وصية ، ويبقى المتصرف مالكا للعين ملكية كاملة مدة حياته ، ويجوز له الرجوع عن التصرف فى أى وقت لأن الوصية يجوز الرجوع فيها . فإن مات دون أن يرجع عن الوصية ، آلت العين كاملة للموصى له ، وتسرى سائر أحكام الوصية . وعلى هذا النحو لا تنفصل الرقبة عن الملكية الكاملة ولا يبرز حق الانتفاع فى أى وقت ، لا فى أثناء حياة المتصرف ولا بعد موته . وسواء اعتبر التصرف تصرفا حال الحياة أو اعتبر وصية مستترة ، فإنه إذا وقع على عقار وجب تسجيله طبقا للقواعد المقررة فى التسجيل ، إذ أنه يكون واجب التسجيل فى الحالتين .
( الحالة الثالثة ) ينقل العقد فيها حق انتفاع ثم إنشاؤه من قبل ، ويكون العقد فى هذه الحالة ناقلا لحق الانتفاع ( par voie dalienation ) لا منشئا له . وسنرى ( [2439] ) ، عند الكلام فى حقوق المنتفع ، أن لهذا الأخير أن يتصرف فى حق الانتفاع بالبيع والهبة وغير ذلك من أنواع التصرف . ولكن $ 1216 $ ينتهى حق الانتفاع حتما بموت المنتفع الأصلى ، أما موت من تصرف له المنتفع الاصلى فلا ينهى الحق بل ينتقل الحق بموت إلى ورثته ، وهذه صورة خاصة يورث فيها حق الانتفاع ( [2440] ) . ويبقى المنتفع الأصلى ، بالرغم من نزوله عن حق الانتفاع للغير ، ملتزما بجميع التزامات المنتفع . ويعد شخصه هو ، لا شخص من تصرف له ، محل الاعتبار فى انتهاء حق الانتفاع بالموت ، فإذا مات انتهى حق الانتفاع ولو بقى المتصرف له حيا . وسنعود لهذه المسألة عند الكلام فى أعمال التصرف التى تصدر من المنتفع ( [2441] ) .
485 - السبب الثانى – الوصية : وينشأ حق الانتفاع ابتداء بالوصية ، وقد قدمنا أن حق الانتفاع لا يكسب بالوصية إلا ابتداء ( [2442] ) . وكسب حق الانتفاع بالوصية أكثر وقوعا فى العمل من كسبه بالعقد . ويتم ذلك بأحد طريقين : إما بأن يوصى مالك العين بحق الانتفاع بها لشخص معين فتبقى الرقبة للورثة ، وهذا يقابل كسب حق الانتفاع بالعقد بطريق الإنشاء ( par voie de constitution ) ، أو بان يوصى مالك العين بالرقبة لشخص معين فيبقى حق الانتفاع للورثة وهذا يقابل كسب حق الانتفاع بطريق الاحتفاظ بهذا الحق ( par voie de retention ) .
وتسرى أحكام الوصية من حيث الشكل ، ومن حيث النصاب الجائز الإيصاء به ، ومن حيث انتقال الحق إلى الموصى له ببقائه حيا بعد موت الموصى ، ومن حيث وجوب التسجيل إذا كانت الوصية واقعة على عقار ، ومن حيث سائر أحكام الوصية . وتحدد الوصية مدة حق الانتفاع على التفصيل الذي ذكرناه فى تحديد المدة بالعقد ، وتقرر حقوق المنتفع والتزاماته على أن تستكمل ذلك بالأحكام الواردة فى القانون ، ويصح أن تعلق الوصية حق الانتفاع على شرط فاسخ أو على شرط واقف أو تقرنه بأجل واقف ، كما يصح أن تقرنه بشروط وتكاليف ومها جعله غير قابل للتصرف فيه ولا للحجز عليه ، وذلك كله على النحو الذي قدمناه فيما إذا كان سبب كسب حق الانتفاع هو العقد .
$ 1217 $ وتنص الفقرة الثانية من المادة 985 مدنى ، فيما رأينا ( [2443] ) ، على ما يأتى : " ويجوز أن يوصى بحق الانتفاع لأشخاص متعاقبين ، إذا كانوا وجودين على قيد الحياة وقت الوصية ، كما يجوز للحمل المستكن " – والمفروض أن الموصى يوصى بحق الانتفاع فى العين لشخصين ، أو أكثر على التعاقب بحيث إذا انتهى حق انتفاع الأول بانقضاء مدته أو بموت المنتفع ، نشأ حق انتفاع جديد لا صلة له بحق الانتفاع الأول ولا يعتبر استمرارا له لمصلحة الشخص الثانى ، حتى إذا انتهى حق الانتفاع الثانى بانقضاء مدته أو بموت المنتفع الثانى نشأ حق انتفاع ثالث لا صلة له بحق الانتفاع الثانى لمصلحة الشخص الثالث ، وهكذا . وغنى عن البيان أنه كما يمكن الإيصاء بحق الانتفاع لأشخاص متعاقبين على هذا النحو ، يمكن من باب أول الإيصاء بحق الانتفاع لأشخاص مجتمعين فى وقت واحد ، فيكون حق الانتفاع شائعاً بينهم . فإذا كانوا ثلاثة مثلا ، وكانت حصصهم متساوية بحسب الوصية ، كان لكل منهم حق الانتفاع بثلث العين شائعا فى العين كلها . وينتهى حق الانتفاع بالنسبة إليهم جميعا بانقضاء مدته المحددة فى الوصية ، وينتهى حتما بالنسبة إلى الثلث الشائع من العين إذا مات أحد منهم ، فتصبح ورثة الموصى مالكه ملكية كاملة لهذا الثلث ولها ملك الرقبة فى الثلثين الباقيين .
وفى حالة ما إذا كان الإيصاء لأشخاص متعاقبين ، فإن الأول منهم يستقل وحده بحق الانتفاع ولا يشاركه الآخرون فيه ، وذلك إلى أن ينتهى هذا الحق . ثم يعقبه حق الانتفاع الثانى ، فحق الثالث ، وهكذا ، كما سبق القول . فإذا كان الأشخاص المتعاقبون ثلاثة ، كان هناك حقوق انتفاع ثلاثة تتوالى وكل منها مستقل عن الحقين الآخرين ، ويكون كل حق منها مستمدا مباشرة من الوصية التى أنشأته لا من حق الانتفاع الذي سبقه . ويترتب على ذلك أن كلا من هؤلاء الأشخاص الثلاثة الموصى لهم يجب أن يكون ، كما تقول المادة 985 / 2 مدنى فيما رأينا ، موجودا على قيد الحياة وقت الوصية ، أو فى القليل يجب أن يكون حملا مستكنا فى هذا الوقت إذ $ 1218 $ تجوز الوصية للحمل المستكن ( [2444] ) . فيكون الموصى قد أوصى بحق الانتفاع مباشرة لكل من هؤلاء الثلاثة وهم موجودون على قيد الحياة وقت أن أوصى ، فأنشأ بذلك ثلاثة حقوق انتفاع مستقلة بعضها عن بعض ، الأول منها منجز ، والثانى مقترن بأجل واقف هو انتهاء الأول ، والثالث مقترن أيضاً بأجل واقف هو انتهاء الثانى . وتكون ورثة الموصى ، طوال المدة التى تبقى فيها حقوق الانتفاع الثلاثة المتعاقبة ، مالكين لرقبة العين ، حتى إذا انتهى حق الانتفاع الثالث والأخير عادت لهم ملكية العين كاملة .
وشروط وجود الموصى لهم على قيد الحياة وقت الوصية شرط أساسى . وهو الذي يميز هذا التصرف عن الوقف . ففى الوقف ينتقل الانتفاع بالعين الموقوفة من مستحق إلى من يليه من المستحقين ، دون أن يشترط وجود جميع المستحقين المتعاقبين على قيد الحياة وقت الوقف . وهذه هى مزية يختص بها الوقف ، كما يختص فى إنشائه وفى الآثار التى تترتب عليه بأحكام خاصة قررتها الشريعة الإسلامية . أما هنا فنحن فى صدد وصية بحق الانتفاع لأشخاص متعاقبين موجودين على قيد الحياة وقت الوصية ، فتسرى عليها أحكام الوصية وأحكام حق الانتفاع لا أحكام الوقف . ولو لم يشترط وجود الأشخاص المتعاقبين على قيد الحياة وقت الوصية ، لأمكن أن تكون هذه الوصية وقفا ، ولأمكن للموصى أن يسلك إلى الوقف عن غير طريقه . ولذلك لا يجوز الإيصاء بحق الانتفاع لشخص معين ، ثم لورثته من بعده دون أن يتعين أشخاص الورثة ودون أن يكونوا موجودين على قيد الحياة وقت الوصية ، إلا إذا سلك الموصى طريق الوقف لتحقيق هذه الغاية ( [2445] ) .
$ 1219 $
486 - السبب الثالث – الشفعة : رأينا عند الكلام فى الشفعة أن المادة 936 مدنى تنص على ما يأتى : " يثبت الحق فى الشفعة : ( أ ) لمالك الرقبة ، إذا بيع كل حق الانتفاع الملابس لها أو بعضه . ( ب ) للشريك فى الشيوع ، إن بيع شىء من العقار الشائع لأجنبى . ( جـ ) . . . " . ويظهر فى وضوح أن الكلام هنا عن حق انتفاع قائم قد تم إنشاؤه ، فيؤخذ بالشفعة بعد تمام الإنشاء . وتكون الشفعة إذن سببا لكسب حق الانتفاع انتقالا من المنتفع إلى الشفيع ، لا سببا لإنشاء حق الانتفاع ابتداء . وقد قدمنا أن حق الانتفاع لا يكسب بالشفعة إلا انتقالا ، والشفعة لا تنشئ حق الانتفاع ، وإنما تنقل حق منتفع إلى منتفع آخر ( [2446] ) .
فمالك الربة ، إذا بيع حق الانتفاع الملابس للرقبة ، له أن يأخذ حق الانتفاع المبيع بالشفعة ، ومن ثم تكون الشفعة سببا من أسباب كسب حق الانتفاع . وفى هذا الفرض إذا أخذ مالك الرقبة حق الانتفاع بالشفعة ، اجتمع فى يد شخص واحد الرقبة وحق الانتفاع ، فينتهى حق الانتفاع باتحاد الذمة ، ويصبح مالك الرقبة مالكا للعقار ملكية كاملة ، وقد سبق أن فصلنا القول فى ذلك عند الكلام فى الشفعة ( [2447] ) .
وإذا كان حق الانتفاع شائعاً بين شخصين ، وباع أحدهما حصته الشائعة لأجنبى ، فللشريك الآخر أن يأخذ هذه الحصة الشائعة بالشفعة ، ما لم يأخذ مالك الرقبة إذ هو مقدم فى المرتبة ، وقد سبق بيان ذلك تفصيلا عند الكلام فى الشفعة ( [2448] ) . فإذا لم يتقدم مالك الرقبة لأخذ الحصة الشائعة فى حق الانتفاع بالشفعة ، وأخذها الشريك المشتاع ، كانت الشفعة هنا أيضا سببا لكسب جزء شائع فى حق الانتفاع .
$ 1220 $
487 - السبب الرابع – التقادم : ويقصد بالتقادم هنا التقادم المكسب القصير فى العقار ، وتضاف إليه الحيازة فى المنقول ، وكذلك التقادم المكسب الطويل فى العقار والمنقول .
فالتقادم المكسب القصير فى العقار يكسب به حق الانتفاع المترتب على عقار . ويتحقق ذلك إذا رتب شخص على عقار لا يملكه حق انتفاع لمصلحة شخص آخر حسن النية ، فإذا بقى هذا الشخص الآخر حائزا لحق الانتفاع خمس سنوات ، فإنه يكسب بالتقادم القصير ، ويكون هذا التقادم إذنا سببا فى كسب حق الانتفاع ابتداء ، أى فى إنشاء حق الانتفاع .
وإذا فرض أن هناك منقولا بدلا من العقار ، ورتب عليه غير المالك حق انتفاع لمصلحة شخص آخر ، فيحازة هذا الشخص لحق الانتفاع على المنقول بحسن نية يكسبه حق الانتفاع بمجرد الحيازة ، فتكون الحيازة فى هذا الفرض سببا لكسب حق الانتفاع ابتداء .
أما كسب حق لانتفاع بالتقادم الطويل فيصعب تصور وقوعه عملا .
وإذا حاز شخص عقارا أو منقولا وهو سئ النية ، وبقى حائزاً له مدة خمس عشرة سنة ، فهو لا يقف بداهة عند القول بأنه إنما حاز حق انتفاع فحسب ، ما دام الباب أمامه مفتوحاً للقول بأنه حاز حق ملكية كاملة ، وأنه كسب ملكية العقار أو المنقول ، لا حق انتفاع فحسب ، بالتقادم الطويل . وتفترض عادة صورة أخرى ، فيها يرتب غير المالك على العقار أو المنقول حق انتفاع لشخص شئ النية ، فيبقى هذا الشخص حائزا لحق الانتفاع مدة خمس عشرة سنة ، فيكسب هذا الحق ابتداء بالتقادم الطويل ( [2449] ) . وهذا الفرض أيضا بعيد الوقوع فى العمل . ويمكن أن نتصور فرضاً أقرب وقوعاً ، هو أن يؤجر صاحب حق الانتفاع حقه ، ثم يغير المستأجر صفة حيازته لحق الانتفاع الذي استأجره من حيازة عرضية إلى حيازة أصيلة ، ويستمر حائزاً لحق الانتفاع على هذا النحو مدة خمس عشرة سنة ، فيكسب الحق بالتقادم الطويل ، ويكون التقادم هنا سببا لنقل حق الانتفاع لا لإنشائه ، إذ ينتقل $ 1221 $ هذا الحق من صاحبه الأصلى وهو المؤجر إلى المستأجر الذي كسبه التقادم .
448 - مطالبة المنتفع بحق الانتفاع بعد كسبه : وإذا كسب شخص حق الانتفاع بسبب من أسباب كسبه التى سبق بيانها ، فإنه يستطيع أن يطالب بهذا الحق عن طريق دعويين ، الأولى عينية والأخرى شخصية .
فالدعوى العينية تكون للمنتفع ضد أى حائز لحق الانتفاع ، سواء كان هذا الحائز هو الذي أعطى حق الانتفاع للمنتفع أو كان وارثاً له ، أو كان من الغير . فالمنتفع يتتبع حقه فى أى يد كان هذا الحق ، كما يتتبع المالك ملكه . وكما يرفع المالك دعوى الملكية على أى حائز وتسمى دعواه بدعوى الاستحقاق ( acttion en revendication ) ، كذلك يرفع المنتفع دعوى حق الانتفاع على أى حائز وتسمى دعواه بدعوى الإقرار بحق الانتفاع action confessoire dusufriut ( [2450] ) .
والدعوى الشخصية تعطى للمنتفع إذا كان قد كسب حق الانتفاع بعقد فيطالب من تعاقد معه بدعوى العقد ، أو كسبه بوصية فيطالب الورثة بدعوى الوصية ، أو كسبه بالشفعة فيطالب البائع لحق الانتفاع بدعوى التسليم المستمدة من عقد البيع . والدعوى الشخصية لا تجب الدعوى العينية وإنما توجد إلى جانبا .
ويتسلم المنتفع العين بالحالة التى تكون عليها وقت أن يتسلمها ، وليس له أن يطلب من مالك الرقبة أن يسلمها إياه فى حالة جيدة ( [2451] ) . ولكن ليس هناك ما يمنع من أن يتفق المنتفع مع مالك الرقبة على أن يسلمه العين فى حالة جيدة ( [2452] ) .
$ 1222 $
الفرع الثانى
الآثار التى تترتب على قيام حق الانتفاع
المبحث الأول
آثار حق الانتفاع بالنسبة إلى المنتفع
489 - نص قانونى : تنص المادة 986 مدنى على ما يأتى :
" يراعى فى حقوق المنتفع والتزاماته السند الذي أنشأ حق الانتفاع وكذلك الأحكام المقررة فى المواد الآتية " ( [2453] ) .
ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المادة 19 / 38 ( [2454] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى لا مقابل . وفى التقنين المدنى الليبى م 991 . وفى التقنين المدنى العراقى م 1215 . وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( [2455] ) .
ويفهم من هذا النص أن حقوق المنتفع والتزاماته ، وهذه هى الآثار التى تترتب على قيام حق الانتفاع بالنسبة إليه ، ترد عادة فى السند الذي أنشأ حق الانتفاع . فترد فى العقد إذا كسب حق الانتفاع بعقد ، أو فى الوصية إذا كسب بوصية ، أو فى عقد البيع المشفوع فيه إذا كسب بالشفعة . أما إذا كسب حق الانتفاع بالتقادم ، فأعمال الحيازة التى أدت إلى التقادم هى التى تحدد مدى حق الانتفاع الذي كسب بهذا السبب .
وإلى جانب ما يرد فى السند ، توجد أحكام قررها القانون تجب مراعاتها . وأغلب هذه الأحكام لا تعتبر من النظام العام ، فتراعى ما لم يرد $ 1223 $ فى السند ما يخالفها . وبعضها يعتبر من نظام العام فتجنب مراعاته حتما ، ويبطل ما يرد مخالفاً له فى السند . والأصل أن الأحكام التى وردت فى القانون ليست من النظام العام ، فيجوز أن يرد فى السند ما يخالفها ويعمل بما ورد فى السند . أما الأحكام التى تعتبر من النظام العام ولا تجوز مخالفتها ، فطبيعتها تتم عليها وتسهل معرفتها .
ونرجع إلى الأحكام التى وردت فى القانون لتحديد آثار قيام حق الانتفاع بالنسبة إلى المنتفع ، وهذه الآثار تتمثل فى حقوق تثبت له ، وفى التزامات تترتب فى ذمته . أما الحقوق التى تثبت له ، فترجع كلها إلى ما له على العين من حق عينى هو حق الانتفاع ، فهى تبين مدى هذا الحق . وأما الالتزامات التى تترتب فى ذمته ، فقد تنشأ من سند حق الانتفاع .
والالتزامات التى وردت فى الأحكام التى قررها القانون ، وهى التى تعنينا هنا ، تنشأ من واقعة مادية هى أن رقبة العين المنتفع بها فى يد المنتفع ، فيوجب عليه القانون التزامات تهدف إلى المحافظة على العين والعناية بها حتى ترد إلى صاحبها . فهى إذن التزامات مصدرها القانون ، وتترتب فى ذمة المنتفع نحو مالك الرقبة .
ونتكلم فى حقوق المنتفع ، ثم فى التزاماته .
المطلب الأول
حقوق المنتفع
490 - مدى هذه الحقوق : للمنتفع حق عينى فى العين المنتفع بها هو حق الانتفاع ، ومنه تتفرع جميع الحقوق المنتفع كما قدمنا .
وحق الانتفاع يجزئ حق الملكية . فهذا الحق الأخير يشتمل على عناصر ثلاثة هى الاستعمال والاستغلال والتصرف ، يقتطع منها حق الانتفاع العنصرين الأولين وهما الاستعمال والاستغلال ، ويبقى العنصر الثالث وهو التصرف لمالك الرقبة .
وما للمنتفع من حق استعمال الشىء المنتفع به وحق استغلاله يوليه على الشىء سلطة تخول له أن يقوم بإدارته ، وأن يتصرف فى حق الانتفاع دون حق الرقبة ، وأن يباشر ما يقتضى كل ذلك من الدعاوى .
$ 1224 $ فتتكلم فى حق المنتفع فى استعمال الشىء واستغلاله ، ثم فى مدى سلطة المنتفع على الشىء المنتفع به .
1- حق المنتفع فى استعمال الشىء واستغلاله
491 - حق المنتفع فى استعمال الشىء : وللمنتفع الحق فى استعمال الشىء المنتفع به على النحو الذي يستعمل به المالك ملكه ، فقد حل المنتفع بموجب حق الانتفاع محل المالك فى استعمال الشىء . فله إذن أن يستعمل الشىء فى كل ما أعد له ، وفى كل ما يمكن أن يستعمل فيه . وعلى ذلك يستطيع أن يستعمل الشىء استعمالا شخصياً ، فإذا كان داراً كان له أن يسكنها ، أو سيارة كان له أن يركبها ، أو ملابس كان له أن يرتديها ، أو مجوهرات كان له أن يتقلدها ( [2456] ) . ولكنه ، على خلاف المالك ، لا يستطيع أن يصل فى الاستعمال إلى حد استهلاك الشىء أو إتلافه ، فإن ملزم بالمحافظة عليه لرده بعد انتهاء حق الانتفاع ( [2457] ) . ويتقيد المنتفع ، كما يتقيد المالك ، بالقيود التى فرضها القانون فى استعمال الشىء . فلا يجوز أن يفتح مطلا على الجار إلا فى المسافة التى حددها القانون ، ولا أن يستعمل العقار الذي ينتفع به استعمالا من شأنه أن يضر بالجار ضررا غير مألوف .
وكما يجوز للمنتفع أن يستعمل الشىء ذاته ، يجوز له أيضا أن يستعمل ملحقاته . فله أن يستعمل حقوق الارتفاق التابعة للأرض المنتفع بها ، من $ 1225 $ شرب ومجرى ومسيل ومرو وغير ذلك ( [2458] ) . وله كذلك أن يستعمل المنقولات الملحقة بالشىء ، سواء اعتبرت عقارات بالتخصيص أو لم تعتبر ويمتد حقه إلى ما يتراكم من الطمى بطريقة تدريجية غير محسوسة ملاصقة للأرض المنتفع بها ( alluvion ) إذ تصبح الأرض المتكونة من هذا الطمى ملكا لمالك الأرض ( م 918 مدنى ) ( [2459] ) فيشملها حق الانتفاع .
أما طرح النهر والجزائر التى تتكون فى مجراه ، فلا يتناولها حق الانتفاع لأنها لا تصبح ملكا لمالك الأرض ، بل تخضع لقوانين خاصة ( م 921 مدنى ) ( [2460] ) .
492 - حق المنتفع فى استغلال الشىء : ويخول حق الانتفاع للمنتفع أن يستغل الشىء ، والحق فى الاستغلال هو الذي يميز حق الانتفاع عن حق الاستعمال قد يكون مباشراً ، كأن يزرع المنتفع بنفسه الأرض التى ينتفع بها ويجنى ثمارها . وقد يكون غير مباشر ، عن طريق جعل الغير يجنى ثمار الشىء ويدفع للمنتفع مقابلا لذلك . فالمنتفع بمنزل يؤجره للغير ، فيجنى ثماره فى صورة الأجرة . والمنتفع بأرض زراعية يؤجرها لمن يزرعها ، ويقبض الأجرة هو أيضا وهذه هى غلة الأرض . وقد يؤجر المنتفع الأرض الزراعية مزارعة ، فيحصل على جزء من المحصول هو غلة الأرض بالنسبة $ 1226 $ إليه دون أن يقوم هو نفسه بالزراعة ( [2461] ) . ويرد على الاستغلال ، كما يرد على الاستعمال ، قيود يفرضها القانون . من ذلك ما يفرضه قانون إيجار الأماكن من تعيين حد أقصى للأجرة ، ومن ضرورة استبقاء المستأجر حتى بعد انتهاء الإيجار فلا يستطيع طلب الإخلاء إلا لأسباب معينة حددها القانون . ومن ذلك ما يفرضه قانون الإصلاح الزراعى من تحديد أجرة الأرض الزراعية بسبعة أمثال الضريبة ، ومن ضرورة استبقاء المستأجر فى الأرض . وفى المزارعة لا يجوز للمنتفع أن يأخذ أكثر من نصف المحصول ، ويجب أن يبقى للمزارع نصف المحصول على الأقل ( [2462] ) .
493 - حق المنتفع فى الاستغلال يجعل له الحق فى الثما – نص قانونى : وقد رأينا مما تقدم أن حق المنتفع فى استغلال الشىء المنتفع به يتفرع عنه حقه فى الحصول على ثماره . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 987 مدنى إذ تقول :
" تكون ثمار الشىء المنتفع به من حق المنتفع بنسبة مدة انتفاعه ، مع مراعاة أحكام الفقرة الثانية من المادة 993 " ( [2463] ) .
$ 1227 $ وقد سبق أن ميزنا بين الثمار ( frnits ) والمنتجات ( Produits ) .
فالثمار هى ما ينتجه الشىء من غلة دورية متجددة ، وهى مع تفرعها عن الشىء لا تمس أصله ولا تنتقص منه . والمنتجات هى ما يخرج من الشىء فى أوقات متقطعة غير منتظمة ، فهى على خلاف الثمار غير دورية ولا متجددة ، وتمس أصل الشىء وتنتقص منه ( [2464] ) . وسبق أيضا أن قسمنا الثمار إلى ثمار طبيعية ، وثمار صناعية أو مستحدثة ، وثمار مدنية ( [2465] ) .
$ 1228 $ والأصل أن يكون للمنتفع الحق فى الثمار ، لا فى المنتجات . ويكون له الحق فى جميع الثمار ، سواء كانت طبيعية أو صناعية أو مدنية . ويدخل فى الثمار المدنية ، فتكون من حق المنتفع ، فوائد رؤوس الأموال ، سواء نتجت عن قرض ، أو عن إيراد مرتب ، أو عن أسهم أو حصص فى الشركات ، فتكون أرباحها للمنتفع . ويستحق المنتفع الثمار ، كما تقول المادة 987 سالفة الذكر " بنسبة مدة انتفاعه .
فإذا كانت الثمار مدنية ، كان من اليسير حساب ما يستحقه المنتفع من هذه الثمار . ففى أجره الدار مثلا ، يستحق المنتفع الأجرة شهراً فشهراً إذا كان ميعاد استحقاقها شهرياً . فإذا بدأ حق الانتفاع فى اليوم السادس عشر من الشهر مثلا ، كان ما يستحقه هو أجرة باقى أيام الشهر ثم أجرة الشهور التالية إلى أن ينتهى حق الانتفاع . فإذا انتهى فى اليوم العاشر من الشهر مثلا ، استحق المنتفع عن هذا الشهر الأخير أجرة عشرة الأيام التى انتهى بانقضائها حقه .
أما إذا كانت الثمار طبيعية أو صناعية ، فقد كان المشروع التمهيدى للمادة 987 مدنى سالفة الذكر تنص على أن للمنتفع الحق فى الثمار الطبيعية القائمة عند بدء الانتفاع دون إخلال بالحقوق التى كسبها الغير ، أما الثمار التى تكون قائمة وقت انتهاء الانتفاع فهى من حق المالك ، على أن يوفى كل منهما الآخر ما أنفقه " . وبحسب هذا النص يكون للمنتفع الحق فى الثمار الطبيعية والصناعية ما كان قائما منها فى الأرض وقت بدء الانتفاع ، على أن يرد للمالك ما سبق له أن أنفقه فى إنتاج هذه الثمار ، ثم يكون له الحق فيما يتجدد من هذه الثمار طول مدة الانتفاع ، وهو الذي ينفق طبعا على إنتاجها . فإذا انتهى حق الانتفاع ، وكان فى الأرض زرع قائم وقت انتهاء الحق ، فالزرع للمالك ، وعليه أن يرد للمنتفع ما سبق له أن انفق فى إنتاجه ( [2466] ) . ولكن المشروع $ 1229 $ التمهيدى لنص المادة 987 مدنى عدل فى لجنة المراجعة ، واستقر نهائيا على ما هو عليه من أن " ثمار الشىء المنتفع به من حق المنتفع بنسبة مدة انتفاعه " ، وذلك سواء كانت الثمار مدنية أو صناعية أو طبيعية ( [2467] ) . فأصبح من المتعين أن تكون الثمار الطبيعية والصناعية مستحقة للمنتفع " بنسبة مدة انتفاعه " ( [2468] ) .
فإذا لم يكن فى الأرض زرع قائم لا وقت بداية حق الانتفاع ولا عند نهايته ، وتولى المنتفع زراعة الأرض طول مدة الانتفاع ، فهو الذي ينفق على إنتاجه ، ويكون الزرع له . وإذا كان فى الأرض زرع قائم عند نهاية حق الانتفاع ، فقد أحالت المادة 987 مدنى سالفة الذكر فى شأنه إلى المادة 993 / 2 مدنى وتنص على ما يأتى : " وإذا كانت الأرض المنتفع بها مشغولة عند انقضاء الأجل أو موت المنتفع بزرع قائم ، تركت الأرض للمنتفع أو لورثته إلى حين إدراك الزرع ، على أن يدفعوا أجرة الأرض عن هذه الفترة من الزمن " . فالنص يقضى بأن تترك الأرض للمنتفع بالرغم من انتهاء حق الانتفاع إذا كان فيها $ 1230 $ زرع قائم ، وذلك إلى أن يدرك الزرع . وفى مقابل ذلك يدفع المنتفع للمالك أجرة مثل الأرض فى الفترة من الزمن ما بين انتهاء حق الانتفاع وإدراك الزرع . ولم يرد نص مماثل فيما إذا كان فى الأرض زرع قائم وقت بداية حق الانتفاع ، وكل ما تقوله المادة 987 مدنى فى هذا الفرض أن المنتفع يستحق من هذا الزرع " بنسبة مدة انتفاعه " . وهذا يقتضى أن نحسب المدة التى بقى فيها الزرع فى الأرض ، وهى مدة بعضها سابق على بداية حق الانتفاع وبعضها لاحق ، ويكون الزرع شركة فيما بين المالك والمنتفع ، المالك بنسبة المدة السابقة على بداية حق الانتفاع ، والمنتفع بنسبة المدة اللاحقة ، على أن يساهم المنتفع فى تكاليف البذر والسماد والعمل بنسبة مدة انتفاعه ( [2469] ) . وكان من الخير أن يقاس هذا الفرض الذي نحن بصدده على الفرض الذي يكون فيه زرع فى الأرض قائم عند انتهاء حق الانتفاع ، فتترك الأرض للمالك بالرغم من بداية حق الانتفاع ، وذلك إلى أن يدرك الزرع ، ويدفع المالك للمنتفع فى مقابل ذلك أجرة مثل الأرض فى الفترة ما بين بداية حق الانتفاع وإدراك الزرع .
494 - استعراض بعض حالات عملية لحق المنتفع فى الاستغلال : وقبل أن ننتهى من الكلام فى حق المنتفع فى الاستغلال ، نستعرض بعض حالات عملية لهذا الحق ، اثنتان منها ورد فيهما نص فى التقنين المدنى وهما حالتا حق الانتفاع بقطيع من المواشى وحق الانتفاع بعقار عثر فيه على كنز ، واثنتان آخريان لم يرد فيهما نص وهما حالتا حق الانتفاع بالمتجر وحق الانتفاع بالأسهم والحصص والسندات ( [2470] ) .
$ 1231 $
495 - حق الانتفاع بقطيع من المواشى : ورد فى حق الانتفاع بقطيع من المواشى نص ، هو العبارة الأخيرة من المادة 992 / 2 مدنى ، وتجرى على الوجه الآتى : " وله ( للمنتفع ) نتاج المواشى بعد أن يعوض منها ما نفق من الأصل بحادث مفاجئ " . وكان التقنين المدنى السابق يشتمل على نص مماثل ، فكانت المادة 33 / 42 من هذا التقنين تنص على ما يأتى : " الزيادة التى تحصل من نتاج المواشى تكون للمنتفع ، وإنما بعد أن يستعوض من النتاج ما نفق من الأصل بآفة سماوية " . ويؤخذ من هذه النصوص أن القطيع من المواشى إذا ترتب عليه حق انتفاع ، وجب أن ينظر إليه كمجموع من المال ذى وجود فعلى ( univer salite de fait ) كالمتجر ، لا كأفراد من رؤوس الغنم كل فرد منها مستقل عن الأفراد الأخرى ( ut singuli ) ( [2471] ) .
ويترتب على ذلك أن المنتفع يكون له ثمار هذا القطيع من المواشى كمجموع ، فينتفع بألبانها وبأصوافها وبتسميدها للأرض . ويكون له فوق ذلك نتاج هذا القطيع ، وإذا كان هناك خلاف فى الرأى فيما إذا كان نتاج $ 1232 $ الحيوان يعتبر من الثمار الطبيعية أو من المنتجات ( [2472] ) ، فإن نص المادة 992 / 2 مدنى سالف الذكر صريح فى أن نتاج المواشى ، سواء اعتبر من الثمار الطبيعية أو من المنتجات ، يكون للمنتفع . ولكن النتاج لا يخلص له كاملا ، بل عليه أولا أن يعوض منه ما نفق من القطيع بحادث مفاجئ حتى يستكمل القطيع عدده . وهذا يدل على أن النتاج مندمج فى مجموع القطيع ، وأن ما يستحدثه القطيع يعوض ما فقده ، ولا يخلص للمنتفع كثمار للقطيع إلا الباقى من النتاج بعد إجراء هذا التعويض . ولا يشترط أن يكون التعويض من النتاج الذي يوجد بعد نفوق ما نفق من الأصل ، بل يكون التعويض أيضا من النتاج الذي وجد قبل ذلك ، بل من ثمن هذا النتاج إذا كان المنتفع قد تصرف فيه وقت أن كان أصلا القطيع كاملا ( [2473] ) . أما إذا كان ما نفق من القطيع لم ينفق بحادث مفاجئ ، بل بخطأ الغير ، كان هذا الغير هو المسئول عن التعويض . وإذا كان النفوق بخطأ المنتفع نفسه ، كان هذا مسئولا عن التعويض كاملا ولو زاد ما نفق على مقدار النتاج ، ولا يقف التعويض عند حدود مقدار النتاج كما هو الأمر فيما إذا كان النفوق بحادث مفاجئ . وإذا نفق القطيع كله حادث مفاجئ أو بمرض لا يد للمنتفع فيه ، لم يكن المنتفع ملزماً أن يرد للمالك إلا ما بقى نافعاً بعد نفوق القطيع كالجلود أو قيمتها إذا كان المنتفع قد تصرف فيها أو استهلكها ( م 616 مدنى فرنسى ) . وللمنتفع أن يتصرف فى أفراد الماشية إذا أصبحت غير صالحة لما أعدت له من نتاج أو ألبان على أن يعوض ما تصرف فيه منها بالنتاج أو ثمنه على النحو الذي قدمناه فى تعويض ما نفق من الماشية بحادث مفاجئ ( [2474] ) .
وإذا كان القطيع من المواشى ملحقاً بأرض زراعية ، وجب أن يعتبر القطيع تابعاً للأرض . وعلى ذلك لا يأخذ المنتفع نتاج المواشى إلا بعد أن $ 1233 $ يعوض منها ، ليس فحسب ما نفق من القطيع على النحو المتقدم ، بل أيضا بعد أن يعزز القطيع بالنتاج بحيث يكون القطيع دائما صالحاً لمواجهة ما يقتضيه استغلال الأرض الزراعية وما تتطلبه حاجاتها ( [2475] ) .
496 - حق الانتفاع بعقار عثر فيه على كنز : هنا أيضاً ورد نص هو المادة 872 / 1 مدنى ، وتجرى على الوجه الآتى : " الكنز المدفون أو المخبوء الذي لا يستطيع أحد أن يكشف ملكيته له ، يكون لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز أو لمالك رقبته " . وقد قدمنا عند الكلام فى الاستيلاء كسبب من أسباب كسب الملكية ، أنه إذا ترتب على العقار حق انتفاع ، وعثر شخص على كنز فى العقار ، فإن الكنز لا يكون للمنتفع ، إذا الكنز لا يعتبر ثمارا للعقار . بل هو لا يعتبر جزءا من العقار ، بل هو مال مستقل عنه ، ولا يصله بالعقار إلا أنه مال مدفون أو مخبوء فيه ( [2476] ) . وعلى ذلك يكون الكنز كله لمالك الرقبة ، حتى لو كان من عثر على الكنز ، مصادفة أو بعد بحث ، هو المنتفع نفسه . ذلك أن العثور على الكنز لا يخول من عثر عليه ، فى القانون المصرى ، أى حق فى الكنز ( [2477] ) .
497 - حق الانتفاع بالمتجر : ويعتبر المتجر ( fonds de commerce ) مجموعا من المال ذا وجود فعلى ( universalite de fait ) ، كما رأينا فى القطيع من الغنم . ذلك أن المتجر لا يتمتع بالشخصية المعنوية ، ولا يكون ذمة مالية مستقلة بل يدخل فى عموم الذمة المالية لصاحب المتجر . ومن ثم لا يكون لهذا المجموع وجود قانونى ، بل ليس له إلا وجود فعلى كما سبق القول . ويشتمل المتجر كمجموع من المال على عناصر مختلفة ، منها المادى كالبضائع والأثاث والمهمات ، ومنها غير المادى كالحق فى الإيجار وحق الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والاسم التجارى والعلامة التجارية وبراءات الاختراع . وقد صدر القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع $ 1234 $ المحال التجارية أو رهنها ، وهو يجيز بيع المتجر ورهنه كمجموع من المال ، تيسيراً للائتمان التجارى والصناعى ( [2478] ) .
ويجوز قياسا على ذلك أن يترتب حق انتفاع على المتجر ، باعتباره مجموعاً من المال . ويقع حق الانتفاع على هذا المجموع ، لا ما يشتمل عليه من العناصر مستقلة بعضها عن بعض ، لأن هذه العناصر تفنى فيه ويصبح للمتجر كيان مستقل عن عناصره . فلو كان فى هذه العناصر أشياء قابلة للاستهلاك كالبضائع ، فإنها لا تجعل المتجر كمجموع شيئا مادياً قابلاً للاستهلاك تبعاً لها ، بل هى التى تفنى فى المتجر كما قدمنا ، ويكون المتجر بالرغم من وجود هذه الأشياء فيه مالا غير مادى . ويترتب على ذلك أن حق الانتفاع بالمتجر لا يكون شبه حق انتفاع كما يكون حق الانتفاع بالأشياء القابلة للاستهلاك ، فلا ننتقل ملكية المتجر إلى المنتفع كما تنتقل ملكية الأشياء القابلة للاستهلاك للمنتفع فى شبه حق الانتفاع . وعلى ذلك لا يجوز للمنتفع أن يبيع المتجر لأنه لا يملكه ، وإنما يجوز له أن يبيع حق الانتفاع به فحسب ، ولا يجوز لدائنى المنتفع أن يحجزوا إلا على حق الانتفاع بالمتجر ، فتبقى رقبة المتجر خارجة عن الحجز ، وإذا أفلس المنتفع فلا يدخل فى التفليسه إلى حق الانتفاع بالمتجر ( [2479] ) .
ويكون للمنتفع بالمتجر الحق فى ثماره ، أى الحصول على أرباحه ( Beneifices ) ، ولكن يجب عليه أن يخصم جزءاً من الأرباح يخصصه للتعويض عن استهلاك الآلات وغيرها من المهمات ، إذ هو ملزم بالمحافظة عليها وتجديدها . ويجب أيضا أن يخصم جزءاً آخر من الأرباح يخصص احتياطيا للمتجر ، ويستخدمه فى التقدم بالمتجر وفى توسيعه ، إذا كان هذا الإجراء الاحتياطى هو ما جرى عليه مالك المتجر ( [2480] ) .
ويتولى المنتفع بالمتجر إدارته ، وإذا قصر فى ذلك جاء للمالك أن يطلب بيع المتجر ( [2481] ) . ويجوز للمنتفع ألا يتولى الإدارة بنفسه ويكلها إلى غيره ، $ 1235 $ بل يجوز له أن يؤجر المتجر ، أو أن يبيع حق انتفاعه به . وإدارة المتجر تتضمن الحق فى بيع البضائع وشراء غيرها لبيعه ، كما هو المألوف فى إدارة المتاجر . ولا يرجع ذلك إلى أن المنتفع قد تملك هذه البضائع باعتبارها شيئا قابلا للاستهلاك ، وإنما يرجع إلى أن بيع البضائع وشراء غيرها لبيعها داخل فى نطاق سلطته فى إدارة المتجر ( [2482] ) . ويدخل أيضا فى نطاق سلطته فى الإدارة أن يتعهد الآلات والمهمات بالصيانة ، وأن يبيع ما أصبح غير صالح منها أو صار قديماً لا يساير حركة التقدم ، وأن يجدد ما يلى من هذه المهمات وأن يشترى ما أصبح المتجر فى حاجة إليه من آلات ومهمات حديثة صالحة .
498 - حق الانتفاع بالأسهم والحصص والسندات : السهم فى شركات المساهمة ، أو الحصة فى بعض الشركات الأخرى كالشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات التوصية وشركات التضامن ، يغل ريعاً يتفاوت بتفاوت أرباح الشركة . أما السند فهو دين على الشركة ، ويكون صاحبه دائناً للشركة بمقدار قيمته الاسمية ، وهو يغل ربحاً ثابتاً هو نسبة مئوية معينة من هذه القيمة الاسمية تعتبر فوائد لرأس المال الذي يمثله السند . فإذا ترتب حق انتفاع على سهم أو حصة أو سند ، كان للمنتفع أن يتقاضى ما يغله السهم أو الحصة من ريع أو ما يدفع للسند من فوائد ( [2483] ) .
$ 1236 $ وإذا وزعت الشركة جزءاً من احتياطياتها على المساهمين ، أو وزعت عليهم سندات إضافية اشترتها بجزء من رأس المال أو كانت تمثل حصة ساهمت بها الشركة فى شركة أخرى ، اعتبر هذا جزءا من رأس المال لا من الريع ، ويكون لمالك الرقبة ، وتكون فوائده فقط للمنتفع ( [2484] ) .
وإذا ربح السهم أو السند جائزة ، فهى لمالك الرقبة لأنها تعتبر جزءاً من رأس المال ، وليس للمنتفع إلا فوائدها هذه الجائزة ( [2485] ) .
2- مدى سلطة المنتفع على الشىء المنتفع
499 - أعمال الإدارة وأعمال التصرف ومباشرة الدعاوى : وحتى يتمكن المنتفع من الانتفاع بالشىء على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ، فإن له أن يقوم بالنسبة إلى هذا الشىء بأعمال الإدارة اللازمة لهذا الانتفاع ( [2486] ) .
وله أيضا أن يقوم بأعمال التصرف ، ولكن بالنسبة إلى حق الانتفاع وحده دون الرقبة فإنه لا يملكها . وله أخيراً أن يباشر من الدعاوى ما هو متعلق بحق الانتفاع نفسه ، وما هو متعلق بالحقوق التى يتضمنها حق الانتفاع .
$ 1237 $
أ – أعمال الإدارة
500 - الإيجار : من أهم أعمال الإدارة الإيجار ( [2487] ) ، فللمنتفع أن يؤجر الشىء المنتفع به لاستثماره والحصول على اجرته ، والأجرة هى الثمار المدنية كما سبق القول . وقد نصت المادة 560 مدنى على أن الإجارة الصادرة ممن له حق المنفعة تنقضى بانقضاء هذا الحق إذا لم يجزها مالك الرقبة ، على أن تراعى المواعيد المقررة للتنبيه بالإخلاء والمواعيد اللازمة لنقل محصول السنة " ( [2488] ) .
وقد قدمنا عند الكلام فى الإيجار ( [2489] ) أن للمنتفع أن يؤجر الشىء المنتفع به ، ولا حد لمدة الإيجار إلا المدة التى يبقى فيها حق الانتفاع قائماً . فإذا كانت مدة حق الانتفاع اثنتى عشرة سنة مثلا ، جاز للمنتفع أن يؤجر الشىء لأية مدة ، بشرط ألا تجاوز اثنتى عشرة سنة وألا تجاوز فى الوقت ذاته حياة المنتفع . فيؤجرها لسبع سنوات مثلا ، أو عشر سنوات ، أو اثنتى عشرة سنة ، فلا يتقيد بمدة ثلاث سنوات ، وهى الحد الأقصى لمدة الإيجار الذي يعقده من يدير مال غيره ( م 701 مدنى ) . ذلك بأن المنتفع لا يدير الشىء المنتفع به نائبا عن الغير ، وإنما يستعمل حقه الأصيل فى الانتفاع . فإذا فرضنا أن المنتفع آجر الشىء لمدة عشر سنوات مثلا ، وبقى حياً طوال هذه المدة ، فإن الإيجار يبقى قائما إلى انقضاء عشر سنوات . أما إذا مات بعد انقضاء سبع سنوات مثلا ، فإن الإيجار ينتهى بموته لزوال حق الانتفاع بالموت $ 1238 $ على أنه إذا أقر مالك الرقبة الإيجار ، مقدماً أو عند موت المنتفع ، فإن العقد يبقى قائماً مدة ثلاث السنوات الباقية ، لا بين المستأجر وورثة المنتفع ، بل بين المستأجر ومالك الرقبة الذي يستعيد الملكية الكاملة بموت المنتفع . وإذا انتهى الإيجار بموت المنتفع قبل انقضاء مدته لأن مالك الرقبة لم يقر الإيجار ، لم يحكم على المستأجر بالإخلاء فوراً ، بل يجب على المالك أن ينبه عليه بالإخلاء فى المواعيد المبينة بالمادة 563 مدنى . وإذا كانت العين أرضا زراعية لم يجز انتهاء الإيجار قبل نقل المحصولات ، ولو اقتضى هذا النقل وقتاً أطول من الميعاد المقرر للتنبيه بالإخلاء ( [2490] ) .
501 - بيع المحصول : لا شك فى أن بيع المحصول وبيعه هو من صميم أعمال الإدارة ، بالرغم من أن البيع فى ذاته عمل من أعمال التصرف . فللمنتفع أن يجنى محصول الأرض الزراعية وأن يبيعه ، وأن يقبض ثمنه وهو ملك له . وله أن يبيع الزرع وهو لا يزال قائماً ، حتى لو انقضى حق الانتفاع قبل أن يتمكن جنيه . وفى هذه الحالة تسرى أحكام الفقرة الثانية من المادة 993 مدنى ، فيدفع المنتفع أو ورثته أجرة مثل الأرض عن الفترة من الزمن ما بين نهاية حق الانتفاع وبين جنى المحصول لتسليمه للمشترى .
502 - استيفاء وللمنتفع أن يستوفى الحقوق التى يكون له حق الانتفاع بها فى مواعيد استحقاقها ، ودياً أو عن طريق القضاء ، وأن يعطى مخالصة بهذه الحقوق . مثل ذلك أن يوصى لشخص بحق الانتفاع بجزء $ 1239 $ من مجموع التركة ، وتكون للتركة حقوق فى ذمة مدينيها يدخل بعضها فى الجزء الموصى به ، فللمنتفع فى هذه الحالة أن يستوفى هذه الحقوق من مدينى التركة ، وليس للورثة أن يعارضوا فى هذا الاستيفاء ، وتكون المخالصة التى أمضاها المنتفع حجة عليهم . وليس على مدينى التركة أن يستوثقوا مما إذا كان المنتفع قد قدم كفيلا للورثة ، فإن هذا أمر لا يعنيهم وإنما يعنى الورثة أنفسهم . وعندما يقبض المنتفع الحق من المدين ، وهو عادة مبلغ من النقود ، يتحول حق الانتفاع إلى شبه حق انتفاع ، فيجوز للمنتفع أن يستغله وأن يتصرف فيه وأن يقبض ريعه ، على أن يرد للورثة مثله عند نهاية حق الانتفاع . ويجوز للورثة فى هذه الحالة أن يطالبوا المنتفع بكفالة تضمن لهم رد رأس المال ، وتقدر المحكمة عند الاقتضاء الطريقة التى يستغل بها المنتفع رأس المال .
وقد يهلك الشىء المنتفع به فيستحق عنه تعويض أو مبلغ تأمين ، وقد تنزع ملكيته فيستحق عنه تعويض عن نزع الملكية . وقد نصت المادة 994 / 1 مدنى على أن " ينتهى حق الانتفاع بهلاك الشىء ، إلا أنه ينتقل من هذا الشىء إلى ما قد يقوم مقامه من عوض " . وعلى ذلك يحل التعويض عن الهلاك أو مبلغ التأمين أو التعويض عن نزع الملكية حلولا عينياً محل الشىء المنتفع به ، ويكون للمنتفع حق استثماره إلى نهاية حق الانتفاع ، ورده بعد ذلك إلى المالك . فيكون له إذن استيفاء الحقوق سالفة الذكر من المدينين بها وإعطاء مخالصة بها ، شأن هذه الحقوق شأن سائر الحقوق التى يستوفيها المنتفع . ويجوز للمالك ، تبعاً لذلك ، أن يطالب المنتفع بتقديم كفالة ، كما تقدر المحكمة عند الاقتضاء الطريقة التى يستغل بها المنتفع المبالغ التى قبضها ( [2491] ) .
503 - حضور جلسات الجمعيات العامة للشركات : ويعتبر حضور جلسة الجمعية العامة للشركة ، سواء كانت الجمعية العامة عادية أو غير عادية $ 1240 $ من أعمال الإدارة ، حتى لو كان من بين قرارات هذه الجمعية عملا من أعمال التصرف أو كان من بين قراراتها تعديل نظام الشركة . فالمنتفع بالسهم ، لا مالك الرقبة ، هو الذي له حق حضور جلسات الجمعية العامة ( [2492] ) .
ب – أعمال التصرف
504 - القاعدة العامة : للمنتفع حق عينى على الشىء المنتفع به هو حق الانتفاع ، فهو يملك هذا الحق دون أن يملك الرقبة . وعلى ذلك يجوز له التصرف فى حق الانتفاع بجميع أنواع التصرفات ، ولا يجوز له أن يتصرف فى الرقبة ، والتصرف فى حق الانتفاع يكون بوجه خاص بالنزول عنه للغير ، أو برهنه ، أو بترتيب حق عينى أصلى عليه فيرتب المنتفع مثلا حق انتفاع على نفس حق انتفاعه . فنستعرض هذه التصرفات المختلفة ، ثم ننتقل إلى عدم جواز تصرف المنتفع فى الرقبة .
505 - نزول المنتفع عن حق الانتفاع للغير : يجوز للمنتفع أن ينزل عن حق انتفاعه للغير ، معاوضة أو تبرعاً . فيجوز له أن يبيعه ، وأن يقايض عليه ، وأن يجعله حصة له فى شركة ، وأن ينزل عنه لدائنه مقابلا لوفاء الدين ، وأن يهبه . وتجب مراعاة قواعد التسجيل إذا وقع حق الانتفاع على عقار ، ومراعاة الشكل فى الهبة . ولا يجوز للمنتفع أن يوصى بحق الانتفاع ، لأن الوصية تمليك لما بعد الموت وحق الانتفاع ينتهى حتما بموت المنتفع .
$ 1241 $
وإذا نزل المنتفع عن حق الانتفاع بوجه من الوجوه المتقدمة ، فإن من تلقى منه الحق يعتبر مالكا لنفس حق الانتفاع الذى ترتب للمنتفع . ويترتب على ذلك أن حق الانتفاع ينتهى بموت المنتفع لا بموت من تلقى هذا الحق . وأن المنتفع يبقى ملتزما نحو مالك الرقبة بما يترتب فى ذمته من التزامات شخصية نحوه ولا تنتقل هذه الالتزامات إلى ذمة من تلقى حق الانتفاع . ويكون لهذا الأخير نفس حقوق المنتفع ، إلى أن ينتهى حق الانتفاع بانقضاء مدته أو بموت المنتفع ، لا بموت من تلقى حق الانتفاع كما سبق القول . فإذا مات من تلقى حق الانتفاع قبل موت المنتفع ، وكانت مدة حق الانتفاع لم تنقض ، فإن حق الانتفاع ينتقل إلى ورثة من تلقى هذا الحق من المنتفع ، ويبقى إلى أن ينتهى بانقضاء مدته أو بموت المنتفع . وهذا هو الفرض الذى ينتقل فيه حق الانتفاع بالميراث ، وقد سبقت الإشارة إليه ( [2493] ) .
وكما يجوز النزول عن حق الانتفاع ، كذلك يجوز الحجز عليه من دائنى المنتفع ، وهذا ما لم يشترط عدم النزول عن الحق وعدم جواز الحجز عليه ( [2494] ) .
506 - رهن المنتفع لحق الانتفاع : ويجوز أيضا للمنتفع رهن حق الانتفاع رهنا رسميا إذا كان الحق واقعا على عقار ، ورهن حيازة إذا وقع الحق على عقار أو منقول . ويجوز لدائنى المنتفع أخذ حق اختصاص على حق الانتفاع إذا كان واقعا على عقار ، كما يجوز أن يترتب على حق الانتفاع امتياز بائع العقار أو امتياز بائع المنقول إذا كان المنتفع قد اشترى حق الانتفاع على عقار أو منقول ولم يدفع ثمنه .
والدائن الذي له حق رهن أو اختصاص أو امتياز على حق الانتفاع لا يجوز له أن يحجز إلا على حق الانتفاع نفسه ، ولا شأن له بالرقبة . ومن يرسو عليه المزاد لا ينتقل إليه إلا حق الانتفاع ، فليس له إلا حقوق المنتفع إلى أن ينتهى حق الانتفاع . وإذا انتهى حق الانتفاع قبل تنفيذ الدائن عليه $ 1242 $ برهنه أو اختصاصه أو بامتيازه ، فإن الرهن أو الاختصاص أو الامتياز يزول بزوال محله ( [2495] ) .
507 - ترتيب حق انتفاع على حق الانتفاع : وقد لا ينزل المنتفع عن حق الانتفاع للغير ، ولكن يقتصر على أن يرتب للغير حق انتفاع على حق انتفاعه هو ، فيكون هناك حقا انتفاع مرتب أحدهما على الآخر ( dexu usufruits superposes ) . ويندر أن يكون هذا الوضع المعقد نتيجة اتفاق ، وإنما يقع فى فرنسا أن يكون حق الانتفاع الذي يرتبه القانون للأب على أموال ولده أو للزوج على أموال الزوجة يشمل ، فيما يشمل من أموال القاصر أو أموال الزوجة ، حقوق انتفاع يترتب عليها حق انتفاع الأب أو حق انتفاع الزوج ، وهكذا يترتب حق انتفاع على حق انتفاع .
ولا يكاد يوجد إلا فرق واحد بين النزول عن حق الانتفاع وترتيب حق انتفاع على حق الانتفاع . ففى الحالتين يحل المتنازل له أو المنتفع الجديد محل المنتفع الأصلى فى جميع حقوقه . ولكن فى حالة النزول عن حق الانتفاع ، إذا مات المتنازل له قبل انتهاء حق الانتفاع الأصلى ، انتقل هذا الحق إلى ورثة المتنازل له كما سبق القول ( [2496] ) . أما فى حالة ترتيب حق انتفاع على حق الانتفاع ، فإن حق الانتفاع الثانى المترتب على حق الانتفاع الأصلى ينتهى ، لا فحسب بانتهاء حق الانتفاع الأصلى ، بل أيضا بموت المنتفع الثانى ، فلا ينتقل إلى ورثته كما رأيناه ينتقل إلى ورثة المتنازل له ( [2497] ) .
$ 1243 $
508 - عدم جواز تصرف المنتفع فى الرقبة : وإذا كان المنتفع يستطيع التصرف فى حق الانتفاع على النحو الذي بيناه ، فإنه لا يستطيع التصرف فى الرقبة لأنها ليست ملكه . ويترتب على ذلك أنه إذا باع الرقبة ، كان حكم هذا البيع هو حكم بيع الغير لا ينفذ فى حق مالك الرقبة . ويترتب على ذلك أيضا أن المنتفع لا يستطيع النزول عن حق ارتفاق مرتب لمصلحة العقار المنتفع به ، وكل ما يملكه فى هذا الشأن هو أن يتعهد تعهدا شخصياً بالا يستعمل حق الارتفاق هذا ، وهذا التعهد الشخصى لا يلزم مالك الرقبة ( [2498] ) .
ومع ذلك يجوز للمنتفع أن يتصرف فى الرقبة ، وذلك فى حالة شبه الانتفاع . فقد قدمنا ( [2499] ) أن المنتفع يصبح فى هذه الحالة مالكا للشىء المنتفع به ملكية كاملة ، فيستطيع أن يتصرف فيه ، على أن يرد مثله أو قيمته عند نهاية حق الانتفاع ( [2500] ) .
حق مباشرة الدعاوى
509 - الدعاوى المتعلقة بحق الانتفاع نفسه : يجوز للمنتفع أن يباشر الدعاوى المتعلقة بحق الانتفاع ( aciton confessoire dusufruit ) ، وهى الدعوى التى تقابل دعوى الاستحقاق فى الملكية ، وبموجبها يستطيع أن يطالب بالشىء المنتفع به أى حائز له . وكذلك يستطيع أن يرفع دعاوى الحيازة يحمى بها حيازته للعقار المنتفع به ( [2501] ) ، ويستطيع أن يرفع هذه الدعاوى على مالك $ 1244 $ الرقبة إذا تعرض له فى حيازته لحق الانتفاع أو انتزع منه الحيازة . ذلك أن المنتفع يعتبر حائزا لحساب نفسه بالنسبة إلى حق الانتفاع وإن كان حائزا عرضيا بالنسبة إلى حق الملكية ، ومن ثم جاز له أن يحمى حيازته لحق الانتفاع بدعاوى الحيازة ( [2502] ) .
ويجوز للمنتفع أن يرفع دعوى تعيين الحدود ( action en bornage )ودعوى القسمة ، ولكن إذا لم يدخل مالك الرقبة خصما فى هاتين الدعوتين فإن الحكم فيهما لا يكون حجة على هذا الأخير ( [2503] ) .
510 - الدعاوى المتعلقة بالحقوق التى يتضمنها حق الانتفاع : وللمنتفع أن يباشر الدعاوى المتعلقة بالحقوق التى يتضمنها حق الانتفاع ، وقد قدمنا أنه يستطيع أن يقاضى المدينين بهذه الحقوق ليطالبهم بها ( [2504] ) . وله أن يرفع دعاوى التأمينات لهذه الحقوق من رهن وامتياز وكفالة ( [2505] ) ، وكذلك الدعاوى المتصلة بهذه الحقوق كما لو كان الحق ثمن بيع فيرفع دعوى الفسخ لعدم الوفاء به ، وكما لو تصرف المدين بهذا الحق فى ماله غشا فيرفع الدعوى ، البوليصة ( [2506] ) .
$ 1245 $ ولكن المنتفع لا يستطيع رفع دعوى متعلقة بحق لم يكن ضمن الحقوق الداخلة فى حق الانتفاع وقت أن أبدأ . فإذا كانت الدعى مثلا دعوى نقض للغبن أو دعوى إبطال ، ولم يكن المالك قد رفعها وقت أن بدأ حق الانتفاع فلم يتضمنها هذا الحق ، لم يجز للمنتفع أن يرفعها لأن حق الانتفاع لم يشملها . ولكن إذا رفعها المالك ونتج عن رفعها أن نقض بيعا أو أبطله فأرجع المبيع إلى ملكه بأثر رجعى ، فإن حق الانتفاع يمتد إلى هذا المبيع فيشمله ، ويعتبر المبيع داخلا ضمن حق الانتفاع منذ بدايته ( [2507] ) .
المطلب الثانى
التزامات المنتفع
511 - التزامات أربعة : التزامات المنتفع تترتب فى ذمته نحو مالك الرقبة بحكم القانون ، فهى إذن التزامات قانونية . وترجع كلها إلى واقعة مادية هى وجود رقبة الشىء المنتفع به فى يد المنتفع ، فيجب عليه حفظها وصيانتها حتى يردها سالمة ، واتخاذ الوسائل اللازمة لتحقيق هذا الغرض( [2508] ) . وغنى عن البيان أنه قد تترتب فى ذمة المنتفع التزامات أخرى يقررها سند حق الانتفاع إذا نشأ هذا الحق عن عقد أو وصية ، فيكون العقد أو الوصية هو مصدر هذه الالتزامات( [2509] ) .
والالتزامات التى يرتبها القانون فى ذمة المنتفع نحو مالك الرقبة أربعة :
( 1 ) استعمال الشىء والانتفاع به بحسب ا أعد له وإدارته إدارة حسنة .
( 2 ) صيانة الشىء والقيام بنفقات الصيانة وبالتكاليف المعتادة . ( 3 ) حفظ الشىء والمسئولية عن هلاكه . ( 4 ) جرد المنقول وتقديم كفالة به .
1- استعمال الشىء والانتفاع به بحسب ما أعد له وإدارته إدارة حسنة :
512 - نص قانونى : تنص المادة 988 مدنى على ما يأتى :
1- " على المنتفع أن يستعمل الشىء بحالته التى تسلمه بها وبحسب ما أعد له ، وأن يديره إدارة حسنة " .
2- " وللمالك أن يعترض على أى استعمال غير مشروع أو غير متفق مع طبيعة الشىء ، فإذا أثبت أن حقوق فى خطر جاز له أن يطالب بتقديم تأمينات . فإن لم يقدمها المنتفع ، وظل على الرغم من اعتراض المالك يستعمل العين استعمالا غير مشروع أو غير متفق مع طبيعتها ، فللقاضى أن ينزع العين من تحت يده وأن يسلمها إلى آخر يتولى إدارتها . بلى له ، تبعا لخطورة الحال ، أن يحكم بانتهاء حق الانتفاع ، دون إخلال بحقوق الغير " ( [2510] ) .
ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المادة 20 / 39 ( [2511] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية : فى التقنين المدنى السورى م 948 – وفى التقنين المدنى الليبى م 992 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1254 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 45 ( [2512] ) .
ونتكلم فى مضمون هذا الالتزام ، ثم فى جزاء الإخلال به .
$ 1247 $
513 - مضمون الالتزام : يتسلم المنتفع الشىء المنتفع به بالحالة التى هوعليها وقت بداية حق الانتفاع ، وليس له أن يلزم مالك الرقبة أن يسلمه الشىء فى حالة حسنة إلا إذا تعهد مالك الرقبة بذلك تعهدا خاصا ( [2513] ) .
ومتى تسلم الشىء على هذه الحالة ، فعليه أن يستعمله وفقا لما أعده له المالك ( [2514] ) ، وأن يستثمر على النحو الذي يستثمره به المالك ، ولك كله وفقا لما أعد له الشىء بحسب طبيعته . وعلى ذلك إذا كان الشىء دارا أعدت للسكنى ، لم يجز له أن يحول هذه الدار إلى فندق أو إلى " بنسيون " أو إلى مخزن لحفظ البضائع أو نحو ذلك ( [2515] ) ولكن يجوز له أن يسكن الدار بنفسه ، أو أن يؤجرها للسكنى . وإذا كان الشىء أرضا زراعية أعدت لزراعة أشجار الفاكهة أو لزراعة الزهور ، لم يجز للمنتفع أن يحولها إلى أرض زراعية $ 1248 $ للمحصولات العادية كالقطن والقمح والفول ، وأن يقتلع الأشجار المغروسة فى الأرض . ولكن له أن يصلح الأراضى البور وأن يزرع فيها من المحصولات ما يلائمها ، ولا يعد هذا تغييرا فى الاستعمال بل هو إصلاح فيه . وإذا كان الشىء متجرا للأقمشة أو مصنعاً للزجاج ، لم يجز له أن يغير شيئا من ذلك ، فيجعل المتجر مثلا متجرا للأخشاب أو المصنع مصنعا للمنسوجات . وإذا كان الشىء سندات اسمية ، لم يجز له أن يحولها إلى سندات لحاملها ، فإن فى هذا تغييرا جوهريا فى طبيعة الشىء ، فوق أنه يعد من أعمال التصرف والمنتفع لا يملك أن يقوم بهذه الأعمال ( [2516] ) .
ويجب عليه فى جميع الأحوال أن يدير العين إدارة حسنة ، فإذا كانت متجراً مثلا وجب عليه أن يحسن إدارته ، أو كانت أرضا وجب عليه ألا يتركها بوراً أو أن ينهكها بالزراعة . فالعناية التى يجب عليها بذلها فى إدارة الشىء واستغلاله هى عناية الرجل المعتاد ، فلا يجوز له أن ينزل عن هذا القدر من العناية ، حتى لو كان هو أو مالك الرقبة ينزل عنها فى إدارة شؤون نفسه ( [2517] ) .
514 - جزاء الإخلال بالالتزام : فإذا استعمل المنتفع الشىء استعمالا غير مشروع ، بأن استعمله لغير ما أعد له ، أو استعمالا غير منفق مع طبيعته ، ونجم عن هذا الاستعمال خطر على الرقبة ، فلمالك الرقبة أن يطلب من المنتفع أن يكف عن هذا الاستعمال ، وله أيضا أن يطالبه بتقديم تأمينات ككفيل أو رهن لضمان تعويض ما عسى أن ينجم من الأضرار عن هذا الاستعمال ، فإذا لم يقدم المنتفع التأمينات المطلوبة ، أو قدمها ولكنه استمر فى سوء استعماله ، جاز للمالك أن يطلب من القاضى تسليم العين إلى أمين يتولى إدارتها ويعطى الغلة للمنتفع .
$ 1249 $ بل إن للقاضى بناء على طلب المالك ، إذا رأى سوء الاستعمال خطيرا إلى حد يستوجب إجراء أشد ، أن يحكم بإنهاء حق الانتفاع أى بإسقاطه قبل انتهاء مدته أو قبل موت المنتفع ، فيضيع على المنتفع المدة الباقية له من مدة الانتفاع . ولكن يجب فى هذه الحالة مراعاة حق الغير ، فإذا كان حق الانتفاع مرهونا مثلا ، احتفظ الدائن المرتهن بحقه . وعلى ذلك ترد العين إلى المالك ، ولكن حق الانتفاع فيها المدة الباقية لهذا الحق مثقل بالرهن ، ويجوز للدائن المرتهن أن يحجز على حق الانتفاع محدودا على هذا النحو ، لا على حق الملكية ، ويتقاضى حقه من ثمن حق الانتفاع بعد بيعه فى المزاد ( [2518] ) .
2- صيانة الشىء والقيام بنفقات الصيانة بالتكاليف المعتادة
515 - نص قانونى : تنص المادة 989 مدنى على ما يأتى :
" 1 - المنتفع ملزم أثناء انتفاعه بكل ما يفرض على العين المنتفع بها من التكاليف المعتادة ، وبكل النفقات التى تقتضيها أعمال الصيانة " .
" 2 - أما التكاليف غير المعتادة والإصلاحات الجسيمة التى لم تنشأ عن خطأ المنتفع فإنها تكون على المالك ، ويلتزم المنتفع بان يؤدى للمالك فوائد ما أنفقه فى ذلك . فإن كان المنتفع هو الذي قام بالإنفاق ، كان له استرداد رأس المال عند انتهاء حق الانتفاع ( [2519] ) " .
$ 1250 $ ويخلص من هذا النص أن المنتفع ملتزم بصيانة الشىء المنتفع به ( [2520] ) ، وبكل النفقات التى تقتضيها أعمال الصيانة ، وبكل التكاليف المعتادة الأخرى . أما التكاليف غير المعتادة ، كتكاليف الإصلاحات الجسيمة ، فهى على مالك الرقبة على أن يتحمل المنتفع فوائد هذه التكاليف طول مدة الانتفاع . فنستعرض الآن كلا من التكاليف المعتادة والتكاليف غير المعتادة .
516 - التكاليف المعتادة : لما كان المنتفع ملتزما بصيانة الشىء المنتفع به كما قدمنا ، فإن تكاليف الصيانة يتحملها المنتفع بأكملها ، لأنها من التكاليف المعتادة ( [2521] ) . ويعتبر كذلك من التكاليف المعتادة فيتحملها المنتفع ، تكاليف إدارة الشىء المنتفع به ، إذ أن هذه التكاليف ضرورية لحصول المنتفع على الثمار . ويعتبر أيضا من التكاليف المعتادة ، فيتحملها المنتفع وحده ، الضرائب والرسوم المضروبة على الشىء المنتفع به ، من أموال على الأراضى الزراعية وعوائد على المبانى ورسوم بلدية وضريبة دفاع وضريبة خفر وضريبة إضافية وغير ذلك من أنواع الضرائب الأخرى .
ولكن يجوز للمنتفع أن يتفق مع مالك الرقبة على أن تكون هذه التكاليف المعتادة كلها أو بعضها على الأخير ، وهذا لا يمنع ، فيما يتعلق بالضرائب $ 1251 $ والرسوم ، أن يلتزم المنتفع بدفعها لجهة الإدارة على أن يستردها من مالك الرقبة ( [2522] ) .
517 - التكاليف غير المعتادة : وهذه كما قدمنا على المالك ، على أن يتحمل المنتفع فوائدها طول مدة الانتفاع . ومن التكاليف غير المعتادة تكاليف الاصلاحات الجسيمة التى لم تنشأ عن خطأ المنتفع ، أما إذا نشأت عن خطأ المنتفع فهو الذي يتحملها وحده . فإذا احتاجت الدار المنتفع بها مثلا إلى إصلاحات جسيمة لم تنشأ عن خطأ المنتفع ، لم يلتزم أحد ، لا المنتفع ولا مالك الرقبة ، بالقيام بهذه الإصلاحات كما سنرى ( [2523] ) . ولكن يجوز لمالك الرقبة ، للمحافظة على ملكه ، أن يقوم بها . وفى هذه الحالة تكون التكاليف عليه ، وعلى المنتفع أن يدفع فوائدها بالسعر القانونى لمالك الرقبة طول مدة الانتفاع . ويصح ، عند امتناع مالك الرقبة عن القيام بها ، أن يقوم بها المنتفع للمحافظة على حق انتفاعه . وفى هذه الحالة يدفع تكاليف هذه الإصلاحات ، على أن يستردها من مالك الرقبة عند نهاية حق الانتفاع ، فيكون هنا أيضا قد تحمل فوائدها طوال مدة الانتفاع ( [2524] ) .
ويعتبر من التكاليف غير المعتادة مصروفات دعوى تعيين الحدود ، فهذه يلتزم بها مالك الرقبة ، ويتحمل المنتفع الفوائد طوال مدة الانتفاع ، وإذا قدم المنتفع هذه المصروفات فله الحق فى استردادها من المالك عند نهاية حق الانتفاع . وكذلك يعتبر من التكاليف غير المعتادة المبالغ الباقى دفعها من القيمة الاسمية للأسهم التى لم يتم الوفاء بكل قيمتها الاسمية ( actions non liberees ) ، فهذه على مالك الرقبة ويتحمل المنتفع الفوائد طول مدة الانتفاع ، فإن قدمها المنتفع محافظة على الأسهم من السقوط فإنه يسترد ما دفعه من المالك عند نهاية حق الانتفاع ( [2525] ) .
$ 1252 $ وإذا كان العقار المنتفع به مثقلا برهن رسمى ، فإن الدين المضمون بالرهن يلتزم بدفعه مالك الرقبة المدين بهذا الدين . فإن لم يدفعه ، ورجع الدائن المرتهن بدعوى الرهن على المنتفع باعتباره حائزا للعقار فيدفع هذا ما على العقار من الدين ، فإنه يرجع بما دفع فورا على مالك الرقبة ، ولا يجبر على الانتظار إلى نهاية حق الانتفاع حتى يسترده ( [2526] ) .
3- حفظ الشىء والمسئولية عن هلاكه
518 - نصوص قانونية : تنص المادة 990 مدنى على ما يأتى :
" 1 – على المنتفع أن يبذل من العناية فى حفظ الشىء ما يبذله الرجل المعتاد " .
" 2 - وهو مسئول على هلاك الشىء ولو بسبب أجنبى ، إذا كان قد تأخر عن رده إلى صاحبه بعد انتهاء حق الانتفاع " .
وتنص المادة 991 مدنى على ما يأتى :
" إذا هلك الشىء أو تلف ، أو احتاج إلى إصلاحات جسيمة مما يجب على المالك أني تحمل نفقاته ، أو إلى اتخاذ إجراء يقيه من خطر لم يكن منظورا ، فعلى المنتفع أن يبادر باخطار المالك . وعليه إخطاره أيضا إذا استمسك أجنبى بحق يدعيه على الشىء نفسه " ( [2527] ) .
$ 1253 $
وتقابل النصوص المادة 24 / 43 من التقنين المدنى السابق ( [2528] ) .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى .
م 948 / 1 و 2 – وفى التقنين المدنى الليبى م 994 - 995 - وفى التقنين المدنى .
العراقى م 1254 / 1 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 44 / 1 ( [2529] ) .
ونتكلم فيما يأتى : ( 1 ) مدى مسئولية المنتفع عن حفظ الشىء . ( 2 ) أمثلة عن أعمال الحفظ التى يجب على المنتفع القيام بها . ( 3 ) القيود الواردة على مسئولية المنتفع عن حفظ الشىء .
$ 1254 $
519 - مدى مسئولية المنتفع عن حفظ الشىء : تقول الفقرة الأولى من المادة 990 مدنى ، كما رأينا ( [2530] ) ، أنه " على المنتفع أن يبذل من العناية فى حفظ الشيء ما يبذله الشخص المعتاد " . فهناك إذن التزام على المنتفع ، هو أن يقوم بالمحافظة على الشىء . وهو التزام ببذل عناية لا بتحقيق غاية ، فيطلب من المنتفع فى القيام بهذا الالتزام أن يبذل عناية الشخص المعتاد ، وذلك سواء حصل على حق الانتفاع معاوضة أو تبرعا . فالخطأ الذى يسأل عنه المنتفع فى حفظ الشيء هو أن ينحرف ، فى المحافظة عليه ، عن السلوك المألوف للشخص المعتاد .
والخطأ هنا لا يفترض فى جانب المنتفع ، بل على مالك الرقبة ، إذا أصاب الشيء تلف ، أن يثبت أن هذا التلف قد وقع بخطأ المنتفع ، أى بانحرافه فى المحافظة على الشيء عن سلوك الرجل المعتاد . فإذا لم يستطع مالك الرقبة إثبات ذلكن فلا مسئولية على المنتفع . أما إذا أثبت مالك الرقبة خطأ المنتفع على هذا النحو ، فإن مسئولية المنتفع عن التعويض تسرى عليها أحكام القواعد العامة . فيكون المنتفع مسئولا عن تعويض مالك الرقبة عن جميع الأضرار التى لحقت بهذا الأخير من جراء تلف الشيء أو هلاكه .
ويعتبر انحرافا عن السلوك المألوف للرجل المعتاد ، ومن ثم يعتبر خطأ يكون المنتفع مسئولا عنه ، أن يتأخر المنتفع فى رد الشيء للمالك بعد انتهاء مدة الانتفاع فيهلك الشيء فى يده ولو كان الهلاك بسبب أجنبى ( م 990 / 2 مدنى ) . والخطأ الذى يعتديه هنا هو تأخر المنتفع عن رد الشيء إلى المالك ، وقد اقترن الهلاك بهذا الخطأ فيكون المنتفع مسئولا عن تعويض المالك عن الضرر الذى لحق به من جراء هلاك الشىء . وغنى عن البيان أنه يخلص مما تقدم أن المنتفع يلتزم برد الشيء إلى المالك عند انتهاء حق الانتفاع( [2531] ) .
$ 1255 $
520 - أمثل من أعمال الحفظ التى يجب على المنتفع القيام بها : ومن أمثلة أعمال الحفظ التى يجب على المنتفع القيام بها أن يبادر إلى أخطار مالك الرقبة بكل ما تتعرض له العين من أخطار مما يلزم المالك أن يتوقاه بنفسه ، حتى يتيسر لهذا الأخير أن يبادر إلى القيام بما تقتضيه الظروف من أعمال الوقاية . فإذا انتزع أجنبى الحيازة من المنتفع ، أو تعرض الأجنبى له فى حيازته مستمسكا بحق يدعيه على الشيء نفسه كحق ملكية أو حق ارتفاق ، أو تعرض الشيء لخطر لم يكن منظورا كأن سطت عليه اللصوص أو استولت عليه الإدارة ولو استيلاء مؤقتا أو خربته غارة جوية ، أو هلك الشيء أو تلف لسبب لا يرجع إلى خطأ المنتفع كأن كان ذلك يرجع إلى سبب أجنبى أو إلى القدم ( Vetuste ) ، أو احتاج الشيء إلى إصلاحيات جسمية مما يجب على المالك أن يتحمل نفقاته ، وجب على المنتفع إلى يبادر إلى إخطار مالك الرقبة بما وقع ( م 991 مدنى ) . وليس للإخطار شكل خاص ، فيصح أن يكون بكتاب أو شفويا ، ولكن يجب على المنتفع أن يثبت أنه قام بالإخطار اللازم . فإذا لم يثبت ذلك ، كان مسئولا عن تعويض الضرر الذى يصيب مالك الرقبة من عدم المبادرة إلى الإخطار .
ومن أمثلة أعمال الحفظ أيضاً ألا ينهلك المنتفع بأرض زراعية الأرض بزراعة تدر عليه ربحا كبيراً ، غير مبال بما يصيب الأرض من ضرر يلحق مالك الرقبة فى سبيل الحصول على هذا الربح الكبير لنفسه . وكذلك لا يجوز له ، وهو يسكن الدار التى ينتفع بها ، أن يتلف الأبواب والنوافذ ، أو أن يلحق بالدار ضررا غير مألوف ، أو ألا يقوم بأعمال الصيانة اللازمة للمحافظة على سلامة الدار وما يلحق بها من أنابيب المياه والغاز والأحواض وغيرها مما يحتاج إلى عناية فى حفظه .
وإذا كان المالك قد أمن على الشيء ، فإنه يعتبر من أعمال الحفظ أن يحدد المنتفع هذا التأمين ، وأن يدفع أقساط التأمين طول مدة انتفاعه( [2532] ) .
$ 1256 $
521 - القيود الواردة على مسئولية المنتفع عن حفظ الشيء : ويرد على مسئولية المنتفع عن حفظ الشيء قيدان :
( القيد الأول ) لا يكون المنتفع مسئولا عن إعادة البناء الذى تهدم بسبب فجائى أو بسبب القدم ( م 607 مدنى فرنسى ) . فما دام التهدم لا يرجع إلى خطأ فى جانبه كإهماله فى القيام بأعمال الصيانة ، فهو غير مسئول عنه ، ولا يلزم بإعادة البناء . وكذلك الإصلاحيات الجسمية فقد قدمنا أنه غير مسئول عنها ، إلا إذا كانت راجعة إلى خطأه . وإذا كان المنتفع غير ملزم بإعادة البناء ولا بالإصلاحات الجسمية فى الأحوال التى قدمناها ، فإن مالك الرقبة غير ملزم هو أيضاً بذلك . وإذا هو أعاد البناء أو قام بالإصلاحات الجسيمة ، فإن له يرجع بفوائد التكاليف التى أنفقها على المنتفع طول مدة الانتفاع ، وإذا قام المنتفع نفسه بإعادة البناء أو بالإصلاحات الجسمية ، فإن له أن يسترد التكاليف من مالك الرقبة عند انتهاء حق الانتفاع( [2533] ) .
( القيد الثانى ) يستطيع المنتفع أن يتخلص من إلزامه بحفظ الشيء وبالقيام بأعمال الصيانة الواجبة ، وذلك بالتخلى ( Abondon ) عن حقه فى الانتفاع . فإن هذا الالتزام التزام عينى كما قدمنا ، فإذا تخلى عن العين تخلص من الالتزام الذى كانت العين سببا فيه . على أنه لا يتخلص من الالتزام إلا من وقت التخلى ، أما ما وجب عليه من أعمال الصيانة قبل ذلك فيلتزم بالقيام به من وقت التخلى ، حتى لو رد الثمار التى قبضها من العين منذ بداية الانتفاع . فقد ترتب الالتزام نهائيا فى ذمته قبل التخلى ، وليس للتخلى أثر رجعى( [2534] ) .
4 - جرد المنقول وتقديم كفالة به
522 - نص قانونى : تنص المادة 992 مدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا كان المال المقرر عليه حق الانتفاع منقولا ، وجب جرده ، $ 1257 $ ولزم المنتفع تقديم كفالة به . فإن لم يقدمها بيع المال المذكور ، ووظف ثمنه فى شراء سندات عامة يستولى المنتفع على أرباحها " .
" 2 - وللمنتفع الذى قدم الكفالة أن يستعمل الأشياء القابلة للاستهلاك ، وإنما عليه أن يرد بدلها عند انتهاء حقه فى الانتفاع . وله نتاج المواشى ، بعد أن يعوض منها ما نفق من الأصل بحادث مفاجئ " ( [2535] ) .
ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المواد 21 - 23 / 40 - 42( [2536] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 939 - 942 - وفى التقنين المدنى الليبى 996 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1256 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 35 - 38( [2537] ) .
523 - الاقتصاد فى هذا الالتزام على المنقول دون العقار : فى ترتيب التزام فى ذمة المنتفع بالجرد ( inventaire ) وبتقديم كفالة caution يقتصر التقنين المدنى المصرى ، كما نرى من النص سالف الذكر ، على المنقول دون العقار . أما العقار فلا يلتزم المنتفع فى شأنه بأن يحرر بياناً ( etat ) عنه ، ولا أن يقدم كفالة به . وهذا بخلاف التقنين المدنى الفرنسى ، فإنه يوجب الجرد فى المنقول وتحرير البيان فى العقار ، ويوجب فى الحالتين على المنتفع تقديم كفالة . وقد سار التقنين المدنى المصرى الجديد فى ذلك على سنة التقنين المدنى المصرى السابق ، فقد كان هذا التقنين أيضاً لا يوجب الجرد ولا الكفالة إلا فى المنقول .
$ 1258 $
ويبرر الخطة التى صار عليها التقنين المدنى المصرى ، السابق والجديد ، أن العقار لا يخشى عليه ، وقل أن يحدث فذى ذاتيته أو فى قيمته خلاف . وإذا أراد مالك الرقبة أن يحتاط فيما يتعلق بحالة العقار ، فله أن يحرر بياناً بحالته ، ولكن هذا لا يكون التزاماً فى ذمة المنتفع . والأمر مختلف بالنسبة إلى المنقول ، فهو عرضة للضياع ، وقد لا يتيسر التثبت من ذاتيته أو من قيمته ، فأوجب المشرع على المنتفع أني جرى جرده فى محضر حتى تتعين ذاتيته ، مع تقويمه حتى تتحدد قيمته . ثم لما كان من اليسير تبديد المنقول أو ضياعه ، فقد أوجب المشرع المصرى أيضاً على المنتفع أن يقدم كفالة به ، حتى يضمن بذلك حق مالك الرقبة فى استرداده أو استرداد قيمته عند نهاية حق الانتفاع .
524 - تحديد محضر جرد بالمنقول : ولم يوجب القانون شكلا خاصاً لمحضر الجرد ، على خلاف التقنين المدنى الفرنسى الذى يوجب أن يحرر $ 1259 $ محضر الجرد فى ورقة رسمية ما لم يعف المنتفع من هذه الرسمية أو يعف من تحرير محضر الجرد أصلا . ففى مصر إذن يجوز تحرير محضر الجرد فى ورقة عرفية ، ويوقع عليه كل من المنتفع ومالك الرقبة ، ويكون هو الدليل الكتابى على ما تسلمه المنتفع من المنقولات وحالة هذه المنقولات وقيمتها . ويجوز إعفاء المنتفع من تحرير محضر الجرد فى سند حق الانتفاع ، أى فى العقد أو الوصية التى أنشأت هذا الحق . ولا يعد سكوت مالك الرقية عن تحرير محضر الجرد بعد تسلم المنتفع للمنقولات إعفاء للمنتفع من تحرير هذا المحضر ، بل يصح أن يطالب مالك الرقبة المنتفع بعد أن يكون هذا قد تسلم المنقولات بتحرير المحضر .
وعدم قيام المنتفع بالتزامه من تحرير محضر الجرد لا يترتب عليه أن يفقد حق انتفاعه ، بل كل ما يترتب عليه أنه لا يستطيع تسلم المنقولات من مالك الرقبة قبل تحرير هذا المحضر . وللمنتفع بعد تحرير محضر الجرد أن يتسلم المنقولات وأن يتسلم ثمارها من بداية حق الانتفاع ، فإن حقه لم يسقط فى تقاضى هذه الثمار( [2538] ) .
525 - تقديم الكفالة بالمنقول : ولا يكفى تحرير محضر جرد للمنقول ، بل جيب على المنتفع أن يقدم فى الوقت ذاته لمالك الرقبة كفالة بهذا المنقول . فإذا أضاع المنتفع المنقول أو بدده أو أتلفه أو أحلق به أى ضرر ، كان الكفيل ضامناً للتعويض الذى يلتزم المنتفع بدفعه لمالك الرقبة . ويجب أن يكون الكفيل مقتدراً ومقيما فى مصر ، ويقوم مقام الكفالة أن يقدم المنتفع رهناً رسمياً أو رهن حيازة ( [2539] ) . وإذا كانت السندات المنتفع بها سندات لحاملها ، فإن تحويلها إلى سندات أسمية ، تسجل باسم مالك الرقبة بالنسبة إلى الرقبة وباسم المنتفع بالنسبة إلى حق الانتفاع ، يكون ضماناً كافياً ، ويعفى المنتفع من تقديم كفالة ( [2540] ) .
$ 1260 $
وعدم قيام المنتفع بتقديم كفالة على النحو المتقدم الذكر لا يحرمه من حق الانتفاع ، ولكن يمنعه من تسلم المنقولات قبل تقديم الكفالة ، فإذا ما قدمها فإنه يتسلم المنقولات كما يتسلم ثمارها من وقت بداية حق الانتفاع ، على النحو الذى قدمناه فى تحرير المحضر . وإذا سلم مالك الرقبة المنقولات قبل أن يقدم المنتفع الكفالة ، فإن هذا لا يعفى المنتفع من تقديم الكفالة فيما بعد ، إلا إذا استخلص من تسليم المنقولات على هذا النحو نزول ضمنى من مالك الرقبة عن الكفالة ( [2541] ) .
ويجوز إعفاء المنتفع من تقديم الكفالة ، إعفاء صريحاً أو ضمنياً . فيرد الإعفاء صراحة فى السند الذى ينشئ حق الانتفاع من عقد أو وصية ، كما يستخلص ضمناً من أن المالك باع العين أو رهنها واحتفظ لفنسه بحق الانتفاع ، فإن سكوت المشترى أو الموهوب له عن اشتراط تقديم الكفالة يستفاد منه أن مالك الرقبة قد نزل عن حقه فى طلب الكفالة ( م 601 مدنى فرنسى ) .
وإذا لم يقدم المنتفع الكفالة ولم يعف من تقديمها ، فإنه يجوز لمالك الرقبة أن يطلب بيع المنقولات بالطريقة التى تقرها المحكمة ، وتوظيف ثمنها فى سندات عامة ، أى سندات على الدولة كسندات الدين الموحد أو سندات قرض الإنتاج ، لأن هذه السندات توفر لكل من مالك الرقبة والمنتفع قدراً كبيراً من الضمان . ويكون للمنتفع فى هذه الحالة أرباح هذه السندات طول مدة الانتفاع ، ولا يدخل فى الأرباح ما عسى أن يكسب السند من جائزة ، بل الجائزة تكون لمالك الرقبة ، فإذا انتهى حق الانتفاع ، ردت السندات لمالك الرقبة ، وأصبحت ملكيته لها كاملة وله أن يتصرف فيها كما يشاء .
526 - الانتفاع بالأشياء القابلة للاستهلاك والانتفاع بقطيع من المواشى إحالة : وتقول الفقرة الثانية من المادة 992 مدنى ، كما رأينا( [2542] ) ، إن " للمنتفع الذى قدم الكفالة أن يستعمل الأشياء القابلة للاستهلاك ، وإنما عليه $ 1261 $ أن يرد بدلها عند انتهاء حقه فى الانتفاع . وله نتاج المواشى بعد أن يعوض منها ما نفق من الأصل بحادث مفاجئ " . وهذا النص يشير ، فيما يتعلق بالأشياء القابلة للاستهلاك ، إلى شبه حق الانتفاع ، وقد سبق الكلام ذلك ، كما يشير فيما يتعلق بالمواشى إلى الانتفاع بقطيع من المواشى وقد سبق أيضاً الكلام فيه ، فتحيل هنا إلى ما قدمناه هناك ( [2543] ) .
المبحث الثانى
آثار حق الانتفاع بالنسبة إلى مالك الرقبة
527 - حق التصرف فى الرقبة : لمالك الرقية أن يتصرف الملاك فى الرقبة ، بحيث لا يكون فى هذا التصرف ضرر يلحق انتفاع المنتفع بالعين . فله أن يبيع الرقبة أو يقايض عليها أو يقدمها حصة فى شركة أو يقدمها مقابلا لوفاء دين فى ذمته أو يهبها أو يوصى بها . وينتقل إلى مالك الرقبة الجديد ، على هذا النحو ، جميع حقوق المالك السابق ، وبوجه خاص يصبح مالكاً للعين ملكية كاملة بعد انتهاء حق الانتفاع ( [2544] ) .
ولمالك الرقبة فى العقار أن يرهنها رهناً رسميا ، ولدائنيه أن يأخذوا عليها حق اختصاص . وقد يترتب على الرقبة فى العقار والمنقول حق امتياز كما إذا باع مالك العقار أو المنقول حق الرقبة واحتفظ لنفسه بحق الانتفاع ، فيكون له حق امتياز على الرقبة لاستيفاء الثمن . فإذا ترتب حق من هذه الحقوق على الرقبة ، جاز للدائن أن يبيعها استيفاء لحقه ، فيكون للراسى عليه المزاد نفس حقوق مالك الرقية الأصلى ، وعلى يصبح مالكا للعين ملكية كاملة عند انتهاء حق الانتفاع ( [2545] ) .
$ 1262 $
ولمالك رقبة العقار أيضاً أن يرتب حق ارتفاق على العقار ، فإذا تعارض استعمال حق الارتفاق مع انتفاع المنتفع ، لم يجز لمالك العقار المرتفق أن يستعمل حق الارتفاق إلا بعد انتهاء حق الانتفاع ( [2546] ) .
528 - الحق فى الحصول على ما تنتجه العين إذا لم يكن ثمارا : وإذا كان من المسلم به أن تكون ثمار العين للمنتفع ، فإن ما تنتجه العين مما لا يعتبر ثماراً يكون لمالك الرقبة . فإذا كان الشيء المنتفع به سنداً أو سهماً وربح جائزة ، فالجائزة لا تعتبر ثماراً وتكون لمالك الرقبة ويكون للمنتفع فوائد الجائزة ( [2547] ) . وإذا وزعت الشركة جزءاً من احتياطياتها على المساهمين ، أو وزعت عليهم سندات إضافية اشترتها بجزء من رأس المال أو كانت تمثل حصة ساهمت بها الشركة فى شركة أخرى ، اعتبر هذا جزءا من رأس المال لا من الريع ، فيكون لمالك الرقبة وتكون فوائده للمنتفع . وإذا أصدرت الشركة أسهماً جديدة لزيادة رأس المال ، وأضافت علاوة ( Prime ) على القيمة الاسمية للسهم الجديد تمثل نصيب هذا السهم فى الاحتياطات ، فهذه العلاوة لا تعتبر ريعاً بل هى جزء من رأس المال . فإذا وزعت الشركة هذه العلاوات على المساهمين القدامى ، كان نصيب السهم من هذه العلاوات من حق مالك الرقبة وللمنتفع الفوائد( [2548] ) .
529 - حق مباشرة الدعاوى التى تتعلق بالرقبة : ولمالك الرقبة أن يباشر الدعاوى التى تتعلق بالرقبة . فله أن يرفع دعوى الاستحقاق ، ودعاوى الحيازة ، ودعوى الإقرار بحق ارتفاق أو إنكاره ، ودعوى القسمة ، ودعوى تعيين الحدود( [2549] ) .
$ 1263 $
2 - علاقة مالك الرقبة بالمنتفع
530 - وجود التزامات شخصية فى ذمة المنتفع نحو مالك الرقبة : رأينا أن هناك التزامات شخصية تترتب فى ذمة المنتفع نحو مالك الرقبة ، وهى التزامات نشأت بحكم القانون من واقعة مادية ، هى وجود العين تحت يد المنتفع ( [2550] ) فهذه الالتزامات تجعل الحق لمالك الرقبة فى أن يطالب المنتفع بتنفيذها بمجرد أن يخل بها هذا الأخير ، ولا يجبر مالك الرقبة على الانتظار إلى نهاية حق الانتفاع حتى يطالب بتنفيذها . بل إن لمالك الرقبة أن يطلب الحكم بإسقاط حق الانتفاع قبل نهايته ، إذا أساء المنتفع استعمال الشيء أو استثماره إلى درجة تعرض الرقبة للخطر ( م 988 / 2 مدنى )( [2551] ) . وعلى المنتفع بوجه خاص أن يرد العين للمالك عند نهاية حق الانتفاع .
531 - لا توجد التزامات شخصية فى ذمة مالك الرقبة نحو المنتفع : ولما كان المنتفع له حق عينى على العين هو حق الانتفاع ، فإن له بموجب هذا الحق العينى سلطة مباشرة على العين لا يحتاج فى استعمالها إلى تدخل مالك الرقبة ، كما يحتاج المستأجر الذى ليس له إلا حق شخصى لتدخل المؤجر لتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة . وعلى ذلك لا توجد التزامات شخصية فى ذمة مالك الرقبة نحو المنتفع ، والمنتفع وشأنه ينتفع بالعين مباشرة طبقاً لما حوله له القانون من حقوق دون حاجة إلى معاونة مالك الرقبة فى ذلك . وقد يرتب المالك على العين حق انتفاع معاوضة ، ويلتزم فى العقد بضمان التعرض والاستحقاق ، ولكن الالتزام الذى ترتب هنا فى ذمة مالك الرقبة إنما ترتب بموجب العقد لا بموجب حق الانتفاع( [2552] ) .
$ 1264 $
532 - لا يجوز لمالك الرقبة أن يتسبب فى تعطيل أو فى إنقاص حق المنتفع : ولا يجوز لمالك الرقبة أن يتسبب فى تعطيل أو فى إنقاص حق المنتفع . ولكن ذلك لا يرجع إلى وجود التزام شخصى بالضمان فى ذمة مالك الرقبة نحو المنتفع ، بل يرجع إلى أن للمنتفع حقاً عينياً لا يجوز لأحد أن يتعدى عليه ، وشأن مالك الرقبة فى عدم جواز التعدى على حق المنتفع شأن أى شخص آخر ( [2553] ) . وعلى ذلك لا يجوز لمالك الرقبة ، دون موافقة المنتفع ، أن يدخل تعديلا فى العين ، كأن يقيم أبنيه جديدة أو يعلى البناء الموجود أو يهدم جزءاً منه( [2554] ) ، أو أن يحول سنداً اسمياً إلى سند لحامله ( [2555] ) ، أو يبيع العقار المنتفع به ويبادر إلى تسجيل البيع قبل أن يسجل المنتفع حق الانتفاع ( [2556] ) .
533 - حق مالك الرقبة استثناء فى تعطيل أو إنقاص حق المنتفع للمحافظة على العين : على أن مالك الرقبة ، إذا كان عليه فى الأصل أن يمتنع عن تعطيل أو إنقاص حق المنتفع شأنه فى ذلك شأن أى شخص آخر ، ليس كأى شخص آخر أجنبياً عن العين ، بل هى ملكه ويعنيه أن يحافظ على سلامتها . فله أن يقوم بالإصلاحات الجسمية فى العين ولو لم يوافق المنتفع ، بل ولو حرم المنتفع بذلك من الانتفاع بالعين المدة اللازمة للقيام بهذه الإصلاحات ، وذلك دون أن يكون مالك الرقبة مسئولا عن تعويض المنتفع عن هذه المدة . فالإصلاحات الجسمية ، وإن لم يكن القيام بها التزاماً فى ذمة مالك الرقبة ، إلا أن القيام بها من حقه حتى يحافظ على سلامة العين( [2557] ) .
$ 1265 $
وإذا كان القيام بالإصلاحات الجسيمة من حق مالك الرقبة ، فأولى أن يكون من حقه إعادة بناء ما تهدم من العين بسبب فجائى أو بسبب القدم ، وقد سبق الكلام فى ذلك ، فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك( [2558] ) .
الفرع الثالث
انتهاء حق الانتفاع
البحث الأول
الأسباب التى ينتهى بها حق الانتفاع
534 - بيان هذه الأسباب : السببان المألوفان لانتهاء حق الانتفاع هما انقضاء الأجل وموت المنتفع ، ثم إن حق الانتفاع قد ينتهى بهلاك الشيء ، وبعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة ، وهذان السببان قد ورد فى شأنهما نص صريح ، يضاف إلى الأسباب الأربعة المتقدمة ثلاثة أسباب أخرى لم يرد فى شأنها نص صريح ، هى تملك حق الانتفاع بالتقادم ، والنزول عنه ، واتحاد الذمة . فهذه أسباب سبعة ( [2559] ) ، نستعرضها على التعاقب .
$ 1266 $
535 - إنهاء حق الانتفاع بانقضاء الأجل وبموت المنتفع نص قانونى : تنص المادة 993 مدنى على ما يأتى :
" 1 - ينتهى حق الانتفاع بانقضاء الأجل المعين ، فإن لم يعين له أجل عد مقرراً لحياة المنتفع ، وهو ينتهى على أى حال بموت المنتفع ، حتى قبل انقضاء الأجل المعين " .
2 - وإذا كانت الأرض المنتفع بها مشغولة عند انقضاء الأجل أو موت المنتفع بزرع قائم ، تركت الأرض للمنتفع أو لورثته إلى حين إدراك الزرع ، على أن يدفعوا أجرة الأرض عن هذه الفترة من الزمن ( [2560] ) " .
ويخلص من هذا النص أن حق الانتفاع أما أن يحدد سند إنشائه ( العقد أو الوصية ) له أجلا ، أو ألا يحدد . ففى الحالة الأولى ، ينتهى حق الانتفاع بأحد أمرين : انقضاء الأجل المحدد( [2561] ) ، أو موت المنتفع حتى قبل انقضاء $ 1267 $ الأجل المحدد . ونرى من ذلك أن حق الانتفاع لا يورث ، ما دام ينتهى حتما بموت المنتفع . وفى الحالة الثانية ، إذا لم يحدد لحق الانتفاع أجل ، اعتبر هذا الحق مقرراً مدى حياة المنتفع ، وانتهى هنا أيضاً بموت المنتفع( [2562] ) .
وإذا انتهى حق الانتفاع بانقضاء الأجل أو بموت المنتفع ، وكان فى الأرض زرع قائم ، فقد قدمنا أن الأرض تترك للمنتفع إذا كان انتهاء حق الانتفاع بسبب انقضاء الأجل ، أو تترك لورثته إذا كان انتهاء هذا الحق بموت المنتفع ، إلى حين إدراك الزرع ، على أن يدفع المنتفع أو ورثته لمالك الرقبة أجرة المثل للأرض من وقت انتهاء حق الانتفاع إلى وقت إدراك الزرع( [2563] ) .
536 - انتهاء حق الانتفاع بهلاك الشيء نص قانونى : تنص المادة 994 مدنى على ما يأتى :
" 1 - ينتهى حق الانتفاع بهلاك الشيء ، إلا أنه ينتقل من هذا الشيء إلى ما قد يقوم مقامه من عوض " .
" 2 - وإذا لم يكن الهلاك راجعاً إلى خطأ المالك ، فلا يجبر على إعادة الشيء إلى أصله . ولكنه إذا أعاده ، رجع للمنتفع حق الانتفاع إذا لم يكن الهلاك بسببه ، وفى هذه الحالة تطبق المادة 989 الفقرة الثانية " ( [2564] ) .
$ 1268 $
ويخلص من هذا النص أنه إذا هلك الشيء المنتفع به هلاكاً كلياً ، انتهى حق الانتفاع لانعدام محله . والهلاك قد يكن مادياً كما إذا احترقت الدار أو انهدمت ، وقد يكون قانونياً كما إذا نزعت ملكية الشيء للمنفعة العامة .
فإذا كان الهلاك يرجع إلى خطأ المنتفع ، ألزم بإعادة الشيء إلى أصله على سبيل التعويض ، ويعود حق الانتفاع . وإذا كان الهلاك يرجع إلى خطأ مالك الرقبة ، أجبر على إعادة الشيء إلى أصله ، ويعود حق الانتفاع مع تعويض المنتفع عن المدة التى فإنه فيها الانتفاع ، وإذا كان الهلاك يرجع إلى خطأ الغير ، فإن حق الانتفاع يتنقل إلى التعويض المترتب فى ذمة الغير ، ويكلف المنتفع بتقديم كفالة لأن التعويض وهو مبلغ من النقود قابل للاستهلاك . وكذلك الحكم فيما إذا كان الهلاك يرجع إلى نزع ملكية الشيء للمنفعة العامة ، فينتقل حق الانتفاع إلى التعويض ، ويكلف المنتفع بتقديم كفالة . وإذا كان الهلاك قضاء وقدراً ، لم يجبر المالك على إعادة الشيء إلى أصله ، ولكنه إذا أعاده رجع حق الانتفاع للمنتفع ، ويلتزم هذا بأن يودى للمالك فوائد ما أنفقه طول الباقى من مدة حق الانتفاع ( م 989 / 2 مدنى ) .
وإذا كان الشيء مؤمنا عليه ، فإن كان التأمين لمصلحة المنتفع وحده كان له قبض مبلغ التأمين ، وكذلك إذا كان التأمين لمصلحة المالك وحده فإن لهذا أيضاً قبض مبلغ التأمين . أما إذا كان التأمين لمصلحة الاثنين معاً ، فإن حق الانتفاع ينتقل إلى مبلغ التأمين ، ويكون للمنتفع فوائده وللمالك رأس المال( [2565] ) .
$ 1269 $
537 - انتهاء حق الانتفاع بعدم الاستعمال – نص قانونى : تنص المادة 995 مدنى على ما يأتى :
" ينتهى حق الانتفاع بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة " ( [2566] ) .
ويخلص من هذا النص أن حق الانتفاع ، ككل حق عينى آخر عدا حق الملكية ، يسقط بالتقادم المسقط ، أى بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة . وينقطع التقادم باستعمال المنتفع أو من ينوب عنه ( كمستأجر أو مشتر ) العين ولو مرة واحدة ، بل ولو انطوت هذه المرة على إساءة فى الاستعمال . وكذلك يوقف التقادم كلما وجب سبب يتعذر معه على المنتفع أن يستعمل العين ، كما لو كان المنتفع قاصراً وليس له ولى أو وصى .
ومتى انتهى حق الانتفاع بعدم الاستعمال ، عاد الحق إلى مالك الرقية . وفقد حق الانتفاع بالتقادم المسقط غير كسبه بالتقادم المكسب ( [2567] ) .
538 - انتهاء حق الانتفاع بتملكه بالتقادم المكسب : وهنا نفترض أن شخصاً وضع يده على حق الانتفاع ، فكسبه بالتقادم أو بالحيازة . وبهذا يفقد المنتفع الأصلى حقه ، لا بعدم الاستعمال الذى يجب أن يدوم خمس عشرة سنة ، بل لأن الغير قد كسب هذا الحق بتقادم قد تكون مدته خمس عشرة سنة ، وقد تكون مدته خمس سنوات ، بل قد يكسب الغير حق الانتفاع بمجرد الحيازة .
$ 1270 $
ويكسب الغير حق الانتفاع بالتقادم المكسب الطويل ، ومدته خمس عشرة سنة ، إذا حازه شخص سيء النية ، فى كل من العقار والمنقول . ويكسب بالتقادم المكسب القصير ، إذا جازه حسن النية وكان مترتباً على عقار . ويكسب بمجرد الحيازة ، إذا كان مترتباً على منقول وكان الحائز حسن النية ( [2568] ) .
539 - انتهاء حق الانتفاع بالنزول عنه : ويجوز للمنتفع أن ينزل عن حقه فى الانتفاع ، فيزول هذا الحق ، وتعود إلى مالك الرقبة ملكية العين كاملة . ويقع النزول إما بإرادة منفردة تصدر من المنتفع ، أو بتوافق إرادتى المنتفع ومالك الرقبة .
فإذا وقع النزول بإرادة المنتفع المنفردة ، فليس هناك شكل خاص لهذه الإرادة ، بل يصح أن تكون إرادة ضمنية . وبيع مالك الرقبة ملكية العين كاملة بموافقة المنتفع وبدون تحفظ من هذا الأخير ، قد يدل تبعاً للظروف التى تحيط بالبيع على أن المنتفع قد نزل نزولا ضمنياً عن حق الانتفاع . ونزول المنتفع عن حقه بإرادته المنفردة يسرى دون حاجة إلى قبول مالك القبة ، ولا يجوز للمنتفع بعد أن يصدر منه النزول أن يعدل عنه .
وإذا وقع النزول باتفاق بين المنتفع ومالك الرقبة ، فإن هذا الاتفاق قد يكون تبرعاً من جانب النمتفع ، ولا يكون هذا هبة لحق الانتفاع بل نزول عنه لمالك الرقبة ، فلا يشترط أن يكون الاتفاق فى شكل الهبة ، وقد يكون الاتفاق معاوضة ، بأن يعطى مالك الرقبة للمنتفع مقابلا لنزوله عن حق الانتفاع . وسواء كان النزول تبرعاً أو معاوضة ، فهو نزول عن حق الانتفاع ، وليس نقلا لهذا الحق لمالك الرقبة . ذلك بأن مالك الرقبة ليس فى حاجة إلى أن ينتقل له حق الانتفاع ، بل يكفى أن ينزل المنتفع عن هذا الحق حتى تعود الملكية كاملة لمالك الرقبة .
وإذا كان حق الانتفاع مترتباً على عقار . فإن النزول عنه لا يحتج به على الغير ، كدائن مرتهن لحق الانتفاع ، إلا بالتسجيل . فإذ كان الدائن $ 1271 $ المرتهن لحق الانتفاع قد قيد الرهن قبل تسجيل النزول ، فإن الرهن يبقى قائماً بالرغم من هذا النزول . ولدائنى المنتفع أن يطعنوا بالدعوى البولصية فى نزول المنتفع عن حقه ، إذا وقع هذا النزول غشا إضرار بحقوقهم( [2569] ) .
540 - انتهاء حق الانتفاع باتحاد الذمة : كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى يشتمل على نص هو المادة 1250 ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " ينتهى حق الانتفاع إذا اجتمعت فى شخص واحد صفتا المنتفع والمالك ، غير أنه لا يعد منتهياً إن كان للمالك مصلحة فى بقائه " ( [2570] ) . ويخلص من هذا النص أن حق الانتفاع ينتهى باتحاد الذمة ( Consolidation ) . ويكون ذلك إما بأن تنتقل ملكية الرقية إلى المنتفع فيجتمع فى هذا الأخير صفتا المنتفع والمالك ، أو بأ ، ينتقل حق الانتفاع إلى مالك الرقبة فيجتمع هنا أيضاً فى مالك الرقبة صفتا المالك والمنتفع . وفى الحالتين ينتهى حق الانتفاع ، وبانتهائه تثبت الملكية كاملة إما للمنتفع . وفى الحالتين ينتهى حق الانتفاع ، وبانتهائه تثبت الملكية كاملة إما للمنتفع إذا انتقلت إليه الرقبة أو لمالك الرقبة إذا انتقل إليه الانتفاع ( [2571] ) . وإذا انتقلت الرقبة أو حق الانتفاع بسبب $ 1272 $ زال بأثر رجعى ، كعقد أبطل أو فسخ ، فإن اتحاد الذمة يزول هو أيضاً بأثر رجعى ، ويعود حق الانتفاع إلى الظهور .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ، فى تفسير ما جاء فى آخر المادة 1250 من المشروع من أن حق الانتهاء لا يعد منتهياً إن كان للمالك مصلحة فى بقائه ، ما يأتى " ويلاحظ أن المالك إذا ملك حقا لانتفاع بالعقد مثلا ، وكان حق الانتفاع مرهوناً ، فإن الرهن يبقى ولا يتعدى إلى الرقبة . أما إذا كانت الرقبة مرهونة فالأصل أن حق الانتفاع ، إذا عاد إلى صاحب الرقبة ، أو إذا ملك المنتفع الرقبة المرهونة ، تعدى الرهن إلى حق الانتفاع ، لأن الرقبة هى الأصل وحق الانتفاع تبع لها فيشملها الرهن . وكذلك احتاط المشروع ، فنص على أن حق الانتفاع لا يعد منتهياً إن كان للمالك مصلحة فى بقائه . وتكون له هذه المصلحة إذا كانت الرقبة مرهونة ، فيبقى حتى الانتفاع منفصلا عن الرقبة حتى لا يتعدى إليه الرهن " ( [2572] ) .
المبحث الثانى
ما يترتب على انتهاء حق الانتفاع
541 - رد الشيء المنتفع به إلى المالك : يترتب على انتهاء حق الانتفاع ، فى أكثر أسباب انتهاء هذا الحق ، أن تعود ملكية الشيء كاملة إلى المالك ، ويجب فى هذه الحالة على المنتفع أو ورثته رد الشيء إليه . وقد يكون الرد عيناً ، ويغلب أن يكون ذلك فى العقار كالدار والأرض ، أو فى بعض المنقولات كالمتجر والأسهم والسندات . فإذا كان الشيء قابلا للاستهلاك ، فقد قدمنا أن الملكية تنتقل إلى المنتفع ، ويرد إلى المالك مثله أو قيمته .
وإذا هلك الشيء ، كأن احترقت الدار ، فعلى المنتفع أن يثبت أن الحريق لا يرجع إلى خطأ فى جانبه ، وإلا كان مسئولا عن التعويض ( [2573] ) .
542 - المبالغ التى يستردها المنتفع من المالك عند نهاية حق الانتفاع : وقدمنا أن هناك مبالغ قد ينفقها المنتفع على الشيء المنتفع به ، ويستردها من المالك عند نهاية حق الانتفاع ، فيكون بذلك قد تحمل بفوائدها ما دام $ 1273 $ الانتفاع قائماً . من ذلك تكاليف الإصلاحات الجسيمة التى لم تنشأ عن خطأ المنتفع ، ويقوم هذا الأخير بها ، ويستردها بعد ذلك من المالك( [2574] ) ومن ذلك أيضاً نفقات إعادة البناء الذى تهدم بسبب فجائى أو بسبب القدم ، إذا قام المنتفع بإعادة البناء فإنه يسترد هذه التكاليف من المالك عند نهاية حق الانتفاع ( [2575] ) .
543 - ما يحدث المنتفع من بناء أو غراس : كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى يشتمل على نص هو المادة 1242 من هذا المشروع ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " ليس للمنتفع أن يحدث أى بناء أو غراس بغير رضاء المالك ، وعليه أن يثبت هذا الرضاء بالكتابة أو بما يقوم مقامها " ( [2576] ) . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، دون أن يبين سبب هذا الحذف( [2577] ) . وأمام حذف هذا النص ، لم يبق إلا تطبيق القواعد العامة .
وهذه تقضى بوجوب التمييز بين فرضين : ( الفرض الأول ) أن يكون المنتفع قد حصل على ترخيص من مالك الرقبة فى البناء أو الغراس ، وتسرى فى إثبات هذا الترخيص القواعد العامة فى الإثبات . وفى هذا الفرض يعتبر المنتفع قد بنى أو غرس بحسن نية ، فتسرى عليه أحكام المادتين 925 و 926 مدنى . ومن ثم يتملك صاحب الرقبة البناء أو الغراس بالالتصاق ، وعليه أن يدفع للمنتفع أدنى القيمتين ، قيمة المواد وأجر العمل أو قيمة زيادة ثمن الأرض بسبب البناء أو الغراس . وللمنتفع إذا شاء أن يطلب نزع البناء أو الغراس من الأرض على أن يعيدها إلى أصلها ، ولكن ليس لمالك الرقبة أن يطلب إزالة البناء أو الغراس . ( الفرض الثانى ) أن يكون المنتفع قد بنى أو غرس دون الحصول على ترخيص من مالك الرقبة . وهنا يعتبر سيء النية ، وتسرى عليه تبعاً لذلك أحكام المادة 924 مدنى . فيجوز للمالك أن يطلب $ 1274 $ إزالة البناء أو الغراس ، وإلا تملكه بالالتصاق على أن يدفع أدنى القيمتين ، قيمة البناء أو الغراس مستحق الإزالة أو قيمة ما زاد فى ثمن الأرض بسبب البناء أو الغراس( [2578] ) .
الفصل الثانى
حق الاستعمال وحق السكنى
( Usage ct Habitation )
544 - نصوص قانونية : تنص المادة 996 مدنى على ما يأتى : " نطاق حق الاستعمال وحق السكنى يتحدد بمقدار ما يحتاج إليه صاحب الحق هو وأسرته الخاصة أنفسهم ، وذلك دون إخلال بما يقرره السند المنشئ للحق من أحكام " .
وتنص المادة 997 على ما يأتى :
" لا يجوز النزول عن حق الاستعمال أو عن حق السكنى ، إلا بناء على شرط صريح أو مبرر قوى " ( [2579] ) .
$ 1275 $
وتنص المادة 998 على ما يأتى :
فيما عدا الأحكام المتقدمة تسرى الأحكام الخاصة بحق الانتفاع على حق الاستعمال وحق السكنى ، متى كانت لا تتعارض مع طبيعة هذين الحقين " .
وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المادة 14 / 23( [2580] ) .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى لا مقابل – وفى التقنين المدنى الليبى ، 1000 – 1002 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1261 – 1265 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا تقابل ( [2581] ) .
545 - التعريف بحق الاستعمال وبحق السكنى : حق الاستعمال هو حق عينى يتقرر لشخص على شيء مملوك لغيره ، ويخول صاحب هذا الحق استعمال الشيء لنفسه ولأسرته . فهو إذن فرع عن حق الانتفاع ، إذ أن حق الانتفاع يخول صاحبه حق الاستعمال وحق الاستغلال ، أما هذا الحق $ 1276 $ فلا يخول صاحبه إلا حق الاستعمال ، بل وحق الاستعمال محدوداً بحاجاته الشخصية هو وأسرته . والمقصود بالأسرة كل من يعوله صاحب حق الاستعمال ، من زوجة وأولاد وأقارب وخدم . وقد يتحدد حق الاستعمال فى وجوه معينة من الاستعمال دون غيرها ، فيكون حق استعمال مقيداً ( Droit d'usage restraint ) .
أما حق السكنى فهو فرع عن حق الاستعمال ، إذ هو مقصور على نوع معين من الاستعمال هو السكنى . فمحل حق السكنى إذن يكون داراً يسكن فيها صاحب الحق وأسرته ، والمقصود بالأسرة هنا هو نفس المقصود بالأسرة فى حق الاستعمال .
وعلى ذلك يكون حق الانتفاع هو أعم الحقوق الثلاثة . فإذا تخصص للاستعمال دون الاستغلال ، كان حق استعمال . وإذا تخصص الاستعمال للسكنى دون غيرها من ضروب الاستعمال ، كان هذا هو حق السكنى . ويتضح مما تقدم أن كلا من حق الانتفاع وحق الاستعمال يرد على العقار وعلى المنقول ، المنقول ، أما حق السكنى فلا يرد إلا على العقار وبالذات على دار السكنى( [2582] ) .
546 - أحكام خاصة بحق الاستعمال وحق السكنى : وأهم ما يختص به حق الاستعمال وحق السكنى دون حق الانتفاع من أحكام هو ما تقرره المادة 997 مدنى السالف ذكرها من أنه " لا يجوز النزول للغير من حق الاستعمال أو عن حق السكنى ، إلا بناء على شرط صريح أو مبرر قوى " . ويقاس على عدم جواز النزول عدم جواز الإيجار . فالأصل إذن أن كلا من حق الاستعمال وحق السكنى مقصور على صاحب الحق نفسه هو وأسرته ، وبمقدار حاجتهم الشخصية . فلا يجوز لصاحب الحق أن ينزل عنه لغير بمقابل أو بغير مقابل ، ولا يجوز له أن يؤجره . وإذا نزل عنه للغير أو آجره ، كان النزول أو الإيجار باطلا ، لأنه إنما ينزل عن حقه أو يؤجره وهو حق غير قابل للنزول عنه ولا الإيجار ( [2583] ) .
$ 1277 $
وقد قدمنا عند الكلام فى عقد الإيجار ، أنه " لما كان تطبيق هذا المبدأين فيه ضيق وحرج ، فقد يوصى شخص بسكنى منزل لأولاده ، ويستدير الزمن ، فإذا البيت أصبح لا يليق بسكناهم . وقد ينتقلون من بلد إلى بلد آخر فلا يستطيعون سكنى المنزل ، ولا يستطيعون إيجاره لغيرهم والانتفاع بالأجرة فى استئجار مسكن لهم فى البلد الذى يقيمون فيه . من أجل ذلك أجازت المادة 997 مدنى النزول عن حق الاستعمال أو حق السكنى إذا وجد شرط صريح أو مبرر قوى لذلك " ( [2584] ) .
547 - حكم خاص بحق السكنى : وكان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى يتضمن نصا هو المادة 1254 من هذا المشروع ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " 1 - إذا احتاجت الدار الذى تقرر عليها حق السكنى إلى إصلاح ، التزم صاحب هذا الحق بإجرائه ، على أن تكون المبانى التى يقيمها ملكا خاصا له ينتقل إلى ورثته . 2 - فإذا امتنع صاحب الحق عن القيام بهذا الإصلاح ، فللقاضى أن يؤجر الدار لشخص آخر يقوم بالإصلاح خصما من الأجرة ، ويرد الدار فى نهاية الإيجار لصاحب حق السكنى " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، دون بيان لسبب حذفه ( [2585] ) ، فلم يبق إلا تطبيق القواعد العامة . وهذه تقضى بأن المبانى التى يقيمها صاحب حق السكنى فى الدار لإصلاحها ، إذا احتاجت الدار للإصلاح ، يكون لها حكم المبانى التى يقيمها الحائز فى ملك الغير وهو حسن النية ، فتسرى عليها أحكام المادتين 925 و 926 مدنى( [2586] ) .
$ 1278 $
الباب الثانى
حق الارتفاق
( Servitude )
تمهيد
549 - التعريف بحق الارتفاق – نص قانونى : ينص الشطر الأول من المادة 1015 مدنى على ما يأتى :
" الارتفاق حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص آخر " ( [2587] ) .
$ 1279 $
548 - الأحكام المشتركة بين حق الانتفاع وحق الاستعمال وحق السكنى : وفيما عدا ما تقدم من الأحكام ، ينطبق على حق الاستعمال وحق السكنى ما سبق بيانه من الأحكام فى حق الانتفاع ، متى كانت لا تتعارض مع طبيعة هذين الحقين ( م 998 مدنى سالفة الذكر ) . فأسباب كسب حق الاستعمال وحق السكنى هى العقد والوصية والتقادم ، دون الشفعة لأن الشفعة تقتضى بيع المشفوع فيه والحقان لا يجوز بيعهما . والتزامات صاحب حق الاستعمال وصاحب حق السكنى هو التزامات المنتفع : استعمال الشيء فيما أعد له ، والقيام بأعمال الصيانة والتكاليف المعتادة ، وحفظ الشيء ، وجرد المنقول وتقديم كفالة عنه فى حالة حق الاستعمال . ولكن لا ينطبق فى حق السكنى أن ينتزع القاضى الدار من يد صاحب الحق ليسلمها لأمين كما يفعل فى حق الانتفاع وفقا لأحكام المادة 988 / 2 مدنى ( [2588] ) . ولا يجوز للدائنين الحجز على هذين الحقين ، لأنهما غير قابلين للحجز ولا للنزول عنهما ( [2589] ) . وينتهى كل من الحقين ، كما ينتهى حق الانتفاع ، بموت صاحب الحق وبانقضاء الأجل وبهلاك الشيء وبعدم الاستعمال وبتملك الحق بالتقادم وبالنزول عن الحق وباتحاد الذمة .
$ 1279 $
ويخلص من هذا التعريف أن هناك عناصر ثلاثة يتكون منها حق الارتفاق : العقار المرفق ، والعقار المرتفق به ، ومنفعة يقدمها العقار المرتفق به للعقار المرتفق .
( فأولا ) يجب أن يكون هناك عقار مرتفق ( Fonds Dominant ) ، وهو العقار الذى تقرر لفائدته حق الارتفاق . ولا يتقرر هذا الحق إلا لفائدة عقار ، ويقرره مالك هذا العقار( [2590] ) . ويعتبر هذا الحق تابعا ( Accessoire ) للعقار المرتفق وملحقا به ، وينتقل معه إلى أى يد ينتقل إليها هذا العقار . ولذلك يزيد حق الارتفاق من قيمة العقار المرتفق ، أيا كان المالك لهذا العقار . وجميع الأسباب التى تنقل ملكية العقار المرتفق من مالك إلى آخر ، من ميراث ووصية وعقد وشفعة وتقادم ، تنقل إلى المالك الجديد مع ملكية العقار المرتفق حق الارتفاق( [2591] ) .
( وثانيا ) يجب أن يكون هناك عقار مرتفق به ( Fonds Servant ) ، وهو العقار الذى تقرر عليه حق الارتفاق ، فحد من منفعته لفائدة العقار المرتفق . وكما أن حق الارتفاق لا يتقرر إلا لفائدة عقار ، فهو أيضاً لا يترتب إلا على عقار ، ويرتبه مالك هذا العقار . ومن ثم يكون حق الارتفاق دائما حقا عينيا عقاريا ، فهو عقار حتما ( [2592] ) . وينتقل حق الارتفاق سلبيا مع العقار المرتفق به إلى أى يد ينتقل إليها هذا العقار ، كما ينتقل إيجابيا مع العقار المرتفق فيما رأينا . ويجب أن يكون العقار المرتفق به مملوكا لشخص غير الشخص الذى يملك العقار المرتفق ، فلا يقوم حق ارتفاق بين عقارين مملوكين لشخص واحد ( Nemini res servit ) . يصح أن يكون هناك عقاران مملوكان لشخص واحد ، وقد خصص المالك أحد العقارين لتقديم فائدة للعقار $ 1281 $ الآخر . ولكن تقاضى هذه الفائدة لا يكون استعمالا لحق ارتفاق ، وإنما هو استعمال لحق الملكية ، ما دام العقاران مملوكين لشخص واحد . فإذا ما أصبح مالك أحد العقارين غير مالك للعقار الآخر ، فهنا يقوم حق ارتفاق بين العقارين لاختلاف المالك ، ويترتب حق الارتفاق فى هذه الحالة بتخصيص المالك الأصلى كما سنرى ( أنظر المادة 1017 مدنى )( [2593] ) .
( وثالثا ) يجب أن يقدم العقار المرتفق به للعقار المرتفق فائدة تحد من منفعة العقار الأول . فالعقار المرتفق به يخدم العقار المرتفق ، ومن أجل ذلك سمى العقار الأول بالعقار الخادم وسمى العقار الثانى بالعقار المخدوم . وهذه الخدمة أو هذا التكليف يحدده السند الذى أنشأ حق الارتفاق ، وهو يتنوع بحسب حاجة العقار المرتفق وقابلية العقار المرتفق به . وهو فى جميع الأحوال يزيد من فائدة العقار الأول أى من قيمته ، ويحد من منفعة العقار الثانى إذ يجعله مثقلا بتكليف معين . ومن أمثلة هذا التكليف أن يكون العقار المرتفق به ممرا للعقار المرتفق ، أو موردا للمياه التى تسقيه ، أو مجرى للمياه التى تأتيه للرى ، أو مكانا تسيل منه مياه الصرف . فيكون هناك حقوق ارتفاق بالمرور أو بالشراب أو بالمجرى أو بالمسيل ، وهذه غير القيود القانونية المتعلقة بالمرور أو بمياه الرى التى سبق بحثها عند الكلام فى حق الملكية( [2594] ) . والفرق بين هذه وتلك أن القيود القانونية تستوجب استيفاء شروطه معينة ، متى توافرت فإن القانون نفسه هو الذى يرتب تكليفا على عقار لفائدة عقار آخر . أما حقوق الارتفاق التى نحن بصددها فلا تستوجب توافر هذه الشروط ، ولا يرتبها القانون ، وإنما يرتبها الاتفاق أو غيره من أسباب كسب حق الارتفاق التى $ 1282 $ سيأتى بيانها وقد يختلف التكليف فى نوعه عن التكاليف المقررة فى القيود القانونية ، فيوجد مثلا حق ارتفاق بالرؤية ( prospect ) بموجبه يمتنع مالك العقار المرتفق به من أن يبنى فى عقاره حتى يفسح للعقار المرتفق مجال الرؤية البعيدة التى يتمتع بها . وتوجد أيضاً حقوق الارتفاق التى تحد من حق مالك العقار المرتفق به فى البناء عليه كيف شاء ، كأن يمنع من تجاوز حد معين فى الارتفاع بالبناء أو فى مساحة رقعته . ويوجد كذلك حق ارتفاق بالتجميل ( Embellissemevt ) يترتب على العقارات المحاذية لطريق عام يراد تجميله ، وبموجبه يترك ملاك هذه العقارات مسافة معينة تفصل بين العقار والطريق العام ، ويبنى المالك فى هذه المسافة حوضا يغرس فيه زهورا بقصد تجميل المنظر العام للطريق . ونرى من ذلك أن التكليف الذى يثقل العقار المرتفق به ، كما يقصد به فائدة ( utilite ) العقار المرتفق وهو الغالب ، قصد يقصد به تزيين هذا العقار والزيادة فى رونقه ( Agreement ) كما هو الأمر فى حق الارتفاق بالرؤية وحق الارتفاق بالتجميل .
ولا يشترط فى الفائدة أن تكون حالة ، بل يصح أن تكون مستقبلة " ( [2595] ) . ولا تستلزم الفائدة التى يقدمها العقار المرتفق به للعقار المرتفق تلاصق ( contiguite ) هذين العقارين ، بل ولا تجاورهما ( voisinage ) . فيصح أن يكون أحد ما بعيدا عن الآخر ، كما إذا ترتب حق ارتفاق باغتراق $ 1283 $ المياه ( Puisage d'eau ) ، أو باستخراج الأحجار والمواد الأخرى ( Extraetion des materiaux ) لمصلحة عقار على عقار آخر يبعد عنه بمسافة طويلة( [2596] ) .
550 - خصائص حق الارتفاق : وقد تبين مما قدمناه أن حق الارتفاق هو حق عينى يترتب على عقار لفائدة عقار آخر ، فهو إذن حق عينى عقارى كما سبق القول . ولحق الارتفاق ، إلى جانب هذه الخاصية ، خصائص أخرى أهمها ثلاث :
( 1 ) فهو حق تابع ( accessoire ) .
( 2 ) وهو حق دائم ( perpetual ) .
( 3 ) وهو حق غير قابل للتجزئة ( indivisible ) .
1 - فحق الارتفاق حق تاعب : تابع للعقار المرتفق فهو من ملحقاته الإيجابية ، ولا ينفصل عن هذا العقار فيما يجرى على العقار من تصرفات فإذا بيع العقار المرتفق أو وهب أو رهن أو جرى عليه أى تصرف آخر ، فإن التصرف يشمل العقار وحق الارتفاق معاً . كذلك إذا ترتب على العقار حق استعمال أو حق سكنى . فإذا هذا الحق يمتد أيضاً إلى حق الارتفاق . وإذا حجز على العقار ، فإن الحجز يشمل العقار وحق الارتفاق . فحق الارتفاق يتبع إذن العقار المرتفق أينما انتقل ، ويجرى عليه ما يجرى على العقار ( ambulant cum domino )( [2597] ) .
وكذلك يتبع حق الارتفاق العقار المرتفق به ، على النحو الذى يتبع به العقار المرتفق . فإذا بيع العقار المرتفق به أو وهب أو رتب عليه حق انتفاع أو حق رهن أو جرى عليه أى تصرف آخر ، فإنه يجرى عليه هذا التصرف وهو محمل بحق الارتفاق ، فينتقل إلى المشترى أو الموهوب له أو المنتفع مثلا مثقلا بحق الارتفاق .
$ 1284 $
2 - وحق الارتفاق حق دائم : والمقصود بدوام حق الارتفاق شيء غير المقصود بدوام حق الملكية . فقد قدمنا أن الملكية حق دائم بمعان ثلاثة : بمعنى إنه يبقى ما دام الشيء المملوك باقيا فلم يحدد له القانون وقتا معينا لإنقضائه كما حدد لحق الانتفاع مثلا ، وبمعنى أنه حق لا يزول بعدم الاستعمال ، وبمعنى أنه حق لا يجوز أن يقترن بأجل ( [2598] ) . أما حق الارتفاق ، فإنه لا يتفق فى صفة الدوام مع حق الملكية إلا فى جزء من المعنى الأول .
فحق الارتفاق يختلف مع حق الملكية فى المعنى الثالث ، إذ يجوز أن يقترن حق الارتفاق بأجل واقف أو بأجل فاسخ . ( [2599] ) ويختلف مع حق الملكية فى المعنى الثانى ، إذ ينتهى حق الارتفاق بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة ( م 1027 / 1 مدنى )( [2600] ) . أما فى المعنى الأول ، فإن حق الارتفاق يشترك مع حق الملكية فى جزء من هذا المعنى ، وهذا الجزء المشترك هو الذى دعا إليه القول بأن حق الارتفاق حق دائم . فحق الارتفاق حق دائم بمعنى أن هذا الدوام من طبيعته ( de sa nature ) ، فما لم يوقت بأجل فهو دائم كحق الملكية ، إذ هو يتبع حق الملكية فى العقار المرتفق فيدوم بدوامه ( [2601] ) . ولكن $ 1285 $ الدوام فى حق الارتفاق ليس من جوهره ( de son essence ) كما هو من جوهر حق الملكية ، فقد رأينا أن يجوز توقيت حق الارتفاق ولا يجوز توقيت حق الملكية . فإذا قلنا إن حق الارتفاق حق دائم ، فإنما نعنى بذلك أن هذا هو الأصل فيه ( [2602] ) . ولكن هذا لا يمنع من أن حق الارتفاق ينتهى مستقلا عن حق الملكية بأسباب متعددة ، منها انقضاء الأجل المحدد له وعدم الاستعمال وتغير وضع الأشياء وفقد الارتفاق منفعته للعقار المرتفق .
3 - وحق الارتفاق حق غير قابل للتجزئة : فإذا جزئ العقار المرتفق ، بقى الارتفاق مستحقا لكل جزء منه ( م 1024 / 1 مدنى ) . وإذا جزئ العقار المرتفق به ، بقى الارتفاق واقعا على كل جزء منه ( م 1025 / 1 مدنى ) . وإذا كان هناك عقار مملوك على الشيوع لعدة أشخاص ، لم يجز ترتيب حق ارتفاق على جزء شائع من هذا العقار ، أو لمصلحة جزء شائع منه . بل يكون حق الارتفاق مترتبا على العقار الشائع فى مجموعه ، أو لصالح كل العقار الشائع ، ويجب لذلك إنفاق جميع الملاك على الشيوع ( [2603] ) .
551 - الأشياء التى تصلح أن تكون محلا للارتفاق : رأينا ( [2604] ) أن المادة 1015 / 1 . مدنى تقول إن " الارتفاق حق يحد من منفعة عقار . . . " ، فالشيء الذى يحد حق الارتفاق من منفعته هو الشيء الذى يكون محلا لحق الارتفاق ، ولابد أن يكون عقارا كما هو صريح النص وكما تقدم القول . فلا يصلح المنقول أن يكون محلا لحق الارتفاق ، كما يصلح أن يكون محلا لحق الانتفاع فيما قدمناه . ولما كان استعمال حق الارتفاق هو عن طريق القيام بأعمال مادية ، فالعقار الذى يصلح أن يكون محلا لحق الارتفاق الحقوق العينية العقارية ، كحق الانتفاع إذا كان واقعا على عقار ، وكحق الارتفاق ذاته فلا يصلح هذا الحق أن يكون محلا لحق ارتفاق آخر مترتب عليه ( servitus servitutis cssc non potcst ) كما يصلح حق الانتفاع أن يكون $ 1286 $ محلا لحق انتفاع ( [2605] ) . ولا يصلح أن يكون محلا لحق الارتفاق العقارات بالتخصيص مستقلة عن العقار بطبيعته ، إذ هى فى حقيقتها منقول بطبيعته .
يبقى إذن العقار بطبيعته ، وهو أنواع ثلاثة : الأرض والنبات والمنشآت . ويستبعد القضاء الفرنسى النبات كالزرع والغراس والأشجار ، فلا يصلح أن يكون محلا لحق الارتفاق ، لأن بقاءه فى الأرض لا يكون إلا لمدة معينه( [2606] ) .
فالذى يصلح إذن أن يكون محلا لحق الارتفاق هو الأرض والمنشآت ، وقد عبر عنها التقنين المدنى الفرنسى عند تعريفه لحق الارتفاق فى المادة 637 منه بلفظ Heritage )( [2607] ) .
فالأرض ، سواء كانت أرضا زراعية أو أرضا فضاء ، وسواء كانت فى المدن أو فى القرى ، تصلح أن تكون محلا للارتفاق ( [2608] ) .
والمبانى والمنشآت تصلح هى أيضاً أن تكون محلا لحق الارتفاق ، إذ هى عقار بطبيعته لاندماجها فى الأرض ( [2609] ) ، ولا تصبح عقارا إلا إذا شيدت فاندمجت فى الأرض وأصبحت ثابتة مستقرة ، فلا يمكن تحويلها أو نقلها إلا إذا هدمت . ويشمل ذلك المساكن والمكاتب والحوانيت والمخازن والمصانع والجسور والكبارى والسدود والخزانات والقناطر ( [2610] ) .
$ 1287 $
وحتى تكون الأرض والمنشآت محلا لحق الارتفاق ، يجب أن تكون قابلة للتعامل فيها ، فما لا يجاوز التعامل فيه لا يصلح أن يكون محلا لحق الارتفاق . ومع ذلك يصلح المال العام ( Domaine public ) أن يكون محلا لحق الارتفاق ، إن كان ذلك لا يتعارض مع ما خصص له من وجوه الاستعمال للمنفعة العامة . وننتقل الآن إلى بحث هذه المسألة .
552 - جواز ترتيب حق الارتفاق على المال العام – نص قانونى : ينص الشطر الأخير من المادة 1015 مدنى على ما يأتى :
" يجوز أن يترتب الارتفاق على مال عام ، إن كان لا يتعارض مع الاستعمال الذى خصص له هذا المال " ( [2611] ) .
وقدمنا عند الكلام فى الدومين العام أن هذا المال لا يجوز التصرف فيه بما يتعارض مع المنفعة العامة التى تخصص لها . فلا يجوز للشخص الإدارى أن يبيع المال العام أو أن يرهنه أو أن يجرى فيه أى تصرف يتعارض مع تخصيصه ، فإن مثل هذا التصرف من شأنه أن يزيل ملكية الشخص الإدارى للمال العام ، فلا يستطيع بعد ذلك متابعة تخصيصه للمنفعة العامة . على أن هناك أنواعا من التصرف تلائم الأموال العامة ، وهذه غير ممنوعة لأنها لا تتعارض مع تخصيص المال للمنفعة العامة ، وهذه غير ممنوعة لأنها لا تتعارض مع تخصيص المال للمنفعة العامة . من ذلك منح التزام بمرفق عام ، فهذا تصرف يرد على مال عام ، وهو جائز لملاءمته لطبيعة المرفق العام . كذلك هناك أموال مخصصة للمنفعة العامة ، وهذا التخصيص فى ذاته يقتضى استغلال $ 1288 $ الدولة لها ، وذلك كالسكك الحديدية وخطوط التلغراف والتليفون ، فإن تخصيص هذه الأشياء للمنفعة العامة يكون فى صورة استغلال يعود عادة بربح على الدولة ( [2612] ) .
ونضيف هنا أنه يجوز ترتيب حق ارتفاق على المال العام ، إن كان ترتيب هذا الحق لا يتعارض مع الاستعمال الذى خصص له هذا المال ، وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 1015 مدنى سالفة الذكر ( [2613] ) . ويجب التمييز هنا بين فروض ثلاثة : ( [2614] ) أن يكون التكليف المراد تقريره على المال العام متعارضا ( incompatible ) مع المنفعة العامة التى خصص لها هذا المال ، كأن يترتب لدار مجاورة لحديقة عامة حق ارتفاق فى إقامة أكشاك أو وضع مقاعد خشبية تختص بها الدار . مثل هذا الارتفاق لا يجوز ترتيبه على المال العام ، لأنه يتعارض مع المنفعة العامة التى خصصت لها الحديقة ، فهى حديقة أعدت للجمهور دون تمييز بين طائفة وأخرى . ( [2615] ) أن يكون التكليف المراد تقريره على المال العام مطابقا ( Conforme ) للمنفعة العامة التى خصص لها هذا المال ، ومثل هذا الارتفاق لاشك فى جواز ترتيبه على المال العام . من ذلك ما يسمى فى الفقه الإدارى بمنافذ التطرق ( aisance de voierie ) ، وهى منافع تعود على الأملاك المجاورة للطرق العامة بسبب هذا الجوار ، وتشمل المطل والمسيل والنفاذ( [2616] ) . ومن ذلك أيضاً ارتفاقات الرى المترتبة $ 1289 $ على الترع العامة والمصارف العامة ، فهى ارتفاقات مطابقة للمنفعة العامة التى خصصت لها هذه الترع والمصارف( [2617] ) . أن يكون التكليف المراد تقريره على المال العام ليس متعارضا ( Pas incompatible ) مع المنفعة العامة التى خصص لها هذا المال ، وفى هذا الفرض كما فى الفرض السابق يجوز ترتيب حق الارتفاق على المال العام ( [2618] ) . من ذلك أن يحصل مالك الدار على ممر تحت الطريق العام ( Passage souterrain ) للوصول إلى داره ، وأن يحصل مالك الأرض التى يفصل بين أجزائها ترعة أو سكة حديدية على حق المرور على " الكوبرى " المقام على الترعة أو على " المزلقان " الذى يخترق السكة الحديدية ، وأن يحصل مالك المقهى المجاورة للطريق العام على حق وضع كراسى ملاصقة لمقهاه فوق الرصيف ، وأن يحصل مالك المبنى المجاور لساحل البحر على حق وضع كشك للاستحمام على هذا الساحل؟؟؟؟ ( [2619] ) .
وليس هناك اتفاق فى فرنسا على تكييف التكاليف المتقدمة الذكر بأنها حقوق ارتفاق . وكان القضاء الفرنسى يعتبر مدة طويلة منافذ التطرف حقوق ارتفاق ( [2620] ) . ولكنه تحت تأثير حقوق ذات طبيعة خاصة ( sui generis )( [2621] ) . أما الفقه الفرنسى ، فقد أخذ يجنح إلى القول بأن هذه التكاليف هى حقوق ارتفاق إدارية ( servitudes administratives )( [2622] ) .
$ 1290 $
وفى مصر الأمر يختلف ، فقد حسم نص المادة 1015 مدنى سالف الذكر كل خلاف فى هذه المسألة ، إذ قضى صراحة كما رأينا بأنه " يجوز الارتفاق على مال عام . . . " . فلاشك إذن فى أن هذه التكاليف التى تترتب على المال العام والتى تقدم ذكرها هى حقوق ارتفاق إدارية ، بموجب هذا النص الصريح . وحتى فى عهد التقنين المدنى السابق حيث لم يوجد نص مماثل للمادة 1015 مدنى ، كان جانب من الفقه المصرى يقول بذلك ( [2623] ) ، كما كان يقول به أيضاً جانب من القضاء المصرى ( [2624] ) .
ويترتب على أن هذه التكاليف هى حقوق ارتفاق إدارية نتيجتان هامتان ، أخذ بهما القضاء الفرنسى إذ هو يسلم بأن هذه التكاليف هى حقوق إدارية على كل حال وإن كان يصفها بأنها حقوق ذات طبيعة خاص : ( النتيجة الأولى ) لأصحاب حقوق الارتفاق الإدارية هذه أن يحتجوا بها على الغير فيجوز لصاحب الحق أن يطالب الغير بحقه عن طريق دعوى عينية تقابل دعوى الاستحقاق فى حالة حق الملكية ، هى دعوى الإقرار بحق الارتفاق ( [2625] ) . كما يجوز له أن يرفع دعاوى الحيازة ، لحماية حيازته لحق الارتفاق( [2626] ) . هذا فضلا عن جواز مطالبته بالتعويض بموجب دعوى المسئولية التقصيرية ( [2627] ) أو بموجب إدعائه مدينا فى دعوى مخالفات الطريق العام أو برفعه دعوى المخالفة المباشرة ( [2628] ) . ( النتيجة الثانية ) يجوز لجهة الإدارة ، لدواع من المصلحة العامة ، إلغاء حقوق الارتفاق الإدارية هذه أو تعديلها ، عن طريق $ 1291 $ تحويل الطريق العام أو إنهاء تخصيصه للمنفعة العامة أو القيام فيه بأشغال عامة( [2629] ) . ولكن يجب فى هذه الحالة تعويض صاحب الحق عن الضرر الذى أصابه من جراء ذلك ، ويجوز لجهة الإدارة إذا أنهت تخصيص الطريق العام للمنفعة العامة وباعته أن تلزم المشترى باحترام حقوق الارتفاق التى ترتبت على الطريق أو بتعويض أصحاب هذه الحقوق( [2630] ) . بل يجوز إلغاء القرار الإدارى الذى يلغى هذه الحقوق أو ينقص منها ، إذا كان هذا القرار مخالفا للقانون أو انطوى على تعسف فى استعمال السلطة( [2631] ) .
553 - تقسيمات حق الارتفاق : أهم تقسيمات حق الارتفاق ثلاثة :
( 1 ) الارتفاق المستمر ( continue ) والارتفاق غير المستمر ( discontinue ) .
( 2 ) الارتفاق الظاهر ( apparente ) والارتفاق غير الظاهر ( non apparente ) .
( 3 ) الارتفاق الإيجابى ( Positive ) والارتفاق السلبى ( negative )( [2632] ) .
554 - الارتفاق المستمر والارتفاق غير المستمر : والارتفاق المستمر هو الارتفاق الذى يستعمل دون تدخل حالى من فعل الإنسان ( م 688 مدنى $ 1292 $ فرنسى ) . مثل ذلك الارتفاق بعدم البناء ( non aedificandi ) ، أو بعدم تعلية البناء إلى أزيد من حد معين ( non altius tollendi ) ، أو بالرؤية ( paospect ) أو بالمطل ( vue ) ، أو بالشرب ( acqueduc ) أو بالمجرى ( passage d'eau ) أو بالمسيل ( egout ) . فهذه كلها ارتفاقات مستمرة ، ومعنى أنها مستمرة أنها لا تحتاج فى استعمالها إلى فعل الإنسان أصلا ، وذلك كالارتفاق بعدم البناء أو بعدم تعلية البناء إلى أزيد من حد معين أو بالرؤية ، وسنرى فيما يلى ( [2633] ) أن هذه الارتفاقات هى أيضاً ارتفاقات سلبية . ومنها ما يحتاج فى استعماله الارتفاق فى غير حاجة إلى فعل حالى من الإنسان وقت مباشرة الاستعمال . فالارتفاق بالمطل يحتاج فى بداية الأمر إلى فعل الإنسان ، كإحداث فتحة فى الحائط ، ولكن متى أحدثت هذه الفتحة لم يعد المطل فى حاجة إلى فعل الإنسان ، والمجرى والمسيل ، كل منها فى بداية الأمر فى حاجة إلى حفر مجرى للمياه ، ولكن متى حفر هذا المجرى فالماء يجرى فيه أو يسيل منه دون حاجة إلى فعل الإنسان( [2634] ) .
والارتفاق غير المستمر هو ، كما رأينا ، ما يحتاج فى استعماله إلى التدخل $ 1293 $ الحالى لفعل الإنسان . مثل ذلك الارتفاق بالمرور ( Passage ) ، والارتفاق باغتراف المياه ( Puisage ) ، والارتفاق باستخراج الأحجار وغيرها من المواد ( extraction de materiaux ) ، والارتفاق برعى المواشى ( Pacage ) ، فهذه كلها ارتفاقات غير مستمرة( [2635] ) . فالارتفاق غير المستمر يقتضى إذن لاستعماله قيام مالك العقار المرتفق بعمل إيجابى فى العقار المرتفق به : يمر فى الطريق أو يغترق المياه أو يستخرج الأحجار أو يرعى الغنم . فإذا لم يقم بهذا العمل الإيجابى ، فالارتفاق لا يكون مستعملا ولا تظهر فائدته( [2636] ) .
وتقسيم الارتفاق إلى مستمر وغير مستمر لم يخل من انتقاد الفقه الفرنسى ، ويتشكك بعض الفقهاء فى صلابة التقسيم ( [2637] ) وفى فائدته . ومهما يكن من أمر ، فإن أهم فائدة هذا التقسيم ، وهى أن الارتفاق المستمر وحده هو الذى يمكن كسبه بالتقادم ، قد نبذها التقنين المدنى المصرى الجديد ، ففى هذا التقنين يمكن كسب الارتفاق غير المستمر كالارتفاق بالمرور بالتقادم ما دام ظاهرا كما سنرى ( م 1016 / 2 مدنى ) .
$ 1294 $
555 - الارتفاق الظاهر والارتفاق غير الظاهر : والارتفاق الظاهر ، كما عرفته المادة 689 من التقنين المدنى الفرنسى ، هو ارتفاق ينبئ عن وجوده أعمال خارجية ، كباب أو نافذة أو مجرى( [2638] ) . والارتفاق غير الظاهر هو ارتفاق ليست له علامة خارجية تنم عن وجوده ، وذلك مثلا كالارتفاق بعدم البناء أو الارتفاق بعدم تعلية البناء إلى أزيد من حد معين .
ويتبين من ذلك أنه فى حين أن تقسيم الارتفاق إلى مستمر وغير مستمر تقسيم يرجع إلى طبيعة الارتفاق فى ذاته ، فإن تقسيمه إلى ظاهر وغير ظاهر لا يرجع إلى طبيعة الارتفاق ، بل إلى أمر خارجى عارضى هو أن تكون له علامة ظاهرة أو ليست له هذه العلامة . وعلى ذلك قد يكون الارتفاق الواحد ظاهرا إذا دلت على وجوده علامة خارجية ، وقد يكون غير ظاهر إذا لم توجد علامة خارجية تدل على وجوده . فالارتفاق بالمرور يكون ظاهرا إذا كان له طريق معين مرصوف أو باب يقام فى بدايته ، ويكون غير ظاهر إذا كان الطريق غير محدد بعلامة خارجية ولا يتميز من سائر الأرض التى يسار فيها . والارتفاق بالشرب يكون ظاهرا إذا كان له مجرى محفور يشق الأرض وتجرى فيه المياه ، ويكون غير ظاهر إذا كان الماء يجرى فى أنابيب مدفونة فى باطن الأرض لا تراها الناس ( [2639] ) . على أن طبيعة الارتفاق قد تساعد على أن يكون ظاهرا فى العادة ، وذلك كالارتفاق بالمطل فإنه يصعب تصور وجود هذا الارتفاق دون علامة ظاهرة تتم عن وجوده كنافذة أو شرفة أو " بلكون " أو أية خارجة أخرى . وقد تقضى طبيعة الارتفاق بأن يكون غير ظاهر دائما ، وذلك كالارتفاق بعدم البناء ( [2640] ) .
$ 1295 $
ولم يكن تقسيم الارتفاق إلى ظاهر وغير ظاهر معروفا أصلا فى القانون الرومانى . وقد ب>ا يعرف فى القانون الفرنسى القديم ، وتدرج شيئا فشيئا ، حتى أصبح شائعا فى القرن الثامن عشر . وكان فقهاء هذا العصر يقابلون ما بين الارتفاقات المستترة الخفية ( latentes ou eachccs ) والارتفاقات المرئية أو الظاهرة ( patetes, visibles ou apparentes ) ، ولكن التقسيم بقى مع ذلك مختلطا بتقسيم الارتفاق إلى مستمر وغير مستمر . والتقنين المدنى الفرنسى هو الذى ميز فى وضوح ما بين التقسيمين ، وبين أن كلا منهما مستقل عن التقسيم الآخر ، ولا يختلط به . فقد يكون الاتفاق المستمر ظاهرا كالارتفاق بالمطل ، وقد يكون غير ظاهر كالارتفاق بعدم البناء . وقد يكون الارتفاق غير المستمر ظاهرا كالارتفاق بالمرور إذا كانت له علامة ظاهرة ، وقد يكون غير ظاهر كالارتفاق بالمرور إذا لم تكن له علامة ظاهرة وكالارتفاق باغتراف المياه والارتفاق برعى المواشى ( [2641] ) .
556 - الارتفاق الإيجابى والارتفاق السلبى : وهنا يرجع التقسيم إلى مضمون حق الارتفاق . فإن كان هذا المضمون يجعل لمالك العقار المرتفق الحق فى القيام بأعملا إيجابية فى العقار المرتفق به ، كالارتفاق بالمرور والارتفاق برعى المواشى والارتفاق باغتراف المياه والارتفاق بالشرب أو المجرى أو المسيل ، فالارتفاق يكون ارتفاقا إيجابيا . أما إذا كان مضمون حق الارتفاق يقتصر على منع مالك العقار المرتفق به من القيام بأعمال فى عقاره كان له الحق فى القيام بها لو لا وجود حق الارتفاق ، كالارتفاق بعدم البناء والارتفاق بعدم تعلية البناء إلى أزيد من حد معين والارتفاق بالرؤية ( prospect ) ، فالارتفاق يكون ارتفاقا سلبيا .
والارتفاق الإيجابى إما أن يكون مستمرا كالارتفاق بالشرب أو المجرى أو المسيل ، أو غير مستمر كالارتفاق بالمرور والارتفاق برعى المواشى والارتفاق باغتراف المياه . وقد يكون ظاهرا كالارتفاق بالمرور أو بالشرب إذا كان للارتفاق علامة خارجية ظاهرة ، وقد يكون غير ظاهر كالارتفاق $ 1296 $ برعى المواشى والارتفاق باغتراق المياه ، وكالارتفاق بالمرور أو بالشرب إذا لم يكن للارتفاق علامة خارجية ظاهرة .
أما الارتفاق السلبى ، فهو دائما ارتفاق مستمر غير ظاهر ( [2642] ) .
557 - استبعاد القيود القانونية الورادة على حق الملكية من نطاق حق الارتفاق : ونحن فى بحث حق الارتفاق نستبعد من نطاق هذا الحق القيود القانونية الواردة على حق الملكية ، وهى التى تسمى فى كثير من الأحيان بحقوق الارتفاق القانونية . ذلك أن حق الارتفاق هو كما رأينا حق يترتب على عقار لفائدة عقار آخر ، فيخرج بكل من العقار المرتفق به والعقار المرتفق عن النظام المألوف لحق الملكية . فما تقرر من قيود غير القيود التى تعتبر هى التنظيم العام لحق الملكية ، فخرج بالملكية عن حدود هذا التنظيم العام ، فهو حق ارتفاق . أما تلك القيود التى فرضها القانون ، كقيود الجوار والرى والصرف بين الجيران من شرب ومجرى ومسيل ووضع الحدود وحق المرور وحق فتح المطلات والمناور ، هذه القيود التى فرضها القانون والتى تمثل التنظيم العام المألوف لحق الملكية ليست بحقوق ارتفاق . فحق الارتفاق فى معناه الصحيح هو خروج عن التنظيم العام المألوف لحق الملكية ، فى حين أن هذه القيود القانونية ليست خروجا عن التنظيم العام المألوف ، بل هى ذاتها التنظيم العام المألوف لحق الملكية( [2643] ) . وقد سبق ، عند بحثنا لهذه القيود القانونية ، أن رتبنا نتائج هامة على أن هذه القيود ليست بحقوق ارتفاق بالمعنى الصحيح ، وذكرنا النتيجتين الآتيتين :
( النتيجة الأولى ) إذا باع شخص عقارا مملوكا له ، وضمن للمشترى خلوه من حقوق ارتفاق ، ثم تبين أن هناك قيودا قانونية ترد على العقار المبيع من نحو حق شرب أو مجرى أو مسيل أو من نحو حق مطل أو حق مرور ، فإن هذه القيود لا يضمنها البائع لأنها ليست بحقوق ارتفاق كما قدمنا ، بل هى التنظيم الطبيعى المألوف لحق الملكية . ولم يقصد البائع من ضمانه خلو العقار من حقوق ارتفاق أن يضمن خلو العقار من هذه القيود ، $ 1297 $ فهى قيود فرضها القانون وعلى المشترى أن يعرف ذلك . وإنما قصد البائع أن يضمن خلو العقار من حق ارتفاق فرضه الاتفاق أو مصدر آخر غير القانون ، وخرج به عن حدود التنظيم العام لحق الملكية . فلو ضمن البائع لو المبيع من حق ارتفاق بالمطل مثلا ، فهو لا يضمن بذلك خلو المبيع من المطل القانونى إذ أن هذا ليس بحق ارتفاق بل هو قيد قانونى على الملكية . وإنما يضمن للمشترى خلو المبيع من حق ارتفاق بالمطل فرضه الاتفاق أو كسب بالتقادم ، وهو أن يفتح الجار مطلا على مسافة أقل من المسافة القانونية .
( النتيجة الثانية ) لا تزول هذه القيود القانونية بعدم الاستعمال ، لأنها قيود دائمة ترد على حق الملكية وتدوم بدوام هذا لاحق . ولو كانت هذه القيود حقوق ارتفاق حقيقية ، لزالت بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة فلو أن لمالك عقار حق الشرب من مسقاة فى العقار المجاور وتوافرت الشروط القانونية لوجود هذا الحق ، ولكنه أعرض عن المطالبة به واستعماله مكتفيا بحفر بئر ارتوازية فى أرضه ، وبقى كذلك مدة خمس شعرة سنة أو أكثر ثم أراد استعمال حقه فى الشرب من مسقاة الجار ، لجاز له ذلك ، ولما صح الاعتراض عليه بأنه لم يستعمل هذا الحق مدة خمس عشرة سنة فسقط الحق بعدم الاستعمال . كذلك لا تكسب هذه القيود بالتقادم المكسب ، لأن الإفادة منها تعتبر رخصة من المباحات ، فلا تصلح حيازة مكسبة لارتفاق بالتقادم . فلو أن أرضا محبوسة عن الطريق العام استعمل صاحبها حقه فى المرور من أرض الجار ، وبقى مستعملا لهذا الحق مدة خمس عشرة سنة أو أكثر ، ثم زال انحباس الأرض ، لزال بزواله حق صاحب الأرض فى المرور ، ولم يكن لصاحب الأرض أن يدعى أنه كسب حق المرور القانونى بالتقادم ( [2644] ) . ولو كان حق المرور اتفاقيا ، لملكه بالتقادم المكسب ( [2645] ) .
والفقه ، فى فرنسا وفى مصر ، منقسم فى هذه المسألة . ففى فرنسا ، $ 1298 $ يذهب بعض الفقهاء إلى أن هذه القيود هى حقوق ارتفاق قانونية ( [2646] ) . ويذهب بعض آخر إلى التمييز بين القيود المقررة للمصلحة العامة والمقررة للمصلحة الخاصة وتكون متعلقة بالمياه ووضع الحدود والتحويط والحائط المشترك وهذه كلها قيود قانونية ترد على حق الملكية وليست بحقوق ارتفاق ، وبين القيود الأخرى وبخاصة حق المرور فهذه ذات طبيعة مختلطة تجمع بين معنى القيد ومعنى حق الارتفاق ( [2647] ) ، ولكن الغالبية من الفقهاء يذهبون إلى أن كل هذه القيود إنما هى قيود قانونية ترد على حق الملكية ، وليست بحقوق ارتفاق ( [2648] ) ، وفى مصر كذلك ، تذهب القلة من الفقهاء إلى أن هذه القيود القانونية هى حقوق ارتفاق حقيقية ( [2649] ) ، أو إلى أن بعض هذه القيود ( ارتفاقات المياه والمرور ) تعتبر حقوق ارتفاق حقيقية وبعضها ليست إلا مجرد قيود قانونية ترد على حق الملكية ( [2650] ) . أما الكثرة من الفقهاء فى مصر فتأخذ بالرأى الصحيح ، وتعتبر أن هذه القيود جميعا إنما هى قيود قانونية ترد على حق الملكية ، وليست بحقوق ارتفاق ، وهذا هو الرأى الذى سار عليه التقنين المدنى الجديد وخالف فيه التقنين المدنى السابق( [2651] ) .
$ 1299 $
558 - ما أدخل التقنين المدنى الجديد من تعديلات على التقنين المدنى السابق فى خصوص حق الارتفاق : أهم ما استحدثه التقنين المدنى الجديد من التعديلات فى هذا الخصوص هو أنه ميز تمييزا واضحا ما بين حق الارتفاق بمعناه الصحيح وهو قيد يخرج بالعقار عن التنظيم العام المألوف فى حق الملكية ، وبين قيود الملكية التى يقرضها القانون وهى قيود تمثل هذا التنظيم العام المألوف ، وذلك على النحو الذى بسطناه فيما تقدم( [2652] ) .
وأكمل التقنين المدنى الجديد أسباب كسب حق الارتفاق ، فأضاف إلى هذه الأسباب تخصيص المالك الأصلى ( م 1017 مدنى ) ، وكان هذا السبب على أهميته مسكوتا عنه فى التقنين المدنى السابق . واستحدث تعديلا هاما فى كسبق حق الارتفاق بالتقدم ، فلم يشترط إلا أن يكون حق الارتفاق ظاهرا حتى يجوز كسبه بالتقادم ، وبذلك استبعد شرط الاستمرار ، ونص صراحة على أن حق المرور ، وهو حق ارتفاق غير مستمر ، يجوز كسبه بالتقادم متى كان ظاهرا ( م 1016 / 2 مدنى ) . وحسم خلافا كان قائما فى عهد التقنين المدنى السابق فى طبيعة القيود التى تفرضها عادة شركات الأراضى على المالك عند إقامة بناء فى الأرض التى اشتراها من الشركة ، فقرر أن هذه القيود تعتبر فى الأصل حقوق ارتفاق لفائدة العقارات المجاورة ، وأن الضرر الذى ينشأ عن مخالفة هذه القيود تمكن المطالبة بإصلاحه عينا ، إلا إذا تبين أن الحكم بالتعويض جزاء عادل فيه الكفاية ( م 1018 مدنى ) .
وأدخل مرونة كبيرة فى استعمال حق الارتفاق ، فأجاز تعديل هذا الحق أو نقله إلى عقار آخر أو زواله ، إذا كان ذلك يدفع الضرر عن العقار المرتفق به دون أن يصيب العقار المرتفق بخسارة جسمية ، وأجاز أيضاً إنهاء حق $ 1300 $ الارتفاق إذا تغير وضع الأشياء بحيث تصبح فى حالة لا يمكن معها استعمال هذا الحق ، أو إذا لم يعد للارتفاق المنفعة التى كانت له( [2653] ) .
559 - خط المبحث : ونبحث حق الارتفاق فى فصول ثلاثة :
( 1 ) أساب كسب حق الارتفاق .
( 2 ) الآثار التى تترتب على قيام حق الارتفاق .
( 3 ) أسباب انتهاء حق الارتفاق .
الفصل الأول
أسباب كسب حق الارتفاق
560 - نص قانونى : تنص المادة 1016 مدنى على ما يأتى :
1 - " حق الارتفاق يكسب بعمل قانونى أو بالميراث " .
2 - " ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة ، بما فيها حق المرور " ( [2654] ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية : فى التقنين المدنى السورى م 961 – 962 . وفى التقنين المدنى الليبى م 1019 . وفى التقنين المدنى العراقى م 1272 . وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 57 – 58( [2655] ) .
$ 1301 $
ويجب أن نميز تمييزاً دقيقاً بين كسب حق الارتفاق انتقالا وبين كسبه ابتداء .
561 - كسب حق الارتفاق انتقالا : وهنا يختلف حق الارتفاق عن حق الانتفاع . فعندما بحثنا حق الانتفاع انتقالا ( [2656] ) ، كان مفروضا أن حق الانتفاع قد تم إنشاؤه وأنه ينتقل استقلالا من شخص إلى شخص آخر . أما حق الارتفاق فلا يتصور بعد أن يتم إنشاؤه ، أن ينتقل استقلالا من شخص إلى شخص آخر . وإنما هو ينتقل بالضرورة مع العقار المرتفق وتبعاً له ، لأنه حق تابع كما سبق القول ( [2657] ) فكسب حق الارتفاق انتقالا إذن إنما يتم بنفس الأسباب التي يتم بها كسب ملكية العقار المرتفق ، فأينما تنتقل ملكية هذا العقار ينتقل معها حق الارتفاق .
وعلى ذلك لا توجد أسباب خاصة لكسب حق الارتفاق انتقالا ، بل هي نفس الأسباب التي تنتقل بها ملكية العقار المرتفق . فالعقار الذي تقرر لفائدته حق ارتفاق تنتقل ملكيته بالميراث والوصية والعقد والشفعة والتقادم ، وقد استبعدنا الاستيلاء لأن الملكية تكسب به ابتداء ، واستبعدنا الالتصاق لأنه لا يتصور فيما نحن بصدده . وكذلك ينتقل حق الارتفاق المقرر لفائدته هذا العقار بالأسباب نفسها ، فإذا انتقل العقار بالميراث انتقل معه حق الارتفاق بالميراث أيضاً ، أو انتقل بالوصية أو العقد أو الشفعة أو التقادم انتقل معه حق الارتفاق بأي سبب من هذه الأسباب .
$ 1302 $
ولا يعنينا هنا أن نبحث هذه الأسباب ، فقد سبق بحثها عند الكلام في أسباب كسب الملكية . والذي يعنينا هو بحث أسباب كسب حق الارتفاق ابتداء ، لا أسباب كسبه انتقالا .
562 - كسب حق الارتفاق ابتداء : والمفروض في كسب حق الارتفاق ابتداء أن هذا الحق لم ينشأ بعد ، والمقصود هو بحث الأسباب التي تنشئه . فالأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ابتداء هي إذن نفس الأسباب التي تنشئ هذا الحق .
وإذا استعرضنا أسباب كسب الملكية لنرى ما ينطبق منها على حق الارتفاق ، وجب استبعاد الاستيلاء والالتصاق لاستحالتهما ، ووجب أيضاً استبعاد الميراث والشفعة لأنهما سببان لكسب حق الارتفاق انتقالا ، لا لكسبه ابتداء . ويبقى بعد ذلك الوصية والعقد – أي التصرف القانوني – والتقادم ، فهذه هي الأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ابتداء ، أي الأسباب التي تنشئه . ويدخل في هذه الأسباب تخصيص المالك الأصلي ، فسنرى أنه يقوم على اتفاق ضمني ، أي على تصرف قانوني .
وقد حددت المادة 1016 مدني ، فيما رأينا ( [2658] ) ، هذه الأسباب ، فذكرت العمل القانوني ( أي تصرف القانوني ) والتقادم ، ويجب استكمالها بتخصيص المالك الأصلي وقد ورد في المادة 1018 فيما سنرى – غير أن المادة 1016 ذكرت أيضاً ، إلى جانب هذه الأسباب ، الميراث ، وذكر الميراث هنا غير دقيق لأنه سبب لكسب حق الارتفاق انتقالا لا ابتداء ( [2659] ) . فالواجب إذن قصر المادة 1016 على أسباب كسب حق الارتفاق ابتداء ، لأن كسبه انتقالا لا يعنينا كما سبق القول ، وحذف الميراث من بين الأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ابتداء ( [2660] ) .
$ 1303 $
وتكون الأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ابتداء إذن ، أو الأسباب التي تنشئ حق الارتفاق ، هي : ( 1 ) التصرف القانوني ، أي العقد والوصية .
( 2 ) تخصيص المالك الأصلي ، وقد قدمنا أنه اتفاق ضمني فيلحق بالتصرف القانوني
( 3 ) التقادم المكسب .
المبحث الأول
التصرف القانوني
( acte juridique )
563 - مسألتان : نبحث في هذا الصدد : ( 1 ) أنواع التصرف القانوني الذي ينشئ حق الارتفاق . ( 2 ) الحدود التي يقف عندها التصرف القانوني في إنشاء حق الارتفاق .
المطلب الأول
أنواع التصرف القانوني الذي ينشئ حق الارتفاق
564 - العقد والوصية : التصرف القانوني الذي ينشئ حق الارتفاق إما أن يكون اتفاقاً صادراً من الجانبين وهذا هو العقد ، أو أن يكون إرداة منفردة صادرة من جانب وأحد وهذه هي الوصية . والعقد هو السبب المألوف لكسب حق الارتفاق ابتداء ، وهو الذي يلجأ إليه عادة مالكا العقار المرتفق والعقار المرتفق به لإنشاء حق ارتفاق على العقار الثاني لفائدة العقار الأول . أما الوصية فنادرة الوقوع . الأسباب الأخرى لإنشاء حق الارتفاق ، وهي تخصيص المالك الأصلي والتقادم ، هي أيضاً أقل وقوعاً من العقد .
والوصية تصرف قانوني وأحد لا يتنوع ، وتصدر من الموصي هو المالك العقار المرتفق به ، يرتب بموجبها حق ارتفاق على عقاره لفائدة عقار آخر هو العقار المرتفق ، ويكون مالك هذا العقار المرتفق هو الموصي له .
أما العقد الذي ينشئ حق الارتفاق فيتنوع . وهو إما عقد المعاوضة أو عقد تبرع . وعلى رأس عقود المعاوضة التي تنشئ حق الارتفاق البيع ، وبه ينشئ مالك العقار المرتفق به على عقاره حق ارتفاق لفائدته عقار آخر هو العقار المرتفق ، في مقابل ثمن من النقود ويكون مالك العقار المرتفق به هو $ 1304 $ البائع ومالك العقار المرتفق هو المشتري ، والشيء المبيع هو حق الارتفاق وقد يكون عقد المعاوضة الذي ينشئ حق الارتفاق مقايضة . فيصح مثلا أن يرتب مالك العقار المرتفق به على عقاره حق ارتفاق لفائدته عقار آخر هو العقار المرتفق ، في مقابل أن يرتب مالك العقار المرتفق حق ارتفاق على عقاره لفائدته العقار المرتفق به ، فيكون كل من العقارين عقاراً مرتفقاً وعقاراً مرتفقاً به . مثل ذلك أن يرتب كل من المالكين حق مرور على عقاره لفائدته العقار الآخر ، فيكون لكل من العقارين حق ارتفاق بالمرور في العقار الآخر . ويصح أيضاً أن يرتب مالك العقار المرتفق به على عقاره حق ارتفاق لفائدة عقار آخر هو العقار المرتفق ، في مقابل أن يرتب مالك العقار المرتفق على هذا العقار أو على عقار آخر يملكه حق انتفاع لمصلحة مالك العقار المرتفق به يدوم طول حياة المنتفع . وقد تكون المقايضة ترتيب حق ارتفاق على عقار ، في مقابل نقل ملكية عقار أو منقول لصاحب العقار المرتفق به . ومن عقود المعاوضة التي تنشئ حق الارتفاق الوفاء بمقابل ، فيصح أن يرتب صاحب العقار المرتفق به على عقاره حق ارتفاق لفائدة حق عقار آخر هو العقار المرتفق ، وفاء لدين في ذمة صاحب العقار المرتفق به لصاحب العقار المرتفق . وهكذا تتنوع عقود المعاوضة التي تنشئ حق الارتفاق .
أما عقد التبرع الذي ينشئ حق الارتفاق فهو الهبة ، فيرتب صاحب العقار المرتفق به على عقاره حق ارتفاق لفائدة عقار آخر هو العقار المرتفق ، و ذلك دون مقابل . فيكون صاحب العقار المرتفق به هو الواهب ، وصاحب العقار المرتفق هو الموهوب له ، والشيء الموهوب هو حق الارتفاق .
وفي كل ما قدمناه يكون التصرف القانوني سبباً لكسب حق الارتفاق بطريق الإنشاء ( par voie de constitution ) . وقد يكون التصرف القانوني ، كما في حق الانتفاع ، سبباً لكسب حق الارتفاق بطريق الاحتفاظ بهذا الحق ( par voie de retention ) . فيبيع مثلا مالك العقار عقاره لشخص ، ويحتفظ في عقد البيع بحق ارتفاق يترتب على العقار المبيع لفائدة عقار آخر يملكه البائع .
$ 1305 $
التصرف القانوني أيا كان ، عقد معاوضة أو عق تبرع أو وصية ، ينشئ حق الارتفاق من أي تقسيم كان فينشئ حق الارتفاق المستمر كحق الشرب ، كما ينشئ حق الارتفاق الظاهر كحق المطل ، كما ينشئ حق الارتفاق غير الظاهر كحق رعى المواشي ، وينشئ حق الارتفاق الإيجابي كحق اغتراف المياه ، كما ينشئ حق الارتفاق السلبي كالحق في عدم البناء ( [2661] ) . أما الأسباب الأخرى التي تنشئ حق الارتفاق ، وهي تخصيص المالك الأصلي والتقادم ، فلا تنشئ من حقوق الارتفاق إلا ما كان ظاهراً ، فلا تنشئ حق الارتفاق غير الظاهر ، ولا تنشئ حق الارتفاق السلبي لأنه يكون دائماً غير ظاهر كما سبق القول ( [2662] ) .
565 - الأحكام الشكلية للتصرف القانوني : وتجب مراعاة الأوضاع الشكلية اللازمة للتصرف القانوني الذي ينشئ حق الارتفاق . فإذا كان هذا التصرف القانوني وصية أو هبة ، وجب إفراغه في الشكل الذي يتطلبه القانون ، أما إذا كان التصرف عقد معاوضة كالبيع ، فلا يلزم لانعقاده شكل خاص .
وتسري في إثبات التصرف القانوني الذي ينشئ حق الارتفاق القواعد العامة المقررة في الإثبات . فإذا كانت قيمة حق الارتفاق تزيد على عشرة جنيهات ، فلا يثبت التصرف القانوني إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها أو بالإقرار أو باليمين . وإذا لم تزد قيمة حق الارتفاق على عشرة جنيهات ، وهذا نادر ، جاز إثبات التصرف القانوني بجميع طرق الإثبات ، ويدخل في ذلك البينة والقرائن .
566 - الأحكام الموضوعية للتصرف القانوني : وتسري القواعد العامة أيضاً في الأحكام الموضوعية التي يخضع لها التصرف القانوني المنشئ لحق إلارتفاق .
$ 1306 $
فإذا كان هذا التصرف وصية ، سرت أحكام الوصية من حيث وجوب توافر شروط الصحة في الموصي له وفي الموصي به ( [2663] ) ومن حيث توافر رجوع الموصي عن الوصية ( [2664] ) ، ومن حيث جواز قبول الموصي له للوصية ورده إياها ( [2665] ) . ومن حيث جواز الوصية بالثلث للوارث وغيره ( [2666] ) ، وتسري كذلك الأحكام الموضوعية الأخرى .
وإذا التصرف المنشئ لحق الارتفاق عقداً ، معاوضة أو تبرعاً ، سرت الأحكام الموضوعية التي تخضع لها عقود المعاوضة أو عقود التبرع ، والمتعاقدان هما من يترتب له هذا الحق .
فمن يرتب حق الارتفاق يجب أن يكون المالك للعقار المرتفق به . ويجب أن يكون أهلا للتصرف إذا كان عقد معاوضة ، أو أهلا للتبرع إذا كان العقد تبرعاً . ويجوز أن يكون مالكاً في الشيوع للعقار المرتفق به ، وفي هذه الحالة يجب رضاء سائر الملاك في الشيوع لأنه لا يجوز ترتيب حق ارتفاق على جزء شائع في العقار ، بل يجب أن يكون حق الارتفاق مترتباً على العقار الشائع في مجموعة ، ويجب لذلك اتفاق جميع الملاك في الشيوع ( [2667] ) . ولما كان حق الارتفاق يجوز تعليقه على شرط كما سيأتي ، فإنه يجوز لشخص أن يرتب حق ارتفاق على عقار لم يملكه بعد ، ويعلق الحق على شرط واقف هو أن يتملك هذا العقار ( [2668] ) . كذلك يجوز ترتيب حق الارتفاق على عقار ترتيب عليه حقوق عينية من قبل ، كحق ارتفاق سابق أو حق انتفاع أو حق رهن رسمي . وفي هذه الحالة لا يجوز أن يضار أصحاب الحقوق العينية السابقة بحق الارتفاق $ 1307 $ الجديد ، إذا كانوا قد قاموا حقوقهم قبل شهر حق الارتفاق ( [2669] ) وإذا كان مالك العقار المرتفق به لا يملك إلا رقبته ، فإن حق الارتفاق الذي يرتبه على العقار لا يجوز أن يضار به صاحب الانتفاع ( [2670] ) . أما صاحب الانتفاع نفسه ، فلا يملك أن يرتب حق ارتفاق لا على العقار لأنه لا يملك رقبته ، ولا على حق الانتفاع لأن حق ارتفاق إنما يترتب على الرقبة ( [2671] ) .
وإذا كان مالك العقار المرتفق به لملكه ملكية تحت شرط فاسخ أو قابلة للفسخ أو للنقض ، وزالت هذه الملكية ، فإن حق الارتفاق يزول بزوالها . أما إذا كان مجرد حائز للعقار المرتفق به ، ولو كان حسن النية ، فإن حق الارتفاق الذي يرتبه على العقار لا يكون نافذاً في حق المالك الحقيقي للعقار إلا إذا أدت الحيازة إلى تملك العقار بالتقادم ( [2672] ) .
ومن يترتب له حق الارتفاق يجب أن يكون مالكاً للعقار المرتفق . ويجب أن يكون أهلا للتصرف إذا كان قد تلقى حق الارتفاق بعوض ، ولا تشترط فيه أهلية التصرف بل تكفي أهلية التعاقد إذا كان قد تلقى حق الارتفاق تبرعاً . وقد يتم التعاقد باسم مالك العقار المرتفق ويكون ذلك في الوكالة والفضالة ، أو يتم لمصلحة هذا المالك ويكون ذلك في الاشتراط لمصلحة $ 1308 $ الغير وفي التعهد عن الغير ( [2673] ) ويجوز أن يكون مالك العقار المرتفق مالكاً له في الشيوع مع شركاء آخرين ، وفي هذه الحالة لا ينفذ حق الارتفاق إلا برضاء هؤلاء الشركاء الآخرين حتى يتقرر حق الارتفاق لفائدة كل العقار الشائع ، أو إلا إذا وقع العقار الشائع عند القسمة في نصيب الشريك الذي تعاقد على حق الارتفاق ( [2674] ) ويجوز للشخص أن يحصل على حق ارتفاق لفائدة عقار لم يملكه بعد ، ويكون حق الارتفاق في هذه الحالة معلقاً على شرط واقف هو أن يتملك الشخص هذا العقار ( [2675] ) ويجوز من باب أولي أن يكون مالك العقار المرتفق ، الذي يحصل على حق ارتفاق لفائدة هذا العقار ، لا يملك إلا رقبة هذا العقار . أما صاحب حق الانتفاع فليست له صفة في الحصول على حق الارتفاق لفائدة العقار المنتفع به ، وكل ما يملك هو أن يحصل على حق شخصي يكون محله الأعمال المكونة الحق الارتفاق ( [2676] ) . ,إذا كان المالك العقار المرتفق يملكه ملكية تحت شرط فاسخ أو قابلة للفسخ أو للنقض ، وزالت هذه الملكية ، فإن حق الارتفاق يزول بزوالها ( [2677] ) . أما إذا كان مجرد حائز للعقار المرتفق ، ولو كان حسن النية ، فإنه لا يمكن أن يحصل على حق ارتفاق لفائدة هذا العقار إلا إذا أدت الحيازة إلى تملكه بالتقادم ( [2678] ) .
هذا وإذا كسب حق الارتفاق بالتصرف القانوني ، عقداً كان التصرف أو وصية ، فإنه يجوز تعليق حق الارتفاق على شرط فاسخ أو على شرط واقف ، وتسري للقواعد العامة المتعلقة بالشرط . كما يجوز أن يكون حق الارتفاق $ 1309 $ مقترناً بأجل فاسخ أو بأجل واقف ، فيترتب لمدة معينة ينتهي بانقضائها ، أو يترتب عند حلول أجل معين ، وقد تقدم بيان ذلك عند الكلام فيما هو المقصود بأن حق الارتفاق حق دائم ( [2679] ) . 567 - التسجيل : ولما كان حق الارتفاق هو دائماً حق عيني عقاري فإن التصرف القانوني الذي ينشئه يجب دائماً تسجيله .
فإذا كان التصرف القانوني عقداً ، معاوضة كان أو تبرعاً ، فإن حق الارتفاق لا ينشأ ، لا بالنسبة إلى الغير ولا فيما بين مالك العقار المرتفق ومالك العقار المرتفق به ، إلا بتسجيل العقد . وتسري جميع قواعد التسجيل المقررة في هذا الشأن ( [2680] ) .
وإذا كان التصرف القانوني وصية ، وجب أيضاً تسجيلها طبقاًَ لنص المادة 9 من قانون الشهر العقاري الذي ورد فيه ذكر الوصية بالذات . وجزاء عدم تسجيل الوصية أن حق الارتفاق لا ينشأ ، لا بالنسبة إلى الغير ، ولا فيما الورثة والموصى له بحق الارتفاق ( [2681] ) .
$ 1310 $
المطلب الثاني
الحدود التي يقف عندها التصرف القانوني في إنشاء حق الارتفاق
865 - تطبيق القواعد العامة : بعد أن طبقنا القواعد العامة على التصرف القانوني الذي ينشئ حق الارتفاق فما يتعلق بطرفيه مالك العقار المرتفق ومالك العقار المرتفق به ، تنتقل الآن إلى تطبيق القواعد العامة على محل التصرف القانوني المنشئ لحق الارتفاق ، وهذا المحل هو نفس المضمون حق الارتفاق .
ولما كان مضمون حق الارتفاق هو قيام مالك العقار المرتفق بعمل معين في العقار المرتفق به في الارتفاق الإيجابي ، أو امتناع مالك العقار المرتفق به عن القيام بعمل معين في عقاره في الارتفاق السلبي ، فهذا العمل أو هذا الامتناع عن العمل يجب أن يكون ، طبقاً للقواعد العامة ، مشروعاً ، أي غير مخالف للقانون أو النظام العام أو الآداب . وقل أن يوجد تطبيق عملي لحق ارتفاق غير مشروع ، وإذا وجد فإن التصرف القانوني الذي أنشأ حق الارتفاق يكون باطلا . فيمكن أن نتصور مثلا أن مالك العقار المرتفق به باع لمالك العقار المرتفق بالمرور في أرضه حاملا معه أشياء مهربة ( contrebande ) أو مخدرات أو حشيشاً أو أسلحة غير مرخص فيها أو غير ذلك من الأشياء الممنوعة ، فيكون بيع حق الارتفاق في هذه الحالة باطلاً لمخالفة المحل للقانون وللنظام العام ( [2682] ) .
والذي يقع عادة أن يكون مضمون حق الارتفاق عملا من الأعمال التي تدخل في نطاق حق الملكية . فِأما أن يقوم به مالك العقار المرتفق في العقار المرتفق به ، كأن يمر في هذا العقار ، فينتقص من نطاق ملكيته . أو أن يمتنع عن القيام به مالك العقار المرتفق ، كأن يمتنع عن البناء في أرضه ، فيكون في هذا أيضاً انتقاص من نطاق ملكيته . والأعمال التي تدخل في نطاق الملكية ويصح أن تكون مضموناً لحق الارتفاق أو محلا له ، كثيرة متنوعة ( [2683] ) . منها أعمال سبق أن جعلها المشرع ، بشروط معينة ، مضموناً للقيود القانونية $ 1311 $ التي أوردها على حق الملكية ، فيعمد الأفراد بإرادتهم ، وخارج هذه الشروط إلى جعلها مضموناً لحقوق ارتفاق إدارية . ومنها أعمال لا شأن لها بمضمون القيود القانونية الواردة على حق الملكية ، ولكن الأفراد يختارونها ليجعلوها هي أيضاً مضموناً لحقوق ارتفاق إدارية . ونستعرض كلا من هاتين الطائفتين من الأعمال .
569 - تحويل القيود القانونية الواردة على حق الملكية إلى حقوق ارتفاق إدارية : وقد سق أن بسطنا ، عند الكلام في حق المكلية في الجزء الثامن من الوسيط ، والقيود القانونية التي ترد على حق الملكية للمصلحة الخاصة ، وقسمناها إلى حالات ترجع إلى الري والصرف من شرب ومجري ومسيل ، وحالات ترجع إلى التلاصق في الجوار وتتعلق بوضع الحدود وحق المرور والمطلات ( [2684] ) وقررنا أن التكييف الصحيح لهذه الحالات هي أنها قيود قانونية ترد على حق الملكية ، وليست حقوق ارتفاق حقيقية . فحق الارتفاق الحقيقي هو خروج عن التنظيم العام المألوف لحق الملكية ، في حين أن هذه القيود القانونية ليست خروجاً عن التنظيم العام المألوف ، بل هي ذاتها التنظيم العام المألوف لحق الملكية ( [2685] ) .
ولكن هذه القيود القانونية قد تتحول إلى حقوق ارتفاق حقيقية ، إذا هي خرجت عن التنظيم العام المألوف لحق الملكية ويكون ذلك بألا تتوافر الشروط التي يتطلبها القانون لفرض هذه القيود ، وبالرغم من ذلك يفرضها الأفراد بإرادتهم ، فيخرجون بها عن التنظيم العام المألوف الذي فرضه القانون وجعل له شروطاً لم تراع الأفراد توافرها . ومن أجل ذلك قلنا أن هذه القيود تتحول من قيود قانونية توافرت فيها شروط التنظيم العام المألوف الذي وضعه القانون لحق الملكية ، إلى حقوق ارتفاق حقيقية تخرج على هذا التنظيم العام المألوف إذ هي لم تتوافر فيها شروطه . ونستعرض هذه القيود القانونية قيداً قيداً ، لنرى كيف تتحول على هذا النحو من قيود قانونية إلى حقوق $ 1312 $ ارتفاق حقيقية . فنلم إلماماً سريعاً ، بهذا القصد ، بقيود الشرب والمجرى والمسيل ووضع الحدود والمرور والمطل .
أما الشرب ، فحتى يكون قيداً يرد على ملكية صاحب المسقاة وليس بحق ارتفاق ، يجب أن يكون صاحب المسقاة قد استوفي حاجته منها لري أرضه رياً كافياً وفاضت منها مياه بعد ذلك ، وان تكون أرض الجار مجاورة لأرض صاحب المسقاة ، وان يكون الجار في حاجة إلى ري أرضه ( [2686] ) . ويمكن تحويل هذا القيد إلى حق ارتفاق إذا اختل شرط من هذه الشروط ، واستتبع ذلك ألا يكون للجار الحق بحكم القانون في أن يأخذ ما فاض من مياه المسقاة لري أرضه . غذ يجوز عندئذ للجار أن يتفق مع صاحب المسقاة في أن يكون له حق ارتفاق بالشرب من هذه المسقاة ، بمقابل أو بغير مقابل بحسب ما يتفقان عليه . فإذا كان أرض الجار غير ملاصقة لأرض المسقاة ، فلا يكون للجار الحق بحكم القانون أن يأخذ شيئاً من مياه المسقاة . ومع ذلك إذا اتفق الجار مع صاحب المسقاة على أن يكون له حق ارتفاق بالشرب من المسقاة كان هذا الاتفاق هو تصرف قانوني منشئاً لحق ارتفاق إرادي وهو حق ارتفقا حقيقي وليس قيداً قانونياً كما يكون الأمر أو أن شرط التلاصق في الجوار قد توافر . وبذلك يتحول القيد القانوني بالشرب إلى حق ارتفاق بالشرب ، مصدره التصرف القانوني ( الاتفاق ) لا القانون ويكون مضمون حق الارتفاق بالشرب هنا هو مضمون القيد القانوني بالشرب ، أو يكون أوسع أو أضيق بحسب ما يحدده الاتفاق . وكذلك الحال لو أن المسقاة لا يفيض منها مياه بعد أن يروي صاحبها أرضه منها رياً كافياً ، فلا يكون للجار الحق بحكم القانون أن يأخذ شيئاًُ من مياه المسقاة . ومع ذلك يتفق الجار مع صاحب المسقاة على أن يكون له حق ارتفاق بالشرب من المسقاة ، ويكون صاحب المسقاة في هذا القرض قد أكتفي بري أرضه رياً جزئياً أو حفر بئر إرتوازياً ليستكمل ريه أو اتخذ غير ذلك من التدابير حتى يتمكن حق ارتفاق بالشرب على مسقاته لمصلحة جاره .
$ 1313 $
وأما المجري والمسيل ، فحتى يكونا قيدين على ملكية مالك الأرض وليسا بحقي ارتفاق ، يجب أن يكون الجار الذي يطلبهما من مالك الأرض في حاجة إلى ري أرضه عن طريق المجرى أو إلى صرف مياهه عن طريق الصرف ( [2687] ) . ويمكن تحويل هذين القيدين إلى حقي ارتفاق إذا اختل هذا الشرط ، واستتبع ذلك كالا يكون للجار بحكم القانون أن يحصل في أرض جاره على مجري أو مصرف . فإذا كان الجار لديه وسيلة أخرى للري كأن كان يستطيع ري أرضه رياً كافياً عن طريق آبار إرتوازية ، أو كانت لديه وسيلة أخرى للصرف كأن يسطيع أن يصرف المياه من طريق آخر ولو كان بعيداً ، ولم يعد له عند ذلك أن يطلب حق المجري أو حق المسيل في أرض جاره ، ولكنه يستطيع مع ذلك أن يتفق مع مالك الأرض ، بمقابل أو بغير مقابل ، على أن يكون له في الأرض حق ارتفاق بالمجرى أو حق ارتفاق بالمسيل إلى حق ارتفاق بالمسيل ، ومصدر كل من هذين الحقين الاتفاق لا القانون .
وأما وضع الحدود فهو قيد على حق الملكية ، إذا أن كل مالك من المالكين المتلاصقين يجبر على المساهمة في وضع الحدود ، فتتقيد بذلك حريته في ملكه بعد أن كان حراً في تحديد هذا الملك أو عدم تحديده ( [2688] ) . وكل ما يستطيع المالك أن يطالب به جاره الملاصق بموجب هذا القيد القانوني ، هو أن يشاركه في إقامة حدود ثابتة بين أرضيهما . فإذا زاد على ذلك ، وطلب من جاره مثلا تحويطة أرضه بسلك أو بسور أو بسياج أو بنحو ذلك ، لم يجبر الجار على هذا التحويط ( م 818 / 1 مدني )( [2689] ) ومع ذلك إذا اتفق الجاران على أن يكون لكل منهما حق ارتفاق على أرض الآخر ، بأن يشتركا في تحويط أرضيهما دون الاقتصار على وضع حدود ثابتة بينهما ، فيأمنا بذلك فضول الناس وعبث العابثين وسطو اللصوص ، كان هذا الاتفاق منشئاً لحق ارتفاق $ 1314 $ إداري . وبذلك يتحول القيد القانوني بوضع الحدود إلى حق ارتفاق بالتحويط ويكون مصدر حق الارتفاق بالتحويط لا القانون ومضمونه تحويط الملكين لا الاقتصار على وضع الحدود فيما بينهما .
وأما المرور ، فحتى يكون قيداً قانونياً على أرض الجار ، يجب أن تكون أرض المالك المجاورة محبوسة عن الطريق العام ، ولا منفذ لها إلا بالمرور من ارض الجار ( [2690] ) . فإذا فرض أن المالك المجاور قد حصل على حق المرور من أرض الجار ، ثم انفك حبس أرضه ، بأن استحدث مثلا طريق عام بجوارها أو كسب المالك ملكية أرض مجاورة لها منفذ إلى الطريق العام فانفك بهذا المنفذ حبس أرضه الأولي ، فإن حق المرور يفقد السبب في بقائه ومن ثم يزول ذلك أن هذا الحق ليس بحق ارتفاق ، بل هو قيد على ملكية الأرض المجاورة . وهذا القيد نوط بانحباس الأرض التي يمارس صاحبها حق المرور ، فغذا انفك الحبس لم يعد للقيد مبرر ، وأصبح صاحب الأرض المجاورة غير ملزم بتحمل هذا القيد بعد أن زال سبب قيامه . فإذا طالب هذا الأخير بإنهاء حق المرور كان له ذلك ، بعد أن أصبح للأرض التي كانت محبوسة ممر آخر يؤدي إلى الطريق العام . وإذا رضى ببقاء حق المرور متفقاً على ذلك مع المالك المجاور ، كان له ذلك أيضاًَ ، ولكن حق المرور في هذه الحالة ينقلب من قيد قانوني مصدره القانوني إلى حق ارتفاق حقيقي مصدره الارتفاق ( [2691] ) . كذلك ينقلب القيد القانوني إلى حق ارتفاق حقيقي إذا كان صاحب الأرض المحبوسة قد اتفق مع الجار على أن يمر في موضع من الأرض المجاورة ليس هو الأخف ضرراً أو كان هو الطريق الأطول دون مبرر ، أو كانت الأرض غير محبوسة ولكن صاحبها اتفق مع الجار على المرور في أرضه لأن المسافة منها إلى الطريق العام أقصر وأيسر .
وأما المطل ، فإنه إذا كان مطلا مواجها وجب إلا يفتح على مسافة تقل عن متر من حدود ملك الجار ، وإذا كان مطلا منحرفاً قلت المسافة فأصبحت نصف متر بدلا من متر ( [2692] ) . فإذا استوفي المطل حدود هذه المسافة ، لم $ 1315 $ يعتبر مواجهاً كان أو منحرفاً ، حق ارتفاق على العقار المجاور ، بل هو قيد من قيود الملكية لمصلحة العقار المجاور . وينقلب هذا القيد إلى حق ارتفاق ، إذا اتفق صاحب المطل مع صاحب العقار المجاور على فتح المطل على مسافة أقل من المسافة القانونية ، فيفتح المطل المواجهة على مسافة أقل من متر ، أو المطل المنحرف على مسافة أقل من نصف متر . وفي هذه الحالة يتم الانقلاب من وجهين : يتحول القيد القانوني ومصدره القانون إلى حق ارتفاق حقيقي ومصدره الارتفاق ثم أن القيد القانوني الذي كان مقرراً لمصلحة العقار المجاور ينقلب إلى حق ارتفاق على هذا العقار لا لمصلحته وإذا تم لصاحب المطل كسب حق الارتفاق بالمطل على هذا الوجه ، فليس لصاحب العقار المجاور أن يقيم حائطاً في ملكه إلا بعد أن يبتعد عن المطل المفتوح بمسافة متر أو نصف متر بحسب ما يكون المطل مواجها أو منحرفاً ، وذلك حتى يسلم للمطل مسافته القانونية . فإذا التزم صاحب العقار المجاور ترك المسافة القانونية من حقد المطل وأقام بناء فليس لصاحب المطل أن يطالب بهدم البناء ، لأنه لم يكسب إلا حق ارتفاق بالمطل وقد سلم له مطله بمسافته القانونية ، دون أن يكسب حق ارتفاق بعدم البناء ، وإذا أقام صاحب العقار المجاور حائطاً في ملكه بعد ترك المسافة القانونية ، فإنه يجوز له أن يفتح في هذا الحائط مطلا بشرط أن يراعي هو أيضاً المسافة القانونية . فإذا كان المطل الأول مفتوحاً في حائط مقام على الخط الفاصل ، كان لصاحب العقار المجاور أن يقيم حائطاً يبعد عن المطل أي عن الخط الفاصل بمسافة متر ، وله في هذه الحالة أن يفتح مطلا مواجهاً في حائطه لأن هذا المطل يكون في هذه الحالة مفتوحاً في حدود المسافة القانونية فهو يبعد عن الخط الفاصل بمسافة متر ( [2693] ) .
570 - اختيار أعمال أخرى غير داخلة في القيود القانونية الواردة على حق الملكية محلا لحقوق ارتفاق إدارية : وفيما قدمناه ( [2694] ) . بيان الأعمال التي تصح أن تكون مضموناً لحقوق ارتفاق إدارية ، استعيرت من $ 1316 $ مضمون القيود القانونية الواردة على حق الملكية بعد أن حولنا هذه القيود القانونية إلى حقوق ارتفاق إرادية على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم . ولكن حقوق الارتفاق الإرادية لا تتقيد ، كما تتقيد القيود القانونية الواردة على حق الملكية ، بمضمون معين ، بل أن الإرادة حرة تختار ما تشاء من الأعمال مضموناً لحقوق الارتفاق الإدارية ، في حدود القانون والنظام العام والآداب ولذلك جاز للأفراد أن يتفقوا على حقوق ارتفاق يكون مضمونها أعمالا غير الأعمال التي سردناها فيما تقدم . ونذكر على سبيل المثال ، لا على سبيل الحصر ، بعض حقوق الارتفاق التي جوز كسبها عن طريق التصرف القانوني ، فتنشئها الإرادة ، عقداً كانت أو وصية .
فهناك حقوق ارتفاقية إيجابية . ومن أمثلها حق الارتفاق باغتراف المياه ( puisage ) وحق الارتفاق يرعي المواشي ( pacage ) وحق الارتفاق باستخراج الأحجار والمعادن والمواد الأخرى ( extraction de materiaux ) وحق الارتفاق بمسيل مياه المطر والمياه المنزلية ( egoutdes eaux pluviales et des eaux menagereres وحق الارتفاق بالقاء القمامة ( jeter desimmondices ) ، وحق الاتفاق بالاحتطاب ( pende des bios necessires auchauffage ) وحق الارتفاق بوضع عوارض من الخشب على الحائط الفاصل ( plaeer des poutres solives dans le mur voisin ) ، وحق الاتفاق باختراق عقار الجار لإصلاح منزل أو حائط ملاصق 9 tour d eehelle ) وغير ذلك من حقوق الارتفاق ( [2695] ) .
وهناك حقوق ارتفاق سلبية . ومن أمثلتها حق الارتفاق بعدم البناء ( aedifcandi ) ، وحق الارتفاق بعدم تعلية البناء لأزيد من ارتفاع معين ( non altius tollendi ) ، وحق الارتفاق بعدم البناء في أزيد من $ 1317 $ مساحة رقعة معينة ( م 1018 مدني ) ، وحق الارتفاق بالرؤية 9 prospect ) وحق الارتفاق بعدم الحفر للكشف عن المياه الجوفية ( non fodiendi ) وحق الارتفاق بعدم مسئولية مستغل المنجم ( concessionnaire d unemine ) عن الأضرار التي تنجم عن استغلاله وتصيب سطح الأرض .
وهذا كله إلى جانب حقوق الارتفاق المنتزعة من القيود القانونية الواردة على حق الملكية بعد أن تحولت هذه القيود إلى حقوق ارتفاق حقيقية : حق الارتفاق بالشرب ، وحق الارتفاق بالمجري ، وحق الارتفاق بالمسيل ، وحق الارتفاق بوضع الحدود ، وحق الارتفاق بالمرور ، وحق الارتفاق بالمطل ( [2696] ) .
571 - قيدان أساسيان يحدان من قوة التصرف القانوني في إنشاء حق الارتفاق : ومهما يكن من تنوع حقوق الارتفاق الإدارية ، فإن هناك حدود يقف عندها التصرف القانوني في إنشاء حق الارتفاق . فالي جانب القيد الرئيسي العام ، وهو ما اسلفناه من وجوب أن يكون مضمون ح الارتفاق الإرادي مشروعاً أي غير مخالف للقانون ولا النظام العام ولا الآداب ، هناك قيدان أساسيان آخران خاصان بحق الارتفاق تجب إإضافتهما إلى هذا القيد الرئيسي العام ، وهذان القيدان يمكن استخلاصهما من نفس تعريف حق الارتفاق كما ورد في المادة 1015 مدني ، فقد رأينا ( [2697] ) هذا النص يقول : " الارتفاق حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص آخر " . فهناك إذن قيدان أساسيان يتقيد بهما حق الارتفاق بوجه عام أيا كان السبب كسب هذا الحق ، وسواء كان هذا السبب هو التصرف القانوني أو تخصيص المالك الأصلي أو التقادم . وهذان القيدان هما : ( أولاً ) يجب أن يكون حق الارتفاق بحيث يحد من منفعة عقار ، فيجب إذن أن يتقرر هذا الحق على عقار ، لا أن يفرض على شخص : ( ثانياً ) ويجب أن يتقرر حق الارتفاق لفائدة عقار غير العقار الأول يملكه شخص آخر ، فيجب إذن $ 1318 $ أن يتقرر هذا الحق لفائدة عقار ، لا لفائدة شخص ( [2698] )
فحق الارتفاق إذن يترتب على عقار لا على شخص ، وينشأ لفائدة عقار لا لفائدة شخص . هذان هما القيدان الأساسيان اللذان نتولى الآن بحثهما ، وقد وردا صراحة في المادة 686 من التقنين المدني الفرنسي ، إذ تقول عن التكاليف التي يقررها حق الارتفاق أنها " يجب إلا تكون مفروضة على شخص ولا لمصلحة شخص بل يجب أن نفرض على عقار ولمصلحة عقار " ( [2699] ) .
572 - القيد الأول – حق الارتفاق يتقرر على عقار لا على شخص نص قانوني : فلا يجوز أن يكون مضمون حق الارتفاق التزاماً شخصياً يترتب في ذمة مالك العقار المرتفق به لمصلحة مالك العقار المرتفق ، بل يجب أن يكون هذا المضمون تكليفاً عينياً يترتب على العقار المرتفق به . و لا يترتب في ذمة مالكه . ذلك بأن حق إلارتفاق إنما هو حق عيني متفرع عن حق الملكية ، فيجب أن يكون جزءاً من حق الملكية يجعل لمالك العقار المرتفق أن يباشر بعض السلطات الملكية على العقار المرتفق به . فحق الارتفاق ، كحق الملكية وكل حق عيني آخر ، سلطة مباشرة يستعملها صاحب هذا الحق على $ 1319 $ العقار المرتفق به ذاته ودون وساطة مالك هذا العقار ، فلا يترتب في ذمة هذا المالك أي التزام شخصي نحو صاحب الارتفاق ( [2700] ) . وإذا التزم مالك العقار المرتفق به نحو مالك العقار المرتفق بالتزام شخصي ، فإنما يكون ذلك لا بموجب حق الارتفاق ، بل يكون أجنبياً عن هذا الحق ، وبناء على مصدر من مصادر الالتزام . ولا يلتزم مالك العقار المرتفق به في هذه الحالة باعتباره مالكاً لهذا العقار ، بل بصفته الشخصية . ولا ينتقل التزامه إلى من يخلفه في ملكية العقار المرتفق به ، بل ينتقل مع تركته إلى ورثته الشخصيين ( [2701] ) .
ولا يجوز أن يكون هذا الالتزام الشخصي مؤبداً ، فإن الالتزامات الشخصية لا تتأيد . وهذا دليل آخر على إلا علاقة لهذا الالتزام بحق الارتفاق فان حق الارتفاق يصح أن يكون مؤبداً ( [2702] ) . وعلى ذلك يجوز أن يكوكن مضمون حق الارتفاق هو التزام مالك العقار المرتفق به التزاماً شخصياً بخدمة العقار المرتفق ، على أساس أن هذا الالتزام الشخصي ينتقل إلى كل مالك للعقار المرتفق به . فلا يجوز مثلا أن يكون هذا المضمون التزام مالك الأرض المرتفق بها بحرث الأرض المرتفقة ، أو بتسميدها ، أو بجني محصولاتها ، أو بتسويق هذه المحصولات ، أو بتنقية الدودة والآفات الزراعية الأخرى ، أو نحو ذلك من الالتزامات الشخصية التي وإن أفادت الأرض المرتفقة ، إلا أنها التزامات تترتب في ذمة شخص ، لا تكاليف تتقرر على العقار ( [2703] ) .
$ 1320 $
والذي يجوز هو أن يلتزم صاحب العقار المرتفق به بالقيام بعمل ثانوي لا يكون هو أصل مضمون الارتفاق ، بل يكون عملاً إضافياً ( accessoire ) تابعاً له ويقتضيه استعمال الارتفاق على الوجه المألوف . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 1021 مدني إذ تقول : " لا يلتزم مالك العقار المرتفق به أن يقوم بأي عمل لمصلحة العقار المرتفق ، إلا أن يكون عملاً إضافياً يقتضيه استعمال إلارتفاق على الوجه المألوف ، ما لم يشترط غير ذلك " ( [2704] ) . فيجوز أن $ 1321 $ يلتزم مالك العقار المرتفق بأن يتعهد بصيانة الطريق الذي يستعمل فيه حق الارتفاق بالمرور ، أو بتطهير المصرف الذي يستعمل فيه حق الارتفاق بالمسيل ، أو بصيانة المروى أو ممر المياه الذي يستعمل فيه حق الارتفاق بالشرب أو حق الارتفاق بالمجرى ، أو بكسر الأحجار أو المواد الأخرى في المكان الذي يستعمل فيه حق الارتفاق باستخراج الأحجار وغيرها من المواد ، أو بإعداد التيار الكهربائي في المكان الذي يستعمل فيه حق الارتفاق باستمداد الكهرباء ( [2705] ) وينتقل هذا الالتزام من ذمة مالك العقار المرتفق به إلى ذمة كل من يخلفه على ملكية هذا العقار ( [2706] ) . ويلاحظ في شأن هذا الالتزام أمور ثلاثة :( 1 )أنه التزام بقتضيه استعمال حق الارتفاق على الوجه المألوف . ( 2 )وان محله ليس هو المضمون الأصلي للارتفاق ، بل هو عمل إضافي تابع لهذا المضمون الأصلي . ( 3 )وأنه التزام عيني يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يتخلص منه بالتخلي ( abandon ) عن هذا العقار ( [2707] ) .
573 - القيد الثاني - حق الارتفاق ينشأ لفائدة عقار لا لفائدة شخص : وكما يجب أن يترتب حق الارتفاق على عقار لا على شخص ، كذلك يجب أن ينشأ لفائدة عقار لا لفائدة شخص . والمقصود بانشاء حق الارتفاق لفائدة عقار أن يكون هناك ارتباط وثيق بين مضمون الارتفاق وبين الأغراض التي اعد لها العقار ، بحيث يكون من شأن حق الارتفاق أن يزيد في فائدة العقار ، أو في تجميله ، فتكون هناك علاقة طبيعية rapport de nature بين حق الارتفاق وبين العقار . فإذا لم يوجد هذا الاتصال الوثيق ، بل كان التكليف المقرر على العقار المرتفق به إنما قصد به تقديم فائدة شخصية لمالك العقار المرتفق لا صلة بهذا العقار الأخير ، لم يجز $ 1322 $ أن يكون هذا التكليف حق ارتفاق ( [2708] ) . فإذا كان لمالك العقار الحق في التنزه في حديقة جاره وفي تقطف الثمار والزهور منها ، فهذا الحق لا صلة له بعقار المالك ، وقد تقرر لفائدة شخص المالك دون عقاره ، بل قد تقرر لفائدته الشخصية حتى لو لم يكن مالكاً لأي عقار ، فالحق حق انتفاع أو حق استعمال وليس بحق ارتفاق ( [2709] ) . أما إذا كان لمالك العقار الحق في أخذ سباخ وأتربة من أرض جاره لتسميد أ رضه ولتسويقها ، فإن هذا الحق متصل اتصالا وثيقاً بعقار المالك وقد تقرر لفائدة هذه العقار دون شخص المالك ، فهو إذن حق ارتفاق لا حق انتفاع .
وقس على ذلك ما إذا تقرر الحق للمالك في استعمال الملاعب الرياضية المنشاة في أرض جاره ، أو في الاستحمام في بركة السباحة المنشأة في حديقة الجار ، فإن هذا الحق لا صلة له بأرض المالك وقد تقرر لفائدة المالك شخصياًٍ ، فهو إذن حق استعمال لا حق ارتفاق . أما إذا تقرر حق لمالك منزل في أن يحتطب في أرض جاره ليجلب منها الأخشاب اللازمة لتدفئة المنزل ، أو في أن يغترف من أرض جاره المياه اللازمة للحاجات المنزلية من شرب وغسيل ونحو ذلك ، أو في أن يستمد من أرض جاره الكهرباء اللازمة لإنارة المنزل ، فهذه التكاليف كلها لها صلة وثيقة بالمنزل وقد تقررت لفائدة المنزل ذاته بقطع النظر عمن يسكنه ، فهي إذن حقوق ارتفاق ( [2710] ) .
574 - تطبيقات مختلفة – حالات يعتبر فيها الحق منشأ لفائدة عقار وأخرى يعتبر منشأ لفائدة شخص " ومن الحالات التي يعتبر فيها الحق منشأ لفائدة عقار ، ومن ثم يكون هناك حق ارتفاق ، أن يقسم المالك أرضه ليبعها قطعاً بعد أن ينشئ بينها شوارع وميادين يتعهد بإنارتها وصيانتها $ 1323 $ وكنسها ، ويدرج في قائمة الشروط أن يكون للمشترين لهذه القطع الحق في استعمال هذه الشوارع والميادين للمرور على أن يدفع كل منهم مبلغاً سنوياً يتناسب مع اتساع قطعته وثمنها . ففي هذه الحالة يكون المشتري القطعة حق ارتفاق بالمرور في الشوارع والميادين وإنارتها وكنسها ( [2711] ) .
وكذلك إذا تعهد البائع في عقد بيع قطعة الأرض بألا يبيع القطع الأخرى لمصانع أو لمن يتجرون في سلع معينة حتى يتيسر بذلك إنشاء حي " بوارجوازي " للسكنى ، ففي هذه الحالة يكون لمالك كل قطعة حق ارتفاق على القطع الأخرى – بألا تستعمل هذه القطع لإقامة مصانع أو للإتجار في هذه السلع ( [2712] ) .
وإذا تعهد مالك منزل مجاور لمكان معد للعبادة بألا يقيم حفلات راقصة في منزله ، أمكن اعتبار أن هناك حق ارتفاق لفائدة لمكان المعد للعبادة على المنزل المجاورة ( [2713] ) وإذا اتفق مستغل المنجم مع من يشتري منه السطح على ألا يكون الأول مسئولا عن الأضرار التي تصيب السطح من جراء استغلال المنجم ، جاز أن يكون هذا الاتفاق منشئاً لحق ارتفاق على السطح لفائدة المنجم ( [2714] ) .
وإذا أقيم مصنع في أرض أعدت خصيصاً للمصنع بحيث لا يمكن فصل المصنع عن الأرض ، أو كان المصنع قد أقيم على الأرض لاستغلال ما في جوفها من مواد ومعادن ، فإن المصنع والأرض يصبحان عقاراً غير قابل للتجزئة ، وما يشترط لفائدة المصنع يعتبر مشترطاً لفائدة الأرض . ومن $ 1324 $ لم يعتبر حق ارتفاق مقرراً لمصلحة الأرض ما عسى أن يحصل عيه المصنع من مالك ارض مجاورة من تعهد بإمداد المصنع بمواد مستخرجة من هذه الأرض المجاورة ، كأتربة تمد مصنعاً للطوب أو للفخار أو للصيني ، أو فحم يمد مصنعاً للزجاج ، أو تيار كهربائي يستمده المصنع من مسقط للمياه . مجارو له ( [2715] ) . ولكن لا يعتبر حق ارتفاق أن يشترط صاحب المصنع وهو يبيع عقاراً مجاوراً لمصنعه ، على مشتري هذا العقار ألا يقيم به مصنعاً مماثلا لمصنعه ومزاحماً إياه ، فإن شرط عدم المزاحمة إنما تقرر لمصلحة المصنع الاستغلالية لا لفائدة الأرض التي أقيم عليها المصنع ( [2716] ) . ولا يعتبر حق ارتفاق أن يتفق مالك منزل مع مالك أرض على أن يكون لمالك المنزل حق الصيد أو القنص في الأرض ، فإن هذا الحق قد تقرر لمالك المنزل شخصياً ولا صلة له بالمنزل . ومثل مالك المنزل في الحصول على حق الصيد والقنص في ارض الغير مثل المالك الذي يحصل على حق استعمال الملاعب الرياضية أو بركة السباحة الموجودة في أرض الغير ، أو على حق التنزه أو قطف الثمار والزهور في حديقة الغير . كل هؤلاء لا يتقرر لعقاراتهم حق ارتفاق ، وإنما يتقرر لهم شخصياً حق انتفاع أو حق استعمال ، وقد يقتصر الانتفاع أو الاستعمال على مجرد حق شخصي ( creance ) يحصلون عليه عن طريق الإيجار ، وكان يمكن لأي منهم أن يحصل على حق الصيد والقنص دون أن يكون مالكاً لأي عقار ( [2717] ) .
ونرى مما تقدم أن تكليفاً مقرراً على عقار قد يكون حق ارتفاق ، إذا كان هذا التكليف قد تقرر لفائدة عقار آخر لا لفائدة شخصية تعود على مالك هذا العقار . وقد يكون التكليف حق انتفاع ، إذا كان قد تقرر لفائدة الشخص لا لفائدة العقار ، بعقد منشئ للحقوق العينية . وقد يكون التكليف مجرد حق شخصي . ( creance ) ، إذا كان قد تقرر لفائدة $ 1325 $ الشخص لا لفائدة العقار ، بعقد لا ينشئ إلا حقوقاً شخصية كعقد . فإذا كان التكليف حق ارتفاق ، فإن صاحب هذ 1 الحق يجب أن يكون مالكاً لعقار هو العقار المرتفق ، ويصح أن يكون الحق أبدياً ، وينتقل إلى كل من يملك العقار المرتفق سواء كان خلفاً عاماً أو كان خلفاً خاصاً . وإذا كان التكليف حق انتفاع ، فلا يشترط أن يكون صاحب الحق مالكاً لعقار ، ولا يكون الحق أبدياً بل يجب أن ينتهي حتماً بموت صاحبه ، ولا ينتقل إلا إلى خلف خاص . وإذا كان التكليف حقاً شخصياً ، فإنه يشترك مع حق الانتفاع في أنه يشترط أن يكون صاحب الحق مالكاً لعقار ، ولا يكون الحق أبدياً ، ولكنه يختلف عنه في أنه لا ينتهي حتماً يموت صاحبه بل يبقى في التركة . ويختلف الحق الشخصي عن كل من حق الارتفاق وحق الانتفاع في أن المدين بالحق الشخصي قد يكون ملتزماً التزاماً أصلياً بعمل إيجابي أما مالك العقار المرتفق به أو مالك الرقبة فلا يجوز أن يلتزم التزاماً أصلياً بعمل إيجابي ( [2718] ) . 575 - تطبيق خاص لحق منشأ لفائدة عقار - قيود البناء – نص قانوني : تنص المادة 1018 مدني على ما يأتي :
" 1 - إذا فرضت قيود معينة تحد من حق مالك العقار في البناء عليه كيف شاء ، كأن يمنع من تجاوز حد معين في الارتفاع بالبناء أو في مساحة رقعته ، فإن هذه القيود تكون حقوق ارتفاق على هذا العقار لفائدة العقارات التي فرضت لمصلحتها هذه القيود . هذا ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغيره " .
" 2 - وكل مخالفة لهذه القيود تجوز المطالبة باصلاحها عيناً ، ومع ذلك يجوز الاقتصار على الحكم بالتعويض إذا رأت المحكمة ما يبرر ذلك " ( [2719] ) .
$ 1326 $
وقد حسم هذا النص خلافاً كان قائماً في القضاء في عهد التقنين المدني السابق في تكييف الطبيعة القانونية لقيود البناء ، وهي قيود ألفت الحكومة وشركات الأراضي ، عندما تجزئ هذه وتلك أراضيها إلى قطع لتبيعها للجمهور . أن تدرجها ضمن شروط البيع . وتقصد بها أن تنشئ أحياء سكنية على قدر من التنسيق والنظام ومراعاة الشروط الصحية ، بحيث يكون السكن فيها مرغوباً فيه . وهذا دون شك قصد محمود ، يحقق مصلحة الجميع يحقق مصلحة بائع هذه الأراضي ، إذ أن هذه الشروط يكون من شأنها تصقيع الأراضي وارتفاع ثمنها . ويحقق مصلحة المشترين ، إذ يستطيع كل مشتر أن يطمئن إلى أن غيره من المشترين سيستفيد يما يتقيد به هو عندما يبني أرضه ، فينشأ بسبب ذلك حي صحي متسق يرتاح للإقامة فيه . ويحقق المصلحة العامة . إذا أن إنشاء هذه الأحياء السكنية الصحية المنسقة على هذا $ 1327 $ الوجه من شأنه تجميل المدينة التي يوجد فيها هذه الأحياء ، وتوفير المساكن الصالحة العدد كبير من السكان ( [2720] ) . ومن أمثلة هذه الشروط ما ألفت الحكومة إدراجه في عقود بيعها لأراضيها في أحياء معينة كالزمالك والجيزة ومنشية البكري ، وكذلك بعض شركات الأراضي كشركة أراضي الجزيرة وشركة المعادي . فيلتزم المشتري يموجب هذه الشروط ألا يبني على الأرض التي يشتريها سوى منزل وأحد مخصص للسكنى ، وألا يتجاوز في الارتفاع بالمباني خمسة عشر متراً ، وأن يبعد بالبناء عن حافة الشارع مترين على الأقل ، وعن أي حد من الحدود الفاصلة بينه وبين القطع المجاورة ثلاثة أمتار على الأقل ، وألا يشغل بمسطح البناء الذي يقام على الأرض أكثر من نصف مساحتها ، وأن يراعي شروطاً صحية معينة في بناء المطابخ ومحلات الغسيل والمراحيض والمواسير المتصلة بها , وتنتهي قائمة هذه الشروط عادة بشرط يجري على النحو الآتي : " الشروط الموضحة قبل ضرورية وجوهرية للبيع ، وللحكومة الحق في أي وقت كان في إجبار المشتري أو من يقوم مقامه باتباع تلك الشروط بوجه الدقة ، وإلا وجب هدم ما بناه في الحال بمصاريف على طرفه " ( [2721] ) . $ 1328 $ قضت بعض المحاكم . في عهد التقنين المدني السابق ، بأن هذه الشروط ليست إلا التزامات شخصية ، لا يرتبط بها إلا مشتري الأرض نحو البائع ، وليست حقوق ارتفاق ( [2722] ) . ويبني على تكييف هذه الشروط بأنها التزامات شخصية لا حقوق الاتفاق عينية ، ما يأتي : ( اولاً )أن البائع وحده هو الذي يستطيع المطالبة بهذه الالتزامات وهو الذي ارتبط نحوه المشتري فأصبح وحده هو الدائن . ومن ثم لا يستطيع مشتر لقطعة ارض أن يطالب بهذه الالتزامات مشترياً لقطعة أرض أخرى ، إذ لا تقوم علاقة بين الاثنين وليس أي من هما دائناً للأخر . ( ثانياً )والبائع لا يستطيع أن يطالب بتنفيذ هذه الالتزامات إلا المشتري منه مباشرة فهو الذي ارتبط معه بالعقد ولا يستطيع أن يطالب تنفيذها المشتري من المشتري أو من تسلسل بعد هذا أن المشترين ، إلا على أساس أنه خلف خاص للمشتري انتقلت إليه التزامات السلف . ولم يكن التقنين المدني السابق يسلم بانتقال الالتزام إلى الخلف الخاص . وإذا سلم التقنين المدني الجديد بانتقال الالتزام إليه ، فإنه يشترط لذلك أن يكون هذا الخلف عالماً بهذا الالتزام وقت انتقال الأرض إليه ( م 146 مدني ) . فيكفي إذن ، حتى لا ينتقل الالتزام ، أن يعجز البائع عن إثبات علم الخلف الخاص به . ( ثالثاً )وإذا اقتصرنا على العلاقة فيما بين البائع والمشتري منه مباشرة . فإن البائع يكون دائناً عادياً للمشتري . وإذا خالف المشتري الشروط ، فقل أن يستطيع البائع أن يظفر بالتنفيذ العيني للالتزام . ويكفي لذلك أن يرهن المشتري الأرض مثلا ، حنى يقدم الدائن المرتهن على البائع . ( رابعاً )وما دام البائع هو الدائن وحده بهذه الشروط ، فإنه يستطيع أن يلزم بها مشتريا دون مشتر ، وله أن يتفق مع بعض المشترين على ما يخالفها .
$ 1329 $
ولكن محاكم أخرى قضت بعكس ما تقدم ، وبأن هذه الشروط ليت التزامات شخصية ، بل هي حقوق ارتفاق عينية متبادلة بين جميع القطع المبيعة . وهي تتبع العقار وننتقل معه بالبيع إلى كل مشتر تال ( [2723] ) وقد أبدت محكمة النقض ، في عهد التقنين المدني السابق ، هذا الرأي الأخير ، وقضت بأن الاشتراطات التي وضعتها الحكومة في عقد البيع وصفت في العقد ذاته بأنها حقوق ارتفاق وقيود ( servitudes et restreintes ) والشرائط الموصوفة وصفها الحقيقي في عقد البيع ، مقررة لتكاليف مستمرة ينطبق عليها نص المادة 30 من التقنين المدني السابق ، إذ كل قطعة تصبح بموجبها مرتفقاً بها لمنفعة سائر القطع ، تحقيقاً للغرض المنشود ، وهو تشييد دور ذات نظام خاص تتوافر فيها أسباب الراحة والهدوء ، ويتكون منها حي ممتاز يطيب المقام فيه ( [2724] ) .
$ 1330 $
وقد حسم التقنين المدني الجديد هذا الخلاف كما قدمنا ، فقرر في المادة 1018 مدني سالفة الذكر أن الأصل في هذه القيود والاشتراطات أن تكون حقوق ارتفاق على كل عقار لفائدة العقارات الأخرى ، وذلك ما لم يقض الاتفاق بغيره . فهناك إذن قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس . وتكون الشركة البائعة قد رتبت حقوق ارتفاق على كل قطعة من الأرض لفائدة جميع القطع الأخرى . ففي بيع أول قطعة من هذه القطع ، اتفقت الشركة مع المشتري على ترتيب حقوق الارتفاق هذه القطعة المبيعة لفائدة جميع القطع الأخرى التي لم تبعها ولا تزال مملوكة لها ، كما رتبت حقوق الارتفاق نفسها على هذا القطع لفائدة القطعة المبيعة . ثم لما باعت القطعة الثانية وهي من ضمن القطع التي تقررت لها وعليها حقوق الارتفاق ، باعتها للمشتري بما لها وعليها من حقوق الارتفاق هذه ويمكن القول أيضاً بأن الشركة قد اشترطت على كل مشتر باعت له قطعة من الأرض ، لمصحة جميع الذين سبقوه والذين سيتلونه ، حقوق الارتفاق التي نضمنها هذه الاشتراطات والقيود ( [2725] ) . وعلى هذا النحو أصبحت كل قطعة محملة بحقوق ارتفاق لفائدة كل قطعة من القطع الأخرى ، وأصبح لها في الوقت ذاته نفس حقوق $ 1331 $ الارتفاق على كل قطعة من هذه القطع ( [2726] ) ويترتب على ذلك عكس النتائج التي استخلصناها من تكييف الشروط بأنها التزامات شخصية ، ويخلص من تطبيق المادة 1018 مني سالفة الذكر النتائج الآتية ( [2727] ) . أولا – لما كانت كل قطعة محملة بحقوق الارتفاق المشترطة ، فأن أي مشتر ، وقد اشترطت هذه الارتفاقات لمصلحة قطعته ، يستطيع أن يطالب أي مشتر آخر بتنفيذ هذه الارتفاقات ، ولا يحتكر البائع وحده حق المطالبة بتنفيذها .
ثانياً – ويستطيع أي مشتر أن يطالب بتنفيذ الارتفاقات ، ليس فحسب أي مشتر لقطعة أخرى ، بل أيضاً المشتري من هذا المشتري وكذلك المشتري من المشتري الثاني ، وهكذا مهما تعاقب المشترون . ذلك بأن كل قطعة تنتقل من مشتر إلى آخر محملة بحقوق الارتفاق لفائدة أي قطعة من القطع الأخرى . وكذلك يستطيع مشتر من المشتري ، والمشتري الذي يخالفه مهما تعاقب المشترون ، أن يطالب بتنفيذ الارتفاقات أي مالك لقطعة أخرى . ذلك بأن كل قطعة تنتقل من مشتر إلى آخر بمالها من حقوق الارتفاقات المقررة على أية قطعة من القطع الأخرى .
$ 1332 $
ثالثاً _ تجوز المطالبة بتنفيذ الارتفاقات تنفيذاً عينياً فإذا أقيم للبناء مخالف لما تقرر في هذه الارتفاقات ، جازت المطالبة بهدمه على نفقة من أقامه ، وبالتعويض أن كان له متقض . ومع ذلك يجوز للقاضي الاقتصار على الحكم بالتعويض دون الهدم ، إذا رأي من ظروف القضية ما يبرر ذلك ، كأن البناء ضخماً قد تكلف نفقات كثيرة وكانت المخالفة يسيرة لم ينجم عنها ضرر كبير . وتقول الفقرة الثانية من المادة 1018 مدني فيما رأينا : " وكل مخالفة لهذه القيود تجوز المطالبة باصلاحها عنياً ، مبدأ ، ومع ذلك يجوز الاقتصار على الحكم بالتعويض إذا رأت المحكمة ما يبرر ذلك " ( [2728] )
وقد طبق المشرع بهذا النص ، في نطاق الحقوق العينية ، مبدأ سبق أن قرره في نطاق الحقوق الشخصية ، إذ نص في المادة 203 / 2 مدني في صدد التنفيذ العيني للحقوق الشخصية ، إذ نص في المادة 203 / 2 مدني في صدد التنفيذ العيني للحقوق الشخصية : " على أنه كان في التنفيذ العيني إرهاقاً للمدين ، جاز له أن يقتصر على دفع تعويض نقدي ، إذا كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً " ( [2729] ) .
رابعاً – لا يجوز للبائع أن يؤثر مشتريا على مشتر آخر ، فيعفيه من الشروط المقررة أو من بعضها . ذلك بأن كل قطعة قد أصبحت ، على النحو الذي قدمناه ، مقرراً لها أو عليها حقوق الارتفاق التي تتضمنها هذه الشروط .
$ 1333 $
فلا يجوز باتفاق بين البائع وأحد المشترين ، ودون موافقة الباقي ، الإعفاء من هذه الحقوق كلها ا وبعضها . وإنما يجوز ، إذا ألف ملاك الأراضي مخالفة الشروط ودرجوا على ذلك مددا طويلة ، أن يفسر ذلك على أنه نزول ضمني منهم عن حقوق الارتفاق ، أو على أن هذه الحقوق قد انتهت بعد الاستعمال ( [2730] ) .
المبحث الثاني
تخصيص المالك الأصلي ( Destination du pere de famille )
576 - نص قانوني : تنص المادة 1017 مدني على ما يأتي :
1 - " يجوز في الارتفاقات الظاهرة أن ترتب أيضاً بتخصيص من المالك الأصلي " .
" 2 - ويكون هناك تخصيص من المالك الأصلي ، إذا تبين بأي طريق من طرق الإثبات أن مالك عقارين منفصلين قد أقام بينهما علامة ظاهرة ، $ 1334 $ فأنشأ بذلك علاقة تبعية بينهما من شأنها أن تدل على وجود ارتفاق لو أن العقارين كانا مملوكين لملاك مختلفين . ففي هذه الحالة انتقل العقاران إلى أيدي ملاك مختلفين دون تغيير في حالتهما ، عد الارتفاق مرتبا بين العقارين لهما وعليهما ، ما لم يكن ثمة شرط صريح يخالف ذلك " ( [2731] ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ( [2732] ) . ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري لا مقابل –وفي التقنين المدني الليبي م 1020 - وفي التقنين المدني العراقي م 1273 - وفي قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل ( [2733] ) .
577 - كيف يترتب حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي وعلى أي أساس يقوم :ويتبين من نص المادة 1017 مدني سالف الذكر أن حق الارتفاق $ 1335 $ الظاهر يترتب بتخصيص المالك الأصلي ، إذا لو كان هذا المالك يملك عقارين منفصلين ، وقد جعل أحدهما يخدم الآخر كما لو كان على العقار الأول حق ارتفاق لفائدة العقار الآخر ، وجعل لهذه الخدمة علامة ظاهرة . والى هنا لا يمكن أن يقوم حق ارتفاق لأن العقارين مملوكان لمالك وأحد ( memini res sua servit ) ولكن إذا أصبح العقاران مملوكان لمالكين مختلفين ، مع بقائهما على هذا الوضع ، فإن المفروض أن هذين المالكين المختلفين باستبقائهما هذا الوضع قد أرادا أن يبرز حق الارتفاق إلى الوجود . وقد كان هذا الحق كامنا ( ervitude causale ) في الوضع السابق للعقارين ، وكان يعطله عن الظهور أن العقارين مملوكان لمالك وأحد . أما وقد أصبحنا مملوكين لمالكين مختلفين ، فلم يعد هناك ما يمنع من ظهور حق الارتفاق ، فينشأ هذا الحق ( servitude formelle, veritable ) من وقت اختلاف المالك .
فإذا كان الشخص يملك أرضاَ وقد بنى في وسطها منزلا فتح فيه مطلات تطل على الأرض من جميع جوانبها ، فإنه يكون بذلك قد خصص كل جانب من الأرض لخدمة المنزل بفتح هذه المطلات . فإذا باع جانبا من هذه الأرض والمطلات مفتوحة عليها في غير المسافة القانونية ، فإن المشتري ، بارتضائه الشراء والأرض على هذا الوضع ، يكون قد أرتضي ضمنا أن يبرز إلى الوجود حق الارتفاق بالمطل الذي كان كامنا . فيكون للمنزل حق ارتفاق بالمطل على الجانب المبيع من الأرض ، وقد نشأ هذا الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي ، أي بالوضع السابق الذي هيأه المالك الأصلي وارتضي به المشتري دون أن يعترض . وإذا كان شخص يملك قطعتي أرض متجاورتين في إحداهما مسقاة ، وقد حفر قناة تأخذ المياه من المسقاة وتوصيلها إلى القطعة الأخرى لريها ، فإنه يكون بذلك قد خصص قطعة الأرض التي فيها المسقاة لخدمة القطعة الأخرى ، فإن المشتري ، بارتضائه الشراء والقطعة على هذا الوضع ، يكون قد أرتضى ضمنا أن يبرز إلى الوجود حق الارتفاق بالشرب الذي كان كامنا . فيكون للقطعة الأخرى التي استبقاها المالك حق ارتفاق بالشرب على القطعة $ 1336 $ الأولي التي باعها ، وقد نشأ هذه الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي أي بالوضع السابق الذي هيأه المالك وارتضى به المشتري دون أن يعترض وإذا كان شخص يملك منزلا ويملك قطعة أرض فضاء مجاورة المنزل ، وقد عبد طريقا في هذه الأرض ليصلوا إلى الطريق العام ، ورصف هذا الطريق أو حدده بعلامات ظاهرة ، فإنه يكون بذلك قد خصص الأرض لخدمة المنزل ، بشقة طريقا في الأرض وجعله مخصصا للمرور . فإذا باع الأرض وهي على هذا الوضع بالنسبة إلى المنزل ، فإن المشتري ، بارتضائه الشراء والأرض على هذا الوضع ، يكون قد ارتضي ضمنا أن يبرر إلى الوجود حق الارتفاق بالمرور الذي كان كامنا . فيكون للمنزل حق ارتفاق بالمرور على الأرض ، وقد نشأ هذا الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي ، أي بالوضع السابق الذي هيأه المالك الأصلي وارتضى به المشتري دون أن يعترض ( [2734] ) .
ويخلص من المفروض التي قدمناها أن حق الارتفاق الذي ينشأ بتخصيص المالك الأصلي ، وإنما ينشأ بموجب اتفاق ضمني بين المالكين المختلفين للعقارين منذ أن أصبح العقاران مملوكان لمالكين مختلفين . فيكون الأساس الذي يقوم عليه الارتفاق في هذه الحالة ، أي سبب نشوء حق الارتفاق ، هو هذا الاتفاق الضمني . والاتفاق الضمني ليس إلا عقداً ، أي تصرفاً قانونياً فالارتفاق الذي ينشأ بتخصيص المالك الأصلي إنما ينشأ بموجب تصرف قانوني ( [2735] ) ولذلك جعلنا الكلام في تخصيص المالك الأصلي يعقب مباشرة الكلام في التصرف القانوني كسبب لكسب حق الارتفاق ( [2736] ) .
$ 1337 $
578 - الشروط الواجب توافرها لترتيب الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي : ويتبين أيضاً مما قدمناه أن هناك شروطا أربعة يجب توافرها حتى يترتب الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي : ( 1 ) وجود عقارين مملوكين لمالك وأحد . ( 2 ) جعل هذا المالك الواحد أحد العقارين يخدم بالفعل العقار الآخر . ( 3 )وضع علامة ظاهرة لذلك . ( 4 ) صيرورة العقارين مملوكين لمالكين مختلفين فمتي توافرت هذه الشروط ، نشأ حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي ، وعد مرتبا لأحد العقارين على العقار الآخر ( [2737] )
وهذه الشروط الأربعة كلها وقائع مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ، ولا تشترط الكتابة لإثباتها . فمن يدعي أن حق ارتفاق ترتيب لفائدة عقاره على عقار آخر ، عليه أن يثبت توافر الشروط الأربعة التي تقدم ذكرها . وله أن يثبتها كلها بجميع الطرق الإثبات ، ويدخل في ذلك البينة والقرائن . وتقول الفقرة الثانية من المادة 1017 مدني في صدرها كما رأينا ( [2738] ) : " إذا تبين أي طريق من طرق الإثبات … " ( [2739] )
ونستعرض الآن الشروط الأربعة على التعاقب
1 - وجود عقارين مملوكين لمالك وأحد
579 - عقاران منفصلان لمالك وأحد :وهذا هو الفرض الغالب ، فيكون مالك وأحد لعقارين منفصلين : أرضين منفصلتين ، أو بنائين منفصلين ، أو أرض وبناء . وليس من الضروري أن يكون هذان العقاران $ 1338 $ متلاصقين ، وإن كان يغلب أن يكون هناك تلاصق . فيصبح أن يكون أحد العقارين غير ملاصق للعقار الآخر ، ولكن المالك مع ذلك هيأ أحدهما لخدمة الآخر للمرور مثلا ( [2740] ) .
580 - جزءان من عقار وأحد :وليس من الضروري أن يكون هناك عقاران مستقلان منفصل كل منهما عن الآخر ، بل يصبح أن يكون هناك عقار وأحد يجزئه مالكه إلى قسمين ، ويهئ أحد القسمين لخدمة القسم الآخر . فإذا كان شخص يملك أرضاًَ زراعية واسعة ، وقد أنشأ في جانب منها مسقاة لري كل الأرض ، ثم باع الجزء من الأرض الذي لا يوجد فيه مسقاة جاز للمشتري أن يتمسك بنشوء حق ارتفاق بالشرب للجزء الذي اشتراه مصدره تخصيص المالك الأصلي . ذلك أن مالك الأرض ، عندما جزأها على هذا النحو وهي كلها تروى من مسقاة واحدة ، يكون قد خصص الجزء الذي فيه المسقاة لخدمة الجزء الآخر . ويكون في حكم من يملك عقارين منفصلين خصص أحدهما لخدمة الآخر ، وللمشتري أن يتمسك بهذا التخصيص فيكون للجزء الذي اشتراه حق ارتفاق بالشرب على الجزء الآخر ، ما دام المالك لم ينص صراحة في عقد البيع على غير ذلك ( [2741] ) .
2 - جيل المالك الواحد أحد العقارين يخدم بالفعل العقار الآخر
581 - جعل أحد العقارين في وضع يخدم قيد بالفعل العقار الآخر :
ويجب أن يقوم بين العقارين ( أو بين جزأي العقار ) وضع يستفاد منه في وضوح أن أحدهما يخدم الآخر فعلا . فيجعل أحدهما على نحو نهائي ودائم يتحمل تكليفا معينا لفائدة العقار الآخر ، بحيث أن الارتفاق ، وان لم يبرز وجوده بعد أن الناحية القانونية بسبب اتحاد المالك ، يكون مؤدياً لمهمته الاقتصادية تأدية تامة ( [2742] ) ففتح مطل لأحد العقارين على العقار الآخر في غير المسافة القانونية يوفر للارتفاق فعلا أن يؤدي مهمته الاقتصادية على وجه كامل نهائي $ 1339 $ دائم ، وان لم يكن للإرتفاق وجود قانوني بعد . وأخذ المياه بواسطة قناة من مسقاة موجودة في أحد العقارين لري العقار الآخر يجعل هذا العقار الآخر متمتعا بالفعل بارتفاق الشرب . وإن لم يتمتع به قانونا بعد . وتعبيد طرق ورصفه في أحد العقارين لخدمة العقار الآخر يجعل هذه العقار الآخر متمتعاً بالفعل بارتفاق المرور ، وإن لم يوجد هذه الارتفاق قانونا بسبب اتحاد المالك وفي جميع هذه الفروض يظهر في جلاء ووضوح أن المالك أراد على وجه لا يحتمل الشك إخضاع أحد العقارين لخدمة العقار الآخر خدمة نهائية دائمة ، بحيث أنه لو لا اتحاد المالك لكان هناك ارتفاق قانوني مكان هذا الارتفاق الفعلي . وهو الآن كامن ( al etat latent servitude causale ) في الوضع القائم ما بين العقارين ، ولا ينتظر إلا أن يختلف المالك لكل من العقارين حتى يبرز ارتفاقاً قانونياً ( servitude formelle, veritable ) بعد أن تكاملت له أسبابه .
ويترتب على ما تقدم أنه إذا كان الوضع الفعلي للعقارين لا يستفاد منه على سبيل اليقين أن المالك الأصلي أراد إخضاع أحد العقارين لخدمة الآخر على وجه مستقر نهائي دائم ، فإن الشرط لا يتوافر ، ولا يعود هناك محل للقول بنشوء حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي . فإذا تبين مثلا أن المالك الأصلي إنما قصد بالوضع الذي أنشأه فيما بين العقارين توفير أسباب الرفاهة لنفسه أو الوفاء بحاجة شخصية له ، ولم يقصد إخضاع أحد العقارين لخدمة العقار الآخر على سبيل الارتفاق الدائم ، لم يكن هذه كافياَ للقول بتوافر هذه الشرط . فقد يكون المالك قد أنشأ ممراً بين منزلين يملكهما ويسكنهما معاً لتيسير التنقل من منزل إلى آخر ، أو يكون قد أنشأ ساحة للألعاب الرياضية في الأرض التي يملكها مجاورة لمنزله استعماله الشخصي هو وذويه ، أو يكون قد أنشأ ممراً في الأرض التي يملكها مجاورة لمنزله ليعبر منه إلى محل عمله الشخصي . فلا يكون في هذه الأوضاع ما يستفاد منه أنه قصد إخضاع أحد العقارين لخدمة الآخر على وجه دائم ، إذ أن الظاهر أنه إنما قصد استيفاء خدمة شخصية لنفسه لا للعقار ( [2743] ) ، وعلى نحو مؤقت لا على نحو دائم . وقاضي الموضوع هو الذي $ 1340 $ يبت دون رقابة عليه من محكمة النقض ، فيما إذا كان الوضع الذي أنشأه المالك قد قصد به خدمة شخصية مؤقتة ، أو قصد به إخضاع أحد العقارين لخدمة العقار على وجه دائم ( [2744] ) .
582 - المالك الأصلي للعقارين هو الذي أنشأ الوضع الفعلي الدائم : ويجب أن يكون المالك الأصلي للعقارين هو الذي أنشأ الوضع الفعلي الدائم أو في القليل يكون قد استبقاه كما هو بعد أن تلقاه قائما . ويتحقق الفرض الأخير فيما إذا سبق للعقارين أن كانا مملوكين لمالكين مختلفين ، وكان الحق ارتفاق مقرراً لأحدهما على الآخر ، ثم أصبح مملوكين لمالك وأحد فزال حق الارتفاق باتحاد الذمة ، ومع ذلك استبقى المالك الجديد الوضع الفعلي للارتفاق قائماً كما كان ( [2745] ) .
فإذا كان الذي أنشأ الوضع الفعلي ليس هو المالك للعقارين ، أو نائب عنه مفوض في ذلك ، بل أنشأه مستأجر للعقارين أو صاحب حق انتفاع على كل منهما ، فليس هذا بتخصيص المالك الأصلي ، لأن المالك الأصلي وحده هو الذي يملك إنشاء وضع يترتب عليه نشوء حق ارتفاق على أحد العقارين لفائدة العقار الآخر . وهو وحده الذي يمثل مصلحة كل من العقارين ( [2746] ) .
وإذا كان الذي أنشأ الوضع الفعلي هو المالك للعقارين ، ولكنه كان يملك أحدهما أو لكليهما بسبب قبل للفسخ أو للإبطال أو للنقض ، ثم فسخت ملكيته أو أبطلت أو نقضت ، فإن الأثر الرجعي لزوال ملكيته على هذا الوجه يجعله غير مالك للعقار أو للعقارين معاً وقت أن أنشأ الوضع الفعلي القائم ، ومن ثم لا يعتد بهذا الوضع ( [2747] ) .
$ 1341 $
وإذا كان هناك عقاران مملوكان على الشيوع لشريكين ، وكان الشريكان هما الذان أنشأ الوضع الفعلي القائم ، ثم حصلت القسمة فاختص كل من الشريكين بعقار ، لمي يعتد بالوضع الفعلي الذي أنشآه وقت أن كانا مالكين على الشيوع فإن الأثر الرجعي للقسمة جعل كلا منهما غير مالك العقار الذي لم يختص به وقت إنشاء الوضع الفعلي ، فلم ينشئ هذا الوضع مالك وأحد للعقارين معاً . والذي كان يملك إنشاء الوضع الفعلي في هذه الحالة هو المالك الأصلي للعقارين معاً ، قبل أن تنتقل ملكيتهما إلى الشريكين على الشيوع ( [2748] ) .
3 - وضع علامة ظاهرة تكشف عن الوضع الفعلي
583 - الارتفاق الظاهر وحده هو الذي يكسب : تخصص المالك الأصلي ولا يكسب بتخصيص المالك الأصلي إلا حق الارتفاق الظاهر ، وتنص الفقرة الأولي من المادة 1017 مدني على ذلك صراحة ، كما رأينا ( [2749] ) ، إذا تقول : " يجوز في الارتفاقات الظاهرة أن ترتب أيضاً بتخصيص من المالك الأصلي " . والاتفاق الظاهر هو ، كما قدمنا ( [2750] ) ، ارتفاق ينبئ عن وجوده أعمال خارجية كباب أو نافذة أو مجري .
ولما كان يشترط أن يكون الارتفاق الذي يكسب بتخصيص المالك الأصلي ارتفاقاً ظاهراً كما قدمنا ، أي أن تكون له علامة ظاهرة ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 1017 مدني صراحة ، كما رأينا ( [2751] ) على أن " يكون هناك تخصيص من المالك الأصلي ، إذا تبين … أن مالك عقارين منفصلين قد أقام بينهما علاقة ظاهرة … " فالارتفاق لا ينشأ بتخصص المالك الأصلي إلا إذا كانت له علامة ظاهرة ، كنافذة يفتحها المالك الأصلي في حائط أحد العقارين في غير المسافة القانونية لتطل على العقار الآخر فتكون النافذة علامة ظاهرة على الارتفاق بالمطل ، وكقناة يحفرها لتجري فيها مياه مسقاة منشأة في أحد العقارين لتروي العقار الآخر فتكون القناة علامة ظاهرة على الارتفاق بالشرب ، $ 1342 $ وكطريق معبد مرصوف في أحد العقارين ليكون ممراً للعقار الأخر فيكون هذا الطريق المعيد المرصوف علامة ظاهرة على الارتفاق بالمرور .
584 - وجوب بقاء العلامة الظاهرة إلى وقت أن يتملك العقارين مالكان مختلفان : ولا تكفي إقامة العلامة الظاهرة على النحو الذي قدمناه ، بل يجب أيضاً أن تبقى هذه العلامة إلى الوقت الذي ينشأ فيه حق الارتفاق قانوناً بأن يتملك العقارين مالكان مختلفان . ذلك بأن حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي إنما يقوم ، كما قدمنا ( [2752] ) ، على أساس أن هناك اتفاق ضمنيا بين المالكين للعقارين على إنشاء هذه الحق ، وان العلامة الظاهرة على الوضع الفعلي الذي ترتب عليه حق الارتفاق هي الشاهدة على وجود هذا الاتفاق الضمني . فقد رآها مالك العقار المرتفق به ظاهرة أمامه ، واستخلص من ظهورها مغزاها ، ولم يعترض على ذلك ، فهو إذن قد رضى رضاء ضمنياً بنشوء حق ارتفاق على عقاره . ولا يسلم هذا المنطق إلا إذا كانت العلامة الظاهرة ظلت باقية إلى الوقت الذي انتقلت فيه ملكية العقار المرتفق به إلى مالك العقار ، فبقيت مائلة أمامه ، ولم يبد اعتراضاً على ما يستخلص من بقائها قائمة ( [2753] )
585 - يكفي أن يكون الارتفاق ظاهرة ولا يشترط أن يكون مستمراً : وكل ما يتطلبه التقنين المدني المصري الجديد ، لكسب الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي ، أن يكون الارتفاقات ظاهرا على النحو الذي قدمناه . ولا يشترط إلى جانب ذلك أن يكون مستمراً ( [2754] ) . أما التقنين المدني الفرنسي فيشتمل على نصين ، أحدهما يتطلب في الارتفاق أن يكون مستمراً ظاهراً حتى يكسب بتخصيص المالك الأصلي ، والآخر لا يشترط في الارتفاق إلا أن يكون ظاهراً حتى يمكن كسبه بهذا السبب . فقد نصت المادة 692 مدني فرنسي على أن " تخصيص المالك الأصلي يكون سببا لكسب الارتفاقات المستمرة الظاهرة " .
$ 1343 $
ثم نصت المادة 694 مدني على أنه " إذا تصرف مالك العقارين ، اللذين تقوم بينهما علامة ظاهرة على حق ارتفاق ، في أحد هذين العقارين دون أن يرد في العقد اتفاق في شأن حق الارتفاق ، فإن الارتفاق يستمر موجودا إيجابياً أو سليباً ، لفائدة العقار المنصرف فيه أو على العقار المتصرف فيه " ( [2755] ) .
ولم ينقل التقنين المدني المصري الجديد عن التقنين المدني الفرنسي هذين النصين المتعارضين ، بل اكتفي بنص وأحد هو المادة 1017 مدني ، وهي لا تتكلم إلا عن الارتفاق الظاهر ، فيجوز كسبه بتخصيص المالك الأصلي سواء كان مستمراً أو غير مستمر . فلا يجوز غذن فرق ، في التقنين المدني المصري الجديد ، بين الارتفاق المستمر والارتفاق غير المستمر ، فكلاهما يكسب بتخصيص المالك الأصلي ما دام ارتفاقاً ظاهراً .
586 - الارتفاق السلبي لا يكسب بتخصيص المالك الأصلي : ولما كان يشترط في كسب الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي أن يكون الارتفاق ظاهراً كما قدمنا ، فإنه يخلص من ذلك أن الارتفاق السلبي لا يجوز كسبه بهذا السبب . ذلك بأن الإرتفاق السلبي يكون دائماً ارتفاقاً غير ظاهر كما سبق القول ( [2756] ) .
$ 1344 $
ولا يمكن أن توجد له علامة ظاهرة ، ومن ثم لا يوز كسبه بتخصيص المالك الأصلي وعلى ذلك لا يجوز أن يكسب بتخصيص المالك الأصلي حق الارتفاقات بعدم البناء وحق الارتفاقات بعدم تعلية البناء لأزيد من ارتفاع معين ، وحق إلارتفاق بعدم البناء في أزيد من مساحة رقعة معينة ، وحق الارتفاق بالرؤية ، وحق الارتفاق بعدم الحفر للكشف عن المياه الجوفية ، وغير ذلك من حقوق الارتفاق السلبية ( [2757] ) .
4 صبرورة العقارين مملوكين لمالكين مختلفين
578 - كيف يصير العقاران مملوكين لمالكين مختلفين : يمجرد أن يصير العقاران ، وقد كانا مملوكين لمالك وأحد كما قدمنا ، مملوكين لمالكين مختلفين ، ينشأ حق الارتفاق على أحد العقارين لفائدة العقار الآخر ، ويكون سبب نشوئه هو تخصيص المالك الأصلي ( [2758] ) . وقد رضى بهذا التخصيص ، المالك الآخر الذي تعاقد مع المالك الأصلي ، أو المالكان المختلفان اللذان تعاقدا مع المالك الأصلي . والرضاء ضمني لأن أحد منهما لم يعترض على هذا التخصيص ، مع ظهوره ومع أنه قاطع في أن المقصود هو إنشاء هذا الارتفاق وقد قدمنا ( [2759] ) . أن تخصيص المالك الأصلي يقوم في أساسه على اتفاق ضمني ، فينشأ حق الارتفاق بموجب هذا الاتفاق ، أي بموجب تصرف قانوني ، ويصير العقاران مملوكان لمالكين مختلفين ، فينشأ حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي ، إذا انتقلت ملكية أحد العقارين لشخص غير المالك الأصلي أو انتقلت ملكية كل من العقارين لشخصين مختلفين ، وذلك بأي سبب من $ 1345 $ أسباب انتقال المكية ( [2760] ) . فيجوز أن ينقل المالك الأصلي ملكية أحد العقارين ( أو مليكة جزء من أجزاء العقار الواحد ) لشخص آخر بعقد معاوضة ، كالبيع والمقايضة والوفاء بمقابل ، أو يتصرف تبرعي ، كالهبة الوصية . ففي جميع هذه الأحوال يصير العقاران مملوكين مختلفين ، المالك الأصلي والشخص الذي انتقلت إليه ملكية العقار الأخر . بل يجوز أن تنتقل ملكية أحد العقارين لشخص آخر عن طريق نزع الملكية جراً للمنفعة العامة ، أو عن طريق بيعه في المزاد الجبري تنفيذاً لدين في ذمة المالك الأصلي ( [2761] ) . ويجوز أخيرا أن تنتقل ملكية أحد العقارين لشخص آخر عن طريق الشفعة ، اوعن طريق التقادم المكسب ( [2762] ) .
ويجوز كذلك أن ينقل المالك الأصلي ملكية العقارين معاً إلى مالكين مختلفين ، أما بعقد معاوضة كالبيع والمقايضة والوفاء بمقابل ، أو بتصرف تبرعي كالهبة والوصية . وكذلك يصير العقاران مملوكين لمالكين مختلفين إذا مات المالك الأصلي واقتسمت الورثة تركته ، فآل العقاران بموجب الميراث والقسمة إلى وارثين كل منهما بختص بعقار من العقارين ( [2763] ) .
588 - عدم نشوء حقا الارتفاق عند وجود شرط صريح يقضي بعدم نشوئه : وقد رأينا ( [2764] ) أن العبارة الأخيرة من المادة 1017 / 2 مدني تقضي عند انتقال العقارين إلى مالكين مختلفين ، بنشوء حق الارتفاق " ما لم يكن ثمة شرط صريح يخالف ذلك " . والشرط الصريح الذي يقضي بعدم نشوء حق الارتفاق يكون موجودا في السند الذي جعل العقارين مملوكين لمالكين مختلفين . كالبيع أو الهبة أو الوصية أو شروط البيع بالمزاد الجبري أو غير ذلك $ 1346 $ من الأسباب التي جعلت أحد العقارين مملوكا لمالك آخر ، أو جعلت العقارين معا مملوكين لمالكين مختلفين ، على النحو الذي بسطناه فيما تقدم ( [2765] ) .
فإذا كان هناك عقاران مملوكان لمالك وأحد ، وعبد المالك في أحد العقارين طريقا ورصفه ليكون ممرا للعقار الآخر ، ثم باع العقار الذي انشأ فيه الطريق المعبد المرصوف لشخص آخر ، فقد قدمنا أنه بهذا البيع ينشأ حق ارتفاق بالمرور على العقار المبيع لفائدة العقار الذي استبقاه المالك الأصلي وليس على المالك الأصلي لإثبات نشوء حق الارتفاق لفائدة العقار الذي استبفاه ، أن يفعل أكثر من أن يطلب الرجوع إلى وضع العقارين أحدهما بالنسبة إلى الآخر ، والى وجود علاقة ظاهرة لحق المرور هي هذا الطريق المعبد المرصوف . فإذا أنكر عليه المشتري للعقار الآخر نشوء حق الارتفاق ، فعلى هذه المشتري أن يقدم عقد البيع ، وان يثبت انه قد ورد في هذا العقد شرط صريح يقضي بأنه لا يعتد بهذه العلامة الظاهرة ، وان المشتري قد اشتري العقار خاليا من حق ارتفاق بالمرور لفائدة العقار الذي استبقاه المالك الأصلي . فإذا لم يقدم المشتري عقد البيع ، أو قدمه ولم يكن فيه هذا الشرط الصريح السالف الذكر ، سلم للمالك الأصلي دعواه من نشوء حق ارتفاق بالمرور على العقار المبيع لفائدة العقار الذي استبقاه وسكوت عقد البيع عن علامة الطريق الظاهرة ، وعدم تعرضه لنفي دلالتها من وجود حق ارتفاق بالمرور ، إقرار من المشتري بأنه قبل قبولا ضمنيا بنشوء حق الارتفاق وكذلك يكون الحكم أن حق الارتفاق الذي نشأ بتخصيص المالك الأصلي هو حق ارتفاق بالمطل ، وقد دلت عليه علامة ظاهرة هي فتح نافذة في غير المسافة القانونية . فإذا أراد المشتري للعقار المرتفق به نفي وجود هذا العقد شرط ينفي وجود ارتفاق بالمطل . ونرى من ذلك انه سواء كان الارتفاق الذي نشأ بتخصيص المالك الأصلي ارتفاقاً ظاهراً غير مستمر كحق المرور ، أو ارتفاقاً ظاهراً مستمراً كحق المطل ، فإن الحكم وأحد . ففي الحالتين لا يكلف المالك الأصلي بتقديم عقد البيع ، ويبقي على دعواه من نشوء حق ارتفاق بالمرور أو بالمطل ، إلى أن يقدم $ 1347 $ المشتري عقد البيع ويثبت أنه قد ورد في هذا العقد شرط صريح مخالف لنشوء حق الارتفاق . وقد قدمنا أن نص المادة 1017 مدني لا يفرق في هذا الحكم بين الارتفاق الظاهر المستمر والارتفاق الظاهر غير المستمر ( [2766] ) .
المبحث الثالث
التقادم المكسب
( prescriptiou acquisitive )
589 - المسائل التي يثيرها كسب حق الارتفاق بالتقادم : يثير كسب حق الارتفاق بالتقادم مسائل ثلاثا : ( 1 )حقوق الارتفاق التي يجوز كسبها بالتقادم . ( 2 ) حيازة حق الارتفاق التي تؤدي إلى كسبه بالتقادم . ( 3 ) مدة التقادم .
1 - حقوق الارتفاق التي تجوز كسبها بالتقادم
590 - وجوب أن يكون حق الارتفاق ظاهرا حتى يجوز كسبه بالتقادم : قدمنا ( [2767] ) أن الفقرة الثانية من المادة 1016 مدني تنص على ما يأتي : " ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة ، بما فيها حق المرور " ويؤخذ من هذا النص أنه لا يجوز كسب الارتفاق بالتقادم إلا إذا كان ارتفاقاً ظاهراً . وينبني على ذلك ما يأتي : ( 1 ) حق الارتفاق غير الظاهر لا يجوز كسبه بالتقادم . ( 2 )حق الارتفاق الظاهر المستمر يجوز كسبه بالتقادم . ( 3 )حق الارتفاق الظاهر غير المستمر يجوز أيضاً كسبه بالتقادم يضاف إلى ما تقدم أنه كما يجوز كسب حق الارتفاق الظاهر ، مستمراً كان أو غير مستمر ، بالتقادم ، يجوز أيضاً أن يكسب بالتقادم طريقة استعمال حق الارتفاق الظاهر .
$ 1348 $
591 - حق الارتفاق غير الظاهر لا يجوز كسبه بالتقادم : وحق الارتفاق غير الظاهر هو ، كما قدمنا ( [2768] ) ، ارتفاق ليست له علامة خارجية تنم عن وجوده ، وذلك كالارتفاق بعدم البناء وكالارتفاق بالمرور إذا لم يكن للطريق الذى يباشر فيه هذا الحلق معالم ظاهرة . ونرى من ذلك أن ظهور حق الارتفاق له معى خاص يختلف فيه عن ظهور الحيازة ، فقد تكون حيازة الارتفاق بالمرور ظاهرة إذا بوشر الارتفاق فى علانية على ملأ من الناس وبخاصة فى مواجهة مالك العقار المرتفق به ، ويكون الارتفاق بالمرور فى الوقت ذاته غير ظاهر إذا لم تكن للطريق معالم ظاهرة كما سبق القول .
وكان المنطق يقضى بأنه فيما يتعلق بالتقادم ، وهو قائم على الحيازة ، لا يعتد بالمعنى الخاص لظهور حق الارتفاق ويكفى الوقوف عند المعنى العام لظهور الحيازة . فحق المرور مثلاً ، ما دام يباشر بطريقة علنية ، يجوز كسبه بالتقادم إذا توافر فى الحيازة شرط الظهور ، حتى لو لم يكن للطريق معالم ظاهرة فلم يكن الارتفاق ظاهراً بالمعنى الخاص . ولكن التقنين المدنى اشترط مع ذلك أن يكون حق الارتفاق ظاهراً بالمعنى الخاص حتى يجوز كسبه بالتقادم ، ولم يكتف بظهور الحيازة بالمعنى العام . وعلى ذلك لا يجوز كسب حق الارتفاق بالمرور بالتقادم إذا لم يكن للطريق معالم ظاهرة ، حتى لو كانت حيازة الارتفاق ظاهرة وتباشر بطريقة علنية ( [2769] ) . ويرجع السبب فى ذلك إلى أن التقنين المدنى الجديد ، لما أراد أن يخالف القاعدة التقليدية التى سار عليها التقنين المدنى الفرنسى فى اشتراط الاستمرار والظهور فى حق الارتفاق حتى يمكن كسبه بالقادم ( انظر م 690 مدنى فرنسى ) ، عدل عن شرط الاستمرار لما فيه من $ 1349 $ صنعة متكلفة لا مبرر لها ولا يفسرها إلى تقاليد القانون الفرنسى القديم ( [2770] ) ، ولكنه استبقى شرط الظهور . على أن اشتراط الظهور بمعناه الخاص فى حق الارتفاق هو أيضاً ، كاشتراط الاستمرار ، لا مبرر له ولا يفسره إلا تقاليد القانون الفرنسى القديم ( [2771] ) . ولكن التقنين المدنى المصرى الجديد استبقى مع ذلك شرط الظهور بمعناه الخاص فى حق الارتفاق ، لأن حق الارتفاق ، حتى يجوز كسبه بالتقادم ، يحسن أن يكون من الظهور بحيث تكون له معالم ظاهرة ، فلا يكفى الظهور بمعناه العام فى الحيازة . فحق الاتفاق يقتضى لما فيه من دق ولما قد ينطوى عليه من خفاء ، ظهوراً أوضح . فلم يكن ظهور حيازة الارتفاق بهذا المعنى ، فى نظر التقنين المدنى المصرى الجديد ، إلا تطبيقاً خاصاً للظهور فى الحيازة بمعناه العام ( [2772] ) .
592 - حق الارتفاق الظاهر المستمر يجوز كسبه بالتقادم : فإذا توافر لحق الارتفاق شرط الظهور بالمعنى الخاص ، وتوافر إلى جانب ذلك شرط الاستمرار ، فلا شك فى جواز كسبه بالتقادم ، كما هو الأمر فى التقنين المدنى الفرنسى ( م 690 مدنى فرنسى ) .
فإذا فتح شخص فى حائط منزله مطلاً على أقل من المسافة القانونية من حدود عقار جاره ، وظل هذا المطل مفتوحاً المدة اللازمة لكسب الحق بالتقادم ، فإن يكسب بالتقادم حق الارتفاق بالمطل . ذلك بأن المطلب ارتفاق ظاهر وعلامته الظاهرة هى هذه النافذة المفتوحة على ملك الجار ، وهو فى الوقت ذاته ارتفاق مستمر لا يحتاج فى مباشرته إلى عمل الإنسان كما قدمنا فى تعريف الارتفاق المستمر ( [2773] ) .
فإذا ما كسب صاحب العقار المرتفق بالتقادم حتى الارتفاق بالمطل على النحو الذى قدمناه ، كان له لحق فى استبقاء مطله مفتوحاً على أقل من المسافة القانونية كما هو ، وليس للجار وهو صاحب العقار المرتفق به أن يعترض ، $ 1350 $ حتى لو كان المطل مفتوحاً فى حائط على الخط الفاصل بين العقارين . بل ليس له فى هذه الحالة أن يقيم حائطاً فى ملكه إلا بعد أن يبتعد عن الخط الفاصل بمقدار المسافة القانونية ، وذلك حتى لا يسد المطل المكسوب بالتقادم ( م 819 / 2 مدنى ) . فإذا أقام الجار حائطاً فى ملكه بعد ترك المسافة القانونية ، فإنه يجوز له أن يفتح فى هذا الحائط مطلاً لأنه يكون مفتوحاً فى هذه الحالة فى حدود المسافة القانونية ( [2774] ) . ويكسب صاحب المطل بالتقادم حق ارتفاق بالمطل فى نطاق الحيازة التى كانت أساساً للتقادم . فمن كسب بالتقادم حق المطل من نافذة واحدة ، لا يحق له أن يفتح نافذة أخرى . ومن كسب مطلاً فى الطابق العلوى ، لا يحق له أن يفتح مطلاً فى طابق أعلى أو فى طابق أسفل . ومن كسب بالتقادم حق ارتفاق بالمطلب ، إذا كان لا يستطيع أن يضيف إليه مطلاً آخر ، فإنه يستطيع أن يزيد فى سعة المطل الذى كسبه بالتقادم ، لن القانون لم يقيد سعة الفتحات . وإذا انهدم الحائط المفتوح فيه مطل كسب بالتقادم ، ثم أعيد بناؤه ، فإن حق المطل يرجع من جديد بنفس مداه دون زيادة . ولكن إذا بقى الحائط متهدماً مدة خمس عشرة سنة ، ثم أعيد بناؤه ، فإن حق المطل لا يرجع من جديد ، لأنه يكون قد زال بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة ( [2775] ) .
593 - حق الارتفاق الظاهر غير المستمر يجوز أيضاً كسبه بالتقادم : والتقنين المدنى المصرى الجديد ، كما قدمنا ( [2776] ) ، لا يشترط فى حق الارتفاق أن يكون مستمراً حتى يجوز كسبه بالتقادم ، وذلك خلافاً للتقنين المدنى الفرنسى الذى يوجب فى حق الارتفاق حتى يجوز كسبه بالتقادم أن يكون مستمراً مطاوعة لتقاليد كان القانون الفرنسى القديم يجرى عليها ( [2777] ) . ولم ير المشرع $ 1351 $ المصرى الأخذ بهذه التقاليد التى لا مبرر لها ولا معنى للأخذ بها فى مصر ، ومن ثم لم يشترط الاستمرار حتى يكسب الارتفاق بالتقادم . فحق المرور ، وهو ارتفاق غير مستمر لأنه يحتاج فى استعماله لعمل الإنسان ، يجوز كسبه بالتقادم فى التقنين المدنى المصرى ما دام ارتفاقاً ظاهراً ، أى ما دام الطريق الذى يباشر فيه الارتفاق الفقرة الثانية من المادة 1016 ، كما رأينا ( [2778] ) ، إذ تقول : " ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة ، بما فيها حق المرور " ( [2779] ) .
فحق المرور إذن يجوز كسبه بالتقادم ( [2780] ) ، ما دامت معالم الطريق ظاهرة $ 1352 $ حتى يكون ارتفاقاً ظاهراً كما قدمنا . وغنى عن البيان أنه إذا لم يشترط استمرار حق الارتفاق بهذا المعنى الخاص فى حقوق الارتفاق ، أى وجوب تدخل عمل الإنسان فى استعماله . فإن الاستمرار بالمعنى العام فى الحيازة واجب حتى يكسب حق المرور بالتقادم . فيجب أن يكون صاحب العقار المرتفق مداوماً على المرور فى العقار المرتفق به ، وفى الطريق المعد لذلك وهو طريق ظاهر المعالم كما قدمنا . فإذا كان المرور متقطعاً غير منتظم ، يستعمل بين الفينة والفينة على فترات متباعدة دون أن يكون لها مواعيد محددة ، فإن المرور فى هذه الحالة يحمل على أنه عمل من أعمال التسامح ، وأعمال التسامح لا تصلح أساساً لكسب الحق بالتقادم لانتفاء عنصر القصد فى الحيازة ( [2781] ) . وليس يلزم من ذلك أن حق المرور يجب استعماله باستمرار طول الوقت دون أن ينقطع ، فإن هذا أمر مستحيل فوق أنه لا ضرورة له . بل يكفى أن يستعمل حق المرور بطريقة منتظمة . من وقت إلى آخر ، فى المواعيد التى يحتاج فيها المرور ، على أن يكون استعمال الحق على هذه النحو مضطرداً غير منقطع ( [2782] ) .
594 - طريقة استعمال حق الارتفاق الظاهر يجوز كسبها بالتقادم : وكما يجوز كسب حق الارتفاق الظاهر بالتقادم ، يجوز أيضاً أن يكسب بالتقادم طريقة استعماله . ذلك بأن طريقة الاستعمال فرع عن حق الارتفاق نفسه ، وإذا كان الأصل يجوز كسبه بالتقادم فأولى أن يجوز كسب الفرع بنفس السبب .
فإذا كسب شخص بالاتفاق حق ارتفاق بالمطل على عقار جاره بفتح نافذة واحدة فى طابق معين من منزله على مسافة أقل من المسافة القانونية ، جاز له إذا عدل طريقة استعمال الارتفاق ، أن يكسب بالتقادم طريقة الاستعمال المعدلة . فإذا فتح مثلاً نافذة أخرى إلى جانب النافذة الأولى ، أو فتح نافذة أخرى فى طابق أعلى أو أسفل ، واستمر على ذلك المدة اللازمة للتقادم ، فإنه $ 1353 $ يكسب بهذا السبب ما أدخله من التعديل على حق ارتفاقه الأصلى الذى كسبه بالاتفاق .
وإذا كسب بالاتفاق حق ارتفاق بالمرور فى عقار جاره على أن يمر مترجلاً ، ثم أخذ يمر فى عربة أو يمر وتمر معه مواشيه ، وبقى كذلك المدة اللازمة للتقادم ، فإنه يكسب بالتقادم ما أدخله من تعديل فى استعمال حق ارتفاقه الأصلى الذى كسبه بالاتفاق . فيجوز له ، بعد تمام مدة التقادم ، أن يمر فى عربته أو أن يمر مع مواشيه ، دون أن يكون لصاحب العقار المرتفق به حق الاعتراض على ذلك ( [2783] ) .
2 - حيازة حق الارتفاق التى تؤدى إلى كسبه بالتقادم
595 - الحيازة فى حق الارتفاق كالحيازة فى الملكية : قدمنا ( [2784] ) أن الحيازة هى وضع مادى ينجم عن أن شخاً يسيطر سيطرة فعلية على شئ يجوز التعامل فيه ، أو يستعمل بالفعل حقاً من الحقوق . ويستوى فى ذلك حق الملكية ، وهو المقصود من السيطرة الفعلية على الشئ ، وغيره من الحقوق . والسيطرة الفعلية على الحق يكون باستعماله عن طريق أعمال مادية يقتضيها مضمون هذا الحق . فإن كان حق ملكية ، اختلط الحق بالشئ محل الحق ، فيقال إن الشخص يسيطر سيطرة فعلية على الشئ نفسه محل الملكية . وإن كان حق ارتفاق ، فإن حيازته تكون باستعماله فعلاً ، فيمر الحائز فى أرض الجار فى الارتفاق بالمرور ، أو يفتح نافذة فى حائطة على مسافة أقل من المسافة القانونية تطل على عقار جاره فى الارتفاق بالمطل .
ومن ذلك نرى أن الشروط العامة للحيازة واحدة ، سواء كانت الحيازة واقعة على حق الملكية أو كانت واقعة على حق الارتفاق . فإن كانت واقعة على حق الارتفاق ، وجب ، حتى تؤدى إلى كسب هذا الحق بالتقادم ، أن تكون بوجه عام مستمرة ظاهرة هادئة غير غامضة .
$ 1354 $
وكل ما قررناه فى هذا الشأن ، عند الكلام فى النظرية العامة للحيازة ( [2785] ) ، ينطبق هنا فى حيازة حق الارتفاق ( [2786] ) . وقد لاحظنا فيما تقدم أن هناك معنى خاصاً لحق الارتفاق المستمر ولحق الارتفاق الظاهر ، وهذا المعنى غير مطلوب فى الشرطين العامين للاستمرار والظهور فى الحيازة . فقد تكون حيازة حق الارتفاق مستمرة مع أن حق الارتفاق نفسه غير مستمر ، والعبرة فى هذه الحالة باستمرار الحيازة . فإذا كانت الحيازة مستمرة بالمعنى العام ، جاز كسب حق الارتفاق بالتقادم ، حتى لو كان هذا الحق غير مستمر بالمعنى الخاص ، وقد تقدم بيان ذلك . وكذلك الظهور فى الحيازة ، غيره فى حق الارتفاق ، ولكن هنا يطلب القانون الظهور بمعناه الخاص فى حق الارتفاق ، أى أن يكون لهذا الحق معالم ظاهرة ، حتى تؤدى الحيازة إلى كسب حق الارتفاق بالتقادم . وقدمنا أن التقنين المدنى الجديد يخلط ما بين الظهور فى حق الارتفاق والظهور فى الحيازة ، ويجعلهما شيئاً واحداً هو الظهور فى حق الارتفاق لاعتبارات عملية ( [2787] ) .
$ 1355 $
وكذلك ما قررناه من وجوب توافر الحيازة على عنصريها المادى والمعنوى ينطبق هنا فى حيازة حق الارتفاق ، حتى تؤدى الحيازة إلى كسب هذا الحق بالتقادم ( [2788] ) . ونقف ، فى العنصر المعنوى للحيازة ، عندما سبق أن قررناه من انتفاء هذا العنصر فى أعمال التسامح ( actes de simple torlerance ) وفى إتيان الرخصة من المباحات ( actes de pure faculte ) ( [2789] ) ، لنعيد فى إيجاز ما قدمناه فى هذا الشأن مطبقاً على حيازة حق الارتفاق .
596 - أعمال التسامح فى حيازة حق الارتفاق لا تؤدى إلى كسبه بالتقادم : وأكثر ما ترد أعمال التسامح فى حيازة حق الارتفاق . فهى تتضمن حيازة مادية لحق الارتفاق ، أى أعمالاً تعتبر استعمالاً فعلياً لهذا الحق . ولكن صاحب العقار المرتفق به لا يحمل هذه الأعمال على محمل الاعتداء على عقاره ، بل يكون قد رخص لجاره فى القيام بها ، ترخيصاً صريحاً ، أو ترخيصاً ضمنياً بالسكوت عليها . فيكون هذا تسامحاً منه نحو جاره ، محافظة منه على حسن الجوار . وكذلك الجار الذى يستعمل حق الارتفاق إنما يستعمله لا بقصد الاعتداء على ملك جاره ، بل هو يستعمله بناء على هذا الترخيص الصريح أو الضمنى الصادر له من جاره . فتكون الحيازة هنا قد تجردت عن عنصرها المعنوى وهو عنصر القصد ، ولذلك لا تقوم ، ومن ثم لا تؤدى إلى كسب حق الارتفاق بالتقادم . فإذا أقام الجار بناء فى الحد الفاصل بين أرضه وارض جاره وكانت الأرض الأخيرة أرضاً فضاء ، وفتح الجار نافذة فى الحائط المقام فى الحد الفاصل ، فيغلبأن يترك صاحب الأرض جاره يفتح المطل على سبيل التسامح ، لأن فتح المطل فى هذه الحالة لا يضايقه إذ أن أرضه فضاء فلا يضيره أن يفتح جاره مطلاً عليها . وتكون حيازة صاحب المطلب قائمة على تسامح من الجار ، فهى حيازة مجردة من العنصر المعنوى وهو عنصر القصد ، فلا يكسب حق ارتفاق بالمطل ,لو بقى المطل مفتوحاً خمس عشرة سنة أو أكثر . وإذا كانت الأرض محبوسة عن الطريق العام ، ولكن صاحبها مر فى أرض الجار لأن المسافة منها إلى الطريق العام أقصر وأيسر ، وثبت أن الجار قد ترك $ 1356 $ جاره يمر فى أرضه على سبيل التسامح ، فعند ذلك تكون حيازة هذا الأخير لحق المرور حيازة مادية محضة مجردة من العنصر المعنوى وهو عنصر القصد ، فلا يستطيع أن يكسب حق المرور بالتقادم ولو بقى يمر فى أرض الجار خمس عشر سنة أو أكثر .
وقاضى الموضوع هو الذى يقدر ما إذا كانت الأعمال التى قام بها الجار قد تحملها منه جاره على سبيل التسامح ، فلا تكسبه هذه الأعمال حق الارتفاق بالتقادم . وينظر القاضى فى ذلك إلى مقدار ما تحدثه من هذه الأعمال من مضايقات للجار ، وإلى مقدرا ما لهذا الجار من مصلحة فى معارضة هذه الأعمال . فإذا لم تكن هذه الأعمال من شأنها أن تضايق الجار كثيراً ، وكان هذا الجار مصلحة فى عدم معارضتها حفاظاً منه على حسن الجوار ، ورعاية منه لما يقوم بينه وبين جاره من علاقة ود لا يبغى أن يعكر صفاءها ، أمكن أن يستخلص من كل ذلك أن لجار قد احتمل من جاره هذه الأعمال على سبيل التسامح ، وأن هذا الأخير لم يقم بهذه الأعمال اعتداء على حق الجار ولكن لما آنسه من روح التسامح عند هذا الجار " ( [2790] ) .
597 - إتيان الرخصة من المباحثات لا تؤدى إلى كسب حق ارتفاق بالتقادم : وقدمنا ( [2791] ) . أن الفقرة الأولى من المادة 949 مدنى تنص على أنه " لا تقوم الحيازة على عمل يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المباحات ، أو عمل يتحمله الغير على سبيل التسامح .
والعمل الذى يأتيه الشخص على أنه رخصة من المباحت هو محض رخصة يأتيها ، وليس لأحد أن يمنعه منها . فلا هو فى إثباتها حاز حق ارتفاق ولو محض حيازة مادية ، ولا هو من باب ا,لى توافر عنده قصد استعمال حق ارتفاق . ومن ثم لا تقوم الحيازة بإتيان هذه الرخصة ، لتخلف عنصريها المادى والمعنوى معاً . ففى حين أن أعمال التسامح يقوم بها العنصر المادى للحيازة دون عنصرها المعنوى ، إذا بإتيان رخصة من المباحات لا تقوم به الحيازة أصلاً ، لا فى عنصرها المعنوى ولا فى عنصرها المادى . فإذا فتح شخص مطلاً مستوفياً لقيد المسافة ، $ 1357 $ فهو فى ذلك إنما يستعمل رخصة فى حدودها القانونية . ومن ثم يجوز لصاحب العقار المجاور أن يقيم حائطاً فى حدود ملكه ، لأن صاحب المطل لم يكسب حق ارتفاق قبل جاره بفتحه المطل ، إذ هو لم يأت فى ذلك إلا برخصة من المباحات . وإذا أقام شخص حائطاً على حدود ملكه ، وفتح فى هذا الحائط منوراً مستوفياً لشروطه ، فهو فى فتحه للمنور إنما أتى رخصة من المباحات ولم يقصد من فتح المنور الاعتداء على حق لأحد ، ولم يقع فعلاً أى اعتداء على حق لأحد ، فلا تقوم له حيازة فى هذه الحالة ، ولا يكسب حق ارتفاق قبل الجار . ويجوز للجار ، حتى لو بقى المنور مفتوحاً مدة خمس عشرة سنة أو أكثر ، أن يقيم فى حدود ملكه حائطاً يسد به المنور ، ولا يجوز لصاحب المنور أن يتمسك بأنه سب حق فتح المنور بالتقادم . كذلك لو أصبح الحائط الذى فتح فيه المنور حائطاً مشتركاً ، فإنه يجوز للجار الآخر أن يطلب سد المنور بعد أن أصبح الحائط مشتركاً ، ولا يجوز لصاحب المنور أن يقول إن المنور بقى مفتوحاً خمس عشرة سنة فكسب حق ارتفاق بالتقادم . ونرى من كل ذلك أن إتيان رخصة من المباحات ، كالقيام بعمل من أعمال الستامح ، لا تقوم به حيازة ، ولا يؤدى إلى كسب حق ارتفاق بالتقادم .
ويجوز أن تنقلب الأعمال التى يستعمل الشخص بواسطتها رخصة من المباحات ، أو التى يقوم بها على سبيل التسامح من الجار ، إلى أعمال حيازة صحيحة تتوافر فيها عنصراً الحيازة المادى والمعنوى . فتتغير صفة هذه الأعمال ، وبعد أن كانت أعمالاً لا تقوم بها الحيازة ، تصبح أعمالاً تتم بها الحيازة فتصير صالحة لأن تؤدى إلى التقادم . مثل ذلك أن يأتى الجار الذى يستعمل الرخصة أو يقوم بأعمال التسامح بعمل مادى يعارض به حق المالك ، ويشعره أنه إنما يحوز حق ارتفاق وأنه يقصد استعماله فتصبح حيازته لهذا الحق حيازة صحيحة قد توافر فيها العنصران المادى والمعنوى . فإذا فتح شخص منوراً فى الحائط القائم على حدود ملكه ، ولما أراد جاره أن يبنى حائطاً هو الآخر فى حدود ملكه يسد المنور منعه الجار من ذلك ، ورضخ جاره لهذا المنع ، فإن هذا عمل مادى دل به الجار على أنه بفتحه المنور لا يقصد أن يأتى رخصة من المباحات ، بل قصد أن يستعمل حق ارتفاق . ومن ثم إذا ظل على هذه الحال خمس عشرة $ 1358 $ سنة ، كسب حق ارتفاق بالتقادم ، ولم يستطع جاره أن ؟؟؟؟؟؟ المنور ، وإذا أصبح الحائط المفتوح فيه المنور حائطاً مشتركاً لم يجز أيضاً سد المنور فقد كسب الجار حق فتحة بالتقادم . وإذا عمد الجار الذى يمر فى أرض جاره على سبيل التسامح إلى ترصيف المكان الذى يمر فيه وإلى إحاطته بسياج ليختص به وحده ، مما يقطع فى أن نيته قد تحولت من القيام بعمل على سبيل التسامح إلى القيام بعمل من أعمال الحيازة الصحيحة التى توافر فيها عنصران المادى والمعنوى ، واستمر الوضع على هذا النحو مدة خمس عشرة سنة دون معارضة من الجار ، فإن الحيازة تنتج أثرها وتكسب صاحبها حق ارتفاق بالمرور ( [2792] ) .
3 - مدة التقادم
598 - مدة التقادم فى التقنين المدنى الفرنسى : لما كان حق الارتفاق عقاراً ، وكان كسب العقار بالتقادم إما أن يكون بالتقادم الطويل أو بالتقادم القصير ، فإن المادة 690 مدنى فرنسى خرجت على هذه القاعدة العامة إذ جاءت محددة لنوع التقادم الذى يكسب به حق الارتفاق ، فهى تقول : " الارتفاقات المستمرة الظاهرة تكسب بالسند أو بالحيازة مدة ثلاثين سنة " . وإزاء هذا النص الصريح ، جرى القضاء والفقه فى فرنسا على أن حق الارتفاق لا يكسب إلا بالتقادم الطويل ، أى بحيازة تدوم ثلاثين سنة كما تصرح المادة 690 مدنى فرنسى سالفة الذكر ، فحق الارتفاق إذن لا يكسب بالتقادم القصير أى بحيازة تدوم ما بين عشر سنوات وعشرين سنة ( [2793] ) . ويستند هذا الرأى ، إلى جانب صريح نص المادة 690 مدنى فرنسى سالفة الذكر ، إلى الأعمال التحضيرية للتقنين المدنى الفرنسى ، حيث يصرح Malleville وهو أحد واضعى هذا التقنين بأنه " بالنسبة إلى كسب حقوق الارتفاق ، لا يقر $ 1359 $ التقنين المدنى من أنواع التقادم إلا التقادم الطويل ومدته ثلاثون سنة " . هذا إلى حجة منطقية يضيفها أصحاب هذا الرأى ، فيقولون إن السبب فى جواز كسب الملكية ذاتها بالتقادم القصير وعدم جواز كسب حق الارتفاق بهذا النوع من التقادم يرجع إلى أن حيازة الملكية أى حيازة الشئ محل الملكية ، أمر محسوس يمكن التثبت منه أكثر من الثبت من حيازة حق الارتفاق ، إذ أن حيازة حق الارتفاق تدق كثيراً ، فلم ير المشرع الفرنسى إعمال التقادم القصير بالنسبة إليها ، ولم يفسح المجال فيها إلا للتقادم الطويل ( [2794] ) .
وينتقد جانب من الفقه الفرنسى هذا الرأى ( [2795] ) ، ويذهب إلى أن المادة 690 مدنى فرنسى ، عندما قررت أن حق الارتفاق يكسب بالحيازة مدة ثلاثين سنة ، إنما أرادت أن تستبعد قاعدة كانت مقررة فى القانون الفرنسى القديم ( [2796] ) ، وكانت تقضى بأن حق الارتفاق لا يكسب بالتقادم إلا إذا كان مصحوباً بسند . فأراد المشرع الفرنسى أن يعدل عن هذه القاعدة القديمة ، وأن يجعل حق الارتفاق يكسب بالتقادم كسائر الحقوق العينية ولم لم يكن مصحوباً بسند . ولم يتمثل وقت وضع المادة 690 مدنى فرنسى إلا حالة ما إذا كان حائز العقار المرتفق به هو مالكه الحقيقى كما هو الغالب ، فقرر أن من يحوز حق ارتفاق على هذا العقار يتملكه بالحيازة مدة ثلاثين سنة ، وعنى بذلك أن حائز حق الارتفاق يتملك هذا الحق بالتقادم دون حاجة إلى سند . ولم يخطر على باله وقت وضع هذه المادة حالة التقادم القصير ، وهى حالة معقدة تقضى أن يكون حائز العقار المرتفق به هو غير مالكه الحقيقى وقد رتب على هذا العقار حق ارتفاق بموجب الاتفاق ، حتى يقال إنه أراد بنص المادة 690 مدنى فرنسى استبعاد تملك حق العقار فى هذه الحالة بالتقادم القصير . فالمادة 690 مدنى فرنسى لا شأن لها إذن بنوع التقادم الذى يكسب به حق الارتفاق ، وكل $ 1360 $ ما أرادت أن تقوله هو أن حق الارتفاق يكسب بالتقادم دون حاجة إلى سند . ولما كانت المادة 2265 مدنى فرنسى تقرر فى نص عام شامل أن العقار يكسب بالتقادم القصير إذا كان هناك سبب صحيح واقترنت الحيازة بحسن النية ، فإن حق الارتفاق كغيره من العقارات يدخل فى عموم هذا النص ، ويجوز أن يكسب هو الآخر بالتقادم القصير متى وجد السبب الصحيح وحسن النية . وإذا لم يكن هناك شك فى أن حق الملكية يكسب بالتقادم القصير ، فكيف ينكر على حق الارتفاق ، وهو دون حق الملكية مرتبة ، أن يملك هو أيضاً بالتقادم القصير ( [2797] ) .
599 - مدة التقادم فى التقنين المدنى المصرى : أما فى التقنين المدنى المصرى ، فالمسألة لا تحتمل أى خلاف . فإن الفقرة الثانية من المادة 1016 مدنى ، كما رأينا ( [2798] ) ، تنص على ما يأتى : " ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة ، بما فيها حق المرور " . فلم تنقل ما قررته المادة 690 مدنى فرنسى من أن حق الارتفاق يكسب بالحيازة المدة الطويلة ، بل قررت أن حق الارتفاق الظاهر يكسب بالتقادم إطلاقاً ، دون تمييز بين التقادم الطويل والتقادم القصير . فلم يعد هناك محل ، فى القانون المصرى ، للوقوف فى كسب حق الارتفاق على التقادم الطويل دون التقادم القصير . بل يجب القول دون أى تردد أن حق الارتفاق ، فى القانون المصرى ، يكسب بالتقادم القصير كما يكسب بالتقادم الطويل ، متى كان حق الارتفاق ظاهراً .
فحق الارتفاق الظاهر يكسب إذن بالتقادم الطويل ، أى بحيازة تدوم خمس عشرة سنة . فإذا حاز شخص على عقار جاره حق ارتفاق ظاهر ليس له ؟؟؟؟؟ كحق مطل أو حق مرور ، واستمر حائزاً له مدة خمس عشرة سنة ، وتوافرت فى الحيازة عنصراها المادة والمعنوى وكذلك توافرت شروطها ، $ 1361 $ فإن الحائز لحق الارتفاق يتملك هذا الحق بالتقادم الطويل ( [2799] ) .
وحق الارتفاق الظاهر يكسب أيضاً بالتقدم القصير ، أى بحيازة تدوم خمس سنوات . فإذا كان حائز العقار المرتفق به لا يملكه ، سواء كان حائزاً بحسن نية أو بسوء نية ، ورتب على العقار الذى يحوزه حق ارتفاق بالمطل أو حق ارتفاق بالمرور مثلاً ، بموجب اتفاق بينه وبين مالك العقار المرتفق ، فإن هذا الأخير لا يملك حق الارتفاق بهذا الاتفاق ، لأن الاتفاق صادر من غير مالك . ولكن إذا كان حسن النية أى يعتقد أنه تعاقد مع المالك ، وحاز حق الارتفاق حيازة مستوفية لعنصريها ولشرائطها ، وكان حق الارتفاق ظاهراً ، ودامت حيازته خمس سنوات ، فإنه يتملك حق الارتفاق بالتقادم القصير ( [2800] ) .
$ 1362 $
الفصل الثانى
الآثار التى تترتب على قيام حق الارتفاق
600 - نص قانونى : تنص المادة 1019 مدنى على ما يأتى :
" تخض حقوق الارتفاق للقواعد المقررة فى سند إنشائها ، ولما جرى به عرف الجهة ، وللأحكام الآتية " ( [2801] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 30 فقرة 2 / 51 فقرة 2 ( [2802] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 987 / 2 - وفى التقنين المدنى الليبى م 1022 - وفى التقنين المدنى العراقى م 1275 - وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 84 / 2 ( [2803] ) .
$ 1363 $
ويخلص من هذا النص أن ما ينتجه حق الارتفاق من آثار يبينه عادة سند إنشائه ، من عقد أو وصية . فما ورد فى العقد أو فى الوصية فى هذا الشأن يجب اتباعه ، لأن الإرادة هنا هى مصدر حق الارتفاق وهى التى تبين مداه وترسم حدوده . وإذا كان حق الارتفاق قد كسب بالتقادم ، فإنه يكسب فى نطاق الحيازة التى كانت أساساً للتقادم . وإذا كسب هذا الحق بتخصيص لمالك الأصلى ، فهذا التخصيص هو أساس الاتفاق الضمنى الذى يقوم عليه هذا المصدر ، وهو الذى يعين مدى حق الارتفاق ويرسم حدوده كما فى العقد والوصية .
وإلى جانب ذلك ، تجب مراعاة عرف الجهة ، فيما لا يتعارض مع ما تقدم .
ثم إن هناك أحكاماً أوردها القانون ، تكمل هذا وذالك فيما يتعارض معهما ، وهذه الأحكام هلى التى تتولى بحثنها هنا . وبعضها يبين آثار حق الارتفاق بالنسبة إلى مالك العقار المرتفق ، وبعض آخر يبين هذه الآثار بالنسبة إلى مالك العقار المرتفق به .
المبحث الأول
الآثار بالنسبة إلى مالك العقار المرتفق
601 - مسألتان : نبحث هذه الآثار : ( 1 ) من حيث تحديد مدى حق الارتفاق واستعمال هذا الحق . ( 2 ) ومن حيث الدعاوى المخولة للمالك العقار المرتفق .
1 - تحديد مدى حق الارتفاق واستعمال هذا الحق
602 - تحديد مدى حق الارتفاق : قدمنا ( [2804] ) أن مدى حق الارتفاق بتحديد تبعاً للسبب الذى أنشأ هذا الحق .
فإن كان سبب إنشائه العقد أو الوصية ، وجب الرجوع إلى ما يقرره السند فى هذا الشأن . ويفسر القاضى إرادة المتعاقدين أو إرادة الموصى طبقاً للقواعد المقررة فى تفسير الإرادة ، وهو فى تفسيره لهذه الإرادة يبت فى مسألة $ 1364 $ موضوعية ، لا معقب عليه فيها من محكمة النقض ( [2805] ) . ويراعى القاضى فى تفسيره للسند ، ليحدد مدى حق الارتفاق ، أن يوفق ما بين فائدة العقار المرتفق وبين إلقاء أقل عبء على العقار المرتفق به ، مع ملاحظة أن يكون التفسير فى مسائل حق الارتفاق تفسيراً ضيقاً ( [2806] ) .
وإن كان سبب إنشاء الارتفاق تخصيص المالك الأصلى ، فإن مدى حق الارتفاق يتحدد بهذا التخصيص ، وهو الذى وقع عليه الاتفاق الضمنى ما بين المالك الأصلى وصاحب العقار الآخر ( [2807] ) .
وإن كان سبب إنشاء الارتفاق التقادم ، فإن الحيازة التى كانت أساساً للتقادم هى التى تحدد مدى الارتفاق ، وبقدر ما حاز صاحب العقار المرتفق من حق الارتفاق حيازة مستوفية لعنصريها ولشرائطها يكون تحديد مدى حق الارتفاق الذى كسب بالتقادم ( tantum prescriptun, quantum possessum ) . فإذا كان صاحب العقار المرتفق قد كسب بالتقادم أن يفتح نافذتين على مسافة أقل من المسافة القانونية فى الطابق الأوسط من بنائه ، فبهذا القدر يتحدد مدى حق ارتفاقه بالمطل ، وليس له أن يفتح النافذتين نافذة ثالثة ، $ 1365 $ ولا أن يسد نافذة من النافذتين ويفتح نافذة بدلاً منها فى طابق أعلى أو فى طابق أسفل ( [2808] ) .
ويلاحظ أنه فى تحديد مدى حق الارتفاق ، أياً كان سبب إنشائه ، يجب أن يتضمن هذا الحق كل ما هو ضرورى لاستماله . وتنص المادة 696 مدنى فرنسى فى هذا المعنى على أنه " إذا رتب حق الارتفاق ، فالمفروض أنه تضمن كل ما هو ضرورى لاستعماله . فالارتفاق باغتراف المياه من عين للغير يتضمن بالضرورة حق المرور " ( [2809] ) . والارتفاق بالشرب قد يتضمن حق المجرى ، أى الحق فى حفر مسقاة تجرى منها المياه إلى الأرض المرتفقة . ويجب أن يكون الحق الذى يتضمنه الارتفاق ضرورياً لاستعماله ، ولا يكفى أن يكون نافعاً . فالارتفاق بالمجرى لا يتضمن ضرورة حق المرور ، حتى لو كان هذا الحق من شأنه أن يسر استعمال حق الارتفاق ( [2810] ) . والارتفاق الإضافى يتبع الارتفاق الأصلى فى مصيره ، فإذا انقضى الارتفاق الأصلى ولو بعدم الاستعمال انقضى تبعاً له الارتفاق الإضافى . وإذا لم يستعمل صاحب العقار المرتفق الارتفاق الأصلى المدة الكافية لزواله بعدم الاستعمال ، لم يمنع من زواله أن يستعمل صاحب العقار المرتفق الارتفاق الإضافى وحده ( [2811] ) .
603 - تجزئة العقار المرتفق فى نص قانونى : تنص المادة 1024 مدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا جزئ العقار المرتفق ، بقى الارتفاق مستحقاً لكل جزء منه ، على ألا يزيد ذلك فى العبء الواقع على العقار المرتفق به " .
$ 1366 $
" 2 - غير أنه إذا كان حق الارتفاق لا يفيد فى الواقع إلا جزءاً من هذه الأجزاء ، فمالك العقار المرتفق به أن يطلب وزال هذا الحق عن الأجزاء الأخرى " ( [2812] ) .
ويخلص من هذا النص أن مدنى حق الارتفاق يبقى كما هو عند تجزئة العقار المرتفق . وتجزئة العقار تتم بطرق مختلفة . فيجوز أن تتم بقسمة العقار قسمة إفراز ، ويختص كل شريك بجزء مفرز ، وفى هذه الحالة يتعدد حق الارتفاق بتعدد الأجزاء المفرزة ، ويكون لكل جزء مفرز نفس حق الارتفاق على العقار المرتفق به ، ولكن بشرط ألا يترتب على ذلك أية زيادة فى عبء حق الارتفاق الأصلى . وقد تتم تجزئة العقار بأن يباع جزء منه لأجنبى ، فيصبح العقار مجزأ إلى قسمين وفى هذه الحالة أيضاً يكون لكل جزء منهما نفس حق الارتفاق على العقار المرتفق به ، على ألا يترتب على ذلك أية زيادة فى عبء حق الارتفاق . وقد تتم تجزئة العقار بأن يرثه أكثر من واحد ، وفى هذه الحالة يبقى حق الارتفاق كما هو ، ولكن يستعمله أشخاص متعددون دون أن يزيدوا فى عبئه ( [2813] ) . ونرى من ذلك أنه فى جميع الأحوال التى يتجزأ $ 1367 $ فيها العقار ، لا يتغير مدى حق الارتفاق ، حتى لو تجزأ إلى حقوق متعددة ، وحتى لو تعدد من يستعمله . والمهم هو ألا يترتب على تجزئة العقار زيادة فى عبء حق الارتفاق ، كما تقول العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 1024 مدنى سالفة الذكر : " على ألا يزيد ذلك فى العبء الواقع على العقار المرتفق به " . فإذا كان مضمون حق الارتفاق هو أخذ كمية معينة من الرمل أو مقدار معين من الأحجار من الأرض المرتفق بها ، وتجزأ العقار على النحو الذى قدمناه فتجزأ حق الارتفاق إلى حقوق متعددة أو تعدد مستعملون ، لم يجز أن يكون مجموعة ما يؤخذ من الرمل أو من الأحجار من الأرض ، المرتفق بها بعد تجزئة العقار المرتفق أكثر مما كان يؤخذ قبل تجزئة هذا العقار . وإذا كان حق الارتفاق هو حق مرور من موضع معين من الأرض المرتفق بها ، وتجزأ العقار المرتفق ، فإن حق المرور بعد هذه التجزئة يجب أن يستعمل دائماً فى هذا الموضوع المعين دون أن يتعداه ( [2814] ) .
وتنص الفقرة الثانية من المادة 1024 مدنى سالفة الذكر على ما يأتى : " غير أنه إذا كان حق الارتفاق لا يفيد فى الواقع إلا جزءاً من هذه الأجزاء ، فلمالك العقار المرتفق به أن يطلب وزال هذا الحق عن الأجزاء الأخرى " . فإذا كان مضمون حق الارتفاق هو أخذ الكمية اللازمة من الأسمدة من الأرض المرتفق بها لتسميد الأرض المرتفقة ، ثم تجزأت هذه الأرض الأخيرة إلى جزئين متساويين ، فإن كل جزء يختص بنصف كمية الأسمدة التى كانت تؤخذ من قبل . فإذا كانت الأرض المرتفقة قد جزئت بين شريكين حتى يقيم أحدهما فى الجزء الذى اختص به مصنعاً ويستبقى الشريك الآخر أرضه مخصصة للزراعة كما كانت ، فإن حق الارتفاق يبقى بالنسبة التى كانت تؤخذ من قبل . أما الجزء الذى خصص لبناء المصنع فلم يعد فى حاجة إلى السماد لأنه لم يبق $ 1368 $ أرضاً زراعية ، فيكون لمالك العقار المرتفق به فى هذه الحالة أن يطلب زوال حق الارتفاق بالنسبة إلى هذا الجزء ( [2815] ) .
604 - تجزئة العقار المرتفق به – نص قانونى : تنص المادة 1025 مدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا جزئ العقار المرتفق به ، بقى حق الارتفاق واقعاً على كل جزء منه " .
" 2 - غير أنه إذا كان حق الارتفاق لا يستعمل فى الواقع على بعض هذه الأجزاء ولا يمكن أن يستعمل عليها ، فلمالك كل جزء منها أن يطلب زوال هذا الحق عن الجزء الذى يملكه " ( [2816] ) .
ونخلص من هذا النص أن مدى حق الارتفاق يبقى كما هو عند تجزئة العقار المرتفق به ، كما رأيناه يبقى كما هو عند تجزئة العقار المرتفق ، وتتم تجزئة العقار المرتفق به بالطرق نفسها التى تتم بها تجزئ العقار المرتفق ، وقد بينا ذلك فيما تقدم ( [2817] ) .
فإذا جزئ العقار المرتفق به ، صار كل جزء منه محملاً بنفس حق الارتفاق الذى كان العقار كله محملاً به من قبل . فإذا كان مضمون حق الارتفاق هو عدم البناء فى الأرض المرتفق بها ، وجزئت هذه الأرض ، فإن كل جزء منها يكون محملاً بنفس حق الارتفاق وهو عدم البناء فى هذا الجزء ( [2818] ) . $ 1369 $ وإذا كان مضمون حق الارتفاق هو أخذ كمية معينة من الأحجار من محجر هو العقار المرتفق به ، وجزئ هذا المحجر إلى ثلاثة أجزاء متساوية ، فإن كل جزء منه يكون محملاً بحق ارتفاق هو أن يؤخذ منه ثلث كمية الأحجار التى كانت تؤخذ من قبل من المحجر كله ( [2819] ) .
وإذا كان حق الارتفاق لا يستعمل فى الواقع ولا يمكن استعماله على بعض الأجزاء التى انقسم إليها العقار المرتفق به ، كما تقول الفقرة الثانية من المادة 1025 مدنى سالفة الذكر ، فلمالك كل جزء من هذه الأجزاء التى لا يمكن استعمال حق الارتفاق عليها أن يطلب زوال حق الارتفاق عن الجزء الذى يملكه ، إذ يصبح حق الارتفاق هو حق مرور من موضع معين فى الأرض المرتفق بها ، أو حق الارتفاق هو حق مرور من موضع معين فى الأرض المرتفق بها ، أو حق شرب من مسقاة فى الأرض المرتفق بها ، أى كان حق الارتفاق بوجه عام مركزاً فى مكان معين فى الأرض المرتفق بها ، وتجزأت هذه الأرض ، فإن الجزء الذى يقع فيه مكان حق الارتفاق ، أى الجزء الذى يقع فيه طريق المرور أو المسقاة أو العين ، هو وحده الذى يبقى محملاً بحق الارتفاق كاملاً كما كان من قبل تجزئة العقار المرتفق به . ولمالك كل جزء آخر من الأجزاء التى لا يقع فيها مكان حق الارتفاق أن يطلب زوال هذا الحق من الجزء الذى يملكه ، لأن الحق لا يستعمل ولا يمكن أن يستعمل فى هذه الجزء ( [2820] ) . ويتفق ملاك الأجزاء المختلفة التى انقسم لها العقار المرتفق به فيما بينهم على تعويض مالك الجزء المرتفق به الذى يقع فيه مكان حق الارتفاق ، والذى تحمل وحده دون سائر الأجزاء عبء هذا الحق .
605 - استعمال حق الارتفاق – نص قانونى : تنص المادة 1020 مدنى على ما يأتى :
$ 1370 $
" 1 - لمالك العقار المرتفق أن يجرى من الأعمال ما هو ضرورى لاستعمال حقه فى الارتفاق ، وما يلزم للمحافظة عليه ، وأن يستعمل هذا الحق على الوجه الذى ينشأن عنه أقل ضرر ممكن " .
" 2 - ولا يجوز أن يترتب على ما يجد من حاجات العقار المرتفق أية زيادة فى عبء الارتفاق " ( [2821] ) .
ويخلص من هذا النص أن مالك العقار المرتفق ، فى استماله لحق الارتفاق ، يملك أن يقوم بما هو ضرورى من الأعمال لاستعماله . فإذا كان له حق ارتفاق بالمرور ، وكان استعمال هذا الحق يقتضى أن يقيم جسراً فوق ترعة أو مصرف ، أو كان له حق ارتفاق بالمجرى وكان استعمال هذا الحق يقتضى أن يحفر قناة تجرى فيها المياه ، أو كان له حق ارتفاق بالشرب من بئر ارتوازى وكان استعمال هذا الحق يقتضى أن يقيم على البئر مضخة يجلب بها المياه ، كان له $ 1371 $ أن يقيم الجسر أن يحفر القناة أو يقيم المضخة ، وكل هذه أعمال ضرورية لاستعمال حق الارتفاق . وكذلك يحق لمالك العقار المرتفق أن يجرى من الأعمال ما هو ضرورى للمحافظة على حق الارتفاق . فإذا كان له حق ارتفاق بالمرور ، كان له أن يعبد الطريق الذى يمر به ، وأن يرصفه عند الاقتضاء ، وأن يقوم بالإصلاحات اللازمة التى تقتضيها صيانة الطريق ( [2822] ) . ويجب أن يكون القيام بهذه الأعمال على الوجه الأقل ضرراً للعقار المرتفق به ، ولصاحب هذا العقار الأخير أن يحدد ميعاداً معقولاً للفراغ منها ( [2823] ) ، ويبقى مالك العقار المرتفق حراً فى أن يقوم بهذه الأعمال أو ألا يقوم بها ، فهذا حقه وليس واجباً عليه . ولكن إذا لم يقم بها ، وتسبب عن ذلك اضرر للعقار المرتفق به من جراء استعمال حق الاتفاق ، كان مالك العقار المرتفق مسئولاً عن التعويض ( [2824] ) .
ومالك العقار المرتفق ، فى استعماله لحق الارتفاق ، يجب عليه من وجه ألا يجاوز حدود هذا الحق ، ويجب عليه من جهة أخرى ، حتى لو لم يجاوز هذه الحدود أن يستعمل حق الارتفاق على الوجه الذى لا ينشأ عنه إلا أقل ضرر ممكن فلا يسئ استعمال هذا الحق . ونبحث كلاً من الواجبين .
فالواجب الأول هو ألا يجاوز مالك العقار المرتفق حدود الارتفاق ، لا من حيث العقار المرتفق ولا من حيث مضمون الحق . فلا يحق له أن يجاوز حاجات العقار المرتفق إلى حاجات عقار آخر ، فحق الارتفاق إنما نشأ للوفاء بحاجات عقار معين . وكما لا يجوز لمالك العقار المرتفق أن يستوفى حاجات هذا العقار من غير العقار المرتفق به ، كذلك لا يجوز أن يستوفى من العقار المرتفق به حاجات عقار غير العقار المرتفق . ومجاوزة العقار المرتفق إلى عقار آخر ، كمجاوزة العقار المرتفق به إلى غيره من العقارات ، يعتبر فى الحالتين $ 1372 $ مجاوزة لحدود الارتفاق ( [2825] ) . كذلك لا يجوز لمالك العقار المرتفق أن يجاوز حدود حق الارتفاق من حيث مضمون هذا الحق . فإذا كان الارتفاق حق مرور مقصوراً على المشى ، لم يجز لمالك العقار المرتفق أن يمر راكباً ( [2826] ) ، أو أن تمر معه المواشى ( [2827] ) . وتقول الفقرة الثانية من المادة 1020 مدنى سالفة الذكر : " ولا يجوز أن يترتب على ما يجد من حاجات العقار المرتفق أية زيادة فى عبء الارتفاق " . فإذا تقرر حق ارتفاق بالمرور لفائدة منزل للسكنى ، $ 1373 $ ثم استعمل جانب من هذا المنزل معهداً أو نادياً أو مستوصفاً ، لم يجز أن يترتب على ما جد من حاجات المنزل بسبب وجود المعهد أو النادى أو المستوصف أية زيادة فى عبء الارتفاق . ويجب فى هذه الحالة الاقتصار فى حق المرور على ما كان عليه من قبل ، أو الاتفاق مع مالك العقار المرتفق به على توسيع حق المرور لمواجهة ما استجد من الحاجات ( [2828] ) . ووجوب ألا يجاوز مالك العقار المرتفق حدود حق الارتفاق ، لا من حيث العقار المرتفق ولا من حيث مضمون الحق ، يراعى دون نظر لما إذا كان يترتب على هذه المجاوزة ضرر للعقار المرتفق به . فحتى لو لم يترتب على المجاوزة أى ضرر ، فإن المجاوزة فى ذاتها إخلال بواجب مالك العقار المرتفق ، وتستوجب مسئوليته ( [2829] ) .
والواجب الثانى على مالك العقار المرتفق هو ألا يسئ استعمال حق الارتفاق ، حتى لو لم يجاوز حدود هذا الحق . ولكن يشترط هنا وقوع الضرر ، على خلاف ما قررناه فى مجاوزة حدود حق الارتفاق . فيجب على مالك العقار المرتفق أن يستعمل حق الارتفاق على الوجه الذى لا ينشأ عنه إلا أقل ضرر ممكن ( م 1020 / 1 مدنى سالفة الذكر 9 ، فإن استعمله على وجه يضر بالعقار المرتفق به ضرراً كان يمكن تجنبه لو أنه استعمله على وجه آخر يعود عليه بالفائدة المستحقة ، تحققت مسئوليته . ويترك ذلك لتقدير قاضى الموضوع ، فهو الذى يبت فيها إذا كان مالك العقار المرتفق قد أساء استعمال حق الارتفاق ( [2830] ) .
$ 1374 $
وأى أخلال بالواجبين المتقدم ذكرهما من جانب مالك العقار المرتفق جزاؤه إلزامه بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه ، وكذلك التعويض إن كان له مقتض . ويترك بوجه عام لتقدير قاضى الموضوع اختيار الجزاء المناسب وفقاً للظروف المختلفة . أما التعويض فلا يطالب به غلا مالك العقار المرتفق نفسه الذى ارتكب المخالفة ، لأنه مترتب فى ذمته كالتزام شخصى . وأما إعادة الحالة إلى ما كانت عليه ، فيطالب بها مالك العقار المرتفق الذى ارتكب المخالفة وكذلك كل خلف خاص تنتقل إليه ملكية هذا العقار ولو لم يكن هو الذى ارتكب المخالفة ، وذلك بأنها تكليف عينى ينقل العقار نفسه ويتبعه فى أى يد ينتقل إليها هذا العقار ( [2831] ) .
606 - نفقة الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة عليه - نص قانونى : تنص المادة 1022 مدنى على ما يأتى :
" 1 - نفقة الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة عليه تكون على مالك العقار المرتفق ، ما لم يتشرط غير ذلك " .
" 2 - فإذا كان مالك العقار المرتفق به هو المكلف بأن يقوم بتلك العمال على نفقته ، كان له دائماً أن يتخلص من هذا التكليف بالتخلى عن العقار المرتفق به كله أو بعضه لمالك العقار المرتفق " .
" 3 - وإذا كانت الأعمال نافعة أيضاً لمالك العقار المرتفق به ، كانت نفقة الصيانة على الطرفين ، كل بنسبه ما يعود عليه من الفائدة " ( [2832] ) .
$ 1375 $
ويخلص من هذا النص أن الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة عليه تكون نفقاتها فى الأصل على مالك العقار المرتفق ، فهو الذى يستفيد من حق الارتفاق ، فيجب عليه تبعاً لذلك أن يدفع نفقات هذه الاستفادة . ويتحمل هذه النفقات حتى لو كانت من أعمال اقتضى إجراءها عيب فى العقار المرتفق ( [2833] ) ، أو اقتضاها تغيير محل الارتفاق بسبب تعديل فى الوضع القائم للأشياء ( [2834] ) . ما إذا كان هناك خطأ اقتضى إجراء هذه الأعمال ، فنفقتها تكون على من ارتكب هذا الخطأ على سبيل التعويض . فإذا كان الذى ارتكب الخطأ هو مالك العقار المرتفق به كانت نفقتها عليه دون حاجة إلى اتفاق خاص على ذلك ( [2835] ) ، وإذا كان هو مالك العقار المرتفق تحمل نفقة هذه الأعمال حتى لو كان هناك اتفاق على أن تكون النفقة على مالك العقار المرتفق به ( [2836] ) .
ولكن القاعدة التى تقضى بأن تكون نفقة الأعمال على مالك العقار المرتفق به ليست من النظام العام ، فيجوز الاتفاق فى نفس السند الذى أنشأ حق الارتفاق أو فى وقت لاحق على أن تكون نفقة الأعمال على مالك العقار المرتفق به . وفى هذه الحالة يكون التزام هذا الأخير بنفقة الأعمال التزاماً عينياً ( obligation reele ) ، إذ أن سبب الالتزام هنا هو $ 1376 $ ملكيته للعقار المرتفق به ( rem ؟؟؟؟؟؟؟؟ ) ( [2837] ) . و ينبنى على ذلك أن هذا الالتزام لا ينتقل إلى الورثة الشخصين لمالك العقار المرتفق به ، بل ينتقل إلى كل من تنتقل إليه ملكية هذا العقار حتى لو كان خلفاً خاصاً . وينبنى على ذلك أيضاً ، كما تقول الفقرة الثانية من المادة 1022 مدنى سالفة الذكر ، أن يكون لمالك العقار المرتفق به أن يتخلص من هذا الالتزام بالتخلى عن العقار المرتفق به لمالك العقار المرتفق ، يتخلى عنه كله إذا كان حق الارتفاق يتناول كل العقار المرتفق به كالارتفاق باستخراج الأحجار من محجر ، ويتخلى فقط عن الجهة التى يباشر فيها حق الارتفاق كالارتفاق بالمرور من طريق معين فيكون التخلى عن هذا الطريق وحده . وهذا هو المقصود من العبارة التى وردت فى الفقرة الثانية من المادة 1022 مدنى ، وهى " التخلى عن العقار المرتفق به كله أو بعضه " ( [2838] ) .
وتقول الفقرة الثالثة من المادة 1022 مدنى سالفة الذكر : " وإذا كانت الأعمال نافعة أيضاً لمالك العقار المرتفق به ، كانت نفقة الصيانة على الطرفين ، كل بنسبة ما يعود عليه من الفائدة " . فإذا كان هناك ارتفاق بالمرور ، وكان الطريق التخصص لمرور مالك العقار المرتفق يمر منه أيضاً مالك العقار المرتفق به ويعود عليه من المرور فيه قدر متساو للفائدة التى تعود على مالك العقار المرتفق ، كانت نفقة صيانة الطريق مناصفة بين المالكين . وإذا كان الارتفاق هو اغتراف المياه من عين $ 1377 $ موجودة فى العقار المرتفق به ، وكان مالك هذا العقار الأخير يغترف هو أيضاً من هذه العين ثلاثة أميال ما يغترفه مالك العقار المرتفق ، فإن نفقة صيانة العين يتحملها كل منهما ، فيتحمل مالك العقار المرتفق به ثلاثة أرباع النفقات ، ويتحمل مالك العقار المرتفق الربع الباقى ( [2839] ) . وفى جميع هذه الأحوال يكون التزام مالك العقار المرتفق به بالمساهمة فى النفقات ليس التزاماً عينياً ، لأنه لا يساهم فى النفقات بسبب ملكيته للعقار المرتفق به كما هو الأمر عندما يلتزم بالنفقات بموجب اتفاق خاص فيما قدمنا ، بل لأنه ينتفع بالعمال انتفاع مالك العقار المرتفق فيساهم بنسبة ما انتفع . وعلى ذلك لا يجوز له ، كما جاز فى حالة التزامه بالنفقات بموجب اتفاق خاص ، أن يتخلص من المساهمة فى النفقات بالتخلى عن العقار المرتفق به كله أن بعضه .
2 - الدعاوى المخمولة لمالك العقار المرتفق
607 - دعوى الإقرار بحق الارتفاق : لمالك العقار المرتفق دعوى عينية هى دعوى الإقرار بحق الارتفاق ( action confessoire de servitude ) يطلب فيها من مالك العقار المرتفق به ، أو من أى حائز لهذا العقار ، الإقرار له بحق ارتفاقه على العقار المرتفق . ويقدم إثباتاً لدعواه الطريقة التى كسب بها حق الارتفاق ، وهى إحدى الطرق التى يكسب بها هذا الحق ( [2840] ) ، وقد تقدم بيانها . وهذه الدعوى ، بالنسبة إلى حق الارتفاق ، تقابل دعوى الاستحقاق ( action en revengication ) بالنسبة إلى حق الملكية . ويطلب فيها المدعى تمكينه من استعمال حق ارتفاقه ، كما يطلب المدعى فى دعوى الملكية تسليمه العين محل حق الملكية . ويجوز أيضاً للمدعى أن يطلب هدم المنشآت التى أقيمت مخالفة لحق الارتفاق كإزالة المبانى فى حالة الارتفاق بعدم البناء ( [2841] ) ، وكذلك الحكم بغرامة تهديدية ( astreintes ) $ 1378 $ لإجبار المدعى عليه على تمكينه من استعمال حق الارتفاق ( [2842] ) .
608 - دعاوى الحيازة المتعلقة بحق الارتفاق فى القانون الفرنسى : وكما أن دعاوى الحيازة تحمى الحيازة بالنسبة إلى حق الملكية ، فمن المسلم به فى القانون الفرنسى أن هذه الدعاوى تحمى الحيازة أيضاً بالنسبة إلى حق الارتفاق . فيستطيع مالك العقار المرتفق أن يلجأ إلى دعوى منع التعرض وإلى دعوى وقف الأعمال الجديدة ، إذا توافرت شروط كل من هاتين الدعويين ، لحماية حيازته لحق الارتفاق من أى تعرض يقع على هذه الحيازة ، سواء من مالك العقار المرتفق به أو من الغير . ولكن يشترط فى القانون الفرنسى أن يكون حق الارتفاق ، إذا كان سببه التقادم أو تخصيص المالك الأصلى ، مستمراً وظاهراً ، لأن حق الاتفاق المستمر الظاهر هو وحده الذى يمكن كسبه بالتقادم أو تخصيص المالك الأصلى . فإن كان سبب الارتفاق هو السند ، العقد أو الوصية ، جاز الالتجاء إلى دعاوى الحيازة أياً كان نوع حق الارتفاق ، ولو كان غير مستمر أو كان غير ظاهر ، لأن السند ينفى عن حق الارتفاق أية شبهة من أن تكون حيازته حيازة عرضية ( [2843] ) .
ويستثنى من دعاوى الحيازة دعوى استرداد الحيازة ، فهذه تفترض أن عملاً من أعمال العنف قد وقع على حيازة مادية ، لذلك لا يجوز لصاحب هذا الحق أن يلجأ إلى دعوى استرداد الحيازة ( [2844] ) .
609 - دعاوى الحيازة المتعلقة بحق الارتفاق فى القانون المصرى : أما فى القانون المصرى فالأمر يختلف ، إذ أن هذا القانون لا يشترط أن يكون حق الارتفاق مستمراً حتى يمكن كسبه بالتقدم أو بتخصيص المالك الأصلى . لذلك نرى أن كل حق ارتفاق ، ولو كان غير مستمر ، كسب بالتقادم أو بتخصيص المالك الأصلى ، تمكن حماية حيازته بدعوى منع $ 1379 $ التعرض وبدعوى وقف الأعمال الجديدة . ولا يشترط إلا أن يكون حق الارتفاق ظاهراً ، لأن الارتفاقات الظاهرة هى وحدها التى يمكن كسبها بالتقادم وبتخصيص المالك الأصلى ( [2845] ) . فإذا كسب حق الارتفاق بالسند ، العقد أو الوصية ، فإنه تمكن حماية حيازته دائماً بدعوى منع التعرض وبدعوى وقف الأعمال الجديدة ، ولو كان ارتفاقاً غير مستمر ، أو كان ارتفاقاً غير ظاهر .
ولا نرى مانعاً من جواز الالتجاء إلى دعوى استرداد الحيازة ، فى الحالات التى يظهر فيها بوضوح أن عملاً من أعمال العنف قد انتزع من صاحب حق الارتفاق حيازته لهذا الحق . فإذا كان حق الارتفاق إلى هو ارتفاق بالمطل مثلاً ، فلماذا لا يجوز لصاحب حق الارتفاق أن يلجأ دعوى استرداد الحيازة فى هذه الحالة وقد انتزعت منه حيازته بعمل من أعمال العنف؟ وكذلك الأمر فى حق الارتفاق بالمرور ، إذا عمد مالك العقار المرتفق به إلى هدم الجسر الذى يباشر عليه حق الارتفاق ، فإنه يجوز فى هذه الحالة لصاحب حق الارتفاق أن يلجأ إلى دعوى استرداد الحيازة بعد أن انتزعت حيازته لحقه بعمل من أعمال العنف .
المبحث الثانى
الآثار بالنسبة إلى مالك العقار المرتفق به
610 - مسألتان : نبحث هذه الآثار : ( 1 ) من حيث واجبات مالك العقار المرتفق به . ( 2 ) ومن حيث الدعاوى المخولة لمالك هذا العقار .
1 - واجبات مالك العقار المرتفق به
611 - نص قانونى : تنص المادة 1023 مدنى على ما يأتى :
" 1 - لا يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يعمل شيئاً يؤدى إلى الانتقاص من استعمال حق الارتفاق أو جعله أكثر مشقة . ولا يجوز له $ 1380 $ بوجه خاص أن يغير من الوضع القائم ، أو أن يبدل بالوضع المعين أصلاً لاستعمال حق الارتفاق موضعاً آخر " .
" 2 - ومع ذلك إذا كان الموضع الذى عين أصلاً قد أصبح من شأنه أن يزيد فى عبء الارتفاق ، أو أصبح الارتفاق مانعاً من إحداث تحسينات فى العقار المرتفق به ، فلمالك هذا العقار أن يطلب نقل الارتفاق إلى موضع آخر من العقار . أو إلى عقار آخر يملكه هو أو يملكه أجنبى إذا قبل الأجنبى ذلك . كل هذا متى كان استعمال الارتفاق فى وضعه الجديد ميسوراً لمالك العقار المرتفق بالقدر الذى كان ميسوراً به فى وضعه السابق " ( [2846] ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 922 / 1 و 2 و 3 - وفى التقنين المدنى الليبى م 1026 - وفى التقنين المدنى العراقى م 1278 / 1 و 2 - وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 89 / 1 و 2 و 3 ( [2847] ) .
$ 1381 $
ويخلص من هذا النص أن واجبات مالك العقار المرتفق به واجبات سلبية محضة . فهو ليس مكلفاً بأى عمل إيجابى ، لن حق الارتفاق سلطة مباشرة لصاحب هذا الحق على العقار المرتفق به ، يباشرها دون وساطة مالك هذا العقار ودون تدخله . وكل ما يطلب من مال العقار المرتفق به هو الامتناع عن أى عمل يؤدى إلى الانتقاص من استعمال حق الارتفاق ، أو جعله أكثر مشقة ( [2848] ) . فإذا أخل بهذا الواجب السلبى ، وأقدم على عمل يؤدى إلى هذه النتيجة ، منع من ذلك ، وأجبر على التعويض إن كان له مقتض . وليس له بوجه خاص أن يغير بإرادته وحده الموضع المعين أصلاً لاستعمال حق الارتفاق ، وذلك ما لم تتوافر شروط معينة بينتها الفقرة الثانية من النص سلف الذكر ( [2849] ) . وقد يلتزم مالك العقار المرتفق به استثناء بأعمال إيجابية ، وقد ورد مثل لها فى التزامه بدفع نفقات الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة عليه إذا اشترط عليه ذلك ( [2850] ), وهناك مثل آخر سبق بيانه هو أن يلتزم بعمل غضافى يقتضيه استعمال الارتفاق على الوجه المألوف ( م 1021 مدنى ) ، ولكن يجب أن يكون هذا العمل الإيجابى فى جميع الأحوال عملاً إضافياً ينزل من استعمال حق الارتفاق منزله التابع من المتبوع ، وقد تقدم بحث ذلك ( [2851] ) . فيبقى إذن مسائل ثلاث نبحثها على التعاقب : ( 1 ) امتناع مالك العقار المرتفق به من أى عمل يعوق استعمال حق الارتفاق . ( 2 ) الجزاء المترتب على الإخلال بهذا الواجب . ( 3 ) إمكان تغيير الموضع المعين أصلاً لاستعمال حق الارتفاق بشروط معينة .
$ 1382 $
612 - امتناع مالك العقار المرتفق به عن أى عمل يعوق استعمال حق الارتفاق : إذا تقرر حق ارتفاق على العقار المرتفق به أو على موضع معين منه ، فإن تقرير هذا الحق لا يحرم مالك العقار المرتفق به من ملكه ، فلا يزال العقار المرتفق به وكل موضع فيه ملكاً له ، يباشر عليه حقوق المالك من استعمال واستغلال وتصرف . وكل ما ترتب على حق الارتفاق أنه أوجب على مالك العقار المرتفق به إلا يمس ، فى استعماله لحقوق ملكيته ، بحق الارتفاق ( [2852] ) . فإذا كان الارتفاق حق مرور من موضع معين ، فإن هذا الموضع يبقى ملكاً لمالك العقار المرتفق به ، وله أن يقيم عليه من الأبنية ما يشاء ، بشرط أن يترك مسافة كافية تسمح لصاحب حق الارتفاق بالمرور . ومن باب أولى يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يمر من هذا الموضع المعين كما يمر مالك العقار المرتفق ، بشرط أن يسلم مفتاحاً لهذا الباب لصاحب حق الارتفاق ( [2853] ) . وإذا كان الارتفاق حق مرعى أو حق الاعتراف من عين أو حق احتطاب الأشجار ، فإن المرعى والعين والأشجار تبقى ملكاً لمالك العقار المرتفق به ، وله هو أيضاً أن يرعى مواشيه وأن يغترف المياه من العين وأن يحتطب الأشجار ، وذلك كله بشرط ألا يعوق صاحب حق الارتفاق من رعى مواشيه ومن اغتراف المياه ومن احتطاب الأشجار كما يقضى حق ارتفاقه ( [2854] ) .
فكل ما يجب إذن على مالك العقار المرتفق به هو ألا يعوق استعمال حق الارتفاق ، فلا يعمل شيئاً يؤدى إلى الانتقاص من استعمال هذا الحق ، أو $ 1383 $ يؤدى إلى جعل هذا الاستعمال أكثر مشقة . وهذا الواجب يقابل واجب مالك العقار المرتفق من استعمال حقه بحيث لا يجعل هذا الاستعمال أكثر مشقة على مالك العقار المرتفق به ، أو يزيد فى عبء حق الارتفاق ( [2855] ) . فإذا كان الارتفاق حق مرور ، لم يجز لمالك العقار المرتفق به أن يزرع الطريق أو أن يغرس فيه من الأشجار ما يعوق المرور من الطريق ، أو يجعل المرور أكثر مشقة ( [2856] ) . وإذا كان الارتفاق حق مرعى ، لم يجز لمالك العقار المرتفق به أن يقلب الأرض أو يحولها إلى أرض للبناء أو يقيم فيها مصنعاً ، بحيث تصبح غير صالحة للرعى فيها أو تجعل الرعى عسيراً ( [2857] ) . وتقدير ذلك تروك لقاضى الموضوع ، فهو الذى يبت فيما إذا كان العمل قد أدى إلى إعاقة استعمال حق الارتفاق ، أى إلى الانتقاص من هذا الاستعمال أو إلى جعله أكثر مشقة ، ناظراً فى ذلك إلى ملابسات كل قضية وإلى الوضع القائم وإلى الشروط الواردة فى سند حق الارتفاق وإلى النية المفترضة للطرفين وإلى الضرر الذى أحق بمالك العقار المرتفق وإلى غير ذلك من الظروف ( [2858] ) .
613 - الجزاء المترتب على إخلال العقار المرتفق به بواجبه : فإذا أخل مالك العقار المرتفق به بواجبه ، وأتى بأعمال تعوق استعمال حق الارتفاق بأن تنتقص من هذا الاستعمال أو تجعله أكثر مشقة ، ألزم بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه ، وبالتعويض إن كان له مقتض . والتعويض لا يطالب به إلا مالك العقار نفسه الذى ارتكب المخالفة ، لأنه مترتب على التزام شخصى فى ذمته . أما إعادة الحالة إلى ما كانت عليه فيطالب بها مالك العقار المرتفق به الذى ارتكب المخالفة وكذلك كل خلف خاص تنتقل إليها ملكية هذا العقار $ 1384 $ ولم لم يكن هو الذى ارتكب المخالفة . ذلك بأن إعادة الحالة إلى ما كانت عليه إنما هى تكليف عينى يثقل العقار نفسه ، ويتبعه فى أى يد ينتقل إليها هذا العقار . وقد قدمنا مثل ذلك فى الجزاء على مخالفة مالك العقار المرتفق لواجبه ، من عدم مجاوزة حدود حق الارتفاق ، ومن عدم إساءة استعمال هذا الحق ( [2859] ) .
614 - إمكان تغيير الموضع المبين أصلاً لاستعمال حق الارتفاق : وإذا كان استعمال حق الارتفاق قد تركز فى موضوع معين ، كطريق أعد لاستعمال حق المرور ، فإن هذا الموضع الذى عين لاستعمال حق الارتفاق يبقى فى الأصل كما هو دون تغيير . فلا يستطيع مالك العقار المرتفق به أن يغيره بإرادته وحده دون اتفاق مع مالك العقار المرتفق ، كما لا يستطيع مالك العقار المرتفق أن يغيره بإراداته وحده دون اتفاق مع مال العقار المرتفق به . أما عدم جواز استقلال مالك العقار المرتفق بتغيير الوضع الأصلى لاستعمال حق الارتفاق ، فأمر مطلق لا يرد عليه أى استثناء ( [2860] ) . وأما عدم جواز استقلال مالك العقار
المرتفق به بتغيير هذا الموضع الأصلى ، فيرد عليه استثناء نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1023 مدنى فيما رأينا ( [2861] ) .
فيجوز لمالك العقار المرتفق به أن يطلب تغيير الموضع الأصلى لاستعمال حق الارتفاق ، ولو بغير موافقة مالك العقار المرتفق ، إذا كان هذا الموضع قد أصبح من شأنه أن يزيد فى عبء الاتفاق ، أو أصبح الارتفاق مانعاً من إجراء تحسينات فى العقار المرتفق به . ويكون الموضوع الأصلى قد أصبح من $ 1385 $ شأنه أن يزيد فى عبء الارتفاق إذا كان هذا الارتفاق مثلاً ارتفاقاً بالمجرى حفرت لاستعماله قناة لتوصيل المياه ، ثم أصبحت هذه القناة فى موضعها الًلى عائقة لتصريف المياه من الأرض المرتفقة بها . فعندئذ يحق لمالك العقار المرتفق به أن يطلب نقل المجرى إلى مكان آخر لا يعوق تصريف المياه ( [2862] ) . ويكون الارتفاق مانعاً من إحداث تحسينات فى العقار المرتفق به إذا كان هذا الارتفاق مثلاً ارتفاقاً بالمرور ، وأراد مالك العقار المرتفق به أن يقيم أبنية مفيدة لعقاره ولكنها تسد الطريق الذى يستعمل فيه حق المرور . فعندئذ يحق له أن يطلب نقل الطريق إلى مكان آخر ، فيتمكن بذلك من إقامة الأبنية التى يريدها .
وفى جميع الأحوال لا يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يغير الموضع الأصلى لحق الارتفاق من تلقاء نفسه ، بل يجب ‘ليه أولاً أن يفاوض مالك العقار المرتفق فى هذا التغيير ، فإن أبى رفع مالك العقار المرتفق به الأمر للقضاء ، ومحكمة الموضوع هى التى تبت فيما إذا كان للتغير مبرر على النحو الذى قدمناه . ثم إن مالك العقار المرتفق به يجب عليه أن يقدم موضعاً آخر ينتقل إليه استعمال حق الارتفاق ، ويجب أن يكون هذا الموضوع الآخر يتيسر فيه هذا الاستعمال بالقدر الذى كان ميسوراً به فى الموضوع السابق ، وقاضى الموضوع هنا أيضاً هو الذى يبت فى ذلك ( [2863] ) . ويصح أن يكون هذا الموضع الآخر فى العقار المرتفق به نفسه ، أو فى عقار آخر مملوك لصاحب العقار المرتفق به نفسه ، أو مملوك لأجنبى بشرط أن يوافق الأجنبى على ذلك . وفى جميع هذه الأحوال لا يحق لمالك العقار المرتفق أن يرفض تغيير الموضع الأصلى ، ما دام قد ثبت أن هذا الموضوع الأصلى من شأنه أن يلحق ضرراً بالقار المرتفق به أو أن يمنع عنه فائدة بحيلولته دون إجراءات تحسينات فى هذا العقار ، وما دام قد ثبت أن الموضع الجديد لا يلحق $ 1386 $ أى ضرار بمالك العقار المرتفق بل يبقى استعمال حق الارتفاق ميسوراً كما كان من قبل ( [2864] ) .
وتكاليف نقل استعمال حق الارتفاق إلى موضع آخر يتحملها مالك العقار المرتفق به ، غذ أن هذا النقل قد تم تحقيقاً لمصلحته ( [2865] ) . ولا يستحق مالك العقار المرتفق أى تعويض عن هذا النقل ، لأن المفروض أنه لم يصبه من جرائه أى ضرر ( [2866] ) .
ويستوى ، فى جواز تغيير الموضع الأصلى لحق الارتفاق بالشروط المتقدم بيانها ، أن يكون سبب الارتفاق التصرف القانونى ( العقد أو الوصية ) أو تخصيص المالك الأصلى أو التقادم ، كما يستوى أن يكون الموضع الأصلى قد تعين بالارتفاق أو بموجب حكم قضائى ( [2867] ) .
$ 1387 $
ولما كان طلب تغيير الموضع الأصلى لحق الارتفاق رخصة مالك العقار المرتفق به ، فإن حقه فى هذا الطلب لا يسقط بالتقادم ، أى حتى لو مضى على استعمال حق الارتفاق فى موضعه الأصلى خمس عشرة سنة أو أكثر ، لأن الرخص لا تسقط بالتقادم ( [2868] ) . وتبقى لمالك العقار المرتفق به هذه الرخصة ، حتى لو كان قد نزل عنها من قبل ( [2869] ) .
2 - الدعاوى المخمولة لمالك العقار المرتفق به
615 - دعوى إنكار حق الارتفاق : وكما أن لمالك العقار المرتفق دعوى عينية هى دعوى الإقرار بحق الارتفاق ( action confe de servitude ) يطلب فيها الإقرار بحق ارتفاقه على العقار المرتفق به ( [2870] ) ، كذلك لمالك العقار الذى يدعى الغير أن له عليه حق ارتفاق دعوى عينية هى دعوى إنكار حق الارتفاق ( action negatoire de sevitude ) يطلب فيها الحكم بأن عقاره خال من هذا التكليف ( [2871] ) .
ويكفى فى دعوى إنكار حق الارتفاق أن يثبت المدعى مالك العقار ملكيته للعقار ، وليس عليه أن يثبت أن هذا العقار خال من حق الارتفاق . ذلك بأن المفروض أن الملكية خالية من أى تكليف يثقلها ، ما لم يثبت من يدعى وجود تكليف معين كحق ارتفاق أو حق رهن وجود هذا التكليف . فيجب إذن على من يدعى أن له حق ارتفاق ، ولو أنه هو المدعى عليه فى دعوى إنكار حق الارتفاق ، أن يثبت هو وجود هذا الحق بإثبات سبب من أسباب كسبه ( التصرف القانونى أو تخصيص المالك الأصلى أو التقادم ) ، ما دام صاحب $ 1388 $ العقار وهو المدعى قد أثبت ملكيته لهذا العقار ( [2872] ) . فيقع عبء إثبات حق الارتفاق على من يدعى وجوده ، حتى لو كان قد قضى له بحيازة هذا الحق فى دعوى من دعاوى الحيازة فرفع مالك العقار دعوى إنكار حق الارتفاق ( [2873] ) .
ويجوز أيضاً رفع دعوى إنكار حق الارتفاق ، لا فحسب للمطالبة بالحكم بأن العقار خال من حق الارتفاق أصلاً ، بل أيضاً للمطالبة بانتقاص حق الارتفاق وإرجاعه إلى حدوده الحقيقية مع التسليم بأن الحق ذاته موجود . وهنا أيضاً يقع على صاحب حق الارتفاق عبء إثبات الحدود الحقيقية لهذا الحق ، ولا يكلف صاحب العقار المرتفق به إلا بإثبات ملكيته لهذا العقار ، ويلتزم بما سلم به من حدود أقر بها لحق الارتفاق ( [2874] ) .
616 - دعاوى الحيازة : والحائز للعقار يستطيع أيضاً أن يرفع دعاوى الحيازة متى توافرت شروطها ، فيحمى بها حيازته للعقار ممن يدعى أن له حق ارتفاق عليه . فإذا رفع الحائز للعقار دعوى منع التعرض أو دعوى وقف الأعمال الجديدة أو دعوى استرداد الحيازة ، فقضى له بمنع التعرض ممن يدعى أن له حق ارتفاق ، أو بوقف الأعمال الجديدة التى يقوم بها من يدعى أن له حق ارتفاق ، أو برد حيازة ما انتزعه مدعى حق الارتفاق من حيازة للموضع الذى يستعمل فيه ما يدعيه من حق الارتفاق ( [2875] ) . وفى $ 1389 $ جميع دعاوى الحيازة هذه لا يكلف الحائز إلا بإثبات حيازته وبتوافر شروط دعوى الحيازة التى رفعها ، وعلى من يدعى وجود حق ارتفاق على العقار ، يستعمله فعلاً فيتعرض لحيازة المدعى أو ينتزع منه الحيازة ، أن يثبت وجود هذا الحق ، وإلا خسر الدعوى وقضى لصالح حائز العقار ، وبذلك يمتنع على مدعى حق الارتفاق أن يكسب هذا الحق بالتقادم ( [2876] ) .
ولكن يجوز لمدعى حق الارتفاق أن يكتفى بإثبات حيازته لهذا الحق فى دعوى من دعاوى الحيازة ، فيقضى له بحيازة الحق . وفى هذه الحالة لا يكون أمام مالك العقار إلا أن يرفع دعوى إنكار حق الارتفاق على من قضى له بحيازة هذا الحق ، حتى يقضى له هو بأن عقاره خال من حق الارتفاق . ولا يكلف مالك العقار ، هنا أيضاً ، إلا بإثبات ملكيته لهذه العقار ، فيفترض أن العقار خال من حق الارتفاق ، إلى أن يثبت مدعى هذا الحق وجود حقه ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [2877] ) .
الفصل الثالث
أسباب انتهاء حق الارتفاق
617 - بيان هذه الأسباب : سبق أن ذكرنا أنه جزئ العقار المرتفق بقى الارتفاق مستحقاً لكل جزء منه ، فإذا كان الارتفاق لا يفيد إلا جزءاً من هذه الأجزاء فلمالك العقار المرتفق به أن يطلب زوال هذا الحق عن الأجزاء الأخرى ( م 1024 مدنى ) فهذا سبب من أسباب انتهاء حق الارتفاق سبق أن بسطناه ( [2878] ) ، فلا نعود إليه . وقدمنا كذلك أنه إذا جزئ العقار المرتفق به بقى حق الارتفاق واقعاً على كل جزء منه ، فإذا كان الارتفاق لا يستعمل على بعض هذه الأجزاء فلمالك كل جزء منها أن يطلب زوال هذا الحق عن الجزء الذى يملكه ( م 1025 مدنى ) . وهذا سبب آخر من أسباب انتهاء حق الارتفاق ، نكتفى بما سبق أن بسطناه فى شأنه ( [2879] ) .
$ 1390 $
وقد ذكر التقنين المدنى إلى جانب هذين السببين ، أسباباً أخرى لانتهاء حق الارتفاق هى : ( 1 ) انقضاء الأجل . ( 2 ) هلاك أحد العقارين . ( 3 ) اتحاد الذمة . ( 4 ) عدم الاستعمال ( التقادم المسقط ) . ( 5 ) استحالة استعمال الحق . ( 6 ) انعدام الفائدة من الحق .
ولم يذكر التقنين المدنى سببين آخرين ، اكتفاء بتطبيق القواعد العامة فى شأنهما ، وهما : ( 1 ) تحقق الشرط الفاسخ ، ويتصل به أى فسخ لملكية صاحب العقار المرتفق به . ( 2 ) نزول صاحب حق الارتفاق عن حقه ( [2880] ) .
فهذه أسباب ثمانية نبحثها على التعاقب .
648 - انقضاء الأجل – نقص قانونى : تنص المادة 1026 مدنى على ما يأتى : " تنتهى حقوق الارتفاق بانقضاء الأجل المعين ، وبهلاك العقار المرتفق به أو العقار المرتفق هلاكاً تاماً ، وباجتماع العقارين فى يد مالك واحد ، إلا أنه إذا زالت حالة الاجتماع هذه زوالاً يرجع أثره إلى الماضى فإن حق الارتفاق يعود " ( [2881] ) .
$ 1391 $
ويخلص من هذا النص أن حق الارتفاق ينتهى بانقضاء الأجل المعين لانقضائه . وقد قدمنا أن حق الارتفاق يجوز أن يقترن بأجل فاسخ أو بأجل واقف ( [2882] ) . فيجوز الاتفاق إذن ، أو النص فى الوصية التى أنشأت حق الارتفاق ، على أن هذا الحق يدوم مدة معينة وينتهى بانقضائها . وهذا أمر نادر ، ويقع عادة إذا رتب حق الارتفاق لفائدة عقار لا يدوم إلا مدة معينة ، كبناء يقيمه المستأجر فى العين المؤجرة ( [2883] ) .
أما الأصل فى حق الارتفاق فهو أن يكون دائماً كحق الملكية ( [2884] ) ، ولكن الدوام من طبيعته ، بخلاف حق الملكية فالدوام من جوهره . ومعنى ذلك أنه ما لم يوقت حق الارتفاق بأجل ، فهو دائم دون حاجة إلى النص على دوامه ( [2885] ) . أما حق الملكية فهو دائم أبداً ، ولا يجوز النص على توقيته ( [2886] ) .
619 - هلاك أحد العقارين : وتنص المادة 1026 مدنى ، كما رأينا ( [2887] ) ، على أن حق الارتفاق ينتهى " بهلاك العقار المرتفق به أو العقار المرتفق هلاكاً تاماً " .
فإذا هلك العقار المرتفق به هلاكاً تاماً ( [2888] ) ، بأن كان بناء فانهدم أو احترق ولم يجدد ، فإن حق الارتفاق ينتهى بزوال المحل . فإذا جدد البناء ، عاد حق الارتفاق ، ما لم يكن قد انتهى بعدم الاستعمال كما سنرى فى حالة $ 1392 $ استحالة استعمال حق الارتفاق ( [2889] ) . وكالهلاك نزع ملكية العقار المرتفق به للمنفعة العامة ، فينتهى حق الارتفاق المترتب عليه ، ولكن صاحب حق الارتفاق يتقاضى تعويضاً عن حق ارتفاقه .
وكذلك ينتهى حق الارتفاق بهلاك العقار المرتفق هلاكاً تاماً ، على النحو الذى قدمناه فى هلاك العقار المرتفق به ( [2890] ) . ذلك بأن حق الارتفاق يفترض وجود عقارين ، عقاراً مرتفقاً به وعقاراً مرتفقاً ، فإذا هلك أحدهما انتهى حق الارتفاق . ونزع ملكية العقار المرتفق للمنفعة العامة يعتبر فى حكم هلاكه ، فينتهى حق الارتفاق ، بعد أن يكون قد دخل عنصراً من عناصر العقار عند تقدير التعويض .
620 - اتحاد الذمة : وتنص المادة 1026 مدنى ، كما رأينا ( [2891] ) ، على أن حق الارتفاق ينتهى " باجتماع العقارين فى يد مالك واحد ، غلا أنه إذا زالت حالة الاجتماع هذه زوالاً يرجع أثره إلى الماضى فإن حق الارتفاق يعود " . فاجتماع العقارين فى يد مالك واحد يفقد حق الارتفاق قوامه ، فقد قدمنا أنه يجب أن يكون العقار المرتفق به مملوكاً لشخص غير الشخص الذى يملك العقار المرتفق ، فلا يقوم حق ارتفاق بين عقارين مملوكين لشخص واحد ( Nemini res sua servit ) ( [2892] ) . فإذا ملك صاحب العقار المرتفق العقار المرتفق به ، أو ملك صاحب العقار المرتفق به العقار المرتفق ، أصبح العقاران مملوكين لشخص واحد ، وانتهى حق الارتفاق باتحاد الذمة . ذلك بأن مالك العقار المرتفق وهو صاحب حق الارتفاق أصبح هو الذى عليه أيضاً حق الارتفاق بتملكه للعقار المرتفق به فاتحدت الذمة ، وكذلك مالك العقار المرتفق به وهو الذى عليه حق الارتفاق أصبح هو أيضاً صاحب حق الارتفاق بتملكه $ 1393 $ للعقار المرتفق فاتحدت الذمة كذلك . وتتحد الذمة أيضاً إذا ملك أجنبى كلا من العقار المرتفق والعار المرتفق به وفى وقت واحد ، إذ يصبح باعتباره مالك العقار المرتفق هو صاحب حق الاتفاق ، فتتحد الذمة بذلك ( [2893] ) .
واجتماع العقارين فى يد مالك واحد على الوجه الذى قدمناه يتم بأى سبب من أسباب كسب الملكية ، كالميراث ( [2894] ) . والوصية والعقد والشفعة والتقادم . ويصح أيضاً أن يتم عن طريق تخلى ( abandom ) صاحب العقار المرتفق به عن عقاره للتخلص من التزام عينى ، كالالتزام بدفع نفقات الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة عليه إذا وجد شرط يقضى بتحميله هذا الالتزام ( [2895] ) . فعند ذلك تنتقل ملكية العقار المرتفق به إلى صاحب العقار المرتفق بمجرد هذا التخلى ، وتتحد الذمة فى هذا الأخير ، فينتهى حق الارتفاق .
وتوق العبارة الأخيرة من المادة 1026 مدنى ، كما رأينا ( [2896] ) ، ما يأتى : " إلا أنه إذا زالت حالة الاجتماع هذه زوالاً يرجع أثره إلى الماضى فإن حق الارتفاق يعود " . ويخلص من ذلك أنه يجب التمييز بين فرضين : ( الفرض الأول ) زوال حالة الاجتماع بأثر رجعى ، كما إذا اشترى صاحب العقار المرتفق العقار المرتفق به ، فاتحدت الذمة وانتهى حق الارتفاق ، ثم فسخ البيع أو انفسخ بأثر رجعى . فهنا يعتبر البيع كأن لم يكن ، وكذلك يعتبر اتحاد الذمة المترتب على البيع كأن لم يكن تبعاً للبيع ، فيعود حق الارتفاق إلى ما كان عليه ( [2897] ) . ( الفرض الثانى ) ، زوال حالة الاجتماع دون أثر رجعى ، كما إذا اشترى صاحب العقار المرتفق العقار المرتفق به ، فاتحدت الذمة وانتهى حق الارتفاق ، ثم باع صاحب العقار المرتفق العقار المرتفق به الذى سبق أن اشتراه . فهنا يبقى أثر البيع الأول لأنه لم يزل بأثر رجعى ، ويبقى ما ترتب عليه من $ 1394 $ اتحاد الذمة وانتهاء حق الارتفاق ، فلا يعود حق الارتفاق بعد أن انتهى ( [2898] ) .
621 - عدم الاستعمال أو التقدم المسقط – نص قانونى : تنص المادة 1027 مدنى على ما يأتى :
" 1 - تنتهى حقوق الارتفاق بعدم استعمالها مدة خمس عشرة سنة ، فإن كان الارتفاق مقرراً لمصلحة عين موقوفة كانت المدة ثلاثاً وثلاثين سنة . وكما يسقط التقادم حق الارتفاق ، يجوز كذلك بالطريقة ذاتها أن يعدل من الكيفية التى يستعمل بها " .
" 2 - وإذا ملك العقار عدة شركاء على الشيوع ، فانتفاع أحدهم بالارتفاق يقطع التقادم لمصلحة الباقين ، كما أن وقف التقادم لمصلحة أحد هؤلاء الشركاء يجعله موقوفاً لمصلحة سائرهم " ( [2899] ) .
ويخلص من هذا النص أن حق الارتفاق ينتهى بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة ، أو مدة ثلاث وثلاثين سنة إن كان الارتفاق مقرراً لمصلحة عين موقوفة . وعدم الاستعمال ( non - ussage ) هذا معناه التقادم المسقط ، وسمى بعد الاستعمال لأنه يسقط الحقوق العينية كحق الارتفاق وحق الانتفاع ، $ 1395 $ فإذا كان يسقط الحقوق الشخصية فإنه يسمى بالتقادم المسقط ( prescription exinctive ) . وعلى ذلك إذا بقى صاحب حق الارتفاق لا يستعمل حقه طول هذه المدة ، فإن الحق يسقط بعدم الاستعمال . ويستوى أن يكون عدم الاستعمال اختيارياً أو إجبارياً ، فإذا منع من استعمال الحق قوة قاهرة كما إذا نضب معين العين التى تغترف منها المياه ، أو حال صاحب العقار المرتفق به أو الغير دون استعمال الحق ، فإن مدة التقادم تستمر مع ذلك فى السريان ، ويستطيع صاحب حق الارتفاق أن يقطع المدة فى هذه الحالة ، بأن يحصل من صاحب العقار المرتفق به على إقرار بحقه ودياً أو قضائياً ( [2900] ) ، وكل حق ارتفاق ، مستمراً كان أو غير مستمر ، ظاهراً أو غير ظاهر ، إيجابياً أو سلبياً ، يسقط بعدم الاستعمال ( [2901] ) . والمدة المقررة لسقوط حق الارتفاق بعدم الاستعمال هى ، كما قدمنا ، خمس عشرة سنة ( [2902] ) ، فإن كان حق الارتفاق مقرراً لمصلحة عين موقوفة وقفاً خيرياً فالمدة ثلاث وثلاثون سنة وذلك رعاية لجانب الوقف ( [2903] ) .
$ 1396 $
ويبدأ سريان مدة التقادم ، فى الارتفاق غير المستمر ، منذ آخر عمل انقطع بعده صاحب حق الارتفاق عن استعمال حقه ( [2904] ) . أما فى الارتفاق المستمر ، ويدخل فى ذلك الارتفاق السلبى ، فيبدأ السريان من يوم الإتيان بعمل إيجابى يتعارض مع حق الارتفاق ( [2905] ) . فإذا كان الارتفاق مطلاً بدأ سريان المدة من الوقت الذى يبنى فيه صاحب العقار المرتفق به حائطاً يسد النافذة ، أو كان ارتفاقاً بعدم البناء من الوقت الذى يبدأ فيه صاحب العقار المرتفق به بإقامة بناء فى عقاره ( [2906] ) . وليس يلزم أن الذى يقوم بالعمل الإيجابى المتعارض مع حق الارتفاق هو صاحب العقار المرتفق به نفسه ، فقد يقوم به الغير ، وقد يقع بقوة قاهرة ( [2907] ) .
وينقطع التقادم ، ويوقف سريانه ، بنفس الأسباب المقررة فى انقطاع التقادم المسقط ووقف سريانه ( [2908] ) . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 1027 مدنى سالفة الذكر على أنه " إذا ملك العقار المرتفق عدة شركاء على الشيوع ، فانتفاع أحدهم بالارتفاق يقطع التقادم لمصلحة الباقين ، كما أن وقف التقادم لمصلحة أحد هؤلاء الشركاء يجعله موقوفاً لمصلحة سائرهم " . فإذا كان العقار $ 1397 $ المرتفق شائعاً بين شركاء متعددين ، فإن بقاء أحد هؤلاء الشركاء دون الباقين منتفعاً بحق الارتفاق لا يجعل المدة تسرى فى حقه بداهة ، ويقطع فى الوقت ذاته سريان المدة بالنسبة إلى الباقين ، كذلك قطع أحد شركاء التقادم يفيد الباقين فيقطعه بالنسبة إليهم أيضاً ، كما يقع ذلك فيما بين المدنيين المتضامنين ( [2909] ) . وإذا كن بين الشركاء قاصر ليس له نائب ، فإن التقادم يوقف بالنسبة إليه ، وكذلك يوقف بالنسبة إلى الآخرين ، كما يقع ذلك أيضاً فيما بين المدنيين المتضامنين ( [2910] ) . وينتفع سائر الشركاء بانقطاع التقادم أو وقفه بالنسبة إلى أحدهم طوال المدة التى يبقى فيها الشيوع قائماً . فإذا حصلت القسمة بين الشركاء ، فإن كان العقار قد وقع فى نصيب نفس الشريك الذى انقطع التقادم أو وقف بالنسبة إليه ، بقى بداهة منتفعاً بانقطاع التقادم أو وقفه . أما إذا وقع العقار فى نصيب شريك غيره ، فالأثر الرجعى للقسمة كان يقتضى القول بأن الشريك الذى انقطع التقادم أو وقف بالنسبة إليه أصبح أجنبياً عن العقار ، فيعتبر انقطاع التقادم أو وقفه كأن لم يكن ، ومن ثم لا يعتبر التقادم قد انقطع أو وقف بالنسبة إلى الشريك الذى وقع فى نصيبه العقار . وعلى هذا الوجه قضت محكمة النقض الفرنسية ( [2911] ) . ولكن الفقه الفرنسى يذهب ، على العكس من ذلك ، إلى أن انقطاع التقادم أو وقفه يصبح نهائياً بالنسبة إلى سائر الشركاء أياً كانت نتيجة القسمة ، ولا يعتد بالأثر الرجعى . وهذا هو الرأى الذى يتمشى مع إطلاق النص ، سواء فى التقنين المدنى الفرنسى ( م 709 - 710 ) ، أو فى التقنين المدنى المصرى ( م 1027 / 2 ) ( [2912] ) .
فإذا اكتملت مدة التقادم ، سقط حق الارتفاق بعدم الاستعمال . ولا يمنع من سقوطه أن يعود صاحب العقار المرتفق إلى استعمال حق الارتفاق بعد اكتمال $ 1398 $ مدة التقادم ، إلا إذا لم يعترض صاحب العقار المرتفق به على ذلك وفسر عدم اعتراضه على أنه نزول منه عن حقه فى التمسك بالتقادم ( [2913] ) .
وقد رأينا أن آخر الفقرة الأولى من المادة 1027 مدنى سالفة الذكر يقول : " وكما يسقط التقادم حق الارتفاق ، يجوز كذلك بالطريقة ذاتها أن يعدل من الكيفية التى يستعمل بها " . فقد يعمد صاحب حق الارتفاق إلى استعمال حقه استعمالاً جزئياً ، ويبقى كذلك خمس عشرة سنة ، أو ثلاثاً وثلاثين سنة بالنسبة إلى الوقف ، فلا يسقط حق الارتفاق سقوطاً كلياً بعدم الاستعمال ، وإنما ينتقص إلى القدر الذى استعمل . ولكن إذا كان حق الارتفاق غير مستمر ، وجب التمييز بين فرضين : ( 1 ) أن يكون صاحب حق الارتفاق قد استعمله استعمالاً جزئياً وفقاً لحاجاته دون أن يعوقه عن الاستعمال الكلى عاتق ، كما إذا كان الارتفاق حق مرور مشياً على الأقدام أو ركوباً فظل صاحبه يمر مشياً مدة خمس عشرة سنة دون أن تقتضيه الحاجة أن يمر ركوباً . ففى هذا الفرض يعتبر هذا الاستعمال الجزئى بمثابة الاستعمال الكلى إذا لم يقم عائق دون الاستعمال الكى ولكن صاحب حق الارتفاق لم يحتج إلى هذا الاستعمال ، فيبقى حق الارتفاق كما هو دون أن ينتقص . ( 2 ) أن يكون قد قام عائق مادى دون الاستعمال الكلى ، كأن يكون الطريق قد جعل غير صالح للمرور ركوباً فاضطر صاحب حق المرور أن يمر مشياً على الأقدام مدة خمس عشرة سنة . وفى هذا الفرض ينتقص حق الارتفاق بعدم الاستعمال الجزئى ، ويصبح مقصوراً على المرور مشياً على الأقدام دون المرور ركوباً ( [2914] ) . وكما ينتقص حق الارتفاق بعدم الاستعمال الجزئى عن طريق التقادم المسقط ، يجوز كذلك أن يتسع بالإفراط فى الاستعمال الجزئى عن طريق التقادم المسقط ، يجوز كذلك أن يتسع بالإفراط فى الاستعمال عن طريق التقادم المكسب . فإذا كان صاحب حق المرور مشياً على الأقدام قد استعمل الطريق للمرور ركوباً مدة خمس عشرة سنة ، فإن حق ارتفاقه يكون قد اتسع على هذا الوجه ، فيصبح حق ارتفاق بالمرور مشياً على الأقدام وركوباً $ 1399 $ فى وقت واحد ( [2915] ) . وإذا كان قد تعود المرور من طريق آخر غير الطريق الذى خصص له فى الأصل ، وظل يمر من هذا الطريق الآخر مدة خمس عشرة سنة ، فإن كيفية استعمال حق الارتفاق يكون قد تعدل بالتقادم على هذا الوجه ، وأصحب الطريق الآخر هو الذى يستعمل فيه حق المرور دون الطريق الأصلى ( [2916] ) .
622 - استحالة استعمال حق الارتفاق - نص قانونى : تنص المادة 1028 مدنى على ما يأتى :
" 1 - ينتهى حق الارتفاق إذا تغير وضع الأشياء بحيث تصبح فى حالة لا يمكن فيها استعمال هذا الحق " .
" 2 - ويعود إذا عادت الأشياء إلى وضع يؤمكن معه استعمال الحق ، ألا أن يكون قد انتهى بعدم الاستعمال " ( [2917] ) .
$ 1400 $
ويخلص من هذا النص أن حق الارتفاق ينتهى إذا أصبح استعماله مستحيلاً وتنجم الاستحالة من تغير وضع الأشياء ، سواء كان التغير حادثاً فى العقار المرتفق به أو فى العقار المرتفق ( [2918] ) . فإذا كان الارتفاق ارتفاقاً بالمطل مثلاً ، وهدم المنزل المرتفق فانهدمت بهدمه النافذة التى كانت تطل على العقار المرتفق به ، فإن حق الارتفاق ينتهى لاستحالة استعماله بسبب تغير حدث فى العقار المرتفق ( [2919] ) . وإذا كان الارتفاق ارتفاقاً بالمرور ، ثم انحبس العقار المرتفق به فأصبح لا يمكن الوصول منه إلى الطريق العام ، فإن حق الارتفاق ينتهى كذلك لاستحالة استعماله بسبب تغير حدث فى العقار المرتفق به ( [2920] ) . والتعبير " بانتهاء حق الارتفاق " " وبعودته إذا عادت الأشياء إلى وضع يمكن معه استعمال الحق " ، ليس بالتعبير الدقيق . والصحيح أن حق الارتفاق لا ينتهى باستحالة استعماله ، بل يوقف استعماله إلى أن تزول هذه الاستحالة . فإذا ما زالت عاد استعماله إلى ما كان عليه ، ولكن حق الارتفاق نفسه يستمر باقياً ، فهو لم يزل حتى يقال إنه يعود ( [2921] ) . وفى التقنين المدنى الفرنسى تطبيق واضح لذلك ، فقد نصت المادة 665 من هذا التقنين على أنه " إذا أعيد بناء حائط مشترك أو منزل ، فإن الارتفاقات التى كانت للحائط المشترك أو للمنزل ، أو كانت عليه ، تستمر بالنسبة إلى الحائ أو المنزل الجديد ، على ألا تكون أكثر مشقة ، وعلى أن تتم إعادة البناء قبل أن تكتمل مدة التقادم " .
ويجب أن تكون استحالة استعمال حق الارتفاق استحالة تامة ، ولا يكفى $ 1401 $ أن يصبح الارتفاق أكثر مشقة ( [2922] ) . ويستوى أن ترجع الاستحالة إلى قوة قاهرة ، أو إلى فعل صاحب العقار المرتفق به ، أو إلى فعل صاحب العقار المرتفق ، أو إلى فعل أجنبى ( [2923] ) . ويعود حق الارتفاق إذا عادت الأشياء إلى وضع يمكن معه استعمال الحق ، كما سبق القول . وليس من الضرورى أن تعود الأشياء إلى وضعها الأصلى تماماً ، بل يكفى أن ترجع إلى وضع تمكن معه العودة إلى استعمال حق الارتفاق دون أن يكون هذا الاستعمال أكثر مشقة ( [2924] ) .
وتقول الفقرة الثانية من المادة 1028 مدنى سالفة الذكر : " ويعود ( حق الارتفاق ) . . . إلا أن يكون قد انتهى بعدم الاستعمال " . فإذا بقى استعمال حق الارتفاق مستحيلاً مدة خمس عشرة سنة ، أو مدة ثلاث وثلاثين بالنسبة إلى الوقف ، فإنه لا يعود ، حتى لو عادت الأشياء إلى وضع يمكن مع استعماله . ذلك بأن حق الارتفاق فى هذه الحالة يكون قد انتهى ، ولكن ليس بسبب استحالة استعماله ، ولكن بسبب عدم الاستعمال ( [2925] ) . وهناك رأى يذهب إلى أن استحالة الاستعمال تكون سبباً لوقف التقادم ، ومن ثم يجب ألا يستعمل حق الارتفاق خمس عشرة سنة ، أو ثلاثا ًوثلاثين سنة ، دون أن تحسب المدة التى استحال فيها استعماله ، حتى يسقط الحق بعدم الاستعمال . وهذا هو الرأى الذى أخذت به المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى حين قالت : " فإن عاد العقار المرتفق به إلى حالته الأولى . . . عاد حق الارتفاق ، إلا أن يكون قد مضى على عدم استعمال المدة التى يسقط بها ، ولا يحسب فى هذه المدة الوقت الذى تعذر فيه استعمال ( الحق ) " ( [2926] ) . ولكن الرأى الراجح هو عكس ذلك ، $ 1402 $ فتحسب المدة التى استحال فيها استعمال حق الارتفاق فى سقوط هذا الحق بعدم الاستعمال ( [2927] ) .
623 - انعدام الفائدة من حق الارتفاق – نص قانونى : تنص المادة 109 مدنى على ما يأتى :
" لمالك العقار المرتفق به أن يتحرر من الارتفاق كله أو بعضه ، إذا فقد الارتفاق كل منفعة للعقار المرتفق ، أو لم تبق له غير فائدة محدودة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به " ( [2928] ) .
ويخلص من هذا النص أن حق الارتفاق يجوز التحرر منه إذا فقد كل منفعة للعقار المرتفق ، أو أصبحت فائدته محدودة لا تتناسب البته مع العبء الذى يلقيه على العقار المرتفق به . مثل ذلك أن يكون الارتفاق حق شرب ، واستطاع مالك العقار المرتفق أن يحفر بئراً ارتوازية فى أرضه تغنيه ، هى وموارد المياه الأخرى التى عنده دون نظر لحق الشرب ، عن هذا الحق الأخير ، أو فى القليل تجعل حق الشرب فائدته محدودة لا تتناسب البتة مع العبء الذى يتحمله العقار المرتفق به من جراء حق الشرب . ففى هذه الحالة يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يطلب التخلص من حق الارتفاق ، ولو دون موافقة صاحب العقار المرتفق . فقد وازن القانون بين مصلحتين ، مصلحة صاحب $ 1403 $ العقار المرتفق فى بناء الارتفاق وقد انعدمت أو أصبحت منفعة محدودة ، ومصلحة صاحب العقار المرتفق به فى زوال الارتفاق وقد أصبحت هى المصلحة الراجحة إذا تفوق كثيراً مصلحة صاحب العقار المرتفق فى بقاء الارتفاق . ولما كانت حقوق الارتفاق تلقى أعباء ثقيلة على العقارات المرتفق بها ، فقد آثر القانون تحرير العقار المرتفق به من حق الارتفاق فى الحالة التى نحن بصددها ولو اقتضى الأمر أن يدفع مالك العقار المرتفق به تعويضاً مناسباً لمالك العقار المرتفق فى مقابل زوال حقه دون رضائه . فهذا ضرب من استرداد ( rachat ) حق الارتفاق ، يتم دون رضاء صاحب الحق ، لقيام مصلحة تبرر ذلك أما إذا انعدمت كل فائدة لحق الارتفاق ، فإن مالك العقار المرتفق به يستطيع أن يتحرر منه دون دفع أى تعويض ، إذا لم يصب مالك العقار المرتفق ضرر من زوال حق الارتفاق حتى يطلب التعويض عنه .
وقاضى الموضوع هو الذى يقدر ، عند اختلاف الطرفين ، ما إذا كان حق الارتفاق قد فقد كل منفعة أو أصبحت منفعته محدودة ، فيقضى بتحرير العقار المرتفق به من هذا الحق ، ويقدر أيضاً التعويض المستحق لمالك العقار المرتفق إن كان للتعويض محل ( [2929] ) .
624 - تحقق الشرط الفاسخ وفسخ ملكية صاحب العقار المرتفق به : وقد يكون حق الارتفاق معلقا على شرط فاسخ ، فإن حق الارتفاق يجوز تعليقه على الشرط كما يجوز اقترانه بالأجل . وهنا يجب تطبيق القواعد العامة ، فإذا تحقق الشرط الفاسخ ، زال حق الارتفاق . ولكن لا يكون لزواله أثر رجعى ، فإن طبائع الأشياء تأبى أن تحمى المدة التى بقى فيها حق الارتفاق قائماً قبل تحقق الشرط الفاسخ واعتبار هذه المدة كأن لم تكن ( [2930] ) .
$ 1404 $
وإذا فسخت ملكية من أنشأ حق الارتفاق للعقار المرتفق به بسبب من أسباب الفسخ ، فهنا أيضاً يجب تطبيق القواعد العامة . وهذه تقضى بأن من أنشأ حق الارتفاق يعتبر غير مالك للعقار المرتفق به بأثر رجعى ، ويتبين أنه كان لا يملك ترتيب حق ارتفاق على عقار لم يكن يوماً ما ملكاً له . ومن ثم يزول حق الارتفاق ، بزوال ملكية العقار المرتفق به ( [2931] ) .
وكن فسخ ملكية صاحب حق الارتفاق للعقار المرتفق لا يزيل حق الارتفاق ( [2932] ) ، لأن اشتراط المالك حق ارتفاق لفائدة عقاره يعتبر من أعمال الإدارة الحسنة التى لا تزول بفسخ ملكية هذا المالك ، ومن ثم يبقى حق الارتفاق هذا تابعاً للعقار ، فى أى يد ينتقل إليها هذا العقار بعد الفسخ .
625 - نزول صاحب حق الارتفاق عن حقه : وقد ينزل صاحب حق الارتفاق عن حقه بإرادته المنفردة ، فينتهى هذا الحق بالنزول عنه .
والنزول قد يكون صريحاً ، وقد يكون ضمنياً . فإذا كان ضمنياً ، وجب استخلاصه من وقائع ثابتة يفهم منها حتماً معنى النزول . فيعتبر نزولاً ضمنياً أن يشهد صاحب حق الارتفاق على عقد بيع واقع على العقار المرتفق به ، وقد ورد فى شروط البيع أن العقار المبيع خال من أى حق ارتفاق ، وذلك دون أن يتحفظ صاحب حق الارتفاق . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى استخلصت محكمة الموضوع التنازل الضمنى استخلاصاً سائغاً من مقدمات تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها ، فلا معقب عليها فى ذلك لتعلقه بتقدير موضوعى من سلطتها المطلقة ( [2933] ) . وقضت أيضاً بأن التنازل الضمنى يمكن استخلاصه فى حقوق الارتفاق التبادلية ، التى يكون سبب التزام مالك العقار باحترام حق الارتفاق المترتب على عقاره لمصلحة عقار آخر هو التزام مالك هذا العقار الآخر باحترام الارتفاق المقابل المقرر لمصلحة مالك العقار الأول . فإذا خرج أيهما عن الالتزام $ 1405 $ المفروض عليه وخالف شروط عقده أو قيوده ، فإنه يكون قد أسقط حقه فى إلزام جاره مالك العقار الآخر بتنفيذ التزامه الذى يغدو بلا سبب . ذلك بأن التنازل عن حقوق الارتفاق ، كما يكون صريحاً ، يجوز أن يكون ضمنياً ، إذ لم يشترط القانون لتحققه صورة معينة ( [2934] ) . ولكن لا يعتبر نزولاً ضمنياً أن يترك صاحب حق الارتفاق أعمالاً تتم متعارضة مع حق ارتفاقه ، دون أن يعترض ( [2935] ) .
ولما كان النزول عن حق الارتفاق إرادة منفردة صادرة من صاحب هذا الحق كما قدمنا ، فهو ليس فى حاجة إلى قبول مالك العقار المرتفق به ( [2936] ) ، وينتج أثره بصدوره من صاحب العقار المرتفق وإعلانه لصاحب العقار المرتفق به ( [2937] ) . ولكنه لا يسرى فى حق الغير ، كمشتر للعقار المرتفق ، إلا إذا سجل قبل تسجيل هذا الشراء ، وفقاً للقواعد المقررة فى التسجيل ( [2938] ) .
( [1] ) مراجع عامة في القسمين معاً : بودري وشوفو الطبعة الثالثة سنة 1905 – بودري وتيسييه الطبعة الثالثة سنة 1905 - أوبري درو وبارتان جزء 20 الطبعة السادسة سنة 1935 وجزء 3 الطبعة السادسة سنة 1938 – بيدان وفواران جزء 4 الطبعة الثانية سنة 1938 – بلانيول وريبير وبيكار جزء 3 سنة 1952 – دي باج وديكرز جزء 5 سنة 1952 وجزء 6 سنة 1953 – بلانيول وربير وبولانجيه جزء أول الطبعة الرابعة سنة 1948 – كولان وكابيتان ودي لامور اندريير جزء أول الطبعة الحادية عشرة سنة 1947 – جوسران جزء أول الطبعة الثالثة سنة 1938 – هنري وليون وجان مازو دروس في القانون المدني جزء 2 الطبعة الثانية سنة 1962 – مارتي ورينو جزء 2 مجلد 2 سنة 1965 – كاربونييه جزء 2 سنة 1959 – انسيكلوبيدي داللوز جزء أول سنة 1951 لفظ accession وجزء 3 سنة 1953 occupation ولفظ possession وجزء 4 سنة 1954 لفظ preseriptin ولفظ Servitudes وجزء 5 سنة 1955 لفظ Usufruit ولفظ Usage - Habitation .
محمد كامل مرسي جزء 2 سنة 1949 في الحقوق المتفرعة عن حق الملكية وجزء 3 سنة 1949 في الإستيلاء والالتصاق والشفعة وجزء 4 سنة 1949 في الحيازة والتقادم وجزء 5 سنة 1951 في الميراث وتصفية التركة وجزء 6 في الوصية – في الشفعة وحق استرداد الحصة المبيعة قبل القسمة الطبعة الثالثة سنة 1947 – شفيق شحاتة في النظرية العامة للحق العيني سنة 1951 – محمد علي عرفة جزء 2 سنة 1955 في أسباب كسب الملكية – عبد الفتاح عبد الباقي دروس في الأموال سنة 1956 ( ورسالته بالفرنسية في دور الحيازة في المنقول باريس سنة 1943 – عبد المنعم البدراوي في الحقوق العينية الأصلية الطبعة الثانية سنة 1956 – إسماعيل غانم مذكرات في الحقوق العينية الأصلية جزء 2 سنة 1958 – عبد المنعم فرج الصدة في حق الملكية الطبعة الثانية سنة 1964 – حسن كيرة في مصادر الحقوق العينية الأصلية ( مذكرات على الآلة الكاتبة ) سنة 1964 – منصور مصطفى في حق الملكية سنة 1965 – محمود جمال الدين زكي في حسن النية في كسب الحقوق رسالة بالفرنسية القاهرة سنة 1952 .
وعند الإشارة إلى هذه المراجع قصدنا الإحالة إلى الطبعة المبينة أمام كل مرجع منها .
ونذكر هنا ما وقع في يدنا من المؤلفات التي تبحث في الحقوق العينية الأصلية في القانون المدني العراقي ليرجع إليها من يشاء البحث في هذا القانون : حامد مصطفى في الملكية وأسبابها بغداد سنة 1953 والملكية العقارية في العراق ( معهد الدراسات العربية العالية ) سنة 1964 – حسن على الذنون في الحقوق العينية الأصلية بغداد سنة 1954 – شاكر ناصر حيدر في الحقوق العينية الأصلية بغداد سنة 1959 – صلاح الدين الناهي في الحقوق العينية الأصلية بغداد سنة 1961 .
( [2] ) الوسيط جزء أول فقرة 32 – فقرة 34 .
( [3] ) أنظر في كل ذلك الوسيط جزء أول فقرة 33 .
( [4] ) ويذهب بعض الفقهاء إلى أن الالتصاق والحيازة سببان منشئان لملكية جديدة منبتة الصلة بالملكية القديمة التي كانت للمالك السابق ، فهما من هذه الناحية يشاركان الإستيلاء من حيث إن كلا من هذه الأسباب الثلاثة ينشئ ملكية جديدة دون أن ينقل ملكية قديمة ( بلانيول وريبير وبولانيجه 1 فقرة 2822 وفقرة 28424 – نرسون ( nerson ) في انسيكلوبيدي واللوز 4 لفظ propriete فقرة 95 – فقرة 97 – ماز 2 فقرة 1539 : فيما يتعلق فقط بتملك المنقول بالحيازة ) . ويقول الأستاذ محمد علي عرفة في هذا المعنى : " وعلى هذا الأساس يكون الالتصاق والحيازة سببين منشئين للملكية لا ناقلين لها ، إذ أن المالك الجديد لا يكتسب ملكية الشيء بالالتصاق أو بالتقادم بإرادة المالك السابق ، بل استناداً إلى حكم القانون . كما أن الملكية التي يكسبها بأحد هذين السببين ملكية جديدة ، لكونها مستقلة تماماً عن الملكية السابقة " ( محمد علي عرفة 2 فقرة 2 ص 2 – ص 3 ) .
والالتصاق ، في أكثر صوره ، يواجه مالكاً سابقاً كان يملك المواد والأدوات التي التصقت بالأرض أو مالكاً سابقاً كان يملك المنقول الذي امتزج بمنقول آخر ، فينقل ملكية هذه المواد أو هذا المنقول - هي ذاتها – إلى صاحب الشيء الأصلي ، ولا ينشئ ملكية جديدة . ذلك با ، الملكية تتميز بأنها دائمة ، وتتأيد في انتقالها . فما دام الشيء مملوكاً وكان باقياً لم يهلك ، وإن تغيرت صورته ، فالملكية باقية . وإذا ملك الشيء مالك جديد ، فإنما يكون ذلك بانتقال الملكية من المالك القديم إلى المالك الجديد ، لا بانقضاء الملكية وقيام ملكية جديدة مكانها . ويستوي في ذلك أن يبقى الشيء المملوك محتفظاً بشكله الأصلي كما في الحيازة ، أو أن يتغير هذا الشكل كما في الالتصاق ، فما دم الشيء باقياً فإن الملكية تبقى دائماَ ، والذي يتبدل هو المالك لا الملكية . ولا يوجد إلا سبب واحد هو الذي ينشئ الملكية لا ينقلها ، وهذا السبب هو الإستيلاء . فإنه يواجه وقت أن يتحقق شيئاً لا مالك له ، فلم تكن هناك ملكية قائمة حتى تنتقل إلى مالك جديد ، ولم يعد بد من أن تكون الملكية التي كسبت بالاستيلاء هي ملكية مبتدأة ، لا ملكية انتقلت من شخص إلى آخر .
ويخلص مما تقدم أن الالتصاق والحيازة ، كالعقد والشفعة ، سببان ناقلان للملكية فيما بين الأحياء . كذلك الميراث والوصية سببان ناقلان للملكية ، ولكن بسبب الوفاة . وهذه الأسباب الناقلة للملكية جميعاً ، سواء كان نقل الملكية بين الأحياء أو كان بسبب الوفاة ، بعضها ينقل الملكية مع استخلاف الملاك الجديد للمالك القديم ، وبعضها ينقل الملكية دون استخلاف . فالأسباب التي تنقل الملكية مع الاستخلاص هي العقد والشفعة والميراث والوصية ، فالعقد والشفعة ينقلان الملكية إلى خلف خاص ، والميراث ينقلها إلى خلف عام ، والوصية تنقلها تارة إلى خلف خاص وتارة إلى خلف عام ، أما الالتصاق والحيازة ، فإنهما ينقلان الملكية دون استخلاف . فالذي يميز الالتصاق والحيازة إذن عن غيرهما من الأسباب الناقلة للملكية ، ليس أنهما لا ينقلان الملكية ، بل هما ينقلانها ، ولكن دون استخلاف وهذا هو الذي يفسر أن المالك الجديد ، في الالتصاق والحيازة ، لا يخلف المالك السابق في ملكيته ، لا خلافة عامة وال خلافة خاصة ، فلا يتقيد بالأعباء والتكاليف التي كانت تقيد المالك السابق ( قارن الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 350 ص 606 هامش 3 ) .
ويكون غير واضح في نظرنا إذن تقسيم الأستاذ محمد علي عرفة لأسباب كسب الملكية إلى أسباب منشئة للملكية وهي الإستيلاء والالتصاق والحيازة ، وأسباب ناقلة للملكية وهي العقد والشفعة ، وأسباب خلافة في الملكية وهي الميراث والوصية . ذلك بأن الالتصاق والحيازة هما سببان ناقلان للملكية لا منشئان لها ، وإنما يتميزان بأنها ينقلان الملكية دون استخلاف كما قدمنا . وذلك بأن أسباب الخلافة في الملكية ليست فحسب هي الميراث والوصية ، إلا إذا أريد بالخلافة الخلافة العامة دون الخلافة الخاصة ، وحتى في هذا المعنى لا تتمحض الوصية سبب خلافة عامة ، بل قد تكون سبب خلافة خاصة وهذا هو الغالب . وإنما أسباب الخلافة في الملكية ، سواء كانت خلافة عامة أو خلافة خاصة ، هي جميع الأسباب الناقلة للملكية فما عدا الالتصاق والحيازة ، فتكون أسباب الخلافة إذن هي العقد والشفعة والميراث والوصية . فكان الأولى إذن أن يقسم الأستاذ محمد علي عرفة الأسباب إلى منشئة وهي الاستيلاء وحده ، وناقلة دون استخلاف وهي الالتصاق والحيازة ، وناقلة مع الاستخلاف وهي العقد والشفعة والميراث والوصية . فيستبدل على هذا النحو تقسيم الأسباب الناقلة للملكية إلى ناقلة مع الاستخلاف وناقلة دون استخلاف ، بتقسيمها إلى ناقلة للملكية فيما بين الأحياء وناقلة للملكية بسبب الوفاة . ولما كان تقسيم الأسباب الناقلة للملكية إلى ناقلة للملكية فيما بين الأحياء وناقلة للملكية بسبب الوفاة هو ، من الناحية العملية ، تقسيم أكثر وضوحاً من التقسيم القائم على فكرة الاستخلاف ، فقد أثره التقنين المدني .
( [5] )
( [6] )
( [7] ) بلانيول وريبير وبولانيجه 1 فقرة 2841 – فقرة 2842 – وقد اقترحوا أ ، تسمى هذه الطائفة من الأسباب " أسباب انتقال الملكية جبراً على صاحبها " .
Modes derives d'aequisition non volontaire
( [8] ) أنظر أيضاً في كسب الصانع لملكية ما يصنعه كمن يصنع طائرة أو باخرة فيملكها بلانيول وريبير وبولانيجه 1 فقرة 2826 .
( [9] ) محمد على عرفة 2 فقرة 8 ص 11 .
( [10] ) أما المشرع الفرنسي فقد نص في المادة 713 مدني فرنسي على أن " الأشياء التي ليس هلا مالك تكون ملكاً للدولة " . ونص أيضاً في المادة 539 مدني فرنسي على أن " الأشياء السائبة التي لا مالك لها ، وأموال من يموت دون وارث أو من تخل الوارث عن تركته ، تدخل في الدومين العام " . ولكن هذه النصوص تفسر في فرنسا على أنها مقصورة على العقار دون المنقول ، فالعقار الذي لا مالك له هو وحده الذي يكون ملكاً للدولة فلا يجوز تملكه بالاستيلاء ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 63 وفقرة 590 ) . أما المنقول فيجوز ألا يكون له مالك ، ومن ثم يجوز تملكه بالاستيلاء( بلا نيول وريبير وبيكار 3 فقرة 63 ص 65 ) . وقد كان مشروع التقنين المدني الفرنسي الصادر في سنة 1804 يجعل كلاً من العقار والمنقول إذا لم يكن له مالك ، ملكاً للدولة ومن ثم كان هذا المشروع لا يقر الإستيلاء سبباً لكسب الملكية ، وكانت إحدى مواد هذا المشروع تنص على ما يأتي :
" لا تعترف القوانين المدنية بالحق في الاستيلاء ، والأشياء التي لم يكن لها مالك أصلاً ، أو التي أصبحت لا مالك لها لتخل أصحابها عنها ، تكون ملكاً للأمة . ولا يجوز لأحد أن يتملكها إلا بحيازة كافية للتملك بالتقادم " ( فينية 2 ص 124 ) . ولكن هذا النص حذف من المشروع بناء على ملاحظة قدتها محكمة استئناف باريس ، واستندت فيها إلى أن بعض الصناعات industries des chiffonniers تقوم على التقاط المخلفات والمنقولات التي يتخل عنها أصحابها ، فتحولها إلى ورق أو إلى مواد أخرى ذات فائدة . وقد استبدل بالنص المحذوف نص المادة 713 مدني فرنسي سالف الذكر . وأصبح مسلماً في القانون الفرنسي أن هذه المادة الأخيرة مقصورة على العقار دون المنقول كما سبق القول . وقد أكدت لجنة تنقيح التقنين المدني الفرنسي هذا المعنى ، عندما عدلت في مشروع تنقيحها المادة 713 مدني فرنسي على الوجه الآتي : " العقارات التي ليس لها مالك تكون ملكاً للدولة " ( لجنة تنقيح التقنين المدني الفرنسي سنة 1946 – سنة 1947 ص 817 – ص 820 و ص 830 ) .
( [11] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1302 / 1 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما أستقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يستعمل لفظ " سائبة " بدلاً من عبارة " لا مالك له " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 942 / 1 في المشروع النهائي ، ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 940 / 1 ، وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة " لا مالك له " بلفظ " سائبة " ، وذلك " دفعاً للشبهة التي تتبادر إلى الذهن من دلالة السائبة في الإسلام " ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 871 / 1 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 188 – ص 190 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولاً به .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 829 / 1 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 875 / 1 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي م 1104 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانية لا مقابل
( [12] ) أنظر ما يلي فقرة 10 .
( [13] ) وإذا توافر العنصران المادي والمعنوي في التخلي ، أصبح المنقول لا مالك له ، وسقطت ملكية صاحبه . ولا يشترط لسقوط الملكية أن يستولى أحد على المنقول ، بل إن مجرد التخلي مسقط للملكية ( عبد المنعم البدراوي فقرة 372 ص 415 ) .
( [14] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1301 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 941 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 939 . فمجلس الشيوخ تحت رقم 870 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 187 – 188 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 56 / 79 : الأموال التي ليس لها مالك تعتبر ملكاً لأول واضع يد عليها . ( وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المدني الجديد ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى التقنين المدني السوري م 828 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 874 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي م 1098 / 1 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [15] ) أنظر آنفاً فقرة 5 .
( [16] ) محكمة السين المدنية 15 نوفمبر سنة 1927 واللوز 1928 – 2 – 89 – باريس 6 مارس سنة 1931 سنة 1931 داللوز 1931 - 2 – 88 – بلا نيول وريبير وبيكار 3 فقرة 592 ص 603 هامش 2 – وأنظر أيضاً محمد علي عرفة 2 فقرة 16 – عبد المنعم البدراوي فقرة 372 ص 415 – إسماعيل غانم ص 5 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 242 – حسن كيرة ص 82 – منصور مصطفى منصور فقرة 110 ص 276 – ص 277 .
( [17] ) وتنص المادة 1098 مدني عراقي على ما يأتي : " 1 - كل من أحرز بقصد التملك منقولاً مباحاً لا مالك له ، ملكه . 2 - والإحراز يكون حقيقاً بوضع اليد حقيقة على الشيء ، كحصد الكلأ والاحتطاب من أشجار الجبال . ويكون حكمياً بقرينة سبب الإحراز كوضع إناء لجمع ماء المطر أو نصب شبكة للصيد " .
( [18] ) بلانيول وريبير وبولانيجه 1 فقرة 2539 .
( [19] ) كما لو أحرز شخص أو شركة مقداراً من ماء البحر لاستخراج الملح منه ، فإنه يتملك هذا المقدار من ماء البحر ( عبدالمنعم فرج الصدة فقرة 241 ص 347 ) .
( [20] ) الوسيط 1 فقرة 237 - وقد جاء في التقنين المدني العراقي نصوص لا مقابل لها في التقنين المدني المصري ، بعضها يتعلق بالماء والكلأ والنار ( وهي أشياء ثلاثة تشترك فيها كل الناس ، وقد تعتبر شيئاً عاماً أو شيئاً مباحاً ) ، وبعضها يتعلق بالأشياء المباحة ، كاقتطاع الأشجار والأحطاب والأحجار من الجبال المباحة ، وكرعي المواشي في المراعى المباحة . ونورد فيما يلي هذه النصوص :
م 1099 : 1 - الماء والكلأ والنار مباحة ، والناس في هذه الثلاثة شركاء فيجوز لهم الانتفاع بها ، وإحراز الماء والكلأ بشرط عدم الضرر . 2 - ويعتبر مباحاً الكلأ الثابت في ملك شخص بغير قصده ، ولكن للمالك أن يمنع الغير من الدخول في ملكه . 3 - وللإنسان والحيوان حق الشفعة في الماء الذي لم يحرز ، وفي المساقى والقنوات المملوكة للغير بشرط عدم الضرر .
م 1100 : 1 - يجوز لكل شخص أن يقطع من الجبال المباحة ، إذا لم تكن من المحاطب والغابات المختصة من قديم بأهل القرى والقصبات أشجاراً وأحطاباً وأحجاراً وغير ذلك من المواد التي يحتاج إليها في البناء والوقود وصنع الآلات الزراعية وغيرها من حاجاته . 2 - وإذا وجد داخل حدود قرية مرعى من غير المراعى المختصة من قديم بأهل القرى والقصبات ، فيجوز لأهل هذه القرية أن يرعوا فيها مواشيهم ، وأن ينتفعوا بنباته ، من غير أن يؤدوا شيئاً من الرسوم ، ويجوز لغير أهل القرية ، إن لم يكن مضراً بأهلها ، أن يرعوا مواشيهم في هذا المرعى ، وأن ينتفعوا بنباته ، وفق ما يجيزه القانون .
( [21] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1304 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه المراجعة تحت رقم 944 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 942 – فمجلس الشيوخ تحت رقم 873 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 193 – ص 194 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 59 / 83 : يتبع في حقوق الصيد في البر والبحر منطوق اللوائح المخصوص بها .
( وحكم التقنين السابق يتفق مع حكم التقنين الجديد ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 831 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 877 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي م 1103 ( مطابق ) .
م 1102 :
1 - الصيد مباح براً وبحراً ، ويجوز اتخاذه حرفة . 2 - وشرط الصيد أن يمتنع الحيوان عن الإنسان بقدرته على القرار ، ثم يحرزه الصائد بعمله قاصداً صيده .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [22] ) مثل ذلك لائحة الصيد الصادرة في 4 أغسطس سنة 1912 – ومثل هذا المرسوم بقانون الصادر في 21 أبريل سنة 1926 والخاص بصيد الأسماك في البحيرات والمياه الداخلية والمياه البحرية وقناة السويس وبالملاحة في البحيرات الداخلة . وقد عدل بالقانون رقم 44 لسنة 1948 ، وبالقانون رقم 282 لسنة 1953 ( بشأن صيد الإسفنج ) ، وبالقانون رقم 283 لسنة 1953 ، وبالقانون رقم 419 لسنة 1953 ، وبالقانون رقم 557 لسنة 1953 ، وبالقانون رقم 283 لسنة 1954 ، وبالقانون رقم 357 لسنة 1954 ، و بالقانون رقم 703 لسنة 1954 – ومثل ذلك القانون رقم 250 لسنة 1954 بالإذن لوزير الحربية في منح حق استغلال مرفق صيد الإسفنج بالمنطقة الغربية من المياه البحرية المصرية ، والقانون رقم 294 لسنة 1956 بالإذن لوزير الحربية في منح حق استغلال مرفق صيد الإسفنج بالمنطقة الغربية من المياه الإقليمية البحرية ، والقانون رقم 688 لسنة 1954 بالإذن لوزير الحربية في منح حق استغلال صيد الأسماك والمحار والبط والأوز والسمان ببعض البحيرات ببورسعيد - ومثل ذلك المرسوم بقانون الصادر في 10 مايو سنة 1946 بتقرير بعض المحظورات على صيد الأسماك ، المعدل بالقانون رقم 233 لسنة 1953 – ومثل ذلك المرسوم الصادر في 21 يونية سنة 1948 بإنشاء مجلس استشاري للمصايد - ومثل ذلك القانون رقم 65 لسنة 1953 بحظر صيد بعض الحيوانات البرية .
وهذه التشريعات إنما تنظم حق ممارسة الصيد كمهنة . أما حق تملك ما يصاد فهذه مسألة من مسائل القانوني المدني ، وكذلك حق الصيد باعتباره من متعلقات حق الملكية .
( [23] ) نقض فرنسي جنائي 19 يونية سنة 1875 داللوز 77 – 1 - 297 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 593 ص 604 .
( [24] ) أوبرى ورد 2 فقرة 201 ص 335 - وأنظر ما يلي فقرة 491 في الهامش .
( [25] ) نقض فرنسي 31 أكتوبر سنة 1898 داللوز 98 - 1 – 563 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 593 ص 604 .
( [26] ) نقض فرنسي جنائي ) يناير داللوز 91 – 1 – 489 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 595 ص 606 .
( [27] ) أنظر ما يلي فقرة 574 – وأنظر الوسيط 6 فقرة 112 – وحق الصيد يكاد يكون مثلاً فذا لحق يجوز إيجاره ولا يجوز بيعه ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 595 ص 607 - أنظر مع ذلك نقض فرنسي جنائي 3 يناير سنة 1925 داللوز الأسبوعي 1925 – 100 في النزول عن حق الإيجار لجمعية ) . ويلاحظ في هذا الصدد أن الوقف هو أيضاً يجوز إيجاره ولا يجوز بيعه .
( [28] ) أنظر الوسيط 6 فقرة 12 ص 138 هامش 2 .
( [29] ) نقض فرنسي 17 فبراير سنة 1879 داللوز 80 – 1 – 121 أوبرى ورو 2 فقرة 201 ص 336 – بلانيول وريبير وبولانيجه 1 فقرة 3346 – بلانيول ويبير وبيكار 3 فقرة 597 ص 609 – حتى لو وقع الطير في أرض الغير فإن الغير لايتملكه ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 241 ص 347 – منصور مصطفى منصور فقرة 110 ص 275 ) . وإذا استولى الغير على الطير وهو في هذه الحالة بنية تملكه عد سارقاً ، لأن الصائد أصبح مالكاً للطير بالاستيلاء ( ديجون 7 ديسمبر سنة 1910 سيريه 1911 – 2 – 68 - محمد على عرفة 2 فقرة 13 ص 17 – عبد المنعم البدراوى فقرة 372 ص 414 – ص 415 - وقارن شفيق شحاتة فقرة 202 ص 213 ) .
( [30] ) فإذا صاد الطير اثنان على التعاقب ، بأن أطلق الأول عياراً نارياً فأصاب الطير إصابة قاتلة ، ثم أطلق الثاني عياراً نارياً آخر فأجهز عليه ، فإنه يكون ملكاً للصائد الأول دون الصائد الثاني ، ما لم يكن هناك اتفاق أو عرف يقضي بأن الصيد يكون شركة بين الصائدين ( بيدان وفواران 4 ص 785 في الهامش – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3347 ) .
( [31] ) نقض فرنسي 17 ديسمبر سنة 1879 سيريه 80 - 1 - 169 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 597 ص 609 .
( [32] ) وكل ما يوجد في البحر من لؤلؤ وأصداف وأحجار أخرى ثمينة وقواقع ومحارى وغير ذلك .
( [33] ) نقض فرنسي جنائي 12 يناير سنة 1901 داللوز 1901 – 1 337 – أوبرى ورو 2 فقرة 201 ص 339 - ص 340 - بلا نيول وريبير وبيكار 3 فقرة 604 .
( [34] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1302 / 2 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض خلافات لفظية . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 942 / 2 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 940 / 2 . وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة " لا مالك له " بكلمة " سائبة " ، وعبارة " الحيوانات غير الأليفة " بعبارة " الحيوانات المتوحشة " وذلك " ما دام المقصود بالمتوحش هو غير الأليف ، لئلا يفهم منها أنها حيوان الغابات آكلة اللحوم " . ووافقت اللجنة على النص بهذه التعديلات تحت رقم 871 / 2 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 188 - ص 190 .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام كان معمولاً بها دون نص ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى
التقنين المدني السوري م 829 / 2 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 829 / 2 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبنانية لا مقابل
( [35] )بودرى وفال في المواريث 1 فقرة 15 –وقارن ما دار من المناقشة في هذا الصدد في لجنة مجلس الشيوخ آنفاً ص 25 هامش 1 .
( [36] ) أوبرى ورو 2 فقرة 168 ص 50 .
( [37] ) أنظر آنفاً فقرة 5 .
( [38] ) أوبرى ورو 2 فقرة 168 ص 50 هامش 6 .
( [39] ) أنظر أوبرى ورو 2 فقرة 168 ص 50 – وأنظر آنفاً فقرة 5 .
( [40] ) أنظر م 871 / 1 مدني آنفاً فقرة 5 .
( [41] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1303 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - الكنز المدفون أو المخبوء ، الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له ، يكون لمالك العقار أو لمالك رقبته ، فإذا لم يكن للعقار مالك كان المال المذكور لمن وجده ، وعلى كل حال يجب أن يدفع للحكومة الرسم المقرر في لوائحها . 2 - والكنز الذي يعثر عليه في عين موقوفة يكون ملكاً خالصاً للواقف ولورثته " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 944 في المشروع النهائي ، بعد أن حذفت منه العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى : " فإذا لم يكن للعقار مالك كان المال المذكور لم وجده إلخ " ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 94 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 872 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 191 – ص 192 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 58 / 81 : المال المدفون في الأرض الذي لا يعلم له صاحب يكون لمالك تلك الأرض وإذا لم يكن للأرض مالك ، كان المال المذكور لمن وجده ، وعلى كل حال يجب أن يدفع للحكومة الرسم المقرر في لوائحها . ( وحكم التقنين السابق لا يختلف عن حكم التقنين الجديد إلا في أنه يجعل الكنز لمن وجده إذا لم يكن للأرض مالك . ويلاحظ أنه من النادر جداً ألا يكون للأرض مالك في مصر ، فقد قدمنا أن مالك الأرض لا يفقد ملكيتها حتى إذا تخلى عنها - أنظر آنفاً فقرة 5 – وسنرى أن الأراضي الصحراوية والأراضي غير المزروعة تعتبر ملكاً للدولة ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 830 : الكنز المدفون أو المخبوء ، الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له ، تكون ثلاثة أخماسه لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز وخمسة لمكتشفه ، والخمس الأخير لخزينة الدولة ، مع مراعاة النصوص الواردة في القوانين والأنظمة الخاصة بالمناجم والآثار .
التقنين المدني الليبي م م 876 تتكون من ثلاث فقرات ، الفقرتان الأوليان مطابقتان لفقرتي المادة 872 / مدني مصري ، والفقرة الثالثة تجري على الوجه الآتي : " وإذا عثر شخص بمجرد الصدفة على كنز في مال مملوك للغير ، اقتسمه مع المالك مناصفة " . ( والتقنين الليبي يقسم الكنز مناصفة بين صاحب العقار ومن كشف الكنز ) .
التقنين المدني العراقي م 1101 : الكنز المدفون أو المخبوء ، الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته ، يكون لمالك العقار إن كانت الأرض مملوكة ، وللدولة إن كانت الأرض أميرية ، ولجهة الوقف إن كانت الأرض موقوفة وقفاً صحيحا . ( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري في أنه يجعل الكنز الذي عثر عليه في أرض موقوفة لجهة الوقف لا للواقف وورثته ، ويصرح هذا التقنين بأن الكنز للدولة إذا عثر عليه في أرض أميرية ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 237 : إن الكنز الذي يعثر عليه في الأرض تعود ثلاثة أخماسه لصاحب الأرض ، وخمس لمكتشفه ، والخمس الأخير للخزينة العامة ، مع الاحتفاظ بالتقييدات المنصوص عنها في القوانين النافذة والأنظمة المتعلقة بالمناجم والآثار القديمة . ( وأحكام القانون اللبناني تطابق أحكام التقنين السوري )
( [42] ) وقد قضى في فرنسا أنه لا يعتبر كنزاً الموزاييك الموجود في باطن الأرض والذي يرجع إلى العهد الروماني ( باريس 20 نوفمبر سنة 1877 داللوز 78 – 2 – 197 – نقض فرنسي 13 ديسمبر سنة 1881 داللوز 82 – 1 – 55 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 605 ص 614 ) . ويعد ملكاً لصاحب العقدر الذي يعد الموازييك جزءاً منه ( كولان وكابتان ودي لاموراندبير 1 فقرة 1134 ص 923 ) .
( [43] ) بلا نيول وريبير وبيكار 3 فقرة 605 ص 615 - بلانيول ويبير وبولانيجه 1 فقرة 3360 .
( [44] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 605 ص 614 – ص 615 .
( [45] ) أوبري ورو 2 فقرة 201 ص 341 هامش 28 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 605 ص 615 – بلانيول ويبير وبولانجيه 1 فقرة 3361 – ولكن لا يعتبر كنزاً المجوهرات والأشياء الثمينة المدفونة مع جثث الميت لاعتبارات دينية أو أدبية ، إلا إذا أصبح الوارث لهذه الأشياء غير معروف ولم تكن أشياء أثرية ( بوردو 21 مارس سنة 1899 سيريه 1900 - - 103 – مارتي ورينو فقرة 216 ص 407 – ص 408 ) .
( [46] ) ولا يشترط في الكنز أن يعثر عليه بمحض الصدفة ، فقد يتوقع شخص أن يكون في أرض كنز ويسعى للكشف عنه ، فإذا وجده سرت عليه الأحكام المتعلقة بالكنز . كذلك لا يشترط في الكنز أن يكون قديماً وإن كان يغلب أن يكون كذلك ، ولكن يصح أن يكون هناك منقول قد دفن أو خبئ من عهد قريب جداً ، فما دام أحد لا يستطيع أن يثبت ملكيته إياه فهو كنز ( أوبري ورو 2 فقرة 201 ص 341 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 605 ص 615 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3361 ص 1102 ) .
( [47] ) قرب كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1133 – بلانيول وريبير وبولانيجه 1 فقرة 3365 – وأنظر أنسكلوبيدي داللوز 3 لفظ occupation فقرة 22 وفقرة 30 .
( [48] ) قارن محمد على عرفة 2 فقرة 18 ص 27 – ص 28 .
( [49] ) وقد يكون هذا الحكم ، من بعض الوجوه ، أعدل من الحكم الذي ورد في التقنين المدني المصري . فهو يعطي لمن عثر على الكنز ، إذا لم يكن هو مالك العقار ، نصف الكنز ، إذ هو الذي كشف عنه ولولا هذا الكشف لكان محتملاً أن يبقى الكنز مختبئاً لا يدري به أحد هذا إلى أن إعطاء نصف الكنز لمن عثر عليه يشجعه على أن يعلن كشفه للكنز ، أما إذا لم يكن له نصيب فيه بهذا المقدار فيغلب أن يكتم أمر كشفه إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً ، ليستأثر به وحده ، وإن عد في هذه الحالة سارقاً .
( [50] ) أنظر عكس ذلك بلا نيول وريبير وبيكار 3 فقرة 607 ص 616 .
( [51] ) ويكفي للعثور على الكنز أن يكشف عنه الشخص ولو لم يستحوذ عليه ، بل ولو كشف عن بعض الكنز لا عنه كله ، ولو لم يكن قد أدرك لأول وهلة أن الذي كشف عنه هو كنز ( ديمولومب 13 فقرة 54 – أوبري ورو 2 فقرة 201 ص 341 – مارتي ورينو فقرة 416 ص 409 ) . ولو أن طائفة من العمال كانوا يحفرون معاً ، وكشف أحدهم عن كنز وهو يحفر ، لاعتبر أنه هو وحده الذي عثر على الكنز ( ديمولومب 13 فقرة 55 – أوبري ورو 2 فقرة 201 ص 341 - ص 342 - كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1134 ص 923 ) .
( [52] ) أنظر عكس ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 606 – بلانيول وريبير وبولانجييه 1 فقرة 3364 .
( [53] ) أوقل إن مالك العقار يملك نصف الكنز باعتبار أنه هو الذي عثر عليه ، ويملك النصف الآخر باعتباره أنه هو مالك العقار ، وهو يملك كلاً من النصفين بحكم القانون لا بحكم الإستيلاء ولا بحكم الالتصاق .
( [54] ) أما في القانون الفرنسي حيث يكون لمن عثر على الكنز نصفه كما قدمنا ، فيصح أن يكون هذا الأخير قد بحث عن الكنز وبذل جهوداً في ذلك . فإن كان ذلك بتكليف من المالك . فإنه يكون قد عمل لحسابه ، وليس له حق في الكنز . وإن فعل ذلك بغير تكليف من المالك ، فإنه يكون متعدياً إذ بحث في أرض المالك دون إذنه ، فأولى ألا يكون له حق في الكنز . ولكن يقع أن يكون قد بحث دون تكليف من المالك ولكن على وجه مشروع ، كأن يكون صاحب حق انتفاع في الأرض أو يكون مستأجراً لها . ويذهب بعض الفقهاء إلى إعطائه في هذه الحالة الحق في نصف الكنز لأنه لم يكن يعمل لحساب المالك ، وهو أولى بنصف الكنز من شخص عثر عليه مصادفة دون بحث حيث يكون له النصف بحكم القانون ( أنظر في هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 608 ) .
وأما في مصر ، فصاحب حق الانتفاع أو المستأجر ، إذا عثر على كنز مصادفة أو بعد بحث ، فليس له أي حق فيه ، والكنز كله لمالك الرقبة ، وذلك بصريح النص ( م 872 / 1 مدني ) .
( [55] ) إسماعيل غانم ص 48 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 244 ص 352 – منصور مصطفى منصور فقرة 111 ص 279 – ص 280 .
( [56] ) ومالك العقار الذي يكون له الكنز هو المالك وقت العثور على الكنز . فلو أن قاصراً باع أرضاً بثمن ليس فيه غبن ، وفي اليوم التالي للبيع عثر المشتري على كنز في الأرض فهو له لا للبائع القاصر . ولا يستطيع البائع القاصر أن يتمسك بأن هناك غبناً في البيع ، فهو لم يبع إلا الأرض ولم يبع الكنز ، وليس هناك غبن فيما يتعلق ببيع الأرض ( بودري وقال في المواريث 1 فقرة 62 – jacquez ص 102 – ص 103 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ tresor فقرة 31 – أنظر عكس ذلك باريس 27 أبريل سنة 1868 سيريه 68 – 2 – 141 ) .
وإذا باع المالك الأرض وعثر المشتري على كنز فيها ، ثم أبطل البيع أو فسخ ، فهناك رأي يذهب إلى أن الأثر الرجعي للإبطال أو للفسخ يجعل الأرض لم تخرج أصلاً عن ملكية البائع ، فكان هو المالك وقت العثور على الكنز ، ومن ثم يكون الكنز له ( ديمولومب 13 فقرة 46 مكررة – بودري وفال في المواريث 1 فقرة 62 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 16 ) .
والأول عدم إعمال الأثر الرجعي – وهو مجرد مجاز قانوني – إلى هذا الحد ، والتسليم بأن المالك فعلاً وقت العثور على الكنز كان هو المشتري لا البائع ، فيكون له الكنز ( أنظر في هذا المعنى jacquez ص 103 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Tresor فقرة 32 : يكون للمشتري في هذه الحالة ، طبقاً لأحكام القانون الفرنسي ، نصف الكنز باعتبار أنه هو المالك والنصف الآخر باعتبار أنه هو الذي عثر على الكنز ) .
( [57] ) فهو شيء مستقل عن العقار ، لا هو من ثماره ولا هو من منتجاته ( بودرى وفال في المواريث 1 فقرة 63 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3364 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Tresor فقرة 23 ) . وينبني على ذلك أنه إذا كان العقار الذي عثر فيه على الكنز مرهوناً ، لميمتد الرهن إلى الكنز لأنه لا يعتبر من ملحقات العقار المرهون ( بودري وقال في المواريث 1 فقرة 64 – وقارن شفيق شحاتة فقرة 76 وفقرة 206 ويعتبر الكنز من ملحقات العقار – محمد علي عرفة 2 فقرة 17 ص 27 وفقرة 18 ص 27 – ص 28 وص 29 ويعتبر الكنز من توابع العقار وملحقاته – عبد المنعم البدراوي فقرة 375 ص 418 ويعتبر الكنز تابعاً لعقار – حسن كيرة ص 83 ) – وإذا باع شخص بناء على أن يهدم المشتري هذا البناء ويأخذه أنقاضاً وتبقى الأرض للبائع ، ثم وجد كنز في البناء ، فالكنز للبائع صاحب الأرض لا للمشتري صاحب البناء ( ديمولومب 13 فقرة 48 – لوران 8 فقرة 448 - كولان وكابيتان ودي لاموراندير 1 فقرة 1134 ص 924 – عكس ذلك بودري وفال في المواريث 1 فقرة 61 ) .
( [58] ) أو كان حائزاً للعقار حتى لو كان حسن النية ( بودرى وفال في المواريث 1 فقرة 57 ص 45 ) .
( [59] ) والوقف هنا يكون وقفاً خيرياً بعد أن ألغى الوقف الأهلي .
( [60] ) استئناف وطني 16 ديسمبر سنة 1913 المجموعة الرسمية 15 رقم 25 ص 52 - مصر استئنافي 5 مارس سنة 1913 الحقوق 28 ص 115 .
( [61] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 12 – شفيق شحاتة فقرة 206 – وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 872 مدني يجعل الكنز الذي يعثر عليه في أرض لا مالك لها ملكاً لمن عثر على الكنز ، فحذف هذا الحكم في لجنة المراجعة ( أنظر آنفاً ص 28 هامش 3 – وأنظر عبد المنعم فرج الصدة فقرة 244 ص 352 هامش 1 ) . وهناك رأي يذهب إلى أن الجبال والمغاور لا تعتبر ملكاً للدولة ، فمن عثر على كنز في مغارة أو كهف في الجبل أو في الصحراء البعيدة عن العمران ، فإنه يتملكه بالاستيلاء ، ولا يكون الكنز ملكاً للدولة ( محمد على عرفة 2 فقرة 18 ص 28 ) . ويلاحظ ، إلى جانب أن الكنز لا يصح أن يكون محلاً للاستيلاء ، أن الجبال والمغاور والكهوف والصحراء البعيدة عن العمران شأنها جميعاً شأن الأراضي غير المزروعة وسائر الأراضي الصحراوية ، مملوكة كلها للدولة ، فالكنز الذي يعثر عليه فيها يكون ملكاً للدولة .
( [62] ) عبد المنعم فرج الصدة فقرة 244 ص 451 .
( [63] ) ويجوز له الإثبات بجميع الطرق ، وتدخل في ذلك البينة والقرائن ( ديمولومب 13 ) – أوبرى ورو 2 فقرة 201 ص 343 ) . كما يجوز للورثة المتعاقبين لمالك الكنز أن يثبتوا أن الكنز كان ملكاً لمورثهم دفنه أو خبأه منذ زمن طويل ، وقد ألت إليهم ملكيته بطريق التوارث على التعاقب ، ولكن لا يكفي في فرنسا حيث لمن عثر على الكنز نصفه أن يثبتوا أن ملكية العقار الذي عثر فيه على الكنز قد ألت إليهم بطريق التوارث ، بل يجب أن يثبتوا ، ليستأثروا بكل الكنز ، أن الكنز نفسه كان مملوكاً لمورثهم وأنه هو أيضاً العقار الذي عثر عليه فيه آل إليهم بطريق التوارث أو الوصية ( باريس 18 ديسمبر سنة 1950 داللوز 1951 – 144 – نقض فرنسي 25 أكتوبر سنة 1955 داللوز 1956 . Sonm 27 - وقارن السين أول يونية سنة 1949 داللوز 1949 – 350 . وكل هذه الأحكام صدرت في قضية شهيرة عرفت بقضية كنز شارع Mouffetard : مازو 2 فقرة 1582 ص 1260 - مارتي ورينو فقرة 416 ص 407 – كاربونييه ص 276 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Tresor فقرة 11 ) .
( [64] ) بلا نيول وريبير وبيكار 3 فقرة 606 .
( [65] ) بودرى وفال في المواريث 1 فقرة 44 – محمد كامل مرسى 3 فقرة 8 – محمد على عرفة 2 فقرة 17 ص 26 – ص 27 – وقرب أوبرى ورو 2 فقرة 201 ص 344 هامش 39 .
( [66] ) بودرى وفال في المواريث 1 فقرة 44 ص 37 – محمد كامل مرسى 3 فقرة 8 ص 12 .
( [67] ) أنظر آنفاً فقرة 8 .
( [68] ) أنظر آنفاً فقرة 10 .
( [69] ) محمد على عرفة 2 فقرة 16 ص 23 .
( [70] ) ولكن اللقطة قد ضاعت من صاحبها فلم يعد يعرف أين توجد ، أما الكنز فإن صاحبه يعرف بداهة المكان الذي دفنه فيه أو خبأه .
( [71] ) قارن بلا نيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3344 وفقرة 3351 .
( [72] ) أنظر آنفاً فقرة 11 .
( [73] ) وفي فرنسا توجد قوانين قديمة تنظيم ملكية الأشياء الضائعة في البحر ( epaves maritimes ) وفي الأنهار ( epaves fluviasles ) وغير ذلك من الأشياء الضائعة ( epaves terrestres ) . كما توجد قوانين ومراسم تنظم حالات خاصة ، من ذلك الأشياء التي تودع أقلام كتاب المحاكم والبضائع التي تترك في الجمارك والمنقولات التي يعهد بها إلى أمناء النقل والمبالغ التي تدفع لمصلحة البريد والأمتعة التي تترك في الفنادق وغير ذلك . وتوجد أيضاً لوائح تنظم ملكية الأشياء الضائعة في معظم المدن الفرنسية . وتقضي هذه القوانين واللوائح بوجه عام ، في غير الأشياء الضائعة في البحر وفي الأنهار التي تؤول ملكيتها للدولة ، بأن من يعثر على شيء ضائع يجب عليه التبليغ عنه وإيداعه ، وإلا عد في حكم السارق ( نقض فرنسي جنائي 3 يناير سنة 1862 داللوز 62 - 1 – 442 – جارسون في التعليقات على التقنين الجنائي جزء أول فقرة 417 وما بعدها ص 1158 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 616 ص 623 ) . فإذا لم يعرف صاحب الشيء الضائع في مدة معينة ، أعطى الشيء لمن عثر عليه .
ولكن من عثر على الشيء الضائع لا يتملكه بالاستيلاء ، لأن له مالكاً وإن كان غير معروف ، فلا يصلح أن يكون محلاً للاستيلاء . وإنما يتملكه بالتقادم الطويل إذا كان لم يبلغ وعنه لم يودعه ، بل حبسه عنده واستمر حائزاً له . فهو إذا كان في هذه الحالة يعد في حكم السارق ، فإن هذا لا يمنع من تملكه الشيء الضائع إذ أن السارق يتملك الشيء المسروق بالتقادم الطويل ( بودري وتيسييه طبعة رابعة فقرة 885 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 616 ص 623 ) . أما إذا كان من عثر على الشيء الضائع قد بلغ عنه وأودعه ثم رد إليه بعد انقضاء المدة المحددة ، فإنه يكون في حكم الحائز للمنقول بحسن نية ، ولما كان المنقول ضائعاً فإن المالك يستطيع أن يسترده في خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 615 وفقرة 616 ص 623 ) .
( [74] ) أنظر قريباً من هذا المعنى كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1136 .
( [75] ) وقد قضت محكمة النقض ( الدائرة الجنائية ) بأنه لا يشترط في جريمة تملك الشيء الضائع أن تكون نية التملك معاصرة للعثور على الشيء ، وإنما يصح أن تنشأ بعد ذلك فتتوافر بها أركان الجريمة ( نقض جنائي 10 فبراير سنة 1941 مجموعة عمر الجنائية 5 رقم 204 ص 395 ) . وقضت أيضاً بأن جريمة اختلا من الشيء الضائع تتحقق ولو لم تكن المدة المحددة للتسليم أو التبليغ قد مضت ، متى وضحت نية التملك ( نقض جنائي 27 فبراير سنة 1950 التشريع والقضاء 4 رقم 95 ص 111 ) . وأنظر دائرة النقض في محكمة الاستئناف 26 يونية سنة 1915 الحقوق 32 ص 99 .
( [76] ) وإذا كانت الحيازة عرضية ، كما إذا ترك النزيل بعض أمتعته في الفندق فيكون صاحب الفندق مودعاً عنده ويكون ملتزماً بموجب عقد الوديعة برد الشيء المودع إلى صاحبه ، فإن هذه الحيازة لا تصلح أساساً للتملك بالتقادم . ولكن يستطيع صاحب الفندق أن يتمسك بالتقادم المسقط ، إذا انقضت خمس عشرة سنة دون أن يطالب مالك الأمتعة برد أمتعته فإن التزام صاحب الفندق بالرد يكون قد سقط بالتقادم ( أوبرى ورو 2 فقرة 201 ص 347 – محمد على عرفة 2 فقرة 19 ص 31 – وقارن كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 ص 885 ) . ولكن الذي يسقط هنا هي الدعوى الشخصية بالرد ، لا دعوى الاستحقاق فإن هذه الدعوى الأخيرة لا تسقط بالتقادم .
( [77] ) بودرى وتيسييه طبعة رابعة فقرة 885 – بلا نيول وريبير وبيكار 3 فقرة 616 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1138 – محمد على عرفة 2 فقرة 19 ص 31 وقرب أوبرى ورو 2 فقرة 201 ص 347 هامش 49 .
( [78] ) وكذلك إذا باع المنقول من عثر عليه لمشتر حسن النية ، فإن حق المالك في استرداد المنقول يسقط بثلاث سنوات ، وإذا استرده في خلال هذه المدة قد يلتزم برد الثمن إذا وجد في حالة من الحالات التي توجب ذلك .
ولا يعتبر شيئاً ضائعاً حيوان جامح ، فمن يكبح جماح حيوان لا تسري عليه أحكام الأشياء الضائعة ، ولا يأخذ عشر قيمة الحيوان ، وإنما يرجع بدعوى الفضالة على صاحب الحيوان . كذلك لا يعتبر شيئاً ضائعاً الدواجن والحيوانات الأليفة إذا ألفت الرجوع إلى المكان المخصص لها ، فمن يستولى عليها في فترة انطلاقها بنية تملكها أو يستدرج حمام الأبراج بطرق تدليسية ليستولى عليها يعد في حكم السارق ( محمد على عرفة 2 فقرة 19 ص 32 ) .
( [79] ) أنظر آنفاً فقرة 8 .
( [80] ) وتنص المادة 2 من قانون الآثار على أنه " يعتبر في حكم الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى أوامر أو قرارات ، أو بمقتضى قرار يصدره وزير المعارف العمومية بعد الاتفاق مع وزير الاقتصاد الوطني " .
وقد قضت محكمة النقض بأن كل ورقة أو مخاطبة إدارية ليست قراراً من هذا القبيل لا يمكن – في علاقة الحكومة بالجمهور - أن تعتبر مغيرة لوصف الأرض ومخرجة لها من ملك الحكومة الخاص إلى ملكيتها العامة . وإذن فلا يكفي لاعتبار الأرض أثرية غير ممكن اكتسابها بوضع اليد بمضي المدة ، لا مجرد صدور خطاب من مصلحة الآثار باعتبارها كذلك ، ولا وصفها بأنها أثرية في قوائم المساحة والتحديد ( نقض مدني ي 21 فبراير سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 231 ص 611 ) . وقضت أيضاً بأن حكم المادة السادسة من القانون رقم 14 لسنة 1912 الخاص بالآثار ليس مقصوراً على الأراضي التي تقرر الحكومة بعد صدوره أنها أثرية ، بل يتناول أيضاً – كما هو صريح نصها – الأراضي التي سبق أن قررت الحكومة ، أي مجلس الوزراء أو الوزير المنوط به تنفيذ قانون الآثار ، أن لها هذه الصفة ، فالقرار الصادر من وزير الأشغال ، قبل صدور قانون الآثار ، باعتبار أرض معينة أرضاً أثرية يكفي لينسحب عليها حكم المادة السادسة من هذا القانون ، ولو كان القرار المذكور غير مستند إلى قانون سابق ( نقض مدني 15 مايو سنة 1947 مجموعة عمر رقم 204 ص 440 ) .
( [81] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الآثار ليست جميعها عامة ، بل إن منها ما أنشأه الأفراد أصلاً وانتقل بالتوارث إلى من خلفهم مما لا وجه معه لعدها من المنافع العامة ، ومنها ما تملكوه بوضع اليد عليه بعد زوال تخصيصه للمنافع العامة مما يعتبر من الآثار غير المملوكة للحكومة ( نقض مدني 7 مارس سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 38 ص 106 ) .
( [82] ) ولا يجوز تملكها بأي سبب من أسباب كسب الملكية . وقد قضت محكمة النقض بأن التمثال الأثري لا يجوز التبايع فيه ، بل بيعه وشراؤه باطلان ، وللحكومة أن تقاضى من يوجد هذا التمثال في حيازته مهما كانت جنسيته لتسترده منه بغير تعويض تدفعه له أو ثمن ترده إليه . وليس له أن يحاج بنص المادة 87 مدني ( قديم ) ، لأن المقرر قانوناً أن أحكام تملك المنقول بالحيازة لا ترد مطلقاً على الأملاك العامة ( نقض مدني 16 ديسمبر سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 78 ص 215 ) .
( [83] ) ولا يجوز أخذ سباخ أو تربة أو غيرها من الأراضي أو الأماكن الأثرية ، إلا بترخيص من المصلحة المختصة وتحت إشرافها ( م 12 من قانون الآثار ) .
( [84] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الأمر العالي الصادر في 18 ديسمبر سنة 1881 بإنشاء لجنة حفظ الآثار القديمة العربية قد بين على سبيل الحصر أعمال هذه اللجنة فيما نص عليه في المادة الثانية منه ، والمفهوم من هذا النص أن هذه الأعمال مقصورة على الآثار العامة . وليس في هذا النص ولا في باقي مواد الأمر العالي المذكور ما يفيد أن أعمال تلك اللجنة تتناول الآثار غير المملوكة للحكومة . فإذا حصل أن قامت اللجنة بتسجيل أثر من الآثار غير المملوكة للحكومة ، فإن هذا التسجيل لا يمكن أن يترتب عليه أي حق للحكومة قبل صاحب الأثر . أما القانون رقم 8 لسنة 1918 الخاص بحماية آثار العصر العربي ، فالمفهوم من نصوصه أنه يجب لتسجيل الأثر أن يصدر قرار بذلك من وزير المعارف ، وأن يعلن هذا القرار لصاحب العقار لكي يترتب عليه حق الارتفاق ، وليكون الإعلان مبدأ لمدة السنة المقررة لسقوط حق المطالبة بالتعويض . وإذن فإذا كان قرار التسجيل لم يعلن لصاحب العقار ، فلا يبدأ سقوط الحق في المطالبة ( نقض مدنين 7 مارس سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 38 ص 106 ) .
( [85] ) أنظر الوسيط جزء 8 فقرة 400 .
( [86] ) أنظر الوسيط جزء 8 فقرة 79 .
( [87] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن وزارة المالية ، وإن كانت تمثل بيت المال ، لا تعتبر شرعاً وارثة . لأنه وإن نص شرعاً على أن بيت المال يأتي في الدرجة الأخيرة ( العاشرة ) من المستحقين للتركة ، فإن معنى ذلك أن بيت المال يكون أميناً بوضع المال تحت يده ليصرف في مصارفه الشرعية . فإن لم يوجد أحد من الورثة ، تودع التركة في بيت المال على أنها مال ضائع فتصير لجميع المسملين . وعلى كل حال فإن بيت المال لا يجوز هذه التركة بطريق الإرث ( استئناف مصر 5 مايو سنة 1931 المحاماة 12 رقم 121 ص 2339 . وقد قضت محكمة النقض بأن بيت المال الذي حلت محله وزارة المالية ، , إن عد في المادة 584 من كتاب الأحوال الشخصية لقدري باشا مستحقاً للتركات التي لا مستحق لها ، إلا أنه ليس معتبراً في نظر علماء الشريعة الإسلامية وارثاً . ولما كان إنكار الوراثة الذي يستدعي استصدار حكم شرعي يجب أن يصدر من وارث ضد آخر يدعى الوراثة ( المواد 355 – 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر في سنة 1931 ) ، ومتى ثبت أن بيت المال غير معتبر شرعاً وإرثاً ، فإنه لا يصلح خصماً في دعوى الوراثة ، ولا يجوز لوزارة المالية بالتالي إنكار الوراثة على أحد ممن يدعيها إنكاراً يستدعي استصدار حكم شرعي ، لأنها أمينة فقط على مال من لا وارث له . ويمكن لمن يدعى استحقاقه لمال تحت يدها إثبات وارثته للمتوفى عن ذلك المال بإعلام شرعي ( نقض مدني 26 مايو سنة 1932 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في ي 25 عاماً جزء 2 ص 1007 رقم 55 ) . وأنظر آنفاً في هذا المعنى نقض مدني 11 مايو سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 147 ص 1083 – وأنظر استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1940 م 52 ص 243 - 3 أبريل سنة 1946 م 58 ص 80 ( لا تعتبر التركة شاغرة يستحقها بيت المال إذا كان المورث قد أوصى لأشخاص مقيمين في الخارج ) .
وأنظر في النتائج التي تترتب على أن الدولة لا تعتبر وارثاً لمن لا وارث له الوسيط 8 فقرة 79 – ومن بين النتائج التي تترتب على أن الدولة لا تعتبر وارثاً أنها ستستحق التركة التي لا وارث لها الموجودة في مصر ، حتى لو كان صاحب التركة أجنبياً غير مسلم ( مستخلص من حكم استئناف مختلط 18 ديسمبر سنة 1946 م 59 ص 56 ) . ذلك لأن مال أهل الذمة الذين يتوفون بدار الإسلام عن غير مستحق له هو للدولة ، ولو كانت الدولة وارثاً لما ورثت من غير المسلم ( الوسيط 8 فقرة 79 ص 158 ) .
( [88] ) ولا يوجد تشريع في شأن الأشخاص المعنوية التي تنحل دون أن يكون هناك من يرثها ويخلفها على أموالها ، والواضح أن الشخص المعنوي إذا كان شركة تجارية أو مدنية ، فأصحاب الأسهم أو الحصص فيها هم الذين تؤول إليهم أموال الشخص المعنوي . وإذا كان جمعية أو مؤسسة ، ولم يوجد في نظامها ما يبين لمن تؤول أموالها ، حولت هذه الأموال ، وفقاً للمادة 68 / 2 مدني المحذوف ، إلى الجمعية أو المؤسسة التي يكون غرضها هو الأقرب إلى غرض هذا الشخص المعنوي . أما في فرنسا فهناك نص عام يقضي بأن الأموال التي لا مالك لها تكون ملكاً للدولة ( م 713 مدني فرنسي ) ، ومن ثم يمكن القول بأن أموال الشخص المعنوي ، إذا لم يكن قد عين له خلف ، تكون ملكاً للدولة ( كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1130 ص 921 ) .
( [89] ) فوزارة الخزانة وحدها ( أي الخزانة العامة ) هي المختصة بذلك ، باعتبار أنها هي بيت المال . وقد قضت محكمة النقض بأن البطريركية ليست جهة حكم ولا جهة لضبط مال من لم يظهر له وارث ، بل ذلك من خصائص وزارة المالية بصفتها بيت المال . فتصرف البطريركية بتناول النقود وتسليم التركة إلى مطلق المتوفاة ، الذي لا يرثها بحال ، ليسلمه لذي الحق فيه ، هو تصرف غير مشروع من أساسه ، ولا يدخل إطلاقاً في حدود سلطتها باعتبارها شخصاً معنوياً من أشخاص القانون العام ، وإذن فهي مسئولة عن هذا التصرف باعتبارها شخصاً معنوياً من أشخاص القانون الخاص ( نقض مدني 2 أبريل سنة 1936 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1007 رقم 56 ) .
( [90] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 79 في الهامش .
( [91] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادتين 1305 و 1306 من المروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في المادة 874 من التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة أدمجت المادتان في مادة واحدة من ثلاث فقرات ، ووافقت اللجنة على النص تحت رقم 945 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 943 . وفي لجنة مجلس الشيوخ دار النقاش حول الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها والتي اعتبرها القانون ملكاً للدولة ، فقيل إن " هذه الأراضي يجوز تملكها بمجرد زراعتها أو البناء عليها ، بخلاف الأملاك الخاصة للدولة التي لا يمكن تملكها إلا بسبب من أسباب التملك في القانون المدني وهي محصورة في سجلات مصلحة الأملاك الأميرية ، وبخلاف أملاك الدولة العامة فهي غير قابلة للتملك بالتقادم أو التصرف فيها . فالأراضى غير المزروعة التي لا مالك لها وهي الأراضى الموات " . وقد وافقت لجنة مجلس الشيوخ على النص تحت رقم 874 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 195 – ص 199 ) .
( [92] ) التقنين المدني السابق م 57 / 80 : أما الأراضي غير المزروعة المملوكة شرعاً للميرى ، فلا يجوز وضع اليد عليها إلا بإذن الحكومة ، ويكون أخذها بصفة أبعادية تطبيقاً للوائح - إنما كل من زرع أرضاً من الأراضى المذكورة ، أو بنى عليها ، أو غرس فيها غراساً ، يصير مالكاً لتلك الأرض ملكاً تاماً ، لكنه يسقط حقه فيها بعدم استعماله لها مدة خمس سنوات في ظرف الخمس عشرة سنة التالية لأول وضع يده عليها .
( وتتفق أحكام التقنين المدني السابق مع أحكام التقنين المدني الجديد ، فيما يتعلق بالفقرتين الأولى والثانية من نص التقنين المدني الجديد . أما فيما يتعلق بالفقرة الثالثة من هذا النص ، وهي التي حذفت بموجب القانون رقم 100 لسنة 1964 ، فقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي وجوه الخلاف ما بينها وبين ما يقابلها من نص التقنين المدني السابق فيما يأتي : ( أ ) أوجب المشروع أن يكون المستولى مصرياً ، حتى لا يتملك أجنبي أرضاً مصرية بهذا الطريق السهل . ( ب ) بين المشروع بوضوح أن الإستيلاء يترتب عليه التملك في الحال ، وأن الحصول على ترخيص ليس ضرورياً في الإستيلاء . وهاتان المسألتان مثار للخلاف في التقنين الحالي ( السابق ) وإن كان نص هذا التقنين لا يبرر هذا الخلاف ، فأراد المشروع أن يقضي على كل خلاف في هذا الصدد باستعماله ألفاظاً واضحة صريحة .
( ج ) ذكر المشروع أن الخمس السنين التي يفقد المستولى الملكية بعدم استعمال الأرض في أثنائها ، يجب أن تكون سنين متواليات . فأصبح المستولى أقل تعرضاً لفقد ملكيته في المشروع منه في التقنين الحالي ( السابق ) الذي لا يشترط التوالي . ويكفي في المشروع أن يستعمل المستولى الأرض سنة كل خمس سنوات حتى لا يتحقق الشرط الفاسخ لملكيته ، فإذا لم يبق من الخمس عشرة سنة إلا أربع سنوات دون أن يتحقق الشرط الفاسخ ، أصبحت ملكيته باتة حتى قبل انقضاء الأربع السنوات الباقية لاستحالة تحقق الشرط الفاسخ " : مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 197 – ص 198 ) .
( [93] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 832 ( مطابقة للفقرتين الأوليين من المادة 874 مصري . وفيما يتعلق بالفقرة الثالثة من المادة 874 مصري المحذوفة أنظر ما يقابلها في المواد 833 – 835 سوري ) .
التقنين المدني الليبي م 878 ( مطابقة للفقرتين الأوليين من المادة 874 مصري ) .
التقنين المدني العراقي م 1105 : 1 - إذا ردم عراقي جزءاً من البحر بإذن الحكومة ، ملك الجزء المردوم . لكن إذا حصل على الإذن ولم يتم الردم خلال ثلاث سنوات ، بطل الإذن . ويجوز لغيره أن يردم بعد أن يحصل على إذن لنفسه . 2 - وإذا كان الردم بغير إذن الحكومة ، صار الجزء المردوم ملكاً خاصاً للدولة ، ويباع للرادم ببدل المثل . فإن لم يقبل ، بيع لمن ترسو عليه المزايدة ، وإذا كان الرادم قد أنشأ أبنية في الجزء المردوم ، فإنه لا يطالب إلا ببدل مثل الأرض دون الأبنية ، وإذا بيع العقار بالمزايدة أخذت الحكومة من ثمنه قيمة الأرض وأعطت الباقي للرادم .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 234 : إن الإشغال يخول المشغل الأول ، بموجب رخصة قانونية من الدولة ، الحق في أن يكون مفضلاً على سواء لاكتساب حق التصرف بالعقارات الحالية .
م 235 : إن صاحب حق الأفضلية الذي يثبت ، بعد انقضاء ثلاث سنوات ، أنه فلح الأرض ، أو شيد فيها أبنية ، أو غرس فيها أغراساً ، ا, قام بإصلاحها ، وذلك ضمن الشروط المبينة في الأنظمة الخاصة المتعلقة بأموال الدولة ، يكتسب مجاناً حق تسجيل التصرف في القسم الذي فلحه أو غرسه أو بنى فيه أو أصلحه . بيد أنه يخسر حق التصرف إذا امتنع بعد التسجيل وفي أثناء العشر السنين التالية ، عن استعمال حقه مدة ثلاث سنوات متوالية .
م 236 : لا يخول الإشغال اكتساب أي حق كان على عقار سجل في السجل العقاري أو موجود تحت إدارة أملاك الدولة ، ولا على الغابات والعقارات المتروكة المرفقة أو المحمية .
( والفروق بين القانون اللبناني والتقنين المصري واضحة ) .
( [94] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 197 – وأنظر في أن أراضى مريوط كانت تعتبر من الأراضى المباحة التي كان يمكن تملكها بتعميرها نقض مدني 20 يونيه سنة 1935 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في ي 25 عاماً جزء أول ص 305 رقم 28 – وفي أن الأراضى التي كانت مملوكة أصلاً لشركة أراضى المدن والضواحي وتداولتها الأيدي لا تعتبر من الأراضى المباحة نقض مدني 22 فبراير سنة 1951 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 305 رقم 29 .
( [95] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 89 فقرة 92 .
( [96] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه يبين من الإطلاع على الأمر العالي الصادر بتاريخ ) سبتمبر سنة 1884 أن نص المادة الثانية منه أخرج الأراضي الداخلة في زمام البلاد من نطاق الأراضي غير المزروعة التي يجوز تملكها بالاستيلاء . وحكم هذا النص لا شك أنه يجري سواء كانت وسيلة التملك هي الترخيص أو التعمير ، وبذلك لا ينصب التملك بالاستيلاء على الأراضي الداخلة في الزمام أياً كانت وسيلة التملك ( نقض مدني 4 يونية سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 69 ص 461 ) .
( [97] ) وهذا ما قضت به محكمة النقض حتى قبل صدور قانون سنة 1964 : أنظر نقض مدني 4 يونية سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 69 ص 46 السابق الإشارة إليه .
( [98] ) قارن محمد علي عرفة 2 فقرة 20 – وأنظر عبد المنعم البدراوي فقرة 377 ص 421 ( ويذهب إلى أن المقصود بالأراضى غير المزروعة هي الأراضى الصحراوية والأراضى الرملية التي تحف ساحل البحر والجبال والأراضى البور غير المزروعة ) – إسماعيل غانم ص 50 ( ويقول إن الرأي الراجح يذهب إلى أن الأراضي غير المزروعة تشمل كافة الأراضى غير المزروعة التي تدخل في الدومين الخاص للدولة ، بما في ذلك الصحارى والجبال ) – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 246 ص 357 ( ويذهب إلى أن الأراضى غير المزروعة التي ذكرتها المادة 874 مدني يراد بها كل أرض غير مزروعة لا تكون مملوكة لأحد من الأفراد ، ولا تدخل في الأموال العامة ولا في أموال الدولة الخاصة ، فهي الأراضى الموات ، كالأراضى المتروكة والصحارى والجبال ، أي أنها الأراضى التي لا تدخل في زمام المدن والقرى . ولا يدخل في هذه الأراضى غير المزروعة طرح النهر ، لأن هذا يعتبر من أموال الدولة الخاصة ويخضع لأحكام معينة ) . وأنظر ما دار من نقاش في لجنة مجلس الشيوخ في شأن الأراضى غير المزروعة التي يعتبرها القانون ملكاً للدولة ، وأنها غير أملاك الدولة الخاصة المحصورة في سجلات مصلحة الأملاك الأميرية ، وأنها هي الأراضى الموات : آنفاً ص 50 هامش 1 .
( [99] ) أنظر في هذا المعنى منصور مصطفى منصور فقرة 109 ص 274 هامش 2 – كذلك لا يجوز تملكها بالتقادم لأنها ملك خاص للدولة ، وملك الدولة الخاص أصبح لا يجوز تملكه بالتقادم طبقاً لأحكام القانون رقم 147 لسنة 1957 . وقبل ذلك كان يمكن تملك الأراضى الصحراوية بالتقادم المكسب وفقاً للقواعد العامة ( استئناف وطني 12 مايو سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 رقم 20 ص 40 – استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 38 ) ، وفي هذه الحالة لا حاجة إلى إذن مجلس الوزراء الذي تستلزمه أحكام الأمر العالي الصادر في ) سبتمبر سنة 1884 ( استئناف مصر 19 ديسمبر سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 57 ص 2 – وأنظر في هذه المسألة محمد كامل مرسي 3 فقرة 38 – شفيق شحاتة فقرة 208 ) . وقد قضت محكمة النقض بأن الأراضى المزروعة التي لا مالك لها ( م 57 من القانون المدني القديم وم 874 من القانون الحالي ) كانت كغيرها من أموال الدولة الخاصة تخضع لقواعد التقادم المكسب ، شأنها في ذلك شأن سائر أموال الأفراد حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 الذي عدل المادة 970 من القانون المدني القائم وأضاف حكماً جديد يقضي بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم ( نقض مدني 8 نوفمبر سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 150 ص 981 ) . وقارن في هذه المسألة عبد المنعم فرج الصدة فقرة 246 ص 356 هامش 2 ( ويذهب إلى جواز تملك هذه الأراضى بالتقادم في الحدود التي استحدثها القانون رقم 124 لسنة 1958 الخاص بتملك الأراضى الصحراوية . ومهما يكن من أمر ، فإن القانون رقم 100 لسنة 1964 لم يدع مجالاً للشك في أن هذه الأراضى قد أصبحت ملكاً خاصاً للدولة ، شأنها في ذلك شأن سائر أموالها الخاصة ، فتسرى عليها جميع الأحكام المتعلقة بهذه الأموال ، ومنها عدم جواز تملكها بالتقادم ) .
( [100] ) م 22 من قانون سنة 1964 سالفة الذكر ، أنظر آنفاً ص 54 .
( [101] ) قرب عبد المنعم البدراوي فقرة 377 ص 420 .
( [102] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 197 – ويلاحظ أنه عند صدور التقنين المدني الجديد كان تملك الأراضى الصحراوية خاضعاً لنظام الترخيص طبقاً للأمر العسكري رقم 62 لسنة 1940 ، الذي مد العمل بأحكامه بالمرسوم بقانون رقم 111 لسنة 1945 . ولما صدر التقنين المدني الجديد ، نشب خلاف فيما إذا كانت الفقرة الثالثة من المادة 874 من هذا التقنين جعلت الترخيص المقرر بالمرسوم بقانون رقم 111 لسنة 1945 غير ضروري فيجوز للأفراد وضع اليد على الأراضى الصحراوية تعميرها دون حاجة إلى ترخيص من الدولة كما يقضي صريح نص المادة 874 / 3 مدني ، أو أن الترخيص بقى ضرورياً طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 111 لسنة 1945 حتى بعد صدور التقنين المدني الجديد . وبقى الخلاف قائماً إلى أن صدر القانون رقم 124 لسنة 1958 ، فقررت مذكرته الإيضاحية أن الترخيص بقى ضرورياً بالرغم من صدور التقنين المدني الجديد . ثم صدر القانون رقم 100 لسنة 1964 ، فنظم هذه المسألة تنظيماً تشريعياً في المادة 75 منه ، وسنعود إلى نص هذه المادة مع مذكرتها الإيضاحية ( أنظر ما يلي فقرة 20 ) .
هذا وقبل ذلك ، أي قبل صدور الأمر العسكري رقم 62 لسنة 1940 ، كان قد صدر أمر عال في 21 مايو سنة 1867 بمنح العربان في بعض الجهات الحق في استغلال الأراضى الصحراوية ، بزراعتها في الشتاء على مياه الأمطار ، مع تحريم التصرف عليهم في هذه الأراضى بالبيع أو الرهن أو النزول عن حق انتفاعهم لغيرهم إلا إذا كانوا قد امتلكوا هذه الأراضى بمقتضى حجج رسمية ( أنظر استئناف وطني 3 ديسمبر سنة 1918 المجموعة الرسمية 20 رقم 87 ص 111 – استئناف مصر 30 أبريل سنة 1929 المحاماة ) رقم 537 ص 993 - الإسكندرية الوطنية 15 يونيه سنة 1918 الحقوق 35 ص 76 – 23 مايو سنة 1923 المجموعة الرسمية 25 رقم 59 ص 103 – 20 مارس سنة 1924 المجموعة الرسمية 29 رقم 84 ص 196 – وأنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 32 ص 39 – ص 40 ) .
ثم صدر بعد ذلك أمر عال في ) سبتمبر سنة 1884 يجعل تملك الأراضى الصحراوية موقوفاً على إتمام إجراءات معينة . وقد أخرج هذا الأمر العالي من نطاق التملك بالطريقة التي رسمها أراضى الجزائر وشاطئ النيل و شواطئ الترع والأراضى الحرة الناتجة من زيادة المساحة وليس عليها أموال مقررة وسائر الأراضى الداخلة ضمن زمام البلاد . وقسم الأراضى الصحراوية بعد ذلك إلى ثلاث درجات : ( أ ) الأراضى غير المزروعة التي لا يترتب على استغللها صعوبات أو مصروفات جسيمة ، ولا يجوز أن يعطى للفرد الواحد من هذه الأرض أكثر من 1500 فدان . ( ب ) الأراضى المالحة والأراضى المستنقعة التي يقتضي إعدادها للزراعة مصروفات كثيرة . ( ج ) الأراضى المعروفة بالبراري التي يترتب على استغلالها مصروفات كثيرة . ( ج ) الأراضى المعروفة بالبراري التي يترتب على استغلالها مصروفات باهظة ، فضلاً عن التكاليف التي يقتضيها إنشاء المصارف والجسور وغير ذلك . فأراضى الدرجة الأولى تعفى من الأموال مدة لا تجاوز ثلاث سنوات ، وأراضى الدرجة الثانية تعفى مدة لا تجاوز ست سنوات ، وأراضى الدرجة الثالثة تعفى مدة لا تجاوز عشر سنوات . ويجرى تمليك الأرض للطالب باستيفاء الإجراءات الآتية : ( 1 ) يقدم طلب مكتوب إلى رياسة مجلس النظار ، مبيناً فيه اسم الحوض الكائن به الأرض المطلوبة والمقدار المطلوب الاستياء عليه لتعميره . وتعطى الأولوية للأسبق من الطلبات ، فإن قدم طلبان في آن واحد أعطيت الأولوية للأقرب من جهة الأطيان ، فإن تساويا في القرب يقرع بينهما . أما الأطيان المتوطن فيها عربان ، فتعطى لهم بالأولوية متى طلبوها . ( 2 ) يعين مندوب من مصلحة المساحة لمسح الأرض وتحديها وتقديم تقرير بذلك المجلس النظار . ( 3 ) يصدق مجلس النظار على الطلب . ( 4 ) تحرر حجة مشتملة على شروط التمليك . ( 5 ) تسلم الأرض للطالب بمعرفة مندوب المديرية – أنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 32 ص 37 – ص 39 . . والذي يستخلص مما تقدم أن الأمر العالي الصادر في ) سبتمبر سنة 1884 إنما ينظم تمليك الأراضى الصحراوية للأفراد عن طريق الترخيص لهم في الإستيلاء عليها ، فيتملكونها ، لا بالشراء لأنهم لايدفعون ثمناً ( وإنما يدفعون رسماً في مقابل مسح الأرض وتحديدها ) ، ولكن بالاستيلاء المرخص فيه من الحكومة ، وذلك بقصد تعمير هذه الأراضى . ولذلك أعفيت الأراضى ، كما رأينا ، من الأموال الأميرية ، لمدد متفاوتة بحسب درجة الأرض ، حتى إذا تم تعميرها في خلال هذه المدة فرضت عليها الأموال . قارن مع ذلك محمد على عرفة 2 فقرة 22 . ويتم تمليك الأرض أي الإستيلاء عليها بتحرير الحجة وتسليم الأرض للطالب ، ولو كان التمليك بطريق الشراء لكان يكفي تقابل الإيجاب والقبول ، أي تقديم الطلب وتصديق مجلس النظار عليه ، وذلك قبل تحرير الحجة وتسليم الأرض . أنظر في أن الطالب لا يحق له التمسك بقرار مجلس النظار الذي هو عمل داخلي للحكومة يجوز العدول عنه وسحبه ، ما دام هذا القرار لم يعقبه تحرير الحجة وتسليم الأرض : استئناف مختلط 19 فبراير سنة 1908 م 20 ص 97 – 28 فبراير سنة 1913 م 25 ص 40 – 9 يونيه سنة 1913 م 25 ص 424 – 6 مايو سنة 1914 م 26 ص 373 – 14 ديسمبر سنة 1915 م 28 ص 56 – 19 يناير سنة 1932 م 44 ص 123 – الإسكندرية الابتدائية المختلطة 3 أبريل سنة 1917 جازيت 7 رقم 105 ص 308 – العطارين 14 مارس سنة 1918 الشرائع 5 رقم 86 ص 380 – وقارن مصر الابتدائية الوطنية 29 أغسطس سنة 1903 الحقوق 18 ص 269 – ويذهب بعض الفقهاء إلى أن الترخيص هنا تصرف قانوني يجب شهره لكونه من التصرفات الناقلة للملكية ، وفقاً للمادة 9 من قانون تنظيم الشهر العقاري ( عبد المنعم البدراوي فقرة 378 – إسماعيل غانم ص 50 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 247 ص 359) .
( [103] ) أنظر آنفا فقرة 15 .
( [104] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 415 .
( [105] ) أنظر في هذا المعنى إسماعيل غانم ص 51 هامش 1 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 248 ص 361 .
( [106] ) وتنص المادة 51 من قانون سنة 1964 على أنه " يجوز لوزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضى أن يرخص في تأجير بعض العقارات التي تسري عليها أحكام هذا القانون أو في التصرف فيها دون التقيد بأحكامه ، وذلك إذا كان التأجير أو البيع إلى الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأفراد بالنسبة إلى ما يحتاجونه من تلك العقارات لتنفيذ مشروعات تفيد في تنمية الاقتصاد القومي ، أو لدعم مشروعات قائمة منها ، أو لإقامة منشآت ذات نفع عليها ، وذلك بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة . ويكون التأجير أو البيع في هذه الحالات بالأجرة أو الثمن وبالشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية " .
( [107] ) أنظر آنفاً فقرة 15 .
( [108] ) أنظر آنفاً فقرة 16 .
( [109] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 197 .
( [110] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " والمطلوب ممن يعمر الأرض أن يزرع أو يبني وفقاً لما يمكن أن تعد له الأرض من أغراض ، فيكفي أن يجعل الأرض مرعى أو أن يسورها أو ينصب فيها خياماً متنقلة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 197 ) . وقد وقع في المذكرة الإيضاحية خطأ مادي ، فحل لفظ " أو " محل واو العطف ، وتكون العبارة الصحيحة هي : " فيكفي . . . أن يسورها وينصب فيها خياماً متنقلة " . وقد جرى القضاء على أن التسوير وحده لا يكفي ، وقضت محكمة النقض في هذا الصدد بأنه إذا كان المال من نوع ما يكون الإستيلاء عليه منشئاً للملك لا ناقلاً له ، فإن مجرد دخوله في مكنة من استولى عليه لا يكفي قانوناً لاعتبار هذا المستولى منتوياً الامتلاك ، ما لم يكن قد أجرى فيه من الأعمال الظاهرة المستمرة ما يدل على قيام هذه النية لديه . فتسوير هذا النوع من المال أو مجرد المرور به لا يكفي وحده في ثبوت حيازته أو وضع اليد عليه ( نقض مدني 11 يونية سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 182 ص 554 ) . وأنظر محمد على عرفة 2 فقرة 23 ص 30 – عبد المنعم البدراوى فقرة 379 ص 422 – ص 423 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 248 ص 360 .
( [111] ) استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 38 – ولا تكفي زراعة متقطعة تعتمد على الأمطار ، فالزراعة الجدية لا تقوم إلا بوسيلة من وسائل الري كشق ترع أو حفر بئر ارتوازي ( استئناف مختلط 19 يناير سنة 1943 م 55 ص 26 ) .
وعبء إثبات التعمير يقع على من يدعى التملك ، ولو كان هو المدعى عليه في دعوى المنازعة في الملكية ( استئناف مختلط 10 أبريل سنة 1895 م 9 ص 113 ) .
( [112] ) محمد كامل مرسى 3 فقرة 34 ص 45 – محمد على عرفة 2 فقرة 23 ص 40 – ص 41 – وبطلب من الحكومة أن تثبت أن الأرض هي من الأراضى غير المزروعة التي لا مالك لها فتكون على هاذ النحو مملوكة للدولة ( الإسكندرية المختلطة 9 يونيه سنة 1931 م 43 ص 440 ) . وقد قضت محكمة النقض بأن الحكومة مثلها مثل الأفراد إذا أدعت ملكية أرض في يد المدعى عليه ، فعليها أن تثبت أنها من أملاكها العامة أو الخاصة أو أنها من الأراضى المملوكة شرعاً للميري وفقاً لنص المادة 57 مدني ( قديم ) ، أما قبل ذلك فليس لها أن تطالب واضع اليد بإقامة الدليل على ملكيته ( نقض مدني 22 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 70 ص 373 ) .
( [113] ) أسوان 29 ديسمبر سنة 1909 المجموعة الرسمية 11 رقم 54 ص 152 – طنطا الكلية 8 يناير سنة 1908 المجموعة الرسمية 19 رقم 56 ص 80 – أسيوط الكلية 12 يونيه سنة 1918 المجموعة الرسمية 19 رقم 117 ص 170 – العاط 2 نوفمبر سنة 1921 المحاماة 3 رقم 17 ص 227 – الإسكندرية الكلية 20 مارس سنة 1924 المجموعة الرسمية 29 رقم 84 ص 196 .
( [114] ) استئناف وطني 2 مايو سنة 1906 الحقوق 23 ص 22 – 2 يونيه سنة 1915 المجموعة الرسمية ص 17 رقم 17 ص 41 – 22 نوفمبر سنة 1916 المجموعة الرسمية 18 رقم 54 ص 95 – استئناف مصر 24 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 265 ص 307 – استئناف مختلط 4 يونيه سنة 1896 م 8 ص 316 – 5 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 38 – 19 يناير سنة 1943 م 55 ص 26 .
( [115] ) استئناف مختلط 5 يناير سنة 1932 م 44 ص 101 – 19 يناير سنة 1932 م 44 ص 124 – الإسكندرية المختلط 24 فبراير سنة 1920 جازيت 10 رقم 138 ص 180 .
( [116] ) استئناف مختلط 4 يونيه سنة 1896 م 8 ص 316 – 13 ديسمبر سنة 1900 م 12 ص 52 .
( [117] ) ويملكها بالقدر المفيد في استعمالها ، فيلحق بالأرض المستصلحة بالبناء المسافة اللازمة لنتج مطلات تكون متنفساً للبناء ( محمد على عرفة 2 فقرة 23 ص 41 ) .
( [118] ) محمد على عرفة 2 فقرة 23 ص 41 .
( [119] ) محمد كامل مرسى 3 فقرة 34 – محمد على عرفة 2 فقرة 24 ص 42 – عبد الفتاح عبد البزقي فقرة 207 – وقارن شفيق شحاتة فقرة 212 : ويذهب إلى أن ملكية الأرض قبل تحقق عدم الاستعمال هي ملكية باتة ، لا ملكية معلقة على شرط فاسخ ، ولكنها ملكية ضعيفة تسقط بعدم الاستعمال . وأنظر أيضاً من هذا الرأي الأخير عبد المنعم البدراوي فقرة 382 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 249 ص 362 .
( [120] ) والتوالي في الخمس السنوات التي ينقطع فيها المستصلح عن التعمير قرينة على نية ترك المستصلح للأرض المستصلحة ، وهذه النية تستخلص من التوالي أظهر بكثير مما تستخلص من خمس سنوات على فترات متقطعة ( أنظر في هذا المعنى شفيق شحاتة فقرة 2210 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 249 ص 362 ) .
( [121] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 197 – ص 198 .
( [122] ) وإذا أثبت المستصلح واقعة التعمير ، كأن أثبت أن الأرض مزروعة فعلاً ، فعلى الحكومة يقع عبء إثبات أن المستصلح قد انقطع عن التعمير خمس سنوات متواليات ( الإسكندرية المختلطة 24 فبراير سنة 1920 جازيت 10 رقم 138 ص 180 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن قرينة عدم الاستعمال المستخلصة من عدم فرض ضريبة على الأرض ينقضها إثبات أن الأرض مزروعة فعلاً ( استئناف مختلط 5 يناير سنة 1932 م 44 ص 101 – 19 يناير سنة 1932 م 44 ص 124 ) .
( [123] ) والذين لا يقولون بالشرط الناسخ انقسموا . فمنهم من يذهب إلى زوال التصرفات لا بناء على تحقق الشرط الناسخ بأثر رجعي ، بل لأن المستصلح الذي تصرف في الأرض كانت ملكيته ضعيفة تسقط بعدم الاستعمال فلا يستطيع أن ينقل إلى الغير أكثر عما يملك ( شفيق شحاتة فقرة 212 – عبد المنعم البدراوي فقرة 382 ) . ومنهم من سار في إنكار الشرط إلى نهايته ، فذهب إلى أن تصرفات المستصلح لا تزول بالرغم من زوال ملكيته بعدم الاستعمال ، لأن الملكية لا تزول في هذه الحالة بأثر رجعي ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 249 ص 362 ) .
( [124] ) ولكن المستصلح يعتبر بانياً أو غارساً في الأرض بحسن نية ، فتسري عليه القواعد المقررة في الالتصاق للباني أو الغارس في ملك غيره بحسن نية ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 34 ص 46 ) . ولا يتعارض هذا الحكم مع القول بانفساخ الملكية بأثر رجعي ، فإن الأثر الرجعي إنما هو مجاز قانوني لا يتعدى إلى الأعمال المادية التي تكون قد تمت قبل تحققه ، ولا شك في أن المستصلح وقت أن بنى أو غرس كان حسن النية إذ كان يبني أو يغرس في أرض يملكها ( قارن شفيق شحاتة فقرة 212 ص 219 - عبد المنعم البدراوي فقرة 382 ) .
( [125] ) محمد على عرفة 2 فقرة 24 ص 43 – عبد المنعم البدراوي فقرة 381 ص 424 - وقارن شفيق شحاتة فقرة 211 ( ويذهب إلى أن الخمس العشرة سنة هي مدة تقادم مسقط ) .
( [126] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 197 .
( [127] ) ولا عبرة هنا بأننا جاوزنا سنة 1964 التي صدر فيها القانون رقم 100 لسنة 1964 ، فإن هذا القانون ليس له أثر رجعي كما قدمنا ، والقانون الذي ينطبق في الفرض الذي نحن بصدده هو الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني التي لم تكن قد حذفت ، والتي كانت سارية وقت تملك المستصلح للأرض تحت شرط ناسخ في سنة 1950 .
( [128] ) ونورد هنا المذكرة الإيضاحية لهذا النص وهي تشرح النص شرحاً مستفيضاً : " ولما كانت النظم القانونية التي تحكم الملكية في الأراضى الصحراوية قد مرت بعدة مراحل متعاقبة منذ أن صدرت بعض الأوامر العالية . . . التي كان بعضها يمنح العربان في بعض الجهات الحق في استغلال الأراضي الصحراوية في تلك الجهات ، ومن هذا القبيل الأمر العالي الصادرفي 17 من المحرم سنة 1284 هجرية ( 21 من مايو سنة 1867 ميلادية ) ، والتي كان بعضها الآخر يعلق تملك الأراضى البور المملوكة للدولة على استيفاء إجراءات معينة من بينها الحصول على إذن بذلك من الحكومة ، ومن هذا القبيل الأمر العالي الصادر بتاريخ 19 من ذي القعدة سنة 1301 هجرية ( 9 من سبتمبر سنة 1884 ميلادية ) . وفي ظل القانون المدني المصري القديم ، اتجه الرأي في الفقه والقضاء إلى اعتبار الأراضي الصحراوية الواقعة خارج الزمام من الأراضى المتروكة التي يجوز تملكها بالاستيلاء عليها بطريق الزراعة أو الغراس فيها أو البناء عليها ، وذلك استناداً إلى حكم المادة 57 من القانون المدني المصري الأهلي . . . وبقى الحال كذلك حتى صدر الأمر العسكري رقم 62 لسنة 1940 بشأن تملك العقارات في أقسام الحدود ، الذي مد العمل بأحكامه بالمرسوم بقانون رقم 111 لسنة 1945 بعد إلغاء الأحكام العرفية التي صدر في ظلها . وقد حظر هذا الأمر على الأجانب أن يتملكوا بغير طريق الميراث العقارات الكائنة في أقسام الحدود أ, ا ، يكتسبوا أي حق عيني عليها ، كما قضى بوجوب حصول المصريين على إذن سابق من الحكومة بالنسبة إلى ما يتملكونه بغير طريق الميراث من العقارات المشار إليها والحقوق العينية الواردة عليها . . . ثم صدر القانون المدني الجديد . . وقضت المادة 874 منه بأن . . . وبعد ذلك صدر القانون رقم 124 لسنة 58 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية ، وقد أشارت مذكرته الإ]ضاحية إلى أن " الجدل قد ثار حول ما ورد في المادة 874 مدني المشار إليها والتي تجيز تملك الأراضى بطريق الإستيلاء الحر . . . واشتد الجدل على وجه الخصوص فيما إذا كانت تلك المادة قد نسخت أحكام المرسوم بقانون رقم 111 لسنة 1945 . . . وقد اتجه القانون رقم 124 لسنة 58 المشار إليه إلى حسم ذلك الخلاف في الرأي . . . وأوضحت مذكرته الإ]ضاحية اتجاها إلى تغليب فكرة قيام المرسوم بقانون رقم 111 لسنة 45 حتى تاريخ نفاذ القانون رقم 124 لسنة 58 ، واستدلت على ذلك بأن المشروع حينما أصدر القانون رقم 37 لسنة 1951 بمنع غير المصريين من تملك الأ{اضى الزراعية وما في حكمها ، وهو لاحق للقانون المدني الجديد ، قد أشار في ديباجته إلى المرسوم بقانون المشار إليه فهو يعترف ببقائه قائماً إلخ . وترتب على هذا الاتجاه أن القانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه اتجه إلى اعتناق مبدأ إهدار الحقوق المستندة إلى حكم المادة 874 من القانون المدني ، وإنكار الملكيات العقارية القائمة عليها في الأراضي الصحراوية . . . حتى لو كانت سابقة على تاريخ نفاذ القانون رقم 124 لسنة 1958 ذاته . . . وقصرت المادة 5 من هذا القانون الأخير إقرار الملكيات السابقة على نفاذه في حالات الملكية والحقوق العينية التي تستند إلى عقود مسجلة أو أحكام نهائية سابقة على العمل بهذا القانون ، أو عقود صدرت من الحكومة ولم تسجل إذا كانت شروطها قد نفذت .
ومهما يكن من أمر وجهه النظر التي اتجه القانون رقم 124 لسنة 58 المشار إليه إلى تغليبها ، فإن تطبيقه في العمل قد أثار شعوراً بالقلق في نفوس المواطنين في بعض المناطق الصحراوية فيما يتعلق بعدم الاعتراف بملكياتهم العقارية المستندة إلى حكم المادة 874 من القانون المدني الجديد وإلى حكم المادة 57 من القانون المدني الأهلي القديم المقابلة لها والتي كانت سارية منذ سنة 1883 ، أي قبل أن يصدر الأمر العسكري رقم 62 لسنة 1940 والمرسوم بقانون رقم 111 لسنة 1945 المشار إليها بأكثر من نصف قرن . وبناء على ذلك فقد أعيد بحث جوانب القصور التي شابت القانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه ، كما أعيد النظر في المبدأ الذي اعتنقه ذلك القانون في ضوء ما كشف عنه تطبيقه في العمل ، وفي ضوء الاعتبارات المتعلقة بالعدالة واحترام الحقوق المكتسبة والمبادئ المسلمة بالنسبة إلى تطبيق القوانين من حيث الزمان وقد استقر رأي الأجهزة الفنية في الوزارات والجهات الإدارية المختصة المختلفة إلى وجوب تعديل أحكام القانون رقم 124 لسنة 58 المشار إليه على النحو الذي يوفر رعاية الحقوق المشروعة المستقرة لأصحابها من المواطنين منذ ما قبل تاريخ نفاذ ذلك القانون ، ويكفل إقرار ملكياتهم السابقة على هذا التاريخ والاعتراف بها " .
" لذلك فقد أورد القانون المرافق في المادة 75 منه أحكاماً انتقالية قصد بها إقرار الملكيات السابقة على القانون رقم 124 لسنة 58 المشار إليه والاعتداد بها . وقد روعى في صياغة هذه المادة تضمينها الحالات التي أقرها القانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه في مادته الخامسة بالنسبة إلى الملكيات العقارية والحقوق المعنية السابقة على تاريخ العمل به ، كما أشير فيها إلى حالات الملكية والحقوق العينية المستندة إلى أحكام القانون رقم 124 لسنة 58 المشار إليه ذاته والتي تم إقرارها وفقاً لأحكامه بعد العمل به ، وكذلك فقد أوردت هذه المادة النص على إقرار حالات الملكية السابقة على نفاذ القانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه المستندة إلى حكم الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدني الجديد ( والمادة 57 من القانون المدني الأهلي القديم من قبل ) . وقصد من تعداد هذه الحالات في تلك المادة أن يكون النص عليها جامعاً مانعاً بحيث يقتصر الاعتداد في تطبيق أحكام القانون المرافق على الحالات المشار إليها القائمة قبل تاريخ العمل به " .
" وروعى بالنسبة إلى حالات الملكية السابقة على نفاذ القانون رقم 124 لسنة 1958 المشار إليه المستندة إلى وضع اليد ، اشتراط استمرار وضع اليد على الأراضى الواردة عليها تلك كالملكية بطريق الغراس أو الزراعة لمدة سنة كاملة على الأقل قبل العمل بالقانون المذكور ، ذلك رغم أن الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدني المشار إليها كانت تقضي بأنه إذا زرع مصري أرضاً غير مزروعة أو بنى عليها تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبني ولو بغير ترخيص من الدولة ، ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس العشرة سنة التالية للتملك . والحكمة من اشتراط وضع اليد لمدة سنة كاملة سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 124 لسنة 58 المشار إليه بالنسبة إلى الملكيات المشار إليها هو قصر الاعتراف بتلك الملكيات على الحالات التي تزرع فيها الأرض الصحراوية أو يستمر الغرس فيها لمدة سنة زراعية كاملة ، دون الحالات التي تزرع فيها هذه الأراضي أو تغرس بصفة غير منتظمة جزءاً من السنة على مياه الأمطار فقط " .
" وتحقيقاً لما استهدف القانون المرافق من إقرار الملكيات السابقة على نفاذه في الأراضي الصحراوية وتأمين استقرارها وتوفير الحماية القانونية لها ، لذلك فقد رؤى تضمين المواد من 76 إلى 79 من هذا المشروع الأحكام الانتقالية التي تعالج المراحل التي يمر بها الإخطار عن تلك الملكيات ، وتحقيقها ، والفصل في المنازعات المتعلقة بها ، وإصدار المحررات المثبتة لتلك الملكيات المتضمنة الاعتداد بها ، ثم شهر هذه المحررات إلخ " .
( [129] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1307 / 1 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " تعيين الورثة ، وتحديد أنصبائهم في الإرث ، وانتقال أموال التركة إليهم ، تسري في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والتقنينات المستمدة منها ، ما لم يرد فيها نص خاص " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 946 في المشروع النهائي ، بعد حذف العبارة الأخيرة " ما لم يرد فيها نص خاص " . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 944 . ووافقت عليه لجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 875 ، بعد الاستعاضة بعبارة " والقوانين الصادرة في شأنها " عن عبارة " والتقنينات المستمدة منها " ، وذلك " لأن المراد هو التشريعات التي تصدر في شأن الميراث " . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 205 – ص 207 ) .
( [130] ) التقنين المدني السابق م 54 وطني : يكون الحكم في المواريث على حسب المقرر في الأحوال الشخصية المختصة بالملة التابع لها المتوفى . أما حق الإرث في منفعة الأموال الموقوفة ، فتتبع فيه أحكام الشريعة المحلية .
م 77 مختلط : يكون الحكم في المواريث على حسب المقرر في قوانين الدولة التابع لها المتوفى . أما حق الإرث في منفعة الأموال الموقوفة أو في منفعة الأراضى الخارجية ، فتتبع فيه أحكام الشريعة المحلية .
ويتبين من هذه النصوص ( وبخاصة من نصوص التقنين المختلط ) أن المعنى المقصود هو أن الميراث تتبع فيه أحكام قانون الدولة التي يتبعها المتوفى بجنسيته ، فنكون في صدد قاعدة من قواعد الإسناد تدخل في نطاق القانون الدولي الخاص لا في نطاق القانون الداخلي . ويكون المقابل لهذه النصوص هو المادة 17 / 1 من التقنين المدني الجديد ، وتجري على الوجه الآتي : " ويسري على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت ، قانون المورث أو الموصي أو من صدر منه التصرف ، وقت موته " .
هذا وقد صدر في 23 مارس سنة 1944 القانون رقم 26 لسنة 1944 بتعديل المواد 54 ، 55 / 1 و 130 من التقنين المدني الأهلي بما يجعل نصوص هذه المواد واضحة في المعنى المقصود . فأصبح نص المادة 54 كما يأتي : " يكون الحكم في المواريث والوصايا على حسب المقرر في قانون بلد المتوفى " . وأصبح نص المادة 55 / 1 كما يأتي : " تراعى أيضاً في أهلية الموصى لعمل الوصية وفي صيغتها الأحكام المقررة لذلك في قانون الموصى " . وأصبح نص المادة 130 كما يأتي : " الحكم في الأهلية المقيدة والمطلقة يكون على مقتضى قانون بلد العقاد " . وكذلك صدر في نفس التاريخ القانون رقم 25 لسنة 1944 ، وقد نص فيه على أن " قوانين المواريث والوصية وأحكام الشريعة الإسلامية فيهما هي قانون البلد فيما يتعلق بالمواريث والوصايا ، على أنه إذا كان المورث غير مسلم جاز لورثته في حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على أن يكون التوريث طبقاً لشريعة المتوفى " – أنظر في هذه القوانين ومذكرتها التفسيرية ( وقد شرحت في إسهاب الأسباب التي دعت إلى إصدار هذه القوانين ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 7 .
( [131] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 825 / 3 : كل من اكتسب عقاراً بالإرث أو بنزع الملكية أو بحكم قضائي يكون مالكاً له قبل تسجيله ، على أن أثر هذا الاكتساب لا يبدأ إلا اعتباراً من التسجيل . م 826 ( أ ) : يكتسب حق التسجيل في السجل العقاري بالأسباب الآتية : ( أ ) بالإرث .
م 836 / 1 و 2 : 1 - تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال أموال التركة إليهم تسري في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأن الإرث والانتقال . 2 - لا يمنح الأجنبي حق الإرث في العقارات إلا إذا كانت قوانين بلاده تمنح مثل ذلك للسوريين . ( وأحكام التقنين السوري تتفق إجمالاً مع أحكام التقنين المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 879 / 1 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1106 : 1 - يكسب الوارث بطريق الميراث المنقولات والعقارات والحقوق الموجودة في التركة . 2 - وتعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال أموال التركة إليهم تسري عليها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الخاصة بها .
( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 204 / 2 ( موافق للمادة 825 / 3 سوري ) .
م 228 ( أ ) ( مطابق للمادة 826 ( أ ) سوري ) .
م 230 : تخضع التركات لأحكام القانون العام .
م 231 : لا يكون للأجنبي حق بالإرث أو بالوصية في التركة العقارية إلا إذا كانت قوانين بلاده تبادل السوريين واللبنانيين هذا الحق . وتخضع تركة الأجنبي العقارية بالإرث أو بالوصية لأحكام قوانين بلاده .
( وأحكام القانون اللبناني تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين السوري ، فيما عدا أن القانون اللبناني لا ينص على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ) .
( [132] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 200 – ص 201 .
( [133] ) نقض مدني أول أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 78 ص 486 .
( [134] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 205 – ص 206 – وقد كانت الشريعة الإسلامية في عهد التقنين المدني السابق ، هي الواجبة التطبيق بوجه عام على مواريث جميع المصريين ، مسلمين كانوا أو غير مسلمين ( نقض مدني أول أبريل سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 37 ص 74 ) ، وذلك ما لم يتفق الورثة الذي تعترف الشريعة الإسلامية بوراثتهم على غير ذلك ، ما داموا يملكون التصرف في حقوقهم . وقد قضت محكمة النقض بأن القاعدة الأساسية في مواريث المصريين غير المسلمين أنها تجري وفق أحكام الشريعة الإسلامية ، ما لم يتفق الورثة الذين تعترف الشريعة الإسلامية بوراثتهم ويتراضوا على غير يذلك . والقانون الصادر في 14 مايو سنة 1883 بترتيب مجالس طائفة الأقباط الأرثوذكس وبيان اختصاصاتها لا يشذ عن تلك القاعدة ، بل إن المادة 16 منه وهي التي أشارت إلى مسألة المواريث لم تنص على أن الحكم فيها يكون حسب الشريعة المسيحية ، بل كل ما في الأمر أنها نصت على ما يفيد اختصاص تلك المجالس بالحكم في الوراثة متى قبل كل الورثة اختصاصها . أما أن يكون حكمها فيها بحسب شريعة أخرى غير الشريعة الإسلامية ، فإن عبارة المادة لا يفهم منها هذا ، بل لا بد من أن يتفق كل الورثة على ذلك ، فيعمل باتفاقهم الذين هم أحرار فيه ، ما داموا يكونون أهلاً للتصرف في حقوقهم ( نقض مدني 30 مايو سنة 1935 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 998 رقم 1 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 28 يناير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 1 – وأنظر استئناف مختلط 26 أبريل سنة 1906 م 18 ص 218 – أول أبريل سنة 1908 م 20 ص 152 – 27 مايو سنة 1941 م 53 ص 197 ( يعين قانون الملة الورثة الذين يجب اتفاقهم على إخضاع الميراث لهذا القانون ) – أول أبريل سنة 1943 م 55 ص 213 .
( [135] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وتطبق الشريعة الإسلامية في كل أمر يتعلق بالميراث ، فهي التي تعين الورثة ، وتقسمهم إلى ذوي فروض وعصبات وذوي أرحام ، وتجري أحكام الحجب والعول والرد وما إلى ذلك من أحكام الميراث ، وتحدد نصيب كل وارث ، وتبين كيف تنتقل ملكية هذا النصيب من المورث إلى الوارث " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 206 ) .
وحتى لو وجب تطبيق قانون أجنبي على تركة مسلم طبقاً لقواعد الإسناد ، فإن محكمة النقض تستبعد من هذا القانون الأجنبي ما يخالف النظام العام في الشريعة الإسلامية . وقد قضت في هذا المعنى بأنه وفقاً للمادة 28 مدني لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته نصوص القانون إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر . وإذا كان تطبيق
( [136] ) وإذا استغرقت الفروض التركة ، يشارك أولاد الأم الأخ الشقيق أو الإخوة الأشقاء بالانفراد أو من أخت شقيقة أو أكثر ، ويقسم الثلث بينهم جميعاً ذكورهم وإناثهم في القسمة سواء .
( [137] ) فإن كان الطلاق بائناً ، ولو بينونة صغرى ، منع ذلك من الميراث شرعاً ( نقض مدني 13 نوفمبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 148 ص 1045 ) .
( [138] ) هذا وإذا اجتمع الأب أو الجد مع البنت أو بنت الابن وإن نزل ، استحق الأب السدس فرضاً ، واستقت البنت أو بنت الابن النصف فرضاً ، ثم استحق الأب أو الجد باقي التركة أي الثلث بطريق التعصيب .
وإذا اجتمع الجد مع الإخوة الأشقاء أو لأب والأخوات الشقيقات أو لأب ، كانت له حالتان : الأولى أن يقاسمهم كأخ إن كانوا ذكوراً فقط ، أو ذكوراً وإناثاً ، أو إناثاً عصبن مع الفرع الوارث مع الإناث . والثانية أن يأخذ الباقي بعد الفروض ، بطريق التعصيب ، إذا كان مع أخوات لمي عصبن بالذكور أو مع الفرع الوارث مع الإناث . على أنه إذا كان الإرث بالتعصيب أو المقاسمة على الوجه المتقدم تحرم الجد من الإرث أو تنقصه عن السدس ، اعتبر صاحب فرض بالسدس . ولا يعتبر في المقاسمة من كان محجوباً من الإخوة أو الأخوات لأب .
( [139] ) والمواد 32 - 37 من قانون المواريث تبين ، في كل صنف من الأنصاف الثلاثة الأولى من ذوي الأرحام ، وفي كل طائفة من الطوائف الست في الصنف الرابع ، من يتقدم على غيره في الإرث من أفراد الصنف أو الطائفة .
هذا ويوجد بعد إرث ذوي الأرحام إرث بالعصوبة السببية ، ثم استحقاق المقر له بالنسب للتركة .
ويشتمل الباب الثامن والأخير من قانون المواريث على أحكام متنوعة ، تتناول توريث الحمل وإرث المفقود وإرث الخنثى المشكل وإرث ولد الزنا وولد اللعان والتخارج . ونجتزئ بهذه الإشارة ، بعد أن قدمنا من المسائل التي أشتمل عليها قانون المواريث ما فيه الكفاية .
( [140] ) وقد احتدم الخلاف ، في وقت ما في عهد التقنين المدني السابق ، فيما إذا كانت أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تسري في هذا الموضوع . وكان الرأي الراجح وجوب سريان هذه الأحكام ، فإذا باع الوارث عيناً من أعيان التركة كان لدائني التركة أن يتتبعوا هذه العين في يد المشتري وينفذوا عليها . وذهب رأي مرجوح إلى عدم الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ، فلا يكون لدائني التركة حق تتبع العين في يد المشتري ، وليس أمامهم إلا التنفيذ على أموال الوارث الشخصية وعلى ما بقى في يده من أموال التركة ، مع الاحتفاظ بحق الطعن في تصرف الوارث بالدعوى البولصية إذا توافرت شروطها .
ويستند أصحاب الرأي الأول إلى أن المشروع في عهد التقنين المدني السابق قد أخضع لأحكام الشريعة الإسلامية الميراث في جميع مسائله ، لا فحسب من حيث تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم في الميراث ، بل أيضاً باعتبار الميراث سبباً لكسب الملكية وانتقالها من المورث إلى الوارث . ولما كان الوارث في الشريعة الإسلامية لا يستمر فيه شخص مورثه ولا يحل محل المورث في التزاماته ، فإن ديون المورث تتعلق بالتركة . وتبقى التركة ضامنة لديون المورث بعد موته كما كان ماله ضامناً لها حال حياته ، ولا يرث الوارث إلا ما يتبقى بعد سداد الديون إذ لا تركة إلا بعد سداد الدين . أما حق الدائنين في الشريعة الإسلامية فهو أشبه بحق الاختصاص أو الرهن على جميع التركة ، فإذا باع الوارث عيناً من أعيان التركة قبل سداد الدين ، كان للدائن أن يتتبعها في يد المشتري ويستوفى منها حقه . هذا إذا كانت التركة مستغرقة بالدين ، أما إذا كانت غير مستغرقة فللدائنين كذلك حق رهن عام بمقدار الديون التي لهم ، لأن التركة مثقلة بهذه الديون . ولكن الفقهاء أباحوا للورثة التصرف في أعيان التركة ، لأن ضمان الدائنين هي التركة جميعها لا عين بالذات . على أن حق الورثة في التصرف يقف حين لا يبقى في التركة إلا ما يكفي للوفاء بالديون ، وكل تصرف زاد على هذا الحد فهو غير نفاذ في حق الدائنين ، وللدائنين أخذ حقوقهم من أعيان التركة حيث توجد إذا لم يكن الباقي منها في أدي الورثة كافياً للوفاء بهذه الحقوق . أنظر في هذا الرأي عبد الحميد بدوي في مجلة مصر المعاصرة 1914 ص 14 وما بعدها – وملاحظات عزيز كحيل وعبد الخالق ثروت وعبد الحميد مصطفى ومحمد حلمي عيسى في ص 40 – وأنظر من أحكام القضاء في هذا الرأي ما أشير إليه في الوسيط 4 فقرة 189 ص 336 هامش 1 – ومن أصحاب هذا الرأي من يذهب إلى حد القول بحلول الديون المؤجلة بموت المدين وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ( علي زكي العرابي في مركز الوارث في الشريعة الإسلامية سنة 1913 – وأنظر مقالاً له في المحاماة السنة الأولى العدد الخامس ) . ويلاحظ على أصحاب هذا الرأي الأول أنهم يستندون في إخضاع الميراث لأحكام الشريعة الإسلامية إلى المادة 54 / 77 من التقنين المدني السابق ، والصحيح أن هذا النص هو من نصوص الإسناد في القانون الدولي الخاص لا من نصوص القانون الداخلي ، وإنما يرجع إخضاع الميراث لأحكام الشريعة الإسلامية إلى أن القوانين المصرية تركت جميع مسائل الميراث لأحكام الشريعة الإسلامية ، ولم يتعرض لها المشرع المصري بأي حكم موضوعي . وقد كانت أحكام الشريعة الإسلامية هي السارية في الميراث ، فبقيت سارية حتى بعد صدور التقنين المدني الجديد ما دام أنها لم تنسخ بأي نص من نصوص هذا القانون .
أما أصحاب الرأي الثاني فيذهبون إلى أن الشريعة الإسلامية إنما تسري في تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الميراث ، لا في كيفية انتقال المال من المورث إلى الورثة فذلك ليس متصلاً بالأحوال الشخصية ، بل هو داخل في أسباب كسب الملكية فتسري في شأنه المبادئ العامة في القانون المدني . ومن ثم يجب أن تفصل أموال التركة عن أموال الوارث الشخصية ويقدم المورث على دائني الوارث في اقتضاء حقوقهم من أموال التركة ، لأن حق الضمان العام الذي كان لهم في حياة المورث لا يزال باقياً كما كان ما دام المالان منفصلين ولكن طبيعة هذا الحق لا تتغير فلا يصير عينياً بالموت ، ولا يكون للدائن حق تتبع العقار إذا خرج من يد الوارث بالبيع إلا إذا كان المشتري سيء النية . وشأن الدائن أمام تصرف الوارث هو شأنه أمام تصرف المورث بلا فرق ، له أن يطعن في تصرف الوارث بالدعوى البولصية إذا توافرت شروطها كلما كان له ذلك بالنسبة إلى تصرف المورث . ولكن الوارث التزم في أمواله الخاصة بقيمة ما تصرف فيه من أموال التركة ، وليس لدائنيه أن يتضرروا من ذلك لأن لكل تصرفاته واقعة نتائجها على أمواله ، ولا سبيل إلى منعه من التصرف إلا بالحجر . أنظر في هذا الرأي أحمد عبد اللطيف في المحاماة السنة الثانية العدد الثالث – عبد الوهاب محمد في الشرائع السنة الأولى ص 57 – وأنظر من أحكام القضاء في الرأي ما أشير إليه في الوسيط 4 فقرة 189 ص 336 هامش 1 .
وقد أخذت محكمة النقض ، في عهد التقنين المدني السابق ، بالرأي الأول . فقضت بأن التركة عند الحنفية ، مستغرقة كانت أو غير مستغرقة ، تنتقل بمجرد الوفاة بحق عيني لدائني المتوفي يخولهم تتبعها واستيفاء ديونهم منها بالتقدم على سواهم ممن تصرف لهم الوارث أو من دائنيه . وهذا هو القانون الواجب على المحاكم المدنية تطبيقه إذا ما تعرضت للفصل في مسائل المواريث بصفة فرعية . ولا يحول دون ثبوت هذا الحق العيني لدئاني التركة التعلل بأن الحقوق العينية في القانون المدني وردت على سبيل الحصر ، وبأن حق الدائن هذا من نوع الرهن القانوني الذي لم يرد في التشريع الوضعي ، وذلك لأن عينية الحق مقررة في الشريعة الإسلامية ، وهي على ما سبق القول القانون في المواريث . وإذن فالحكم الذي ينفي حق الدئان في تتبع أعيان تركه مدينه تحت يدها من اشتراها ، ولو كان المشتري حسن النية وكان عقده مسجلاً ، مخالف للقانون ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1947 مجموعة عمره 5 رقم 159 ورقم 160 ص 356 )
أنظر في كل ذلك : الوسيط 4 فقرة 189 ص 336 هامش – رسالة الدكتور على إبراهيم الرجال في مدى تعلق حق الغرماء بالتركة – رسالة الدكتور حسن بغدادي في التفرقة بين الأحوال الشخصية والأحوال العينية ص 301 وص 327 وص 336 – أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي في البيع فقرة 199 – فقرة 204 – حامد زكي في المحاكم الأهلية والأحوال الشخصية مجلة القانون الاقتصاد السنة الرابعة – محمد على عرفة 2 فقرة 367 – محمد كامل مرسى 5 فقرة 103 – فقرة 106 .
( [141] ) مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 5 ص 80 .
( [142] ) مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 5 ص 80 هامش 1 .
( [143] ) وينتقل إلى الوارث أيضاً الحق في إبطال العقد ، إذ هو حق مالي ينتقل بالميراث . وقد قضت محكمة النقض بأن للقاصر في حال حياته أن يباشر طلب الإبطال بواسطة من يمثله قانوناً ، كما أن هذا الحق ينتقل بعد وفاته لوارثه بوصفه خلفاً عاماً له يحل محل سلفه في كل ماله وما عليه ، فتؤول إليه جميع الحقوق التي كانت لسلفه . وإذا كان موضوع طلب الإبطال تصرفاً مالياً ، فإنه بهذا الوصف لا يكون حقاً شخصياً محضاً متعلقاً بشخص القاصر بحيث يمتنع على الخلف العام مباشرته ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 ص 161 ) .
( [144] ) أنظر على الخفيف في بحثه في تأثير الموت في حقوق الإنسان والتزاماته المنشور في مجلة القانون والاقتصاد السنة العاشرة العددين الخامس والسادس ص 23 – وأنظر أيضاً محمد أبو زهرة في أحكام التركات والمواريث ص 38 – ص 39 .
( [145] ) وغني عن البيان أننا لا نلتزم ، في الملاءمة ما بين أحكام القانون الوضعي وأحكام الشريعة الإسلامية ، أرجح الأقوال في المذهب الحنفي ، فهذا لا يشترط إلا في الأحوال الشخصية فيما لم يرد في شأنه نص تشريعي . وفي غير ذلك يجوز الاستناد إلى المرجوح من الأقوال في المذهب الحنفي ، وإلى غير المذهب الحنفي من المذاهب الفقهية الأخرى حتى لو كان مذهباً غير المذاهب الأربعة المعروفة ، وإلى أية رواية من الروايات التي وردت في هذه المذاهب المختلفة .
( [146] ) وقد جاء في المعنى ( وهو من كتب الفقه الحنبلي ) في هذا الصدد : " إن مات وعليه ديون مؤجلة ، فهل تحل بالموت؟ فيه روايتان . إحداهما لا تحل إذا وثق الورثة ، وهو قول ابن سيرين وعبد الله بن الحسن وإسحاق وأبي عبيد ، وقال طاوس وأبو بكر بن محمود الزهري وسعيد بن إبراهيم الدين إلى أجله ، وحكى ذلك عن الحسن . والرواية الأخرى أنه يحل بالموت ، وبه قال الشعبي والنخعي وسوار ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي . لأنه لا يخلو إما أن يبقى في ذمة الميت ، أو الورثة ، أو يتعلق بالمال ، لا يجوز بقاؤه في ذمة الميت ، لخرابها وتعذر مطالبته بها . ولا في ذمة الورثة لأنهم لم يلتزموها ولا رضى صاحب الدين بذممهم وهي مختلفة متباينة . ولا يجوز تعليقه على الأعيان وتأجيله ، لأنه ضرر بالميت وصاحب الدين ولا نفع للورثة فيه . أما الميت فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال الميت مرتهن بدينه حتى يقضي عنه . وأما صاحبه ، فيتأخر حقه ، وقد تتلف العين فيسقط حقه . وأما الورثة ، فإنهم لا ينتفعون بالأعيان وبلا يتصرفون فيها ، وإن حصلت لهم منفعة فلا يسقط حق الميت وصاحب الدين لمنفعة لهم . ولنا . . أن الموت ما جعل مبطلاً للحقوق ، وإنما هو ميقات للخفاة وعلامة على الوراثة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من ترك حقاً أو مالاً فلورثته . . فعلى هذا يبقى الدين في ذمة الميت كما كان ، ويتعلق ماله كتعلق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه ، فإن أحب الورثة أداء الدين ( عند حلول أجله ) والتزامه للغريم ويتصرفون في المال ، لم يكن لهم ذلك إلا أن يرضى الغريم أو يوثقوا الحق بضمين ملئ أو رهن يثق به لوفاء حقه ، فإنهم قد لا يكونون أملياء ولم يرض بهم الغريم ، فيؤدي ذلك إلى فوات الحق . . . وإن مات مفلس وله غرماء بعض ديونهم مؤجل وبعضها حال ، وقلنا المؤجل يحل بالموت ، تساووا في التركة فاقتسموها على قدر ديونهم . و إن قلنا لا يحل بالموت ، نظرنا . فإن وثق الورثة لصاحب المؤجل اختص أصحاب الحال بالتركة ، وإن امتنع الورثة عن التوثيق حل دينه وشارك أصحاب الحال لئلاً يفضي إلى إسقاط دينه بالكلية " ( المغني 4 ص 485 – ص 487 ) .
( [147] ) سنعرض ، عند الكلام في الشفعة لما إذا كان حق الأخذ بالشفعة ينتقل إلى الوارث ( أنظر ما يلي فقرة 163 ) .
( [148] ) أنظر في كل ذلك مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 5 ص 69 – ص 70 – وقد جاء في الفروق للقرافي وهو كتب الفقه المالكي : " أعلم أنه يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من مات عن حق فلورثته . وهذا اللفظ ليس على عمومه ، بل من الحقوق ما ينتقل إلى الوارث ومنها ما لا ينتقل . فمن حق الإنسان أن يلاعن عند سبب اللعان ، وأن يفي بعد الإيلاء ، وأن يعود بعد الظهار ، وأن يختار من نسوة أسلم عليهن وهن أكثر من أربع ، وأن يختار إحدى الأختين إذا أسلم عليهما . وإذا جعل المتبايعان له الخيار ، فمن حقه أن يملك إمضاء البيع عليهما وفسخه . ومن حقه ما فوض إليه من الولايات والمناصب ، كالقصاص والإمامة والخطابة وغيرها ، وكالأمانة والوكالة . فجميع هذه الحقوق لا ينتقل للوارث منها شيء ، وإن كانت ثابتة للمورث . بل الضابط لما ينتقل إليه ما كان متعلقاً بالمال ، أو يدفع ضرراً عن الوارث في يعرضه بتخفيف ألمه . وما كان متعلقاً بنفس المورث وعقله وشهواته لا ينتقل للوارث . والسر في الفرق أن الورثة يرثون المال فيرثون ما يتعلق به تبعاً ، ولا يرثون عقله ولا شهوته ولا نفسه فلا يرثون ما يتعلق بذلك ، وما لا يورث لا يرثون ما يتعلق به : فاللعان يرجع إلى أمر يعتقده لا يشاركه فيه غيره غالباً ، والاعتقادات ليست من باب المال ، والفيئة شهوته ، والعود إرادته ، واختيار الأختين والنسوة أو به وميله ، وقضاؤه على المتبايعين عقله وفكرته ورأيه ، ومناصبه وولاياته واجتهاداته وأفعاله الدينية فهو دينه . ولا ينتقل شيء من ذلك للوارث ، لأنه لم يرث مستندة وأصله . وانتقل للوارث خيار الشرط في المبيعات ، وقاله الشافعي رحمه الله تعالى ، وقال أبو حنيفة وأحمد ابن حنبل لا ينتقل إليه . وينتقل للوارث خيار الشفعة عندنا ، وخيار التعيين إذا اشترى مورثه عبداً من عبدين على أن يختار ، وخيار الوصية إذا مات الموصي له بعد موت الموصي ، وخيار الإقالة والقبول إذا أوجب البيع لزيد فلوارثه القبول والرد . . . وخيار الهبة وفيه خلاف ومنع أبو حنيفة خيار الشفعة ، وسلم خيار الرد بالعيب وخيار تعدد الصفقة وحق القصاص وحق الرهن وحبس المبيع . . . ووافقناه نحن على خيار الهبة في الأب للابن بالاعتصار . . . وسلم الشافعي جميع ما سلمناه ، وسلم خيار الإقالة والقبول . ومدارك المسألة على أن الخيار عندنا صفة للعقد فينتقل مع العقد ، فإن آثار العقد انتقلت للوارث . وعند أبي حنيفة صفة للعاقد لأنها مشيئته واختياره ، فتبطل موته كما تبطل سائر صفاته . . . ولم يخرج عن حقوق الأموال إلا صورتان فيما علمت : حد القذف ، وقصاص الأطراف والجرح والمنافع في الأعضاء . فإن هاتين الصورتين تنتقلان للورثة وهما ليستا بمال ، لأجل شفاء غليل الوارث بما دخل على عرضه من قذف مورثه والجناية عليه . وأما قصاص النفس فإنه لا يورث ، فإنه لم يثبت للمجني عليه قبل موته وإنما ثبت للوارث ابتداء ، لأن استحقاقه فرع زهوق النفس فلا يقع إلا للوارث بعد موت المورث " ( الفروق للقرافى جزء 3 ص 275 – ص 279 ) .
( [149] ) بل لا يستطيع الورثة أن يستخلصوا أموال التركة إلا إذا دفعوا كل الديون ، ولا يكفي أن يدفعوا قيمة التركة ، وهذا على الرأي المشهور في المذهب الحنفي . وفي قول آخر ، يكفي لاستخلاص أموال التركة أن يدفع الورثة للدائنين قيمة هذه الأموال لا جميع الديون ( أنظر الوسيط 4 فقرة 190 ص 340 ) .
( [150] ) أنظر في عرض المذاهب المختلفة والأدلة التي يحتج بها كل مذهب : على الخفيف في مدى تعلق الحقوق بالتركة في مجلة القانون والاقتصاد السنة الثانية عشرة ص 158 – ص 174 .
( [151] ) ولا يجوز إسناد موت المورث لتاريخ سابق على وقت حصولهن وقد جاء في تقرير لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب الخاص بقانون المواريث في هذا الصدد ما يأتي : " بالنسبة لجواز إسناد الوفاة لتاريخ سابق اختلف رأي اللجنة . فاتجاه رأي فريق من أعضاء اللجنة إلى عدم جواز الإسناد . واعتمد في تبرير رأيه إلى أن الموت إما أن يكون حقيقة أو حكماً . ففيما يتعلق بالموت الحقيقي ، للقاضي أن يحكم – كلما توافرت لديه الأدلة المقنعة - بأن الوفاة وقعت في تاريخ معين ، وله في ذلك مطلق الحرية في التقدير أسوة بكل نزاع آخر يعرض عليه للفصل فيه . أما الموت الحكمي فيحتاج بالضرورة إلى حكم يصدر من القاضي ، وبغير هذا الحكم لا يمكن القول بأن الشخص مات حكماً . فحكم القاضي يقرر الوفاة ويظهرها في الحالة الأولى ، ولكنه ينشئها في الحالة الثانية . ويعززون رأيهم بأن هذا ما أجمع عليه فقهاء الشريعة الغراء ، وبالتالي فكل رأي يخالفه يعوزه السند الشرعي ، وإنهم بهذا الرأي يتمشون مع المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص بالمفقود . ويضيفون إلى ما تقدم أنه يصعب جداً وضع ضابط محكم يسترشد به القاضى عند إسناد الوفاة إلى تاريخ دون آخر ، إذ قد يترتب على هذا الإسناد حرمان شخص من الإرث أو ثبوت حقه فيه . فترك المسألة إلى القاضي يحكم فيها بما يمليه عليه تقديره قد يوقعه في الحرج . . . وقد ناقشت اللجنة هذين الرأيين طويلاً ، وانتهت إلى ترجيح الرأي الأول أخذاً بالأضبط والأحوط " .
( [152] ) أنظر في هذه النتائج بحث الأستاذ على الخفيف في مدى تعلق الحقوق بالتركة في مجلة القانون والاقتصاد السنة الثانية عشرة ص 174 – ص 177 . ويذكر من هذه النتائج ما يلي :
أ - نماء أعيان التركة بزيادتها زيادة متولدة متصلة أو منفصلة ، كالثمرة والسمن والولد والريع ، إذا قلنا ببقاء التركة على ملك الميت ، يكون ملكاً للميت ، فتقضى من هذه الميادة ديونه وتنفذ وصاياه . وإذا قلنا بأن الملكية تنتقل إلى الورثة بمجرد موت المورث ، فإن هذه الزيادة تكون ملكاً للورثة ، فلا تقضى منها ديون الميت ولا تنفذ منها وصاياه . وقد أخبذت محكمة النقض بأن ملكية التركة تنتقل إلى الورثة بمجرد موت المورث ، فقضت بأن الدين ، وإن كان مستغرقاً للتركة ، لا يمنع انتقالها لورثة المدين عند موته . وهذا يتفرع عليه أن إيراد التركة ونتاجها يكون حقاً خالصاً للورثة ، فلا يتعلق حقهم بالأصل فقط . وقد قال بها الرأي فريق من فقهاء الشريعة الإسلامية في تفسير قاعدة " لا تركة إلا بعد وفاء الدين " ، وهو قول يتفق مع أحكام القانون المدني . فإدعاء الحائز لأعيان التركة بدين كبير على التركة مستغرق لها لا يصح الاستناد إليه في التمسك بقاعدة " لا تركة إلا بعد وفاء الدين " ، في وجه الوارث الذي يطلب إيراد نصيبه في التركة ( نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1944 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في مدى 25 عاماً جزء 2 ص 999 رقم 8 ) .
( [153] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن القول بأن الوارث مسئول عن دين مورثه بمقدار ما ورثه معناه اختلاط مال المورث ومال الوارث ، وهو أمر غير معروف في القانون المصري ما دامت أعيان التركة موجودة ولم يحصل التصرف فيها ، كما أن الشريعة الإسلامية كذلك لا تقر هذه النظرية . ولا تعترف الشريعة الإسلامية بانتقال شخصية المورث لوارثه ، فمتى توفى المورث انتقلت جميع الالتزامات التي كانت بذمته إلى تركته لا إلى ورثته ، فلا يعتبر الوارث إذن مسئولاً شخصياً عن ديون التركة ( استئناف مصر 4 أبريل سنة 1939 المحاماة 19 رقم 492 ص 1261 ) .
( [154] ) ومركز الوارث في الشريعة الإسلامية قريب من مركز الوارث بشرط التجنيب أو الجرد في القانون الفرنسي ، فشخصية الوارث تبقى مستقلة عن شخصية المورث في الحالتين ، وفي الحالتين أيضاً تتعلق ديون المورث بتركته لا بذمة ورثته . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا قبل الوارث التركة بشرط الجرد في القانون الفرنسي ، كانت شخصيته مستقلة عن شخصية المورث ، ولا يصح أن يواجه بالتزام المورث عدم التعرض للمشتري إذا ادعى الاستحقاق لعين من الأعيان تصرف فيها مورثه للغير . وقد أخذ المشرع المصري في انتقال التركات بما يتقارب في هذا الخصوص مع ما يقرره القانون الفرنسي بشأن الوارث إذا قبل التركة بشرط الجرد ، لأنه يعتبر شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث وأن ديون المورث إنما تتعلق بتركته لا بذمة ورثته . وعلى ذلك فمتى تبين من وقائع الدعوى أن المورث كان قد تصرف في أطيان له للغير بمقتضى عقد بدل لم يسجل ، ثم تصرف في ذات الأطيان بالبيع لأحد أولاده بعقد بيع مسجل ، فأقام هذا الأخير بعد وفاة البائع دعوى على المتبادل معه بطلب تثبيت ملكيته إلى هذا القدر ، فقضى برفض دعواه إتباعا لما هو مقرر في التشريع الفرنسي في شأن الوارث الذي يقبل التركة بغير تحفظ ، فإن الحكم يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 26 ديسمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 960 ) .
( [155] ) عبد الفتاح عبد الباقي في نظرية الحق سنة 1957 فقرة 39 .
( [156] ) حسن كيرة ص 37 – 38 .
( [157] ) على الخفيف في مدى تعلق الحقوق بالتركة في مجلة القانون والاقتصاد السنة الثانية عشرة ص 153 – ص 156 .
( [158] ) أنظر في ذلك المذهب جزء أول ص 327 .
( [159] ) أنظر في المغني جزء 4 ص 487 .
( [160] ) أنظر في ذلك المبسوط جزء 29 ص 137 – ص 138 – الزيلعي جزء 5 ص 213 – ص 214 وجزء 6 ص 214 .
وقد قضت محكمة استئناف مصر ، تطبيقاً لهذا الرأي في مذهب الحنفية ، بأن التركة المستغرقة بالديون ، طبقاً للشريعة الغراء ، لا يملكها الوارث ولا يملك التصرف فيها ، وكل تصرف منه يقع باطلاً بالنسبة إلى الدائنين لأن لهم حق متابعة التركة . أما غير المستغرقة فقد أباح الفقهاء للورثة التصرف في أعيانها حتى لا تتعطل في أيديهم ، ولذلك لا يجوز للدائن التعرض لهم في تصرفاتهم فيها . على أن حق الوارث ليس مطلقاً ، بل يقف حين لا يبقى في التركة إلا ما يكفي للوفاء بالديون ، وكل تصرف زاد على ذلك فهو باطل ( استئناف مصر 23 أبريل سنة 1935 المحاماة 16 رقم 77 ص 165 ) . وقضت أيضاً بأن ليس للوارث حق التصرف في التركة قبل سداد الدين ، ولا يمنع ما يحصل من تصرف منه الدائن من متابعة أعيان التركة في يد المشتري لاستيفاء حقوقه منها ، لأن الوارث لا يستطيع أن يبيع أكثر مما يملك ، ولا يملك من التركة إلا ما يتبقى بعد سداد الدين ، فلا يمكنه أن يبيع ولا أن يملك المشتري إلا بهذا القدر . ويقع باطلاً كل تصرف في التركة قبل سداد ديونها . ولا محل في هذه الحالة للبحث فيما إذا كانت شروط دعوى إبطال التصرفات الضارة بالدائن متوافرة ، أو دعوى الصورية متوافرة أو غير متوافرة ( استئناف مصر 25 مارس سنة 1941 المحاماة 21 رقم 420 ص 101 ) . وأنظر أيضاً في هذا المعنى استئناف مصر 6 أبريل سنة 1941 المحاماة 22 رقم 46 ص 94 – استئناف مختلط 12 مارس سنة 1914 م 26 ص 283 – 13 يونيه سنة 1916 م ن 28 ص 423 – 8 فبراير سنة 1917 م 29 ص 206 – 30 أكتوبر سنة 1917 م 30 ص 13 – 23 نوفمبر سنة 1926 م 39 ص 31 – 30 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 119 – أبريل سنة 1935 م 47 ص 225 – 9 مايو سنة 1940 م 52 ص 252 ( ويقع عبء إثبات أنه لا يزال باقياً في التركة مال لوفاء الديون وتعيين هذا المال على الورثة ومن تصرف الورثة لهم ) – 19 نوفمبر سنة 1940 م 53 ص 15 – 23 يناير سنة 1941 م 53 ص 71 – 4 يونية سنة 1942 م 54 ص 227 ( عبء إثبات أن في التركة مالاً معيناً يبقى بديونها يقع على الورية ومن تصرف الورثة لهم ) – 5 ديسمبر سنة 1944 م 57 ص 17 – 31 يناير سنة 1946 م 58 ص 36 – 10 أبريل سنة 1947 م 59 ص 176 – 27 مايو سنة 1947 م 59 ص 224 – فإذا كانت التركة مستغرقة ، وتصرف الوارث ، وأهمل الدائن في تقاضى حقه مدة طويلة ( ثلاثين سنة ) ، لم يكن له بعد هذا الإهمال أن يتتبع العين في يد من تصرف له الوارث ( استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1949 م 61 ص 131 ) .
وقارن استئناف مصر 20 يناير سنة 1943 المحاماة 23 رقم 194 ص 445 .
( [161] ) أنظر في ذلك المدونة الكبرى جزء 3 ص 57 – ص 59 .
وأنظر في كل ما تقدم مصادر الحق في الفقه الإسلامي جزء 5 ص 87 – ص 93 – وأنظر أيضاً الوسيط 4 فقرة 191 .
( [162] ) ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض ، في عهد التقنين المدني السابق ، بالتزام أرجح الأقوال في فقه الحنفية . فقد قضت بأن الشارع ، إذا أخضع دعاوى الحقوق للقانون المدني وجعلها من اختصاص المحاكم المدنية ، فقد أبقى المواريث خاضعة للشريعة الإسلامية تقضي فيها المحاكم الشرعية بصفة أصلية طبقاً لأرجح الأقوال في مذهب الحنفية . فإن تعرضت لها المحاكم المدنية بصفة فرعية ، كان عليها أن تتبع نفس المنهج . ثم صدر القانون رقم 77 لسنة 1943 مقنناً أحكام الإرث في الشريعة الإسلامية ، فلم يغير الوضع السابق بل أكده . وأعقبه القانون رقم 25 لسنة 1944 ، فنص صراحة على أن " قوانين المواريث والوصية وأحكام الشريعة الإسلامية فيهما هي قانون البلد فيما يتعلق بالمواريث والوصايا بالنسبة إلى المصريين كافة من مسلمين وغير مسلمين " . على أنه إذا كان المتوفى غير مسلم ، جاز لورثته الرجوع إلى الشريعة الإسلامية بوجه عام ، وإلى أرجح الآراء في فقه الحنفية بوجه خاص ، متعيناً بالنسبة إلى حقوق الورثة في التركة المدينة ومدى تأثرها بحقوق دائني المورث باعتبار ذلك من أخص مسائل المواريث ، فإن القانون المدني إذ يقرر حكم تصرف الوارث في التركة المدينة ، باعتبار هذا التصرف عقداً من العقود ، إنما يقرر ذلك على أساس ما خولته الشريعة للوارث من حقوق ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 159 ص 356 ) .
( [163] ) وقد قضت محكمة النقض بأن التركة عند الحنفية ، مستغرقة كانت أو غير مستغرقة ، تنشغل بمجرد الوفاة بحق عيني لدائني المتوفى يخول لهم تتبعها واستيفاء ديونهم منها بالتقدم على سواهم ممن تصرف له الوارث أ, من دائنيه . وهذا هو القانون الواجب على المحاكم المدنية تطبيقه إذا ما تعرضت للفصل في مسائل المواريث بصفة فرعية . ولا يحول دون ثبوت هذا الحق العيني لدائن التركة التعلل بأن الحقوق العينية في القانون المدني وردت على سبيل الحصر ، وبأ ، حق الدائن هذا من نوع الرهن القانوني الذي لم يرد في التشريع الوضعي ، وذلك لأن عينية الحق مقررة في الشريعة الإسلامية ، وهي ، على ما سبق القول ، القانون في المواريث ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 159 ص 356 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) . وقضت أيضاً بأن مؤدى قاعدة ألا تركة إلا بعد سداد الدين أن تركة المدين تنشغل بمجرد الوفاة بحق عيني لدائني المتوفى يخول لهم تتبعها واستيفاء ديونهم منها تحت يد أي وارث أو من يكون الوارث قد تصرف إليهم ما دام أن الدين قائم ، دون أن يكون لهذا الوارث حق الدفع بانقسام الدين على الورثة . أما إذا كان الدين قد انقضى بالنسبة إلى أحد الورثة بالتقادم ، فإن لهذا الوارث ، إذا ما طالبه الدائن قضائياً ، أن يدفع بانقضاء الدين بالنسبة إليه – كما لا تمنع المطالبة بالدين من تركة المدين المورث من سريان التقادم بالنسبة إلى بعض ورثة المدين دون البعض الآخر الذين انقطع التقادم بالنسبة إليهم ، متى كان محل الالتزام بطبيعته قابلاً للانقسام ( نقض مدني 7 يونيه سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 116 ص 774 ) . وقضت كذلك بأن ورثة المدين ، باعتبارهم شركاء في تركته كل منهم بحسب نصيبه ، إذا أبدى واحد منهم دفاعاً مؤثراً في الحق المدعى به على التركة ، كان في إبدائه نائباً عن الباقين ، فيستفيدون منه . وذلك لأن التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة ، وللدائنين عليهم حق عيني بمعنى أنهم يتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤدي شيء منها للورثة وبصرف النظر عن نصيب كل منهم فيها . وعلى هذا الاعتبار يكون دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة غير قابل للتجزئة ، ويكفي أن يبديه البعض ليستفيد من البعض الآخر . فإذا تمسك بعض الورثة في دعوى مرفوعة منهم بطلب براءة ذمة مورثهم من دين عليه بسقوط هذا الدين بالتقادم ، فإنهم يكونون في هذا الدفع نائبين عن باقي الورثة الذين لم يشتركوا في الدعوى ، ويفيد من الحكم بسقوط الدين الورثة الآخرون الذين لم يشتركوا في الدعوى ( نقض مدني 19 نوفمبر سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 156 ص 1050 ) .
وأنظر آنفاً نقض مدني 25 مارس سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 61 ص 384 – استئناف مختلط 18 مارس سنة 1926 م 38 ص 298 – 7 يونية سنة 1927 م 39 ص 533 – 27 نوفمبر سنة 1930 م 43 ص 49 – 15 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 61 – 22 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 85 - 15 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 50 – 5 مايو سنة 1938 م 50 ص 287 – 24 يونيه سنة 1943 م 55 ص 200 – 8 مايو سنة 1947 م 59 ص 194 - 17 فبراير سنة 1948 م 60 ص 60 .
وعينية حق دائني التركة لا ترجع إلى طبيعة هذا الحق ، فهو لم يكن عينياً قبل موت المورث ، وإنما أصبح عينياً بعد موته لسببين واقعيين ، اجتمعا فنتج عن اجتماعهما هذه العينية الواقعية . السبب الأول أن المورث بعد موته لا يستطيع أن يستدين ، فانحصرت ديونه بموته ، ولم تعد تقبل الزيادة . والسبب الثاني أن المورث بعد موته لا يستطيع أن يتصرف في أمواله ، فأصبحت هذه الأموال لا تقبل النقصان . وأصبحت كلها ضامنة لديونه المنحصرة على النحو المتقدم ، وضامنة لهذه الديون وحدها ، إذ أنها بحكم القاعدة التي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين لا تخلص للوارث إلا بعد سداد ديون المورث . وباجتماع هذين السببين الواقعيين - ديون منحصرة لا تقبل الزيادة وأموال معينة لا تقبل النقصان – نتج أن هذه الديون المعينة بالذات قد تركزت في هذا الضمان المعين بالذات . وهذه هي معاني الحق العيني تجمعت بحكم الواقع ، فأصبح حق دائني التركة حقاً عينياً بحكم الواقع قبل أن يكونه بحكم القانون .
( [164] ) وقد قضت محكمة النقض ، منذ عهد التقنين المدني السابق ، بأن تصرف الورثة في التركة المستغرقة ببيع بعض أعيانها خاضع لحكم القانون المدني من حيث اعتباره صادراً من غير مالك وبالتالي سبباً صحيحاً لاكتساب الملكية بالتقادم الخمسي ، ومن حيث عدم اعتباره محلاً لدعوى إبطال التصرف إضراراً بدائن التركة . لكن الحكم الصادر على هذا الأساس بملكية المشتري للعين المبيعة له لا يكسب هذه الملكية إلا محملة بحق الدائنين العيني ، لأن التقادم قصير المدة المكسب للملكية لا يمكن أن يكون في الوقت نفسه تقادماً يسقط للحق العيني الذي يثقلها ، إذ هذا الحق إنما هو حق تبعي لا يسقط بالتقادم مستقلاً عن الدين الذي هو تابع له . وبقاء هذا الحق العيني على الأرض المبيعة هو سند الدائن في تتبعها بالتنفيذ تحت يد المتصرف إليه ، وإذن فمن الخطأ أن يقضي بإلغاء إجراءات نزع الملكية التي يتخذها الدائن على تلك الأرض ، إذ هذا القضاء يكون فيه إهدار لحق الدائن في تتبع العين لاستيفاء دينه ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1947 مجموعة عمر رقم 160 ص 365 ) .
( [165] ) وقبل قانون الشهر العقاري الذي أخضع حق الوارث للشهر ونظم طريقة لشهر ديون التركة ، لم يكن الشهر لازماً لتتبع دائن التركة في يد المشتري عيناً من أعيانها باعها الوارث . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن حق دائن التركة في تتبع العين المبيعة منها لا يشترط له ، لكي ينفذ في حق المشتري ، أن يكون الدين مسجلاً أو مشهراً ( نقض مدني 24 يناير سنة 1946 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1000 رقم 11 ) .
( [166] ) وقد قضى بأن التركة ، مستغرقة كانت أو غير مستغرقة ، تنتقل بمجرد الوفاة مثقلة بحق عيني لدائني المتوفى ، يخول لهم تتبعها واستيفاء ديونهم بالتقدم على سواهم ممن تصرف له الوارث أو من دائنيه . هذا الحق العيني يتوافر له خصيصة التتبع والتقدم لاستيفاء دائني المورث حقوقهم من التركة بلا تفرقة بين حائز حسن النية وآخر سيء النية ، وإنه متعلق بالتركة كلها تعلق دين الرهن بالمرهون ( دمنهور الكلية 21 مارس سنة 1954 المحاماة 36 رقم 575 ص 1570 ) .
وأنظر في ذلك الوسيط 4 فقرة 191 ص 344 – ص 345 وفقرة 192 .
وفيما يتعلق بتركات الأجانب ، أنظر في تحقيق الوراثة وقبول الإرث ورفضه المواد 934 – 938 مرافعات .
( [167] ) وهناك قاعدة شرعية تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها ( م 341 لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ) . وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد بأن هذه القاعدة الشرعية تكون صحيحة لو أن الوارث الواحد كان قد خاصم أو خوصم في الدعوى طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها . أما إذا كانت دعوى الوارث لم يكن مقصوده الأول منها سوى تبرئة ذمته من نصيبه في الدين ذلك النصيب المحدد المطلوب منه في الدعوى ، فإن الوضاح أنه يعمل لنفسه فقط في حدود هذا النصيب المطلوب منه ولمصلحته الشخصية فقط في تلك الحدود ، لا لمصلحة عموم التركة كنائب شرعي عنها وقائم في الخصومة مقامها ومقام باقي الورثة ( نقض مدني 11 أبريل سنة 1935 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1006 رقم 49 ) . وقضت أيضاً بأن معنى المادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية هو أن الوارث الذي لم يظهر في الخصومة يعتبر ممثلاً فيها عن طريق نيابة الوارث الآخر له ، أو بعبارة أدق عن طريق المورث الذي يتلقى الحق عنه ، إلا أنه مع ذلك لا يعتبر محكوماً عليه مباشرة ، بل يكون من الغير الذي له حق الطعن بالتعدي ، فلا يجوز الحكم قبله حجية ما ( نقض مدني 19 مايو سنة 1949 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1006 رقم 50 ) . وقضت كذلك بأنه لا يفيد من الحكم الصادر بإبطال الوقف فيما زاد على ثلث التركة لصدوره في مرض موت الواقف سوى الوارث المحكوم له . لأنه إنما كان يعمل لمصلحته ولم يكن ممثلاً لبقية ورثة الواقف . وإن مجرد ثبوت أن الوقف صدر في مرض موت الواقف في الدعوى التي رفعها هذا الوارث لا يقتضي بطلان الوقف فيما زاد على ثلث التركة بالنسبة إلى جميع ورثته نقض مدني 25 مارس سنة 1953 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 رقم 51 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كان كل من الورثة يطالب بنصيبه الخاص في التعويض الذي يستحقه عن مورثه ، وحكم برفض دعواهم ، فانفرد أحدهم برفع استئناف عن هذا الحكم طالباً إلغاءه والحكم له بمقدار نصيبه وحده في التعويض ، فإن عمله هذا يكون لنفسه فقط ولمصلحته الشخصية ، لا لمصلحة عموم التركة كنائب شرعي عنها . ولا يعتبر الحكم الصادر في الاستئناف باستحقاقه لحصته الميراثية في التعويض قضاء باستحقاق باقي الورثة لأنصبتهم في هذا التعويض ( نقض مدني 6 فبراير سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 35 ص 199 ) . وقضى بأنه إذا كانت بعض المحاكم وعلى رأسها محكمة النقض قد أجازت في بعض الأحوال أن ينتصب بعض الورثة ممثلين للبعض الآخر في الخصومات التي تتعلق بالتركة ، فإن هذه الإجازة معناها تمثيل أفراد معينين للمنازعات الخاصة بحقوق أفراد آخرين وجواز توجيه الخصومة إليهم ، كما يمثل الدائن مدينه في بعض الدعاوى – وليس معناها عدم الالتفات إلى جنسية هؤلاء الورثة أو محل إقامتهم الشخصي لتحديد مسائل الاختصاص ( الإسكندرية الكلية مستعجل 24 فبراير سنة 1941 المحاماة 23 رقم 203 ص 484 ) .
وأنظر أيضاً في الحالات التي يمثل فيها الوارث بقية الورثة : نقض مدني 18 فبراير سنة 1943 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1005 رقم 41 – 29 مايو سنة 1952 نفس المجموعة 2 ص 1005 رقم 43 – 2 ديسمبر سنة 1954 نفس المجموعة 2 ص 1005 رقم 45 – 22 ديسمبر سنة 1955 نفس المجموعة 2 ص 1006 رقم 46 – استئناف مختلط 6 مارس سنة 1923 م 35 ص 264 – 15 مايو سنة 1923 م 35 ص 447 – 14 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 35 – 11 أبريل سنة 1933 م 45 ص 229 – 10 مايو سنة 1933 م 45 ص 271 – 4 فبراير سنة 1936 م 48 ص 95 – 5 مايو سنة 1938 م 50 ص 287 – 27 فبراير سنة 1941 م 53 ص 116 – 18 ديسمبر سنة 1941 م 54 ص 28 – 3 يونيه سنة 1943 م 55 ص 180 – 13 يناير سنة 1944 م 56 ص 32 – 3 أبريل سنة 1947 م 59 ص 174 – 8 مايو سنة 1947 م 59 ص 194 – وفي الحالات التي لا يمثل فيها الوارث بقية الورثة : نقض مدني 11 أبريل سنة 1935 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1006 رقم 48 – 20 مايو سنة 1948 نفس المجموعة 2 ص 1006 رقم 47 – 26 نوفمبر سنة 1953 نفس المجموعة 2 ص 100 رقم 44 – 5 مايو سنة 1955 نفس المجموعة 2 ص 1092 رقم 82 – 23 مايو سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 496 .
( [168] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 192 ص 346 .
( [169] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1347 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - إذا لم تكن التركة قد صفيت وفقاً لأحكام النصوص السابقة ، جاز لدائني التركة العاديين أن ينفذوا بحقوقهم ، أو بما أوصى به إليهم ، على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها ، أو التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير . 2 - ويسقط حقهم هذا بعد انقضاء سنة على فتح التركة ، ما لم يؤشروا ، بمقتضى أمر على عريضة ، بما لهم من دوين في سجلات المحكمة المنصوص عليها في المادة . . . . ، وعلى أن يتم هذا التأشير قبل أن يقيد الغير حقه على العقار . 3 - ويكون لقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي من الأثر ، في حق الغير الذي تعامل مع الورثة بشأن عقارات التركة ، ما للتأشير المنصوص عليه في الفقرة السابقة " . وفي لجنة المراجعة حذفت الفقرة الثالثة بعد أن أضيفت إلى مادة سابقة ، وأدمجت الفقرتان الأولى والثانية في فقرة واحدة ، وأدخل عليها من التعديل ما جعلها مطابقة تقريباً لما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمها 985 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 983 بعد تعديل العبارة الأخيرة منه فصارت " وفقاً لأحكام القانون ، وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 914 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 289 – ص 291 ) .
( [170] ) التقنينات المدينة العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 875 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 918 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1107 : 1 – لدائني التركة العاديين وللموصي لهم أن يلاحقوا لاستيفاء حقوقهم في التركة العقارات التي نقلت الورثة ملكيتها للغير أو رتبت عليها حقوقاً عينية . 2 - ويسقط حقهم هذا بعد انقضاء ثلاث سنوات من موت المدين ، فإذا انقضت هذه المدة فقد تصرف الورثة في التركة قبلهم ، إلا إذا كان التصرف قد صدر تواطؤا مع الغير للإضرار بهم . ( ويستغنى التقنين العراقي عن شهر حق الدائن بتحديد مدة ثلاث سنوات إذا انقضت كان تصرف الوارث في عقار التركة نافذاً في حقه . ومؤدى ذلك أن من تعامل مع الوارث في عقار للتركة لا يطمئن على تعامله إلا إذا كان قد مضى ثلاث سنوات على مورث المورث ، ويمكن اعتبار هذه المدة مدة إسقاط delai de decheancee يسقط بانقضائها حق رجوع دائني التركة في الرجوع على عقاراتها ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 131 : التأمين الإجباري هو التأمين الذي يسجل حكماً ، سواء أكان برضا أم بغير رضا صاحب العقار ، وفي الأحوال المعينة فيما يلي . ولا يكون هذا التأمين ألا باسم معين . أما الحقوق والديون التي يعقد التأمين الإجباري لضمانها فهي . . . ( 5 ) حقوق وديون الدائنين أو المدعى لهم بتركة . فالتأمين الإجباري يعقد على عقارات التركة ، ضماناً لفرز التركة عن أموال الوارث . ( ففي القانون اللبناني يضمن حقوق دائني التركة والموصي لهم رهن قانوني يقيد على عقارات التركة ) .
( [171] ) وفي المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ، نصت المادة 12 من هذا المشروع على نفس ما تنص عليه المادة 14 من قانون الشهر العقاري الحالي ، ولكن المشروع الجديد أضاف فقرة متوسطة بين فقرتي المادة تجري على الوجه الآتي : " ويجب على الدائن إعلان كل ذي شأن بقيام الدين قبل التأشير به " . وبهذا يتمشى المشروع مع المادة 31 من قانون السجل العيني ، المقابلة للمادة 14 من قانون الشهر العقاري الحالي .
والغرض من إعلان ذوي الشأن بقيام الدين قبل التأشير به هو تمكينهم في وقت مناسب من العلم بالدين ، فإذا كان لديهم على هذا الدين طعن جدي كان لهم أن يطلبوا إلى قاضي الأمور المستعجلة محو التأشير ( م 18 / 1 من قانون الشهر العقاري ) .
( [172] ) وإذا كان الموصي به عيناً معينة بالذات ، وكانت في حدود ثلث التركة ، وبقى في التركة ما يكفي لوفاء ديونها ، فإن الموصي له يصبح مالكاً للعين الموصي بها بموجب الوصية ، وعلى ذلك يكون له أن يرفع دعوى الاستحقاق باعتباره مالكاً للعين . فإذا كانت العين عقاراً ، وجب عليه أن يسجل الوصية حتى تنتقل إليه ملكية العقار الموصى به ، كما تقضي قواعد التسجيل المقررة في هذا الشأن ( أنظر ما يلي فقرة 86 ) .
( [173] ) فإذا لم يكن لدى الدائن سند بالدين ، لم يبق أمامه إلا أن يرفع دعوى على الورثة يطالب فيها التركة بالدين ، فإذا تمكن من إثبات الدين في مواجهة الورثة ، وحصل على حكم به ، كان هذا الحكم هو سند الدين وله أن يؤشر به على هامش تسجيل حق الإرث .
( [174] ) محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 430 .
( [175] ) وتنص الفقرة الأولى من المادة 42 من قانون السجل العيني على أن " لكل ذي شأن أن يطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة محو التأشير المشار إليه في المادة 31 ( التأشير بدين على التركة في صحف السجل العيني المخصصة لأعيان التركة أو حقوقها ) ، فيأمر به القاضي إذا كان سند الدين مطعوناً فيه جدياً "
( [176] ) محمود شوي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 431 – هذا وحكم قاضي الأمور المستعجلة بمحو التأشير لا يمنع الدائن من أن يرفع على الورثة دعوى موضوعية بالدين ، فإذا صدر حكم لصالحه جاز له أن يطلب التأشير به على هامش تسجيل حق الإرث .
( [177] ) أنظر أيضاً الفقرة الثالثة من المادة 31 من قانون السجل العيني ، وهي تقرر نفس الحكم .
( [178] ) إذ يجوز أن يتم شهر حق الإرث وتسجيل عقد البيع في محرر واحد ، أو في محررين يشهران في نفس اليوم ، أو يمر بين شهر حق الإرث وتصرف الوارث بعقد مسجل فترة قصيرة لا يتمكن الدائن العادي خلالها من البحث والتأكد من حصول تسجيل حق الإرث ليبادر إلى شهر سند حقه . من أجل ذلك أعطى دائن التركة مهلة سنة من وقت شهر حق الإرث ، إذا أش في خلالها بسنده احتفظ بحقه في التتبع وحقه في التقدم ، وذلك – كما تقول المذكرة الإيضاحية لقانون الشهر العقاري " حماية للدائن من التصرفات التي قد يبادر الوارث إلى إجرائها قبل أن يتمكن الدائن من العلم بافتتاح التركة ومن التأشير بدينه " .
وقد قصد المشرع ، إلى جانب ذلك ، إظهار جميع الديون العادية على التركة أو المبالغ الموصى بها للغير في ميعاد مناسب ، حدده بسنة واحدة من تاريخ قيام الوارث بشهر حقه في الإرث ( محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 424 ص 425 ) .
( [179] ) أما قبل شهر حق الإرث ، فقد قدمنا أن الوارث لا يستطيع التصرف في عقارات التركة ، إذ يمنع شهر أي تصرف يصدر منه قبل أن يشهر حق إرثه .
( [180] ) وينبني على حق التتبع الثابت لدائن التركة إذا أشر بحقه في خلال السنة أمران : ( أولاً ) إذا أشر المشتري من المورث الذي لم يسجل عقده ، باعتباره دائناً للتركة ، حقه في خلال السنة ، فإن له يتتبع العقار في يد المشتري من الوارث ، حتى لو أن هذا المشتري الأخير قد سجل عقده قبل أن يسجل عقده المشتري من المورث ، بل وقبل تأشير المشتري من المورث بحقه ( الوسيط 4 فقرة 271 ص 483 – 488 ) . ( ثانياً ) إذا أشر الموصي له بعقار ، قبلت سجيل الوصية ، بحقه في خلال السنة ، فإن له أن يتتبع العقار في يد المشتري من الوارث ، حتى لو أن هذا قد سجل عقده قبل تسجيل الوصية ، بل وقبل تأشير الموصي له بحقه ( إسماعيل غانم ص 151 – حسن كيرة ص 43 – ص 44 ) .
( [181] ) الوسيط 4 فقرة 193 ص 348 – ص 349 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 494 ص 739 هامش 1 .
( [182] ) الوسيط 4 فقرة 193 ص 347 هامش 2 – محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية جزء 5 فقرة 162 – محمد علي عرفة 2 فقرة 383 ص 615 وفي مقال له في الاتجاهات الحديثة في الميراث وتصفية التركة في مجلة القانون والاقتصاد 18 ص 223 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 494 ص 739 .
( [183] ) أنظر أيضاً المادة 31 / 3 من قانون السجل العيني .
( [184] ) وذلك ما لم يكن المشتري سيء النية متواطئاً مع الوارث ، بحيث يجوز للدائن أن يطعن في البيع بالدعوى البولصية ( الوسيط 4 فقرة 193 ص 349 ) . وإذا باع المورث عقاراً ولم يسجل المشتري البيع قبل موت المورث ، ثم باع الوارث العقار ذاته ، فإن المشتري من المورث يفضل على المشتري من الوارث إذا سجل عقده في خلال السنة التي تلى تسجيل حق الإرث أو أشر بحقه باعتباره دائناً للتركة في خلال هذه المدة ، حتى لو سجل المشتري من الوارث عقده قبل ذلك . أما إذا سجل المشتري من المورث المبيع أو أشر بحقه بعد انقضاء السنة ، فالعبرة في المفاضلة بينه وبين المشتري من الوارث بالأسبقية في التسجيل أو التأشير ( الوسيط 4 فقرة 193 ص 349 هامش 2 – وأنظر آنفاً ص 22 هامش 3 ) .
( [185] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 193 ص 349 .
( [186] ) أنظر في ذلك الوسيط 4 فقرة 193 ص 349 – ص 350 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 496 – وأنظر في تطبيق أحكام القانون المدني دون أحكام الشريعة الإسلامية في هذه المسألة عبد المنعم فرج الصدة فقرة 496 ص 744 هامش 2 - حسن كيرة ص 41 . وأنظر عكس ذلك على الخفيف في مدى تعلق الحقوق بالتركة في مجلة القانون والاقتصاد 12 ص 217 .
( [187] ) الوسيط 4 فقرة 193 ص 350 هامش 1 .
( [188] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 201 .
( [189] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 201 – ص 203 – وأنظر في أوجه الخلاف بين الإفلاس التجاري وتصفية التركة تصفية جماعية محمد علي عرفة 2 فقرة 390 .
( [190] ) وهذه الإجراءات لا تعتبر من مسائل الأحوال الشخصية . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن تصفية التركات التي نظمها القانون المدني في المواد 875 وما بعدها لا تعتبر من مسائل الأحوال الشخصية التي أوجبت المادة 99 مرافعات تدخل النيابة فيها . ذلك أن انتقال المال إلى الوارث تأسيساً على الميراث بوصفه سبباً من أسباب نقل الملك هو مسألة تتعلق بنظام الأموال . وقد أورد القانون المدني أحكام تصفية التركات في باب الحقوق العينية ، ونصت الفقرة الثانية من المادة 875 مدني على إتباع أحكامه فيها ، وهي أحكام اختيارية لا تتناول الحقوق في ذاتها ، بل تنظم الإجراءات التي يحصل فيها الورثة والدائنون على حقوقهم في التركات في نطاق القاعدة الشرعية التي تقضي بأنه لا تركة إلا بعد سداد الديون . ولا يغير من هذا النظر ما أوردته المواد 939 ، 940 ، 947 وما بعدها من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 121 لسنة 1951 تحت عنوان " في تصفية التركات " ضمن الكتاب الرابع الخاص بالإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية ، لأن هذه الأحكام إنما أريد بها كما تقول المذكرة الإيضاحية لهذا القانون مواجهة الأوضاع التي تستلزمها قواعد الإرث في بعض القوانين الأجنبية ( نقض مدني 16 مايو سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 96 ص 677 ) .
( [191] ) تاريخ النصوص :
م 875 / 2 : ورد هذا النص في المادة 1307 / 2 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 946 / 2 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 944 / 2 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 875 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 205 – ص 207 ) .
م 876 : ورد هذا النص في المادة 1308 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يتضمن عبارة " عين القاضي الجزئي الذي يقع في دائرته آخر موطن للمورث " بدلاً من عبارة " عينت المحكمة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 947 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 945 . وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة " عينت المحكمة " بعبارة " عين القاضي الجزئي الذي يقع في دائرته آخر موطن للمورث " ، وذلك " لأن قانون المرافعات هو الذي يتكفل بتعيين المحكمة المختصة بالنسبة إلى نوع الدعوى وبالنسبة إلى المكان " . واقترح أحد أعضاء اللجنة أن يضمن النص حكماً يسمح للقاضي بالخروج على إجماع الورثة على اختيار المصفي إذا وجد أن هذا الإجماع على باطل كما إذا كان ضاراً بمصلحة الدائنين ، فلم تأخذ اللجنة بهذا الاقتراح ، وأقرت المادة بالتعديل المتقدم ذكره تحت رقم 876 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 208 – ص 210 ) .
م 877 : ورد هذا النص في المادة 1309 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي لم يكن يتضمن عبارة " أو النيابة العامة " في الفقرة الثانية . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 948 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 946 . وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيفت عبارة " أو النيابة العامة " إلى الفقرة الثانية ، " وبهذا أصبحت النيابة من ذوي الشأن في طلب عزل المصفي أو استبداله ، وقد روعى في التعديل ما قرره قانون المحاكم الحسبية في أحكامه " ، ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 877 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 211 – ص 212 ) .
م 878 : ورد هذا النص في المادة 1310 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يتضمن عبارة " وذلك فيما لا يتعارض مع إرادة المورث المشروعة " في آخر الفقرة الثانية . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 949 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 946 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة " وذلك فيما لا يتعارض إلخ " من نهاية الفقرة الثانية ، " لأنها من قبيل التزيد ، وهي بعد قد توحى بأن للمورث أن يختار وصياً لا تتوافر فيه الأهلية اللازمة لحسن الإدارة وتحد رقابة القاضي بالنسبة إليه " . ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 878 ، ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 213 – ص 214 ) .
م 879 : ورد هذا النص في المادة 1311 من المشروع التمهيدي ، وقد اقتصر هذا المشروع على الفقرة الأولى دون الفقرة الثانية . وفي لجنة المراجعة عدلت الفقرة الأولى بعض تعديلات لفظية وأضيفت الفقرة الثانية ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد تحت رقم 950 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 948 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 879 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 215 – ص 216 ) .
( [192] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 836 / 2 – 840 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 879 / 2 – 883 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [193] ) وفيما يتعلق بتركات الأجانب ، أنظر في تعيين مديري التركات وتثبيت منفذي الوصايا أو تعيينهم المواد 939 – 946 مرافعات .
( [194] ) حسين كيرة ص 54 – ص 46 .
( [195] ) أنظر آنفاً فقرة 44 في الهامش .
( [196] ) وهي المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها آخر موطن للمورث كما سبق القول ( أنظر آنفاً ص 134 ) .
( [197] ) أنظر آنفاً فقرة 41 .
( [198] ) أنظر ما دار من المناقشة في هذا الشأن في لجنة مجلس الشيوخ في صدد المادة 876 مدني آنفاً ص 131 هامش 1 .
( [199] ) ومنها إذا تعدد المصفون ، ولم يرخص لهم في الانفراد بالعمل ، كان عليهم طبقاً للمادة 707 مدني أن يعملوا مجتمعين إلا إذا كان العمل مما لا يحتاج فيه إلى تبادل الرأي واختصامهم في دعوى الشفعة ، إذا باعوا أطياناً شفع فيها ، هو مما يلزم معه تبادل الرأي فيما بينهم ، فيجب اختصامهم جميعاً ، ولا يغني اختصام مصف عن اختصام الآخرين ( نقض مدني 8 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 43 ص 296 ) .
( [200] ) وقد اقترح أن يتم شهر الأوامر الصادرة بتعيين المصفين وبتثبيت أوصياء التركة في نفس السجلات المخصصة لشهر حقوق الإرث في مكاتب الشهر العقاري ، لا في قلم كتاب المحكمة المختصة بنظر التصفية ، وذلك حتى لا تتعدد جهات الشهر . فيكون على كاتب المحكمة أن يبلغ يوماً فيوماً هذه الأوامر للتأشير بها في هامش تسجيل حق الإرث إذا كان قد سجل ، أو لتسجيلها إذا لم يكن قد تم تسجيل حق الإرث ( أنظر محمد على عرفة 2 فقرة 388 ص 620 – وفي بحثه في الاتجاهات الحديثة في الميراث وتصفية التركات بمجلة القانون والاقتصاد 18 ص 232 ) - وإذا كانت هذه الطريقة المقترحة تحقق توحيد جهات الشهر في مسائل التركات ، إلا أنها من جهة أخرى تقتضي أن يتم شهر أمر تعيين المصفي في مكاتب الشهر تتعدد بتعدد عقارات التركة ، إذا كانت هذه العقارات تقع في دائرة اختصاص أكثر من مكتب واحد .
( [201] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1316 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 955 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 903 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 884 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 227 – ص 229 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 845 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 888 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [202] ) وقد قضت محكمة النقض بأن مفاد نصوص المواد 884 و 899 و 900 و 901 من القانون المدني أن الوارث لا يتصل أي حق له بأموال التركة ، ما دامت التصفية قائمة ( نقض مدني 8 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 43 ص 296 ) .
( [203] ) وكذلك لا يجوز لدائن التركة أن يجعل دينه على التركة قصاصاً في دين عليه للوارث ، لأنه دائن التركة لا يستوفي حقه إلا من أموال التركة ولا يجوز له أن يستوفيها من أموال الوارث الخاصة ( إسماعيل غانم ص 153 – ص 154 ) .
( [204] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما الورثة فلا يجوز لأحد منهم أن يتصرف في مال التركة قبل أن تسلم له شهادة التوريث ، أي بعد تصفية الديون . وهذه المسألة الأساسية في إجراءات التصفية هي التي تحقق المبدأ القاضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين تحقيقاً عملياً . وكما يمنع الوارث من التصرف ، يمنع كذلك من استيفاء ما للتركة من ديون بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر ، كأن يجعل ديناً عليه قصاصاً بدين للتركة ، لأن المصفي هو وحده الذي تصبح له صفة القبض في حقوق التركة حتى يتمكن من تسوية ديونها ، ولأن قبض الوارث لحق في التركة يشبه أن يكون تصرفاً في هذا الحق ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 228 ) .
( [205] ) ويقول الدكتور محمود شوقي في هذا المعنى : " ونرى أن من أهم واجبات المصفي للتركة ، سواء كان من بين الورثة أو من الغير ، أن يقوم بشهر حق الإرث ، حتى يمكن بما يتخذه من إجراءات أمام المحكمة ، وما يتضح له من تأشيرات في مكاتب الشهر المختصة ، أن يؤدي وظيفته وهي التصفية على أكمل وجه ( محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 428 ) .
وقد يتم شهر الإرث قبل تعيين المصفي ، فأي تصرف يصدر من الوارث ، إذا قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث ، لا يكون نافذاً في حق دائني التركة ، ولهؤلاء لا للمصفي أن يتتبعوا العقار المبيع في يد المشتري ويتتبع الدائنون العقار في يد المشتري بالرغم من فتح التصفية الجماعية وقيام المصفي بالعمل دون الورثة والدائنين ، إذا وقع أن هذه التصفية لم تسر إلى غايتها واتفق ذوو الشأن جميعاً على عدم المضي فيها ( قارن عبد المنعم فرج الصدة فقرة 495 ص 743 هامش 1 ) . أما إذا قيد الأمر بتعيين المعنى بعد انقضاء سنة من تاريخ شهر حق الإرث دون أن يؤشر دائن التركة بحقه في هامش تسجيل حق الإرث في خلال السنة ، فالعبرة بالأسبقية في الشهر . وكذلك للمصفي تتبع منقولات التركة التي يبيعها الورثة قبل سداد الديون ، ما لم يكن المشتري حسن النية . بل إن الوارث إذا تصرف غشاً في شيء من مال التركة الخاضعة لنظام التصفية ، عوقب بعقوبة التبديد كما سنرى ( أنظر في ذلك الوسيط 4 فقرة 194 ص 351 ) .
( [206] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1315 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فميا عدا أن الفقرة الأولى من نص المشروع التمهيدي كانت تنتهي بالعبارة الآتية " وكذلك لا يجوز الحصول على حق اختصاص على العقارات الموجودة بالتركة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص ، تحت رقم 954 في المشروع النهائي ، بعد حذف هذه العبارة لعدم الحاجة إليها إذ لا يجوز بعد موت المدين أخذ حق اختصاص على عقارات التركة ( م 1085 / 2 مدني ) . ثم وافق مجلس النواب على النص تحت رقم 952 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 883 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 225 – ص 226 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 844 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 887 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [207] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " أما دائنو التركة فلا يستطيعون اتخاذ أية إجراءات فردية ضد أحد الورثة أو ضد الورثة جميعاً . بل يجب أن توجه الإجراءات إلى المصفي باعتباره وكيلاً عن الورثة . وكل توزيع فتح ضد المورث حال حياته ، ولم تقفل قائمته النهائية ، يوقف بناء على طلب أحد ذوي الشأن ، حتى يتم حصر ديون التركة جميعاً وتضم التوقيعات بعضها إلى بعض ، وتسوي الديون جملة واحدة . ومن أهم ما يترتب على وقف الإجراءات الفردية من الآثار حرمان الدائنين من أخذ حقوق اختصاص على العقارات الموجودة في التركة ، حتى لا يتميز أحدهم على الآخرين دون مبرر ، ويلاحظ في هذا الصدد أن حق الاختصاص ، بعد أن حرم في حالتي الإعسار والموت ، فأصبح لا يجوز أخذه إلا في حياة المدين الموسر ، لم يعد يترتب عليه ضرر ، وبقيت فائدته الرئيسية من أن الدائن يطمئن إلى ضمان حقه في المستقبل إذ المدين حي ويجوز أن يتصرف في ماله . أما بعد الموت فلا محل لأخذ حق الاختصاص ، إذ لا يخلو الأمر من أن تكون التركة معسرة فلا معنى لتقدم دائن على آخر ، أو موسرة فلا فائدة من أخذ الاختصاص بعد أن امتنع تصريف المدين في ماله بعد موته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 227 – ص 228 ) .
( [208] ) أنظر إضافة النيابة العامة في لجنة مجلس الشيوخ وقد روعى في هذه الإضافة ما قرره قانون المحاكم الحسبية في أحكامه : آنفاً ص 131 هامش 1 .
( [209] ) ودعوى العزل لا تمس نظام التصفية في شيء ، وإنما هي متعلقة بشخص المصفي وما هو منسوب إليه . ولم يشترط القانون إدخال الدائنين في دعوى العزل ، ولو كان الحكم بتعيين المصفي قد صدر في مواجهتهم . وذلك أن رأيهم غير ذي أثر في نظر القاضي الذي يملك العزل من تلقاء نفسه ، ومن باب أولى تلبية لرغبة وارث واحد قد يكون مالكاً لأقل الأنصبة ( نقض مدني 16 مايو سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 96 ص 677 ) .
( [210] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 218 .
( [211] ) أنظر آنفاً فقرة 5 .
( [212] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1312 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 951 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 949 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 880 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 217 – ص 219 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 841 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 884 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [213] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1313 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 952 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 950 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 881 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 219 – ص 221 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقتنينات المدنية العربية الأخرى .
التقنين المدني السوري م 842 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 885 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [214] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه ما يجب اتخاذه من الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة إنما يصدر به الأمر من المحكمة المقدم لها طلب التصفية ، وليس من قاضي الأمور الوقتية . وليس أقطع في الدلالة على أن المشرع قد جعل سلطة اتخاذ الاحتياطات المستعجلة منوطة بالمحكمة لا بقاضي الأمور الوقتية من أنه ناط بالمحكمة اتخاذ تلك الإجراءات ، ليس فقط بناء على طلب أحد ذوي الشأن أو النيابة العامة ، بل إنه أيضاً خول لها اتخاذ تلك الاحتياطات من تلقاء نفسها دون طلب ما ، وهو أمر لا يتصور حصوله من قاضي الأمور الوقتية ( نقض مدني 17 ديسمبر سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 121 ص 805 ) .
وتنص المادة 949 مرافعات ، فيما يتعلق بتركات الأجانب ، على أن " القاضي الأمور الوقتية أن يصدر أمراً على عريضة باتخاذ جميع ما يراه لازماً من الإجراءات التحفظية أو الوقتية للمحافظة على التركة ، وبوجه خاص الأمر بوضع الأختام وإيداع النقود والأوراق المالية والأشياء ذات القيمة أحد المصارف أو لدى أمين . وللمحكمة أثناء نظر الدعوى أن تعدل هذا الأمر أو تلغيه ، وأن تأمر بما تراه لازماً من الإجراءات التحفظية الأخرى ، وذلك بناء على طلب ذوي الشأن أو النيابة العامة أو من تلقاء نفس المحكمة " .
وانظر فيما تعلق بتركات الأجانب أيضاً ، في وضع الأختام ورفعها وفي الجرد المواد 954 – 968 مرافعات .
( [215] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1314 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لم استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يقضي بالصرف من مال التركة " على تجهيز الميت " ولم يكن يذكر " :نفقات مأتمه " ، وكان يجعل الاختصاص في النفقة لقاضي الأمور المستعجلة . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 953 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب جعل الصرف من مال التركة " لتسديد نفقات تجهيز الميت " ، ووافق مجلس النواب على النص بهذا التعديل تحت رقم 951 . وفي لجنة مجلس الشيوخ قيل إن " المفهوم أن أصحاب الوصية الواجبة حكمهم حكم الورثة في تطبيق هذه المواد " ، وأضافت اللجنة عبارة " ونفقات مأتمه " بعد عبارة " لتسديد نفقات تجهيز الميتم " لأن تجهيز الميت لا يشمل هذه النفقات ، واستبدلت عبارة " قاضي الأمور الوقتية " بعبارة " قاضي الأمور المستعجلة " ، وذلك " لأن المنازعات التي يعرض لها النص من قبيل ما يصلح أن يفصل فيه قاضي الأمور الوقتية ، والالتجاء إليه أيسر وأقل من نفقة الالتجاء إلى القضاء المستعجل حيث لا يقتضي الأمر رفع دعوى بل يكتفي بطلب مقدم للقاضي ويؤشر عليه " .
ووافقت اللجنة على النص بهذه التعديلات تحت رقم 882 ، ثم وافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 221 – ص 224 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 843 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 886 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانوني الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [216] ) أنظر آنفاً ص 149 هامش 1 .
( [217] ) أنظر آنفاً ص 149 هامش 1 .
( [218] ) أما أصحاب الوصية الواجبة ، إذا كان الميت يعولهم حال حياته ، فيعتبرون في حكم الورثة إذ لهم نصيب في تركة الميت ، فتجب لهم النفقة ( أنظر ما قيل في لجنة مجلس الشيوخ في هذه المسألة آنفاً ص 149 هامش 1 – وأنظر في أصحاب الوصية الواجبة ما يلي فقرة 79 ) .
( [219] ) أنظر آنفاً ص 149 هامش 1 – وفيما يتعلق بتركات الأجانب " يصدر قاضي الأمور الوقتية أمراً على عريضة : أولاً – بتقدير نفقة وقتية لمن كان المورث يعولهم حتى تنتهي التصفية ، وذلك بناء على طلب ذوي الشأن وبعد أخذ رأي المصفي كتابة . ثانياً . . . " ( م 950 مرافعات ) . ويجوز لقاضي الأمور الوقتية " عند الاقتضاء أن يحيل الطلب إلى المحكمة ويأمر بإعلان ذوي الشأن لجلسة يحددها في ميعاد ثمانية أيام على الأقل ، وتفصل المحكمة في الطلب منعقدة بهيئة مشورة " .
( [220] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1317 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 956 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 954 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 885 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 229 – ص 231 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 846 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 889 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [221] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1318 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما يتعلق بالفقرة الأولى . أما الفقرة الثانية فكانت في المشروع التمهيدي تجري على الوجه الآتي : " ويجب أن يلصق التكليف على باب آخر محل كان موطناً للمورث أو على باب آخر محل كان مقراً لأعماله ، وعلى الباب الرئيسي لمقر العمدة في المدينة أو القرية التي توجد بها أعيان التركة ، وعلى الباب الرئيسي لديوان كل من المركز والمديرية أو لديوان المحافظة التي تقع في دائرتها هذه الأعيان ، وعلى اللوحات المعدة لنشر الإعلانات داخل كل من المحكمة التي يقع بدائرتها آخر موطن للمورث أو آخر مقر لأعماله والمحكمة التي تقع بدائرتها أعيان التركة . ويجب أيضاً أن ينشر التكليف في الجريدة الرسمية ، وفي ثلاث من الصحف اليومية الكبرى " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 957 في المشروع النهائي ، بعد بعض تعديلات لفظية . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب ، عدلت الفقرة الثانية بما يقصر التكليف على النشر في صحيفتين من الصحف اليومية الكبرى ، ووافق مجلس النواب على النص كما عدلته لجنته تحت رقم 955 . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدلت الفقرة الثانية فأصبحت مطابقة لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد وصار رقم النص 886 ، ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 231 – ص 234 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 847 ( موافق ) .
التقنين المدني الليبي م 890 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [222] ) يراجع ما طرأ على هذه الطرق من تعديلات في أثناء المراحل التشريعية لنص المادة 886 مدني ، ابتداء بالمشروع التمهيدي ، فلجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب ، فلجنة مجلس الشيوخ : آنفاً ص 154 هامش 1 .
( [223] ) تاريخ النصوص :
م 887 : ورد هذا النص في المادة 1319 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - على المصفي أن يقدم للقاضي ، في ظرف أربعة أشهر من يوم تعيينه ، قائمة تبين ما للتركة وما عليها ، وتشتمل على تقدير لقيمة هذه الأموال . ويجب أيضاً أن تعلن هذه القائمة في الميعاد المتقدم إلى كل ذي شأن . 2 - ويجوز أن يطلب إلى القاضي مد هذا الميعاد ، إذا وجدت ظروف تبرر ذلك " . وفي لجنة المراجعة عدل النص بما يلزم المصفي بإيداع القائمة قلم كتاب المحكمة بدلاً من تقديمها للقاضي وبإخطار كل ذي شأن بحصول الإيداع بموجب خطاب مسجل ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت عليه اللجنة تحت رقم 958 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 956 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 887 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 235 – ص 236 ) .
م 888 : ورد هذا النص في المادة 1320 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن الجزء الأخير من الفقرة الثانية في المشروع التمهيدي كان يجري على الوجه الآتي : " وعلى من تكون لديه معلومات عن حالة المورث المالية أن يتقدم بها للمصفي على أن يكون مسئولاً عنها ، ويجب على الورثة بوجه خاص أن يبلغوا المصفي عما يعلمونه من ديون على التركة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 959 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 957 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة " وعلى من تكون لديه معلومات عن حالة المورث المالية أن يتقدم بها إلى المصفي على أن يكون مسئولاً عنها " ، واستعيض عنها بعبارة " وما يصل إلى علمه عنها من أي طريق كان " ، وذلك " لأن التكليف بإبلاغ المصفي معلومات عن حالة المورث لم يتقرر له جزاء ، ولهذا آثرت اللجنة أن تجعل العبارة عامة تنصرف إلى كل ما يصل إلى علم المصفي سواء عن طريق سعي ذوي الشأن للإدلاء إليه بمعلومات أو عن طريق سعيه هو في تحصيلها " . وأضافت اللجنة إلى الشق الأخير من الفقرة الثانية عبارة " أو حقوق لها " لأن التصفية تستلزم الوقوف على الديون والحقوق دون تفرقة . فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت عليه لجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 888 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 237 – ص 239 ) .
م 889 : ورد هذا النص في المادة 1321 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 960 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 958 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 889 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 239 – ص 240 ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق .
وتقابل في التقنينات المدينة العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 848 – 850 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 891 – 893 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [224] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 242 .
( [225] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 243 .
( [226] ) وفيما يتعلق بتركات الأجانب ، يصدر قاضي الأمور الوقتية أمراً على عريضة " بمد الأجل المحدد قانوناً لتقديم بيان ما للتركة وما عليها من الحقوق إذا وجدت ظروف تبرر ذلك ، والتصريح بأداء الديون التي لا نزاع فيها " ( م 950 ثالثاً مرافعات ) .
( [227] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادتين 1322 – 1323 من المشروع التمهيدي . وكانت المادة 1322 تتفق مع ما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يجعل المهلة في رفع المنازعة في حق الجرد خمسة عشر يوماً من يوم إعلان قائمة الجرد . وكانت المادة 1323 تجري على الوجه الآتي : " لا تقبل المعارضة في الأحكام الصادرة في تلك المنازعات ، وميعاد استئناف هذه الأحكام خمسة عشر يوماً إن كان الاستئناف جائزاً " . ووافقت لجنة المراجعة على المادتين بعد إدماجهما في مادة واحدة تحت رقم 961 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على هذا النص تحت رقم 959 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الأخيرة التي تتضمن حكماً خاصاً بالمعارضة والاستئناف في المنازعات في صحة الجرد ، " لأن مشروع قانون المرافعات تكفل به " ، وجعلت المهلة في رفع المنازعة في صحة الجرد ثلاثين يوماً بدلاً من خمسة عشر يوماً ، وأدخلت بعض تعديلات لفظية ، فأصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 890 ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 240 – ص 246 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 851 : كل منازعة في صحة الجرد ، وبخاصة ما كان متعلقاً بإغفال أعيان أو حقوق للتركة أو عليها أو بإثباتها ، ترفع بعريضة أمام المحكمة ذات الاختصاص بحسب القواعد العامة خلال ثلاثين يوماً من إيداع قائمة الجرد . ( والتقنين السوري لا ينص على التحقيق المبدئي الذي تجريه محكمة تصفية التركة للتثبت من جدية المنازعة . ويبدو أنه يجعل ذوي الشأن يرفعون منازعاتهم مباشرة إلى المحكمة المختصة بنظر هذه المنازعات ، ولكن ينص مع ذلك على أن ترفع المنازعات بعريضة وهذا مخالف للقواعد العامة ) .
التقنين المدني الليبي م 894 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [228] ) وفي إحدى القضايا كان المصفي أحد الورثة ، فطعن الوارثان الآخر بأنه أغفل الكثير من أعيان التركة ولم يدرجها في القائمة ، فقبل هذا الطعن وأمرت المحكمة بتعديل القائمة على هذا الأساس . ولما طعن في هذا الحكم بالنقض ، قضت محكمة النقض بأن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتعديل قائمة الجرد ينفذ في حق المصفي الذي أقامته محكمة الاستئناف كما كان نافذاً في حق سلفهن دون حاجة إلى النص على ذلك في منطوق الحكم الاستئنافي ( نقض مدني 16 مايو سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 96 ص 677 ) .
( [229] ) وقد ألغى القانون رقم 100 لسنة 1962 المعدل لتقنين المرافعات التفرقة بين الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة أو على وجه الاستعجال والدعاوى التي تنظر على الوجه المعتاد ، وذلك إلغاء جميع الآثار القانونية المترتبة على هذه التفرقة . فقد كانت الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة لا تعرض على قاضي التحضير ، ولا تجوز المعارضة في الحكم الغيابي الصادر فيها ، وميعاد الاستئناف عشرة أيام أياً كانت المحكمة التي أصدرت الحكم . وأكثر هذه المزايا أصبحت شاملة لجميع الدعاوى ، فلم يصبح لعبارة " على وجه السرعة " مدلول أكثر من استدعاء نظر المحكمة إلى سرعة الفصل في الدعوى .
( [230] ) وفيما يتعلق بتركات الأجانب ، تنص المادة 952 مرافعات على أن " ترفع المنازعة في صحة الجرد الذي أجراه المصفي لأموال التركة من أحد ذوي الشأن إلى قاضي الأمور المستعجلة في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بإيداع القائمة ، ويأمر القاضي بتعديل القائمة مؤقتاً إذا رجح صحة المنازعة . ويحدد أجلاً يرفع خلاله من يرى تكليفه من الطرفين دعواه إلى المحكمة المختصة ، فإذا انقضى هذا الأجل ولم ترفع الدعوى ، جاز للقاضي أن يأمر بعدم الاعتداد بها في التصفية ، ويجوز رفع المنازعة من النيابة إذا تعلق بالتركة حق لقاصر أو عديم أهلية أو غائب " .
( [231] ) تاريخ النصوص :
م 891 : ورد هذا النص في المادة 1324 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض خلافات لفظية . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 962 في المشروع النهائي ، ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 960 بعد إدخال بعض تعديلات لفظية ، ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 891 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 247 – 248 ) .
م 892 : ورد هذا النص في المادة 1325 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 963 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 961 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 892 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 248 – ص 249 ) .
م 893 : ورد هذا النص في المادة 1326 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 964 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب استفسر في صدد الفقرة الثانية عن المقصود بعبارة " إلا إذا اتفق جميع الورثة على أن يتم البيع بطريقة أخرى " ، فأجيب " بأن الورثة قد يتفقون على إدخال تعديل في الأوضاع والمواعيد المنصوص عليها في البيوع الجبرية " ، ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 962 . ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 893 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 250 ص 252 ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية :
التقنين المدني السوري م 852 – 854 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 895 – 897 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [232] ) وهناك رأي يذهب إلى أن يدخل في هذه المبالغ أيضاً ريع أموال التركة ونماؤها ، فيوفي المصفي منها ديون التركة والوصايا والتكاليف . وهذا يتفق مع رأي الكثير الحنابلة ، فهم يجعلون التركة ملكاً للورثة بمجرد موت المورث ويجعلون الديون مع ذلك متعلقة بنمائها لتعلقها بأصل النماء ( الوسيط 4 فقرة 194 ص 352 هامش 1 – وقارن آنفاً ص 99 هامش 1 ) .
( [233] ) مثل ذلك ما نصت عليه المادة 524 مرافعات من أنه " يجب ، قبل بيع مصوغات أو سبائك من الذهب أو الفضة أو من أي معدن نفيس آخر وبيع المجوهرات والأحجار الكريمة إذا زادت القيمة المقدرة لها على مائة وخمسين جنيهاً ، أن يحصل النشر في الصحف ثلاث مرات في أيام مختلفة قبل يوم البيع " . . . فيجوز الاتفاق على أن يكون النشر في أكثر من ثلاث صحف أو أقل ، أو أن يكون النشر في صحف معينة بالذات . ومثل ذلك أيضاً ما نصت عليه المادة 653 مرافعات في البيع الجبري للعقار من أن " يعلن قلم الكتاب عن البيع قبل اليوم المحدد لإجرائه بمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً ولا تقل عن خمسة عشر . . . " . فيجوز الاتفاق على أن يكون الإعلان عن بيع العقار قبل اليوم المحدد لإجرائه بمدة تزيد على ثلاثين يوماً ، أو تقل عن خمسة عشر يوماً .
وأنظر ما وقع في هذا الشأن من استفسار في لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب آنفاً ص 151 هامش 1 .
( [234] ) ونفرض في كل هذا أن الحق الذي لدائن التركة يمكن تنفيذه عيناً من أموال التركة نفسها ، كما هو الأمر لو كان حق الدائن هو مبلغ من النقود . أما إذا كان حق الدائن لا يمكن تنفيذه عيناً من أموال التركة ، كما لو كان المورث مديناً بعمل لدائنه ، فإن حق الدائن في هذه الحالة لا يمكن تقاضيه مباشرة من أموال التركة . ومن ثم يجب تحويله إلى تعويض ، فيصبح مبلغاً من النقود يمكن التنفيذ به على أموال التركة ( إسماعيل غانم ص 161 ) .
( [235] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1327 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يصرح في الشطر الأخير من النص بأن المبلغ الذي ستحقه الدائن يراعى فيه " تعويضه عما يوفته من ربح بسبب الوفاء المعجل ، على ألايجاوز هذا التعويض قيمة الفائدة عن ستة أشهر ما لم يكن هناك اتفاق سابق " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 965 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت 963 . وفي لجنة مجلس الشيوخ اكتفى بالإشارة على حكم المادة 544 مدني بدلاً من ذكر مضمون هذا الحكم ، ولذلك حذف الشطر الأخير من النص ، وصار رقم النص 894 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 252 – ص 254 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 855 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 898 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [236] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 258 – وفيما يتعلق بتركات الأجانب ، يصدر قاضي الأمور الوقتية أمراً على عريضة " بحلول الديون التي يجع الورثة على حلولها ، وتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن وفقاً للقانون ، وذلك بناء على طلب المصفي أو أحد الورثة " ( م 950 ثالثاً مرافعات ) .
( [237] ) الوسيط 5 فقرة 317 .
( [238] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 258 .
( [239] ) تاريخ النصوص :
م 895 : ورد في هذا النص في المادة 1328 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق في مجموعة مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وعدل النص في لجنة المراجعة بما جعله مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 966 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 964 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 895 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 254 - ص 257 ) .
م 896 : ورد هذا النص في المادة 1329 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 967 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 965 . فمجلس الشيوخ تحت رقم 896 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 257 – ص 259 ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 856 – 857 ( مطابق ، فيما عدا أن الفقرة الثالثة من المادة 895 مصري لا نظير لها في المادة 856 سوري ) .
التقنين المدني الليبي م 899 – 900 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [240] ) أما الديون الحالة فإن المصفي يكون قد وفاها قبل توزيع أموال التركة وديونها المؤجلة على الورثة .
( [241] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 258 – ص 259 – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المسألة أيضاً : " وهذه هي أدق نقطة في التصفية عالجها المشروع ، ووفق فيها بين مصلحة الدائنين في ألا يتجزأ ضمانهم ومصلحة الورثة في أن تتجزأ عليهم الديون ، وفي أن يكون كل مسئولاً عن الديون الأخرى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 202 ) .
( [242] ) وقد أضيفت في لجنة مجلس الشيوخ ، في الفقرة الثانية من المادة 895 ، عبارة " على عقار أو منقول " بعد عبارة " وترتب المحكمة لكل دائن من دائني التركة تأميناً كافياً " الواردة في صدر الفقرة ، لأنه إذا كان من المرغوب فيه بيع المنقولات للوفاء بالديون ، ولكن " إذا أمكن ترتيب تأمين عليها ، كان ذلك أصلح للورثة والدائنين على السواء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 257 ) .
( [243] ) أنظر آنفاً فقرة 58 .
( [244] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1330 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 968 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 966 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 897 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 260 – ص 261 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 858 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 901 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [245] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 260 .
( [246] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1331 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 969 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 967 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 898 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 261 – ص 262 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 859 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 902 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانوني الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [247] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 262 .
( [248] ) وإذا كانت الوصية بسهم شائع في التركة أخرت عن ديون التركة فتتقدم هذه عليها ، وقدمت على أنصبة الورثة فيقدم الموصي له على الورثة في حدود ثلث التركة ، ويتقاضى نصيبه أولاً والباقي من التركة يقسم على الورثة بحسب أنصبتهم في الميراث ( قارن عبد المنعم فرج الصدة فقرة 534 ) . وإذا كانت الوصية بعين معينة أو حصة شائعة في عين معينة ، واضطر المصفي أن يفي الدين كله أو بعضه من هذه العين ، كان للموصي له أن يرجع بقدر الدين الذي استوفى في ثلث الباقي من التركة بعد وفاء الديون ( م 39 من قانون الوصية ) .
( [249] ) تاريخ النصوص :
م 899 : ورد هذا النص في المادة 1332 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 980 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 968 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 899 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 263 ص 264 ) .
م 900 : ورد هذا النص في المادة 1333 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 971 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 969 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 900 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 264 – ص 265 ) .
م 901 : ورد هذا النص في المادة 1334 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 972 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 970 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 901 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 266 – ص 267 ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 860 – 862 ( موفق ) .
التقنين المدني الليبي م 903 – 905 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [250] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لا تثريب على المحكمة إن هي اعتدت في قضائها بثبوت الوراثة على إشهاد شرعي لم ينازع فيه أحد ( نقض مدني 17 نوفمبر سنة 1955 مجموع المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1001 رقم 16 ) . وأنظر في حجة الإعلام الشرعي لإثبات الورثة ما لم ينقضه حكم : استئناف مختلط 2 مايو سنة 1889 م 1 ص 120 – 22 فبراير سنة 1893 م 5 ص 212 – 6 فبراير سنة 1895 م 7 ص 110 – 20 يناير سنة 1898 م . 10 ص 163 ( لا حجية للإعلام الشرعي إذا ناقضه إقرار من يشهد لصالحه ) - 23 مارس سنة 1905 م 17 ص 181 ( لا حجية للإعلام الشرعي الصادر من محكمة شرعية أجنبية ولم تراجعه سلطة مصرية مختصة ) – 16 نوفمبر سنة 1905 م 18 ص 24 – 8 يناير سنة 1925 م 37 ص 148 – 10 فبراير سنة 1927 م 39 ص 231 ( حجية الإعلام الشرعي ما لم ينقضه دليل مخالف ) - 25 يونيه سنة 1932 م 44 ص 391 – 14 يونيه سنة 1938 م 50 ص 362 ( رفض تحرير الإعلام الشرعي إذا نازع أحد الورثة ويجب في هذه الحالة رفع دعوى الإرث ) .
وقد قضت محكمة النقض بأن حجية الإعلام الشرعي بتحقيق الوفاة والوراثة الذي يصدر بناء على إجراءات تقوم في جوهرها على تحقيقات إدارية يصح أن ينقضها بحث تقوم به السلطة القضائية المختصة ( نقض مدني 19 يونيه سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 ص 603 ) .
( [251] ) وقد قضت محكمة النقض بأن حكم المحكمة الشرعية القاضي بمنع التعرض في بعض التركة ، إذاك أن مؤسساً على ما قضى به من ثبوت الإرث المبني على النسب ، يعتبر حكماً موضوعياً بالوراثة ( نقض مدني 21 مايو سنة 1936 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1000 رقم 14 ) . وقضت محكمة النقض أيضاً بأن المشرع أراد أن يضفي على شهادة الوفاة والوراثة حجية ما لم يصدر حكم على خلافها ، ومن ثم جاز لذوي الشأن ممن لهم مصلحة في الطعن على الإشهاد أن يطلبوا بطلانه ، سواء أكان ذلك في صورة دعوى مبتدأة أم في صورة دفع ( نقض مدني سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 58 ص 340 ) – وأنظر نقض مدني 9 مايو سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 ص 619 – 11 مايو سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 147 ص 1083 – 29 يونية سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 206 ص – 1480 .
( [252] ) وفيما يتعلق بتركات الأجانب ، تنص المادة 950 مرافعات على أن " يصدر قاضي الأمور الوقتية أمراً على عريضة . . . ( رابعاً ) بتسليم كل وارث شهادة تقرر حقه في الإرث ، وتعيين مقدار نصيبه فيه ، وتعيين ما آل إليه من أموال التركة ، وذلك بناء على طلب الوارث وبعد أخذ رأي المصفي كتابة . ( خامساً ) بتقدير نفقات التصفية والأجر الذي يستحقه المصفي عن الأعمال التي قام بها أو من استعان بهم من أهل الخبرة " . هذا ويجوز لقاضي الأمور الوقتية " عند الاقتضاء أن يحيل الطلب إلى المحكمة ، ويأمر بإعلان ذوي الشأن لجلسة يحددها في ميعاد ثانية أيام على الأقل ، وتفصل المحكمة في الطلب منعقدة بهيئة غرف مشورة " .
( [253] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 266 .
( [254] ) تاريخ النصوص :
م 902 : ورد هذا النص في الفقرة الأولى من المادة 1335 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وكان المشروع التمهيدي يتضمن فقرة ثانية تجري على الوجه الآتي : " ومع ذلك فللقاضي الجزئي أن يأمر ، بناء على طلب ذي شأن ، بوقف تقسيم التركة أو بعض أعيانها ، إذا كانت القسمة العاجلة من شأنها أن تؤدي إلى نقص محسوس في قيمة المال " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 973 في المشروع النهائي ، بعد حذف الفقرة الثانية وذلك نتيجة لحذف نص يماثلها كان قد ورد في القسمة ( م 1202 / 2 من المشروع التمهيدي وقد حذفت في لجنة المراجعة لعدم الموافقة على حكمها : مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 102 ) . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 971 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 902 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 267 – ص 268 ) .
م 903 : ورد هذا النص في المادة 1336 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 974 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 972 . فمجلس الشيوخ تحت رقم 903 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 269 – ص 270 ) .
م 904 : ورد هذا النص في المادة 1337 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 975 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 973 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 904 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 270 – ص 271 ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق .
ونقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري 863 – 865 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 906 – 908 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [255] ) أو الموصي لهم بسهم شائع في التركة ، فإنه يعتبر شريكاً في الشيوع مع الورثة .
( [256] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 269 .
( [257] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1338 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 976 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 974 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 905 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 272 – ص 273 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني الأسبق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 866 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 909 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [258] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1339 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا كان من أموال التركة مستغل زراعي أو صناعي أو تجاري ، وجب تسليم هذا المستغل باعتباره وحدة اقتصادية قائمة بذاتها لمن يطلبه من الورثة ، إذا كان أقدرهم على الاضطلاع به ، على أن يراعى في تقدير ما ينتجه هذا المستغل ، وأن يستنزل هاذ الثمن من نصيب الوارث في التركة " . وقد وافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 977 في المشروع النهائي؛ بعد إدخال بعض تعديلات لفظية عليه . ووافق عليه مجلس النوابت حت رقم 975 . وفي لجنة مجلس الشيوخ رؤى أن يكون تقويم المستغل لاباعتبار قيمة إيراده وإنما بحسب قيمته " لأ ، الإيراد قد يتأثر بطريقة الاستغلال وقدرة المستغل " ولذلك استبدلت عبارة " يقوم بحسب قيمته " بعبارة " بقدر باعتباره قيمة إيراده " . وأضيف إلى الشق الأخير من النص عبارة " فإذا تساوت قدرة الورثة على الاضطلاع بالمستغل ، خصص لمن يعطى من بينهم أعلى قيمة بحيث لا تقل عن ثمن المثل " . وقد أصبح النص بعد هذه التعديلات مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد وصار رقمه 906 ، ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 273 – ص 275 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 867 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي 910 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [259] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1340 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت قم 978 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 976 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 907 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 286 – ص 277 ) .
ولا مقابل النص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 868 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 911 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [260] ) وقد قضت محكمة النقض بأن دين الأجرة ، وإن كان أصلاً للمورث ، إلا أنه ما دام بطبيعته قابلاً للانقسام ، فهو ينقسم بعد وفاته على الورثة كل بقدر حصته الميراثية ( نقض مدني 16 ديسمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 201 ص 1278 ) .
( [261] ) أنظر ما قدمناه في هذه المسألة عند الكلام في القسمة : الوسيط 8 فقرة 579 .
( [262] ) تاريخ النصوص :
م 908 : ورد هذا النص في المادة 1341 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " يجوز للمورث أن يقسم التركة بين ورثته بوصية مكتوبة في ورقة رسمية ، على أن يراعى في ذلك القواعد المتعلقة بتحديد أنصبة الورثة وبتحديد القدر الذي تجوز فيه الوصية " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 979 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب عدل النص على الوجه الآتي : " يجوز للمورث أن يقسم التركة بين ورثته ، على أن يراعى في ذلك أحكام الوصية والقواعد المتعلقة بتحديد أنصبة الورثة وبتحديد القدر الذي تجوز فيه الوصية " ، وسبب التعديل العمل على تنسيق النص مع نص المادة 13 من مشروع قانون الوصية ، ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 977 . وفي لجنة مجلس الشيوخ وضع نص جديد هو نفس النص الوارد في قانون الوصية للتنسيق بين القانون المدني وقانون الوصية ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 908 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 277 – ص 279 ) .
م 909 : ورد هذا النص في المادة 1342 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " القسمة المضافة إلى ما بعد الموت يجوز الرجوع فيه دائماً ، ولكن لا يتم الرجوع إلا إذا كان في ورقة رسمية " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 980 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب عدل النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وذلك للتنسيق بينه وبين المادة 13 من قانون الوصية ، ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 978 . ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 909 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 279 – ص 280 ) .
م 912 : ورد هذا النص في المادة 1345 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - تسري في القسمة المضافة إلى ما بعد الموت أحكام القسمة عامة ، ويسري بوجه خاص مايتعلق من هذه الأحكام بضمان التعرض والاستحقاق وما يتعلق منها بالغبن وبامتياز المتقاسم . 2 - وعلى الوارث الذي يطعن في القسمة بالغبن أنيرفع دعواه في السنة التالية لتسليم أموال التركة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 983 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 981 . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدلت الفقرة الأولى على الوجه الآتي : " تسري في القسمة المضافة إلى ما بعد الموت أحكام القسمة عامة ، عدا أحكام الغبن " ، وقد استبعدت أحكام الغبن دفعاً للتدخل بين أحكام الوصية وأحكام الغبن . وحذفت الفقرة الثانية تمشياً مع استبعاد أحكام الغبن ، فصار النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 912 . ووافق مجلس الشيوخ عليه كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 283 – ص 285 ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري وم 869 – 870 وم 873 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي وم 912 – 913 وم 916 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [263] ) أنظر ما تم في لجنة مجلس الشيوخ في هذا الشأن آنفاً ص 187 هامش 1 .
( [264] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1343 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 981 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 979 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 910 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 280 – ص 281 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 871 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 914 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [265] ) ويلاحظ هنا أنه في حساب المقدار الحائز الإيصاء به لبعض الورثة في القسمة التي أجراها المورث ، يضاف المال الذي استجد إلى المال الذي أجريت فيه القسمة ، فيكون المقدار الجائز الإيصاء به هو ثلث هذا المجموع .
( [266] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 287 .
( [267] ) تاريخ النص : ورد النص في المادة 1344 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يجعل النص فقرة ثانية تسبقها فقرة أولى تجري على الوجه الآتي : " إذا لم يدخل في القسمة جميع من يوجد من الورثة وقت وفاة المورث ، كانت القسمة كلها باطلة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 982 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب حذفت الفقرة الأولى ليتسق النص مع المادة 13 من مشروع قانون الوصية التي تمكن المورث من إفراز نصيب بعض الورثة إذا رأى الاقتصار على ذلك . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 980 . ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 911 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 282 – ص 283 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 872 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 915 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [268] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 287 .
( [269] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 287 .
( [270] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1346 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يقول " جاز عند عدم اتفاق الورثة على تسوية الديون " . وفي لجنة المراجعة استبدل بهذه العبارة عبارة " جاز عند عدم تسوية الديون بالاتفاق مع الدائنين ، وصار النص رقمه 984 في المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 982 ، فمجلس الشيوخ رقم 913 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 286 – ص 288 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 874 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 917 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [271] ) الوسيط 4 فقرة 261 ص 459 وفقرة 263 ص 464 – وتقول المذكرة الإيضاحية لقانون تنظيم الشهر العقاري في هذا الصدد : " ولعل نص هذه المادة والمادة التي تليها أهم ما أتى به المشروع المرافق من أحكام جديدة في صدد المحررات الواجب شهرها ، ولم يكن بد من اتخاذ هذه الخطوة بالنص على شهر المحررات المشار إليها في هاتين المادتين ، تمهيداً وتيسيراً لوضع نظام السجلات العينية ، إذ لوحظ في شأن هذه المحررات أن عدم خضوعها للشهر في الماضي كان سبباً من أهم أسباب عدم استقرار الملكية العقارية في البلاد " .
( [272] ) وقد نص المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق صراحة على كل ذلك في الفقرة الأولى من المادة 11 منه إذ تقول : " يجب شهر حق الإرث إذا كانت الوفاة لاحقة على 31 ديسمبر سنة 1946 ، بتسجيل إشهادات الورثة الشرعية أو الأحكام النهائية أو غيرها من المستندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة التي يجب أن تتضمن نصيب كل وارث إذا اشتملت على حقوق عينية عقارية . وإلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من وارث في حق من هذه الحقوق . وإذا كانت الوفاة سابقة على أول يناير سنة 1947 ، فيكون شهر حق الإرث اختيارياً " .
( [273] ) ويقول الدكتور محمود شوقي توضيحاً لذلك : " لا شك أن للورثة مصلحة كبيرة في الالتجاء إلى شهر حق الإرث المتعلق بهم ، سواء أكانت التركة قد آلت إليهم قبل أم بعد تنفيذ قانون الشهر العقاري . وذلك لأن شهر هذا الحق يقتضي من جانب مكاتب الشهر ومأمورياتها فحص أساس الملكية من الناحيتين القانونية والهندسية ، وتسليم ذوي الشأن عقب إجراء الشهر مستندات كفيلة ببيان حقيقة حقوقهم وصحة حدود ومسطحات العقارات التي آلت إليهم ، مما ييسر عليهم الوقوف على بيان المقادير المضبوطة لهذه العقارات وإجراء أي تصرف لاحق دون حاجة إلى فحص جديد . ويزيد من أهمية هذا الإجراء أن مأموريات الشهر العقاري وأقلامها الهندسية تقوم بضبط ملكية العقارات وحقيقة مسطحها وبيان موقعها على الطبيعة وفي الخرائط وتحديها تحديداً لا يقبل الشك بوضع حدائد عليها عند الاقتضاء ، مما يجعل الورثة على بينة من كافة عقارات التركة ويغنيهم عن القيام بهذه البحوث على حسابهم الخاص ، فيحقق لهم بذلك توفير كثير من الجهد والمال ، بينما يتحقق غرض المشرع في ضبط جميع تطورات الملكية توطئة لتنفيذ نظام السجل العيني . وتظهر قيمة إجراء شهر حق الإرث إذا ما علمنا أن المورث قلما يطلع الورثة على حقيقة أملاكه العقارية أو يشركهم في أعماله ليعلموا مدى حقوقهم ومقاديرها الصحيحة . فإذا ما التجأ الورثة إلى إجراء شهر حق الإرث ، وجدوا في الهيئة القائمة على أمر الشهر خبر عون لهم على ضبط حقيقة ملكيتهم العقارية " ( محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 402 – ص 403 ) .
وإذا ثبت حق الإرث لوارث قبل أول يناير سنة 1947 ، وقام اختياراً بشهر هذا الحق ، فإنه يصعب القول بأنه دائن التركة ، حتى يحتفظ بحق التتبع وحق التقدم ، يتعين عليه أن يؤشر بحقه على هامش تسجيل حق الإرث . فدائن التركة التي فتحت قبل أول يناير سنة 1947 كان له حق التتبع وحق التقدم ، دون إجراء أي شهر للدين الذي له طبقاً للأحكام التي كان معمولاً بها قبل قانون الشهر العقاري . فمن حقه أن يطمئن إلى هذا المركز الذي كسبه ، ولا يلزمه أن يتكلف البحث في مكاتب الشهر المختلفة التي توجد في عقارات التركة ليرى هل شهر الوارث حق إرثه ليؤشر هو بحقه ، ما دامت تركة مورثه قد فتحت قبل أول يناير سنة 1947 ( أنظر عكس ذلك محمد علي عرفة 2 فقرة 384 ) .
( [274] ) بقى هذا النص على حاله في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ( م 11 / 1 و 2 من المشروع ) ، فيما عدا الإيضاح الوارد في الفقرة الأولى من المادة 11 من المشروع وقد سبق بيانه ( أنظر آنفاً ص 195 هامش 1 ) .
وتنص المادة 229 من قانون الملكية العقارية اللبناني على ما يأتي : " يكتسب الوارث بطريق الوراثة العقارات الواقعة على التركة ، غير أنه لا يمكنه التصرف فيها تجاه الغير إلا بعد تسجيلها في السجل العقاري " .
( [275] ) والموصي له بسهم شائع في التركة ، كريع التركة أو ثلثها ، يجوز له أيضاً شهر حق الإرث ويشهر في الوقت ذاته الوصية الصادرة له بالسهم الشائع . ويجوز أن يشهر حق الإرث الموصي له بنصيب وارث معين أو بنصيب وارث غير معين ( م 40 – 42 من قانون الوصية ) . أنظر محمد علي عرفة 2 فقرة 366 .
( [276] ) أما المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ، فقد نصت الفقرتان الأخيرتان ( 3 ، 4 ) من المادة 11 منه على ما يأتي : " ويكون شهر حق الإرث في خلال خمس سنوات من تاريخ وفاة المورث بدون رسم ، أما بعد ذلك فلا يقبل الشهر إلا بعد أداء الرسم المقرر على نقل الملكية أو الحق العيني . وتبدأ مدة الخمس سنوات بالنسبة لحقوق الإرث القائمة من تاريخ العمل بهذا القانون " .
وهذا النص في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق يتمشى مع نص المادة 30 من قانون السجل العيني ( أنظر ما يلي فقرة 71 ) .
( [277] ) ومنعاً للبس صدر القانون رقم 63 لسنة 1948 يضيف فقرة أخيرة إلى المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1944 بشأن رسوم التسجيل ورسوم الحفظ ، وهذا نصها : " كما تحصل رسوم الحفظ ورسوم التصوير على المحررات المتعلقة بشهر حق الإرث " .
( [278] ) وذلك حتى يمكن ، إذا ما ذكرت الديانة والجنسية ، معرفة الجهة المختصة بالفصل في مسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالمورث ومنها تركته ، وكذلك يمكن الوقوف على القانون الواجب التطبيق في تعيين الورثة وأنصبائهم .
( [279] ) وذلك لتحديد مكان افتتاح التركة وتعيين القانون الواجب التطبيق إذا ما توفى مصري في بلد أجنبي ، أو أجنبي في مصر ، أو أجنبي في بلده أو في بلد آخر ، وكان المتوفي يملك عقارات في مصر تخضع لقانون الشهر العقاري .
( [280] ) أنظر محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 411 .
( [281] ) يدل على ذلك أن مدة وضع يد المورث على عقارات التركة من سنة 1923 إلى تاريخ الوفاة قد تكون في بعض الفروض أكثر من خمس عشرة سنة ، وفي فروض أخرى أقل . فإذا كان تاريخ وفاة المورث هو سنة 1960 ، وجب أن تقدم كشوف التكليف عن 38 سنة ، أي من سنة 1923 إلى سنة 1960 . وإذا كان تاريخ الوفاة هو سنة 1932 ، وأراد الورثة باختيارهم شهر حق الإرث بعد سنة 1947 ، وجب أن يقدموا كشوف التكليف عن عشر سنوات فقط ، أي من سنة 1923 إلى سنة 1932 ( محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 413 ) .
( [282] ) محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 413 - ص 414 .
( [283] ) وقد نفذ قانون الضريبة على التركات ابتداء من 11 سبتمبر سنة 1944 ، فإذا كان المورث قد مات قبل هذا التاريخ لم تطلب هذه الشهادة لأن التركة لا تكون خاضعة للضريبة .
( [284] ) محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 415 – ص 416 .
( [285] ) أنظر آنفاً فقرة 21 .
( [286] ) أنظر آنفاً ص 198 – ص 199 .
( [287] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1348 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " تسري على الوصية أحكام الشريعة الإسلامية والنصوص التشريعية المستندة منها ، وذلك فيما لم يرد بشأنه أحكام خاصة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 986 في المشروع النهائي ، بعد حذف العبارة الأخيرة وهي " وذلك فيما لم يرد بشأنه أحكام خاصة " . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 984 . وفي لجنة مجلس الشيوخ استعيض عن عبارة " النصوص التشريعية المستمدة منها " بعبارة " والقوانين الصادرة في شأنها " ، لأن المراد هو التشريعات التي تصدر في شأن الوصية ، وأصبح رقم المادة 915 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 293 – ص 295 ) .
( [288] ) التقنين المدني السابق م فقرة أولى / 78 فقرة أولى : وكذلك تراعى في أ÷لية الموصي لعمل الوصية وفي صيغتها الأحكام المقررة لذلك في الأحوال المختصة بالملة ( قانون الدولة ) التابع لها الموصي .
ويتبين من هذا النص أن المعنى المقصود هو أن الوصية تسري عليها أحكام قانون الدولة التي ينتمي إليها الموصي بجنسيتهن فنكون في صدد قاعدة من قواعد الإسناد تدخل في نطاق القانون الدولي الخاص لا في نطاق القانون الداخلي . ويكون المقابل لهذا النص هو المادة 17 / 1 من التقنين المدني الجديد وتجري على الوجه الآتي : " يسري على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت ، قانون المورث أو الموصي أو من يصدر منه التصرف وقت موته " . وقد صدر القانون رقم 26 لسنة 1944 يعدل نص المادة 55 مدني أهلي بما يجعله واضحاً في هذا المعنى ، وصدر القانون رقم 25 لسنة 1944 ينص على أن " قانون الوصية وأحكام الشريعة الإسلامية هي قانون البلد فيما يتعلق بالوصايا فتسري على المسلمين وغير المسلمين " ( أنظر آنفاً ص 75 هامش 1 – محمد كامل مرسي 5 فقرة 7 ) .
( [289] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 876 : 1 - يكسب الموصي له بطريق الوصية المال الموصى به . 2 - وتجوز الوصية للوارث وغير الوارث في ثلث التركة ، ولا تنفذ فيما جاوز الثلث إلا بإجازة الورثة . 3 - لا يمنح الأجنبي حق الاستفادة من الوصية العقارية إلا إذا كانت قوانين بلاده تمنح مثل ذلك للسوريين .
التقنين المدني الليبي م 919 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1108 : 1 - يكسب الموصي له بطريق الوصية المال الوصي به . 2 - وتجوز الوصية للوارث وغير الوارث في ثلث التركة ، ولا تنفذ فيما جاوز الثلث إلا بإجازة الورثة .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 228 : يكتسب حق القيد في السجل العقاري بالطرق الآتية : ( 1 ) . . . . . ( 2 ) بالهبة بين الأحياء وبالوصية . ( 3 ) . . . . م 231 : لا يكون للأجنبي حق بالإرث أو بالوصية في التركة العقارية إلا إذا كانت قوانين بلاده تبادل السوريين واللبنانيين هذا الحق . وتخضع تركة الأجنبي العقارية بالإرث أو بالوصية لأحكام قوانين بلاده .
( [290] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 292 – وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً هو المادة 1349 منه يجري على الوجه الآتي : " وتسري على الوصية ، من حيث الشكل ومن حيث الجزاء الذي يترتب على مخالفه ، الأحكام الخاصة التي توضع لذلك " . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة لعدم الحاجة إليه ، إذ أن قانون الوصية يشتمل على أحكامها من حيث الشكل ومن حيث الموضوع ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 293 في الهامش ) .
( [291] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 292 .
( [292] ) أنظر آنفاً فقرة 23 .
( [293] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 294 – وقد قضت محكمة النقض بأن وصية غير المسلم ، كوصية المسلم ، لا تصح إلا لموجود حقيقة أو حكماً ، ولا تجوز بأكثر من الثلث ، ولا تجوز لوارث إلا بأجازة باقي الورثة ( نقض مدني 21 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 200 ص 454 ) . وقضت أيضاً بأن المواريث عموماً ، ومنها الوصية ، هي وحدة واحدة ، وتسري الأحكام المتعلقة بها على جميع المصريين ، مسلمين كانوا أو غير مسلمين ، وفق قواعد الشريعة الإسلامية باعتبارها الشريعة القائمة ( نقض مدني أول أبريل سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 37 ص 74 ) .
وقد تدخل المشرع في الأمر ، بعد صدور هذا الحكم الأخير ، فأصدر في سنة 1944 القانونين رقم 25 ورقم 26 لسنة 1944 اللذين سبقت الإشارة إليها ( أنظر آنفاً ص 206 هامش 1 ) ، فنص في القانون رقم 25 لسنة 1944 على أن " قانون الوصية وأحكام الشريعة الإسلامية هي قانون البلد فيما يتعلق بالوصايا فتسري على المسلمين وغير المسلمين " . وعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1944 المادتين 54 و 55 مدني وطني قديم فاستبدل بعبارة " الأحوال الشخصية المختصة بالملة " عبارة " قانون البلد "
( [294] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد قرر أن مورثة الطاعنين تتمسك في دفاعها بأن المحرر إن لم يكن إشهاراً بوقف فهو وصية ، ورد على هذا الدفاع بأن " المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 تشترط في الوصية أن يصدر بها إشهاد رسمي أو يحرر بها عقد عرفي يصدق فيه على إمضاء الموصي بخطه وموقع عليها بإمضائه ، فإذا لم تتم الوصية على هذا الوجه كانت باطلة ، ولم يتحقق شيء من ذلك ، ولم تتقدم المدعية بما يدل على وجود وصية " ، فإن الحكم يكون قد خالف ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من قانون الوصية بقولها : " . . . إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفي وعليها إمضاؤه كذلك تدل على ما ذكر ، أو كانت ورقة الوصية أو الرجوع عنها مصدقاً على توقيع الموصي عليها " . وقد تحجب بهذه المخالفة عن مواجهة دفاع الطاعنين من أن المحرر المتنازع عليه مكتوب جميعها بخط المتوفى وعليه إمضاؤه وتحقيقه ، وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ( نقض مدني 20 مارس سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 50 ص 327 ) . وقد قضت محكمة النقض أيضاً بأنه لا يكفي أن يوقع الموصي على الوصية بختمه وبصمة إبهامه ويضعها في مظروف مغلق ويودع المظروف مكتب التوثيق ( نقض مدني 20 أبريل سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 119 ص 877 ) .
وشكل الوصية المنصوص عليه في القانون مطلوب لجواز سماع الدعوى بالوصية عند الإنكار ، وليس ركناً في الوصية ، فلو أقرت الورثة بالوصية أو وجهت إليهم اليمين فنكلوا سمعت الدعوى وقضى بالوصية . وعلى ذلك لا تكون الوصية تصرفاً شكلياً ، والكتابة المطلوبة ، على مختلف أنواعها ، ليست إلا لجواز سماع الدعوى لا لانعقاد الوصية ، فهي وحدها الأدلة التي لا يقبل غيرها في الإثبات . وقد نصت المادة الثانية من قانون الوصية ، كما رأينا ، على أن " تنعقد الوصية بالعبارة أو بالكتابة ، فإذا كان الموصي عاجزاً عنهما انعقدت الوصية بإشارته المفهمة " .
( [295] ) وتصح الوصية لأماكن العبادة والمؤسسات الخيرية وغيرها من جهات البر وللمؤسسات العلمية والمصالح العامة ، وتصرف على عمارتها ومصالحها وفقرائها وغير ذلك من شؤونها ما لم يتعين المصرف بعرف أو دلالة ، وتصح الوصية لله تعالى ولأعمال البر بدون تعيين جهة وتصرف في وجوه الخير ( م 7 من قانون الوصية ) . وتصبح الوصية لجهة معينة من جهات البر ستوجد مستقبلاً ، فإن تعذر وجودها بطلت الوصية ( م 8 من قانون الوصية ) .
( [296] ) وإذا غير الموصي معالم العين الموصى بها أو زاد في عمارتها شيئاً لا يستقل بنفسه كالمرمة والتجصيص ، كانت العين كلها وصية . وإن كانت الزيادة مما يستقل بنفسه كالغراس والبناء ، شارك الورثة الموصي له في كل العين بقيمة الزيادة قائمة . وإذا هدم الموصي العين الموصى بها وأعاد بناءها على حالتها الأولى ولو مع تغيير معالمها ، كانت العين بحالتها الجديدة وصية . وإن أعاد البناء على وجه آخر ، اشترك الورثة بقيمته مع الموصي له في جميع العين . وإذا جعل الموصي من بناء العين الموصى بها ومن بناء عين مملوكة له وحده لا يمكن معها تسليم الموصي به منفرداً ، اشترك الموصي له مع الورثة بقدر قيمة وصيته . أنظر في كل ذلك المواد 71 و 72 و 75 من قانون الوصية .
( [297] ) م 13 من قانون الوصية ، وهذه هي قسمة المورث التي سبق بيانها ( أنظر آنفاً فقرة 66 – فقرة 67 ) .
( [298] ) فقد كان يمكن الموصي الرجوع عن الوصية لولا الجنون المطبق المتصل ، فمراعاة لحقه أبطلت الوصية ( المذكرة الإيضاحية لقانون الوصية ) .
( [299] ) ويمنع من استحقاق الوصية الاختيارية أو الوصية الواجبة قتل الموصي أو المورث عمداً ، سواء أكان القاتل فاعلاً أصلياً أم شريكاً أم كان شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام على الموصي وتنفيذه ، وذلك إذا كان القتل بلا حق ولا عذر وكان القاتل عاقلاً بالغاً من العمر خمس عشرة سنة ، ويعد من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعي ( م 17 من قانون الوصية ) .
( [300] ) ويعتبر تصرف الموصي في الموصى به رجوعاً عن الوصية ، حتى لو كان هذا التصرف قابلاً للفسخ وفسخ ، أو قابلاً للإبطال وأبطل ، أو كان باطلاً .
( [301] ) فالوصية إذن إرادة منفردة تصدر من الموصى ، وليست بعقد بين الموصى والموصى له ، وإلا لاستحق الموصى به من وقت القبول لا من وقت موت الموصى .
( [302] ) وإذا رد الموصي الوصية بعد أن قبلها ، وقبل منه ذلك أحد من الورثة ، انفسخت الوصية ، وإن لم يقبل منه ذلك أحد منهم بطل رده ( م 24 من قانون الوصية ) .
( [303] ) أما عند الحنفية فالذي ينتقل إلى ورثة الموصي له هو الشيء الموصي به ذاته ، لأن الوصية عندهم تتم بالإيجاب مع اليأس من أن يردها الموصي له ، فإذا مات الموصي له قبل أن يقبل أو يرد فقد تحقق اليأس من الرد ، واعتبر الموصي به ملكاً للموصي له ودخل في تركته ، فينتقل مع سائر حقوق التركة إلى الوارث . وأما عند المالكية والشافعية والحنابلة فالذي ينتقل إلى ورثة الموصي له هو حق قبول الوصية ، إذ الوصية عندهم لا تتم إلا بقبولها من الموصي له بعد موت الموصي ، فإذا مات الموصي له قبل أن يقبل الوصية انتقل حق القبول أو الرد إلى ورثته ، وبهذا أخذ قانون الوصية . أنظر في ذلك مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف 5 ص 64 .
( [304] ) أنظر في كل ذلك المواد 26 – 30 من قانون الوصية .
( [305] ) ولا يدخل في حساب الثلث المصروفات التي يحكم بها على التركة لمصلحة الموصي له إذا نوزع في صحة الوصية ، ولا فوائد التأخير عن مبلغ الوصية من وقت المطالبة القضائية بهذا المبلغ ( نقض مدني 21 يونيه سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 124 ص 837 ) .
( [306] ) ولم تكن الوصية تجوز للوارث إلا بإجازة سائر الورثة . وقد قضى بأنه إذا اشترط الورثة حين توقيعهم بإجازة الوصية على سندها الصادر من المورث لأحدهم أن يبقى السند لدى أمين متفق عليه ، وألا يسلم لمن يصدر له إلا برضائهم ، فهذه الإجازة تقع باطلة لاقترانها بما يبطل مفعولها ، وهو عدم تمكين الصادر له السند من الانتفاع به إلا بمشيئتهم ( نقض مدني 17 أكتوبر سنة 1940 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1208 رقم 37 ) . ثم صدر قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 فأجاز الوصية للوارث بالقدر الذي تجوز به لغير الوارث . ومن ثم تنفذ الوصية للوارث في ثلث التركة من غير إجازة سائر الورثة إذ مات الموصي وقت نفاذ قانون الوصية ، حتى لو كانت الوصية قد صدرت قبل ذلك ( نقض مدني 23 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 244 – 21 يونيه سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 123 ص 824 – 14 مايو سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 107 ص 673 ) . أما إذا مات الموصي قبل نفاذ قانون الوصية ، فلا تنفذ الوصية للوارث من غير إجازة سائر الورثة ( نقض مدني 20 يناير سنة 1947 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1209 رقم 43 ، 29 أبريل سنة 1948 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1203 رقم 1 – 22 ماس سنة 1951 نفس المجموعة جزء 2 ص 1208 رقم 34 ) .
( [307] ) أنظر في أن الموصي ، حتى في حدود ثلث التركة ، بتقيد بعدم التعسف في استعمال حق الإيصاء : حسن كيرة ص 21 – ص 22 .
( [308] ) وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يشتمل على نص هو المادة 1352 منه وتجري على الوجه الآتي : " إذا جاوزت الوصية في العقار القدر الذي يجوز الإيصاء به ، فإن إبطال الوصية فيما زاد على هذا القدر لا يضر بحقوق الغير إذا كسب بحسن نية حقاً عينياً على هذا العقار " . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص : " لما كان من الواجب حماية الغير حسن النية الذي يكسب حقاً عينياً على ما يجاوز القدر الذي يجوز الإيصاء به ، كما إذا صدرت وصية بنصف التركة ، ورتب الموصي له رهناً على كل الموصي به ، ولم تجز الورثة الوصية فأنقصت إلى الثلث ، فإن سدس التركة يرجع إلى الورثة محملاً بالرهن وهم يرجعون على الموصي له . . . ويلاحظ أن إنقاص الوصية إلى القدر الجائز لا يعتبر إبطالاً أو فسخاً ، بل هو عدم نفاذ في حق الورثة . فوجب إذن أن يكون هناك نص خاص لحماية الغير حسن النية في هذه الحالة ، إذ هي لا تدخل في حالات الإبطال أو الفسخ التي وردت فيها نصوص أخرى " . وقد وافقت لجنة المراجعة على هذا النص ، ولكن مجلس النواب حذفه اكتفاء بالمادة 1034 مدني ( مجموعة الأعمال التحضيرية ص 299 – ص 300 في الهامش ) .
أما المادة 1034 مدني الذي أريد الاكتفاء بها فتنص على أنه " يبقى قائماً لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو إلغاؤه أو زواله لأي سبب آخر ، إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن " . وها النص ، وإن كان يشمل كل أسباب زوال الملكية إذ يقول " أو زواله لأي سبب آخر " ، فيدخل عدم نفاذ الوصية ي حق الورثة ، إلا أنه مقصور على حماية الدائن المرتهن دون غيره ممن كسب حقاً عينياً آخر على العقار . والنص الشامل في هذا الصدد هو ما جاء في قانون تنظيم الشهر العقاري ( م 15 – 17 ) ، إذ يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجوداً أو صحة أو نفاذاً ، فتدخل إذن دعوى عدم نفاذ الوصية في حق الورثة . ويترتب على هذا التأشير أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من رتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ التأشير ، ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير . أنظر أيضاً المادة 478 مدني وهي خاصة ببيع المريض مرض الموت ، وتقضي بأنه لا تسري أحكام هذا البيع ( وهي في جملتها أحكام الوصية ) إضراراً بالغير حسن النية إذا كان هذا الغير قد كسب بعوض حقاً عينياً على العين المبيعة .
( [309] ) ولا تصح الإجازة حال حياة الموصي ، ولا يعتد بها إلا إذا صدرت بعد موته تطبيقاً للشريعة الإسلامية ( استئناف مصر 11 يناير سنة 1938 المحاماة 18 رقم 250 ص 474 ) . وإذا زادت الوصايا على ثلث التركة وأجازها الورثة وكانت التركة لا تفي بالوصايا ، أو لم يجيزوها وكان الثلث لا يفي بها ، قسمت التركة أو الثلث بحسب الأحوال بين الوصايا بالمحاصة ، وذلك مع مراعاة ألا يستوفي الموصي له بعين نصيبه إلا من هذه العين ( م 80 من قانون الوصية ) .
( [310] ) أنظر آنفاً ص 175 هامش 1 – وفي حساب خروج الوصية من الثلث لا يدخل نماء الموصي به الحادث بعد موت الموصي ، فهذا النماء ملك خالص للموصي له كما قدمنا ( أنظر آنفاً فقرة 76 ) . ويملك الموصي له النماء بمجرد موت الموصي ، حتى قبل تسجيل الوصية حين يكون الموصي به لا يزال ملكاً للورثة ، إذ الوصية غير المسجلة ترتب التزاماً في ذمة الورثة بتسليم العقار الموصي به بمجرد موت الموصي ، ومقتضى هذا الالتزام أن يكون للموصي له ثمار الموصي به وعليه نفقته من وقت موت الموصي . و الوصية غير المسجلة في ذلك كالبيع غير المسجل ، نفى البيع يكون " للمشتري ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضاً " ( م 458 / 2 مدني ) . أنظر في ذلك إسماعيل غانم ص 146 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 530 ص 794 – حسن كيرة ص 17 – ص 18 وص 19 – ص 20 .
ومن رأينا أن تسجيل الوصية ، كتسجيل البيع ، له أثر رجعي في العلاقة ما بين الموصي له والورثة . وبهذا الأثر الرجعي نعلل أن يكون نماء الموصي به للموصي له من وقت موت الموصي حتى قبل تسجيل الوصية ، إذ بتسجيل الوصية تنتقل الملكية إلى الموصي لهو يستند انتقالها إلى موت الموصي لا إلى وقت التسجيل ، وذلك فقط في العلاقة فيما بين الموصي له والورثة كما قدمنا . أما بالنسبة إلى الغير ، فلا شك في أن تسجيل الوصية لا ينقل ملكية الموصي به إلا من وقت التسجيل . أنظر ما قدمناه في هذه المسألة في عقد البيع الوسيط 4 فقرة 283 – فقرة 286 .
( [311] ) ويلاحظ أن الموصي له بسهم شائع في التركة لا يستحق هذا السهم إلا بعد سداد ديون التركة ، فيكون مسئولاً عن هذه الديون بنسبة سهمه الشائع .
وتنص المادة 44 من قانون الوصية على أنه " إذا كانت الوصية بسهم شائع في التركة وكان فيها دين أو مال غائب ، استحق الموصي له سهمه في الحاضر منها ، وكلما حضر شيء استحق سهمه فيه " . وأنظر أيضاً المادة 45 من قانون الوصية .
( [312] ) وتجوز الوصية بمثل نصيب وارث معين ، وتنص المادة 40 من قانون الوصية في ها الصدد على أنه " إذا كانت الوصية بمثل نصيب وارث معين من ورثة الموصي ، استحق الموصي له قدر نصيب هذا الوارث زائداً على الفريضة " . فيزاد سهم هذا الوارث على سهام فريضة التركة ، ويكون نصيبه للموصي له ، والباقي للورثة يقسم بينهم حسب فرائضهم كذلك تجوز الوصية بنصيب وارث غير معين ، وتنص المادة 41 من قانون الوصية في هذا الصدد على أنه " إذا كانت الوصية بنصيب وارث غير معين من ورثة الموصي أو بمثل نصيبه ، استحق الموصي له نصيب أحدهم زائداً على الفريضة إن كان الورثة متساوين في الميراث ، وقدر نصيب أقلهم ميراثاً زائداً على الفريضة إن كانوا متفاضلين " . وتنص المادة 42 من قانون الوصية على أنه " إذا كانت الوصية بسهم شائع في التركة ونصيب أحد ورثة الموصي أو بمثل نصيبه سواء أعين الموصي الوارث أم لم يعينه ، قدرت حصة الموصي له بنصيب الوارث على اعتبار أنه لا وصية غيرها . ويقسم الثلث بينهما بالمحاصة إذا ضاق عن الوصيتين . وإذا كانت الوصية بقدر محدود من النقود أو بعين من أعيان التركة بدل السهم الشائع ، قدر الموصي به ما يساويه من سهام التركة " . فإذا أوصى بمثل نصيب ابنه لشخص وبربع التركة لشخص آخر ، قدرت الوصية بالنصيب بما تساويه من سهام التركة كأنه لا وصية غيرها ، ويقسم الثلث بين الوصيتين إن لم يسعهما ولم تجز الورثة . وعلى ذلك إذا ترك الموصي ابنين كانت الفريضة سهمين اثنين ، يزاد عليهما سهم الموصي له كأنه لا وصية لغيره فيكون له الثلث ، وتكون الوصيتان ثلثاً وربعاً ، فهما أكثر من ثلث التركة . فإذا لم يجز الابنان الزائد على الثلث . وتكون الوصيتان ثلثاً وربعاً ، فهما أكثر من ثلث التركة . فإذا لم يجز الأبنان الزائد على الثلث ، كان الثلث بين الموصي لهما ، أربعة سهام لصاحب الثلث وثلاثة لصاحب الربع . وإذا كان ، بدل الوصية بالسهم الشائع ، وصية بعين من أعيان التركة أو بدراهم مرسلة ، قدرت العين أو الدراهم بما تساويه من سهام التركة ، وقدرت الوصية بالنصيب كذلك ، وقسم الثلث بين الوصيتين على الوجه السابق .
( [313] ) وإذا تزاحمت الوصايا بالمرتبات ومات بعض الموصى لهم ، أو انقطعت جهة من الجهات الموصى لها بالمرتب ، كان نصيبها لورثة الموصي ( م 82 من قانون الوصية ) .
( [314] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون الوصية في صدد الوصية الواجبة ما يأتي : " وضعت هذه المواد ( 76 – 79 ) لتلافي حالة كثرت منها الشكوى ، وهي حالة الأحفاد الذين يموت آباؤهم في حياة أبيهم أو أمهم أو يموتون معهم ولو حكماً كالغرقى والهدمى والحرقى ، فإن هؤلاء ، قلما يرثون بعد موت جدهم أو جدتهم لوجود من يحجبهم من الميراث ، مع أن آباءهم قد يكونون ممن شاركوا في بناء الثروة التي تركها الميت ، وقد يكونون في عياله بقوتهم وأحب شيء إلى نفسه أن يوص لهم بشيء من ماله ولكن المنية عاجلته فلم يفعل شيئاً أو حالت بينه وبين ذلك مؤثرات وقتية - قد تضمنت المادة 76 أنهم إذا كانوا غير وارثين ولم يوص لهم الجد أو الجدة بمثل نصيب أصلهم ، فإن الوصية تجب لهم بإيجاب الله تعالى بمثل هذا النصيب على ألا يزيد على الثلث – وهي تجب لأهل الطبقة الأولى من أوالد البنات ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وهم من لا ينتسبون إلى الميت بأنثى وإن نزلت طبقاتهم والأصل يحجب فرعه دون فرع غيره . ويقسم نصيب كل أصل وهو ابن الميت أو ابنته على من يوجد من فروعه قسمة الميراث ، كما لو كان أصولهم الذين ينتسبون بهم إلى الميت ماتوا مرتين – ولا يدخل قي قسمة التركة أولاد الميت الذين ماتوا في حياته ولم يعقبوا أو أعقبوا من لا يستحق في الوصية . فلو خلف الميت أبناً وبنتاً وبنتي بنت ماتت في حياته وابن ابن مات أبوه وجده في حياته أيضاً غير مرتبين وكان له ابن مات في حياته ولم يعقب أو أعقب أولاد بنت ، قسمت التركة بين أولاد الميت الأحياء والأموات الذين لهم من يستحق الوصية . وهنا نصيب الابن والبنت الميتين أكثر من الثلث فيكون لهما الثلث ، يقسم بينهما قسمة الميراث ، للبنت ثلثه يعطي لبنتيها بين أولاد الميت الأحياء والأموات الذين لهم من يستحق الوصية . وهنا نصيب الابن والبنت الميتين أكثر من الثلث فيكون لهما الثلث ، يقسم بينهما قسمة الميراث ، للبنت ثلثه يعطي لبنتيها بالتساوي ، وثلثاه للابن يعطي لفرعه ولو أن أباه مات قبل جده – والقول بوجوب الوصية للأقربين غير الوارثين مروي عن جمع عظيم من فقهاء التابعين ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث ، ومن هؤلاء سعيد بن المسيب والحسن البصري وطاووس والإمام أحمد وداود الطبري وإسحاق بن راهوية وابن حزم . والأصل في هذا قوله تعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين} . والقول بإعطاء من مال المتوفي للأقربين غير الوارثين على أن وصية وجبت في ماله إذا لم يرص لهم مذهب ابن حزم ، ويؤخذ من أقوال بعض فقهاء التابعين ، ورواية في مذهب الإمام أحمد ، وقصر الأقارب غير الوارثين على الأحفاد وبالترتيب المبين في المادة 76 ، وتحديد الواجب لهم بمثل نصيب أبيهم أو أمهم في حدود الثلث مع تقسيمه بينهم قسمة الميراث مبني على مذهب ابن حزم . . . فالجزء الواجب إخراجه يجوز في مذهب ابن حزم أن يحدده الموصي أو الورثة بمثل نصيب الأب ، كما يجوز تحديده بأقل أو أكثر ، كذلك يجوز في مذهبه أن تكون الوصية لبعض الأقربين دون البعض الآخر ، وحينئذ يكون لولي الأمر أن يتدخل ويحدد الأقربين بأولاد الأولاد على الترتيب المذكور في المادة ، ويأمر بإعطائهم جزءاً من التركة هو نصيب أصلهم في الميراث لو بقى حياً ( م 76 ) . . . فإذا نقضوا أحداً ما وجب له أو لم يوصوا له بشيء ، ردوا بأمر ولي الأمر إلى المعروف ( م 77 ) . وتقديم الوصية الواجبة على الوصية الاختيارية يؤخذ مما نقله ابن مفلح عن الإمام أحمد وما روى عن طاوس " .
( [315] ) وغني عن البيان أن القانون ، كما يحمي الوارث من الوصايا المستترة ، يحمي أيضاً الدائن . وللدائن ، كما للوارث ، مصلحة في أن يكشف عن الوصايا المستترة ، بل إن مصلحته في ذلك ترجح مصلحة الوارث . وذلك أنه متى ثبت أن التصرف هو في حقيقته وصية ، فإنه لا يسري أصلاً في حق الدائن إذ الديون تقدم على الوصايا ، في حين أنه يسري في حق الوارث فيما لا يجاوز ثلث التركة . ومن أجل ذلك يكون للدائن ما للوارث في كل ما سيجئ من حق للوارث في الطعن في تصرفات المورث بأنها وصايا مستترة .
أما في حياة الموصي ، فلا تحول الوصية ، حتى لو كانت مسجلة ، دون تنفيذ دائن الموصي على العقار الموصي به ، إذ أن هذا العقار لا يزال في ملك الموصي ما دام حياً ، ولو بقى مصراً على الوصية ولم يرجع عنها .
( [316] ) ويعتبر الوارث ، في الوصايا المستترة وفي كل تصرف يصدر من المورث وينطوي على اعتداء على حقه في الإرث من الغير يتلقى حقه من القانون لا من المورث ، ومن ثم لا يعتبر في هذه التصرفات خلفاً للمورث ولا تسري في حقه . وقد قضت محكمة استئناف مصر في هذا المعنى بأنه وإن كان الوارث يحل محل مورثه بحكم الميراث في الحقوق التي لتركته وفي الالتزامات التي عليها ، إلا أن القانون قد جعل للوارث حقوقاً خاصة لا يرثها عن مورثه ، بل تنشأ بحكم القانون . وهذه الحقوق تجعل الوارث غير ملزم باحترام تصرفات مورثه الضارة بحقوق الوارث هذه التي أثبتتها له الشريعة رغماً من إرادة المورث . ومتى كان الوارث يتلقى حقه في الإرث بحكم القانون ( الشريعة ) وكان له أن يدفع كل اعتداء عن ذلك الحق الشرعي ، فلا يصح مع هذا أن يقال بأن الوارث يلزم باحترام تصرفات مورثه الضارة بحقه الشخصي ، ولا أن يقال إن الوارث يعتبر خلفاً لمورثه بالنسبة إلى تلك التصرفات التي تمس حقوق الوارث الخاصة ( استئناف مصر 14 يونيه سنة 1936 المحاماة 17 رقم 198 ص 416 ) . وأنظر أيضاً استئناف مصر 19 أكتوبر سنة 1947 المحاماة 28 رقم 179 ص 578 .
( [317] ) أما إذا صدر التصرف في غير مرض الموت ، فإنه يكون صحيحاً نافذاً في حق الورثة ، ولو ت صرف المورث في كل ماله متبرعاً . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بألا تتقيد التصرفات إلا ابتداء من مرض الموت ، أما قبل ذلك فالمالك الكامل الأهلية حر التصرف في ملكه ، ولو أدى تصرفه هذا إلى حرمان ورثته أو تعديل أنصبتهم ، ما لم تكن تصرفاته مشوبة بعيب من العيوب ( نقض مدني 4 يونيه سنة 1936 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1001 رقم 18 ) . وأنظر أيضاً في هذا المعنى نقض مدني 23 ديسمبر سنة 1948 نفس المجموعة جزء 2 ص 1001 رقم 20 – استئناف أسيوط 10 مارس سنة 1935 المحاماة 17 رقم 445 ص 884 – استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 118 – 21 مايو سنة 1917 م 29 ص 441 .
( [318] ) وتكييف وصف العقد بأنه وصية يبقى في اختصاص المحكمة التي تنظر في موضوع العقد . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان النزاع غير قائم حول صحة التصرف باعتباره وصية . وإنما كان قائماً حول تعرف نية المتصرف هل هي البيع أو الهبة أو الوصية ، فلا شأن لجهة الأحوال الشخصية به ، بل الشأن فيها لجهة القضاء العادي . فإذا كان من المسلم أن العقد موضوع الدعوى صدر من المورث لصالح المتمسك به ، ولكن قام النزاع حول وصف هذا العقد قانوناً ، فاستعرضت المحكمة الأوصاف التي يصح انطباقها عليه ، ثم استخلصت من ظروف الدعوى وأدلتها أنه وصية ، فإنها لا تكون قد خرجت في ذلك عن حدود اختصاصها ( نقض مدني 9 نوفمبر سنة 1944 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 137 رقم 24 ) .
( [319] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1350 من المشرع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 987 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 985 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 916 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 296 – ص 298 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام التي يقررها النص كان القضاء يأخذ بها .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 877 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 920 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي م 1109 : 1 - كل تصرف ناقل للملكية يصدر من شخص في مرض الموت مقصوداً به التبرع أو المحاباة يعتبر كله أو بقدر ما فيه من محاباة تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت ، وتسري عليه أحكام الوصية أياً كانت التسمية التي تعطي له . 2 - ويعتبر في حكم الوصية إبراء المريض في مرض موته مدينه وارثاً كان أو غير وارث ، وكذلك الكفالة في مرض الموت .
م 1110 : ليس لأحد أن يؤدي دين أحد غرمائه في مرض موته ويبطل حقوق باقيهم . ولكن له أن يؤدي ثمن المال الذي اشتراه أو القرض الذي استقرضه حال كونه مريضاً .
م 1111 : 1 - إذا أقر شخص في مرض موته بدين لوارث أو لغير وارث ، فإن جاء إقراره على سبيل التمليك كان بحكم الوصية ، وإن جاء على سبيل الإخبار أ, كان إقراراً يقبض أمانة له أو استهلاك أمانة عنده ثبتت بغير إقراره ، نفذ الإقرار في جميع ماله ولو لم تجز الورثة ، وتصديق الورثة إلا قرار في حياة المورث ملزم لهم . 2 - ولا يستحق المقر له ما أقر به المريض وفقاً لأحكام الفقرة السابقة إلا بعد أن تؤدي ديون الصحة ، ويعتبر في حكم ديون الصحة الديون التي ثبتت في ذمة المريض وقت المرض بغير إقراره فتؤدي هي أيضاً مع ديون الصحة قبل الديون التي ثبتت بإقرار المريض في وقت مرضه .
م 1112 : 1 - إذا أقر شخص في مرض موته بأنه استوفى ديناً له في ذمة أحد ، فإن كان الدين قد ثبت في ذمة المدين حالة صحة الدائن نفذ الإقرار في حق غرماء الصحة . أما إذا كان الدين قد ثبت في ذمة المدين حال مرض الدائن ، فلا ينفذ إلا قرار في حق هؤلاء الغرماء . 2 - وإذا أقر بأنه كفل حال صحته ديناً لأحد ، نفذ إقراره في جميع ماله ولكن بعد أن توفى ديون الصحة وما في حكمها من الديون .
( والتقنين العراقي يقنن أحكام الشريعة الإسلامية في تصرفات المريض مرض الموت ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [320] ) أنظر في تحديد معنى مرض الموت والرجوع في ذلك إلى أحكام الفقه الإسلامي مفسرة بقضاء المحاكم : الوسيط 4 فقرة 175 – فقرة 182 .
( [321] ) ولا يكون ذلك كله إلا بعد موت المريض ، فقبل موه لا حق للوارث في الطعن في التصرف . وقد قضت محكمة النقض بأن حق الوارث في مال مورثه لا يظهر في الوجود ، ولا يكون له أثر ، إلا بعد وفاة المورث . كما أن المرض لا يمكن اعتباره مرض موت إلا إذا انتهى بموت صاحبه ، مما لا يتأدى معه معرفة أن المرض من أمراض الموت إلا بتحقق هذه النتيجة . ومن ثم فما دام المتصرف كان ما يزال حياً ، فإنه ما كان يقبل من الوارث أية منازعة في العقود المطعون عليها تقوم على صدورها في مرض موت المتصرف أو على أنها تخفي وصايا ( نقض مدني 26 مارس سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 66 ص 395 ) .
أما المورث نفسه إذا تصرف وهو يعتقد أنه في مرض الموت ، ثم شفى ، فله أن يطعن في التصرف إما بالصورية وبأن حقيقته وصية وقد عدل عنها ، أو في القليل بالغلط إذا كان البيع جدياً منجزاً ، وذلك على أساس أنه وقع في غلط في الباعث إذ كان الدافع له على التصرف اعتقاده أنه كان في مرض الموت .
( [322] )وقد قضت محكمة النقض بأن الإقرار الحاصل في مرض الموت لغير وارث على سبيل التبرع يصح اعتباره في حكم الوصية ، فينفذ في ثلث التركة ( نقض مدني 27 أبريل سنة 1950 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1204 رقم 7) .
( [323] ) ومتى أثبت الورثة أن التصرف قد صدر في مرض الموت ، وأصبحوا من الغير في هذا التصرف ، فلا يسري في حقهم فيما يزيد على ثلث التركة إلا إذا أجازوه . أما إذا كان التصرف صورياً صورية مطلقة وطعن فيه الورثة بالصورية لا بأنه وصية مستترة ، فإن الورثة لا يعتبرون في هذه الحالة من الغير ، وإنما يستمدون حقهم من مورثهم ، فلا يجوز لهم إثبات الصورية إلا بما كان يجوز لمورثهم أن يثبتها به من طرق الإثبات . وقد قضت محكمة النقض بأن الوارث لا يعتبر في حكم الغير بالنسبة إلى التصرف الصادر من المورث إلى وارث آخر ، إلا إذا كان طعنه على هذا التصرف هو أنه ، وإن كان ظاهره بيعاً منجزاً ، إلا أنه في حقيقته وصية إضراراً بحقه في الميراث ، أو أنه صدر في مرض موت المورث فيعتبر إذ ذاك في حكم الوصية . لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة ، حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها التحايل على قواعد الإرث . أما إذا كان مبني الطعن في العقد أنه صوري صورية مطلقة ، فإن حق الوارث في الطعن في التصرف في هذه الحالة إنما يستمده من مورثه وليس من القانون ، ومن ثم لا يجوز له إثبات طعنه إلا بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات ( نقض مدني 9 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 84 ص 525 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 13 يناير سنة 1949 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1004 رقم 37 – 21 ديسمبر سنة 1950 نفس المجموعة جزء 2 ص 1001 رقم 22 – 21 يونيه سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 ص 824 – 13 يناير سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 17 ص 123 .
( [324] ) ومن القرائن على صدور التصرف في مرض الموت أن يكون البيع محرراً بخط المشتري ولم يسجل إلا قبل وفاة البائع بيومين ( استئناف وطني أول فبراير سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 108 ص 296 ) . ومنها تسجيل العقد تسجيل تاريخ قبل الوفاة بمدة قليلة ثم تسجيله بعد الوفاة تسجيلاً تاماً ( استئناف وطني 24 ديسمبر سنة 1913 الشرائع 1 رقم 204 ص 95 ) . ومنها أن يكون العقد قد حرر قبل الوفاة بأيام قليلة ما لم يكن البائع قد مات فجأة ( استئناف وطني 25 نوفمبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 118 ص 116 ) . ولا مانع من الطعن في التصرف بأنه صادر في مرض الموت بعد الطعن فيه بالتزوير ( محكمة مصر الوطنية 29 مايو سنة 1927 المحاماة 9 رقم 539 ص 996 ) . وأنظر في إثبات مرض الموت الوسيط 4 فقرة 180 .
( [325] ) نقض مدني 23 يناير سنة 1941 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1002 رقم 26 – 12 فبراير سنة 1941 نفس المجموعة جزء 2 ص 1002 رقم 24 – 18 ديسمبر سنة 1941 نفس المجموعة جزء 2 ص 1002 رقم 27 – 15 أبريل سنة 1943 نفس المجموعة جزء 2 ص 1003 رقم 28 – 21 أكتوبر سنة 1948 نفس المجموعة جزء 2 ص 1002 رقم 25 – 3 فبراير سنة 1949 نفس المجموعة جزء 2 ص 1003 رقم 30 .
( [326] ) الوسيط 2 فقرة 119 ص 209 – ص 212 – وأنظر في تفصيل هذه المسألة نفس المرجع فقرة 119 ص 204 – ص 212 .
( [327] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1351 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المرجعة تحت رقم 988 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 986 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 917 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 299 – ص 301 ) .
ولا مقابل النص في التقنين المدني السابق ، ولكن كثيراً من أحكام القضاء كان يقضي بهذا المعنى على أساس القرينة القضائية .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 878 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 921 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [328] ) ومتى تبين أن البيع حقيقته وصية مستترة ، كان منعدماً بوصفه بيعاً ، فلا يكون لتسجيله أثر ، ولا يرد عليه التقادم . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن التصرف لم يكن منجزاً وأنه يخفى وصية ، فلا يكون لتسجيل العقد حال حياة البائع أي أثر في تصحيح التصرف أو نقل الملكية ، لأن التسجيل لا يصحح عقداً باطلاً ، كما أنه لا يحول دون الطعن في العقد بأنه يخفي وصية . ولا يسري على هذا البطلان التقادم المنصوص عليه في المادة 140 مدني . ولا يقدح في ذلك القول بأن اعتبار البطلان مطلقاً يتنافى مع إمكان إجازة التصرف من الورثة ، ذلك أنه ليس للورثة أن يجيزوا التصرف باعتباره بيعاً ، وإنما لهم أن يجيزوه على الاعتبار الصحيح بوصفه وصية ، وفي هذه الحالة تجري عليه أحكام الوصية التي يجيزها الورثة ( نقض مدني 9 يناير سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 10 ص 43 ) – والأدق أن يقال ، في رأينا ، ألا وجود للبيع أصلاً فهو منعدم ، لا أن البيع باطل بطلاناً مطلقاً . ذلك أن البيع الذي يستر وصية ليس إلا عقداً واحداً هو وصية مستترة تسري عليها جميع أحكام الوصية ، أما البيع الظاهر فهو صوري لا وجود له .
( [329] ) ولكن القضاء كان حراً في أن يأخذ بهذه القرينة أو لا يأخذ ، إذ كانت مجرد قرينة قضائية . وقد قضت محكمة النقض بأنه كان من المقرر في ظل القانون الملغي أن الأصل في إقرارات المورث أنها تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات ، فعبء الإثبات كان على من يطعن في التصرف ، ولم يكن احتفاظ البائع بحقه في الانتفاع بالعين المبيعة مدى حياته سوى مجرد قرينة قضائية يتوسل بها الطاعن إلى إثبات دعواه . والقاضي بعد ذلك حر في أن يأخذ بهذه القرينة أو لا يأخذ ، لأنها كسائر القرائن القضائية تخضع لمطلق تقديره ( نقض مدني 14 مايو سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 107 ص 673 ) .
( [330] ) نقض مدني 16 نوفمبر 1939 مجموعة عمر 3 رقم 4 ص 11 – 14 مايو سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 158 ص 445 – 11 مارس سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 36 ص 69 – أول أبريل سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 43 ص 107 – 16 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 78 ص 174 – 29 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 307 ص 612 – استئناف مصر 19 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 9 ص 12 – 16 ديسمبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 250 – ص 327 – 17 مارس سنة 1926 المحاماة 8 رقم 461 ص 759 – 19 يناير سنة 1927 المحاماة 8 رقم 127 ص 172 – 18 نوفمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 143 ص 291 – 12 نوفمبر سنة 1930 المجموعة الرسمية 32 رقم 93 ص 209 – استئناف أسيوط 16 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 324 ص 635 – ومع ذلك أنظر نقض مدني 2 يونيه سنة 1932 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 350 – رقم 37 – 22 يونيه سنة 1938 نفس المجموعة جزء أول ص 349 رقم 34 – 8 مارس سنة 1945 نفس المجموعة جزء أول ص 349 رقم 32 – 18 أبريل 1946 مجموعة عمر 5 رقم 66 ص 153 – 19 مايو سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 422 ص 781 – استئناف مصر 10 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 143 ص 291 – 17 أبريل سنة 1928 المحاماة 8 رقم 556 ص 917 – 28 مايو سنة 1929 المحاماة 9 رقم 594 ص 1090 - 23 أبريل سنة 1930 المحاماة 10 رقم 441 ص 875 .
( [331] ) أنظر في هذه الأحكام المتضاربة نظرية العقد للمؤلف فقرة 827 ص 929 – ص 932 ، وفي الضوابط التي استخلصت من هذه الأحكام نفس المرجع فقرة 827 ص 933 .
( [332] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 301 .
( [333] ) وقد حاولنا تبرير ذلك في الجزء الأول من الوسيط إذ قررنا " ويبرر مسلك القانون الجديد وميله إلى ترجيح جانب الوصية على جانب البيع أو الهبة ، مما يؤدي في الغالب إلى تقييد التصرف ، أن باعث القضاء على التساهل في تفسير التصرف على أنه بيع أو هبة لا على أنه وصية قد انعدم . فقد كان القضاء يرجح جانب البيع أو الهبة على جانب الوصية لما كانت أحكام الوصية تضيق عن الإيصاء لوارث ، فكان القضاء يعالج بهذا التساهل عيباً في القانون ليصحح وصايا لها ما يبررها في ظروف الأسرة تحت ستار أنها بيوع أو هبات منجزة . أما اليوم فقد عدل المشرع المصري من أحكام الوصية . فأجاز الوصية لوارث فيما لا يزيد على ثلث التركة وجعلها كالوصية لغير الوارث . فلم يعد هناك مقتض لتسمية التصرفات بغير أسمائها الحقيقية ، وما دامت الوصية السافرة للوارث جائزة ، فلا محل إذن للوصية المستترة " ( الوسيط 1 طبعة أولى فقرة 388 في أسفل ص 598 ) .
والواقع من الأمر أن الوصية المستترة لا يزال لها محل حتى بعد أن جازت الوصية للوارث ، فالوصية للوارث لا تنفذ بغير إجازة باقي الورثة إلا في ثلث التركة . ويقع أن المورث لا يكون له ابن يرثه ، فيلجأ إلى الوصية المستترة حتى يعطي لبنته أو لزوجته كل ماله ، ولا يقنع بوصية سافرة لا تنفذ إلا في ثلث التركة .
( [334] ) وهذا لا يمنع من قيام قرائن قضائية على أن التصرف وصية مستترة فيؤخذ بها ، إذ يجوز للطاعن في هذه الحالة إثبات مطاعنه بكل طرق الإثبات بما في ذلك القرائن القضائية ، وليس من الضروري قيام هذه القرينة القانونية . وقد قضت محكمة النقض بأن الشريعة الإسلامية قد جعلت للوارث إبان حياة مورثه حقاً في ماله ينحجر به المورث عن التصرف بالوصية ، لوارث آخر . وهذا الحق يكون كامناً ولا يظهر في الوجود ، ولا يكون له أثر إلا بعد وفاة المورث . وعندئذ تبرز بقيام هذا الحق شخصية الوارث منفصلة تمام الانفصال عن شخصية المورث في كل ما يطعن به على تصرفات المورث الماسة بحقه ، وتنطبق عليه كما تنطبق على الأجنبي عن المورث أحكام القانون الخاص بالطعن على تصرفات المورث ، فيحل له إثبات مطاعنه بكل طرق الإثبات . فإذا كان مدار النزاع أن المدعي عليهم في الطعن يطعنون على السند الذي تستمسك به الطاعنة بأنه تصرف إنشائي من المورث أخرجه في صيغته مخرج تصرف إقراري بقصد إنشاء وصية للطاعنة مع أنها من ورثته الذين لا يصح الإيصاء لهم إلا بإجازة سائر الورثة ، وقدم خصوم الطاعنة وهم من الورثة أدلة تفيد أن السند المتنازع عليه وصية لم يجزها سائر الورثة ، فأخذت بهذه وأبطلت السند ، فلا تثريب عليها في ذلك( نقض مدني 27 فبراير سنة 1936 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1208 رقم 33 ) . وقضت أيضاً بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ظروف الدعوى ومن الأدلة والقرائن التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها أن نية الطرفين قد انصرفت إلى الوصية لا إلى البيع المنجز ، فإنه إذا قضى للمطعون عليها بنصيبها الشرعي في العقارات موضوع النزاع لا يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 26 فبراير سنة 1952 نفس المجموعة جزء 2 ص 1004 رقم 36 ) . وقضت أيضاً بأنه لما كان للوارث أن يثبت طعنه في العقد الذي قصد به الإضرار بحقه في الإرث بأي طريق من طرق الإثبات المقبولة قانوناً ، كان للحكم أن يستخلص عدم جدية الثمن الوارث في العقد من القرائن القائمة في الدعوى ، ولو أدى ذلك إهداره إقرار التصرف في العقد بأنه قبض الثمن بطريق المقاصة وفاء لدين قال إنه في ذمته لمورث المستترين ( نقض مدني 13 يناير سنة 1949 نفس المجموعة جزء 2 ص 1004 رقم 37 ) . وأنظر أيضاً في نفس المعنى نقض مدني 27 فبراير سنة 1936 نفس المجموعة جزء 2 ص 1004 رقم 34 – 11 نوفمبر سنة 1937 نفس المجموعة جزء 2 ص 1003 رقم 33 – 16 مايو سنة 1946 نفس المجموعة جزء 2 ص 1003 رقم 29 – 13 مايو سنة 1948 نفس المجموعة جزء 2 ص 1001 رقم 21 – 11 مايو سنة 1950 نفس المجموعة جزء 2 ص 1004 رقم 35 – 18 يناير سنة 1951 نفس المجموعة جزء 2 ص 1002 رقم 23 – 21 يونيه سنة 1962 مجموعة أحكام النقض ص 824 – 25 أبريل سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 ص 84 – 24 أكتوبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 137 ص 981 – 9 يناير سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 10 ص 43 .
وأنظر في تصرفات كيفت بأنها وصايا مستترة لقيام قرائن قضائية تثبت ذلك : نقض مدني 6 يونيه سنة 1935 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1204 رقم 9 ( حصلت المحكمة فهم الواقع في الدعوى من دليل مقبول ينتجه عقلاً وذكرت القرائن التي استدلت بها على أن البعي حقيقته وصية مستترة ) – 16 نوفمبر سنة 1939 نفس المجموعة جزء 2 ص 1205 رقم 16 ( القرائن هي عدم تسجيل العقد ، وعدم دفع الثمن ، وبقاء العقد في حوزة المتصرف حتى وفاته ) – 14 مايو سنة 1942 نفس المجموعة جزء 2 ص 1204 رقم 10 ( العقار لم يخرج من حيازة المتصرف طول حياته ، ولم يدفع ثمن عن التصرف ، والعقد عرفي لم يسجل ) – 11 مارس سنة 1943 نفس المجموعة جزء 2 ص 1204 رقم 11 ( ورقة ضد بنفس تاريخ السند تضمنت تعهد المشتري بعدم المساس بملكية الأطيان – عدم دفع شيء من الثمن – سبب البيع هو استكمال الابن النصاب القانوني للعمودية ) – أول أبريل سنة 1943( نفس المجموعة جزء 2 ص 1204 رقم 5 ( قصد المتصرف أن يختص بعض أوالده دون غيرهم بكل ما يترك من عقار ومنقول – لم يسجل سند التصرف واحتفظ به المتصرف طول حياته – التصرف بغير عوض – سند مماثل لسند التصرف محرر في نفس اليوم ولكن لم يبين فيه الثمن ) – 16 ديسمبر سنة 1943 نفس المجموعة جزء 2 ص 1206 رقم 18 ( بقاء العقد في حوزة المورث بغير تسجيل حتى الوفاة – عم تسجيله بعد ذلك لمدة تقرب من خمس سنوات – بقاء المورث متمتعاً بكل مظاهر الملكية : التأجير باسمه وبوصفه مالكاً ودفع الديون العقارية – فقرة المتصرف له ) – 9 نوفمبر سنة 1944 نفس المجموعة جزء 2 ص 1206 رقم 19 ( المتصرف له لم يدفع ثمناً – العق وجد في خزانة المتصرف بعد وفاته – قبض أرباح السنوات التي استحقت بعد صدور العقد – أول يونيه سنة 1950 نفس المجموعة جزء 2 ص 1206 رقم 21 ( باعت الزوجة لزوجها أرضاً ولكنها تصرفت بعد موته في حصة أكبر مما ترثه من الزوج ، ثم تصرفت في حصة أخرى مما دل على أنها لم تعتد بالبيع الذي صدر منها لزوجها ) - 7 ديسمبر سنة 1950 نفس المجموعة جزء 2 ص 1206 رقم 23 ( زوجة باعت لزوجها كلم ا تملكه – لم تسجل العقود – استمرت الزوجة واضعة يدها ظاهرة بمظهر المالك – عدم دفع ثمن ) – 6 مارس سنة 1952 نفس المجموعة جزء 2 ص 1207 رقم 25 ( صدور العقد من أب إلى ابنه في مرضه الأخير بغير مقابل إيثاراً له على بناته – احتفاظ الأب بحق الانتفاع طول حياته – بخس الثمن ) – 10 أبريل سنة 1952 نفس المجموعة جزء 2 ص 1206 رقم 22 ( عدم دفع ثمن البيع – منع المشتريين من التصرف طول حية البائع وعدم إلزامهما بدفع الأموال ) – 28 أكتوبر سنة 1954 نفس المجموعة جزء 2 ص 1205 رقم 15 ( المورث لم يكن في حاجة إلى بيع أملاكه ولم يقبض ثمناً ، وظل واضعاً يده حتى الوفاة ، واحتفظ بعقد البيع دون تسجيل ) – هذا ولا يكفي مجرد الطعن في التصرف لإهدار حجيته ، بل يجب على الطاعن أن يقيم الدليل بأي طريق من طرق الإثبات على أن التصرف حقيقته وصية : أنظر نقض مدني 24 يونيه سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 128 ص 808 – 9 ديسمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 193 ص 1235 ) .
وأنظر في تصرفات لم تكيف بأنها وصايا مستترة لعدم قيام قرائن قضائية كافية تثبت ذلك : نقض مدني 28 يناير سنة 1943 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 1208 رقم 35 ( حررت والدة لابنها سنداً بدين يستحق الوفاء وقت الطلب وسلمته إياهن ووجد السند بمنزل الابن عند حصر تركته ) - أول فبراير سنة 1945 نفس المجموعة جزء أول ص 348 رقم 27 ( ببيع منجز ووضع المشتري يده على المبيع ونص في العقد على أن له حق التصرف فيه – التزام البائع بالضمان – سجل العقد قبل وفاة البائع ) – 11 مارس سنة 1948 نفس المجموعة جزء 2 ص 1204 رقم 8 ( حرر المورث السند قبل الوفاة بنحو عشر سنوات ، وسلمه للصادر لها ، ونص فيه على سريان الفوائد ) – 29 ديسمبر سنة 1949 نفس المجموعة جزء أول ص 349 رقم 33 ( بيع منجز من والد لأولاده ، واشترط فيما بعد وجوب موافقة البائع على تصرف الأولاد في البيع وذلك على أثر رفع الأولاد على أبيهم دعوى بصحة التعاقد ، وكان ذلك تفادياً للاستمرار في التقاضي ) – 4 أبريل سنة 1953 نفس المجمعة جزء أول ص 349 رقم 29 ( تسلم المشتري العقد الابتدائي وشرع في التسجيل ) – 25 أبريل سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 84 ص 579 ( أبيح للوارث الإثبات بجميع الطرق فلم يستطع تقديم الدليل على أن التصرف وصية ) – 14 مايو سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 107 ص 673 ( عجز المدعي عن نفي تنجيز التصرف فاعتبر بيعاً أو هبة مستورة ) – 24 يونيه سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 128 ص 808 ( لا يكفي إثبات أن المشتري ابن البائع وكان يقوم بمعاونة والده في زراعة الأرض حتى وفاته وأن عقد البيع لم يسجل ) .
( [335] ) ويبدو أن احتفاظ المورث بحق الانتفاع طول حياته كاف وحده لقيام القرينة القانونية ، فهو يتضمن اشتراطه الانتفاع بالعين مدى الحياة واستبقاء الحيازة في يده بصفته منتفعاً . وقد يضيف إلى ذلك عدم تسجيله للبيع وتصرفه في العين تصرف الملاك ، فيكون بذلك قد قوى القرينة ودعمها .
( [336] ) وعليه في هذه الحالة أن يسجل عقد الإيجار لاحتمال أن تزيد مدته على تسع سنوات ، وكذلك المخالصة بالأجرة لاحتمال أن تزيد مدتها على ثلاث سنوات ، وذلك حتى يكون كل من عقد الإيجار والمخالصة نافذاً في حق الغير .
( [337] ) الوسيط 6 فقرة 116 ص 145 .
( [338] ) الوسيط 6 فقرة 128 ص 165 هامش 3 .
( [339] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المقصود من الاحتفاظ بالحق في الانتفاع وفقاً للمادة 917 مدني هو أن يكون المتصرف المنتفع بالعين مدى حياته مستنداً إلى حق ثابت لأي ستطيع المتصرف إليه تجريده منه . ويكون ذلك إما عن طريق اشتراط حق المنفعة وعدم جاز التصرف في العين ، أو عن طريق الإيجار مدى الحياة ، أو عن طريق آخر مماثل . ومن ثم لا يكفي لقيام القرينة القانونية أن يحتفظ المتصرف بالحيازة والانتفاع لحساب الغير ولو كان ذلك لمدى حياة المتصرف ، إذ يكون الحق في الانتفاع في هذه الحالة مقرراً لهذا الغير . كما لا يكفي أن ينتفع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته ، دون أن يكون مستنداً في هذا الانتفاع إلى مركز قانوني يخوله حقاً في الانتفاع . ومفاد ما تنص عليه المادة 917 مدني هو أن القرينة التي تضمنتها لا تقوم إلا باجتماع شرطين ، أولهما هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها ، وثانيهما احتفاظه بحقه في الانتفاع بها ، على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى حياته . فإذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة إلى أن حيازة المورث للأعيان المبيعة منه إلى ورثته واستغلاله لها بعد البيع لم يكن لحساب نفسه ، ولكن سحابهم تنفيذاً للتوكيل الصادر منهم إليه ، فإن الحكم يكون قد نفى احتفاظ المورث بحقه في الانتفاع بالأعيان المتصرف فيها مدى حياته ، مما تنتفي به القرينة القانونية الواردة في المادة 917 مدني ( نقض مدني 25 أبريل سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 84 ص 579 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 14 يونيه سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 128 ص 808 .
وإذا كان مجرد الانتفاع الفعلي الذي لا يستند إلى حق قانوني لا يكفي لقيام القرينة القانونية ، فإنه يجوز للمحكمة مع ذلك أن تستخلص منه قرينة قضائية لا قرينة قانونية ( إسماعيل غانم ص 32 و ص 33 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 538 ص 814 ) .
( [340] ) ويقع عبء إثبات ذلك على الوارث أو الدائن ، فعليه أن يثبت أن المورث قد احتفظ بحيازة العين وبحقه في الانتفاع مدى الحياة ، فتقوم القرينة . ويصح أن يطعن المورث نفسه في التصرف الصادر منه على أساس أنه وصية وقد رجع فيها ، فيقع عليه هو أيضاً عبء إثبات قيام القرينة القانونية " . ولما كانت هذه القرينة القانونية قد استحدثها التقنين المدني الجديد ، فإنها لا تكون ذات أثر رجعي ، ولا تسري على التصرفات الصادرة من المورث قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 539 ) . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن القاعدة الواردة بالمادة 917 مدني مستحدثة ولم يكن لها نظير في التقنين الملغي ، والقرينة التي استحدثتها هذه المادة ، لاتصالها بموضوع الحق اتصالاً وثيقاً ، لأي جوز إعمالها بأثر رجعي على التصرفات السابقة على تاريخ العمل بالقانون المدني القائم ( نقض مدني 14 مايو سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 107 ص 673 ) . ولكن يجوز للقاضي أن يتخذ منها ، في هذه التصرفات السابقة على تاريخ العمل بالتقنين المدني الجديد ، مجرد قرينة قضائية .
( [341] ) نقض مدني 25 أبريل سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 84 ص 579 – 14 مايو سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 107 ص 673 .
( [342] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة بعد أن استظهرت أقوال الشهود إثباتاً ونفياً ، واستعرضت شروط التعاقد ، قدرت بسلطتها الموضوعية أن العقد جدي لا صورية فيه ، ورأت أن الإدعاء بذلك لا تسمح به ظروف التعاقد ولا مركز الطرفين ، ثم استطردت إلى دفاع الطاعنين المتضمن عدم مقدرة الابن على الشراء وأن العقد غير منجز بسبب عدم وضع يد المشتري وأنه وصية عملاً بالمادة 917 مدني ، فردت عليه واعتبرت للأسباب السائغة التي أوردتها أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى تمليك الابن الأطيان موضوع التصرف في الحال ، وإنه تراخى تسليمها إلى ما بعد الوفاء بالثمن ، فإن النعي على حكمها المطعون فيه بالقصور وبمخالفة القانون يكون على غير أساس ( نقض مدني 23 يونيه سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 ص 432 ) .
( [343] ) وحق الوارث في الطعن في تصرف المورث بأنه في حقيقته وصية لا بيع وبأنه قد قصد به التحايل على أحكام الإرث ، سواء لأن التصرف قد صدر في مرض الموت أو لقيام قرائن قانونية أو قضائية على أنه وصية مستترة ، حق خاص مصدره القانون ، وليس حقاً يتلقاه عن مورثه ، وإن كان هذا الحق لا ينشأ إلا بعد وفاة المورث . ومن ثم لا يكون الحكم الصادر قبل المورث بصحة التصرف بالبيع حجة عليه ، إذ يعد الوارث في حكم الغير فيما يختص بتصرفات مورثه الضارة به والماسة بحقه في الإرث ( نقض مدني 21 يونيه سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 123 ص 824 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 9 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 84 ص 525 .
( [344] ) وقد قضت محكمة النقض بأن التصرف المقصود في المادة 917 مدني هو ما يرد على ملكية العين أو على حق عيني فيها . أما الإقرار المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف الأهلي ، وهي تقضي بأن يعتبر إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض أو بثبوت الحق فيه حجة على ذوي الشأن جميعاً متى صدر في خلال الثلاثين يوماً التالية للفعل بالقانون ، فإنما ينصب على تلقي العوض . ومن ثم لا يعتبر هذا الإقرار تصرفاً في معنى المادة 917 مدني ولا يخضع لحكمها ( نقض مدني 21 فبراير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 40 ص 270 ) .
( [345] ) أنظر آنفاً فقرة 68 .
( [346] ) أنظر آنفاً فقرة 68 .
( [347] ) قارن محمد علي عرفة 2 فقرة 401 ص 650 – وسنرى أنه إذا توفي الموصي تقدم الموصي له بالمستندات المثبتة لوفاته ولقبوله هو للوصية ، فيقوم مكتب الشهر بالتأشير بلك في هامش تسجيل الوصية ( أنظر ما يلي فقرة 87 ) .
( [348] ) ويترتب على ذلك أن الموصي له لا يستطيع التصرف في العقار الموصي به قبل تسجيل الوصية .
( [349] ) إسماعيل غانم ص 151 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 494 ص 740 وفقرة 533 ص 797 – ص 798 – حسن كيرة ص 42 .
( [350] ) قارن محمد كامل مرسي 6 فقرة 57 ص 79 – ص 80 – محمد علي عرفة في مقال له في الجديد في نظام الشهر العقاري مجلة القانون والاقتصاد سنة 1948 ص 567 – ص 568 .
( [351] ) أنظر آنفاً فقرة 79 .
( [352] ) ويقول الدكتور محمود شوقي : " كان الأصل أن يحصل الموثق عند توثيق الوصية أو التصديق على التوقيع عليها رسوم انتقال كاملة . . . ، شأ ، ها في ذلك شأن باقي المحررات الخاضعة للشهر . ولكن رأي المكتب الرئيسي ، نظراً لإمكان عدول الموصي عن وصيته حال حياته ، أن يكتفي بتحصيل رسم التصديق أو رسم التوثيق . . . فإذا تمت الوصية بوفاة الموصي وقبول الموصي له صراحة أو ضمناً ، كلف بأداء رسوم انتقال الملكية . . . ومع ذلك فلا مانع من تحصيل جميع رسوم الشهر إذا ما رغب الموصي في ذلك ، إذ قد يكون غرضه أداء الرسم مقدماً نيابة عن الموصي له ، توفيراً لما قد يكلفه هذا من أعباء مالية " ( محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 281 ) .
( [353] ) أنظر آنفاً فقرة 79 .
( [354] ) ويقول الدكتور محمود شوقي : " وإذا كان الإعلان الشرعي خلوا من ذكر أصحاب الوصية الواجبة ، وجب عليهم استصدار حكم شرعي باستحقاقهم ، وهذا الحكم يضع للشهر بطريق التسجيل والتأشير بمنطوقه على هامش تسجيل حق الإرث ، الذي يجب أن يبادر إلى تسجيله أصحاب الحق في الوصية الواجبة محافظة على حقوقهم ، والتأشير على هامشه بصحيفة الدعوى المقامة بإثبات أحقيتهم لنصيبهم في التركة " ( محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 283 ) .
( [355] ) أنظر في إجراءات شهر الوصية طبقاً لقانون الشهر العقاري محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 280 – ص 283 .
( [356] ) أنظر آنفاً فقرة 71 .
( [357] ) أنظر آنفاً فقرة 86 .
( [358] ) أنظر آنفاً فقرة 86 .
( [359] ) أنظر آنفاً فقرة 11 – عبد المنعم البدراوي فقرة 32 ص 41 .
( [360] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 272 – عبد المنعم البدراوي فقرة 32 ص 41 – ونقض المادة 980 مدني في المصروفات الضرورية بأن يردها المالك كلها للحائز ، وفي المصروفات الكمالية بأن يكن للمالك الخيار بين المطالبة بنزعها أو دفع قيمتها مستحقة لإزالة . أما في المصروفات النافعة ، فتحيل المادة 980 مدني على أحكام الالتصاق ، وتميز بين الحائز حسن النية والحائز سيء النية طبقاً لهذه الأحكام .
( [361] ) وقد قدمنا في الجزء الثامن من الوسيط أن الأملاك العامة يثبت فيها للدولة حق ملكية صحيحة .
( [362] ) وإذا كان الشيء الأصلي محملاً بحق انتفاع أو بحق إرتفاق أو كان له حق إرتفاق ، فإنه عندما يندمج فيه التبع يمتد إلى التبع حق الانتفاع أو حق الارتفاق سلبياً كان أو إيجابياً ، لأن الأصل والتبع يصبحان شيئاً واحداً ( شفيق شحاتة فقرة 225 ص 234 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 250 ص 364 ) .
( [363] ) والمألوف أن يقسم الالتصاق بالعقار إلى حالتين : حالة التصاق عقار بعقار في التصاق الطمي بالأرض المجاورة ، وحالة التصاق منقول بعقار في التصاق المنشآت بالأرض . فتكون هناك أحوال ثلاث للالتصاق : التصاق عقار بعقار ، والتصاق منقول بعقار ، والتصاق منقول بمنقول ( أنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 27 – شفيق شحاتة فقرة 225 ص 333 – عبد المنعم البدراوي فقرة 31 ) .
والصحيح أن حالة التصاق الطمي بالأرض المجاورة لا تعدو أن تكون حالة التصاق منقول بعقار ، فالطمي قبل أن يلتصق بالأرض المجاورة وهو في حالة تراكمه قد تحول من عقار إلى منقول ، ثم التصق بالأرض فأصبح عقاراً بطبيعته ، شأنه في ذلك شأن مواد البناء كانت منقولاً ولما شيد بها البناء على الأرض أصبحت عقاراً ( أنظر في هذا المعنى عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 209 ص 291 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 40 – إسماعيل غانم ص 52 – منصور مصطفى منصور فقرة 113 ص 281 هامش 1 – حسن كيرة ص 58 ) . فلا يكون هناك إذن إلا حالتان للالتصاق : ( 1 ) التصاق منقول بعقار ، وهذا الالتصاق إما أن يكون التصاقاً طبيعياً بفعل المياه وهو التصاق الطمي بالأرض ، أو التصاقاً صناعياً بفعل الإنسان وهو التصاق المنشآت بالأرض . ( 2 ) التصاق منقول بمنقول . وعلى ذلك يكون الشيء الذي التصق بغيره ، وأصبح مملوكاً بسبب الالتصاق منقولاً على الدوام .
( [364] ) أنظر في هذا المعنى أوبري درو 2 فقرة 192 ص 260 هامش 1 وفقرة 202 ص 348 هامش 1 – جوسران 1 فقرة 1650 – مازو فقرة 1589 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 249 وفقرة 256 ص 256 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 39 ص 49 هامش 1 – محمد علي عرفة 2 فقرة 25 ص 45 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 250 ص 364 – منصور مصطفى منصور فقرة 113 ص 282 – حسن كيرة ص 57 – ص 58 – وأنظر عكس ذلك وأن الالتصاق ليس سبباً لكسب ملكية جديدة ، وإنما هو واقعة تؤدي إلى إلحاق الشيء التابع بالشيء الأصلي ، فيمتد حق الملكية من الشيء الأصلي إلى الشيء التابع كما يمتد إلى الملحقات من ثمار وغيرها : يدمولومب 9 فقرة 573 – بيداق وفواران فقرة 337 ص 357 – ص 358 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2830 – شفيق شحاتة فقرة 225 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 208 ص 290 – عبد المنعم البدراوي فقرة 30 ص 40 – وأنظر في هذه المسألة أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ accession فقرة 2 فقرة 4 .
( [365] ) أنظر في كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 302 – ص 303 .
( [366] ) تاريخ النصوص :
م 918 : ورد هذا النص في المادة 1353 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 990 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 987 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 918 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 304 – ص 305 ) .
م 919 : ورد هذا النص في المادة 1354 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 991 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 988 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 919 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 306 – ص 307 ) .
م 920 : ورد هذا النص في المادة 1355 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 99 2 في المشروع النهائي . وثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 989 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 920 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 307 – ص 308 ) .
م 921 : ورد هذا النص في المادة 1356 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 993 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 990 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 921 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 309 – ص 310 ) .
( [367] ) التقنين المدني السابق :
م 60 / 84 : ما يحدث من طمي الأنهار على التدريج يكون ملكاً لمالك الأرض التي على ساحل النهر .
م 62 فقرة 2 / 87 : وأما الأراضي التي ينكشف عنها البحر المالح فتكون ملكاً للميري .
م 63 / 88 : لأي جوز التعدي على أرض البحر إلا لإعادة حدود المالك إلى ما كانت عليه .
م 62 فقرة 1 / 86 : الطمي الذي يحدث في البحيرات يكون ملكاً لأصحابها .
م 61 / 85 : أما الأراضي التي يحولها النهر بقوة جريانه والجزائر التي تتكون فيه فيتبع فيه منطوق اللائحة الصادر في سنة 1274 ( 24 ذي الحجة 1274 هجرية ) .
( ونصوص التقنين المدني السابق تتفق في أحكامها مع نصوص التقنين المدني الجديد ) .
( [368] ) القنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 879 : إن الطمي ، أي التراب الذي يتجمع بطريقة تدريجية غير محسوسة على الأرض المجاورة لمجرى ماء ، يكون لمالك هذه الأرض ( توافق المادة 918 مصري ) .
م 880 : إن الأراضي التي تتحول عن أماكنها بسبب حادث وقع قضاء إلى أرض أوطأ منها ، يجوز لمالكها ، إذا كان من الممكن معرفتها ، أن يطالب بها في أثناء السنة التي تل الحادث ، وإذا انقضت السنة ولم يدع بها سقط حقه في الإدعاء .
م 881 : إن الجزر الكبيرة والصغيرة التي تتكون بصورة طبيعية في مجرى الأنهر أو مجاري المياه ، تكون جزءاً من أملاك الدولة الخاصة .
م 882 : إن الجزر الكبيرة والصغيرة والطمي التي تتكون في داخل البحيرات ، وكذلك طمي البحيرات والبحر ، هي جزء من أملاك الدولة الخاصة .
م 883 : إن الأراضي المكتسبة من البحر أو البحيرات أو القردان أو المستنقعات بدون ترخيص مسبق لمكتشفها ، تكون جزءاً من أملاك الدولة الخاصة .
م 884 : 1 - إذا اتخذ نهر كبير أو صغير مجرى جديداً بتركه مجراه القديم ، فيحق لأصحاب العقارات المجاورة الحصول على ملكية المجرى القديم ، كل واحد في القسم الذي يكون أمام أرضه حتى خط مفترض في وسط النهر . 2 - يحدد ثمن المجرى القديم خبراء يعينهم رئيس المحكمة البدائية المدنية في منطقة العقار . 3 - يوزع الثمن الحاصل من هذا البيع بصفة تعويض على أصحاب الأرضي التي أشغلها المجرى الجديد بنسبة قيمة ما خسر كل واحد منهم من الأراضي .
( وهذه المواد تقابل المواد 919 – 921 مصري ) .
التقنين المدني الليبي م 922 – 925 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1113 – 1115 ( توافق المواد 918 – 920 مصري ) .
م 1116 ( توافق م 884 سوري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 206 – 211 ( توافق المواد 879 – 884 سوري ) .
( [369] ) ويمكن تعليل ذلك بأن شاطئ البحر هو من أملاك الدولة العامة ، فتكون الدولة هي المالك المجاور ( propietaire riveraim للبحر ، أما المالك المجاور لشاطئ البحر فإنه ليس مالكاً مجاوراً للبحر نفسه ( بودري وشوفو فقرة 394 ) . وقبل صدور التقنين المدني السابق ( أي قبل عهد الإصلاح القضائي ، كانت الأرض التي ينكشف عنها البحر تعتبر أرضاً لا مالك لها فكان يمكن تملكها بالاستيلاء لا بالالتصاق ( استئناف مختلط 16 مارس سنة 1898 م 10 ص 206 ) .
( [370] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 53 ص 119 .
( [371] ) الوسيط 8 فقرة 53 ص 118 - وقد تكون البركة أو المستنقع مملوكاً للأفراد ملكية خاصة ، في هذه الحالة يملك صاحب البركة أو المستنقع ما ينكشف من أرض ولا يفقد ملكية ما غمر من أرض ، وهذا بديهي لأن نفس البركة أو المستنقع مملوك له .
( [372] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 310 .
( [373] ) أنظر آنفاً فقرة 92 .
( [374] ) استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1917 م 29 ص 364 – 8 فبراير سنة 1927 م 39 ص 222 .
( [375] ) أو بجانب جزيرة أصبحت هي نفسها ملكاً خاصاً لأحد الأفراد ( استئناف مختلط 2 أبريل سنة 1929 م 41 ص 332 ) .
( [376] ) أما الطمي الذي يتكون من المصارف ويتخلف فيها بسبب عدم تطهيرها مدة طويلة ، فهذه لا يجوز لمالك الأرض المجاورة أن يتملكها بالالتصاق ، بل يرجع الحكم في ملكيتها إلى القواعد العامة ( استئناف مصر 7 ديسمبر سنة 1926 المحاماة 8 رقم 15 ص 38 ) .
( [377] ) استئناف مختلط 8 فبراير سنة 1927 م 39 ص 222 .
( [378] ) أوبري ورو 2 فقرة 203 ص 353 .
( [379] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه يشترط أن تكون الأرض الملتصقة نتيجة للطمي قد بلغت من الارتفاع حداً يجاوز منسوب ارتفاع المياه في وقت الفيضان العادي ( نقض مدني 11 فبراير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 22 ص 148 ) . وأنظر استئناف مختلط 2 أبريل سنة 1929 م 41 ص 332 – عبد المنعم البدراوي فقرة 34 ص 43 – حسن كيرة ص 61 .
( [380] ) ولو بتحول سير المياه دون أن يترك النيل مجراه ( استئناف مختلط 25 مارس سنة 1930 م 42 ص 380 ) . وإذا ادعت الحكومة أن الزيادة هي طرح النهر فيكون لها ، وليس تراكم طمي فيكون للجار ، فعليها هي عبء الإثبات ( استئناف مختلط 23 مارس سنة م 55 ص 108 ) .
( [381] ) أوبري ورو 2 فقرة 203 ص 351 – ص 352 – بودري وشوفو فقرة 383 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 258 ص 259 – استئناف مختلط 16 أبريل سنة 1925 م 37 ص 342 – نقض فرنسي 15 فبراير سنة 1895 داللوز 96 – 1 – 118 .
ولكن لا يجوز أن تكون هذه الأعمال قد قام بها المالك بقصد ترسيب مياه النهر للإسراع في عملية تراكم الطمي ، كأن يضع رؤوساً من الأحجار أو الأخشاب في مجرى النهر تساعد على تجمع الطمي ، فإن هذا يكون تعدياً على مجرى النهر للإدارة أن تمنعه ، ويكون الطمي هنا ملكاً للدولة ( أوبري ورو 2 فقرة 203 ص 351 هامش 7 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 43 ص 54 – شفيق شحاتة فقرة 228 ص 237 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 212 ص 294 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 252 ص 366 – منصور مصطفى منصور فقرة 115 ص 284 – حسن كيرة ص 57 – نقض مدني 14 مايو سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 363 ص 1109 - استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1929 م 41 ص 347 ) .
( [382] ) نقض مدني 14 مايو سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 363 ص 1109 .
( [383] ) أوبري ورو 2 فقرة 203 ص 350 – ص 351 – وقد قضى بأنه يشترط في طمي النهر أن يظهر فوق أعلى منسوب لمجرى النهر وقت فيضانه العادي ، وأن يكون ملتصقاً بأرض المالك على ساحل النهر ، وأن يتكون بالتدريج وبطريقة غير محسوسة دون أن يكون لأعمال الحكومة دخل في تكوينه ( مصر الكلية 23 مارس سنة 1935 المحاماة 16 رقم 176 ص 396 ) .
( [384] ) أنظر آنفاً فقرة 89 .
( [385] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن الزيادة التي تحدث من طمي الأنهار على التدريج تكون ملكاً لمالك الأرض التي على الساحل ، فإذا وضع المالك يده على تلك الزيادة ونازعته الحكومة في ملكيتها بدعوى أنه استأجرها بعقد وقعه ، فلا يكون ذلك سبباً لحرمانه من ملكيتها القانونية متى تبينت المحكمة أن أحوالاً اضطرارية اقتضت ذلك التوقيع . ومن ثم يجب الحكم له بالملكية ، بصرف النظر عن توقيعه عقد الإيجار ( استئناف مصر 17 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 116 ص 187 ) .
( [386] ) وإذا أرادت الحكومة أن تطهر النهر بإزالة ما يتراكم من الطمي على ضفتيه ، فإن كان الطمي قد تكون أرضاً وأصبح خاصاً لصاحب الأرض المجاورة ، لم تستطع الحكومة أن تزيل هذه الأرض بدعوى أنها كانت طمياً قبل ذلك وكان مملوكاً لها ، بل يجب عليها أن تتخذ إجراءات نزع الملكية . أما إذا كان الطمي لم يتكون بعد ، فإن الحكومة تستطيع أن تزيله قبل أن يكتمل تكوينه ( محمد كامل مرسي 3 رقم 44 ص 57 – عبد المنعم البدراوي فقرة 35 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 252 ص 367 – منصور مصطفى منصور فقرة 115 ص 284 – حسن كيرة ص 61 ) .
( [387] ) أوبري ورو 2 فقرة 203 ص 354 – ص 355 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 258 ص 259 – ومتى تملك صاحب الأرض الملاصقة الطمي على النحو سالف الذكر ، فإن هذا الجزء يعتبر جزءاً لا يجزأ من أرضه ، وتمتد إليه الحالة القانونية التي للأرض الأصلية . فإذا كانت هذه الأرض مثغلة برهن أو امتياز أو حق إرتفاق أو حق انتفاع أو بتكليف عيني آخر ، امتد هذا التكليف إلى الطمي ، وإذا كان صاحب الأرض الأصلية في طريقه إلى تملكها بالتقادم ثم تملكها بهذا السبب ، فإنه يتملك معها الطمي حتى ولو لم تكتمل مدة التقادم بالنسبة إلى هذا الطمي ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 45 – عبد المنعم البدراوي فقرة 35 ص 44 ) . وإذا بيعت الأرض تحت شرط واقف ، وقبل تحقق الشرط حدثت الزيادة ، فهذه الزيادة عند تحقق الشرط تكون للمشتري دون زيادة في الثمن . وكذلك إذا بيعت الأرض تحت شرط فاسخ ، وقبل تحقق الشرط حدثت الزيادة ، فإن الأرض عند تحقق الشرط تعود بالزيادة التي التصقت بها للبائع دون مقابل ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 45 ص 58 ) .
( [388] ) أنظر آنفاً فقرة 92 .
( [389] ) وقد قضت محكمة النقض ، تطبيقاً لأحكام اللائحة السعيدية ، بأن تعتبر أطيان الجزائر ( طرح البحر ) عملاً بنص المادة 61 من القانون المدني القديم وبنصوص اللائحة السعيدية الصادرة في 24 من ذي الحجة سنة 1274 هـ مملوكة أصلاً للحكومة ، ولا تنتقل ملكيتها إلى الأفراد إلا بتوزيعها عليهم أو ببيعها إليهم بالمزاد . وإذن فإن الحكم المطعون فيه ، إذ سجل عجز مورث الطاعنين عن إثبات تملكه لهذه الأطيان بأي سبب من أسباب التملك ، يكون قد أقام قضاءه بملكية الحكومة لها وبرفض دعوى المورث المذكور على أساس يكفي لحمله ( نقض مدني 26 نوفمبر سنة 1953 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 303 رقم 20 ) .
وقضى أيضاً ، تطبيقاً للائحة السعيدية ، بأن الحق في مطالبة الحكومة بقيد أكل البحر في المكلفات ينشأ من التاريخ الذي يقع فيه أكل البحر ، ويسقط بمضي 15 سنة ( استئناف أسيوط 18 مايو سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 141 ص 331 ) . وقضى ، تطبيقاً لنفس اللائحة ، بأنه وإن كانت المادة 14 من اللائحة السعيدية قضت بأن الأطيان الناتجة من طرح البحر يستوفي منها الملاك من أهل البلاد المجاورة لتلك الأطيان ما سبق أن أكله البحر من أطيانهم ثم يباع ما يكون زائداً لأهالي تلك البلاد وبطريق المزاد ، إلا أن هذا النص لا يمنع الحكومة من تأجير تلك الزيادة بدل بيعها . فإن إعطاء الحكومة الحق في بيع تلك الأطيان بعد استيفاء عجز أطيان الأهالي معناه أن هذه الزيادة تعتبر ملكاً للحكومة ، ومتى كانت الملكية مقررة للحكومة فإنه كما يكون لها بيعها يكون لها تأجيرها ( استئناف وطني 8 مايو سنة 1923 المجموعة الرسمية 25 رقم 92 ص 169 ) .
أنظر في نصوص اللائحة السعيدية محمد كامل مرسي 3 فقرة 50 ص 651 هامش 1 .
( [390] ) وقد قضت محكمة النقض ، تطبيقاً لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1932 ن بأن القول بأنه إذا صدر قرار من وزير المالية بتوزيع طرح البحر مخالفاً لنصوص القانون رقم 48 لسنة 1932 وجب على المحاكم عدم الاعتداد به لمخالفته نص المادة 9 من الدستور التي تقضي بألا ينزع من أحد ملكه إلا للمنفعة العامة وبشرط تعويضه عنه تعويضاً عادلاً ، هذا القول مردود بأن الأطيان التي يطغي عليها البحر تزول ملكيتها قانوناً بمجرد أكل البحر ، وبأ ، أطيان طرح البحر لا تعتبر مملوكاً لمن أكل البحر من أطيانهم إلا بعد توزيعها عليهم من الدولة التي تعتبر المالكة قانوناً لأحكام الطرح بمجرد ظهورها . وعلى ذلك لا يكون قرار وزير المالية بالتوزيع متضمناً نزع ملكية أي شخص من ملكه ( نقض مدني 16 ديسمبر مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 303 رقم 22 ) . وقضت أيضاً بأنه متى صار توزيع طرح البحر على أربابه شيوعاً فيما بينهم بمقتضى قرار وزير المالية طبقاً للقانون رقم 48 لسنة 1932 ، كان هذا القرار سنداً بملكية الشركاء ومصدراً للشيوع فيما بينهم . ولا تكون هناك صلة لهذه الملكية بملكيتهم التي أ :لها البحر ، والطرح الجديد يصبح منذ ظهوره ملكاً للدولة حتى يوزع على أربابه طبقاً لشروط القانون ( نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 141 ) . وقضت كذلك بأن تعتبر أراض طرح البحر ، وفقاً لنصوص المادتين 2 و 10 من القانون رقم 48 لسنة 1932 ، من أملاك الدولة التي توزع بقرار من وزير المالية غير قابل للمعارضة فيه . ويعتبر هذا القرار سنداً للملكية له قوة العقد الرسمي . وهذه النصوص إنما تسري على أراضي " الميري " الخاصة المتخلفة عن طرح البحر ، ولا شأن لها بالأملاك العامة . فإذا كان الحكم المطعون فيه قد نفى تخلف الأجزاء المطالب بمقابل الانتفاع بها عن طرح البحر ، لوقوعها في مجرى النهر المعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز تملكها أو التصرف ، فإنها لا تكون محلاً لصدور قرار من وزير المالية بتوزيعها ، ولا قرار من جهة الإدارة بإضافتها إلى الملك الخاص للأفراد . وصدور مثل هذا القرار لا يكون مستنداً إلى القانون ، ويكون من حق جهة الإدارة العدول عنه ( نقض مدني 24 مايو سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 105 ص 706 ) .
( [391] ) وكانت القاعدة المتبعة منذ اللائحة السعيدية هي أن الحكومة تقوم بتوزيع طرح النهر على أصحاب أكل النهر . وظلت هذه القاعدة معمولاً بها مع اختلاف في تفصيلات التنظيم إلى أن صدر قانون سنة 1957 ، فاستحدث هذا القانون قاعدة جديدة هي تعويض أصحاب الأكل تعويضاً نقدياً لا تعويضاً عينياً . وبقيت هذه القاعدة الجديدة معمولاً بها في قانون سنة 1958 ، وأنشئت بموجب المادة 5 من هذا القانون " مؤسسة صندوق طرح النهر وأكله " تتولى بيع أراضي الطرح بعد فترة انتقالية تؤجر فيها هذه الأراضي لصغار الفلاحين . ومن ثمن بيع هذه الأراضي يعوض أصحاب الأراضي المأكولة ، ومقدار التعويض هو خمسون مثلاً من ضريبة الأطيان .
وقد ألغيت " مؤسسة صندوق طرح النهر وأكله " بقرار من رئيس الجمهورية رقم 183 لسنة 1962 ، وأحيلت أعمالها على الإدارة العامة للأملاك وطرح النهر . ثم أدمجت هذه الإدارة في الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بقرار من رئيس الجمهورية رقم 1586 لسنة 1963 ، وأصبح لمجلس إدارة الهيئة الاختصاصات التي كانت مقررة لمجلس إدارة صندوق طرح النهر وأكله .
( [392] ) وقد ألغى القانون رقم 100 لسنة 1964 ( م 86 ) أيضاً قرار رئيس الجمهورية رقم 1385 لسنة 1958 الخاص بالشروط والأوضاع اللازمة لبيع طرح النهر لصغار المزارعين .
( [393] ) وقد قدمنا أنه قبل صدور قانون سنة 1957 كانت القاعدة المتبعة هي توزيع أراضي طرح النهر توزيعاً عينياً على أصحاب أكل النهر ، ويتم التوزيع بنسبة تتعادل بين ما أ :ل وما طرح . ويصدر بالتوزيع قرار من وزارة المالية . ويجب تسجيل هذا القرار ، ويترتب على تسجيله نقل الملكية لمن وزع الطرح عليهم وإمكان التصرف في الأراضي الموزعة . وتسجيل القرار غير واجب قبل نفاذ قانون الشهر العقاري ، فإن هذا القانون هو الذي أوجب شهر التصرفات الإدارية التي تتناول حقوقاً عينية عقارية ، وليس له أثر رجعي كذلك للقانون رقم 73 لسنة 1953 ، وتنص المادة العاشرة منه على أن يوزع طرح البحر بقرار من وزير المالية ، ويكون سنداً له قوة العقد الرسمي ، ويسجل بدون رسم ( نقض مدني 25 نوفمبر سنة 1954 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 304 رقم 24 ) .
( [394] ) ويجوز على سبيل الاسثتناء ، طبقاً لأحكام المادة 10 من قانون سنة 1964 ، بيع أراضي الطرح بطريق الممارسة في حدود خمسة أفدنة لكل مشتر ، إلى طوائف معينة حددتها المادة 10 المذكورة ، وتحدد اللائحة التنفيذية لقانون سنة 1964 مراتب الأولوية في الشراء بين هذه الطوائف ، والشروط الواجب توافرها في المتصرف إليهم ، وقواعد تقدير ثمن الأ{اضي المتصرف فيها ، وشروط أداء هذا الثمن ومدته وفوائده ، وسائر أحكام البيع الأخرى .
( [395] ) وتنص المادة 13 من قانون سنة 1964 على أن " لوزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأ{اضي أنيصدر قراراً بتخصيص طرح النهر المتصل بمراسي المعادى المقررة أو بمواقع الموارد أو اللازم لمشروع عام لمنفعة تلك المراسي أو الموارد أو هذا المشروع العام ، بناء على طلب الوزارة المختصة . وإذا أبطل المرسي أو المورد أو المشروع العام ، جاز التصرف في هذا الطرح طبقاً لأحكام هذا القانون " .
( [396] ) أنظر في إجراءات إعطاء التعويض لأصحاب أكل النهر المواد 15 – 18 من قانون سنة 1964 .
( [397] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1357 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية ، وفيما عدا أن المشروع التمهيدي في الفقرة الثانية ورد فيه عبارة " على الأرض " بعد عبارة " كانت قائمة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 994 في المشروع النهائي ، بعد تعديلات لفظية ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 991 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة " على الأرض " الواردة في الفقرة الثانية " لأن المنشآت قد تكون على الأرض أو تحتها " ، فصار النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت عليه اللجنة تحت رقم 922 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 311 – ص 313 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن جرت بعض الأحكام على هذا المبدأ ( استئناف مختلط 5 مايو سنة 1897 م 9 ص 316 ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 886 ( موافق ) .
التقنين المدني الليبي م 926 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1117 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 113 ( موافق ) .
( [398] ) ومثل المنشآت الأخرى غير البناء والغراس أن تقام في الأرض آلات أو مضخات أو أحواض تلتصق بها وتصبح عقاراً بطبيعته ، ويمكن نزعها من الأرض وإعادة الأرض إلى أصلها . وكالمنشآت التي تقام فوق الأرض المنشآت التي تستحدث تحتها ، كالأنفاق والمواسير والسراديب وما إليها . ولا تدخل في المنشآت المحاصيل الزراعية الدورية ، لأن مصيرها للحصاد فلا تبقي في الأرض على سبيل الاستقرار والدوام . وقد قضت محكمة النقض بأن المقصود بالمنشآت هو البناء والغراس الحادث في الأرض على سبيل الدوام ، فلا تدخل المحاصيل الزراعية الدورية لما لها من نهاية معلومة ( نقض مدني 3 مايو سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 90 ص 638 ) .
( [399] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 17 – ص 18 .
( [400] ) نقض مدني 5 مايو سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 138 ص 1019 .
( [401] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 18 .
( [402] ) وقد قضت محكمة النقض بأن ملكية الأرض تستتبع ملكية ما يقام على هذه الأرض من مبان بحكم الالتصاق ( نقض مدني 26 أبريل سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 545 ) .
( [403] ) نقول " الباني " تغليباً للفرض الراجح ، فقد تكون المنشآت غراساً أو شيئاً آخر غير البناء والغراس كما سبق القول ، ولكن الغالب أن تكون المنشآت بناء . والأحكام التي سنوردها في شأن البناء تسري على الغراس والمنشآت الأخرى .
( [404] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 329 – ص 330 .
( [405] ) ويستوي في كل ذلك أن تكون الأرض ملكاً أو وقفاً ، وقد ألغى الوقف على غير الخيرات بموجب المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ، ولكن بقى الوقف على الخيرات ، وقد قضت محكمة النقض بأن النزاع فيما زاده واضع اليد في الأرض الموقوفة من مثل بناء أو شجر هو نزاع في أمر مدني محض خاضع لأحكام القانون المدني لا لأحكام الشريعة الإسلامية ( نقض مدني 7 مايو سنة 1936 مجموعة عمر 2 رقم 356 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا بنى شخص في أرض موقوفة وهو يعتقد أنها ملكه لأنها آلت إليه بطريق الشراء ممن تملكها كذلك بالشراء ، اعتبر بناؤه حاصلاً دون غش بالمعنى الوارد في المادة 65 مدني ( استئناف مصر 16 يونيه سنة 1930 المحاماة 11 رقم 207 ص 369 – وأنظر أيضاً استئناف وطني 21 يناير سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 44 ص 84 ) . وقضى بأن للواقف الباني في ملك الوقف حق التصرف في بنائه ، كما له حق القرار . ولا حق لجهة الوقف سواء في خيار إبقاء المباني ودفع قيمتها مستحقة الهدم أو ما زاد من ثمن العقار الموقوف بسبب إنشائها ، أو في طلب إزالتها إذ هذا الحق يكون للوقف في بعض الصور في حالة ما إذا كان الباني غير الواقف ( استئناف مصر 6 يونيه سنة 1932 المحاماة 13 رقم 278 ص 536 ) .
وإذا أقيمت المنشآت في أرض الوقف من ناظر الوقف أو من أحد المستحقين ، فإنه يرجع في ذلك إلى قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 وإلى أحكام الشريعة الإسلامية ، لأن الأمر يكون متعلقاً بنظام الوقف نفسه . وقد قضت محكمة النقض بأن بناء الناظرة من ماله الخاص في عين موقوفة هي المستحقة الوحيدة لها طول حياتها لا تحكمه قواعد القانوني المدني ، بل إن قواعد الشريعة الإسلامية هي الواجبة التطبيق في هذا الصدد ( نقض مدني 12 ديسمبر سنة 1935 مجموعة عمر 2 رقم 307 ) . ففيما يتعلق بناظر الوقف ، إذا احتاجت أعيان الوقف إلى العمارة – ويدخل في العمارة أن تبني في الأ{ض بيوت لتستغل وتصبح في حكم الدور الموقوفة : محمد أحمد فرج السنهوري في قانون الوقف جزء 2 سنة 1949 فقرة 696 ص 924 – فإن أحكام المادتين 54 و 55 من قانون الوقف هي التي تسري . وتنص المادة 54 من هذا القانون على أن " يحتجز الناظر كل سنة 2 . 5% من صافي ريع مباني الوقف يخصص لعمارتها ويودع ما يحتجز خزانة المحكمة ، و يجوز استغلاله إلى أن يحين وقت العمارة ، ولا يكون الاستغلال والصرف إلا بإذن من المحكمة – أما الأ{اضي الزراعية فلا يحتجز الناظر من صافي ريعها إلا ما يأمر القاضي باحتجازه ، للصرف على إصلاحها أو لإنشاء وتجديد المباني والآلات اللازمة لإدارتها أو للصرف على عمارة المباني الموقوفة التي شرط الصرف عليها من هذا الريع بناء على طلب ذوي الشأن . وللناظر ولكل مستحق ، إذا رأى أن المصلحة في إلغاء الأمر بالاحتجاز أو تعديله ، أن يرفع الأمر إلى المحكمة لتقرر ما ترى فيه المصلحة . وتطبق هذه الأحكام ما لم يكن للواقف شرط يخالفه " . وتنص المادة 55 من نفس القانون على أنه " مع مراعاة أحكام المادة السابقة ، إذا احتاجت أعيان الوقف كلها أوبعضها لعمارة تزيد نفقتها على خمس فاضل غلة الوقف في سنة ، ولميرض المستحقون بتقديم العمارة على الصرف ، شرط الواقف تقديم العمارة أو لم يشرطه ، وجب على الناظر عرض الأمر على المحكمة ل تأمر ، بعد سماع أقوال المستحقين ، بصرف جزء من الغلة للقيام بالعمارة أو احتجاز جميع ما تحتاج إليه العمارة أو باستخدام الاحتياطي المبين في المادة السابقة كله أو بعضه . ونتبع هذه الأحكام في الصرف على إنشاء ماينمي ريع الوقف عملاً بشرط الواقف . ومع مراعاة أحكام المادة 18 ، يجوز للمحكمة أن تبيع بعض أعيان الوقف لعمارة باقيه بدون رجوع في غلته ، متى رأت المصلحة في ذلك " . أنظر في شرح هذه النصوص محمد أحمد فرج السنهوري في قانون الوقف جزء 2 سنة 1949 فقرة 696 – فقرة 718 ص 923 – ص 936 – أما فيما يتعلق بعمارة المستحقين للوقف ، فلم يعد بعد إلغاء الوقف الأهلي مستحق إلا الخيرات الموقوف عليها .
( [406] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 264 – بودري وشوفو فقرة 356 – بلانيول وريبير وبولانجيه فقرة 2963 – كولان وكابيتان ودي لا مورانديير 1 فقرة 1143 – مارتي ورينو فقرة 128 ص 144 – ويذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن المنشآت إذا اندمجت في الأ{ض أصبحت عقاراً بطبيعته ، ولكن صاحب المنشآت هدمها قبل قيام النزاع بينه وبين صاحب الأرض ، فإن صاحب الأرض لا يتملك المنشآت في هذه الحالة ، وليس له أن يطالب بقيمتها بحجة أنها هدمت وهي على ملكه بل يطالب بتعويض الضرر الذي أصاب الأرض من جراء هدم المنشآت ( أوبري ورو 2 فقرة 204 ص 363 – بودري وشوفو فقرة 360 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 264 – وأنظر أيضاً نقض فرنسي 16 فبراير سنة 1857 داللوز 57 – 1 - 120 – أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Construction فقرة 36 ) . وهذا الرأي محل للنظر ، فإن المنشآت متى اندمجت في الأرض وأصبحت عقاراً بطبيعته ، تملكها صاحب الأرض ، سواء كان ذلك بعد قيام النزاع أ, قبل قيامه . فإذا هدمت ، فإنه يبدو أنها تهدم وهي على ملك صاحب الأرض . وله أن يطالب بقيمتها على أساس أنها هدمت وهي على ملكه ، وعليه أن يدفع التعويض المستحق لصاحب المنشآت طبقاً لقواعد الالتصاق ( أنظر ما يلي فقرة 100 ) .
( [407] ) نقض مدني 12 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 48 ص 166 . وقضت محكمة النقض أيضاً بأنه إذا كان عقد الاتفاق المبرم بين الحارس على الوقف وبين المستأجر صريحاً في أن الحراسة ملزمة بدفع جميع المصروفات التي صرفت في الإنشاء والتجديد بالوقف حسب تقديرها بواسطة خبير في وقت إنشائها ، فاته يكون من المتعين على المحكمة أن تأخذ بأحكام هذا العقد دون نظر إلى ما زاد في قيمة الأرض ولا إلى ارتفاع أسعار المهمات والأدوات وقت رفع الدعوى ، إذ العقد قانون المتعاقدين ( نقض مدني 19 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 54 ص 189 ) . وقضت محكمة الإسكندرية الكلية ( مستعجل ) بأنه ليس في المواد الخاصة بالالتصاق أحكام متعلقة بالنظام العام ، فمتى وجد بين المتخاصمين رابطة عقدية بشأن أحوال الالتصاق ، فإن أحكام العقد هي التي تكون مناط تحديد علاقة الطرفين أحدهما بالآخر( اسكندرية مستعجل 10 ديسمبر سنة 1941 المحاماة 22 رقم 262 ص 773 ) . وأنظر استئناف مختلط 10 يونيه سنة 1924 م 36 ص 422 .
( [408] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1358 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 995 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 992 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 923 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 313 - ص 315 ) .
( [409] ) التقنين المدني الوطني السابق 64 : إذا جدد مالك الأرض أبنية أو غراساً أو غير ذلك من الأعمال بمهمات وأدوات كانت ملكاً لغيره ، وجب عليه دفع قيمة المهمات والأدوات المذكورة لمالكها ، ويجوز الحكم عليه أيضاً بدفع تعويضات إذا فعل ذلك بطريق الغش التدليس ، ولا يسوغ لمالك المهمات أن ينتزعها من محل وضعها .
( وأحكام التقنين المدني الوطني السابق تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المدني الجديد ، ولكن التقنين المدني الوطني لا يميز بين ما إذا كانت المواد يمكن نزعها من الأرض أو كان لا يمكن نزعها دون أن يلحق المنشآت ضرر جسيم ، ويصرح أن التعويض لا يكون واجباً إلا في حالة الغش والتدليس ) .
( [410] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 887 ( موافق )
التقنين المدني الليبي م 927 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي م 1118 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 214 ( موافق ) .
( [411] ) بلا نيول : ريبير وبيكار 3 فقرة 265 ص 264 – كولان وكابيتان ودي لا مورانديير 1 فقرة 1143 – مازو فقرة 1594 .
( [412] ) محمد علي عرفة 2 فقرة 37 ص 66 .
( [413] ) ولم يكن التقنين المدني الوطني السابق يميز بين هذين الفرضين ، بل كان صاحب الأرض يتملك الأدوات فيهما معاً في مقابل دفع القيمة والتعويض أما في التقنين المدني الجديد ، فسنرى أن لصاحب الأدوات نزعها من الأرض في خلال سنة إذا كان نزع الأدوات لا يلحق ضرراً بصاحب الأرض ، وإلا فلا يجوز له نزعها ويكتفي بأخذ قيمتها مع التعويض إن كان له محل ( أنظر آنفاً ص 267 هامش 2 ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وهذا الحكم ( حكم التقنين المدني الجديد ) يختلف عن حكم التقنين الحالي ( السابق ) في أن هذا التقنين لا يميز بين ما إذا كان نزع المواد يلحق ضرراً بالأرض أو لا يلحق ، ففي الحالتين يتمسك صاحب الأرض بالمواد ويدفع قيمتها مع التعويض إن كان له محل ، ولا يجوز لصاحب المواد أن يطلب نزعها في أي حال . وواضح أن حكم المشروع وجه العدالة فيه أظهر ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 330 ) .
( [414] ) وكذلك إذا لم يكن ممكناً نزع الأدوات دون أن يلحق الأرض نفسها ضرر جسيم ، وإن كان الضرر الجسيم الذي يلحق الأرض غير الوارد في النص . ويمكن تخريج ذلك على مبدأ التعسف في استعمال الحق ، فإن صاحب الأدوات يتعسف في استعمال حقه في المطالبة بنزع الأدوات إذا كان نزعها يلحق بالأرض ضرراً جسيماً ( محمد علي عرفة 2 فقرة 38 ص 67 ) . بل أن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي لم تذكر إلا الضرر الجسيم الذي يلحق الأرض ، وكان الواجب أن تذكر أيضاً ، ومن باب أولى ، الضرر الجسيم الذي يلحق المنشآت ( أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 330 ) .
( [415] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 266 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1143 – جوسران 1 فقرة 1661 – دي باج 6 فقرة 46 – مارتي ورينو فقرة 128 ص 144 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 71 – شفيق شحاتة فقرة 238 ص 251 – عبد المنعم البدراوي فقرة 44 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 257 ص 374 – وقارن إذا كان الهدم قبل قيام النزاع آنفاً ص 266 هامش 1 . كما لا يجوز لصاحب الأرض أن يلزم صاحب المواد بعد نزعها بأخذها بدلاً من التعويض ( شفيق شحاتة فقرة 238 ص 251 ) .
( [416] ) دي باج 6 فقرة 60 – عبد المنعم البدراوي فقرة 43 ص 52 .
( [417] ) بودري وشوفو فقرة 353 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1143 .
( [418] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 330 .
( [419] ) محمد علي عرفة 2 فقرة 39 .
( [420] ) وكذلك دون أن يلحق الأرض ضرر جسيم ، وقد سبق بيان ذلك ( آنفاً 269 هامش 3 ) .
( [421] ) حسن كيرة ص 66 – وأساس التعويض خطأ في جانب صاحب الأرض ، فتكون مسئولية هذا الأخير عن التعويض مسئولية تقصيرية . ويدخل في التعويض الفرق بين قيمة الأدوات قبل إدماجها وقيمتها بعد نزعها ، فإن هذا الفرق تعويض عن ضرر أصاب صاحب الأدوات بسبب خطأ صاحب الأرض ( قارن محمد علي عرفة 2 فقرة 39 ص 69 ) .
( [422] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " يجوز لصاحب الأدوات أن يطلب نزعها إذا لم يكن في ذلك ضرر يلحق الأرض . . ويكون النزع على نفقة صاحب الأرض سواء كان سيء النية أو حسن النية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 330 ) .
( [423] ) والسنة مدة سقوط delai de decheance لا مدة تقادم ، فلا يرد عليها أسباب الوقف أو الانقطاع ( عبد المنعم البدراوي فقرة 43 ص 51 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 257 ص 374 ) .
( [424] ) ولا يجوز لصاحب الأرض في خلال سنة ، حتى لو كان حسن النية ، أن ينتزع الأدوات ويجبر صاحبها على استردادها تفادياً من دفع قيمتها مع التعويض ، إذا لم يرد صاحب الأدوات ذلك ، فإن الخيار بين نزع الأدوات واستبقائها في الأرض هو لصاحب الأدوات لا لصاحب الأرض ( أنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 39 ص 69 ) .
( [425] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 330 – وأنظر أنسيكولبيدي داللوز 1 لفظ Construction فقرة 32 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 68 – عبد المنعم البدراوي فقرة 42 ص 51 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 256 ص 373 – منصور مصطفى منصور فقرة 118 ص 289 .
( [426] ) وهذا بخلاف التقنين المدني الفرنسي ، فإن نص المادة 555 منه قد ورد فيها عبارة tiers evince . وقد حمل ذلك أكثر الفقهاء في فرنسا على قصر هذه المادة على الحائز الذي يبني في أرض غيره وترفع عليه دعوى الاستحقاق . ولكن القضاء الفرنسي نهج نهجاً آخر ، وعمم النص حتى شمل كل شخص يبني في أرض غيره ، سواء كان حائزاً بقصد التملك أو كانت حيازته عارضة . على أن الفقه الفرنسي ، إذا كان لا يطبق نفس المادة 555 مدني فرنسي على الفروض التي يكون فيها الباني غير حائز للأرض بنية التملك ، فإنه يجري على هذه الفروض أحكام هذه المادة بطريق القياس .
( [427] ) أنظر المادة 892 مدني سوري ، والمادة 1123 مدني عراقي ، المادة 219 من قانون الملكية العقارية اللبناني .
( [428] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1359 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب هذه الأرض ، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها وأن يطلب التعويض إذا كان له وجه ، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت . 2 - وكذلك يجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إن كان ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً ، إلا إذا اختار صاحب الأرض أن يستبقى المنشآت في مقابل دفع قيمتها مستحقة للإزالة أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت " . ووافقت عليه لجنة المراجعة ، بعد تعديلات لفظية ، تحت رقم 996 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 993 . وفي لجنة مجلس الشيوخ اعترض على حكم الفقرة الأولى وقيل إنه إذا سكت صاحب الأرض ولم يطلب الإزالة في ميعاد سنة سقط حقه في طلبها ، وفي هذا تحسين لمركز الباني سيء النية . كذلك قيل إ مدة السنة قليلة ، لأنه قد يكون صاحب الأرض رقيق الحال بحيث لا يتمكن فيها من طلب الإزالة . فأجيب بأن مدة السنة تبدأ من وقت العلم ، وأنه إذا انقضت هذه السنة ولم يطلب صاحب الأرض إزالة المنشآت يكون ذلك بمثابة اختبار ضمني من صاحب الأرض لاستبقاء هذه المنشآت . واستقر رأي اللجنة ، رغبة في إيضاح الحكم الوارد في هذه المادة واستكماله بما يبين حق صاحب الأرض في طلب إزالة المنشآت أو رضائه ببقائها ، على تعديل الفقرة الأولى من المادة بإضافة العبارة الآتية إلى نهايتها : " وله أيضاً أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت " . ورأت اللجنة كذلك تعديل الفقرة الثانية كالآتي : " ويجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إن كان ذلك آل يلحق بالأرض ضرراً ، إلا إذا اختار صاحب الأرض أن يستبقى المنشآت طبقاً لأحكام الفقرة السابقة " . فأصبح النص تحت رقم 924 مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ومن هذا يتضح أنه إذا مرت سنة ولم يستعمل صاحب الأرض حق الاختيار ، فليس له إلا أن يستبقى المنشآت مع دفع التعويض على الوجه المبين بهذه المادة . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة التحضيرية 6 ص 315 – ص 319 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني الوطني السابق م 65 / 1 و 2 و 3 : فإذا حصل الغراس أو البناء أو غير ذلك من الأعمال من شخص بمهمات وأدوات نفسه في ملك غيره ، فالمالك مخير بين إبقاء هذه الأشياء بأرضه وبين إلزام فاعلها بنزعها – ففي حالة ما إذا اختار صاحب الأرض نزع هذه الأشياء ، تكون مصاريف انتزاعها أو هدمها على فالعها بدون إعطائه تعيضاً ما . ويجوز زيادة على ذلك أن يحكم على الفاعل المذكور بتعويض الخسارة التي تنشأ عن فعله لصاحب الأرض – وأما إذا اختار صابح الأرض إبقاء تلك الأشياء ، فيكون مخيراً بين دفع قيمة الغراس أو البناء مستحق القلع وبين مبلغ مساو لما زاد في قيمة الأرض بسبب ما حدث بها .
التقنين المدني المختلط م 90 : إذا لم يثبت حصول الإذن من المالك بدون شرط ولا قيد ، تعتبر الأرض عارية ، ويكون للمالك الخيار بين طلب هدم البناء وإزالة الغراس وبين إبقائها له مع دفع قيمة المهمات والأدوات وأجرة العملة .
( والتقنين المدني الوطني السابق هو الذي يتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن التقنين الوطني السابق لم يضرب أجلاً ( سنة ) لصاحب الأرض في طلب الإزالة ، ولم يجعل لأصحاب المنشآت الحق في طلب نزع المواد دون الإضرار بالأرض إذا لم يختر صاحب الأرض استبقاء المنشآت ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 888 ( موافق ) .
م 890 / 3 : وإذا كان هذا الغير ( سيء النية ) قد بنى أو غرس ، فيلزم بهدم البناء وقلع الأغراس ، ما لم بفضل مالك الأرض إبقاءها لقاء دفعه لذلك الغير قيمة مواد البناء والغرس ، بعد حسم المصاريف التي يتكبدها الغير فيما لو ألزم بنزعها .
م 885 : 1 - يصبح مالك الأرض مالكاً بطريق الالتصاق للبذار الذي بذره الغير في أرضه ، بشرط أن يدفع له قيمة البذار . غير أنه يحق إذا شاء ترك المحصولات لهذا الغير مقابل دفع أجرة المثل عن سنة واحدة . 2 - إذا لم يكن قد فات زمن البذار ، فيحق لمالك الأرض أن يحمل الغير الذي بذرها على نزع بذاره بدون تعويض عليه عن أعمال الحراثة والبذر . ( ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 928 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1119 : إذا أحدث شخص بناء أو غرساً أو منشآت أخرى
( [429] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه إذا بنى شخص على أرض مملوكة لغيره ، فالمكلف بإثبات سوء نية الباني هو مالك العقار ، الذي ليس له أن يطلب إزالة البناء ما لم يثبت سوء نية الباني . ولا يعتبر الباني سيء النية لمجرد كونه وارثاً لمستأجر العقار ( استئناف وطني 17 مايو سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 81 ص 159 ) – وقارن استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1922 م 35 ص 123 – 9 مايو سنة 1939 م 51 ص 308 .
( [430] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه لا يسوغ لمن شاد بناء على أرض غيره أن يدعي حسن النية فيما فعل توصلاً إلى استبقاء البناء ، إذا كانت عقوده التي يدافع بها لا تعطيه هذا الحق وتنفي عنه حسن النية ( استئناف وطني 15 يونيه سنة 1899 الحقوق 14 ص 503 ) ، وذلك كأن يكون العقد الذي يتمسك به هو عقد إيجار لا يجعل له الحق في البناء ( استئناف مختلط 10 يونيه سنة 1924 م 36 ص 422 ) . ويعتبر في حكم سيء النية المشتري من غير المالك إذا كان قد أهمل مطالبة البائع بالسند الذي يثبت ملكية هذا الأخير ( استئناف مختلط 31 يناير سنة 1933 م 45 ص 150 ) ، أو أهمل فحص هذا السند ( استئناف مختلط 17 مايو سنة 1938 م 50 ص 310 ) .
( [431] ) أنظر في انتقاد إعطاء الحق لمالك الأرض في طلب الإزالة ، إذ أن الإزالة هدم والهدم يتعارض مع روح العصر في التشجيع على البناء : كاربونييه ص 240 .
( [432] ) ويعتبر مالك الأرض قد اختار ضمناً استبقاء المنشآت إذا هو باع الأرض بما عليها من هذه المنشآت ( نقض فرنسي 7 يونيه سنة 1928 داللوز الأسبوعي 1928 – 384 ) .
( [433] ) والعبرة في تقدير هذه القيمة بوقت الاستحقاق ( بودري وشوفو فقرة 365 ص 252 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 268 ص 265 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 92 ص 98 – شفيق شحاتة فقرة 234 ص 345 – محمد علي عرفة 2 فقرة 45 – عبد المنعم البدراوي فقرة 47 ص 60 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 260 ص 379 – استئناف مختلط 3 يناير سنة 1922 م 34 ص 89 – 31 مارس سنة 1942 م 54 ص 155 ) . ويقدر الخبير ثمن المثل للأرض خالية من المنشآت ، ثم يقدر ثمن المثل للعقار بعد إقامة المنشآت ، والفرق ما بين الثمنين هو ما زاد في ثمن الأرض بسبب إقامة المنشآت ( أنظر بودري وشوفو فقرة 365 ص 252 ) .
هذا والتعويض الذي يدفعه صاحب الأرض لصاحب المنشآت على التفصيل الذي قدمناه يستحق في ذمة من يكون مالكاً للأرض وقت المطالبة بهذا التعويض ، حتى لو لم يكن هو المالك للأرض وقت إقامة المنشآت ، وهذا لا يخل بحق المالك الأخير في الرجوع على المالك الأول ( بودري وشوفو فقرة 369 – أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Construction فقرة 63 – فقرة 67 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 98 ) .
( [434] ) ويجب أن يخصم من قيمة التعويض الذي يستحقه الحائز سيء النية قيمة الثمار التي حصل عليها من المنشآت التي أقامها ، فإن هذه المنشآت أصبحت مملوكة لصاحب الأرض بالالتصاق منذ إدماجها في الأرض ، والحائز يضع عليها وهو سيء النية فيكون مسئولاً عن الثمار ما حصله وما أهمل في تحصيله ( م 979 مدني ) . أما الباني حسن النية ، فإنه يتملك الثمار التي حصل عليها من المنشآت التي أقامها ، ولا يحاسب إلا على الثمار التي قبضها منذ تاريخ رفع دعوى الاستحقاق عليه ( أوبري ورو 2 فقرة 203 ص 366 – أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Construction فقرة 47 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 97 – محمد علي عرفة 2 فقرة 45 ص 78 ) . ويرى بعض الفقهاء أنه في نظير رد الحائز سيء النية للثمار ، يتقاضى هذا الحائز الفوائد القانونية عن التعويض المستحق له في حدود ما زاد في ريع الأرض بسبب المنشآت ( أو برى ورو 2 فقرة 204 ص 366 – وقارن بودري وشوفو فقرة 363 ويفضل عدم رد الثمار بدلاً من تقاضى الفوائد ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الحائز لا يستحق فوائد عن التعويض ما دام حائزاً للأرض والبناء( استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1929 م 41 ص 216 – 17 نوفمبر سنة 1931 م 44 ص 12 ) .
( [435] ) أما في التقنين المدني الفرنسي فقد عوامل الباني سيء النية ، بموجب المادة 555 مدني فرنسي القديمة ، معاملة أفضل من الباني سيء النية في التقنين المدني المصري ، إذ أجيز لصاحب الأرض أن يطلب إزالة المنشآت ، فإن استبقاها وجب عليه دفع تكاليف المنشآت ( قيمة المواد وأجر العمل ) . بل إن الباني سيء النية في التقنين المدني الفرنسي كان يعامل ، بموجب المادة 555 مدني فرنسي القديمة ، معاملة أفضل من الباني حسن النية من وجه ، فإن صاحب الأرض كان يلتزم بأن يدفع للباني حسن النية أقل القيمتين : تكاليف البناء أو قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب المنشآت وهي تكون عادة أقل من تكاليف البناء . والسبب في هذا الحكم الغريب يرجع إلى تاريخ صياغة المادة 555 مدني ، فقد كانت في صياغتها الأولى تجعل الحكم واحداً بالنسبة إلى الباني سيء النية والباني حسن النية ، ثم أضيفت إليها فقرة أخيرة خاصة بالباني حسن النية أعطى بها لصاحب الأرض الخيار المتقدم ، دون أن يعطي نفس الخيار لصاحب الأرض بالنسبة إلى الباني سيء النية . ولكن صدر أخيراً في فرنسا قانون 17 مايو سنة 1960 يعالج هذا العيب ، ويعطي نفس الخيار لصاحب الأرض بالنسبة إلى الباني سيء النية مازو فقرة 1598 ص 1271 ) .
( [436] ) أنظر آنفاً فقرة 100 .
( [437] ) ولا يشترط رفع الدعوى بالإزالة كما اشترط رفع دعوى الاسترداد في المادة 923 مدني ، إلا لم يصرح في المادة 924 مدني برفع الدعوى كما صرح في المادة 923 مدني برفع دعوى الاسترداد . فيكفي إذن إبداء الرغبة ولو بكتاب مسجل ، بل ولو شفوياً ، ويكون عبء الإثبات على صاحب الأرض ( أنظر في هذا المعنى عبد المنعم البدراوي فقرة 46 ص 58 هامش 1 ) .
( [438] ) قارن عبد المنعم فرج الصدة فقرة 259 ص 377 هامش 1 .
( [439] ) ويؤيد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي إذ تقول : " فإذا مضت السنة ، أو إذا لم يختر ( صاحب الأرض ) الإزالة ، تملك المنشآت بالالتصاق ، ودفع أقل القيمتين قيمة البناء مستحقاً للإزالة أو ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء . فإذا لم يدفع أقل القيمتين ، كان للباني أن يلزمه بالدفع ، إلا إذا اختار نزع الأدوات المملوكة له ما دام ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 330 ) . وأنظر عبد المنعم البدراوي فقرة 46 ص 58 – إسماعيل غانم ص 58 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 259 ص 377 – وقارن شفيق شحاتة فقرة 233 ص 244 هامش 1 – منصور مصطفى منصور فقرة 120 ص 292 – ص 293 – حسن كيرة ص 69 – ص 70 .
( [440] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1360 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي في الفقرة الأولى وردت فيه عبارة " حسن النية " بدلاً من عبارة " يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامتها " ، وفي الفقرة الثانية وردت فيه عبارة " لا يستطيع معه صاحب الأرض " بدلاً من عبارة " يرهق صاحب الأرض " ، ووردت فيه أيضاً عبارة " إذا سمحت الظروف " متخللة عبارة " كان له أن يطلب تمليك الأرض " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 997 في المشروع النهائي ، بعد حذف عبارة " إذا سمحت الظروف " . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 994 . وفي لجنة مجلس الشيوخ ، اقترح أن تحل عبارة " يعلم أنها مملوكة له " محل عبارة " حسن النية " في الفقرة الأولى ، حتى يكون هناك اتساق بين عبارة هذه المادة وعبارة المادة السابقة . فأجيب بأنه لا يمكن النص على العلم أو عدمه في هذه المادة لأنه قد يكون الباقي مستأجراً فهو يعلم أنه ليس مالكاً ولكنه يعتقد أن له الحق في أبناء ، فاستعاضت اللجنة عن عبارة " حسن النية " في الفقرة الأولى بعبارة " يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامتها " لتعيين معنى حسن النية على وجه الدقة في تطبيق أحكام هذه الفقرة . واستبدلت في الفقرة الثانية بعبارة " لا يستطيع معه صاحب الأرض " عبارة " يرهق صاحب الأرض " ، لأن المقصود هو مجرد الإرهاق لا التثبيت من عدم الاستطاعة . وأصبح النص ، تحت رقم 925 ، مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 319 – 322 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني الوطني السابق م 65 / 4 : إنما إذا كان البناء أو الغرس حصل من شخص في أرض تحت يده على زعم أنها ملكه ، ثم رفعت يده عنها بحكم تقرر فيه عدم وقوع غش منه في وضع يده عليها ، فلس لمالك الأرض أن يطلب إزالة شيء مما يذكر بل يكون مخيراً بين دفع قيمة المهمات والأدوات وأجرة العملة ، وبين دفع ما زاد في قيمة الأرض بسبب ما حدث فيها . ( ويختلف هذا النص عن نص التقنين المدني الجديد فيما يأتي : ( 1 ) يفترض نص التقنين السابق أن الباني قد حاز الأرض بنية تملكها ، أما التقنين الجديد فعبارته عامة تشمل كل شخص بيني في ملك غيره ولو كانت حيازته عارضة . ( 2 ) يجعل التقنين الجديد للباني حسن النية حق طلب نزع المنشآت ، أما التقنين السابق فلا يجعل له هاذ الحق . ( 3 ) يجعل التقنين الجديد لصاحب الأرض الحق في طلب تمليك الأرض لصاحب المنشآت نظير تعويض عادل إذا بلغت المنشآت حداً من الجسامة يرهق صاحب الأرض أن يؤدي ما هو مستحق عنها ، أما التقنين السابق فلا يجعل لصاحب الأرض هذا الحق ) .
م 91 مختلط : إذا كان لدى من غرس أو بنى أسباب معقولة ليعتقد أنه مالك ، فلا يصير إزالة الغراس أو البناء ، بل للمالك أن يدفع ما زاد على قيمة العقار بحسب ما يقدره أهل الخبرة . ( ويختلف التقنين المختلط عن التقنين الوطني في أنه يلزم صاحب الأرض أن يدفع لصاحب المنشآت ما زاد في قيمة الأرض ، ولا يخيره بين دفع هذه القيمة ودفع قيمة المهمات والأدوات وأجرة العملة – كما يفعل التقنين الوطني ) .
ويقابل النص في التقنينات العربية الأخرى : التقنين المدني السوري 889 : 1 - إذا كان الغير الذي شيد الأبنية أو غرس الأغراس ذا نية حسنة ، فلا يكون مسئولاً تجاه مالك العقار عن الثمار التي استوفاها ، ولا تقع عليه إلا تبعة التلف أو الضرر الذي حدث بسببه . 2 –وإذا كان قد بنى أو غرس على الأرض المطلوب استرجاعها ، فلا يجبر على نزع الأبنية التي بناها ولا الأغراس التي غرسها ، ويدفع له تعويض عن التحسين الذي حصل للأرض بسبب هذه الأبنية والأغراس . 3 - وإذا كانت الأبنية والأغراس ذات قيمة تفوق قيمة الأرض ، فلصاحب الأغراس والأبنية الحق في أن يتملك الأرض المبني عليها أو المغروسة لقاء قيمة رقبتها للمالك . ( ويختلف التقنين السوري عن التقنين المصري في أنه يفترض أن الباني يحوز الأرض بنية تملكها ، وفي أنه لا يجعل لصاحب المنشآت إلا الحق في تقاضي قيمة ما زاد في ثمن الأرض دون قيمة المواد وأجرة العمل ، وفي أنه يجعل لصاحب المنشآت الحق في تملك الأرض إذا زادت قيمة المنشآت على قيمة الأرض ) .
التقنين المدني الليبي م 929 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1120 : إذا أحدث شخص بناء أو غراساً أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض مملوكة لغيره بزعم سبب شرعي ، فإن كانت قيمة المحدثات قائمة أكبر من قيمة الأرض كان للمحدث أن يتملك الأرض بثمن مثلها . وإذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المحدثات ، كان لصاحب الأرض أن يتملكها بقيمتها قائمة . ( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري في أنه يوازن بين قيمة الأرض وقيمة المنشآت ، فإذا كانت قيمة المنشآت أكبر من قيمة الأرض كان لمن أقام المنشآت تملك الأرض بثمن مثلها ، وإن كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المنشآت كان لصاحب الأرض أن يتملك المنشآت بقيمتها مستحقة البقاء ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 216 ( موافقة للمادة 889 سوري ) .
( [441] ) أنظر آنفاً فقرة 103 .
( [442] ) أنظر آنفاً فقرة 103 .
( [443] ) أنظر آنفاً فقرة 103 .
( [444] ) فيكفي إذن حسن النية بهذا المعنى ، ولا يشترط السبب الصحيح كشرط مستقل . فمن وضع يده على أرض بعقد باطل كالمشتري للأرض الموقوفة ( استئناف مصر 16 يونيه سنة 1930 المحاماة 11 رقم 307 ص 369 ) ، أو بسبب ظني كالباني في أرض بور يعتقد أنه تملكها بالاستيلاء ( استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 50 ) ، ويكون مع ذلك حسن النية ( عبد المنعم البدراوي فقرة 46 ص 56 – ص 57 ) .
( [445] ) أوبرى ورو 2 فقرة 204 ص 365 .
( [446] ) ولا يغير من حسن نيته أن يعلم ، بعد إقامته للمنشآت ، أن ليس له حق في إقامتها .
( [447] ) أنظر ما يلي فقرة 105 .
( [448] ) أنظر ما يلي فقرة 105 فقرة 106 .
( [449] ) أنظر ما دار في هذا الصدد في لجنة مجلس الشيوخ آنفاً ص 284 هامش 1 . وأنظر فيما يتعلق بالمستأجر وفي أنه يخضع لأحكام وردت بها نصوص خاصة ما يلي فقرة 110 . والتمثيل بالمستأجر هنا مقصور على استعراض حالة يكون فيها الباني عالماً بأنه لا يملك الأرض ولكنه يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامة المنشآت ، وليس معناه أن أحكام الالتصاق تنطبق حتماً عليه دون أي تحوير فيها ( قارن محمد علي عرفة 2 فقرة 48 ص 86 هامش 2 ) .
( [450] ) استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1900 م 12 ص 215 .
( [451] ) أنظر آنفاً فقرة 103 .
( [452] ) أنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 43 ص 74 .
( [453] ) أنظر آنفاً فقرة 100 وفقرة 103 – ويترتب على أن الحكم ليس مجرد تطبيق لأحكام الإثراء بلا سبب أن في الإثراء بلا سبب لو تهدم البناء قبل المطالبة ، كان لصاحبه المطالبة بالرغم من تهدمه ، أما هنا فيبدو أن ليس لصاحب البناء إذا كان البناء قد تهدم قبل المطالبة أن يطالب بشيء ( أنظر في هذا المعنى عبد المنعم البدراوي فقرة 47 ص 60 ) .
( [454] ) ويمكن القول مع المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي إنه إذا كان نزع المنشآت يحدث للأرض ضرراً جسيماً ، لم يجز لصاحب المنشآت طلب نزعها ، وإلا كان في هذا تعسف في استعماله حقه ( أنظر المذكرة الإيضاحية إذ تقول : " هذا كله إلا إذا طلب الباني نزع الأدوات ولم يكن نزعها يلحق بالأرض ضرراً جسيماً " : مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 231 ) . أنظر في هذا المعنى شفيق شحاتة فقرة 233 ص 244 – محمد علي عرفة 2 فقرة 43 ص 75 – إسماعيل غانم ص 58 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 260 ص 378 – منصور مصطفى منصور فقرة 121 ص 293 هامش 1 .
( [455] ) إذ تقول العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 925 مدني ، كما رأينا ، " هذا ما لم يطلب صاحب المنشآت نزعها " .
( [456] ) أنظر آنفاً ص 284 هامش 1 .
( [457] ) وقد كان القضاء المختلط يجري في بعض أحكامه على هذا المبدأ دون نص ، بالتطبيق لقواعد العدالة ( استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1912 م 24 ص 300 – 20 أبريل سنة 1917 م 29 ص 266 – 12 نوفمبر سنة 1918 م 31 ص 17 – 21 نوفمبر سنة 1918 م 31 ص 28 – 8 أبريل سنة 1920 م 32 ص 264 – 26 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 52 ) . ويذهب بعض الفقهاء إلى أن التعويض العادل يمكن أن يكون أقل من قيمة الأرض الحقيقية ، نظراً لأن الأرض تملك لصاحب المنشآت وهو حسن النية جبراً عليه ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 262 ص 381 ) . ويمكن القول بأنه إذا ثبت خطأ في جانب صاحب الأرض بأن تركها مثلاً تنتقل من يد إلى يد دون تحوط منه إلى أن استقرت في يد حائز حسن النية ، أمكن أن يكون صاحب الأرض مسئولاً عن هذا الخطأ ، وقد يستنزل جزء من قيمة الأرض كتعويض مستحق في ذمة صاحب الأرض لصاحب المنشآت . أنظر أيضاً في هذه المسألة منصور مصطفى منصور فقرة 121 ص 294 – ص 295 .
( [458] ) أنظر المادة 927 مدني فيما يلي فقرة 111 .
( [459] ) أنظر ما دار في لجنة مجلس الشيوخ في هذا الشأن آنفاً ص 284 هامش 1 – وقد جرت في لجنة مجلس الشيوخ أيضاً موازنة بين الحكم الوارد في المادة 925 / 2 مدني وحكم الفقه الإسلامي الذي يقضي بأنه إذا اتضح أن قيمة البناء تزيد على قيمة الأرض كان صاحب الأرض بالخيار بين تمليك الأرض لصاحب المنشآت أو استبقاء هذه المنشآت . وواضح أن معيار الفقه الإسلامي ، وهو زيادة قيمة المنشآت على قيمة الأرض ، هو معيار موضوعي أو مادي . وواضح أيضاً أن المعيار الذي أخذت به المادة 935 / 2 مدني وهو أن يرهق التعويض صاحب الأرض شخصياً ، هو معيار شخصي أو ذاتي . وفي ضوء ما هو واضح في شأن كل من المعيارين يجب فهم العبارة التي وردت في محضر لجنة مجلس الشيوخ على لسان رئيس اللجنة من " أن المعيار الوارد في المادة معيار شخصي وأن المعيار الوارد في الفقه الإسلامي معيار مادي ، وأنه يفضل المعيار الشخصي " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 322 ) . فمعنى الشطر الأخيرة من العبارة ، كما هو ظاهر من استبقاء المعيار الشخصي دون المعيار الموضوعي ، أن رئيس اللجنة يفضل ( يؤثر ) المعيار الشخصي ، لا أن المعيار الموضوعي يفضل ( أفضل من ) المعيار الشخصي . قارن مع ذلك محمد علي عرفة 2 فقرة 58 ص 106 هامش 1 : وهو يأخذ بالمعيار الموضوعي ويشترط زيادة قيمة البناء على قيمة الأرض .
( [460] ) أنظر في هذا المعنى إسماعيل غانم ص 59 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 262 ص 381 .
( [461] ) أنظر آنفاً فقرة 100 وفقرة 103 .
( [462] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1361 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 998 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 995 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 926 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 323 – ص 324 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني المختلط م 89 : من بنى أو غرس في أرض بإذن صريح من مالكها ، بدون شرط ولا قيد ، يكون مالكاً لتلك الأرض . ( وهذا الحكم غريب يخرج على القواعد المألوفة ، إذ يملك الأرض لصاحب المنشآت لمجرد ترخيص صاحب الأرض ي إقامة المنشآت دون شرط ولا قيد . ويعتبر أن هذا الترخيص بمثابة تمليك ضمني للأرض . والصحيح هو ما ورد في المادة 926 من التقنين المدني الجديد ، إذ المعقول أن كل ما يترتب على ترخيص صاحب الأرض في إقامة منشآت في أرضه أن يعتبر صاحب المنشآت حسن النية يعتقد أن له الحق في إقامة المنشآت عند إقامتها ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل
التقنين المدني الليبي م 930 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1121 : إذا أحدث شخص منشآت من عنده وعلى أرض غيره بإذن ، فإن لم يكن بينهما اتفاق على مصير ما أحدثه ، فلا يجوز لصاحب الأرض أن يطلب قلع المحدثات . ويجب عليه ، إذا لم يطلب صاحب المحدثات قلعها ، أن يؤدي إليه قيمتها قائمة .
( والتقنين العراقي يتفق مع التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين العراقي لا يجعل الخيار لصاحب الأرض في تعويض صاحب المنشآت بإعطائه أقل القيمتين ، بل يلزمه بأن يؤدي قيمة المنشآت قائمة ، كما هو شأن أي حائز حسن النية في هذا التقنين : م 1120 مدني عراقي ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [463] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 331 .
( [464] ) أنظر ما يلي فقرة 112 .
( [465] ) أنظر في حالة بناء المنتفع في الأرض المنتفع بها دون الحصول على ترخيص من مالك الرقبة ، وفي اعتباره بانياً في أرض غيره وهو سيء النية ما يلي فقرة 106 .
( [466] ) أنظر آنفاً فقرة 104 .
( [467] ) أنظر آنفاً فقرة 104 .
( [468] ) ويمكن تعليل عدم الأخذ بجواز تمليك الأرض لصاحب المنشآت في هذا الفرض ، بأنه ما دام صاحب الأرض قد رخص لصاحب المنشآت في إقامتها ، فلا يحق له أن يتمسك بأن التعويض مرهق له بعد أن صدر منه ترخيص في إقامة المنشآت . أما إذا كان الباني لم يحصل على ترخيص من صاحب الأرض في إقامة البناء ، فمهما كانت نيته حسنة فإن التعويض يجوز أن يرهق صاحب الأرض وهو لم يصدر منه ترخيص في البناء ، فأجيز له تفادياً من هذا الإرهاق أن يطلب تمليك الأرض لصاحب المنشآت .
( [469] ) وكان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يشتمل على نص هو المادة 1242 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " ليس للمنتفع أن يحدث أي بناء أو غراس بغير رضاء المالك ، وعليه أن يثبت هذا الرضاء بالكتابة أو بما يقوم مقامها " . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 536 في الهامش ) ، فلم يبق إلا تطبيق المبادئ العامة ( أنظر ما يلي فقرة 543 ) .
( [470] ) أنظر في ذلك آنفاً فقرة 105 .
( [471] ) أنظر في تفصيل ذلك ما قدمناه آنفاً فقرة 103 .
( [472] ) عبد المنعم البدراوي فقرة 52 ص 66 – وقد نقص قانون الملكية العقارية اللبناني صراحة على أن المنتفع إذا بنى أو غرس في الأرض المنتفع بها تسري عليه أحكام الباني أو الغارس في أرض غيره وهو سيء النية ، إذ تنص الفقرة الأخيرة من المادة 217 من هذا القانون على ما يأتي : " وعند انقضاء أجل الانتفاع ، تطبق هذه الأحكام( أحكام الباني أو الغارس وهو سيء النية ) على المنتفع الذي يكون قد شيد أبنية أو غرس أغراساً في الأرض " .
( [473] ) بودري وشوفو فقرة 373 .
( [474] ) أوبري ورو 2 فقرة 204 ص 370 هامش 23 وفقرة 235 ص 706 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 879 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1149 – وقرب مازو فقرة 1602 .
( [475] ) أنظر عكس ذلك وأن المنتفع يعتبر بانياً حسن النية حتى لو لم يحصل على ترخيص في البناء : محمد علي عرفة 2 فقرة 50 .
( [476] ) أنظر آنفاً فقرة 103 .
( [477] ) أنظر آنفا فقرة 104 .
( [478] ) استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1922 م 35 ص 70 – الوسيط 1 فقرة 478 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 11 9 – محمد علي عرفة 2 فقرة 51 ص 92 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 267 – أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي في البيع فقرة 700 ص 481 .
( [479] ) شفيق شحاتة فقرة 235 – عبد المنعم البدراوي فقرة 52 ص 65 – وهذا ما جرى عليه القضاء في فرنسا ، فهو يطبق أحكام الالتصاق ( م 555 مدني فرنسي ) على المالك تحت شرط فاسخ الذي يبني قبل تحقق الشرط ، ويعتبره في الأصل حسن النية ، إلا إذا كان تحقق الشرط قد وقع بخطأه ، أو كان قد بنى بعد أن رفعت عليه دعوى الفسخ ( نقض فرنسي 30 مارس سنة 1852 داللوز 52 – 1 – 65 – 14 أبريل سنة 1852 سيريه 52 – 1 – داللوز 98 – 2 – 211 – بواتييه 15 فبراير سنة 190 داللوز 1906 – 2 – 155 ) . وانظر في هذه المسألة في الفقه الفرنسي أو برى ورو 2 فقرة 20 ص 367 هامش 18 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فكرة 276 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2971 – مازو فقرة 1603 – أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ construction فقرة 73 – فقرة 76 .
( [480] ) وقالت محكمة استئناف مصر في أسباب حكمها في هذا المعنى : " إنه إذا أحدث البائع بناء جديداً أو زيادة في المبيع قبل التسليم ، فيعتبر كأنه أقامه في غير ملكه ، حتى ولو كان ذلك قبل تسجيل العقد ، لأن بالتسجيل تنتقل الملكية من يوم حصوله ، غير أن باقي الالتزامات الأخرى الناشئة من البيع تكون واجبة الأداء من تاريخ التعهد بالبيع ، لأنها في الحقيقة التزامات شخصية تأخذ حكمها القانوني من وقت التعهد . ومن حيث إنه من ضمن هذه الالتزامات امتناع البائع بمجرد التعهد عن كل ما يزيد أو ينقص في المبيع ، وهو التزام يقتضيه الالتزام بتسليم المبيع كما هو وقت التعهد المذكور . ومن حيث إن هذه الزيادة لا يمكن تسليمها للمشتري دون مقابل ، لأن في ذلك إثراء من غير مقابل يحرمه القانون المدني ، وعلى المشتري الذي يقبل البيع بهذه الزيادة أن يتبع القواعد التي رسمها القانون فيما يختص بالغراس أو البناء في أرض الغير " ( استئناف مصر 23 فبراير سنة 1923 المحاماة 13 رقم 38 ص 96 ) .
وقد أيدت محكمة النقض هذا الحكم ، وقضت بأن البائع ملزم بتسليم العقار بحالته التي هو عليها وقت تحرير العقد . فإذا هو أقدم قبل نقل الملكية للمشتري بتسجيل العقد أو الحكم بصحة التعاقد ، فأحدث زيادة في هذا العقار ( بناء ) بينما المشتري يطالبه ويقاضيه لتنفيذ تعهده ، فلا مخالفة لقانون التسجيل في أن تعتبره المحكمة – بعد أن صدر الحكم بصحة التعاقد وسجل – كأنه أحدث تلك الزيادة في أرض مملوكة لغيره ، يفصل في أمرها قياساً على حالة من أحدث غراساً أو بناء في ملك غيره ( نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 81 ص 152 – وأنظر أيضاً نقض مدني 29 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 228 ص 601 ) .
( [481] ) الوسيط 4 فقرة 282 – فقرة 286 .
( [482] ) الوسيط 4 فقرة 283 ص 523 – ص 524 – وقد قيل " إن البائع إذا أصر على نزع البناء وأخذه أنقاضاً يكون متعسفاً في استعمال حقه ، إذ أن نزع البناء ليس في مصلحته ما دام المشتري يعرض عليه تعويضاً لا يقل عن قيمة البناء مستحق الهدم " ( حلمي بهجت بدوي في مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 751 ) . والذي يمكن استخلاصه من تطبيق قواعد البيع في الفرض الذي نحن بصدده هو أن البائع قد أخل بالتزامه من تسليم الأرض المبيعة بحالتها وقت انعقاد البيع ، بأن أحدث فيها بناء . فإذا طلب المشتري التعويض عيناً ، أجبر البائع على هدم البناء وإعادة الأرض إلى حلتها وقت البيع ، وليس هذا حقاً للبائع حتى يحتمل القول بأنه يتعسف في استعماله ، بل هو التزام يجب عليه القيام به . وإذا لم يطلب المشتري من البائع هدم البناء تعويضاً عينياً عن إخلاله بالتزامه من تسليم العين بحالتها وقت البيع ، يكون بذلك قد قبل بقاء البناء قائماً في الأرض ، وعليه إذن أن يدفع للبائع قيمة زيادة ثمن الأرض بسبب البناء . فالمشتري إذن بين أمرين : إما أن يجبر البائع على هدم البناء وإعادة الأرض إلى أصلها ، أو أن يستبقى البناء مع دفع قيمة زيادة ثمن الأرض بسبب البناء . والذي لا يستطيع المطالبة به بموجب قواعد البيع ، وكان يستطيع المطالبة به بموجب قواعد الالتصاق ، هو استبقاء البناء مع دفع قيمته مستحق الهدم .
وهناك رأي يذهب إلى أن للمشتري إلزام البائع بهدم البناء ، وليس له أن يجبره على ترك البناء حتى لو عرض عليه الوفاء بما أنفقه فيه ، وإذا أراد المشتري أن تنتقل ملكية البناء إليه فلا بد له من اتفاق جديد مع البائع على ذلك ، وإذا أراد المشتري أن تنتقل ملكية البناء إليه فلا بد له من اتفاق جديد مع البائع على ذلك ، وتنتقل ملكية البناء إلى المشتري بموجب هذا الاتفاق الجديد الذي يخضع بدوره لإجراء التسجيل ( محمد علي عرفة 2 فقرة 52 ص 64 – ص 65 – حسن كيرة ص 67 - ص 68 ) . ويؤخذ على هذا الرأي أنه لم يواجه حالة ما إذا لم يطلب المشتري هدم البناء ولم يستطع الوصول إلى اتفاق مع البائع في شأنه ، وهذه هي الحالة المنتظر وقوعها في الغالب . فهل ينزع البائع البناء من الأرض دون أن يطلب منه المشتري ذلك ، ونزع البناء من الأرض التزام على البائع لا حق له كما قدمنا ، أو يستبقى المشتري البناء دون اتفاق مع البائع وإذا استبقاه فأية قيمة يلتزم بدفعها للبائع في مقابل البناء؟ يبدو أن الحل العادل في هذه الحالة هو أن المشتري يستبقى البناء في مقابل دفع قيمة زيادة ثمن الأرض بسبب البناء كما سبق القول ، وليس له على أية حال أن يستبقيه فيم قابل دفع قيمته مستحق الهدم . وكانت قواعد الالتصاق تجنبنا كل هذه المشاكل ، وهي القواعد التي لجأ إليها القضاء فعلاً كما رأينا ، ولكن تطبيقها لا يستقيم من ناحية المنطق القانوني إلا إذا قلنا بأن للتسجيل أثراً رجعياً فيما بين البائع والمشتري .
( [483] ) أو كما تقول محكمة النقض إن البيع غير المسجل يخول المشتري الانتفاع بالأرض فله حق البناء عليها على سبيل البقاء والاستقرار فيكون البناء ملكاً له ( نقض مدني 12 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 48 ص 166 ) – ولكن الأثر الرجعي للتسجيل فيما بين البائع والمشتري ، إذا بنى المشتري في الأرض قبل التسجيل ، تكون له أهمية عملية فيما إذا أراد المشتري أن يشفع بالبناء الذي أقامه في الأرض المجاورة التي بيعت قبل أن يسجل عقد البيع . ونرى في هذه الحالة أن للمشتري أن يأخذ الأرض المجاورة بالشفعة بعد أن يسجل عقد البيع ، لأن التسجيل يجعله مالكاً – بالنسبة إلى مشتري الأرض المجاورة المشفوع منه وهو ليس من الغير في معنى السجيل – من وقت انعقاد البيع الصادر للمشتري الشفيع ، فيكون هذا قد بنى في ملكه وتملك كلا من الأرض والبناء من وقت انعقاد البيع ، أي قبل البيع الصادر لمشتري الأرض المجاورة ، ومن ثم يجوز له الأخذ بالشفعة . بل إننا نرى أن المشتري الشفيع يأخذ بالشفعة ، حتى لو لم يبن في الأرض التي اشتراها ، إذ هو بتملك هذه الأرض ، بعد تسجيل عقد البيع ، منذ انعقاد البيع ، وذلك بالنسبة إلى مشتري الأرض المجاورة فيكون جاراً مالكاً في معنى الشفعة ، ومن ثم يجوز له أن يشفع بالأرض التي اشتراها دون حاجة إلى أن يقيم عليها بناء ( أنظر الوسيط 4 فقرة 284 ص 527 – ص 528 ) .
وقد ذهبت محكمة النقض إلى إعطاء المشتري الذي بنى في الأرض المشتراه قبل التسجيل الحق في أن يشفع في الأرض المجاورة إذا بيعت قبل التسجيل ، ولكنه يشفع بالبناء الذي أقامه لا بالأرض التي اشتراها إذ هو لا يتملكها إلا من وقت التسجيل بحسب المبدأ الذي سارت عليه محكمة النقض . أما البناء الذي أقامه المشتري فإنه يتملكه منذ إقامته وقبل أن يتملك الأرض ، وملكيته له ملكية مصدرها واقعة البناء على سبيل القرار ، ومن ثم يقوم به سبب الشفعة بوصفه جاراً مالكاً للبناء . ولا مخالفة في ذلك لقانون التسجيل ، ذلك أن الشفيع مشتري الأرض بعقد غير مسجل لا يؤسس حقه في طلب الشفعة على عقد شرائه ، وإنما يقيمه على ملكية البناء استقلالاً عن الأرض . كما لا مخالفة لأحكام الملكية بالالتصاق وقالً بأن بائع الأرض يعتبر في حكم القانون وبالنسبة للكافة هو وحده مالك البناء الذي أقامه المشتري الذي لم يسجل عند شرائه ، ذلك بأن القانون إذ يعتبر مالك الأرض مالكاً للبناء بفعل الالتصاق إنما يقرر في صالح المالك قرينة غير قاطعة قابلة لإثبات العكس ، كما إذا خول مالك الأرض لمستأجرها الحق في إقامة المنشآت وتملكها ، فإنه في هذه الحالة يعتبر مالكاً لما يقيمه عليها من بناء على اعتبار أنه عقار . فمناط تطبيق قواعد الالتصاق ألا يكون ثمة إذن صريح أو ضمني من مالك الأرض للغير بأحداث هذا البناء . فحيثما وجد اتفاق أو إذن صريح أو ضمني من مالك الأرض للغير ، امتنع التحدي بقواعد الالتصاق وفقاً لأحكام المادة 65 من القانون المدني القديم ، ووجب اعتبار البناء عقاراً مستقلاً عن الأرض وملكاً خالصاً لمن أقامه . ولا نزاع في أن البائع ، وهو ملزم بتسليم المبيع للمشتري وعدم التعرض له ، إذا ما أوفى بهذا الالتزام فقد نقل للمشتري حيازة المبيع . وكان لهذا الأخير أن ينتفع به بكافة وجوه الانتفاع ، ومنها البناء على سبيل البقاء والقرار " ( نقض مدني 12 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 48 ص 166 – وأنظر في انتقاد هذا الحكم محمد علي عرفة 2 فقرة 57 ) . وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في الشفعة ( أنظر ما يلي فقرة 189 ) .
( [484] ) الوسيط 2 فقرة 673 – فقرة 674 .
( [485] ) ولا يمكن القول بأن التزام صاحب المنشآت بردها إلى صاحب الرد ناشئ عن عمل غير مشروع . ذلك أنه ناشئ عن تملك صاحب الأرض للمنشآت بالالتصاق نتيجة لإقامة هذه المنشآت في أرضه ، وإقامة المنشآت في أرض الغير ، ولو بسوي نية ، لا يعتبر عملاً غير مشروع في معنى المادة 246 / 2 مدني . أنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 111 – شفيق شحاتة فقرة 236 ص 248 – محمد علي عرفة 2 فقرة 46 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 269 ص 395 – عكس ذلك عبد المنعم البدراوي فقرة 48 .
( [486] ) الوسيط 2 فقرة 636 وما بعدها .
( [487] ) أنظر ما يلي فقرة 111 – ولا يوجد في القانون الفرنسي نص عام في الحبس ، كما وجد هذا النص في التقنين المدني المصري الجديد فيما رأيناً . ويذهب القضاء الفرنسي إلى إعطاء الحق في الحبس للحائز حسن النية ( نقض فرنسي 22 ديسمبر سنة 1873 داللوز 74 – 1 – 241 ) دون الحائز سيء النية ( نقض فرنسي 13 يوليه سنة 1903 سيريه 1904 - 1 – 21 ) . ويؤيد هذا القضاء بعض الفقهاء ( كاسان في الدفع بعدم التنفيذ في العلاقات التبادلية رسالة من باريس سنة 1914 ص 556 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 271 ص 268 ) . ولكن الغالب في الفقه الفرنسي هو التسوية ما بين الحائز حسن النية والحائز سيء النية ، وإعطاء الاثنين الحق في الحبس ( بيدان في التأمينات العينية 1 فقرة 250 – ( ferron ) في تعليقه في سيريه 1901 – 1 – 193 ) . أو إنكاره عليهما معاً ( أوبري ورو 3 فقرة 256 مكررة ) . أما في التقنين المدني المصري السابق ، فقد كان الرأي الغالب هو إعطاء الحق في الحبس للحائز سواء كان حسن النية أو سيئها ، قياساً على الحق في الحبس المعطي لمن أحدث تحسينات في العين بصريح نص هذا التقنين ( م 605 / 2 مدني قديم ) : أنظر استئناف مختلط 22 مايو سنة 1901 م 13 ص 324 – 25 يناير سنة 1912 م 24 ص 105 – 31 ديسمبر سنة 1935 م 48 ص 68 – محمد كامل مرسي في مجلة القانون والاقتصاد 8 فقرة 61 ص 432 – ص 433 – محمد علي عرفة 2 فقرة 46 ص 79 وبحثه في مجلة المحاماة 22 ص 567 .
( [488] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1434 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المرجعة تحت رقم 999 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 996 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 927 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 324 – ص 325 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
التقنين المدني السوري لا مقابل
التقنين المدني الليبي م 931 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [489] ) وعلى ذلك لا يكون لصاحب المنشآت الحق في حبسها حتى يستوفي التعويض المستحق له ، فقد أصبح هذا التعويض بالأجل الذي منحه القاضي غير حال الأداء ، والحبس لا يكون إلا في حق مستحق الأداء ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 269 ص 395 ) .
( [490] ) أنظر ما يلي فقرة 354 – فقرة 359 .
( [491] ) ومع ذلك قضت محكمة النقض بأنه متى كان الواقع في الدعوى هو أن المؤجر قد رخص للمستأجر في أن يقيم نفقته بناء فوق العين المؤجرة ، على أن يلتزم بعوايد المباني التي تربط على هذا البناء المستجد ، وسكت الطرفان عن بيان مصير هذه المنشآت ، فإن ملكيتها تكون للمستأجر طوال مدة الإجارة ، ولا تؤول إلى المؤجر إلا عند انتهاء عقد الإيجار . ذلك أن حق المؤجر بالنسبة إلى تلك المنشآت لا يتحدد إلا بالنظر إلى حالة العقار المؤجر في هذا الوقت ، ويحق للمستأجر أن يزيلها قبل انتهاء عقد الإيجار بشرط أن يعيد العين المؤجرة إلى حالتها الأصلية ، بينما يمتنع على المؤجر في هذا الفرض طلب إزالة هذه المنشآت - ولا يصح الاحتجاج بأن أحكام الالتصاق المقررة في القانون المدني تقضي باعتبار المؤجر مالكاً للبناء من وقت إنشائه ، إذ أن ترخيص المؤجر للمستأجر في إقامة البناء على نفقة هذا المستأجر مع التزام الأخير بدفع الضريبة العقارية على هذا البناء – وهي مما يلتزم به أصلاً المالك – دون اتفاق على مصير هذا البناء ، ذلك يتضمن قبول المؤجر تأجيل إعمال أحكام الالتصاق حتى ينتهي عقد الإيجار ، وهي أحكام لا تتعلق بالنظام العام ، ويجوز لذلك الاتفاق على تعديلها ( نقض مدني 26 مايو سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 172 ص 1251 : ويلاحظ أن البناء قد أقيم في هذه القضية في وقت كان فيه التقنين المدني السابق هو المعمول به ) .
( [492] ) ولكن ليس للمؤجر أن يطلب الإزالة إلا عند انقضاء الإيجار ، إذا كانت المباني التي أقامها المستأجر لمي ترتب عليها ضرر للعين المؤجرة ، وذلك لأن مصلحة المؤجرة في طلب إزالتها لا تثور إلا عند انقضاء الإيجار ، حيث يلتزم المستأجر برد العين بالحالة التي تسلمها بها ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 188 ص 1359 ) .
( [493] ) ومع ذلك يستطيع المؤجر ، من الناحية العملية ، أن يدفع للمستأجر مبلغاً يقرب من قيمة المنشآت مستحقة الإزالة ، وسبيله إلى هذا أن يهدد المستأجر باستعماله حقه في طلب الإزالة والتعويض ، فيضطر المستأجر في كثير من الأحيان أن يقبل المبلغ الذي يعرضه عليه المؤجر ( الوسيط 6 فقرة 433 ص 626 هامش 1 ) .
أما في عهد التقنين المدني السابق ، فقد قضت محكمة النقض بأن الشارع خول مالك الأرض ، وفقاً لأحكام الالتصاق المنصوص عليها بالمادة 65 من القانون المدني القديم ، الحق في تملك البناء الذي يقيمه الغير في أرضه دون رضاه مقابل دفع القيمة طبقاً لهذه المادة . وقضى بأن للمالك الخيار بين طلب إبقاء البناء وطلب إزالته على نفقة من أقامه مع تعويض الخسارة الناشئة عن فعله . وإذا لم يكن القانون المدني القديم يتضمن نصوصاً خاصة بتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في هذا الشأن – كما ورد بنص المادة 592 من القانون المدني الحالي – فإن مؤدى الأحكام العامة للالتصاق الواردة بالقانون المدني المشار إليها فيما تقدم ، أن البناء الذي يقيمه المستأجر من ماله الخاص دون إذن صريح أو ضمني بإنشائه من مالك الأرض لا يكون ملكاً لصاحب هذه الأرض بفعل الالتصاق إذا أعمل رخصته في الاختيار بإظهار رغبته في الإزالة . فلا يلحق البناء بملكية الأرض ، وإنما يبقى مستقلاً عنها ملكاً خالصاً لمن أقامه مدة بقائه . فإذا كان المؤجر قد أظهر رغبته في إزالة المباني ، فإنها تبقى مملوكة للمستأجر حتى يقوم بإزالتها في أثناء مدة الإيجار أو بعد انتهائها ، ولا يكون للمؤجر حق المطالبة بأجرة عنها ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 189 ص 1373 ) .
( [494] ) أنظر آنفاً فقرة 111 – وأنظر فيمن تكون له ملكية المباني والغراس في أثناء الإيجار الوسيط 6 فقرة 433 – وأنظر في تفصيل ما قدمناه الوسيط 6 فقرة 430 – فقرة 433 – وقارن محمد علي عرفة 2 فقرة 49 ) .
( [495] ) قارن مع ذلك محمد علي عرفة 2 فقرة 53 ص 96 .
( [496] ) أنظر ما يلي فقرة 243 .
( [497] ) أنظر في تفصيل تسوية حساب البناء أو الغراس عند انتهاء الحكر الوسيط 6 فقرة 814 .
( [498] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 500 .
( [499] ) أما في التقنين المدني السابق ، حيث لم يكن هناك نظام تشريعي لإدارة المال الشائع إدارة معتادة وإدارة غير معتادة ، فإن محكمة النقض أشفقت على الشريك الباني من هذه النتيجة القاسية ، ولم يكن القانون يهيئ له وسيةل يلجأ إليها إلا إجماع الشركاء وهو أمر متعذر ، فقضت بأن لكل من الشركاء على الشيوع حق ملكية حقيقية في حصته الشائة ، ولذلك فإنه إذا تمكن أحدهم من إقامة بناء على جزء من العقار المشترك فإنه لا يعد بانياً في ملك غيره . ومن ثم فإن المادة 65 من القانون المدني ( السابق ) لا تكون منطبقة على حالته لتعلقها بحكم البناء في ملك الغير . ولايغير من ذلك ما للشريك الآخر من حق الملكية في الشيوع في الجزء الذي حصل فيه البناءنن فإن كل ماله هو أنيطالب من أقام البناء بقسمة العقار المملوك لهما على الشيوع ، ثميرتب حقه على ما يظهر من نتيجة القسمة ( نقض مدني 11 يناير سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 24 ص 55 ) . وقد سبق أن بحثنا هذه المسألة عند بحث الملكية في الشيوع ، فتحيل إلى ما قدمناه في هذا الصدد وإلى المراجع والأحكام التي أشرنا إليها ( الوسيط 8 فقرة 502 ) .
أما التقنين المدني السوري وقانون الملكية العقارية اللبناني ، فقد قضى كل منهما بوجوب انتظار القسمة ، فإن لم يخرج الجزء المبني في حصة الباني ، اعتبر بانياً في أرض غيره وهو حسن النية وتطبق عليه أحكام الالتصاق ، وهذا هو ما كانت محكمة النقض المصرية تقضي به في عهد التقنين المدني السابق فيما رأينا . وقد نصت المادة 892 مدني سوري في هذا الصدد على أنه " إذا كانت الأغراس والأبنية قد غرسها أو شيدها على عقار مشترك أحد الشركاء في هذا العقار بدون رخصة شركائه الآخرين ، فتجري قسمة العقار عند الاقتضاء على يد القاضي ، ثم يطبق على كل حصة من الحصص أحكام المادة 889 ( أحكام الالتصاق في حالة الباني بحسن نية ) " . وأنظر أيضاً في هذا المعنى المادة 219 من قانون الملكية العقارية اللبناني . أما التقنين المدني العراقي فقد نصت المادة 1123 منه على أنه " إذا بنى أحد أصحاب الحصص لنفسه في الملك المشتري القابل للقسمة بدون إذن الآخرين ، ثم طلب الآخرون القسمة ، فتقسم . فإذا أصاب ذلك البناء حصة بانيه ملكه ، وإن أصاب حصة الآخر فله أن يكلف الباني بالهدم " .
( [500] ) أنظر هذه المسألة في القانون الفرنسي وتردد القضاء الفرنسي ، بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 281 .
( [501] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1363 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1000 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 997 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 928 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 325 – ص 327 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن القضاء المصري كان يجري على هذا المبدأ تطبيقاً للقواعد العادلة : استئناف مختلط 8 أبريل سنة 1915 م 27 ص 267 – 21 نوفمبر سنة 1918 م 31 ص 28 – 5 فبراير سنة 1924 م 36 ص 24 – 18 مايو سنة 1926 م 38 ص 411 – 11 ديسمبر سنة 1930 م 43 ص 76 – 27 أبريل سنة 1931 م 43 ص 367 – 27 أبريل سنة 1937 م 49 ص 205 – 25 فبراير سنة 1947 م 59 ص 134 – العطارين 27 مايو سنة 1913 الشرائع 1 رقم 249 ص 125 . ولم يكن القضاء يستند إلى نص ، فقنن التقنين المدني الجديد هذا القضاء العادل .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 932 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [502] ) أنظر آنفاً ص 316 هامش 2 .
( [503] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " واستثناء من الأحكام المتقدمة ، إذا جار الباني بحسن نية على أرض الجار ، وكان يبني في أرضه فجاوزها إلى جزء صغير ملاصق له من أرض جاره ، وبنى بناء ضخماً لو طبقت عليه الأحكام المتقدمة لأصبح جزء من هذا البناء الضخم ملكاً للجار ، لجاز للباني أن يجبر الجار على أن ينزل له عن ملكية الجزء المشغول بالبناء في نظير تعويض عادل . . . وقد جرى القضاء المصري على هذا المبدأ دون أن يستند إلى نص ، فقنن المشروع هذا القضاء العادل ، ودعمه بالنص الذي ينقصه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 332 ) .
( [504] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 332 – أما إذا كان الباني قد بنى بسوء نية بأن كان متنبهاً لمجاوزته حدود أرضه ، وبخاصة إذا نبه الجار إلى ذلك فلم يأبه لهذا التنبيه ، فإنه يجب تطبيق أحكام الالتصاق المتعلقة بالباني سيء النية . ويكون للجار الملاصق طلب إزالة البناء الذي يشغل أرضه ، أو تملكه بأدنى القيمتين ، قيمته مستحق الهدم أو قيمة ما زاد في أرضه بسبب هذا البناء ( نقض فرنسي 26 يوليه سنة 1842 داللوز 42 – 1 - 306 محمد علي عرفة 2 فقرة 55 ص 400 ) .
( [505] ) ويعتد في هذا التعويض ، لا فحسب بقيمة الجزء من الأرض المشغول بالبناء ، بل أيضاً بما أصاب صاحب الأرض الملاصقة من الضرر بسبب حرمانه من هذا الجزء ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 263 ص 283 ) .
ولما كان هذا الحكم حكماً استثنائياً ، فإنه لا يجوز التوسع في تفسيره ، ويترتب على ذلك ما يأتي : ( أ ) لا يجوز تمليك الباني إلا الجزء الصغير الملاصق للبناء والمشغول به دون زيادة . ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بعدم الاقتصار على تمليك هذا الجزء من الأرض الذي يشغله البناء ، بل يمتد التمليك مسافة متر حول البناء من الخط الخارجي لكل مطل مفتوح في البناء حتى يتفادى الباني الحكم بسد المطل ( استئناف مختلط 18 مايو سنة 1926 م 38 ص 411 ) . وهذا الحكم منتقد ، حتى في عهد التقنين المدني الجديد الذي أوجد السند التشريعي للمسألة التي نحن بصددها ولم يكن هذا السند موجوداً في التقنين المدني السابق الذي صدر في عهده هذا الحكم ، ويكفي تمليك الباني الجزء المشغول بالبناء على خلاف القواعد العامة في الالتصاق ، ولا مسوغ لإبقاء المطل مفتوحاً على ملك الجار بل يجب سده ( أنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 55 ص 101 هامش 1 ) . ( ب ) لا يجوز الحكم بتقسيط أو تأجيل التعويض المستحق في ذمة الباني لصاحب الجزء الملاصق ، فإن هذا تيسير مقصور على الحالات الواردة في نصوص خاصة ( م 924 – 926 مدني ) ، وليست هذه الحالة المنصوص عليها في المادة 927 مدني من بينها .
( [506] ) أنظر هذه المسألة في القانون الفرنسي واضطراب القضاء فيها لانعدام النص : نقض فرنسي 20 نوفمبر سنة 1912 سيريه 1913 – 1 – 298 – 2 مارس سنة 1925 سيريه 1925 – 1 – 202 – بودري وشوفو فقرة 377 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 274 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2978 – مارتي ورينو فقرة 134 مكررة ص 149 – ص 150 – أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ eonstruction فقرة 84 – فقرة 88 .
( [507] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1364 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1001 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 998 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 929 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 327 - 328 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 933 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [508] ) مع التعويض إن توافرت شروط المسئولية التقصيرية ، وثبت خطأ في جانب صاحب المنشآت .
( [509] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ولا تنطبق الأحكام المتقدمة ( أحكام الالتصاق ) على الأكشاك والحوانيت والمآوي التي تقام على أرض الغير ولم يكن مقصوداً بقاؤها على الدوام ، فهذه لا تملك بالالتصاق بل تبقى ملكً لمن أقامها ، ويكلف هذا إذا كان معتدياً بالإزالة والتعويض ( م 1364 من المشروع وهي مأخوذة من المادة 677 من التقنين السويسري ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 332 ) .
( [510] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1365 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1002 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 999 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 930 ( مجموعة الأعمال 6 ص 329 - ص 333 ) .
( [511] ) التقنين المدني الوطني السابق م 66 : إذا حصل البناء أو الغراس أو غير ذلك من شخص في أرض غيره بمهمات وأدوات كانت ملكاً لغيره أيضاً ، فلا يجوز لصاحب المهمات والأدوات المذكورة أن يطلب ردها إليه ، بل له الحق في أخذ تعويض من ذلك الغراس أو الباني ، أو من صاحب الأرض على قدر ما يكون مطلوباً منه .
( وأحكام التقنين المدني السابق تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .
( [512] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 891 ( موافق ) .
التقنين المدني الليبي م 934 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1122 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 218 ( موافق ) .
( [513] ) أما إذا كان الباني قد بنى بمواد غيره في أرض هذا الغير بالذات ، فالأمر واضح . ذلك أن المواد والأرض مملوكة لشخص واحد ، فيتملك هذا الشخص المنشآت التي أقيمت في أرضه بمواد مملوكة له دون حاجة إلى الاستناد إلى قواعد الالتصاق ، ويرجع عليه الباني بدعوى الإثراء بلا سبب .
( [514] ) شفيق شحاتة فقرة 239 – ص 23 – محمد علي عرفة 2 فقرة 64 – إسماعيل غانم ص 64 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 270 .
( [515] ) أنظر آنفاً فقرة 120 .
( [516] ) أنظر آنفاً فقرة 120 .
( [517] ) أنظر الوسيط 2 فقرة 562 – فقرة 563 .
( [518] ) أنظر آنفاً فقرة 120 .
( [519] ) أنظر آنفاً فقرة 121 .
( [520] ) أنظر آنفاً فقرة 120 .
( [521] ) أنظر آنفاً فقرة 121 .
( [522] ) أنظر آنفاً فقرة 104 .
( [523] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1366 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1003 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1000 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 931 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 334 – ص 335 ) .
( [524] ) التقنين المدني السابق م 67 / 92 : إذا اختلط أو التصق شيئان من المنقولات كل واحد منهما مملوك لشخص بحيث لا يمكن تفريق أحدهما عن الآخر بدون حصول تلف لهما ، فللمحاكم أن تنظر في ذلك بمقتضى أصول العدالة ، مع مراعاة الضرر الذي يحدث ومراعاة أحوال المالكين واعتقاد كل منهما عند الاختلاط أو الالتصاق . ( والتقنين المدني السابق يتفق مع التقنين المدني الجديد ) .
( [525] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 893 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 935 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1125 : إذا التصق منقولان لمالكين مختلفين بحيث لا يمكن فصلهما دون تلف أو نفقة فاحشة ، ولم يكن هناك اتفاق بين المالكين ، وكان الالتصاق قضاء وقدراً ، تملك صاحب المنقول الأكثر قيمة المنقول الآخر بقيمته . ( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري في أن التقنين العراقي يشترط أن يكون الالتصاق قضاء وقدراً ، ويقضي حتماً بأن يتملك صاحب المنقول الأكبر قيمة المنقول الآخر بقيمته ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [526] ) أنظر آنفاً فقرة 97 .
( [527] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 335 – وأنظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 281 ص 278 هامش 2 .
( [528] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1367 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1004 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1001 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 932 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 337 – ص 338 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 45 / 67 : تنتقل الملكية في الأموال ، منقولة كانت أو ثابتة ، بمجرد حصول العقد المتضمن التمليك ، متى كان المال مملوكاً للمملك .
( والتقنين المدني السابق يتفق مع التقنين المدني الجديد ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 894 ( مطابق فيما يتعلق بالمنقول فقط ) .
التقنين المدني الليبي م 936 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1126 : 1 - تنتقل الملكية بالعقد في المنقول والعقار .
2 - والعقد الناقل لملكية عقار لأي نعقد إلا إذا روعيت فيه الطريقة المقررة قانوناً . ( ويوجد في القانون العراقي نظام السجل العيني " الطايو " ، فملكية العقار لا تنتقل إلا بتسجيل العقد في الطابو ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل : ويوجد في القانون اللبناني أيضاً ، كما يوجد في القانون السوري ، نظام السجل العيني ( السجل العقاري ) . أنظر فيما يتعلق بنقل ملكية العقار في القانون اللبناني وضورة القيد في دفتر الملكية ( السجل العقاري ) المادتين 10 و 11 من القرار رقم 188 المؤرخ في 15 آذار سنة 1926 بشأن إنشاء السجل العقاري .
( [529] ) قارن محمد علي عرفة 2 فقرة 163 .
( [530] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 280 – فقرة 286 .
( [531] ) أنظر الوسيط 2 فقرة 416 – وأنظر في التطور التاريخي للبيع كعقد ناقل للملكية ، وفي أنه لم يكن في القانون الروماني يرتب في ذمة البائع التزاماً بنقل الملكية : الوسيط 4 فقرة 229 – فقرة 232 – وأنظر أيضاً في تحليل معنى نقل الملكية ، وفي أنه يجب التمييز بين الالتزام بنقل الملكية ونقل الملكية فعلاً : الوسيط 4 فقرة 233 – فقرة 239 – وفي الاتفاق على تأجيل نقل الملكية حتى استيفاء الثمن : الوسيط 4 فقرة 90 – فقرة 94 .
( [532] ) أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 2 فقرة 417 و 4 فقرة 241 – فقرة 244 . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " تنتقل الملكية بالعقد في المنقول المعين بالذات ، ولا حاجة للتسليم ، فلو باع شخص سيارة معينة بالذات إلى آخر ، انتقلت ملكيتها إلى المشتري قبل التسليم . ولو باعها مرة ثانية إلى مشتر آخر ، كانت الملكية للمشتري الأول ، ولكن لو سلمها البائع للمشتري الثاني انتقلت الملكية من المشتري الأول إلى المشتري الثاني بالحيازة لا بالعقد " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 341 ) .
( [533] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1368 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المرجعة تحت رقم 1005 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1002 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 933 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 338 – ص 339 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 268 / 338 : لا تنتقل ملكية المبيع المعين بنوعه فقط إلا بتسليمه للمشتري . ( والتقنين المدني السابق يجعل انتقال الملكية بالتسليم ، والصحيح أن انتقال الملكية يكون بالإفراز ، وإن كان الإفراز يتم عادة عند التسليم ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 895 ( مطابق )
التقنين المدني الليبي م 937 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي لا مقابل
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل
( [534] ) أنظر في تفصيل هذه المسألة ، وفي كيف يكون التنفيذ إذا امتنع البائع عن الإفراز ، وفي نقل الملكية في الأشياء المصدرة إلى المشتري : الوسيط 2 فقرة 419 – فقرة 423 – 4 فقرة 245 – فقرة 248 . وأنظر في أن كسب الملكية في المنقول المعين بنوعه هو سبب مركب من العقد وهو تصرف قانوني ومن الإفراز وهو واقعة مادية : حسن كيرة ص 8 – والعقد مصحوباً بالإفراز هو الذي ينقل الملكية في المنقول المعين بالنوع ، كما أن العقد مصحوباً بالتسجيل هو الذي ينقل الملكية في العقار .
( [535] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1369 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى ، سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان في حق الغير ، إلا إذا روعيت أحكام التسجيل المبينة في المواد الآتية " . وقد أورد المشروع التمهيدي في المواد 1370 إلى 1381 الأحكام الموضوعية الخاصة بالشهر العقارية ، على أساس أن مكانها المناسب هو التقنين المدني . وورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي . " ووضع التسجيل في هذا المكان إذ هو مكانه الحقيقي ، فإنه يشترط حتى ينقل العقد الملكية أن يسجل ، وبذلك اندمج قانون التسجيل في التقنين المدني بعد أن كان منفصلاً عنه : على أن هذا الاندماج محل للنظر ، فقد يحسن إبقاء قانون التسجيل منفصلاً حتى يتم إنشاء السجل العقاري " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 336 هامش 1 ) . وقبل نظر لجنة المراجعة للمشروع التمهيدي للتقنين المدني ألفت لجنة لنظر مشروع قانون الشهر العقاري ، فرأت أن تضمن هذا المشروع الأخير جميع الأحكام الخاصة بالشهر من موضوعية وشكلية وتنظيمية . ولذلك نقلت الأحكام الموضوعية الواردة في المشروع التمهيدي للتقنين المدني إلى قانون تنظيم الشهر العقاري ، وصدر هذا القانون فعلاً وعمل به قبل العمل بالتقنين المدني الجديد . ولما عرضت المادة 1369 من المشروع التمهيدي على لجنة المراجعة ، وافقت عليها تحت رقم 1006 في المشروع النهائي : بعد تعديلها على الوجه الآتي : " في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى ، سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان في حق الغير ، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة في قانون الشهر المتعلق بذلك " . وفي مجلس النواب أضيفت الفقرة الثانية ، فأصبح النص تحت رقم 1003 مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا خلافاً لفظياً ضئيلاً . ووافقت لجنة مجلس الشيوخ على النص تحت رقم 934 ، بعد استبدال عبارة " قانون تنظيم الشهر العقاري " بعبارة " قانون الشهر المتعلق بذلك " . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 340 – ص 342 ) . وقارن الوسيط 4 فقرة 262 ، حيث ورد خطأ أن اللجنة التشريعية لمجلس النواب هي التي رأت جعل نظام الشهر العقاري في قانون خاص منفصل عن التقنين المدني ، والصحيح أن لجنة المراجعة هي التي رأت ذلك قبل اللجنة التشريعية لمجلس النواب .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن قانون التسجيل كان معمولاً به منذ أول يناير سنة 1924 ، وقانون تنظيم الشهر العقاري منذ أول يناير سنة 1947 .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 896 : 1 - يكتسب حق تسجيل الحقوق الفعلية بمفعول العقود . 2 - وتطبق الأحكام الخاصة بالبيع والهبة على العقارات الأميرية وعلى الحقوق العينية العائدة لهذه العقارات . م 897 : إن الالتزام بإعطاء العقار يتضمن الالتزام بنقل ملكيته في السجل العقاري ، وبصيانته حتى هذا النقل ، تحت طائلة دفع العطل والضرر للدائن .
م 898 : إن الالتزام بنقل ملكية العقار في السجل العقاري خاضع لأحكام البيع والامتيازات والتأمينات ، وكذلك للنصوص المتعلقة بالسجل العقاري . ( وهذه النصوص تتفق مع أحكام السجل العيني وهو النظام المعمول به في سورية ) .
التقنين المدني الليبي م 938 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1127 : التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على الالتزام بالتعويض إذا أخل أحد الطرفين بتعهده ، سواء اشترط التعويض في التعهد أو لم يشترط . ( وهذا النص يتفق مع نظام السجل العيني " الطابو " وهو النظام المعمول به في العراق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 204 : يتم اكتساب الحقوق العينية وانتقالها بقيدها في السجل العقاري . وعدا ذلك فإن حقوق الملكية وحقوق التصرف تكتسب أيضاً الإلحاق وفقاً لأحكام الفصل الثاني من هذا الباب . وكل من يكتسب عقاراً بالإرث أو بنزع الملكية أو بحكم ، فهو مالك قبل التسجيل ، ولكن لا يكون للاكتساب مفعول إلا بعد التسجيل .
م 205 : إن مفاعيل القيود معنية بأحكام المادة 11 من القرار رمق 188 المتعلق بالسجل العقاري – م 11 من القرار رقم 188 ( المؤرخ في 15 آذار سنة 1926 بشأن إنشاء السجل العقاري ) : إن الصكوك الرضائية والاتفاقات التي تمري إلى إنشاء حق عيني أو إلى نقله أو إعلانه أو تعديله أو إسقاطه لا تكون نافذة حتى فيما بين المتعاقدين إلا اعتباراً من تاريخ قيدها . ولا يمنع ذلك المتعاقدين من ممارسة حقوقهم ودعاواهم المتبادلة عند عدم تنفيذ اتفاقاتهم . وتطبق هذه الأحكام خاصة على الصكوك والاتفاقات العقارية والوقفيات والحجج وتجزئة الأوقات التي تنظم أو تصدق من قبل كتاب العدل والمحاكم الشرعية . ( وهذه نصوص تتفق مع نظام السجل العيني أو العقاري وهو النظام المعمول به في لبنان ) .
( [536] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 341 .
( [537] ) أنظر آنفاً فقرة 126 – وأنظر الوسيط 2 فقرة 418 .
( [538] ) الوسيط 4 فقرة 250 .
( [539] ) وقد ذكرنا في الجزء الرابع من الوسيط ( فقرة 249 ) أننا نستعرض تطور نظام الشهر العقاري في كثير من الإيجاز ، على أن نفصل القول فيه عند الكلام في أسباب كسب الملكية . ولكننا رأينا بعد ذلك أن الاستعراض التاريخي الذي أوردناه في الجزء الرابع يكفي للوفاء بالحاجة ، فاقتصرنا هنا على مجرد الإشارة إليه إذ آل يتسع المقام لأكثر من ذلك . وآثرنا أن نركز البحث في الكلام في قانون تنظيم الشهر العقاري وهو القانون المعمول به في الوقت الحاضر ، مقارنين إياه بقانون السجل العيني وهو القانون الذي صدر أخيراً ولم يبدأ العمل به حتى اليوم .
( [540] ) أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 252 – فقرة 253 .
( [541] ) أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 254 – فقرة 257 .
( [542] ) أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 258 – فقرة 261 .
( [543] ) أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 262 – فقرة 265 – وأنظر في أن العقد المسجل يرتب جميع الآثار التي يرثيها العقد غير المسجل ، وفي أنه يزيد عليه في أنه ينقل الملكية فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير : الوسيط 4 فقرة 278 – فقرة 279 – وفي نقل الملكية فيما بين المتعاقدين وهل للتسجيل أثر رجعي : الوسيط 4 فقرة 280 – فقرة 286 - وفي نقل الملكية بالنسبة إلى الغير وهل يشترط حسن النية في المشتري الذي سجل عقده أولاً : الوسيط فقرة 287 – فقرة 290 .
( [544] ) وهذا ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون السجل العيني في تقدير هذا النظام : " ويعتبر السجل العيني ثورة في نظام الشهر ، إذ يترتب على تطبيقه تغيير جذري في أنظمة التسجيل القائمة . ومن هنا فإن هذا النظام كان أمنية ينشدها كل مشتغل بالقانون أو بأنظمة التسجيل . وظلت هذه الأمنية تراودهم مدة ستين عاماً منذ انعقدت أول لجنة في سنة 1904 لتعديل نظام التسجيل في مصر . وكانت مذكرات اللجان المتعاقبة تزخر بمزايا هذا النظام مناشدة الحكومات المختلفة قبل الثورة العمل على تطبيقه ، إلى أن قدر له أن يرى النور أخيراً على يد حكومة الثورة بعد هذه الأحقاب الطويلة " !
وينقسم قانون السجل العيني إلى أبواب ستة : ( 1 ) الباب الأول في أحكام عامة ، تعرف السجل العيني وتنظم مكاتبه ومأمورياته ، وتخصص سجلاً عينياً لكل قسم مساحي ، وتقرر في هذا السجل صحيفة خاصة بكل وحدة عقارية ، وتقرر أن الرسوم تخضع للقواعد المتعلقة بالرسوم الخاصة بالشهر العقاري . ( 2 ) الباب الثاني ، ويقرر القواعد التي تتبع في إثبات الحقوق في صحائف السجل لأول مرة ، ويشكل لجنة قضائية في كل قسم مساحي تنظر في الدعاوى والطلبات التي ترفع في خلال السنة الأولى بعد العمل بالقانون لإجراء تغيير في بيانات السجل العيني . ( 3 ) الباب الثالث ، ويبين التصرفات الحقوق الواجب قيدها في السجل ، ويقرر أن للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه ، ويورد إجراءات التغيير والتصحيح في بيانات السجل ، ويرسم الإجراءات الواجبة الإتباع للقيد في السجل . ( 4 ) الأبواب الرابع والخامس والسادس : يقرر الباب الرابع تسليم كل مالك " سند الملكية " ، وتسليم غير المالك من ذوي الشأن بناء على طلبهم شهادات بها البيانات الخاصة بهم في السجل العيني . ويجعل الباب الخامس علامات تحديد الوحدات العقارية مملوكة للدولة ، ويوجب الإخطار يرخص البناء والهدم وبربط العوائد المستمدة ، كما يوجب على السلطات المختصة أن تقدم البيانات والأوراق المطلوبة . ويفرض الباب السادس عقوبة الحبس والغرامة إلى خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين على من يتوصل إلى قيد محرر لسلب عقار مملوك للغير مع علمه بذلك ، كما يعاقب بغرامة من جنيه إلى عشرة جنيهات على عدم الإخطار برخص البناء والهدم وبربط العوائد المستجدة أو عدم تقديم السلطات المختصة للبيانات الأوراق المطلوبة .
( [545] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون السجل العيني في هذا الصدد : " وجدير بالذكر أن نظام السجل العيني لن يطبق دفعة واحدة على كافة أنحاء الجمهورية ، بل سيجري تطبيقه تباعاً في كل منطقة من المناطق التي يتم مسحها . فكلما تم مسح منطقة من المناطق مساحة حديثة ، أمكن تطبيق هذا النظام عليها . وسوف يراعى قبل إجراء القيد الأول في السجل فحص المستندات فحصاً دقيقاً ، ومناقشة أصحاب الحقوق ، وإجراء النشر اللازم في الصحف والجهات الرسمية وغيرها من وسائل الإعلام ، وتمكين ذوي الشأن من إبداء اعتراضاتهم أمام لجنة قضائية . وبذلك لا يقيد في السجل إلا صاحب الحق " .
( [546] ) وهناك مشروع لقانون تنظيم الشهر العقاري والتوثيق أعدته وزارة العدل ليحل محل قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 والقانون رقم 68 لسنة 1947 الخاص بالتوثيق . وقد استهدف هذا المشروع بوجه خاص : ( أ ) معالجة العيوب التي أسفر عنها التطبيق العملي لهذين القانونين واستكمال أوجه النقص فيهما . ( ب ) وضع القواعد الكفيلة بحماية صغار الملاك وبإمكان حصر الملكيات والتشجيع على شهر المحررات العرفية . ( ج ) تبسيط الإجراءات . ( د ) إقرار ما كانت مصلحة الشهر العقاري والتوثيق تقوم به من إجراءات اقتضتها الضرورة العملية إقراراً تشريعياً . ( هـ ) تنسيق أحكام قانون الشهر العقاري بما يتلاءم مع أحكام قانون السجل العيني ، تمهيداً لإدخال نظام السجل العيني .
وسنتناول في الحاشية أهم الأحكام التي جاء بها هذا المشروع معدلاً لأحكام قانون الشهر العقاري ، وذلك في المواضع التي يعدل فيها المشروع أحكام هذا القانون .
( [547] ) وتلخص المذكرة الإيضاحية لقانون السجل العيني مزايا نظام السجل العيني إذا تم إدخاله في مصر ، وهي التي تمثل أهم الفروق ما بين القانونين ، فيما يأتي : " 1 - تحقيق الأمان التام لكل من يتعامل على العقار وفق البيانات الثابتة بالسجل ، إذ أنه بمجرد إثبات البيان في السجل يصبح هذا البيان ممثلاً للحقيقة ونقياً من أي عيب عالق بسند الملكية بعد مضي مواعيد الطعن المنصوص عليها في المشروع أو الفصل نهائياً فيما قد يرفع من طعون ، ذلك أن المشروع يأخذ بمبدأ القوة المطلقة force probante للقيد في السجل العيني . ويمثل هذا المبدأ حجر الزاوية للنظام ، ومعناه أن كل ما هو مقيد في السجل العيني هو الحقيقة بالنسبة للغير ، وبذلك يصبح من يتعامل مع من قيد كمالك للعقار في حماية من كل دعوى غير ظاهرة في السجل ، مما يقتضي أن يؤشر بالدعاوى التي ترفع عند البيانات المدرجة في السجل لحماية رافعها من القرينة المطلقة التي تستمد من القيد فيه . 2 - حظر التملك بالتقادم ، كقاعدة عامة ، في مواجهة الحقوق المقيدة بالسجل . فمن أثبت اسمه في السجل كمالك للعقار يصبح في مأمن تام من أن يفاجأ بإدعاء أي مغتصب يزعم أنه تملك العقار بوضع الدين وهو أمر تقتضيه طبيعة القوة المطلقة للقيد في السجل . ورعاية لوضع اليد المستقر في ظل القانون القائم ، نص المشروع على طريقة القيد في السجل لأول مرة بالنسبة لمن تملك العقار فعلاً بوضع اليد قبل العمل بهن كما نص على فقرة انتقال يحترم خلالها وضع يد من لم يتم مدة التقادم ، وكل ذلك على التفصيل الموضح بالمشروع – 3 - تطبيق مبدأ المشروعية ( Legalite ) في السجل العين : ومعناه إجراء المراجعة السابقة لكافة السندات التي يجري القيد في السجل بمقتضاها حتى لا يقيد في السجل إلا الحقوق المشروعة فعلاً ، وحتى لا يستفيد من الشهر الإدعاءات المشكوك فيها . ويؤدي ذلك حتماً إلى استقرار الملكية استقراراً تاماً وانعدام المنازعات أمام المحاكم في شأنها ، مما يخفف العبء عن الأهالي وعن المحاكم بشكل ملموس . 4 - يكفل النظام الجديد تبسيط عملية الشهر وسرعتها والتناسق فيها ، مع وضوح السجلات وسهولة إحاطة المتعاملين بمضمونها . كذلك يقضي هذا النظام على المساوئ المترتبة على تشابه الأسماء ، وييسر تحديد وعاء الضريبة العقارية بطريقة سليمة وعادلة . 5 - ضماناً لاستقرار الملكية والحقوق العينية ، نص المشروع على عقوبة جنائية لكل من يتوصل إلى قيد محرره في السجل لسلب عقار مملوك لغيره ، أو ترتيب حق عيني عليه ، مع علمه بذلك " .
ومن البلاد التي أخذت بنظام السجل العيني أستراليا ( نظام تورنس ) وألمانيا وسويسرا والنمسا والسويد وأسبانيا والبرتغال وإنجلترا وملقا وسنغافورة والبرازيل وبعض الواليات الأمريكية المتحدة وجزء من كندا والعراق وسورية ولبنان وتونس ومدغشقر والكنجو والسنجال . ولكن لا يزال كثير من البلاد المتقدمة ، ومنها فرنسا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا ، يأخذ بنظام الشهر الشخصي ، إذ لم تستطع هذه البلاد حتى الآن تذليل الصعوبات التي يقتضي تذليلها إدخال نظام السجل العين . وهذه هي بعض خصائص نظام السجل العيني في البلاد المختلفة التي أخذت بهذه النظم ، وهي تختلف من بلد إلى آخر :
النظام الاسترالي ( تورنس ) : يطبق هذا النظام مبدأ القوة المطلقة للقيد بشدة أكثر مما يطبقه به أي نظام آخر . فالنظام الألماني مثلاً يستثنى من هذا المبدأ حالة الغير سيء النية ، ولكن القوانين الاسترالية تمنع ، سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير ، جميع دعاوى الطعن في حق الملكية الثابتة بالشهادة السندية ، سواء كانت دعاوى إلغاء أو رجوع أو فسخ ، ولا تستثنى إلا ثلاثة أنواع من الدعوى : ( 1 ) دعوى الطعن في صحة القيد الذي تم بطريق الغش ، متى رفعت الدعوى ضد الشخص الذي تم لصالحه القيد . ( 2 ) دعوى تصحيح الخطأ في التحديد . ( 3 ) الدعوى المرفوعة ممن يحمل شهادةسندية سابقة لها نس المنزلة . وفيما عدا ذلك تكون الشهادة السندية التي يسلمها المسجل العام بمنأى عن أي طعن ، وهي في ضمان الدولة . فإذا فرض أن صدر شهادة سندية لشخص بدون وجه حق ، فللمالك أن يرفع دعوى تعويض على الدولة . ولمواجهة هذه الدعاوى أنشأ القانون الاسترالي صندوقاص للتأمين ، يمول بواسطة رسم نسبي قدره نص بنس لكل جنيه ( 1 / 5% ) من قيمة كل عقار يقيد . وقانون الملكية العقارية الاسترالي ( نظام تورنس ) هو من أحسن القوانين المعاصرة التي تفي بالمطالب النظرية والعملية لنظام متقن للشهر ، ويدل على توفقه تطبيقه في عدد كبير من الدول ، منها انجلترا وملقا وسنغافورة والبرازيل وتونس وبعض الولايات الأمريكية المتحدة وجزء من كندا .
القانون الألماني : تنتقل ملكية العقار في هذا القانون باتفاق بين المتصرف والمتصرف إليه ( م 873 مدني ألماني ) ، ويستلزم ذلك حضور الطرفين أمم المكتب العقاري للتعبير عن إرادتين متقابلتين ، إحداهما بالتصرف في الحق والأخرى بكسب الحق . وأمين المكتب ، وهو قاض يختار من بين قضاة المحكمة الابتدائية ولقراراته خصائص أحكام محكمة الدرجة الأولى ، هو الذي يعطي السند المتضمن لهذا الاتفاق . ثم يتكفل بعد ذلك بنفاذه ، بالإشراف على قيده في السجلات العامة . والتصرف الذي لا يتم على هذه الصورة يكون باطلاً ، ولا أثر له . وتقضي المادة 927 مدني ألماني بأ ، العقار الذي يبقى مدة ثلاثين سنة في حيازة الغير ، يمكن تقرير سقوط حق المالك عنه عن طريق رفع دعوى . وإذا كان المالك مقيداً في السجل ، فإن الدعوى لا تقبل إلا إذا كان قد توفى أو كان غائباً . ولم يجر أي قيد بموافقته في السجل منذ ثلاثين سنة .
القانون السويسري : يقضي القانون السويسري بأن كل من يكسب الملكية أو أي حق عيني آخر بحسن نية استناداً إلى قيد في السجل العيني ، يبقى حقه قائماً . ولكن إذا تم قيد الحق دون مسوغ ، بأن أجرى دون وجه حق أو بموجب تصرف قانوني غير ملزم ، جاز لمن أضر القيد بحقه أن يدعي مباشرة ضد الغير سيء النية بعدم صحة القيد . ويجيز القانون السويسري كسب ملكية العقار بالتقادم في حالات ثلاث : ( 1 ) إذا قيد شخص في السجل كمالك للعقار ، وكان ذلك القيد قد تم بدون سبب مشروع . ويشترط في هذه الحالة أن يستمر الشخص واضعاً يده على العقار بحسن نية وبهدوء ودون انقطاع لمدة عشر سنوات . ( 2 ) إذا وضع شخص يده كمالك على عقار مدة ثلاثين سنة ، بهدوء وبدون انقطاع ، بشرط أن يطلب قيده باسمه كمالك . ( 3 ) إذا وضع شخص يده كمالك على عقار غير مبين مالكه في السجل ولكنه توفى أو أعلن غيابه ، على أن يستمر واضعاً يده ثلاثين سنة . ويشترط في هذه الحالة لتمام قيد العقار باسم واضع اليد صدور أمر من القاضي ، وعدم حصول اعتراض على ذلك في خلال المدة التي تحددها المحكمة أو رفض الاعتراضات التي قدمت .
القانون السوري : أورد المشرع السوري استثناءات على القوة المطلقة للقيد :
لا يجوز للغير الذي يكسب حق على العقار أن يحتج بالقيد ، إذا كان وقت كسب الحق عالماً بأسباب فساد التصرف أو بطلانه . ( 2 ) لصاحب الحق الحقيقي المتضرر أن يرفع دعوى تعويض ضد الشخص الذي قيد العقار باسمه وكان علاماً بأنه لا حق له فيه . ( 2 ) إذا أجرى القيد نتيجة خطأ أو إهمال من الموظفين المختصين ، جاز لمن أصابه ضرر بسبب ذلك أن يرفع دعوى تعويض ضد الدولة وفقاً لقواعد المسئولية الإدارية – ولا يسري التقادم المكسب في مواجهة المالك المقيد حقه في السجل .
القانون العراقي : يجوز الحكم بخلاف مضمون سند الطابو إذا ثبتت دعوى لاستحقاق ، فيصدر حكم إبطال سند الطابو الذي بيد المدعي عليه وتصحيح قيد الطابو باسم المستحق وإعطائه سنداً جديداً . والأصل أن التقادم لا يسري في مواجهة المالك المقيد ، ومع ذلك يجوز لواضع اليد على العقار أن يكسب ملكيته بطريق التقادم إذا تمكن من قيده باسمه وكان يستند في وضع يده إلى سبب صحيح كالإرث والوصية والبيع ، على أن تبدأ مدة التقادم اعتباراً من تاريخ القيد .
( [548] ) أنظر آنفاً فقرة 68 – فقرة 70 .
( [549] ) أنظر آنفاً فقرة 71 .
( [550] ) أنظر آنفاً فقرة 34 – فقرة 39 .
( [551] ) بقى هذا النص على حاله في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ( م 7 / 1 من المشروع ) .
ويطابق النص في قانون السجل العيني المادة 26 / 1 من هذا القانون .
( [552] ) أنظر آنفاً فقرة 1 .
( [553] ) أنظر آنفاً فقرة 85 - فقرة 88 .
( [554] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون الشهر في خصوص هذه التصرفات الإدارية أنها التصرفات التي تتناول حقوقاً عينية عقارية كمراسيم نزع الملكية والإذن الذي تعطيه الحكومة في إحياء الأرض الموات وقرارات وزير المالية بتوزيع طرح البحر عملاً بأحكام القانون رقم 48 لسنة 1932 . وفي خصوص الإذن الذي تعطيه الحكومة في إحياء الأرض الموات كان القانون رقم 124 لسنة 1958 الخاص بتملك الأراضي الصحراوية يقضي بحظر تملك هذه الأراضي ( إلا في مناطق معينة لايشملها الحظر تحدد بقرار وزير الحربية ) إلا بإذن يصدر من وزير الحربية . وهذا الإذن كان واجب التسجيل ، ثم ألغى القانون رقم 124 لسنة 1958 بالقانون رقم 100 لسنة 1964 ، ويقضي هذا القانون الأخير بأن تكون الأراضي الصحراوية ملكاً خاصاً للدولة ، ويتملكها الأفراد لاستصلاحها بطريق الشراء ممارسة من الدولة ( أنظر آنفاً فقرة 18 ) . وبديهي أن عقد البيع الصادر من الدولة بتمليك أحد الأفراد أرضاً صحراوية يجب تسجيله ، شأنه في ذلك شأن عقود البيع .
( [555] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 390 .
( [556] ) أنظر آنفاً فقرة 95 .
( [557] ) أنظر آنفاً فقرة 95 .
( [558] ) أنظر آنفاً فقرة 130 .
( [559] ) أنظر في هذا المعنى حامد فهمي في بحثه في نظرية التصرفات الإقرارية والإنشائية في مجلة القانون والاقتصاد السنة الأولى ( ص 7 – ص 63 ) فقرة 33 – محمد علي عرفة 2 فقرة 181 .
( [560] ) أنظر آنفاً فقرة 130 .
( [561] ) وكذلك يجب تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة حتى يكون حجة على الغير ، بصريح نص المادة 942 / 1 مدني إذ تقول : " . . . . . ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير إلا إذا سجل " .
( [562] ) أنظر ما يلي فقرة 226 - فقرة 231 .
( [563] ) محكمة الاستئناف في دوائرها المجتمعة 29 مارس سنة 1922 المحاماة 3 رقم 200 ص 266 – نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 220 – 15 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 67 رقم 251 .
وسنرى عند الكلام في الشفعة أنها سبب من أسباب كسب الملكية ، فمتى توافرت شروط الأخذ بالشفعة وأعلن الشفيع رغبته في الأخذ بها ، فقد حل محل المشتري في البيع الصادر من البائع وأصبح هذا البيع صادراً له مباشرة ، فتنتقل إليه الملكية بحلوله محل المشتري وتسجيل الحكم بثبوت الشفعة . فالحكم بثبوت الشفعة في ذاته ليس إذن ناقلاً للملك في رأينا ، بل هو كاشف عن ثبوت الحق في الشفعة . فتسجيله لا يمكن أن يكون على اعتبار أنه حكم ناقل كما تذهب محكمة النقض . ولا يمكن أن يكون على اعتبار أنه حكم بتصرف ، ناقلاً كان هذا التصرف أو كاشفاً لأنه يقضي بحصول تصرف ما ، وإنما يقضي بحصول واقعة الشفعة وهي واقعة مركبة وليست تصرفاً محضاً كما سبق القول . وفي رأينا أنه كان يحسن إفراد نص خاص في قانون الشهر العقاري يقضي بوجوب تسجيل الحكم بالشفعة حتى تنتقل الملكية للشفيع ، فيكون هذا النص هو الذي تشير إليه المادة 944 مدني إذ تقول كما رأينا : " الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة يعتبر سنداً لملكية الشفيع ، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل " . وقد ورد هذا النص الخاص فعلاً في قانون السجل العيني ، إذ تنص المادة 36 من هذا القانون على أنه " يجب التأشير بإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة في صحف الوحدات العقارية ، ويترتب على ذلك أنه إذا تقرر حق الشفيع بحكم قيد في السجل أن يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ التأشير المذكور " .
( [564] ) بقى هذا النص على حاله في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ( م 7 / 1 من المشروع ) . وأضيف في آخره فقرة جديدة تجري على الوجه الآتي : " ويجوز لمن حصل مع آخرين على حكم نهائي مثبت لحق من هذه الحقوق أن يطلب قصر الشهر على القدر الذي تقضي له به . كما يجوز له قصر الشهر على العقارات المقضي له بها في جهة معينة " . فإذا صدر حكم نهائي يثبت لشخص ملكية عقارات متعددة ، أ ويثبت له مع آخرين ملكية عقار ، فإنه يستطيع ، عند تسجيل هذا الحكم ، أني قصر التسجيل على العقارات المقضي له بها في جهة دون أخرى فيجزئ بذلك العقارات المقضي له بها ، أو يقصر التسجيل على القدر الذي قضى له به دون القدر الذي قضى به لآخرين معه فيجزئ بذلك الحكم الذي قضى لمصلحته ولمصلحة آخرين معه . والظاهر أن الغرض من هذه التجزئة هو التيسير على أصحاب الشأن ، حتى لا يلزموا بدفع رسوم الشهر كاملة عن جميع العقارات المقضي بها أو عن جميع العقارات المقضي بها أو عن جميع العقار المقضي به لأشخاص متعددين . وهذا يماثل ما قضى به المشروع ( وقانون الشهر العقاري الحالي ) من جواز قصر شهر حق الإرث على جزء من عقارات التركة ، وما قضى به المشروع من قصر شهر الحكم النهائي بالقسمة أ وبصحة التعاقد عليها على حصة أحد الشركاء كما سيجئ .
هذا ويماثل قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 قانون الشهر العقاري فيما سنورده من أحكام . وأنظر في أن الملكية في التقنين المدني السابق تنتقل فيما بين المتعاقدين دون حاجة إلى تسجيل العقد وفي تفضيل المشتري من المورث على المشتري من الوارث : الوسيط 4 فقرة 268 ، وفي أن الملكية لا تنتقل إلى الغير إلا بالتسجيل : الوسيط 4 فقرة 269 .
( [565] ) وعلى ذلك إذا رهن المشتري ، قبل أن يسجل عقد البيع ، العقار المبيع ، فإن الرهن يكون صادراً من غير مالك . وإذا فسخ البائع البيع لعدم استيفائه الثمن مثلاً ، فإنه يسترده من المشتري خالياً من حق الرهن ( محمد علي عرفة 2 فقرة 185 ) .
( [566] ) ويترتب على ذلك أن دائن البائع يستطيع التنفيذ على العقار المبيع الذي لا يزال مملوكاً لمدينه ، ويستطيع أن يأخذ عليه حق اختصاص ، بل ويستطيع أن يجعل البيع غير نافذ في حقه إذا هو سجل تنبيه نزع الملكية قبل أن يسجل المشتري البيع ( أنظر م 616 مرافعات ) وأنظر الوسيط 4 فقرة 284 – محمد علي عرفة 2 فقرة 188 .
ويترتب على ذلك أيضاً أن الملكية لا تنتقل إلى المشتري الذي لم يسجل عقده ، فلا يستطيع هذا المشتري أن ينقل الملكية إلى مشتر منه . وقد قضت محكمة النقض بأن حق ملكية العقار لا تنتقل فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل ، فلا تنتقل الملكية لمشتر لم يسجل عقد البيع الصادر إليه . ومن ثم لا يكون لهذا المشتري أن ينقل الملكية لمن اشترى منه ، لأنها لا تؤول إليه هو إلا بتسجيل عقده . ولذلك فقد أورد المشرع بالمادة 23 من قانون الشهر العقاري نصاً يقضي بأنه لا يقبل فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية أو الحق العيني إلا المحررات التي سبق شهرها . فإذا توصل المشتري إلى تسجيل عقده أو تسجيل الحكم الصادر بصحته ونفاذه رغماً من أن سند البائع له لم يكن قد تم شهره ، فإنه لا يكون من شأن التسجيل على هذه الصورة اعتبار المشتري مالكاً ، إذ من غير الممكن أن يكون له من الحقوق أكثر مما هو للبائع له الذي لم تنتقل إليه الملكية بسبب عدم تسجيل سنده ( نقض مدني 21 يناير سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 12 ص 73 ) .
( [567] ) أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 271 – ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض بأن المعول عليه هو الأخذ بنظرية الشريعة الإسلامية من اعتبار شخصية الوارث مغايرة لشخصية المورث ، ولذلك فلا محل للمفاضلة بين البيع الذي يصدر من المورث والبيع الذي يصدر من الوارث لصدورهما من شخصين مختلفين . وتكون العبرة بتصرف المالك الحقيقي ، إذ يكون العقد الصادر من هذا المالك هو العقد الصحيح( نقض مدني 28 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 794 ) .
وإذا لم يسجل عقد البيع ، وباع البائع العقار مرة ثانية لمشتر آخر سجل عقده ، فإن ملكية العقار المبيع تنتقل من البائع إلى هذا المشتري الثاني . ويفضل هذا المشتري الثاني الذي انتقلت إليه الملكية على أي شخص يتعامل مع المشتري الأول الذي لم يسجل عقده ولم تنقل إليه الملكية ، كمشتر من هذا المشتري الأولي ولو سجل عقده قبل أن يسجل المشتري الثاني من البائع عقده ( استئناف مختلط 3 يناير سنة 1928 م 40 ص 116 – 29 مارس سنة 1928 م 40 ص 258 – محمد علي عرفة 2 فقرة 186 ) .
( [568] ) أنظر في ذلك الوسيط 4 فقرة 272 .
( [569] ) أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 276 .
( [570] ) أنظر في ذلك الوسيط 4 فقرة 277 . ولكن البيع المسجل لا يصلح سبباً صحيحاً في التقادم المكسب القصير لو ردد نص صريح يقضي بأن يكون السبب الصحيح مسجلاً ( م 969 / 3 مدني ) .
( [571] ) أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 273 – وفي دعوى صحة التعاقد الوسيط 4 فقرة 274 – وفي دعوى صحة التوقيع الوسيط 4 فقرة 275 .
( [572] ) أنظر آنفاً فقرة 133 .
( [573] ) ولكن هل يجوز تنفيذ هذا الالتزام عيناً ، كما يجوز تنفيذه عيناً في قانون الشهر العقاري عن طريق دعوى صحة التعاقد؟ ورد في المذكرة الشارحة لقانون السجل العيني ، في خصوص المحررات التي يجوز قبولها لإجراء تغيير في البيانات الواردة في السجل العيني وحصرها في قسمين ، ما يأتي : " ( القسم ) الأول : المحررات الموثقة الصادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل . على أن الرسمية لا تعتبر ركناً في التعاقد ، ولكنها شرط جوهري لقيد المحررات في السجل ، بحيث لا يسوغ قيدها استناداً إلى عقد عرفي ولو صدر به حكم بصحة التعاقد " . والظاهر من ذلك أنه طبقاً لقانون السجل العيني ، يبقى عقد البيع العرفي غير المقيد منشئاً لالتزامات شخصية ، ومنها الالتزام بنقل الملكية . ولكن هذا الالتزام بنقل الملكية لا يمكن تنفيذه عيناً ، ونقل الملكية بالفعل ، إلا إذا قيد البيع في السجل العيني . والبيع لا يجوز قيده في السجل العيني إلا إذا كان موثقاً في محرر رسمي ، ولا يسوغ قيد البيع العرفي في السجل ولو صدر به حكم بصحة التعاقد . يخلص من ذلك أن البيع العرفي غير المقيد ، طبقاً لقانون السجل العين ، ينشئ التزاماً بنقل الملكية ، ويلزم البائع باتخاذ الإجراءات اللازمة لنقلها ومن هذه الإجراءات أن يشارك البائع المشتري في توثيق محرر رسمي بالبيع ، حتى يمكن قيد البيع في السجل العيني . فإن امتنع البائع عن توثيق البيع ، لم يعد هناك سبيل لقيد البيع في السجل العيني ، ولو عن طريق حكم بصحة التعاقد يصدر بناء على عقد البيع العرفي . ومن ثم لا يكون أمام المشتري إلا مطالبة البائع بالتعويض ، لامتناعه عن القيام بالتزامه من توثيق البيع تمهيداً لقيده في السجل العيني . فإن أنكر البائع صدور البيع العرفي منه أو أنكر صحته ، وجب على المشتري رفع دعوى واستصدار حكم بصحة التعاقد ، ولكن هذا الحكم لا يمكن قيده في السجل العيني كما سبق القول . و كل ما يستطيعه المشتري في هذه الحالة ، وقد ثبت صحة البيع بالحكم الصادر في هذا الشأن ، هو أن يطالب البائع بالتعويض لإخلاله بالتزامه من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوثيق البيع . ويكون موقف المشتري بعد صدور الحكم بصحة التعاقد هو نفس موقفه بالنسبة إلى عقد بيع عرفي لم ينكر البائع بصحته . ففي الحالتين لا يستطيع المشتري ، إذا امتنع البائع عن توثيق عقد البيع ، إلا أن يطالب بالتعويض .
( [574] ) أنظر آنفاً فقرة 133 .
( [575] ) وتقرب محكمة النقض من ذلك إذ تقول : " إن الملكية لا تنتقل بالتسجيل وحده ، وإنما تنتقل بأمرين : أحدهما أصلي أساسي وهو العقد الصحيح الناقل للملكية ، وثانيهما تبعي وهو التسجيل . وإذن فالعقود الصورية المبنية على الغش والتدليس لا يصححها التسجيل ( نقض مدني 3 يونيه سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 68 ص 183 ) . وقرب حسن كيرة ص 9 وص 11 ( وإذا جاز أن يقال إن العقد المسجل وهو الذي ينقل ملكية العقار واقعة مركبة من تصرف قانوني هو العقد ومن واقعة مادية هي التسجيل ، وجب أن يقال أيضاً إن عنصر التصرف القانوني في هذه الواقعة المركبة هو العنصر الغالب ، والواقعة المركبة كالواقعة المختلطة قد يتغلب فيها عنصر على عنصر آخر ) .
( [576] ) وقد جاء فيها ما يأتي : " أما الفقرتان الثانية والثالثة من هذه المادة ( التاسعة ) ، فهما مطابقتان للفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى من القانون الحالي ( قانون التسجيل ) . ولم ير إجراء أي تعديل في نصوصها ، اكتفاء بما استقرت عليه أحكام محكمة النقض والإبرام تفسيراً لهذه النصوص . وهذه الأحكام تقضي بأن الحقوق العينية المشار إليها في هذه المادة لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول إلا بالتسجيل ومن تاريخ هذا التسجيل ، دون أن يكون لهذا التسجيل أثر رجعي ينسحب إلى تاريخ التصرف نفسه " .
( [577] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الحكم الذي يقضي برفض دعوى الشفعة بناء على أن الشفيع لم يكن مالكاً للعين المشفوع بها يوم اشتراها بل من تاريخ تسجيل عقد الشراء ، لا يكون مخالفاً للقانون في نفيه الأثر الرجعي للتسجيل . وقد جاء في أسباب هذا الحكم ما يأتي : " وحيث إن استناد أثر الشرط إلى الماضي . . . إنما يصح حيث يكون التعليق على الشرط ناشئاً عن إرادة المتعاقدين ، أما حيث يكون القانون هو الذي قرر الشرط وعلق عليه حكماً من الأحكام ، فإن الحكم المشروط لا يوجد ولا يثبت إلا عند تحقق شرطه ، أما قبله فلا . ذلك لأن الأصل أن الأثر لا يسبق المؤثر . غير أن الشارع قد لاحظ أن العاقدين إذ يعلقان اتفاقهما على شرط – أي على أمر مستقبل قد يوجد وقد لا يوجد – يكونان جاهلين مآل الشرط فلا يعرفان هل يتحقق أو يتخلف ، فقدر أنهما لو كانا . على علم بهذا المآل لأقاما عليه اتفاقهما منذ البداية . وعلى هذا التقدير أو الفرض القانوني قامت نظرية الأثر الرجعي للشرط ، ولا مبرر لها في الشرائع التي أخذت بها إلا أنها تعبر عن إرادة العاقدين ، فقصر تطبيقها من أجل ذلك على دائرة الاتفاق . وقد التزم القانون نفسه هذه الدائرة ، فأورد نص المادة 105 ( من القانون السابق ) التي قررت الأثر الرجعي للشرط في باب التعهدات والعقود ، وعلى ذلك فلا محل لتطبيق هذا النص في غير هذا الباب . وبصفة خاصة لا محل لتطبيقه على ما كان من الشروط جلياً مردوداً إلى إرادة الشارع - كشرط التسجيل لنقل الملكية – لأن هذا النوع من الشروط باق على الأصل ، فلا انسحاب لأثره على الماضي . وحيث إنه فضلاً عما تقدم فإن القول بالأثر الرجعي للتسجيل فيه منافاة لمقصود الشارع من وضع قانون التسجيل . وذلك لأن هذا القول يثير من جديد التمييز بين الغير وبين العاقدين ، والقضاء على هاذ التمييز بالذات كان بعض ما أريد بوضع هذا القانون . ثم إن هذا القول أيضاً من شأنه أن يضعف جزاء عدم التسجيل ، في حين أن واضع القانون المذكور إنما أراد أن يكون هذا الجزاء صارماً رادعاً ليحمل المتعاملين على المبادرة إلى التسجيل قصد تمهيد الطريق لنظام السجلات العقارية المرجو إنقضاؤها في المستقبل " ( نقض مدني 21 نوفمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 112 ص 255 – وأنظر أيضاً نقض مدني 9 فبراير سنة 1939 مجموعة 2 رقم 164 ص 497 – 22 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 35 ص 118 - 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 15 ص 74 – 8 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 44 ص 309 ) .
وأنظر في تفصيل الرأي الذي استقر عليه القضاء والفقه من أنه ليس للتسجيل أثر رجعي فيما بين المتعاقدين : الوسيط 4 فقرة 280 – فقرة 281 – وأنظر في استقرار الفقه على هذا الرأي الوسيط 4 فقرة 281 ص 512 هامش 1 – يضاف محمد علي عرفة 2 فقرة 207 فقرة 209 – حسن كيرة ص 309 .
( [578] ) والمقصود بالغير كل شخص يثبت له على العقار المبيع حق عيني مصدره تصرف قانوني يخضع للشهر ، ويقوم هذا الشخص فعلاً بشهره . فإذا باع شخص عقاراً ، وقبل تسجيل عقد البيع باعه إلى مشتر ثان أو رهنه لدائن مرتهن ، فلا يكفي لاعتبار المشتري الثاني للعقار أو الدائن المرتهن غيراً أن يتم البيع أو الرهن ، بل يجب أيضاً على المشتري الثاني أن يسجل عقد البيع الصادر له ، وعلى الدائن المرتهن أن يقيد عقد الرهن ، حتى يمكن اعتبارهما من الغير ، فإذا شهر كل منهما حقه على هذا الوجه ، لم يجز للمشتري الأول من البائع أن يحتج عليهما بعقده إلا من وقت تسجيل هذا العقد ، فإذا كان لم يسجل أو سجل بعد تسجيل البيع الثاني أو بعد قيد الرهن نفذ البيع الثاني أو الرهن في حق المشتري الأول .
( [579] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 282 – فقرة 286 .
( [580] ) أنظر في تفصيل كل ذلك الوسيط 4 فقرة 283 – وقد عقبنا على ذلك بما يأتي : " والواقع من الأمر أننا نواجه في الأمثلة التي قدمناها المواقف الآتي : المشتري لم يسجل عقد شرائه ، ولكنه حصل فعلاً على المزايد التي كان يحصل عليها لو أن الملكية قد انتقلت إليه من وقت البيع . فهو يكسب ثمرة المبيع من هذا الوقت ، ويستطيع أن يتصرف في المبيع قبل أن يسجل ، ولا يستطيع البائع أن يبني في الأرض المبيعة وإلا اعتبر بانياً في أرض غيره . ونريد أن نعلل هذه المزايا . فبدلاً من تعليلها التعليل القريب المستساغ وذلك بالقول بأنه متى سجل المشتري العقد اعتبرت الملكية منتقلة إليه من وقت تمام العقد فساغ أن يحصل على المزايا المتقدمة الذكر ، نلجأ إلى تعليلات مختلفة لكل حالة تعليلها الخاص ، وجانب الإغراب في جميعها ظاهر " ( الوسيط 4 فقرة 283 ص 524 ) .
( [581] ) وقد ذكرنا تعقيباً على ذلك : " ولو قلنا بالرأي الذي ذهبت إليه محكمة النقض ، لترتب على ذلك أن الشفيع يكون في هذه الحالة هو المالك السابق الذي باع للمشتري العقار المشفوع به ، فقد كان مالكاً لهذا العقار وقت بيع العقار المشفوع فيه . ولا شك في أنه بين المالكين المتعاقبين – البائع للعقار المشفوع به والمشتري إياه – المشتري هو الباقي مجاوراً للعقار وهو الأولى بالأخذ بالشفعة ، إلا إذا قيل إن الشفعة في هذه الحالة لا تكون لأحد منهما فيتعطل بذلك حق قرره القانون وتهيأ الأسباب لكسبه " ( الوسيط 4 فقرة 284 ص 528 ) .
( [582] ) ويمكن القول أيضاً ، في عهد قانون الإصلاح الزراعي ، إنه لو باع شخص لآخر أرضاً زراعية بعقد ثابت التاريخ قبل نفاذ قانون الإصلاح الزراعي ، إنه لو باع شخص لآخر أرضاً زراعية بعقد ثابت التاريخ قبل نفاذ قانون الإصلاح الزراعي ، ثم سجل للعقد بعد نفاذ هذا القانون ، فإن ملكية الأرض تنتقل فيما بين البائع والمشتري من تاريخ العقد لا من تاريخ التسجيل ، أي قبل نفاذ قانون الإصلاح الزراعي لا بعد نفاذه ، وقد يترتب على ذلك نتائج هامة ( الوسيط 4 فقرة 284 ص 528 هامش 2 ) .
وأنظر في تفصيل الفروض الخمسة التي ذكرنا أن القول بالأثر الرجعي فيما هو القول الحق : الوسيط 4 فقرة 284 .
( [583] ) وقد ذكرنا بعد ذلك : " فيجب إذن ، في نظام الشهر الشخصي ، أن يؤدي كل من العقد والتسجيل مهمته في حدودها المرسومة . فينقل العقد الملكية إذ هو السبب في نقلها ، ولا يتراخى المسبب عن السبب إلا لمانع . ولا ويجد فيما بين المتعاقدين مانع من إعمال للسبب في الحال ، والتسجيل ليس بمانع ، فمهمته كما قدمنا إعلام الناس بوقوع التصرف والمتعاقدان يعلمان بوقوع التصرف قبل التسجيل فهما اللذان باشراه . أما بالنسبة إلى الغير ، فهناك مانع من إعمال السبب في الحال ، فوجب أن يتراخى المسبب حتى يقوم التسجيل بمهمته وهي إعلام هذا الغير بوقوع التصرف . ومن لا يجوز ، كأصل عام ، في نظام شهر شخصي أن يتراخى انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين إلى وقت إجراء التسجيل ، وإلا انتقلنا إلى نظام الشهر العيني في ناحية منه دون أن نحتاط للنواحي الأخرى . ولكن المشرع ، في قانون التسجيل وفي قانون تنظيم الشهر العقاري ، نص صراحة على أن الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل حتى فيما بين المتعاقدين . يقال عادة إن هذه خطوة أراد بها المشرع أن يحث المتعاقدين على المبادرة إلى تسجيل عقودهم ، فأرجأ نقل الملكية فيما بين المتعاقدين حتى يتم التسجيل . ولكن حتى يصل المشرع إلى تحقيق هذه الغاية ، يتحتم عليه أن يجعل التسجيل ذاته لا العقد هو الذي ينقل الملكية . أما إذا جعل البيع هو الذي ينقل الملكية ، وأرجأ مع ذلك نقل الملكية فيما بين المتعاقدين إلى وقت إجراء التسجيل ، فمعنى ذلك أن التسجيل هو الذي ينقل الملكية فيما بين المتعاقدين لا البيع . ومعنى ذلك أيضاً أن المشرع يخلط بين نظامين متعارضين ، نظام الشهر الشخصي ونظام الشهر العيني . أما ونحن لا نزال في نظام الشهر الشخصي ، ولا نزال نعتبر البيع عقداً رضائياً هو السبب القانوني في نقل الملكية ، فلا بد من إعمال البيع وإنتاج أثره في الحال حيث لا يحول دون ذلك مانع . وأثره هو نقل الملكية ، فينبغي أن ينقلها في الحال . ولكن لما كان نقلها بالنسبة إلى الغير يقتضي إعلام الغير بالبيع وهذه هي مهمة التسجيل ، فقد وجب القول بأن انتقال الملكية لا ينفذ – وهذا أدق من القول بأن الملكية لا تنتقل - في حق الغير إلا من وقت إجراء التسجيل . ولما كان نقلها فيما بين المتعاقدين لا يكون إلا بالتسجيل إذا جاء النص صريحاً في ذلك ، فقد وجب القول بأن انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين يجب لتحقيقه إجراء التسجيل مطاوعة للنص ، ووجب القول في الوقت ذاته بأن الملكية بعد تسجيل البيع تنتقل فيما بين المتعاقدين من وقت تمام البيع لا من وقت التسجيل مطاوعة للمبادئ العامة ، ولطبيعة البيع الذي لا يزال هو السبب في نقل الملكية ، ولمهمة التسجيل في نظام الشهر الشخصي التي لا تزيد على إعلام الغير بوقوع التصرف ولا شأن لها في العلاقة ما بين المتعاقدين " ( الوسيط 4 فقرة 285 ص 530 – ص 532 ) . وأنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 285 .
وذكرنا أيضاً في هذا المعنى : " والواقع أننا نشك كثيراً في فائدة استحداث قانون التسجيل وقانون الشهر العقاري لقاعدة انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين بالتسجيل مع البقاء في نظام الشهر الشخصي . فما دمنا في هذا النظام مضطرين إلى التسليم بأن البيع لا التسجيل هو سبب كسب الملكية ، فإن هذه القاعدة المستحدثة لا تترتب عليها أهمية كبيرة . وأكبر خطر يتعرض له المشتري المتقاعد عن التسجيل لا يزال هو خطر تصرف البائع إلى مشتر آخر وسبق هذا إلى تسجيل عقده ، وهذا الخطر كما نرى لا يرجع إلى قاعدة انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين ، بل إلى قاعدة انتقالها بالتسجيل في حق الغير . أما انتقال الملكية بالتسجيل فيما بين المتعاقدين ، فلا تظهر أهميته العملية حقاً إلا في نظام الشهر العيني حيث التسجيل ذاته هو الذي ينقل الملكية ، فيجب إذن أن يكون نقلها من وقت إجراء التسجيل ، سواء بالنسبة إلى الغير أو فيما بين المتعاقدين " ( الوسيط 4 فقرة 285 ص 530 هامش 2 ) . وأنظر في أن نفي الأثر الرجعي لم يكن من شأنه أن تبادر الناس إلى تسجيل عقودهم بعد صدور قانون التسجيل بأكثر مما كانوا يفعلون قبل صدوره : الوسيط 4 فقرة 285 ص 530 هامش 2 .
( [584] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 341 – وأنظر الوسيط 4 فقرة 286 .
( [585] ) أي إذا كان البيع صادراً من المالك للعقار المبيع ، وكان بيعاً جدياً لا صورياً ولا مزوراً ، ولم يشبه البطلان . وقد سبق أن قلنا في هذا الصدد : " ويشترط في التفضيل بحسب أسبقية التسجيل أن تكون التصرفات المتعارضة صادرة من شخص واحد هو المالك ، وأنها جميعاً تصرفات صحيحة نافذة . فإذا صدر تصرف من المالك ، فضل ولو لم يسجل على تصرف من غير المالك ولو سجل ، ولكن المشتري من غير المالك يملك بالتقادم الخمسي إذا سجل عقده وكان حسن النية . وإذا سبق إلى التسجيل تصرف باطل أو صوري ، فضل عليه التصرف الصحيح النافذ ولو سجل بعد ذلك " ( الوسيط 4 فقرة 287 ص 536 هامش 3 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كانت المحكمة قد أسست قضاءها بالملكية على عقد الشراء وعلى تسجيل الحكم الصادر بصحة التوقيع عليه إلى جانب صورية عقد الشراء الآخر الصادر من البائع نفسه وانعدام أثر تسجيله ، فإن ذلك تسبيب كاف لقيام الحكم ( نقض مدني 7 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام ص 701 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا ثبتت صورية عقد البيع صورية مطلقة ، فإنه يكون باطلاً ولا يترتب عليه نقل ملكية القدر المبيع ولو كان مسجلاً ، إذ ليس من شأن التسجيل أني صحح عقداً باطلاً . وإن المفاضلة بين عقدي بيع صادرين من مالك واحد بأسبقية التسجيل ، لا تكون إلا بين عقدين صحيحين ( نقض مدني 27 مايو سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 105 ص 655 ) .
( [586] ) فإذا باع المالك عقاره لمشتريين متعاقبين ، فأسبقهما في التسجيل هو المالك . وإذا أدعى المشتري الآخر أنه ملك العقار بالتقادم ، فعليه هو إثبات ذلك ( نقض مدني 28 أكتوبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 147 ص 929 ) .
( [587] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان المشتري قد سجل عقده الذي شمل الأطيان موضوع عقد البدل المبرم بين البائع والطاعن قبل أن يسجل الطاعن صحيفة دعواه بصحة ونفاذ عقد البدل ، فإن ملكية هذه الأطيان تكون قد انتقلت إلى المشتري من تاريخ تسجيل عقده ، ولم يعد بذلك لعقد البدل محل يرد عليه . فإذا قضى الحكم المطعون فيه ، في هذه الحالة ، برفض طلب صحة ونفاذ عقد البدل ، فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ( نقض مدني 24 مارس سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 97 ص 708 ) .
( [588] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 287 – فقرة 290 .
( [589] ) أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 288 .
( [590] ) نقض مدني 12 ديسمبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 308 ص 975 – 6 أبريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 117 ص 307 – 7 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 43 ص 113 - 2 يناير سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 376 ص 707 – وقد قلنا في هذا الصدد : " فارتفعت محكمة النقض بالتسجيل ، بهذا الرأي الذي اعتنقته ، إلى أعلى مرتبة من القوة . ولكن لا يفهم من قضائها هذا أن المشتري الأول ، الذي تواطأ البائع والمشتري الثاني على الإضرار بحقه ، يصبح محروماً من الحماية . لا يستطيع هذا المشتري حقاً أن يتعرض للتسجيل فيبطله للتواطؤ . ولكن يستطيع أن يطالب البائع بتعويض ويتقاضاه مما عنده من مال ، إن كان البائع موسراً . فإذا كان معسراً وكان البيع المسجل هو الذي سبب الإعسار أو زاد فيه ، جاز للمشتري الأول أن يطعن في البيع المسجل بالدعوى البولصية ، ولكن لا لتثبيت ملكيته في العقار المبيع ، بل للتنفيذ عليه بالتعويض المستحق له ، ويزاحمه في ثمن العقار دائنو البائع الآخرون على النحو الذي قدمناه . وإذا كانت محكمة النقض ، بقضائها هذا ، مدفوعة إلى تحصين التسجيل من كل طعن وتقويته إلى حد يجعله يقرب من قوة التسجيل في نظام السجل العقاري ، فقد تكون بذلك قد سارت إلى مدى أبعد مما يحتمله نظام الشهر الشخصي الذي لا نزال فيه حتى اليوم . ففي نظام السجل العقاري يصل التسجيل إلى هذه المرتبة من القوة ، لأن هناك ضمانات قوية لصيقة بهذا النظام يأمن بها المتعاملون من أن تضيع عليهم حقوقهم . فلا يسجل عقد قبل أن تتحرى صحته إلى أبعد حدود التحري ، وقبل أن تفحص التصرفات السابقة عليه فحصاً دقيقا ، ثم يعوض من يضار بهذا النظام تعويضاً تكفله خزانة السجل العقاري ذاتها . أما وهذه الضمانات لا تزال تعوز النظام الشخصي القائم ، فلا نرى بدا من الاعتداد بالتواطؤ إذا داخل التسجيل ، فيبطل التسجيل إذا أثبت المشتري الأول أن المشتري الثاني الذي سبقه إلى التسجيل كان متواطئاً مع البائع " ( الوسيط 4 فقرة 289 ص 541 – ص 544 – وأنظر في تفصيل ما كان القضاء يجري عليه في عهد قانون التسجيل : الوسيط 4 فقرة 289 ) .
( [591] ) وذلك بعد أن انتزع واضعو قانون الشهر العقاري من النصوص أقوى حجة كانت محكمة النقض تستند إليها ، فقد كانت المادة الثانية من قانون التسجيل تنص صراحة على أن التدليس يفسد التسجيل في العقود الكاشفة ، وكانت المادة الأولى من هذا القانون تغفل هذا النص في العقود المنشئة ، فسهل على محكمة النقض استخلاص أن التدليس لا يفسد التسجيل في العقود المنشئة عن طريق الدلالة العكسية . فأغفل قانون الشهر العقاري النص في المادة العاشرة منه على أن التدليس يفسد التسجيل في العقود الكاشفة ، كما أغفل النص على ذلك في المادة التاسعة منه في العقود المنشئة ، فلم يعد من المستطاع استخلاص عدم فساد التسجيل بالتدليس عن طريق الدلالة العكسية في طائفة من العقود دون الأخرى ، وأصبح أثر التدليس في التسجيل واحداً في الطائفتين معاً ، وموكولاً أمره إلى المبادئ العامة ( الوسيط 4 فقرة 290 ص 546 ) .
( [592] ) نقض مدني 7 يونيه سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 149 ص 944 – 29 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 176 ص 1138 – 31 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 91 ص 572 – 3 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 75 ص 581 – أول ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 210 ص 1536 – 14 فبراير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 19 ص 153 – 3 أبريل سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 36 ص 330 . وتابع قضاء محكمة النقض كثير من الفقهاء ( أنظر في ذلك الوسيط 4 فقرة 290 ص 550 هامش 2 – ويضاف إلى الفقهاء المشار إليهم في الوسيط : محمد علي عرفة 2 فقرة 194 – فقرة 199 – حسن كيرة ص 11 ) .
وفيما يتعلق بالدعوى البولصية قضت محكمة النقض بأنه إذا تحققت الشروط المقررة للطعن بالدعوى البولصية ، فإن مؤدى ذلك أن تعود ملكية العين المتصرف فيها إلى البائع ، ويكون من حق المشتري الذي لم يسجل عقده بوصفه دائناً بالثمن التنفيذ عليها جبراً استيفاء لدينه . وليس من شأن هذا التنفيذ أن يعود هذا المشتري إلى بعث عقده الابتدائي ومطالبته الحكم بصحته ونفاذه ، لأن الملكية تكون قد انتقلت بالتسجيل إلى المشتري الذي سجل عقده محملة يحق المشتري الذي لم يسجل بوصفه دائناً للبائع ، وليس للدائن في مقام التنفيذ بدينه أن يطالب بملكية العقار الذي يجري عليه التنفيذ ( نقض مدني 2 يونيه سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 158 ص 1185 ) .
وقد وصلت محكمة النقض ، في اعتناق الرأي الذي تأخذ به ، إلى أبعد مدى ، إذا قضت بأن المادة التاسعة من قانون الشهر العقاري جاءت خلواً مما يجيز إبطال الشهر إذا شابه تدليس أو تواطؤ . ومفاد ذلك ، على ما جرى به قضاء محكمة النقض ، هو إجراء المفاضلة عند تزاحم المشترين في شأن عقار واحد على أساس الأسبقية في الشهر ، ولو نسب إلى المشتري الذي بادر بالشهر التدليس أو التواطؤ مع البائع ، طالما أنه تعاقد مع مالك حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله . ولا يغير من ذلك أن يكون صاحب التسجيل اللاحق قد حصل على أسبقية في تقديم طلبه لجهة الشهر ، إذ أن مجرد الأسبقية في تقديم الطلب لا تنال من الآثار القانونية المترتبة لصاحب التسجيل السابق . ولا يغير من هاذ النظر القول بأن التسجيل السابق كان نتيجة غش وتواطؤ بين من تم التسجيل لصالحه وبين الموظف الذي أجراه بمصلحة الشهر العقاري لعدم مراعاته للمواعيد والإجراءات التي تقضي بها المادة 33 من قانون الشهر العقاري . ذلك أن ما انتظمه هذا النص لا يعدو أن يكون تبياناً للقواعد الإدارية المحددة للإجراءات والمواعيد الواجب على مأموريات الشهر العقاري اتباعها عند بحث الطلبات أو مشروعات المحررات المقدمة للشهر بشأن عقار واحد . وإذا لم يرتب المشرع بطلان الشهر على مخالفته ، فإن الأفضلية تكون لمن سبق إلى تسجيل التصرف الصادر له ، ولو كان هو صاحب الطلب اللاحق . وليس لصاحب الطلب السابق ، إن صح ما يدعيه من أن هذه المخالفة كانت نتيجة غش أو تواطؤ ، سوى طلب التعويض يوجهه إلى موظف الشهر العقاري ومن تواطأ معه إذا كان لطلبه محل ( نقض مدني 15 فبراير سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 39 ص 295 ) – وأنظر أيضاً نقض مدني 24 مارس سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 98 ص 723 – 14 فبراير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 19 ص 153 .
( [593] ) وقد قلنا في صدد الرأي الذي ذهبت إليه محكمة النقض : " ومهما يكن من شفيع للرأي الذي تصر عليه محكمة النقض . . . فإنه رأى تناهضه الاعتبارات العلمية ، ولا تنهض به الاعتبارات العملية . أما الاعتبارات العلمية فترجع إلى نصوص قانون الشهر العقاري ذاته ثم إلى المبادئ العامة التي وكل هذا القانون الحكم في المسألة إليها . فنصوص قانون الشهر العقاري قد انتزعت منه الحجة القوية التي كانت محكمة النقض تستند إليها في قانون التسجيل ، عندما كان هذا القانون الأخير يشترط عدم التدليس في العقود الكاشفة ويسكت عن هذا الشرط في العقود المنشئة . فجاءت نصوص قانون الشهر خلواً من هذا التمييز ، فلم يعد من المستطاع أن يستخلص من هذه النصوص عن طريق الدلالة العكسية ، كما استخلص قبل ذلك من نصوص قانون التسجيل ، أن التدليس لا يفسد التسجيل ، وقد سبق بيان ذلك . هذا إلى أن نصوص قانون الشهر لم تقتصر على انتزاع الحجة للرأي الذي ذهبت إليه محكمة النقض ، بل هي أيضاً قد جعلت مكانها حجة على هذا الرأي . فقد رأينا أن هذه النصوص تشترط في الفقرة الثانية من المادة 17 حسن النية للاحتجاج بالتسجيل السابق على تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد ، وإذا كانت محكمة النقض استطاعت أن تقرر أن مجرد العلم بالتصرف السابق لا ينفي حسن النية ، فمن البديهي أن المشتري الثاني الذي تواطأ مع البائع ، والذي سبق بفضل هذا التواطؤ إلى تسجيل سنده ، لا يمكن أن يوصف بأنه حسن النية مهما تناولنا لهذه العبارة من معان بعيدة عن الخاطر . فهو إذن سيء النية ، ومن ثم لا يستطيع أن يحتج على المشتري الأول الذي سجل دعوى صحة التعاقد بسبق تسجيله لسنده . ثم إن المبادئ العامة ، وقد وكل قانون الشهر إلى تطبيقها الحكم في هذه المسألة ، تستعصى على التسليم بسلامة التسجيل في عقد هو ثمرة للتدليس والتواطؤ ، فالتواطؤ بطبيعته يفسد أي تصرف . والاعتبارات العلمية هي أيضاً لا تنهض بالرأي الذي تذهب إليه محكمة النقض . فنحن لا نزال في نظام الشهر الشخصي ، ولم ننتقل بعد إلى نظام الشهر العيني . فمن المجازفة أن نستعير من نظام الشهر العيني أحد مقوماته الجوهرية ، وهو الحجة المطلقة للسند ولو طعن فيه بالتواطؤ ، لنظام شهر شخصي لا تزال الدقة في تحري صحة السندات المسجلة تعوزه ، ولا يقوم على أمر التسجيل فيه قضاة نظاميون ، ولا يكفل تعويض من يضاربه ، كما هو الأمر في نظام الشهر العيني . يشهد بذلك من خبروا نظام الشهر القائم في ناحيته العملية ( الوسيط 4 فقرة 290 ص 551 – ص 553 ) . وأنظر عبد الفتاح عبد الباقي في عقده " البيع ص 172 – شمس الدين الوكيل في أثر الغش على الأسبقية في التسجيل عند تزاحم المشترين لعقار واحد في مجلة كلية الحقوق 8 ص 63 .
( [594] ) أنظر في تفصيل كل ذلك الوسيط 4 فقرة 290 . وقد قلنا في توجيه الرأي الذي نذهب إليه من أن التواطؤ يفسد التسجيل : " ونستطيع أن نوجه هذا الرأي من الناحية الفنية بأحد طريقين : الطريق الأول ، وهو الطريق المألوف ، يكون بالقول بأن الغش يفسد التصرف ، بأحد الطريقين : الطريق الأول ، وهو الطريق المألوف ، يكون بالقول بأن الغش يفسد التصرف ، فالعقد المسجل إذا كان ثمرة الغش والتواطؤ وجب أن يكون باطلاً ، والتسجيل لا يصححه . أو يقال إن المشتري الثاني المتواطئ مع البائع قد أضر بالمشتري الأول ، فوجب عليه التعويض ، وخير تعويض هو التعويض العيني ، فلا ينفذ البيع المسجل في حق المشتري الأول ، فيستطيع هذا أن يثبت ملكيته في العقار المبيع بتسجيل سنده . . . والطريق الثاني ، هو الطعن في العقد المسجل بالدعوى البولصية ، ونساير في هذا الطريق محكمة النقض ، ولكن على أن يؤخذ بتطبيق خاص للدعوى البولصية عندما يتركز حق الدائن في عين مملوكة للمدين ( أنظر الوسيط 2 فقرة 588 ص 1030 ) . . وفي الحالة التي نحن بصددها قد تركز حق المشتري الأول في العقار المبيع ، فيعتبر البائع في حالة إعسار بالمعنى المقصود في الدعوى البولصية ما دام المشتري الأول لا يستطيع أن يصل إلى العقار ذاته . ومن حق الدائن أن يطالب ، بدلاً من التعويض ، بالتنفيذ العيني ، فيطالب المشتري الأول إذن بالتنفيذ العيني وهو تملك العقار ، ويعتبر البائع في هذا الخصوص معسراً حتى لو كانت عنده أموال كافية تفي بتعويض المشتري الأول عن فوات تملكه للعقار . ومن ثم يجوز للمشتري الأول الطعن في البيع المسجل بالدعوى البولصية ، فيجعله غير نافذ في حقه ، ويتمكن بذلك من رد العقار إلى ملك البائع ، ويتملكه بعد ذلك بتسجيل سنده ( الوسيط 4 فقرة 290 ص 554 - ص 555 ) .
( [595] ) أنظر آنفاً فقرة 135 .
( [596] ) وهذا هو مبدأ القوة المطلقة للقيد . وتقول المذكرة الشارحة لقانون السجل العيني . في هذا الصدد : " يقضي مبدأ القوة المطلقة – وهو من المبادئ الأساسية في نظام السجل العيني – بأنه إذا اكتسب شخص حقاً على عقار تأسيساً على قيود وتأشيرات في السجل ، فإن هذه القيود تعتبر دليلاً على مشروعية الحق الذي اكتسبه في مواجهة الغير . ويعتبر أنه اكتسب الحق من المالك الحقيقي ، ويبقى له ما اكتسب حتى ولو كان اكتسابه من غير مالك . وأخذاً بهذا المبدأ نصت المادة 37 على أن يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه . ولا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل . فحظرت بذلك التملك بالتقادم – كقاعدة عامة – في مواجهة الحقوق المقيدة بالسجل . فمن أثبت اسمه في السجل كمالك للعقار يصبح في مأمن تام من أن يفاجأ بإدعاء أي مغتصب يزعم أنه تملك العقار بوضع اليد ، وهو أمر تقتضيه طبيعة القوة المطلقة للقيد في السجل " .
( [597] ) أنظر آنفاً فقرة 128 في آخرها بالهامش .
( [598] ) أنظر آنفاً فقرة 135 .
( [599] ) أنظر آنفاً فقرة 135 .
( [600] ) أنظر آنفاً ص 266 هامش 2 – ونذكر هنا ، على سبيل المثال ، حالتين أخذت محكمة النقض في أحدهما بحل يتفق مع الأثر الرجعي للتسجيل وعللته بعلة أخرى ، وأخذت في الحالة الثانية وهي تطبق قانون الشهر العقاري بحل لا يتفق إلا مع السجل العيني : ( الحالة الأولى ) إذا بنى البائع في الأرض المبيعة قبل تسجيل عقد البيع ، فقد اعتبرته محكمة النقض في حكم الباني بسوء نية في أرض غيره ، ولا يستقيم ذلك إلا مع القول بالأثر الرجعي للتسجيل فيما بين المتعاقدين ، وإن كانت محكمة النقض عللت ذلك بأن البائع ملتزم بتسليم العقار المبيع بحالته التي هو عليها وقت البيع . وهذه الحالة لو طبق عليها قانون السجل العيني يختلف حلها ، إذ لا مجال للقول بالأثر الرجعي في هذا القانون كما بينا . فلا مناص إذن من القول بأن البائع قد بنى في ملكه لا في ملك غيره ، ما دام أنه قد أقام البناء قبل قيد البيع في السجل العيني فإذا طالبه المشتري بتسليم الأرض بالحالة التي كانت عليها وقت البيع ، أجبر البائع على هدم البناء وإعادة الأرض إلى أصلها . وإذا أراد المشتري استبقاء البناء ، وقبل البائع منه ذلك ، ولم يتفق معه على القيمة التي يدفعها ، طبقت قواعد الإثراء على حساب الغير ودفع المشتري أدنى القيمتين ، ما أنفقه البائع في البناء وهو القدر الذي افتقر به أو ما زاد في قيمة الأرض بسبب البناء وهو القدر الذي اغتنى به المشتري . ويجوز للبائع أن يهدم البناء مع إعادة الأرض إلى أصلها ، حتى لو أراد المشتري استبقاء البناء فهو لا يستبقيه إلا إذا رضى البائع بذلك . ويتبين مما قدمناه أننا هنا نطبق القواعد العامة ، ولا نطبق قواعد الالتصاق ( الحالة الثانية ) إذا بيع عقار مجاور للعقار المبيع وتوافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة ، فطلب المشتي الأخذ بالشفعة قبل أن يسجل عقده ثم سجل العقد . فهنا لم تطبق محكمة النقض الأثر الرجعي للتسجيل بالشفعة قبل أن يسجل عقده ثم سجل العقد . فهنا لم تطبق محكمة النقض الأثر الرجعي للتسجيل فيما بين المتعاقدين ، واعتبرت المشتري الذي يطلب الأخذ بالشفعة غير مالك للعقار المشفوع به إلا من وقت التسجيل ، فلا يحق له الأخذ بالشفعة . وهذا الحل لا يستقيم إلا في نظام السجل العيني ، ففي هذا النظام لا يمكن القول بأن المشتري الذي يطالب بالشفعة أصبح بعد أن قيد عقده مالكاً بأثر رجعي فيحق له الأخذ بالشفعة . ولا مناص من القول بأنه يملك الأرض المشفوع بها إلا من وقت قيد البيع في السجل العيني . ومن ثم لا تتوافر فيه شروط الأخذ بالشفعة . ويجب في هذه الحالة التسليم بأن البائع للأرض المشفوع بها لا يزال مالكاً ما دام عقد البيع لم يقيد ، ويكون هو الذي توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة . فإن أخذ العقار المجاور بالشفعة ، جاز له عندئذ أن يبيعه لمن اشترى منه الأرض أو لغيره ، وجاز له أيضاً أن يستبقيه لنفسه .
( [601] ) أنظر آنفاً فقرة 135 .
( [602] ) أنظر آنفاً ص 379 هامش 3 – وهذا ما يقوله الدكتور محمود شوقي ، وكان الأمين العام لمصلحة الشهر العقاري فخبر نظام الشهر الشخصي من الناحية العملية : " ولا عبرة للقول بأن قانون تنظيم الشهر العقاري قد أخذ بجميع إجراءات نظام السجل العيني ، وعلى هاذ يجب أن يكون لإجراء التسجيل حجية مطلقة قبل الكافة . إذ أن القانون رقم 114 لسنة 1946 ليس إلا خطوة تمهيدية اتخذت في سبيل الإصلاح النهائي المرتقب ، والذي يجب أن يمسك فيه السجل العين . وهذا السجل لا يدرج فيه محرر إلا بأمر من القائم على هذا السجل . والقائم على أمر السجل يكون عادة قاضياً من القضاة النظاميين . أما وهذا النظام العيني المحكم لم ينفذ بعد ، فلا موجب أن يقتبس منه جزء لا يتفق ونظام التسجيل الشخصي عموماً ، وعلى الأخذ في مصر حيث الملكية العقارية ما زالت في حاجة إلى كثير من العناية والدقة لتضبط على أساس سليم " ( محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 313 – ص 314 ) .
( [603] ) بقى هذا النص على حاله في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق : م 8 / 1 و 2 من المشروع .
ويطابق في قانون السجل العيني المادة 27 من هذا القانون .
( [604] ) نقض مدني 30 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 276 ص 821 .
( [605] ) أنظر ما يلي فقرة 144 .
( [606] ) أنظر في ذلك محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 324 – ص 325 .
( [607] ) أنظر في كل ذلك الوسيط 5 فقرة 355 .
( [608] ) أنظر محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 332 – 333 - وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان مفاد إقرار صادر من المورث أن الأطيان التي اشتراها باسمه هي في حقيقتها ملك لوالده وثمنها مدفوع من ماله الخاص ، فإن هذا الإقرار ليس إلا تصرفاً مقرراً للملكية لا منشئاً لها ، ويكون حجة على ورثة هذه المورث بغير حاجة إلى تسجيل وفقاً للقانون رقم 18 لسنة 1923 ( نقض مدني 2 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 118 ) .
( [609] ) وقد قضت محكمة النقض بأن إجازة الورثة لوصية ليست منشئة للحق ، حتى يستند التمليك إلى الوارث . وعلى ذلك فإذا كان الإقرار الوارد بعقد صلح أبرم بين الورثة إنما هو إجازة من الابن لوصية صادرة من المورث للزوجة والبنت في حدود ثلث التركة لكل منهما ، فهو إقرار مقرر صادر من الابن لهما ، ولا يلزم تسجيل عقد الصلح الذي تضمن هذا الإقرار ( نقض مدني 7 فبراير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 126 ) .
( [610] ) أنظر حامد فهمي في نظرية التصرفات الإقرارية والإنشائية في مجلة القانون والاقتصاد السنة الأولى ص 17 – 63 فقرة 20 – وقارن محمد علي عرفة 2 فقرة 177 .
( [611] ) أنظر حامد فهمي في نظرية التصرفات الإقرارية والإنشائية في مجلة القانون والاقتصاد السنة الأولى ص 17 – ص 63 فقرة 22 – وقارن محمد علي عرفة 2 فقرة 178 .
( [612] ) أنظر آنفاً فقرة 137 .
( [613] ) أنظر آنفاً فقرة 132 .
( [614] ) أنظر آنفاً فقرة 137 .
( [615] ) أنظر أنفاً فقرة 132 .
( [616] ) أنظر آنفاً فقرة 132 .
( [617] ) بقي هذا النص على حاله في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ( م 8 / 1 من المشروع ) . وانظر آنفاً فقرة 137 - وأضيف في آخر المادة 8 من هذا المشروع الفقرتان 3 و 4 الآتيتان : " ويجوز للشريك الذي حصل على حكم نهائي بالقسمة أو بصمة التعاقد عليها أن يطلب قصر الشهر على حصته ، ما لم يترتب على هذا الشهر إنهاء حالة الشيوع . كما يجوز له قصر شهر الحكم على نصيبه في جهة معينة ، وعلى المكتب الذي تم فيه الشهر أن يخطر مكاتب الشهر الواقع بدائرتها باقي الأعيان موضوع القسمة للتأشير بذلك . وتنظم اللائحة التنفيذية طريقة الإخطار وميعاده والجهات التي يحصل بها التأشير " .
( [618] ) أنظر آنفاً فقرة 133 .
( [619] ) نقض مدني 2 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 81 ص 503 .
( [620] ) نقض مدني 3 نوفمبر سنة 1955 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء 2 ص 855 .
( [621] ) نقض مدني 29 يناير سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 138 ص 409 - 17 مارس سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 111 ص 851 .
( [622] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الغرض من تسجيل القسمة لإمكان الاحتجاج بها على الغير هو شهرها ، حتى يكون في استطاعة هذا الغير أن يعلم وقت صدور التصرف إليه من أحد المتقاسمين ما إذا كان العقار موضوع التصرف قد وقع في القسمة في نصيب المتصرف أو لم يقع ( نقض مدني 24 فبراير سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 58 ص 412 ) .
( [623] ) نقض مدني 30 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 276 ص 821 - 30 أكتوبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 185 ص 1375 – ولكن يجوز للمشتري في هذه الحالة أن يتمسك بالقسمة غير المسجلة في مواجهة الشركاء ، إذ أن القسمة غير المسجلة وإن لم يجز للشركاء أن يحتجوا بها عليه يجوز له هو أن يحتج بها عليهم . وعلى ذلك يجوز للمشتري أن يعتد بهذه القسمة ، ويستولى على حصة الشريك البائع التي أفرزت بموجب القسمة غير المسجلة . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان تسجيل القسمة قد شرع لفائدة الغير وصوناً لحقه ، فإنه يكون له أن يرتضى القسمة التي تمت ، ويعتبر بذلك متنازلاً عن هذا الحق الذي شرع لفائدته ( نقض مدني 15 يناير سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 5 ص 43 ) .
( [624] ) نقض مدني 2 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 81 ص 503 - وأنظر أيضاً نقض مدني 2 ديسمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 184 ص 1172 : - وقد قضى هذا الحكم بأنه إذا كان التصرف في الجزء المفرز لاحقاً لإجراء قسمة لم تسجل ، فإن الأمر لا يخرج عن أحد فرضين : ( الأول ) أن يكون الشريك البائع قد تصرف في نصيبه الذي خصص له في القسمة ، وفي هذه الحالة تكون القسمة حجية على المشتري ، ولا يجوز له أن يتحلل منها بحجة عدم تسجيلها ، إما على أساس أنه لا يعتبر من الغير لأنه قد بنى حقه على أساس القسمة التي تمت لا على أساس أن الشيوع ما زال قائماً ، وغما على أساس أنه بشرائه الجزء المفرز الذي اختص به الشريك البائع بمقتضى القسمة غير المسجلة يكون قد ارتضاها . ( الثاني ) أن يقع التصرف على جزء مفرز غير الجزء الذي اختص به الشريك البائع بمقتضى القسمة غير المسجلة – في هذه الحالة لا يتلقى المشتري حقه على أساس القسمة إذ هو قد أنكرها بشرائه ما لم تخصصه للبائع له ، وإنما على أساس أن الشيوع ما زال قائماً رغم إجراء القسمة ، ومن ثم فإن المشتري إذا سجل عقده قبل تسجيل القسمة يعتبر في هذا الفرض من الغير ولا يحتج عليه بالقسمة التي تمت ، ويكون له إذا لم يرتض هذه القسمة أن يطلب إجراء قسمة جديدة . وقد قضت محكمة النقض أيضاً بأنه إذا اقتسم شيكان أرضاً واختص كل منهما بجزء مفرز منها ، وقبل تسجيل القسمة باع أحد الشريكين نصيبه المفرز ، فإن المشتري لهذا النصيب لا يعتبر " غيراً " بالمعنى الفني ، فليس له أن يحتج بعدم تسجيل القسمة وأن الأرض لا تزال على الشيوع ، وأنه بشرائه النصيب المفرز قد أصبح مالكاً على الشيوع ( نقض مدني 15 يناير سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 5 ص 43 ) .
ويخلص من أحكام محكمة النقض ما يأتي : ( 1 ) إذا باع شريك ، قبل القسمة أو بعدها ولكن قبل تسجيلها ، حصة شائعة في العقار المقسوم ، اعتبر المشتري من الغير في القسمة ، فلا يحتج عليه بها إذا كان قد سجل سنده قبل تسجيل القسمة . ( 2 ) إذا باع شريك قبل القسمة جزءاً مفرزاً من العقار الشائع ، لم يعتبر المشتري من الغير في القسمة ، ويحل فيها محل الشريك البائع له ، فيخلص له الجزء المفرز الذي اشتراه ذاته إذا وقع هذا الجزء في نصيب البائع له ، أما إذا لم يقع فإن حقه ينتقل إلى الجزء المفرز الذي وقع في نصيب البائع له . 3 ) إذا باع شريك بعد القسمة وقبل تسجيلها الجزء المفرز الذي وقع في نصيبه بالقسمة ، لم يعتبر المشتري من الغير في القسمة ، لأنه بنى حقه على أساس القسمة التي تمت وارتضى شراء الجزء المفرد الذي وقع في نصيب البائع له . ( 4 ) إذا باع شريك بعد القسمة وقبل تسجيلها جزءاً مفرزاً لم يقع في نصيبه ، اعتبر المشتري من الغير في القسمة ، ولا يحتج عليه بهذا إذا سجل البيع قبل تسجيل القسمة ، وله إذا لم يرتض القسمة أن يعتبر نفسه مالكاً في الشيوع وأن يطلب إجراء قسمة جديدة .
وإذن يجب التمييز بين ما إذا كان الشريك قد باع حصته في الشيوع ، أو باع جزءاً مفرزاً من العقار الشائع . فإذا باع حصته في الشيوع ، فإن المشتري لهذه الحصة الشائعة يعتبر دائماً من الغير ، سواء اشترى قبل القسمة أو بعدها ، لأنه قد ثبت له حق عيني على العقار الشائع ، فإذا سجل البيع قبل تسجيل القسمة لم يجز الاحتجاج عليه بالقسمة . أما إذا باع الشريك جزءاً مفرزاً من العقار الشائع ، فإذا كان البيع سابقاً على القسمة لم يعتبر المشتري من الغير وحل محل الشريك البائع له في الجزء المفرز الذي يخلص هذا الشركي بالقسمة . وإذا كان البيع تالياً للقسمة وكان واقعاً على نفس الجزء المفرز الذي خلص بالقسمة للشريك البائع ، فإن القسمة تسري في حق المشتري ، ويعتبر أنه قد ارتضى شراء هذا الجزء المفرز . وإذا كان البيع واقعاً على غير الجزء المفرز الذي خلص للشريك البائع ، فإن القسمة لا تسري في حق المشتري ، وله أن يعتبر نفسه مالكاً في الشيوع وأن يطلب إجراء قسمة جديدة .
أنظر في كل ذلك الوسيط 8 فقرة 584 في القسمة والتسجيل .
( [625] ) أنظر آنفاً فقرة 140 .
( [626] ) أنظر آنفاً فقرة 140 .
( [627] ) أنظر آنفاً فقرة 135 .
( [628] ) أنظر آنفاً فقرة 136 .
( [629] ) أنظر آنفاً فقرة 136 .
( [630] ) أنظر آنفاً فقرة 141 .
( [631] ) بقى هذا النص على حاله في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ( م 13 / 1 من المشروع ) .
( [632] ) وكذلك الحقوق العينية العقارية التبعية كما في عقد الرهن ، والدعوى التي يؤشر بها في هامش قيد الرهن هي دعوى شطب الرهن . وهذه مسألة خاصة بالحقوق العينية التبعية ، فلا شأن لنا بها هنا .
( [633] ) والطعن في العقد بالصورية ، كما إذا طعن بالبائع لعقار في عقد البيع بالصورية ، يؤول إلى دعوى استحقاق للعقار المبيع ، فيجب إذن شهر الدعوى إما باعتبارها دون طعن بالصورية أو دعوى استحقاق ( أنظر ما يلي فقرة 146 ) .
( [634] ) أنظر آنفاً فقرة 137 .
( [635] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 188 .
( [636] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الأحكام الصادرة بفسخ وجب حتماً بحكم القانون ، أو وقع نتيجة لشرط فاسخ صريح أو ضمني ، واجبة التسجيل باعتبار أنها أحكام مقررة . وعلى ذلك إذا كان فسخ عقد البيع المسجل الصادر من مورث الطاعنين إلى المطعون ضده الثاني قد قضى به ضمناً في الحكم الصادر برفض دعوى البائع بالمطالبة بباقي الثمن ، وكان هذا الحكم لم يسجل ، فإن المبيع يبقى في ملكية المشتري ولا تعود ملكيته للبائع ( نقض مدني 8 فبراير سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 30 ص 196 ) .
( [637] ) بقى هذا النص على حاله في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ( العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 13 من المشروع ) .
( [638] ) وقد قضت محكمة النقض بأن دعوى صحة التعاقد تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية ، حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها . وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع ، ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته ، وهل كان له عذر في هذا الامتناع أو لم يكن . ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب بطلان العقد ، إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد ونفاذه ( نقض مدني 13 مايو سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 94 ص 577 ) . ويدخل أيضاً بحث ما إذا كان العقد صورياً صورية مطلقة ، إذ من شأن هذه الصورية لو صحت أن يعتبر العقد لا وجود له قانوناً فتحول دون الحكم بصحته ونفاذه ( نقض مدني أول مارس سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 67 ص 486 ) .
( [639] ) نقض مدني 5 يناير سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 91 ص 163 – وأنظر الأحكام الأخرى الصادرة من محكمة النقض بعد ذلك في هذا المعنى في الوسيط 4 فقرة 259 ص 454 هامش 1 .
( [640] ) ولكن يجب لذلك التأشير بالحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى ، فلا يكفي تسجيل صحيفة الدعوى وحده ، ولا صدور الحكم بصحة التعاقد إذا لم يؤشر بالحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى . وقد قضت محكمة النقض بأن تسجيل صحيفة الدعوى والحكم فيها بصحة التعاقد ، ولو كان هائياً ، دون التأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل الصحيفة ، لا يترتب عليه نقل الملكية إلى المشتري بل تظل هذه الملكية للبائع ، وبالتالي يعتبر تصرفه إلى مشتر آخر صادر من مالك ، ولا يحول دون الحكم بصحة ونفاذ عقده مجرد تسجيل صحيفة دعوى المشتري الأول وصدور حكم لصالح بصحة تعاقده ( نقض مدني 14 مارس سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 45 ص 298 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 13 يونيه سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 64 ص 576 .
وأنظر في تفصيل دعوى صحة التعاقد : الوسيط 4 فقرة 274 – وأنظر في دعوى صحة التوقيع واستبعاد هذه الدعوى من المحررات الواجب شهرها : الوسيط 4 فقرة 275 .
( [641] ) بقى هذا النص على حاله في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ( العبارة الأولى من الفقرة الثانية من المادة 13 من المشروع ) .
( [642] ) أنظر في كل ذلك الوسيط 4 فقرة 263 ص 466 هامش 2 – وقارن حسن كيرة ص 14 – أنور سلطان في البيع فقرة 174 ص 198 – عبد المنعم البدراوي فقرة 203 ص 305 – سليمان مرقس في الإيجار فقرة 122 ص 205 هامش 3 – وفي البيع والإيجار فقرة 211 ص 286 هامش 1 – محمد علي عرفة 2 فقرة 194 ص 355 .
( [643] ) أنظر في وجوب تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وتسجيل الحكم بثبوت الشفعة ما قدمناه آنفاً فقرة 132 في آخرها .
( [644] ) أنظر آنفاً فقرة 146 .
( [645] ) أنظر آنفاً فقرة 144 .
( [646] ) أما دعوى صحة التعاقد ( دعوى صحة ونفاذ العقد ) ، فلا تدخل ضمن الدعاوى الواجب قيدها في السجل العيني ، إذ أن الحكم بصحة التعاقد ، طبقاً لأحكام قانون السجل العيني ، لا يمكن قيده في السجل ليستغنى به عن المحرر الرسمي . وعلى ذلك لم يعد هناك مجال لإدراج دعوى صحة التعاقد ضمن الدعاوى الواجب قيدها في السجل العين . ولكن تبقى دعوى صحة التعاقد جائزة ، فيما إذا أنكر البائع صدور البيع العرفي منه أو طعن في صحته فيرفع المشتري دعوى صحة التعاقد ، حتى إذا حصل على حك لمصالحه ، وامتنع البائع مع ذلك مع توثيق البيع حتى يمكن قيده في السجل العيني ، لم يبق أمام المشتري إلا مطالبة بالتعويض ( أنظر ما سبق أن قررناه آنفاً في هذا الصدد ص 361 هامش 1 ) .
ويزيد قانون السجل العيني على قانون الشهر العقاري في أنه تضمن نصاً صريحاً يقضي بشهر إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وقيد الحكم بثبوت الشفعة ، إذ تنص المادة 36 من قانون السجل العيني على ما يأتي : " يجب التأشير بإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة في صحف الوحدات العقارية . ويترتب على ذلك أنه إذا تقرر حق الشفيع بحكم قيد في السجل أن يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ التأشير المذكور " . وقد قدمنا أن نصاً صريحاً مثل هذا النص كان يحسن أن يشتمل عليه قانون الشهر العقاري ( أنظر آنفاً ص 355 هامش 3 ) .
( [647] ) وقد عالج قانون السجل العيني الدعاوى واجبة الشهر بموجب نصوصه والتي تكون قد رفعت قبل العمل به دون أن تشهر صحيفة الدعوى فيها ، حتى يجري عليها أحكامه بأثر رجعي . فنصت المادة 33 من هذا القانون على أن " الدعاوى المشار إليها في المادة السابقة والتي تكون منظورة أمام المحاكم وقت العمل بهذا القانون ، ولم تسجل صحيفتها ، لا يجوز الاستمرار في النظر فيها إلا بعد أن تتضمن الطلبات الختامية فيها إجراء التغيير في بيانات السجل ، وبعد التأشير فيه بمضمون هذه الطلبات . ويمنح المدعون في هذه الدعاوى ميعاد شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون لطلب هذا التأشير ، فإذا لم تقدم في أول جلسة بعد انتهاء هذا الميعاد شهادة بحصول هذا التأشير توقف الدعوى " .
( [648] ) أنظر في التفصيلات المتعلقة بالتأشير بصحيفة دعوى الاستحقاق آنفاً فقرة 146 .
( [649] ) ورد في المادة 15 / 3 من قانون الشهر العقاري كما رأينا : " وتحصل التأشيرات والتسجيلات المشار إليها بعد إعلان صحيفة الدعوى وقيدها بجدول المحكمة " . فقدم النص إعلان صحيفة الدعوى على قيدها بجدول المحكمة . وقد كان هذا صحيحاً في تقنين المرافعات قبل تعديله ، إذ كانت المادة 75 / 1 من هذا التقنين قبل التعديل تنص على أنه " على المدعى بعد تسلمه أصل الصحيفة المعلنة أن يقدمه لقلم الكتاب لقيد الدعوى بجدول المحكمة في اليوم السابق لتاريخ الجلسة المحددة لنظرها على الأكثر " . ثم صدر القانون رقم 100 لسنة 1962 يعدل كثيراً من نصوص تقنين المرافعات ، ومنها المادة 75 سالفة الذكر ، فأصبحت الفقرتان الأولى والثانية منها يجريان على الوجه الآتي : " على المدعى أن يقدم لقلم كتاب المحكمة وقت تقديم صحيفة دعواه صوراً منها بقدر عدد المدعى عليهم وصورة لقلم الكتاب . وقيد قلم الكتاب الدعوى في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك بعد أن يثبت تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها ، ثم يعيدها إلى المدعى ليتولي تسليمها إلى قلم المحضرين لإعلانها " . فأصبح قيد الدعوى بجدول المحكمة ، بموجب هذا النص المعدل ، يسبق إعلانها . ولذلك وردت الفقرة الثالثة من المادة 13 من المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ، المقابلة للفقرة الثالثة من المادة 15 من قانون الشهر العقاري ، على الوجه الآتي : " وتحصل التأشيرات والتسجيلات المشار إليها بعد قيد الدعوى بجدول المحكمة وإعلانها " .
( [650] ) بقى هذا النص على حاله في المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ( الفقرة الثانية من المادة 16 من المشروع ) ، إلا أن نص المشروع أدق إذ يقول " كذلك لذي الشأن " بدلاً من عبارة " كذا للطرف ذي الشأن " الواردة في نص قانون الشهر العقاري الحال ، وواضح أن العبارة الأولى أدق فهي تتسع لتشمل المدعى عليه والدائن وكل ذي شأن آخر .
( [651] ) بقى هذا النص على حاله في الفقرة الأولى من المادة 14 من المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق . وأضيف في المشروع إلى المادة 14 هذه فقرة ثانية تجري على الوجه الآتي : " ويتم التأشير بالنسبة للأحكام الواجب تسجيلها ، الصادرة في دعاوى الاستحقاق ودعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية ، عقب تسجيل هذه الأحكام " . ويتبين من هذا النص أن الحكم النهائي في دعاوى الاستحقاق وفي دعاوى صحة التعاقد يجب تسجيله استقلالاً ، ولا يكتفي بالتأشير به . بل إن التأشير به لا يجوز إجراؤه إلا بعد أن يتم تسجيل الحكم .
( [652] ) أنظر آنفاً فقرة 147 .
( [653] ) وتنص الفقرة الثانية من المادة 42 من قانون السجل العيني على ما يأتي : " وكذلك لذي الشأن أن يطلب إلى القاضي ( قاضي الأمور المستعجلة ) محو التأشير المشار إليه في المادة 32 ( التأشير بمضمون الطلبات في الدعاوى واجبة الشهر ) ، فيأمر به القاضي إذا تبين أن الدعوى التي أشر بها لم ترفع إلا لغرض كيدي محض " .
( [654] ) يقابل هذا النص المادة 15 من المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ، وتجري على الوجه الآتي : " 1 - يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الثالثة عشر أو التأشير بها أن حق المدعى ، إذا ما تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون ، يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها . 2 - على أنه إذا تم شهر هذا الحكم بعد خمس سنوات من تاريخ صيرورته نهائياً ، فلا يكون حجة إلا من تاريخ إجراء هذا الشهر . وتبدأ مدة الخمس سنوات بالنسبة للأحكام النهائية القائمة وقت العمل بهذا القانون من تاريخ العمل به . 3 - ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما " . وقد زاد المشروع الجديد الفقرة الثانية يستحث بها شهر الحكم ، بحيث إذا لم يشهر في خلال خمس سنوات من تاريخ صيرورته نهائياً ، لم يكن حجة على الغير إلا من تاريخ إجراء هذا الشهر ، بدلاً من أن تنسحب حجيته إلى الماضي من تاريخ شهر صحيفة الدعوى فيما إذا شهر في خلال الخمس السنوات . والمشروع الجديد يتمشى فيما استحدثه من هذا مع قانون السجل العيني ( م 35 من هذا القانون وسيأتي بيانها فيما يلي فقرة 151 ) .
ولكن يلاحظ أن الفقرة الثالثة من المشروع الجديد أصبحت بهذه الإضافة المستحدثة ناقصة ، وكان الواجب أن تكون على الوجه الآتي : " ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما في الفقرة الأولى ، أو قبل شهر الحكم المشار إليه في الفقرة الثانية " .
( [655] ) أنظر آنفاً ص 409 .
( [656] ) كانت المادة 17 من قانون الشهر العقاري تنص في فقرة ثالثة على ما يأتي : " ويعتبر الغير حسن النية إذا كان لا يعلم ولا يستطيع أن يعلم بالسبب الذي تستند إليه الدعوى " . وقد تبين أن ذكر هذه الفقرة جاء على سبيل الخطأ المادي ، ولذا صدر مرسوم في 29 سبتمبر سنة 1947 بحذفها تصحيحاً للصن ( الوسيط 4 فقرة 263 ص 467 هامش 1 ) .
وتنص المادة 1034 مدني على أنه " يبقى قائماً لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو إلغاؤه أو زواله لأي سبب آخر ، إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن " . ويمكن اعتبار هذا النص تطبيقاً للمادة 17 من قانون الشهر العقاري ، فيفرض فرضاً غير قابل لإثبات العكس أن الدائن المرتهن يكون سيء النية إذا كان قد قيد رهنه بعد شهر صحيفة دعوى الفسخ كما سبق القول ، وذلك للتوفيق ما بين النصين( الوسيط 4 فقرة 410 ص 829 – وأنظر أيضاً الوسيط 1 فقرة 341 وفقرة 479 ) .
والغير الذي كسب حقه وشهره قبل شهر صحيفة الدعوى يجب أن يكون قد كسب هذا الحق بعقد جدي لا بعقد صوري ولا بعقد باطل ، لأن الشهر لا يمكن أن يرتب للعقد الصوري ولا العقد الباطل آثاراً قانونية لم تكن له قبل الشهر ، فيقف في مضمار المفاضلة مع عقد جدي ولو كان غير مسجل ( أنظر الوسيط 4 فقرة 263 ص 467 هامش 1 والأحكام المشار إليها فيه ) . وأنظر أنور سلطان في البيع الطبعة الثانية سنة 1952 فقرة 175 ص 211 – حسن كيرة ص 13 .
( [657] ) ويجب التمييز بين تحديد معنى حسن النية بالنسبة إلى دعاوى الطعن في التصرف ( كدعوى الفسخ ودعوى الإبطال ) ودعاوى الاستحقاق ، وتحديد معنى حسنة النية بالنسبة إلى دعاوى صحة التعاقد . وبعد أن حذفت الفقرة الثالثة من المادة 17 من قانون الشهر العقاري على الوجه السابق بيانه ( أنظر آنفاً ص 413 هامش 1 ) ، وهي الفقرة التي كانت تحدد معنى حسن النية ، أصبح القضاء حراً في تحديد هذا المعنى في الحالات المختلفة ، كل حالة بما يلائمها . فحسن نية المشتري بالنسبة إلى دعاوى الطعن في التصرف ودعاوى الاستحقاق يجب أن يكون عدم العلم بعيب سند البائع وقت تعاقد المشتري معه في دعاوى الطعن في التصرف ، أو عدم العلم بانعدام هذا السند بتاتاً في دعاوى الاستحقاق . أما في دعاوى صحة التعاقد ، فلا يصح أن يكون مجرد علم المشتري الثاني بسبق تصرف البائع في العقار نافياً لحسن نيته . فالتصرف السابق غير مسجل ولا يزال البائع مالكاً لما يبيع ، ومن حق المشتري الثاني أن يشتريه من المالك ولو سبق للمالك التصرف فيه ، فقد يكون هذا التصرف معيباً ، والمالك على كل حال لم يتجرد عن ملكيته . وإنما يكون المشتري الثاني سيء النية إذا تواطأ مع البائع على الإضرار بالمشتري الأول ، بأن أقدم على الشراء وهو عالم بالبيع الأول متواطئاً في ذلك مع البائع ، وبادر إلى تسجيل عقده قبل أن يتمكن المشتري الأول من شهر صحيفة دعواه بصحة ونفاذ البيع الأول . أنظر في ذلك ما قدمناه في الوسيط 4 فقرة 290 ص 548 – ص 550 – شفيق شحاتة فقرة 196 . وأنظر في مجاوزة واضعي قانون الشهر العقاري الغرض الذي قصدوا إليه عندما نقلوا المادة 17 / 2 من قانون الشهر العقاري من المادة 12 / 2 من قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 : الوسيط 4 فقرة 290 ص 548 هامش 1 .
( [658] ) أنظر آنفاً ص 373 – وقارن حسن كيرة ص 14 –ص 15 .
( [659] ) والأحكام التي صدرت أو تصدر قبل العمل بقانون السجل العيني ، ولاتي لم تكن قد أشر بها طبقاً لأحكام قانون الشهر العقاري التي صدرت أو تصدره هذه الأحكام في ظله ، ينسحب عليها قانون السجل العيني بأثر رجعي ، ويوجب هذا القانون التأشير بها في خلال خمس سنوات ، لا من وقت صيرورتها نهائية وإلا كان في ذلك عنت لا مبرر له إذ يحتمل أن يكون قد انقضى هذا الميعاد أو كاد ينقضي وقت العمل بقانون السجل العيني ، بل من وقت العمل بقانون السجل العيني . فيكون أمام من صدرت هذه الأحكام لمصلحتهم خمس سنوات كاملة للتأشير بهذه الأحكام ، ويتساوون بذلك مع من تصدر أحكام لمصلحتهم منذ العمل بقانون السجل العيني فهؤلاء أمامهم أيضاً خمس سنوات كاملة منذ صيرورة الأحكام نهائية للتأشير بها .
ويلاحظ أن من صدرت أحكام لمصلحتهم في ظل قانون الشهر العقاري كان لهم ، بموجب أحكام هذا القانون الأخير ، أن يؤشروا بأحكامهم في أي وقت ولو بعد انقضاء خمس سنوات ، فينسحب أثر التأشير بالحكم إلى وقت شهر صحيفة الدعوى . فإذا ما أدركهم قانون السجل العيني ولم يكونوا قد أشروا بأحكامهم ، لا يصبح أمامهم إلا خمس سنوات منذ نفاذ قانون السجل العيني للتأشير بأحكامهم . فإن انقضى هذا الميعاد دون أن يؤشروا بهذه الأحكام ، ثم أشروا بها بعد ذلك ، فإن أثر التأشير لا ينسحب إلى وقت شهر صحيفة الدعوى ، بل لا يكون التأشير أثر إلا من وقت التأشير بالحكم .
( [660] ) أنشأ قانون الشهر العقاري مكاتب للشهر العقاري في المديريات والمحافظات ، يعين بمرسوم دائرة اختصاص كل منها ، وتتولى شهر المحررات التي تقضي القوانين بتسجيلها أو بقيدها . ويلحق بكل مكتب مأموريات ، يعين بقرار من وزير العدل اختصاص كل منها ، وانشأ القانون مكتباً رئيسياً مقره مدينة القاهرة يرأسه أمين عام ، ويتولى إدارة مكاتب الشهر العقاري ومراقبتها وحفظ صور لجميع المحررات التي شهرت فيها وصور من الفهارس الخاصة بها . وتقوم مكاتب الشهر بإثبات المحررات في دفاتر الشهر والتأشير عليها بما يفيد شهرها . وبتصوير المحررات التي يطلب شهرها ، وبحفظ أصول المحررات التي تشهر وموافاة الجهات المختصة بصور منها ، وبإعداد فهارس المحررات التي تشهر ، وبالتأشيرات الهامشية وإرسال صور منها للمكتب الرئيسي ، وبإعطاء الصور التي تطلب من المحررات التي تم شهرها ، وبالترخيص في الإطلاع والكشف النظري . ونص القانون على صدور مرسوم بلائحة تنفيذية تشتمل على تنظيم دفاتر الشهر ودفاتر الفهارس ، وعلى التنظيم الداخل لمكاتب الشهر العقاري والمأموريات وسير العمل فيها . وقد صدر هذا المرسوم فعلاً باللائحة التنفيذية في 14 أغسطس سنة 1946 .
أما المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق فينشئ في كل محافظة مكتباً للشهر العقاري والتوثيق ، وتتبع هذه المكاتب مصلحة الشهر العقاري والتوثيق . ويلحق بكل مكتب مأموريات للشهر والتوثيق ، يعين بقرار من وزير العدل دائرة اختصاص كل منها . وتتولى مصلحة الشهر العقاري والتوثيق إدارة مكاتب الشهر العقاري والتوثيق ومراقبتها ، وحفظ صور المحررات التي شهرت أو وثقت فيها وصور من الفهارس الخاصة بها . واختصاصات مكاتب الشهر العقاري في المشروع مماثلة تقريب لاختصاصات هذه المكاتب في قانون الشهر العقاري .
وتنشئ المادة 3 من قانون الشهر العقاري مجلس للشهر العقاري – رئيسه الأمين العام وأعضاؤه ستة يعينون بقرار من مجلس الوزراء لمدة ثلاث سنوات يكون من بينهم من يمثل جهة القضاء ومصلحة المساحة وبيوت الائتمان العقاري – تعرض عليه مشروعات القوانين واللوائح والقرارات والمنشورات المتعلقة بالشهر العقاري ، وله اقتراح ما يرى إدخاله على نظام الشهر من تعديلات ، وبحث ما يقدم من اقتراحات في هذا الشأن . وقد ألغى المشروع الجديد هذا المجلس ، إذ لم يشر إليه في نصوصه .
( [661] ) أنظر آنفاً فقرة 68 وفقرة 70 .
( [662] ) وليس من الضروري أن يوقع الطلب جميع أصحاب الشأن في المحرر ، بل يكفي توقعي أحد أطراف التعاقد ، المتصرف أو المتصرف إليه إذا كان الطلب يتعلق بعقد أو إشهاد . وفي غير ذلك من المحررات ، كصحف الدعاوى والأحكام ، يكفي أن يوقع الطلب من كان المحرر لصالحه .
( [663] ) أنظر العبارة الأخيرة من المادة 19 من المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق .
( [664] ) ويصح الاكتفاء بذكر محل الإقامة المختار ، فيصبح كل إخطار يوجه إلى صاحب الشأن فيه صحيحاً وملزماً قبل مصلحة الشهر العقاري .
( [665] ) وقد اعتبر الحكم بصحة التعاقد مجرد إثبات لحصول التعاقد ، فلا يعفى طالب الشهر من تقديم جميع المستندات التي يقدمها صاحب الشأن في العقود والإشهادات غير المتنازع عليها فلم تقتض استصدار حكم بصحة التعاقد . ولو سمح بشهر حكم صحة التعاقد دون مراجعة ، لأمكن من يشاء التحلل من تقديم المستندات المثبتة لأصل حق الملكية أن يتوطأ مع المتعاقد الآخر على إقامة دعوى بصحة التعاقد ، ثم شهر الحكم الذي يصدر دون تقديم المستندات .
هذا وقد زادت المادة 21 ( سادساً ) من المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ، على العقود والإشهادات وأحكام صحة التعاقد ، ما يأتي : " أحكام القسمة ، وأحكام تثبيت الملكية إذا بنيت على الإقرار بأصل الالتزام أو على التسليم للمدعى بطلباته ، وكذلك توثيق الصلح بين الخصوم أو إثبات ما اتفقوا عليه في محضر الجلسة ، وأوامر الاختصاص " . وذلك حتى لا تشهر أحكام يحتمل أن يكون الخصوم قد تواطؤوا على استصدارها ، وحتى يقضي على كل محاولة في الإستيلاء على أملك الغير عن طريق هذا التواطؤ .
( [666] ) وقد نص المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ( م 19 ) على أن نقدم طلبات الشهر " على النموذج المعدل لذلك في مقابل رسم قدره خمسون مليماً لكل وحدة " . وأريد بوضع نموذج لطلب الشهر التيسير لجمهور المتعاملين في أن يعرفوا ما يجب أن يتضمنه الطلب من البيانات وما يجب تقديمه من المستندات ، فيمكن الطالب أن يعتمد على نفسه في إعداد الطلب . وقد أعد أيضاً مشروع قانون بتنظيم مهنة الوساطة في أعمال الشهر ، بحيث لا يتولاها إلا من يجيدها ويكون معروفاً بحسن الخلق فلا يستغل الجمهور .
( [667] ) وقد صدر القانون رقم 30 لسنة 1942 يقضي بأن يستبعد من طرق إثبات التاريخ وجود توقيع أو ختم لإنسان توفى قبل سنة 1924 في المحررات المقدمة مستنداً لأصل ملكية المتصف ، وقد سار قانون الشهر العقاري على هذا المبدأ .
( [668] ) أنظر في التعليمات التي أصدرتها مصلحة الشهر العقاري فيما إذا كان أصل الملكية هو التملك بالتقادم الطويل : محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 80 – ص 82 – وقد قنن المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ما جرى عليه العمل في هذا الصدد فيما استحدثه من نصوص في آخر المادة 22 منه على الوجه الآتي : " وإذا ثبت أن أصل الملكية أو الحق العيني لا يستند أساساً إلى محرر مما يعتبر مقبولاً لذلك ، أو ثبت وجود هاذ المحرر وتعذر تقديمه ، فيكتفي بتقديم كشوف رسمية من دفاتر التكليف تثبت ورود العقار في تكليف المتصرف أو مورثه مدة خمس عشرة سنة سابقة على تقديم الطلب بالنسبة للأرض الزراعية وابتداء من سنة 1923 بالنسبة للعقارات المبنية الكائنة في المدن المربوطة بعوايد المباني ، بشرط أن يكون التكليف الحالي باسم الصادر منه التصرف أو مورثه تعزز في الحالتين بمحضر في الطبيعة لإثبات وضع يد المتصرف أو مورثه مدة خمس عشرة سنة سابقة على تقديم الطلب . على أنه يكتفي ، بالنسبة للعقارات الكائنة في سكنات القرية المعفاة من الضرائب في الطبيعة لإثبات وضع يد المتصرف أو مورثه ابتداء من سنة 1923 حتى تاريخ تقديم الطلب . واستثناء من أحكام الفقرة الأولى ، إذا تبين أن المحرر المقدم لإثبات أصل الملكية أو الحق العيني يتعارض مع مستند المالك الحقيقي ، فلا يقبل هذا المحرر في إثبات الغرض المشار إليه " .
( [669] ) ويبين في هذا الدفتر مراحل العمل بالطلبات والمشروعات ( أنظر م 20 من المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق وهي تتمشى مع المادة 47 / 2 من قانون السجل العيني ) . وقد نصت المادة 24 من قانون الشهر العقاري ( المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1950 ) على أن " يؤدي رسم قدره خمسون قرشاً عند تقديم الطلب ، ويعتبر الطلب كأن لم يكن إذا لم يتم شهر المحرر خلال سنة من تاريخ قيد الطلب . وتمتد هذه المدة سنة ثانية إذا قدم الطالب قبل انتهاء السنة الأولى بأسبوعين طلباً بالامتداد ، وأدى عنه الرسم المطلوب " .
( [670] ) ويستطيع من قرار أمين المكتب سقوط أسبقية طلبه ، أو من طولب باستيفاء بيان لايرى وجهاً له ، أن يلجأ إلى نظام الشهر المؤقت ، إذ نصت المادة 35 من قانون الشهر العقاري على ما يأتي : " لمن أشر على طلبه باستيفاء بيان لا يرى وجهاً له ، ولمن تقرر سقوط أسبقية طلبه بسبب ذلك ، أن يتقدم بالمحرر نفسه . . . وذلك في خلال عشرة أيام من وقت إبلاغ قرار الاستيفاء أو السقوط إليه ، ويطلب إلى أمين المكتب إعطاء هذا المحرر . . . رقماً وقتياً بعد أداء الرسم ، وتوثيق المحرر أو التصديق على التوقيعات فيه إن كان من المحررات العربية ، وبعد إيداع كفالة قدرها نصف في المائة من قيمة الالتزام الذي يتضمنه المحرر ، على ألا يزيد مقدار هذه الكفالة على عشرة جنيهات ، ويجب أن نبين في الطلب الأسباب التي يستند إليها الطالب . وفي هذه الحالة يجب على أمين المكتب إعطاء المحرر . . . رقماً وقتياً في دفتر الشهر المشار إليه في المادة 31 ودفاتر الفهارس ، وأن يرفع الأمر إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية التي يقع المكتب في دائرتها . ويصدر القاضي قراره على وجه السرعة بإبقاء الرقم الوقتي بصفة دائمة أو بإلغائه تبعاً لتحقق أو تخلف الشروط التي يتطلب القانون توافرها لشهر المحرر . . ولا يجوز الطعن في القرارات التي تصدر على هذا الوجه بأي طريق " . ونصت المادة 36 من نفس القانون على أنه " إذا صدر قرار القاضي بإبقاء الرقم الوقتي ، وجب التأشير بذلك في دفتر الشهر ودفاتر الفهارس ، واتخاذ باقي الإجراءات وعلى الأخص ما يتعلق منها بالتصدير . وإذا صدر القرار بإلغاء الرقم الوقتي ، وجب التأشير بذلك في دفتر الشهر ودفاتر الفهارس ، وتصادر الكفالة المتقدمة ذكرها بقوة القانون ، ويرد المحرد . . . . لصاحب الشأن بعد التأشير عليه بمضمون القرار وتاريخه " .
هذا وقد ألغى المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق نظام الشهر الموقت ، ونص في المادة 28 منه على إنشاء دفتر يومية تقيد فيه طلبات الشهر ، فيتمكن مكتب الشهر من مراجعة المحررات التي تقدم إليه ، على أن تدون في دفتر الشهر بعد مراجعتها في اليوم التالي . ولمواجهة حالات التعارض بين المحررات المقدمة لمكاتب الشهر إذا ما قدم أكثر من محرر في شأن عقار واحد ، والتي أغفلها قانون الشهر العقاري ، نص على عدم جواز شهر محرر لاحق قبل محرر سابق يتعارض معه إلا إذا صدر قرار نهائي من أمين المكتب بإسقاط أسبقية المحرر السابق . وتوسع المشروع في الحالات التي يجوز فيها التظلم من قرارات المأمورية ومن قرارات المكتب ، وفرض رقابة قضائية قبل التظلم لقاضي الأمور المستعجلة حتى يستطيع ممثل المصلحة قبل الحكم إبداء وجهة النظر الفنية التي قد لا تظهر بوضوح إذا ترك الأمر للمذكرات التي تقدم لقاضي الأمور الوقتية ( أنظر في كل ذلك المواد 33 - 39 من المشروع ) .
( [671] ) وفي حالة عدول أصحاب الشأن عن التسجيل لا يرد ما سبق دفعه من رسوم التسجيل حتى لو سلمت الجهة الإدارية خطأ بأحقية دافع الرسم في استرداده ( نقض مدني 18 فبراير سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 29 ص 187 ) – وأنظر أيضاً نقض مدني 17 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 ص 136 – 14 فبراير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 ص 254 – 28 نوفمبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 ص 1098 .
( [672] ) والأصل أن تؤشر المأمورية على أصل الطلب بعبارة " مقبول للشهر " . ولكن كثيراً ما يحدث أن تكون الحدود والمسطحات الخاصة بالعقار لا تطابق الواقع ، وكذلك الأمر فيما يتعلق بباقي البيانات الواردة في الطلب . فتجري المأمورية التصحيحات اللازمة ، وتدون هذه التصحيحات في نموذج خاص اسمه " إخطار بالقبول للشهر " . وتسترشد المأمورية في تحرير هذا الإخطار بما أدرجه مقدم الطلب من بيانات ، وما أسفر عنه بحثها لهذا الطلب من المستندات المقدمة ومن الدفاتر والخرائط والمرجع الموجودة بها . ويختم هذا الإخطار بختم " مقبول للشهر " ، وإذا لم يتقدم صاحب الشأن لتسلم الإخطار في خلال ثلاثة أيام من تاريخ تحريره ، أرسل إليه مع المستندات المقدمة منه في العنوان الذي بينه في الطلب .
( [673] ) ولم يقصد بنظام الأسبقية ، في الطلبات وفي مشروعات المحررات ، حماية صاحب الطلب أو المشروع الأول حماية مطلقة . ولكن أريد منحه فترة مناسبة ليبادر إلى استكمال الخطوات اللازمة للشهر في أثنائها ، حتى يحتفظ بأسبقيته . أما إذا تسلم صاحب الطلب الأول إخطار القبول فأهمل في تقديم مشروع المحرر ، وبادر صاحب الطلب الثاني إلى تقديم مشروع محرره قبل صاحب الطلب الأول ، فإن الثاني يكسب على الأول أسبقية في دفتر مشروعات المحررات وينعكس الترتيب .
هذا وقد ألغى المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق أسبقية المشروعات اكتفاء بأسبقية الطلبات ، تبسيطاً للإجراءات وتيسيراً على أصحاب الشأن ، فعدل المشروع المادة 33 من قانون الشهر العقاري على الوجه الآتي : " إذا قدم للمأمورية أكثر من طلب في شأن عقار واحد ، يجب أن تبحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية تقديمها في الدفتر المعد لذلك ، وأن تنقضي بين أبحاث الطلب السابق مؤشراً عليه بالقبول أو مشروعه مؤشراً عليه بالصلاحية ، وإعادة الطلب اللاحق أو مشروعه مؤشراً عليه بذلك ، فترة معادلة للفترة التي تقع بين ميعاد كل من الطلبين ، على ألا تجاوز هذه الفترة سبعة أيام . وتحتسب الفترة المتقدم ذكرها عند إرسال نسخة الطلب أو مشروع المحرر مؤشراً عليها لصاحب الشأن بالبريد من تاريخ الإرسال " .
( [674] ) وإذا كانت البيانات غير مطابقة ، لم يقبل مشروع المحرر ، ووجب تقديم مشروع جديد . وفي حالة ما إذا وجدت البيانات مطابقة ، وأشر على مشروع المحرر صلاحيته للشهر ، ولم يتقدم صاحب الشأن لتسلم مشروع المحرر في خلال ثلاثة أيام من تاريخ التأشير عليه بالصلاحية للشهر ، تولت المأمورية إرسال المشروع إليه في محل إقامته المبين بالطلب .
( [675] ) ونظام الأسبقية في الطلبات وفي مشروعات المحررات هو نفس نظام الأسبقية الذي يتبع في الشهر النهائي . فإذا تباطأ صاحب المشروع الأول الصالح للشهر ، فمن الجائز أن يسبقه إلى التسجيل النهائي صاحب المشروع الثاني الصالح للشهر . ولما كانت العبرة بالتسجيل النهائي ، فإن هذا الأخير يكسب الملكية أو الحق العيني نهائياً ، مع أنه كان في جميع المراحل السابقة تالياً في الأسبقية لصاحب المشروع الأول .
( [676] ) ويسلم المحرر المعد للشهر إلى قسم المراجعة بمكتب الشهر ، فيتولى القسم إعادة بحثه للتثبت من أن تأشير المأمورية على مشروع المحرر بالصلاحية للشهر لم يجانب الصواب في أي بيان أو إجراء يتطلبه القانون ، كما يتولى مراجعة المحرر من ناحية الرسوم للتثبت من سلامة تقديرها . ويتولى قسم المراجعة عمل ملخص ( chemise ) للمحرر ، ويوقع مقدم المحرر على تعهد في صدر هاذ الملخص بقبوله رد المحرر إليه في عنوانه المبين في المحرر أو في أي عنوان آخر بينه في حالة ما إذا لم يتقدم لتسلمه في ظرف عشرة أيام من تاريخ تقديمه ، إذا اتضح أن به نقصاً في الإجراءات أو الرسوم يمنع من إجراء عملية الشهر .
( [677] ) ويقفل العمل في دفتر الشهر في ذيل آخر محرر قدم للشهر في ذلك اليوم ، مع ذكر الساعة ورقم المحرر الذي حصل التأشير في ذيله ، ويوقع أمين المكتب أو الأمين المساعد على هذه البيانات ، كل هذا حتى لا يشهر محرر بتاريخ يوم سابق على تاريخ تقديمه للشهر . ويكون دفتر الشهر مرقم الصفحات ، وموقعاً على كل ورقة فيه من الأمين العام للشهر العقاري أو من يندب لذلك بقرار من وزير العدل . ويفرد دفتر للشهر في كل مكتب لكل سنة ، فإذا ما انتهى العمل في 31 ديسمبر من أي سنة حرر محضر في ذيل آخر محرر في هذا التاريخ . وينتهي العمل في هذا الدفتر نهائياً ، على أن يصير إثبات المحررات ، اعتباراً من أول يناير التالي ، في دفتر جديد .
( [678] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا تقضى المواد 25 و 28 و 31 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري بأن كلاً من طلبات التسجيل ومشروعات المحررات والمحررات تثبت في دفاتر تعد لذلك بمأموريات ومكاتب الشهر العقاري حسب تواريخ وساعات تقديمها ، فإن في ذلك ما يفيد أن السابق واللاحق في التسجيل يتعين حتماً – إن تما في يوم واحد – بأسبقية رقم التسجيل في دفتر الشهر . وقد عنى المشرع بوضع هذا النظام ولم يترك الأمر فيه لمحض الصدفة ، نظراً لما يترتب على أسبقية التسجيل من أثر في المفاضلة بين المتنازعين على ملكية عقار واحد . ذلك أن مؤدى نصوص المواد 9 و 15 و 17 م بالقانون المذكور أن ملكية العقار لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلا بتسجيل عقد البيع أو بتسجيل الحكم النهائي بإثبات التعاقد أو بالتأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى إذا كانت قد سجلت . وتسجيل هذه الصحيفة يحفظ لرافعها حقوقه من تاريخ حصوله ، حتى إذا ما حكم له بطلباته فإن الحق الذي قرره الحكم ينسحب إلى تاريخ تسجيل العريضة إذا كان قد تأشر بهذا الحكم طبقاً للقانون دون أن يتأثر بما يصدر من البائع من تصرفات شهرت بعد هذا التاريخ ( نقض مدني أول مارس سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 67 ص 486 ) . وأنظر نقض مدني 15 مايو سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 ص 494 – 15 فبراير سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 ص 295 .
( [679] ) وإذا كان المحرر المقدم للشهر يشتمل على عقارات تقع في دائرة اختصاص أكثر من مكتب واحد ، قدم المحرر للشهر بأحد هذه المكاتب . فإذا ما تم التسجيل سحبت صور فوتوغرافية وقدمت إلى المكاتب الأخرى لإجراء التسجيل في كل مكتب على حدة ولا ينتج التسجيل أثره إلا في خصوص العقار الذي يقع في دائرة اختصاص المكتب الذي تم فيه التسجيل .
( [680] ) فإن كان موضوع المحرر يتطلب تعديلاً في دفاتر المكلفة ، تولى مكتب الشهر استخراج صورة فوتوغرافية ثالثة من المحرر وترسل إلى المحافظة ، مبيناً عليها خاتم " ناقل التكليف " ، وذلك لتقوم المحافظة بإجراء التعديلات المترتبة على تسجيل المحرر في دفاتر المكلفة ، ويكون استخراج هذه الصورة الفوتوغرافية الثالثة على نفقة صاحب الشأن .
( [681] ) ويسدد على طلب التأشير الهامشي الرسم المقرر للطلبات ، وقدره 500 مليم .
( [682] ) وإذا تبين أمين المكتب أن التأشير الهامشي لم يستوف البيانات أو المستندات اللازمة أبلغ الطالب أوجه النقض ، ويحدد له أجلاً لتلافيها على ألا يجاوز هذا الأجل شهراً ، ويمكن منحه أجلاً آخر إذا اتضح أنه جاد في طلبه وأن الاستيفاء يتطلب وقتاً أطول . فإذا لم يستوف الطالب البيانات أو المستندات اللازمة في الأجل المحدد ، أشر المكتب على الطلب بالحفظ مع بيان الأسباب . وللطالب أن يطلب كتابة إلى أمين المكتب في خلال عشرة أيام من تاريخ إبلاغه لقرار الحفظ المسبب رفع الأمر إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية التي يقع مكتب الشهر في دائرتها ، وعلى أمين المكتب عرض الأوراق فوراً على القاضي فإما أن يؤيد هذا قرار الحفظ أو يصدر قراراً بإجراء التأشير الهامشي المطلوب ، وقرار قاضي الأمور الوقتية نهائي لا يجوز الطعن فيه .
وإذا تقدم طلبان متعارضان للتأشير الهامشي ، بحث الطلب الأول ، فإذا تم التأشير الهامشي به امتنع تنفيذ الطلب الثاني ، ,إذا كان الطلب الأول غير مستوفي ومنح صاحبه أجلاً ، امتنع على المكتب إجراء التأشير بالطلب اللاحق إلا بعد حفظ الطلب الأول وانقضاء عشرة أيام وهي ميعاد التظلم أو الفصل في التظلم من قاضي الأمور الوقتية .
وقد عدل المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق هذه الأحكام ، فنص في المادة 42 منه على ما يأتي : " لمن حفظ طلبه أن يطلب إلى أمين مكتب الشهر ، في خلال عشرة أيام من تاريخ إبلاغ قرار الحفظ إليه ، رفع الأمر إلى قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة التي يقع مكتب الشهر بدائرتها . ويصدر القاضي حكمه في خلال أسبوع على الأكثر ، بعد الإطلاع على الأوراق وسماع أقوال ممثل مصلحة الشهر العقاري ، بإجراء التأشير الهامشي أو برفضه ، تبعاً لتحقق أو تخلف الشروط التي يتطلب القانون توافرها لإجراء التأشير . ولا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر على هذا الوجه بأي طريق من طرق الطعن " .
( [683] ) الشهر بطريق الإيداع : ويوجد نظام الشهر بطريق الإيداع للمحررات الثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1924 ، وهي المحررات التي لا تخضع للإجراءات العادية الواردة في قانون الشهر العقاري ، فقد نصت المادة 54 من قانون الشهر العقاري في أحكامه الوقتية على أنه " لا يسري هذا القانون على المحررات التي ثبت تاريخها ثبوتاً رسمياً قبل أول يناير سنة 1924 ولا على الأحكام التي صدرت قبل هذا التاريخ ، بل تظل هذه المحررات والأحكام خاضعة من حيث الآثار التي تترتب عليها لأحكام القوانين التي كانت سارية عليها " . ونصت المادة 57 من قانون الشهر العقاري في أحكامه الوقتية أيضاً على أنه " استثناء من أحكام الباب الثالث من هذا القانون يجوز أن تشهر بطريق الإيداع ، على الوجه المبين باللائحة التنفيذية ، المحررات التي تثبت تاريخها قبل سنة 1924 من غير طريق وجود توقيع أو ختم لإنسان توفى " . ونصت المادة 365 من اللائحة التنفيذية لقانون الشهر العقاري على أنه " في الأحوال آلت يجيز فيها القانون الشهر بطريق الإيداع ، تنسخ صورة مصدق عليها من المحرر على الورق الخاص المشار إليه في المادة 19 ، وتتبع باقي الإجراءات المنصوص عليها في المواد التالية ، ويحفظ الأصل في مكتب الشهر " .
فمن يرغب في شهر محرر ثابت التاريخ قبل أول يناير سنة 1924 عن طريق توقيع أو ختم لإنسان توفى ، عليه أن يقوم بنسخ صورة من هذا المحرر موقع عليها منه ، وذلك على الورق الأزرق الخاص بالمداد الأسود ، ويجب أن يكون توقيع صاحب الشأن على هذه الصورة مصدقاً عليه . ويقدم أصل المحرر الثابت التاريخ ومعه الصورة المحررة على الورق الأزرق الخاص إلى مكتب الشهر المختص لإيداع المحرر ، ويتولى أحد الموثقين تحرير محضر يثبت فيه هذا الإيداع بحضور شاهدين . ويذكر فيم حضر الإيداع اسم الموثق واسم طالب الإيداع واسم أبيه وجده لأبيه وجنسيته ومحل إقامته ، ووصف شامل للمحرر المودع يبين به نوع المحرر ,أسماء وأصحاب؟ الشأن فيه والعقار موضوع العقد والثمن أو المقابل وشكل الورق ونوع الحبر وما قد يكون في المحرر من تصحيح أو كشطك أو تحشير والطريق الذي تم به إثبات تاريخ المحرر قبل سنة 1924 والسلطة التي تم بها إثبات التاريخ . ثم يذيل هاذ المحضر بتوقيعات الموثق وطالب الإيداع والشاهدين . وتنسخ من محضر الإيداع صورة طبق الأصل على الورق الأزرق الخاص ، ويقيد هذا المحضر في دفتر الإيداع بحسب تاريخ وساعة تقديمه للمكتب . وتعطى لأصحاب الشأن صورة فوتوغرافية من محضر الإيداع ومن أصل المحرر ، وتحفظ باقي الأوراق بالمكتب المختص . وإذا ما تم شهر محرر بطريق الإيداع ، لم ينصرف أثر ذلك إلى تاريخ إدراجه بدفتر الإيداع ، ولكن إلى التاريخ الثابت فيه . ويعتبر ناقلاً للملكية منذ هذا التاريخ الثابت ، وتحترم جميع التصرفات التي سبق أن استندت إليه في إبرامها .
هذا وقد ألغى المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق الشهر بطريق الإيداع على الوجه المتقدم ، إذ نصت المادة 7 من مشروع قانون إصدار هذا المشروع على أنه " استثناء من أحكام الباب الثالث من القانون المرافق ، يجوز أن تشهر بطريق الإيداع على الوجه المبين باللائحة التنفيذية المحررات التي تجيز القوانين الخاصة شهرها بهذا الطريق " . فأغفل النص ذكر المحررات الثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1924 من بين المحررات التي يجوز شهرها بطريق الإيداع ، ووكل إلى القوانين الخاصة بيان المحررات التي يجوز شهرها بطريق الإيداع ، ومن هذه القوانين قانون نزع الملكية والقانون رقم 100 لسنة 1964 فيما يختص بطرح النهر .
الكشف النظري والشهادة العقارية : وهناك طريقان للبحث في دفاتر الشهر :
( 1 ) الكشف النظري ( vision ) : ويكون بإطلاع صاحب الشأن ، تحت مسئوليته ومراقبة الموظف المختص ، على دفاتر الشهر ودفاتر الفهارس وعلى أي محرر تم شهره ، وذلك ابتداء من المدة التي يحددها . ( 2 ) الشهادة العقارية ( certificate hypothecaire ) : وهي كشف رسمي ، يستخرج من واقع دفاتر مكتب الشهر المختص ، عما يكون قد شهر من محررات أو قيود أو أحكام أو تأشيرات هامشية عن عقار معين ، بالنسبة إلى شخص معين ، ولمدة معينة ويبين في طلب هذه الشهادة العقارية اسم صاحب العقار واسم أبيه وجده لأبيه ، واسم الناحية والمركز أو القسم والمحافظة الكائن بها العقار المطلوب الاستعلام عنه ، مع ذكر المنزل واسم الشارع إن كان بناء أو أرض بناء ، والحوض إن كان أرضاً زراعية ، والمدة المطلب إجراء البحث عنها . فإذا لم تظهر تسجيلات أ وقيود ، سلم كتب الشهر المختص الطالب شهادة سلبية بذلك . أما إذا ظهرت تسجيلات أو قيد ، فيبين ملخصها في الشهادة العقارية ، بذكر اسم الصادر لمصلحته والصادر ضده المحرر ، وبيان العقار والثمن أو المقابل ، والتأشيرات الهامشية إن وجدت . وتكون الشهادة العقارية في هذه الحالة شهادة إيجابية تسلم للطالب ، تحت مسئولية الحكومة بحيث إذا وقع خطأ في الشهادة كان للطالب الرجوع على الحكومة بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب هذا الخطأ .
( [684] ) ويثبت في صحيفة كل وحدة عقارية حدودها الطبيعية وأسماء الملاك المجاورين ، وتتولى مصلحة الشهر العقاري وضع العلامات على حدود كل وحدة عقارية . ويجب على واضع اليد على الوحدة العقارية ، أياً كان سبب وضع يده ، أن يمكن الموظفين المنوط بهم عملية المساحة من القيام بعملية التحديد ، وعلى رجال الضبطية القضائية أو رجال الإدارة تمكين هؤلاء الموظفين من وضع العلامات اللازمة لتحديد الوحدات المتقاربة . أنظر المواد 15 – 17 من قانون السجل العيني .
وتنص المادة 62 من قانون السجل العيني على أن " علامات تحديد الوحدات العقارية مملوكة للدولة . فإذا فقدت أية علامة أو أتلفت أو غير مكانها بمعرفة أحد من غير الموظفين المختصين . فإن مصروفات إعادة وضعها تقع على عاتق من ثبتت مسئوليته ، إلا حصلت تلك المصروفات من واضعي اليد والملاك الذي وضعت العلامة لتحديد وحداتهم وذلك التضامن فيما بينهم بالطرق الإدارية " .
وجاء في المذكرة الشارحة القانون السجل العيني : " هذا والوحدة العقارية ( unite foneiere ) أساسها الوحدة القانونية التي تستند إلى حق المالك نفسه وسنده الذي نشأ عنه هذا الحق . فليس المناط الوحدة الضريبية ( unite fiscale ) أو الوحدة الاقتصادية ( unite economique ) التي أساسها وحدة الاستغلال . وقد رؤى الأخذ بهذا المعيار نظراً لما يكفله نظام الوحدة القانونية من ثبات للوحدة العقارية يحقق التطابق بين الصحيفة العقارية وبين الخريطة المساحية ويصون الائتمان . . . ولئن كانت المنافع العامة ، كالطرق وموارد المياه ، غير قابلة للتصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم ، مما قد يدعو إلى القول بعدم إخضاعها للقيد في السجل ، إلا أن إدراجها فيه واعتبارها وحدة عقارية ، وهو ما أخذ به المشرع ، من شأنه تيسير التحديد المادي للملكيات الخاصة المجاورة لها ، وإعطاء صورة صادقة عن قيمتها ، فضلاً عن إقلال المنازعات بشأن دخول الملك العام في الأملاك الخاصة " .
( [685] ) وتقول المذكرة الشارحة لقانون السجل العيني : " وذلك حتى تكون الحقوق قد انتقلت بمقتضاه ، فيمكن إجراء القيد الأول على مقتضاه " .
( [686] ) وقد جاء في المذكرة الشارحة لقانون السجل العيني : " وجدير بالذكر أن الأسباب الأخرى لاكتساب الحقوق العينية والتي لا يتطلب القانون شهرها يمكن الأخذ بها ، وإثبات الحقوق في السجل العيني لأول مرة على أساسها وفقاً لأحكام هذا القانون . وتسهيلاً للإدراج الأول في السجل ، تقضي المادة 13 بأنه لا يصح للمصلحة إثبات الحقوق على أساس وضع اليد المكسب إلا إذا لم يكن في المحررات المشهرة ما يناقضها . ومن المفهوم أنه يجب على المصلحة التثبيت في هذه الحالة من توافر شروط اكتساب الملكية بالتقادم . أما إذا قام التناقض بين المحررات المشهرة عن قطعة مساحية وحدة ، تتولى المصلحة إثبات الحقوق في صحيفة الوحدة باسم من تعتبره صاحب الحق بعد فحص المحررات المتناقضة ودراستها ، على أن يرفق بصحيفة الوحدة تقرير عن نتيجة هذه الدراسة ضمن الوثائق المتعلقة بالسجل ( م 18 ) . وبديهي أنه لا يدخل في حكم النص حالة التنازع في وضع اليد ، إذ العبرة هنا بالمحررات المشهرة المؤيدة بوضع اليد " .
( [687] ) والأصل أن للسجل العيني حجية مطلقة كما سبق القول ( أنظر آنفاً فقرة 136 ) ، وعلى ذلك لا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت في السجل ( م 37 من قانون السجل العيني ) . ولكن يستثنى من ذلك قيد الحقوق المستندة إلى وضع اليد المكسب بناء على حكم صادر بذلك ، بشرط أن ترفع الدعوى أو يصدر الحكم في خلال خمس سنوات من بدء سريان نظام السجل العيني على القسم المساحي الواقع فيه الوحدة العقارية محل وضع اليد . فإذا رفع واضع اليد دعواه بتملكه العقار بالتقادم وصدر الحكم لصالحه قبل انقضاء مدة الخمس السنوات ، أو رفع دعواه في خلال هذه المدة ولو لم يصدر الحكم لصالحه إلا بعد انقضائها ، قبل قيد الحق الذي تملكه بالتقادم في السجل العيني على خلاف ما هو ثابت بهذا السجل بناء على هاذ الحكم وتنص المادة 38 من قانون السجل العيني على هذه الأحكام فيما يأتي : " استثناء من أحكام المادة السابقة يقبل قيد الحقوق استناداً إلى وضع اليد المكسب للملكية ، إذا رفعت الدعوى أو صدر الحكم فيها خلال خمس سنوات من انقضاء المدة المنصوص عليها في القرار الوزاري المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار . ولا تكون هذه الحقوق حجة على من تلقى حقاً عينياً من المالك المقيد في السجل قبل حصول التأشير المنصوص عليه في المادة 32 من هذا القانون ( التأشير في السجل بمضمون الطلبات في دعوى التملك بالتقادم ) " .
وتقول المذكرة الشارحة لقانون السجل العيني في هذا الصدد : ( . . . نصت المادة 37 على أن يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه ، ولا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل . فحظرت بذلك التملك بالتقادم . كقاعدة عامة – في مواجهة الحقوق المقيدة بالسجل . فمن أثبت اسمه في السجل كمالك للعقار يصبح في مأمن تام من أن يفاجأ بإدعاء أي مغتصب يزعم أنه تملك العقار بوضع اليد ، وهو أمر تقتضيه طبيعة القوة المطلقة للقيد في السجل . على أن المشرع قد أتى بحكم وقتي روعى فيه التوفيق بين الأحكام الجديدة وبني ما ينبغي من احترام لوضع اليد السابق على القانون ، فنص في المادة 38 على أنه استثناه من أحكام المادة السابقة . . . . . . " .
( [688] ) وتنص المادة 25 من قانون السجل العيني على أنه " لا تستحق رسوم على الدعاوى والطلبات التي ترفع إلى اللجنة . على أنه إذا تبين للجنة أن طلب إجراء التغيير يستر تصرفاً جديداً يراد التهرب من أداء الرسوم المستحقة عنه ، ضمنت قراراها أداء الرسوم وفقاً للقوانين المعمول بها ، ولا ينفذ قراراها إلا بعد أداء الرسوم . كما يستحق عند استئناف الأحكام الصادرة من اللجنة الرسوم المستحقة أصلاً عن الدعاوى الابتدائية وعن الاستئناف ، وترد الرسوم كلها أو بعضها عند الحكم لصالح المستأنف " .
( [689] ) أنظر آنفاً ص 438 .
( [690] ) وتقول المذكرة الشارحة لقانون السجل العيني في هذا الصدد : " هذا وقد أورد القانون الاستثناءات التي ترد على المبدأ السابق ( مبدأ القوة المطلقة للقيد ) ، فنص في الفقرة الأولى من المادة 39 على المحررات التي يجوز قبولها لإجراء تغيير في البيانات الواردة في السجل العيني ، وحصرها في قسمين : ( الأول ) المحررات الموثقة الصادرة ممن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل . على أن الرسمية لا تعتبر ركناً في التعاقد ، ولكنها شرط جوهري لقيد المحررات في السجل ، بحيث لا يسوغ قيدها استناداً إلى عقد عرفين ولو صدر به حكم بصحة التعاقد . ( الثاني ) الأحكام أو القرارات الصادرة من المحكمة التي يقع القسم المساحي في دائرتها أو من اللجنة القضائية المشار إليها في المادة 21 " .
( [691] ) وتنص المادة 63 من قانون السجل العيني على ما يأتي : " على الجهات المشرفة على أعمال التنظيم وعلى المحافظات أن تخطر الجهة القائمة على السجل العيني في أول كل شهر برخص البناء والهدم المعطاة لأصحاب الشأن وبربط العوايد المستجدة ، وذلك لكي تقوم الجهة الأخيرة بتطبيق نظام المدن على الوحدات العقارية المنشأة عليها هذه الأبنية عند إدراج أي تصرف يتعلق بها في السجل العيني " . ويعاقب على مخالفة أحكام هذه المادة بغرامة لا تقل عن مائة قرش ولا تتجاوز عشرة جنيهات ، وتتعدد الغرامة بتعدد المخالفات ( م 66 من قانون السجل العيني ) .
( [692] ) وقد جاء في المذكرة الشارحة لقانون السجل العيني في هذا الصدد : " هذا وقد أجازت الفقرة الثانية من المادة 39 لأمين السجل أني صحح الأخطاء المادية البحتة ، سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن . على أن هذا التصحيح مشروط بشرط جوهرين هو ألا يكون القيد في السجل قد تم ، وغلا وجب عليه عدم إجراء التصحيح إلا بعد إخطار ذوي الشأن بكتاب موصي عليه بعلم الوصول ، نظراً لما يترتب على هذا الإجراء من آثار قد تلحق بهم الضرر ، وقد تتعداهم إلى غيرهم ممن يتعاملون معهم . و يحرر الأمين محضراً يوضح فيه أسباب الخطأ وكيفية كشفه . والمقصود بالأخطاء المادية البحتة الأخطاء الكتابية والحسابية التي تقع أثناء نقل مضمون المحرر إلى صحيفة السجل ، كما أن المقصود بوقف إتمام القيد الوقت الذي لا تكون قد أعطيت فيه صورة من صحيفة السجل أو الشهادات للمالك أو غيره . وبديهي أنه فيما عدا ذلك من الأخطاء ، فلا يجوز تصحيحها إلا وفقاً لأحكام الفقرة الأولى من النص " .
( [693] ) ويعتبر الطلب كأن لم يكن إذا لم يتم قيد المحرر في السجل العيني خلال سنة من تاريخ قيد الطلب بالمأمورية ، وتمتد هذه المدة سنة ثانية إذا قدم الطالب قبل انتهاء السنة الأولى بأسبوعين طلباً بالامتداد وأدى عنه الرسم المطلوب ( م 49 من قانون السجل العيني ) .
( [694] ) وتنص المادة 64 من قانون السجل العيني على ما يأتي : " على السلطات المختصة أن تقدم البيانات والأوراق التي تطلبها الجهة القائمة على السجل العيني أو التي يوجب القانون تقديمها والمتعلقة بإجراءات القيد ، خلال عشرين يوماً من تاريخ طلبها " . ويعاقب على مخالفة أحكام هذه المادة بغرامة لا تقل عن مائة قرش ولا تتجاوز عشرة جنيهات ، وتتعدد الغرامة بتعدد المخالفات ( م 66 من قانون السجل العيني ) .
وأنظر نصوصاً موافقة في المادة 6 من مشروع قانون إصدار المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق ، وفي المادة 56 من هذا المشروع الجديد .
( [695] ) أنظر آنفاً ص 438 .
( [696] ) أنظر نصاً مماثلاً استحدثه المشروع الجديد لقانون الشهر العقاري والتوثيق في المادة 55 منه ( وتطابق المادة 65 من قانون السجل العيني ) .
( [697] ) وتقول المذكرة الشارحة لقانون السجل العيني في هذا الصدد : " وإذا ثار البحث حول مبدأ تسليم صورة واحدة من الصحيفة العقارية في حالة امتلاك شخصين أو أكثر لعقار على الشيوع – وهو مذهب التشريع التونسي – أو تسليم صورة منها لكل مالك ، حبذ المشرع الأخذ بمبدأ تعدد الصور ، نظراً لما لوحظ من صعاب بشأن من تسلم له الصورة من الشركاء في حالة عدم اتفاقهم ، والأساس الذي يصلح أن تقوم عليه المفاضلة بينهم ، فنص على أن يسلم لكل منهم صورة من سند الملكية باسم جميع المشتاعين " .
( [698] ) وتقول المذكرة الشارحة لقانون السجل العيني في هذا الصدد : " وحماية لكل من يتعامل مع المالك أو غيره ممن تقيد حقوقهم في السجل ، وتقليلاً لحالات تداول السند ما أمكن ، لم تجز المادة 60 تسليم صورة ثانية من سند الملكية أو الشهادة إلا في حالة تلف أو ضياع الصورة الأولى ، على أن يكون ذلك بقرار من اللجنة المشار إليها في المادة 21 . على أن هذا لا يمنع ولا شك صاحب الشأن الحريص من الرجوع إلى السجل العين . والمقصود بالتلف في حكم هذه المادة التلف الذي يفقد السند قيمته " .
( [699] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1382 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - الشفعة رخصة تجيز الحصول محل المشتري إذا وقع البيع على عقار في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في المواد التالية . 2 - والحق في الشفعة لا ينتقل بالحوالة ، وإنما ينتقل بالميراث ، وهو حق لا يتجزأ في استعماله " . وفي لجنة المرجعة عدل النص على الوجه الآتي : " 1 - الشفعة رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في المواد التالية . 2 - والحق في الشفعة لا ينتقل بالتحويل ولا بالميراث . والأخذ به لا يتجزأ " ، وأصبح رقم النص 1007 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 1004 . وفي لجنة مجلس الشيوخ دار نقاش حول توريث حق الشفعة ، وكان من رأي بعض الأعضاء توريثه ، ومن رأي بعض آخر عدم توريثه لأنه حق شخصي حتى أن الدائنين لا يمكنهم استعماله نيابة عن مدينهم ، وقد استقر القضاء على أن الشفعة ليست حقاً وإنما هي خيار ورخصة لا يجوز انتقالها إلى الورثة ولا استعمالها من الدائنين . ثم استقر رأي اللجنة على حذف الفقرة الثانية من النص وترك حكمها لاجتهاد القضاء ، وأصبح رقم النص 935 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 345 – ص 357 ) .
هذا وقد ناقشت اللجنة التي كانت برياسة الأستاذ كامل صدقي ( وهي اللجنة التي قامت بوضع نصوص الشفعة التي استقيت منها نصوص المشروع التمهيدي في الشفعة ) هذا النص مناقشة طويلة . واختلط الأمر في هذه المناقشات ، في المقابلة ما بين الرأي القائل بأن الشفعة حق عيني والرأي القائل بأنها حق شخصي . فاستعملت عبارة " الحق العيني " بمعناها المعروف ، في حين أن عبارة " الحق الشخصي " استعملت لا بالمعنى المقابل للحق العين ، بل بمعنى أن الشفعة حق متصل بشخص الشفيع ( أنظر على سبيل المثال ما جاء في محضر جلسة 17 ديسمبر سنة 1937 في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 350 - ص 351 في الهامش ) . وفي رأينا أن أدق ما دون في هذه المسألة في محاضر جلسات لجنة الأستاذ كامل صدقي ما ورد فيم حضر جلسة 17 ديسمبر سنة 1937 على لسان أحد الأعضاء : " إن هناك مسألة أولية يتعين البدء بالبت فيها قبل البحث فيما إذا كان حق الشفعة حقاً عينية أم شخصياً ، وهذه المسألة هيم عرفة ما إذا كانت الشفعة حقاً أم مجرد وسيلة لاكتساب حق . فإذا سلمنا بأن الشفعة ليست إلا مجرد وسيلة لاكتساب حق الملكية كما يبدو ، فلا حاجة للبحث فيما إذا كانت هذه الوسيلة شخصية أو عينية . ذلك أن الشفعة طريق من طرق اكتساب الملكية بحلول الشفيع محل المشتري . . . وبناء على ذلك يكون من التزيد البحث في شخصية أو عينية هذه الوسيلة من وسائل اكتساب الملكية التي تحميها دعوى . فإذا توفى الشفيع قبل مباشرة دعواه ، سقطت الشفعة بوفاته . أما إذا كان قد رفع الدعوى فإنها تصبح جزءاً من ذمته وتنتقل إلى ورثته مع أموال التركة ، شأنها في ذلك شأن دعوى التعويض مثلاً . إذ ليس هناك مبرر للتفرقة بين دعوى الشفعة وبين أية دعوى أخرى ، فكل الدعاوى تكون جزءاً من ذمة الشفيع وتنتقل بالتالي إلى ورثته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 351 – ص 352 في الهامش ) . وقال عضو آخر في نفس الجلسة تأييداً لما تقدم : " فالشفعة إذن ليست سوى طريقة لاكتساب الملكية ، شأنها في ذلك شأن البيع وهو ليس حقاً عينياً بل هو طريقة لاكتساب الملكية . وليس حق الشفعة بأقوى من البيع ، مع أن البيع لم يوصف في وقت ما بأنه حق عيني " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 353 في الهامش ) .
ولا مقابل للنص في قانون الشفعة السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل ( وقد ألغى هذا التقنين الشفعة أصلاً من بين أسباب كسب الملكية ) .
التقنين المدني الليبي م 939 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1128 : الشفعة هي حق تملك العقار المبيع ولو جبراً على المشتري ، بما قام عليه من الثمن والنفقات المعتادة . ( والنص يوافق في مجموعة نص التقنين المصري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 238 / 1 ( عدلت بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : الشفعة حتى يجيز لصاحبه أن ينتزع العقار المبيع من المشتري ، في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في المواد التالية . ( والنص يوافق فيم جموعه نص التقنين المصري ) .
( [700] ) وقد عثرنا على حكم قديم ، صدر من محكمة الاستئناف الوطنية ، يقرر من زمن بعيد هذا الذي نقوله ، فقد قضت هذه المحكمة بأنه لا يمكن وصف الشفعة بأنها حق عيني يتبع العقار أينما حل ، فقد جاء صريحاً في القانون المدني أنها طريقة من طرق كسب الملكية والحقوق العينية ، كالعقود الميراث ووضع اليد بدون فرق . ولا يتصور أن السبب المنتج للحق العيني يسمى نفسه حقاً عينياً ، فليست إذن الشفعة حقاً من الحقوق يؤثر لذاته في الشء كالملكية أو حق الانتفاع ، وإنما هي سبب من الأسباب القانونية التي تنشئ حق الملكية العين ، أو بعبارة أخرى هيم جرد إباحة للتوصل إلى كسب حق الملكية بشروط وفي أحوال مخصوصة وهذه الإباحة لا تنتج حقاً إلا إذا استعملت ، وحينئذ فلا يتولد حق عيني للشفيع بمجرد البيع ، وإنما يتولد هذا الحق عند طلب أخذ الشفيع بالشفعة والقضاء به ( استئناف وطني 2 أبريل سنة 1895 القضاء ص 107 ) . وأنظر أيضاً حكماً من محكمة مصر الكلية الوطنية ويقول إن القانون لم يجعل حق الشفقة من الحقوق العينية ، بل صرح في المادة 44 مدني بكونه سبباً من أسباب الملكية والحقوق العينية وليس واحداً منها ( مصر الكلية 4 يوليه سنة 1896 الحقوق 11 صفحة 317 ) .
( [701] ) أنظر آنفاً فقرة 1 .
( [702] ) والأدق أن يقال إن هذا المركز القانوني لا يتولد عنه مجرد رخصة في التملك ، بل يتولد عنه حق الشخص في أن يتملك . وذلك أنه توجد منزلة وسطى بين الرخصة في التملك والحق في الملك ، هي حق الشخص في أن يتملك . وقد قلنا في هذا الصدد في الجزء الأول من مصادر الحق في الفقه الإسلامي ما يأتي : " وما بين الرخصة والحق توجد منزلة وسطى ، هي أعلى من الرخصة وأدنى من الحق . . . فحق التملك وحق الملك ، الأول رخصة والثاني حق . وما بينهما منزلة وسطى هي حق الشخص في أن يتملك . فلو أن شخصا رأى داراً أعجبته ورغب في شرائها ، فهو قبل أن يصدر له إيجاب البائع بالبيع كان له حق التملك عامة في الدار وفي غيرها ، فهذه رخصة . وبعد أن يصدر منه قبول بشراء الدار صارت له ملكية الدار ، وهذا حق . ولكنه قبل القبول وبعد الإيجاب في منزلة وسطى بين الرخصة والحق بالنسبة إلى الدار . فهو من جهة ليس له فحسب مجرد رخصة في تملك الدار كغيرها من الأعيان التي لا يملكها . وهو من جهة أخرى لم يبلغ أن يصبح صاحب الملك في الدار . بل هو بين بين . له أكثر من رخصة التملك وأقل من حق الملك : له الحق في أن يتملك . إذ يستطيع بقبوله البيع ، أي بإرادته وحده ، أن يصبح مالكاً للدار . ولم يصل الفقه الغربي إلى تبين هذه المنزلة الوسطى إلا حيث ارتقى ووصل في الرقي إلى مرحلة بعيدة . نرى في الفقه الجرماني الحديث . ويدعو الفقيه فون تور ( von tuhr ) هذه المنزلة الوسطى بالحق المنشئ ( droit formateur ) ، ويعرفه بأنه " ممكنة تعطي للشخص ، بسبب مركز قانوني خاص ، في أن يحدث أثراً قانونياً بمحض إرادته " . ويأتي بأمثلة لهذا الحق المنشئ يذكر منها : حق من وجه إليه الإيجاب ، وحق المسترد في أن يسترد الحصة الشائعة المبيعة ، وحق البائع وفاء في أن يسترد المبيع ، وحق الشفيع في أن يأخذ بالشفعة . . . ومما يقطع في وجود هذه المنزلة الوسطى في الفقه الإسلامي أن القرافي يقابل ، في عبارات صريحة ، ما بينها وبين الرخصة . فيقول عن صاحب الرخصة " من ملك أن يملك " ، وعن صاحب المنزلة الوسطى " من جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك " ، وينكر على الأول أن يكون مالكاً إطلاقاً ويجعل الثاني محلاً للنظر . وننقل ما يقوله في هذا الصدد : " أعلم أن جماعة من مشايخ المذهب رضي الله عنهم أطلقوا عباراتهم بقولهم من ملك أن يملك هل يعد مالكاً أم لا ، قولان . . . وليس الأمر كذلك بل هذه القاعدة باطلة وبيان بطلانها أن الإنسان يملك أربعين شاة ، فهل يتخيل أحد أنه يعد مالكاً الآن قبل شرائها حتى تجب الزكاة عليه على أحد القولين؟ وإذا كان الآن قادراً على أن يتزوج ، فهل يجري في وجوب الصداق والنفقة عليه قولان قبل أن يخطب المرأة لأنه ملك أن يملك عصمتها؟ والإنسان مالك أن يملك خادماً أو دابة ، فهل يقول أحد إنه يعد الآن مالكاً لهما فيجب عليه كلفتهما ومؤونتها على قول من الأقوال الشاذة أو الجادة؟ بل هذا لا يتخيله من عنده أدنى مسكة من العقل والفقه . . . بل القاعدة التي يمكن أن تجعل قاعدة شرعية ، ويجري فيها الخلاف في بعض فروعها لا في كلها ، أن من جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك هي يعطي حكم من ملك؟ قد يختلف في هذا الأصل في بعض الفروض ، ولذلك مسائل . . . ( المسألة الرابعة ) في الشفعة ، إذا باع شريكه تحقق له سبب يقتضي المطالبة بأن يتملك الشخص المبيع بالشفعة ، ولم أر خلافاً في أنه غير مالك . ( المسألة الخامسة ) الفقيرة وغيره من المسلمين له سبب يقتضي أن يملك من بيت المال ما يستحقه بصفة فقره أو غير ذلك من الصفات الموجبة للاستحقاق . . . فإذا سرق هل يعد كالمالك فلا يجب عليه الحد لوجود سبب المطالبة بالتمليك ، أو يجب عليه القطع لأنه لا يعد مالكاً وهو المشهور ، قولان . فهذه القاعدة ، على ما فيها من القوة من جهة قولنا جرى له سبب التمليك ، في تمشيتها عسر لكثرة النقوض عليها . أما هذا المفهوم وهو قولنا من ملك أن يملك مطلقاً من غير جريان سبب يقتضي مطالبته بالتمليك ولا غير ذلك من القيود ، فهذا جعله قاعدة شرعية ظاهر البطلان لضعف المناسبة جداً أو لعدمها البتة . أما إذا قلنا انعقد له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك ، فهو مناسب لأن يعد مالكاً من حيث الجملة ، تنزيلاً لسبب السبب منزلة السبب ، وإقامة للسبب البعيد مقام السبب القريب " فهذا يمكن أن يتخيل وقوعه قاعدة في الشريعة . أما مجرد ما ذكروه فليس إلا مجرد الإمكان والقبول للتملك ، وذلك في غاية البعد عن المناسبة – فلا يمكن جعله قاعدة " ( الفروق للقرافي جزء ص 20 – ص 21 ) . ويتبين مما نقلناه عن القرافي أنه يميز بين أوضاع ثلاثة : ( أولاً ) وضع من ملك أن يملك ، كمن ملك أن يملك أربعين شاة ومن ملك أن يتزوج ومن ملك أن يملك خادمه أو دابة . . . هؤلاء جميعاً لا يملكون ، فلا يجب على الأول الزكاة ، ولا على الثاني الصداق والنفقة ، ولا على الثالث الكلفة والمؤونة . . . . وترجمة ذلك إلى الفقه الغربي أن هؤلاء جميعاً ليس لهم حق الملك وإنما لهم رخصة التملك ، والرخصة ليست بحق . ( ثانياً ) وضع من جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك ، كما . . . في بيع الشريك لنصيبه بالنسبة إلى شريكه الشفيع ، وفي بيت المال بالنسبة إلى المستحق لفقر أو جهاد أو غير ذلك . هؤلاء أيضاً ، على خلاف في الرأي ، لا يملكون بمجرد جريان السبب الذي يقتضي المطالبة بالتمليك . . . فالشفيع لا يملك الشقص المبيع إلا إذا أخذنا بالشفعة ، والفقير لا يملك شيئاً من بيت المال إلا إذا طالب فأعطى وقبل ذلك إذا سرق وجب عليه الحد . وترجمة ذلك إلى لغة الفقه الغربي أن هذه هي المنزلة الوسطى بين رخصة التملك وحق الملك ، فهي دون الملك وفوق الرخصة . ( ثالثاً ) وضع من جرى له سبب الملك ، كمن اشترى أرضاً أو شفع في دار ، فهذا هو الذي له حق الملك " ( مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء أول ص 4 – ص 8 ) .
( [703] ) وقد سبق أن قررنا في هذا الصدد ، في الجزء الأول من الوسيط ، ما يأتي : " فكثيراً ما يناقش الفقهاء هل الشفعة حق عيني أو هي شيء غير ذلك ، كما يناقشون في طبيعة الحيازة وهل هي حق عيني . ونحن لا نتردد في الإجابة على هذه المسائل بما قدمناه . فلا الشفعة ولا الحيازة بحق عيني أو حق شخصي ، بل هما واقعتان قانونيتان تدخلان في أسباب كسب الملكية . فهما إذن ليسا بحقوق ، بل هما مصدر للحقوق . ولا يصح أن يقال عن أي منهما إنه حق عيني أو حق شخصي ، بالقدر الذي لا يصح أن يقال به إن العقد ، وهو أيضاً مصدر للحقوق ، حق عيني أو حق شخصي . والأهمية العملية لعدم اعتبار الشفعة حقاً أنه لا يجوز لدائني الشفيع أن يستعملوا الشفعة باسم مدينهم . والذي ضلل الناس في أمر الشفعة هو أنها تجعل الشفيع بالنسبة إلى العين المشفوع فيها في منزلة من مله الحق في أن يتملكها ، وهذه منزلة وسطى بين مجرد الرخصة في التملك حيث يكون الشخص أجنبياً عن الشيء ، وحق الملكية الكامل حيث يكون للشخص حق عيني في الشيء . ونظير ذلك شخص صدر له إيجاب بالبيع ، فهو أيضاً في منزلة وسطى بين من له مجرد الرخصة في الشراء قبل صدور الإيجاب وبين المشتري الذي أصبح مالكاً عند تمام البيع . وقد نبه فقهاء الشريعة الإسلامية إلى هذه المنزلة الوسطى ، ووصفوها بأنها حق الشخص في أن يتملك ، أو كما يقول القرافي في الفروق : من انعقد له سبب المطالبة بالملك ، ويفرق بين هذا وبين من ملك أن يملك " ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 33 ص 144 هامش 1 ) . وأنظر أيضاً شفيق شحاتة فقرة 241 ص 255 ( ويدعو هذه المنزلة الوسطى بالحق شبه العيني ، وهذه التسمية محل للنظر ) .
وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " عرفت الشفعة بأنها رخصة " لاحق " لأنها ليست بحق بل هي سبب من أسباب كسب الملكية . فلا معنى للبحث فيما إذا كانت الشفعة حقاً عينياً أو حقه شخصياً . وقد حذف المشروع من التعريف الذي أقرته اللجنة العبارة التي تذكر أن الشفعة سبب لكسب الحقوق العينية ، فإن هذا مفهوم من وضع الشفعة بين أسباب كسب الحقوق العينية . وإذا أريد بهذه العبارة ، كما تقول المذكرة الإيضاحية للجنة ، أن تبقى الشفعة دائرة بين العينية والشخصية ، كان هذا سبباً أدعى لحذفها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 341 – ص 348 ) .
( [704] ) أنظر آنفاً ص 445 هامش 1 .
( [705] ) الوسيط 2 فقرة 542 ص 964 .
( [706] ) الوسيط 2 فقرة 544 .
( [707] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " والحق في الشفعة لا ينتقل بالحوالة منفصلاً عن العقار المشفوع بهن وهذا هو ما تقضي به طبيعة الشفعة وعلة مشروعيتها ، وقد أخذ بهذا المبدأ التقنينان الألمان والبولوني " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 251 – ص 252 ) . وتنص المادة 243 من قانون الملكية العقارية اللبناني ( المعدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) على أن " ينتقل حق الشفعة عند وفاة صاحبه إلى ورثته ، ولا يجوز التفريغ عنه لشخص آخر " .
( [708] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1397 ( أ ) من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يشتمل على عبارة " صراحة أو ضمناً " . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1022 ( أ ) . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1019 ( أ ) . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة " صراحة أو ضمناً " ، وذلك " لأنها تزيد تغني عنه القواعد العامة " ، ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 948 ( أ ) . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 442 – ص 446 ) .
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق م 19 / 1 : يسقط حق الشفعة في الأحوال الآتية : أولاً – إذا حصل التنازل عنه صراحة أو ضمناً ، ويستدل على التنازل الضمني بكل عمل أو عقد يؤخذ منه أن الشفيع عرف المشتري بصفته مالك العقار نهائياً . ( ولم يكن يجوز في قانون الشفعة السابق النزول عن الشفعة إلا بعد ثبوت الحق فيها ) .
يقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 952 ( أ ) ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1134 ( د ) ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 246 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : يسقط حق الشفعة : ( 1 ) ( 2 ) إذا أسقطه الشفيع قبل تسجيل المشفوع صراحة في وثيقة خطية ذات تاريخ صحيح تحتوي على اسم المشتري والثمن والشروط ، ولا يعود تاريخها إلى أكثر من ستة أشهر قبل التسجيل . ( 3 ) إذا كان الشفيع وكيل البائع بالبيع أو شاهداً على العقد ووقع إمضاءه بلا تحفظ . ( 4 ) إذا أسقط الشفيع حقه بعد التسجيل صراحة أو ضمناً ، ولكن هذا الإسقاط لا يجوز بعد تقديم الدعوى بالشفعة إلا برضا المشتري . ( والقانون اللبناني يجيز النزول عن الشفعة بطريق معينة ولكن هذه الطرق جميعاً لا تكون إلا بعد ثبوت الحق في الشفعة أي بعد بيع العقار المشفوع فيه ) .
( [709] ) أنظر في عدم جواز نزول عن الشفعة قبل ثبوت الحق فيها في قانون الشفعة السابق : محمد كامل مرسي 3 فقرة 536 – ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض ، تطبيقاً لأحكام قانون الشفعة السابق ، بأنه لما كان الاستشفاع حقاً يخول كسب الملك ، فإنه يجوز التنازل عنه مقدماً وفقاً للقواعد العامة ، ولا يغير من هذا النظر أن محل الالتزام ه حق محتمل الوجود ، متى كان الملتزم بعلم مقدماً كنه هاذ الحق ومداه وأثر التنازل عنه . فمتى كان الحكم إذا قضى بصحة التنازل عن الشفعة مقدماً بنى قضاءه على أن قانون الشفعة – الذي يسري على موضوع الالتزام – وإن لم يورد من مسقطانها إلا النزول عنها بعد البيع أخذاً برأي أئمة الفقه الإسلامي ، إلا أنه لم ينص على تحريم الاتفاق على التنازل عنها مقدماً ، وأن هذا الاتفاق صحيح لعدم مخالفته للنظام العام ، وليس ثمة ما يوجب التقيد برأي فقهاء الشريعة في هذا الخصوص ، فإن ما قرره هذا الحكم صحيح في القانون ( نقض مدني 20 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 113 ص 658 ) .
وأنظر عكس ذلك وعدم جواز النزول قبل ثبوت الحق في الشفعة : استئناف وطني 29 مايو سنة 1893 الحقوق 9 ص 225 – 7 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 ص 58 – 17 نوفمبر سنة 1921 المجموعة الرسمية 23 رقم 100 ص 155 – طنطا الكلية 25 أبريل سنة 1920 المحاماة 1 رقم 26 ص 152 – استئناف مصر 31 يناير سنة 1940 المحاماة 20 رقم 393 ص 947 .
( [710] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التميهيد في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 444 .
( [711] ) وقد قضت محكمة النقض بأن ما يعبر عنه بالنزول عن الشفعة قبل البيع إن هو إلا تعهد من الشفيع بالامتناع عن استعمال حق الشفعة عند حصول البيع ، مما يفيد أن هذا النزول يجب أن يكون صريحاً . أما النزل الضمني عن الشفعة فيفترض فيه حصول البيع ، ثم صدور عمل أو تصرف من الشفيع بعد ذلك يفيد الرغبة عن استعمال حق الشفعة . هذا هو مفهوم النزل الضمني عن الشفعة ، وهو ما كانت تقرره المادة 19 من قانون الشفعة الملغي إذ نصت على أنه " يستدل على التنازل الضمني بكل عمل أو عقد يؤخذ منه أن الشفيع عرف المشتري بصفته مالك العقار نهائياً " . أما ما تضمنته المادة 948 مدني جديد من سقوط الشفعة بالنزول عنها قبل البيع ، فالمقصود منه جواز محاجة الشفيع بما يكون قد صدر منه قبل البيع من التزام بعدم استعمال حق الشفعة . وبهذا النص حسم القانون المدني الجديد الخلاف الذي كان قائماً قبل صدوره بشأن جواز محاجة الشفيع بمثل هذا الالتزام ( نقض مدني 10 مارس سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 ص 213 ) .
( [712] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 528 ص 512 محمد علي عرفة 2 فقرة 347 . ولابد من صدور النزول من الشفيع شخصياً أو من ينوب عنه قانوناً . والنزول عن دعوى الشفعة يعتبر نزولاً عن حق الشفعة ذاته ، وقد قضت محكمة النقض بأنه حتى لو كان التنازل مقصوراً على ترك المرافعة في الدعوى ، فإن هذا الترك يترتب عليه إلغاء جميع إجراءات الدعوى بما فيها ورقة التكليف بالحضور ، ويزيل كل الآثار التي ترتبت على إقامتها من حفظ الطلب وقطع مدة التقادم ، وغنه يتفرع عن ذلك أن تكون الدعوى الجديدة قد رفعت بعد الميعاد المنصوص عليه في القانون ( نقض مدني 31 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 140 ص 878 ) . وأنظر في عدم جواز النزول عن الشفعة بعد صدور الحكم بثبوت الحق فيها : محمد كامل مرسي 3 فقرة 537 .
( [713] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الشفيع لا يعتبر متنازلاً عن حقه في الشفعة إلا إذا صدر منه ما يفيد أنه اعتبر المشتري مالكاً نهائياً للمبيع . ولا يكفي في ذلك أن يكون الشفيع ، وهو مستأجر للأرض المشفوع فيها ، قد اتفق مع البائع على فسخ إجراتها وتعهد له بتسليمها إلى المشتري ولم يبادر إلى طلبها بالشفعة قبل أن يتكبد المشتري مصروفات التسجيل وغيرها ، فإن القانون قد جعل للشفيع مدة خمسة عشر يوماً لإبداء رغبته ، فمتى أبداها في هاذ الميعاد فلا يصح أن يؤاخذ بعدم إبدائها بعد العلم بالبيع مباشرة أو بعده بأيام قلائل ( نقض مدني 15 فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 208 ص 568 ) . كذلك رفض الأخذ بالشفعة بالثمن الذي طلبه المشتري لاعتقاد الشفيع أن ها الثمن يزيد على الثمن الحقيقي لا يعتبر نزولاً عن الشفعة ( نقض مدني 20 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 12 ص 21 ) . و دفع الشفيع ، الذي كان مستأجراً للأرض المشفوع فيها ، الأموال الأميرية المستحقة على الأرض بعد توقيع الحجز على الزراعة ، لا يفيد النزول ضمناً عن حق الشفعة ، إذ الأموال الأميرية مستحقة على الأرض بصرف النظر عن شخص مالكها ، ودفعها كان مخولاً للمستأجر والشفيع ) في عقد الإيجار ، وهو لم يدفعها إلا بعد توقيع الحجز على الزراعة ( نقض مدني 5 ديسمبر سنة 1946 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 738 رقم 193 ) .
( [714] ) ويعتبر نزولاً ضمنية أن يطلب الشفيع قسمة العقار مع المشتري إن كان العقار شائعاً أو يتفق معه على حقوق إرتفاق ( استئناف مخلط 28 نوفمبر سنة 1895 م 8 ص 16 – 6 أبريل سنة 1899 م 11 ص 182 ) ، أو أن يستأجر الشفيع من المشتري العقار المبيع أو يدفع الأجرة للمشتري إن كان العقار مؤجراً من البائع قبل البيع ( استئناف وطني 2 مايو سنة 1901 المجموعة الرسمية 3 رقم 15 ص 44 – استئناف مختلط 22 مارس سنة 1921 م 33 ص 227 ) . ويعد النزول عن الشفعة إلى الغير ، وهو باطل ، نزولاً ضمنياً عن الشفعة وإسقاطاً لها ( استئناف وطني 2 مايو سنة 1901 المجموعة الرسمية 3 رقم 15 ص 44 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 529 ) . ولا يجوز التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بالنزول عن الشفعة . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه لا يجوز للمشتري أن يتمسك لأول مرة أمام محكمة النقض يتنازل الشفيع عن حقه في الشفعة لتهنئته له ( نقض مدني 15 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 319 ) .
( [715] ) ويفسر النزول عن استعمال حق الشفعة تفسيراً ضيقاً . وقد قضت محكمة النقض بأن النص في عقد البيع على تنازل المشتري عن استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى البائع وخلفائه المباشرين هو استثناء من الأصل العام الذي يجيز الشفعة في نطاق الحدود التي بينها القانون ، فلا يجوز التوسع في تفسيره . ومن ثم لا يجوز البحث في جواز انتقال هاذ الالتزام بالنزول عن حق الشفعة إلى الخلف الخاص ، متى فسرت المحكمة شرط النزول تفسيراً سليماً واستخلصت منه أنه لا يفيد سوى البائع وخلفائه المباشرين ( نقض مدني 17 فبراير سنة 1955 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 738 رقم 189 ورقم 191 – وأنظر أيضاً في هذا المعنى استئناف مختلط 29 أبريل سنة 1930 م 42 ص 463 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأن عرض العقار المشفوع فيه على الشفيع قبل البيع وعدم قبوله شراءه لا يعد نزولاً عن حقه في الشفعة ( استئناف مصر 31 يناير سنة 1940 المحاماة 20 رقم 393 ص 947 – استئناف مختلط 14 مارس سنة 1944 م 56 ص 79 ) وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا باع شخص عقاراً له ، ثم باعه المشتري للغير ، وتوافر في البائع الأول وقت البيع الثاني شروط الأخذ بالشفعة ، فله أن يأخذ بالشفعة العقار الذي كان يملكه أولاً ، ولا يعتبر بيعه إياه سابقاً نزولاً ضمنياً عن أخذه بالشفعة فيما بعد إذا توافرت شروط الشفعة ( استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1907 م 19 ص 223 ) .
( [716] ) هذا ويحدث كثيراً أن المشتري لعقار من شركة تخصصت في تقسم الأراضي وبيعها ينزل في عقد شرائه عن الشفعة فيما يتم من البيوع التي تتولاها الشركة مستقبلاً . وإذا كان المشتري يتقيد بهذا التنازل ، فإن خلفه لا يتقيد به إلا إذا اشترط المشتري عليه يذلك . وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يعتد بتنازل المشتري من الشركة في عقد شرائه منها عن حقه الشفعة ، لأن هذا التنازل لا يعتبر حقه عينياً يتبع العقار في يد كائن من كان ( نقض مدني 29 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 59 ص 411 ) .
( [717] ) وكانت المادة 20 من قانون الشفعة السابق تنص على أنه " يجوز إثبات التنازل الضمني عن حق الشفعة والعلم بالبيع بكافة طرق الإثبات المقررة في القانون بما فيها الإثبات بالبينة " . وقد اندرج هذا النص تحت رقم 1397 مكررة في المشروع التمهيدي . ولما عرضت المادة على لجنة المراجعة ، قررت هذه اللجنة حذفها " لأنها تطبيق للقواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 444 في الهامش ) – وأنظر استئناف مختلط 16 أبريل سنة 1903 م 15 ص 245 – 26 يناير سنة 1905 م 17 ص 102 – 14 يونيه سنة 1906 م 18 ص 327 – أول فبراير سنة 1927 م 39 ص 205 .
أما إثبات النزول الصريح فتجب فيه ، طبقاً للقواعد المقررة في الإثبات ، الكتابة أو ما يقوم مقامها إذا كانت قيمة العقار المشفوع فيه تزيد على عشرة جنيهات . ذلك أنه في النزول الصريح لا شيء يمنع الخصوم من الحصول على الكتابة ، أما الأعمال التي يستفاد منها ضمناً النزول عن الشفعة فهذه لا يمكن الحصول على كتابة لإثباتها ( استئناف وطني 7 مايو سنة 1895 الحقوق 10 رقم 42 ص 202 – استئناف مختلط 26 يناير سنة 1905 م 17 ص 102 ) .
هذا ويجوز النزول عن الشفعة بعد طلبها ، وليس للمشتري أن يطالب الشفيع بالتعويض حتى لو كانت الائتمان قد هبطت ( استئناف وطني 28 فبراير سنة 1922 المحاماة 2 رقم 105 ص 329 ) . أما إذا نزل الشفيع عن الشفعة فلا يجوز له أن يطلبها بعد نزوله منها ، وإنما يجوز له أن يطلبها في بيع جديد ( نقض مدني 20 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 113 ص 658 – استئناف مصر 31 يناير سنة 1941 المحاماة 20 رقم 393 ص 947 ) .
وأنظر في جواز النزول عن الشفعة في مقابل عوض يدفعه المشتري واختلاف فقهاء الشريعة الإسلامية في هذه المسألة : محمد كامل مرسي 3 فقرة 533 – فقرة 535 .
( [718] ) وهذا النص وضعته لجنة الأستاذ كامل صدقي ، وقد نوقش في هذه اللجنة ، فوافقت بأغلبية الآراء على انتقال حق الشفعة إلى الورثة وعدم انتقاله إلى الموصي له ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 354 في الهامش ) .
وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الخصوص : " أن اللجنة ( لجنة الأستاذ كامل صدقي ) جعلت الحق في الشفعة ينتقل بالميراث ، خلافاً لما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في دوائرها المجتمعة ، ويأخذ بهذا الرأي بعض فقهاء الشريعة الإسلامية ومن بينهم الشافعي ومحمد ( ؟ ) . وهو الرأي الذي يتفق مع المبادئ العامة للقانون ، فإن الشفعة أساس الدعوى من الدعاوى المالية ، وهذه الدعاوى تنتقل بالميراث " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 349 – ص 351 ) .
( [719] ) أنظر آنفاً ص 445 هامش 1 .
( [720] ) مصادر الحق في الفقه الإسلامي جزء 5 ص 70 – ص 72 .
( [721] ) والفقيه الحنفي الذي نشير إليه هو الزيلعي ، وقد رد على مذهب الشافعي بما يأتي : " وقال الشافعي لا تبطل بموت الشفيع أيضاً ، لأن هذا أحق معتبر في الشرع كالقصاص وحق الرد بالعيب . ولنا أنه مجرد حق وهو حق التملك ، وأنه مجرد رأي ، وهو صفته فلا يورث عنه . بخلاف القصاص ، لأن من عليه القصاص صار كالمملوك لمن له القصاص ، ولهذا جاز أخذ العوض عنه ، وملك العين يبقى بعد الموت فأمكن إرثه . بخلاف الشفعة ، لأنها مجرد حق إذ هي مجرد الرأي والمشيئة ، ولهذا لا يجوز الاعتياض عنها ، وكذا لا يمكن إرثها . ولأن الشفيع يزول ملكه بالموت عن داره التي يشفع بها ويثبت الملك فيها للوارث بعد البيع ، وقيام ملك الشفيع في التي يشفع بها من وقت البيع إلى الأخذ بالشفعة شرط ، ولم يوجد في حق الميت وقت الأخذ ولا في حق الوارث وقت البيع ، فبطلت لأنها لا تستحق بالملك الحادث بعد البيع ولا بالملك الزائل وقت الأخذ . وإنما لا تبطل بموت المشتري لأن المستحق باق ولم يتغير سبب حقه ، وإنما حصل الانتقال إلى الورثة في الدار المشفوعة ، وذلك حقه ، كما إذا انتقل إلى غيره بسبب آخر فينقضه ويأخذها بالشفعة ، كما ينقض سائر تصرفاته حتى المسجد والمقبرة والوقف ، وكذا لو باعها القاضي أو باعها وصيه كان له نقضه " ( الزيلعي جزء 5 ص 257 – ص 258 ) .
( [722] ) مصر الكلية 4 يوليه سنة 1896 الحقوق 11 ص 317 – أسيوط الابتدائية ( استئنافي ) 7 نوفمبر سنة 1899 المجموعة الرسمية 1 ص 30 – الزقازيق الكلية 24 ديسمبر سنة 1908 المجموعة الرسمية 13 ص 63 – أسيوط الكلية 3 فبراير سنة 1918 المجموعة الرسمية 19 رقم 113 ص 163 – الزقازيق الكلية 20 أكتوبر سنة 1919 المجموعة الرسمية 21 رقم 33 ص 56 – الإسكندرية الكلية 13 نوفمبر سنة 1926 المحاماة 7 رقم 249 ص 367 – دمنهور الجزئية 16 يونية سنة 1906 المجموعة الرسمية 7 رقم 117 ص 241 – شبين الكوم الجزئية 22 نوفمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 343 ص 566 – استئناف مختلط 18 مايو سنة 1905 م 17 ص 316 – 14 مارس سنة 1907 م 19 ص 181 – 19 مارس سنة 1908 م 20 ص 135 – 16 يناير سنة 1923 م 35 ص 154 – 11 يناير سنة 1938 م 50 ص 91 – 6 مارس سنة 1945 م 57 ص 79 – ومن هذا الرأي من الفقهاء المصريين قبل صدور التقنين المدني الجديد أحمد فتحي زغلول ص 79 – ومن هذا الرأي من الفقهاء المصريين قبل صدور التقنين المدني الجديد أحمد فتحي زغلول ص 89 – على زكي العرابي فقرة 143 .
( [723] ) مصر الكلية 19 أبريل سنة 1902 الحقوق 17 رقم 142 ص 278 – استئناف وطني 16 ديسمبر سنة 1902 المحاكم 13 رقم 513 ص 2864 – 2 يناير سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 33 ص 62 - ومن هذا الرأي من الفقهاء المصريين قبل صدور التقنين المدني الجديد عبد السلام ذهني في الأموال فقرة 461 .
( [724] ) استئناف مصر ( دوائر مجتمعة ) 3 مايو سنة 1930 المجموعة 31 رقم 61 ص 172 – المحاماة 10 رقم 426 ص 843 – وجاء في أسباب الحكم ما يأتي : " حيث إن المسألة المطلوب الفصل فيها هي ما إذا كان حق الشفعة يبطل بموت الشفيع قبل تملكه العين المشفوعة بالقضاء أو بالرضاء ، أو أن هذا الحق ينتقل بعده لوارثه . وحيث إن قانون الشفعة لم ينص على هذه الحالة ، ولما كان الشارع قد أخذ حق الشفعة عن الشريعة الإسلامية فقد وجب الرجوع إليها لمعرفة طبيعة هذا الحق . وحيث إن الفقهاء قد عرفوا الشفعة بأنها حق تملك العقار المبيع أو بعضه ولو جبراً على المشتري بما قام عليه من الثمن والمؤن . وحيث إن هذا الحق هو بطبيعته حق استثنائي لأنه قيد على حرية التعاقد ، وهو نوع من نزع الملكية لمنفعة خصوصية ، ولذلك يضع الفقهاء دائماً باب الشفعة عند باب الغصب ، ويذكرون وجه الشبه بينهما أن في كل منهما تملك مال الغير بغير رضائه . وقد عمدوا إلى تخفيف وطأته بالتشدد في شروطه والتوسع في مسقطاته ، فأفتوا جميعاً بأن الشفيع بمجرد علمه بالبيع يجب عليه أن يعلن فوراً رغبته في الأخذ بالشفعة ويشهد على رغبته هذه . وحيث إن الفقهاء لا يعتبرون حق الشفيع قبل تملكه العين المشفوعة نهائياً بالقضاء أو الرضاء حقاً تاماً ، بل يصفونه بأ ، ه حق ضعيف ، لأنه عبارة عن مجرد حق طلب التملك ، فهو مجرد رأي ومشيئته ، أو بعبارة علماء القانون ( simple faculte ) . وقرروا بناء على ذلك أنه لا يمكن أن يستعاض عنه ، ولا أن يورث ، فهو حق لاصق بشخص الشفيع لا يمكن أن ينتقل منه لغيره . وحيث إنه من جهة أخرى فإنه من شروط هذا الحق في الشريعة أن يكون الشفيع مالكاً لما يشفع به من وقت البيع إلى وقت الأخذ بالشفعة . فإذا زال ملكه بطلت شفعته بزوال سببها ، ولا تنتقل لمن آل إليه الملك لأ ، ملكه يكون حادثاً بعد البيع وهو يجب أن يكون مالكاً وقته . وبناء على ذلك إذا مات الشفيع بطلت شفعته ولم تنتقل لوارثه لأن الوارث إنما يملك بالميراث من وقت الوفاة وهي حادثة بعد البيع . وحيث إن هذه المبادئ التي قررته الشريعة لم يأت قانون الشفعة بما يخالفها ، فوجب العمل بها . وحيث إنه وإن كان الشافعي ومالك يقولان بالإرث في الشفعة ، إلا أن مذهب الإمام أبي حنيفة هو المذهب المعمول به في مصر منذ زمن طويل ، وقد أخذ به الشارع في مسائل الأحوال الشخصية والوقف . . . وعندما أراد الشارع اقتباس بعض أحكام من مذاهب أخرى اضطر لعمل تشريع جديد ، كما فعل بالمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص بالطلاق والنفقة والعدة وغيرها . فيجب اعتبار أن مذهب أبي حنيفة هو المرجع الأصلي في نظر الشارع لأحكام الشريعة . والواقع أنه أخذ عنه أحكام الشفعة فيم جموعها ، حيث خول حق الشفعة للجار وللشريك مطلقاً طبقاً لهذا المذهب ، خلافاً لمذهبي الشافعي ومالك الذين لا يخولانه إلا الشريك وفقط في حالة ما إذا كان العقار لا يقبل القسمة . وحيث إنه لا محل للارتكان على المادة 299 من قانون المرافعات للقول إنه إذا مات أحد الخصوم أثناء سير الدعوى حلت ورثته محله في جميع الأحوال ، لأن قانون المرافعات لم يوضع لتقرير الحقوق ، بل لطريقة المطالبة بها ، فهو قانون إجراءات لا قانون موضوع ، وغرض المادة 299 منه أن الوارث يحل محل المورث في الدعوى إذا كان الحق في موضوع الدعوى قد انتقل إليه . فلهذه الأسباب حكمت دوائر المحكمة مجتمعة بألا ينتقل حق الشفعة إلى الوارث بوفاة الشفيع قبل التملك بالتراضي أو بقضاء القاضي " .
( [725] ) نقضي مدني 8 يونيه سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 189 ص 575 – وجاء في أسباب الحكم ما يأتي : " وحيث إن الأصل في القوانين الوضعية أن من ترك مالاً فلورثته . ولهذا خلت القوانين الوضعية من النص فيها على ما ينتقل للورثة من الخيارات فيسقط بالموت . وكما خلال القانون المصري من حكم خيار العيب وخيار الشرط وخيار التعيين وخيار الاسترداد الوراثي وخيار المدين دفع ثمن الدين المبيع لمشتريه ، كذلك خلا قانون الشفعة من النص على حكم خيار الشفيع أينتقل للورثة أو لا ينتقل . فالقول الفصل فيها جميعاً أنها تنتقل قانوناً إلى ورثة صاحب الخيار ، لأنها حقوق مالية يجري فيها التوارث مجرى الأصل . وحيث إن الأصل كذلك في الشريعة الإسلامية – على مذهب جمهور الفقهاء – هو أن تورث الحقوق والأموال إلا ما قام دليل على مفارقة الحق في هذا المعنى للمال . أما الحنفية منهم ، فالأصل عندهم أن يورث المال دون الحقوق ، لأن الذي ثبت عن الشارع هو قوله صلى الله عليه وسلم : من ترك مالاً فلورثته ، إلا ما قام دليل على مفارقة الحق في هذا المعنى للمال . أما الحنفية منهم ، فالأصل عندهم أن يورث المال دون الحقوق ، لأن الذي ثبت عن الشارع هو قوله صلى الله عليه وسلم : من ترك مالاً فلورثته ، إلا ما قام دليله من إلحاق الحقوق بالأموال . فموضع الخلاف بين الأئمة هل الأصل هو أن تورث الحقوق كالأموال أم لا . فأبو حنيفة وأصحابه يذهبون إلى أن الوارث يكون له ما كان للمورث من الخيارات في خيار العيب وخيار فوات الوصف المرغوب فيه وخيار التعيين وخيارات أخرى ، لا على اعتبار أن الذي ينتقل للورثة هو حق من الحقوق ، بل على اعتبار أن المنتقل إليهم عين الصقت بها حقوق . نفى خيار العيب وخيار فوات الوصف ، السبب الحامل على الخيار قائم بالعين بعد موت المورث كما كان قائماً قبله . أما خيار الشفعة فليس متعلقاً بالعين المشفوع فيها ولاحقاً بها ، بل هو راجع لمحض إرادة الشفيع فإن شاء أخذ وإن شاء ترك ، فهو لا ينتقل إلى الوارث لأنه ليس بمال ولا في معنى المال . أما جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد ، فأصلهم أن الحقوق والاختصاصات والخيارات قررت كما قررت الأموال ، إلا ما كان صفة خاصة بذي الخيار ، كخيار الأب في رد هبته فلا يورث لأنه خيار راجع إلى صفة في الأب لا توجد في غيره وهي الأبوة فسبب خلافهم إذن في خيار خيار ، على ما يقوله الإمام ابن رشد ، أنه من انقدح له في شيء منها أنه صفة للعقد ورثه ، ومن انقدح له أنه صفة خاصة لذي الخيار لم يورثه . وحيث إن مذهب جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة في انتقال الخيارات انتقال الأموال والحقوق إلى الورثة هو الذي يلائم مذهب القانون المصري فيما جرى به من توريث الأموال والحقوق المتعلقة بالأموال والحقوق المجردة والمنافع والخيارات والمزاعم والدعاوى وآجال الديون ، فمن مات وعليه دين مؤجل فلا يحل أجل الدين بموته لأنه حق استفاده المدين حال حياته ، فينتقل بعد موته إلى ورثته ميراثاً عنه . والمنافع المملوكة لشخص إذا مات قبل استيفائها يخلفه ورثته فيما بقى منها ، ولهذا لا تنفسخ الإجارة بموت المستأجر أو المؤجر في أثناء المدة ، ومن أعطيت له أرض ليحييها بالزراعة أو العمارة فحجرها ولم يباشر فيها عمل الحياء وكان ذلك قبل مضي ثلاث سنين حل وارثه محله في اختصاصه بها وأوليته بإحيائها ، وإذا مات الدائن المرتهن انتقلت العين المرهونة إلى يد وارثه ، وانتقل منها حق حبسها حتى يستوفى الدين . وهذا كله صحيح في مذهب القانون وجمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة ، وغير صحيح في مذهب أبي حنيفة . والخلاصة أن حكم القانون خيار الشفعة هو انتقاله إلى الورثة ، كرأي جمهور أولئك الفقهاء والأئمة . . " .
( [726] ) نقض مدني 31 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 33 ص 80 - وقد جاء في أسباب هذا الحكم ما يأتي : " وحيث إن الشريعة الإسلامية لا تعتبر من القانون والجب على المحاكم النظامية تطبيقه إلا في خاصة العلاقات المدنية التي نشأت قبل إنشاء المحاكم الأ÷لية ، وفيما أحاله القانون إليها اكالميراث والحكر وفي مسائل الأحوال الشخصية التي تعرض لها ولا تجد فيها ما يستدعي التقرير بوقف الدعوى حتى تفصل في ههذ المسائل المحاكم الشرعية المختصة بنظرها بصفة أصلية . أما ما أخذه الشارع من أحكام الشريعة وطبعه بطابقعه وأدمجه في القوانين كاحكام المريض مرض الموت إذ؛كام الشفعة وحقوق الزوجات في القانون التجاري ، فإنه يكون قانوناً بذاته تطبقه المحاكم النظامية وتفسره غير متقيدة فيه بآراء أئمة الفقه الإسلامي . وعلى ذلك فكون الشريعة الإسلامية هي مصدر تشريع الشفعة لا يوجب التقيد بآراء أئمتها عند البحث في هل ينتقل حق الشفعة بالإرث أو لاينتقل . وحيث إن كون الشيء مالاً فينتقل من الشخص إلى ورثته أو ليس بمال فلا ينتقل ، هو بحث في مسألة عينية في صميم المعاملات . وحيث إن المال في اصطلاح القانون هو كل شيء نافع للإنسان يصح أن يستأثر به وحده دون غيره . وكما يكون المال شيئاً مادياً كالأعيان التي تقع تحت الحواس ، كلك يكون شيئاً معنوياً كالحقوق التي لا تدرك إلا بالتصور . والساتشفاع حق من هذه الحقوق توافرت فيه عناصر المالية ، النفع والتقدم وقابلية الاستئثار ، فوجب اعتباره مالاً . أ / ا الزعم بأن هذا الحق ليس بمال قولاً بأنه مجرد خيار مردود إلى مشيئة الشفيع ورغبته وأنه متصل بشخصه ولا تعلق له بالعين المشفوعة ، فهوزعم لا يستقيم في ظل أحكام القانون الوضعي الذي جعل إعلان الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة وتسجيل هذا الإعلان حجة على الغير ، وجعل أن كل رهن من المشتري وكل حق اختصاص حصل عليه دائنوه وكل حق عيني قبله المشتري أو اكتسبه الغير ضده بعد تاريخ التسجيل المذكور لا يسري على الشفيع ، مما لايمكن معه القول بأن حق الشفعة حق متصل بشخص الشفيع ولا تعلق به بالمال " .
وأنظر أيضاً نقض مدني 7 مارس سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 27 ص 214 ( وقدر رددت المحكمة الأسباب التي سبق أن أوردتها في الحكم السابق ) .
( [727] ) ومن هؤلاء الفقهاء الأستاذ محمد علي عرفة ، فنراه يقول : " إن المشرع ، وقد عرف الشفعة في المادة 935 من القانون المدني الجديد بأنها رخصة لا حق ، يكون قد دل بذلك على ترجيحه لاتجاه الحنفية في تكييف الشفعة بأنها إرادة ومشيئة ، وهي بهذه المثابة لا يمكن القول بانتقالها إلى الورثة . . . . ونحن في هذا نتفق مع حكم الدوائر المجتمعة ، ولكننا لا نتابعه في النتيجة التي انتهى إليها . وذلك لأننا نرى أن الرخص تتأكد باستعمالها ، فإذا ما ألبست الرخصة ثوب الدعوى فإنها تتحقق نهائياً أي تنقلب إلى حق . . . يخلص من ذلك أننا نرى أنه إذا توفى الشفيع قبل مباشرة دعواه سقطت الشفعة بوفاته ، إذ لا تكون الدعوى مقبولة ابتداء من ورثته لأنهم لم يكونوا مالكين وقت البيع سبب الشفعة ، وهو شرط أساس لثبوت الشفعة . ولا تقبل منهم الدعوى بصفتهم ورثة للشفيع ، إذ أن الشفيع لم يرفع بعد الدعوى باسمه هو حتى يحل ورثته محله فيها . أما إذا كان الشفيع قد رفع الدعوى قبل وفاته ، فإنها تصبح جزءاً من ذمته ، وتنتقل بالتالي إلى ورثته مع أموال التركة الأخرى ( محمد علي عرفة 2 فقرة 360 ) – ومنهم الأستاذ عبد المنعم البدراوي إذ يقول : " يبدو أنه إذا توفى الشفيع قبل استعمال حقه ، لم ينتقل حقه إلى ورثته ، فحق الشفعة يكون قد سقط عنه ، ولا يستطيع الورثة الأخذ بالشفعة لأنهم لم يكونوا ملاكه وقت البيع " ( عبد المنعم البدراوي فقرة 422 ص 452 ) – ومنهم الأستاذ إسماعيل غانم ، وهو يقول : " ويبدو أن الرأي السليم هو ما ذهبت إليه محكمة الاستنئاف في دوائرها المجتمعة ، لا على أساس التقيد بالمذهب الحنفي ، وإنما على أساس أن من شروط الشفعة ، طبقاً لما تقتضيه الحكمة المقصودة منها ، أن يكون الشفيع مالكاً للعقار المشفوع به وقت البيع المشفوع فيه وأن تستمر ملكيته إلى حين الحكم له بالشفعة . . . ووارث الشفيع لم يكن مالكاً للعقار وقت البيع . هذا إلى أن إسقاط الشفعة بموت الشفيع يتمشى مع اتجاه المشرع في التقنين المدني الحالي إلى التضييق منها . ومن رأ]نا ، بناء على ما تقدم ، أن موت الشفيع يترتب عليه سقوط حق الشفعة ، ولو طرأت الوفاة بعد إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة أو حتى بعد رفع دعوى الشفعة " ( إسماعيل غانم ص 92 ) – ومنهم الأستاذ حسن كيرة ، حيث يقول : " ونحن نفضل القول بأن الشفعة لا يمكن أن تورث ، لأن المشرع في القانون الجديد يصفها صراحة بأنها رخصة ، ومن المسلم أن الرخص لا تورث كالحقوق . فضلاً عن أنه ، كما قالت الدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف ، يتخلف شرط جوهري هو أن يكون الوارث غير متملك وقت البيع مع أن شرط تملكه وقت البيع هو شرط أساسي في الأخذ بالشفعة . . ويجب أن نلاحظ أنه إذا رفعت الدعوى بالشفعة فقد صارت حق للشفيع ، وهذا الحق هو حق مالي ، ولذلك ليس ثمة ما يمنع من أن يرث ورثة الشفيع إذا توفى بعد رفع الدعوى هذا الحق ، لأنهم يرثون حينئذ حقاً ولا يرثون رخصة " ( حسن كيرة ص 25 ) – وانظر أيضاً عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 260 ص 362 .
( [728] ) ومن هؤلاء الفقهاء الأستاذ شفيق شحاتة وهو يقول : " هذا وإن حق طلب الشفعة لا يسقط بموت الشفيع ، وقد قضت بذلك محكمة النقض . . . ولو فرض أن المورث كان يملك طلب الشفعة ، فإن الوارث يستطيع أن يباشر هذا الحق إذا ما انتقل إليه ، وهو لا يحتاج إلى إثبات أن شروطه متوافرة بالنسبة إليه إذا كانت الشروط قد توافرت بالنسبة إلى مورثه . ولا شك أن حق الشفعة ينتقل بعد إبداء الرغبة إلى وارث الشفيع ، ذلك أن الحق بعد الإعلان قد تقرر على عين من الأعيان ، وهو حق شبه عيني ينتقل إلى الورثة كالحق العيني سواء بسواء " ( شفيق شحاتة فقرة 258 ) – ومنهم الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة وهو يقول : " ونحن نقر ما ذهبت إليه محكمة النقض من أن حق الشفيع في الأخذ بالشفعة لا يسقط بموته ، وإنما ينتقل إلى ورثته . ونعتقد أن هذا الانتقال يتحقق حتى لو مات الشفيع قبل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وقبل رفع الدعوى . ذلك أن الشفعة ، ولو أنها رخصة تتعلق بمشيئة الشفيع ، إلا أنها بحكم طبيعتها تلازم العقار المشفوع به فتنتقل منه إلى الوارث " ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 327 ص 498 ) – ومهم الأستاذ منصور مصطفى منصور وهو يقول : " ونرى أن رأي محكمة النقض هو الرأي الصحيح . ولا يصح الاعتراض عليه والقول إن الوارث لا يجوز له أن يأخذ العقار بالشفعة لأنه لم يكن مالكاً للعقار الذي يشفع به وقت البيع إذ يجب أولاً الفصل في مسألة ما إذا كان حق الأخذ بالشفعة يورث أو لا يورث . فإذا قلنا مع محكمة النقض أنه يورث ، فينتقل هاذ الحق إلى الوارث بالحالة التي كان عليها وقت وفاة المورث . وعلى ذلك فإذا مات المورث قبل أن يتخذ أي إجراء من إجراءات الأخذ بالشفعة فلم يعلن رغبته ، كان للوارث أن يعلن الرغبة في الميعاد المحدد لذلك ما دام أن هذا الميعاد لم ينته به . وإذا كان المورث قد باشر بعض الإجراءات ، فعلى الوارث أن يستمر فيها كما لو كان المورث لا يزال حياً ويباشر هو الإجراءات " ( منصور مصطفى منصور فقرة 150 ص 357 ) . قارب أيضاً محمد كامل مرسي 3 فقرة 554 وفقرة 561 .
هذا وقد قررنا في الجزء الخامس من مصادر الحق في الفقه الإسلامي ما يأتي : " ولاشك في أنه ما دام أن النص الذي كان مشروع التقنين المدني الجديد يشتمل عليه لحسم الخلاف قد حذف ، وترك الأمر لاجتهاد القضاء ، ولم ير المشرع أن يضيف إلى سلسلة القيود التي أحاط بها الشفعة تخففاً من أثرها في تقييد حرية التعامل قيداً جديداً بالنص صراحة على أن حق الشفعة لا ينتقل بالميراث ، فلا مناص من الرجوع إلى أحكام الفضاء في هذه المسألة . ويبدو أن محكمة النقض في حكمها المتقدم الذكر ، وفيما استند إليه هاذ الحكم من أسباب وجيهة ، قد حسمت الخلاف ، إذ قضت بأن حق الشفعة هو حق مالي ينتقل بالميراث كسائر الحقوق المالية " ( مصادر الحق في الفقه الإسلامي جزء 5 ص 75 ) – وهذا الذي قلناه لا يمنعنا من معاودة النظر في هذه المسألة لبحث الأمر بحثاً غير متأثر بقضاء محكمة النقض . فقد كنا فيما قدمناه أقرب إلى أن نقرر الواقع ونسجل ما جرى به القضاء ، منا إلى تمحيص هذا القضاء وتقرير ما ينبغي أن يكون .
( [729] ) أما في التقنينات المدنية العربية الأخرى ، فقد جاء في تقنينين منها نص صريح يأخذ بانتقال حق الشفعة بالميراث . فنصت المادة 1133 / 3 مدني عراقي على ما يأتي : " ومتى ثبتت الشفعة ، فلا تبطل بموت البائع أو المشتري أو الشفيع " . ونصت المادة 243 من قانون الملكية العقارية اللبناني ( المعدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) على أن " ينتقل حق الشفعة عند وفاة صاحبه إلى ورثته ، ولا يجوز التفريغ عنه لشخص آخر " .
( [730] ) أنظر آنفاً ص 449 هامش 1 .
( [731] ) ومن أجل ذلك لا ينتقل إلى الورثة حق مورثهم في قبول الإيجاب الموجه إليه إذا كان هذا الإيجاب غير ملزم وكان من وجه إليه الإيجاب قد مات قبل أن يقبل الإيجاب . فهنالك أيضاً يكون الحق في القبول هو منزلة وسطى ما بين الرخصة والحق ، وليس بحق كامل ، ومن ثم لا ينتقل إلى الورثة .
( [732] ) ويشه ذلك حق التعويض عن الضرر الأدبي ، فهو أيضاً متصل بشخص المضرور . ومن أجل ذلك لا يورث ، إلا إذا تحدد بموجب اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء ( م 222 / 1 مدني ) .
( [733] ) الزيلعي جزء 5 ص 257 – ص 258 – وأنظر آنفاً قوله كاملاً في ص 462 هامش 1 .
( [734] ) أنظر آنفاً ص 461 .
( [735] ) ووجه التفريط هنا أن محكمة النقض تكاد تعلن أنها لا تعتد بالفقه الإسلامي في مسألة من مسائل الشفعة ، تضاربت فيها النصوص في المشروع التمهيدي والمشروع النهائي لموضوع الشفعة ، واختلفت فيها المحاكم اختلافاً بيناً ، وزخرت مذاهب الفقه الإسلامي فيما أوردته من أقوال في شأنها . وليس ثمة شك في أن الفقه الإسلامي هو المصدر الذي استقى منه المشروع المصري نصوص الشفعة ، فوجب الرجوع إليه في تفسير ما غمض من هذه النصوص وفي استكمال ما نقص منها . هذا إلى أن المادة الأولى من التقنين المدني ، عندما تعدد مصادر القانون التي تستقي منها الأحكام مباشرة ، تذكر بعد النصوص التشريعية والعرف مبادئ الشريعة الإسلامية . فمبادئ الفقه الإسلامي أصبحت ، بموجب هذا النص ، من بين المصادر التي يستقى منها مباشرة القانون الوضعي . وليس أولى من نظام الشفعة ، بين النظام القانونية التي أشتمل عليها التقنين المدني ، بالرجوع فيه إلى مبادئ الفقه الإسلامي . ولا نتقيد في الرجوع إلى هذه المبادئ بمذهب دون مذهب ، بل نختار من مذاهب الفقه الإسلامي ومن أقوالها ما هو أكثر ملاءمة لحاجات العصر ، وأشد انسجاماً مع المبادئ العامة التي تسود التقنين المدني .
ويلاحظ مع ذلك أن التكييف القانوني للتصرف تتبع فيه مبادئ القانون المدني دون مبادئ الفقه الإسلامي . مثل ذلك أن الشفعة لا تجوز إلا في بيع العقار . فتكييف التصرف بأنه بيع تتبع فيه مبادئ القانون المدني ولو خالفت مبادئ الفقه الإسلامي ، فلا تندرج المقايضة ضمن البيع تبعاً لمبادئ القانون المدني وإن كانت تندرج تبعاً لمبادئ الفقه الإسلامي . وكذلك تكييف المال بأنه عقار تتبع فيه مبادئ القانون المدني ولو خالفت مبادئ الفقه الإسلامي ، فالبناء يعتبر عقاراً ولو أنه في يبعض المذاهب الإسلامية يعتبر منقولاً . ثم إن تكييف البيع بأنه باطل أو قابل للإبطال أو صحيح ، أو أنه معلق على شرط واقف أو على شرط فاسخ ونحو ذلك ، تتبع فيه مبادئ القانون المدني ، دون مبادئ الفقه الإسلامي من تقسيم البيع إلى باطل وفاسد وموقوف ونافذ ولازم .
( [736] ) أنظر هذه المناقشات في محضر جلسة 14 مايو سنة 1937 للجنة الأستاذ كامل صدقي . وقد انقسم الأعضاء في الرأي ، فبعض رأي الإبقاء على الشفعة بالنسبة إلى الشريك في الملك وإلغاءها بالنسبة إلى الجار ، وبعض رأي الإبقاء على الشفعة كلما كان من شأ ، ها جمع عناصر الملكية في يد واحدة بعد تشتتها وتجزئتها والاعتراف بحق الشفعة للجار في حالة وجود حق إرتفاق على الأقل . وأشار بعض الأعضاء إلى الأضرار الملازمة لنظام الشفعة من مساومات تجري بين بعض الجيران يمكن وصفها بأنها مساومات استغلالية ، ومن أن الشفعة من الوجهة الاقتصادية سبب من أسباب تخفيض قيمة الملك ، ومن حالة عدم الاستقرار التي يستهدف لها الملاك في أثناء قيام النزاع على الشفعة الذي قدم يطول أمره بضع سنين . وقال بعض الأعضاء إنه حتى لا يبقى مصير الملك معلق أو مشكوكاً فيه أمداً طويلاً يجب تقصير المواعيد الخاصة باستعمال حق الشفعة ، والتوسع في حالات سقوط هذا الحق . وتأسيسا على ذلك رأى بعض الأعضاء التسليم بجواز النزول مقدماً عن حق الشفعة قبل ثبوته ، وإلزام الشفيع بإيداع الثمن خزانة المحكمة وإلا سقط حقه فيه ، والتضييق في حالات التزاحم بين الشفعاء ، ومنع الشفيع من الرجوع في الشفعة تعسفاً بعد استعمال حق فيها . وقد وافقت اللجنة أخيراً ، بأغلبية الآراء ، على استبقاء حق الشفعة بالنسبة إلى كل من الشريك في الملك ومالك الرقبة وصاحب حق الانتفاع ، وكذلك بالنسبة إلى الجار في حالة وجود حق إرتفاق – أنظر في هذه المناقشات مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 359 – ص 363 في الهامش .
( [737] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 343 .
( [738] ) كانت لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب ، بعد أن تلقت المشروع النهائي للتقنين المدني الجديد خلواً من الشفعة بسبب الجوار ، قد أضافت نصاً يجعل حق الأخذ بالشفعة " للجار المالك في الأراضي الزراعية ، إذا كانت أرضه لها أو عليها بالنسبة للأرض المشفوع فيها حق إرتفاق ، وكانت قيمة أرضه تساوي على الأقل نصف ثمن الأرض المشفوع فيها " . ولما عرضت نصوص الشفعة على مجلس النواب ، احتدمت المناقشة في الشفعة بسبب الجوار . وافتتح المناقشة أحد الأعضاء مطالب بإعادة الشفعة بسبب الجوار كما كانت في قانون الشفعة السابق ، وقال في هذا الصدد : " نحن بلد شرقي له عاداته وتقاليده ، وكنت أظن أن الحكومة ستعمل في مشروعها الجديد على رفع القيود الواردة في القانون الحالي ، فتوسع نطاق حق الشفعة لا أن تضييقه ، حتى يصبح من حق الجار أن يشتري العقار بطريق الشفعة إما دفعاً لضرر كما قلت ، وإما لتمكين الجار من شراء الأراضي المتداخلة في أرضه ، فيتحقق ما نصبو إليه من استواء الأراضي وحسن تسليمها " . فرد أحد الأعضاء قائلاً : " الواقع أن حق الشفعة بالنسبة للجار في الشريعة من المسائل الخلافية التي فيها رأيان ، رأي راجح ورأي مرجوح . فأما الرأي المرجوح فهو رأي الإمام أبي حنيفة الذي يرى وحده دون الأئمة الثلاثة جواز الشفعة للجار . . أما باقي الأئمة فهم لا يجيزون هذا النوع من الشفعة . . . بل رأوا أن المصلحة في أن يكون كل من المالكين حراً في أن يبيع لمن يشاء لجار أو لغيره . . . هذا فيما يتعلق بالشريعة . أما فيما يتعلق بالموضوع فلست أدري ما هي العلة التي تحملنا على أن نبيح ما يراه زميلي المحترم . ولكي أزيد المسألة وضوحاً أضرب لكم مثلاً . . . هبوا أن . . . يملك في أسيوط 999 فداناً وأملك أنا بجواره فداناً واحداً . . . وأردت أن أرجل من أسيوط إلى القاهرة . ولكن لي . . قريباً يملك فداناً واحداً كذلك ، ولسوء حظه لم يكن فدانه ملاصقاً لفداني . فلما عزمت أن أبيع له فداني ، جاء . . . وقال إن فدانك ملاصق لأرضي وأريد أن امتلكه حتى يصبح عندي ألف فدان ( أي رقم دائري ) . فيريد أن يجبرني محتجاً بالشفعة على أن يأخذ مني هذا الفدان دون أخي أو قريبي " . وأضاف أحد الأعضاء قائلاً : " أضيف إلى ما قاله زميلي أنه أكثر الذين تناولوا مواد الشفعة من رجال القانون يعتبرون أنها حق مكروه كالطلاق . أما سوء الجوار الذي يقول به زميلي . . فقد انتهى أمره ، لأن الناس كانوا قلة في الماضي ، وكان يمكن أن يؤذي الجار جاره . أما في الوقت الحاضر فقد زاد العمران وزاد عدد السكان ، وأصبح الإنسان لا يعرف جاره " . ثم عارض أحد الأعضاء قائلاً : " إن حق الشفعة كان معروفاً في مصر من زمن بعيد ، وأريد تقييده ، فصدر قانون بذلك سنة 1901 اشترط لثبوت حق الشفعة الجوار من حدين ، ومعها في البيع للأخ أو الأب أو الابن أو القريب من الدرجة الثانية أو الزوجين . . . أما القول اليوم بمنع الشفعة إطلاق على أساس القول بحرية التعاقد ، فكلام بعيد عن الحقيقة " . فرد أحد الأعضاء ، " الواقع أن الجار القوي لا يشتري إلا بأبخس الأثمان ، وهذا هو الذي يلجئ الجار الضعيف تحت سيف التهديد بحق الشفعة من الجار القوي إلى الاحتيال على القانون برف الثمن . ومن ثم يأتي الجار القوي . . ويطالب بحق الشفعة فتنشأ المنازعة وترفع القضايا . . نحن الآن أمام مشكلة الملكيات الكبيرة ونريد أن نقضي عليها قضاء مبرماً ، لأن عهد العبودية والاستعباد الأرضي يجب أن يزول " . فعاود العضو المعارض معارضته قائلاً : " تساءلت عن الحكمة التي حدت بالحكومة واللجنة إلى هذا التقييد ، وطالبت بإيضاح المبرر له ، فتكلم . . . وتحدث عن الملكية الكبيرة وأن الشفعة تحد من هذه الملكية . لا يا سيدي لم يقل أحد بذلك . فنحن بصدد تشريع عام لا تشريع يتعلق بالملكية الكبيرة أو الصغيرة . . إذا أردتم تعديلاً في التشريع فبينوا السبب الذي يبرر هذا التشريع ، وإذا أردتم الحد من الملكية الكبيرة فحدوا منها ما شئتم . . . حدوا من الرأسمالية وحاربوها ، لعنة الله عليها وعلى من يحبها ، إنما نحن بصدد تشريع ، والتشريع لا بد له من مبرر ، والحكومة ومن تكلموا لم يذكروا أي مبرر يصح أن يتخذ سبباً لهذا التعديل " وانتهت المناقشة بأن وافق مجلس النواب على اقتراح قدمه أحد الأعضاء يقضي بإعادة الشفعة بسبب الجوار كما كانت عليه في قانون الشفعة السابق – أنظر في هذه المناقشات مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 373 – ص 384 في الهامش .
( [739] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 384 – ص 385 .
( [740] ) أنظر آنفاً ص 453 وما بعدها .
( [741] ) نقض مدني 20 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 113 ص 658 – وأنظر آنفاً ص 454 هامش أ .
( [742] ) أنظر آنفاً ص 458 وما بعدها .
( [743] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد التضييق في المشروع من حق الأخذ بالشفعة : " على أن المشروع كان قد انتهى إلى استبقاء الشفعة ، فقد عمل من ناحية أخرى على التضييق في الأخذ بها ، إذ هي قيد يرد على حرية التصرف فيحسن عدم التوسع فيه . ضيق المشروع في الشفعة من ناحية الموضوع ، ومن ناحية الإجراءات . فأورد في الموضوع ثلاثة أحكام تقيد منها ، إذ جعل قرابة الحواشي المانعة من الأخذ بها تمتد إلى الدرجة الرابعة ، وأجاز أن يتنازل الشفيع عن الشفعة قبل البيع ، وأنقص المدة التي تسقط حق الأخذ بالشفعة إلى ثلاثة أشهر ( أصبحت أربعة أشهر ) من يوم تسجيل البيع . وعالج ( المشروع ) من ناحية الإجراءات مسألة هامة بروح التضييق في الأخذ بالشفعة ، فأوجب على الشفيع أن يودع الخزينة مبلغاً يساوي الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع . وقد عادت الشفعة في المشروع إلى مكانها في التقنين المدني ، بعد أن انفصلت عنه منذ صدور القانون الحالي ( السابق ) الخاص بالشفعة في سنتي 1900 و 1901 " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 344 ) .
( [744] ) الوسيط 8 فقرة 516 .
( [745] ) وعند مالك ، دون المذاهب الأخرى ، تجوز الشفعة في السفينة لأنها أعدت كالعقار لتكون مسكناً .
( [746] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 224 ص 213 – محمد علي عرفة 2 فقرة 254 ص 441 – وعند الحنفية بيع البناء أو الشجر استقلالاً عن الأرض هو بيع منقول ، أما إذا بيع مع الأرض فيجوز أخذه بالشفعة تبعاً للأرض . وقد جاء في المادة 209 من مرشد الحيران في هذا الصدد : " لا شفعة في البناء والشجر المبيع قصداً بدون الأرض القائم عليها ، فإذا بيع البناء تبعاً للأرض ثبتت فيه الشفعة " . أما المالكية فيعتبرون البناء عقاراً ، فتثبت فيه الشفعة حتى لو بيع استقلالاً عن الأرض .
( [747] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 375 ص 370 - محمد علي عرفة 2 فقرة 256 - شفيق شحاتة فقرة 259 - إسماعيل غانم ص 83 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 310 ص 463 - منصور مصطفى منصور فقرة 142 – حسن كيرة ص 12 .
( [748] ) أنظر آنفاً ص 445 هامش 1 .
( [749] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 356 .
( [750] ) وقد نصت المادة 1135 مدني عراقي على أن " الشفعة لا تقبل التجزئة ، فليس للشفيع أن يطلب بالشفعة بعض العقار المشفوع ويترك بعضه . لكن إذا تعدد المشترون واتحد البائع ، فللشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم ولو كان شائعاً ويترك الباقي " . ونصت المادة 245 من قانون الملكية العقارية اللبناني ( المعدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) على أن " حق الشفعة لا يتجزأ ، فلا يجوز استعماله أو إسقاطه إلا بكامله . فإذا تعدد الشفعاء المتساوون في الفئة ، وأسقط أحدهم أو بعضهم حقه في الشفعة ، وجب على الباقين طلب الشفعة أو إسقاطها بكاملها . أما إذا تعدد المشترون فللشفيع أن يأخذ نصيب أحدهم فقط " .
( [751] ) استئناف مصر 22 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 142 ص 190 – الإسكندرية الكلية الوطنية 11 فبراير سنة 1929 المحاماة 9 رقم 331 ص 544 .
( [752] ) فإذا طلب الشفيع جزءاً مفرزاً من هذه الأجزاء ، وجب أن تتوافر في هذا الجزء شروط الأخذ بالشفعة ، بأن يكون مثلاً ملاصقاً للأرض المشفوع بها من حدين وتكون قيمة الأرض المشفوع بها لا تقل عن نصف قيمة هذا الجزء . ويستطيع الشفيع بعد ذلك أن يشفع في أي جزء مفرز آخر من العقار إذا كان متصلاً بالجزء المفرز الذي شفع فيه أولاً ، حتى لو لم تتوافر شروط الشفعة في هذا الجزء الآخر بأن يكون مثلاً غير ملاصق للأراضي المشفوع بها إلا من حد واحد أو غير ملاصق لها أصلاً . ولكن لا يستطيع أن يشفع في جزء مفرز لا تتوافر فيه شروط الأخذ بالشفعة ، إذا كان هذا الجزء غير متصل بجزء تتوافر فيه هذه الشروط ويكون الشفيع قد أخذه بالشفعة . وقد قضى في هذا المعنى بأنه إذا كان سبب الأخذ بالشفعة الجوار من جهتين ، وجب أن يكون كذلك بالنسبة إلى الحصص التي يطلب أخذها بالشفعة في مجموعها . فلا يصح له مثلاً أن يأخذ الحصة البعيدة عنه التي لا يكون له بها اتصال أو التي لا يكون له بها اتصال إلا من جهة واحدة ، دون أن يأخذ الحصص المتصلة بها والمجاورة لملكه من الجهتين . ولكن يكفي أن يطلب الحصة المجاورة له من الجهتين وما يتصل بها من الحصص الأخرى ، ولو كان بعض هذه الحصص غير متوافر فيه في ذاته شرط الجوار لملك الشفيع من الجهتين . وذلك لأن إباحة أخذ العقار بتمامه بالشفعة أو بعض حصص منه تدل على أن المعتبر في نظر القانون هو كلية العقار أو كلية مجموعة الحصص المطلوب أخذها منه ، بحيث أن هذه المجموعة المتصلة أجزاؤها بعضها ببعض تعتبر كلاً واحداً متى تحقق الجوار من جهتين في بعضه سري ذلك إلى باقيه . والقول بخلاف ذلك يؤيد إلى نتيجة غير مقبولة ، وهي أنه في مثل هذه الحالة يكون للشفيع أن يأخذ العقار بتمامه ولكنه لا يستطيع أن يأخذ من الحصص إلا كل حصة تكون بذاتها مجاورة له من الجهتين . وقد لاحظ المقنن في ذلك أن العقار كل قد يتضرر الشفيع من جميع من ينتقل إليهم بالبيع بحصص مفروزة لكل منهم أو من بعضهم ، فأباح له أن يأخذ الكل بالشفعة ، أو أن يأخذ البعض بقدر ما يرى فيه إبعاد الضرر عنه . وقد يكون ذلك متحققاً في عدد من جيرانه الجديدين ، فإن اضطر لأخذ الشفعة من بعضهم دون بعض فإنه يبقى جاراً ملاصقاً أيضاً لهذا البعض الباقي فلا يدفع عن نفسه أذى جواره . لذلك جعل له القانون الحق في أن يأخذ بالشفعة من الحصص بقدر ما يشاء ، تحت شروط أن يكون سبب الأخذ بالشفعة متوافراً في بعضها ويكون باقيها متصلاً بها ( طنطا الكلية 16 يونيه سنة 1918 المجموعة الرسمية 20 رقم 43 ص 51 ) .
( [753] ) وقد يكون العقار مقسوماً بين الشريكين ، فيستقل كل منهما بنصيبه مفرزاً ويبيع الإثنان نصيبهما المفرزين في عقد واحد ، فلا يكون للشفيع أن يأخذ بالشفعة إلا النصيب المجاور ، وليس له أن يأخذ النصيبين معاً بحجة عدم التجزئة . وقد قضت محكمة استئناف مصر في هذا المعنى بأنه إذا باع الشريكان عقاراً وكان قد قسم بينهما بمقتضى حكم قبل حصول البيع بمدة ، فعقد البيع يعتبر مشتملاً على بيع عقارين مستقلين لكل منهما مالك خاص . وعلى ذلك فليس للشفيع الحق في الأخذ بالشفعة إلا في الجزء المجاور له ، ولا يحق له أن يأخذ جميع العقار بحجة عدم التجزئة ، لأن هذه التجزئة موجودة فعلاً بسبب القسمة قبل البيع ، ولأن مبدأ عدم التجزئة إنما وضع لمصلحة المشتري وليس لمصلحة الشفيع ( استئناف مصر 4 يونيه سنة 1930 المجموعة الرسمية 31 رقم 144 ص 369 ) .
( [754] ) وإذا كان العقار المشفوع فيه أرضاً زراعية أقيم فيها بناء ، فليس للشفيع أن يقتصر في طلب الشفعة على الأرض دون البناء بدعوى أنه غير محتاج له ، كما أنه يتعين على الشفيع أن يشفع في الأرض بما تشتمل عليه من ملحقات إذا دخلت هذه الملحقات في عقد البيع ( استئناف مختلط 4 يناير سنة 1906 م 18 ص 91 – 15 مارس سنة 1906 م 18 ص 154 ) .
( [755] ) أما إذا باع المالك عقاره لمشتر واحد ، فبديهي أن الشفيع لا يستطيع أن يجزئ الصفقة فيأخذ بعض العقار دون أن يأخذ الباقي .
( [756] ) وهناك فرض ثالث هو أن يتعدد الشفعاء ، فيتعين على كل منهم أن يطلب الشفعة في كل المبيع حتى لا تتفرق الصفقة . وسنعرض لهذا الفرض عند الكلام في تعدد الشفعاء وتزاحمهم ، إذ هناك هو المكان الأنسب لبحثه .
( [757] ) ويشترط في ذلك بيع العقار بأكمله لمشترين متعددين على الشيوع ، فإذا بيعت حصة شائعة من العقار لمشترين متعددين على الشيوع ، امتنع تطبيق الفقرة الأولى من المادة 11 من قانون الشفعة ، وجاز للشفيع الأخذ بالشفعة في نصيب أحد هؤلاء المشترين دون أنصبة الباقين ، ولا يكون في هذا تفريق للصفقة لأنها مفرقة من الأصل . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن مناط تطبيق المادة 11 من قانون الشفعة أن يكون المبيع عقاراً بتمامه لعدة مشترين ، فإذا كان المبيع جزءاً شائعاً في عقار لعدة مشترين ، امتنع تطبيق الفقرة الأولى من المادة المذكورة ، ووجب الرجوع إلى القواعد العامة . وهي تجيز الشفعة في بيع كل حصة شائعة ، متى توافرت أسباب الشفعة فيها . فإذا كان الحكم قد أسقط حق الشفيع قبل أحد المشترين استناداً إلى الفقرة الأولى من المادة 11 سالفة الذكر مع أن المبيع كان جزءاً شائعاً فإنه يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 29 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 42 ص 144 .
( [758] ) أنظر محمد علي عرفة 2 فقرة 216 ص 389 .
( [759] ) نقض مدني 18 يناير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 48 ص 244 .
( [760] ) سوهاج الجزئية 27 يناير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 128 ص 181 – إسنا 13 يناير سنة 1923 المجموعة الرسمية 26 رقم 92 ص 160 .
( [761] ) نقض مدني 18 يناير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 48 ص 244 ، وهو الحكم السابق الإشارة إليه .
( [762] ) استئناف مختلط 19 يناير سنة 1926 م 38 ص 184 – محمد علي عرفة 2 فقرة 216 ص 390 – وسنعود إلى هذه المسألة ( أنظر ما يلي فقرة 185 ) .
وكما يتعدد المشترون على الشيوع ، قد يتعدد البائعون على الشيوع فيبيعون عقاراً شائعاً بينهم لمشتر واحد ، فتعتبر الصفقة في هذه الحالة صفقة واحدة ولا يجوز تفريقها . ومن ثم لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة حصة أحد البائعين الشائعة وحدها ، بل يجب أن يأخذ بالشفعة العقار بتمامه ( استئناف مختلط 20 فبراير سنة 1913 م 25 ص 196 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 380 ) .
( [763] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا شمل البيع عقارات متعددة في ذات العقد ، وكانت منفصلة بعضها عن بعض جاز للشفيع أن يأخذ بالشفعة ما توافرت له فيها أسبابها دون العقارات الأخرى التي لا يستطيع أن يشفع فيها لو أنها بيعت مستقلة . أما إذا كانت العقارات المبيعة متصلة ، فيجب على الشفيع أن يأخذها بتمامها ( نقض مدني 18 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 82 ص 530 ) .
( [764] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن الأخذ بقاعدة عدم جواز تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة محله أن يكون المبيع عقاراً واحداً أو عقارات متعددة متصلة أي متلاصقة ، أو منفصلة بشرط أن تكون مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحد بحيث إن استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى جزء منها يجعل الباقي غير صالح لما أعد له من الانتفاع ( نقض مدني 13 مايو سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 310 ص 615 - 14 يناير سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 9 ص 52 – الإسكندرية الكلية الوطنية 11 فبراير سنة 1929 المحاماة 9 رقم 339 ص 544 – استئناف مختلط 5 أبريل سنة 1906 م 18 ص 186 ) .
ومثل العقارات المنفصلة المخصصة لعمل واحد مبني خصص ليكون مدرسة ، وعلى بعد منه قطعة أرض فضاء منفصلة عنه خصصت لتكون ساحة للألعاب الرياضية لتلاميذ هذه المدرسة . ومثل العقارات المنفصلة المخصصة لطريقة استغلال واحدة أراض زراعية منفصلة بعضها عن بعض ، ولكن خصصت كلها لزراعة القصب لتوريده إلى مصنع للسكر ( أنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 239 ص 233 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 311 ص 466 ) . وعلى كل حال يجب ترك البت في أن الصفقة واحدة أو متعددة لتقدير قاضي الموضوع ، فيقضي في ذلك بناء على أسباب سائغة ، مستهدياً بالظروف الخاصة بكل صفقة وبما يحيطها من ملابسات .
( [765] ) نقض مدني 18 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 82 ص 530 – 7 مارس سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 27 ص 214 .
( [766] ) استئناف وطني 12 يناير سنة 1904 الاستقلال 3 رقم 65 ص 26 ( إذا كانت الأرض المشفوع فيها قد بيعت صفقة واحدة مع كونها مؤلفة من عدة قطع متفاوتة الأثمان ، وعرض الشفيع نسبة من الثمن الإجمالي الوارد في عقد البيع ، وجب على المحكمة أن تعين خبيراً لتقدير قيمة القطعة المشفوع فيها ، وإذا رأت المحكمة لياقة العرض تعين عليها اعتبار صحته ) استئناف مختلط 4 يناير سنة 1900 م 12 ص 62 – 21 يناير سنة 1901 م 13 ص 309 ( إذا كان ثمن القطعة الخاضعة لحق الشفعة قد زيد زيادة جسيمة وأنقص ثمن القطعة الأخرى غير الخاضعة لحق الشفعة من غير أن يزاد ثمن البيع الإجمالي ، وذلك بقصد منع استعمال حق الشفعة ، فإن للقاضي أن يعين الثمن الحقيقي للقطعة الخاضعة لحق الشفعة ) – 5 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 33 – 10 يونيه سنة 1924 م 36 ص 424 .
( [767] ) نقض مدني 13 مايو سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 310 ص 615 – استئناف مصر 12 يونيه سنة 1928 المحاماة 8 رقم 563 ص 930 ( عدم جواز تجزئة الصفقة ليس معناه أن يكون للشفيع حق الشفعة في جميع النفقة بما فيها العقار الذي لا شفعة له فيه أصلاً ، وإنما معنى ذلك أن للمشفوع منه أن يلزم الشفيع بذلك إذا شاء ، وإلا كان حق الشفيع مقصوراً على العقار الذي له حق الشفعة فيه وحده ) – استئناف مصر 4 يونيه سنة 1930 المجموعة الرسمية 31 رقم 144 ص 369 – طنطا الكلية 16 نوفمبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 3 رقم 36 ص 108 – الإسكندرية الكلية الوطنية 11 فبراير سنة 1929 المحاماة 9 رقم 339 ص 544 – استئناف مختلط 5 أبريل سنة 1906 م 18 ص 186 .
وإذا عرض المشتري أن يأخذ الشفيع بقية العقارات التي لم تتوافر فيها شروط الشفعة فأجابه الشفيع إلى ذلك ، كان أخذ الشفيع لهذه البقية صفقة مستقلة تقوم على التراضي . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد قضى للشفيع بأحقيته في أخذ جزء من الأطيان المبيعة بالشفعة ، كما قضى بأحقيته أيضاً في أخذ باقي الشفعة وذلك قبولاً لما ردده المشتري في دفاعه أمام محكمة الموضوع من تضرر لترك باقي الصفقة تحت يده رغم ضعفها وصعوبة استغلالها ، واستجابة لما أظهره الشفيع من استعداد لأخذ هذا الباقي رفعاً للضرر عن المشتري ، فإن التكييف الصحيح لذلك هو أن الطرفين قد تراضيا على أخذ الشفيع لباقي الصفقة ، إذ ثبت من جهة حقه في أخذ الجزء المشفوع فيه بالشفعة وثبت من جهة أخرى إصابة المشتري بأضرار من تخلف الجزء الباقي في يده . فمتى كان الحكم قد أثبت قيام الأسس التي بنى عليها هذا التراضي ، فإنه لا يكون قد أخطأ إذا أعمل أثره وقضى للشفيع بأخذ باقي الصفقة رفعاً للضرر الذي شكا منه المشتري . ولا يغير من ذلك أن يكون المشتري قد اعترض أمام محكمة الموضوع على ما أبداه الشفيع من أخذ باق الأطيان بأنه طلب جديد للشفعة لم تتوافر شروطه ومواعيده ( نقض مدني 7 مارس سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 27 ص 214 ) .
( [768] ) أنظر في كل ذلك مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 389 – ص 392 في الهامش .
( [769] ) أنظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي 3 فقرة 239 وفقرة 381 – شفيق شحاتة فقرة 260 - عبد المنعم البدراوي فقرة 406 – وأنظر عكس ذلك والأخذ بحكم هذا النص محمد علي عرفة 2 فقرة 218 ص 393 – ص 394 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 259 – إسماعيل غانم ص 83 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 311 ص 466 – ص 467 – منصور مصطفى منصور فقرة 143 ص 340 - 341 .
( [770] ) أنظر في هذا الاعتراض محمد علي عرفة 2 فقرة 218 ص 393 – وأنظر أيضاً في هذا الاعتراض مناقشات لجنة الأستاذ كامل صدقي في محضر جلسة 26 نوفمبر سنة 1937 في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 348 في الهامش .
( [771] ) ويحسن في هذا الفرض ترك الأمر لتقدير القاضي ، فإذا رأى أن الأخذ بالشفعة للعقار الذي توافرت فيه الشروط من شأنه أن يعطل مشروعاً اقتصادياً كبير النفع ، فله أن يرفض طلب الشفيع .
( [772] ) أنظر في هذا المعنى نقض مدني 18 نوفمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 82 ص 530 – استئناف مختلط 11 يناير سنة 1927 م 39 ص 142 .
( [773] ) أنظر ما دار من مناقشات طويلة في هذا الشأن في لجنة الأستاذ كامل صدقي في محضر جلستي 26 نوفمبر سنة 1937 و 10 ديسمبر سنة 1937 في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 346 – ص 350 في الهامش .
( [774] ) استئناف مختلط 16 مايو سنة 1893 م 5 ص 247 .
( [775] ) وذلك لأن الواهب إنما وهب ، ورضى بالتجرد عن ملكه دون مقابل لاعتبارات شخصية في الموهوب له لا تتوافر في الشفيع ، فلا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة في الهبة ، ولو بقيمة العقار الموهوب .
كذلك لا يؤخذ بالشفعة في عقد اختلط فيه الهبة بالبيع ، كبيع يحصل بنصف القيمة لاعتبارات شخصية راعاها البائع في المشتري ( استئناف مختلط 22 ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 89 – 4 يناير سنة 1899 م 11 ص 88 ) . ولا شفعة في بيع صدر من الحكومة عن أرض أصلحها المشتري ، فتساهلت المحكومة في الثمن تساهلاً كبيراً ( استئناف مصر 19 يناير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 42 ص 519 – وأنظر عكس ذلك استئناف مختلط 25 مارس سنة 1924 المحاماة 4 رقم 738 ص 959 ) . وقد قضى في هذا المعنى بأن البيع الصادر من مصلحة الأملاك لصغار المزارعين ، إذا توافرت في طالب الشراء شروط معينة منها قيامه بإصلاح الأرض المتصرف له فيها أو استئجاره لها مدة طويلة ، وبقصد توفير أسباب العيش لصغار المزارعين ، هو عقد تختلط فيه الهبة بالبيع ، وقد روعى في تقدير الثمن فيه اعتبارات تتعلق بشخصية المشتري ، وقصد به تحقيق مصالح عليا اجتماعية وسياسية ، ومن ثم يتنافى القضاء بالشفعة في مثل هذا البيع مع طبيعة العقد ، ويكون فيه توفيت للأغراض المقصودة من البيع ( نقض مدني 26 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 85 ص 561 – 16 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 31 ص 230 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 305 – عبد المنعم البدراوي فقرة 428 ص 457 – إسماعيل غانم ص 80 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 304 – منصور مصطفى منصور فقرة 138 ص 331 – ص 332 – حسن كيرة ص 15 – وقارن محمد علي عرفة 2 فقرة 261 ص 449 ) . وقضى أيضاً في هذا المعنى بألا شفعة فيما تنزل عنه الحكومة من أملاكها الخاصة لموظفيها السابقين ، بلداً عما يستحقونه من المعاش ( استئناف مختلط 8 أبريل سنة 1891 م 3 ص 286 – أنظر عكس ذلك محمد كامل مرسي 3 فقرة 366 ) .
وقريب من هذا ما تعهدت به الحكومة ، نتيجة لتدخلها طبقاً للمرسوم بقانون رقم 107 لسنة 1931 لصيانة الثروة الزراعية ، من رد الأراضي التي رسا مزادها عليها لأصحابها . فقد أوجبت الحكومة على نفسها ، طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 27 نوفمبر سنة 1935 ، أن ترد لكل مالك ملكه بمجرد طلبه في مدى خمس سنوات ، في مقابل رد الثمن الذي رسا به مزاد الأرض . وقد قضت محكمة النقض بأن رد الأرض إلى صاحبها بموجب القرار سالف الذكر لا يعتبر بيعاً تجوز فيه الشفعة ، ويمكن اعتبار صاحب الأرض مالكاً لم يتجرد عن ملكيته منذ نزعت منه إلى يوم أن استردها من الحكومة إذ هو في حكم البائع للقدر الذي رسا مزاده على الحكومة ، واسترداده للأرض يكون بمثابة تقابل من هذا البيع وفسخ له ، ولا يعتبر بيعاً جديداً تجوز فيه الشفعة ( نقض مدني 16 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 81 ص 176 ) . أما إذا تنازل صاحب الأرض عن حقه في استرداده لأرضه إلى شخص آخر ، وقبلت الحكومة هذا التنازل وتصرفت بمقتضاه في الأرض للمتنازل إليه ، فإن هذا التصرف الذي من شأنه أن يحدث للمتنازل إليه ملكية لم تكن له من قبل يكون بيعاً ، وتجوز فيه الشفعة ( نقض مدني 16 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 74 ص 161 ) – أنظر في هذه المسألة محمد كامل مرسي 3 فقرة 343 – محمد علي عرفة 2 فقرة 265 .
( [776] ) وللشفيع أن يثبت بجميع طرق الإثبات ، وتدخل في ذلك القرائن ، أن حقيقة الهبة أنها بيع ( استئناف مختلط 22 مايو سنة 1902 م 14 ص 314 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 296 ص 293 ) .
( [777] ) استئناف مختلط 22 مايو سنة 1902 م 14 ص 314 - 10 مايو سنة 1906 م 18 ص 239 – علي زكي العرابي ص 12 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 295 .
( [778] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه لا تصح الشفعة في العين الموهوبة ، ولو وصفت في العقد بالبيع ( استئناف وطني أول ديسمبر سنة 1891 الحقوق 6 رقم 81 ص 382 ) . وقضت محكمة مصر الوطنية بأنه يجوز اعتبار عقود البيع عقود هبة إذا ساعدت ظروف الأحوال على ذلك ، كما إذا صدر البيع من أب لابنه بثمن زهيد ، وحينئذ لا يصح استعمال حق الشفعة لأنه لا يترتب على الهبة ( مصر استئنافي 26 نوفمبر سنة 1898 الحقوق 14 ص 66 ) – وانظر استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 73 – 4 يناير سنة 1899 م 11 ص 88 – 22 ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 89 . وليس ضرورياً ، في الأخذ بالقرائن دليلاً على أن حقيقة البيع هبة مستترة فلا تجوز فيها الشفعة ، أن يؤخذ في ذلك بالقرابة أو المصاهرة بين البائع والمشتري فإن هذه العلاقة لا يتحتم معها أن يكون البيه هبة مستترة ، ولا بقلة الثمن المذكور في العقد فقد يكون القصد من ذلك التخفف من مصروفات التسجيل ( استئناف وطني 19 نوفمبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 4 رقم 27 ص 63 – مصر استئنافي 26 نوفمبر سنة 1898 الحقوق 14 ص 66 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 296 ص 294 ) .
وقد نصت المادة 244 من قانون الملكية العقارية اللبناني ( المعدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) على أنه " لا يستعمل حق الشفعة إلا بوجه المشتري أو بوجه الموهوب له بعوض . وفي الحالة الأخيرة يكون حق الشفعة معرضاً لأسباب البطلان والإبطال والإلغاء نفسها الجارية على الهبة ذاتها – لا تسمح دعوى الشفعة في المقايضة العقارية ، وفي البيع الحاصل بين الزوجين أو الأصول والفروع أو الإخوة والأخوات " .
( [779] ) علي زكي العرابي فقرة 14 ص 13 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 299 – منصور مصطفى منصور فقرة 138 ص 330 - هذا وإذا كان لا يجوز في الهبة الأخذ بالشفعة ، فإنه يجوز لمن تملك العقار المشفوع به بعقد هبة من المالك الذي باع بعد ذلك عقاراً آخر أن يأخذ هذا العقار الآخر بالشفعة ، ولا يمنعه من ذلك أن العقار المشفوع به موهوب له من نفس المالك البائع ، وذلك ما لم يشترط هذا الأخير على الموهوب له النزول عن حقه في الأخذ بالشفعة ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 297 ) .
( [780] ) فلا يجوز الأخذ بالشفعة في عقد القسمة ، لأن القسمة كاشفة عن الملكية لا نقالة لها ( الاستئناف مختلط 4 أبريل سنة 1889 م 1 ص 147 – 8 مايو سنة 1890 م 2 ص 409 ) . وهذا هو أيضاً الحكم في الفقه الإسلامي ، فقد جاء في المادة 114 من مرشد الحيران : " لا تجري الشفعة في القسمة ، فإذا قسمت دار أو أرض مشتركة بين اثنين فلا يكون الجار شفيعاً فيها " . وجاء في الفتاوى الهندية ( جزء 5 ص 164 ) : " إذا اقتسم الشركاء العقار ، فلا شفعة لجارهم بالقسمة ، سواء كانت القسمة بقضاء القاضي أو بغير قضائه " .
كذلك لا شفعة في الصلح ، لأنه كاشف عن الملك لا ناقل له ، ولأن الصلح يتنافى مع الشفعة فهو يستلزم من المتصالحين واجبات شخصية لا يمكن للشفيع القيام بها فيتعذر عليه أن يقوم مقام المشفوع منه في جميع الحقوق والواجبات ( استئناف وطني 25 أبريل سنة 1901 المجموعة الرسمية 4 رقم 26 ص 61 – بني سويف الكلية 31 مارس سنة 1929 المحاماة 11 رقم 331 ص 645 - استئناف مختلط 10 مايو سنة 1906 م 18 ص 239 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 303 ) – وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان كل من المتعاقدين قد ترك جزءاً من حقوقه على وجه التقابل حسماً للنزاع الحاصل بينهما ، فهذا العقد صلح طبقاً لنص القانون . ولا يصح اعتباره بيعاً لكونه تضمن نقل ملكية أحد المتخاصمين إلى الآخر بثمن معين ، ما دامت هذه الملكية لم تكن مستقرة لمالكها بل كانت محل نزاع . والمبلغ المسمى في العقد لم يكن مقابلاً لنقل الملكية المتنازع عليها ، بل كانت مقابلاً لحسم النزاع ، مما تنعدم معه مقومات البيع وتظهر مقومات الصلح الذي لا تجوز فيه الشفعة ولا الاسترداد ( نقض مدني 27 نوفمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 234 ص 489 ) .
( [781] ) ولا يجوز الأخذ بالشفعة في نزع ملكية العقار للمنفعة العامة لأن نزع الملكية للمنفعة العامة ليس ببيع ، ولأن الشفيع لا يستطيع أن يحل محل الدولة في تخصيص العقار للمنفعة العامة ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 336 ) .
( [782] ) استئناف مختلط 8 أبريل سنة 1891 م 3 ص 286 .
( [783] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 290 - عبد المنعم البدراوي فقرة 430 ص 459 – إسماعيل غانم ص 37 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 303 ص 445 - منصور مصطفى منصور فقرة 138 – وقارن شفيق شحاتة فقرة 261 ص 272 – 273 – ويجوز للشفيع أن يثبت بجميع طرق الإثبات أن حقيقة المقايضة هي أنها عقد بيع ، لأنه ليس طرفاً في عقد المقايضة حتى يمنع من إثبات عكس الثابت بالكتابة إلا بالكتابة ( استئناف مصر 30 نوفمبر سنة 1937 المحاماة 19 رقم 387 ص 953 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 292 – محمد علي عرفة 2 فقرة 257 ص 444 ) .
( [784] ) أنظر في أسباب أخرى لعدم جواز الشفعة محمد كامل مرسي 3 فقرة 334 – وإذا اندمجت شركة أخرى ، فإذا كان هذا الاندماج عن طريق بيع الشركة الأولى أموالها للشركة الأخرى وكان في هذه الأموال عقارات ، جاز أخذها بالشفعة ( استئناف مختلط 31 مايو سنة 1899 م 11 ص 259 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 335 ) وإذا كان الاندماج عن طريق بيع الشركة الأولى أسهمها للشركة الأخرى ، كان البيع واقعاً على أسهم ، وهي منقولة فلا شفعة .
( [785] ) الزيلعي 5 ص 260 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 304 .
( [786] ) وقد سبق أن كتبنا في الجزء الثاني من الوسيط ، في صدد تحديد الغير في الصورية بأنه هو الدائنون الشخصيون لكل من المتعاقدين طرفي الصورية والخلف الخاص لأي من هذين المتعاقدين ، ما يأتي : " ويلاحظ أيضاً أن هذا الخلف الخاص قد كسب حقه من البائع أو من المشتري بسبب يغاير التصرف الصوري الصادر من البائع إلى المشتري . فالدائن المرتهن من البائع كسب حقه بعقد الرهن وهو غير البيع الصوري ، والمشتري بعقد جدي من البائع كسب حقه بعقد البيع الجدي وهو غير البيع الصوري ، وكذلك الحال بالنسبة إلى كل من المشتري بعقد جديد من المشتري والدائن الذي ارتهن من المشتري الدار . ويترتب على ذلك أنه لا يعتبر غيراً من كسب حقه على العين محل التصرف بموجب هذا التصرف الصوري نفسه . فلو باع شخص داراً من آخر بعقد ذكر فيه ثمن أقل من الثمن الحقيقي لتخفف من رسوم التسجيل ، إذا الشفيع في هذه الدار لا يعتبر غيراً بالنسبة إلى هذا البيع ، ولا يحق له أن يتمسك بالثمن المذكور في العقد للأخذ بالشفعة ، بل يجب أن يدفع الثمن الحقيقي إذا أثبته أي من البائع أو المشتري . ذلك أن الشفيع كسب حقه بالشفعة والشفعة سبب يدخل فيه نفس البيع الذي ذكر فيه الثمن الصوري ، فيكون قد كسب حقه بموجب العقد الصوري ، فلا يعتبر غيراً في هذا العقد . هذا إلى أنه من الواضح أن الشفيع قد حل محل المشتري في البيع ، فهو إذن ليس بخلف خاص للمشتري إذا لم يتلق منه الملكية ، وهو في الوقت ذاته بعد أن حل محل المشتري قد أصبح طرفاً مع البائع في نفس العقد الصوري فلا يصح أن يكون خلفاً خاصاً للبائع ( تالياً للعقد الصوري ) " ( الوسيط 2 فقرة 621 ص 1090 – ص 1091 ) . والسبب في أن الشفيع كسب حقه بسبب يدخل فيه العقد الصوري هو ، كما سبقنا أن بينا ، " أن الشفعة واقعة مركبة ، اقترن فيها بيع العين المشفوع مع الشيوع أو الجوار ، جاز الاحتجاج عليه بورقة الضد هذه وإن كان حسن النية وبأن البيع صوري لا وجود له فلا يجوز فيه بالشفعة ( [786] ) . وعلى ذلك أيضاً إذا ذكر في عقد البيع ثمن أقل من الثمن الحقيقي تخففاً من رسوم التسجيل ، فالذي يسري على الشفيع هنا هو الثمن الحقيقي ، ولا يجوز له التمسك بالثمن الصوري المخفض لأنه ليس من الغير ( [786] ) .
( [787] ) مصر الكلية أول فبراير سنة 1923 المحاماة 5 رقم 665 ص 813 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 331 ومع ذلك أنظر فقرة 332 . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة ، على خلاف ما قدمناه ، بأنه لا يجوز التمسك على الشفيع بورقة ضد تدل على أن البيع لم يعقد إلا كتأمين لضمان دين للمشتري على البائع ، حتى إذا دفع الدين فسخ البيع ( استئناف مختلط 27 مارس سنة 1902 م 14 ص 232 ) . وقضت محكمة النقض ، على خلاف ما قدمناه أيضاً ، بأن الشفيع يعتبر من طبقة الغير ، فمتى كان عقد البيع قد شهر فلا جناح على الشفيع إن هو رفع دعواه بالشفعة على البائع الظاهر فيه ( نقض مدني 30 ديسمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 ص 1384 – 18 أكتوبر سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 213 ص 1530 ) .
( [788] ) ومع ذلك فقد جرى القضاء في مصر على عكس الرأي الذي نقول به . فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المشتري لا يجوز له رفض ما يعرضه الشفيع من الثمن الوارد في العقد بدعوى أنه أقل من الثمن الحقيقي ، إذا ثبت أن المشتري والبائع قد اتفقا على ذلك حتى ينقصا من مقدار الرسوم التي يجب دفعها للخزانة ، ومن جهة أخرى لا يجوز للبائع في هذه الحالة أن يرجع على المشتري بالفرق في الثمن ( استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1924 م 36 ص 170 ) . وقضت محكمة النقض بأن الشفيع ، بحكم أنه صاحب حق في أخذ العقار بالشفعة ، يعتبر من الغير بالنسبة إلى طرفي عقد البيع سبب الشفعة ، ومن ثم لا يحتج عليه إلا بالعقد الظاهر . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه ، إذ قضى للمطعون عليها الأولى بالشفعة مقابل الثمن الوارد بالعقد المسجل الصادر من الشركة البائعة إلى الطاعنين ، قد نفى بأدلة مسوغة علم المطعون عليها الأولى بأن الثمن الحقيقي يختلف عن الثمن الوارد بالعقد ، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس ( نقض مدني 29 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 59 ص 411 ) . وقضت محكمة النقض أيضاً بأن الشفعة جائزة في الهبة المستترة في صورة البيع ، ذلك أن الشفيع ، بحكم أنه صاحب حق في أخذ العقار بالشفعة ، من طبقة الغير بالنسبة إلى الطرفين المتعاقدين ، البائع والمشتري ، فله أن يتمسك بالعقد الظاهر دون العقد المستتر ، ومن ثم لا يجوز أن يحاج بالعقد المستتر إلا إذا كان هذا العقد مسجلاً أو كان هو عالماً بصورية العقد الظاهر أو بوجود ورقة الضد ( نقض مدني 15 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 161 ص 1063 ) . وأنظر أيضاً في هذا المعنى نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 161 ص 452 – 14 أبريل سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 408 ص 756 - 25 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 104 ص 635 – 30 ديسمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 217 ص 1384 .
وبالرغم من استقرار القضاء كما نرى على أن الشفيع يعتبر من الغير ، لا يسعنا هنا إلا أن نلاحظ مرة أخرى أن الغير في الصورية إما أن يكون دائناً شخصياً لأحد طرفي العقد الصوري ، أو خلفاً خاصاً لأحد منهما . وظاهر أن الشفيع ليس دائناً شخصياً ، لا للبائع ولا للمشتري . وليس هو كذلك خلفاص خاصاً للمشتري تلقى منه حقاً ، فهو إنما يتلقى ملكية العقار المشفوع فيه من البائع لا من المشتري . وليس هو أخيراً خلفاً خاصاً للبائع استجد بعد العقد الصوري ، فهو إنما حل محل المشتري وأصبح أحد طرفي البيع والبائع هو الطرف الآخر ، ولم يقل أحد إن أحد طرفي العقد الصوري يكون من الغير فيه . ومثل الشفيع وهو يستمد حقه من البيع الصوري فلا يعتبر من الغير فيه كمثل المنتفع في الاشتراط لمصلحة الغير إذا كان هذا الاشتراط صورياً ، فلا يعتبر المنتفع من الغير لأنه يستمد حقه من الاشتراط الصوري ، ولا يجوز له أن يتمسك بهذا الاشتراط على المتعهد بدعوى أنه من الغير وأنه حسن النية لا يعلم أن الاشتراط صوري .
أما الفقه المصري فهو منقسم في هذه المسألة . فهناك رأي يتمشى مع ما ذهب إليه القضاء ويقول إن الشفيع يعتبر من طبقة الغير في الصورية فله أن يتمسك بالعقد الظاهر إذا كان حسن النية ( محمد علي عرفة 2 فقرة 258 – عبد المنعم البدراوي فقرة 429 – إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 114 ص 237 وفي الحقوق العينية الأصلية ص 88 – ص 89 - حسن كيرة ص 13 وص 20 ) . وهناك رأي آخر يذهب إلى أن الشفيع لا يعتبر من طبقة الغير في الصورية ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 237 ص 326 – أحمد نشأت في رسالته في الإثبات فقرة 441 مكررة ب – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 306 ) – واكتفى بعض الفقهاء بعرض الخلاف دون أن يتخذ موقفاً فيه ( منصور مصطفى منصور فقرة 146 ص 349 ) .
( [789] ) وقد قضت محكمة النقض بأن وصف العقد بأنه عقد ابتدائي ، أخذ بالعرف الذي جرى على إطلاق هذا الوصف على عقود البيع التي لم تراع في تحريرها الأوضاع التي يتطلبها قانون التسجيل ، هذا الوصف لا يحول دون اعتبار البيع باتاً لازماً متى كان صيغته دالة على أن كلاً من طرفيه قد ألزم نفسه بالوفاء بما التزم به على وجه قطعي لا يقبل العدول ( نقض مدني 26 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 128 ص 282 ) . وقضت محكمة النقض أيضاً بأنه إذا حرر عقد ابتدائي ببيع نصيب القصر في أرض اشتراط فيه أن لا يكون نافذاً إلا بعد موافقة المجلس الحسبي عليه ، ثم قرر المجلس الترخيص للوصية في بيع هذه الأرض بالشروط الواردة في العقد الابتدائي إلا فيما يتعلق بالثمن فقد رفعه إلى الحد الذي وصلت إليه المزايدة التي أمر بإجرائها تمهيداً لإقرار البيع ورست على نفس المشتري بالعقد الابتدائي ، فإن هذا القرار لا يعتبر ملغياً لهذا العقد ، وإنما هو مؤيد ومتمم له . وإذن فلا يجوز رفض دعوى الشفعة في الأرض المبيعة بمقتضى ذلك العقد ، بمقولة إنها تكون على غير أساس لزوال هذا العقد بعدم إقرار المجلس الحسبي إياه ( نقض مدني 12 أبريل سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 238 ص 628 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 26 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 81 ص 540 – 16 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 31 ص 230 - وأنظر في المسألة الوسيط 4 فقرة 41 - فقرة 43 .
( [790] ) نقض مدني 27 يناير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 73 ص 566 - استئناف مصر 7 مارس سنة 1939 المحاماة 19 رقم 462 ص 1149 – استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1907 م 19 ص 217 – 25 أبريل سنة 1907 م 19 ص 219 – 16 مايو سنة 1907 م 19 ص 264 – 22 مارس سنة 1921 م 33 ص 227 – 11 يناير سنة 1927 م 39 ص 142 – الوسيط 4 فقرة 42 ص 83 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 333 .
وإذا حرر عقد ابتدائي ببيع عقار ذكرت فيه أسماء جميع الورثة كبائعين ، ولم يوقع العقد إلا بعض الورثة ، فالبيع يعتبر قد تم بالنسبة إلى من وقع منهم ، ويجوز لمن لم يوقع أن يأخذ في هذا البيع بالشفعة . وقد قضت محكمة النقض بأنه وغن كان عقد البيع قد حرر باعتباره صادراً من كل الورثة عن جميع المنزل ، إلا أن كل وارث لا يبيع فيه أكثر من حصته التي يملكها . فإذا أمضى العقد أصبح مرتبطاً قبل المشتري عن هذه الحصة ، ولا يجوز له أن يتحلل من هذا الارتباط بناء على امتناع باقي الشركاء عن البيع وللمشتري أن يطالبه دائماً بنفاذ البيع في حصته . و إقرار البائعين في العقد بتضامنهم ليس معناه أن الواحد منهم يبيع أكثر من حصته ، ولا أن انعقاد البيع فيها لا يتم إلا إذا باع باقي الورثة حصصهم ، بل معناه أن الواحد منهم ضامن صحة ونفاذ البيع في حصته ثم في حصص الآخرين أيضاً ( نقض مدني أول مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 215 ص 580 ) – وأنظر محمد علي عرفة 2 فقرة 264 .
( [791] ) الوسيط 4 فقرة 43 ص 85 – ص 86 .
( [792] ) أنظر في كل ذلك الوسيط 4 فقرة 46 .
( [793] ) نقض مدني 3 أبريل سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 182 ص 395 - عكس ذلك استئناف مختلط 6 مارس سنة 1945 م 57 ص 79 ( عدم جواز الأخذ بالشفعة إلا إذا أصبح البيع بالعربون باتاً ولم يعدل عنه أحد طرفيه ) – عكس ذلك أيضاً شفيق شحاتة فقرة 266 – محمد علي عرفة 2 فقرة 260 ص 448 .
( [794] ) وقد كان هذا هو حكم الشفعة في بيع الوفاء عندما كان هذا البيع جائزاً ، وهو بيع معلق على شرط فاسخ . فكان يجوز للشفيع أن يأخذ العقار المبيع وفاء بالشفعة ، فإذا استرد البائع المبيع زال البيع بأثر رجعي ، ووجب على الشفيع رده للبائع وفاء ويسترد منه ما دفعه عند الأخذ بالشفعة ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1955 مجلة التشريع والقضاء 4 رقم 15 ص 33 – استئناف مصر 26 أبريل سنة 1913 الشرائع 1 رقم 43 ص 29 – كوم حمادة 17 يناير سنة 1937 المحاماة 17 رقم 463 ص 926 . محمد كامل مرسي 3 فقرة 336 – محمد علي عرفة 2 فقرة 263 ص 451 – 452 – وأنظر عكس ذلك وأنه لا يجوز الأخذ بالشفعة في بيع الوفاء إلا عندما يصبح باتاً استئناف مختلط أول فبراير سنة 1906 م 18 ص 108 – طنطا الكلية 19 أبريل سنة 1911 المجموعة الرسمية 13 رقم 24 ص 46 ) .
( [795] ) وهناك رأي يذهب إلى أنه إذا كان الأخذ بالشفعة يجوز في البيع المعلق على شرط فاسخ ، فإنه لا يجوز الأخذ بالشفعة في البيع المعلق على شرط واقف لأنه بيع غير نفاذ ، ولأن الشفعة لا تثبت إلا في البيع الذي يكون من شأنه خروج العقار من ملك البائع خروجاً باتاً قاطعاً ( أنظر في هذا المعنى استئناف مختلط 29 أبريل سنة 1930 م 42 ص 463 – محمد علي عرفة 2 فقرة 263 ص 451 ) . ولو صح أن الشفعة لا تثبت إلا في البيع الذي يكون من شأنه خروج العقار من ملك البائع خروجاً باتاً قاطعاً ، أوجب عدم جواز الأخذ بالشفعة أيضاً في البيع المعلق على شرط فاسخ ، لأن ملكية العقار في هذا البيع لا تنتقل إلى المشتري انتقالاً باتاً قاطعاً إذ أن البيع يزول بأثر رجعي بتحقق الشرط الفاسخ .
وقد قضت محكمة النقض بجواز الأخذ بالشفعة في البيع المعلق على شرط واقف ، إذ قضت بأن الحكم الذي يقرر أن حق الشفعة لا يتولد عن العقد الابتدائي المعلق نفاذه على تصديق المجلس الحسبي ، وإنما يتولد عن العقد المحرر بعد تصديق المجلس الحسبي على بيع نصيب القاصر ، يكون خاطئاً ( نقض مدني 29 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 23 ص 117 ) – وأنظر أيضاً نقض مدني 3 أبريل سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 182 ص 395 – استئناف مختلط 9 يونيه سنة 1936 م 48 ص 305 - وهذا هو الرأي السائد في الفقه المصري : محمد كامل مرسي 3 فقرة 325 ص 309 – شفيق شحاتة فقرة 264 ص 274 – عبد المنعم البدراوي فقرة 435 ص 461 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 341 ص 333 - إسماعيل غانم ص 39 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 305 ص 450 - ص 451 – منصور مصطفى فقرة 139 ص 333 .
( [796] ) والبيع المشترط فيه عدم انتقال الملكية إلى المشتري إلا بعد دفع جميع أقساط الثمن تجوز فيه الشفعة ، سواء اعتبرنا الشرط فاسخاً أو واقفاً ، لا سيما إذا لوحظ أن الشفيع لا يستفيد من التقسيط الممنوح للمشتري بل يجب عليه إيداع كل الثمن ، فيحل محل المشتري في بيع تخلف فيه الشرط الفاسخ أو تحقق فيه الشرط الواقف . أنظر استئناف مختلط 2 يونيه سنة 1904 م 16 ص 313 – وأنظر عكس ذلك وأن الشفعة لا تجوز استئناف مختلط أول فبراير سنة 1906 م 18 ص 106 – استئناف وطني 21 نوفمبر سنة 1895 الحقوق 11 ص 28 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 328 .
وقد يعلق البائع البيع على شرط عدم استعمال الشفيع للشفعة ، فإذا استعلها انفسخ البيع ، قاصداً بذلك إسقاط الشفعة إذا استعملت . وهذا الشرط باطل لمخالفته للنظام العام ، إذ هو يعطل بإرادة المتبايعين حقاً قرره القانون للشفيع . ولما كان الشرط فاسخاً ، فإنه يبطل ويبقى البيع صحيحاً لا شرط فيه ( م 266 / 1 مدني ) وتجوز فيه الشفعة ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 329 ) .
( [797] ) وقد قضت محكمة النقض بأن التقايل من البيع لا يعتبر بيعاً جديداً يتولد عنه للشفيع حق الشفعة ، لأن التقايل أو التراد في البيع هو فسخ له بتراضى الطرفين لا إنشاء لبيع جديد ، ومن شأنه في قصد المتعاقدين إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل البيع ومحو كل أثر له ، مما لا يكون معه أساس لطلب الشفعة . وإذن فمتى كان التقابل قد حصل قبل طلب الشفعة ، فإنه يعدم أثر البيع الأول ، ولا يبقى محل لطلب الشفعة ( نقض مدني 25 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم ب 105 ص 661 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 16 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 74 ص 161 – 16 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 81 ص 176 – 16 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 82 ص 177 – وأنظر علي زكي العرابي ص 16 وما بعدها – شفيق شحاتة فقرة 264 ص 274 هامش 1 – محمد علي عرفة 2 فقرة 267 ص 456 - عبد المنعم البدراوي فقرة 434 ص 460 - منصور مصطفى منصور فقرة 139 ص 333 .
( [798] ) الوسيط 1 فقرة 459 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 330 ص 313 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 305 ص 452 – ص 453 .
( [799] ) أنظر المادة 938 مدني وسيجئ ذكرها ( أنظر ما يلي فقرة 172 ) . وقد يقال كيف يأخذ الشفيع بالشفعة في البيع الثاني وهو صادر لنفس المالك القديم ، فلم يتغير على الشفيع المالك بل عاد كل شيء إلى أصله كما كان قبل البيع الأول . ويمكن الرد على هذا الاعتراض بأنه من المحتمل أن يكون الشفيع إنما يتضرر من هذا المالك القديم بالذات ، ولم يكن له بد من احتماله قبل أن ينفتح له باب الشفعة . فلما صدر البيع من هذا المالك القديم وتغير المالك ، رحب الشفيع بالمالك القديم ولم يأخذ منه بالشفعة . ثم لما تقابل المتبايعان وعاد الملك إلى المالك القديم الذي كان الشفيع يتضرر منه ، لم يلبث الشفيع أن طلب الشفعة بعد أن انفتح بابها أمامه . كذلك لا يمنع الأخذ بالشفعة أن الشفيع كان فيما مضى مالكاً للعقار المبيع ، ثم خرج عن ملكه كأن باعه مثلاً لشخص ثم باعه هذا الشخص لشخص آخر ، فيأخذ البائع الأول العقار بالشفعة إذا توافرت شروطها ( استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1907 م 19 ص 223 – محمد كامل مرسي فقرة 346 ) .
( [800] ) العياط 22 مارس سنة 1922 المحاماة 3 رقم 219 ص 287 .
( [801] ) قارن محمد علي عرفة 2 فقرة 267 ص 456 ( ويذهب إلى أنه يجب رفع دعوى الشفعة قبل التقايل حتى لا يسقط التقايل الحق في الشفعة ) . أما إذا لم يكن الفسخ بالتراضي أي بالتقايل ، بل كان فسخاً بحكم القضاء ، بأن أخل المشتري مثلاً بالتزاماته فحكم للبائع بالفسخ ، فإن الفسخ هنا بماله من أثر رجعي يجعل البيع كأن لم يكن ، ويعتبر البيع غير موجود منذ البداية ، فتسقط الشفعة المؤسسة على هذا البيع . وهنا لم يكن الفسخ بتراضي المتبايعين حتى يقال ، كما قيل في التقايل ، إن المتبايعين لا يملكان بتراضيهما إسقاط حق الشفيع ( شفيق شحاتة فقرة 363 ص 274 ) .
( [802] ) أنظر ما يلي فقرة 172 .
( [803] ) وكذلك لو سقط طلبه الشفعة في البيع الأول ، جاز له أن يطلبها في البيع الثاني ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 330 ص 313 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 305 ص 453 ) .
( [804] ) المنصورة الجزئية 22 فبارير سنة 1926 المحامة 8 رقم 379 ص 578 – علي زكي العرابي فقرة 18 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 312 – محمد علي عرفة 2 فقرة 262 ص 450 .
وقريب من البيع القابل للإبطال البيع غير النافذ في حق المالك ، ويجوز الأخذ بالشفعة فيه . فإذا كان البيع صادراً من وكيل . له المالك بكتاب مسجل سابق على البيع ، جاز للمحكمة أن تقضي للشفيع بالشفعة في هذا البيع فإذا أقر المالك البيع خلصت للشفيع ملكية العقار المشفوع فيه ( نقض مدني 8 يونيه سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 148 ص 409 ) . كذلك تجوز الشفعة في بيع ملك الغير ، وهو بيع قابل للإبطال من جهة وغير نافذ في حق المالك من جهة أخرى . فإذا أخ الشفيع فيه بالشفعة ، وأجاز المالك الحقيقي البيع ، استقرت ملكية الشفيع في العقار المشفوع فيه ، لأن البيع بإجازة المالك الحقيقي ينقلب صحيحاً نافذاً . ويلاحظ أن قابلية بيع ملك الغير للإبطال قد تقررت لمصلحة المشتري ، فإن أخذ الشفيع بالشفعة وحل محل المشتري ، لم يجز له طلب إبطال البيع كما كان يجوز للمشتري ، لأنه لما أخذ بالشفعة يكون قد أجاز البيع .
( [805] ) وبالشروط الواردة فيه دون أي تحوير فيها ، فلا يجوز للشفيع أن يعفى نفسه من هذه الشروط ، كما لو اشترط البائع على المشتري أن يبني في الأرض المبيعة منزلاً للسكنى أو أن يحافظ على مستوى الأرض الحالي ( استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1909 م 22 ص 56 ) . كما لا يجوز للشفيع أن يضيف شرطاً ليس وارداً في البيع ، كأن يشترط أن يكون العقار المبيع لم ترفع دعوى استحقاق عنه أو عن جزء منه ( استئناف مختلط 20 أبريل سنة 1905 م 17 ص 224 - 27 فبراير سنة 1913 م 25 ص 202 – وأنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 344 ) .
وإذا كان الثمن في البيع إيراداً مرتباً مدى حياة البائع ، ولم يكن ملحوظاً في البيع شخصية المشتري ، فيبدو أن الشفيع يستطيع الأخذ بالشفعة ويلتزم بدفع الإيراد للبائع مدى حياته ، ولا يودع خزانة المحكمة بعد طلب الشفعة إلا ما يكون مستحقاً من أقساط الإيراد . ويجوز أن تطلب المحكمة من الشفيع كفالة تضمن دفع الإيراد ، كما يجوز للشفيع أن يدفع لإحدى شركات التأمين رأس مال في مقابل أن تدفع الشركة للبائع أقساط الإيراد مدى حياته . أنظر عكس ذلك وأن الشفعة لا تجوز إذا كان الثمن إيراداً مرتباً محمد كامل مرسي 3 فقرة 337 – فوجير ص 132 – ص 133 .
ولا يعتبر الأخذ بالشفعة بيعاً يؤخذ فيه بالشفعة ، فإذا طلب الشفيع الشفعة ثم سقط حقه فيها ، وطلب شفيع آخر نفس العقار بالشفعة وحكم له بها ، لم يجز للشفيع الأول طلب الشفعة مرة أخرى بدعوى أن الحكم بالشفعة للشفيع الثاني يعتبر بيعاً يخوله حقاً جديداً في الشفعة . فالشفعة إذا تمت لشخص ، لم تجز الشفعة من هذا الشفيع ( استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 49 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 345 )
( [806] ) وتنص المادة 1133 / 1 مدني عراقي ، في هذا الصدد ، على أنه " لا تثبت الشفعة إلا ببيع العقار المشفوع مع وجود السبب الموجب لها وقت البيع " . وتنص المادة 242 من قانون الملكية العقارية اللبناني ( المعدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) على أن " يعود حق الشفعة للأشخاص المذكورين في المادة 239 الذي يكون تاريخ سند تملكهم سابقاً لتاريخ سند تملك المشتري " .
( [807] ) قارن محمد علي عرفة 2 فقرة 266 - ويجوز للشفيع ، في إثبات البيع في دعوى الشفعة ، أن يوجه اليمين الحاسمة . فإذا حلفها البائع أو المشتري ، لم يعد للشفيع طريق آخر لإثبات البيع . وليس من الضروري أن يحلف اليمين كل من البائع والمشتري ، فإن أحدهما إذا حلفها انتفى البيع ، إذ لا بد لوجوده من أن يرضى به كل منهما ( كفر الشيخ الكلية 26 مايو سنة 1952 المحاماة 34 رقم 210 ص 498 - محمد علي عرفة 2 فقرة 266 ص 450 ) . ولا يكفي نكول أحدهما عن حلف اليمين ، بل لا بد من نكول كليهما ، إذ الإقرار الذي يتضمنه النكول البد أن يصدر من طرفي البيع فالبيع لا يتم إلا بتراضيهما .
( [808] ) أنظر مصر الكلية 8 مارس سنة 1927 المحاماة 7 رقم 441 ص 715 – وأنظر في استعراض الحجج الأخرى للقائلين بهذا الرأي محمد كامل مرسي 3 فقرة 340 . ومن الأحكام التي أخذت بهذا الرأي : استئناف مصر 3 نوفمبر سنة 1924 المحاماة 5 رقم 295 ص 333 - 10 يونيه سنة 1926 المحاماة 7 رقم 154 ص 214 – قنا الكلية 25 يناير سنة 1926 المحاماة 6 رقم 544 ص 875 - مصر الكلية 8 مارس سنة 1927 المحاماة 7 رقم 441 ص 715 - مصر المختلطة 9 أبريل سنة 1925 جازيت 16 رقم 304 ص 303 .
ومن أشد مؤيدي هذا الرأي الأستاذ محمد علي عرفة . ونقطة الابتداء عنده أن شرط الشفة الأساسي ، فيما يرى ، هو خروج العقار المشفوع فيه من ملك صاحبه خروجاً باتاً . ولذلك يرى أن عقد البيع الابتدائي والبيع المعلق على شرط واقف لا يؤخذ فيهما بالشفعة لأنها لا ينقلان ملكية العقار المبيع فوراً إلى المشتري ، وكذلك يرى أن البيع غير المسجل لا يؤخذ فيه بالشفعة لأنه هو أيضاً لا ينقل الملكية إلى المشتري ( محمد علي عرفة 2 فقرة 268 ص 457 ) .
ولكن نصوص القانون لا تسمح بالقول إنه يشترط للأخذ بالشفعة خروج ملكية العقار المشفوع فيه إلى المشتري ، وكل ما تشترطه النصوص هو " بيع " العقار المشفوع فيه لا نقل ملكيته . وكل من البيع الابتدائي والبيع المعلق على شرط واقف والبيع غير المسجل هو " بيع " وإن لم ينقل الملكية ، فيجوز إذن الأخذ فيه بالشفعة . والمقرر في مبادئ الشفعة أنه ، في حين أن العقار المشفوع به يجب أن يكون " مملوكاً " للشفيع فإذا كان سند الشفيع في ملكية هذا العقار هو البيع وجب أن يكون مسجلاً ، لا يشترط في العقار المشفوع فيه إلا أن يكون " مبيعاً " فيكون مبيعاً حتى لو كان البيع لم يسجل .
( [809] ) ومن الأحكام التي أخذت بأن الشفعة تجوز في البيع غير المسجل : استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1907 م 19 ص 217 – 16 مايو سنة 1907 م 19 ص 264 – 21 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 102 – 11 يناير سنة 1927 م 39 ص 142 – 7 فبراير سنة 1928 م 40 ص 180 – 5 فبراير سنة 1929 م 41 ص 196 – 12 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 75 – 10 مارس سنة 1936 م 48 ص 174 – 11 يناير سنة 1938 م 50 ص 91 – 24 فبراير سنة 1942 م 54 ص 114 – 12 يونيه سنة 1945 م 57 ص 139 – 26 يونيه سنة 1945 م 57 ص 190 – مصر الكلية 2 مايو سنة 1925 المجموعة الرسمية 26 رقم 46 ص 82 – أسيوط الكلية 28 مايو سنة 1925 المحاماة 6 رقم 113 ص 162 – المنصورة الكلية 11 أكتوبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 495 ص 805 – مصر الكلية 10 مارس سنة 1926 المحاماة 7 رقم 16 ص 31 .
( [810] ) أنظر في استعراض الحجج الأخرى محمد كامل مرسي 3 فقرة 339 – وأنظر في الرد عليها محمد علي عرفة 2 فقرة 269 .
( [811] ) ورواد الفقه في هذا الرأي هم الأستاذ حامد فهيم في بحثه في مجلة المحاماة 5 رقم 729 وما بعدها ، والأستاذ عبد السلام ذهني في كتابه في الأموال ص 669 – ص 708 ، والأستاذ صليب سامي في بحثه في مجلة المحاماة 8 ص 668 وما بعدها .
( [812] ) استئناف مصر ( دوائر مجتمعة ) 3 ديسمبر سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 21 ص 46 – المحاماة 8 رقم 227 ص 298 .
( [813] ) استئناف مصر 2 أبريل سنة 1930 المحاماة 10 رقم 354 ص 713 – 12 يناير سنة 1937 المحاماة 18 رقم 305 ص 625 - 28 فبراير سنة 1938 المحاماة 18 قم 309 ص 630 - 7 مارس سنة 1939 المحاماة 19 رقم 462 ص 1149 – 25 مارس سنة 1941 المحاماة 21 رقم 421 ص 1010 - المنصورة الكلية 21 أكتوبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 159 ص 287 – استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1929 م 41 ص 159 – 12 يونيه سنة 1945 م 57 ص 139 – وعلى المشتري الذي يدعي أن هناك عقد بيع غير مسجل يسبق عقد البيع الرسمي المسجل الذي أخذ فيه الشيع بالشفعة ، وأنه كان من الواجب على الشفيع أن يأخذ بالشفعة في العقد الأول غير المسجل ، أن يثبت وجود هذا العقد أنه صدر في التاريخ المذكور فيه ( استئناف مختلط أول يونيه سنة 1948 م 61 ص 9 ) .
( [814] ) نقض مدني 15 فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 209 ص 568 .
( [815] ) نقض مدني 18 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 82 ص 530 .
( [816] ) نقض مدني 4 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 93 ص 583 - وأنظر أيضاً نقض مدني 26 ديسمبر سنة 1946 و 18 مايو سنة 1950 و 26 فبراير سنة 1953 في مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 714 رقم 52 و 51 و 53 .
( [817] ) وقد ردد أعضاء اللجنة الحجج التي تساق عادة للتدليل على صحة هذا الرأي . فقيل مثلاً " إن المشتري بموجب عقد غير مسجل لا تنقصه صفة المشتري " ، وأضيف " أنه كثيراً ما يحدث أن يغفل المشتري تسجيل عقده ثقة منه في البائع لتأكده من أن هذا الأخير لن يبيع العقار مرة ثانية لشخص آخر ، ففي مثل هذه الحالة لا يجب أن يحول عدم تسجيل العقد دون استعمال حق الشفعة " . وقيل أيضاً " إن إلزام المشتري بتسجيل عقده معناه القضاء على حق الشفعة ، إذ أنه . . . يمكن القول بأن البيع يولد التزاماً بنقل الملكية ، وهذا الالتزام كاف لتمكين صاحب حق الشفعة من استعمال حقه ولو لم يتم تسجيل البيع . والقول بخلاف ذلك يؤدي إلى تعطيل استعمال حق الشفعة بفعل المشتري " . أما العضو الوحيد المعارض في اللجنة فقد لاحظ " أن نقل الملكية حتى فيما بين المتعاقدين لا يتم إلا بالتسجيل ، وإلى أن يتم التسجيل يجوز للبائع أن يبيع العين مرة ثانية ولا يأمن المشتري الذي لم يسجل عقده جانب من باع له ، فحق الشفيع لا يولد إذن إلا إذا أن هناك نقل للملكية . لذا يتعين اشتراط تسجيل البيع لقيام حق الشفعة " ( أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 404 – ص 405 في الهامش ) .
( [818] ) أنظر في الفقه : شفيق شحاتة فقرة 265 – عبد المنعم البدراوي فقرة 437 – إسماعيل غانم ص 81 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 307 – منصور مصطفى منصور فقرة 139 ص 332 – حسن كيرة ص 14 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 333 ( جواز الشفعة في البيع الابتدائي وهو بيع غير مسجل ) .
وأنظر عكس ذلك وأن الشفعة لا تجوز إلا في البيع المسجل محمد علي عرفة 2 فقرة 269 – فقرة 270 ويشير الأستاذ محمد علي عرفة إلى ما يؤيد إليه الرأي القائل بجواز الشفعة في البيع غير المسجل من نتائج غير مقبولة في نظره ، فيبرز النتيجتين الآتيتين : ( 1 ) إذا تقابل البائع والمشتري قبل تسجيل العقد ولكن بعد طلب الشفعة لم يصح التقايل ، ويجبر البائع على المضي في البيع بالرغم من عدوله عنه وتقايله مع المشتري ، ولكن يمضي في البيع مع الشفيع لا مع المشتري ، ولا نرى أن هذه نتيجة غير مقبولة ، فالمقرر في الشفعة أن كل تصرف يصدر من المشتري إلى الغير بعد تسجيل طلب الشفعة لا يسري في حق الشفيع . فإذا كان التصرف صادراً إلى البائع نفسه – والتقايل تصرف صادر إلى البائع – فإن هذا التصرف لا يسري في حق الشفيع إذا كان صادراً بعد طلب الشفعة . وذلك بأن البائع الصادر إليه التصرف ليس من الغير حتى يشترط أن يكون التصرف صادراً بعد تسجيل طلب الشفعة ، بل يكفي أن يكون صادراً بعد طلب الشفعة لا تسجيلها حتى لا يسري في حق الشفيع . والقول بغير ذلك هو الذي يؤدي إلى نتيجة غير مقبولة ، إ لو سلمنا بأن تقايل البائع مع المشتري بعد طلب الشفع تيسري في حق الشفيع ، لأمكن للبائع والمشتري أن يتواطآ على إضاعة حق الشفعة . فإنهما إذا رأيا أن الشفيع طلب الشفعة ، تقايلاً حتى يضيع على الشفيع حقه . ( 2 ) من مقتضى القول بثبوت الشفعة في البيع غير المسجل أن الشفيع ، إذا توالت البيوع ، يتعين عليه أن يتابع سلسلة المشترين المتعاقدين حتى قبل تسجيل عقد المشتري الأصلي . وفي هذا عنت على الشفيع ، إذ يصبح مفروضاً عليه تتبع كل البيوع المستترة التي يعقدها المشتري الأول ومن يخلفه حتى تصح شفعته قانوناً . ولا نرى أن هذا يلقى على الشفيع عبئاً ثقيلاً ، فالمقرر الآن في التقنين المدني الجديد أن للشفيع أن يأخذ بالشفعة في خلال خمسة عشر يوماً من يوم إنذار البائع أو المشتري له بالبيع . فما على الشفيع إلا أن ينتظر هذا الإنذار ، سواء صدر من المشتري الأول أو من أحد المشترين المتعاقبين بين المشتري الأول ، فيأخذ بالشفعة في البيع المذكور في الإنذار فتصح شفعته في هذا البيع . فإذا خطر للمشتري الذي أرسل الإنذار أن يبيع العقار مرة ثانية بعد إرسال الإنذار - وهذا أمر بعيد الاحتمال – فإن الشفيع لا تضيع عليه ضعفته في هذا البيع الجديد ، إذ يجب على المشتري الجديد هو أيضاً أن ينذر الشفيع بالبيع الجديد ، فينفتح باب جديد للشفعة بطلبها الشفيع في خلال خمسة عشر يوماً من هذا الإنذار الأخير . وهكذا نرى أن الشفيع لا بد أن يعلم ، عن طريق الإنذار ، بكل بيع جديد يدر على العقار المشفوع فيه ، فلا يضيع عليه حق في الشفعة في هذا البيع .
والذي يقع عملاً أن الشفيع يترقب أمرين حتى يحافظ على حقه في الشفعة : إما أن يصله إنذار بالبيع من المشتري أو من البائع فيستعمل حقه في الشفعة عقب الإنذار في الميعاد القانوني ، أو أن يسجل المشتري البيع فيعرف الشفيع عن طريق التسجيل بوقوع البيع وله أربعة أشهر من وقت التسجيل لاستعمال حقه في الشفعة . وليس في كل هذا كبير عنت ، إذا أراد أن يستعمل حقاً استثنائياً كحق الشفعة .
( [819] ) أنظر آنفاً فقرة 170 .
( [820] ) نقض مدني 4 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 93 ص 583 وهو الحكم السابق الإشارة إليه .
( [821] ) عبد المنعم فرج الصدة فقرة 307 ص 458 – ص 459 – عكس ذلك عبد المنعم البدراوي فقرة 428 ص 457 .
( [822] ) أنظر آنفاً فقرة 107 في آخرها .
( [823] ) قارن مع ذلك ما قضت به محكمة استئناف مصر من أنه يلزم توافر أسباب الأخذ بالشفعة لدى الشفيع قبل حصول البيع المترتب على الشفعة ، وهذا يقتضي أن يكون تاريخ هذا البيع ثابتاً ثبوتاً كافياً للاحتجاج به على الشفيع وحده كما لو ذكر في ورقة رسمية ، وعندئذ يعد تاريخ هذه الورقة الرسمية تاريخاً له ، بما أن طرق إثبات التاريخ غير مبينة على سبيل الحصر ( استئناف مصر 7 مارس سنة 1939 المحاماة 19 رقم 462 ص 1149 ) .
( [824] ) أنظر ما يلي فقرة 189 .
( [825] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1386 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المرجعة تحت رقم 1101 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1008 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 938 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 394 – ص 400 ) .
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق م 9 : العين الجائز أخذها بالشفعة ، إذا باعها مشتريها قبل تقديم طلب بالشفعة فيها وتسجيله كما هو مذكور في المادة الرابعة عشرة الآتية ، لا تقام دعوى أخذها بالشفعة إلا على المشتري الثاني بالشروط التي اشترى بها . ( وحكم قانون الشفعة السابق يتفق مع حكم التقنين المدني الجديد ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل
التقنين المدني الليبي م 942 ( مطابق )
التقنين المدني العراقي م 1137 : إذا اشترى أحد عقاراً تجوز الشفعة فيه ، ثم باعه قبل أن يدعي الشفيع بالشفعة ، سقطت شفعته ، وتجددت له شفعة على المشتري الثاني .
( وحكم التقنين العراقي متفق في مجموعه مع حكم التقنين المصري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 250 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : إذا تم التفرع عن المشفوع لشخص ثالث بقيده في السجل العقاري قبل تقديم دعوى الشفعة ، فلا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها . ( والقانون اللبناني يشترط للأخذ بالشفعة من المشتري الثاني أن يكون البيع الصادر لهذا المشتري قد قيد في السجل العقاري قبل أن يرفع الشفيع دعوى الشفعة على المشتري الأول ) .
( [826] ) نقض مدني 6 يونيه سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 842 ص 864 – استئناف مختلط 9 مارس سنة 1948 م 60 ص 64 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 432 ص 437 – عبد المنعم البدراوي فقرة 476 – إسماعيل غانم ص 87 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان العقار المشفوع فيه مبيعاً مع شرط اختيار الغير ، فلا يجوز الاحتجاج على الشفيع بما ترتب على هذا الاختيار من حقوق لمن أدخلوا في الشراء بعد تسجيل إعلان الرغبة ، ولا يسقط حقه في الشفعة لإدخالهم في الدعوى بعد الميعاد ( نقض مدني 9 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 81 ص 312 ) .
( [827] ) عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 284 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 318 ص 478 – منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 345 .
( [828] ) يقول نص المادة 938 مدني كما رأينا : " . . . . ثم باعها قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة " . ومعنى ذلك أن يكون البيع الثاني حاصلاً قبل إعلان رغبة الشفيع في الأخذ بالشفعة ، أو إذا صدر هذا الإعلان من الشفيع فقبل تسجيله . وبعبارة أخرى يجب أن يكون البيع الثاني صادراً قبل تسجيل إعلان الرغبة ، سواء صدر هذا الإعلان فعلاً ولم يسجل ، أو لم يصدر أصلاً فلا يتصور أن يكون قد سجل . وكان الأولى من ناحية الصياغة أن يكون النص كما يأتي : " . . . . ثم باعها قبل تسجيل رغبة الشفيع في الأخذ بالشفعة " ( أنظر محمد علي عرفة 2 فقرة 292 ص 489 – منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 346 ) .
( [829] ) ولا يشترط أن يكون البيع الثاني ثابت التاريخ ، فالتاريخ العرفي كاف إذا كان سابقاص على تسجيل طلب الشفعة . وللشفيع ، وهو ليس من الغير في ثبوت التاريخ ، أن يثبت عدم صحة التاريخ العرفي وأنه قدم غشاً ليكون سابقاً على تسجيل طلب الشفعة ( نقض مدني 4 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 93 ص 583 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 317 ص 477 – أنظر عكس ذلك محمد علي عرفة 2 فقرة 293 ص 492 – ص 493 ) .
( [830] ) وقد يبيع المشتري الأول جزءاً مفرزاً من العقار المبيع ويستبقي الجزء الآخر ، فللشفيع في هذه الحالة أن يأخذ بالشفعة الجزء المبيع للمشتري الثاني وحده وبشروط البيع الثاني ، وأن يأخذ الجزء الذي استبقاه المشتري الأول وحده بشروط البيع الأول ، وذلك لأن الصفقة قد تفرقت ( استئناف مختلط 26 أبريل سنة 1906 م 18 ص 219 ) . ويشترط في الحالتين أن تتوافر شروط الشفعة في الجزء المطلوب أخذه ، فإذا ترتب على التجزئة أن أصبح جزء لا تتوافر فيه شروط الشفعة لم يجز أخذه ( منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 347 ) . أما إذا باع المشتري الأول جزءاً شائعاً من العقار المبيع واحتفظ لنفسه بباقي العقار شائعاً ، لميجز للشفيع أن يشفع في جزء شائع دون الجزء الآخر ، بليجب عليه أنيطلب الشفعة في كل العقار ، بشروط البيع الثاني في الجزء الشائع الذي باعه المشتري الأول ، وبشروط البيع الأول في الجزء الشائع الذي استبقاه هذا المشتري . وذلك لأنه لو سمح للشفيع أن يفرق الصفقة في هذا الفرض ويأخذ بالشفعة جزءاً شائعاً دون الجزء الآخر ، لاضطر مالك هذا الجزء الآخر أن يقبل الشفيع شريكاً معه في الشيوع . أنظر نقض مدني 3 أبريل سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 116 ص 819 – استئناف مختلط أول مايو سنة 1902 م 14 ص 274 - 4 مايو سنة 1911 م 23 ص 302 – 28 مارس سنة 1912 م 24 ص 245 – 6 فبراير سنة 1940 م 52 ص 132 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 517 ص 504 – محمد علي عرفة 2 فقرة 295 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 317 – منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 347 .
ورفع دعوى الشفعة على المشتري الأول بعد أن باع هذا لمشتر ثان يصححه تدخل المشتري الثاني في الدعوى المرفوعة ، ولا حاجة لرفع دعوى جديدة على هذا المشتري الثاني ( استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1946 م 58 ص 114 ) .
( [831] ) وبالرغم من وضوح هذه المسألة ، نرى لجنة الأستاذ كامل صدقي قد ناقشتها مناقشة طويلة اختلفت فيها الآراء ، ولكنها انتهت إلى النتيجة المنطقية التي ذكرناها ( أنظر محاضر جلسات 26 نوفمبر سنة 1937 و 4 فبراير سنة 1938 و 25 فبراير سنة 1938 في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 395 – ص 404 في الهامش – وقارن محمد علي عرفة 2 فقرة 294 ص 494 ) .
( [832] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1933 م 45 ص 131 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 515 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 383 – عبد المنعم البدراوي فقرة 475 – إسماعيل غانم ص 86 – ص 87 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 316 – منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 346 – حسن كيرة ص 18 – أنظر عكس ذلك وأن الشفيع يأخذ بالشفعة في البيع الأول إذا كان البيع الثاني لا يجوز فيه الأخذ بالشفعة ولكن بشروط البيع الثاني محمد علي عرفة 2 فقرة 294 ص 496 .
( [833] ) استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1923 م 35 ص 212 - ويجوز توجيه اليمين الحاسمة إلى المشتري الثاني لإثبات صورية البيع الثاني ( استئناف مختلط 15 نوفمبر سنة 1906 – 24 أبريل سنة 1923 م 35 ص 398 ) . وقد قضى بأن كون المشتري الثاني أما أو أختاً أو أخاً لمن باع لا يكفي وحده لاعتبار العقد صورياً ، ولا كون البيع الثاني قد تم بثمن أعلى بكثير من الثمن في البيع الأول ( استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1923 م 35 ص 212 ) . ومن القرائن على الصورية أن يتم البيع الأول والبيع الثاني في يوم واحد ( إسماعيل غانم ص 87 ) .
( [834] ) وهذا ما تردد القول به غير مرة في مناقشات لجنة الأستاذ كامل صدقي . فقيل مثلاً " إن السبيل ممهد في هذه الحالة لإثبات صورية البيع الثاني " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 395 في الهامش ) . وقيل أيضاً بوجوب " أن يطرح جانباً الفرض الذي يكون فيه البيع الثاني بيعاً صورياً ، إذ أن في الوسع إثبات الصورية أمام القاضي ، كما أن الغش لا يكسب حقاً " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 397 في الهامش ) . وقيل كذلك " يتعين في حالة البيع الحاصل لأحد الأشخاص نصت عليهم المادة . . . منع استعمال حق الشفعة . . على أن يظل الشفيع الذي أصابه ضرر في حل دائماً من أن يتمسك بمبدأ أن الغش يفسد كل شيء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 402 في الهامش ) . واقترح أخيراً إقرار النص الآتي : " إذا لم يسجل إعلان الرغبة في الشفعة الحاصل في الميعاد إلا بعد تسجيل ( ؟ ) البيع الثاني ، وجب على الشفيع أن يستعمل حقه تبعاً للشروط التي تم بها البيع الثاني . ويجوز للشفيع ، في حالة الغش ، أن يستعمل حقه طبقاً لشروط البيع الأول " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ص 403 في الهامش ) .
( [835] ) استئناف وطني 20 يناير سنة 1915 الشرائع 2 رقم 172 ص 154 – المنصورة الكلية أول فبراير سنة 1917 الحقوق 33 رقم 22 ص 43 – استئناف مختلط 12 فبراير سنة 1914 م 26 ص 223 – 31 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 100 – 21 فبراير سنة 1922 م 34 ص 192 – 27 مايو سنة 1930 م 42 ص 524 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 513 – عبد المنعم البدراوي فقرة 475 ص 486 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 316 ص 476 – حسن كيرة ص 18 .
( [836] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه يكفي في حالة البيع الثاني اختصام المشتري الثاني والبائع له في دعوى الشفعة ، أما اختصام البائع الأصلي فلا يكون لازماً ( نقض مدني 4 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 93 ص 583 – وأنظر أيضاً نقض مدني 28 مايو سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 171 ص 1090 ) . وانظر استئناف وطني 14 ديسمبر سنة 1921 المجموعة الرسمية 24 رقم 21 ص 33 – 28 فبراير سنة 1938 المحاماة 18 رقم 309 ص 630 - استئناف أسيوط 13 ديسمبر سنة 1941 المحاماة 25 رقم 73 ص 199 – استئناف مختلط 5 مارس سنة 1896 م 8 ص 148 – أول مارس سنة 1902 م 14 ص 274 – 26 أبريل سنة 1906 م 18 ص 219 – 28 مارس سنة 1912 م 14 ص 245 – 6 أبريل سنة 1920 م 32 ص 257 – 13 فبراير سنة 1923 – 35 ص 213 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 512 ص 500 – 501 – محمد علي عرفة 2 فقرة 292 ص 491 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 317 ص 476 - منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 346 .
( [837] ) استئناف مختلط أول مايو سنة 1902 المجموعة الرسمية المختلطة 27 ص 279 – 13 فبراير سنة 1923 م 35 ص 213 .
( [838] ) وقد أكد أحد أعضاء لجنة الأستاذ كامل صدقي " ضرورة حماية المشتري ، إذ لا يتصور أن يحرم هذا المشتري من حقه في بيع العقار الذي اشتراه بالثمن الذي يراه مناسباً ، والذي له مطلق الحرية في تحديده كما يشاء حتى يسجل طلب الشفعة . وأضاف أن هذا الثمن هو الذي يجب على الشفيع أداؤه ، وإن زاد عن الثمن المتفق عليه في البيع الأول " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 401 في الهامش ) .
( [839] ) ولا يكون المشتري الأول ملزماً بالضمان إذا نزع العقار من المشتري الثاني بسبب الشفعة ( استئناف مختلط 20 مارس سنة 1907 م 19 ص 176 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 516 ) . كذلك لا يكون المشتري الأولي مسئولاً نحو الشفيع إذا هو باع العقار الذي اشتراه ، دون أن يقصد بهذا البيع الإضرار بالشفيع ( استئناف مختلط 25 مارس سنة 1918 م 30 ص 313 ) .
( [840] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يشترط قانوناً في البيع الذي تجوز فيه الشفعة أن يكون بعقد مسجل أو ثابت التاريخ ، ولذا يجب توجيه طلب الشفعة إلى المشتري الثاني ولو لم يكن عقده مسجلاً ، متى ثبت أن البيع له قد تم قبل تسجيل طلب الشفعة ( نقض مدني 4 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 93 ص 583 ) – وأنظر استئناف مختلط 7 مارس سنة 1907 م 19 ص 169 - 13 فبراير سنة 1923 م 35 ص 213 .
( [841] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1387 / 1 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " لا يجوز الأخذ بالشفعة : ( أ ) إذا حصل البيع بالمزاد العلني عن طريق الإدارة أو القضاء . ( ب ) إذا وقع البيع بين الأصول والفروع أو بين الزوجين ، أو بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة . ( ج ) إذا كان العقار قد بيع ليجعل محل عبادة ، أو ليلحق بمحل عبادة " . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1012 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب عدلت عبارة " عن طريق الإدارة أو القضاء " في البند ( أ ) بعبارة " وفقاً لإجراءات رسمها القانون " ، ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 1009 كما عدلته لجنته . وفي لجنة مجلس الشيوخ لوحظ أن عبارة " وفقاً لإجراءات رسمها القانون " الواردة في البند ( أ ) لا تفيد معنى البيع بالمزاد العلني الجبري ، لأن البيع قد يحصل بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات رسمها له قانون المرافعات ، فأجيب بأن المقصود بهذه العبارة كفالة علانية البيع ، فوافقت اللجنة على العبارة ملاحظة أن عبارة " وفقاً لإجراءات رسمها القانون " يدخل فيها كل بيع بمزاد علني يتم وفقاً لإجراءات رسمها القانون ، سواء في ذلك البيع الإداري أو القضائي . وأضيفت إلى البند ( ب ) عبارة " أو بين الأصهار لغاية الدرجة الثانية " نظراً لأن صلتهم لا تقل في غالب الأحيان عن صلة الأقارب ، وقد رؤى الوقوف عند الدرجة الثانية توخياً للتضييق . وذلك تحقيقاً للفكرة المقصودة من النص ، وهي استبعاد الأجنبي على اعتبار أن الصفقة عائلية . واقترح في خصوص البند ( ج ) التسوية في الحكم بين محل العبادة وبين المدارس والمؤسسات الاجتماعية حتى تتحقق نفس الحكمة من تمكين المشتري من أن يخصص العقار لهذه الأغراض كلها ، ولكن اللجنة لم توافق على هذا الاقتراح ، ووافقت على النص دون هذا التعديل تحت رقم 939 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 403 – ص 409 ) .
( [842] ) قانون الشفعة السابق م 3 : لا شفعة فيما بيع بالمزايدة لعدم إمكان القسمة بين الشركاء عيناً أو لنزع الملكية بهراً أمام إحدى جهات الإدارة أو القضاء . وكذلك لا شفعة فيما بيع بين الأصول وفروعهم وبالعكس ، ولا فيما بيع من أحد الزوجين للآخر ، أو من المالك لأحد أقاربه لغاية الدرجة الثالثة .
م 6 : لا شفعة فيما بين ليجعل محل عبادة أو ليلحق به .
( والتقنين المدني الجديد يختلف عن قانون الشفعة السابق فيما يأتي : ( 1 ) لم يقصر بيع المزاد العلني على المزاد الجبري وقسمة التصفية كما فعل قانون الشفعة ، بل عمم النص فجعله يشمل كل مزاد علني يتم وفقاً لإجراءات رسمها القانون فيدخل المزاد العلني الاختياري . ( 2 ) وسع حلقة الصلة العائلية التي لا يؤخذ فيها بالشفعة وذلك تضيقا لاستعمال هذا الحق ، فمد القرابة إلى الدرجة الرابعة بدلاً من الدرجة الثالثة التي وقف عندها قانون الشفعة ، وأضاف المصاهرة لغاية الدرجة الثانية ) .
( 3 ) التقنينات المدينة العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل
التقنين المدني الليبي م 943 / 1 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1134 : لا تسمع دعوى الشفعة : ( أ ) إ ذا حصل البيع بالمزايدة العلنية عن طريق القضاء أو الإدارة . ( ب ) إذا وقع البيع بين الزوجين ، أو بين الأصول والفروع ، أو بين الحواشي لغاية الدرجة الرابعة . ( ج ) إذا كان العقار قد بيع ليجعل محل عبادة أو ليلحق بمحل عبادة ، وسجل بدائرة الطابو على هذا الوجه . ( د ) . . ( هـ ) . . ( و ) . . ( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري في أمرين : ( 1 ) لا يمنع التقنين العراقي الشفعة في المزايد العلني الاختياري ، ويمنعها التقنين المصري . ( 2 ) لا يجعل التقنين العراقي المصاهرة مانعة من الأخذ بالشفعة ، ويجعلها التقنين المصري مانعة لغاية الدرجة الثانية ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 244 / 2 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : لا تسمع دعوى الشفعة في المقايضة العقارية ، وفي البيع الحاصل بين الزوجين أو الأصول والفروع أو الأخوة والأخوات . م 245 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : لا شفعة للوقف ، ولا في البيع الحاصل بالمزاد العلني عن طريق الإدارة أو القضاء . ( والقانون اللبناني يختلف عن القانون المصري في أمور ثلاثة : ( 1 ) لا يمنع القانون اللبناني الشفعة في المزاد العلني الاختياري ، ويمنعها التقنين المصري . ( 2 ) لا يتوسع القانون اللبناني في القرابة المانعة من الشفعة فيقضرها فيما يتعلق بالحواشي على الإخوة والأخوات ويمدها التقنين المصري إلى الدرجة الرابعة ، ولا يجعل القانون اللبناني المصاهرة مانعة من الشفعة ويجعلها التقنين المصري مانعة لغاية الدرجة الثانية . ( 3 ) لا يمنع القانون اللبناني الشفعة فيما بيع ليخصص محلاً للعبادة أ وليلحق به ، ويمنعها التقنين المصري في ذلك ) .
( [843] ) @@@ لا يوجد حاشية لها .
( [844] ) هذا إلى قيام اعتبارات أخرى في بعض البيوع تعلق بمصالح اجتماعية واقتصادية تستوجب حماية صغار المزارعين . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه متى كان الحكم ، إذ قضى بفض دعوى الشفعة ، أقام قضاءه على أن التصرف الصادر من المطعون عليها الأول إلى المطعون عليه الثاني ليس بيعاً تجوز فيه الشفعة ، وإنما هو تصرف ذو طابع خاص ، روعى فيه إيثار المتصرف إليه بالأولوية في شراء الأطيان المبيعة موضوع طلب الشفعة ، لاعتبارات منها ما يتعلق بشخص المتصرف إليه لقيامه بإصلاح الأرض المتصرف فيه فيها ، ومنها ما يتعلق بمصالح اجتماعية واقتصادية ترمي إلى رفع مستوى صغار المزارعين وتوفير أسباب العيش لهم والتشجيع على إصلاح الأراضي البور ، فضلاً على أن الثمن المسمى بالعقد لا يمثل حقيقة ؟ العين المبيعة وقت البيع ، فإن هذا الحكم لا يكون قد خالف القانون . ذلك بأن القضاء بالشفعة في هذه الحالة يتنافى مع طبيعة العقد ، وفيه تفويت للأغراض المقصودة منه ( نقض مدني 26 فبراير سنة 1953 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 716 رقم 60 ) .
( [845] ) يضاف إلى ذلك أيضاً الشفعة لا تجوز في بيع يكون من شأنه أن يزيد ما يملكه الشفيع من الأراضي الزراعية على الحد الأقصى الذي يسمح به قانون الإصلاح الزراعي . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه متى تبين أن الشفيع يملك قبل الحكم بالشفعة أكثر من مائتي فدان ، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون فيما انتهى إليه من أن الحكم بالشفعة في هذه الحالة من شأنه مخالفة ما نصت عليه المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي التي تقضي ببطلان كل عقد ترتبت عليه مخالفة ما نصت عليه تلك المادة من عدم جواز زيادة ملكية الفرد على مائتي فدان لتعلق حكم هذه المادة بقاعدة من قواعد النظام العام . ولا محل للاستناد إلى القانون رقم 267 لسنة 1956 الذي أجاز أن يتملكوا أكثر من مائتي فدان عن طريق الميراث أو الوصية أو غير ذلك من أسباب كسب الملكية غير العقود ، وأباح لهؤلاء أن يتصرفوا فيما زاد على المائتي فدان خلال سنة من كسب الملكية غير مقيدين بالقيود التي نص عليها قانون الإصلاح الزراعي في خصوص من يملكون أكثر من مائتي فدان وقت صدوره . وذلك لأن حكم الشفعة وإن كان سبباً مستقلاً لكسب الملكية ، إلا أنه يأخذ حكم العقد ، إذ بحكم الشفعة تنصرف آثار عقد البيع إلى الشفيع ، لأن الملكية في حالة الحكم بالشفعة تكون قد اكتسب بعمل إرادي من جانب الشفيع ، وهو ما هدف المشرع إلى تحريمه إذا كان الشفيع يملك قبل الحكم بالشفعة أكثر من مائتي فدان ، وإن في إباحة تملك ما يزيد على مائتي فدان بالشفعة تحايلاً على أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 . أما الوصية والميراث وما جرى مجراهما من أسباب كسب الملكية ، فإن الأمر فيهما يتم بغير سعي من جانب من آلت إليه الملكية ( نقض مدني 14 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 798 ) .
( [846] ) ويستثنى من ذلك بيع مصلحة الأملاك لعقاراتها بالمزاد بشرط مصادقة وزير المالية ، فتجوز الشفعة في هذا البيع ( نقض مدني 17 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 83 ص 607 ) . وعلى العكس من ذلك لا تجوز الشفعة في بيع مصلحة الأملاك لأرض بطريق الممارسة بثمن روعى في تقديره اعتبارات خاصة ، متى كان البيع مقصوراً على أشخاص معينين ، ويعتبر البيع في هذه الحالة متراوحاً بين البيع والهبة والصلح ، لأن تقدير الثمن تراعى فيه اعتبارات تتعلق بشخص المشتري من ناحية ، وبمصالح عليا اجتماعية وسياسية من الناحية الأخرى ، وكل ذلك لا يمكن تقديره بثمن ( نقض مدني 16 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 230 - وأنظر نقض مدني 26 فبراير سنة 1953 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 716 رقم 60 آنفاً فقرة 173 في الهامش ) .
( [847] ) أنظر فيما يختص بالحجز الإداري القانون رقم 308 لسنة 1955 .
( [848] ) أنظر مناقشات لجنة الأستاذ كامل صدقي في محضر جلسة 19 نوفمبر سنة 1937 ، حيث لاحظ أحد الأعضاء " أن المادة 710 من قانون المرافعات المختلط ( وهي المقابلة للمادة 722 مرافعات جديد ) الواردة في باب الحجز العقاري تعرض لحالة بيع العقار المثقل بحقوق لصالح دائنين ، وأن هذه المادة وإن كانت تخول المالك حق طلب بيع عقاره عن طريق القضاء ، إلا أنه يجب أن يكون المقصود من هذا البيع هو تخليص العين من حقوق مقررة عليها لصالح أجنبي ، حتى يتسنى للمالك أن يطلب هو نفسه بيع عقاره ليحصل على أقصى ثمن تبقى له منه بقية بعد سداد ديونه . فمثل هذه الحالة تدخل في نطاق المزاد العلني ، ولما كان البيع يحصل عن طريق القضاء وبطريقة علنية ، فالرأي عدم جواز استعمال حق الشفعة في مثل هذا البيع " . وقال عضو آخر : " إن تقصي الأسباب التي حدت بالشارع إلى وضع هذا النص ( القاضي بمنع الشفعة في البيع بالمزاد العلني ) يهدينا إلى أنه رمى إلى تحقيق مصلحة اقتصادية تهدف إلى بيع العين المبيعة بأعلى ثمن ممكن ، فعلانية البيع وإجراءات المزايدة كفيلة في نظره بتمكين كل راغب في الأخذ بالشفعة من التدخل في المزاد لشراء العين " . وعقب عضو ثالث بأنه " لا محل لتقرير الشفعة في مثل هذه الحالة ، ما دام أن البيع علني ومباح للجميع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 406 في الهامش ) – وأنظر أيضاً محمد علي عرفة 2 فقرة 327 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 308 ص 459 .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وغني عن البيان أن البيع بالمزاد العلني الذي يمنع فيه الأخذ الشفعة يستوي الأمر فيه أن يكون جبرياً أو اختيارياً ، فإن حكة المنع متوافرة في الفرضين ، إذ يستطيع الشفيع أن يدخل في المزاد " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 407 ) – وأنظر أيضاً ما دار من المناقشات في لجنة مجلس الشيوخ في خصوص منع الشفعة في البيع الاختياري وفي " كل بيع بالمزاد العلني يتم وفقاً لإجراءات رسمها القانون سواء في ذلك البيع الإداري أو القضائي " آنفاً فقرة 173 في الهامش .
( [849] ) ولم يكن قانون الشفعة السابق بهذا الوضوح ، فقد كانت الفقرة الأولى من المادة 3 منه تجري على الوجه الآتي : " لا شفعة فيما بيع بالمزايدة لعدم إمكان القسمة بين الشركاء عيناً ، أو لنزع الملكية قهراً أمام إحدى جهات الإدارة أو القضاء " . وقد اختلف المحاكم ، في عهد هذا القانون ، في تفسير هذا النص . فبعض ذهب إلى وجوب الرجوع إلى الأصل الفرنسي لهذا النص ، ومنه يتبين أن هناك حالتين منفصلتين إحداهما عن الأخرى : حالة البيع الذي يجري بالمزاد أمام جهة الإدارة كما إذا باعت إحدى الجهات الإدارية عقاراً مملوكاً لها ملكية خاصة بالمزاد العلني فلاشفعة في هذا البيع ، وحالة البيع الذييجري بالمزاد أمام القضاء لنزع الملكية جبراً بواسطة الدئانين أو لعدم إمكان قسمة العقار بين الشركاء فلا شفعة أيضاً في هبذا البيع ( استئناف مصر 12 فبراير سنة 1923 المجموعة الرسمية 25 رقم 75 ص 132 – أسيوط الكلية استئنافي 29 يناير سنة 1921 المجموعة الرسمية 22 رقم 131 ص 211 - استئناف مختلط 18 يونيه سنة 1908 م 20 ص 202 – 18 فبراير سنة 1906 م 21 ص 203 ) . وذهب بعض المحاكم الأخرى إلى وجوب التزام النص العربي ، وأنه يمكن أن يقع بيع بالمزاد العلني أمام جهة الإدارة لنزع الملكية قهراً ، إذ أن الجهات الإ>ارية تنزع ملكية العقارات لاستيفاء الضرائب كما تنفذ أحكام النفقات الصادرة من المحاكم الشرعية ( مصر الكلية 30 يناير سنة 1929 المحاماة 9 رقم 329 ص 539 ) . أنظر في هذه المسألة محمد كامل مرسي 3 فقرة 348 – محمد علي عرفة 2 فقرة 325 – عبد المنعم البدراوي فقرة 439 – إسماعيل غانم ص 82 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 308 – منصور مصطفى منصور فقرة 140 ص 334 – ص 335 .
( [850] ) وكانت هناك حالة قبل إلغاء المجالس الحسبية ، وهي حالة بيع عقار القاصر أو المحجور عليه الذي كان يقع أمام هذه المجالس . وقد قضت محكمة النقض بأن البيوع التي ترخص المجالس الحسبية للأوصياء أو القوام في إجرائها ليست من نوع البيوع الحاصلة بطريق المزايدة العلنية التي منعت المادة الثلاثة من قانون الشفعة من الاستشفاع فيها ، لأن الشارع لايني بهذه البيوع إلا البيوع التي تباشرها الجهة القضائية أو الإدارية المختصة وفقاً لقواعد وإجراءات معينة قانوناً تضمن العلانية والطمأنينة لحماية ذوي الحقوق ، ثم توقعها حتماً لمن يرسو عليه المزاد ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 333 ص 1071 – وأنظر أيضاً نقض مدني 12 أبريل سنة 145 مجموعة عمر 4 رقم 238 – استئناف أسيوط 16 مايو سنة 1935 المحاماة 16 رقم 130 ص 312 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 352 ص 354 – ص 355 – محمد علي عرفة 2 فقرة 328 ) .
( [851] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه تجز الشفعة في البيع الذي أجراه الحارس على أموال الرعايا الألمان بالمزاد ، لأن هذا المزاد لم يتم وفقاً لإجراءات رسمها القانون كما تتطلب ذلك المادة 939 مدني ، إذ أن الحارس ضمن قائمة شروط البيع ضرورة موافقته على الثمن الراسي به المزاد ، وعلى حقه في إلغاء البيع بدون إبداء أسباب . وهذه شروط تنطق بأن مثل هذا البيع ، ولو أنه يتم بالمزاد ، إلا أنه لا يتفق مع ما هو منصوص عليه قانوناً بشأن البيوع الجبرية ووجوب رسو المزاد فيها حتماً على صاحب آخر عطاء بدون مصادقة أحد " ( نقض مدني 17 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 83 ص 607 ) .
( [852] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 353 – محمد علي عرفة 2 فقرة 326 ص 547 – عبد المنعم البدراوي فقرة 439 ص 463 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 308 ص 460 .
( [853] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المادة الثالثة من قانون الشفعة تنص على منع الشفعة فيما بيع بالمزايدة ، ومقصود الشارع من النص هو البيع بالمزاد طبقاً لإجراءات وقواعد معينة قانوناً تتضمن علانية العطاءات من جهة وإيقاع البيع حتماً على صاحب العطاء الأكبر من جهة أخرى ، بحيث يمكن للشفيع إذا كانت له رغبة في المبيع أن يشترك في المزايدة ويتابع الزيادة حتى يرسو عليه المزاد . ولما كان بيع أراضي الحكومة الحرة بطريق المظاريف ليس فيه من علانية العطاءات ما يسمح لراغب الشراء بمتابعة الزيادة ، ثم لما كان وقوع البيع لصاحب العطاء الأكبر غير مكفول لما هو محتفظ للحكومة من الحق المطلق في قبول أو فض أي عطاء ، ولوجوب اعتماد وزير المالية للبيع في كل حال ، فالبيع بطريق المظاريف ليس هو البيع بالمزايدة ، فتجوز فيه الشفعة ( نقض مدني 27 نوفمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 235 ص 490 ) وأنظر أيضاً في هذا المعنى أسيوط استئنافي 29 يناير سنة 1921 المجموعة الرسمية 22 رقم 131 ص 21 – مصر الكلية 30 يناير سنة 1929 المحاماة 9 رقم 329 ص 539 . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن البيع بالمزاد أمام جهة الإدارة الذي لا تجوز فيه الشفعة هو البيع الذي يحصل وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في دكريتو 25 مارس سنة 1880 ودكريتو 16 مارس سنة 1900 للوصول بطريق الملكية نزع الملكية قهراً إلى الحصول على الأموال المتأخرة ، وليس بيع العقارات الخاصة المملوكة للدولة الذي يقع بطريق المظاريف بناء على إعلان للجمهور ووفقاً لشروط المنشور الوزاري المؤرخ 21 أغسطس سنة 1902 فإن هذا البيع ، وإن جرى أمام جهة الإدارة ، ليس إلا بيعاً اختيارياً ولا يصير تاماً إلا إذا وافقت عليه الحكومة ( استئناف مختلط 18 يونيه سنة 1908 م 20 ص 280 ) . وأنظر أيضاً استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1909 م 21 ص 202 – 18 مايو سنة 1926 م 38 ص 414 .
وأنظر مناقشات لجنة الأستاذ كامل صدقي في هذا الخصوص في محضر جلسة 19 نوفمبر سنة 1937 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 406 في الهامش ) . وأنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 352 ص 353 – محمد علي عرفة 2 فقرة 329 – عبد المنعم البدراوي فقرة 439 ص 463 – إسماعيل غانم ص 82 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 308 ص 460 - منصور مصطفى منصور فقرة 140 ص 334 – ص 335 – حسن كيرة ص 14 .
( [854] ) أنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 351 .
( [855] ) أنظر آنفاً فقرة 173 .
( [856] ) أما بعي المالك لمطلقته أو المطلقة لزوجها السابق ، أو بيع الخطيب لخطيبته أو الخطبة لخطيبها ، فتجوز فيه الشفعة ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 300 ص 442 ) .
( [857] ) أنظر آنفاً فقرة 173 في الهامش .
( [858] ) وهذا هو عين ما كان القضاء يأخذ به في حساب الدرجات قبل صدور التقنين المدني الجديد ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 161 ص 452 ) . وقد قضى بأن القرابة المانعة من الشفعة مسألة مدنية متفرعة عن دعوى الشفعة ، وتدخل في صميم اختصاص المحكمة المنظورة أمامها دعوى الشفعة ، احتراماً للمبدأ القائل بأن قاضي الأصل هو قاضي الفرع . والقول بغير هذا الرأي يترتب عليه أنه كلما عرضت مسألة القرابة في دعوى من الدعاوى التي لا يمكن الفصل فيها إلا بثبوتها ، كدعاوى رد الخبراء ورد القضاة ورد الشهود ، وجب على القضاء أن يقف الدعوى حتى يفصل من قضاء الأحوال الشخصية فيها ، وهو ما لا يمكن التسليم به ، وفيه اعتداء على سلطة القضاء العادي من جهة ، وتعطيل لمصالح المتقاضين من جهة أخرى ( طهطا 7 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 10 رقم 385 ص 773 ) . وانظر استئناف وطني 14 يونيه سنة 1908 المجموعة الرسمية 10 رقم 21 ص 47 .
( [859] ) وقد قضى بأنه إذا بيع عقار على الشيوع لعدة أشخاص ، وكان من بينهم شخص قريب للبائع لغاية الدرجة الرابعة ، فامتنعت الشفعة بالنسبة إليه ، امتنعت الشفعة أيضاً بالنسبة إلى باقي المشترين حتى لا تتجزأ الصفقة ( سوهاج الجزئية 27 يناير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 128 ص 181 ) .
( [860] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة ، تطبيقاً لذلك ، بجواز الشفعة في حالة البيع من الأب لزوجة ابنه أو من الأم لزوجة بنتها ( استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 100 ) .
( [861] ) أنظر آنفاً فقرة 173 في الهامش .
( [862] ) أنظر آنفاً فقرة 173 في الهامش – ويغلب أيضاً أن يكون بيع المالك لزوجه أو لأحد من أقاربه أو أصهاره من الدرجة المتقدم ذكرها هبة مستترة في صورة بيع آثار بها المالك لزوجه أو قريبه أو صهره ، أو في القليل بيعاً حوبى فيه المشتري فدفع ثمناً أقل بكثير من قيمة العقار المبيع ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 362 ) .
( [863] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بعدم جواز الأخذ بالشفعة في الحالة التي يكون فيها المشتري والشفيع كلاهما من أولاد البائع ، لأن هذا النوع من البيع وإن لم يكن في الحقيقة هبة ، ففيه محاباة لا يصح أن يستفيد منها إلا الشخص المقصود بها دون غيره ( استئناف وطني 8 أبريل سنة 1906 المجموعة الرسمية 7 رقم 99 ص 202 ) .
( [864] ) أنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 330 ص 551 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 300 ص 442 .
( [865] ) أنظر آنفاً فقرة 173 .
( [866] ) محمد علي عرفة 2 فقرة 334 .
( [867] ) أنظر آنفاً فقرة 173 في الهامش .
( [868] ) أنظر آنفاً فقرة 165 .
( [869] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1383 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " يثبت الحق في الشفعة : ( أ ) لمالك الرقبة إذا بيع حق الانتفاع فيما يملك رقبته ، سواء تناول البيع كل الحق أو بعضه . ( ب ) لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة فيما يملك الانتفاع به ، سواء تناول البيع كل الرقبة أو بعضها . ( ج ) للشريك في الشيوع إذا بيعت حصة أو أكثر في العقار لأجنبي . ( د ) لمالك الرقبة في الحكر إذا بيع حق الحكر ، وللمستحكر إلا بيعت الرقبة . ( هـ للجار المالك في الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا كانت العقارات من المباني أو من الأراضي المعدة للبناء ، سواء أكانت في المدن أم في القرى . ( 2 ) إذا كان للأرض المبيعة حق إرتفاق على أرض الجار ، أو كان حق الارتفاق لأرض الجار على الأرض المبيعة . ( 3 ) إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المبيعة من جهتين وتساوي من الثمن نصف ثمن الأرض المبيعة على الأقل " . وفي لجنة المراجعة حذفت الفقرة ( هـ ) الخاصة بشفعة الجار في أحوالها الثالث " أخذاً بما يراه بعض الفقهاء الشرعيين من أن الجوار ليس سبباً من أسباب الأخذ بالشفعة " ، وذكر في المحضر عدم انطباق الفقرة ( د ) الخاصة بالحكر على الوقف ، وأصبح رقم المادة 1008 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب أعيدت شفعة الجار مقيدة ، وذلك بإضافة الفقرة ( هـ ) على الوجه الآتي : ( هـ ) للجار المالك في الأراضي الزراعية إذا كانت أرضه لها أو عليها بالنسبة للأرض المشفوع فيها حق إرتفاق ، وكانت قيمة أرضه تساوي على الأقل نصف ثمن الأرض المشفوع فيها ، وأصبح رقم المادة 1006 . وفي مجلس النواب احتدمت المناقشة في شفعة الجار ( أنظر ما سبق ذكره في هذا الصدد آنفاً فقرة 164 في الهامش ) ، وانتهت إلى إضافة شفعة الجار في جميع أحوالها الثلاث وتعديل النص بحيث أصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، تحت رقم 1005 . وفي لجنة مجلس الشيوخ أعيدت مناقشة الفقرة ( هـ ) الخاصة بشفعة الجار ، فرأى أحد الأعضاء " حذفها أو الأخذ بنص لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب الذي قصر الشفعة بالنسبة للجار المالك على الأراضي الزراعية ، وذلك لأن علاقة الجوار قد تقلص ظلها ولم يعد لها أي اعتبار " ، ورأى عضو آخر " حذف الشفعة في الأراضي الزراعية وإبقاءها في المباني " ، ورأى رئيس اللجنة الإبقاء على نص مجلس النواب من غير تعديل ، فوافقت اللجنة بأغلبية الآراء على النص كما عدله مجلس النواب ، وأصبح رقمه 936 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 357 – ص 385 ) .
( [870] ) قانون الشفعة السابق م 1 : يثبت حق الشفعة لمن يأتي : ( أولاً ) للشريك الذي له حصة شائعة في العقار المبيع . ( ثانياً ) للجار المالك في الأحوال الآتية : إذا كان العقار المشفوع من المباني أ, من الأراضي المعدة للبناء سواء كانت في المدن أو في القرى - إذا كان للأرض المشفوعة حق إرتفاق على أرض الجار ، أو كان حق الارتفاق لأ{ض الجار على الأ{ض المشفوعة إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المشفوعة من جهتين ، وتساوي الثمن نصف من ثمن الأرض المشفوعة على الأقل .
م 2 : يعد شريكاً في العقار المشفوع من يكون له حق الانتفاع فيه كله أو بعضه ، وله طلب الشفعة إذا لم يطلبها مالك الرقبة نفسه .
( ونصوص قانون الشفعة هذه توافق فيم جموعها نصوص التقنين المدني الجديد ، ويزيد التنين المدني الجديد على الشفعاء مالك الرقبة والمحتكر ) .
( [871] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 940 : يثبت الحق في الشفعة : ( أ ) لمالك الرقبة إذا بيع كل حق الانتفاع الملابس لها أو بعضه . ( ب ) للشريك في الشيوع إذا بيع شيء من العقار الشائع إلى أجنبي . ( ج ) لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت كل الرقبة الملابسة لهذا الحق أو بعضها .
( ولا يعطي التقنين الليبي حق الشفعة للجار أصلاً ) .
التقنين المدني العراقي م 1129 : تثبت الشفعة : ( أولاً ) للشريك في العقار الشائع . ( ثانياً ) للخليط في حق ارتفاق للعقار المبيع . ( ثالثاً ) للجار الملاصق في الحالتين الآتيتين : ( أ ) إذا كان العقاران المشفوع والمشفوع به من البور أو من الأراضي المعدة لبناء الدور . ( ب ) إذا كان للعقار المبيع حق ارتفاق على عقار الجار ، ا, كان للجار حق ارتفاق على العقار المبيع .
م 1130 : 1 - يعتبر الشريك في أرض حائط في حكم الشريك في نفس العقار ، ويأتي في مرتبته بعد الشريك في الشيوع مباشرة . 2 - وإذا كان السفل والعلو لشخصين مختلفين ، اعتبر كل منهما جاراً ملاصقاً للآخر . ( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري فيما يأتي : ( 1 ) لا يعطي للجار حق الشفعة في الحالة الثالثة من أحوالها . ( 2 ) يعطي الشفعة للخليط ( الشريك ) في حق ارتفاق للعقار المبيع ( 3 ) يعتبر الشريك في أرض مقام عليها بناء في حكم الشريك في العاقر كله ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 239 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ( ) : يثبت الحق في الشفعة : ( 1 ) لمالك الرقبة إذا بيع حق الانتفاع فيما يملك رقبته ، سواء تناول البيع كل الحق أو بعضه . ( 2 ) للشريك في الشيوع إذا بيعت حصة أو أكثر في العقار الشائع من أجنبي . ( 3 ) لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة فيما يملك الانتفاع به ، سواء تناول البيع كل الرقبة أم بعضها . ( 4 ) لمالك الرقبة في الحكر أو السطحية أو الإجارتين أو الإجارة الطويلة العينية المنصوص عليها في القرار رقم 12 ل . ر . الصادر في 16 كانون الثاني سنة 1934 . ( 5 ) للجار الملاحق المالك ، إذا كان للعقار المبيع حق ارتفاق على عقاره ، أو كان حق الارتفاق لعقاره على العقار المبيع ، أو كان لعقاره وللعقار البيع اشتراك في ملكية الطريق الخاص أو الحائط أو في حق الشرب الخاص . ( 6 ) لأصحاب طوابق البناء المتعددة عند بيع أحد هذه الطوابق .
( ويختلف القانون اللبناني عن التقنين المصري فيما يأتي : ( 1 ) لا يعطي للجار حق الشفعة إلا في حالة حق الارتفاق أو الاشتراك في حائط أو طريق خاص أو شرب خاص . ( 2 ) يعطي لمالك الرقبة حق الشفعة في السطحية والإجارتين والإجارة الطويلة والإجارة العينية ) .
( [872] ) ذكر أحد أعضاء هذه اللجنة ، في بداية الأمر ، " أنه يرى عدم الإقرار بحق الشفعة سواء لمالك الرقبة أو لصاحب حق الانتفاع ، لانعدام المصلحة العملية في ذلك ، إذ أن حق الانتفاع نظام نادر التطبيق في مصر " . فعارض أعضاء آخرون هذا الرأي ، ورأوا " الإبقاء على حق الشفعة لصالح كل من مالك الرقبة وصاحب حق الانتفاع لجمع الحقين في شخص واحد " . وقال رئيس اللجنة " إنه لا يؤيد الرأي القائل بإلغاء حق الشفعة ، ذلك الحق الذي يقضي على كثير من المنازعات بجمع عناصر الملكية المجزأة في شخص واحد " . وبعد المناقشة وافقت اللجنة بالإجماع على استبقاء حق الشفعة لمالك الرقبة ، وبالأغلبية على استبقائه لصاحب حق الانتفاع . ثم تسائل أحد الأعضاء عما إذا كان حق الشفعة يسري كذلك بالنسبة إلى المحتكر ، فأجاب الرئيس بعدم إمكان التسليم بحق الشفعة للمحتكر ، لأن الحكر يفترض وجود وقف ، وأشار مع ذلك إلى حالة بعض المستحكرين المرخص لهم في البناء على أرض الغير واقترح منح هؤلاء حق الشفعة في الأرض التي أقاموا عليها مبانيهم ، فوافقت اللجنة على هذا الاقتراح ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 359 – ص 363 في الهامش ) .
( [873] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 363 – ص 364 .
( [874] ) وقد عارض مقرر اللجنة في إعطاء حق الشفعة للجار " وذلك رغم الاعتبارات التي استند إلهيا في تأييد هذا الحق والتي ترجع في أصلها إلى تقاليد تاريخية وأخرى دينية فندها تفصيلاً في تقريره ، إذ أن حق الشفعة ينطوي على اعتداء صارخ على حق الملكية الذي من خصائصه الأساسية حرية التصرف " . وعقب أحد الأعضاء بأنه " فيما يتعلق بحق الشفعة بالنسبة إلى الجار ، فإنه يرى استبعاده ، إذ أن التقاليد والعادات الاجتماعية التي أوحت في الماضي بإقرار هذا الحق قد طرأ عليها التغيير " . ولكن أحد الأعضاء رأي الإبقاء على حق الشفعة لصالح الجار في حالة وجود حق إرتفاق على الأقل . وقال رئيس اللجنة مؤيداً لهذا الرأي الأخير إنه " يرى الاعتراف بحق الشفعة للجار في حالة وجود إرتفاق على الأقل . وقال إنه كثيراً ما يحصل في الأراضي الزراعية أن توجد لصالح عدة ملاك حقوق إرتفاق للري من ترعة خاصة ، وإن وجود هذه الارتفاقات المشتركة يثير مشاكل عدة بين هؤلاء المالك ويؤدي أحياناً إلى اضطرابات ربما تيسر اجتنابها بالتسليم بحق الشفعة لكافة المنتفعين بحق الارتفاق ولو لم يجمع بينهم الجوار ، إذ أن التوسع في حق الشفعة في مثل هذه الحالة تقضي به ضرورات عملية " . فعقب أحد الأعضاء " على هذا بأنه على الرغم مما يبدو من أهمية السبب الذي أبداه الرئيس للتوسع في حق الشفعة حتى يشمل الحالة التي نوه عنها ، فإنه لا يرى إقرار هذا التوسع إذ لن يتسنى تنظيم حق الشفعة في مثل هذه الحالة تنظيماً عملياً " . وأضاف أحد الأعضاء " أنه يرى عدم الإقرار بحق الشفعة لصالح الجار المالك " . فعقب عضو آخر بأنه " لما كان الاستغلال الزراعي باهظ التكاليف ، فإن من المصلحة تقرير حق الشفعة لصالح الجار لتخفيف أعباء هذا الاستغلال " . وانتهت اللجنة ، بأغلبية الآراء ، إلى استبقاء حق الشفعة بالنسبة إلى الجار في حالة وجود حق إرتفاق . وأشار رئيس اللجنة إلى حالة ملكية الطبقات ، ورأى قياس هذه الحالة على حالة الملكية المشتركة ، فوافقت اللجنة على هذا الرأي " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 359 – ص 363 في الهامش ) .
( [875] ) أنظر آنفاً فقرة 164 في الهامش .
( [876] ) والحكمة من الشفعة بسبب الجوار منع مضايقات الجوار ، ولكن إذا توافرت شروط الأخذ بالشفعة جاز الأخذ بها ، ولا يعتد بما إذا كانت الحكمة قد توافرت أو لم تتوافر ، وقد قضى حكم قديم بغير ذلك ، وبأن الشفعة شرعت لمنع الضرر بسبب الجوار ، فإذا لم يحدث ضرر جديد للشفيع بالبيع كما لو كان بيع أفراد عائلة واحدة والمشتري مجاور لكل منهم من قبل ، فلا شفعة ( مصر الكلية 26 نوفمبر سنة 1898 الحقوق 14 ص 66 ) . ولكن هذا الحكم لم يكن له صدى في القضاء المصري ، وعلى العكس من ذلك قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه إذا توافرت في الشفيع الشرائط المقررة قانوناً لأخذ المبيع بالشفعة ، فلا يجوز دفع دعواه بأن ضرر سوء الجوار الذي شرعت الشفعة من أجل رفعه ليس تحققاً ( استئناف وطني 12 ديسمبر سنة 1899 المجموعة الرسمية 2 رقم 142 ) . وقضى أيضاً بأنه وإن كانت حكمة الشفعة هي الرغبة في رد أذى الشريك الجديد ، إلا أن الشارع قررها مطلقاً لكل من توافرت فيه شروطها ، وعلى ذلك لا يتوقف قبول دعوى الشفعة على توافر حكمتها ( طنطا الكلية 17 مايو سنة 1920 المحاماة 1 رقم 62 ص 340 ) .
( [877] ) ويلاحظ أن الذي يملك بالشفعة هنا ليس هو حق الملكية ، بل هو حق الانتفاع ، فالشفعة تكون في هذه الحالة سبباً لكسب حق الانتفاع ( أنظر م 985 / 1 مدني ) .
( [878] ) وقد قدمنا أن المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد كان يتضمن نصاً يقضي بغير هذا الحكم ، فقد كانت المادة 1385 من هذا المشروع تنص على أنه " 1 - لا شفعة إن شمل البيع في نفس الوقت وبثمن واحد ، غير الحق الذي يجوز أخذه بالشفعة ، حقوقاً أخرى لا شفعة فيها . 2 - إلا أنه إذا كان يملك المنفعة أو الرقبة أشخاص متعددون وبيع كل الرقبة أو كل المنفعة ، فإن لهؤلاء الأشخاص أن يطلبوا الأخذ بالشفعة مجتمعين " . وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في الفرض الذي نحن بصدده : " إذا كان يملك الرقبة أشخاص متعددون وبيع حق المنفعة كله ، فإن أحداً من أصحاب الرقبة لا يستطيع أن يشفع وحده في الجزء من حق المنفعة الذي يقابله ما يملك من الرقبة حتى لا تتجزأ الصفقة ، كما لا يستطيع أن يشفع وحده في حق المنفعة كله لأنه لا يملك الشفعة في بعض أجزائه . ولكن يجوز لأصحاب الرقبة مجتمعين أن يطلبوا الأخذ بالشفعة في حق المنفعة كله ، لأن الصفقة في هذه الحالة لا تتجزأ كما أن كل جزء من حق المنفعة مشفوع فيه " . وذكرنا أن لجنة مجلس الشيوخ انتهت إلى حذف هذا النص ، وترك حكمه لاجتهاد القضاء . وقررنا أن الرأي الذي يتمشى مع ما يسير عليه القضاء هو جواز الأخذ بالشفعة فيما تتوافر فيه الشروط ، وذلك ما لم يتمسك المشتري بعدم تفريق الصفقة عليه ، فيتحتم عندئذ أن يأخذ الشفيع بالشفعة في العقار كله . وقد اختلف الفقه المصري ، فرأي يقول بذلك ( محمد علي عرفة 2 فقرة 227 ) ، ورأي يذهب إلى العمل بالنص الذي حذفته لجنة مجلس الشيوخ بالرغم من حذفه ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 274 ) – وأنظر آنفاً فقرة 169 في آخرها .
( [879] ) وتسري الأحكام التي قدمناها على حق الاستعمال وحق السكنى في الأحوال آلت يجز فيها النزول عن هذين الحقين . وقد قضت المادة 997 مدني على أنه " لا يجوز النزول عن حق الاستعمال أو عن حق السكنى ، إلا بناء على شرط صريح أو مبرر قوي " ( أنظر إسماعيل غانم ص 67 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 275 – منصور مصطفى منصور فقرة 129 ص 310 – حسن كيرة ص 2 ) .
( [880] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الشريك هو المالك على الشيوع وإذ كان المشتري لا يكون مالكاً إلا بتسجيل عقده ، ومن وقت التسجيل لا قبله ، فإن الحكم ، إذا نفى حق الشفيع في الشفعة على أساس أن تسجيل عقده لصحة شائعة في القطعة التي بها الأطيان المشفوعة لا حق لعقد البيع الصادر إلى المشفوع منه لا يكون قد أخطأ ( نقض مدني 20 مايو سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 314 ص 628 ) . وأنظر محمد علي عرفة 2 فقرة 234 ص 411 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 276 ص 405 .
والمفروض هنا أن شخصاً اشترى حصة شائعة في عقار ، وقبل أن يسجل عقد شرائه باع شريك آخر حصته الشائعة في هذا العقار لمشتر آخر ، ثم سجل المشتري الأول عقد لشرائه ، فتذهب محكمة النقض إلى أن هذا المشتري الأول لم يصبح مالكاً للحصة الشائعة التي شاتراها ، بالنسبة إلى المشتري الآخر ، إلا من وقت التسجيل . فتكون ملكيته للحصة الشائعة المشفوع بها لاحقة لبيع الحصة الشائعة المبيعة للمشتري الآخر ، ومن ثم ينتفي حق الشفعة .
ونحن نرى أن للتسجيل أثراً رجعياً فيما بين المتعاقدين ، وأن المشتري إذا سجل عقد شرائه أصبح مالكاً للعقار الذي اشتراه من وقت البيع لا من وقت التسجيل ، وذلك بالنسبة إلى البائع وإلى كل شخص لا يعتبر من " الغير " في البيع الذي تم تسجيله ( أنظر الوسيط 4 فقرة 282 وما بعدها ) . وفي الفرض الذي نحن بصدده ، لما سجل المشتري الأول عقد شرائه ، يكون قد أصبح مالكاً من وقت البيع ، لا من وقت التسجيل ، بالنسبة إلى البائع له ، وكذلك بالنسبة إلى المشتري الآخر للحصة الشائعة الأخرى المشفوع فيها لأن هذا المشتري الآخر لا يعتبر من " الغير " بالنسبة إلى البيع الأول . ومن ثم تكون ملكية المشتري الأول للحصة الشائعة التي شاتراها سابقة على البيع الصادر للمشتري الآخر ، فيكون للمشتري الأول أن يشفع في الحصة الشائعة المبيعة للمشتري الآخر . ونظير ذلك مشتر لعقار لم يسجل عقده ، وبيع عقار مجاور لعقاره توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة ، فطلاب الأخذ بالشفعة ثم سجل عقده . فلو أخذنا بالأثر الرجعي على الرأي الذي نذهب إليه ، لاعتبر المشتري مالكاً للعقار المشفوع به قبل بيع العقار المشفوع فيه ، ولأمكن الأخذ بالشفعة . أما إذا أنكرنا الأثر الرجعي – وهذا ما فعلته محكمة النقض هنا أيضاً ( 21 نوفمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 112 ص 255 – 8 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 6 ص 32 – 18 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 82 ص 530 ) – فإن المشتري لا يعتبر مالكاً للعقار المشفوع به إلا بعد بيع العقار المشفوع فيه ، فلا يمكنه الأخذ بالشفعة ( أنظر في تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 284 ص 527 – ص 528 ) .
( [881] ) وإذا ادعى المشتري وقوع القسمة وأن الشفيع ليس شريكاً في الشيوع بعد وقوعها ، فعليه أن يثبت ذلك ، وله أن يثبته بجميع طرق الإثبات . ولا يعتبر تأجير أحد الشركاء في الشيوع المال الشائع كله أ وبعضه دليلاً على وقوع القسمة ( نقض مدني 31 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 143 ص 906 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم ، إذ قرر عدم حصول قسمة في العقار المشفوع به ، قد أقام قضاه على ما حصلته المحكمة تحصيلاً سائغاً من أن الأعمال المادية التي أثبتها خبير الدعوى – استحداث مبان بالمنزل – غير قاطعة في إفادة هذا المعنى ، فإن النعي على هذا الحكم القصور في التسبيب استناداً إلى أنه لم يرد على المطاعن التي وجهها الطاعن إلى الخبير وإلى أعماله ، ولأنه نسخ محضر مناقشة الخبير ، هذا النعي يكون في غير محله ( نقض مدني 31 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 143 ص 906 وهو الحكم السابق الإشارة إليه ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كانت محكمة الموضوع قد عرضت لما أدلى به الطاعنان ( المشفوع ضدهما ) في دفاعهما من أنهما يمتلكان على الشيوع في الأطيان التي يقع بها القدر المشفوع فيها وأنهما يفضلان الشفيعة بشرائها لذلك القدر ، وانتهت إلى عدم التعويل عليه تأسيساً على ما استظهرته من المستندات التي قدمت لها استظهاراً صحيحاً من زوال حالة الشيوع التي كانت قائمة قبل الحكم بالقسمة وإقرار الطاعنين للقسمة التي تمت بموجبه ، وارتضائهما له ، وإعمالهما مقتضاه من قبل شرائهما للصفقة المشفوع فيها وعند تحرير العقد النهائي المسجل الصادر لهما من المطعون عليها الثانية ، وقد أقامت حكمها في هذا الخصوص على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي خلصت لها ، فإن النص على حكمها بالقصور والتناقض يكون في غير محله ( نقض مدني 15 يناير سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 5 ص 43 ) .
( [882] ) إسماعيل غانم ص 63 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 276 ص 404 .
( [883] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان المشتري لا يعدو أن يكون شريكاً على الشيوع في مجرى معد للري يشق الأطيان المبيعة موضوع الشفعة ، فإن هذا الوضع لا يصح أن يوصف به المشتري بأنه شريك في الشيوع في جميع العقار المبيع برفعه إلى مصاف الشريك على الشيوع الذي له حق أخ العقار المبيع بالشفعة ( نقض مدني 20 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 144 ص 1016 ) – وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا وقع البيع على الأرض وعلى جزء مشاع من آلة الري التي ترويها ، فليس للشريك في ملكية الآلة وحدها أخذ الأرض المبيعة بالشفعة ، إذ هو ليس شريكاً في الأرض ( استئناف مختلط 28 ديسمبر سنة 1905 م 18 ص 57 ) – وأنظر عبد المنعم البدراوي فقرة 389 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 276 ص 404 .
( [884] ) نقض مدني 30 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 21 ص 109 .
( [885] ) نقض مدني 25 يونيه سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 190 ص 1187 – وأنظر الوسيط 8 فقرة 531 في الهامش – شفيق شحاتة فقرة 244 – إسماعيل غانم ص 69 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 278 ص 408 – ص 409 – منصور مصطفى منصور فقرة 130 ص 313 – حسن كيرة ص 4 – ص 5 – وأنظر عكس ذلك وأنه تجوز الشفعة في بيع الجزء المفرز من العقار الشائع : محمد علي عرفة 2 فقرة 235 ص 412 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 251 ص 344 – ص 345 – عبد المنعم البدراوي فقرة 392 ص 433 .
( [886] ) فلو كان المشتري جاراً توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة ، فإنه يعتبر مع ذلك أجنبياً بالنسبة إلى الشركاء في الشيوع ، ويستطيع أحد هؤلاء الشركاء أن يأخذ منه الحصة الشائعة المبيعة بالشفعة ، لأن البيع صادر لأجنبي ، ولأنه إذا كان الجار شفيعاً فإن الشريك في الشيوع في طبقة أعلى من طبقته فيستطيع الأخذ منه بالشفعة .
( [887] ) نقض مدني 31 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 261 ص 709 - 5 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 119 ص 272 – 11 ديسمبر سنة 1952 . مجموعة أحكام النقض 4 رقم 30 ص 189 .
( [888] ) أما أن كلاً من حق الرقبة في عقار وحق الانتفاع في عقار يعتبر عقاراً ، فهذا ثابت بصريح النص ، إذ تقول الفقرة الأولى من المادة 83 مدني : " يعتبر مالاً عقارياً كل حق عيني يقع على عقار " .
( [889] ) وهناك خلاف في الرأي فيما إذا كان للشريك المشتاع في حق الانتفاع الوارد على عقار أن يأخذ بالشفعة حصة شائعة في حق الانتفاع يبيعها شريك آخر في هذا الحق الأجنبي .
فرأي يذهب إلى عدم الجواز " لأن المادة 936 مدني خولت الشركي في الشيوع حق الشفعة إذا بعي شيء من العقار الشائع إلى أجنبي ، فالذي له الحق هو الشريك في الملك لا الشريك في الانتفاع . كما أن صاحب حق الانتفاع لا يكون له الحق في الشفعة إلا إذا بيعت الرقبة ، وقد خول هذا الحق كما خوله مالك الرقبة عند بيع حق الانتفاع لحكمة هي جمع ما تفرق في حق الملكية " ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 214 ص 199 ) . " ولو قصد القانون إعطاء الشريك في الانتفاع الحق في الشفعة إذا باع الشركي الآخر حقه لما أعوزه النص على ذلك صراحة ، وهو قد نص صراحة على حق المنتفع في الشفعة إذا بيعت الرقبة . . . وعلى حق مالك الرقبة في الشفعة إذا بيع الانتفاع الملابس لها . . ولكنه لم يذكر الشريك الذي له حصة في حق الانتفاع المبيع ، ومن المعلوم أن الشفعة رخصة استثنائية ، ومن ثم لا يجوز التوسع في النصوص الخاصة بها . ومن جهة أخرى فإن الشفعة لا تكون إلا طريقاً من طرق الملك ، وهي ليست طريقة لكسب الانتفاع إلا استثناء ، والاستثناء يجب أن يكون صريحاً " ( عبد المنعم البدراوي فقرة 390 ص 431 ) .
ولكن الرأي السائد هو عكس الرأي المتقدم ، ويقول – كما قررنا في المتن – بأن الشريك في حق الانتفاع أن يأخذ بالشفعة حصة شائعة في حق الانتفاع يبيعها شريك آخر لأجنبي ، لأن " عبارة الشريك في الشيوع تشمل الشريك في حق الانتفاع كما تشمل الشريك في حق الملكية ، لأن كليهما شريك في العقار المبيع ، والمصلحة في استبعاد الأجنبي عند قيام حالة الشيوع متحققة في حالة الانتفاع كما هي متحققة في حالة الملكية . . . وعلى ذلك يمكن القول بأن حق الانتفاع قد يكسب في هذه الصورة من طريق الشفعة ، ويكون الشفيع في هذه الحالة صاحب حق الانتفاع لا مالك العقار " ( شفيق شحاتة فقرة 246 ص 261 ) – وأنظر في هذا المعنى : محمد علي عرفة 2 فقرة 236 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 250 – إسماعيل غانم ص 68 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 277 – منصور مصطفى منصور فقرة 130 ص 312 – حسن كيرة ص 3 . والذي أوجد اللبس في هذه المسألة ، في رأينا ، هو عدم التمييز بين صاحب حق الانتفاع وهو يشفع في الرقبة وقد نص على ذلك في المادة 936 بند ج مدني ، وبين صاحب حق الانتفاع وهو يشفع كشريك مشتاع في حصة شائعة في حق الانتفاع وشأنه في ذلك هو شأن الشركاء في الشيوع وقد نص على ذلك في المادة 936 بند ب مدني .
( [890] ) وكان المشروع التمهيدي لنص المادة 936 مدني ينزل الشريك في الشيوع إلى المرتبة الثالثة ويرفع صاحب حق الانتفاع إلى المرتبة الثانية ، فكانا إذا تزاحما في الفرض الذي نحن بصدده ، قدم صاحب حق الانتفاع على الشريك المشتاع في الرقبة ، على عكس ما قدمناه في المتن . وسنعود إلى هذه المسألة بتفصيل أوفى ، عند الكلام في تزاحم الشفعاء .
( [891] ) وكان المشروع التمهيدي لنص المادة 936 مدني ينزل الشريك في الشيوع إلى المرتبة الثالثة ويرفع صاحب حق الانتفاع إلى المرتبة الثانية ، فكانا إذا تزاحما في الفرض الذي نحن بصدده ، قدم صاحب حق الانتفاع على الشريك المشتاع في الرقبة ، على عكس ما قدمناه في المتن . وسنعود إلى هذه المسألة بتفصيل أوفى ، عند الكلام في تزاحم الشفعاء .
( [892] ) أنظر آنفاً فقرة 181 .
( [893] ) وقد ناقشت لجنة الأستاذ كامل صدقي أحقية صاحب حق الانتفاع في أن يشفع في الرقبة . فتساءل الرئيس " عما إذا كان من المستحسن منح حق الشفعة لصاحب حق الانتفاع ولو انصب حقه على جزء من العقار المبيع ، على أن يقصر حقه في الشفعة على جزء من ملكية الرقبة الذي ينصب عليه حقه في الانتفاع " . فرأي أحد الأعضاء " عدم منح حق الشفعة لصاحب حق الانتفاع إلا إذا كان هو المنتفع الوحيد ، وعدم التسليم بهذا الحق إذا تعدد أصحاب حق الانتفاع ، وذلك درءاً للمشاكل والصعوبات التي قد تعرض في مثل هذه الحالة " . وعارض عضو آخر " فكرة تقرير حق الشفعة لصاحب حق الانتفاع ، لأنها تؤدي إلى التدخل في الملكية في حين أنه قد يكون من المتعين بقاؤه بعيداً عن كل تعاقد يمس ملكية الرقبة ، وخاصة فإن حقه وهو في الأصل موقوت بحياته لا يتأثر بما قد يطرأ على ملكية الرقبة من تغيير . ثم قال أحد الأعضاء " إنه يرى عدم الاعتراف بحق الشفعة لصاحب حق الانتفاع ، لأنه يكاد في الواقع يكون معدوماً في مصر " . " وهنا أشار الرئيس إلى سبق موافقة اللجنة في الجلسة الماضية على الاعتراف بحق الشفعة لصاحب حق الانتفاع ، وأضاف أن قرارات اللجنة بطبيعتها غير النهائية بل هي مؤقتة وقابلة للتعديل ، غلا أنه يحسن عدم العدول عن الرأي الذي انتهت إليه اللجنة في الجلسة الأخيرة بالنسبة لصاحب حق الانتفاع . ومع ذلك فهو يتقرح إمعاناً في التضييق من هذا الحق النص التالي عوضاً عن النص الذي أقرته اللجنة في الجلسة الأخيرة : " 3 - لصاحب حق الانتفاع إذا بيع الجزء من الرقبة الملابس لهذا الحق " . واقترح أحد الأعضاء الصيغة الآتية : " لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة الملابسة لهذا الحق إلى أجنبي " . فوافقت اللجنة على هذا النص الأخير . ثم عاد أحد الأعضاء إلى مناقشة هذا النص الأخير ، وانتهت اللجنة إلى الموافقة على النص الآتي : " 3 - لصاحب حق الانتفاع في حالة ما إذا لم يقع البيع إلا على الجزء من الرقبة الملابس لهذا الحق " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 367 – ص 369 في الهامش ) .
( [894] ) أنظر آنفاً فقرة 180 .
( [895] ) أنظر آنفاً فقرة 181 .
( [896] ) وقد سبقت الإشارة إلى المادة 1385 من المشروع التمهيدي التي كانت تنص على أنه : " . . . . إذا كان يملك المنفعة أو الرقبة أشخاص متعددون وبيع كل الرقبة أو كل المنفعة ، جاز لهؤلاء الأشخاص أن يطلبوا الأخذ بالشفعة مجتمعين " ( أنظر آنفاً فقرة 169 في آخرها وفقرة 180 في الهامش ) . وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في الفرض الذي نحن بصدد : " إذا كان يملك المنفعة أشخاص متعددون وبيعت الرقبة كلها ، فإن أحداً من المنتفعين لا يستطيع أني شفع وحده في الجزء من الرقبة الذي يقابل حق انتفاعه حتى لا تتجزأ الصفقة ، كما لا يستطيع أن يشفع وحده في كل الرقبة لأنه لا يملك الشفعة في بعض أجزائها . ولكن يجوز للمنتفعين مجتمعين أن يطلبوا الأخذ بالشفعة في الرقبة كلها ، لأن الصفقة في هذه الحالة لا تتجزأ كما أن كل جزء من الرقبة مشفوع فيه " . وذكرنا أن لجنة مجلس الشيوخ انتهت إلى حذف هذا النص ، وترك حكمه لاجتهاد القضاء . وقررنا أن الرأي الذي يتمشى مع ما يسير عليه القضاء هو جواز الأخذ بالشفعة فيما تتوافر فيه الشروط ، وذلك ما لم يتمسك المشتري بعدم تفريق الصفقة عليه ، فيتحتم عندئذ أن يأخذ الشفيع بالشفعة في العقار كله . وقد اختلف الفقه المصري ، فرأي يقول بذلك ، ورأي يذهب إلى العمل بالنص الذي حذفته لجنة مجلس الشيوخ بالرغم من حذفه ( أنظر آنفاً فقرة 169 في آخرها وفقرة 180 في الهامش ) . وأنظر في المعنى الذي نقول به في الفرض الذي نحن بصدده : محمد علي عرفة 2 فقرة 230 ص 406 – وأنظر عكس ذلك ووجوب العمل بالنص المحذوف : عبد المنعم فرج الصدة فقرة 279 ص 410 .
( [897] ) وإذا بيعت الرقبة كلها لأحد صاحبي حق الانتفاع ، لم يجز لصاحب حق الانتفاع الآخر أن يشفع في حدود نصيبه فيه ، لأن صاحب حق الانتفاع الأول هو المشتري وقد توافرت فيه الشروط التي كانت تجعله شفيعاً فيفض على صاحب حق الانتفاع لأنه من طبقته ( م 937 مدني – محمد علي عرفة 2 فقرة 230 ص 407 )
( [898] ) وتسري الأحكام التي قدمناها على حق الاستعمال وحق السكنى ، سواء كان لا يجوز النزول عن هذين الحقين كما هو الأصل أو كان ذلك جائزاً على سبيل الاستثناء ( م 997 مدني ) ذلك أن المادة 998 مدني تنص على أن " . . . تسري الأحكام الخاصة بحق الانتفاع على حق الاستعمال وحق السكنى ، متى كانت لا تتعارض مع طبيعة هذين الحقين " . أنظر عبد المنعم فرج الصدة فقرة 279 ص 410 – منصور مصطفى منصور فقرة 131 ص 314 – حسن كيرة ص 2 .
( [899] ) أنظر في نفي حق الشفعة في الحكر في العهد السابق مختلط ( دوائر مجتمعة ) 14 مايو سنة 1946 م 57 ص 84 - استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1907 م 19 ص 115 – مصر الكلية 26 أبريل سنة 1892 المحاكم 3 ص 90 – ولكن قارن استئناف مصر 19 ديسمبر سنة 1892 المحاكم 4 ص 144 .
( [900] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 363 – ص 364 – وقد كان أحد أعضاء لجنة الأستاذ كامل صدقي قد تساءل " عما إذا كان حق الشفعة يسري كذلك بالنسبة للمحتكر " ، فأجاب رئيس اللجنة " بعدم إمكان التسليم بحق الشفعة للمحتكر ، لأن الحكر يفترض وجود وقف " . وأشار مع ذلك إلى حالة بعض المستحكرين المصرح لهم بالبناء على أرض الغير ، واقترح منح هؤلاء حق الشفعة في الأرض التي أقاموا عليها مبانيهم ، فوافقت اللجنة على هذا الاقتراح . ثم قال أحد الأعضاء " إنه توجد في بعض الأحياء مبان غير صحية أقامها صغار المالك على أرض للغير ، ولاحظ أن التسليم بحق الشفعة في مثل هذه الحالات يحول دون رفع المستوى الصحي في الحي كله . فرد الرئيس على هذه الملاحظة بأن رفع المستوى الصحي للحي . . . يجب أن يترك أمره لعناية الحكومة ، التي تملك فر شروط صحية أو إصدار مراسيم بنزع ملكية الحي كله أو بعضه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 363 في الهامش ) .
( [901] ) وتنص المادة 1002 مدني على أن " يملك المحتكر ما أحدثه من بناء أو غراس أو غيره ملكاً تاماً ، وله أن يتصرف فيه وحده أو مقترنا بحق الحكر " . وقد عقبنا على هذا النص ، عند الكلام في حق الحكر ، بما يأتي : " ويتبين من النص المتقدم الذكر أن المحتكر إذا بنى أو غرس في الأرض المحتكرة ، كان البناء أو الغراس ملكاً له دون اتفاق على ذلك مع المحكر . . . ويكون للمحتكر في هذه الحالة حقان يتميزان أحدهما عن الآخر : حق عيني في الأرض المحتكرة وهو حق الحكر سالف الذكر . وحق ملكية تامة في البناء أو الغراس الذي أحدثه في العين المحتكرة . ويجوز له أن يتصرف في كل حق مستقلاً عن الحق الآخر . فيبيع مثلاً البناء أو الغراس مع استبقاء حق الحكر ، ويجب على المشتري في هذه الحالة أجر مثل الأرض المحتكرة دون التفات إلى القيمة المقررة في عقد الحكر الأول . ويبيع حق الحكر مع استبقاء البناء أو الغراس ، وفي هذه الحالة يكون عليه هو أن يدفع أجر المثل لمن اشترى حق الحكر . ولكن يغلب أن يتصرف في الحقين معاً ، فيبيع البناء أو الغراس مقترنا بحق الحكر ، ويحل المشتري في هذه الحالة مكانة في كل من الحكر والبناء أو الغراس " ( الوسيط 6 فقرة 806 )
( [902] ) أنظر الوسيط 6 فقرة 797 ص 1442 – ص 1443 .
( [903] ) إسماعيل غانم ص 70 - ص 71 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 280 ص 411 – منصور مصطفى منصور فقرة 132 . ويقول الأستاذ حسن كيرة : " كذلك نجد أن هذا السبب لا يستطاع الأخذ بالشفعة بمقتضاه على الأقل في شأن الأحكار المرتبة بعد نفاذ التقنين المدني الجديد إذا بعي ملك الرقبة . لأن الأصل أنه لا يجوز بيع ملك الرقبة ما دامت وقفاً . وإذا جاز في بعض إلا؛وال بيعها فذلك على أساس الاستبدال ، وهو ما يؤدي إلى إنهاء صفة الوقف من الأرض المبيع ملك رقبتها . ومتى انتهت صفة الوقف عنها انتهى الحكر المرتب عليها ، وانتقل إلى الأرض البديلة عنها . فهنا لا يتصور إذن أن يأخذ صاحب الحكر بالشفعة الأرض المبيعة إذا بيع ملك رقبتها " . ويؤخذ على ذلك أنه ليس من الضروري ، عند استبدال العين الموقوفة المحكرة ، أن يكون الاستبدال واقعاً على كل العين حتى يصح القول بأن الحكر ينتقل على الأرض البديلة عنها . ولكن يجوز – وهذا هو الأجدى عملياً – أن يقع الاستبدال على رقبة العين المحكرة وحدها . فيبقى الحكر على العين الأصلية ، وعندئذ يأخذ صاحب الحكر الرقبة بالشفعة . ويكون ذلك قبل تسجيل عقد البيع ( منصور مصطفى منصور فقرة 132 ) وانتقال ملكية العين الموقوفة إلى المشتري وصيرورتها ملكاً ، فلا تكون صفة الوقف قد زالت ويستتبع زوالها انتهاء الحكر .
( [904] ) وللجار في هذه الأحوال الثلاث أن يشفع في العقار إذا بيع ، حتى لو كان هذا العقار المبيع حصة شائعة في عقار مملوك لعدة شركاء على الشيوع ، ولم يطلب أحد الشركاء في الشيوع وهو مقدم على الجار أخذه الحصة الشائعة بالشفعة . ولا تتوقف شفعة الجار على نتيجة القسمة ، إلا إذا اقتسم المشتري العقار الشائع مع شركائه وأفرزت الحصة التي اشتراها فكانت غير مجاورة لعقار الجار ووقف كل ذلك قبل ثبوت حق الجار في الشفعة . أما إذا ثبت حق الجار في أخذ الحصة الشائعة بالشفعة ، فقد أصبح هذا الحق باتاً أياً كانت نتيجة القسمة فيما بعد . ذلك بأنه وقت بيع الحصة الشائعة كان شرط الجوار متوافراً ، وبقى متوافراً إلى وقت ثبوت الحق في الشفعة . ولو وجب انتظار نتيجة القسمة ، فقد لا تطلب القسمة ويضيع على الشفيع حقه . أنظر في هذا المعنى استئناف مختلط 6 أبريل سنة 1899 م 11 ص 182 – 6 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 49 – 16 أبريل سنة 1903 م 15 ص 245 – محمد كامل مسي 3 فقرة 250 – شفيق شحاتة فقرة 247 ص 261 – عبد المنعم البدراوي فقرة 408 – عبد المنعم فرج الصدة 288 – وأنظر عكس ذلك وأن حق الجار في طلب الشفعة يكون موقوفاً على نتيجة القسمة استئناف مصر 25 يناير سنة 1948 مجملة التشريع والقضاء 1 رقم 113 ص 147 – علي زكي العرابي فقرة 58 ص 35 – ص 36 .
( [905] ) استئناف مختلط 29 مارس سنة 1921 م 33 ص 240 .
( [906] ) وكون الأرض غير الداخلة في نطاق " كردون " المدينة أو القرية تعتبر قد أعدت فعلاً للبناء فتكون أرضاً معدة للبناء مسألة واقع يبت فيها قاضي الموضوع ، دون معقب عليه من محكمة النقض . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه إذا كان الحكم الذي اعتب الأرض غير معدة للبناء ، فلا يكفي للشفعة فيها الجوار من جهة واحدة ، قد أقام قضاءه على أن المنطقة التي تقع فها واسعة المساحة وغالبها منزرع ، وأن ما فيها من أبنية قليل ، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ( نقض مدني 10 يونيه سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 323 ص 639 ) . وأنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 231 – شفيق شحاتة فقرة 242 ص 256 في الهامش . محمد علي عرفة 2 فقرة 240 ص 420 – عبد المنعم البدراوي فقرة 397 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 282 ص 412 – ص 413 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 317 – ص 318 . والعبرة في الأرض المشفوع فيها بحالتها وقت بيعها ، فإذا كانت غير معدة للبناء سرت الأحكام الخاصة بالأراضي غير المعدة للبناء ، حتى لو كان المشتري أو الشفيع مزمعاً أن يعدها للبناء ( أنظر في هذا المعنى عبد المنعم فرج الصدة فقرة 282 ص 413 ) .
والذي يعتد به بوجه عام هو إعداد البائع الأرض للبناء ، لا إعداد المشتري لها . فإذا اشترى شخص أرضاً زراعية لتقسيمها وبيعها للبناء ، فلا تثبت الشفعة إلا إذا توافر شروط الجوار من جهتين وشرط القيمة ، لأنها تعتبر أرضاً زراعية كما أعدها البائع ، ولا تعتبر من أراضي البناء كما سيعدها المشتري ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 231 ص 224 ) . ومع ذلك إذا كانت الأرض معدة لتقسيمها إلى قطع للبناء بحكم ملاصقتها للمباني وانتشار العمران بالجهة التي هي فيها ، فإنها تعتبر أرض بناء ، حتى لو وصفت في عقد البيع بأنها أرض زراعية وقدرت مساحتها بالفدان وكانت مؤجرة للزراعة ولا يزال يدفع عنها المال باعتبارها أرضاً زراعية ( استئناف مختلط 7 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 49 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 231 ص 224 – ص 225 ) . وقضى بوجوب اعتبار الأرض الزراعية ، ولو عين لها ثمن عال قدر بالذراع لا بالفدان ما دامت الأرض واقعة خارج منطقة المباني بالقرية agglomeration batie ( استئناف مختلط 31 مايو سنة 1906 م 18 ص 309 ) . وقضى بأنه يجب البحث عن تخصيص الأرض وعما إذا كانت توجد في منطقة بناء ، وكلما ظهر أن منطقة البناء هذه قريبة من قرية قرباً كافياً بحيث يمكن اعتبارها بالفعل ، إن لم يكن من الوجهة الإدارية ، جزءاً منها ، فإن الأرض تكون أرض بناء ( استئناف مختلط 31 مايو سنة 1906 م 18 ص 309 ) . وكان قد قضى بأن لوكاندة مينا هاوس لا تعتبر داخلة ضمن دائرة المباني أو الأراضي المعدة للبناء في المدن أو القرى ، لأنها متصلة من جهة بالصحراء ، ومن جهة أخرى بأراض زراعية شاسعة تروي في أوقات دورية ( استئناف مختلط 15 مارس سنة 1906 م 18 ص 154 – 31 مايو سنة 1906 م 18 ص 309 ) .
( [907] ) ويجب أن يكون التلاصق موجوداً وقت البيع إلى وقت طلب الشفعة ( استئناف مختلط 20 فبراير سنة 1902 م 14 ص 155 ) ، وعلى الشفيع إثبات ذلك ( استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة 1906 م 19 ص 61 – 26 نوفمبر سنة 1908 م 21 ص 15 ) . ويجوز الرجوع في الإثبات إلى عقد تمليك الشفيع ولو لم يكن له تاريخ ثابت ، كما يجوز إثبات ذلك بالمعاينة . وقد قضت محكمة النقض بأن عدم تسجيل عقد القسمة لا يمنع غير المتقاسمين من التمسك بحصول القسمة ، وخروج أحد الشركاء بمقتضاها من الشيوع واستقلاله بجزء من العقار وفقدانه تبعاً لذلك حق طلب الشفعة ، وذلك لأن التسجيل إنما شرع لقائدة الغير صوناً لحقوقهم ، فعدم حصوله لا يصح أن يعود بضر عليم ولا ينفع على من لم يقم به ( نقض مدني 29 يناير سنة 1942 المحاماة 23 رقم 42 ص 87 – وأنظر نقض مدني 25 يونيه سنة 1953 مجموعة المكتب افني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 706 رقم 3 ) .
( [908] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 222 – عبد المنعم فرج الصدة 282 ص 413 .
( [909] ) أنظر في الفرق بين المستأجر والمحتكر نقض مدني 3 فبراير سنة 1955 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 710 رقم 30 .
( [910] ) وقد فرضنا فيما قدمناه أن ملكية الأرض منفصلة عن ملكية البناء . وقد يكون صاحب البناء له حق القرار على الأرض بموجب حق عيني ثبت له في الأرض ، كحق انتفاع أو حق حكر فإذا فرضناه شفيعاً ، كان له أن يشفع بالبناء الذي يملكه دون الأرض كما قدمنا ، وكان له أيضاً أن يشفع بحق الانتفاع أو بحق الحكر الثابت له في الأرض وهو حق عيني في عقار فيكون عقاراً متميزاً عن رقبة الأرض . وهو في الواقع من الأمر يشفع بالعقارين معاً ، البناء المقام على الأرض وحق الانتفاع أو حق الحكر الثابت له في الأرض . فيشفع بالبناء مقترناً بحق القرار على الأرض . فيكفي أن تكون الأرض ، دون البناء ، هي الملاصقة للعقار المشفوع فيه . وإذا كان يشفع في بناء بيع دون الأرض ، وكان لهذا البناء حق القرار على الأرض بموجب حق انتفاع أو حق حكر ، فإنه يشفع في هذه الحالة في البناء مقترناً بحق الانتفاع أو بحق الحكر ، فتكفي ملاصقة عقاره الذي يشفع به للأرض المقام عليها البناء المشفوع فيه .
أنظر في هذه المسألة محمد كامل مرسي 3 فقرة 224 – عبد المنعم البدراوي فقرة 400 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 282 ص 413 – ص 414 – حسن كيرة ص 6 – ص 7 - وقارن محمد علي عرفة 2 فقرة 241 – شفيق شحاتة فقرة 248 ( حيث يذهب إلى أن صاحب حق الانتفاع لا يشفع في العقار المجاور له ) .
وإذا قام شخص بناء على أرض اشتراها قبل أن يسجل عقد شرائه ثم سجل عقد الشراء ، فيفضل الأثر الرجعي للتسجيل فيما بين المتعاقدين الذي نقول به 0 أنظر ما يلي فقرة 189 في الهامش ) يعتبر مالكاً للأرض ، بالنسبة إلى المشتري المشفوع ضده ، من وقت العقد لا من وقت التسجيل ، ومن ثم يكفي أن تكون الملاصقة قائمة بين العقار المشفوع فيه والأرض التي اشتراها وأقام عليها البناء ، دون هذا البناء نفسه .
( [911] ) استئناف مختلط 19 مارس سنة 1903 م 15 ص 202 – 3 يونيه سنة 195 م 27 ص 388 – 10 ديسمبر سنة 1918 م 31 ص 57 .
( [912] ) استئناف مختلط 27 مارس سنة 1902 م 14 ص 232 – 22 مايو سنة 1902 م 14 ص 315 – 25 أبريل سنة 1907 م 19 ص 223 – 16 أبريل سنة 1908 م 20 ص 190 - 10 ديسمبر سنة 1918 م 31 ص 57 .
( [913] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان بين الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها طريق مشترك من جهة ومصرف مشترك من جهة ثانية ، فإن هذا لا يمنع من الشفعة متى كان الطريق والمصرف خصوصيين ، إذ يكون الجوار متحققاً من الجهتين ( نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 166 ص 465 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كانت السكة الزراعية الفاصلة بين الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها مملوكة لصاحبي الأرضين مناصفة ، فإن الجوار بين الأرضين يكون قائماً ( نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 173 ص 484 ) . وقضت كذلك بأن المصرف الذي يفصل بين جارين لا يعتبر معه التلاصق بين الأرضين غير قائم إلا إذا كان غير مملوك للجارين ، أما إذا كان مشتركاً بينهما فالتلاصق قائم ( نقض مدني أول فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 201 ص 555 ) وأنظر أيضاً استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1907 م 19 ص 227 – 23 مارس سنة 1920 م 32 ص 221 – 7 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 49 – وأنظر عكس ذلك استئناف مختلط 13 أبريل سنة 1937 م 49 ص 188 .
( [914] ) وقد قضت محكمة النقض بأن وجود مصرف في العقار المشفوع فيه فاصل بينه وبين العقار المشفوع به ، ومخصص لصرف مياه أراض أخرى ، لا يمنع قيام حالة الجوار بين العقارين بالمعنى المقصود في الشفعة ، فإن وجود حق إرتفاق للغير على أرض المصرف لا يخرج هذه الأرض عن ملكية صاحب العقار المشفوع فيه ، بل هي تظل جزءاً من العقار . فالحكم الذي يعتبر وجود مثل هذا المصرف مانعاً من التلاصق المشترط في الشفعة ، لمجرد تحمله بحق إرتفاق للغير مما يستحيل معه إزالته ، يكون خاطئاً ( نقض مدني 30 ديسمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 89 ص 242 ) .
( [915] ) استئناف مختلط 20 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 63 – 20 فبراير سنة 1902 م 14 ص 55 – 27 مارس سنة 1902 م 24 ص 232 .
( [916] ) أنظر أيضاً في معنى جواز التحايل : استئناف وطني 4 يناير سنة 1898 الحقوق 13 ص 159 – دشنا 29 مارس سنة 1899 الحقوق 14 ص 523 – استئناف مختلط 14 نوفمبر سنة 1894 م 7 ص 8 .
( [917] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن التحيل لإبطال الشفعة مناقض للغرض المقصود منها ، لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر . فإذا ما أجيز التحيل لإبطالها ، كان ذلك عوداً عن مقصود الشارع يلحق الضرر الذي قصد إبطاله ، فكل تحيل لإبطال الشفعة لا يصح للمحاكم أن تقره بوجه من الوجوه . واستخلاص المحكمة من ظروف الدعوى ووقائعها أن المشتري قد أراد بتجزئة الصفقة التي اشتراها التحيل لمنع من له أن يشفع فيها من أخذها بالشفعة ، هو من أمور الموضوع التي يفصل فيها قاضي الدعوى دون معقب عليه ( نقض مدني 17 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 254 ص 689 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كان كل ما قصده الحكم بالغش أو التدليس الذي أسنده إلى الطاعن إنما هو الاحتيال بقصد تعطيل حق مقرر بمقتضى القانون ، وهو عمل لا يجوز إقرار مرتكبه عليه ويجب رد سببه عليه ، وكان الحكم قد استخلص عناصر الاحتيال من الوقائع التي أوردها ، فإن النعي عليه بالقصور أو مخالفة القانون في هذا الخصوص يكون على غير أساس ( نقض مدني 26 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 106 ص 678 ) – وقضت محكمة استئناف مصر بأنه لا يمنع الشفعة أن يترك البائع جزءاً من الأرض المبيعة لا يدخله في البيع تحايلاً لإسقاط الشفعة ( استئناف مصر 13 يناير سنة 1937 المحاماة 18 رقم 305 ص 625 ) – وأنظر أيضاً في هذا المعنى : استئناف وطني أول ديسمبر سنة 1896 الحقوق 12 ص 9 – استئناف مصر 27 يونيه سنة 1928 المحاماة 8 رقم 568 ص 935 – استئناف مختلط 11 مارس سنة 1891 م 3 ص 232 – 25 فبراير سنة 1892 م 4 ص 135 – 7 فبراير سنة 1901 م 13 ص 141 – 20 فبراير سنة 1902 م 14 ص 155 – 25 أبريل سنة 1907 م 19 ص 223 – 3 يونيه سنة 1915 م 27 ص 318 – محمد كامل مرسي 3 ص 242 – ص 247 – شفيق شحاتة فقرة 243 ص 258 – إسماعيل غانم ص 72 – محمد علي عرفة 2 فقرة 249 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 286 ص 422 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 316 - حسن كيرة ص 6 .
( [918] ) نقض مدني أول أبريل سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 110 ص 743 – وأنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 240 ص 419 – ص 420 - عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 255 ص 348 وفقرة 257 ص 352 – عبد المنعم البدراوي فقرة 405 ص 412 - إسماعيل غانم ص 71 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 286 ص 420 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 316 – حسن كيرة ص 5 .
وأنظر رأياً مخالفاً يذهب إلى أن التلاصق يجب أن يكون على امتداد كاف كنصف الحد أو ثلثه ، وأن القاضي هو الذي يقدر ما إذا كان التلاصق على امتداد كاف لتبرير الشفعة : محمد كامل مرسي 3 فقرة 222 وفقرة 228 – شفيق شحاتة فقرة 243 ص 259 – استئناف مختلط 18 نوفمبر سنة 1930 م 43 ص 27 – 27 يونيه سنة 1944 م 56 ص 207 . وعيب هذا الرأي واضح ، فهو يفتح الباب للتحكم ، ولا شك في أنه إذا أعطى للقاضي حق تقدير متى يكون الامتداد كافياً فإن الأنظار تختلف في ذلك ، وقد تعطي الشفعة محكمة وتمنعها محكمة أخرى . ولذلك رجعت محكمة الاستئناف المختلطة عن هذا الرأي ، واكتفت بأي تلاصق مهما صغر ( استئناف مختلط 5 يونيه سنة 1945 م 57 ص 161 ) .
( [919] ) وقد نصت المادة 1130 / 2 مدني عراقي على ما يأتي : " وإذا كان السفل والعلو للشخصين مختلفين ، أعتبر كل منهما جاراً ملاصقاً للآخر " .
( [920] ) أنظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي 3 فقرة 225 – شفيق شحاتة فقرة 242 ص 256 هامش 1 – محمد علي عرفة 2 فقرة 242 – عبد المنعم البدراوي فقرة 397 ص 436 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 282 ص 413 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 318 – وترتيباً على ذلك إذا أقيم بناء على أرض وكانت الأرض والبناء مملوكين لمالكين مختلفين ، فإن لكل منهما أن يشفع في عقار الآخر ، فإذا بيع البناء شفع فيه صاحب الأرض ، وإذا بيعت الأرض شفع فيها صاحب البناء ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 282 ص 413 ) . وترتيباً على ذلك أيضاً ، إذا أنهدم العلو الذي له حق القرار على السفل ، فإن حق القرار نفسه يكون عقاراً ملاصقاً للسفل ، فإذا بيع حق القرار هذا شفع فيه صاحب السفل ، وإذا بيع السفل شفع فيه صاحب حق القرار ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 255 ص 215 ) . وترتيباً على ذلك أخيراً ، إذا كانت الدار ذات ثلاث طبقات ، وبيعت الطبقة الوسطى شفع فيها كل من صاحب الطبقة العليا وصاحب الطبقة السفلى ، أو بيعت الطبقة العليا أو الطبقة السفلى شفع فيها صاحب الطبقة الوسطى ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 225 ص 216 ) .
( [921] ) أنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 242 ص 424 .
( [922] ) ولعل هذا المعنى يمكن أن يستفاد مما دار من المناقشة في لجنة الأستاذ كامل صدقي ، إذ " أشار الرئيس إلى حالة ملكية الطبقات ، ورأي قياس هذه الحالة على حالة الملكية المشتركة ، فوافقت اللجنة على هذا الرأي " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 363 في الهامش ) .
( [923] ) قرب من هذا الرأي محمد علي عرفة 2 فقرة 242 ص 424 – وقد نصت المادة 239 ( 6 ) من قانون الملكية العقارية اللبناني ( المعدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) على أن " يثبت الحق في الشفعة . . . ( 6 ) لأصحاب طوابق البناء المتعددة عند بيع أحد هذه الطوابق " .
( [924] ) ولا يشترط بعد ذلك أن يكون التلاصق في حدين أو أن تكون للأرض المشفوع بها قيمة معينة ، فإن قيام حق الارتفاق وحده يغني عن كل ذلك . وقد قضت محكمة النقض بأنه يكفي لقيام الحكم القاضي بالشفعة أن يثبت جوار الشفيع في حد واحد بقطعة أرض عليها حق إرتفاق لمصلحة الأرض المشفوع فيها ، دون الاعتداد في هذه الحالة بنسبة قيمة أرض الجار إلى قيمة الأرض المشفوع فيها ( نقض مدني 10 أبريل سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 131 ص 902 ) .
( [925] ) وقد قضت محكمة النقض بأن القانون يسوي في ثبوت الشفعة بين أن يكون حق الارتفاق للأرض المشفوع فيها أو للأرض المشفوع بها ، فلا جدوى من الطعن في الحكم بمقولة إنه أخطأ في التقرير بوجود حق إرتفاق لأرض الشفيع على الأرض المشفوع فيها ، في حين أن الثابت هو أن حق الارتفاق للأرض المشفوع فيها على أرض الشفيع ( نقض مدني 13 مايو سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 310 ص 615 ) .
( [926] ) أنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 236 – وقد حاول بعض أعضاء لجنة الأستاذ كامل صدقي اشتراط أن يكون حق الارتفاق الذي يبيح قيامه الأخذ بالشفعة ذا أهمية حيوية . فعندما استطرد رئيس اللجنة قائلاً إن الأمر يقتضي بحث الفقرة ( ب ) التي تقرر حق الشفعة للجار في حالة وجود حق إرتفاق ، وطلب إلى الأعضاء الإدلاء بملاحظاتهم بشأن هذه الفقرة ، قال أحد الأعضاء " إن كثيراً من حقوق الارتفاق غير ذي أهمية ، لذا فالرأي عنده أن يقصر منح حق الشفعة على الحالات التي يوجد فيها حق إرتفاق على جانب من الأهمية عظيم " . وأضاف عضو آخر " أنه لما كان مرد حق الشفعة في هذه الحالة مصلحة اقتصادية ، فمن المتعين أن يكون حق الارتفاق الذي ستند إليه الشفيع في استعمال حقه في الشفعة ذا أهمية حيوية ، وساق لذلك مثلاً حق إرتفاق الشرب والمسيل " . وأيد عضو ثالث هذا الرأي " مقترحاً النص على أن يكون حق الارتفاق هاماً أو ذا منفعة جدية " . وتساءل أحد الأعضاء " عما إذا كان المارد استبعاد حقوق الارتفاق في المدن ، وقصر حق الشفعة على حالات الارتفاق في القرى " . فأجاب رئيس اللجنة " بأنه لا محل لهذه التفرقة ، بل لا محل في رأييه للتمييز بين حقوق الارتفاق تبعاً لأهميتها ، إذ أن هذا التمييز سيكون مصدراً لمنازعات وصعوبات جمة ، إذ سيطل إلى القضاة تقدير أهمية حق الارتفاق في حالات الشفعة هذه ، والواقع أن قيام حق إرتفاق كاف في ذاته " . فوافقت اللجنة على ذلك ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 368 في الهامش ) .
( [927] ) وقد قضى بجواز الأخذ بالشفعة متى كان كل من صاحي الأرضين يملك نصف السكة الزراعية التي اتفقا على عملها على حسابهما ، وكان لكل منهما حق الانتفاع بالمرور فيها كلها ، فإن كلاً منهما في انتفاعه بالمرور إنما يستعمل حق ملكيته في النصف المجاور لأرضه وحق الارتفاق على النصف الآخر ( نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 173 ص 484 ) .
( [928] ) وقد مضى بأن ري عقارين من مسقاة واحدة أنشئت بتخصيص المالك الأصلي ، وقيام حق إرتفاق بالري بعد تقديم العقارات ، من شأنه أن يسوغ استعمال حق الشفعة بأحد العقارين في العقار الآخر ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1920 م 32 ص 221 ) .
( [929] ) أنظر في هذا المعنى عبد المنعم فرج الصدة فقرة 283 ص 415 – 416 .
( [930] ) وقد قضى بأنه لايوجد قانوناً ما يمنع من أن يكون الطريق المقرر عليه حق الارتفاق هو نفسه الذي يتوافر به الجوار ( نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 173 ص 484 ) . وقضى أيضاً بأنه إذا استخلصت محكمة الموضوع أن المسقاة الخاصة الفاصلة بين أرض الشفيع والأرض المشفوع فيها مملوكة مناصفة للاثنين ، مما يفيد أن حق إرتفاق الري المقرر عليها هو مقرر على ذات الأرض المشفوع فيها التييدخل فيها نصف المسقاة ، فإنها لا تكون بذلك قد خالفت القانون ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 15 ص 74 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني أول فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 201 ص 555 - وأنظر في المعيار الذي يؤخذ به لمعرفة ما إذا كانت الترعة ترعة عامة أو ترعة خاصة نقض مدني 5 أبريل سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 62 ص 423 – أنظر محمد علي عرفة 2 فقرة 243 ص 426 .
( [931] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن اشتراك الغير في الانتفاع بحق الارتفاق الذي للأرض المشفوع فيها لا يحرم الشفيع من التمسك بحق الارتفاق للمطالبة بالشفعة ، لأن القانون لم يشترط أن يكون حق الارتفاق الذي على الأرض المشفوع فيها مقرراً لمصلحة أرض الجار دون غيرها ، أو أن يكون حق الارتفاق الذي على أرض الجار مقرراً لمصلحة الأرض المشفوع فيها وحدها ( نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 173 ص 484 وقد سبقت الإشارة على هذا الحكم . وأنظر أيضاً نقض مدني 30 ديسمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 89 ص 242 – استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1941 م 53 ص 229 ) – وأنظر أيضاً في هذا المعنى محمد كامل مرسي 3 فقرة 235 ص 228 وفقرة 237 – محمد علي عرفة 2 فقرة 244 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 283 ص 416 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 318 – وأنظر عكس ذلك استئناف مختلط 8 أبريل سنة 1924 م 36 ص 299 .
( [932] ) استئناف وطني 13 ديسمبر سنة 1920 المحاماة 2 رقم 55 ص 182 – 5 فبراير سنة 1922 المحاماة 2 رقم 100 ص 315 – استئناف مختلط 15 مارس سنة 1906 م 18 ص 154 – 11 يناير سنة 1927 م 39 ص 142 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 235 ص 228 – محمد علي عرفة 2 فقرة 243 ص 426 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 283 ص 416 .
وقد اكتفى في لجنة الأستاذ كامل صدقي بما استقر عليه القضاء في هذا الشأن . إذا لم استفسر أحد الأعضاء " عما إذا كان من المستحسن أن يضاف إلى النص الذي تمت الموافقة عليه ما يفيد سقوط حق الشفعة في حالة التنازل عن حق الارتفاق قبل رفع الدعوى ، ولفت النظر إلى حكم أصدرته محكمة الاستئناف المختلطة في 10 مارس سنة 1921 جاء فيه أن تنازل المشفوع ضده أثناء سير الدعوى عن حق الارتفاق المقرر له على أرض الجار لا يترتب عليه رفض طلب الشفعة " ، قال رئيس اللجنة إنه يرى إدخال هذه الإضافة . " وبعد مناقشة استقر رأي اللجنة على عدم الأخذ بها ، اكتفاء بالرأي الذي جرى عليه القضاء في هذه الحالة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 369 في الهامش ) .
( [933] ) استنئاف مختلط 10 مارس سنة 1921 م 33 ص 210 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 235 – محمد علي عرفة 2 فقرة 243 ص 426 – وقد قضت محكمة النقض بأن البحث فيما إذا كان التنازل بعد رفع الدعوى عن حق الارتفاق يسقط حق الشفعة أولاً يسقطه مجاله أن يكون هذا التنازل قد تم وفقاً للقانون . ولايتم التنازل عن حق الارتفاق وفقاً للقانون إلا إذا كان هذا التنازل قد حصل شهره وفقاً لقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 الذي حصل التنازل وقت سريانه . ولا يغني عن ذلك مجرد التقرير بالتنازل عن حق الارتفاق في الدعوى بعد رفعها ( نقض مدني 17 نوفمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 204 ص 1201 ) .
( [934] ) عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 256 - عبد المنعم البدراوي فقرة 401 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 283 ص 416 – ص 417 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 318 – ص 319 .
( [935] ) أما إذا كانت الأرض المشفوع بها هي التي لها حق إرتفاق على الأرض المشفوع فيها ، وعرض المشتري أن ينهي حق الارتفاق بنزوله للشفيع عن قطعة الأرض التي يباشر فيها هذا الأخير حق ارتفاقه ، فإن ذلك يجوز ، ولكن بشرط ألا يطلب المشتري مقابلاً للأرض التي ينزل عنها للشفيع . وقد قضت محكمة النقض بأنه لما كانت الشفعة سبباً لكسب الملكية وتثبت متى توافرت لدى الشفيع الشروط المقررة للأخذ بها ، فلا يجوز أن يعارض هذا الحق بعرض المشتري التنازل عن أرض المسقاة التي يدعي الشفيع أن له ارتفاقاً ليها مقابل ثمن يتقاضاه من الشفيع ، إذ لا سند في القانون لإجبار الشفيع على قبول هذا العرض ( نقض مدني 30 مارس سنة 1950 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 708 رقم 17 ) .
( [936] ) استئناف مختلط 2 يناير سنة 1902 - 14 م ص 71 – قنا الكلية 25 يناير سنة 1926 المحاماة 6 رقم 544 ص 875 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 228 ص 220 - محمد علي عرفة 2 فقرة 246 ص 429 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 284 ص 417 – وقد قضى بأنه إذا كان الشفيع جاراً من حد واحد منكسر أو منحن ، فإن هذا لا يغير من وضعه من أنه جار من حد واحد فقط ، وإن كانت الملاصقة في نقطتين من نفس الحد ( استئناف مختلط 11 يناير سنة 1927 م 39 ص 142 – 24 يونيه سنة 1941 م 53 ص 229 ) .
( [937] ) استئناف مختلط 2 يناير سنة 1902 م 14 ص 71 – 5 يناير سنة 1905 م 17 ص 71 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 228 ص 220 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 284 ص 417 .
( [938] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا نازع المشتري في جوار الملك الشفيع للأرض المشفوع فيها من حدين ، فقضت محكمة الموضوع بعدم جدية هذه المنازعة استناداً إلى إقرار المشتري الوارد بعقد البيع سبب الشفعة من أن أرض الشفيع تجاور القدر المبيع من الحدين الشرقي والغربي ، وإلى تسليم المشتري بهذا الجوار في صحيفة دعوى التعاقد المرفوعة منه عن الأرض المشفوع فيها ، وإلى عقد شراء الشفيع لأطيانه التي تجاور الأرض المشفوع فيها من حدين ، فإن هذه الدلائل التي أوردها الحكم كافية لحمل قضائه على هذا الخصوص ( نقض مدني 19 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 74 ص 504 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا قضى الحكم بالشفعة بناء على مجاورة أرض الشفيع للأرض المشفوع فيها من حدين ( القبلي والشرقي مثلاً ) ، بمقولة إن تسجيل الشفيع عقد شرائه الأمر الواقعة في الحد الشرقي يرتد أثره إلى تاريخ العقد – فإنه يكون قد أخطأ ( نقض مدني 22 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 35 ص 118 – ويلاحظ في شأن هذا الحكم أمران : ( 1 ) ما سبق أن ذكرناه في الجزء الرابع من الوسيط من أن للتسجيل أثراً رجعياً فيما بين المتعاقدين ، لا بالنسبة إلى الغير : الوسيط 4 فقرة 284 ص 527 – ص 528 . ( 2 ) يبدو من وقائع القضية أن الشفيعة قد شفعت بأرضين يجاور كل منهما الأرض المبيعة في حد واحد ، وكان يكفي أن ترفض دعوى الشفعة لهذا السبب ، إذ أن الشفيعة أن تشفع بأرض واحدة تجاور الأرض المبيعة في حدين كما سبق القول ) .
( [939] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 228 ص 220 .
( [940] ) أنظر ما قدمناه آنفاً في الملاصقة في أراضي البناء فقرة 185 – وأنظر نقض مدني أول أبريل سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 110 ص 743 – محمد علي عرفة 2 فقرة 246 ص 430 – وأنظر عكس ذلك أن الملاصقة يجب أن تكون على امتداد كاف كنصف الحد أو ثلثه استئناف مختلط 2 يناير سنة 1902 م 14 ص 71 – 14 مايو سنة 1918 م 30 ص 428 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 228 ص 220 ) .
( [941] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن المادة الأولى من قانون الشفعة ( المادة 936 من التقنين المدني الجديد ) بنصها على جواز الشفعة " إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المشفوعة من جهتين وتساوي من الثمن نصف الأرض المشفوعة على الأقل " قد دلت على أن الشارع إنما أراد أن يجعل العبرة في تقرير حق الأخذ بالشفعة بمجاورة أرض الشفيع من جهتين من جهاتها للأرض المبيعة ، إذ هي قد أسندت الملاصقة إلى أرض الشفيع ، واشترطت أن يكون ثمن هذه الأرض مساوياً نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل . وهذا وذاك يقطعان في أن الشارع قد ركز اهتمامه في تحديد أوصاف أرض الشفيع دون الأرض المبيعة ، مما يقتضي القول بأن كون الملاصقة من جهتين هو أيضاً وصف وارد على أرض الشفيع لا على الأرض المبيعة . ويؤيد هذا النظر أن الشفعة إنما شرعت لدفع الضرر عن الجار ، ومقتضى هذا أن هذا الجار المقصود درء الضرر عنه هو الذي تكون جبرته محل الاعتبار ( نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 166 ص 465 – وقد جاء في أسباب هذا الحكم : " ومن حيث إن المطعون ضده الأول ( الشفيع ) والطاعنين ( المشفوع ضدهم ) قد اختلفوا في تحديد جوار الملكين ، الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها . فالأول يقول إن أرضه تحد الأرض المشفوع فيها من جهتين هما الحد الغربي والحد القبلي ، والآخرون يقولون إن أرضهم هي التي تحد الأرض المشفوع بها من جهتين الشرقية والقبلية ، أما أرض المشفوع بها فإنها تقع في الزاوية البحرية الشرقية للأرض الشائع فيها المقدار المشفوع فيه ، أي أن حدها من هذه الناحية منكسر ، وهي بهذا الوضع لا تحد الأرض المشفوع فيها إلا من جهة واحدة هي إما الجهة البحرية أو الجهة الشرقية . . . ومن حيث إنه يبين من أوراق الدعوى المقدمة من الطاعنين أنفسهم أن أرض الشفيع تجاور الأرض المشفوع فيها من جهتين هما كل الحد الغربي لأرض الشفيع وكل حدها القبلي ، فتكون الشفعة في هذه الحالة جائزة " ) – وأنظر أيضاً في هذا المعنى نقض مدني 22 أكتوبر سنة 1953 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 706 رقم 6 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 228 ص 220 – ص 221 – محمد علي عرفة 2 فقرة 246 ص 429 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 284 ص 417 – ص 418 .
( [942] ) وقد قضت محكمة الاستنئاف المختلطة بأنه إذا كان الشفيع يجاور الأرض المبيعة من جهة بأرض مملوكة له ، ويجاورها من جهة أخرى بارض غير الأرض الأولى بصفته شريكاً في الشيوع فيها ، فلا شفقة ، لأن الشفعة ، لا يمكن أن تكون بين ثلاثة عقارات يشفع الشفيع بعقارين منها ( استئناف مختلط 12 مايو سنة 1925 م 37 ص 424 ) . وأنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 229 – محمد علي عرفة 2 فقرة 246 ص 429 – ص 430 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 284 ص 418 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 319 – حسن كيرة ص 7 – ص 8 .
( [943] ) وقد أشير إلى هذه المساومات في لجنة الأستاذ كامل صدقي ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 361 في الهامش ) .
( [944] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 230 ص 222 – ص 223 – محمد علي عرفة 2 فقرة 347 ص 430 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 284 ص 418 .
( [945] ) أنظر في هذا المعنى عبد المنعم فرج الصدة فقرة 284 ص 218 .
( [946] ) محمد علي عرفة 2 فقرة 247 ص 430 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 257 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 284 ص 418 - ص 419 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 320 - حسن كيرة ص 7 – وهناك رأي يذهب إلى أن العبرة بالقيمة الحقيقية للأرض المبيعة ، لا بالثمن الذين اشتريت به ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1918 م 30 ص 428 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 230 ص 223 – شفيق شحاتة فقرة 242 ص 257 – عبد المنعم البدراوي فقرة 401 ص 439 ) .
( [947] ) استئناف مختلط 20 يونيه سنة 1904 م 16 ص 313 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 230 ص 223 – محمد علي عرفة 2 فقرة 247 ص 431 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 284 ص 419 .
( [948] ) استئناف مختلط 20 يونيه سنة 1904 م 16 ص 313 .
( [949] ) استئناف مختلط 4 يونيه سنة 1918 م 30 ص 460 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 230 ص 223 – محمد علي عرفة 2 فقرة 248 ص 432 – عبد المنعم البدراوي فقرة 401 ص 439 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 284 ص 419 – حسن كيرة ص 7 – وأنظر عكس ذلك وأن العبرة بقيمة كل الأرض الشائعة ولو لم يطلب الشفعة إلا أحد الشركاء في الشيوع : استئناف مختلط 16 يناير سنة 1913 م 25 ص 139 .
( [950] ) وتنص الفقرتان الأولى والثانية من المادة 1133 مدني عراقي على ما يأتي : " 1 - لا تثبت الشفعة إلا ببيع العقار المشفوع مع وجود السبب الموجب لها وقت البيع . 2 - ويشترط في المال المشفوع أن يكون عقاراً مملوكا ، وأن يكون بيعه قد تم قانوناً . ويشترط في العقار المشفوع به أن يكون ملكاً للشفيع وقت بيع العقار المشفوع ، وأن يبقى مملوكاً له إلى وقت الحكم بالشفعة أو التراضي عليها " – وتنص المادة 242 من قانون الملكية العقارية اللبناني ( المعدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) على ما يأتي : " يعود حق الشفعة للأشخاص المذكورين في المادة 239 الذين يكون تاريخ سند تملكهم سابقاً لتاريخ سند المشتري " .
( [951] ) استئناف مصر أول مايو سنة 1950 المحاماة 31 رقم 164 ص 549 .
( [952] ) ويلاحظ أن من يشفع برقبة في حق انتفاع أو في حق حكر ، ومن يشفع بحق انتفاع أو بحق حكر في رقبة ، يجب أن يكون مالكاً للرقبة أو حق الانتفاع أو حق الحكر . وكذلك الشريك في الشيوع يجب أن يكون مالكاً لحصة شائعة في الملك التام أو في الرقبة أو في حق الانتفاع أو في حق الحكر ، أما الجار ، فيجب أن يكون مالكاً للعقار المشفوع به ملكية تامة ، أو على الأقل يملك رقبته ، إذ النص يقول " للجار المالك " . فلا تثبت الشفعة لصاحب حق انتفاع أو لصاحب حق حكر في العقار المجاور ، ولكن تثبت الشفعة للجار المالك ملكية تامة أو للجار الذي له ملك الرقبة كما قدمنا ( أنظر في هذا المعنى عبد المنعم فرج الصدة فقرة 287 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 317 – حسن كيرة ص 7 ) – ولكن يجوز للجار المالك أن يشفع في حق الانتفاع أو في حق الحكر المجاور له ( أنظر ما يلي فقرة 195 ) .
( [953] ) نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 166 ص 465 – 15 فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 209 ص 568 - 8 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 22 ص 79 – استئناف وطني 17 مايو سنة 1894 الحقوق 9 ص 203 - استئناف مصر أول مايو سنة 1950 المحاماة 32 رقم 153 ص 666 - الزقازيق الكلية 3 فبراير سنة 1921 المجموعة الرسمية 23 رقم 91 ص 140 .
( [954] ) أما قبل قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ، فكانت الملكية تنتقل بالبيع غير المسجل فيما بين المتعاقدين؛ ولما كان المشفوع ضده لا يعتبر من الغير في عقد البيع الذي تملك به الشفيع العقار المشفوع به ، فإن الشفيع كان يعتبر مالكاً بالنسبة إلى المشفوع ضده حتى قبل أن سجل عقد شرائه للعقار المشفوع به ، فكان يجوز له الأخذ بالشفعة ولو لم يسجل ( استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1904 م 16 ص 335 – 27 ديسمبر سنة 1906 م 19 ص 61 – الزقازيق الكلية 3 فبراير سنة 1921 المجموعة الرسمية 23 رقم 91 ص 140 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 64 ص 251 – ص 257 ) .
ولكن بعد صدور قانون التسجيل ثم قانون الشهر العقاري ، وفيهما لا تنتقل الملكية إلا بالتسجيل حتى فيما بين المتعاقدين ، اجتمع القضاء والفقه على أن الشفيع لا يجوز له الأخذ بالشفعة إذا لم يكن عقده مسجلاً ( نقض مدني 22 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 224 ص 594 – 4 أبريل سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 58 ص 145 – 16 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 82 ص 177 – 20 مايو سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 314 ص 628 – 8 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 6 ص 32 – 13 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 140 ص 986 – أسيوط الكلية 19 يناير سنة 1928 المحاماة 9 رقم 71 ص 113 – ملوي 30 ديسمبر سنة 1943 المحاماة 24 رقم 44 ص 99 – استئناف مختلط 2 يونيه سنة 1942 م 54 ص 220 - 18 مايو سنة 1943 م 55 ص 159 – 14 مارس سنة 1944 م 56 ص 81 – 12 يونيه سنة 1945 م 57 ص 139 – 26 يونيه سنة 1945 م 57 ص 190 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 264 – محمد علي عرفة 2 فقرة 275 – إسماعيل غانم ص 75 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 295 – حسن كيرة ص 10 ) . وأنظر عكس ذلك وأنه يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة قبل أن يسجل عقده : عبد السلام ذهني في الأموال فقرة 463 ص 657 وفقرة 489 ص 679 – ص 680 .
( [955] ) نقض مدني 20 مايو سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 314 ص 628 – 18 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 82 ص 530 – 13 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 140 ص 986 – وعلى الشفيع إثبات ملكيته للعقار المشفوع به وقت صدور البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة ( استئناف مختلط 20 فبراير سنة 1902 م 14 ص 155 – 26 نوفمبر سنة 1908 م 21 ص 15 ) .
( [956] ) فلو كان الشفيع للعقار المشفوع به غير مسجل ، ورفع الشفيع على البائع له دعوى بصحة التعاقد وسجل صحيفة الدعوى ، وصدر الحكم بصحة التعاقد ، ثم صدر البيع الذي يؤخذ فيه بالشفعة قبلت سجيل الحكم بصحة التعاقد ، لم يجز للشفيع الأخذ بالشفعة ، لأن الحكم بصحة التعاقد لمي سجل قبل صدور البيع المشفوع فيه ( نقض مدني 5 يناير سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 91 ص 163 – 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 15 ص 74 – محمد علي عرفة 2 فقرة 276 – إسماعيل غانم ص 76 – عبد المنعم فرج الصدة 295 ص 434 - ص 435 – منصور مصطفى منصور فقرة 134 ص 322 ) .
( [957] ) نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 166 ص 465 – 4 أبريل سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 85 ص 145 - 21 نوفمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 112 ص 255 – 8 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 6 ص 32 – 18 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 82 ص 530 .
( [958] ) وهذا ما سبق لنا القول به عد الكلام في عقد البيع ، فقد قررنا في هذا الصدد ما يأتي : " نفرض مشترياً لعقار لم يسجل عقده ، وبيع عقار مجاور لعقاره توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة ، فطلب الأخذ بالشفعة ثم سجل عقده . فلو أخذنا بالأثر الرجعي ، لاعتبر المشتري مالكاً للعقار المشفوع به قبل بيع العقار المشفوع فيه ، ولأمكنه الأخذ بالشفعة أما إذا أنكرنا الأثر الرجعي – وهذا ما فعلته محكمة النقض – فإن المشتري لا يعتبر مالكاً للعقار المشفوع به إلا بعد بيع العقار المشفوع فيه ، فلا يمكنه الأخذ بالشفعة . ونؤثر الأخذ بالأثر الرجعي ، وإعطاء المشتري الحق في الأخذ بالشفعة . ولو قلنا بالرأي الذي ذهبت إليه محكمة النقض ، لترتب على ذلك أن الشفيع يكون في هذه الحالة هو المالك السابق الذي باع للمشتري العقار المشفوع به ، فقد كان مالكاً لهذا العقار وقت بيع العقار المشفوع فيه . ولا شك في أنه بين المالكين المتعاقبين – البائع للعقار المشفوع به والمشتري إياه – المشتري هو الباقي مجاوراً للعقار وهو الأولى بالأخذ بالشفعة ، إلا إذا قيل إن الشفعة في هذه الحالة لا تكون لأحد منهما فيتعطل بذلك حق قرره القانون وتهيأت الأسباب لكسبه " ( الوسيط 4 فقرة 284 ص 527 – ص 528 ) . وقد ناقشنا طويلا ، عند الكلام في البيع ، الرأي القائل بأن للتسجيل أثراً رجعياً يما بين المتعاقدين دون الغير ، وانتصرنا لهذا الرأي ، واستندنا في ذلك إلى جملة من الحجج تدعمه ، فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك ( الوسيط 4 فقرة 280 – فقرة 286 ) . وقارن عبد المنعم فرج الصدة فقرة 295 ص 433 هامش 2 – منصور مصطفى منصور فقرة 134 ص 321 هامش 3 .
وقد قضت محكمة النقض بأنه متى أحدث المشتري لأرض بعقد غير مسجل بناء على الأرض ، أصبح هذا البناء ملكاً له ملكية مصدرها واقعة البناء بماله من حق البناء على سبيل البقاء والقرار ومن ثم يقوم به سبب الشفعة بوصفه جاراً مالكاً للبناء ( نقض مدني 12 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 48 ص 166 ) . ويؤخذ على هذا الحكم أنه لو صح ما ذهبت إليه محكمة النقض من أن المشتري يشفع بالبناء – لا بالأرض – لوجب أن يكون البناء نفسه هو الملاصق للعقار المشفوع فيه ، ولا يكفي أن تكون الأرض هي الملاصقة .
( [959] ) وثبوت حق الشفيع في الشفعة ، بحسب قضاء محكمة النقض ، إنما يكون بصدور الحكم بثبوت الحق في الشفعة ، أو من وقت التراضي على الأخذ بالشفعة أي من وقت تسليم المشفوع ضده للشفعة . وفي رأينا أن الشفيع يثبت حقه في الشفعة ، إذا توافرت شروطها ، من وقت إعلان رغبته في الأخذ بها . فبهذا الإعلان تكون عناصر الأخذ بالشفعة قد تكاملت ، وحل الشفيع محل المشتري في البيع المشفوع فيه . وليس الحكم بثبوت الحق في الشفعة ، أو التراضي على ثبوت هذا الحق ، إلا تقريراً لما تم قبل ذلك وقت إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة . وسيأتي بيان ذلك تفصيلاً عند الكلام في الحكم بالشفعة .
( [960] ) فلا يستطيع الأخذ بالشفعة لأن ملكيته للعقار المشفوع به لم تستمر ، وكذلك من انتقلت إليه الملكية من مشتر أو موهوب له لا يستطيع الأخذ بالشفعة لأنه لم يكن مالكاً وقت صدور البيع المشفوع فيه ( محمد علي عرفة 2 فقرة 280 ص 474 – عبد المنعم البدراوي فقرة 414 - إسماعيل غانم ص 76 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 296 ص 436 ) .
( [961] ) استئناف مختلط 18 مايو سنة 1905 م 17 ص 316 .
( [962] ) عبد المنعم فرج الصدة فقرة 296 ص 438 – ص 439 .
( [963] ) نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 173 – إسماعيل غانم ص 76 – منصور مصطفى منصور فقرة 134 ص 323 - حسن كيرة ص 8 .
( [964] ) وقد قضت محكمة النقض بأن من شرائط الأخذ بالشفعة أن يكون الشفيع مالكاً لما يشفع به ، ولا يكفي أن يكون حائزاً أو واضع اليد بنية التملك دون أن يتم له التملك ( نقض مدني 2 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 22 ص 162 ) . وأنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 262 – محمد علي عرفة 2 فقرة 278 – عبد المنعم البدراوي فقرة 413 – إسماعيل غانم ص 76 - ص 77 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 295 ص 432 - منصور مصطفى منصور فقرة 134 ص 321 - وأنظر عكس ذلك عبد السلام ذهني في الأموال فقرة 480 ص 672 .
( [965] ) عبد المنعم البدراوي فقرة 417 – إسماعيل غانم ص 77 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 296 ص 438 - منصور مصطفى منصور فقرة 134 ص 323 – حسن كيرة ص 11 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 263 ( فيما يتعلق بالعقد الباطل ) .
( [966] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 260 - محمد علي عرفة 2 فقرة 273 ص 466 – إسماعيل غانم ص 77 – عبد المنعم البدراوي فقرة 416 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 296 ص 437 – ص 438 – منصور مصطفى فقرة 134 ص 323 – حسن كيرة ص 11 .
( [967] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان سند ملكية الشفيع هو عقد بيع وفائي رفعت دعوى ببطلانه لما يفصل فيها ، فلا يكون الحكم له بالشفعة مخالفاً للقانون ، لأنه بمجرد بيع الوفاء يصير المبيع ملكاً للمشتري ينتفع بسائر حقوق الملاك ، ومن ثم يثبت هل حق الشفقة من تاريخ تسجيل عقده ما دام لم يقض ببطلانه ( نقض مدني 22 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 15 ص 74 ) . وأنظر محمد علي عرفة 2 فقرة 27 ص 472 – عبد المنعم البدراوي فقرة 410 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 296 ص 437 – منصور مصطفى منصور فقرة 134 ص 323 – حسن كيرة ص 11 .
( [968] ) أنظر آنفاً نفس الفقرة – محمد علي عرفة 2 فقرة 280 ص 475 – إسماعيل غانم ص 76 – ص 77 – وأنظر في الآراء المختلفة في حق الشفيع المالك تحت شرط فاسخ أو تحت شرط أقف في الأخذ بالشفعة في عهد قانون الشفعة السابق ومناقشة هذه الآراء : محمد كامل مرسي 3 فقرة 258 – فقرة 261 .
( [969] ) أما إذا كان الشفيع يشفع بحصة شائعة في حصة شائعة أخرى باعها شريك آخر ، فلا شك في جواز الأخذ بالشفعة ، على أن الشفيع في هذه الحالة لا تجوز له الشفعة إلا بحصة شائعة .
( [970] ) ويثبت حق الشفعة في كل العقار المشفوع فيه لكل واحد من الشركاء المشتاعين إذا انفرد ، ولهم جميعاً إذا اجتمعوا ، فليس اجتماعهم ضروريا لصحة الطلب ، وانفراد أحدهم به جائز ( استئناف مصر 23 نوفمبر سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 44 ص 71 – 12 مارس سنة 1939 المجموعة الرسمية 40 رقم 109 – كفر الزيات 3 يونيه سنة 1907 المجموعة الرسمية 8 رقم 119 ص 251 – استئناف مختلط 4 يونيه سنة 1903 م 15 ص 341 – 16 يناير سنة 1923 م 35 ص 139 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 257 – محمد علي عرفة 2 فقرة 280 ص 474 ) .
( [971] ) أنظر آنفاً فقرة 187 في آخرها .
( [972] ) ويجب على المشتري أن يقيم الدليل على حصول القسمة ، ولمحكمة الموضوع فيح دود سلطتها التقديرية أن تزن الأدلة التي يستند إليها المشتري لإثبات ذلك . فإذا قدرت أن هذه الأدلة لا يمكن التعويل عليها فأهدرتها ، وانتهى اقتناعها إلى بقاء حالة الشيوع بين الشركاء ، فإن هذا من حقها ، ويكون النعي على حكمها قائماً على غير أساس ( نقض مدني 31 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 643 ص 905 ) .
أما إذا ثبتت القسمة ، فإنه يكون لها هذا الأثر ولو لم تكن قد سجلت ، لأن تسجيل القسمة إنما شرع لحماية الغير الذي يحتج عليه بالقسمة ، ولكن الغير له أن يتمسك بالقسمة بالرغم من عدم تسجيلها ، ولا يجوز للمتقاسمين أن يتمسكوا بعدم تسجيل القسمة ( نقض مدني 29 يناير سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 138 ص 409 – 17 مارس سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 111 ص 851 – 15 يناير سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 5 ص 43 ) . وأنظر إسماعيل غانم ص 72 – ص 73 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 287 ص 423 – ص 424 .
( [973] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه يجوز للجار الذي يملك على الشيوع أن يطلب الشفعة ولو لم يشترك معه باقي شركائه في الملك ، وذلك لأنه إنما يملك نصيبه في كل ذرة من العقار المشترك . ولا يؤثر في ذلك احتمال أن تسفر القسمة فيم أبعد عن حرمانه من الجزء المجاور للعقار المشفوع ، لأن القانون إنما يشترط أن يكون الشفيع مالكاً لما يشفع به وقت بيع العقار المشفوع وأن يبقى مالكاً له لحين الأخذ بالشفعة ، وبقاء الجوار ليس بشرط البقاء الاستحقاق . فإذا حصلت القسمة قبل القضاء للشفيع بالشفعة ولم يختص بالجزء المجاور للعقار المشفوع ، سقط حقه فيها . أما إذا قضى له بها قبل حصول القسمة ، فلا يتم زوال ملكه الذي يشفع به بعد ذلك عن طريق القسمة أو أي طريق آخر ( نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 173 ص 486 ) . وانظر استئناف وطني 12 يناير سنة 1904 الاستقلال 3 ص 27 – استئناف مصر 23 نوفمبر سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 44 ص 71 – كفر الزيات 3 يونيه سنة 1907 المجموعة الرسمية 8 رقم 119 ص 251 – استئناف مختلط 4 يونيه سنة 1903 م 15 ص 341 – 16 يناير سنة 1913 م 25 ص 139 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 256 – عبد المنعم البدراوي فقرة 407 – إسماعيل غانم ص 76 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 287 ص 423 وفقرة 296 ص 436 – ص 437 – منصور مصطفى منصور فقرة 133 ص 317 .
وأنظر عكس ذلك بني سويف الجزئية 31 يناير سنة 1921 المحاماة 3 رقم 20 ص 52 – استئناف مختلط 27 مايو سنة 1930 م 42 ص 524 ( يجب اشتراك جميع الشركاء للأخذ بالشفعة ) – 24 يونيه سنة 1941 م 53 ص 229 – 2 يونيه سنة 1942 م 54 ص 220 - 18 مايو سنة 1943 م 55 ص 159 – 25 أبريل سنة 1945 م 57 ص 129 – 25 مارس سنة 1947 م 59 ص 156 ( حتى لو أصبح الشريك مالكاً لكل العقار الشائع في أثناء دعوى الشفعة ) – 11 مايو سنة 1948 م 60 ص 107 .
( [974] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 263 – محمد علي عرفة 2 فقرة 277 ص 471 – إسماعيل غانم ص 77 – عبد المنعم البدراوي فقرة 417 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 296 ص 438 – منصور مصطفى منصور فقرة 134 ص 323 – حسن كيرة ص 11 – ولا يجوز طلب إبطال العقد لأن حق الإبطال لم يتقرر لمصلحته ( نقض مدني 8 يونيه سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 148 ص 409 ) .
( [975] ) إسماعيل غانم ص 77 .
( [976] ) استئناف مختلط 9 يناير سنة 1945 م 57 ص 36 .
( [977] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 265 – عبد المنعم البدراوي فقرة 418 ص 450 - إسماعيل غانم ص 78 – أما المشفوع ضده ، وهو المشتري ، فإذا كان كامل الأهلية ، جاز له التسليم بالشفعة رضاء أو المخاصمة فيها قضاء . وإذا كان قاصراً أو محجوراً عليه ، ناب عنه في التسليم بالشفعة رضاء وليه أو وصيه أو القيم عليه ، ويجب على الوصي أو القيم استئذان المحكمة . وناب عنه في المخاصمة قضاء وليه أو وصيه أو القيم ، وفقاً للقواعد العامة في المخاصمة القضائية .
( [978] ) نقض مدني 14 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 88 ص 798 – إسماعيل غانم ص 77 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 297 ص 439 – منصور مصطفى منصور فقرة 136 ص 234 – حسن كيرة ص 11 – وأنظر آنفاً فقرة 173 في آخرها في الهامش .
( [979] ) الوسيط 4 فقرة 201 .
( [980] ) والسماسرة والخبراء في حكم من ينوب عن الغير في بيع ماله ويسري عليهم نفس الحكم ، فقد نصت المادة 480 مدني على أنه " لا يجوز للسماسرة ولا للخبراء أن شتروا الآمال المعهود إليهم في بيعها أو في تقدير قيمتها ، سواء أكان الشراء باسمهم أم باسم مستعار " .
وأنظر في كل ذلك الوسيط 4 فقرة 53 – فقرة 55 .
( [981] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 269 – عبد المنعم البدراوي فقرة 421 – إسماعيل غانم ص 78 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 297 ص 439 – منصور مصطفى منصور فقرة 136 ص 342 – ص 325 .
( [982] ) الوسيط 4 فقرة 111 – فقرة 113 .
( [983] ) الوسيط 4 فقرة 112 ص 218 .
( [984] ) أنظر في هذا المعنى علي زكي العرابي فقرة 62 ص 37 – ص 38 – عبد السلام ذهني في الأموال فقرة 532 ص 747 – عبد المنعم البدراوي فقرة 421 ص 451 – إسماعيل غانم ص 78 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 29 ص 440 - منصور مصطفى منصور فقرة 136 ص 325 – حسن كيرة ص 11 – محمود فهمي في رسالته في الشفعة ص 175 – ص 176 .
وأنظر عكس ذلك ، وأنه إذا كان لا يجوز لعمال القضاء أن يشتروا العقار المتنازع فيه ، فإنه يجوز لهم أخذه بالشفعة : محمد كامل مرسي 3 فقرة 268 ص 266 – ص 267 – شفيق شحاتة فقرة 255 – وما دام أصحاب هذا الرأي العكسي قد أجازوا لعمال القضاء أخذ العقار المتنازع فيه بالشفعة ، فهل يجيزون أن يسترد من ينازع البائع في ملكية العقار هاذ العقار من تحت يد الشفيع إذا هو رد إليه الثمن الذي دفعه والمصروفات وفوائد الثمن من وقت الدفع تطبيقاً للمادة 469 مدني؟ الظاهر أنهم لا يجيزون ذلك ، لأنهم لا يعتبرون الشفيع مضارباً عندما أخذ بالشفعة ( أنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 268 ص 267 ) . فإذا قلنا بعدم جواز الاسترداد فقد عطلنا حقاً للمسترد أعطاه إياه القانون لحكمة مشروعة ، بل لجاز استعمال الشفعة سبيلاً للتحايل على تعطيل هذا الحق . وإذا قلنا بجواز الاسترداد ، فقد عطلنا حقاً مشروعاً آخر في نظر أصحاب هذا الرأي ، هو حق الشفيع في الأخذ بالشفعة .
( [985] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في الفقرة الثانية من المادة 1387 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1012 / 2 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1009 / 2 . وفي لجنة مجلس الشيوخ اقترح أحد الأعضاء النص على جواز الشفعة في الوقف ، ولكن اللجنة لم توافق على ذلك ، وأقرت النص على ما هو عليه تحت رقم 939 / 2 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما أقرته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 403 – ص 409 ) .
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق المادة 4 : لا شفعة للوقف . ( وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المدني الجديد ) - ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل
التقنين المدني الليبي م 943 / 2 : لا يجوز للوقف أن يأخذ بالشفعة ، ما لم يحتفظ الواقف بذلك في حجة الوقف الأهلي . ( ويختلف التقنين الليبي في أنه يجيز للوقف أن يأخذ بالشفعة ، إذا احتفظ له الواقف بهذا الحق في حجة الوقف . ويبدو أن ما يأخذه الوقف بالشفعة في هذه الحالة يصبح موقوفاً مثله ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل ( والظاهر أن الوقف لا يأخذ بالشفعة طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية )
قانون الملكية العقارية اللبناني م 254 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : لا شفعة للوقف . . . ( والنص يوافق نص التقنين المدني المصري ) .
( [986] ) الحانية ص 542 – ابن عابدين ص 147 – مرشد الحيران م 113 – المجلة م 1017 وم 1019 .
( [987] ) استئناف مختلط 18 مايو سنة 1905 م 17 ص 36 – عبد المنعم البدراوي فقرة 420 – منصور مصطفى منصور فقرة 135 – وأنظر آنفاً فقرة 189 .
( [988] ) استئناف مصر 22 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 142 ص 190 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 266 ص 265 .
( [989] ) محمد علي عرفة 2 فقرة 281 ص 476 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 298 – وأنظر مدار من مناقشات في هذه المسألة في لجنة الأستاذ كامل صدقي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 407 في الهامش .
( [990] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 306 .
( [991] ) بني سويف 27 نوفمبر سنة 1894 الحقوق 9 رقم 104 ص 328 .
( [992] ) ويجوز التساؤل هل تصح الشفعة بالملك الخاص للدولة ، فإذا كان للدولة عقار مملوك ملكاً خاصاً ، وتوافرت في هذا العقار شروط العقار المشفوع به ، فهل تستطيع الدولة أن تشفع به في عقار آخر يباع فتأخذ هذا العقار بالشفعة؟ أجبنا على هذا السؤال في الجزء الثامن من الوسيط بما يأتي : " أما الشفعة ، فيندر أن تشفع الدولة في عقار إلا إذا قامت ضرورة ملحة لذلك ، وعند ذلك لا نرى مانعاً من أن تأخذ العقار بالشفعة " ( الوسيط 8 فقرة 78 ص 155 ) .
( [993] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1384 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن الفقرة الثانية من نص المشروع التمهيدي كانت تتضمن في آخرها العبارة الآتية : " إذا أنه فيما بين الجيران يقدم من تعود على ملكه منفعة من الشفعة أكثر من غيره " . ولما كانت لجنة المراجعة قد حذفت الشفعة بسبب الجوار ، فقد حذفت تبعاً لذلك هذه العبارة " حيث أصبح لا لزوم لها " ، وأقرت اللجنة النص بعد ها الحذف تحت رقم 1009 في المشروع النهائي . ووافق على النص كما هو مجلس النواب ، تحت رقم 1006 دون أن يتنبه المجلس ، بعد أن أعاد الشفعة بسبب الجوار ، إلى وجوب إعادة العبارة المحذوفة . ثم وافق على النص مجلس الشيوخ ، دون تعديل تحت رقم 937 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 385 – ص 394 ) .
( [994] ) قانون الشفعة السابق م 7 : إذا تعدد الشفعاء يكون الحق في الشفعة : ( أولاً ) لمالك الرقبة . ( ثانياً ) للشريك الذي له حصة مشاعة . ( ثالثاً ) لصاحب حق الانتفاع . ( رابعاً ) للجار المالك – فإذا تعدد مالكو الرقبة أو الشركاء أو أصحاب حق الانتفاع ، فاستحقاق كل منهم للشفعة يكون قدر نصيبه – وإذا تعدد الجيران ، يقدم منهم من تعود على ملكه منفعة من الشفعة أكثر من غيره .
( وقانون الشفعة السابق يتفق مع التقنين المدني الجديد فيما عدا أمور ثلاثة : ( 1 ) لم يدرج قانون الشفعة السابق صاحب الرقبة في الحكر وصاحب حق الحكر بين الشفعاء ، ولذلك لم يسود ترتيباً لهما . ( 2 ) لم ينص ، كما نص التقنين المدني الجديد ، على حكم تزاحم المشتري الشفيع مع غيره من الشفعاء . ( 3 ) وضع قاعدة المفاضلة بين الجيران الشفعاء إذا تعددوا ، وأغفل التقنين المدني الجديد وضع هذه القاعدة سهوا ) .
( [995] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني . الليبي م 941 : 1 - إذا تزاحم الشفعاء ، يكون استعمال حق الشفعة على حسب الترتيب المنصوص عليه في المادة السابقة . 2 - وإذا تزاحم الشفعاء من طبقة واحدة ، فاستحقاق كل منهم للشفعة يكون على قدر نصيبه . 3 - فإذا كان المشتري قد توافرت فيه الشروط التي كانت تجعله شفيعاً بمقتضى نص المادة السابقة ، فإنه لا يفضل على الشفعاء الذين هم من طبقته . ( ويتفق التقنين الليبي مع التقنين المصري إلا في أمر واحد : إذا كان المشتري هو نفسه أحد الشفعاء ، فإنه لا يفضل على من يزاحمه من الشفعاء الذين هم من طبقته في التقنين الليبي ، ويفضل في التقنين المصري . والتقنينان سواء في تفضيل المشتري الشفيع على شفعاء أدنى من طبقته ، وفي تفضيل الشفيع الأعلى من طبقة المشتري ) .
التقنين المدني العراقي م 1131 : 1 - إذا تزاحم الشفعاء ، يكون استعمال حق الشفعة بحسب الترتيب المبين في المادتين السابقتين . 2 - وإذا تزاحم الشفعاء من طبقة واحدة ، فالاستحقاق بالشفعة يكون بينهم على التساوي . إلا أنه فيما بين الخلطاء يقدم الأخص على الأهم ، فمن له حق شرب في الحزن المتشعب من النهر الخاص يقدم على من له حق شرب في ذلك النهر ، ويقدم الخليط في حق الشرب على الخليط في حق المرور . ( ويختلف التقنين العراقي هنا عن التقنين المصري في أنه إذا تزاحم الشفعاء من طبقة واحدة كان استحقاق الشفعة بينهم على التساوي في التقنين العراقي ، وبقدر نصيب كل منهم في التقنين المصري . ووضع التقنين العراقي قاعدة خاصة في ترتيب الشفعاء إذا كانوا خلطاء ) . م 1132 : إذا كان المشتري للعقار المشفوع قد توافرت فيه الشروط التي تجعله شفيعاً ، فإنه مفضل على الشفعاء الذين هم من طبقته أو من طبقة أدنى ، ولكن يتقدمه الذين هم من طبقة أعلى . ( ويتفق التقنين العراقي في هذا الحكم مع التقنين المصري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 240 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : إذا تزاحم الشفعاء من فئات مختلفة ، يكون استعمال حق الشفعة بحسب الترتيب المنصوص عليه في المادة السابقة – وإذا تزاحم الشفعاء من فئة واحدة في الأحوال الأربعة الأولى المبينة في المادة السابقة ، فاستحقاق كل منهم للشفعة يكون على قدر نصيبه ، وإذا تخلى أحدهم أو بعضهم عن حق استعمل الباقون هذا الحق بقدر نصيبهم أيضاً . وإذا تزاحم الشفعاء من الفئة الخامسة ، قدم من تعلق على ملكه منفعة من الشفعة أكثر من غيره . وفي حال اختلاف مالكي طابق البناء المتعددة ، قدم مالك الطابق الأرضي ، ( ويختلف التقنين اللبناني عن التقنين المصري في أن القانون اللبناني ، بخلاف التقنين المصري ، أورد قاعدة للترتيب عند تزاحم الجيران ، وأخر مالك الطابق عن الجار العادي وقدم مالك الطابق الأرضي على مالك الطابق العلوي عند التزاحم ) .
م 241 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : إذا توافرت في المشتري الشروط الواردة في المادة 239 ، فإنه يفضل على الشفعاء الذين هم من فئته أو من فئة أدنى . ( ويتفق القانون اللبناني في هذا الحكم مع التقنين المصري ) .
( [996] ) أنظر آنفاً فقرة 169 .
( [997] ) أنظر آنفاً فقرة 193 .
( [998] ) أنظر آنفاً فقرة 179 .
( [999] ) قارن شفيق شحاتة فقرة 247 وفقرة 250 – عبد المنعم البدراوي فقرة 4 ص 454 – إسماعيل غانم ص 72 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 288 ص 424 : حيث يذهبون إلى أن الجار المالك لا يشفع في حق الانتفاع .
( [1000] ) أسيوط الكلية 10 يونيه سنة 1950 المحاماة 31 رقم 141 ص 377 .
( [1001] ) وقد جرت مناقشات طويلة في لجنة الأستاذ كامل صدقي في شأن تقديم صاحب حق الانتفاع على الشريك في الشيوع . ففي جلسة 18 يونيه سنة 1937 ، تناقش الأعضاء طويلاً في هذه المسألة ، وانتهت المناقشة بأن اتخذ قرار بالأغلبية بتقديم الشريك في الشيوع على صاحب حق الانتفاع ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 363 – ص 365 في الهامش ) . ثم أعادت اللجنة ، في جلسة 19 نوفمبر سنة 1937 ، المناقشة في المسألة ، وانتهت إلى قرار عكس القرار السابق بجعل صاحب حق الانتفاع في المرتبة الثانية متقدماً على الشريك في الشيوع الذي جعلته في المرتبة الثالثة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 386 – ص 387 في الهامش ) . وعلى هذا الوجه تقدم المشروع التمهيدي إلى لجنة المراجعة ، فعكست هذه اللجنة الترتيب وعادت إلى الترتيب الأول ، إذ جعلت الشريك في الشيوع في المرتبة الثانية متقدماً على صاحب حق الانتفاع الذي جعلته في المرتبة الثالثة . واستقر المشروع على ذلك في سائر مراحله التشريعية ، إلى أن أصبح تقنينا . أنظر آنفاً فقرة 179 في الهامش .
( [1002] ) هذا وإذا اعتبرنا مالك الطبقة في البناء متعدد الطبقات شفيعاً بحكم الجوار ، فإنه يأتي في الطبقة الخامسة كسائر الجيران . ويبدو أنه إذا تزاحم مع جار جانبي عادي ، فإنه يقدم عليه كما سنرى ، لأن الشفعة تعود على ملكه بمنفعة أكبر مما تعود على ملك الجار العادي . وإذا بيعت إحدى طبقات الدار ، فتزاحم على أخذها بالشفعة صاحب الطبقة الأعلى مباشرة وصاحب الطبقة الأسفل مباشرة ، فإنه يبدو أن صاحب الطبقة الأعلى مباشرة هو الذي يقدم ، لأن له مصلحة أ :بر في الأخذ بالشفعة كما سنرى .
أما إذا اعتبرنا مالك الطبقة شفيعاً بحكم الشركة الشائعة في أرض البناء ، فإنه يعلو إلى طبقة الشريك في الشيوع ، أي إلى الطبقة الثانية ، ويتفاضل ملاك الطبقات فيما بينهم إذا تزاحموا كما يتفاضل سائر الشركاء في الشيوع كما سنرى .
أنظر آنفاً فقرة 185 في آخرها .
( [1003] ) أنظر آنفاً فقرة 193 .
( [1004] ) أنظر فقرة 198 .
( [1005] ) فيما عدا الجيران فهم في الطبقة الأخيرة ، فإذا لم توجد طبقة من الشفعاء أعلى منهم ، أو وجدت ولكنها لم تتقدم للأخذ بالشفعة ، فالجيران في هذه الحالة يكونون هم الشفعاء .
( [1006] ) أو تقدم للأخذ بالشفعة طبقة أدنى لأن الطبقة الأعلى لم تتقدم .
( [1007] ) وقد نصت المادة 1136 مدني عراقي على أنه " 1 - يجب أن يطلب الشفيع كل المشفوع ولو تعدد الشفعاء المستحقون للشفعة . وإذا أسقط شفيع حقه في الشفعة قل الحكم أو التراضي ، سقط حقه ويأخذ الشفعاء الآخرون كل المشفوع ، وإن أسقط شفيع حقه بعد الحكم أو التراضي فلا يسقط . 2 - وليس لأحد من الشفعاء أن ينزل عن حقه لأجنبي أو لشفيع آخر ، فإن فعل سقط حقه " .
( [1008] ) حتى لو كان الشفيع الأول أعلى طبقة من الشفيع الثاني .
( [1009] ) ملوى 8 يناير سنة 1919 المجموعة الرسمية 20 رقم 93 ص 133 .
( [1010] ) أنظر في هذا آنفاً فقرة 193 في الهامش .
( [1011] ) ولتفضيل جار على جار ، يراعى موقع كل منهما ، وتخصيصه ، وضرورة توسيعه ( استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1904 م 16 ص 331 ) ، ولا يدخل في الاعتبار ما يجنيه الشفيع من فوائد شخصية ( استئناف مختلط 7 مارس سنة 1907 م 19 ص 169 – 12 أبريل سنة 1913 م 25 ص 279 ) . وقد قضت محكمة النقض بأن العبرة في مجال المفاضلة بين الجيران المتزاحمين في طلب الشفعة إنما هي بالمنفعة التي تعود من الأخذ بالشفعة على ملك كل منهم المشفوع به ، دون اعتداد بالمنفعة التي تعود على ملك كسبه أحدهم بعد البيع أساس الشفعة ، ودون اعتبار للفوائد التي قد تعود على الشفيع شخصياً من الأخذ بالشفعة ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 15 ص 75 – 28 يناير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 70 ص 467 ) .
وأنظر في وجوب الأخذ بالقاعدة القديمة بالرغم من إغفالها سهواً : محمد علي عرفة 2 فقرة 250 ص 437 - عبد المنعم البدراوي فقرة 425 – إسماعيل غانم ص 74 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 291 ص 427 - حسن كيرة ص 10 – وقارن محمد كامل مرسي فقرة 272 ص 269 هامش 1 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 263 ص 369 – شفيق شحاتة فقرة 252 ص 266 هامش 1 - منصور مصطفى منصور فقرة 137 ص 328 - ص 329 ( ومن رأيه معاملة الجيران المتزاحمين معاملة واحدة ، ويكون ذلك بتقسيم العقار المشفوع فيه بينهم بالتساوي ) .
( [1012] ) وقد قضى بأنه إذا تزاحم جاران لكل منهما حق إرتفاق بالري على الأرض المشفوع فيها ، ولكن أحد الجارين مجاور من جهة واحدة في حين أن الجار الآخر من جهتين ، فضل الجار الآخر المجاور من جهتين ( استئناف مختلط 10 مارس سنة 1925 م 37 ص 271 ) . وإذا كان عقار كل من الجارين مثقلاً بحق إرتفاق لمصلحة العقار المشفوع فيه ، فضل من كان حق ارتفاقه أشد عبثاً ( استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1923 م 35 ص 400 ) . وقضى بتفضيل الجار مالك العقار الأصغر ، لأنه إذا ضم العقار المشفوع فيه حصل على منفعة أكبر ( استئناف مختلط 21 أبريل سنة 1904 م 16 ص 204 – 7 مارس سنة 1907 م 19 ص 169 – 16 مايو سنة 1907 م 19 ص 263 ) . وأنظر أيضاً في تفضيل الجار الذي تعود عليه منفعة أكبر : استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1927 م 39 ص 259 – 10 يونيه سنة 1930 م 42 ص 550 ( تفضيل الجار الذي يملك وحده العقار المشفوع به على الجار الذي لأي ملك العقار المشفوع به إلا على الشيوع ) – 10 مارس سنة 1936 م 48 ص 174 .
وقضت محكمة الاستئناف المختلط بأنه يستبعد من بين الجيران المتزاحمين في الأخ بالشفعة الجار الذي تقرر إدخال عقاره الذي يشفع به في طريق عام صدر مرسوم به ( استئناف مختلط 27 نوفمبر سنة 1945 م 58 ص 10 ) .
( [1013] ) استئناف مصر 6 ديسمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 317 ص 488 – وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " أما إذا تزاحم الجيران في الأخذ الشفعة ، فإن الذي يقدم منهم هو من تعود على ملكه منفعة أكثر من غيره ، ويترك هذا لتقدير القاضي " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 392 ) .
( [1014] ) استئناف مصر 6 ديسمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 317 ص 488 – المنصورة الكلية 14 مايو سنة 1934 المجموعة الرسمية 36 رقم 119 – استئناف مختلط 21 أبريل سنة 1904 م 16 ص 205 - محمد علي عرفة 2 فقرة 250 ص 436 وص 437 – ص 438 – ومن الفقهاء من يذهب إلى أن التقسيم ما بين الجيران يكون بنسبة ما يملك كل منهم من عقار مشفوع به ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 291 ص 428 ) .
( [1015] ) استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1927 م 39 ص 259 - وأنظر محمد كامل مرسي في الشفعة ص 143 .
( [1016] ) أنظر آنفاً فقرة 193 .
( [1017] ) وواضح أن المشتري يكون قد توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة وقت أن اشترى ، حتى لو فقد هذه الشروط أو بعضها بعد الشراء ، كأن كان شريكاً في الشيوع في بناء واشترى البناء الملاصق ، ثم اقتسم بعد ذلك البناء الذي يملك فيه حصة شائعة وكان نصيبه المفرز لا يلاصق البناء الذي شاتراه . وما دام المشتري الشفيع قد اشترى العقار المشفوع فيه ، فلس به حاجة إلى إتباع إجراءات الشفعة ، لأنه إنما يملك العقار بطريق الشراء لا بطريق الشفعة ، ولأنه لا يوجد بيع يشفع فيه ، ولا يحل محل مشتر غيره إذ أنه هو المشتري نفسه ( استئناف مختلط 10 مارس سنة 1925 م 37 ص 270 - = محمد كامل مرسي 3 فقرة 275 – عبد المنعم البدراوي فقرة 427 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 292 ص 430 – ص 431 ) .
وإذا كان مستساغاً أن يقال إن الحالة التي يكون فيها المشتري شفيعاً ليست حالة تزاحم بين الشفعاء ، لأن التزاحم إنما يكون بين أكثر من شفيع ، لا بين شفيع ومشتر ولو كان المشتري تثبت له صفة الشفيع ( أنظر في هذا المعنى منصور مصطفى منصور فقرة 141 ص 337 هامش 2 ) ، إلا أنه قد لوحظ عند إيراد هذه الحالة بين حالات تزاحم الشفعاء أن المشتري هو أيضاً شفيع يزاحمه شفعاء آخرون ، فيتقدم عليهم إذا كانوا من طبقته أو من طبقة أدنى ، ويتقدمون عليه إذا كانوا أعلى منه طبقة ، فلا يخلو الأمر من معنى المزاحمة . ومهما يكن من أمر ، فإن تقريب هذه الحالة من حالات تزاحم الشفعاء مستساغ من الناحية العملية على الأقل .
( [1018] ) أنظر آنفاً فقرة 193 .
( [1019] ) استئناف مختلط 12 يونيه سنة 1895 م 7 ص 391 .
( [1020] ) استئناف مختلط 14 يناير سنة 1892 م 4 ص 133 .
( [1021] ) استئناف وطني 12 يناير سنة 1899 القضاء 6 ص 189 – الإسكندرية استئنافي 29 أبريل سنة 1897 القضاء 4 ص 357 – 3 ديسمبر سنة 1899 القضاء 5 ص 97 .
( [1022] ) استئناف وطني 17 نوفمبر سنة 1898 القضاء 6 ص 139 – مصر الكلية 26 نوفمبر سنة 1898 القضاء 6 ص 179 .
( [1023] ) وأورد المشرع المصري النص الفرنسي للمادة 8 من قانون الشفعة على الوجه الآتي :
Le droit de preemption subsiste, et la regle etablie a l'ar 5 ticle precedent que determine la preference est applicable, meme dans le cas ou l'ocquereur se trouverait dans les conditions prevues a l'article ler . Pour se render luimeme preempteur .
( [1024] ) وفي الفقه الإسلامي ، إذا شارك الشفيع المشتري الشفيع الذي هو من طبقته ، رأيان – رأي يذهب إلى تقسيم العقار المشفوع فيه على الشفيع والمشتري الشفيع بالتساوي . جاء في الفتاوى الهندية ( حنفي ) : " لو أن رجلاً اشترى داراً هو شفيعها ، ثم جاء شفيع مثله ، قضى القاضي بنصفها " ( الفتاوى الهندية 5 ص 178 ) . وجاء في ابن عابدين ( حنفي ) : لو اشترى إثنان داراً وهما شفيعان ، ثم جاء ثالث بعد ما اقتسما بقضاء أو غيره ، فله ، أي للشفيع ، أن ينقض القسمة ضرورة صيرورة النص ثلثا " ( ابن عابدين 5 ص 241 ) . ورأي يذهب إلى تقسيم العقار المشفوع فيه على الشفيع والمشتري الشفيع بنسبة حصة كل منهم في العقار المشفوع به . جاء في منح الجليل ( مالكي ) : " إذا كان مشتري الشقص أحد الشفعاء ، ترك للشريك المشتري حصته من الشقص الذي اشتراه التي يشفع فهيا لو بيع لغيره . فإن اشترى ذو السدس النصف ، ترك له ثلث ، وأخذ ذو الثلث ثلثيه " ( منح الجليل 3 ص 602 ) . هذا وهناك رأي ثالث يذهب إلى عدم جواز أخذ الشفيع بالشفعة إذا كان المشتري شفيعاً مثله . جاء في المغني ( حنبلي ) : " حكى عن الحسن والشعبي والبني أنه لا شفعة للشريك الآخر ، لأنها تثبت لدفع ضرر في الشريك الدخيل ، وهذا شركته متقدمة فلا ضرر في شرائه " ( المغني 5 ص 460 ) .
وأنظر على الخفيف في أحكام المعاملات الشرعية الطبعة الثانية ص 110 ما بعدها .
( [1025] ) فإذا شفع من مشتر في طبقته ، فاسمه العقار المشفوع فيه بنسبة حصته في العقار المشفوع به ( استئناف مصر 24 مايو سنة 1932 المحاماة 13 رقم 276 ص 528 – بني سويف الكلية 10 أكتوبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 245 ص 429 – منفلوط 11 ديسمبر سنة 1924 المحاماة 5 رقم 388 ص 459 – أحمد فتحي زغلول ص 90 - ص 91 – علي زكي العرابي فقرة 68 ص 43 – دي هلتس 3 لفظ preemption فقرة 46 ص 91 - وأنظر في حجج القائلين بهذا الرأي محمد كامل مرسي 3 فقرة 278 ص 276 – ص 277 – محمد علي عرفة 2 فقرة 338 ص 560 – ص 563 .
( [1026] ) استئناف مصر 24 نوفمبر سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 142 ص 334 – استئناف أسيوط 2 مارس سنة 1927 المحاماة 7 رقم 474 ص 814 –طنطا الكلية 17 مايو سنة 1920 المحاماة 1 رقم 62 ص 340 - الإسكندرية الكلية الوطنية 12 ابريل سنة 1923 المحاماة 4 رقم 98 ص 140 – استئناف مختلط 21 أبريل سنة 1904 م 16 ص 205 – 2 ديسمبر سنة 1906 م 19 ص 41 – 7 مارس سنة 1907 م 19 ص 169 - 16 مايو سنة 1907 م 19 ص 263 – 2 أبري سنة 1913 م 25 ص 279 – 10 مارس سنة 1925 م 37 ص 270 – وأنظر في حجج القائلين بهذا الرأي محمد كامل مرسي 3 فقرة 278 ص 277 - ص 280 .
( [1027] ) حامد فهمي في المشتري الشفيع كغيره من الشفعاء استحقاقاً ومزاحمة في مجلة المحاماة 8 ص 261 – ص 275 – عبد السلام ذهني في الأموال فقرة 506 ص 693 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 278 ص 280 – ص 282 – ومع ذلك أنظر محمد علي عرفة في تعلقيه على حكم محكمة النقض الصادر في 31 مايو سنة 1945 في مجلة القانون والاقتصاد 16 ص 415 ص 435 والجزء الثاني في أسباب كسب الملكية فقرة 341 .
( [1028] ) استئناف مصر 19 أكتوبر سنة 1937 المجموعة الرسمية 39 رقم 19 ص 48 – 29 مارس سنة 1944 المجموعة الرسمية 45 رقم 81 ص 147 – المحلة الكبرى 28 أبريل سنة 1940 المحاماة 21 رقم 67 ص 126 - ومع ذلك أنظر أسيوط الكلية 20 سبتمبر سنة 1944 المجموعة الرسمية 45 رقم 43 ص 85 – وأنظر في تطور القضاء في هذه المسألة محمد علي عرفة 2 فقرة 329 .
( [1029] ) وقد قضت محكمة النقض بأن النص الفرنسي للمادة 8 من قانون الشفعة ، وهو النص الأصلي الذي وضع به القانون ، يفيد تقرير حق الشفعة وتطبيق الأحكام الواردة في المادة 7 في الحالة التي يكون فهيا المشتري حائزاً لما يجعله شفيعاً . ولا يمكن أن يستفاد منه أن يكون حق الشفعة مقصوراً على حالة التزاحم بين شفعاء من طبقات مختلفة دون حالة التزاحم بين شفعاء من طبقة واحدة ، فالنص لا يحتمل هذه التفرقة ( نقض مدني 31 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 26 ص 709 – 5 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 119 ص 272 ) . وقضت محكمة النقض أيضاً بأنه متى كان يبين من الحكم أن المحكمة رجحت القول الذي يقول بعدم جواز الشفعة في الحالة التي يكون فيها الشفيع من مرتبة المشتري ، أخاذً بما انتهى إليه الشارع في المادة 937 من القانون المدني الجديد ، فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون على ما جرى به قضاء محكمة النقض ، وذلك لأن هذا النص الذي طبقته المحكمة لا يسري على الماضي ولا يعمل به إلا بالنسبة إلى المنازعات التي تقع ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 ، في حين أن دعوى الشفعة رفعت في سنة 1947 ( نقض مدني 11 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 30 ص 189 ) – وأنظر نقض مدني 14 مايو سنة 1953 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 718 رقم 68 - 3 مارس سنة 1955 نفس المجموعة جزء أول ص 718 رقم 70 .
( [1030] ) أنظر آنفاً فقرة 193 .
( [1031] ) وعندما ناقشت لجنة الأستاذ كامل صدقي هذه المسألة ، قال أحد الأعضاء " إنه يرى تفضيل المشتري حتى على الشفعاء الذين هم من طبقة أعلى ، واقترح تعديل النص بهذا المعنى ، واستند في ذلك إلى مبدأ حرية التعاقد وإلى أن المشتري في هذه الحالة يجمع بين صفتي المشتري والشفيع . وأخذ الرئيس الآراء على التعديل . . . . فرفضت اللجنة الاقتراح بأغلبية الآراء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 389 في الهامش ) . وقررت اللجنة تقديم الشفيع على المشتري ، إذا كان الشفيع أعلى طبقة من المشتري .
( [1032] ) أنظر في هذا المعنى شفيق شحاتة فقرة 252 ص 266 - عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 264 – عبد المنعم البدراوي فقرة 426 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 292 ص 430 – منصور مصطفى منصور فقرة 141 ص 336 – وأنظر استئناف مختلط 2 أبريل سنة 1913 م 25 ص 279 .
( [1033] ) أنظر آنفاً فقرة 200 .
( [1034] ) ومع ذلك جرى القضاء ، في عهد قانون الشفعة السابق ، بأن الشفيع الجار يقدم على المشتري الجار ، فيكون له حق الأخذ بالشفعة ، إذا كانت الشفعة تعود عليه بمنفعة أكبر وقد قضت محكمة استئناف مصرفي هذا المعنى بأنه إذا تعدد طالبو الشفعة من الجيران ، وكان المشتري أحد الشفعاء ، وجب أن يرجع منهم من تعود على ملكه منفعة من الشفعة أكثر من غيره ( استئناف مصر 12 يونيه سنة 1928 المحاماة 8 رقم 563 ص 930 ) . وأنظر استئناف مصر 6 ديسمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 317 ص 488 – 24 مايو سنة 1932 المحاماة 13 رقم 276 ص 538 – استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1904 م 16 ص 370 - وقضت محكمة النقض أيضاً في هذا المعنى بأن المادة الثامنة من قانون الشفعة تقضي أن حق الشفعة يبقى ولو كان المشتري حائزاً لما يجعله شفيعاً ، وفي هذه الحالة تتبع قواعد التفضيل المقررة في المادة السابقة لتزاحم الشفعاء . وتنص المادة السابعة على أنه إذا تعدد الجيران يقدم منهم من تعود على ملكه منفعة من الشفعة أكثر من غيره . وإعمالاً لهذين النصين كان على محكمة الموضوع أن توازن بين المنفعة التي تعود على ملك الشفيع وتلك التي تعود على ملك المشتري ، وأن تفصل في طلب الشفعة وفقاً لنتيجة الموازنة ، فتقضي بالشفعة للشفيع متى ثبت أن منفعة ملكه من الشفعة أكبر ، وترفض دعواه إذا كانت المنفعة التي تعود على ملك المشتري أكبر أو إذا تساوت المنفعتان . أما إذ هي لم تفعل ، ورفضت دعوى الشفعة بناء على المساواة في سببها ، فإنها تكون قد خالفت القانون ( نقض مدني 5 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 119 ص 272 ) .
وأنظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي 3 فقرة 278 ص 282 – ص 283 – محمد علي عرفة 2 فقرة 336 ص 566 .
( [1035] ) أنظر آنفاً فقرة 200 .
( [1036] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1388 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلم رغبته فيها لكل من البائع والمشتري في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بالبيع أو من تاريخ الإنذار الرسمي الذي أعلنه به البائع أو المشتري . ويزاد على تلك المدة ميعاد المسافة إذا اقتضى الأمر ذلك " . وفي لجنة المراجعة أضيف النص على سقوط الحق في الشفعة عند عدم إعلان الرغبة في الميعاد المقرر ، ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 1003 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب حذفت عبارة " من تاريخ علمه بالبيع أو " ، فتسري مدة الخمسة العشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي وحده دون العلم بالبيع ، " إذا دلت التجارب على أن إثبات العلم بالبيع كواقعة مادية يثير كثيراً من الإشكالات والقضايا ، فحسما لذلك رأت اللجنة أن تبدأ المدة من تاريخ الإنذار الرسمي وحده " ، ووافق مجلس النواب على النص بهذا التعديل تحت رقم 1010 . ويبدو أن التعديل الذي أدخله مجلس النواب بحذف سريان الميعاد من تاريخ العلم بالبيع قد أغفل إثباتهن فوصل النص بدون هذا العديل إلى لجنة مجلس الشيوخ ، فأدخلت هذه اللجنة التعديل ذاته مرة أخرى على النص ، إذ رأت " حسماً للخلاف ومنعاً للإشكالات أن تقتصر على أن الميعاد يبدأ من تاريخ الإنذار الرسمي لأنه تاريخ ثابت لا يحتمل التأويل ، ولذلك تقرر حذف عبارة من تاريخ علمه بالبيع أو " ، ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 940 ، وقد أصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 410 – ص 417 ) .
( [1037] ) قانون الشفعة السابق م 14 / 1 : يجب على من يرغب الأخذ بالشفعة أن يعلن البائع والمشتري بطلبه لها كتابة على يد محضر ، ويكون هذا الإعلان مشتملاً على عرض الثمن وملحقاته الواجب دفعها قانوناً .
م 19 / 2 : يسقط حق الشفعة في الأحوال الآتية : إذا لم يظهر الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة في ظرف خمسة عشر يوماً من وقت علمه بالبيع أو من وقت تكليفه رسمياً بإبداء رغبته سواء كان بناء على طلب البائع أو بناء على طلب المشتري . ويزاد على هذه المدة عند الاقتضاء ميعاد المسافة .
( وتتفق أحكام قانون الشفعة السابق مع أحكام التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أمرين : ( 1 ) كان من الواجب في قانون الشفعة السابق أن يتضمن إعلان الرغبة عرض الثمن وملحقاته ، أما في التقنين المدني الجديد فقد استغنى عن ذلك بإلزام الشفيع أن يودع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة . ( 2 ) كان ميعاد الخمسة العشر يوماً في قانون الشفعة السابق يسري إما من وقت علم الشفيع بالبيع أو من وقت إنذاره بوقوعه ، أما في التقنين المدني الجديد فلا يبدأ سريان هذا الميعاد إلا من تاريخ الإنذار لأنه تاريخ ثابت رسمياً فلا يقع الاختلاف فيه ، وقد حذف سريان الميعاد من وقت علم الشفيع بالبيع لأن العلم بالبيع واقعة غير منضبطة التاريخ وتثير كثيراً من الإشكالات إذا أريد إثباتها ) .
( [1038] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 944 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي : م 1138 العبارة الأولى ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني : م 247 / 2 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : وعلى الشفيع أن يطالب بحق الشفعة أثناء الأيام العشرة التي تلي التبليغ بعد إضافة مهلة المسافة ، تحت طائلة السقوط . ( والقانون اللبناني موافق للتقنين المصري ، فيما عدا أن ميعاد إعلان الرغبة عشرة أيام في القانون اللبناني بدلاً من خمسة عشر يوماً في التقنين المصري ) .
( [1039] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1389 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " يعلن الإنذار الرسمي المنصوص عليه في المادة السابقة على يد محضر ، وغلا كان باطلاً . ويجب أن يشتمل على ما يأتي : ( أ ) بيان العقار الجائز أخذه بالشفعة بياناً دقيقاً مع تعيين موقعه وحدوده ومساحته . ( ب ) بيان الثمن وشروط البيع واسم كل من البائع والمشتري ولقبه وصناعته ومحل سكنه " . وفي لجنة المراجعة عدل النص " بحذف العبارات المتضمنة تفصيلات لا حاجة لها " ، فأصبح كما يأتي : " يشمل الإنذار الرسمي المنصوص عليه في المادة السابقة البيانات الآتية ، وإلا كان باطلاً : ( أ ) بيان العقار الجائز أخذه بالشفعة بياناً كافيا . ( ب ) بيان الثمن وشروط البيع واسم كل من البائع والمشتري ولقبه وصناعته وموطنه " ، وصار رقمه 1014 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1011 . وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيف إلى مشتملات الإنذار الرسمي فضلاً عن بيان الثمن " المصروفات الرسمية " " مصاريف التسجيل وما يماثلهأ ، أما المصاريف الأخرى كأتعاب المحاماة والسمسرة فيجوز أن تكن محل مطالبة على حدة " ، وأصبح النص تحت رقم 941 مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق علهي مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 417 – ص 419 ) .
ويقابل النص في قانون الشفعة السابق م 21 : يجب أن يعلن التكليف الرسمي المنصوص عنه في الفقرة الثانية من المادة التاسعة عشرة على يد محضر ، وأن يشتمل على البيانات الآتية ، وإلا عد لاغياً . وهذه البيانات هي : أولاً – بيان العقار الجائز أخذه بالشفعة بياناً دقيقاً مع تعيين موقعه وحدوده ومقاسه . ثانياً – بيان الثمن وشروط البيع واسم ولقب وصنعة ومحل سكن كل من البائع والمشتري .
( وأحكام قانون الشفعة السابق في هذا الخصوص تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المدني الجديد )
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري لا مقابل
التقنين المدني الليبي : م 945 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي : م 1138 : على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته لكل من البائع والمشتري أو دائرة الطابو خلال خمسة عشر يوماً ، تاريخ إنذاره بالبيع إنذاراً رسمياً من البائع أو المشتري ، وإلا سقط حقه . ويجب أن يتضمن هذا الإنذار بيان العقار المبيع واضحاً وبيان الثمن وشروط البيع واسم كل من البائع والمشتري ومحل إقامته ، وإلا كان الإنذار باطلاً .
( والتقنين العراقي يوافق التقنين المصري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني : م 247 / 1 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : للمشتري بعد تسجيل العقد أن يعلم الشفعاء بالتسجيل بواسطة الكاتب العدل للمقيمين في لبنان ، ووفاقاً للمادة 362 من قانون أصول المحاكمات المدنية للمقيمين في بلاد أجنبية ، على أن يبين في التبليغ العقار المبيع وأوصافه وتاريخ التسجيل واسم العاقدين ومحل إقامتهما والثمن وملحقاته وشروط العقد .
( والقانون اللبناني يوجب على المشتري تسجيل البيع ثم إرسال تبليغ رسمي للشفيع يشتمل على بيانات مماثلة للبيانات المشار إليها في التقنين المدني المصري ) .
( [1040] ) ويجوز أن يوجه الإنذار إلى وكيل الشفيع ، إذا كان مفوضاً في تمثيل موكله أمام المحاكم وفي أن يتسلم عنه الأوراق والأحكام ( استئناف مختلط 3 أبريل سنة 1913 م 25 ص 281 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 414 ص 407 ) .
وسواء كان الإنذار موجهاً إلى الشفيع أو إلى وكيله ، فإنه يجب أن يكون إعلان هذا الإنذار في موطن المعلن إلهي أي في المكان الذي يقيم فيه عادة ( م 40 / 1 ) مدني ) ، لا في المكان الذي يباشر فيه تجارة أو حرفة فإن هذا المكان لا يكون موطناً إلا بالنسبة إلى إدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة ( م 41 مدني ) . وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ( أنظر ما يلي فقرة 205 ) .
( [1041] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 414 ص 407 .
( [1042] ) فإن كان الشفيع شريكاً مشتاعاً في العقار ، ووصف الإنذار العقار المبيع أنه حصة شائعة في هذا العقار مقدارها كذا فداناً بناحية كذا تتبعها ماكينة وسراي ومبان ، فهذا البيان كاف مانع للجهالة ، وقد قضت محكمة النقض بأن وصف العقار على هذا النحو كاف ، ومن شأنه تعريف الشفيع بالعقار المبيع تعريفاً نافياً للجهالة ، بحيث يستطيع أن يتدبر في أمر الصفقة فيأخذ بالشفعة أو يترك ، وبأن تقرير ما إذا كان بيان العقار المبيع كافياً أو غير كاف متروك لقاضي الموضوع ، فمتى أقام قضاءه على أسباب سائغة فلا معقب عليه من محكمة النقض ( نقض مدني 12 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 50 ص 174 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 5 أبريل سنة 1951 المحاماة 32 رقم 223 ص 429 – 7 نوفمبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 144 ص 1011 .
( [1043] ) أنظر التعديل الذي أدخلته لجنة مجلس الشيوخ في هذا الشأن ص 624 هامش 1 – وكان هذا التعديل الذي يقضي ببيان المصروفات الرسمية في الإنذار مفهوماً لو كان الشفيع يلتزم ، قبل رفع دعوى الشفعة ، بإيداع الثمن والمصروفات الرسمية . ولكننا سنرى ( أنظر ما يلي فقرة 214 ) أن الشفيع يلتزم بإيداع الثمن وحده دون المصروفات ، وسواء كانت المصروفات رسمية أو غير رسمية فستكون جميعها " محل مطالبة على حدة " . فليست هناك إذن فائدة واضحة مع ذكر المصروفات الرسمية بين البيانات التي يتضمنها الإنذار الرسمي ، وكان يكفي ذكر الثمن فهو وحده الذي يلتزم الشفيع بإيداعه خزانة المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة .
( [1044] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المقصود بشروط البيع التي استلزم القانون بيانها في الإنذار هي شروطه الأساسية التي لا بد من علم الشفيع بها ، حتى يستطيع الموازنة ين أن يقدم على طلب الشفعة أو لا يقدم . وإذ كان شرط منح المشتري أجلاً في الوفاء ببعض الثمن لا يتوقف عليه تقدير صاحب الحق في الشفعة لموقفه من حيث الأخذ بها أو تركها ، ذلك أنه ملزم في جميع الأحوال طبقاً للمادة 942 مدني بإيداع كل الثمن الحقيقي الذي حصل البيع به وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وقبل رفع الدعوى بها ، وإلا سقط حقه في الأخذ بالشفعة ، كما أنه طبقاً للمادة 945 مدني لا يستفيد الشفيع من الأجل الممنوح للمشتري إلا برضاء البائع ، وحتى في حالة حصول هذا الرضاء فإنه لا يترتب عليه إعفاء الشفيع من واجب إيداع كامل الثمن بما فيه المؤجل في الميعاد القانوني . ومن ثم فليس ثمة نفع يعود على الشفيع من علمه بشرط تأجيل الثمن قبل إعلان رغبته فيها ، وبالتالي فإن عدم اشتمال الإنذار الموجه من المشتري إلى الشفيع على هذا الشرط لا يترتب عليه بطلان هذا الإنذار . ولا يعتبر كذلك من شروط البيع التي توجب المادة 941 مدني اشتمال الإنذار عليها ما ورد في عقد البيع الصادر للمشتري من أن البائع له تلقى ملكية ما باعه بطريق الشراء من آخر بعقد ابتدائي ، كما لم يوجب القانون تضمين هذا الإنذار شروط عقد تمليك البائع ( نقض مدني 7 نوفمبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 144 ص 1011 ) .
( [1045] ) استئناف القاهرة 19 ديسمبر سنة 1950 المحاماة 32 رقم 154 ص 669 – شبين الكوم 18 ديسمبر سنة 1951 المحاماة 32 رقم 195 ص 833 – محمد علي عرفة 2 فقرة 284 ص 478 وص 480 - عبد المنعم فر الصدة فقرة 313 ص 470 .
( [1046] ) عبد المنعم البدراوي فقرة 451 .
( [1047] ) أنظر ما يلي فقرة 205 .
( [1048] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1390 / 1 و 3 و 4 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة يجب أن يكون على يد محضر ، وإلا كان باطلاً . 2 - ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير إلا إذا سجل في قلم الرهون بالمحكمة المختلطة الكائن في دائرتها العقار . 4 - وإذا كانت الشفعة بين مصريين ، يكتفي بحصول ذلك التسجيل في قلم كتاب المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقار المطلوب أخذه بالشفعة . وعلى يهذه المحكمة أن تبعث بصورة منه إلى قلم الرهون بالمحكمة المختلطة الكائن في دائرتها العقار ، لتسجيله من تلقاء نفسها . ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير من ذوي الجنسية الأجنبية الذين يخضعون لاختصاص المحاكم المختلطة إلا من تاريخ هذا التسجيل الأخير " . وفي لجنة المراجعة أدخلت بعض تعديلات لفظية ، وحذفت العبارة الأخيرةم ، الفقةر الثالثة كما حذفت الفقرة الرابعة ، وذلك مراعاة للتنسيق الخاص بأحكام التسجيل من حيث بيان جهة حصوله ، ووافقت اللجنة على النص بهذ االتعديل تحت رقم 1015 / 1 و 3 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1012 / 1 و 3 . وفي لجنة مجلس الشيوخ ضمت الفقرة الثالثة إلى الفقرة الأولى وجعلنا فقرة واحدة لاتصال حكمهما ، ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 942 / 1 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 420 – ص 425 ) .
ويقابل النص المادة 14 من قانون الشفعة السابق ( المعدلة بالقانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري ) : يجب على من يرغب الأخذ بالشفعة أن يعلن للبائع والمشتري طلبه لها كتابة على يد محضر ، ولأجل أن يكون هذا الإعلان حجة على الغير يجب تسجيله في مكتب الشهر الكائن بدائرته العقار .
( وقانون الشفعة السابق يتفق مع التقنين المدني الجديد ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأولى : التقنين المدني السوري : لا مقابل .
التقنين المدني الليبي : م 946 / 1 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي : م 1138 ( أنظر آنفاً ص 624 هامش 1 ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني : م 247 / 2 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : وعلى الشفيع أن يطالب بحق الشفعة . . . . ( والظاهر أن المقصود بالمطالبة بحق الشفعة هو رفع دعوى الشفعة كما سيجئ : أنظر ما يلي ص 670 هامش 2 . وعلى ذلك لا يشترط في القانون اللبناني أن يسبق رفع دعوى الشفعة إبداء الرغبة في الأخذ بها .
( [1049] ) أنظر آنفاً فقرة 203 .
( [1050] ) نقض مدني 21 أكتوبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 73 ص 200 – 18 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 193 ص 546 – 7 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 44 ص 121 – 8 يناير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 255 ص 516 – استئناف مصر 4 مايو سنة 1925 المحاماة 6 رقم 20 ص 23 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 407 ص 398 – محمد علي عرفة 2 فقرة 288 ص 483 – ويصح للشفيع أن يوجه إعلاناً واحداً لكل من البائع والمشتري ، كما يصح أن يوجه إليهما إعلانيين مستقلين ( استئناف مختلط 18 يناير سنة 1927 م 39 ص 171 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 407 ص 399 ) . وإذا كان طلب الشفعة ناقصاً وأكمله الشفيع بطلب لاحق ، فلا بد من إعلان الطلب اللاحق في الميعاد القانوني وإلا بطلت الشفعة ، لأن الطلب الذي قدم في الميعاد القانوني ناقص فلا يعتد به ، ولأن الطلب اللاحق الذي يكمل الطلب السابق أعلن بعد الميعاد القانوني فلا يعتد به أيضاً ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 416 ) .
( [1051] ) وإذا تعدد البائعون أو المشترون ، وجب إعلانهم جميعاً بطلب الشفعة في الميعاد القانوني . ومع ذلك قضت محكمة النقض بأنه إذا دفع بسقوط حق الشفيع لعدم توجيهه إنذار الرغبة إلى جميع البائعين . فأجاب الشفيع على ذلك بها أسماءهم وأماكنهم على حقيقتها ، وكان المشتري لم يعترض على هذه الصحيفة بأي اعتراض ولم يوجه إليها أي طعن ولم يقدم أي دليل على عدم صحة هذه الإجابة ، فإن أخذ المحكمة بها لا يكون خطأ في القانون ولا يعباً في الاستدلال ( نقض مدني 29 نوفمبر سنة 1951 مجلة التشريع والقضاء 5 رقم 91 ص 157 – وأنظر محمد علي عرفة 2 فقرة 288 ص 483 ) .
( [1052] ) وقد قضت المادة 940 مدني ( أنظر آنفاً فقرة 203 ) بإعلان الرغبة يجب أن يوجه إلى كل من البائع والمشتري ، وإلا سقط حق الشفيع . وكانت المادة 14 / 1 من قانون الشفعة السابق تنص على أنه " يجب على من يرغب الأخذ بالشفعة أن يعلن البائع والمشتري بطلب كتابة على يد محضر " ، ولم ينص صراحة على السقوط . فذهب رأي إلى أن إغفال إعلان البائع بطلب الشفعة لا يؤدي إلى سقوطها بحجة عدم النص صراحة على السقوط ( أسيوط الكلية 12 يونيه سنة 1937 المحاماة 8 رقم 188 ص 369 – وقارن نقض مدني 21 أكتوبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 73 ص 200 ) ، ومن أجل ذلك نص التقنين المدني الجديد في المادة 940 منه كما رأينا صراحة على سقوط حق الشفيع . وذهب رأي كذلك ، في عهد قانون الشفعة السابق ، إلى أن طلب الشفعة يجوز أن يكون بإعلان غير رسمي ولو بكتاب في البريد لنفس السبب وهو عدم النص صراحة على السقوط في المادة 14 / 1 من قانون الشفعة السابق ( استئناف مصر 7 مارس سنة 1929 المحاماة 9 رقم 309 ص 514 – الإسكندرية الوطنية 17 ديسمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 290 ص 581 – أسيوط الكلية 22 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 441 ص 857 – استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1906 م 18 ص 3427 – 6 فبراير سنة 1917 م 29 ص 199 ) ، ومن أجل ذلك نص التقنين المدني الجديد ، على هذا الوجه ، كل الخلافات التي كانت قائمة في شأن هذين الأمرين ( محمد كامل مرسي 3 فقرة 406 – محمد علي عرفة 2 فقرة 288 ) .
( [1053] ) أنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 286 ص 480 - ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض بأن المحل المقصود في المادة السادسة من قانون المرافعات ( القديم ) هو المركز المنسوب إلى الشخص الذي يفترض أنه عالم بما يجري فيه مما يتعلق بنفسه وأنه موجود فيه دائماً ولو غاب عنه بعض الأحيان . والمحل بهذا المعنى ، كما يجوز أن يكون محل سكن الشخص الذي يعيش فيه ، يجوز أن يكون محل عمله الذي يقوم فيه باستيفاء ماله وإيفاء ما عليه ، وإذا كانت المادة السابعة من قانون المرافعات ( القديم ) قد تحدثت من خادم المعلن إليه أو أقاربه الساكنين معه ، فإن هذا معناه أن أحكام المادة المذكورة واجبة التطبيق حين يكون الإعلان قد وجه إلى مسكن المارد إعلانه . وهو لا يعني بحا أن الشارع لم يرد بالمحل إلا المسكن ، إذ لو كان ذلك مراد الشارع لكان سهلاً أن ينص على وجوب الإعلان في المسكن ، بدلاً من أن ينص على وجوبه في المحل ، مع الفارق الواضح في مدلول اللفظين . وعلى ذلك يكون إنذار إظهار الرغبة الذي أعلن في مكتب المقاولات صحيحاً ( نقض مدني 31 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 33 ص 80 ) – وأنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 407 ص 399 هامش 3 .
ولكن جد بعد حكم محكمة النقض أن صدر التقنين المدني الجديد يعرف الموطن بأنه " المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة " ( م 40 / 1 مدني ) ، فأصبح الإعلان في غير هذا المكان لأن يجوز ، إلا فيما يتعلق بتجارة الشخص أو حرفته فيكون الموطن عندئذ الذي يجوز إعلان الشخص فيه هو المكان الذي يباشر فيه الشخص التجارة أو الحرفة ( م 41 مدني ) .
( [1054] ) واشتمال إعلان الرغبة على رأي الشفيع في بطلان عقد البيع لصدوره وقت التفكير في الحجر على البائع أو لأنه تناول أكثر مما يملك ، لا يزيل الآثار القانونية المترتبة على هذا الإعلانن متى كان قد تضمن إبداء الرغبة في الأخذ بالشفعة بصورة تكفي للتعبير عن نيته ( نقض مدني 27 يناير سنة 1955 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 720 رقم 81 ) .
( [1055] ) أنظر آنفاً ص 451 . أما بالنسبة إلى الغير ، فلا بد من تسجيل الحكم الصادر بثبوت الحق في الشفعة ، أو تسجيل الورقة المثبتة للتراضي على الأخذ بالشفعة ، وسيأتي تفصيل ذلك . ويلاحظ أن حلول الشفيع محل المشتري بإعلان الرغبة في الشفعة لا بد أن يكون خالياً من النزاع ، ولا يخلو من النزاع إلا بأحد أمرين : تسليم المشتري بالشفعة أو صدور حكم نهائي بها . ولكن كلاً من تسليم المشتري والحكم بالشفعة لا ينشئ حق الشفيع في الحلول محل المشتري ، ولكن يكشف عنه ويجعله خالياً من النزاع على الرأي الذي نذهب إليه فيما سيجئ . والحكم بالشفعة يقتضي رفع دعوى بالشفعة وقيد الدعوى في المواعيد القانونية ، ولا تكون الدعوى مقبولة إلا إذا أودع الشفيع الثمن خزانة المحكمة قبل رفعها .
( [1056] ) وقد يقال إن الشفيع يستطيع العدول عن الأخذ بالشفعة بعد إعلان رغبته فيها عن طريق عدم إيداع الثمن أو عدم فع الدعوى في الميعاد القانوني . وهذا صحيح ، ولكن يبقى أنه ملزم بإرادته التي أعلنها بحيث لو سلم المشتري بالشفعة إثر إعلانه برغبة الشفيع فيها ، خلا حق الشفيع من النزاع وثبتت شفعته ، حتى لو عدل عن الإرادة التي أعلنها .
( [1057] ) أنظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي 3 فقرة 417 .
( [1058] ) أنظر في هذا المعنى محمد علي عفة 2 فقرة 297 ص 500 – ويذهب إلى أن قيد الدعوى بالجدول يجوز أن يتم في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان صحيفة الدعوى ، لأن المشرع اشترط رفع الدعوى وقيدها في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة ( م 943 مدني ) ، وبما أن إعلان صحيفة الدعوى قد تضمن في نفس الوقت إعلان الرغبة فيكون من حق الشفيع أن يتراخى في قيد دعواه حتى ستنفد هذا الميعاد ( محمد علي عرفة 2 فقرة 297 ص 500 ) . ونرى صحة ما يذهب إليه في ذلك ، على أنه يلاحظ أن تقنين المرافعات قد عدل في هذه المسألة ، فأصبح قيد الدعوى يسبق إعلان صحيفتها كما سنرى ، ومن ثم لا يتأتى الآن للشفيع أن يعلن صحيفة الدعوى قبل أن يقيد الدعوى .
( [1059] ) استئناف مصر 11 أبريل سنة 1950 المحاماة 31 رقم 163 ص 546 – طنطا الكلية 16 يوليه سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 رقم 9 ص 19 – 12 مايو سنة 1917 المجموعة الرسمية 19 رقم 9 ص 8 – مصر الكلية 26 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 227 ص 402 – أسيوط الكلية 22 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 441 ص 857 - 13 يونيه سنة 1937 المحاماة 18 رقم 188 ص 369 – استئناف مختلط أول مايو سنة 1902 م 14 ص 275 – 6 أبريل سنة 1920 م 32 ص 257 – 10 مارس سنة 1921 م 33 ص 209 – 10 يونيه سنة 1930 م 42 ص 550 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 408 ص 400 – شفيق شحاتة فقرة 269 ص 279 – عبد المنعم البدراوي فقرة 449 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 314 ص 474 – منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 343 – وأنظر آنفاً ص 627 .
( [1060] ) طنطا الكلية 16 يوليه سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 رقم 9 ص 19 – مصر الكلية 26 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 227 ص 402 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 408 .
( [1061] ) أنظر آنفاً ص 627 .
( [1062] ) أنظر آنفاً ص 632 .
( [1063] ) أنظر آنفاً فقرة 203 .
( [1064] ) أنظر آنفاً ص 622 هامش 1 .
( [1065] ) أنظر آنفاً ص 621 هامش 1 .
( [1066] ) فإذا وقع بيع يجوز الأخذ فيه بالشفعة وحصل العلم به قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، أي قبل سريان التقنين المدني الجديد وفي أثناء سريان قانون الشفعة السابق ، سرى هذا القانون الأخير ، ووجب على الشفيع طلب الشفعة في خلال خمسة عشر يوماً من يوم إنذاره بالبيع أو من يوم علمه به . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان البيع سبب الشفعة قد انعقد في ظل قانون الشفعة القديم ، في حين أن طلب الشفعة قد بدأت إجراءاته في ظل القانون المدني الجديد ، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه أن يكون أحال الدعوى إلى التحقيق لإثبات تاريخ العلم بالبيع ، ذلك أن العلم بالبيع كواقعة إنما يخضع في إثباته للقانون الذي كان سارياً وقت حصوله ( نقض مدني 10 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 87 ص 657 ) . وقضت أيضاً في نفس المعنى بأنه متى كان الثابت أن عقد البيع أساس الشفعة قد انعقد قبل 15 أكتوبر سنة 1949 تاريخ العمل بالقانون المدني الجديد ، وحصل العلم به قبل هذا التاريخ كان قانون الشفعة القديم هو الذي يجب تطبيقه على إثبات علم الشفيع بالبيع . فيجوز للمحكمة في هذه الحالة بأن تقضي ، ولو بعد 15 من أكتوبر سنة 1949 ، بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المشتري بكافة الطرق أن الشفيع علم بالبيع 5 قبل 15 من أكتوبر سنة 1949 ، وأنه لم يبد رغبته في الأخذ بالشفعة في مدى خمسة عشر يوماً من تاريخ العلم . ولا يجوز لها أن تطبق في هذا الخصوص ما نصت عليه المادة 940 من القانون المدني الجديد من أن الخمسة عشر يوماً لا تبدأ من تاريخ العلم بل من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجه إلى الشفيع من البائع أو المشتري ، لأن في هذا التطبيق إخلالاً بالقاعدة العامة وهي عدم سريان القانون على الوقائع السابقة على العمل به ( نقض مدني 4 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 92 ص 578 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 4 فبراير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 18 ص 117 – أما بالنسبة إلى سائر إجراءات الشفعة ، فقد استقر قضاء محكمة النقض على أن العبرة بالوقت الذي يقع فيه إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة . فإن كان هذا الوقت سابقاً على 15 أكتوبر سنة 1949 فقانون الشفعة السابق هو الذي يسري على سائر الإجراءات التي تلى إعلان الرغبة ، وإن كان وقت إعلان الرغبة غير سابق على 15 أكتوبر سنة 1949 فالتقنين المدني الجديد هو الذي يسري . أنظر نقض مدني 13 مايو سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 131 ص 876 – 4 فبراير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 18 ص 117 – وأنظر ما يلي ص 678 هامش 3 .
وإذا طبقت قانون الشفعة السابق فيما يتعلق بالعلم بالبيع فإن المقصود بالعلم هو العلم بإمكان عقد البيع ، أي العلم التفصيلي بالبيع وبالثمن وبالشروط الأساسية مما يمكن الشفيع من تقدير ما إذا كان يأخذ بالشفعة أو لا يأخذ بها ( نقض مدني 18 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 193 ) . وقد قضت محكمة النقض بأن علم الشفيع بأركان البيع وحدها يوجب عليه المبادرة إلى طلب الشفعة في الميعاد الذي عينه القانون ، ولا يقبل منه في هذه الحالة إذا هو أخر الطلب عن ميعاده الاعتذار بأنه ما كان يعلم هل اقترن البيع بشروط أم لم يقترن ، لأن الأصل في التصرفات أن تكون خالية من الشروط ( نقض مدني 26 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 128 ص 282 ) . ويسري الميعاد من تاريخ العلم بالبيع ، لا من تاريخ العلم بالتسجيل ، لأن الحق في الشفعة ينشأ عند تمام البيع لا عند تسجيله ( استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 102 – 11 يناير سنة 1927 م 39 ص 142 ) ، ولا من تاريخ العلم بقرار المجلس الحسبي القاضي بالموافقة على بيع أطيان القاصر إذا وقع البيع بعد صدور هذا القرار ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 333 ص 1107 ) . وتجب ملاحظة أن العلم المسقط لحق الشفعة هو العلم الواقعي لا العلم الافتراضي ، وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد قضى بسقوط حق الشفيع بناء على أن إعلانه أحد البائعين برغبته في الأخذ بالشفعة وإدخاله في الدعوى كان بعد الميعاد القانوني مع علم الشفيع بأن هذا الذي أعلن بعد الميعاد أن من ضمن البائعين ، محصلاً قيام هذا العلم من كون الشركة التي يمثلها الشفيع كانت قد اشترت الأرض التي تشفع بها من هؤلاء البائعين أنفسهم ومنهم ذلك البائع ، ومن أن الشفيع عندما أعلن البائعين عدا البائع المذكور ذكر أنهم ورثة فلان وهذا البائع من هؤلاء الورثة ، وقائلاً إن تغيير شخص مدير الشركة طالبة الشفعة فيما بني البيع لها والبيع للمشفوع منه لا ينفي سابق علمها لأن الشركة لها شخصية واحدة مستمرة ، وأن خطأها أو تقصيرها في الالتجاء إلى السجل لتتعرف منه على وجه الدقة أسماء جميع البائعين يحملها تبعة السهو الذي ادعت حصوله في مسودة عقدها ونتج عنه سقوط اسم ذلك البائع الأخير ، فهذا الحكم يكون قد خالف القانون لانحرافه عن تحري العلم الواقعي الذي يحتمه القانون إلى العلم الافتراضي الذي لا يكفي في هذا المقام ( نقض مدني 7 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 44 ص 121 ) . وأنظر أيضاً أحكاماً أخرى لمحكمة النقض في مسألة العلم في مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول : نقض مدني 8 يونيه سنة 1944 ص 722 رقم 96 ( لا يكفي إثبات علم الشفيع إذا كان تاريخ العلم غير معين بالضبط ) – 9 مارس سنة 1950 ص 722 رقم 92 ( علم الشفيع بأسماء بعض المشترين دون بعض يجعل الميعاد يسري فيما يتعلق بالمشترين الذين علم بهم الشفيع – وفي هذا المعنى أيضاً 5 نوفمبر سنة 1953 ص 722 رقم 93 ) – 15 يونيه سنة 1950 ص 722 رقم 91 ( استخلصت المحكمة استخلاصا سائغاً عدم علم الشفيع بالبيع من أن الإنذار الموجه إليه بوقوع البيع خال من إسناد تاريخ علمه إلى تاريخ سابق على تاريخ الإنذار ) – 8 مايو سنة 1952 ص 723 رقم 99 ( علم زوج الشفيعة وأولادهما وهم يباشرون أعمالها قرينة على علم الشفيعة نفسها ) – 4 ديسمبر سنة 1952 ص 722 رقم 95 ( تحصيل العمل من كتاب موصي عليه مرسل للشفيع متضمناً لأركان البيع وشروطه الأساسية ) – 26 فبراير سنة 1953 ص 723 رقم 98 ( إثبات إطلاق الشفيع على عقد البيع يكفي لإثبات العلم ) – أما إذا كانت واقعة العلم بالبيع قد حصلت وقت سريان التقنين المدني الجديد ، فأحكام هذا التقنين هي التي تسري ، ولا يعتد بالعلم وإنما يعتد بالإنذار الرسمي بوقوع البيع . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه إذا كانت واقعة العلم بالبيع مدعى بحصولها في يوم 5 من سبتمبر سنة 1951 ، فلازم ذلك معاملتها بحكم التقنين المدني الجديد النافذ اعتباراً من 15 أكتوبر سنة 1949 ، وإذا كان حق الشفيع في إعلان الرغبة في ظل هذا التقنين وطبقاً للمفهوم من نص المادة 490 مدني منه لا يسقط إلا بمضي خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري ، وكان المشتري لم يدفع أنه قد وجه هو أو البائع هذا الإنذار إلى الشفيعة ، فإن حقها في إعلان رغبتها في الشفعة لا يسقط بالإقرار المنسوب إليها في إنذار الشفعة المقدم للشهر في 6 من سبتمبر سنة 1951 بأنها علمت في اليوم السابق على ذلك البيع ، ويبدأ سريان ميعاد الرغبة في الأخذ بالشفعة من وقت الإنذار لا من وقت العلم ( نقض مدني 4 مارس سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 ص 117 ) .
ويقع عبء إثبات العلم بالبيع على المدعى عليه في دعوى الشفعة ، وله أن يثبته بجميع طرق الإثبات لأنه واقعة مادية ، ولكن لا يكفي مجرد جوار الشفيع لافتراض العلم ( استئناف وطني 25 مارس سنة 1898 القضاء 5 ص 218 – 19 نوفمبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 4 رقم 27 ص 63 – 26 فبراير سنة 1907 الاستقلال 6 ص 244 - استئناف مختلط أول مايو سنة 190 م 14 ص 275 – 6 أبريل سنة 1904 م 16 ص 182 - 14 يونيه سنة 1906 م 18 ص 327 – 16 مايو سنة 1939 م 51 ص 324 – 5 مارس سنة 1940 م 52 ص 174 – 30 يونيه سنة 1941 م 53 ص 244 ) . وواقعة العلم مسألة موضوعية يستخلصها قاضي الدعوى من أدلة وقرائن يصح أن تؤدي إليها عقلاً . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا دفع في دعوى الشفعة بسقوط الحق في رفعها لعدم توجيهها إلى جميع البائعين ، فطلب المدعى التأجيل لإدخال من لم توجه إليه منهم ، فأجابته المحكمة إلى طلبه ، فطلب صورة عقد البيع لمعرفة أسماء ميع البائعين ودفع رسم الصورة وسلمت الصورة في التاريخ الذي ذكرته المحكمة في حكمها إلى وكيله في دعوى الشفعة بالذات ، ولكنه تأخر في إعلان باقي البائعين أكثر من شهرين من تاريخ تسلم وكيله الصورة ، فاستخلصت المحكمة من ذلك وغيره مما ذكرته في حكمها أنه كان يعلم بأسماء البائعين الباقين من تاريخ تسلم وكيله أو بعد ذلك بزمن وجيز ، فإن استخلاصها ذلك سائغ وفي حدود سلطتها ( نقض مدني 21 أكتوبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 73 ص 200 ) . وإذا كان لا يكفي علم وكيل الشفيع بالبيع إذا كان الشفيع شخصياً يجهله ( استئناف مختلط 29 يناير سنة 1903 م 5 ص 121 – 2 يونيه سنة 1904 م 16 ص 313 ) ، فإنه إذا رفضت المحكمة طلب الشفعة اعتماداً على أن الشفيع نفسه ، لا وكيله فقط ، قد علم بحصول البيع وسكت عن طلب الشفعة حتى انقضت المواعيد القانونية ، وذكرت في حكمها القرائن والدلائل التي اطمأنت إليها في تكوين عقيدتها بقيام هذا العلم الشخصي ، فلا شأن لمحكمة النقض مها ( نقض مدني 21 مايو سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 368 ص 1127 ) .
( [1067] ) وقد قضت محكمة النقض ، في عهد قانون الشفعة السابق وبالنسبة إلى سريان الميعاد من وقت العلم بالبيع ، بأن المادة 19 من قانون الشفعة ، إذ نصت على أن إظهار الشفيع رغبته يكون في خلال خمسة عشر يوماً " من وقت علمه بالبيع " ، لم ترد أن تجعل هذه الخمسة عشر يوماً تبتدئ من لحظة العلم بالبيع ، بل أرادت أن تجعلها تبتدئ من اليوم التالي لتاريخ العلم به ( نقض مدني 2 0 يونيه سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 288 ص 874 ) . وأنظر أيضاً استئناف مختلط 22 يناير سنة 1924 المحاماة 4 رقم 595 – وكانت محكمة استئناف مصر قد قضت على العكس من ذلك بأنه يجب حساب اليوم الذي حصل فيه العلم بالبيع داخلاً في مدة الخمسة عشر يوماً المقررة قانوناً لإبداء الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة وإلا سقط حقه فيها ، بغير التفات إلى ساعة العلم ( استئناف مصر 21 نوفمبر سنة 1934 المحاماة 15 رقم 229 ص 489 ) .
( [1068] ) استئناف مختلط 22 يناير سنة 1924 المحاماة 4 رقم 595 ص 787 – وإذا أعلن واحد منهما في الميعاد وأعلن الآخر بعد فوات الميعاد ، سقط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 314 ص 473 – منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 343 ) .
( [1069] ) وقد قضت محكمة النقض بأن العبرة في انتهاء الميعاد هي بحصول الإعلان فعلاً إلى البائع والمشتري ، لا بتسليم ورقة الإعلان لقلم المحضرين ، لأن نص المادة 14 ( من قانون الشفعة السابق ) صريح في وجوب الإعلان ، والإعلان لا يكون بالتسليم لقلم المحضرين وإنما يكون بالطرق المقررة في قانون المرافعات . يؤكد هذا النظر ما جاء في آخر الفقرة الثانية من المادة 19 ( من قانون الشفعة السابق ) من أنه " يزاد على هذه المدة ( أي مدة الخمسة عشر يوماً ) عند الاقتضاء ميعاد المسافة " ، مما يقطع بأن المقصود بإظهار الرغبة هو بالإعلان أي بتسليم الورقة للمعلن إليه أو في محله على حسب الأصول المرسومة في القانون . فإنه لو كان يكفي مجرد التسليم لقلم المحضرين ، لما كان هناك محل للنص على ميعاد المسافة ، ولكان الشارع بين ما يجب على الشفيع إتباعه بعد هذا التسليم إذ التسليم بذاته ليس فيه أي إعلان للخصم . وإذن فالحكم الذي يبني قضاءه على أن العبرة في احتساب مدة إظهار الرغبة في الشفعة هي بحصول الإعلان إلى البائع والمشتري ، لا بتقديم الورقة إلى قلم المحضرين ، يكون قد أصاب في تطبيق القانون ( نقض مدني 12 أبريل سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 234 ص 616 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 8 يناير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 255 ص 516 - 29 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 42 ص 144 .
( [1070] ) نقض مدني 25 يناير سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 163 ص 314 .
( [1071] ) وأنظر المادة 22 مرافعات في تحديد مواعيد المسافة لمن يكون موطنهم في الخارج .
( [1072] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا تبين أن محكمة الموضوع أخطأت في احتسابه الميعاد ، إذ لم تمده لليوم الثاني للعطلة ولم تضف إليه ميعاد المسافة ، تعين قبول هذا الدفع ( نقض مدني 25 يناير سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 163 ص 314 ) . وأنظر أيضاً نقض مدني 19 مايو سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 123 ص 373 .
( [1073] ) ولا يقال إن ميعاد الخمسة العشر يوماً قد انتهى ، وتلى انتهاءه أيام عطلة فيتوقف سريان الميعاد ، ثم يستأنف السريان عقب انتهاء أيام العطلة لمدة يومين آخرين هما ميعاد المسافة ، فيكون للشفيع عقب انتهاء أيام العطلة يومان لا يوم واحد . لا يقال ذلك ، فإن سريان الميعاد لا يتوقف في أيام العطلة بل يستمر ، فينقضي في أثنائها اليومان المعطيان للمسافة ، ويصادف انقضاؤهما يوم عطلة ، فيمتد الميعاد إلى اليوم التالي لانتهاء أيام العطلة ، ولا يمتد إلى أكثر من ذلك . وقد قضت محكمة النقض بأن ميعاد المسافة بحسب المادة 17 مرافعات ( قديم ) إنما هو زيادة على أصل الميعاد ، وكونه زيادة على الأصل يفيد بداهة أنه يتصل به مباشرة بحيث يكون هو وإياه ميعاداً واحداً متواصل الأيام . فإذا كان الميعاد ينتهي آخره وسط أيام عطلة تستمر من بعده ، وكان لصاحب الشأن ميعاد مسافة ، فإنه يأخذ هذا الميعاد متلاحقاً متصلاً مباشرة بأيام أصل الميعاد ، وإن مبدأ القانون في شأن المواعيد أن العطلة غير موفقة لسريانها ، بل إنها ستري في أثنائها وكل ما أجازه بحسب مفهوم المادة 18 مرافعات ( قديم ) أن الميعاد إذا وقع آخره يوم عطلة ، فإنه يمتد لليوم التالي . فإن كانت الأيام التالية هي أيضاً أيام عطلة ، امتد الميعاد لأول يوم عمل بعد هذه العطلة ( نقض مدني 20 يونيه سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 288 ص 874 ) .
( [1074] ) استئناف مختلط 28 مايو سنة 1946 م 59 ص 4 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 411 ص 404 – ص 405 .
( [1075] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1397 ( ب ) من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " . . . لا يجز الأخذ بالشفعة في الحالتين الآتيتين : . . . . ( ب ) إذا انقضت ثلاثة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع ، ويسري هذا الميعاد حتى في حق ناقصي الأهلية والغائبين " . وفي لجنة المراجعة حذف سريان مدة ثلاثة الأشهر في حق ناقصي الأهلية والغائبين اكتفاء بالقواعد العامة ، وأضيفت حالة جديدة تتضمن سقوط الحق في الأخذ بالشفعة إذا انقضت سنة كاملة عن وقت وضع يد المشتري على العقار المبيع ، وأصبح النص رقمه 1022 ( ب ) و( ج ) في المشروع النهائي . " ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 1019 ( ب ) و ( ج ) وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت بعبارة " ثلاثة أشهر " في البند ( ب ) عبارة أربعة " أشهر " توخياً للتيسير ، وحذف البند ( ج ) المتعلق بسقوط حق الشفعة بانقضاء سنة من وقت وضع يد المشتري على العقار ، خشية أن يكون الحكم الوارد فيه محل إشكالات في المستقبل ، ولأن فائدته العملية تتضاءل كل التضاؤل إزاء نص البند ( ب ) ، ولأن هذا الحكم قد يؤيد إلى التلاعب بقصد إضاعة حق الشفيع . وأصبح رقم النص 948 ( ب ) . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 442 – ص 446 ) .
ويقابل النص في المادة 22 من قانون الشفعة السابق : يسقط الحق في الشفعة في سائر الأحوال بعد مضي ستة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع ، وذلك بالنسبة لكافة الشفعاء ولو كان الشفيع غير أهل للتصرف أو غائباً . ( والمدة في قانون الشفعة السابق ستة أشهر ، وقد أنقصت في التقنين المدني الجديد إلى أربعة أشهر ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري : لا مقابل
التقنين المدني الليبي م 952 ( ب ) : يسقط الحق في الأخذ بالشفعة في الأحوال الآتية : . . . ( ب ) إذا انقضت سنة من يوم قيد عقد البيع ، سواء كان الشفيع حاضراً أو غائباً . ( والمدة في التقنين الليبي سنة بدلاً من أربعة أشهر في التقنين المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 1134 ( و ) : لا تسمع دعوى الشفعة . . . ( و ) إذا انقضت ستة أشهر من يوم تمام البيع ، ويسري هذا الميعاد حتى في حق المحجورين والغائبين . ( والمدة ي التقنين العراقي ستة أشهر من يوم تمام البيع ، ولكن البيع في التقنين العراقي يتم في دائرة الطابو ، في حين أن المدة في التقنين المصري هي أربعة أشهر ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 248 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : إذا لم يحصل التبليغ المبين في المادة السابقة ( تبليغ الشفيع بوقوع البيع ) ، يسقط حق الشفعة بعد مضي سنة من تاريخ تسجيل العقد في السجل العقاري ، وتسري هذه المدة بحق فاقدي الأهلية والغائبين وإن المدة المذكورة في هذه المادة وفي المادة السابقة لا تنقطع إلا بإقامة الدعوى بطلب الشفعة أمام محكمة محل وجود العقار الصالحة بحسب الثمن المذكور في العقد . ( والقانون اللبناني يجعل المدة سنة بدلاً من أربعة أشهر في التقنين المصري ) .
( [1076] ) بدلاً من خمسة عشر يوماً من وقت الإنذار الرسمي حيث يكون علم الشفيع بوقوع البيع علماً يقينياً لا علماً افتراضياً .
( [1077] ) وكانت لجنة الأستاذ كامل صدقي هي التي أنقصت المدة إلى ثلاثة أشهر ، إذ استطلع رئيس اللجنة رأي الأعضاء فيما إذا كانوا يقرون اقتراحه بتخفيض مدة ستة الأشهر الرئيس ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 443 في الهامش ) .
( [1078] ) أنظر آنفاً ص 641 هامش 2 .
( [1079] ) استئناف مختلط 3 يناير سنة 1928 م 40 ص 116 – 9 يناير سنة 1945 م 57 ص 36 – وإذا طالب الشفيع المشتري باستحقاقه للأرض المبيعة لسبب آخر غير الشفعة ورفع عليه دعوى الاستحقاق ، فإن مواعيد الشفعة تبقى معلقة في أثناء دعوى الاستحقاق ، حتى إذا بت في هذه الدعوى لصالح المشتري ، عادت مواعيد الشفعة إلى السريان ( استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1904 م 16 ص 138 – 31 مايو سنة 1906 م 18 ص 311 ) . وأنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 546 ص 525 هامش 3 – محمد علي عرفة 2 فقرة 354 ص 581 .
( [1080] ) أنظر آنفاً ص 641 هامش 2 .
( [1081] ) ولا يسري الميعاد من يوم تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد المرفوعة من المشتري على البائع في شأن البيع المشفوع فيه . وقد قضت محكمة النقض بأن ميعاد سقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة المنوه عنه في المادة 22 من قانون الشفعة ( القديم ) يبدأ من يوم الحكم بصحة عقد البيع ، لا من يوم تسجيل صحيفة الدعوى ( نقض مدني 8 يناير سنة 1953 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 724 ) . وقضت بأنه إذ كانت المادة 22 من قانون الشفعة صريحة في النص على سقوط الحق في الشفعة بعد مضي ستة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع ، وإذا كان النص على سقوط حق إذا لم يستعمل في مدة معينة يجب التزام حدوده ، فإن الحق في الشفعة لا يسقط بمضي ستة أشهر على تاريخ صحيفة الدعوى المرفوعة بشأن عقد شراء الأطيان المشفوع فيها ، سواء أكانت هذه الدعوى دعوى صحة تعاقد أم صحة توقيع ( نقض مدني 13 أبريل سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 109 ص 425 ) . وأنظر أيضاً في هذا المعنى استئناف مختلط 17 ديسمبر سنة 1946 م 59 ص 33 .
( [1082] ) وقد جرت الأحكام ، في عهد قانون الشفعة السابق ، على حساب ميعاد الستة الأشهر بحسب التقويم الهجري . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا سجل عقد البيع في 2 من ربيع الأول ، فإن دعوى الشفعة المرفوعة في 3 من رمضان تكون جائزة ( استئناف مصر 8 فبراير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 522 ص 870 ) . وأنظر استئناف مختلط 22 مارس سنة 1921 م 33 ص 223 – 18 نوفمبر سنة 1924 م 37 ص 16 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 545 – محمد علي عرفة فقرة 354 ص 582 .
( [1083] ) وللمحكمة أيضاً أن تقضي بسقوط الحق في الشفعة من تلقاء نفسها . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن الشرط المترتب على انقضاء ستة أشهر ( الآن أربعة أشهر ) من تاريخ التسجيل مبني على علم افتراضي اشتقه الشارع من التسجيل وفرضه على كافة الشفعاء ، فللمحكمة أن تضيف هذا السبب الافتراضي حتى لو سكت صاحب الشأن عن إبدائه إذا كانت الأوراق ناطقة بوجوده . وليس على المحكمة في هذه الحالة إلا أن تنبه الخصوم إلى ما استظهرته من الأوراق ليستبينوا موقفهم ويستوفوا دفاعهم ( نقض مدني 8 يناير سنة 1951 المحاماة 32 رقم 107 ص 381 ) . وأنظر محمد علي عرفة 2 فقرة 354 ص 581 .
ويمكن القول بوجه عام إن سقوط الشفعة بسبب انقضاء مواعيدها ( 15 يوماً من يوم الإنذار الرسمي و 4 شهور من وقت تسجيل البيع و 30 يوماً لإيداع الثمن خزانة المحكمة ولرفع دعوى الشفعة ) هو من النظام العام . فللمحكمة أن تقضي بسقوط الشفعة من تلقاء نفسها ، وفي أية حالة كانت عليها الدعوى ، وحتى لو تنازل صاحب الحق صراحة عن التمسك بالسقوط . أنظر في هذا المعنى أسيوط الكلية 22 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 441 ص 587 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 552 .
( [1084] ) والشفيع هو الذي يثبت أنه استعمل حقه في طلب الشفعة . فإذا استعمل حقه في خلال أربعة أشهر ، ولكنه أخطأ في بعض البيانات خطأ لم يكن من شأنه أن يوقع المشتري في أي لبس ، فإن تصحيح هذا الخطأ فيما بعد لا يعد طلباً جديداً . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه إذا رفع الشفيع دعواه بطلب الشفعة في الأطيان المبيعة ، ثم تبين أنه أخطأ في البيانات التي أوردها في صحيفة الدعوى عن حدود هذه الأطيان ورقم القطعة من الحوض الواقعة فيه ، فعدل طلباته بما يتفق والبيانات الصحيحة ، وكان دفاع المشتري يفيد أنه قد اعتبر الدعوى مرفوعة من بادئ الأمر بطلب الشفعة في هذه الأطيان فلم يلتبس عليه الأمر بالرغم مما لابس البيانات التي أوردها الشفيع في صحيفة الدعوى من أخطاء لم تؤثر على ما تلاقى عنده قصد الشفيع من دعاه وفهم المشتري لها ، فإن الحكم يكون معيباً إذا قضى بسقوط حق الشفيع في الشفعة تأسيساً على أن تعديل الطلبات في هذه الحالة يعتبر رفعاً للدعوى بطلبات جديدة تخالف الطلبات الواردة في صحيفة افتتاح الدعوى وأن هذا التعديل جاء بعد مضي أكثر من أربعة أشهر من تاريخ عقد تسجيل البيع ( نقض مدني 26 ديسمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 979 ) .
( [1085] ) نقض مدني 7 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 44 ص 121 – وإذا اتفق البائع والمشتري على تجزئة الصفقة ، فيشتري هو جزءاً من الأرض ويشتري صهره الجزء الآخر بحيث تتوافر في أي من الجزأين مسوغات الأخذ بالشفعة ، فإن الصفقة تعتبر صفقة واحدة ، ولا محل للتمسك بانقضاء ستة أشهر ( الآن أربعة ) على تسجيل عقد الجزء الأول من هذه الصفقة ، إذ لا يجوز هذا التمسك مع ثبوت التحايل عن طريق تجزئة الصفقة ( استئناف مصر 7 يونيه سنة 1944 المجموعة الرسمية 45 رقم 85 ص 152 ) . وقد أقرت محكمة النقض هذا الحكم ، وقضت بأنه وإن كانت المادة 22 من قانون الشفعة تنص على سقوط حق الشفعة " في سائر الأحوال بعد مضي ستة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع . . . " ، فإن محل ذلك ألا يكون هناك تحيل بقصد الهروب من أحكام القانون وبأن استخلاص المحكمة من ظروف الدعوى ووقائعها أن المشتري قد أراد بتجزئة الصفقة التي اشتراها التيحل لمنع من له أن يشفع فيها من أخذها بالشفعة هو من أمور الموضوع التي يفصل فيها قاضي الدعوى دون معقب عليه ( نقض مدني 17 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 254 ص 689 ) . أنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 544 ص 524 هامش 2 – محمد علي عرفة 2 فقرة 355 .
( [1086] ) أنظر آنفاً ص 641 هامش 2 .
( [1087] ) أنظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي 3 فقرة 550 – إسماعيل غانم ص 86 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 314 ص 473 – منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 344 – حسن كيرة ص 16 .
( [1088] ) أنظر آنفاً فقرة 205 .
( [1089] ) أنظر آنفاً فقرة 172 .
( [1090] ) نقض مدني 6 يونيه سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 284 ص 864 – وأنظر محمد كالم مرسي 3 فقرة 418 – فقرة 419 – محمد علي عرفة ، فقرة 291 .
( [1091] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1390 / 2 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " وفي ظرف خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ ذلك الإعلان ، وفي أي حال قبل رفع الدعوى بالشفعة ، يجب أن يودع بخزينة المحكمة الكائن في دائرتها العقار مبلغ يساوي على الأقل ثلث الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع " . وفي لجنة المراجعة عدل النص بجعل المبلغ الواجب إيداعه هو كل الثمن الحقيقي لا ثلثه فقط ، وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا أن ميعاد الإيداع بقى خمسة عشر يوماً ، ووافقت عليه اللجنة بهذا التعديل تحت رقم 1015 / 2 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب ، صرف النظر عن إيداع الثمن " اكتفاء بعرضه عند إعلان عريضة دعوى الشفعة ، وهذا العرض كاف لضمان جدية الدعوى ، وهو لا يعطل في الوقت ذاته استغلال المال فيما إذا وجب إيداع الثمن " . وعلى ذلك حذف هذا النص واستبدل به نص أضيف إلى المادة التالية يجري على الوجه الآتي : " ويجب أن تكون عريضة الدعوى مصحوبة بالثمن الحقيقي الذي حصل به البيع مخصوماً من قيمة ما قد يكون العقار المشفوع فيه مقلاً به من حقوق عينية " . " وقد رأت اللجنة إدخال هذا التعديل لتوجب عرض الثمن عرضاً حقيقياً لضمان جدية الدعوى ، ولا يعقب هذا العرض إيداع حتى لا يتعطل المال عن الاستغلال – فالمشتري وشأنه ، إذا شاء قبض الثمن ، وإلا عاد المال إلى الشفيع بعد هذا العرض الحقيقي . وقد رأت اللجنة أن يكون هذا العرض عند إعلان عريضة الدعوى لا عند إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، حتى يتسع الوقت للشفيع في تدبير الثمن وفي الكشف عن العقار المشفوع فيه لمعرفة ما إذا كانت هناك حقوق عينية تثقله فتخصم من الثمن الذي يدفعه الشفيع " . ووافق مجلس النواب على هذا التعديل . وعرض النص على لجنة مجلس الشيوخ ، وقد ورد فيم حضرها ما يأتي : " ,لما كان مجلس النواب قد حذف من هذه المادة فقرة كان رقمها 2 وكانت تتضمن حكماً خاصاً بإيداع الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ووقت الإيداع والجزاء على مخالفته ، ولما كان المجلس أيضاً قد ضمن الفقرة الأولى من المادة 1013 ذلك الحكم وعدله من إيداع إلى عرض حقيقي للثمن الذي بيع به العقار المشفوع فيه ، فإن اللجنة ، أثناء المناقشة في المادة 1013 وفي العرض الحقيقي للثمن ومداه وهل العرض يكون للثمن المذكور في العقد أو الثمن الذي يعتقد الشفيع أنه الحقيقي وما يترتب على عرض الشفيع للثمن الحقيقي وإيداع الفرق بينه وبين الثمن المذكور في العقد ، رأت بعد أن عرضت عليها جملة اقتراحات ظهر بعد تحليلها أنه يرد عليها اعتراضات أن أسلم وسيلة وهو إيداع : الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ، لأن الإيداع يحفظ حقوق الدائنين المسجلين وحق البائع في باقي الثمن إذا لم يكن قد دفع له . وقد ترتب على ذلك إعادة الفقرة 2 التي حذفها مجلس النواب إلى المادة 1012 " . ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل . ثم تقدم إلى اللجنة اقتراح من بعض مستشاري محكمة النقض يرمي إلى الاكتفاء بعرض الثمن دون الإيداع ، وإلى أنه إذا رؤى ضرورة إيداع الثمن فيكون الحكم بسقوط الشفعة في حالة عدم الإيداع جوازياً للقاضي . فلم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح " لأنها اتجهت إلى تقييد الشفعة للتوفيق بين رأي القائلين بإلغاء هذا النظام ورأي القائلين بإبقائه ، واشتراط إيداع الثمن مظهر من مظاهر التقييد . ثم إن جعل الحكم بسقوط الحق في الشفعة جوازياً للقاضي عند عدم الإيداع لا يستجيب لما ينبغي في المعاملات من استقرار . على أن اللجنة رأت أن مدة الخمسة عشر يوماً التي يجب أن يتم فيها الإيداع قصيرة ، فجعلتها ثلاثين يوماً توخياً للتيسير " . فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت عليه اللجنة تحت رقم 942 / 2 . ثم وافق عليه مجلس الشيوخ كما معدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 420 – ص 425 و ص 428 ) .
( [1092] ) قانون الشفعة السابق م 14 / 1 : يجب على من يرغب الأخذ بالشفعة أن يعلن للبائع والمشتري طلبه لها كتابة على يد محضر ، ويكون هذا الإعلان مشتملاً على عرض الثمن وملحقاته الواجب دفعها قانوناً . ( وقانون الشفعة السابق كان يكتفي بعرض الثمن وملحقاته ، دون إلزام الشفيع بإيداع الثمن خزانة المحكمة ) .
( [1093] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري : لا مقابل
التقنين المدني الليبي : م 946 / 2 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي : م 1140 : على الشفيع عند رفعه الدعوى بالشفعة أن يودع صندوق المحكمة التي يوجد لعقار المشفوع في دائرتها مبلغاً يساوي نصف الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع . فإن لم يتم الإيداع ، سقطت شفعته . ( والتقنين العراقي يوجب إيداع نصف الثمن ، لا كل الثمن كما يوجب ذلك التقنين المصري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 249 ( عدلت بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : لا يمكن استعمال حق الشفعة إلا بشرط أن يقوم صاحبه بتعويض المشتري تعويضاً تاماً . وهذا التعويض يشمل : 1 - ثمن المبيع الذي يجب عرضه وإيداعه فعلياً يوم تقديم طلب الشفعة على الأكثر ، إلا إذا كان العقد المسجل ينص على تأجيل الدفع . 2 - نفقات العقد ، التي تشمل رسوم التسجيل الرسمية وبدل السمسرة على ألا يزيد هذا البدل على البدل المعين بالتعريفة القانونية . 3 - بدل التحسين الطارئ على العقار بفعل المشتري ، دون الالتفات إلى التحسين الاقتصادي الناتج عن تقلب الأسعار . ( والقانون اللبناني يوجب إيداع الثمن يوم تقديم طلب الشفعة ، ما لم يكن الثمن مؤجلاْ فلا يجب الإيداع . ولكن الشفيع لا يستفيد من الأجل فيما بعد إلا إذا رأت المحكمة ذلك لقاء الضمانات التي تراها لازمة : أنظر 253 / 2 من نفس القانون ) .
( [1094] ) استئناف وطني 28 مايو سنة 1911 المجموعة الرسمية 12 رقم 23 ص 242 – ابريل سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 108 ص 219 – 28 ابريل سنة 1912 المجموعة الرسمية 113 رقم 108 ص 221 – 21 ابريل سنة 1913 الشرائع 1 رقم 42 ص 28 – 8 مايو سنة 1918 المجموعة الرسمية 19 رقم 102 ص 147 – 7 يناير سنة 1919 الحقوق 35 رقم 47 ص 115 – 18 فبراير سنة 1930 المجموعة الرسمية 21 رقم 106 ص 169 – 5 فبراير سنة 1922 المحاماة 2 رقم 100 ص 315 – طنطا الكلية 7 مايو سنة 1904 الحقوق 19 ص 98 – 22 أكتوبر سنة 1919 المحاماة 1 رقم 21 ص 139 – 17 مايو سنة 1920 المحاماة 1 رقم 62 ص 340 – الإسكندرية 16 نوفمبر سنة 1920 المحاماة 1 رقم 87 ص 405 – على زكي العرابي فقرة 95 ص 56 – عبد السلام ذهني في الأموال فقرة 544 ص 759 – ص 764 .
( [1095] ) استئناف وطني 12 يناير سنة 1904 الاستقلال 3 رقم 65 ص 26 – 15 مايو سنة 1905 الاستقلال 4 ص 454 – 5 يناير سنة 1906 الحقوق 21 رقم 139 ص 295 – 4 يونيه سنة 1906 الاستقلال 5 ص 371 – 16 فبراير سنة 1920 المجموعة الرسمية 21 رقم 105 ص 167 – استئناف مختلط 17 ابريل سنة 1905 م 17 ص 231 – 2 مايو سنة 1907 م 19 ص 235 – 21 مايو سنة 1908 م 20 ص 244 – 10 مارس سنة 1921 م 33 ص 209 – 18 مايو سنة 1926 م 38 ص 414 – أحمد فتحي زغلول ص 93 – دي هلتس لفظ Preemption فقرة 122 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 421 ص 416 هامش 1 .
( [1096] ) استئناف وطني دوائر مجتمعة 29 مارس سنة 1923 المحاماة 3 رقم 200 ص 266 . وانظر بعد ذلك استئناف مصر 22 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 142 ص 190 – 5 يناير سنة 1937 المحاماة 17 رقم 442 ص 878 – 12 يناير سنة 1937 المحاماة 18 رقم 305 ص 625 – 22 مارس سنة 1944 المجموعة الرسمية 45 رقم 80 ص 145 .
( [1097] ) نقض مدني 11 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 188 ص 533 – أول فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 201 ص 555 – 15 فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 208 ص 568 – 29 نوفمبر سنة 1945 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 731 رقم 153 – 31 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 33 ص 80 – 5 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 119 ص 272 .
وكان يجوز للمحكمة أن تقضي للشفيع بالشفعة في مقابل دفعه الثمن للمشتري في خلال مدة معينة . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه متى كان الحكم الصادر في دعوى الشفعة قد قضى للشفيع بالشفعة في مقابل دفعه الثمن للمشتري في خلال خمسة عشرة يوماً من تاريخ النطق به ، فإنه يكون قد دل بذلك على أنه جعل من هذا الدفع في الميعاد المقرر فيه شرطاً لاستحقاق العين المشفوع فيها ، بحيث إذا فوت الشفيع هذا الأجل دون أن يقوم بالدفع بطلت شفعته ، وذلك دون حاجة إلى حصول تنبيه عليه من المشتري بالدفع ، وسواء أكان الحكم القاضي بتحديد الأجل ابتدائياً لم يستأنف في الميعاد أم صادراً من محكمة استئنافية . ولا يشترط النص صراحة في منطقو الحكم على سقوط الحق في الشفعة جزاء على عدم دفع الثمن في الميعاد ، ولا يترتب على اغفال ذلك عدم أعمال مقتضى الحكم ( نقض مدني 24 يناير سنة 1952 المحاماة 23 رقم 258 ص 550 ) . وانظر أيضاً مدني 13 نوفمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 16 ص 95 .
( [1098] ) جاء في محضر جلسة 28 يناير سنة 1938 لهذه اللجنة أن أحد الأعضاء قال : " أنه يرى عدم ضرورة عرض الثمن على المشتري عرضا حقيقيا ، موجها النظر إلى ما يستتبعه العرض الحقيقي من خطر في الفروض التي يكون فيها العقار باهظ الثمن أو التي لا يكون الثمن فيها قد دفع من المشتري أو التي يكون العقار فيها مثقلا بحقوق عينية ، إذ يحسن عدم إغفال الحالات التي يحتمل فيها إعسار المشفوع ضده حتى لا يتعرض الشفيع لخطر هذا الإعسار " . وبسط أحد الأعضاء خلاصة ما انتهى إليه بحثه في موضوع العرض الحقيقي والإيداع متسائلا " عما إذا كان هناك موجب لإلزام الشفيع بان يقرن إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة بعرض الثمن وملحقاته عرضا حقيقيا يتبعه بالإيداع إذا ما أبى الشمتري الاذعان لطلب الشفعة ، إذ الواقع أن الشفيع إنما يستعمل حقه بغية سلب المشتري ثمرة عقده والحلول محله عن طريق الشفعة آلت يرى أنه محق في استعمالها . فإذا اتخذ في سبيل تحقيق بغيته خطة الهجوم ، كانت عليه تبعة موقفة ، ولزمه تحمل نتائجه بالقيام مباشرة بعرض ثمن الشيء الذي يرمى إلى تملكه عرضا تستخلص منه دلالة الصدق والجدية وينفي مظنة المضاربة ونية الاتجار بحقه في الشفعة . فإذا اعتبرنا الشفيع مشتريا يفرض نفسه على البائع والمشتري الاصليين وينبغي من وراء تدخله إتمام الصفقة لصالحه فمن المتعين أن يكون قادرا على الوفاء بالتزامه كمشتر فورا ، وإثبات هذه المقدرة على الوفاء من الوجهة القانونية لا يكون إلا عن طريق عرض الثمن على المشتري الذي سيحرم من ميزة عقده عرضا حقيقيا ، وهو أقطع دليل على حسن نيته ورغته الجدية في الشراء . بيد أنه كثيرا ما يرفض المشتري المهدد باستعمال الشفعة العرض الذي يتقدم به الشفيع ، فهل يلزم الشفيع في هذه الحالة بإيداع المبلغ المعروض ؟ لقد فرق تقنين المرافعات الفرنسي في المواد 812 – 814 بين العرض الحقيقي وبين الإيداع فجعل كلا منهما إجراء يختلف عن الآخر . أما تقنين المرافعات المصري فقد جاء على عكس ذلك ، إذ خلط بينهما في انص واحد ، وجعل منهما إجراء موحدا مؤديا لبراءة الذمة . . . والواقع أن الشفيع لم يصبح بعد مدينا ملزما بالوفاء لإبراء ذمته بالقيام بعرض حقيقي لدين قائم بالفعل فطالما أنه لم يصبح مالكا نهائياً للعقار المشفوع فيه فلا مبرر لإلزامه بدفع ثمن العقار وملحقاته فورا فليس الأمر فيما يتعلق به موضوع عرض مبرئ للذمة حتى يمكن إلزامه بايداع الثمن بل إنه اعراب حاسم عن نية الأخذ بالشفعة وما عرض الثمن وملحقاته إلا توكيد للرغبة الجدية في ذلك ومن ثم فليس هناك التزام يتطلب من الشفيع وفاء وبالتالي فلا مبرر لالزامه بالإيداع " . ثم قال أحد الأعضاء " إنه يمكن الاستغناء عن إجراء العرض الحقيقي دون تفويت حق لأحد وذلك بايداع جزء من الثمن خزانة المحكمة " ، إذ أن مثل هذا الإيداع كفيل بتحقيق كافة الضمانات اللازمة لاقصاء كل تدخل من جانب هواة المضاربة ، كما أنه يقضي من جهة أخرى على ما قد يتعرض له الشفيع من اخطار قد تترتب على إجراء العرض الحقيقي " وبعد تبادل الرأي تقدم أحد الاضعاء بالنص التالي . " يجب إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة على يد محضر ، ويجوز أن يقترن هذا الإعلان أو يتبع في خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ حصوله بإيداع الثمن وملحقاته خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار . فإذا لم يحصل هذا العرض أو إذا رفض ، وجب على الشفيع أن يودع خزانة المحكمة المذكورة ، وقبل رفع دعوى الشفعة ، مبلغاً يساوي ثلث الثمن على الأقل ، وإلا كان العرض باطلا " . وبعد مناقشة وافقت اللجنة على هذا النص . أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 413 – ص 419 في الهامش .
( [1099] ) أنظر آنفاً ص 649 هامش 1 .
( [1100] ) أنظر آنفاً فقرة 209 .
( [1101] ) نقض مدني 27 نوفمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 235 ص 490 – 8 يناير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 255 ص 516 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 314 ص 473 .
( [1102] ) ولا يشترط أن يحصل الإيداع في اليوم السابق لرفع الدعوى ، بل يجوز إني حصل في نفس اليوم الذي رفعت الدعوى فيه ، ما دام قد حصل قبل رفع الدعوى . وقد قضت محكمة النقض ، قبل صدور القانون رقم 100 لسنة 1962 المعدل لتقنين المرافعات ، بأن المشرع قد هدف من حصول الإيداع قبل رفع الدعوى إلى ضمان الجدية في طلب الشفعة ولم يحدد فاصلا زمنياً معيناً بين الإيداع ورفع الدعوى ، فاشتراط حصول الإيداع في اليوم السابق هو قيد آخر لا يحتمله النص ولا يتفق مع فكرة التيسير في الميعاد التي أخذ بها الشارع . أما التحديث بالمادة 20 مرافعات فمردود بان القانون قد شرط ميعادين ، أحدهما محدد بالأيام له بدايته ونهايته ، والثاني غير محدد بالأيام وإنما بفاصل زمني غير محدد وهو مجرد الأسبقية أو القبلية على رفع الدعوى مما لا محل معه لإعمال حكم تلك المادة . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الإيداع قد سبق رفع الدعوى التي اعلنت للمطعون عليهم قبل مضي الثلاثين يوما من إعلان الرغبة بدليل الإشارة في عريضتها إلى رقم قسيمة الإيداع ، فإن شروط المادة 942 / 2 مدني تكون قد توفرت ( نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 96 ص 619 ) . وانظر أيضاً نقض مدني 18 أكتوبر سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 213 ص 1530 .
( [1103] ) أنظر ما يلي فقرة 220 .
( [1104] ) ويسبق قيد الدعوى رفعها طبقاً للمادة 75 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ، على الوجه الذي سنبينه فيما يلي ( أنظر فقرة 220 ) . أما قبل القانون رقم 100 لسنة 1962 ، فقد كان قيد الدعوى يلي رفعها ، وكان الواجب هو إيداع الثمن قبل رفع الدعوى لا قبل قيدها . فالإيداع الذي يقع بعد رفع الدعوى يكون إيداعاً غير صحيح ، ولو وقع قبل قيد الدعوى وقد قضت محكمة النقض بأن كلا من رفع الدعوى وقيدها إجراء يختلف عن الآخر ، ومن ثم لا يكون هناك مع وضوح النص مجال للخلط بين هذين الاجرائين . ويكون القول بأن القانون ، إذ شرط في المادة 942 مدني لقبول دعوى الشفعة وجوب إيداع الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع خزانة المحكمة في خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة وقبل رفع الدعوى إنما قصد إلى أن يتم الإيداع قبل قيدها قول غير صحيح في القانون ( نقض مدني 22 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 56 ص 391 ) .
( [1105] ) أنظر آنفاً فقرة 204 .
( [1106] ) ويجب أن يكون الشفيع مالكاً للمال الذي يوجعه ، فإذا كان لراهب عقار يملكه قبل دخوله سلك الرهبنة ، لم يستطع بعد دخوله هذا السلك أن يشفع بهذا العقار إذا كان المبلغ الذي يودعه خزانة المحكمة ليس من ماله الخاص بل من مال البيعة التي يتبعها . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن المناط في احقية الراهب في المطالبة بالشفعة يتحدد ، لا بما إذا كانت العين التي يشفع بها مملوكه ملكية خاصة فحسب ، بل بما إذا كان المبلغ الذي أودعه ثمنا للعقار المشفوع فيه من ماله الخاص أيضاً . فإذا كان الراهب قد اقتصر على التمسك أمام محكم ةالموضوع بأن العين التي يشفع بها مملوكه له ملكية خاصة ، ولم يدع أن ثمن العقار المشفوع فيه الذي أودعه خزانة المحكمة هو من ماله الخاص ، وكان ما قرره الراهب من أن ا؟؟ المشفوع بها هي من ماله الخاص لا يدل بذاته على أن الثمن الذي أودعه يخرج عن مال البيعة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على أن ما يملكه الراهب من مال بعد انخراطه في سلك الرهبنة يعتبر ملكاً للبيعة التي يتبعها ، وعلى أن الراهب رفع دعوى الشفعة لحسابه الخاص لا بوصفه ممثلا للكنيسة ، فإن هذا الذي قرره الحكم يكون صحيحاً في القانون ( نقض مدني 31 مايو سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 176 ص 1291 ) .
( [1107] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه يجوز للشفيع أن يثبت بجميع الطرق ، بما فيها القرائن ، أن الثمن الوارد في عقد البيع ليس هو الثمن الحقيقي للعين المشفوع فيها ، بل هو ثمن صوري تواطأ عليه البائع والمشتري بقصد تعجيزه عن الأخذ بالشفعة . ولكن إذا توافر لدى القاضي الدليل على صحة الثمن المسمى في العقد كان له رفض طلب الإحالة على التحقيق ، كما إذا قامت لدى المحكمة قرينة تؤيد صحة الثمن وهي شراء نفس الشفيع اطياناً في نفس الحوض في تواريخ قريبة من تاريخ العقد سبب الشفعة بأثمان تزيد على الثمن المسمى في هذا العقد ( نقض مدني 28 مايو سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 173 ص 1099 ) . وقضت محكمة النقض أيضاً بأنه إذا كانت محكمة الموضوع قد أخذت المشفوع ضدهما في خصوص ثمن الصفقة المشفوع فيها بدليل صالح للأخذ به قانوناً ، وهو عقد البيع الابتدائي الموقع عليه منهما ، ولم تعتمد بما أبدياه من تعليل لرفع الثمن ف يالعقد النهائي لما ساقته في هذا الخصوص من أسباب سائغة ، فلا وجه للنعي على حكمها بأنها لم تحل الدعوى على التحقيق لنتحرى حقيقة الثمن . ذلك بأن لها في هذا الشأن سلطة تقدير اجابة هذا الطلب أو رفضه تبعاً لما يترائ لها من عناصر الدعوى ( نقض مدني 15 يناير سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 5 ص 43 – 2 ابريل سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 46 ص 303 ) . وانظر استئناف مختلط 23 فبراير سنة 1909 المجموعة الرسمية 10 رقم 87 ص 204 – 14 فبراير سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 96 ص 190 – 14 ابريل سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 96 ص 196 – 17 مايو سنة 1914 الشرائع 1 رقم 348 ص 195 – 7 ديسمبر سنة 1920 المحاماة 2 رقم 45 ص 142 – استئناف مصر 18 ديسمبر سنة 1950 المحاماة 32 رقم 68 ص 233 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 424 .
ولا تأمر المحكمة بتحقيق ادعاء الشفيع إلا إذا وجدت في الدعوى قرائن تشعر بصحته ، حتى لا يكون المشتري معرضاً لنزع ملكية العقار الذي اشتراه بثمن أقل من الثمن المذكور في العقد بمجرد شهادة بعض الشهود ( استئناف وطني 14 ابريل سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 96 ص 190 – استئناف مختلط 18 مايو سنة 1905 م 17 ص 316 – 11 ابريل سنة 1907 م 19 ص 204 – 19 يونيه سنة 1907 م 19 ص 310 - 9 ابريل سنة 1908 م 20 ص 174 – 22 مايو سنة 1913 م 25 ص 400 ) . وذلك كأن تتأكد المحكمة من مستندات أو من خبير أن العقار لا يساوي الثمن المذكور في العقد ، ولا توجد أسباب خاصة تحمل المشتري على شرائه بأكثر من قيمته . وللمحكمة أن تحلف المشتري اليمين المتممة على أنه اشترى حقيقة بالمبلغ الوارد في العقد ( استئناف وطني 7 مايو سنة 1914 الشرائع 1 رقم 348 ص 195 ) . ولا يقبل القاضي اثباتا لصورية الثمن إلا القرائن القوية التي لا تدعل مجالا للشك في صحة ما يدعيه الشفيع ( استئناف مصر 28 فبراير سنة 1 938 المحاماة 18 رقم 309 ص 630 – استئناف مختلط 18 مايو سنة 1 905 م 17 ص 316 – 31 ديسمبر سنة 1917 م 30 ص 112 ) . والشفيع هو الذي يحمل عبء إثبات صورية الثمن ، فلا يقبل منه دفع كل الثمن الوارد في العقد مشترطاً أن يثبت المشتري جديته ( استئناف مختلط 19 يونيه سنة 1907 م 19 ص 310 ) .
وإذا احالت المحكمة القضية على التحقيق ، وجب البحث ، لا عن قيمة العقار ، بل عن الثمن المدفوع ، وسياق الدليل الذي استند إليه الحكم في قضائه بهذا الثمن ( نقض مدني 16 فبراير سنة 1950 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 731 رقم 151 – 22 أكتوبر سنة 1953 نفس المجموعة جزء أول ص 731 رقم 152 ) .
( [1108] ) وعلى العكس من ذلك نصت المادة 251 من قانون الملكية العقارية للبناني ( المعدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) على أنه " إذا وقع خلاف على مقدار ثمن المشفوع بين المشتري وصاحب حق الشفعة ، فتعين المحكمة الثمن الحقيقي بصرف النظر عن قيمة المشفوع . ولا يسمع الادعاء من المشتري بأن هذا الثمن يزيد عن الثمن المذكور في العقد المسجل " .
( [1109] ) أنظر في هذا المعنى عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 239 وفقرة 268 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 320 .
( [1110] ) أنظر آنفاً فقرة 170 والأحكام المشار إليها في الهامش .
( [1111] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الشفيع إذا وجه اليمين الخاصة إلى كل من المشتري والبائع على صحة الثمن المذكور في العقد ، وحلف المشتري ، وتخلف البائع عن الحضور لحلف اليمين ، فإن تخلفه لا يضار به المشتري ، وتكفي يمين المشتري إذ هو ذو المصلحة الكبرى في إثبات أن الثمن المذكور في العقد هو الثمن الصحيح ( استئناف مختلط 4 نوفمبر سنة 1919 م 32 ص 5 ) .
( [1112] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 942 مدني توجب على الشفيع أن يودع في خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ، ورتيت على عدم إتمام الإيداع في الميعاد المذكرو وعلى الوجه المتقدم سقوط الحق في الشفعة ، كان مفاد هذا أن الإيداع الكامل وفي الميعاد المذكور أصبح شرطاً أساسياً لقبول طلب الشفعة وإجراء جوهرياً من إجراءاتها ، ولا تعتبر الدعوى قائمة في نظر القانون إلا بتحقق حصوله . فإذا كان الثابت في الدعوى أن الشفيعة قد بادرت برفع دعواها بناء على علم تلقائي دون انتظار لانذار رسمي من جانب البائع أو المشتري ، وأودعت ما ظننه الثمن الحقيقي ثم ظهر أنه على خلافه ، كانت بذلك مجازفة وعليها خطرها ، أو تكون بهذا الإيداع الناقص قد عرضت حقها في الأخذ بالشفعة للسقوط ( نقض مدني 10 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 87 ص 657 ) . وانظر أيضاً نقض مدني 11 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 188 – أول فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 201 – 14 ابريل سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 408 ص 756 – 16 فبراير سنة 1950 المحاماة 30 رقم 526 ص 1207 – 15 يونيه سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 153 ص 615 – 7 نوفمبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 144 ص 1011 – استئناف وطني 23 فبراير سنة 1909 المجموعة الرسمية 10 رقم 87 ص 204 – 14 ابريل سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 96 ص 190 – 8 مايو سنة 1918 المجموعة الرسمية 19 رقم 102 ص 147 – قنا الكلية 24 أكتوبر سنة 1950 المحاماة 31 رقم 292 ص 999 – 30 أكتوبر سنة 1950 المحاماة 31 رقم 293 ص 999 – شبين الكوم 25 ديسمبر سنة 1951 المحاماة 32 رقم 243 ص 956 – استئناف مختلط 22 يناير سنة 1924 م 36 ص 170 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 423 ص 424 – محمد علي عرفية 2 فقرة 299 ص 505 – عبد المنعم البدراوي فقرة 454 – إسماعيل غانم ص 88 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 320 ص 482 – منصور مصطفى منصور فقرة 146 ص 348 – ص 349 – حسن كيرة ص 20 .
وقارن استئناف وطني 13 يناير سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 48 ص 91 – 7 يناير سنة 1919 الحقوق 35 رقم 47 ص 115 .
( [1113] ) وقد قضت محكمة النقض ، تطبيقاً لأحكام قانون الشفعة السابق ، بأنه إذا أعلن الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة ، وعين الثمن الذي أسس عليه هذه الرغبة قائلا إن هذا المبلغ هو الذي دلت تحرياته على أنه الثمن الحقيقي وهو قيمة ما تساويه العين المبيعة في نظره ، فإن العرض في هذه الحالة يكون مقيداً بالثمن المذكور . فإذا تبين أن هذا الثمن دون الثمن الحقيقي الذي ثبت لدى محكمة الاستئناف فإن هذا العرض يكون ناقصاً نقصاً لا يجزئ عنه أن يكون الشفيع قد وصف الثمن الذي عينه بأنه الثمن الحقيقي ، لأن طلب الشفعة على أساس ثمن معين لا يفيد بذاته استعداد الطالب للأخذ بثمن أعلى ( نقض مدني 18 ابريل سنة 1946 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 731 رقم 150 ) . ولكن إذا كان المبلغ الذي عرضه الشفيع أقل من الثمن الذي انعقد به البيع ، فإن العرض يكون مع ذلك صحيحاً إذا اظهر الشفيع استعداده لدفع ما يظهر أنه الثمن الحقيقي مع كافة المصروفات الرسمية ( نقض مدني 2 ابريل سنة 1936 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 731 رقم 148 – 10 ابريل سنة 1952 نفس المجموعة جزء أول ص 734 رقم 147 – 28 مايو سنة 1953 نفس المجموعة جزء أول ص 731 رقم 149 ) .
( [1114] ) نقض مدني 10 ابريل سنة 1952 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 734 رقم 147 .
( [1115] ) نقض مدني 28 بناير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 70 ص 467 – وانظر أيضاً نقض مدني 13 مايو سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 131 ص 867 – وانظر محمد علي عرفة 2 فقرة 301 – وقارن استئناف المنصور 12 مايو سنة 1953 المحاماة 34 رقم 51 ص 106 .
( [1116] ) أنظر ما يلي فقرة 238 .
( [1117] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بان الشارع ، إذ أوجب في الفقرة الثانية من المادة 942 من القانون المدني أن يودع ، في خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة ، خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة ، واذ رتب على عدم إتمام الإيداع في الميعاد المذكور على الوجه المتقدم سقوط حق الأخذ بالشفعة ، فقد دل بذلك على أن إيداع كامل الثمن الحقيقي في الميعاد المذكور على الوجه المتقدم سقوط حق الأخذ بالشفعة ، فقد دل بذلك على أن إيداع كامل الثمن الحقيقي في الميعاد المذكور وعلى الوجه السابق بيانه هو شرط لقبول دعوى الشفعة . فلا يملك البائع اعفاء الشفيع من شرط اوجبه القانون لأنه فضلا عن أن هذا الإعفاء مخالف لصريح النص ، فإن الشرط المذكور لم يتقرر لمصلحة البائع وحده ، وإنما وضع لمصلحة من يكون له الحق في الثمن المودع كله أو بعضه عند ما يثبت حق الشفعة بحكم نهائي ، سواء أكان صاحب هذا الحق هو المشتري الذي عجل كل الثمن أو بعضه للبائع أم هو البائع الذي لم يستوف الثمن كله أو بعضه . ولا تعارض بين اشتراط القانون هذا الإيداع لقبول دعوى الشفعة ، وبين ما نص عليه في المادة 945 من أنه لاحق للشفيع الانتفاع بالأجل الممنوح للمشتري في دفع الثمن إلا برضاء البائع . ذلك أن هذا النص الأخير إنما ورد بصدد بيان آثار الشفعة أي بعد أن يثبت حق الشفيع في الشفعة رضاء أو قضاء ، ويصبح الثمن من حق البائع وحده ، فيكون له في هذه الحالة أن يمنح الشفيع في الوفاء به الأجل الممنوح للمشتري . ومن ثم لا يجوز ، استناداً إلى هذا النص ، تخويل البائع حق الإعفاء من شرط أوجبه القانون لقبول دعوى الشفعة ( نقض مدني 31 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 55 ص 356 ) . وانظر أيضاً في هذا المعنى نقض مدني 7 نوفمبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 144 ص 1011 – وانظر محمد علي عرفة 2 فقرة 300 وفقرة 318 ص 539 – ص 540 - منصور مصطفى منصور فقرة 146 ص 348 – وقارن شبين الكوم الكلية أول يناير سنة 1952 المحاماة 33 رقم 482 ص 1106 .
( [1118] ) أنظر آنفاً ص 649 هامش 1 .
( [1119] ) محمد علي عرفية 2 فقرة 299 ص 505 – 506 - عبد المنعم البدراوي فقرة 455 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 321 - منصور مصطفى منصور فقرة 146 ص 349 – ص 350 – وانظر عكس ذلك وأنه يجب إيداع الملحقات مع الثمن محمد كامل مرسي 3 فقرة 426 .
( [1120] ) إذ كانت قد قضت بأنه متى كان الحكم قد قرر ، لأسبابه السائغة التي تتفق مع شروط البيع ، أن الشفيع إذا لم يقم بإيداع الملحقات مع ثمن العقار المشفوع فيه لم يكن قد وصل إلى علمه شيء عن هذه الملحقات ولا عن مقدارها ، فإن هذا الذي قرره الحكم يكون صحيحاً في القانون ، ويكون للشفيع عذره في عدم إيداع الملحقات مع الثمن ( نقض مدني 17 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 83 ص 607 ) . ويستخلص من هذا الحكم أن الشفيع ، إذا كان قد وصل إلى علمه مقدار المحلقات ، فإنه يجب عليه إيداعها مع الثمن . وانظر أيضاً في هذا المعنى سوهاج الكلية 28 مارس سنة 1951 المحاماة 34 رقم 34 ص 29 . وقد عدلت محكمة النقض عن قضائها هذا إلى عكسه فقضت ، كما نرى في المتن ، بأن الشفيع لا يلتزم بإيداع الملحقات مع الثمن .
وكانت محكمة النقض تقضي ، تطبيقاً لأحكام قانون الشفعة السابق ، بان عرض ملحقات الثمن لا يكون واجباً على الشفيع إلا إذا كان عالماً وجودها ، فإن حقه في الشفعة لا يسقط إلا بإثبات هذا العلم وإغفاله إبداء الرغبة في الالتزام بها ( نقض مدني ) نوفمبر سنة 1950 مجموعة المكتب الفني الأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 735 رقم 173 – 19 فبراير سنة 1953 نفس المجموعة جزء أول ص 734 رقم 172 – 20 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 1016 ) .
( [1121] ) نقض مدني 21 فبراير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 41 ص 278 .
( [1122] ) أنظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي 3 فقرة 427 .
( [1123] ) أنظر آنفاً فقرة 209 .
( [1124] ) أنظر آنفاً ص 644 هامش 2 .
( [1125] ) نقض مدني 31 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 55 ص 356 .
( [1126] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1391 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى أمام المحكمة الكائن فى دائرتها العقار ، وتقيد بالجدول فى ميعاد ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان المنصوص عليه فى المادة السابقة ، وإلا سقط الحق فيها . 2 - ويحكم فيها دائماً على وجه الاستعجال " . وفي لجنة المراجعة أدخل تعديل لفظي على النص يجعل معناه أوضح ، فأصبح يجري على الوجه الآتي : " 1 - ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى أمام المحكمة الكائن فى دائرتها العقار ، وتقيد بالجدول ، ويكون كل ذلك فى ميعاد ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان المنصوص عليه فى المادة السابقة وإلا سقط الحق فيها . 2 - ويحكم فى الدعوى على وجه الاستعجال " . ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 1016 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية ، أدخل تعديل على النص يقضي بصرف النظر عن إيداع الثمن خزانة المحكمة والاستعاضة عن الإيداع بعرض الثمن عرضاً حقيقياً لضمان جدية الدعوى . ولا يعقب هذا العرض إيداع حتى لا يتعطل المال عن الاستغلال ، فالمشتري وشأنه ، إذا شاء قبض الثمن ، وإلا عاد المال إلى الشفيع بعد هذا العرض الحقيي . ورأت اللجنة إني كون هذا العرض عند إعلان عريضة الدعوى لا عند إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، حتى يتسع الوقت للشفيع في تدبير المبلغ وفي الكشف عن العقار المشفوع فيه لمعرفة ما إذا كانت هناك حققو عينية تثقله فتخصم من الثمن الذي يدفعه الشفيع . وعلى ذلك عدلت اللجنة النص على الوجه الآتي : " 1 - ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى أمام المحكمة الكائن فى دائرتها العقار ، وتقيد بالجدول ، ويجب أن تكون عريضة الدعوى مصحوبة بالثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ، مخصوماً منه قيمة ما قد يكون العقار المشفوع فيه مثقلا به من حقوق عينية . ويكون كل ذلك في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان المنصوص عليه في المادة السابقة ، وإلا سقط الحق في الدعوى . 2 – ويحكم في الدعوى على وجه الاستعجال " . ووافق مجلس النواب على هذا النص تحت رقم 1013 ( أنظر ما سبق بيانه آنفاً ص 649 هامش ) . وفي لجنة مجلس الشيوخ ، تقرر الرجوع إلى فكرة إيداع الثمن بدلا من عرضه عند إعلان عريضة دعوى الشفعة – وعلى ذلك وافقت اللجنة على النص كما ورد في المشروع النهائي لا كما ورد من مجلس النواب ، مع إدماج الفقرة الثانية في الفقرة الأولى ، واستبدال عبارة " على وجه السرعة " بعبارة " على وجه الاستعجال " تمشياً مع تعبير تقنين المرافعات – فأصبح النص ، تحت رقم 943 ، مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 425 – ص 429 ) .
( [1127] ) قانون الشفعة السابق م 15 : ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري أمام المحكمة الكائن بدائرتها العقار في ميعاد ثلاثين يوماً في من تاريخ الإعلان المنصوص عنه في المادة الرابعة عشرة ، وإلا سقط الحق فيها .
م 16 : ويحكم فيها دائماً على وجه السرعة .
( والتقنين المدني الجديد يتفق مع قانون الشفعة السابق ، فيما عدا أن التقنين المدني الجديد أوجب قيد دعوى الشفعة أيضاً في نفس الميعاد لذي أوجب فيه رفع الدعوى ) .
( [1128] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 947 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1139 : 1 – يجب على الشفيع أن يرفع دعوى الشفعة على كل من البائع والمشتري خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان رغبته ، وإلا سقط حقه . 2 – وتعتبر دعوى الشفعة من الدعاوى المستعجلة .
( ويوافق التقنين العراقي التقنين المصري ، إلا أنه لم يذكر أن قيد الدعوى يجب أن يتم أيضاً في نفس ميعاد رفع الدعوى ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 247 / 2 : وعلى الشفيع أن يطالب بحق الشفعة أثناء الأيام العشرة التي تلى التبليغ ، بعد إضافة مهلة المسافة ، تحت طائلة السقوط . م 248 : إذا لم يحصل التبليغ المبين في المادة السابقة يسقط حق الشفعة بعد مضي سنة من تاريخ تسجيل العقد في السجل العقاري . وتسري هذه المدة بحق فاقدي الأهلية والغائبين – وإن المدة المذكورة في هذه المادة وفي المادة السابقة لا تنقطع إلا بإقامة الدعوى بطلب الشفعة أمام محكمة محل وجود العقار الصالحة بحسب الثمن المذكور في العقد .
( والتقنين اللبناني لا يشترط إبداء الرغبة في الأخذ بالشفعة قبل رفع دعوى الشفعة : أنظر آنفاً ص 628 هامش 1 . ويشترط أن ترفع دعوى الشفعة – دون أن يتكلم عن قيدها – في خلال عشرة أيام من تبليغ المشتري للشفيع تسجيل عقد البيع المشفوع فيه . فإذا لم يحصل هذا التبليغ ، ففي خلال سنة من تاريخ تسجيل العقد في السجل العقاري ) .
( [1129] ) وإذا تعدد الشفعاء ، قبلت الدعوى المرفوعة منهم جميعاً بصحيفة واحدة ، ولو نزل أحدهم للآخرين ، إذا كان طلب الأخذ بالشفعة قد حصل منهم جميعاً في إعلان واحد وففي ميعاد الخمسة العشر يوماً ( استئناف مختلط 9 يونيه سنة 1936 م 48 ص 305 ) .
( [1130] ) عبد المنعم فرج الصدة فقرة 322 ص 485 – فإذا كانت الوكالة وكالة عامة ، وأخذ الوكيل بالشفعة نيابة عن موكله ، وأجاز الموكل هذا العمل ، صح الأخذ بالشفعة ، إذا الاجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ( استئناف وطني 6 فبرير سنة 1922 المحاماة 2 رقم 101 ص 317 ) .
قارن مصر 13 فبراير سنة 1892 الحقوق 6 ص 12 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 431 ص 430 .
( [1131] ) أنظر آنفاً فقرة 190 – وإذا طلب الولي أو الوصي الشفعة لنفسه بالأصالة ، فظهر أن العقار الذي يشفع به مملوك للاقصر المشمول بولايته أو وصايته ، فلا يصلح طلبه الشفعة لنفسه طلباً للشفعة نيابة عن محجوره ، بل لا بد من طلب جديد باسم المحجور يقدم في الميعاد القانوني ( استئناف مصر 22 ديسمبر سنة 1943 المحاماة 24 رقم 1198 ص 366 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 432 ) . وإذا باع الولي أو الوصي عقاراً مملوكاً له أو اشترى لنفسه عقاراً ، وكان المحجور شفيعاً في العقار المبيع أو العقار المشتري ، فالمحكمة تعين للمحجور وصياً خاصاً ( ad hoc ) ينوب عنه في الأخذ بالشفعة ( طنطا الكلية 19 ديسمبر سنة 1906 المجموعة الرسمية 8 رقم 16 ص 31 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 433 ص 431 ) .
( [1132] ) استئناف مختلط 11 مارس سنة 1891 م 3 ص 232 – 27 ابريل سنة 1893 م 5 ص 208 .
( [1133] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لا بد لقبول دعوى الشفعة من اختصام الشفيع والبائع والمشتري ، سواء ف ياول درجة أو في الاستئناف أو في النقض ، وسواء كان رافع الدعوى أو الطاعن في الحكم هو الشفيع أو المشتري أو البائع . فإن رفعها ايهم في أية مرحلة من مراحلها تلك ، ولم يخاصم أحد صاحبيه ، قضت محكمة ولو من تلقاء نفسها بعدم قبولها ، إذ لا حكم إلا في دعوى ، ولا تقبل الدعوى إذا لم يعلن فيها جميع الخصوصم الواجب اختصامهم ( نقض مدني 19 فبراير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 271 ص 543 ) . وانظر نقض مدني 6 يونية سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 284 ص 864 – 21 أكتوبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 73 ص 200 – 4 نوفمبر سنة 1948 مجموعة عمر 4 رقم 334 ص 656 – 2 يونية سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 428 ص 787 – 18 يناير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 48 ص 244 – 28 فبراير سنة 1952 المحاماة 23 رقم 627 ص 1417 – 8 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 154 ص 1031 – 12 مايو سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 150 ص 1136 – استئناف مصر 24 أكتوبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 171 ص 385 – 18 مايو سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 192 – أسيوط الكلية 13 يونيه سنة 1937 المحاماة 18 رقم 188 ص 369 .
( [1134] ) أنظر آنفاً ص 629 .
( [1135] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 434 ص 433 – محمد علي عرفة 2 فقرة 302 ص 511 – ص 512 .
( [1136] ) استئناف مصر 21 مايو سنة 1 930 المحاماة 11 رقم 32 ص 58 – وإذا صدر حكم بثبوت الشفعة ، ثم رفع المشتري دعوى بسقوط هذا الحكم ، فيكفي أن يختصم فيها الشفيع . وإذا طعن الشفيع بالنقض في الحكم الصادر بسقوط حكم الشفعة ، اكتفى كذلك باختصام المشتري . وذلك أن اختصام كل من البائع والمشتري إنما يكون ضرورياً في دعوى الشفعة ذاتها ، ولا يمتد ذلك إلى دعوى سقوط حكم الشفعة ( نقض مدني 30 مارس سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 39 ص 276 ) .
( [1137] ) استئناف مصر 18 مايو سنة 1 937 المجموعة الرسمية 38 رقم 192 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 437 ( ويشير إلى حكم استئناف مصر في 2 فبراير سنة 1 945 ) – أسيوط الكلية 18 يناير سنة 1928 المحاماة 9 رقم 248 ص 434 – وإذا تعمد البائع تجهيل اسم المشتري ، فليس له أن يدفع بعدم قبول دعوى الشفعة لأنها لم ترفع على المشتري ، لا يجوز أن يستفيد من تضليله ( استئناف وطني 24 مارس سنة 1907 المجموعة الرسمية 9 رقم 15 ص 38 – 22 يونيه سنة 1925 المحاماة 6 رقم 102 ص 140 ) .
( [1138] ) استئناف وطني 6 ابريل سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 101 ص 217 – وإذا بيع عقار على الشيوع لشخصين ، وكانت الشفعة لا يمكن استعمالها إلا في العقار جميعه ، لم تكن الدعوى صحيحة إلا إذا رفعت في الميعاد القانوني على كل من المشتريين ، فإذا رفعت على أحدهما دون الآخر سقط حق الشفيع بالنسبة إلى الكل ( استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1905 م 17 ص 327 ) . أما إذا كان محل الشفعة قطعة أرض قابلة للقسمة ، واشتراها عدة أشخاص حصصاً مفرزة ، فإن دعوى الشفعة المرفوعة على بعض المشترين ، ولو أشارت إلى الأرض جميعها ، لا يكون لها تأثير بالنسبة إلى باقي المشترين ( استئناف مختلط 2 ابريل سنة 1902 م 14 ص 208 ) . وإذا توفى أحد الخصوصم عن عدة ورثة ، وجب اختصام هؤلاء الورثة جميعاً – فإذا طعن في الحكم الصادر لمصلحة الشفيع أحد ورثة البائع أو المشتري دون باقي الورثة ، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلا ( نقض مدني 17 ابريل سنة 1952 المحاماة 34 رقم 189 ص 435 – 5 يونيه سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 181 ص 1163 ) .
( [1139] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الشفيع قد اغفل توجيه الدعوى إلى أحد المشترين على الشيوع محتجا بصورية عقده ، وكان الحكم قد اغفل دفع المشتري الآخر بوجوب توجيه هذا الطعن إلى شريكه غير المختصم في دعوى الشفعة ، وأقام قضاءه على أن إدخال هذا المشتري في عقد الشراء المسجل لم يقصد به إلا الاحتيال لمنع الأخذ بالشفعة ، فإن هذا الحكم يكون باطلا . إذ كان يتعين عن المحكمة لكي يستقيم قضاؤها وقف الفصل في دعوى الشفعة حتى يستصدر الشفيع حكماً نهائياً في مواجهة جميع أطراف الخصومة ، ومن بينهم المشتري الذي لم يختصم فيها ، بصورية عقد هذا الأخير ( نقض مدني 8 يناير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 48 ص 244 ) . وانظر أيضاً نقض مدني أول فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 . رقم 202 ص 555 – 10 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 135 ص 844 – محمد علي عرفة 2 فقرة 303 .
( [1140] ) أنظر آنفاً فقرة 217 .
( [1141] ) وقد جرت مناقشة في هذا الصدد في لجنة مجلس الشيوع وقت نظر مشروع التقنين المدني أمامها ، إذ اعترض أحد أعضاء اللجنة على ورود اختصاص محكمة العقار في النص ، فقد رأي في ذلك " اقحام بعض قواعد المرافعات " . فأجيب على هذا الاعتراض " بأنه حيث ينشيء القانون حقاً ، فهو وإجراءاته من صميم القانون المنشيء لهذا الحق " . وأضيف إلى ذلك " أنه يحسن دفعاً للشبهة في هل دعوى الشفعة شخصية أو عقارية عدم رفع حكم المرافعات الوارد في المادة " . فأعلن العضو المعترض عند ذلك أنه " ينزل عن اعتراضه لهذه الحجة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 429 ) .
( [1142] ) أنظر في ذلك م 45 مرافعات .
( [1143] ) عابدين 20 فبراير سنة 1905 الحقوق 20 رقم 64 ص 187 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 453 .
( [1144] ) أنظر آنفاً فقرة 312 .
( [1145] ) أنظر المادة 135 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 .
( [1146] ) استئناف وطني 26 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 رقم 87 ص 133 – 7 ديسمبر سنة 1920 المحاماة 3 رقم 45 ص 142 – 31 مارس سنة 1924 المجموعة الرسمية 26 رقم 97 ص 171 – استئناف مصر 5 يناير سنة 1937 المحاماة 17 رقم 442 ص 878 – استئناف مختلط 23 مارس سنة 1911 م 23 ص 237 – 3 ابريل سنة 1913 م 25 ص 281 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 454 - محمد علي عرفة 2 فقرة 307 ص 518 – وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا رفعت دعوى الشفعة في خلال الثلاثين يوما أما محكمة كانت مختصة في الأصل وقت رفعها ، ثم حكم بعدم الاختصاص لطروء ما أخرج الدعوى عن اختصاصها ( دخول خصم جديد في الدعوى قال أنه اشترى العقار من المشتري الأول بثمن يجاوز نصاب القاضي الجزئي ) ، كان للشفيع تجديدها أمام المحكمة المختصة ، ولا يقبل من المشفوع منه الدفع بان دعوى الشفعة رفعت بعد انقضاء الثلاثين يوماً ( استئناف مصر 22 يونيه سنة 1 925 المحاماة 6 رقم 102 ص 140 ) .
( [1147] ) نقض مدني 5 نوفمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 17 ص 141 استئناف مختلط 3 ابريل سنة 1913 م 25 ص 281 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 454 - محمد علي عرفة 2 فقرة 307 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 322 ص 486 – ص 477 - منصور مصطفى منصور فقرة 147 ص 351 .
وهناك رأي يذهب إلى الميعاد الثلاثين يوماً الجديدة يسري ، لا من وقت صدور الحكم بعدم الاختصاص ، بل من وقت انقضاء ميعاد استئناف هذا الحكم وصيرورته بذلك نهائياً فيبقى الانقطاع مستمراً طول المدة التي يجوز في استئناف الحكم الصادر بعدم الاختصاص ، ولا حاجة لرفع الاستئناف فعلا . ففي إحدى القضاي قضت المحكمة الجزئية بعدم الاختصاص في 9 نوفمبر سنة 1922 ، فسرى ميعاد 15 يوماً لاستئناف هذا الحكم ، ولكن الشفيع لم يستأنف فقضت محكمة استئناف مصر بان الانقطاع الأول بقى مستمراً خمسة عشر يوماً بعد صدور الحكم بعدم الاختصاص الىان أصبح هذا الحكم نهائياً بعدم استئنافه حتى انقضت هذه المدة ، ويكون للشفيع من وقت انقضاء الخمسة عشر يوماً ، أي من يوم 24 نوفمبر سنة 1922 ، ثلاثون يوماً جديدة لرفع دعوى الشفعة أمام المحكمة المختصة . فإذا كان الشفيع قد رفع هذه الدعوى أمام المحكمة الكلية المختصة في 19 ديسمبر سنة 1922 ، فإنه يكون قد رفع الدعوى في الميعاد القانوني ( استئناف مصر 31 مارس سنة 1924 المجموعة الرسمية 26 رقم 97 ص 171 ) .
( [1148] ) أنظر آنفاً فقرة 217 .
( [1149] ) وقد يكتفي المشتري بتسجيل عقد البيع دون أن ينذر الشفيع بوقوع هذا البيع ، فيجب في هذه الحالة أن يعلن الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة في خلال أربعة أشهر من وقت التسجيل ( أنظر آنفاً فقرة 206 ) . وقد يستغنى في هذه الحالة عن إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة برفع دعوى الشفعة مباشرة ( أنظر آنفاً ص 622 ) ، فيجب عليه عندئذ إيداع الثمن ورفع دعوى الشفعة وقيدها في خلال الأربعة الأشهر التالية لوقت التسجيل .
( [1150] ) أما في التقنين المدني السابق ، فلم يكن هناك ميعاد محدد لرفع دعوى الشفعة ، ولكن القضاء ، كان يتطلب رفع الدعوى في أقرب وقت ممكن حتى لا يظل المشتري مهدداً بنزع ملكية العقار الذي اشتراه مدة طويلة ( استئناف وطني 13 يونيه سنة 1901 المجموعة الرسمية 3 رقم 17 ص 51 – 19 نوفمبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 4 رقم 27 ص 63 – وانظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 428 ) .
( [1151] ) نقض مدني 19 مايو سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 123 ص 373 – 26 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 106 ص 698 – استئناف مصر 5 يناير سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 5 ص 111 – 6 يناير سنة 1938 المحاماة 19 رقم 159 ص 368 – وانظر عكس ذلك وانه كان يجب قيد الدعوى في ميعاد الثلاثين يوماً استئناف مصر 22 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 441 ص 857 – استئناف مختلط 12 ابريل سنة 1906 م 18 ص 196 – محمد كامل مرسي 3 فقرة 452 ص 444 – ولكن رفع الدعوى كان يعني على كل حال إعلان صحيفتها للخصم ، ولم يكن يكفي في عهد تقنين المرافعات السابق تقديم الصحيفة إلى قلم المحضرين لإعلانها ( نقض مدني 8 يناير سنة 1948 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 725 رقم 113 – 24 ديسمبر سنة 1953 نفس المجموعة جزء أول ص 725 رقم 114 ) .
( [1152] ) أنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 304 ص 513 – ص 514 .
( [1153] ) فايداع الثمن قد استحدثه التقنين المدني الجديد ، للتدليل على جدية دعوى الشفعة والنأي بها عن مجال المضاربة والاستغلال ، وكظهر من مظاهر تقييد دعوى الشفعة ، كما سبق القول ( أنظر آنفاً فقرة 210 ) . وكذلك وجوب قيد الدعوى في خلال الثلاثين يوماً استحدثه التقنين المدني الجديد ، حتى لا يتباطأ الشفيع في الإجراءات دون مبرر ، وحتى لا يستبقى الدعوى معلقة بقصد ابتزاز المشتري واستغلاله . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " . . . مع ملاحظة أن رفع دعوى الشفعة لا يكفي وحده ، بل يجب أيضاً قيد الدعوى في الجدول في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة . حتى لا يتباطأ الشفيع في الإجراءات دون مبررة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 427 ) .
والعبرة في سريان التقنين المدني الجديد فيما استحدثه بوقت إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة . فإذا تم هذا الإعلان قبل نفاذ التقنين المدني الجديد ، أي قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، فإن قانون الشفعة السابق هو الذي يسري ، ومن ثم لا يكون على الشفيع إلا رفع دعوى الشفعة في ميعاد الثلاثين يوماً دون أن يلتزم بإيداع الثمن ويكتفي بالعرض البسيط ، كما لا يلتزم بقيد الدعوى في خلال الثلاثين يوماً . أما إذا لم يسبق إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة يوم 15 أكتوبر سنة 1 949 ، فالتقنين المدني الجديد هو الذي يسري ، ويجب على الشفيع أن يودع الثمن ويرفع الدعوى ويقيدها في ميعاد الثلاثين يوماً . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه لما كان القانون المدني الجديد قد وضع نظاماً مستحدثا لإجراءات الشفعة نص عليه في المواد من 940 إلى 943 ، وكانت إجراءات هذا التنظيم ومواعيده مرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً وثيقاً وماسة بذات الحق ، إذ ينص القانون على اتباعها وإلا سقط الحق في الأخذ بالشفعة ، وكانت تبدأ جميعاً من جانب الشفيع من تاريخ إعلان الرغبة ، فإن مقتضى هذا الوضع أن نصوص القانون الجديد إنما تسري على طلب الشفعة الذي تبدأ اجراءاته بإعلان الرغبة فيها بعد العمل به لا الطلب السابق عليه الذي حصل على هدى قانون الشفعة القديم . . . وليس يسوغ مزج أحكام القانونين وإعمال بعض نصوص القانون الجديد مع بعض نصوص القانون القديم ، لأن ذلك فضلا عن أنه يؤدي إلى نتائج غير مستساغة بل ومخالفة لنصوص القانونين القديم والجديد ، فإنه لا يتفق مع قواعد التطبيق الصحيحة . ( نقض مدني 13 مايو سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 131 ص 867 ) . وانظر نقض مدني 28 يناير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 70 ص 467 .
( [1154] ) فإذا لم يتم إعلان الخصوم بالدعوى في خلال هذه المدة سقط حق الشفيع حتى لو كان عدم إتمام الإعلان بسبب تواطؤ المشتري والبائع لإخفاء موطن هذا الأخير ، ما دام هذا التواطؤ ، على فرض حصوله ، لم يكن من شأنه أن يحول دون اتخاذ الشفيع الإجراء القانوني الذي يؤدي إلى إتمام الإعلان في خلال المدة الباقية لرفع دعوى الشفعة بتسليم صورة الورقة إلى النيابة ( نقض مدني 9 نوفمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 156 ص 997 ) .
( [1155] ) أما نصوص تقنين المرافعات المتعلقة برفع الدعوى وقيدها ، قي تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ، فكانت تجري على الوجه الآتي :
م 69 مرافعات : ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تعلن للمدعى عليه على يد أحد المحضرين ، ما لم يقض القانون بغير ذلك .
م 75 مرافعات : على المدعى ، بعد تسلمه أصل الصحيفة المعلنة ، أن يقدمه لقلم الكتاب لقيد الدعوى بجدول المحكمة في اليوم السابق لتاريخ الجلسة المحددة لنظرها على الأكثر . وللمدعى عليه أن يطلب قيد الدعوى بوم الجلسة لنفسه بتقديم الصورة المعلنة له ، إذا لم يقدمها المدعى . وتقيد الدعوى التي يكون فهيا التكليف بالحضور من ساعة إلى ساعة في الجلسة نفسها .
م 76 مرافعات : يجوز لرئيس الجلسة أن يأذن بقيد الدعوى في يوم الجلسة نفسه ، إذا وجد لذلك مقتضياً .
م 77 مرافعات : إذا سبق دفع الرسم بأكمله قبل إعلان صحيفة الدعوى ، وجب على قلم المحضرين تسليم الأصل لقلم الكتاب بعد إعلانه ، وعلى قلم الكتاب إجراء القيد من تلقاء نفسه .
م 78 مرافعات : إذا لم تقيد الدعوى في اليوم المعين للجلسة ، جاز للمدعى أو للمدعى عليه تحديد جلسة أخرى وإعلان خصمه بها . وإذا لم تقيد الدعوى خلال سنة من تاريخ الجلسة الأولى التي سبق تحديدها ، اعتبرت الدعوى كأن لم تكن .
( [1156] ) ولا يشترط أن يكون هناك فاصل بين هذه الأعمال الثلاثة ، ولوبيوم واحد . وقد قضت محكمة النقض ، قبل تعديل تقنين المرافعات بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ، بان نص المادة 942 / 2 مدني تضمن شرطين ، أولهما أن يودع الشفيع الثمن الحقيقي خزانة المحكمة خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة ، والثاني أن يكون هذا الإيداع سابقاً على رفع الدعوى . وقد هدف المشرع من حصول هذا الإيداع قبل رفع الدعوى إلى ضمان الجدية في طلب الشفعة ، ولم يحدد فاصلا زمنياً معيناً بين الإيداع ورفع الدعوى . فاشتراط حصول الإيداع في اليوم السابق هو قيد آخر لا يحتمله النص ، ولا يتفق مع فكرة التيسير في الميعاد التي أخذ بها الشارع ( نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1961 مجموعة النقض 12 رقم 96 ص 619 ) .
( [1157] ) أنظر آنفاً فقرة 211 .
( [1158] ) وإذا ترك المشتري محل إقامته المبين في عقد البيع ، ولم يبين محل إقامته الجديد ، أعلنه الشفيع بدعوى الشفعة في النيابة ، وإلا سقط حق الشفيع إذا ترك الميعاد ينقضي دون إعلانه على هذا الوجه ( استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1929 المحاماة 9 رقم 552 ص 1029 ) .
( [1159] ) أنظر آنفاً فقرة 205 – وقبل القانون رقم 100 لسنة 1962 كان يجب إعلان صحيفة الدعوى إلى كل من البائع والمشتري في خلال الثلاثين يوما ً ، فإذا وصل الإعلان إلى أحدهما في الميعاد القانوني ووصل إلى الآخر بعد هذا الميعاد ، سقط حق الشفيع . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه لا تعتبر دعوى الشفعة قائمة إلا من تاريخ إعلان البائع والمشتري فيها ، وإذن فمتى كان المشتري قد أعلن بالدعوى في تاريخ لاحق لإعلان البائع ، فإن الدعوى لا تكون قد رفعت إلى من وقت إعلان المشتري ( نقض مدني 13 مايو سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 131 ص 867 ) .
( [1160] ) أنظر آنفاً فقرة 211 – وانظر نقض مدني 27 نوفمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 230 ص 490 – 8 يناير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 255 ص 516 – وإذا أعلن الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة أولاً بكتاب موصي عليه ، ثم صحح الشكف لاعلن رغبته بورقة رسمية على يد محضر في الميعاد القانوني ، فالعبرة في حساب الثلاثين يوماً أن تبدأ هذه المدة من تاريخ الإعلان على يد محضر لا من تاريخ الكتاب الموصي عليه ( نقض مدني 26 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 106 ص 698 ) .
( [1161] ) أنظر في هذا المعنى محمد علي عرفة 2 فقرة 306 ص 516 – ص 517 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 322 ص 486 - منصور مصطفى منصور فقرة 147 ص 351 – وانظر عكس ذلك وأن المشرع قد قصد عدم إضافة ميعاد للمسافة إلى ميعاد الثلاثين يوماً ونص صراحة على إضافة ميعاد للمسافة إلى ميعاد الخمسة عشر يوماً من يوم الإنذار الرسمي بوقوع البيع ، لأن الشفيع يكون قد فوجئ بالعلم بالبيع في الحالة الأخيرة ولا مفاجأة في الحالة الأولى : طنطا الكلية 20 ديسمبر سنة 1950 المحاماة 32 رقم 190 ص 815 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 451 – عكس ذلك أيضاً في عهد قانون الشفعة السابق : أسيوط استئنافي 18 يناير سنة 1928 المحاماة 9 رقم 248 ص 434 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 451 – شفيق شحاتة فقرة 275 ص 284 .
( [1162] ) أنظر آنفاً فقرة 206 – وانظر نقض مدني 19 مايو سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 123 ص 373 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 448 - محمد علي عرفة 2 فقرة 306 ص 517 – ص 518 – وانظر عكس ذلك وأن الميعاد لا يمتد حتى لو كانت نهايته يوم عطلة رسمية استئناف مصر 22 ديسمبر سنة 1937 المحاماة 18 رقم 355 ص 730 .
( [1163] ) استئناف مختلط 28 مايو سنة 1946 م 59 ص 4 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 449 .
( [1164] ) أنظر آنفاً فقرة 217 .
( [1165] ) ولا يعتبر تعديل الطلبات في دعوى الشفعة دعوى جديدة مرفوعة بعد الميعاد ، إذا كانت الطلبات الأصلية لم توجد لبسا عند المشتري في حقيقية العقار المطلوب أخذه بالشفعة . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا رفع الشفيع دعواه بطلب الشفعة في الأطيان المبيعة ، ثم تبين أنه اخطأ في البيانات التي أوردها في صحيفة الدعوى عن حدود هذه الأطيان ورقم القطعة من الحوض الواقعة فيه فعدل طلباته بما يتفق والبيانات الصحيحة ، وكان دفاع المشتري يفيد أنه قد اعتبر الدعوى مرفوعة من بادئ الأمر بطلب الشفعة في هذه الأطيان ، فلم يلتبس عليه الأمر بالرغم مما لابس البيانات التي أوردها الشفيع في صحيفة الدعوى من أخطاء لم تؤثر على ما تلاقي عنده قصد الشفيع من دعواه وفهم المشتري لها ، فإن الحكم يكون معيباً إذا قضى بسقوط حق الشفيع في الشفعة تأسيساً على أن تعديل الطلبات في هذه الحالة يعتبر رفعاً للدعوى بطلبات جديدة تخالف الطلبات الواردة في صحيفة افتتاح الدعوى ، وأن هذا التعديل قد جاء بعد مضي أكثر من أربعة أشهر من تاريخ تسجيل عقد البيع ( نقض مدني 26 ديسمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 111 ص 979 ) .
( [1166] ) أسيوط الكلية 13 يونيه سنة 1937 المحاماة 18 رقم 188 ص 369 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 447 ص 440 .
( [1167] ) أنظر آنفاً فقرة 216 .
( [1168] ) أنظر آنفاً فقرة 217 .
( [1169] ) وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص يلي المادة 943 مدني هو المادة 1392 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " 1 - لا تقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الشفعة . 2 - وميعاد استئنافها خمسة عشر يوما من تاريخ إعلانها " . وفي لجنة المراجعة أدخل تعديل على الفقرة الثانية فأصبحت : " وميعاد الاستئناف خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان الحكم " . ووافق مجلس النواب على المادة بهذا التعديل . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت المادة " لأنها من صميم المرافعات ، ومشروع قانون المرافعات قد تضمن الحكم بعدم قبول المعارضة في الأحكام الغيابية ما دامت الدعوى تنظر على وجه السرعة ، وجعل ميعاد استئنافها عشرة أيام " . ووافق مجلس الشيوخ على حذف المادة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 426 – ص 247 في الهامش ) .
( [1170] ) محمد كامل مرسي 3 فقرة 460 – فقرة 461 - محمد علي عرفة 2 فقرة 309 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 324 ص 490 .
( [1171] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون ، في هذا صدد التعديلات الجوهرية التي ادخلها هذا القانون على نصوص تقنين المرافعات ، ما يأتي : " ومن ذلك سريان ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ، وإلغاء المعارضة في الأحكام الغيابية كأصل عام ، وإلغاء الآثار القانونية المترتبة على التفرقة بين الدعاوى التي تنظر على الوجه المعتاد والدعاوى التي يوجب القانون الفصل فيها وجه السرعة " .
( [1172] ) ويسري هذا الميعاد الجديد على الأحكام الصادرة في دعاوى الشفعة منذ صيرورة القانون رقم 100 لسنة 1962 نافذاً ، ولو رفعت دعوى الشفعة قبل نفاذ هذا القانون ، إذ العبرة في حق الاستئناف ومواعيده بالقانون المعمول به عند صدور الحكم ، لا بالقانون الذي كان معمولا به وقت رفع الدعوى ( استئناف وطني 16 مارس سنة 1902 الحقوق 17 رقم 41 ص 82 – 30 ابريل سنة 1902 المجموعة الرسمية 5 ص 62 – 20 مايو سنة 1902 الاستقلال 2 رقم 2 ص 9 – 25 نوفمبر سنة 1902 الاستقلال 2 رقم 3 ص 10 – 3 ديسمبر سنة 1907 الحقوق 24 رقم 15 ص 49 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 465 ) .
( [1173] ) عبد المنعم فرج الصدة فقرة 324 - منصور مصطفى منصور فقرة 147 ص 351 .
( [1174] ) أنظر آنفاً فقرة 218 .
( [1175] ) ولا يجوز أن تقدم في الاستئناف طلبات جديدة ( م 411 مرافعات ) ، وقد قضى بأنه لو كان المطلوب أمام محكمة أول درجة الشفعة في جزء من عقار بنسبة عدد الرؤوس ، ثم طلب كل العقار في المحكمة الإستئنافية ، عد هذا طلبا جديداً فيما زاد على الجزء المطلوب في محكمة أول درجة ( استئناف وطني 12 يناير سنة 1899 الحقوق 14 ص 520 – استئناف مصر 18 مايو سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 192 - محمد كامل مرسي 3 فقرة 464 ) . ويكون للشفيع ، إذا صدر الحكم الابتدائي لمصلحته أن يتمسك بكل الأسانيد القانونية التي أقام عليها دفاعه أمام محكمة أول درجة ، بل ويزيد عليها اسانيد جديدة دون أن يطالب برفع استئناف فرعي . أما إذا لم يقض له بكل الطلبات ، فإنه يجب عليه أن يرفع استئنافاً فرعياً فيما لم يقض له به . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع برمته إلى محكمة الاستئناف ، وإعادة طرحه مع اسانيده القانونية وأدلته الواقعية . ولذلك يكون للمستأنف عليه الذي صدر الحكم الابتدائي لمصلحته أن يتمسك بكل الأسانيد القانونية التي أقام عليها دفاعه أمام محكمة الدرجة الأولى ، دون أن يكون مطالباً بان يرفع استئنافاً فرعياً . وذلك إذا كان قد حكم له بطلباته كلها ، إذ في هذه الحالة تكون مصلحته في رفع الاستئناف منعدمة . أما إذا كان لم يحكم له إلا ببعض الطلبات ، فيكون هناك محل للاستئناف للمطالبة بما لم يحكم له به . ويجب في هذا المقام أن يكون المحكوم برفضه طلباً بالمعنى الصحيح في القانون ( chef dc emande ) . فإذا كان المدعى قد أقام دعواه بالشفعة على أنه مالك بالشيوع ، وأن اطيانه تجاوز العقار المشفوع فيه من جهتين ، وأن له عليه حق إرتفاق ، فندبت المحكمة الابتدائية خبيراً في الدعوى لتحقيق هذه الأسباب ، ثم قضت للشفيع بطلباته استناداً على ما ظهر من تقرير الخبير من ثبوت الجوار بين الحدين ، وعندما استأنف المشتري هذا الحكم أصر الشفيع أمام محكمة الاستئناف على تمسكه بسببي الشفعة الآخرين وطلب تأييد الحكم المستأنف ، فمن الخطأ أن تقول محكمة الاستئناف إن الشفيع بعدم استئنافه الحكم فيما يتعلق بذينك السببين يكون قد انتهى إلى التمسك بسبب الجوار فقط ، وتلتفت بناء على ذلك عن السببين الآخرين اللذين أصر عليهما أمامها ( نقض مدني 30 نوفمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 8 ص 17 ) .
( [1176] ) وقد قضى بأنه إذا أهمل الشفيع إعلان البائع في ميعاد الاستئناف لم يقبل استئنافه ، إلا إذا كان البائع قد انضم إلى الشفيع في طلباته أمام محكمة أول درجة ( استئناف مختلط 16 مارس سنة 1926 م 38 ص 291 ) . أما إذا كان البائع لم يحضر أمام محكمة أول درجة ، فإنه يعتبر معارضاً لدعوى الشفعة ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1928 م 40 ص 182 ) . وعدم إدخال البائع في الاستئناف يجعل الاستئناف غير مقبول ، حتى لو حضر البائع من تلقاء نفسه أمام محكمة الاستئناف إذا كان حضوره بعد فوات ميعاد الاستئناف ، إذ أن المشتري يكون قد كسب حق دفع الاستئناف بأنه غير مقبول شكلا ، ومع ذلك يكون حضور البائع من تلقاء نفسه أمام الاستئناف بعد الميعاد مقبولا إذا كان قد انضم إلى الشفيع أمام محكمة أول درجة ( استئناف مختلط 16 مارس سنة 1926 م 38 ص 291 – 7 فبراير سنة 1928 م 40 ص 183 ) . وإذا كان الاستئناف لا يتناول حق الشفعة ذاته ، كأن يتناول المبلغ الذي يجب على الشفيع دفعه كملحق للثمن ، فإن إدخال البائع في الاستئناف غير واجب . فإذا أراد المشتري المجادلة في حق الشفعة لأنه ، فإن عليه أن يدخل البائع في الدعوى ، وإلا كان استئناف المشتري الفرعي غير مقبول ( استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1944 م 57 ص 3 ) . ومع ذلك فقد قضى بأنه إذا كان الاستئناف مرفوعاً من المشتري ، فإنه يكون مقبولا ولو لم يعلن البائع ، لأن شرط إعلان البائع لا يستلزمه القانون إلا بالنسبة إلى الشفيع ( استئناف مختلط 7 ابريل سنة 1904 م 16 ص 188 ) . ومصروفات إدخال البائع في الدعوى تكون على الشفيع أو المشتري ، أيهما خسر الدعوى ( استئناف مختلط 24 ديسمبر سنة 1908 م 21 ص 88 ) .
وانظر في كل ذلك محمد كامل مرسي 3 فقرة 462 ص 451 – ص 452 .
( [1177] ) استئناف مصر 2 فبراير سنة 1944 المجموعة الرسمية 45 رقم 33 ص 65 .
( [1178] ) نقض مدني 27 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 13 ص 22 وقالت محكمة النقض في أسباب حكمها : " ومن حيث إن المادة 15 من قانون الشفعة تنص على وجوب رفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري معاً وإلا سقط الحق فيها . وإذا لوحظ أن القانون المدني لم يكن – قبل صدور قانون الشفعة – يقضي بإدخال البائع في الدعوى ، بل كان يكتفي برفع الدعوى على المشتري فقط ، لزم عن ذلك القول بان إدخال البائع في دعوى الشفعة من الأحكام المتعلقة بحق الشفعة نفسه ، أي أنه شرط في صحة استعماله ، بحيث إذا تخلف هذا الشرط سقط حق الشفعة . وحكمة ذلك أن طلب الشفعة هو طلب موجه في الحقيقة إلى البائع والمشتري في أن واحد ، والحكم في هذا الطلب هو حكم عليهما معاً ، لأن الشفيع بموجب المادة 13 من قانون الشفعة يحل بالنسبة إلى البائع محل الشمفوع منه في جميع ما كان له من الحقوق أو عليه من الواجبات . وبهذا يتحول عقد البيع من كونه بين البائع والمشتري إلى كونه بين البائع والشفيع ، فتسقط حقوق البائع قبل المشتري ولا يكون له أن يطالب بها إلا الشفيع الذي حل محله . وكما تكون حقوق البائع قبل الشفيع لا قبل المشتري ، يكون كذلك ما عليه من الواجبات باعتباره بائعاً للشفيع لا للمشتري ، فيكون للبائع أن يطالبه بالثمن ويكون عليه أن يضمن له البيع ، وطلب الحكم بالشفعة هو طلب الحكم بكل ذلك . ومن حيث إن المادة 37 ( من قانون الشفعة السابق ) نصت على أن ميعاد الاستئناف في دعاوى الشفعة خمسة عشر يوماً من يوم إعلان الحكم . ولما كان الاستئناف يعيد الدعوى إلى حالتها الأولى ، فإنه يجب عند استئناف الحكم الصادر في دعوى الشفعة ، ليكون الاستئناف مقبولا شكلا ، أن يعلن إلى كل من المشتري والبائع في ميعاد الاستئناف الذي يفتحه أحدهما بإعلان الحكم . فإذا كان الحكم قد أعلن من المشتري ، ولم يعلن الشفيع البائع مع المشتري في الميعاد القانوني ، فلا يقبل استئنافه . ولا وجه للقول بان ميعاد الاستئناف يظل مفتوحاً بالتسبة إلى البائع ، لأنه حتى إذا كان البائع أعلن الشفيع بعد الإعلان الموجه إليه من المشتري فإن ميعاد الاستئناف يبدأ من الإعلان الأول ، إذ أنه في الحالة التي يكون فيها موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة إذا أعلن الحكم كل ذي الشأن الذين كسبوا الدعوى إلى المحكوم عليه ، وكانت اعلاناتهم في تواريخ مختلفة ، فإن ميعاد الاستئناف يبدأ من أول إعلان . على أنه ما دام القانون قد حتم اختصام أفراد مخصوصين في الدعوى في الميعاد المعين لها ، فإنه يكون واجباً على الشفيع اختصامهم في الميعاد المذكور وإلا كانت دعواه غير مقبولة . والحال كذلك في الاستئناف . ولا يغض من ذلك ما تعرض له الحكم المطعون فيه في شأن قاعدة نسبية الآثار المترتبة على إجراءات المرافعات ، فإنه وإن كانت آثار إعلان الأحكام من حيث قبول الاستئناف وعدم قبوله لا تكون إلا بالنسبة إلى المعلن والمعلن إليه من الخصوم في الدعوى عند تعدد الحكوم لهم أو المحكوم عليهم على السواء ، فيما عدا حالتي التضامن ولعدم إمكان التجزئة ، فالحال هنا تختلف ما دام القانون – كما سلف – يستوجب اختصام المشتري والبائع معاً في دعوى الشفعة في الميعاد المعين لها " ( نقض مدني 27 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 13 ص 22 ) – وانظر أيضاً نقض مدني 15 يونيه سنة 1950 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 727 رقم 127 – 23 نوفمبر سنة 1950 نفس المجموعة جزء الأول ص 728 رقم 128 – 12 مايو سنة 1955 نفس المجموعة جزء أول ص 728 رقم 129 .
( [1179] ) وقد أقرت محكمة النقض فعلا هذا الرأي ، فقضت بأنه متى كان الاستئناف قد رفع بتكليف بالحضور على اعتبار أن الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف دعوى شفعة يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة ، وقد اختصم المستأنف في صحيفة الاستئناف الشفيع المحكوم له ابتدائياً والبائعين ، وقام بإعلان الاستئناف إلى البائعين بعد فوات الميعاد ، فإن إعلان الاستئناف إلى البائعين بعد فوات الميعاد لا يترتب عليه سقوط الحق في الاستئناف ، لا بالنسبة إلى جميع المستأنف عليهم ولا بالنسبة إلى ايهم ، وذلك تطبيقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون المرافعات ( نقض مدني 8 ابريل سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 77 ص 476 ) – وانظر محمد علي عرفة 2 فقرة 310 .
هذا وقد سوى القانون رقم 100 لسنة 1962 بين الدعاوى العادية والدعاوى التي ينظر فيها على وجه السرعة من حيث إن الاستئناف في جميع هذه الدعاوى يرفع " بتكليف الحضور يراعى فيه الأوضاع المقررة لصحيفة افتتاح الدعوى ، ويجب أن تشتمل صحيفته على بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف ، وإلا كانت باطلة " ( م 405 / 1 مرافعات معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ) . وبقيت المادة 384 مرافعات كما هي تنطبق على جميع الدعاوى ، بما في ذلك دعوى الشفعة التي تعتبر كما قدمنا دعوى غير قابلة للتجزئة ودعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين ، ولم يمس القانون رقم 100 لسنة 1962 المادة 384 مرافعات المذكورة بأي تعديل .
وإذا قضت محكمة أول درجة بسقوط الحق في الشفعة ، فإن الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم يطرح الدعوى بما احتوته من طلبات ودفوع واوجه دفاع على محكمة الاستئناف . فلا يجوز لها ، في حالة إلغاء هذا الحكم ، أن تعيد الدعوى الىمحكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها من جديد . ولا يغير من هذا الأمر أن يكون سند الحكم بسقوط الحق في الشفعة هو بطلان إعلان أحد الخصوم . وذلك لأن هذا البطلان ليس هو الغاية من الدفع به ، وإنما هو مجرد وسيلة للوصول إلى القضاء بسقوط حق المدعى في الشفعة ، على اعتبار أن الميعاد المحدد لطلبها قضاء في انقضى دون أن ترفع على البائع والمشتري وفقاً لما يتطلبه القانون ، ومن ثم لا يصح النظر في هذا البطلان مستقلا عن الغاية من التمسك به والاثر المترتب عليه ( نقض مدني 30 ديسمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 217 ص 1384 ) .
( [1180] ) نقض مدني 6 يونيه سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 92 ص 189 – وانظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 467 - محمد علي عرفة 2 فقرة 311 ص 525 .
( [1181] ) نقض مدني 17 ابريل سنة 1952 المحاماة 34 رقم 189 ص 435 .
( [1182] ) نقض مدني 8 مايو سنة 1952 المحاماة 34 رقم 281 ص 640 – وانظر أيضاً : نقض مدني 198 فبراير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 271 ص 543 ( لا بد لقبول دعوى الشفعة من اختصام الشفيع والمشتري والبائع ، سواء في أول درجة أو فى الاستئناف أو فى النقض ، وسواء كان رافع الدعوى أو الطاعن في الحكم هو الشفيع أو المشتري أو البائع . فإن رفعها أحدهم في أية مرحلة من مراحلها تلك ولم يخاصم صاحبيه ، قضت المحكمة ولو من تلقاء نفسها بعدم قبولها ، إذ لا حكم إلا في دعوى ولا دعوى بغير خصم . ذلك بان الشفعة في نظر القانون هي تحويل الحقوق والالتزامات ما بين البائع والمشتري إلى ما بين البائع واشفيع ، فتزول صلة البائع بالمشتري فيما لكل منهما من الحقوق على الآخر بموجب عقد البيع لتكون صلته في تلك الحقوق بالشفيع . فهي عملية قانونية تدور بين أطراف ثلاثة ، كل منهم طرف حقيقي ضرورية فيها حتى يمكن قانوناً حصول هذا التحويل الواقع في حقوقهم هم الثلاثة بعضهم على بعض ، ولا يتصور إلا قبل ثلاثتهم جميعاً . فدعوى الشفعة ، والمقصود بها إجراء عملية هذا التحويل قضاء ، يجب طبيعية الحال أن تكون دائرة بينهم هم الثلاثة كذلك ) – 4 نوفمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 334 ص 656 – 2 يونيه سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 428 ص 787 ( إذا كان اختصام شخص معين في الطعن بالنقض لازماً لقبوله ، كما هي الحال في دعوى الشفعة التي يجب قيامها بين اطرافها الثلاثة ، واختصمه الطاعن في تقرير الطعن ولكنه لم يعلنه إليه إلا بعد فوات الميعاد المعين لذلك ، كان الطعن باطلا بالنسبة إليه ، وكان إذن غير مقبول لعدم اختصاصه ) – 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 19 ص 101 ( إذا كانت الطاعنة وهي المشترية ، وإن كانت قد اختصمت في طعنها الشفيع والبائعين ، أعلنت الطعن لأحد هذين البائعين بعد انقضاء الميعاد المحدد في القانون لصحة الإعلان ، فإن طعنها يكون غير مقبول شكلا ، لأن هذا البائع وقد أعلن اعلاناً باطلا بعد الميعاد يكون غير مخاصم في الطعن ) – وانظر أيضاً نقض مدني 9 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 213 – 8 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 43 ص 296 – 27 ابريل سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 60 ص 420 – 25 ابريل سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 86 ص 616 .
( [1183] ) نقض مدني 29 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 59 ص 411 – على أن تقرير الطعن بالنقض يجب أن يبين فيه أسماء جميع الخصوم الواجب اختصامهم ، وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه وإن كانت المادة 384 مرافعات تنص على أنه إذا رفع الطعن عن حكم صادر في دعوى يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها كما هي الحال في دعوى الشفعة على أحد المحكوم لهم في الميعاد ، وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة إليهم ، إلا أن هذه المادة مقيدة في الطعن بطريق النقض بما أوجبته المادة 429 مرافعات من أن الطعن بالنقض لا يكون إلا بتقرير يحصل في قلم كتاب المحكمة يبين فيه أسماء جميع الخصوم الواجب اختصامهم . وإذن فمتى تبين أن تقرير الطعن قد خلا من اختصام البائعة ، فإنه يكون غير مقبول شكلا ( نقض مدني 28 فبراير سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 94 ص 552 ) .
وانظر محمد علي عرفة 2 فقرة 311 ص 526 – ص 527 .
( [1184] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1393 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - الحكم الذى يصدر نهائيا بثبوت الشفعة يعتبر سندا لملكية الشفيع . وعلى المحكمة تسجيله من تلقاء نفسها . 2 - ويسري على تسجيل حكم الشفعة نص المادة 1390 الخاصة بتسجيل إعلان الرغبة وما يترتب على هذا الإعلان " . وفي لجنة المراجعة حذفت الفقرة الثانية وعدل حكم الفقرة الأولى بترك أمر تسجيل حكم الشفعة لقواعد الشهر بعد فصلها عن القانون المدني ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت عليه اللجنة تحت رقم 1018 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1015 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 944 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 430 – ص 431 ) .
ويقبال النص في قانون الشفعة السابق : م 18 – الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة يعتبر سنداً لملكية الشفيع ، وعلى المحكمة تسجيله من تلقاء نفسها .
م 14 / 4 : ونصوص هذه المادة المختصة بتسجيل الطلب وما يترتب عليه تسري على تسجيل حكم الشفعة المنصوص عنه في المادة الثانية عشرة الآتي ذكرها . ( وقانون الشفعة السابق يجعل المحكمة تسجل من تلقاء نفسها حكم الشفعة ، أما التقنين المدني الجديد فيجعل قانون الشهر العقاري هو الذي يسري ، فيتبع في تسجيل حكم الشفعة ، الإجراءات المقررة في هذا القانون ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 948 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1141 : يثبت ملك الشفيع للمشفوع عند تنفيذ الحكم القاضي بالشفعة بالتسجيل في دائرة الطابو ، أو عند التسجيل في الطابو في حالة التراضي على الشفعة .
( والتقنين العراقي ، طبقاً لأحكام الطابو أو السجل العيني ، لا ينقل ملك العقار المشفوع فيه للشفيع إلا بالتسجيل في الطابو ، والذي يسجل هو الحكم القاضي بثبوت الشفعة أو سند التراضي على الشفعة ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 252 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : يثبت حق الشفعة ويكتسب الشفيع حق التسجيل ، إما بتسليمه العقار المشفوع برضا المشتري بعد دفع الثمن وتوابعه المعينة بالمادة 249 ، وإما بحكم صادر لمصلحة الشفيع . ( والقانون اللبناني ، طبقا لأحكام السجل العيني ، يوجب تسجيل الحكم بالشفعة أو التراضي عليها في السجل العيني ، حتى تنتقل الملكية إلى الشفيع ) .
( [1185] ) نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 220 .
( [1186] ) أنظر آنفاً فقرة 229 .
( [1187] ) أنظر آنفاً ص 695 هامش 2 .
( [1188] ) حتى قبل نفاذ التقنين المدني الجديد في 15 أكتوبر سنة 1949 ، كانت المادة 18 من قانون الشفعة السابق التي تقضي بأن تسجل المحكمة من تلقاء نفسها حكم الشفعة قد عدلت بالمادة 20 من قانون الشهر العقاري الذي أصبح نافذاً منذ أول يناير سنة 1947 من فأصبح الذي يقوم بتسجيل حكم الشفعة هو الشفيع صاحب الشأن في التسجيل ، ولا تقوم به المحكمة من تلقاء نفسها . وكذلك كانت المادة 14 / 4 من قانون الشفعة السابق التي تقضي بأن يكون تسجيل حكم الشفعة يتم في الجهة التي يتم فيها تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة أي في المحاكم الوطنية والمحاكم المختلطة ، قد إلغيت ، لأن قانون الشهر العقاري وهو يلغي كل نص يخالف أحكامه ( م 60 من قانون الشهر العقاري ) يقضي بأن يحصل التسجيل في مكتب الشهر العقاري الذي يقع العقار في دائرة اختصاصه ( م 5 من قانون الشهر العقاري ) . ولذلك عند ما صدر التقنين المدني الجديد يقضي في المادة 944 منه بأن يتم تسجيل حكم الشفعة " دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل " ، إنما كان يقرر أمراً قد وقع بالفعل منذ نفاذ قانون الشهر العقاري . أنظر محمد كامل مرسي 3 فقرة 468 .
( [1189] ) أنظر آنفاً فقرة 152 وما بعدها .
( [1190] ) أنظر آنفاً ص 355 – وانظر حامد فهمي في نظرية التصرفات الإقرارية والإنشائية مجلة القانون والاقتصاد السنة الأولى فقرة 32 .
( [1191] ) أنظر ما يلي ص 726 .
( [1192] ) قارن محمد علي عرفة 2 فقرة 315 ص 534 .
( [1193] ) أنظر آنفاً ص 355 هامش 3 .
( [1194] ) أنظر آنفاً فقرة 145 .
( [1195] ) أما علاقة البائع بالمشترى ، بعد أن يثبت حق الشفيع فى الشفعة ويحل الشفيع محل المشترى فى عقد البيع المشفوع فيه ، فتتلخص فى أن هذا البيع فيما بين البائع والمشترى يعتبر كأن لم يكن ، إذ يتحول من كونه بين البائع والمشترى إلى كونه بين البائع والشفيع . ويترتب على ذلك أن المشترى لا يرجع على البائع بضمان الاستحقاق بحجة أن الشفيع قد انتزع منه العقار المشفوع فيه ، ولا يكون البائع مسئولاً عن تعويض المشترى لهذا السبب ، إذ أن البيع الذى كان قد تم بينهما قد زال واعتبر كأن لم يكن كما سبق القول ( استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1904 م 16 ص 332 ـ 20 أبريل سنة 1920 م 32 ص 282 ـ وانظر محمد كامل مرسى 3 فقرة 468 ص 459 ) .
( [1196] ) انظر آنفًا فقرة 1 .
( [1197] ) استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1905 م 17 ص 331 ـ 7 أبريل سنة 1917 م 29 ص 372 ـ ( [1197] ) يناير سنة 1937 م 49 ص 66 ـ 28 أبريل سنة 1938 م 50 ص 262 .
( [1198] ) ويصبح الشفيع هو الخلف المباشر للبائع ( استئناف مختلط 22 مايو سنة 1902 م 14 ص 312 ـ 28 أبريل سنة 1938 م 50 ص 262 ـ محمد كامل مرسى 3 فقرة 447 ص 464 ) . فيكون فى نفس مركز المشترى وبنفس الشروط ، وعلى ذلك يلتزم بما تعهد به المشترى فى عقد شرائه بأن ينشئ فى خلال سنة منزلاً للسكنى على الأرض المبيعة وأن يحافظ على الاستواء الحالى وإلا فسخ البيع ، فمثل هذا الشرط صحيح ولم يقصد به التحايل لمنع الشفيع من استعمال حقه ( استئناف مختلط 11 أبريل سنة 1907 م 19 ص 204 ـ 16 ديسمبر سنة 1909 م 22 ص 56 ـ محمد كامل مرسى 3 فقرة 477 ص 465 ) .
( [1199] ) هذا والتراضى الذى ينتج أثره فى إتمام الشفعة هو ذلك الذى يتم بقبول المشترى بعد إبداء الشفيع رغبته فى الأخذ بالشفعة . وقد قضت محكمة النقض فى هذا الخصوص بأنه إذ نص المشرع فى المادة 940 من القانون المدنى الجديد على أن " يعلن الشفيع رغبته فى الشفعة إلى كل من البائع والمشترى فى خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ الإنذار الرسمى الذى يوجهه إليه البائع أو المشترى ، وإلا سقط حقه " ، لم يقصد أن يجعل من هذا الإنذار عرضًا ينعقد بموجبه عقد بين المشترى والشفيع يلتزم به الأول بنقل ملكية العين إلى الثانى إذا رد عليه بالقبول . وإنما أراد المشرع أن يقضى على كافة ضروب المنازعات التى كانت تثور فى شأن علم الشفيع بالبيع المثبت للشفعة ، وأن يتخذ من هذا التاريخ بدءًا لتحديد المدة المقررة لسقوط حق الشفيع فى الأخذ بالشفعة فى حالة عدم إبداء رغبته فى خلال تلك المدة ، أو بدءًا لافتتاح إجراءات الشفعة فى حالة إبداء رغبته فى خلالها . أما التراضى الذى ينتج أثره فى إمام الشفعة ، فهو ذلك الذى يتم بقبول المشترى بعد إبداء الشفيع رغبته فى الشفعة " ( نقض مدنى 14 مايو سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 65 ص 426 ) . وانظر محمد كامل مرسى 3 فقرة 477 ص 463 : ويشير إلى حكم استئناف مصر فى 20 يناير سنة 1946 فى القضية رقم 74 سنة 62 قضائية ، وفيها أعلن الشفيع رغبته فى الأخذ بالشفعة إلى كل من البائع والمشترى بعد فوات ميعاد الخمسة عشر يومًا . ولكن المشترى وقع هو والشفيع على أصل الإعلان إقرارًا بأن المشترى قبل التنازل عن الصفقة للشفيع لاستحقاقه لها . وبعد ذلك أنذر المشترى الشفيع بالعدول عن الإقرار وتمسكه بالصفقة . فرفع الشفيع دعوى على المشترى يطالبه فيها بالأرض المبيعة ، ورفع المشترى الدعوى بأن الشفيع لم يظهر رغبته فى الأخذ بالشفعة إلا بعد انقضاء خمسة عشر يومًا من تاريخ العلم بالبيع . فقضت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات العلم . ولما استؤنف هذا الحكم ، قضت محكمة الاستئناف بأن الإقرار الذى وقعه المشترى والشفيع به ، فلا يملك المشترى ولا ورثته الرجوع فى هذا التسليم ، حتى لو ثبت أن الشفيع لم يعلن رغبته فى الأخذ بالشفعة إلا بعد فوات الميعاد . ولذلك يكون الحكم الابتدائى ، إذ قضى بالتحقيق لإثبات العلم ، فى غير محله .
وإذا تم التراضى على الوجه المتقدم ، يثبت حق الشفيع بهذا التراضى ، ولابد من تجيله حتى تنتقل الملكية إلى الشفيع ، ولكن حلول الشفيع محل المشترى يكون فى هذه الحالة أيضًا ، فى رأينا ، من وقت البيع لا من وقت التراضى ولا من وقت إبداء الرغبة . وإذا قام نزاع فى شأن هذا التراضى ورفعت دعوى بهذا النزاع ، فإن هذه الدعوى لا تكون دعوى شفعة تراعى فيها مواعيدها ، لأن الشفعة تمت بالتراضى لا بالتقاضى ، وإنما تكون دعوى نزاع عادية تخضع للأحكام العامة فى الدعاوى ( استئناف مختلط 13 يونيه سنة 1939 م 51 ص 375 ) .
وفى حالة التراضى على الشفعة ، يكون سبب كسب الشفيع لملكية العقار هو الشفعة لا بيع يتم بهذا التراضى ، ولذلك لا تجوز شفعة جديدة فى هذا التراضى ( شفيق شحاته فقرة 278 ) .
( [1200] ) استئناف وطنى 11 مارس سنة 1906 المجموعة الرسمية 8 رقم 60 ص 130 ( وقد جاء فى أسباب هذا الحكم : وحيث إن الشفعة تثبت بالطلب المستوفى للشرائط القانونية ، ومتى ثبتت انفسخ البيع للمشترى وحل الشفيع محله ، وأصبح العقار المشفوع فيه ملكًا له من يوم البيع ، ولذلك تسقط جميع الحقوق العينية التى يكون قد قررها عليه المشترى ، وحيث إن الحكم بها للشفيع ليس عبارة إلا عن تقرير صحة الطلب وإلزام المتخاصمين بالنتائج القانونية المترتبة عليها ، فهو من الأحكام المبنية للحقوق لا المنشئة لها ) . وقضى أيضًا فى عهد التقنين المدنى السابق بأن القواعد القانونية تقضى بأن الأحكام معلنة ومقررة للحقوق وثبوتها لا موجدة لها ، بمعنى أن الحق الذى قضى للشخص به يعتبر أنه مكتسب له من يوم وجوده لا من يوم القضاء له به . وعلى هذه القاعدة يكون الشفيع الذى طلب أخذ العقار بالشفعة مالكًا لهذا العقار من يوم حصول البيع ، وهذا يوافق ما نص عليه فى مذهب الإمامين مالك والشفاعى من ثبوت ملك الشفيع بمجرد الطلب بعد معرفة الثمن والمبيع ولو لم يسلم المشترى أو يستلم الثمن ، وعلى ذلك جاز للورثة تجديد المطالبة بالشفعة ( استئناف وطنى 15 مارس سنة 1894 الحقوق 9 ص 61 ) ـ وانظر على زكى العرابى فقرة 113 ـ عبد السلام ذهنى فى الأموال فقرة 525 .
( [1201] ) ويترتب على ذلك أنه إذا استمر المشترى واضعًا يده على العقار المشفوع فيه بعد إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ، فإنه يكون مسئولاً عن الثمار قبل الشفيع من يوم الإعلان إلى يوم التسليم ، بعد خصم المصروفات وأتعاب الإدارة وفوائد ثمن المبيع من يوم الإعلان إلى يوم دفع الثمن ( استئناف وطنى 29 ديسمبر سنة 1909 المجموعة الرسمية 11 رقم 35 ص 297 ـ استئناف مختلط 22 مايو سنة 1902 م 14 ص 312 ) . وانظر أيضًا حسن كيرة ص 22 ـ ص 23 ( ويذهب إلى أن حق الشفيع يثبت بمجرد إعلان رغبته فى طلب الأخذ بالشفعة ، ولكنه يشترط تسجيل هذا الإعلان حتى تنتقل الملكية إلى الشفيع وحتى يكون هذا مستحقًا للثمار ) . وانظر أيضًا أنور سلطان فى مجلة الحقوق 2 ص 699 ـ وانظر أيضًا فى أن الملكية تنتقل إلى الشفيع من وقت تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة : استئناف مختلط 31 مايو سنة 1932 م 44 ص 350 ـ 11 يناير سنة 1938 م 50 ص 91 ـ 81 مايو سنة 1943 م 55 ص 157 .
( [1202] ) محمد على عرفة 2 فقرة 313 ( ويقول بأن حكم الشفعة يرتد بأثر رجعى إلى الوقت الذى يستكمل فيه الشفيع إجراءات الشفعة وفقًا لنصوص القانون ، إذا أنه عندئذ فقط يمكن القول بأنه كسب مركزًا قانونيًا يستند إليه حقه فى تملك العقار المشفوع ) .
( [1203] ) محمد كامل مرسى 3 فقرة 483 ـ شفيق شحاتة فقرة 2765 ص 285 ـ عبدالفتاح عبدالباقى فقرة 276 ص 385 ـ عبدالمنعم البدراوى فقرة 459 وفقرة 470 ص 481 ـ إسماعيل غانم ص 96 ـ عبد المنعم فرج الصدة فقرة 329 ص 501 ـ منصور مصطفى منصور فقرة 152 ص 359 ـ ص 360 .
( [1204] ) استئناف مختلط 17 فبراير سنة 1901 م 13 ص 124 ـ 21 مايو سنة 1901 م 13 ص 300 ـ وكانت محكمة الاستئناف الوطنية بدوائرها المجتمعة قد قضت ، قبل محكمة الاستئناف الوطنية بدوائرها المجتمعة قد قضت ، قبل محكمة النقض ، بأن حكم الشفعة ناقل للملك لا مقرر له ، وبأن العقار المشفوع فيه يبقى ملكًا للمشترى إلى أن يصدر الحكم بالشفعة . وقد جاء فى أسباب حكمها ما يأتى : " وحيث إن الشفعة أخذت أصلاً عن أحكام الشريعة الغراء ، وقال الفقهاء فيها إنها تمليك بالتراضى أو بقضاء القاضى دفعًا لاحتمال الضرر ، أى أن الشفيع لا يعد مالكًا للعقار إلا بناء على تراضيه مع المشترى على أن يتنازل له عما اشتراه لماله من حق الشفعة أو بحكم القاضى ، وحينئذ يتعين عليه دفع الثمن والمصاريف التى يكون المشترى قد صرفها فى سبيل هذا الشراء . وحيث إنه بناء على هذا المبدأ يكون حكم الشفعة ناقلاً للملك وليس مقررًا له ، وللمشفوع منه حق الانتفاع بما اشتراه واستغلاله لنفسه حتى يدفع له الشفيع الثمن والمصاريف بناء على التراضى أو حكم القاضى . وحيث إنه متى سلم بأن العين تعتبر ملكًا للمشترى إلى حكم القاضى ، فليس من السملم به إلزام الشفيع بإيداع المبلغ بالخزانة وتعطيله زمنًا بغير استغلال وبغير مسئولية على المشترى الذى له حق الانتفاع بثمرة العين ما دام النزاع قائمًا قصر أو طال " ( محكمة الاستئناف الوطنية الدوائر المجتمعة 29 مارس سنة 1923 المحاماة 3 رقم 200 ص 266 ) .
( [1205] ) انظر آنفًا فقرة 223 .
( [1206] ) انظر آنفقًا فقرة 223 .
( [1207] ) نقض مدنى 31 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 220 .
( [1208] ) نقض مدنى 15 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 67 ص 351 ـ وانظر أيضًا نقض مدنى 2 أبريل سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 44 ص 290 ـ 9 أبريل سنة 1964 سنة مجموعة أحكام النقض 15 رقم 83 ص 516 : وقد طبق هذان الحكمان أيضًا قانون الشفعة السابق .
فإذا صدر حكم نهائى يقضى بالشفعة ، ثم نقض هذا الحكم ، اعتبر كأن لم يكن ، وسقطت جميع الآثار التى ترتبت عليه ، ومنها نقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع . وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأن نقض الحكم القاضى بالشفعة بترتب عليه اعتباره كأن لم يكن ، وإعادة القضية والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوص ، ويقتضى ذلك سقوط جميع الآثار التى ترتبت عليه ، وبطلان كل ما اتخذ من أعمال وإجراءات تنفيذًا له ، وبالتالى يتعين رد ما قبض أو حصل تسلمه من مال أو عقار نتيجة له . وليس يجب رد الأصل فحسب ، بل يجب أيضًا رد فوائد النقود وثمار العقار . وتجب هذه الثمار من يوم إعلان تقرير الطعن بالنقض إلى حائز العقار ، لأن هذا الإعلان لتضمنه معنى التكليف بالحضور لسماع الحكم بنقض الحكم المطعون فيه ـ سند حيازة الحائز ـ ولاحتوائه على بيان عيوب هذا السند ، يكون له مثل ما رتبه القانون فى المادة 966 / 2 مدنى على إعلان صحيفة الدعوى من أثر فى زوال حسن .
( [1209] ) نقض مدنى 14 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 18 ص 798 ـ وقد جاء فى أسباب هذا الحكم فى خصوص الأعمال التحضيرية للتقنين المدنى الجديد وفى خصوص وجوب إيداع الثمن : " ولا يجدى الطاعن ما ذكره من أن الأعمال التحضيرية للقانون المدنى تشير إلى اتجاه المشرع إلى تقرير حق الشفيع فى الملكية من تاريخ عقد البيع أو تاريخ تسجيل طلب الشفعة ، لأنه يتبين من المناقشات فى لجنة بحث مشروع القانون حول المادة 945 أن البحث اتجه إلى أفضلية النص على الوقت الذى يعتبر فيه الشفيع مالكًا ، واستعرضت الآراء المختلفة للفقه والقضاء فى هذا الخصوص بين مؤيد لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة وبين تعارض له . كما تناول البحث ملكية ثمرات العقار فى الفترة بين البيع والحكم بالشفعة ، ولكن الأمر انتهى إلى بقاء نص المادة 945 والمادتين 944 و 947 على ما كانت عليه فى مشروع القانون . أما العبارة التى وردت بالمذكرة الإيضاحية للقانون تعليقًا على المادة 947 من أن الرأى أن الشفيع يحل محل المشترى فى الصفقة ويتملك من وقت البيع الأول ويعتبر المشترى كأن لم يملك أصلاً ، فهى عبارة لا تخرج عن أن تكون رأيًا شخصيًا لواضع المذكرة ، لتناقضها مع نص المادة 944 التى قررت أن الحكم بالشفعة هو سند ملكية الشفيع . ويخلص من ذلك أن المشرع انتهى إلى ترك الأمر فى تحديد ملكية الشفيع إلى ما كان عليه الحكم قبل إصدار القانون المدنى الجديد . ولا جدوى فى هذا الصدد من التحدث عن قاعدة رجعية منشئة كانت أو مقرره ، ما دام أن المشرع قد عدل عن إعمال هذه القاعدة فى خصوص الحكم الصادر بالشفعة بما مضى عليه فى المادة 944 . كما أن ما أورده القانون فى المادة 942 / 2 من إلزام الشفيع بإيداع الثمن خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة لا ينم عن رغبة المشرع فى العدول إلى رأى القائلين بارتداد ملكية الشفيع إلى وقت إتمام إجراءات المطالبة بالشفعة ، بدليل أن المادة 944 التى جاءت تالية للمادة 942 قد أفصحت عن رأى المشرع فى اعتبار حكم الشفعة هو المنشئ لملكية الشفيع " ( نقض مدنى 14 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 18 ص 804 ـ ص 805 ) .
( [1210] ) نقض مدنى 14 مايو سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 65 ص 426 .
( [1211] ) نقض مدنى 31 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 225 ـ وتقول محكمة النقض أيضًا فى هذا الصدد : " وعلى هذا يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الرأى إذ قال ـ تأسيسًا على المادة 18 من قانون الشفعة ـ إن هناك فرقًا بين حق طلب الشفعة وحق التملك بها ، وإنه إذا كان الحق الأول يوجد بالبيع مع قيام المسوغ ، فإن الحق الثانى لا يوجد إلا بقبول المشترى أو القاضى نيابة عنه . ومن أجل هذا كان حكم الشفعة مقررًا لحق الشفيع فى طلب الأخذ ، منشئًا لأثر هذا الطلب فى حلول الشفيع محل المشترى على ما نصت عليه المادة 13 من قانون الشفعة " ( نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 229 ) .
( [1212] ) نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 225 ـ ص 226 .
( [1213] ) وتبين المحكمة ذلك فيما يأتى : " فقد كان الرأى عند أبى يوسف أن الشفيع ليس له حق تكليف المشترى بهدم البناء وقلع الشجر ، لكن إذا أصر على الأخذ بالشفعة أخذ العقار بثمنه مضافًا إليه قيمة البناء أو الشجر باقيين على الأرض . ووجه هذا الرأى أن المشترى لم يكن فى بنائه ولا فى غرسه متعديًا ، لأنه إنما غرس وبنى فى ملكه . فإذا أراد الشفيع أخذ ملكه جبرًا عنه ، وجب ألا يترتب على ذلك ضرر . وليس فى أخذه على هذا الوجه ضرر بأحدهما ، لأن الشفيع يأخذ مازاد فى الأرض بقيمته والمشترى قد عوض عنه بهذه القيمة ، وإذا كان فى إلزام الشفيع بأخذ شئ قد لا يرغب فيه بعض ضرر ، فهو أدنى من ضرر المشترى حين يؤخذ منه البناء والشجر بقيمتهما مقلوعين ، وعند تعارض الضرر يحتمل الأقل . وكان الرأى عند أبى حنيفة أن الشفيع بالخيار إن شاء أخذ الأرض بالثمن والبناء والغرس بقيمته مقلوعًا ، وإن شاء أجبر المشترى على القلع . ووجه هذا الرأى أن المشترى كان عليه أن يتريث إلى أن يفصل فى أمر الشفعة ، وإذ لم يفعل وبنى وغرس فى عين تعلق بها حق غيره ، لزمه أن يتحمل ما يترتب على فعله هذا من ضرر . وقد وقف الشارع المصرى بين هذين الرأيين . فأخذ بالثانى فى الحال التى يكون فيها البناء أو الغراس بلد الطلب ، لأن المشترى يكون قد أقدم على البناء أو الغراس وهو يعلم أن العين قد تؤخذ منه ، فإن كلف القلع أو الهدم وحدث له ضرر فهو الجانى على نفسه . وأخذ بالرأى الأول إذا كان البناء أو الغراس قبل الطلب ، لأنه عسى أن يكون المشترى غير متوقع الطلب بالشفعة ، ثم هو يتصرف فى ملكه . كذلك استمد من هذا الفقه نفسه ما شرع من أحكام للتصرفات القانونية فى هذه العين . إذ المقرر فى الفقه الحنفى أنه إذا تم عقد البيع بين البائع والمشترى ، ثبت ملك المشترى فى المبيع ، ولا ترفعه مطالبة الشفيع أن يأخذه بالشفعة ، وإنما يثبت للشفيع بهذه المطالبة حق متعلق بالمبيع ، وهذا الحق هو استحقاقه لأخذه جبرًا عن المشترى إذا رغب فى ذلك وأنفذ تلك الرغبة . وهذا الحق لا يحول بين المشترى وبين التصرف فى ملكه . لا فرق فى ذلك بين أن يصدر ذلك منه قبل المطالبة بالشفعة وأن يصدر بعدها ، فتعتبر تصرفاته نافذة من وقت تمامها . لكنها مع ذلك تكون عرضة للنقض والإبطال إذا قضى للشفيع ، إذ يكون له فى هذه الحال أن يمضى هذه التصرفات وأن يفسخها ، بناء على أن المشترى قد تصرف فيما تعلق به حق غيره ، فلا ينفذ تصرفه منعًا للإضرار بالشفيع . وهذا الذى قرره علماء الحنفية قد أجرى الشارع المصرى حكمه فى المادة الثانية عشرة من قانون الشفعة على ما صدر من المشترى من تصرفات فى العين المشفوعة بعد تسجيل طلب أخذها بالشفعة ، لأن الشارع ، وقد أوجب تسجيل هذا الطلب ، كان خليقًا بأن يجعل هذا التسجيل شرطًا لحق الشفيع فى نقض تصرفات المشترى . ومن هذا يبين أن الفقه فالحنفى هو مصدر قانون الشفعة فيما شرعه من أحكام المادتين العاشرة والثانية عشرة . ولما كان هذا الفقه لا يعرف الأثر الرجعى ولا الاستناد ، أى ثبوت الحكم فى الحال مستندًا إلى ما قبله ، إلا فى تصرفات الفضولى إذا أجيزت وغيرها مما لا يدخل فى باب التعليقات ، وكانت هذه الأحكام بناء على ذلك مخرجه فيه لا على فكرة الأثر الرجعى بل على فكرة العدل والبعد عن الجور والتوفيق بالقدر المستطاع بين ما تعارض بين مصلحتى المشترى والشفيع ، فإن القول بأن الشارع المصرى الذى أخذ هذه الأحكام معلولة بعلاتها الفقهية ـ قد دل بما شرعه منها على جعل حكم الشفعة ذا أثر رجعى ، يكون قولاً ظاهر الفساد " ( نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 226 ـ ص 228 ) ، ثم تقول المحكمة أيضًا فى هذا الصدد : " كذلك لا تعارض بين عدم اعتبار المشترى مالكًا إلا يوم الحكم بالشفعة وبين ما جاء من أحكام فى الفقه الإسلامى خاصًا ببناء المشترى أو غرسه فى العين المشفوع ، لأن هذه الأحكام ليس مبناها عند الحنفية اعتبار المشترى غاصبًا ، كما زعم الطاعن فى الوجه الأخير من وجوه الطعن ، بل مبناها اعتبار المشترى خاطئًا ببنائه أو غرسه فى ملكه الذى تعلق به حق الشفيع " ( نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 229 ـ ص 330 ) .
( [1214] ) نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 228 .
( [1215] ) نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 229 .
( [1216] ) نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 228 .
( [1217] ) نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 230 .
( [1218] ) نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 229 .
( [1219] ) نفس الحكم مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 230 .
( [1220] ) نقض مدنى 14 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 18 ص 804 ـ ص 805 .
( [1221] ) نقض مدنى ـ 14 مايو سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 65 ص 434 .
( [1222] ) انظر آنفًا فقرة 228 .
( [1223] ) انظر آنفًا فقرة 227 .
( [1224] ) انظر آنفًا فقرة 710 هامش 1 .
( [1225] ) انظر آنفًا فقرة 228 .
( [1226] ) وهذا نصها : مجرد وضع اليد على المنقولات يستفاد منه وجود السبب الصحيح وحسن الاعتقاد ، إلا إذا ثبت ما يخالف ذلك ، هذا مع مراعاة ما تقدم فى حالتى السرقة والضياع " . ولا يفهم وجه استشهاد محكمة النقض بهذا النص إلا إذا رجعنا إلى النص الفرنسى المقابل له ، وهو ما يأتى :
" Le seule possession des meubies fait presumer le titre et la bomme fois . Sauf prevue contraire, et sauf ce quiest dit au cas de perte et de vol " .
( [1227] ) وهذا نصها : " حكم البيع يكون حجة للمشترى بملكيته المبيع ، وسندًا للمدين ومن يستحق حقوقه للاستحصال على الثمن . . . " . وهنا أيضًا يجب الرجوع إلى النص الفرنسى المقابل :
" Le jugement d'adjudication formera titre pour le debiteur et les ayants droit pour le paiement du prix, il sera tire de propriete pour l'adjudicataire… . "
( [1228] ) أو كلمة " titre " فى النص الفرنسى للمادة .
( [1229] ) ويقول الأستاذ محمد على عرفة فى هذا المعنى : " أما النص فى المادة 944 أن الحكم الذى يصدر نهائيًا بثبوت الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع ، فيجب حمله على أنه سند قاطع للمنازعة فى ملكية الشفيع ، لا على أنه سند منشئ لهذه الملكية . ووجه هذا القول أن الشفيع يظل بلا سند مثبت لحقه بسبب منازعة المشترى إياه فى أخذ العقار بالشفعة ، فكان لابد من الالتجاء إلى القضاء لثبوت الملك ، لا لإنشائه " ( محمد على عرفة ، فقرة 313 ص 529 ـ ص 530 ) .
( [1230] ) وهذا هو النص الفرنسى للمادة 18 من قانون الشفعة السابق :
" Le jugemeut qui fait definitivement droit a la demande en preemption sera msidere comme tire de propriete pour le preempteur' il devra ete transcript d, offce " .
( [1231] ) وتقول محكمة النقض إن المشرع نقل أحكام الفقه الإسلامى فى تقييد حق المشترى فى البناء ، الغرس ، وفى تقييد حقه فى التصرف . ولا يبدو أن المشرع قد التزم التزامًا دقيقًا أحكام الفقه الإسلامى فى ذلك ، حتى لو قلنا مع محكمة النقض إنه أخذ برأى أبى يوسف إذا فى المشترى أو غرس قبل طلب الشفعة وبرأى أبى حنيفة إذا بنى أو غرس بعد طلب الشفعة . فعند أبى يوسف ، على ما تقول محكمة النقض نفسها ، على الشفيع أن يأخذ البناء أو الغراس بقيمته باقيًا ، أما فى التشريع المصرى فالشفيع ملزم تبعًا لما يختاره المشترى بأن يدفع له إما المبلغ الذى أنفقه أو مقدار ما زاد فى قيمة العقار بسبب البناء أو الغرس ( م 946 / 1 مدنى ) . وعند أبى حنيفة الشفيع بالخيار إن شاء أخذ البناء أو الغراس بقيمته مقلوعًا ، وإن شاء أجبر المشترى على القلع . أما فى التشريع المصرى فللشفيع أن يطلب الإزالة ، فإذا اختار أن يستبقى بناء أو الغراس التزم بدفع قيمة أدوات البناء وأجرة العمل أو نفقات الغرس ( م 946 / 2 مدنى ) .
أما فى تقييد تصرفات المشترى فالفقهاء فى الفقه الإسلامى متفقون على أنه يجوز للشفيع إذا القى له بالشفعة أن ينقض تصرفات المشترى فى العقار المشفوع فيه ، فى حين أن التشريع مجى لا يجيز للشفيع نقض هذه التصرفات إطلاقًا ، ولا ينقض منها إلا ما تم بعد تسجيل إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ( م 947 مدنى ) .
( [1232] ) وهذا التصوير هو الذى أخذ به أحد الفقهاء ، وسار فيه إلى نهايته المنطقية المحتومة ، فعنده أن حلول الشفيع محل المشترى إنما يقع منذ صدور الحكم بالشفعة ، فيكون " الحكم بالشفعة ـ فضلاً عن أنه ينقل الملكية إلى الشفيع ـ يترتب عليه كذلك انتقال جميع حقوق المشترى والتزاماته ، وهذه حالة من الحالات التى تقع فيها حوالة الدين بنص القانون ، وقد نصت عليها المادة 945 / 1 " ( شفيق شحاتة فقرة 277 ص 287 ـ ص 288 ) . ومعنى ذلك أن المشترى ينقل بحكم القانون ، منذ صدور الحكم بالشفعة ، إلى الشفيع حق ملكيته وجميع حقوقه الشخصية من ضمان استحقاق وضمان عيوب خفية وغيرهما من الحقوق ، عن طريق هذه الحوالة القانونية . فيكون الشفيع خلفًا خاصًا للمشترى ، وقد انتقلت إليه حقوق المشترى بسبب جديد هو الحكم بالشفعة . ويكون هذا الحكم بمثابة شراء جديد صدر من المشترى إلى الشفيع ، ولا فرق بينه وبين الشراء الجديد إلا فى أنه يجرى بحكم القانون لا بحكم الاتفاق ، أما آثاره فتبقى هى آثار الشراء الجديد . ولذلك يقول الأستاذ شفيق شحاتة ، وهو منطقى فى هذا مع نفسه ، " ويعتبر الحكم ( بالشفعة ) السبب القانونى لملكية الشفيع ، أى أن الحكم بالشفعة يجعل الشفيع مالكًا بسبب الشفعة لا بسبب الشراء الذى حل فيه الشفيع محل المشترى . ولذلك فإن الشفيع لا يتلقى الملك مباشرة عن البائع بل يتلقاه عن المشترى ، الذى يكون قد ملك الشئ ملكية تامة فى الفترة التى تقع ما بين البيع والحكم بالشفعة " ( شفيق شحاتة فقرة 277 ص 286 ) . فإذا كان الشفيع قد ملك حقوق المشترى بشراء جديد منه ، فإنه يكون بمثابة مشترى من المشترى . والمشترى من المشترى يرجع مباشرة بضمان الاستحقاق على البائع ، إذ ينتقل إليه هذا الحق من المشترى باعتباره من توابع المبيع ( انظر الوسيط 4 فقرة 344 ) . ولكن ذلك لا يمنعه من الرجوع بضمان الاستحقاق أيضًا على المشترى ، أما هنا فلا يرجع الشفيع على المشترى ، بل هو لا يرجع إلا على البائع ، إذ تقول الفقرة الثالثة من المادة 945 مدنى " وإذا استحق العقار للغير بعد أخذه بالشفعة ، فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع " . وإذا كان الشفيع لا يرجع بضمان الاستحقاق على المشترى كما يرجع به على البائع ، فما ذلك إلا لأن المشترى قد اختنفى تمامًا من الصفقة ، فليس هو الذى نقل الملكية إلى الشفيع ، وليس هو الذى نقل إلى الشفيع ضمان الاستحقاق والحقوق الشخصية الأخرى ، بل انتقلت الملكية رأسًا من البائع إلى الشفيع فالتزم البائع بضمان الاستحقاق رأسًا نحو الشفيع دون وساطة المشترى . وهذا هو المعنى المقصود من حلول الشفيع محل المشترى ، فالشفيع أخذ مكان المشترى وأصبح كأنه هو المشترى منذ البداية ، وكأن المشترى لم يتدخل بتاتًا فى الصفقة .
( [1233] ) ولا محل إذن لما أقرته محكمة النقض من " أن هناك فرقًا بين حق الشفعة وحق التملك بها ، وأنه إذا كان الحق الأول يوجد بالبيع مع قيام المسوغ ، فإن الحق الثانى لا يوجد إلا بقبول المشترى أو القاضى نيابة عنه . ومن أجل هذا كان حكم الشفعة مقررًا لحق الشفيع فى طلب الأخذ منشئًا لأثر هذا الطلب فى حلول الشفيع محل المشترى " . فقد رأينا أن حكم الشفعة كاشف فى الحالتين ، فهو كاشف عن طلب الأخذ ، وكاشف عن أثر هذا الطلب فى حلول الشفيع محل المشترى .
( [1234] ) انظر الفتاوى الهندية 5 ص 173 .
( [1235] ) انظر البدائع 5 ص 19 .
( [1236] ) انظر البدائع 5 ص 23 ـ ص 24 .
( [1237] ) انظر البدائع 5 ص 24 ـ ويقرر الأستاذ على الخفيف مذهب الحنفية على الوجه الآتى : " إذا بيع العقار أدخل فى ملك المشترى بمجرد عقد البيع ، دون توقف على أدائه الثمن أو على تسلمه من البائع . فإذا استحقه شفيعه بالشفعة لم يتملكه بمجرد طلبه ، لأن حق الشفعة ضعيف فلا يقوى بالمطالبة على رفع ملك ثابت للمشترى بعقده ، ولذا لا يتملك الشفيع العقار المشفوع فيه إلا بأحد أمرين ، الأول تسلمه من المشترى عن رضا منه فيتملكه من وقت تسلمه ، الثانى قضاء القاضى له به فيملكه من وقت القضاء وإن لم يتسلمه فعلاً . وذلك ما أخذت به دوائر محكمة الاستئناف المجتمعة ، حين رفع إليها هذا الموضوع بسبب اختلاف الأحكام فيه . فأما ما تملكه بأخذه له عن رضا ، فلأن ذلك بمنزلة شرائه من المشترى بما قام عليه ، والشراء عقد ناقل للملكية . وأما تملكه بقضاء القاضى ، فذلك لا يكون إلا عند إباء المشترى ، وإباؤه فى هذه الحالة ظلم ، وقد نصب القاضى لرفع الظلم . فيقوم القاضى حينئذ مقامه فى هذه المعاوضة دفعًا لظلمه ، ويملكه الشفيع بما قام به على المشترى ، ويدخل الثمن فى ملك المشترى حينئذ جبرًا عنه ، وكأنه رضى بذلك لقيام القاضى مقامه فيه . وإذن يكون تملك الشفيع للعقار المشفوع فيه فى هذه الحالة أيضًا عن طريق شرائه من القاضى ، أو كأنه اشتراه من القاضى نيابة عن المشترى . وهذا بين إذا كان المشترى قد تسلم المبيع من بائعه ، ولكن إذا حصل القضاء والمبيع لا يزال فى يد البائع فإن هذا التوجيه لا يظهر . ذلك لأن القضاء على البائع بتسليم المبيع إلى الشفيع فى هذه الحالة يصبح به البائع عاجزًا عن تسليمه إلى المشترى ، وذلك مفسدًا للبيع . وإذا فسد البيع الصادر للمشترى زال ملكه ، وعند ذلك لا يصح أن يكون ملكًا ، ولا ينوب عنه القاضى فى التمليك . ولذا قالوا إن هذا القضاء فى هذه الحالة ينقض العقد بالنسبة للمشترى ، ويجعل الإيجاب الصادر من البائع كأنه موجه إلى الشفيع ، وكأن الشفيع قد قبله ، وبذلك يعد الشفيع فى هذه الحال مشتريًا من البائع مباشرة لا من المشترى . وعلى هذا فالشفيع على أية حال يعتبر مشتريًا للعقار المشفوع فيه ، إما من مشتريه وإما من بائعه . ولذلك يثبت له من الخيارات ما يثبت للمشترى ، فيثبت له خيار العيب وخيار الرؤية دون خيار الشرط لأنه يتنافى مع اشتراط المطالبة الجازمة بالشفعة . ثم لا يتقيد فيما يكون بين بائع العقار ومشتريه من شروط تتعلق بالبراءة من العيوب أو بتأجيل الثمن أو بتقسيطه أو بخيار فسخ ونحوه ، لأنه قد أخذه بمبادلة مستقلة عن طريق الرضا أو القهر . فإن وجد بالمبيع عيبًا رده على من تسلمه منه . فإن رده على بائعه لأنه تسلم منه ، كان المشترى مخيرًا حينئذ فى إمضاء صفقته أو عدم إمضائها دون توقف على رضاء البائع . وإن رده على مشتريه لأنه تسلم منه ، كان كل من بائعه ومشتريه ملزمًا بتنفيذ ما اتفقا عليه من شروط فى عقد البيع الذى تم بينهما وكأنه لم ينقض " ( على الخفيف فى أحكام المعاملات الشرعية سنة 1942 ص 119 ـ ص 120 ) .
( [1238] ) انظر على الخفيف فى أحكام المعاملات الشرعية سنة 1942 ص 120 ص 121 .
( [1239] ) انظر آنفًا فقرة 1 وفقرة 225 .
( [1240] ) انظر آنفًا فقرة 226 .
( [1241] ) انظر آنفًا فقرة 225 .
( [1242] ) انظر آنفًا ص 726 .
( [1243] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 400 فى الهامش .
( [1244] ) لولا ما جاء فيه من أن ملكية الشفيع معلقة على شرط ، فالشرط لا يكون إلا فى الالتزامات الاتفاقية ، ولمكية الشفيع ملكية منجزة . وحكم الشفعة ليس شرطًا تعلق عليه هذه الملكية ، وإنما هو كاشف عن هذه الملكية المنجزة ( انظر آنفًا فقرة 229 ) .
( [1245] ) وقد اعترض فعلاً عضو آخر فى اللجنة على هذا القول ، إذ ذكر أنه " يؤدى إلى قلب نظام الشفعة القائم رأسًا على عقب ، إذ يجب ألا يغرب عن البال أنه إلى جانب حق الشفيع توجد حقوق أخرى اكتسبها الغير حسن النية ولا يمكن إغفالها ، ولهذا الغير أن يكسب حقوقًا على العقار إلى اللحظة التى يتم فيها تسجيل طلب الشفعة . وكل حق يرتبه المشترى فى الفترة الواقعة بين البيع الأول وتسجيل طلب الشفعة هو حق يكتسبه الغير اكتسابًا صحيحًا ، ومن ثم يكون نافذًا فى حق الشفيع ويحتج به عليه " . فرد العضو صاحب القول الأول بأن هذه النتائج " إنما ترتب على نظام التسجيل ، ولا علاقة لها بمادة الشفعة التى تنفرد بطبيعة خاصة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 400 ـ ص 401 الهامش ) .
( [1246] ) وننقل هنا أهم ما جاء فى محضر جلسة 11 مارس سنة 1938 فى هذا الصدد : " طلب الرئيس من الأعضاء تصفية النقطة الباقية فى باب الشفعة ، وهى تحديد الوقت الذى يصبح الشفيع ابتداء منه مالكًا للعقار المشفوع ، فهل يصبح الشفيع مالكًا من يوم حصول البيع ، أم من يوم إعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة ، أم من تاريخ تسجيل هذه الرغبة ، أم من يوم موافقة المشفوع ضده على طلب الشفعة ، أم من تاريخ الحكم الصادر بالأحقية فى الشفعة؟ فقال أحد الأعضاء : " إن النصوص التى أقرتها اللجنة قد تناولت مختلف العلاقات فى مادة الشفعة . أما معرفة الوقت الذى يصبح الشفيع مالكًا ابتداءً منه فلا جدوى من بحثه ، إلا إذا أريد وضع نص خاص لتحديد ذلك الوقت . فإذا لم يكن هدف اللجنة وضع هذا النص ، فإن من العبث مناقشة مختلف الآراء التى أبديت فى هذا الصدد " . وقال عضو آخر : " إن النصوص التى أقرتها اللجنة كفيلة بتنظيم علاقة الشفيع بالغير ، ولكنها قاصرة عن علاج العلاقة بين الشفيع والمشفوع ضده . لهذا يحسن وضع نص صريح قاطع فى تحديد الوقت الذى يصبح الشفيع ابتداءً منه مالكًا للعقار الذى شفع فيه وذلك لوضع حد لاختلاف القضاء ولتباين وجهات النظر فى هذه المسألة . وأضاف أنه يرى أن الشفيع يعتبر مالكًا ابتداءً من التاريخ الذى يعلن فيه رغبته فى أخذ العقار بالشفعة أى من تاريخ إعلان الرغبة فى الشفعة ، لأن الحكم الذى يصدر نهائيًا بثبوت الحق فى الشفعة إنما يقر للشفيع بحق يرجع إلى اللحظة التى استعمل فيها هذا الحق ، ويمكن إدماج هذا المبدأ فى تعريف حق الشفعة الذى نصت عليه المادة الأولى " . ثم اقترح أحد الأعضاء الاقتصار " على وضع نص يكسب الشفيع الحق فى الثمار ويلزمه بفوائد الثمن ابتداءً من تاريخ إعلان رغبته فى الشفعة . فتساءل الرئيس عما إذا كان هناك محل للنص على التزامه بالفوائد بالنسبة فقط إلى الجزء من الثمن الذى لم يقم بإيداعه " . وعقب أحد الأعضاء بأن الأخذ بالنص المقترح " معناه أن العقار المشفوع فيه سيتناوله ملاك ثلاثة على التوالى ، هم البائع والمشترى من تاريخ شرائه والشفيع من تاريخ إعلان رغبته فى الشفعة ، الأمر الذى يناقض المبادئ المقررة فى الشفعة والتى تقضى بأن الشفيع يحل قبل البائع محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته فيما عدا الانتفاع بالأجل الذى هو معلق على رضاء البائع . واقترح لذلك النص على أن يكون للشفيع الحق فى الثمار ابتداء من تاريخ البيع . ويأخذ الأصوات لم توافق اللجنة على هذا الاقتراح " . وقال أحد الأعضاء : " إن الرأى الذى أخذت به محكمة النقض هو فى رأيه مخالف للنصوص ، وإن هناك محلاً فى النهاية لاعتبار الشفيع مالكًا ابتداءً من تاريخ إعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة " . وشرح هذا العضو وجهة نظر قائلاً : " ليس صحيحًا أن يقال؟ كما ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء ، إن البيع بزول ويفسخ ويدع مكانه للشفعة التى تحل تمامًا محل العقد الأول وتبطله . ذلك أن البيع قد تم صحيحًا ولم يكن معلقًا على شرط موقف أو شرط فاسخ ، وترتب عليه انتقال الملكية انتقالاً صحيحًا من يوم تسجيله ، أى أنه أنشأ مركزًا قانونيًا نهائيًا طالما أن حق الشفعة لم يستعمل ، بحيث يملك المشترى كامل الحرية فى التصرف فى العقار ببيعه من جديد أو ترتيب حقوق للغير عليه فالمشترى يصبح بدوره مالكًا ، وهو الذى ترفع عليه دعوى الشفعة . . وللمشترى أيضًا أن يرتب للغير حقوقًا عينية على العقار الذى اشتراه ، وأن يقبض ريع هذا العقار الذى يباشر عليه . كافة الحقوق التى للمالك . لهذا يتعذر أن يلغى مثل هذا المركز القانونى الذى لا يمكن المساس به إلا فى المستقبل فقط ، ابتداءً من تاريخ طلب الشفعة بالطريق القانونى وتسجيله . فالبحث ينحصر إذن فى معرفة ما إذا كانت الملكية تنتقلى إلى الشفيع من يوم طلب الشفعة أو من يوم تسجيل هذا الطلب ، أو تنتقل فقط من يوم قبول المشفوع ضده أو من يوم صدور الحكم بثبوت الحق فى الشفعة . والواقع أننا بصدد مركز تجديد غير طبيعى يتعلق بحق اختيارى نتيجة وقائع قانونية مترتبة بين الغير لم يشترك فيها ذلك الشخص الذى قد يستفيد منها ، ولا يتتحقق هذه الاستفادة إلا باستعمال هذه الرخصة استعمالاً صحيحًا ، إذ تتحول الرخصة إلى حق باتفاق ذوى الشأن على الاعتراف بها أو بصدور حكم يؤيدها . فهذا الاتفاق أو هذا الحكم يجب أن يكون هو الفيصل فى تحديد تاريخ انتقال الحقوق " . ولما لم يجد هذا الرأى استجابة من اللجنة اقترح أحد الأعضاء أن يوضع نص يقتصر على علاج مسألة الثمار ، فوافقت اللجنة بالأغلبية على وضع هذا النص بحيث يقرر أن يتملك الشفيع الثمار ويلتزم بالفوائد من تاريخ إعلان رغبته فى الشفعة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 433 ـ ص 435 فى الهامش ) .
( [1247] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 434 ـ ص 435 فى الهامش .
( [1248] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 440 .
( [1249] ) انظر آنفًا ص 710 هامش 1 .
( [1250] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1394 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1019 فى المشروع النهائى ، ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1016 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 945 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 432 ـ ص 435 ) .
( [1251] ) قانون الشفعة السابق م 13 : يحل الشفيع بالنسبة للبائع محل المشفوع منه فى كافة ما كان له وعليه من الحقوق ، على أن المشترى إذا استحصل على تأجيل الثمن لا ينتفع الشفيع من هذا التأجيل إلا برضاء البائع . وإذا ظهر بعد الأخذ بالشفعة أن العقار المشفوع مستحق للغير ، فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع .
( [1252] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 949 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1142 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 253 ( معدلة بقانون 5 شباط سنة 1948 ) : يعتبر الشفيع أنه قد اشتىر من المشترى ، ويكون للشفعة بينهما مفاعيل البيع نفسه ـ ولا يحق للشفيع الاستفادة من الأجل المنصوص عليه فى العقد لمصلحة المشترى فى دفع الثمن ، إلا إذا رأت المحكمة ذلك لقاء الضمانات التى تراها لازمة ، وفيما عدا الأجل المنصوص عليه فى العقد ، لا يجوز للمحكمة أن تمنح الشفيع مهلة للدفع . ( وقانون الملكية العقارية اللبنانى يختلف عن التقنين المصرى فى أن القانون الأول يجعل الشفيع مشتريًا من المشترى لا من البائع ، لا مشتريًا من البائع رأسًا كما هو الأمر فى التقنين المصرى . ويختلف كذلك فى أن للمحكمة أن تستبقى لمصلحة الشفيع الأجل الممنوح للمشترى فى دفع الثمن على أن يقدم الشفيع ضمانًا ، وفى التقنين المصرى لا ينتفع الشفيع بالأجل إلا برضاء البائع ) .
( [1253] ) وقد أكدت محكمة النقض هذا المعنى ، بالرغم من قضائها بأن حلول الشفيع محل المشترى إنما يقع عند صدور حكم الشفعة إذا أن هذا الحكم فى رأيها منشئ لا كاشف . فقضت بأن الشفعة فى نظر القانون هى تحويل الحقوق والالتزامات ما بين البائع والمشترى إلى ما بين البائع والشفيع ، فتزول صلة البائع بالمشترى فبما لكل منهما من الحقوق على الآخر بموجب عقد البيع ، لتكون صلته فى تلك الحقوق بالشفيع . فهى عملية قانونية تدور بين أطراف ثلاثة كل منهم طرف حقيقى ضرورى فيها ، حتى يمكن قانونًا حصول هذا التحويل الواقع فى حقوقهم هم الثلاثة بعضهم على بعض ، ولا يتصور إلا قبل ثلاثتهم جميعًا . فدعوى الشفعة ، والمقصود بها إجراء عملية هذا التحويل قضاء ، يجب بطبيعة الحال أن تكون دائة بينهم هم الثلاثة كذلك ( نقض مدنى 19 فبراير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 271 ص 543 ) . وقضت أيضًا بأنه يترتب على الأخذ بالشفعة تحويل الحقوق والالتزامات ما بين البائع والمشترى إلى ما بين البائع والشفيع ، فتزول صلة البائع بالمشترى فيما لكل منهما من الحقوق على الآخر بموجب عقد البيع ، لتكون صلته فى تلك الحقوق بالشفيع ( نقض مدنى 18 يناير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 48 ص 244 ) .
( [1254] ) انظر آنفًا فقرة 223 .
( [1255] ) محمود شوقى فى الشهر العقارى علمًا وعملاً ص 249 .
( [1256] ) انظر فى ذلك محمود شوقى فى الشهر العقارى علمًا وعملاً ص 250 ـ ص 252 .
( [1257] ) وإذا أنكر البائع والمشترى ، فى دعوى الشفعة التى يرفعها الشفيع عليهما ، وقوع البيع بينهما حتى يتفاديا أخذ الشفيع بالشفعة ، كان للشفيع أن يثبت هذا البيع بجميع طرق الإثبات ويدخل فى ذلك البينة والقرائن ، لأن البيع يعتبر بالنسبة إليه واقعة مادية ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( انظر آنفًا ص 509 ـ وقارن محمد على 2 فقرة 316 ص 535 ـ ص 536 : ويذهب إلى أن الشفيع ، إذا كان عقد البيع لم يسجل ، يطلب الحكم بصحة التعاقد فى صحيفة دعوى الشفعة . ونرى أنه لا حاجة لتسجيل عقد البيع والتمهيد لذلك بطلب الحكم بصحة التعاقد ، فإنه من الجائز تسجيل حكم الشفعة أو الإقرار بها من المشترى وأن يكون عقدًا البيع مسجلاً كما قدمنا فى المتن ) .
( [1258] ) وقد قضى بأنه لا يجوز للشفيع أن يتخذ من حقه وسيلة للمضاربة ، ولكن بعد أن يثبت للشفيع الحق بالرضاء أو بالقضاء له أن يتصرف فيه كيف شاء ، لأنه بذلك صار مالكًا للمشفوع فيه . وله إذن حرية التصرف فى العين التى بيعت له ، بل وله الحق أن يتجر فيها ، فله أن يبيع ليكسب ، ولا يشترط أن يشفع ليحفظ الملك المشفوع فيه لنفسه ( بنى سويف الكلية 16 أبريل سنة 1923 المحاماة 3 رقم 351 ص 420 ) . وانظر محمد كامل مرسى 3 فقرة 485 .
ولكن قبل الحكم بالشفعة ، إذا ثبت أن الشفيع قد قصد المضاربة والاتجار ، فتواطأ مع أجنبى على أن يقدم له المال اللازم للأخذ بالشفعة فى مقابل أن يشاركه فى الصفقة ، فإن هذا التعاقد مع الأجنبى يكون باطلاً لقيامه على سبب غير مشروع ( استئناف وطنى 20 ديسمبر سنة 1904 الاستقلال 4 ص 172 ) . وقد قضى بأنه يجب رفض طلب الشفعة ، إذا ثبت أن الشفيع قد اتفق مع شخص آخر على أن يقدم له الثمن الذى يأخذ به الصفقة بالشفعة فى مقابل أن يأخذ هذا الشخص الآخر جزءًا من العقار المشفوع فيه ( طنطا الكلية 30 أبريل سنة 1918 المجموعة الرسمية 20 رقم 23 ص 27 ) . وقضت محكمةاستئناف مصر بأن حق الشفيع فى الأخذ بالشفعة يسقط ، إذا ثبت أنه عندما علم بالشراء أظهر رغبته فى عدم الأخذ بالشفعة ، وأنه ما رفع الدعوى بعد هذا التنازل إلا لفائدة شخص آخر أراد أن يجعله سبيلاً لتلمك العقار المشفوع فيه ( استئناف مصر 8 ديسمبر سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 92 ص 174 ) .
وانظر فى هذا المعنى استئناف مختلط 8 يونيه سنة 1898 م 10 ص 313 ـ 26 أبريل سنة 1900 م ( [1258] ) ص 231 ـ 20 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 66 ـ 23 أبريل سنة 1903 م 15 ص 161 . وانظر عكس ذلك وأن الشفعة صحيحة حتى لو ظهر أن الشفيع أخذ الثمن من الغير وقاسمه العقار المشفوع فيه : استئناف مختلط ( [1258] ) مارس سنة 1906 م 18 ص 154 ـ 14 يونيه سنة 1906 م 18 ص 331 ـ 16 مايو سنة 1907 م 19 ص 262 ـ 23 مارس سنة 1911 م 23 ص 237 ـ 26 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 90 .
( [1259] ) انظر الوسيط 4 فقرة 291 وما بعدها .
( [1260] ) وإذا فسخ الشفيع ، لم يكن للمشترى الحق فى أن يطالب بالعقار المبيع بعد إنقاص الثمن أو حتى بعد دفع الثمن بأكمله ولابد من عقد جديد بين البائع والمشترى ، يأخذ بموجبه المشترى العقار بالثمن الذى يتفق عليه مع البائع ( انظر محمد كامل مرسى 3 فقرة 504 ) .
( [1261] ) انظر فى كل ذلك الوسيط 4 فقرة 314 ـ فقرة 324 ـ وانظر على زكى العرابى فقرة 123 ـ فقرة 124 ـ عبد السلام ذهنى فى الأموال فقرة 524 . وقارن محمد على عرفة 2 فقرة 320 ( ويذهب إلى وجوب تطبيق أحكام الفقه الإسلامى فى حالة الهلاك . ولا نرى وجهًا لهذا القول بعد أن نص القانون صراحة على أن الشفيع يحل محل المشترى فى حقوقه والتزاماته ، والمقصود طبعًا بالحقوق والالتزامات تلك التى قررها القانون ـ لا الفقه الإسلامى ـ بالنسبة إلى المشترى ، ويدخل فى ذلك تحمل تبعة الهلاك . فيجب إذن تطبيق أحكام التقنين المدنى ، لا أحكام الفقه الإسلامى ، فى تعيين من يتحمل تبعه هلاك العقار المشفوع فيه ) .
( [1262] ) انظر آنفًا فقرة 233 .
( [1263] ) انظر آنفًا فقرة 231 .
( [1264] ) نقض مدنى 18 ديسمبر سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 102 ص 776 ـ وحتى لو كان المشترى هو الذى قبض الثمن من الشفيع ، فإنه لا شأن له بضمان الاستحقاق ، فلا يرجع الشفيع عليه ثم يرجع هو ( أى المشترى ) على البائع . بل يرجع الشفيع رأسًا على البائع ، لأن الشفيع قد حل محل المشترى فى البيع منذ إبرامه ، وهو بيع واحد اعتبر بعد الأخذ بالشفعة صادرًا مباشرة منذ البداية من البائع إلى الشفيع ، لا بيع صادر من البائع إلى المشترى ثم بيع تال صادر من المشترى إلى الشفعي . انظر محمد على عرفة 2 فقرة 317 ص 537 .
( [1265] ) انظر بالنسبة إلى المشترى استئناف وطنى 28 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 ص 250 .
( [1266] ) انظر فى كل ذلك الوسيط 4 فقرة 328 ـ فقرة 336 .
( [1267] ) انظر فى تنفيذ الضمان تنفيذًا عينيًا بطريق تدخل البائع ما سبق بيانه فى هذا الشأن عند الكلام فى البيع ( الوسيط 4 فقرة 347 ـ فقرة 350 ) .
( [1268] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 352 .
( [1269] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 353 ـ وإذا رد الشفيع العقار للبائع بموجب هذه الأحكام ، لم يجز للمشترى أن يأخذ العقار المشفوع فيه بموجب عقد البيع الأصلى وإذا أراد أخذه ، كان ذلك بعقد جديد يبرمه مع البائع ، كما هو الأمر فى الهلاك الجزئى إذا رد الشفيع العقار للبائع ( انظر آنفًا ص 745 هامش 1 ) .
( [1270] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 354 .
( [1271] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 355 ـ فقرة 359 ـ وانظر فى تفصيل ضمان البائع للتعرض الصادر من الغير الوسيط 4 فقرة 337 ـ فقرة 359 ـ وانظر محمد كامل مرسى 3 فقرة 497 ص 489 ـ محمد على عرفة 2 فقرة 317 ص 538 .
( [1272] ) فإذا لم يكن ظاهرًا ، ولكن البائع أثبت أن المشترى ـ لا الشفيع ـ كان يستطيع أن يتبين العيب بنفسه لو أنه فحص العقار بعناية الرجل العادى ، فلا ضمان على البائع . ومع ذلك يجب الضمان على البائع فى هذه الحالة إذا أثبت الشفيع أحد أمرين : إما أن يكون البائع قد أكد للمشترى خلو العقار من العيب المعين الذى وجد به بعد ذلك ويستطيع الشفيع أن يثبت هذا التأكيد من البائع للمشترى بجميع طرق الإثبات ، أو أن البائع قد تعمد إخفاء هذا العيب عن المشترى غشًا منه وللشفيع أن يثبت ذلك أيضًا بجميع طرق الإثبات .
( [1273] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 365 ـ فقرة 368 .
( [1274] ) ولا يجوز للمشترى أن يأخذ العقار المشفوع فيه فى هذا الفرض بموجب عقد البيع الأصلى ، فإذا أراد أخذه لم يجز له ذلك إلا بعقد جديد يبرمه مع البائع ، كما هو الأمر فى الهلاك الجزئى وفى الاستحقاق الجزئى إذا رد الشفيع العقار للبائع ( انظر آنفًا ص 745 هامش 1 وص 750 هامش 1 ) .
( [1275] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 372 ـ فقرة 374 .
( [1276] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 377 .
( [1277] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 378 ـ فقرة 379 ـ وانظر محمد كامل مرسى 3 فقرة 506 .
( [1278] ) انظر آنفًا فقرة 212 .
( [1279] ) انظر آنفًا فقرة 209 وما بعدها .
( [1280] ) ولم يكن الشفيع ملزمًا ، بحسب قانون الشفعة السابق ، بإيداع الثمن خزانة المحكمة . فكان البائع يستطيع التنفيذ بالثمن على أموال الشفيع بموجب الحكم القاضى بالشفعة ، ولم يكن فى حاجة إلى رفع دعوى جديدة بالثمن . وقد قضى ، فى عهد قانون الشفعة السابق ، بأن الحكم الذى يقضى بالشفعة يقضى فى الوقت نفسه بدفع الثمن ، فليس المشترى فى حاجة إلى قضاء جديد يلزم الشفيع بدفع ثمن هذه الصفقة ، وإنما إذا تعلل الشفيع فى حبس الثمن بوجود دين على العين تعين صدور حكم باستمرار التنفيذ ( استئناف مصر 22 أبريل سنة 1929 المحاماة 9 رقم 530 ص 983 ) . فلا محل إذن لتكليف المشترى رفع دعوى جديدة بالثمن لأن الثمن مقضى به فى حكم الشفعة ، وقد أصبح مقدرًا غير متنازع فيه ، بل إن رفع دعوى جديدة فى شأنه تكون غير مقبولة لسبق الفصل فيها ( محمد كامل مرسى 3 فقرة 488 ص 480 ) .
( [1281] ) انظر آنفًا فقرة 212 .
( [1282] ) انظر آنفًا فقرة 233 .
( [1283] ) نقض مدنى 29 نوفمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 5 ص 9 ـ استئناف مصر 16 ديسمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 212 ص 432 ـ استئناف مختل مارس سنة 1921 م 33 ص 201 .
( [1284] ) انظر آنفًا فقرة 213 .
( [1285] ) انظر آنفًا ص 664 .
( [1286] ) استئناف مختلط 25 مايو سنة 1948 م 60 ص 125 .
( [1287] ) ويغلب أن يتفق البائع مع الشفيع على دفع فوائد إذا كان الثمن مؤجلاً أو مقسطًا ، وعلى أن تسرى الفوائد من وقت البيع إلى وقت الوفاء بالثمن أو بكل قسط من أقساطه . ولكن لا يوجد ما يمنع البائع ، فى الشفعة بالتراضى مثلاً ، من أن يشترط على الشفيع دفع فوائد اتفاقية حتى لو كان الثمن حالاً واجب الدفع فورًا ، فيكون على الشفيع أن يدفع الثمن فورًا فلا تجب عليه فوائد ، فإذا تأخر فى الدفع كان للبائع أن يتقاضى منه الثمن بالطرق القانونية مع الفوائد المتفق عليها إلى يوم دفع الثمن .
( [1288] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 394 .
( [1289] ) وإذا فسخ البائع لم يجز للمشترى أن يأخذ العقار المشفوع فيه بموجب عقد البيع الأصلى ، فإن أراد أخذه لم يجز له ذلك إلا بعقد جديد يبرمه مع البائع ، كما هو الأمر فى الهلاك الجزئى والاستحقاق الجزئى والعيوب الخفية إذا رد الشفيع العقار للبائع ( انظر آنفًا ص 745 هامش 1 وص 750 هامش 1 وص 752 هامش 2 ) .
وإذا رفع البائع دعوى الفسخ ، كان للشفيع ، طبقًا للقواعد العامة ، أن يتوقى الفسخ بدفع الثمن إلى وقت صدور الحكم النهائى فى دعوى الفسخ . وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأن الحكم النهائى القاضى بالشفعة يعتبر سندًا لملكية المحكوم له للعين المشفوع فيها مقابل قيامه بدفع الثمن المبين فى الحكم . فإذا كان هذا الحكم لم يحدد ميعادًا لدفع الثمن ، ورفعت على المحكموم له بالشفعة دعوى بطلب سقوط حكم الشفعة لتخلفه عن دفع الثمن ، فإن هذه الدعوى هى فى حقيقتها بمثابة طلب فسخ سند التمليك . وللمحكوم له بالشفعة أن يتوقى الفسخ بدفع الثمن المحدد فى حكم الشفعة إلى وقت صدور الحكم النهائى فى هذه الدعوى ( نقض مدنى 3 ديسمبر سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 165 ص 1134 ) . وانظر أيضًا استئناف وطنى 22 يناير سنة 1931 المجموعة الرسمية 14 رقم 47 ص 89 .
( [1290] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 4 فقرة 401 ـ فقرة 415 .
( [1291] ) انظر الوسيط 4 فقرة 239 وفقرة 283 وفقرة 393 .
( [1292] ) انظر آنفًا فقرة 232 .
( [1293] ) انظر مايل فقرة 245 .
( [1294] ) انظر فى ذلك الوسيط 4 فقرة 393 .
( [1295] ) استئناف وطنى 14 مايو سنة 1908 الاستقلال 6 ص 292 ـ وانظر محمد كامل مرسى 3 فقرة 494 ـ وقارن استئناف وطنى 17 مايو سنة 1904 الاستقلال 3 ص 264 ـ وقضى أيضًا بأنه ليس للشفيع أن يرغم المشترى على انتظاره حتى يختار هو الوقت المناسب له لتسلم العين ودفع الثمن ( مصر الكلية 22 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 265 ص 376 ) ـ وانظر محمد كامل مرسى 3 فقرة 488 ص 480 .
( [1296] ) انظر فى تفصيل الالتزام بتسلم البيع الوسيط 4 فقرة 421 ـ فقرة 425 ـ وقد يوجب عقد البيع على المشترى التزامات خاصة ، فيلتزم بها الشفيع لأنه حل محل المشترى . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الشفيع يلتزم بالشرط الوارد فى عقد البيع ، والذى يلزم المشترى ببناء منزل للسكنى فى الأرض المبيعة فى خلال عام من وقت البيع ، وإلا فسخ البيع ( استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1909 م 22 ص 56 ) .
( [1297] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1395 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدى كان يتضمن فقرة ثالثة تجرى على الوجه الآتى : " أما ما صرف فى حفظ العقار وصيانته ، فليزم دفعه فى كل الأحوال للمشترى المشفوع منه " . وفى لجنة المراجعة حذفت هذه الفقرة الثالثة لأنها تطبيق للقواعد العامة ، ووافقت اللجنة على النص بعد تعديله على هذا الوجه تحت رقم 1020 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1017 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 947 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 436 ـ ص 438 ) .
( [1298] ) قانون الشفعة السابق م 10 : إذا بنى المشترى فى العقار المشفوع أو غرس فيه أشجارًا ، قبل طلب الأخذ بالشفعة ، يكون الشفيع ملزمًا ، بناء على رغبة المشترى ، إما أن يدفع له ما صرفه أو ما زاد فى قيمة العقار بسبب البناء أو الغراس ـ أما إذا حصل البناء أو الغراس بعد طلب الأخذ بالشفعة ، فللشفيع الخيار إذا شاء طلب إزالتها ، وإن شاء طلب بقاءهما . وفى هذه الحالة لا يلزم إلا بدفع قيمة الأدوات وأجرة العمل أو مصاريف الغراس . أما ما صرف فى حفظ العقار وصيانته ، فيلزم دفعه فى كل الأحوال للمشترى المشفوع منه . ( وأحكام التقنين المدنى الجديد تتفق مع أحكام قانون الشفعة السابق ) .
( [1299] ) التقنيات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 950 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى 1143 : 1 ـ إذا بنى المشترى فى العقار المشفوع أو غرس فيه أشجارًا قبل أن يبلغ بالرغة فى الأخذ بالشفعة ، كان الشفيع ملزمًا بأن يدفع للمشترى مقدار ما زاد فى قيمة العقار بسبب البناء أو الغارس . 2 ـ أما إذا حصل البناء أو الغراس بعد تبليغ الرغبة فى الأخذ بالشفعة ، كان للشفيع أن يطلب القلع . وإذا كان القلع مضرًا بالعقار ، كان له أن يتسبقى البناء أو الغراس بقيمتهما مستحقى القلع . ( ويختلف التقنين العراقى عن التقنين المصرى فى أن التقنين الأول يلزم الشفيع بأن يدفع للمشترى زيادة القيمة فى حالة البناء أو الغراس قبل إعلان الرغبة ، أما التقنين المصرى فيخير المشترى بين هذه القيمة وقيمة ما أنفقه . ويختلفان ، فى حالة البناء أو الغراس بعد إعلان الغربة ، فى أن التقنين العراقى يعطى للشفيع إذا كان القلع مضرًا بالعقار الحق فى استبقاء البناء أو الغراس بقيمته مستحق القلع ، أما فى التقنين المصرى فالشفيع إذا استبقى البناء أو الغراس يلتزم بدفع قيمة ما أنفق المشترى ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [1300] ) انظر آنفًا ص 753 ـ ص 754 .
( [1301] ) وليس للمشترى ، فى جميع الأحوال ، أن يطلب من الشفيع مبلغًا أكبر من الثمن الحقيقى الذى اشترى به بدعوى أن العقار قد زادت قيمته ، إذا كانت هذه الزيادة نتيجة لأسباب اقتصادية عامة وليست من فعل المشترى . كذلك لا يجوز للشفيع أن يطلب إنقاص الثمن بدعوى أن العقار قد قلت قيمته نتيجة لهذه الأسباب الاقتصادية العامة . انظر هذا المعنى محمد كامل مرسى 3 فقرة 487 .
( [1302] ) انظر آنفًا فقرة 238 ـ وذلك لأن الشفيع قد أودع الثمن خزانة المحكمة ، فمن وقت الإيداع إلى وقت صدور الحكم النهائى بالشفعة وتمكن المشترى من سحب الثمن من خزانة المحكمة إذا كان قد وفاه للبائع ، لا يلتزم الشفيع بدفع فوائد عن الثمن ، لأن تعطيل الثمن لم يكن بخطأ منه ، وقد قررنا مثل ذلك بالنسبة إلى البائع ( انظر آنفًا فقرة 238 ) . وعلى ذلك يكون غير صحيح ما ورد فى المذكرة الإيضاحية من أن " للمشترى أن يطالب بالفوائد من الوقت الذى لا يمتلك فيه الثمار " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 440 ) ، أى من وقت إعلان المشترى بالرغبة فى الأخذ بالشفعة . فإن المشترى ، من ذلك الوقت ، يكون ملزمًا برد الثمار للشفيع ( انظر ما يلى ص 774 ، ولا يجوز له مع ذلك تقاضى فوائد عن الثمن من الشفيع ، إذ أن الشفيع يكون قد أودع الثمن خزانة المحكمة وحرم نفسه من الانتفاع به ، وذلك بسبب عدم تسليم المشترى بالشفعة عن غير حق . على أن ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع إنما كان تفسيرًا لما جرى به الحكم فى هذا المشروع من أن الشفيع لا يلزم إلا بإيداع ثلث الثمن ، ومن ثم يكون ملزمًا بدفع فوائد ما لم يودعه من الثمن فى خزانة المحكمة ( انظر فى هذا المعنى محمد على عرفة 2 فقرة 319 ص 541 ـ وانظر هذه المسألة : استئناف مصر 22 أبريل سنة 1929 المحاماة 9 رقم 530 ص 983 ـ استئناف مختلط 21 أبريل سنة 1904 م 16 ص 205 ـ 25 يونيه سنة 1918 م 30 ص 490 ـ محمد كامل مرسى 3 فقرة 495 ) .
( [1303] ) قارن استئناف مصر 29 فبراير سنة 1940 المحاماة 20 رقم 608 ص 1381 ـ محمد كامل مرسى 3 فقرة 493 والأحكام المشار إليها فيه .
( [1304] ) استئناف مختلط 6 فبراير سنة 1936 م 48 ص 113 . وفى عهد قانون الشفعة السابق وكان لا يلزم الشفيع بإيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة ، استقر القضاء على أنه يجوز أن يقترن الحكم بالشفعة بإلزام الشفيع بدفع الثمن للمشترى فى خلال مدة معينة ، وإلا سقط حقه فى الشفعة دون حاجة للتنبيه عليه من المشترى ، حتى لو لم ينص الحكم على سقوط الحق جزءًا على عدم الدفع ( نقض مدنى 24 يناير سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 68 ص 401 ـ 13 نوفمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 16 ص 95 ) .
وقد قضت محكمة النقض بأن وجوب اختصام البائع والمشترى فى دعوى الشفعة إجراء أوجبه القانون على خلاف الأصل الذى يقضى بأن المدعى حر فى توجيه دعواه إلى من يشاء ، فلا يجوز التوسع فى مفهوم هذا الاستثناء . ولما كان ذلك ، وكانت دعوى الشفعة تنتهى بصدور الحكم فيها ، فإنه لا يشترط لقبول الدعوى التى ترفع بطلب سقوط حكم الشفعة اختصام البائع فيها ( نقض مدنى 30 مارس سنة 1961 مجموعة أحكام النقض ( [1304] ) رقم 39 ص 276 ) .
( [1305] ) انظر آنفًا فقرة 214 ـ وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد قضى بملحقات الثمن دون أن يعين مقدارها ، وكان هذا المقدار كما هو ثابت من المستندات المقدمة فى الطعن محل نزاع بين الطرفين ، فإن إغفاله يكون قصورًا مستوجبًا نقضه فى هذا الخصوص ( نقض مدنى 13 أبريل سنة 1950 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عامًا جزء أول ص 735 رقم 175 ـ 2 أبريل سنة 1953 نفس المجموعة جزء أول ص 735 رقم 176 ـ 20 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 1016 ) .
( [1306] ) انظر آنفًا فقرة 103 ـ فقرة 104 .
( [1307] ) انظر آنفًا فقرة 104 .
( [1308] ) انظر آنفًا فقرة 103 .
( [1309] ) انظر آنفًا فقرة 240 .
( [1310] ) وقد قيل ، في غير انتباه ، عكس ذلك وأن المادة 946 مدنى تردد المبادئ العامة المقررة فى الالتصاق ، فى لجنة الأستاذ كامل صدقى . إذ قال أحد الأعضاء ، عندما عرض النص على اللجنة ، " إن هذا النص ، وإن كان يردد المبادئ العامة المقررة فى باب الالتصاق ، إلا أنه يحسن الإبقاء عليه فى باب الشفعة ، إذ أن حذفه قد يدع مجالاً لتطبيقات تجافى هذه المبادئ " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 437 فى الهامش ) .
( [1311] ) انظر آنفًا فقرة 113 .
( [1312] ) وقد قضى بأن أتعاب المقاول الذى كلفه المشترى قبل إعلانه بطلب الشفعة تحضير رسوم البيانات عن مصروفات البناء المراد إقامته على الأرض المشفوع فيها تدخل ضمن المبالغ التى يلزم الشفيع بدفعها ، ولكن تصير هذه الرسوم والبيانات ملكًا للشفيع ( استئناف مختلط 8 مارس سنة 1927 م 39 ص 309 ) . وانظر محمد كامل مرسى 3 فقرة 520 ص 508 .
( [1313] ) انظر آنفًا فقرة 113 .
( [1314] ) وقد حدد النص لصاحب الأرض ، ليتقدم بهذا الطلب ، ميعاد سنة من اليوم الذى يعلم فيه بإقامة المنشآت ( م 924 / 1 مدنى ) ، ولم تحدد المادة 946 مدنى ميعادًا للشفيع للتقدم بنفس الطلب .
( [1315] ) انظر فى كل ما تقدم آنفًا فقرة 113 .
( [1316] ) انظر آنفًا فقرة 235 .
( [1317] ) أما بعد تسليمه للشفيع ، فغنى عن البيان أن تبعة الهلاك ، كليًا كان الهلاك أو جزئيًا ، تكون على الشفيع . كذلك تكون تبعة الهلاك الكلى أو الجزئى على الشفيع حتى لو لم يتسلم العقار من المشترى ، إذا كان المشترى قد أعذره قبل الهلاك بأن يتسلم العقار .
( [1318] ) محمد كامل مرسى 3 فقرة 500 ـ إسماعيل غانم ص 95 ـ عبد المنعم فرج الصد فقرة 330 ص 504 ـ منصور مصطفى منصور فقرة 153 ص 362 .
( [1319] ) انظر الوسيط 4 فقرة 316 .
( [1320] ) الوسيط 4 فقرة 316 ص 608 .
( [1321] ) ويلاحظ ، من الناحية العملية ، أنه إذا هلك العقار وهو فى يد المشترى قبل إعلانه بالرغبة فى الشفعة ، وعلم الشفيع بهذا الهلاك ، فإنه لا يقدم على طلب الشفعة فى عقار قد هلك ويتحمل هو تبعة هلاكه . لذلك لن يطلب الشفيع الشفعة فى هذه الحالة ، ويبقى البيع قائمًا بين البائع والمشترى ، ويتحمل المشترى تبعة هلاك العقار بعد أن تسلمه من البائع .
( [1322] ) انظر ما يلى فقرة 360 ـ فقرة 362 .
( [1323] ) ولما كان المشترى قبل إعلانه بالرغبة فى الشفعة يتحمل تبعة الهلاك من الناحية العملية
= كما قدمنا ، ويتحمل هذه التبعية أيضاً بعد إعلانه بالرغبة فى الشفعة كما بينا ، فهو إذن الذى يتحمل التبعة فى جميع الأحوال . على أنه يحسن تأسيس تحمله للتعبة على المادتين 983 و 984 مدنى ، لا على أنه ملتزم بالتسليم . وقد تظهر فائدة عملية من التأسيس على المادتين 983 و 984 مدنى فى فرضين : ( أ ) إذا أن الهلاك قبل إعلان الرغبة فى الشفعة ، وطلب الشفيع الشفعة دون أن يعلم بالهلاك ، فيتحمل هو التبعة دون المشترى ، وغن كان هذا فرضاً بعيد الحصول . ( ب ) إذا كان الهلاك بعد إعلان الرغبة فى الشفعة وثبت أن العقار كان يهلك ولو تسلمه الشفيع ، فإن الشفيع فى هذا الفرض هو الذى يتحمل التبعة دون المشترى .
( [1324] ) انظر فى تفصيل ذلك ما قدمناه فى تحمل البائع لتبعة الهلاك الجزئى آنفاً ص 744 - ص 745 - وإذا تحمل الشفيع تبعة الهلاك الكلى أو الجزئى بعد أخذه بالشفعة فى حالة ما إذا ثبت أن العقار كان يهلك ولو كان قد تسلمه ، فإن لا يستطيع ، بعد أن يثبت حقه فى الشفعة أن يتخلص من هذه التبعة بتنازله عن الشفعة . وقد قدمنا أنه لا يجوز للشفيع ، بعد القضاء له بالشفعة ، أن ينزل عنها بحجة أن الحكم صدر لمصلحته وأنه متنازل عنه ، وذلك لأن الحكم قد خول حقاً للمشترى أو البائع وهو قبض الثمن ( انظر آنفاً فقرة 239 ) .
( [1325] ) انظر ص 577 - ص 758 .
( [1326] ) الوسيط 4 فقرة 393 ص 775 - ص 776 - وقد كان المشروع التمهيدى للمادة 946 مدنى يتضمن فقرة ثالثة تجرى على الوجه الآتى : " أما ما صرف فى حفظ العقار وصيانته ، فيلزم دفعه فى كل الأحوال للمشترى المشفوع منه " . وقد حذفت هذه الفقرة فى لجنة المراجعة لأنها تطبيق للقواعد العامة ( انظر آنفاً ص 759 هامش 1 ) .
( [1327] ) انظر آنفاً فقرة 232 وفقرة 238 ص 757 - ص 758 .
( [1328] ) نقض مدنى 31 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 103 ص 220 .
( [1329] ) نقض مدنى 15 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 67 ص 351 - 2 أبريل سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 44 ص 290 .
( [1330] ) فقضت بأن ما أورده القانون فى المادة 942 / 2 مدنى من إلزام الشفيع بإيداع الثمن خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة لم يقصد به تغيير الوضع ، وهو لا ينم عن رغبة المشرع فى العدول إلى رأى القائلين بارتداد ملكية الشفيع إلى وقت إتمام إجراءات المطالبة بالشفعة ، وإنما كان ذلك تمشياً مع اتجاهه فى التضييق من حق الشفعة ، وضماناً لجدية طلبها . وطالما أن حق الشفيع فى العين المشفوع فيها لا يستقر إلا بصدور الحم له بالشفعة ، فلا محل للقول باستحقاقه للريع ابتداء من تاريخ إيداع الثمن . أما النص فى المادة 945 من القانون المدنى الجديد على حلول الشفيع محل المشترى فى حقوقه والتزاماته بالنسبة إلى البائع ، فهو نص لم يستحدث حكماً جديداً ، بل هو مماثل لنص المادة 13 من قانون الشفعة القديم . وهو لا يفيد اعتبار الشفيع الذى حكم له بطلبه حالاً محل المشترى فى الرجوع منذ قيام الطلب ، إذا اعتباره كذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يجوز إلا على تقدير أثر رجعى لحلوله محل المشترى ، المر الذى يتنافى مع ما هو مقرر من أن حكم الشفعة منشئ لا مقرر لحق الشفيع ، مما يمتنع معه القول بحلوله محل المشترى قبيل الحكم نهائياً بالشفعة ( نقض مدنى 14 مايو سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 65 ص 426 - وانظر أيضاً نقض مدنى 14 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 18 ص 798 - وانظر آنفاً ص 717 - ص 718 ) .
( [1331] ) انظر آنفاً فقرة 228 - فقرة 231 .
( [1332] ) انظر آنفاً فقرة 234 .
( [1333] ) انظر آنفاً ص 757 - ص 758 .
( [1334] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الشفيع غير ملزم بأن يؤدى للمشفوع منه ما دفعه من الأموال عن الأطيان المشفوع فيها ، ولا ما أنفقه عليها من مصاريف استغلالها مدة حيازته هو لها وانتفاعه بها ( نقض مدنى 27 أكتوبر سنة 1932 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 734 رقم 171 ) .
( [1335] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى ما يأتى : " والشفيع يحل محل المشترى فى الصفقة ، فيملك من وقت البيع الأول . ويعتبر المشترى كأنه لم يملك أصلاً ، إلا أنه إذا استولى على ثمار المبيع إلى إعلان الرغبة فهو يتملك الثمار بالحيازة إذ هو حسن النية إلى هذا الوقت ، وما دام قد تملك الثمار فلا يتقاضى فائدة على الثمن . ومنذ تعلن الرغبة فى الأخذ بالشفعة لا يملك الثمار ، وتكون للشفيع إذ هو المالك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 440 )
( [1336] ) وهذا ما حمل بعض الفقهاء على القول بأن الثمار تكون للشفيع من وقت إيداع الثمن ، حتى لا يحرم الشفيع من الانتفاع بالثمن ومن ثمار العقار ( إسماعيل غانم ص 9696 - ص 97 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 331 ص 505 - ص 506 - منصور مصطفى منصور فقرة 154 ص 363 ) . أما سائر الفقهاء الذين يقولون بأن حلول الشفيع محل المشترى يتم وقت صدور الحم بالشفعة ، فيذهبون إلى أن تكون الثمار للشفيع من وقت صدور هذا الحكم ( محمد كامل مرسى 3 فقرة 508 - شفيق شحاتة فقرة 276 ص 286 - عبد المنعم البدراوى فقرة 470 ص 481 ) .
( [1337] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1396 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1021 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1018 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 947 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 438 - ص 441 ) .
( [1338] ) قانون الشفعة السابق م 12 : كل رهن من المشترى وكل حق اختصاص حصل عليه دائنوه وكل بيع وكل حق عينى قبله المشترى أو اكتسبه الغير ضده ، بعد التاريخ الذى سجل فيه طلب الشفعة طبقاً للمادة الرابعة عشرة الآتية : لا يسرى على الشفيع . ويبقى مع ذلك لأصحاب الديون الممتازة وللدائنين المرتهنين ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل للمشفوع منه من ثمن ذلك العقار . ( وأحكام التقنين المدنى الجديد تتفق مع أحكام قانون الشفعة السابق ) .
( [1339] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 1951 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1144 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [1340] ) انظر ما يلى فقرة 250 - وقارن محمد على عرفة 2 فقرة 296 ص 449 .
( [1341] ) انظر م 1056 مدنى : " يستوفى الدائنون المرتهنون حقوقهم قبل الدائنين العاديين من ثمن العقار المرهون أو من المال الذى حل محل هذا العقار " .
( [1342] ) انظر م 1095 مدنى : " . . . ويسرى على الاختصاص ما يسرى على الرهن من أحكام " .
( [1343] ) انظر م 1134 مدنى : " تسرر على حقوق الامتياز الواقعة على عقار أحكام الرهن الرسمى بالقدر الذى لا تتعارض فيه مع طبيعة هذه الحقوق " .
( [1344] ) انظر آنفاً فقرة 247 .
( [1345] ) انظر آنفاً فقرة 246 .
( [1346] ) شفيق شحاتة فقرة 276 ص 285 - ص 286 - عبد المنعم البدراوى فقرة 470 ص 480 - ص 481 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 329 ص 502 - منصور مصطفى منصور فقرة 152 ص 359 .
( [1347] ) انظر آنفاً ص 523 - ص 524 .
( [1348] ) ولكن يجوز للشفيع أن يطعن فى هذه التصرفات بالصورية ، وله أن يثبت ذلك بجميع الطرق ، فإذا ثبتت الصورية لم تسر التصرفات فى حقه ( محمد كامل مرسى 3 فقرة 510 ص 498 ) .
( [1349] ) انظر آنفاً فقرة 246 .
( [1350] ) انظر آنفاً ص 519 . وقد قضت محكمة النقض بأن الشفعة فى العقار المبيع على شرط اختيار الغير تخضع لأحكام هذا النوع من البيع ، تكملها وتحد منها أحكام الشفعة . ولما كان من المقرر أن الشفيع لا يحاج بأى حق اكتسبه الغير ضد المشترى بعد تسجيل إنذار الشفعة ، وكان إنذار الشفعة قد سجل فى هذه الحالة قبل الإنذار المعلن للشفيع الذى يثبت به تاريخ الاتفاق الحاصل بين المشترى والغير ، وهو الإنذار الذى يعتبر إعمالاً لحق اختيار الغير ، فلا يجوز الاحتجاج على الشفيع بما يترتب من حقوق على هذا الاختيار . ويكون الحكم الذى يقضى بعدم جواز الاحتجاج على الشفيع بما ترتب على هذا الاختيار من حقوق لمن أدخلوا فى الشراء وبالتالى عدم سقوط حقه فى الشفعة لإدخالهم فى الدعوى بعد الميعاد المقرر فى القانون ، حكماً قائماً على أساس قانونى صحيح ( نقض مدنى 9 مارس سنة 1950 المحاماة 31 رقم 45 ص 84 ) .
( [1351] ) انظر آنفاً ص 519 .
( [1352] ) استئناف مختلط 30 مايو سنة 1939 م 51 ص 238 .
( [1353] ) ويبنى بعض الفقهاء حق الأولوية للدائن المقيد على أساس أن الثمن حل محل العقار حلولاً عينياً ( شفيق شحاتة فقرة 273 ص 283 - منصور مصطفى منصور فقرة 145 ص 345 ) . ويذهب بعض آخر إلى أن حق الأولوية إنما هو تطبيق للقواعد العامة فى حق الأولوية ، إذ أن هذا الحق لا يقتصر على الثمن المتحصل من البيع الجبرى . وبل يمتد إلى كل مقابل نقدى للشئ محل الحق ( إسماعيل غانم ص 87 - ص 88 - شمس الدين الوكيل فى التأمينات فقرة 90 - فقرة 91 - حسن كيره ص 91 ) .
أما إذا كان المشترى لم يدفع الثمن إلى البائع ، فإنه يجب على الشفيع أن يدفع هو الثمن مباشرة إلى البائع ، وهو ملزم على كل حال بإيداعه لحسابه فى خزانة المحكمة قبل رفع دعوى الشفعة . وعلى ذلك لا يكون الشفيع مديناً بالثمن للمشترى ، ومن ثم لا محل لأن يكون لدائنى المشترى المقيدين حق الأولوية على الثمن ( محمد كامل مرسى 3 فقرة 518 ص 505 - محمد على عرفة 2 فقرة 296 ص 449 - عبد المنعم البدراوى فقرة 476 ) .
( [1354] ) انظر آنفاً فقرة 246
( [1355] ) مراجع : Savigny فى الحيازة ( فى القانون الرومانى ) ترجمة Staedtler الطبعة السابعة سنة 1865 - ghering فى أساس حماية الحيازة ( Fondement de la potcetion possessoire ) سنة 1865 - وفى دور الإدارة فى الحيازة ( Role de la volonte dans la possession ) سنة 1891 - ترجمة Meulenaere - Esmiein– فى نظريات الحيازة فى ألمانيا فى المجلة التاريخية الجديدة سنة 1877 - Saleilles فى العناصر المكونة للحيازة سنة 1894 - حيازة المنقول سنة 1907 - وفى المجلة الانتقادية سنة 1903 ص 592 وسنة 1904 ص 93 - Duquesne فى التمييز ما بين الحيازة ( Possession ) والإحراز أو السيطرة المادة ( detention ) فى القانون الرومانى رسالة من باريس سنة 1898 - Cornil فى الحيازة سنة 1905 - Schwab فى النظرية المادية فى الحيازة رسالة من باريس سنة 1907 - Ferradou فى دور الحيازة فى القانون الفرنسى الحديث رسالة من بوردو سنة 1928 .
( [1356] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 448 فى الهامش وص 450 - وقد وافقت لجنة المراجعة على هذا النص تحت رقم 1203 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب مع تعديل لفظى طفيف تحت رقم 1020 . وفى لجنة مجلس الشيوخ اعترض رئيس اللجنة على هذا التعريف " لأنه تعريف ناقص ، وينقصه ركن نية التملك ، إذ تناول الحيازة المادية فقط وترك الحيازة بنية التملك . وقد أثار هذا الاعتراض مناقشة طويلة ، رؤى بعدها حذف النص لأن ذلك أنسب من الوجهة التشريعية " . وجاء فى تقرير اللجنة ما يأتى " رأت اللجنة حذف هذه المادة لأنها تتضمن تعريفاً تغلب عليه الصبغة الفقهية " . ووافق مجلس الشيوخ على حذف المادة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 449 فى الهامش ) .
( [1357] ) وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 1145 مدنى عرافى على أن " الحيازة وضع مادى به يسيطر الشخص بنفسه أو بالواسطة سيطرة فعلية على شئ يجوز التعامل فيه ، أو يستعمل بالفعل حقاً من الحقوق " .
( [1358] ) انظر آنفاً فقرة 1 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 143 ص 158 هامش 2 .
( [1359] ) وإلا كانت الإرادة هنا تصرفاً قانونياً . وحتى لو سلمنا بذلك ، لأمكن القول بأن التصرف القانونى قد اختلط بواقعة مادية هى الحيازة المادية أو السيطرة الفعلية . فتكون الحيازة واقعة مختلطة fait mixte عنصر الواقعة المادية فيها هو المتغلب ، فتدخل فى نطاق الوقائع المادية .
( [1360] ) انظر فى ترتيب مصادر الحقوق العينية وحصرها فى العمل المادى والتصرف القانونى الوسيط 1 طبعة ثانية فقرة 33 ص 144 هامش 1 - وانظر أوبرى ورو 2 فقرة 177 ص 109 - ص 110 - بودرى وتيسييه فقرة 203 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 143 ص 158 هامش 2 - مارتى ورينو فقرة 27 .
( [1361] ) بوتيه فى الحيازة فقرة 37 - فقرة 38 - وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 143 ص 159 هامش 2 .
( [1362] ) بودرى وتيسييه فقرة 193 - فقرة 196 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 143 - وانظر مشروع التقنين المدنى الفرنسى فى السنة الثامنة للثورة الفرنسية ، وكان أكثر صراحة فى هذا المعنى ( Fenet 2 ص 405 م 9 و 10 ) .
( [1363] ) ويستثنى من الحقوق العينية حق الرهن الرسمى وحق الاختصاص وحقوق الامتياز ، فهذه بطبيعتها غير قابلة للحيازة ( انظر بوردى وتيسييه فقرة 200 ص 163 هامش 2 - كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1163 ص 947 ) .
( [1364] ) انظر فى ذلك نقض فرنسى 26 يناير سنة 1914 داللوز 1914 - 1 - 112 - أوبرى ورو 2 فقرة 178 - بودرى وتيسييه فقرة 200 - فقرة 201 - لانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 144 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2763 - مازو فقرة 1416 .
( [1365] ) انظر ما يلى فقرة 267 .
( [1366] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ، فى خصوص ما جاء فى المشروع متعلقاً بالحيازة من حيث أحكامها العامة ومن حيث الآثار التى ترتبت عليها ، ما يأتى : " والحيازة ، من حيث أحكامها العامة ، وضع مادى به يسيطر الشخص سيطرة فعلية على شئ يجوز التعامل فيه . وترد الحيازة على الأشياء المادية والحقوق المعنوية على السواء . وتكسب بأعمال يقوم بها هذا الوضع المادى ، وتنتقل بالاتفاق مصحوباً بالتسليم ، وتمول بنزال السيطرة الفعلية . وقد اتخذ المشروع من الحيازة وسيلة لإثبات حق الملكية ، وخلص إلى ذلك بقرينتين متواليتين ، جعل فى الأول الحيازة المادية قرينة على الحيازة القانونية ، وجعل فى الثانية الحيازة القانونية قرينة على الملكية . ووضع قواعد عملية للمفاضلة بين المتنازعين على الحيازة . والحيازة ، من حيث الآثار التى تترتب عليها ، تصلح قرينة على الملكية كما تقدم . وتكسب الملكية فعلاً بالتقادم الطويل فى العقار والمنقول . فإن اقترنت بحسن النية واستندت إلى سبب صحيح ، فإنها تكسب ملكية العقار بالتقادم القصير ، وملكية المنقول فى الحال . ويملك الحائز ، فى كل الفروض ، ثمار العين إذا كان حسن النية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 447 ) .
( [1367] ) بودرى وتيسييه فقرة 208 - فقرة 209 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2764 - مازو فقرة 1414 - مارتى ورينو فقرة 14 ص 22 - كاربونييه ص 143 .
( [1368] ) إهرنج فى أساس حماية الحيازة ص 8 - بودرى وتيسييه فقرة 210 - فقرة 211 .
( [1369] ) أوبرى ورو 2 فقرة 177 ص 109 - بودرى وتيسييه فقرة 210 - فقرة 211 . بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2764 - مازو فقرة 1413 - مارتى ورينو فقرة 14 - كاربونييه ص 143 .
( [1370] ) وتقو المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وللحيازة ، بعد توافر شروطها ، عنصران : عنصر مادى هو السيطرة المادية ، وعنصر معنوى هو نية استعمال حق من الحقوق " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 451 ) .
وكما أن الحيازة لا تقوم على مجرد العنصر المادى دون العنصر المعنوى ، كذلك لا تقوم على مجرد العنصر المعنوى دون العنصر المادى ( نقض فرنسى 13 ديسمبر سنة 1948 سيريه 1946 - 1 - 45 - مازو فقرة 1419 ) .
( [1371] ) فإن كان غير مملوك لأحد ، كانت حيازته استيلاء ( occupation ) ، فيكسب الحائز ملكية الشئ فوراً عن هذا الطريق .
( [1372] ) ولكن مجرد أخذ أتربة أو سباخ من الأرض مرة أو أكثر لا يكفى لتحقق الحيازة ( استئناف مصر 8 يناير سنة 1939 المحاماة 20 رقم 177 ص 465 - استئناف مختلط 8 يونيه سنة 1915 م 27 ص 392 ) . وكذلك لا يكفى لتحقق مجرد دفع الضرائب المستحقة على العقار ( استئناف مختلط 27 يناير سنة 1897 م 9 ص 136 ) .
( [1373] ) بودرى وتيسييه فقرة 1965 ص 154 .
( [1374] ) ترولون فقرة 251 - بودرى وتيسييه فقرة 218 .
( [1375] ) وقض قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الثابت أن الأرض المتنازع عليها أرض فضاء وليست من الأراضى التى لم يسبق الملك فيها لأحد ، بل هى من الأراضى التى تلقيت الحيازة فيها بالتخلية من ملاكها المتعاقبين ، فيكفى فى ثبوت وضع اليد عليها القيام ، مع عدم التنازع ، بإنشاء حدود لها والمرور فيها ودفع الأموال المستحقة عليها . وإذن فالحكم الذى لا يكتفى فى ثبوت وضع اليد عليها بهذه الظاهرة ، بل يشترط تسويرها على الأقل ، يكون حكماً مخطئاً فى تكييف وضع اليد ويتعين نقضه ( نقض مدنى 11 مايو سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 182 ص 554 ) .
( [1376] ) انظر ما يلى فقرة 297 وما بعدها .
( [1377] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1401 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - تقوم الحيازة حتى لو باشرها باسم الحائز شخص آخر ، وكان منه بمكان التابع بحيث يكون ملزماً أن يمتثل لأوامره فيما يتعلق بالشئ أو الحق الذى ترد عليه الحيازة . 2 - وعند الشك يفترض أن الشخص قد حاز لنفسه ، وأنه إذا استمر فى حيازته يبقى حائزاً لنفسه " . وفى لجنة المراجعة عدلت المادة على النحو الآتى : " 1 - كما تصح الحيازة مباشرة تصح بالواسطة ، متى كان الوسيط يباشرها باسم الحائز وكان متصلاً به اتصالاً يلزمه الائتمار بأوامره فيما يتعلق بالشئ أو الحق الواردة عليه الحيازة . 2 - وعند الشك يفترض أن مباشر الحيازة إنما يجوز لنفسه ، فإن كانت استمرار الحيازة سابقة افترض أن هذا الاستمرار هو لحساب البادئ بها " . وأصبح رقهما فى المشروع النهائى 1026 . ووافق عليها مجلس النواب تحت رقم 1023 . وفى لجنة مجلس الشيوخ دارت مناقشة طويلة فى ورود الحيازة على الشئ ، وانقسمت الآراء . فرأى ذهب إلى وجوب بقاء هذه الحيازة لأن الحيازة قد ترد على الشئ دون الحق ، ورأى قال بالحذف لأن الحيازة فى كل صورها تكون على الحق سواء كان حق انتفاع أو حق ملكية ، وإذا كانت التشريعات الأجنبية تستعمل عبارة حيازة على الشئ فلأنها تجارى الرأى العام الذى يصرف الحيازة إلى الشئ . وقد لقى الرأى القائل بالحذف موافقة أغلبية اللجنة . وورد فى تقرير لجنة مجلس الشيوخ : " حذفت من الفقرة الأولى عبارة : كما تضح الحيازة مباشرة تصح بالواسطة . واستعيض عنها بعبارة تصح الحيازة بالواسطة . وحذف عبارة : بالشئ أو بالحق الواردة عليه الحيازة . واستعيض عنها بعبارة : بهذه الحيازة ، لأنها أدق فى الإعراب عن المقصود بالنص ، فالمراد هو أن يأتمر الوسيط بأوامر الحائز بالأصالة فيما يتعلق بهذه الحيازة ، لا فيما يتعلق بالشئ أو الحق الذى ترد عليه الحيازة " . وأصبح النص بعد هذه التعديلات مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه 951 . ووافق مجلس الشيوخ عليه كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 453 - ص 456 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 910 ( مطابق ) .
التقنين المدنى الليبى م 955 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى لا مقابل ( ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .
( [1378] ) بودرى وتيسييه فقرة 227 ص 184 - ويدخل ضمن الأتباع سائق السيارة فهو يحوز السيارة حيازة مادية لحساب متبوعه ويحوز صاحب السيارة سيارته بواسطة السائق ، وكذلك ناظر الزراعية ويحوز صاحب الأرض بواسطته الأرض الزراعية .
( [1379] ) ويترتب على ذلك أن الموكل يعتبر حائزاً للشئ من وقت حيازة الوكيل له ، ويبدأ من هذا الوقت سريان التقادم لصالح الموكل ( بودرى وتيسييه فقرة 227 ص 183 - ص 184 )
( [1380] ) بودرى وتيسييه فقرة 227 ص 182 - ص 183 .
( [1381] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه يجوز للولى على القاصر أن يتمسك بوضع يد القاصر المدة الطويلة لأجل كسب الملكية . وأما تسمك الخصم بقول المادة 76 مدنى ( قديم ) بأن يكون واضع اليد ظاهراً بنفسه وأن القاصر لا يمكنه أن يظهر بالانتفاع بالأطيان لإدارة حركتها لأنه هو نفسه محتاج للعناية بسبب أنه فاقد الأهلية التى تخوله معرفة الصالح لأمواله من الضار بها ، فمردود بأن ولى أمر هذا القاصر أو وصيه هو الذى يقوم بوضع اليد نيابة عنه ( استئناف مصر 27 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 20 رقم 172 ص 457 ) .
( [1382] ) ولا يجوز لهؤلاء أن يكسبوا بالتقادم لمصلحتهم ملكية أموال الشخص المعنوى ( بودرى وتيسييه فقرة 307 ) .
( [1383] ) نقض فرنسى 16 يناير سنة 1895 داللوز 95 - 1 - 241 - 25 يناير سنة 1914 سيريه 1918 - 1 - 169 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 149 .
( [1384] ) انظر ما يلى فقرة 270 - أما المادة 951 مدنى سالفة الذكر فهى مقتبسة من المادة 855 من التقنين المدنى للألمانى ، وهذا نصها : " إذا باشر شخص السيطرة المادية على شئ لحساب غيره ، بسب بالوظيفة التى يؤديها فى نمول المخدوم أو فى صناعة المتبوع ، أو بسبب أى مركز آخر مماثل يلزمه أن يأتمر بالأوامر التى يتلقاها من المتبوع فى شأن هذا الشئ ، فالمتبوع وحده هو الذى يعتبر حائزاً " . وقد تشبع التقنين الألمانى فى هذا النص بالنظرية المادية للحيازة ، فجعل الحائز لحساب غيره فى ا؟لأصل حائزاً حيازة صحيحة ، ثم استثنى من ذلك حيازة الخدم والعمال والأتباع وغيرهم ممن يأتمرون بأمر المخدوم أو المتبوع فجعل حيازتهم مجر إحرازاً detention ، وجعل الحيازة الصحيحة possession عند المخدوم أو المتبوع ( انظر ما يلى فقرة 266 وفقرة 267 وفقرة 270 ) .
( [1385] ) وسنرى فيما يلى ( انظر فقرة 269 ) أن العنصر المعنوى للحيازة ، بخلاف العنصر المادى أى السيطرة المادية ، يكون عند الحائز أصلا ، ولا يباشره عنه غيره بالواسطة . وذلك ما لم يكن الشخص عديم التمييز ، كالطفل غير المميز والمجنون ، فيجوز أن يكسب الحيازة فى عنصريها المعنوى والمادى عن طريق من ينوب عنه نيابة قانونية ، أى عن طريق الولى أو الوصى أو القيم ( انظر م 950 مدنى ) .
( [1386] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 146 ص 163 .
( [1387] ) وهذا ما يسمى بتغير صفة الحيازة interversion du titre ( م 972 مدنى : انظر ما يلى فقرة 272 ) .
( [1388] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 455 .
( [1389] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 454 فى الهامش .
( [1390] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان أحد الشركاء فى الشيوع واضعاً يده على جزء معين تسهيلاً لطريق الانتفاع ، فهو يمتلك فى هذا الجزء ما يتناسب مع نصيبه فى المجموع ، ويكون انتفاعه بالباقى مستمداً من حقوق شركائه الآخرين على أساس التبادل فى المنفعة . وليس من حق أحد الشركاء أن ينتزع منه الأرض بحجة أنه معادل له فى الحقوق فى الأرض . بل كل ماله – إن لم يعامل هذه المعاملة بالذات أو إذا أراد العدول عنها – أن يطلب قسمة الأرض أو يرجع على واضع اليد بما يقابل الانتفاع . فإذا كان الحكم قد أثبت أن وضع اليد بشروطه القانونية كان لأحد الشركاء على الشيوع ، فهذا الشريكن فى بيل حماية يده الفعلية على العقار من تعرض المشترى من أحد شركائه ، أن يرفع دعوى وضع اليد ضد المتعرض ، والمشترى وشأنه فى اتخاذ ما يراه كفيلاً بالمحافظة على حقوقه ( نقض مدنى 25 فبراير سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 31 ص 60 ) . وقضت أيضاً بأن الحصة الشائعة فى عقار كالنصيب المفرز فيه ، من حيث إن كليهما يصح أن يكون محلاً لأن يحوزه حائزه على وجه التخصيص والانفراد . ولا فارق بين الاثنين إلا من حيث إن حائز النصيب المفرز تكون يده برئية من المخالطة ، أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط يد غيره من المشتاعين . والمخالطة ليست عيباً فى ذاتها ، وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وإبهام . فإذا اتفق المشتاعون ووقف كل منهم فى ممارسته لحيازته عند حد حصته مراعياً حصة غيرن ، كما إذا اغتصب اثنان فأكثر عقاراً وحازوه شائعاً بينهم جاعلين لكل منهم حصة فيه ، جاز أن يتملكوه بالتقادم سواء اشتركوا فى حيازته المادية أو ناب في هذه الحيازة بعضهم عن بعض . هذا إذا لم يكن المالك العقار يد عليه وخلصت الحيازة لغاصبيه ، اما إذا كان للمالك يد على العقار ، فالفرض ان اجتماع يده مع يد الغير يؤدى الى مخالطة من شأنها ان تجعل يد هذا الغير غامضة ، فضلا عن إمكان حمل سكوت المالك على محمل التسامح . لكن هذا الفرض ينتفى كما تنتقى مظنة التسامح من جانب المالك ، إذا كان الغير الذي زحمه في ملكه قد استطاع ان يحوز حصة شائعة في عقاره استقرت على مناهصة حق المالك ومناقضته على نحو لا يترك محلا لشبهة الغموض أو مظنة التسامح ، وعندئذ تكون الحيازة صالحة لأن تكون أساساً لتملك الحصة الشائعة المحوزة بالتقادم ( نقض مدني 10 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 97 ص 97 ) . وقضت أخيراً بأن الحيازة في عنصرها المادي تقتضي السيطرة الفعلية على الشيء الذي يجوز التعامل فيه ، وهي في عنصرها المعنوي تستلزم نية اكتساب حق على هذا الشيء . ولما كانت الملكية الشائعة لا تنصب إلا على حصة شائعة في أجزاء المال المشترك إلى أن تتميز بالفعل عند حصول القسمة ، فإن هذه الحصة يصح ، على ما جرى به قضاء محكمة النقض ، أن تكون محلا لأن يحوزها شخص على وجه التخصيص والإنفراد بنية امتلاكها ( نقض مدني 7 فبراير سنة 1967 مجموعة أحكام النقض 18 رقم 47 ص 306 ) .
وأنظر أيضاً نقض مدني 11 مارس سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 41 ص 106 – استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1890 م 2 ص 235 – 20 مايو سنة 1891 م 3 ص 341 – 20 ديسمبر سنة 1892 م 5 ص 60 – 13 ابريل سنة 1893 م 5 ص 220 – 3 ابريل سنة 1895 م 7 ص 204 .
([1391]) وقد قضت محكمة النقض بأنه ليس في القانون ما يحرم على الوارث أن يتملك بالتقادم نصيب من ورثوا معه ، فو في ذلك كأي شخص أجنبي عن التركة يتملك متى استوفى وضع يده الشرائط الواردة في القانون ، وهي الظهور والهدوء والاستمرار ونية التملك . والبحث في تحقق هذه الشرائط متروك لقاضي الدعوى لتعلقه بالموضوع ، ولا ش|أن لمحكمة النقض معه إذا هو قد أقام قضاءه في ذلك على ما يكفي لتبريره ( نقض مدني 24 أكتوبر سنة 1940 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 450 رقم 36 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأن الشريك لا يمكنه أن يكسب بوضع اليد ملكية العين من غير أن يكون واضحاً من تصرفاته ما إذا كانت صادرة منه بصفته شريكاً أو مالكاً مستقلا ، فإذا تبين أن الشريك تجاوز حدود حقه واستغل العين باعتباره مالكاً لها بمفرده ، كانفراد بالتصرف وجحوده حق شريكه بأي عمل من شأنه أن يقطع بنيته في التملك على صورة واضحة غير مبهمة non equivoque ، فإنه يتملك العين لا محالة لانقطاع كل شك في طبيعة وضع يده ( استئناف مصر 13 ابريل سنة 1929 المحاماة 9 رقم 534 ص 988 ) – وانظر أيضاً نقض مدني 20 نوفمبر سنة 1952 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 450 رقم 37 – استئناف مصر 30 ديسمبر سنة 1934 المحاماة 15 رقم 287 ص 604 – 19 نوفمبر سنة 1939 المحاماة 20 رقم 300 ص 775 .
( [1392] ) بودرى وتيسييه فقرة 206 .
( [1393] ) بودرى وتيسييه فقرة 206 ص 169 .
( [1394] ) نقض فرنسى 13 ديسبمر سنة 1948 داللوز 1949 - 72 - 11 يناير سنة 1950 داللوز 1950 - 125 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 152 .
( [1395] ) نقض فرنسى 30 نوفمبر سنة 1892 داللوز 93 - 1 - 247 - 9 يناير سنة 1901 داللوز 1901 - 1 - 449 - بودرى وتيسييه فقرة 228 - واستبقاء السيطرة المادية على هذا النحو ، أى بالاحتفاظ بعنصر القصد ومجرد التمكن من العودة إلى السيطرة المادية ، مسألة واقع يقدرها قاضى الموضوع ( بودرى وتيسييه فقرة 231 ) .
( [1396] ) بودرى وتيسييه فقرة 230 .
( [1397] ) بودرى وتيسييه فقرة 229 .
( [1398] ) جيرار ص 259 ص 261 - كيك فى المجلة التاريخية الجديدة للقانون الفرنسى والقوانين الأجنبية سنة 1894 ص 5 .
( [1399] ) دوماً فى القوانين المدنية الكتاب الثالث الباب السابع .
( [1400] ) بوتييه فى الحيازة .
( [1401] ) انظر Lorre 16 ص 558 وص 561 .
( [1402] ) وليس من الضرورى أن يتوافر عنصر القصد بالنسبة إلى شئ بالذات ، بل يكفى أن يتوافر قصد عام إلى حيازة الأشياء التى اتخذت تدابير خاصة لحيازتها . فيعتبر الشخص حائزاً للمراسلات التى أودعت فى صندوق بريده ، حتى قبل أن يعلم أن هذه المراسلات قد أودعت فى صندوق البريد ( بلانيول وريبير وبيكا 3 فقرة 146 ص 163 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2765 ص 914 ) .
( [1403] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 146 ص 161 - ص 162 .
( [1404] ) انظر إهرنج فى دور الإرادة فى الحيازة ( ترجمة Meulenaere ) - وفى الحيازة نظرية مبسطة فى متنازل جميع الناس ( أعمال مختارة ترجمة Meulenaere جزء 2 ص 215 وما بعدها ( انظر أيضاً Cornil فى الحيازة ص 30 وما بعداه وص 70 وما بعدها .
( [1405] ) وقد يختار تشريع معين أن يحمى حيازة الشخص لسحاب نفسه دون أن يحمى حيازة الشخص لحساب غيره ، ولكن ذلك لا يمنع فى نظر إهرنج من أن الحيازة تتحقق فى كل من الغرضين ، وتكون حيازة الشخص لحساب غيره حيازة صحيحة ولكنها حيازة لا يحميها القانون ( بودرى وتيسييه فقرة 199 مكررة أولاً ) .
( [1406] ) انظر آنفاً فقرة 265 .
( [1407] ) وقد تأثرت التقنينات الجرمانية بالنظرية المادية للحيازة تأثراً بعيداً ، بل هى قد أخذت بها فى نصوص صريحة . ففى التقنين المدنى الألمانى تعرف الحيازة بأنها السيطرة الفعلية Pouvoir de fait على الشئ ( م 834 مدنى ألمانى ) ، فكل من له هذه السيطرة الفعلية يكون حائزاً ، حتى لو كان حائزاً لحساب غيره كصاحب حق الانتفاع والدائن المرتهن رهن حيازة والمستأجر والمودع عنده . ثم تنص المادة 868 من هذا التقنين على أنه " إذا حاز شخص شيئاً بصفته صاحب حق انتفاع أو دائناً مرتهناً رهن حيازة أو مزارعاً لها أو مستأجراً أو مودعاً عنده ، أو حاز بأية صفة مماثلة أخرى تجعل له الحق أو تلزمه نحو الغير بأن يحوزه حيازة موقتة ، فإن هذا الغير يعتبر هو أيضاً حائزاً للشئ " . ويميز التقنين المدنى الألمانى ، كما تميز النظرية المادية ، الحيازة ( posesion ) عن مجرد الإحراز ( detention ) . فقد يحوز الشخص شيئاً ويكون فى إحرازه إياه مجرد أداة فى يد الغير ، فيكون ذلك عاملاً سلبياً يستبعد الحيازة الصحيحة فتكون مجرد إحراز . وتنص المادة 855 من هذا التقنين فى هذا المعنى ، كما رأينا ( انظر آنفاً فقرة 261 فى الهامش ) على أنه " إذا باشر شخص السيطرة المادية على شئ لحساب غيره ، بسبب الوظيفة التى يؤديها فى منزل المخدوم أو صناعة المتبوع ، أو بسبب أى مركز آخر مماثل يلزمه أن يأتمر بالأوامر التى يتلقاها من المتبوع فى شأن هذا الشئ ، فالمتبوع وحده هو الذى يعتبر حائزاً " . وأخذ التقنين المدنى السويسرى هو أيضاً بالنظرية المادية . فنص فى المادة 919 منه على أن " من له السيطرة الفعلية على الشئ تكون له حيازته " . ونص فى المادة 920 منه على أنه " إذا سلم الحائز الشئ للغير ، ليوليه عليه حق ارتفاق أو حق رهن حياة أو حقاً شخصياً ، فكل من الاثنين يكون حائزاً للشئ " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى للتقنين السويسرى : " إن الذى يعنى المشروع هو الحيازة فى ذاتها مجردة عن أية صفة أخرى غير تلك التى تستمد من الواقعة المادية التى أوجدت الحيازة . وما زاد على ذلك لا يعنى المشروع ونية الحائز مسألة تخرج عن نطاق القانون " ( Huber : التقنين المدنى السويسرى - المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ص 694 وص 195 ) ويختلف التقنين المدنى السويسرى عن التقنين المدنى الألمانى فى أمرين هامين : ( الأمر الأول ) أن التقنين السويسرى يقرر فى نصوص صريحة جواز حيازة الحقوق الشخصية ، فترد الحيازة على الحق الشخصى ورودها على الحق العينى . ( والأمر الثانى ) أن التقنين السويسرى لا يفرق ، كما فرق التقنين الألمانى ، بين حيازة الشخص لحساب نفسه كحيازة المستأجر وحيازة التابع لحساب متبوعه كحيازة الخدم والأتباع . ولا يعتبر ، كما اعتبر التقنين الألمانى ، الحيازة الأولى حيازة صحيحة ( posession ) والحيازة الأخرى مجرد إحراز ( detention ) . بل كل من الحيازتين فى نظر التقنين السويسرى حيازة صحيحة ، وما دامت هناك سيطرة مادية على الشئ فهذه السيطرة تكون حيازة جديرة بأن تحميها دعاوى الحيازة ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 147 ص 164 - ص 165 ),
انظر فى الدفاع عن النظرية الشخصية فى وجه النظرية المادية وفى وجوب استبقاء عنصر القصد فى الحيازة : بودرى وتيسييه فقرة 199 مكررة سادساً - وانظر فى أن النظرية المادية ، وإن كانت تفضل فى مجموعها النظرية الشخصية ، تنطوى على كثير من الصعوبات فى التطبيق ، وفى أنه يجب على كل حال توسيع النظرية الشخصية حتى تتسنى حماية الحائز لحساب غيره بدعاوى الحيازة : بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 147 ص 165 - ص 166 .
( [1408] ) والذى يذهب إليه جمهور الفقهاء فى مصر هو أن التقنين المدنى الجديد قد أخذ ، كالتقنين المدنى السابق ، بالنظرية الشخصية ( انظر محمد على عرفة 2 فقرة 74 ص 125 - عبد المنعم البدراوى فقرة 487 ص 499 - ص 502 - إسماعيل غانم ص 101 - ص 102 - منصور مصطفى منصور فقرة 162 ص 377 - ص 379 - حسن كيرة ص 85 - رمزى سيف الوجيز فى المرافعات طبعة 1957 فقرة 139 وفقرة 156 - أحمد أبو الوفا فى المرافعات طبعة 1955 فقرة 114 - أحمد مسلم فى أصول المرافعات طبعة 1959 فقرة 306 - فقرة 307 ) . وهناك من يذهب إلى أن التقنين المدنى الجديد قد أخذ بالنظرية المادية للحيازة ، فيحتمى الحائز لحساب غيره بدعاوى الحيازة كما يحتمى بها الحائز لحساب نفسه ( عبد المنعم الشرقاوى فى المرافعات المدنية والتجارية الطبعة الثانية سنة 1956 فقرة 59 ) . وهناك أخيراً من يذهب إلى أن التقنين المدنى الجديد لم ينحز إلى جانب أى من النظريتين ، بل اتخذ موقفاً وسطاً بينهما ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 342 ) .
( [1409] ) وقد كان توسع المشروع التمهيدى فى الحيازة على هذا النحو ، واستمداده هذا التوسع من النظرية المادية ، هو القدر المقبول الذى يحقق التوازن ما بين النظريتين الشخصية والمادية ، ويأخذ من كل منهما بالقسط الصالح ، وهو ما يميل الفقه الفرنسى إلى الأخذ به ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 147 - ص 165 - وانظر آنفاً فقرة 266 فى آخرها فى الهامش ) .
( [1410] ) انظر مشروع تنقيح القانون المدنى – مذكرة إيضاحية الجزء الرابع ص 217 .
( [1411] ) انظر آنفاً ص 807 هامش 2 .
( [1412] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 450 .
( [1413] ) ومما يقطع فى أن المشروع التمهيدى قد أراد أن يمد الحيازة إلى الحقوق الشخصية أن مشروع المادة 964 مدنى كان يشتمل على فقرة ثانية تجرى على الوجه الآتى : " وإذا ادعى الحائز أن حيازته تقوم على حق غير الملكية ، شخصياً كان أو عينياً ، اعتبرت الحيازة قرينة على وجود هذا الحق . ولكن لا يجوز للحائز أن يحتج بهذه القرينة على من تلقى منه الحيازة " . وقد حذفت هذه الفقرة فى لجنة مجلس الشيوخ " اكتفاء بالقواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 483 - 484 ) . ولا شك فى أن هذا النص ، لو استبقى ، لكان يصبح دليلاً قاطعاً على أن الحيازة ، كما تتناول الحقوق العينية ، تتناول أيضاً الحقوق الشخصية . وهو على كل حال لم يحذف إلا اكتفاء بالقواعد العامة ، فلم ترد لجنة مجلس الشيوخ بحذفه أن ترفض ما ورد فيه من الأحكام .
( [1414] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 451 .
( [1415] ) ويقطع فى استبقاء المشروع التمهيدى لعنصر القصد فى الحيازة أن المشروع التمهيدى للمادة 963 مدنى جرى على الوجه الآتى : " إذا تنازع أشخاص متعددون على حيازة شئ واحد ، اعتبر حائزاً بصفة مؤقته من كانت له الحيازة المادية ، إلا إذا كان واضحاً أنه قد حصل على هذه الحيازة من غيره بطريقة معيبة " . وهذا النص يقرر فى وضوح أن الحيازة المادية المجردة من عنصر القصد ليست إلا قرينة على الحيازة القانونية المقترنة بعنصر القصد ، فتكون الحيازة إذن مشتملة على عنصرين ، عنصر الحيازة المادية وعنصر القصد . وقد استبقى هذا النص بعد تعديلات لفظية غير ذات بال ، فى التقنين المدنى الجديد كما سنرى ( انظر ما يلى ص 815 هامش 2 ) ، واستبقاؤه دليل على أن الحيازة المادية فى هذا التقنين إلا مجرد قرينة على الحيازة القانونية أى الحيازة المقترنة بعنصر القصد .
( [1416] ) انظر آنفاً فقرة 266 .
( [1417] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 455 .
( [1418] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 515 .
( [1419] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 448 - ص 449 فى الهامش - وانظر آنفاً فقرة 251
( [1420] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 453 - ص 456 .
( [1421] ) انظر محمد على عرفة 2 فقرة 74 - ويبدو أنه يعتقد أن النظرية المادية لا تقول بحيازة الحق وإنما تقول بحيازة الشئ ، والذى يقول بحيازة الحق هو النظرية الشخصية . فهو يقرر ، للتدليل على صحة نظره من أن التقنين المدنى الجديد لم يأخذ بالنظرية المادية لأنه جعل الحيازة فى جميع صورها لا ترد إلا على الحقوق ، ما يأتى : " وأبلغ من ذلك فى الدلالة على صحة نظرنا ، إذا احتاج النهار إلى دليل ، أن لمادة 952 التى تتكلم عن انتقال الحيازة ، أضيفت إليها فى لجنة المراجعة عبارة مؤداها أن الحيازة تنتقل بمجرد تغيير نية الحائز ، وهى : ولو لم يكن هناك تسلم مادى . كما صرحت لجنة المشروع المدنى لمجلس الشيوخ على أن تحذف من مشروع هذا النص كلمة الشئ التى وردت فيه قبل كلمة الحق ، حرصاً منها على اتساق خطتها السابقة التى تجعل الحيازة فى كل صورها لا ترد إلا على الحقوق " ( محمد على عرفة 2 فقرة 74 ص 124 ) . والصحيح أن لجنة مجلس الشيوخ ، كما بينا فى المتن ، اعتبرت أن حيازة الشئ ليست إلا حيازة حق الملكية فى هذا الشئ ، فالحيازة إذن لا تقع على الشئ وإنما تقع على الحق . فحذفت كلمة الشئ مكتفية بكلمة الحق لهذا السبب ، لا لأنها أرادت أن تتحاشى الأخذ بالنظرية المادية . ولا شك فى أن كلا من النظريتين الشخصية والمادية تقول بحيازة الشئ وبحيازة الحق ، لا فرق بينهما فى ذلك . والتقنينان المدنيان الألمانى والسويسرى ، وهما التقنينان اللذان أخذا بالنظرية المادية فى نصوص صريحة ، كما يقولان بحيازة الشئ يقولان أيضاً بحيازة الحق . ففى التقنين المدنى الألمانى تجوز حيازة حق الارتفاق ( م 1029 ) ، كما لا تجوز حيازة حق الانتفاع وحق رهن الحيازة وحق المستأجر وحق المودع لديه ( م 868 ) . وفى التقنين المدنى السويسرى تجوز حيازة حق الارتفاق وحتى رهن الحيازة ، كما تجوز حيازة الحقوق الشخصية ( م 920 ) . والذى يميز بين النظرية الشخصية والنظرية المادية هو تفسير عنصر القصد أو النية . فتبرزه النظرية الولى وتشترط أن تكون نية الحائز هى أن يجوز لحساب نفسه ، فالحائز لحساب غيره هو حائز عرضى ، ولا تعتبر حيازته حيازة صحيحة بل هى مجرد إحراز مادى لا تحميه دعاوى الحيازة . أما النظرية المادية فتدمج عنصر النية فى عنصر الحيازة المادية على الوجه الذى سبق بيانه ، وتجعل حيازة الحائز لحساب غيره حيازة صحيحة تحميها دعاوى الحيازة ، ما لم يكن الحائز خادماً أو تابعاً فتجعل الحيازة الصحيحة فى هذه الحالة عند المخدوم أو المتبوع . وكذلك التقنين المدنى الفرنسى ، وهو التقنين الذى أخذ بالنظرية الشخصية ، يقول بحيازة الشئ وبحيازة الحق ، وقد نص على ذلك صراحة فى المادة 2228 منه كما هو معروف .
( [1422] ) انظر فى ذلك الوسيط 6 فقرة 271 ص 354 - ص 356 وفقرة 282 ص 372 .
( [1423] ) ويدل على ذلك أن المادة 963 مدنى قابلت ما بين الحيازة المشتملة على عنصر نية استعمال الحق ومجرد الحيازة المادية ، حين نصت على أنه " إذا تنازع أشخاص متعددون على حيازة حق واحد ، اعتبر بصفة مؤقتة أن حائزه هو من له الحيازة المادية ، إلا إذا ظهر أنه قد حصل على هذه الحيازة بطريقة معينة " . انظر فى هذا المعنى أحمد أبو الوفا فى المرافعات المدنية والتجارية ص 123 - عبد المنعم البدراوى فقرة 487 ص 501 .
( [1424] ) وإذا كانت محكمة النقض قد قضت بأنه يجب توافر نية التملك لمن يبتغى حماية يده بدعاوى الحيازة فلا تكفى حيازة عرضية ، أما ما أباحه القانون المدنى فى المادة 575 للمستأجر وهو حائز عرض من رفع دعاوى الحيازة فإنما جاء استثناء من الأصل لا تطبيقاً لمبدأ عام ، وذلك لمركز المستأجر من اعتبار خاص دون سائر الحائزين العرضيين كالحارس والمرتهن حيازياً والمودع لديه ( نقض مدنى 12 أبريل سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 70 ص 517 - وانظر أيضاً نقض مدنى 23 يناير سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 9 ص 106 ) ، فإن حكمها هذا يستوقف النظر . ذلك بأن المستأجر لا تحميه دعاوى الحيازة فى حق الملكية ، لأنه حائز عرضى بالنسبة إلى هذا الحق . وإنما تحميه هذه الدعاوى فى حقه كمستأجر ، لأنه فيه حائز أصيل . فهو إذن لم يجئ استثناء من الأصل كما تقول محكمة النقض ، بل جاء تطبيقاً للمبدأ العام الذى يقضى بحماية الحائز الأصيل دون الحائز العرضى . وكذلك يجب أن يعامل المرتهن حيازة ، فهو حائز عرضى بالنسبة إلى حق الملكية فلا تحمى حيازته لهذا الحق وهو حائز أصيل بالنسبة إلى حق الرهن فيحمى باعتباره حائزاً لهذا الحق .
ومهما يكن من أمر هذا الجدل ، فإن العبرة بالحلول العملية التى أوردها المشرع ، فهى التى يجب الوقوف عندها ، دون إغراق فى الاهتمام بالعبارات والتقسيمات ( انظر فى هذا المعنى بودرى وتيسييه فقرة 199 مكررة سادساً ص 163 ) .
( [1425] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1399 / 1 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " لا تقوم الحيازة على عمل يأتيه الشخص على أنه رخصة ، أو عمل يتحمله الشخص على سبيل التسامح " . وفى لجنة المراجعة عدل النص تعديلاً جعله مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد تحت رقم 1024 / 1 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 121 - 1 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 949 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 448 - ص 451 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولاً به .
ويقابل النص فى التقنينات المدينة العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 907 / 1 ( مطابق ) .
التقنين المدنى الليبى م 953 / 1 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1145 / 2 : ولا تقوم الحيازة على عمل يأتيه الشخص على أنه مجرد إباحة ، أو عمل يتحمله الغير على سبيل التسامح منه . وكذلك لا تقوم على أعمال منقطعة . ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [1426] ) انظر الوسيط 8 فقرة 481 ص 790 - وانظر استئناف مصر 17 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 130 ص 127 - 24 نوفمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 327 ص 322 - طنطا الكلية 28 يونيه سنة 1930 المحاماة 11 رقم 103 ص 169 - نقض فرنسى 3 مارس سنة 1931 جازيت دى باليه 1931 - 1 - 659 - بودرى وتيسييه فقرة 277 ص 215 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 962 ص 942 .
( [1427] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المطل لا يعتبر ارتفاقاً للعقار المطل على العقار المطل عليه متى كان مفتوحاً على المسافة القانونية ، أما فتح المطل على أقل من المسافة القانونية فهو أصلا من التصرفات التى يملكها كل مالك فى ملكه ، له نفعه وعليه خطرة . ولابد ، لاعتباره مبدأ لوضع يد على حق ارتفاق بالمطل يكسب بالتقادم ، من انتفاء مظنة العفو والفضل من جانب صاحب العقار المجاور ، وانتفاء شبهة الاقتصار فى الانتفاع بالمطل على القدر الذى تركه فاتحه من ملكة بينة وبين جاره . وهذه الشبهة وتلك المظنة تتأكدان بإقامة سور فاصل بين الملكين ، ومن شأنه الحد من مجال النظر من المطل . فإذا فتح المالك فى ملكه نوافذ على أقل من المسافة القانونية مع وجود سور للجار يقابلها ، فإنه ، مهما يكن فى هذا السور من فجوات تسمح بمد النظر على ملك الجار ، إنما يكون مخاطراً فى فتحه هذه النوافذ ، من جهة قصور عمله هذا فى الدلالة على معنى التعدى ( empietement ) الذى هو شرط لازم لنشوء حالة وضع اليد بالمعنى القانونى على حق ارتفاق بالمطل يراد كسبه بمضى المدة على ملك الغير ، ومن جهة أخرى لوضوح الدلالة المستفادة من قيام السور على عدم تهاون صاحبه فى أن تطل على ملكه تلك النوافذ وعلى احتفاظه بحقه فى البناء على نهاية ملكه فى كل وقت . ولا يرد على ذلك بأن صاحب السور بتراخيه فى ترميمه وسد فجواته قد أسقط حقه فى هذا الترميم ، وأنه مكن الجار بامتناعه عن إجرائه من كسب حق عليه ، إذ حق المالك فى ترميم ملكه لا يسقط بعدم الاستعمال ، ولا يتقيد صاحبه فيه بغير اتفاق صريح ( نقض مدنى 18 مارس سنة 197 مجموعة عمر 2 رقم 44 ص 131 ) - وانظر أيضاً نقض مدنى 14 يونيه سنة 1951 مجلة التشريع والقضاء 5 رقم 65 ص 137 - إسكندرية الكلية 26 نوفمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 296 ص 592 - طنطا الكلية 28 يونيه سنة 1930 المحاماة 11 رقم 103 ص 169 - مصر الكلية 30 يونيه سنة 1930 المحاماة 13 رقم 337 ص 1254 .
( [1428] ) انظر الوسيط 8 فقرة 478 ص 783 - وانظر نقض مدنى 18 مارس سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 44 ص 131 - 2 فبراير سنة 1938 المحاماة 18 رقم 389 ص 841 - ولا يوجد فى مصر حق مسيل بالنسبة إلى المياه التى تنحدر بفعل الطبيعة من الأراضى المرتفعة ، كمياه الأمطار . فإذا تحمل صاحب الأرض المنخفضة مسيل هذه المياه على سبيل التسامح ، لم يكسب صاحب الأرض المرتفعة حق ارتفاق بالمسيل ولو بقيت المياه تسيل فى الأرض المنخفضة خمس عشرة سنة أو أكثر . وإذا انتفع صاحب الأرض المنخفضة بالمياه التى تسيل فى أرضه ، فإن هذا عمل يعد رخصة من المباحات يأتيها دون أن يكسب بها حقاً . فلو بقى ينتفع بهذه المياه خمس عشرة سنة أو أكثر ، وأراد صاحب الأرض المرتفعة بعد انقضاء هذه المدة أن يمنع عنه هذه المياه ، بأن بقيم مثلاً سداً يحول دون سبلها فى الأرض المنخفضة ، فليس لصاحب الأرض المنخفضة أن يتمسك بأنه كسب حق ارتفاق لأنه ظل ينتفع بالمياه خمس عشرة سنة ، فهو فى انتفاعه بهذه المياه إنما أتى كما قدمنا برخصة من المباحات لا يكسب بها حقاً ( بودرى وتيسييه فقرة 277 ) .
( [1429] ) انظر الوسيط 8 فقرة 458 ص 743 .
( [1430] ) انظر الوسيط 8 فقرة 608 ص 1001 .
( [1431] ) وذلك كحق الشريك فى طلب قسمة المال الشائع فهذه رخصة ، وحق الجار فى طلب حق المرور أو ق الشرب أو حق المجرى أو حق المسيل عندما تتوافر الشروط التى يتطلبها القانون فهذه كلها رخص للشخص أن يستعملها أو ألا يستعملها ، وهى لا تسقط بالتقادم إذا لم تستعمل .
( [1432] ) بودرى وتيسييه فقرة 161 - فقرة 174 وفقرة 279 - فقرة 281 .
( [1433] ) إسماعيل غانم ص 105 .
( [1434] ) وقد قضت محكمة الاستئناف مصر بأنه إذا كانت الأرض موضوع النزاع من أراضى المبانى ، وكان مدعى وضع اليد عليها لم ينتفع بها أكثر من أنه شغلها بسيارات وحدائد وغير ذلك من أدوات ورشته الملاصقة لها ، فالانتفاع على هذه الصورة غير حائز للصفات الكافية للإعلان بنية تملكها ، إذ أنه من قبيل الأفعال التى تحمل على التسامح المتعارف بين الملاك المتجاورين فلا تكسب أحدهم حقاً قبل الآخر مهما طال الزمن عليها ( استئناف مصر 20 أبريل سنة 1931 المحاماة 12 رقم 44 ص 69 ) . وانظر بودرى وتيسييه فقرة 282 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 961 ص 940 .
( [1435] ) نقض مدنى 22 ديسمبر سنة 1955 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 167 - الوسيط 8 فقرة 471 ص 771 - ص 772 . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ويجب أن تكون الحيازة سيطرة متعدية ، لا مجرد رخصة ولا عملاً يقبل على سبيل التسامح . فمن كان يمر بأرض جاره ، وقد رخص له الجار فى ذلك لا على أن له حق ارتفاق ، لا يعتبر حائزاً لحق المرور ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 450 ) .
( [1436] ) انظر الوسيط فقرة 603 ص 996 .
( [1437] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ومن فتح مطلاً على أرض فضاء لجاره ، فترك الجار المطل على سبيل التسامح إذ هو لا يضايقه ما دامت أرضه فضاء ، لا يعتبر حائزاً لحق المطل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 450 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان يبين من الأوراق أن الطاعن تمسك فى كافة مراحل التقاضى بأن المطلات المشار إليها فى طعنه لا يمكن أن تكسب حق ارتفاق المطل لأنها مفتوحة على أرض فضاء ومتروكة عن طريق التسامح وأن التسامح لا يكسب حقاًن وكان هذا الدفاع من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ، وكان الحكم خلواً من التحدث عنه ، فإنه يكون قد شابه قصور يبطله فى هذا الخصوص ( نقض مدنى 30 أكتوبر سنة 1952 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 15 عاماً جزء أول ص 450 رقم 35 ) .
( [1438] ) أو أن تقيم البلدية فى أرضه ، عند حصد المحصول ، سوقاً ، فلا تكسب البلدية حق انتفاع ، لأن صاحب الأرض إنما ترك البلدية تقيم السوق على سبيل التسامح ( نقض فرنسى 4 يوليه سنة 1895 داللوز 96 - 1 - 31 - بودرى وتيسيه فقرة 82 ص 220 - بلانيول وريبيرو وبيكار 3 – فقرة 91 ص 940 ) .
( [1439] ) ولا رقابة على محكمة الموضوع فى تقريرها ، متى كان هذا التقرير مبنياً على أسباب سائغة . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا استنتجت المحكمة من علاقة الابن بأبيه أن انتفاع الأب يملك ابنه كان من قبيل التسامح ، وأن يده بناء على ذلك يد عارضة لا تكسب الملكية بمضى المدة ، فلا رقابة عليها لمحكمة النقض ، لكون ذلك من التقديرات الموضوعية التى لا شأن لمحكمة النقض بها مادامت مبنية على ما يسوغها ( نقض مدنى 11 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 175 ص 531 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا استنتجت المحكمة من الوقائع أن انتفاع واضع اليد إنما كان مبناه التسامح الذى يحدث بين الجيران ، فذلك لا يخرج عن حدود سلطتها ، ولا رقابة علها فيه لمحكمة النقض( نقض مدنى 10 ديسمبر سنة 1931 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 446 رقم 3 ) . ويلاحظ أن لجوار فى ذاته سبب سائغ لتسامح الجار مع جاره ولو لم نقل بأن أعمال التسامح لا تجعل للجار حقاً ، لتشدد كل جار مع جاره ، ولمنعه من إتيان أعمال فى ملكه لا ضرر عليه منها ، خشية أن يكسب الجار حقاً على ملك جاره ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 961 ص 941 ) .
والرأى الراجح أن التسامح لا يعتد به إلا بالنسبة إلى الشخص الذى صدر منه التسامح ، فإذا باشر شخص حق ارتفاق على أرض جاره عن طريق تسامح الجار ، فحق الارتفاق لا ينفذ فى حق هذا الجار ، ولكنه ينفذ فى حق الغير ( أوبرى ورو 2 فقرة 180 ص 131 وهامش 16 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 961 ص 941 - نقض فرنسى 6 مارس سنة 1855 سيريه 55 - 1 - 507 - 25 يوليه سنة 1887 سيريه 90 - 1 - 399 - وانظر عكس ذلك حبوار فقرة 492 - لوران 32 فقرة 297 - بودرى وتيسييه فقرة 284 ) .
( [1440] ) نقض فرنسى 12 فبراير سنة 1889 داللوز 89 - 1 - 229 - 18 مايو سنة 1892 داللوز 92 - 1 - 297 - بودرى وتيسييه فقرة 285 ص 321 .
( [1441] ) أنظر يما يلي فقرة 272 – وانظر بودري وتيسييه فقرة 286 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 961 ص 941 .
( [1442] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1400 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة ، بعد تعديل لفظي ، تحت رقم 1025 في المشروع النهائي وأعاده مجلس النواب إلى ما كان عليه في المشروع التمهيدي تحت رقم 1022 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 950 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 452 – ص 453 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 908 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 954 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [1443] ) أنظر آنفاً فقرة 261 .
( [1444] ) أما إذا كان الحائز مميزا ، كالصبي المميز والمحجور عليه لسفه ، فإنه يجوز أن يتوافر عنده شخصياً عنصر القصد ، إذ لا يشترط في توافر عنصر القصد كمال الأهلية ، بل يكفي التمييز ( استئناف مصر 27 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 20 رقم 172 ص 457 ) . لأن الحيازة واقعة مادية وليست تصرفا قانونيا حتى تشترط الأهلية ( محمد كامل مرسي 4 فقرة 11 – محمد علي عرفة 2 فقرة 80 ص 140 ) . وعنصر القصد ، أي نية التملك ، من مسائل الواقع ، ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في التعرف على نية واضع اليد من جميع عناصر الدعوى ، وقضاؤها في ذلك لا يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض ، ما دامت هذه العناصر مدونة في حكمها وتفيد تلك النتيجة التي استفادتها ( نقض مدني 5 ديسمبر سنة 1935 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 446 رقم 9 ) .
( [1445] ) أنظر آنفاً ص 806 – وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 149 – كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1162 ص 946 – مازو فقرة 1431 مارتي ورينو فقرة 18 ص 26 – حسني كيرة ص 94 .
( [1446] ) فالحيازة العرضية إذن هي مركز يتفق مع القانون ، بخلاف الحيازة غير العرضية فإنها مركز قد يتفق مع القانون كما في حيازة الملك لما يملكه ، وقد يخالفه كما في حيازة النص للشيء الذي يسرقه وحيازة المغتصب للشيء الذي يغتصبه . والحائز العرضي إنما يحوز الشيء حيازة مادية بناء على سند قانونين صحيح ، إما لأنه تعاقد مع الحائز ، أو لأن القانون يفرض عليه مهمة معينة تستوجب انتقال الحيازة المادية إليه . ولكن هذا السند القانوني الصحيح هو نفسه الذي يجعل الحيازة حيازة عرضية ، لأنه يتضمن اعتراف الحائز العرضي بأنه يحوز الشيء لحساب غيره وبأنه ملتزم برده لهذا الغير ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 160 ) .
( [1447] ) أنظر آنفاً فقرة 261 .
( [1448] ) أنظر آنفاً فقرة 261 .
( [1449] ) أنظر نقض مدني 6 يونيه سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 111 ص 792 .
( [1450] ) أما البائع الذي لم يسلم المبيع إلى المشتري واستبقاه في حيازته ، وعارض حق المشتري معارضة يستخلص منها أنه قصد استبقاء الحيازة لحساب نفسه ، فإنه لا يعتبر حائزاً عرضياً بل حائزاً أصيلاً ، ويجوز أن يتملك المبيع بالتقادم الطويل . ولا يمنعه من ذلك ضمانه للتعرض إذا سقطت دعوى الضمان بالتقادم . أنظر في هذه المسألة الوسيط 4 فقرة 331 . وقد قضت محكمة النقض بان التزام البائع بضمان عدم التعرض التزام ابدي يتولد من عقد البعي ولو لم يشهر ، فيمتنع على البائع التعرض للمشتري لأن من وجب عليه الضمان يحرم عليه التعرض . وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته ، فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع ، إلا إذا توافرت لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العين المبيعة المدة الطويلة المكسبة للملكية ( نقض مدني 13 يناير سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 17 ص 123 ) . وانظر أيضاً نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 ص 69 – 10 يناير سنة 1952 المحاماة 32 رقم 285 ص 1121 – 26 أكتوبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 95 ص 614 – 21 مارس سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 ص 355 – 28 مارس سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 ص 398 – استئناف مختلط 17 يناير سنة 1933 م 45 ص 132 – 25 نوفمبر سنة 1941 م 54 ص 14 – أول يونيه سنة 1943 م 15 ص 172 – وانظر من هذا الرأي في الفقه : لوران 32 فقرة 314 – هيك 14 فقرة 373 – بودري وتيسييه فقرة 306 – محمد علي عرفة 2 فقرة 143 – حسن كيرة ص 95 – وانظر من الرأي العكسي : كولان وكابيتان ودي لامورانديير 2 فقرة 567 – الهلالي وحامد زكي في البيع فقرة 341 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 353 ص 540 هامش 3 .
( [1451] ) ولكن يشترط أن يكون الحائز العرضي حائزاً فعلا للحق وله السيطرة المادية عليه ، فلا يكفي مثلا صدور عقد إيجار للمستأجر لجعله حائزاً عرضياً إذا كان لم يستول فعلا على العين المؤجرة . وقد قضت محكمة النقض بأن تأجير ناظر الوقف للأطيان المملوكة للوقف هو عمل من الأعمال القانونية ، وهو لا يكفي لتوافر الركن المادي لحيازة الجزء المتنازع عليه من هذه الأطيان ، بل يجب لتوافره وضع اليد الفعلي على هذا الجزء . فإذا كان الثابت من تقرير الخبير على ما جاء بأسباب الحكم انش خصاً آخر غير مستأجر تلك الأطيان هو واضع اليد مادياً على الجزء المتنازع عليه ، وانه لم يكن يدفع عنه ايجاراً لنظار الوقف ولا للمستأجر منه ، فإن القول بان ناظر الوقف كان يضع يده على هذا الجزء لمجرد أنه يدخل فيما كان يؤجره للغير دون التثبت من وضع اليد الفعلي هو استدلال غير سائغ قانوناً ، إذ العبرة بوضع اليد الفعلى لا بمجرد تصرف قانونين قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة ( نقض مدني 14 مارس سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 225 ) .
( [1452] ) وقد قضت محكمة النقض بان حيازة النائب تعتبر حيازة للاصيل ، فلهذا أن يستند إليها عند الحاجة . واذن فمتى ثبتت الحيازة للمستأجر في مواجهة المتعرضين له ، وردت إليه بحكم نهائي ، فإن المؤجر يعتبر مستمراً في وضع يده مدة الحيازة التي لمستأجره ( نقض مدني 25 فبراير سنة 1943 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 587 رقم 10 ) .
( [1453] ) والمالك وحده هو الذي تتحقق في شخصه آثار حيازة حق الملكية ، فيستطيع أن يلجأ في حماية هذه الحيازة إلى جميع دعاوى الحيازة ، ويتم التقادم لمصلحته إذا كان من شأن هذه الحيازة أن تؤدي إلى التقادم ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 162 ) .
( [1454] ) بودري وتيسييه فقرة 304 – فقرة 304 مكررة - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 161 ص 177 هامش 3 - كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1164 ص 949 .
( [1455] ) أنظر في حيازة المستأجر لحقه الشخصي كمستأجر حيازة أصلية وحماية هذه الحيازة بجميع دعاوى وضع اليد : الوسيط في الإيجار 6 فقرة 271 وفقرة 282 .
( [1456] ) أنظر في حيازة الوكيل العرضية وكونها لا تؤدي إلى التملك بالتقادم : نقض مدني 29 نوفمبر سنة 1951 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 449 تم 26 – وتنص المادة 258 / 2 من قانون الملكية العقارية اللبناني على ما يأتي : " ولا يجوز للمزارع ولا للمستغل ولا للوديع ولا للمستفيد ولا لورثتهم أن يدعوا بمرور الزمن " .
( [1457] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 163 .
( [1458] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن الإقرار بالاستحكار مانع من تملك الأرض المحكرة مهما طالت مدة سكوت المحكر عن المطالبة بالحكر السنوي ( نقض مدني 2 يونيه سنة 1932 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 448 رقم 18 – 24 أكتوبر سنة 1935 نفس المجموعة جزء أول ص 447 رقم 17 – 23 ابريل سنة 1936 نفس المجموعة جزء أول ص 448 رقم 19 – أول مارس سنة 1945 نفس المجموعة جزء أول ص 448 رقم 21 ) .
( [1459] ) أنظر ما يلي فقرة 272 .
( [1460] ) وقد قضت محكمة النقض بأن حيازة الدائن المرتهن للعين المرهونة هي حيازة عارضة لا تنتقل بها الملكية مهما طال الزمن ( نقض مدني 16 ديسمبر سنة 1954 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 448 رقم 22 ) . وقضت أيضاً بأنه متى كان عقد البيع يخفي رهناً ، فإن بطلانه ، سواء باعتباره بيعاً أو رهناً ، لا يغير من حقيقة الواقع في شأنه ، وهو أن نية الطرفين فيه قد انصرفت إلى الرهن لا إلى البيع . ومن ثم فإن وضع يد المرتهن لا يكون بنية التملك ، بل يعتبر عارضاً ، فلا يكسبه الملك مهما طال عليه الزمن ( نقض مدني 17 ابريل سنة 1952 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 448 رقم 23 – 25 نوفمبر سنة 1954 نفس المجموعة جزء أول ص 448 رقم 24 ) . وانظر أيضاً في نفس المعنى نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1952 نفس المجموعة جزء أول ص 448 رقم 25 – 26 ابريل سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 7 ص 545 – 24 يونيه سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 ص 620 وانظر بودري وتيسييه فقرة 325 .
( [1461] ) وقد قضى بأنه إذا كان الطاعن قد دفع الدعوى بادعائه ملكية المنزل المطلوب تقديم الحساب عنه بمقولة إنه وضع يده عليه هو ومورثه من قبله المدة الطويلة المكسبة للملكية ، فرفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع استناداً إلى أن حيازة الطاعن للمنزل هو ومورثه كانت حيازة عارضة ( كان المورث دائناً مرتهناً ) لا تنتقل باه الملكية مهما طال الزمن ، فإن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه هو تقدير سليم لا مخالفة فيه للقانون ( نقض مدني 16 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 39 ص 315 ) . وانظر أيضاً في نفس المعنى نقض مدني 28 فبراير سنة 1935 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 447 رقم 11 – 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 2 رقم 295 ص 912 – 26 ابريل سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 75 ص 545 – 24 يونيه سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 79 ص 620 – 10 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 7 ص 84 – وانظر بودري وتيسييه فقرة 314 وفقرة 322 وفقرة 324 ص 253 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 353 .
( [1462] ) وقد قضت محكمة النقض بأن القاعدة التي تقررها المادة 79 مدني ( قديم ) صريحة في أنه لا سبيل لمن وضع يده بسبب وقتي معلوم غير أسباب التمليك المعروفة إلى أن يكسب لا هو ولا ورثته الملك بوضع اليد ، مهما تسلسل التوريث وطال الزمن . وحكم المادة 79 مدني ( قديم ) يسري على الواقف المستحق للوقف وعلى الناظر عليه وعلى ورثته من بعده ، مهما تسلسل توريثهم وطال وضع يدهم ، ولا يستطيع ايهم أن يتملك العين بالمدة الطويلة إلا بعد أن يغير صفة وضع يده ( نقض مدني 23 ابريل سنة 1936 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 447 رقم 16 ) . وانظر أيضاً : نقض مدني 21 مايو سنة 1942 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 447 رقم 12 – استئناف مصر 31 مايو سنة 1938 المحاماة 18 رقم 457 ص 1045 .
( [1463] ) بودري وتيسييه فقرة 317 – فقرة 318 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 164 .
( [1464] ) أنظر في هذا المعنى بودري وتيسييه فقرة 319 – وانظر عكس ذلك نقض فرنسي 8 نوفمبر سنة 1880 داللوز 81 – 1 – 28 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 164 ص 179 .
( [1465] ) أنظر آنفاً فقرة 261 .
( [1466] ) أنظر آنفاً فقرة 261 .
( [1467] ) بودري وتيسييه فقرة 270 .
( [1468] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 168 .
( [1469] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1423 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1047 في المشروع النهائي ، بعد إدخال تعديلات لفظية جعلت النص مطابقاً كل المطابقة لما استقر عليه في التقنين المدني . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1044 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 972 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 502 – ص 503 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 79 / 106 : لا تثبت ملكية العقار والحقوق العينية بمضي المدة الطويلة لمن كان واضعاً يده عليها بسبب معلوم غير أسباب التمليك ، سواء كان السبب مبتدأ منه أو سابقاً ممنن آلت منه إليه . وعلى ذلك فلا تحصل الملكية بوضع اليد للمستأجر والمنتفع والمودع عنده والمستعير ، ولا لورثتهم من بعدهم .
( والنص يتفق في حكمه مع حكم التقنين المدني الجديد ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 921 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 976 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1160 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 261 : لا يكتسب شخص بمرور الزمن حقاً عينياً ضد سنده الشخصي أو ضد سند مورثيه .
( والنص موافق في حكمه لحكم التقنين المصري ) .
( [1470] ) نقض مدني 28 ديسمبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 142 ص 829 .
( [1471] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 165 .
( [1472] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " إذا اكن الحائز بيده سند ايجار مثلا فهو حائز لحق المستأجر ، وليس له بمجرد تغيير نيته أن يحوز حق الملكية إذا لم يقترن ذلك بفعل ظاهر يصدر من الغير أو من الحائز نفسه ، كأن يتعرض الغير للحائز فيدعي هذا الملكية أو يعارض الحائز حق الملكية بعمل ظاهر ، ولا يبدأ سريان التقادم بالنية الجديدة إلا من وقت صدور هذا العمل الظاهر " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 508 ) . ويلاحظ أن ما جاء بالمذكرة الإيضاحية ، من أن صفة الحيازة تتغير بتعرض الغير للحائز فيدعى هذا الملكية محل للنظر ، كما سيتبين عند الكلام في الفعل الذي يصدر عن الغير فيما يلي في نفس الفقرة .
وقد قذت محكمة النقض بأن وضع اليد بسبب وقتي معلوم غير أسباب التمليك لا يعتبر صالحاً للتمسك به " إلا إذا حصل تغيير في سببه يزيل عنه صفة الوقتية . وهذا التغيير لا يكون إلا بإحدى الثنتين : أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الاغيار يعتقد هو أنه المالك لها والمستحق للتصرف فيها ، أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة ظاهرة صريحة بصفة الفعلية أو بصفة قضائية أو غير قضائية تدل دلالة جازمة على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه ( نقض مدني 23 ابريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 1 رقم 352 ص 197 . وانظر أيضاً نقض مدني 28 فبراير سنة 1935 نفس المجموعة جزء أول ص 449 رقم 28 – استئناف وطني 3 مايو سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 رقم 111 ص 179 – وهذان السببان لتغيير صفة الحيازة لهما هذا الأثر لصالح أي حائز عرضي ، وضد أي شخص آخر سواء كان من الغير أو كان هو اشلخص نفسه الذي تلقى الحائز العرضي منه الحيازة ( بودري وتيسييه فقرة 327 ص 256 ) .
( [1473] ) أما التصرف الكاشف عن الملكية فلا يسمح بحيازة جديدة أصيلة تختلف عن الحيازة السابقة ( بودري وتيسييه فقرة 328 ص 256 هامش 3 ) .
( [1474] ) بودري وتيسييه فقرة 328 ص 256 .
( [1475] ) أنظر في هذا المعنى بودري وتيسييه فقرة 329 – فقرة 330 – ولكن كثيراً من الفقهاء في فرنسا وفي مصر يخالفون هذا الرأي ويذهبون إلى وجوب أن يكون الحائز العرضي حسن النية وقت أن تلقى التصرف الناقل للملكية ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 166 و ص 180 هامش 1 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2328 – بيدان 4 فقرة 665 – محمد علي عرفة 2 فقرة 89 – عبد المنعم البدراوي فقرة 490 – إسماعيل غانم ص 104 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 544 ) . ولكنهم لا يجدون في رأيهم هذا سندا من نصوص القانون التي لا تشترط حسن النية . وقد رأينا مثل هذا الخلاف في حالة ما إذا تلقى خلف خاص حيازة الشيء من حائز عرضي ، وقررنا هناك كما نقرر هنا أن ه يستوي أن يكون الخلف الخاص حسن النية أو سيء النية ( أنظر آنفاً فقرة 271 ) .
( [1476] ) بودري وتيسييه فقرة 328 – فقرة 329 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 166 ص 180 .
( [1477] ) أنظر في هذا المعنى بودري وتيسييه فقرة 331 – نقض فرنسي 2 مارس سنة 1870 سيريه 71 – 1 – 161 .
( [1478] ) وقد قضى بأن هدم المباني وإقامتها من جديد من جانب واضع اليد بطريق النيابة عن غيره لا يعتبر بذاته تغييرا لسبب وضع يد الحائز المذكور ومجابهة للمالك بالسبب الجديد ، ولا يترتب علىوضع اليد كسب الحائز بتلك الصفة ملكية العقار بالتقادم مهما طال الزمن ( نقض مدني 31 مارس سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 115 ص 871 ) . وقضي أيضاً بان وضع يد الواقف المستحق في الوقف والناظر عليه حتى وفاته وضع يد وقتي ، وكذلك يكون وضع يد أولاده من بعده مشوباً بالوقتية ولو كان بنية التملك ، ومن ثم فإن رهن الواقف أو أحد أولاده عين الوقف رهناً تأمينياً لا يتم به تغيير صفة الحيازة ، إذ هو لا يتضمن مجابهة حق جهة الوقف بعمل ايجابي ظاهر ( نقض مدني 28 ديسمبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 142 ص 839 ) . وانظر أيضاً نقض مدني 28 فبراير سنة 1935 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 450 رقم 32 – 31 أكتوبر سنة 1935 نفس المجموعة جزء أول ص 449 رقم 30 – 23 ابريل سنة 1936 نفس المجموعة جزء أول ص 450 رقم 31 – 14 مايو سنة 1942 مجموعة عمر 2 رقم 147 ص 444 .
( [1479] ) بودري وتيسييه فقرة 334 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 167 ص 180 .
( [1480] ) وقد قضى بأنه إذا حصل تكليف رسمي بدر العين المودعة ورفض المودع عنده ردها ، فإن هذا الأخير يكون بذلك قد أنكر ملكية المودع وتظاهر بملكيته للعين المودعة لنفسه ، وغير بذلك سبب وضع يده عليها ووضع يده بنية التملك علناً بلا شائبة ، فلذك يتملكها بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ التكليف بالحضور ( استئناف مصر 7 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 19 رقم 286 ص 690 ) . وقضى كذلك بوجوب أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة ظاهرة صريحة ، وبصفة فعلية أو بصفة قضائية أو غير قضائية تدل دلالة جازمة في أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه في نقض مدني 23 ابريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 352 ص 1097 ) – وانظر أيضاً نقض مدني 28 فبراير سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 232 ص 616 – 20 فبراير سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 43 ص 244 – وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 167 ص 180 – مازو فقرة 1430 – حسن كيرة ص 99 .
( [1481] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 167 ص 181 .
( [1482] ) نقض مدني 24 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 24 ص 39 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 167 ص 181 .
( [1483] ) بودري وتيسييه فقرة 337 ص 262 – نقض فرنسي 29 يناير سنة 1862 داللوز 62 – 1 – 244 – أنظر مع ذلك جيوارا فقرة 483 – هيك 14 فقرة 378 .
هذا وقد كان ينبغي أن تتغير حيازة الوارث للحائز العرضي فتنقلب إلى حيازة أصيلة إذا اعتقد الوارث بحسن نية أن حيازة مورثه حيازة أصيلة ، لنفس الاعتبارات التي سيأتي ذكرها فيما يتعلق بزوال عيب الإكراه بمجرد انقطاع الإكراه : أنظر في تفصيل ذلك ما يلي فقرة 284 .
( [1484] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1399 / 2 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " وكذلك لا تقوم الحيازة على أعمال متقطعة ، أما إذا اقترنت بإكراه أو حصلت خفية أو كان فيها لبس فلا يكون لها اثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1024 / 2 في المشروع النهائي بعد أن حذفت عبارة " وكذلك تقوم الحيازة على أعماله منقطة " دون أن تذكر سبباً لهذا الحذف ، وقد أصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1021 / 2 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 949 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 448 – ص 451 ) .
( [1485] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1399 / 2 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " وكذلك لا تقوم الحيازة على أعمال متقطعة ، أما إذا اقترنت بإكراه أو حصلت خفية أو كان فيها لبس فلا يكون لها اثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1024 / 2 في المشروع النهائي بعد أن حذفت عبارة " وكذلك تقوم الحيازة على أعماله منقطة " دون أن تذكر سبباً لهذا الحذف ، وقد أصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1021 / 2 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 949 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 448 – ص 451 ) .
( [1486] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 907 / 2 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 953 / 2 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1146 ( مطابق ) .
م 1145 / 2 ( العبارة الأخيرة ) : وكذلك لا تقوم ( الحيازة ) على أعمال متقطعة .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 257 : يكتسب حق القيد في السجل العقاري ، فيما يتعلق بالعقارات والحقوق غير المقيدة في السجل العقاري ، بوضع يد الشخص بصورة هادئة علنية مستمرة مدة . . .
م 258 / 1 : يعتبر وضع اليد مستمراً منذ اللحظة التي يظهر فيها باستعمال الحق الموجود في اليد بصورة اعتيادية منتظمة ، ويمكن لمن يدعم بمرور الزمن أن يستند إلى يد الشخص الذي اتصل منه العقار إليه . ( والقانون اللبناني يتفق مع التقنين المصري ، إلا أن القانون الأول لا يصرح بعيب الغموض ، ويذكر عيب التقطع إذ يشترط في الحيازة الاستمرار ) .
( [1487] ) أنظر ص 840 هامش 2 .
( [1488] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ويجب أن تتوافر في الحيازة شروط معينة ، هي الاستمرار والهدوء والظهور والوضوح . فالحيازة المتقطعة ، والحيازة باكراه ، والحيازة الخفية ، والحيازة الغامضة ( كحيازة الوارث ) ، كل هذا لا يعتبر حيازة صحيحة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 451 ) .
( [1489] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 153 .
( [1490] ) ومن الفقهاء من يذهب إلى أن استمرار الحيازة هو نفس عنصرها المادي ، " فعدم قيام الحائز منذ ابتداء الحيازة بأعمال الاستعمال الكافية لتكوين العنصر المادي للحيازة من شأنه إلا يكسبه الحيازة ، فلا نكون بصدد حيازة معيبة فحسب ، بل لا تكون ثمة حيازة بالمرة " ( عبد المنعم البدراوي فقرة 505 ص 531 ) . وانظر أيضاً إسماعيل غانم ص 110 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 365 – منصور مصطفى منصور فقرة 166 ص 395 هامش 1 .
( [1491] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 154 .
( [1492] ) بودري وتيسييه فقرة 239 – فقرة 240 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 154 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2777 – مارتي ورينو فقرة 1023 .
( [1493] ) وقد ضى بأنه إذا حال طغيان المياه دون زراعة أرض وقتاً معيناً من كل سنة ، لم يمنع ذلك من توافر صفة الاستمرار في وضع اليد متى كان واضع اليد يقوم بزرعها كلما سمعت له الأحوال بذلك ( الزقازيق 9 يونيه سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 رقم 42 ص 63 ) . وانظر استئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1891 م 4 ص 46 – 23 مايو سنة 1912 م 24 ص 157 – 22 ابريل سنة 1915 م 27 ص 287 - بودري وتيسييه فقرة 240 ص 193 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 154 – وقارن استئناف مختلط 4 فبراير سنة 1909 م 21 ص 163 .
( [1494] ) نقض فرنسي 11 مارس سنة 1868 سيريه 68 – 1 – 156 – 16 نوفمبر سنة 1887 داللوز 89 – 1 – 276 – 18 يونيه سنة 1892 سيريه 93 – 1 – 196 – لوران 32 فقرة 276 – فقرة 277 وفقرة 292 وفقرة 343 – فقرة 344 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 154 .
فيبث قاضي الموضوع فيما إذا كانت الحيازة مستمرة ( نقض فرنسي 12 ديسمبر سنة 1860 داللوز 61 – 1 – 303 – 19 مارس سنة 1884 سيريه 86 – 1 – 468 ) ، وفيما أن كانت هادئة ( نقض فرنسي 4 يوليه سنة 1855 باندكت 56 – 2 – 61 ) ، وفيما إذا كانت واضحة لا غموض فيها ( نقض فرنسي 17 يناير سنة 1898 داللوز 98 – 1 – 459 – 7 يونيه سنة 1901 داللوز 1902 – 1 – 79 – 28 ابريل سنة 1902 داللوز 1903 – 1 – 537 ) .
( [1495] ) نقض فرنسي 24 يناير سنة 1888 سيريه 90 – 1 – 452 – ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض الفرنسي في أحد أحكامها بأن على محكمة النقض أن تراقب ما إذا كانت الوقائع التي استخلصتها محكمة الموضوع استخلاصاً موضوعياً لا معقب عليها فيه تؤدي قانوناً إلى أن تكون الحيازة قد توافرت فيها الشروط التي يتطلبها القانون ، وبأن البت فيما إذا كانت هذه الشروط قد استوفيت هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض ( نقض فرنسي 18 مايو سنة 1892 داللوز 92 – 1 – 297 ) . ولكن المحكمة سرعان ما رجعت عن هذا القضاء ، وعادت إلى قضائها الأول من أن استيفاء الحيازة لشروطها القانونية هو من مسائل الواقع التي لا تخذع لرقابة محكمة النقض ( نقض فرنسي 20 فبراير سنة 1893 داللوز 93 – 1 – 1 – 404 – 10 نوفمبر سنة 1896 داللوز 96 – 1 – 483 – 17 أكتوبر سنة 1899 سيريه 1900 – 1 – 196 ) .
( [1496] ) كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1170 .
( [1497] ) أنظر المادة 949 مدني آنفاً فقرة 273 .
( [1498] ) أنظر بودري وتيسييه فقرة 243 .
( [1499] ) أنظر في ذلك بودري وتيسييه فقرة 244 – فقرة 245 .
( [1500] ) أنظر آنفاً فقرة 277 .
( [1501] ) أنظر في هذا المعنى كولميه دي سانتير فقرة 339 مكررة ( 5 ) - بودري وتيسييه فقرة 249 – ويلاحظ أن عيب عدم استمرار الحيازة يتصل بعيب الخفاء ، كما يتصل بأعمال التسامح – فالحيازة التي تعتبر غير مستمرة كثيراً ما تكون في الوقت ذاته حيازة خفية ، وتكون كذلك عملا من أعمال التسامح ( بودري وتيسييه فقرة 250 ) .
( [1502] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 156 .
( [1503] ) ومع هذا قد يقع ذلك نادراً ، فقد قضت محكمة النقض بان تحقق صفة الظهور في وضع اليد أو عدم تحققها هو مما يدخل في تحصيل فهم الواقع في الدعوى ، فإذا كان الحكم قد أقيم على أسباب مبررة لقضائه فلا سبيل عليه لمحكمة النقض . واذن فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من كون المدعى قد قدم إلى المجلس المحلى طلبى إدخال الكهرباء والماء في المنزل محل الدعوى مصرحاً في كلا الطلبين بان المالك هو شخص آخر غيره ، وأن نية تملكه المنزل لم تكن إلى أن وقع هذين الطلبين إلا نية مستترة ، ورتبت على ذلك أن وضع يده لم يكن ظاهراً على النحو المطلوب قانوناً ، فحكمها بذلك لا معقب عليه ( نقض مدني 16 يناير سنة 1947 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 445 رقم 2 ) .
( [1504] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 156 .
( [1505] ) أنظر في هذا الصدد بوردي وتيسييه فقرة 263 ص 207 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 156 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2782 - كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1172 .
( [1506] ) أنظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 156 ص 173 هامش 2 – محكمة السين 10 فبراير سنة 1820 – باريس 28 فبراير سنة 1821 و 30 نوفمبر سنة 1825 S . chr . وانظر عكس ذلك وأن الحيازة في هذه الحالة تكون حيازة ظاهرة إذ أن أعمال الحيازة أعمال علنية غير خفية : ترولون فقرة 352 – لوران فقرة 288 – هيك 14 فقرة 352 – جيوار فقرة 461 - بودري وتيسييه فقرة 263 .
( [1507] ) جيوار فقرة 457 - بودري وتيسييه فقرة 261 .
( [1508] ) بودري وتيسييه فقرة 260 ص 205 .
( [1509] ) أنظر آنفاً فقرة 273 .
( [1510] ) فلو أن مستأجر العين قد غير صفة حيازته من حيازة عرضية إلى حيازة أصلية عن طريق فعل الغير ، بان استصدار لنفسه عقد بيع للعين من الغير ، ولكنه بقى بدفع الأجرة للمؤجرة ، فإن الحيازة وإن انقلبت إلى حيازة أصيلة تكون حيازة خفية بالنسبة إلى المؤجر ، فلا يحتج بها عليه ( كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1172 ) .
( [1511] ) بودري وتيسييه فقرة 258 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 156 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2783 – مارتي ورينو فقرة 21 ص 28 .
( [1512] ) أنظر من هذا الرأي لوران فقرة 289 – كولميه دي سانتير فقرة 339 مكررة ( 7 ) .
( [1513] ) ديرانتون فقرة 215 – هيك 14 فقرة 352 – جيوار فقرة 460 - أوبرى ورو 5 فقرة 180 ص 133 - بودري وتيسييه فقرة 258 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 156 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2783 – مارتي ورينو لفقرة 21 ص 28 .
( [1514] ) أنظر م 949 / 2 مدني آنفاً فقرة 273 .
( [1515] ) أنظر آنفاً فقرة 273 .
( [1516] ) بودري وتيسييه فقرة 262 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 156 .
( [1517] ) بودري وتيسييه فقرة 251 ص 199 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 155 ص 172 هامش 1 .
( [1518] ) استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1895 م 8 ص 38 – 30 نوفمبر سنة 1898 م 11 ص 25 – 18 يناير سنة 1938 م 50 ص 103 – وقد قضى بأنه إذا استخلصت المحكمة استخلاصاً سائغاً من التحقيق ومن انتقالها لموقع النزاع ومن أقوال الخصم نفسه أنه لم يضع يده على العين المتنازع عليها إلا حديثاُ ، وأن وضع يده لم يكن هادئاً ، فذلك من التقديرات الموضوعية التي لا معقب عليها لمحكمة النقض ( نقض مدني 4 مايو سنة 1944 مجموعة عمر رقم 127 ص 350 ) .
( [1519] ) بودري وتيسييه فقرة 251 ص 199 .
( [1520] ) بودري وتيسييه فقرة 251 .
( [1521] ) فإذا بدأ الحائز وضع يده هادئاً ، فالتعدي على حيازته بعد ذلك ودفع الحائز هذا التعدي عن حيازته ليس من شأنهما أن يجعلا الحيازة مشوبة بالإكراه . وقد قضت محكمة النقض بان الحيازة تعتبر غير هادئة إذا بدأت بالإكراه ، أما إذا بدا الحائز وضع يده هادئاً ، فإن التعدي الذي قع في أثناء الحيازة ويمنعه الحائز لا يشوب تلك الحيازة التي تظل هادئة رغم ذلك . فإذا كان الحكم المطعون فيه قد جرى على أن هناك نزاعاً أو تعكيراً متواصلات للحيازة دون أن يبين متى بدأ هذا التعكير ، وهل كان مقارناً لبدء الحيازة أو تالياً لبدئها ، وأثره في استمرار الحيازة ، فإنه يكون قد شابه قصور يستوجب نقضه ( نقض مدني 25 يونيه سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 80 ص 528 – وانظر أيضاً نقض مدني 17 يونيه سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 122 ص 773 ) .
( [1522] ) أوبرى ورو 5 فقرة 180 ص 133 - بودري وتيسييه فقرة 251 وفقرة 254 ص 201 – ص 202 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 155 ص 171 – ص 172 .
( [1523] ) نقض مدني 25 يونيه سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 80 ص 528 وهو الحكم الذي سبقت الإشارة إليه .
( [1524] ) نقض فرنسي أول ابريل سنة 1848 سيريه 49 – 1 – 449 – 10 مايو سنة 1865 داللوز 65 – 1 – 412 – 2 أغسطس سنة 1884 داللوز 85 – 1 – 159 – ترولون فقرة 350 ص 411 وص 418 – ماركادية المادة 2229 فقرة 4 – لوران فقرة 280 بفنوار ص 208 – جيوار فقرة 453 .
( [1525] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 155 ص 172 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2778 – مارتي ورينو فقرة 22 – ومهما يكن من أمر ، فإن مجرد المنازعة القضائية لا ينفي قانوناً صفة الهدوء عن الحيازة . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا اعتبر الحكم أن صفة الهدوء الواجب توافرها لسكب الملكية بالتقادم قد زالت عن الحيازة لمجرد أن منازع الحائز رفع عليه الدعوى باسترداد حيازة العين ثم رفع الدعوى باستحقاقها ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ( نقض مدني 12 مايو سنة 1949 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 446 رقم 4 ) . ومن باب أولى مجرد توجيه إنذار إلى الحائز من منازعة لا ينفي قانوناً صفة الهدوء عن الحيازة ( نقض مدني 17 يونيه سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 122 ص 773 ) .
( [1526] ) أنظر آنفاً فقرة 273 : إذا اقترنت ( الحيازة ) باكراه . . . . فلا يكون لها أثر قبل من وقع عليه الإكراه . . . . ( م 949 – 2 مدني ) .
( [1527] ) نقض فرنسي 26 أغسطس سنة 1884 داللوز 85 – 1 – 159 – ماركاديه المادة 2234 فقرة 4 – هيك 14 فقرة 350 – جيوار فقرة 456 – بفنوار ص 409 – اوبرى ورو 2 فقرة 180 ص 134 – ص 135 – بودري وتيسييه فقرة 255 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 155 س 172 – ص 173 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2780 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1171 ص 953 .
وهناك رأي يذهب إلى أن عيب الإكراه عيب مطلق يجوز لكل ذي مصلحة أن يحتج به ، ولا يقتصر جواز الاحتجاج به على من وقع عليه الإكراه وحده . والقائلون بهذا الرأي ( لوران فقرة 285 – كولميه دي سانتير 8 فقرة 339 مكررة 6 ) هم القائلون بأن عيب الخناء عيب مطلق ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( أنظر آنفاً فقرة 280 ) .
( [1528] ) أنظر آنفاً فقرة 273 – وانظر بودري وتيسييه فقرة 252 .
( [1529] ) ولا تصير الحيازة معيبة بعيب الإكراه بعد ذلك ، حتى لو اضطر الحائز إلى دفع الاعتداء عنها ولو بالقوة ( أوبرى ورو 2 فقرة 180 ص 134 وهامش 26 - بودري وتيسييه فقرة 253 ) – ولم يكن هذا هو الحكم في القانون الروماني ، فقد كان هذا القانون يقضي بأن عيب الإكراه لا يزول إلا إذا رجعت العين إلى حيازة الشخص الذي انتزعت منه الحيازة بالإكراه ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 155 ص 172 ) .
( [1530] ) فإذا لم يستردها في خلال السنة ، انتجت الحيازة آثارها ومنها جواز التملك بالتقادم ، وذلك بأثر رجعي من وقت استيلاء منتزع الحيازة على العين وصيرورة حيازته هادئة ( أوبرى ورو 2 فقرة 180 ص 134 وهامش 26 - بودري وتيسييه فقرة 252 ص 200 ) .
( [1531] ) أنظر في أمثلة أخرى بودري وتيسييه فقرة 289 ص 225 – مازو وفقرة 1440 ص 1162 .
( [1532] ) أنظر استئناف مختلط 9 ابريل سنة 1890 م 2 ص 235 – 20 مايو سنة 1891 م 3 ص 341 – 28 ديسمبر سنة 1892 م 5 ص 60 – 13 ابريل سنة 1893 م 5 ص 220 – 28 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 93 – 3 ابريل سنة 1895 م 7 ص 204 – 16 ابريل سنة 1896 م 8 ص 259 – 23 فبراير سنة 1905 م 17 ص 131 – 18 ابريل سنة 1906 م 18 ص 205 – أول ابريل سنة 1909 م 21 ص 280 – 27 فبراير سنة 1913 م 25 ص 202 – 6 فبراير سنة 1930 م 42 ص 396 – 17 يناير سنة 1933 م 45 ص 132 – 29 ابريل سنة 1941 م 53 ص 162 – استئناف مصر 5 يناير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 288 ص 324 – 15 أكتوبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 104 ص 144 – 9 نوفمبر سنة 1926 المحاماة 7 رقم 374 ص 564 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن دفع الغير العوايد لا ينبني عليه جعل حيازة واضع اليد على أرض ما غامضة ، ولا يمنع التقادم المكسب الحاصل لمصلحته ، إلا إذا ثبت أن واضع اليد كان عالماً بذلك ( استئناف مختلط 25 نوفمبر سنة 1941 م 54 ص 14 ) .
( [1533] ) أنظر في غموض الحيازة في هذين المثلين : بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 157 ص 174 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2784 - كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1173 – وانظر في غموض حيازة العين الشائعة بودري وتيسييه فقرة 290 – فقرة 293 .
وقد قضت محكمة النقض بأن الحصة الشائعة في عقار كالنصيب المفرز من حيث إن كليهما يصح أن يكون محلا لأن يحوزه حائز على وجه التخصيص والانفراد . ولا فارق بين الاثنين إلا من حيث إن حائز النصيب المفرز تكون يده بريئة من الخالطة ، أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط يد غيره من المشتاعين . والمخالطة ليست عيباً في ذاتها ، وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وابهام . فإذا اتفق المشتاعون ووقف كل منهم في ممارسته لحيازته عند حصته مراعياً حصة غيره ، كما لو اغتصب اثنان فأكثر عقاراً وحازوه شائعاً بينهم جاعلين لكل منهم فيه حصة ، جاز أن يتملكوه بالتقادم سواء اشتركوا في حيازته المادية أو ناب في هذه الحيازة بعضهم عن بعض . هذا إذا لم يكن لمالك العقار يد عليه وخلصت الحيازة لغاصبيه . أما إذا كان للمالك يد على العقار ، فالفرض أن اجتماع يده مع يد الغير يؤدي إلى مخالطة من شأنها أن تجعل يد هذا الغير غامضة ، فضلا عن إمكان حمل سكوت المالك على محمل التسامح ( نقض مدني 10 أكتوبر سنة 1946 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 446 رقم 7 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) .
وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية قديماً بأن وضع يد أرشد العائلة على الأطيان العائلية بصفته مديراً لها لا يسكبه الملكية بمضي المدة الطويلة ( استئناف وطني 31 مايو سنة 1894 الحقوق ) ص 280 – 26 ديسمبر سنة 1895 الحقوق 11 ص 273 – 21 مارس سنة 1896 الحقوق 14 ص 35 – 20 يناير سنة 1898 الحقوق 13 ص 185 – 10 مايو سنة 1898 الحقوق 13 ص 190 ) . وتأكد هذا المبدأ بعد ذلك : استئناف مصر 6 يناير سنة 1938 المحاماة 19 رقم 107 ص 237 – وانظر أيضاً في هذا المعنى : استئناف مختلط 31 مايو سنة 1 893 م 5 ص 287 – 12 يونيه سنة 1894 م 6 ص 317 .
( [1534] ) أنظر في هذا المعنى بودري وتيسييه فقرة 287 – فقرة 288 .
( [1535] ) لوران 32 فقرة 290 وما بعدها – بفنوار ص 265 وما بعدها - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 157 – مارتي ورينو فقرة 24 – وانظر نقض فرنسي 14 مايو سنة 1962 bull . Civ فقرة 129 .
( [1536] ) أنظر آنفاً فقرة 273 .
( [1537] ) استئناف وطني 31 أغسطس سنة 1896 الحقوق 11 ص 357 – 3 مارس سنة 1903 المجموعة الرسمية 5 رقم 26 ص 157 – 12 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 ص 92 – 26 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 ص 145 – 11 فبراير سنة 1906 الاستقلال 5 ص 262 – 2 ديسمبر سنة 1913 الشرائع 1 رقم 201 ص 94 – 23 يناير سنة 1915 الشرائع 2 رقم 173 ص 155 – وتسقط قرينة أن الشريك وضع يده كشريك ، وتصبح الحيازة غير غامضة إذ تتمحض لحساب هذا الشريك خاصة ، إذا هو قام بأعمال تنافي حقوق بقية الشركاء ( استئناف وطني 6 نوفمبر سنة 1913 المجموعة الرسمية 15 رقم 21 ص 45 – 24 فبراير سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 84 ص 164 ) .
( [1538] ) أنظر عكس ذلك وأن عيب الغموض عيب مطلق لا نسبي : مازو فقرة 1443 – وانظر في أن الغموض يهدم الحيازة من أساسها إذ ينفي عنصر القصد ، وليس بمجرد عيب يشوب الحيازة : بيدان فقرة 679 – محمد علي عرفة 2 فقرة 76 ص 129 .
( [1539] ) أنظر آنفاً فقرة 273 .
( [1540] ) أنظر آنفاً فقرة 272 .
( [1541] ) بودري وتيسييه فقرة 293 ص 228 .
( [1542] ) استئناف وطني 6 نوفمبر سنة 1913 المجموعة الرسمية 15 رقم 21 ص 45 – 24 فبراير سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 84 ص 164 ( وقد سبقت الإشارة إلى هذين الحكمين ) – نقض فرنسي 9 ديسمبر سنة 1856 داللوز 56 – 1 – 348 – لوران فقرة 292 – بفنوار ص 272 وص 276 - بودري وتيسييه فقرة 293 ص 228 .
( [1543] ) تاريخ النصوص :
م 965 : ورد هذا النص في المادة 1416 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - يعد حسن النية من يحوز الشيء وهو يجهل أنه يعتدي على حق الغير ، إلا إذا كان هذا الجهل ناشئا عن خطأ جسيم فيعتبر حائزاً بسوء النية . 2 - فإذا كان الحائز شخصا معنويا فالعبرة بحسن أو سوء نية من يمثله . 3 - وحسن النية يفترض دائما ، ما لم يقم الدليل على العكس . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1040 في المشروع النهائي ، بعد إدخال تعديل لفظي " يجعل المعنى أوضح وأدق " . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1037 ، بعد استبدال عبارة " فالعبرة بنية من يمثله " بعبارة " فالعبرة بحسن نية من يمثله أو بسوئها " . ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 965 ، بعد استبدال كلمة " الحق " بكلمة " الشيء " وحذف عبارة " فيعتبر حائزاً بسوء نية " الواردة في الفقرة الأولى لأنها مفهومة من غير نص ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 485 – ص 486 ) .
م 966 : ورد هذا النص في المادة 1417 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه من التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1041 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1038 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية ، تحت رقم 966 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 487 – ص 488 ) .
م 967 : ورد هذا النص في المادة 1418 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1042 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1039 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 967 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 488 – ص 490 ) .
( [1544] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 969 – 971 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1148 : 1 - يعد حسن النية من يحوز الشيء وهو يجهل أن يعتدي على حق الغير . وحسن النية يفترض دائماً ، ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك . 2 – ولا تزول صفة حسن النية لدى الحائز إلا من الوقت الذي يصبح فيه عالماً أن حيازته اعتداء على حق الغير . ويعد كذلك سيء النية من اغتصب الحيازة من غيره بالإكراه ، ولو اعتقد أن له حقا في الحيازة . 3 – وتبقى الحيازة محتفظة بالصفة التي بدأت بها وقت كسبها ، ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك . ( والتقنين العراقي في مجموعة يتفق مع التقنين المصري . وهناك خلاف في بعض التفصيلات : لم يذكر التقنين العراق ين كما ذكر التقنين المصري ، أن الخطأ الجسيم يكون بمثابة سوء النية ، في الفقرة الأولى من المادة 1148 منه . ولم يذكر ، كما ذكر التقنين المصري ، أن الحائز يصبح سيء النية من وقت إعلان صحيفة الدعوى إليه بعبوب الحيازة ، في الفقرة الثانية من المادة 1148 منه ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [1545] )أنظر ما يلي فقرة 356 .
( [1546] ) أنظر ما يلي فقرة 360 – فقرة 362 .
( [1547] ) أنظر ما يلي فقرة 365 وما بعدها .
( [1548] )أنظر ما يلي فقرة 417 وما بعدها .
( [1549] ) أنظر ما يلي فقرة 435 وما بعدها .
( [1550] ) أنظر ما يلي فقرة 460 وما بعدها .
( [1551] ) أنظر آنفاً فقرة 288 .
( [1552] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " يفرض في الحائز أنه حسن النية ، أي يعتقد أن يملك الحق الذي يحوزه ويجهل أنه يعتدى بحيازته على حق الغير ، على ألا يكون خطأه في هذا الجهل جسمياً ، فإن الخطأ الجسيم يلحق بسوء النية ، تسهيلا للإثبات في مسائل معقدة تتعلق بالنوايا الخفية : ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 489 ) .
ويخلص بما تقدم أنه حتى يعتبر الحائز حسن النية يجب تتوافر عنصرين ، أحدهما ذاتي والآخر موضوعي . فالعنصر الذاتي هو أن يكون الحائز جاهلا أنه يعتدى على حق الغير ، فأي شك يختلج في صدره أنه قد يكون معتدياً على حق الغير يهدم هذا العنصر الذاتي ، ويجعل الحائز سيء النية . والعنصر الموضوعي هو أن يكون الحائز ، في جهله أنه يعتدى بحيازته على حق = الغير لم يرتكب خطأ جسمياً ، إذ خطأ الجسيم يقارف سوء النية ، فيجعل الحائز – وهو حسن النية ذاتيا – سيء النية موضوعياً . ومن هذا نرى أن أي شك يخالج الحائز يجعله سيء النية ، وحتى لو لم يخالجه أي شك بل كان على يقين تام من أنه لا يعتدى على حق الغير بحيازته ، فإن الخطأ الجسيم يهدم حسن نيته إذ أن هذا الخطأ هو بمثابة سوء الني . أنظر مع ذلك انتقاداً لنص التقنين الجديد ( م 965 / 1 ) : جمال الدين زكي في رسالته في حسن النية في كسب الحقوق ص 87 ص 88 ( وعنده أن حسن النية لا يشتمل إلا على عنصر موضوعي هو انتفاء الخطأ ( adsence de faute ) فالحائز يكون حسن النية إذا كان في اعتداه بحيازته على حق الغير لم يرتكب أي خطأ ولو كان خطأ يسيراً . أما إذا ارتكب خطأ ولو يسيراً فإنه ، يكون سيء النية ، حتى لو كان من الناحية الذاتية يجهل أنه يعتدى على حق الغير : رسالته المتقدم ذكرها ص 40 – ص 53 .
( [1553] ) أنظر آنفاً فقرى 288 .
( [1554] ) أنظر آنفاً فقرة 288 .
( [1555] ) أنظر ما يلي فقرة 293 .
( [1556] ) أنظر ما يلي فقرى 300 .
( [1557] ) أنظر م 955 مدني وقد سبقت الإشارة إليها آنفاً فقرة 291 .
( [1558] ) أنظر آنفاً فقرة 290 في آخرها .
( [1559] ) أنظر ما يلي فقرة 288 .
( [1560] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وإذا أريد إثبات أن الحائز سيء النية ، وجب إقامة الدليل على أنه يعلم بأنه لا يملك الحق الذي يحوزه ، أو أنه كان يجهل ذلك ثم علم فزال حسن نيته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 489 ) .
( [1561] ) أنظر م 955 / 1 مدني آنفاً فقرة 201 .
( [1562] ) أنظر آنفاً فقرة 288 .
( [1563] ) أنظر فقرة 471 .
( [1564] ) وهناك مشروع لتنقيح تقنين المرافعات ، جاء في المادة 62 منه أن " ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى عليه بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ، ما لم ينص القانون على غير ذلك " . وتنص المادة 67 من المشروع على أن " يقيد قلم الكتاب الدعوى في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك ، بعد أن يثبت في حضور المدعى أو من يمثله تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل الصحيفة وصورها . وعليه في اليوم التالي على الأكثر أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ، ورد الأصل إلى قلم الكتاب " . وتنص المادة 68 من المشروع على أنه " على قلم المحضرين أن يقوم بإعلان صحيفة الدعوى خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تسليمها إليه ، و إلا إذا كان قد حدد لنظر الدعوى جلسة تقع في أثناء هذا الميعاد ، فعندئذ يجب أن يتم الإعلان قبل الجلسة . وذلك كله مع مراعاة ميعاد الحضور . . . " – ويستخلص من هذه النصوص أن الدعوى تعتبر مرفوعة من وقت إيداع صحيفتها بقلم كتاب المحكمة ، وأن قلم الكتاب يسلم الصحيفة إلى قلم المحضرين في اليوم التالي على الأكثر من تاريخ إيداعها ، وأن قلم المحضرين يقوم بإعلانها خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تسليمها إليه . وعلى ذلك تعتبر الدعوى مرفوعة قبل إعلان صحيفتها إلى المدعى عليه بمدة قد تطول إلى ثلاثين يوماً ، ويترتب على ذلك أن رفع الدعوى ينتج آثاره القانونية قبل إعلان صحيفتها . ونرى أنه ، إذا أصبح هذا المشروع قانوناً ، لا بد أن يستثنى الحكم لقاضي بجعل الحائز في حكم سيء النية من بين الآثار التي تترتب على رفع الدعوى ، وتأخير هذا الأثر إلى يوم إعلان الحائز . بصحيفة الدعوى . والقول بغير ذلك يجعل الحائز في حكم سيء النية من وقت إيداع صحيفة الدعوى في قلم كتاب المحكمة ، أي قبل إعلانها للحائز بمدة قد تصل إلى ثلاثين يومنا من قبل أن يعلم الحائز فعلا بالاعتراض الموجه إلى حيازته .
( [1565] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " على أن حسن نيته ( نية الحائز يزول حتماً من وقت إعلانه في عريضة الدعوى بأنه لا يملك الحق الذي يحوزه ، ويعد كذلك سيء النية من اغتصب الحيازة من غيره بالإكراه حتى لو كان يعتقد بحسن نية أنه يملك الحق الذي اغتصب حيازته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 489 ) .
( [1566] ) أنظر آنفاً فقرة 288 .
( [1567] ) أنظر آنفاً فقرة 293 .
( [1568] ) أنظر ما يلي فقرة 300 وفقرة 306 .
( [1569] ) تاريخ النصوص :
م 925 : قد ورد هذا النص في المادة 1403 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " تنتقل الحيازة من الحائز إلى غيره إذا اتفقا على ذلك ، وكان في استطاعة من انتقلت إليه الحيازة أن يسيطر على الشيء أو الحق الذي ترد عليه الحيازة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1027 في المشروع النهائي ، بعد اغن استبدلت كلمة " الواردة " بعبارة " الذي ترد " وبعد أن أضافت عبارة " ولو لم يكن هناك تسلم مادي " في آخر النص " ليكون الحكم أوضح " . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 1024 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت كلمة " الشيء " ، وأضيفت عبارة " الشيء موضوع هذا الحق " في آخر المادة ، وأصبح رقم النص 954 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 457 – ص 458 ) .
م 935 ورد هذا النص في المادة 2404 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجع تحت رقم 1028 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1025 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 953 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 458 – ص 459 ) .
م 954 : ورد هذا النص في المادة 1405 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1029 في المشروع = النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1026 . وفي لجنة مجلس الشيوخ اعترض على أن النص لم يورد إلا حالتين من حالات التسليم وهما تسليم السندات المعطاة عن البضائع المعهود بها إلى أمين النقل أو المودعة في المخازن ، فأجيب على هذا الاعتراض بأن هاتين الحالتين لم تردا على سبيل الحصر وإنما هما المثلان الغالبان في العمل . ووافقت على النص تحت رقم 954 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ كما أقرته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 462 – ص 464 ) .
( [1570] ) التقنين المدني السابق م 77 / 103 : يجوز لواضع يده على العقار أو الحقوق العينية أن يضم لمدة وضع يده عليها مدة وضع يد من انتقل ذلك منه إليه . ( والحكم يتفق مع حكم التقنين المدني الجديد ) .
( [1571] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى "
التقنين المدني السوري م 911 – 914 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 956 – 959 – ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1149 : 1 – تنتقل الحيازة للخلف العام بصفتها . على أنه إذا أثبت الخلف أنه كن في حيازته حسن النية ، جاز له أن يتمسك لذلك ولو كان يلفه سيء النية . 2 – ويجوز للخلف ، عاماً كان أو خاصاً ، أن يضم إلى حيازته حيازة سلفه في كل ما يرتبه القانون من أثر .
( والحكم يتفق مع حكم المادة 955 مدني مصري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 258 / 1 : . . . ويمكن لمن يدعى بمرور الزن أن يستند إلى يد الشخص الذي اتصل منه العقار إليه . ( والحكم يتفق مع حكم المادة 955 مدني مصري ) .
( [1572] ) بودري وتيسييه فقرة 344 – بالنيول وريبير وبيكار 3 فقرة 720 ص 724 – نقض فرنسي 25 أكتوبر سنة 1927 سيريه 1928 – 1 - 47 . ولكن إذا اغتصبت الحيازة من الحائز ، وبقى الاغتصاب أكثر من سنة ، ثم أستر الحائز حيازته اختياراً أو بحكم قضائي ، فهل يستطيع هذا الحائز أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة المغتصب ؟ هناك رأي يذهب إلى أن الحائز الذي استرد حيازته بعد أكثر من سنة تنقطع حيازته لأن الاغتصاب دام أكثر من سنة ، ثم هو لا يعتبر خلفاً للمغتصب حتى تضم مدة حيازة المغتصب إلى مدة حيازته ( لوران 32 فقرة 365 – أوبري ورو 2 فقرة 181 هامش 8 – بفنوار ص 286 وما بعدها – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 720 ص 724 – نقض فرنسي 12 يناير سنة 1832 داللوز 32 – 1 83 ) .
وهناك رأي آخر يذهب ، على العكس من ذلك ، إلى أن الحائز يعتبر خلفاً للمغتصب في حيازته فتضم مدة حيازة المغتصب إلى مدة حيازته ، وذلك لأن هناك رابطة قانونية بين حيازة المغتصب وحيازة الحائز اللاحقة ، ، إذ أن المغتصب نقل حيازته إلى الحائز إما اختياراً وإما جراً بموجب الحكم . فإذا وضع شخص يده على عين مدة ثلاث سنوات ، ثم اغتصبت منه الحيازة وبقى الاغتصاب مدة سنتين ، ثم استرد الحائز حيازته اختياراً أو قضاء وبقى حائزاً مدة خمس سنوات ، فإن مدة سنتي الاغتصاب تضم إلى خمس السنوات الأخيرة لأن الحائز يعتبر خلفاً للمغتصب ، ولكن ثلاث السنوات السابقة على الاغتصاب لا تحسب في مدة التقادم لأن التقادم قد انقطع بالاغتصاب الذي دام أكثر من سنة . وهذا هو الرأي الذي نفضله ويقول به كثير من الفقهاء ( هيك 14 فقرة 370 – كولميه دي سانتير 8 فقرة 341 مكررة – ؟؟؟ على المادة 2235 رقم 3 - ؟؟؟ فقرة 515 – بودرى وتيسيه فقرة 363 ) .
( [1573] ) ويلاحظ أنه في حالة انتقال الحيازة إلى الخلف الخاص توجد حيازتان مستغلتان إحداهما عن الأخرى ، حيازة السلف وتليها حيازة الخلف وإن كانت حيازة السلف أو لا يضمها تبعاً لمصلحته . أما في حالة انتقال الحيازة إلى الخلف العام فلا توجد حيازتان مستقلتان إحداهما عن الأخرى ، بل لا توجد إلا حيازة واحدة بدأها السلف ، واستمر فيها الخلف ( بودرى ؟؟؟ فقرة 346 ص 268 ) .
( [1574] ) أنظر آنفاً فقرة 297 .
( [1575] ) ويفسر أوبري ورو انتقال الحيازة إلى الخلف العام قبل أن يتسلم المال فعلا بأن الذي ينتقل ليست هي الحيازة في ذاتها ، لأن الحيازة واقعة مادية فلا يحصل عليها الخلف العامن إلا إذا تسلم المال فعلا . وإنما الذي ينتقل إلى الخلف العام هي مزايا الحيازة ، وبخاصة دعاوي الحيازة و إمكان التملك بالتقادم ، باعتبار أنه هذه المزايا هي من توابع الحق الذي انتقل إلى الخلف العام ومن شأنها أن تقوى هذا الحق وتدفع عنه الاعتداء ( أوبري ورو 2 فقرة 181 ص 135 وهامش 2 – وانظر بودرى وتيسييه فقرة 343 ص 267 وفقرة 346 ص 268 وفقرة 347 ص 268 ص 269 ) .
( [1576] ) بودرى وتيسييه فقرة 347 ص 270 .
( [1577] ) أنظر آنفاً فقرة 272 .
( [1578] ) ولا يستطيع الوارث أن يتملك بالتقادم ما بقيت حيازته عرضية ، فإذا انقلبت إلى حيازة أصلية على الوجه المتقدم الذكر أمكنه أن يتملك بالتقادم ( بودرى وتيسييه فقرة 349 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 719 ص 722 ) .
( [1579] ) أنظر آنفاً فقرة 272 .
( [1580] ) نقض مدني 23 أبريل سنة 1936 المحاماة 17 رقم 46 ص 86 – 21 مايو سنة 1924 المحاماة 23 رقم / 107 ص 192 – استئناف مصر 28 نوفمبر سنة 1950 المحاماة 31 ص 1525 – بودرى وتيسييه فقرة 348 ص 271 وفقرة 349 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 719 ص 723 .
( [1581] ) أنظر آنفاً فقرة 293 .
( [1582] ) أنظر آنفاً فقرة 294 .
( [1583] ) أنظر أنفاً فقرة 294 .
( [1584] ) ومن هذه الآثار أن يملك الثمار بالقبض ( أنظر ما يلي فقرة 301 – وأنظر شفيق شحاته فقرة 313 – عبد النعم البدراوي فقرة 504 ص 528 – إسماعيل غانم ص 127 – ص 128 – حسن كيرة ص 132 – ص 133 ) . وانظر في تملك الوارث حسن النية العقار بالتقادم تقصير إذا كان مورثه سيء النية محمد على عرفة 2 فقرة 84 ص 147 – ص 148 ، وانظر أيضاً في هذه المسألة عبد المنعم فرج الصدة فقرة 391 ص 593 – ص 594 – منصور مصطفى منصور فقرة 178 ص 416 ( ويفترضان أن المورث كان يستند في حيازته إلى سبب صحيح ولكنه كان يعلم أنه قد تلقى العقار من غير مالك أي أنه كان سيء النية ، فإذا كان الوارث حسن النية استطاع أن يستند إلى حسن نيته هو و إلى السبب الصحيح الصادر لمصلحة مورثه لكي يتمسك بالتقادم الخمسي . ولكن يبدو أن حسن نية الوارث في الفرض السالف الذكر لا يجدي ، إذ يشترط توافر حسن النية وقت تلقى الحق وكان المورث وقت تلقى الحق سيء النية . ولذلك يجب افتراض أن الوارث قد أثبت إلى جانب حسن نيته أنه تلقى سبباً صحيحاً غير السبب الصحيح الذي تلقاه مورثه ، وأنه كان وقت تلقيه إياه حسن النية . فعندئذ يستطيع الوارث أن يتمسك بالسبب الصحيح الذي تلقاه هو وبحسن نيته لتملك العقار بخمس سنوات ، ولا يجوز أن يضم إلى مدته مدة مورقه الذي كان سيء النية . وما ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي من " أنه إذا كان الوارث حسن النية والمورث سيء النية ، جاز للوارث التمسك بحسن نيته على أن يضم مدة حيازته مورثه " : مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 463 – فيه خطأ مطبعي ظاهر ، والصحيح كما يدل سياق العبارة هو " على ألا يضم مدة حيازة مورثه " . فلفظ " على " يشعر بعدم ضم مدة حيازة المورث ، ولو أريد ضم هذه المدة لقيل " وله أن يضم مدة حيازة مورثه " .
( [1585] ) ولو انقلب الوارث سيء الني قبل أن يستكمل مدة التقادم القصير ، أو ثبت أنه كان سيء النية وقت انتقال الحيازة إلية ، فإنه مع ذلك يتملك العقار بالتقادم القصير . ذلك بأن مورثه لو انقلب سيء النية لم يمنع ذلك من تملك العقار بالتقادم القصير ، ما دام أنه كان حسن النية وقت تلقى الحق أي وقت صدور السبب الصحيح ، وحيازة الوارث استمرار لحيازة المورث ، فيتملك الوارث بالتقادم القصير كما كان يتملك مورثه لو بقى حياً . أنظر في هذا المعنى بودرى وتيسييه فقرى 348 ص 270 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرى 719 .
( [1586] ) بودرى وتيسييه فقرى 348 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 719 – 723 .
( [1587] ) أنظر آنفاً فقرة 297 .
( [1588] ) ولما كان يجوز للخلف الخاص أن يضم إلى مدة حيازة سلفة كما سنرى ( أنظر ما يلي فقرة 370 ) ، كذلك يجوز لمن هم في حكم الخلف الخاص أن يضموا إلى مدة حيازتهم اللاحقة مدة الحايزة السابقة ، وعلى ذلك يكون للراسي عليه المزاد أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة الموصي ومدة حيازة الورثة في الفترة ما بين وفاة الموصي وبين تسليم العين الموثى بها إلى الموصي له ، ولحائز حق الانتفاع أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة المالك قبل أن يتجرد من حق الانتفاع ، وللبائع أو الواهب أن يضم إلى مدة حيازته بعد فسخ البيع أنو الهبة أو بعد زوالهما بأي سبب من أسباب الزوال مدة حيازة المشترى أو الموهوب له قبل الفسخ أو قبل الزوال ( أنظر في ذلك أوبرى ورو 2 فقرى 181 ص 135 – ص 136 – بودرى وتيسييه فقرى 356 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 720 ص 723 ) .
( [1589] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " تنتقل الحيازة بالاتفاق ما بين السلف والخلف ، مصحوباً بانتقال السيطرة الفعلية على الشيء أو الحق إلى الخلف . وقد يكون انتقال الحيازة معنوياً فلا يتم تسليم مادي ، كما إذا استمر السلف حائزاً ولكن لحساب الخلف = ( مثل ذلك البائع يستأجر الشيء المبيع ) ، أو استمر الخلف حائزاً ولكن لحساب نفسه ( مثل ذلك المستأجر يشترى العين ) . كما قد يكون انتقال الحيازة رمزياً ، كتسليم السندات المعطاة عن البضائع المعهود بها إلى أمين النقل أو المودعة في المخازن . ولكن إذا تعارض التسليم الحقيقي مع التسليم الرمزي ، كان الأول هو المعتبر ، كما إذا تسلم شخص شهادة البضاعة وتسلم آخر البضاعة نفسه ، فالحيازة في هذا الفرض عند الأخير " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 463 ) .
( [1590] ) أنظر آنفاً فقرة 297 .
( [1591] ) وقد قضت محكمة النقض بان الأموال التي تتلقى ملكيتها عن مالكها بسند معتبر قانوناً تثبت الحيازة فيها ووضع اليد عليها لمتلقيها بمجرد تسلمها بالحالة التي هي عليها . والتسلم يعتبر تاماً متى وضعت تحت تصرفه بحيث يمكنه الانتفاع بها دون مانع ، ولو لم يتسلمها بالفعل ومتى اكتسبت الحيازة واليد على هذا الوجه فانهما يبقيان لمن اكتسبهما حافظين خصائصهما مقيدين أحكامها ، وما دام لم يعترضه من ؟؟؟ عليه أو يزيلهما عنه ويسكت هو المدة التي تستوجب بمرورها يد المعترض حماية القانون ( نقض مدني 11 مايو سنة 1939 مجموعة المكتب ؟؟؟ لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 445 رقم 1 ) .
( [1592] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 306 .
( [1593] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 307 – على نه يلاحظ في التسليم الفعلي أنه كان ينبغي أن ينتقل الشيء انتقالا مادياً من البائع إلى الخلف الخاص ، فلا يكفي تسليم الحائز للشيء بل يجب أيضاً تسلم الخلف الخاص له . ولكن نص المادة 952 مدني سالف الذكر صريح في أن انتقال الحيازة يتم " ولو لم يكن هناك تسلم مادي للشيء موضوع هذا الحق " . وقد كان المشروع التمهيدي خالياً من هذه العبارة ، فأضافتها لجنة المراجعة ، وأكملتها لجنة مجلس الشيوخ ( أنظر آنفاً فقرة 297 في الهامش ) . وكان الأولى ، بدلا من إضافة هذه العبارة ، أن تضاف عبارة عكسية ، فيكون النص على الوجه الآتي : " تنتقل الحيازة من الحائز إلى غيره لم إذا اتفقا على ذلك ، وكان في استطاعة من انتقلتى إليه الحيازة أن يسيطر على الحق الواردة عليه الحيازة ، وسيطر عليها فعلا " . فإن العبرة في التسليم الفعلي للحيازة أن تنتقل الحيازة انتقالا مادياً إلى الخلف = الخاص ، فلا يكفي مجرد التسليم بل يجب أن يقترن بها التسليم . وهناك فرق بين انفيذ البائع لالتزامه بتسليم المبيع وبين نقله لحيازته ، ففي نقل الحيازة يجب أن يستولى الخلف الخاص على الشيء استيلاء مادياً ولا يجب ذلك في تنفيذ البائع لالتزامه بتسليم المبيع . وقد سبق أن قلنا في هذا الصدد : " يجب التمييز بين تسليم المبيع وبين انتقال حيازته . فقد يعتبر المشترى متسلماً للمبيع دون أن تكون له حيازته ، وذلك إذا وضع تحت تصرفه دون أن يستولى عليه مادياً . وفي هذه الحالة يعتبر المشترى مستوفياً لالتزام التسليم ، ولكنه لا يعتبر حائزا للمبيع . فلا يستطيع أن يبدأن التقادم ، إذا كان قد اشترى من غير مالك ، ولم يستولى بعد على المبيع . فإذا كان المبيع منقولا وكان المشترى حسن النية وقد اشترى من غير مالك ، ولم يستولى بعد على المبيع . فإذا كان المبيع منقولا وكان المشترى حسن النية وقد اشترى من غير مالك ، فإنه لا يستطيع التمسك بالحيازة لتملك المنقول ما دام لم يستولى عليه استيلاء مادياً . وإذا باع شخص منقولا من شخصين متعاقبين ، وأعطى لكل منهما إذناً في تسلمه من المخزن الذي يوجد فيه ، وسبق المشترى الثاني المشترى الأول إلى الإستيلاء الفعلي على المنقول ، فإنه يستطيع التمسك بالحيازة لتملك المبيع ، ولا يستطيع المشترى الأول أن يحتج عليه بأنه تسلم المنقول أولا بموجب إذن التسليم ( أوبري و 5 فقرى 354 ص 49 – بودرى وسينيا فقرة 298 – بلانيول وريبير وهامل ) ص 75 هامش )
( الوسيط 4 فقرة 306 ص 589 هامش 3 ) .
( [1594] ) أنظر آنفاً فقرة 297 .
( [1595] ) أنظر في ذلك الوسيط 4 فقرة 308 ص 593 – ص 594 – وهناك صورة ثالثة للتسليم الحكمي يمكن الأخذ بها في مصر دون نص ، لأنها تفق مع القواعد العامة ، وقد قررنا في هذا الخصوص : " وقد أورد التقنين المدني العراقي صورة ثالثة للتسليم الحكمي يمطن الأخذ بها دون نص لأنها تتفق مع القواعد العامة ، فنصت الفقرة الثانية من المادة 540 من هذا التقنين على ما يأتي : " وإذا أجره ( المشترى ) قبل قبضه لغير البائع أو باعه أو وهبه أو رهنه أو تصرف فيه أي تصرف آخر يستلزم القبض ، وقبضه العاقد ، قام هذا القبض تمام قبض المشترى " . وتتميز هذه الصورة عن صورتي التسليم الحكمي المتقدمتين بأن فيهما انتقالا ماديا للحيازة المبيع . كما تتميز = عن التسليم الفعلي بأن الحيازة لا تنتقل مادياً إلى المشترى نفسه ، بل إلى شخص آخر يعد نائباً عنه في تسلم المبيع ، هو شخص تعاقد مع المشترى واسترلزم التعاقد أن يقبض المبيع هو أيضاً ، كمستأجر من المشترى أو مستعير أو مودع عنده أو مرتهن ره حيازة أو مشترى أو موهوب له . فيعد قبض هذا الشخص الآخر قبضاً فعليا ص بالنسبة إلى العقد الذي أبرمه مع المشترى ، وقبضاً حكمياً بالنسبة إلى عقد البيع ، ويقوم القبض الأول مقام القبض القاني " ( أنظر الوسيط 4 فقرة 308 ص 594 – ص 595 ) .
( [1596] ) أنظر آنفاً فقرة 297 .
( [1597] ) وعندما نظر مشروع المادة 954 مدني أما لجنة مجلس الشيوخ ، قام اعتراض على أن النص لم يورد إلى حالتين من حالات التسليم ، فأجيب على هذا الاعتراض بأن هاتين الحالتين لم يردا على سبيل الحصر ، وإما هما المثلان الغالبان في العمل ( أنظر آنفا ص 874 هامش 1 ) .
( [1598] ) نقض مدني 30 يناير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 117 ص 327 - وانظر الوسيط 4 فقرة 307 ص 591 – ص 592 هامش 1 .
( [1599] ) أنظر آنفا ً فقرة 297 .
( [1600] ) أنظر آنفاً فقرة 300 .
( [1601] ) استئناف مختلط 4 فبراير سنة 1949 م 61 ص 67 – لو أن السلف استبقى الحيازة وأراد تحويلها من حيازة عرضية إلى حيازة أصلية ، لوجب في هذا التحويل أن يصدر قبل من الغير أو يصدر منه هو فعل يعارض به حق الماط ( interversion du titre ) . أما هذا فلسنا في حاجة إلى ذلك ، لأننا لسنا في صدد تغيير صفة الحيازة عند الحائز العرضي نفسه ، بل في صدد انتقال الحيازة من حائز عرضي إلى حائز أصيل فتتغير صفة الحيازة لا عند الحائز العرضي ، بل عند خلفه الخاص فأصبح هذا حائزاً أصيلا . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن الحائز العرضي كالدائن المرتهن ، وإذن كان لا يستطيع كسب الملك بالتقادم على خلاف سنده إلا إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير أو بفعل معارضة ظاهرة لحق المالك ، إلا أن هذه القاعدة لا تسري في حق خلقه الخاص كالمشترى من الدائن المرتهن ، لأنه في هذه الحالة إنما يبدأ حيازة جديدة تختلف عن الحيازة العرضية التي كانت للبائع له ( نقض مدني 18 فبراير سنة 1954 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 450 رقم 38 ) .
( [1602] ) أنظر آنفا ص 880 .
( [1603] ) فإذا كان السند الذي تلقى به الخلف الخاص الحيازة من السلف سبباً صحيحاً ناقلا للملكية كالبيع والهبة فإذا كانت العين عقاراً فأمكن أن يتملكها الحائز بالتقادم القصير إذ يفترض فيه حسن النية كما قدمنا ، وإذا كانت العين منقولا تملكها في الحال بمجرد الحيازة طبقاً للقاعدة التي تقضى بأن الحيازة في المنقول سند الملكية .
( [1604] ) أنظر آنفاً فقرة 294 .
( [1605] ) أنظر آنفاً فقرة 297 .
( [1606] ) بودرى وتيسييه فقرة 350 .
( [1607] ) كذلك للخلف الخاص أن يضم إلى مدة حيازته سلفة مدة حيازته في حساب السنة التي يجب أن يبقى فيها الحيازة لأمكان رفع دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة ( أوبري ورو 2 فقرة 181 ص 136 هامش 4 فقرة 187 ص 222 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 202 ص 210 ) .
( [1608] ) بودرى وتيسييه فقرة 350 ص 272 .
( [1609] ) وقد قضت محكمة النقض بأن كل ما اشترطه القانون لكسب الملكية بوضع اليد هو ثبوت قيامه مستوفياً لشرائطه مدة خمسة عشر عاماً ، يستوي أن تكون كلها في وضع يد مدعي الملكية أو في وضع يد سلفه أو بالاشتراك فينهما بحيث لا يقل مجموع مدتيهما عن الخمسة عشر عاماً بغير حاجة لبيان مدة وضع يد كل واحد منهما وبغير حاجة إلى النظر في مستندات ملكيتهم . ولا يهم لذلك أن تكون عقود الملكية مسجلة أو غير مسجلة ، رسمية أو غير رسمية ، كما لا يهم أن تقدم تلك العقود إلى المحكمة أو ألا تقدم لسبب أو لآخر ( نقض مدني 17 نوفمبر سنة 1955 مجموعة أحكام أحكام النقض 6 رقم 202 ص 1487 ؟؟ ) .
( [1610] ) ديرانتون 21 فقرة 241 – أوبري درو 2 فقرة 181 هامش 11 وفقرة 248 هامش 37 – بفنوار ص 282 و ص 342 – جيوار فقرة 582 بودرى وتيسييه فقرة 350 ص 372 .
( [1611] ) بودرى وتيسييه فقرة 353 ص 374 .
( [1612] ) بودرى وتيسييه فقرة 353 .
( [1613] ) أنظر آنفاً ص 894 – ص 895 – وانظر بودرى وتيسييه فقرة 353 ص 274 – وقد عرضت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي لما قدمناه ، أو جزته في العبارات الآتية : " وقد يكون من تنتقل إليه الحيازة خلفاً خاصاً ، كمشترى من الحائز تنتقل إليه حيازة المبيع ، وللمشترى في هذه الحالة أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة البائع . فإن كانا حسني النية معاً أو سيء النية معاً ، كان ضم المدد على أساس أن الحيازة بحسن نية أو بسوء نية على حسب الأحوال . وإن كان البائع سيء النية والمشترى حسن النية ، فالضم يجوز على أسوأ الفرضين أي على أساس سوء النية ، كما إذا كان البائع قد حائز مدة اثنتي عشرة سنة والمشترى مدة ثلاث سنوات . فلا يستطيع المشترى التمسك بالتقادم القصير ، إذ لا يجوز له أن يكمل المدة التي حاز فيها بحسن نية إلى خمس سنوات . ولكن يستطيع التمسك بالتقادم الطويل ، إذ يجوز له أن يعتبر حيازته كما لو كانت حيازة بسوء نية فيكم مدتها إلى خمس عشرة سنة بضم مدة سلفه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 463 ) .
( [1614] ) تاريخ النصوص :
م 956 : ورد هذا النص في المادة 1407 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يتضمن فقرة ثانية تجرى على الوجه الآتي : " إذا فقد الحائز الشيء دون أن يحوزه شخص آخر ، كان له أن يستبقى الحيازة يمحض نيته ما دام لم يفقد الأمل في العثور على المفقود : " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1031 في المشروع النهائي ، بعد حذف الفقرة الثانية " لأنها تطبيق للقواعد العامة " . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 1028 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 956 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ض 464 – ص 465 ) .
م 957 : ورد هذا النص في المادة 1408 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا فروقاً لفظية . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1032 في المشروع النهائي ، بعد إدخال تعديلات لفظية جعلت النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1029 ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 957 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 466 – ص 468 ) .
( [1615] ) التقنين المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 915 – 916 ( مطابق ) .
= التقنين المدنى الليبى م 960 - 961 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [1616] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " يفقد الحائز الحيازة إذا فقد عنصريها المادة والمعنوى ، أو فقد أحد العنصرين دون الآخر " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 467 ) .
( [1617] ) انظر آنفاً ص 890 .
( [1618] ) انظر آنفاً فقرة 302 - فقرة 307 .
( [1619] ) انظر آنفاً فقرة 5 وفقرة 10 - بودرى وتيسييه فقرة 323 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 150 .
( [1620] ) أوبرى ورو 2 فقرة 179 ص 116 .
( [1621] ) بودرى وتيسييه فقرة 233 - فقرة 235 - أوبرى ورو 2 فقرة 179 ص 116 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 150 ص 168 .
( [1622] ) انظر آنفاً فقرة 308 .
( [1623] ) انظر آنفاً فقرة 298 .
( [1624] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 467 .
( [1625] ) انظر آنفاً ص 897 هامش 1 .
( [1626] ) عبد المنعم فرج الصدة 368 ص 562 هامش 1 - وقارن محمد كامل مرسى 4 فقرة 28 - محمد على عرفة 2 فقرة 77 ص 131 - 132 وفقرة 86 ص 150 - منصور مصطفى منصور فقرة 165 ص 393 - أما إذا وضع شخص شيئاً فى منزله أو فى مكان ، ثم نسى أين وضعه ، فإنه لا يفقد حيازته ولا يعتبر أنه فقد السيطرة المادية عليه بمجرد نسيان المكان الذى وضعه فيه ، ذلك أن الشئ لا يزال فى حوزته ، وإذا تذكر مكانه بعد ذلك وأخذه ، فإن حيازته له تعتبر غير منقطعة ( بودرى وتيسييه فقرة 236 ) .
وفى فرنسا يميز القضاء بين المنقول والعقار . ففى المنقول تجرى القواعد العامة ، ويفقد الحائز الحيازة إذا فقد العنصر المادى وحده . أما فى العقار ، فيجوز أن يستبقى الحائز الحيازة بمحض نيته ( animo solo ) ، ولو فقد العنصر المادى . ويشترط لذلك ألا يكون شخص آخر قد استولى على العقار وحازه لمدة لا تقل عن سنة ( نقض فرنسى 13 ديسمبر سنة 1948 سيريه 1949 - 1 - 45 - 11 يناير سنة 1950 داللوز 1950 - 125 ) . وانظر مازو فقرة 1472 - مارتى ورينو فقرة 18 - كاربونييه ص 131 - أنسيكلوبيدى داللوز 3 لفظ Possession فقرة 27 - وقرب عبد المنعم فرج الصدة فقرة 368 ص 564 - ص 565 .
( [1627] ) انظر آنفاً فقرة 308 .
( [1628] ) ديمولومب 10 فقرة 174 - أوبرى ورو 2 فقرة 179 ص 117 - بودرى وتيسييه فقرة 234 .
( [1629] ) انظر آنفاً فقرة 308 .
( [1630] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " كذلك إذا انتقل العنصر المادى لشخص آخر ، ولكن انتقاله كان خلسة أو بالإكراه ، فإن الحائز لا يفقد الحيازة إلا إذا مضت سنة كاملة من الوقت الذى علم فيه بانتقال العنصر المادى ( مجموعة الأعمال التحضيرية ( 6 ص 467 ) . وانظر أوبرى ورو 2 فقرة 179 ص 116 - ص 117 .
( [1631] ) أوبرى ورو 2 فقرة 179 ص 117 - لانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 150 ص 168 .
( [1632] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 150 ص 168 .
( [1633] ) مراجع : Arclambault et Senly فى القاموس العملى لدعاوى الحيازة وإقامة الحدود جزآن سنة 1889 - سنة 1890 - Bagent فى دعاوى الحيازة وصلتها بالقانون المدنى طبقاً لقضاء محكمة النقض سنة 1923 - Raviart فى دعاوى الحيازة وإقامة الحدود الطبعة الخامسة سنة 1929 - Laplatte فى دعاوى الحيازة وإقامة الحدود سنة 1941 .
رسائل : Bourcart فى دعاوى الحيازة باريس سنة 1880 - Birague d'apremont فى دعوى منع التعرض باريس سنة 1902 - Lecourt فى التكييف القانونى لدعوى استرداد الحيازة Caen سنة 1931 - are فى حماية الحيازة فى حقوق الارتفاق سنة 1934 - Gilles فى دعوى استرداد الحيازة سنة 1936 - Steinher فى التعرض القائم على تصرف قانونى فى دعاوى الحيازة ستراسبورج سنة 1938 - Durif فى حماية الحيازة فى العقار ستراسبورج سنة 1942 - Lafage فى دعوى منع التعرض فى حقوق الارتفاق غير المستمرة وفى حقوق الاستعمال فى الريف بواتييه سنة 1942 .
( [1634] ) أوبرى ورو 2 فقرة 185 ص 175 وهامش 2 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 184 - على أن هناك استثناء نرى فيه حيازة المنقول تحميه دعاوى الحيازة ، وهذه هى حيازة حق المستأجر . فحق المستأجر ، ولو كانت العين المؤجرة عقاراً ، يعتبر منقولاً ( الوسيط 8 فقرة 108 ص 201 ) . ومع ذلك فهناك نصر صريح يقضى بجواز أن يحتمى المستأجر فى حيازته لحقه ، إذا كانت العين المؤجرة عقاراً طبعاً ، بدعوى الحيازة ، إذ تنص المادة 575 / 1 مدنى على أنه " لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض المادى إذا صدر من أجنبى ما دام المتعرض لا يدعى حقاً ، ولكن هذا لا يخل بما للمستأجر من الحق فى أن يرفع باسمه على المتعرض دعوى المطالبة بالتعويض وجميع دعاوى وضع اليد "
( [1635] ) أوبرى ورو 2 فقرة 185 ص 175 هامش 3 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 184 ص 193 .
( [1636] ) استئناف مختلط 14 مارس سنة 1895 م 7 ص 188 - 24 مارس سنة 1897 م 9 ص 235 .
( [1637] ) أوبرى ورو 2 فقرة 185 ص 188 - ص 189 .
( [1638] ) انظر الوسيط 8 فقرة 68 - وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 186 .
وتحمى دعاوى الحيازة أيضاً حيازة المنشآت المقامة فى الأرض ، بناء كانت أو غراساً ، إذا كانت ملكية هذه المنشآت مستقلة عن ملكية الأرض ، إذ تعتبر فى هذه الحالة عقاراً مستقلاً عن الأرض وتحمى حيازتها كما تحمى حيازة الأرض نفسها ( أوبرى ورو 2 فقرة 185 ص 178 ) .
( [1639] ) ويلحق بحقوق الارتفاق ، فيحمى بدعاوى الحيازة ، القيود الواردة على الملكية ، وهى القيود المتعلقة بالرى والصرف من شرب ومجى ومسيل ، وحق المرور ، والمطلات . فإذا حصل الجار فى الحدود التى رسمها القانون على حق الشرب من ماء جاره ، أو حق المرور فى أرض جاره ، أو فتح مطلاً على عقار جاره ، فإنه يستطيع أن يحمى حيازته بجميع دعاوى الحيازة .
( [1640] ) وتجوز حماية حق المستأجر بدعاوى الحيازة ، ولو أن هذا الحق حق شخصى ، شرط أن يكون متعلقاً بعقار .
( [1641] ) ولم يورد المشروع الجديد لتقنين المرافعات مقابلاً للمادة 47 مرافعات ، مع أنه عرض لدعاوى الحيازة فى المادة 44 منه دون أن يجعل هذه الدعاوى من اختصاص القضاء الجزئى . وبالرغم من أنه لم يرد فى المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع شئ يبين العلة التى من أجلها لم ينص المشروع على اختصاص القضاء الجزئى بنظر دعاوى الحيازة ، إلا أنه يبدو أن عدم إيراد نص فى هذا المعنى متعمد . وذلك معناه أن الاختصاص بنظر دعاوى الحيازة تتبع فى شأن القواعد العامة فى الاختصاص النوعى الواردة فى المشروع الجديد ، فيختص القضاء الجزئى بنظر هذه الدعاوى إذا كانت قيمة العقار لا تجاوز خمسمائة جنيه ، ويكون حكمه انتهائياً إذا لم تجاوز قيمة العقار مائة وخمسين جنيهاً ، فإن زادت القيمة على هذا المقدار جاز استئناف الحكم أمام المحكمة الابتدائية وعندئذ لا يكون الحكم النهائى الصادر من المحكمة الابتدائية قابلاً للطعن فيه بالنقض . وإذا زادت قيمة العقار على خمسمائة جنيه كانت المحكمة الابتدائية هى المختصة بنظر دعاوى الحيازة ، وتستأنف أحكامها أمام محكمة الاستئناف وعندئذ تكون الأحكام النهائية الصادرة من محكمة الاستئناف قابلة للطعن فيها بالنقض . ولعل هذا هو السبب الذى دعا واضعى المشروع الجديد لتقنين المرافعات إلى الانحراف عن التقاليد المستقرة فى جعل دعاوى الحيازة من اختصاص القضاء الجزئى ، إذ يبدو أنهم أرادوا أن يفتحوا باب النقض لهذه الدعاوى عن طريق الطعن فى الأحكام النهائية التى تصدر فيها من محاكم الاستئناف .
( [1642] ) نقض فرنسى 10 مايو سنة 1865 داللوز 65 - 1 - 412 - وانظر فى ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 187 .
( [1643] ) انظر فى ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 185 ص 193 هامش 5 .
( [1644] ) انظر أوبرى ورو 2 فقرة 184 ص 173 - ص 174 وفقرة 189 ص 239 هامش 9 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 185 وفقرة 206 ص 213 - أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ actcon possessoire فقرة 4– فقرة 10 .
( [1645] ) تاريخ النصوص :
م 958 : ورد هذا النص فى المادة 1409 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1033 فى المشروع النهائى ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1030 ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية أخرى . ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 958 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 469 - ص 471 ) .
م 959 : ورد هذا النص فى المادة 1410 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - غير أنه إذا لم يكن من انتزعت منه الحيازة قد انقضت على حيازته سنة وقت انتزاعها فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أفضل . 2 - والحيازة الأفضل هى الحيازة التى تقوم على سند قانونى ، فإذا لم يكن لدى الحائز سند أو تعادلت سندات الحائزين كانت الحيازة الأفضل هى الحيازة الأسبق فى التاريخ " . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1034 فى المشروع النهائى ، بعد إدخال تعديلات لفظية بسيطة . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1031 ، بعد تعديله تعديلاً جعله مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 959 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 472 - ص 474 ) .
م 960 : ورد هذا النص فى المادة 1411 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1035 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1032 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 960 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 474 - ص 475 ) .
( [1646] ) ولكن انظر م 26 فقرة ثانية / 29 فقرة رابعة من تقنين المرافعات السابق ، ونصها : " ويحكم ( القاضى الجزئى ) أيضاً فى الدعاوى الآتى بيانها ويكون حكمه انتهائياً : . . . . ( ثالثاً ) الدعاوى المتعلقة بالمنازعة فى وضع اليد على العقار المبينة على فعل صادر من المدعى عليه لم تمصى عليه سنة قبل رفع الدعوى " .
( [1647] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل ( ولكن انظر تقنين المرافعات السورى ) .
التقنين المدنى الليبى م 962 - 964 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1150 : 1 - لحائز العقار ، إذا انتزعت منه الحيازة ، أن يطلب من محكمة الصلح خلال سنة من تاريخ الانتزاع ردها إليه . فإذا كان انتزاع الحيازة خفية ، بدأ سريان المدة من وقت أن ينكشف ذلك . ويجوز أيضاً أن يسترد الحيازة ممن كان حائزاً بالنيابة عن غيره 2 - وإذا لم يكن من انتزعت منه الحيازة قد انقضت على حيازته سنة من وقت انتزاعها ، فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أفضل . والحيازة الفضلى هى التى تقوم على سند قانونى . وإذا أبرز كل من الطرفين سنداً قانونياً ، فضل صاحب السند الأقدم تاريخاً سواء تلقيا العقار من شخص واحد أو من أشخاص مختلفة, إذا كان أحدهما تلقى العقار من الآخر فضل صاحب السند المتأخر تاريخاً . وإذا تعادلت السندات أو لم يكن لدى أى منهما سند ، فضل من كان أسبق فى الحيازة . فإذا استويا فى ذلك ، حكم لهما بالاشتراك فى الحيازة . 3 - وإذا لم يلجأ من انتزعت منه الحيازة إلى الطرق القانونية بل استرد حيازته إكراهاً وتغلباً ، وطالب الطرف الآخر بإعادة يده السابقة ، حكم بإعادة يده ، وللحائز الأول بعد ذلك أن يلجأ إلى الطرق القانونية لاسترداد حيازته .
م 1151 : إذا أقام الحائز دعوى وضع اليد لاسترداد حيازته ، فله أن يطلب منع المدعى عليه من إنشاء أبنية أو غرس أشجار فى العقار المتنازع فيه أثناء قيام الدعوى ، بشرط أن يقدم تأمينات كافية لضمان ما قد يصيب المدعى عليه من الضرر إذا أظهر أن المدعى غير محق فى دعواه .
م 1152 : 1 - إذا كان المدعى عليه قد أنشأ أبنية أو غرس أشجاراً فى العقار المتنازع فيه قبل أن يمنع من ذلك ، فله أن يطلب بقاء الأبنية والأشجار مع العقار فى حيازته حتى يفصل فى دعوى الملكية ، بشرط أن يقدم تأمينات كافية لضمان ما قد يصيب المدعى من الضرر إذا لم يثبت المدعى عليه ملكيته ، وبشرط أن يرفع دعوى الملكية فى خلال شهر واحد من تاريخ تقدميه هذه التأمينات . فإذا لم يقدم التأمينات المذكورة ، أو تأخر فى رفع دعوى الملكية عن الميعاد المذكور ، سلم العقار مع ما أحدث فيه من منشآت إلى المدعى إذا هو قدم التأمينات الكافية ، وإلا سلم إلى عدل . 2 - وإذا كان البناء أو الغرس واقعاً فى قسم من العقار المتنازع فيه ، فلا تطبق هذه الأحكام إلا على هذا القسم ، وتعاد يد المدعى على الباقى من العقار .
م 1153 : 1 - إذا كان للمدعى عليه زرع مدرك فى العقار المتنازع فيه ثم حكم برفع يده ، أمر بحصد الزرع وتسليم العقار خالياً للمدعى . 2 - وإذا كان البذر لم ينبت ، فللمدعى الخيار إن شاء أعطى مثل البذر أو قيمته وتملكه ، وإن شاء تربص حتى أدرك المحصول وحصده فى مقابل أجرى مثل العقار . 3 - وإذا كان البذر نابتاً ولم يدرك ، فللمدعى الخيار إن شاء تربص حتى إدراك المحصول وحصده فى مقابل أجر مثل العقار ، وإن شاء تسلم العقار مع ما عليه من الزرع إذا هو قدم تأمينات كافية لضمان ما قد يصيب المدعى عليه من الضرر إذا ثبتت ملكيته ، على أن يضمن المدعى قيمة البذر وحده إذا لم تثبت ملكية المدعى عليه .
( والتقنين العراقى يحفل بالتفصيلات ، وبخاصة فيما يتعلق بإنشاء الأبنية وغرس الأشجار ، والبذر إذا لم ينبت أو نبت ولم يدرك أو نبت وأدرك ، وهو فى مجموعه لا يخالف أحكام التقنين المصرى ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل . ولكن انظر تقنين أصول المحاكمات المدينة البنانى : م 13 - يحكم قضاة الصلح فى الدعاوى الآتية ، وأحكامهم تكون على الدوام قابلة للاستئناف : ( 1 ) الدعاوى التصرفية ( دعاوى اليد ) على شرط أن تقام فى خلال المهلة المنصوص عليها فى المادة 048 م 48 - لا تقبل الدعوى التصرفية نوعان : دعوى إعادة اليد وهى تستلزم وجود شخص نزعت يده ، ودعوى التعرض وهى تستلزم حصول تعرض لحق التصرف لم يلغ حد نزع اليد . م 50 - تقام دعوى إعادة اليد من قبل كل متصرف كان قبل نزع يده يتصرف تصرفاً مادياً متواصلاً سليماً ، وعلنياً خاليا ًمن الالتباس . ويحق للمستأجر وللمزارع أو صاحب الامتياز فى ملك الدولة العام أن يقيم هذه الدعوى على الشروط نفسها . ( وهذه الأحكام توافق أحكام التقنين المدنى المصرى ) .
( [1648] ) حيازة مادية حالية ، ومعنى كونها مادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ، ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الاتصال قائماً فى حال وقوع الغصب . وقد قضت محكمة النقض تطبيقاً لذلك بأنه إذا كان الثابت أن العقار محل الدعوى ( شادر ) قد صدر حكم بإغلاقه لمخالفة ارتكبها مستأجره ، ونقذ حكم الإغلاق بإخراج جميع الأشياء التى كانت به وإغلاق بابه وبوضع الأختام عليه ، فإن حيازة المستأجر المادية للشادر تكون قد زالت نتيجة تنفيذ الحكم الجنائى الصادر عليه . والقول بأن المستأجر ظل حائزاً رغم ذلك هو خطأ فى فهم معنى الحيازة ( نقض مدنى 5 يونيه سنة 1947 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 648 رقم 166 ) .
( [1649] ) استئناف مختلط 5 مارس سنة 1890 م 2 ص 282 - 26 فبراير سنة 1891 م 3 ص 191 - 10 مايو سنة 1892 م 4 ص 127 - 15 نوفمبر سنة 1893 م 6 ص 14 .
( [1650] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1889 م 1 ص 231 - 5 فبراير سنة 1890 م 2 ص 278 - 28 أبريل سنة 1904 م 16 ص 222 - 8 مارس سنة 1945 م 57 ص 86 ( حارس قضائى ) - أوبرى ورو 2 فقرة 189 ص 240 - ص 241 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 207 ص 216 .
( [1651] ) انظر آنفاً فقرة 318 .
( [1652] ) انظر فى استرداد الحيازة ن الغير ولو كانت حيازة على سبيل التسامح أو كانت مرخصاً فيها من جهة إدارية : نقض مدنى 26 يونيه سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 137 ص 251 - شبين الكوم الجزئية 11 سبتمبر سنة 1938 المحاماة 19 رقم 67 ص 148 - استئناف مختلط 18 يونيه سنة 1936 المحاماة 18 رقم 151 ص 290 .
( [1653] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 207 ص 216 - ص 217 - نقض فرنسى 4 يونيه سنة 1904 داللوز 1904 - 1 - 475 .
( [1654] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 207 ص 216 - ص 217 - نقض فرنسى أول يوليه سنة 1874 سيريه 75 - 1 - 82 - 20 أغسطس سنة 1891 داللوز 91 - 1 - 351 .
( [1655] ) انظر آنفاً فقرة 317 - وقد قضت محكمة النقض بأن دعوى استرداد الحيازة تقوم قانوناً على رد الاعتداء غير المشروع دون نظر إلى صفة واضع اليد ، فلا يشترط توافر نية التملك عند واضع اليد ولا وضع يده مدة سنة سابقة على التعرض ، ويصح رفعها ممن ينوب عن غيره فى الحيازة ، ويكفى لقبولها أن يكون فرافعها حيازة مادية حالة تجعل يده متصلة اتصالاً فعلياً قائماً فى حالة وقوع الغصب ( نقض مدنى 9 يناير سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 12 ص 62 ) - وانظر مصر الكلية 10 مارس سنة 1926 المحاماة رقم 87 ص 117 - نقض فرنسى سنة 1932 جازيت دى باليه 1932 - 1 - 790 - أوبرى ورو 2 فقرة 189 ص 241 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 207 ص 211 .
( [1656] ) وقد قضى بأن الغصب فى دعوى استرداد الحيازة يكفى فيه توجيهه إلى العقار ذاته ، دون حاجة إلى أن يكون الحائز محل اعتداء ، فالاستيلاء خلسة يقوم مقام الغصب ( أسيوط الكلية 26 يناير سنة 1928 المحاماة 9 رقم 73 ص 119 ) . وقضى بأنه يجوز أيضاً أن يكون الاغتصاب مبنياً على أفعال الغش والتدليس وبغير رضاء من اغتصب منه العقار ( نقض مدنى 15 يناير سنة 1948 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 587 رقم 8 ) . وإذا أدخل إنسان آخر فى عقار تحت حيازته تسامحاً ، وكان هذا الأخير يبطن نية اغتصابه ، فلا يعتبر بدء وقوع الاغتصاب إلا من يوم وضوح هذه النية ، وكذلك إذا كان الاغتصاب خفية فلا تبدأ السنة المحددة لرفع الدعوى إلا من يوم ظهورها للعيان ( بنى سويف الكلية 12 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 167 ص 268 ) . وقضى بأن تعتبر دعوى استرداد الحيازة مقبولة إذا كانت ناشئة عن نزع اليد ، بموجب حكم قضائى ، متى كان هذا الحكم غير ملزم قانوناً لحائز العقار ، حتى لو كان الحكم صادراً لمجرد تنفيذ حكم بتعيين حارس قضائى على العين ( استئناف مختلط 8 ديسمبر سنة 1932 المحاماة 14 رقم 206 ص 299 ) .
( [1657] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 208 ص 217 - مازو فقرة 1466 .
( [1658] ) نقض مدنى 26 يونيه سنة 1933 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض 25 عاماً جزء أول ص 648 رقم 161 - 22 أكتوبر سنة 1936 نفس المجموعة جزء أول ص 649 رقم 167 - 4 مايو سنة 1944 نفس المجموعة 1 ص 648 رقم 164 - 20 أكتوبر سنة 1955 نفس المجموعة 1 ص 648 رقم 162 - 9 يناير سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 12 ص 62 . بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 208 .
( [1659] ) نقض مدنى 3 فبراير سنة 1938 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 648 رقم 165 - نقض فرنسى 13 يناير سنة 1940 جازيت دى باليه 1940 - 1 - 424 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 208 ص 218 .
( [1660] ) وقد قضت محكمة النقض بأن دعوى استرداد الحيازة نستلزم بطبيعتها وقع أعمال عنف وقوة مادية تكون قد سلبت حيازة مادية أيضاً . وهى بهذه المثابة لا يمكن أن يكون موضوعها إعادة مسقى أو مصرف هدمهما المدعى عليه ويرى المدعى أن له حق ارتفاق عليهما ، إذا كانت المسقى أو المصرف اللذان هما محل الارتفاق مقطوعاً بأنهما فى يد المدعى عليه ( نقض مدنى 22 أكتوبر سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 380 ص 1167 ) .
وانظر نقض فرنسى 15 يونيه سنة 1898 داللوز 99 - 1 - 283 - 4 يونيه سنة 1904 داللوز 1904 - 1 - 475 - أوبرى ورو 2 قرة 189 ص 242 - ص 243 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 208 ص 218 ) .
( [1661] ) قرب أوبرى ورو 2 فقرة 189 ص 244 - ص 245 - وتنص المادة 1150 3 مدنى عراقى على ما يأتى : " وإذا لم يلجأ من انتزعت منه الحيازة إلى الطرق القانونية بل استرد حيازته إكراهاً وتغلباً ، وطالب الطرف الآخر بإعادة يده السابقة ، حكم بإعادة يده وللحائز الأول بعد ذلك أن يلجأ إلى الطرق القانونية لاسترداد حيازته " ( انظر آنفاً ص 912 هامش 1 ) .
( [1662] ) نقض فرنسى أول فبراير سنة 1922 جازيت دى باليه 17 مارس سنة 1922 - 21 أكتوبر سنة 1929 داللوز الأسبوعى 1929 - 489 - 18 يناير سنة 1949 سيريه 1950 - 1 - 14 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 209 ص 219 - أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ action posscssoire فقرة 163 - فقرة 167 - وانظر فيما يتعلق بدعوى منع التعرض ما يلى فقرة 335 .
( [1663] ) استئناف مختلط 21 مايو سنة 1942 م 54 ص 203 - 24 ديسمبر سنة 1942 م 55 ص 21 - 26 أبريل سنة 1945 م 57 ص 130 .
( [1664] ) انظر آنفاً فقرة 318 .
( [1665] ) أوبرى ورو 2 فقرة 189 ص 244 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 209 .
( [1666] ) انظر آنفاً فقرة 318 .
( [1667] ) والمدعى هو الذى يقع عليه عبء إثبات أنه رفع دعواه فى مدة السنة ( نقض فرنسى 28 أكتوبر سنة 1891 سيريه 92 - 1 - 183 - أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 199 ) . فإذا لم يرفع المدعى دعوى استرداد الحيازة فى مدة السنة ، بقى منتزع الحيازة مستبقياً إياها ، فأصبح هو نفسه حائزاً تحمى حيازته بجميع دعاوى الحيازة لأنها استمرت سنة كاملة . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " عدوى استرداد الحيازة ، ويستطيع الحائز أن يسترد بها حيازته ممن اغتصبها . ويشترط أن ترفع الدعوى فى السنة التالية لانتزاع الحيازة كرهاً ، أو لكشف انتزاعها خلسة . وترفع ضد من انتزع الحيازة ، أو من خلقه ولو كان حسن النية . على أن لحائز الذى يرفع دعوى استرداد الحيازة يجب أن يكون هو نفسه قد استمرت حيازته سنة كاملة على الأقل ، فإن لم تكن قد استمرت هذه المدة وانتزعت منه ، فإن كان لم يستردها فى خلال السنة ، كان من انتزع الحيازة هو الحائز وهو الذى تحمى حيازته لأنها بقيت سنة " . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 479 ) .
( [1668] ) نقض فرنسى 23 فبراير سنة 1880 سيريه 80 - 1 - 424 - 3 أبريل سنة 1906 سيريه 1907 - 1 - 417 23 نوفمبر سنة 1938 جازيت دى باليه 1939 - 1 - 178 - وانظر مارتى ورينو فقرة 212 أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ action possesoire فقرة 56 .
( [1669] ) وذلك ما لم يكن المدعى عليه هو جهة الإدارة ، وقامت هذه الجهة بأشغال عامة ravaus publics فى العقار ، فلا يجوز القضاء بهدم هذه الأشغال أو بإعادة الأرض إلى حالتها الأصلية ، لأن هذا ينطوى على تعطيل لتنفيذ قرار إدارى ولا ولاية للقضاء فى ذلك ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 210 - وانظر فيما يتعلق بدعوى منع التعرض ما يلى فقرة 333 ) .
( [1670] ) أوبرى ورو 2 فقرة 189 ص 245 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 210 .
( [1671] ) انظر آنفاً فقرة 318 .
( [1672] ) أوبرى ورو 2 فقرة 189 ص 245 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 210 .
( [1673] ) انظر الوسيط 8 فقرة 376 - فقرة 380 .
( [1674] ) انظر آنفاً فقرة 318 .
( [1675] ) ولا يعرف القانون الفرنسى هذه الحالة ، بل إنه يقضى برد الحيازة إلى المدعى متى أثبت أن حيازته انتزعت منه ولو بغير القوة ، ولو خلسة ، دون أن يفاضل بين حيازة المدعى وحيازة المدعى عليه كما يفاضل التقنين المصرى فيما رأيناه .
( [1676] ) انظر فى التكييف القانونى لدعوى استرداد الحيازة فى القانون الفرنسى : أوبرى ورو 2 فقرة 189 ص 239 - ص 240 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 206 ص 214 - 215 - كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1305 - مازو وفقرة 1466 - فقرة 1467 - مارى ورينو فقرة 216 - أنسيكلوبيدى داللوز لفظ action posessoire فقرة 125 - فقرة 134 .
( [1677] ) انظر آنفاً ص 918 .
( [1678] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1412 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1036 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1033 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 961 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 476 - ص 477 ) .
( [1679] ) ولكن انظر م 26 فقرة ثانية / 29 فقرة رابعة من تقنين المرافعات السابق ، ونصها : " ويحكم ( القاضى الجزئى ) أيضاً فى الدعاوى الآتى بيانها ويكون حكمه انتهائياً : . . . ( ثالثاً ) الدعاوى المتعلقة بالمنازعة فى وضع اليد على العقار المبينة على فعل صادر من المدعى عليه لم تمض عليه سنة قبل رفع الدعوى " .
( [1680] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل ( ولكن انظر تقنين المرافعات السورى ) .
التقنين المدنى الليبى م 965 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1154 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل – ولكن انظر تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى م 13 وم 48 - 49 ( سبق ذكرها آنفاً ص 912 هامش 1 ) وم 51 : إن دعوى التعرض تستلزم إقامتها وجود واضع يد كان منذ سنة على الأقل متصرفاً بنفسه أو بواسطة سلفائه تصرف جامعاً للأوصاف المبينة فى المادة السابقة . ( وهذا الحكم يوافق حكم التقنين المصرى ) .
( [1681] ) انظر آنفاً فقرة 319 .
( [1682] ) وإذا كانت الحيازة على الشيوع ، فللحائز على الشيوع أن يرتفع دعاوى وضع اليد على شركائه الذين ينكرون عليه حقه فى الانتفاع بمظاهر مادية تخالف حقوق الشركاء فى الشيوع ( نقض مدنى 11 مارس سنة 1937 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 647 رقم 159 - 4 مايو سنة 1944 نفس المجموعة جزء أول ص 648 رقم 160 - 16 ديسمبر سنة 1954 نفس المجموعة جزء أول ص 647 رقم 157 - 24 نوفمبر سنة 1955 نفس المجموعة جزء أول ص 647 رقم 157 ) - وانظر استئناف مختلط 19 يونيه سنة 1947 م 59 ص 254 .
( [1683] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا غصب شخص أطياناً وحكم عليه برد حيازته ، فحيازته إياها من وقت تقديم الشكوى الإدارية ضده إلى وقت تنفيذ الحكم الذى صدر عليه لا تعتبر حيازة هادئة . فلا يصح التمسك بها فى دعوى منع التعرض قبل صاحب اليد الذى حصل له تعرض جديد من الغاصب ، والذى توافرت فى وضع يده الشروط القانونية نقض مدنى 25 فبراير سنة 1943 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 587 رقم 9 .
( [1684] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 219 - ص 220 - بلاينول وريبير وبيكار 3 فقرة 201 ص 208 .
( [1685] ) انظر آنفاً فقرة 319 .
( [1686] ) وقد قضت محكمة النقض بأن وضع يد المستحق فى ريع العقار الموقوف لا يبيح له رفع دعوى منع التعرض ، لأن وضع يده فى هذه الحالة لا يقترن بنية التملك ( نقض مدنى 23 يناير سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 ص 106 ) .
( [1687] ) ويجوز للشريك فى الشيوع وحده أن يرفع دعوى منع التعرض ضد الغير دون حاجة إلى تدخل شركائه فى الشيوع معه فى الدعوى ، بل له أن يرفع هذه الدعوى ضد شركائه أنفسهم إذا تعرضوا لحيازته فى الشيوع بأعمال تتعارض مع هذه الحيازة ( أوبرى ور 2 فقرة 187 ص 216 ) .
( [1688] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 217 .
( [1689] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 216 - ص 217 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 201 .
( [1690] ) وقد رفضت محكمة النقض دعوى منع التعرض لحيازة قامت على أعمال التسامح إذا رفعت الدعوى من الحائز على المالك المتسامح ، فقضت بأنه متى كان الحكم المطعون فيه ، وهو بسبيل تحقيق توافر شرائط وضع اليد ، قد استخلص من الأدلة التى ساقها أن ترك مطلات منزل الطاعنة على العقار المبيع للمطعون عليه كان من قبيل التسامح من جانب البائع لهذا الأخير إذا لم يكن فيه أى اعتداء على ملكه ، وبذلك نفى نية التملك عن وضع يد الطاعنة وهو ركن أساسى من أركان دعوى منع التعرض ، فإن فى هذا وجده ما يكفى لإقامة الحكم برفض دعوى منع التعرض ( نقض مدنى 14 يونيه سنة 1951 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 646 رقم 149 ) .
وقد رأينا أنه ، على خلاف دعوى منع التعرض ، يجوز رفع دعوى استرداد الحيازة حتى فى هاتين الحالتين ، أى ضد المالك المتسامح وجهة الإدارة المرخصة ، لأن دعوى استرداد الحيازة لا تتطلب أن تكون الحيازة حيازة أصلية ، بل يكفى لجواز رفعها قيام حيازة عرضية ( انظر آنفاً فقرة 319 ) .
( [1691] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 220 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 201 ص 209 .
( [1692] ) انظر آنفاً فقرة 318 .
( [1693] ) انظر آنفاً فقرة 328 .
( [1694] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى : " دعوى منع التعرض : وهذا لا تعطى إلا لمن بقيت حيازته سنة كاملة ، وترفع فى خلال سنة من بدء التعرض " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 479 ) .
( [1695] ) انظر آنفاً فقرة 328 .
( [1696] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 22 هامش 36 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 202 ص 209 - مازو فقرة 1463 ص 1176 - مارتى ورينو فقرة 214 ص 222 .
( [1697] ) انظر ما يلى فقرة 385 - وليس من الضرورى أن تكون الأعمال المادية التى يباشر بها الحائز حيازته قد وقع بعضها فى خلال السنة السابقة على وقوع التعرض ، فقد قدمنا أن هذه الأعمال تتوقف على طبيعة الشئ ، فهناك أشياء تقتضى طبيعتها ألا تستعمل إلا فى أوقات تتخللها فترات طويلة ، فإذا انقطع الحائز عن استعمالها فى غير هذه الأوقات لم يعتبر انقطاعه هذا تخلياً منه عن الحيازة ( انظر آنفاً فقرة 275 - وانظر أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 221 - ص 222 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 202 ) .
( [1698] ) والحيازة واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ، فإذا كان الواقع يخالف ما هو ثابت بالأوراق ، فلا على المحكمة إذا هى أحالت دعوى منع التعرض على التحقيق وكلفت المدعى إثبات وضع يده الذى ينكره عليه خصمه ، ولو كان بيده محضر تسليم رسمى فى تاريخ سابق ( نقض مدنى 15 يونيه سنة 1950 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 646 رقم 152 ) .
( [1699] ) انظر آنفاً فقرة 301 .
( [1700] ) انظر آنفاً ص 893 هامش 4 - أوبرى ورى 2 فقرة 181 ص 136 هامش 4 وفقرة 187 ص 222 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 202 ص 210 .
( [1701] ) نقض فرنسى 5 مارس سنة 1901 سيريه 1903 - 1 - 451 - 11 يناير سنة 190 سيريه 1910 - 1 - 318 - أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 222 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 195 ص 203 .
( [1702] ) أما إذا كان بإذن فلا يعتبر تعرضاً . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا قرر الحكم أن التعرض لم يبدأ بوضع المتعرض " محيرة " فى أرض النزاع بإذن صاحب الأرض لأن هذا لا يعتبر تعرضاً لحقه بل هو تأييد لهذا الحق إذ حصل شغل أرضه برضاه ، وإنما يبدأ التعرض حينما يظهر شاغل الأرض أو غيره بحق يتعارض مع حقه فى حيازته للأرض ، فإن هذا الذى أورده الحكم صحيح فى القانون ( نقض مدنى 6 نوفمبر سنة 195 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 646 رقم 148 ) .
( [1703] ) استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1895 م 7 ص 245 - 10 مارس سنة 1904 م 16 ص 157 - 20 فبراير سنة 1913 م 25 ص 194 - 22 مايو سنة 1913 م 25 ص 398 - 19 يونيه سنة 1913 م 25 ص 458 - 20 أبريل سنة 1916 م 28 ص 264 - 10 فبراير سنة 1921 م 33 ص 174 - وانظر أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 223 - بلاينول وريبير وبيكار 3 فقرة 198 - وقد قضى بأنه يجوز رفع دعوى منع التعرض ودعوى استرداد الحيازة فى وقت واحد ، وبأنه يجوز لمن رفع دعوى التعرض أن يحولها إلى دعوى استردادا الحيازة دون أن يعد ذلك طلباً جديداً ( نقض فرنسى 4 أغسطس سنة 1913 داللوز 1917 - 1 - 66 ) . وهذا هو ما ذهبت إليه محكمة النقض فى مصر ، فقد قضت بأنه لا تثريب على المحكمة فى أثنا نظر دعوى منع التعرض أن تعتبرها دعوى استرداد حيازة ، تحكم فيها على هذا الأساس متى تبينت توافر شروطها . ذلك أنه لا تنافر ولا تعارض بين الدعويين ، لأن أساسهما واحد هو الحيازة المادية بشروطها القانونية ، والغرض منهما واحد هو حماية تلك الحيازة من الاعتداء عليها ( نقض مدنى 16 ديسمبر سنة 1945 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 642 رقم 124 ورقم 125 ) .
( [1704] ) واستفاد النزاع فى وضع اليد من التشكيات والمعارضات الحاصلة من مدعى الملكية هى من المسائل الموضوعية المتروكة لمطلق تقدير قاضى الموضوع ، ولا هيمنة عليه لمحكمة النقض ( نقض مدنى 28 أبريل سنة 1932 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 646 رقم 151 ) .
( [1705] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 223 - ص 224 وص 223 هامش 22 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 195 - نقض فرنسى 3 مايو سنة 1897 داللوز 97 - 1 - 481 - 5 مارس سنة 1901 سيريه 1903 - 1 - 450 - 21 فبراير سنة 1947 داللوز 1947 - 239 .
( [1706] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 195 ص 204 - نقض فرنسى 5 مارس سنة 1925 جازيت دى باليه 9 يوليه سنة 1925 .
( [1707] ) أوبرى ورو فقرة 187 ص 222 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 195 ص 204 .
( [1708] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 235 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 950 ص 204 - نقض فرنسى 23 فبراير سنة 1937 جازيت دى باليه 937 - 1 - 721 - 21 فبراير سنة 1944 سيريه 1945 - 1 - 45 - 31 يناير سنة 1950 - جازيت دى باليه 1950 - 1 - 223 .
( [1709] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 225 .
( [1710] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 223 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 196 ص 204 - نقض فرنسى 5 مارس سنة 1901 سيريه 1903 - 1 - 450 - 29 نوفمبر سنة 1933 سيريه 1934 - 1 - 88 - 11 ديسمبر سنة 1934 جازيت دى باليه 1935 1 - 239 - وإذا كان هناك ممر بين عدة شركاء ، فأقام أحدهم حوائط حول عقاره من شأنها تضييق الممر إلى حد كبير ، كان هذا تعرضاً مادياً لباقى الشركاء ( استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1942 م 54 ص 82 ) . وانظر أيضاً نقض مدنى 28 نوفمبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 158 ص 1112 ( إقامة السلم جميعه بعمده الأربعة داخل الممر ) . وإذا أقام صاحب أرض محاذية لضفة النهر أعمالاً فى الضفة الغرض منها ، ليس فحسب حماية ضفته ، بل أيضاً تحويل التيار إلى الضفة المقابلة ، كان هذا تعرضاً مادياً لصاحب الأرض المحاذى لهذه الضفة الأخيرة ( نقض فرنسى أول ديسمبر سنة 1829 سيريه 30 - 1 - 32 - أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 223 هامش 23 ) .
( [1711] ) وقد قضت محكمة النقض بأن القانون يحمى وضع اليد من كل تعرض له ، ويستوى فى ذلك أن يكون التعرض اعتداء محضاً من المتعرض أو بناء على حكم مرسى مزاد لم يكن واضح اليد خصماً فيه ، غذ الأحكام لا حجية لها إلا على الخصوم ، ولا يضار بها من لم يكن طرفاً فيها ، لا فرق فى هذا بين حم مرسى المزاد وغيره من الأحكام ( نقض مدنى 17 يناير سنة 1946 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 587 رقم 7 ) . وانظر فى هذا المعنى استئناف مختلط 4 يونيه سنة 1914 م 26 ص 408 - قضت أيضاً محكمة النقض بأن كال ما يوجه إلى واضع اليد على أساس ادعاء حق يتعارض مع حقه يصلح لأن يكون أساساً رفع دعوى منع التعرض ، حتى لو لم يكن هناك غصب . وإذن فمتى كان الطاعن قد تدخل فى الدعوى التى أقامها المطعون عليه الثانى على المطعون عليه الثالث مدعياً أن له حقاً على الأرض محل النزاع فى مواجهة المطعون عليه الأول الذى تدخل أيضاً فى تلك الدعوى ، فإن هذا الادعاء من الطاعن يعتبر تعرضاً للمطعون عليه الأول يجيز له رفع منع التعرض ( نقض مدنى 6 نوفمبر سنة 1952 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 641 رقم 115 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يعتبر تعرضاً قائماً على تصرف قانونى موجباً لدعوى منع التعرض الإنذار المعلن إلى من يدعى ملكية حائط وضع يده عليه ، وقد نبه من أعلن الإنذار واضع اليد على الحائط بعدم إجراء أى تعديل فى حالته بدعوى أنه حائط مشترك بين الطرفين ( استئناف مختلط 23 أبريل سنة 1936 المحاماة 17 رقم 623 ص 1249 ) . وانظر أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 202 - ص 203 وفقرة 187 ص 228 - ص 229 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 196 - أنسيكلوبيدى داللوز لفظ 1 ( action possessoire ) فقرة 81 - فقرة 91 .
( [1712] ) مجلس الدولة الفرنسى 11 أبريل سنة 1863 سيريه 63 - 2 - 183 .
( [1713] ) وقد قضت محكمة النقض بأن التعرض المستند إلى أمر إدارى اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض ، وذلك لما يترتب حتماً على الحكم فى هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه ، وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 15 من قانون السلطة القضائية . ولا يكون للحائز فى هذه الحالة من سبيل لرفع هذا التعرض سوى الالتجاء إلى القضاء الإدارى لوقف تنفيذ الأمر الإدارى أو إلغائه ( نقض مدنى أول ديسمبر سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 254 ص 1763 ) . وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 199 ص 207 - مجلس الدولة الفرنسى 9 مارس سنة 1870 سيريه 71 - 2 - 285 - نقض فرنسى 14 أبريل سنة 1899 سيريه 99 - 1 - 367 .
( [1714] ) نقض فرنسى ( دوائر مجتمعة ) 10 يوليه سنة 1854 داللوز 54 - 1 - 628 - نقض فرنسى 12 فبراير سنة 1883 سيريه 83 - 1 - 312 .
( [1715] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 236 - ص 237 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 199 ص 207 .
( [1716] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 199 - انسيكلوبيدى داللوزلفظ ( action possessoire ) فقرة 224 - فقرة 228 - نقض فرنسى 8 أبريل سنة 1913 داللوز 1916 - 1 - 258 .
( [1717] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 225 وص 236 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 200 ص 208 - نقض فرنسى 9 يناير سنة 1872 داللوز 2 - 1 41 - 19 يوليه سنة 1882 داللوز 82 - 1 - 340 - 9 يونيه سنة 1885 سيريه 87 - 1 - 109 .
( [1718] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 200 ص 208 - نقض فرنسى 13 ديسمبر سنة 1904 داللوز 1905 - 1 - 194 .
( [1719] ) نقض فرنسى 20 أكتوبر سنة 1914 داللوز 1916 - 1 - 188 - أول فبراير سنة 1922 داللوز 1925 - 1 - 64 - 21 أكتوبر سنة 1929 جازيت دى باليه 1929 - 2 - 785 - 18 يناير سنة 1949 سيريه 1950 - 1 - 147 .
( [1720] ) نقض فرنسى 21 أكتوبر سنة 1929 جازيت دى باليه 1929 - 2 - 785 .
( [1721] ) انظر ما يلى فقرة 348 وما بعدها وانظر فيما يتعلق بعدم جواز الالتجاء إلى دعوى استرداد الحيازة لتنفيذ عقد أنفً فقرة 320 - وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 197 - أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ action possessoire - وقارن نقض مدنى 3 فبراير سنة 1938 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 641 رقم 117 .
وعلى ذلك لا يجوز الالتجاء إلى دعوى منع التعرض إذا قطعت شركة الكهرباء أو الغاز عن المشترك الكهرباء أو الغاز ، لوجود عقد بين الشركة والمشترك هو الذى يحكم العلاقة فيما بين الطرفين ( نقض فرنسى 20 أكتوبر سنة 1914 داللوز 1916 - 1 - 188 - أول فبراير سنة 1922 داللوز 1925 - 1 - 64 ) .
( [1722] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 218 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 203 .
( [1723] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 218 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 203 - نقض فرنسى 12 نوفمبر سنة 1907 سيريه 1910 - 1 - 498 .
( [1724] ) انظر آنفاً ص 918 .
( [1725] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 218 - ص 219 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 203 .
( [1726] ) انظر آنفاً فقرة 328 .
( [1727] ) نقض فرنسى 9 ديسمبر سنة 1903 سيريه 1904 - 1 - 501 - 16 ديسمبر سنة 1929 جازيت دى باليه 1930 - 1 - 304 - 9 يوليه سنة 1946 داللوز 1946 - 294 .
( [1728] ) قر به أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 200 .
( [1729] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 199 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 188 - نقض فرنسى 18 ديسمبر سنة 1899 داللوز 1900 - 1 - 131 .
( [1730] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 200 - أما إذا كانت الدعوى التى يرفعها المدعى فى هذه الحالة هى دعوى وقف الأعمال الجديدة لا دعوى منه التعرض ، فإن السنة تسرى ، كما سيأتى ، من وقت البدء بهذه الأعمال . فإذا فات المدعى رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة فى خلال هذه المدة ، كان له أن يرفع دعوى منع التعرض فى خلال سنة من وقت تقدم الأعمال حتى تصبح تعرضاً واقعاً ( أوبرى ورو فقرة 186 ص 201 هامش 14 ) .
( [1731] ) ومع ذلك قضت محكمة النقض بأن مدة السنة المشترطة فى المادة 26 مرافعات ( قديم ) عدم مضيها على الفعل الصادر من المدعى عليه هى مدة تقادم خاص ، تسرى عليه قواعد الانقطاع التى تسرى على التقادم المسقط العادى ( نقض مدنى 13 ديسمبر سنة 1945 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 642 رقم 118 ) . وبنت على ذلك أنه إذا رفع واضع اليد دعواه أمام القضاء المستعجل طالباً إزالة اليد موضوع النزاع وتمكينه من رى أطيانه بواسطة إزالة السد ، فإن هذا الطلب إذ يعتبر بمبناه ومعناه طلباً بمنع التعرض يقطع مدة دعوى وضع اليد ولو حكمت المحكمة المستعجلة بعدم اختصاصها ، لن رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة بقطع المدة . والدفع بأن التكليف بالحضور أمام قاضى الأمور المستعجلة لا يقطع التقادم لأنه لا يؤدى إلا إلى إجراءات وقتية بقصد تأييد الحق فيما بعد فلا يستنتج منه معنى الطلب الواقع فعلاً للمحكمة بالحق المراد اقتضاؤه - هذا الدفع لا محل له حين يكون المدعى قد رفع أمام هذا القاضى طلباً خاصاً بموضوع منع التعرض ( نقض مدنى 13 ديسمبر سنة 1945 نفس المجموعة جزء أول ص 642 رقم 122 ) . وانظر أيضاً فى معنى أن مدة السنة مدة تقادم يرد عليه الوقف والانقطاع استئناف مختلط 25 يناير سنة 1945 م 57 ص 42 .
( [1732] ) انظر آنفاً فقرة 321 .
( [1733] ) ولا يجوز للمحكمة أن ترفض دعوى منع التعرض حتى لو ثبت لها أن أعمال التعرض قد انقطعت من قبل رفع الدعوى ( أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 231 - ص 232 ) .
( [1734] ) وقد قضت محكمة النقض بأن ولاية قاضى الحيازة فى دعوى منع التعرض ، على ما جرى به قضاء محكمة النقض ، تتسع لإزالة الأفعال المادية التى يجريها المدعى عليه ، باعتبار أن القضاء بها هو من قبيل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض ( نقض مدنى 7 فبراير سنة 1967 مجموعة أحكام النقض 18 رقم 45 ص 296 ) . وانظر نقض فرنسى 14 يونيه سنة 1967 مجموعة أحكام النقض 18 رقم 45 ص 296 ) . وانظر نقض فرنسى 14 يونيه سنة 1948 جازيت دى باليه 1948 - 2 - 69 .
( [1735] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 235 - ص 236 - نقض فرنسى 17 يناير سنة 1894 سيريه 96 - 1 - 115 .
( [1736] ) انظر آنفاً فقرة 333 .
( [1737] ) انظر ما يلى فقرة 348 وما بعدها .
( [1738] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد قضى بمنع تعرض المدعى عليه فى الطريق موضوع النزاع ، وكذلك بإزالة البناء الذى أقامه فيه المدعى عليه إذا لم يرفع فى خلال أجل معين دعوى بملكيته للطريق ونفى حق ارتفاق المرور عليه للمدعى ، فإن هذا الحم لا يجعل تنفيذ الإزالة مرهوناً بنتيجة الفصل فى دعوى الحق ، بل يجعله مرهوناً بأمر آخر منقطع الصلة بتلك النتيجة وهو قيام المدعى عليه برفع الدعوى بالحق فى خلال أجل معين ، وليس فى هذا القضاء مخالفة لنص الفقرة الثانية من المادة 48 مرافعات . ذلك أنه وإن كانت ولاية قاضى الحيازة فى دعوى منع التعرض تتسع لإزالة الأعمال المادية التى يجريها المدعى عليه باعتبار أن قضاءه فى هذه الحالة هو من قبيل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض ، إلا أنه له فى هذا الخصوص أن يقدر موجبات الإزالة ، فيقضى بها أو يقرن قضاءه فى خصوصها . بأجل يحدده للمدعى عليه ليرفع فى خلاله الدعوى بالحق ( نقض مدنى 13 فبراير سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 ص 149 ) - وانظر أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 235 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 204 - نقض فرنسى 28 يناير سنة 1879 سيريه 80 - 1 - 25 .
( [1739] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 235 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 204 - نقض فرنسى 24 أبريل سنة 1923 سيريه 1923 - 1 - 341 .
( [1740] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 234 - نقض فرنسى 9 يونيه سنة 1885 سيريه 87 - 1 - 119 - 19 أكتوبر سنة 1887 سيريه - 1 - 211 .
( [1741] ) انظر آنفاً فقرة 325 .
( [1742] ) أوبرى ورو 2 فقرة 187 ص 232 - ص 233 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 204 .
( [1743] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1413 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1037 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1034 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 962 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 447 - ص 480 ) .
( [1744] ) ولكن انظر م 26 فقرة / 29 فقرة رابعة من تقنين المرافعات السابق ونصها : " ويحكم ( القاضى الجزئى ) أيضاً فى الدعاوى الآتى بيانها ويكون حكمه انتهائياً : . . . . ( ثالثاً ) الدعاوى المتعلقة بالمنازعة فى وضع اليد على العقار المبنية على فعل صادر من المدعى عليه لم تمض عليه سنة قبل رفع الدعوى " .
( [1745] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل ( ولكن انظر تقنين المرافعات السورى ) .
التقنين المدنى الليبى م 966 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( ولكن انظر المواد 13 و 48 - 49 و 51 من تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى : آنفاً ص 912 هامش 1 وص 926 هامش 4 ) .
( [1746] ) فدعوى وقف الأعمال الجديدة هى إذن دعوى مستقلة من دعاوى الحيازة ، وقد أفردها التقنين المدنى المصرى نصاً مستقلاً ، واعتبرها القضاء الفرنسى دعوى مستقلة ( نقض فرنسى 4 فبراير سنة 1856 داللوز 56 - 1 - 297 - 7 أبريل سنة 1875 داللوز ؟؟؟؟ - 1 - 381 - 21 فبراير سنة 1910 داللوز 1912 - 1 - 65 ) - وانظر أيضاً أوبرى ورو 2 فقرة 188 ص 237 هامش 2 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 205 .
( [1747] ) نقض فرنسى 15 يونيه سنة 1922 سيريه 1922 - 1 - 279 .
( [1748] ) انظر آنفاً فقرة 339 .
( [1749] ) انظر آنفاً فقرة 329 .
( [1750] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وموضوع الدعوى ليس هو تعرضاً تم ، بل أعمالاً لو تمت لكان فيها تعرض للحيازة ، كما إذا بدأ شخص بناء حائط لو تم لسد النور على مطل للجار " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 479 ) .
( [1751] ) انظر آنفاً فقرة 339 .
( [1752] ) أوبرى ورو 2 فقرة 188 ص 238 .
( [1753] ) انظر فقرة 339 .
( [1754] ) انظر آنفاً فقرة 341 .
( [1755] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " فيرفع الجار دعوى وقف الأعمال الجديدة بشرط ألا يكون قد مضى عام على العمل الذى بدأ ، وبشرط ألا يكون العلم قد تم ، فإن تم العمل كانت الدعوى التى ترفع هى دعوى منع التعرض " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 479 ) .
( [1756] ) انظر أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 201 هامش 14 .
( [1757] ) انظر آنفاً فقرة 331 .
( [1758] ) انظر آنفاً فقرة 337 .
( [1759] ) استئناف مختلط 2 ابريل سنة 1903 م 15 ص 229 - والقضاء بوقف الأعمال الجديدة هو قضاء مؤقت ، فللمدعى عليه أن يمضى فيها إذا قضى لمصلحته فى دعوى الملكية أو دعوى موضوع الحق ( أوبرى ورو 2 فقرة 188 ص 239 - نقض فرنسى 21 فبراير سنة 1910 سيريه 1913 - 1 - 385 ) .
( [1760] ) انظر آنفاً فقرة 339 .
( [1761] ) انظر آنفاً فقرة 339 .
( [1762] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " فإذا ما استوفت دعوى وقف الأعمال الجديدة شروطها ورفعت فى الميعاد ، كان للقاضى حسب تقديره أن يمنع استمرار الأعمال أو أن يأذن فى استمرارها بكفالة فى الحالتين . فتكون الكفالة فى الحالة الأولى لضمان التعويض فيما إذا تبين فى دعوى الموضوع أن الأعمال التى وقفت كان ينبغى أن تستمر ، وفى الحالة الثانية لضمان التعويض فيما إذا تبين أن الأعمال التى أذن فى استمرارها كان ينبغى أن توقف " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 479 - ص 480 ) .
( [1763] ) انظر بلانويل وريبير وبيكار 3 فقرة 250 - وقد تتحول دعوى وقف الأعمال الجديدة إلى دعوى منع تعرض ، إذا تضمنت الأعمال الجديدة تهديداً خطيراً بأن يقع التعرض فعلاً لو تمت هذه الأعمال ، وعند ذلك يجوز للقاضى أن يأمر بإزالة الأعمال الجديدة لا بوقفها فحسب على اعتبار أن هذا التهديد الخطير قد حول الدعوى إلى دعوى منع تعرض يجوز الحكم فيها بالإزالة ( بازو فقرة 1464 - أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ action possessoire فقرة 117 - فقرة 123 - نقض فرنسى 4 فبراير سنة 1856 داللوز 56 - 1 - 296 ) .
وتختلف دعوى وقف الأعمال الجديدة عن الطلب المستعجل . وقد قضت محكمة النقض فى هذا الصدد بأن دعوى وقف الأعمال الجديدة تعد من دعاوى وضع اليد على عقار أو حق عينى عقارى ، وموضوعها حماية اليد من تعرض يهددها ، ويقضى الفصل فيها ثبوت الحيازة القانونية ، وتوافر أركانها والشروط اللازمة لحمايتها . وتختلف هذه الدعوى عن الطلب المستعجل الذى يرفع إلى قاضى الأمور المستعجلة بوصفه كذلك ويقضى على هذا الأساس ، إذ مناط اختصاصه بنظر هذا الطلب أن يقوم على توافر الخطر والاستعجال الذى يبرر تدخله لإصدار قرار وقتى ، يراد به رد عدوان يبدو للوهلة الأولى أنه بغير حق ومنع خطر لا يمكن تداركه أو يخشى استفحاله إذا ما فات عليه الوقت . والحكم الذى يصدره القاضى المستعجل فى هذا الشأن هو قضاء بإجراء وقتى لا يمس أصل الحق ( نقض مدنى 18 يناير سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 20 ص 147 ) .
( [1764] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 22 فى الهامش – وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " والوسيلة الثانية لحماية حق الملكية هى دعاوى الملكية التى وضعت على غرار دعاوى الحيازة ، ولكن هذه أكثر استعمالا لسهولتها . فللمالك أن يسترد ملكه من أى يد كانت وهذا ما يسمى بدعوى الاستحقاق ، وله أن يطلب منع تعرض الغير لملكه ، وإيقاف كل عمل لو تم لكان تعرضا . ولكنه فى هذه الدعاوى الثلاث يطالب بإثبات حق ملكيته . وأهم هذه الدعاوى وأكثرها انتشارا هى دعوى الاستحقاق . والأصل فى دعوى الاستحقاق أن ترفع على الحائز ، فهو المدعى عليه فى هذه الدعوى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 24 ) .
( [1765] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 23 فى الهامش .
( [1766] ) الوسيط 8 فقرة 370 ص 598 .
( [1767] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1414 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " إذا تنازع أشخاص متعددون على حيازة شىء واحد ، أعتبر حائزاً بصفة مؤقتة من كانت له الحيازة المادية ، إلا إذا كان واضحاً أنه قد حصل على هذه الحيازة من غيره بطريقة معيبة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1038 فى المشروع النهائى عبد إدخال بعض تعديلات لفظية . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1035 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 963 ، بعد استبدال كلمة " حق " بكلمة " شىء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 481 - ص 482 )
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 967 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [1768] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 201 – ص 202 – وأنظر ، فيما إذا تنازع شخصان حيازة حق ، فى قواعد المناضلة ما بين الحيازتين المقررة فى المادة 959 / 1 مدنى وتنص على أن " الحيازة الأحق بالتفضيل هى الحيازة التى تقوم على سند قانونى ، فإذا لم يكن لدى أى من الحائزين سند ، أو تعادلت مستنداتهم ، كانت الحيازة الأحق هى الأسبق فى التاريخ ، وقد سبق بسط هذه القواعد ( أنظر فقرة 325 ) .
( [1769] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1415 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - من كان حائزاً للشىء أو للحق ، اعتبر مالكاً له حتى يقوم الدليل على العكس . 2 - وإذا أدعى الحائز أن حيازته تقوم على حق غير الملكية شخصياً كان أو عينياً ، اعتبرت الحيازة قرينة على وجود هذا الحق ، ولكن لا يجوز للحائز أن يحتج بهذه القرينة على من تلقى منه الحيازة " . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1039 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1036 . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت كلمة " الشىء " ، واستبدلت كلمة " صاحبه " بعبارة " مالكاً له " فى الفقرة الأولى ، وحذفت الفقرة الثانية " اكتفاء بالقواعد العامة " . فأصبح النص تحت رقم 964 ، مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 482 – ص 484 ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى العراقى 1157 : 1 - من حاز شيئاً اعتبر مالكاً له ، حتى يقوم الدليل على العكس . 2 - وإذا ادعى الحائز أن حيازته منصبة على حق شخص أو على حق عينى غير الملكية ، اعتبرت الحيازة قرينة على وجود هذا الحق حتى يقوم الدليل على العكس ، ولكن لا يجوز للحائز أن يحتج بهذه القرينة على من تلقى منه الحيازة . ( والتقنين العراقى يتفق مع التقنين المصرى فى حكم الفقرة الأولى ، ومع المشروع التمهيدى للتقنين المصرى ومع القواعد العامة فى حكم الفقرة الثانية ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [1770] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 374 ص 604 - ص 605 - وقد قضت محكمة النقض بأن الحيازة مجرد قرينة قانونية على الملك يجوز نفيها ، فإذا كان الحكم قد انتهى إلى ما قرره من نفى ملكية حائز الأرض موضوع النزاع بأسباب موضوعية سائغة ، فإنه لا يكون هناك محل للنعى عليه بالخطأ فى فهم أثر القرينة المستفادة من الحيازة المنصوص عليها فى المادة 964 مدنى ( نقض مدنى 2 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 62 ) . وأنظر أيضا استئناف وطنى 27 مارس سنة 1892 الحقوق 9 ص 172 - 24 نوفمبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 90 ص 90 .
( [1771] ) أنظر فى ذلك الوسيط 8 فقرة 374 - فقرة 376 - وانظر فى القواعد التى وضعها القضاء الفرنسى فى المفاضلة ما بين طرق إثبات الملكية التى يقدمها كل من الخصمين عند التعارض ما بين هذه الطرق فى الصور الثلاث لهذا التعارض الوسيط 8 فقرة 376 - فقرة 380 .
( [1772] ) أنظر آنفاً فقرة 325 .
( [1773] ) وقد كان المشروع التمهيدى لنص المادة 964 مدنى يتضمن فقرة ثانية تقضى بهذا الحكم الأخير ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " وإذا أدعى الحائز أن حيازته تقوم على حق غير الملكية ، شخصياً كان أو عينياً ، اعتبرت الحيازة قرينة وجود هذا الحق ، ولكن لا يجوز للحائز أن يحتج بهذه القرينة على من تلقى منه الحيازة " . وقد حذفت هذه الفقرة فى لجنة مجلس الشيوخ " اكتفاء بالقواعد العامة " ( انظر آنفاً فقرة 346 فى الهامش 9 .
وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذا النص المحذوف ما يأتى : " ويلاحظ أن الحيازة إنما تكون قرينة على الملكية إذ لم تكن هناك علاقة استخلاف بين مدعى الملكية والحائز ، أما إذا كان هذا خلفاً لذاك فلا يجوز أن يحتج الخلف على السلف إلا بالاتفاق الذى انتقلت بمقتضاه الحيازة . فالمستأجر مثلا لا يستطيع أن يتخذ من الحيازة المادية قبل المؤجر قرينة على الحيازة القانونية ، ثم من هذه قرينة على الملكية ، بل إن عقد الإيجار هو الذى يحدد العلاقة فيما بين المؤجر والمستأجر بالنسبة للحيازة ، فيكون المستأجر بناء على هذا العقد حائزاً لا لحق الملكية ، بل لحق شخصى هو حقه كمستأجر " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 483 – ص 484 ) .
( [1774] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 376 – فقرة 380 – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " إذا ثبتت الحيازة تكون قرينة على الملكية ، فيفرض أن الحائز مالك حتى يقيم المدعى الدليل على العكس . لذلك كان الحائز مدعى عليه دائماً فى دعاوى الملكية ، مع أن الحيازة نفسها قد تكون محل شك فى ثبوتها . لذلك يقتضى الأمر إيجاد قرينة أخرى هى الحيازة المادية التى توافرت شروطها من هدوء واستمرار وظهور ووضوح . فمن أثبت أن عنده هذه الحيازة المادية ، تمسك بذلك قرينة على الحيازة القانونية . وعلى من ينازعه أن يثبت أنه هو الحائز ، وأن هذه الحيازة المادية هذه إنما كانت لحسابه مثلا ، أو كانت غير مقترنة بالعنصر المعنوى . ويتبين من ذلك أن من يستطيع إثبات الحيازة المادية لنفسه ، له أن يتخذ منها قرينة على الحيازة القانونية ، ثم يتخذ من هذه قرينة على الملكية ذاتها ، وفى هذا تيسير كبير لإثبات الملكية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 483 ) .
( [1775] ) ويقابل هذا النص فى مشروع تقنين المرافعات الجديد المادة 44 من هذا المشروع ، وهى مطابقة لنص المادة 48 مرافعات فيما عدا فروقاً لفظية طفيفة . ويقابل النص فى تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى النصوص الآتية : م 44 : إن الدعاوى العينية العقارية تدعى ملكية عندما يراد بها إثبات ملكية حق عينى ، وتدعى تصرفية تقتصر تقتصر على إثبات التصرف بحق عينى . م 45 : من أقام الدعوى الملكية لا تقبل منه فيما بعد ا لدعوى التصرفية ، أما الذى يقيم الدعوى التصرفية ويخسرها فيجوز له أن يقيم الدعوى الملكية . م 46 : لا يجوز للمحكمة المرفوعة لديها الدعوى التصرفية أن تبنى حكمها على أسباب تتعلق بالملكية . م 47 : لا تجوز إقامة الدعوى الملكية والدعوى التصرفية فى وقت واحد ، فالمحكمة التى تقام لديها دعوى تتعلق بحق الملكية وبحق التصرف معاً يجب عليها أن تعلن عدم صلاحيتها فى القسم الذى لا يحق لها أن تنظر فيه .
( [1776] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المقصور بدعوى أصل الحق ، التى نص فى المادة 48 من قانون المرافعات على عدم جواز الجمع بينها وبين دعاوى الحيازة ، هو دعوى الملكية أو أى حق آخر متفرع منها ( نقض مدنى 12 أبريل سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 517 ) . وقضت أيضا بأن الأساس الأصلى لدعاوى الحيازة هو الحيازة بشروطها القانونية ، فلا محل للتصرف فيها لبحث الملكية وفحص ما يتمسك به الخصوم من مستنداتها ، إلا أن يكون ذلك على سبيل الاستئناس يستخلص منها القاضى كل ما كان متعلقاً بالحيازة وصفتها ، وبشرط ألا يكون الرجوع إلى مستندات الملك مقصودا لتحرى الحق . وتلك قاعدة يرتبط بها المدعى والمدعى عليه وقاضى الدعوى ، فلا يجوز للمدعى أن يجمع فى دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق ، ولا يجوز للمدعى عليه أن يدفعها بالاستناد إلى الحق ، ولا أن يقيم القاضى حكمه على أساس ثبوت الحق أو نفيه . وإذن فإنه يكون من غير المقبول فحص مستندات ملكية الخصوم فى دعاوى الحيازة ، والبت فى شانها بالصحة أو بالتزوير ، لما فى ذلك من المساس بالحق وجودا وعدماً ( نقض مدنى 16 يونيه سنة 1955 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء ص 643 رقم 128 - وأنظر أيضا نقض مدنى 10 ديسمبر سنة 1931 نفس المجموعة جزء أول ص 643 رقم 130 - 17 مارس سنة 1932 نفس المجموعة جزء أول ص 643 رقم 132 – 22 نوفمبر سنة 1945 نفس المجموعة جزء أول ص 643 رقم 128 - استئناف مختلط 24 يناير سنة 1929 م 141 – 26 أبريل سنة 1945 م 57 ص 130 ) .
( [1777] ) أنظر آنفاً فقرة 348 .
( [1778] ) أما إذا أصبح المشروع الجديد لتقنين المرافعات قانوناً ، فإن هذا الأمر لا يكون نادراً ، بل يكون هو الذى يقع فى العادة . فقد قدمنا أن هذا المشروع لا يجعل دعاوى الحيازة من اختصاص القضاء الجزئى بل يخضعها للقواعد العامة للاختصاص ، فتصبح دعوى الملكية ودعوى الحيازة كلتاهما من اختصاص محكمة واحدة .
( [1779] ) انظر أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 213 هامش 42 .
( [1780] ) استئناف مختلط 18 يناير سنة 1945 م 57 ص 38 - أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 213 .
( [1781] ) استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1895 م 8 ص 37 - 10 مايو سنة 1906 م 18 ص 252 – 18 مايو سنة 1944 م 56 ص 151 – 18 يناير سنة 1945 م 57 ص 38 .
( [1782] ) استئناف مختلط 23 مارس سنة 1904 م 16 ص 159 .
( [1783] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان المدعى يطلب بدعواه الحكم له بمنع تعرض المدعى عليه ، فلا يجوز أن يدعى أنه مالك للأرض محل النزاع ، إذ أن هذا لا تجوز إقامته فى دعوى وضع اليد ( نقض مدنى 15 مايو سنة 1947 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 جزء أول ص 643 رقم 126 ) . ولا يقبل من المدعى عليه فى دعوى الحيازة دفعها بالاستناد إلى نفى الحق ( نقض مدنى 28 نوفمبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 158 ص 1112 ) .
( [1784] ) وإذا رفعت دعوى الملك لم يجز بعد ذلك رفع دعوى الحيازة ( نقض مدنى 24 فبراير سنة 1944 مجموعة المكتب الفنى لاحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 643 رقم 129 ) .
ولا يعتبر رفعا لدعوى الملكية طلب المعافاة من الرسوم توطئة لرفع دعوى الملكية ، ما دامت هذه الدعوى لم ترفع بالفعل ( استئناف مختلط 30 يناير سنة 1930 م 42 ص 245 ) .
( [1785] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 214 هامش 46 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 192 ص 201 – ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ action possessoire فقرة 27 - فقرة 31 – نقض فرنسى 13 يوليه سنة 1886 داللوز 87 - 1 - 174 .
( [1786] ) نقض فرنسى 31 مايو سنة 1905 داللوز 1905 – 1 - 417 - 20 أبريل سنة 1906 داللوز 1908 - 1 - 501 .
( [1787] ) وقد قضت محكمة النقض بأن مجرد رفع طالب الحيازة دعوى بالشفعة ضد من سلب حيازته ، فى أثناء نظر دعواه بالحيازة أو قبلها أو بعدها ، لا يعتبر جمعاً بين دعوى اليد ودعوى الملك بما يسقط حقه فى الادعاء بالحيازة أو قبلها أو بعدها ، لا يعتبر جمعا بين دعوى اليد ودعوى الملك بما يسقط حقه فى الادعاء بالحيازة . ذلك أن الشفعة وإن كانت من أسباب التملك ، غير أن السند القانونى المنشئ للملكية فيها هو الحكم الذى يصدر لمصلحة الشفيع ، الذى لا يمكن أن يكون مالكاً أو يدعى ثبوت الملك قبل الحكم له بأحقيته لتملك العقار المبيع ( نقض مدنى 16 ديسمبر سنة 1954 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 645 رقم 145 : ويلاحظ أن محكمة النقض هنا سارت على مذهبها من أن الحكم بالشفعة سبب منشئ للملكية ، فيستقيم حكمها بأن دعوى الشفعة ليست بدعوى الملكية ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة أيضا فى هذا المعنى بأن رفع دعوى الشفعة لا يعتبر رفعاً لدعوى الملكية ، وعلى ذلك لا يمنع من رفع دعوى الحيازة ( استئناف مختلط 22 نوفمبر سنة 1899 م 12 ص 13 ) .
( [1788] ) نقض فرنسى 7 مارس سنة 1866 داللوز 66 – 1 - 381 .
( [1789] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 214 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 192 ص 202 – نقض فرنسى 15 نوفمبر سنة 1965 داللوز 66 - 1 - 116 - 22 يونيه سنة 1897 داللوز 97 - 1 – 56 .
( [1790] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 214 وهامش 46 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 192 ص 202 – نقض فرنسى 20 مايو سنة 1949 سيريه . 195 - 1 - 99 .
( [1791] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا حصل التعرض للحيازة بعد رفع دعوى الملك ، فإن لمدعى الملكية أن يلحق بدعوى الملكية دعوى الحيازة بعد أن استجد سببها ( نقض مدنى 9 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 60 ص 205 ) – وانظر محمد كامل مرسى 4 فقرة 40 ص 44 وانظر كذلك أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 214 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 192 ص 202 – نقض فرنسى 15 يناير سنة 1894 داللوز 94 - 1 - 159 - 7 يوليه سنة 1937 جازيت دى باليه 1937 – 2 - 678 .
( [1792] ) أنظر آنفاً فقرة 348 .
( [1793] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 191 ص 200 - وأنظر م 27 / 1 مرافعات فرنسى . وتزيد المادة 27 / 2 مرافعات فرنسى أنه إذا أبطأ المدعى الذى حصل على حكم لصالحه فى دعوى الحيازة فى تنفيذ هذا الحكم ، فشل بذلك المدعى عليه من أن يرفع دعوى الملكية ، جاز لهذا الأخير أن يحصل من محكمة دعوى الملكية على تعيين أجل ليقوم المدعى فى أثنائه بتنفيذ الحكم ، وتقبل دعوى الملكية بمجرد انقضاء هذا الأجل ( أنظر أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 215 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 191 ) . ولا يوجد نص مقابل فى القانون المصرى فتطبق القواعد العامة ، وقد نصل فى تطبيقها إلى نفس النتيجة .
( [1794] ) وتقضى محكمة النقض الفرنسية بأن الدعوى تكون مقبولة ، ولكن يؤجل إجراء السير فيها حتى يفصل فى دعوى الحيازة وينفذ الحكم ( نقض فرنسى 13 نوفمبر سنة 1894 سيريه 96 - 1 - 123 ) . ولكن نص تقنين المرافعات المصرى صريح فى أن الدعوى تكون غير مقبولة : " ولا تقبل دعواه بالحق . . . " ويذهب بعض الفقهاء فى فرنساإلى الرأى الذى أخذ به تقنين المرافعات المصرى ( أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 213 هامش 45 : ولا يجعلان لرفع دعوى الملكية قبل الفصل فى دعوى الحيازة وقبل تنفيذ الحكم أثراً إلا فى قطع التقادم إذا تبين أن المدعى فى دعوى الحيازة لم يرفع هذه الدعوى إلا ليعرقل رفع دعوى الملكية حتى يمتنع قطع التقادم ) .
( [1795] ) استئناف مختلط 24 ديسمبر سنة 1942 م 55 ص 21 – وانظر مارتى ورينو فقرة 208 - ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ action possessoire فقرة 32 – فقرة 34 نقض فرنسى 30 مايو سنة 1949 سيريه 1950 – 1 - 99 .
( [1796] ) أنظر آنفاً فقرة 349 .
( [1797] ) استئناف مختلط 7 يناير سنة 1897 م 9 ص 116 – 17 مارس سنة 1898 م 10 ص 206 - 19 ديسمبر سنة 1905 م 18 ص 42 - اوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 215 وهامش 49 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 192 ص 202 – قض فرنسى 16 ديسمبر سنة 1874 داللوز 75 - 1 - 103 .
( [1798] ) أنظر آنفاً فقرة 348 .
( [1799] ) نقض فرنسى 14 نوفمبر سنة 1910 سيريه 1915 – 1 - 108 - 10 يوليه سنة 1911 سيريه 1915 - 1 - 12 .
( [1800] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يجوز الحكم فى دعاوى الحيازة على أساس ثبوت الحق أو نفيه . فإذا كانت الدعوى قد رفعت بطلب منع التعرض للطاعن فى المرور بالطريق الموصل إلى أرضه تأسيساً على استيفائه للشرائط القانونية التى تحمى يده على ارتفاق المرور ولم تؤسس على ثبوت حق الارتفاق فى المرور وتملكه له ، فإن الحكم المطعون فيه ، إذ قضى برفض الدعوى على أساس انتفاء ملكية الطاعن لحق المرور الذى يخوله القانون لمن كانت أرضه محبوسة عن الطريق طبقا للمادة 812 مدنى ، يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه ( نقض مدنى 28 أبريل سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 82 ص 551 ) . وقضت أيضا بأنه إذا رفعت دعوى منع تعرض ، وطلب المدعى الإحالة إلى التحقيق ليثبت انتفاعه بالشارع المتنازع عليه المدة الطويلة المكسبة للملك ، فأجابته المحكمة إلى طلبه هذا وباشرت التحقيق ، ثم عرضت عن الفصل فى الموضوع إلى حق الارتفاق على الطريق ، وبنت على ثبوته بوضع اليد المدة الطويلة قضاءها فى دعوى التعرض ، ثم أيدت محكمة الدرجة الثانية هذا الحكم آخذه بأسبابه بالرغم من تمسك المدعى عليه بعدم قبول دعوى الحيازة المرفوعة من خصمه بعد أن استحالت إلى دعوى ملك ، فذلك لما فيه منجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملك خروج صريح على حكم المادة 29 من قانون المرافعات ( نقض مدنى 17 أكتوبر سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 71 ص 258 ) .
وأنظر أيضا نقض مدنى 9 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 60 ص 205 . وقضت محكمة النقض كذلك بأن المادة 29 مرافعات ( قديم ) ، إذ تنهى عن الجمع بين دعوى اليد ودعوى الحق ، تلزم القاضى إلزامها الخصوم بالنزول على حكمها ، فيتعين على القاضى أن يقيم حكمه فى دعوى اليد على توافر وضع اليد بشروطه القانونية أو عدم توافره ، لا على ثبوت الحق أو عدم ثبوته . فإذا كان الحكم فى دعوى وضع اليد قد اتخذ من ثبوت حق الارتفاق الأساس الوحيد لقضائه باعادة الطريق محل النزاع إلى حالته الأولى ، فإنه يكون مخالفاً للقانون ( نقض مدنى 4 مارس سنة 1948 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 643 رقم 127 ) . وقضت أيضا بأنه لا يجوز لقاضى وضع اليد أن يجعل حكمه فى دعوى وضع اليد مبنيا فى جوهره على أسباب ماسة بأصل حق الملك ، بل يجب عليه أن يكون جوهر بحثه فى هذه الدعوى منصبا على تبين ماهيتها والنظر فى توافر شروطها وعدم توافرها بحيث لو دعت ضرورة هذا البحث للرجوع إلى مستندات حق الملك فلا يكون ذلك مقصوداً لذاته ، بل يكون على سبيل الاستئناس ، وبالقدر الذى يقتضيه التحقق من توافر شروط وضع اليد ، الأمر الذى يجب أن يجعله القاضى مناط تقصيه . فإن تجاوز هذا فبحث فى الملكية فنفاها ، وجعل أساس قضائه فى دعوى اليد ما قضى به أص لالحق ، فإنه يكون قد خالف القانون ( نقض مدنى 27 أكتوبر سنة 1932 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 643 رقم 133 – 9 نوفمبر سنة 1933 نفس المجموعة جزء أول ص 644 رقم 134 – 14 مايو سنة 1936 نفس المجموعة جزء أول ص 644 رقم 139 - 10 يناير سنة 1952 نفس المجموعة جزء أول ص 645 رقم 140 - 4 ديسمبر سنة 1952 نفس المجموعة جزء أول ص 645 رقم 141 – 4 ديسمبر سنة 1952 نفس المجموعة جزء أول ص 646 رقم 150 ) . وقضت أيضاً بأن للقاضى فى دعاوى وضع اليد أن يستخلص من مستندات الخصوم ، لو كانت خاصة بالملك ، كل ما كان متعلقا بالحيازة وصفتها ( نقض مدنى 21 نوفمبر سنة 1940 نفس المجموعة جزء أول ص 645 رقم 142 – 25 فبراير سنة 1943 نفس المجموعة جزء أول ص 645 رقم 143 – 7 يونيه سنة 1951 نفس المجموعة جزء أول ص 645 رقم 144 – 12 أبريل سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 70 – 13 مارس سنة 1958 مجموعة أحكام النقض .
ص 212 – 27 ديسمبر سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 194 ص 1233 ) .
( [1801] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 204 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 189 ص 198 - نقض فرنسى 17 يوليه سنة 1901 سيريه 1902 – 1 - 192 - 16 أبريل سنة 1907 داللوز 1907 – 1 - 384 .
( [1802] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 210 – ص 211 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 189 ص 198 – نقض فرنسى 18 يونيه سنة 1900 سيريه 1901 – 1 – 223 29 مارس سنة 1926 سيرية 1926 – 1 - 245 .
( [1803] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 205 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 189 ص 198 - نقض فرنسى 27 نوفمبر سنة 1905 داللوز 1905 – 1 - 257 .
( [1804] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 205 - ص 206 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 189 ص 198 – نقض فرنسى 17 يوليه سنة 1924 جازيت دى باليه 28 أكتوبر سنة 1924 – 5 مايو سنة 1925 سيريه 1925 – 1 - 373 .
( [1805] ) نقض فرنسى 28 ديسمبر سنة 1880 سيريه 82 – 1 - 274 – 14 مارس سنة 1881 سيريه 81 – 1 – 208 .
( [1806] ) أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 207 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 190 ص 198 - نقض فرنسى 7 ديسمبر سنة 1932 جازيت دى باليه 1933 – 1 - 394 – 9 يوليه سنة 1946 داللوز 1946 – 394 . ويجوز بهذا الشرط فحص سند الملكية ولو كان متنازعا فى صحته ( استئناف مختلط 11 أبريل سنة 1929 م 41 ص 356 – 21 أبريل سنة 1932 م 44 ص 281 - 21 فبراير سنة 1935 م 47 ص 163 – 5 يونيه سنة 1941 م 53 ص 211 – 27 يناير سنة 1944 م 56 ص 50 .
( [1807] ) نقض مدنى 9 مارس سنة 1944 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 647 رقم 153 – ولا يعتبر جمعا بين دعوى الملكية ودعوى الحيازة أن يعين القاضى فى دعوى الحيازة خبيراً لتطبيق مستندات الملكية على العقار محل النزاع للتثبت من ذاتية هذا العقار ( استئناف مختلط 14 مارس سنة 1946 م 58 ص 61 ) .
( [1808] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 190 – ص 199 – نقض فرنسى 12 مارس سنة 1913 داللوز 1913 - 1 - 192 - وفحص سندات الملكية ليس إجبارياً ، فيجوز للقاضى ألا يلجأ إلى هذا الفحص إذا لم يجد داعيا لذلك للتثبت من الحيازة ( أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 210 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 190 ص 199 – نقض فرنسى 6 فبراير سنة 1900 داللوز 1900 – 1 - 167 ) . ولكن الفحص يكون مع ذلك إجبارياً إذا لم يكن منه بد للتعرف على الصفات الحقيقية للحيازة ، كما إذا أراد القاضى التثبت من أن حيازة حق إرتفاق لم تكن حيازة عرضية أو حيازة خفية ( أوبرى ورو 2 فقرة 186 ص 211 ص 212 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 190 ص 199 - ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ action possessoire فقرة 39 - فقرة 42 - نقض فرنسى 17 أكتوبر سنة 1933 جازيت دى باليه 1933 – 2 - 900 – 13 مارس سنة 1950 داللوز 1950 – 415 ) . وقد قضت محكمة النقض بالاحرج على القاضى فى دعوى الحيازة فى أن يستخلص من مستندات الخصوم ، ولو كانت خاصة بالملك ، كل ما كان متعلقا بالحيازة وصفتها ( نقض مدنى 25 فبراير سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 30 ص 60 – وانظر نقض مدنى 27 أكتوبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 66 ص 137 – 14 مايو سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 363 ص 1109 ؟؟ 17 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 26 ص 26 . 28 نوفمبر سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 158 ص 1112 ) . وقضت محكمة النقض أيضاً بأنه إذا كانت المحكمة فى دعوى منع التعرض قد حصلت تحصيلا سائغا من الأدلة التى ساقتها فى حكمها ومن المعاينة أجرتها بنفسها أن الأرض المتنازع على حيازتها مازالت تستعمل جرناً عمومياً ، وأنها بذلك تعوض المنافع العامة التى لا يجوز تملكها بوضع اليد ، كان حكمها بعد قبول دعوى الحيازة المرفوعة فى شأنها صحيحاً قانونا ، ثم إن تحرى المحكمة من المعاينة ومن المستندات ما إذا كان العقار المرفوع فى شأنه دعوى منع التعرض ملكا عاماً أم لا ، ليس فيه جمع بين دعوى الحيازة والملك ، لأن المقصود هو أن تستبين حقيقة وضع اليد إن كان يخول رفع دعوى الحيازة أم لا ، حتى إذا رأت الأمر واضحا فى أن العقار من الملك العام وأن النزاع فى شأنه غير جدى قبلت الدفع ، وإلا فصلت فى دعوى منع التعرض تاركة للخصوم المنازعة فى الملك فيما بعد ( نقض مدنى 9 مارس سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 109 ص 280 ) . وقضت أيضا بأنه إذا كان الحكم قد أقام قضاءه بمنع التعرض فى تطهير مسقى وتعميقها على ما ثبت لدى الحكمة من تقرير الخبير المعين فى الدعوى من أن المدعين يملكون نصف المسقى تجاه أرضهم وأن هذا النص يدخل فى الأرض المكلفة بأسمائهم ، وأن ريهم من المسقى يرجع إلى مدة تزيد على سنة سابقة على التعرض فإن استناد هذا الحكم إلى سابقة استعمال المدعين المسقى للرى ذلك يكفى لأن يقام عليه القضاء بمنع التعرضن أما ما جاء عن الملكية فليس إلا من قبيل التزيد ( نقض مدنى 22 نوفمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 2 ص 7 ) .
( [1809] ) ولا شك فى أن التعديل الذى أجرته لجنة المراجعة فى نص المشروع التمهيدى يجعل الحكم أقل غرابة مما كان فى المشروع . فإن المشروع كان يقضى بجواز التحلل من الالتزام بتقديم الضمانات اللازمة عن طريق تعجيل مبلغ جسيم تكفى فوائده بالسعر القانونى للوفاء بالأقساط المستحقة فى ذمة المالك . فإذا كان المالك عاجزا عن دفع المبلغ المطلوب فوراً ومن أجل ذلك طلب من القاضى التيسير عليه فى الدفع مع تقديم الضمانات اللازمة ، فكيف يتسنى له أن يدفع فوراً ، بدلا من تقديم هذه الضمانات ، مبلغا أكبر بكثير من المبلغ الذى أعلن أنه عاجز عن دفعه فى الحال إذ أن فوائد المبلغ الأول محسوبة بالسعر القانونى تكفى وحدها للوفاء بجميع الأقساط .
( [1810] ) تاريخ النصوص :
م 983 : ورد هذا النص فى المادة 1435 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيا عدا فروقا لفظية طفيفة . وأدخلت لجنة المراجعة بعض تعديلات لفظية جعلت النص ، تحت رقم 1058 فى المشروع مطابقا كل المطابقة لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1055 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 983 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 526 - ص 527 ) .
م 984 : ورد هذا النص فى المادة 1436 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1059 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1056 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 984 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 528 – ص 529 ) .
( [1811] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 934 – 935 ( مطابق ) .
التقنين المدنى الليبى م 987 – 988 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1168 ( تطابق م 984 مصرى – ولامقابل فى التقنين العراقى للمادة 983 مصرى ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( ولكن أنظر م 142 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى آنفاً فقرة 354 فى الهامش : وهذا النص يلزم الحائز سىء النية بأن يتحمل جميع المخاطر فيتحمل تبعة الهلاك ، وعلى ذلك لا يتحمل الحائز حسن النية هذه التبعة ) .
( [1812] ) أنظر آنفاً فقرة 360 .
( [1813] ) وقد طبقت القواعد العامة فى أحوال ثلاث مماثلة لحالة الحائز : ( الحالة الأولى ) حالة دفع غير المستحق ، وقد قررنا فى صددها ما يأتى : " تنص المادة 266 من المشروع التمهيدى – وقد حذفت عند المراجعة – على ما يأتى : فإذا ضاع هذا الشىء أو تلف بسبب أجنبى التزم برد قيمته وقت الضياع أو التلف إذا كان قد تسلمه وهى سيئ النية ، وذلك دون إخلال بحق من سلم هذا الشىء فى استرداده ولو تالفاً ، مع التعويض عن نقص قيمته بسبب التلف . . . ويتبين من مفهوم المخالفة فى المادة 256 من المشروع التمهيدى . . . أن المدفوع له إذا كان حسن النية لا يكون مسئولا عن هلاك العين أو تلفها أو ضياعها إلا إذا كان ذلك قد وقع بخطأ منه ، وعلى الدافع إثبات هذا الخطأ " ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 839 ) . ( الحالة الثانية ) حالة تقرير بطلان العقد وما يترتب على ذلك من وجود الرد ، وقد قررنا فى هذا الصدد ما يأتى : " أما إذا أصبح الاسترداد مستحيلا ، بأن هلك المبيع مثلا فى يد المشترى وبخطأ منه ، حكم القاضى بتعويض معادل . فألزم المشترى برد قيمة المبيع وقت الهلاك طبقا لقواعد المسئولية التقصيرية لأعلى أساس العقد الذى تقرر بطلانه ، وألزم البائع برد الثمن على أساس دفع غير المستحق ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 337 ) . ( الحالة الثالثة ) حالة فسخ العقد ومايترتب على الفسخ من وجوب الرد ، وقد قررنا فى هذا الصدد ما يأتى : " وإذا هلك المبيع وكان المشترى هو الذى يطالب بالفسخ لم يجب إلى طلبه إذ تتعذر عليه إعادة الشىء إلى أصله كما قدمنا . أما إذا كان البائع هو الذى يطالب بالفسخ وهلك المبيع فى يد المشترى ، فإن كان الهلاك بخطأ المشترى حكم عليه بالتعويض ، وقد قضت المادة 160 بأنه إذا بالاستحال الرد حكم بالتعويض " ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 478 ص 804 ) .
( [1814] ) أنظر آنفاً فقرة 360 .
( [1815] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 528 .
( [1816] ) وقد طبقت هذه القاعدة العامة فى الأحوال الثلاث التى سبق أن استعرضناها فى فرض ما إذا كان الهلاك بخطأ الحائز . ( ففى الحالة الأولى ) وهى حالة دفع غير المستحق ، قررنا ما يأتى : " أما إذا كان ( المدفوع له ) قد انتفع بالعين الانتفاع العادى ، وفقا لما يحسبه من حقه ، وهلكت العين أو تلفت أو ضاعت ( بسبب أجنبى ) ، فلا يكون مسئولا إلا بقدر ما عاد عليه من منفعاً ترتيب على هذا الهلاك أو التلف أو الضياع ، كما إذا انتفع بأنقاض منزل فى بناء منزل آخر ، أو حول سيارة ركوب إلى سيارة نقل للبضائع ، أو ذبح ماشية وانتفع بلحمها . وللدافع فى جميع الأحوال أن يسترد الشىء التالف فى الصورة التى آل إليها بعد التلف ، دون أن يتقاضى تعويضا عن التلف مادام هذا التلف لم يقع بخطأ المدفوع له كما مر بنا . أما إذا كانت العين قد خرجت من يد المدفوع له إلى يد أخرى ، فقد نصت المادة 257 من المشروع التمهيدى – وهذه حذفت أيضا عند المراجعة – على ما يأتى : 1 - من تسلم وهو حسن النية الشىء " المعين بالذات وتصرف فيه بعوض قبل أن يعلم أنه ملزم برده ، وجب عليه أن يرد ما قبضه من عوض أو أن يحول حقه فى المطالبة بهذا العوض . 2 - فإذا كان قد تصرف بغير عوض ، فلا يلتزم أن يرد شيئا ، ولكن يلتزم من صدر له هذا التبرع بتعويض لا يجاوز قيمة ما أثرى به قبل من سلم الشىء غير المستحق - وإذا أغفلنا من هذا النص العبارة الأخرى من الفقرة الثانية ، لم يكن النص فيما بقى منه إلا تطبيقا للقواعد العامة . ويتبين من ذلك أن المدفوع له حسن النية إذا تصرف فى العين معاوضة لم يكن مسئولا قبل الدافع إلا بقدر ما أخذ من عوض ، فيرد للدافع ما قبض من ذلك أو يحول له حقه فى المطالبة به . وإذا تصرف فى العين تبرعاً ، لم يكن مسئولا عن شىء قبل الدافع " ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 839 ص 1367 وفقرة 840 ص 1367 - ص 1368 ) . ( وفى الحالة الثانية ) وهى حالة تقرير بطلان العقد وما يترتب على ذلك وجوب الرد ، قررنا ما يأتى : " أما إذا هلك المبيع فى يد المشترى بقوة هاهرة ، فلما كان البائع إنما يرجع على المشترى طبقا لأحكام دفع غير المستحق كما قدمنا ، كان الواجب فى هذه الحالة تطبيق هذه الأحكام . وهى تقضى . . . بأن المشترى إذا كان حسن النية ، أى يعتقد أنه تسلم ما هو مستحق له ، فلا يكون مسئولا إلا بقدر ما عاد عليه من منفعة ترتبت على هلاك العين ، وللبائع فى جميع الأحوال أن يسترد المبيع التالف فى الصورة التى آل إليها بعد التلف ، دون أن يتقاضى تعويضا عن التلف " ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 337 ص 588 هامش 4 ) . ( وفى الحالة الثالثة ) وهى حالة فسخ العقد وما يترتب على الفسخ من وجوب الرد ، قررنا ما يأتى : " فإذا كان الهلاك بسبب أجنبى ، وطبقت قواعد دفع غير المستحق فى هذه الحالة كما طبقناها فى حالة البطلان ، وجب القول بأن المشترى وقت أن تسلم المبيع والعقد قائم لم يفسخ ، كان حسن النية ، فلا يكون مسئولا عن هلاك المبيع إلا بقدر ما عاد عليه من منفعة ، كما إذا انتفع بأنقاض منزل فى بناء منزل آخر . وللبائع أن يسترد الشىء التالف فى الصورة التى آل إليها ، دون أن يتقاضى تعويضا عن التلف " ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 478 ص 804 – ص 805 ) .
( [1817] ) أنظر آنفاً فقرة 360 .
( [1818] ) أنظر آنفاً فقرة 361 – وأنظر مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 457 فى الهامش .
( [1819] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 528 – ص 529 .
( [1820] ) وهذه القواعد قد طبقت فى الأحوال الثلاث التى سبق استعراضها . ( ففى الحالة الأولى ) وهى حالة دفع غير المستحق . قررنا ما يأتى : " وإذا هلكت العين أو تلفت أو ضاعت فى يد المدفوع له سيئ النية ، التزم برد قيمتها وقت الهلاك أو التلف أو الضياع ، وذلك دون إخلال بحق الدافع فى استرداد العين تالفة مع التعويض عن التلف ( م 256 المحذوفة من المشروع التمهيدى ) . وقد قضت المادة 984 التى تقرر القاعدة العامة فى هذه المسألة بالحكم الآتى : إذا كان الحائز سيئ النية ، فإنه يكون مسئولا عن هلاك الشىء أو تلفه ولو كان ذلك ناشئا عن حادث مفاجئ ، إلا إذا ثبت أن الشىء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقياً فى يد من يستحقه . ويتبين من ذلك أن المدفوع له سيئ النية يكون مسئولا عن هلاك العين ولو كان الهلاك بقوة قاهرة ، ولا يعفيه من المسئولية إلا أن يثبت أن الشىء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقياً فى يد البائع – قارن مسئولية السارق ، فإن الشىء المسروق إذا هلك أو ضاع بأية صورة كانت ، حتى لو ثبت أن الشىء كان يهلك لو بقى فى يد مالكه ، فإن تبعة الهلاك تقع على السارق فى جميع الأحوال ( م 207 / 3 مدنى ) . وهذا بخلاف المدفوع له حسن النية ، فهو لا يسأل كما رأينا عن هلاك العين إلا إذا وقع الهلاك بخطأه ، وعلى الدافع أن يثبت هذا الخطأ . وإذا خرجت العين من يد المدفوع له سيئ النية ، فقد نصت المادة 258 المحذوفة من المشروع التمهيدى على ما يأتى : 1 - من تسلم ولو بحسن نية الشىء المعين بالذات وتصرف فيه بعوض بعد أن علم انه ملتزم برده ، وجب عليه أن يرده عيناً أو أن يرد قيمته وقت رفع الدعوى . على أنه يجوز لمن تسلم هذا الشىء أن يطالب من تصرف فيه بما قبضه من عوض أو بأن يحل محله فى المطالب بهذا العوض . 2 - فإذا كان من تسلم الشىء قد تصرف فيه بغير عوض ولم يقم برده عيناً ، التزم من صدر له هذا التبرع بتعويض لا يجاوز قيمة ما أثرى به قبل من سلم الشىء غير المستحق – والفقرة الثانية من هذا النص لا تتفق مع القواعد العامة كما قدمنا ، فيجب إغفالها ما دامت قد حذفت من المشروع التمهيدى وتبقى الفقرة الأولى وهى تطبيق للقواعد العامة . ويتبين منها أن المدفوع له سيئ النية ، إذا تصرف فى العين معاوضة ، كان ملزماً قبل الدافع برد العين إليه ، ويتم ذلك بانتزاعها من الغير الذى تصرف له . فإن عجز عن ذلك ، كان الدافع مخيرا بين قيمة العين والعوض الذى أعطى فيها . أما إذا تصرف المدفوع له تبرعاً ، فلا يبقى أمام الدافع إلا استرداد العين ذاتها إذا كان ذلك ممكنا أو الرجوع بقيمتها على المدفوع له " ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 844 وفقرة 845 ص 1372 ) . ( وفى الحالة الثانية ) وهى حالة تقرير بطلان العقد وما يترتب على ذلك من وجوب الرد ، قررنا ما يأتى : " أما إذا كان المشترى سيئ النية ، أى يعلم أنه تسلم شيئا غير مستحق له ، التزم برد قيمة المبيع وقت الهلاك ، ولا يعفيه من هذه المسئولية إلا أن يثبت أن المبيع كان يهلك ولو كان فى يد البائع ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 337 ص 588 هامش 4 ) . ( وفى الحالة الثالثة ) وهى حالة فسخ العقد وما يترتب على الفسخ من وجوب الرد ، قررنا ما يأتى : " وإذا استبقى المشترى المبيع فى يده بعد فسخ البيع ولم يقبل رده فأصبح سيئ النية ، ثم هلك المبيع بسبب أجنبى ، وجب على المشترى أن يرد للبائع قيمة المبيع وقت الهلاك ، إلا ان يثبت أن المبيع كان يهلك حتى لو كان قد رد إلى البائع وقت الفسخ ( م 984 مدنى ) . وهذا هو الحكم فى استرداد ما دفع دون حق إذا هلك فى يد من تسلمه وهو سيئ النية " ( الوسيط جزء أول طبعة ثانية فقرة 478 ص 805 هامش 1 ) .
( [1821] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " والحيازة من حيث الآثار التى تترتب عليها تصلح قرينة على الملكية كما تقدم . وتكسب الملكية فعلا بالتقادم الطويل ، فى العقار والمنقول . فإن اقترنت بحسن النية واستندت إلى سبب صحيح ، فإنها تكسب ملكية العقار بالتقادم القصير وملكية المنقول فى الحال ، ويملك الحائز فى كل الفروض ثمار العين إذا كان حسن النية ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 447 ) .
( [1822] ) الوسيط 3 فقرة 591 .
( [1823] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1424 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1048 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1045 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 973 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 504 – ص 505 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الأحكام كان معمولا بها .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 922 ( مطابق ) .
التقنين المدنى الليبى م 977 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1162 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [1824] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فيما نحن بصدده : " وقواعد التقادم المكسب هى نفس قواعد التقادم المسقط فيما يتعلق باحتساب المدة ، وفيما يتعلق بوقف التقادم إلا أن التقادم المكسب يوقف أيا كانت مدته أما التقادم المسقط فلا يوقف إذا كانت مدته لا تزيد على خمس سنوات . . . وفيما يتعلق بانقطاع التقادم ، إلا أن التقادم المكسب ينقطع انقطاعا طبيعيا إذا فقد الحائز الحيازة ولم يستردها أو يرفع الدعوى باستردادها فى خلال سنة ، ولا يتصور هذا الانقطاع الطبيعى فى التقادم المسقط ، وفيما يتعلق بالتمسك به أمام القضاء وجواز التنازل عنه والاتفاق على تعديل مدته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 507 – ص 508 ) .
( [1825] ) انظر الوسيط 3 فقرة 592 .
( [1826] ) أوبرى ورو 2 فقرة 210 ص 444 – ص 445 .
( [1827] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 688 ص 698 .
( [1828] ) أنظر فى تاريخ التقادم المسقط الوسيط 3 فقرة 593 .
( [1829] ) بودرى وتيسييه فقرة 4 .
( [1830] ) أنظر فى تفصيل بودرى وتيسييه فقرة 3 . فقرة 23 .
( [1831] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1419 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1043 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1040 . وفى لجنة مجلس الشيوخ اقترح بعض مستشارى محكمة النقض حذف كلمة " منقول " الواردة فى النص لأن التقادم المكسب غير لازم إلا فى العقار ، ورأوا أيضا أن الحيازة بشروطها ومدتها هى قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك للحائز ومن ثم يجب حذف التقادم المكسب من بين أسباب كسب الملكية وإضافته إلى باب الإثبات بين القرائن القانونية القاطعة . فلم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح . فيما يتعلق بالجزء الأول منه ، لا يمكن حذف كلمة " منقول " لأن المقصود تملك المنقول بالتقادم المكسب الطويل فى حالة ما إذا كان الحائز سيئ النية ، وفى هذا يستوى العقار والمنقول ، وبديهى أن قاعدة الحيازة فى المنقول سند الملكية لا تنطبق على هذه الحالة . أا فيما يتعلق بالجزء الثانى من الاقتراح ، فالملاحظة تنطوى على نظرة فقهية ، وقد آثرت اللجنة أن يحتفظ المشروع بالطابع التقليدى فى هذه الناحية لأنه يجنب التقنين حرج الفصل فى مسائل ينبغى أن يظل الاجتهاد فيها طليقا من كل قيد . على أنه لو صح وجوب إضافة جميع القرائن القانونية إلى باب الإثبات ، لا مثلا هذا الباب بمسائل لم تجر العادة أن يتضمنها ، ويكفى أن يشار فى هذا الصدد إلى مسئولية المتبوع عن التابع وإلى المسئولية عن الحيوان . وقد وافقت اللجنة على النص دون تعديل تحت رقم 968 ، ووافق مجلس الشيوخ على النص كما أقرته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 491 – ص 494 ) .
( [1832] ) التقنين المدنى السابق م 76 / 102 : تحصل ملكية العقارات والحقوق لمن وضع يده عليها ظاهرا بنفسه أو بوكيل عنه بغير منازع مدة خمس سنوات متواليات بصفة مالك ، بشرط أن يكون وضع اليد المذكور مبنيا على سبب صحيح . فإذا لم يوجد ذلك السبب لا تحصل له الملكية إلا إذا وضع يده مدة خمس عشرة سنة . ( وحكم التقنين المدنى السابق هو حكم التقنين المدنى الجديد ، ويلاحظ أن التقنين المدنى السابق قد أغفل ذكر المنقول فلم يدخله ضمن الأموال الجائز تملكها بالتقادم المكسب الطويل إذا كان الحائز سيئ النية ) .
( [1833] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 917 ( موافق مع ملاحظة أن التقادم المكسب لا يسرى فيما يتعلق بالعقار المسجل فى السجل العقارى ) – م 919 : يكتسب حق تسجيل التصرف فى الأراضى الأميرية غير الخاضعة لإدارة أملاك الدولة بمرور عشر سنوات من تاريخ الحيازة بسند أو بغير سند ، بشرط أن يكون الحائز قائما بزراعة الأرض .
م 925 : لا يسرى التقادم على الحقوق المقيدة فى السجل العقارى أو التى هى تحت إدارة أملاك الدولة .
م 926 : لا يكتسب بالتقادم أى حق على العقارات المتروكة والمحمية والمرفقة .
التقنين المدنى الليبى م 972 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1158 / 1 ( موافق مع ملاحظة أن التقادم لا يسرى فيما يتعلق بالعقار المسجل فى دائرة الطابو 9 .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 255 : لا يسرى مرور الزمن على الحقوق المقيدة فى السجل العقارى أو الخاضعة لإدارة أملاك الدولة .
م 256 : لا يكتسب بمرور الزمن حق البتة على العقارات المتروكة والمحمية والمرفقة .
م 257 : يكتسب حق القيد فى السجل العقارى فيما يتعلق بالعقارات والحقوق غير المقيدة فى السجل العقارى ، بوضع يد الشخص بصورة هادئة علنية مستمرة مدة خمس سنوات هو بنفسه أو بواسطة شخص آخر لحسابه ، بشرط أن يكون لدى واضع اليد سبب محق . وإذا لم يكن لديه سبب محق ، فمدة خمس عشرة سنة .
م 260 : يكتسب حق قيد التصرف بالأراضى الأميرية غير الخاضعة لإدارة أملاك الدولة بمرور عشر سنين على وضع اليد بسند أو بغير سند ، شرطا أن يكون واضع اليد قائما بزراعة الأرض .
( ونصوص القانون اللبنانى تتفق مع نصوص التقنين السورى ) .
( [1834] ) أنظر ما دار فى هذا الشأن من المناقشة فى لجنة مجلس الشيوخ آنفاً ص 992 فى الهامش .
( [1835] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بدوائرها المجتمعة بأن الأموال التى اعترف القانون المدنى بها أربعة أنواع ، وهى الملك والوقف والمباح والمخصص للمنفعة العامة . والذى يستفاد من أحكام هذا القانون أن قواعد التملك بمضى المدة لا شأن لها لا بالوقف ولا بالمخصص للمنفعة العامة ، بل وليس لها باعتبار النصوص عند وضع القانون سنة 1883 شأن بالأراضى المباحة . وكل ما تنطبق عليه باعتبار تلك النصوص إنما هو النوع الأول من الأموال ، وهو الملك ( استئناف مصر دوائر مجتمعة 4 مايو سنة 1929 المحاماة 9 رقم 523 ص 955 ) .
( [1836] ) أنظر الوسيط 1 فقرة 227 .
( [1837] ) ويرجع عدم القابلية للتعامل إلى استحالته . وقد يصبح التعامل ممكنا فى هذه الأشياء من بعض النواحى ، فأشعة الشمس يحصرها المصور الفوتوغرافى ، والهواء يستعمله الكيمائى فى أغراضه ، والبحر يؤخذ من مائة ما يصلح أن يكون محلا للامتلاك . فعند ذلك تصبح الشمس والهواء والبحر قابلة للتعامل فيها من هذه النواحى الخاصة ، وتصلح إذن أن تكون محلا للالتزام . وإذا كان الشىء يمكن التعامل فيه ولكن لا مالك له ، فهو مباح ، كالطير فى الهواء والسمك فى البحر ، ويملكه من يستوى عليه ويستطيع أن يتعامل فيه .
( [1838] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 320 ص 520 .
( [1839] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 76 ص 152 .
( [1840] ) وقد قضت محكمة النقض بأن وضع اليد على الأموال العامة ، مهما طالت مدته ، لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ( وعندما كان جائزا كسب أموال الدولة الخاصة بالتقادم ) . لا يعتبر وضع اليد على مال عام مدة خمس عشرة سنة ، بغير منازعة من الحكومة ، سببا يزيل عن هذا المال صفته بأنه مال عام لا يجوز كسبه بالتقادم ( نقض مدنى 21 أبريل سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 124 ص 908 ) .
( [1841] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1421 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - وفى جميع الأحوال ، لا تكسب الأموال الموقوفة ولا حقوق الإرث بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة . 2 - وليس للوقف أن يكسب حقا بالتقادم " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1045 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1042 . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الثانية من المادة " ليترك الأمر للقضاة ليتصرفوا حسب القواعد العامة " ، ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 970 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 497 – ص 499 ) .
ثم صدر القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل المادة 970 على الوجه الآتى : " 1 - فى جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم ، إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة . 2 - ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة ، وكذلك أموال الأوقاف الخيرية ، أو كسب أى حق عينى عليها ، بالتقادم " . وصدر بعد ذلك القانون رقم 39 لسنة 1959 يضيف العقارة الآتية فى آخر الفقرة الثانية : " كما لا يجوز التعدى عليها ، وفى حالة حصول التعدى يكون للجهة صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة " . فأصبح النص بهذين التعديلين مطابقاً لما استقر عليه أخيرا .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشعرية كانت تنص على ما يأتى : " القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التى مضى عليها خمس عشرة سنة ، مع تمكن المدعى من رفعها وعدم العذر الشرعى له فى عدم إقامتها ، إلا فى الإرث والوقف فإنه لا يمنع من سماعها إلا بعد ثلاث وثلاثين سنة مع التمكن وعند العذر الشرعى ، وهذا كله مع الإنكار للحق فى تلك المدة " . ( والتقادم هنا ليس تقادماً مكسباً ، بل هو ليس تقادماً مسقطاً ، وإنما هو دفع بعدم جواز سماع الدعوى على النحو الذى عرف أخيراً فى الفقه الإسلامى ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 100 : لا يكتسب بالتقادم أى حق على العقارات الوقفية المستغلة مسجداً أو كنيسة أو كناساً أو مستشفيات أو معهداً تعليمياً أو المخصصة لاستعمال العموم .
التقنين المدنى الليبى م 974 : فى جميع الأحوال لا تكسب الأموال الموقوفة بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة .
التقنين المدنى العراقى : لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [1842] ) أنظر آنفا فقرة 368 .
( [1843] ) وقيل في المذكرة التفسيرية لهذا التشريع ، تبريراً لهذا الحكم الجديد ، إن الشارع أراد به أن يحمي الأملاك الخاصة للدولة حتي تكون في مأمن من تملكها بالتقادم ، لأنه مهما أحكمت الرقابة والإشراف عليها فان ذلك لم يمنع من تملكها بهذا الطريق .
( [1844] ) وإذا حاز شخص مالا وادعي أنه تملكه بالتقادم ، فعليه هو إذا كان مدعيا أن يثبت التملك بالتقادم بجميع شروطه . ومتي أثبت ذلك ، كان علي الحكومة أن تثبت بجميع طرق الإثبات أن هذا المال ، بالرغم من توافر شروط التملك بالتقادم فيه ، هو من أملاكها الخاصة ومن ثم لا يجوز تملكهم بالتقادم .
وكون المال الخاص المملوك للدولة أصبح غير قابل للتملك بالتقادم لا يمنع من بقاء الفضاء العادي – لا القضاء الإداري - مختصا بالنظر في وجوه النزاع فيه بين الدولة والأفراد .
( [1845] ) جزء 8 فقرة 88 .
( [1846] ) نقض مدني 8 نوفمبر سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 150 ص 981 .
( [1847] ) انظر في كل ذلك الوسيط 8 فقرة 88 .
( [1848] ) أما في التقنين المدني السباق فلم يكن يوجد نص يماثل نص المادة 970 من التقنين المدني الجديد . فذهب رأي إلي عدم جواز كسب ملكية العين الموقوفة بالتقادم ( استئناف وطني 26 نوفمبر سنة 1895 القضاء 3 ص 97 - 29 أبريل سنة 1897 القضاء 5 ص 7 - 23 فبراير سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 99 ص 211 ) - وذهب رأي ثان إلي جواز كسب ملكية العين الموقوفة بمدة التقادم العادي ، خمس عشر سنة أو خمس سنوات ( استئناف وطني 25 مايو سنة 1897 الحقوق 12 ص 197 - 20 فبراير سنة 1900 الحقوق 15 ص 98 ) وذهب رأي ثالث إلي جواز كسب ملكية العين الموقوفة ، علي أن تكون مدة التقادم ثلاث وثلاثين سنة أخذا بالمدة المقررة لعدم سماع دعوي الوقف في الشريعة الإسلامية ( استئناف وطني 26 مايو سنة 1892 الحقوق 7 ص 133 - 23 فبراير سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 99 ص 211 - 6 فبراير سنة 1917 الشرائع 4 رقم 95 ص 333 - 8 مارس سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 رقم 22 ض 47 - 11 يناير سنة 1922 المجموعة الرسمية 24 رقم 54 ص 89 - 7 أبريل سنة 1923 المحاماة 4 رقم 22 ص 29 - 16 ديسمبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 299 ص 425 ) .
وقد أخذت محكمة استئناف مصر بدوائرها المجتمعة بهذا الرأي الأخير ، وقالت في حكمها إنه ليس للقضاء الوطني أن يحتذي ما ورد باللائحة الشرعية حرفيا فيحكم بعدم سماع دعوي الوقف بعد مضي ثلاث وثلاثين سنة ، بل عليه أن يعتبر المدة فقط ، ثم يجعلها مدة كسب للحق بوضع اليد علي مثال القاعدة المقررة في المادة 76 من القانون المدني ( السابق ) ، حتي يتيسر بذلك لواضع اليد أن يطلب تثبيت ملكيته وأن تجيبه المحكمة لهذا الطلب( استئناف مصر دوائر مجتمعة 4 مايو سنة 1929 المحاماة 9 رقم 523 ص 955 ) . وأقرت محكمة النقض بعد ذلك ما قضت به محكمة استئناف مصر بدوائرها المجتمعة ، وقال إن ملكية الوقف لا تقسط الدعوي بها بمجرد الإهمال فقط مدة 33 سنة ، بل إنها تستمر حاصلة لجهة الوقف ما لم يكسبها أحد بوضع يده ثلاثا وثلاثين سنة وضعا مستوفيا جميع الشرائط المقررة قانونا لكسب ملكية العقار بوضع اليد ( نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 295 ص 912 ) . وانظر أيضا نقض مدني 28 فبراير سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 91 ص 226 - 18 أبريل سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 249 ص 194 - 23 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 352 ص 1098 - أول مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 213 ص 572 أما محكمة الاستئناف المختلطة فقد قضت بأن الوقف لا يقبل التملك بالتقادم لأنه لا يجوز التصرف فيه ، غير أنه يجوز الدفع بعدم جواز سماع الدعوي إذا تركت دعوي الوقف مدة 33 سنة مع إنكار الحائز للوقف ( استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 103 - 23 يناير سنة 1895 م 7 ص 100 - 30 مارس سنة 1899 م 11 ص 172 - 28 ديسمبر سنة 1905 م 18 ص 60 - أول مايو سنة 1924 م 36 ص 345 ) .
وقد قنن التقنين المدني الجديد قضاء محكمة استئناف مصر بدوائرها المجتمعة الذي أقرته محكمة النقض ، وقد كان القضاء المذكور يلفق بين حكم لائحة ترتيب المحاكم الشرعية فيأخذ منها مدة الثلاث والثلاثين سنة وبين حكم القانون المدني يأخذ منه أن التقادم يكسب ويقتضي حيازة تدوم ثلاثا وثلاثين سنة . وهذا التلفيق كان يعوزه نص تشريعي ، فأوجد التقنين المدني المدني الجديد هذا النص .
ولا يجوز لمن كانت حيازة عرضية أن يتملك الوقف بالتقادم ، فلا يجوز للواقف ولا لناظر الوقف أو المستأجر أو المحتكر أن يتمسك بذلك( نقض مدني 28 فبراير سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 232 ص 616 - 23 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 351 ص 1097 - 23 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 352 ص 1098 - 22 أبريل سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 54 ص 151 - 7 أبريل سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 110 ص 327 - 21 مايو سنة 1942 مجموعة 2 رقم 162 ص 452 ) ، وذلك ما لم يعتبر معارضة لحق المالك ، فإن الحائز في هذه الحالة ولو كان واقفا أو ناظراًً علي الوقف يستطيع أن يكسب بالتقادم المال الموقوف ، متي توافرت لديه شروط وضع اليد المكسب للملكية ودامت حيازته له مدة ثلاث وثلاثين سنة ( نقض مدني 28 ديسمبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 142 ص 839 ) . وانظر نقض مدني 10 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 7 ص 84 ( وضع يد المحتكر وورثته من بعده علي الوقف هو وضع يد مؤقت لا يكسبه ملكية الوقف ) .
( [1849] ) انظر آنفا ص 999 هامش 1 .
( [1850] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 498 .
( [1851] ) انظر آنفا ص 999 هامش 1 .
( [1852] ) استئناف وطني 10 مارس سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 85 ص 166 - استئناف مختلط 9 فبراير سنة 1939 م 51 ص 151 .
( [1853] ) استئناف مصر 30 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 319 ص 625 - 31 مارس سنة 1946 المحاماة 30 رقم 372 ص 751 - طنطا الكلية 26 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 10 رقم 235 ص 464 - استئناف مختلط 22 يناير سنة 1902 م 14 ص 86 - 26 يناير سنة 1911 م 23 ص 144 - 3 أبريل سنة 1913 م 25 ص 285 - 11 يونية سنة 1936 م 48 ص 218 .
( [1854] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا المعني بأن للوقف بصفته شخصا معنويا ان يتملك بالتقادم كغيره من الأشخاص ، والقول بأن العين لا يصح اعتبارها موقوفة إلا إذا حرر بوقفها إشهاد شرعي لا محل للتحدي به لا عند قيام نزاع في وقف العين المدعي بها وإنكار الوقف من واضع اليد عليها ( نقض مدني أول مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 214 ص 574 ) . وقضت أيضا بأن الوقف ، بحكم كونه شخصا اعتباريا ، له أن ينتفع بأحكام القانون المدني في خصوص التقادم المكسب للملك ، إذ ليس في هذا القانون ما يحرمه من ذلك . وإذا كان التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة علي ثبوت الملك لصاحب اليد ، كان توافر هذه القرينة لمصلحة جهة الوقف دليلا علي أن العين التي تحت يدها وقفا صحيحا ولو لم يحصل به إشهاد ( نقض مدني 22 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 303 ص 602 ) - وانظر أيضا نقص مدني 10 مارس سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 103 ص 796 .
وانظر في المعني الذي ذهبت إليه محكمة النقض من أنه يجوز للوقف أن يكسب عقاراً بالتقادم فيصبح العقار وقفا بدون حجة شرعية :محمد علي عرفة فقرة 140 - ص 253 ص 254 - عبد المنعم البدراوي فقرة 517 ص 549 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 381 - وانظر عكس ذلك وأنه لا يجوز للوقف أن يتملك عقاراً بالتقادم وأن العقار لا يصبح وقفا دون حجة شرعية :محمد كامل مرسي 4 فقرة 369 – شفيق شحاته فقرة 283 .
( [1855] ) انظر آنفا فقرة 375 .
( [1856] ) انظر آنفا فقرة 252 .
( [1857] ) وهذا ما كان يجري عليه القضاء في عهد التقنين المدني السابق ( استئناف مختلط 3 مارس سنة 1898 م 10 ص 169 - 17 أبريلس نة 1913 م 25 ص 310 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 371 ) - أما إذا قام النزاع لا علي حق الإرث ، ولكن علي ملكية عين بالذات داخلة في التركة ، فإن الحائز لهذه العين ، ولو كان وارثا آخر ، يتملكها بالتقادم المكسب العادي ( نقض مدني 24 أكتوبر سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 74 ص 267 - استئناف وطني 13 فبراير سنة 1917 المجموعة الرسمية 18 رقم 90 ص 157 - 30 مارس سنة 1920 المجموعة الرسمية 21 رقم 94 ص 153 - استئناف مختلط 3 مارس سنة 1898 م 10 ص 169 - 27 مايو سنة 1903 م 15 ص 311 - 23 مايو سنة 1905 م 17 ص 132 - 27 مارس سنة 1913 م 25 ص 270 - 17 أبريل سنة 1913 م 25 ص 310 - 8 أبريل سنة 1930 م 42 ص 402 ) .
( [1858] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 498 .
( [1859] ) وقد كان هناك خلاف في الرأي في عهد التقنين المدني السابق فيما يتعلق بمدة التقادم فرأي كان يذهب إلي أن هذه المدة ثلاث وثلاثون سنة تطبيقا لأحكام الشريعة الإسلامية ( استئناف وطني 4 يناير سنة 1894 القضاء 1 ص 53 - 26 ديسمبر سنة 1895 الحقوق 11 ص 273 - 19 مايو سنة 1897 الحقوق 7 ص 307 - 20 فبراير سنة 1900 المحاكم 11 ص 2219 - 30 مارس سنة 1920 المجموعة الرسمية 21 رقم 94 ص 153 ) . ورأي آخر كان يذهب إلي أن المدة هي خمس عشرة سنة وهي مدة التقادم العادي ( استئناف وطني 23 ديسمبر سنة 1914 المجموعة الرسمية 17 رقم 6 ص 8 - 13 فبراير سنة 1917 المجموعة الرسمية 18 رقم 90 ص 157 ) .
( [1860] ) انظر من هذا الرأي محمد كامل مرسي 4 فقرة 372 - إسماعيل غانم ص 125 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 380 - منصور مصطفي منصور فقرة 174 ص 406 - وقرب عبد المنعم البدراوي فقرة 516 وقارن محمد علي عرفه 2 فقرة 147 - شقيق شحاته فقرة 287 .
( [1861] ) أما إذا وضع وارث يده علي عين بالذات من أعيان التركة باعتباره مالكا لها لا عن طريق الإرث ، فإنه يتملك هذه العين إذا دامت حيازته لها مدة خمس عشرة سنة ( لا مدة ثلاث وثلاثين سنة ) بالتقادم المكسب ، ولو أنه تبين بعد ذلك أن الوارث الذي قضي بعدم جواز سماع دعوي ثلاث وثلاثين سنة كان يملك جزءاً شائعا من هذه العين يحكم أنه أحد الورثة وله نصيب شائع فيها . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن الدفع بعدم جواز سماع الدعوي الذي يمنع المحاكم من سماع قضايا التركات بعد مضي 33 سنة عليها لا يترتب عليه أدني تأثير فيما يتعلق بالدفع بالتملك بمضي المدة الذي يتمسك به من وضع يده مدة 15 سنة علي عين من أعيان التركة ( استئناف وطني 30 مارس سنة 1930 المجموعة الرسمية 21 رقم 94 ص 153 ) . وانظر أيضا استئناف وطني 19 مايو سنة 1897 الحقوق 1897 7 ص 307 - مصر 29 مايو سنة 1892 الحقوق 7 ص 307 - 21 يونيه سنة 1919 الحقوق 34 ص 123 .
( [1862] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متي كانت محكمة الموضوع قد أوضحت في أسباب حكمها أنه لم تكن لمدعي الحيازة ولا لمورثة حيازة مقترنة بنية التملك ، مستندة فيما استندت إليه إلي أن المورث كان يستأجر أرض النزاع ، فإن في هذا ما يعتبر رداً ضمنيا علي ما يتمسك به مدعي الحيازة من تملكه تلك الأرض بالتقادم الطويل والتقادم القصير مع السبب الصحيح وحسن النية ( نقض مدني 24 يونية سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 ص 620 ) .
( [1863] ) انظر آنفا فقرة 272 .
( [1864] ) وقل أن تكون حيازة المنقول بسوء نية خالية من عيب الخفاء ، فإن الحائز يحاول عادة إخفاء المنقول عن عين صاحبه ، ويسعفه في ذلك أن المنقول سهل الإخفاء في أغلب الأحوال . وعلي ذلك لا تنتج الحيازة بسوء نية أثرها في تملك المنقول ، ولو دامت هذه الحيازة خمس عشرة سنة ما دامت حيازة خفية ( مازو فقرة 1516 ص 1220 ) وتملك المنقول بالتقادم المكسب الطويل نادر الحصول علي كل حال ، ليس فحسب لأن الحيازة يشوبها عادة عيب الخفاء ، بل أيضا لأن المنقول بخلاف العقار لا يقوي علي البقاء مدة طويلة في أغلب الأحيان .
( [1865] ) انظر آنفا فقرة 273 - فقرة 287 - وقد بينا أن عيب عدم الاستمرار هو عيب مطلق ، لكل ذي مصلحة أن يتمسك به ، وأنه إذا زال وتحولت الحيازة إلي حيازة مستمرة خلت الحيازة من العيب ، ومنذ خلوها منه يمكن أن تؤدي إلي التقادم ( انظر آنفا فقرة 277 ) . أما عيب الخفاء فهو عيب نسبي لا يكون له أثر إلا قبل من أخفيت عنه الحيازة ، فإذا زال وظهرت الحياة وعلم بها المالك أو استطاع أن يعلم بها أصبحت الحيازة خالية من عيب الخفاء وصارت صالحة لأن تؤدي إلي التملك بالتقادم ( انظر آنفا فقرة 280 - فقرة 281 ) وكذلك عيب عدم الهدوء عيب نسبي لا يكون له أثر إلا قبل من وقع عليه الإكراه ، فإذا زال بانقطاع الإكراه هدوء الحيازة ، أصبحت الحيازة خالية من العيوب وصارت صالحة لأن تؤدي إلي التملك بالتقادم ( انظر آنفا فقرة 283 - فقرة 284 ) والغموض أيضا عيب نسبي لا يكون له أثر إلا قبل من التبس عليه الأمر ، فإذا زال بانتفاء اللبس ، أصبحت الحيازة خالية من العيب صالحة لأن تؤدي إلي التملك بالتقادم ( انظر آنفا فقرة 286 - فقرة 287 ) .
( [1866] ) وحيازة الشخص للعين حيازة مستوفية لعنصريها وخالية من العيوب المدة اللازمة للتقادم هي من مسائل الواقع التي تترك لتقدير قاضي الموضوع ، وهذا كله أمر مادي يجوز إثباته بجميع الطرق وتدخل في ذلك البينة والقرائن - انظر نقض مدني 10 ديسمبر سنة 1931 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاما جزء أول ص 456 رقم 79 - 24 مايو سنة 1934 نفس المجموعة جزء أول ص 457 رقم 82 - 31 أكتوبر سنة 1935 نفس المجموعة جزء أول ص 457 رقم 86 - 20 أكتوبر سنة 1938 نفس المجموعة 1 ص 459 رقم 99 - 10 أكتوبر سنة 1946 نفس المجموعة 1 ص 456 رقم 73 - 26 أكتوبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 3 ص 21 - 11 يناير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 46 ص 238 - 10 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 133 ص 835 – 6 ديسمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 36 ص 199 - 29 مايو سنة 1952 المحاماة 34 رقم 302 ص 689 - 19 فبراير سنة 1955 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء أول ص 455 رقم 70 – 10 مارس سنة 1955 نفس المجموعة 1 ص 457 رقم 89 - 31 مارس سنة 1955 نفس المجموعة 1 ص 457 رقم 80 - 17 نوفمبر سنة 1955 نفس المجموعة 1 ص 457 رقم 87 - 17 نوفمبر سنة 1955 نفس المجموعة 1 ص 458 رقم 95 – 25 فبراير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 ص 184 - 8 نوفمبر سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 150 ص 981 - 17 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 12 ص 111 - 9 نوفمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 157 من 1001 - 24 فبراير سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 58 ص 412 - 24 فبراير سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 60 ص 434 - 28 أبريل سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 129 ص 938 .
( [1867] ) انظر آنفا فقرة 371 .
( [1868] ) انظر آنفا فقرة 366 .
( [1869] ) يصعب تصور مثل هذا الاتفاق عملا ، فالحائز إنما يجوز عينا مملوكة لغيره بنية تملكها ، فكيف يتأتي أن يتفق مع المالك الذي اغتصب منه العين علي أن تكون مدة التقادم أطول أو أقصر من خمس عشرة سنة! وكان يمكن القول إن قاعدة عدم جواز الاتفاق علي مدة غير التي عينها القانون للتقادم إنما هي قاعدة تتفق مع طبيعة التقادم المسقط وتستعصي علي طبيعة التقادم المكسب ، ومن ثم لا مجال لتطبيقها علي التقادم المكسب– علي أنه من الممكن أن نتصور ، وإن كان ذلك فرضا بعيد الوقوع ، أن المؤجر اتفق مع المستأجر علي أنه في حالة تغيير المستأجر صفة حيازته وتحويلها إلي حيازة أصلية ، تكون مدة التقادم عشرين سنة مثلا . فيكون هذا الاتفاق باطلا ، كما يكون باطلا الاتفاق علي النزول أصلا عن التقادم في مثل هذا الفرض ( كولان وكابيتان ودي لاموراندير 1 فقرة 1195 ص 974 ) .
( [1870] ) وكذلك لا يجوز الاتفاق علي تعديل مدة التقادم المكسب القصير وهي خمس سنوات ، فلا يجوز الاتفاق علي جعلها مدة أطول ولا علي جعلها مدة أقصر .
( [1871] ) انظر في هذه المسألة الوسيط 3 فقرة 612 وفقرة 658 .
( [1872] ) انظر في هذه المسألة الوسيط 3 فقرة 659 .
( [1873] ) انظر آنفا فقرة 366 .
( [1874] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 699 ص 708 .
( [1875] ) استئناف مصر 3 أبريل سنة 1952 المحاماة 34 رقم 27 ص 31 .
( [1876] ) استئناف مختلط 17 ديسمبر سنة 1908 م 21 ص 78 .
( [1877] ) أوبري ورو 2 فقرة 212 ص 448 - وانظر الوسيط 3 فقرة 614 ص 1056 - 1057 .
( [1878] ) انظر الوسيط 3 فقرة 614 ص 1057 - ويذهب أكثر الفقهاء إلي عكس ذلك ، وإلي أن التقادم يكتمل باقتضاء اليوم الأخير ولو كان يوم عطلة ( لوران 32 فقرة 255 - جيوار فقرة 88 - ترولون 2 فقرة 816 - أوبري ورو 2 فقرة 212 ص 448 - بودري وتيسييه فقرة 583 - بلانيول وريبير بيكار 3 فقرة 699 ص 709 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3157 - أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Prescription civilc فقرة 101 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 66 ص 69 - شفيق شحاته فقرة 290 ص 295 - محمد علي عرفة 2 فقرة 148 ص 176 - عبد المنعم البدراوي فقرة 521 ) . هذا وقد اعتمدنا علي الرأي الذي نقول به في المتن علي أن التقادم يوقف سريانه بالقوة القاهرة إذا كان آخر يوم فيه هو يوم عطلة ، إذ يتعذر اتخاذ إجراء قضائي في هذا اليوم لقطع التقادم ( انظر من هذا الرأي عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 316 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 387 - عبد الحي حجازي في النظرية العامة للالتزام 3 ص 330 ) .
( [1879] ) استئناف مصر 17 فبراير سنة 1930 المحاماة 10 رقم 428 ص 849 - 16 يونية سنة 1930 المحاماة 11 رقم 150 ص 271 - 8 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 376 ص 762 - 13 مايو سنة 1934 المحاماة 15 رقم 116 ص 238 .
( [1880] ) انظر الوسيط 10 فقرة 614 ص 1058 - وقد يقع أن يكون مدة التقادم الطويل قد اكتملت بحسب التقويم الهجري قبل نفاذ التقنين المدني الجديد ، أي قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ، فيتم التقادم ويكسب الحائز ملكية العقار أو المنقول ، حتي لو لم تكن المدة قد اكتملت بحسب التقويم الميلادي . أما إذا كانت مدة التقادم المكسب الطويل لم تكتمل بالتقويم الهجري قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ، فإن التقادم يستمر ساريا ، ولكن تحسب المدة من أولها بالتقويم الميلادي تطبيقا لأحكام التقنين المدني الجديد . فلو أن المدة التي انقضت قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 كانت خمس عشرة سنة هجرية إلا يوما واحداً ، فإن التقادم في هذه الحالة يحسب من أوله بالتقويم الميلادي . ويبقي علي اكتمال المدة ، لا يوم واحد فحسب ، بل هذا اليوم مضافا إليه عدد آخر من الأيام هو الفرق ما بين خمس عشرة سنة ميلادية وخمس عشرة سنة هجرية ، فتكون المدة الباقية لاكتمال التقادم في الحالة التي نحن بصددها هي مائة وتسعة وستون يوما بدلا من يوم واحد ، إذا حسبنا في الخمس العشرة سنة ميلادية ثلاث سنوات كبيسة علي الأقل ( انظر الوسيط 3 فقرة 614 ص 1058 ) .
( [1881] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 695 ص 703 .
( [1882] ) انظر آنفا فقرة 336 .
( [1883] ) محمد علي عرفة 2 فقرة 148 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 388 ص 588 وهامش 1 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 110 ص 109 هامش 2 ( ويقتصر علي التساؤل دون أن يبت في المسألة ) .
( [1884] ) الوسيط 3 فقرة 616 ص 1061 - استئناف مختلط 3 مارس سنة 1927 م 39 ص 302 - وعلي ذلك يبدأ سريان التقادم ، بالنسبة إلي الحق المعلق علي شرط فاسخ ، ومن وقت وجود الحق لأنه يكون نافذا من وقت وجوده ( انظر الوسيط 3 فقرة 616 ص 1063 ) .
( [1885] ) كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1193 - ولا يقال أن الشرط الواقف إذا تحقق كان لتحقيقه أثر رجعي المالك تحت شرط واقف مالكا منذ وجود الشرط لا منذ تحققه ، فإن الأثر الرجعي للشرط ليس إلا من قبيل الافتراض أو المجاز ( ficrion ) وليس للافتراض أو المجاز قوة الحقيقة ، ومن ثم لا ينفذ حق المالك تحت شرط واقف إلا بتحقق الشرط ومن وقت تحققه ، والعبرة في بدء سريان التقادم بنفاذ الحق لا بوجوده . فالقاعدة إذن هي أن يبدأ سريان التقادم من وقت نفاذ الحق ، إذ أن صاحب الحق لم يكن يستطيع المطالبة به قبل استحقاقه . وينبغي أن يكون المالك في خلال مدة التقادم قادراً علي المطالبة بحقه ولم يفعل ، فيتقادم الحق جزاء له عل إكماله ( أنظر الوسيط 3 فقرة 615 ص 1059 ) .
( [1886] ) ويذهب القضاء في فرنسا إلي هذا الرأي ، فلا يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلي الحق المعلق علي شرط واقف إلا من وقت تحقق الشرط ، وبالنسبة إلي الحق المتقرن بأجل واقف إلا من وقت حلول الأجل . وعنده أن التقادم المكسب لا يقوم علي الحيازة فحسب ، بل أيضا علي إهمال المالك في المطالبة بحقه ، ولا يكون المالك مهملا إذا هو لم يطالب بحقه قبل تحقق الشرط أو قبل حلول الأجل إذ أنه كان لا يستطيع المطالبة بحقه في ذلك الوقت . أما القول بأن المالك كان يستطيع ، قبل تحقق الشرط أو قبل حلول الأجل أن يتخذ إجراءات تحفظية ومنها قطع التقادم ، فيمكن الرد عليه بأن الدائن تحت شرط واقف أو لأجل واقف كان يستطيع هو أيضا اتخاذ هذه الإجراءات التحفظية ، ومع ذلك فلا نزاع في أن سريان التقادم بالنسبة إليه لا يبدأ إلا من وقت تحقق الشرط أو من وقت حلول الأجل . انظر في هذا المعني في القضاء الفرنسي :نقض فرنسي 4 مايو سنة 1846 داللوز 46 - 1 - 255 - 28 يناير سنة 1862 داللوز 62 - 1 - 89 - 9 يوليه سنة 1879 داللوز 79 - 1 - 343 - 8 يناير سنة 1900 سيريه 1900 - 1 - 224 - 26 أكتوبر سنة 1915 سيرية 1920 - 1 - 6 وقد صدر حكم يقضي بأنه إذا باع صاحب حق الانتفاع العين المنتفع بها ، انتفاعا ورقبة ، فإن المشتري يستطيع أن يتملك الرقبة بالتقادم ، ويبدأ سريان التقادم من وقت وضع المشتري يده علي العين حتي قبل انقضاء حق الانتفاع ( ليموج 17 يونية سنة 1905 سيريه 1907 - 2 - 301 ) وهذا الحكم لا يتعارض مع القضاء السابق ، فإن مالك الرقبة يملكها في الحال وليست ملكيته مقترنة بأجل هو انقضاء حق الانتفاع ، ومن ثم يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلي الرقبة من وقت وضع اليد ، ولا حاجة لتأخير سريان إلي وقت انقضاء حق الانتفاع ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 697 ص 707 - أنسيكلوبيدي داللوز لفظ Prescription civilc فقرة 109 - محمد علي عرفه 2 فقرة 148 ص 275 ) .
أما الفقه في فرنسا فهو منقسم في هذه المسألة . فهناك رأي يؤيد القضاء الفرنسي فيما ذهب إليه ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 696 ص 704 - ص 705 - بلانيول وريبير وبلانجيه 1 فقرة 3154 - بيدان 4 فقرة 771 ص 885 - ص 856 - كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1193 ) . وهناك رأي آخر يعارض القضاء الفرنسي ويذهب إلي أن التقادم يبدأ سريانه ، بالنسبة إلي الحق المعلن علي شرط واقف أو المقترن بأجل واقف ، من وقت وضع اليد ولا يتأخر بدء السريان إلي وقت تحقق الشرط أو حلول الأجل ( أوبري ورو 2 فقرة 213 ص 453 - ص 457 - بودري وتيسييه فقرة 396 وما بعدها . بفنوار ص 399 وما بعدها ) . وهناك من الفقهاء من يكتفي بعرض القضاء والفقه في المسألة دون أن يتخذ موقفا فيها ( مازو فقرة 1494 – مارتي ورينو فقرة 192 ص 207 كاربونييه ص 213 ) وانظر في المسألة أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Prescription civilc فقرة 105 - فقرة 110 .
( [1887] ) انظر الوسيط 3 فقرة 16 .
( [1888] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 698 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3155 - أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Prescription civilc فقرة 111 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 112 - محمد علي عرفة 2 فقرة 184 ص 275 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 388 ص 589 - ص 590 - عكس ذلك بودري وتيسييه فقرة 414 وما بعدها .
( [1889] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1422 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يتضمن فقرة ثانية تجري علي الوجه الآتي : " ولا يعتبر قيام الحيازة في الحالة قرينة علي قيامها في وقت سابق ، إلا إذا كان لدي الحائز سند يعطيه الحق في الحيازة . ويعد في هذه الحالة حائزا من بدء التاريخ الثابت لهذا السند ، ما لم يقم الدليل علي غير ذلك " . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1046 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1043 وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الثانية " اكتفاء بالقواعد العامة في وسائل إثبات الحيازة بالقرائن أو الشهود أو السندات " ، فأصبح النص ، تحت رقم 971 ، مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 500 - ص 501 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 78 / 104 من أثبت وضع يده علي عقار أو حقوق عينية مدة معينة ، وكان واضعا يده في الحال ، فالمتوسط بين المدتين يعتبر وضع يد له ، ما لم يثبت ما ينافي ذلك .
( وحكم التقنين المدني السابق يتفق مع حكم التقنين المدني الجديد ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 920 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 975 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1195( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 259 : إن وضع اليد الثابت وقوعه بزمن معين ، ووضع اليد الحالي ، يرجحان قيام اليد في الفترة الواقعة بينهما ، ما لم يثبت خلاف ذلك .
( وحكم القانون اللبناني يتفق مع حكم التقنين المصري ) .
( [1890] ) أو دامت سنة واحدة وهي المدة اللازمة في بعض دعاوي الحيازة .
( [1891] ) أوبري ورو 2 فقرة 217 ص 507 - ص 508 بودري وتيسييه فقرة 245 مكررة - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 725 - وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 508 - استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1933 م 45 ص 250 .
( [1892] )ونري أن القرينة القانونية تكون قائمة ، حتي لو كان الحائز قد انتزعت منه الحيازة بحيث لا يستطيع إثبات أنه الحائز الحالي ، وحتي لو لم يسترد هذه الحيازة في خلال السنة فمتي أثبت أنه كان حائزاً في وقت معين ولو لم يكن حائزا حيازة حالية ، واثبت أنه كان حائزا أيضا في وقت أسبق أيا كان هذا الوقت ، قامت القرينة القانونية علي استمرار الحيازة في الفقرة ما بين هذين الوقتين .
( [1893] ) بودري وتيسييه فقرة 215 .
( [1894] ) وإثبات قيام الحيازة في وقت معين وقيامها حالا من مسائل الواقع ، يستقل بتقديرها قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض ( نقض مدني 28 أبريل سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 47 ص 99 - 23 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 267 ص 792 - 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 295 ص 912 - 4 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 127 ص 350 - بودري وتيسييه فقرة 247 - محمد علي عرفة 2 فقرة 149 ) .
( [1895] ) انظر آنفا ص 1020 هامش 2 .
( [1896] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " بل إن قيام الحيازة حالا ، إذا كان لدي الحائز سند يعطي الحق في الحيازة ، قرينة علي قيامها في وقت سابق هو بدء التاريخ الثابت لهذا السند ، ما لم يقم الدليل علي عكس ذلك . ويتبين من هذا أن الحائز إذا قدم لإثبات حيازته عقد بيع مثلا ثابت التاريخ منذ خمس عشرة سنة ، فيكفي هذا العقد قرينة علي أنه حاز منذ خمس عشرة سنة ، وأنه مستمر في حيازته إلي اليوم ، وعلي خصمه أن يثبت العكس إذا ادعاه ، وفي هذه القرائن تيسير عظيم لإثبات الحيازة ، بدءاً واستمراراً ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 508 ) .
( [1897] ) انظر آنفا ص 1020 هامش 2 .
( [1898] ) انظر أوبر ورو 2 فقرة 217 ص 508 - بودري وتيسييه فقرة 248 ص 198 .
( [1899] ) انظر آنفا فقرة 297 - فقرة 307 - وقد رأينا ( انظر آنفا فقرة 297 ) أن المادة 955 مدني تنص علي أن " 1 - تنتقل الحيازة للخلف العام بصفاتها ، علي أنه إذا كان السلف سيء النية وأثبت الخلف أنه كان في حيازته حسن النية ، جاو له أن يتمسك بحسن نيته . 2 - ويجوز للخلف الخاص أن يضم إلي حيازته حيازة سلفه في كل ما يرتبه القانون علي الحيازة من أثر " هذا ويجب علي من يريد ضم مدة سلفه إلي مدته أن يبدي هذا الطلب أمام محكمة الموضوع ، فلا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ( نقض مدني 11 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 187 ص 532 ) .
( [1900] ) انظر آنفا فقرة 301 .
( [1901] ) وقد قدمنا ( انظر آنفا فقرة 301 ) أنه إذا كان المورث سيء النية وقت حصوله علي السبب الصحيح ، فان الحيازة تنتقل إلي وارثه مقترنة بسوء النية ولا يجديه بعد ذلك أن يثبت حسن نيته وعلي ذلك لا يستطيع الوارث أن يتملك في هذا الفرض إلا بالتقادم الطويل وله أن يضم مدة حيازة مورثه إلي مدة حيازته حتي يستكمل مدة التقادم الطويل .
( [1902] ) انظر آنفا فقرة 307 .
( [1903] ) استئناف وطني 11 أكتوبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 47 ص 43 - أول يونية سنة 1915 الشرائع 2 رقم 294 ص 253 .
( [1904] ) انظر آنفا فقرة 366 .
( [1905] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1425 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1049 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1046 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 974 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 505 - ص 506 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري .
التقنين المدني السوري م 923 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي 978 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل ( ولكن وقت التقادم المسقط في التقنين العراقي يقف أيا كانت مدة التقادم ولا يتقيد بتقادم مدته تزيد علي خمس سنوات ، وكذلك يقف التقادم المكسب أيا كانت مدته ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [1906] ) ويلاحظ أن وقف سريان التقادم غير تأخير سريان التقادم . فوقف سريان التقادم يفترض أن التقادم قد بدأ سريانه فعلا ، ثم عرض من الأسباب ما يقف هذا السريان ، وعند ذلك لا تحسب المدة التي وقف فيها سريان التقادم وتحسب المدة التي سبقت والمدة التي تلت . أما تأخير سريان التقادم فيفترض أن التقادم لم يبدأ سريانه ، فهو إذن لا يقع إلا منذ البداية ولا يتصور وقوعه معترضا سريان التقادم بعد أن بدأ ، وذلك كتأخير سريان التقادم حتي يتحقق الشرط الواقف أو حتي يحل الأجل الواقف . انظر في ذلك الوسيط 3 فقرة 620 .
( [1907] ) انظر تاريخ هذا النص وما يقابله في التقنين المدني السباق في الوسيط 3 فقرة 621 ص 1069 هامش 2 و ص 1070 هامش 1 .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 379 ( مطابق – ويسري علي التقادم المكسب بموجب المادة 922 مدني سوري ) .
التقنين المدني الليبي م 369 ( مطابق – ويسري علي التقادم المكسب بموجب الماة 977 مدني ليبي ) .
التقنين المدني العراقي م 435 ( يوافق – ويسري علي التقادم المكسب بموجت المادة 1162 مدني عراقي ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 266 : لا يسري مرور الزمن ، في المسائل العقارية ، لا علي الغائبين ولا عل فاقدي الأهلية بمقتضي القانون .
( [1908] ) وبالرغم من ذرك أسباب وقف التقادم في التقنين المدني السابق علي سبيل الحصر ، فقد كان القضاء المصري في عهد هذا التقنين يتوسع في هذه الأسباب توسع القضاء الفرنسي . فقد قضت محكمة النقض بأن التقادم يقف كلما استحال علي صاحب الحق ، ماديا أو قانونيا ، أن يطالب بحقه ، فهو يقف بالنسبة إلي كل صاحب حق حالت بينه وبين المطالبة بحقه قوة قاهرة ( نقض مدني 3 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 19 ص 37 ) .
فالتقنين المدني الجديد لم يفعل إلا أن قنن القضاء المصري في هذا الشأن . وانظر أيضا استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1948 م 61 ص 63 .
( [1909] ) انظر في هذا المعني لوران 32 فقرة 37 - هيك 14 فقرة 415 - بودري وتيسييه فقرة 367 - فقرة 368 - كولان وكابيتان ودي لاموراندييرا فقرة 1192 ص 970 - 971 وقارن بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1379 - ويذهب أوبري ورو إلي الأخذ بالقاعدة التقليدية القديمة بشرط أن تكون مقصورة علي الموانع القانونية وحدها ، فلا يعتد بالموانع المادية أسباب لوقف التقادم إلا إذا ورد بها نص صريح في القانون ( أوبري ورو 2 فقرة 214 وهوامش 29 إلي 33 ) .
( [1910] ) انظر آنفا فقرة 368 في آخرها .
( [1911] ) انظر في موقف القضاء الفرنسي من هذه المسألة بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 736 وفقرة 742 ص 739 وفقرة 743 ص 741 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3206 .
( [1912] ) وتقضي محكمة النقض الفرنسية بأن التقادم لا يسري في حق من يستحيل عليه العمل بسبب مانع ناجم عن القانون أو عن الاتفاق أو عن القوة القاهرة ، واستحالة العمل مسألة واقع يبت فيها قاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض ( نقض فرنسي 22 يونية سنة 1853 سيرية 55 - 1 - 511 - 10 ديسمبر سنة 1855 سيريه 56 - 1 - 429 - 27 مايو سنة 1857 داللوز 57 - 1 - 290 - 19 يولية سنة 1869 داللوز 70 - 1 - 75 - 3 يناير سنة 1870 داللوز 72 - 1 - 22 - 28 يونية سنة 1870 داللوز 70 - 1 - 310 - 20 يناير سنة 1880 داللوز 80 - 1 - 65 - 18 نوفمبر سنة 1884 داللوز 85 - 1 - 101 - 21 مايو سنة 1900 داللوز 1900 - 1 - 422 ) . وانظر أيضا في قضاء محاكم الاستئناف الفرنسية إكس 20 ديسمبر سنة 1920 سيريه 1922 - 2 - 46 - باريس 16 مارس سنة 1949 J . C . P . 1949 - 4960 .
( [1913] ) انظر الوسيط 3 فقرة 622 .
( [1914] ) انظر آنفا فقرة 388 .
( [1915] ) انظر المادة 388 / 1 مدني آنفا فقرة 388 .
( [1916] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، في صدد التقادم المسقط ، ما يأتي : " بيد أن أهم جديد أتي به المشروع في هذا الصدد هو النص بصفة عامة علي وقف سريان التقادم إذا كان ثمة مانع يستحيل معه علي الدائن أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ، ولو كان هذا المانع أدبيا . ولم ير إيراد الموانع علي سبيل الحصر - كالحرب وحالة الأحكام العرفية والأسر وصلة الزوجية والخدمة - علي غرار ما فعلت بعض تقنينات أجنبية . بل عمم الحكم لتمشيه مع ما يقضي به العقل ، ولاسيما أن ضبط حدوده من طريق التطبيق غير عسير . وتطبيقا لهذا الحكم يقف سريان التقادم بين الزوج وزوجته ما بقيت الزوجية قائمة ، وبين المحجور ومن ينوب عنه قانونا ما بقي قائما علي الإدارة ، وبين الشخص المعنوي ونائبه ما بقيت النيابة قائمة ، وبين الموكل والوكيل فيما يدخل في حدود التوكيل ، وبين السيد والخادم طوال مدة التعاقد ، لأن بين كل من أولئك وكل من هؤلاء علي التوالي صلة تبعث علي الاحترام والثقة أو الرهبة يستحيل منها علي الدائن أدبيا أن يطالب بحقه . وتجدر الإشارة إلي أن اتحاد الذمة مانع طبيعي من موانع سريان المدة ، فإذا زال السبب الذي أفضي إلي اجتماع صفتي الدائن والمدين زوالا مستندا ، وعاد الدين إلي وجود ، اعتبر التقادم قد وقف طوال الفترة التي تحقق الاتحاد في خلالها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 329 ) .
( [1917] ) ويجيز القضاء الفرنسي أن يتفق الطرفان علي وقف سريان التقادم لمدة معينة لأسباب تستوجب ذلك ، كما إذا اتفقا علي وقف التقادم في خلال مدة تحقيق جنائي أو تحقيق إداري أو في خلال المدة التي تدور فيها مفاوضات للصلح ، ومن ثم تطول مدة التقادم بقدر ما وقف من سريانه ( نقض فرنسي 22 يونية سنة 1853 داللوز 53 - 1 - 302 - 28 نوفمبر سنة 1865 داللوز 67 - 1 - 224 - 21 مايو سنة 1900 داللوز 900 - 1 - 422 ) . ويقول بودري وتيسييه إنه ليس في هذا الاتفاق ما ينشيء أسبابا جديدة لوقف التقادم ، وإنما هو تطبيق لحرية التعاقد فيما لا يصطدم مع النظام العام . وليس في النظام العام ما يمنع من الاتفاق علي تأخير رفع الدعوي أو علي وقف سريان التقادم لتحقيق مصلحة أو لقيام ضرورة ، فقد أجاز القانون إضافة أجل للدين فمكن الطرفين بذلك من وقف التقادم إلي حلول هذا الأجل ( بودري وتيسييه فقرة 63 - فقرة 66 ) .
( [1918] ) انظر في ذلك الوسيط 3 فقرة 623 - هذا ويجري القضاء الفرنسي القاعدة التي تقضي بوقف التقادم حيث يتعذر علي صاحب الحق قطع سريانه ، أكثر ما يكون عندما يقوم المانع في آخر مدة التقادم ، فتكتمل مدة التقادم والمانع لا يزال قائما : عند ذلك يعتبر هذا المانع قوة قاهرة حالت دون أن يتخذ صاحب الحق الإجراءات القانونية للمطالبة بحقه . أما إذا قام المانع في وسط مدة التقادم ، ثم زال مع بقاء مدة طويلة بعد زواله وقبل أن يكتمل التقادم ، فإنه لا يعتد بهذا المانع ، ولا يعتبر التقادم موقوفا في أثناء قيامه ، فقد كان عند صاحب الحق مدة طويلة بعد زوال المانع يستطيع في خلالها المطالبة بحقه ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1379 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 742 ص 739 ) .
وقد كان القضاء في مصر ، في عهد التقنين المدني السابق ، يجري علي هذا المبدأ فقد قضت محكمة استئناف مصر بأن المانع الوقتي لا يقف سريان التقادم ، ولكن للقاضي أن يعفي صاحب الحق من الحكم بالتقادم إذا باشر حقوقه بمجرد زوال المانع . أما إذا زال المانع الوقتي ولا يزال أمام صاحب الحق مدة كافية لاستعمال حقه وأهمل استعماله حتي انتهت جميع المدة ، فإنه يجب الحكم بالتقادم ( استئناف مصر 8 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 376 ص 762 ) . ولما كان التقنين المدني الجديد جاء نصه صريحا في أن المانع أيا كان يقف التقادم ، ولم يذكر أسبابا محددة علي سبيل الحصر لوقف التقادم كما فعل التقنين المدني الفرنسي ، مما دعا القضاء في فرنسا في الموانع التي لم يرد بها نص إلي اعتبارها بمثابة القوة القاهرة فلا يكون لها أثر إلا إذا قامت في آخر مدة التقادم فمنعت صاحب الحق من المطالبة بحقه قبل اكتمال هذه المدة ، فإن هذه الاعتبارات لا محل لها أمام النص الصريح للتقنين المدني المصري ، ويجب اعتبار أي مانع ولو توسط مدة التقادم ولم يجيء في آخرها سبب لوقف سريان التقادم ( الوسيط 3 فقرة 636 ص 1086 هامش 2 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 896 ص 606 هامش 1 - عكس ذلك محمد علي عرفة 2 فقرة 151 ص 280 - ص 281 ) .
( [1919] ) وهذا بخلاف التقادم المسقط ، فقد نصت المادة 382 / 1 مدني في شأن هذا التقادم علي أنه " لا يسري التقادم الذي تزيد مدته علي خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو في حق الغائب أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جنائية ، إذا لم يكن له نائب يمثله قانونا " فالتقادم المسقط لا يقف سريانه في حق المحجورين ، إلا إذا كانت مدته تزيد علي خمس سنوات ولم يكن للمحجور نائب يمثله قانونا ( انظر في تفصيل ذلك الوسيط 3 فقرة 624 ص 1078 – ص 1080 ) . أما التقادم المكسب ، الذي نحن بصدده ، فيقف سريانه في حق المحجورين ، سواء كان تقادما طويلا مدته خمس عشرة سنة أو كان تقادما قصيراً مدته خمس سنوات ( انظر م 974 مدني آنفا فقرة 387 ) .
( [1920] ) انظر آنفا فقرة 387 .
( [1921] ) انظر في هذه المسألة الوسيط 3 فقرة 624 ص 1079 - ص 1080 .
( [1922] ) أما إفلاس صاحب الحق فليس سببا لوقف التقادم ، وعلي السنديك أن يقطع التقادم ( استئناف مختلط 3 يناير سنة 1895 م 7 ص 73 ) .
( [1923] ) وقد قضت محكمة النقض في عهد التقنين المدني السابق بأن اعتبار علاقة الزوجية مانعة من المطالبة بالحق أو غير مانعة من الأمور الموضوعية التي تختلف في الدعاوي بحسب ظروفها ، والقضاء فيها لا يخضع لرقابة محكمة النقض ( نقض مدني 11 يناير سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 21 ص 47 ) . أما في التقنين المدني الجديد ، حيث النص صريح في وقف سريان التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه علي صاحب الحق أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا فالواجب أن تكون علامة الزوجية في الأصل مانعا أدبيا من سريان التقادم . علي أنه قد يقع أن ينفصل الزوجان ، ويقوم الشقاق بينهما مع بقاء الزوجية قائمة ، فلا يعود هناك محل الخشية من تعكير صفو السلام في الأسرة بعد أن تعكر فعلا ، لاسيما إذا كانت هناك قضايا مرفوعة بين الزوجين . ففي هذه الحالة يمكن القول بأن سبب وقف التقادم قد زال ، وهذه مسألة في واقع لا معقب فيها علي تقدير قاض الموضوع ( الوسيط 3 فقرة 624 ص 1081 هامش 2 ) . انظر في أن قيام الزوجية ، في عهد التقنين المدني السابق ، كان سببا لوقف التقادم استئناف مصر 9 مايو سنة 1933 المحاماة 14 رقم 45 ص 88 - وفي أنها لم تكن سببا لوقف التقادم في عهد هذا التقنين : استئناف مصر 7 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 19 رقم 286 ص 690 .
( [1924] ) انظر آنفا فقرة 388 .
( [1925] ) ولا تعتبر علاقة الموظف بالحكومة مانعا أدبيا من شأنه وقف التقادم ( محكمة القضاء الإداري 30 مايو سنة 1953 المحاماة 35 رقم 915 ص 1739 ) وانظر كل ذلك الوسيط 3 فقرة 624 .
( [1926] ) استئناف مختلط 2 ديسمبر سنة 1943 م 56 ص 12 - نقض فرنسي 11 يونية سنة 1918 سيريه 1922 - 1 - 217 - 27 يناير سنة 1941 جازيت دي باليه 1941 - 238 - بلانيول وريبير وبيكار 3 ف قرة 743 - بلانيول وريبير بولانجيه 1 فقرة 3213 - أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Prescription civilc فقرة 225 - وقارن أوبري ورو 2 فقرة 214 هامش 33 - بودري وتيسيه فقرة 371 – محمد علي عرفة 2 فقرة 151 ص 282 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 394 ص 602 .
( [1927] ) نقض مدني 22 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 303 ص 602 - وانظر الوسيط 3 فقرة 625 - ويلاحظ هنا أن التقادم قد وقف قبل أن يبدأ سريانه فهو بمثابة تأخير لسريان التقادم ( الوسيط 3 فقرة 625 ص 1083 هامش 2 ) - ونري من ذلك أنه لا يشترط في المانع ما يشترط في القوة القاهرة ، ويكفي في المانع أن يقوم دون أن يكون مصدره خطأ صاحب الحق حتي يقف سريان التقادم ، وعلي هذا الأساس اعتبر جهل صاحب الحق بوجود حقه من غير تقصير منه مانعا يقف التقادم ، وقد لا يكون هذا الجهل قوة قاهرة بالمعني الدقيق . ومن ثم يحسن فصل الفكرتين - المانع والقوة القاهرة - إحداهما عن الأخري والأمر في تقدير المانع يترك لقاضي الموضوع ، ولا معقب عليه من محكمة النقض ( الوسيط 3 فقرة 625 ص 1083 هامش 2 - منصور مصطفي منصور فقرة 176 ص 402 ) .
( [1928] ) انظر الوسيط 3 فقرة 626 - وقد قضت محكمة النقض بأن القاعدة الصحيحة في احتساب مدة التقادم ألا تحسب المدة التي وقف سيرة في خلالها ضمن مدة التقادم ، وإنما تعتبر المدة السابقة علي الوقف معلقة حتي يزول سبب الوقف ، فإذا زال يعود سريان المدة وتضاف المدة السابقة إلي المد اللاحقة ( نقض مدني 19 نوفمبر سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 156 ص 1050 ) .
( [1929] ) انظر آنفا فقرة 366 .
( [1930] ) أما المادة 385 مدني ، وهي متعلقة أيضا بانقطاع التقادم المسقط ، فتنص علي أنه " 1 - إذا انقطع التقادم بدأ تقادم جديد ، يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب علي سبب الانقطاع ، وتكون مدته هي مدة التقادم الأول . 2 - علي أنه إذا حكم بالدين وحاز الحكم قوة الأمر المقضي ، أو كان الدين مما يتقادم بسنة واحدة وانقطع تقادمه بإقرار المدين ، كانت مدة التقادم الجديد خمس عشرة سنة ، إلا أن يكون الدين المحكوم به متضمنا لالتزامات دورية متجددة لا تستحق الأداء إلا بعد صدور الحكم " . وسنبين فيما يتعلق بكل سبب من أسباب انقطاع التقادم المكسب الأثر الذي يترتب عليه ، فلا نطبق من أحكام المادة 385 سالفة الذكر إلا ما يتفق مع طبيعة التقادم المكسب .
( [1931] ) والفرق بين انقطاع التقادم ووقفه أن في وقف التقادم لا تحسب المدة التي وقف في خلالها ولكن تحسب المدة السابقة والمدة اللاحقة كما سبق القول ، أما في انقطاع التقادم فسنري أنه لا تحسب المدة التي انقطع فيها التقادم ولا المدة التي سبقت الانقطاع ، ولا تحسب إلا المدة التي تلت زوال أثر الانقطاع إذا كان هناك محل لبدء تقادم جديد . وتنص المادة 263 من قانون الملكية العقارية اللبناني علي أنه " إذا انقطع مرور الزمن ، فلا تحسب مدة وضع اليد السابقة لإشغال العقار " .
( [1932] ) انظر في تاريخ هذا النص وفيما يقابله في التقنين المدني السابق وفي التقنينات المدنية العربية الأخري الوسيط 3 فقرة 628 - وقد ورد في قانون الملكية العقارية اللبناني نص خاص بقطع التقادم المكسب بالمطالبة القضائية ، فنصت المادة 265 من هذا القانون علي أن " ينقطع مرور الزمن أيضا إذا طالب صاحب العقار بحقه بدعوي قضائية ، بشرط ألا يكون قد ترك دعواه تسقط " .
( [1933] ) وقد يتصور أن يكون التنبيه ( commandment ) قاطعا للتقادم المكسسب فيما إذا كان المالك بيده ورقة رسمية تعطيه الحق في تسلم العقار من الحائز فيستطيع أن ينبه علي الحائز بموجب هذه الورقة تنبيها رسميا أن يسلمه إياه ، فيقطع التقادم بهذا التنبيه . كما يجوز أن المالك يرفع دعوي استحقاق علي الحائز فيقطع التقادم بهذه الدعوي ، ويحصل علي حكم بالاستحقاق فيبدأ سريان تقادم جديد من وقت صدور هذا الحكم . ويعمد المالك بعد ذلك إلي التنبيه علي الحائز بموجب الحكم تمهيداً للتنفيذ ، فيقطع التقادم الجديد بهذا التنبيه ( بودري وتيسييه فقرة 512 محمد كامل مرسي 4 فقرة 263 ص 264 - شفيق شحاته فقرة 292 ص 299 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 400 - منصور مصطفي منصور فقرة 177 ص 413 ) . وقد كان التقنين المدني السابق ينص صراحة علي أن التنبيه يقطع التقادم المكسب ، فكانت المادة 82 / 110 من هذا التقنين تصن علي أن " تنقطع المدة المقررة للتملك بوضع اليد إذا ارتفعت اليد ولو بفعل أجنبي . وتنقطع المدة المذكورة أيضا إذا طلب المالك الاسترداد بأن كلف واضع اليد بالحضور للمرافعة أمام المحكمة أو نبه عليه بالرد تنبيها رسميا مستوفيا للشروط اللازمة ولو لم يستوف المدعي دعواه ، إنما يشترط في ذلك عدم سقوط الدعوي بمضي الزمن " . وإذا قطع المالك التقادم بالتنبيه علي الوجه سالف الذكر ، فإن تقادما جديداً يسرب فوراً عقب التنبيه ( الوسيط 3 فقرة 637 ص 1117 ) .
أما تنبيه نزع الملكية وما يتبعه من إجراءات نزع الملكية فهي إجراءات موجهة من الدائن قبل مدينة ، وأثرها الوحيد هو قطع المدة المسقطة للدين ، ولا تأثير لها علي من يكون واضعا يده علي العقار المنزوع ملكيته وسائراً في طريق تملكه بمضي المدة ، فإن مدة وضع يده المكسبة للملك لا يقطعها إلا رفع دعوي الملكية عليه من المالك الحقيقي ( استئناف مصر 10 مايو سنة 1932 المحاماة 13 رقم 71 ص 170 ) .
( [1934] ) ويتصور بعض الفقهاء جواز قطع التقادم المكسب بالحجز إذا وقع المالك حجزاً ضد الحائز للوفاء بالمبالغ المحكوم بها الواردة في الحكم الذي يقضي بالاستحقاق ( محمد كامل مرسي 4 فقرة 269 ص 292 - شفيق شحاته فقرة 292 ص 299 - منصور مصطفي منصور فقرة 177 ص 414 ) . ويبدو أن توقيع الحجز في هذا الفرض إنما يقطع التقادم المسقط بالنسبة إلي المبالغ المحكوم بها ، أما إذا بدأ الحائز تقادما مكسبا جديداً بالنسبة إلي العين المحكوم باستحقاقها ، فإن الحجز لا صلة له بهذا التقادم الجديد ، والظاهر أنه لا يقطعه .
( [1935] ) ويعتبر مطالبة قضائية المطالبة بطريق الدفع ، والطلبات العارضة ودعاوي المدعي عليه ، والتدخل في الخصومة ( أوبري ورو 2 فقرة 215 ص 473 - ص 474 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 727 ص 728 ) وتقول المادة 383 مدني في هذا المعني كما رأينا : " وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه في أحد الدعاوي " انظر نقض مدني 13 مارس سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 24 ص 187 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 399 ص 612 .
( [1936] ) نقض مدني 28 أبريل سنة 1932 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاما جزء أول ص 451 رقم 39 – استئناف وطني 3 مارس سنة 1903 المجموعة الرسمية 5 رقم 26 ص 57 - 21 ديسمبر سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 رقم 40 ص 61 - 18 أبريل سنة 1922 المحاماة 3 رقم 41 ص 72 - 16 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 6 رقم 299 ص 425 .
( [1937] ) استئناف وطني 27 ديسمبر سنة 1913 الشرائع 1 رقم 330 ص 184 محمد كامل مرسي 4 فقرة 254 - فقرة 255 .
( [1938] ) بني سويف 2 يونية سنة 1914 الحقوق 31 ص 19 .
( [1939] )نقض مدني 24 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 22 ص 34 - 28 أبريل سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 47 ص 99 - 17 نوفمبر سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 144 ص 428 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 729 - مارتي ورينو فقرة 191 ص 205 هامش 2 - أنسيكلوبيد داللوز 4 لفظ Prescription civilc فقرة 151 .
( [1940] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يعاب علي الحكم ألا يعد طلب الإعفاء من الرسوم قاطعا للمدة ، ولو كان الفصل فيه د تأخر أمام اللجنة حتي فاتت مدة التقادم ولم يتسن لذلك رفع الدعوي في الوقت المناسب ، فإن صاحب الحق ، وهو المطالب بالمحافظة عليه ، قد كان عليه أن يبادر بتقديم طلبه حتي لا يفوت عليه الوقت ( نقض مدني 26 نوفمبر سنة 1942 مجموعة عمر 4 رقم 7 ص 10 ) . وانظر استئناف مصر 29 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 490 ص 983 - 14 نوفمبر سنة 1933 المحاماة 14 رقم 218 ص 418 - 13 مايو سنة 1934 المحاماة 15 رقم 76 ص 238 .
( [1941] ) ويطالبة بالعين ذاتها ، وقد قضت محكمة النقض بأن صحيفة الدعوي المرفوعة بحق ما لا تعتبر قاطعة للتقادم إلا في خصوص هذا الحق أو ما التحق به من توابعه ، مما يجب لزوما بوجوبه أو يسقط كذلك بسقوطه فإن تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما ، فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعا لمدة التقادم بالنسبة إلي الحق الآخر ( نقض مدني 24 ديسمبر سنة 1931 مجموعة لمكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاما جزء أول ص 451 رقم 41 ) .
وتعتبر الدعوي المرفوعة أمام محكمين قاطعة للتقادم ، ويعود التقادم إلي سريان عند انتهاء مأمورية المحكمين ( بودري وتيسييه فقرة 511 ) .
( [1942] ) ويجوز لمن له حق إدارة الشركة أن يرفع الدعوي قبل الحصول علي الإذن الواجب من مجلس الإدارة ، فيقطع التقادم ، ثم يحصل بعد ذلك علي الإذن الواجب للاستمرار في الدعوي وتصحيح الإجراءات ( بودري وتيسييه فقرة 484 ) .
( [1943] ) ولا يعتبر البائع ممثلا للمشتري في الدعاوي اللاحقة للتاريخ الثابت لعقد البيع ( نقض مدني 28 أبريل سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 47 ص 999 ) . وتوجه الدعوي في الوقف إلي ناظره ( نقض مدني 17 مارس سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 397 ص 739 ) .
( [1944] ) وفي المشروع الجديد لتقنين المرافعات تنص المادة 63 / 1 منه علي أن " ترفع الدعوي إلي المحكمة بناء علي طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ، ما لم ينص القانون علي غير ذلك " . فالأصل إذن ، طبقا لمشروع تقنين المرافعات ، أن الدعوي تعتبر مرفوعة ، وتقطع التقادم من وقت إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، أي قبل تقديم صحيفة الدعوي إلي قلم المحضرين وعلي المدعي عند تقدمي صحيفة دعواه إلي قلم كتاب المحكمة أن يؤدي الرسم كاملا ( م 65 / 1 مشروع تقنين المرافعات ) ، ويقيد قلم الكتاب الدعوي في يوم تقديم الصحيفة في السجل الخاص بذلك ، وعليه في اليوم التالي علي الأكثر أن يسلم أصل الصحيفة وصورها إلي قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إلي قلم الكتاب ( م 67 مشروع تقنين المرافعات ) .
وانظر فيما تقدم الوسيط 3 فقرة 629 ص 1090 - ص 1094 .
( [1945] ) انظر آنفا فقرة 395 .
( [1946] ) استئناف مختلط 7 مارس سنة 1933 م 45 ص 194 .
( [1947] ) لذلك إذا كان المدعي عالما بحقيقة الأمر أو كان عدم ولاية المحكمة أو عدم اختصاصها من الوضوح بحيث لا يكون هناك أي محل للبس فالظاهر أن التقادم لا ينقطع ، وقد قضت محكمة النقض بأن رفع الدعوي بالدين المحال به لأجنبي أمام المحكمة المختلطة وحكم هذه المحكمة بعدم الاختصاص لأن الحوالة صورية لا يقطع التقادم إذا رفعت الدعوي أمام المحكمة الوطنية المختصة ( نقض مدني 6 أبريل سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 176 ص 535 ) . وقضي بأن رفع الدعوي ابتداء إلي محكمة الاستئناف لا يقطع التقادم ( استئناف مختلط 19 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 44 ) ، وبأن رفع دعوي الإرث أمام المحكمة الشرعية لا يقطع التقادم بالنسبة إلي الحائز لعين من أعيان التركة ( أسيوط الكلية 23 سبتمبر سنة 1934 المحاماة 15 رقم 128 ص 258 ) .
( [1948] ) استئناف وطني 27 مايو سنة 1907 المجموعة الرسمية 9 رقم 60 ص 135 - 30 مارس سنة 1909 المجموعة الرسمية 10 رقم 111 ص 265 - وقرب نقض مدني 6 أبريل سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 176 ص 535 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 249 ص 256 - عكس ذلك محمد علي عرفة 2 فقرة 1555 ص 288 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 399 ص 614 .
وانظر فيما تقدم الوسيط 3 فقرة 629 ص 1095 – ص 1096 .
( [1949] ) استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1929 م 41 ص 203 - 2 يناير سنة 1930 م 42 ص 149 - 23 فبراير سنة 1932 م 44 ص 197 - 8 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 63 - 22 مارس سنة 1938 م 40 ص 180 .
( [1950] ) نقض مدني 7 يونية سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 116 ص 774 - استئناف مختلط 20 يناير سنة 1904 م 16 ص 105 - 26 فبراير سنة 1913 م 25 ص 199 ومع ذلك قارن استئناف مختلط 12 يناير سنة 1911 م 23 ص 105 - وينتقد الفقه الفرنسي التنافر بين الحكم القاضي بأن المطالبة القضائية أمام محكمة غير مختصة تقطع التقادم والحكم القاضي بأن المطالبة القضائية الباطلة شكلا لا تقطع التقادم ، مع أن البطلان في الحالة الأولي يرجع إلي المالك وفي الحالة الأخيرة قد يرجع المحضر ( ماركادية م 2242 فقرة 3 – لوران 32 فقرة 97 - جيوار فقرة 209 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 731 ص 729 - ص 730 - وقارن بودري وتيسييه فقرة 498 ص 376 ) .
( [1951] )عل أن ترك الخصومة ، إذا كان سببه رفع الدعوي أمام محكمة غير مختص ، لا يكون من شأنه أن يلغي الأثر الذي ترتب علي صحيفة الدعوي من قطع التقادم ، فقد تقدم القول إن المطالبة القضائية تقطع التقادم ولو رفعت الدعوي أمام محكمة غير مختص ( الوسيط 3 فقرة 629 ص 1098 ) .
( [1952] ) بودري وتيسييه فقرة 505 - وانظر فيما تقدم الوسيط 3 فقرة 629 ص 1096 – ص 1100 .
وقد يقضي بشطب الدعوي عملا بأحكام قانون المرافعات القديم ، وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد بأنه إذا كان قد قضي بشطب دعوي في 20 من أكتوبر سنة 1945 ، فإن هذا القرار لا يترتب عليه إعمال الفقرة الثانية من المادة 91 مرافعات جددي باعتبار الدعوي كأن لم تكن لبقائها مشطوبة ستة أشهر دون أن يطلب المدعي السير فيها ، وذاك لصدور هذا القرار في ظل قانون المرافعات القديم المعمول به حتي 14 أكتوبر سنة 1949 مما يترتب عليه أن تظل الدعوي منتجة لكافة آثارها المتعلقة بقطع التقادم بالرغم من شطبها مادام أنه لم تتخذ بشأنها إجراءات سقوط الخصومة التي كان معمولا في ذلك القانون ( نقض مدني 10 ديسمبر سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 ص 756 ) .
( [1953] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الواقع أن مصلحة الأملاك أقامت دعوي سنة 1926 ضد الطاعن بطلب تثبيت ملكيتها إلي قدر معين من الأطيان قضي فيها ابتدائيا برفضها ، ولما استأنفته قضي في 17 فبراير سنة 1931 بإلغاء الحكم المستأنف بتثبيت ملكيتها للقدر الذي تدعيه ، فرفع الطاعن التماسا عن هذا الحكم قضي فيه بتاريخ 10 يناير سنة 1933 بعدم قبوله ، وقد ظل واضعا يده علي هذه الأطيان ولم تنفذ مصلحة الأملاك الحكم الصادر لها ، متي أقام الطاعن دعواه المماثلة علي المطعون عليها في 9 فبراير سنة 1947 بطلب تثبيت ملكيته لهذا القدر المقضي فيه لمصلحة الأملاك ، مؤسسا دعواه علي اكتمال تقادم جديد إثر صدور حكم محكمة الاستئناف في 17 فبراير سنة 1931 ، فإن هذا التقادم لا ينقطع إلا بعمل حازم من قبل مصلحة الأملاك التي يسري التقادم ضدها . وإذا كان الالتماس مرفوعا من الطاعن فإنه لا يكون له أثر في قطع هذا التقادم ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي علي خلاف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ( نقض مدني 25 يونية سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 80 ص 528 ) .
( [1954] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الدعوي إذا رفضت يزول أثرها في قطع التقادم ، فيعتبر الانقطاع كأن لم يكن والتقادم الذي كان قد بدأ قبل رفعها مستمراً في السريان ( نقض مدني 26 أبريل سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 78 ص 506 ) . وانظر نقض مدني 23 مايو سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 104 ص 736 .
( [1955] ) انظر آنفا فقرة 397 .
( [1956] ) نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 8 ص 13 - وانظر فيما تقدم بودري وتيسييه فقرة 542 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 732 ص 731 - الوسيط 3 فقرة 237 ص 116 - ص 1117 .
( [1957] ) أوبري ورو 2 فقرة 215 وهامش 60 - بودري وتيسييه فقرة 556 - بلانيول وريبير وبكيار 3 فقرة 732 ص 732 - ولكن رفع الدعوي علي الوقف يقطع التقادم ولو تغير ناظر الوقف الذي رفعت في مواجهته فيسري انقطاع التقادم علي النظار المتعاقبين ، لأن كلا منهم إنما يمثل الوقف نفسه ( نقض مدني 17 مارس سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 397 ص 739 ) .
( [1958] ) وقد قضت محكمة النقض بأن صحيفة الدعوي المرفوعة بحق ما لا تعتبر قاطعة للتقادم إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يجب لزوما بوجوبه أو يسقط كذلك بسقوطه ، فإن تغاير الحقان أو تغير مصدرهما ، فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعا لمدة التقادم بالنسبة إلي الحق الآخر( نقض مدني 24 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 22 ص 34 ) وقضت أيضا بأن دعوي الضمان التي يرفعها المشتري علي البائع هي غير دعوي الاستحقاق التي يرفعها البائع علي المتعرض ، فرفع أحدي الدعويين لا يقطع التقادم بالنسبة إلي الدعوي الأخري ( نقض مدني 28 أبريل سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 47 ص 99 - 6 أبريل سنة 1939 المحاماة 20 رقم 23 ص 53 ) . وانظر أيضا نقض مدني 26 أبريل سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 78 ص 506 .
وتحديد ما للمطالبة القضائية من أثر في قطع التقادم وما يشترط في هذه المطالبة حتي تقطع التقادم ، كل ذلك من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض ( نقض مدني 24 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 22 ص 34 ) .
( [1959] ) الوسيط 2 فقرة 249 .
( [1960] ) عكس ذلك شفيق شحاته فقرة 292 ص 300 - عبد المنعم البدراوي فقرة 526 ص 559 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 401 ص 618 .
( [1961] )انظر الوسيط 3 فقرة 633 ص 1108 - وانظر في وجوب أهلية التصرف في الإقرار القاطع للتقادم المكسب دون التقادم المسقط أوبري ورو 2 فقرة 215 ص 484 - ص 485 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 733 ص 733 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3200 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 280 - محمد علي عرفة فقرة 157 - ولكن أنظر مع ذلك بودري وتيسيه فقرة 534 - فقرة 535 .
( [1962] ) أوبري ورو 2 فقرة 215 ص 483 - وانظر فيما تقدم الوسيط 3 فقرة 633 .
( [1963] ) بودري وتيسييه فقرة 526 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 733 ص 732 - أو قد قضي بأن القضاء ببطلان الصلح الذي تضمن الإقرار لا يزيل ما ترتب علي الإقرار من قطع التقادم ( طنطا الكلية 9 نوفمبر سنة 1933 المحاماة 14 رقم 223 ص 432 ) . وقضي بأن بطلان التسوية المنطوية علي الإقرار يبقي الإقرار قائما قاطعا للتقادم ( استئناف مختلط 21 يونية سنة 1932 م 44 ص 387 ) . وقضي بأن الإقرار الحاصل في أثناء سير الإجراءات يقطع التقادم مستقلا عن هذه الإجراءات ، ولا يزول أثره بإبطالها ( استئناف مختلط 8 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 64 ) .
( [1964] ) نقض فرنسي 14 مايو سنة 1918 داللوز 1926 - 1 - 204 .
( [1965] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الإقرار القاطع للتقادم مسألة واقع لا تخضع لرقابة محكمة النقض ( نقض مدني 24 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 22 ص 34 - 8 ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 215 ص 1567 ) . وقضت في الحكم الأول من الحكمين المتقدمين بأن المسائل المتعلقة بانقطاع مدة التقادم مناط خضوعها لرقابة محكمة النقض هو التفريق بين ما إذا كان قطع مدة التقادم مترتبا علي اعتراف واضع اليد أو المدين بالحق المطالب هو به اعترافا يجب الرجوع في استفادته إلي فعل مادي مختلف علي دلالته أو إلي ورقة مقدمة في الدعوي مختلف علي دلالتها الصريحة أو الضمنية كذلك . وبين ما إذا كان مترتبا علي ورقة الطلب المقدم للمحكمة بالحق المطلوب استرداده أو اقتضاؤه . ففي الحالة الأولي لا رقابة لمحكمة النقض ، لأن حكم القاضي فيها يكون مبنيا علي ما استنتجه من الأفعال أو الأوراق المقدمة المتنازع علي دلالتها العقلية . أما في الحالة الثانية فيكون النزاع قائما ، وفيم تكون ، أي علي ما اشترطه القانون في ورقة الطلب ( demand enjustice ) من الشرائط القانونية ، فيكون فصل القاضي في ذلك فصلا في مسألة قانونية يخضع فيها لرقابة محكمة النقض ( نقض مدني 24 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 22 ص 34 ) .
وانظر فيما تقدم بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 733 ص 733 - الوسيط 3 فقرة 634 .
( [1966] ) أوبري ورو 2 فقرة 215 ص 458 – الوسيط 3 فقرة 635 ص 1112 .
( [1967] ) أوبري ورو 2 فقرة 215 ص 496 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 734 ص 733 - بلانيول وريبير وبولنجية 1 فقرة 3202 ص 1042 - كاربونييه ص 211 محمد علي عرفه 2 فقرة 158 ص 293 - ص 294 - وقارن عبد المنعم فرج الصدة فقرة 401 ص 620 - ص 621 .
( [1968] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الإقرار بالاستحكار مانع من تملك الأرض المحكرة ، مهما طالت مدة سكوت المحكر عن المطالبة بالحكر السنوي ( نقض مدني 2 يونية سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 22 ص 117 - 23 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 452 ص 1098 ) وانظر أوبري ورو 2 فقرة 215 ص 496 - بلانيول وريبير بولانجيه 1 فقرة 3202 - كولان وكابيتان ودي لا مواندييرا فقرة 1189 - كاربونييه ص 211 - محمد علي عرفة 2 فقرة 158 ص 2924 - ص 295 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 401 ص 321 .
( [1969] ) ويلاحظ أن مجرد إقرار الحائز بحق المالك لا يترتب عليه وحده تحول صفة الحيازة إلي حيازة عرضية ، إذ لا تعارض بين هذا الإقرار وبين بقاء الحائز حائزاً الحساب نفسه وإن أقر بحق المالك . فلابد إذن لتحول الحائز إلي حيازة عرضية عن طريق الإقرار بحق المالك ، أن يصحب هذا الإقرار ما يدل علي أن الحائز أصبح يحوز العين لحساب المالك لا لحساب نفسه ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 734 ) .
( [1970] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1426 علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1050 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1047 وفي لجنة مجلس الشيوخ سئل كيف لا ينقطع التقادم بفقد الحيازة إذا استردها الحائز في خلال سنة ، فأجيب " بأن هذا قاصر علي فقد الحيازة المادية ، وعكس ذلك في التخلي فان الانقطاع فيه ولو يوما واحداً يكفي لقطع المدة " ووافقت اللجنة علي النص تحت رقم 975 ، ووافق مجلس الشيوخ علي النص كما أقرته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 506 - ص 509 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 82 / 110 : تنقطع المدة المقررة للتملك بوضع اليد ، إذا ارتفعت اليد ولو بفعل شخص أجنبي . . . . " .
( وأحكام التقنين المدني السابق تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 924 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 979 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1161 : لا ينقطع التقادم بفقد الحيازة إذا استردها الحائز خلال سنة ، أو رفع دعوي إعادة اليد في هذا الميعاد . ( وتتفق أحكام التقنين العراقي مع أحكام التقنين المصري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 264 : ينقطع مرور الزمن عندما يفقد مدعيه اليد ، حتي ولو فقدها بسبب شخص ثالث ( وتتفق أحكام القانون اللبناني مع أحكام التقنين المصري ) .
( [1971] ) انظر آنفا فقرة 394 .
( [1972] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 721 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3184 ص 1038 .
( [1973] ) انظر آنفا فقرة 308 - فقرة 311 .
( [1974] ) ويلاحظ ما تقضي به المادة 957 / 1 مدني من أنه لا تنقضي الحيازة إذا حال دون مباشرة السيطرة الفعلية علي الحق مانع وقتي ، والمفروض أن المانع الذي حالة دون مباشرة السيطرة الفعلية هو مانع طبيعي أو قوة قاهرة وأنه مانع وقتي زواله مترقب ، وذلك كفيضان غمر الأرض لمدة مؤقتة ولا يلبث أن ينحسر فتعود لحائز الأرض السيطرة المادية عليها . فلا تعتبر الحيازة في هذا الفرض قد زالت بفقد السيطرة المادية ، ويبقي الحائز علي حيازته للأرض حتي في أثناء المدة التي غمرها الفيضان فيها ( انظر آنفا فقرة 310 ) .
( [1975] ) ولا يعتبر فقدا للحيازة بقطع التقادم أن يكون الحائز الذي انتقلت إليه الحيازة إنما يجوز لحساب الحائز السابق الذي انتقلت منه الحيازة . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعني بأنه إذا عين البنك العقاري حارسا علي الأرض للمحافظة علي حقوق الدائنين ، وتسلم هذه الأرض ، وارتفعت يد مالكها عنها ، فإن ذلك لا يصلح اعتباره قطعا للتقادم ، لأن وضع يد البنك علي الأرض بهذه الصفة لم يكن ملحوظا فيه أن ينتفع البنك بها لنفسه ، بل ليحصل غلتها ويستوفي منها دينة ثم يرد ما بقي منها للمالك ( نقض مدني 29 فبراير سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 36 ص 93 ) . وقضت أيضا بأن وضع يد الغير علي العين لا يكون قاطعاً للتقادم إلا إذا كانت حيازته لها لحساب نفسه ، فإذا كان هذا الغير قد عرض علي ذي شأن في وضع اليد تعويضا عن مدة حيازته ، فإن يده علي العين تكون بمثابة استمرار يد ذي الشأن عليها . وإذن فالحكم إذا أسقط من مدة التقادم المدة التي استولت فيها السلطة العسكرية البريطانية علي الأرض المتنازع عليها مقابل تعويض دفعته لذي اليد ، بانيا ذلك علي أن هذا الاستيلاء يقطع التقادم لأنه كان بفعل أجنبي ليس بينه وبني ذي اليد اتفاق يجعله نائبا عنه في وضع اليد - هذا الحكم يكون مخطئا متعيثا نقصه ( نقض مدني 3 ديسمبر سنة 1936 مجموعة عمر 2 رقم 15 ص 37 ) .
( [1976] ) أوبري ورو 2 فقرة 215 ص 488 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 724 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3187 .
( [1977] ) بودري وتيسييه فقرة 473 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 723 .
( [1978] ) أما إذا كانت العين منقولا ، وفقد الحائز حيازة هذا المنقول بغير إرادته ، فإن التقادم ينقطع بفقد الحيازة . فمن أضاع منقولا فقد حيازته ، وليس له أن يستبقي الحيازة بمحض نيته ولو لم يفقد الأمل في العثور عليه ( انظر آنفا فقرة 310 ) ، ويترتب علي فقد الحيازة انقطاع التقادم . فإذا استرد الحائز حيازة المنقول بعد أن فقدها ، بدأت حيازة جديدة وبدأ معها سريان تقادم جديد .
( [1979] ) بودري وتيسييه فقرة 469 ص 355 .
( [1980] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 723 .
( [1981] ) انظر آنفا فقرة 403 .
( [1982] ) وهذا هو عين ما قررته محكمة النقض في عهد التقنين المدني السابق ، دون أن يشتمل هذا التقنين علي نص صريح في هذا المعني . فقد قضت بأنه مادام القانون المصري قد حدد لقبول دعوي إعادة وضع اليد نفس المدة التي حددها القانون الفرنسي ، فقد دل بذلك علي أن قصد هو الآخر إلي أن الحكم بإعادة وضع يد الحائز يزيل شائبة الانقطاع الطبيعي ، فتكون الحيازة رغم ما طرأ عليها مستمرة لها كل نتائجها ( نقض مدني 29 فبراير سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 36 ص 93 ) . فقنن التقنين المدني الجديد ما سبق أن قرره القضاء في هذه المسألة .
( [1983] ) بودري وتيسييه فقرة 469 وفقرة 471 مكررة .
( [1984] ) أنظر آنفا فقرة 366 .
( [1985] ) انظر تاريخ هذا النص وما يقابله في التقنين المدني السابق وفي التقنينات المدنية العربية الأخري : الوسيط 3 فقرة 643 .
( [1986] ) ويخلص من ذلك أمران : ( أولا ) أن التمسك بالتقادم ليس تصرفا قانونيا acte juridigue قائما علي إرادة الحائز المنفردة volonte unilaterale ، بل هو دفع يدفع به الحائز مطالبة المالك ( ثانياً ) وهذا الدفع لا يثيره القاضي من تلقاء نفسه ، بل لا بد أن يتمسك به ذو المصلحة ، لأنه لا يعتبر من النظام العام وإن كان يمت للمصلحة العامة .
( [1987] ) بودري وتيسييه فقرة 54 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 749 ص 745 - بلانيول وريبير وبولانجية 1 فقرة 3218 .
( [1988] ) نقض مدني 15 يونية سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 153 ص 422 .
( [1989] ) بودري وتيسييه فقرة 42 - فقرة 43 وفقرة 45 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 749 ص 746 - الوسيط 3 فقرة 643 .
( [1990] ) وهناك رأي يذهب إلي أنه إذا تمسك الحائز بالتقادم الطويل ، كان للمحكمة أن تبحث من تلقاء نفسها في توافر شروط كسب الحق بالتقادم القصير ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 749 ص 745 - محمد علي عرفة 2 فقرة 158 ص 297 - ديجون 9 يناير سنة 1878 سيريه 78 - 2 - 85 ) ولكن التمسك بالتقادم الطويل لا يقتضي النظر في شرطي السبب الصحيح وحسن النية الواجب توارهما في التقادم القصير ، وحتي يمكن النظر في هذين الشرطين يجب التمسك بالتقادم القصير ، فلا يغني إذن عن التمسك به التمسك بالتقادم الطويل ( منصور مصطفي منصور فقرة 181 ص 431 هامش 1 - عبد المنعم البدراوي فقرة 540 ص 583 ) .
( [1991] ) وهناك رأي يذهب إلي أن التمسك بالتقادم القصير إذا استبعدته المحكمة وجب عليها ، دون طلب خاص ، البحث في انطباق التقادم الطويل ( عبد المنعم البدراوي فقرة 540 ص 584 ) . ولكن النظر في استكمال المدة من خمس سنوات إلي خمس عشرة سنة يقتضي التحقق مما إذا كانت الحيازة قد استمرت دون توقف أو انقطاع في عشر السنوات التالية لخمس السنوات الأولي ، ولا يجوز ذلك إلا إذا تمسك الحائز بالتقادم الطويل ، فلا يغني إذن عن التمسك به التمسك بالتقادم القصير ( منصور مصطفي منصور فقرة 181 ص 431 هامش 1 ) .
( [1992] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام ، وينبغي التمسك به أمام محكمة الموضوع في عبارة واضحة لا تحتمل الإبهام ، ولا يعني عن ذلك طلب الحكم برفض الدعوي ، كما لا يغني عنه التمسك بنوع آخر من أنواع التقادم لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه ( نقض مدني 24 مايو سنة 62 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 105 ص 706 ) .
( [1993] ) انظر بودري وتيسييه فقرة 41 ص 42 - الوسيط 3 فقرة 644 .
( [1994] ) انظر آنفا فقرة 386 .
( [1995] ) فيجوز للبائع ، ولمن لا يزال دائنا للمشتري بالثمن كالمحال له بالثمن من البائع ، أن يتمسك بالتقادم الذي تم لمصلحة المشتري ، وذلك حتي يتمكن من التنفيذ بالثمن علي العقار المبيع ( استئناف مختلط 30 يناير سنة 1896 م 8 ص 103 - 8 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 35 نقض فرنسي 5 مايو سنة 1851 داللوز 51 - 1 - 261 أنسيكلو بيدي داللوز 4 لفظ prescription civile فقرة 242 ) .
( [1996] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 750 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3320
( [1997] ) انظر آنفا فقرة 406 .
( [1998] ) الوسيط 2 فقرة 542 .
( [1999] ) انظر في ذلك الوسيط 3 فقرة 648 وفقرة 650 .
( [2000] ) استئناف مختلط 9 ديسمبر سنة 1896 م 9 ص 52 .
( [2001] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 749 ص 746 .
( [2002] ) بودري وتيسييه فقرة 48 - فقرة 49 .
( [2003] ) م 387 / 2 مدني آنفا فقرة 406 - بودري وتيسييه فقرة 50 - فقرة 52 - بلانيول وريبير وبيكار فقرة 749 ص 746 .
( [2004] ) نقض مدني 30 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 274 ص 815 - 15 يونية سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 152 ص 422 - 11 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 187 ص 532 - استئناف مصر 17 فبراير سنة 1930 الجريدة القضائية 25 ص 21 .
( [2005] ) بودري وتيسييه فقرة 52 - بلانيو وريبير وبيكار 3 فقرة 749 ص 746 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3219 .
( [2006] ) بودري وتيسييه فقرة 52 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 749 ص 746 - وانظر فيما تقدم الوسيط 3 فقرة 651 - فقرة 654 .
( [2007] ) انظر تاريخ هذا النص وما يقابله في التقنين المدني السابق وفي التقنينات المدنية العربية الأخري في الوسيط 3 فقرة 655 .
وقد نصت المادة 262 من قانون الملكية العقارية اللبناني علي أنه " لا يجوز العدول مسبقا عن مرور الزمن ، إنما يمكن لكل شخص مطلق اليد بحقوقه أن يتخلي مسبقا عن حق مكتسب بمرور الزمن " .
( [2008] ) ويلحق بهذه القاعدة ، وفقا لنص المادة 388 / 1 مدني ، عدم جواز الاتفاق علي مدة للتقادم المكسب تختلف عن المدة التي عينها القانون . ففي القانون التقادم المكسب الطويل تكون المدة خمس عشرة سنة ولا يجوز الاتفاق علي مدة أطول ولا علي مدة أقصر ، وفي التقادم المكسب القصير تكون المدة خمس سنوات ولا يجوز الاتفاق علي مدة أطول ولا علي مدة أقصر ، وقد سبق بيان ذلك ( انظر آنفا فقرة 380 ) .
( [2009] ) بلانيول وريبير بيكار 3 فقرة 751 ص 784 - بلانيول ريبير بولانجيه 1 فقرة 3221 - كولان كابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1195 ص 974 - مارتي ورينو فقرة 197 ص 209 .
( [2010] ) انظر آنفا فقرة 398 فقرة 402 .
( [2011] ) انظر آنفا فقرة 410 .
( [2012] ) ويجب التمييز بين الاتفاق علي النزول مقدما عن التقادم قبل أن يكتمل ، والاتفاق علي وقف سريان التقادم لتحقيق مصلحة أو لقيام ضرورة ( انظر آنفا فقرة 390 في آخرها في الهامش ) . فالاتفاق الأول باطل ، بخلاف الاتفاق الثاني فهو صحيح ( نانس 16 نوفمبر سنة 1889 سيريه 91 - 2 - 161 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 751 ص 748 - أنسيكلو بيدي داللوز 4 لفظ prescription civile فقرة 278 ) .
( [2013] ) انظر آنفا فقرة 410 .
( [2014] ) فإذا اعترف المدعي عليه ، بعد اكتمال مدة التقادم ، في أوراق صادرة منه ، بملكية المدعي ، كان هذا الاعتراف هو بمثابة التنازل عن الحق في التملك بالتقادم ، ومثل هذا التنازل ينتج أثره سواء أكان التقادم طويلا أم كان قصيراً ( نقض مدني 11 أبريل سنة 1946 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاما جزء أول ص 455 رقم 69 ) .
( [2015] ) أنظر آنفا فقرة 409 .
( [2016] ) نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 177 ص 1124 .
( [2017] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن حق التمسك بمضي المدة ليس من النظام العام ، فإذا تنازل عنه الخصم بأن تعهد بالقيام بما عليه من الالتزامات ، فإنه لا يسوغ له بعد ذلك أن يعود فيتمسك به ( استئناف وطني 22 نوفمبر سنة 1923 المجموعة الرسمية 26 رقم 13 ص 25 ) . وانظر في أمثلة أخري بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 752 ص 749 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3224 .
( [2018] ) انظر آنفا فقرة 410 .
( [2019] ) وقد كتبنا في الجزء الثالث من الوسيط في هذا الصدد ما يأتي : " وبالرغم من أن النصر صريح في أن الأهلية الواجبة هي أهلية التصرف لا أهلية التبرع ، فقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ما يأتي : ويعتبر التنازل بمنزلة التبرع وإن لم تنطو فيه حقيقة الافتقار ، ويتفرع علي ذلك وجوب توافر أهلية التبرع فيمن يصدر منه التنازل ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 345 ) وإذا تعارض النص الصريح مع المذكرة الإيضاحية ، وجب الأخذ بالنص الصريح ( الوسيط 3 فقرة 661 ص 1146 هامش 3 ) .
( [2020] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 754 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3225 .
( [2021] ) والنزول عن التمسك بالتقادم ليس كما قدمنا نزولا عن الحق ذاته بعد كسبه ، بل هو نزول عن كسب الحق . فلا تثبت له صفة النقل caractere translatif بل تثبت له صفة الترك caractere abdiestif ويترتب علي ذلك ما يأتي : ( أ ) لا يكون النزول ناقلا للملكية من الحائز إلي المالك ، وإلا لوجب قبول المالك ، ولكن النزول تصرفا صادراً من الجانبين لا تصرفا صادراً من جانب واحد . ( ب ) لو كان النزول ناقلا للملكية ، أي أنه يعيد الملكية إلي المالك بعد أن كسبها الحائز ، لكان هبة تخضع لقواعد الهبة الموضوعية . ولكنه لا يخضع لهذه القواعد ، إذ هو مجرد ترك الحق لصاحبه ، ولا يقتضي أهلية التبرع بل تكفي فيه أهليه التصرف ( جـ ) ولا يخضع للتسجيل . ( د ) ولا لرسوم نقل الملكية . وانظر في ذلك بلانيول وريبير وبيكار فقرة 752 ص 748 وفقرة 753 - كولان وكابيتان ودي لاموانديير 1 فقرة 1195 - مازو فقرة 1514 – مارتي ورينو فقرة 197 ص 210 .
( [2022] ) وهذا بخلاف النزول عن التقادم مقدما قبل ثبوت الحق فيه ، فقد قدمنا أنه لو صح لما كان يعقبه سريان تقادم جديد ، إذ أن الحائز يكون قد نزل مقدما عن التقادم ، أي نزل عن أي تقادم يسري في المستقبل ) انظر آنفا فقرة 411 ) .
( [2023] ) انظر آنفا فقرة 410
( [2024] ) انظر آنفا فقرة 408 .
( [2025] ) بلانيول وريبير وبولانجية 1 فقرة 3223 .
( [2026] ) وهذه المسائل مختلف فيه كل الاختلاف في فرنسا ( انظر بودري وتيسييه فقرة 113 - فقرة 119 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 755 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 32 – مارتي ورينو فقرة 197 ص 210 ) أما في مصر ، فالنصوص صريحة لا تسمح صدي هذا الاختلاف ( انظر في ذلك الوسيط 3 فقرة 662 ص 115 هامش 1 ) .
هذا وإذا نزل الحائز عن التمسك بالتقادم في الدعوي المرفوعة عليه من المالك فقضي المالك ، وفات دائني الحائز أن يتدخلوا في الدعوي ليطعنوا بالدعوي البولصية في نزول الحائز ، لهم أن يطعنوا في الحكم الصادر في الدعوي بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة ، بشرط ان يثبتوا غش الحائز وتواطؤه مع المالك الذي نزل له عن التمسك بالتقادم ( بودري وتيسيية فقرة 120 ) . وقد قدمنا ( انظر آنفا فقرة ص 1063 ) أن الدائنين إذا نجحوا في الطعن في نزول الحائز عن التمسك بالتقادم تطبيقا لأحكام المادة 388 / 2 مدني ، فإن عليهم بعد ذلك أن يتمسكوا بالتقادم نيابة عن مدينهم الحائز تطبيقا لأحكام المادة 387 / 1 مدني .
انظر فيما تقدم الوسيط 3 فقرة 660 - فقرة 662 .
( [2027] ) انظر آنفا فقرة 399 - ويترتب علي هذا التكييف أنه ما دام النزول عن المدة التي انقضت في تقادم مكسب لم يكتمل إنما هو قطع للتقادم ، فالأهلية الواجبة فيه هي أهلية التصرف لا أهلية الإدارة ، إذ أن أهلية التصرف واجبة في قطع التقادم المكسب ، بخلاف التقادم المسقط فتكفي في قطعة أهلية الإدارة ( انظر آنفا فقرة 399 ) .
وانظر فيما تقدم الوسيط 3 فقرة 663 .
( [2028] ) انظر شفيق شحاته فقرة 280 - عبد المنعم البدراوي فقرة 509 ص 539 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 377 - ومع ذلك نري محكمة النقض تردد في بعض أحكامها أن التقادم قرينة قانونية قاطعة علي الملك . من ثم ما قضت به من أن الأساس التشريعي للتقادم هو قيام قرينة قانونية قاطعة علي توفر سبب مشروع للتملك لدي واضع اليد ( نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 19 ص 69 ) ومن ذلك أيضا ما قضت به من أنه إذ كان التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة علي ثبوت الملك لصاحب اليد ، كان توافر هذه القرينة لمصلحة جهة الوقف دليلا علي ان العين التي تحت يدها موقوفة وفقا صحيحا ولو لم يحصل بها إشهاد ( نقض مدني 22 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 303 ص 602 ) . وانظر أيضا نقض مدني 10 يناير سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 62 - 26 أكتوبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 95 ص 614 - 28 ديسمبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 142 ص 839 .
( [2029] ) ومع ذلك قد يبقي للمالك دعاوي شخصية يستطيع أن يسترد بها العين . ويصعب تصور ذلك في التقادم المكسب الطويل ، إذ أن هذه الدعاوي الشخصية ، تسقط بالتقادم المسقط بنفس المدة التي تكسب بها العين بالتقادم المكسب ، وهي خمس عشرة سنة . ولكن يمكن تصور ذلك في التقادم المكسب القصير : يشتري شخص عقاراً من غير مالك ، ويكون البيع قابلا للإبطال أو قابلا للفسخ ، ويحوز المشتري العقار بحسن نية وبهذا السبب الصحيح خمس سنوات ، فيملكه بالتقادم المكسب القصير ، ولكن يستطيع المالك الحقيقي أن يستعمل دعوي البائع في إبطال البيع أو فسخه ، إذ هو دائن له فيكون من حقه أن يستعمل دعاوي مدينة ، فيبطل البيع أو يفسخه ، ومن ثم يسترد العقار من تحت يد المشتري ( أوبري ورو 2 فقرة 218 ص 524 - ص 525 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 747 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3215 ) .
( [2030] ) انظر آنفا فقرة 371 .
( [2031] ) وقد قضي بأن التملك بوضع اليد واقعة متي توافرت شرائطها القانونية فإنها تكفي بذاتها سببا لكسب الملكية ، وليس ما يمنع مدعي التملك بهذا السبب من أن يستدل بعقد شرائه غير المسجل علي انتقال حيازة العين إليه ، وتكون حيازته في هذه الحالة امتدادا لحيازة سلفة البائع له ( نقض مدني 25 يونية سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 138 ص 890 ) وانظر نقض مدني 17 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 12 ص 111( حتي لو اقترنت الحيازة بعقد ثبتت صوريته أو بطلانه ) – استئناف وطني 21 أبريل سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 93 ص 182 .
( [2032] ) انظر بودري وتيسيي فقرة 26 ص 18 - ص 19 - مازو فقرة 1507 - وقارن أوبري ورو 2 فقرة 210 ص 443 - ص 444 .
( [2033] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متي كانت المنازعة التي أثارها المالك الأصلي للعقار تجاه حائزة لاحقه لاكتمال مدة التقادم الطويل المكسب الملكية الحائز ، فإنه لا يعتد بها ( نقض مدني 7 فبراير سنة 1967 مجموعة أحكام النقض 18 رقم 47 ص 306 ) .
( [2034] ) وهناك من الشرائع ما لا يجعل التمسك بالتقادم إلا بطريق الدفع ، فيكون التقادم أقرب إلي التقادم المسقط منه إلي التقادم المكسب ، كالقانون الروماني والشريعة الإسلامية . ففي القانون الروماني كان التقادم المكسب الطويل ( praeseriptio longi temporis ) ، الذي أدخله البريطور إلي جانب التقادم المكسب ( usucapio ) ليسري علي أراضي الأقاليم وعلي الأجانب ، لا يعطي في أول الأمر للحائز إلا دفعا ضد دعوي الاستحقاق التي يرفعها المالك وإن كان قد انتهي إلي أن يكون دفعا ودعوي ، فيستطيع الحائز أن يدفع به دعوي الاستحقاق ، كما يستطيع أن يرفع هو دعاوي الاستحقاق علي من يأخذ منه الحيازة ( انظر آنفا فقرة 368 ) وفي الشريعة الإسلامية لا يعطي مرور الزمن للحائز إلا دفعا ، فإذا دفع عليه المالك دعوي الاستحقاق استطاع أن يدفعها بعدم جواز سماع الدعوي لمرور الزمن ، ولكنه لا يستطيع إذا خرجت العين من حيازته أن يدفع هو دعوي الاستحقاق علي الحائز الجديد ، فيكون التقادم في الشريعة الإسلامية تقادما مسقطا لا تقادما مكسبا ( انظر بودري وتيسيير فقرة 620 ص 47 بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3214 ) .
( [2035] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 748 ص 744 .
( [2036] ) بودري وتيسييه فقرة 103 مكررة - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 748 ص 744 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3216 - كولان وكابيتان ودي لاموراندييرا فقرة 1194 ص 972 .
( [2037] ) بودري وتيسييه فقرة 103 ص 89 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 748 ص 744 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3217 - كولان وكابيتان ودي لاموراندييرا فقرة 1194 ص 972 - مازو فقرة 1509 ص 1210 - مارتي ورينو فقرة 196 - كاربونييه ص 214 .
( [2038] )كذلك لو باع المالك العين ، ولكنها بقيت فى حيازة الحائز ولم ينقطع التقادم إلى ان اكتملت مدته ، فان الحائز يعتبر مالكا للعين من بدء الحيازة ولا يسرى فى حقه البيع إذ يعتبر صادرا من غير مالك . وتنتج الحيازة أثرها فى حق المالك وفى حق المشترى منه ، دون أن يكون الحائز مضطرا إلى ابتداء حيازة جديدة فى حق المشترى من المالك ، فالحيازة القديمة تكفى ما دامت لم تنقطع . واذا وقف المالك العقار فلا خلال مدة التقادم واكتملت المدة فان الحائز يتملك العقار بالتقادم العادى ولا يسرى الوقف فى حقه . وقد قضى بأنه إذا وضع شخص يده على عقار ثم حصل وقف العقار بمعرفة مالكه الاصلى وظلت يد الحائز قائمة دون المالك الاصلى تملك الحائز العقار بمدد التقادم العادى ولا يسرى الوقف فى حق الحائز ( طنطا الكلية 31 ديسمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 237 ص 470 ) .
( [2039] )بودرى وتيسييه فقرة 103 ص 89 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 748 ص 744 – كولان وكابيتان ودى لامور انديير 1 فقرة 1194 ص 972 – مازو فقرة 1509 – 1510 – مارتى ورينو فقرة 196 فاذا رتب المالك قبل بدء سريان التقادم حق رهن على العين فان تملك الحائز للعقار بالتقادم لا يستتبع انقضاء الرهن ، بل يبقى الرهن قائما حتى يزول بسبب من أسباب انقضائه كما إذا انقضى بانقضاء الدين المضمون به وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا وضع شخص يده على عقار مرهون المدة الطويلة المكسبة للملكية فان تملكه العقار لا يستتبع حتما انقضاء الرهن بل يكون للدائن المرتهن الحق فى نزع ملكية العقار وفاء لدينه ولا يصح القول بان وضع اليد على ذلك العقار المدة الطويلة يكسب ملكية العقار وملكية الرهن ، إذ هذا يؤدى إلى إهدار حق الدائن المرتهن الذى كفله نص المادة 554 مدنى من استيفاء حقه بالأولوية والتقدم من ثمن العقار فى أي يد يكون كما ان فيه إجازة لسقوط الرهن مستقلا عن الدين المضمون به مع انه تابع له ينقضى الا بانقضائه ( نقض مدنى 8 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 301 ) وانظر أيضا استئناف مختلط دوائر .
مجتمعة 17 مايو سنة 1927 م 39 ص 577 – استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1929 م 41 ص 198 – 27 مايو سنة 1930 م 42 ص 530 - 22 يونية سنة 1939 م 51 ص 397 وكالرهن سائر الحقوق العينية التبعية كحق الاختصاص وحقوق الامتياز بالتقادم ( محمد على عرفه 2 فقرة 159 ص 299 ) أما إذا قرر المالك قبل بدء سريان التقادم حقوقا عينية أصلية كحق انتفاع أو حق ارتفاق ، فإذا لم يستعمل المنتفع أو صاحب العقار المرتفق حق الانتفاع أو حق الارتفاق طوال مدة الخمس العشرة سنة مدة التقادم الطويل فان الحائز يكسب ملكية العين خالية من حق الانتفاع أو حق الارتفاق اذ يكون قد كسب الملكية بالتقادم الطويل المكسب وسقط حق الانتفاع أو حق الارتفاق بعدم الاستعمال أو التقادم المسقط . ويلاحظ هنا ان التقادم المسقط يكتمل مستقلا عن التقادم المكسب وان كانت مدتهما واحدة ، فقد يعترض احد النوعين من التقادم سبب للوقف أو للانقطاع لا يعترض التقادم الآخر ، ويلاحظ أيضا انه كما يسقط حق الانتفاع بالتقادم المسقط فانه يجوز كذلك كسبه بالتقادم المكسب وذلك إذا وضع الحائز يده على العين باعتبارها غير مثقله بحق الانتفاع فيكون قد وضع يده على كل من الرقبة وحق الانتفاع وملك كلا منهما بالتقادم المكسب الطويل أما حق الارتهان هنا فلا يرد عليه إلا عدم الاستعمال أو التقادم المسقط فيسقط به وإذا كان لدى الحائز سبب صحيح وكان حسن النية فانه يملك يملك العقار بخمس سنوات مدة التقادم القصير وفى هذه الحالة يبقى العقار منقلا بحق الارتفاق أو بحق الانتفاع لان أيا من الحقين لم يسقط بعدم الاستعمال إذا لم يمض على تركه الا خمس سنوات ولكن يجوز ان يتملك الحائز بالتقادم القصير حق الانتفاع إذا وضع يده على العقار باعتباره غير مثقل بهذا الحق أما حق الارتفاق هنا فلا يرد عليه إلا عدم الاستعمال أو التقادم المسقط ومدته خمس عشرة سنة واذا كسب الحائز حق الانتفاع بالتقادم القصير فانه يكسبه مستقلا عن حق الرقية ، وان كانت مدة التقادم القصير فى كل منهما واحدة فقد يعترض تقادم حق الانتفاع أو تقادم الرقبة سبب للوقف أو للانقطاع لا يعترض التقادم الأخر ( انظر اوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 523 - ص 524 – بودرى وتيسييه فقرة 696 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 746 – إسماعيل غانم ص 132 - ص 133 ) .
( [2040] ) بودري وتيسيه فقرة 103 ص 90 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 748 ص 744 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3217 - كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1194 ص 973 - مازو فقرة 1509 - مارتي ورينو فقرة 196 - كاربونييه ص 114 .
( [2041] ) انظر في تاريخ النص وفيما يقابله في التقنين المدني السابق وفي التقنينات المدنية العربية الأخري الوسيط 3 فقرة 664 - وانظر في تخلف الالتزام الطبيعي عن التقادم المسقط الوسيط 3 فقرة 675 - فقرة 680 .
( [2042] ) أوبري ورو 4 فقرة 297 هامش 1 - بودري وتيسييه فقرة 104 ص 90 - ص 91 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 744 ص 742 - مازو فقرة 1513 .
( [2043] ) بودري وتيسييه فقرة 104 ص 91 - أما إذا كان الحائز قد رد العين لمالكها الحقيقي قبل التمسك بالتقادم ، فإن ذلك يكون تنفيذا لالتزام مدني لا لالتزام طبيعي ، لأنه لم يملك العين بالتقادم إذ هو لم يتسمك به ، فيبقي التزامه بالرد التزاما مدنيا ( بودري وتيسييه فقرة 104 ص 91 - ص 92 ) وعلي ذلك لا يستطيع بعد أن يرد العين للمالك الحقيقي أن يستردها منه حتي لو كان قد ردها عن غلط ، كأن كان وقت أن ردها لا يعلم باكتمال مدة التقادم كان يظن أن المدة لا تزال سارية دون أن تكتمل . وكان يستطيع استردادها لوأنه ردها عن غلط تنفيذا للالتزام الطبيعي الذي تخلف في ذمته ( الوسيط 3 فقرة 665 ص 1154 ) .
( [2044] ) الوسيط 3 فقرة 676 .
( [2045] ) الوسيط 3 فقرة 677 .
( [2046] ) الوسيط 3 فقرة 679 ص 1172 .
( [2047] ) تاريخ النص " ورد هذا النص فى المادة 1420 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد فيما عدا أن الفقرة الثالثة من النص كانت فى المشروع التمهيدى تجرى على الوجه الآتي : " والسبب الصحيح لا يفترض وجوده ويصدر من شخص لا يكون مالكا للشىء أو صاحبا للحق الذى يراد كسبه بالتقادم ويجب أن يكون مسجلا طبقا للقانون " وقد حذفت لجنة المراجعة من النص فى فقرته الثالثة عبارة " لا يفترض وجوده " فأصبح النص مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد وصار رقمه 1044 فى المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1041 ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 969 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 494 – ص 496 ) .
( [2048] )التقنين المدنى السابق م 76 / 102 : تحصل ملكية العقارات والحقوق العينية لمن وضع يده عليها بنفسه أو بوكيل عنه بغير منازع مدة خمس سنوات آليات بصفة مالك بشرط ان يكون وضع اليد المذكور مبنيا على سبب صحيح . . . وأحكام التقنين المدني السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ويؤخذ على نص التقنين المدني السابق انه اغفل اشتراط حسن النية ولم يحدد معنى السبب الصحيح ولم يعرض لمسألة التسجيل وقد تدارك التقنين المدني الجديد هذه العيوب : المذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الاعمال التحضيرية 6 ص 498 - ص 499 ) وقد جرى القضاء فى عهد التقنين المدنى السابق على اشتراط حسن النية بالرغم من اغفال النص فهذا الشرط : استئناف وطنى 21 ابريل سنة 1904 الاستقلاق 3 ص 153 – اسيوط الكلية 27 يونيه سنة 1925 المحاماة 7 رقم 21 ص 38 – استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1888 م 1 ص 340 – 7 يونيه سنة 1893 م 5 ص 300 – 30 يناير سنة 1896 م 8 ص 103 – 3 مارس سنة 1903 م 15 ص 171 – 2 ابريل سنة 1903 م 15 ص 230 – 30 مايو سنة 1903 م 15 ص 330 – 23 فبراير سنة 1905 م 17 ص 131 – 20 ابريل سنة 1905 م 17 ص 220 – 10 فبراير سنة 1916 م 28 ص 148 – 13 ابريل سنة 1916 م 28 ص 256 – 25 ابريل سنة 1918 م 30 ص 387 – 29 يناير سنة 1925 م 37 ص 199 – 20 مايو سنة 1930 م 42 ص 503 - 14 ابريل سنة 1936 م 48 ص 222 - بل أن هناك حكما شاذا من محكمة الاستئناف المختلطة يقضى باشتراط حسن النية حتى فى التقادم المكسب الطويل ( استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 98 ) ولكن المحكمة ما لبثت أن رجعت إلى الرأى الصحيح وتواترت أحكامها على ان حسن النية غير لازم فى التقادم المكسب الطويل ( استئناف مختلط 25 ابريل سنة 1918 م 30 ص 387 – 9 نوفمبر سنة 1920 م 33 ص 6 – 10 فبراير سنة 1921 م 33 ص 172 – 25 يناير سنة 1927 م 39 ص 191 ) .
( [2049] ) التقنينات المدنية العربية الأخري : التقنين المدني السوري م 918 ( تطابق المادة 969 مدني مصري في فقرتيها الأوليين . أما الفقرة الثالثة من المادة 918 مدني سوري فتجري علي الوجه الآتي : " والسبب الصحيح هو سند أو حادث يثبت حيازة العقار بإحدي الوسائل التالية : الاستيلاء علي الأراضي المرات ، انتقال الملك بالإرث أو الوصية ، الهبة بين الأحياء بدون عوض أو بعوض ، البيع أو الفراغ " . وظاهر أن السبب الصحيح في التقنين السوري أوسع بكثير من السبب الصحيح في التقنين المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 973 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1158 / 2 و 3 - 1158 / 2 : وإذا وقعت الحيازة علي عقار أو حق عيني عقاري ، وكان غير مسجل في دائرة الطابو واقترنت الحيازة بحسن النية واستندت في الوقت ذاته إلي سبب صحيح ، فإن المدة التي تمنع من سماع الدعوي تكون خمس سنوات . ولا يشترط توافر حسن النية إلا وقت تلقي الحق . 1158 / 3 : والسبب الصحيح هو سند أو حادث يثبت حيازة العقار بإحدى الوسائل الآتية : ( أ ) الاستيلاء علي الأراضي المراث . ( ب ) انتقل الملك بالإرث أو الوصية . ( جـ ) الهبة . ( د ) البيع أو الفراغ . ( والتقنين العراقي ، في تحديد السبب الصحيح ، يوافق التقنين السوري ، وهو أوسع من التقنين المصري ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 257 : يكتسب حق القيد في السجل العقاري ، فيما يتعلق بالعقارات والحقوق غير المقيدة في السجل العقاري ، يوضع يد الشخص بصورة هادئة علنية مستمرة مدة خمس سنوات ، هو بنفسه أو بواسطة شخص آخر لحسابه ، بشرط أن يكون لذي واضع اليد سبب محق . . . ( وأحكام القانون اللبناني نتفق مع أحكام التقنين المصري ، ولم يصرح القانون اللبناني بشرط حسن النية ) .
( [2050] ) فالتقادم المكسب القصير ، إلي جانب حمايته لاستقراء التعامل ويشترك في ذلك مع التقادم المكسب الطويل ( انظر آنفا فقرة 367 ) ، يحمي أيضا الحائز حسن النية المستند إليه سبب صحيح ، فيتملك هذا الحائز العقار بخمس سنوات بدلا من خمس عشرة سنة ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 700 ) .
( [2051] ) آنفا فقرة 373 .
( [2052] ) آنفا فقرة 374 .
( [2053] )آنفا فقرة 375 .
( [2054] ) آنفا فقرة 376 .
( [2055] ) آنفا فقرة 378 .
( [2056] ) آنفا فقرة 380 .
( [2057] ) آنفا فقرة 381 .
( [2058] ) آنفا فقرة 382 .
( [2059] ) آنفا فقرة 383 .
( [2060] ) آنفا فقرة 384 .
( [2061] ) آنفا فقرة 385 .
( [2062] ) آنفا فقرة 386 .
( [2063] ) آنفا فقرة 388 - فقرة 390 .
( [2064] ) آنفا فقرة 391 .
( [2065] ) آنفا فقرة 392 .
( [2066] ) آنفا فقرة 395 - فقرة 398 .
( [2067] ) آنفا فقرة 399 - فقرة 402 .
( [2068] ) آنفا فقرة 403 - فقرة 404 .
( [2069] ) آنفا فقرة 407 .
( [2070] ) آنفا فقرة 408 .
( [2071] ) آنفا فقرة 409 .
( [2072] ) آنفا فقرة 411 .
( [2073] ) آنفا فقرة 412 .
( [2074] ) آنفا فقرة 413 .
( [2075] ) آنفا فقرة 414 .
( [2076] ) آنفا فقرة 415 .
( [2077] ) آنفا فقرة 416 - وإذا تملك الحائز العقار بالتقادم القصير ، أصبح في مأمن من دعوي استحقاق ترفع عليه من المالك الأصلي للعقار . فإذا فرض أن هذا المالك باع العقار وكان البيع قابلا للإبطال أو الفسخ وباع المشتري العقار لمشتر ثان حسن النية ، ثم أبطل المالك الأصلي البيع الأول أو فسخه ، فان المشتري الأول يعتبر أنه لم يميك العقار أصلا . وفي هذه الحالة يملك المشتري الثاني العقار بالتقادم القصير إذا بقي حائزا له مدة خمس سنوات ، فقد اشتري من غير مالك وبحسن نية . ولا يستطيع المالك الأصلي أن يسترد منه العقار بدعوي استحقاق ، لأن دعوي الاستحقاق هذه يحول دونها تملك الحائز العقار بالتقادم القصير . ( بودري وتيسييه فقرة 698 ) . فإذا كان البيع الصادر من المشتري الأول للمشتري الثاني أي نفس السبب الصحيح الذي تلقي به الحائز العقار هو أيضا بيع قابل للإبطال أو الفسخ ، فان المشتري الأول يستطيع أن يبطله أو يفسخه إذا لم تكن دعوي الإبطال أو دعوي الفسخ قد سقطت ، فيسترد العقار من المشتري الثاني حتي لو بقي هذا حائزاً له مدة خمس سنوات . ولما كان المالك الأصلي الذي صدر منه البيع الأول هو دائن للمشتري الأول ، فإنه يستطيع استعمال دعوي مدينة في إبطال البيع الثاني أو فسخه ، فيعود العقار إلي المشتري الأول ، ثم يعمد المالك الأصلي إلي إبطال أو فسخ البيع الأول الصادر منه ، فيسترد العقار ( بودري وتيسييه فقرة 699 ص 539 ) . هذا وإذا عجز المالك الأصلي عن استرداد العقار بعد أن أبطل أو فسخ البيع الصادر منه للمشتري الأول ، بسبب أن المشتري الثاني حاز العقار وهو حسن النية خمس سنوات ، فتملكه بالتقادم القصير ، فإن المالك الأصلي يرجع بالتعويض علي المشتري الأول ( بودري وتيسييه فقرة 700 ) .
( [2078] ) انظر آنفا فقرة 380 - فقرة 386 .
( [2079] ) انظر آنفا فقرة 373 .
( [2080] ) بودري وتيسييه فقرة 651 - فقرة 653 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 700 ص 710 - كولان وكابيتان دوي لاموانديير 1 فقرة 1203 ص 979 - مارتي ورينو فقرة 198 .
( [2081] ) أي من شخص لم يملك أصلا ، أو كان مالكا ولكن ملكيته زالت بأثر رجعي ( كاربوينيه ص 208 ) والتصرف الصادر من الوكيل أو النائب مجاوزاً فيه حدود النيابة لا يعتبر تصرفا صادرا من غير مالك ، فلا يصلح سببا صحيحا ، فهو لم يصدر من الأصيل ، وكذلك لم يصدر من النائب أصالة عن نفسه بل باسم الأصيل ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 421 ص 648 هامش 2 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه لما كان السبب الصحيح هو السند الذي يصدر من شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق الذي يراد كسبه بالتقادم ، وكان الثابت في الوقائع أن هذا البيع الصادر للطاعنين إنما صدر لهما من وكيل عن المالك للأطيان المبيعة ، فإنه لا يتأتي في هذا المقام الاستناد إلي وجود سبب صحيح . وإنما يتعين في هذا هذا المجال إعمال ما تقضي به الأحكام الخاصة بالنيابة في التعاقد وبأثار الوكالة فيما تقرره هذه الأحكام من أن علي الوكيل أن يقوم بتنفيذ الوكالة دون أن يجاوز حدودها المرسومة . ومن أنه إذا خرج عن حدودها وأبرم عقداً باسم الأصيل فان ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات لا يضاف إلي الأصل إلا إذا أجاز التصرف ( نقض مدني 12 مايو سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 60 ص 391 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا باع وكيل مال الموكل مجاوزاً في ذلك حدود الوكالة ، لم يصلح البيع أن يكون سببا صحيحا ( استئناف مختلط 19 فبراير سنة 19896 م 8 ص 122 ) .
( [2082] ) نقض مدني 24 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 260 ص 700 - استئناف وطني يناير سنة 1899 المجموعة الرسمية 1 ص 190 - 20 يناير سنة 1903 المجموعة الرسمية 4 رقم 74 ص 171 - استئناف مصر 11 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 17 رقم 53 ص 103 - استئناف مختلط أول مارس سنة 1921 م 33 ص 190 - 26 أبريل سنة 1923 م 35 ص 401 - 8 فبراير سنة 1927 م 39 ص 206 - 24 يونية سنة 1930 م 42 ص 580 - 22 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 33 .
( [2083] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المزاد بالسبب الصحيح في تملك العقار بالتقادم الخمسي هو كل تصرف قانوني يستند إليه واضع اليد في حيازته للعقار ، ويجعل وضع يده عليه حلالا سليما من شبهة الغصب في نظره واعتقاده . والمزاد يكون السبب صحيحا في هذا الباب هو أن يكون بطبيعته ناقلا للملك لو أنه صدر من مالك أهل للتصرف . ولهذا يصلح العقد الباطل بطلانا نسبيا ، وكذلك العقد المعلق علي شرط فاسخ مدة قيام هذا الشرط ، لأن يكون سببا صحيحا لتمليك المشتري علي أساسه العقار بوضع اليد ( نقض مدني 16 يونية سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 58 ص 131 ) - وانظر نقض مدني 27 فبراير سنة 1947 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاما جزء أول 1 ص 452 رقم 51 - 30 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 360 ص 691 - 29 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 175 ص 1129 - 27 يناير سنة 1955 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاما جزء أول ص 493 رقم 52 - 27 مارس سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 ص 243 ( بيع صادر من مالك لا يصلح سببا صحيحا ) - 22 يناير سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 ص 68 ( تمسك الراسي عليه المزاد بحكم مرسي المزاد ، وهو لم يصدر إلا بعد الحكم بتبعية العين لجهة الوقف ، يعتبر تمسكا بتصرف صادر من غير مالك ، فيصلح هذا التصرف لأن يكون سببا صحيحا ) - 26 نوفمبر سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 ص 703 ص 703 ( مقدار يحوزه واضع اليد خراجا عن عقد مشتراه تعتبر حيازته غير مستنده إلي سبب صحيح . فلا يتملكه الحائز إلا بالتقادم الطويل ) - 28 مارس سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 62 ص 398 ( تصرف صادر من مالك لا يصلح سببا صحيحا ) . وإذ باع المالط علي الشيوع جزءاً من العقار مفرزاً ، فإن البيع يعتبر صادراً من غير مالك فيصلح أن يكون سببا صحيحا ( نقض مدني 16 يونية سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 58 ص 131 - 23 أبريل سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 152 ص 423 - 16 أكتوبر سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 82 ص 655 ) .
وقضت محكمة النقض بأن السبب الصحيح اللازم توافره للتملك بالتقادم الخمسي هو ما تنص عليه المادة 969 / 3 مدني " سند يصدر من شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق الذي يراد كسبه بالتقادم ، ويجب أن يكون مسجلا طبقا للقانون " . والمتصرف الذي لا يعد مالكا في المعني المقصود بهذا النص هو شخص يكون غير مالك للشيء ويستحيل عليه أن ينقل ملكيته إلي من تصرف إليه ، وعله ذلك أن التملك بالتقادم القصير المدة إنما شرع لحماية من يتعامل بحسن نية مع شخص لا يستطيع أن ينقل إليه الملكية . ومن ثم فإن البائع إذا كان سنده عقداً غير مسجل صادراً إليه من المالك الحقيقي ، فإنه لا يكون للمشتري أن يتمسك بتملك المبيع بالتقادم الخمسي لأن البائع وإن كان لا يعتبر مالكا إلا أنه يستطيع الحصول علي الملكية بتسجيل العقد الصادر له من المالك أو بمطالبة المالك مطالبة قضائية بتنفيذ التزامه عينا بنقل الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر بعد ذلك ( نقض مدني 21 يناير سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 12 ص 73 ) . وقضت أيضا بأنه لا يعتبر سببا صحيحا عقد البيع الصادر إلي الزوجة لا أصالة عن نفسها بل باعتبارها اسما مستعاراً ، إذ يشترط في السند الذي يعتبر سببا صحيحا أن يكون صادراً إلي المتمسك بالتقادم نفسه ( نقض مدني 5 مايو سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 138 ص 1019 ) .
وانظر في وجوب أن يصدر السبب الصحيح من غير المالك : استئناف مختلط 9 ديسمبر سنة 1920 م 33 ص 61 - أول مارس سنة 1921 م 33 ص 190 - 2 يونية سنة 1921 م 33 ص 365 - 26 أبريل سنة 1923 م 35 ص 401 - 6 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 10 - 24 يونية سنة 1930 م 42 ص 580 - 20 مارس سنة 1934 م 46 ص 216 - 22 فبراير سنة 1938 م 50 ص 141 - وقارن مع ذلك أحكاما شاذة تقرر جواز صدور السبب الصحيح من المالك : استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 95 - 16 أبريل سنة 1936 م 48 ص 232 - 10 مارس سنة 1938 م 50 ص 162 – 9 فبراير سنة 1939 م 51 ص 151 - 8 يونية سنة 1939 م 51 ص 372 - 15 فبراير سنة 1940 م 52 ص 150 .
( [2084] ) فإذا كان السبب الصحيح صادرا من المالك ، وكان تصرفا قانونيا باطلا أو قابلا للإبطال ، فليس هنا مجال تطبيق التقادم المكسب القصير ، والواجب إعمال في هذه الفروض هي قواعد البطلان ( مصر الكلية 20 مارس سنة 1906 المجموعة الرسمية 8 رقم 29 ص 57 - مازو فقرة 1504 ص 1206 ) علي أنه يوجد فرض يجوز فيه إعمال التقادم المكسب القصير ويكون الحائز قد تعامل مع المالك : يبيع المالك العقار ، وقبل أن يسجل المشتري عقده ببيع المالك العقار مرة ثانية لمشتر ثان يسجل عقده ، فتنتقل الملكية للمشتري الثاني طبقا لقواعد التسجيل . ثم يسجل المشتري الأول عقده وهو حسن النية ، أي دون أن يعلم أن البائع قد باع العقار مرة ثانية لغيره وأن المشتري الثاني قد سبق إلي تسجيل عقده . ففي هذا الفرض إذا حاز المشتري الأول العقار بعد تسجيل عقده ، فإنه يستطيع أن يتملكه بالتقادم القصير ، مع أنه تعامل مع المالك ( انظر في هذا الفرض مازو فقرة 1504 ص 1306 - ص 1307 - نقض فرنسي 26 أكتوبر سنة 1953 داللوز 1954 - J – 24 ) . ولكن محكمة النقض في مصر قد قضت بأنه لا محل لتطبيق التقادم الخمسي إذا بيع العقار مرتين لشخصين سجل أحدهما عقده وحاز الآخر الذي لم يسجل عقده المبيع خمس سنوات ، ذلك أن التصرف هنا صادر من مالك ، ويكون التفاضل بين المشتريين المتزاحمين علي أساس الأسبقية في التسجيل ( نقض مدني 27 يناير سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 376 ص 707 ) وانظر استئناف مصر 8 أبريل سنة 1941 المجموعة الرسمية 43 رقم 77 ص 131 - استئناف مختلط 15 مايو سنة 1923 م 35 ص 446 - 10 فبراير سنة 1925 م 37 ص 214 - محمد علي عرفة فقرة 134 ص 241 - عبد المنعم البدراوي فقرة 534 ص 573 - عبد المنعم فرج الصدة . فقرة ص 649 - ص 650 .
أما إذا صدر التصرف من مالك ممنوع من التصرف ، فإن هذا التصرف لا يصلح سببا صحيحا لأنه صادر من مالك ولأنه تصرف باطل ( م 824 مدني – وقارن حسن كيرة ص 127 ) وإذا صدر التصرف من وارث وكانت التركة مستغرقة ، اعتبر التصرف صادراً من مالك فلا يصلح سببا صحيحا ، لأن الوارث يملك أعيان التركة فور موت المورث ، ولو كانت التركة مستغرقة ( حسن كيرة ص 128 - عكس ذلك نقض مدني 27 فبراير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 160 ص 365 ) .
( [2085] ) ومن أجل ذلك عرفت الفقرة الثالثة من المادة 969 مدني ( آنفا فقرة 417 ) السبب الصحيح بأنه " سند يصدر من شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق الذي يراد كسبه بالتقادم " ولو كان نص تشريعي مهمته أن يتولي التعريفات الفقهية ، لأضاف النص سالف الذكر إلي ما تقدم : وكان ينقل الملكية أو الحق لو أنه صدر من المالك أو صاحب الحق " .
( [2086] ) يودري وتيسييه فقرة 656 ص 503 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 656 .
( [2087] ) استئناف مختلط 23 أكتوبر سنة 1917 م 30 ص 3 - 4 يناير سنة 1927 م 39 ص 124 - 27 أبريل سنة 1937 م 49 ص 205 - 20 نوفمبر سنة 1939 م 52 ص 14 - وحتي ولو كان مالكا وتصرف في العقار ، ثم فسخت ملكيته لتحقق شرط فاسخ أو بسبب دعوي فسخ أو دعوي إبطال أو غير ذلك ، فزالت ملكيته بأثر رجعي ، فإن التصرف الصادر منه في العقار يعتبر صادراً من غير مالك ، ومن ثم يصلح أن يكون سببا صحيحا .
( [2088] ) استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 95 .
( [2089] ) وسنري فيما يلي أن قسمة المورث ، باعتبارها وصية بأعيان معينة ، تصلح هي أيضا أن تكون سببا صحيحا ( انظر آنفا فقرة 422 ) .
( [2090] ) استئناف مختلط 6 ديسمبر سنة 1894 م 7 ص 66 - 17 مايو سنة 1922 م 33 ص 345 - 28 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 49 - 4 يناير سنة 1927 م 39 ص 124 - 24 يناير سنة 1928 م 40 ص 152 - 4 مارس سنة 1947 م 59 صؤ 135 - أما إذا كان الراسي عليه المزاد سيء النية ، فإنه لا يتملك بالتقادم القصير ( نقض مدني 23 مايو سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 520 ) .
( [2091] ) أما الوفاء فلا يعتبر سببا صحيحا ، إلا إذا كان ناقلا للملكية وهاذ نادي ( بودري وتيسييه فقرة 657 - كولان وكابيتان ودي لاموانديير 1 فقرة 1197 ص 975 ) .
( [2092] ) وفي رأينا أن الأخذ بالشفعة يصلح أن يكون سببا صحيحا . فلو أن عقاراً باعه غير مالك لمشتر حسن النية ، فأخذه شفيع بالشفعة وهو حسن النية أي يعتقد أن العقار مملوك للبائع ، فإن الشفيع يستطيع أن يستند إلي الشفعة باعتبارها سببا صحيحا وإلي حسن نيته ، فيتملك العقار بالتقادم المكسب القصير . ونحتج للرأي الذي نقول به بأمرين : ( أولا ) أن الشفعة واقعة مركبة ، ويدخل في تركيبها إرادة الشفيع في أن يأخذ بالشفعة ، وهذه الإرادة هي تصرف قانوني ناقل للملكية . ( ثانيا ) أن الشفيع يحل محل المشتري في جميع حقوقه ، ومن حق المشتري حسن النية الذي اشتري من غير مالك أن يتملك العقار المبيع بالتقادم المكسب القصير ، فكذلك الشفيع الذي حل محله يستطيع هو أيضا أن يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير - انظر استئناف مختلط 26 مارس سنة 1908 م 20 ص 138 - منصور مصطفي منصور فقرة 179 ص 420 - وقرب إسماعيل غانم ص 120 .
( [2093] ) والعائلة في تضييق نطاق فكرة " السبب الصحيح " إلي هذا الحد أن السبب الصحيح شرط مستقل عن شرط حسن النية وليس مجرد عنصر من عناصر حسن النية - ولو كان السبب الصحيح عنصراً من عناصر حسن النية ، لكان أي سبب من شأنه أن يجعل الحائز يجوز العقار حيازة صحيحة بنية تملكه كافيا لأن يكون " سببا صحيحا " ( كاربوينيه ص 218 ) .
( [2094] ) نقض مدني 16 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 39 ص 315 - استئناف مختلط 28 يسمبر سنة 1893 م 6 ص 93 - 21 أكتوبر سنة 1916 م 29 ص 27 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 702 ص 711 .
( [2095] ) انظر آنفا فقرة 301 .
( [2096] ) وكذلك القسمة القضائية لا تصلح أن تكون سببا صحيحا ، لأنه هي أيضا لا تنقل الملكية بل تكشف عنها ، كما سنري ( انظر ما يلي نفس الفقرة ) عند الكلام في الحكم القضائي وفي أنه لا يصلح أن يكون سببا صحيحا .
( [2097] ) عبد المنعم البدراوي فقرة 533 ص 571 - إسماعيل غانم ص 120 عبد المنعم فرج الصدة فقرة 415 ص 641 - منصور مصطفي منصور فقرة 179 ص 432 .
( [2098] ) بودري وتيسييه فقرة 662 .
( [2099] ) أوبري ورو 2 فقرة 218 ص 510 هامش 4 - بودري وتيسييه فقرة 661 - أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ prescription civile فقرة 61 .
( [2100] ) أوبري ورو 2 فقرة 218 ص 510 هامش 3 - بودري وتيسييه فقرة 664 - كولان وكابيتان ودي لاموانديير 1 فقرة 1197 ص 976 - ص 977 - محمد علي عرفة 2 فقرة 135 ص 242 - ص 243 - عبد المنعم البدراوي فقرة 533 ص 571 إسماعيل غانم ص 120 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 415 ص 643 - منصور مصطفي منصور فقرة 179 ص 422 .
( [2101] ) أوبري ورو 2 فقرة 218 ص 510 - بودري وتيسييه فقرة 663 ص 507 - ص 508 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 702 ص 711 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 190 ص 192 .
( [2102] ) نقض مدني 24 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 260 ص 700 - 29 أبريل سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 122 ص 819 .
( [2103] ) استئناف مختلط 7 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 47 - نقض فرنسي 12 يونية سنة 1928 داللوز 1929 - 1 - 49 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 702 ص 711 محمد كامل مرسي 4 فقرة 191 .
( [2104] ) انظر آنفا فقرة 421 - ويعتبر سببا صحيحا الحكم بالتصديق علي اتفاق المتعاقدين الناقل للملكية jugement de convenu ou d expedient( محمد كامل مرسي 4 فقرة 190 ص 193 ) .
( [2105] ) وكالتصرف الباطل التصرف الصوري ، فلا يصلح سببا صحيحا البيع الصوري لأن المشتري صوريا ليست عنده نية التملك ( استئناف وطني 11 فبراير سنة 1902 المجموعة الرسمية 3 رقم 72 ص 194 - استئناف مختلط 15 يونية سنة 1939 م 51 ص 384 ) وانظر محمد كامل مرسي 4 ص 174 - عبد المنعم البدراوي فقرة 535 ص 574 - إسماعيل غانم ص 121 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 418 - منصور مصطفي منصور فقرة 179 ص 424 - حسن كيرة ص 125 .
( [2106] ) استئناف وطني 11 فبراير سنة 1902 المجموعة الرسمية 3 رقم 72 ص 194 - 20 مارس سنة 1906 المجموعة الرسمية 7 رقم 97 ص 199 - أول يونية سنة 1915 الشرائع 2 رقم 29 ص 273 - استئناف مصر 11 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 17 رقم 53 ص 103 – 20 نوفمبر سنة 1938 المحاماة 9 رقم 386 ص 951 .
( [2107] ) الوسيط 5 فقرة 46 - أما في التقنين المدني الفرنسي ، فتقصر المادة 1340 منه إمكان التنفيذ الاختياري للهبة الباطلة في الشكل وإجازة هذه الهبة بوجه عام ، علي ورقة الواهب دون الواهب نفسه . ويذهب بعض الفقهاء الفرنسيين إلي القول بتخلف التزام طبيعي من الهبة الباطلة في الشكل في جانب ورثة الواهب ، ومن لا يصحح التنفيذ الاختياري بطلان الهبة ، فلا تصلح الهبة الباطلة في الشكل لأن تكون سبا صحيحا حتي بعد أن ينفذها الورثة تنفيذا اختياريا ( انظر في هذا المعني أوبر ورو 2 فقرة 218 ص 512 هامش 8 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 704 ص 713 ) . ويذهب بعض آخر إلي أن الهبة الباطلة في الشكل تصبح صحيحة بتنفيذها تنفيذا اختياريا من جانب الورثة ، ومن ثم تصلح بعد هذا التنفيذ الاختياري لأن تكون سببا صحيحا ( ترولون 1 فقرة 901 - جيوار 2 فقرة 557 - لوران 32 فقرة 392 - فقرة 393 - بودري وتيسييه فقرة 669 ) .
( [2108] ) لأنه لم يكن لينقل الملكية لو أنه صدر من المالك ( بودري وتيسييه فقرة 668 ص 512 - بلانيول ريبير وبيكار 3 فقرة 704 ص 713 ) .
( [2109] ) وقد قضت محكمة النقض بأن صدور الحكم ببطلان قرار إنهاء الوقف يقتضي اعتبار الإنهاء عديم الأثر ، ومن ثم فأن صفة الوقف لم تزل عنه وكانت لا صفة به وقت صدور التصرف فيه بالبيع قبل الحكم بذلك البطلان ، وبالتالي يكون هذا التصرف قد وقع باطلا بطلان مطلقا ولا يصلح لأن يكون سببًا صحيحًا فى التملك بالتقادم الخمسى ( نقض مدنى 13 ديسمبر سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 177 ص 1124 ) ، وانظر استئناف مختلط 16 يناير سنة 1889 م 1 ص 213 ( مقايضة ناقلة لعدم بيان الأعيان المقايض عليها بيانًا كافيًا ) ـ 15 يونيه سنة 1893 م 5 ص 318 ـ 30 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 123 .
( [2110] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 704 ص 713 ـ مازو فقرة 1503 ص 1205 نقض فرنسى 27 فبراير سنة 1956 سيريه 1956 ـ 1 ـ 779 ـ والمقصود هنا أن يكون التصرف القانونى قابلاً للإبطال لسبب آخر سوى صدوره من غير مالك ، وذلك لأن السبب الصحيح هو تصرف قانونى صادر من غير مالك ، فيكون دائمًا قابلاً للإبطال ، كبيع ملك الغير وهبة ملك الغير . ولاشك فى أن التصرف القانونى الصادر من غير مالك ، والذى يكون قابلاً للإبطال لهذا السبب ، يصلح أن يكون سببًا صحيحًا ، بل هو عين السبب الصحيح . فالمطلوب بحثه هنا إذن هو ما إذا كان التصرف القانونى القابل للإبطال ، لسبب آخر سوى صدوره من غير مالك ، يصلح أن يكون سببًا صحيحًا . وقد رأينا أنه يصلح لأن له وجودًا قانونيًا ، بخلاف التصرف القانونى الباطل الذى لا وجود له .
( [2111] ) حتى لو علم أن البائع قاصر وأن البيع قابل للإبطال لهذا السبب ، فحسن نية المشترى لا يتأثر بهذا العلم بالنسبة إلى التقادم المكسب القصير ، ما دام المشترى يعتقد أن القاصر يملك العقار المبيع .
( [2112] ) استئناف وطنى 30 يناير سنة 1903 المجموعة الرسمية 8 رقم 29 ص 57 ـ بنى سويف 8 فبراير سنة 1928 المحاماة 9 رقم 319 ص 524 ـ استئناف مختلط 8 أبرير سنة 1942 م 54 ص 180 .
( [2113] ) نقض مدنى 16 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 58 ص 131 ـ استئناف وطنى 20 يناير سنة 1903 المجموعة الرسمية 4 رقم 74 ص 171 ـ استئناف مختلط 8 أبريل سنة 1903 م 15 ص 234 ـ 4 يونيه سنة 1914 جازيت 4 رقم 489 ص 205 ـ 24 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 83 ـ 23 أكتوبر سنة 1917 م 3 ص 3 .
( [2114] ) على أنه فى هذا الفرض لا يعود هناك محل للسبب الصحيح ، إذ أن الحائز يرد العقار إلى المتصرف بعد الحكم بإبطال التصرف ، فلا ينفسح له المجال لأن يتملك العقار ضد المالك الحقيقى بالتقادم المكسب القصير . وقد يستعمل المالك الحقيقى دعوى الإبطال باسم المتصرف لإبطال التصرف القانونى ويتحقق ذلك فى الفرض الآتى : يستأجر شخص عقارًا من مالكه ، ثم يبيعه إلى مشتر حسن النية بعقد قابل للإبطال . فيجوز للمشترى فى هذه الحالة ، على ما قدمنا ، أن يستند إلى البيع القابل للإبطال كسبب صحيح يجيز له تملك العقار ضد المؤجر بالتقادم المكسب القصير . وإذا لم يبادر المستأجر الذى باع العقار إلى طلب إبطال البيع واسترداد العقار ملء المشترى ، جاز للمؤجر وهو دائن للمستأجر ، أن يطلب باسم مدينه إبطال عقد البيع وإرجاع العقار للمستأجر ، ثم استرداده منه بدعوى الإيجار ( بودرى وتيسييه فقرة 671 ص 514 ) . أما إذا بقى المشترى حائزًا للعقار خمس سنوات ، فقد ملكه بالتقادم المكسب القصير ، ولكن تبقى دعوى الإبطال ، إذا لم تكن سقطت بالتقادم ، مفتوحة ( انظر آنفًا ص 1083 هامش 12 ) . وعلى ذلك يستطيع المؤجر أن يستعمل دعوى مدينه المستأجر فى إبطال البيع ، فيبطل بأثر رجعى ، ويسترد المستأجر العقار من الحائز ، ثم يسترده المؤجر من المستأجر بدعوى الإيجار .
( [2115] ) استئناف مختلط 15 يناير سنة 1929 م 41 ص 171 ـ جيوار 2 فقرة 562 ـ هيك 14 فقرة 448 ـ أوبرى ورو 2 فقرة 218 هامش 12 ـ بودرى وتيسييه فقرة 673 ص 515 ـ بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 705 .
( [2116] ) أوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 513 هامش 12 ـ بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 705 ـ بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3163 ـ مازو فقرة 1506 ـ محمد كامل مرسى 4 فقرة 172 .
( [2117] ) نقض مدنى 16 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 58 ص 131 ـ استئناف مختلط 15 يونيه سنة 1899 م 9 ص 297 .
( [2118] ) استئناف مختلط 25 فبراير سنة 1936 م 48 ص 161 ـ جيوار فقرة 563 ـ هيك 14 فقرة 448 ـ أوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 513 ـ ص 514 ـ بودرى وتيسييه فقرة 672 ـ فقرة 672 مكررة ـ بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 705 ـ بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3163 .
( [2119] ) ولفظ putative مشتق من اللفظ اللاتينى prtate ومعناه يحسب أو يعتقد ( penser, croirc ) .
( [2120] ) أوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 516 هامش 19 بودرى وتيسييه فقرة ( 688 ـ فقرة 689 ـ بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 706 ص 714 ـ بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3164 ـ مازو فقرة 1505 ص 1207 ـ ص 1208 .
( [2121] ) لأنه كان لا ينقل الملكية لو أنه صدر من المالك ثم رجع هذا عن الوصية ، ولأن التصرف الظنى كالتصرف الباطل وكالتصرف الصورى ، كل منها لا وجود له فلا يصلح أيهما لأن يكون سببًا صحيحًا ( بودرى وتيسييه فقرة 689 ـ بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 706 ـ كولان كابيتان ودى لا مورانديير 1 فقرة 1200 ص 978 ) .
( [2122] ) نقض مدنى 24 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 260 ص 700 - 19 أبريل سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 108 ص 703 - استئناف مختلط 10 مايو سنة 1902 م 14 ص 285 - 23 فبراير سنة 1911 م 23 ص 193 - 13 يونيه سنة 1912 م 24 ص 411 - 21 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 120 - 18 يونيه سنة 1918 م 30 ص 467 - 24 أبريل سنة 1923 م 35 ص 392 - 24 فبراير سنة 1925 م 37 ص 249 - 24 يونيه سنة 1930 م 42 ص 579 - 29 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 93 - 4 أبريل سنة 1933 م 45 ص 226 - 2 فبراير سنة 1934 م 46 ص 195 - 30 أبريل سنة 1935 م 47 ص 280 - 17 ديسمبر سنة 1935 م 48 ص 60 - 22 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 38 - 22 فبراير سنة 1938 م 50 ص 141 - 26 أبريل سنة 1949 م 61 ص 113 - أوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 516 - بودرى وتيسييه فقرة 666 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 706 ص 715 .
( [2123] ) بودرى وتيسييه فقرة 688 ص 529 - كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1200 ص 977 - شفيق شحاتة فقرة 308 ص 310 .
( [2124] ) الإسكندرية الوطنية 25 مايو سنة 1899 الحقوق 14 ص 378 - منوف 30 أكتوبر سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 رقم 80 ص 132 - بورسعيد أول أكتوبر سنة 1916 المجموعة الرسمية 18 رقم 12 ص 20 - استئناف مختلط 28 مارس سنة 1901 م 13 ص 219 - 2 أبريل سنة 1903 م 15 ص 230 - 13 مايو سنة 1903 م 15 ص 280 - 14 مارس سنة 1906 م 18 ص 148 - 28 مارس سنة 1906 م 18 ص 168 - 20 مارس سنة 1913 م 25 ص 251 - 18 مارس سنة 1920 م 32 ص 209 - 3 يناير سنة 1922 م 34 ص 91 .
( [2125] ) استئناف وطنى 5 يناير سنة 1899 المجموعة الرسمية 1 ص 4 - استئناف مختلط 2 أبريل سنة 1903 م 15 ص 230 - 23 فبراير سنة 1905 م 17 ص 131 - 29 فبراير سنة 1912 م 24 ص 168 - وانظر محمد كامل مرسى 4 فقرة 180 - وقارن عبد المنعم فرج الصدة فقرة 416 ص 642 .
( [2126] ) عبد السلام ذهنى فى السبب الصحيح فى التقادم الخمسى فى المحاماة 6 ص 608 - محمد كامل مرسى 4 فقرة 185 - محمد على عرفة 2 فقرة 137 ص 246 - ص 247 - استئناف مصر 11 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 17 رقم 53 ص 103 - استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1931 م 43 ص 244 - 26 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 95 - 20 مارس سنة 1934 م 46 ص 216 - 21 نوفمبر سنة 1934 م 47 ص 35 - 7 فبراير سنة 1935 م 47 ص 150 - 16 أبريل سنة 1935 م 47 ص 255 - 22 أبريل سنة 1937 م 49 ص 202 - 17 مارس سنة 1938 م 50 ص 173 - 8 يونيه سنة 1939 م 51 ص 372 - 20 نوفمبر سنة 1939 م 52 ص 14 - 15 فبراير سنة 1940 م 52 ص 150 .
( [2127] ) حامد فهمى فى المحاماة 7 ص 97 - صليب سامى فى المحاماة 8 ص 691 - استئناف مختلط 7 مارس سنة 1933 م 45 ص 194 - 2 فبراير سنة 1934 م 46 ص 195 - 22 أبريل سنة 1937 م 49 ص 202 .
( [2128] ) نقض مدنى 28 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 157 ص 292 .
( [2129] ) انظر آنفاً فقرة 417 .
( [2130] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 498 .
( [2131] ) ويلاحظ أن عقد الرهن الحيازى ينشئ الحق فيما بين المتعاقدين دون حاجة إلى أن يقيد ، وعلى ذلك لا يشترط فيه ، حتى يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً ، أن يكون مقيداً ، كما كان شأن البيع قبل قانون التسجيل ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 416 ص 643 - منصور مصطفى منصور فقرة 179 ص 423 هامش 2 ) .
( [2132] ) ويقول الأستاذ عبد المنعم البدراوى : " ولا شك أنه سيترتب على هذا أن يضيق نطاق التقادم الخمسى إلى حد كبير ، نظراً لأن التسجيل لا يتم إلا بعد التثبيت من حق طالب الشهر " ( عبد المنعم البدراوى فقرة 533 ص 570 ) . وانظر أيضاً فى هذا المعنى : إسماعيل غانم ص 119 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 416 ص 644 - منصور مصطفى منصور فقرة 179 ص 423 - حسن كيره ص 126 .
( [2133] ) والرأى الغالب فى فرنسا ، حيث التسجيل غير ضرورى لانتقال الملكية إلا بالنسبة إلى الغير كما كان الأمر فى مصر قبل صدور قانون التسجيل ، أن السبب الصحيح لا يشترط تسجيله ( بودرى وتيسييه فقرة 674 - فقرة 675 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 707 ) . ويرى الفقه فى فرنسا أن هذا حل يؤسف له ، وأنه كان الأولى اشتراط تسجيل السبب الصحيح ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 707 ص 716 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3165 ) .
( [2134] ) استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1908 م 20 ص 195 .
( [2135] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 498 .
( [2136] ) بودرى وتيسييه فقرة 677 .
( [2137] ) استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1930 م 43 ص 18 - مازو فقرة 1505 ص 1208 - محمد كامل مرسى 4 فقرة 194 - شفيق شحاتة فقرة 308 ص 309 - عبد المنعم بدراوى فقرة 536 - إسماعيل غانم ص 122 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 422 - منصور مصطفى منصور فقرة 179 ص 424 - ص 425 .
( [2138] ) انظر آنفاً فقرة 428 .
( [2139] ) لذلك يجب على الحائز أن يثبت ، ليس فحسب وجود السبب الصحيح ، بل أيضاً أن هذا السبب الصحيح مسجل طبقاً للقانون ( م 969 / 3 مدنى ) . ولا يغنى عن إثبات السبب الصحيح ثبوت حسن النية ، فكل من السبب الصحيح وحسن النية شرط مستقل عن الشرط الآخر كما قدمنا ، وعلى ذلك يجب على محكمة الموضوع أن تبين فى حكمها ، إلى جانب توافر شط حسن النية عند الحائز~ ، طبيعة السبب الصحيح ونوعه وأنه تصرف قانونى ناقل للملكية مستوف للشروط التى يتطلبها القانون ، وذلك حتى تباشر محكمة النقض رقابتها على محكمة الموضوع فى هذه المسائل القانونية ( بوردى وتيسييه فقرة 677 مكررة ) .
( [2140] ) انظر آنفاً فقرة 417 .
( [2141] ) وقد قضت محكمة النقض بأن حسن النية هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه ، فإذا كان هذا الاعتقاد يشوبه أدنى شك امتنع حسن النية ( نقض مدنى 29 يناير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 262 ص 529 ) . وينظر ، فى الشخص المعنوى ، إلى نية من يمثله ( م 956 / 2 مدنى ) . وتوافر حسن النية من مسائل الواقع التى يقدرها قاضى الموضوع ، ولكن تحديد حسن النية على الوجه الذى قدمناه من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض . وقد قضت محكمة النقض بأن لقاضى الموضوع مطلب السلطة فى استخلاص النية من نصوص العقد ومن الظروف الملابسة لتحريره ، ولكن ما يستخلصه من ذلك يخضع لرقابة محكمة النقض من جهة مطابقته للتعريف القانونى لسوء النية . فمجرد علم المشترى بعدم نقل تكليف الأطيان المبيعة بمقتضى عقد مسجل إلى اسم البائع لبائعه لا يكفى فى الدلالة على سوء النية ، لأنه وحده لا يدل على أن المشترى كان يعلم أنه يشترى من غير مالك ، إذ يجوز أن يعتقد أن البائع له مالك رغم علمه بتكليف المبيع على غيره ( نقض مدنى 5 نوفمبر سنة 1936 مجموعة عمر 2 رقم 3 ص 2 ) . وقضت أيضاً بأن من الصور أن يقتصر الحكم فى ثبات سوء نية المشترى على القول إن منازعة لم يقم فى الملكية الدليل المقنع على سوء نيته ، دون أن يتحدث عن الأحكام والمستندات التى قدمها لإثبات ذلك ، فإن هذا القول غاية فى الإبهام ، وليس فيه ما يدل على أن المحكمة قد فحصت المستندات التى قدمت لها وقدرتها ( نقض مدنى 23 أبريل سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 152 ص 423 ) . وقضت كذلك بأن حسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على العكس ، ومناط سوء النية المانع من اكتساب الملك بالتقادم الخمسى بثبوت علم المتصرف إليه وقت تلى الحق بأن المتصرف غير مالك لما يتصرف فيه ، وإذ كان عدم ذكر سند ملكية البائع للطاعنين وتعهده بتقديم سند الملكية للمشترين ليس من شأن أيهما أن يؤدى عقلاً إلى ثبوت علم الطاعنين بأن البائع لهما غير مالك ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أسس ثبوته سوء النية على ذلك يكون معيباً بالقصور ( نقض مدنى 30 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 96 ص 614 ) . وانظر نقض مدنى 20 نوفمبر سنة 1952 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 454 رقم 66 - 15 أكتوبر سنة 1953 نفس المجموعة جزء أول ص 454 رقم 64 - محمد على عرفة 2 فقرة 138 ص 248 - عبد المنعم البدراوى فقرة 528 ص 564 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 408 ص 633 .
( [2142] ) نقض مدنى 29 يناير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 262 ص 529 - استئناف مختلط 7 يونيه سنة 1893 م 5 ص 300 - 20 أبريل سنة 1905 م 17 ص 220 - 11 فبراير سنة 1913 م 25 ص 167 - 10 ففبراير سنة 1916 م 28 ص 148 - 5 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 15 - 22 أبريل سنة 1937 م 49 ص 202 - 9 مايو سنة 1940 م 52 ص 252 - أوبرى ورو فقرة 218 ص 519 - بودرى وتيسييه فقرة 678 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 709 - مارتى ورينو فقرة 201 - كاربونييه ص 209 .
( [2143] ) أوبرى ورو فقرة 218 ص 519 هامش 29 - بودرى وتيسييه فقرة 680 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 712 - دى باج 7 فقرة 1296 - محمد كامل مرسى 4 فقرة 213 - عبد المنعم الصدة فقرة 408 ص 631 .
( [2144] ) استئناف مختلط 16 مارس سنة 1920 م 32 ص 200 - 4 يناير سنة 1927 م 39 ص 124 - 25 فبراير سنة 1936 م 48 ص 161 - 2 فبراير سنة 1937 م 49 ص 92 - 3 نوفمبر سنة 1939 م 52 ص 14 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 712 .
( [2145] ) لوران 32 فقرة 409 - فقرة 410 - جيوار فقرة 572 - ترولون فقرة 915 - أوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 519 - بودرى وتيسييه فقرة 679 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 710 - محمد كامل مرسى 4 فقرة 204 - نقض فرنسى 22 مايو سنة 1906 داللوز 1906 - 1 - 351 - 11 مايو سنة 1909 سيريه 1910 - 1 - 172 .
( [2146] ) بودرى وتيسييه فقرة 679 ص 520 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 710 - نقض فرنسى 14 نوفمبر سنة 1887 سيريه 88 - 1 - 473 .
( [2147] ) لأن حسن النية فى التقادم المكسب القصير هو كما قدمنا ، ليس الجهل بجميع عيوب السبب الصحيح ، بل الجهل معيب واحد منها فقط هو أن التصرف صادر من غير مالك أما وقد جهل الجائز هذا العيب فهو حسن النية ، سواء علم بالعيوب الأخرى أو لم يعلم ( أوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 517 هامش 24 - بودرى وتيسييه فقرة 681 ص 523 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 711 ص 718 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3168 - محمد كامل مرسى 4 فقرة 205 ) . وهناك رأى فى الفقه الفرنسى يذهب إلى أن علم الحائز بأى عيب فى السبب الصحيح يجعله سيء النية ( لوران 312 فقرة 406 وما بعدها ) . والنتيجة العملية لكل من الرأيين سواء . فإذا قلنا بأن علم الحائز بأن السبب الصحيح قابل للفسخ مثلاً يجعله سيء النية ، ترتب على ذلك أن الحائز لا يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير لعدم توافر حسن النية ، فيستطيع المالك الحقيقى أن يسترد منه العقار بدعوى الاستحقاق . وإذا قلنا أن علم الحائز بأن السبب الصحيح قابل للفسخ لا يجعله سيئ النية ، ترتب على ذلك أن الحائز يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير ، ولكن الذى تصرف للحائز يستطيع أن يفسخ التصرف ، ويستطيع دائنه وهو المالك الحقيقى أن يستعمل دعوى فسخ باسم مدينه فيفسخ التصرف ، فيعود العقار إلى من تصرف للحائز ، وعند ذلك يسترده منه المالك الحقيقى بدعوى الاستحقاق ( أوبرى ورو ، فقرة 218 ص 525 هامش 47 - وانظر آنفاً ص 1082 هامش 12 - وص 1098 هامش 2 ) .
( [2148] ) أوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 518 - نقض فرنسى 22 مايو سنة 1906 سيريه 1910 - 1 - 172 - 11 مايو سنة 1909 سيريه 1910 - 1 - 172 - 15 فبراير سنة 1927 سيريه 1927 - 1 - 19 .
( [2149] ) انظر آنفاً ص 1082 هامش 12 - وص 1098 هامش 2 ) .
( [2150] ) انظر آنفاً فقرة 417 .
( [2151] ) وقد كان هذا هو الحكم أيضاً فى عهد التقنين المدنى السابق ، دون أن يشتمل هذا التقنين على نص صريح فى ذلك ( استئناف مختلط 30 يناير سنة 1896 م 8 ص 103 - 24 فبراير سنة 1897 م 9 ص 305 - 2 أبريل سنة 1903 م 15 ص 230 - 25 ديسمبر سنة 1909 م 21 ص 266 - 26 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 84 - 12 يونيه سنة 1923 م 35 ص 502 - 8 أبريل سنة 1941 م 53 ص 148 - محمد كامل مرسى 4 فقرة 211 ص 211 .
( [2152] ) ولو كان البيع معلقاً على شرط واقف ، فإن حسن النية يجب توافره عند تسجيل البيع لا عند تحقق الشرط ( أوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 520 هامش 31 ) . ولو كان السبب الصحيح عقد رهن حيازى ، فإن حسن النية يجب توافره عند انعقاد الرهن الحيازى لأن حق الرهن الحيازى ينشأ فيما بين المتعاقدين بمجرد العقد ، ولا يطلب القيد إلا ليكون الرهن حجة على الغير ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 409 ص 634 - منصور مصطفى منصور فقرة 180 ص 427 هامش 3 ) .
( [2153] ) استئناف مختلط 8 أبريل سنة 1941 م 53 ص 148 .
( [2154] ) عبد المنعم البدراوى فقرة 530 ص 566 - إسماعيل غانم ص 122 - منصور مصطفى منصور فقرة 180 ص 428 - وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ولا يشترط حسن النية عند بدء الحيازة ، بل يكفى توافره عند تلقى الملكية بالسبب الصحيح ، فإذا اشترى شخص عقاراً من غير مالكه ، فكيفى أن يكون حسن النية وقت البيع حتى لو كان سيئ النية وقت التسليم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 498 ) . هذا والعبارة الواردة فى المذكرة الإيضاحية من أنه يكفى أن يكون المشترى حسن النية وقت البيع ، يمكن التوسع فى فهمها فتكون العبرة بوقت تسجيل البيع ، إذا لم يكن المقصود بالعبارة الموازنة بين وقت البيع ووقت تسجيل البيع ، بل الموازنة بين وقت البيع بوجه عام ( ويدخل فى ذلك وقت تسجيله ) ووقت تسليم المبيع . وعلى هذا الأساس يمكن فهم ما ورد فى هذا الصدد فى بعض الأقوال الفقهية ( انظر محمد كامل مرسى 4 فقرة 211 ص 211 - شفيق شحاتة فقرة 313 ص 312 ) . ويصعب تصور خلاف فى هذه المسألة بعد صدور قانون التسجيل وقانون الشهر العقارى ( قارن محمد على عرفة فقرة 139 ص 250 هامش 1 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 409 ص 634 هامش 1 - منصور مصطفى منصور فقرة 180 ص 427 ) .
( [2155] ) وإذا كانت الوصية لا تلزم إلا بقبولها من الموصى له ، لكنه إذا قبلها استحق الموصى به من حين الموت ، لأن الوصية تصرف قانونى من جانب واحد هو جانب الموصى ، وتنتج أثرها عند موته دون حاجة لقبول الموصى له ، وإنما القبول للزوم الوصية لالتهامها وإنتاج أثرها ( انظر آنفاً فقرة 76 ) . ويلاحظ مع ذلك قواعد التسجيل ، إذ أن الوصية بعقار لا تنتقل ملكتيه إلى بالتسجيل ، ولما كان التسجيل يتم عادة بعد قبول الموصى له ، فإن حسن النية يجب أن يتوافر عند تسجيل الوصية أى بعد قبول الموصى له ، وهذا ما لم تكن الوصية قد سجلت فى حياة الموصى فعندئذ يجب توافر حسن النية وقت موت الموصى لا وقت قبول الوصية ( محمد على عرفة 2 فقرة 139 ص 250 - عبد المنعم البدراوى فقرة 530 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 409 ص 635 - منصور مصطفى منصور فقرة 180 ص 427 - ص 428 ) . وانظر فى فرنسا أن حسن النية يجب توافره عند موت الموصى : لوران 32 فقرة 417 - جيوار 2 فقرة 579 - هيك 14 فقرة 460 - بودرى وتيسييه فقرة 686 . وهناك فى فرنسا رأى آخر يذهب إلى أن حسن النية يجب توافره عند قبول الموصى له ( أوبرى وور 2 فقرة 218 ص 520 وهامش 32 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 714 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3170 ص 1034 هامش 1 - بيدان 4 فقرة 767 - مازو وفقرة 1500 - أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prescription civilc فقرة 52 .
( [2156] ) وينتقد الفقه الفرنسى القاعدة الرومانية ، ويؤثر عليها القاعدة الكنسية . ولا يستكثر هذا الفقه على الحائز أن يبقى حسن النية طوالى المدة اللازمة للتملك بالتقادم القصير ، فإن أصبح سيئ النية فى خلال هذه المدة ، فأمامه التقادم المكسب الطويل وعليه أن يستوفى مدته حتى يتملك العقار بالتقادم ( بودرى وتيسييه فقرة 685 ص 527 - ص 528 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 713 ص 719 هامش 3 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3170 ) .
( [2157] ) انظر آنفاً فقرة 288 .
( [2158] ) استئناف مختلط 20 أبريل سنة 1905 م 17 ص 220 - 25 مارس سنة 1909 م 21 ص 266 - 15 ابريل سنة 1909 م 21 ص 310 - 12 يونيه سنة 1923 م 35 ص 501 - 24 فبراير سنة 1931 م 43 ص 243 - 14 أبريل سنة 1936 م 48 ص 225 - 28 أبريل سنة 1941 م 53 ص 148 . وانظر آنفاً فقرة 291 .
( [2159] ) بودرى وتيسييه فقرة 684 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 713 ص 719 - مارتى ورينو فقرة 201 ص 213 - وانظر عكس ذلك وأن الغلط فى القانون لا يفترض : لوران 32 فقرة 415 - جيوار فقرة 575 - أوبرى ورو 2 فقرة 218 ص 519 - ص 520 وهامش 30 - وهذا الخلاف محدود الأهمية من الناحية العملية ، فالذى يقع عملاً أن الحائز يبادر هو نفسه إلى إثبات حسن نيته وأن غلطه كان غلطاً مغتفراً .
( [2160] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا ادعى المشترى أنه تملك العقار بوضع اليد مع حسن النية والسبب الصحيح ، فلا يحتاج إثبات سوء نيته عند الشراء إلى دليل معين ، بل هو جائز بجميع طرق الإثبات القانونية ومنها القرائن ، وقد تكون هذه وحدها كافية فى الإثبات فإذا كان من يدعى سوء نية المشترى قد ساق القرائن القائمة فى الدعوى الدالة على صحة دعواه ، وكانت هذه القرائن دالة فعلاً على سوء النية ، فإنه يكون من القصور أن يكتفى الحكم فى رده على تلك القرائن بمجرد القول بأن ظروف الحال تدل على أن المشترى حين اشترى كان يعلم أنه يشترى من المالك الحقيقى ( نقض مدنى 25 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 197 ص 551 ) . وانظر أيضاً نقض مدنى 31 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 661 ( لقاضى الموضوع سلطة تامة فى استخلاص سوء النية من قضائها فى الدعوى ، ولا يكفى لاستفادة نازع الملكية الذى رسا عليه المواد من التقادم الخمسى تذرعه بجهله الحقيقة ، إذا كان مقصراً فى البحث والاستقصاء ، فإن تقصيره يتعارض مع حسن النية ولا يجوز له أن يفيد من هذا التقصير ) .
وانظر بودرى وتيسييه فقرة 863 ص 525 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 713 ص 718 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3169 - نقض فرنسى 15 فبراير سنة 1927 جازيت دى باليه 1927 - 1 - 730 - 17 ديسمبر سنة 1934 سيريه 1935 - 1 - 204 .
( [2161] ) بودرى وتيسييه فقرة 863 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 713 ص 718 - كاربونييه ص 219 - نقض فرنسى 15 فبراير سنة 1917 سيريه 1927 - 1 - 190
( [2162] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1427 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - من حاز منقولاً أو حقاً عينياً على منقول أو سنداً لحامله ، مستنداً فى حيازته إلى سبب صحيح ، فإنه يصبح مالكاً لما حازه ، إذا كان حسن النية وقت حيازته . 2 - فإذا كان الحائز بحسن نية وبسبب صحيح قدا حاز الشئ باعتباره خالياً من التكاليف والقيود العينية ، فإنه يكسب الملكية خالصة من هذه التكاليف والقيود . 3 - والحيازة وحدها قرينة على وجود السبب الصحيح وحسن النية ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك " . ووافق لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1051 فى المشروع النهائى ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية جعلته مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1048 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 976 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 510 - ص 512 ) .
( [2163] ) التقنين المدنى السابق م 46 / 68 : ومع ذلك تنتقل ملكية الأموال المنقولة باستلامها بناء على سبب صحيح ولو لم تكن ملكاً لمن سلمها . إنما يشترط فى ذلك أن يكون المستلم معقداً صحة الملك فيها للمسلم ، ولا يضر هذا بحق المالك الحقيقى فى طلب استردادها فى حالة الضياع أو السرقة .
م 607 / 733 : وثبتت الملكية فى المنقولات فى حق كل إنسان بحيازتها المترتبة على سبب صحيح مع اعتقاد الحائز لها صحة حيازته .
م 608 / 734 : مجرد وضع اليد على المنقولات يستفاد منه وجود السبب الصحيح وحسن الاعتقاد ، غلا إذا ثبت ما يخالف ذلك ، مع مراعاة ما تقدم فى حالتى السرقة والضياع .
( وأحكام التقنين المدنى السابق تتفق مع أحكام التقنين المدنى الجديد ، وإن كان التقنين المدنى السابق أورد هذه الأحكام مشتتة فى أماكن مختلفة : انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 515 ) .
( [2164] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 927 ( مطابق ) .
التقنين المدنى الليبى : م 980 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1163 : 1 - من حاز وهو حسن النية منقولاً أو سنداً لحامله ، مستنداً فى حيازته إلى سبب صحيح ، فلا تسمع عليه دعوى الملك من أحد . 2 - والحيازة بذاتها قرينة على توافر حسن النية ووجود السبب الصحيح ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك .
( وأحكام التقنين العراقى فى مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصرى ، غير أن التقنين العراقى لم يورد نص الفقرة الثانية من المادة 976 مدنى مصرى وهى تتكلم عن إسقاط التكاليف والقيود العينية بالحيازة ، وجعل حائز المنقول لا تسمع عليه دعوى الملك لا أن يتملك هو المنقول ، وذلك جرياً على تقاليد التقنين العراقى فى عدم جواز سماع الدعوى ) .
( [2165] ) وهذا ما قاله Bourjon : " En fait de meubles, la possession vaut titie " انظر Bourjon الكتاب الثانى الباب الأول – الفصل السادس – الفرع الأول فقرة 1 – وانظر فى الموضوع بأكمله : Jobbe Duval فى دراسة تاريخية فى دعوى استحقاق المنقول ، فى القانون الفرنسى بالريس سنة 1881 - Saleilles فى حيازة المنقول باريس سنة 1907 .
( [2166] ) عدل الفقهاء المحدثون فى مصر عن هذه العبارة إلى العبارة الآتية : " الحيازة فى المنقول سند الحائز " ، بدعوى أن الحيازة لا تكسب الملكية فحسب ، بل تكسب أيضاً حقوقاً عينية أخرى غير الملكية ، وكذلك تسقط التكاليف والقيود العينية فيكسب الحائز الملكية خالصة منها . وإذا كانت العبارة الأولى التى كانت مألوفة ناقصة على هذا الوجه ، فإن العبارة المستحدثة ناقصة أيضاً ، ولا تكون هذه العبارة كاملة إلا إذا قيل : الحيازة فى المنقول سند الحائز فى الملكية وفى الحقوق العينية الأخرى وفى إسقاط التكاليف والقيود العينية . أما إذا أريد الإيجاز والاقتصار على إبراز أظهر آثار الحيازة ، فإن العبارة التى كانت مألوفة قد أبرزت أظهر هذه الآثار وهو كسب ملكية المنقول ، حتى أن Bourjon وهو الذى استعار التقنين المدنى الفرنسى عبارته كما قدمنا يقول فى هذه العبارة la possession vaut titre de proprite .
( [2167] ) انظر بودرى وتيسييه فقرة 826 ص 654 وفقرة 829 ص 658 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 380 .
( [2168] ) يقول سالى فى هذا المعنى : " الحيازة غير العرضية التى يتلقاها الحائز ممن يعتقد أنه المالك تعدل السند الذى يصدر من المالك نفسه " ( سالى فى رسالته فى التصرف فى القيم المنقولة سنة 1883 فقرة 92 ) .
( [2169] ) انظر فى أن القاعدة لم تكن موجودة فى القانون الرومانى عبد الفتاح عبد الباقى رسالته فى دور الحيازة فى المنقول ص 19 - ص 34 .
( [2170] ) وكان أصل هذه القاعدة أن القوانين القديمة ، قبل أن تعرف عقود الوديعة والرهن والعارية ، كانت تقضى بأن المالك ينقل ملكية الشئ إلى من يريد أن ينقل إليه حيازته على سبيل الوديعة أو الرهن أو العارية ، على أن يلتزم الحائز التزاماَ شخصياً برد الشئ إلى المالك . فكان المالك إذا تجرد من حيازة الشئ تجرد أيضاً من ملكيته ، وتجرد تبعاً لذلك من دعوى الاستحقاق . وبقى متجرداً من دعوى الاستحقاق حتى بعد أن عرفت القوانين القديمة عقود الوديعة والرهن والعارية ، وبالرغم من أن هذه العقود لا تنقل الملكية ، وعلل الفقهاء القدماء ذلك بأنه جزاء على عدم حيطة المالك فى تسليمه ملكه إلى من بدده بالتصرف فيه ، فوضع ثقته فيمن لا يستحقها ( انظر مازو فقر ة 1521 ) .
( [2171] ) انظر فى ذلك بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3389 - فقرة 3391 - عبد الفتاح عبد الباقى فى رسالته فى دور الحيازة فى المنقول ص 41 - ص 69 .
( [2172] ) وتحورت القاعدة التى كانت تقضى بأن المنقول ليس فيه حق التتبع إلى معنى آخر ، فأصبحت تقضى بأن المنقول ليس فيه حق التتبع عن طريق الرهن الرسمى meubles n'ont pas de sutie par hyfotheque ، أى أن المنقول لا يصح أن يكون محلاً للرهن الرسمى فلا يترتب هذا الرهن إلا على العقار . انظر مازو فقرة 1522 ص 1222 - مارتى ورينو فقرة 390 ص 378 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3392 - فقرة 3394 - عبد الفتاح عبد الباقى فى رسالته فى دور الحيازة فى المنقول ص 70 - ص 78 .
( [2173] ) عنوانه " القانون العام فى فرنسا " ( La droit commun de la France ) .
( [2174] ) انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 369 وهامش 2 - مازو فقرة 1532 - مارتى ورينو فقرة 390 ص 378 – ص 379 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3398 - فقرة 3400 - وانظر فى أن بوتييه لم يقرر ، كما قرر بورجون ، قاعدة تملك المنقول بالحيازة باعتبارها قاعدة مسلماً بها فى القانون الفرنسى القديم ، بل كان يجعل لمالك المنقول رفع دعوى الاستحقاق على الحائز ولو كان حسن النية إلا فى حالة سرقة ، وفى الخلاف بين ما قرره بوتييه وما قرره بورجون فى هذا الشأن ، وفى أن المادة 2279 مدنى فرنسى اقتبست مما كتبه بورجون لا مما كتبه بوتييه : بودرى وتيسييه فقرة 822 - 826 .
( [2175] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 369 ص 366 .
( [2176] ) انظر ما قاله Bigot de Preamneu فى هذا المعنى فى Jenet 15 ص 600 .
( [2177] ) انظر فى الأصل التاريخى لقاعدة تملك المنقول بالحيازة أوبرى ورو 2 فقرة 183 ص 144 هامش 2 - بودرى وتيسييه فقرة 817 - فقرة 826 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 368 فقرة 369 - مارتى ورينو فقرة 390 - عبد الفتاح عبد الباقى فى رسالته فى دور الحيازة فى المنقول ص 15 - ص 110 .
( [2178] ) انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 373 ص 370 - مازو فقرة 1524 - وانظر فى التقنين المدنى الألمانى المادتين 932 و 1006 - وفى التقنين المدنى السويسرى المادتين 930 و 933 .
( [2179] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 374 - أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Revendieatoin فقرة 101 - عبد الفتاح عبد الباقى فى رسالته فى دور الحيازة فى المنقول ص 151 - ص 154 .
( [2180] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 375 .
( [2181] ) كاربونييه ص 260 .
( [2182] ) بودرى وتيسييه فقرة 850 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 376 ص 373 .
( [2183] ) بودرى وتيسييه فقرة 850 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 376 ص 373 .
( [2184] ) انظر آنفاً فقرة 261 وفقرة 271 .
( [2185] ) نقض فرنسى 21 فبراير سنة 1956 داللوز 1956 - 287 - 20 يونيه سنة 1961 H J . C . P . 12352 .
( [2186] ) استئناف مختلط 23 مارس سنة 1926 م 38 ص 301 - نقض فرنسى 24 يونيه 1912 داللوز 1914 - 1 - 36 - 24 أكتوبر سنة 1923 سيريه 1924 - 1 - 121 .
( [2187] ) نقض فرنسى 12 مارس سنة 1918 داللوز 1921 - 1 - 148 .
( [2188] ) نقض فرنسى 27 مارس سنة 1890 داللوز 90 - 1 - 413 - 15 أبريل سنة 1890 داللوز 91 - 1 - 388 .
( [2189] ) نقض فرنسى 21 يونيه سنة 1911 سيريه 1912 - 1 - 8 .
( [2190] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 377 ص 375 .
( [2191] ) بودرى وتيسييه فقرة 855 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 378 ص 376 - ص 377 - وانظر عكس ذلك أوبرى ورو 2 فقرة 183 هامش 26 .
( [2192] ) ولكن الدعوى الشخصية تعرض مدعى الاستحقاق لأن يزاحمه سائر دائنى الحائز ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 378 ص 377 ) . وإلى جانب هذه الميزة لدعوى الاستحقاق على الدعوى الشخصية توجد ميزات أخرى : ( أ ) قد تكون الدعوى الشخصية سقطت بالتقادم ، فلا يكون أمام المالك فى هذه الحالة إلا دعوى الاستحقاق وهى لا تسقط بالتقادم . ( ب ) قد يكون المنقول سلم بعقد لناقص الأهلية ، فإذا أبطل العقد لم يعد للمالك إلا دعوى الاستحقاق . ( ج ) قد يكون المنقول أوصى برقبته لشخص وبحق الانتفاع فيه لشخص آخر ، ويضع صاحب حق الانتفاع يده على المنقول باعتباره ملكاً له انتفاعاً ورقبة ، فلا يستطيع مالك الرقبة إلا أن يرفع دعوى الاستحقاق فى هذه الحالة ، إذ لا توجد رابطة شخصية تربطه بصاحب حق الانتفاع حتى يجوز له رفع الدعوى الشخصية . انظر فى ذلك كولان وكابيتان ودى لامورانديير فقرة 1217 ص 993 .
( [2193] ) ولا يكلف الحائز إقامة الدليل على التصرف القانونى الذى يدعى أنه نقل إليه الملكية من المورث ، كبيع أو هبة . ويعتبر الحائز كأنه تلقى الملكية من المورث بالبيع الذى يدعيه أو بالهبة التى يدعيها ، وتسرى عليه أحكام البيع أو الهبة ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 379 - تعليق بلانيول فى داللوز 1904 - 2 - 289 ) .
( [2194] ) انظر فى تفصيل هذه المسألة عبد الفتاح عبد الباقى رسالته فى دور الحيازة فى المنقول ص - 493 - ص 570 - قارن شفيق شحاتة فقرة 219 - محمد على عرفة 2 فقرة 111 - فقرة 112 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 439 - ويلاحظ أنه إذا لم ينجح الطعن فى حيازة الحائز وبقيت الحيازة محتفظة بقيمتها فإنه يفترض أن لدى الحائز سنداً نقل إليه الملكية من مدعى الاستحقاق ( بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3436 - أنسيكلوبدى داللوز 4 لفظ Revendication فقرة 102 ) . ولا يكلف الحائز إثبات وجود هذا السند ، ولكن يجب على الأقل أن يبين على وجه التحقيق ما هو السند الذى يتمسك به ، وذلك حتى يتيس لمدعى الاستحقاق أن يقدم الدليل العكسى لنفى هذا السند ( أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Revendication فقرة 105 ) .
( [2195] ) وهو يختلف عن الدور الأول ، كما رأينا ، فى أمرين : أولهما أن الحائز فى الدور الثانى يتلقى الحيازة من غير الملاك ويتلقاها فى الدور الأول من المالك ، والأمر الثانى أن الحائز فى الدور الثانى يجب أن يكون حسن النية ولا يشترط حسن النية فى الدور الأول .
( [2196] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " يشترط فى تملك المنقول بالحيازة ما يأتى : ( أ ) أن يكون الشئ منقولاً أو حقاً عينياً على منقول كرهن حيازة أو سند لحامله وهو منقول معنوى تجسد فأخذ حكم المنقول المادى . ( ب ) أن تكون هناك حيازة متوافرة الشروط . ( ج ) أن تكون الحيازة مقترنة بحسن النية ، وحسن النية مفروض كما هى القاعدة . ( د ) أن تستند الحيازة إلى سبب صحيح ، والسبب الصحيح يفرض هنا بخلاف السبب الصحيح فى التقادم . فمجرد الحيازة إذن يفرض معها حسن النية والسبب الصحيح ، حتى يقوم الدليل العكسى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 514 ) .
( [2197] ) انظر الوسيط 8 فقرة 26 - فقرة 27 .
( [2198] ) الوسيط 8 فقرة 224 - أوبرى ورو 2 فقرة 183 ص 156 - ص 157 - بودرى وتيسييه فقرة 743 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 370 ص 367 . عبد المنعم فرج الصدة فقرة 442 ص 678 - ص 679 - ونرى من ذلك أن القاعدة لا تنطبق على الملكية الأدبية والفنية والصناعية والتجارية لأنها تقع على شئ غير مادى ( نقض مدنى 12 مايو سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 151 ص 1114 - نقض فرنسى 26 فبراير سنة 1919 داللوز 1923 - 1 - 215 ) .
( [2199] ) نقض مدنى 16 ديسمبر سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 78 ص 215 - استئناف مختلط أول مايو سنة 1948 م 60 ص 1 .
( [2200] ) الوسيط 8 فقرة 54 ص 119 وفقرة 57 ص 126 .
( [2201] ) انظر فى عدم انطباق القاعدة على رسالة كتبها موليير بخطه autographe he de Moliere وتملكها المكتبة الملكية بباريس : باريس 3 يناير سنة 1846 جاللوز 46 - 2 - 212 - وعلى منقولات تؤثث أماكن للعبادة : روان 13 نوفمبر سنة 1961 جازى دى باليه 19662 1 - 99 . وقد سبق أن قررنا فى الجزء الثامن من الوسيط : " وكما لا يجوز تملك الشئ العام بالتقادم ، كذلك لا يجوز تملكه إذا كان منقولاً بالحيازة . وعلى هذا يجوز للشخص الإدارى أن يسترد الشئ العام المنقول من تحت يد حائزه ، ولو كان هذا الحائز حسنا النية ، وإذا كان الشئ العام المنقول لقد سرق أو ضاع ثم اشتراه شخص حسن النية ، فإن الشخص الإدارى يستطيع أن يسترده منه ولا يلتزم برد الثمن إليه إذا كان المشترى قد اشترى المنقول المسروق أو الضائع فى سوق عامة أو من ت اجر يتعامل فى مثل هذا المنقول " ( الوسيط 8 فقرة 86 ص 153 ) .
( [2202] ) انظر القانون رقم 84 لسنة 1949 بشأن تسجيل السف التجارية والقانون رقم 35 لسنة 1951 بشأن حقوق الامتياز والرهون البحرية ، والمشروع الجديد للقانون البحرى ، واتفاقيه شيكاجو المبرمة فى 7 ديسمبر سنة 1944 وقد ارتبطت مصر بأحكامها ومن هذه الأحكام إخضاع الطائرات لإجراء التسجيل على النحو المقرر بالنسبة إلى السف – وانظر الوسيط 8 فقرة 28 . ولكن هذه المنقولات ذات الطبيعة الخاصة الخاضعة للقيد لا تعتبر عقاراً بل منقولاً ، ومن ثم لا تخضع للتقادم المكسب القصير ، وإنما تخضع للتقادم المكسب الطويل ( بودرى وتيسييه فقرة 845 ) .
ولا تخضع الثمار ، وإن كانت منقولاً ، لقاعدة تملك المنقول بالحيازة . فإنها ، وإن كانت نهى الأخرى تملك بالحيازة أى بالقبض ، إلا أنها تسرى عليها أحكام قاعدة أخرى غير القاعدة التى تقضى بأن الحيازة فى المنقول سند الملكية ، وسيأتى بيان ذلك ( انظر م 978 مدنى ) .
( [2203] ) استئناف مختلط 3 مايو سنة 1917 م 29 ص 399 .
( [2204] ) وهناك رأى يذهب إلى عدم انطباق القاعدة على المنقولات التابعة لعقار حتى لو لم يكن هذه المنقولات عقاراً بالتخصيص ، كمنزل يباع بالأُثاث الذى فيه ، فإن المالك الحقيقى للمنزل والأثاث يستطيع أن يسترد من الحائز حسن النية المنزل والأثاث جميعاً ( كولان وكابيتنان ودى لامورانديير 1 فقرة 1214 ص 989 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 370 ص 367 هامش 3 ) . وقد ساد هذا الرأى فى الفقه المصرى ( محمد كامل مرسى 4 فقرة 408 - محمد على عرفة 2 فقرة 114 ص 210 - عبد المنعم البدراوى فقرة 543 ص 589 - ص 590 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 442 ص 681 ) . ولكن لو باع مالك العقار عقاره وفيه منقولات غير مملوكة له ، فإن المشترى حسن النية يملك هذه المنقولات بالحيازة ( منصور مصطفى منصور فقرة 185 ص 439 هامش 3 ) .
( [2205] ) بودرى وتيسييه فقرة 846 ص 675 - أما المنقول بحسب المال فالأمر فيه يختلف ، فإنه وقت أن يشتريه شخص حسن النية يكون عقاراً يستطيع المشترى أن يتحرى عن مالكه . فإذا اشترى شخص أشجاراً على أن تقطع وتسلم إليه ، أو اشترى منزلاً على أن يهدم ويستلم إليه أنقاضاً ، فهناك خلاف فيما إذا كانت قاعدة تملك المنقول بالحيازة تنطبق فى هذا الحالة . انظر فى انطباقها بودرى وتيسييه فقرة 846 ، وانظر فى عدم انطباقها Rodiere فى مجلة التشريع 42 ص 321 . ونميل إلى الأخذ بالرأى الثانى ، وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المشترى لسقف قديم قبل أن يفصل عن البناء الذى هو فيه ليس له أن يتمسك بالقاعدة ( استئناف مختلط 14 فبراير سنة 1918 م 30 ص 220 ) .
( [2206] ) أوبرى ورو 2 فقرة 183 ص 155 - بودرى وتيسييه فقرة 840 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 370 ص 366 - نقض فرنسى 4 نوفمبر سنة 1902 داللوز 1903 1 - 44 - 25 نوفمبر سنة 1929 داللوز الأسبوعى 1930 - 3 - 16 مارس سنة 1930 داللوز الأسبوعى 1930 - 412 .
( [2207] ) ؟؟؟؟؟؟؟
( [2208] ) ؟؟؟؟؟؟؟
( [2209] ) أوبرى ورو 2 فقرة 183 ص 155 - بودرى وتيسييه فقرة 839 .
( [2210] ) انظر آنفاً فقرة 435 .
( [2211] ) بودرى وتيسييه فقرة 841 .
( [2212] ) بودرى وتيسييه فقرة 841 ص 672 هامش 2 .
( [2213] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 371 ص 368 .
( [2214] ) بودرى وتيسييه فقرة 842 .
( [2215] ) استئناف مختلط 22 مايو سنة 1901 م 13 ص 327 - 14 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 295 - 17 ديسمبر سنة 1924 م 37 ص 82 - 10 يناير سنة 1933 المحاماة 14 رقم 275 ص 540 - وللدائن المرتهن حسن النية أن يحتج برهنه على الدائن صاحب الامتياز كالمستأجر ( استئناف مختلط 12 مايو سنة 1926 م 38 ص 405 ) وكالبائع ( استئناف مختلط 25 مارس سنة 1930 م 42 ص 380 ) .
( [2216] ) بودرى وتيسييه فقرة 868 .
( [2217] ) ويذهب رأى على أن المصدر المباشر هنا هو النص ، " وإذا كان المشرع يقرر الامتياز على منقولات غير مملوكة بشروط خاصة ، فهى ليست شروط قاعدة الحيازة ، لأن حيازة المنقول محل الامتياز لا تكون للمؤجر أو صاحب الفندق بل للمستأجر أو النزيل ، كما أن هذه الحيازة لا تستند إلى سبب صحيح " ( منصور مصطفى منصور فقرة 185 ص 442 - ص 443 - وقرب عبد التفاح عبد الباقى ص 474 هامش 1 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 443 ص 682 ) . وإذا صح أن المصدر المباشر لحق الامتياز هو النص ، فإن النص فيما نحن بصدده إنما هو تطبيق لقاعدة الحيازة . إذ الأصل أن الامتياز لا يثبت إلا على منقول مملوك للمدين ، فأثبته النص هنا على منقول غير مملوك للمدين ، وراعى فى ذلك توافر شوط قاعدة الحيازة . أما السبب الصحيح فموجود ، غذ أن امتياز المؤجر أو صاحب الفندق إنما يقوم على رهن ضمنى ، فإذا وقع هذا الرهن الضمنى على منقول غير مملوك للمدين اعتبر ، سبباً صحيحاً .
( [2218] ) انظر آنفاً فقرة 437 .
( [2219] ) انظر عكس ذلك منصور مصطفى منصور فقرة 185 ص 441 - حسن كيرة ص 115 .
( [2220] ) لوران 32 فقرة 555 - جيوار فقرة 861 - فقرة 862 - ترولون فقرة 1062 - فقرة 1063 - بودرى وتيسييه فقرة 849 ص 678 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 376 ص 373 - شفيق شحاتة فقرة 215 - ومع ذلك قضت محكمة النقض بأن الحيازة لا تعتبر سنداً للملك فى المنقول إلا إذا كانت فعلية بنية التملك ، بريئة من شائبة الغموض واللبس . وهى لا تكون فعلية إلا إذا ترتب عليها وجود الشئ المحوز فى مكنة الحائزة وتحت تصرفه ، ولا تكون بنية التملك إلا إذا كان الحائز أصلاً يحوز لنفسه لا لغيره ، ولا تكون بريئة من اللبس والغموض إلا حيث تخلص ليد واحدة لا تخالطها سواها مخالطة تثير الشك فى انفرادها بالتسلط على الشئ والتصرف فيه . ومفتاح الخزانة يشبه تذكرة النقل ، من حيث إن كلاً منهما يجعل حامله حائزاً حيازة رمزية لمنقول ليس فى يده فعلا . وتشابه الحالتين يجعل قياس إحدى الحالتين على الأخرى قياساً سليماً لا يقدح فيه اختلافهما فى وجوه أخرى ، إذ ليس شرطاً لصحة القياس أن يتفق المقيس والمقيس عليه من جميع الوجوه ( نقض مدنى 30 يناير سنة 1947 المحاماة 28 رقم 28 ص 44 ) . وانظر فى معنى هذا الحكم : محمد على عرفة 2 فقرة 116 ص 211 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 445 ص 683 .
كذلك يعتد بالحيازة الحكمية فتنقل الملكية ، كما إذا اشترى مستأجر المنقول هذا المنقول من المؤجر غير المالك ، وبقى المستأجر واضعاً يده على المنقول ولكن على اعتبار أنه مشتر لا مستأجر ( عبد الفتاح عبد الباقى رسالته فى دور الحيازة فى المنقول ص 202 - عبد المنعم البدراوى فقرة 543 ص 589 هامش 1 ) .
( [2221] ) بودرى وتيسييه فقرة 849 ص 677 .
( [2222] ) نقض مدنى 30 يناير سنة 1947 المحاماة 28 رقم 28 ص 44 .
( [2223] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 381 ص 380 - مازو فقرة 1531 - وقارن مارتى ورينو فقرة 393 ص 384 .
( [2224] ) ومع ذلك انظر فى وجوب اشتراط السبب الصحيح فى القانون الفرنسى عبد الفتاح عبد الباقى رسالته فى دور الحيازة فى المنقول ص 254 ص 289 .
( [2225] ) بودرى وتيسييه فقرة 877 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 382 - مازو فقرة 1536 ( فيما يتعلق بالسند الباطل بطلاناً مطلقاً لخالفته للقانون أو للآداب ) .
( [2226] ) ولكن يستطيع المالك الحقيقى أن يستعمل دعوى من تصرف فى المنقول للحائز ، إذا كان هذا الأخير مديناً له بسبب انتزاعه الحيازة منه ، فيطلب إبطال التصرف . فيرد الحائز المنقول للمتصرف ، فيسترده من المتصرف المالك الحقيقى . على أن المالك الحقيقى قد لا ينجح فى هذه الدعوى غير المباشرة . ويتحقق ذلك إذا زال سبب الإبطال بالإجازة مثلاً أو بالتقادم ، أو إذا دفع الحائز الدعوى بدفع من الدفوع التى كان المتصرف يستطيع أن يدفع بها . وحتى إذا نجح المالك الحقيقى فى الدعوى غير المباشرة ، فإن سائر دائنى المتصرف يزاحمونه طبقاً للقواعد المقررة فى الدعوى غير المباشرة ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 382 ص 382 ) .
( [2227] ) انظر آنفاً فقرة 435 .
( [2228] ) انظر أيضاً فى التقنين المدنى السابق المواد 46 / 68 و 607 / 733 و 608 / 734 آنفاً ص 1115 هامش 1 .
( [2229] ) انظر آنفاً فقرة 420 وما بعدها .
( [2230] ) أما الميراث فليس بتصرف قانونى بل هو واقعة مادية ، ومن ثم لا يصلح سبباً صحيحاً ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1926 م 38 ص 301 ) .
( [2231] ) استئناف مختلط 13 نوفمبر سنة 1889 م 2 ص 8 - 21 يناير سنة 1914 م 26 ص 164 - 23 مارس سنة 1926 م 38 ص 302 - أول مارس سنة 1949 م 61 ص 77 .
( [2232] ) انظر آنفاً فقرة 421 - فقرة 422 .
( [2233] ) وقد قضى بأن من رسا عليه مزاد المحصول المحجوز عليه ، وتسلمه بعد فصله من الأرض ، له أن يتمسك بقاعدة تملك المنقول بالحيازة ضد المشترى الذى باع له المدين هذا المحصول ( استئناف مختلط 10 مايو سنة 1927 م 39 ص 450 ) . وانظر أيضاً استئناف مختلط 22 ابريل سنة 1930 م 42 ص 430 - بنى سويف الكلية 17 أغسطس سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 99 ص 265 - قنا الجزئية 16 يناير سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 59 ص 122 .
( [2234] ) انظر آنفاً فقرة 424 .
( [2235] ) انظر آنفاً فقرة 427 - شفيق شحاتة فقرة 218 ص 224 .
( [2236] ) انتظر آنفاً فقرة 425 .
( [2237] ) انظر آنفاً فقرة 426 - وإذا كان التصرف القانونى معلقاً على شرط وقف ولم يتحقق الشرط ، انعدم التصرف القانونى واعتبر كأن لم يكن ، ومن ثم لا يمكن اعتباره سبباً صحيحاً ، وكذلك يكون الحكم فيما إذا كان التصرف القانونى معلقاً على شرط فاسخ وتحقق الشرط ( انظر آنفاً فقرة 426 ) .
( [2238] ) انظر آنفاً فقرة 428 .
( [2239] ) انظر آنفاً فقرة 429 .
( [2240] ) انظر آنفاً فقرة 435 .
( [2241] ) انظر آنفاً فقرة 435 .
( [2242] ) انظر آنفاً فقرة 420 .
( [2243] ) بودرى وتيسييه فقرة 873 ص 695 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 381 ص 381 .
( [2244] ) استئناف مختلط 18 يونيه سنة 1929 م 41 ص 456 - 7 يناير سنة 1936 48 ص 69 - شفيق شحاتة فقرة 217 ص 224 .
( [2245] ) بودرى وتيسييه فقرة 873 .
( [2246] ) انظر آنفاً فقرة 431 .
( [2247] ) انظر فى كل ذلك آنفاً فقرة 432 - وانظر بودرى وتيسييه فقرة 873 ص 696 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 381 ص 381 - وانظر حكماً لمحكمة النقض أفسحت فيه المحكمة مجالاً لقاعدة تملك المنقول بالحيازة فى حين أن السند صادر من ناظر الوقف مجاوزاً فيه الحدود التى عينها له القاضى الشرعى : نقض مدنى 4 فبراير سنة 1954 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 586 رقم 2 . ولا نرى فى هذه الحالة محلاً لإثارة قاعدة تملك المنقول بالحيازة ، لأن هذه القاعدة تفترض أن السند قد صدر من غير مالك ، وإنما يجب تطبيق القواعد العامة .
( [2248] ) انظر آنفاً فقرة 435 .
( [2249] ) انظر آنفاً فقرة 433 .
( [2250] ) وقد قضى بأنه يشترط أن يكون المشترى حسن النية فى الوقت الذى يحوز فيه المنقول بالفعل ، لا وقت الشراء ، لأن سند ملكية المشترى ليس هو الشراء بل هى الحيازة ، فيجب توافر حسن النية عند بدء الحيازة ( استئناف مختلط 3 مايو سنة 1917 م 29 ص 399 ) - وإذا كان الحائز حسن النية وقت بدء الحيازة ، تملك المنقول ، ولا يهم أن يصبح سيئ النية بعد ذلك . فإذا علم بعد لحظة واحدة من حيازته للمنقول أن المتصرف غير مالك له ، فإن هذا العلم لا يؤثر فى ملكيته للمنقول بعد أن تملكه بالحيازة ( بودرى وتيسييه فقرة 784 ص 697 ) . وانظر عكس ذلك وأن الحائز يعتبر سيئ النية ويكون مسئولاً جنائياً فى حكمين من محكمة النقض الفرنسية الدائرة الجنائية ( 18 يونيه سنة 1936 سيريه 1937 - 1 - 193 - 7 يوليه سنة 1944 Sem . Jur . الأسبوع القضائى 1947 II 3410 ) ، وانظر نقداَ لهذين الحكمين الشاذين فى مازو فقرة 1535 ، وانظر أيضاً مارتى ورينو فقرة 394 ص 385 .
( [2251] ) قارن شفيق شحاتة فقرة 218 ص 225 .
( [2252] ) وفى فرنسا حيث لا يوجد نص صريح فى تحديد الوقت الذى يجب توافر حسن النية فيه قام خلاف فى الرأى ما بين وقت تلقى الحق ووقت بدء الحيازة . انظر فى هذا الخلاف بودرى وتيسييه فقرة 874 . وانظر فى أن الوقت الذى يعتد به هو وقت بدء الحيازة : بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 381 ص 380 - ص 381 - نقض فرنسى 21 نوفمبر سنة 1927 داللوز 1927 - 1 - 172 - وانظر فى أن يكون الحائز حسن النية فى وقت تلقى الحق وفى وقت بدء الحيازة بودرى وتيسييه فقرة 874 ص 697 - مارتى ورينو فقرة 394 ص 385 - نقض فرنسى 7 يناير سنة 1953 III Bull . Civ . 8 .
( [2253] ) انظر آنفاً فقرة 435 .
( [2254] ) استئناف وطنى 3 مايو سنة 1915 الشرائع 2 رقم 287 ص 270 - استئناف مختلط 9 مايو سنة 1900 م 12 ص 244 - 20 مايو سنة 1919 م 31 ص 304 - 23 مارس سنة 1920 م 32 ص 218 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 447 ص 688 .
( [2255] ) نقض مدنى 26 نوفمبر سنة 1953 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 586 رقم 4 ورقم 5 - استئناف مختلط 20 مايو سنة 1930 م 42 ص 510 .
( [2256] ) انظر آنفاً فقرة 434 .
( [2257] ) استئناف مختلط 14 مايو سنة 1902 م 14 ص 293 - 31 ديسمبر سنة 1908 م 21 ص 106 - 12 يونيه سنة 1917 م 29 ص 493 - 20 مايو سنة 1930 م 42 ص 510 .
( [2258] ) بودرى وتيسييه فقرة 873 ص 696 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 381 - كاربونييه ص 255 .
( [2259] ) بودرى وتيسييه فقرة 879 . بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 384 .
( [2260] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 384 .
( [2261] ) بودرى وتيسييه فقرة 879 .
( [2262] ) بودرى وتيسييه فقرة 880 .
( [2263] ) ديمولومب 9 فقرة 622 - ماركادية المادة 2279 فقرة 1 - Leger فى النظرية العامة فى التقادم المسقط رسالة سنة 1897 ص 325 وما بعدها .
( [2264] ) انظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 386 .
( [2265] ) وانظر أيضاً بلانيول الطبعة الثانية فقرة 1146 - جيوار 2 فقرة 818 - فقرة 819 - هيك 14 فقرة 505 .
( [2266] ) أوبرى ورو 2 فقرة 183 ص 144 - ص 147 وتعليق بارتان فى ص 146 هامش 3 .
( [2267] ) ومع ذلك فهناك أحكام قديمة لمحكمة الاستئناف المختلطة تقضى بأن القرينة قابلة لإثبات العكس بجميع طرق الإثبات ، حتى بالقرائن المضادة ( استئناف مختلط 2 يناير سنة 1895 م 7 ص 61 - 9 يونيه سنة 1898 م 10 ص 320 - 12 يونيه سنة 1917 م 29 ص 493 ) .
( [2268] ) انظر الوسيط 2 فقرة 328 - فقرة 337 .
( [2269] ) وقد سبق أن قررنا فى هذا الصدد ، فى الجزء الثانى من الوسيط عند الكلام فى الإثبات ، ما يأتى : " فالحيازة فى المنقول قاعدة موضوعية إجبارية ، لا قرينة قانونية قاطعة فقد رأى المشرع أن يحمى حائز المنقول حسن النية بسلاح أقوى من سلاح القرينة القانونية ولو كانت قاطعة . ومن ثم أصبح من يحوز المنقول وهو حسن النية ، بفضل هذه القاعدة الموضعية مالكاً له . وأصبحت ملكيته ثابتة مستقرة ، لا يزعزعها حتى الإقرار أو اليمين . أراد المشرع أن يستقر التعامل فى المنقول ، وتلك اعتبارات عليا يستقل بتقديرها ، ويملك زمانها ، فيضع من القواعد ما يراه مناسباً لحماية الأوضاع القانونية المختلفة ، تارة يكتفى بقرينة قانونية غير قاطعة ، وطوداً يجعل القرينة القانونية قاطعة ، وأخرى يرتفع من نطاق القرائن وقاعد الإثبات ، ويرى أن الحماية المناسبة هى قاعدة موضوعية لا تقبل النقض بحال من الأحوال . هذا هو التدرج فى الحماية ، درجة فوق درجة ، يؤتيها المشرع من يشاء كما يشاء ، وهو فى كل ذلك يتوخى أن يكون لكل وضع قانونى الحماية التى تناسبه " ( الوسيط 2 فقرة 337 ص 622 - ص 623 ) .
( [2270] ) وكيف يتأتى أن تكون الحيازة قرينة على الملكية فى هذه الحالة ، مع أن الثابت أن الحائز قد تلقى المنقول من غير المالك ، وكيف تقوم الحيازة قرينة على أمر قد ثبت عكسه . إذ لا يمكن أن يكون الحائز قد تلقى الملكية من غير المالك ( انظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 388 ص 388 ) .
( [2271] ) انظر فى ذلك آنفاً فقرة 437 - وانظر فى تفنيد نظرية أن الحيازة قرينة قاطعة على الملكية بودرى وتيسييه فقرة 833 ص 664 .
( [2272] ) ولا نرى فرقاً بين القول بأن الحيازة هى ذاتها سبب لكسب ملكية المنقول ، والقول بأن الحائز أصبح مالكاً للمنقول بحكم القانون ، إذ القانون هو الذى جعل الحيازة سبباً لكسب ملكية المنقول ، كما جعل العقد والعمل غير المشروع والإثراء بلا سبب مصادر للالتزام . وفى رأينا أن الذين يقولون بأن الحائز أصبح مالكاً للمنقول بحكم القانون ، إنما يقصدون القول بأن القانون جعل الحيازة سبباً لكسب ملكية المنقول ( قارن مع ذلك مازو فقرة 1540 ) .
( [2273] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 387 .
( [2274] ) انظر شفيق شحاتة فقرة 321 - محمد عبدالمنعم عرفة 2 فقرة 108 - عبد المنعم البدراوي فقرة 542 ص 587 - إسماعيل غنم ص 133 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 440 ص 677 - منصور مصطفي منصور فقرة 184 ص 437 - حسن كيرة ص 113 - وقارن محمد كامل مرسي 4 فقرة 395 .
( [2275] ) أنظر كولميه دي سانتير 8 فقرة 387 مكررة – لوران 32 فرة 542 - ديرانتون 21 فقرة 97 - ترولون فقرة 1052 وما بعدها – بفنوار ص 353 وما بعدها .
( [2276] ) بودري وتيسييه فقرة 831 وفقرة 833 - بلانيول وريبير وبيكار فقرة 388 - كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1211 .
( [2277] ) وعلى ذلك يصبح الحائز مالكاً دون حاجة إلى التمسك بالقاعدة ، بل حتى لو رفض التمسك بها ، فتقضي له المحكمة بالملكية من تلقاء نفسها . وهذا بخلاف التملك بالتقادم حيث يجب التمسك بالتقادم ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وتكون ملكية الحائز للمنقول ملكية غير قابلة للنقض ، حتى لو أصبح سئ النية بعد الحيازة ، كما سبق القول . وإذا أراد أن يرد المنقول إلى مالكه السابق ، فإنما يكون ذلك عن طريق الهبة ، أي بعقد جديد نقل الملكية من الحائز إلى المالك السابق ( انظر مازو فقرة 1538 ) .
( [2278] ) انظر بودري وتيسييه فقرة 381 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 388 ص 388 .
( [2279] ) انظر آنفاً فقرة 446 وانظر الفقرة الثانية من المادة 976 مدني آنفاً فقرة 435 - وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " والحيازة لا تكسب المنقول فحسب ، بل هي أيضاً تزيل للتكاليف والقيود العينية التي تنقل المنقول . فلو وضع الحائز يده على منقول وهو مرهون حيازة ، ملكه في الحال خالصاص من الرهن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 514 ) .
( [2280] ) وهنا قد ترتب الأثران المكسب والمسقط معاً ، وقد يترتب الأثر المسقط وحده فيما إذا تلقى الحائز حسن النية المنقول المرهون من المالك على انه خال من الرهن ، فيسقط الرهن بفضل الأثر المسقط . ويكون السبب الصحيح هنا تصرفاً صادراً من المالك لم يذكر فيه ما يثقل العين من رهن ( إسماعيل غانم ص 138 - ص 139 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 453 ص 692 - منصور مصطفي منصور فقرة 186 ص 446 - حسن كيرة ص 119 - ص 1231 ) –وإذا رهن المالك المنقول ثم اغتصبه أو اختلسه من الدائن المرتهن ، وباعه لمن حازه بحسن نية على أنه خال من الرهن ، فأن عمل المالك ينطوي على ضرب من السرقة هو " سرقة الضمان " ( vol de gage ) فيستطيع الدائن المرتهن أن يسترد المنقول باعتباره دائناً مرتهناً له رهن حيازة في ظرف ثلاث سنوات من وقت خروج المنقول من حيازة ( محمد كامل مرسي 2 فقرة 447 - إسماعيل غانم ص 139 - منصور مصطفي منصور فقرة 187 ص 450 - وانظر عكس ذلك محمد على عرفة 2 فقرة 120 ص 219 ) .
( [2281] ) انظر أيضاً ، فيما يتعلق بزوال حق الامتياز بفضل الأثر المسقط 2 المادة 1133 / 1 و 2 مدني والمادة 1145 / 1 مدني –وانظر بودري وتيسييه فقرة 879 .
( [2282] ) والقائلون بأن البيع الوارد على خلاف الشرط المانع ليس بباطل يخلصون من ذلك بأن البيع يصلح أن يكون سبباً صحيحاً ، ويعملون الأثر المسقط لقاعدة الحيازة ، فتنتقل ملكية المنقول إلى الحائز خالصة من تكاليف منع التصرف ( عبد المنعم البدراوي فقرة 547 وفقرة 77 ص 99 - إسماعيل غانم ص 139 - ص 140 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 453 ص 693 - منصور مصطفي منصور فقرة 186 ص 447 - ص 448 - حسن كيرة ص 121 ) .
وانظر في إعمال الأثر المسقط قضية باع المالك فيها منقول وشرط الاحتفاظ بملكيته حتى يوفي إليه ثمنه كاملاً وأن له أن يسترد من تحت يده كائن من كان ، ووهب المشتري المنقول لزوجته فتملكته بالحيازة وهي حسن النية بالرغم من وجود هذا الشرط ( نقض مدني 4 فبراير سنة 1954 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 586 رقم 3 ) .
( [2283] ) أنظر آنفاً فقرة 435 .
( [2284] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 514 - وانظر في هذا المعنى جمال الدين زكي في رسالته في حسن النية في كسب الحقوق ص 257 - ص 258 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 437 - شفيق شحاتة فقرة 221 ص 229 - عبد المنعم البدراوي فقرة 546 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 435 ص 692 - منصور مصطفي منصور فقرة 186 .
( [2285] ) ومن أنصار هذه النظرية بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2822 وفقرة 2824 - مازو فقرة 1539 .
( [2286] ) أنظر آنفاَ فقرة 2 في الهامش .
( [2287] ) لذلك لا يخلو من الغرابة أن ينتقد أحد الفقهاء هذه العبارات فيقول : " ومن العسير علينا أن نفهم بالضبط الفكرة القانونية الكامنة وراء هذه العبارات المتناقصة ، إذ كيف يكون من الواضح أن الملكية التي انتقلت بحكم الحيازة هي هي لم تتغير ، وهي مع ذلك انتقلت خالصة من التكاليف العينية . ثم كيف يسوغ القول أن الملكية انتقلت بالحيازة ، مع أن القرض هو أن من تصرف في المنقول لم يكن مالكاً له حتى يستطيع أن ينقل ملكيته أليس من القواعد المنطقية المسلمة أن فاقد الشيء لا يعطيه ؟ فكيف يستطيع فاقد الملكية أن ينقلها إلى غيره ؟ " ( محمد على عرفة 2 فقرة 119 ص 215 - ص 216 ) . وقد سبق أن أوضحنا أن الذي ينقل الملكية ليس هو التصرف القانوني لأنه صادر من غير مالك ، بل هي الحيازة ذاتها ، وذلك بحكم القانون . ثم أن الحيازة تنقل نفس الملكية من المالك إلى الحائز ولكن دون استخلاف ، وهذا هو الذي يفسر أنها تنتقل غير مقيدة بالأعباء والتكاليف التي كانت تقيد المالك السابق ، لأن الحائز ليس بخلف لهذا المالك .
( [2288] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادتين 1428 و 1429 من المشروع التمهيدي وتطابق المادة 1428 الفقرة الأولي من المادة 977 مدني كما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد :أما المادة 1429 من المشروع التمهيدي فكانت تجري على الوجه الأتي : " ومع ذلك إذا كان من يوجد الشيء المسروق أو الضائع في حيازته قد اشتراه حسن نية في سوق أو مزاد علني أو اشتراه ممن يتجر في مثله ، جاز له أن يطلب الثمن الذي دفعه من يسترد هذا الشيء وذلك في ميعاد الثلاث السنوات المنصوص عليها في المادة السابقة " . وفي لجنة المراجعة أدمجت المادتان في مادة واحدة ، هي المادة 1052 في المشروع النهائي ، بعد أن عدلت الفقرة الثانية من هذه المادة على وجه جعلها مطابقة لما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق مجلس النواب عل النص تحت رقم 1049 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 977( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 512 - ص 515 ) .
( [2289] ) التقنين المدني السابق م 86 / 115 : يسقط المالك في الشيء المسروق أو الضائع بمضي ثلاث سنين م 87 / 116 :كل من اشتري مسروقاً أو ضائعاً في السوق العام أو ممن يتجر في مثل ذلك الشيء وهو يعتقد ملكية بائعه له ، يكون له الحق في طلب الثمن العه من مالك الشيء الطالب استرداده . ( أحكام التقنين المدني السابق تنفق في مجموعها مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .
( [2290] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 928 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 981 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي 1164 : استثناء من أحكام المادة السابقة ، يجوز لمالك المنقول ، إذا كان قد أضاعه أو خرج من يده بسرقة أو غصب أو خيانة أمانة ، أن يسترده ممن يكون حائزاً له بحسن نية وبسبب صحيح ، في خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة أو الغصب أو خيانة الأمانة ( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري من وجهين : ( 1 )جعل التقنين العراقي خيانة الأمانة في حكم الضياع أو السرقة أو الغصب ، أما التقنين المصري فيجري القاعدة العامة في حالة خيانة الأمانة ، بل إن هذه القاعدة لا تجري عادة إلا في هذه الحالة . ( 2 ) لم ينص التقنين العراقي على حق الحائز حسن النية ، الذي اشتري المنقول في سوق أو مزاد علني أو من يتجر في مثله ، في استرداد الثمن من المالك مع حبس المنقول حتى يستوفي منه هذا الثمن ، وقد نص التقنين المصري على ذلك ) .
( [2291] ) أنظر آنفاً فقرة 453 .
( [2292] ) فإذا كان المنقول أوراقاً نقدية billets de banque أو نقوداً معدنية especes ، وجب أن تتعين ذاتيتها على وجه ر يقبل الشك ( نقض فرنسي 25 نوفمبر سنة 1929 داللوز الأسبوعي 1930 - 3 - بلانيول وريبر وبيكار 3 فقرة 391 ص 390 هامش 5 ) .
( [2293] ) أوبري ورو 2 فقرة 183 ص 150 - وانظر هامش 9 في مناقشة الخلاف في شأن النصب وتغليب الرأي القائل بأن النصب لا يأخذ حكم السرقة بل حكم خيانة الأمانة ، وانظر محمد على عرفة 2 فقرة 125 ص 228 - ص 229 - إسماعيل غانم ص 137 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 456 - منصور مصطفي منصور فقرة 187 ص 449 - حسن كيرة ص 122 .
( [2294] ) استئناف مختلط 8 أبريل سنة 1914 م 26 ص 312 - 17 ديسمبر 1924 م 37 ص 82 - 12 مايو سنة 1926 م 38 ص 405 - 7 مارس سنة 1928 م 40 ص 223 - 26 يونيه سنة 1928 م 40 ص 461 - 4 فبراير سنة 1930 م 42 ص 249 - 10 يناير سنة 1933 م 45 ص 111 - 9 أبريل سنة 1935 م 47 ص 231 - 7 يناير سنة 1936 م 4869 - وانظر بودري وتيسييه فقرة 897 فقرة –بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 390 ص 389 .
( [2295] ) استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1900 م 12 ص 213 - 8 أبريل سنة 1914 م 26 ص 312 - 12 سنة 1926 م 38 ص 405 - 7 مارس سنة 1928 م 40 ص 223 - 26 يونيه سنة 1928 م 40 ص 461 - 4 فبراير سنة 1930 م 42 ص 249 - 7 يناير سنة 1936 م 48 ص 96 - وانظر أوبري ورو 2 فقرة 183 أوبري 2 فقرة 183 ص 149 - ص 150 هامش 8 و 9 –بودري وتيسييه فقرة 899 - بلانيول وربيير وبيكار 3 فقرة 390 ص 390 .
( [2296] ) اوبري درو 2 فقرة 183 ص 150 - ص 151 - بودري وتيسييه فقرة 900 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 390 ص 390 - ولكن إذا حكم ببراءة المتهم من السرقة ، فإن المنقول لا يعتبر مسروقاً ( باريس 19 يناير سنة 1933 جازيت دي باليه 1933 - 1 - 685 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 390 ص 390 هامش 2 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 446 - محمد على عرفة 2 فقرة 120 ص 218 - عبد المنعم البدراوي فقرة 549 ص 597 - إسماعيل غانم ص 137 عبد المنعم فرج الصدة فقرة 456 ص 696 - منصور مصطفي منصور فقرة 187 ص 448 - ص 449 - حسن كيرة ص 122 .
( [2297] ) ويلحق بحكم السرقة انتزاع المنقول بالقوة بواسطة قوات مسلحة غير شرعية تابعة لحكومة لم يتم الاعتراف بها دبلوماسيا كحكومة شرعية ( السين 12 ديسمبر سنة 1923 داللوز الأسبوعي 1924 ص 155 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 390 ص 390 ) .
( [2298] )أو في أثناء الحرب ( نقض فرنسي 14 ديسمبر سنة 1949 Bull . Civil 1949 - 362 - مازو فقرة 1552 ) - ولكن لا يعتبر شيئاً ضائعاً حيوان جامح ، ومن يكبح جماح حيوان لم تسر عليه أحكام الأشياء الضائعة ، وإنما يرجع بدعوى الفضالة على صاحب الحيوان . كذلك لا يعتبر حيواناً ضائعاً الدواجن والحيوانات الأليفة إذا ألفت الرجوع إلى المكان المخصص لها ، فمن يستولي عليها في فترة انطلاقها أو يستدرج حمام الأبراج بطرق تدليسية ليستولي عليها بعد في حكم السارق ( انظر آنفاً فقرة 12 في آخرها في الهامش ) .
( [2299] ) أوبري ورو 2 فقرة 183 ص 149 - بودري وتيسييه فقرة 899 - وريبير وبيكار 3 فقرة 390 - محمد على عرفة 2 فقرة 125 ص 229 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 456 ص 696 .
( [2300] ) ولا يطلب من المسترد أن يثبت ملكيته للمنقول المسروق أو الضائع ، بل يكفي أن يثبت أنه كان حائزا له وقت السرقة أو الضياع ، ويثبت فوق ذلك واقعة السرقة أو الضياع ويجوز له أن يثبت كل ذلك بجميع طرق الإثبات ، ويدخل الإثبات بالبينة أو القرائن لأنه إنما يثبت وقائع مادية ( بوديري وتيسييه فقرة 887 ) . والحكم الجنائي الصادر بالإدانة في سرقة المنقول له قوة مطلقة ، ويكون دليلا كافياً على واقعة السرقة ( مازو فقرة 1552 ) .
( [2301] ) بودري وتيسييه فقرة 887 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 391 - نقض فرنسي 28 مارس سنة 1888 دالوز 88 - 1 - 253 .
( 29 ) بلانيول وريبر وبيكار 3 فقرة 391 ص 391 - نقض فرنسي 5 مايو سنة 1874 سيريه 75 - 1 - 49 .
بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 391 ص 391 - نقض فرنسي 7 فبراير 1910 - 1 - 201 .
( [2303] )
( [2304] ) اوبري ورو 2 فقرة 183 - بودري وتيسييه فقرة 885 ص 704 - ص 705 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 391 ص 391 .
( [2305] ) أنظر آنفاً فقرة 12 .
( [2306] ) فإذا لم يطالب به مالكه ، بيع الشيء في خلال سنة من تسليمه ا والحيوان في خلال عشرة أيام ، في المزاد العلني بواسطة الإدارة ، ويصح تقصير الميعاد الذي يتم بعده البيع إذا كان الشيء الضائع يخشى عليه من التلف . ويكون لمن عثر على الشيء الضائع عشر الثمن ، وتحتفظ الإدارة بباقي الثمن لحساب المالك مدة ثلاث سنوات ، فإذا لم يتقدم المالك في خلال هذه المدة لتسلمه فانه يؤول إلى الدولة .
ويستطيع من رسا عليه مزاد المنقول الضائع ، إذا رفع عليه المالك دعوى الاستحقاق ، أن يرد هذه الدعوى بانقضاء ثلاث سنوات من وقت الضياع . فإذا لم تنقض هذه المدة ، ق للمالك أن يسترد المنقول الضائع بدعوى الاستحقاق ، على أن يرد لمن رسا عليه المزاد الثمن الذي دفعه هذا لأنه اشتري المنقول في المزاد . ويرجع المالك على جهة الإدارة بباقي الثمن الذي أودع لحسابه ، بعد استنزال العشر الذي دفع مكافأة لمن عثر على الشيء الضائع . انظر في كل ذلك آنفاً فقرة 12 في آخرها .
( [2307] ) ولكن يبدو أن من عثر على الشيء الضائع لا يلتزم التزاماً شخصياً برد المنقول إلى صاحبه ، لأن واقعة العثور على المنقول الضائع لا ترتب التزاماً شخصياً في ذمة من عثر هذا المنقول بتسليمه إلا إلى الشرطة ، وجزاء هذا الالتزام الغرامة كما قدمنا . وهذا بخلاف السابق ، فإنه يلتزم التزاماً شخصياً برد المسروق إلى صاحبه ، وهذا إلى جانب دعوى الاستحقاق التي يستطيع بهذا المالك أن يسترد المسروق من تحت يده ( انظر في هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 392 ) . ويذهب رأي آخر إلى من عثر على شيء يلتزم التزاماً شخصياً برده إلى صاحبه ، حتى لو لم يحتفظ به بنية تملكه ، لأن واقعة العثور على الشيء في ذاتها ترتب في ذمته هذا الالتزام ( بودري وتيسييه فقرة 885 ص 705 - 706 - محمد على عرفة 2 فقرة 124 ص 228 ) ، ونرى أن واقعة العثور في ذاتها على المنقول لا ترتب التزاماً شخصياً برده ، ولكن إذا احتفظ بالمنقول من عثر عليه بنية تملكه ، اعتبر في حكم السارق وارتكب خطأ نحو المالك ، معروفاً كان المالك أو غير معروف ، والتزام من عثر على المنقول ، كما يلتزم السارق ، التزاماً شخصياً برد المنقول إلى صاحبه .
( [2308] ) بودري وتيسييه فقرة 893 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 398 .
( [2309] ) بودري وتيسييه فقرة 894 .
( [2310] ) أنظر آنفاً فقرة 453 .
( [2311] ) وفي العمل لا يرفع المالك دعوى استحقاق على الحائز ، لأن بطء الإجراءات في هذه الدعوى تسمح للحائز باخفاء المنقول . وإنما يلجأ المالك إلى الحجز التحفظي باعتباره مالكاً للمنقول وهو في يد الغير ، وهذه حالة من حالات التي يجوز فيها توقيع الحجز التحفظي . وإجراءات الحجز التحفظي سريعة ، وتتخذ عادة دون علم الحائز فإذا ما وقع الحجز على المنقول أصبح لا يمكن إخفاؤه ، وبعد ذلك ترفع دعوى تثبت الحجز . وفي هذه الدعوى يثار النزاع من حيث الموضوع ، فتحل في العمل محل دعوى الاستحقاق ِ . انظر في ذلك كاربونييه ص 265 - ص 266 .
( [2312] ) نقض جنائي 18 أبريل سنة 1961 مجموعة أحكام النقض الجنائي 12 رقم 87 ص 468 - استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1907 م 19 ص 119 - 7 يونيه سنة 1928 م 40 ص 405 - 4 فبراير سنة 1930 م 42 ص 249 - 27 مايو سنة 1930 م 42 ص 518 . 7 يناير سنة 1936 م 48 ص 69 .
( [2313] ) ولا يجوز رفع دعوى الاستحقاق إلا على الحائز ، أما من تلقى الحائز المنقول منهم فلا يكونون مسئولين إلا عن التعويض إن كان له محل ( بودري وتيسييه فقرة 888 ) .
( [2314] ) بودري وتيسييه فقرة 889 - نقض فرنسي 5 مايو سنة 1874 سيريه 75 - 1 - 49 .
( [2315] ) المادة 977 / 1 مدني آنفاً فقرة 453 - ومدة ثلاث السنوات هذه هي المدة التقليدية التي كان مأخوذ بها في القانون الفرنسي القديم ، نقلا عن القانون الروماني ( بودري وتيسييه فقرة 886 ص 706 ) .
( [2316] ) بودري وتيسييه فقرة 890 ص 709 - نقض فرنسي 5 ديسمبر سنة 1876 سيريه 77 - 1 - 201 - وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " فإذا كان المنقول مسروقاً أو ضائعاً فإن الحائز لا يملكه ، بل تبقى دعوى المالك في الاسترداد قائمة ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة . وليس من الضروري أن تستمر حيازة المنقول المسروق أو الضائع طول هذه المدة ، فقد يضيع المنقول ولا يجوزه أحد مدة سنتين ، ثم يجده من يبيعه إلى حائز حسن النية ، فيبقى هذا حائزا سنة واحدة حتى تكمل ثلاث السنوات التي تسقط بها دعوى الاسترداد ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 514 ) .
( [2317] ) أوبري ورو 2 فقرة 183 ص 154 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 393 هامش 1 - مازو فقرة 1553 ص 1243 - كاربونييه ص 257 - كولان وكابيتان ودي لاموزانديير 1 فقرة 1220 ص 995 - شفيق شحاتة فقرة 222 ص 230 - محمد على عرفة 2 فقرة 121 ص 220 - عبدالمنعم فرج الصدة فقرة 458 - منصور مصطفي فقرة 187 ص 449 - حسن كيرة ص 122 - وانظر عكس ذلك وأن مدة الثلاث السنوات هي مدة تقادم مسقط ولكنها تسري ضد المحجورين ولا توقف ولا تنقطع بودري وتيسييه فقرة 891 - محمد كامل مرسي فقرة 440 .
( [2318] ) بودري وتيسييه فقرة 89 ص 709 هامش 1 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 441 - انظر عكس ذلك وان المالك يحمل عبء إثبات السرقة أو الضياع وعبء إثبات عدم انقضاء مدة الثلاث السنوات في الوقت ذاته محمد على عرفة 2 فقرة 121 ص 221 .
( [2319] ) بودري وتيسييه فقرة 890 - مازو فقرة 1553 ص 1243 - كاربونييه ص 257 .
( [2320] ) فإذا كان الحائز قد استهلك المنقول دون خطا من جانبه ، فإنه لا يكون مسئولا عن قيمته ولا عن دفع أي تعويض ( بودري وتيسييه فقرة 895 ) . وهناك رأي يذهب إلى أن الحائز يكون مسئولا طبقاٌ لمبدأ الإثراء بلا سبب فقد اغتني على حساب المالك ( لوران 32 فقرة 585 ) . ولكن القانون لم يحول للمالك إلا دعوى الاستحقاق ، ولم يرتب في ذمة الحائز أي التزام شخصي ، وما دامت دعوى الاستحقاق قد أصبحت مستحيلة باستهلاك المنقول وما دام لا يوجد أي خطأ في جانب الحائز ، فليس للمالك أن يرجع عليه بشيء ( بودري وتيسييه فقرة 895 ) .
( [2321] ) انظر المادة 2279 / 2 مدني فرنسي - ويحرم الحائز من الرجوع على بائعه بدعوى الضمان ، إذا تسبب بإهماله في أن يفوت الفرصة على هذا البائع في أن يرجع بدوره على من يكون مسئولا قبله ( بودري وتيسييه فقرة 892 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 897 ص 396 ) .
( [2322] ) أنظر آنفاً فقرة 453 .
( [2323] ) بودري وتيسييه فقرة 903 ص 716 .
( [2324] ) وهذه قاعدة تقليدية ترجع في أصلها إلى القانون الفرنسي القديم ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 394 ص 393 وهامش 3 ) . أما مصلحة المالك في أن يعجل الثمن للحائز قبل أن يسترد المنقول ، فقد تكون رغبته في استرداد منقوله بالذات ولو بدفع ثمنه ، وقد يكون الثمن الذي يجعله للحائز اقل بكثير من قيمة المنقول كما يحدث في كثير من الأحيان عندما يبيع السارق المسروق ، هذا إلى أن المالك حق الرجوع على السارق أو على من عثر على المنقول أو على حائز سيء النية تلقي المنقول من أيهما بالثمن الذي عجله بالتعويض ( كاربونييه ص 257 ) .
( [2325] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 394 ص 393 .
( [2326] ) أوبري ورو 2 فقرة 183 ص 152 هامش 14 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 394 - كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1220 ص 995 - وقارن بودري وتيسييه فقرة 905 - وكدكان الصراف بنك الرهونات ، فمن رهن منقولا مسروقاً أو ضائعاً في بنك الرهونات لا يكون قد رهنه في سوق ، ومن ثم لا يجوز للبنك تقاضي مبلغ الفرض من المالك المسترد ( كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1220 ص 995 ) .
( [2327] ) محمد على عرفة 2 فقرة 122 ص 222 .
( [2328] ) ولكن سمسار البورصة يعتبر كذلك ، وقد قضى بأن من يشتري سندات مسروقة من سمسار في البورصة له أن يطلب استردادا الثمن الذي دفعه ( استئناف مختلط 19 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 55 - 26 نوفمبر سنة 1923 جازيت 14 رقم 336 ص 214 ) .
وانظر في هذا المعنى محمد على عرفة 2 فقرة 122 ص 223 .
( [2329] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 394 ص 394 - وإذا اعتقد الحائز حسن النية أنه اشتري المنقول ممن يتجر في مثله ، ثم اتضح أن البائع ليس في الواقع من الأمر ممن يتجر في مثل المنقول المبيع ، فالعبرة بالواقع لا بما اعتقده الحائز ، ومن ثم لا يعتبر أنه اشتري المنقول ممن يتجر في مثله بالرغم من أنه كان يعتقد ذلك فيجوز للمالك أن يسترد منه المنقول في خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع دون أن يكون ملزماً بتعجيل الثمن ( انظر هذا المعنى بودري وتيسييه فقرة 903 مكررة –أميان 14 مايو سنة 1895 داللوز 69 - 2 - 468 ) . وقد قضى بأن الحائز بأن الحائز الذي اشتري براميل من وكيل مصنع جعة لا يبيع إلا الجعة ولا يبيع هذا الصنف من البراميل ليس له أن يطالب برد الثمن الذي دفعه ( استئناف مختلط 7 مارس سنة 1928 م 40 ص 223 ) .
( [2330] ) بودري وتيسييه فقرة 906 .
( [2331] ) أنظر آنفاً فقرة 453 .
( [2332] ) فإذا لم يحبس الحائز المنقول وسلمه للمالك ، فإنه يفقد ضمان الحبس ، ولكنه لا يفقد الحق في استيفاء الثمن من المالك ( مازو فقرة 1557 ) .
( [2333] ) وغنى عن البيان أنه إذا كان المنقول المسروق أو الضائع من الأموال العامة ، فإنه لا يقبل التملك بالحيازة . ومن ثم إذا اشتري حائز حسن النية هذا المنقول في سوق أو مزاد علني أو ممن يتجر في مثله ، فإنه لا يتملكه بالحيازة ، كذلك لا يستطيع أن يطالب بالثمن الذي دفعه ( بودري وتيسييه فقرة 910 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 396 ص 394 - ص 395 ) .
( [2334] ) أنظر آنفاً فقرة 442 - انظر في امتياز المؤجر المادة 1143 / 2 و 4 مدني وتنص على ما يأتي : " 2 - ويثبت الامتياز ولو كانت المنقولات مملوكة لزوجة المستأجر أو كانت مملوكة للغير ولم يثبت أن المؤجر كان يعلم وقت وضعها العين المؤجرة بوجود حق للغير عليه ، وذلك دون إخلال بالأحكام المتعلقة بالمنقولات المسروقة أو الضائعة … 4 - وإذا نقلت الأموال المثقلة بالامتياز من العين المؤجرة على الرغم من عارضة المؤجر أو على غير علم منه ولم يبق في العين أموال كافية لضمان الحقوق الممتازة ، بقى الامتياز قائماً على الأموال التي نقلت دون أن يضر ذلك بالحق الذي كسبه الغير حين النية على هذه الأموال . ويبقى الامتياز قائماً ولو أضر بحق الغير لمدة ثلاث سنوات من يوم نقلها إذا أوقع المؤجرة عليه حجزاً استحقاقياً في الميعاد القانوني . ومع ذلك إذا بيعت هذه الأموال إلى مشتر حسن النية في سوق عام أو في مزاد علنى أو ممن يتجر في مثلها , ويجب على المؤجر أن يرد الثمن إلى هذا المشتري " ( انظر في معنى الفقرة الرابعة المادة 2280 / 2 مدني فرنسي التي أضيفت بقانون 11 يوليه سنة 1892 ) .
وانظر أيضاً مماثلا في امتياز صاحب الفندق المادة 1144 / 2 مدني مصري .
( [2335] ) محمد كامل مرسي 4 فقرة 457 - وقارن محمد على عرفة 2 فقرة 122 ص 222 أما في فرنسا فلا يوجد نص مقابل للمادة 1118 مدني مصري ، فعمد القضاء الفرنسي إلى تطبيق قاعدة تملك المنقول بالحيازة على المرتهن رهن الحيازة ، ولكنه لا يطبق عليه المادة 2280 مدني فرنسي المتعلقة بوجوب رد الثمن إذا كان الشراء في سوق أو مزاد علني أو ممن يتجر في مثل المنقول ( نقض فرنسي 11 مايو سنة 1898 سيريه 98 - 1 - 481 ) . وينفذ الفقه الفرنسي القضاء لأنه وقف في منتصف الطريق . فلا هو امتنع عن تطبيق القاعدة على الدائن المرتهن رهن الحيازة ِ ، ولا هو طبقها عليه تطبيقاً كاملا ( أنظر بودري وتيسييه فقرة 908 مكررة وتعليقه في سيريه 98 - 1 - 481 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 395 - وتارن مازو فقرة 1556 ) .
( [2336] ) وهذا ما قصدت إليه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي عندما ذكرت أن المالك يرجع على من قبض الثمن ، فهي تقول : " على أن هذه الدعوى إذا رفعت في الميعاد ضد حائز اشتري من سوق عمومي أو من مزاد علني أو من شخص يتجر في مثل هذا المنقول ، جاز للحائز إلا يرد الشيء حتى يسترد الثمن الذي دفعه ، ويرجع المالك على من قبض هذا الثمن " ( الأعمال التحضيرية 6 ص 1514 - ص 515 ) .
( [2337] ) فلا يرجع عليه ، إلا على أساس أنه وفي عنه دينه للحائز حسن النية فحل محله فيه لأ ، المشتري سيء النية لا يلتزم نحو الحائز حسن النية برد الثمن ، ولا على أساس أنه يرجع عليه كما كان يرجع عليه الحائز حسن النية إلا إذ كان ذلك عن طريق الدعوى غير المباشرة ( انظر بودري وتيسييه فقرة 907 - بلانيول وريبيروبيكار 3 فقرة 397 ص 596 - مازو فقرة 1558 - نقض فرنسي 11 فبراير سنة 1931 داللوز 31 - 1 - 329 - 26 نوفمبر سنة 1956 جازيت دي باليه 1957 - 1 - 170 - وانظر محمد على عرفة 2 فقرة 123 ص 226 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 463 ص 700 ) .
( [2338] ) بودري وتيسييه فقرة 809 .
( [2339] ) هذا وقد صدر في فرنسا قانون 15 يونيه سنة 1872 المعدل بقانون 8 فبراير سنة 1902 ، يضع نظاماًَ خاصاً يحمي مالك السندات لحاملها إذا فقدها أو سرقت منه . فيمتنع تداول هذه السندات ، ويستطيع المالك أن يستردها حتى من الحائز حسن النية دون أن يعجل له الثمن ، ويتمكن من قبض فوائد هذه السندات من قبض رأس المال ، بل ومن الحصول على نسخة أخرى من السند بدلا من السند الذي ضاع أو سرق ، أن في هذا القانون بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 399 - فقرة 411 ولا يوجد في مصر تشريع مقابل لهذا التشريع ، فتخضع السندات لحاملها المسروقة أو الضائعة للقواعد العامة التي سبق تفصيلها ، ولأحكام الأمر العالي الصادر في 18 مايو سنة 1898 والخاص بالأشياء والحيوانات الضائعة ( انظر آنفاً فقرة 455 ) . وانظر استئناف مختلط 17 فبراير سنة 1920 م 32 ص 375 - 24 مايو سنة 1932 م 44 ص 337 - 10 يناير سنة 1933 م 45 ص 111 .
وقد صدر أمر عال في 23 مارس سنة 1901 خاص بالبيوت المالية التي تفرض نقوداً على رهونات ( maisons de rret sur gage ) ( المعدل بمرسوم بقانون رقم 22 لسنة 1938 ) . وتقضي المادة الأولي منه بعدم جواز إنشاء بيت مالي لتسليف النقود على رهونات بغير إذن الحكومة وتنظم المواد التالية كيف تصدر الرخصة لبيت التسليف وكيف يجري القرض وميعاده وشروطه وفوائده وكيف يرد وما إلى ذلك . ثم تنص المادة 12 على أنه " إذا حصلت المطالبة برد الشيء المرهون بسبب السرقة أو بأي سبب آخر ، وجب على المالك إجراء ما يأتي :أولاً - أن يثبت بالطرق القانونية حقه في الملكية . ثانياً – أن يدفع المبلغ المطلوب من رأس المال وفوائد ، ما لم يكن بلغ المسلف وقت التسليف بأن الشيء المرهون لم يكن ملكاً للسلف أو أنه لم يكن جائزاً للمستلف لانه " " . وقد قضت محكمة النقض الجنائية بأن التصرف في الشيء المنقول برهنه رهن حيازة لا يجوز إلا من مالك هذا الشيء . فليس إذن للدائن المرتهن لمنقول أن يرهنه باسمه ضماناً لدين عليه ، فإن فعل فلا يحتج بالعقد على المالك الحقيقي . غير أنه أن كان هذا المرتهن الأخير حسن النية وقت العقد ، أي معتقداً صحة ملكية من تعاقد معه ، ففي هذه الحالة يكون على المالك الذي يطالب برد ملكه أن يوفي هذا المرتهن بكل المستحق له من الدين المضمون بالرهن . وأما إذا كان سيء النية ، فإن الرهن لا يكسبه من الحقوق قبل مالك الشيء المرهون أكثر مما لمدينه الذي تعاقد معه ، فلا يلزم المالك إلا بأن يؤدي له قيمة الدين المطلوب منه لدائنه هو الذي يحول المرتهن حبس المرهون حتى الوفاء ولم يعين القانون طريقة لإثبات سوء نية المرتهن المتعاقد مع غير مالك ، بل ترك ذلك للقواعد العامة التي تتيح في هذه الحالة الإثبات بجميع طرق الإثبات القانونية تلك هي الأحكام التي تمليها القواعد القانونية العامة بشأن رهن المرتهن للشيء المرهون لديه ، والتي تضمنها المادة 12 من لائحة البيوت المالية للتسليف على رهون ( نقض جنائي 3 أبريل سنة 1939 مجموعة عمر 4 رقم 371 ص 905 ) . وانظر استئناف مختلط 5 يونيه سنة 1928 م 40 ص 395 - محمد كامل مرسي 4 فقرة 475 - فقرة 477 وكتابة في التأمينات العينية فقرة 359 - هذا وهناك مشروع بقانون قدم إلى مجلس الأمة بإلغاء بيوت التسليف على رهونات وإحالة أعمالها على بنوك الائتمان وتنظيم عملية تصفية بيوت التسليف الحالية ولا يزال هذا المشروع منظوراً أمام مجلس الأمة .
( [2340] ) تاريخ النصوص : م 978 :ورد هذا النص في المادة 1430 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا أن صدر الفقرة الثانية في المشروع التميهيدي كانت تجري على الوجه الآتي : " وتعتبر الثمار ، طبيعية كانت أو استحدثتها يد الإنسان مقبوضة من يوم نقلها … " ووافقت لجنة المراجعة ، تحت رقم 1053 في المشروع النهائي ، على النص ، بعد تعديل صدر الفقرة الثانية على الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 1050 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 978 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 516 - ص 517 ) .
م 979 : ورد هذا النص في المادة 1431 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1054 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1051 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 979( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 517 - ص 518 ) .
( [2341] ) التقنين المدني السابق : م 146 / 207 : فإذا أخذ ذلك الشيء مع علمه بعدم استحقاقه له ، كان مسئولا عن فقده ، وملزماً بفوائده وريعه ، والتقنين المدني السابق يورد قاعدة تملك الحائز للثمار ، على أهميتها ، بطريقة عرضية محضة ، في مكان يصعب وجودها فيه ، وعن طريق الاستنتاج العكسي وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التميهدي في هذا الصدد : " وهذه الأحكام الهامة التي يوردها المشروع في وضوح تام تراها في التقنين الحالي ( السابق ) مخفية في ثنايا النصوص ، تستخلص عن طريق الاستنتاج العكسي في موضع لا يتصور أن يكون من نطاق وجودها . فالمادة 146 / 207 ، وهي تستعرض الحكم فيما إذا أخذ شخص شيئاً ليس له وهو يعلم ذلك ، تنص على أنه يكون " مسئولا عن فقده وملزماً بفوائده وريعه " . وقد استخلص من هذا النص أن الحائز إذا كان سيء النية سكون مسئولا عن الفوائد والريع ، أي عن الثمار . فيستنتج من مفهوم المخالفة أنه إذا كان حسن النية لا يسأل عن الثمار ، ويخلص من كل ذلك أن الحائز حسن النية يملك الثمار بقبضها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 518 ) . وقد أقر القضاء هذا الحكم في عهد التقنين المدني السابق ( استئناف وطني 28 أبريل سنة 1900 الحقوق 15 ص 193 - 17 أكتوبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 79 - 24 مارس سنة 1928 المحاماة 8 رقم 477 ص 784 - استئناف مختلط 30 مايو سنة 1903 م 25 ص 330 - 17 ديسمبر سنة 1907 م 20 ص 82 ) .
( [2342] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 929 - 930 ( مطابق )التقنين المدني الليبي م 982 - 983 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1165 : يملك الحائز حسن النية ما قبضه من الزوائد وما استوفاه من المنافع مدة حيازته .
م 1166 : يكون الحائز سيء النية مسئولا من وقت أن يصبح سيء النية عن جميع الثمار التي يقبضها والتي قصر في قبضها غير أنه يجوز له أن يسترد ما أنفقه في إنتاج هذه الثمار .
( وأحكام التقنين العراقي تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري ) .
( [2343] ) أما إذا كان الحائز قد تملك العين بالتقادم ، فإن الأثر الرجعي للتقادم يجعله يملك الثمار من وقت بدء الحيازة ، إذ يصبح مالكا من هذا الوقت . ويستوي أن تكون الحيازة بحسن نية أو بسوء نية ، فإنه يملك الثمار لا بالحيازة ، ولكن باعتباره مالكاً لأصل العين بأثر رجعي منذ بدء الحيازة ( مازو فقرة 1566 ) .
( [2344] )على أن هناك حالات لا يتملك فيها الحائز المنقول ، ومع ذلك يتملك الثمار بالقبض من ذلك أن يكون الحائز الأصلي سيء النية ويرثه شخص حسن النية ، ويقبض هذا الثمار وهو حسن النية فيتملكها بالقبض ، ولكنه لا يتملك اصل العين بالحيازة لأن مورثه كان سيء النية . ومن ذلك أيضا يكون الحائز حسن النية ولكن المنقول يكون مسروقاً أو ضائعاَ ، فيجوز للمالك أن يسترده في خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع ، ولكنه لا يسترد ما قبضه الحائز هو حسن النية من الثمار . انظر في ذلك مازو فقرة 1569 .
( [2345] ) انظر في تحقيق الشرط الفاسخ بلانيول وريبير وبولانجية 1 فقرة 2798 - بودري وشوفو فقرة 303( ويستند عدم جواز استرداد الثمار إلى أن قبضها يعد من أعمال الإدارة التي لا تتأثر بالأثر الرجعي للفسخ ) . شفيق شحاتة فقرة 85 ص 111 .
( [2346] ) أنظر اوبري ورو 2 فقرة 206 ص 376 - بودري وشوفو فقرة 298 - فق 4 رة 304 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 181 . مارتي ورينو فقرة 44 ص 53 - ص 54 - وقد يرد النص خاص في الحالات معينة ، فتسري الأحكام التي وردت في هذا النص ( انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 183 ، وبوردون النصوص الآتية في التقنين المدني الفرنسي : المواد 856 و 928 و 958 و 926 و 1982 من هذا التقنين ) .
( [2347] ) انظر آنفاًً فقرة 460 .
( [2348] ) م 969 مدني آنفاً فقرة 417 .
( [2349] ) م 976 مدني آنفاً فقرة 435 .
( [2350] ) ولا يعتبر الحائز سيء النية حتما لمجرد أن من تعامل معه قد اشترط عليه عدم ضمان الاستحقاق ، لقد يكون حسن النية بالرغم من وجود هذا الشرط ( ديمر لومب 9 فقرة 603 - بودري وشوفو فقرة 305 ص 217 )ومن وضع يده على عقار بموجب حكم صدر لصالحه يمكن أن يعتبر يده بينة حسنة حتى في حالة معارضة واضع اليد المنتزع منه العقار في تسليمه عند التنفيذ ( استئناف وطني 16 ديسمبر سنة 1902 المجموعة الرسمية 4 رقم 71 ص 165 ) .
( [2351] ) أوبري ورو 2 فقرة 206 ص 377 - ص 378 - مازو فقرة 1570 - نقض فرنسي 19 ديسمبر سنة 1964 سيريه 65 - 1 - 18 - ولا ينفي حسن النية أن يعلم الحائز أن السند الذي يتملك بموجبه العين في حاجة إلى تصديق المحكمة لأنه صادر من وصي على القاصر ، إذا اعتقد أن هذا التصديق سيصدر حتما من المحكمة لأن العقد في مصلحة القاصر ( أوبري ورو 2 فقرة 206 وهامش 10 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 176 ص 186 ) .
( [2352] ) ولكن عليه أن يرد الثمار التي قبضها مورثه قبله إذا كان المورث سيء النية ، على أن يكون ذلك في حدود نصيب الوارث في التركة ( شفيق شحاتة فقرة 87 ) . وسيأتي بيان ذلك
( [2353] ) بودري وشوفو فقرة 210 ص 219 .
( [2354] ) أوبري ورو 2 فقرة 206 ص 378 - ص 379 - نيول وريبير وبيكار 3 فقرة 176 ص 186 - إسماعيل غانم ص 141 .
( [2355] ) استئناف مختلط 24 مايو سنة 1893 م 5 ص 261 - 13 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 46 - 30 مايو سنة 1903 م 15 ص 330 - 14 فبراير سنة 1907 م 19 ص 122 - 12 يونيه سنة 1946 م 59 ص 19 - استئناف وطني 16 ديسمبر سنة 1902 المجموعة الرسمية 4 رقم 41 ص 165 - 29 نوفمبر سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 ص 79 - شفيق شحاتة فقرة 87 ص 112 - محمد على عرفة 2 فقرة 104 ص 194 - عبد المنعم البدراوي فقرة 28 ص 37 - ص 38 .
فإذا قبض الحائز الثمار مرة وهو حسن النية تملكها ، ولا يهم بعد ذلك أن يصبح سيء النية فسوء النية اللاحق لا يؤثر في تملكه الثمار التي قبضها وهو حسن النية ، وإنما يمنعه من تملك الثمار التي يقبضها بعد ذلك وهو سيء النية ( أوبري ورو 2 فقرة 206 ص 383 - مازو فقرة 1570 ص 1255 )
( [2356] ) محمد على عرفة 2 فقرة 104 ص 194 .
( [2357] ) أوبري ورو 2 فقرة 206 ص 381 هامش 20 - بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 176 ص 187 .
( [2358] ) انظر عكس ذلك وأن على الحائز أن يثبت حسن نيته بودري وشوفو فقرة 311 .
( [2359] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 177 ص 188 - نقضفرنسي 3 مايو سنة 1869 واللوز 69 - 1 - 254 - ويذهب رأي في الفقه الفرنسي ( أوبري ورو 2 فقرة 206 ص 380 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 177 ص 188 - وانظر في الفقه المصري شفيق شحاته فقرة 86 ) إلى أن حسن النية الحائز إذا يرجع إلى غلط في الواقع كان مفترضاَ وكلف المالك إثبات سوء نية الحائز ، أما إذا كان حسن النية يرجع إلى غلط في القانون فإن حسن النية لا يفترض ويجب على الحائز أن يثبت هو أنه وقع في هذا الغلط – ولكن القضاء الفرنسي لم يساير هذا الرأي ، وهو يفترض حسن النية الحائز سواء كان الغلط في الواقع أو كان في القانون ( نقض فرنسي 11 يناير سنة 1887 سيريه 87 - 1 - 225 )ورأي القضاء الفرنسي هو الذي نقف عنده ( انظر محمد على عرفة 2 فقرة 104 ص 196 ) ، إذ لا محل للتمييز في افتراض حسن النية بين الغلط في الواقع والغلط في القانون ، وقد سبق أن استبعدنا هذا التمييز في حسن نية في التقادم المكسب القصير ( آنفاً فقرة 434 ) ، كما استبعدناه في حسن النية في تملك المنقول بالحيازة ( آنفاً فقرة 445 في آخرها ) . على أن الأمر محدود الأهمية من الناحية العملية ، فالذي يقع في العمل أن الحائز نفسه هو الذي يبادر إلى إثبات حسن نيته ، سواء كان الغلط في الواقع أو في القانون ، ليثبت أن الغلط كان مغتفراً ، وقاضي الموضوع هو الذي يقدر في النهاية ما إذا كان الحائز حسن النية ( انظر آنفاً فقرة 434 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 177 ص 188 ) .
( [2360] ) وهي من مسائل الواقع يستقل بتقديرها قاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض متى كان مبنياً على أسباب سائغة . وقد قضت محكمة النقض بأن إذا كان الحكم قد أسس انتفاء حسن النية لدى واضع اليد ( وزارة الأوقاف ) على علمها بحجج الوقف جميعاً وعلى ما كان منها من الاكتفاء بقول موظف لديها في شأن هذه الحجج ، وعلى وضع يدها على الوقف المتنازع عليه واستغلالها إياه بصفتها ناظرة دون أن تستصدر بهذه النظارة حكماً من جهة القضاء ، فلا سبيل للجدل في هذا التقدير لدى محكمة النقض ( نقض مدني 28 يناير سنة 1943 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 587 رقم 11 ) .
( [2361] ) انظر آنفاً فقرة 445 في آخرها .
( [2362] ) انظر آنفاً فقرة 463 .
( [2363] ) انظر آنفاً فقرة 464 .
( [2364] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 173 ص 185 .
( [2365] ) أوبري ورو 2 فقرة 206 هامش 11 وهامش 15 - بودري وشوفو فقرة 201 وفقرة 310 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 174 - فقرة 175 . فإذا وضع شخص يده على عقار بموجب وصية كان الموصي قد رجع عنها ، فهذا السبب الصحيح ظني ، وهو يكفي لتملك الثمار ولكنه لا يكفي لتملك العقار نفسه بالتقادم القصير ( نقض مدني 22 مايو سنة 1935 ملحق مجلة القانون والاقتصاد 5 فقرة 66 ص 248 - استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1920 م 32 ص 372 - شفيق شحاتة فقرة 85 ص 111 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 470 ) .
( [2366] ) أوبري ورو 2 فقرة 206 ص 380 - بودري وشوفو فقرة 315 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 177 ص 188 - شفيق شحاته فقرة 86 ص 112 - عبد المنعم البدراوي فقرة 28 ص 37 .
( [2367] ) وينتقد الفقه الفرنسي اشتراط التقنين المدني الفرنسي أن يكون السند ناقلا للملكلية وكان ينبغي أن يكون السند الكاشف عن الملكية كالقسمة الصلح كافيا ( مازو فقرة 1573 )
( [2368] ) ويعتبر سبباً ظنياً ما يستند إليه الوارث الظاهر حسن النية ، فهو يعتقد أنه وارث وهذا السبب لا وجود له ، ومع ذلك يكسب الثمار لحسن نيته ، وكذلك من يتلقى بالميراث الحيازة من مستأجر أو مودع عنده أو غيرهما ممن حيازته عرضية ، إذا اعتقد أن مورثه مالك ، لا يستطيع كسب ملكية العين إلا إذا تغيرت صفة حيازته ، ولكنه يملك الثمار لحسن نيته ( محمد على عرفة فقرة 105 ص 198 ) . ويعتبر سبباً ظنياً كذلك الاستحقاق في وقت بناء على تفسير خاطئ لشروط إنهاء الوقف ، وقد قضى بأنه إذا تسلم شخص بحسن نية جزاء من ريع وقف على اعتقاد أنه من المستحقين فيه ، ثم صدر بعد ذلك حكم شرعي فسر شروط الوقف بعكس ما كان يعتقده ناظر الوقف والمستحقون فيه ، كان المستحق الذي استبعد الحكم الشرعي المذكور مستولياً على الريع بحسن نية ( نقض مدني 23 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 106 ص 793 - استئناف مصر 30 مايو سنة 1934 امحاماة 15 رقم 91 ص 396 ) .
( [2369] ) أنظر أنفاً فقرة 460 .
( [2370] ) فقرة 363 - فقرة 364 .
( [2371] ) انظر الوسيط 8 فقرة 364 ص 589 هامش 4 .
( [2372] ) انظر الوسيط 8 فقرة 364 ص 590 - وهناك رأي يذهب إلى أنه من الثمار الطبيعية لا من المنتجات ( الوسيط 8 فقرة 363 ص 589 هامش 1 ، وقارن استئناف مصر 12 مارس سنة 1951 المحاماة 34 رقم 49 ص 103 ) . والكنز يملكه صاحب الأرض ، فيجب إذن على الحائز رده كله إلى المالك ( أنظر في القانون الفرنسي حيث يملك صاحب الأرض نصف الكنز فيجب رده إليه أوبري ورو 2 فقرة 206 ص 387 - ص 388 ) .
( [2373] ) أما إذا انفصلت لا بفعل الحائز ، بل بفعل الغير أو بقوة قاهرة ، فإن قاهرة ، فإن الحائز لا يتملكها ، لأن الحائز للثمار يقوم على عمل إرادي صادر منهم هو الاستيلاء على الثمار أو حيازتها ، وهذا غير متحقق فيما نحن بصدده( شفيق شحاتة فقرة 84 ص 109 ) .
( [2374] ) أما نصيب صاحب الأرض في المزارعة فيعتبر من الثمار الصناعية ( الوسيط 8 فقرة 363 ص 589 هامش 2 ) ، فلا يتملكه الحائز إلا بفصله وحيازته وهو حسن النية وقت الفصل والحيازة .
( [2375] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وتعتبر الثمار مكسوبة من وقت قبضها إذا كان غير مدنية ، فإن كانت مدنية فإنها تكسب يوماً فيوماً حتى لو عجلت أو تأخر دفعها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 518 ) .
أما في القانون الفرنسي ، فلا يتملك الحائز الثمار إلا بقبضها ، تستوي في ذلك الثمار الطبيعة والثمار الصناعية والثمار المدنية ، فما لم يقبض من الثمار المدنية لا يتملكه الحائز ولو كان ميعاد استحقاقه قد حل ، عل أن الحائز يعتبر قد قبض الثمار المدنية إذا كان المدين قد أقر بمديونية نحو الحائز يعتبر قد قبض الثمار المدنية فيمتلكها إذا كان المدين قد أقر بمديونيته نحو الحائز مباشرة أو كان الحائز قد نزل عنها للغير بطريق الحوالة ( أوبري ورو 2 فقرة 206 ص 386 - ص 387 وهامش 29 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 179 - مازو فقرة 1577 ) . وإذا تعجل الحائز قبض الثمار المدنية قبل استحقاقها ، رد ما تعجله منها قبل استحقاقه ( كولان كابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1225 ) .
( [2376] ) انظر آنفاً فقرة 450 .
( [2377] ) أنظر عبد الفتاح عبد الباقي في رسالته في دور الحيازة في المنقول ص 350 - ص 357 - شفيق شحاتة فقرة 83 - محمد على عرفة 2 فقرة 104 ص 193 هامش 2 عبد المنعم البدراوي فقرة 27 - حسن كيرة ص 111 - ص 112 .
( [2378] ) انظر آنفاً فقرة 435 في آخرها .
( [2379] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 173 ص 184 - كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1227 ص 1003 - مازو فقرة 1568 - مارتي ورينو فقرة 44 ص 51 - ص 54 .
( [2380] ) أنظر آنفاً فقرة 440 - فقرة 442 .
( [2381] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 172 ص 184 - نقض فرنسي 10 مايو سنة 1859 داللوز 59 - 1 - 433 - 11 يوليه سنة 1866 داللوز 66 - 1 - 315 .
( [2382] ) انظر في هذه الفروف في القانون الفرنسي بودري وتيسييه فقرة 878 - كولان وكابيتان ودي لامورانديي 1 فقرة 1227 .
( [2383] ) أو أخذها بوصية باطلة وهو يعلم بطلانها ( استئناف مصر 18 مارس سنة 1929 المحاماة 9 رقم 315 ص 520 ) .
( [2384] ) أنظر ما يلي فقرة 472 .
( [2385] ) وقد قدمنا ( آنفاً فقرة 415 )أن الحائز الذي يملك العين بالتقادم لا يرد ثمارها للمالك ، حتى لو لم يكن قد تملكها استقلالا بالقبض أو بالتقادم . فإذا قبض الحائز سيء لنية الثمار ، فإنه لا يتملكها بالقبض لسوء نيته ، ولا يتملكها بالتقادم استقلالا إذا لم يمض على قبضه إياها خمس عشرة سنة . ولكن إذا تملك العين ذاتها بالتقادم فإنه لا يرد الثمار للمالك فقد اعتبر مالكاً للعين وقت سريان التقادم ، فتكون العين على ملكه وقت أن أنتجت الثمار ومن ثم يتملك الثمار باعتباره مالكاً لأضرار العين التي أنتجتها .
( [2386] ) انظر في ذلك الوسيط 3 فقرة 603 .
( [2387] ) انظر آنفا فقرة 460 .
( [2388] ) انظر آنفاً فقرة 464 .
( [2389] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 180 .
( [2390] ) انظر أنفاً فقرة 469 .
( [2391] ) انظر آنفاً فقرة 460 .
( [2392] ) انظر فقرة 473 .
( [2393] ) أوبري ورو 2 فقرة 206 ص 384 هامش 24 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 180 ص 190 - ويرد الحائز الثمار من وقت رفع الدعوى عليه في أول درجة حتى لو كسب الدعوى ابتدائيا واستئنافيا ولكن نقض الحكم بعد ذلك أو قبل فيه التماس إعادة النظر ( اوبري ورو 2 فقرة 206 ص 384 ) .
وقد قضت محكمة النقض بأن الحائز يعد سيء النية من الوقت الذي علم فيه بعيوب سند حيازته وهو يعتبر كذلك من تاريخ رفع الدعوى عيه في خصوص استحقاق الثمار ، لأن الحكم الذي يصدر فيها يستند إلى تاريخ رفعها ( نقض مدني 3 يناير سنة 1953 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 587 أرقام 12 و 13 و 14 - 6 فبراير سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 36 ص 209 - استئناف وطني 23 يناير سنة 1922 المجموعة الرسمية 24 رثم 43 ص 70 - 9 مايو سنة 1922 المحاماة 3 رقم 11 ص 27 ) . وقضى بأن من يتصرف له المفلس في مال التفليسة يصبح سيء النية ويجب عليه رد الثمار من الوقت الذي يطالب فيه السنديك برد المال إلى التفليسة ( استئناف مختلط 3 مارس سنة 1915 م 27 ص 187 ) .
( [2394] ) انظر آنفاً فقرة 294 - وانظر الوسيط 1 فقرة 836 - وقد كانت بعض الأحكام في عهد التقنين المدني السابق تقضي بتملك الحائز للثمار حتى بعد رقع الدعوى ، ما دام الأحكام على حسن نيته ( استئناف مصر 12 أبريل سنة 1928 المحاماة 8 رقم 553 ص 915 )ومنها ما اعتبر الحائز سير النية من وقت الإنذار وقبل إعلان صحيفة الدعوى ( استئناف 24 مارس سنة 1928 المحاماة 8 ص 784 ) . ولكن أغلب الأحكام اعتبرت الحائز سيء النية من وقت رفع الدعوى ( استئناف وطنى 21 فبراير سنة 1911 المجموعة الرسمية 12 رقم 70 ص 130 - 27 أكتوبر سنة 1914 الشرائع 21 رقم 79 ص 83 - استئناف مصر 28 مارس سنة 1927 المحاماة 8 رقم 477 ص 784 - 27 أكتوبر سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 ص 79 - 23 أبريل سنة 1931 المحاماة 12 رقم 255 ص 518 - 26 فبراير سنة 1939 المجموعة الرسمية 41 ص 130 - 12 مارس سنة 1939 المحاماة 20 رقم 80 ص 215 - استئناف مختلط 25 نوفمبر سنة 1891 م 4 ص 13 - 26 أبريل سنة 1893 م 5 ص 202 - 30 مايو سنة 1895 م 7 ص 315 - 20 مايو سنة 1897 م ص 349 - 24 مارس سنة 1904 م 16 ص 171 - 17 ديسمبر سنة 1908 م 21 ص 82 - 3 يونيه سنة 1909 م 21 ص 374 - 16 يونيه سنة 1910 م 22 ص 373 - 8 مايو سنة 1917 م 29 ص 405 - 19 مايو سنة 1925 م 37 ص 435 - أو ل مارس سنة 1927 م 39 ص 278 - 29 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 93 - 29 ديسمبر سنة 1914 م 47 ص 80 - وانظر شفيق شحاتة فقرة 88 - محمد على عرفة 2 فقرة 107 - عبد المنعم البدراوي فقرة 28 ص 38 ) .
وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا كانت دعوى الملكية من شأنها أن تنبه واضع اليد إلى أن العيب الذي يلحق وضع يده ليس مقصوراً على الجزء المرفوعة به الدعوى ، بل إن العيب شامل لجميع العين الذي وضع يده عليها ، كما إذا رفعت الدعوى عليه من أحد الورثة مطالباً بالجزء الذي يخصه ، فلا يمكن تخصيص العيب بذلك الجزء في حين أن الحق وأحد ودليل الملكية هو بالنسبة إلى باقي الأجزاء التي تخص بقية الورثة ، وعلم واضع اليد بالعيب الذي يلحق وضع يده من شأنه أن يزيل حسن نيته ، ويجعله مسئولا عن ثمرة العين من تاريخ هذا العلم ( استئناف مصر 25 مارس سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 119 ص 228 ) .
( [2395] ) انظر آنفاً فقرة 460 .
( [2396] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 364 - شفيق شحاتة فقرة 82 ص 105 هامش 1 .
( [2397] ) بودري وتيسييه فقرة 327 ص 232 - ص 233 .
( [2398] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وإذا أصبح الحائز سيء النية وجب عليه رد الثمار بعد استرداد نفقات إنتاجها من وقت أن أصبح سيء النية وقد تقدم أنه يصبح سيء النية حتما من وقت رفع الدعوى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 518 ) .
( [2399] ) بودري وشوفو فقرة 327 ص 233 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 364 ص 362 - محمد على عرفة 2 فقرة 103 ص 193 .
( [2400] ) انظر آنفاً فقرة 469 .
( [2401] ) انظر آنفاً فقرة 471 .
( [2402] ) وقد قضت محكمة النقض بأن التزام الحائز برد الثمرات ليس من الحقوق الدورية المتجددة التي تسقط بالتقادم الخمسي ، ومن ثم فلا تتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة طبقاً للمادة 375 مدني التي قننت ما كان مقرراً في ظل القانون المدني الملغي . فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الطاعنة سيئة النية في وضع يدها على جزء من الأملاك العامة بغير ترخيص ومسئولية بالتالي عن رد الثمرات ، وان التزامها في هذا الصدد لا يتقادم إلا بخمس عشرة سنة ، فلا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ( نقض مدني 24 مايو سنة 1962 مجموعة أحكام النقض رقم 105 ص 706 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا قضى الحكم المطعون فيه قبل الوزارة الطعنة بريع الأرض التي استوليت عليها دون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية فإن الوزارة في هذه الحالة تعتبر في حكم الحائز سيء النية ، ولا يسقط الريع المستحق في ذمتها إذ بانقضاء خمس عشرة سنة طبقاً لما تنص عليه المادة 375 / 2 من القانون المدني القائم التي قننت ما كان مستقراً عليه وجرى به قضاء هذه المحكمة في ظل التقنين الملغي ، وذلك على أساس أن التزام الحائز سيء النية برد الثمرات لا يعتبر من قبيل الديون الدورية المتجددة التي تتقادم بمضي خمس سنوات ( نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1966 مجموعة أحكام النقض 17 رقم 281 ص 1943 ) . وانظر أيضاً نقض مدني 17 فبراير سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 96 ص 285 - استئناف مصر 7 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 373 ص 759 .
وانظر بودري وشوفو فقرة 328 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 364 ص 362 - محمد على عرفة 2 فقرة 103 ص 192 - عبد المنعم البدراوي فقرة 25 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 473 - منصور مصطفي منصور فقرة 189 ص 454 .
( [2403] ) فقرة 125 ص 223 .
( [2404] ) انظر الوسيط 8 فقرة 125 ص 223 هامش 2 .
( [2405] ) ويعرف قانون الملكية العقارية اللبناني ( م 33 )حق الانتفاع على الوجه الآتي " الانتفاع هو حق عيني باستعمال شيء يخص الغير وبالتمتع به ، ويسقط هذا الحق حتما بموت المنتفع – ولا يجوز إنشاء حق انتفاع لصالح أشخاص معنويين " . ويعرفه التقنين المدني السوري ( م 936 )بما يأتي : " 1 - الانتفاع هو حق عيني باستعمال شيء يخص الغير واستغلاله . 2 - ويسقط هذا الحق حتما بموت المنتفع . 3 - لا يجوز إنشاء حق الانتفاع لصالح شخص اعتباري " .
( [2406] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 757 . وانظر اوبري ورو 2 فقرة 226 ص 631 .
( [2407] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 757 .
( [2408] ) وللمنتفع في الدفاع عن حيازته لحقه العيني جميع دعاوى الحيازة طبقاً للقواعد العامة ولذلك لم نص خاص في ذلك ، أما المستأجر فله أيضاً في الدفاع عن حيازته لحقه الشخصي جميع دعاوى الحيازة ولكن بموجب نص خاص ( م 575 مدني ) كان لازما ً لمد الحيازة إلى الحقوق الشخصية تأثراً بالنظرية المادية للحيازة ( انظر آنفاً فقرة 267 ) .
( [2409] ) ومن هذين العنصرين ( usus fructus ) تكون اسم حق الانتفاع ( 9 usufruit
( [2410] ) ولا بد أن يكون المنتفع شخصاً آخر غير مالك الرقبة ، فيترتب حق الانتفاع لشخص على مال مملوك لشخص أخر ولا يقال لمن يملك المال ملكية كاملة إنه يملك كلا من الرقبة وحق الانتفاع ، بل أن انتفاعه بالمال لا يعتبر مباشرة لحق انتفاع وإنما هو مباشر لحق الملكية الكاملة ، وعلى ذلك لا يجوز لمن يملك المال ملكية كاملة أن يرهن حق الانتفاع مستقلا عن الرقبة ، ولا أن يرهن الرقبة مستقلة عن حق الانتفاع ( إسماعيل غانم ص 4 ) . والذي يجوز هو أن ينشئ المالك حق انتفاع على ماله فلا تبقى له إلا الرقبة ، أو أن ينصرف في الرقبة لغيره ويستبقى لنفسه حق الانتفاع .
( [2411] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 761 ص 757 .
( [2412] ) انظر في ذلك بلانيول وريبير وربيكار 3 فقرة 761 ص 757 - ص 758 - وقد يوصى شخص لآخر بحق الانتفاع في جزء شائع من تركته ، فيكون للورثة حق الملكية الكاملة pleine propriete فيما يجاوز هذا الجزء الشائع وحق الرقبة في الجزء الشائع ، ويكون للموضي له حق الانتفاع في الجزء الشائع . فهناك إذن شيوع بين الورثة والموصي بحق الانتفاع به ، حق الانتفاع بالتركة جميعها ، إذ أن للورثة ، فيما جاوز الجزء الشائع الموصي بحق الانتفاع به وحق انتفاع يتضمنه ملكيتهم الكاملة ، فهم إذن شركاء في الشيوع مع الموصي له في حق الانتفاع بالتركة جمعيها كما سبق القول . وعلى ذلك يستطيع الموصي له أو أي من الورثة أن يطلب قسمة حق الانتفاع الشائع في جميع التركة . فإذا أمكنت القسمة عيناً ، أفرز جزء من التركة يكون فيه للموصي له حق الانتفاع وللورثة حق الرقبة ، وأفرزت بقية أموال التركة ويكون للورثة حق المكية الكاملة فيها . أما إذا لم تمكن القسمة عيناً ، فهل يجوز بيع كل التركة على سبيل القسمة للتصفية licitation ؟يذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن هذا لا يجوز ، إذ قسمة التصفية هنا تؤدي إلى أن تكون هناك قسمة بين الرقبة وحق الانتفاع وهذا ممتنع قانوناً ( لوران 6 فقرة 368 - أوبري ورو 3 فقرة 226 ص 634 هامش 11 - بيدان في تعليقه في داللوز 78 - 1 - 145 ) . ولكن القضاء الفرنسي لا يأخذ بهذا الرأي ، مراعياً في ذلك مصلحة الجميع ، فبيع التركة بملكيتها الكاملة يكون أربح صفقة من أن يباع جزء شائع من التركة بملكيته الكاملة وان يباع جزء شائع آخر مثقلا بحق الانتفاع ، فإذا طلب الموصي له أو أحد من الورثة بيع التركة جميعها بملكيتها الكاملة على سبيل التصفية ، أجيب إلى طلبه ولو عارض في ذلك الآخرون ( نقض فرنسي 24 يونيه سنة 1863 داللوز 63 - 1 - 285 - 25 أغسطس سنة 1879 سيريه 80 - 1 - 181 - 20 - 20 يوليه سنة 1932 داللوز 1933 - 1 - 113 - 21 يونيه سنة 1954 جازيت دي باليه 1954 - 2 - 221 ) . ويقر رأي آخر في الفقه الفرنسي ما ذهب إليه القضاء الفرنسي في ذلك ( بودري وفال في المواريث 2 فقرة 2826 - لابيه في تعليقه في سيريه 80 - 1 - 145 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 761 ص 758 - ص 759 - كاربونييه ص 116 ) .
( [2413] ) هذا إلى أن صاب الانتفاع يسعي بطبيعة الوضع الذي هو فيه إلى أن يستخلص من العين كل ما يستطيع استخلاصه من منفعة دون أن يحاول تحسين العين إذا كان هذا التحسين سيؤول نفعه إلى صاحب الرقبة عند انقضاء حق الانتفاع . وتشتد أضرار حق الانتفاع في الأرض الزراعية ، ويتلوها في التأثير بالضررالمباني والمتاجر والمصانع ، ويخف الضرر كثيراً في الأوراق المالية ( كولان وكابيتان ودي لامورانديير 1 فقرة 1059 ص 857 ) .
( [2414] ) انظر في ذلك إسماعيل غانم ص 5 - ص 6 .
( [2415] ) هذا إلى أن المنتفع ليس له إلا أن يستعمل الشيء وان يستغله دون أن يستهلكه أو يتصرف فيه ، والشيء القابل للاستهلاك لا يمكن استعماله دون استهلاكه أو التصرف فيه ومن ثم لا يكون الشيء القابل للاستهلاك في الأصل قابلا لأن يترتب عليه حق انتفاع .
( [2416] ) والحل الذي أتي به نص التقنين المدني الفرنسي لا يمكن تصور غيره ، وهو منقول عن القانون الروماني . فقد كان هذا القانون في أول الأمر يمنع ترتيب حق الانتفاع على شيء قابل للاستهلاك لأن طبيعة هذا الشيء تستعصي على أن يرد عليه هذا الحق ، ثم تطور القانون فأباح ذلك ، وسمي الحق في هذه الحالة بشبه حق الانتفاع ( quasi - usufruit )ونقل التقنين المدني الفرنسي هذا الحكم في المادة 587 سالفة الذكر .
( [2417] ) ويقرب شبه حق الانتفاع بذلك من حق القرض في عقد القرض ، ففي الحالتين تنتقل ملكية أشياء قابلة للاستهلاك من شخص إلى آخر على أن يرد هذا الأخير للأول مثلها أو قيمتها ولكنهما يختلفان فيما يأتي : ( 1 )ينتهي شبه حق الانتفاع حتماً بموت المنتفع حتى لو حدد له أجل ولم ينقض ، أما القرض فلا يحل يموت المقترض ولكنك بانقضاء الأجل ، ويبقى القرض ديناً في التركة لو مات المقترض فلا يحل بموت المتقترض ولكن بانقضاء الأجل ، ويبقى القرض دينا في التركة لو مات المقترض قبل حلول الأجل . ( ب )القرض لا يكون إلا بعقد أما شبه حق الانتفاع فقد يكون بعقد ولكن يغلب أن يكون بوصية . ( جـ )يجب في شبه حق الانتفاع تقديم كفالة وعمل جرد للأشياء القابلة للاستهلاك ( م 992 مدني ) ، ولا يجب ذلك القرض . انظر عبد المنعم البدرواي فقرة 218 ص 262 - ص 263 .
( [2418] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 759 ص 756 .
( [2419] ) ويترتب على ذلك أ ، ه في حين أن المالك في حق الانتفاع يسترد نفس الشيء عنه نهاية الانتفاع ، إذا به شبه حق الانتفاع ليس إلا دائناً للمنتفع يزاحمه سائر دائني هذا الأخير ( مازو فقرة 1652 ) .
( [2420] ) انظر أيضاً المادة 22 / 41 من التقنين المدني السابق ، وكانت تنص على أنه " يجوز للمنتفع الذي قدم الكفالة أن يستعمل الأشياء التي تنعدم بالاستعمال ، إنما عليه أن يرد بدلها عند انتهاء حقه في الانتفاع " .
( [2421] )ويترتب حق الانتفاع على الحقوق الشخصية من شأنه أن يرتب حقاً عينياً على حق شخص ، يحمل على التساؤل عما إذا كان حق الانتفاع حقا عينياًَ منفرعاً عن حق الملكية ، أو هو حق يتفرع عن الحقوق بوجه عام لا عن حق الملكية فحسب ( بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3415 - كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1060 - مارتي ورينو فقرة 64 ص 82 ) .
( [2422] ) انظر ما يلي فقرة 507 .
( [2423] ) انظر ما يلي فقرة 491
( [2424] ) والمنتفع بمجموع قانوني من المال universalite de droit ، على خلاف المنتفع بمال مستقل بذاته ، يساهم في الوفاء بديون المجموع من المال الذي ينتفع به ، ، فيحمل فوئد هذه الديون ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 760 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3515 ) .
( [2425] ) والمنتفع بمجموع فعلي من المال universalite de foit يتميز ، لا بالمساهمة في الوفاء بالديون ، بل بأعمال نظرية الحلول العيني ( بلانيول ورو 1 فقرة 3516 ) .
( [2426] ) ويوجه أعم ، كل شيء مادي أو غير مادي ، تخول حيازته فائدة اقتصادية أو أدبية أو فكرية ، يصلح أن يكون محلا لحق الانتفاع ( اوبري ورو 2 فقرة 226 هامش 4 مكرر - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 758 ص 755 ) .
( [2427] ) انظر في هذا المعنى المادة 589 من التقنين المدني الفرنسي –على أنه يجوز الاتفاق على إلحاق الأشياء التي تبلى بطول الاستعمال بالأشياء التي تستهلك فوراً بالاستعمال ، فتنتقل ملكية الأشياء التي تلي بطول الاستعمال إلى المنتفع ويكون له حق التصرف فيها واستهلاكا ، ولا يلزم إلا برد قيمتها أو مثلها عند نهاية حق الانتفاع فيتحول حق الانتفاع بهذا الشرط إلى شبه حق انتفاع . وقد يكون الشرط ضمنياً فيستفاد مثلا من تقويم الأشياء التي يشملها حق الانتفاع ، إذا التقويم قد يفهم منه هنا مقام البيع aestimatio facit venditionem وهذه على كل حال قرينة قضائية قابلة لإثبات العكس ، فيجوز للمالك أن يثبت أنه قد عول على استرداد الشيء بذاته لا بقيمته ، وذلك بالرغم من تقويمه في سند حق الانتفاع ( عبد المنعم البدراوي فقرة 220 ) . ل
( [2428] ) وتقول محكمة النقض في خصوص هذا النص إنه " من قبيل حق الانتفاع المؤبد الذي حرمه القانون بين الأفراد وهو بعينه نظام الوقف الذي أتي به الفقه الإسلامي ، وبحسبه وجدت الأموال الموقوفة ، مع ملاحظة أن محرري القانون اضطروا إلى جعل ملك الرقبة للجهة الخيرية وجعل الملك التام يؤول لها في النهاية . وسبب اضطرارهم لهذا أنهم لم يريدوا متابعة فقهاء المسلمين على ما قالوه من أن العين الموقوفة تكون على حكم ملك الواقف أو على حكم ملك الله ، بل كان هذا عندهم من قبيل الأمور التي وراء الطبيعة ( الميتافيزيقية ) والتي لا يأخذون بها في التشريع وهم بالبداهة مخطئون ، لأنهم ماداموا قد أقروا نظام الوقف ينبغي لهم أن يأخذوا فيه بأقوال وضعية ، وإلا فإن عبارتهم في المادة 17 المذكورة تحلل للجهة الخيرية أن تبيع حق الرقبة وان تبيع الملك التام عند أيلولته إليها بعد انقراض ذرية الموصي لهم ، وهذا مخالف لأصول الوقف كل المخالفة " ( نقض مدني 21 يونيه سنة 1934 ملحق مجلة القانون والاقتصاد 4 رقم 68 ) .
( [2429] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموع الأعمال التحضيرية ص 530 - ص 531 .
( [2430] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1239 من المشروع التميهيد على وجه مطابق في الفقرة الأولي منه لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، أما الفقرة الثانية في المشروع التمهيدي فكانت تجري على الوجه الآتي : " ويجوز أن يوصي بحق الانتفاع لأشخاص متعاقبين تعينوا " . وقد عدلت لجنة المراجعة هذه الفقرة الثانية بما جعلها مطابقة لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت على النص تحت رقم 1060 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1057 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 985 ( مجموع الأعمال التحضيرية 6 ص 532 - ص 533 ) .
( [2431] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 937 - ينشأ حق الانتفاع بمجرد إرادة الإنسان ، يومكن إنشاؤه لأجل أو بشرط . ( والتقنين السوري مأخوذ من قانون الملكية العقارية اللبناني ,وقد أغفل ذكر التقادم بين أسباب كسب حق الانتفاع ولم يذكر الشفعة لأنه لم يأخذ بها أصلا ) .
التقنين المدني الليبي م 989( مطابق ، فيما عدا أن الفقرة الأولي من نص التقنين الليبي تضيف القانون إلى أسباب كسب حق الانتفاع ) .
التقنين المدني العراقي م 1249 : يصح أن تملك منافع الأعيان دون رقبتها ، سواء كانت الأعيان عقاراً أو منقولاًُ .
م 1250 : يكسب حق المنفعة بالعقد وبالوصية . ويجوز أيضاً أن يحتج الحائز لهذا الحمق بالتقادم . ( ولا يذكر التقنين العراقي الشفعة بين أسباب كسب حق الانتفاع ، لأنه في النصوص التي أوردها في الشفعة لا يجيز أخذ حق الانتفاع بالشفعة ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني م 33 :ينشأ حق الانتفاع بمجرد إرادة الإنسان ويمكن إنشاؤه إلى اجل أو بشرط . ( والقانون اللبناني كالتقنين السوري لا يذكر بين أسباب كسب حق الانتفاع التقادم ولا الشفعة ، . والقانون اللبناني ، بخلاف التقنين السوري ، يأخذ بنظام الشفعة ، ويذكر في نصوص الشفعة جواز كسب حق الانتفاع بهذا السبب ) .
( [2432] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموع الأعمال التحضيرية 6 ص 532 .
( [2433] ) أنظر ما يلى فقرة 487 .
( [2434] ) أنظر آنفاً فقرة 476 فى الهامش .
( [2435] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن العقد الذى بموجبه يتسلم شخص أرضاً على أن يردها فى نهاية المدة المتفق عليها ، بما ينشئه فيها من أبنية وغراس دون أى تعويض عنها ، يعتبر عقداً منشأ لحق انتفاع ( استئناف مختلط 17 فبراير سنة 1931 م 43 - 229 ) .
( [2436] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 766 .
( [2437] ) أنظر آنفاً فقرة 480 .
( [2438] ) أنظر استئناف مختلط 17 يونيه سنة 1937 م 49 ص 271 – 18 يونيه سنة 1940 م 52 ص 316 .
( [2439] ) أنظر ما يلى فقرة 505 .
( [2440] ) أنظر إسماعيل غانم ص 10 .
( [2441] ) أنظر ما يلى فقرة 505 .
( [2442] ) أنظر آنفاً فقرة 483 .
( [2443] ) أنظر آنفاً فقرة 482 .
( [2444] ) وقد كانت المادة 16 / 33 من التقنين المدنى السابق تنص على أنه " لا يعطى ذلك الحق ( حق الانتفاع ) إلا لشخص أو أكثر موجود على قيد الحياة وقت الإعطاء ، وينتهى على كل حال بوفاته إن لم يكن له ميعاد محدد قبل الوفاة المذكورة " . فالنص يشترط ألا يعطى حق الانتفاع إلا لشخص موجود على قيد الحياة وقت الإعطاء ، فيقع لبس فيما إذا كانت الوصية به تجوز للحمل المستكن وهل يمكن اعتبار الحمل المستكن شخصاً موجوداً على قيد الحياة . فجأة نص المادة 985 / 2 من التقنين المدنى الجديد حاسماً لهذه المسألة ، إذ قال صراحة إنه تجوز الوصية بحق الانتفاع للحمل المستكن ( أنظر عبد المنعم البدراوى فقرة 216 ص 259 ) .
( [2445] ) وفى الشريعة الإسلامية يشترط فى الموصى له أن يكون معلوما وأن يكون موجودا عند الوصية ولا وقت موت الموصى ( أنظر آنفاً فقرة 74 ) – وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 533 .
وانظر فى القانون الفرنسى اوبرى ورو 2 فقرة 228 ص 636 – بودرى وشوفو فقرة 145 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 767 .
( [2446] ) أنظر آنفاً فقرة 483 .
( [2447] ) أنظر آنفاً فقرة 180 .
( [2448] ) أنظر آنفاً فقرة 181 .
( [2449] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 770 – إسماعيل غانم ص 8 – عبد المنعم البدراوى فقرة 216 ص 260 .
( [2450] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 772 - وإذا رفع المالك دعوى على الحائز الذى يدعى أن له حق انتفاع على العين ، يتمسك فيها بانكار حق الانتفاع على الحائز ، سميت الدعوى بدعوى انكار حق الانتفاع action negatorire dusufruit .
( [2451] ) أنظر المادة 600 مدنى فرنسى .
( [2452] ) ولا يجوز لمالك الرقبة أن يتصرف فى العين لمصلحة خاصة مع الإضرار بمصلحة المنتفع ، فلا يجوز له مثلا أن يبيع العقار المنتفع به لإجراء قسمة التصفية ( Licitation ) ، بحيث يتحول حق المنتفع من العقار إلى ما يقابله من الثمن . وإذا تضرر المنتفع من ذلك ولم يقبله ، فإن حق انتفاعه على العقار يبقى بالرغم من البيع ( أوبرى ورو 2 فقرة 230 هامش 2 مكرر - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 773 ) .
( [2453] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المدة 1240 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1061 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1058 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 986 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 534 – ص 535 ) .
( [2454] ) التقنين المدنى السابق م 19 / 38 : تراعى فيما يكون لصاحب حق الانتفاع من الحقوق وما يترتب عليه من الواجبات شروط العقد المترتب عليه حق الانتفاع والأصول المقررة فى المواد الآتية . ( وحكم التقنين المدنى السابق يتفق مع حكم التقنين المدنى الجديد ) .
( [2455] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 991 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1251 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [2456] ) وإذا كان الشىء المنتفع به أرضاً زراعية ، كان له أن يزرعها بنفسه أو بواسطة غيره ولكن هذا يكون استغلالا لا استعمالا . وللمنتفع الحق فى الصيد والقنص فى الأرض المنتفع بها هو وغيره ممن يدعوهم لذلك ، ويكون هذا استعمالا . وذلك ما لم يكن المالك قد سبق له إيجار الحق فى الصيد والقنص ، فيجب عندئذ على المنتفع احترام عقد الإيجار ، ولكن يكون له الحق فى الأجرة طول مدة الانتفاع ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 775 ص 768 ) .
( [2457] ) وقد لا يستعمل المنتفع الشىء بنفسه ، بل يدعو غيره إلى استعماله تبرعاً دون مقابل ، كأن يستضيف بعض ذويه للإقامة فى الدار التى ينتفع بها ، أو يعير السيارة التى له فيها حق الانتفاع . أما إذا نزل عن الاستعمال للغير بمقابل ، فإن هذا يكون استغلالا لا استعمالا ( أنظر فى حق الاستعمال المخول للمالك الوسيط 8 فقرة 299 ) . وقد قدمنا أنه إذا كان الشىء المنتفع به قابلا للاستهلاك كما هو الأمر فى شبه حق الانتفاع ، انتقلت ملكية الشىء إلى المنتفع ، وجاز له استهلاكه والتصرف فيه ، على أن يرد مثله أو قيمته عند نهاية حق الانتفاع ( أنظر آنفاً فقرة 477 ) .
( [2458] ) وتنص المادة 943 من التقنين المدنى السورى على ما يأتى : " للمنتفع حق الاستعمال القائم باستخدام العقار لاستمتاعه الذاتى ، أو لصالحه الشخصى . ويكون هذا الحق شاملا شمول حق مالك العقار ، ويدخل فى ذلك استعمال حقوق الارتفاق ، وكذلك حق الصيد والقنص ، مالم يكن صاحب العقار قد أجر هذه الحقوق قبل إنشاء حق الانتفاع " . وتنص المادة 39 من قانون الملكية العقارية اللبنانى على أن " للمنتفع حق الاستعمال ، أى استعمال العقار لمنفعته الذاتية أو لمصلحته الشخصية . ويذهب هذا الحق إلى الحد الذى يذهب إليه حق صاحب الملك ، ويشمل حق استعمال الارتفاق وحق الصيد والقنص ، مالم يكن صاحب العقار قد أجر هذه الحقوق قبل إنشاء حق الارتفاق " .
وانظر بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3513 .
( [2459] ) أنظر آنفاً فقرة 94 .
( [2460] ) أنظر آنفاً فقرة 95 – وانظر أوبرى ورو 2 فقرة 230 ص 660 – ص 661 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 775 ص 769 .
( [2461] ) وقد يستغل المنتفع المياه المعدنية الموجودة فى الأرض التى ينتفع بها ، بأن يبيعها ويقبض ثمنها ويعتبر هذا الثمن غلة للأرض . أنظر فى استغلال المالك لملكه الوسيط 8 فقرة 302 .
( [2462] ) وقد يضع القانون قيوداً على زراعة الأرض ، فيحدد مثلا المساحة التى يجب أن تزرع قطنا ، ويحظر زراعة الأرز إلا فى مناطق معينة . وإذا أراد المنتفع استغلال محل مقلق للراحة أو ضار بالصحة ، وجب عليه استيفاء شروط معينة والحصول على ترخيص إدارى . كذلك إذا أراد المنتفع استغلال صيدلية ، وجب عليه أن يقيم فيها صيدليا مؤهلا ، إلى غير ذلك من قيود متنوعة ترد على الاستغلال . أنظر فى القيود التى ترد على استغلال المالك لملكه الوسيط 8 فقرة 303 .
( [2463] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1241 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " تكون ثمار الشىء المنتفع به من حق المنتفع على قدر مدة انتفاعه ، كما أن للمنتفع الحق فى الثمار الطبيعية القائمة عند بدء الانتفاع دون إخلال بالحقوق التى كسبها الغير ، أما الثمار التى تكون قائمة وقت انتهاء حق الانتفاع فهى من حق المالك ، على أن يوفى كل منهما الآخر ما أنفقه " . وفى لجنة المراجعة عدلت المادة تعديلا جعلها مطابقة لما استقرت عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمها 1062 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب تحت رقم 1059 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 987 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 535 – ص 537 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى 944 : 1 - للمنتفع الحق بثمار العقار ، أى بالحاصلات الطبيعية أو النقدية التى يغلها العقار فى فترات معينة منتظمة بدون ان تنقص تلك الثمار شيئا من جوهر العقار ، ويدخل فى هذه الحاصلات بدل تأجير حق الصيد والقنص . 2 - ويدخل فى حكم الثمار حاصلات المناجم المكشوفة والمناجم المستورة والمقلع ، إذا كانت هذه الحاصلات عائدة لمالك العقار ، بشرط أن يكون المنجم أو المقلع قد فتح قبل بدء الانتفاع ، والأشجار إذا كانت تغل بآجال منتظمة لاستهلاك حطبها أو بيعها .
م 945 : 1 - فى بدء الانتفاع وعند نهايته ، يصير توزيع الثمار التى لم تكن قد جمعت بعد أو ما كان منها باقيا بدون جمع بين المنتفع ومالك العقار بنسبة المدة التى كان فيها حق الانتفاع قائما والمدة التى لم يكن قائما فيها ، مع مراعاة مدة الإنتاج السنوية أو غير السنوية المقابلة للثمار . 2 - ليس لمالك العقار على المنتفع ، ولا للمنتفع على مالك العقار ، حق استرداد شىء من نفقات الحراثة ، وإنما يحسب له ثمن الأسمدة والبذار التى تكون قد استعملت لتحضير الثمار النائمة على الأرض عند ابتداء الانتفاع أو عند نهايته .
( والتقنين السورى اتبع طريقة معقدة فى توزيع الزرع القائم وقت بداية الانتفاع أو عند نهايته بين المالك والمنتفع ) .
التقنين المدنى الليبى م 991 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1252 : للمنتفع أن يستعمل الشىء المنتفع به وتوابعه ، وله أن يستولى على ثماره مدة انتفاعه . وله نتاج المواشى ، وعليه أن يعوض منها ما نفق من الأصل . ( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 40 ( مطابقة للمادة 944 مدنى سورى وقد أخذت هذه المادة الأخيرة منها ) .
م 41 ( مطابقة للمادة 945 مدنى سورى وقد أخذت هذه المادة الأخيرة منها ) .
( وقد أخذ التقنين السورى من القانون اللبنانى ، وما قيل هناك يقال هنا ) .
( [2464] ) أنظر آنفاً فقرة 466 – وأنظر الوسيط 8 فقرة 363 – فقرة 364 .
( [2465] ) أنظر آنفاً فقرة 466 .
( [2466] ) أما التقنين المدنى الفرنسى فلا يجعل المالك يرجع بما أنفق على إنتاج الزرع القائم فى الأرض وقت بدء حق الانتفاع ، ولا يجعل المنتفع يرجع بما أنفق على إنتاج الزرع القائم فى الأرض وقت انتهاء حق الانتفاع ، فكأنه يجعل ما أنفق المالك قصاصاً فيما أنفق المنتفع .
وهذا يصح لو أن هناك زرعاً قائماً وقت انتهاء حق الانتفاع بقدر الزرع الذى كان قائما وقت بدء الانتفاع . ولكن يقع كثيراً أن الأمر لا يكون على هذا النحو ، فيخسر المالك أو يخسر المنتفع بحسب الأحوال ( انظر م 585 مدنى فرنسى – وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 780 ص 774 ) . أما الثمار المدنية فتكسب يوماً يوماً فى التقنين الفرنسى ، كما هو الأمر فى التقنين المصرى ( أنظر م 586 مدنى فرنسى ) .
( [2467] ) أنظر آنفاً الفقرة فى الهامش .
( [2468] ) وكان نص المشروع التمهيدى يقضى بما قدمناه فى المتن ، ولم يراع ما تقضى به المادة 993 / 2 مدنى فيما إذا وجد زرع قائم عند نهاية حق الانتفاع . وقد استدركت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى هذا السهو ، وذكرت أن الثمار إذا كانت طبيعية أو صناعية فللمنتفع " القائم منها وقت بدء الانتفاع ، دون إخلال بحقوق الغير كما إذا كانت الثمار قد ألحقت بالعقار ، على أن يرد إلى مالك الرقبة ما أنفقه . وله أيضا ما قبض منها طول مدة الانتفاع ، أما القائم عند نهاية الانتفاع فيراعى فيه الحكم الوارد فى المادة 1248 فقرة ثانية ، فتترك الأرض للمنتفع أو الورثة إلى حين إدراك الزرع ، على أن يدفعوا أجرة المثل عن هذه الفترة من الزمن . ويجب تعديل المادة 1241 حتى تؤدى هذا المعنى فتستقيم النصوص ، ولا تتعارض المادة 1241 ( م 987 مدنى ) مع المادة 1248 / 2 ( م 993 / 2 مدنى ) " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 536 - ص 537 ) . والذى وقع أن لجنة المراجعة عدلت المادة 987 مدنى بحيث جعلتها متسقة مع المادة 993 / 2 مدنى فى حالة الزرع القائم عند نهاية مدة الانتفاع كما تشير المذكرة الإيضاحية ، ولكنها تركت حالة الزرع القائم عند بداية الانتفاع إلى حكم القاعدة العامة وهى استحقاق المنتفع لهذا الزرع " بنسبة مدة انتفاعه " ، ولم تراع ما كان ينبغى من التنسيق بين حكم الزرع القائم وقت بداية حق الانتفاع وحكم الزرع القائم عند نهاية هذا الحق . وهذا التنسيق كان يقتضى ، فى حالة حكم الزرع القائم وقت بداية حق الانتفاع ، أن تترك الأرض للمالك بالرغم من بداية حق الانتفاع ، وذلك إلى أن يدرك الزرع ، على أن يدفع المالك فى مقابل ذلك للمنتفع أجرة الأرض فى المدة ما بين بداية حق الانتفاع وإدراك الزرع .
( [2469] ) عبد المنع البدراوى فقرة 228 ص 271 – إسماعيل غانم ص 11 – وقارن محمد كامل مرسى 2 فقرة 250 ص 219 .
( [2470] ) وقد زخرت نصوص التقنين المدنى الفرنسى المتعلقة بحق الانتفاع بكثير من الحالات التى ألفها التعامل فى فرنسا ، ويندر وجودها فى مصر . من ذلك نصوص كثيرة تتعلق بحق الانتفاع بالغابات والأشجار وهى منتشرة فى فرنسا ، ومن ذلك أيضا نص يتعلق بالمناجم والمحاجر وقد أصبح نادر التطبيق بعد صدور تشريعات خاصة فى فرنسا وفى مصر تنظم استغلال المناجم والمحاجر .
ونقف من هذه النصوص عند نص يتعلق بحق الانتفاع بالإيراد المرتب مدى الحياة ، فقد نصت المادة 588 مدنى فرنسى على أن " حق الانتفاع بالإيراد المرتب مدى الحياة يجعل الحق للمنتفع فى أن يتقاضى أقساط المرتب فى أثناء المدة التى يبقى فيها حق الانتفاع ، دون أن يكون ملزما برد شىء ما " . والحكم الذى أورده هذا النص يحسم إشكالا من الصعب حله . فالمنتفع بالإيراد ينحصر حقه ، طبقاً للقواعد العامة ، فى أن يتقاضى فوائد هذا الإيراد مدة بقاء حق الانتفاع . ولما كان الإيراد هو مجموع أقساطه ، وهذا المجموع لا تمكن معرفته إلا عند موت صاحب الإيراد فكان ينبغى انتظار موت هذا الأخير حتى يعرف مجموع أقساط الإيراد ، وإعطاء المنتفع فوائد هذا المجموع من الأقساط طوال المدة التى يبقى فيها حق الانتفاع . وليس هذا بالحل العملى؟ لذلك لجأ المشرع الفرنسى إلى شىء من التحكم " وقضى بإعطاء المنتفع أقساط المرتب التى حلت وقت بقاء حق الانتفاع ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 776 ص 770 ) . ولا يوجد فى مصر نص مماثل لنص التقنين المدنى الفرنسى سالف الذكر ، ولا يمكن الأخذ بالحل الذى ورد فى التقنين المدنى الفرنسى دون نص . فلا مناص من القول بأن صاحب الإيراد يقبض الأقساط ، ويعطى للمنتفع الفوائد بالسعر القانونى ، لا للأقساط التى حلت فحسب ، بل لجميع رأس المال الذى دفع مقابلا للإيراد أو الذى يجب دفعه فى حالة ما إذا رتب الإيراد دون مقابل ( أنظر فى هذا المعنى بودرى وشوفو فقرة 597 ص 390 – وانظر حلا آخر فى كولان وكابيتان ودى لامور انديير 1 فقرة 1081 ص 875 ) .
( [2471] ) أوبرى ورو 2 فقرة 236 ص 71 - بودرى وشوو فقرة 723 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 789 .
( [2472] ) انظر آنفاً فقرة 466 - الوسيط 8 فقرة 363 ص 589 هامش 1 وفقرة 364 ص 590 .
( [2473] ) أوبرى ورو 2 فقرة 236 وهامش 16 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 789 - كولان وكابيتان ودى لامور انديير 1 فقرة 1067 ص 864 – عكس ذلك بودرى وشوفو فقرة 724 .
( [2474] ) أوبرى ورو 2 فقرة 236 ص 713 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 789 .
( [2475] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 790 .
( [2476] ) أوبرى ورو 2 فقرة 230 ص 661 .
( [2477] ) أنظر فى كل ذلك آنفاً فقرة 11 .
( [2478] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 111 .
( [2479] ) أوبرى ورو 2 فقرة 236 هامش 6 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 797 كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1066 .
( [2480] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 799 .
( [2481] ) أوبرى ورو 2 فقرة 236 ص 712 - بودرى وشوفو فقرة 583 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 798 .
( [2482] ) بودرى وشوفو فقرة 583 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 798 - عبد المنعم البدراوى فقرة 222 - إسماعيل غانم ص 8 – كولان وكابيتان ودى لامور انديير 1 فقرة 1066 ( ويذهبون إلى أن المنتفع بيع البضائع ويحل محلها غيرها بموجب الحلول العينى ) – وقارن مازو فقرة 1653 ( ويذهبون إلى أن المنتفع يبيع البضائع لأنها قابلة للاستهلاك فيملكها كما فى شبه حق الانتفاع ) .
( [2483] ) ويلاحظ أن الشركة ، عندما تحدد الأرباح التى توزعها على المساهمين أو على أصحاب الحصص ، تحتجز أولا من الأرباح الصافية التى حققتها جزءاً تخصصه لاستهلاك الآلات والمهمات ولتجديدها ، ثم تحتجز جزءاً آخر تجعله احتياطيا تواجه به الظروف المختلفة التى تمر بالشركة . وتخصص فى نهاية الأمر ، طبقا لنظام الشركة ، الجزء من الأرباح الصافية التى توزعه على المساهمين أو أصحاب الحصص فالعبرة بهذا الجزء الأخير المخصص للتوزيع ، وهو الذى يمكن اعتباره ثماراً . وكما أن المالك لاحق له إلا فى هذا الجزء ، كذلك المنتفع لا يتقاضى إلا هذا ؟؟؟ ثماراً للسهم أو الحصة ، شأنه فى ذلك شأن المالك نفسه ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة ؟؟؟ 78 ) .
( [2484] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 792 ص 785 - وقد تصدر الشركة اسهما جديدة لزيادة رأس المال ، وتضيف علاوة ( prime ) على القيمة الاسمية للسهم الجديد تمثل نصيب هذا السهم فى الاحتياطيات القديمة للشركة وهى الاحتياطيات التى تكونت من أرباح السنين السابقة . فهذه العلاوة لا تعتبر ريعاً ، بل هى جزء من رأس المال . فإذا وزعت الشركة هذه العلاوات على المساهمين القدامى ، كان نصيب السهم من هذه العلاوات من حقا لمالك ، وليس للمنتفع إلا فوائد هذا النصيب ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 793 ) . كذلك إذا أرادت الشركة زيادة رأس المال ، وأعطت للمساهمين القدامى الأفضلية فى الاكتتاب فى الأسهم الجديدة ، فإن هذا الحق يكون لمالك الرقبة دون المنتفع . ولا يجوز للمنتفع أن يكتتب فى الأسهم الجديدة إذا امتنع مالك الرقبة من الاكتتاب فيها ، لأن الحق فى الاكتتاب لا يتصل بالربع وإنما يتصل برأس المال ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 794 ) .
( [2485] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 547 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 795 .
( [2486] ) ويمكن أن نتصور اقتطاع سلطة الإدارة من المنتفع وإبقائها لمالك الرقبة ، ولا يكون للمنتفع إلا غلة الشىء المنتفع به دون أن يتدخل فى إدارة هذا الشىء ( انظر فى ذلك كاربونيه ص 115 ) .
( [2487] ) وقد قضت المادة 701 / 2 مدنى على أنه " يعد من أعمال الإدارة الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات وأعمال الحفظ والصيانة واستيفاء الحقوق ووفاء الديون . ويدخل فيها كل عمل من أعمال التصرف تقتضيه الإدارة ، كبيع المحصول وبيع البضاعة أو المنقول الذى يسرع إليه التلف ، وشراء ما يستلزمه الشىء محل الوكالة من أدوات لحفظة واستغلاله " .
وسنقف ، من أعمال الإدارة التى تصدر من المنتفع ، عند الإيجار وبيع المحصول واستيفاء الحقوق وحضور جلسات الجمعيات العامة للشركات . أما الأعمال الأخرى ، فيكفى الإحالة فيها إلى القواعد العامة .
( [2488] ) أما إذا كان المالك قد آجر العين ، فإن الإيجار يسرى فى حق المنتفع إذا كان ثابت التاريخ وسابقاً على بداية حق الانتفاع . وذلك بأن هذا الإيجار يسرى فى حق المشترى ( م 604 مدنى ) ، فأولى أن يسرى فى حق المنتفع . انظر المادة 946 مدنى سورى والمادة 42 من قانون الملكية العقارية اللبنانى .
( [2489] ) أنظر الوسيط 6 فقرة 37 .
( [2490] ) وإذا كان حق الانتفاع مقرراً طول حياة المنتفع ، وآجر هذا الأخير الشىء لمدة سبع سنوات ، ومات بعد خمس سنوات ، أنتهى الإيجار بموته . وإذا أقر المالك الإيجار بقى قائما مدة السنتين الباقيتين ، ولكن بينه وبين المستأجر . وإذا لم يقره ، وجب عليه أن ينبه على المستأجر بالإخلاء فى المواعيد المبنية بالمادة 563 مدنى ، مع مراعاة إمهال المستأجر فى الأرض الزراعية لنقل محصول السنة . هذا ويجوز للمنتفع أن يؤجر العين لمالك الرقبة نفسه ، فإذا مات قبل انقضاء مدة الإيجار انتهى الإيجار باتحاد الذمة ، إذ يجتمع عند المالك صفة المستأجر وصفة المؤجر معاً ( الوسيط 6 فقرة 37 ص 48 ) – وغنى عن البيان أن جميع الأحكام المتقدمة قد تأثرت إلى حد بعيد بالتشريعات الحديثة الخاصة بإيجار الأماكن وبإيجار الأراضى الزراعية ، وتقضى هذه التشريعات ببقاء المستأجر فى العين المؤجرة حتى بعد انقضاء مدة الإيجار بحكم القانون .
( [2491] ) وفيما يتعلق بمبلغ التأمين ، إذا كان المنتفع هو الذى أمن على حق انتفاعه ، فإن مبلغ التأمين يكون من حقه وحده ، ولا يلتزم برد شىء منه للمالك ، أما إذا كان التأمين على ملكية الشىء المنتفع لا على حق الانتفاع وحده ، فإن مبلغ التأمين يكون من حق المالك ، على أن يكون للمنتفع حق فى استثماره على النحو الذى قدمناه ( أوبرى ورو 2 فقرة 231 ص 671 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 805 ) .
( [2492] ) وهذا الحكم متفق عليه فيما إذا كان نظام الشركة يقضى بأن حق الحضور يكون للمنتفع دون المالك ، وفيما إذا كان السهم ليس سهما اسميا بل هو سهم لحامله . أما إذا كان السهم اسمياً ولا يوجد فى نظام الشركة حكم فى المسألة ، فالأمر مختلف فيه . فرأى يذهب إلى أن حق الحضور لا يكون إلا للمالك ، ورأى ثان يذهب إلى أن للمنتفع حق الحضور فى الجمعيات العامة العادية ويحضر المالك فى الجمعيات العامة غير العادية ، ورأى ثالث يذهب إلى وجوب حضور كل من المالك والمنتفع فى الجمعيات العادية وغير العادية وإذا اختلفا فالقضاء يفصل فى الأمر . ويبدو أنه إذا سلم بأن حضور جلسات الجمعية العامة هو عمل من أعمال الإدارة ، فإنه يجب القول بأن المنتفع لا المالك هو الذى له حق الحضور فى جميع جلسات الجمعية العامة ، سواء كانت الجمعية العامة عادية أو غير عادية ( أنظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 807 ص 798 والمراجع التى أشير إليها ) .
( [2493] ) أنظر آنفاً فقرة 484 – وأنظر م 947 مدنى سورى ، وم 1253 مدنى عراقى ، و م 43 س قانون الملكية العقارية اللبنانى .
( [2494] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 813 .
( [2495] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 812 .
( [2496] ) أنظر آنفاً فقرة 484 وفقرة 505 .
( [2497] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 814 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2513 ص 1155 - كولان وكابيتان ودى لامور انديير 1 فقرة 1064 – وأما فيما يتعلق بترتيب حق ارتفاق على حق الانتفاع ، فإن ذلك لا يجوز ، فإن حق الارتفاق فرع عن الملكية لا عن حق الانتفاع ، فلا يجوز لغير مالك الرقبة ترتيبه ، ولا يجوز ذلك للمنتفع ( بودرى وشوفو فقرة 1906 ص 827 – وانظر أوبرى ورو 3 فقرة 250 ص 102 ويريان جواز ترتيب حق يشبه حق الارتفاق على حق الانتفاع بحيث لا يمس هذا الحق بحق مالك الرقبة – وقارن شفيق شحاته فقرة 93 ص 116 ) .
( [2498] ) كذلك لا يجوز له أن يبيع القيم المنقول ( valeurs mobilieres ) التى يتضمنها حق الانتفاع ، حتى لو كانت هذه القيم لحاملها . ولا يجوز له أن يحوله سندا اسميا إلى سند لحامله ، فإن هذا التحويل يعتبر من أعمال التصرف ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 808 وفقرة 810 ) .
( [2499] ) أنظر آنفاً فقرة 477 .
( [2500] ) ويتحقق شبه حق الانتفاع فيما إذا كان الشىء المنتفع به شيئا قابلا للاستهلاك ، وفيما إذا كان هذا الشىء معداً للبيع كالبضائع ، وفيما إذا كان قد قوم تقويما قصد به نقل الملكية إلى المنتفع على أن يرد القيمة عند نهاية حق الانتفاع ( أنظر آنفاً فقرة 478 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 811 ) .
( [2501] ) والحكم الذى يصدر لصالحه ، فى دعوى الإقرار بحق الانتفاع أو فى دعاوى الحيازة ، يجوز لمالك الرقبة أن يحتج به ، أما الحكم الذى يصدر ضده فلا يجوز أن يحتج به على مالك الرقبة ( أوبرى ورو 2 فقرة 230 ص 669 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 817 ) .
( [2502] ) وقد قضت محكمة النقض بان للمنتفع أن يرفع دعاوى اليد ( نقض مدنى 11 يناير سنة 1945 المحاماة 27 رقم 412 ص 1035 ) – وإذا نجح المنتفع فى دعوى الحيازة التى يرفعها على المالك ، جاز له أن يحتج بهذه الحيازة فتقوم قرينة لصالحه على أنه هو صاحب حق الانتفاع إلى أن يثبت المالك عكس ذلك . ويثبت فى الوقت ذاته أن المنتفع هو حائز عرضى بالنسبة إلى حق الملكية ، فلا يستطيع أن يتملك هذا الحق بالتقادم . بل يجوز للمالك أن يرفع دعاوى الحيازة ليحمى حيازته لحق ملكيته ضد من يتعرض لهذا الحق ، ويتمسك فى ذلك بأن المنتفع يحوز حق الملكية نيابة عنه ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 815 ص 803 ) .
( [2503] ) أوبرى ورو 2 فقرة 230 ص 668 – بودرى وشوفو فقرة 905 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 815 ص 803 – عبد المنعم البدراوى فقرة 233 ص 274 – وفى جميع الأحوال إذا كانت الدعوى تتعلق بحقوق مالك الرقبة ومالك حق الانتفاع ، فللغير التى ترفع ضده الدعوى أن يطلب إدخال من لم يدخل منهما خصما فى الدعوى ( أوبرى ورو 2 فقرة 230 ص 670 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 817 ) .
( [2504] ) أنظر آنفاً فقرة 502 .
( [2505] ) أوبرى ورو 2 فقرة 230 ص 668 – بودرى وشوفو فقرة 555 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 816 ص 804 .
( [2506] ) أوبرى ورو 2 فقرة 230 ص 668 – بودرى وشوفو فقرة 555 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 816 ص 804 .
( [2507] ) أوبرى ورو 2 فقرة 230 ص 669 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 816 .
( [2508] ) أنظر آنفاً فقرة 489 – وقرب عبد المنعم البدراوى فقرة 236 .
( [2509] ) وتعتبر هذه الالتزامات التزامات عينية ، لأنها نشأت بسبب وجود الرقبة فى يد المنتفع ، وتدور كلها حول وجوب المحافظة على العين مراعاة لحق صاحب الرقبة – ويترتب على ذلك أنه يجوز للمنتفع التخلص من هذه الالتزامات إذا هو تخلى عن حقه فى الانتفاع وترك العين المنتفع بها ( abandon ) ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " تعرض نصوص المواد . . . لالتزامات المنتفع ، وهى التزامات تجب فى ذمته لأن فى يده رقبة العين المنتفع بها فيستطيع إذن أن يتخلص منها إذا هو تخلى عن حقه فى الانتفاع . وتدور الالتزامات كلها حول وجوب المحافظة على العين ، مراعاة لحق صاحب الرقبة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 539 ) .
( [2510] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1243 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، ما عدا بعض الفروق . ووافقت لجنة لمراجعة على النص تحت رقم 1063 فى المشروع النهائى ، بعد أن أضافت إلى الفقرة الأولى عبارة " بحالته التى تسلمه عليها " ، وإلى الفقرة الثانية عبارة " أو غير متفق مع طبيعتها " ، فأصبح النص مطابقاً كل المطابقة لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1060 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 988 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 538 - ص 540 ) .
( [2511] ) التقنين المدنى السابق م 20 / 39 : يجب على من له حق الانتفاع ان يستعمل الشىء فيما وضع له .
( [2512] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 948 : 1 - على المنتفع أن يستغل العقارات كمالك معتن مجتهد ، وعليه على الأخص أن يعلم المالك بالتهديدات التى يقدم عليها الغير على العقارات ، وإلا كان مسئولا عن الضرر الذى يلحق بمالكها . 2 - وعليه أيضاً أن يتابع العمل بصكوك التأمين المعقودة سابقاً ، وأن يسدد أقساط التأمين المترتبة عليه . 3 - وعلى المنتفع فى استعماله العقار واستغلاله أن يعمل وفقاً لما اعتاده ملاك العقار السابقون ، ولا سيما فيا يتعلق بالغاية المعدة لها الأبنية ، وطريقة زراعة الأراضى ، واستثمار الأحراج والمقالع . غير أنه يمكنه زراعة الأراضى البور ، أو بصورة أعم تحسين طريقة الزراعة م 957 : 1 - يجوز إسقاط المنتفع من حقه بحكم قضائى بناء على طلب مالك الرقبة ، بسبب إساءة المنتفع فى إساءة المنتفع فى استغلال العقار ، لا سيما إذا أحدث تخريبا فيه أو إذا تركه يخرب لإهماله العناية به . 2 - وفى هذه الحالة يجوز لدائنى المنتفع أن يتدخلوا فى الدعوى ، ويمكنهم أن يعرضوا تولى إصلاح ما تخرب وتقديم ضمانات للمستقبل . 3 - وللقاضى ، حسب خطورة الظروف ، إما أن يحكم بإسقاط حق الانتفاع إسقاطاً مطلقاً ، وأما أن يأمر بعدم تسليم العقار إلى مالك الرقبة إلا على شريطة أن يدفع سنوياً للمنتفع أو لمن انتقل إليه حقه مبلغاً معيناً حتى الأجل المحدد لانتهاء حق الانتفاع . ( وهذه الأحكام فى مجموعها لا تختلف عن أحكام التقنين المصرى .
التقنين المدنى الليبى م 992 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى 1254 : 1 - على المنتفع أن يستعمل الشىء بحسب ما أعد له .
2 - ( مطابقة للفقرة الثانية من المادة 988 مصرى )
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 44 و م 54 ( تكادان تطابقان المادتين 948 و 957 من التقنين السورى ، وهاتان المادتان الأخيرتان مأخوذتان منهما ) .
( [2513] ) أنظر آنفاً فقرة 488 .
( [2514] ) أنظر آنفاً فقرة 491 .
( [2515] ) أوبرى ورو 2 فقرة 231 ص 670 .
( [2516] ) أنظر آنفاً فقرة 508 .
( [2517] ) مازو فقرة 1681 ص 1332 – وانظر استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 95 – وقد قضى بأنه إذا ثبت أن المنتفع بقطعة أرض زراعية قد أخذ أتربة منها بحيث هبط مستواها إلى عمق متوسطة متر ، فقد استعملها استعمالا غير جائز ، وسقط بذلك حقه فى الانتفاع ( منوف 18 يناير سنة 1930 المحاماة 10 رقم 393 ص 784 ) .
( [2518] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 539 .
( [2519] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1244 من المشروع التمهيدى على وجه يكاد يكون مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة ، تحت رقم 1064 من المشروع النهائى ، بعد إدخال تعديلات لفظية فى الفقرة الأولى ، نصار النص مطابقا كل المطابقة لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1061 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 989 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 540 – ص 542 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 949 : 1 - تكون على عاتق المنتفع الضرائب العقارية المختلفة ، وكذلك الترميمات اللازمة لصيانة العقار .
2 - أما التصليحات الكبيرة أى التى تتعلق بتجديد قسم مهم من العقار وتستوجب مصاريف غير عادية ، فإنها تترتب على مالك الرقبة .
م 950 : 1 - إن مالك الرقبة والمنتفع غير ملزمين بإعادة بناء ما تهدم بسبب قدمه ، أو قضاءاً وقدراً . 2 - إلا أنه إذا حدث الانهدام على أثر كارثة ، وكان العقار المهدوم كله أو بعضه مؤمناً ، فيجوز بناء على طلب مالك الرقبة أو المنتفع ، استعمال التعويض المدفوع لتجديد بناء العقار أو لترميمه . ( وهذه الأحكام فى مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .
التقنين المنى الليبى م 993 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1255 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 45 – 46 ( تكادان تطابقان المادتين 949 – 950 مدنى سورى وهاتان المادتان الأخيرتان مأخوذتان منهما ) .
( [2520] ) ويعتبر من أعمال الصيانة ، ويعتبر فى الوقت ذاته من أعمال الحفظ ، أن يجدد المنتفع قيد الرهون ، وأن يقطع التقادم إذا كان حق يشمله الانتفاع مهددا بالسقوط بالتقادم ( أوبرى ورو 2 فقرة 231 ص 671 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 832 ص 815 ) .
( [2521] ) ويلتزم المنتفع بأعمال الصيانة reparations dentretien نتيجة لالتزامه بأن ينتفع بالشىء كما ينتفع المالك بملكه . هذا إلى أن أعمال الصيانة من التكاليف التى يقتضيها الحصول على الثمار وتدفع عادة من الريع ، فى حين أن الإصلاحات الجسيمة تدفع عادة من رأس المال فتكون على المالك ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 834 ص 817 ) . وانظر فى تحديد أعمال الصيانة وأعمال الإصلاحات الجسيمة المادة 606 مدنى فرنسى .
( [2522] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 840 .
( [2523] ) أنظر ما يلى فقرة 533 .
( [2524] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 541 .
( [2525] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 841 .
( [2526] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 842 – وإذا كان المنتفع موصى له بحق الانتفاع بجزء من التركة ، فإنه يتحمل من فوائد ديون التركة ما يتناسب مع هذا الجزء الموصى به . فإن دفع الورثة ديون التركة ، فإنهم يرجعون على المنتفع بفوائد جزء من هذه الديون يتناسب مع الجزء الموصى به . وإن دفع المنتفع الجزء من الديون الذى يتناسب مع الجزء الموصى به له ، فإنه يرجع على الورثة بما دفع عند نهاية حق الانتفاع . فإذا لم تدفع الورثة الديون ، ولم يتقدم المنتفع بدفعها ، بيع من أعيان التركة ما يفى بالديون ، ويكون فى ذلك انتقاص من الجزء من التركة الموصى بحق انتفاعه يتحمله المنتفع ( انظر المادة 612 مدنى فرنسى ، والمواد 951 - 953 من التقنين المدنى السورى ، والمواد 47 - 49 من قانون الملكية العقارية اللبنانى ) .
وانظر فيما يتحمل مصروفات الدعاوى التى تتعلق بحق الانتفاع وبالرقبة المادة 613 مدنى وفرنسى .
( [2527] ) تاريخ النصوص : م 990 : ورد هذا النص فى المادة 1245 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، ما عدا أن نص المشروع التمهيدى كان يشتمل فى آخر الفقرة الثانية على عبارة " حتى لو لم يطلب المالك الرد " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1065 فى المشروع النهائى ، بعد حذف عبارة " ولو لم يطلب المالك الرد " من آخر الفقرة الثانية . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1062 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 990 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 542 – ص 544 ) .
م 991 : ورد هذا النص فى المادة 1246 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " إذا هلك الشىء أو تلف ، أو احتاج إلى اصلاحات جسيمة مما يجب على المالك القيام به ، أو اتخاذ إجراء يقيه من الخطر لم يكن منظوراً ، فعلى المنتفع أن يبادر بإخطار المالك ، وعليه إخطار المالك أيضاً إذا اغتصب أجنبى حقاً على الشىء " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1066 فى المشروع النهائى ، بعد استبدال عبارة " مما يجب على المالك أن يتحمل نفقاته " بعبارة مما يجب على المالك القيام به " ، واستبدال عبارة " إذا استمسك أجنبى بحق يدعيه على الشىء نفسه " بعبارة " إذا أغتصب أجنبى حقاً على الشىء " ، فأصبح النص مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد .
ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1063 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 991 ( مجوعة الأعمال التحضيرية 6 ص 544 – ص 546 ) .
( [2528] ) التقنين المدنى السابق م 24 / 43 : لا يسأل المنتفع عن ضياع أو تلف الشىء متى كان حاصلا دون تقصير منه .
( [2529] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 948 / 1 و 2 : 1 - على المنتفع أن يستغل العقارات كمالك معتن مجتهد . وعليه على الأخص أن يعلم المالك بالتهديدات التى يقدم عليها الغير على العقارات ، وإلا كان مسئولا عن الضرر الذى يلحق بمالكها . 2 - وعليه أيضا أن يتابع العمل بصكوك التأمين المعقودة سابقاً ، وأن يسدد أقساط التأمين المترتبة عليه . ( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصرى 9 .
التقنين المدنى الليبى م 994 / 995 م – ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1154 / 1 : على المنتفع أن يستعمل الشىء بحسب ما أعد له وأن يبذل من العناية فى حفظه ما يبذله الشخص المعتاد ، وهو مسئول عن هلاكه ولو بغير تعد ، إذا كان قد تأخر فى رده إلى صاحبه بعد انتهاء حق الانتفاع ( وهذا النص يكاد يطابق المادتين 990 و 998 / 1 مدنى مصرى ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى : م 44 / 1 ( تكاد تطابق المادة 948 / 1 و 2 مدنى سورى وهذه المادة الأخيرة مأخوذة منها ) .
( [2530] ) أنظر آنفاً فقرة 581 .
( [2531] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " على المنتفع أيضاً أن يحافظ على الشيء ، ويبذل من العناية فى ذلك ما يبذله الشخص المعتاد . فإن انتهى حق الانتفاع ، وجب عليه الرد . فإذا تأخر الرد وهلك الشيء ، ولو بسبب أجنبى ، كان مسئولا عن الهلاك ، حتى لو كان المالك لم يطالب بالرد " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 543 ) . وأنظر كاربونييه ص 110 .
( [2532] ) أنظر م 948 / 2 مدنى سورى و م 42 / 1 من قانون الملكية العقارية اللبنانى . وأنظر كذلك المادة 1045 مدنى ألمانى . أما فى فرنسا فيبدو أن المنتفع لا يلتزم بتجديد عقد التأمين ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 832 – مازو فقرة 1681 ) .
( [2533] ) أنظر آنفاً فقرة 517 .
( [2534] ) بودرى وشوفو فقرة 680 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 737 ص 820 – وقارن أوبرى ورو 2 فقرة 231 وهامش 22 .
( [2535] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1247 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1067 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1064 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 992 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 546 – ص 548 ) .
( [2536] ) التقنين المدنى السابق م 21 / 40 : إذا كان المال المقرر عليه حق الانتفاع منقولا ، وجب حصره بالجرد ، ولزم المنتفع تقديم كفالة به . فإن لم يقدمها بيع المال المذكور ، ووضع ثمنه فى أوراق أميرية ، وأعطيت أرباحها إليه .
م 22 / 41 : يجوز للمنتفع الذى قدم الكفالة أن يستعمل الأشياء التى تنعدم بالاستعمال ، إنما عليه أن يرد بدلها عند انتهاء حقه فى الانتفاع .
م 23 / 42 : الزيادة التى تحصل من نتاج المواشى تكون للمنتفع بها ، إنما بعد أن يستعوض من النتاج ما نفق من الأصل بآفة سماوية .
( وهذه النصوص جميعاً تتفق مع نص التقنين المدنى الجديد ) .
( [2537] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 939 : 1 - يجب على المنتفع قبل مباشرته الانتفاع : ( أ ) أن ينظم كشفاً بالعقارات . ( ب ) أن يقدم كفيلا قديراً على الدفع . 2 - على أنه يجوز إعفاؤه من هذين الالتزامين بنص السند الذى ينشأ بموجبه حق الانتفاع .
م 940 : 1 - يجب تنظيم الكشف بالعقارات بحضور المالك أو بعد أن يدعى إلى ذلك بطريقة قانونية ، ويجب تحريره على الشكل المتبع لدى الكاتب العدل ، على نفقة المنتفع . 2 - على أنه يجوز للمنتفع أن يتفق ومالك الرقبة ، بشرط أن يكون الطرفان حائزين على أهلية المتعاقد ، على وضع الكشف بالتراضى وبدون نفقة .
م 941 : إذا قدمت الكفالة متأخرة ، فالثمار التى يكون قد تناولها مالك العقار أثناء هذا التأخير ترد للمنتفع . 2 - ويجوز أن يستعاض عن الكفالة برهن أو تأمين على أموال تعتبر كافية .
م 942 : إذا لم يقدم المنتفع الكفالة ولا ضمانة أخرى ، فتؤجر العقارات الجارى عليها حق الانتفاع أو تسلم إلى حارس قضائى ، وتؤخذ أجرة الحارس من ثمار العقار .
( وهذه النصوص ، كنصوص قانون الملكية العقارية اللبنانى ، التى هى مصدرها ، لا تتكلم إلا عن حق الانتفاع بالعقار ) .
التقنين المدنى الليبى م 996 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى : م 1256 ( توافق الفقرة الأولى من المادة 992 مدنى مصر ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 35 - 38 ( توافق المواد 939 - 938 مدنى سورى سالفة الذكر ، وهذه المواد الأخيرة مأخوذة منها ) .
( [2538] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 823 .
( [2539] ) وتنص المادة 774 مدنى على أنه " إذا التزم المدين بتقديم كفيل ، وجب أن يقدم شخصاً موسراً ومقيماً فى مصر . وله أن يقدم ، عوضاً عن الكفيل ، تأميناً عينياً كافياً " .
( [2540] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 826 .
( [2541] ) أوبرى ورو 2 فقرة 229 ص 644 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 825 .
( [2542] ) أنظر آنفاً فقرة 522 .
( [2543] ) أنظر آنفاً فقرة 477 وفقرة 495 .
( [2544] ) أنظر م 958 من التقنين المدنى السورى و م 54 من قانون الملكية العقارية اللبنانى .
( [2545] ) وفى التنفيذ على الرقبة لا يدخل المنتفع طرفا فى الإجراءات ، لأن حقه لا يتأثر ولا يضار بهذا التنفيذ ( استئناف مختلط 16 أبريل سنة 1935 م 47 ص 251 ) . ولا يجوز للمنتفع التدخل فى تفليسة تتضمن رقبة العين المنتفع بها ، لأن المنتفع حقه عينى لا يتأثر بالتفليسة ولا يضار بها ( استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1917 م 30 ص 104 ) .
وإذا باع مالك الرقبة الملكية الكاملة للعين ، لم ينفذ هذا البيع فى حق المنتفع إلا برضاه . وقد يتفقان على أن يختص كل منهما بجزء من الثمن يتناسب مع قيمة حقه ، أو أن يبقى الثمن كله مالك الرقبة على أن يكون للمنتفع فوائده . إلى نهاية حق الانتفاع ، أو على أمر آخر يرتضيانه معاً ( قارن بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 848 ) .
( [2546] ) بودرى وشوفو فقرة 1096 ص 827 .
( [2547] ) أنظر آنفاً فقرة 498 .
( [2548] ) أنظر فى كل ذلك آنفاً فقرة 498 – وإذا كان ما تنتجه العين مما لا يعتبر ثماراً هو حق مالك الرقبة على النحو الذى قدمناه ، فأولى أن يكون من حق مالك الرقبة ما لم تنتجه العين ولا يعتبر جزءاً منها . فالكنز الذى يعثر عليه فى العقار المنتفع به يكون من حق مالك الرقبة دون المنتفع ، بل إن المنتفع لا يحق له الحصول على الفوائد فى هذه الحالة لأن الكنز مال مستقل عن العقار وليس ناتجاً منه ، وقد سبق بيان ذلك ( أنظر آنفاً فقرة 496 ) .
( [2549] ) أوبرى ورو 2 فقرة 233 – ص 287 – بودرى وشوفو فقرة 558 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 850 ص 8031 – وإذا كانت هناك دعوى تتعلق بالرقبة وحق الانتفاع معاً ، ودخل المنتفع وحده فيها خصماً ، كان على الخصم الآخر أن يدخل مالك الرقبة خصماً فى الدعوى حتى يكون الحكم سارياً فى حقه . أما إذا كانت الدعوى تتعلق بالرقبة وحدها دون حق الانتفاع ، كما إذا تنازع على الرقبة شخصان يسلمان معاً بأن حق الانتفاع لشخص ثالث ، فلا محل فى هذه الحالة –لإدخال المنتفع خصماً فى الدعوى ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 850 ) - وتبقى مستندات ملكية الدين عند مالك الرقبة ، على شرط أن يمكن المنتفع من استعمالها عند الاقتضاء وتقديمها فى الدعاوى ( ديمولومب فقرة 218 مكررة – بودرى وشوفو فقرة 434 ) .
( [2550] ) أنظر آنفاً فقرة 511 وما بعدها .
( [2551] ) أنظر آنفاً فقرة 514 .
( [2552] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 854 ص 834 هامش 2 .
( [2553] ) بازو فقرة 1661 .
( [2554] ) أوبرى ورو 2 فقرة 233 ص 685 – بودرى وشوفو فقرة 558 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 855 ص 834 .
( [2555] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 855 ص 835 .
( [2556] ) والذى يقطع فى أنه لا يوجد التزام شخصى فى هذا الصدد فى ذمة مالك الرقبة أن هذا الأخير إذا كان له عقار مجاور للعقار المنتفع به ، فإن له أن يستعمل حقه ملكيته كاملا فى هذا العقار ، ولو أدى ذلك إلى الإضرار بالمنتفع ، ما دام أنه قد راعى التزامات الجوار فلم يلحق بالمنتفع ضرراً غير مألوف ( أوبرى ورو 2 فقرة 233 ص 686 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 855 ص 835 ) .
( [2557] ) أنظر آنفاً فقرة 517 .
( [2558] ) أنظر آنفاً فقرة 521 – وأنظر فى التأمين على العين المنتفع بها ، سواء من جانب مالك الرقبة وحده أو من جانب المنتفع أو كان من جانبهما معاً ، ولمصلحة أى منهما أو لمصلحة الاثنين : بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 853 .
وهناك رأى فى الفقه الفرنسى يدعو إلى إيجاد تضامن وتعاون أكبر بين مالك الرقبة والمنتفع فى خلال مدة الانتفاع ، فيجوز مثلا للمنتفع أن يلزم مالك الرقبة بالقيام بالإصلاحات الجسمية ، ويكون له الحق فى تقاضى تعويض عن التحسينات والمنشآت التى يستحدثها فى العين المنتفع بها ، ويكون له تحت رقابة القضاء الحق فى تعديل طرق الانتفاع بالعين المنتفع بها وطرق استغلالها ( كاربونييه ص 115 ) .
( [2559] ) وهناك أسباب أخرى ، تكفى الإشارة إليها هنا . فقد ينتهى حق الانتفاع لسقوطه بسوء الاستعمال ، وقد تقدم الكلام فى ذلك ( آنفا فقرة 514 ) . وقد ينتهى أيضاً بفسخ حق المالك الذى رتب الانتفاع ، كما لو كانت ملكيته معلقة على شرط فاسخ ويتحقق الشرط ومن ثم تزول الملكية بأثر رجعى ويزول تبعاً لزوالها ما رتبه المالك من حق الانتفاع ، وليس فى هذا إلا تطبيق للقواعد العامة . أما شبه حق الانتفاع ، وفيه تنتقل ملكية الأشياء القابلة للاستهلاك إلى المنتفع ، فإنه لا ينتهى إلا بانقضاء الأجل وبموت المنتفع ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 861 ) .
( [2560] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1248 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة رقم 1068 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1065 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 993 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 548 – ص 550 ) .
ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق : م 16 / 33 : لا يعطى ذلك الحق إلا لشخص أو أكثر موجود على قيد الحياة وقت الإعطاء ، وينتهى على كل حال بوفاته إن لم يكن ميعاد محدد قبل الوفاة المذكورة . م 27 / 46 : ينتهى حق الانتفاع بانقضاء الزمن المعين له ، أو بترك المنتفع حق فيه ، أو بانعدام المال المقرر عليه حق الانتفاع ، أو باستعماله استعمالا غير جائز ، هذا مع مراعاة حقوق الدائنين المرتهنين . ( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المدنى الجديد ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 954 / 1 و 2 : 1 - يسقط حق الانتفاع بانتهاء أجله ، أو بموت المنتفع أو بتلف الشيء المنتفع به تلفا كاملا ، . . . 2 - لا يكون لهذا السقوط أثر قانونى إلا بعد ترقين القيد المدون فى السجل العقارى .
( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 997 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1257 ( مطابق الفقرة الأولى من المادة 993 مصرى ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 50 / 1 ( وتطابق م 954 / 1 و 2 سورى سالفة الذكر ، والمادة الأخيرة مأخوذة منها ) .
( [2561] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن حق الانتفاع ينتهى بانقضاء الأجل وينتهى معه حق من تلقى حق الانتفاع والمنتفع ، وذلك دون حاجة إلى إعذار من المالك أو إنذار منه ( استئناف مختلط 17 فبراير سنة 1931 م 43 ص 229 ) .
( [2562] ) وقد قدمنا أنه إذا قرر حق الانتفاع لمصلحة شخص معنوى ، فإنه يدوم ما دام هذا الشخص المعنى قائماً ، ولا ينتهى إلا بانحلال الشخصى المعنوى ، ما لم يكن قد حدد أجل لحق الانتفاع وانقضى الأجل قبل انحلال الشخص المعنوى ( أنظر آنفاً فقرة 484 ) .
( [2563] ) أنظر آنفاً فقرة 493 .
( [2564] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1249 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - ينتهى حق الانتفاع بهلاك الشيء ، إلا أنه ينتقل من هذا الشيء إلى العوض الذى قام مقامه . 2 - وإذا لم يكن الهلاك راجعاً إلى خطأ المالك ، فلا يجبر على إعادة الشيء لأصله . ولكنه إذا أعاده ، رجع حق الانتفاع " . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1069 فى المشروع النهائى ، بعد تعديله على الوجه الذى استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1066 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 994 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 551 – 553 ) .
ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المادة 27 / 46 ( أنظر آنفاً فقرة 535 فى الهامش ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 954 / 3 : ينتقل حق الانتفاع عند الاقتضاء إلى التعويض المدفوع عن التأمين أو ثمن الاستهلاك لمنفعة عامة ( وأنظر م 954 / 1 سورى آنفا فقرة 535 فى الهامش ) . م 956 : 1 - إذا لم يكن حق الانتفاع جارياً إلا على بناية ، وحدث أن تلفت هذه البناية بحريق أو بحادث آخر ، أو أنها سقطت من القد ، فلا يحق للمنتفع أن يستغل الأرض ولا مواد البناء . 2 - ويكون الأمر بالعكس فيما إذا كان الانتفاع يشمل تمام العقار الذى تكون البناية جزءاً منه ، ما لم تطبق فى الحالتين المذكورتين الفقرة الثانية من المادة 950 .
( وهذه الأحكام تتفق فى مجموعها مع أحكام التقنين المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 998 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1258 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 50 ( توافق المادة 954 مدنى سورى بفقراتها الثلاث ، وهذه المادة الأخيرة مأخوذة منها ) .
م 52 ( توافق المادة 956 مدنى سورى ، وهذه المادة الأخيرة مأخوذة منها ) .
( [2565] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 552 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 865 ص 843 .
( [2566] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1251 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1070 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1067 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 995 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 553 – ص 556 ) .
ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المادة 29 / 50 : ينتهى حق الانتفاع أيضاً بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة .
ويقابل فى التقنين المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 999 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1260 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [2567] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 554 .
( [2568] ) ويصح أن يكون الذى يكسب حق الانتفاع بالتقادم هو مالك الرقبة نفسه ذا وضع يده على حق الانتفاع بنية تملكه ، كما يصح أن يضع الغير يده على العين كلها بنية تملكها فكسب ملكيتها الكاملة ، ويضيع على كل من المنتفع ومالك الرقبة حقه فى العين ( مازو فقرة 1682 ) .
( [2569] ) أنظر م 959 مدنى سورى و م 55 من قانون الملكية العقارية اللبنانى – وأنظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 866 س 844 – ص 845 .
( [2570] ) وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، " لأن حكمة مستفاد من القواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 552 فى الهامش ) . وأنظر المادة 1259 مدنى عراقى .
( [2571] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد المادة 1250 من هذا المشروع : " ينتهى حق الانتفاع كذلك باتحاد الذمة ، بأن يرث المالك المنتفع أو يرث المنتفع المالك ، أو يشترى المالك حق الانتفاع أو يشترى المنتفع حق الرقبة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 552 فى الهامش ) . ويلاحظ على هذا القول أنه لا يتأتى أن يرث المالك المنتفع ، لأن حق الانتفاع ينتهى حتما يموت المنتفع ، فلا يورث عنه هذا الحق . وإنما تعود ملكية العين كاملة لصاحب الرقبة بموت المنتفع ، لا بسبب اتحاد الذمة ، بل لانتهاء حق الانتفاع ( بودرى وشوفو فقرة 738 ص 478 ) .
والقول بأن اتحاد الذمة يتحقق بانتقال الرقبة إلى المنتفع أو بانتقال حق الانتفاع إلى مالك الرقبة هو القول المشهور ( أوبرى ورو 2 فقرة 234 ص 695 – ص 696 وهامش 26 – بودرى وشوفو فقرة 378 – فقرة 739 ) . وهناك رأى يذهب إلى أن اتحاد الذمة لا يتحقق فى شخص مالك الرقبة ، لأن هذا المالك إذا حصل على حق الانتفاع معاوضة أو تبرعا ، اعتبر ذلك نزولا من المنتفع عن حقه فيزول حق الانتفاع ، وترجع الملكية كاملة لمالك الرقبة ، لا بموجب اتحاد الذمة ، بل بموجب زوال حق الانتفاع ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 870 ) . وهذا الرأى الأخير هو الذى نختاره ، فقد قدمنا أن انتقال حق الانتفاع إلى مالك الرقبة لا يعد انتقالا بل هو نزول عن حق الانتفاع ( أنظر آنفاً فقرة 539 ) .
( [2572] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 552 فى الهامش .
( [2573] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 871 – فقرة 875 .
( [2574] ) أنظر آنفاً فقرة 517 .
( [2575] ) أنظر آنفاً فقرة 521 .
( [2576] ) ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 26 / 45 : لا يجوز للمنتفع أن يبنى بناء أو يغرس غراسا بدون رضاء المالك ، وعليه أن يثبت ذلك الرضاء بالكتابة أو بإقرار المالك أو بامتناعه عن اليمين .
( [2577] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 536 فى الهامش .
( [2578] ) أنظر ما قدمناه آنفاً عند الكلام فى الالتصاق فقرة 106 – وأنظر فى القضاء الفرنسى والفقه الفرنسى فى هذه المسألة : أوبرى ورو 2 فقرة 204 ص 370 هامش 23 وفقرة 235 ص 706 – بودرى وشوفو فقرة 569 – فقرة 573 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 879 .
( [2579] ) تاريخ النصوص :
م 996 : ورد هذا النص فى المادة 1252 من المشروع التمهيدى على وجه يتفق مع ما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1071 فى المشروع النهائى ، بعد إدخال تعديلات لفظية جعلت النص مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1068 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 966 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 555 – ص 556 ) .
م 997 : ور هذا النص فى المادة 1253 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1072 ف المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1069 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 997 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 556 – ص 558 ) .
م 998 : ورد هذا النص فى المادة 1255 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1073 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1070 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 998 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 558 – ص 559 ) .
( [2580] ) التقنين المدنى السابق م 14 / 30 : ويجوز أن يكون الحق المذكور ( حق الانتفاع ) أقل مما ذكر على حسب شرط الاتفاق أو شرط التبرع الذى ترتب عليه وجود ذلك ، كأن يكون قاصراً على مجرد الاستعمال الشخصى أو حق السكنى .
( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المدنى الجديد ) .
( [2581] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 1000 – 1002 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1261 : يصح أن يكون تمليك المنفعة قاصراً على الاستعمال أو على السكنى .
م 1262 ( توافق المادة 996 مصرى ) .
م 1263 ( تطابق المادة 997 مصرى ) .
م 1264 : 1 - إذا احتاجت الدار التى تقرر عليها حق السكنى إلى إصلاح ، التزم صاحب هذا الحق بإجرائه ، على أن تكون المبانى التى يقيمها ملكا خالصا له ينتقل إلى ورثته . 2 - فإذا امتنع صاحب الحق عن القيام بهذا الإصلاح ، فللمحكمة أن تؤجر الدار لشخص آخر يقوم بالإصلاح خصما من الأجرة ، ويرد الدار فى نهاية الإيجار لصاحب حق السكنى .
( يطابق هذا النص المادة 1254 من المشروع التمهيدى للتقنين المدنى المصرى ) .
م 1265 ( تطابق المادة 998 مصرى ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل . ولكن المادة 539 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى تنص على ما يأتى : " من ليس له على الشيء سواء حق الاستعمال الشخصى أو حق السكنى أو حق الحبس أو حق التأمين لا يجوز له أن يؤجره " .
( [2582] ) أنظر استئناف مختلط 8 يونيه سنة 1937 م 49 ص 255 .
( [2583] ) أنظر فى رأى آخر يذهب إلى أن صاحب حق السكنى إنما يؤجر العين ذاتها فيكون إيجاره صحيحا ، ولكن لا ينفذ فى حق المالك الذى يكون له أن يسترد العين : منصور مصطفى فى عقدى البيع والإيجار فقرة 149 – ص 347 – محمد لبيب شنب فقرة 91 – وأنظر فى هذه المسألة الوسيط 6 فقرة 38 ص 48 هامش . 2 - والمسلم به أنه إذا أوصى لشخص بحق سكنى منزل ، فالفتوى على أنه " لا يملك المستحقون السكنى فى الدار إيجارها ، ولا أحدهم إسكان غيره فى نصيبه بعوض ، ولو ليأخذ هذا العوض ليدفعه أجرة لمحل يسكن فيه " ( فتوى شرعية فى 29 أبريل سنة 1927 المحاماة 8 رقم 54 ص 97 ) .
( [2584] ) الوسيط 6 فقرة 38 – وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع فى هذا الصدد : " حق الاستعمال وحق السكنى يتميزان عن حق الانتفاع بأنهما مقصوران على ما يكون صاحب الحق فى حاجة إليه هو وأسرته " فلا يجوز له النزول عنهما إلى الغير ، إلا إذا اشترط ذلك صراحة ، أو وجد مبرر قوى لهذا النزول وقد أدخل المشرع بهذا الاستثناء شيئا من المرونة على حق السكنى بنوع خاص ، لأن المبرر القوى كثيراً ما يتحقق فى حق السكنى ، بأن تقدم الدار الموصى بسكناها أو تصبح غير لائقة لسكن المنتفع ، فيكون له فى هذه الحالة أن يؤجرها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 557 – ص 558 ) .
( [2585] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 557 فى الهامش .
( [2586] ) وعلى ذلك يتملك صاحب الدار هذه المبانى بالالتصاق ، وعليه أن يدفع لصاحب حق السكنى أدنى القيمتين ، قيمة المواد وأجر العمل أو قيمة زيادة ثمن الدار بسبب المبانى . ولصاحب حق السكنى إن شاء أن يطلب نزع البناء من الدار على أن يعيدها لأصلها ، ولكن ليس لصاحب الدار أن يطلب إزالة البناء .
( [2587] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى الشطر الأول من المادة 1286 / 1 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1099 ( الشطر الأول ) فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1096 ( الشطر الأول ) ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1015 ( الشطر الأول ) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 623 – 625 ) .
ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المادة 30 / 51 : الارتفاق هو تكليف مقرر على عقار لمنفعة عقار آخر أو لمنفعة الميرى . وتتبع فيه شروط العقد الذى ترتب عليه وجود هذا التكليف وعرف البلد . ( والحكم يتفق مع حكم التقنين المدنى الجديد – والمقصود بحق الارتفاق المقرر لمنفعة الميرى حقوق الارتفاق الإدارية : الوسيط 8 فقرة 58 – وهذه غير حقوق المقررة للأفراد على المال العام ، وسيأتى ذكرها فى الشطر الأخير من المادة 1015 مدنى ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 960 : 1 - الارتفاق هو تكليف مفروض على عقار لمنفعة عقار معين جار فى ملكية شخصية غير مالك العقار الأول . 2 - ويقوم هذا التكليف إما بتخويل شخص آخر من مباشرة أعمال تصرفيه فى العقار المفروض عليه التكليف ، وإما بحرمان صاحب ذلك العقار من استعمال بعض حقوقه .
( ويتفق هذا الحكم مع حكم التقنين المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 1018 ( الشطر الأول ) ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1275 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 56 ( مطابق للمادة 96 سورى ، وهذه المادة الأخيرة مأخوذة منها ) .
( [2588] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 559 – كذلك لا يلزم صاحب الاستعمال بنفقات الصيانة والتكاليف المعتادة إلا بنسبة ما يحصل عليه من ثمار ( إسماعيل غانم ص 17 ) .
( [2589] ) استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 95 .
( [2590] ) وقد قضى بأن المستأجر لا يستطيع أن يقرر حق ارتفاق لفائدة العقار المؤجر ( استئناف مختلط 6 أبريل سنة 1905 م 17 ص 188 ) .
( [2591] ) وهذا بخلاف حق الانتفاع ، فقد رأيناه يتقرر لمصلحة شخص معين لا لمصلحة عقار ، ويزول حتما بموت هذا الشخص ، ولذلك يسمى عند الرومان بحق الارتفاق الشخصى servitude personelle ، إلى جانب حق الارتفاق الذى يسمى بحق الارتفاق العينى servitude reelle – أنظر مازو فقرة 1646 .
( [2592] ) وهذا بخلاف حق الانتفاع ، فقد يترتب على العقار فيكون عقاراً ، وقد يترتب على المنقول فيكون منقولا .
( [2593] ) ووحدة المالك إنما تمنع من قيام حق الارتفاق إذا كان شخص واحد يملك كلا من العقارين ملكية تامة لا يشاركه فيها أحد . وإلا فإنه يجوز أن يقوم حق ارتفاق على عقار يملكه اثنان على الشيوع لفائدة عقار آخر يستقل بملكيته أحد هذين الاثنين ، كما يجوز أن يقوم حق ارتفاق على عقار يستقل بملكيته شخص واحد لفائدة عقار آخر يملكه هذا الشخص شائعا مع آخرين ( أوبرى ورو 3 فقرة 247 – بودرى وشوفو فقرة 800 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 889 ص 871 – مارتى ورينو فقرة 139 ص 158 – عبد المنعم البدراوى فقرة 271 ) .
( [2594] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 624 .
( [2595] ) أوبرى ورو 3 فقرة 347 ص 90 – وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى يشتمل على نص هو المادة 1287 من هذا المشروع ، تجرى على الوجه الآتى : " 1 - يجوز أن يرتب حق الارتفاق لتحقيق فائدة مستقبلة للعقار المرتفق . 2 - وإذا كان العقار المرتفق أو العقار المرتفق به بناء مزمعاً إقامته أو عقاراً مزمعاً تملكه ، فإن الارتفاق لا يتقرر إلا عند تمام البناء أو تحقق الملك " . وجاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد هذا النص : " الأصل أن تكون الخدمة حالة ، ولكنها قد تكون مستقبلة ، كحق ارتفاق يقرر على بناء مزمع إقامته فيتفق صاحب العقار المرتفق مع صاحب البناء المستقبل على تقرير حق مطل مثلا على هذا البناء عند تمامه ، وكحق ارتفاق يقرر على عقار مزمع تملكه فيتفق صاحب العقار المرتفق مع الشخص الذى سيتملك هذا العقار على أن تكون له حق مرور عليه عند تملكه " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، تجنباً للتفصيلات . أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 623 – ص 624 فى الهامش .
وقد قضى بأن حق الارتفاق يمكن إنشاؤه فورا لفائدة مقبلة للعقار المرتفق ( مصر الكلية 30 يونيه سنة 1940 المحاماة 21 رقم 45 ص 65 – شفيق شحاته فقرة 323 ص 319 ) .
( [2596] ) أوبروى ورو 3 فقرة 247 ص 91 – بودرى وشوفو فقرة فقرة 801 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 890 – مارتى ورينو فقرة 139 ص 158 – نقض فرنسى 7 يوليه سنة 1937 داللوز الأسبوعى 1937 – 469 .
( [2597] ) كذلك لا يمكن التصرف فى حق الارتفاق منفصلا عن العقار المرتفق ، فيبيعه مثلا مالك العقار المرتفق مستقلا عن العقار أو يرهنه أو يحجز عليه الدائنون . والذى يجوز هو أن ينزل مالك العقار المرتفق عن حق الارتفاق مستقلا لمصلحة مالك العقار المرتفق به ، فيزول حق الارتفاق والنزول عنه . أنظر مازو فقرة 1711 ص 1352 .
( [2598] ) أنظر فى هذه المعانى الثلاثة الوسيط 8 فقرة 328 – فقرة 331 .
( [2599] ) فيجوز أن يرتب مالك العقار على عقاره حق ارتفاق لفائدة عقار آخر ، ويضرب لبداية حق الارتفاق أجلا لا ينشأ إلا عند حلوله وهذا هو الأجل الواقف ، أو يضرب لنهايته أجلا ينتهى عند انقضائه وهذا هو الأجل الفاسخ .
( [2600] ) وفى هذا الصدد يتميز حق الملكية عن حق الارتفاق تميزاً واضحاً ، ويتبين ذلك فى فروض من أهمها الطريق المشترك بين مالكين ماجورين لهذا الطريق . فلما أن نقول إن كل مالك يملك نصف الطريق المجاور لملكه ملكية مفرزة وله حق ارتفاق بالمرور على النصف الآخر ، أو نقول إن الطريق بأجمعه مملوك للمالكين معاً ملكية مفرزة وله حق ارتفاق بالمرور لكل مالك فى نصف الطريق غير المجاور لملكه ، فيزول هذا الحق بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة ، وكذلك ينتهى إذا تغير وضع الأشياء بحيث تصبح فى حالة لا يمكن فيها استعمال حق الارتفاق ( م 1028 / 1 مدنى ) ، ويجوز لمالك العقار المرتفق به أن يتحرر من الارتفاق إذا فقد كل منفعة للعقار المرتفق ( م 1029 مدنى ) . وفى القول الثانى يكون الطريق مملوكاً للمالكين معاً ملكية شائعة ، فلا تسقط هذه الملكية بعدم استعمال الطريق مهما طالت مدة عدم الاستعمال ، ولا يزول حق الملكية مهما تغير وضع الأشياء ومهما فقد المرور كل منفعة لكل من العقارين المجاورين ( أنظر الوسيط 8 فقرة 597 ) .
( [2601] ) وفى هذا يختلف حق الارتفاع ، فقد رأينا أن حق الانتفاع مؤقت دائماً ، ويزول حتماً بموت المنتفع .
( [2602] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 892 .
( [2603] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 893 – مارتى ورينو فقرة 142 ص 162 – نقض فرنسى 26 فبراير سنة 1912 داللوز 1913 – 1 - 465 .
( [2604] ) أنظر آنفاً فقرة 549 .
( [2605] ) أنظر آنفاً فقرة 507 .
( [2606] ) نقض فرنسى 6 أبريل سنة 1841 داللوز 41 – 1 - 214 – بودرى وشوفو فقرة 792 – وقارن بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 817 ص 867 .
( [2607] ) وكلمة Heritage أتت من الكلمة اللاتينية Herus ومعناها المالك . فهى ترادف معنى الملكية فى العقار والمنقول ، ولكنها تخصصت للعقار ( الأرض والمنشآت ) ، لأن المنقول فى القانون الفرنسى القديم لم تكن له قيمة مذكورة ( بودرى وشوفو فقرة 792 ) .
( [2608] ) وتشمل الأرض fonds سطحها Surface ، دون ما يقام فوق سطح الأرض من مبان ومنشآت أوينبت من زرع أو يغرس من شجر ، وكذلك تشمل باطنها بعناصره المختلفة من صخور وأحجار وأتربة ورمال وجص ومعادن وغير ذلك ( الوسيط 8 فقرة 9 ص 20 ) .
( [2609] ) وهى قبل تشييدها فى الأرض كانت جملة من مواد البناء وأدواته ، كميات من الطوب والرمل والإسمنت والجير والجبس والخشب والحديد والأحواض والأدوات الصحية وغير ذلك من المواد التى تستعمل فى البناء .
( [2610] ) الوسيط 8 فقرة 11 ص 24 – ص 25 .
( [2611] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى الشطر الأخير من المادة 1286 / 1 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1099 ( الشطر الأخير ) فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1096 ( الشطر الأخير ) ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1015 ( الشطر الأخير ) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 623 – ص 625 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 1518 ( الشطر الأخير ) ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 1018 ( الشطر الأخير ) ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [2612] ) الوسيط 8 فقرة 74 .
( [2613] ) وقد سبق بيان أن يجوز ترتيب حقوق ارتفاق لفائدة المال العام ، كحقوق التطرق المتعلقة بالشوارع Voierie ، والحقوق المتعلقة بالأعمال الحربية ، وحق الإدارة فى نزع أتربة من الأراضى المجاورة للجسور العامة لحمايتها من غوائل الفيضان ( الوسيط 8 فقرة 58 ) .
( [2614] ) الوسيط 8 فقرة 74 .
( [2615] ) وقد سبق بيان أن يجوز ترتيب حقوق ارتفاق لفائدة المال العام ، كحقوق التطرق المتعلقة بالشوارع Voierie ، والحقوق المتعلقة بالأعمال الحربية ، وحق الإدارة فى نزع أتربة من الأراضى المجاورة للجسور العامة لحمايتها من غوائل الفيضان ( الوسيط 8 فقرة 58 ) .
( [2616] ) أنظر Bastid فى مقابل بمجلة القانون العام سنة 1930 ص 609 وما بعدها Roigad فى نظرية الحقوق العينية الإدارية رسالة من تولوز سنة 1914 ص 35 وما بعدها – محمد زهير جرانة فى حق الدولة والأفراد على الأموال العامة سنة 1943 ص 232 وما بعدها ، فالأملاك المجاورة للطريق العام لها حق ارتفاق بالإطلال عليه وبأن يدخل لها منه النور والهواء ( استئناف مختلط 9 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 22 ) ، ولها حق ارتفاق بمسيل المياه فيجوز لها أن تصرف فى الطريق العام مياه الأمطار والمياه المنزلية وفقاً لما تقضى به اللوائح الصحية ، ولها حق ارتفاق بالنفاذ من الطريق العام إلى غيره من الطرق والأماكن .
( [2617] ) فالأراضى الزراعية المجاورة للترع العامة والمصاريف العامة لها حق الشرب من هذه الترع ، وحق المسيل فى هذه المصارف .
( [2618] ) بودرى وشوفو فقرة 798 .
( [2619] ) نقض فرنسى 22 مارس سنة 1876 داللوز 76 – 1 – 206 – 3 يونيه سنة 1891 دالوز 92 – 1 – 264 .
( [2620] ) أوبرى ورو 3 فقرة 249 ص 99 – ص 100 .
( [2621] ) نقض فرنسى 15 مارس سنة 1887 داللوز 87 – 1 – 448 – 21 يونيه سنة 1909 داللوز 1913 – 5 – 54 .
( [2622] ) هوريو فى القانون الإدارى الطبعة العاشرة ص 622 وهامش 2 – Rigaud رسالته ص 289 وما بعداه وص 209 Mestre فى تعليقه فى سيريه 1900 – 2 – 109 – وأنظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 888 ص 869 – وقارن بودرى وشوفو فقرة 797 – فقرة 798 .
( [2623] ) والفقيه الذى ذهب فى وضوح ، فى عهد التقنين المدنى السابق ، إلى أن هذه التكاليف هى حقوق ارتفاق إدارية هو الأستاذ محمد زهير جرانة فى كتابه " حق الدولة والأفراد على الأموال العامة " سنة 1943 ص 265 – ص 269 . وأنظر مقالا له فى مجلة القانون والاقتصاد 13 ص 241 .
( [2624] ) نقض مدنى 23 يونيه سنة 1932 المجموعة الرسمية 33 رقم 434 ص 211 – استئناف مختلط 28 مارس سنة 1900 م 12 ص 185 – أول مارس سنة 1906 م 18 ص 135 – 25 مايو سنة 1910 م 22 ص 335 ( أسباب الحكم ) .
( [2625] ) نقض فرنسى 5 يناير سنة 1869 داللوز 69 – 1 – 12 – 2 يونيه سنة 1875 داللوز 75 – 1 – 418 .
( [2626] ) نقض فرنسى أول أبريل سنة 1902 سيريه 1902 – 1 – 505 .
( [2627] ) نقض فرنسى أول مايو سنة 1912 سيريه 1913 – 1 – 31 .
( [2628] ) نقض فرنسى جنائى 4 فبراير سنة 1910 داللوز 1914 – 1 – 74 .
( [2629] ) نقض فرنسى 25 فبراير سنة 1880 داللوز 80 – 1 – 255 – مجلس الدولة الفرنسى 14 ديسمبر سنة 1900 داللوز 1902 – 3 – 7 – وأنظر فى القضاء المصرى : استئناف مصر 2 مارس سنة 1932 المحاماة 13 ص 166 – استئناف مختلط 24 أبريل سنة 901 م 13 ص 260 – أول مارس سنة 1906 م 18 ص 135 .
( [2630] ) نقض فرنسى 15 أبريل سنة 1890 داللوز 91 – 1 – 52 – مجلس الدولة الفرنسى 8 أغسطس سنة 1892 داللوز 94 – 3 – 1 – 17 يناير سنة 1912 داللوز 1913 – 3 – 8 أغسطس سنة 1892 داللوز 94 – 3 – 1 – 17 يناير سنة 1912 داللوز 1913 – 3 – 88 - وأنظر فى القضاء المصرى : استئناف مختلط 29 مارس سنة 1908 م 20 ص 193 – 25 مايو سنة 1910 م 22 ص 346 – أول يونيه سنة 1910 م 22 ص 346 – 21 مارس سنة 1915 م 27 ص 216 .
( [2631] ) مجلس الدولة الفرنسى 12 مارس سنة 1909 سيريه 1911 – 3 – 98 – نقض فرنسى جنائى 18 نوفمبر سنة 1904 داللوز 1905 – 1 - 148 .
( [2632] ) ويوجد تقسيم رابع كانت له أهمية كبيرة فى القانون الرومانى ، وبعض الأهمية فى القانون الفرنسى القديم . ولكنه فقد أهميته الآن ، بعد أن حل محله تقسيم الارتفاق إلى مستمر وغير مستمر . وهذا هو تقسيم الارتفاق إلى ارتفاق لفائدة المبانى servitude urbaine ، وارتفاق لفائدة الأراضى servitude rurale . فإذا تقرر ارتفاق لفائدة بناء ، أيا كان هذا البناء فى المدن أو فى القرى ، فهو ارتفاق لفائدة المبانى ، وذلك كالمطل ، وأغلب هذه الارتفاقات ارتفاقات مستمرة . أما إذا تقرر الارتفاق لفائدة أرض ، كالشرب والمجرى والمسيل ، فهو ارتفاق لفائدة الأراضى . أنظر المادة 687 مدنى فرنسى ، وأنظر بودرى وشوفو فقرة 1081 وفقرة 1082 ص 813 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 896 .
( [2633] ) أنظر آنفاً فقرة 556 .
( [2634] ) بودرى وشوفو فقرة 1085 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 897 ص 876 – ويتبين من ذلك أن لاستمرار الارتفاق معنى غير استمرار الحيازة ، فالحيازة تكون مستمرة إذا لم تنقطع ، أما الارتفاق فيكون مستمراً إذا لم يحتج فى استعماله إلى تدخل فعلى من عمل الإنسان ( مازو فقرة 1713 ص 1354 ) . وعلى ذلك يكون الارتفاق مستمراً حتى لو لم يستعمل على الدوام ، فالشرب مثلا وهو ارتفاق قد لا يستعمل فى كل الأوقات ، ولكنه عندما يستعمل لا يتدخل فى استعماله فعل الإنسان . وصرف مياه المنجم ، تضخها المضخات نهاراً وليلا دون انقطاع ، وهو ارتفاق غير مستمر ، يبقى مستعملا على الدوام ، ولكنه فى استعماله يحتاج إلى فعل الإنسان . فالأمر إذن ليس فى دوام الاستعمال أو عدم دوامه حتى يكون الارتفاق مستمراً أو غير مستمر ، بل فى حاجة الاستعمال إلى فعل الإنسان وإن كان لا يدوم فيكون الارتفاق مستمراً ، أو فى حاجته إلى فعل الإنسان وإن كان يدوم فيكون الارتفاق غير مستمر ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 897 ص 876 ) .
( [2635] ) فالارتفاق بالمرور يقتضى لاستعماله فعل الإنسان ، ولا يكقى الفعل المبانى الذى عبد الطريق للمرور ، بل يجب أن يمر الإنسان فعل من الطريق . وإذا فتح طريق للمرور ، فهما بقى هذا الطريق مفتوحاً معبدا فإن هذا لا يكفى لاستعمال حق المرور ، ولا يستعمل هذا الحق إلا إذا قام إنسان فعلا بالمرور من هذا الطريق ( بودرى وشوفو فقرة 1083 ) . وهذا هو أيضاً شأن الارتفاق باغتراق المياه فلا بد من أن يغترف الإنسان المياه فعلا ، وشأن الارتفاق باستخراج الأحجار فلابد من أن يستخرجها الإنسان فعلا ، وشأن الارتفاق برعى المواشى فلا بد من أن يقوم الإنسان فعلا برعيها .
( [2636] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 897 ص 877 – ويبقى الارتفاق غير مستمر حتى لو وضعت له علامة ظاهرة تستمر على نحو دائم ، كأن يرصف الطريق الذى يستعمل فى الارتفاق بالمرور ، أو يقام على جانبيه ما يحددهما تحديداً ظاهراً ، أو يفتح له باب يعين بدايته ( أوبرى ورو فقرة 248 ص 96 – بودرى وشوفو فقرة 1084 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 897 ص 877 ) . وفى هذه الحالة يكون الارتفاق غير مستمر وارتفاقاً ظاهراً فى وقت واحد كما سيأتى .
( [2637] ) فمثلا لا يرى بودرى وشوفو فقرة فرقا محسوساً بين ارتفاق مستمر كارتفاق بالمطل بعلامته الظاهرة من نافذة تطل على الجار ، وبين ارتفاق غير مستمر كارتفاق بالمرو بعلامته الظاهرة من باب يعين بداية الطريق ، فكلاهما يحتاج إلى تدخل الإنسان ليطل من النافذة أو ليمر فى الطريق ( بودرى وشوفو فقرة 1084 وفقرة 1109 ) .
( [2638] ) فالظهور فى حق الارتفاق أخص من الظهور فى الحيازة ، إذ أن الحيازة الظاهرة لا يشترط فيها أن تكون لها علامة ظاهرة ، تكون حيازته مع ذلك حيازة ظاهرة .
( [2639] ) استئناف مختلط 5 يونيه سنة 1889 م 1 ص 206 .
( [2640] ) هذا والعلامة الظاهرة التى تتم عن حق الارتفاق قد تكون فى العقار المرتفق كما فى الارتفاق بالمطل ، فإن النافذة وهى العلامة الظاهرة توجد فى حائط العقار المرتفق . وقد تكون هذه العلامة فى العقار المرتفق به كما فى الارتفاق بالمجرى فإن القناة التى تجرى فيها المياه تحفر فى الأرض المرتفق بها ، وكما فى الارتفاق بالمرور فإن العلامة الظاهرة للطريق توجد فى العقار المرتفق به . فيختلف الأمر إذن باختلاف ماهية الارتفاق ، والعلامة الظاهرة توجد حيث يستعمل حق الارتفاق ( بودرى وشوفو فقرة 1101 ص 831 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 963 ) .
( [2641] ) بودرى وشوفو فقرة 1091 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 899 – مارتى ورينو فقرة 146 ص 167 – ص 168 .
( [2642] ) بودرى وشوفو فقرة 1092 .
( [2643] ) أوبرى ورو 2 فقرة 194 ص 281 – الوسيط 8 فقرة 393 ص 638 – ص 639 .
( [2644] ) الوسيط 8 فقرة 467 .
( [2645] ) أنظر فى كل ذلك الوسيط 8 فقرة 393 ص 639 – ص 640 – إسماعيل غانم ص 23 – ص 24 .
( [2646] ) بودرى وشوفو فقرة 808 ، ومع ذلك أنظر فقرة 1070 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 905 ص 884 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3678 .
( [2647] ) بيدان وفوران 4 فقرة 562 وما بعدها – مارتى ورينو فقرة 144 وفقرة 144 مكررة ( ويميزان بين التكاليف ذات النفع الخاص وهى حقوق ارتفاق ، والتكاليف ذات النفع العام وليست بحقوق ارتفاق ) – كاربونييه ص 184 – ص 185 .
( [2648] ) ديمولومب 11 فقرة 8 – أوبرى ورو 2 فقرة 194 ص 281 وهامش 1 – جوسران 1 فقرة 1968 – دى باج 5 فقرة 942 – مازو فقرة 1706 وأنظر أيضاً فقرة 1382 – وقرب كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1005 ص 805 .
( [2649] ) شفيق شحاته فقرة 330 ن ومع ذلك أنظر فقرة 330 ص 325 وهامش 3 حيث يورد حكم محكمة استئناف مصر فى 12 مايو سنة 1935 المحاماة 16 رقم 168 ص 376 فى المعنى العكسى .
( [2650] ) عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 91 – عبد المنعم البدراوى فقرة 78 – منصور مصطفى منصور فقرة 39 ص 96 – ص 97 ، ومع ذلك أنظر ص 97 .
( [2651] ) محمد كامل مرسى 2 فقرة 373 – محمد على عرفة فقرة 189 ص 239 – ص 240 – إسماعيل غانم جزء أول فقرة 44 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 52 – حسن كيرة فقرة 64 – وأنظر الوسيط 8 فقرة 393 .
( [2652] ) أنظر آنفاً فقرة 557 – كان التقنين المدنى السابق ، ناهجاً فى ذلك نهج التقنين المدنى الفرنسى ، يخلط ما بين حقوق الارتفاق والقيود التى ترد على حق الملكية ، فيعتبر هذه القيود حقوق ارتفاق حقيقية ، ويدرجها مع حقوق الارتفاق التى يرتبها العقد ، كما فعل التقنين المدنى الفرنسى . ولذلك كذلك هذه القيود يطلق عليها ، فى عهد التقنين المدنى السابق ، اسم حقوق الارتفاق القانونية ، وتعتبر حقوق ارتفاق مصدرها القانون بدلا من أن يكون مصدرها العقد .
( [2653] ) أنظر فى كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 621 – ص 622 .
( [2654] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1288 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1100 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1097 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1016 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 625 – ص 627 ) .
( [2655] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 961 : ينتج الارتفاق إما من الوضعية الطبيعية للأماكن ، وإما من التزامات مفروضة بالقانون ، وإما من اتفاقات معقودة بين ملاك العقارات .
م 962 : 1 - خلافاً للنصوص المتعلقة بالسجل العقارى تعفى من الشهر حقوق الارتفاق الناتجة عن الوضعية الطبيعية للأماكن وعن الالتزامات المفروضة بالقانون . 2 - بيد أن الارتفاق المختص بحق المرور العائد لأرض محاطة بأرض أخرى يمكن تحديده بوضوح ، بناء على طلب مالك العقار المرتفق به .
( [2656] ) أنظر أنفاً فقرة 483 .
( [2657] ) أنظر آنفاً فقرة 550 .
( [2658] ) أنظر آنفاً فقرة 560 .
( 4 ) وإذا كان المراد تعداد الأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ابتداء ، فإن الميراث لا يدخل ضمن هذه الأسباب ، لأنه كما قدمنا سبب لكسب حق الارتفاق انتقالا لا لكسبه ابتداء . أما إذا كان المواد تعداد جميع الأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ، ابتداء كان ذلك أو انتقالا ، فلماذا لم يورد النص الشفعة ضمن هذه الأسباب ، وهي كالميراث يكسب بها حق الارتفاق انتقالا ؟
( [2660] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص ص 128
( [2661] ) بودي وشوفو فقرة 1094 ص 822 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 950 ص 928 .
( [2662] ) أنظر آنفاً فقرة 556 .
( [2663] ) أنظر آنفاً فقرة 74 .
( [2664] ) أنظر آنفاً فقرة 75 .
( [2665] ) أنظر أنفاً فقرة 76 .
( [2666] ) أنظر آنفاً فقرة 78 .
( [2667] ) انظر آنفاً فقرة 550 في آخرها – وإذا لم يرتب حق الارتفاق إلا أحد الملاك في الشيوع ، فإن مصير الحق يتوقف على نتيجة القسمة ، فإن وقع العقار كله في نصيب المالك الذي رتب حق الارتفاق نفذ الحق بفضل الأثر الرجعي للقسمة ، وإلا سقط( بودري وشوفو فقرة 1096 ص 826 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 951 ص 928 ) .
( [2668] ) أنظر آنفاً فقرة 549 في آخرها في الهامش – بودري وشوفو فقرة 1096 ص 826 .
( [2669] ) فلا يجوز أن يتعارض هذا الحق الأخير مع حق ارتفاق سابق أو مع انتفاع ، كما يجوز للدائن المرتهن أن ينفذ على العقار المرهون باعتباره خالياً من حق الارتفاق الذي سجل بعد قيد حقه ( أوبري ورو 3 فقرة 250 ص 102 وهامش 8,7 –بودري وشوفو فقرة 1096 ص 827 - ص 828 - بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 951 ) . وانظر فيما يتعلق بترتيب حق ارتفاق على عقار مرهون استئناف مصر 30 ديسمبر سنة 1936 المحاماة 17 رقم 438 ص 868 .
( [2670] ) فإذا تعارض استعمال حق الارتفاق مع حق صاحب الانتفاع ، لم يجز لمالك العقار المرتفق أن يستعمل حق الارتفاق إلا بعد انتهاء حق الانتفاع ( أنظر آنفاً فقرة 527 - بودري وشوفو فقرة 1096 ص 827 ) .
( [2671] ) وكل ما يملك هو أن يرتب في ذمته التزاماً شخصياً نحو مالك العقار الآخر ( أنظر آنفاً فقرة 507 في آخرها في الهامش – بودري وشوفو فقرة 1096 ص 857 . وانظر عكس ذلك شفيق شحاتة فقرة 93 ص 116 وفقرة 328 ص 323 هامش 1 ) .
( [2672] ) بودري وشوفو فقرة 1096 ص 826 - ولا يجوز من باب أولي للمستأجر أن يرتب على العقار المؤجر حق ارتفاق لمصلحة عقار مجاور مملوك له ( استئناف مختلط 24 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 49 ) .
( [2673] ) أوبري ورو فقرة 250 ص 103 - بودري وشوفو فقرة 1098 ص 828 - بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 951 ص 928 .
( [2674] ) بودري وشوفو فقرة 1098 ص 828 .
( [2675] ) بودري وشوفو فقرة 1098 ص 828 .
( [2676] ) بودري وشوفو فقرة 1098 .
( [2677] ) بودري وشوفو فقرة 1098 ص 828 .
( [2678] ) بودري وشوفو فقرة 1098 ص 828 - وهناك رأي يذهب إلى جواز أن يحصل الحائز على حق ارتفاق لمصلحة العقار الذي يحوزه ، وتطبق عندئذ أحكام الفضالة ( شفيق شحاتة فقرة 327 ص 322 ) .
( [2679] ) أنظر آنفاًَ فقرة 550 - 2 .
( [2680] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم ، حيث قضى بأحقية المدعى في الري والصرف من مسقي ومصرف معينين استناداًَ إلى اتفاق غير مسجل محرر بين المدعى عليه وبين ملاك الأطيان الأصليين الذين آلت إليهم الملكية من المدعى ، قد أسس ذلك على أن الحق موضوع هذا الاتفاق ، منشئاً كان أو مقرراً ، أن هو إلا من توابع الأطيان ينتقل معها إلى من تؤول إليهم ملكيتها ، وان هذا الاتفاق يعتبر اشتراطاً لمصلحة الغير ممن تؤول إليهم ملكية الأطيان يترتب عليه نشوء الحق مباشرة للمشترط بلا حاجة إلى نقله بطريق الحوالة ، وذلك دون أن يبين الحكم أن المدعي عليه مالك أو غير مالك لمجري المصرف أو المسقي ، وهل هو صاحب حق في مياهها أو لا ، فإن كان مالكاً أو صاحب حق فهل الاتفاق المذكور منشئ للحق الذي هو محله فيكون تسجيله لازماً لإنشاء الحق بين العاقدين أنفسهم ، أم مقرر له فلا يلزم تسجيله ، انا أن لم يكن مالكاً ولا صاحب حق فيكون هذا الاتفاق مجرد تعهد بعدم التعرض من جانب المدعى عليه فيما ليس له حق فيه ويكون القضاء للمدعي بالحق في الري والصرف غير متوقف على وجوده وعلى تسجيله – فهذا الحكم يكون معدوم الأساس ، معجزاً محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون ( نقض مدني 11 مارس سنة 1948 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 170 رقم 25 ) .
( [2681] ) أنظر في تفصيل ذلك آنفاً فقرة 86 .
( [2682] ) بودري وشوفو فقرة 1072 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 940 ص 917 .
( [2683] ) وللأفراد أن يختاروا ما يشاءون منها ، في حدود القانون والنظام العام والآداب فيجعلوها مضموناً أو محلا لحقوق ارتفاق إدارية ( أنظر م 686 مدني فرنسي ) .
( [2684] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 441 - فقرة 483 .
( [2685] ) انظر آنفاً فقرة 557 - وانظر الوسيط 8 فقرة 393 .
( [2686] ) الوسيط 8 فقرة 444 - فقرة 447 .
( [2687] ) الوسيط 8 فقرة 452 .
( [2688] ) الوسيط 8 فقرة 456 - فقرة 463 .
( [2689] )انظر الوسيط 8 فقرة 464 وفقرة 609 - فقرة 610 .
( [2690] ) الوسيط 8 فقرة 466 .
( [2691] ) أنظر الوسيط 8 فقرة 467 .
( [2692] ) الوسيط 8 فقرة 475 .
( [2693] ) أنظر في ذلك الوسيط 8 فقرة 478 .
( [2694] ) أنظر آنفاَ فقرة 569 .
( [2695] ) ومن ذلك تحميل منزل المالك أو جدار على منزل الجار أو جداره : servitude d appuioneris ferendi وحق الشفة abreuvage ، والحق في توصيل حيوانات عقار إلى عين أو غدير أو مستنقع مملوك لأخر لتشرب منها ويشتمل هذا حق المرعي pacage et paturage أنظر في ذلك محمد كامل مرسي 2 فقرة 463 وفقرة 467 وفقرة 468 .
( [2696] ) أنظر بياناً مستوفي بحقوق الارتفاق المتنوعة في بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 940 ص 917 هامش 1 .
( [2697] ) أنظر آنفاً فقرة 549 .
( [2698] ) وقد كانت حقوق الارتفاق ، في العهد الإقطاعي في فرنسا ، لا تقتصر على أن تكون حقوقاً عينية على عقار لمصلحة عقار آخر . بل كانت تجاوز العقار إلى الشخص ، فتفرض التزامات شخصية في ذمة مالك العقار المرتفق به لمصلحة مالك العقار المرتفق ، وكانت بذلك تجعل ملاك العقارات المرتفق بها طبقة اجتماعية تخضع لسيادة طبقة اجتماعية أخرى هي طائفة ملاك العقارات المرتفقة . وقد هدمت الثورة الفرنسية كل من هذه الفروض الطبقية ومحت ما كان عهد الإقطاع قد خلفه من سيادة ارض ، وهي سيادة تتضمن سيادة طبقة على طبقة . وانتقل إلى التقنين المدني الفرنسي ما قامت به الثورة الفرنسية في هذا السبيل ، فأضف إلى كلمة servitudes التي كان عهد الإقطاع يقتصر عليها رمزاً لخضوع ارض لسيادة أرض أخرى ، عبارة services fonciers حتى يمحو هذا الرمز ، ونص صراحة في المادة 638 منه على أن " حق الارتفاق لا يتضمن البتة استعلاء preeminence عقار آخر " ( أنظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 940 ) .
وقد بلغ ، في عهد الإقطاع ، في جعل الارتفاق يتضمن خدمات شخصية ، إلى حد جعل هذا الحق يفرض على صاحب العقار المرتفق به أن يقلب مياه مستنقع حتى يمنع الضفادع من إقلاق نوم السيد المجاور ( أنظر بودري وشوفو فقرة 1077 ص 811 ) .
( [2699] ) وهذه عبارة المادة 686 مدني فرنسي الأصلية pourvu neanmoins que les services etablis ne soient imposes ni a la personne ne en faveus de la personne mais seulement a un fonds et pour un fonds… وانظر المادة 987 / 1 مدني سوري ، والمادة 84 / 1 من قانون الملكية العقارية اللبناني
( [2700] ) فصاحب حق الارتفاق بالمرور مثلا يباشر هذا الحق على ارض الجار مباشرة ، ويمر فيها دون أن يلتزم الجار نحوه بأي التزام شخصي servitus non in faciendo consistit فلا يطلب من الجار أن يعينه على حق المرور ، أو أن يقوم بأي عمل لتمكينه من ذلك ، وكل ما يطلب من الجار هو ألا يضع أمامه عائقاً يحول بينه وبين المرور . ذلك بان الجار يجب عليه احترام حق الارتفاق العيني ، شأنه في ذلك شأن أي شخص آخر إذ يجب على الناس كافة احترام الحقوق العينية عندما يستعملها أصحابها . أنظر أيضاً بودري وشوفو فقرة 1078 - بلانيو وريبير وبيكار 3 فقرة 941 .
( [2701] ) فلو انتقلت ملكية العقار إلى شخص آخر ، فإن الالتزام لا ينتقل معه إلا في الحدود التي قررها القانون لانتقال الالتزام إلى الخلف الخاص . وفي خارج هذه الحدود يبقى الالتزام في ذمته الشخصية ولا ينتقل مع العقار ، ويبقى بعد موته في تركته كما سبق القول .
( [2702] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 941 ص 919 .
( [2703] ) بودري وشوفو فقرة 1073 - بلانيو وريبير وبيكار 3 فقرة 941 ص 918 .
( [2704] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في الفقرة الثانية من المادة 1286 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " ولا يجوز أن يلزم مالك العقار المرتفق أن يقوم بأي عمل ،
إلا أن عملا إضافياً يقتضيه استعمال الارتفاق على الوجه المألوف " . وفي لجنة المراجعة استبدلت عبارة " لا يلزم " بعبارة " ولا يجوز أن يلزم " وأضيف عبارة " ما لم يشترط غير ذلك ، وأصبح النص رقمه 1105 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1102 وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيفت عبارة " المصلحة العقار المرتفق " بعد عبارة " لا يلتزم مالك العقار المرتفق به أن يقوم بأي عمل " ، فاصبح النص مطابقاٌ لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار وقمه 1020 . ووافق مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 636 - ص 638 ) .
ويلاحظ في شأن هذا النص ما يأتي ( 1 ) أضافت لجنة المراجعة إليه عبارة " ما لم يشترط غير ذلك " دون أن تذكر سبب هذه الإضافة . وليس للإضافة معنى ، فإن المفروض أن العمل الإضافي الذي يلزم به مالك العقار المرتفق به إنما يلزم به بموجب شرط خاص ، لا أن يلزم به بموجب القانون " ما لم يشترط غير ذلك " .
( 2 )فصلت لجنة المراجعة النص من مكانه حيث كان فقرة ثانية للمادة 1286 من المشروع التمهيدي وهو المكان المناسب ، إلى مكان اقل مناسبة ، دون أن نذكر السبب في ذلك . هذا والنص مأخوذ من المادة 185 من المشروع الفرنسي الإيطالي ، ولم ترد فيها عبارة " ما لم يشترط غير ذلك " ( مشروع تنقيح القانون المدني - المذكرة الإيضاحية جزء 4 ص 131 ) . وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في شأن هذا النص : " أما صاحب العقار المرتفق به فلا يلتزم شخصياً بشيء ، إلا أن يكون عملا إضافياً يقتضيه استعمال حق الارتفاق على الوجه المألوف ، كاصلاح حق المرور ، وله عمل كل حال أن يتخلص من هذا الالتزام بتخليه عن ملكية الجزء المرتفق به ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 624 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنيني المدني الليبي م 10240 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي لا مقابل .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [2705] ) أنظر بلانيول وريبير 3 فقرة 942 - مازو فقرة 1722 .
( [2706] ) أوبري ورو 3 فقرة 253 ص 126 - بودري وشوفو فقرة 1131 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 942 ص 920 .
( [2707] ) انظر ما ورد في الالتزام العيني في شأن هذا الالتزام : الوسيط 8 فقرة 100 وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 942 - عبد المنعم البدراوي فقرة 274 .
( [2708] ) وكان الرومان يميزون حق الارتفاق عن حق الانتفاع على هذا الأساس . فإذا كان التكليف قد تقرر لمالك العقار المرتفق بصفته مالكاً لهذا العقار ، وكان متصلاً اتصالا وثيقا بالعقار ويزيد في فائدته ، فالحق حق ارتفاق . أما إذا كان التكليف قد تقرر لمالك العقار المرتفق لا بصفته مالكاً لهذا العقار بل بصفته الشخصية ، وكان يفيد شخص المالك دون اعتبار لأنه يملك العقار إذ لا صلة بين العقار والتكليف فالحق حق انتفاع . انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 944 .
( [2709] ) أنظر بودري وشوفو فقرة 1074 ص 806 .
( [2710] ) أنظر بوري وشوفو فقرة 1075 .
( [2711] ) نقض فرنسي 5 فبراير سنة 1934 جازيت دي باليه 1934 - 1 - 724 - 28 أكتوبر سنة 1938 جازيت دي باليه 1938 - 2 - 839 .
( [2712] ) نقض فرنسي 29 مارس سنة 1933 جازيت دي باليه 1933 - 2 - 42 - باريس 6 يونيه سنة 1930 جازيت دي تربينو 1930 - 2 - 191 - وقارن نقض فرنسي 30 ابريل سنة 1908 داللوز 1908 - 1 - 419 - 30 يونيه سنة 1936 داللوز 1938 - 1 - 65 .
( [2713] ) روية 12 مارس سنة 1900 سيريه 1904 - 2 - 130 .
( [2714] ) نقض فرنسي 12 ديسمبر سنة 1899 داللوز 1900 - 1 - 241 - روية 14 ديسمبر سنة 1936 جازيت باليه 1937 - 1 - 411 - بلانيول وبيكار 3 فقرة 542 وفقرة 945 ص 923 .
( [2715] ) بودري وشوفو 1076 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 974 .
( [2716] ) أنظر في شرط عدم المزاحمة بودري وشوفو فقرة 1076 ص 809 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 946 .
( [2717] ) أنظر بودري وشوفو فقرة 1074 ص 807 - مارتي ورينو فقرة 140 ص 160 وقارن بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 948 .
( [2718] ) أنظر في ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 949 . وانظر بودري وشوفو فقرة 1076 ص 810 .
( [2719] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1290 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا فرضت قيود معينة على حق مالك العقار في أن يبني كيف يشاء ، كأن يمنع في تجاوز حد معين في أن يرتفع بالبناء أو أن يمد فيه ، فإن هذه القيود تكون حقوق ارتفاق على هذا العقار لفائدة العقارات المجاورة ، هذا ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغيره وكل ضرر ينشأ عن مخالفة هذه القيود تجوز المطالبة باصلاحه عيناً ، إلا إذا تبين أن الحكم بالتعويض جزاء عادل فيه الكفاية " . ووافقت لجنة المراجعة على النص بفقرتيه تحت رقم 1102 في المشروع النهائي ، بعد تعديل الفقرة الأولي على الوجه الآتي : " إذا فرضت قيود معينة تحد من حق مالك العقار في البناء عليه كيف يمنع من تجاوز حد معين في الارتفاع بالبناء أو في مساحة رقعته ، فإن هذه القيود تكون حقوق ارتفاق على هذا العقار لفائدة العقارات المجاورة . هذا ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغيره " . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 1099 . وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت في الفقرة الأولي بكلمة " المجاورة " عبارة " التي فرضت لمصلحتها هذه القيود " ، حتى لا يقتصر الأمر على مجرد الجوار وإنما يتناول العقارات التي تقع في الحي الذي فرضت هذه القيود لمصلحته من حيث التنسيق أو الأوضاع الصحية وما إليها . أما الفقرة الثانية فقد عدلت على الوجه الآتي لإظهار الغرض منها : " وكل مخالفة لهذه القيود تجوز المطالبة باصلاحها عيناً ، ومع ذلك يجوز الاقتصار على الحكم بالتعويض إذا رأت المحكمة ما يبرر ذلك " . وقد أصبح النص ، بعد هذه التعديلات مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت عليه اللجنة رقم 1018 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 630 - ص 633 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 1021 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1274 ( موافق ) .
قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [2720] ) وقد يقال أن العقد الذي يحتوي على هذه القيود والاشتراطات يعتبر من عقود الإذعان . وإذا صح التسليم بأنه فعلا من عقود الإدغان ، فإن مؤدي ذلك أنه يجوز للقاضي تعديل الشروط التعسفية أو إعفاء الطرف المذعن منها ، وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة ( م 149 مدني ) –ولما كانت الشروط المألوف إدراجها في مثل هذه العقود ترمي إلى تحقيق مصلحة الجميع على الوجه الذي بيناه ، فإنه يندر أن يرد بينها شروط تعسفية يصح للقاضي إلغاؤها ولم يتهيأ لمحكمة النقض أن تبت في هذه المسألة المعينة ، ولكنها قررت في أحد أحكامها عدم جواز طرح المسألة لأول مرة أمامها إذا لم يسبق طرحها من قبل أمام محكمة الموضوع . فقضت بأن التمسك بأن قيود البناء الواردة في عقد البيع الصادرة من الشركة المطعون عليها يعتبر من شروط الإدغان التي لا سبيل للمشتري عند توقيعه إلى المناقشة فيها لا يصح التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ، ما دام أنه لم يسبق طرحه من قبل أمام المحكمة الموضوع ( نقض مدني 25 فبراير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 29 ص 184 ) .
( [2721] ) أنظر نص الشروط الخاصة بالبناء بأراضي الحكومة بالزمالك وغرب البحر الأعمي : محمد كامل مرسي 2 فقرة 469 هامش 1 . وانظر في الخلاف الذي كان قائماً في القضاء : مصر مستعجل 30 ديسمبر سنة 1948 المحاماة 29 رقم 310 ص 640 .
( [2722] ) محكمة استئناف مصر 24 مايو سنة 1932 المحاماة 13 رقم 206 ص 411 - مصر الكلية 31 مايو سنة 1927 مجلة كلية الحقوق 2 ص 85 - استئناف مختلط أول أبريل سنة 1926 م 38 ص 319 - أول مايو سنة 1928 م 40 ص 328 - 20 فبراير سنة 1940 م 52 ص 157 - وقد استند هذا القضاء إلى أن كلمة " ارتفاق " لم ترد بعقود البيع ، ويصعب تأويل سكوت الشركة عن استعمال هذه الكلمة المألوفة الجارية بأنها أرادت مع ذلك تقرير هذه الحق . هذا إلى أن الارتفاقات من المسائل التي لا يجوز التوسع فيها . وقد أباحت الشركة لأحد المشترين ، في مقابل مبلغ من المال مخالفة هذه الشروط ، ولو كان هناك ارتفاق لما صح ذلك ولما ملكت الشركة هذا الحق ( محمد كامل مرسي 2 فقرة 472 ) .
( [2723] ) استئناف مصر 8 مايو سنة 1928 المحاماة 8 رقم 497 ص 814( وقالت المحكمة في أسباب حكمها أن هذا التعهد الضمني من جانب البائعة ومن حل محلها بمراعاة الشروط المدونة في عقود البيع مستفاد في القضية الحالية منذ مبيع أول قطعة بشروط ما كان في الإمكان تحقيقها بدقة إلا بتضمينها المبيعات الأخرى . فمنذ هذا الوقت العقد انعقد اتفاق الطرفين الصريح على الأخذ في تنفيذ تلك الشروط بالتدريج إلى النهاية . فهناك إذن في صالح أرض المستأنف الحالي من جانب ، وعلى أراضي المستأنف عليهم الثلاثة الآخرين من جانب آخر ، حق ارتفاق بعدم البناء في منطقة خاصة ، وحق آخر بعدم تجاوز ارتفاع معين في البناء . ومن شأن هذه الحقوق أن توجد بينهم رابطة قانونية لا نزاع فيها ، تحميها الدعوى العينية ، وتجعل للمستأنف الحق في رقع هذه الدعوى بطلب الإزالة ، وكذلك إذا لزم الحال بمطالبتهم بتعويضات ) .
( [2724] ) نقض مدني 9 فبراير سنة 1933 المحاماة 13 رقم 487 ص 987 - 22 أبريل سنة 1943 مجموعة المكتب الفني لأحكام النقض في 25 عاماً جزء أول ص 168 رقم 18 ورقم 19 ) وانظر أيضاً نقض مدني 25 فبراير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 29 ص 184 - 25 يناير سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 15 ص 97 . وقد استند هذا القضاء إلى أن الشركة ترمي إلى إنشاء حي جميل صحي ، وكانت لا تعمل لمصلحتها فحسب ، بل كانت تعمل بوجه خاص لمصلحة جماعة المشترين ومن المؤكد أن المشتري كانوا يمتنعون عن الشراء لو كانوا يعملون أن هذه القيود قد قررت فقط لمصلحة البائعة ، وأن حق المطالبة بتنفيذ هذه الشروط لا يكون إلا للشركة وحدها ، وهي الشركة التي إذا تم الغرض الذي من أجله قد أنشئت لا بد أن تنقضي عاجلا أو آجلا . فالقصد المشترك لجميع المتعاقدين الداخلين في كل المشتريات التي تمت في تلك المنطقة ، وهو ترتيب حقوق ارتفاق متبادلة فيما بينهم ، مستفاد ضمنا وبطريقة يقينية من الظروف التي أدت إلى الاتفاقات التي تمت ، وكذلك من مجموع العقود العديدة المتشابهة التي أبرمت عن هذه المنطقة وكلها بنماذج مطبوعة ذات صيغة واحدة ، وكذا من الغرف الجاري في مثل هذه الأحوال . ولا يقبل القول بأن هذه الاشتراطات إنما هي تعهدات شخصية إذا لو كانت كذلك لما صلحت لتحقيق الغرض المقصود ، ولأدت إلى تجريد مالك الأرض أيا كان من كل سلاح للمدافعة عن حقه ، ولجعلته تحت رحمة البائع الذي قد لا تكون له مصلحة في وقت ما في طلب الإزالة ، وهذه النتيجة التي لا يمكن التسليم بها تكفي للدلالة على فساد هذه النظرية ( محمد كامل مرسي 2 فقرة 473 ) .
( [2725] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " تعتبر قيود البناء هذه حقوق ارتفاق لفائدة العقارات المجاورة ، وقد تكون مفرغة في قالب الاشتراط لمصلحة الغير . ومهما يكن من أمر ، فإن لأصحاب العقارات المجاورة أن يطالبوا صاحب العقار المرتفق به بهذا الحق . وفي هذا تبسيط للموضوع ، دون حاجة للإلتجاء إلى نظرية الاستخلاف فيما إذا كيفت هذه القيود بأنها التزامات شخصية تنتقل إلى الخلف الخاص " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 631 ) .
( [2726] ) وقد ساير التقنين المدني الجديد بهذا النص الحكم الذي كان راجحا في عهد التقنين المدني السابق ، والذي أخذت به محكمة النقض . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد استعرض الشروط الواردة بعقد البيع الأصلي الصادر من الشركة المطعون فيها ، وما نص عليه في قائمة الشروط الملحقة به من وجوب ترك منطقة قضاءي تغرس بالنباتات بعرض ستة أمتار ، ومن أن هذا القيد يعتبر حق ارتفاق منقل لقطعة الأرض المبيعة ، وأنه في حالة مخالفة المشتري لهذا القيد يكون للشركة الحق في هدم ما يجريه المشتري في هذه المنطقة الممنوع فيها البناء . ثم أشار الحكم إلى أن الشارع فيما استحدثه من نصوص المادة 1018 من القانون المدني الجديد قد أقر اعتبار هذه القيود التي تحد من حق المالك في البناء حقوق ارتفاق ، فإن هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا يفيد أنه قد طبق القانون الجديد على واقعة الدعوى ، وإنما يدل على أن القانون الجديد قد تلاقى مع القانون القديم ، لإعماله أحكام القانون المدني الجديد على نزاع نشأ عن تعاقد أبرم قبل العمل به في غير محله ( نقض مدني 25 فبراير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 29 ص 184 - وانظر أيضاً نقض مدني 25 يناير 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 5 ص 97 ) .
( [2727] ) انظر عبد المنعم البدراوي فقرة 290 - فقرة 291 - إسماعيل غانم ص 28 .
( [2728] ) وهذا أمر تقديري يترك لقاضي الموضوع وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بإلزام المباني التي استحدثها في المنطقة المحظورة البناء عليها ، فإنه لا يجدي تمسكه بنص الفقرة الثانية من المادة 1018 من القانون المدني الجديد ، طالما أن هذا النص يجعل الحكم بالإزالة أو التعويض أمراً تقديرياً لمحكمة الموضوع . وإذا كان الحكم المطعون فيه قرر أن الطاعن لا يناله من الحكم بالإزالة إرهاقاً أو ضرر جسيم ، فإن هذا يفيد أن الشركة المطعون عليها لم تكن متعسفة في طلب الإزالة ( نقض مدني 25 فبراير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 29 ص 184 ) .
( [2729] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " والأصل المطالبة بتنفيذ هذه القيود عيناً ، ولكن قد يترتب على ذلك إرهاقاً صاحب العقار المرتفق به ، إذا طلب منه إزالة بناء ضخم أقامه مخالفاً لما فرض عليه من القيود . فيجوز في هذا الحالة الاكتفاء بالتعويض ، إذا وجد القاضي أن هذا جزاء عادل فيه الكفاية . وقد سبق أن قرر المشروع … هذه القاعدة في تنفيذ الالتزام إذا كان في تنفيذ العيني إرهاقاً للمدين ، والآن ينتقل المشروع بالقاعدة من دائرة الحق الشخصي إلى دائرة الحق العيني ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 631 ) .
( [2730] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه ليس في القانون ما يمنع التنازل عن حقوق الارتفاق هذه ممن يمغئ التنازل عنها ، سواء كان التنازل صريحاً أو ضمنياً إذا لم يشترط القانون لتحققه صورة معينة . فمتى استخلصت محكمة الموضوع هذا التنازل ، ولو كان ضمنياً ، استخلاصاً سائغاً من وقائع تؤدي إليه ، فلا معقب على حكمها في ذلك لتعليقه بأمر موضوعي . ولا يجيز القانون الحكم بالتعويض طبقاً للفقرة الثانية من المادة 1018 مدني إلا في الأحوال التي تجوز فيها المطالبة باصلاح الضرر الناتج عن مخالفة القيود المفروضة عيناً ، والتي ترى فيها المحكمة أن في الحكم بالإصلاح عينا إرهاقاً لصاحب العقار المرتفق يه . وإذن فإذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهي إلى أنه لا حق بالطاعتين في طلب الإصلاح عيناً لتنازلهما وغيرهما من أصحاب العقارات التي فرضت لمصلحتها تلك القيود فيها ، فإن رفض طلب التعويض لا يكون مخالفاً للقانون ( نقض مدني 25 يناير سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 15 ص 97 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا كان الجار الملاصق ، بعد أن أهمل عدد كبير من سكان الحي أو أغلب سكانه مراعاة القيود ، قد ارتكب هو أيضاً مخالفتين ، فأن جاره يعذر إذا اعتقد أن الجار المخالف قد انضم إلى من سبقوه في إهمال تلك الحقوق المتبادلة والتنازل عنها . فبنى بعده وارتكب مخالفة أيضاً ولو من جنس آخر ، لأن العبرة بوقوع المخالفات لا بنوعها . وإزالة ذلك الجار للمخالفتين اللتين وقعتا منه فيما بعد لا يفيده ، بعد أن ترتب لجاره حق اعتبار أن حقوق الارتقاف قد زالت وبنى منزله فعلا ( استئناف مصر 12 أبريل سنة 1942 المحاماة 23 رقم 50 ص 91 ) .
( [2731] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1289 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي قد اشتمل في الفقرة الثانية على كلمة بناء " فذكر أن " مالك عقارين منفصلين ق أقام بينهما يناء أو علامة ظاهرة أخرى " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1101 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1098 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت كلمة " بناء " لأن العلامة الظاهرة التي تدل على حق الارتفاق تشمل البناء ، وقد يكون التخصيص بالبناء أكثرها مما يمتد إليه قصد المشرع " ، ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل تحت رقم 1017 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 627 - ص 630 ) .
( [2732] ) التقنين المدني السابق – أحكام قضائية تؤيد النص :نقض مدني 24 أبريل سنة 1941 المحاماة 22 رقم 42 ص 81 - استئناف مصر 2 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 371 ص 754 - 17 ديسمبر سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 96 ص 124 - استئناف مختلط 12 أبريل سنة 1903 م 15 ص 224 - 27 يناير سنة 1910 م 22 ص 131 - 20 أبريل سنة 1920 من 32 ص 281 - أول أبريل سنة 1926 م 38 ص 319 - 26 نوفمبر سنة 1931 م 44 ص 33 - 26 يناير سنة 1937 م 449 ص 80 - 23 مايو سنة 1940 م 52 ص 264 - 13 يونيه سنة 1944 م 56 ص 187 - ولكن قارن استئناف مختلط 7 يونيه سنة 1900 م 12 ص 341 .
( [2733] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري لا مقابل .
التقنين المدني الليبي م 1020 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي م 1273 ( مطابق –وقد ورد في نص التقنين العراقي كلمة " بناء " )قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .
( [2734] ) ومن هنا كانت إرادة المالك الأصلي هي البارزة ، وقد اقترن بها قبول مفترض من جانب المشتري ( عبد المنعم البدراوي فقرة 300 ) .
هذا وإنشاء حق إلارتفاق بتخصيص المالك الأصلي لم يكن معروفاًَ في القانون الروماني وبدأ في القانون الفرنسي القديم ، بأن أقره بعض العادات القديمة في فرنسا ( مازو فقرة 1721 ص 1356 ) .
( [2735] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 966 ص 946 .
( [2736] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " ويدخل في الاتفاق الضمني لكسب الحق الارتفاق ما يسمي بتخصيص المالك الأًصلي " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 629 ) .
( [2737] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المادة 1017 مدني تقضي بان على من بتمسك بشأنه اكتسب حق ارتفاق بتخصيص المالك أن يثبت أن العقار المملوك به والعقار الذي يدعي انه اكتسب حق ارتفاق عليه كاناً مملوكين لمالك واحد ، وأنه في أثناء اجتماع ملكية العقارين أقام المالك الأصلي علاقة تبعية بينهما من شأنها أن تعتبر ارتفاقاً ظاهراً لو أن العقارين كانا مملوكين لملاك يتضمن التصرف الذي يترتب عليه انفصال ملكيتيهما ، وذلك ما لم يتضمن التصرف الذي ترتب عليه انفصال ملكية العقارين شرطاً صريحاً يخالف ذلك ( نقض مدني 7 فبراير سنة 1967 مجموعة أحكام النقض 18 رقم 48 ص 312 ) . وانظر مصر مستعجل 30 ديسمبر سنة 1948 المحاماة 29 رقم 310 ص 640 .
( [2738] ) أنظر آنفاً فقرة 576 .
( [2739] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموع الأعمال التحضيرية 6 ص 629 .
( [2740] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 967 - مازو فقرة 1721 ص 1356 - نقض فرنسي 7 يوليه سنة 1937 سيريه 1937 - 1 - 295 .
( [2741] ) أوبري ورو 3 فقرة 252 ص 117 - بودري وشوفو فقرة 1116 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 967 .
( [2742] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 968 ص 947 .
( [2743] ) استئناف مختلط 13 يونيه سنة 1944 م 56 ص 187 .
( [2744] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 968 ص 948 .
( [2745] ) ويتحقق أيضاً فيما إذا كان الذي أنشأ الوضع الفعلي ليس هو المالك ، بل كان مستأجرا أو كان صاحب حق انتفاع ، ثم رجع العقاران إلى حيازة المالك فاستبقى الوضع الفعلي القائم كما هو .
( [2746] ) بودري وشوفو فقرة 1118 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 969 - إسماعيل غانم ص 34 .
( [2747] ) بودري وشوفو فقرة 1117 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 969 - إسماعيل غانم ص 34 .
( [2748] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 969 - وقارن إسماعيل غانم ص 34 .
( [2749] ) انظر آنفاً فقرة 576 .
( [2750] ) انظر آنفاً فقرة 555 .
( [2751] ) انظر آنفاً فقرة 576 .
( [2752] ) انظر آنفا فقرة 577 .
( [2753] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 968 ص 948 .
( [2754] ) وكان القضاء في عهد التقنين المدني السابق ، يشترط الظهور والاستمرار ( استئناف مختلط 27 يناير سنة 1910 م 22 ص 131 - 20 أبريل سنة 1920 م 32 ص 281 - أول أبريل سنة 1926 م 38 ص 319 ) .
( [2755] ) وقد اختلفت الآراء في الفقه الفرنسي ، في الطريقة التي يمكن بها التوفيق بين اهذين النصين المتعارضين . الرأي الذي رجح في كل من القضاء والفقه في فرنسا هو أن الارتفاق المستمر الظاهر يكسب بتخصيص المالك الأصلي ، دون حاجة إلى تقديم السند الذي فصل ما بين ملكية العقارين . إذ يفترض ، يفضل استمرار الارتفاق وظهوره ، أنه باق بعد الفصل ما بين ملكية العقارين ، وأنه لم يرد في السند الذي فصل ما بين ملكية العقارين نص يخالف ذلك فإذا تمسك ذو المصلحة بأن النص المخالف موجود في السند ، فعليه هو أن يثبت ذلك . أما الارتفاق الظاهر غير المستمر فإنه يكسب أيضاً بتخصيص المالك الأصلي ، ولكن بشرط تقديم السند الذي يفصل ما بين ملكية العقارين وإثبات أنه لم يرد في هذا السند نص مخالف . ذلك أن الارتفاق الظاهر غير المستمر أضعف في قوة الاستقرار من الارتفاق الظاهر المستمر ، فلزم تقديم السند الذي يفصل ما بين ملكية العقارين للتثبت من عدم نفيه للارتفاق ، فيكون في عدم النفي إقرار ضمني لهذا الحق . انظر في هذا المسألة أوبري ورو 3 فقرة 292 ص 119 - ص 120 وهامش 9 - بودري وشوفو فقرة 1121 - فقبة 1124 - بلانيول وبيكار 3 فقرة 972 - فقرة 974 - بلانيول وبولانجيه 1 فقرة 3753 - كولان وكابيتان لدي لامولا انديير 1 ص 176 - كاربونييه ص 178 - 178 .
( [2756] ) انظر آنفا فقرة 556 .
( [2757] ) أنظر آنفاً فقرة 570 .
( [2758] ) وقد قضى بان علاقة التبعية التي أو جدها المالك بين العقارين لا تشكل ارتفاقاً بالمعنى القانوني إلا عندما يصبح العقاران مملوكان لشخصين مختلفين ، ومن هذا الوقت فقط ، أما قبل ذلك فإن هذه العلاقة ، وإن كانت تقوم فعلا ، لا تعتبر ارتفاقاً وذلك لما يتطلبه القانون في أن يكون مرتباً على عقار لفائدة عقار آخر يملكه شخص آخر ( نقض مدني 30 ديسمبر سنة 1965 جموعة أحكام النقض 16 رقم 218 ص 1393 ) .
( [2759] ) انظر آنفاً فقرة 577 .
( [2760] ) اوبري ورو 3 فقرة 222 ص 118 - بودري وشوفو 1117 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 970 .
( [2761] ) نقض فرنسي 19 يونيه سنة 1861 سيريه 63 - 1 - 123 - 10 نوفمبر سنة 1897 داللوز 98 - 1 - 177 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 970 .
( [2762] ) انظر في كسب ملكية أحد العقارين بالتقادم المكسب : اوبري ورو 3 فقرة 252 ص 118 - بودري وشوفو فقرة 1117 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 970 .
( [2763] ) نقض فرنسي 27 مارس سنة 866 داللوز 66 - 1 - 339 - 22 اغتسطس سنة 1882 سيرية 83 - 1 - 126 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 970 .
( [2764] ) أنظر آنفاً فقرة 576 .
( [2765] ) انظر آنفاً فقرة 587 .
( [2766] ) أما التقنين المدني الفرنسي فيفرق بين الحالتين ، إذا تقضي المادة 692 منه بأن المالك الأصلي إلا يحمل عبء الإثبات ولا يكلف بتقديم عقد البيع في حالة الارتفاق الظاهر المستمر ، في حين أن المادة 694 منه تقضي في حالة الارتفاق الظاهر غير المستمر بتحميل المالك الأصلي عبء الإثبات وبتكليفه تقديم عقد البيع ليثبت أنه لم يرد فيه شرط صريح ينفي نشوء حق الارتفاق ( انظر آنفاً فقرة 585 ) .
( [2767] ) انظر آنفاً فقرة 560 .
( [2768] ) انظر آنفاً فقرة 555 .
( [2769] ) ولذلك يكون غير دقيق ما ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ، فقد جاء فيها ما يأتى : " واشترط فى كسب حق الارتفاق بالتقادم ، أن يكون ظاهراً ، وذلك حتى لا يشوب الحيازة عيب الخفاء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 628 ) . وواضح أن هذه البارة تجعل الخفاء فى الحيازة هو نفس عدم الظهور فى حق الارتفاق ، على ما بين الأمرين من تباين . هذا من الناحية التقليدية . على أن المشروع المصرى قد أراد ، على ما يظهر ، أن يجعل الظهور فى حيازة حق الارتفاق يتميز بوجود معالم ظاهرة ، وهكذا يجب أن يكون الظهور فى حيازة هذا الحق لأن الحق يقتضى ذلك ، كما سيجئ المتن .
( [2770] ) انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 956 ص 934 .
( [2771] ) انظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 956 .
( [2772] ) قرب من هذا المعنى بودرى وشوفو فقرة 1108 ص 835 - وقارن شفيق شحاتة فقرة 237 هامش 2 - عبد المنعم البدراوى فقرة 285 .
( [2773] ) انظر آنفاً فقرة 554 .
( [2774] ) نقض مدنى 18 مارس سنة 1937 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 166 رقم 6 .
( [2775] ) انظر فى ذلك الوسيط 8 فقرة 478 ص 784 - ص 787 والمراجع والأحكام المشار إليها هناك .
( [2776] ) انظر آنفاً فقرة 591 .
( [2777] ) انظر انتقاداً للتقنين المدنى الفرنسى فى هذه المسألة فى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 956 ص 935 - ص 936 - وانظر كيف ذلل القضاء هذه الصعوبة ، فجعل ما يكسب بالتقادم ، ليس هو حق الارتفاق غير المستمر كحق المرور فى طريق معين ، بل حق الملكية الكاملة لهذا الطريق : أوبرى ورو 3 فقرة 251 ص 113 - بودرى وشوفو فقرة 1109 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 957 - نقض فرنسى 21 يونيه سنة 1921 سيريه 1922 - 1 - 361 - 22 أكتوبر سنة 1924 جازيت دى باليه 1924 - 2 - 695 - 21 يناير سنة 1947 J . C . P 1947 - 9754 .
( [2778] ) انظر آنفاً فقرة 560 وفقرة 590 .
( [2779] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ولم يشترط الاستمرار بما له من معنى خاص فى حقوق الارتفاق ، أى أن يكون الارتفاق غير محتاج فى استعماله إلى عمل الإنسان . وبذلك أصبح جائزاً أن يملك حق المرور بالتقادم ، خلافاً لما يقضى به التقنين الفرنسى اتباعاً لقاعدة فرنسية تقليدية ، لا مبرر لها ولا معنى للأخذ بها فى مصر " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 628 - ص 629 ) .
وكان القضاء فى مصر ، فى عهد التقنين السابق ، يشترط الظهور والاستمرار فى حق الارتفاق لإمكان كسبه التقادم ، وذلك دون سند من النصوص وابتاعاً للتقنين المدنى الفرنسى ( استئناف مختلط 21 مارس سنة 1889 م 1 ص 75 - 20 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 68 - 21 فبراير سنة 1895 م 7 ص 141 - 28 مايو سنة 1896 م 8 ص 300 - 18 يناير سنة 1906 م 18 ص 78 - 7 فبراير سنة 1907 م 19 ص 109 - 18 فبراير سنة 1909 م 21 ص 199 - 13 يناير سنة 1916 م 28 ص 103 - 9 مايو سنة 1916 م 28 ص 301 - 16 مارس سنة 1922 م 34 ص 244 - 4 يناير سنة 1923 م 35 ص 138 - 26 أبريل سنة 1923 م 35 ص 401 - 9 يناير سنة 1929 م 41 ص 238 - 20 أبريل سنة 1933 م 45 ص 252 - 9 أبريل سنة 1940 م 52 ص 228 - 15 يونيه سنة 1947 م 61 ص 11 ) . فجاء التقنين المدنى الجديد واضحاً فى عدم اشتراط الاستمرار .
( [2780] ) والمفروض هنا أن العقار المرتفق ليس محبوساً عن الطريق العام ، إذا لم كان محبوساً لكان من حق صاحبه أن يمر من الطريق المجاور طبقاً للشروط المقررة فى حق المرور القانونى باعتباره قيداً على ملكية العقار المجاور ، ومن ثم لا تكون هناك حاجة إلى التقادم لكسب حق المرور فى هذه الحالة إذ يكون الحق ثابتاً منذ البداية ( انظر الوسيط 8 فقرة 465 وما بعدها ) . أو يكون العقار المرتفق محبوساً عن الطريق العام ، ولكن صاحب هذا العقار يختار ممراً له ، لا فى العقار المجاور بقصد استعمال حق المرور القانونى ، بل فى عقار آخر ( انظر آنفاً فقرة 268 ) .
( [2781] ) انظر آنفاً فقرة 268 .
( [2782] ) وليس يلزم أن تكون العلاقة الظاهرة لحق الارتفاق الذى يكسب بالتقادم من عمل مالك العقار المرتفق نفسه ، فقد تكون من عمل الغير ويستبقيها مالك العقار المرتفق لحساب نفسه بعد أن يعلم بوجودها ، فيكون الارتفاق ظاهراً ويصح كسبه بالتقادم ( بودرى وشوفو فقرة 1101 ) .
( [2783] ) وفى فرنسا يجوز أن يكسب بالتقادم طريقة استعمال حق الارتفاق ، بشرط أن يكون الارتفاق مستمراً ظاهراً ، جرياً على الأصل الذى ساروا عليه ( بودرى وشوفو فقرة 1102 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 959 ) .
( [2784] ) انظر آنفاً فقرة 251 .
( [2785] ) انظر آنفاً فقرة 273 وما بعدها .
( [2786] ) وقد قضت محكمة النقض بأن حقوق الارتفاق ، ومنها حق الشرب ، إنما يجوز اكتسابها بالتقادم إذا ما توافرت أركان وضع اليد المكسب للملكية . فإذا قضت المحكمة باكتساب حق الشرب بالتقادم ، وجب عليها أن تبين فى حكمها العناصر الواقية اللازمة لثبوته ، من وضع اليد وصفته ومظهره واستمراره طوال المدة المكسبة له ، حتى يتيسر لمحكمة النقض مراقبة صحة تطبيق القانون . فإذا كان الحكم الذى قضى بثبوت ذلك الحق خالياً من بيان العناصر الواقية التى تفيد أن مدعيه كان يستعمل الفتحة المتنازع عليها لرى أرضه من ؟؟؟؟؟ الراحة ، وأن استماله لها فى هذا الغرض كان ظاهراً غير غمض ، ومستمراً مدة خمس عشرة سنة ، فهذا يكون قصوراً فى التسبيب يعيبه ويستوجب نقضه ( نقض مدنى 31 مايو سنة 1945 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 165 رقم 4 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كان المفهوم من الحكم أن النافذة التى قضى استئنافياً بتأييد الحكم الصادر بإعادة فتحها ، قد فتحها صاحبها فى الدور الأرضى من منزله على مسافة بضعة سنتيمترات فقط من نهاية ملك جاره ، وأنه فتحها فى فرصة تهدم سور الجار أمامها ، وأن الجار بعد ذلك قد أقام السور وزاد نصف متر فى ارتفاعه حتى حجب النافذة كلها ، ومنع مجال النظر أمامها من أن يمتد إلى ما وراء السور كما كان من قبل ، فهذه الحالة لا يصح وصفها بأنها وضع يد لو استطالت مدته لأكسبت صاحب اليد الحق الذى يدعيه ، وذلك لعدم انتفاء الإبهام الذى يكتنفها من ناحية تصرف صاحب النافذة وقت فتحها وبعده ، ولعم تحقق وصف الهدوء وعدم النزاع من الجار ( نقض مدنى 18 مارس سنة 1938 نفس المجموعة جزء أول ص 165 رقم 5 ) .
( [2787] ) انظر آنفاً فقرة 591 .
( [2788] ) انظر آنفاً فقرة 257 وما بعدها .
( [2789] ) انظر آنفاً فقرة 268 .
( [2790] ) انظر فى كل ما تقدم آنفاً فقرة 268 .
( [2791] ) انظر آنفاً فقرة 268 .
( [2792] ) انظر فى ذلك آنفاً فقرة 268 .
( [2793] ) نقض فرنسى 10 ديسمبر سنة 1834 داللوز 35 - 1 - 65 - 23 نوفمبر سنة 1875 سيريه 76 - 1 - 103 - بيزانسون 12 ديسمبر سنة 1906 داللوز 1907 - 2 - 208 - ديموبومب 12 فقرة 781 - لوران 8 فقرة 194 - تولييه 3 فقرة 630 - ماركاديه نص المادة 690 فقرة 2 - ديمانت 2 فقرة 546 مكررة - أوبرى ورو 3 فقرة 251 ص 109 وهامش 1 - بودرى وشوفو فقرة 1113 .
( [2794] ) أوبرى ورو 3 فقرة 251 ص 109 هامش 1 - بودرى وشوفو فقرة 1113 ص 842 .
( [2795] ) ديرانتون 5 فقرة 593 - ترولون فى التقادم 2 فقرة 856 - بيدان 4 فقرة 764 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 965 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3159 - جوسران 1 فقرة 1996 - مازو فقرة 1720 - وانظر مارتى ورينو فقرة 154 .
( [2796] ) عادات باريس وأورليانس ( coutumes de Paris et d'orleans ) .
( [2797] ) بيدان 4 فقرة 764 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 965 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3754 .
( [2798] ) انظر آنفاً فقرة 560 .
( [2799] ) وإذا كان العقار المرتفق به موقوفاً ، كانت مدة التقادم المكسب ثلاثا وثلاثين سنة ( استئناف مصر 20 نوفمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 139 ص 286 - استئناف مختلط 5 أبريل سنة 1923 م 35 ص 339 ) .
ولابد من إثبات انقضاء مدة التقادم ، فلا يكفى القول بأن حق الارتفاق قائم منذ زمن بعيد ، وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا اقتصر الحكم الصادر بثبوت حق الارتفاق بالرى من ترعة على القول بأنه تبين من تقرير الخبير أن " لأرض الوقف سواقى ومراوى تأخذ المياه من هذه الترعة ، وأن حالتها تدل على أنها عملت من زمن قديم جداً ، فحق الرى إذن من هذه الترعة قد ثبت قانوناً لأرض الوقف منذ كانت هذه الترعة مروى قبل أن توسعها الحكومة " ، فهذا الحكم يكون مشوباً بالقصور متعيناً نقضه ( نقض مدنى 23 يناير سنة 1941 مجموعة المكتب الفنى لحكام النقض فى خمسة وعشرين عاماً جزء أول ص 169 رقم 22 ) ، وانظر أيضاً نقض مدنى 14 مارس سنة 1940 نفس المجموعة جزء أول ص 169 رقم 24 . وقضت أيضاً بأنه إذا أست المحكمة قضاءها بثبوت حق الارتفاق على الحكم الصادر بمنع تعرض المدعى عليه للمدعى فى حق ارتفاق الرى ، مع أن هذا الحق لم يبت بعد وكل ما أثبته الحكم المذكور هو مجرد حيازة ظاهرة على المسقى يحميها القانون دون بحث فى أصل الحق من أساسه ، الأمر الذى كان يتعين معه على المحكمة مراعاة هذا الأساس . وإذ هى لم تفعل ولم تلق بالا إلى مدى الفرق بينهما ، مما كان له أثر فى قضائها من حيث تحديد مدة التعويض وتقدير التعويض وتقويم عناصره وانسحاب أثر ذلك التقدير إلى بدء التعرض المدعى به وتحديد مقابلة عن مدة سابقة مع منازعة المدعى عليه فى نشوء ملكيته فى تلك المدة ، فإن حكمها يكون معدوم الأساس القانونى مما يستوجب نقضه ( نقض مدنى 2 يونيه سنة 1955 نفس المجموعة جزء أول ص 169 رقم 23 ) .
( [2800] ) استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1904 م 16 ص 222 - 26 أبريل سنة 1923 م 35 ص 401 .
أما بالنسبة إلى حاز العقار المرفق به ، فإنه ، إذا كان حسن النية ولديه سبب صحيح ، يتملك هذا العقار بالتقادم القصير . فلا يعود هناك محل فى هذه الحالة لحائز حق الارتفاق أن يتمسك بالتقادم القصير ، لأن حائز العقار المرتفق به يكون قد تملك هذا العقار بالتقادم وذلك بأثر رجعى ، فيتبين أنه وقت أن رتب حق الارتفاق على العقار كان يملكه ، فيترتب حق الارتفاق بالإنفاق لا بالتقادم . وإذا كان حائز العقار المرتفق به سيئ النية ، أو لم يكن لديه سبب صحيح ، فإنه لا يتملك العقار إلا بالتقادم الطويل ، أى بحيازة تدون خمس عشرة سنة . وفى هذه الحالة وحدها يكون لحائز حق الارتفاق مصلحة فى أن يتمسك بالتقادم القصير ، إذ أنه يتملك حق الارتفاق بهذا التقادم قبل أن يتملك حائز العقار المرتفق به هذا العقار بالتقادم الطويل ، فليس أمام حائز حق الارتفاق إذا أراد استبقاء هذا الحق إلا أن يتمسك بأنه قد تملكه بالتقادم القصير .
( [2801] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1291 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت ليه لجنة المراجعة تحت رقم 1103 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1100 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1019 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 633 - ص 634 ) .
( [2802] ) التقنين المدنى السابق م 30 فقرة ثانية / 51 فقرة ثانية : الارتفاق هو تكليف مقرر على عقار لمنفعة عقار آخر أو لمنفعة الميرى ، وتتبع فيه شروط العقد الذى تترتب عليه وجود ذلك التكليف وعرف البلد . ( وحكم التقنين المدنى السابق لا يختلف فى مجموعه فى حكم التقنين المدنى الجديد ) .
( [2803] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 987 / 2 : ويحدد استعمال هذه الارتفاقات ومداها بالسند الذى يحدثها ، وإذا لم يكن هناك سند فبالقواعد التالية ( والنص يوافق التقنين المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 1022 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1275 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 84 / 2 : ويحدد استعمال هذه الارتفاقات ومداها بالصك الذى يحدثها ، وإذا لم يكن هناك صك فبالقواعد التالية : ( والنص يطابق نص التقنين السورى ، والنص الأخير مأخوذ منه ، وهو موافق للتقنين المصرى ) .
( [2804] ) نظر آنفاً فقرة 600 .
( [2805] ) نقض فرنسى 11 مارس سنة 1896 داللوز 96 - 1 - 324 - 24 فبراير سنة 1931 داللوز 1931 - 1 - 105 - 30 ديسمبر سنة 1959 داللوز 1970 - 208 .
( [2806] ) بلانيول وريبير وبيكار ؟؟؟؟؟؟ فقرة 975 ص 954 هامش 2 - ولكن ذلك لا يمنع من أن تفسر عبارات العقد أو الوصية ، فى ارتفاق بالمطل رتبه هذا السند فى عبارات واسعة ، بأن هذه العبارة تفيد أن الارتفاق يشمل أيضاً ارتفاقاً بعدم البناء ولو فى حدود المسافة القانونية ، فينقلب الارتفاق بالمطل على هذا النحو ارتفاقاً بالرؤية ( بودرى وشوفو فقرة 1127 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 975 ص 955 - نقض فرنسى 29 يونيه سنة 1891 داللوز 93 - 1 - 39 ) . ويصح أيضاً أن يكون مالك العقار المرتفق قد وسع أن حق الارتفاع عما كان عليه فى السند أو ضيق منه ، عن طريق التقادم المكسب أو عن طريق عدم الاستعمال ( بلانيول وريبير وبيكار 2 فقرة 975 ص 955 - مارتى ورينو فقرة 128 ص 176 هامش 6 - نقض فرنسى 5 يناير سنة 1954 داللوز 1954 - 184 : يعتد بالحيازة وتفسير السند ) .
( [2807] ) بودرى وشوفو فقرة 1127 ص 859 - بلانيول وريبير وبيكر 3 فقرة 975 ص 955 - ص 956 - نقض فرنسى 15 أبريل سنة 1872 داللوز 72 - 1 - 146 .
( [2808] ) أوبرى ورو 3 فقرة 253 ص 132 - بودرى شوفو فقرة 1127 ص 859 - وريبير وبيكار 3 فقرة 975 ص 955 - نقض فرنسى 4 يوليه سنة 1872 داللوز 73 - 1 - 356 .
( [2809] ) انظر أيضاً م 988 مدنى سورى ، وم 85 من قانون الملكية العقارية اللبنانى .
( [2810] ) أوبرى ورو 3 فقرة 253 ص 125 - بودرى وشوفو فقرة 1126 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 976 ص 956 .
( [2811] ) أوبرى ورو 3 فقرة 253 ص 125 - بودرى وشوفو فقرة 1126 ص 856 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 976 - عبد المنعم البدراوى فقرة 306 .
( [2812] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1295 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1108 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1105 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1024 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 643 - ص 644 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 991 : 1 - إذا جزء العقار المرتفق ، يبقى حق الارتفاق لكل جزء من أجزائه دون أن يزيد العبء من جراء ذلك على العقار المرتفق به . 2 - ففى حق المرور يتحتم على جميع الشركاء بالملك أن يستعملوه بنفس الوضع .
( والتقنين السورى يوافق التقنين المصرى ، غير أنه لم يورد ما يقابل الفقرة الثانية من المادة 1024 مصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 1027 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1279 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 88 ( مطابقة للمادة 991 سورى ، ونص المادة الأخيرة مأخوذة منها ) .
( [2813] ) بودرى وشوفو فقرة 1138 ص 870 .
( [2814] ) وتنص المادة 700 / 2 مدنى فرنسى صراحة على هذا الحكم فتقول : " فمثلاً إذا كان حق الارتفاق هو حق مرور ، فإن جميع الملاك فى الشيوع أن يستعملوا هذا الحق فى نفس الموضوع " ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 977 - وانظر فيما يتعلق بحق اعتراف المياه بودرى وشوفو فقرة 1138 ص 71؟؟؟؟؟؟؟ ) .
( [2815] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص؟؟؟؟؟؟؟؟ ص 456 .
( [2816] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1296 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1109 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1106 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1025 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 645 - ص 647 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى .
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التنين المدنى الليبى م 1028 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1280 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل
( [2817] ) انظر آنفاً فقرة 603 .
( [2818] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 977 .
( [2819] ) ديمولومب 12 فقرة 908 - لوران 8 فقرة 284 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقعرة 977 - وقارن بودرى وشوفو فقرة 1139 .
( [2820] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية ص 646 - وانظر بودرى وشوفو فقرة 1139 - بلانيول وريبير 3 فقرة 977 .
( [2821] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1292 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، غير أن نص المشروع التمهيدى كان يقسم الفقرة الأولى إلى فقرتين ، تبدأ الفقرة الثانية منها بعبارة : " إلا أن عليه أن يستعمل حقه على الوجه إلخ إلخ " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1104 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1101 . وفى لجنة مجلس الشيوخ ضمت الفقرتان الأوليان فى فقرة واحدة لارتباط الحكم ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقتين المدنى الجديد ، وصار رقمه 1020 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 434 - ص 636 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 989 : لمالك العقار المرتفق الحق فى أن يقيم فى العقار المرتفق به كل المنشآت اللازمة لاستعمال هذا الارتفاق وصيانته .
م 992 / 4 : وكذلك من له حق ارتفاق لا يمكنه استعماله إلا وفقاً لمنطوق سند 5 ولا يجوز له أن يحدث فى أرضه أو فى العقار المرتفق به أى تعديل من شأنه إرهاق هذا العقار .
( وهذه الأحكام موافقة لأحكام التقنين المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 1023 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1276 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 86 ( مطابقة للمادة 989 مدنى سورى ، وهذه المادة الأخيرة مأخوذة منها ) .
م 89 / 4 ( مطابق للمادة 992 / 4 مدنى سورى ، وهذه المادة الأخيرة مأخوذة منها ) .
( [2822] ) بودرى وشوفو فقرة 1129 ص 860 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 978 - وبدينى أن مالك العقار المرتفق يقوم بهذه الأعمال جميعاً فى العقار المرتفق به ، بل إن النص ( م 1020 / 1 مدنى ) لا حاجة له إلا لهذا الغرض ، لن القيام بأعمال فى العقار المرتفق هو من حق مالك هذا العقار دون حاجة إلى نص على ذلك ( بودرى وشوفو فقرة 1129 ص 860 ) .
( [2823] ) بودرى وشوفو فقرة 1129 ص 860 .
( [2824] ) تقض فرنسى 15 مايو سنة 1877 سيريه 77 - 1 - 296 - بودرى وشوفو فقرة 1129 .
( [2825] ) على أنه يجوز لمالك العقار المرتفق إذا لم يجاوز حاجة عقاره ، كما لو أخذ كمية المياه اللازمة لرى أرضه من مسقاة العقار المرتفق به ولم يزد عليها ، أن يستعمل المياه التى تتخلف عن رى أرضه فى أغراضه ، كرى أرض مجاورة أو استخدام المياه لحاجات مصنع إقامة بجانب الأرض أو استخدامه كقوة محركة ( بودرى وشوفو فقرة 1134 ص 867 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 982 ص 962 ) .
( [2826] ) نقض فرنسى 19 مارس سنة 1861 داللوز 61 - 1 - 162 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 981 ص 961 ) .
( [2827] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا دفع المدعى عليه الدعوى بأن المدعى ، وإن كان له حق ارتفاق بالرصف ، إلا أنه لم يدع حقه على حالته وقت التعاقد ، بل إنه غير منه بأن أقام نضاحة على أيطانة ليستعين بها على صرف المياه ، فيكون من حق المدعى عليه أن يمنعه من الصرف بوضع سدود فى المصر – إذا دفع بهذا وتثبتت المحكمة أن المدعى هو البادئ بأحداث التغيير فى مضمون هذا الحق بإقامة النضاحة ، وأن المدعى عليه لم يكن منه إلا أنه وضع سداً فى المصر أمام أرضه ليحول دون مرور مياه الصرف فيه حتى يحمى أرضه من الضرر الذى يحلقها من جراء ذلك ، كما استظهرت أن المدعى لم يمضى على انتفاعه بالتغيير الذى أحدثه إلا فترة وجيزة لا تستأهل حماية ، وضع اليد ، وبناء على ذلك قضت برفض الدعوى ، فإن حكمها يكون مطابقاً للقانون ( نقض مدنى 14 ديسمبر سنة 1944 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 165 رقم 1 ) .
ويعتبر مجاوزة لمضمون حق الارتفاق أن يغير مالك العقار المرتفق أو أن يطلب تغيير المكان الذى يستعمل فيه هذا الحق دون موافقة مالك العقار المرتفق به ، حتى لو لم يحدث أى ضرر للعقار المرتفق به ( بودرى وشوفو فقرة 1136 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 981 - عبد المنعم البدراوى فقرة 313 - إسماعيل غانم ص 36 ) . وقد كان المشروع التمهيدى لنص المادة 1023 مدنى يتضمن نصاً يجيز لمالك العقار المترفق أن يطلب تغيير المكان الذى يستعمل فيه حق الارتفاق ، ولكن هذا قد حذف فى لجنة مجلس الشيوخ لأن فيه توسيعاً لحق الارتفاق وهو حق يجب أن يبقى فى حدوده الضيقة ( انظر ما يلى ص 1380 هامش 1 ) وانظر فى عهد التقنين المدنى السابق ، عدم جواز أن يغير مالك العقار المرتفق مكان الارتفاق استئناف مختلط 26 أبريل سنة 1923 م 35 ص 402 - وقارن استئناف مختلط 18 نوفمبر سنة 1913 جازيت 4 رقم 61 ص 25 .
( [2828] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 639 - وانظر بوردى وشوفو فقرة 1134 ص 867 - ص 868 - أما إذا تقرر حق الارتفاق بصفة عامة ، وليس بالنظر لاستعمال معين حدد على وجه الدقة ، فإنه تجب مراعاة ، ليس فحسب الحاجات الحالية ، بل أيضاً الحاجات المستقبلة التى تستجد فيما بعد ( أوبرى ورو 3 فقرة 253 ص 130 - بودرى وشوفو فقرة 1134 ص 868 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 983 ص 964 - مارتى ورينو فقرة 160 ص 179 - ص 180 - نقض فرنسى 30 أبريل سنة 1929 سيريه 1929 - 1 - 296 ) .
( [2829] ) أوبرى ورو 3 فقرة 253 ص 130 وما بعدها - بودرى وشوفو فقرة 1134 - بلانيول وريبرير وبيكار 3 فقرة 981 ص 962 .
( [2830] ) استئناف مختلط 3 نوفمبر سنة 1931 م 44 ص 4 - وانظر بودرى وشوفو فقرة 1135 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 981 ص 965 - وانظر فى أمثلة متنوعة نقض فرنسى 15 مارس سنة 1892 سيرية 92 - 1 - 309 - 7 فبراير سنة 1949 Bull . civ . 1949 ص 118 فقرة 47 - 17 نوفمبر سنة 1953 جازيت دى باليه 1954 - 1 - 106 - 12 يوليه سنة 1954 Bull, civ 1954 - 1 ص 222 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 984 - مازو فقرة 1732 .
( [2831] ) نقض فرنسى 7 فبراير سنة 1949 سيريه 1949 - 1 - 146 - ديمولومب 12 فقرة 895 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 985 - وانظر عكس ذلك أوبرى ورو 3 فقرة 254 ص 136 - ص 137 وهامش 4 - بودرى وشوفو فقرة 1141 .
( [2832] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1293 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه للجنة المراجعة تحت رقم 1106 فى المشروع النهائى – ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1103 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1022 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 638 - ص 640 ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 990 : إن أكلاف المنشآت اللازمة لاستعمال الارتفاق وصيانته هى على عاتق ملاك العقار المرتفق . ( وهذا الحكم يوافق حكم التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 1024 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1277 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 78 ( مطابقة للمادة 990 مدنى سورى ، وهذه المادة الأخيرة مأخوذة منها )
( [2833] ) بودرى وشوفو فقرة 1132 ص 865 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 978 - نقض فرنسى 7 ديسمبر سنة 1859 داللوز – 60 - 1 - 33 .
( [2834] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 978 - نقض فرنسى 11 ديسمبر سنة 1861 داللوز 62 - 1 - 79 .
( [2835] ) أوبرى ورو 3 فقرة 253 ص 128 - بودرى وشوفو فقرة 1132 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 978 - نقض فرنسى 7 ديسمبر سنة 1859 داللوز 60 - 1 - 33 .
( [2836] ) بودرى وشوفو فقرة 1132 ص 865 .
( [2837] ) أوبرى ورو 3 فقرة 253 ص 126 - بودرى وشوفو فقرة 1131 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 979 ص 959 - نقض فرنسى 11 مايو سنة 1908 داللوز 1908 - 1 - 365 .
( [2838] ) ويكون لمالك العقار المرتفق به الحق فى التخلى حتى لو نزل عن هذا الحق ، وحتى لو ظل يدفع النفقات مدة خمس عشرة سنة أو أكثر ثم أراد التخلى بعد ذلك ( أوبرى ورو 3 فقرة 253 ص 126 - بودرى وشوفو فقرة 1131 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 979 ص 959 ) . ويصح التخلى للتخلص من النفقات ، حتى ما استحق منها قبل التخلى ( أوبرى ورو 3 فقرة 253 ص 126 - بودرى وشوفو فقرة 1131 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 979 ص 959 ) .
والتخلى أرادة منفردة تصدر من مالك العقار المرتفق به وحده ، ولا حاجة لقبولها من مالك العقار المرتفق ، بل يكفى إخطاره بها ( نقض فرنسى 11 مايو سنة 1908 داللوز 1908 - 1 - 365 - جرينويل 21 أكتوبر سنة 1942 داللوز 1943 - 35 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 979 ص 959 - مارتى ورينو فقرة 162 ص 183 .
( [2839] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 639 - وانظر بودرى وشوفو فقرة 1142 .
( [2840] ) انظر فى ذلك بودرى وشوفو فقرة 1146 ص 879 هامش 3 .
( [2841] ) نقض فرنسى 13 مارس سنة 1963 داللوز 1963 . Som 79 - 4 يناير سنة ؟؟؟؟؟196 سيريه 1963 - 254 - 17 ديسمبر سنة 1963 . J . C . P 1963 - 2 - 13609 - 16 مارس سنة 1964 جازيت دى باليه 24 - 27 أكتوبر سنة 1964 - 4 مايو سنة 1964 J . C . P 1964 - 2 - 13790 - مارتى ورينو فقرة 165 .
( [2842] ) بلانيول وريبير وبيكار فقرة 986 .
( [2843] ) بودرى وشوفو فقرة 1146 ص 879 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 987 - مارتى ورينو فقرة 166 - وهنا يجمع القضاء الفرنسى بعض الشئ بين دعوى الحيازة ودعوى الموضوع ( مازو فقرة 1724 ص 1360 ) .
( [2844] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 987 ص 970 .
( [2845] ) أما فى عهد التقنين المدنى السابق ، فقد كان يقضى بأن دعاوى الحيازة لا تحمى إلا حقوق الارتفاق الظاهرة المستمرة ( استئناف مختلط 25 يناير سنة 1945 م 75 ص 42 - 23 ديسمبر سنة 1948 م 61 ص 35 ) .
( [2846] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1294 من المشروع التمهيدى عللى وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن نص المشروع التمهيدى كان يتضمن فى الفقرة الثانية عبارة أخيرة تجرى على الوجه الآتى : " ويصح أيضاً لمالك العقار المرتفق أن يطلب تغيير الموضع المعين لاستعمال حق الارتفاق ، إذا أثبت أن فى هذا التغيير فائدة محسوسة له دون أن يكون فيه إضرار بالعقار المرتفق به " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 1107 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1104 . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية السابق بيانها ، وذلك حسماً للمنازعات ، ولأن فى هذه العبارة توسعة لحق الارتفاق وهو حق ثقيل يجب أن يبقى فى حدوده الضيقة . وقد أصبح النصر مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه 1023 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجمعة الأعمال التحضيرية 6 ص 640 - ص 643 ) .
( [2847] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 992 / 1 و 2 و 3 : 1 - لا يجوز مالك العقار المرتفق به أن يأتى بعمل يرمى إلى قصر استعمال الارتفاق أو إلى جعله أكثر مشقة . 2 - فلا يجوز له أن يغير وضعية الأماكن ، أو أن يحول الارتفاق إلى مكان غير المكان المعين له قديماً . 3 - إنما إذا كان الارتفاق فى مكانه القديم قد أصبح أشد إرهاقاً لمالك العقار المرتفق به ، أو كان يمنعه من القيام بإصلاحات مفيدة ، فله أن يعرض على صاحب العقار المرتفق مكاناً بسهولة المكان الأول لاستعمال حقوقه ، ولا يحق لهذا الأخير أن يرفض العرض .
( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 1026 ( مطابق )
التقنين المدنى العراقى م 1278 / 1 و 2 ( مطابق ) - ويوجد فى التقنين العراقى فقرة ثالثة لهذه المادة تطابق العبارة الأخيرة من المادة 1294 من المشروع التمهيدى من التقنين المدنى المصرى ، وهى العبارة التى حذفت فى لجنة مجلس الشيوخ : انظر آنفاً ص 1380 هامش 1 ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 89 / 1 و 2 و 3 ( مطابق للمادة 992 / 1 و 2 و 3 من التقنين السورى وهذا النص الأخير مأخوذ من النص اللبنانى ) .
( [2848] ) انظر مازو فقرة 1722 ص 1358 .
( [2849] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 64 - ص 642 .
( [2850] ) انظر آنفاً فقرة 606 .
( [2851] ) انظر آنفاً فقرة 572 .
( [2852] ) أوبرى ورو 3 فقرة 254 ص 135 وما بعدها – بودرى وشوفو فقرة 1142 ص 874 - ص 875 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 988 ص 971 - نقض فرنسى 17 فبراير سنة 1914 داللوز 1917 - 1 - 194 .
( [2853] ) نقض فرنسى 24 فبراير سنة 1903 داللوز 1903 - 1 - 189 وله بوجه عام أن يحوط ملكه ( نقض فرنسى أول مارس سنة 1994 J . C . P 1945 الطبعة الحادية عشرة فقرة 2914 ) ، إلا إذا كان هذا التحويط يعوق استعمال حق المرور ( نقض فرنسى 20 يونيه سنة 1932 جازيت دى باليه 1932 - 2 - 552 ) . وانظر فى حق المالك للعقار المرتفق به فى حفر أنفاق ومد مواسير تحت الطريق : نقض فرنسى 22 نوفمبر سنة 1937 داللوز 1938 - 1 - 62 - 14 أكتوبر سنة 1963 داللوز 1963 - 513 .
( [2854] ) بودرى وشوفو فقرة 1142 ص 875 .
( [2855] ) انظر آنفاً فقرة 605 .
( [2856] ) متز 19 يناير سنة 1858 داللوز 58 - 2 - 20 - بودرى وشوفو فقرة 1140 ص 873 - بلانيولو ريبير وبيكار 3 فقرة 988 ص 972 .
( [2857] ) نقض فرنسى 9 مايو سنة 1866 داللوز 67 - 1 - 293 - بودرى وشوفو فقرة 1140 ص 874 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 988 ص 972 .
( [2858] ) نقض فرنسى 14 نوفمبر سنة 1911 داللوز 1912 - 1 - 119 - بودرى وشوفو فقرة 1140 ص 874 ( عند الشك يفسر السند لمصلحة مالك العقار المرتفق به - بلانيول وريبير وريبير وبيكار 3 فقرة 988 ص 971 .
( [2859] ) انظر آنفاً فقرة 605 فى آخرها . وانظر ديمولومب 12 فقرة 895 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 985 .
وهناك رأى يذهب إلى أن الخلف الخاص لمالك العقار المرتفق به لا يكون مسئولاً عن إعادة الحالة إلى ما كانت عليه ، وكل ما يجب عليه هو أن يترك مالك العقار المرتفق يفعل ذلك بنفسه ، ثم يرجع هذا الأخيرة بالنفقات على مالك العقار المرتفق به ذاته الذى ارتكب المخالفة ( لوران 8 فقرة 271 - أوبرى ورو 3 فقرة 254 ص 136 - ص 137 وهامش 4 - بودرى وشوفو فقرة 1141 .
( [2860] ) انظر آنفاً فقرة 605 فى الهامش .
( [2861] ) انظر آنفاً فقرة 611 .
( [2862] ) انظر فى 3 جوار تغيير الموضع الأصلى للطريق الذى يباشر عليه حق المرور إذا منع هذا الطريق فى حالته الأصلية مالك العقار المرتفق به من أن يحوط ملكه . محكمة إكس 9 مايو سنة 1950 داللوز 1950 - 590 .
( [2863] ) فيجب إذن ألا يلحق تغيير الموضع الأصلى لحق الارتفاق أى ضرر بمالك العقار المرتفق ( نقض قفرنسى 91 أبريل سنة 1942 داللوز 1942 - 1 - 212 ) . وينظر فى وجود الضرر ، لا على الوقت الذى أنشئ فيه حق الارتفاق ، بل إلى الوقت الذى يتم فيه تغيير الموضع الأصلى ( ديمولومب 21 فقرة 899 - بودرى وشوفو فقرة 1144 ص 878 ) .
( [2864] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 646 ) . وإذا جاز تغيير الموضع الأصلى لحق الارتفاق ، فإنه يجوز كذلك ، ومن باب أولى ، تغيير موضع أى ارتفاق تبعى . وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأنه يجب فى حق الاتفاق التبعى أن يكون ضرورياً للانتفاع بحق الارتفاق الأصلى ، وبالقدر اللازم لتوافر هذا الانتفاع . وإذا كانت المادة 1023 مدنى التى قننت ما كان مقرراً فى ظل القانون المدنى القديم قد أجازت ، فى حالة ما إذا كان الموضع الذى عين أصلاً لاستعمال حق الارتفاق قد أصبح من شأنه أن يزيد فى عبء الارتفاق أو أصبح الارتفاق مانعاً من إحداث تحسينات فى العقار المرتفق به ، أن يطلب مالك هذا العقار نقل الارتفاق إلى موضع آخر متى كان استعمال الارتفاق فى وضعه الجديد ميسوراً لمالك العقار المرتفق بالقدر الذى كان ميسوراً به فى وضعه السابق ، فإنه يتأدى من ذلك جواز تعديل حق الارتفاق الأصلى فى الأحوال المبينة بالمادة 1023 مدنى سالفة الذكر ، ومن باب أولى جواز تعديل حق الارتفاق التبعى فى تلك الأحوال كذلك ( نقض مدنى 14 ديسمبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 132 ص 786 ) .
( [2865] ) نقض فرنسى 8 مايو سنة 1882 داللوز 82 - 1 - 311 - بودرى وشوفو فقرة 1144 ص 878 هامش 2 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 989 .
( [2866] ) نقض فرنسى 22 مارس سنة 1893 داللوز 93 - 1 - 408 - بودرى وشوفو فقرة 1144 ص 878 هامش 2 .
( [2867] ) نقض فرنسى 16 يوليه سنة 1878 داللوز 79 - 1 - 128 - 19 يوننيه سنة 1882 داللوز 83 - 1 - 288 - 30 فبراير سنة 1884 داللوز 84 - 1 - 392 - 31 أكتوبر سنة 1904 داللوز 1908 - 1 - 516 - بودرى وشوفو فقرة 1144 ص 877 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 989 - عبد المنعم البدراوى فقرة 317 ص 363 .
( [2868] ) أوبرى ورو 3 فقرة 254 ص 139 وهامش 13 - بودرى وشوفو فقرة 1145 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 989 .
( [2869] ) ويعتبر امتناع مالك العقار المرتفق عن الموافقة على تغيير مكان الارتفاق ، حتى لو نزل عن هذه الرخصة من قبل ، وحتى بعد انقضاء مدة التقادم ، تعسفاً من هذا المالك فى استعمال حقه ، ما دام لا يلحقه من هذا التغيير أى ضرر ، وما دام التغيير يحق مصلحة لمالك العقار المرتفق به ( بودرى وشوفو فقرة 1145 - عبد المنعم البدراوى فقرة 317 ص 364 ) .
( [2870] ) انظر آنفاً فقرة 607 .
( [2871] ) نقض فرنسى 23 يونيه سنة 1890 داللوز 90 - 1 - 289 - بودرى وشوفو فقرة 1146 ص 879 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 990 .
( [2872] ) أوبى ورو 2 فقرة 219 ص 539 وهامش 43 - بوردى وشوفو فقرة 1146 فقرة 1147 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 990 ص 973 .
( [2873] ) أوبرى ورو 2 فقرة 219 ص 539 - ص 540 - بودرى وشوفو فقرة 1147 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 990 ص 973 - مارتى ورينو فقرة 167 .
وهناك رأى آخر يذهب إلى أن المدعى فى دعوى إنكار حق الارتفاق هو الذى يحمل عبء إثبات أن حق الارتفاق المدعى به لا يوجد ، ولكن الرأى الأول هو الرأى الراجح ( انظر فى هذا المعنى بودرى وشوفو فقرة 1147 ) . وانظر رأياً فى الفقه المصرى يميز بين ما إذا كان المدعى عليه يجوز حق الارتفاق فتكون الحيازة قرينة على ثبوت حق الارتفاق له ويقع عبء إثبات نفى ذلك على المدعى ، وبين ما إذا كان المدعى عليه لا يجوز حق الارتفاق فيكفى أن يثبت المدعى ملكيته ويكون عبء إثبات وجود حق الارتفاق على المدعى عليه ، عبد المنعم البدراوى فقرة 319 ص 366 - ص 367 .
( [2874] ) أوبرى ورو 3 فقرة 219 ص 540 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 990 ص 973 .
( [2875] ) بودرى وشوفو فقرة 1146 - مارتى ورينو فقرة 167 .
( [2876] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 990 ص 973 .
( [2877] ) انظر آنفاً فقرة 615 .
( [2878] )انظر آنفاً فقرة 603 .
( [2879] )انظر آنفاً فقرة 604
( [2880] ) ولا ينتهى حق الارتفاق ، كما ينتهى حق الانتفاع ، بسوء الاستعمال ، إذ ورد فى جواز انتهاء حق الانتفاع بسوء الاستعمال نص خاص ( م 988 / 2 مدنى – وانظر آنفاً فقرة 514 ) ، ولم يرد نص مقابل فى شأن حق الارتفاق . فإذا أساء صاحب حق الارتفاق استعمال حقه ، طبقت القواعد العامة وأجبر على الكف عن ذلك مع التعويض إذا كان له محل ( أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 153 - بودرى وشوفو فقرة 1175 ) .
( [2881] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1279 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1110 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1107 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1026 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 647 - ص 648 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 933 / 1 و 2 : 1 - يسقط الارتفاق بالترقين . 2 - ويتم الترقين بمفعول العقود أو الأحكام .
( والقانون السورى أدخل نظام السجل العينى ، ومن ثم يسقط حق الارتفاق بشطبه من السجل العينى ، ويكون ذلك بناء على اتفاق أو حكم ) .
التقنين المدنى الليبى م 1029 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1281 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 90 ( تطابق المادة 993 سورى ، وهذه المادة الأخيرة مأخوذة منها ) .
( [2882] ) فيجوز أن يرتب مالك العقار على عقاره حق ارتفاق لفائدة عقار آخر ، ويضرب لنهاية هذا الحق أجلاً ينتهى عند انقضائه وهذا هو الأجل الفاسخ ، أو يضرب لبدائيته أجلاً لا ينشأ إلا عند حلوله وهذا هو الأجل الواقف ( انظر آنفاً فقرة 550 ) .
( [2883] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 998 ص 981 .
( [2884] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 648 .
( [2885] ) أوبرى ورو 3 فقرة 247 ص 92 .
( [2886] ) آنفاً فقرة 550 .
( [2887] ) آنفاً فقرة 618 .
( [2888] ) أما إذا كان الهلاك جزئياً ، فإن حق الارتفاق يبقى قائماً فيما يتعلق بالجزء الباقى بالقدر الذى يمكن به استعماله . ويرجع ذلك إلى أن حق الارتفاق لا يتجزأ ، فيتحمل به كل جزء من أجزاء العقار المرتفق به ، فإذا هلك جزء منها بقى على الجزاء الباقية ( انظر أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 143 هامش 8 ) .
( [2889] ) انظر ما يلى فقرة 622 .
( [2890] ) ويعود حق الارتفاق إذا أعيد بناء العقار المرتفق ( استئناف مختلط 9 ديسمبر سنة 1896 م 9 ص 52 ) .
( [2891] ) آنفاً فقرة 618 .
( [2892] ) آنفاً فقرة 549 - وانظر نقض فرنسى 26 يناير سنة 1914 داللوز 1917 - 1 - 175 .
( [2893] ) بودرى وشوفو فقرة 1153 .
( [2894] ) انظر فى اتحاد الذمة بالميراث بودرى وشوفو فقرة 1154 ص 888 - ص 889 .
( [2895] ) انظر آنفاً فقرة 606 .
( [2896] ) آنفاً فقرة 618 .
( [2897] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 648 . وانظر أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 144 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 997 .
( [2898] ) ولكن قد ينشأ مع ذلك حق ارتفاق جديد بتخصيص المالك الأصلى ، إذا أبقى مالك العقار المرتفق بعد شراء العقار المرتفق به الوضع المادى الذى كان عليه العقاران بشرط أن تكون هناك علامة ظاهرة تتم عن هذا الوضع ، فتتوافر بذلك شروط نشوء حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلى إذا أعيد الفصل ما بين العقارين ، بأن باع صاحب العقار المرتفق العقار المرتفق به بعد شرائه ( آنفاً فقرة 587 - وانظر أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 144 - بودرى وشوفو فقرة 1154 ص 888 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 997 ص 981 ) .
( [2899] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1298 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1111 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1108 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 27؟؟؟؟؟؟ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 649 - ص 651 ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى لا مقابل .
التقنين المدنى الليبى م 1030 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1282 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .
( [2900] ) بودرى وشوفو فقرة 155 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 993 ص 976 .
( [2901] ) أما حق الملكية فلا يسقط بعدم الاستعمال ، ولذلك يدق فى بعض الأحوال معرفة ما إذا كنا أمام حق ارتفاق فيسقط بعدم الاستعمال ، ولذلك يدق فى بعض الأحوال معرفة ما إذا كنا أمام حق ارتفاق فيسقط بعدم الاستعمال أو أمام حق ملكية مفرزة أو شائعة فلا يسقط بعدم الاستعمال ( بودرى وشوفو فقرة 1156 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 993 ص 975 ) .
( [2902] ) انظر نقض مدنى 13 فبراير سنة 1941 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 165 رقم 2 .
( [2903] ) أما إذا كان حق الارتفاق مترتباً على أرض موقوفة فى الحالات التى يجوز فيها ذلك ، فإنه يزول بعدم الاستعمال خمس عشرة سنة إذا كان العقار المرتفق عيناً غير موقوفة ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 650 ) - وقد يكسب شخص بالتقادم القصير ، أى بخمس سنوات ، ملكية عقار قد ترتب عليه حق ارتفاق . فكسبه لملكية العقار لا يترتب عليه سقوط حق الارتفاق بالتقادم ، لأن حق الارتفاق لا يسقط بالتقادم إلا إذا لم يستعمل مدة خمس عشرة سنة ، وهنا لم يستعمل حق الارتفاق إلا خمس سنوات فقط وهى مدة التقادم القصير التى كسبت به ملكية العقار . وعلى ذلك يكسب الحائز ملكية العقار بالتقادم القصير ، ولكن العقار يبقى محملاً بحق الارتفاق إلى أن ينتهى هذا الحق بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة ( انظر آنفاً فقرة 415 فى الهامش - وانظر أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 148 وهامش 23 - بودرى وشوفو فقرة 1165 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 994 ) .
( [2904] ) نقض فرنسى 4 ديسمبر سنة 1934 سيريه 1935 - 1 - 62 - 26 يناير سنة 1944 سيرية 1945 - 1 - 20 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 993 ص 976 - ويقع على عاتق صاحب العقار المرتفق عبء إثبات آخر . عمل انقطع بعده عن استعمال حقه ، حتى إذا كانت مدة التقادم لم تتم منذ هذا العمل لم يسقط حق الارتفاق بعدم الاستعمال ( نقض فرنسى 26 يناير سنة 1944 سيرية 1945 - 1 - 20 - أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 147 وهامش 21 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 993 ص 977 - وانظر بودرى وشوفو فقرة 1163 ) .
( [2905] ) أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 149 - بودرى وشوفو فقرة 1158 وما بعدها بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 993 ص 976 - عبد المنعم البدراوى فقرة 283 .
( [2906] ) ويقع على عاتق صاحب العقار المرتفق به عبء إثبات القيام بعمل إيجابى يتعارض مع حق الارتفاق فتسرى من وقت هذا العمل مدة التقادم ( بودرى وشوفو فقرة 1163 ص 896 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 993 ص 977 ) .
( [2907] ) أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 149 - بودرى وشوفو فقرة 1158 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 993 ص 977 .
( [2908] ) أوبى ورو 3 فقرة 255 ص 146 - ص 147 - بودرى وشوفو فقرة 1151 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 993 ص 976 .
( [2909] ) نقض فرنسى 12 يوليه سنة 1869 داللوز 69 - 1 - 468 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 999 ص 983 .
( [2910] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 650 .
( [2911] ) نقض فرنسى 3 ديسمبر سنة 1845 داللوز 46 - 1 - 21 - 29 أغسطس سنة 1853 سيريه 53 - 1 - 707 .
( [2912] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 999 ص 983 - ص 984 .
( [2913] ) نقض فرسى 7 يوليه سنة 1856 داللوز 56 - 1 - 285 - 23 يوليه سنة 1860 سيريه 61 - 1 - 526 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 993 ص 977 .
( [2914] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 995 ص 977 .
( [2915] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 650 .
( [2916] ) وقد قضت محكمة النقض بأن مجرد تعديل حال الأمكنة أو طبيعة الأعمال المعدة لضمان استعمال الارتفاق لا يترتب عليه قانوناً زوال حق الارتفاق ، إذا كان ذلك لم يتناول إلا طريقة الاستعمال فقط ولم يتعدها إلى الحق نفسه ( نقض مدنى 24 أبريل سنة 1941 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 165 رقم 3 ) . وانظر فى ذلك أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 151 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 996 .
( [2917] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1299 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1112 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1109 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1028 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 951 - ص 952 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 993 / 3 : ويحق للقاضى أن يأمر بالترقين إذا كان الارتفاق غير مجد ، أو غير ممكن الإنفاذ .
( والحكم يتفق مع حكم التقنين المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 1031 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 283 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 90 ( نطابق لنص المادة 993 / 3 سورى ، وهذا النص الأخير مأخوذ منه ) .
( [2918] ) نقض مدنى فرنسى أول أبريل سنة 1889 داللوز 90 - 1 - 270 .
( [2919] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الثابت من الأوراق أن منزل الطاعن ، الذى كان مقرراً لصالحه حق ارتفاق بالمطل ، قد هدم وأعيد بناؤه بوضع أصبح معه لا يحتوى على مطلات أو مناور ، وأصبح فى حالة لا يمكن معها استعمال حق المطل ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس زوال ذلك الحق ، فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ( نقض مدنى 14 ديسمبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 رقم 132 ص 786 ) .
( [2920] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 652 .
( [2921] ) انظر استئناف مختلط 7 يونيه سنة 1917 م 29 ص 91 - نقض فرنسى 17 نوفمبر سنة 1908 داللوز 1910 - 1 - 336 - بودرى وشوفو فقرة 1150 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 991 ص 974 .
( [2922] ) أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 140 - بودرى وشوفو فقرة 1150 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 991 ص 973 .
( [2923] ) ديمولومب 12 فقرة 965 - فقرة 966 - بودرى وشوفو فقرة 1150 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 991 ص 974 .
( [2924] ) نقض فرنسى 1 مارس سنة 1874 داللوز 74 - 1 - 340 - أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 141 - بودرى وشوفو فقرة 1151 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 991 ص 974 - ص 975 .
( [2925] ) إسماعيل غانم ص 42 - وقد ينجم استحالة استعمال حق الارتفاق من هلاك الشئ ، وعند ذلك ينتهى حق الارتفاق بالهلاك ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 992 ) .
( [2926] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 652 - وانظر فى هذا المعنى Toullier 3 فقرة 690 ماركاديه المادة 703 والمادة 704 Toulier - 2 ص 462 - Solon ص 505 .
( [2927] ) ديمولومب 12 فقرة 979 - ديرانتون 5 فقرة 655 - أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 142 هامش 7 .
( [2928] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1300 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 1113 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1110 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 1029 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 653 - ص 654 ) .
ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 93 / 3 : ويحق للقاضى أن يأمر بالترقين إذا كان لارتفاق غير مجد ، أو كان غير ممكن الإنفاذ .
( والحكم يتفق مع حكم التقنين المصرى )
التقنين المدنى الليبى م 1032 ( مطابق ) .
التقنين المدنى العراقى م 1284 ( مطابق ) .
قانون الملكية العقارية اللبنانى م 90 ( مطابق لنص م 993 / 3 من التقنين المدنى السورى ، وهذا النص الأخير مأخوذ منه ) .
( [2929] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا النص : " ينتهى حق الارتفاق أخيراً إذا لم تصبح له فائدة ، أو أصبحت فائدته محدودة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به ، كما إذا كان الارتفاق حق مرور وانفتحت العقار المرتفق سبل أخرى إلى الطريق العام أقرب وأيسر . فيجوز لصاحب العقار المرتفق به ، فى هذه الحالة ، أن يطلب تحرير عقار من حق الارتفاق ، على أن يدفع تعويضاً مناسباً إذا كان هناك محل لذلك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 653 ) .
( [2930] ) أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 152 - بودرى وشوفو فقرة 1173 - بلانيول ؟؟؟؟؟؟؟
( [2931] ) أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 152 - بودرى وشوفو فقرة 1173 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 998 ص 982 .
( [2932] ) بيزانسوق 25 يوليه سنة 1889 داللوز 90 - 2 - 77 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 998 ص 982 هامش 2 .
( [2933] ) نقض مدنى 28 مايو سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 119 ص 758 .
( [2934] ) نقض مدنى 29 أبريل سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 87 ص 538 - وانظر أيضاً نقض مدنى 22 أبريل سنة 1943 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً الجزء الأول ص 169 رقم 20 .
( [2935] ) نقض فرنسى 6 فوفمبر سنة 1889 داللوز 89 - 1 - 473 - أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 152 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 998 ص 982 هامش 3 .
( [2936] ) استئناف مختلط 15 مارس سنة 1906 م 18 ص 154 .
( [2937] ) أوبرى ورو 3 فقرة 255 ص 152 - بودرى وشوفو فقرة 1173 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 998 ص 982 .
( [2938] ) انظر نقض مدنى 17 نوفمبر سنة 1955 مجموعة المكتب الفنى لأحكام النقض فى 25 عاماً جزء أول ص 169 رقم 21 - وقد قضت محكمة النقض بأن التنازل يعتبر ملزماً للمتنازل بما يمنعه من توجيه طلبات إلى المتنازل له تنطوى على إنكار لهذا التنازل . ولا يمنع من ذلك أن يكون التنازل مما يجب تسجيله ، إذ لا يترتب على عدم التسجيل سوى تراخى زوال الحق العينى المتنازل عنه . فإذا كان الطرفان قد أقاما دعواهما بطلب تعويض عن مخالفة المطعون عليه لقيود البناء ، وذلك بعد أن كانا قد تنازلا عن هذه القيود ضمناً ، مما يعتبر معه هذا الطلب إنكاراً منهما للتنازل الصادر من جانبها ، فإن الحكم المطعون فيه إذا اعتد بهذا التنازل ورتب عليه آثاره لا يكون مخالفاً للقانون ( نقض مدنى 28 مايو سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 119 ص 758 ) .