الوسيط
في شرح القانون المدني
( 3 )
نظرية
الالتزام بوجه عام
الأوصاف – الحوالة – الانقضاء
تأليف
عبد الرزاق أحمد السنهوري
دكتور في العلوم القانونية ودكتور في العلوم السياسية والاقتصادية
ودبلومية من معهد القانون الدولي بجامعة باريس
1958
ملتزمة النشر والطبع
مكتبة النهضة المصرية
9 شارع عدلي باشا – القاهرة
$ 1 $
القسم الأول
أوصاف الالتزام
( Modalites des Obligations )
$ 3 $
ترتيب البحث
الالتزام البسيط والالتزام الموصوف : عند ما بسطنا آثار الالتزام في القسم الثاني من الجزء من الوسيط كنا نواجه الالتزام في صورته البسيطة ، فهو التزام بسيط لم يلحقه وصف ما . ولكن الالتزام قد تلحقه أوصاف متنوعة في عناصره المختلفة . وعناصر الالتزام ثلاثة : ( 1 ) رابطة قانونية ( juris vinculum ) تربط المدين بالدائن . ( 2 ) محل الالتزام ( objet de l'obligation ) وهو الشيء الذي يلتزم المدين بأدائه للدائن . ( 2 ) طرفا الالتزام ( sujet de I'obligation ) وهما الدائن والمدين . والالتزام الذي بسطنا آثاره فيما تقدم هو الالتزام في صورته البسيطة في كل عنصر من هذه العناصر : الرابطة القانونية فيه وجودها محقق ونفاذها فوري ، وله محل واحد ، وكل من طرفيه واحد لا يتعدد . ولكن قد يلحق الالتزام في أحد هذه العناصر الثلاثة وصف ( modalite ) يكون من شأنه ان يعدل من هذه الآثار ، فيكون الالتزام موصوفاً ( [1] ) .
وهذا الوصف إما أن يلحق العنصر الأول من عناصر الالتزام ، رابطة المديونية ، فتعلق هذه الرابطة على شرط ويصبح وجودها غير محقق ، ويسمى هذا الوصف بالشرط ( condition ) . أو يتراخى نفاذ الرابطة إلى أجل ، ويسمى $ 4 $ هذا الوصف بالأجل ( terme ) . فعندنا إذن لعنصر رابطة المديونية وصفان : الشرط الأولج .
وإما أن يلحق الوصف العنصر الثاني من عناصر الالتزام ، وهو المحل . فلا يكون هذا المحل واحداً ، بل يتعدد ( pluralite d'objets ) . والتعدد إما أن يكون جميعاً ( conjoint ) ، أو تخييرياً ( alternatif ) ، أو بدلياً ( facultatif ) . فعندنا إذن لعنصر المحل أوصاف ثلاثة : وصف الجمع في الالتزام متعدد المحل ( obligation conjointe ) ، ووصف التخيير في الالتزام التخيري ( obligation ) ، ووصف البدل في الالتزام البدلي ( obtigation facultative ) .
وإما أن يلحق الوصف العنصر الثالث من عناصر الالتزام ، فيتعدد أحد الطرفين الدائن أو المدين أو يتعدد كلاهما ( pluralite de sujets ) . وتعدد كل من الدائن والمدين قد يكون من غير تضامن أو يكون بطريق التضامن ( solidarite ) . وقد يتعدد الدائن أو المدين في التزام يكون غير قابل للانقسام ( solidarite ) . فعندنا إذن لعنصر طرفي الالتزام أوصاف ثلاثة : تعدد الطرفين في غير تضامن ( [2] ) ، وتعددهما بطريق التضامن ، وعدم القابلية للانقسام ( [3] ) .
2- موضوعات هذا القسم : فالكلام إذن في أوصاف الالتزام يكون في ثلاثة أبواب متعاقبة :
الباب الأول – في الشرط والأجل :
الباب الثاني – في تعدد محل الالتزام : الالتزام متعددة المحل ، والالتزام التخييري ، والالتزام البدلي .
الباب الثالث : في تعدد طرفي الالتزام : التعدد بغير تضامن ، والتعدد بطريق التضامن ، وعدم القابلية للانقسام ( [4] ) .
$ 5 $
الباب الأول
الشرط والأجل
3- التقنين المدني الجديد والتقنين المدني السابق : احتوى التقنين المدني الجديد على نصوص عدة في كل من الشرط والأجل .
فقد عالج الشرط ، في المواد من 265 إلى 270 ، علاجاً إذا كان قد اقتصر فيه على القواعد الأساسية ، فقد رتب هذه القواعد ترتيباً منطقياً واحكم وضعها ، ولكنه لم يخرج فيما وضعه من القواعد عما احتواه التقنين المدني السابق . وقد استبقى التقنين الجديد التصوير اللاتيني للشرط ، لاسيما فيما يتعلق بأثره الرجع .
وعالج الأجل ، في المواد من 271 إلى 274 ، علاجاً ضبط به حدود أحكام الأجل ، وهذب في نصوص التقنين السابق ، وكانت هذه أكثر اقتضاب فيما يتعلق بالأجل منها فيما يتعلق بالشرط . فأزال التقنين الجديد في نصوصه ما علق بالنصوص القديمة من غموض وإبهام ، لاسيما في أسباب انقضاء الأجل ، وفي تعجيل الوفاء بالدين ، وفيما جرى به العرف من الدفع عند المقدرة أو الميسرة ( [5] ) .
$ 7 $
والشرط هو أمر مستقبل غير محقق الوقوع ، يترتب على وقوعه وجود الالتزام أو زواله . فإذا كان وجود الالتزام هو المترتب على وقوع الشرط ، كان الشرط واقفاً . أما إذا كان الالتزام قد وجد فعلا وكان زواله هو المترتب على وقوع الشرط ، كان الشرط فاسخاً .
والأجل هو أمر مستقبل محقق الوقوع ، يترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه . فإذا كان نفاذ الالتزام هو المترتب على حلول الأجل ، كان الأجل واقفاً . أما إذا كان الالتزام قد صار نافذاً فعلا وكان زواله هو المترتب على وقوع الشرط ، كان الشرط فاسخاً .
والأجل هو أمر مستقبل محقق الوقوع ، يترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه . فإذا كان نفاذ الالتزام هو المترتب على حلول الأجل ، كان الأجل واقفاً . أما إذا كان الالتزام قد صار نافذا فعلا وكان زواله هو المترتب على حلول الأجل ، كان الأجل فاسخاً .
فالفرق الجوهري ما بين الشرط والأجل هو إذن تحقق الوقوع ، وعدم تحققه : كلاهما أمر يقع في المستقبل ( [6] ) ، ولكن الأجل محقق الوقوع ، أما الشرط فوقوعه غير محقق ( [7] ) .
وتتناول في فصلين متعاقبين الشرط والأجل .
$ 8 $
الفصل الأول
الشرط ( [8] )
( la Condition )
4- قيام الشرط والآثار التي تترتب عليه : تبحث في الشرط أمرين :
( أولاً ) قيام الشرط ، ونعني بذلك : ( 1 ) مقومات الشرط ( 2 ) نوعى الشرط الواقف والفاسخ ( 3 ) المصدر المنشيء للشرط وأي الحقوق يلحقها وصف الشرط .
( ثانياً ) ما يترتب على الشرط بعد قيامه من الآثار .
$ 9 $
الفرع الأول
قيام الشرط
المبحث الأول
مقومات الشرط
5 – النصوص القانونية : تنص المادة 265 من التقنين المدني على ما يأتي :
" يكون الالتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوقوع " .
وتنص المادة 266 على ما يأتي :
" 1- لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط غير ممكن أو على شرط مخالف للآداب أو النظام العام ، هذا إذا كان الشرط وافقا . أما إذا كان فاسخا فهو نفسه الذي يعتبر غير قائم " .
" 2- ومع ذلك لا يقوم الالتزام الذي علق على شرط فاسخ مخالف للآداب أو النظام العام ، إذا كان هذا الشرط هو السبب الدافع للالتزام " .
وتنص المادة 267 على ما يأتي :
" لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط واقف يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة الملتزم " ( [9] ) .
$ 10 $
وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 013 / 157 ( [10] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المواد 265 – 267 – وفي التقنين المدني الليبي المواد 252 – 254 – وفي التقنين المدني العراقي المواد 285 – 287 وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 81 – 87 ( [11] ) .
ويستخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن للشرط مقومات ثلاثة : ( 1 ) فهو $ 12 $ أمر مستقبل ( 2 ) غير محقق الوقوع ( 3 ) وغير مخالف للنظام العام ولا للآداب . وهناك مقوم رابع ، هو أن الشرط أمر عارض إضافي يمكن تصور الالتزام بدونه . وهذه ظاهرة عامة في أوصاف الالتزام ، ولكنا أثرنا أن نذكرها في الشرط لأهميتها بالنسبة إليه ، إذ هي التي تميز بين الحق المشروط والحق الاحتمالي .
ونستعرض الآن هذه المقومات الأربعة .
1- أمر مستقبل
6 – يجب أن يكون الشرط أمراً مستقبلا : يجب أن يكون الشرط أمراً مستقبلا ( evenement future ) . فإذا وعد شخص آخر بجائزة إذا عثر على مال له مفقود ، أو وعد أب ولده بجائزة إذا نجح في الامتحان ، أو وعد الأب ابنه بان يهب له منزلا إذا تزوج لهيئ له أمر سكناه ، فكل من العثور على المال المفقود والنجاح في الامتحان والزواج أمر مستقبل ، ومن ثم كان كل من الالتزام بالجائزة أو الهبة التزاماً معلقاً على شرط ، إذ يتوقف وجوده على تحقق هذا الشرط .
وإذا أوصى زوج لزوجته بدار تسكنها على أن تتفرغ لتربية أولادها منه فلا تتزوج بعده وإلا فسخت الوصية ، أو باع شخص أحد متجريه واشترط على المشترى أن يكون البيع مفسوخاً إذا نافسه في المتجر الآخر الذي استبقاه ، فكل من الزواج في المثل الأول ومن المنافسة في المثل الثاني أمر مستقبل ، ومن ثم كانت الالتزامات المترتبة على كل من الوصية والبيع معلقة على شرط ، إذ يتوقف زوالها على تحقق هذا الشرط .
7- لا يجوز أن يكون الشرط أمراً ماضيا أو حاضرا : فلا بد إذن أن يكون الشرط أمراً مستقبلا . أما إذا كان أمراً ماضياً أو حاضراً فهو ليس بشرط ، حتى لو كان طرفا الالتزام يجهلان وقت التعامل ما إذا كان الأمر الماضي قد وقع أو لم يقع ، أو ما إذا كان الأمر الحاضر واقعاً أو غير واقع . فلو أن الواعد بالجائزة ، في المثل المتقدم ، وقت أن وعد بها كان الموعود له قد عثر على المال المفقود ولا يعلم الواعد ذلك ، فالتزام الواعد بالجائزة التزام منجز غير معلق على شرط ، وهو واجب الوفاء في الحال . ولو أن الأب الذي وعد ابنه بجائزة إذا نجح في الامتحان كان وقت أن وعد بها لا يعلم أن نتيجة الامتحان قد ظهرت بالفعل وأن ابنه قد رسب ، فالتزام الأب بإعطاء ابنه الجائزة التزام لم يوجد ولن يوجد ، فهو التزام غير موجود أصلاً منذ البداية وليس التزاماً معلقاً على شرط . ولو أن الأب وقت أن وعد ابنه بان يهب له منزلا إذا تزوج كان لا يعلم أن ابنه قد تزوج فعلا ، فالتزام الأب بالهبة يكون التزاماً منجزاً غير معلق على شرط ، وهو واجب الوفاء في الحال ( [12] ) .
واعتقاد الملتزم ، في الأمثلة المتقدمة ، أن التزامه معلق على شرط بينما هو التزام منجز ، بل اعتقاد الطرفين معاً ، المدين والدائن ، أن الشرط لم يتبين مآله بعد وأن الالتزام معلق على شرط ، لا يؤثر في أن الالتزام منجز لو كان $ 14 $ هذا الأمر قد تحقق فعلا قبل وجود الالتزام ، أو في أن الالتزام غير موجود أصلاً لو كان هذا الأمر لم يتحقق ( [13] ) .
8 – قد يكون الأمر المستقبل أمراً إيجابيا أو أمراً سلبيا – والأمر المستقبل الذي ينطوي عليه الشرط قد يكون أمراً إيجابياً أو أمراً سلبياً . فالاب الذي التزم بان يهب ابنه داراً إذا تزوج قد علق التزامه على شرط هو زواج ابنه ، وهذا أمر ايجابي . والزوج الذي يوصى لامرأته بدار على شرط إلا تتزوج بعده قد علق الوصية على شرط هو عدم زواج امرأته ، وهذا أمر سلبي .
ولا فرق في الحكم بين ما إذا كان الشرط أمراً إيجابياً أو أمراً سلبياً ، ولا يكاد يكون للتفرقة أهمية عملية إلا من ناحية تقدير الوقت الذي يعتبر فيه الشرط قد تحقق أو تخلف . ففي الشرط الايجابي تحدد عادة مدة قصيرة إذا لم يتحقق الشرط فيها اعتبر متخلفاً ، وفي الشرط السلبي تكون المدة عادة طويلة فالزوجة الموصى لها بالدار بشرط إلا تتزوج بعد موت زوجها عليها إلا تتزوج طول حياتها .
على أن الأمر الواحد – كما يقول بودري وبارد ( [14] ) - قد تكون له ناحية ايجابية وناحية سلبية وهو هو لم يتغير ، فيستطاع وضعه في صورة شرط ايجابي أو في صورة شرط سلبي . فإذا التزم شخص لآخر ، وعلق التزامه على شرط هو أن يعيش الملتزم له خارج مدينة القاهرة حتى يبعده عن ملاهيها ، فقد وضع الشرط في صورة أمر ايجابي . ويستطيع أن يضع نفس الشرط في صورة أمر سلبي إذا اشترط على الملتزم له إلا يعيش في مدينة القاهرة .
$ 15 $
2- غير محقق الوقوع
9 – يجب أن يكون الشرط غير محقق الوقوع : تقول الفقرة الأولى من المادة 286 من التقنين المدني العراقي : " يشترط لصحة التعليق أن يكون مدلول فعل الشرط معدوماً على خطر الوجود ، لا محققاً ولا مستحيلا " . وهذا تعبير استعير من الفقه الإسلامي لهذا المقوم من مقومات الشرط . فالشرط يجب أن يكون أمراً غير محق الوقوع ، وهذا الشك في وقوع الأمر هو لب الشرط والصميم فيه .
فإذا كان الأمر محقق الوقوع ، فإنه لا يكون شرطاً . وكذلك لا يكون شرطاً أمر مستحيل الوقوع . وإنما يكون الشرط أمراً محتمل الوقوع ، لا محققاً ولا مستحيلا ( [15] ) .
10 – لا يكون شرطا الأمر محقق الوقوع : فإذا كان الأمر مستقبلا ولكنه محقق الوقوع ، فإنه لا يكون شرطاً ، بل يكون أجلاً كما سبق القول . فإذا أضاف الملتزم التزامه إلى موسم الحصاد ، كان الالتزام مقترناً بأجل لا معلقاً على شرط ، لأن موسم الحصاد في المألوف من شؤون الدنيا لابد آت ، فالأمر هنا محقق الوقوع ، فيكون أجلاً لا شرطاً .
$ 16 $
ويكون الأمر محقق الوقوع أجلاً حتى لو لم يكن موعد وقوعه محققاًَ ، كالموت . فإذا التزم المشتري بان يدفع للبائع ثمناً هو إيراد مرتب طول حياته ، فقد جعل المشتري لالتزامه أجلاً فاسخاً هو موت البائع ، والموت أمر محقق وإن كان لا يعرف متى يقع . والتزام شركة التأمين على الحياة بان تدفع مبلغ التأمين إلى ورثة المؤمن عليه عند موته هو التزام مضاف إلى أجل واقف لا معلق على شرط واقف ( [16] ) .
على أن الموت قد يكون شرطاً إذا اقترن بملابسات تجعله غير محقق الوقوع في نطاق هذه الملابسات . فإذا وهب شخص داراً لاثنين على التعاقب بشرط إلا تنتقل الدار إلى الثاني إلا إذا عاش بعد موت الأول ، فإن الهبة الأولى تكون معلقة على شرط فاسخ هو أن يموت الموهوب له الأول قبل موت الموهوب له الثاني ، وتكون الهبة الثانية معلقة على شرط واقف هو أن يعيش الموهوب له الثاني بعد موت الموهوب له الأول . فالموت في هاتين الهبتين شرط لأجل ، إذ اقترن بملابسات جعلته في كل منهما غير محقق الوقوع . هو محقق الوقوع في ذاته ، ولكن أن يموت أحد الموهوب لهما قبل الآخر هذا هو الأمر غير محقق الوقوع ، فيصبح الموت في نطاق هذه الملابسات شرطاً لا أجلاً .
11- لا يكون شرطا الأمر مستحيل الوقوع : كذلك لا يكون شرطاً الأمر مستحيل الوقوع . فإذا علق الملتزم وجود التزامه على أمر مستحيل استحالة مطلقة ، فإن الالتزام لا يوجد أصلاً . ويجب أن تكون الاستحالة مطلقة ، أي أن يستحيل تحقق الشرط بالوسائل المعروفة للإنسان . فإذا وعد شخص آخر بإعطائه جائزة إذا وصل إلى القمر كانت هذه الاستحالة مطلقة ، لأن وسائل الطيران المعروفة حتى اليوم تعجز عجزاً مطلقاً عن الوصول إلى القمر ، وإن كان العلماء يتحدثون عن إمكان ذلك في المستقبل .
أما إذا كانت الاستحالة نسبية فإنها لا تعيب الالتزام ، بل يكون في هذه الحالة قائماً يتوقف وجوده أو زواله على تحقق الشرط . وتعتبر الاستحالة نسبية إذا غلب على الظن أن تقدم المعارف البشرية تجعل الشرط غير مستحيل الوقوع ، $ 17 $ وإن كان لم يقع حتى اليوم . فيجوز لشخص أو لهيئة أو تعد بمنح جائزة ، إذا استطاع الموعود له أن يجد علاجاً لبعض الأمراض المستعصية التي يوجد لها علاج حتى اليوم .
وكما تكون الاستحالة طبيعية كما رأينا في الأمثلة المتقدمة ، قد تكون أيضاً قانونية ( [17] ) . فالالتزام المعلق على شرط أن يبيع المشترط عليه تركة مستقبلة ، أو على شرط أن يتزوج محرماً ، أو على شرط أن يطلق زوجته إذا كان الطلاق غير جائز في شريعته ، لا يكون التزاماً قائماً ، لأنه علق على شرط مستحيل استحالة مطلقة . والاستحالة هنا استحالة قانونية لا استحالة طبيعية ، إذ بيع التركة المستقبلة باطل ، وباطل كذلك الزواج من المحرم ، والطلاق محرم في شريعة المشترط عليه ( [18] ) .
12 – الشرط الإرادي : وهناك شرط ممكن الوقوع ، ولكن وقوعه يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام ، الدائن أو المدين . ذلك أن الشرط – من حيث تعلقه بإرادة طرفي الالتزام – قد يكون شرطاً لا علاقة له بهذه الإرادة أصلاً ، فهو شرط متروك للصداقة ( condition casuelle ) ، مثل ذلك تعليق الالتزام على $ 18 $ شرط وصول الطائرة سليمة إلى مطار الوصول . وقد يكون شرطاً متعلقاً بإرادة أحد طرفي الالتزام ( condition potestative ) ، كالزواج فهو متعلق بإرادة من يشترط عليه الزواج . وقد يكون شرطاً مختلطاً ( condition mixte ) يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام وبعامل خارجي معها كمجرد الصدفة أو إرادة الغير ، وذلك كالزوج من شخص معين فهذا شرط متعلق بإرادة من اشترط عليه الزواج وبارادة من اشترط الزواج منه ( [19] ) .
وكل من الشرط المتروك للصدفة والشرط المختلط شرط صحيح ، لأنه أمر لا هو محقق الوقوع ولا هو مستحيل الوقوع ، إذ أن وقوعه لا يتعلق بمحض إرادة تحكمية ، وهو حتى إذا تعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام فإنه في الوقت ذاته يتعلق بأمر خارج عن هذه الإرادة يجعل وقوعه محتملا ، لا محققاً ولا مستحيلا ً .
أما الشرط الإرادي فهو إما أن يكون شرطاً إرادياً بسيطاً ( condition simplement potestative أو شرطاً إرادياً محضاً ( condition purement potestative ) . فالشرط الإرادي البسيط يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام ، ولكن هذه الإرادة ليست مطلقة ، بل هي مقيدة بظروفها وملابساتها . فالزواج شرط إرادي يتعلق بإرادة الدائن أو المدين ولكن إرادة المشترط عليه الزوج ليست مطلقة ، إذا الزواج أمر تحوط به الظروف والملابسات الاجتماعية والاقتصادية .
ويقال مثل ذلك عن شرط النجاح في الامتحان ، بل أن هذا الشرط يكاد يكون شرطاً مختلطاً فهو يتعلق بالإرادة وبظروف أخرى قد لا يكون للشخص سلطان عليها . ومن ثم يكون الشرط الإرادي البسيط شرطاً صحيحاً ، سواء تعلق بإرادة الدائن أو بإرادة المدين .
بقى الشرط الإرادي المحض ، وهذا إما أن يتعلق بمحض إرادة الدائن أو بمحض إرادة المدين . فإن تعلق بمحض إرادة الدائن كان شرطاً صحيحاً ، وكان الالتزام قائماً معلقاً على إرادة الدائن ، إن شاء تقاضى المدين الشيء الذي ألزمه به ، وإن شاء أحله من التزامه . أما أن تعلق الشرط بمحض إرادة المدين ، فإن كان $ 19 $ شرطاً فاسخاً ، كأن يلتزم المدين حالا ويجعل فسخ هذه الالتزام معلقاً على إدارته المحضة ، كان الشرط صحيحاً وكان الالتزام قائماً ، لأن الالتزام لم يعلق وجوده على محضر إرادة المدين ، فهو إذن قد وجد ، وإنما استبقى المدين زمامه في يده ، إن شاء أبقاه وإن شاء فسخه ( [20] ) . وإن كان الشرط المتعلق بمحض إرادة المدين شرطاً واقفاً ، كأن يلتزم المدين إذا أراد ، أو يلتزم إذا رأى ذلك معقولا أو مناسباً ( [21] ) ، $ 20 $ فهذا شرط يجعل عقدة الالتزام منحلة منذ البداية ، إذ أن الالتزام قد علق وجوده على محض إرادة المدين ، إن شاء حقق الشرط ومن هنا يكون الشرط محقق الوقوع بمشيئة المدين ، وإن شاء جعله يتخلف ومن هنا يكون الشرط مستحيل الوقوع بمشيئة المدين أيضاً ( [22] ) . ومن ثم يكون هذا الشرط باطلا ، $ 21 $ ويسقط كل التزام معلق على شرط واقف هو محض إرادة المدين . وهذا ما تقرره المادة 267 مدني ، إذا تقول كما رأينا : " لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط واقف يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة الملتزم ( [23] ) .
3 – غير مخالف النظام العام أو الآداب
13 – الشرط المخالف للنظام العام : وقد يكون الشرط مخالفاً للنظام العام ، فيكون في هذه الحالة باطلا ولا يقوم الالتزام الذي علق وجوده عليه .
وأمثلة الشروط المخالفة للنظام العام كثيرة متنوعة . فإذا علق الملتزم التزامه على إلا يتزوج الدائن إطلاقاً ، كان الشرط مخالفاً للنظام العام إذا لم يكن هناك غرض مشروع يرمي إليه المشترط من وراء هذا الشرط . فإذا رمى مثلا إلى منع زوجته بعد موته من الزواج غيرة منه وأثرة ، فالشرط باطل لمخالفته للنظام العام . $ 22 $ أما إذا رمى إلى جعل زوجته بعد موته تتفرغ لتربية أولادها منه لا يشغلها زوج آخر ، فالشرط صحيح والالتزام قائم .
كذلك الشرط القاضي بألا يحترف المشترط عليه مهنة معينة يكون باطلا لمخالفته للنظام العام ، ما لم يكن هناك غرض مشروع يرمى إليه المشترط ، كأن تكون المهنة المحرمة مهنة وضعية ترزى بالكرامة ، أو أن يكون المشترط قد أراد أن يحمى نفسه حماية مشروعة من منافسة المشترط عليه .
وإذا اشترطت الزوجة غير المسلمة أن تكون أولادها من زوجها المسلم على دينها هي لا على دين زوجها وإلا كان لها حق الطلاق من زوجها ، فإن هذا الشرط باطل لمخالفته النظام العام .
وإذا اشترطت الزوجة المسلمة على زوجها إلا يطلقها ، فإن الشرط باطل لمخالفته للنظام العام ، وللزوج بالرغم من هذا الشرط أني طلق زوجته لسبب مشروع وفي غير تعنت . ولكن يجوز للزوجة أن تشترط مبلغاً من المال تعويضاً لها عما يصيبها من الضرر إذا طلقها زوجها ، وفي هذه الحالة ينظر إن كان الطلاق لغير سبب مشروع فالشرط صحيح ويجب دفع التعويض . وإلا فالشرط بالطل والتعويض غير مستحق .
وشرط عدم تعدد الزوجات الذي قد تشترطه الزوجة على زوجها المسلم ، وإلا صارت مطلقة منه أو أعطاها تعويضاً ، شرط صحيح في نظرنا وليس مخالفاً للنظام العام . ولكن لا يجوز أن تشترط الزوجة على زوجها المسلم إلا يتزوج غيرها وإلا كان الزواج الآخر باطلا أو كانت الزوجة الأخرى هي الطالقة ( [24] ) .
ويمكن التمييز بين شرط مخالف للنظام العام وشرط مستحيل استحالة قانونية ، وإن كان كل من الشرطين باطلا . فاشتراط عدم الزواج قد يكون شرطاً مخالفاً للنظام العام ولكنه شرط غير مستحيل ، أما اشتراط الزواج من محرم فشرط مستحيل استحالة قانونية وهو في الوقت ذاته مخالف للنظام العام لأن الاستحالة القانونية كثيراً ما ترجع إلى مخالفة النظام العام .
$ 23 $
14- الشرط المخالف للآداب : وقد يكون الشرط مخالفاً للآداب ، فيكون باطلا أيضاً ، ويسقط الالتزام الذي علق عليه قيامه . فإذا التزم شخص نحو آخر بمبلغ من النقود بشرط أن يقوم بارتكاب عمل غير مشروع ، فإن الشرط يكون مخالفاً للآداب ويكون باطلا كما قدمنا . وكذلك الحكم إذا اشترط على شخص إلا يرتكب جريمة ، أو أن يمحو آثار جريمة ارتكبت كأن يعيد مخطوفاً أو يرد مسروقاً ، أو اشترط عليه أن يقوم بعمل واجب عليه قانوناً على أن يتناول أجراً على القيام به كأن تدخل الزوجة في طاعة زوجها أو أن يمتنع الزوج عن معاشرة غير زوجته أو أن يكف شخص عن التشهير بشخص آخر ونحو ذلك ، فكل هذه شروط تعتبر مخالفة للآداب لأنها جزاء مادي على القيام بالواجب ، والواجب يتعين القيام به دون جزاء ( [25] ) .
4- أمر عارض
15 – الشرط أمر عارض : ويدخل في مقومات الشرط ، بحكم أنه وصف يلحق الحق بعد تكوينه ، أنه أمر عارض يلحق عنصراً جوهرياً من عناصر الحق .
ويترتب على أن الشرط يلحق عنصراً جوهرياً من عناصر الحق أن كلا $ 24 $ من الحق المضمون برهن والحق غير معين القيمة والحق التبعي لا يعتبر حقاً معلقاً على شرط ، لأن الوصف هنا لا يلحق عنصراً جوهرياً من عناصر الحق ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
أما أن الشرط أمر عارض فمعناه أنه وصف يدخل على الحق بعد تمام هذا الحق وتكامل عناصره ، فيكون الشرط أمراً عارضاً لا يساهم في تكوين الحق ذاته ، بل يضاف إليه بعد تكوينه ، ويمكن تصور قيام الحق بدونه . فالشرط إذن ، باعتباره أمراً عارضاً ، قد يوجد وقد لا يوجد . وهو إذا وجد فالحق يصبح موصوفاً ، وإذا لم يوجد فالحق يقوم بالرغم من ذلك ، لأنه استكمل عناصره ، ويكون حقاً غير موصوف أي حقاً بسيطاً منجزاً ( [26] ) .
16 – التمييز بين الحق المشروط والحق الاحتمالي : ومن هنا يجيء التمييز بين الحق المشروط ( droit conditionnel ) والحق الاحتمالي ( droit eventual ) . فالوصف في الحق المشروط أمر عارض يلحق الحق بعد تكامل عناصره كما قدمنا ( [27] ) . أما الوصف في الحق الاحتمالي فأمر غير عارض ، ذلك أن الحق الاحتمالي هو حق ينقصه عنصر من عناصره الجوهرية ، والوصف في الحق الاحتمالي هو بالذات نقصان هذا العنصر الجوهري .
ومن الأمثلة على الحق الاحتمالي ما يأتي : ( 1 ) حق الشفيع قبل أن يعلن $ 25 $ إدارته في الأخذ بالشفعة ، إذ الشفيع قبل إعلان هذه الإرادة ليس له حق كامل ، بل مجرد حق احتمالي . ولا يصبح هذا الحق الاحتمالي حقاً كاملا إلا إذا أعلن الشفيع إدارته في الأخذ بالشفعة ، فالحق الاحتمالي هنا قد نقصه عنصر من العناصر الجوهرية هو إعلان هذه الإرادة . ولا يعتبر هذا الإعلان شرطاً ، بل هو عنصر من عناصر الحق كما قدمنا . ( 2 ) حق الموصى له قبل أن يموت الموصى ، وهنا أيضاً لا يكون للموصلى له إلا حق احتمالي قد نقصه عنصر من العناصر الجوهرية للحق الكامل هو موت الموصى . ولا يعتبر هذا الموت شرطاً ، بل هو عنصر من عناصر الحق . ( 3 ) الحق المترتب على حساب جار قبل أن يدفع صاحب الحساب أو يقبض شيئاً ، فالحق هنا حق احتمالي ينقصه عنصر من العناصر الجوهرية للحق الكامل هو الدفع أو القبض ، ليتكون رصيد دائن أو مدين للحساب الجاري ، فيصبح الحق كاملا لا مجرد حق احتمالي . ولا يعتبر الدفع أو القبض شرطاً ، بل هو عنصر من عناصر الحق .
ونرى من ذلك أن هناك فرقين أساسيين بين الحق المشروط والحق الاحتمالي :
( أولاً ) يمكن تصور قيام الحق المشروط دون الشرط ، إذ الشرط أمر عارض كما قدمنا . أما الحق الاحتمالي فحق ينقصه عنصر من العناصر الجوهرية حتى يكون حقاً كاملا كما سبق القول ، ومن ثم لا يمكن تصور هذا الحق الكامل دون هذا العنصر الجوهري .
( ثانياً ) إذا تحقق الشرط في الحق المشروط ، كان لتحققه أثر رجعي على الوجه الذي سنفصله فيما يلي . أما إذا استكمل الحق الاحتمالي العنصر الجوهري الذي ينقصه فأصبح حقاً كاملا ، فإنه يصبح حقاً كاملا دون أثر رجعي . ومن ثم يوجد الحق الكامل من وقت استكمال العنصر الجوهري ، لا من وقت وجود الحق الاحتمالي ( [28] ) .
$ 26 $
المبحث الثاني
نوعا الشرط
الشرط الواقف والشرط الفاسخ
1- الشرط الواقف
( condition suspensive )
17 – ما هو الشرط الواقف : رأينا أن المادة 265 / 1 مدني تنص على أن " يكون الالتزام معلقا على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتبا على أمر $ 27 $ مستقبل غير محقق الوقوع " . فإذا كان وجود الالتزام متوقفاً على الشرط ، بحيث إذا تحقق الشرط وجد الالتزام وإذا تخلف لم يوجد ، فإن الشرط يكون في هذه الحالة شرطاً واقفاً ( condition suspensive ) . فالشرط الواقف هو إذن الشرط الذي يتوقف على تحققه وجود الالتزام ، فإن تخلف لم يخرج الإلتزام إلى الوجود . مثل ذلك أن يعلق الواهب هبته لابنه على شرط أن يتزوج ، فالزواج هنا شرط واقف ، إذا تحقق وتزوج الإبن فقد وجد التزام الأب بالهبة ، وإذا تخلف للشرط ولم يتزوج الإبن فإن التزام الأب بإعطاء هبة لا بنه لا يوجد .
18 – الشرط الواقف المستحيل والشرط الواقف المخالف للنظام العام أو الآداب : وتنص الفقرة الأولى من المادة 266 مدني كما رأينا ، على أنه " لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط غير ممكن أو على شرط مخالف للآداب أو النظام العام ، هذا إذا كان الشرط وافقا . . . . " . وقد استعرضنا أمثلة للشرط المستحيل وللشرط المخالف للنظام العام أو الآداب ، فإذا كان الشرط في هذه الأحوال واقفاً غير فاسخ فالشرط باطل كما قدمنا . والالتزام الذي علق وجوده على الشرط يعتبر هو أيضاً غير قائم ، لأن وجوده معلق على شرط مستحيل أو غير مشروع ، فلن يتحقق هذا الشرط أو لا ينبغي أن يتحقق ، ومن ثم لا يوجد الالتزام .
$ 28 $
19 – الشرط الواقف الإرادي المحض – إحالة : وقد رأينا أن الشرط إذا تعلق بمحض إرادة المدين ، وكان شرطاً واقفاً غير مترتب على عقد ملزم للجانبين ، فإن الالتزام لا يوجد للأسباب التي قدمناها ( [29] ) .
2- الشرط الفاسخ
( Condition resolutoire )
20 – ما هو الشرط الفاسخ : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 265 مدني تقضي بأن يكون الالتزام معلقا على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتبا على أمر مستقبل غير محقق الوقوع . ورأينا أن وجود الالتزام إذا كان مترتباً على الشرط ، فهذا الشرط واقف ، أما إذا كان زوال الالتزام هو المتوقف على الشرط ، فهذا الشرط فاسخ . مثل الشرط الفاسخ نزول الدائن عن جزء من حقه بشرط أن يدفع المدين الأقساط الباقية كل قسط في ميعاده ، فالشرط هنا شرط فاسخ ، وإذا تخلف بأن يتأخر المدين في دفع الأقساط الباقية ، اعتبر نزول الدائن عن جزء من الدين كأن لم يكن ( [30] ) . والالتزام المعلق على شرط فاسخ يوجد في الحال وينفذ ، ولكن زواله هو الذي يعلق على الشرط ، فإذا تحقق الشرط زال الالتزام واعتبر كأن لم يكن ، أما إذا تخلف الشرط فقد أصبح الالتزام باتاً ( [31] ) . ونرى من ذلك أن الالتزام المعلق على شرط فاسخ هو $ 29 $ في حقيقته التزام زواله معلق على شرط واقف ، فإن الشرط في الواقع من الأمر $ 30 $ واقف في جميع الأحوال : يقف وجود الالتزام أو يقف زواله ، ففي الحالة الأولى يسمى شرطاً واقفاً ، وفي الحالة الثانية يسمى شرطاً فاضحاً ( [32] ) .
وقد تدق في بعض الأحوال معرفة ما إذا كان الشرط واقفاً أو فاسخاً ، كما فيا لبيع المعلق على شرط موافقة الغير على البضاعة المبيعة ، فهل الشرط هنا واقف ولا يتم البيع إلا إذا وافق الغير على البضاعة ، أو هو شرط فاسخ وينفذ البيع في الحال على أن يفسخ إذا لم يوافق الغير على البضاعة ؟ يرجع الأمر في ذلك إلى تبين إرادة الطرفين ، ويستخلص قاضي الموضوع هذه الإرادة من الظروف والملابسات ، فإن تبين أن نية الطرفين قد انصرفت إلى أن يكون الشرط واقفاً أو إلى أن يكون فاسخاً التزم هذه النية وحكم على مقتضاها ( [33] ) .
ويلاحظ أن كل شرط فاسخ يتضمن وجود شرط واقف ، سوا كان ذلك في الالتزام أو في الحق العيني . فمن التزم بهبة على أن تفسخ إذا رزق ولداً ، كان مديناً بالهبة تحت شرط فاسخ ، فينفذ التزامه فوراً ويعطي الموهوب له الهبة ، وكذلك الموهوب له يصبح مديناً تحت شرط واقف هو نفس الشرط الفاسخ بالنسبة إلى الواهب . فإذا رزق الواهب ولداً فتحقق الشرط ، فإن تحققه كشرط فاسخ يزيل التزام الواهب بالهبة فيستردها من الموهوب له ، وتحققه كشرط واقف يوجد التزام الموهوب له برد الهبة إلى الواهب فيردها إليه . وكذلك الحكم في الحق العيني كحق الملكية إذا علق على شرط فاسخ ، فإن الشيء الواحد يصبح له مالكان ، أحدهما مالك تحت شرط فاسخ والآخر مالك تحت شرط واقف ، والشرط الفاسخ بالنسبة إلى الأول هو نفس الشرط الواقف بالنسبة إلى الثاني ، فإذا ما تحقق هذا الشرط فقد انفسخت ملكية الأول وقامت ملكية $ 31 $ الثاني ، أما إذا تخلف الشرط فقد سقطت ملكية الثاني وأصبحت ملكية الأول ملكية باتة ( [34] ) .
21 – الشرط الفاسخ المستحيل والشرط المخالف للنظام العام أو الآداب : رأينا أن المادة 266 مدني تنص على أنه : " 1- لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط غير ممكن أو على شرط مخالف للآداب أو النظام العام ، هذا إذا كان الشرط وافقا . أما إذا كان فاسخا فهو نفسه الذي يعتبر غير قائم .
2- ومع ذلك لا يقوم الالتزام الذي علق على شرط فاسخ مخالف للآداب أو النظام العام ، إذا كان هذا الشرط هو السبب الدافع للالتزام " .
ويتبين من هذا النص أن الشرط الفاسخ إذا كان مستحيلا أو مخالفاً للنظام العام أو للآداب ، كان باطلا كما قدمنا . ولما كان الالتزام المعلق على شرط فاسخ التزاماً نافذاً فوراً وزواله هو المعلق على الشرط الفاسخ ، ولما كان هذا الشرط الفاسخ معتبراً كأنه لم يكن لبطلانه ، فهو إذن لن يتحقق . ويترتب على ذلك أن الالتزام المعلق على شرط فاسخ مستحيل أو مخالف للنظام العام أو الآداب يكون التزاماً باتاً غير معلق على شرط ما ( [35] ) ، وليس التزاماً مهدداً بالزوال كما هو شأن الالتزام المعلق على شرط فاسخ صحيح .
على أن الشرط الفاسخ المخالف للنظام العام أو الآداب قدي كون هو السبب الدافع إلى الالتزام ( [36] ) ، فإذا التزم شخص بترتيب إيراد مدى الحياة لامرأة $ 32 $ على أن تعاشره معاشرة غير شرعية ، وعلى أن ينفسخ التزامه إذا هي انقطعت عن معاشرته ، كان الشرط الفاسخ هنا باطلا لمخالفته للآداب ، واعتبر غير قائم . وكانت القاعدة العامة تقتضي أن يبقى الالتزام بترتيب الإيراد قائماً ، بعد سقوط الشرط . ولكن لما كان هذا الشرط في الفرض الذي نحن بصدده هو السبب الذي دفع المدين إلى أن يلتزم بترتيب الإيراد ، فإن سقوط الشرط يسقط الالتزام معه ، كما تقضي بذلك الفقرة الثانية من المادة 266 مدني على ما رأينا . فيسقط ، في وقت معاً ، شرط المعاشرة غير المشروعة والالتزام بترتيب الإيراد ( [37] ) .
$ 33 $
22 – الشرط الفاسخ الإرادي المحض - إحالة : وقد قدمنا أن الشرط الإرادي المحض من جانب المدين يجعل الالتزام غير موجود إذا كان شرطاً واقفاً . ورأينا كذلك أن هذا الشرط الإرادي المحض من جانب المدين يجعل الالتزام غير موجود إذا كان شرطاً واقفاً . ورأينا كذلك أن هذا الشرط الإرادي المحض من جانب المدين إذا كان شرطاً فاسخاً فإنه لا يسقط الالتزام ، بل يبقى الالتزام قائماً معلقاً على هذا الشرط الإرادي ، ومن ثم ينفذ فوراً ، ويكون للمدين الخيار بعد ذلك في الإبقاء عليه إن شاء أو في إسقاطه فيزول .
المبحث الثالث
مصدر الشرط
وأي الحقوق يلحقها وصف الشرط
1 – مصدر الشرط
23 – مصدر الشرط هو الإرادة أو التصرف القانونين : بعد أن عرفنا ما هو الشرط وما هي مقوماته وأنواعه ، بقى أن نبحث ما هي المصادر التي ينشأ عنها .
وقد رأينا في الأمثلة المتقدمة أن الشرط مصدره الإرادة ، فالملتزم هو الذي يتفق مع الملتزم له أن يكون الالتزام معلقاً على شرط واقف أو على شرط فاسخ . بل إن الشرط يكون مصدره إرادة الملتزم وحدها إذا كان الالتزام نفسه هو وليد هذه الإرادة ، فالملتزم بإرادته المنفردة كما يملك أن يلتزم التزاماً منجزاً خالياً من أي شرط ، يملك كذلك أن يعلق التزامه على شرط ، واقفاً كان الشرط أو فاسخاً .
وقد تكون الإرادة مصدر الشرط إرادة صريحة أو إرادة ضمنية ( [38] ) . $ 34 $ والشرط المتولد من إرادة ضمنية هنا هو غير الشرط الفاسخ الضمني المفترض في العقود الملزمة للجانبين ، كما سبق القول ( [39] ) .
ولما كان الشرط مصدره في العادة هو الإرادة ، فقد دفع ذلك كثيراً من الفقهاء إلى القول بأن الشرط إنما هو وصف في الإرادة لا في الالتزام ، فيجب إلحاقه بنظرية التصرف القانوني لا بنظرية الالتزام في ذاته ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
24 – هل يكون الشرط مصدره القانون : على أن هناك أوضاعاً قانونية يذهب بعض الفقهاء إلى إنها معلقة على شرط مصدره القانون . ويسوقون من الأمثلة على ذلك الوصية ، فهي كما يقولون تصرف قانونين معلق بحكم القانون ذاته على شرط واقف هو أن يعيش الموصى له بعد موت الموصى . ويقولون كذلك أن حق الورثة في الميراث معلق على شرط واقف هو أن يموت المورث قبلهم . كذلك حق الشفيع في المشفوع فيه يقولون إنه أيضاً معلق على شرط واقف هو إعلان الشفيع إدارته في الأخذ بالشفعة .
على أن الشرط الذي يفرضه القانون في الأمثلة المتقدمة وأمثالها ليس شرطاً بمعناه الصحيح . فقد قدمنا أن الشرط أمر عارض ، لا يلحق الحق إلا بعد تكامل عناصره ، فيضاف إليه ، ويمكن تصور الحق بدونه . أما في الأمثلة التي قدمناها ، فالشرط عنصر من عناصر الحق ذاته ، ولا يتصور قيام الحق بدونه . وإنما هو $ 35 $ وضع معين يقرره القانون ، ويرتب عليه نتائج معينة ، وليس له أثر رجعي ( [40] ) .
فالشرط إذن ليس له مصدر إلا الإرادة ( [41] ) . ولكنه وصف يلحق الحق نفسه لا الإرادة التي هي مصدره ، ومن ثم يكون جزءاً من نظرية الالتزام في ذاته لا من نظرية التصرف القانوني ( [42] ) .
$ 36 $
2- الحقوق التي يلحقها وصف الشرط
25 – يلحق الشرط الحقوق الشخصية والحقوق العينية على السواء : والشرط وصف يلحق محل الحقوق ، سواء كانت هذه الحقوق شخصية أو عينية . فيلحق الشرط الالتزام أي الحق الشخصي . ويلحق كذلك الحق العيني ، فيكون هذا الحق معلقاً على شرط واقف أو على شرط فاسخ ، ويكون للشرط في هذه الحالة كل خصائص الشرط الذي يلحق الحق الشخصي .
26 – الحقوق التي لا يلحقها وصف الشرط : على أن الحقوق التي يلحقها وصف الشرط هي الحقوق المالية . أما الحقوق المتعلقة بالأحوال الشخصية فهي غالباً لا تقبل التعليق على الشرط . والحجر والإذن بالتجارة للصبي المميز والنسب ، كل هذه تنشيء حقوقاً وحالات قانونية لا يرد عليها الشرط وصفاً ( [43] ) .
الفرع الثاني
ما يترتب على الشرط من الآثار
27 – التمييز بين مرحلتين : حتى نتبين بوضوح ما يترتب على الشرط من الآثار يجب أن نميز بين مرحلتين : ( 1 ) مرحلة التعليق ، وهي المرحلة التي يكون فيها الشرط قائماً لا يعلم هل يتحقق أو يتخلف ، ولذلك يكون الالتزام فيها معلقاً ، ومن ثم سمينا هذه المرحلة بمرحلة التعليق . ( 2 ) مرحلة ما بعد التعليق ، وهي المرحلة التي يتبين فيها مآل الشرط هل تحقق أو تخلف ، ولتحققه آثار تختلف عن آثار تخلفه في كل من الشرط الواقف والشرط الفاسخ .
$ 37 $
المبحث الأول
أثر الشرط في مرحلة التعليق
1 – الشرط الواقف
28 – النصوص القانونية : تنص المادة 268 من التقنين المدني على ما يأتي :
" إذا كان الالتزام معلقا على شرط واقف ، فلا يكون نافذا إلا إذا تحقق الشرط . أما قبل تحقق الشرط ، فلا يكون الالتزام قابلا للتنفيذ القهري ولا للتنفيذ الاختياري ، على أنه يجوز للدائن أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقه " ( [44] ) .
وحكم هذا النص فيما يتعلق بمرحلة التعليق كان معمولا به في عهد التقنين المدني السابق دون أن يشتمل هذا التقنين على نص في ذلك .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السورى المادة 268 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 255 ، وفي التقنين المدني العراقي المادة 288 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 93 إلى 95 ( [45] ) .
$ 38 $
29 – مراتب الحق من حيث الوجود والنفاذ : ويتبين من النص المتقدم الذكر أن الالتزام المعلق على شرط واقف ، وهو في مرحلة التعليق ، لا يكون نافذاً ، بل هو لا يكون موجوداً وجوداً كاملا ( [46] ) . ويمكن القول إن الحق ، من حيث الوجود والنفاذ ، يتدرج بين مراتب سبع : ( 1 ) مرتبة الحق المعدوم ، وهو ما لا وجود له ولا يحتمل وجوده . ( 2 ) مرتبة الحق الاحتمالي ، وهو ما لا وجود له ويحتمل وجوده ، فهو معدوم على خطر الوجود . ( 3 ) مرتبة الحق المعلق على شرط واقف ، وهو حق موجود فعلا ولكنه غير كامل الوجود . ( 4 ) مرتبة الحق المؤجل ، وهو حق موجود وجوداً كاملا ولكنه غير نافذ . ( 5 ) مرتبة الحق المعلق على شرط فاسخ ، وهو حق موجود وجوداً كاملا وهو في الوقت ذاته حق نافذ ، ولكنه موجود على خطر الزوال . ( 6 ) مرتبة الحق المقترن بأجل فاسخ ، وهو حق موجود وجوداً كاملا وهو نوافذ إلى أجل ثم ينقضى بانقضاء هذا الأجل . ( 7 ) مرتبة الحق المنجز ، وهو حق موجود وجوداً كاملا وهو نافذ إلى غير أجل .
ويخلص من ذلك أن الحق المعلق على شرط واقف هو : ( 1 ) حق موجود ( [47] ) ( 2 ) ولكن وجوده غير كامل .
$ 40 $
30 – الحق المعلق على شرط واقف حق موجود : وآية وجوده تظهر فيما يأتي :
( 1 ) ينتقل هذا الحق من صاحبه إلى الغير بالميراث وغيره من أسباب انتقال الحقوق . فالحق المعلق على شرط واقف يورث ، ويجوز لصاحبه أن يوصى به ، وأن يتصرف فيه بالبيع والهبة والرهن وغير ذلك من أنواع التصرف ، بل يجوز لصاحب هذا الحق أن ينزل عنه بإرادته المنفردة فيزول . وتنص المادة 94 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على " أن الموجب الذي عقد على شرط التعليق وما زال الشرط فيه معلقاً يمكن التفرغ عنه بوجه خاص أو بوجه عام " ، أي يمكن أن ينتقل بسبب خاص كالوصية والبيع والهبة ، أو بسبب عام كالميراث .
( 2 ) يجوز لصاحب الحق على شرط واقف أن يجري الأعمال المادية اللازمة لصيانته من التلف . ولا يجوز للمدين تحت شرط واقف أن يقوم بأي عمل من شأنه أن يمنع الدائن من استعمال حقه عند تحقق الشرط ، أو يزيد هذا الاستعمال صعوبة . وكل تصرف من جانب المدين يضر بحقوق الدائن عند تحقق الشرط لا يعتد به ، وذلك فيما عدا الحقوق التي كسبها الغير بحسن نية ( م 95 لبناني ) ( [48] ) .
( 3 ) يجوز لصاحب الحق المعلق على شرط واقف أن يقوم بالأعمال التحفظية اللازمة للمحافظة على حقه ، كوضع الأختام وتحرير قوائم الجرد وقيد الرهون الرسمية وتجديد القيد والتدخل في القسمة ورفع دعاوى تحقيق الخطوط ووضع الحراسة على الأعيان ( [49] ) . بل يجوز له أن يستعمل الدعوى غير المباشرة ودعوى الصورية ، وقد سبق بيان ذلك عند الكلام في هاتين الدعويين ( [50] ) .
$ 41 $
( 4 ) يجوز لصاحب الحق المعلق على شرط واقف أن يدخل في التوزيع ، ويطلب إن يختص بمبلغ يقابل قيمة حقه مع حفظ هذا المبلغ في خزانة المحكمة وتعليق قبضه إياه على تحقق الشرط ( [51] ) . ويجوز أن يوزع المبلغ على الدائنين التالين بشرط إن يقدموا كفالة تضمن رده في حالة تحقق الشرط ( [52] ) . ولكن لا يجوز لصاحب الحق المعلق على شرط واقف حجز ما لمدينه لدى الغير ولا أن يقوم بأي حجز تحفظي آخر ، لأن حقه غير حال الأداء ولا محقق الوجود ( م 543 و م 604 مرافعات ) ، ولكن إذا حجز دائن آخر على ما للمدين لدى الغير كان للدائن تحت شرط واقف أن يدخل في التوزيع على النحو الذي سبق ذكره ( [53] ) .
31 – الحق المعلق على شرط واقف وجوده غير كامل : ولكن الحق المعلق على شرط واقف إذا كان موجوداً ، فإن وجوده ناقص لم يتكامل ، ولا يتكامل إلا إذا تحقق الشرط . ومن ثم يفقد هذا الحق الناقص ، في مرحلة التعليق ، مزايا الحق الكامل من وجوه عدة ، نذكر من بينها :
( 1 ) لا يكون الحق المعلق على شرط واقف قابلا للتنفيذ القهري وهو في حالة التعليق . فلا يستطيع الدائن تحت شرط واقف أن يقتضى جبراً من المدين الدين المعلق على هذا الشرط . بل لأي جوز للدائن تحت شرط واقف أن يستعمل الدعوى البولصية وهي توطئة وتمهيد مباشر للتنفيذ القهري ، فقد قدمنا أن حق الدائن $ 42 $ في الدعوى البولصية يجب أن يكون مستحق الأداء والحق المعلق على شرط واقف غير مستحق الأداء .
( 29 لا يجوز للدائن تحت شرط واقف أن يتقاضى حقه برضاء المدين عن طريق التنفيذ الاختياري . ليس ثمة بطبيعة الحال ما يمنع المدين تحت شرط واقف من أن يفي بالدين قبل تحقق الشرط ، ولا ما يمنع الدائن من تقاضي هذا الحق ، ولكن هذا الوفاء يكون وفاء بغير المستحق ، فإذا كان المدين قد وفى الدين وهو يعتقد خطأ أن الدين غير معلق على شرط أو أن الشرط قد تحقق ، جاز له استرداده وفقاً للقواعد العامة في دفع غير المستحق ( [54] ) .
( 3 ) لما كان الحق المعلق على شرط واقف غير مستحق الأداء لأن وجوده لم يتكامل ، فإن التقادم المسقط لا يرسي بالنسبة إليه ما دام حقاً معلقا ًن ولا يسري التقادم إلا إذا تكامل وجود الحق وأصبح نافذا ًوذاك بتحقق الشرط .
( 4 ) إذا كان الحق المعلق على شرط واقف هو حق الملكية ، كان لهذا الحق مالكان : مالك تحت شرط واقف وهو الذي انتقلت له الملكية إلى المالك تحت شرط واقف ( [55] ) . فالمالك تحت شرط واقف حقه غير كامل الوجود كما قدمنا ، أما حق المالك تحت شرط فاسخ فهو كامل الوجود . ومن ثم كان لهذا المالك أن يدير العين ، واني تصرف فيها ، وأن يطهر العقار ، وهو الذي يتحمل هلاك العين ، ويستطيع دائنوه أن ينفذوا بحقوقهم عليها ( [56] ) .
$ 43 $
2- الشرط الفاسخ
32 – الحق المعلق على شرط فاسخ حق موجود نافذ : قدمنا أن الحق المعلق على شرط اسخ حق موجود وجوداً كاملاً ، وهو في الوقت ذاته حق نافذ ، ولكنه حق موجود على خطر الزوال .
فصاحب هذا الحق يملكه حالا ، وله أن يديره وأن يتصرف فيه كما سبق القول ، ولكن تصرفاته تكون على خطر الزوال كحقه ، فإذا ما تحقق الشرط الفاسخ ، زال حقه وزالت معه جميع التصرفات التي أجراها فيه .
على أن هناك من الأعمال التي يقوم بها صاحب الحق المعلق على شرط فاسخ ما يبقى حتى بعد تحقق الشرط ، وهي أعمال الإدارة المقترنة بحسن النية ، وسيأتي بيان ذلك .
وقد قدمنا أن المالك تحت شرط فاسخ هو الذي يتحمل تبعة هلاك العين ، وهو الذي يطهر العقار المرهون ، ويستطيع دائنوه أن ينفذوا بحقوقهم على العين المملوكة تحت شرط فاسخ ويكون هذا التنفيذ معلقاً إلغاؤه على تحقق الشرط ( [57] ) .
ويستطيع المالك تحت شرط فاسخ أن يحسب مدة حيازته للعين في التقادم ، فإذا أكمل المدة ملك العين بالتقادم تجاه المالك الحقيقي ولحساب المالك تحت شرط واقف ، فإذا ما تحقق الشرط رجعت العين ، بعد أن تمت مدة التقادم ، لا إلى المالك الأصلي بل إلى المالك تحت شرط واقف ( [58] ) .
$ 44 $
ويستطيع المالك تحت شرط فاسخ أن يباشر دعاوى الملكية ودعاوى الحيازة بالنسبة إلى العين التي يملكها تحت هذا الشرط ، كما يستطيع أن يدفع عن نفسه كمالك أي اعتداء يقع على ملكيته .
وإذا كانت العين المملوكة تحت شرط فاسخ نصيباً شائعاً ؛ جاز للمالك تحت شرط فاسخ أن يطلب القسمة ، فإذا ما تمت كانت نافذة في حقه وفي حق المالك تحت شرط واقف في حالة تحقق هذا الشرط . ذلك أن القسمة إجراء من إجراءات الإدارة التي تبقى قائمة حتى بعد تحقق الشرط الفاسخ . ولكن يجوز للمالك تحت شرط واقف أن يتدخل في إجراءات القسمة حتى يمنع أي غش أو تواطؤ بين الشركاء . ويستوى فيما قدمناه أن تكون القسمة قسمة قضائية أو قسمة رضائية ( [59] )
$ 45 $
أما الدائن تحت شرط فاسخ ، أي من له حق شخصي معلق على هذا الشرط ، فإن حقه يكون حالا واجب الأداء ، ويستطيع أن يتقاضاه من المدين طوعاً أو كرها ، أي بطريق التنفيذ الاختياري أو بطريق التنفيذ الجبري .
33 – ولكن الحق المعلق على شرط فاسخ موجود على خطر الزوال : على أن الحق المعلق على شرط فاسخ معرض للزوال ، وهو يزول فعلا بتحقق الشرط . فإذا كان الدائن تحت شرط فاسخ قد استوفى الدين من مدينه ، ثم تحقق الشرط ، جاز للمدين أن يسترد ما دفع وفقاً للقواعد العامة في دفع غير المستحق ( [60] ) .
ولا يستطيع صاحب الحق المعلق على شرط فاسخ ، كما قدمنا ، أن يأتي من الأعمال ما من شأنه أن يعوق الجانب الآخر – صاحب الحق المعلق على شرط واقف – من استعمال حقه إذا نفذ هذا الحق بتحقق الشرط ( [61] ) .
$ 46 $
المبحث الثاني
أثر الشرط بعد انتهاء مرحلة التعليق
34 – مسائل البحث : إذا انتهت مرحلة التعليق فإن مآل الشرط يتبين ، فهو إما أن يتحقق ,غما أن يتخلف . وسواء تحقق أو تخلف فلكل منذ لك أثره ، في حالتي الشرط الواقف والشرط الفاسخ . ويكون لتحقق الشرط ، واقفاً كان أو فاسخاً ، أثر رجعي في الكثرة الغالبة من الأحوال .
فنتكلم إذن في المسائل الآتية : ( 1 ) كيف يتحقق الشرط أو يتخلف . ( 2 ) أثر تحقق الشرط أو تخلفه في حالتي الشرط الواقف والشرط الفاسخ . ( 3 ) الأثر الرجعي للشرط .
1- كيف يتحقق الشرط أو يتخلف
35 – العغبرة بإرادة طرفي الالتزام في تحقق الشرط أو تخلفه : تنص المادة 1175 من التقنين المدني الفرنسي على أنه " يجب أن يكون تحقق الشرط على الوجه الذي يظهر أن الطرفين قد أرادا وقصدا أن يكون ( [62] ) " . وليس لهذا النص مقابل في التقنين المدني المصري ، ولكنه تطبيق للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ بحكمه في مصر دون حاجة إلى نص في ذلك .
وقاضي الموضوع هو الذي يقدر الوجه الذي يريد الطرفان أن يكون عليه تحقق الشرط ، وذلك بالرجوع إلى نيتهما ، فيقضي بأن الشرط قد تحقق أو تخلف ، ولا معقب على حكمه . فإذا كان الشرط عملا يجب القيام به ، نظر القاضي هل قصد الطرفان أن يقوم به شخص معين بالذات كما إذا كان عملا فنياً لشخصية القائم به $ 47 $ اعتبار ملحوظ ، أو قصدا أن يقوم به أي شخص كما إذا كان عملا لا عبرة فيه بشخصية القائم به . كذلك يقدر القاضي ما إذا كان الشرط يقبل التجزئة بحيث إن تحقق جزء منه قابله جزء من الالتزام المشروط ، أو أنه لا يقبل التجزئة فأما أن يتحقق كله وإلا عد متخلفاً . وقد يكون الشرط هو تحقيق غاية ، كما إذا كان زواجاً اشترط على الدائن أن يعقده ، فعلى الدائن أن يعقد هذا الزواج حتى يتحقق الشرط ، وليس له أن يحتج بأنه قد بذل جهده في عقد الزواج ولكنه لم يوفق ، فالشرط هنا هو تحقيق غاية هي عقد الزواج ، فإذا لم تتحقق هذه الغاية ، مهما تكن هذه الأسباب لعدم تحققها ولو كانت أسباباً قاهرة ، اعتبر الشرط متخلفاً . كما قد يكون الشرط هو بذل عناية ، فعند ذلك يجب من يطلب منه بذل هذه العناية إلا يدخر وسعاً في تحقيق الغرض المقصود ، ولكن ليس عليه أن يتحقق هذا الغرض .
وإذا تحقق الشرط أو تخلف ، فقد تحدد مصيره على وجه نهائي لا سبيل إلى الرجوع فيه . فإذا كان الشرط مثلا الزواج في خلال مدة معينة ، وتم الزواج في خلال هذه المدة ، فقد تحقق الشرط ولو وقع الطلاق بعد ذلك . وإذا لم يتم الزواج في خلال المدة المعينة ، فقد تخلف الشرط ولو تم الزواج بعد انتهاء هذه المدة ( [63] ) .
36 – الشرط الذي حدد لتحققه أو لتخلفه وقت معين : وتصن المادة 1176 من التقنين المدني الفرنسي على أنه " إذا علق الالتزام على شرط هو أن يقع أمر في وقت معين ، فإن الشرط يعتبر متخلفاً إذا انقضى الوقت دون أن يقع هذا الأمر . فإذا لم يحدد لوقوع الأمر وقت ، جاز أن يتحقق الشرط في أي وقت ولا يعتبر متخلفاً إلا إذا أصبح من المؤكد أنه لن يقع " ( [64] ) . وتنص المادة 1177 $ 48 $ من نفس التقنين على أنه " إذا علق الالتزام على شرط هو إلا يقع أمر في وقت معين ، فإن الشرط يتحقق إذا انقضى الوقت دون أن يقع هذا الأمر . وهو يتحقق كذلك قبل انقضاء الوقت إذا أصبح من المؤكد أنه لن يقع . فإذا لم يحدد وقت ، فإن الشرط لا يتحقق إلا عندما يصبح مؤكداً عدم وقوع الأمر " ( [65] ) . ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني المصري ، ولكن يمكن الأخذ بأحكامها دون حاجة إلى نص لأنها ليست إلا تطبيقاً للقواعد العامة .
ومثل الشرط الذي يقع في وقت معين أن يعلق الملتزم التزامه على عودة ابنه الغائب في ميعاد يضربه ، فيقول إذا عاد ابني الغائب في خلال ثلاث سنوات مثلا . وقد لا يعين ميعاداً ، فيقتصر على أن يقول إذا عاد ابني الغائب . ومثل الشرط الذي لا يقع في وقت معين أن يلعق الملتزم التزامه على انعدام خلف له ويضرب لذلك ميعاداً ، فيقول إذا لم يولد لي ولد في خلال سنتين مثلا . وقد لا يعين ميعاداً ، فيقتصر على أن يقول إذا لم يولد لي ولد .
فإذا علق الملتزم التزامه على شرط أن يعود ابنه الغائب في خلال ثلاث سنوات ، فإن هذه المدة التي عينها تكون أحد عناصر الشرط ، ولا يتحقق الشرط إلا إذا عاد ابنه في خلال هذه المدة . فإذا انقضت دون إني عود فإن الشرط يتخلف ، حتى لو عاد الإبن بعد ذلك بمدة وجيزة . ولا يجوز للقاضي أن يمد المدة ، توقعاً لعودة الإبن الغائب في أجل قريب . وتسري المدة في حق القاصر وناقص الأهلية ولول م يكن له ولي ، لأنها ليست مدة تقادم حتى يرد عليها الوقف ، كذلك لا يجوز قطعها كما تقطع مدة التقادم ( [66] ) . ويتخلف الشرط أيضاً ، حتى قل انقضاء المدة المعينة ؛ متى أصبح من المؤكد أن الإبن الغائب $ 49 $ لن يعود ، بأن يموت مثلا قبل انقضاء المدة ( [67] ) . أما إذا عاد الإبن الغائب في خلال ثلاث سنوات ، فقد تحقق الشرط ، ويبت في ذلك قاضي الموضوع دون معقب على حكمه . وإذا كان الشرط غير مقترن بمدة محددة ، بل كان مقتصراً على اشتراط عودة الإبن الغائب ، فهو لا يتحقق إلا إذا عاد الإبن . ولكنه يتحقق بعودة الإبن في أي وقت ، حتى لو كان ذلك بعد موت الملتزم ؛ فإن التزامه المعلق على شرط ينتقل إلى ورثته ، ويبقى معلقاً بعد انتقاله إلى الورثة حتى يعود الإبن الغائب . ولا يتخلف الشرط في هذه الحالة إلا إذا أصبح من المؤكد أن الإبن الغائب لن يعود في أي وقت ، ويكون ذلك إما بالتحقق من وفاته ، وإما بانقضاء مدة طويلة من الزمن تصبح معها وفاته أمراً يبلغ حد اليقين . ويجوز كذلك ، عند عدم تعيين مدة يتحقق في خلالها الشرط ، أن يعين القاضي مدة معقولة ، مستخلصاً إياها من نية الطرفين ومن ظروف التعاقد وملابساته ( [68] ) .
وما قدمناه ينطبق على الشرط السلبي : إلا يقع أمر في خلال مدة معينة . فإذا علق الملتزم التزامه على شرط إلا يولد له ولد في خلال سنتين ، فإن الشرط يكون قد تحقق إذا انقضت هذه المدة ( [69] ) دون أن يرزق ولداً ، حتى لو رزق الولد بعد انقضاء المدة بوقت وجيز . بل أن الشرط يكون قد تحقق – وقد نصت على ذلك صراحة المادة 1177 فرنسي – حتى قبل انقضاء المدة إذا أصبح مؤكداً أن الملتزم لن يولد له ولد ، بان ثبت عقمه مثلا أو مات قبل انقضاء المدة . أما إذا رزق الملتزم ولداً في خلال السنتين ، فإن الشرط يكون قد تخلف ، حتى لو مات الولد بعد ذلك ولو كان موته قبل انقضاء السنتين . وإذا كان الشرط غير مقترن بمدة ، بل كان مقتصراً على إلا يولد للملتزم ولد ، فإن الشرط يتخلف إذا رزق الملتزم ولداً في أي وقت إلى أن يموت . ويتحقق $ 50 $ الشرط إذا أصبح من المؤكد إلا يولد له ولد ، بان أصبح عقيما مثلا أو ماتت زوجته وكان الشرط أن يكون الولد منها ( [70] ) .
37 – تحقق الشرط أو تخلفه بطريق الغش : وتنص المادة 1178 من التقنين المدني الفرنسي على أنه " يعتبر الشرط قد تحقق إذا كان المدين بالتزام معلق على هذا الشرط هو الذي منع تحققه " ( [71] ) . وليس لهذا النص مقابل في التقنين المدني المصري ، ولكن المشروع التمهيدي لهذا التقنين كان قد احتوى على نص مقابل هو المادة 388 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " 1- يعتبر الشرط قد تحقق إذا كحان الطرف الذي له مصلحة في أن يتخلف في حال بطريق الغش دون تحققه . 2 – لا أثر للشرط الذي تحقق إذا كان تحققه قد وقع بغش الطرف الذي له مصلحة في أن يتحقق " . والنص كما نرى أكثر استيعاباً وأوسع شمولا من نص التقنين المدني الفرنسي ( [72] ) . ولكنه $ 51 $ حذف في لجنة المراجعة " فمكان استخلاص حكمه من القواعد العامة " ( [73] ) .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا صدد هذا النص ما يأتي : " تواجه هذه المادة فرضين : أولهما يعرض حيث يحول ذو المصلحة في تخلف الشرط دون تحققه بطريق الغش ، كما هو الشأن في المدين بالتزام معلق على شرط موقف أو الدائن بالتزام معلق على شرط فاسخ . وفي مثل هذا الفرض يعتبر الشرط قد تحقق ولو أنه لا يزال متخلفاً في حكم الواقع ، جزاء ما وقع من غش المدين أو الدائن بحسب الأحوال . والثاني يعرض حيث يعمد ذو المصلحة ، على نقيض ما وقع في الفرض الأول ، إلى تحقيقي الشرط بطريق الغش ، كما هو الشأن في الدائن بالتزام معلق على شرط موقف ( كالمستأمن إذا انتحر أو تسبب في الحريق عمداً ) ، والمدين بدين معلق على شرط فاسخ . ولا يرتب تحقق الشرط في هذا الفرض أثراً ما ، بل يبرأ المدين من التزامه ، أو يظل مرتبطاً به نهائياً ، رغم تحقق الشرط الموقف أو الفاسخ . ومن الواضح أن إقرار هذا الحكم قصد به إلى قمع ما يقع من غش من المدين أو الدائن بحسب الأحوال " ( [74] ) .
وواضح أن ذا المصلحة من الطرفين في تخلف الشرط إذا حال دون تحققه بطريق الغش ، كالمدين تحت شرط واقف يحول دون تحقق هذا الشرط حتى لا ينفذ التزامه ( [75] ) ، أو الدائن تحت شرط فاسخ يحول دون تحقق هذا الشرط حتى يصبح حقه باتا لا يفسخ ، يكون قد عمل على نقض ما تم من جهته ، ومن سعى إلى نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه . وكذلك الحال في ذي المصلحة من الطرفين في تحقق الشرط إذا عمل على تحقيقه بطريق الغش ، كالمدين تحت شرط فاسخ يعمل على تحقيق هذا الشرط حتى يفسخ التزامه ، وكالدائن تحت شرط $ 52 $ واقف يعمل على تحقيق الشرط حتى يصبح حقه نافذاً . في جميع هذه الأحوال يكون هناك خطأ من الطرف الذي عمل على تخلف الشرط أو على تحققه ، فيجب عليه التعويض عن خطأه . وخير تعويض هو أن يعتبر الشرط الذي عمل على تخلفه قد تحقق ، أو الشرط الذي عمل على تحققه قد تخلف ، فهذا هو التعويض العيني للخطأ الذي ارتكبه .
ولكن لا بد أن يكون قد ارتكب خطأ في الحيلولة دون تحقق الشرط أو دون تخلفه ، ولا يكفي أن يكون بمجرد عمله قد حال دون ذلك من غير أن ينطوي هذا العمل على خطأ . فلو أن المؤجر التزم نحو المستأجر أن يؤجر له طابقاً آخر من الدار إذا بقى في الطابق الأول الذي أجره له مدة معينة ، ثم تأخر المستأجر عن دفع أجرة الطابق الأول مما دعا المؤجر أن يستصدر حكماً عليه بالاخلاء قبل انقضاء المدة المعينة ، فلا يقال في هذه الحالة أن المؤجر قد عمل ، بإخراج المستأجر من الطابق الأول ، على تخلف الشرط مما يؤدي إلى اعتباره متحققاً . ذلك أن المؤجر لم يرتكب خطأ في إخراج المستأجر من الطابق الأول ، بل المستأجر هو الذي ارتكب الخطأ بتأخره عن دفع الأجرة . وإذا التزم شخص نحو ابنه بإعطائه مبلغاً من المال إذا لم يبن له داراً ، فإن الأب يستطيع إني بني الدار للابن فيتخلف الشرط بذلك ، ولا يعتبر الأب مخطئاً في العمل على تخلف الشرط ( [76] ) . وإنما يعتبر الطرف قد أخطأ في العمل على تحقق الشرط ، ومن ثم يعتبر الشرط متخلفاً ، في الفرض الآتي : شخص تعهد بإعطاء إيراد مرتب لشخصين طول حياتهما ، على أن من يموت منهما قبل الآخر يرتد إيراده إلى صاحبه ، فيجمع هذا بين الايرادين . فإذا قتل أحد هذين الشخصين الآخر ، فإنه يكون بذلك قد عمل غشاً على تحقيق الشرط الذي يترتب على تحققه أن يرتد له إيراد الشخص المقتول ، ومن ثم يعتبر الشرط متخلفاً جزاء له على غشه ، ولا يرتد له هذا الإيراد ( [77] ) . كذلك $ 53 $ إذا أحرق المؤمن على الحريق المكان الذي أمنه ، فإنه لا يستحق مبلغ التأمين .
على أنه ليس من الضروري ، بعد أن حذف نص المادة 388 من المشروع التمهيدي وكان يشترط أن تكون الحيلولة دون تحقق الشرط أو تخلفه بطريق الغش ، أن تكون الحيلولة حتما بهذا الطريق . بل يكفي أن يكون هناك خطأ في جانب من حال دون تحقق الشرط أو دون تخلفه ، ولو لم يصل هذا الخطأ إلى درجة التعمد والغش . فإذا تعهد صاحب مصنع لموظفيه بان يعطيهم تعويضاً عن مصروفات انتقالهم إلى المصنع إذا لم يقدم لهم عربة خاصة تنقلهم إليه ، فإن مجرد تأخر أحد الموظفين عن إدراك العربة الخاصة يكون خطأ ، ويكون قد عمل على تحقيقي الشرط بخطأ منه ، فلا يستحق تعويضاً عن مصروفات انتقاله إلى المصنع بوسائله الخاصة ( [78] ) .
$ 54 $
ولا يطلب من الطرف ذي الشأن إلا أن يثبت أن الطرف الآخر قد حال بخطأه دون تحقق الشرط أو دون تخلفه ( [79] ) .
ولكن يجوز للطرف الآخر أن يثبت أنه بالرغم من خطأه فإن الشرط ما كان ليتحقق أو ما كان ليتخلف ، وفي هذه الحالة لا يجوز اعتبار الشرط متحققاً أو متخلفاً ما دام الخطأ ليس هو السبب الحقيقي في تخلفه أو في تحققه ( [80] ) .
2- أثر تحقق الشرط أو تخلفه
38 – الشرط الواقف – النصوص القانونية : رأينا أن المادة 268 من التقنين المدني المصري تنص في صدرها على ما يأتي : " إذا كان الالتزام معلقا على شرط واقف ، فلا يكون نافذا إلا إذا تحقق الشرط . أما قبل تحقق الشرط " ( [81] ) .
فإذا تحقق الشرط الواقف إذن نفذ الالتزام المعلق عليه ، وكان قبل تحقق الشرط موقوفاً كما رأينا ( [82] ) . فيجوز بعد تحقق الشرط للدائن أن ينفذ بحقه اختياراً أو إجباراً ، وله أن يستعمل الدعوى البوليصة تمهيداً لهذا التنفيذ . ولا يرد ما قبضه ، لأنه قبض ما هو مستحق له . ويسري التقادم في حق الالتزام $ 55 $ منذ تحقق الشرط ، وكان لا يسري حال تعلقه . وقد تقدم بيان كل ذلك هذا ويعتبر الالتزام بتحقق الشرط موجوداً ، لا منذ تحقق الشرط فحسب ، بل منذ نشوء الالتزام ( [83] ) ، وهذا هو الأثر الرجعي لتحقق الشرط وسيأتي بيانه . ويستخلص من ذلك أنه إذا تم العقد معلقاً على شرط واقف ، لم يجز لأحد المتعاقدين أن يرجع في تعاقده ما بين تمام العقد وتحقق الشرط ، فإن الشرط إذا تحقق اعتبر العقد قد تم وترتبت عليه جميع آثاره منذ انعقاده لا منذ تحقق الشرط ( [84] ) .
أما إذا تخلف الشرط الواقف ، فإن الالتزام الذي كان معلقاً على هذا الشرط – وكان له وجود ناقص كما قدمنا – ينمحي ويصبح كأن لم يكن ، ولا يعتبر له وجود ، لا كامل ولا ناقص ، منذ البداية ، وهذا هو الأثر الرجعي لتخلف الشرط . وينبني على ذلك أن المدين إذا لم يكن قد وفى شيئاً من الالتزام كان غير ملزم بالوفاء أصلاً ، وإذا كان قد وفى شيئاً فإنه يسترده ( [85] ) . وينبني على ذلك أيضاً أن الدائن إذا كان قد تصرف في الشيء ، فإن تخلف الشرط الواقف يلغي جميع تصرفاته لأنها جميعها كانت معلقة على هذا الشرط الواقف كما قدمنا ( [86] ) .
39 – الشرط الفاسخ – النصوص القانونية : تنص المادة 269 من التقنين المدني على ما يأتي :
" 1 - يترتب على تحقق الشرط الفاسخ زوال الالتزام ويكون الدائن ملزما برد ما أخذه ، فإذا استحال الرد لسبب هو مسئول عنه وجب عليه التعويض " .
$ 56 $
2- على أن أعمال الإدارة التي تصدر من الدائن تبقي نافذة رغم تحقق الشرط " ( [87] ) .
ونرى من ذلك أنه إذا تحقق الشرط الفاسخ ، فإن تحققه يزيل الالتزام المعلق عليه ، فيعتبر هذا الالتزام كأن لم يكن منذ البداية بفضل الأثر الرجعي . $ 57 $ وينفسخ الالتزام بقوة القانون ، دون حاجة إلى حكم أو إعذار ، ويترتب على ذلك ما يأتي : ( 1 ) لا حاجة لطلب الفسخ ، ومن باب أولى لاستصدار حكم به ، ولكن إذا حصل نزاع وجب الالتجاء إلى القضاء ، لا ليقضى بالفسخ كما يفعل في فسخ العقد الملزم للجانبين إذا أخل أحد المتعاقدين بالتزامه ، بل يلقرر أن العقد قد انفسخ ، ولا يجوز له أن يمنح أية مهلة . ( 2 ) يجوز لكل ذى مصلحة التمسك بانفساخ العقد ، فيستطيع دائنوا البائع بعد انفساخ عقد المشتري أن يحجزوا على المبيع مباشرة بمجرد تحقق الشرط الفاسخ . ( 3 ) لا يجوز للطرفين باتفاقهما أن ينزلا عن الفسخ ، إذ يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه ، ولا بد من إبرام عقد جديد ينعقد من وقت إبرامه .
وبتحقق الشرط الفاسخ تسقط جميع التصرفات التي صدرت من الدائن تحت شرط فاسخ ، ولا تبقى إلا أعمال الإدارة على الوجه الذي سنبينه فيما يلي . وإذا كان الدائن قد استوفى الدين ، وتحقق الشرط الفاسخ ، فعليه أن يرده للمدين ، وإذا استحال الرد لغير سبب أجنبي ، كان عليه أن يعوض المدين عما أصابه من الضرر . أما إذا رجعت الاستحالة إلى سبب أجنبي ، فقد انقضى الالتزام بالرد ، ولا محل للتعويض في هذه الحالة . والالتزام بالرد مبنى على أساس دفع غير المستحق ، فإنه لما تحقق الشرط الفاسخ بأثر رجعي ، تبين أن الشيء الذي دفعه المدين للدائن لم يكن مستحقاً ، فكان له الحق في استرداده .
وإذا تخلف الشرط الفاسخ ، فإن الالتزام الذي كان معلقاً عليه وكان على خطر الزوال يصبح باتاً غير معرض للزوال ، وتصبح جميع تصرفات الدائن تحت شرط فاسخ هي أيضاً باتة غير قابلة للنقض . أما تصرفات الطرف الآخر التي كانت معلقة على شرط واقف ، ولم يتحقق هذا الشرط بتخلف الشرط الفاسخ ، فإنها تزول بأثر رجعي كما قدمنا . ويتم كل ذلك بمجرد تخلف الشرط الفاسخ دون حاجة إلى حكم أو إعذار ، كما رأينا ذلك في حالة تحقق هذا الشرط .
40 – أعمال الإدارة في حالة تحقق الشرط الفاسخ : قدمنا أن جميع تصرفات الدائن تحت شرط فاسخ تسقط بتحقق الشرط فيما عدا أعمال الإدارة . وقد نصت على ذلك صراحة ، كما رأينا ، الفقرة الثانية من المادة 269 إذ تقول : $ 58 $ " على أن أعمال الإدارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط " . وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي :
" أما ما يصدر من الدائن من أعمال الإدارة فيظل قائماً رغم تحقق الشرط ، ذلك أن هذه الأعمال لا تؤثر في الحقوق التي استقرت نهائياً من جراء تحقق الشرط . ثم أنه من الاهمية بمكان أن يكفل لها ما ينبغي من الاستقرار . وغنى عن البيان أن بقاء الأعمال التي تقدمت الإشارة إليها مشروط بحسن نية من صدرت عنه وعدم تجاوزه المألوف في حدود الإدارة . فإذا كان عمل الإدارة إجارة مثلا ، وجب إلا تجاوز مدتها ثلاث سنوات " ( [88] ) .
والمثل المألوف لأعمال الإدارة هو الإيجار . ويدخل في أعمال الإدارة أيضاً قبض الأجرة وبيع الثمار والمحصولات وقيد الرهن وتجديد القيد وتسجيل العقد ونحو ذلك . بل يدخل في أعمال الإدارة ، فلا ينفسخ بتحقق الشرط الفاسخ ، القسمة وتطهير العقار . فإذا أجرى المالك قسمة العين الشائعة التي يملكها تحت شرط فاسخ ، فإن هذه القسمة ، سواء كانت قضائية أو رضائية ، لا تنفسخ بتحقق الشرط ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . وكذلك الأمر فيما يتعلق بتطهير العقار إذا كان مثقلا برهن وأجرى المالك تحت شرط فاسخ تطهيره ، فلا يعود مثقلا بالرهن حتى لو تحقق الشرط الفاسخ ( [89] ) . كما تقدم القول .
ولكن يشترط لبقاء أعمال الإدارة بالرغم من تحقق الشرط الفاسخ أمران : ( 1 ) أمر ذاتي ، هو حسن نية صاحب الحق المعلق على شرط فاسخ ، فيجب إلا يتخذ من أعمال الإدارة ذريعة يتوسل بها إلى تعطيل حق الطرف الآخر إذا تحقق الشرط الفاسخ . ( 2 ) وأمر موضوعي ، هو إلا يجاوز في أعمال الإدارة الحد المألوف ، فلا يعقد إجارة لمدة تجاوز ثلاث سنوات ، ولا يبيع إلا الموجود من المحصولات فيمتنع عليه بيع المحصولات المستقبلة لسنين قادمة ، وهكذا .
$ 59 $
والسبب في بقاء أعمال الإدارة واضح ، لأن هذه الأعمال ضرورية ويجب القيام بها في وقتها المناسب ، ويجب أن يكون لها من الاستقرار ما يكفل لها البقاء حتى يتيسر اجراؤها . ولما كان صاحب الحق المعلق على شرط فاسخ هو الذي يملك الإدارة ، فقد يسر له القانون مهمته بان أبقى أعماله قائمة حتى بعد تحقق الشرط الفاسخ ، ما دام قد توافر فيها الشرطان المتقدمان .
3 – الأثر الرجعي لتحقق الشرط
41 – النصوص القانونية : تنص المادة 270 من التقنين المدني على ما يأتي :
" 1- إذا تحقق الشرط استند أثره إلى الوقت الذي نشأ فيه الالتزام ، إلا إذا تبين من إرادة المتعاقدين أو من طبيعة العقد أن وجود الالتزام ، أو زواله ، إنما يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط " .
" 2- ومع ذلك لا يكون للشرط أثر رجعي ، إذا أصبح تنفيذ الالتزام قبل تحقق الشرط غير ممكن لسبب أجنبي لا يد للمدين فيه ( [90] ) " .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المواد 105 / 159 و 106 / 160 و 269 مكررة / 340 ( [91] ) . ولا فرق في الحكم بين التقنينين .
$ 60 $
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 270 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 257 ، وفي التقنين المدني العراقي 290 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 95 و 96 و 98 و 99 ( [92] ) .
$ 61 $
وهذه المسألة هي من أهم المسائل في الشرط . ويختلف الشرط عن الأجل بوجه خاص في أن للشرط أثراً رجعياً ليس للأجل ( [93] ) ، وفي أن الشرط أمر غير محقق الوقوع والأجل أمر محقق .
ونتكلم ، في الأثر الرجعي للشرط ( [94] ) ، في المسائل الآتية : ( 1 ) الأساس الذي يقوم عليه مبدأ الأثر الرجعي وتقدير هذا المبدأ . ( 2 ) ما يترتب من النتائج على الأثر الرجعي . ( 3 ) ما يستثنى من إعمال الأثر الرجعي .
42 – الأساس الذي يقوم عليه مبدأ الأثر الرجعي – تقدير هذا المبدأ : اشرنا فيما قدمناه إلى أن لتحقق الشرط ، سواء كان الشرط واقفاً أو فاسخاً ، أثراً رجعياً . وهذا ما تقوله صراحة المادة 270 مدني ، فهي كما رأينا تقرر أنه إذا تحقق الشرط استند إلى وقت الذي نشأ فيه الالتزام .
ونبدأ ببيان الأساس الذي يقوم عليه مبدأ الأثر الرجعي ، وقد تشعبت الآراء في بيان هذا الأساس .
فمن الفقهاء من يذهب إلى أن الأثر الرجعي لتحقق الشرط ليس إلا مجرد افتراض وهمي ( fiction ) من جانب المشرع ، الغرض منه تفسير بعض $ 62 $ النتائج التي تترتب على تحقق الشرط ، ومن ثم لا يجوز التوسع في إعمال هذا الأثر الرجعي ، بل يجب قصره على الأحوال التي قصد المشرع صراحة أو ضمناً أن يكون لتحقق الشرط فيها هذا الأثر ( [95] ) . ولكن هذا الرأي لا يحل الإشكال ، إذ يبقى أن نعرف لماذا افترض المشرع هذا الافتراض الوهمي في النتائج التي رتبها على تحقق الشرط .
ومن الفقهاء من يذهب إلى أن الأثر الرجعي لتحقق الشرط ليس إلا تعبيراً ملائماً للقول بأن تحقق الشرط ليس من شأنه إلا تثبيت حق كان موجوداً من قبل ، وهذا التثبت ( Confirmation ) هو كل المقصود بالأثر الرجعي افتراضاً وهمياً من جانب المشرع ، بل هو استجابة الحقيقة واقعة ، فالحق المعلق على شرط موجود منذ وجود الاتفاق ، وما تحقق الشرط بمنشيء له بل هو تثبيت لوجوده ( [96] ) . ولكن يؤخذ على هذا الرأي أنه يقتصر على تفسير الشرط الواقف دون الشرط الفاسخ . ويؤخذ عليه ، حتى في تفسيره للشرط الواقف ، أنه يفرض أن الحق المعلق على شرط واقف موجود منذ البداية وتحقق الشرط إنما يقتصر على تثبيته ، وهذا التفسير مصادرة على المطلوب ، فإن وجود الحق منذ البداية لم نقل به إلا لأن للشرط أثراً رجعياً ، فلا يجوز أن يفسر هو نفسه هذا الأثر الرجعي ( [97] ) .
ويذهب كولان وكابيتان إلى أن الأثر الرجعي للشرط ليس إلا تطبيقاً للمبدأ القاضي بأن فاقد الشيء لا يعطيه ( nemo plus juris ad alium transferre potest quam ipso habet ) . فصاحب الحق المعلق على شرط واقف أو على شرط فاسخ لا يستطيع أن يتصرف في هذا الحق إلا تحت الشرط الواقف $ 63 $ أو الشرط الفاسخ ، وإلا أعطى أكثر مما يملك ( [98] ) . ولكن هذا التفسير لا يكفي لتأسيس الأثر الرجعي ، فإذا كان المالك تحت شرط فاسخ لا يستطيع أن ينقل للغير أكثر مما يلمك ، فإن هذا لا يمنعه من أن ينقل ما يملك . وهو يملك حقاً معلقاً على شرط فاسخ ، فيستطيع أن ينقله ، حتى إذا ما تحقق الشرط لم ينتج أثره إلا من وقت تحققه لا منذ البداية . فالمبدأ القاضي بأن فاقد الشيء لا يعطيه لا يقتضي حتما الأخذ بمبدأ الأثر الرجعي لتحقق الشرط ( [99] ) .
وقد ذهب بعض رجال الفقه الحديث إلى إنكار الأثر الرجعي للشرط ، إذ يرونه مجافياً للواقع ، ومعطلا لحرية تصرف المالك في ملكه ، وضاراً بالغير إذ يبقى على الدوام مهدداً بهذا الأثر الرجعي ، وبذلك تتعقد المعاملات ولا تستقر الحقوق ( [100] ) . وقد عمدت بعض التقنينات الحديثة فعلا إلى إنكار أن $ 64 $ يكون لتحقق الشرط أثر رجعي ، كما فعل التقنين الألماني وتقنين الالتزامات $ 65 $ السويسري ( [101] ) . ولم يستبق الأثر الرجعي إلا التقنينات اللاتينية ، وقد سار على نهجها التقنين المصري ، القديم ( [102] ) والجديد .
والصحيح في نظرنا أن فكرة الأثر الرجعي لتحقق الشرط تستجيب في أكثر الأحوال لظروف التعاقد وللنية المحتملة للمتعاقدين . وذلك أن المتعاقدين لا يعرفان وقت التعاقد إن كان الشرط يتحقق أو لا يتحقق ، ولو أنهما كانا يعرفان ذلك لما علقا العقد على الشرط ولجعلاه عقداً بسيطاً منجزاً ( [103] ) . فيمكن إذن في كثير من الاطمئنان تفسير نيتهما على أنهما إنما أرادا أن يسندا أثر العقد إلى وقت التعاقد لا إلى وقت تحقق الشرط .
ومن أجل ذلك لم يجعل المشرع مبدأ الأثر الرجعي من النظام العام فلا تجوز مخالفته ، بل جعل للمتعاقدين الحق في أن يفصحا عن نيتهما ، فإن كانا لا يريدان أن يجعلا للشرط أثراً رجعياً فليس عليهما إلا أن يبينا ما أرادا ، وعند ذلك لا يكون لتحقق الشرط أثر رجعي ، لأن النية الحقيقية للمتعاقدين قد تعارضت مع النية المحتملة ، ولا شك في أن الأولى تنسخ الثانية . وليس على المتعاقدين $ 66 $ ضير من الأثر الرجعي ما داما يقصدان هذا الأثر ، ولا على الغير ضير من ذلك أيضاً ما دامت قواعد الشهر تحمى الغير من المفاجآت ( [104] ) . ويستطيع المشرع أن يفرض أن إرادة المتعاقدين قد انصرفت إلى الأثر الرجعي إلا إذا ظهر العكس ، كما فعل التقنينان الفرنسي والمصري . كما يستطيع أن يفرض انهما أرادا الأثر الفوري إلا إذا ظهر العكس ، كما فعل التقنينان الألماني والسويسري . والفروق العملية ما بين الطريقتين فروق محدودة ، فكل طريقة تقرر أصلاً ثم تستثنى منه ، وتكادان تتفقان على حدود الأصل والاستثناء . ولكن الأفضل التمشي مع النية المحتملة للمتعاقدين ، وجعل الأصل هو الأثر الرجعي لتحقق الشرط . لذلك نرى أن التقنين المدني الجديد لم يخطئ في استبقائه لمبدأ الأثر الرجعي على غرار التقنينات اللاتينية ، مع تقييد هذا الأصل باستثناءات تقتضيها حاجات التعامل ( [105] ) . وهذا ما ننتقل الآن إلى بيانه .
$ 67 $
43 – ما يترتب من النتائج على الأثر الرجعي لتحقق الشرط : ونشير إلى بعض من النتائج الهامة التي تترتب على الأثر الرجعي لتحقق الشرط فيما يأتي :
( 1 ) التصرفات التي تصدر من صاحب الحق المعلق على شرط واقف تصبح ، عند تحقق الشرط ، نافذة منذ البداية ( [106] ) . فلو أن مالكاً لعين تحت شرط واقف باع هذه العين أو رهنها ، ثم تحقق الشرط الواقف ، فإنه يتحقق بأثر رجعي لا بالنسبة إلى المالك تحت شرط واقف وحده ، بل أيضاً بالنسبة إلى المشتري منه أو المرتهن . فيعتبر المالك تحت شرط واقف بعد تحقق الشرط مالكا للعين منذ البداية ( [107] ) ، ويترتب على ذلك أنه يعتبر مالكا للعين وقت أن باعها للغير أو رهنها . ومن ثم تنتقل الملكية إلى المشتري أو ينشأ حق الرهن للدائن المرتهن لا من وقت تحقق الشرط الواقف ، بل من وقت التعاقد مع المالك ( [108] ) . وعكس ذلك هو $ 68 $ الذي يترتب على الأثر الرجعي لتحقق الشرط الفاسخ . فلو أن مالكاً تحت شرط فاسخ تصرف في العين ببيع أو برهن ، ثم تحقق الشرط الفاسخ بأثر رجعي فاعتبر أنه لم يكن مالكاً منذ البداية ، فإن البيع الذي صدر منه أو الرهن يكون قد صدر من غير مالك ، فلا تنتقل الملكية الىالمشتري ، ولا ينشأ حق الرهن للدائن المرتهن . ويلاحظ أن هذا الحكم الأخير ، في حالة المنقول ، يخفف من حدته قاعدة أخرى هي القاعدة التق تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية . فلو كان المبيع أو المرهون منقولا ، وكان البائع أو الراهن مالكاً تحت شرط فاسخ ، ثم تحقق الشرط بأثر رجعي ، فزالت عن المالك الملكية منذ البداية ، فإن المشتري أو الدائن المرتهن ، وإن اعتبر أنه تعامل مع غير مالك فلا ينتقل إليه الحق بالعقد ، ينتفع من جهة أخرى بقاعدة الحيازة في المنقول ، فينتقل إليه الحق بالحيازة .
( 2 ) إذا باع شخص عقاراً تحت شرط واقف ، فأصبح هو نفسه مالكاً تحت شرط فاسخ ، ثم نزع دائن مرتهن للبائع ملكية العقار ، وتحقق الشرط بعد ذلك ، فإن الأثر الرجعي لتحققه يجعل المشتري مالكاً منذ البيع لا منذ تحقق الشرط ، فإن كان الدائن المرتهن الذي نزع الملكية لم يقيد حقه إلا بعد تسجيل البيع ، فإن نزع الملكية لا ينفذ في حق المشتري . أما إذا كان الرهن قد قيد قبل تسجيل البيع ، فإنه يكون نافذاً في حق المشتري ، فينفذ في حقه أيضاً نزع الملكية ( [109] ) .
$ 69 $
وإذا كان بيع العقار معلقاً على شرط فاسخ ، ونزع ملكية العقار دائن مرتهن للمشتري تحت شرط فاسخ ، وتحقق الشرط ، فإن نزع الملكية لا ينفذ في حق البائع الذي استعاد ملكيته بأثر رجعي بمجرد تحقق الشرط ، فلا ينفذ في حقه الرهن الذي رتبه المشتري ، ومن ثم لا ينفذ في حقه نزع الملكية ( [110] ) .
( 3 ) إذا كان المدين تحت شرط واقف قد اعتقد خطأ أن الشرط قد تحقق فوفى بالدين ، فقد قدمنا أن له أن يسترده وفقاً للقواعد العامة في دفع غير المستحق . ولكن جواز الاسترداد مقصور على المرحلة التي يكون فيها الشرط معلقاً ، فإذا ما تحقق الشرط فإنه يتحقق بأثر رجعي ، ويتبين أن المدين وقت أن دفع كان مديناً فعلاً ، فلا يستطيع إني سترد ما وفاه ( [111] ) .
وعكس ذلك هو الذي يترتب على الأثر الرجعي لتحقق الشرط الفاسخ . فلو أن المدين أدى للدائن تحت شرط فاسخ حقه ، فإنه يكون مؤدياً لدين مستحق عليه فلا يستطيع إني سترده ما دام الشرط معلقاً . فإذا تحقق الشرط زال حق الدائن بأثر رجعي ، وكان للمدين أن يسترد ما دفع ، إذا يتبين أنه وقت أن دفع لم يكن مديناً فيكون قد دفع غير المستحق .
( 4 ) إذا ارتهن دائن تحت شرط واقف عقاراً ضماناً لدينه ، وقيد الرهن قبل تحقق الشرط ، فإن مرتبة الرهن تكون من يوم قيده لا من يوم تحقق الشرط ، $ 70 $ إذ يعتبر الدين موجوداً وقت قيد الرهن بفضل الأثر الرجعي لتحقق الشرط ( [112] ) .
( 5 ) يعتبر عقد التأمين على الحياة عادة معلقاً على شرط واقف هو دفع القسط الأول من التأمين ، فإذا دفع المؤمن عليه هذا القسط تحقق الشرط بأثر رجعي . واعتبر عقد التأمين نافذاً من وقت التعاقد لا من وقت تحقق الشرط . فلو أن شخصاً امن على حياته ، ثم مات قبل حلول القسط الأول ، ودفع هذا القسط من تركته ، فإن عقد التأمين يعتبر نافذاً قبل وفاة المؤمن على حياته ، ومن ثم يكون مبلغ التأمين مستحقاً .
( 6 ) للدائن تحت شرط واقف ، إذا تحقق الشرط ، أن يطعن بالدعوى البولصية في تصرفات مدينه ، حتى ما كان منها سابقاً على تحقق الشرط ، فإن حقه يعتبر ، بفضل الأثر الرجعي ، موجوداً منذ الاتفاق عليه لا منذ تحقق الشرط ، ومن ثم يعتبر سابقاً على تصرف المدين ( [113] ) .
( 7 ) إذا كسب شخص حقاً معلقاً على شرط واقف ، في ظل تشريع معين ، وقبل تحقق الشرط صدر تشريع جديد من شأنها أن يؤثر في هذا الحق ، ثم تحقق الشرط ، فإن التشريع الذي يسري هو التشريع القديم لا التشريع الجديد ، إذ يعتبر الحق ، بفضل الأثر الرجعي ، موجوداً منذ البداية أي منذ أن كان التشريع القديم سارياً ( [114] ) .
$ 71 $
44 – الاستثناءات من مبدأ الأثر الرجعي لتحقق الشرط : هذه الاستثناءات ذكرتها النصوص صراحة ، وهي أربعة ( [115] ) :
( 1 ) فقد قدمنا أن الفقرة الثانية من المادة 269 مدني تقضي بأن أعمال الإدارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط الفاسخ . وكان مقتضى الأثر الرجعي لتحقق الشرط الفاسخ أن تسقط هذه الأعمال ، ولكنها تبقى نافذة بالرغم من تحقق الشرط ما دامت قد تمت بحسن نية في الحدود المألوفة للإدارة ، وقد تقدم بيان ذلك ( [116] ) . ومن أعمال الإدارة كما رأينا ، الإيجار لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات ، وقبض الأجرة وقبض المحصولات والثمار ( [117] ) ، وبيعها ، وقيد الرهن ، وتجديد القيد ، وقسمة العين الشائعة ، وتطهير العقار المرهون ( [118] ) .
( 2 ) ثم أن المادة 270 مدني أوردت ، كما رأينا ، ثلاثة استثناءات أخرى من مبدأ الأثر الرجعي لتحقق الشرط : ( ا ) إذا تبين من إرادة المتعاقدين $ 72 $ انهما استبعدا الأثر الرجعي . ( ب ) إذا كانت طبيعة العقد تستعصى على الأثر الرجعي . ( ج ) إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن لسبب أجنبي قبل تحقق الشرط .
أما أن إرادة المتعاقدين قد تستبعد الأثر الرجعي ، فهذا هو الذي يتفق مع الأساس الصحيح الذي يقوم عليه الأثر الرجعي فيما قدمناه . فقد أسلفنا أن الأثر الرجعي إنما يقوم على نية المتعاقدين المحتملة ، فإذا تعارضت هذه النية مع النية الحقيقية ، فلا شك في أن النية الحقيقية هي التي يعمل بها . ومن ثم يكون للمتعاقدين أن يستبعدا ، صراحة أو ضمنا ، كل أثر رجعي للشرط . على أنه يجب التشدد في الاستخلاص النية الضمنية للمتعاقدين في استبعاد الأثر الرجعي ، فإن القانون صرف نيتهما المحتملة إلى استبقاء هذا الأثر ، ولا بد من قيام دليل واضح على انهما قصدا العكس ( [119] ) .
( 3 ) وأما ما يرجع إلى طبيعة العقد فأهم تطبيق لذلك هو العقد الزمني . ففي عقد الإيجار أو عقد العمل أو عقد التوريد إذا كان العقد معلقاً على شرط فاسخ ، وبقى منفذاً مدة من الزمن ثم تحقق الشرط ، فإن طبيعة الأشياء هنا تستعصى على الأثر الرجعي ، إذ لا يمكن الرجوع في الزمن ، وما تم من العقد يبقى ، ولا يفسخ العقد إلا عن المستقبل ( [120] ) .
( 4 ) وأما ما يرجع إلى صيرورة تنفيذ الالتزام غير ممكن لسبب أجنبي قبل تحقق الشرط ، فنميز بين ما إذا كان الشرط واقفاً أو فاسخاً . فإن كان واقفاً ، كما لو كان المالك لعين معينة قد باعها تحت شرط واقف وهلكت العين $ 73 $ في يده لسبب أجنبي قبل تحقق الشرط ، فيستوي هنا أن يكون للشرط أثر رجعي أو لا يكون . ذلك أنه إذا جعل له أثر رجعي ، وتبين أن العين قد هلكت وهي في ملك المشتري ولكن قبل أن يتسلمها ، فإن تبعة الهلاك تكون على البائع في القانون المصر ، كما لو لم يكن للشرط أثر رجعي ( [121] ) . أما في القانون الفرنسي فالأمر يختلف ، لأن تبعة الهلاك قبل التسليم في هذا القانون على المشتري ، فلا يكون للشرط أثر رجعي حتى لا تنتقل الملكية إلى المشتري ، فيبقى الهلاك على البائع ( [122] ) . أما إذا كان الشرط فاسخاً ، كما لو كان المشتري تحت شرط فاسخ تسلم العين المبيعة وهلكت في يده لسبب أجنبي ، ثم تحقق الشرط الفاسخ ، فإن مقتضى الأثر الرجعي أن العين تعتبر عند هلاكها مملوكة للبائع فتهلك عليه ، ولكن النص صريح في وجوب استبعاد الأثر الرجعي في هذه الحالة ، وتهلك العين على المشتري لا على البائع .
$ 74 $
الفصل الثاني
الأجل ( [123] )
( Le terme )
45 – قيام الأجل والآثار التي تترتب عليه : نبحث في الأجل ، كما بحثنا في الشرط ، أمرين :
( أولاً ) قيام الأجل ، ونعني بذلك كما عنينا في الشرط : ( 1 ) مقومات الأجل ( 2 ) نوعى الأجل الواقف والفاسخ ( 3 ) المصدر المنشيء للأجل وأي الحقوق يلحقها وصف الأجل .
( ثانياً ) ما يترتب على الأجل بعد قيامه من الآثار .
وسنسير ، بقدر الإمكان ، في الأجل على نفس الترتيب والسياق الذي سرنا عليه في الشرط ، حتى نتبين الموافقات بينهما والمفارقات .
$ 75 $
الفرع الأول
قيام الأجل
المبحث الأول
مقومات الأجل
46 – النصوص القانونية : تنص المادة 271 من التقنين المدني على ما يأتي :
" 1- يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتبا على أمر مستقبل محقق الوقوع " .
" 2- ويعتبر الأمر محقق الوقوع متى كان وقعه محتما ، ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه " .
وتنص المادة 272 على ما يأتي :
" إذا تبين من الالتزام أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة أو الميسرة ، عين القاضي ميعادا مناسبا لحلول الأجل ، مراعيا في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلة ، ومقتضيا منه عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه " ( [124] ) .
$ 76 $
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق ولكن الأحكام كان معمولا بها دون نص .
وتقابل هذه النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 271 – 272 ، وفي التقنين المدني الليبي المادتين 258 – 259 ، وفي التقنين المدني العراقي المادتين 291 و 297 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 100 ( [125] ) .
ويستخلص من هذه النصوص أن الأجل الذي يقترن به الالتزام هو أمر مستقبل محقق الوقوع يترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه . فمقومات $ 77 $ الأجل إذن ثلاثة : ( 1 ) فهو أمر مستقبل كالشرط ( 2 ) وهو محقق الوقوع ، بخلاف الشرط فهو غير محقق الوقوع كما قدمنا ( 3 ) وهو أمر عارض يضاف إلى الالتزام بعد أن يستوفى عناصره الجوهرية ، وهو في ذلك كالشرط لأنه وصف مثله .
وغنى عن البيان أن المقوم الرابع للشرط – وهو أن يكون غير مخالف للنظام العام والآداب – لا يرد في الأجل ، لأن الأجل ميعاد لا يتصور فيه إلا أن يكون مشروعاً .
1 – أمر مستقبل
47 – يجب أن يكون الأجل أمراً مستقبلا : الأجل كالشرط يجب أن يكون أمراً مستقبلاً . وهو ، كما يدل عليه اسمه ، ميعاد يضرب لنفاذ الالتزام أو لانقضائه . ويكون عادة تاريخاً معيناً يختار في التقويم . فإذا تعهد المقترض للمقرض بوفاء القرض في تاريخ معين ، أو تعهد المشتري للبائع أن يدفع الثمن على أقساط في مواعيد معينة ، أو تعهد المقاول لرب العمل أن يتم العمل الموكول إليه في وقت معين ، فكل من التزام المقترض بوفاء القرض والتزام المشتري بدفع الثمن والتزام المقاول بتسليم العمل مقترن بأجل أو بآجال يترتب على حلوله نفاذ الالتزام .
وقد ينشأ الالتزام منجزاً ، ثم يضاف إليه أجل بعد ذلك ، فينقلب موصوفاً ، ولكن يبقى الالتزام هو نفسه لم يتجدد ( [126] ) .
48 – لا يجوز أن يكون الأجل أمراً ماضياً أو حاضراً : والأجل ، كالشرط أيضاً ، لا يجوز أن يكون أمراً ماضياً أو حاضراً ، وإلا فهو ليس بأجل ، حتى لو كان طرفا الالتزام يجهلان وقت التعامل أن الأجل الذي يضربانه للمستقبل هو أجل قد حل . فلو أن شخصاً ضرب أجلاً لنفاذ التزامه $ 78 $ قدوم أول قافلة من الحجيج ، وكان يجهل أن القافلة قد قدمت فعلا قل أن يلتزم ، أو هي آخذه في القدوم وهو يلتزم ، فإن التزامه لا يكون مقترناً بأجل ، بل ينشأ منذ البداية التزاماً منجزاً واجب الأداء في الحال . ولو عين الملتزم أجلاً لتنفيذ التزامه موت شخص معين ، ويكون هذا الشخص قد مات قبل ذلك دون أن يعلم الملتزم ، فإن الالتزام ينشأ في هذه الحالة منجزاً حال الأداء ( [127] ) .
2- أمر محقق الوقوع
49 – يجب أن يكون الأجل محقق الوقوع : تقول الفقرة الأولى من المادة 271 مدني أن الأجل يجب أن يكون أمراً مستقبلا محقق الوقوع . وهذا واضح ، فالأجل يكون عادة ، كما قدمنا ، ميعاداً في التقويم ، تاريخاً معيناً يقع في يوم معين من شهر معين من سنة معينة . وهذا الميعاد لا بد واقع في المألوف من الحياة ، وندع ما لا يدخل في حساب الناس كأن تقع كارثة تبيد الأرض ومن عليها فلا يأتي ذلك اليوم الموعود .
وكون الأجل أمراً محقق الوقوع هو الفرق الجوهري ما بين الأجل والشرط ، وهو الفرق الذي تتفرع عنه كل الفروق الأخرى . فقد رأينا أن الشرط أمر غير محقق الوقوع ، ومن ثم كان الحق المعلق على شرط حقاً ناقصاً غير مؤكد الوجود ، ومن ثم أيضاً كان للشرط أثر رجعي . أما الأجل فأمر محقق الوقوع ، فالحق المقترن بأجل حق موجود كامل ، وليس للأجل أثر رجعي ( [128] ) .
50 يصح أن يكون ميعاد حلول الأجل مجهولا : على أنه إذا كان ضرورياً أن يكون الأجل محقق الوقوع ، فليس من الضروري أن يكون ميعاد وقوعه معلوماً . فقد يكون هذا الميعاد مجهولا ، ومع ذلك يبقى الأجل محقق الوقوع ، فيكون أجلاً لا شرطاً . وهذا ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 271 $ 79 $ مدني فهي تقول : " ويعتبر الأجل محقق الوقوع متى كان وقوعه محتماً ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه " . ويسمى الأجل في هذه الحالة أجلاً غير معين ( terme incertain ) بالمقابلة للأجل المعين ( terme certain ) الذي يعرف ميعاد حلوله .
والمثل المألوف للأجل غير المعين هو الموت ، فهو أمر محقق الوقوع ، ولكن لا يدري أحد متى يأتي ، ومن ثم كان أجلاً غير معين . وعلى ذلك فالتزام شركة التأمين على الحياة أن تدفع مبلغ التأمين عند موت المؤمن على حياته التزام مقترن بأجل واقف غير معين هو الموت . وإذا التزم المقترض أن يرد مبلغ القرض عند موته ، فيؤخذ من تركته ، جاز ذلك ، وكان التزامه برد القرض مقترنا بأجل واقف غير معين هو الموت . ولا يعتبرهذا تعاملا في تركة مستقيلة فإن المقترض قد التزم في الحال وفي ماله الحاضر ، وإنما ضرب أجلاً لتنفيذ التزامه هو موته ، والموت كما قدمنا أجل غير معين ( [129] ) .
ويمكن تصور أمثلة أخرى غير الموت للأجل غير المعين . فهناك أمور محققة وقوعها في المألوف من شؤون الحياة ، ولكن لا يعلم موعد وقوعها . من ذلك رجوع الحجيج من بيت الله الحرام قافلين إلى بلادهم ، فهذا أمر معتاد وقوعه ، ولكن رجوع القوافل قافلة بعد أخرى أمر قد لا يعلم موعد وقوعه بالضبط . فلو التزم شخص إلى أجل هو موعد رجوع القافلة الأولى من الحجيج ، كان هذا التزاماً مقترناً بأجل غير معين . أما إذا التزم لأحد الحجاج وعلق التزامه على رجوع الدائن من الحج ، فهذا شرط لا أجل ، إذ أن رجوع حاج بالذات من الحجج أمر غير محقق الوقوع ، فقد يموت في الطريق .
كذلك إذا التزم أحد الموردين بتوريد الأغذية إلى مستشفى أو إلى مدرسة عند انتهاء بنائها ، فهذا أيضاً التزام مقترن بأجل غير معين ، إذا أن الانتهاء من البناء أمر محقق الوقوع في المعتاد من شؤون الحياة ، ولكن موعده غير معلوم على وجه التحقيق .
$ 80 $
والتزام الطالب أن يدفع المصروفات المدرسية عند افتتاح الدراسة قد يكون التزاماً مقترناً بأجل غير معين ، إذا كان موعد افتتاح الدراسة وقت الالتزام لم يحدد . وكذلك الحال في التزامه أن يدفع رسوم الامتحان عند حلول ميعاده ، إذا كان ميعاد الامتحان لم يحدد وقت الالتزام ( [130] ) .
والتزام المدين بالوفاء عند الميسرة أو عند المقدرة ( م 272 مدني ) ينطوي على ضرب من الأجل الواقف ، وهو أيضاً أجل غير معين ، وسنعود إلى هذه المسألة بالتفصيل فيما يلي .
$ 81 $
والفرق بين الشرط والأجل غير المعين واضح ، فالشرط أمر غير محقق الوقوع ، أما الأجل غير المعين فأمر محقق الوقوع في ذاته ولكن ميعاد وقوعه وحده هو غير المحقق ( [131] ) .
3 – أمر عارض
51 – الأجل عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري : والأجل ، كالشرط وككل وصف آخر من أوصاف الالتزام . عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري . وهو لا يقترن بالالتزام إلا بعد أن يستوفى الالتزام جميع عناصره الجوهرية ، ويأتي الأجل بعد ذلك عنصراً إضافيا يقوم الالتزام بغيره ، ويتصور بدونه ، ولا يحتاج إليه في قيامه بذاته .
فإذا التزم شخص إلى أجل ، فإن التزامه يكون قد استوفى جميع عناصره الجوهرية ، من رابطة ومحل وسبب ، قبل إني ضاف إليه الأجل . ثم يأتي الأجل $ 82 $ بعدذ لك يقترن به ، ويعدل من آثاره . فبعد أن كان الأصل في الالتزام أن يكون منجزاً واجب الأداء في الحال وأن يبقى أثره دائماً ، إذا بالأجل يعدل من ذلك ، إما بأن يجعل الالتزام متراخى النفاذ إلى وقت معين ، وإما بأن يجعل الالتزام محدود البقاء غير دائم الأثر .
52 – الأجل في العقود الزمنية : ويترتب على أن الأجل عنصر عارض في الالتزام على الوجه المتقدم ، لا عنصر جوهري ، نتيجة هامة كثيراً ما يغفل الفقه الإشارة إليها . فقد سبق أن عرضنا للعقود الزمنية contrats successifs وهي عقود تتميز عن غيرها بأن الزمن عنصر الجوهري فيها ، بحيث يكون هو المقياس الذي يقدر به محل العقد . " ذلك أن هناك أشياء – كما جاء في الجزء الأول من الوسيط ( [132] ) - لا يمكن تصورها إلا مقترنة بالزمن . فالمنعة لا يمكن تقديرها إلا بمدة معينة . والعمل إذا نظر إليه في نتيجته ، أي إلى الشيء الذي ينتجه العمل ، كان حقيقية مكانية ، ولكن إذا نظر إليه في ذاته فلا يمكن تصوره إلا حقيقة زمانية ، مقترناً بمدة معينة . ومن ثم فعقد الإيجار عقد زمني لأنه يقع على المنفعة ، والزمن عنصر جوهري فيه لأنه هو الذي يحدد مقدار المنعفة المعقود عليها . وعقد العمل لمدة معينة ، عقد زمني ، لأن الخدمات التي يؤديها العامل لا تقاس إلا بالزمن ، فالزمن عنصر جوهري فيه إذ هو الذي يحدد مقدار المحل المعقود عليه . وهناك من الأشياء ما يتحدد في المكان فيكون حقيقة مكانية ، ولكن المتعاقدين يتفقان على تكرار أدائه مدة من الزمن لسد حاجة تتكرر . فهو في ذاته يقاس بالمكان ، ولكن المتعاقدين اتفقا على أن يقاس بالزمان . مثل ذلك عقد التوريد ، يلتزم به أحد المتعاقدين أن يورد للمتعاقد الآخر شيئاً معيناً يتكرر مدة من الزمن . فمحل ا لعقد هنا – وهو الشيء المعين الذي اتفق على توريده – يقاس في ذاته بالمكان ، ولكن المتعاقدين اتفقا على أن يتكرر مرات مدة من الزمن ، فجعلاه يقاس ، كالمنفعة والعمل ، بالزمان لا بالمكان . فالمعقود عليه في كل من عقد الإيجار وعقد التوريد هو الزمن ، أو هو شيء يقاس بالزمن . ولكن المعقود عليه في عقد الإيجار يقاس بالزمن طبيعة ، أما $ 83$ المعقود عليه في عقد التوريد فيقاس بالزمن اتفاقاً . ومن ثم ينقسم العقد الزمني إلى عقد ذي تنفيذ مستمر ( contrat a exe cution continue ) كعقد الإيجار وعقد العمل لمدة معينة ، وعقد ذي تنفيذ دوري ( contrat a execution periodique ) كعقد التوريد وعقد الإيراد المؤبد أو الإيراد مدى الحياة ( [133] ) " .
وقد درج الفقه على اعتبار هذه العقود الزمنية عقوداً مقترنة بآجال فاسخة . ولكننا إذا طبقنا القاعدة التي تقضي بأن الأجل إنما هو عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري ، تبين أن العقد الزمني لا يمكن أن يكون عقداً مقترناً بأجل ، لأن الأجل عنصر جوهري فيه كما قدمنا إذ هو محل التعاقد ذاته ، ولا يصح أن يكون الوصف هو أحد العناصر الجوهرية في العقد ( [134] ) ، وقد سبق ذكر ذلك عند الكلام في الشرط .
وآية ذلك أن العقد الزمني إذا انعدم فيه الأجل ، فإنه يكون باطلا لانعدام المحل . ولو كان الأجل وصفاً وكان باطلا ، لكان من الجائز أن يسقط الأجل ويبقى العقد ، كما هي الحال في الشرط . وقد ورد في التقنين المدني الفرنسي تطبيق لهذه القاعدة في عقد الإيراد المرتب مدى الحياة ، وهو عقد زمني المدة فيه هي حياة من رتب له الإيراد . فإذا تعهد شخص لآخر بأن يؤدي إلى شخص ثالث إيراداً مرتباً مدى الحياة ، ثم تبين أن صاحب الإيراد كان قد مات قبل العقد ، فإن الأجل هنا – وهو المحل – يكون قد انعدم ، ويكون العقد باطلا . وهذا ما تقضي به المادة 1974 من التقنين المدني الفرنسي ، فهي تنص على أن " كل إيراد رتب مدى الحياة لمصلحة شخص يكون قد مات وقت العقد $ 84 $ لا يكون له أي أثر ( [135] ) " . بل تضيف المادة 1975 من نفس التقنين ما يأتي : " وكذلك يكون الحكم إذا رتب العقد إيراداً لمصلحة شخص أصيب بمرض مات بسببه في خلال عشرين يوماً من وقت العقد ( [136] ) " .
ويترتب على ما تقدم أن الآجال الفاسخة – والأجل الفاسخ يكون عادة في عقد زمني – ليست بوجه عام آجالا بالمعنى الصحيح . ويكاد يخرج الأجل الفاسخ كله من بين أوصاف الالتزام ، فلا يبقى إلا الأجل الواقف . وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في الأجل الفاسخ .
المبحث الثاني
نوعا الأجل
1- الأجل الواقف
( Terme suspensif )
53 – ما هو الأجل الواقف : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 271 مدني تنص على أن " يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتبا على أمر مستقبل محقق الوقوع " .
فإذا كان نفاذ الالتزام هو المترتب على الأجل ، كان الأجل واقفاً ، إذ هو يقف الالتزام عن أن ينفذ وعن أن يصبح مستحق الأداء إلى حين انقضاء الأجل ( [137] ) .
$ 85 $
والامثلة على الأجل الواقف كثيرة . فالمقترض يقترن التزامه برد القرض إلى المقرض بأجل واقف . وكل من المستأجر والمستعير والمودع عنده يقترن التزامه برد العين المؤجرة أو المعارة أو المودعة بأجل واقف ، غير أن الأجل في الوديعة لمصلحة الدائن وهو في العارية لمصلحة المدين وفي الإيجار لمصلحة الاثنين معاً . والمرتهن حيازة يقترن التزامه برد العين المرهونة إلى الراهن بأجل واقف هو الوفاء بالدين المضمون بالرهن ( [138] ) . وإذا تعهد المشتري بدفع الثمن على أقساط ، كان التزامه مقترناً بآجال واقفة متعاقبة . وكذلك إذا تعهد المقاول أن يسلم ما تعهد بعمله إلى رب العمل في وقت معين ، كان التزامه هذا مقترناً بأجل واقف . وقد سبقت الإشارة إلى كل ذلك .
54 – التزام المدين بالوفاء عند الميسرة أو عند المقدرة التزام مقترن بأجل واقف : رأينا المادة 272 مدني تنص على أنه : " إذا تبين من الالتزام أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة أو الميسرة ، عين القاضي ميعادا مناسبا لحلول الأجل ، مراعيا في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلة ، ومقتضيا منه عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه ( [139] ) " .
والمفروض في الحالة التي نحن بصددها أن المدين إنما ضرب أجلاً للوفاء بدينه ، ولم يجعل الدين معلقاً على شرط . ذلك أنه يحتمل أن يكون قد قصد تعليق الوفاء بالدين على شرط الميسرة أو المقدرة ، وعند ذلك يصبح الوفاء بدينه معلقاً على شرط واقف ، وهو أمر غير محقق الوقوع ، فإذا أيسر وتحققت $ 86 $ مقدرته على الوفاء ، تحقق الشرط ووجب أن يفي بالدين . أما إذا لم يوسر ولم تتحقق مقدرته على الوفاء طول حياته ، فقد تخلف الشرط وسقط عنه الالتزام بالوفاء ( [140] ) . كما يحتمل أن يكون المدين قد قصد أن يضرب أجلاً للوفاء بدينه ، هو ميسرته أو مقدرته على الوفاء . وفي هذه الحالة يكون المدين قد قصد أن يفي بدينه على كل حال ، أما عند الميسرة أو المقدرة ، وأما عند الموت إذا لم يواته اليسار حال حياته . فالأجل هنا أجل غير معين ، وهو أقرب حادثين غير معينين ، اليسار أو الموت .
وإذا قام شك فيما إذا قصد المدين ضرب أجل للوفاء أو أراد تعليق الوفاء على شرط ، فالمفروض أنه قصد الأجل لا الشرط ، لأن العقد يفسر عند الغموض بما يعطيه الأثر الأقوى ( [141] ) . فإذا ادعى المدين أنه أراد الشرط لا الأجل ، فعليه هو إثبات ذلك .
ومتى تبين أن المدين إنما أراد الأجل لا الشرط ، كان للدائن الحق في أن يطالب بتحديد موعد للوفاء . ولما كان الموعد هو ميسرة المدين أو مقدرته على الوفاء بدينه ، فإن لم يتفق الطرفان على موعد معين لذلك ، جاز للقاضي أن يتلمس من ظروف القضية وملابساتها موعداً يحدده ، هو الموعد الذي يقدر فيه أن المدين أصبح موسراً أو قادراً على الوفاء بدينه ( [142] ) . وقد أمدته المادة 272 مدني ببعض عناصر التقدير ، فذكرت من بين هذه العناصر : ( 1 ) موارد المدين الحالية ، أي ما عند المدين من مآل موجود فعلا وقت النظر في الدعوى . $ 87 $ ( 2 ) موارد المدين المستقبلة ، أي ما يتوقع القاضي أن يكون عند المدين من مآل في المستقبل ، فإن كان له إيراد يكسبه من عمل أو وظيفة أو مهنة ، قدر القاضي هذا الإيراد في المستقبل مسترشداً بالماضي . ( 3 ) أن يقتضى من المدين عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه ، وهذا عنصر معنوي بخلاف العنصرين المتقدمين فهما من العناصر المادية . وهو بالرغم من أنه معنوي عنصر موضوعي لا ذاتي ، فالقاضي لا يقتضى من المدين عنايته الذاتية ، بل يقتضيه عناية الرجل الحريص على الوفاء بما عليه من الديون . ويكون ذلك بان يقدم المدين وفاء الدين على كثير من مطالبه ، فإن لم يقدمه على حاجياته الضرورية ، فلا أقل من تقديمه على حاجياته الأخرى ( [143] ) . فإذا عجز القاضي في أي وقت من حياة المدين ، عن تحديد موعد الوفاء بتعيين اليوم الذي يصبح فيه المدين موسراً أو قادراً على الوفاء بدينه ، تربص به حتى الموت ( [144] ) . فإذا مات المدين حل دينه حتما ، وقد مات معسراً فيشارك الدائن سائر الدائنين في استيفاء حقه من التركة مشاركة الغرماء ( [145] ) .
وتعيين ميعاد يصبح فيه المدين موسراً أو قادراً على الوفاء بدينه مسألة واقع $ 88 $ لا يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض ، ولكن حلول الدين عند أقرب الاجلين – الميسرة أو الموت – مسألة قانون تخضع لرقابة المحكمة العليا .
2- الأجل الفاسخ
( Terme extinctif )
55 – ما هو الأجل الفاسخ : رأينا أن الالتزام يكون لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع ( م 271 / 1 مدني ) . ورأينا أن نفاذ الالتزام إذا كان هو المترتب على الأجل ، فالأجل يكون واقفاً . ونقول الآن أنه إذا ترتب على حلول الأجل انقضاء الالتزام – لا نفاذه – فالأجل يكون فاسخاً .
ولما كان الأجل بنوعيه ليس له أثر رجعي ، وكانت كلمة " الفسخ " في عبارة " الأجل الفاسخ " قد تشعر بأن للأجل الفاسخ أثراً رجعياً كما في الشرط الفاسخ ، فقد تجنب الفرنسيون هذه الكلمة وأطلقوا على الأجل الفاسخ عبارة " الأجل المنهي " ( [146] ) ( terme extinctif ) . أما التقنين المدني المصري فقد استبقى عبارة " الأجل الفاسخ " ( أنظر المادة 274 / 2 مدني ) .
56 – هل يوجد أجل فاسخ ؟ : أما أن التقنين المدني المصري قد تصور وجود الأجل الفاسخ ، فهذا ما لا ريب فيه . فقد وردت الإشارة إليه في موضعين : ففي الفقرة الأولى من المادة 271 مدني ورد أن الالتزام يكون لأجل " إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع " ، وإذا ترتب انقضاء الالتزام على حلول الأجل فهذا الأجل يكون فاسخاً . ثم ذكر التقنين صراحة عبارة " الأجل الفاسخ " في الفقرة الثانية من المادة 274 ، إذ قال أنه " يترتب على انقضاء الأجل الفاسخ زوال الالتزام " ( [147] ) .
$ 89 $
وإذا استعرضنا الأمثلة التي تورد عادة على إنها أمثلة للأجل الفاسخ نجدها واردة في العقود الزمنية . فالمؤجر الذي يتعهد بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مدة الإيجار ، والعامل الذي يلتزم نحو رب العمل أن يعمل مدة معينة ، ومن يتعهد بتوريد الأغذية لمدرسة أو لمستشفى مدة معينة ، ومن يتعهد بدفع إيراد لآخر مدى حياته ، وصاحب حق الانتفاع الذي ينتفع بالعين ما دام حيا أو لمدة معينة ، كل هذه أمثلة لحقوق وردت في عقود زمنية . وقد قدمنا أن العقد الزمني لا يمكن أن يقال عنه إنه مقترن بأجل فاسخ ، لأن الأجل عنصر جوهري فيه ( [148] ) .
على إننا نرى أنه إذا كان صحيحاً أن العقد الزمني لا يجوز أن يقال عنه أنه مقترن بأجل فاسخ للأسباب التي قدمناها ، فغير صحيح أن الأجل الفاسخ لا يوجد ضرورة إلا في عقد زمني . فهناك عقود تقترن بآجال فاسخة ولا تكون عقوداً زمنية ، وفي هذه العقود ليس الزمن عنصراً جوهرياً بل عنصراً عارضاً ، ومن ثم أجلاً فاسخاً بالمعنى الصحيح . هذه العقود ليست كثيرة في العمل ، كما هو الشأن في العقود الزمنية ، ولكنها موجودة إلى حد يبرر استبقاء الأجل الفاسخ إلى جانب الأجل الواقف ، كما فعل التقنين المدني المصري .
نذكر الأمثلة التي تحضرنا لهذه العقود :
( 1 ) إذا فتح مصرف لعمليه اعتماداً بمبلغ معين لمدة سنة مثلا ، فمبلغ الاعتماد $ 90 $ هنا ، وهو محل العقد ، لا يقاس بالزمن أي بالسنة التي فتح فيها الاعتماد ، إذ هو لا يتغير بتغير هذا الزمن فلا يزيد إذا زاد ولا ينقص إذا نقص . وفي رأينا أن العقد هنا ليس عقداً زمنياً إذ الزمن ليس عنصراً جوهرياً فيه ، ومع ذلك يقترن التزام المصرف بفتح الاعتماد بأجل فاسخ هو مدة السنة ، فإذا انقضت هذه المدة انقضى التزام المصرف بفتح الاعتماد ( [149] ) .
ويخلص مما قدمناه أن المصرف يكون ملتزماً بوضع المبلغ تحت تصرف العميل ، وهذا الالتزام مقترن بأجل فاسخ هو سنة من وقت فتح الاعتماد . وليس الأجل هنا محلا معقوداً عليه ، بل عنصراً عارضاً ، يمكن تصور العقد بدون هز ويكون المصرف في هذه الحالة ملزماً بوضع المبلغ تحت تصرف العميل فوراً ، ويأخذه العميل في الحال فيكون قرضاً بسيطاً ، وإنما سمى القرض هنا بفتح الاعتماد لإضافة الأجل الفاسخ السالف الذكر .
( 2 ) إذا فتح مصرف لمقاول حساباً جارياً عن مقاولة معينة وحدد لإقفال الحساب ستة أشهر مثلا ، ففي هذه الحالة قد تعهد المصرف بالخصم والإضافة في الحساب الجاري عن المبالغ التي تضم وتخصم لحساب المقاولة المذكورة ، وقرن التزامه بأجل فاسخ هو مدة الستة الأشهر . وليست هذه المدة عنصراً جوهرياً في الالتزام ، بل العنصر الجوهري هو المقاولة المعينة التي فتح من أجلها الحساب $ 91 $ الجاري . فيكون العقد هنا عقداً غير زمني ، ومع ذلك يكون قد اقترن بأجل فاسخ ( [150] ) .
( 3 ) إذا تعهد طبيب بعلاج أفراد أسرة لمدة سنة على أن يأخذ الأجر عن كل مرة يعالج فيها مريضاً ، فإن التزامه بالعلاج قد اقترن بأجل فاسخ ، هو مدة السنة ، ولكن هذه المدة ليست عنصراً جوهرياً في العقد ما دام الطبيب يتقاضى أجره لا بحساب المدة بل بحساب مرات العلاج . فالزمن هنا ليس مقياساً للمعقود عليه ، وهو مع ذلك أجل فاسخ ( [151] ) .
( 4 ) إذا تعهدت شركة بصيانة سيارة أو مصعد أو نحو ذلك من الآلات التي تحتاج إلى الصيانة لمدة سنة مثلا ، على أن تتقاضى أجرها عن كل عملية من عمليات الصيانة ، فإن الالتزام هنا يكون مقترناً بأجل فاسخ ليس عنصراً جوهرياً فيه ( [152] ) .
( 5 ) إذا تعهدت شركة التأمين أن تؤمن ، لمدة معينة ، عدداً غير معين من الأخطار يمكن تعيينه شيئاً فشيئاً بإقرارات متتابعة من جهة المؤمن له ، فقد اختلف في تكييف هذا العقد ، ومن رأى بعض الفقهاء أن العقد ليس بالعقد الزمني ، ومع ذلك فقد اقترن بأجل فاسخ ( [153] ) .
ويمكن القول بوجه عام أنه يتفق – وإن كان ذلك لا يحدث كثيراً – أن يقترن العقد بأجل فاسخ لا يكون عنصراً جوهرياً فيه ، فلا يكون العقد في هذه الحالة عقداً زمنياً ، ويكون الأجل الذي اقترن به العقد أجلاً فاسخاً بالمعنى الصحيح . ونحن إذ نتكلم فيما يلي عن الأجل الفاسخ ينصرف قولنا إلى هذه العقود على وجه التخصيص . على أنه لا مانع من إطلاق تعبير " الأجل الفاسخ " على المدة في العقود الزمنية ، في شيء من التجوز ، فإن الأحكام لا تتغير سواء اعتبر الأجل الفاسخ في العقود الزمنية أصلاً أو اعتبر وصفاً .
$ 92 $
المبحث الثالث
مصادر الأجل
وأي الحقوق يلحقها وصف الأجل
1 – مصادر الأجل
57 – مصادر الأجل الاتفاق والقانون والقضاء . يغلب أن يكون مصدر الأجل هو الاتفاق . ويتميز الأجل عن الشرط في أن له مصدرين آخرين : القانون والقضاء .
وفي الفقه الفرنسي ينتظم الأجل الذي مصدره الاتفاق والأجل الذي مصدره القانون اسم واحد ، فيطلق عليهما معاً " الأجل المستحق قانوناً " terme de droit ليقابل الأجل الذي مصدره القضاء ويسمى " الأجل المتفضل به " terme de grace ( [154] ) ، أو " نظرة الميسرة " وهي التسمية التي درج عليها الفقه المصري .
58 – الاتفاق مصدر للأجل : يغلب ، كما قدمنا ، أن يكون مصدر الأجل هو اتفاق الطرفين . فيتفق البائع مع المشتري مثلا على تأجيل دفع الثمن إلى ميعاد معين ، أو على دفعه أقساطاً في مواعيد يتفق عليها ، أو يتفقان على تأخير تسليم المبيع إلى أجل ( [155] ) . ويتفق المؤجر مع المستأجر على أن تكون مدة الإيجار وقتاً معينا ينتهي بانقضائه العقد ، وهذا هو الأجل الفاسخ في العقد الزمني ، ولا يعتبر أجلاً بالمعنى الصحيح كما قدمنا .
$ 93 $
وقد تفرض الأكثرية الأجل الإتفاقي على الأقلية في بعض حالات استثنائية ، كما إذا اتفقت أغلبية دائني التفليسة على تأجيل بعض ديون المفلس .
وكما يكون الاتفاق مصدر الأجل صريحاً ، يصح أن يكون كذلك ضمنياً يستخلص من الظروف والملابسات . فإذا تعهد صانع بصنع أثاث معين دون أن يتفق على أجل لتسليم الأثاث ، فالمفروض أن التزام الصانع بالتسليم مقترن بأجل واقف هو المدة المعقولة لصنع هذا الأثاث . ويلجأ القاضي في تعيين هذه المدة ، عند النزاع ، إلى المألوف في هذه الصناعة . وإذا اتفق عامل النقل مع صاحب بضاعة على نقل بضاعته من مدينة إلى أخرى دون أن يتفق معه على أجل ، فإن الأجل هنا أيضاً مفروض ، ويعينه القاضي عند النزاع بالمدة المألوفة لنقل هذه البضاعة بالوسائل التي يملكها عامل النقل ( [156] ) .
59 – القانون مصدر للأجل : وقد يكون نص القانون هو مصدر الأجل . ويقع أن يحدد القانون الموت أجلاً أو حداً أقصى للأجل ، كما فعل ( م 741 / 1 مدني ) في الإيراد المرتب مدى الحياة فقد جعل له أجلاً هو الموت ، وكما فعل ( م 754 مدني وما بعدها ) في التأمين على الحياة فبالموت يحل دفع مبلغ التأمين عادة ، وكما فعل ( م 993 / 1 مدني ) في حق المنفعة فإنه ينقضي حتما بالموت إن لم ينقض قبل ذلك بانقضاء مدة معينة .
ويقع كذلك أن يحدد نص القانون الأجل بمدة معينة من الزمن ، أجلاً واحداً أو حداً أقصى للأجل . فقد قضت المادة 673 من تقنين المرافعات بالزام الراسي عليه المزاد في التنفيذ العقاري بأن يودع الثمن خزانة المحكمة خلال ثلاثة $ 94 $ الأشهر التالية لصيرورة البيع نهائياً . وقضت المادة 563 من التقنين المدني بأنه إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة ، فيعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ، وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في مواعيد معينة مبينة في النص ، والأجل هنا أجل فاسخ في عقد زمني . ونصت المادة 559 مدني على أنه " لا يجوز لمن لا يملك إلا حق الإدارة أن يعقد إيجارا تزيد مدته على ثلاث سنوات إلا بترخيص من السلطة المختصة " ، وهذا هنو حد أقصى للأجل الفاسخ في عقد زمني . ونصت الفقرة الثانية من المادة 526 مدني في صدد مدة عقد الشركة على أنه " إذا انقضت المدة المعينة أو انتهى العمل ، ثم استمر الشركاء يقومون بعمل من نوع الأعمال التي تألفت لها الشركة ، امتد العقد سنة فسنة بالشروط ذاتها " . وقد حددت الفقرة الثانية من المادة 678 مدني حداً أقصى لعقد العمل يلزم العامل فيه بالخدمة ، فنصت على أنه " إذا كان عقد العمل لمدة حياة العامل أو رب العمل أو لأكثر ن خمس سنوات ، جاز للعامل بعد انقضاء خمس سنوات أن يفسخ العقد دون تعويض على أن ينظر رب العمل إلى ستة أشهر " . وحدد القانون مدة قصوى لملكية الأسرة لمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة . . . وإذا لم يكن للملكية المذكورة أجل معين ، كان لكل شريك أن يخرج نصيبه منها بعد ستة أشهر من يوم أن يعلن إلى الشركاء رغبته في إخراج نصيبه " . وحدد كذلك الحد الأقصى للبقاء في الشيوع ، فنصت المادة 834 مدني على أن " لكل شريك أن يطالب بقسمة المال الشائع ما لم يكن مجبرا على البقاء فى الشيوع بمقتضى نص أو اتفاق ، ولا يجوز بمقتضى الاتفاق أن تمنع القسمة إلى أجل يجاوز خمس سنين ، فإذا كان الأجل لا يجاوز هذه المدة نفذ الاتفاق فى حق الشريك وفى حق من يخلفه " . وحدد كذلك حداً أقصى لمدة حق الحكر ، فنصت المادة 999 مدني على أنه " لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة أعتبر الحكر معقوداًُ لمدة ستين سنة " .
وقد تصدر تشريعات استثنائية تمهل المدينين في دفع ديونهم ، وتمنحهم $ 95 $ آجالا ، أو توقف الوفاء بالديون moratoires ( [157] ) ويكون ذلك عادة عقب نشوب حرب يكون من شأنها قلب الموازين الاقتصادية ، أو عقب أزمات اقتصادية يخشى معها خراب المدينين إذا هم اخذوا بدفع ديونهم في المواعيد المحددة ، كما وقع ذلك في التسويات العقارية التي صدرت بها تشريعات تنظمها مصر .
60- القضاء مصدر للأجل : وقد يكون القضاء هو مصدر الأجل ، ويسمى الأجل القضائي في الفقه المصري بنظرة الميسرة .
والأصل في نظرة الميسرة ( delai de grace ) أن المدين ، إذا كان يجب عليه الوفاء بدينه في الميعاد المتفق عليه ، إلا أنه إذا استدعت حالته الرأفة به ، ولم يلحق الدائن من التأجيل ضرر جسيم ، ولم يمنع من التأجيل نص في القانون ، يجوز للقاضي ، بهذه الشروط الثلاثة ، أن يمنح المدين أجلاً أو آجالا معقولة يفي فيها بدينه . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 346 مدني على هذا الحكم صراحة إذ تقول : " على أنه يجوز للقاضي في حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص في القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو أجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم " .
ونظرة الميسرة ، كنظرية الظروف الطارئة ، يراد بها التخفيف من عبء التزام المدين الجدير بالرأفة ، وهي تخفف العبء من حيث الإفساح في أجل الوفاء ، كما تخفف الظروف الطارئة العبء من حيث تحديد مقدار الدين ( [158] ) .
ونظرة الميسرة أجل واقف يمنحه القاضي كما رأينا ، ولكنه يختلف في أحكامه عن أحكام الأجل الواقف التي سنوردها ، وبخاصة من ناحية مسقطات الأجل ، اختلافاً كبيراً . ونساير التقنين المدني ، فلا نبحث نظرة الميسرة هنا ، بل عند الكلام في انقضاء الالتزام عن طريق الوفاء ، إذ يجب على المدين أن يفي الدين في ميعاده إلا إذا نظره القاضي إلى أجل ( [159] ) .
$ 96 $
2- الحقوق التي يحلقها وصف الأجل
61 – الحقوق الشخصية والحقوق العينية عدا حق الملكية : والأجل وصف يلحق بوجه عام الحقوق الشخصية والحقوق العينية على السواء ، أياً كان مصدر هذه الحقوق . فحق المنفعة أياً كان مصدره مقترن بأجل فاسخ حده الأقصى هو الموت كما قدمنا . كذلك حق الحكر لا يجوز أن تزيد مدته على ستين سنة .
غير أن هناك حقا عينيا واحداً – هو حق الملكية – لا يجوز أن يقترن بأجل واقف أو فاسخ . ذلك أن طبيعة حق الملكية تقتضي أن يكون هذا الحق أبديا ، بل هو يتأبد في انتقاله من مالك إلى مالك ، فلا يصح إني قترن بأجل فاسخ لأن هذا يتعارض مع أبديته ، ولا بأجل واقف إذ يقابل هذا الأجل أجل فاسخ في الجهة الأخرى ( [160] ) .
$ 97 $
62 – الحقوق التي يلحقها وصف الأجل : فالحقوق المالية ، عدا حق الملكية ، تقبل الاقتران بالأجل كما قدمنا . أما الحقوق المتعلقة بالأحوال الشخصية فلا تقبل الاقتران بالأجل ، كما لا تقبل التعليق على الشرط . فالزواج إلى أجل أو مقترناً بأجل واقف لا يجوز ، وكذلك الطلاق والحجر والإذن بالتجارة والحقوق المتولدة من النسب ونحو ذلك من الحقوق .
الفرع الثاني
ما يترتب على الأجل من الآثار
63 – النصوص القانون : تنص المادة 274 من التقنين المدني على ما يأتي :
" 1- إذا كان الالتزام مقترنا بأجل واقف ، فانه لا يكون نافذا إلا في الوقت الذي ينقضي فيه الأجل ، على أنه يجوز للدائن حتى قبل انقضاء الأجل أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقوقه ، وله بوجه خاص أن يطالب بتأمين إذا يخشى إفلاس المدين أو إعساره واستند في ذلك إلى سبب معقول " .
" 2- ويترتب على انقضاء الأجل الفاسخ زوال الالتزام ، دون أن يكون لهذا الزوال اثر رجعي ( [161] ) " .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام التي يقضي بها كان معمولا بها دون حاجة إلى نص .
$ 98 $
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 274 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 261 ، وفي التقنين المدني العراقي المادة 293 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 108 و 111 و 117 و 118 ( [162] ) .
$ 99 $
64 – قبل حلول الأجل وعند حلول الأجل : ويتبين من النص المتقدم أنه هنا أيضاً ، كما في الشرط ، يجب أن نميز بين مرحلتين : ( 1 ) المرحلة السابقة على حلول الأجل ، أي وقت قيام الأجل . ( 2 ) ومرحلة حلول الأجل ، وهذه المرحلة لا تحتمل إلا صورة واحدة هي أن يحل الأجل فعلا . ويختلف الشرط عن الأجل في ذلك بأن مرحلة ما بعد التعليق تحتمل تحقق الشرط أو تخلفه ، لأن الشرط ، خلافاً للأجل ، أمر غير محقق الوقوع .
المبحث الأول
الآثار قبل حلول الأجل
1- الأجل الواقف
65 – الحق المقترن بأجل واقف حق موجود وهو كامل الوجود : والحق المقترن بأجل واقف هو حق موجود كالحق المعلق على شرط واقف ، بل هو أقوى وجوداً ، إذ الحق المعلق على شرط واقف حق ناقص كما رأينا ، أما الحق المقترن بأجل واقف فهو كامل الوجود .
ويترتب على وجود الحق المقترن بأجل واقف من النتائج ما سبق أن رتبناه على وجود الحق المعلق على شرط واقف ، ويزيد نتائج أخرى مستمدة من كمال وجوده .
فمن النتائج المستمدة من محض الوجود ما يأتي :
( 1 ) ينتقل هذا الحق من صاحبه إلى الغير بالتصرف والميراث وغير ذلك من أسباب انتقال الحقوق ، على التفصيل الذي قررناه بالنسبة إلى الحق المشروط .
( 2 ) يجوز لصاحب هذا الحق أن يجري الأعمال المادية اللازمة لصيانته من التلف . ولا يجوز لمن عليه الحق أن يقوم بأي عمل من شأنه أن يمنع استعمال الحق عند حلول أجله أو يزيده صعوبة ، وذلك كله على التفصيل الوارد في الحق المشروط .
$ 100 $
( 3 ) يجوز لصاحب هذا الحق أن يقوم بالأعمال التحفظية اللازمة للمحافظة على حقه ، كوضع الأختام وتحرير قوائم الجرد وقيد الرهون الرسمية وتجديد القيد والتدخل في القسمة ووضع الحراسة على الأعيان ورفع دعاوى تحقيق الخطوط ( [163] ) ورفع الدعوى غير المباشرة ودعوى الصورية ، دون الدعوى البولصية لأن الحق غير مستحق الأداء . وله بوجه خاص – كما تقول المادة 274 / 1 مدني – أن يطالب بتأمين إذا خشى – مستنداً في ذلك إلى سبب معقول ولا يكفي مجرد الخشية الذاتية إذا لم تكن مستندة إلى سبب يبررها – إفلاس المدين أو إعساره . فإذا لم يقدم المدين التأمين ، ترتب على ذلك سقوط الأجل ، قياسا على حكم المادة 274 مدني وسيأتي ذكرها ( [164] ) . وقد قدمنا كل ذلك في الحق المشروط ( [165] ) .
$ 101 $
( 4 ) يجوز لصاحب هذا الحق أن يدخل في التوزيع ، بل إذا كان التوزيع نتيجة إفلاس المدين أو إعساره ، فإن الأجل الواقف يسقط كما سنرى ، ويستوفى الدائن حقه باعتبار أنه حال مستحق الأداء .
ومن النتائج المستمدة من كمال الوجود – ويزيد فيها الحق المقترن بأجل على الحق المشروط – ما يأتي :
( 1 ) يسقط الأجل الواقف ، ويصبح الحق المؤجل مستحق الأداء ، إذا شهر إفلاس المدين أو إعساره .
( 2 ) بل إن المدين إذا اضعف بفعله التأمينات التي أعطاها للدائن ، أو لم يقدم ما وعد به من تأمين ، فإن الأجل يسقط كذلك على تفصيل سنذكره فيما بعد .
( 3 ) بل إن ضعف التأمين أو الخشية من إفلاس المدين أو إعساره خشية تستند إلى سبب معقول ، ولو رجع ذلك إلى سبب خارج عن إرادة المدين ، يكفي لإسقاط الأجل ، إلا إذا قدم المدين تأمينا كافياً .
( 4 ) وإذا هلك الشيء محل الحق المؤجل بسبب أجنبي قبل حلول الأجل ، كان الهلاك على الدائن لا على المدين ، لأن الشيء قد أصبح حقاً مؤكداً له فيهلك عليه ، بخلاف ما رأيناه في الشرط . فإذا هلكت العين المؤجرة في يد المستأجر قبل حلول أجل ردها ، أو هلكت الوديعة في يد حافظ الوديعة قبل انقضاء أجل الوديعة ، كان الهلاك على الدائن ، أي المؤجر أو المودع . أما إذا كان العقد بيعاً فقد رأينا أن العين تهلك على البائع ، فإذا حدد أجل لتسليم العين المبيعة إلى المشتري ، وهلكت العين قبل التسليم ، فالهلاك على البائع لا على المشتري أي على المدين لا الدائن ( [166] ) ، وهذا هو حكم العقد إذا كان ناقلا للملكية .
66 – ولكنه حق غير نافذ : على أن الحق المقترن بأجل واقف ، إذا كان حقاً موجوداً كامل الوجود ، فإنه مع ذلك حق غير نافذ . وتقول المادة $ 102 $ 274 / 1 مدني أن هذا الحق " لا يكون نافذاً إلا في الوقت الذي ينقضي فيه الأجل " .
ومن النتائج التي تترتب على عدم نفاذه إلى حين حلول الأجل ما يأتي :
1- لا يجوز للدائن أن يجبر المدين على أداء الدين المؤجل قبل حلول الأجل ، فإن هذا الدين لا يقبل التنفيذ الجبري ما دام الأجل قائماً ( [167] ) .
2 – وكذلك لا يقبل الدين المؤجل التنفيذ الاختياري ، فإذا أداه المدين قبل حلول الأجل اختياراً ، ولكن عن غلط معتقداً أن الأجل قد حل أو معتقداً أن الدين حال غير مؤجل ، جاز له أن يسترده من الدائن ما دام الأجل لم يحل وفقاً لأحكام استرداد غير المستحق . على أنه يجوز للدائن – بل ويلزم بذلك $ 103 $ إذا كان الأجل قد حل قبل الاسترداد – أن يقتصر على رد ما استفاده بسبب الوفاء المعجل بشرط إلا يزيد ذلك على ما لحق المدين من ضرر طبقاً لقواعد الإثراء بلا سبب . فإذا كان الدين الذي عجله المدين نقوداً ، التزم الدائن أن يرد الفائدة بالسعر القانوني أو الإتفاقي عن المدة التي كانت باقية لحلول الأجل . وقد كان هناك رأي في عهد التقنين المدني السابق يذهب إلى أن الدين المؤجل إذا عجل ، ولو عن غلط ، لا يسترد ، لأن المدين يكون قد دفع ما هو مستحق عليه ، إذ الدين المؤجل – خلافاً للدين المعلق على شرط – موجود كامل الوجود ( [168] ) . ولكن التقنين المدني الجديد حسم هذا الخلاف بنص صريح ، $ 104 $ هو المادة 183 وتنص على أنه " 1- يصح كذلك استرداد غير المستحق ، إذا كان الوفاء قد تم تنفيذا الالتزام لم يحل اجله وكان الموفي جاهلا قيام الأجل .
2- على أنه يجوز للدائن أن يقتصر على رد ما استفادة بسبب الوفاء المعجل في حدود ما لحق المدين من ضرر . فإذا كان الالتزام الذي لم يحل اجله نقودا ، التزام الدائن أن يرد للمدين فائدتها بسعرها القانوني أو الاتفاقي عن المدة الباقية لحلول الأجل ( [169] ) " . ويبرر هذا الحكم أن المدين قد عجل الدين عن غلط وهو يجهل قيام الأجل ، والأجل يقابله منفعة ، فإذا كان قد دفع المستحق فيما يتعلق بالدين ذاته لأن الدين المؤجل موجود كما قدمنان إلا أنه دفعه قبل حلول الأجل ، فكان له أن يسترد المنفعة التي تقابل الأجل وهذه غير مستحقة ، وبهذا تقضي المادة 183 كما رأينا ( [170] ) .
وغنى عن البيان أن المدين إذا دفع الدين المؤجل قبل حلول الأجل وهو عالم بقيامه ، فأنه يعتبر متنازلا عن الأجل ، والتنازل من مسقطات الأجل كما سنرى ، وبذلك يصبح الدين حالا مستحق الأداء ، فلا يسترد شيئاً من الدائن في هذه الحالة .
3 – ولما كان الدين المؤجل غير نافذ وغير مستحق الأداء ، فإن المقاصة القانونية لا تقع بينه وبين دين آخر مستحق الأداء للمدين على الدائن ، لأن المقاصة القانونية لا تكون إلا في دينين مستحقي الأداء ، ولأن التنفيذ الجبري ممتنع في الدين المؤجل والمقاصة القانونية ضرب من التنفيذ الجبري ( [171] ) .
$ 105 $
4- ولما كان الدين المؤجل غير مستحق الأداء ، فإنه لا يجوز للدائن صاحب هذا الحق أن يوقع به حجزاً تحفظياً تحت يد مدين مدينه ، ولا يجوز أن يوقع به أي حجز تحفظي آخر ( [172] ) ، فإن الحجوز التحفظية ، طبقاً لصريح نص المادتين 543 و604 من تقنين المرافعات ، تقتضي أن يكون الدين المحجوز به محقق الوجود حال الأداء ، والدين المؤجل إذا كان محقق الوجود فهو غير حال الأداء ( [173] ) .
5- ولا يجوز للدائن إذا كان حقه مؤجلا أن يستعمل الدعوى البولصية ، لأن هذه الدعوى تقتضي أن يكون حق الدائن مستحق الأداء . ويلاحظ أن إعسار المدين ، وهو شرط في الدعوى البولصية ، لا يؤدي إلى إسقاط الأجل ، إذ الأجل لا يسقط إلا بشهر إعسار المدين كما سنرى . وإذا شهر إعسار المدين ، لم يعد الدائن في حاجة إلى رفع الدعوى البولصية ، إلا إذا كان ذلك بالنسبة إلى تصرف صدر من المدين قبل شهر الإعسار ، وعند ذلك يرفع الدائن الدعوى البولصية بموجب حق مستحق الأداء اسقط شهر الإعسار أجله .
6 – ولما كان الدين المؤجل لا يستحق الأداء إلا عند حلول الأجل ، فإن التقادم المسقط لا يسري في حقه ما دام الأجل قائماً ، ولا يسري إلا منذ حلول الأجل ( [174] ) .
$ 106 $
7 – كذلك لا يجوز للدائن إذا كان حقة مؤجلا أن يحبس حقاً للمدين عنده ، فإن الحبس لا يكون إلا لدين مستحق الأداء ، وقد سبق بيان ذلك ( [175] ) .
2- الأجل الفاسخ
67 – الحق المقترن بأجل فاسخ موجود ونافذ : وهنا نتجوز فنعتبر العقود الزمنية مقترنة بأجل فاسخ ، لأنها هي الكثرة الغالبة في هذا الميدان من الناحية العملية .
وتمكن المقارنة ما بين الحق المقترن بأجل فاسخ والحق المعلق على شرط فاسخ في أنهما يتفقان في الوجود والنفاذ ، ويختلفان في أن الحق المعلق على شرط فاسخ حق موجود على خطر الزوال كما قدمنا ، أما الحق المقترن بأجل فاسخ فحق مؤكد الزوال عند حلول الأجل ، فهو اضعف في هذه الناحية من الحق المعلق على شرط فاسخ ، ولكنه أقوى منه في ناحية أخرى إذ أنه عندما يزول لا يزول بأثر رجعي كالحق المعلق على شرط فاسخ بل لا بد أن يوجد مدة من الزمن .
فصاحب الحق المقترن بأجل فاسخ يملكه حالا ، وله أن يديره ، وأن يتصرف فيه بجميع أنواع التصرفات الجائزة ، وتنفذ جميع تصرفاته فوراً ولكن في حدود حقه وهو حق محدود بأجله فهو حق مؤقت ضرورة . فالمستأجر مثلا تستطيع أن يتصرف في حقه بالإيجار من الباطن وبالتنازل عن الإيجار لغيره ، ويكون ذلك بطبيعة الحال في حدود الإيجار الأصلي .
والدائن بأجل فاسخ له حق حال واجب الأداء ، ويستطيع أن يتقاضاه من المدين طوعاً أو كرهاً ، أي بطريق التنفيذ الاختياري أو بطريق التنفيذ القهري . $ 107 $ وله أن يوقع حجز ما للمدين لدى الغير والحجوز التحفظية الأخرى ، وأن يستعمل الدعوى البولصية ، وأن يحبس ما تحت يده للمدين حتى يستوفى حقه . ولما كان هذا الحق واجب الأداء ، فإن التقادم المسقط يسري ضده منذ نشوئه ( [176] ) .
68 – ولكن الحق المقترن بأجل فاسخ مؤكد الزوال : وهذا هو المعنى الجوهري للأجل الفاسخ ، فالحق المقترن به حق مؤقت بطبيعته ، وينتهي حتماً بانتهاء الأجل .
ويترتب على ذلك أن جميع تصرفات صاحب الحق المقترن بأجل فاسخ تكون مقيدة بحدود هذا الحق ، فهي مؤقتة مثله ، إذ لا يستطيع الشخص أن ينقل إلى غيره أكثر مما له .
المبحث الثاني
الآثار عند حلول الأجل
1 – كيف يحل الأجل
69 – أسباب ثلاثة لحلول الأجل : يحل الأجل بأحد أسباب ثلاثة : ( 1 ) بانقضائه ( 2 ) أو بسقوطه ( 3 ) أو بالنزول عنه ممن لهم مصلحة فيه ( [177] ) .
ولا يتصور في الأجل ، كما أمكن التصور في الشرط ، أنه قد يتخلف ، فالأجل كما عملنا أمر محقق الوقوع .
$ 108 $
70 – حلول الأجل بانقضائه : أول سبب لحلول الأجل – وفقاً كان الأجل أو فاسخاً – هو انقضاؤه ، وهذا هو السبب الطبيعي المألوف . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص في هذه المسألة ، هو المادة 394 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " 1 – يحل الأجل إذا تحقق الأمر المنتظر أو انقضى الميعاد المضروب . 2 – إذا جعل مبدأ سريان الأجل من وقت وقوع أمر معين ، فلا يحسب اليوم الذي يقع فيه هذا الأمر عند حساب الأجل . 3 – إذا كان الميعاد بالأيام ، فيحسب اليوم من منتصف الليلة إلى منتصف الليلة التالية . وإذا كان بالأسابيع أو بالشهور أو بالسنين ، فإنه ينقضي في اليوم الذي يتفق في تسميته أو في تاريخه مع اليوم الذي بدا فيه الميعاد ، فإن لم يوجد مثل هذا اليوم في الشهر الأخير فإن الأجل ينقضي في اليوم الأخير من هذا الشهر . وإذا كان الأجل نصف شهر ، فتكون مدته خمسة عشر يوماً مهما كان عدد أيام الشهر " . وقد حذفت لجنة المراجعة هذه المادة " لأنها تتضمن حكماً تفصيلياً لا ضرورة له ( [178] ) " .
وغنى عن البيان أن النص المحذوف ليس إلا تطبيقاً تفصيلياً للقواعد العامة ، ومن ثم تسري أحكامه بالرغم من حذفه استناداً إلى هذه القواعد . فيحل الأجل بوقوع الأمر المنتظر الذي ضرب أجلاً ، كرجوع القافلة الأولى من الحجيج وقد قدمت في يوم معين ، فيحل الأجل برجوعها في هذا اليوم .
وإنما يحل الأجل عادة بانقضاء الميعاد المضروب ، لأن الأجل أكثر ما يكون تاريخاً في التقويم كما قدمنا . فإذا حدد تاريخ معين – يوم أول يناير سنة 1958 مثلا – فإن الأجل يحل في هذا ليوم بالذات ، ولكن يحدث أن يحدد الأجل بوقت معين ينقضي من وقت وقوع أمر معين ، كعشرة أيام من وقت بيع القطن ، فلا يحسب اليوم الذي بيع فيه القطن ، وتعد عشرة أيام من بعده ، وعند انتهاء اليوم العاشر يحل الأجل .
$ 109 $
وقد يجعل الأجل أياماً أو أسابيع أو شهوراً أو سنين . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في صدد هذه المسألة ما نكتفي بنقله هنا : " ويراعى أن أخص ما يعرض في هذا الشأن تعيين مبدأ سريان الأجل وموعد انقضائه . فلا يدخل في حساب الأجل اليوم الذي يقع فيه الأمر الذي يضاف إليه بدء سريانه . فإذا جعل الأجل مثلا ثلاثة أيام بعد الوصول من رحلة ، فلا يدخل يوم الوصول في حساب هذا الأجل . ولتعيين موعد انقضاء الأجل يحسب اليوم من منتصف الليلة إلى منتصف الليلة التالية إذا كان الميعاد بالأيام . أما إذا كان الميعاد بالأسابيع أو بالشهور أو بالسنين ، فإنه ينقضي في اليوم الذي يتفق في اسمه ( الخميس مثلا ) أو في تاريخه ( كأول يناير مثلا ) مع اليوم الذي بدأ فيه الميعاد ، بعد حساب عدد الأسابيع أو الشهور أو السنين . فإذا جعل الأجل مثلا ثلاثة أسابيع تبدأ من الخميس الثاني من شهر مارس ، كان موعد انقضائه الخميس الأول من شهر ابريل . وإذا جعل ثلاثة أشهر تبدأ من 20 فبراير ، كان موعد انقضائه 20 مايو . وإذا جعل ثلاث سنوات تبدأ من 28 فبراير سنة 1939 ، كان موعد انقضائه 28 فبراير سنة 1942 . وإذا كان الأجل شهرين يبدأ من 30 ديسمبر سنة 1939 ، انقضى في 29 فبراير سنة 1940 ، لأن اليوم المقابل لليوم الذي بدأ فيه سريان الميعاد لا نظير له في الشهر الأخير ، وعلى هذا النحو ينقضي الميعاد في آخر يوم من فبراير أي في اليوم التاسع والعشرين لوقوع هذا الشهر في سنة كبيسة . وإذا كان الأجل نصف شهر ، اعتبرت مدته خمسة عشر يوماً مهما كان عدد أيام الشهر . فإذا جعل الأجل نصف شهر يبدأ من منتصف ليل أول فبراير ، اعتبر منقضياً في منتصف ليل 15 فبراير . وإذا جعل بدء سريان هذا الأجل منتصف ليل يوم 20 مارس ، انقضى في منتصف ليل 4 ابريل . ويراعى في جميع الأحوال أنه إذا كان آخر يوم من أيام الأجل يوم عطلة ، أو يوماً لا يتيسر فيه تنفيذ الالتزام من جراء أمر يقتضيه القانون ، فلا ينقضي الميعاد إلا في اليوم التالي ( [179] ) " .
$ 110 $
71 – حلول الأجل بسقوط – نص قانونين : وقد يحل الأجل ، قبل انقضائه ، بالسقوط . وتنص المادة 273 من التقنين المدني في هذا الصدد على ما يأتي :
" يسقط حق المدين في الأجل : "
" 1- إذا شهر إفلاسه أو إعساره وفقا لنصوص القانون " .
" 2- إذا أضعف بفعله إلى حد كبير أعطي الدائن من تأمين خاص ، ولو كان هذا التأمين قد أعطي بعقد لاحق أو بمقتضى القانون ، هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين ، أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فان الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضمانا كافيا " .
" 3- إذا لم يقدم للدائن ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات ( [180] ) " .
$ 111 $
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 102 / 156 ، وتكاد الأحكام تكون واحدة في التقنين ( [181] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 273 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 260 ، وفي التقنين المدني العراقي المادتين 295 – 296 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 113 – 114 ( [182] ) .
$ 112 $
والمفروض هنا أن الأجل أجل واقف ، أما الأجل الفاسخ فله أسباب يسقط بها في أحوال معينة وردت فيها نصوص خاصة ( [183] ) .
ويتبين من النص المتقدم الذكر أن الأجل الواقف يسقط بأحد أسباب ثلاثة :
( 1 ) شهر إفلاس المدين أو إعساره ( 2 ) إضعاف التأمينات ( 3 ) عدم تقديم التأمينات التي وعد بها المدين . يضاف إلى هذه الأسباب أسباب أخرى في حالات خاصة ، كالموت وتطهير العقار المرهون . ونستعرض كل هذه الأسباب فيما يلي :
72 – سقوط الأجل لشهر إفلاس المدين أو إعساره : كان الأجل يسقط ، في عهد التقنين المدني السابق ، بشهر إفلاس المدين . وكذلك كان يسقط بإعسار المدين إعساراً فعلياً ( [184] ) ، لأن هذا التقنين لم يكن يعرف نظام الإعسار $ 113 $ القانونين ( [185] ) . لذلك كان سقوط الأجل أكثر ما يلاحظ في حالة شهر الإفلاس لأنها حالة نظمها القانون بإجراءات ظاهرة ، أما الإعسار الفعلي فكان أمراً خفياً لا يظهر للناس ، فقل أن يكون سبباً في سقوط الأجل ( [186] ) .
والآن بعد أن نظم التقنين المدني الجديد حالة الإعسار القانونين ووضع لها إجراءات ظاهرة ، أصبح من اليسير في هذا التقنين تطبيق الحكم القاضي بإسقاط الأجل في حالة الإعسار كما يطبق الحكم القاضي بإسقاط الأجل في حالة الإفلاس ( [187] ) .
$ 114 $
ويلاحظ أن المادة 255 مدني تقضي ، عندما يحل الدين بشهر الإعسار ، بخصم مقدار الفائدة الاتفاقية أو القانونية عن المدة التي سقطت بسقوط الأجل ، وتقضي كذلك بأنه " يجوز للقاضي أن يحكم ، بناء على طلب المدين وفي مواجهة ذوي الشأن من دائنيه ، بإبقاء الأجل أو مدة بالنسبة إلى الديون المؤجلة ، كما يجوز له أن يمنح المدين أجلاً بالنسبة إلى الديون الحالة ، إذا رأى أن هذا الإجراء تبرره الظروف وانه خير وسيلة تكفل مصالح المدين والدائنين جميعاً " . وقد تقدم بيان ذلك .
كذلك للمدين بعد إنهاء حالة الإعسار أن يطلب إعادة الديون التي كانت قد حلت بسبب شهر الإعسار ولم يتم الوفاء بها إلى أجلها السابق ، متى كان أدى جميع ما حل من أقساطها ، كما سبق القول عند الكلام في الإعسار ( [188] ) .
وغنى عن البيان أن مجرد الإعسار الفعلى ، في عهد التقنين المدني الجديد ، لا يكفي لإسقاط الأجل ، بل لا بد من أن يكون الإعسار إعساراً قانونيناً قد شهر بموجب الإجراءات التي قررها القانون في هذا الصدد .
73 – سقوط الأجل لاضعاف التأمينات : ويشترط في هذا السبب من أسباب سقوط الأجل أن يكون للدين المؤجل تأمين خاص ، فلا يكفي أن يضعف المدين الضمان العام للدائنين وهو يتناول أمواله في جملتها ( [189] ) ، بان يتصرف في بعض من ماله ( [190] ) ولو إلى حد الإعسار ، فإن علاج ذلك هو $ 115 $ أن يطلب الدائن شهر إعسار المدين ، فإذا شهر الإعسار سقط الأجل ، ولكنه يسقط بسبب شهر الإعسار لا بسبب إضعاف التأمينات . ولا يجوز للدائن في هذه الحالة ، قبل شهر الإعسار ، أن يستعمل الدعوى البولصية ما دام الأجل قائماً لم يسقط ، فقد قدمنا أن الدعوى البولصية تقتضي أن يكون الحق مستحق الأداء .
فلا بد إذن من إني كون هناك للدين المؤجل تأمين خاص ( [191] ) ، كرهن أو امتياز . ولا يهم مصدر هذا التأمين ، فقد يكون نفس العقد الذي نشا منه الدين المؤجل ، بان يكون رهناً رسمياً أو رهن حيازة أخذه الدائن ضماناً لحقه في العقد الذي أنشأ هذا الحق . وقد يكون مصدر الرهن عقداً لاحقاً لعقد الدين أو لمصدره أياً كان هذا المصدر ، بان اتفق الدائن مع مدينه بعد ثبوت الدين في ذمة المدين على رهن لضمان هذا الدين . وقد يكون مصدر التأمين الخاص القانون كحق امتياز يكون ضامناً للدين المؤجل ( [192] ) ، كما إذا كان البائع $ 116 $ قد أجل الثمن وله امتياز على المبيع فاضعف المشتري هذا التأمين الخاص ( [193] ) . ولا يتصور أن يكون هذا التأمين الخاص هو حق اختصاص مصدره القضاء ، فإن المفروض فيما نحن بصدده أن الدين مؤجل ، والدين المؤجل لا يمكن أن يضمنه حق اختصاص ، إذ حق الاختصاص لا يؤخذ إلا بموجب حكم واجب التنفيذ ، وهذا يفترض حتما أن الدين مستحق الأداء ( [194] ) .
ثم لا بد من أن يكون هذا التأمين الخاص قد ضعف على حد كبير ، ومعنى ذلك أن يكون قد ضعف إلى حد أن أصبح أقل من قيمة الدين ، كما ذكر ذلك صراحة في لجنة المراجعة عند عرض المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ( [195] ) . إما أن يضعف ضعفاً يسيراً ، ويبقى بالرغم من ذلك كافياً لضمان الدين كفاية ملحوظة ، فذلك لا يبرر سقوط الأجل ( [196] ) .
$ 117 $
فإذا توافر هذان الشرطان – وجود تأمين خاص وإضعاف هذا التأمين إلى حد كبير – يبقى بعد ذلك أن نميز بين فرضين .
( 1 ) فأما أن يكون هذا الإضعاف قد حدث بفعل المدين ، أي بخطأه ولا يشترط أن يتعمد المدين أضعاف التأمين الخاص ، بل يكفي أن يكون قد قصر في المحافظة عليه حتى ضعف ( [197] ) . وفي هذه الحالة يسقط الأجل ، إلا إذا اختار الدائن أن يطالب المدين بتكملة التأمين حتى يبلغ ما كان عليه قبل أضعاف المدين له . ولا يكتفي الدائن هنا بالطالبة بتامين كاف ، بل يطلب تكملة التأمين الأصلي ، فقد كان هذا التأمين من حقه والمدين هو الذي أضعفه بخطأه . وهذا الخيار مرهون بإرادة الدائن لا بإرادة المدين ، فإذا اختار الدائن تكملة التأمين $ 118 $ وأكمله المدين بقى الأجل على حاله ولم يسقط ، أما إذا يختر تكملة التأمين فإن الأجل يسقط ويحل الدين ( [198] ) . ومن ثم يكون التزام المدين في هذه الحالة التزاماً تخييراً ، الخيار فيه للدائن ، فإن الدائن يكون بالخيار إما أن يطالب المدين بالدين فوراً لسقوط الأجل وإما أن يطالب بتكملة التأمين ( [199] ) . ويلاحظ أن الدين الذي حل بسقوط الأجل في هذه الفرض لا ينتقص منه ما يقابل الأجل ، لأن سقوط الأجل هنا كان بسبب خطأ المدين ( [200] ) .
( 2 ) وأما أن يكون أضعاف التأمين الخاص يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه . فهو لم يحدث بخطأ منه ، بل حدث بفعل أجنبي أو بقوة $ 119 $ قاهرة أو حادث فجائي . فعند ذلك يسقط الأجل أيضاً كجزاء على ضعف التأمينات إلى هذا الحد الكبير الذي سبقت الإشارة إليه ، إلا أن المدين يستطيع أن يتوقى سقوط الأجل بأن يقدم للدائن تأميناً كافياً لدينه يعوض عليه ما ضعف من التأمينات الأولى ( [201] ) . والالتزام هنا تخييري أيضاً ، ولكن الخيار فيه للمدين لا للدائن على عكس الصورة السابقة ( [202] ) . والسبب واضح ، فإن ضعف التأمينات لم يكن بخطأ المدين فترك الأمر مرهوناً بإرادته ، فأما أن يسلم بسقوط الأجل وإما أن يختار تقديم تأمين كاف . والمطلوب من المدين هنا هو تقديم هذا التأمين الكافي ، وليس تكملة التأمين الأصلي كما في الحالة السابقة . فقد يكون التأمين الأصلي تزيد قيمته كثيراً على الدين ، فلا يطلب من المدين أن يبلغه الحد الذي كان عليه ، بل يكفي أن يبلغه حداً يجعله تأميناً كافياً ولو لم يصل إلى حد التأمين الأصلي . وقد كان المشروع التمهيدي يقتضي إني كمل المدين التأمين الأصلي ، ولكن لجنة المراجعة عدلت النص واكتفت بان يقدم المدين " ضماناً كافياً " ( [203] ) . ويلاحظ أن الدين الذي حل بسقوط الأجل ، في هذه الحالة ، ينتقص منه ما يقابل الأجل ، لأن سقوط الأجل لم يكن بخطأ المدين ( [204] ) .
$ 120 $
وقد طبق التقنين المدني الجديد هذه الأحكام تطبيقاً تشريعياً في حالة ما إذا كان التأمين الخاص رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً . ففي حالة الرهن الرسمي نصت المادة 1048 مدني ( وتقابلها المادة 562 / 686 من التقنين المدني السابق وهي تشتمل على نفس الحكم ) على ما يأتي : " 1- إذا تسبب الراهن بخطئه فى هلاك العقار المرهون أو تلفه ، كان الدائن المرتهن مخبرا بين أن يقتضي تأمينا كافيا أو أن يستوفى حقه فورا . 2- فإذا كان الهلاك أو التلف قد نشأ عن سبب أجنبى ولم يقبل الدائن بقاء الدين بلا تأمين ، كان المدين مخبرا بين أن يقدم تأمينا كافيا أو أن يوفى الدين فورا قبل حلول الأجل ( [205] ) . وفى الحالة الأخيرة إذا لم يكن للدين فوائد فلا يكون للدائن حق إلا فى استيفاء مبلغ يعادل قيمة الدين منقوصا منها الفوائد بالسعر القانونى عن لمدة ما بين تاريخ الوفاء وتاريخ حلول الدين . 3- وفى جميع الأحوال إذا وقعت أعمال من شأنها أن تعرض العقار المرهون للهلاك أو التلف أو تجعله غير كاف للضمان ، كان للدائن أن يطلب إلى القاضى وقف هذه الأعمال واتخاذ الوسائل التى تمنع وقوع الضرر " . وفي حالة رهن الحياة قضت الفقرة الثانية من المادة 1022 مدني بان تسرى على رهن الحيازة أحكام المادة 1048 سالفة الذكر .
74 – سقوط الأجل لعدم تقديم المدين لتامين وعد به : وهنا يسقط الأجل بخطأ المدين ، إذ يكون قد التزام للدائن بتقديم تأمين خاص لدينه ، ثم أخل بهذا الالتزام ولم يقدم التأمين الموعود به ( [206] ) . فيسقط الأجل في هذه الحالة $ 121 $ دون أن ينتقص من الدين شيء في مقابلة سقوط الأجل ، لأن الأجل ، كما قدمنا ، قد سقط بخطأ المدين . ويستطيع الدائن ، بعد سقوط الأجل وحلول الدين واستصدار حكم واجب التنفيذ به ، أن يحصل بموجب هذا الحكم على حق اختصاص على عقارات المدين ، يحل محل التأمين الخاص الذي كان المدين قد وعده به دون أن يفى بوعده .
ويلاحظ أن الدائن ذا الحق المؤجل ، حتى لو لم يكن له تأمين خاص أصابه ضعف ، وحتى لو لم يكن موعوداً بتأمين خاص لم يقدم ، له أن يطالب المدين بتامين خاص إذا خشى إفلاسه أو إعساره واستند في ذلك إلى سبب معقول ( م 274 / 2 مدني ) . فإذا لم يقدم المدين التأمين الخاص الذي يوجبه القانون ، كان هذا سبباً في سقوط الأجل ، قياساً على حالة التأمين الموعود به والذي لم يقدم ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [207] ) . فالالتزام بتقديم تأمين خاص قد يكون مصدره الاتفاق أو القانون ، ويكون مصدره القانون في الحالة التي نحن بصددها . وأياً كان مصدره ، فإن الإخلال به يكون سبباً في سقوط الأجل ( [208] ) .
$ 122 $
75 – سقوط الأجل لأسباب أخرى : قدمنا أن موت المدين ( [209] ) قد يكون سبباً لسقوط الأجل . وقد ورد نص صريح في كل من التقنين المدني العراقي ( م 296 ) وتقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 114 ) يقضي بأن الدين يحل بموت المدين إلا إذا كان مضموناً بتأمينات عينية . أما في التقنين المدني المصري فالأصل أن الدين لا يحل بموت المدين ، بل يبقى الدين مؤجلا في التركة . ومع ذلك إذا عين للتركة مصف ( أنظر المادة 876 مدني وما بعدها ) فإنه يجوز للمحكمة ، بناء على طلب جميع الورثة ، أن تحكم بحلول الدين المؤجل وبتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن ، مراعية في ذلك إعلان الدائن بسقوط الأجل – بشرط أن يكون قد انقضى منه ستة أشهر على الأقل – وأداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان ، هذا إذا كان في الأجل مصلحة للدائن ( م 894 و م 544 مدني ) . أما إذا لم تجمع الورثة على طلب حلول الدين المؤجل ، فإن الدين يبقى مؤجلا علىحاله ، وتتولى المحكمة توزيع الديون المؤجلة وتوزيع أموال التركة على الورثة ، بحيث يختص كل وارث من جملة ديون التركة ومن جملة أموالها بما يكون في نتيجة معادلا لصافي حصته في الإرث ( [210] ) .
ويسقط الأجل أيضاً بموجب نصوص قانونية في حالات خاصة ، كما في التطهير ( أنظر المادة 1064 مدني وما بعدها ) .
وسنرى أنه إذا كان الأجل قضائياً – نظرة الميسرة – فأنه يسقط الأسباب أخرى فوق التي قدمناها ، فيسقط بالمقاصة القانونية ، ويسقط كذلك باقتدار المدين على الوفاء بدينه ، ويسقط أخيراً إذا نفذ أحد الدائنين الآخرين بحقه على أموال المدين . وسيأتي بيان ذلك عند الكلام في نظرة الميسرة ( [211] ) .
$ 123 $
وهناك حالة هي عكس الحالة التي يسقط فيها الأجل ، إذ فيها يحل الأجل فعلا ولكن لا يعتبر مع ذلك أنه قد حل لأن حلوله إنما حدث بطريق الغش من الدائن ( [212] ) . ويقع ذلك في التأمين على الحياة إذا انتحر الشخص المؤمن على حياته ، فإن الدائن في هذه الحالة يتعجل حلول الأجل بانتحاره عمداً ، فلا يعتبر الأجل قد حل ، وتبرأ ذمة المؤمن من التزامه بدفع مبلغ التأمين . وقد ورد في هذا الحكم نص صريح في التقنين المدني ، فنصت الفقرة الأولى من المادة 756 على أن " تبرأ ذمة المؤمن من التزامه بدفع مبلغ التأمين إذا انتحر الشخص المؤمن على حياته " . كذلك إذا كان الدائن بمبلغ التأمين هو شخص غير المؤمن علىحياته ، فإنه لا يستحق مبلغ التأمين إذا تسبب عمداً في موت المؤمن على حياته ، لأنه يكون قد تعجل غشاً حلول الأجل ، فيعتبر الأجل غير حال بالرغم من حلوله فعلا . ويستوي في ذلك أن يكون التأمين على حياة شخص غير المؤمن له أو يكون لصالح شخص غير المؤمن له . وتنص المادة 757 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " 1- إذا كان التأمين على حياة شخص غير المؤمن له ، برثت ذمة المؤمن من التزاماته متى تسبب المؤمن له عمداً فى وفاة ذلك الشخص ، أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه . 2- وإذا كان التأمين على الحياة لصالح غير المؤمن له ، فلا يستفيد هذا الشخص من التأمين إذا تسبب عمداً فى وفاة $ 124 $ الشخص المؤمن على حياته ، أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه . فإذا كان ما وقع من هذا الشخص مجرد شروع فى إحداث الوفاة ، كان للمؤمن له الحق فى أن يستبدل بالمستفيد شخصاً آخر ، ولو كان المستفيد قد قبل ما اشتراط لمصلحته من تأمين " .
76 – حلول الأجل بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه : وقد يحل الأجل قبل انقضائه ، لا بسقوطه في الأحوال التي تقدم ذكرها ، بل بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه ، المدين أو الدائن .
لذلك ينبغي ، لمعرفة ما إذا كان النزول عن الأجل صحيحاً ، أن نتبين من له مصلحة فيه من الطرفين ، هل هو المدين أو هو الدائن ، وأيهما كانت له المصلحة يجوز له النزول عن الأجل لأنه إنما ينزل عن مصلحة له ( [213] ) .
وقد كان المشرع التمهيدي يشتمل على نص في هذه المسألة هو نص المادة 397 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " 1- يفترض في الأجل أنه ضرب لمصلحة المدين ، إلا إذا تبين من العقد أو من نص في القانون أو من الظروف أنه ضرب لمصلحة الدائن أو لمصلحة الطرفين معاً . 2 – إذا تمحض الأجل لمصلحة أحد الطرفين ، جاز لهذا الطرف أن يتنازل عنه بإرادته المنفردة " ( [214] ) . وقد حذفت $ 125 $ هذه المادة في لجنة المراجعة " لأن حكمها مستفاد من تطبيق المبادئ العامة " ( [215] ) ، من أجل ذلك يكون هذا الحكم واجب التطبيق بالرغم من حذف النص . وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي شرح واف لهذا الحكم نقتصر على إيراده فيما يلي : " قد يضرب الأجل لمصلحة المدين وحده ، كما هو الشأن في عارية الاستهلاك بغير فائدة وعارية الاستعمال ، أو لمصلحة الدائن وحده ، كما هي الحال في الوديعة ( [216] ) . أو لمصلحة الدائن والمدين معاً ، كما يقع ذلك في القرض بفائدة . ويفترض عند الشك أن الأجل مضروب لمصلحة المدين وحده ( [217] ) . ومع ذلك فقد يستفاد من العقد كما يقع ذلك في القرض $ 126 $ بفائدة ( [218] ) ، أو من نص القانون كما هو الشأن في حق الانتفاع والإيراد المرتب مدى الحياة ، أو من الظروف كما هي الحال في ودائع المصارف ، إن الأجل قد ضرب لمصلحة الدائن أو لمصلحة الدائن والمدين معاً . فإذا كان الأجل مضروباً لمصلحة الدائن والمدين معاً ، فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد بالتنازل عنه ، بل يشترط لذلك تراضيهما . أما إذا كان الأجل على نقيض ذلك مضروباً لمصلحة أحد الطرفين ، فلمن شرط الأجل لمصلحته ، دائناً كان أو مديناً ، أن ينزل عنه بإرادته المنفردة . وتفريعاً على هذه القواعد لا تجوز الإقالة من الاجازة ( وهي لمصلحة الطرفين ) قبل انتهاء الأجل إلا بتراضى المؤجر والمستأجر ، ويجوز للمستعير في عارية الاستعمال ( وهي لمصلحة المستعير وحده ) أن يرد الشيء قبل الأجل المحدد ، ويجوز للمودع ( والوديعة لمصلحته وحده ) أن يطالب برد ما استودع قبل انقضاء الأجل الإيداع " ( [219] ) .
$ 127 $
على أن التقنين المدني – استثناء من الأحكام المتقدم ذكرها – وضع قاعدة في القرض بفائدة أجاز فيها للمدين ، دون رضاء الدائن ، أن ينزل عن الأجل بشروط معينة ، مع أن الأجل مقرر لمصلحة كل من المدين والدائن ، فكان الواجب إلا يجوز للمدين وحده أن ينزل عنه بغير رضاء الدائن ، وذلك إمعاناً من المشرع في كراهية الربا . وقد وضع القانون لحق المدين في النزول عن الأجل دون رضاء الدائن شروطاً فيها بعض التعويض على الدائن : ( 1 ) أن يكون قد انقضى على القرض ستة أشهر على الأقل يتقاضى فيها الدائن الفوائد المستحقة . ( 2 ) أن يعلن المدين الدائن برغبته في إسقاط الأجل ورد ما اقترضه . ( 3 ) أن يتم الرد فعلا في أجل لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ هذا الإعلان . ( 4 ) أن يؤدي الدائن للمدين فوائد ستة الأشهر التالية للإعلان ( [220] ) . وهذا ما تنص عليه المادة 544 مدني في هذا الصدد : " إذا اتفق على الفوائد ، كان للمدين إذا انقضت سنة أشهر على القرض أن يعلن رغبته في إلغاء العقد ورد ما اقترضه ، على أن يتم الرد في أجل لا يجاوز ستة اشهر من تاريخ هذا الإعلان ، وفي هذه الحالة يلزم المدين بأداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان ، ولا يجوز بوجه من الوجوه إلزامه بأن يؤدي فائدة أو مقابلا من أي نوع بسبب تعجيل الوفاء ، ولا يجوز الاتفاق على إسقاط حق المقترض في الرد أو الحد منه " ( [221] ) .
2- ما يترتب من الأثر على حلول الأجل
77 – الأجل الواقف : إذا حل الأجل الواقف ، بانقضائه أو بسقوطه أو بالنزول عنه على النحو الذي بيناه ، أصبح الحق نافذاً ، ووجب على المدين القيام بتنفيذه بعد أن يعذره الدائن ( [222] ) ، لأن حلول الأجل وحده لا يكفي $ 129 $ لأعذار المدين كما سبق القول ( [223] ) .
ويترتب على أن حق الدائن يصبح نافذاً بحلول الأجل عكس النتائج التي رتبناها على عدم نفاذ الحق قبل حلول الأجل . فيجوز للدائن أن يجبر المدين على أداء الدين ، ويقبل من المدين الوفاء الاختياري فلا يسترد ما دفعه لأنه دفع ديناً مستحق الأداء ، ويجوز للدائن أن يحجز بموجبه تحت يد مدين المدين كما يجوز له توقيع الحجوز التحفظية الأخرى ، وله أن يستعمل الدعوى البولصية ، ويسري في حق الدين الذي حل أجله التقادم المسقط ، وللدائن أن يحبس به ديناً في ذمته للمدين ( [224] ) .
$ 130 $
وليس لحلول الأجل الواقف أثر ارجعي كما هو الأمر في تحقق الشرط الواقف . فلا يعتبر الحق نافذاً من وقت الاتفاق ، بل من وقت حلول الأجل . وهذا مستفاد من أن الأجل أمر محقق الوقوع ، ويتفق في الوقت ذاته مع نية الطرفين ( [225] ) .
78 – الأجل الفاسخ : وهنا أيضاً نتجوز فنعتبر أن العقود الزمنية مقترنة بأجل فسخ . فإذا حل الأجل ، بانقضائه أو بسقوطه ( [226] ) أو بالنزول عنه ، فإن الحق ينقضي من تلقاء نفسه بحلول الأجل دون حاجة إلى حجم يصدر بذلك ( [227] ) . ويجوز للطرفين مد الأجل غير مرة ، ولكن المد يكون باتفاق جديد ( [228] ) .
ويترتب على أن الحق يزول بحلول الأجل أن جميع التصرفات التي أجراها صاحب الحق تزول بزواله ، فالإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار مثلا يزولان بزول الإيجار الأصلي . ويزول الحق بحلول الأجل حتى لو كان قد انتقل من الدائن إلى خلف عام أو إلى خلف خاص .
$ 131 $
ويكون انقضاء الحق بحلول الأجل دون أثر رجعي ، بخلاف ما قررناه في تحقق الشرط الفاسخ ، فيعتبر الحق قد انقضى من وقت حلول الأجل لا من وقت الاتفاق ، وبذلك يتميز الحق المقترن بأجل فاسخ عن الحق المعلق على شرط فاسخ ، فالحق الأول يعتد بوجوده قبل حلول الأجل ، أما الحق الآخر فيعتبر قد زال منذ البداية وكأنه لم يكن . وقد أشارت الفقرة الثانية من المادة 274 مدني صراحة إلى انعدام الأثر الرجعي لحلول الأجل الفاسخ ، فنصت على أنه " يترتب على انقضاء الأجل الفاسخ زوال الالتزام ، دون أن يكون لهذا الزوال اثر رجعي ( [229] ) .
***
79 – مقارنة بين الشرط والأجل : بعد أن بسطنا أحكام كل من الشرط والأجل ، نعقد مقارنة موجزة بينهما . فهناك موافقات ، كما أن هناك مفارقات .
أما الموافقات الجوهرية فتتخلص في أمرين :
( ا ) أن كلا من الشرط والأجل أمر مستقبل .
( 2 ) وأن كلا منهما ينقسم إلى واقف وفاسخ ، هذا مع التجوز المعهود في الأجل الفاسخ فيما يتعلق بالعقود الزمنية .
وأما المفارقات الجوهرية فتتلخص في الأمور الآتية :
( 1 ) الشرط أمر غير محقق الوقوع ، أما الأجل فأمر محقق الوقوع .
( 2 ) الحق المعلق على شرط واقف حق موجود ولكنه ناقص ، أما الحق لمقترن بأجل واقف فحق موجود كامل الوجود .
( 3 ) الحق المعلق على شرط فاسخ حق موجود على خطر الزوال ، أما الحق المقترن بأجل فاسخ فحق مؤكد الزوال .
( 4 ) لتحقق الشرط ، كقاعدة عامة ، أثر رجعي ، أما حلول الأجل فليس له هذا الأثر .
$ 132 $
وترد كل هذه الفروق إلى فكرة واحدة ، هي أن الشرط أمر غير محقق الوقوع : ومن ثم فالحق المعلق على شرط واقف حق ناقص ، والحق المعلق على شرط فاسخ حق على خطر الزوال ، ولتحقق الشرط أثر رجعي تأولا لنية الطرفين أمام أمر غير محقق الوقوع . والأجل أمر محقق الوقوع . ومن ثم فالحق المقترن بأجل واقف حق كامل الوجود ، والحق المقترن با<ل فاسخ حق مؤكد الزوال ، وليس لحلول الأجل أثر رجعي إذ لا محل لتأول نية الطرفين على هذا الوجه أمام أمر محقق الوقوع .
$ 133 $
الباب الثاني
تعدد محل الالتزام
80 الالتزام متعدد المحل والالتزام التخييري والالتزام البدلي : قد يتعدد محل الالتزام ، فيكون هذا التعدد وصفاً ( modalite ) في الالتزام ( [230] ) . والالتزام الموصوف على هذا النحو أنواع ثلاثة : ( 1 ) التزام متعدد المحل ( obligation conjointe ) ( 2 ) والتزام تخييري ( obligation alternative ) ( 3 ) والتزام بدلى ( obligation facultative ) ( [231] )
$ 134 $
فالالتزام متعدد المحل هو التزام واحد ولكنه ذو محل متعدد ، كالمتقايض يلتزم بإعطاء المتقايض معه أرضا ومعدلا ( solute ) للمقايضة هو مبلغ من النقود في مقابل أن يعطيه المتقايض الآخر داراً . فهنا يلتزم المتقايض الأول بإعطاء المتقايض معه أرضا ومبلغاً من النقود ، فالتزامه واحد مصدره عقد المقايضة ، وهو في الوقت ذاته متعدد المحل لأن المدين ملتزم أن يعطي شيئين لا شيئاً واحداً : الأرض ومبلغ النقود . وليس هذا النوع من الوصف أثر كبير في الالتزام ، ولا توجد فروق هامة ما بين الالتزام متعدد المحل والالتزام ذى المحل الواحد . ففي الالتزامين يجب على المدين إن يؤدى للدائن محل الالتزام كاملا إذا كان واحداً ، أو جميع محال الالتزام إذا كان متعددة ، ولا تقبل التجزئة في الوفاء ( paiement partiel ) ، فلا تجوز تأدية جزء من المحل الواحد أو محل من المحال المتعددة دون رضاء الدائن . والهلاك الجزئي – بان يهلك جزء من المحل الواحد أو من المحال المتعددة حكمه واحد في الالتزامين ، وينقسم في كل منهما الثمن أو المقابل أياً كان على الجزء الهالك والجزء الباقي وفقاً لأحكام الهلاك الجزئي . ويجوز فسخ العقد في الحالتين إذا بقى جزء من المحل الواحد أو من المحال المتعددة دون وفاء ( [232] ) . على أن الالتزام ذا المحل الواحد يكون عقاراً أو منقولا تبعاً لطبيعة هذا المحل ، ففي المثل المتقدم يكون التزام المتقايض الآخر – وقد التزم بإعطاء دار – عقاراً . أما الالتزام ذو المحل المتعددة فيكون عقاراً أو منقولا تبعاً لطبيعة المحال المتعددة جميعاً ، وقد يكون بعضها عقاراً وبعضها منقولا كما في حالة المتقايض إذا التزم بإعطاء أرض ومبلغ من النقود ، فيكون الالتزام لا عقاراً محضاً ولا منقولا محضاً بل هو مختلط ( mixte ) بعضه عقار وبعضه منقول ( [233] ) .
$ 135 $
والالتزام التخييري هو التزام متعدد المحل ، ولكن واحداً فلقط من هذه $ 136 $ المحال المتعددة هو الواجب الأداء ، لا المحال جميعاً كما في الصورة السابقة . فإذا التزم شخص لآخر بإعطائه إما أرضاً أو سيارة ، كان الالتزام هنا تخييرياً ، وكان محل الالتزام هو الأرض أو السيارة بحسب اختيار المدين أو الدائن ، وليس المحل هو الأرض والسيارة معاً .
يبقى الالتزام البدلي ، وهو التزام غير متعدد المحل على النحو السابق ، بل له محل واحد ، ولكن يستطيع المدين إن يؤدي شيئاً آخر بدلا منه فيقضي بذلك التزامه . فإذا التزم شخص لآخر بإعطائه داراً ، واحتفظ لنفسه بالحق في أن يعطيه إذا شاء أرضاً بدلا من الدار ، كان الالتزام بدلياً . وهنا يكون محل الالتزام شيئاً واحداً هو الدار ، ولكن يجوز للمدين أن يستبدل بالدار الأرض للوفاء بالتزامه ، ولا يستطيع الدائن أن يرفض هذا الوفاء .
$ 137 $
ونرى مما تقدم أن هناك تدرجاً تصاعدياً في تعدد المحل ما بين الالتزام البدلي والالتزام التخييري والالتزام ذى المحل المتعدد . ففي الالتزام البدلي محل الالتزام ( objet in obligatione ) ، واحد ، ولكن يوجد شيء آخر يحل محله عند الوفاء ( objet in facultate solutionis ) . ويرقى الالتزام التخييري مرتبة في تعدد المحل ، فمحل الالتزام متعدد – شيئان أو أكثر لا شيء واحد – ولكن الواجب الأداء من هذه الأشياء المتعددة هو شيء واحد . ثم يرقى الالتزام ذى المحل المتعدد المرتبة العليا في تعدد المحل ، فمحل الالتزام متعدد – شيئان أو أكثر – والواجب الأداء هو كل هذه الأشياء المتعددة ( [234] ) .
ولما كان الالتزام ذو المحل المتعدد لا يكاد يفارق الالتزام ذا المحل الواحد ، وتكاد تكون أحكام كل منهما واحدة ، فإنه لا توجد أهمية خاصة لأفراده بالبحث ( [235] ) . والذي يجب أن يفرد بالبحث – لأن الوصف فيه ذو أثر بالغ – هو الالتزام التخييري ثم الالتزام البدلي ، ونبحثهما في فصلين متعاقبين .
$ 138 $
الفصل الأول
الالتزام التخييري ( [236] )
( Obligation alternative )
81 – قيام وصف التخيير وأحكامه : التخيير بين محلين أو أكثر للالتزام الواحد وصف يقوم بالالتزام كما قدمنا . فيجب أن نعرف ما هو ، ومن أي مصدر ينشأ ، ومن طرفي الالتزام يثبت له الخيار . ثم نعرف بعد ذلك ما هي أحكام الالتزام التخييري .
فنبحث إذن مسألتين : ( 1 ) قيام وصف التخيير ( 2 ) أحكام الالتزام التخييري ( [237] ) .
الفرع الأول
قيام وصف التخيير
82 – النصوص القانونية : تنص المادة 275 من التقنين المدني على ما يأتي :
" يكون الالتزام تخييريا إذا شمل محله أشياء متعددة تبرأ ذمة المدين براءة $ 139 $ تامة إذا أدي واحد منها ، ويكون الخيار للمدين ما لم ينص القانون أو يتفق المتعاقدان على غير ذلك " ( [238] ) .
ويقابل هذا النص المادة 96 / 150 من التقنين المدني السابق ( [239] ) .
ويقابل في التنقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 275 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 262 ، وفي التقنين المدني العراقي المادة 298 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 56 ( [240] ) .
$ 140 $
ويستخلص من النص المتقدم أن وصف التخيير يقوم متى شمل محل الالتزام أشياء متعددة تبرأ ذمة المدين براءة تامة إذا أدى واحداً منها ، وأن خيار التعيين يكون في الأصل للمدين إلا إذا قضى المصدر الذي ينشأ منه – الاتفاق أو القانون – بأن الخيار يكون للدائن أو للغير .
فنبحث إذن : ( 1 ) متى يقوم وصف التخيير ( 2 ) من له خيار التعيين ومصدر هذا الخيار .
1 – متى يقوم وصف التخيير
83 – ( ا ) تحديد منطقة الالتزام التخييري : ليكون الالتزام تخييريا فيقوم به وصف التخيير ، يجب توافر شروط ثلاثة : ( 1 ) يتعدد محل الالتزام فيكون للالتزام محلان أو أكثر . ( 2 ) ويتوافر في كل محل منها الشروط الواجب توافرها في المحل . ( 3 ) ويكون الواجب الأداء ، حتى تبرأ ذمة المدين براءة تامة من التزامه ، محلا واحداً من هذه المحال المتعددة .
84 – ( 1 ) تعدد محل الالتزام : يجب أن يكون محل الالتزام متعدداً كما قدمنا . فيصح أن يلتزم البائع للمشتري أن يبيع منه الدار أو الأرض . ويصح $ 141 $ أن يلتزم الشريك بتقديم حصته في الشركة مبلغاً من النقود أو أرضا أو سيارة أو أسهماً أو سندات أو غير ذلك . ونرى من ذلك أن محل الالتزام قد يكون شيئين ، وقد يكون أكثر من شيئين ( [241] ) . كذلك يصح أن يكون شيئاً غير معين بالذات $ 142 $ كالنقود ، أو عيناً معينة عقاراً أو منقولا . ويصح أن يجمع التعدد هذه كلها ، فيكون محل الالتزام نقوداً وعقاراً ومنقولا . بل يصح إني كون محل الالتزام $ 143 $ عملا أو امتناعاً عن عمل . ويصح أن يجتمع كل هؤلاء في الالتزام الواحد ، فيلتزم الشريك مثلا بتقديم حصته للشركة مبلغاً من النقود أو أرضا أو عملا يقوم به لمصلحة الشركة أو امتناعاً عن الاتجار فيما تقوم به الشركة من عمل ( [242] ) .
فأي أداء يصلح أن يكون محلا للالتزام يمكن – إذا اقترنت به اداءات أخرى من نوعه أو من غير نوعه – أن يكون محلا للالتزام التخييري – والمهم هو أن يتعدد هذا المحل ، فلا يقتصر على أداء واحد .
85 – ( 2 ) توافر الشروط في كل من الاداءات المتعددة : ويجب أن يتوافر في كل أداء من الاداءات المتعددة للالتزام التخييري جميع الشروط الواجب توافرها في محل الالتزام ، لاحتمال أن يقع الاختيار على أي أداء منها فيصبح هو المحل الوحيد ، ويكون متوافراً فيه الشروط اللازمة . فيجب أن يكون كل أداء موجوداً إذا كان شيئاً ، أو ممكناً إذا كان عملا أو امتناعاً عن عمل . ويجب أيضاً أن يكون الأداء معيناً أو قابلا للتعيين ، وأن يكون صالحاً للتعامل فيه ، وأن يكون مالا متقوماً ، وأن يكون التعامل فيه مشروعاً .
فإذا كان الالتزام التخييري محله شيئان فقط ، وكان أحدهما لم تتوافر فيه الشروط المتقدمة الذكر ، وتوافرت في الشيء الآخر هذه الشروط ، فإن الالتزام لا يكون له إلا محل واحد هو هذا المحل الذي توافرت فيه الشروط ، ويكون الالتزام بسيطاً غير تخييري ( [243] ) .
وقد نصت المادة 1192 من التقنين المدني الفرنسي صراحة على هذا $ 144 $ الحكم إذا تقول : " يكون الالتزام بسيطاً ، ولو عقد فى صورة التزام تخييرى ، إذا كان أحد الشيئين محل الالتزام لا يمكن أن يكون محلاً له ( [244] ) " . وتنص المادة 61 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى على الحكم فيما إذا كان شئ واحد من الأشياء المتعددة هو الذى يمكن تنفيذه دون الأشياء الأخرى ، فتقول : " إذا كان أحد المواضيع وحده قابلاً للتنفيذ ، فالموجب يكون أو يصبح من الموجبات البسيطة " . والحكم كما نرى ظاهر البداهة ، فلا حاجة للنص عليه ، إذ يمكن استخلاصه فى يسر من تطبيق القواعد العامة .
والعبرة ، فى معرفة ما إذا كانت الشروط الواجبة متوافرة فى الأداءات المتعددة للالتزام التخييرى ، تكون بوقت نشوء هذا الالتزام . فإن توافرت الشروط فى هذا الوقت ، كان الالتزام تخييرياً ، حتى لو أصبحت الأداءات بعد ذلك لا تصلح كلها أو بعضها محلاً للالتزام . وعلى النقيض من ذلك ، إذا لم تتوافر الشروط إلا فى أداء منها ، كان الالتزام بسيطاً منذ البداية ومحله هذا الأداء الذى توافرت فيه الشروط ، ولا ينقلب تخييرياً حتى لو أصبحت الأداءات الأخرى بعد ذلك متوافراً فيها الشروط الواجبة ( [245] ) .
86 - ( 3 ) محل واحد من المحال المتعددة هو الواجب الأداء : وإذا كان للالتزام التخييرى محال متعددة ( in obligatione ) ، فإن محلاً واحداً منها فقط هو الواجب الأداء ( in debitione ) ، أو كما تقول المادة 275 مدنى فى صدرها : " تبرأ ذمة المدين براءة تامة إذا أدى واحداً منها " .
وينبنى على ذلك أمران : ( أولهما ) أنه قبل اختيار المحل الواجب الأداء ، يكون كل من المحال المتعددة ممكناً طلبه ، فيقوم التضامن بين هذه المحال على غرار التضامن الذى يقوم بين المدنيين المتضامنين . فكما إن كل مدين متضامن $ 145 $ تمكن مطالبته بكل الدين فإذا وفاه انقضى ، كذلك أى محل من المحال المتعددة للالتزام التخييرى تمكن المطالبة به فإذا وفى انقضى الالتزام . فالتخيير إذن هو ضرب من التضامن ما بين الأشياء شبيه بالتضامن ما بين الأشخاص ، هو تضامن عينى موضوعى ( solidarite reelee et objective ) إلى جانب تضامن المدينين الشخصى الذاتى ( solidarite personnelle et subjective ) . والتضامن العينى من شأنه ، كالتضامن الشخصى ، أن يقوى ضمان الدائن ، فإذا أصبح تنفيذ محل من المحال المتعددة للالتزام التخييرى مستحيلاً جاز أن ينفذ محل آخر ، فيتسع بذلك مجال التنفيذ ويقوى ضمان الدائن ( [246] ) . والأمر الثانى ) أنه بعد اختيار المحل الواجب الأداء يصبح هذا وحده هو محل الالتزام ، وينقلب الالتزام التخييرى عند ذلك التزاماً بسيطاً ليس له إلا محل واحد .
ويستتبع ذلك أن المحال المتعددة للالتزام التخييرى تكون فى الكثرة الغالبة من الأحوالى متعادلة فى قيمتها ، ما دام أن تنفيذ أى محل منها يغنى عن تنفيذ المحال الأخر . غير أن هذا ليس بضرورى ، فقد تتفاوت قيم المحال إذا تفاوتت شروط أدائها . مثل ذلك أن يلتزم شخص نحو آخر بأن يبيع له الدار بألفين أو الأرض بألف ، فتكون قيمة الأرض نصف قيمة الدار . وقد يعد شخص آخر بإقراضه ألفاً بفوائد سعرها 5% أو خمسمائة بفوائد سعرها 6% . بل قد لا تتفاوت شروط الأداء ومع ذلك تكون القيم متفاوتة ، فقد يكون المبلغ الموعود بإقراضه هو ألف أو ألفان على حسب اختيار المدين ويكون سعر الفائدة فى الحالتين 5% ( [247] ) .
87 - ( ب ) تمييز الالتزام التخييرى عن حالات أخرى تشتبه به : وحتى يتم تحديد منطقة الالتزام التخييرى فى وضوح توجد بعض الحالات التى تشتبه بالالتزام التخييرى وليست إياه . فنستعرض الشرط الجزائى والالتزام $ 146 $ المعلق على شرط واقف والالتزام بشئ غير معين . أما الالتزام متعدد المحل ( obligation conjointe ) فقد سبق التمييز بينه وبين الالتزام التخييرى . وسنبحث عند الكلام فى الالتزام البدلى ما يوجد بينه وبين الالتزام التخييرى من فروق .
88 - ( أ ) التمييز بين الالتزام والشرط الجزائى : الشرط الجزائى هو تقدير اتفاقى للتعويض المستحق ، غذ أخل المدين بالتزامه ولم يقم بتنفيذه تنفيذاً عينياً . فالشرط الجزائى إذن ليس إلا تعويضاً مستحقاً عن عدم التنفيذ العينى . وهو – ككل تعويض – لا يمكن أن يكون إلى جانب التنفيذ العينى أحد محلى التزام تخييرى . ذلك أنه لى الالتزام التخييرى يمكن للمدين أو للدائن ، بحسب الأحوال ، أن يختار أحمد المحلين فيوفيه للطرف الآخر ، ولا يستطيع هذا الطرف الآخر أن يرفض الوفاء . أما فى التعويض فالأمر مختلف ، غ أن المدين لا يستطيع أن يختار التعويض دون التنفيذ العينى ، إذا كان هذا التنفيذ ممكناً طالب به الدائن . كذلك لا يجوز للدائن أن يختار التعويض دون التنفيذ العينى ، إذا كان التنفيذ العينى ممكناً وعرضه المدين . فالتعويض ليس محلاً لالتزام تخييرى ، بل إن له مقوماته الذاتية ، وقد سبق بيان ذلك فى الجزء الثانى من الوسيط .
ومما يبزر الفرق بين الالتزام التخييرى والالتزام المصحوب بشرط جزائى أنه إذا كان الالتزام المصحوب بشرط جزائى قد أصبح تنفيذه العينى مستحيلاً بسبب أجنبى لا يد للمدين فيه ، فإن الالتزام ينقضى ولا يكون الشرط الجزائى مستحقاً . أما فى الالتزام التخييرى ، إذا أصبح تنفيذ أحد محلى هذا الالتزام مستحيلاً بسبب أجنبى ، فسنرى أن المحل الثانى يصبح مستحقاً ، على خلاف الشرط الجزائى . كذلك إذا كان المحل الأصلى للالتزام المصحوب بشرط جزائى لا يصلح أن يكون محلاً لعدم توافر الشوط الواجبة فيه ، فإن الالتزام يسقط ويسقط معه الشرط الجزائى . وهذا بخلاف الالتزام التخييرى ، فإنه إذا كان أحد محليه لا يصلح أن يكون محلاً للالتزام أصبح المحل الآخر هو المتسحق ( [248] ) .
$ 147 $
89 - ( 2 ) التمييز بين الالتزام التخييرى والالتزام المعلق على شرط واقف : ولا يجوز أن يكيف الالتزام التخييرى بأن كلا من محالة المتعددة واجب الأداء معلقاً على شرط اختياره ، وقد كان بعض الفرنسيين يذهبون إلى ذلك ( [249] ) . ذلك أن الالتزام المعلق على شرط واقف قد علق على أمر غير محقق الحصول ، أما الاختيار فى الالتزام التخييرى – اختيار محل ما – فهو أمر محقق لابد من حصوله ، وإذا هو لم يحصل ممن له حق الاختيار بالذات ، فإنه لابد حاصل ممن أقامه القانون مقامه : القاضى فى حالة ما إذا كان الخيار للمدين ، والمدين فى حالة ما إذا كان الخيار للدائن ( [250] ) .
وينبنى على ما تقدم أن الالتزام التخييرى هو التزام محقق الوجود منذ البداية ، أما الالتزام المعلق على شرط واقف غير محقق الوجود وهو لن يوجد فعلاً إذا ما تحقق الشرط . وهناك فرق آخر ما بين الالتزامين ، فإنه إذا هلك محل الالتزام الشرطى بسبب أجنبى قبل تحقق الشرط كانت تبعة الهلاك على المدين كما سبق القول ، أما التبعة فى هلاك أحد محال الالتزام التخييرى فهى على الدائن ( [251] ) .
90 - ( 3 ) التمييز بين الالتزام التخييرى والالتزام بشئ غير معين بالذات : والالتزام التخييرى ليس التزاماً بشئ غير معين بالذات . فقد يلتزم شخص أن يبيع لآخر مائة أردب من القمح ، ومحل الالتزام هنا هو شئ غير معين بالذات حتى لو عين البائع المخزن الذى أودع فيه قمحه وذكر أن مائة الأردب ستؤخذ من هذا القمح . كذلك يعتبر التزاماً بشئ غير معين بالذات $ 148 $ التزام من يبيع فرساً غير معين من خيوله الموجودة بالاصطبل ، أو يبيع بقرة غير معينة من قطيع البقر الذى يملكه . فالمبيع فى جميع هذه الأحوال شئ غير معروف يؤخذ من بين أشياء معروفة .
والفرق بين أن يلتزم الشخص بإعطاء شئ معين من بين أشياء معينة – وهذا هو الالتزام التخييرى – وبين أن يلتزم بإعطاء شئ غير معروف من بين أشياء معروفة ، أن الأشياء محل الالتزام التخييرى هى أشياء معينة بذاتها ، كل شئ منها قد عين تعييناً كافياً حتى لا يختلط بغيره ، واحد هذه الأشياء المعينة بالذات سيكون محل الالتزام إذا تم اختياره . أما فى الالتزام بإعطاء شئ غير معروف من بين أشياء معروفة ، فإن هذه الأشياء المعروفة ليست معينة بذواتها كما هى معينة فى الالتزام التخييرى ، بل هى قد عينت بأنها الخيول التى فى الاصطبل دون أن تعين هذه الخيول فرساً فرساً ، أو هى قطيع البقر الذى يملكه البائع دون أن تعين رؤوس هذا القطيع رأساً راساً ( [252] ) .
وينبنى على هذا الفرق أمور ثلاثة : ( 1 ) فى الالتزام بشئ غير معين بالذات ، إذا فرز فرس من الاصطبل أو بقرة من القطيع بعد إعذار المشترى ، ثم هلك الشئ المفرز ، فإن هلاكه لا يكون على المشترى ، بل يجب فرز فرس آخر أو بقرة أخرى لتسليمها إليه أما إذا اختير أحد محال الالتزام التخييرى ، ولم يتسلمه المشترى بعد إعذاره ، فإن الهلاك يكون عليه لا على البائع ( [253] ) . ( 2 ) فى الالتزام بشئ غير معين بالذات ، إذا فرز المبيع ، انتقلت ملكيته إلى المشترى من وقت الفرز لا من وقت البيع . أما فى الالتزام التخييرى ، فإنه إذا اختير محل الالتزام ، انتقلت ملكيته من وقت البيع لا من وقت الاختيار ، وسنرى أن الاختيار يستند إلى الماضى ( [254] ) . ( 3 ) فى الالتزام بشئ غير معين بالذات ، إذا كان أحد الخيول مثلاُ هو ملك المشترى ، ولكنه عندما فرز $ 149 $ ليكون هو الفرس المبيع لم يعد ملكاً له ، فإن البيع يصح . أما فى الالتزام التخييرى ، إذا باع شخص فرساً من بين عدة خيول معينة بذواتها ، وكان أحدها ملكاً للمشترى ثم لم يعد ملكاً له ، واختير ليكون محلاً للالتزام ، فإن الالتزام لا يصح لأن هذا المحل لم يكن قد توافرت فيه الشروط الواجبة وقت نشوء الالتزام إذ كان ملكاً للمشترى ( [255] ) .
2 - من له خيار التعين ومصدر هذا الخيار
91 - من له خيار التعيين : رأينا أن العبارة الأخيرة من المادة 275 مدنى تقول : " ويكون الخيار للمدين ما لم ينص القانون أو يتفق المتعاقدان على غير ذلك " .
فإذا كان هناك التزام تخييرى ، ولم يبين الطرفان من له الخيار ولم ينص القانون على ذلك ، فإن الخيار يكون للمدين لا للدائن . وهذا هو الأصل العام ، فإن الاتفاق عند الشك يفسر لمصلحة المدين ( [256] ) .
$ 150 $
ولكن يجوز أن يتفق الطرفان على أن يكون الخيار للدائن لا للمدين ، وهذا يقتضى اتفاقاً خاصاً فلا يصح افتراضه . على أن هذا الاتفاق قد يكون صريحاً أو ضمنياً ، فلا يشترط التقنين المدنى المصرى الاتفاق الصريح ( [257] ) .
كذلك يجوز ، إذا كان مصدر الخيار هو نص فى القانون ، أن يجعل النص الخيار للدائن لا للمدين . وقد فعل القانون ذلك عندما نصت الفقرة الثانية من المادة 273 مدنى على أنه إذا أضعف المدين بفعله تأميناً خاصاً ، فللدائن الخيار بين أن يطالب باستيفاء حقه قبل حلول أجله أو أن يطالب بتكملة التأمين ( [258] ) . ففى هذا الالتزام التخييرى ينص القانون على أن الخيار للدائن .
ومتى كان الخيار للمدين فإنه يستطيع أن يعرض الوفاء بالمحل الذى يختاره من محال الالتزام المتعددة ، ويكون عرضه صحيحاً . أما إذا كان الخيار للدائن فلا يستطيع المدين أن يعرض ما يختاره هو ، بل يجب عليه أن يعرض الوفاء بأى محل يختاره الدائن ( [259] ) .
ولا نرى ما يمنع من أن يتفق الطرفان على أين يكون الخيار لأجنبى ، ويكون الأجنبى فى هذه الحالة إما خبيراً فنياً يستشيره أحد الطرفين فيكون الخيار فى الحقيقة لهذا الطرف يستعمله بعد استشارة الخبير ، أو يكون الأجنبى غير منتم لأحد الطرفين فيقرب من أن يكون حكماً بينهما يتفقان عليه عندما لا يستطيعان الاتفاق على أن يكون الخيار لأحد منهما . ويساعد على تقرير هذا الحكم أن نص التقنين المدنى المصرى لا يقول – كما تقول المادة 1190 من التقنين المدنى الفرنسى – إن الخيار للمدين ما لم يتفق المتعاقدان على أن يكون الخيار للدائن ، بل تقول إن الخيار للمدين ما لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك ( [260] ) .
$ 151 $
92 - مصدر الخيار : ويمكن أن نستخلص مما تقدم أن مصدر خيار التعيين إما أن يكون الاتفاق كما هو الغاب ، وإما أن يكون نصاً فى القانون .
ففى الكثرة الغالبة من الأحوال يكون مصدر الالتزام التخييرى العقد أو التصرف القانونى بوجه عام ، فيلتزم المدين بإرادته أن يؤدى للدائن شيئاً من أشياء متعددة . وعند ذلك يتكفل الاتفاق أو التصرف القانونى بتعيين من له الخيار ، المدين أو الدائن ، فإذا سكت عن هذا التعيين كان الخيار للمدين كما قدمنا .
وقد يكون مصدر الالتزام التخييرى نصاً فى القانون . وقد رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 273 مدنى تنص على سقوط الأجل إذا كان المدين قد أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص ، ولو كان هذا التأمين قد أعطى بعقد لاحق أو بموجب القانون ، هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين . أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فإن الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضماناً كافياً ( [261] ) . ورأينا أن الفقرتين الأولى والثانية من المادة 1048 مدنى تطبيقان هذه الأحكام على الرهن الرسمى فتنصان على أنه " 1 - إذا تسبب الراهن بخطأه فى هلاك العقار المرهون أو تلفه ، كان الدائن المرتهن مخيراً بين أن يقتضى تأميناً كافياً أو أن يستوفى حقه فوراً . 2 - فإذا كان الهلاك أو التلف قد نشأ عن سبب أجنبى ولم يقبل الدائن بقاء الدين بلا تأمين ، كان المدين مخيراً بين أن يقدم تأميناً كاياً أو أن يوفى الدين فوراً قبل حلول الأجل " ( [262] ) . ونرى من ذلك أن هذه النصوص تنشئ التزامين تخييريين : ( 1 ) الالتزام الأول هو التزام المدين الذى أضعف بفعله ما أعطى الدائن من تأمين خاص ، فيلتزم إما بدفع الدين فوراً أو بتكملة التأمين ، والخيار هنا للدائن بنص $ 152 $ القانون . ( 2 ) والالتزام الثانى هو التزام المدين ، إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب أجنبى ، بدفع الدين فوراً أو بتقديم تأمين كاف ، والخيار هنا للمدين بنص القانون كذلك ( [263] ) . وقد تقدم بيان هذا عند الكلام فى الأجل ( [264] ) .
$ 153 $
الفرع الثانى
أحكام الالتزام التخييرى
93 - تعيين المحل الواجب الأداء وتحمل التبعة : يثير الالتزام التخييرى من ناحية ما يجب أن يسرى عليه من أحكام ، مسألتين : ( 1 ) كيف يتم تعيين المحل الواجب الأداء من بين المحال المتعددة للالتزام . ( 2 ) ماذا يكون الحكم لو أن بعض هذه المحال أو كلها هلك قبل أن يتم اختيار 3 المحل الواجب الأداء .
فنتكلم إذن فى تعيين المحل الواجب الأداء وفى أحكام الهلاك .
1 - تعيين المحل الواجب الأداء
94 - النصوص القانونية : تنص المادة 276 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا كان الخيار للمدين وامتنع عن الاختيار ، أو تعدد المدينون ولم يتفقوا فيما بينهم ، جاز للدائن أن يطلب من القاضى تعيين أجل يختار فيه المدين أو يتفق فيه المدينون ، فإذا لم يتم ذلك تولى القاضى بنفسه تعيين محل الالتزام " .
" 2 - أما إذا كان الخيار للدائن وامتنع عن الاختيار ، أو تعدد الدائنون ولم يتفقوا فيما بينهم ، عين القاضى أجلاً إن طلب المدين ذلك ، فإذا انقضى الأجل انتقل الخيار إلى المدين ( [265] ) " .
$ 154 $
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ( [266] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى المدنى التقنين السورى المادة 276 ، وفى التقنين المدنى الليبى المادة 263 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 299 - 300 ، وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 57 - 60 و 64 - 65 ( [267] ) .
$ 155 $ $ 156 $
فأمامنا إذن حالتان : حالة ما إذا كان الخيار للمدين وحالة ما إذا كان الخيار للدائن . وسواء كان الخيار للمدين أو للدائن ، فإن التعيين متى تم يستند إلى الماضى ، فيعتبر الالتزام التخييرى منذ البداية التزاماً بسيطاً ذا محل واحد هو المحل الذى تم اختياره . فنتكلم فى كل من هذه المسائل الثلاث .
95 - التعيين إذا كان الخيار للمدين : إذا كان الخيار للمدين ، فإنه يستعمل خياره ، وفقاً لقواعد العامة ، بإعلان إرادته فى أنه اختار محلاً معيناً من المحال المتعددة لالتزامه التخييرى . وهذه الإرادة تعتبر تصرفاً قانونياً من جانب واحد ، وهى ككل إرادة لا تحدث أثرها إلا إذا وصلت إلى علم الدائن ( م 91 مدنى ) .وقبل وصولها إلى علم الدائن يستطيع المدين أن يعدل عنها إلى إرادة أخرى يختار بها محلاً آخر ، بشرط أن تصل هذه الإرادة الأخرى إلى علم الدائن قبل وصول الإرادة الأولى . وكل هذا إنما هو تطبيق للقواعد العامة ( [268] ) .
كذلك يستطيع المدين أن يكشف عن إرادته فى تعيين المحل الواجب الأداء فى عن طريق التنفيذ . فهو متى عمد إلى تنفيذ محل من المحال المتعددة لالتزامه التخييرى ، اعتبر هذا التنفيذ – ولو كان تنفيذاً جزئياً – بمثابة إعلان عن إرادته الاختيار . ويتعين على هذا النحو المحل الواجب الأداء ، ولا يجوز عندئذ للمدين إلا أن يمضى فى التنفيذ ما دام قد بدأه ، ولا يستطيع العدول عن تنفيذ محل إلى تنفيذ محل آخر . وكالتنفيذ الفعلى العرض الحقيقى ، فإذا عرض المدين على الدائن عرضاً حقيقياً ، وفقاً للإجراءات المقررة ، أحد محال الالتزام التخييرى ، اعتبر هذا إعمالاً لحق الخيار . وحتى لو رجع المدين فى العرض ، بقى التعيين قائماً ، باعتبار أن العرض قد تضمن التعيين النهائى لمحل الالتزام ( [269] ) .
$ 157 $ $ 158 $
ويغلب أن يحدد الطرفان ميعاداً يستعمل فى خلاله الخيار . بل إن التقنين المدنى العراقى يوجب تحديد ميعاد ، فإن الفقرة الأولى من المادة 299 من هذا التقنين تنص على أنه " يلزم فى خيار التعيين تحدي المدة التى يكون فيها الخيار " . فإذا حدد ميعاد ، وجب أن يعلن المدين اختياره فيه ، فإذا انقضى الميعاد دون أن يعلن المدين اختياره ، تولى القاضى الاختيار على النحو الذى سنبينه . أما إذا لم يحدد ميعاد للاختيار ، فيكون للدائن ، إذا لم يعمل المدين حق خياره فى وقت معقول ( [270] ) ، أن يلجأ إلى القاضى ليحدد أجلاً للمدين يختار فيه ، بحيث إذا انقضى هذا الأجل ولم يختر المدين ، تولى القاضى الاختيار بنفسه كما سيأتى .
وعلى أية صورة أعمل المدين حق الخيار ، فإن خياره يجب أن يقع على واحد من المحال المتعددة لالتزامه التخييرى ، ولا يجوز أن يعدوها جميعاً إلى شئ آخر . ويجب ، إلى ذلك ، أن يختار واحداً بأكمله من هذه المحال ، فلا يجوز أن يختار جزءاً من أجدها جزءاً من محل آخر ، فإن هذا التلفيق تأباه طبيعة الالتزام التخييرى . وقد نص التقنين المدنى الفرنسى على هذا الحكم ، غذ تقول المادة 1199 من هذا التقنين : " يستطيع المدين الوفاء بالتزامه بتسليمه أحد الشيئين المتهعد بهما ، ولكنه لا يستطيع إجبار الدائن أن يتسلم جزءاً من أحد هذين الشيئين وجزءاً من الشئ الآخر " ( [271] ) . وهذا الحكم بديهى ، وليمكن استخلاصه من تطبيق القواعد العامة دون الحاجة إلى نص ( [272] ) .
وإذا كان الالتزام التخييرى التزاماً زمنياً ينفذ فى آجال دورية ، $ 159 $ كما إذا تعهد مورد الأغذية أن يورد أغذية لإحدى المدارس أو لأحد المستشفيات فى مواعيد دورية ، على أن يترك له الخيار فى توريد صنف أو أكثر من أصناف متعددة من الأغذية ، فإنه يجوز للمورد أن يختار أصنافاً معينة فى أجل من هذه الآجال الدورية ، ثم يختار أصنافاً أخرى غير الأصناف التى اختارها أولاً فى أجل آخر ، وهذا ما لم يتبين من إرادة الطرفين أو من ظروف التعاقد أنه متى اختار صنفاً معيناً فى أجل تقيد به فى الآجال التالية . وهذا الحكم أيضاً بديهى يمكن استخلاصه دون نص من تطبيق القواعد العامة ، وقد نص عليه صراحة تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( [273] ) .
وإذا مات المدين قبل أن يعمل خياره ، انتقل حق الخيار إلى الورثة ، وليس فى هذا إلا تطبيق للقواعد العامة ( [274] ) . وقد نص على هذا الحكم صراحة " كل من التقنين المدنى العراقى ( م 300 ) وتقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( م 59 ) . وإذا تعدد المدينون ، سواء عن طريق تعدد الورثة أو بأن كان المدينون فى الأصل متعددين ، وجب أن يتفق الجميع على اختيار أحد محا الالتزام التخييرى . فإذا لم يتفقوا ، اعتبروا فى حكم الممتنعين عن إعمال حق الخيار .
وحكم امتناع المدين عن إعمال حق الخيار هو ما قررته العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 276 مدنى ( [275] ) : أن يتولى القاضى بنفسه تعيين محل الالتزام فالدائن يطلب غلى القاضى أولاً تعيين أجل يختار فيه المدين أو يتفق فيه المدينون إذا تعددوا أصلاً أو تعددت الورثة . فإذا انقضى هذا الأجل دون أن يختار المحل الواجب الأداء ، مسترشداً فى ذلك بإرادة الطرفين المشتركة ، وبخاصة إرادة المدين إذا $ 160 $ كان يستطيع وحده أن ينفرد بالاختيار ولم يفعل ، ومسترشداً أيضاً بظروف التعاقد وبغير ذلك من الملابسات . ولا ينتقل الخيار هنا إلى الدائن ، حتى لا يوضع المدين تحت رحمته ( [276] ) . وهذا بخلاف ما إذا كان الخيار للدائن وابى أن يعمل حقه فيه ، فسنرى أن الخيار فى هذه الحالة ينتقل إلى المدين ، إذ يغتفر من تحكم المدين ما لا يغتفر من تحكم الدائن ( [277] ) .
96 - التعيين إذا كان الخيار للدائن : وما قدمناه من الأحكام فيما إذا كان الخيار للمدين يسرى ، فيما عدا مسائل قليلة ، على الحالة التى يكون فيها الخيار للدائن ، إذا كان مشترياً مثلا ، واحتفظ لنفسه بحق اختيار شئ اشتراه من بين عدة أشياء ، بأن تكون هذه الأشياء من أصناف أو أحجام أو $ 161 $ أو ألوان مختلفة ويريد أن ينتفى الصنف أو الحجم أو اللون الذى يلائمه . فيستطيع أن يعمل خياره عن طريق إرادة يعلنها إلى المدين ، وتحدث أثرها عندما تصل إلى علم المدين فيتعين المحل الواجب الأداء . وله أن يرجع فيها ، ويحل محل الاختيار الأول اختياراً آخرا إذا وصل هذا الاختيار الآخر إلى علم المدين قبل وصول الاختيار الأول . وبمجرد أن تصل إرادة الدائن إلى علم المدين ، فإن المدين يصبح فى حل من التصرف فى سائر محال الالتزام التى لم يقع عليها اختيار الدائن ، ولا يحتجز الدائن إلا المحل الذى وقع عليه الاختيار ( [278] ) .
كذلك يستطيع الدائن أن يعمل حقه فى الخيار عن طريق التنفيذ الفعلى ، بأن يقبض من المدين محلاً معيناً من المحال المتعددة أو يطالبه بأداء محل معين . ويعتبر التنفيذ الجزئى – بأن يقبض جزءاً من محل معين مثلاً – بمثابة التنفيذ الكلى من حيث إعمال حق الخيار ، فلا يستطيع الدائن بعد أن قبل التنفيذ الجزئى فى محل معين إلا أن يمضى فى التنفيذ إلى غايته فى نفس هذا المحل .
ولابد أن يختار الدائن فى الميعاد المحدد إذا حدد ميعاد ، وإلا ففى ميعاد معقول . فإن امتنع عن الاختيار ، جاز للدائن أن يلجأ إلى القاضى على الوجه الذى سنبينه .
كذلك يجب أن يختار الدائن محلاً من المحال المتعددة للالتزام التخييرى ، فلا يختار شيئاً آخر خارجاً عن هذا النطاق . وليس له أن يختار جزءاً من محل وجزءاً من محل آخر ، حكمه فى ذلك حكم المدين الذى يكون له الخيار .
وإذا كان الالتزام التخييرى زمنياً أو ينفذ فى آجال دورية ، جاز للدائن – المدرسة أو المستشفى فى مثل مورد الأغذية الذى سبق إيراده – أن يختار صنفاً فى أجل وصنفاً آخر فى أجل بعده ، على النحو الذى بيناه فى حالة ما إذا كان الخيار للمدين .
$ 162 $
وإذا مات الدائن انتقل الخيار لورثته . وإذا تعدد الدائنون أو تعددت الورثة وجب أن ينفق الجميع على اختيار شئ واحد ، وإلا عدوا ممتنعين عن استعمال حق الخيار .
وحكم امتناع الدائن عن استعمال حق الخيار هو ما قررته العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 276 ( [279] ) : أن ينتقل الخيار إلى المدين . فالمدين يطلب من القاضى أولاً أن يعين أجلاً يختار فيه الدائن ، أو يتفق فيه الدائنون المتعددون أو الورثة ، فإذا انتقضى الأجل دون أن يختار الدائن أو دون أن يتفق الدائنون المتعددون أو الورثة ، فهنا – خلافاً للحالة التى يكون فيها الخيار للمدين على ما قدمنا – ينتقل الخيار من الدائن إلى المدين ، وهذا بموجب نص صريح فى التقنين المدنى المصرى ( [280] ) . ولو لم يوجد هذا النص ، لما أمكن تقرير هذا الحكم ، ولوجب – كما هو الأمر فى القانون الفرنسى ( [281] ) - أن يتولى القاضى هنا أيضاً الاختيار بنفسه ( [282] ) .
ويلاحظ أن الخيار إذا كان لأجنبى ، طبقت فى حقه الأحكام المتقدمة . لكن إذا امتنع الأجنبى عن الخيار ، تولى القاضى الاختيار بنفسه تطبيقاً للقواعد $ 163 $ العامة ، ولا ينتقل الخيار إلى المدين لأن انتقال الخيار إلى من ليس له حق الخيار يقتضى نصاً خاصاً ، فإن لم يوجد النص وجب أن يتولى القضاء الاختيار .
97 - استناد تعيين المحل إلى الماضى : وأياً كان الشخص الذى يثبت له حق الخيار ، فإنه متى أعمل حقه واختار المحل الواجب الأداء على النحو الذى قدمناه ، صار هذا المحل وحده هو محل الالتزام ، وانقلب الالتزام التخييرى التزاماً بسيطاً ذا محل واحد هو المحل الذى وقع عليه الاختيار ( [283] ) .
ويستند هذا التعيين بأثر رجعى إلى الماضى ، أى أن المحل الذى وقع عليه الاختيار يعتبر منذ نشوء الالتزام هو المحل الوحيد ، ويعتبر الالتزام بسيطاً لا تخييرياً منذ نشوئه لا منذ إعمال حق الاختيار . وليس هذا الاستناد إلى الماضى $ 164 $ يرجع إلى أن المحل المعين كان محلاً للالتزام معلقاً على شرط واقف هو أن يقع عليه الاختيار ، فقد قدمنا أن الالتزام التخييرى ليس بالتزام شرطى ( [284] ) وإنما يرجع الاستناد إلى أن المحل الذى عين كان منذ البداية محلاً للالتزام ، إلا أن هذه المحلية كانت شائعة بينه وبين المحال الأخرى ، فبتعيينه تركزت المحلية فيه ، واعتبر هو المحل الوحيد منذ بدء الالتزام . وهذا ما يسميه الفقه الألمانى بالتركز ( concentration ) ، ويفسرون به الاستناد إلى الماضى ، مفرقين بين الالتزام التخييرى والالتزام الشرطى . فعند الألمان ليس للشرط بوجه عام أثر رجعى . كما قدمنا ، أما التعيين فى الالتزام التخييرى فله أثر رجعى ( [285] ) .
ويترتب على هذا الأثر الرجعى والاستناد إلى الماضى نتائج هامة نذكر منها ما يأتى :
( 1 ) تتحدد طبيعة الالتزام التخييرى منذ البداية بالتعيين الذى سيتم بعد نشوء الالتزام ، والذى يستند إلى وقت نشوئه . فإذا كانت محال الالتزام التخييرى بعضها عقا وبعضها منقول أو بعضها قابل للتجزئة وبعضها غير قابل لها ، ثم تعيين من بينها المحل الواجب الأداء فإذا هو عقار مثلاً أو هو شئ غير قابل للتجزئة ، اعتبر الالتزام التخييرى منذ البداية التزاماً بسيطاً عقارياً أو التزاماً بسيطاً غير قابل للتجزئة ( [286] ) .
( 2 ) إذا كانت محال الالتزام التخييرى نقل ملكية أشياء متعددة ، ووقع الاختيار على شئ واحد من هذه الأشياء ، وكان نقل الملكية يتم بمجرد نشوء $ 165 $ الالتزام كما فى المنقول المعين بالذات ، فإن ملكية الشئ الذى وقع عليه الاختيار تعتبر قد انتقلت منذ نشوء الالتزام لا منذ إعمال حق الخيار ، ويعتبر الدائن مالكاً للشئ منذ البداية ( [287] ) .
( 3 ) إذا شهر إفلاس المدين أو إعساره فى الفترة ما بين نشوء الالتزام وإعمال حق الخيار ، فما دام الدائن يعتبر مالكاً للشئ منذ نشوء الالتزام ، فإنه يستطيع أن يسترده من التفليسة أو من مال المعسر دون أن يشاركه فيه سائر دائنى المدين ( [288] ) .
( 4 ) إذا تصرف الدائن فى الشئ فى الفترة ما بين نشوء الالتزام وإعمال حق الخيار ، ثم وقع الاختيار على هذا الشئ ، اعتبر الدائن أنه قد تصرف فى ملكه منذ تاريخ هذا التصرف . وإذا كان الشئ عقاراً وسجل التصرف قبل إعمال حق الخيار ، انتقلت الملكية إلى المتصرف إليه بالتسجيل وفى تاريخ سابق على إعمال حق الخيار ( [289] ) .
$ 166 $
2 - أحكام الهلاك
98 - النصوص القانونية : تنص المادة 277 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" إذا كان الخيار للمدين ، ثم استحال تنفيذ كل من الأشياء التى اشتمل عليها محل الالتزام ، وكان المدين مسئولاً عن هذه الاستحالة ولو فيما يتعلق بواحد من هذه الأشياء ، كان ملزماً بأن يدفع قيمة آخر شئ استحال تنفيذه " ( [290] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق فيض من النصوص تبسط فيها هذا التقنين ، مفصلاً أحكام تحمل تبعة الهلاك ، وهى المواد 97 / 151 و 99 / 153 و 100 / 154 ( [291] ) .
$ 167 $
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 277 ، وفى التقنين المدنى الليبى المادة 264 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 301 ، وفى تقنين الموجبات والقعود اللبنانى المواد 61 - 3 و 66 - 67 ( [292] ) .
ويتبين من النص السالف الذكر أن التقنين المدنى المصرى اقتصر على إيراد الحكم فى صورة واحدة من صور استحالة تنفيذ بعض أو كل الأشياء المتعددة $ 168 $ التى اشتمل عليها محل الالتزام التخييرى . وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ، بياناً لذلك ، ما يأتى : " يواجه هذا النص حكم استحالة تنفيذ أمر أو أكثر من الأمور التى يرد التخيير عليها . ورغم أن هذا الحكم محدود الأهمية من الناحية العملية ، فقد جرت التقنينات اللاتينية على الإسهاب بشأنه ، فأوردت نصوصاً كثيرة ليست فى جملتها إلا تطبيقات بينة للقواعد العامة . على أن المشروع لم ير مجاراة هذه التقنينات ، بل اجتزأ بنص واحد واجه فيه فرضاً ليس لتطبيق القواعد العامة فيه حظ موفور من الوضوح " ( [293] ) .
ويحسن أن نستعرض الصور المنطقية الحالية ما إذا استحال تنفيذ كل أو بعض الأشياء المتعددة التى اشتم عليها الالتزام التخييرى ، مطبقين فى كل صورة منها القواعد العامة لنصل إلى الحل الواجب الاتباع فى مصر ، وستأتى الصورة التى عرض لها النص ضمن هذه الصور .
وتوخياً للوضوح نفرض أن هذه الأشياء المتعددة هما شيئان معينان بالذات ، وأن عينا منهما أو الاثنين معاً قد هلكا . وما نقوله فيما إذا كان المحل أحد عينين معينين بالذات يصلح لمنا إذا كان المحل يشمل أكثر من عينين أو يشمل عملاً أو امتناعاً عن عمل . ومن ثم نحصر الصور النطقية فيما يأتى : ( 1 ) خلاك الشيئين معاً بسبب أجنبى ، سواء كان الخيار للمدين أو الدائن . ( 2 ) هلاك الشيئين أو أحدهما والخيار للمدين . ( 3 ) هلاك الشيئين أو أحدهما والخيار للدائن . وفى الصورتين الأخيرتين المفروض طبقاً أن نستبعد من كل منهما حالة ما إذا هلك الشيئان معاً بسبب أجنبى ، فهذه حالة قد استغرقتها الصورة الأولى .
99 - هلاك الشيئين معاً بسبب أجنبى : هذه الحالة نتخفف منها منذ البداية ، لأن تطبيق القواعد العامة فيها واضح كل الوضوح .فما دام الشيئان – أو الأشياء جميعاً – قد هلكت بسبب أجنبى ، فقد استحال تنفيذ الالتزام ، وانقضى الالتزام التخييرى بسبب هذه الاستحالة ( م 373 ) مدنى ، سواء فى ذلك كان الخيار للمدين أو كان الخيار للدائن ( [294] ) .
$ 169 $
100 - هلاك الشيئين أو أحدهما والخيار للمدين : نستبعد بداهة حالة ما إذا هلك الشيئان معاً بسبب أجنبى ، فقد مضى القول فيها . وتبقى إذن الصور الآتية :
( 1 ) هلك أحد الشيئين دون الآخر بسبب أجنبى : مقتضى تطبيق القواعد العامة أن الالتزام يتركز محله فى الشئ الباقى ، فليس للمدين إلا أن يختاره إذ ليس أمامه غيره ( [295] ) . وإذا شمل المحل عدة أشياء هلك أحدها ، كان للمدين أن يعين محل الالتزام شيئاً من بين الأشياء الباقية .
$ 170 $
( 2 ) هلك أحد الشيئين دون الآخر بخطأ المدين : ما دام المدين هو الذى له حق الخيار ، فلا مناص من اعتبار الشئ الذى هلك بخطأه هو الشئ الذى لم يختره ، فلا يبقى أمامه إلى الشئ الباقى – أو أحد الأشياء الباقية يتولى اختياره – فيؤديه للدائن محلاً للالتزام ( [296] ) .
( 3 ) هلك أحد الشيئين دون الآخر بخطأ الدائن : ما دام الخيار بيد المدين فقد كان له أن يختار الشئ الذى هلك بخطأ الدائن أو الشئ الآخر ، فيبقى على خياره ما بين تأدية الشئ الآخر – أو شئ من الأشياء الأخرى فى حالة لتعدد – للدائن مع الرجوع عليه بقيمة الشئ الذى هلك بخطأه ، أو أن يعتبر الشئ الذى هلك بخطأ الدائن هو الشئ الواجب الأداء فتبرأ ذمته من الدين ولا يرجع على الدائن بشئ ( [297] ) .
( 4 ) هلك الشيئان معاً وكان هلاك أحدهما بخطأ المدين : إذا هلك الشئ الأول بخطأ المدين ، وكان الخيار له ، فإن هلاك هذا الشئ بخطأه يجعل محل الالتزام يتركز فى الشئ الآخر . فإن هلك هذا الشئ الآخر بسبب أجنبى ، فلا يزال هناك خطأ منسوب إلى المدين ، إذ هو بخطأه الأول جعل الالتزام $ 171 $ متركزاً فى الشئ الآخر ، ولو أنه لم يرتكب هذا الخطأ لما هلك الشئ الأول ولبقى بعد هلاك الشئ الآخر محلاً للالتزام . ومن ثم يعتبر هلاك الشئ الآخر منسوباً إلى المدين حتى لو كان الهلاك بسبب أجنبى ، فعليه أن يدفع قيمته للدائن . ولو تعددت الأشياء وهلكت كلها ، مع هلاك أحدهما بخطأ المدين ، فإن الالتزام يتركز فى آخر شئ منها ، ويعتبر هلاكه – ولو بسبب أجنبى – منسوباً إلى المدين ، فيجب علية دفع قيمته ( [298] ) .
وإذا كان الشئ الذى هلك بخطأ المدين هو الشئ الثانى بعد هلاك الشئ الأول بسبب أجنبى ، فإن الالتزام بعد هلاك الشئ الأول بسبب أجنبى يكون قد تركز فى الشئ الثاننى ، وقد هلك بخطأ المدين فوجب عليه دفع قيمته ( [299] ) .
ومن ثم يجب على المدين فى جميع الأحوال أن يدفع للدائن قيمة آخر شئ هلك . وهذه الصورة هى إحدى الصورتين اللتين عرض لهما نص المادة 277 سالفة الذكر ، وقد كشفنا عن وجه الخلفاء فى الحكم الوارد فى شأنها .
( 5 ) هلك الشيئان معاً وكان هلاك كل منهما بخطأ المدين : وهذه هى الصورة الأخرى التى عالجتها المادة 277 مدنى . وفى هذه الصورة أيضاً ينطبق نفس الحكم الذى قدمناه فى الصورة المتقدمة . فقد هلك الشئ الأول بخطأ المدين ، فتركز الالتزام فى الشئ ، فهلك بخطأ المدين أيضاً ، فوجب عليه دفع قيمته . ولو تعددت الأشياء وهلك الشئ الأخير منها بخطأ المدين ، وجب عليه كذلك دفع قيمته بعد أن تركز الالتزام فيه ( [300] ) .
$ 172 $
( 6 ) هلك الشيئان معاً وكان هلاك أحدهما بخطأ الدائن : ومن ثم يكون هلاك الشئ الآخر بسبب أجنبى . فإن كان الشئ الذى هلك أولا هو الذى هلك بسبب أجنبى ، فقد تركز محل الالتزام فى الشئ الآخر الذى هلك بخطأ الدائن ، ولما كان الدائن قد أهلكه بخطأه فيكون بمثابة من استوفاه ، وتبرأ ذمة المدين من الالتزام ( [301] ) . أما إذا كان الشئ الذى هلك أولاً هو الذى هلك بخطأ الدائن ( [302] ) ، فللمدين ، وله الخيار ، أن يختار الشئ الآخر ، وإذ هلك هذا الشئ الآخر بسبب أجنبى فقد برئت ذمة المدين بهلاكه ، ثم يرجع المدين على الدائن بقيمة الشئ الأول الذى هلك بخطأه .
( 7 ) هلك الشيئان معاً وكان هلاك كل منهما بخطأ الدائن : للمدين فى هذه الصورة أن يختار الشئ الذى يؤديه فتكون ذمته قد برئت بهلاكه ، ويرجع بقيمة الشئ الآخر على الدائن . ولو تعددت الأشياء اختار المدين الشئ الذى بهلاكه تبرأ ذمته ، ورجع بقيمة بقية الأشياء على الدائن ( [303] ) .
$ 173 $
101 - هلاك الشيئين أو أحدهما والخيار للدائن : هنا أيضاً نستبعد حالة ما إذا هلك الشيئان معاً بسبب أجنبى ، فقد بينا حكمها فيما تقدم ، وعرفنا أن الالتزام ينقضى بسبب هذا الهلاك . فتبقى الصور المقابلة للصور التى عالجناها فى حالة ما إذا كان الخيار للمدين :
( 1 ) هلك أحد الشيئين دون الآخر بسبب أجنبى : هنا – كما فى الصورة المقابلة – يتركز الالتزام فى الشئ الذى يبقى ، ويتعين على الدائن أن يختاره وإذا تعددت الأشياء وهلك أحدها بسبب أجنبى ، فللدائن أن يختار شيئاً من الأشياء الباقية ( [304] ) .
( 2 ) هلك أحد الشيئين دون الآخر بخطأ المدين : ما دام الدائن هو الذى له حق الخيار ، فله أن يختار الشئ الهالك فيرجع بقيمته ، أو يختار الشئ أو أحد الأشياء الباقية فيستأديها عيناً من المدين ( [305] ) .
( 3 ) هلك أحد الشيئين دون الآخر بخطأ الدائن : للدائن أن يختار ، فإن $ 174 $ اختار الشئ الذى هلك بخطأه فقد برئت ذمة المدين بهلاكه . وأن اختار الشئ الآخر ، فعليه أن يدفع قيمة الشئ الهالك للمدين ( [306] ) .
( 4 ) هلك الشيئان معاً وكان هلاك أحدهما بخطأ المدين : إذا اختار الدائن الشئ الذى هلك بخطأ المدين ، رجع عليه بقيمته . أما إذا اختار الشئ الذى هلك بسبب أجنبى ، لم يرجع بشئ على المدين إذ برئت ذمته بهلاك الشئ بالسبب الأجنبى . لذلك لا يتردد الدائن فى اختيار الشئ الذى هلك بخطأ المدين ، حتى يرجع عليه بقيمته ( [307] ) .
( 5 ) هلك الشيئان معاً وكان هلاك كل منهما بخطأ المدين : لما كان الخيار للدائن ، فله أن يختار أحد الشيئين فيرجع بقيمته على المدين إذ هلك بخطأه ( [308] ) .
$ 175 $
( 6 ) هلك الشيئان معاً وكان هلاك أحدهما بخطأ الدائن : إذا اختار الدائن الشئ الذى هلك بخطأه ، برئت ذمة المدين من الدين ولم يرجع على الدائن بشئ . أما إذا اختار الدائن الشئ الذى هلك بسبب أجنبى ( [309] ) ، فقد برشت ذمة المدين أيضاً بهلاك الشئ بالسبب الأجنبى ثم يرجع المدين على الدائن بقيمة الشئ الذى هلك بخطأه . ومن ثم لا يتردد الدائن فى اختيار الشئ الذى هلك بخطأه حتى لا يرجع عليه المدين بشئ .
( 7 ) هلك الشيئان معاً وكان هلاك كل منهما بخطأ الدائن : لما كان الخيار للدائن ، فله أن يختار أحد الشيئين ، وإذ هلك الشئ الذى اختاره بخطأه فيكون بمثابة من استوفاه وتبرأ ذمة المدين . ثم يرجع المدين بقيمة الشئ الآخر على الدائن إذ هلك هو أيضاً بخطأه ( [310] ) .
$ 176 $
الفصل الثانى
الالتزام البدلى ( [311] )
102 - قيام وصف البدل وأحكامه : نبحث هنا – كما بحثنا فى الالتزام التخييرى – قيام وصف البدل وأحكام الالتزام البدلى . ونسير فى البحث على الخطة نفسها التى اتبعناها عند الكلام فى الالتزام التخييرى ، حتى تتضح الفروق ما بين هذين النوعين من الالتزام .
$ 177 $
الفرع الأول
قيام وصف البدل
103 - النصوص القانونية : تنص المادة 278 من التقنين المصرى المدنى على ما يأتى :
" 1 - يكون الالتزام بدلياً إذا لم يشمل محله إلا شيئاً واحداً ولكن تبرأ ذمة المدين إذا أدى بدلاً منه شئياً آخر " .
" 2 - والشئ الذى يشمله محل الالتزام ، لا البديل الذى تبرأ ذمة المدير بأدائه ، هو وحده محل الالتزام وهو الذى يعين طبيعته ( [312] ) " .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان مطبقاً دون نص .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 278 ، وفى التقنين المدنى الليبى المادة 265 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 302 ، وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادتين 68 - 69 ( [313] ) .
$ 178 $
ويستخلص من النص المتقدم أن وصف البدل يقوم متى شمل محل الالتزام شيئاً واحداً ولكن تبرأ ذمة المدين إذا أدى بدلاً منه شيئاً آخر ، وأن خيار البدل يكون دائماً للمدين بخلاف الالتزام التخييرى فالخيار فيه يكون للمدين أو للدائن .
فنبحث إذن : ( 1 ) متى يقوم وصف البدل ( 2 ) ثبوت خيار البدل للمدين ومصدر هذا الخيار .
1 - متى يكون وصف البدل
104 - تحديد منطقة الالتزام البدلى : حتى يكون الالتزام بدليا يجب أن يكون له محل واحد هو المحل الأصلى ، ويقوم مقام هذا المحل الأصلى شئ آخر هو البديل ( [314] ) . مثل ذلك أن يقرض الدائن المدين مبلغاً من النقود ، ويتفق معه على أنه يستطيع عند حلول الأجل ، إذا لم يشأ أن يرد مبلغ القرض ، أن يعطيه بدلاً منه داراً أو أرضاً معينة ، فيكون مبلغ النقود هو المحل الأصلى والدار أو الأرض هى البديل . وما لعربون فى البيع إلا بدل يأخذه البائع أو المشترى إذا اتفقا على أن يكون العربون وسيلة للرجوع فى البيع ، وسيأتى بيان ذلك ( [315] ) .
$ 179 $
ويجب أن يتوافر فى المحل الأصلى جميع الشروط الواجب توافرها فى محل الالتزام ، وإلا كان الالتزام باطلاً . أما البديل فإن توافرت فيه الشروط أمكن أن يقوم مقام الأصل ، وإلا سقط هو وبقى الالتزام بمحله الأصلى قائماً ، ولكن يصبح التزاماً بسيطاً ذا محل واحد دون بديل .
ونرى من ذلك أن الالتزام البدلى – بخلاف الالتزام التخييرى – هو ضمان للمدين لا ضمان للدائن . فالمدين يكون فى سعة من أمره بأداء البدل دون المحل ، كما تتركز فى المحل الآخر فى الالتزام التخييرى ، بل تبرأ ذمة المدين . ومن ثم يكون البدل دائماً لمصلحة المدين إذ تبرأ ذمته بأدائه ، ولا يكون ذد مصلحته إذ لا تتركز فيه المحلية إن أصبح المحل الأصلى غير صالح لأن يكون محلاً .
ونرى من ذلك أيضاً أن البدل ليس محلاً للالتزام ، فليس هو الشئ الذى يمكن الدائن المطالبة به ( in obligatione ) ، وقد تقدم بيان ذلك . ويستخلص من هذا أن هناك تعادلاً – فى نظر طرفى الالتزام أو فى نظر القانون حسب مصدر وصف البدل – ما بين المحل الأصلى وبدله ، إذ أن البدل يقوم مقام المحل الأصلى فى الوفاء .
105 - تمييز الالتزام البدلى عن حالات أخرى تشبه به : وفى تحديد منطقة الالتزام البدلى يحسن أن نميز ما بين هذا لالتزام والتزامات أخى تشتبه به . وأول هذه الالتزامات هو الالتزام التخييرى الذى تقدم ذكره . ثم نميزه بعد ذلك عن الشرط الجزئى ، ونقارنه بالعربون .
106 - التمييز بين الالتزام البدلى والالتزام التخييرى : رأينا فيما تقدم أن الالتزام البدلى له محل واحد تمكن المطالبة به ، والشئ الآخر ليس محلاً للالتزام بل هو بديل عنه فى الوفاء . أما الالتزام التخييرى فمحله متعدد ، وكل من الأشياء المتعددة يعتبر محلاً للالتزام وتمكن المطالبة به متى وقع عليه الاختيار . فالالتزام التخييرى متعدد محل الالتزام ، أما الالتزام البدلى فهو متعدد محل الوفاء . ويتفرع على هذا الفرق الجوهرى الفروق الآتية :
$ 180 $
( 1 ) إذا طالب الدائن المدين بالتزام بدلى ، فإنه لا يستطيع المطالبة إلا بالمحل الأصلى ، فهو وحده محل الالتزام . وعند ذلك يجوز للمدين أن يؤدى هذا المحل الأصلى ، وله إن شاء أن يؤدى عوضاً عنه الشئ البديل ، فتبرأ ذمته بتأديته كما تبراً بتأدية المحل الأصلى . أما المدين فله أن يعرض على الدائن إما المحل الأصلى وإما الشئ البديل ، وهو إذا عرض ابتداء الشئ البديل كان عرضه صحيحاً مبرئاً للذمة . وقد رأينا فى الالتزام التخييرى أن الخيار إذا كان للدائن فله أن يطالب بأى من محال الالتزام ، وإذا كان للمدين فله أن يعرض أياً منها .
( 2 ) إذا هلك فى الالتزام البدلى المحل الأصلى بسبب أجنبى فقد انقضى الالتزام ، ولا يمنع من انقضائه أن البدل لا يزال قائماً ممكناً تأديته ، ذلك أن محل الالتزام هو المحل الأصلى لا الشئ البديل ، وقد هلك المحل الأصلى فانقضى الالتزام بهلاكه . أما إذا هلك الشئ البديل ، فإن الالتزام يبقى قائماً على محله الأصلى ، ولكن المدين يفقد ميزة البدل فى الوفاء ، وينقلب الالتزام البدلى التزاماً بسيطاً ( [316] ) . وهذا بخلاف الالتزام التخييرى ، فإنه إذا هلك فيه أحد الشيئين محل الالتزام بسبب أجنبى لا ينقضى ، كما ينقضى الالتزام البدلى ، بل تتركز المحلية فى الشئ الآخر .
وهذا هو الفرق أيضاً ما بين الالتزام البدلى والالتزام التخييرى فيما إذا كان المحل الأصلى منذ البداية لا يصلح أن يكون محلاً لهلاكه أو لاستحالته أو لعدم توافر أى شرط من شروط المحل فيه ، فيسقط الالتزام البدلى . أما الالتزام التخييرى فينقلب إلى التزام بسيط ذى محل واحد ، إذ تتركز المحلية فى الشئ الآخر الذى توافرت فيه شروط لمحل ( [317] ) .
( 3 ) فى الالتزام البدلى تتحدد طبيعة الالتزام بطبيعة المحل الأصلى لا بطبيعة الشئ البديل ، فيكون الالتزام البدلى منذ البداية عقاراً أو منقولاً قابلاً للتجزئة أو غير قابل لها ، تبعاً لما إذا كان المحل الأصلى عقاراً أو منقولاً ، $ 181 $ أو لما كان قابلاً للتجزئة أو غير قابل لها . كذلك يتحدد اختصاص المحكمة بقيمة المحل الأصلى منذ البداية ( [318] ) . وهذا بخلاف الالتزام التخييرى ، فقد رأينا أن طبيعته لا تتحدد إلا بعد أن يتم اختيار المحل الذى يكون واجب الأداء ، وكذلك لا يتحدد اختصاص المحكمة إلا بتعيين المحل الذى يكون واجب الأداء ، وكذلك لا يتحدد اختصاص المحكمة إلا بتعيين المحل الذى يقع عليه الاختيار .
( 4 ) الخيار فى الالتزام البدلى هو دائماً للمدين ، أما فى الالتزام التخييرى فتارة يكون للمدين وطوراً يكون للدائن ، بل قد يكون لأجنبى ( [319] ) .
( 5 ) الوفاء فى التزام البدلى ليس له أثر رجعى ، ولا ينقلب هذا الالتزام بالوفاء إلى التزام بسيط منذ البداية . وهذا بخلاف الالتزام التخييرى ، فقد رأينا أن إعمال حق الخيار فيه يستند إلى الماضى ، وينقلب الالتزام التخييرى إلى التزام بسيط منذ البداية ( [320] ) .
107 - التمييز بين الالتزام البدلى والشرط الجزائى : قدمنا أن الشرط الجزائى هو تعويض قدره الطرفان بدلاً من القاضى ، فله إذن طبية التعويض . والتعويض ليس بالتزام تخييرى ، لأن الدائن لا يستطيع اختياره إذا عرض المدين $ 182 $ التنفيذ العينى ، كما لا يستطيع المدين اختياره إذا اختار الدائن التنفيذ العينى وكان ممكناً . وليس التعويض كذلك بالالتزام البدلى ، فإن المدين لا يستطيع أن يؤدى التعويض بدلاً من التنفيذ العينى إذا كان التنفيذ العينى لا يزال ممكناً ، وهذا هو الفرق ما بين الالتزام البدلى والشرط الجزائى ( [321] ) ، وقد تقدم بيان ذلك .
108 - الالتزام البدلى والعربون : أما العربون فهو والالتزام البدلى ، فى رأينا ، سواء ، ولا فرق بينهما إذا كان العربون قد اتفق عليه ليكون وسيلة للرجوع فى العقد لا لتأكيد البتات . ذلك أن العربون فى هذه الحالة يتيح الفرصة للمدين أن يؤديه بدلاً من التزامه الأصلى ، فتبرأ ذمته بتأديته ، ويقوم العربون فى الوفاء مقام المحل الأصلى . فالمشترى مثلاً ، إذا كان قد دفع عربوناً ، يكون ملتزماً التزاماً أصلياً بتنفيذ الصفقة فيعطى الثمن ويأخذ المبيع ، ويستطيع أن يبرئ ذمته من هذا الالتزام بتركة العربون للبائع ، إذا كان قد أخذ عربوناً ، يكون ملتزماً التزاماً أصلياً بتنفيذ الصفقة ، فيعطى المبيع ويأخذ الثمن ، ويستطيع أن يبرئ ذمته من هذا الالتزام برد العربون مبلغ معادل له للمشترى ، أى أنه يؤدى المبلغ المعادل للعربون بديلاً عن تأدية المحل الأصلى لالتزامه ( [322] ) . وقد سبق أن بينا كل ذلك ( [323] ) .
2 - ثبوت خيار البدل للمدين ومصدر هذا الخيار
109 - ثبوت خيار البدل للمدين : خيار البدل يكون دائماً للمدين كما قدمنا ، وهذا بخلال خيار التعيين فى الالتزام التخييرى فقد رأينا أنه قد يكون $ 183 $ للمدين أو للدائن أو لأجنبى . وثبوت خيار البدل للمدين مستفاد من تعريف الالتزام البدلى ، فهو التزام يستطيع فيه المدين أن يبرئ ذمته بوفاء شئ بديل عن المحل الأصلى . فهو وحده – لا الدائن – الذى يختار محل الوفاء ، إذ هو يفى بالمحل الأصلى إن لم يختر الشئ البديل . أما الدائن فليس له ، كما رأينا ، أن يطالب إلا بالمحل الأصلى ، ومتى أدى له برئت ذمته المدين ، ولا يستطيع الدائن أن يطالب بالبدل عوضاً عن المحل الأصلى .
110 - مصدر خيار البدل : ومصدر خيار البدل ، كمصدر خيار التعيين ، هو الاتفاق أو نص فى القانون ( [324] ) .
ففى كثير من الأحوال يكون مصدر خيار البدل هو الاتفاق ، ويتحقق ذلك بنوع خاص فى العربون كما قدمنا .
وقد يكون مصر الالتزام البدلى نصاً فى القانون ، ونورد أمثلة لذلك :
( 1 ) قضت الفقرة الأولى من المادة 129 مدنى ، فى حالة استغلال أحد المتعاقدين فى المتعاقد الآخر طيشاً بيناً أو هوى جامحاً ، بأن للقاضى ، بناء على طلب المتعاقد المغبون ، أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات هذا المتعاقد . ثم نضيف الفقرة الثالثة من نفس المادة ما يأتى : " ويجوز فى عقود المعاوضة أن يتوقى الطرف الآخر دعوى الإبطال إذا عرض ما يراه القاضى كافياً لرفع الغبن " ويؤخذ من ذلك أن المتعاقد الذى استغل صاحبه يصبح مديناً بالتزام أصلى ، هو إعادة ما أخذ – بعد إبطال العقد – واسترداد ما دفع . ولكن القانون هيأ للمدين هنا بديلاً إذا وفىّ به قام هذا الوفاء مقام تأدية المحل الأصلى ، فللمدين أن يتوقى دعوى الإبطال إذا هو عرض ما يراه للقاضى كافياً لرفع الغبن ، وهذا القدر الكافى لرفع الغبن ليس إلا البديل الذى قرره القانون ليقوم الوفاء به مقام الوفاء بالمحل الأصلى .
( 2 ) تنص المادة 441 مدنى على أن " يثبت حق المشترى فى الضمان ( ضمان استحقاق المبيع ) ولو اعترف وهو حسن النية للأجنبى بحقه أو تصالح معه على هذا $ 184 $ الحق دون أن ينتظر فى ذلك صدور حكم قضائى ، متى كان قد أخطر البائع بالدعوى فى الوقت الملائم ودعا أن يحل محله فيها فلم يفعل . كل ذلك ما لم يثبت البائع أن الأجنبى لم يكن على حق فى دعواه " . وتضيف المادة 442 مدنى ما يأتى : " إذا توقى المشترى استحقاق المبيع كله أو بعضه بدفع مبلغ من النقود أو بأداء شئ آخر ، كان للبائع أن يتخلص من نتائج الضمان بأن يرد للمشترى المبلغ الذى دفعه أو قيمة ما أداه مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات " . فهنا للمشترى ، بعد استحقاق المبيع ، أن يرجع على البائع بضمان الاستحقاق ، ويصبح البائع مديناً للمشترى بهذا الضمان ، وهذا هو المحل الأصلى لالتزامه . ويستطيع أن يبرئ ذمته من هذا الدين إذا هو أدى ، بدلاً منه ، ما دفعه المشترى للمستحق توقياً لاستحقاق المبيع كله أو بعضه ، ويعتبر هذا الأداء هو الشئ البديل الذى يقوم مقام المحل الأصلى فى الوفاء .
( 3 ) تنص المادة 469 فقرة أولى مدنى على أنه " إذا كان الحق المتنازع فيه قد نزل عنه صاحبه بمقابل إلى شخص آخر ، فللمتنازل ضده أن يتخلص من المطالبة إذا هو رد إلى المتنازل له الثمن الحقيقى الذى دفعه مع المصروفات وفوائد الثمن من وقت الدفع " . فهنا المدين بحق متنازع فيه ملتزم التزاماً أصلياً نحو المتنازل له بمحل الدين المتنازل عنه ، وهذا هو المحل الأصلى . ولكنه يستطيع أن يبرئ ذمته بأداء بديل عن هذا المحل الأصلى ، هو مقدار ما دفعه المتنازل له من ثمن ومصروفات مع فوائد الثمن من وقت الدفع .
( 4 ) تنص المادة 845 مدنى على أنه " 1 - يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضى إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس ، على أن تكون العبرة فى التقدير بقيمة الشئ وقت القسمة . 2 - ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة . وللمدعى عليه أن يقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعى نقداً أو عيناً ما نقص من حصته " . فهنا المتقاسم الذى غبن المتقاسم معه بأكثر من الخمس ملتزم التزاماً أصلياً بأن يرد العين المقسومة إلى الشيوع بعد نقض القسمة . لكن القانون هيأ له بديلاً من هذا المحل الأصلى لالتزامه ، هو أن يكمل للمتقاسم المغبون نقداً أو عيناً ما نقص من حصته ، فإذا أدى ما نقص قام الوفاء به مقام الوفاء بالمحل الأصلى .
$ 185 $
( 5 ) تنص المادة 1119 مدنى فقرة أولى على أنه " إذا كان الشئ المرهون مهدداً بالهلاك أو التلف أو نقص القيمة بحيث يخشى أن يصبح غير كاف لضمان حق الدائن ولم يطلب الراهن رده إليه مقابل شئ آخر يقوم بدله ، جاز للدائن أو الراهن أن يطلب من القاضى الترخيص له فى بيعه بالمزاد العلنى أو بسعره فى البورصة أو السوق " . فإذا اقتصرنا على التزام الراهن هنا ( [325] ) ، وجدنا أن الراهن ملتزم التزاماً أصلياً ببيع العين المرهونة رهن حيازة فوراً بالمزاد أو بسعر البورصة أو السوق ، بناء على ترخيص القاضى ، لينتقل حق الدائن من العين المرهونة إلى ثمنها ( م 1119 فقرة ثانية ) . ولكن القانون هيأ له بديلاً من ذلك هو أن يقدم بدل العين المرهونة عيناً أخرى تكون كافية لضمان حق الدائن ، ومتى قدم هذه العين قام تقديمه لها مقام تنفيذ الالتزام الأصلى ( [326] ) .
$ 186 $
الفرع الثانى
أحكام الالتزام البدلى
111 - تعيين محل الأداء وتحمل التبعة : بالرغم من أهمية الالتزام البدلى ، فإن أحكامه ليست من التعقيد بالقدر الذى رأيناه فى أحكام الالتزام التخييرى . لذلك لن يطول القول فى تعيين محل الأداء وفى أحكام الهلاك فى الالتزام البدلى ، كما طال فى الالتزام التخييرى .
1 - تعيين محل الأداء
112 - ما الذى يطالب به الدائن : ليس أن يطالب فى الالتزام البدلى ، كما رأينا ، إلا بالمحل الأصلى . وليس له أن يطالب بالبديل ، فإن هذا البديل ليس محلاً للالتزام حتى تجوز المطالبة به .
ومن ثم تتعين منذ البداية طبيعة الالتزام البدلى ، فهو عقار أو منقول بحسب طبيعة المحل الأصلى ، وهو قابل للتجزئة أو غير قابل لها بحسب طبيعة هذا المحل أيضاً ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
ويتعين كذلك اختصاص المحكمة منذ البداية ، فالدائن يطالب بالمحل الأصلى إذا كان عقاراً أمام محكمة العقار تبعاً لقيمة هذا الشئ ، حتى لو كان البديل منقولاً وأيا كانت قيمة هذا البديل .
113 - ما الذى يدفعه المدين : أما الذى يدفعه المدين فهو فى الأصل أيضاً المحل الأصلى الذى يطالب به الدائن . ولكنه يستطيع ، كما قدمنا ، أن يبرئ ذمته بدفع البديل ، ومتى دفعه فقد انقضى الالتزام .
ولكن لا يجوز للمدين أن يدفع جزءاً من المحل الأصلى وجزءاً من البديل ، كما لا يجوز ذلك فى الالتزام التخييرى . وللدائن أن يرفض الوفاء على هذا الوجه ، فأما أن يأخذ المحل الأصلى بأكمله ، وإما أن يأخذ البديل بأكمله .
$ 187 $
وإذا مات الدائن ، فليس لورثته المطالبة إلا بالمحل الأصلى كمورثهم ، ولكن يجوز للمدين أن يفى لهم بالبديل كما كان يستطيع ذلك مع مورثتهم . أما إذا مات المدين ، فإن لورثته الحق فى الوفاء بالبديل وتبرأ التركة من الدين بالوفاء به ، كما كان المدين يستطيع ذلك حين حياته ( [327] ) .
وإذا كان الالتزام البدلى التزاماً زمنياً أو دورياً ، فإن المدين يستطيع فى كل أداء أن يفى بالبديل عوضاً عن المحل الأصلى أو يؤدى المحل الأصلى كما يشاء . وإذا فى بالبديل مرة ، فله أن يؤدى المحل الأصلى مرة ثانية ، ثم يوفى بالبديل مرة ثالثة ، وهكذا . وذلك كله ما لم يتبين من إرادة الطرفين ومن الظروف والملابسات أن المدين إذا أدى المحل الأصلى أو وفى بالبديل مرة فقد تقيد بذلك فى المرات الأخرى المتعاقبة .
وإذا أعلن المدين إرادته أنه يريد الوفاء بالبديل دون أن يدفعه بالفعل ، فإن ذلك لا يمنعه عند الوفاء من أن يؤدى المحل الأصلى ، ذلك أنه لا يتحدد محل الوفاء إلا عند الوفاء الفعلى . كذلك إذا أعلن قبل الوفاء أنه يؤدى المحل الأصلى ، فلا يمنعه ذلك من أن يوفى بالبديل عند الوفاء .
ولا يمكن القول ، إذا وفى المدين بالبديل ، أن محل الالتزام قد تبدل فأصبح هو الشئ البديل عوضاً عن المحل الأصلى . بل إن الالتزام ، يبقى على محله الأصلى ، ويعتبر الوفاء بالبديل بمثابة الوفاء بمقابل ، ولا يقوم البديل مقام المحل الأصلى فى المحلية ، وإنما يقوم مقامه فى الوفاء وحده . ونرى من ذلك أنه لا محل لبحث الاستناد فى حالة الالتزام البدلى ، ولا يمكن القول إن الوفاء بالبديل يقلب الالتزام البدلى إلى التزام بسيط محله البديل منذ البداية ، بل إن الالتزام $ 188 $ البدلى يبقى بالرغم من الوفاء بالبدل التزاماً بدلياً ، وليس البدل إلا مقابلاً للوفاء فيه .
2 - أحكام الهلاك
114 - هلاك المحل الأصلى : إذا هلك المحل الأصلى بسبب أجنبى ، فقد انقضى الالتزام وبرئت ذمة المدين . ولا تتركز المحلية فى البديل ، كما تركزت ، فيما يتعلق بالالتزام التخييرى ، فى الشئ الباقى على ما أسلفنا .
أما إذا هلك المحل الأصلى بخطأ المدين ، فإن الدائن لا يطالب المدين إلا بالتعويض عن هذا المحل ، دون أن يستطيع المطالبة بالبدل ، فليس البدل كما قدمنا محلاً للالتزام . وإنما يجوز للمدين أن يتوقى دفع التعويض بأن يوفى بالبديل ، فيبرئ هذا الوفاء ذمته من الدين ، وقد كان قادراً على أن يفعل ذلك قبل هلاك المحل الأصلى ، فهو على فعله بعد الهلاك أقدر .
وإذا هلك البديل بعد هلاك المحل الأصلى ، سواء كان هلاك البديل بخطأ المدين أو بغير خطأه ، فأن الواجب على المدين هو التعويض عن المحل الأصلى لا التعويض عن البديل ، فإن المحل الأصلى هو وحده محل الالتزام ، والبدل لا يقوم مقامه فى الوفاء إلا إذا كان موجوداً .
وإذا هلك المحل الأصلى بخطأ الدائن ، فإن الدائن يكون بمثابة من استوفى حقه . ولكن يجوز للمدين فى هذه الحالة أن يوفى بالبديل ، ثم يطالب الدائن بقيمة المحل الأصلى الذى هلك بخطأه .
115 - هلاك البديل : أما إذا هلك البديل بسبب أجنبى أو بخطأ المدين ، فإن الالتزام لا ينقضى كما قدمنا ، بل يبقى قائماً على محله الأصلى . فإن المحل الأصلى وحده هو محل الالتزام ، وهو باق فيبقى معه الالتزام . ولكن الالتزام البدلى ينقلب بهلاك البديل التزاماً بسيطاً ، ليس لمحله بديل عند الوفاء .
$ 189 $
وإذا هلك المحل الأصلى بعد هلاك البديل ، فإن كان هلاك المحل الأصلى بسبب أجنبى فقد انقضى الالتزام ، وإن كان بخطأ المدين فإن الدائن يقاضى قيمة المحل الأصلى لا قيمة البديل على النحو الذى بيناه فيما تقدم .
وإذا هلك البديل بخطأ الدائن ، بقى الالتزام قائماً ، على محل الأصلى فيطالب الدائن المدين بهذا المحل ، ويرجع المدين على الدائن بقيمة البديل الذى هلك بخطأه . ولكن لما كان المدين يستطيع أن يوفى بالبديل عوضاً عن المحل الأصلى ، فإنه فى هذه الحالة يستطيع أن يمتنع عن الوفاء بالمحل الأصلى وأن يعتبر نفسه قد وفى الدين بالبديل ، إذ أن الدائن بعد أن أهلك البديل بخطأه يكون بمثابة من استوفاه .
$ 190 $
الباب الثالث
تعدد طرفى الالتزام
116 - صور التعدد – الالتزام متعدد الأطراف والالتزام التضامنى والالتزام غير القابل للانقسام : قد يلحق الالتزام وصف التعدد فى طرفيه ، أحدهما أو كليهما . ولهذا التعدد صور ثلاث :
( 1 ) فأما أن يتعدد طرفا الالتزام أو أحدهما فى غير تضامن ما بين الأطراف المتعددين ، فيتعدد الدائن ، أو يتعدد المدين ، أو يتعدد كل من الدائن والمدين ، دون أن تربط الأطراف المتعددين رابطة خاصة تجعلهم متضامنين فى الحق أو فى الدين . ويسمى الالتزام فى هذه الحالة بالالتزام متعدد الأطراف ( Obligation conjointe ) .
( 2 ) وإما أن يتعدد طرفا الالتزام أو أحدهما فى تضامن ما بين الأطراف المتعددين . ويسمى الالتزام فى هذه الحالة بالالتزام التضامنى ( Obligation solidaire ) . فإذا كان المتعدد هو الدائن ، كان هناك تضامن ما بين الدائنين وهو تضامن إيجابى ( solidarite active ) . أما إذا كان المتعدد هو المدين ، وهذا هو الغالب ، كان هناك تضامن ما بين المدينين وهو تضامن سلبى ( solidarite passive ) .
( 3 ) وإما أن يتعدد طرفا الالتزام أو أحدهما فى التزام لا يتجزأ تنفيذه ويسمى الالتزام فى هذه الحالة بالالتزام غير القابل للانقسام ( obligation indivisible ) ( [328] ) .
$ 191 $
والصورتان الثانية والثالثة – التضامن وعدم القابلية للانقسام – لا يتحققان بمجرد تعدد الأطراف ، بل لا بد من توافر شروط خاصة لتحقق كل منها . أما الصورة الأولى فتتحقق بمجرد تعدد طرفى الالتزام الناشئ من مصدر واحد ومن ثم كان الأصل فى الالتزام الذى تتعدد أطرافه أن يكون التزاماً متعدد الأطراف ، لا التزاماً تضامنياً ولا التزاماً غير قابل للانقسام . فالتضامن وعدم القابلية للانقسام لا يفترضان ، بل لابد لهما من شروط خاصة كما قدمنا . على أن الغالب الذى يكثر وقوعه فى العمل هو الالتزام التضامنى ثم الالتزام غير القابل للانقسام .
ونبحث فى فصول ثلاثة متعاقبة الالتزام متعدد الأطراف والالتزام التضامنى والالتزام غير القابل للانقسام .
$ 192 $
الفصل الأول
الالتزام متعدد الأطراف
( obligation disjointe )
117 - وحدة المصدر وتعدد الأثر : إذا تعدد فى الالتزام طرفه ولم تتحقق فيه شروط التضامن أو شروط عدم القابلية للانقسام ، كان التزاماً متعدد الأطراف كما قدمنا . والالتزام متعدد الأطراف هو التزام واحد من حيث المصدر ، متعدد من حيث الأثر فينقسم على أطرافه . وهذا بخلاف الالتزام التخييرى ، فهو واحد من حيث المصدر وواحد أيضاً من حيث الأثر فيتوحد بالنسبة إلى محله ( [329] ) .
فنتكلم إذن فى الالتزام متعدد الأطراف من حيث مصدر التعدد ومن حيث الأثر الذى يترتب على هذا التعدد .
1 - مصدر التعدد فى الالتزام متعدد الأطراف
118 - القانون والإدارة : أكثر ما يكون مصدراً لتعدد الأطراف فى الالتزام هو القانون ، سواء فى ذلك تعدد الدائنين أو تعدد المدينين . ولكن قد لا يكون القانون هو مصدر التعدد ، بل يكون المصدر هو إرادة طرفى الالتزام .
119 - القانون مصدر التعدد : ويقع ذلك أكثر ما يقع فى الميراث . فإن الدائن إذا مات آل الحق الذى له فى ذمة مدينه إلى ورثته ، ويكونون فى أكثر الأحوال متعددين . فيصبح الحق ، بعد أن كان له دائن واحد ، له دائنون $ 193 $ متعددون هم الورثة ، وسنرى أن الحق فى هذه الحالة ينقسم على الورثة كل بقدر نصيبه فى الميراث ( [330] ) . كذلك إذا مات المدين وترك ورثه متعددين ، فإن الدين – فى القانون الفرنسى لا فى الشريعة الإسلامية ( [331] ) – ينتقل إلى ورثته ، فيصبح ذا مدينين متعددين ينقسم عليهم الدين كل بقدر نصيبه فى الميراث .
$ 194 $
وقد ينص القانون ، فى غير الميراث ، على تعدد أطراف الالتزام . من ذلك ما تقضى به الفقرة الأولى من المادة 523 مدنى ، فهى تنص على ما يأتى : " إذا لم تف أموال الشركة بديونها ، كان الشركاء مسئولين عن هذه الديون فى أموالهم الخاصة ، كل منهم بنسبة نصيبه فى خسائر الشركة ، ما لم يوجد اتفاق على نسبة أخرى . ويكون باطلاً كل اتفاق يعفى الشريك من المسئولية عن ديون الشركة " .
فهذا نص يجعل لالتزام الشركة المدينة – إلى جانب المدين الأصلى وهو الشركة – مدينين متعددين هم الشركاء ، وقد جعلهم النص مسئولين ، عندما لا تفى أموال الشركة بوفاء الالتزام ، فى أموالهم الخاصة كل بقدر نصيبه فى الخسارة . وكان الأصل ألا يكون هؤلاء الشركاء مسئولين عن ديون الشركة فى أموالهم الخاصة ، لأن الشركة شخص معنوى وهو وحده المسئول عن ديونه ، لولا النص الذى أوردناه . وما دام القانون قد أوجد هؤلاء المدينين المتعددين ، فالأصل ألا يكون بينهم تضامن وأن ينقسم الالتزام عليهم . وهذا حكم يستمد من المبادئ العامة ، دون حاجة إلى أن ينص عليه القانون . غير أن المادة التالية ، وهى المادة 524 مدنى ، أكدت هذا الحكم مع تحوير فيه إ قضت بما يأتى : " 1 - لا تضامن بين الشركاء فيما يلزم كل منهم من ديون الشركة ، ما لم يتفق على خلاف ذلك . 2 - غير أنه إذا أعسر أحد الشركاء ، وزعت حصته فى الدين على الباقين كل بقدر نصيبه فى الخسارة " . فهنا نص القانون صراحة على عدم التضامن بين المدينين المتعديين ، ولكنه استبعد نتيجة ؟؟؟؟ نتائج عدم التضامن . ذلك أن عدم التضامن من المدينين يؤدى إلى انقسام الدين عليهم ، فإذا أعسر أحدهم لم يتحمل الباقى هذا الإعسار ، ويتحمله الدائن . ولكن النص يقضى صراحة بأن الميدين يكونون مسئولين عن إعسار أى منهم ، بالرغم من انقسام الالتزام عليهم . فإذا أعسر أحدهم وزعت حصته على الباقين ، كل بقدر نصيبه فى تحمل الخسارة .
ويلاحظ فى الأمثلة المتقدمة أن الدين نشأ ابتداء لصالح دائن واحد أو فى ذمة مدين واحد ، ثم خلفه عليه الورثة أو الشركاء فتعدد الدائنون أو المدينون . ويصح أن ينشأ الدين منذ البداية لصالح دائنين متعددين أو فى ذمة مدينين $ 195 $ متعددين . فإذا قبض أحد الورثة غلة التركة ، كان مديناً لسائر الورثة بأنصبتهم فى هذه الغلة ، فينشأ الدين ابتداء لصالح دائنين متعددين . وإذا أوصى شخص بمبلغ من النقود لآخر يأخذه من تركته ، فإن الورثة وهم يمثلون التركة يكونون مدينين متعددين منذ البداية فى هذا الالتزام الموصى به .
120 - الإرادة مصدر التعدد : وقد تكون الإرادة هى مصدر تعدد الدائنين أو المدينين . فإذا باع الشركاء فى الشيوع الدار التى بينهم ، أو باعت الورثة عيناً من أعيان التركة ، فالأصل أن يكون للالتزام بالثمن الذى نشأ فى ذمة المشترى دائنون متعددون ، هم الشركاء فى الشيوع أو الورثة ، وما لم يشترط هؤلاء الدائنون التضامن فيما بينهم انقسم الحق عليهم كل بنسبة نصيبه فى المبيع . وسنرى أن هذه هى إحدى حالات الدين المشترك فى الفقه الإسلامى ، ولكن التقنين المدنى المصرى بخلاف التقنين المدنى العراقى لم يأخذ بنظام الدين المشترك ، فينقسم الدين على الدائنين كما قدمنا . وإذا اشترى عدة أشخاص داراً واحدة على الشيوع صفقة واحدة ، فإن الالتزام بالثمن يكون له مدينون متعددون هم هؤلاء المشترون ، وينقسم الالتزام عليهم كل بقدر نصيبه فى الدار ، ولا يكون هناك تضامن بينهم إلا إذا اشترطه البائع عليهم .
ويلاحظ فى الأمثلة المتقدمة – حيث كان مصدر تعدد الدائنين أو المدينين هى الإرادة – أن الدين قد نشأ وله أطراف متعددون منذ البداية .
2 - الأثر الذى يترتب على التعدد فى الالتزام متعدد الأطراف
121 - انقسام الالتزام على أطرافه : الأثر الذى يترتب على التعدد ، إذا كان الالتزام متعدد الدائنين أو متعدد المدينين دون تضامن فيما بينهم ، أن الالتزام ينقسم بحكم القانون على الدائنين المتعددين أو على المدينين المتعددين ، كل بالقدر المتفق عليه أو بالقدر الذى يعينه القانون . فالاتفاق يعين نصيب كل مشتر من المشترين المتعددين للدار إذا اشتروها صفقة واحدة دون تضامن فيما بينهم ، فيلتزم كل منهم بحصة من الثمن تساوى مقدار نصيبه $ 196 $ فى الدار حسب الاتفاق الذى يتم بينهم . والقانون يعين نصيب كل وارث ، إذا ورث الجميع ديناً لصالح التركة ( [332] ) . فإذا لم يعين الاتفاق أو القانون نصيب كل من الدائنين أو المدينين المتعددين ، لم يبق إلا أن ينقسم الالتزام عليهم بحسب الرؤوس أى بأنصبة متساوية ( [333] ) .
ومتى انقسم الالتزام على الدائنين أو المدينين المتعددين ، أصحب بموجب هذا الانقسام التزامات متعددة لصالح الدائنين المتعددين أو فى ذمة المدينين المتعددين ، ويكون كل التزام من هذه الالتزامات المتعددة مستقلاً عن الالتزامات الأخرى ( [334] ) .
122 - النتائج التى تترتب على انقسام الالتزام : وتترتب على انقسام الالتزام وصيرورته التزامات متعددة مستقلة على النحو الذى بسطناه نتائج هامة ، نذكر منها :
أولاً – إذا انقسم الالتزام على دائنين متعددين :
( 1 ) كل دائن لا يستطيع أن يطالب المدين إلا بنصيبه ، ولا يستطيع المدين أن يدفع له أكثر من نصيبه .
$ 197 $
( 2 ) قطع التقادم أو وقفه أو الإعذار أو المطالبة القضائية ، إذا تم من جانب أحد الدائنين ، يسرى أثره بالنسبة إليه وحده دون غيره من الدائنين الآخرين ، فينقطع التقادم أو يقف لصالحه وحده ، ويعتبر المدين معذراً بالنسبة إليه وحده ، وتسرى فوائد التأخير المترتبة على المطالبة القضائية له وحده .
( 3 ) إذا أبطل الدين أو فسخ أو انقضى بالنسبة إلى أحد الدائنين ، لم يؤثر ذلك فى حقوق الباقين ، بل يبقى كل منهم دائناً بقدر نصيبه ، ولا ينتقل إليهم نصيب الدائن الذى أبطل دينه أو فسخ .
( 4 ) إذا وفى المدين أحد الدائنين ثم أعسر ، لم يرجع باقى الدائنين الذين لم يستوفوا أنصبتهم على الدائن الذى استوفى نصيبه ، إذ كل حق مستقل عن الحقوق الأخرى كما قدمنا .
ثانياً - إذا انقسم الالتزام على مدينين متعددين :
( 1 ) كل مدين لا يكون ملتزماً إلا بنصيبه ، ولا يستطيع الدائن أن يطالبه بأكثر من ذلك .
( 2 ) قطع التقادم أو وقفه أو الإعذار أو المطالبة القضائية ، إذا تم ضد أحد المدينين ، يقتصر أثره على هذا المدين ولا يتعداه إلى المدينين الآخرين .
( 3 ) إذا أبطل دين أحد المدينين أو فسخ أو انقضى أو ارتكب أحد المدنين خطأ ، فإن أثر ذلك يقتصر على هذا المدين ، فلا يكون المدينون الآخرون مسئولين عن نصيب من أبطل دينه أو فسخ أو يكونون مسئولين عن خطأه . وإذا كان هناك شرط جزائى يتناول جميع الدين ، فالمسئول من المدينين بموجب هذا الشرط الجزائى هو وحده الذى يطالب به وبمقدار نصيبه منه فقط .
( 4 ) إذا أعسر أحد المدينين ، لم يتحمل إعساره الباقون ، والدائن هو الذى يتحمل هذا الإعسار ( [335] ) .
$ 198 $
وانقسام الدين ، بما يجر من النتائج على النحو المتقدم ، يجعل الدين ضعيف الأثر . ومن ثم يؤثر الناس عند التعامل توقى هذه النتائج ، باشتراط أن يكون الالتزام تضامنياً أو غير قابل للانقسام ( [336] ) .
$199$
الفصل الثانى
الالتزام التضامنى ( [337] )
( obligation solidaire )
123 - التضامن بين الدائنين والتضامن بين المدينين : قدمنا أن الطرف المتعدد فى الالتزام التضامنى قد يكون هو الدائن فيكون هناك تضامن بين الدائنين ، وقد يكون هو المدين فيكون هناك تضامن بين المدينين . والتضامن بين المدينين هو الأكثر وقوعاً فى العمل .
وسواء كان التضامن بين الدائنين أو بين المدينين ، فهو أحد طرق الضمان للدين ، بل هو أبلغ فى الضمان من الكفالة . ذلك أن الدائن فى الكفالة – إذا $ 200 $ لم يكن الكفيل متضامناً مع المدين – لا يستطيع أن يرجع إلا على المدين الأصلى أولاً ، فإذا لم يستوف حقه منه رجع على الكفيل . أما فى التضامن فالدائن يستطيع أن يرجع على أى مدين متضامن بكل الدين ، هذا إذا كان التضامن بين المدينين . فإذا كان التضامن بين الدائنين فأى دائن متضامن يستطيع أن يطالب المدين بكل الدين ، ومن جهة أخرى فإن وفاء المدين لأى دائن متضامن بكل الدين مبرئ لذمته بالنسبة إلى سائر الدائنين ( [338] ) ، وهذا ما يجعل التضام ما بين الدائنين أقرب إلى أن يكون ضماناً للمدين منه ضماناً للدائن كما سنرى .
والتضامن بنوعيه يقتضى بوجه عام أن تكون هناك شركة أو فى القليل اشتراك فى المصلحة ( communaute d'interets ) بين الأطراف المتضامنين ، وهذه المصلحة المشتركة هى التى تبرر أحكام التضامن ( [339] ) .
ويصح أن يجتمع فى التزام واحد تضامن الدائنين وتضامن المدينين ، فيكون الالتزام تعدد الدائنين مع تضامنهم ومتعدد المدينين مع تضامنهم أيضاً . ويجوز فى هذه الحالة لأى دائن أن يطالب أى مدين بكل الدين ، كما يجوز لأى مدين أن يفى لى دائن بكل الدين ، فالوفاء من أى مدين لى دائن يقضى الدين بالنسبة إلى سائر المدينين وإلى سائر الدائنين ( [340] ) .
الفرع الأول
التضامن بين الدائنين
( Solidarite entre creanciers - Solidarite active )
124 - مباحث ثلاثة : نبحث فى التضامن بين الدائنين :
( أولاً ) مصدر هذا التضامن .
( ثانياً ) والآثار التى تترتب عليه .
( ثالثاً ) ثم نعرض لصورة خاصة لدين يقوم فيه ضرب من التضامن بين $ 201 $ الدائنين ، وهى الصورة المعروفة فى الفقه الإسلامى بالدين المشترك ، وقد نقلها عنه التقنين المدنى العراقى دون التقنين المدنى المصرى ( [341] ) .
المبحث الأول
مصدر التضامن بين الدائنين
125 - النصوص القانونية : تنص المادة 279 من التقنين المدنى المصرى على ما يأتى :
" التضامن بين الدائنين أو بين المدينين لا يفترض ، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص فى قانون " ( [342] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادتين 107 / 161 و108 / 162 ( [343] ) .
$ 202 $
ويقابل فى التقنينات المدينة العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 279 ، وفى التقنين المدنى الليبى المادة 266 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 315 ، وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 12 ( [344] ) .
126 - التضامن بين الدائنين مصدره الاتفاق أو الإرادة بوجه عام : بالرغم من أن نص المادة 279 سالفة الذكر قد شمل التضامن بين الدائنين والتضامن بين المدينين وقضى بأن مصدر التضامن يكون بناء على اتفاق أو نص فى القانون ، فلا يتوهم من ذلك أن التضامن بين الدائنين هو كالتضامن بين المدينين يكون بناء على اتفاق أو نص فى القانون . فالتضامن بين الدائنين لا يكون مصدره إلا الاتفاق أو الوصية ، أى الإدارة بوجه عام ، ولا يكون مصدره القانون ( [345] ) .
$ 203 $
والتضامن بين الدائنين نادر الوقع فى العمل . وأكثر ما يقع عندما يكون هناك مدينون متضامنون ثم ينقلبون إلى دائنين متضامنين . مثل ذلك أن يبيع ثلاثة ستين قنطاراً من القطن ويتضامنون فى الالتزام بالتسليم ، ثم لا يدفع المشترى الثمن ، فيكونون دائنين بالتضامن فى المطالبة بفسخ البيع . وكذلك لو كان العقد هبة وأراد الواهبون المتضامنون الرجوع فى الهبة ، فإنهم يكونون دائنين متضامنين فى هذا الرجوع . ويصح أن يكون مصدر تضامن الدائنين الوصية ، فيوصى شخص لأشخاص متعددين بمبلغ من النقود يستوفونه من تركته ويجعلهم متضامنين فى المطالبة بهذا المبلغ ( [346] ) ، وهنا نشأ التضامن الإيجابى منذ البداية ولم ينعكس عن تضامن سلبى ( [347] ) .
$ 204 $
والسبب فى ندرة التضامن بين الدائنين أن مضار هذا التضامن تربى على فوائده . فإن الدائنين إذا اشترطوا التضامن بينهم لا يكسبون من وراء ذلك إلا أن أى دائن منهم يستطيع المطالبة بكل الدين ، كما يستطيع المدين أن يوفيه إياه كله . وهذا الكسب لا يعد شيئاً مذكوراً إلى جانب ما يتعرض له الدائنون من الخطر ، فإن أى دائن منهم يستطيع أن يقبض الدين كله ، فتبرأ ذمة المدين بهذا الوفاء ، فإن أى دائن منهم يستطيع أن يقبض الدين كله ، فتبرأ ذمة المدين بهذا الوفاء ، وليس لسائر الدائنين إلا الرجوع كله بنصيبه على الدائن الذى استوفى الدين ، فإذا هو أعسر تحملوا تبعة إعساره ، وفى هذا من الخطر ما فيه . أما ما أفادوه من التضامن فيستطيعون الوصول إليه من غير هذا الطريق ، فإنهم يملكون عند حلول الدين أن يعطوا أياً منهم توكيلاً بقبض كل الدين ( [348] ) . على أنه يلاحظ أن التقنين المدنى الجديد قد تخفف بعض الشئ من مضار التضامن بين الدائنين ، $ 205 $ بأن نص فى الفقرة الأولى من المادة 280 على جواز ممانعة الدائنين فى أن يوفى المدين الدين لأحدهم ، كما لو كان التضامن ينطوى على وكالة يجوز الرجوع فيها ، وسيأتى بيان ذلك .
127 - التضامن بين الدائنين لا يفترض : ولما كان التضامن بين الدائنين مصدره الإرادة أو الاتفاق ، فإنه لا يجوز افتراض وجوده ، وما لم توجد إرادة واضحة لإخفاء فيها بإنشاء هذا التضامن فإنه لا يقوم . فإذا باع مثلاً ثلاثة أشخاص داراً لهم فى الشيوع ، ولم يتشرطوا على المشترى التضامن بينهم فى وضوح ، فلا يستخلص من شيوع الدار بين البائعين أنهم متضامنون فى تقاضى الثمن ، بل ينقسم الثمن عليهم كل بقدر نصيبه فى الدار المبيعة . كذلك إذا كان المشترى قد اشترط على البائعين التضامن فى التزاماتهم نحوه ، فإن ذلك لا يؤخذ منه ضرورة أنهم متضامنون فى حقوقهم عليه ، بل لابد من اشتراط التضامن فى الحقوق كما اشترط فى الالتزامات ( [349] ) .
على أنه لا يفهم من ذلك أن التضامن لابد أن يرد فيه شرط صريح ، فقد يستخلص ضمناً من الظروف والملابسات ( [350] ) ، ولكن يجب ألا يكون هناك شك فى أنه مشترط .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى ما يأتى : " ومن الأصول3 المقررة أن التضامن بنوعيه لا يفترض . وليس يقصد بذلك إلى وجود اشتراطه بضريح العبارة ، فقد تنصرف إليه الإرادة ضمناً ، ولكن ينبغى أن تكون دلالة الاقتضاء فى مثل هذه الحالة واضحة لا خفاء فيها . فإذا اكتنف الشك هذه الدلالة ، وجب أن يؤول لنفى التضامن لا لإثباته " ( [351] ) . وليس من $ 206 $ الضرورى ، فى الشرط الصريح ، أن يستعمل لفظ " التضامن " ، فأى لفظ يؤدى هذا المعنى يكفى ، كأن يشترط الدائنون أن يكون لأى دائن منهم أن يطالب المدين بكل الدين ، أو يشترط المدين أنه يستطيع الوفاء بكل الدين لأى من الدائنين .
ولا يفترض التضامن بين الدائنين حتى فى المسائل التجارية ، بل يجب اشتراطه فى وضوح ( [352] ) . وحتى فى شركة التضامن ، إذا كان كل الشركاء يديرون الشركة ، وأمكن لكل منهم أن يستوفى من مدينى الشركة ما عليهم من ديون لها ، فإن ذلك لا يعنى أن الشركاء دائنون بالتضامن ، بل إن كل شريك إنما يعمل باسم الشركة ، والشركة وحدها هى التى تستوفى ديونها عن طريق وكيل عنها هو أحد الشركاء ( [353] ) .
128 - وحدة المحل وتعدد الروابط : والتضامن بين الدائنين على النحو الذى سبق ذكره يجعل الالتزام متعدد الروابط ولكنه موحد المحل . أما أن الالتزام يكون متعدد الروابط ، فذلك بأن كل دائن متضامن تربطه بالمدين رابطة مستقلة عن الروابط التى تربط المدين بالدائنين المتضامين الآخرين ، فتعدد الدائنين المتضامنين يستتبع تعدد الروابط . وأما أن الالتزام يكون موحد المحل ، فذلك هو الذى يحفظ للالتزام وحدته بالرغم من تعدد الدائنين ، ولو أن الدائنين المتعديين لم يكونوا متضامنين لما احتفظ الالتزام بوحدته ولكان التزاماً $ 207 $ متعدد الأطراف ينقسم على الدائنين المتعددين التزامات مستقلة بعضها عن بعض كما بينا فيما تقدم ( [354] ) .
وبحسبنا هنا أن نبين أهم المظاهر لتعدد الروابط بالرغم من وحدة المحل ( [355] ) :
( 1 ) يجوز أن تكون الرابطة التى تربط أحد الدائنين المتضامين بالمدين موصوفة وتكون الروابط الأخرى بسيطة . فيجوز أن يكون أحد الدائنين المتضامنين دائناً تحت شرط أو إلى أجل ، ويكون سائر الدائنين المتضامنين حقوقهم منجزة . كما يجوز أن تكون إحدى الروابط معلقة على شرطن ورابطة أخرى مقترنة بأجل . وإلى هذا تشير الفقرة الأولى من المادة 281 مدنى إذ تنص على أنه " يجوز للدائنين المتضامنين ، مجتمعين أو منفردين ، مطالبة المدين بالوفاء ، ويراعى فى ذلك ما يلحق رابطة كل دائن من وصف يعدل أثر الدين " .
( 2 ) يجوز أن تكون إحدى الروابط قد شابها عيب والروابط الأخرى غير معيبة . فيجوز أن يكون أحد الدائنين المتضامنين قاصراً فكون رابطته قابلة للإبطال لنقص الأهلية ، أو يجوز أن تكون إرادته قد شابها غلط أو تدليس أو إكراه فتكون رابطته قابلة للإبطال لهذا العيب دون الروابط الأخرى ، أو يجوز أخيراً أن تكون إحدى الروابط دون غيرها قابلة للفسخ .
( 3 ) يجوز أن تنقضى إحدى الروابط وتبقى مع ذلك الروابط الأخرى ، وسيأتى تفصيل ذلك فيما يلى .
المبحث الثانى
الآثار التى تترتب على تضامن الدائنين
129 - العلاقة ما بين الدائنين والمدين والعلاقة فيما بين الدائنين بعضهم ببعض : يجب ، فى بيان الآثار التى تترتب على تضامن الدائنين ، التمييز بين أمرين : ( 1 ) العلاقة بين الدائنين المتضامنين والمدين . ( 2 ) وعلاقة الدائنين المتضامين بعضهم ببعض .
$ 208 $
المطلب الأولى
العلاقة بين الدائنين المتضامنين والمدين
130 - النصوص القانونية : تنص المادة 280 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا كان التضامن بين الدائنين ، جاز للمدين أن يوفى الدين لأى منهم ، إلا إذا مانع أحدهم فى ذلك " .
" 2 - ولا يجوز للمدين إذا طالبه أحد الدائنين المتضامنين بالوفاء أن يحتج على هذا الدائن بأوجه الدفع الخاصة بغيره من الدائنين ، ولكن يجوز له أن يحتج على الدائن المطالب بأوجه الدفع الخاصة بهذا الدائن بأوجه الدفع المشتركة بين الدائنين جميعاً " .
وتنص المادة 282 على ما يأتى :
" 1 - إذا برئت ذمة المدين قبل أحد الدائنين المتضامين بسبب غير الوفاء ، فلا تبرأ ذمته قبل باقى الدائنين إلا بقدر حصة الدائن الذى برئت ذمة المدين قبله " .
" 2 - ولا يجوز لأحد الدائنين المتضامين أن يأتى عملاً من شأنه الإضرار الدائنين الآخرين " ( [356] ) .
$ 209 $
وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المادة 107 / 161 ( [357] ) .
وتقابل فى التقنيات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المواد 280 - 282 ، وفى التقنين المدنى الليبى المواد 267 - 269 ، وفى $ 210 $ التقنين المدنى العراقى المواد 316 - 318 ، وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 11 و13 - 19 ( [358] ) .
$ 211 $
131 - استخلاص المبادئ الأساسية : ويستخلص من هذه النصوص المبادئ الأساسية الثالثة الآتية :
أولاً – لأى دائن متضامن مطالبة المدين بكل الدين ، وللمدين أن يفى بكل الدين لأى مدين متضامن ، والوفاء بكل الدين لأى مدين متضامن يبرئ ذمة المدين من الدين نحو سائر الدائنين ( م280 - 281 مدنى ) .
ثانياً – أما أسباب انقضاء الالتزام الأخرى ، من تجديد ومقاصة واتخاذ ذمة وإبراء وتقادم ، فإنها إذا تحققت بالنسبة إلى أحد الدائنين المتضامين ، اقتصر أثرها على حصة هذا الدائن ، ولا يحتج المدين بأيها على سائر الدائنين إلا بمقدار هذه الحصة ( م282 / 1 مدنى ) .
ثالثاً – ولا يجوز لأى من الدائنين المتضامنين أن يأتى عملاً من شأنه أن يضر بسائرهم ، ولكن إذا أتى عملاً من شأنه أن يفيدهم أفادوا منه ( م282 / 2 مدنى ) .
والأصل فى ذلك أن ك دائن متضامن يعتبر ، فى استيفاء الدين من المدين ، أصيلاً عن نفسه فى حصته ونائباً عن سائر الدائنين فى حصصهم ، فيكون استيفاؤه للدين مبرئاً لذمة المدين نحو سائر الدائنين . أما فى أساب الانقضاء الأخرى ، فليس الدائن نائباً عن الدائنين الآخرين ، بل هو أصيل عن نفسه فحسب ، وما يقع من هذه الأسباب يقتصر عليه وحده ولا يتعداه إلى سائر الدائنين . ثم إن نيابة كل دائن عن سائر الدائنين تقوم أيضاً فى كل عمل من $ 212 $ شأنه أن يفيد هؤلاء الدائنين ، دون الأعمال التى يكون من شأنها أن تضر بهم ( [359] ) .
فعندنا إذن مسائل ثلاث نتناولها بالبحث على التعاقب : ( 1 ) انقضاء الدين بالوفاء ( 2 ) انقضاء الدين بأسباب أخرى غير الوفاء ( 3 ) أعمال الدائن التى من شأنها أن تفيد سائر الدائنين أو أن تضر بهم .
1 - انقضاء الدين بالوفاء
132 - للمدين أن يوفى أى دائن كل الدين : وهذا ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 280 مدينى كما رأينا ، إذ تقول : " إذا كان التضامن بين الدائنين ، جاز للمدين أن يوفى الدين لأى منهم " . فللمدين إذن أن يختار أى دائن من الدائنين المتضامين فيوفيه كل الدين ، وليس لم اختاره المدين من الدائنين أن يرفض استيفاء الدين كله ، بل ليس له أن يقتصر على قبض نصيبه من هذا الين ويرفض قبض الباقى ، وإنما عليه أن يقبض كل الدين . وهذه هى الميزة الجوهرية للتضامن بين الدائنين ، فإن هذا التضامن كما قدمنا أقرب أن يكون ضماناً للمدين منه ضماناً للدائنين المتضامنين ، إذ يستطيع المدين $ 213 $ أن يوفى أحد هؤلاء الدائنين الدين كله دون أن يضطر إلى تجزئة الدين وإعطاء كل دائن نصيبه . وإذا رفض الدائن الذى اختاره المدين قبض الدين ، جاز للمدين أن يعرضه عليه عرضاً حقيقياً طبقاً للإجراءات المقررة للعرض الحقيقى . ومتى قبض الدائن الدين أو تمت إجراءات العرض ، برئت ذمة المدين من الدين ، لا فحسب قبل الدائن الذى قبض الدين وحده ، بل قبله وقبل سائر الدائنين .
وكما أن الدائن لا يستطيع أن يفرض على المدين وفاء جزئياً بحصته من الدين فقط ، كذلك لا يستطيع المدين أن يفرض على الدائن أى وفاء جزئى ولو بقدر حصة هذا الدائن ، بل إنه إذا أراد إجباره على قبول الوفاء وجب عليه أن يعرض الدين كالماً غير منقوص .
وهذا لا يمنع بداهة من أن يتفق المدين مع الدائن على أن يفى له بنصيبه وحده فى الدين ، ومتى قبل الدائن منه هذا الوفاء ، برئت ذمة المدين بقدر هذا النصيب ، وصار لأى دائن آخر من الدائنين المتضامنين أن يطالب المدين بالدين بعد أن يستنزل منه نصيب الدائن الذى استوفى حصته ( [360] ) . فإذا ما استوفاه على هذا النحو ، كان لكل دائن آخر – عدا الدائن الذى استوفى نصيبه طبعاً – أن يرجع بنصيبه على من قبض الدين ( [361] ) .
133 - ما لم يمانع أحد الدائنين : وتقضى الفقرة الأولى من المادة 280 مدنى ، كما رأينا ، بأنه يجوز للمدين أن يفى بكل الدين لأى من الدائنين " إلا إذا مانع أحدهم فى ذلك " . وقد كانت هذه العبارة الأخيرة الواردة فى النص نتيجة تحوير غريب فى لجنة مجلس الشيوخ ، كان من شأنه أن يقلب المعنى $ 214 $ الذى كان المشروع التمهيدى قد قصد إليه . فقد كان نص هذا المشروع على الوجه الآتى : " . . . جاز للمدين أن يوفى الدين وفاء صحيحاً لأى من الدائنين المتضامنين ، إلا إذا قام دائن آخر بإجراءات تمنع المدين من ذلك " . وكان المقصود من هذه العبارة هو عين ما ذهب إليه التقنين المدنى الفرنسى فى الفقرة الأولى من المادة 1198 ، وهى تنص على أنه " يكون للمدين الخيار فى أن يوفى الدين لواحد أو لآخر من الدائنين المتضامنين ، ما دام لم يمنعه من ذلك مطالبة أحد الدائنين له بالوفاء ( [362] ) " . فيكون المعنى المقصود فى المشروع التمهيدى أن للمدين أن يوفى كل الدين لأى دائن يختاره من الدائنين المتضامنين ، إلا إذا طالبه بالدين دائن آخر ، واتخذ هذا الدائن إجراءات للمطالبة تمنع المدين من الوفاء لغيره ( [363] ) . ويؤكد ذلك ما ورد فى هذا الشأن فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ، فهى تقول : " وليس يقتصر الأمر على تخويل كل من الدائنين المتضامنين حق اقتضاء الدين بأسره من المدين ، بل للمدين كذلك أن يبرئ ذمته بالوفاء لأيهم ، ما لم يقم أحدهم بما يحول دون ذلك . فإذا اتخذ أحد الدائنين قبل المدين إجراءات المطالبة ، تعين عليه أن يقوم بالوفاء لمن باشر هذه الإجراءات وغيره من الدائنين الذين أصبحوا طرفاً فيها " ( [364] ) .
ولكن لجنة مجلس الشيوخ لم تلفت إلى المعنى المقصود ، وظنت أن عبارة $ 215 $ " إلا إذا قام دائن آخر بإجراءات تمنع المدين من الوفاء " يقصد بها مجرد الممانعة من دائن آخر أن يفى المدين للدائن الذى اختاره وذلك عن طريق إجراءات يتخذها الدائن الممانع ، فحورت العبارة بحيث أصبحت : " إلا إذا مانع أحدهم فى ذلك " ، " لأن المقصود كما تقول اللجنة ، هو الاكتفاء بمجرد اعتراض أحد الدائنين المتضامنين على وفاء الدين لدائن آخر ، فى حين أن عبارة : إلا إذا قام دائن آخر بإجراءات تمنع المدين من ذلك ، قد توحى بأن الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات رسمية معينة ، على أن المسألة لا تعدو مجرد الاعتراض ، ومن المفهوم أن الاعتراض يثبت وفقاً للقواعد العامة فى الإثبات " ( [365] ) .
وواضح أن لجنة مجلس الشيوخ قلبت بهذا التحوير المعنى المقصود ، فلم يعد الأمر فى التقنين المدنى المصرى ، كما هو فى التقنين المدنى الفرنسى وغيره من التقنينات ، أن يطالب دائن متضامن آخر المدين بالوفاء فيتعين عندئذ على المدين أن يوفى الدين لهذا الدائن دون الدائن الذى اختاره هو . بل صار الأمر على الوجه الآتى : إذا اختار المدين دائناً متضامناً ليوفى الدين له ، جاز لأى دائن آخر أن يعترض على هذا الوفاء فيمنعه . ولكن ذلك لا يعنى أن المدين يتعين عليه أن يوفى الدين كله للدائن المعترض ، فليس هذا الدائن أولى بالوفاء له من الدائن الذى اختاره المدين . ونرى فى هذه الحالة أن الدائن الذى يعترض على الوفاء لغيره يكون قد نقض الوكالة المستخلصة من التضامن ، والتى بموجبها كان للدائن الذى اختاره المدين أن يقبض نصيب الدائن المعترض ، فيتعين على المدين أن يعطى لهذا الدائن نصيبه ، وألا يوفى للدائن الذى اختاره إلا نصيبه وأنصبة الدائنين الآخرين الذين لم يعترضوا ، ولهؤلاء أن يرجعوا على هذا الدائن كل بنصيبه . فنوفق بذلك بين حق الدائن المعترض من جهة وحق الدائن الذى اختاره من جهة أخرى ( [366] ) . وقد زال بهذا التحوير غير المقصود $ 216 $ عيب من عيوب التضامن بين الدائنين ، وأصبح لأى دائن متضامن أن يتوقى نتيجة تضامنه مع الدائنين الآخرين إذا اختار المدين غيره للوفاء ، فما عليه إلا أن يعترض فيستوفى نصيبه رأساً من المدين ، دون أن يعرض نفسه لإعسار الدائن الذى اختاره المدين . وقد وقف التقنين المدنى المصرى بهذا الحكم – عندما تتعارض رغبة المدين فى الوفاء لدائن معين مع رغبة دائن آخر فى أن يستوفى هو الدين – موقفاً وسطاً بين التقنين المدنى الفرنسى الذى يقدم رغبة الدائن على رغبة المدين والتقنين المدنى الألمانى الذى يقدم رغبة المدين على رغبة الدائن ، فأن هذا التقنين الأخير فى المادة 4528 منه لا يمنع المدين من أن يوفى الدين كله للدائن الذى اختاره بالرغم من مطالبة دائن آخر باستيفاء الدين ( [367] ) .
والاعتراض الذى يصدر من الدائن الممانع لا يشترط فيه شكل خاص ، كما تذكر لجنة مجلس الشيوخ ، فيصح أن يكون بإنذار رسمى على يد محضر ، $ 217 $ ويصح أن يكون مجرد إخطار كتابى أو شفوى ، على أن يكلف الدائن الممانع بإثباته ، ويكون الإثبات خاضعاً للقواعد العامة التى تتطلب الكتابة فيما إذا كان نصيب الدائن الممانع يزيد على عشرة جنيهات . ويوجه الاعتراض إلى المدين ، حتى يمتنع من وقت وصول الاعتراض إليه من دفع نصيب الدائن المعترض إلى أى دائن آخر من الدائنين المتضامنين . وعلى الدائن المعترض أن يبين فى اعتراضه مقدار هذا النصيب ، تحت مسئوليته ، حتى يحتجزه المدين له .
134 - لا يحول التضامن دون انقسام الدين بين ورثة الدائن المتضامن : وتنص الفقرة الثانية من المادة 280 مدنى ، كما رأينا ، على ما يأتى : " ومع ذلك لا يحول التضامن دون انقسام الدين بين ورثه أحد الدائنين المتضامنين ، إلا إذا كان الدين غير قابل للانقسام " . ومقتضى هذا الحكم أنه إذا مات أحد الدائنين المتضامنين عن ورثة متعددين ، فإن الدين ينقسم عليهم كل بقدر نصيبه فى الميراث ، وذلك فيما يختص بالعلاقة بينهم وبين المدين . وقد كان المدين يستطيع أن يوفى الدين كله لمورثهم قبل موته على النحو الذى سبق بيانه ، وكان المورث يستطيع أن يطالب المدين بالدين كله على النحو الذى سيأتى بيانه . ولكن بعد موت المورث لا يستطيع المدين أن يفى لأحد الورثة من الدين كله إلا بنسبة نصيبه فى الميراث ، ولا يستطيع هذا الوارث أن يطالب المدين بالوفاء إلا بنسبة هذا النصيب . فلو أن الدائنين المتضامنين كانوا أربعة ، وكان الدين ستمائة ، ومات أحد الدائنين المتضامنين عن ورثة ثلاثة بأنصبة متساوية فى الميراث ، فإن كل وارث منهم يستوفى من الدين مائتين فقط . فإذا ما استوفاها رجع عليه كل من الدائنين المتضامنين الثلاثة الآخرين بخمسين ، ويستبقى الوارث خمسين هى نصيبه فى الإرث من حصة مورثه فى الدين ، وقد بلغت هذه الحصة مائة وخمسين ( [368] ) .
$ 218 $
هذا إذا كان الدين قابلاً للانقسام . أما إذا كان غير قابل له ، فإنه لا ينقسم على الورثة ، بل يجوز للمدين أن يوفى الدين كله لأى وارث من ورثة الدائن المتضامن الذى مات ، كما يجوز لأى وارث أن يطالب المدين بكل الدين . فإذا استوفى أحد الورثة الدين كله ، أعطى منه لكل دائن متضامن الحصة التى له فى الدين ، ثم أعطى لكل وارث نصيبه فى الإرث من حصة المورث . ففى المثل المتقدم ، إذا قبض أحد الورثة الدين كله وهو ستمائة ، أعطى لكل من الدائنين المتضامنين الثلاثة الآخرين مائة وخمسين ، فيبقى معه مائة وخمسون هى حصة مورثه ، يعطى منها خمسين لكل من الوارثين الآخرين ، ويستبقى لنفسه خمسين هى نصيبه فى الإرث من حصة مورثه .
وكثيراً ما يشترط فى التضامن بين الدائنين أن يكون الدين قابل للانقسام ( [369] ) ، توقياً من انقسامه على ورثه الدائنين ، وتيسيراً على المدين أن يوفى الدين كله لأى من الدائنين المتضامنين ولأى من ورثة هؤلاء ( [370] ) .
135 - ولأى دائن مطالبة المدين بكل الدين : وكما يجوز للمدين أن يوفى الدين كله لأى دائن متضامن على النحو الذى سبق بيانه وهذه هى فائدة التضامن بالنسبة إلى المدين ، كذلك يجوز لأى متضامن أن يطالب المدين بالدين كله وهذه هى فائدة التضامن بالنسبة إلى الدائنين المتضامنين . وقد $ 219 $ نصت الفقرة الأولى من المادة 281 مدنى ، كما رأينا ، صراحة على هذا الحكم إذ تقول : " يجوز للدائنين المتضامنين ، مجتمعين أو منفردين ، مطالبة المدين بالوفاء ، ويراعى فى ذلك ما يلحق رابطة كل دائن من وصف يعدل من أثر الدين " .
فإذا طالب أحد الدائنين المتضامنين المدين بالوفاء ، وجب على المدين أن يفى له بالدين كله ، ويجوز لهذا الدائن إجبار المدين على ذلك . ومتى استوفى الدائن الدين ، فإن ذمة المدين تبرأ منه بالنسبة إلى الدائن الذى استوفى الدين وبالنسبة إلى سائر الدائنين . ذلك أن التضامن ، كما قدمنا ، يجعل لكل دائن صفة فى استيفاء الدين كله ، بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن غيره من الدائنين المتضامنين . والمخالصة التى يعطيها من استوفى الدين من الدائنين تنفذ فى حقهم جميعاً ، ولو لم تكن ثابتة التاريخ .
وللدائنين المتضامنين أن يطالبوا مجتمعين المدين بالوفاء ، وفى هذه الحالة يتعين على المدين أن يوفى كلاً منهم نصيبه فى الدين .
وعندما يطالب الدائن المتضامن المدين بكل الدين ، يجب عليه ، كما تقول الفقرة الأولى من المادة 281 مدنى ، أن يراعى ما يلحق رابطته بالمدين من وصف يعدل من أثر الدين . فإذا كانت هذه الرابطة معلقة عرى شرط واقف أو مقترنة بأجل ، وجب على الدائن ألا يطالب المدين إلا عند تحقق الشرط وإلا عند حلول الأجل . وقد تكون رابطة أحد الدائنين معلقة على شرط ، ورابطة مدين ثان مقترنة بأجل ، ورابطة مدين ثالث منجزة ، فالأول لا يطالب بالدين إلا عند تحقيق الشرط ، والثانى لا يطالب به إلا عند حلول الأجل ، وللثالث أن يطالب به فوراً ( [371] ) .
$ 220 $
136 - أوجه الدفع التى يحتج بها على الدائن المطالب : تنص الفقرة الثانية من المادة 281 مدنى ، كما رأينا ، على ما يأتى : " ولا يجوز للمدين إذا طالبه أحد الدائنين المتضامنين بالوفاء أن يحتج على هذا الدائن بأوجه الدفع الخاصة بغيره من الدائنين ، ولكن يجوز له أن يحتج على الدائن المطالب بأوجه الدفع الخاصة بهذا الدائن وبأوجه الدفع المشتركة بين الدائنين جميعاً " . فإذا طالب أحد الدائنين المتضامنين المدين بالوفاء ، على الوجه الذى بيناه فيما تقدم ، كان للمدين أن يدفع هذه المطالبة بأوجه الدفع الخاصة بالدائن المطالب وبأوجه الدفع المشتركة بين الدائنين جميعاً ، وليس له أن يدفع المطالبة بأوجه الدفع الخاصة بغير الدائن المطالب من الدائنين .
أما أوجه الدفع الخاصة بالدائن المطالب ، فمثلاً أن تكون الرابطة التى تربط المدين بهذا لدائن مشوبة بعيب فى رضاء المدين لغلط أو تدليس أو إكراه ، أو تكون هذه الرابطة قابلة للفسخ ، أو تكون قد انقضت لمقاصة وقعت بين المدين وهذا الدائن أو تجديد أو إبراء أن تقادم أو نحو ذلك ، وهذه جميعاً يحتج بها المدين على الدائن ، وسنرى تفصيلها فيما يلى .
وأما أوجه الدفع المشتركة بين الدائنين جميعاً ، فمثلها أن يكون العقد الذى أنشأ الالتزام التضامنى باطلاً فى الأصل أو قابلاً للإبطال لنقض فى أهلية المدين أو لعيب فى رضاه من شأنه أن يحتج به على جميع الدائنين ، أو أن يكون العقد قابلاً للفسخ بالنسبة إلى هؤلاء جميعاً ، أو أن يكون المدين قد وفى الدين جميعه لدائن آخر غير الدائن المطالب فبرئت ذمته نحو الجميع على الوجه الذى قدمناه . فهذه الأوجه كلها يحتج بها المدين ، ويدفع بها مطالبة الدائن .
ولا يحتج المدين بأوجه الدفع الخاصة بدائن غير الدائن المطالب ، كما سبق القول . مثل ذلك تدليس أو إكراه صدر من دائن آخر ، أو سبب للفسخ قائم فى جانب دائن آخر ، أو مقاصة أو إبراء أو تجديد أو تقادم وقع بالنسبة إلى دائن آخر إلا فيما يتعلق بحصة هذا الدائن ( [372] ) .
$ 221 $
2 - انقضاء الدين بأسباب أخرى غير الوفاء
137 - المبدأ العام ( تذكرة ) : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 282 مدنى تنص على أنه " إذا برئت ذمة المدين قبل أحد الدائنين المتضامنين بسبب غير الوفاء ، فلا تبرأ ذمته قبل باقى الدائنين إلا بقدر حصة الدائن الذى برئت ذمة المدين قبله " . وقد قدمنا أن الأصل فى ذلك أنه إذا كان كل دائن متضامن وكيلاً عن سائر الدائنين فى استيفاء الدين إذ أن هذا الاستيفاء فى مصلحتهم جميعاً فيرجعون على الدائن كل بحصته فى الدين ، فإنه بالنسبة إلى أسباب الانقضاء الأخرى لا يعتبر الدائن المتضامن وكيلاً عن سائر الدائنين ، بل يكون أصيلاً عن نفسه فحسب . فإذا انقضى الالتزام بسبب من أسباب الانقضاء غير الوفاء . وقام هذا السبب بأحد الدائنين المتضامنين ، برئت ذمة المدين بالنسبة إلى سائر الدائنين من حصة هذا الدائن وحده ، وبقيت مشغولة بباقى الدين . وذلك لأن أسباب الانقضاء الأخرى غير الوفاء لا تفيد سائر الدائنين كالوفاء ، فلا يجوز أن يضاروا بها ( [373] ) .
ونستعرض الآن أسباب الانقضاء المختلفة لنطبق قفى شأنها هذا المبدأ . وقد طبقه التقنين المدنى الجديد تطبيقاً تشريعياً فى التضامن بين المدينين لكثرة وقوعه ، واقتصر فى التضامن بين الدائنين على إيراد المبدأ لندرة هذا التضامن $ 222 $ فى العمل كما قدمنا ( [374] ) .
138 - التجديد : فإذا جدد أحد الدائنين المتضامنين الدين مع المدين ، إما بتغيير محل الدين أو مصدره أو بتغيير المدين أو بتغيير الدائن نفسه ، فإن التجديد يقضى حصة الدائن فى الدين بالنسبة إلى سائر الدائنين . ولأى دائن آخر أن يرجع على المدين ببقية الدين بعد أن يستنزل حصة الدائن الذى وقع منه التجديد ، فلا تبرأ ذمة المدين إذن نحو سائر الدائنين إلا بقدر حصة هذا الدائن ( [375] ) . فإذا ما رجع دائن آخر على المدين بالدين على الوجه المذكور ، فإن المدين يكون قد دفع كل الدين أولاً عن طريق التجديد ، ثم دفعه مرة أخرى منقوصاً منه حصة الدائن الذى وقع منه التجديد ، فيرجع على هذا الدائن بما دفعه فى المرة الأخرى فإن هذا هو القدر الذى دفعه زائداً على ما فى ذمته .
وهذا الحكم يختلف قليلاً عن الحكم المقابل له فى التضامن السلبى ، حيث تنص المادة 286 مدنى على أنه " يترتب على تجديد الدين بين الدائن وأحد المدينين المتضامنين أن تبرأ ذمة باقى المدينين ، إلا إذا احتفظ الدائن بحقه قبلهم " ( [376] ) . وسيأتى تفصيل ذلك فيما يلى .
$ 223 $
139 - المقاصة : وإذا وقعت مقاصة ما بين أحد الدائنين المتضامنين والمدين ، فإن هذه المقاصة لا تقضى الدن بالنسبة إلى سائر الدائنين المتضامنين إلا بقدر حصة الدائن الذى وقعت مع المقاصة . فلا يجوز إذن للمدين أن يتمسك قبل الدائنين بالمقاصة التى وقعت مع واحد منهم إلا بقدر حصة هذا الدائن ( [377] ) ، ثم يرجع المدين على الدائن الذى وقعت مع المقاصة بما دفعه للدائنين الآخرين زائداً عما فى ذمته . وهذا هو أيضاً حكم المقاصة فى التضامن السلبى ( انظر م287 مدنى ) .
140 - إتحاد الذمة : وإذا اتحدت ذمة أحد الدائنين المتضامنين بذمة المدين ، بأن ورث المدين أحد هؤلاء الدائنين ، فإن اتحاد الذمة لا يقضى الدين بالنسبة إلى سائر الدائنين المتضامنين إلا بقدر حصة الدائن الذى وقع معه $ 224 $ اتحاد الذمة ، فلا يتمسك المدين باتحاد الذمة إلا بقدر حصة هذا الدائن ( [378] ) .
وهذا هو أيضاً كحم اتحاد الذمة فى التضامن السلبى ( انظر م288 مدنى ( [379] ) ) .
141 - الإبراء : وإذا أبرأ أحد الدائنين المتضامنين المدين ، لم تبرأ ذمة المدين نحو سائر الدائنين المتضامنين إلا بقدر حصة الدائن الذى صدر منه الإبراء . ويرجع أى دائن آخر على المدين ببقية الدين بعد أن يستنزل نصيب هذا الدائن . وهذا هو أيضاً حكم الإبراء فى التضامن السلبى ( انظر المادة 289 / 1 مدنى ( [380] ) ) .
$ 225 $
142 - التقادم : وإذا تقادم الدين بالنسبة إلى أحد الدائنين المتضامنين ولم يتقادم بالنسبة إلى الآخرين – بأن كان الآخرون مثلاً قد علق حقهم على شرط واقف أو أضيف إلى أجل ، فلم يسر التقادم بالنسبة إليهم إلا بعد سريانه بالنسبة إلى الدائن الأول ذى الحق المنجز ، فلنقضى حق هذا بالتقادم دون أن تنقضى حقوق أولئك – فإن المدين لا يحتج على سائر الدائنين الذين لم ينقص حقهم بالتقادم إلا بقدر حصة الدائن الذى قضى التقادم حقه ( [381] ) . وهذا هو أيضاً حكم التقادم فى التضامن السلبى ( انظر المادة 292 / 1 مدنى ( [382] ) ) .
$ 226 $
3 - أعمال الدائن التى من شأنها تقع سار الدائنين أو الإضرار بهم
143 - المبدأ العام ( تذكرة ) : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 282 مدنى تنص على ما يأتى : " ولا يجوز لأحد الدائنين المتضامنين أن يأتى عملاً من شأنه الإضرار بالدائنين الآخرين " . وقد قدمنا أن الأصل فى ذلك أن وكالة كل دائن متضامن عن سائر الدائنين المتضامنين إنما تقوم فى كل عمل من شأنه أن ينفعهم ، وهى لا تقوم فى أى عمل من شأنه أن يضر بهم . وهذا جد معقول ، فإن الدائنين المتضامنين إذا وكل كل منهم الآخر فإنما يوكله فيما ينفعه لا فيما يضره . والمبدأ ذاته متبع أيضاً فى التضامن السلبى كما سنرى .
ونطبقه الآن – كما طبقه المشرع فى صدد التضامن السلبى – على نوعين من الأعمال : ( 1 ) أعمال من شأنها نفع الدائنين الآخرين فيسرى أثرها فى حقهم ، ونستعرض منها قطع التقادم ووقفه وإعذار المدين ومطالبته مطالبة قضائية والصلح معه صلحاً يفيد الدائنين وإقراره بالدين والحكم الذى يصدر لصالح أحد الدائنين . ( 2 ) وأعمال من شأنها الإضرار بالدائنين الآخرين فلا يسرى أثرها فى حقهم ، ونستعرض منها إعذار الدائن والخطأ الذى يصدر منه والصلح مع المدين صلحاً يضر الدائنين ونكول الدائن عن اليمين وتوجيه اليمين للمدين والحكم الذى يصدر لصالح المدين .
144 - الأعمال النافعة : إذا قطع أحد الدائنين المتضامنين التقادم ينقطع لصالح سائر الدائنين المتضامنين ، لأن الدائن الذى قطع التقادم يعتبر وكيلاً عنهم فى هذا العمل الذى يفيدهم جمعياً ( [383] ) . وعكس ذلك هو حكم قطع التقادم فى التضامن السلبى ، إذا قطع الدائن التقادم ضد أحد المدينين $ 227 $ المتضامنين ، فإن قطع التقادم ضده لا يضر بالمدينين الآخرين ( انظر المادة 29 / 2 مدنى ) . وإذا كان سريان التقادم موقوفاً بالنسبة إلى أحد الدائنين المتضامنين ، بأن كان مثلاً ناقص الأهلية وليس له ولى ، فإنه لا يوقف بالنسبة إلى باقى الدائنين ممن لا يقوم بهم سبب لوقف التقادم ( [384] ) .
وإذا أعذر أحد الدائنين المتضامنين المدين ، اعتبر المدين معذراً لصالح سائر الدائنين المتضامنين ، لأن الإعذار عمل يفيدهم جميعاً . وكذلك إذا طالب الدائن المدين مطالبة قضائية بالفوائد ، فإن الفوائد تسرى أيضاً لصالح سائر الدائنين . والحكم عكس ذلك فى التضامن السلبى ، فإنما يعتبر مفيداً للدائن يكون ضاراً بالمدين ( انظر المادة 293 / 2 مدنى ) .
وإذا صالح أحد الدائنين المتضامنين المدين ، وتضمن الصلح إقرار المدين بالدين أو رتب فى ذمته التزاماً أو زاد فى التزامه ، فإن هذا الصلح يفيد منه باقى الدائنين ( [385] ) . ( انظر فى التضامن السلبى المادة 294 مدنى ) .وإذا أقر المدين لأحد الدائنين المتضامنين بالدين ، أفاد سائر الدائنين من هذا الإقرار ، بخلاف ما إذا أقر أحد الدائنين للمدين فإن هاذ الإقرار لا يسرى فى حق الباقين ( انظر فى التضامن السلبى المادة 295 / 1 مدنى ) .
وإذا صدر حكم على المدين لصالح أحد الدائنين المتضامنين ، جاز للدائنين المتضامنين الباقين أن يتمسكوا بهذا الحكم لصالحهم ، إلا إذا كان الحكم مبيناً على سبب خاص بالدائن الذى صدر الحكم لصالحه ( انظر فى التضامن السلبى المادة 296 / 2 مدنى ) ( [386] ) .
$ 228 $
145 - الأعمال الضارة : أما إذا أعذر المدين أحد الدائنين المتضامنين ، فإن هذا الإعذار لا يسرى فى حق الباقين ، لأن هذا عمل من شأنه الإضرار بهم وهم لم يوكلوا الدائن المعذر فى عمل يضرهم ( انظر فى التضامن السلبى المادة 293 / 2 مدنى ) .
وإذا ارتكب أحد الدائنين المتضامنين خطأ استوجب مسئوليته قبل المدين ، فإن هذا الخطأ لا يتعدى أثره إلى سائر الدائنين المتضامنين ولا يكونون مسئولين عنه ، ولا يكون أى دائن متضامن مسئولاً إلا عن فعله ( انظر فى التضامن السلبى المادة 293 / 1 مدنى ) .
وإذا صالح أحد المتضامنين المدين وكان الصلح ينطوى على نزول من الدائن عن بعض حقه ، فإن هذا الصلح لا يسرى فى حق الدائنين المتضامنين الآخرين ، ولا يعد هؤلاء نازلين عن بعض حقهم إلا إذا قبلوا هذا الصلح ( انظر فى التضامن السلبى المادة 294 مدنى ) ( [387] ) .
وفى توجيه اليمين ، إما أن يوجه المدين اليمين لأحد الدائنين المتضامنين أو يوجه أحد الدائنين المتضامنين اليمين للمدين . ففى الحالة الأولى ، إذا حلف الدائن المتضامن أفاد من حلفه الباقون ، وإذا نكل لم يضار الباقون بنكوله . وفى الحالة الثانية ، إذا حلف المدين لم يضار الدائنون الآخرون بحلفه ، وإذا نكل أفاد من نكوله الدائنون الآخرون ( انظر فى التضامن السلبى المادة 259 / 2 و3 مدنى ) .
$ 229 $
وإذا صدر حكم ضد أحد الدائنين المتضامنين لصالح المدين ، فإن هذا الحكم لا يحتج به ضد سائر الدائنين المتضامنين ( انظر فى التضامن السلبى المادة 296 / 1 مدنى ) ( [388] ) .
وهكذا يضطرد المبدأ الذى قدمناه : ما كان من عمل يفيد سائر الدائنين فإنهم يفيدون منه ، وما كان من عمل يضرهم فإنهم لا يضارون به .
المطلب الثانى
علاقة الدائنين المتضامنين بعضهم ببعض
146 - النصوص القانونية : تنص المادة 283 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - كل ما يستوفيه أحد الدائنين المتضامنين من المدين يصير من حق الدائنين جميعاً ويتحاصون فيه " .
" 2 - وتكون القسمة بينهم بالتساوى ، إلا إذا وجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك " ( [389] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 107 / 161 ( [390] ) .
$ 230 $
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 283 ، وفى التقنين المدنى الليبى المادة 270 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 319 ، وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 20 - 22 ( [391] ) .
147 - انقسام الدين فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض : إذا كان الدين لا ينقسم على علاقة الدائنين المتضامنين بالمدين ، بل يجوز لأى دائن استيفاء كل الدين من المدين ويجوز للمدين دفع الدين كله لأى دائن ، فإن الدين فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض ينقسم . وما يستوفيه أحد الدائنين المتضامنين من الدين يصير من حق الدائنين جميعاً ، منقسماً بينهم لكل منهم حصته ( م283 / 1 مدنى ) .
$ 231 $
وهذه القاعدة تسرى أياً كانت طريقة الدائن فى استيفاء الدين . فيجوز أن يستوفيه رأساً من المدين ، كما يجوز أن يستوفيه من كفيل للمدين . أو من محال عليه إذا حول المدين الدائن بحق للمدين على الغير وهذه هى حوالة الحق ، أو حوله بالدين على مدين آخر وهذه هى حوالة الدين ( [392] ) .
وتسرى القاعدة أيضاً أياً كان المقدار الذى استوفه الدائن : كل الدين أو بعضه . فإذا كان قد استوفى بعض الدين ، جاز لكل دائن آخر أن يرجع عليه رجوعاً جزئياً بقدر حصته فى هذا لبعض . أما إذا اتفق الدائن مع المدين على أن يفى له بحصته وحده فى الدين ، فقد قدمنا أن هذا الاتفاق يصح ، وتبرأ ذمة المدين بقدر هذه الحصة ، ويكون لأى دائن آخر أن يطالب المدين ببقية الدين بعد أن يستنزل حصة الدائن الذى استوفى حصته ( [393] ) ، وإن كان هناك رأى يذهب إلى أن الدائنين الآخرين لهم حتى فى هذه الحالة الرجوع على المدين الذى قبض حصته كل بنسبة حصته فى الدين ( [394] ) ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك ( [395] ) .
$ 232 $
148 - الأساس القانون لرجوع كل دائن بحصته : ويجب أن نلتمس الأساس القانون لرجوع كل دائن بحصته فى العلاقة التى قام التضامن على أساسها بين الدائنين المتضامنين . فهم ولا شك شركاء فى مصلحة واحدة . فقد يكونون ملاكاً على الشيوع لدار باعوها معاً متضامنين فى استيفاء الثمن من المشترى . فعقد البيع الذى أنشأ الالتزام بالثمن وأنشأ فى الوقت ذاته علاقة التضامن ما بين البائعين يمكن أن تستخلص منه ، فى هذه الحالة ، وكالة ضمنية صادرة من كل بائع للبائعين الآخرين فى استيفاء الثمن نيابة عنه وبتوكيله . فإذا أمكن استخلاص ذلك – وهو ممكن فى أكثر الأحوال – كان أساس الرجوع هو عقد الوكالة الضمنى المستخلص من رابطة التضامن ( [396] ) .
وإذا لم يمكن استخلاص وكالة ضمنية ، فإن قبض أحد الدائنين لجميع الدين إنما يكون أصالة فى حصته ، وفضالة فى حصص سائر الدائنين . فيرجع هؤلاء على الدائن الذى استوفى الدين ، كل بقدر حصته ، على مقتضى قواعد الفضالة .
وسنرى فى التضامن السلبى أن المدين المتضامن ، إذا وفى كل الدين ، رجع على المدينين المتضامنين كل بقدر حصته ، إما بدعى شخصية تقوم على الوكالة أو الفضالة كما فى التضامن الإيجابى ، وإما بدعوى الحلول فيحل المدين الذى وفى الدين محل الدائن فى الدين الذى وفاه . ولا تتصور دعوى الحلول فى التضامن الإيجابى ، فإن هذه الدعوى لا تكون إلا لمدين دفع الدين ويريد الرجوع على المدينين الآخرين فيحل محل الدائن فى هذا الرجوع ، ولا شئ من ذلك فيما نحن فيه .
وتقو المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى بيان الأسس الذى يقوم عليه حق الرجوع ما يأتى : " وليس يبقى بعد ذلك سوى بيان الأساس الفقهى الذى يقوم عليه رجوع الدائنين المتضامنين فيما بينهم . وغنى عن البيان أن دعوى الحلول ، لا يتصور أن تتخذ أساساً فى هذا الشأن . فالأمر سينحصر إذن فى $ 233 $ الدعوى الشخصية ، وهى تؤسس على ما يكون بين هؤلاء الدائنين من علاقات سابقة ، قد يكون مصدرها وكالة أو فضالة " ( [397] ) .
149 - كيف تتعين حصة كل دائن متضامن : يغلب أن يكون هناك اتفاق سابق بين الدائنين المتضامين يعين لكل دائن حصته فى الدين . وقد يتولى القانون هذا التعيين إذا لم يكن هناك اتفاق . فإذا أغفل البائعون فى الشيوع مثلاً تعيين نصيب كل منهم فى الثمن ، فإن القواعد القانونية تقضى بأن الثمن ينقسم بينهم كل بنسبة حصته فى الدار الشائعة المبيعة .
بل إن القواعد القانونية قد تقضى بأن يكون أحد الدائنين المتضامنين هو وحده صاحب المصلحة فى الدين ، وذلك إذا كان الدائنون الآخرون ليسو إلا وكلاء سخرهم للعمل بالنيابة عنه ، وجعلهم دائنين متضامنين معه . ففى مثل هذه الحالة إذا كان الذى استوفى الدين من المدين هو الدائن صاحب المصلحة فيه ، فليس لأحد من الآخرين حق الرجوع عليه بشئ . أما إذا كان الذى استوفى الدين هو دائن آخر ، فإن صاحب المصلحة فى الدين يرجع عليه بكل ما قبض ، لأنه هو وحده صاحب الدين ( [398] ) .
فإذا لم يوجد اتفاق بين الدائنين أو نص فى القانون ، لم يبق إلا اعتبار الدائنين المتضامنين متساوين جميعاً فى حصصهم ، وقسم الدين بينهم بحسب الرؤوس ( parts viriles ) ، وهذا ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 283 مدنى ( [399] ) .
$ 234 $
" فلو فرض – كما تقول فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى – أن أحد دائنين ثلاثة استوفى كل الدين ، وكان مقداره 300 جنيه ، تعيين انقسام المبلغ بينهم بالتساوى ، فيكون لكل من الدائنين الآخرين أن يرجع على الدائن الأول بمبلغ مائة جنيه . ولو فرض أن هذا الدائن أعسر إعساراً جزئياً لا ياح معه إلا أداء نصف ديونه ، تحمل الدائنان الآخران تبعة هذا الإعسار كل بنسبة نصف نصيبه ( فيحصل كل منهما على خمسين جنيهاً بدلاً من مائة ، ولا يتحمل المدين تبعة إعسار الدائن وهذه هى فائدة التضامن بالنسبة إليه ) . وكذلك يكون الحكم لو أن المدين نفسه هو الذى أعسر ولم يتيسر لمن طالبه من الدائنين المتضامنين إلا استيفاء نصف الدين أى مبلغ 150 جنيه ، فلا يكون لكل من الدائنين الآخرين فى هذه الحالة أن يستوفى إلا مبلغ خمسين جنيهاً ، وعلى هذا النحو يتحمل الدائنون الثلاثة تبعة هذا الإعسار كل بنسبة النصف من نصيبه " ( [400] ) .
المبحث الثالث
صورة خاصة من التضامن بين الدائنين
( الدين المشترك )
150 - الدين المشترك صورة خاصة من التضامن بين الدائنين يعرفها الفقه الإسلامى والتقنين المدنى العراقى دون التقنين المدنى المصرى وسائر التقنينات المدنية العربية : وهناك صورة خاصة من التضامن بين الدائنين لا تصل إلى المدى الذى رسمناه فيما تقدم ، بل تقصر عنه فى بعض النواحى ، وهذه الصورة الخاصة هى ما يعرفه الفقه الإسلامى تحت اسم " الدين $ 235 $ المشترك ( [401] ) " . وقد نقلها عن الفقه الإسلامى – وعن المجلة بنوع خاص – التقنين المدنى العراقى ، ولم ينقلها التقنين المدنى المصرى ولا التقنينات المدنية العربية الأخرى . ومن ثم يكون هذا البحث مقصوراً ، من ناحية التطبيق ، على التقين المدنى العراقى دون غيره من التقنينات المدنية العربية .
ونبحث الدين المشترك كما بحثنا التضامن بين الدائنين ، فنستعرض : ( أولاً ) مصدر الدين المشترك ( ثانياً ) الآثار التى تترتب على الاشتراك فى الدين .
$ 236 $
المطلب الأول
مصدر الدين المشترك
151 - نص فى التقنين المدنى العراقى : تنص المادة 303 من التقنين المدنى العراقى على ما يأتى :
" 1 - يكون الدين مشتركاً بين عدة دائنين إذا نشأ من سبب واحد ، وكان غير متجزئ إما لوحدة الصفقة أو لسبق الاشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين " .
" 2 - فيعتبر ديناً مشتركاً ثمن المبيع المشترك بين اثنين أو أكثر ، وثمن الشيئين ولو كانا غير مشتركين ، ما دام البيع فى الحالتين قد صدر صفقة واحدة من غير تعيين ثمن حصة كل واحد . ويعتبر ديناً مشتركاً كذلك الدين الآيل بالإرث إلى عدة ورثة ، وقيمة المال المشترك إذا استهلك ، وبدل القرض المستقرض من مال مشترك " .
ويتبين من هذا النص أن الدين المشترك بين عدة دائنين له مصدر واحد $ 237 $ لا يتعدد . ويجب إلى جانب ذلك أن يكون هناك اشتراك فى الدين بين الدائنين ، فما لم يوجد هذا الاشتراك انقسم الدين على الدائنين المتعددين وأصبح ديناً متعدد الأطراف ( obligation conjointe ) على النحو الذى قدمناه .
والاشتراك فى الدين إما أن يرجع إلى طبيعة الأشياء بأن يكون المال الذى نشأ عنه الدين مالاً مشتركاً ( أى شائعاً ) بين الدائنين فينشأ الاشتراك فى الدين من سبق الاشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين ، وإما أن يرجع إلى اتفاق المتعاقدين إذا تعدد الدائنون واتفقوا مع المدين على أن يكون الدين مشتركاً بينهم وذلك بأن يجعلوا الصفقة واحدة .
فهناك إذن مصدران للاشتراك فى الدين : ( 1 ) سبق الاشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين ( 2 ) ووحدة الصفقة . فنتناولهما متعاقبين بالبحث .
152 - سبق الاشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين : فى هذه الصورة يكون هناك مال شائع بين اثنين أو أكثر ويكون هذا المال هو مصدر الدين المشترك .
ويصح فى هذه الحالة أن ينشأ الدين مشتركاً مذ البداية ، ويتحقق ذلك إذا آل دين للتركة إلى ورثة متعددين . فإذا كان للتركة دين فى ذمة مدين لها ، وكان الورثة ثلاثة مثلاً – زوجاً وابناً وبنتاً – فكان للزوج الربع وللابن النصف وللبنت الربع ، كان هذا الدين الذى للتركة ديناً مشتركاً منذ البداية بين الورثة الثلاثة بالحصص المتقدمة الذكر ( [402] ) .
وقد يكون الموجود فى البداية هو المال الشائع لا الدين المشترك ، ثم ينشأ الدين المشترك بعد ذلك عن المال الشائع . مثل ذلك أن يرث ورثة متعددون عيناً من أعيان التركة على الشيوع ويبيع الورثة العين صفقة واحدة ، فالدين بالثمن الذى نشأ عن هذا المال الشائع يكون ديناً مشتركاً بين الورثة المتعددين . وقد يكون سبب الشيوع فى العين سبباً آخر غير الميراث ويبيع الملاك فى الشيوع $ 238 $ العين صفقة واحدة ، فيكون الدين بالثمن هنا أيضاً ديناً مشتركاً بين البائعين المتعددين . وإذا كانت العين الشائعة بين الملاك المتعددين قد أتلفها شخص فوجب عليه التعويض لملاك العين ، فالدين بالتعويض الذى نشأ عن هذا المال الشائع يكون ديناً مشتركاً بين الملاك المتعددين . وإذا أقرض الملاك المتعددون شخصاً مالاً شائعاً بينهم ، فالدين يرد القبض وقد نشأ عن مال شائع يكون ديناً مشتركاً بين المقرضين المتعددين ( [403] ) .
ونرى من الأمثلة المتقدمة أن الدين المشترك فى الصورة التى نحن بصددها هو دين قابل للتجزئة ، ولكن طبيعة الأشياء – أى سبق الاشتراك فى المال – اقتضت أن يبقى الدين مشتركاً بين الدائنين المتعددين .
$ 239 $ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ( غير موجودة )
$ 240 $ وثقوا علاقاتهم بعضهم ببعض أكثر مما وثقوها فيما إذا اتفقوا على الاشتراك فى الدين . وسنرى أن الآثار التى تترتب على الاشتراك فى الدين أقل مدى من تلك التى رأيناها تترتب على التضامن بين الدائن .
المطلب الثانى
الآثار التى تتربت على الاشتراك فى الدين
155 - المبادئ الرئيسية : يترتب على الاشتراك فى الدين ضرب من التضامن بين الدائنين هو فى جملته أقل توثيقاً من التضامن العادى الذى سبق بيانه . ويجب التمييز فى هذا الصدد بين علاقة الدائنين بالمدين وعلاقة الدائنين بعضهم ببعض .
( أولاً ) فمن حيث علاقة الدائنين بالمدين : ينقسم الدين على الدائنين ، ولا يستطيع أى دائن منهم أن يرجع على المدين إلا بحصته فى الدين ، يستوفيها بأى طريق من طرق الاستيفاء ، أى يقضيها بأى سبب من أسباب الانقضاء . وفى هذا يختلف الاشتراك فى الدين عن التضامن بين الدائنين اختلافاً بينا ، فقد رأينا أن الدائن المتضامن يستطيع الرجوع على المدين بكل الدين ، بحصته وبحصص شركائه ، وهؤلاء يرجعون عليه بعد ذلك كل منهم بحصته . وبينا أن هذا هو موضع الضعف فى التضامن ، فهو ضمان للمدين أكثر منه ضماناً للدائن ، إذ المدين تبرأ ذمته بدفع الدين كله لأحد الدائنين ، فإذا ما استوفى هذا كل الدين تعرض شركاؤه لخطر إعساره عند رجوعهم عليه بحصصهم .
وينبنى على أن الدائن فى الدين المشترك لا يرجع على الدين إلا بحصته أن كثيراً من مسائل التضامن فى الحالات التى ينقضى فيها الالتزام التضامنى بسبب غير الوفاء ، كالمقاصة والتجديد واتحاد الذمة والإبراء والتقادم ، لا تعرض فى الدين المشترك ، إذ الدائن فى هذا الدين لا يستوفى إلا حصته ، فلا محل للتساؤل عما إذا كان الدائنون الآخرون يحتج عليهم بانقضاء الدين كله أو بمقدار حصة شريكهم فحسب . ثم إن النيابة التبادلية لا محل لها فى الدين المشترك ، فالدائن فى هذا الدين لا يقبض إلا حصته ، فلا محل للقول بأنه يمثل شركاءه فى قبض $ 241 $ حصصهم . ونرى من ذلك أن كثيراً من الصعوبات التى تقوم فى نظام التضامن لا وجود لها فى نظام الدين المشترك ، وأن هذا النظام يفضل نظام التضامن من حيث علاقة الدائنين بالمدين .
( ثانياً ) أما من حيث علاقة الدائنين بعضهم ببعض ، فهنا تتجلى ذاتية نظام الدين المشترك . وإذا كان هذا النظام لا يخرج كثيراً عن القواعد العامة فى ناحية علاقة الدائنين بالمدين ، فإنه فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض ينحرف كثيراً عن هذه القواعد وتبرز مقوماته الرئيسية ، بل هو يقرب فى هذه الناحية من نظام تضامن الدائنين .
فالدائن إذا قبض حصته فى الدين من المدين ، كان للدائنين الآخرين أن يشاركوه فيما قبض كل بنسبة حصته فى الدين ( [404] ) . ثم يرجعون ، وهو معهم ، $ 242 $ على المدين بما بقى لهم فى ذمته . وللدائنين الآخرين أن يتركوا الدائن الذى قبض حصته ويتبعوا المدين بحصصهم ، فإذا كان المدين معسراً عند مطالبتهم إياه كان من حقهم أن يرجعوا على الدائن الذى قبض حصته ليحملوه نصيبه من التبعة عن إعسار المدين . وفى هذه القواعد يتمثل الضمان الذى ينطوى عليه نظام الدين المشترك . فكل دائن إذا قبض حصته لم تخلص له ، بل يبقى ضامناً للدائنين الآخرين حصصهم ويتحمل معهم تبعة إعسار المدين ( [405] ) . وللدائنين الآخرين $ 243 $ فى هذا وسيلتان : فأما أن يشاركوه فى حصته التى قبضها ، وإما أن يرجعوا عليه بالضمان إذا طالبوا المدين بحصصهم فوجدوه معسراً . وهذا ما يسبغ على نظام الدين المشترك قوته من حيث هو ضمان للدائنين . وهذا فى الوقت ذاته موطن الضعف فى هذا النظام ، فالدائن الذى يقبض حصته لا تخلص له الحصة كما قدمنا ، ولا يستطيع أن يطمئن إلى أنه قد استولى على حصته إلا بعد أن يستولى الدائنون الآخرون أيضاً على حصصهم .
ونظام تضامن الدائنين لا يبعد كثيراً عن هذا النظام . فقد رأينا أن الدائن المتضامن إذا قبض من المدين جزءاً من الدين ، حتى لو كان هذا الجزء معادلاً لحصته على خلاف فى الرأى ، جاز للدائنين الآخرين أن يشاركوه فيما قبض كل بنسبة حصته . ورأينا كذلك أن المدين إذا أعسر تحمل كل الدائنين تبعة هذا الإعسار . ففى هذه الأحكام يتلاقى نظام الدين المشترك مع نظام تضامن الدائنين .
156 - جواز الاتفاق على استبعاد الاشتراك فى الدين : ومهما يكن من أمر الدين المشترك ، أو ما ينطوى عليه نظامه من مزايا وعيوب ، فإنه يجوز أن يتفق ذوو الشأن على استبعاد هذا النظام . وقد نصت المادة 314 من التقنين المدنى العراقى على أنه " 1 - فى الدين المشترك يجوز الاتفاق فيما بين الشركاء على أن يكون لكل منهم الحق فى قبض حصته من الدين ، من غير أن يكون لسائر الشركاء الرجوع عليه لو توت حصصهم . 2 - وفى هذه الحالة ينقسم الدين المشترك على الدائنين قسمة تامة ، ويختص كل منهم بحصته فى الدين من غير أن يشاركه فيها غيره بوجه من الوجوه " .
ونظام الدين المشترك ، فى حالة وحدة الصفقة ، ليس فى حالة إلى الاستبعاد ، لأن ذوى الشأن فى هذه الحالة هم الذين أرادوا هذا النظام وعبروا عن هذه الإرادة من طريق وحدة الصفقة ، فإذا كانوا لا يريدونه فليس أيسر عليهم من أن يتجنبوا طريقه . ولكن نظام الدين المشترك فى حالة سبق الاشتراك فى المال الذى $ 244 $ نشأ عنه الدين هو الذى يكون فى حاجة إلى الاستبعاد ، فإن النظام فى هذه الحالة يكون مفروضاً على ذوى الشأن إلا إذا اتفقوا على استبعاده ، كما تقضى المادة 314 من التقنين المدنى العراقى سالفة الذكر .
والاستبعاد يكون باتفاق الدائنين فيما بينهم على أن يستقل كل دائن بحصته فى الدين ، فإذا قبضها لم يشاركه فيها الدائنون الآخرون ، وتخلص له الحصة حتى لو أعسر المدين بعد ذلك ، فلا يكون للدائنين حق الرجوع عليه لتحميله نصيبه فى هذا الإعسار . ومن ثم ينقسم الدين المشترك قسمة تامة على الدائنين ، ويصبح ديناً متعدد الأطراف ( obligation conjointe ) كل دائن له جزء من الدين يستقل به ولا يشاركه فيه الدائنون الآخرون بوجه من الوجوه . وقد لجأ التقنين المدنى العراقى إلى هذه الوسيلة حتى يفتح الطريق أمام ذوى الشأن لتجنب عيوب نظام الدين المشترك إذا شاءوا ذلك ( [406] ) .
ونبحث الآن آثار الاشتراك فى الدين : ( 1 ) من حيث علاقة الدائنين بالمدين ( 2 ) ومن حيث علاقة الدائنين بعضهم ببعض وهى الناحية التى تبرز فيها مقومات الدين المشترك كما قدمنا .
$ 245 $
1 - العلاقة ما بين الدائنين والمدين فى الدين المشترك
157 - المسائل الرئيسية : قدمنا أن كل دائن فى علاقته بالمدين يطالبه بحصته فى الدين وحدها ، فيستوفيها بطريق من طرق الوفاء ، ومن ثم $ 246 $ ينقسم الدين على الدائنين فى علاقتهم بالمدين خلافاً للدين التضامنى . ثم إن علاقة كل دائن بالمدين قد تنقضى بسبب من أسباب انقضاء الالتزام غير الوفاء . ولا تقوم بين الدائنين المشتركين فى الدين أية نيابة تبادلي ، لا فيما يضر ولا فيما ينفع . هذه هى المسائل الرئيسية الثلاث التى نتناولها بالبحث مسألة مسألة ( [407] ) .
158 - الوفاء : لأى دائن أن يطالب المدين بحصته فى المدين كما قدمنا ، ولا يستطيع أن يطالبه بأكثر من حصته ولو كان الدين كله مضموناً بتأمين شخصى أو عينى . كذلك يستطيع المدين أن يفى لأى دائن بحصته فى الدين دون زيادة ( [408] ) ، فتبرأ ذمته من هذه الحصة ، إلا إذا شارك فيها الدائنون الآخرون فعند ذلك يعود الدائن الذى قبض حصته فيطالب المدين بما نقص منها بعد هذه المشاركة . وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 304 من التقنين المدنى العراقى على أنه " إذا كان الدين مشتركاً ، فلكل واحد من الشركاء أن يطلب حصته منه " ( [409] ) . وحصة كل دائن فى الدين تتحدد باتفاق بين الدائنين ، $ 247 $ وقد يكون القانون هو الذى يحددها كما لو كان الدائنون ورثة فى مال شائع وباعوه صفقة واحدة فيكون الثمن ديناً مشتركاً بينهم كل له فيه بنسبة حصته فى الإرث على الوجه الذى يحدده قانون الميراث . فإذا لم يوجد اتفاق أو نص فى القانون يحدد مقدار حصة كل دائن ، فالمفروض أن حصصهم متساوية .
وقد يستوفى الدائن حصته من كفيل أو محال عليه ، بأن يكون للمدين كفيل فيرجع عليه الدائن بحصته ، أو يحيل المدين الدائن بحصته على مدين آخر .
$ 248 $
وتنص المادة 306 من التقنين المدنى العراقى فى هذا الصدد على أنه " إذا أخذ أحد الشركاء من المدين كفيلاً بحصته فى الدين المشترك ، أو أحاله المدين على آخر ، فللشركاء أن يشاركوه فى المبلغ الذى يأخذه من الكفيل أو المحال عليه " . بل يجوز أن يستوفى الدائن حصته بأن يحيل هو شخصاً آخر بهذه الحصة على المدين ، والحوالة هنا تكون حوالة حق لا حوالة دين .
وللدائن كذلك أن يستوفى حصته فى الدين عن طريق الوفاء بمقابل ، فيأخذ من المدين مالاً آخر بحصته ، يشتريه أو يستأجره . وهذا ما تنص عليه المادتان 307 و308 من التقنين المدنى العراقى . فتنص المادة 307 على أنه " إذا اشترى أحد الشركاء بحصته من الدين المشترك مالاً من المدين ، فشركاؤه مخيرون إن شاءوا ضمنوه ما أصاب حصصهم من ثمن ما اشتراه ، وإن شاءوا رجعوا بحصصهم على المدين " . وتنص المادة 308 على أنه " إذا استأجر أحد الشركاء بحصته من المدين المشترك شيئاً ، صار قبضاً لحصته ، ولشركائه الخيار فى تضمنيه ما أصاب حصصهم وفى أتباع المدين " .
159 - انقضاء الدين بأسباب أخرى غير الوفاء : وقد ينقضى التزام المدين بحصة الدائن بسبب آخر غير الوفاء فينقضى الالتزام بالتحديد ، بأن يتفق الدائن مع المدين على تجديد هذه الحصة فى الدين بتغيير المحل أو السبب أو الدائن أو المدين . وينقضى الالتزام بالمقاصة بأن يثبت للمدين فى ذمة الدائن ، قبل وجوب الدين المشترك أو بعده ( م311 من التقنين المدنى العراقى ) ، دين مقابل نشأ عن عقد كأن يكفل الدائن للمدين مديناً للمدين ويرجع المدين عليه باعتباره كفيلاً ( م312 / عراقى ) ، أو نشأ عن عمل غير مشروع كأن يتلف الدائن للمدين مالً فيجب عليه التعويض ( م312 / 1 عراقى ) ، أو نشأ عن أى مصدر آخر ، وتوافرت شروط المقاصة القانونية ، فإن الدينين يتلاقيان قصاصاً فينقضيان . وينقضى الالتزام باتحاد الذمة ، بأن يموت الدائنين ويرثه المدين . وينقضى الالتزام بالإبراء أو بالهبة ، بأن يبرئ الدائن المدين من حصته فى الدين أو يهبه إياها ( م313 عراقى ) ، فينقضى الدين بالإبراء أو بالهبة . وينقضى الالتزام بالتقادم ، وقد تتقادم حصة أحد الدائنين دون أن تتقادم حصص الآخرين بأن يقطع الدائنون الآخرون التقادم ، دون أن $ 249 $ يقطعه الدائن الأول ، فتنقضى حصة هذا الدائن بالتقادم دون أن تنقضى حصص الآخرين .
ويلاحظ أنه فى أسباب الانقضاء المتقدمة الذكر لا ينقضى الدين كله كما قدمنا ، وإنما تنقضى حصة أحد الدائنين ، فلا يعرض فى هذه الحالات ما كان يعرض فى صدد تضامن الدائنين من أن للمدين أن يحتج بمقدار حصة من قام به سبب الانقضاء . ذلك لأن أى دائن فى الدين المشترك لا يطالب المدين إلا بحصته فى الدين ، وليس بكل الدين كما فى تضامن الدائنين ، فلا محل لأن يحتج المدين عليه بانقضاء حصة دائن آخر ما دام الدائن الأول لا يطالب إلا بحصته هو .
وسنرى ، عند الكلام فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض ، كيف يرجع الدائنون الآخرون على الدائن الذى انقضت حصته بسبب غير الوفاء .
160 - عدم قيام النيابة التبادلية بين الدائنين : ثم إن الدائنين فى الدين المشترك لا تقوم بينهم نيابة تبادلية كما تقوم فى التضامن على ما قدمنا ، وذلك لا فيما يضر ولا فيما ينفع .
فإذا قطع أحد الدائنين التقادم على المدين ، فإنما يقطعه فى حصته ، ولا ينقطع التقادم بالنسبة إلى حصص الآخرين . وكذلك إذا وقف التقادم بالنسبة إلى أحد الدائنين ، فإنه لا يقف تبعاً ذلك بالنسبة إلى الآخرين .
وكل دائن مسئول وحده عن خطأه ، ولا يسأل عن خطأ الآخرين .
وإذا أعذر أحد الدائنين المدين أو قاضاه ، فإنما يعذره أو يقاضيه فى حصته وحدها ، ولا يتعدى أثر ذلك إلى حصص الدائنين الآخرين . وإذا أعذر المدين أحد الدائنين ، فلا يكون هذا إعذاراً للباقين .
وإذا صالح أحد الدائنين المدين فإنما يصالحه على حصته وحدها ، ولا يضر هذا الصلح الدائنين الآخرين ولا ينفعهم .
وإذا أقر أحد الدائنين للمدين ، أو أقر المدين لأحد الدائنين ، فإن الإقرار يقتصر أثره على المقر ، ولا يفيد الدائنين الآخرين ولا يضرهم ( [410] ) .
$ 250 $
واليمين إذا جهت من أحد الدائنين إلى المدين ، أو وجهت من المدين إلى أحد الدائنين ، فحلف من وجهت إليه اليمين أو نكل ، فإن أثر ذلك كله لا يتعدى إلى الدائنين الآخرين .
والحكم الصادر لمصلحة أحد الدائنين أو ضده لا يسرى فى حق الدائنين الآخرين ، إلا إذا كان الدائنون ورثة فكل منهم يعتبر ممثلاً للآخرين ( [411] ) .
2 - علاقة الدائنين بعضهم ببعض فى الدين المشترك
161 - المسائل الرئيسية : قدمنا أن أيا من الدائنين إذا قبض حصته من الدين المشترك أو استوفاها بأى سبب آخر ، كان للدائنين الآخرين أن يشاركوه فيها عيناً ، أو أن يتبعوا المدين فإن كان معسراً رجعوا على الدائن الذى قبض حصته فحملوه نصيبه فى إعسار المدين . فنتكلم فى حالة ما إذا شارك الدائنون الآخرون الدائن ، ثم فى حالة ما إذا رجعوا عليه بنصيبه فى إعسار المدين .
162 - مشاركة الدائنين الآخرين للدائن فى حصة : تنص الفقرة الثانية من المادة 304 من التقنين المدنى العراقى على ما يأتى : " فإذا قبض أحد الشركاء شيئاً من الدين المشترك ، فالشركاء الآخرون بالخيار ، إن شاءوا شاركوه فيما قبض عيناً ويتبعون هم والقابض المدين بما بقى لكل منهم فى ذمته ، وإن شاءوا تركوا للقابض ما قبضه واتبعوا المدين بحصتهم " . ويتبين من هذا النص أنه إذا قبض أحد الدائنين من المدين شيئاً من الدين المشترك ، سواء كان ذلك بمقدار حصته أو بأقل أو بأكثر ( [412] ) ، كان للدائنين الآخرين أن يشاركوه فيما قبضه عيناً كل بنسبة حصته فى الدين ، فلو فرضنا أن الدين المشترك $ 251 $ تسعمائة وأن الدائنين ثلاثة بحصص متساوية ، وقبض أحدهم من المدين حصته وهى ثلثمائة ، كان لكل من الدائنين الآخرين أن يشارك الدائن الأول فيما قبض فيأخذ منه مائة . وعند ذلك يكون كل من الثلاثة الدائنين قد استوفى من حصته مائة ، ويبقى له مائتان . فإذا فرض أن دائناً منهم استوفى بعد ذلك من المدين مائة وخمسين ، جاز لكل من الدائنين الآخرين أن يشارك هذا الدائن فيما قبض فيأخذ منه خمسين . وعند ذلك يكون كل من الثلاثة الدائنين قد استوفى من حصته مائة وخمسين ، ويبقى له مائة وخمسون . فإذا قبض أحدهم من المدين بعد ذلك مائة وخمسين ، جاز لكل من الآخرين أن يشاركه فيما قبض فيأخذ منه خمسين . وعند ذلك يكون كل من الثلاثة الدائنين قد استوفى من حصته مائتين ، ويبقى له مائة . وهكذا كلما قبض أحد الدائنين من المدين ما بقى من حصته أو جزءاً من ذلك ، جاز للدائنين الآخرين أن يشاركاه فيما قبض على النحو المتقدم الذكر ، حتى يستوفى كل من الثلاثة حصته بأكملها ( [413] ) .
وقد يقبض أحد الدائنين شيئاً من الدين المشترك ويتصرف فيه بالبيع أو الهبة أو غير ذلك من التصرفات أو يستهلكه ، فعند ذلك يكون للدائنين الآخرين – إذا اختاروا مشاركته – أن يرجعوا عليه بالضمان بنسبة حصة كل منهم على الوجه المتقدم الذكر . أما إذا كان المقبوض عيناً وتلفت فى يد القابض بسبب أجنبى ، فإن القابض يعتبر مستوفياً لما قبضه ويحسب عليه من حصته ، ولا يكون للدائنين $ 252 $ الآخرون رجوع عليه ، وإنما يطالبون المدين بحصصهم فى الدين ( [414] ) . وتنص المادة 305 من التقنين المدنى العراقى فى هذا الصدد على ما يأتى : " 1 - إذا قبض أحد الشركاء حصته من الدين المشترك ، وأخرجها من يده بوجه من الوجوه أو استهلكها ، فللشركاء الآخرين أن يضمنوه نصيبهم منها . 2 - أما إذا تلفت فى يده بلا تقصير منه ، فلا يضمن نصيب شركائه فى المقبوض ويكون مستوفياً حقه . وما بقى من الدين بذمة المدين يكون للشركاء الآخرين " .
وما قدمناه من رجوع الدائنين على الدائن الذى قبض شيئاً من الدين المشترك يسرى أياً كانت كيفية استيفاء الدائن لما قبض ، فقد يقبض عن طريق وفاء المدين له للجزء الذى قبضه ، وقد يقبض عن طريق رجوعه على كفيل المدين أو من أحال عليه المدين الدين ( م306 عراقى ) .
أما إذا قبض أحد الدائنين مقابلاً لحصته ، فليس للدائنين الآخرين أن يشاركوه عيناً فيما قبض من المقابل ، بل كل ما لهم هو أن يرجعوا عليه بالضمان بنسبة حصة كل منهم . فإذا اشترى أحد الشركاء بحصته من الدين المشترك مالاً من المدين ، فشركاؤه مخيرون ، إن شاءوا ضمنوه ما أصاب حصصهم من ثمن ما اشتراه ، وإن شاءوا رجعوا بحصصهم على المدين ، وليس لهم أن يشاركوه فى المال المشترى إلا إذا تراضوا على ذلك ( م307 عراقى ) . وإذا استأجر أحد الشركاء بحصته من الدين المشترك شيئاً ، صار قابضاً لحصته ، ولشركائه الخيار فى تضمينه ما أصاب حصصهم أو اتباع المدين ( م308 عراقى ) .
وإذا صالح أحد الدائنين المدين عن حصته من الدين المشترك ، فإن كان بدل الصلح من جنس الدين ، شركاؤه إن شاءوا شاركوه فى المقبوض وإن شاءوا $ 253 $ اتبعوا المدين . وإن كان بدل الصلح من خلاف جنس الدين ، فالشركاء بالخيار أيضاً فى اتباع المدين أو الشريك المصالح ، وللشريك المصالح فى حالة الرجوع عليه الخيار إن شاء سلم إليهم نصيبهم فى المقبوض ( [415] ) وإن شاء دفع إليهم نصيبهم فى الدين ( م 309 عراقى ) .
وإذا مات المدين وورثه أحد الدائنين ( [416] ) ، فالدائنون الآخرون يطالبون تركة المدين كل منهم بمقدار حصته فى الدين . فإن لم تف التركة بحصصهم ، قسمت على الدائنين جميعاً وفيهم الدائن الذى ورث المدين ، بنسبة حصة كل منهم ( م310 عراقى ) ( [417] ) . وبذلك يتحمل كل من الدائنين نصيبه فى إعسار المدين كما سنرى .
وإذا استوفى أحد الدائنين حصته فى الدين المشترك عن طريق المقاصة ، فإذا كان الدين المشترك قد ثبت فى ذمة المدين قبل أن يثبت حقه فى ذمة الدائن ، فإن الدائن يكون قد استوفى حصته من الدين عن طريق الحق الذى ثبت فى ذمته $ 254 $ للمدين ، وللدائنين الآخرين أن يشاركوه فى هذا الحق الذى استوفى به دينه . ويستوى فى ذلك أن يكون الحق الذى ثبت فى ذمة الدائن للمدين مصدره عقد أو عمل غير مشروع أو أى مصدر آخر ، حتى إذا أتلف أحد الشركاء فى دين مشترك مالاً للمدين وتقاصا بحصته ضماناً فلشركائه أخذ نصيبهم منه ( [418] ) . أما إذا كان الدين المشترك قد ثبت فى ذمة المدين بعد أن ثبت حقه فى ذمة الدائن ، فيكون المدين هو الذى استوفى حقه من الدائن بحصة هذا الدائن فى الدين المشترك ، وليس للدائنين الآخرين أن يرجعوا بحصصهم على شريكهم ( [419] ) .
$ 255 $
كذلك إذا كان الدين المشترك قد ثبت فى ذمة المدين قبل أن يثبت حقه فى ذمة الدائن ، ولكن هذا الحق الذى ثبت فى ذمة الدائن لم يكن له مقابل أخذه الدائن من المدين ، كأن كفل الدائن للمدين ديناً واجباً له على شخص آخر وصارت حصته قصاصاً بالدين الذى كفله ، فلا رجوع للدائنين الآخرين على شريكهم ، وإذا رجع الدائن على المكفول عنه وقبض منه مبلغ الضمان لم يكن لشركائه أن يشاركوه فيه ( [420] ) . ومثل ذلك أيضاً ما إذا كان الدائن قد وهب حصته فى الدين المشترك للمدين أو أبرأ ذمته منها ، فإنه لا يكون قد قبض شيئاً من المدين ، فلا رجوع لشركائه عليه . وهذه الأحكام نصت عليها المواد 311 - 313 من التقنين المدنى العراق . فنصت المادة 311 على أنه : " 1 - إذا كان للمدين فى دين مشترك على أحد الشركاء دين خاص به ثابت له قبل وجوب الدين المشترك عليه هذا الشريك . 2 - أما إذا حدث للمدين دين على أحد الشركاء وثبت له ذلك بعد وجوب الدين المشترك عليه وصار دينه قصاصاً به ، فلشركائه الحق فى الرجوع عليه بحصصهم منه " . ونصت المادة 312 على أنه " 1 - إذا أتلف أحدا الشركاء فى دين مشترك مالاً للمدين وتقاصا بحصته ضماناً ، فلشركائه أخذ نصيبهم منه . 2 - أما إذا ضمن للمدين ديناً واجباً له على شخص آخر ، وصارت حصته قصاصاً بالدين الذى ضمنه ، فلا شئ لشركائه عليه . وإذا رجع على المكفول عنه وقبض منه مبلغ الضمان ، لم يكن لشركائه أن يشاركوه فيه " . ونصت المادة 313 على أنه " إذا وهب أحد الشركاء حصته من الدين المشترك للمدين أو أبرأ ذمته منها ، فهبته وإبراؤه صحيحان ، ولا يضمن نصيب شركائه فيما وقب أو أبرأ " . .
ويتبين من النصوص المتقدمة الذكر أن الدائن إما أن يقبض حقه من جنس الدين ، أو يقبض مقابلاً لحصته ، أو تبرأ ذمة المدين من حصته دون أن يقبض $ 256 $ شيئاً . فإذا قبض حصته من جنس الدين ، سواء قبضها من المدين نفسه أو من كفيل أو من محال عليه أو صالح المدين عن حصته وكان بدل الصلح من جنس الدين ، فللدائنين أن يشاركوه عيناً فيما قبض . وإذا قبض الدائن مقابلاً لحصته ، كأن اشترى أو استأجر بحصته مالاً للمدين أو صالح عن حصته وكان بدل الصلح من خلاف جنس الدين ، ومثل ذلك أيضاً ما إذا قبض حصته من جنس الدين ولكنه تصرف فيها أو استهلكها ، فإن الدائنين الآخرين يرجعون عليه بضمان حصصهم إذ ليس فى يده شئ من جنس الدين حتى يشاركوه فيه عيناً . وإذا برئت ذمة المدين من حصة الدائن دون أن يقبض هذا شيئاً ، كأن وفى الدائن ديناً عليه للمدين بحصته فى الدين المشترك فانقضى الدينان قصاصاً أو انقضت حصته فى الدين المشترك قصاصاً بدين مثله للمدين أو وهب حصته للمدين أو أبرأ ذمته منها ، ومثل ذلك أيضاً أن يقبض الدائن حصته فتتلف فى يده بسبب أجنبى فيكون فى حكم من لم يقبض شيئاً ، لم يرجع الدائنون الآخرون عليه بشئ ، فهم لا يشاركونه عيناً إ لا شئ فى يده من جنس الدين حتى تمكن المشاركة فيه ، ولا يرجعون عليه ضماناً إذ هو لم يقبض شيئاً يضمنه لشركائه ، ويعتبر الدائن قد استوفى حصته هو ، ولا يبقى لشركائه إلا أن يتبعوا المدين بحصصهم ( [421] ) .
$ 257 $
ويمكن أن نستخلص من المبادئ المتقدمة حلولاً لمسائل لم يرد فيها نص . من ذلك أن التقنين المدنى العراقى قد أغفل النص على حالتى التجديد والتقادم . ويمكن القول بأنه إذا انقضت حصة أحد الدائنين فى الدين المشترك عن طريق التجديد ، فإن الدائن يكون قد قبض حصته ولكن من غير جنس الدين ، فيرجع عليه شركاؤه بالضمان ، يكون له الخيار إن شاء سلم إليهم أنصبتهم $ 258 $ فى الدين الجديد الذى حل محل حصته وإن شاء دفع إليهم نصيبهم فى الدين المشترك ، وهذا قياساً على الصلح إذا كان بدله من خلاف جنس الين ( انظر المادة 309 عراقى ) . وإذا انقضت حصة أحد الدائنين بالتقادم دون أن تنقضى حصص الدائنين الآخرين ، فإن الدائن لا يكون قد قبض شيئاً ، ومن ثم لا يرجع عليه شركاؤه بشئ ، ويتبعون المدين بحصصهم .
163 - رجوع الدائنين الآخرين على الدائن بنصيبه فى إعسار المدين : وقد يختار الدائنين الآخرون ألا يشاركوا الدائن فى حصته التى قبضها من الدين المشترك ، فيتركوها له ويتبعوا المدين بحصصهم . " فإن اختاروا متابعة المدين – كما تقول الفقرة الثالثة من المادة 304 من التقنين المدنى العراقى – فلا يرجعون على القابض بشئ ، إلا إذا توى نصيبهم ، فيرجعون عندئذ على القابض بحصتهم فيما قبضه ، ويأخذون منه مثل المقبوض لا عينه " . فإذا كان الدين ، كما ذكرنا فى مثل سابق ، تسعمائة ، وكان الدائنون ثلاثة بحصص متساوية ، وقبض أحدهم حصته من الدين وهى ثلثمائة ، ولم يختر الدائنان الآخران أن يشاركا الدائن الأول فى هذه الحصة وتركاها له ، طالب كل منهما المدين بحصته فى الدين وهى ثلثمائه . فإن استوفى كل منهما حصته انقضى الدين جميعاً ، وبرئت ذمة المدين نحو الدائنين الثلاثة ، وخلص للدائن الأول حصته التى قبضها كما خلص لكل من الدائنين الآخرين حصته . أما إذا كان المدين قد أعسر عند مطالبة الدائنين الآخرين له بحصتيهما فى الدين المشترك ، تحمل الدائنون الثلاثة إعسار المدين كل بنسبة حصته ، ومن ثم يجرع الدائنان الآخران بالضمان على الدائن الأول الذى قبض ثلاثمائة ، فيأخذ كل منهما مائة من هذا الدائن – مثلاً لا عيناً لأنهما يرجعان بالضمان لا بالمشاركة فى عين المقبوض – ويبقى للدائن مائة مثلهما . وإذا كان إعسار المدين إعساراً جزياً بحيث أن الدائنين الآخرين لم يخلص لكل منهما إلا نصف حصته أى مائة وخمسون ، فإن الدائنين الثلاثة يتحملون هنا أيضاً إعسار المدين كل بنسبة حصته ، فيرجع الدائنان الآخران بالضمان على الدائن الأول الذى قبض ثلثمائة ، فيأخذ كل منهما خمسين من هذا الدائن ، ويكون كل من الدائنين الثلاثة قد خلص له من حصته فى الدين مائتان بدلاً من ثلثمائة بسبب إعسار المدين هذا الإعسار الجزئى .
$ 259 $
ويستوى أن تنقضى حصة أحد الدائنين فى الدين المشترك بطريق الوفاء أو بأى طريق آخر يستوفى به الدائن مقابلاً لحصته كالوفاء بمقابل والمقاصة والتجديد ، ففى جميع هذه الأحوال يرجع الدائنون الآخرون على هذا الدائن الذى استوفى حصته كاملة بنصيبه فى إعسار المدين ( [422] ) .
وقد يقع أن شركاء الدائن الذى قبض حصته أو أخذ ما يقابلها ، عند رجوعهم عليه لتحميله نصيبه فى إعسار المدين ، يجدونه هو أيضاً معسراً ، فلا مناص فى هذه الحالة من أن يستقلوا هم دونه بتحمل إعسار المدين . ومثل ذلك ما إذا وجد الشركاء شريكهم معسراً عندما أرادوا مشاركته فى حصته التى قبضها ، ثلم لما طالبوا المدين بحصصهم وجدوه هو أيضاً معسراً ، فلا مناص من أن يتحملوا وحدهم ، هنا أيضاً ، إعسار المدين .
الفرع الثانى
التضامن بين المدينين
( Solidarite entre debiteurs – Solidarite passive )
164 - أهمية الموضوع لكثرة وقوعه فى العمل : التضامن بين المدينين يقع كثيراً فى الحياة العملية . وهو ، وإن كان يعتبر من الناحية النظرية وضعاً استثنائياً إذ الأصل كما قدمنا إذا تعدد المدينون ألا يكونوا متضامنين ، إلا أن الاستثناء من الناحية العملية قد طغى على الأصل ، وقلّ أن نجد دائناً له مدينون متعددون فى التزام واحد ولا يشترط تضامنهم ، بل إن كثيراً ما تتولى نصوص القانون نفسه مهمة إنشاء هذا التضامن .
والواقع من الأمر أن التضامن بين المدينين يعتبر أقوى ضرب من ضروب الكفالة الشخصية . فالدائن إذا أخذ كفيلاً بحقه ، وكان الكفيل غير متضامن $ 260 $ مع المدين ، كانت هذه هى المرتبة الدنيا من الكفالة الشخصية ، لأن الدائن لا يستطيع الرجوع على الكفيل إذا طلب الكفيل التجريد إلا بعد الرجوع على المدين . فإذا اشترط الدائن تضامن الكفيل مع المدين ، وصل إلى مرتبة أعلى من الكفالة الشخصية ، لأنه يستطيع أن يرجع ابتداء على الكفيل ، ولكن لا يزال التزام الكفيل تابعاً لالتزام المدين الأصلى ، وهذا يجر إلى نتائج تنزيل بالكفيل فى درجة المديونية عن الأصيل . فإذا جعل الدائن الاثنين مدينين أصليين واشترط تضامنها ، وصل بذلك إلى المرتبة العليا من الكفالة الشخصية ، إذ يستطيع أن يرجع ابتداء على أيهما شاء مع تعادلهما فى مرتبة المديونية ، فيصبح للدائن مدينان بدلاً من مدين واحد ، كل منهما ملتزم نحوه بالدين جميعه .
فبقد ما رأينا لتضامن الدائنين من مضار نرى مزايا لتضامن المدينين ، وندرة التضامن بين الدائنين فى العمل لا يعدلها إلا كثة وقوع التضامن بين المدينين . على أن كل من هذين النوعين من التضامن يقوم على أسس واحدة : وحدة الالتزام مع تعدد الروابط ، وكفالة متبادلة مصحوبة بمصلحة مشتركة ، تسوغ قيام وكالة هى أيضاً متبادلة ولكن فيما ينفع لا فيما يضر ( [423] ) . ومن ثم سنتوخى فى بحث التضامن بين المدينين نفس الخطة التى اتبعناها فى بحث التضامن بين الدائنين ، فنتكلم : ( 1 ) فى مدر التضامن بين المدينين ( 2 ) ثم فى الآثار التى تتربت على هذا التضامن . ولكننا هنا سنكون أكثر إسهاباً وتفصيلاً ، لأهمية الموضوع وكثرة وقوعه فى العمل كما قدمنا .
المبحث الأول
مصدر التضامن بين المدينين
165 - التضامن بين المدينين مصدره الاتفاق أو نص فى القانون : رأينا أن مصدر التضامن بين الدائنين هو الاتفاق ، ولا توجد حالة من هذا $ 261 $ النوع من التضامن يكون مصدرها القانون . أما التضامن بين المدينين ، فمصدره إما الاتفاق وإما نص فى القانون . وهناك كثير من حالات التضامن السلبى القانون هو الذى تولى بنفسه إنشاء التضامن فيها بين المدينين المتعدين فى التزام واحد ، دون أن يكون لإرادة طرفى الالتزام دخل فى ذلك .
ولذلك تكون المادة 279 من التقنين المدنى – وهى التى تقضى بأن " التضامن بين الدائنين أو المدينين لا يفترض ، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص فى القانون ( [424] ) " - أكثر انطباقاً على التضامن السلبى منها على التضامن الإيجابى ، ففى التضامن السلبى نجد أن المصدر حقاً هو الاتفاق أو نص القانون ، أما التضامن الإيجابى فلا مصدر له إلا الاتفاق ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
المطلب الأول
الاتفاق كمصدر للتضامن بين المدينين
166 - الاتفاق على تضامن المدينين لا يفترض : أكثر ما يقوم تضامن المدينين على اتفاق بينهم وبين الدائن ، عندما يكونون جميعاً ملتزمين $ 262 $ بدين واحد ، فيشترط عليهم الدائن تضامنهم جميعاً فى هذا الدين . ويصح أن يكون ذلك فى العقد ذاته الذى أنشأ الدين ، أو بعد ذلك . فإذا باع شخص داره إلى ثلاثة ، جاز له أن يشترط فى عقد البيع ذاته تضامن المشترين الثلاثة فى الوفاء بالثمن ، كما يجوز له أن يتفق معهم على هذا التضامن فى عقد منفصل تال لعقد البيع ( [425] ) .
وسواء كان الاتفاق على التضامن واقعاً فى العقد الذى أنشأ الدين أو كان تالياً له ، فإنه لا يجوز افتراض وجود التضامن دون الاتفاق على ذلك اتفاقاً واضحاً لا شك فيه ( [426] ) ، كما هى الحال فى التضامن بين الدائنين فيما قدمنا . فلو أن البائع فى المثل المتقدم باع الدار فى الشيوع للثلاثة على السواء صفقة واحدة ، دون أن يعين حصة كل واحد منهم فى الدار أو فى الثمن ، لم يجز أن يستخلص من ذلك أن الثلاثة متضامنون فى الوفاء بالثمن ، لأن التضامن لا يفترض ، ولوجب القول عند عدم تعيين حصة كل منهم أن الثالثة متساوون فى الحصص ، فلكل منهم ثلث الدار فى الشيوع ، وعلى كل منهم ثلث الثمن بعد انقسام الدين عليهم . فإذا أراد البائع أن يكونوا متضامنين ، وجب عليه أن يشترط التضامن بينهم فى وضوح لا خفاء فيه ، فإن التضامن أمر خطير ، فإذا لم يشترطه الدائن فى جلاء تام ، فسر العقد لمصلحة المدينين وكان الأصل هو عدم تضامنهم ( [427] ) .
$ 263 $
ولا يفهم هنا فى التضامن بين المدينين ، كما لا يفهم هناك فى التضامن بين الدائنين على الوجه الذى سبق بيانه ، أن التضامن لا بد أن يرد فيه شرط صريح ، بل يصح أن يكون الشرط ضمنياً ( [428] ) ، ولكن يجب أن يكون هذا الشرط الضمنى موجوداً فعلاً فلا يجوز افتراضه ( [429] ) .
والشرط إذا كان صريحاً ليس من الضرورى أن يرد بلفظ " التضامن " ، بل يكفى أن تستعمل عبارة تفيد هذا المعنى ، كأن يشترط الدائن على المدينين أن يكون كل واحد منهم مسئولاً أمامه عن كل الدين ، أو أن له الرجوع على أى منهم بكل الدين ، أو أن جميع المدينين متكافلون فى الدين جمعيه على وجه التساوى ، أو نحو ذلك من العبارات التى لا تدع شكاً فى أنه قصد الاتفاق معهم على التضامن ( [430] ) .
وقد يكون شرط التضامن ضمنياً كما قدمنا . والشرط الضمنى غير الشرط المفترض ، فالتضامن لا يجوز أن يقوم على شرط مفترض ، ولكن يجوز أن يقوم على شرط ضمنى . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا استخلصت محكمة الموضوع من اتفاق أربعة شركاء فى إجارة على أن يكون الإيجار من الباطن بمعرفتهم جميعاً وتحصيل الأجرة بواسطة فلان وكيل اثنين منهم هما أخوان وبإشراف الشريكين الآخرين ، وأن ترسل المبالغ المحصلة للمؤجر الأصلى خصماً من الأجرة ، وأن تحفظ جميع المستندات تحت يد واحد مهم ( أحد الأخوين ) ، وأن يكون لباقى الشركاء أن يأخذوا بياناً بما يهمهم على أن يقدم الحساب فى نهاية كل سنة ، إذا هى استخلصت من عبارات هذا الاتفاق على ضوء ما ذكرته من الاعتبارات والظروف القائمة فى الدعوى أن فلاناً المذكور لم يكن وكيلاً عن الشريكين الآخرين ، وأن الأخوين يجب لذلك اعتبارهما مسئولين قبلهما عن المبالغ التى حصله هذا الوكيل ولو لم يكونا قد قبضاها منه ، $ 264 $ فإنها إنما تكون قد فصلت فى مسألة موضوعية لا شأن لمحكمة النقض بها . ثم إذا هى استخلصت من عبارات الاتفاق ومن ظروف الدعوى أيضاً أن الأخوين إنما قصدا تضمين باقى الشركاء بأن يتحمل كل منهما المسئولية المترتبة على ما يقع من هذا الوكيل ، فإن هذا الاستخلاص يكون سائغاً والحكم عليهما بالتضامن يكون فى محله ( [431] ) . وقضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه إذا تعهد شخصان بدين واحد لدائن واحد وكان تعهد كل منهما بعقد على وحدة ، كانا ملزمين بذلك الدين بالتضامن ( [432] ) . على أنه لا يكفى لاستخلاص الشرط الضمنى للتضامن أن تكون الظروف مرجحة له ، بل يجب أن تكون مؤكده له لا تدع سيلاً للشك فيه كما قدمنا . فقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الثابت من جميع ظروف الدعوى ووقائعها أن زيداً قد أدار الأطيان التى اشتراها بكر بإذن شفوى صدر منه فى حضرة أحد أبنائه ( عمرو ) مقابل أجر معين ، وأنه لما توفى بكر عند منصف السنة الزراعية استمر زيد بتكليف من عمرو وحده فى إدارتها لنهاية السنة ، ولم يقل عمرو إنه كان وكيلاً عن أختيه الوارثتين الأخريين حين كلف زيداً بالاستمرار فى إدارة الأطيان ، ولم تدع هاتان الأختان أنهما وكلتا أخاهما عنهما ، فلا يجوز اعتبار زيد وعمرو مسئولين بالتضامن عن نتيجة حساب إدارة الأطيان ، بل يسأل زيد وحده عن هذا الحساب قبل كل من الورثة ( [433] ) .
$ 265 $
ويترتب على عدم جواز افتراض التضامن ما يأتى : ( 1 ) على من يدعى قيام التضامن أن يثبت وجوده . ( 2 ) عند الشك فى قيام التضامن ، يعتبر التضامن غير قائم . ( 3 ) الحكم الذى يقضى بتضامن المدينين ، دون أن يبين مصدر هذا التضامن ، وهل هو اتفاق أو نص فى القانون ، وإذا كان اتفاقاً هل هو اتفاق صريح أو اتفاق ضمنى ، وإذا كان اتفاقاً ضمنياً كيف استخلص قاضى الموضوع من عبارات التعاقد وظروفه وجوده الذى لا شك فيه ، يكون حكماً قاصراً يتعين نقضه ( [434] ) .
167 - إثبات الاتفاق مصدر التضامن : وشرط التضامن ، صريحاً كان أو ضمنياً ، يجب إثباته ، وعلى الدائن الذى يدعى تضامن مدينيه عبء هذا الإثبات ( [435] ) .
$ 266 $
ويثبت شرط التضامن طبقاً للقواعد العامة فى الإثبات . فإن كان الالتزام المدعى التضامن فيه بين المدينين يزيد على عشرة جنيهات ، لم يجز إثباته إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها . فإن وجد مبدأ ثبوت بالكتابة مثلاً ، جازت تكملته بالبينة أو بالقرائن . وإذا كان الالتزام لا يزيد على عشرة جنيهات ، جاز الإثبات فى هذه الحالة بالبينة أو بالقرائن .
ونرى من ذلك أن التضامن يجوز إثباته فى بعض الأحوال بالقرائن . ولا يتعارض هذا مع القاعدة التى قدمناها من أن التضامن لا يفترض . فافتراض التضامن معناه أن وجود التضامن مجرد افتراض ، أما إثبات التضامن بالقرائن فمعناه أن شرط التضامن موجود فعلاً وأن وجوده ثابت بالقرائن ( [436] ) .
168 - التضامن بين المدينين فى المسائل التجارية : والتضامن بين المدينين لا يفترض فى المسائل التجارية كما هو لا يفترض فى المسائل المدنية ، وهذا على خلاف ما جرى عليه الفقه والقضاء فى فرنسا من أن التضامن يفترض فى المسائل التجارية دون المسائل المدنية .
هناك من الفقهاء الفرنسيين من يذهب إلى أن التضامن فى القانون الفرنسى لا يفترض فى المسائل التجارية ، فهى والمسائل المدنية سواء فى ذلك ، وأبرز من قال بهذا الرأى لوران ( [437] ) . ولكن الكثرة الغالبة من فقهاء فرنسا ( [438] ) ، والقضاء الفرنسى معهم ( [439] ) ، يذهبون جميعاً إلى أن التضامن يفترض فى المسائل $ 267 $ التجارية على خلاف المسائل المدنية . فإذا اشترى تاجران صفقة تجارية واحدة دون أن يشترط عليها البائع أن يكونا متضامنين ، فإنهما مع ذلك يكونان متضامنين فى أداء الثمن للبائع ، إلا إذا استبعدا التضامن بشرط خاص . فالأصل إذن فى فرنسا قيام التضامن فى المسائل التجارية ما لم ينص المتعاقدان عى استبعاده ، ويبررون ذلك بأن التقاليد منذ عهد القانون الفرنسى القديم قد استقرت على افتراض التضامن فى المسائل التجارية ، نزولاً على مقتضيات الائتمان التجارى وما يستتبع ذلك من توفير أساب الثقة بالتجار ، فيحصلون من وراء هذه الثقة على الضمان الكافى ( [440] ) .
$ 268 $
ولا يزال هناك خلاف بين الفقهاء الفرنسيين ( [441] ) هل التضامن فى العقود التجارية مصدره العرف التجارى القديم فيقوم التضامن لمجرد أن العقد تجارى ( [442] ) ، أو أن هذا التضامن إنما هو تفسير لنية المتعاقدين ، فإذا اتضح من الظروف وجوب استبعاد هذه النية لم يكن هناك محل لقيام التضامن ، كما إذا أمنت شركتان للتأمين شيئاً واحداً وتعهدت كل منهما أن تؤمن نصفه فلا محل لافتراض أن نيتهما انصرفت إلى قيام التضامن بينهما ( [443] ) .
ولا يقتصر الأمر فى فرنسا على افتراض التضامن فى العقود التجارية ، بل هناك من الفقهاء من يتوسع فيه فيمده إلى كل التزام تجارى ، أياً كان مصدره ، عقد أو عمل غير مشروع أو إثراء بلا سبب ، فإن هذا التوسع هو الذى تقتضيه حاجات الائتمان التجارى ( [444] ) . على أن التضامن عن العمل غير المشروع مقرر فى فرنسا كقاعدة تقليدية لا فى المسائل التجارية فحسب ، بل أيضاً فى المسائل المدنية . وقد ساير القضاء الفرنسى هذه النزعة فى التوسع ( [445] ) ، وظهر ذلك بنوع خاص فى توسعه فى تقرير التضامن بين أعضاء مجالس إدارة الشركات ( [446] ) .
أما فى مصر فقد كان الرأى الغالب فى الفقه والقضاء فى عهد التقنين المدنى $ 269 $ السابق هو أن التضامن لا يفترض حتى فى المسائل التجارية ( [447] ) . ولا نرى أن التقنين المدنى الجديد قد استحدث جديداً فى هذا الصدد ، فلا تزال القاعدة التى تقضى بأن التضامن لا يفترض دون تمييز بين المسائل المدنية والمسائل التجارية موجودة فى التقنين الجديد كما كانت موجودة فى التقنين القديم ، ولا يزال التقنين التجارى قائماً كما هو ينص فى حالات خاصة على التضامن ، مما يستخلص منه بمفهوم المخالفة التجارى بالنص على حالات معينة يقوم فيها التضامن إذا كان من شأن التضامن أن يقوم فى جميع المسائل التجارية من غير استثناء ( [448] ) .
ومن ثم لا يفترض فى مصر قيام التضامن بين التجار ، لا فى العقود التجارية ولا فى الالتزامات التجارية ما بين التجار التى يكون مصدرها الإثراء بلا سبب . $ 270 $ وإنما يقوم التضامن بين التجار فى الحالات التى ورد فيها نص فى القانون ، وقد ودت نصوص مختلفة بهذا المعنى فى التقنين التجارى سنذكر أهمها فيما يلى . كذلك يقوم التضامن فى الالتزامات المدنية والتجارية على السواء التى يكون مصدرها عملاً غير مشروع ، وتقضى بذلك المادة 169 مدنى كما سيأتى ، ويسرى هذا الحكم بوجه خاص على المسئولية التقصيرية لأعضاء مجالس إدارة الشركات ( [449] ) .
وفيما عدا الحالات التى ورد فيها نص فى القانون يقضى بالتضامن ، لا يقوم التضامن بين التجار فى مصر ، كما قدمنا ، دون شرط يقضى به . على أن هذا الشرط الذى يقضى بالتضامن يمكن استخلاصه فى المسائل التجارية بأيسر مما يستخلص فى المسائل المدنية ، وذلك لسببين : ( أولاً ) إذا أراد الدائن إثبات شرط التضامن فى المسائل التجارية ، فإن جميع طرق الإثبات تكون مفتوحة أمامه ، فيستطيع أن يثبته بالبينة ، بل بالقرائن وحدها ، ولو زادت قيمة الالتزام على عشرة جنيهات ، وذلك وفقاً للقواعد العامة للإثبات فى المواد التجارية . ( ثانياً ) وعندما يريد الدائن أن يثبت شرط التضامن عن طريق القرائن ، فمن أهم هذه القرائن أن يكون الالتزام قائماً بين التجار فى مسألة تجارية ، فإن هذا وحده يمكن اعتباره قرينة هامة ، إذا عززتها قرائن أخرى أمكن قاضى الموضوع أن يستخلص قيام التضامن فى المسائل التجارية فى كثير من اليسر .
$ 271 $
المطلب الثانى
نص القانون كمصدر للتضامن بين الدائنين
169 - نصوص متناثرة فى التقنينات والتشريعات المختلفة : وليس الاتفاق وحده هو مصدر التضامن السلبى ، بل كثيراً ما يقوم التضامن بين المدينين بموجب نص فى القانون كما قدمنا . وإذا قام التضامن على نص فى القانون لم يجز أن يقاس عليه غيره ، فإن أحوال التضامن القانونى مذكورة على سبيل الحصر ( [450] ) .
والنصوص التى تقيم التضامن السلبى كثيرة متناثرة فى نواحى التقنينات والتشريعات المختلفة . وأهم هذه النصوص نجدها فى التقنين المدنى والتقنين التجارى والتقنين الجنائى وتقنين المرافعات . ونورد طائفة منها على سبيل التمثيل .
ففى التقنين المدنى نجد المادة 169 الخاصة بالتضامن فى المسئولية عن العمل غير المشروع ، والمادة 192 الخاصة بتضامن الفضوليين إذا تعددوا ، والمادة 651 الخاصة بتضامن المهندس والمقاول فى مسئوليتهما عن تهدم البناء ، والمادة 707 الخاصة بتضامن الوكلاء إذا تعددوا ، والمادة 708 الخاصة بتضامن الوكيل مع نائبه ، والمادة 712 الخاصة بتضامن الموكلين إذا تعددوا ، والمادة 795 الخاصة بتضامن الكفلاء فى الكفالة القضائية وفى الكفالة القانونية .
وفى التقنين التجارى نجد المواد 22 و23 و29 و30 وهى خاصة بتضامن الشركاء فى شركة التضامن وفى شركة التوصية ، والمادة 57 وهى خاصة بتضامن مديرى الشركة المساهمة ، والمواد 117 ، و119 و137 وهى خاصة بتضامن الساحب الكمبيالة والمحيل والكفيل ، والمادة 254 وهى خاصة بتضامن وكلاء التفليسة عند التعدد . وفى التقنين البحرى نجد المادة 23 وهى خاصة بتضامن الكفيل مع من رسا عليه مزاد السفينة .
$ 272 $
وفى تقنين المرافعات نجد المادة 357 وهى خاصة بالتضامن فى مصروفات الدعوى .
وفى التقنين الجنائى نجد المادة 44 وهى خاصة بالتضامن فى الغرامات النسبية .
ونكتفى بهذا القدر من النصوص . ويمكن تقسيم الالتزامات التضامنية التى تشتمل عليها إلى التزامات مدنية والتزامات تجارية ، ثم ترتيب الالتزامات المدنية بحسب مصدرها فمنها ما هو مصدره العقد ، ومنها ما هو مصدره العمل غير المشروع ، ومنها ما هو صدره الإثراء بلا سبب ، ومنها ما هو مصدره القانون ( [451] ) . ونقول كلمة عن كل منها بهذا الترتيب ، ونقتصر فى هذه الكلمة على إبراز فكرة التضامن ، أما النص من ناحية موضوعه فيشرح فى مكانه .
170 - التزامات مدنية مصدرها العقد : هذه هى الالتزامات الناشئة من عقد المقاولة ومن عقد الوكالة .
ففى عقد المقاولة تنص المادة 651 / 1 و2 على ما يأتى : " ( 1 ) يضمن المهندس المعمارى والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئى فيما شيدوه من مبانى أو ؟؟؟؟؟ من منشآت ثابتة أخرى ، وذلك ولو كان القدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ، ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات . ( 2 ) ويشمل الضمان المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ما يوجد فى المبانى والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته " . وظاهر أن مسئولية كل من المهندس المعمارى والمقاول نحو رب العمل عن سلامة البناء إنما هى مسئولية تعاقدية نشأت من عقد المقاولة ذاته . ولما كان التضامن فى الالتزامات التعاقدية - ومنها المسئولية التعاقدية ذاتها – لا يفترض كما سبق $ 273 $ القول ، فكان لابد من شرط فى عقد المقاولة أو نص فى القانون ليقيم التضامن بين المهندس المعمارى والمقاول فى هذه المسئولية ، فوجد النص المتقدم الذكر وهو يغنى عن الشرط . ومن ثم يكون المهندس المعمارى والمقاول متضامنين فى المسئولية نحو رب العمل عن سلامة البناء حتى لو لم يوجد شرط يقضى بالتضامن فى عقد المقاول ، فنص القانون هو الذى يقيم هذا التضامن .
وفى عقد الوكالة تنص المادة 707 / 1 مدنى على أنه " إذا تعدد الوكلاء كانوا مسئولين بالتضامن متى كانت الوكالة غير قابلة للانقسام ، أو كان الضرر الذى أصاب الموكل نتيجة خطأ مشترك . على أن الوكلاء ، ولو كانوا متضامنين ، لا يسألون عما فعله أحدهم مجاوزاً حدود الوكالة أو متعسفاً فى تنفيذها " . وهنا التزامات الوكيل ومسئوليته عن تنفيذ هذه الالتزامات منشؤها جميعاً عقد الوكالة ، فإذا تعدد الوكلاء بقيت التزامات كل منهم ناشئة من هذا العقد . فلا يقوم التضامن بينهم إذن ، من غير شرط ، إلا بنص فى القانون ، وهو النص المتقدم الذكر . وقد اشترط النص وحدة العمل الذى تنشأ عنه المسئولية ، بأن يكون تنفيذ الوكالة غير قابل للانقسام فيكون الوكلاء وقد اشتركوا فى التنفيذ قد قاموا بعمل واحد لا يقبل التجزئة ، أو بأن يكون التنفيذ متكوناً من أعمال متفرقة ولكن الوكلاء قد اشتركوا فى عمل واحد من هذه الأعمال فارتكبوا خطأ مشتركاً . وغنى عن البيان أنه لو انفرد أحد الوكلاء بمجاوزة حدود الوكالة أو انفرد بالتعسف فى تنفيذها ، استقل وحده بالمسئولية ، لأن الوكلاء الآخرين لم يشتركوا معه فى العمل الذى أوجب مسئوليته فلا يكونون متضامنين معه ، بل لا يكونون مسئولين أصلا . ثم تنص المادة 708 / 1 مدنى على أنه " إذا أناب الوكيل عنه غيره فى تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصاً له فى ذلك ، كان مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو ، ويكون الوكيل ونائبه فى هذه الحالة متضامنين فى المسئولية " . وإذا كانت مسئولية الوكيل قد نشأت من عقد الوكالة ، فإن مسئولية النائب نحو الموكل لم تنشأ من هذا العقد لأن الوكالة لا ترخص فى تعيين نائب فلا يربط النائب بالموكل عقد ما ، وتكون مسئوليته نحو الموكل مسئولية تقصيرية . وكان مقتضى أن تكون مسئولية الوكيل تعاقدية ومسئولية النائب تقصيرية ألا يقوم بينهما تضامن ( solidarite ) بل يقوم $ 274 $ تضامم ( obligation in solidum ) على ما سنرى ، ولكن النص صريح فى إنشاء التضامن بين الوكيل ونائبه بما يستتبع التضامن نتائج أصلية ونتائج ثانوية ( [452] ) . وتنص أخيراً المادة 712 مدنى على أنه " إذا وكل أشخاص متعددون وكيلاً واحداً فى عمل مشترك ، كأن جميع الموكلين متضامنين قبل الوكيل فى تنفيذ الوكالة ، ما لم يتفق على غير ذلك " . وهنا نرى أن الالتزام بتنفيذ الوكالة والقيام بهذا العمل المشترك مصدره عقد الوكالة ، فالتضامن دون شرط فى العقد لا يقوم إلا بنص فى القانون ، وهو النص المتقدم الذكر ( [453] ) .
171 - التزامات مدنية مصدرها العمل غير المشروع : تنص المادة 169 مدنى على أنه " إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين فى التزامهم بتعويض الضرر ، وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوى ، إلا إذا عين القاضى نصيب كل منهم فى التعويض " . وهذا نص من النصوص الجوهرية فى التضامن ، له أهمية بالغة ومدى واسع فى التطبيق ، فهو يقضى بالتضامن فى المسئولية عن أى عمل غير مشروع . وواضح أن العمل غير المشروع قد أسبح فى العصر الحاضر مصدراً هاماً من مصادر الالتزام ، وهو يكاد يدانى العقد فى $ 275 $ أهميته . فوضع النص مبدأ عاماً هو التضامن فى المسئولية التقصيرية ، بخلاف المسئولية التعاقدية وجميع الالتزامات الناشئة عن العقد فقد رأينا أن التضامن فيما لا يفترض ، بلا يجب لقيامه شرط أو نص فى القانون ( [454] ) . بل إن افتراض التضامن فى المسئولية التقصيرية بموجب النص المتقدم الذكر أقوى من افتراضه فى خصوص العقد إذا قام التضامن فيه على نص فى القانون ، ذلك أن افتراضه فى العقد بموجب نص لا يمنع من جواز الاتفاق على استبعاده ، إذ لا يعتبر $ 276 $ التضامن هنا من النظام العام . فيجوز إذن أن يشترط فى عقد المقاولة إلا يكون المهندس المعمارى والمقاول متضامنين فى المسئولية ، وفى عقد الوكالة إلا يكون الوكلاء المتعددون أو الوكيل ونائبه أو الموكلون المتعددون متضامنين فى المسئولية . أما التضامن فى المسئولية التقصيرية فهو من النظام العام ، ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفه ( [455] ) .
وقد سبق أن عاجلنا التضامن فى المسئولية التقصيرية ( [456] ) ، فنجتزى هنا بالإشارة إلى أنه حتى يقوم التضامن بين المسئولين المتعددين عن عمل غير مشروع يجب أن تتوافر شروط ثلاثة : ( 1 ) أن يكون كل واحد منهم قد ارتكتب خطأ ( 2 ) وأن يكون الضرر الذى أحدثه كل منهم بخطأه هو ذات الضرر الذى أحدثه الآخرون ، أى أن يكون الضرر الذى وقع منهم هو ضرر واحد ( [457] ) . ولا يلزم بعد ذلك أن يكون هناك تواطؤ ما بين المسئولين ، أو أن ترتكب الأخطاء فى وقت واحد ( [458] ) . ولا ضرورة لأن تكون الأخطاء عملاً واحداً أو جريمة واحدة ( [459] ) ، فقد يكون أحدهما عماداً والآخر غير عمد ، وقد تختلف جسامة الأخطاء فيقترن خطأ جسيم $ 277 $ بخطأ يسير ، وقد تختلف طبيعة الأخطاء فيكون أحد الخطأين جنائياً ويكون الثانى مدنيا ، أو يكون أحدهما عملاً ويكون الآخر امتناعاً عن عمل ( [460] ) . وقد تكون الأخطاء كلها ثابتة أو مفترضة ، أو يكون بعضها ثابتاً وبعضها مفترضاً .
ومتى تعدد المسئولون عن عمل غير مشروع على هذا لنحو ، كانوا جميعاً متضامنين فى المسئولية ، فيستطيع المضرور أن يطالبهم جميعاً بالتعويض ، كما يستطيع أن يختار منهم من يشاء ويطالبه بالتعويض كاملاً . ويرجع من دفع التعويض على الباقى ، كل بقدر نصيبه حسب جسامة الخطأ الصادر منه ( [461] ) . فإن تعادلت الأخطاء فى الجسامة ، أو لم يمن تعيين مقدار الجسامة فى كل خطأ ، كان نصيب كل منهم فى التعويض مساوياً لنصيب الآخر ، وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوى ( [462] ) .
ويلحق بالتضامن فى المسئولية عن العمل غير المشروع تضامن المحكوم عليهم فى الغرامات النسبية التى حكم عليهم بها ، وإن كانت الغرامة تختلف عن التعويض فى أنها عقوبة ، ولكنها عقوبة مالية ، وفى هذه الصفة المالية وفى أنها جزاء على عمل غير مشروع تتلاقى مع التعويض . وقد نصت المادة 44 من تقنين العقوبات على أنه " إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة ، فاعلين كانوا أو شركاء ، فالغرامات يحكم بها عى كل منهم على انفراده ، خلافاً للغرامات النسبية فإنه يكونون متضامنين فى الإلزام بها ، ما لم ينص الحكم على خلاف $ 278 $ ذلك " . والأصل فى العقوبات أن تكون شخصية لا تضامن فيها ، والغرامة عقوبة وكان ينبغى أن تكون شخصية ، ولكن المشرع هنا خرج على هذا المبدأ العام فقارب بين الغرامة والتعويض ، وأجاز التضامن فى الغرامة فى حالة معينة هى أن تكون هذه الغرامة نسبية . والغرامة النسبية غرامة لا يعين المشرع مقدراً محدداً لها ، بل يجعلها تناسب ما حصل عليه الجنائى من الجريمة التى ارتكبها ، وأكثر ما تكون عقوبة تكميلية . نصت المادة 108 / 1 عقوبات على أن " من رشا موظفاً والموظف الذى يرتشى ومن يتوسط بين الراشى والمرتشى يعاقبون بالسجن ، ويحكم على كل منهم بغرامة تساوى قيمة ما أعطى أو وعد به " . ونصت المادة 112 عقوبات على أن " كل مت تجارى من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة المنوطين بحساب نقود أو أمتعة على اختلاس أو إخفاء شئ من الأموال الأميرية أو الخصوصية التى فى عهدته ، أو من الأوراق الجارية مجرى النقود ، أو غيرها من الأوراق والسندات والعقود ، أو اختلس شيئاً من الأمتعة المسلمة إليه بسبب وظيفته ، يحكم عليه فضلاً عن رد ما اختلسه بدفع غرامة مساوية لقيمة ذلك ، ويعاقب بالسجن " . ومع ذلك قد تكون الغرامة النسبية عقوبة أصلية ، فقد نصت المادة 204 عقوبات ، فى حالة من يأخذ مسكوكات مزورة أو مغشوشة بصفة أنها جيدة ويتعامل بها ، على ما يأتى : " ومع ذلك من استعمل تلك المسكوكات بعد أن تحققت له عيوبها يجازى بدفع غرامة لا تتجاوز ستة أمثال المسكوكات المتعامل بها " . فإذا تعدد المحكوم عليهم فى إحدى الجرائم المتقدمة الذكر ، كانوا جميعاً متضامنين فى الغرامة المحكوم بها ، إلا إذا نص فى حكم الإدانة على تقسيم الغرامة فيما بينهم دون تضامن . والنص على التقسيم جوازى للقاضى ، فإن لم ينص عليه كان التضامن قائماً بين المحكوم عليهم بحكم القانون . إلا أنه يلاحظ فى جريمة الرشوة أنه يتعين على القاضى أن يحكم على كل من المرتشى والراشى والوسيط بغرامة تساوى قيمة الرشوة ، فهنا التضامن إجبارى من جهة ، ومن جهة أخرى لا تنقسم الغرامة الواحدة على المحكوم عليهم بل كل منهم يدفع الغرامة كاملة ولا يرجع بشئ منها على أحد من شركائه .
$ 279 $
172 - التزامات مدنية مصدرها الإثراء بلا سبب : وتنص الفقرة الثالثة من المادة 192 مدنى على ما يأتى : " وإذا تعدد الفضوليون فى القيام بعمل واحد ، كانوا متضامنين فى المسئولية " . وهذا التضامن نظير للتضامن الذى قررته المادة 707 / 1 إذا تعدد الوكلاء فيما مر ، والفضولى أقرب ما يكون إلى الوكيل . وعلى الفضولى التزامات أربعة : المضى فى العمل الذى بدأ به ، وإخطار رب العمل بتدخله بجرد أن يستطيع ذلك ، وبذل عناية الشخص المعتاد فى القيام بالعمل ، وتقديم حساب لرب العمل مع رد ما استولى عليه بسبب الفضالة . وأغلب هذه الالتزامات مصدرها القانون ، بناها على عمل مادى صدر من الفضولى ( [463] ) . ولكن يوجد بين هذه الالتزامات التزام – هو رد الفضولى لما استولى عليه بسبب الفضالة – يمكن القول بأن مصدره هو الإثراء بلا سبب . ففى هذا الالتزام لو تعدد الفضولى يقوم التضامن بين الفضوليين المتعددين بموجب النص المتقدم الذكر . وفى الالتزامات الأخرى التى مصدرها القانون يقوم التضامن بين الفضوليين المتعديين بموجب النص نفسه ( [464] ) ، وهذه أمثلة على الالتزامات الدنية التى مصدرها القانون تضاف إلى أمثلة أخرى سنوردها فيما يلى .
وتنص المادة 795 مدنى على أنه " فى الكفالة القضائية أو القانونية يكون الكفلاء دائماً متضامنين " . والكفالة القانونية هى ما ينص القانون على وجوب تقديمها ، ومن ذلك ما نصت عليه المادة 467 من تقنين المرافعات من أن " النفاذ المعجل واجب بقوة القانون للأحكام الصادرة فى المواد التجارية ، سواء أكانت قابلة للمعارضة أم للاستئناف أم طعن فيها بهاتين الطريقتين وذلك بشرط تقديم كفالة " . والكافلة القضائية هى ما يجعل القانون للقاضى جواز أن يحكم بها ، ومن ذلك ما نصت عليه المادة 470 من تقنين المرافعات من أنه " يجوز الأمر بالنفاذ المعجل ، بكفالة أو بدونها ، سواء أكان الحكم قابلاً للمعارضة أم للاستئناف $ 280 $ أم طعن فيه بهاتين الطريقتين ، فى الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا كان الحكم مبيناً على سند عرفى لم يجحده المحكوم عليه ( 2 ) إذا كان الحكم صادراً فى دعاوى الحيازة ( 3 ) إذا كان الحكم صادراً لمصلحة طالب التنفيذ فى منازعة متعلقة به " . فالمادة 795 مدنى سالفة الذكر ، فى كل من الكفالة القانونية والكفالة القضائية ، نصت على تضامن الكفيل مع المكفول ( أى طالب التنفيذ ) وعلى تضامن الكفلاء فيما بينهم إذا تعددوا . وظاهر أن مصدر الالتزام بتقديم الكفيل ، قانونيناً كان أو قضائياً ، هو القانون . أما مصدر التزام الكفيل نفسه فهو عقد كفالة بينه وبين المكفول له أى الخصم المحكوم عليه لصالح الخصم طالب التنفيذ . وأما ما تضامن فيه الكفيل مع المكفول ومع الكفلاء الآخرين إذا تعددوا فهو التزام برد ما استولى عليه المكفول عن طريق الحكم المشمول بالنفاذ المعجل فيما إذا ألغى الحكم ، ومصدر هذا الالتزام هو الإثراء بلا سبب .
173 - التزامات مدنية مصدرها القانون : نضيف إلى التزامات الفضولى التى مصدرها القانون فيما قدمناه التزام المحكوم عليهم بمصروفات الدعوى . فقد نصت المادة 357 من تقنين المرافعات على أن " يحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها ، ويدخل فى هذه المصاريف مقابل أتعاب المحاماة . وإذا تعدد المحكوم عليهم ، جاز الحكم بقسمة المصاريف مقابل أتعاب المحاماة . وإذا تعدد المحكوم عليهم ، جاز الحكم بقسمة المصاريف بينهم بالسوية أو بنسبة مصلحة كل منهم فى الدعوى على حسب ما تقدره المحكمة ، ولا يلزمون بالتضامن فى المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين فى أصل التزامهم المقضى به " . فهنا التزم المحكوم عليهم بمصروفات الدعوى بموجب نص فى القانون هو النص الذى ذكرناه ، وقد أوجب هذا النص ذاته تضامن المحكوم عليهم بالمصروفات إذا تعددوا فى حالة واحدة هى أن يكونوا متضامنين فى أصل التزامهم المقضى به ، فمتى كانوا متضامنين فى هذا الالتزام كانوا أيضاً متضامنين فى مصروفات الدعوى التى قضى فيها عليهم بوفاء التزامهم ( [465] ) . وفى غير هذه $ 281 $ الحالة تنقسم المصروفات عليهم دون تضامن ، كل بنسبة مصلحته فى الدعوى حسب تقدير المحكمة أو بالتساوى فيما بينهم ( [466] ) .
174 - التزامات تجارية وبحرية : وهناك التزامات نص فيها لتقنين التجارى والتقنين البحرى على قيام التضامن بين المدينين .
ففى الشركات نصت المادة 22 منا التقنين التجارى على أن " الشركاء فى شركة التضامن متضامنون لجميع تعهداتها ، ولو لم يحصل وضع الإمضاء عليها إلا من أحدهم ، إنما يشترط أن يكون هذا الإمضاء بعنوان الشركة " . فهنا نص القانون على أن الشركاء فى شركة التضامن مسئولون بالتضامن فى أموالهم الشخصية عن جميع التزامات الشركة ( [467] ) . ونصت المادة 23 تجارى على أن " شركة التوصية هى الشركة التى تقعد بين شريك واحد أو أكثر مسئولين $ 282 $ ومتضامنين وبين شريك واحد أو أكثر يكونون أحصاب أموال فيها وخارجين عن الإدارة ويسمون موصين " . ونت المادة 29 تجارى على أنه " إذا أذن أحد الشركاء الموصين بدخول اسمه فى عنوان الشركة ، خلافاً لما هو منصوص عليه فى المادة 26 ، فيكون ملزوماً على وجه التضامن بجميع ديون وتعهدات الشركة " . ففى شركة التوصية إذن يوجد شركاء مسئولون بالتضامن عن جميع ديون الشركة ، ويدخل فى هؤلاء الشركاء الموصون إذا أذنوا بدخول أسمائهم فى عنوان الشركة . وتضيف المادة 30 تجارى حالة أخرى يكون فيها الشركاء الموصون مسئولين بالتضامن عن ديون الشركة فتقول : " وكذلك إذا عمل أى واحد من الشركاء الموصين عملاً متعلقاً بإدارة الشركة يكون ملزوماً على وجه التضامن بديون الشركة وتعهداتها التى تنتج من العمل الذى أجراه . ويجوز أن يلزم الشريك المذكور على وجه التضامن بجميع تعهدات الشركة أو بعضها على حسب عدد وجسامة أعماله ، وعلى حسب ائتمان الغير له بسبب تلك الأعمال " . ونصت المادة 57 تجارى على أن " يلزم إعلان المشارطة الابتدائية لشركة المساهمة ونظامها والأمر المرخص بإيجادها ، ويكون إعلان ذلك بتعليقه فى المحكمة الابتدائية مدة الوقت المعين آنفاً ونشره فى إحدى الجرائد . وإن لم يحصل ذلك ألزم مديرو الشركة بديونها على وجه التضامن ، ووجب عليهم التعويضات أيضاً " . فهذه حالة نص فيها القانون على تضامن مديرى الشركة المساهمة فى المسئولية عن ديونها إذا وقع منهم تقصير فى واجبهم من إعلان الشركة ونظامها والأمر المرخص بإيجادها . هذا ويلاحظ أن الشركة المدنية لا تضامن بين الشركاء فيها فيما يلزم كلا منهم من ديون الشركة ، ما لم يتفق على خلاف ذلك ( م524 / 1 مدنى ) .
وفى الكمبيالات تنص المادة 117 من التقنين التجارى ( [468] ) على ما يأتى : ساحب " الكمبيالة والمحيلون المتناقلون لها يكونون مسئولين على وجه التضامن عن القبول والدفع فى ميعاد الاستحقاق " . فهذا نص فى القانون يقيم التضامن بين ساحب الكمبيالة والمحيلين المتعاقبين لها فى مسئوليتهم عن قبول المسحوب عليه للكمبيالة $ 283 $ وعن دفعه إياها فى ميعاد الاستحقاق . فإذا لم يقبل المسحوب عليه الكمبيالة ، وأعلن بروتستو عدم القبول رسمياً ، " وجب – كما تقول المادة 119 تجارى – على المحليين المتناقلين والساحب على وجه التعاقب أن يقدموا كفيلاً ضامناً لدفع قيمة الكمبيالة فى الميعاد المستحق الدفع ، أو يدفعوا قيمتها مع مصاريف البروتستو ومصاريف الرجوع ، ولا يكون الكفيل متضامناً إلا مع من كفله سواء كان الساحب أو المحيل " . ثم إن المادة 137 تجارى تنص أيضاً على أن " ساحب الكمبيالة وقابلها ومحيلها ملزمون لحاملها بالوفاء على وجه التضامن ( [469] ) " .
وفى الإفلاس نصت المادة 254 تجارى على أن وكلاء الدائنين ( أى السنديك إذا تعدد ) متضامنون فيما يتعلق بإجراءات إدارتهم " .
وفى بيع السفينة نصت المادة 23 / 1 من التقنين البحرى على أنه " يجب على الراسى عليه مزاد السفينة من أية حمولة كانت أن يدفع فى ظرف أربع وعشرين ساعة من وقت مرسى المزاد ثلث الثمن الذى رسا به المزاد عليه أو يسلمه إلى صندوق المحكمة ، ويؤدى كفيلاً معتمداً بالثلثين يكون له محل بالقطر المصرى ويضع إمضاءه مع المكفول على السن ، ويكونان ملزمين على وجه التضامن بدفع الثلثين المذكورين فى ميعاد أحد عشر يوماً من يوم مرسى المزاد ( [470] ) " .
$ 284 $
المطلب الثالث
وحدة المحل وتعدد الروابط – الالتزام التضامنى ( Obligation in solidum )
175 - وحدة المحل وتعدد الروابط : والتضامن بين المدينين ، كالتضامن بين الدائنين ، يجعل الالتزام متعدد الروابط ولكنه موحد المحل ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [471] ) .
فتعدد المدينين من شأنه أن يجعل الروابط متعددة ، فالدائن يرتبط بكل مدين بموجب رابطة مستقلة عن الروابط التى تربطه بالمدينين الآخرين . ومظاهر التعدد فى روابط المدينين بالدائن فى التضامن السلبى هى نفس مظاهرها فى روابط الدائنين بالمدين فى التضامن الإيجابى ، على ما مر . ويترتب على ذلك :
( 1 ) يجوز أن تكون إحدى هذه الروابط موصوفة والأخرى بسيطة ، كما يجوز أن يلحق إحدى الروابط وصف ويلحق رابطة أخرى وصف آخر . ومن ثم يصح أن يكون أحد المدينين المتضامنين مديناً تحت شرط ، والآخر التزامه منجز أو مضاف إلى أجل . فلا يطالب الدائن المدين تحت شرط إلا عند تحقق الشرط ، ولا المدين المؤجل دينه إلا عند حلول الأجل ، ويطالب فوراً من كان دينه منجزاً . وإلى هذا تشير الفقرة الأولى من المادة 285 مدنى إذ تقول : " يجوز للدائن مطالبة المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين أو منفردين ، ويراعى فى ذلك ما يلحق رابطة كل مدين من وصف يعدل من أثر الدين " . ويجوز أيضاً ، على هذا النحو ، أن يكون مكان الأداء لأحد المدينين غير مكان الأداء للمدينين الآخرين ( [472] ) .
$ 285 $
( 2 ) ويجوز أن يشوب إحدى الروابط عيب فى الإرادة أو نقص فى الأهلية وتكون الروابط الأخرى غير مشوبة بشئ من ذلك ، كما يجوز أن تكون إحدى الروابط باطلة والروابط لأخرى صحيحة ، أو يكون بعضها باطلاً وبعضها قابلاً للإبطال وبعضها صحيحاً . فكل رابطة من الروابط المتعددة تستقل بعيوبها . ثم إن بعض الروابط قد يكون قابلاً للفسخ ، وبعض آخر لا يقبل الفسخ .
( 3 ) ويجوز أخيراً أن تنقضى إحدى الروابط دون أن تنقضى الروابط الأخرى . وسنرى ذلك فى أسباب انقضاء الالتزام بغير الوفاء ، فتنقضى إحدى الروابط بالمقاصة مثلاً مع بقاء الروابط الأخرى قائمة .
ولكن لما كان المدينون جميعاً متضامنين فى دين واحد ، فإنه بالرغم من تعدد روابطهم مع الدائن يكون الالتزام موحد المحل ، فالروابط متعددة والمحل واحد . ووحدة المحل هذه هى التى تحتفظ للالتزام بوحدته رغماً من تعدد المدينين ، وإلا لانقسم الدين على هؤلاء المدينين ولكان التزاماً متعدد الأطراف ( obligation conjointe ) من ناحية المدين كما سبق القول . وتعدد الروابط ووحدة المحل فى التضامن السلبى هما ، كما فى التضامن الإيجابى ، المحور الذى تدور عليه جميع أحكام التضامن كما سنرى .
176 - الالتزام التضامنى ( [473] ) ( obligation in solidum ) : وإذا كان الالتزام التضامنى obligation solidaire متعدد الروابط ولكنه موحد المحل ، فإنه أيضاً موحد المصدر . فإذا كان التضامن مصدره الاتفاق ، فإن الالتزام التضامنى الذى يجمع ما بين المدينين المتضامنين هو التزام محله واحد وهو الدين ، ومصدره واحد وهو العقد . وإذا كان التضامن مصدره نص فى القانون ، كما فى التزام الوكلاء المتعددين أو الالتزام عن عمل غير مشروع ، فإن مصدر الالتزام التضامنى هو عقد وكالة واحد أو عمل غير مشروع صدر من أشخاص $ 286 $ متعددين فأحدث ضرراً واحداً ( [474] ) .
ولكن قد يتعدد مصدر الالتزام مع بقاء محله واحداً . مثل ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 792 مدنى من أنه " إذا كان الكفلاء قد التزموا بعقود متوالية ، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله ، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم " . فهنا وجد كفلاء متعددون ، وكل منهم قد التزم فى عقد مستقل بكفالة دين واحد ، فالروابط التى تربط الكفلاء المتعددين بالدائن روابط متعددة إذ كل كفيل منهم تربطه بالدائن رابطة مستقلة ، ومصدر التزام كل كفيل هو أيضاً متعدد إذ التزم الكفلاء بعقود متوالية ، ولكن الدين الذى التزم كل بأدائه هو دين واحد : الروابط إذن متعددة ، والمصدر متعدد ، والمحل واحد . فلا يكون هؤلاء الكفلاء ملتزمين بطريق التضامن ، لأن التضامن يقتضى أن يكون المصدر واحداً لا متعدداً كما قدمنا . ولكن لما كان كل منهم ملزماً بنفس الدين ، فقد تضامت ذممهم جميعاً فى هذا الدين الواحد دون أن تتضامن ، فالالتزام يكون التزاماً تضاممياً ( obligation in solidum ) لا التزاماً تضامنياً ( obligation solidaire ) ( [475] ) .
$ 287 $
والذى يميز الالتزام التضاممى عن الالتزام التضامنى أن المدينين المتضامين فى الالتزام الأول لا تجمعهم وحدة المصلحة المشتركة كما تجمع المدينين المتضامنين فى الالتزام الثانى . ذلك أن التضامن يقتضى كما قدمنا وحدة المصدر ، ووحدة المصدر هذه هى التى تفترض وجود المصلحة المشتركة بين المدينين المتضامنين . أما فى الالتزام التضاممى فالمصدر متعدد ، فلا محل إذن لافتراض وجود مصلحة مشتركة بين المدينين المتضامنين . وفى المثل المتقدم التزم كل كفيل بعقد مستقل ، فلم تكن هناك مصلحة مشتركة ما بين هؤلاء الكفلاء المتعددين ، وإنما يجمعهم كلهم دين واحد ، فكل منهم ملتزم بأدائه .
ولهذا التمييز أهمية كبيرة فى تعيين الآثار التى تترتب على التضامم فى الالتزام وتلك التى تترتب على التضامن فيه . أما الآثار التى تترتب على التضامم فتقتصر على ما تقتضيه طبيعة الموقف ، إذ كل من المدينين مدين بنفس الدين وبكل الدين . فيترتب على ذلك بداهة أن الدائن يستطيع أ ، يطالب أى مدين منهم بكل الدين ، وإذا هو استوفاه من أحدهم برئت ذمة الآخرين . كذلك يستطيع أى مدين منهم أن يوفى الدائن كل الدين ، فتبرأ بذلك ذمة الآخرين . أما فيما $ 288 $ يتعلق برجوع المدينين المتضامنين بعضهم على بعض ، فهذا يتوقف على ما بينهم من علاقة . فالكفلاء الذين كفلوا مديناً واحداً بعقود متوالية ، إذا وفى أحدهم الدين كله للدائن برئت ذمة الكفلاء الآخرين من هذا الدين نحو الدائن ، ولكن يجوز للكفيل الذى دفع الدين أن يرجع بكل الدين على المدين الأصلى . أما إذا وفى المدين الدين لدائنه فإنه لا يرجع على أحد من الكفلاء ، لأنه إنما دفع دين نفسه .
والآثار التى تترتب على التضامن فى الالتزام ، حيث يفترض وجود المصلحة المشتركة ما بين المدينين المتضامنين ، أبعد مدى من ذلك . فسنرى أن أى مدين متضامن تمكن مطالبته بكل الدين ، وإذا وفاه برئت ذمة الآخرين ، ويكون له فى الغالب حق الرجوع عليهم كل بقدر نصيبه . ولا يقتصر الأمر على ذلك ، إذ أن هناك مصلحة مشتركة ما بين المدينين المتضامنين كما قدمنا ، وهذه المصلحة هى التى تبرر مبدأ أساسياً فى التضامن يقضى بأن كل مدين متضامن يمثل الآخرين فيما ينفعهم لا فيما يضرهم ، ولولا وجود هذه المصلحة المشتركة لما كان هناك محل لتمثيل المدينين الآخرين لا فيما يضر ولا فيما ينفع .
ومن أجل ذلك لا يقوم هذا التمثيل فى الالتزام التضاممى حتى فيما ينفع ، إذ لا توجد مصلحة مشتركة ما بين المدينين المتضامين . فإذا أعذر أحد الكفلاء المتوالين الدائن ، لم يكن الدائن معذراً بالنسبة إلى الكفلاء الآخرين . وإذا صدر حكم لمصلحة أحد هؤلاء الكفلاء لم يستفد منه الباقون . وقل مثل ذلك فى سائر الآثار التى تدعى بالآثار الثانوية ( Effets secondaires ) للتضامن ، والتى سيأتى بيانها تفصيلا فيما يلى ( [476] ) :
177 - أمثلة للالتزام التضاممى فى القانون المصرى : وقد أوردنا مثالا واحداً للالتزام التضاممى ، هو التزام الكفلاء المتعددين بعقود متوالية ، ونعزز هذا المثال بأمثلة أخرى :
$ 289 $
( 1 ) إذا كان الدائن بالنفقة الواجبة قانوناً يستطيع أن يطالب بها مدينين متعددين ، بأن تكون النفقة واجبة قانوناً على كل منهم ، استطاع مستحق النفقة أن يرجع بها على أيهم ، ويكون الجميع مدينين متضامين ، لأنه جميعاً مسئولون عن دين واحد . فالمحل واحد ، ولكن الروابط متعددة ، وكذلك المصدر متعددة إذ كل من هؤلاء المدينين تربطه بالدائن رابطة من القرابة تختلف عن رابطة القرابة التى تربط الدائن بالآخرين وهذه الرابطة هى مصدر التزامه بدينه النفقة .
( 2 ) قد يكون اثنان مسئولين عن دين واحد بموجب مصدرين مختلفين ، بأن يكون أحدهما مسئولا بموجب عقد ويكون الآخر مسئولا بمقتضى القانون . مثل ذلك ما نصت عليه المادة 30 من التقنين البحرى من أن " كل مالك لسفينة مسئول مدنياً عن أعمال القبودان وبوفاء ما التزم به القبودان المذكور فيما يختص بالسفينة وتسفيرها " . فقد قرر هذا النص مسئولية مالك السفينة عن أعمال القبودان غير المشروعة وعن التزاماته التعاقدية فيما يختص بالسفينة وتسفيرها " . فقد قرر هذا النص مسئولية مالك السفينة عن أعمال القبودان غير المشروعة وعن التزاماته التعاقدية فيما يختص بالسفينة وتسفيرها . أما مسئولية مالك السفينة عن أعمال القبودان غير المشروعة فهذه مسئولية المتبوع عن التابع فى نطاق المسئولية التقصيرية ،ولذلك يكون الاثنان متضامنين فى هذه المسئولية عن العمل غير المشروع وفقاً لأحكام المادة 169 مدنى ، ويكون هذا مثلا للتضامن فى الالتزام لا للتضامم فيه . ولكن مسئولية مالك السفينة عما يبرمه القبودان من عقود خاصة بالسفينة وتسفيرها ، فهذه مسئولية تضاممية لا تضامنية ، لأن التضامن فى المسئولية العقدية لابد فيه من نص القانون ، والنص هنا مقصور على جعل مالك السفينة مسئولا عن وفاء ما التزم به القبودان ولم يصرح بقيام التضامن بينهما ، أى أنه اقتصر على جعل كل من المالك والقبودان مسئولا عن نفس الدين وهذا هو التضامم .
( 3 ) كذلك يقوم الالتزام التضاممى فى المسئولية العقدية عن الغير . وتتحقق هذه المسئولية إذا استخدم المدين بعقد شخصاً غيره فى تنفيذ التزامه العقدى ، فيكون مسئولا عقدية عن خطأ هذا الشخص فى تنفيذ العقد ( [477] ) .
$ 290 $
فالمؤجر مسئول عن تنفيذ التزاماته العقدية الناشئة عن عقد الإيجار نحو المستأجر ، وقد يعهد إلى بواب بتنفيذ بعض من هذه الالتزامات ، فإذا قصر البواب فى تنفيذها ، بأن أهمل مثلاً فتسبب عن إهماله أن سُرق المستأجر ، أو أضاع المراسلات الموجهة إلى هذا المستأجر ، كان هذا خطأ يستوجب مسئولية البواب . ولما كان المؤجر مسئولاً هو أيضًا عن هذا الخطأ مسئولية عقدية ، فالالتزام واجب أيضًا على المؤجر بمقتضى مسئوليته عن البواب . فهذا التزام واحد ، له مدينان ، ولا يمكن القول بأنهما متضامنان ، فالتضامن مع المؤجر فى مسئوليته ، العقدية لابد فيه من نص . ولكن مميزات الالتزام التضاممى قد توافرت هنا : محل واحد وروابط متعددة ومصادر متعددة ، فدين التعويض محله واحد بالنسبة إلى كل من المؤجر والبواب ، وهناك رابطتان مختلفتان ، إحداهما تربط المستأجر بالمؤجر ، والأخرى تربط المستأجر بالبواب . ومصدر التزام البواب خطأه التقصيرى ، أما مصدر التزام المؤجر فمسئوليته العقدية عن الغير ( [478] ) .
( 4 ) فى المثلين المتقدمين رأينا أن شخصين يلتزمان بدين واحد بموجب مصدرين مختلفين ، فمالك السفينة مسئول عن تنفيذ العقد الذى $ 291 $ أبرمه القبودان ، وهنا التابع ـ أى القبودان ـ هو الذى أبرم العقد ، فيصبح المتبوع مسئولاً عن تنفيذه ، والمؤجر مسئول عن خطأ البواب فى تنفيذ عقد الإيجار ، وهنا ـ على خلاف الحالة الأولى ـ المتبوع هو الذى أبرم العقد والتابع هو الذى ينفذه ، ويمكن أن نتصور حالة ثالثة يكون فيها الشخصان مستقلين أحدهما عن الآخر ، فلا تابع ولا متبوع ، ويكونان مسئولين عن دين واحد بموجب مصدرين مختلفين ، وليكن هذان المصدران خطأين أحدهما عقدى والآخر تقصيرى ، " فإذا تعاقد عامل فنى مع صاحب مصنع ـ كما كتبنا فى الجزء الأول من الوسيط ـ أن يعمل فى مصنعه مدة معينة ، وأخل بتعهده فخرج قبل انقضاء المدة ليعمل فى مصنع آخر منافس بتحريض من صاحبه ، كان العامل الفنى وصاحب المصنع المنافس مسئولين معًا نحو صاحب المصنع الأول ، كل منهما عن تعويض كامل ، وتفسير ذلك لا يرجع إلى تعدد المسئولين عن أخطاء تقصيرية ، بل يرجع إلى أن العامل الفنى مسئول عن تعويض كامل لأنه أخل بالتزامه العقدى ، وصاحب المصنع المنافس مسئول أيضًا عن تعويض كامل لأنه ارتكب خطأ جعله مسئولاً ، فيكون كل منهما مسئولاً عن تعويض ضرر واحد تعويضًا كاملاً . وهذه ليست مسئولية بالتضامن ( Solidarite ) بل هى مسئولية مجتمعية ( تضاممية in Solidum ) ( [479] ) . وكذلك يكون الحكم إذا كان كل من الخطأ العقدى والخطأ التقصيرى غير عمد ، كما إذا ارتكب أمين النقل وهو ينقل بضاعة خطأ بأن سار بسرعة كبيرة ، فاصطدم بسيارة أخرى ارتكب سائقها هو أيضًا خطأ بأن كان يسير من جهة الشمال ، فخطأ أمين النقل هنا خطأ عقدى غير عمد وخطأ الغير ( سائق السيارة الأخرى ) خطأ تقصيرى غير عمد ، ومع ذلك يكون أمين النقل والغير مسئولين معًا مسئولية مجتمعة ( تضاممية ) . ويلاحظ فى المثلين المتقدمين أن مرتكب الخطأ العقدى لا يكون مسئولاً إلا عن الضرر $ 292 $ المتوقع ، أما مرتكب الخطأ التقصيرى فيكون مسئولاً أيضًا عن الضرر غير المتوقع مادام ضررًا مباشرًا ، فالمسئولية المجتمعة ( التضاممية ) إنما تقوم بينهما فيما يشتركان فى التعويض عنه وهو الضرر المتوقع ، وينفرد مرتكب الخطأ التقصيرى بالمسئولية عن الضرر غير المتوقع . والفرق بين المسئولية بالتضامن ( Solidarite ) والمسئولية المجتمعية ( تضاممية in Solidum ) أن التضامن يختص بأحكام لا تشاركه فيها المسئولية المجتمعة ( التضاممية ) ، فالمسئولون بالتضامن يمثل بعضهم بعضًا فيما ينفع لا فيما يضر . فإذا تصالح الدائن مع أحد المسئولين بالتضامن ، وتضمن الصلح الإبراء من الدين أو براءة اذمة منه بأية وسيلة أخرى استفاد منه الباقون ، أما إذا كان من شأن هذا الصلح أن يرتب فى ذمتهم التزامًا أو يزيد فيما هم ملتزمون به فإنه لا ينفذ فى حقهم إلا إذا قبلوه ( م 294 مدنى ) . وإذا أقر أحد المسئولين المتضامنين بالدين فلا يسرى هذا الإقرار فى حق الباقين ، وإذا نكل أحد المسئولين المتضامنين فحلف فإن المسئولين الآخرين يستفيدون من ذلك ( م 295 مدنى ) ، وإذا صدر حكم على أحد المسئولين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ، أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم فيستفيد منه الباقون إلا إذا كان الحكم مبنيًا على سبب خاص بالمسئول الذى صدر الحكم لصالحه ( م 296 مدنى ) ، وإذا أعذر الدائن أحد المسئولين ، أما إذا أعذر أحد المسئولين المتضامنين الدائن فإن باقى المسئولين يستفيدون من هذا الأعذار ( م293 فقرة 2 مدنى ) . . هذه الأحكام هى خاصة بالمسئولية التضامنية دون المسئولية المجتمعة ( التضاممية ) ، ومن ثم تقوم هذه الفروق بين المسئوليتين " ( [480] ) .
$ 294 $
المبحث الثاني
الآثار التي تترتب علة تضامن المدينين
178 – العلاقة بين الدائن والمدينين وعلاقة المدينين بعضهم ببعض : هنا أيضا نبحث ، كما بحثنا في تضامن الدائنين ، أمرين : ( 1 ) العلاقة بين الدائن والمدينين ( 2 ) وعلاقة المدينين بعضهم ببعض .
المطلب الأول
العلاقة بين الدائن والمدينين
179 – المبادئ الأساسية : المبادئ الأساسية التي تقوم عليها العلاقة ما بين الدائن والمدينين في التضامن السلبي هي نفس المبادئ التي تقوم عليها العلاقة ما بين المدين والدائنين في التضامن الإيجابي :
( أولا ) فللدائن مطالبة أي مدين متضامن بكل الدين . ولأي مدين متضامن الوفاء بكل الدين للدائن . ووفاء أحد المدينين بكل الدين يبرئ ذمة المدينين الآخرين نحو الدائن ( م 284 – 285 مدني ) . ويرجع هذا المبدأ إ لي فكرة وحدة المحل ، فالدائن يستطيع أن يطالب بالكل ، كما يستطيع أي مدين أن يفي بالكل ، لأن الكل في هذه الحالة شئ واحد .
( ثانياً ) أما أسباب الانقضاء الأخرى غير الوفاء ، من تجديد ومقاصة واتحاد ذمة وإبراء وتقادم ، فإنها إذا تحققت بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين اقتصر أثيرها عليه دون أن تتعدى سائر المدينين ، ولا يحتج أي من هؤلاء بها إلا بقدر حصة المدين الذي قام به سبب الانقضاء ( م 286 – 292 / 1 مدني ) . ويرجع هذا المبدأ إلى فكرة تعدد الروابط ، فكل مدين تربطه بالدائن رابطة تتميز عن روابط المدينين الآخرين ، فإذا انقضت هذه الرابطة بسبب غير الوفاء لم بترتب على ذلك انقضاء الروابط الأخرى .
$ 295 $
( ثالثاً ) ولا يجوز لأي مدين متضامن أن يأتي عملا من شأنه أن يضر بباقي المدينين ، ولكن إذا أتى عملا من شأنه أن ينفعهم أفادوا منه ( م 292 / 2 – 296 مدني ) . ويرجع هذا المبدأ إلي فكرة النيابة التبادلية ، فكل مدين يمثل الآخرين فيما ينفع لا فيما يضر . وهذا ما جرت العادة بتسميته الآثار الثانوية ( secondaireseffets ) للتضامن ( [481] ) .
فنتكلم إذن هنا ، كما تكلمنا في التضامن الإيجابي ، في مسائل ثلاث : ( 1 ) انقضاء الدين بالوفاء ( 2 ) انقضاء الدين بأسباب أخرى غير الوفاء ( 3 ) الآثار الثانوية للتضامن بين المدينين .
1 – انقضاء الدين بالوفاء
180 – النصوص القانونية : تنص المادة 284 من التقنين المدني على ما يأتي :
" إذا كان التضامن بين المدينين ، فإن وفاء أحدهم بالدين مبرئ لذمة الباقين " .
وتنص المادة 285 على ما يأتي :
" 1 – يجوز للدائن مطالبة المدين مجتمعين أو منفردين ، ويراعي في ذلك ما يلحق رابطة كل مدين من وصف يعدل من أثر الدين " .
" 2 – ولا يجوز للمدين الذي يطالب الدائن بالوفاء أن يحتج بأوجه الدفع $ 296 $ الخاصة بغيره من المدينين ، ولكن يجوز له أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة به وبالأوجه المشتركة بين المدينين جميعاً ( [482] ) " .
وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 108 / 162 – 164 و 109 / 165 و 112 / 168 ( [483] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري $ 297 $ المادتين 284 – 285 ، وفي التقنين المدني الليبي المادتين 271 – 322 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 23 و 25 – 29 ( [484] ) .
$ 298 $
181 – لأي مدين متضامن أن يوفي الدائن كل الدين : وهذا ما تنص عليه المادة 284 مدني ، وكما رأينا ، إذ تقول : إذا كان التضامن بين المدينين ، فإن وفاء أحدهم بالدين مبرئ لذكة الباقين " . فأي مدين إذن يستطيع أن يفي الدين كله للدائن ، ولا يستطيع الدائن أن يرفض الأستيفاء ، كما لا يستطيع أن يفرض على المدين ألا يوفيه إلا حصته في الدين إذا أصر المدين على الوفاء بالدين كله ( [485] ) . وهذا ما لم يتفقا على أن يدفع المدين للدائن حصته في الدين فقط ، فعند ذلك يكون للدائن أن يرجع على أي مدين آخر بالدين من استنزال حصة المدين المدفوعة ( [486] ) . وكما لا يجبر المدين على أ ، يوفي حصته فقط كذلك لا يستطيع $ 299 $ هو أن يجبر الدائن على استيفاء هذه الحصة إذا أصر الدائن على أن يستوفى الدين كله .
وإذا وفي المدين الدين كله للدائن ، برئت ذمه سائر المدينين المتضامنين . ويكون للمدين الذي وفي الدين الرجوع عليهم كل بقدر حصته على الوجه الذي سنبينه فيما يلي . وإذا رفض الدائن أن يستوفى الدين كله من أي مدين متضامن ، كان لهذا المدين أن يعرض الدين عرضاً حقيقاً وقفاً للإجراءات المقررة ، ومتى تم هذا العرض برئت ذمة كل المدينين المتضامنين .
182 – وللدائن أن يستوفى الدين كله من أي مدين متضامن : وهذا ما يقرره صدر الفقرة الأولى من المادة 285 مدني ، كما رأينا ، إذ يقول " يجوز للدائن مطالبة المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين أو منفردين " . فللدائن أن يختار أن مدين متضامن – أكثرهم ملاءة أو أيسرهم وفاء أو من يشاء منهم فكلهم متضامنون في الدين – ويطالبه بالدين جميعه لا فحصب منه فحسب ( [487] ) . وهذا يرجع كما قدمنا إلى وحدة المحل في الالتزام التضامني ، وهذا هو أيضاً أهم أثر للتضامن السلبي ، فإن هذا النوع من التضامن مقرر في الأصل لمصلحة الدائن ، بل هو يفوق في الضمان الكفالة ولو كان الكفيل متضامنا كما سبق القول ( [488] ) .
ويبقى للدائن حقه في الرجوع بكل الدين على أي مدين يختاره حتى لو كان له تأمين عيني كرهن أو حق امتياز ، فله بالرغم من وجود هذا التأمين أن يرجع علة المدين الذي اختاره قبل أن يرجع علة العين المرهونة أو المثقلة بحق الامتياز وهذا حتى لو كانت هذه العين مملوكة لغير هذا المدين ( [489] ) . ذلك أن القانون لم $ 300 $ يحتم على الدائن أن يرجع أولا على العين المحملة بالضمان العيني ( [490] ) ، فقد يحد الدائن أن الدعوة الشخصية آلت يطالب بها المدين المتضامن بالدين كله أيسر حمال وأقل كلفة وأبسط في الإجراءات من الدعوى العينية التي يرجع بها بمقتضى التأمين العيني ( [491] ) .
وليس للمدين إذا طالبه الدائن بالدين كله ، أن يقتصر على دفع حثته في الدين ( [492] ) ، فإنه بالنسبة إلى الدائن قد انشغلت ذمته بكل الدين ولا يستطيع أن يجزئ الوفاء . وقد رأينا نظيرا لهذا الحكم في حالة ما إذا كان المدين هو الذي يتقدم من تلقاء نفسه ، ومن غير مطالبة من الدائن ، بدفع حصته في الدين ، فإن الدائن لا يجبر على قبول الوفاء الجزئي ( [493] ) .
183 – مراعاة ما يلحق رابطة كل مدين من وصف ولما كان الالتزام التضامني ، إلى جانب أنه وحد المحل ، متعدد الروابط ، فإن هذه الروابط المتعددة قد يكون بعضها موصوفا والبعض غير موصوف ، وقد يكون الرصف الذي يلحق رابطة منها غير الوصف الذي الرابطة الأخرى ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك . فيجوز أن يكون أحد المدينين المتضامنين مدينا تحت شرط واقف ، ويكون مدين آخر دينه مضاف إلى أجل ويكون مدين ثالث دينه منجز . ففي هذه الحالة لا يستطيع الدائن أن يرجع على المدين الأول $ 301 $ إلا إذا تحقق الشرط ، ولا على المدين الثاني إلا عند حلول الأجل ، ويجوز له الرجوع فورا على المدين الثالث . وإلى هذا تشير المادة 284 مدني إذ تقول : " ويراعي في ذلك ما يلحق رابطة كل مدين من وصف يعدل من أثر الدين " . وقد تقدم مثل ذلك في التضامن الإيجابي .
وقد يطرأ الوصف على الرابطة بعد تمام التعاقد ، فيمنح الدائن أن يتمسكوا بهذا الأجل ، كما لا يتمسك المدين في التضامن الإيجابي بالأجل الذي يمنحه له أحد الدائنين المتضامنين في حق الدائنين الآخرين ( [494] ) . وإذا كان الدائن ، عند ما يبرئ أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، يستبقه حقه في الرجوع على الباقين بكل الدين ( م 290 مدني ) ، فأولى أن يستبقى حقه في الرجوع فورا على الباقين إذا هو أجل الدين لأحدهم .
184 – إدخال المدينين المتضامنين الآخر بن في الدعوى ودخولهم فيها : إذا طالب الدائن أحد المدينين المتضامنين بكل الدين على الوجه الذي أسلفناه ، كان لهذا المدين أن يدخل في الدعوى باقي المدينين المتضامنين أو بعضهم ، حتى إذا حكم عليه بكل الدين حكم له على كل من لآخرين بقدر حصته ( [495] ) . ولا يجوز للدائن أن يعارض في ذلك فيقد نصت المادة 143 من تقنين المرافعات على أن " للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها ، ويتبع في اختصام الغير الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور " ( [496] ) . ويتعين $ 302 $ على المحكمة إجابة إلى طلبه وتأجيل الدعوى لإدخال باقي المدينين ، إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى عليه من الدائن ، أو إذا كانت الثمانية الأيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى ، وفيما عدا ذلك يكون التأجيل لإدخال باقي المدينين المتضامنين جوزياً للمحكمة ( م 146 مرافعات ) . ويقضي في الدعوى الأصلية المرفوعة من الدائن على المدين وفي طلب هذا المدين للرجوع على باقي المدينين بحكم واحد كلما أمكن ذلك ، وإلا فصلت المحكمة في الرجوع على باقي المحكمة في الرجوع على باقي المدينين بعد الحكم في الدعوى الأصلية إذا اقتضى الفصل في الرجوع إجراءات طويلة للتثبت من الحكم في الدعوى الأصلية إذا اقتضى الفصل في الرجوع إجراءات طويلة للتثبت من حصة كل مدين في الدين " ( م 147 مرافعات ) .
بل أن للمحكمة من تلقاء نفسها ، دون طلب من المدين ، أن تأمر بإدخال باقي المدينين المتضامنين في الدعوي ، فقد نصت المادة 144 من تقنين المرافعات على أن " للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال : ( ا ) . . . ( ب ) من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو حق أو التزام لا يقبل التجزئة . . . وتعين المحكمة ميعادا بحضور من تأمر بادخاله ومن يقوم الخصوم بإعلانه " . وهذا حكم مستحدث في تقنين المرافعات الجديد .
وكما يجوز إدخال باقي المدينين المتضامنين في الدعوى ، يجوز كذلك أن يتدخلوا هم من تلقاء أنفسهم ، ليرعوا حقوقهم وليمنعوا ما قد يقع من تواطؤ بين الدائن والمدين المرفوعة عليه الدعوى . وقد نصت المادة 153 من تقنين المرافعات على أنه " يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضما لأحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطل مرتبط بالدعوى " وتنص المادة 155 من نفس التقنين علة أن " تحكم المحكمة على وجه السرعة في نزاع يتعلق بقبول الطلبات العارضة أو التدخل . ولا يترتب على الطلبات العارضة أو التدخل إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى كانت صالحة للحكم فيه . وتحكم المحكمة في موضوع الطلبات العارضة أو في طلبات التدخل مع الدعوى الأصلية كلما $ 303 $ أمكن ذلك ، وإلا سبقت الطلب العارض أو طلب التدخل للحكم فيه بعد تحقيقه ( [497] ) " .
185 - مطالبة مدين بعد آخر : وإذا اختار الدائن مدينا متضامنا ويطالبه بكل الدين ، ثم رأى بعد ذلك أن يوجه مطالبته لمدين متضامن آخر ظهر له فيما بعد أكثر جدوي أو أيسر أو بداله أي سبب آخر لهذه المطالبة الجديدة ،ئء فإن المطالبة الأولى للمدين الأول لا تمنع من مطالبة المدين الآخر . فللدائن إذن أن يدخل المدين الآخر خصما في الدعوي الأولى ويطلب الحكم على الاثنين بالدين متضامنين فيه ، وله أن يترك دعواه الأولى ويرفع دعوى جديدة على المدين الآخر يطالبه فيها وحده بكل الدين ( [498] ) .
وإذا فرض أن الدائن استمر في مطالبة المدين الأول ولم يستطع من وراء هذه المطالبة أن يحصل منه إلا على جزئ من الدين ، فإنه يستطيع أن يطالب أي مدين آخر بالباقي من الذي نبعد استنزال الجزء الذي استوفاه من المدين الأول . وهذا هو الحكم حتى لو كان المدين الآخر الذي يرجع عليه الدائن مفلسا ، فإن الدائن لا يدخل في التفليسة إلا بالباقي من المدين بعد استنزال ما استوفاه من المدين الأول ، ثم إن ما يبقي له بعد الرجوع على التفليسة يرجع به على أي من المدينين الآخرين أو على سائرهم ، حتى لو حصل الصلح مع المفلس . كذلك يدخل في التفليسة المدين المتضامن الذي وفي الدين بقدر ما وفاه علن المفلس . وهذه الأحكام تنص عليها صراحة المادة 349 من التقنين التجاري إذ تقول : " إذا استوفى المداين الحامل لسند متضامن فيه المفلس وغيره بعضا من دينه قبل الحكم باشهار الإفلاس ، فلا يدخل في روكية التفليسة إلا بالباقي بعد استنزال ما أيتوفاه ويبقى حقه في المطالبة بالباقي محفوظا له على الشريك أو الكفيل ، ويدخل الشريك أو الكفيل المذكور في روكية المفلس بقدر ما دفعه وما دفعة عنه $ 304 $ . وللمداين مطالبة الشركاء في الدين بتمام دينة ولو حصل الصلح مع المفلس ( [499] ) " .
186 - مطالبة المدينين المتضامنين مجتمعين : وإذا كان للدائن أن يطالب أي مدين متضامن منفرداً بكل الدين ، فما لا شك فيه أن له أيضاً أن يطالبهم جميعاً بكل الدين فيوجه إليهم المطالبة مجتمعين . وتقول المادة 285 مدني ، كما رأينا في هذا الصدد " يجوز للدائن مطالبة المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين . . " . ويستطيع أيضاً أن يوجه المطالبة إلى فريق منهم دون فريق ( [500] ) . وقد رأينا أن أي مدين متضامن وجه إليه الدائن المطالبة وحده يستطيع أن يدخل الباقي في الدعوى وأن الباقي يستطيعون أن يدلوا في الدعوى من تلقاء أنفسهم ، هذا إذا لم يستعمل الدائن حقه في مطالبتهم مجتمعين على النحو الذي بيناه .
ومتى اجتمع المدينون المتضامنون أو بعضهم في الدعوي ، فإن الحكم يصدر عليهم بالدين متضامنين فيه ( [501] ) ، فيستطيع الدائن بموجب هذا الحكم أن ينفذ $ 305 $ على أي منهم بكل الدين ، ويبقى لمن نف عليه بكل الدين حق الرجوع على الآخرين .
وإذا رفع الدائن الدعوى عليهم جميعاً ، جاز له رفعها في أية محكمة تكون مختصة بنظر الدعوى بالنسبة إلى واحد منهم أياً كان ، إذ تنص الفقرة الثانية من المادة 55 من تقنين المرافعات على أنه " إذا تعدد المدعى عليهم ، كان الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم " . أما إذا رفع الدعوي على كل منهم في المحكمة التي بها موطنه فتفرقت الدعاوي ، جاز لكل مدين أن يطلب إحالة دعواه إلى المحكمة التي رفعت أمامها أول دعوى ، فتتجمع على هذا النحو جميع الدعاوي أمام المحكمة واحدة ، ثم يضم بعضها إلى بعض حتى لا تتضارب الأحكام ( [502] ) . وإذا رفع الدائن دعاوي مستقلة على المدينين المتضامنين أمام محكمة واحدة ، جاز للخصوم ، وجاز للخصوم ، وجاز للمحكمة من تلقاء نفسها ، أن تأمر بضم هذه الدعاوي بعضها إلى بعض ليصدر فيها حكم واحد ( [503] ) .
178 - هل ينقسم الدين بين ورثة المدين المتضامن : رأينا في التضامن الإيجابي أن الفقرة الثنية من المادة 280 مدني تنص على ما يأتي : " ومع ذلك لا يحول التضامن دون انقسام الدين بين ورث أحد الدائنين المتضامنين ، إلا إذا كان الدين غير قابل للانقسام " ( [504] ) . وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 284 ( [505] ) تنص الفقرة الثانية منها ، في صدد التضامن السلبي ، على ما يأتي : " ومع ذلك لا يحول التضامن دون انقسام الدين دين ورثه أحد المدينين المتضامنين ، إلا إذا كان الدين غير قابل للانقسام " ( [506] ) ، فكان هناك $ 306 $ تقابل بين النصين . ولكن إذا كان هذا التقابل يصح في القانون الفرنسي ، حيث ينتقل الدين إلى ورثة المدين وينقسم عليهم كل بقدر حصته في الميراث ( [507] ) ، فإنه لا يصح ف مصر حيث تقضي مبادئ الشريعة الإسلامية في الميراث " ( [508] ) .
فإذا مات أحد المدينين المتضامنين ، بقيت تركته مشغولة بالدين جميعه ، ويزور للدائن أن يرجع عليها به كاملا ( [509] ) ، ثم ترجع التركة على باقي المدينين المتضامنين كل قدر حصته في الدين كما كان يفعل المورث لو بقة حياً . ومن ثم يكون الدين في التضامن السلبي ، بفضل القاعدة الشرعية التي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، غير منقسم علة ورثة المدين ، دون حادة إلى أن يكون الدين نفسه غير قابل للانقسام ( [510] ) .
$ 307 $
188 – أوجه الدفع التي يحتج بها المدين المتضامن : وتنص الفقرة الثانية من المادة 285 مدني ، كما رأينا ، على ما يأتي : " ولا يجوز للمدين الذي للمدين الذي يطالبه الدائن بالوفاء أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بغيره من المدينين ، ولكن يجوز له أن يحتد بأوجه الدفع الخاصة به وبالأوجه المشتركة بين المدينين جميعاً " . وقد رأينا نصاً مقابلا لهذا النص في التضامن الايجابي ( [511] ) .
فإذا طالب الدائن أحد المدينين المتضامنين بالوفاء ، كان لهذا المدين أن يحتد بأوجه الدفع الخاص به وبأوجه الدفع الخاصة بمدين آخر .
أما أوجه الدفع الخاصة بالمدين المطالب بالوفاء فكثيرة متنوعة ، ذكرنا ما يقابلها في التضامن الإيجابي . فقد تكون الرابطة التي تربط هذا المدين بالدائن مشوبة بعيب في الرضاء لغلط أو تدليس أو لإكراه ، أو بنقص في أهلية المدين . أو تكون هذه الرابطة قابلة للفسخ ، فيطالب المدين بفسخها . أو تكون قد انقضت بسبب غير الوفاء ، كالمقاصة واتحاد الذمة والإبراء والتقادم ، وهذه جميعها يحتد بها المدين الذي قام السبب من جهته ويدفع بها مطالبة الدائن كما سنرى .
وأما أوجه الدفع المشتركة بين الدائنين جميعاً فكأن يكون العقد الذي أنشأ الالتزام التضامني باطلا في الأصل ، لانعدام رضاء المدينين جميعاً أو لعدم توافر شروط المحل أو السبب أو لعيب في الشكل . أو يكون العقد قابلا للإبطال لصالح جميع المدينين ، بأن يكون قد وقع علهم جميعاً إكراه أو تدليس أو وقعوا جميعاً في غلط . أو يكون العقد قابلا للفسخ ، بأن يكون الدائن مثلا لم يف بما تعهد به كأن كان بائعاً لم يسلم المبيع للمشترين المتضامنين في الثمن ، فيكون لكل من هؤلاء المدينين المتضامنين حق المطالبة بفسخ البيع . أو يكون أحد المدينين قد وفي الدين كله فبرئت ذمة الجميع ، ويكون لكل منهم أن يحتج بهذا الوفاء على الدائن .
$ 308 $
ولا يحتج المدين المطالب بالوفاء بأوجه الدفع الخاصة بغيره من المدينين المتضامنين ( [512] ) ، كما إذا وقع تدليس أو إكراه على غيره أو وقع غيره في غلط فلا يحتج هو بذلك ( [513] ) . وكما إذا كان غيره ناقص الأهلية ،فلا يحتج هو بنقص أهليه هذا المدين . وكما إذا كان التزام غيره معلقاً على شرك أو مضافاً إلى أجل ، فلا يتمسك هو بهذا الدفع . وكما إذا قام سبب للفسخ بغيره ، فلا يطالب هو بالفسخ . وكما إذا قام سبب غير الوفاء لانقضاء التزام غيره ، فلا يحتج هو بهذا السبب إلا بقدر حصة هذا المدين على الوجه الذي سنفصله فيما يلي ( [514] ) .
2 – انقضاء الدي بأسباب أخري غير الوفاء
189 – المبدأ العام : في التضامن السلبي ، كما في التضامن الإيجابي ، إذا برئت ذمة أحد المدينين المتضامنين قبل الدائن بسبب غير الوفاء ، ولم تبرأ ذمة $ 309 $ الباقين إلا بقدر حصة المدين الذي برئت ذمته ( [515] ) . وقد وضع التقنين المدني هذا المبدأ العام في صدد التضامن الإيجابي ، واقتصر عليه فيما يتعلق بهذا النوع من التضامن دون أن يطبقه تفصيلا على الأسباب المختلفة لا نقضاء الالتزام . أما في التضامن السلبي فقد عمد ، دون أن يصرح بالمبدأ ، إلى تطبيقه تكبيهاً تفصيلياً على هذه الأسباب ، لما لهذا التطبيق التفصيلي من أهمية عملية .
وقد قدمنا أن الأصل في ذلك أن روابط الدائن بالمدينين المتضامنين روابط متعددة ، وقد تنقضي رابطة منها بسبب غير الوفاء ولا تنقضي الروابط الأخرى إلا بقدر حصة من انقضت رابطته ، فلا يستطيع باقي المدينين أن يحتجوا على الدائن إلا بقدر هذه الحصة ، ويبقون ملزمين بدفع باقي الدين .
ونستعرض مع التقنين المدني الجديد أسباب انقضاء الالتزام المختلفة غير الوفاء مع النصوص الشريعة الخاصة بكل سبب . وأسباب الانقضاء التي عرض لها التقنين الجديد هي التجديد والمقاصة واتحاد الذمة والإبراء والتقادم ( [516] ) .
$ 310 $
190 – التجديد : تنص المادة 286 من التقنين المدني على ما يأتي : " يترتب على تجديد الدين بين الدائن وأحد المدينين المتضامنين أن تبرأ ذمة باقي المدينين ، إلا إذا احتفظ الدائن بحقه قبلهم ( [517] ) " .
$ 311 $
ونفرض هنا أن الدائن اتفق مع أحد المدينين المتضامنين على تجديد الدين . وهذا التجديد إما أن يكون بتغيير الدين ، إذا اتفق الطرفان على أن يستبدلا بالالتزام الأصلي التزاماً جديداً يختلف عنه في محله أو في مصدره . وإما أن يكون بتغيير المدين ، إذا اتفق الدائن مع أجنبي على أن يكون هذا الأجنبي مديناً مكان المدين الأصلي وعلى أن تبرأ ذمة المدين الأصلي دون حادة إلى رضاءه ، أو إذا حصل المدين على رضاء الدائن بشخص أجنبي قبل أن يكون هو المدين الجديد . وإما أن يكون بتغيير الدائن ، إذا اتفق الدائن والمدين وأجنبي على أن يكون هو الدائن الجديد .
وسواء كان التجديد بتغيير الدين أو بتغيير المدين أو بتغيير الدائن ، فإنه يترتب عليه أن ينقضي الالتزام الأصلي بتوابعه وأن ينشأ مكانه التزام جديد ( م 356 / 1 مدني ) . وتنص الفقري الثانية من المادة 356 مدني على ما يأتي : " ولا ينتقل إلى الالتزام الجديد التأمينات التي كانت تكفل الالتزام الأصلي ، إلا بنص في القانون ، أو إلا إذا تبين من الاتفاق أو من الظروف أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى ذلك " . ثم تنص المادة 358 مدني على أنه " لا ينتقل إلى الالتزام الجديد الكفالة عينية كانت أو شخصية ولا التضامن ، إلا إذا رضي بدلك الكفلاء والمدينون المتضامنون " .
ونري من هذه النصوص أن التجديد يقضي الدين القديم على وجه قاطع ويقيم مكانه ديناً جديداً يختلف في صفاته وفي توابعه وفي تأميناته عن الدين القديم . ومن أهم تأمينات الدين القديم هو هذا التضامن الذي كان قائماً بين المدينين جميعاً ، فينقضي بانقضاء الدين القديم . بل لا ينقضي التضامن وحده ، وإنما ينقضي الالتزام التضامني ذاته بالتجديد ، فتبرأ ذمة المدينين المتضامنين جميعاً : لا ذمة المدين الذي أجرى التجديد مع الدائن فحسب ، بل أيضاً تبرأ ذمة باقي المدينين المتضامنين .
وهذه نتيجة بعيدة المدى ، يبررها أن التجديد حاسم في قضاء الدين القديم بكل مشخصاته ومقوماته ، وفي إحلال دين جديد محله لا يشترك مع الدين القديم في شيء من هذه المشخصات والمقومات . ويستخلص من ذلك أن الدائن الذي جدد الدين مع أحد المدينين المتضامنين يفترض فيه أن نيته قد انصرفت إلى $ 312 $ قضاء الدين القديم وما يستتبع ذلك من براءة ذمة جميع المدينين المتضامنين ، واقتصر على الدين الجديد يحل محل الدين القديم . فإذا كان يريد استبقاء الدين القفي ذمة باقي المدينين المتضامنين ، أمكنه قبل أن يجري التجديد أن يتفق مع هؤلاء المدينين على بقاء الدين القديم في ذمتهم . وعند ذلك لا ينقضي الدين القديم إلا بالنسبة إلى المدين الذي جدد الدين معه ، ويبقي هذا الدين في ذمة باقي المدينين . وله حصة المدين الذي أجرى معه التجديد ، فيتفق التجديد عندئذ في الحكم مع سائر أسباب انقضاء الالتزام بغير الوفاء على ما سنرى . بل يتفق حكمه هنا في التذمن السلبي مع حكمه هناك في التضامن الإيجابي ، وقد رأينا في التضامن الإيجابي أنه إذا جدد الدين بين أحد الدائنين المتضامنين والمدين فلا يجوز للمدين أن يحتد بهذا التجديد على باقي الدائنين المتضامنين إلا بقدر حصة الدائن الذي أجرى التجديد معه ( [518] ) .
وإذا أراد الدائن أينقل التضامن إلى الدين الجديد ، فعليه أن يحصل على موافقة باقي المدينين المتضامنين على أن يلتزموا متضامنين بهذا الدين . فإذا لم يوافقوا على ذلك وكان الدائن قد اشترط لتمام التجديد موافقتهم ، فإن التجديد لا ينعقد ، ويظل الالتزام التضمني القديم قائماً ( [519] ) .
أما إذا كان الدائن لم يتفق مع باقي المدينين ، لا على أن يبقوا ملتزمين بالدين القديم ، ولا على أن يتضامنوا في الالتزام بالدين الجديد ، بل أجرى التجديد دون قيد ولا شرط ، فقد افترض المشرع افتراضاً معقولا أن نية الدائن قد انصرفت إلى إبراء ذمة المدينين المتضامنين من الالتزام التضامني القديم . على أن هذا الافتراض قابل للدحض ، فيجوز للدائن وقت إجراء التجديد أن يفصح عن نيته بأنه لا يقصد من هذا التجديد أن يبرئ ذمة باقي المدينين المتضامنين ، بل قصد $ 313$ أن يبرئ ذمة المدين الذي أجرى معه التجديد هو وحده من الدين القديم . فيكون الدائن بذلك قد احتفظ بحقه قبلهم – أي قبل باقي المدينين المتضامنين – كما هو صريح نص العبارة الأخيرة من المادة 286 مدني . ويستوي الحكم في هذه الحالة منع الحكم في حالة ما إذا كان الدائن قد اتفق مع باقي المدينين المتضامنين على بقاء الدين القديم في ذمتهم ، وهي الحال التي ذكرناها فيم تقدم .فسواء اتفق الدائن مع باقي المدينين المتضامنين على بقاء الدين القديم في ذمتهم ، أو اقتصر على مجرد الاحتفاظ بالدين القديم في ذمتهم دون اتفاق معهم ، فالحكم واحد في الحالتين : ينقضي الدين القديم بالنسبة إلى المدين الذي أجرى التجديد وحده ، ويبقى هذا الدين في ذمة الباقين ، ويكون للدائن أن يرجع على أي من هؤلاء بالدين بعد استنزال حصة المدين الذي أجرىمعه التجديد . ويتفق عندئذ حكم التحديد م حكم سائر أسباب انقضاء الالتزام بغير الوفاء ، كما يتفق حكم التجديد في التضامن السلبي مع حكم التجديد في التضامن الإيجابي ( [520] ) .
191 – المقاصة : تنص المادى 287 من التقنين المدين على ما يأتي : " لا يجوز للمدين المتضامن أن يتمسك بالمقاصة التي تقع بين الدائن ومدين متضامن آخر . إلا بقدر حصة هذا المدين " ( [521] ) .
$ 314$
والمفروض هنا أن مقاصة قانونية وقعة بين الدائن وأحد المدينين المتضامنين في الالتزام التضامني . ونفرض لتصور ذلك أن هذا الالتزام مقداره $ 315$ ثلثمائة ، وأن المدينين المتضامنين ثلاثة حصصهم في الدين متساوية ، وظهر أن للأول منهم على الدائن ثلثمائة – سواء كان هذا الدين لا حقاً للالتزام التضمني أو سابقاً عليه – فوقعت المقاصة بينه وبين الدائن .
فإذا رجع الدائن على المدين الأول الذي وقعت معه المقاصة ، تمسك هذا بانقضاء الدين قصاصاً . فيعتبر الدين منقضياً ، لا بالنسبة إلى هذا المدين وحده ، بل بالنسبة إليه وإلى المدين المدينين الآخرين ما دام الدائن قد طالب المدين الأول . ويكون لهذا المدين أن يرجع على شريكيه في الدين كل منهما بمائة ، لأنه يكون في حكم من وفي الدين ، وقد وفاه فعلا بطريق المقاصة ، فله حق الرجوع .
أما إذا اختار الدائن أن يطالب بالدين أحد المدينين الآخرين ، فليس للمدين المطالب أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت مع المدين الأول إلا بقدر حصة هذا المدين ( [522] ) ، أي بمدار مائة من ثلثمائة ، وعليه أن يوفي الدائن $ 316$ مائتين ، ثم يرجع على المدين الثالث بمائة هي حصته في الدين ، ولا يرجع على المدين الأول بشيء لأنه لم يدفع شيئاً لحسابه ( [523] ) . فيكون المدين الثاني في نهاية الأمر قد تحمل حصته في الدين وهي مائة ، وكذلك المدين الثالث قد تحمل مائة ، حصته في الدين ، برجوع المدين الثاني عليه كما قدمنا . وبقية المدين الأول الذي وقعت معه المقاصة ، فهذا قد استنزل الدائن حصته في الدين وهي مائة عندما رجع على المدين الثاني . فينتهي أمر الدائن مع المدين الأول إلى الوضع الآتي : عليه لهذا المدين ثلثمائة ، وله مائه هي التي استنزلها من الالتزام التضمني ، فتقع المقاصة بمقدار المائة ، ويبقي للمدين الأول على الدائن مائتان . فيستوفي المدين الأول المائتين من الدائن ، بعد أن نزل له عن مائه هي حصته في الدين الذي تضامن فيه مع شريكيه ( [524] ) .
$ 317$
192 - اتحاد الذمة : تنص المادة 288 من التقنين المدني على ما يأتي : " إذا اتحدت الذمة بين الدائن وأحد مدينيه المتضامنين ، فإن الدين لا ينقضي بالنسبة إلى باقي المدينين إلا بقدر حصة المدين الذي اتحدت ذمته مع الدائن " ( [525] ) .
وقد تتحد الذمة بين الدائن وأحد مدينيه المتضامنين ، ونستعرض في ذلك صورتين :
( الصورة الأولى ) أن يموت الدائن فيرثه هذا المدين . ونفرض أن الدين ثلثمائة ، وأن المدنين المتضامنين الثلاثة حصصهم متساوية كما في المثال السابق ، وأن المدين الذي ورث الدائن هو الوارث الوحيد . فتكون الذمتان قد اتحدتا في شخص المدين ، وانقضى الدين باتحاد الذمة . فإذا اعتبر المدين نفسه مديناً فد وفي الالتزام التضامني عن نفسه وعن المدينين الآخرين عن طريق اتحاد الذمة ، كان له أن يرجع على شريكيه كل بمقدار حصته ، فيرجع بمائة على كل $ 318$ منهما . وإذا اعتبر المدين نفسه قد ورث الدائن فأصبح دائناً مكانه في الالتزام التضامني – وهذا هو أفضل الاعتبارين بالنسبة إليه – كان له أن يطالب أنا من المدينين المتضامنين الآخرين بالدين بعد أن يستنزل حصته هو فيه ، فيستوفي من أن منهما مائتين ، ويرجع المدين الذي وفي المائتين على شريكه بحصته في الدين وهي مائة . وهذا ما يقضي به نص المادة 288 سالفة الذكر .
( الصورة الثانية ) أن يموت المدين فيرثه الدائن . ولو كان الوارث ينتقل إليه دين مورثه ، لا تحدث الذمتان ، ولكنهما تتحدان هنا في شخص الدائن وبقدر حصة المدين في الدين . ويبقى للدائن بعد ذلك أن يطالب أيا من المدينين المتضامنين الباقيين بمائتين ويكون بذلك قد استنزل حصة المدين الذي ورثة وهي مائة . ونصل إلى نفس النتيجة علمياً لو طبقنا أحكام الشريعة الإسلامية ، حيث لا ينتقل إلى الوارث دين مورثه . ذلك أن الدائن في هذه الحالة ، ولو لم ينقض الدين باتحاد الذمة وبقيت التركة مسئولة عنه ؛ لا يستطيع أن يطالب أيا من المدينين المتضامنين الآخرين بأكثر من مائتين ، إذ لو طالبه بكل الدين وهو ثلثمائة لجاز للمدين أن يطلب استنزال مائة هي حصة التركة التي ورثها الدائن ( [526] ) .
$ 319$
193 – الابراء : تنص المادة 289 من التقنين المدني على ما يأتي : " 1 – إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين ، فلا تبرأ ذمة الباقين إلا إذا صرح الدائن بذلك " .
" 2 – فإذا لم يصدر منه هذا التصريح ، لم يكن له أن يطالب باقي المدينين المتضامنين إلا بما يبقى من الدين بعد خصم حصة المدين الذي أبرأه ، إلا أن يكون قد احتفظ بحقه في الرجوع عليهم بكل الدين . وفي هذه الحالة يكون بهم حق الرجوع على المدين الذي صدر الإبراء لصالحة بحصته في الدين " .
وتنص المادة 290 على ما يأتي :
" إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، بقى حقه في الرجوع على الباقين بكل الدين ، ما لم يتفق على غير ذلك " .
وتنص المادة 291 على ما يأتي :
" 1 – في جميع الأحوال التي يبرئ فيها الدائن أحد المدينين المتضامنين سواء أكان الإبراء من الدين أم من التضامن ، يكون لباقي المدينين أن يرجعوا عند الاقتضاء على هذا المدين بنصيبه في حصة المعسر منهم وفقاً للمادة 298 " .
" 2 – على أنه إذا أخلى الدائن المدين الذي أبرأه من كل مسئولية عن الدين ، فإن الدائن هو الذي يتحمل نصيب هذا المدين في حصة المعسر " ( [527] ) .
$ 320$ $ 321$ وهذه للنصوص تواجه حالتين :
( الحالة الأولى ) أن يبرئ الدائن أحد المدينين المتضامنين من الدين . فإذا اقتصر الدائن على هذا الإبراء ، ولم يصرح بغير ذلك ، افترض أنه أراد إبراء ذمة هذا المدين وحده ، فلا يستطيع أن يطالبه بشيء بعد هذا الإبراء ، ولكنه يستطيع أن يطالب كلا من المدينين الآخرين بالدين بعد أن يستنزل حصة المدين الذي أبرأه ( [528] ) . ففي المثال السابق – الدين ثلثمائة والمدينون المتضامنون ثلاثة حصصهم متساوية – إذا أبرأ الدائن أحد المدينين ، كان له أن يطالب أيا من المدينين الآخرين بمائتين ، ومن وفى منهما المائتين يرجع على الآخر بمائة هي حصته من الدين ( [529] ) . فإذا كان هذا الآخر معسراً ، كان للمدين الذي وفى المائتين أن يرجع على المدين الذي أبرأ الدائن بنصيبه في حصة المعسر وهو خمسون ، ما لم يتضح أن الدائن عند ما أبرأ هذا المدين أراد أن يخليه من كل مسئولية عن الدين ، ففي هذه الحالة يتحمل الدائن نفسه صيب هذا المدين في حصة المعسر ، ولا يستطيع مطالبة المدين غير المعسر بالمائتين كلها بل يطالبه بمائة وخمسين .
$ 322$
ولكن يجوز للدائن عند إبرائه المدين أن يصح بما انصرفت إليه نيته بالنسبة إلى المدينين الآخرين . فقد يصرح أنه أراد بابرائه لأحد المدينين أن يبرئ الباقين ، وعند ذلك ينقضي الدين بالإبراء بالنسبة إليهم جميعا ، ولا يستطيع الدائن بعد ذلك أن يطالب أحداً منهم بشيء ، ولا رجوع لأحد منهم على الآخرين . وقد يصرح ، على النقيض من ذلك ، أنه لم يرد بابرائه للمدين أن يبرئ الباقين ، وعند ذلك ينقضي الدين بالإبراء بالنسبة إليهم جميعا ، ولا يستطيع الدائن بعد ذلك أن يطالب أحداً منهم بشيء ، ولا رجوع لأحد منهم على الآخرين . وقد يصرح ، على النقيض من ذلك ، أنه لم ير
بابرائه للمدين أن يبرئ المدينين الآخرين حتى من حصة المدين الذي أبرأه ، وأنه يحتفظ لنفسه بحق الرجوع عليهم بكل الدين . وفي هذه الحالة لا يطالب الدائن المدين الذي أبرأه بشيء ، لكنه يستطيع أن يطالب أيا من المدينين الآخرين بكل الدئن ، أي بثلثمائة ، ولمن دفع منهما أن يرجع على الآخر بمائه وهي حصته من الدائن ، ويرجع كذلك على المدين الأول الذي أبرأه الدائن بمائه وهي حصته من الدين هو أيضا . فكأن إبراء الدائن للمدين مع احتفاظه بحقه في مطالبة الآخرين بكل الدين لا يعفي المدين من دفع حصته ، ولكن لا للدائن ، بل للمدين الذي وفي كل الدين . وقد يجد المدين الذي وفي كل الذين شريكه الآخر معسراً فيرجع في هذه الحالة على المدين الأول الذي أبرأه الدائن بنصيبه في حصة المعسر ، وهي خمسون ، فيكون مجموع ما يرجع به عليه مائه وخمسين . وهذا ما لم يتضح أن الدائن عندما أبرأ المدين الأول أراد أن يخليه من كل مسئولية عن الدين ، فعند ذلك يتحمل الدائن نفسه نصيب هذا المدين في حصة المعسر ، كما يتحمل أيضا حصة هذا المدين في الدين ما دام قد أخلاه من كل مسئولية عنه ، ولا يستطيع أن يطالب المدين غير المعسر إلا بمائه وخمسين هي حصته من الدين أضيف إليها نصيبه ف حصة المعسر ( [530] ) .
( الحالة الثانية ) أن يبرئ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن فقط ( [531] ) . فعندئذ لا يستطيع أن يطالبه إلا بحصته في الدين ، وهي المائة ( [532] ) . ولكنه يستطيع أن يطالب كلا من المدينين الآخرين بكل الدين ، أي بثلثمائة ، ومتى وفي أحدهما الدين كله رجع علة المدين الآخر بمائه وهي حصته في الدين ، ثم رجع على المدين الأول الذي أبرأه الدائن بمائه وهي حصته في الدين كذلك فإذا كان المدين الآخر معسراً ، رجع المدين الذي وفى الدين كله على المدين الأول الذي أبرأه الدائن بنصيبه في حصة المعسر تضاف إليه حصته هو في الدين ، فيرجع عليه بمائة وخمسين ( [533] ) . وقد يتفق الدائن عند إبرائه للمدين الأول من التضامن ، مع هذا المدين أو مع غيره من المدينين أو معهم جميعاً ، على أن يرجع على أي من المدينين الآخرين بالدين بعد استنزال حصة المدين الذي أبرأه من التضامن ، فيرجع عندئذ على أي منهما بمائتين ، ويرجع المدين الذي وفي المائتين على المدين الآخر بحصته في الدين وهي مائة . فاذا كان هذا المدين الآخر معسراً ، رجع المدين الذي وفى المائتين على المدين الذي أبرأه الدائن من $ 324 $ التضامن بنصيبه في حصة المعسر ( [534] ) . كل هذا ما لم يتضح أن الدائن عندما أبرأ المدين من التضامن أراد أين يخيله من كل مسئولية عن الدين فيما عدا حصته منه ، فعندئذ ذلك يتحمل الدائن نفسه نصيب هذا المدين في حصة المعسر ، ولا يرجع على المدين الموسر إلا بمائه وخمسين ( [535] ) .
ويلاحظ أن الإبرائء تصرف قانوني كالتجديد ، ومن ثم يتسع فيهما ، كما رأينا ، أن تتجه الإرادة لإلى نيات مختلفة . فيقف المشروع عند إحدى هذه النيات يفترض وجودها ، إلا إذا قام الدليل على وجود نيه أخرى . وهذا بخلاف أسباب الانقضاء الأخرى – المقاصة واتحاد الذمة واستحالة التنفيذ والتقادم – فهذه كلها وقائع مادية لا تتسع إلا لحكم واحد لا يتغير ، كما رأينا في المقاصة واتحاد الذمة واستحالة التنفيذ ، وكما سنرى في التقادم ( [536] ) .
$ 325$
194 – التقادم : تنص الفقرة الأولى من المادة 292 من التقنين المدني على ما يأتي :
" إذا انقضى الدين بالتقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، فلا يستفيد من ذلك باقي المدينين إلا بقدر حصة هذا المدين ( [537] ) " .
$ 326 $
ويمكن أن نتصور انقضا الدين بالتقادم بالنسبة لإلى أحد المدينين المتضامنين دون الآخرين في فروض مختلفة . من ذلك أن يكون الدائن قد قطع التقادم بالنسبة إلى المدينين المتضامنين ما عدا واحداً منهم أغفل أن يقطع التقادم بالنسبة إليه ، وسنرى أن قطع التقادم بالنسبة إلى بعض المدينين المتضامنين لا يعتبر قطعا للتقادم بالنسبة إلى إلي الآخرين . فيستمر التقادم في سريانه بالنسبة إلى هذا المدين ، وقد يكتمل دون أن يكتمل التقادم الذي انقطع بالنسبة إلى المدينين الآخرين . ومن ذلك أيضا أن يكون أحد المدينين المتضامنين دينه مؤجل ، والثاني دينه معلق على شرط ، والثالث منجز ، فلا يسرى التقادم بالنسبة إلى الأولين إلا $ 327 $ بعد حلول الأجل وإلا بعد تحقق الشرط ، ويسرى التقادم فورا بالنسبة إلى الثالث فيكتمل في وقت لم يكتمل فيه بالنسبة إلى الأولين .
فإذا وقع ذلك ، وانقضي الدين بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين دون أن ينقضي بالنسبة إلى الآخرين ، فإن الدائن لا يستطيع أن يطالب من انقضى دينه بالتقادم بالنسبة إلى الآخرين ، فإن الدائن لا يستطيع أن يطالب من انقضى دينه بالتقادم بشيء بعد انقضاء دينه . ولكن يستطيع مطالبة أيام من المدينين الآخرين الذين لمينقضي دينهم بالدين بعد أن يستنزل منه حصة المدين الذي انقضى دينها بالتقادم . ففي المثل السابق – الدين ثلثمائة والمدينون المتضامنون ثلاثة حصصهم متساوية – إذا انقضى دين الأول بالتقادم ، فان الدائن يرجع على أي من المدينين الآخرين بمائتين ، ومن دفع منهما المائتين يرجع على الآخر بمائة وهي حصته في الدين ( [538] ) .
فإذا كان من دفع المائتين عند رجوعه على الآخر بالمائة وجده معسراً ، فإنه يرجع على المدين الذي انقضي دينه بالتقادم بنصيبه في حصة المدين المعسر ، أي يرجع عليه بخمسين ، ويتحمل هو في النهاية مائة وخمسين هي حصته في الدين أضيف إليها نصيبه هو في حصة المدين المعسر . ولا يعترض على هذا $ 328 $ الحكم بأن المدين الذي انقضي دينه بالتقادم لا يجوز الرجوع عليه بشيء بعد أن انقضى دينه ، ذلك لأن المدين الذي دفع المائتين لا يرجع عليه بالدين القديم الذي انقضي دينه بالتقادم ، إذا هو أمن مطالبة الدائن له ، فإنه لا يأمن رجوع مدين آخر يطالبه بنصيبه في حصة مدين معسر ، ولا يستطيع أن يتخلص من هذه المطالبة بالرغم من تقادم دينه الأصلي .
3 – الآثار الثانوية للتضامن بين المدينين
195 – المبدأ العام : قدمنا أن للتضامن آثاراً ثانوية ( ( secondaireseffetsترجع إلى قيام نيابة تبادلية بين المدينين المتضامنين ،بموجبها يكون كل مدين متضامن ممثلا للآخرين ونائبا عنهم فيما يضرهم ( [539] ) .
$ 329$ وقد يطبق التقنين المدني هذا المبدأ العام تطبيقات تشريعية مختلفة :
( 1 ) فإذا انقطعت مده التقادم أو وقف سريانه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، لم يضر ذلك بباقي المدينين ولم يجز للدائن أن يتمسك بقطع التقادم أو بوقفه قبلهم .
( 2 ) وإذا ارتكب أحد المدينين المتضامنين خطأ في تنفيذ التزامه يستوجب مسئوليته ، لم يضر ذلك بباقي المدينين .
$ 330 $
( 3 ) وإذا أعذر الدائن أحد المدنيين المتضامنين أو طالبة مطالبة قضائية أثراً بالنسبة إليهم . لكن إذا أعذر أحد المدينين المتضامنين الدائن ، نفع هذا باقيهم وأفادوا من هذا الأعذار .
( 4 ) وإذا تصالح الدائن مع أحد المدينين المتضامنين وتضمن الصلح الإبراء من الذين أو براءة الذمة منه بأية وسيلة أخرى أو أى نفع للمدين ، أفاد الباقون من ذلك . أما إذا كان من شأن هذا الصلح أن يرتب فى ضمة المدين التزاماً جديداً أو يزيد فيما هو ملتزم به أو يسوئ مركزه على أية صورة من الصور ، فإن هذا الصلح لا يضر الباقين ولا ينفذ فى حقهم إلا إذا قبلوه .
( 5 ) وإذا أقر أحد المدينين المتضامنين بالدين ، لم يضر هذا الإقرار بباقى المدينين واقتصرت حجيته على المقر دون أن تسرى فى حق الباقين . أما إذا أقر الدائن لأحد المدينين المتضامنين ، أفاد الباقون من إقراره .
( 6 ) وإذا وجه الدائن اليمين إلى أحد المدينين المتضامنين دون غيره فحلف ، أفاد باقى المدينين من ذلك . أما إذا نكل ، لم يضار بنكوله الباقون . كذلك إذا وجه أحد المدينين المتضامنين اليمين إلى الدائن فحلف ، لم يضار بذلك باقى المدينين . أما إذا نكل ، أفاد من نكوله الباقون .
( 7 ) وإذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين ، لم يسر هذا الحكم فى حق الباقين ولم يحتج به عليهم . أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم ، أفاد الباقون منه ، إلا إذا كان الحكم مبنياً على سبب خاص بالمدين الذى صدر الحكم لصالحه ( [540] ) .
هذه هى التطبيقات التشريعية للمبدأ العام السالف الذكر ، نستعرضها على التعاقب تفصيلا فيما يلى . وقد سبقت الإشارة إلى أن هذه الآثار الثانوية للتضامن السلبى لا تحدث فيما أسميناه بالالتزام التضامنى ( ( Obligation in solidum ، ففى هذا الالتزام لا تكون هناك نيابة تبادلية بين المدينين المتعددين ، إذ لا توجد $ 331 $ رابطة مشتركة بينهم أكثر من أن كلا منهم مدين بنفس الدين . فإذا أعذر أحدهم الدائن لم يفد الباقون من ذلك ، وإذا أعذر الدائن أحدهم لم يسر الإعذار فى حق الباقين . وإذا أقر الدائن لأحدهم لم يفد الباقون من الإقرار ، وإذا أقر أحدهم للدائن لم يسر الإقرار فى حق الباقين . وقل مثل ذلك فى سائر الآثار الثانوية .
196 - انقطاع التقادم أو وقفه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين :
تنص الفقرة الثانية من المادة 292 من التقنين المدنى على ما يأتى :
$ 331 $
" وإذا انقطعت مدة التقادم أو وقف سريانه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقى المدينين ( [541] ) " .
$ 332 $
قد يقطع الدائن التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتقاضين ن بأن يطالبه بالدين مطالبة قضائية أو يرسلاليه تنبيهاً ( Commandement ) او يوقع عليه $ 333 $ حجراً أو يحصل منه على إقرار بالدين أو يقوم بأى عمل آخر من الأعمال التى تقطع التقادم ( م 383 - 384 مدنى ) . ولما كان هذا المدين لا يمثل باقى المدينين ولا ينوب عنهم فى الأعمال التى تضر بهم ، وكان قطع التقادم ضاراً بهم إذ إن من مصلحتهم أن يستمر التقادم فى سريانه ولا ينقطع ، فان التقادم فى هذه الحالة لا ينقطع إلا بالنسبة إلى المدين الذى قطع الدائن التقادم معه وحده ، ويستمر التقادم سارياً بالنسبة إلى الباقى حتى يكتمل . ومن ثم جاز أن يكتمل التقادم فى حق بعض المدينين المتضامنين دون أن يكتمل فى حق بعض آخر ، كما رأينا فيما تقدم . ومن أجل ذلك أيضاً إذا أراد الدائن أن يقطع التقادم فى حق جميع المدينين المتضامنين ، وجب عليه أن يتخذ إجراء قطع التقادم بالنسبة إلى كل منهم $ 334 $ حتى ينقطع التقادم فى حق الجميع ( [542] ) . وقد قمنا مثل ذلك فى التضامن الإيجابى ولكن بنتيجة عكسية ، فإذا قطع أحد الدائنين المتضامنين التقادم فى حق المدين ، أفاد هذا العمل باقى الدائنين . وانقطع التقادم لمصلحة الجميع ( [543] ) .
وقد يقف التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين دون الباقى ويتحقق ذلك مثلا بأن تكون زوجة دائنة لزوجها ومعه مدينون آخرون متضامنون فى نفس الدين ، أو بأن يكون قاصر دائنا لوصيه ومع الوصى مدينون آخرون متضامنون . ففى هذه الحالة يقف التقادم بين الزوجة وزوجها لقيام المانع الأدبى ( م 382 / 1 مدنى ) ، وبين القاصر ووصيه لقيام علاقة الأصيل بالنائب ( م 382 / 1 مدنى ) . ولما كان وقف التقادم ضاراً بالمدينين المتضامنين الآخرين ، فان المدين الذى وقف التقادم فى حقه لا يكون ممثلا للباقين فيما يضرهم ، ومن ثم لا يقف التقادم فى حق المدينين المتضامنين الآخرين وإن وقف فى حق الزوج وفى حق الوصى . هذا إلى أن أسباب وقف التقادم متصلة بشخص طرفى الالتزام ، فيقتصر أثرها عليهما . فلابد إذن من أن يقوم سبب وقف التقادم فى حق كل مدين متضامن على حدة ، حتى يقف فى حق الجميع . ومن هنا جاز أيضاً أن يكتمل التقادم بالنسبة إلى بعض المدينين المتضامنين ، دون أن يكتمل بالنسبة إلى بعض آخر ، بأن يكون موقوفاً بالنسبة إلى هذا البعض وحده . إما فى التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أنه إذا قام بأحد الدائنين المتضامنين سبب لوقف التقادم ، فأن التقادم يقف بالنسبة إليه وحده دون سائر الدائنين المتضامنين ، وإن كان وقف التقادم يفيدهم وكان ينبغى وفقاً للمبدأ العام أن يتعدى أثره إليهم ، ولكن لما كانت أسباب وقف التقادم متصلة بشخص طرفى الالتزام ، فان الأثر يقتصر على من قام بشخصه سبب الوقف ( [544] ) .
$ 335 $
هذا وقد يقع أن يتمسك بعض المدينين المتضامنين بالتقادم دون بعض آخر ، فى غير صورتى انقطاع التقادم ووقفه . إذ يجوز أن يكتمل التقادم بالنسبة إلى جميع المدينين المتضامنين ، ويستطيع كل منهم أن يدفع بسقوط الدين بالتقادم ، ولكن لما كان لا يجوز للمحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها بل يجب أن يدفع به المدين ( م 387 مدنى ) ، فقد يترك بعض المدينين المتضامين هذا الدفع فلا يسقط الدين بالتقادم بالنسبة إليهم . وفى هذه الحالة يكون ترك الدفع بالتقادم من بعض المدينين ضاراً بالباقى ، فلا يسرى فى حقهم ، ويجوز أن يدفعوا هم بالتقادم بالرغم من ترك الآخرين لهذا الدفع . وقد كان فى التقنين المدنى السابق نص صريح فى هذا المعنى ، وهو يقضى بأنه " إذا ترك أحد المدينين المتضامنين أو المدين الأصلى حقه فى التمسك بمضى المدة الموجبة لتخلصه من الدين ، فلا يضر ذلك بباقى المدينين المتضامنين وبالكفيل الذين تخلصوا من التزامهم بمضى المدة " ( 207 / 227 مدنى قديم ) . ولكن لما كان هذا الحكم ليس إلا تطبيقا للمبدأ العام السالف الذكر ، فإنه واجب التطبيق دون نص فى عهد التقنين المدنى الجديد ( [545] ) .
$ 336 $
197 - خطأ أحد المدينين المتضامنين فى تنفيذ التزام : تنص الفقرة الأولى من المادة 293 مدنى على ما يأتى :
" لا يكون المدين المتضامن مسئولا فى تنفيذ الالتزام إلا عن فعله ( [546] ) . وهذا تطبيق آخر لاستبعاد مبدأ النيابة التبادلية فيما يضر . فالمفروض أن أحد المدينين المتضامنين قد ارتكب خطأ فى تنفيذ التزامه جعله مسئولا عن التعويض أمام الدائن ، فهذا الخطأ يكون هو وحده المسئول عنه ، ولا يتعدى أثره إلى باقى المدينين . بل يكون كل من هؤلاء مسئولا عن تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً ، دون أن يكون مسئولا عن التعويض الناشئ عن خطأ المدين المتضامن الذى وقع فى هذا الخطأ . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " تتمثل فى المادة 417 ( م 293 مدنى ) أوضح $ 337 $ تطبيق من تطبيقات قاعدة استبعاد النيابة التبادلية حيث يسئ إعمالها إلى مركز المدينين المتضامنين ، والإبقاء عليها حيث يفضى ذلك إلى توفير نفع لهم ، فكل مدين من المدينين المتضامنين لا يسأل فى تنفيذ الالتزام إلا عن فعله ، فإذا وقع من أحدهم خطأ جسيم ، ووقع من الثانى خطأ يسير ، وامتنع على الثالث أن يفى بالتزامه من جراء سبب أجبنى ، كانت تبعة الأول أشد وقراً من تبعة الثانى ، وبرئت ذمة الثالث وحده . وقد طبقت المادة 1205 من التقنين المدنى الفرنسى هذا الحكم ، فقضت بأنه إذا هلك الشىء الواجب أداؤه بخطأ واحد أو أكثر من المدينين المتضامنين ، أو بعد إعذار المسئول أو المسئولين منهم ، فلا يسقط عن سائر المدينين المتضامنين التزامهم بالوفاء بثمن هذا الشىء ( [547] ) . ومع ذلك فلا يلزم هؤلاء بالتعويض . وللدائن فقط أن يقتضى التعويض من المدينين الذين ترتب الهلاك على خطأهم أو الذين أعذروا من قبل ( [548] ) " .
ولتصوير ما ورد فى المذكرة الإيضاحية نفرض أن ثلاثة باعوا متضامنين شيئا لمشتر واحد ، فهؤلاء الثلاثة مدينون بالتضامن بتسليم الشىء إلى المشترى . فإذا كان اثنان منهم منوطا بهما حفظ الشىء إلى وقت تسليمه ، وقصر واحد منهما فى حفظه تقصيراً جسيما حتى هلك . وقصر الآخر فى الحفظ تقصيرا يسيرا ، أما الثالث فلم يكن منوطا به حفظ الشىء كما قدمنا ، فان الثلاثة يكونون متضامنين فى رد الثمن إلى المشترى ، وفقا لأحكام المادة 437 مدنى والتى تقضى بأنه إذا هلك البيع قبل التسليم لسبب لا يد للبائع فيه ، انفسخ البيع واسترد المشترى الثمن ثم أن المدينين اللذين ارتكاب تقصيرا فى حفظ الشىء يكونان متضامنين فى تعويض المشترى ، فوق رد الثمن ، عن التقصير اليسير الذى ارتكبه الثانى منهما . ويكون الأول ، وهو الذى ارتكب الخطأ الجسيم ، مسئولا وحده عن تعويض إضافى $ 338 $ بسبب تقصيره الجسيم . ثم إن المشترى إذا رجع على المدين الثالث بكل الثمن ، ورجع على المدين الثانى بكل التعويض الناشئ عن التقصير اليسير ، ورجع على المدين الأول بالتعويض الإضافى الناشئ عن التقصير الجسيم ، فإن المدين الثالث ، ولم يصدر منه أى تقصير ، يرجع بالثمن الذى رده للبائع على المدينين الأول والثانى كل بقدر حصته ، ثم يرجع المدين الثانى على المدين الأول بحصته فى التعويض عن التقصير اليسير ، ولا يرجع المدين الأول بشىء على أحد فى التعويض الإضافى الذى استحق عليه بسبب تقصيره الجسيم ، فهذا فعله هو فيستقل بنتائجه ، ولا يشترك معه أحد فى المسئولية الناجمة عنه ( [549] ) .
وهذا هو أيضا الحكم ، كما رأينا ، فى التضامن الإيجابى . فإذا ارتكب أحد الدائنين المتضامنين خطأ ، كان وحده المسئول عنه دون سائر الدائنين .
198 – الإعذار والمطالبة والقضائية : تنص الفقرة الثانية من المادة 293 مدنى على ما يأتى :
" وإذا أعذر الدائن أحد المدينين المتضامنين أو قاضاه ، فلا يكون لذلك أثر بالنسبة إلى باقى المدينين . أما إذا أعذر أحد المدينين المتضامنين الدائن ، فإن باقى المدينين يستفيدون من هذا الإعذار ( [550] ) " .
$339 $
وهنا أيضا يضطرد تطبيق المبدأ العام . فإذا أعذر الدائن أحد المدينين المتضامنين ، كان لهذا الإعذار نتائج قانونية بسطناها فى الجزء الثانى من الوسيط منها أن يستحق التعويض على المدين المعذر الذى تخلف عن تنفيذ التزامه ، ومنها أن يتحمل هذا المدين المعذر تبعة هلاك الشىء الواجب التسليم للدائن . ولما كانت هذه النتائج القانونية ضارة بالمدينين المتضامنين الآخرين ، فإن أعذار المدين المتضامن لا يسرى أثره فى حقهم . فإذا أعذر الدائن أحد المدينين المتضامنين ، كان هو وحده الذى يحمل تبعة هلاك الشىء ، وكان هو وحده المسئول عن التعويض أما المدينون الآخرون فلا يسألون عن التعويض ، ولا يحملون تبعة الهلاك وإذا أراد الدائن أن يحملهم جميعا هذه النتائج ، وجب عليه أن يعذرهم $ 340 $ كلهم ، ولا يقتصر على إعذار واحد منهم فقط . وهذا هو نفس الحكم فى التضامن الإيجابى كما رأينا ، فإذا أعذار المدين أحد الدائنين المتضامنين ، لم يسر أثر هذا الإعذار فى حق الدائنين الآخرين ( [551] ) .
ولكن إذا أعذر أحد المدينين المتضامنين الدائن ، فان هذا الإعذار تترتب عليه نتائج قانونية ، أهمها أن الشىء ، إذا كانت تبعة هلاكه على المدين ، فبعد أن يعذر المدين الدائن ، تنتقل تبعة هلاكه إلى الدائن ، فإذا فرض أن أشخاصا ثلاثة باعوا عينا معينة بالذات لمشتر واحد ، وتضامنوا جميعا فى الالتزام بتسليمها إلى المشترى ، فتبعة هلال العين قبل التسليم يتحملها البائعون الثلاثة ( م 437 مدنى ) . فإذا أعذر أحد البائعين المتضامنين المشترى يدعوه لتسلم العين وتأخر المشترى فى تسلمها ، ثم هلكت العين بسبب أجنبى ، فإن المشترى هو الذى يحمل تبعة الهلاك ، فلا يسترد الثمن إذا كان قد دفعه ويلتزم بدفعه إذا كان لم يدفعه ، وذلك لا بالنسبة إلى البائع الذى صدر منه الإعذار وحده ، بل أيضا بالنسبة إلى البائعين الآخرين اللذين لم يصدر منهما الإعذار . وتعليل هذا الحكم هو أن إعذار المدين المتضامن للدائن تفيد نتائجه المدينين الآخرين – بعكس إعذار الدائن لأحد المدينين المتضامنين – ومن ثم يفيد المدينون الآخرون من هذا الإعذار ، ويتعدى أثره إليهم . وهذا هو أيضا الحكم ، كما رأينا ، فى التضامن الإيجابى فأعذار أحد الدائنين المتضامنين للمدين يفيد سائر الدائنين ( [552] ) .
وقد يقوم الدائن بمطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة قضائية بالدين . ولهذا المطالبة القضائية آثار قانونية مختلفة ، نذكر منها أنها تقطع التقادم ، وأنها تجعل الفوائد تسرى . ولما كانت هذه النتائج ضارة بالمدينين الآخرين ، وكان المدين الذى طولب مطالبة قضائية لا يمثل الآخرين فيما يضرهم ، لذلك لا تتعدى آثار هذه المطالبة إلى باقى المدينين المتضامنين . فيكون المدين الذى طولب قضائياً هو وحده الذى ينقطع فى حقه التقادم ، وهو وحده الذى تسرى $ 341 $ فى حقه الفوائد القانونية ( [553] ) . وإذا أراد الدائن أن يجعل هذه النتائج تسرى فى حق الآخرين ، وجب عليه أن يطالب كلا منهم على حدة مطالبة قضائية بالدين ، أو أن يجمعهم كلهم فى مطالبة قضائية واحدة ( [554] ) .
199 - الصلح مع أحد المدينين المتضامنين : تنص المادة 294 مدنى على ما يأتى :
إذا تصالح الدائن مع أحد المدينين المتضامنين وتضمن الصلح الإبراء من الدين أو براءة الذمة منه بأية وسيلة أخرى ، واستفاد منه الباقون . أما إذا كان من شأن هذا الصلح أن يرتب فى ذمتهم التزاماً أو يزيد فيما هم ملتزمون به ، فإنه لا ينفذ فى حقهم إلا إذا قبلوه " ( [555] ) .
$ 342 $
والمفروض هنا أن الالتزام التضامنى متنازع فيه بين الدائن وجميع المدينين المتضامنين ، فعمد الدائن إلى الصلح مع أحد المدينين . فهذا الصلح قد يتخذ اتجاهاً فى مصلحة المدينين المتضامنين ، وقد يتخذ اتجاهاً ليس فى مصلحتهم .
فان اتخذ اتجاهاً فى مصلحة المدينين المتضامنين ، بأن نزل الدائن فيه عن جزء من الدين ، أو نزل عن فوائده أو عن بعضها ، أو نزل عن شروط كانت تحيط الدين أو عن بعضها ، أو تضمن فى أية صورة من الصور تخفيفاً من أعباء الدين ، فإن هذا الصلح من شأنه أن يفيد سائر المدينين . ولما كان المدين الذى وقع معه الصلح يمثل الباقين فيما ينفعهم ، فإن أثر هذا الصلح يتعدى إليهم ويفيدون منه ، ويجوز لهم الاحتجاج به على الدائن ولو لم يكونوا أطرافاً فيه ( [556] ) . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى فيما قدمناه ، فإذا تصالح أحد الدائنين المتضامنين مع المدين بما يفيد الباقى ، استطاع هؤلاء أن يحتجوا بهذا الصلح ( [557] ) .
أما إذا كان الصلح فقد اتخذ اتجاهاً ضد مصلحة المدينين المتضامنين ، بأن سلم المدين الذى وقع معه الصلح بأكثر طلبات الدائن ، أو زاد فى الالتزام الأصلى ، أو أضاف إليه التزاماً جديداً ، وبوجه عام إذا سوأ مركزه عما كان قبل النزاع ، فإنه لا يعتبر ممثلا لباقى المدينين فيما يضرهم من ذلك ، ولا يسرى أثر هذا الصلح فى حقهم إلا إذا قبلوه وأصبحوا هم كذلك أطرافاً فيه . وهذا $ 343 $ هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فأن الصلح الذى يعتقده أحد الدائنين المتضامنين مع المدين ويكون ضاراً بصالح باقى الدائنين لا يسرى فى حقهم ( [558] ) .
ويتضح من ذلك أن المدينين المتضامنين الآخرين هم الذين يكونون الحكم فيما إذا كان الصلح فى مصلحتهم أو فى غير مصلحتهم ، إذ يجوز لهم أن يقبلوه أو يرفضوه ، وهم يقبلونه إذا قدروا أنه فى مصلحتهم ، ويرفضونه إذا قدروا غير ذلك ( [559] ) .
200 - إقرار أحد المدينين المتضامنين أو إقرار الدائن : تنص الفقرة الأولى من المادة 295 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" إذا أقر أحد المدينين المتضامنين بالدين ، فلا يسرى هذا الإقرار فى حق الباقين " . ( [560] ) .
$ 344 $
والمفروض هنا أن الدائن ليس لديه طريق للإثبات يكون مقبولا فى حق المدينين المتضامنين ، كالكتابة ، أو البيئة والقرائن فيما تجوز فيه . أما الإقرار فقد رأينا فيما قدمناه عند الكلام فى الإثبات أنه حجة قاصرة على المقر ، فلا يتعدى أثره إلى غيره . هذا إلى أن المدين المتضامن عندما يقر بالدين يأتى بعمل يضر ببقية المدينين ، وهو لا يمثلهم فيما لا يضر ، ومن ثم لا يسرى إقراره فى حقهم . ولابد للدائن من إثبات حقه فى مواجهة المدينين الآخرين بغير إقرار المدين الأول ، فإما أن يحصل على إقرار من كل مدين على حدة يكون حجة عليه ، وإما أن يثبت الدين بطريق يسرى فى حق الجميع كما سبق القول . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فقد أرينا أن إقرار أحد الدائنين المتضامنين لا يسرى فى حق الباقين ( [561] ) .
وعلى العكس من ذلك إذا أقر الدائن لأحد المدينين المتضامنين ، فإن هذا الإقرار يفيد الباقى ، ويكون المدين المتضامن وهو يتلقى إقرار الدائن ممثلا لباقى المدينين فيستطيع هؤلاء أن يتمسكوا بالإقرار ولو كان غير صادر فى مواجهتهم ( [562] ) . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أن المدين إذا أقر لأحد الدائنين المتضامنين جاز للدائنين الآخرين أن يتمسكوا بهذا الإقرار ( [563] ) .
201 – حلف اليمين أو النكول عنها : تنص الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 295 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 2 - وإذا نكل أحد المدينين المتضامنين عن اليمين أو وجه إلى الدائن يميناً حلفها ، فلا يضار بذلك باقى المدينين " .
$ 345 $
" 3 - وإذا اقتصر الدائن على توجيه اليمين إلى أحد المدينين المتضامنين فحلف ، فإن المدينين الآخرين يستفيدون من ذلك " ( [564] ) .
والمفروض هنا أن الدائن اقتصر على مدين متضامن واحد ، وهنا يمكن أن نتصور حالتين : فإما أن يوجه الدائن اليمين إلى المدين المتضامن ، وإما أن يوجه المدين المتضامن اليمين إلى الدائن .
$ 346 $
ففى الحالة الأولى التى يوجه فيها الدائن اليمين إلى المدين المتضامن ، إما أن يحلف المدين وإما أن ينكل . فان حلف ، فإن هذا الحلف من شأنه أن يفيد باقى المدينين ، فيستطيع هؤلاء أن يتمسكوا به ، ولو لم يكونوا هم الذين حلفوا ( [565] ) .
وهذا ما تقضى به الفقرة الثالثة من المادة 295 . وإن نكل المدين الذى وجهت إليه اليمين . فإن هذا يكون بمثابة الإقرار ، وقد رأينا أن الإقرار حجة قاصرة على المقر فلا يسرى فى حق المدينين الآخرين ، هذا إلى أن النكول عمل ضار بباقى المدينين فلا يكون المدين الذى نكل ممثلا لهم فيه ولا يسرى عليهم نكوله ، وهذا ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 295 . وهذا هو أيضاً حكم التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أنه إذا وجه المدين اليمين إلى أحد الدائنين المتضامنين فنكل لم يضر نكوله بباقى الدائنين . ( [566] ) .
وفى الحالة الثانية التى يوجه فيها المدين المتضامن اليمين إلى الدائن ، إما أن يحلف الدائن وإما ، ينكل . فان حلف ، فإذن هذا الحلف عمل يضر بسائر المدينين الذين لم يخاطروا بتوجيه اليمين إلى الدائن ، فيكون المدين الذى وجه اليمين غير ممثل لهم فى هذا التوجيه ، ولا يتعدى إليهم أثر حلف الدائن لليمين ولا يضارون بذلك ، وهذا ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 295 . وإن نكل الدائن عن اليمين التى وجهها إليه المندين المتضامن ، فإن نكوله يكون بمثابة إقرار منه . وهذا الإقرار – إذا لم يكن فى شئ خاص بالمدين الذى وجه اليمين دون غيره – نافع لسائر المدينين المتضامنين ، فيستطيع هؤلاء أن يتمسكوا بهذا النكول ، ولو لم يكونوا هم الذين وجهوا اليمين . ولم يرد نص صريح فى هذه الصورة ، ولكن الحكم الذى أوردناه ليس إلا تطبيقاً للمبدأ العام ، فيؤخذ به دون نص . وقد رأينا فى التضامن الإيجابى أنه إذا وجه أحد الدائنين المتضامنين اليمين إلى المدين فحلف ، فإن هذا الحلف وهو يضر بالدائنين الآخرين لا يسرى $ 347 $ فى حقهم أما إذا نكل فإن النكول يفيدهم فيستطيعون أن يتمسكوا به ( [567] ) .
202 - صدور حكم على أحد الدائنين المتضامنين أو صالحه : تنص المادة 296 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين ، فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين " .
2 - أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم ، فيستفيد منه الباقون ، إلا إذا كان الحكم مبنيا على سبب خاص بالمدين الذى صدر الحكم لصالحه " . ( [568] ) .
وأخيرا يورد ، هنا ، التقنين المدنى تطبيقا للمبدأ العام السالف الذكر فى حالة صدور حكم على أحد المدينين المتضامنين أو صالحه .
فإذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين وحده ، دون أن يكون باقى $ 348 $ المدينين المتضامنين داخلين فى الدعوى ، فإن هذا أمر ضار بهم ، فلا يسرى الحكم فى حقهم ولا يحتج عليهم به ( [569] ) . ويجب على الدائن إما أن يدخل باقى المدينين المتضامنين فى الدعوى ليصدر الحكم فى مواجهتهم ، أو أن يرفع عليهم دعوى أو دعاوى أخرى ليكون الحكم سارياً فى حق من رفع عليه الدعوى ( [570] ) . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أنه إذا صدر حكم على أحد الدائنين المتضامنين لم يكن هذا الحكم ساريا فى حق الدائنين الآخرين ( [571] ) ويلاحظ أنه إذا جمع الدائن كل المدينين المتضامنين فى الدعوى ، وصدر حكم ضدهم ، فأن الطعن فى هذا الحكم من أحد المدينين المتضامنين يفيد الباقى ( [572] ) . $ 349 $ وإذا صدر فى الطعن حكم ضد المدين الذى رفع الطعن ، لم يضار الباقون به ، وكان لكل منهم حق الطعن فى الحكم الأول إذا كان طريق الطعن لا يزال مفتوحاً أمامه ( [573] ) .
وإذا صدر حكم لصالح أحد المدينين المتضامنين ، دون أن يكون باقى المدينين المتضامنين داخلين فى الدعوى ، فإن هذا أمر نافع لهم ، فيفيدون منه ويستطيعون أن يحتجوا بهذا الحكم ( [574] ) . وهذا ما لم يكن الحكم الذى صدر لمصلحة المدين $ 350 $ المتضامن مبنيا على سبب خاص به كأن يكون الدين بالنسبة إليه قد شابه سبب من أسباب البطلان ، فعند ذلك يصدر الحكم بإبطال الدين بالنسبة إليه وحده ، دون أن يتعدى أثر الحكم إلى المدينين المتضامنين الآخرين . ومثل ذلك أيضا أن يكون دين المدين المتضامن معلقا على شرط ولم يتحقق الشرط ، فالحكم الصادر بزوال الدين لتخلف الشرط لا يتعدى أثره إلى المدينين الآخرين الذين كانت ديونهم منجزة ( [575] ) . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أنه إذا صدر حكم لصالح أحد الدائنين المتضامنين أفاد منه الباقون ( [576] ) . ويلاحظ أنه إذا جمع الدائن كل المدينين المتضامنين فى الدعوى ، وصدر حكم لصالحهم ، فإن الطعن فى هذا الحكم من الدائن بالنسبة إلى أحد منهم لا يضر الباقين ( [577] ) ، وإذا حصل الدائن فى الطعن على حكم لصالحه يغلى الحكم الأول ، فإن هذا الحكم لا يسرى فى حق الباقين الذين لم يدخلوا فى هذا الطعن ( [578] ) .
$ 351 $
المطلب الثانى
علاقة المدينين المتضامنين بعضهم ببعض
203 – النصوص القانونية : تنص المادة 297 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا وفى أحد المدينين المتضامنين كل الدين ، فلا يجوز له أن يرجع على أى من الباقين إلا بقدر حصته فى الدين ، ولو كان بماله من حق الحلول قد رجع بدعوى الدائن " .
" 2 - وينقسم الدين إذا وفاه أحد المدينين حصصا متساوية بين الجميع ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك " .
$ 351 $
وتنص المادة 298 على ما يأتى :
" إذا أعسر أحد المدينين المتضامنين ، تحمل تبعة هذا الإعسار المدين الذى وفى بالدين وسائر المدينين الموسرين ، كل بقدر حصته " .
وتنص المادة 299 على ما يأتى :
" إذا كان أحد المدينين المتضامنين هو وحده صاحب المصلحة فى الدين ، فهو الذى يتحمل به كله نحو الباقين ( [579] ) " .
وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المادة 115 / 171 ( [580] ) .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المواد 297 - 299 - وفى التقنين المدنى الليبى المواد 284 – 286 – وفى التقنين $ 353 $ المدنى العراقى المادتين 334 – 335 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 39 - 41 ( [581] ) .
وتبين من هذه النصوص أنه إذا وفى أحد المدينين المتضامنين الدائن كل الدين ، كان له حق الرجوع على المدينين المتضامنين معه . وحق الرجوع هذا إما أن يكون بالدعوى الشخصية ، أو بدعوى الحلول . وسواء كان الرجوع بهذه الدعوى أو بتلك ، فإن الدين ينقسم على المدينين المتضامنين ، والأصل أن ينقسم حصصاً متساوية بين الجميع ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك . وأيا كانت حصة المدين المتضامن عند انقسام الدين على الجميع ، فإن كل مدين متضامن موسر يتحمل نصيبه فى حصة المعسر من المدينين المتضامنين ، وذلك بنسبة حصته هو فى الدين . على أنه قد يتبين أن واحداً أو أكثر من المدينين هم أصحاب المصلحة فى الدين ، فعند ذلك لا ينقسم الدين على الباقى ، ويتحمل أصحاب المصلحة وحدهم كل الدين فى علاقتهم بالمدينين الآخرين .
فعندنا إذن مسائل خمس نبحثها على التعاقب :
(1) متى يكون للمدين المتضامن حق الرجوع على المدينين المتضامنين الآخرين .
(2) الأساس القانونى لهذا الرجوع : الدعوى الشخصية ودعوى الحلول .
(3) انقسام الدين على المدينين المتضامنين وتعيين حصة كل منهم .
(4) تحمل الموسرين من المدينين المتضامنين لحصص المعسرين منهم .
(5) تحمل أصحاب المصلحة فى الدين وحدهم بكل الدين .
$ 354 $
وهذه هى المسائل التى بحثناها فى التضامن الإيجابى إلا أنها تحتاج إلى مزيد من التفصيل فى التضامن السلبى لأهميته العملية كما سلف القول .
204 - متى يكون للمدين المتضامن حق الرجوع على المدينين المتضامنين الآخرين : التضامن لا يقوم إلا فى العلاقة ما بين الدائن والمدينين المتضامنين . أما فى علاقة المدينين بعضهم ببعض ، فإن الدين ينقسم عليهم ، ويكون لمن وفى منهم الدين للدائن حق الرجوع على الآخرين ، كل بقدر حصته كما سيأتى .
وحق الرجوع يثبت للمدين إذا وفى كل الدين ، كما جاء فى صدر المادة 297 $ 355 $ سالفة الذكر ويفى المدين المتضامن الدين كله للدائن إما لأن الدائن طالبه بذلك بموجب التضامن كما رأينا فيما تقدم ( [582] ) ، وإما لأن المدين المتضامن تقدم من تلقاء نفسه بوفاء الدين كله للدائن وقد سبق أن ذكرنا أن الدائن فى هذه الحالة لا يستطيع أن يرفض هذا الوفاء .
وليس من الضرورى ، حتى يثبت حق الرجوع للمدين ، أن يكون المدين قد وفى الدين فعلا ، بل يكفى أن يكون قد قضى الدين نحو الدائن بطريق يقوم مقام الوفاء ( [583] ) . فيجوز أن يكون قد وفاه الدين بمقابل ( [584] ) . ويجوز أن يكون قد وفاة الدين بطريق المقاصة ، ولكن يشترط فى ذلك أن يكون الدائن قد طالب بالدين هذا المدين بالذات الذى قام به سبب المقاصة ، فعند ذلك يتمسك المدين بانقضاء الدين بالمقاصة فينقضى الدين ، وتبرأ ذمته منه كما تبرأ ذمة المدينين المتضامنين الآخرين ، فيرجع على هؤلاء كل بقدر حصته . أما إذا طالب الدائن بالدين مدينا متضامناً آخر غير الذى قام به سبب المقاصة ، ولم يستطع هذا المدين الآخر أن يتمسك بالمقاصة إلا بقدر حصة المدين الذى وقعت معه ، وعليه أن يدفع للدائن الدين بعد أن يستنزل منه هذه الحصة ، ثم يكون له بعد $ 356 $ ذلك حق الرجوع على المدينين الآخرين . كذلك قد يوفى المدين المتضامن الدين بطريق التجديد ، وقد رأينا أنه ما لم يحتفظ الدائن بحقه قبل المدينين الآخرين فان ذمة هؤلاء تبرأ بالتجديد الذى وقع ( م 286 مدنى ) ، وعند ذلك يكون للمدين الذى وقع منه التجديد حق الرجوع على المدينين الآخرين كل بقدر حصته . ويجوز أن يوفى المدين المتضامن الدين بطريق اتحاد الذمة ، فان كان المدين هو الذى ورث الدائن . فقد رأينا أنه يجوز له أن يرجع باعتباره مديناً وفى الدين على باقى المدينين المتضامنين كل بقدر حصته . أما الإبراء فليس بوفاء للدين ، ولا هو طريق يقوم مقام الوفاء . وقد رأينا أن الدائن إذا أبرأ المدين ، فإما أن يرجع على المدينين الآخرين بالدين بعد أن يستنزل حصة المدين الذى أبرأه ، وإما أن يطالب أياً منهم بكل الدين ، وإما ألا يطالب أياً منهم بشىء ، وفى كل هذه الأحوال لا يرجع المدين الذى أبرأه الدائن بشىء على المدينين الآخرين ( [585] ) . وكذلك إذا تقادم الدين بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، لم يعتبر هذا وفاء يجيز لهذا المدين أن يرجع على المدينين ، لأنه هو لم يدفع الدين أو مقابلا له ، وقد رأينا أن الدائن فى هذه الحالة يستطيع أن يطالب أياً من المدينين الآخرين بالدين بعد أن يستنزل حصة من تقادم دينه ( [586] ) .
وحتى يكون للمدين المتضامن حق الرجوع على المدينين الآخرين ، يجب أن يكون الوفاء الذى قام به للدائن قد عاد عليهم بالفائدة ، أى أن يكون هو الذى أبرأ ذمتهم نحو الدائن ، فلو أن المدين المتضامن لم يخطر المدينين الآخرين بأنه وفى عنهم الدين ، وقام أحد منهم بوفاء الدين للدائن مرة ثانية وهو لا يعلم أن المدين الأول قد وفاه ، ثم أخطر سائر المدينين بأنه قد وفى الدين ، فان حق الرجوع يثبت لهذا المدين الذى وفى الدين مرة ثانية دون المدين الأول ( [587] ) .
$ 357 $
وليس من الضرورى حتى يكون للمدين المتضامن حق الرجوع على المدينين الآخرين أن يكون قد وفى للدائن كل الدين . فيجوز أن يفى ببعض الدين إذا قبل الدائن منه هذا الوفاء الجزئى ، ومع ذلك يكون له الرجوع على المدينين الآخرين ، كل بنسبة حصته فى الدين ، فيما دفعه للدائن .
على أنه يجوز للمدين كما قدمنا أن يتفق مع الدائن على أن يدفع له حصته فى الدين أو جزءاً منها ، ففى هذه الحالة لا يرجع المدين الذى اقتصر على دفع حصته أو على دفع جزء منها بشىء على المدينين الآخرين ، ويرجع الدائن على هؤلاء بالباقى من الدين بعد أن يستنزل ما دفعه له المدين . أما إذا دفع المدين أكثر من حصته ، فله الرجوع على المدينين الآخرين بما دفعه زائدا على هذه الحصة ، ويساهم هؤلاء فى ذلك كل بنسبة حصته فى الدين ، ويرجع الدائن عليهم بما بقى من الدين بعد أن يستنزل كل ما دفعه المدين له ( [588] ) .
$ 358 $
205 - الأساس القانونى لرجوع المدين – الدعوى الشخصية ودعوى الحلول : والآن نبين الأساس القانونى الذى يقوم عليه رجوع المدين المتضامن على المدينين المتضامنين الآخرين عند وفائه للدائن بالدين ، فهو $ 359 $ يرجع إما بالدعوى الشخصية ( action personnelle ) وإما بدعوى الحلول ( action en subrogation ) .
يرجع بالدعوى الشخصية إذا نظرنا إلى سابق علاقته بالمدينين المتضامنين الآخرين ، فهم فى الغالب جميعاً أصحاب مصلحة مشتركة فى الدين . فإذا أدى واحد منهم الدين عن الباقى ، فهو إما أن يكون وكيلا عنهم فيرجع عليهم بدعوى الوكالة ( م 710 مدنى ) ، وإما أن يكون فضولياً يعمل لمصلحتهم فيرجع عليهم بدعوى الفضالة ( م 195 مدنى ) . وكل من دعوى الوكالة ودعوى الفضالة دعوى شخصية تسمح للمدين الذى وفى الدين أن يرجع على كل من المدينين الآخرين بقدر حصته فيه . ومزية هذه الدعوى الشخصية هى أنها تجعل للمدين الحق فى تقاضى فوائد عما دفعه للدائن زائداً على حصته لحساب المدينين الآخرين من يوم الدفع . ذلك أن المدين إذا رجع بدعوى الوكالة ، فإن المادة 710 مدنى تقضى بأنه " على الموكل أن يرد للوكيل ما أنفقه فى تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد ، مع الفوائد من وقت الإنفاق " . وإذا هو رجع بدعوى الفضالة ، فإن المادة 195 مدنى تقضى بأن " يكون رب العمل ملزماً بأن ينفذ التعهدات التى عقدها الفضولى لحسابه ، وأن يعوضه عن التعهدات التى التزم بها ، وأن يرد له النفقات الضرورية والنافعة التى سوغتها الظروف مضافا إليها فوائدها من يوم دفعها " . وليست الفوائد التى يتقاضها المدين المتضامن من المدينين الآخرين هى الفوائد التى ينتجها المدين الأصلى ، فهذه يستردها المدين مع أصل الدين وتلحق به ، ولكنها فوائد مستقلة يتقاضها بالسعر القانونى أو بالعسر الاتفاقى إذا كان هناك اتفاق على ذلك – على مجموع المبالغ ، من رأس مال وفوائد ومصروفات ، التى أدها للدائن زائدا على حصته فى الدين ( [589] ) . فيتقاضها حتى لو كان الدين الذى وفاه للدائن لا ينتج فوائد أصلا ( [590] ) .
$ 360 $
ويرجع المدين المتضامن الذى وفى الدين بدعوى الحلول ( [591] ) ، أى بدعوى الدائن الذى وفاه الدين وقد حل محله فيه ، وهذا بموجب المادة 326 مدنى وتنص على أنه " إذا قام بالوفاء شخص غير المدين ، حل الموفى محل الدائن الذى استوفى حقه فى الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا كان الموفى ملزماً بالدين مع المدين أو ملزما بوفائه عنه . . . . " . والمدين المتضامن الذى وفى الدين ملزم به مع المدينين الآخرين ، فإذا وفاه للدائن حل محله فيه عند الرجوع على المدينين الآخرين . ومزيه دعوى الحلول هذه ا ، المدين المتضامن إذا رجع بها تكون له التأمينات ذاتها التى كانت الدائن ، بعد أن حل محله ، إذ هو يرجع بنفس الدين الذى وفاه بما له من ضمانات ، لا بدعوى شخصية مستمدة من الوكالة أو الفضالة . وهذا الحكم تنص عليه صراحة المادة 329 مدنى إذ تقول : " من حل قانونا أو اتفاقا محل الدائن كان له حقه ، بما لهذا الحق من خصائص ، وما يلحقه من توابع ، وما يكلفه من تأمينات ، وما يرد عليه من دفوع ، ويكون هذا الحلول بالقدر الذى أداه من ماله من حل محل الدائن " .
على أن الدعوى الشخصية ، إذا كانت دعوى الحلول تمتاز عنها فى التأمينات ، تمتاز هى على دعوى الحلول فى أمرين : ( 1 ) إذا رجع المدين بالدعوى الشخصية كان له أن يتقاضى فوائد عن المبالغ التى دفعها للدائن زائدا على حصته فى الدين كما سبق القول أما دعوى الحلول فلا يتقاضى فيها المدين إلا فوائد الدين الأصلى التى يكون قد فعها للدائن ، إذا كان من شأن هذا الدين ان ينتج فوائد ( [592] ) . ( 2 ) يسرى التقادم بالنسبة إلى الدعوى الشخصية من وقت وفاء المدين الدين للدائن ، فواقعة الوفاء هذه هى مصدر الدعوى الشخصية . أما بالنسبة $ 361 $ إلى دعوى الحلول ، فإن التقادم كان ساريا من وقت حلول الدين الذى وفاه المدين ، وبديهى أن هذا الوقت متقدم على وقت الوفاء ، فتتقادم دعوى الحلول قبل أن تتقادم الدعوى الشخصية لو كانت مدة التقادم المقررة قانونا لكل من الدعويين مدة واحدة ( [593] ) .
206 - انقسام الدين على المدينين المتضامنين وتعيين حصة كل منهم :
قدما أن التضامن لا يقوم إلا فى العلاقة ما بين الدائن والمدينين المتضامنين ، أما فى علاقة المدينين بعضهم ببعض فلا يقوم التضام ، وإنما ينقسم الدين بينهم كل بقدر حصته ( [594] ) .
وينقسم الدين على المدينين المتضامنين على الوجه المتقدم الذكر ، حتى لو كان المدين الذى وفى الدين " بماله من حق الحلول قد رجع بدعوى الدائن " ، كما تقول العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 297 مدنى . وقد كان منطق دعوى الحلول يقتضى أن يرجع المدين بما كان يرجع به الدائن نفسه ، أى يرجع بكل الدين على أى مدين متضامن آخر بعد أن يستنزل حصته هو من الدين ، ولكن العمل بمقتضى هذا المنطق يؤدى إلى سلسلة من دعاوى للرجوع لا مبرر لها . فلو أن المدينين المتضامنين كانوا مثلا خمسة حصصهم فى الدين متساوية ، $ 362 $ وكان الدين خمسمائة ، ووفى أحدهم كل الدين للدائن ، وحل محله فيه ، فإن منطق دعوى الحلول يقتضى كما قلنا أن يرجع المدين الذى وفى الدين على أحد المدينين المتضامنين الأربعة بأربعمائة ، وهذا الثانى يرجع على الثالث بثلثمائة ، وهذا الثالث يرجع على الرابع بمائتين ، وهذا الرابع يرجع على الخامس بمائة . فالأولى من الناحية العلمية أن يقسم المدين الأول منذ البداية الدين على المدينين الأربعة ، ويرجع على كل منهم بمائة . ولا ضير عليه من هذا التقسيم ، فإنه إذا وجحد أحدهم معسراً رجع على الثلاثة الموسرين بنصيب كل منهم فى حصة المعسر كما سنرى هذا إلى أن المنطق الذى أوردناه لدعوى الحلول يعارضه منطق آخر للدعوى نفسها . ذلك أن المدين الذى وفى الدين فى المثل المتقدم إذا رجع على أحد المدينين الأربعة بأربعمائة ، كان لهذا المدين الثانى بعد أن يدفع الأربعمائة للمدين الأولى أن يحل هو أيضاً محل الدائن قبل هذا المدين الأول بالذات بعد أن يستنزل حصته من الدين ، فيرجع عليه بثلثمائة . فيكون المدين الأولى قد استوفى من المدين الثانى أربعمائة ثم وفاة ثلثمائة فى دعويين متتابعتين ، فخلص له من كل ذلك مائة ، فالأولى إذن أن يستوفى هذه المائة منذ البداية وفى دعوى واحدة ( [595] ) .
إذن ينقسم الدين – سواء كان الرجوع بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول – على المتضامنين كل بقدر حصته ، ولا يرجع المدين الذى وفى الدين كله على أن مدين آخر إلا بمقدار هذه الصحة . ويبقى بعد ذلك أن نرى كيف $ 363 $ تتعين حصص المدينين المتضامنين فى الدين . هنا تقول الفقرة الثانية من المادة 297 مدنى " وينقسم الدين إذا وفاه أحد المدينين حصصاً متساوية بين الجميع ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك " .
فإذا وجد اتفاق بين المدينين المتضامنين ، منذ نشوء الدين ، على تعيين حصة كل منهم فيه ، وجب العمل بهذا الاتفاق . وقد يكون ضمنيا ، كما إذا أشترى ثلاثة داراً فى الشيوع ، للأول النصف وللثانى الثلث وللثالث السدس ، وتضاموا فى دفع الثمن للبائع ، فينقسم الدين بينهم بنسبة حصة كل منهم فى الدار . ويجب على كل حال إثبات الاتفاق وفقاً للقواعد العامة فى الإثبات ، فإذا أراد أحد المدينين إثبات مقدار حصة مدين آخر فى الدين وكانت قيمة هذه الحصة تزيد على عشرة جنيهات ، وجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها ( [596] ) .
وإذا لم يوجد اتفاق وكلن وجد نص فى القانون يرسم طريقة تعيين حصة كل مدين متضام ، وجب اتباع النص من ذلك أن الورثة إذا استدانوا للإنفاق على مصلحة التركة ، وكانوا متضامتين فى الدين ، فالقانون يعين حصة كل منهم فى الدين بقدر حصته فى الميراث . ومن ذلك أيضا ما نصت عليه المادة 169 مدنى من أنه " إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار ، كانوا متضامنين فى التزامهم بتعويض الضرر ، وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوى ، إلا إذا عين القاضى نصيب كل منهم فى التعويض " فيجوز إذن للقاضى ، بموجب هذا النص القانونى ، أن يعين حصة كل من المسئولين عن العمل الضار فى التعويض الذى يلتزمون به ، على حسب جسامة خطأ كل منهم ومدى ما أحدثه بفعله من الضرر ( [597] ) .
$ 364 $
فإذا لم يوجد اتفاق أو نص فى القانون يعين حصة كل من المدينين المتضامنين فى الدين لم يبق إلا جعل حصص المدينين جميعاً متساوية ، إذ لا مبرر لجعل حصة أكبر من الأخرى ، ويفترض تساويهم فى مصلحتهم المشتركة فى الدين ( [598] ) .
207 - تحمل الموسرين من المدينين المتضامنين لحصص المعسرين منهم :
رأينا أن المادة 298 مدنى تنص على أنه : " إذا أعسر أحد المدينين المتضامنين تحمل تبعة هذا الإعسار المدين الذى وفى بالدين وسائر المدينين الموسرين كل بقدر حصته " . وهنا تبرز فكرة التضامن ما بين المدينين ، فتلامس حتى علاقة المدينين فيما بينهم ذلك أنهم ، حتى فى علاقتهم بعضهم ببعض ، يتضامنون فى تحمل حصة المسعر منهم . ولكن هذه الحصة تنقسم بينهم بنسبة الحصة الأصلية لكل منهم فى الدين ، فلا يرجع المدين الذى وفى كل الدين على أى من المدينين الموسرين إلا بمقدار حصته وبنصيبه فقط فى حصة المعسر . فلو أن المدينين المتضامنين كانوا ثلاثة حصصهم فى الدين متساوية ، وكان الدين ثلثمائة ، ودفعه واحد منهم ، فإنه يرجع على كل من الاثنين الآخرين بمائة فلو كان واحد منهما معسراً رجع الدافع على الموسر بمائة وخمسين ، مائة هى حصة الموسر فى الدين وخمسين هى نصيبه فى حصة المعسر ( [599] ) . وقد قدمنا أنه إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من الدين أو من التضامن ، فإن هذا المدين – ما لم يخله الدائن من المسئولية 0 يتحمل هو أيضا نصيبه فى حصة . المعسر والى هذا كله تشير المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى حين تقول : " وإذا أعسر أحدهم تحمل تبعة هذا الإعسار سائر المدينين ، حتى من قام منهم بالوفاء بالدين . وقد تقدمت الإشارة $ 365$ إلى أن من أبرئ من المدينين المتضامنين من الدين أو من التضامن يتحمل نصيبه فى تبعة الإعسار ( [600] ) " .
ويذهب الفقه فى فرنسا إلى أن العبرة فى قيام الإعسار تكون بالوقت الذى وفى فيه المدين المتضامن الدين للدائن ، فقد نشأ حقه فى الرجوع على المدينين المتضامنين ، بما فى ذلك تقسيم حصة المعسر على الموسرين ، فى هذا الوقت . فإذا كان المدينون المتضامنون الآخرون موسرين جميعا وقت الوفاء للدائن ، وتأخر المدين الذى وفى الدين فى الرجوع عليهم حتى أعسر واحد منهم ، فالمدين الذى وفى الدين هو وحده الذى يتحمل حصة هذا المعسر جزاء تأخره فى الرجوع عليه ( [601] ) . ويبدو أن هذا الرأى محل للنظر . فقد يطالب الدائن أحد المدينين المتضامنين بالدين ، فيبادر هذا المدين إلى إدخال باقى المدينين المتضامنين معه فى الدعوى ليحكم على كل بحصته فى الدين ، ويكون المدينون جميعا موسرين وقت تنفيذ الدائن بالدين كله على أموال من رفع عليه الدعوى . ثم يعسر أحد المدينين قبل أن يتمكن المدين الذى وفى الدين من استيفاء حصة هذا المدين الذى أعسر . فهنا لا يمكن ان ينسب أى تقصير إلى المدين الذى وفى الدين ، وليس من العدل أن يتحمل وحده حصة المدين المعسر . من أجل ذلك نرى التحفظ فى الرأى الذى يذهب إليه الفقه الفرنسى ، فيكون الأصل فى الإعسار أن يقوم وقت الوفاء للدائن ، فإذا وقع بعد هذا الوقت ، تحمل المدين الذى وفى الدين وحده حصة المعسر ، إلا إذا أثبت أنه لم يقصر إطلاقا فى المحافظة على حقه ضد المدين المعسر ( [602] ) .
$ 366 $
208 – تحمل أصحاب المصلحة فى المدين وحدهم بكل الدين : رأينا أن المادة 299 مدنى تنص على أنه " إذا كان أحد المدينين المتضامنين هو وحده صاحب المصلحة فى الدين فهو الذى يتحمل به كله نحو الباقين " . ويظهر من هذا النص أن هناك حالة لا يكون فيها المدينون المتضامنون جميعا أصحاب المصلحة فى الدين ، بل يكون واحد منهم أو أكثر ( [603] ) هم أصحاب المصلحة دون الآخرين . فماذا يكون ، فى هذه الحالة ، شأن هؤلاء الآخرين الذين ليست لهم مصلحة فى الدين ، أى ليسوا هم المدينين الحقيقيين ، ومع ذلك يتضامنون فى الدين مع أصحاب المصلحة فيه؟ إنهم يكونون لا شك كفلاء لأصحاب المصلحة ، وأصحاب المصلحة وحدهم هم المدينون الحقيقيون أو المدينون الأصليون . يبقى أن ننظر لماذا لم يبرز هؤلاء وأولئك فى الوضع القانونى المألوف ، مدنين أصليين وكفلاء ، بل برزوا جميعا مدينين متضامنين؟ يسوقنا هذا إلى إيراد عجالة سريعة فى تاريخ الكفالة .
لم يكن القانون الرومانى القديم يعرف الكفالة فى وضعها الحديث ، ولم يكن متصوراً فى صناعة هذا القانون أن شخصا آخر يلتزم بنفس الدين الذى التزم به المدين دون أن يكون مديناً أصلياً معه ، لا مجرد مدين تابع . فلم يكن هناك بد ، إذا أريد أن أن يكون للمدين كفيل ، من أن يلتزم الكفيل بالدين التزاماً أصلياً كما التزم المدين . ولما كان التضامن معروفا منذ زمن قديم وقد سبق الكفالة – بل هو الأصل الذى نشأت الكفالة عند ( [604] ) – فقد استخدم لتأدية أغراض الكفالة . فالكفيل كان إذن ، فى القانون الرومانى القديم ، مدينا متضامناً مع المدين $ 367 $ الأصلى . ثم ما لبث القانون الرومانى أن تطور ، وبدت معالم الكفالة تتبين شيئاً فشيئا ، فأعطى للكفيل حق التقسيم إذا تعدد ، ثم أعطى له حق تجريد المدين ثم اعترف فى النهاية أن التزامه ليس التزاما أصلياً بل هو التزام تابع لالتزام المدين المكفول ( [605] ) . على أن مقتضيات الائتمان استوجبت أن تتنوع الكفالة لتزيد توثيقا للدين ، فرجعت فى تنوعها إلى ما كانت عليه من قبل ، وأصبحت فى الوقت الحاضر تنطوى على صور متدرجة .
فأبسط صورها واضعها توثيقاً للدين هى ، كما أشرنا إلى ذلك فى مكان آخر ( [606] ) ، أن يكفل الكفيل المدين دون أن يتضامن معه ، ودون أن يتضامن من الكفلاء الآخرين . فيكون الكفيل فى هذه الصورة مديناً تابعاً ، له حق تجريد المدين الأصلى ، وله حق التقسيم مع الكفلاء الآخرين .
ثم تأتى صورة ثانية للكفالة هى أقوى فى توثيق الدين فيكفل الكفيل المدين دون أن يتضامن معه ، ولكنه يتضامن مع الكفلاء الآخرين . وهنا يبقى الكفيل مدينا تابعاً ، ويبقى له حق تجريد المدين ، ولكن ليس له حق التقسيم مع الكفلاء الآخرين الذين تضامن معهم .
ثم تأتى صورة ثالثة للكفالة تزيد قوة فى توثيق الدين ، هى أن يكفل الكفيل المدين ويتضامن معه كما يتضامن مع الكفلاء الآخرين . وهنا يبقى الكفيل مديناً تابعاً ، ولكن ليس له حق التقسيم مع الكفلاء الآخرين لأنه متضامن معهم ، وليس له كذلك حق تجريد المدين لأنه أيضا متضامن معه .
ثم تأتى الصورة الأخيرة للكفالة ، وهى أقوى الصور جميعا فى مراتب التوثيق . فيكفل الكفيل الدين فيما بينه وبين المدين ولكنه يتقدم إلى الدائن مدينا متضامنا مع المدين الأصلى ، ومتضامناً مع الكفلاء الآخرين ، الذين يتقدمون هم أيضا مدينين متضامنين مع المدين . وهكذا تعود الكفالة إلى ما كانت عليه فى عهدها القديم ، ولكن لأسباب لا ترجع إلى الصناعة القانونية كما كان الأمر فى القانون $ 368 $ الروماني القديم ، بل ترجع إلى اعتبارات عملية هي الوصول في توثيق الدين إلى أبعد غاياته . وهنا لا يكون للكفيل حق التقسيم مع الكفلاء الآخرين ، ولا حق تجريد المدين ، بل هو لا يبقى مديناً تابعاً ، وإنما يكون مديناً اصلياً متضامنا مع المدين المكفول .
هذه الصورة الأخيرة هي التي تعنينا هنا ، إذ نرى أمامنا فيها مدينين متضامنين متعددين في دين واحد ، ولكن واحداً ( أو أكثر ) من هؤلاء المدينين هو صاحب المصلحة في الدين ، أي هو المدين الأصلي ، والباقي ليسو إلا كفلاء عنه ، ولاكنهم تقدموا إلى الدائن بوصفهم جميعاً مدينين اصليين متضامنين ( [607] ) . والمبدا الأساسي في هذه الحالة هو التمييز ما بين علاقة هؤلاء المدينين المتضامنين بالدائن إذ تسرى قواعد التضامن ، وعلاقتهم بعضهم ببعض إذ تسرى قواعد الكفالة .
ففي علاقتهم بالدائن ، تسرى قواعد التضامن دون قواعد الكفالة . ومن ثم لا يكون لهم حق تقسيم الدين بينهم ولا حق تجريد المدين الأصلي ، بل يكون كل منهم مسئولا قبل الدائن عن كل الدين . كذلك لا يكون لا يمنهم أن يتمسك بالدفوع الخاصة بغيره ولو كان هذا الغير هو المدين الأصلي ، بل لا يتمسك إلا بالدفوع الخاصة به وبالدفوع المشتركة بينهم جميعا ( [608] ) . ولا تبرا ذمة أي منهم بقدر ما أضاعه الدائن بخطأه من الضمانات ، كما تبرأ ذمة الكفيل $ 369 $ ( م 784 مدني ) ( [609] ) . ولا تبرأ ذمة أي منهم إذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين الأصلي خلال ستة أشهر من إنذار الدائن بذلك ، كما تبرأ ذمة الكفيل ( م 785 / 2 مدني ) . ولا يسقط حق الدائن في الرجوع عليهم حتى لو أفلس المدين الأصلي ولم يتقدم الدائن في تفليسته ، كما يسقط حقه في الرجوع على الكفيل ( م 786 مدني ) . وإذا كان هناك تأمين عيني خصص لضمان الدين ، جاز مع ذلك للدائن أن ينفذ على أموالهم قبل التنفيذ على الأموال التي خصصت لهذا التأمين ، ولا يجوز بالنسبة إلى الكفيل التنفيذ على أمواله إلا بعد التنفيذ على الأموال المخصصة للتأمين ( م 791 مدني ) ( [610] ) .
$ 370 $
أما فى علاقتهم بعضهم ببعض ، فقواعد الكفالة هى التى تسرى دون قواعد التضامن . وقد قدمنا أنه يجب على أى منهم قبل أن يقوم بوفاء الدين أن يخطر المدين الأصلى ، وإلا سقط حقه فى الرجوع على هذا المدين إذا كان هذا وقد وفى الدين أو كانت عنده وقت الاستحقاق أسباب تقضى ببطلان الدين أو بانقضائه ، فإذا لم يعارض المدين الأصلى فى الوفاء ، بقى لمن وفى الدين حقه فى الرجوع عليه ، ولو كان المدين قد دفع الدين أو كانت لديه أسباب تقضى ببطلانه أو بانقضائه وهذا هو نفس الحكم الذى يسرى على الكفيل ، من حيث وجوب إخطاره المدين قبل أن يقوم بوفاء الدين ( م 798 مدنى ) ( [611] ) . ولكن الذى يعنينا أن نبينه هنا وهى المسألة التى نريد الوقوف عندها – هو أن هؤلاء المدينين المتضامنين ، وقد ارتدوا كفلاء فى علاقتهم بالمدين الأصلى ، لا يتحملون بشىء من الدين شأن كل كفيل إذ لا مصلحة لهم فيه ، بل المدين الأصلى صاحب المصلحة هو الذى يتحمل بالدين كله . فإذا كان الدائن قد طالب المدين الأصلى بالدين فدفعه ، لم يرجع هذا المدين بشىء على المدينين المتضامنين معه إذ هم ليسوا إلا كفلاء عنه . أما إذا كان الدائن قد طالب أياً من هؤلاء المدينين المتضامنين غير المدين الأصلى بالدين فدفعه ، رجع الدافع بالدين كله على المدين الأصلى كما يفعل الكفيل الذى وفى المدين فى رجوعه على المدين ، ولم ينقسم الدين على سائر المدينين المتضامنين . وهذا ، كما رأينا ، ما تنص عليه صراحة المادة 299 مدنى ، إذ تقضى بأنه إذا كان أحد المدينين المتضامنين هو وحده صاحب المصلحة فى الدين ، فهو الذى يتحمل به كله نحو الباقين . فيتحمل المدين الأصلى إذن بالدين كله ، سواء طالبه به الدائن فدفعه دون أن يرجع بشىء على المدينين الآخرين ، أو طالب به الدائن مديناً آخر فدفعه ورجع به كله على المدين الأصلى . وإلى هذا تشير المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى إذ تقول : " ولكن إذا $ 371 $ كان أحد المدينين هو وحده صاحب المصلحة فى الدين ، فهو الذى يتحمل به كله فى صلته بالباقين . فلو أقيم الدليل على أن مديناً من المدينين المتضامنين هو المدين الأصلى وأن الآخرين ليسو سوى كفلاء – فى حدود صلتهم بعضهم ببعض لا فى حدود صلتهم بالدائن – وجب أن يتحمل هذا المدين الدين كله ، فإذا وفى لم يكن له حق الرجوع على الباقين ، وإذا قام بالوفاء مدين آخر كان لهذا المدين أن يرجع عليه بالدين كله " ( [612] ) . ويخلص من هذه العبارة أنه يفترض فى الأصل أن المدينين المتضامنين المتعددين كلهم أصحاب مصلحة فى الدين ، فإذا أدعى أحد منهم أن واحداً أو أكثر من هؤلاء المدينين هم وحدهم أصحاب المصلحة فى الدين ، فعليه يقع عبء الإثبات . وعليه أن يثبت ذلك وفقاً للقواعد العامة فى الإثبات ، فلا يجوز أن يثبت إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها أن بعض المدينين المتضامنين فى دين تزيد قيمته على عشرة جنيهات هم وحدهم أصحاب المصلحة فيه ( [613] ) .
ويلاحظ أنه إذا كان أصحاب المصلحة فى الدين أكثر من واحد ، فإن المدين الذى وفى الدين دون أن يكون ذا مصلحة فيه يرجع على أى من أصحاب المصلحة بكل الدين ، إذ كل من هؤلاء مدين أصلى . وهذا هو الحكم فيما إذا كان للمدينين المتضامنين المتعددين كفيل وفى الدين عنهم ، فقد نصت المادة 801 مدنى على أنه " إذا تعدد المدينون فى دين واحد وكانوا متضامنين ، فكفيل الذى ضمنهم جميعاً أن يرجع على أى منهم بجميع ما وفاة من الدين " ( [614] ) . وينقسم الدين بين أصحاب المصلحة فيه ، فإذا وفى أحدهم الدين كله ، سواء بدفعه مباشرة للدائن أو بوفائه لمدين غير ذى مصلحة قام بدفعه للدائن ، رجع على الباقى من أصحاب المصلحة كل بقدر حصته فى الدين .
$ 372 $
وإذا دفع مدين غير ذى مصلحة فى الدين كل الدين للدائن بناء على مطالبته إياه ، وأراد الرجوع على أصحاب المصلحة فى الدين فوجدهم جميعاً معسرين ، رجع عند ذلك على المدينين غير أصحاب المصلحة كل بقدر حصته فى الدين ( [615] ) . فإن لم يكن متفقاً على تعيين حصة كل منهم ، كانوا جميعاً متساوين فى الحصص .
$ 373 $
الفصل الثالث
الالتزام غير القابل للانقسام ( [616] ) .
( Obligation indivisible )
209 - تقسيم الموضوع : نبحث الالتزام غير القابل للانقسام ، كما بحثنا الالتزام التضامنى ، على الوجه الآتى : ( أولا ) أسباب عدم قابلية الالتزام للانقسام ، وهذا يقابل فى الالتزام التضامنى مصادر التضامن . ( ثانيا ) الآثار التى تترتب على قابلية الالتزام للانقسام ( [617] ) .
$ 374 $
الفرع الأول
أسباب عدم قابلية الالتزام للانقسام
210 - النصوص القانونية : تنص المادة 300 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" يكون الالتزام غير قابل للانقسام " :
( أ ) إذا ورد على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم " .
( ب ) إذا تبين من الغرض الذى رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسما ، أو إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك ( [618] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 116 / 172 ( [619] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 300 - وفى التقنين المدنى الليبى المادة 287 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 376 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 70 ( [620] ) .
$ 375 $
ويتبين من هذا النص أن عدم القابلية للانقسام يرجع إما لطبيعة محل الالتزام ، وإما للاتفاق ( [621] ) .
211 - عدم القابلية للانقسام يرجع على طبيعة المحل : عنى ديمولان ( Dumoulin ) ، وهو من فقهاء القانون الفرنسى القديم البارزين ، عناية خاصة بموضوع الالتزام غير القابل للانقسام ، وله فيه تقسيمات مشهورة ، لعلها ساعدت على تعقيد هذا الموضوع أكثر مما أدت إلى تبسيطه .
على أن من تقسيماته ما بقى حتى اليوم معمولا به . من ذلك أنه يميز فى عدم القابلية للانقسام الذى يرجع إلى طبيعة المحل بين صورتين :
( الصورة الأولى ) صورة عدم التجزئة المطلقة ( Indivisibilitè absolue ) أو عدم التجزئة الحتمية ( Indivisibilitè nècessaire ) ، وتتحقق عندما يكون محل الالتزام بطبيعته غير قابل أصلا للانقسام ، فعدم الانقسام يرجع إلى أصل الحلقة لا إلى عارض من عمل الإنسان .
فإذا كان الالتزام محله نقل حق عينى ، فالأصل فيه أنه يكون قابلا للانقسام ، إما انقساماً طبيعيا ( division matèrielle ) كما إذا كان المدين ملتزماً بنقل ملكية عشرين أردباً من القمح فيمكن انقسام هذا الالتزام انقساماً طبيعياً إلى أجزاء متعددة ، وإما انقساماً معنويا
( division intellectuelle ) كما إذا كان المدين ملتزماً $ 376 $ بنقل ملكية منزل فإن هذا الالتزام يمكن أن ينقسم انقساماً معنويا إلى نقل ملكية نصف المنزل فى الشيوع وربعه وخمسه وهكذا ( [622] ) . غير أن هناك حقين عينيين لا يقبلان الانقسام بطبيعتهما القانونية ، وهما حق الارتفاق وحق الرهن $ 377 $ فمن يلتزم بترتيب حق ارتفاق أو ترتيب حق رهن لا يستطيع أن يجزئ التزامه ، ويكون الالتزام فى هاتين الحالتين غير قابل للانقسام بصفة مطلقة أو بصفة حتمية ( [623] ) .
وإذا كان الالتزام محله القيام بعمل كالالتزام بتسليم شىء ، فإنه قد يكون طبيعته قابلا للانقسام وقد لا يكون . فإذا تعهد شخص بتسليم أرض ، فإنه يستطيع أن يجزئ التزامه إذ الأرض قابلة بطبيعتها للتجزئة ، فيمكن أن يسلم جزءاً من الأرض ثم يسلم جزءاً آخر وهكذا . أما إذا تعهد بتسليم حيوان حى ، حصان مثلا ، فإنه لا يستطيع أن يجزئ التزامه ، إذ الحيوان الحى كل لا يتجزأ عند التسليم . صحيح أنه تجوز تجزئته فى نقل ملكيته ، فتنتقل ملكية نصف الحصان أو ربعه ، ولكن الالتزام بتسليم الحصان هو التزام غير قابل للانقسام ، وعدم القابلية للانقسام هنا يرجع إلى أصل الحلقة فهو مطلق أو حتمى . كذلك التزام البائع بضمان الاستحقاق التزام غير قابل للانقسام ، ويرجع ذلك إلى طبيعة محل الالتزام . وقل مثل هذا فى التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ( [624] ) . وغنى عن البيان أن الالتزام بالقيام بعمل ، حتى إذا كان فى طبيعته غير قابل للانقسام ، يصبح قابلا للانقسام إذا تحول إلى تعويض نقدى ( [625] ) .
وإذا كان الالتزام محله الامتناع عن عمل ، فأكثر ما يكون أنه غير قابل للانقسام ، إذ أى عمل يأتيه المدين مخالفا لالتزامه يعتبر خرقاً للالتزام . فإذا تعهد بائع المتجر لمشتريه ألا ينافسه فى حدود معينة ، فأية منافسة يقوم بها البائع $ 378$ فى الحدود المتفق عليها تعتبر خرقاً للالتزام ، ولا يستطيع البائع أن يقوم بالتزامه من عدم المنافسة إلا قياماً غير مجزأ وغير قابل للانقسام بامتناعه أصلا عن المنافسة . على أن يمكن أن نتصور أن الالتزام بعدم المنافسة يكون قابلا للانقسام استثناء . فإذا كانت أعمال المنافسة التى التزم بها البائع قد فصلت وقسمت إلى أعمال معينة يضمها كلها التزام واحد ، بأن اشترط المشترى مثلا على بائع المتجر ألا يقيم متجراً آخر منافسا ، وألا يصرف عملاء المتجر عنه ، وألا ينتزع منه مستخدميه ، فمن الممكن فى هذه الحالة أن يقوم البائع بجزء من التزامه ويخل بجزء آخر ، فيمتنع مثلا عن إقامة متجر مماثل ولكنه ينتزع مستخدمى المتجر ، ويكون الالتزام بالامتناع عن عمل فى هذه الحالة قابلا للانقسام ( [626] ) .
( الصورة الثانية ) صورة عدم التجزئة النسبية ( indivisibilitè relative ) أو عدم التجزئة الطبيعية ( indivisiblitè naturelle ) . وتتحقق عندما يكون محل الالتزام غير قابل للانقسام لا بأصل خلقته ، بل لعارض من عمل الإنسان . مثل ذلك الالتزام بتسليم متجر ، فإن المتجر وهو محل الالتزام إذا كان قابلا للانقسام بطبيعته إذ تمكن تجزئة عناصره المختلفة من مكان وسلع وعملاء وحقوق وديون وما إلى ذلك ، إلا أنه جعل بعمل الإنسان كلا غير قابل للتجزئة ، فلا يمكن تسليم بعضه دون بعض . كذلك الالتزام ببناء منزل هو أيضا التزام غير قابل للانقسام ، لا بأصل خلقته ، وإلا فمن الممكن أن نتصور تجزئة بناء المنزل ، فيقوم بتشييد حيطانه مقاول ، ويقوم بعمل أبوابه ونوافذه مقاول ثان ، ويقوم بتجهيزه بالأدوات الصحية مقاول ثالث وهكذا . ولكن الالتزام عندما يقع $ 379 $ على بناء منزل فى مجموعه ، فقد جعل محل الالتزام كلا غير قابل للتجزئة ، ولا يعتبر الالتزام قد نفذ إلا إذا تم بناء المنزل بأكمله ( [627] ) .
212 - عدم القابلية للانقسام يرجع إلى الاتفاق : ويكون الالتزام أيضا غير قابل للانقسام ، كما تقول الفقرة ( ب ) من المادة 300 مدنى " إذا تبين من الغرض الذى رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسما ، أو إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك " . فمحل الالتزام يكون إذن بطبيعته قابلا للانقسام ، ولكن المتعاقدين أراده غير قابل للانقسام بالاتفاق فيما بينهما . وعدم التجزئة عنا تسمى عدم تجزئة اتفاقية ( indivisibilitè conventionnelle ) أو عدم تجزئة عرضية ( indiv . accidentelle ) ،أو عدم تجزئة فى التنفيذ ( indiv . solutione tantum ) والإرادة إما أن تكون صريحة أو ضمنية .
فالإرادة تكون صريحة إذا اشترط الدائن على المدين صراحة فى العقد الذى أنشأ الالتزام ألا يجوز تنفيذه منقسما ، بل يجب تنفيذه باعتباره كلا غير قابل للتجزئة . وأكثر ما يقع ذلك فى الالتزامات التضامنية عندما يريد الدائن ألا ينقسم الالتزام على ورثة أحد من المدينين المتضامنين أو عندما يريد الدائنون المتضامنون ألا ينقسم الالتزام على ورثة أى منهم فيشترط إلى جانب التضامن فى الالتزام عدم قابلية للانقسام ( [628] ) . وقد رأينا فى التضامن أن الالتزام ينقسم على الورثة ما لم يشترط عدم قابليته للانقسام . وكثراً ما يشترط فى نظم الشركات التجارية أن السهم يكون غير قابل للتجزئة بالنسبة إلى الشركة ، فلا يجوز أن يمثل السهم أمام الشركة ، إلا شخص واحد ( [629] ) .
وتكون الإرادة ضمنية إذا تبين مثلا أن الغرض الذى يرمى إليه المتعاقدان يجعل الالتزام غير قابل فى تنفيذه للتجزئة . فمن اشترى أرضاً ليبنى عليها مدرسة $ 380 $ أو مستشفى أو داراً ، وكان البناء يقتضى كل هذه المساحة من الأرض المبيعة ، وقد دخل ذلك فى حساب المتعاقدين ، فإن الأرض وإن كانت قابلة للتجزئة بطبيعتها ، إلا أنها فى هذه الحالة لا تمكن تجزئتها بالنسبة إلى الغرض الذى رمى إليه المشترى ، وقد علم به البائع ، وكان محل اتفاق ضمنى بينهما . كذلك إذا تعهد شخص بإقراض آخر مبلغاً من النقود ليسترد عيناً أو ليشفع فيها ، وكان هذا المبلغ كله ضروريا للاسترداد أو للأخذ بالشفعة ، فإن الالتزام هنا لا يتجزأ طبقاً للغرض الذى رمى إليه المتعاقدان ( [630] ) .
$ 381 $
الفرع الثانى
الآثار التى تترتب على عدم قابلية الالتزام للانقسام
213 - تعدد المدينين أو تعدد الدائنين : تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " لا تظهر أهمية عدم قابلية الالتزام للانقسام إلا حيث يتعدد المدينون أو الدائنون ، إما ابتداء عند إنشاء الرابطة القانونية ، وإما بعد ذلك إذا تعدد ورثة من كان بمفرده طرفا من طرفى الالتزام . أما حيث لا يتعدد الدائن ولا المدين ن فيتعين الوفاء بالالتزام كاملا دون تبعيض ، منقسما كان أو غي قابل للانقسام ، وللدائن أن يرفض الوفاء الجزئى ( [631] ) .
والواقع من الأمر أنه مادام كل من الدائن والمدين واحداً ، فسواء كان الالتزام قابلا للانقسام أو غير قابل له ، فليست هناك أية أهمية عملية لهذا التمييز ، إذ أن الالتزام – قابلا للانقسام أو غير قابل له – يكون دائما فى تنفيذه غير قابل للانقسام . ولا يستطيع المدين أن يجزئ تنفيذه ، وأن يجبر الدائن على قبول وفاء جزئى ، ولو كان الالتزام قابلا لهذه التجزئة . فإذا كان على المدين مبلغ من النقود ، وحل أجل الدين ، لم يستطع المدين أن يجبر الدائن على أن يقبل جزءاً من هذا المبلغ ، مع أن النقود قابلة للتجزئة ( [632] ) .
وإنما تتبين أهمية التمييز بين الالتزام القابل للانقسام والالتزام غير القابل له ، إذا تعدد المدين أو تعدد الدائن . فإذا تعدد المدين فى التزام ، فالأصل أن ينقسم $ 382 $ الالتزام على المدينين ( [633] ) ، إلا إذا كان غير قابل للانقسام ، فعندئذ يكون كلا لا يقبل التجزئة . وعلى كل مدين أدواؤه كاملا للدائن ، حتى لو لم يكن هناك تضامن بين المدينين . كذلك إذا تعدد الدائن ، فالأصل أيضا أن ينقسم الالتزام على المدينين ، إلا إذا كان غير قابل للانقسام ، فعندئذ يستطيع كل دائن أن يطالب المدين بالدين كله ، حتى لو لم يقم تضامن بين الدائنين .
ومن ثم يجب تعدد المدينين أو الدائنين ، حتى تظهر الآثار التى تترتب على عدم القابلية للانقسام . وهذا ما يدعو إلى جعل عدم القابلية للانقسام وصفاً متعلقاً ، لا بمحل الالتزام ، بل بأطرافه ( [634] ) . والتعدد إما أن يوجد منذ البداية عند نشوء الالتزام وإما أن يطرأ بعد نشوء الالتزام وقبل تنفيذه ، بأن يموت الدائن أو المدين ويترك ورثة متعددين ، أو بأن يحول الدائن أو المدين جزءاً من الدين إلى محال له أو محال عليه ، فيتعدد الدائنون أو المدينون لا عن طريق الميراث بل عن طريق الحوالة .
فنستعرض إذن : ( أولا ) تعدد المدينين ( ثانياً ) تعدد الدائنين .
$ 383 $
المبحث الأول
تعدد المدينين فى الالتزام غير القابل للانقسام
214 - النصوص القانونية : تنص المادة 301 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 – إذا تعدد المدينون فى التزام غير قابل للانقسام ، كان كل منهم ملزماً بوفاء الدين كاملا " .
" 2 - وللمدين الذى وفى بالدين حق الرجوع على الباقين ، كل بقدر حصته ، إلا إذا تبين من الظروف غير ذلك ( [635] ) " .
$ 384 $
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 116 / 172 ( [636] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 301 - وفى التقنين المدنى الليبى المادة 228 – فوى التقنين المدنى العراقى المادة 337 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 71 و 73 – 74 و 77 - 78 ( [637] ) .
$ 385$
وحتى نقابل ما بين تعدد المدينين فى الالتزام القابل للانقسام والتضامن بين المدينين ، نجرى فى البحث هنا على الخطة التى جرينا عليها هناك ، فنبحث فى الالتزام غير القابل للانقسام : ( 1 ) علاقة الدائن بالمدينين . ( 2 ) وعلاقة المدينين بعضهم ببعض .
المطلب الأول
علاقة الدائن بالمدينين
215 - المبادئ الأساسية : فى علاقة الدائن بالمدينين يكون للالتزام غير القابل للانقسام محل واحد لا يتجزأ . فوحدة المحل يشترك فيها الالتزام غير القابل للانقسام والالتزام التضامنى ، ولكن الأول يزيد على الثانى فى أن هذا المحل الواحد غير قابل للتجزئة .
ويترتب على فكرة وحدة المحل وعدم قابليته للتجزئة ما يأتى :
أولا - فيما يتعلق بالوفاء يستطيع الدائن أن يطالب أيا من المدينين المتعددين بالدين كله ، فإنه دين واحد غير قابل للتجزئة .
ثانياً - وفيما يتعلق بأسباب انقضاء الالتزام الأخرى غير الوفاء ، إذا انقضى الالتزام بأى سبب منها بالنسبة إلى أحد المدينين المتعددين ، فإنه – نظراً لوحدة الالتزام وعدم قابليته للتجزئة – ينقضى بالنسبة إلى الآخرين ، وقد رأينا فى التضامن أن ينقضى بقدر حصة من قام به سبب انقضاء الالتزام .
$ 386 $
ثالثا – ولما كان المدينون المتعددون فى الالتزام غير القابل للانقسام لا يربطهم بعضهم ببعض إلا أن المحل واحد غير قابل للتجزئة ، فهذه رابطة ترجع إلى طبيعة الأشياء ولا تقوم على أساس من النيابة التبادلية ، ومن ثم لا يترتب فى عدم القابلية للانقسام ما كان يترتب فى التضامن على النيابة التبادلية ( [638] ) .
ونتناول بالبحث كل مبدأ من هذه المبادئ الثلاثة .
216 - انقضاء الالتزام غير القابل للانقسام بالوفاء – إمكان الدائن مطالبة أى مدين بالالتزام كله : يجوز للدائن أن يطالب أى مدين بالالتزام غير القابل للانقسام ، فإن محل هذا الالتزام واحد لا يتجزأ ، فأى مدين من المدينين المتعددين تعتبر ذمته مشغولة بالنسبة إلى الدائن بكل الالتزام ( [639] ) . $ 387 $ وكذلك يجوز لأى مدين أن يفى بكل الالتزام للدائن ، ويجبر الدائن على قبول هذا الوفاء ، ولا يستطيع أن يقتصر على قبول حصة المدين فى الالتزام إذا أراد هذا أن يفى بكل الالتزام . ومتى وفى المدين الالتزام كله للدائن . برئت ذمة المدينين الآخرين نحو الدائن بهذا الوفاء .
وإذا طالب الدائن أحد المدينين المتعددين بكل الدين على الوجه الذى قدمناه ، كان لهذا المدين أن يدخل فى الدعوى باقى المدينين حتى يحكم عليهم جميعاً بالدين ، إذا كان الالتزام يمكن لأى مدين تنفيذه ، أو كان لا يمكن تنفيذه غلا بوساطتهم جميعاً . وحتى إذا كان المدين المطالب بالدين هو وحده الذى يمكن استيفاء الدين منه ، كان له أيضاً أن يدخل بقية المدينين فى الدعوى ، حتى يستصدر عليهم أحكاما برجوعه على كل منهم بحصته فى الدين ( [640] ) .
ولكل مدين أن يدفع مطالبة الدائن له بكل الدين بأوجه الدفع الخاصة به وبأوجه الدفع المشتركة بين المدينين جميعاً ، كما فى التضامن . ولكن ، كما فى التضامن أيضا ، لا يجوز له أن يدفع هذه المطالبة بأوجه الدفع الخاصة بمدين آخر غيره فيجوز إذن للمدين أن يدفع بأنه كان نقص الأهلية وقت عقد الدين ، أو أن إرادته قد شابها عيب من غلط أو تدليس أو إكراه ، وهذه أوجه دفع خاصة به . ويجوز له أيضاً أن يدفع بأن الدين قد انقضى بسبب $ 388 $ من أسباب الانقضاء أو أنه باطل لسبب من أسباب البطلان ، أو أنه لم يحل أجله أو يتحقق شرطه ، وهذه أوجه دفع مشتركة بين المدينين . ولا يجوز للمدين أن يدفع بنقص أهلية أو غلط أو تدليس أو إكراه قام بمدين آخر غيره ، فإن هذه أوجه دفع خاصة بغيره من المدينين .
وإذا مات أحد المدينين ، فإن الدين لا ينقسم على ورثته كما كان فى التضامن ( [641] ) ، ويكون كل وارث مسئولا عن الدين بأكمله . ولسنا فى حاجة إلى هذا الحكم إذا طبقنا فى الميراث أحكام الشريعة الإسلامية ( [642] ) ، فإن هذه الأحكام تجعل التركة لا الورثة مسئولة عن الديون ، فيصبح الدين غير قابل للتجزئة سواء كان فى أصله قابلا أو غير قابل للانقسام ( [643] ) .
هذا ويلاحظ أنه إذا استحال محل الالتزام غير القابل للانقسام إلى تعويض نقدى ، أصبح الالتزام قابلا للانقسام ، وينقسم فعلا على المدينين المتعددين ، فقد زالت العقبة التى كانت تحول دون انقسام الدين . أما فى التضامن فيبقى الدين ، حتى لو استحال إلى تعويض نقدى ، غير منقسم وتجوز مطالبة أى مدين بكل التعويض . وإذا كان التعويض مقدراً فى شرط جزائى ، فإنه ينقسم كذلك فى الالتزام غير القابل للانقسام على المدينين المتعددين كما ينقسم التعويض الذى يقدره القاضى ، إلا أنه إذا كان أحد المدينين هو الذى صدر منه خطأ فى الإخلال بالالتزام كان مسئولا عن الشرط الجزائى بأجمعه ، أما الباقون فينقسم عليهم الشرط الجزائى ( أنظر م 1232 و 1233 مدنى فرنسى ( [644] ) ) .
$ 389 $
217 - انقضاء الالتزام غير القابل للانقسام بغير الوفاء : ولما كان محل الالتزام غير قابل للتجزئة كما قدمنا ، فإن انقضاء الالتزام بأى سبب آخر غير الوفاء ، ولو بالنسبة إلى أحد المدينين ، يجعله منقضياً بالنسبة إلى المدينين الآخرين .
فإذا قام أحد المدينين بقضاء الالتزام عن طريق التجديد ، انقضى الالتزام بالنسبة إليه وبالنسبة إلى المدينين الآخرين .
وإذا وقعت مقاصة بين الدائن وأحد الدائنين ، فانقضى الالتزام بالمقاصة بالنسبة إلى هذا المدين ، انقضى أيا بالنسبة إلى باقى المدينين ويستطيع أى من هؤلاء أن يدفع مطالبة الدائن له بالمقاصة التى وقعت مع المدين الأول ، وذلك فى كل الدين ، لا بمقدار حصة المدين الأول فقط كما هو الحكم فى التضامن .
وإذا أتحدث ذمة الدائن بذمة أحد المدينين ، انقضى الدين كله ، لا بالنسبة إلى هذا المدين وحده ، بل أيضاً بالنسبة إلى جميع المدينين . وكان هؤلاء ، فى التضامن ، لا يحتجون باتحاد الذمة إلا بمقدار حصة من أتحدث ذمته فقط .
وإذا أبرأ الدائن أحد المدينين من الالتزام غير قابل للانقسام ، برئت ذمة المدينين الآخرين ، لأن طبيعة الالتزام لا تحتمل أن تبرأ منه ذمة مدين دون ذمة مدين آخر ما دام الالتزام غير قابل للتجزئة .
وكذلك إذا تقادم الدين غي المتجزئ بالنسبة إلى أحد المدينين المتعددين ، تقادم أيضا بالنسبة إلى المدينين الآخرين . أما فى التضامن فان كلا من المدينين المتضامنين لا يحتج بالتقادم الحاصل لغيره . إلا بمقدار حصة هذا المدين فقط ( [645] ) .
$ 390 $
218 - عدم قيام نيابة تبادلية بين المدينين فى الالتزام غير القابل للانقسام : ولما كانت الرابطة التى تربط ما بين المدينين المتعددين فى التزام غير قابل للانقسام هى وحدة المحل غير القابل للتجزئة ، فليس يقوم بينهم ، كما يقوم فى التضامن ، نيابة تبادلية ، لا فيما يضر ولا فيما ينفع . ويترتب على ذلك ما يأتى :
( 1 ) انقطاع التقادم أو وقفه : إذا انقطع التقادم أو ووقف بالنسبة إلى أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام ، فإن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضى أن ينقطع التقادم أو يقف بالنسبة إلى المدينين الآخرين ( [646] ) . أما فى التضامن ، فلا ينقطع التقادم أو يقف كما قدمنا ، لانعدام النيابة التبادلية بين المدينين المتضامنين فيما يضر .
( 2 ) خطأ خطأ أحد المدينين : وخطأ أحد المدينين المتعددين فى التزام غير قابل للانقسام لا يتعدى أثره إلى المدينين الآخرين ، بل يقتصر على المدين الذى ارتكب الخطأ فهو وحده يكون مسئولا عنه . وهذا الحكم إنما يترتب على أن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضى أن يتعدى أثر الخطأ الصادر من أحد المدينين إلى المدينين الآخرين ( [647] ) . وهذا هو الحكم أيضا فى التضامن ، إلا أنه $ 391 $ يقوم هناك على أن النيابة التبادلية بين المدينين المتضامنين لا أثر لها فيما يضر المدينين ، كما تقدم القول .
( 3 ) الأعذار والمطالبة القضائية : وإذا أعذر الدائن أحد المدينين المتضامنين فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فإن هذا الأعذار لا يسرى فى حق المدينين الآخرين ولا يعتبرون معذرين ، إذ لا توجد نيابة تبادلية فيما بينهم ولا تقتضى طبيعة المحل غير القابل للتجزئة أن يكون أعذار أحد المدينين أعذارا للباقين ( [648] ) وإذا أعذر أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام الدائن ، لم يفد هذا الأعذار المدينين الآخرين ، لانعدام النيابة التبادلية حتى فيما ينفع ، ولعدم اقتضاء طبيعة المحل غير القابل للتجزئة هذا الحكم ( [649] ) وقد رأينا فى للتضامن أن أعذار الدائن لأحد للدينين المتضامنين لا يكون أعذار للباقين لعدم قيام النيابة التبادلية فيما يضر ، ورأينا أن أعذار أحد المدينين المتضامنين للدائن يفيد المدينين الآخرين لقيام النيابة التبادلية فيما ينفع .
ومطالبة الدائن لأحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام مطالبة قضائية لا تضر المدينين الآخرين ولا تجعل الفوائد تسرى عليهم ( [650] ) ، لانعدام النيابة التبادلية ، ولأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضى هذا الحكم ( [651] ) . وقد رأينا فى التضامن كذلك أن مطالبة أحد المدينين المتضامنين لا تضر بالباقين ، ولكن يرجع السبب فى هذا إلى أن النيابة التبادلية فى التضامن لا تقوم فيما يضر .
( 4 ) الصلح : وإذا صالح أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام الدائن ، فإن كان فى الصلح إبراء من الدين ، أفاد منه المدينون الآخرون . $ 392 $ ولكن ليس ذلك لأن هناك نيابة تبادلية فيما ينفع كما هو الأمر فى التضامن ، بل لأن الإبراء من الدين وهو غير قابل للتجزئة يتضمن إبراء ذمة المدينين الآخرين ( [652] ) .
وإذا كان الصلح يتضمن زيادة الالتزام أو تسوئه مركز المدين ، لم يتعد أثره إلى المدينين الآخرين إلا إذا قبلوه ، لأن الصلح عقد يقتصر أثره على المتعاقدين ، ولأن طبيعة المحل غير القابل $ 393 $ للتجزئة لا تقتضى أن يتعدى أثر الصلح إلى المدينين الآخرين . وهذا هو الحكم أيضاً فى التضامن ، ولكنه مبنى على انعدام النيابة التبادلية فيما يضر كما قدمنا ( [653] ) .
( 5 ) الإقرار : وإذا أقر أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام ، فإن إقراره لا يتعدى أثره إلى المدينين الآخرين ، لأن الإقرار حجة قاصرة على المقر ، ولأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضى أن يسرى الإقرار فى حق المدينين الآخرين . وهذا هو الحكم أيضا فى التضامن ، ولكنه مبنى على انعدام النيابة التبادلية فيما يضر كما رأينا .
وإذا أقر الدائن لأحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام ، فإن كان الإقرار غير متعلق بأمر خاص بهذا المدين بل يتناول الدين ذاته ، فإنه يسرى فى حق المدينين الآخرين ، وذلك لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضى ذلك ( [654] ) . وهذا هو الحكم أيضا فى التضامن ، ولكنه مبنى على قيام نيابة تبادلية بين المدينين المتضامنين فيما ينفع .
( 6 ) اليمين : وإذا وجه الدائن اليمين إلى أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام فحلفها ، وكان اليمين يتعلق بالدين ذاته ، فإن المدينين الآخرين يفيدون من ذلك ، ولكن ليس للسبب الذى ذكرناه فى التضامن من أن هناك نيابة بين المدينين المتضامنين فيما ينفع ، ولكن لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضى هذا الحكم . وإذا نكل المدين ، فإن نكوله يكون إقراراً ، وقد قدمنا أن الإقرار لا يتعدى أثره إلى المدينين الآخرين ( [655] ) .
وإذا وجه أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام اليمين إلى الدائن فحلف ، فإن توجيه اليمين لا يضر بالمدينين الآخرين لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضى أن يضر توجيه اليمين بالمدينين الآخرين ، وقد رأينا أن السبب فى التضامن يرجع إلى عدم قيام النيابة التبادلية فيما يضر . وإذا نكل الدائن ، انتفع بنكوله المدينون الآخرون ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضى ذلك ، لا لقيام نيابة تبادلية بين المدينين فيما ينفع كما هو الأمر فى التضامن ( [656] ) .
( 7 ) الحكم : وإذا صدر حكم على أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام ، وكان الحكم مبنياً على أسباب ترجع إلى الدين ذاته ، فإن أثر الحكم يسرى فى حق المدينين الآخرين ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضى ذلك . وقد رأينا فى التضامن أنه إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين ، لم يحتج بهذا الحكم على الباقين ، وذلك راجع إلى انعدام النيابة التبادلية فيما يضر . هذا وإذا كان الحكم على المدين فى الالتزام غير القابل للانقسام مبنياً على أسباب خاصة بهذا المدين ، فإن أثر الحكم لا يسرى فى حق الباقين ، إذ لا تقضى طبيعة المحل سريانه فى حقهم ( [657] ) .
وإذا صدر الحكم لصالح أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام ، أمكن الباقين أن يحتجوا به ، لأن هذا هو ما تقتضيه طبيعة المحل غير القابل للتجزئة وهذا هو أيضاً شأن التضامن ، ولكن ذلك يرجع إلى قيام نيابة تبادلية بين المدينين فيما ينفع كما سبق القول ( [658] ) .
$ 394 $
المطلب الثانى
علاقة المدينين بعضهم ببعض
219 - انقسام الدين على المدينين : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 301 مدنى تقضى بأن " للمدين الذى وفى بالدين حق الرجوع على الباقين ، كل بقدر حصته ، إلا إذا تبين من الظروف غير ذلك " . ولما كان الدين الذى وفاه أحد المدينين للدائن غير قابل للانقسام فرضاً ، فإن رجوع المدين على المدينين الآخرين كل بقدر حصته لا يكون بنفس الدين ، فإنه غير قابل للانقسام ، ولكن بدين شخصى مصدره الوكالة أو الفضالة كما قدمنا فى التضامن . وحتى إذا رجع المدين بنفس الدين بمقتضى دعوى الحلول ، فإن الدين فى علاقة المدينين بعضهم ببعض يصبح قابلا للانقسام ، فإن استعصت طبيعته على التجزئة كان رجوع المدين بحصة فى قيمة الدين لا بصحة فى عينه .
220 - تعيين حصة كل مدين : ويتبع فى تعيين حصة كل مدين ، فر رجوع المدين الذى وفى الدين على باقى المدينين ، القواعد الذى قدمناها فى التضامن . فالأصل أن حصص المدينين جميعاً متساوية ، ما لم يوجد هناك اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .
$ 395 $
وقد يتبين من الظروف – كما تقول العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 301 مدنى – أن أحد المدينين هو وحده صاحب المصلحة فى الدين ، فيتحمله وحده . فإن كان هو الذى رجع عليه الدائن بكل الدين ، فلا رجوع له على أحد من المدينين الآخرين . وإن كان الدائن قد رجع على غيره ، فإن هذا المدين الأخير الذى وفى الدين يرجع به كله على الدائن صاحب المصلحة فيه دون أن يرجع بشىء على الباقين . وقد تقدم تفصيل ذلك فى التضامن .
221 - إعسار أحد المدينين : كذلك إذا أعسر أحد المدينين فى دين غير قابل للانقسام ، فإن المدينين الباقين يتحمل كل منهم نصيباً فى هذا الإعسار بنسبة حصته فى الدين ، كما رأينا فى التضامن .
فإذا كان محل الالتزام فرساً مثلا ، وأداه للدائن أحد المدينين ، فإنه يرجع على كل مدين آخر بحصته فى قيمة الفرس . فإذا كانت قيمته ستين ، وكان المدينون أربعة حصصهم متساوية ، وأدى الفرس للدائن أحد هؤلاء الأربعة ، فإنه يرجع على كل من المدينين الثلاثة الآخرين بخمسه عشر مقدار حصته فى الدين . فإذا كان أحد الثلاثة معسراً ، تحمل سائر المدينين هذا الإعسار كل بنسبة حصته . فيرجع المدين الذى أدى الفرس للدائن على كل من المدينين الاثنين غير المعسرين بعشرين ، ويتحمل هو العشرين الباقية مثلهما ، ويكون الثلاثة قد اشتركوا فى تحمل حصة المعسر بقدر متساو ( [659] ) .
$ 396 $
المبحث الثانى
تعدد الدائنين فى الالتزام غير القابل للانقسام
222 - النصوص القانونية : تنص المادة 302 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا تعدد الدائنون فى التزام غير قابل للانقسام ، أو تعدد ورثة الدائن فى هذا الالتزام ، جاز لكل دائن أو وراث أن يطالب بأداء الالتزام كاملا . فإذا أعترض أحد الدائنين أو الورثة على ذلك ، كان المدين ملزما بأداء الالتزام للدائنين مجتمعين أو إيداع الشىء محل الالتزام " .
" 2 - ويرجع الدائنون على الدائن الذى استوفى الالتزام ، كل بقدر حصته " ( [660] ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 302 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 298 - وفى التقنين المدنى العراقى المادة 338 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 72 ( [661] ) .
$ 397 $
ونبحث هنا أيضا ، كما بحثنا فى التضامن بين الدائنين ، علاقة الدائنين بالمدين ثم علاقة الدائنين بعضهم ببعض .
المطلب الأول
علاقة الدائنين بالمدين
223 - المبادئ الأساسية : فى علاقة الدائنين بالمدين يراعى ، هنا أيضاً ، أن الالتزام غير القابل للانقسام له محل واحد لا يتجزأ . ويترتب على فكرة وحدة المحل وعدم قابليته للتجزئة ما يأتى :
أولا - يستطيع أى دائن أن يطالب المدين بكل الدين ، فإنه دين غير قابل للتجزئة . فإذا عارض أحد الدائنين ، وجب على المدين إما الوفاء للكل مجتمعين أو إيداع الشىء محل الالتزام على ذمة الدائنين .
ثانيا - إذا انقضى الالتزام بالنسبة إلى أحد الدائنين بسبب آخر غير الوفاء ، فنظراً لوحدة المحل وعدم قابليته للتجزئة كان ينبغى أن ينقضى الالتزام أيضاً بالنسبة إلى سائر الدائنين . ولكن لما كان للدائنين أن يعارضوا فى استيفاء أحدهم للدين كله ، فسنرى أنه لا يحتج عليهم بسبب الانقضاء إلا بمقدار حصة من قام به هذا السبب على تفصيل سنورده فيما يلى :
ثالثا - لا تقوم بين الدائنين المتعددين فى الالتزام غير القابل للانقسام نيابة تبادلية ، كما تقوم هذه النيابة بين الدائنين المتضامنين . وإنما الذى يربط الدائنين $ 398 $ بعضهم ببعض هى وحدة محل الالتزام غير القابل للتجزئة . فهذا الاعتبار - لا النيابة التبادلية – هو الذى نفق عنده .
224 - انقضاء الالتزام غير القابل للانقسام بالوفاء - إمكان أى دائن مطالبة المدين بالالتزام كله : يجوز لأى دائن من الدائنين المتعددين فى دين غير قابل للانقسام أن يطالب المدين بالدين كاملا ، فإن الالتزام محله واحد لا يتجزأ ، فيعتبر المدين قد انشغلت ذمته به كله نحو أى دائن ( م 302 / 1 مدنى ) . ويستطيع المدين أن يفى بالدين كله لأى دائن من الدائنين المتعددين . ومتى وفى المدين الدين كله لأحد الدائنين ، فإن ذمته تبرأ من الدين نحو الباقين .
ولكن يلاحظ هنا – كما هى الحال فى التضامن الإيجابى – أنه يجوز لأى دائن أن يعترض على أن يوفى المدين بكل الدين لدائن آخر . وتتبع فى شكل الاعتراض وحكمه القواعد التى أسلفناها فى التضامن الإيجابى . ومتى وقع الاعتراض صحيحاً ، فإنه يتعين على المدين ، إذا أراد أن يكون الوفاء مبرئاً لذمته نحو كل الدائنين أن يفى بالدين للكل مجتمعين . فا ، تعذر عليه ذلك ، وجب أن يودع الشىء محل الالتزام على ذمتهم جميعاً ، وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً .
وإذا مات أحد الدائنين المتعددين فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فإن كان عدم القابلية للانقسام يرجع إلى الاتفاق ، انقسم الدين على ورثة هذا الدائن ، لأن عدم القابلية للانقسام إنما تقررت اتفاقا لمصلحة الدائن ، وقد زالت هذه المصلحة بموته فأصبح من مصلحة ورثته أن ينقسم الدين عليهم ( [662] ) . أما إذا كان عدم القابلية للانقسام يرجع إلى طبيعة المحل ، فالدين بطبيعته يستعصى على أن ينقسم على الورثة ، فيبقى غير قابل للانقسام بالنسبة إلى ورثة كل دائن كما هو غير قابل للانقسام بالنسبة إلى الدائنين جميعاً . وقد نص التقنين المدنى $ 399 $ صراحة على عدم الانقسام بالنسبة إلى ورثة الدائن إذا تعدد الدائنون ، وأغفل النص على عدم الانقسام بالنسبة إلى ورثة المدين إذا تعدد المدينون . والسبب فى ذلك أن قواعد الشريعة الإسلامية فى الميراث تغنى عن النص فى الحالة الأخيرة كما قدمنا ، فان تركة المدين تكون هى المسئولة عن التزامه ، فيبقى الالتزام غير قابل للانقسام حتى لو تعددت ورثة المدين . أما فى الالتزام غير القابل للانقسام إذا تعدد الدائنون ، فقواعد الشريعة الإسلامية فى الميراث لا تغنى عن النص ، فإن هذه القواعد لا تمنع من انقسام حقوق التركة على الورثة فإذا مات الدائن وترك ورثة متعددين ، فان الالتزام الذى له كان من الممكن أن ينقسم على ورثته ، لولا عدم قابليته للانقسام بطبيعته فطبيعة الالتزام هى التى منعت من انقسامه وليست قواعد الميراث ، ومن هنا وجد النص على عدم الانقسام بالنسبة إلى الورثة فى حالة تعدد الدائنين ، ولم يوجد فى حالة تعدد المدينين .
ويلاحظ أن الالتزام غير القابل للانقسام بطبيعته قد يوجد منذ البداية وله دائنون متعددون ، وهذا ما افترضناه حتى الآن . فإذا مات أحد هؤلاء الدائنين وترك ورثة متعددين ، بقى الالتزام غير قابل للانقسام لا بالنسبة إلى كل من الدائنين الأصليين فحسب ، بل أيضا بالنسبة إلى كل وارث من ورثة الدائن الذى مات . وقد يكون الالتزام غير القابل للانقسام بطبيعته له دائن واحد فى بداية الأمر ، فلا تظهر أهمية عدم القابلية للانقسام ما دام هذا الدائن حيا ، فان الالتزام حتى لو كان قابلا للانقسام يكون تنفيذه غير قابل للانقسام ما دام كل من الدائن والمدين واحد كما مر القول . لكن إذا مات هذا الدائن الواحد وترك ورثة متعددين ، ظهرت الأهمية لعدم القابلية للانقسام ، إذ لا ينقسم الالتزام على ورثة الدائن ، بل يستطيع كل وارث أن يطالب المدين بالالتزام كله ، كما يستطيع المدين أن يوفيه كله لأى وراث .
وإذا طالب أى دائن المدين فى دين غير قابل للانقسام بكل الدين ، فإن المدين يستطيع أن يدفع هذه المطالبة بأوجه الدفع المشتركة بين الدائنين جميعاً ، وكذلك بأوجه الدفع الخاصة بهذا الدائن الذى يطالبه ، ولا يستطيع أن يدفع بأوجه الدفع الخاصة $ 400 $ بدائن آخر ، وذلك على الوجه الذى قدمناه فى التضامن الإيجابى ( [663] ) .
وإذا استحال الالتزام غير القابل للانقسام إلى تعويض نقدى ، زالت العقبة التى كانت حول دون انقسامه ، فينقسم فى هذه الحالة على الدائنين المتعددين كما هى الحال فى الالتزام غير القابل للانقسام إذا تعدد المدينون فيما قدمنا ، وخلافاً لما هى الحال فى التضامن الايجابى فإن التعويض النقدى لا ينقسم على الدائنين المتضامنين .
225 - انقضاء الالتزام غير القابل للانقسام بغير الوفاء : لو كان لأى دائن فى الالتزام غير القابل للانقسام أن يطالب باستيفاء الدين كاملا رغ معارضة أى دائن آخر ، لوجب القول هنا - كما قلنا فى الالتزام غير القابل للانقسام عند تعدد المدينين – أن انقضاء الدين بسبب غير الوفاء ولو بالنسبة إلى أحد الدائنين ، يجعله منقضياً بالنسبة إلى الباقى . ولكننا رأينا أنه لا يجوز لأى دائن أن يطالب باستيفاء الدين كاملا ، إذا عارض فى ذلك دائن آخر . ومن ثم إذا انقضى الدين بسبب غير الوفاء بالنسبة إلى أحد الدائنين ، فإن هذا السبب لا يحتج به على الدائنين الآخرين إذا عارضوا فيه إلا بقدر حصة هذا الدائن الذى قام به سبب الانقضاء . فإذا جدد أحد الدائنين الدين ، أو اتحدت ذمته مع المدين ، أو وقعت معه مقاصة ، أو صدر منه إبراء ، أو اكتمل التقادم بالنسبة إليه ، فإن شيئاً من هذا لا يحتج به على الدائنين الآخرين . وليس للمدين أن يتمسك ضد هؤلاء الدائنين بالتجديد أو باتحاد الذمة أو بالمقاصة أو بالإبراء أو بالتقادم ، إلا بقدر حصة الدائن الذى قام به هذا السبب . ولكن لما كان المدين لا يستطيع إلا أن يفى بالدين كله ، إذ الدين غير قابل للتجزئة ، فهو إذا طالبة دائن آخر ، لا يجد بداً من أن يؤدى له الدين كله ، على أن يرجع عليه بما يعادل حصة الدائن الذى قام به سبب الانقضاء ( [664] ) . ثم يرجع $ 401 $ المدين ، بعد ذلك ، على الدائن الذى قام به سبب الانقضاء بما حصل عليه هذا زيادة على حصته .
226 - عدم قيام نيابة تبادلية بين الدائنين فى الالتزام غير القابل للانقسام : فى الدين غير القابل للانقسام لا يربط الدائنين إذا تعددوا – كما لا يربط المدينين إذا تعددوا – نيابة تبادلية ، ولا يرتبطون إلا بوضع طبيعى هو عدم قابلية الدين للانقسام . ويترتب على ذلك نتائج مشابهة لتلك التى رتبناها على عدم قابلية الانقسام عند تعدد المدينين ، ونوجزها فيما يلى :
(1) انقطاع التقادم أو وقفه : إذا قطع أحد الدائنين التقادم على المدين ، أو وقف التقادم بالنسبة إلى أحد الدائنين ، انتفع بذلك سائر الدائنين ، وأعتبر التقادم مقطوعاً أو موقوفاً بالنسبة إليهم ( [665] ) . وهذا هو أيضاً الحكم فى التضامن الإيجابى فيما يتعلق بانقطاع التقادم ، إلا أن علة هذا الحكم فى عدم القابلية للانقسام هى طبيعة الأشياء ، لأن الالتزام غير القابل للانقسام لا يتصور أن ينقطع التقادم فيه أو يقف بالنسبة إلى دائن دون آخر . وأما علة الحكم فى التضامن الإيجابى ، فقيام النيابة التبادلية بين الدائنين المتضامنين فيما ينفع .
(2) خطأ أحد الدائنين : وإذا ارتكب أحد الدائنين خطأ استوجب مسئوليه ، فإن أثر هذا الخطأ لا يتعدى إلى غيره من الدائنين ، ذلك لأن طبيعة $ 402 $ المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضى أن يتعدى أثر الخطأ إلى دائن آخر . وهذا هو الحكم أيضا فى التضامن الإيجابى ، ويرجع إلى انعدام النيابة التبادلية فيما يضرز
(3) الإعذار والمطالبة القضائية : وإذا أعذر أحد الدائنين المدين ، لم يكن المدين معذراً بالنسبة إلى الدائنين الآخرين ، لأن عدم القابلية للانقسام لا تقتضى ذلك حتما ( [666] ) . أما فى التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أن أعذار أحد الدائنين للمدين يجعل المدين معذراً بالنسبة إلى الباقين ، لقيام النيابة التبادلية فيما ينفع وأعذار المدين لأحد الدائنين المتعددين فى دين غير قابل للانقسام لا يسرى أثره فى حق الدائنين الآخرين ، لأن هذا السريان لا يقتضيه حتما طبيعة المحل غير القابل التجزئة . وهذا هو الحكم أيضا فى التضامن الإيجابى لسبب آخر ، هو انعدام النيابة التبادلية فيما يضر .
وإذا طالب أحد الدائنين فى التزام غير قابل للانقسام المدين مطالبة قضائية ، فان هذه المطالبة لا يسرى أثرها فى حق الدائنين الآخرين ( [667] ) . لأن مد هذا الأثر إلى هؤلاء لا تقتضيه حتما طبيعة المحل غير القابل للتجزئة . والحكم عكس ذلك فى التضامن الإيجابى ، فمطالبة أحد الدائنين للمدين يسرى أثرها بالنسبة إلى باقى الدائنين ، لقيام النيابة التبادلية فيما ينفع .
( 4 ) الصلح : وإذا صالح المدين أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام وتضمن الصلح إضراراً بحقوق الدائنين الآخرين ، لم يسر عليهم الصلح ، لأن هذا السريان لا تقتضيه طبيعة المحل غير القابل للتجزئة ، ولأن الصلح عقد يقتصر أثره على من كان طرفاً فيه . وهذا هو الحكم أيضا فى التضامن الإيجابى ، ولكن لسبب آخر هو انعدام النيابة التبادلية فيما يضر .
وإذا تضمن الصلح فائدة للدائنين الآخرين فى دين غير قابل للانقسام ، لم ينتفعوا بذلك لأنهم لم يكونوا أطرافاً فى هذا الصلح إلا إذا كان الدائن الذى $ 403 $ عقد الصلح قد اشترط لمصلحتهم فتطبق قواعد الاشتراط لمصلحة الغير . أما فى التضامن الإيجابى فالدائنون الآخرون يفيدون من الصلح ، على أساس قيام نيابة تبادلية فيما ينفع .
( 5 ) الإقرار : وإذا أقر أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام ، فإن إقراره لا يتعدى أثره إلى سائر الدائنين ، إذ أن هذا التعدى لا تقتضيه طبيعة المحل غير القابل للتجزئة ، ولأن الإقرار حجة قاصة على المقر . وهذا هو الحكم أيضا فى التضامن الإيجابى ، ولكن لسبب آخر هو انعدام النيابة التبادلية فيما يضر .
وإذا أقر المدين لأحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام ، وكان الإقرار يتناول الدين ذاته ، فإن طبيعة المحل غر القابل للتجزئة تقتضى أن يتعدى أثر الإقرار إلى سائر الدائنين فينتفعوا به ( [668] ) . وهذا هو الحكم أيضا فى التضامن الإيجابى ، ولكن لقيام نيابة تبادلية فيما ينفع .
( 6 ) اليمين : وإذا وجه أحد الدائنين فى دين غير قابل الانقسام اليمين للمدين فحلفها ، لم يتعد أثر ذلك إلى سائر الدائنين ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضيه . وهذا هو الحكم أيضا فى التضامن الإيجابى ، لانعدام النيابة التبادلية فيما يضر . أما إذا نكل المدين فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فان نكوله يكون بمثابة إقرار ، فان كان متعلقا بالدين ذاته تعدى أثره إلى سائر الدائنين ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضى ذلك ( [669] ) . والنكول فى التضامن الإيجابى يفيد سائر المدينين ، لقيام النيابة التبادلية فيما ينفع .
وإذا وجه المدين اليمين إلى أجد الدائنين فى دين غي قابل للانقسام فحلها ، وكانت الواقعة متعلقة بالدين ذاته ، فان الحلف يتعدى أثره إلى سائر الدائنين ، لأن هذا هو ما تقتضيه طبيعة المحل غير القابل للتجزئة . وهذا هو أيضا الحكم فى التضامن الإيجابى ، ولكن لقيام النيابة التبادلية فيما ينفع . أما إذا نكل الدائن $ 404 $ فى دين غير قابل للانقسام ، فان نكوله يكون بمثابة إقرار لا يتعدى أثره إلى سائر الدائنين ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضيه ، ولأن الإقرار حجة قاصرة على المقر ( [670] ) . وهذا هو أيضا الحكم فى التضامن الإيجابى ، ولكن لانعدام النيابة التبادلية فيما يضر .
( 7 ) الحكم : وإذا صدر حكم على أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام : فإن هذا الحكم يحتج به فى حق الدائنين الآخرين ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضى ذلك
( [671] ) . أما فى التضامن الإيجابى ، فإن هذا الحكم لا يسرى فى حق الدائنين الآخرين ، لانعدام النيابة التبادلية فيما يضر .
وإذا كان الحكم الذى صدر هو لصالح أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام ، فإن سائر المدينين يفيدون منه ، لأن هذا هو ما تقتضيه طبيعة المحل غير القابل للتجزئة ، إلا إذا كان الحكم مبينا على سبب خاص بالمدين الذى صدر الحكم لصالحه ( [672] ) . وهذا هو أيضا شأن التضامن الإيجابى ، ولكن لقيام نيابة تبادلية فيما ينفع ( [673] ) .
المطلب الثانى
علاقة الدائنين بعضهم ببعض
227 - انقسام الدين على الدائنين : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 302 مدنى تقضى بأن يرجع الدائنون ، كل بقدر حصته ، على الدائن الذى استوفى الالتزام . والرجوع هنا – كالرجوع فى التضامن وكالرجوع فى عدم $ 405 $ القابلية للانقسام عند تعدد المدينين - يكون إما بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول . وإذا كان عدم القابلية للانقسام يرجع إلى طبيعة المحل فإن الدين ينقسم حصصاً بين الدائنين لا فى عينه بل فى قيمته .
228 - تعيين حصة كل دائن : وتتعين حصة كل دائن وفقا للقواعد التى أسلفناها فى التضامن وفى عدم القابلية للانقسام عند تعدد المدينين . فالأصل هو تساوى الحصص بين الدائنين ، إلا إذا وجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .
وقد يكون أحد الدائنين هو صاحب المصلحة وحده فى الدين ، ويكون الباقون وكلاء عنه فى القبض . فعند ذلك يستقل هذا الدائن بكل الدين فى علاقته بالدائنين الآخرين . فإن كان هو الذى استوفى الدين كله ، فلا يرجع عليه بشىء أحد من الدائنين الآخرين . وان كان غيره هو الذى استوفى الدين ، رجع هو عليه بالدين كله دون أن يشاركه فى الرجوع أحد من الدائنين الآخرين .
229 - إعسار أحد الدائنين أو إعسار المدين : وإذا استوفى أحد الدائنين الدين كله ، ثم أعسر إعساراً جزئيا ، فإن هذا الإعسار يتحمله باقى الدائنين ، كما هو الأمر فى التضامن الإيجابى فيما مر . فإذا كان الدين أربعمائة بين أربعة من الدائنين بحصص متساوية ، واستوفاه أحدهم ثم أعسر بحيث لا يستطيع أن يؤدى إلا نصف ديونه ، فإن كلا من الدائنين الثلاثة الآخرين يرجع على المدين المعسر بنصف حصته أى بخمسين ( [674] ) .
وكذلك يكون الحكم لو أن المدين نفسه هو الذى أعسر ، ولم يتيسر لمن طالبه من الدائنين إلا أن يستوفى منه نصف الدين وهو مائتان ، فلا يكون لكل من الدائنين الثلاثة الآخرين أن يرجعوا على هذا الدائن إلا بنصف حصتهم أى بخمسين $ 406 $ .
$ 406 $
وهذا هو نفس الحكم الذى أوردناه فى التضامن الإيجابى ( [675] ) .
مقابلة ما بين التضامن وعدم القابلية للانقسام
230 - الموافقات والمفارقات : نوجز هنا : بعد أن فرغنا من الكلام فى التضامن وعدم القابلية للانقسام ، وجوه الموافقات ووجوه المفارقات ما بين هذين النظامين .
231 - وجوه الموافقات : ( 1 ) فى كل من النظامين تجوز مطالبة الدائن لأى مدين بكل الدين ، أو مطالبة أى دائن للمدين بكل الدين . كذلك يجوز أن يفى أى مدين بكل الدين للدائن ، أو أن يفى المدين بالدين لأى دائن .
( 2 ) فى كل من النظامين ، بعد الوفاء بالدين ، يرجع المدين الذى وفاه على باقى المدينين ، أو يرجع الدائنون الذين لم يستوفوا الدين على الدائن الذى استوفاه ، كل بقدر حصته فى الدين ، ويكون الرجوع فى جميع الأحوال بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول . وتتعين حصة كل على أساس التساوى ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك ، أو ما لم يكن أحدهم هو وحده صاحب المصلحة فى الدين . وإذا أعسر أحد منهم ، تحمل كل من الباقين نصيبه فى حصة المعسر بنسبة حصته فى الدين .
232 - وجوه المفارقات : ( 1 ) التضامن الإيجابى مصدره الاتفاق ، والتضامن السلبى مصدره الاتفاق أو القانون . أما عدم القابلية للانقسام فمصدره طبيعة المحل أو الاتفاق .
( 2 ) فى التضامن ، إذا انقضى الدين بسبب غير الوفاء ، فان كلا من $ 407 $ المدينين الآخرين أو الدائنين الآخرين لا يستفيد أو يضار من انقضاء الدين إلا بقدر حصة المدين أو الدائن الذى قام به سبب الانقضاء . أما فى عدم القابلية للانقسام عند تعدد المدينين ، فإن كلا من المدينين الآخرين يستفيد من انقضاء الدين بمقدار الدين كله . وفى عدم القابلية للانقسام عند تعدد الدائنين ، لا يستفيد المدين من انقضاء الدين بالنسبة إلى أى من الدائنين الآخرين ، ولكنه يرجع على الدائن الذى يطالبه بوفاء الدين بما يعادل حصة الدائن الذى قام به سبب الانقضاء .
( 3 ) النيابة التبادلية فى التضامن من قائمة فيما ينفع لا فيما يضر ، وهى غير قائمة أصلا - لا فيما يضر ولا فيما ينفع – فى عدم القابلية للانقسام .
(4) فى التضامن ينقسم الالتزام على الورثة ، ولا ينقسم فى عدم القابلية للانقسام .
(5) فى التضامن ، إذا استحلل الالتزام إلى تعويض نقدى ، بقى غير منقسم على المدينين المتضامنين أو على الدائنين المتضامنين . أما فى عدم القابلية للانقسام ، فإنه ينقسم على المدينين أو على الدائنين ( [676] ) .
$ 408 $
مقابلة ما بين الدين المشترك
وعدم القابلية للانقسام عند تعدد الدائنين
233 - من حيث المصدر : يتفق الدين المشترك والالتزام غير للقابل للانقسام فى أن مصدر كل منهما هو الاتفاق أو طبيعة الأشياء . ولكن الاتفاق فى الدين المشترك إنما يقع على وحدة الصفقة واشتراك الدين ، أما الاتفاق فى الالتزام غير القابل للانقسام فيقع على عدم قابلية الدين للتجزئة لا على مجرد أن يكون دينا مشتركا بين الدائنين . وكذلك طبيعة الأشياء فى الدين المشترك إنما ترجع إلى سبق الاشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين ، ولا ترجع إلى عدم قابلية الدين للتجزئة ، فإن الدين المشترك على العكس من ذلك يكون فى طبيعته قابلا للتجزئة . أما طبيعة الأشياء فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فيرجع إلى عدم قابلية الالتزام فى طبيعته للتجزئة .
234 - من حيث الآثار فى علاقة الدائنين بالمدين : فى الدين المشترك لا يطالب أى من الدائنين المدين إلا بحصته فى الدين . ولا تقوم بين الدائنين نيابة تبادلية .
أما فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فيجوز لأى من الدائنين أن يطالب المدين بكل الدين لأنه غير قابل للتجزئة ، وذلك ما لم يمانع الدائنون الآخرون فيجب عندئذ الوفاء لهم مجتمعين أو إيداع الشىء محل الدين لذمتهم جميعاً . ولكن يستوى الدين المشترك مع الالتزام غير القابل للانقسام فى عدم قيام نيابة تبادلية بين الدائنين .
235 - من حيث الآثار فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض : فى الدين المشترك ، لكل دائن أن يرجع على ما من يقبض من الدائنين حصته فى الدين $ 409 $ بنصيبه فى هذه الحصة ، وله أن يترك الحصة لمن قبضها ويطالب المدين بصحته هو . فإن كان هذا معسراً ، تحمل جميع الدائنين إعساره كل بنسبة حصته فى الدين .
أما فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فإن الدائن يستوفى كل الدين لعدم قابليته للتجزئة ، فيرجع عليه كل دائن آخر بحصته فى الدين . فالرجوع فى الالتزام غير القابل للانقسام يكون بالحصة ، أما فى الدين المشترك فيكون فى الحصة . ويستوى الدين المشترك مع الالتزام غير القابل للانقسام عند إعسار المدين ، ففى الحالتين يتحمل الدائنون جميعا هذا الإعسار كل بنسبة حصته فى الدين .
$ 412 $ القسم الثاني
انتقال الالتزام
( Transmission des Obliyations )
$ 413 $ تمهيد
1 - لمحة في التطور التاريخي لانتقال الالتزام
236 - معني انتقال الالتزام : يراد بانتقال الالتزام أن يتحول الالتزام ذاته - سواء نظر إليه باعتباره حقا شخصيا من جهة الدائن أو نظر إليه باعتباره التزاما من جهة المدين - من شخص إلي آخر : من دائن إلي دائن آخر باعتباره حقا شخصيا ، أو من مدين إلي مدين آخر باعتباره التزاما .
ويمسي تحويل الالتزام من دائن إلي دائن آخر بحوالة الحق ( cession de creance ) ، وتحويله من مدين إلي مدين آخر بحوالة الدين ( cession de dette ) فانتقال الالتزام إذن هو حوالته من دائن إلي دائن أو من مدين إلي مدين .
وسواء كانت الحوالة حوالة حق أو حوالة دين ، فإن الذي ينتقل بالحوالة هو الالتزام ذاته بجميع مقوماته وخصائصه : وصفاته وضماناته ودفوعه .
ينتقل الالتزام بجميع صفاته : فلو كان التزاما تجاريا ، أو كان التزاما قابلا للتنفيذ بأن كان مستنداً إلي حكم قضائي أو إلي سند رسمي ، أو كان التزاماً تضامنيا أو غير قابل للانقسام ، أو كان التزاما ينتج للدائن فوائد ، أو نحو ذلك ، فإنه ينتقل إلي الدائن الآخر أو إلي المدين الآخر بهذه الصفات ذاتها .
وينتقل الالتزام بجميع ضماناته : فلو كان التزاما مضمونا برهن رسمي ، أو بحق اختصاص ، أو برهن حيازة ، أو بحق امتياز ، أو بكفالة شخصية ، فإنه ينتقل إلي الدائن الآخر أو إلي المدين الآخر مع التأمين الذي يضمنه . غير أن الكفالة – شخصية كانت أو عينية - لا تنتقل ، فيما يتعلق بحوالة الدين ، إلا برضاء الكفيل كما سنري .
وينتقل الالتزام بجميع الدفوع التي ترد عليه : فلو كان المدين يستطيع أن يدفع الالتزام بسبب من أسباب البطلان ، كانعدام الرضا أو عدم قيام المحل أو عدم مشروعية السبب أو عدم استيفاء الشكل الواجب أو نقص الأهلية $ 414 $ أو عيب من عيوب الإرادة من غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال ، أو كان يستطيع أن يدفع الالتزام بسبب من أسباب الانقضاء كالوفاء أو التجديد أو المقاصة أو اتحاد الذمة أو الإبراء أو التقادم ، فإن هذا المدين يستطيع أن يتمسك بهذا الدفع قبل الدائن الجديد في حوالة الحق ، كما يستطيع المدين الجديد في حوالة الدين أن يتمسك بهذا الدفع قبل الدائن .
237 - كيف يتصور انتقال الالتزام : وانتقال الالتزام علي الوجه المتقدم لا يمكن تصوره إذا كانت الفكرة في الالتزام هي الفكرة القديمة ، أي إذا كان الالتزام هو رابطة شخصية ما بين دائن ومدين . فالرابطة ، بحكم أنها تربط ما بين شخصين بالذات ، لا يتصور أن تنتقل عنهما أو عن أحد منهما دون أن تنجل . وقد كانت فكرة الرابطة الشخصية هي الفكرة السائدة في القانون الروماني ، ثم سادت بعد ذلك عصوراً طويلة في القوانين اللاتينية ، فلم يكن يمكن معها تصور انتقال الالتزام ، لا من دائن إلي دائن آخر ، ولا من مدين إلي مدين آخر .
علي أن استعصاء الالتزام علي الانتقال لم يثبت في هذه القوانين القديمة إلا في انتقاله فيما بين الأحياء ( entre vifs ) . أما انتقال الالتزام إلي الوارث بسبب الموت ( mortis causa ) ، فإن هذه القوانين لم تلبث أن استساغته منذ عهد طويل .
238 - انتقال الالتزام بسبب الموت : قلنا إن القوانين ، حتي القديمة منها ، استساغت انتقال الالتزام بسبب الموت منذ زمن بعيد . فينتقل الالتزام من الدائن عند موته إلي ورثته من بعده ، ويصبح هؤلاء هم الدائنون مكانه . وكذلك ينتقل الالتزام من المدين عند موته إلي ورثته من بعده . ويصبح هؤلاء هم المدينون مكانه . والذي ساعد علي هذا التصور أن تركة المورث تنتقل كمجموع من المال ( universalite ) إلي الورثة ، فيشتمل هذا المجموع من المال علي الالتزامات حقوقا وديونا . وتعتبر شخصية الوارث إنما هي استمرار لشخصية المورث ، فكأن الالتزام لم ينتقل إلي شخص جديد بموت صاحبه ، بل بقي عند صاحبه ممثلا في شخص الوارث .
$ 415 $ هكذا كان تصور القانون الروماني ، وما زال هذا هو تصور الشرائع الغربية . والشريعة الإسلامية نفسها تنقل الالتزام باعتباره حقا من المورث إلي الوارث ، أما الالتزام باعتباره دينا فلا تنقله من المورث إلي الوارث ، بل تبقيه في تركة المورث حتي تفي به التركة ، ثم تنتقل التركة بعد سداد الديون إلي الورثة بما تشتمل عليه من أعيان وحقوق .
ومهما يكن من أمر انتقال الالتزام بسبب الموت ، فإن هناك حدودا تقيد من هذا الانتقال ، أو تحور من الالتزام بعد انتقاله . فهناك التزام يتصل بشخص طرفية اتصالا وثيقا بحيث لا يمكن انتزاعه عنهما ، فلا ينتقل هذا الالتزام بل ينقضي بموت الدائن أو بموت المدين . من ذلك التزامات الموكل والتزامات الوكيل والتزامات الشركاء في شركات الأشخاص ، فإن كلا من عقد الوكالة وعقد شركة الأشخاص يقوم علي اعتبارات شخصية ، بحيث أن العقد بوجه عام ينقضي بموت أحد المتعاقدين ، فلا ينتقل الالتزام - حقا كان أو دينا - من المورث إلي الوارث . كذلك قد يتم انتقال الالتزام ، المورث إلي الوارث ، ولكن الانتقال يحور من الالتزام . وقد يبدو أن الالتزام يتحور في الشرائع الغربية إذا هو انتقل من المدين إلي وارثه ، وقبل الوارث الميراث محتفظًاً بحق التجريد ( benefice d inventaire ) ، فيفصل أموال التركة عن أمواله الشخصية ، ولا يكون مسئولا عن ديون التركة إلا في المال الذي ورثه . فيصبح الالتزام ، بعد أن انتقل إلي الوارث ، لا يمكن التنفيذ به إلا علي أموال التركة التي انتقلت إلي هذا الوارث . ولكن هذا التحوير ليس تحويراً حقيقيا ، فالواقع من الأمر أن الالتزام بقي - من ناحية المال الذي يجوز التنفيذ عليه – كما كان في حياة المورث ، فقد كان عندئذ لا يمكن التنفيذ به إلا علي ماله ، فبقي كما كان ( [677] ) . والتحوير الحقيقي في الالتزام ، وإن لم يكن تحويرا في أساسه ، يقع إذا تعددت الورثة . فإن الالتزام ، حقا كان أو دينا ، ينقسم علي الورثة كل بنسبة حصته $ 416 $ في التركة ( [678] ) ، وهذا ما لم يكن الالتزام في أصله غير قابل للانقسام ( [679] ) كما سبق القول .
239 - انتقال الالتزام ما بين الأحياء : أما انتقال الالتزام بالمعني الذي أسلفناه ، أي انتقال الالتزام ذاته بمقوماته وخصائصه ، ما بين الأحياء ، فلم يكن معروفا في القانون الروماني ، إذ كانت الفكرة التي تصور الالتزام رابطة شخصية تقوم حائلا دون ذلك كما قدمنا . وإذا كان قد أمكن ، في انتقال الالتزام بسبب الموت ، جعل الوارث خلفا عاما للمورث وتصوير هذه الخلافة العامة كأنها استمرار لشخصية المورث ، ففي انتقال الالتزام ما بين الأحياء حيث الخلافة خاصة ، لا يمكن تصوير هذه الخلافة الخاصة حال الحياة ، كما أمكن تصوير الخلافة العامة بعد الموت ، استمراراً لشخصية السلف . ذلك أنه إذا أمكن القول بأن المورث ، وقد زالت شخصيته بالموت ، يتصور استمرارها في شخص الوارث ، فإنه يتعذر القول بأن السلف ، وهو لا يزال حيا ، تستمر شخصيته في شخص خلفه الخاص ( [680] ) .
من أجل ذلك لم يكن ممكنا أن ينتقل الالتزام حال الحياة ، في القانون الروماني ، من دائن إلي دائن آخر ، أو من مدين إلي مدين آخر ، عن طريق حوالة الحق ، أو عن طريق حوالة الدين . ولم يكن ممكنا ، إذا أريد تغيير $ 417 $ شخص الدائن ، إلا تجديد الالتزام بتغيير الدائن ، أو أريد تغيير شخص المدين ، إلا تجديد الالتزام بتغيير المدين . وفي الحالتين ، لم يكن الالتزام ذاته ، بمقوماته وخصائصه ، هو الذي ينتقل من شخص إلي شخص آخر . بل كان الالتزام الأصلي ينقضي بالتحديد ، وينشأ مكانه التزام جديد بمقومات وخصائص غير المقومات والخصائص التي كانت للالتزام الأصلي ، وفي هذا الالتزام الجديد كان يتغير شخص الدائن أو يتغير شخص المدين . علي أن الرمان كانوا يلجأون إلي طريقة أخري لتحويل الالتزام من دائن إلي دائن آخر ، دون تدخل من المدين . فكان الدائن الأصلي يوكل من يريد تحويل الالتزام إليه في قبض الدين باسمه من المدين ، وكان هذا التوكيل ( Procuratio in rem suam ) وسيلة يستطيع بها الوكيل أن يقبض الدين من المدين دون حاجة إلي رضائه بتحويل الدين . ولكن هذه الطريقة لم تكن مأمونة ، فإن الدائن الأصلي كان يستطيع أن يعزل الوكيل قبل أن يقبض الدين ( [681] ) .
وبقي القانون الروماني علي هذه الحال ، دون أن يعرف لا حوالة الحق ولا حوالة الدين . وبقيت الحوالة مجهولة مدة طويلة في القانون الفرنسي القديم ، يتحايلون عليها عن طريق التوكيل بقبض الدين الذي كان القانون الروماني يلجأ إليه ، حتي أصبح هذا الطريق مألوفا ، ومنه دخلت حوالة الحق في القانون الفرنسي القديم ، وأصبح مسلما في هذا القانون إنه يجوز للدائن أن يحول حقه إلي دائن آخر دون حاجة إلي الحصول علي رضاء المدين بالحوالة ، علي غرار التوكيل بالقبض الذي أصبح مفترضا دون نص ، وهذا بالرغم من أن التحليل $ 418 $ القانوني الدقيق – أو كما يقول بوتييه : selon la subtilite du droit ( [682] ) يستعصي علي أن ينتقل الالتزام وهو رابطة شخصية من دائن إلي دائن آخر ( [683] ) .
وساعد علي إمكان انتقال الالتزام من دائن إلي دائن آخر أن فكرة الالتزام باعتباره رابطة شخصية أخذت تتطورن وأخذ العنصر المادي في الالتزام يبرز شيئا فشيئا . فأصبح من السهل أن نتصور أن الالتزام ، باعتباره قيمة مالية لا باعتباره رابطة شخصية ، وبالنسبة إلي موضوعه لا بالنسبة إلي أطرافه ، ينتقل من دائن إلي دائن آخر .
ولكن التطور في القوانين اللاتينية وقف عند هذا الحد . ولم يصل القانون الفرنسي حتي اليوم إلي تنظيم حوالة الدين ، أي انتقال الالتزام من مدين إلي مدين آخر ، وليس هناك من سبيل إلي تغيير المدين في الالتزام إلا عن طريق التجديد أو الإنابة في الوفاء . ذلك أن شخصية المدين في الالتزام أكبر خطراً من شخصية الدائن ، فعلي شخصية المدين ومقدار يساره وحسن استعداده للوفاء بدينه تتوقف قيمة الدين . فلم يكن من السهل التسليم بتحويل الالتزام من مدين إلي مدين آخر دون أن يكون الدائن طرفا في هذا التحويل عن طرق التجديد ، لأن الدائن يأبي أن يتغير عليه المدين دون رضائه ، ويعنيه من تغيير مدينة ما لا يعني المدين من تغيير دائنه ( [684] ) . فبقيت القوانين اللاتينية عند هذه المرحلة من التطور لم تستكمله إلي غايته ( [685] ) ، وذلك مع استثناء التقنين المدني الإيطالي الجديد فقد أقر حوالة الدين عند الكلام في الإنابة في الوفاء ( انظر المادة 1273 من هذا التقنين ) .
$ 419 $ أما التقنينات الجرمانية فقد سارت في التطور إلي نهاية الطريق . وما دامت فكرة الالتزام قد تطورت فأصبح الالتزام قيمة مادية أكثر منه رابطة شخصية ( [686] ) ، ومادام قد أمكن تصور انتقال الالتزام من دائن إلي دائن آخر ، فمات الذي يحول دون التسليم بانتقاله من مدين إلي مدين آخر! ومن ثم يعرف كل من التقنين المدني الألماني ( م 1414 – 1419 ) وتقنين الالتزامات السويسري ( م175 - 183 ) ، إلي جانب حوالة الحق ، حوالة الدين ( Schuldubernahme ) ( [687] ) .
وقد تابع التقنين المدني المصري الجديد - ومعه التقنينات المدنية العربية الأخري ( [688] ) - هذا التطور . وبعد أن كان التقنين المدني السابق لا يعرف ، علي غرار التقنين المدني الفرنسي ، إلا حوالة الحق ، أصبح التقنين المدني الجديد يعرف حوالة الحق وحوالة الدين وقد خصص لهما – تحت عنوان انتقال الالتزام - الباب الرابع من الكتاب الأول في نظرية الالتزام ( [689] ) .
$ 420 $ انتقال الالتزام في الفقه الإسلامي : ويجدر بناء أن ننظر ، بعد هذه العجالة التاريخية ، ماذا كان موقف الفقه الإسلامي من انتقال الالتزام ، وما مدي التطور الذي بلغه في هذه المسألة ( [690] ) .
يعرف الفقه الإسلامي الحوالة ، ومن أهم المميزات له في تنظيمها هو التفريق بين الحوالة المقيدة والحوالة المطلقة ( [691] ) . ويوجد في كل من الحوالتين دائن ومدين ثم أجنبي محال عليه ، وهذا الأجنبي المحال عليه هو الذي يتركز فيه التفريق بين الحوالة المقيدة والحوالة المطلقة .
فإن كان هذا الأجنبي مدينا للمدين أو كان في يده له وديعة أو عين مغصوبة ، $ 421 $ وأراد المدين عن طريق الحوالة الوفاء بالدين الذي في ذمته للدائن بالحق الذي له في ذمة الأجنبي ، فهذه هي الحوالة المقيدة ( [692] ) . وهل أقرب إلي أن تكون طريقا من طرق الوفاء بالدين من أن تكون حوالة بالمعني الدقيق . وتقرها المذاهب جميعا ، علي خلاف بينها في الصياغة القانونية سنذكره فيما يلي :
أما أن كان الأجنبي غير مدين للمدين ، أو كان مدينا ولكن لم تقيد الحوالة بهذا الدين في المذهب الحنفي ، فهذه هي الحوالة المطلقة . ويمكن في الحوالة المطلقة . أن نتصور أن المدين يريد أن يحيل دينه علي الأجنبي ، وهذه هي حوالة الدين بالمعني الدقيق ، ولا يسلم بها الفقه الإسلامي خلافا لما يقال عادة وهي عنده أقرب إلي أن تكون كفالة أو تجديداً ، من أن تكون حوالة للدين وقد قدمنا أن الكفالة في الفقه الإسلامي هي الأصل في التضامن ، والآن نراها الأصل أيضا في الحوالة . ويمكن كذلك في الحوالة المطلقة أن نتصور أن الدائن هو الذي يريد أن يحيل حقه للأجنبي ، وهذه هي حوالة الحق بالمعني الدقيق . وحوالة الحق أيضا لا يسلم بها الفقه الإسلامي بوجه عام ، خلافا لما يقال عادة . ذلك أن الحنفية والشافعية والحنابلة لا يسلمون بهذه الحوالة ، أما المالكية فيسلمون بها في حدود معينة .
وقبل أن نفصل ما أجملناه ، يحسن أن نشير إلي خطأين شائعين ينسبان إلي الفقه الإسلامي في خصوص الحوالة : ( أولا ) ما يرد ذكره عادة في الفقه والقضاء في مصر علي أنه حوالة الحق في الفقه الإسلامي إنما هو حوالة الدين لا حوالة الحق . ( ثانياً ) ليس صحيحاً أن الفقه الإسلامي عرف حوالة الدين ولم يعرف حواله الحق ، وإلا كان هذا بدعا في تطور القانون . فمن غير الطبيعي أن يعرف نظام قانوني حوالة الدين قبل أن يعرف حوالة الحق ، كما أنه من غير الطبيعي أن يسلم نظام قانوني بانتقال الدين بين الأحياء وهو لم يعترف بانتقاله بسبب الموت . فالفقه الإسلامي كان في توره طبيعيا كسائر النظم القانونية : $ 422 $ لم يعرف حوالة الدين ، لا بسبب الموت إذ الدين لا ينتقل إلي الورثة بل يبقي في التركة حتي تقوم بسداده ، ولا بين الأحياء إلا في صورة من صور الكفالة أو التجديد . وعرف حوالة الحق ، بسبب الموت حوالة كاملة إذ الحقوق الشخصية التي للتركة تنتقل إلي الورثة ، وبين الأحياء بقيود معينة وفي مذهب واحد هو المذهب المالكي ( [693] ) .
والآن ننتقل الي تفصيل ما أجملناه ، في غير إطالة إذ لا يتسع المقام هنا للإسهاب . ونتناول حوالة الدين وهي المعنية بلفظ " الحوالة " في الفقه الإسلامي فإذا ذكرت الحوالة قصد بها حوالة الدين دون غيرها ، ثم حوالة الحق ولا يعرف الفقه الإسلامي هذا التعبير ويسمي حوالة الحق بيع الدين أو هبه الدين .
حوالة الدين : يختلف ، في حوالة الدين ، المذهب الحنفي عن المذاهب الثلاثة الأخري . علي أن التمييز بين الحوالة المطلقة والحوالة المقيدة ، وإن كان غير منصوص عليه إلا في فقه المذهب الحنفي ، لا يقل أهمية في المذاهب الثلاثية الأخري عنه في المذهب الحنفي ، بل لعله يزيد كما سنري .
ونبدأ بالمذهب الحنفي : ففي هذه المذهب تتم الحوالة المطلقة برضاء الأطراف الثلاثة ، الدائن والمدين والمحال عليه . ويجوز أن تتم برضاء الدائن والمحال عليه دون المدين ( [694] ) ، ولكن لا يرجع المحال عليه في هذه الحالة علي المدين ، إذا دفع الدين للدائن ، إلا إذا كانت الحوالة بأمر المدين . أما الحوالة المقيدة فلا بد فيها من رضاء الأطراف الثلاثة . وسواء كانت الحوالة مطلقة أو مقيدة ، $ 423 $ فإن الدائن يرجع علي المحال عليه بالدين ، فهل انتقل الدين إلي ذمة المحال عليه بالحوالة؟ هنا تتضارب الآراء في المذهب الحنفي . فعند أبي حنيفة وأبي يوسف ، ينتقل الدين من ذمة المدين إلي ذمة المحال عليه ، فلو أبرأ الدائن المحال عليه منن الدين صح ذلك ولو أبرأ المدين لا يصح ، ولكن الين يعود إلي ذمة المدين إذا توي عند المحال عليه . وعند محمد ، تنتقل المطالبة وحدها دون الدين من المدين إلي المحال عليه ، ويبقي الدين دون المطالبة في ذمة المدين . فلو أراد هذا أن يقضية للدائن ، لا يكون متبرعاً ، لأنه لا يزال مدينا ، ويجبر الدائن علي الاستيفاء . ولو أبرأ الدائن المحال عليه ، لا يرتد الإبراء بالرد ، لأن الدائن إنما أسقط المطالبة لا الدين ، ولا يرجع المحال عليه علي المدين ولو كانت الحوالة بأمره ، لأن الدائن لم يبريء المحال عليه من الدين بل من مجرد المطالبة . وإذا توي الدين عند المحال عليه ، عادت المطالبة إلي المدين واجتمعت عنده مع الدين فيرجع عليه الدائن بالدين نفسه ، ولو كان الدين قد انتقل إلي المحال عليه لما كان للدائن الرجوع بنفس الدين وإنما كان يرجع بالضمان . وعند زفر ، لا ينتقل الدين ولا المطالبة إلي ذمة المحال عليه ، بل تضم ذمة المحال عليه إلي ذمة المدين في المطالبة ، فيكون المحال عليه كفيلا للمدين .
ثم إن الدائن إذا طالب المحال عليه بالوفاء ، وجب هنا أن نميز بين الحوالة المطلقة والحوالة المقيدة . ففي الحوالة المطلقة ، إذا دفع المحال عليه الدين للدائن ، فإن لا يرجع علي المدين إلا إذا كانت الحوالة بأمره كما قدمنا ، ويرجع بالدين نفسه لا بما أدي . وهذا يدل إما علي أن الدين لا يزال باقيا في ذمة المدين كما يقول محمد ، فيرجع المحال عليه به . وإما علي أن الدين قد انتقل مع المطالبة إلي المحال عليه كما يقول أبو حنيفة وأبو يوسف ، فأداه المحال عليه وحل محل الدائن فيه ، فيرجع به علي المدين . وإما علي أن الدين والمطالبة لم ينتقلا عن المدين كما يقو زفر ، ولهذا يرجع المحال عليه بنفس الدين ، كما يرجع الكفيل في الكفالة بما كفل لا بما أدي . أما إذا توي الدين عند المحال عليه - بأن مات هذا مفلسا أو أفلس وهو حي أو جحد الحوالة ولم تكن هناك بينه - فإن الدائن يرجع علي المدين بنفس الدين ( [695] ) . كما سبق القول . وفي الحوالة المقيدة يخصص $ 424 $ الحق الذي للمدين في ذمة المحال عليه لوفاء الدين المحال به ( [696] ) ، دون أن ينتقل هذا الحق للدائن ، بل دون أن يكون رهنا عنده لسببين : ( 1 ) إذا أفلس المدين قبل أن يؤدي المحال عليه الدين للدائن ، فليس الدائن أحق من سائر غرماء المدين بالدين الذي خصص له وقيدت به الحوالة . وعند زفر الدائن أحق من سائر الغرماء ، لأن الدين صار له بالحوالة رهنا ( [697] ) . ( 2 ) ولو توي هذا الدين $ 425 $ عند المحال عليه ( [698] ) ، توي علي المدين لا علي الدائن ، ولا يسقط في مقابلته شيء من الدين المحال به ( [699] ) . وهذان السببان يبينان أن الدين الذي تقيدت به الحوالة لا ينتقل إلي الدائن ولا يكون رهنا عنده .
هذه هي جملة أحكام حوالة الدين - المطلقة والمقيدة - في المذهب الحنفي ، أوجزناها متوخين إبراز المقومات الرئيسية لهذه الحوالة في هذا المذهب . ويبقي أن نضيف إلي ما قدمناها أن التأمينات التي كانت تكفل الدين المحال به وهو في ذمة المدين قبل الحوالة تنقضي بالحوالة عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، ولا تنتقل لتكفل الدين في ذمة المحال عليه ( [700] ) . وننظر بعد ذلك في تأصيل حوالة الدين في $ 426 $ المذهب الحنفي ، أيفي التكييف القانوني الذي يساير المقومات الرئيسة السالفة الذكر . ونبادر إلي القول إن هذا التكييف لا يختلف باختلاف ما إذا كانت الحوالة مطلقة أو مقيدة . وسنراه في المذاهب الثلاثة الأخري يختلف في الحوالة المطلقة عنه في الحوالة المقيدة ، وهذا يؤكد ما سبق أن قررناه من أن التمييز بين الحوالة المطلقة والحوالة المقيدة قد تزيد أهميته في المذاهب الثلاثة الأخري عنها في المذهب الحنفي . وإنما يختلف التكييف في المذهب الحنفي باختلاف ما اعتبر انتقاله بالحوالة إلي المحال عليه ، هل هو الدين والمطالبة معا ، أو المطالبة وحدها ، أو أن المحال عليه لم ينتقل إليه بالحوالة لا الدين ولا المطالبة :
(1) أما عند زفر ، حيث لا ينتقل الدين ولا المطالبة من ذمة المدين إلي ذمة $ 427 $ المحال عليه ، بل تضم ذمة المحال عليه إلي ذمة المدين في المطالبة ، فالأمر واضح ، ولا تعدو حوالة الدين أن تكون كفالة محضة كما قدمنا . فإذا حول المدين دينه حوالة مطلقة ، كان معني هذا عند زفر أنه اتخذ من المحال عليه كفيلا عاديا له ، وبقيت ذمته هو مشغولة بالدين كما كانت . ويكون للدائن أن يرجع إما علي المحال عليه وإما علي المدين كما يشاء ، شأنه في ذلك شأن الدائن في الكفالة يرجع إما علي الكفيل وإما علي المدين . وإذا كانت الحوالة مقيدة ، بقي المحال عليه عند زفر كفيلا للمدين ، وأضيف إلي ذلك أن الدين الذي تقيدت به الحوالة يصبح مرهونا في الدين المحال به ، فيكون المدين قد قدم للدائن ضمانين " كفيلا ورهنا .
(2) وأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، حيث تنتقل المطالبة والدين من ذمة المدين إلي ذمة المحال عليه ، فهذا قول ينبغي ألا يؤخذ علي علاته . والصحيح أن الدين الأصلي قد انقضي ، ومما يقطع في انقضائه انقضاء التأمينات التي كانت تكلفة . وحل محل الدين الأصلي دين جديد في ذمة المحال عليه ، لا تنتقل إليه تأمينات الدين الأصلي كما قدمنا . وتكون حوالة الدين ، مطلقة كانت أو مقيدة ، عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، ليست إلا تجديداً بتغيير المدين فقد استبدل المحال عليه بالمدين الأصلي ( [701] ) . فإذا توي الدين عند المحال عليه ، فسخ التجديد ، وعاد الدين إلي ذمة المدين الأصلي ( [702] ) .
(3) أما عند محمد ، حيث لا ينتقل الدين إلي ذمة المحال عليه وإنما تنتقل المطالبة وحدها ، وحيث لا تنقضي التأمينات بل تبقي علي حالها تكفل الدين الباقي في ذمة المدين ( [703] ) ، فإن حوالة الدين ، مطلقة كانت أو مقيدة ، أقرب إلي $ 428 $ أن تكون كفالة محورة ، ووجه التحوير فيها أن الدائن يرجع علي المحال عليه ( الكفيل ) أولا ، لأن المطالبة انتقلت إليه ولم تبق عند المدين . فإن توي الدين عند المحال عليه ، يرجع الدائن علي المدين الأصلي ، إذ تعود المطالبة بالتوي إلي المدين لتنضم إلي الدين كما كانت . أما في الكفالة العادية فالدائن بالخيار إن شاء طالب المدين الأصلي أولا وإن شاء طالب الكفيل ( [704] ) ، لأن المطالبة بقيت عند المدين وإنما ضمت فيها إلي ذمته ذمة الكفيل ( [705] ) .
( ب ) وننتقل الآن ، في حوالة الدين ، إلي المذاهب الثلاثة الأخري ، المالكية والشافعية الحنابلة . وهنا يجب أن نميز ، منذ البداية ، بين الحوالة المقيدة والحوالة المطلقة . وهذا تمييز جوهري لا تصرح به نصوص هذه المذاهب ، ويرجع ذلك في الغالي إلي أن الفرق بين هاتين الحوالتين كبير إلي حد أن إحداهما – وهي الحوالة المطلقة - ليست بحوالة أصلا كما سنري ، فلا تستحق هذه التسمية حتى لا تكون نوعا ثانياً إلي جانب الحوالة المقيدة . وهذا يعود بنا مرة أخري إلي تأكيد أهمية هذا التمييز في المذاهب الثلاثة .
ففي الحوالة المقيدة – أو الحوالة إطلاقا لأن الحوالة المطلقة لا تدعي في العادة حوالة في المذاهب الثلاثة – يشترط أن يكون للمدين دين في ذمة المحال عليه معادل في الجنس ومساو في المقدار للدين المحال به ، فيوفي المدين الدين الذي في ذمته للدائن بالدين الذي له في ذمة المحال عليه . ومن ثم وجب أن يكون الدين المحال به والدين الذي تقيدت به الحوالة متساويين ، كما قدمنا ، في الصفة $ 429 $ والمقدار ( [706] ) ، فإن اختلفا في شيء من ذلك لم تصح الحوالة ( [707] ) . ويشترط لانعقاد الحوالة المقيدة في المذاهب الثلاثة رضاء كل من الدائن والمدين ، أما رضاء المحال عليه فلا يشترط علي الأرجح ، لأن الدائن يستوفي الدين منه كما كان يستوفيه المدين فلا يتضرر المحال عليه بذلك . بل إن رضاء الدائن عند الحنابلة لا يشترط هو أيضا إذا كان المحال عليه مليئا ، فيكفي إذن عندهم في هذه الحالة إرادة المدين المنفردة . ومتي تمت الحوالة علي هذا النحو ، برئت ذمة المدين نحو الدائن ، وبرئت ذمة المحال عليه نحو المدين ، وصار المحال عليه مدينا للدائن . ولا تنتقل تأمينات الدين المحال به بل تنقضي ( [708] ) ، مما يقطع $ 430 $ في أن هذا الدين قد انقضي ، فليس هو الذي قام في ذمة المحال عليه للدائن . كذلك لا ينتقل إلي الدائن الحق الذي كان للمدين في ذمة المحال عليه للأسباب الآتية : ( 1 ) لا تنتقل أيضا تأمينات هذا الحق لتكفل الحق الذي قام للدائن في ذمة المحال عليه ( [709] ) . ( 2 ) لو كان حق المدين في ذمة المحال عليه قد انتقل إلي الدائن ، فقد كان ينبغي أن يكون للمحال عليه أن يدفع مطالبة الدائن بالدفوع التي كان يدفع بها مطالبة المدين دون الدفوع المستمدة من علاقة المديونية ما بين المدين والدائن ، ولكن في بعض النصوص ما يصرح بعكس ذلك ( [710] ) . ( 3 ) ولو كان هذا الحق $ 431 $ قد انتقل إلي الدائن ، وكان المحال عليه معسراً وقت الحوالة أو أعسر بعد ذلك ، فقد كان ينبغي أن يرجع الدائن علي المدين بالضمان ، ولكن الظاهر من النصوص أن المدين لا يضمن إعسار المحال عليه ( [711] ) . ( 4 ) ولو كان مقدراً لهذا الحق أن ينتقل إلي الدائن ، ولكن لم يتمكن المدين من نقله ، كأن كان الحق ثمنا لمبيع استحق أو كان وديعة فهلكت ، فقد كان ينبغي أن يعتبر الدائن غير مستوف لدينه أو أن الحق لم ينتقل إليه ، فيبقي للدائن دينه في ذمة المدين ، ولكن هذا الحكم لا يظهر في وضوح من النصوص .
ويستوقف النظر علي كل حال أن الحوالة ، في المذاهب الثلاثة ، لا تكون إلا حيث يكون المدين دائنا في الوقت ذاته للمحال عليه بجنس ما عليه وبمقداره ( [712] ) . $ 432 $ أليس من البديهي أن يقال في هذه الحالة إن المدين إنما يوفي ، عن طريق ما يسمي بالحوالة ، الدين الذي عليه للدائن بالحق الذي له في ذمة المحال عليه ، ثم يوفي بهذا الحق الذي استوفاه الدين الذي عليه للدائن ، يختصر هاتين العمليتين في عملية واحدة ، فيقضي الدين الذي عليه بالحق الذي له ، دون أن يستوفي شيئا من مدينة أو يوفي شيئا لدائنه ، بل يقتصر علي أن يحيل دائنه علي مدينة هذا هو الظاهر الواضح . ولكن علي أي أساس أجري المدين كل ذلك؟ لا نري أن المدين حول علي مدينة الدين الذي في ذمته للدائن ، لأن تأمينات هذا الدين لا تنتقل بل تنقضي كما قدمنا . وإنما هو وفي لدائنه ما عليه من الدين من طريق التجديد بتغيير المدين ، فانقضي الدين الأصلي ، وحل محله دين جديد استبدل فيه بنفسه المحال عليه ، ومن ثم لم تنتقل التأمينات إلي هذا الدين الجديد . ولا نري أن المدين حول لدائنه الحق الذي له في ذمة المحال عليه ، لأن تأمينات هذا الحق لا تنتقل بل تنقضي كما قدمنا ، وهذا إلي الأسباب الأخري التي سبق ذكرها والتي تدعو إلي القول بأن هذا الحق لم ينتقل . وإنما هو استوفي من المحال عليه حقه هذا عن طريق التجديد بتغيير الدائن ، فانقضي الحق الأصلي ، وحل محله حق جديد استبدل فيه بنفسه الدائن ، ومن ثم لم تنتقل التأمينات إلي هذا الحق الجديد . فهو باعتباره مدينا قد استبدل بنفسه مدينة ، وهو باعتباره دائنا قد استبدل بنفسه دائنه . وخرج علي هذا النحو عن المديونية والدائنية ، فأسقط كلا من الدين والحق . وأنشأ التزاما جديداً ، إذ وضع مدينة مكانه تجاه دائنه ، كما وضع دائنه مكانه تجاه مدينه ، واستطاع بهذا أن يصل بين مدينه ودائنه ، فيجعل الأول هو المدين للثاني في هذا الالتزام الجديد ( [713] ) . $ 433 $ فالحوالة المقيدة في المذاهب الثلاثة هي إذن ، في نظرنا ، وفاء دين بحق ، عن طريق إسقاط كل من الدين والحق ، وإنشاء التزام جديد يستوفي به المدين الحق وبقي بالدين . فتنتهي إلي تجديد بتغيير الدائن بالنسبة إلي استيفاء الحق ، وإلي تجديد بتغيير المدين بالنسبة إلي الوفاء بالدين .
أما ما يمكن أن نسميه بالحوالة المطلقة في المذاهب الثلاثة ، حيث لا يكون للمدين دين في ذمة المحال عليه ، فهذه ليست حوالة أصلا ، حتي بالاسم ، فقد رأينا ان المذاهب الثلاثة لا تسميها حوالة . فإذا حول المدين دائنه علي أجنبي غير مدين له ، فهو إنما يجعل من هذا الأجنبي كفيلا له . فالحوالة هنا كفالة محضة لا تحوير فيها ، أو هي حمالة كما تقول المالكية ( [714] ) . ولابد من رضاء الدائن والمدين والمحال عليه جميعا بهذا الحوالة . فإذا انعقدت ، اعتبر المحال عليه كفيلا للمدين ، وكان الدائن بالخيار إن شاء طالب المدين وإن شاء طالب المحال عليه ، ولا يتعين أن يطالب المحال عليه أولا كما يتعين ذلك في المذهب الحنفي فيما دعوناه بالكفالة المحورة ( [715] ) .
$ 434 $ حوالة الحق : رأينا في حوالة الدين أن المذهب الحنفي يتميز عن المذاهب الثلاثة الأخري . أما هنا ، في حوالة الحق ، فالمذهب المالكي هو الذي يتميز عن المذاهب الثلاثة الأخري ، الحنفية والشافعية والحنابلة .
أ) فنبدأ بالمذهب المالكي : والظاهر أن هذا المذهب يقر حوالة الحق فيما يسمييه بهبة الدين وببيع الدين . ويشترط لانعقاد هبه الدين من غير المدين - وهي حوالة حق عن طريق التبرع - ما يشترط لانعقاد الهبة بوجه عام . فيشترط إذن القبض ، ويتم بالإشهاد أو بتسليم سند الدين أو " ذكر الحق " كما يقول مالك ( [716] ) . ويشترط لانعقاد بيع الدين من غير المدين - وهو حوالة حق عن طريق المعاوضة - ما يشترط لانعقاد البيع بوجه عام . ويشترط إلي جانب ذلك شروط أخري . منها إقرار من عليه الدين بحق الدائن ، فلا يجوز بيع حق متنازع فيه . ومنها التعجيل بالثمن ، وأن يكون الدين المبيع غير طعام ، وأن يكون الثمن من غير جنس المبيع ، وأن يقع البيع لغير خصم المدين حتي لا يكون في البيع إعنات للمدين بتمكين خصمه منه ( [717] ) . ولا تنتقل التأمينات التي كانت $ 435 $ للحق من رهن أو كفالة ، إلا بالشرط وبإقرار الكفيل بالكفالة وإن كان لا يشترط رضاؤه بالحوالة ( [718] ) .
ب) وننتقل الآن ، في حوالة الحق ، إلي المذاهب الثلاثة الأخري ، الحنفية والشافعية والحنابلة . فهذه المذاهب جميعا لا تقر حوالة الحق ، ولا تجيز بيع الدين $ 436 $ إلا ممن عليه الدين ، لأن الدين غير مقدور التسليم إلا للمدين نفسه ( [719] ) . علي أن في المذهب الحنفي تحقق كثيرا من الأغراض التي يراد الوصول إليها من وراء حوالة الحق ( [720] ) .
ويخلص من كل ذلك أن الفقه الإسلامي لم يقر حوالة الدين بالمعني المفهوم في الفقه الغربي في أن مذهب من مذاهبه . وقد أقر حوالة الحق بشروط معينة في أحد مذاهبه ، وهو مذهب مالك ، دون المذاهب الأخري . فلم يكن الفقه $ 437 $ الإسلامي إذن بدعا في تطوره كما قدمنا ، ولم يقر حوالة الدين دون أن يقر حوالة الحق ، بل هو قد سار علي السنن المألوفة في التطور ، إذ بدأ بإقرار حوالة الحق بسبب الموت ، ثم بإقرار هذه الحوالة بين الأحياء ولكن في مذهب واحد من مذاهب . ثم وقف تطوره عند ذلك ، فلم يقر حوالة الحق بين الأحياء في المذاهب الأخري ، ولم يقر حوالة الدين أصلا لا بسبب الموت ولا بين الأحياء ( [721] ) .
2 - مقارنة الحوالة بالنظم القانونية التي تقرب منها
241 - النظم القانونية التي تقترب من الحوالة وتشتبه بها : وقبل أن نفصل أحكام الحوالة ، حوالة الحق وحوالة الدين ، نميزها عما يقرب منها في النظم القانونية ويشتبه بها . فهناك غير الحوالة التجديد ( novation ) والإنابة في الوفاء ( delegation ) والوفاء مع الحلول ( Paiement avec subrogation ) $ 438 $ فنقول كلمة موجزة في التمييز بين هذه النظم ونظام الحوالة ( [722] ) ، أما تفصيل هذه النظم فمكانه القسم الثالث من هذا الكتاب عند الكلام في أسباب انقضاء الالتزام .
242 - الحوالة والتجديد : سنري أن الالتزام يتجدد ، إما بتغير الدائن إذا اتفق الدائن والمدين وأجنبي علي أن يكون هذا الأجنبي هو الدائن الجديد ، وإما بتغير المدين إذا اتفق الدائن مع أجنبي علي أن يكون هذا الأجنبي مدينا مكانا المدين الأصلي وعلي أن تبرأ ذمة المدين الأصلي دون حاجة لرضائه ، أو إذا حصل المدين علي رضاء الدائن بشخص أجنبي قبل أن يكون هو المدين الجديد ، وإما بتغير الدين إذا اتفق الدائن والمدين علي أن يستبدلا بالالتزام الأصلي التزاما جديداً يختلف عنه في محله أو في مصدره ( أنظر م 352 مدني ) .
ويعنينا هنا من هذه الصور الثلاث الصورتان الأوليان : التجديد بتغيير الدائن ويقابل حوالة الحق ، والتجديد بتغيير المدين ويقابل حوالة الدين .
فيتفق التجديد مع الحوالة في أن التجديد يتضمن كالحوالة إما تغييراً للدائن وإما تغييراً للمدين .
ولكن التجديد يختلف عن الحوالة في أن التجديد يقضي الالتزام الأصلي ، وينشيء مكانه التزاما جديداً يتغير فيه الدائن أو يتغير المدين . وهذا بخلاف الحوالة كما رأينا ، فإن الالتزام فيها ينتقل هو نفسه ، بجميع مقوماته وخصائصه ، من دائن إلي دائن آخر أو من مدين إلي مدين آخر . ففي الحوالة ينتقل الالتزام $ 439 $ بضمانه وصفانه ودفوعه ، أما في التجديد فيحل محل الالتزام الأصلي التزام جديد بضمانات وصفات ودفوع قد تختلف عن تلك التي كانت للالتزام الأصلي ( [723] ) . وقد نصت المادة 356 مدني علي أنه " 1 - يترتب علي التجديد أن ينقضي الالتزام الأصلي بتوابعه ، وأن ينشأ مكانه التزام جديد . 2 - ولا ينتقل إلي الالتزام الجديد التأمينات التي كانت تكفل تنفيذ الالتزام الأصلي إلا بنص في القانون ، أو إلا إذا تبين من الاتفاق أو من الظروف أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلي ذلك " . ثم تنص المادة 358 مدني علي أنه " لا ينتقل إلي الالتزام الجديد الكفالة ، عينية كانت أو شخصية ، ولا التضامن إلا إذا رضي بذلك الكفلاء والمدينون المتضامنون " .
ونري من ذلك أن الحوالة أفضل بكثير من التجديد ، فهي تحتفظ بالالتزام ذاته دون تغيير فيه ، ويبقي لهذا الالتزام ضماناته وصفاته ودفوعه لمصلحة كل من الدائن والمدين ( [724] ) . وقد ذهب التقنين المدني الألماني ، بعد أن نظم كلا من حوالة الحق وحوالة الدين ، إلي حد إلغاء التجديد بتاتا ، سواء بتغيير الدين أو بتغيير الدائن أو بتغيير المدين ، واستعاض عن التجديد بتغيير الدين الوفاء بمقابل ، وعن التجديد بتغيير الدائن حوالة الحق ، وعن التجديد بتغيير المدين حوالة الدين ( [725] ) . والواقع من الأمر أن التجديد لم يعد له . إلي جانب الحوالة ، مكان يذكر ، فإن الحوالة تطغي عليه ويؤثرها الناس في تعاملهم . ولقد كان للتجديد مكان ملحوظ في التقنين المدني السابق ، لأن هذا التقنين لم يكن ينظم حوالة الدين كما سبق القول ، فكان التجديد بتغيير المدين يقوم إلي مدي محدود بمهمة هذا النوع من الحوالة . ولكن بعد أن نظم التقنين المدني الجديد حوالة الدين ، لم يعد للتجديد دور محسوس في التعامل .
$ 440 $ حوالة الدين وإنابة في الوفاء : ويقابل حوالة الدين أيضا الإنابة في الوفاء . وتتم الإنابة إذا حصل المدين علي رضاء الدائن بشخص أجنبي يلتزم بوفاء الدين مكان المدين ( م 359 / 1 مدني ) . ويسمي المدين منيبا ، والدائن منابا لديه ، والأجنبي مناباً .
فإذا كان المدين المنيب قد اتفق مع دائنه المناب لديه ومع الأجنبي المناب أن يتجدد الدين الذي في ذمته للدائن بدين جديد يكون في ذمة الأجنبي المناب للدائن المناب لديه ، فإن هذا يكون تجديداً بتغيير المدين ( م 360 / 1 مدني ) ، وقد سبق أن ذكرنا الفرق بين هذا التجديد وحوالة الدين .
أما إذا لم يتفق المتعاقدون علي التجديد ، فإن الالتزام الذي في ذمة المدين المنيب للدائن المناب لديه يبقي كما هو ، ويضاف إليه التزام جديد ينشأ في ذمة المناب للمناب لديه ( م 360 / 2 مدني ) .
ونري من ذلك الفرق ما بين الإنابة في الوفاء في هذه الصورة الثانية وحوالة الدين . ففي حوالة الدين ينتقل الدين ذاته إلي ذمة مدين آخر ، وفي الإنابة في الوفاء يبقي الدين القديم في ذمة المدين الأصلي وينشأ إلي جانبه دين جديد في ذمة مدين آخر . وهذا الدين الجديد مستقل عن الدين القديم في مقوماته وخصائصه ، حتي أنه لا يتأثر بدفوع الدين القديم ( [726] ) .
244 - حوالة الحق والوفاء مع الحلول : ويقرب الوفاء مع الحلول من حوالة الحق إلي حد كبير . فالوفاء مع الحلول هو أيضا ، كالحوالة ، ينقل الالتزام من دائن إلي دائن آخر يحل محله ، والالتزام الذي ينتقل هو الالتزام ذاته بجميع مقوماته وخصائصه من ضمانات وصفات ودفوع .
ولكن الوفاء مع الحلول هو وفاء للدين يقوم به غير المدين ، فيحل من وفي الدين محل الدائن في نفس الالتزام الذي وفاه . أما حوالة الحق فلا تتضمن $ 441 $ معني الوفاء ، بل معني المضاربة إذا كانت بمقابل ، فإن الدائن ينقل الالتزام إلي دائن آخر في مقابل مال يأخذه عوضا عن حقه ، فهو يبيع الحق لا يستوفيه . وتتضمن حوالة الحق معني التبرع إذا كانت بغير مقابل ، فإن الدائن ينقل الالتزام الي دائن آخر من غير عوض ، فهو يهب الحق لا يستوفيه . وعلي هذا الفرق الجوهري تتركز الفروق الأخري ما بين حوالة الحق والوفاء مع الحلول ، من حيث قيام كل من الحوالة والحلول ، ومن حيث الآثار التي تترتب علي كل منهما .
فمن حيث قيام الحوالة والحلول ، تقوم حوالة الحق علي اتفاق ما بين الدائن الأصلي والدائن الجديد يحول بموجبه الأول للثاني الحق الذي له ، وليس من الضروري رضاء المدين بالحوالة ويكفي إعلانه بها لتكون نافذة في حقه . أما الحلول فتارة يكون بحكم القانون إذا قام بالوفاء شخص غير المدين في حالات معينة ( أنظر المادة 326 مدني وسيأتي تفصيلها في موضعه ) ، وطوراً يكون باتفاق بين الدائن الأصلي والدائن الجديد يستوفي بموجبه الأول حقه من الثاني ويحله محله فيه ( م327 مدني ) ، أو باتفاق بين المدين والدائن الجديد يقترض بموجبه الأول مالا من الثاني يوفي به الدين ويحل المقرض محل الدائن الذي استوفي حقه ، علي أن يذكر في عقد القرض أن المال المقترض قد خصص لوفاء الدين وفي المخالصة أن وفاء الدين كان من هذا المال المقترض ( م328 مدني ) .
ومن حيث الآثار التي تترتب علي كل من الحوالة والحلول ، يرجع الدائن الجديد في حوالة الحق علي المدين بكل الحق ، لأنه يكون إما قد اشتراه من الدائن القديم ، أو ذهب له منه . أما في الوفاء مع الحلول ، فلا يرجع الدائن الجديد إذا كان قد وفي الحق بأقل من قيمته إلا بمقدار ما وفي وليس بكل الحق ، لأنه بعيد عن فكرة المضاربة ، فلا يأخذ إلا مقدار ما أعطي ( [727] ) .
وسنعود ببيان أوفي إلي المقارنة بين الوفاء مع الحلول وحوالة الحق ( [728] ) . وننتقل الآن ، بعد هذه المقارنات العاجلة ، إلي تفصيل أحكام الحوالة بادئين بحوالة الحق ، ونعقبها بحوالة الدين .
$ 442 $ الباب الأول
حوالة الحق ( [729] )
( Cession de creance )
245 - أطراف حوالة الحق : في حوالة الحق ، يتفق الدائن مع أجنبي علي أن يحول له حقه الذي في ذمة المدين ، فيحل الأجنبي محل الدائن في هذا الحق نفسه جميع مقوماته وخصائصه كما قدمنا .
ويسمي الدائن محيلا ( cedant ) لأنه يحيل الأجنبي بالحق الذي له علي المدين ويسمي الأجنبي وهو الدائن الجديد محالا له ( cessionnaire ) لأن الدائن أحاله بحقه .
ويسمي المدين محالا عليه ( cede ) ، لأن الدائن الأصلي أحال عليه الدائن الجديد .
$ 443 $ الأغراض المختلفة لحوالة الحق : وحوالة الحق ، وإن كانت صورتها واحدة لا تتغير ، متنوعة الأغراض والمقاصد . فقد يقصد الدائن أن يبيع حقه من المحال له الدائن الجديد ، وقد يقصد أن يهبه إياه ، أو يرهنه عنده ، أو يوفي به دينا عليه لهذا الدائن الجديد فتكون الحوالة وفاء بمقابل لهذا الدين . والعبرة بالإرادة الحقيقة للمحيل والمحال له ، والتعرف علي هذه الإرادة مسألة واقع تقدرها محكمة الموضوع دون تعقيب عليها من محكمة النقض ( [730] ) .
$ 444 $ قد يقصد المحيل أن يبيع حقه من المحال له ، وعند ذلك يتقاضي ثمنا لهذا الحق ، ويكون عليه ضمان البائع .وفائدته من ذلك أن يكون في حاجة عاجلة إلي المال ، فيحصل عليه من المحال له ثمنا لحقه الذي لم يحل أجله . وقد يكون الحق من حل أجله ، ولكن قامت صعوبات عملية أمام المحيل للحصول علي حقه من مدينة ، فيحول هذا الحق للمحال له ويكون هذا عادة أقدر علي تقاضي الحق من المدين . أما فائدة المحال له من شراء الحق فهو ما يجنيه من الكسب ، إذ هو لابد في تقدير الثمن مستنزل في القليل فوائد الحق إلي يوم حلوله ، وقد يستنزل مقداراً أكبر إذا قدر أن هناك صعوبات عملية في الحصول علي الحق من المدين وأنه سيتجشم جهداً ومالا ووقتا قبل أن يصل الحق إليه ، فالمحال له يكون عادة في حالة البيع مدفوعا بفكرة المضاربة ( speculation ) ، يستهدف بعض المخاطر سعيا وراء الربح والكسب .
وقد يقصد المخيل أن يهب الحق له ، وتختلف هذه الحالة عن سابقتها كل الاختلاف . فالمحيل مسوق بنية التبرع ، لم تدفعه حاجة إلي المال ، ولم يحفزه علي النزول عن حقه صعوبات في الحصول عليه . وكذلك لا يكون المحال مطويا علي فكرة المضاربة ، فهو يتلقي تبرعاً لا يدفع فيه ثمنا .
وقد يقصد المحيل أن يرهن الحق عند المحال له ( [731] ) ، فقد يكون في حاجة إلي المال وحقه في ذمة مدينة لم يحل أجله ولا يريد بيعه ، فيعمد إلي اقتراض حاجته من المحال له راهنا عنده حقه . فإذا حل أجل القرض ، فأما أن يكون لمحيل مستطيعا رده للمحال له فيفك الرهن عن حقه المرهون ( [732] ) ، وإما ألا $ 445 $ يكون مستطيعا رد القرض فينفذ المحال له علي الحق المرهون وفقا للأحكام المقررة في رهن الدين ( [733] ) ( م 1123 – 1129 مدني ) . بل تجوز حوالة حق واحد مرتين ، الأولي علي سبيل الرهن والأخري علي سبيل البيع ، فيكون حق المحال له المشتري في الحوالة الثانية خاضعا لحق المحال له المرتهن في الحوالة الأولي ( [734] ) .
وقد يكون علي المحيل للمحال له دين سابق أو لا حق للحق الذي له في ذمة مدينه ، ويحل أجل هذا الدين . فلا يجد المحيل أمامه طريقا للوفاء بدينه للمحال له خيراً من أن ينزل له عن حقه في مقابل هذا الدين ، ويرضي المحال له بالحوالة ، فيكون قد استوفي حقه في ذمة المحيل بحق المحيل في ذمة المحال عليه . وهذا هو الوفاء بمقابل ( [735] ) .
$ 446 $ 247 - أركان حوالة الحق والآثار التي تترتب عليها : ونبحث في حوالة الحق في فصلين متعاقبين : ( أولا ) أركان الحوالة - ( ثانياً ) الآثار التي تترتب عليها .
$ 447 $ الفصل الأول
أركان حوالة الحق
248 - أركان حوالة الحق هي أركان الاتفاق بوجه عام : حوالة الحق هي ، كما قدمنا ، اتفاق بين المحيل والمحال له علي تحول حق المحيل الذي في ذمة المحال عليه إلي المحال له . فأركان هذه الحوالة هي أركان أي اتفاق ( convention ) يتم بين طرفين ، وأركان الاتفاق هي نفس أركان العقد .
ومن ثم تكون أركان حوالة الحق هي التراضي والمحل والسبب . ولابد أن يصدر الرضاء من ذي أهلية له حسب العقد الذي تنطوي عليه الحوالة من بيع أو هبة أو رهن أو وفاء بمقابل أو غير ذلك ، وأن يكون خاليا من عيوب الإرادة من غلط وتدليس وإكراه واستغلال ( [736] ) .كذلك يجب أن تتوافر في المحل شرائطه العامة ، ومحل حوالة الحق هو الحق الذي في ذمة المحال عيه للمحيل ، وهناك شرائط خاصة بهذا المحل هي التي سنعرض لها هنا . والسبب في الحوالة هو الباعث الي دفع المحيل والمحال له إلي إبرامها ، أي الباعث الذي دفعهما إلي البيع أو الهبة أو الرهن أو الوفاء بمقابل أو غير ذلك من الإغراض المختلفة التي تحققها الحوالة ( [737] ) .
ونحيل في كل ما قدمناه علي القواعد العامة التي سبق بسطها فيما يتعلق بالعقد ، فحوالة الحق ليست إلا عقداً أو اتفاقا ( [738] ) .ونكتفي هنا ببحث مسألتين :
$ 448 $ ( 1 ) محل الحوالة ، وذلك لبحث الشرائط الخاصة بحوالة الحق التي سبقت الإشارة إليها . ( 2 ) التراضي ، وذلك لتعدد أطراف الحوالة فنري ممن يصدر التراضي ، ومتي تنعقد الحوالة ، ومتي تنفذ في حق المحال عليه وفي حق الغير .
الفرع الأول
محل حوالة الحق
249 - النصوص القانونية : تنص المادة 303 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" يجوز للدائن أن يحول حقه إلي شخص آخر . إلا إذا حال دون ذلك نص القانون أو اتفاق المتعاقدين أو طبيعة الالتزام . وتتم الحوالة دون حاجة إلي رضاء المدين " .
وتنص المادة 304 علي ما يأتي :
" لا تجوز حوالة الحق إلا بمقدار ما يكون منه قابلا للحجز ( [739] ) .
وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 349 / 1و2 وطني والمادة 435 مختلط ( [740] ) .
$ 449 $ وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادتين 303 - 304 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 290 - 291 - مدني التقنين المدني العراقي المادتين 362و 364 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 280 – 281 ( [741] ) .
ويتبين من النصوص المتقدمة أن حوالة الحق محلها حق الدائن ، فهذا الحق الشخصي هو الذي ينتقل بالحوالة من الدائن الأصلي إلي الدائن الجديد .
والأصل أن كل حق شخصي قابل للحوالة ، ومع ذلك لا يكون قابلا لها في بعض حالات استثنائية . فنستعرض الأصل ، ثم نورد الاستئثناءات .
$ 450 $
1 - الأصل العام - الحق الشخصى قابل للحوالة
250 - كل حق شخصى قابل فى الأصل للحوالة : الحق الشخصى ( créance ) أياً كان محله ، قابل فى الأصل للحوالة به من دائنه الأصلى إلى دائن جديد .
ويغلب فى حوالة الحق أن يكون محل هذا الحق مبلغاً من النقود . ولكن يجوز أن يكون محل الحق أشياء مثلية غير النقود ( [742] ) . بل ويجوز أن يكون محل الحق عيناً معينة بالذات ، بشرط أن يكون الحق شخصياً لا عينياً ( [743] ) . مثل ذلك الوعد ببيع دار ، يجعل للموعود له حقاً شخصياً قبل الواعد متعلقاً بهذه الدار ، فيجوز للموعود له أن ينزل عن هذا الحق لشخص آخر ( [744] ) .
كذلك يجوز أن يكون محل الحق عملاً أو امتناعاً عن عمل ( [745] ) . فيجوز للمستأجر ، وهو دائن للمؤجر بتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة ، أن ينزل $ 451 $ عن حقه إلى شخص آخر ، وهذا هو التنازل عن الإيجار نظمه التقنين المدنى فى المواد 593 - 595 و597 ( [746] ) . ويجوز لمشترى المتجر ، إذا اشترط على بائعه عدم النافسة وهذا التزام بامتناع عن عمل ، أن ينزل عن المتجر الذى اشتراه لشخص آخر ، ويعتبر أنه قد نزل له فى الوقت ذاته عن حقه الشخصى قبل البائع بعدم المنافسة . وإذا اشترط مالك العقار على جاره قيوداً فى البناء ، كمنعه من مجاوزة حد معين فى الارتفاع بالبناء أو فى مساحة رقعته ، وكانت القيود حقوقاً شخصية ، وليست حقوق ارتفاق وفقاً للمادة 1018 مدنى ، فإن هذه القيود تكون التزامات بالامتناع عن عمل ، ويجوز لمالك العقار عند نزلوه عن عقاره لشخص آخر أن ينزل له عنها مع العقار ، بل هى تنتقل حتماً معه وفقاً لقواعد الخلافة الخاصة ( م 146 مدنى ) .
ويستوى كذلك ، فى القابلية للحوالة ، أن يكون الحق مدنياً أو تجارياً ، أو أن يكون الحق مدوناً فى سند مكتوب – حكم قضائى أو سند رسمى أو سند غير رسمى – أو غير مدون أصلاً ، فتجوز حوالة الحقوق التى لا دليل عليها إلا البينة أو القرينة . وكذلك تجوز حوالة الأوراق التجارية من كببيالات وسندات وشيكات وحوالة الأسهم والسندات ، وإن كانت الحوالة فى هذه الأوراق لها إجراءات خاصة كما سنرى .
ويستوى أخيراً ، فى القابلية للحوالة ، أن يكون الحق منجزاً أو معلقاً على شرط ( [747] ) أو مقترناً بأجل ، بل أن أكثر ما ترد الحوالة عليه هى الحقوق المؤجلة ( [748] ) .
$ 452 $
251 - الحقوق المستقبلية : وكما تجوز حوالة الحق المؤجل والحق المعلق على شرط ، كذلك تجوز حوالة الحق المستقبل ( [749] ) . والفرق بين الحق المستقبل ( crénce future ) والحق الشرطى ( céance conditionelle ) هو ، كما قدمنا عند الكلام فى الشرط ، أن الحق الشرطى له وجود قانونى فى الحال ، وإن كان هذا الوجود غير بات وغير كامل ، فإذا ما تحقق الشرط أصبح الوجود باتاً كاملاً وبأثر رجعى من وقت نشوء الحق . وأما الحق المستقبل أو الحق الاحتمالى فليس له وجود قانونى فى الحال ، وإنما هو حق يحتمل وجوده فى المستقبل ، وإذا وجد فليس لوجوده أثر رجعى ، بل يوجد من وقت تحقق الواقعة التى أنشأته . وقد قدمنا أن الشرط فى الحق الشرطى أمر عارض ، وهو وصف يدخل على الحق بعد تمامه وبعد أن تتكامل عناصره . أما الحق الاحتمالى فالواقعة التى تحقق وجوده هى عنصر جوهرى فيه ، وليست أمراً عارضاً كالشرط . فالموصى له قبل موت الموصى حقه مستقبل احتمالى ، والشفيع قبل بيع العقار المشفوع فيه حقه كذلك مستقبل احتمالى ( [750] ) .
ومن ثم كان تصور حالة الحق المستقبل أو الحق الاحتمالى أصعب من تصور حوالة الحق الشرطى . ومن ثم أيضاً ذهب القضاء الفرنسى ، فى بعض أحكامه ، إلى وجوب أن تتحقق عناصر الحق الاحتمالى ولو تحققاً جزئياً ، حتى يكون هذا الحق قابلاً للحوالة ( [751] ) .
$ 453 $
ولكن الفقه الفرنسى بوجه عام ، ومعه كثير من أحكام القضاء فى فرنسا ، ذهب إلى جواز حوالة الحق الاحتمالى حتى قبل أن يتحقق أى عنصر من عناصره ( [752] ) . وهذا هو الرأى الصحيح ، فإن التعامل فى الأشياء المستقبلة جائز ، والحوالة ليست إلا ضرباً من ضروب التعامل ، فتجوز تأسيساً على ذلك حوالة الحق المستقبل أو الحق الاحتمالى .
ويؤيد هذا الرأى فى التقنين المدنى المصرى نصان : ( أولهما ) المادة 948 وتنص على أن " يسقط الحق فى الأخذ بالشفعة . . . إذا نزل الشفيع عن حقه فى الأخذ بالشفيعة ولو قبل البيع " . فهنا النزول – وإن كان إسقاطاً لا حوالة – يرد على حق احتمالى . ( والنص الثانى ) المادة 1040 وتقضى بأنه " يجوز أن يترتب الرهن ضماناً لدين معلق على شرط أو دين مستقبل أو دين احتمالى " . فهنا أيضاً للحق الاحتمالى كيان يسمح بأن يترتب له ضمان ، فيصح إذن أن يكون محلاً للتعامل ( [753] ) .
وقد ذهب القضاء فى مصر إلى جواز أن يحول مالك العقار مقدماً الريع الذى ينتجه عقاره فى المستقبل ، وتكون هذه الحوالة سارية حتى فى حق الدائنين المقيدين قبل الحوالة ( [754] ) . وذهب أيضاً إلى جواز أن يحول المقاول إلى أحد المصارف الأجرة التى ستستحق له فى نظير الأعمال التى سيعهد بها إليه صاحب العمل ، وذلك ضماناً لحساب جار يفتحه له المصرف ( [755] ) .
$ 454 $
252 - حوالة الحقوق الناشئة عن عقود ملزمة للجانبين : فى العقد الملزم للجانبين يكون كل متعاقد دائناً ومديناً فى وقت واحد . ففى عقد الإيجار مثلاً ، المستأجر دائن للمؤجر بتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة ، ومدين له بالأجرة . وفى عقد التوريد ، المورد دائن بالثمن ، ومدين بتوريد ما تعهد بتوريده . وفى عقد المقاولة ، المقاول دائن بالأجرة ومدين بالعمل . وفى عقد التأمين ، المؤمن له دائن بمبلغ التأمين ، ومدين بالأقساط . وهكذا . فهل يجوز لهؤلاء الدائنين المدنيين أن يحولوا لغيرهم ما لهم من حقوق ، مع استبقاء ما فى ذمتهم من التزامات؟ .
لا شك فى أن يجوز لهم ، فى التقنين المدنى الجديد ، بفضل حوالة الحق وحوالة الدين معاً ، أن يحولوا العقد كله للغير ، فيحولوا حقوقهم وفقاً لأحكام حوالة الحق ، ويحولوا دينهم وفقاً لأحكام حوالة الدين ( [756] ) .
ولكن هل يجوز لدائن من هؤلاء أن يقتصر عى حوالة حقه مع استبقاء الدين فى ذمته؟ هل يجوز للمتسأجر أن يحول حقه بالنسبة إلى العين المؤجرة ، مع استبقاء الأجرة فى ذمته؟ وهل يجوز للمورد أن يحول حقه فى الثمن ، مع بقائه ملتزماً بالتوريد؟ وهل يجوز للمقاول أن يحول حقه فى الجرة ، مع بقائه ملتزماً بالعمل؟ وهل يجوز للمؤمن له أن يحول حقه فى مبلغ التأمين ، مع بقائه ملتزماً بدفع الأقساط؟ .
فى التقنينات التى تجيز حوالة الدين كما تجيز حوالة الحق ، كالتقنين المدنى المصرى الجديد ، لا تقوم حاجة عملية إلى حوالة الحق دون الدين ، فإن الأيسر على ذوى الشأن أن يحولوا الحقوق والديون جميعاً ، أى الالتزامات الناشئة من العقد الملزم من الجانبين . وقد نظم التقنين المدنى المصرى الجديد تنظيماً $ 455 $ تشريعياً حوالة أحد العقود الملزمة للجانبين ، وهو عقد الإيجار ، باسم التنازل عن الإيجار . فأجاز للمستأجر التنازل عن الإيجار ، ولكن أبقاه ضامناً لالتزامات المتنازل له إلا إذا صدر من المؤجر قبول صريح بالتنازل أو استوفى الأجرة مباشرة من المتنازل له دون أن يبدى أى تحفظ فى شأن حقوقه قبل المستأجر الأصلى ( انظر المواد 593 و595 و597 ) مدنى ( [757] ) ) .
ولكن الحاجة العملية إلى الترخيص فى حوالة الحق دون الدين إنما تقوم فى التقنينات التى تنظم حوالة الحق دون أن تنظم حوالة الدين ، كالتقنين المنى الفرنسى ( [758] ) . ففى هذه التقنينات لا يتيسر للمتعاقد ، وهو دائن ومدين فى وقت واحد ، أن يحول دينه ، فهل يستطيع مع ذلك أن يحول حقه؟ دعا إلى التشكك فى هذا الأمر أن الحق والدين فى العقد الملزم للجانبين مرتبطان أحدهما بالآخر ارتباطاً وثيقاً ، حمل بعض الفقهاء على القول بأنه لا فكاك بينهما ، وأنه لا يجوز فصلهما بتحويل أحدهما واستبقاء الآخر ( [759] ) .
والصحيح أنه تجوز حوالة الحق دون الدين فى الأحوال المتقدمة الذكر . وإذا كان الحق والدين مرتبطين أحدهما بالآخر فى العقد الملزم للجانبين ، فليس معنى ذلك أنهما غير قابلين للتجزئة ( [760] ) . وغنى عن البيان أن حوالة الحق دون الدين جائزة فى التقنينات التى تنظم حوالة الدين كما تنظم حوالة الحق كالتقنين $ 456 $ المدنى المصرى ، وإذا كانت حوالة كل من الحق والدين جائزة فى هذه التقنينات ، فأولى أن تجوز حوالة الحق وحده .
253 - حوالة الحقوق المتنازع فيها والحق الشخصى قابل للحوالة حتى لو كان حقاً ينازع فيه المدين . ويعتبر الحق متنازعاً فيه إذا كان موضوعه قد رفعت به دعوى أو قام فى شأنه نزاع جدى ( [761] ) .
وإذا كانت حوالة الحق المتنازع فيه بيعاً ، فقد اعتبر المشرع المشترى ، وهو يتصيد الحقوق المتنازع فيها ، مضارباً قد وصل فى المضاربة حداً لا تحمد معه مسايرته فيه . ومن ثم جعل للمدين الذى ينازع فى هذا الحق أن يتخلص من مطالبة المشترى ، إذا هو رد إليه الثمن الحقيقى الذى دفعه – يكون عادة ثمناً بخساً – مع المصروفات وفوائد الثمن من وقت الدفع ( م 469 مدنى ) . إلا أنه استثنى من هذا الحكم حالات لا تتمحض فيها فكرة المضاربة ، بل يكون للمشترى فى الصفقة التى عقدها مسوغ مشروع ، وذلك إذا كان الحق المتنازع فيه داخلاً ضمن مجموعة أموال بيعت جزافاً بثمن واحد ، أو إذا كان الحق المتنازع فيه شائعاً بين ورثة أو ملاك وباع أحدهم نصيباه للآخر ، أو إذا نزل المدين للدائن عن حق متنازع فيه فى ذمة أجنبى وفاء للدين المستحق فى ذمته ، أو إذا كان الحق المتنازع فيه يثقل عقاراً وبيع الحق لحائز العقار ( [762] ) .
$ 457 $
ولما كان بيع الحقوق المتنازع فيها ليس خاصاً بالحقوق الشخصية ، بل هو عام يشمل الحقوق الشخصية الحقوق العينية على السواء ، متى كانت حقوقاً متنازعاً فيها على النحو الذى أسلفنا ذكره ، ثم هو مقصور على عقد البيع ، فإن هذه المسألة تخرج عن نطاق بحثنا ، فنكتفى هنا بما قدمناه ، وسنبحث المسألة فى تفصيل أو فى عند الكلام فى البيع .
254 - الحقوق العينية لا تكون محلاً لحوالة الحق : وقد قدمنا أن الحق الذى يكون محلاً لحوالة لابد أن يكون حقاً شخصياً . أما الحقوق العينية فتنتقل من صاحبها إلى غيره بطرق وإجراءات أخرى غير الطرق والإجراءات التى تتبع فى حوالة الحقوق الشخصية .
وأهم فرق بين الحق العينى والحق الشخصى فى هذا الصدد أن الحق العينى لا يتعلق بذمة مدين معين بالذات ، ومن ثم يتم نقله وينفذ بالاتفاق بين صاحب الحق ومن يتعاقد معه . أما النفاذ فى ح الغير ، فلا يمكن أن يكون ذلك بإعلان الاتفاق إلى مدين معين كما هو الشأن فى حوالة الحق ، ولكن بإجراءات أخرى . فإذا كان الحق العينى واقعاً على عقار ، حلت إجراءات التسجيل أو القيد محل إجراءات الإعلان . أما إذا كان الحق العينى واقعاً على منقول ، فإن القاعدة التى تقضى بأن الحيازة فى المنقول سند الملكية من شأنها أن تكفل لمن حاز المنقول حقه قبل الغير ( [763] ) .
$ 458 $
2 - الاستثناءات – الحالات التى يكون فيها لحق الشخصى غير قابل للحوالة
255 - متى يكون الحق الشخصى غير قابل للحوالة : قدمنا أن المادة 303 مدنى تقضى بأن الأصل فى الحق الشخصى أن يكون قبلاً للحوالة ، إلا إذا حال دون ذلك نص القانون أو اتفاق المتعاقدين أو طبيعة الالتزام ، وأن المادة 304 مدنى تقضى بأنه لا تجوز حوالة الحق إلا بمقدار ما يكون منه قابلاً للحجز .
فالحق الشخصى لا يكون إذن قابلاً للحوالة : ( 1 ) إذا كانت طبيعة تستعصى على الانتقال من دائن إلى دائن . ( 2 ) إذا نص القانون على عدم قابليته للحوالة ، ويعتبر النص على عدم قابلية الحق للحجز نصاً على عدم قابليته للحوالة بحكم المادة 304 مدنى . ( 3 ) إذا اتفق المتعاقدان على أن الحق لا يجوز تحويله ( [764] ) .
256 - عدم القابلية للحوالة بسبب طبيعة الحق : قد يكون الحق بسبب طبيعته متصلاً اتصالاً وثيقاً بشخص الدائن ، فلا يمكن فى هذه الحالة أن $ 459 $ بنزل عنه إلى شخص آخر . ومن ذلك حق الدائن فى النفقة ، وحقه فى التعويض عن الضرر الأدبى الذى لحق به ما دام لم تحدد التعويض اتفاق أو يطالب به الدائن أمام القضاء ( م 222 / 1 مدنى ) . كذلك يعتبر حق الشريط فى شركة الأشخاص ، وحق المزارع فى المزارعة ، وحق المستأجر فى إيجار اعتبرت فيه شخصيته ، ونحو ذلك من العقود المنظور فيها إلى شخصية المتعاقد ( intuit personce ) ، كل هذه حقوق لا يجوز للدائن تحويلها إلى شخص آخر .
257 - عدم قابلية الحق للحوالة بنص فى القانون أو لعدم قابلية للحجز هناك حقوق شخصية عنى القانون بالنص صراحة على عدم جواز حوالتها ، لاعبتارات ترجع فى الغالب إلى أنه تتصل اتصالاً توثيقاً بشخص الدائن .
من ذلك حق المستعير فى استعمال الشئ المعار ، فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 639 مدنى على أنه لا يجوز للمستعير " دون إذن المعير أن ينزل عن الاستعمال للغير ولو على سبيل التبرع " .
ومن ذلك حق المستأجر فى الانتفاع بالعين المؤجرة ، فقد نصت قوانين الإيجار الاستثنائية على عدم جواز تنازل المستأجر عن حقه فى الإيجار بغير أذن كتابى صريح من المالك وإلا جاز للمؤجر طلب الإخلاء ( القانون رقم 121 لسنة 1947 المادة الثانية ) ، وذلك لأن المشرع قد ضمن للمستأجر شخصياً السكن بأجرة مخفضة فلا يجوز لهذا اتخاذ هذه الميزة وسيلة للاستغلال بالنزول للغير عن الإيجار ( [765] ) .
ومن الحقوق التى لا تقبل الحوالة لطائفة معينة من الأشخاص ما نصت عليه المادة 471 مدنى من أنه " لا يجوز للقضاة ولا لأعضاء النيابة ولا للمحامين $ 460 $ ولا لكتبه المحاكم أن يشتروا ، لا بأسمائهم ولا باسم مستعار ، الحق المتنازع فيه كله أو بعضه ، إذا كان النظر فى النزاع يدخل فى اختصاص المحكمة التى يباشرون أعمالهم فى دائرتها ، وإلا كان البيع باطلاً " . فتحريم الحوالة هنا مقصور على عمال القضاء .
وقد قدمنا أن هناك حقوقاً تأبى طبيعتها أن تقبل الحوالة . وقد يتولى القانون بنص منه بيان هذه الحقوق . من ذلك ما نصت عليه المادة 625 مدنى من أنه " لا يجوز لى المزارعة أن ينزل المستأجر عن الإيجار أو يؤجر من الباطن إلا برضاء المؤجر " . ومن ذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 222 مدنى من أنه " يشمل التعويض الضرر الأدبى أيضاً ، ولكن لا يجوز فى هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء " .
ولحق بالحقوق غير القابلة للحوالة بنص القانون الحقوق غير القابلة للحجز عليها بنص القانون ، وذلك بمقتضى المادة 304 مدنى كما سبق القول . من ذلك ما نصت عليه المادة 486 مرافعات من أنه " لا يجوز الحجز على ما يحكم به القضاء من المبالغ المقررة أو المرتبة مؤقتاً للنفقة أو للصرف منها فى غرض معين ، ولا على المبالغ والأشياء الموهوبة أو الموصى بها لتكون نفقة ، إلا بقدر الربع وفاء لدين نفقة مقررة " . ومن ذلك ما نصت عليه المادة 488 مرافعات من أنه " لا يجوز الحجز على أجور الخدم والصناع والعمال أو مرتبات المستخدمين إلا بقدر الربع ، وعند التزاحم يخصص نصفه لوفاء ديون النفقة المقررة والنصف الآخر لما عداها من الديون " . ومن ذلك ما قضى به القانون من عدم جواز الحجز على مرتبات الموظفين والمستخدمين إلا بقدر الربع فى نفقة أو فى دين مستحق للحكومة بسبب الوظيفة ( [766] ) . وغنى عن البيان أن الحق الذى يكون $ 461 $ غير قابل للحجز عليه فى شق منه فحسب ، لا تمتنع حوالته إلى فى الحدود التى يكون فيها غير قابل للحجز ( [767] ) .
258 - عدم قابلية الحق للحوالة باتفاق المتعاقدين : وقد يتفق المتعاقدان ، الدائن والمدين ، على أنه لا يجوز للدائن حوالة الحق الذى فى ذمة المدين ، أو على أن الحوالة لا تجوز إلا برضاء المدين . ولما كانت قابلية الحق للحوالة ليست من النظام العام ، فإن الاتفاق على عدم قابليته للحوالة جائز ( [768] ) .
من ذلك اشتراط المؤجر على المستأجر ألا ينزل عن الإيجار لغيره ، وتنص المادة 593 مدنى فى هذا الصدد على ما يأتى : " للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن ، وذلك عن كل ما استأجره أو بعضه ، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك " ( [769] ) .
$ 462 $
وبعد أن جعل التقنين المدنى الجديد حوالة الحق جازة بغير رضاء المدين ، أصبح للمدين ، إذا كان لا يريد الحوالة دون رضائه ، أن يتشرط فى عقد الاتفاق على المدين منذ البداية عدم جواز حوالة هذا الحق . وهذا الشرط جائز معتبر ، لأن النظام العام ، كما قدمنا ، لا يقتضى منعه ( [770] ) . وهذا بخلاف حق التصرف فى الحقوق العينية ، فإن النظام العام يقتضى التضييق من منع التصرف فيها حتى يسه تداول الأموال ( [771] ) . ومن ثم كان شرط منع التصرف فى المال مقيداً بوجوب قيامه على باعث مشروع وبقصره على مدة معقولة . وقد نصت المادة 823 مدنى فى هذا الصدد ما يأتى : " 1 - إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال ، فلا يصح هذا الشرط ، ما لم يكن مبيناً على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة . 2 - ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير . 3 - والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير " ( [772] ) .
$ 463 $
الفرع الثانى
التراضى فى حوالة الحق
259 - النصوص القانونية : رأينا أن المادة 303 من التقنين المدنى تنص على أنه " يجوز للدائن أن يحول حقه إلى شخص آخر . . . وتتم الحوالة دون حاجة إلى رضاء المدين " .
وتنص المادة 305 على ما يأتى :
" لا تكون الحوالة نافذة قبل المدين أو قبل الغير إلا إذا قبلها المدين أو أعلن بها . على أن نفاذها قبل الغير بقبول المدين يستلزم أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ " ( [773] ) .
وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المادة 349 أهلى والمواد 435 – 437 مختلط ( [774] ) .
$ 464 $
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى $ 465 $ م 303 و305 - وفى التقنين المدنى الليبى م 290 و292 - وفى التقنين المدنى العراقى م 362 - 363 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 280 و282 - 283 ( [775] ) .
$ 466 $
ويتبين من هذه النصوص أن الحوالة تتم بتراضى المحيل والمحال له دون حاجة إلى رضاء المدين ( المحال عليه ) . ولكن لا تنفذ فى حق المحال عليه إلا إذا قبلها أو أعلن بها ، ولا فى حق الغير إلا من تاريخ إعلان المحال عليه أو من التاريخ الثابت لقبوله .
فنبحث أمرين : ( 1 ) انعقاد الحوالة ( 2 ) نفاذ الحوالة فى حق المدين ( المحال عليه ) وفى حق الغير .
1- انعقاد الحوالة
260 - تراضى المحيل والمحال له كاف فى انعقاد الحوالة – لا حاجة إلى رضاء المدين : يكفى فى انعقاد الحوالة تراضى المحيل والمحال له ، أى الدائن الأصلى والدائن الجديد . فإذا رضى الدائن الأصلى أن يحول حقه الذى فى ذمة مدينه إلى شخص آخر ، وقبل هذا الشخص الآخر ، فقد انعقدت الحوالة ، وصال الدائن الأصلى محيلاً والدائن الجديد محالاً له ، وكل ذلك دون حاجة إلى رضاء المدين الذى فى ذمته الحق ، بل يصبح هذا بانعقاد الحوالة محالاً عليه . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 303 مدنى كما رأينا ، مجانية فى ذلك مذهب التقنين الأهلى السابق حيث كان يشتط رضاء المدين ، ومتمشية مع التقنين المختلط السابق وسائر التقنينات الحديثة حيث لا يشترط هذا الرضاء ( [776] ) .
$ 467 $
والسبب فى عدم الحاجة إلى رضاء الدين أن انتقال الحق من دائن إلى آخر ليس من شأنه الإضرار بالمدين إضراراً يستوجب تحتيم رضائه لانعقاد الحوالة . ففى أكثر الأحوال يستوى لدى المدين أن يطالبه شخص أو آخر بالدين الذى فى ذمته . وفى أحوال قليلة قد يعنى المدين أن يطالبه دائنه الأصلى دون أى شخص آخر ، لأنه إنما تعامل معه ، أو لاحتمال أن يكون غيره أشد إلحافاً فى المطالبة . ولكن الضرر الذى ينجم عن ذلك أقل بكثير من الضرر الذى يصيب الدائن من جراء منعه من حوالة حقه عندما تقوم به الحاجة إلى ذلك ، أو عندما يرى فى ذلك فائدة . وما على المدين ، وقت نشوء الدين ، إذا كان يحرض ألا يتغير عليه دائنه ، إلا أن يتفق مع الدائن على عدم جواز الحوالة إلا برضائه ، وقد تقدم القول فى ذلك . أم نفاذ الحوالة فى حق المدين فلا يكون إلا برضائه أو بإعلانه كما سيأتى ( [777] ) .
261 - الحوالة اتفاق رضائى لا يشترط فيه شكل خاص إلى فى الهيئة : والحوالة ، ما لم تكن هبة صريحة ، اتفاق رضائى ( [778] ) . فلا يتشرط $ 468 $ لانعقادها شكل خاص ، بل تنعقد بمجرد توافق الإيجاب والقبول ( [779] ) ، ومن ثم لا يوجد ما يمنع من حوالة حق غير ثابت بالكتابة ( [780] ) . وقد كان المشروع التمهيدى يشتمل على نص فى هذا المعنى ، هو المادة 428 من هذا المشروع ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " 1 - لا يتشرط فى انعقاد الحوالة شكل خاص ، حتى لو كان الحق المحال به مضموناً برهن رسمى أو بأى عينى آخر . 2 - ولكن لا يجوز التمسك قبل الغير بحوالة تأمين عينى إلا إذا حصل التأشير بذلك على هامش للقيد الأصلى لهذا التأمين ( [781] ) " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، " لأن الفقرة الأولى منه يمكن استخلاصها من القواعد العامة ، ولأن الفقرة الثانية ورد حكمها فى مكان آخر ( [782] ) " . وغنى عن البيان أنه إذا لم يؤشر بالحوالة فى هامش القيد الأصلى للتأمين ، وانتقلت العين المرهونة إلى حائز ، جاز $ 469 $ لهذا الحائز أن يفى بالدين وفاء صحيحاً للدائن الأصلى ، إذ المفروض أنه يجعل وقوع الحوالة ما دام لم يؤشر بها على هامش القيد ( [783] ) .
أما إذا تمحضت حوالة الحق هبة مباشرة ، فإنها ككل هبة يجب أن تفرغ فى شكلها الرسمى ، ولا تنعقد إلا إذا كانت فى ورقة رسمية . وليس فى هذا إلا تطبيق للقواعد العامة فى الهبة ( [784] ) .
262 - وجوب مراعاة قواعد الإثبات : على أنه تجب مراعاة القواعد العامة فى إثبات الحوالة, فإذا حول دائن حقه ، وهو مائة جنيه مثلاً ، إلى آخر بثمن قدره تسعون جنيهاً ، وذلك بالتراضى بينهما ، فإن المحيل لا يستطيع إثبات التزام المحال له بالثمن ، ولا المحال له يستطيع إثبات التزام المحيل بنقل هذا الحق ، إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها ، ولا يجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن ( [785] ) ، لأن كل التزام من هذين يزيد على عشرة جنيهات . أما إذا كان الحق المحال به هو اثنا عشر جنيهاً وكان ثمن الحوالة عشرة جنيهات مثلاً ، فإن المحيل يستطيع إثبات التزام المحال له بالثمن بالبينة والقرائن لأن الثمن لا يزيد على عشرة جنيهات ، $ 470 $ ولكن المحال له لا يستطيع إثبات التزام المحيل بنقل الحق إلا بالكتابة أو بما يقوم قامها لأن الحقتزيد قيمته على عشرة جنيهات ( [786] ) .
وتبقى هذه القواعد العامة للإثبات هى المعمول بها ، حتى لو أريد إثبات حوالة حق ثابت فى سند اسمى أو فى سند تحت الإذن ، لأن الإجراءات الخاصة بحوالة هذه الحقوق ليست ضرورية إلا لجعل الحوالة نافذة فى حق الغير ، فهى ليست ضرورية لا لانعقاد الحوالة ولا لإثباتها بعد الانعقاد .
263 - تكييف الاتفاق الذى تتم به الحوالة : والاتفاق الذى تتم به الحوالة ما بين المحيل والمحال له هو الذى ينقل الحق من الأول إلى الثانى . ولذلك سمى اتفاقاً ( convention ) ولم يسمى عقداً ( contrat ) ، إذ يذهب بعض الفقهاء إلى أن الاتفاق أعم من العقد ، فهو ينشئ الحقوق وينقلها ويعدلها ويقضيها ، أما العقد فيقتصر على إنشاء الحقوق ( [787] ) . ولما كانت الحوالة تنقل حقاً شخصياً موجوداً من قبل ، ولا شأن لها فى إنشاء هذا الحق ، فهى اتفاق لا عقد . ولكن أكثر الفقهاء لا يرون أهمية عملية للتمييز بين الاتفاق والعقد ( [788] ) .
على أنه يمكن القول من جهة أخرى أن الاتفاق على الحوالة ما بين المحيل والمحال له يبدأ بإنشاء التزام فى ذمة المحيل بنقل حقه الشخصى إلى المحال له ، ويتم تنفيذ هذا الالتزام فوراً بمجرد نشوئه فينتقل الحق إلى المحال له . فإذا صح هذا التكييف ، كانت الحوالة عقداً حتى عند من يذهبون إلى التمييز بين العقد $ 471 $ والاتفاق ، غذ أنها تبدأ بإنشاء التزام بنقل الحق ثم ينتقل الحق تنفيذاً لهذا الالتزام ( [789] ) .
2 - نفاذ الحوالة فى حق المدين وفى حق الغير
264 - معنى صيرورة الحوالة نافذة فى حق المدين وفى حق الغير : قدمنا أن الحوالة تنعقد بالتراضى بين المحيل والمحال له ، دون حاجة إلى رضاء المدين . ولكن انعقاد الحوالة لا يكفى لجعلها نافذة فى حق المدين أو فى حق الغير .
أما أن انعقاد الحوالة لا يكفى لجعلها نافذة فى حق المدين ، فذلك لأن الحوالة تنعقد دون حاجة إلى رضائه ، فيصح أن يكون جاهلاً بوقوعها ، فيعامل دائنه الأصلى على أنه دائنه الوحيد ، ويفى له بالدين أو يقضيه معه بأى سبب من أسباب الانقضاء كالتجديد والمقاصة والإبراء . وينبغى أن يقع هذا التعامل صحيحاً ، وأن يستطيع المدين الاحتجاج به على المحال له ، ومعنى ذلك أن الحوالة لا تكون نافذة فى حق المدين . وإنما تنفذ الحوالة فى حقه إذا كان عالماً بها ، وعندئذ يصبح المحال له هو دائنه الوحيد ، ولا يمجوز له التعامل مع الدائن الأصلى أو الوفاء له بالدين . فهذا هو معنى صيرورة الحوالة نافذة فى حق المدين .
أما معنى صيرورتها نافذة فى حق الغير ، فهذا يقتضى أولاً تحديد معنى " الغير " هنا . يمكن اعتبار المدين " غيراً " من وجه ، وطرفاً فى الحوالة من $ 472 $ وجه آخر . وعلى كل حال فإن المدين له وضع خاص فى الحوالة يجعله بين بين ( [790] ) .
أما الأشخاص الذين يتمحضون " غيراً " فى الحوالة فهم كل شخص كسب حقاً من جهة المحيل على الحق المحال به ، يتعارض مع حق المحال له . فيكون غيراً محال له آخر غير المحال له الأول ، يبتاع الحق المحال به ، أو يوهب له أو يرتهنه مثلاً . كما يكون غيراً دائن المحيل إذا وقع حجزاً على الحق المحال به تحت يد المحال عليه . كذلك إذا شهر إفلاس المحيل أو شهر إعساره ، فدائنوه يصبحون من الغير بالنسبة إلى المحال له ( [791] ) . ومعنى صيرورة الحوالة نافذة فى حق هؤلاء الأغيار هو أنه عند تزاحم المحال له مع أحد منهم – محال له ثان أو دائن حاجز أو دائن المفلس أو المعسر – يقدم المحال له إذا كان تاريخ نفاذ حوالته فى حق هذا الغير سابقاً على تاريخ نفاذ الحوالة الثانية أو الحجز أو الإفلاس أو الإعسار فى حقه هو .
265 - إعلان المدين بالحوالة أو قبوله لها ضرورى لنفاذ الحوالة فى حقه وفى حق الغير : لابد إذن ، لنفاذ الحوالة فى حق المدين المحال عليه ، من أن يعلم بها . وقد اختار القانون لإعلامه بها أحد طريقين : إما إعلانه بهذه الحوالة ، وإما قبوله لها . وقد نصت على ذلك المادة 305 مدنى ، كما رأينا . $ 473 $ ولا فرق بين الطريقين ، فأى منهما يكفى لجعل الحوالة نافذة فى حق المدين ( [792] ) . غير أن النتائج التى تتربت على قبول قد تكون فى بعض الأحوال أبعد مدى من تلك التى تترتب على مجرد الإعلان . من ذلك ما نصت عليه المادة 368 مدنى من أنه : " 1 - إذا حول الدائن حقه للغير وقبل المدين الحوالة دون تحفظ ، فلا يجوز لهذا المدين أن يتمسك قبل المحال له بالمقاصة التى كان له أن يتمسك بها قبل قبوله للحوالة ، ولا يكون له إلا الرجوع بحقه على المحيل . 2 - أما إذا كان المدين لم يقبل الحوالة ولكن أعلن بها ، فلا تمنعه هذه الحوالة من أن يتمسك بالمقاصة " . وسنعود إلى هذه المسألة فيما يأتى .
أما لنفاذ الحوالة فى حق الغير ، فإنه يجب أيضاً إما إعلان المدين الحوالة وإما قبوله لها . ولما كان إعلان المدين بالحوالة لا يصح إلا بورقة رسمية كما سنرى ، فإن هذا الإعلان له تاريخ ثابت حتماً ، ويكون نفاذ الحوالة ، فى حق الغير ، كنفاذها فى حق المدين ، من هذا التاريخ . فإذا تزاحم المحال له مع محال آخر أو مع دائن حاجز مثلاً ، وكانت الحوالة نافذة فى حق الغير من طريق إعلانها للمدين ، فتاريخ هذا الإعلان هو الذى يحدد مرتبتها بالنسبة إلى الحوالة $ 474 $ الثانية أو إلى الحجز . أما إذا كان نفاذ الحوالة فى حق الغير من طريق قبول المدين لها ، فليس من المحتم أن يكون لهذا القبول تاريخ ثابت ، ومن ثم لا تكون الحوالة نافذة فى هذه الحالة فى حق الغير إلا من الوقت الذى يكون فيه للقبول تاريخ ثابت . ونرى من ذلك أن الحوالة ، إذا كان نفاذها من طريق قبول المدين ، تكون نافذة فى حق المدين من وقت هذا القبول ولم لم يكن له تاريخ ثابت ، ولا تكون نافذة فى حق الغير إلا من وقت أن يكون للقبول تاريخ ثابت ، فهى إذن قد تكون نافذة فى حق المدين دون أن تكون نافذة فى حق الغير . وهذا ما نصت عليه المادة 305 مدنى ، فهى تقضى كما رأينا بأنه " لا تكون الحوالة نافذة قبل المدين أو قبل الغير إلا إذا قبلها المدين أو أعلن بها . على أن نفاذها قبل الغير بقبول المدين يستلزم أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ " . . وسنعود إلى تفصيل ذلك عند الكلام فى العلاقة ما بين المحال له والغير .
والغرض من هذه الإجراءات – إعلان المدين أو قبوله – مراعاة مصلحة المدين أولاً وذلك حتى يعلم بالحوالة فيمتنع من معاملة الدائن الأصلى ولا يعامل إلا الدائن الجديد ، ومراعاة مصلحة الدائن الجديد ثانياً وذلك حتى يصبح بعد الإعلان أو القبول هو وحده صاحب الحق المحال به تجاه المدين والغير ، ومراعاة مصلحة الغير أخيراً إذ أنه لا يمكن تركيز شهر الحوالة فى جهة خير من جهة المدين ، فهو الذى يطالبه المحال له بالحق ، وهو الذى يستطيع أن يخبر الغير الذى يريد أن يتعامل فى هذا الحق بما إذا كان الدائن قد تصرف فيه من قبل أو أن حجزاً وقع على الحق تحت يده ، ما دام قد قبل هذا التصرف السابق أو أعلن به أو بالحجز ، فيمتنع الغير بعد ذلك عن التعامل مع الدائن فى هذا الحق ( [793] ) .
$ 475 $
266 - إعلان المدين بالحوالة :يصدر هذا الإعلان إما من المحيل أو من المحال له . ولما كان المحال له هو الذي يعنيه قبل غيره أن تكون الحوالة نافذة فى حق المدين وفى حق الغير ، وهو الذي يخشى إن أبطأ فى ذلك أن يعمد المحيل إلى التصرف فى حقه مرة أخرى أو إلى استيفائه من المدين ، لذلك كان الغالب أن يكون هو – لا المحيل إلى التصرف فى حقه مرة أخرى أو إلى استيفائه من المدين ، لذلك كان الغالب أن يكون هو – لا المحيل – الذي يتولى إعلان الحوالة للمدين ( [794] ) . وقد يعنى المحيل إعلان الحوالة ، حتى لا يوقع أحد دائنيه حجزاً تحفظياً تحت يد المدين قبل إعلانها ، فيصبح الحجز نافذاً فى حق المحال له ، ويرجع هذا عليه بالضمان ، ومن ثم يكون المحيل نفسه هو الذي يبادر بإعلان الحوالة درءاً لهذا الخطر ( [795] ) .
ويمكن إعلان المدين بالحوالة فى أى وقت بعد صدورها . ولا يكون الإعلان متأخراً ، إلا إذا سبقه إجراء يمنع من جعله مفيداً . مثل ذلك أن تصدر من المحيل حوالة أخرى تعلن للمدين أو يقبلها ، فمن وقت إعلان الحوالة الثانية أو قبولها لم يعد من المفيد إعلان الحوالة الأولى . ومثل ذلك أيضا توقيع حجز من دائن المحيل تحت يد المدين ، فمن يوم توقيع هذا الحجز لم يعد إعلان الحوالة إلا بمثابة حجز جديد كما سنرى . ومثل ذلك أخيراً شهر إفلاس المحيل أو شهر $ 476 $ إعساره ، فمن ذلك الوقت لا يكون إعلان الحوالة ، ولو صدرت منه قبل شهر الإفلاس أو الإعسار ، مفيداً ، إذ لا يمكن الاحتجاج بالحوالة فى هذه الحالة على دائنى المفلس أو المعسر . ومن ذلك نرى أن للمحال له مصلحة فى التعجيل بإعلان الحوالة إلى المدين ، حتى لا يسبق الإعلان إجراء مماثل لما قدمناه فيعطل حقه ويجعل الحوالة غير نافذة فى حق الغيـر ( [796] ) .
ويجب أن يكون إعلان المدين إعلاناً رسميا على يد محضر ( [797] ) . فلا يكفى الإعلان الشفوى ، بل ولا الإعلان المكتوب ولو فى كتاب مسجل ( [798] ) . وليس من الضرورى أن يتضمن الإعلان نص الحوالة ، بل يكفى أن يشتمل على ذكر وقوع الحوالة مع بيان لشروطها الأساسية ( [799] ) . ومن ثم جاز إعلان الحوالة على هذا الوجه حتى لو كانت شفوية غير مدونة فى ورقة مكتوبة ( [800] ) . وأية ورقة رسمية تشتمل على هذه البيانات وتعلن للمدين تقوم مقام الإعلان ، فيقوم مقام الإعلان صحيفة الدعوى التى يرفعها المحال له على المدين مطالباً إياه بوفاء الحق المحال به ، ومن وقت وصول صحيفة الدعوى إلى المدين يعتبر هذا معلناً بالحوالة فتنفذ فى حقه وفى حق الغير ( [801] ) . ويغنى أيضا عن الإعلان $ 477 $ التنبيه ( [802] ) ، والتقدم فى توزيع ( [803] ) ، وتوقيع المحال له حجراً تحفيظاً تحت يد المدين ( [804] ) .
ويوجه إعلان إعلان الحوالة إلى المدين ( [805] ) ، أو إلى نائبه كممثل الجمعية أو مدير الشركة أو الولى أو الوصى أو القيم ، أو إلى أى شخص تكون له صفة فى وفاء الحق عن المدين ( [806] ) . وإذا كان الحق المحال به حقا مستقبلا ، جاز توجيه $ 478 $ الإعلان إلى جميع الأشخاص الذين يحتمل أن يكونوا مدينين بهذا الحق ( [807] ) .
267 - قبول المدين للحوالة : والطريق الثانى لصيرورة الحوالة نافذة فى حق المدين هو قبوله لها . فإذا صار للقبول تاريخ ثابت ، أصبحت الحوالة نافذة أيضا فى حق الغير كما سبق القول .
والوقت الذي يصح فى خلاله هذا القبول هو نفس الوقت الذي يصح فى خلاله إعلان الحوالة ، فيكون القبول متأخراً إذا سبقه إعلان حوالة أخرى أو حجز تحفظى تحت يد المدين أو قبول منه لحوالة أخرى أو شهر إفلاس المحيل أو شهر إعساره . ويصح صدور القبول وقت صدور الحوالة نفسها وفى نفس الورقة التى دونت فيها الحوالة ، كما يصح صدوره بعد ذلك على الوجه الذي قدمناه ، ولكن لا يصح صدوره قبل صدور الحوالة ( [808] ) .
$ 479 $ ولا يتضمن قبول المدين للحوالة نزولا منه عن الدفوع التى كان له أن يدفع بها مطالبة المحيل ، فهو بالرغم من قبوله للحوالة يستبقى هذه الدفوع ، ويجوز له أن يتمسك بها قبل المحال له كما سنرى . فقبول المحال له للحوالة لا يعنى أكثر من أنه علم بوقوع الحوالة ، فأصبحت سارية فى حقه ، وصار واجباً عليه أن يدفع الدين للمحال له لا للمحيل ، ولكن فى الحدود التى يجب عليه فيها دفع هذا الدين للمحيل . ويستثنى من ذلك أمر واحد سبقت الإشارة إليه ، هو أن الدفع بالمقاصة الذي كان المدين يستطيع أن يتمسك به قبل المحيل لا يجوز التمسك به قبل المحال له إذا قبل المدين الحوالة دون تحفظ ( م 368 / 1 مدنى ) . ولكن هذا لا يمنع المدين من أن يضمن قبوله للحوالة نزولا عن الدفوع التى كانت له قبل المحيل ، فيصبح بهذا القبول البعيد المدى ملتزماً بدفع الدين للمحال له ، ولا يجوز له التمسك قبله بالدفوع التى كان يستطيع التمسك بها قبل المحيل . ولكن مثل هذا القبول لا يفترض ، بل لا بد أن يكون الإطلاق فيه على هذا الوجه واضحاً ، فإن قام ثمة شك فسر القبول لصالح المدين ، واعتبر قبولا للحوالة مع الاحتفاظ بما للمدين من دفوع كان له أن يتمسك بها قبل المحيل ( [809] ) .
فالقبول إذن ، بهذا التحديد ، لا يفيد أكثر من إقرار ( [810] ) من جانب المدين بأنه علم بوقوع الحوالة كما تقدم القول ، ولا يفيد أن المدين أصبح طرفاً فى عقد الحوالة ، فقد أسلفنا أن هذا العقد يتم دون حاجة إلى قبوله . ومن ثم إذا رفض المدين أن يقبل الحوالة ، أمكن الاستغناء عن قبوله بإعلان الحوالة إليه ، فالإعلان كالقبول يفيد حتما علم المدين بوقوع الحوالة ، وهذا هو المقصود من كل من القبول والإعلان .
ويصدر القبول من المدين أو من نائبه أو من أى شخص آخر يمكن أن يوجه إليه الإعلان فيما لو كانت الحوالة قد أعلنت ، وقد تقدم بيان من يوجه $ 480 $ إليه إعلان الحوالة ( [811] ) .
وليس للقبول شكل خاص . فيصح أن يكون فى ورقة رسمية ( [812] ) ، كما يصح أن يكون فى ورقة عرفية ثابتة التاريخ ، أو فى ورقة عرفية غير ثابتة التاريخ . بل يصح ألا يكون مكتوباً أصلا ، فيكون قبولا شفويا . وقد يكون قبولا ضمنياً ، كما يقع فيما إذا دفع المدين بعض أقساط الدين للمحال له ففى هذا قبول ضمنى للحوالة ( [813] ) ، وكما يقع فيما إذا استوفى المؤجر الأجرة مباشرة من المتنازل له عن الإيجار دون أن يبدى أى تحفظ فى شأن حقوقه قبل المستأجر الأصلى ( م 597 ثانياً مدنى ) . ويخضع القبول فى هذه الحالة ، إذا أنكر المدين صدوره منه ، للقواعد العامة فى الإثبات ، فيجوز إثباته بالبينة والقرائن إذا كان الحق المحال به لا يجاوز عشرة جنيهات ، وإلا فلا يجوز إثباته إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها ( [814] ) . كل هذا لنفاذ الحوالة فى حق المدين ، أما لنفاذها فى حق الغير فقد قدمنا أن القبول يجب أن يكون فى ورقة مكتوبة ثابتة التاريخ .
268 - هل يقوم علم المدين بصدور الحوالة مقام الإعلان أو القبول : رأينا فيما قدمناه أن المقصود فى إعلان المدين بالحوالة أو قبوله بها $ 481 $ هو إثبات علمه بوقوعها ، فهل يستخلص من ذلك أنه متى ثبت علم المدين بالحوالة ، ولو من طريق آخر غير الإعلان أو القبول ، تكون الحوالة نافذة فى حقه؟
قد يعلم المدين بوقوع الحوالة دون أن يعلن بها على يد محضر ودون أن يصدر منه قبول بها . فقد يكون الحق المحال به مضموناً برهن رسمى وأشار المحال له على هامش القيد بالحوالة ، فعلم المدين بها من هذا الطريق ( [815] ) . وقد يكون المدين قد حضر مجلس العقد وقت صدور الحوالة ، فعلم بصدورها . وقد يكون أجنبى أخطره ، شفوياً أو كتابة ، بوقوع الحوالة . وأيسر من هذا كله أن يكون المحال له أو المحيل هو الذي تولى بنفسه إخطار المدين بصدور الحوالة ، ولكن لا بإعلان رسمى ، بل شفوياً أو كتابة ولو بكتاب مسجل . فما دام المدين لم يعلن رسمياً على يد محضر ، وما دام لم يصدر منه قبول بالحوالة ، فحتى الكتاب المسجل الذي يخطره فيه المحال له أو المحيل بصدور الحوالة لا يجعل عدمه حاصلا من أحد الطريقين اللذين رسمهما القانون لذلك .
فى جميع هذه الأحوال لا يكون علم المدين بوقوع الحوالة ، كما قدمنا ، حاصلا بالطريق الذي رسمه القانون . فلا يكون هذا العلم ، مهما استطاع ذو المصلحة أن يثبته ، بل ولو أقر به المدين نفسه ، كافياً فى جعل الحوالة نافذة فى حقه ( [816] ) . ذلك أن القانون متى رسم طريقاً محددا للعلم بتصرف معين ، فلا يجوز استظهار العلم إلا بهذا الطريق . فالتسجيل مثلا طريق لشهر انتقال الحقوق العينية العقارية الأصلية ، فلا يكون انتقال هذه الحقوق نافذاً فى حق الغير إلا من طريق التسجيل . والقيد طريق لشهر إنشاء الحقوق العينية العقارية التبعية ، فلا تنفذ هذه الحقوق فى حق الغير إلا بالقيد . وكذلك الإعلان أو القبول طريق لشهر انتقال الحقوق الشخصية ، فلا تكون الحوالة نافذة فى حق المدين وفى حق الغير إلا بالإعلان أو القبول ( [817] ) .
$ 482 $ هذه هى القاعدة ، ولا تحتمل استثناء إلى فى حالة الغش ، فإن العش بطبيعة الحال يفسد أى تصرف ( fraus omnia corrumpit ) . وصورة الغش هنا أن يكون المدين عالما بوقوع الحوالة عن طريق غير طريقى الإعلان والقبول ، ثم يعمد غشا ، متواطئا مع المحيل ، إلى الوفاء له بالدين إضراراً بحقوق المحال له ، وقد يحصل فى مقابل ذلك على منفعة من المحيل كأن ينزل له عن جزء من الدين .
فالوفاء بالدين للمحيل هنا باطل ، أبطله الغش والتواطؤ . ويجوز فى هذه الحالة للمحال له ألا يعتد بهذا الوفاء ، وأن يعلن الحوالة للمدين فتصبح نافذة فى حقه ، ثم يطالبه بعد ذلك بالحق المحال به ، فيوفيه المدين مرة ثانية للمحال له ، وهو فى هذا إنما يتحمل نتيجة غشه ، وليس له إلا الرجوع على المحيل بما دفعه له أول مرة . كذلك الحال فيما إذا حول الدائن حقه إلى شخص آخر ، وقبل إعلان المدين بالحوالة أو قبوله بها تواطأ المحيل مع شخص ثالث وحول له الحق مرة أخرى ، وبادر المحال له الثانى إلى إعلان المدين بالحوالة أو حمله على قبولها ، علم المدين بالحوالة الأولى أو لم يعلم . ففى هذه الحالة أيضاً تواطأ المحيل مع المحال له الثانى ، وتحايلا على جعل الحوالة الثانية نافذة فى حق الغير قبل نفاذ الحوالة الأولى ، فيجوز للمحال له الأول ألا يعتد بالحوالة الثانية التى وقعت غشا له ( [818] ) ، ويبادر إلى إعلان الحوالة الأولى للمدين ويطالبه بدفع الحق المحال به . فإذا لم يكن المدين قد وفى الحق للمحال له الثانى ، فعليه أن يوفيه للمحال له الأول لأن الحوالة الثانية وقعت باطلة للغش كما قدمنا . أما إذا كان المدين قد وفى الحق للمحال له الثانى ، فإن كان شريكاً فى الغش ، فإن هذا الوفاء لا يعتد به وعليه أن يفى الحق مرة أخرى للمحال له الأول على الوجه الذي قدمناه . أما إذا لم يكن شريكا فى الغش ، حتى لو كان مقصراً كل التقصير فى عدم اتخاذه ما ينبغى الاحتيــاط ( [819] ) . ، فإن وفاءه الحق للمحال له الثانى يكون مبرئاً لذمته بعد $ 483 $ أن أصبحت الحوالة الثانية نافذة فى حقه قبل نفاذ الحوالة الأولى ، ولا يجبر على الدفع مرة أخرى للمحال الأول . وليس أمام هذا إلا الرجوع بالتعويض على كل من المحيل والمحال له الثانى اللذين تواطأ على الإضرار بحقوقه ( [820] ) .
$ 484 $ ولكن ليس من الضرورى أن يكون علم المدين بوقوع الحوالة ، من غير الطريقين اللذين رسمهما القانون وهما الإعلان والقبول ، سبباً فى ثبوت الغش فى جانبه . فقد يصل إلى علمه أن الدائن قد حول حقه إلى آخر ، ولكن لا يعلن بالحوالة ولا تعرض عليه لقبولها ، ثم يطالبه الدائن بالدين ، فيقع فى نفسه أن الحوالة التى سمع بها لا حقيقة لها ، فيوفى الدين للدائن ، ولا يكون قد ارتكب $ 485 $ غشاً فى هذا الوفاء ( [821] ) . بل قد يعلم المدين حق العلم بوقوع الحوالة ، من غير الإعلان أو القبول ، ومع ذلك يطالبه الدائن بالدين ويلح فى الطلب ، ولا يكون لدى المدين دليل على صدق الحوالة ، فلا يسعه – بعد أن يخطر المحال له إن كان يعرفه ثم لا يفعل هذا شيئاً لجعل الحوالة نافذة – إلا أن يفى بالدين للدائن ، فلا يكون قد ارتكب غشاً فى هذه الحالة ، ويكون وفاؤه مبرئاً لذمته بالرغم من علمه بالحوالة ( [822] ) .
كذلك ليس من الضرورى أن يكون علم المحال له الثانى بصدور الحوالة الأولى ، من غير طريق الإعلان أو القبول ، سبباً فى ثبوت الغش من جانبه . فقد يظن ، من جراء إبطاء المحال له الأول فى جعل الحوالة نافذة ، أن الحوالة الأولى قد نقضت بفسخ أو إبطال أو مقايلة أو نحو ذلك . بل قد يكون المحال له الثانى موقتاً كل اليقين من صدور الحوالة الأولى ومن أنها لا تزال قائمة ، ولكن لا يثبت الغش مع ذلك فى جانبه ، بأن يكون قد اتفق مع المحيل على الحوالة الثانية قبل أن يعلم بالحوالة الأولى ، ثم يعلم بها ، فلا يسعه فى هذه الحالة إلا أن يبادر إلى المحافظة على حقوقه بأن يجعل الحوالة الثانية نافذة بإعلانها إلى المدين بحمله على قبولها ، وهو فى ذلك لم يرتكب غشاً ، ولم يرد الإضرار بحقوق المحال له الأول ، وإنما أراد دفع الضرر عن نفسه . وهذا هو أيضا شأن الدائن العادى للمحيل إذا كان حقه ثابتاً قبل صدور الحوالة ، فإنه إذا بادر إلى توقيع حجز تحفظى تحت يد المدين ، حتى بعد علمه بصدور الحوالة ، لا يكون قد ارتكب غشاً للإضرار بالمحال له ، وإنما هو يسعى لدفع الضرر عن نفسه ( [823] ) .
$ 486 $
269 - إجراءات خاصة لجعل حوالة بعض الحقوق نافذة فى حق المدين والغير : ما قدمناه من وجوب الإعلان أو القبول لنفاذ الحوالة ينطبق ، كما أسلفنا ، على الحقوق المدنية والتجارية على السواء .
إلا أن هناك أوضاعاً خاصة ، هى فى الأصل أوضاع تجارية ، إذا أسبغت على الحقن تجارياً كان أو مدنياً ، أصبحت له إجراءات خاصة لتكون حوالته نافذة فى حق الغير . فقد يكون سند الحق سنداً اسمياً ( titre nominatif ) ، أو سنداً إذنياً ( titre a ordre ) ، أو سنداً لحامله ( titrue au porteur )
أما السند الإسمي فيشمل الأسهم ( actions ) والسندات ( obligations ) التى تتخذ هذا الوضع ، وهى إما أسهم وسندات للشركات المساهمة أو سندات على الدولة . وحوالة هذه السندات الإسمية تنعقد فيما بين المحيل والمحال له بالتراضى كما هى القاعدة العامة ، إلا أن هذه الحوالة لا تكون نافذة فى حق المدين أو فى حق الغير إلا بقيد الحوالة فى دفتر خاص يحتفظ به المدين : الشركة أو الدولة .
وأما السند الإذنى فيشمل الكمبيالات ( letters de change ) والسندات الإذنية ( billets a ordre ) والشيكات الإذنية ( cheques a ordre ) ، ويشمل كذلك ما ورد فى شأنه نص خاص كبوليصة التأمين ( police dassurance ) وبوليصة الشحن ( connaissement ) وبوليصة التخزين ( recepisse, warrant ) .
وتنعقد حوالة السند الإذنى فيما بين المحيل والمحال له بالتراضى وفقاً للقواعد العامة .
ولكنها لا تكون نافذة فى حق المدين وفى حق الغير إلا بالتطهير ( endossement ) ، وذلك بأن يضع صاحب السند توقيعه فى ظهر السند . ومتى تم تظهير السند الإذنى : ( 1 ) فالمدين لا يجوز له أن يوفى بالدين إلا لحامل السند بالتظهير لا إلى الدائن الأصلى . ( 2 ) وإذا تنازع حامل السند بالتظهير مع آخر حول له السند عن طريق الإعلان أو القبول ، فإن الأول هو الذي يتقدم ، ولو تأخر تاريخ التظهير عن تاريخ الإعلان أو القبول . ( 3 ) ولا يجوز لدائنى المظهر ( أى الدائن $ 487 $ الأصلى ) أن يوقعوا حجزاً تحفظياً تحت يد المدين ( [824] ) .
وأما السند لحامله فيشمل الأسهم والسندات التى تحرر ابتداء لحاملها أياً كان .
ويجوز إضفاء وضع السند لحامله على أى حق تجارى أو مدنى ، وبخاصة على الشيكات . وتنعقد الحوالة فيما بين المحيل والمحال له فى السند لحامله بالتراضى .
وتكون الحوالة نافذة فى حق المدين وفى حق الغير بالتسليم المادة ، فالسندات لحاملها تلحق إذن بالمنقولات المادية ( [825] ) .
وتقتصر على هذا القدر فى هذه المسألة التى تعد من مباحث القانون التجارى .
$ 488 $ الفصل الثانى
الآثار التى تترتب على حوالة الحق
270 - تطبيق القواعد العامة – علاقات متنوعة : حوالة الحق عقد أو اتفاق يخضع فى تكوينه وفى الآثار التى تترتب عليه للقواعد العامة التى تخضع لها العقود والاتفاقات . وقد رأينا ذلك فى تكوين الحوالة ، وهذا هو الأمر أيضا فى الآثار التى تترتب عليها .
فإن كانت حوالة الحق معاوضة – بيعاً أو وفاء بمقابل أو رهناً أو هبه بعوض – فإن الآثار التى تترتب عليها هى الآثار التى تترتب على أى من هذه العقود اشتملت عليه الحوالة . ففى البيع يلتزم المحيل بنقل الحق وبضمان الاستحقاق ، ويلتزم المحال له بدفع الثمن . وقس على ذلك الوفاء بمقابل والرهن والهبة بعوض .
وإن كانت حوالة الحق تبرعاً محضاً ، أى هبة بغير عوض ، ترتب عليها من الآثار ما يترتب على الهبة ، فيلتزم المحيل بنقل الحق وبضمانه إذا أخفى سبب الاستحقاق ، ولا يلتزم المحال له بأداء عوض ما .
هذا هو تطبيق القواعد العامة . غير أن الحق الشخص الذي هو محل الحوالة تقتضى طبيعته الخاصة أن تقوم علاقات متنوعة تتناول المحال له والمحيل والمحال عليه والغير .
فهناك علاقة تقوم بين المحال له والمحيل ، وأخرى تقوم بين المحال له والمحال عليه ، وثالثة تقوم بين المحيل والمحال عليه ، ورابعة تقوم بين المحال له والغير ممن استمد حقاً من المحيل .
فنبحث على التعاقب كلا من هذه العلاقات الأربع .
$ 489 $ الفرع الأول
علاقة المحال له بالمحيل
271 - النصوص القانونية : تنص المادة 307 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" تشمل حوالة الحق ضماناته ، كالكفالة والامتياز والرهن ، كما تعتبر شاملة لما حل من فوائد وأقساط "
وتنص المادة 308 على ما يأتى :
" 1 - إذا كانت الحوالة بعوض فلا يضمن المحيل إلا وجود الحق المحال به وقت الحوالة ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بذلك "
" 2 - وإذا ضمن المحيل يسار المدين ، فلا ينصرف هذا الضمان إلا إلى اليسار وقت الحوالة ، ما لم يتفق على غير ذلك " .
وتنص المادة 310 على ما يأتى :
" إذا رجع المحال له بالضمان على المحيل طبقا للمادتين السابقتين ، فلا يلزم المحيل إلا برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات ، ولو وجد اتفاق يقضى بغير ذلك " .
وتنص المادة 311 على ما يأتى :
$ 490 $ " يكون المحيل مسئولا عن أفعاله الشخصية ، ولو كانت الحوالة بغير عوض أو لو اشترط عدم الضمان " ( [826] ) .
$ 491 $ وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المواد 351 – 353 / 539 - 441 ( [827] ) .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المواد 307 - 311 - وفى التقنين المدنى اللبى المواد 294 - 298 - وفى التقنين المدنى العراقى المواد 365و 368 - 371 ، وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادتين 284 - 285 / 1 ( [828] ) .
$ 492 $ ويتبين من هذه النصوص أنه فى العلاقة ما بين المحال له والمحيل : ( 1 ) ينتقل الحق المحال به من المحيل إلى المحال له بمجرد انعقاد الحوالة ، وينتقل هذا الحق كما هو بما له من صفات وما يشتمل عليه من ضمانات وتوابع وما يلحق به من دفوع ( [829] ) . ( 2 ) يلتزم المحيل نحو المحال له بالضمان .
أما ما يلتزم به المحال له نحو المحيل فيختلف باختلاف الحوالة . فإن كانت الحوالة بيعاً ، التزم المحال له بدفع الثمن . وإن كانت مقايضة أو وفاء بمقابل ، التزم المحال له بأداء العوض ( [830] ) . وإن كانت هبة ، لم يلتزم المحال بأداء أى عوض ، إلا إذا كانت هبة بعوض فيلتزم بأداء هذا العوض . وإن كانت رهنا ، التزم المحال له – بمقتضى مصدر آخر لا بعقد الحوالة – أن يوفى المحيل الحق الذي يضمنه الرهن ، وهكذا . فالتزام المحال له نحو المحيل يختلف إذن باختلاف الحوالة ، ودراسة هذا الالتزام تدخل فى دراسة العقد الذي اشتملت عليه الحوالة ، فلا شأن لنا به هنا .
وإنما يعنينا أن نبحث ما يلتزم به المحيل نحو المحال له : انتقال الحق المحال به والضمان .
$ 493 $ المبحث الأول
انتقال الحق المحال به من المحيل إلى المحال له
272 - انتقال الحق بصفاته وتوابعه : قلنا إن الحق المحال به ينتقل بالحوالة من المحيل إلى المحال له . والحق الذي ينتقل هو نفس الحق الذي كان فى ذمة المحال عليه للمحيل ، فينتقل إذن بصفاته ودفوعه ، ثم تنتقل معه أيضا توابعه ( [831] ) .
المطلب الأول
انتقال الحق بصفاته ودفوعه
273 - انتقال نفس الحق بمجرد انعقاد الحوالة : بمجرد أن تنعقد الحوالة بين المحيل والمحال له ، أى حتى قبل أن تكون نافذة فى حق المدين وفى حق الغير بالإعلان أو القبول ، ينتقل نفس الحق المحال به من المحيل إلى المحال له ( [832] ) ، وينتقل بكل قيمته حتى لو كان المحال له دفع فيه ثمناً أقل كما هو الغالب ( [833] ) .
ذلك أن الحق المحال به ، وإن كان حقاً شخصياً ، يعتبر منقولا معيناً بالذات ، $ 494 $ فتنتقل ملكيته فيما بين المتعاقدين – أى فيما بين المحيل والمحيل له – بمجرد العقد دون حاجة إلى أى إجراء آخر ( [834] ) .
والحق الذي ينتقل هو نفس الحق الذي كان فى ذمة المدين للمحيل ، فيصبح – بعد أن تصير الحوالة نافذة فى حق المدين – فى ذمة المدين للمحال له . ولما كان الذي ينتقل هو نفس الحق ، فإنه ينتقل بماله منصفات وما عليه من دفوع . فإن كان حقاً مدنياً أو تجارياً ، انتقل بصفته هذه إلى المحال له . وإن كان حقاً قابلاً للتنفيذ بموجب حكم أو سند رسمى ، انتقل إلى المحال له بهذه الصفة أيضا . وإن كان حقاً ينتج فوائد ، انتقل بقابليته لانتاج الفوائد . وهكذا .
كذلك ينتقل الحق بما عليه من دفوع ، فيجوز للمدين أن يتمسك قبل المحال له بنفس الدفوع التى كان يصح له أن يتمسك بها قبل المحيل ، وسيأتى بيان ذلك .
ويترتب على ما قدمناه أنه بعد انعقاد الحوالة ، وقبل صيرورتها نافذة فى حق المدين ، يمتنع على المحيل أن يطالب المدين بالحق المحال به . فإذا وفاه المدين الدين وهو حسن النية لا علم له بالحوالة ، فإن الوفاء يكون صحيحاً مبرئاً للذمة من جانب المدين ، ولكن المحيل يكون مسئولا قبل المحال له بالضمان .
274 – تسليم سند الحق ووسائل إثباته : وانتقال الحق إلى المحال له يقتضى أن يلتزم المحيل بتسليم المحال سند هذا الحق والوسائل التى تؤدى إلى إثباته . وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يتضمن نصاً فى هذا المعنى ، فكانت المادة 434 من هذا المشروع ( [835] ) تجرى على الوجه الآتى : " يجب على المحيل أن يسلم إلى المحال له سند الحق المحال به ، وإن يقدم له وسائل إثبات هذا الحق وما هو ضرورى من بيانات لتمكينه من حقه " . وقد $ 495 $ حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ( [836] ) ، ولكن حذفه لا يفيد أن حكمه قد نسخ ، ففى تطبيق القواعد العامة غناء عنه .
والذى يقع عادة أن سند الحق هو الذي تدون فيه الحوالة ، ويسلمه المحيل إلى المحال له كمستند لصدور الحوالة ذاتها وكمستند للحق المحال به فى وقت واحد . فإذا كان الحق المحال به غير ثابت بالكتابة ، صحت مع ذلك حوالته كما قدمنا ، وعلى المحيل أن يهيئ للمحال له وسائل إثبات هذا الحق من بينه وقرائن وغير ذلك .
وإذا كان المحال به هو جزء من الحق ، بقى السند مشتركاً بين المحيل والمحال له ( [837] ) .
وسنرى أن توابع الحق تنتقل معه . فإذا كان هناك ضمان للحق المحال به ، وجب على المحيل تمكين المحال له من هذا الضمان ، بأن يعان فى التأشير على هامش القيد إذا كان الضمان هو رهن رسمى أو رهن حيازى عقارى أو حق امتياز عقارى أو حق اختصاص ، وبأن يسلم للمحال له سند الكفالة إذا كان الضمان هو كفيل شخصى .
$ 496 $ المطلب الثانى
انتقال توابع الحق المحال به
275 - انتقال ضمانات الحق : قدمنا أن المادة 307 مدنى تقضى بأن تشمل حوالة الحق ضماناته ، كالكفالة والامتياز والرهن . وهذا طبيعى ، فإن ضمانات الحق هى من توابعه ، ومن شأنها أن تؤكده وتقويه . ولا شك فى أن المحال له اعتمد عليها عندما حول له الحق . فما لم يكن هناك اتفاق خاص بين المحيل والمحال له على عدم انتقال هذه الضمانات أو بعضها ، فإنها تنتقل من غير حاجة إلى ذكر ذلك فى عقد الحوالة بحكم أنها من توابع الحق المحال بــه ( [838] ) .
وقد ذكر النص الكفالة والامتياز والرهن ، ولم يذكر ذلك على سبيل الحصر ، بل على سبيل التمثيل . فكل ضمانات الحق المحال به تتبعه وتنتقل معه إلى المحال له ، سواء كانت هذه الضمانات عينية كالرهن الرسمى وحق الاختصاص والرهن الحيازى وحقوق الامتياز ، أو كانت شخصية كالكفالة والتضامن وعدم القابلية للانقسام .
فإذا كان للحق المحال به كفيل شخصى ، بقى هذا الكفيل ضامناً الحق للمحال له كما كان ضامناً إياه للمحيل ، ولا حاجة لرضائه بالحوالة ( [839] ) إذ هو يكفل المدين ، وشخص المدين هو الذي يعنيه والمدين لم يتغير وإنما تغير الدائن ، شأنه فى ذلك شأن المدين نفسه وقد تغير عليه الدائن دون حاجة إلى رضاه . على أنه لا بد من إعلان الكفيل بالحوالة أو قبوله لها حتى يعلم بها ، فإنه إذا كان لا يعلم بالحوالة ووفى الدين عن المدين كان الوفاء صحيحاً مبرئاً لذمته .
وإذا كان المدينون فى الحق المحال به متعددين وكانوا متضامنين ، فإن الحق ينتقل إلى المحال له قبل هؤلاء المدينين المتضامنين جميعاً ، ولابد من إعلانهم $ 497 $ كلهم بالحوالة أو قبولهم لها حتى تنفذ فى حقهم كما سبق القول . وكذلك الأمر لو كان الدين غير قابل للانقسام وكان مدينوه متعددين ( [840] ) .
276 - انتقال ما حل من فوائد وأقساط : وتقول المادة 307 مدنى أيضا إن حوالة الحق تعتبر شاملة لما حل من فوائد وأقساط . وقد قدمنا أن الحق ينتقل بصفاته إلى المحال له ، فلو كان حقاً مقسطا أو كان حقاً ينتج فوائد ، انتقل على هذه الصفة . ويكون للمحال له فى هذه الحالة الحق فى قبض الفوائد والأقساط التى لم تحل ، ولو كان ذلك عن مدة سابقة على عقد الحوالة ، فلو أن حقاً ينتج فوائد قسطا سنوية ، ويحل القسط الأول منه هو والفوائد فى آخر عام 1957 ، وحول الحق فى آخر شهر يونيه سنة 1957 ، فإن المحال له يستحق أقساط الحق وفوائده ، ويدخل فى ذلك القسط الأول ولو أن بعضه عن نصف سنة سابقة على صدور الحوالة ، ويدخل فى ذلك أيضا فوائد الحق جميعها ولو أن بعضها مستحق عن نصف السنة السابقة على الحوالة .
بل إن المحال له يستحق ما حل فعلا وقت صدور الحوالة من فوائد وأقساط ما دام المحيل لم يقبضه . فلو أن الحوالة فى المثل المتقدم صدرت بعد آخر عام 1957 ، ولم يكن القسط الأول والفوائد قد دفعت قبل صدور الحوالة ، فإن المحال له يستحقها جميعا ولو أنها مستحقة عن مدة كلها سابقة على الحوالة . ذلك أنها تعتبر من توابع الحق المحال به ، فما لم يحتفظ المحيل بها صراحة أو ضمنا ، فإن المفروض أنه قبل أن تنتقل مع الحق المحال به إلى المحال له ، شأنها فى ذلك شأن التوابع الأخرى ( [841] ) .
$ 498 $
277 - انتقال الدعاوى التى تؤكد الحق المحال به دون الدعاوى التى تنافيه : قد يصحب الحق المحال به دعاوى بعضها تؤكده وبعضها تنافيه ، فالدعاوى التى تؤكده هى التى تنتقل معه إلى المحال له لأنها تعتبر من توابع الحق ، أما الدعاوى التى تنافيه فهى تتعارض معه ولا تعتبر من توابعه فلا تنتقل إلا باتفاق خاص بين المحيل والمحال له .
ولإيضاح ذلك نفرض أن البائع قبل أن يستوفى الثمن من المشترى حول هذا الحق إلى آخر وكان البائع يحق له أن يبطل هذا البيع لسبب يرجع أما إلى نقص فى الأهلية أو إلى عيب فى الإرادة كغلط أو تدليس أو إكراه . فهنا صحب الحق المحال به دعويان : الأولى دعوى الفسخ لعدم وفاء المشترى بالثمن ، والأخرى دعوى الإبطال لنقص الأهلية أو للعيب فى الإرادة .
أما دعوى الفسخ فمن شأنها أن تؤكد الحق المحال به ، إذ هى بمثابة ضمان للبائع لاستيفاء حقه من المشترى ، وتعدل حق الامتياز على المبيع . وإذا كان حق الامتياز يكفل للبائع أن يستوفى الثمن ببيع العين المبيعة جبراً على المشترى ، فإن دعوى الفسخ تكفل للبائع أن يسترد العين المبيعة ذاتها ، وقد يكون مجرد التهديد بها كافياً لدفع المشترى إلى الوفاء بالثمن ( [842] ) . ومن ثم تنتقل دعوى الفسخ بالحوالة من المحيل إلى المحال له ( [843] ) ، ويستطيع هذا إذا لم يستوف من المشترى الثمن المحال به أن يفسخ البيع كما لو كان هو البائع ويأخذ العين المبيعة بدلا من الثمن ( [844] ) .
$ 499 $ وأما دعوى الإبطال فإنها تنافى الحق المحال به . ذلك أن البائع إذا حول الثمن ، فهو بهذه الحوالة يؤكد وجوده فى ذمة المشترى ، ومما ينافى هذا التأكيد إبطال البيع – وهو مصدر الالتزام بالثمن – لنقص فى الأهلية أو لعيب فى الإرادة . والبائع ، عند الحوالة بالثمن ، إما أن يكون عارفاً بوجود دعوى الإبطال ، فإقدامه على حوالة الثمن يعتبر إجازة ضمنية للبيع ، وإما أن يكون غير عارف بوجود هذه الدعوى ، فلا يمكن افتراض أنه أراد تحويلها . ومن ثم لا تنتقل دعوى الإبطال مع الحق المحال به ، لأنها لا تعتبر من توابع هذا الحق ، إذ هى لا تؤكد وجوده بل تنفى هذا الوجود . كل ذلك ما لم يكن هناك اتفاق خاص بين المحيل والمحال له على انتقال دعوى الإبطال مع الحق المحال به ( [845] ) .
المبحث الثانى
التزام المحيل بضمان الحق المحال به للمحال له
278 - حالات مختلفة : أول ما يضمن المحيل أفعاله الشخصية ، فإن المادة 311 مدنى تنص كما رأينا ، على أن " يكون المحيل مسئولا عن أفعاله الشخصية ، ولو كانت الحوالة بغير عوض أو لو اشترط عدم الضمان " .
المطلب الأول
ما يضمنه المحيل للمحال له
279 - حالات مختلفة : أول ما يضمن المحيل أفعاله الشخصية ، فإن المادة 311 مدنى تنص كما رأينا ، على أن " يكون المحيل مسئولا عن أفعاله الشخصية ، ولو كانت الحوالة بغير عوض أو لو اشترط عدم الضمان " .
$ 500 $ ثم هو بوجه عام يضمن – عدا أفعاله الشخصية – وجود الحق الذي حوله ، وهذا هو الضمان بحكم القانون ( garantie de droit ) . ويجب التمييز فى ذلك بين ما إذا كانت الحوالة بعوض أو كانت بغير عوض .
وقد يتفق مع المحال له على ضمان أخف أو أشد من هذا الضمان الذي يفرض عليه بحكم القانون ، وهذا هو الضمان الاتفاقى أو الضمان الواقعى ( garanite de fait ) . وهنا أيضا يجب التمييز بين الحوالة بعوض والحوالة بغير عوض .
فتجتمع لنا بذلك الحالات الآتية : ( 1 ) ضمان المحيل لأفعاله الشخصية . ( 2 ) الضمان فى الحوالة بعوض بحكم القانون . ( 3 ) الضمان فى الحوالة بعوض بحكم الاتفاق . ( 4 ) الضمان فى الحوالة بغير عوض بحكم القانون . ( 5 ) الضمان فى الحوالة بغير عوض بحكم الاتفاق .
280 – ضمان المحيل لأفعاله الشخصية : يضمن المحيل للمحال له جميع الأفعال التى تصدر منه بعد صدور لحوالة ويكون من شأنها الانتقاص من الحق المحال به أو زواله .
فيكون مسئولا ، بحكم هذا الضمان ، إذا هو بعد الحوالة ، وقبل صيرورتها نافذة فى حق المدين ، استوفى الحق من هذا الأخير ، سواء كان متواطئاً معه أو غير متواطئ ، وسواء كان المدين يعلم بصدور الحوالة أو لا يعلم . فإن فعل ذلك ، رجع عليه المحال له بالضمان على الوجه الذي سنبينه ، لأن المحيل مسئول عن الفعل الشخصى الذي صدر منه بعد صدور الحوالة ، وهذا الفعل هو استيفاء الحق من المدين .
ويكون مسئولا أيضاً ، بحكم هذا الضمان ، إذا هو بعد الحوالة ، وقبل صيرورتها نافذة فى حق الغير ، تصرف فى الحق المحال به تصرفاً متناقضاً للحوالة الأولى ، بأن باعه مرة أخرى أو رهبه أو رهنه أو أجرى فيه أى تصرف آخر .
فإذا عمد المحيل بعد الحوالة الأولى إلى تحويل الحق مرة أخرى على محال له ثان ، واستطاع هذا المحال له الثانى جعل حوالته نافذة فى حق المحل له الأول ، رجع المحال له الأول على المحيل بالضمان من جراء فعل شخصى صدر منه ، هو تصرفه فى الحق المحال به بعد أن حوله .
$ 501 $
ويكون مسئولا كذلك ، بحكم هذا الضمان ، إذا عمد أحد دائنيه ، بعد صدور الحوالة وقبل صيرورتها نافذة فى حق الغير ، إلى توقيع حجز تحفظى على الحق المحال به وصار هذا الحجز نافذاً فى حق المحال له . فإن المحال له فى هذه الحالة يرجع بالضمان على المحيل بسبب أن الحجز التحفظى ، وإن لم يكن عملا شخصياً صادراً من المحيل نفسه . هو عمل صادر من جهته وبسبب الدين الذى فى ذمته للدائن الحاجز .
والمحيل مسئول عن أفعاله الشخصية التى تصدر بعد الحوالة على النحو الذى قدمناه ، مادامت هذه الأفعال تنتقض من الحق المحال به أو تنتقض من توابعه كرهن أو أى ضمان آخر ( [846] ) . ويستوى فى ذلك أن تكون الحوالى بعوض أو بغير عوض ، وأن يكون الضمان بحكم القانون أو بحكم اتفاق يشدد أو يخفف من عدم الضمان . فالمسئولية هنا ناشئة عن خطأ تقصيرى ، ولا يجوز الاتفاق على استبعاد أو تعديل المسئولية . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 311 مدنى ، كما رأينا ، إذ تقول : " يكون المحيل مسئولا عن أفعاله الشخصية ، ولو كانت الحوالة بغير عوض أو لو اشترط عدم الضمان " ( [847] ) .
$ 502 $
281 - الضمان فى الحوالة بعوض بحكم القانون : إذا كانت الحوالة بعوض ، ولم يكن هناك اتفاق خاص على الضمان بين المحيل له ، فإن المحيل يضمن للمحال له ، بحكم القانون ( [848] ) ، وجود الحق المحال به وقت الحوالة ( [849] ) . وهذا هو ما تقضى به الفقرة الأولى من المادة 308 مدنى ، فقد رأينا أنها تنص على أنه " إذا كانت الحوالة بعوض ، فلا يضمن المحيل إلا وجود الحق المحال به وقت الحوالة ( [850] ) " .
ويكون الحق المحال به غير موجود وقت صدور الحوالة ، فيجب على المحيل $ 503 $ الضمان ، إذا كان مصدر هذا الحق عقداً باطلا ( [851] ) . فإذا كان مصدر الحق عقداً قابلا للابطال لمصلحة لامدين الذى ترتب الحق فى ذمته ، وأبطله هذا فعلا ، صار الحق غير موجود ووجب الضمان على المحيل ، حتى لو كان الحكم بالإبطال قد صدر بعد صدور الجوالة ، لأن للابطال أثراً رجعياً فيعتبر الحق كأنه لم يوجد أصلا ، ومن ثم لا يكون موجوداً وقت صدور الجوالة ( [852] ) . ويجب الضمان أيضاً على المحيل إذا كان الحق المحال به قد انقضى قبل صدور الحوالة بأى سبب من أسباب الانقضاء ، كأن يكون المحيل قد استوفاه أو قضاه بالتجديد أو بالمقاصة أو باتحاد الذمة أو بالإبراء أو أن يكون الحق قد انقضى بالتقادم . أما إذا كان الحق قد انقضى بعد صدور الحوالة بفعل المحيل ، كما إذا كان قد استوفاه أو جدده أو أبرأ منه ذمة المدين بعد أن صدرت منه الحوالة ، فإنه يكون ملتزماً بالضمان ، ولكن بسبب فعل شخصى قد صدر منه على النحو الذى قدمناه . ويصح أيضاً أن يكون الحق المحال به قد انعدم وقت صدور الحوالة ، فيجب الضمان على المحيل ، إذا كان هذا الحق معلقاً على شرط فاسخ ولا يعلم المحال له بهذا الشرط ، ثم تحقق الشرط الفاسخ قبل صدور الحوالة أو بعد صدورها ، فينعدم الحق بأثر رجعى ويتبين أنه لم يكن موجوداً وقت الحوالة ، فيكون المحيل ملتزماً بالضمان . أما لو كان المحال له يعلم أن الحق معلق على شرط فاسخ وقبل الحوالة على هذا الوصف ، ثم تحقق الشرط بعد صدور الحوالة ، فإنه لا يرجع بالضمان على المحيل .
كذلك يكون الحق غير موجود قبل صدور الحوالة ، فيجب على المحيل الضمان ، إذا ظهر أن المحيل كان قد تصرف فيه قبل حوالته ، بأن كان مثلا ، بموجب حوالة سابقة ، قد باعه أو وهبه أو رهنه وأصبحت هذه الحوالة السابقة $ 504 $ نافذة فى حق الغير . أما إذا كان التصرف قد صدر بعد انعقاد الحوالة ولكنه أصبح نافذاً قبل نفاذها ، فإن المحيل يكون ملتزماً بضمان فعله الشخصى على النحو الذى قدمناه ( [853] ) .
وكما يكون المحيل ملتزماً بضمان وجود الحق ، يكون أيضاً ملتزماً بضمان وجود توابعه التى تنتقل معه . فإن كان للحق المحال به تأمين ، كرهن أو امتياز أو كفالة ، ضمن المحيل للمحال له ، بحكم القانون ودون حاجة إلى اتفاق خاص ، هذا التأمين ( [854] ) . وهو لا يضمن إلا وجود التأمين فى ذاته ، أى وجود الرهن أو الامتياز أو الكفالة ، دون أن يضمن كفاية الرهن أو الامتياز أو ملاءة الكفيل إلا إذا كان بينه ومن المحال له اتفاق خاص على ذلك ، وفى هذه الحالة نخرج من نطاق الضمان بحكم القانون إلى نطاق الضمان الاتفاقى ( [855] ) .
وضمان وجود الحق وتوابعه بحكم القانون إنما ينصب على هذا الوجود وقت انعقاد الحوالة . فإذا كان كل من الحق وتوابعه موجوداً فى ذلك الوقت ، فقد برئت ذمة المحيل من الضمان ، ولو انقضى الحق أو شيء من توابعه بعد ذلك بسبب لا يرجع إلى المحيل . مثل ذلك أن يكون الحق قد بدأ التقادم يسرى ضده $ 505 $ قبل صدور الحوالة دون أن يكتمل . فالحق يكون موجوداً وقت الحوالة ولا ضمان على المحيل ، حتى لو أن التقادم اكتمل بعد ذلك وسقط الحق ( [856] ) . كذلك لو كان للحق المحال به تأمين هو رهن رسمى مقيد ، ولم يكن قد مضى على القيد وقت الحوالة عشر سنوات ، فإن الرهن يكون محفوظاً وقت صدور الحوالة ، فلا ضمان على المحيل ، حتى لو انقضت العشر السنوات بعد صدور الحوالة فسقط القيد قل أن يجدده المحال له ( [857] ) .
وما دام المحيل لا يضمن إلا وجود الحق وتوابعه ، فهو لا يضمن يسار المدين ( [858] ) ، إلا إذا كان هناك اتفاق بينه وبين المحال له على هذا الضمان ، وعندئذ نخرج من نطاق الضمان بحكم القانون إلى نطاق الضمان الاتفاقى . ومع ذلك يضمن المحيل يسار المدين دون أن يدخل فى نطاق الضمان الاتفاقى ، إذا كان يعلم أن المدين معسر وقد أخفى غشاً هذا الإعسار عن المحال له ، وهنا يكون الضمان ناشئاً عن الغش لا عن عقد الحوالة ( [859] ) .
وغنى عن البيان أن المحيل إنما يضمن وجود الحق إذا كان غير متنازع فيه . $ 506 $ أما إذا كان الحق متنازعاً فيه وقد حوله بهذا الوصف ، فإنه لا يضمن للمحال له وجوده ، إذ أنه إنما حول إدعاء يحق ولم يحول حقاً محقق الوجود ، فالحوالة هنا عقد احتمالى ( [860] ) .
282 - الضمان فى الحوالة بعوض بحكم الاتفاق : وما قدمناه هو الضمان بحكم القانون فى الحوالة بعوض . ولكن قد يتفق المحيل والمحال له على تخفيف هذا الضمان أو على تشديده .
يتفقان على تخفيف الضمان إذا اشترط المحيل مثلا أنه لا يضمن توابع الحق المحال به . فإذا كان هذا الحق مضموناً برهن ، واشترط المحيل عدم ضمان هذا الرهن ، فإنه لا يكون مسئولا إذا تبين أن الرهن باطل ، أو أنه قابل للإبطال وأبطله الراهن ، أو أنه غير موجود لأى سبب آخر . وتوابع الحق المحال به تنتقل معه كما قدمنا دون حاجة إلى ذكر ذلك فى عقد الحوالة ، ويضمن المحيل ، دون حاجة إلى ذكر ذلك أيضاً ، وجود هذه التوابع . فإذا أراد المحيل ألا يضمن وجودها ، فلابد فى ذلك من اتفاق خاص مع المحال له يقضى بعدم ضمان توابع الحق ، وفى هذا الاتفاق تخفيف للضمان بحكم القانون كما هو ظاهر .
بل قد يصل الاتفاق على تخفيف الضمان بحكم القانون إلى محوه أصلا ، فيشترط المحيل ألا يضمن وجود الحق المحال به ذاته . ويقع ذلك غالباً إذا كان المحيل غير مستوثق من أن الحق الذى يحوله هو حقه ، فيشترط عدم الضمان حتى إذا تبين أن الحق ليس له لم يكن مسئولا عن الضمان ، أو يكون المحيل غير متأكد من أن الحق الذى يحوله غير خال من العيوب ، فيصطنع الحيطة ويشترط عدم الضمان ( [861] ) . ولاشك فى أن المحيل ، باشتراطه عدم الضمان على هذا الوجه ، $ 507 $ يعرض المحال له لخطر له عادة ما يقابله ، فيغلب أن يكون الثمن الذى يتقاضاه أقل بكثير من قيمة الحق المحال به . وقد يستخلص شرط عدم الضمان من الظروف ، فإذا باع المحيل حقاً متنازعاً فيه ، سواء رفعت به الدعوى أو قام فى شأنه نزاع جدى ، وكان المحال له يعلم شأن هذا النزاع ، فالمفروض –ما لم يتفق على غير ذلك - أن البائع لا يضمن وجود الحق . ويؤكد هذا الافتراض أن يبيع المحيل الحق المتنازع فيه بثمن بخس ، ويدخل فى تقديره احتمال خسارة الدعوى ( [862] ) .
ويقع كثيراً أن الاتفاق على الضمان بين المحيل والمحال له يكون الغرض منه التشديد من أحكام الضمان المقررة بحكم القانون ، بدلا من التخفيف فيها .وأكثر ما يكون ذلك فى اشتراط المحال له على المحيل أن يضمن له ، لا وجود الحق المحال به فحسب ، بل أيضاً يسار المدين . وقد رأينا أن المادة 309 مدنى تنص على أنه " لا يضمن المحيل يسار المدين إلا إذا وجد اتفاق خاص على هذا $ 508 $ الضمان . 2 - وإذا ضمن المحيل يسار المدين ، فلا ينصرف هذا الضمان إلا إلى اليسار وقت الحوالة ، ما لم يتفق على غير ذلك " ( [863] ) .
فإذا اشترط المحال له على المحيل ضمان يسار المدين ( [864] ) ، ولم يبين أى يسار يعنى ، فإن اليسار المضمون ينصرف إلى يسار المدين وقت انعقاد الحوالة ، وذلك تفسيرا للشرط بما هو فى مصلحة الملتزم وهو هنا المحيل . فإذا كان المدين موسراً وقت انعقاد الحوالة ، فإن ذمة المحيل تبرأ من الضمان ، حتى لو أعسر المدين بعد ذلك ولو قبل صيرورة الحوالة نافذة فى حقه . وغنى عن البيان أن ضمان المحيل ليسار المدين وقت الحوالة لا يكون إلا باتفاق خاص ، ومن غير هذا الاتفاق لا يضمن المحيل إلا وجود الحق ، فلا يضمن يسار المدين أصلا ولو وقت انعقاد الحوالة ، وحتى لو كان عالماً بإعساره . فما دام لم يضمن اليسار باتفاق خاص ، فإن علمه بهذا الإعسار لا يقوم مقام الاتفاق ( [865] ) . وعلى المحال له قبل أن يقدم على قبول الحوالة أن يتحرى عن حالة المدين ومقدار ملاءته ، فإذا لم يستطيع أن يتثبت من ذلك ففى القليل كان الواجب عليه أن يشترط على المحيل ضمان اليسار . فإذا هو لم يفعل ، لا هذا ولا ذاك ، كان التقصير فى جانبه ولا يلومن إلا نفسه ( [866] ) .على أنه إذا أخفى المحيل غشاً $ 509 $ عن المحال له إعسار المدين ، كان مسئولا ، لا بموجب عقد الحوالة ، بل بسبب الغش ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [867] ) .
فإذا أراد المحال له أن يضمن المحيل يسار المدين فى الاستقبال ، أى عند حلول ميعاد الوفاء بالحق المحال به ، وجب عليه أن يبين ذلك فى الشرط الذى يأخذه على المحيل ، فلا يكتفى باشتراط ضمان اليسار دون تعيين . واشتراط يسار المدين عند حلول الحق المحال به هو الذى يقع فى الكثير من الأحوال ، لنه هو الذى يكفل للمحال له أكبر قدر من الضمان ( [868] ) . وعند ذلك يكون المحيل مسئولا إذا طالب المحال له المدين بالحق عند حلوله ، فوجده معسراً ( [869] ) . وليس من الضرورى أن تكون المطالبة فى اليوم نفسه الذى يحل فيه الحق ، بل يجوز أن تكون المطالبة فى خلال مدة معقولة من يوم الحلول ، فإذا كان المدين قد أعسر خلال هذه المدة المعقولة ، فإن المحيل يكون مسئولا عن إعساره بموجب شرط الضمان . لكن إذا تأخر المحال له مدة طويلة بعد حلول ميعاد الوفاء فى مطالبة المدين ، وكان المدين موسراً خلال المدة المعقولة ثم أعسر بعد ذلك ، لم يكن المحيل مسئولا ، لأن المحال له قد قصر بتأخره فى مطالبة المدين فى وقت كان فيه موسراً ( [870] ) . ومن باب أولى لا يكون المحيل مسئولا عن إعسار المدين $ 510 $ لو أن هذا الإعسار كان بفعل المحال له نفسه ، كما لو كان للحق المحال به ضمان فنزل عنه المحال باختياره بأن شطب الرهن مثلا أو أبرأ ذمة الكفيل ( [871] ) .
وحتى يستطيع المحال له الرجوع على المحيل بضمان اليسار ، يجب عليه أولا أن يثبت أن المدين معسر . ولا يتسنى له ذلك إلا إذا كان قد رجع فعلا على المدين وعلى جميع الضمانات التى تكفل الدين ( [872] ) ، فلم يتهيأ له أن يستوفى حقه . ومن ثم يكون للمحيل أن يطالب المحال له بتجريد المدين قبل أن يرجع عليه بضمان $ 511 $ اليسار ( [873] ) . وليس على المحيل أن يقدم للمحال له مصروفات التجريد ، فهو ليس بكفيل للمدين حتى يلتزم بذلك . على أن للمحال له ، فى أثناء تجريده للمدين ، أن يتخذ ما يلزم من إجراءات تحفظية ضد المحيل ، حتى يتيسر له الرجوع عليه عند ما يثبت بوجه قاطع إعسار المدين ( [874] ) .
وإذا ضمن المحيل يسار الدين وقت حلول الحق المحال به ، فإنه لا يستطيع أن يأتى عملا من شأنه أن يناقض هذا الضمان ، وإلا كان ساعياً فى نقض ما تم من جهته ، وكان سعيه مردوداً عليه . ويتضح ذلك فى الحالة الآتية : إذا كان حق الدائن مقداره ألف ، وقد حول منه خمسمائة واستبقى لنفسه خمسمائة ، ولم يكن قد ضمن يسار المدين ، فإن كلا نم المحيل والمحال له يطالب المدين بخمسمائة مقدار حصته فى الحق . فإذا لم يكن عند المدين إلا خمسمائة ، فليست هناك أفضلية للمحال له على المحيل ( [875] ) ، ولا يبقى إلا أن يقتسم الاثنان ما عند المدين اقتسام الغرماء ، فيأخذ كل منهما مائتين وخمسين . أما إذا كان المحيل قد ضمن للمحال له يسار المدين وقت حلول الحق المحال به ، فعند ذلك لا يستطيع أن يزاحم المحال له فى الخمسمائة التى عند المدين ، بل يتقدم عليه المحال له ويأخذ كل الخمسمائة $ 512 $ ذلك أن مزاحمة المحيل للمحال له تناقض ضمانه ليسار المدين ، وما دام المحال له يستوف كل حقه بقى ضمان المحيل قائماً ، فلا يستطيع المحيل إذن أن يأخذ أى شيء من مال المدين قبل أن يستوفى المحال له كل حقه كما قدمنا ( [876] ) .
283 - الضمان فى الحوالة بغير عوض بحكم القانون : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 308 مدنى تقضى بأنه إذا كانت الحوالة بغير عوض " فلا يكون المحيل ضامناً حتى لوجود الحق " . وقد كان المشروع التمهيدى لهذا النص يضيف عبارة " ما لم يتفق على غير ذلك " ( [877] ) . فحذفت هذه العبارة فى لجنة المراجعة حتى يتمشى حكم النص مع حكم المادة 310 مدنى ، وهى تقضى كما رأينا بأنه إذا رجع المحال له بالضمان لم يلزم المحيل إلا برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يقضى بغير ذلك . والمحيل بغير عوض لم يستولى على شيء حتى يرده . فلا يجوز إذن أن يلزم ولو باتفاق خاص أن يرد شيئاً إلى المحال له ( [878] ) .
وقد يفهم مما قدمناه أن المحيل بغير عوض لا يضمن شيئاً للمحال له ، لا بحكم القانون ولا بموجب الاتفاق . إلا أننا مع ذلك لا نسلم بهذا الحكم على إطلاقه ، غذ يجب تنسيق أحكام التقنين وتكميل نصوصه بعضها ببعض . فهناك المادة 494 مدنى ، وهى تضع القاعدة العامة فى ضمان الواهب لاستحقاق الشيء الموهوب ، وتجرى على الوجه الآتى : " 1 - لا يضمن الواهب استحقاق الشيء الموهوب ، إلا إذا تعمد إخفاء سبب الاستحقاق أو كانت الهبة بعوض . وفى الحالة الأولى يقدر القاضى للموهوب له تعويضاً عادلا عما أصابه من الضرر ، وفى الحالة الثانية لا يضمن الواهب الاستحقاق إلا بقدر ما أداه الموهوب له من عوض . كل هذا ما لم يتفق على غيره . 2 - وإذا استحق الشيء الموهوب ، حل الموهوب له محل الواهب فيما له من حقوق ودعاوى " .
فحتى يمكن التوفيق بين نصوص التقنين المدنى ، نرى أن نطاق تطبيق $ 513 $ المادة 310 هى الحوالة بعوض ويدخل فى ذلك الهبة بعوض ، لأن النص صريح فى أن المحيل قد استولى على شيء من المحال له فى مقابل الحوالة ، وهذا الشيء هو الذى يرده مع المصروفات والفوائد فى حالة تحقق الضمان . أما المادة 494 مدنى فنطاق تطبيقها الحوالة بغير عوض ، أى الحوالة الصادرة على سبيل الهبة المحضة من غير أى عوض مقابل .
فإذا كانت الحوالة هبة بعوض ، ضمن المحيل بحكم القانون وجود الحق المحال به وفقاً للفقرة الأولى من المادة 308 . فإذا كان هذا الحق غير موجود وقت الحوالة ، على الوجه الذى قدمناه ، وجب الضمان على المحيل ، ورجع المحال له بهذا الضمان وفقاً للمادة 310 مدنى ، فلا يلزم المحيل إلا برد ما استولى عليه من عوض مع الفوائد والمصروفات على الوجه الذى سنبينه فيما يلى .
وأما إذا كانت الحوالة هبى محضة لا عوض فيها ، فإن الذى ينطبق هو نص المادة 494 مدنى . فإذا استحق الحق المحال به ، كأن كان المحيل وارثاً ظاهراً لهذا الحق مثلا ، أو تبين أن الحق غير موجود أصلا ، لم يجب الضمان على المحيل ( الواهب ) إلا إذا تعمد إخفاء سبب الاستحقاق أو إلا إذا كان عالماً بانعدام الحق المحال به وأخفى ذلك غشا عن المحال له . فعند ذلك يقدر القاضى –كما تقرر الفقرة الأولى من المادة 494 مدنى - للمحال له ( الموهوب له ) تعويضاً له من جراء استحقاق الحق المحال به أو من جراء انعدامه . ويبدو أنه لا يكفى أن يكون هذا الضرر هو مجرد فوات الحق الموهوب له ، وإلا لوجب الضمان دائماً فى التبرعات وجوبه فى المعاوضات . وإنما يجب أن يكون الضرر خسارة إيجابية لحقت الموهوب له ، بأن يكون مثلا قد اعتمد على الحق الموهوب فى سداد دين أو فى القيام بمشروع ، فلما فات عليه هذا الحق تحمل خسارة من جراء ذلك . وفى هذه الحالة يقدر القاضى تعويضاً عادلا للموهوب لهمن الضرر ، ملاحظاً فى ذلك أن المحيل متبرع ، فلا يكون للتعويض مدى مماثل للتعويض الذى يدفعه المحيل لو كانت الحوالة بعوض . ومصدر التعويض هنا ليس هو عقد الحوالة ، وإنما هو الخطأ الذى ارتكبه المحيل بإخفائه عمداً سبب الاستحقاق أو انعدام الحق حتى ألحق الضرر بالمحال له .
( م 33 * - الوسيط ) .
$ 514 $
ثم إن الفقرة الثانية من المادة 494 مدنى تقضى بأنه " إذا استحق الشيء الموهوب ، حل الموهوب له محل الواهب فيما له من حقوق ودعاوى " . ونفرض ، لتطبيق هذا النص ، أن البائع قبل أن يسلم المبيع وهب الثمن المستحق فى ذمة المشترى إلى آخر عن طريق الحوالة ، ثم هلك المبيع قبل تسليمه للمشترى بفعل أجنبى . فالثمن فى هذه الحالة يسقط عن المشترى ، ولا يستطيع المحال له الرجوع عليه بشىء . ولكن لما كان الأجنبى متعدياً فى هلاك الشيء ، فإن للبائع أن يرجع عليه بدعوى تعويض ، فهذه الدعوى قد حلت محل الثمن المحال به ، ومن ثم يحل المحال له محل المحيل ( البائع ) فى هذه الدعوى قبل الأجنبى .
284 - الضمان فى الحوالة بغير عوض بحكم الاتفاق : ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 494 مدنى عندما رتبت الضمان على الواهب إذا هو أخفى سبب استحقاق الشيء الموهوب ذكرت بعد ذلك أن هذا الحكم يسرى " ما لم يتفق على غيره " ، فإنه يجوز إذن أن يتفق المحيل مع المحال له ، إذا كانت الحوالة بغير عوض أصلا ، أنه فى حالة استحقاق الحق المحال به أو فى حالة انعدامه ، يرجع المحال له على المحيل بتعويض عادل ، حتى لو كان المحيل يجهل أن الحق المحال به مستحق للغير أو منعدم . وفى هذا تشديد للضمان الذى قرره القانون و الذى بسطنا أحكامه فيما تقدم ، فإن المحيل لا يكون ملتزماً طبقا لهذه الأحكام إلا إذا كان يعلم بانعدام الحق أو باستحقاقه للغير ثم يتعمد إخفاء ذلك على المحال له . على أنه لا يجوز أن يكون هذا الاتفاق على الضمان مصدر ربح غير مشروع للمحال له ، فلا يجوز مثلا أن يتفق المحال له مع المحيل على ضمان الاستحقاق فى الحوالة بغير عوض حتى لو لم يصب المحال له أى ضرر .
ثم إنه لا يجوز الاتفاق على تخفيف الضمان الواجب بحكم القانون فى ذمة المحيل المتبرع للمحال له ، فلا يصح أن يتفق الاثنان على ألا يكون المحيل مسئولا عن الضرر الذى يصيب المحال له ، حتى لو تعمد إخفاء سبب الاستحقاق أو أخفى غشاً انعدام الحق . ذلك أنه لا يجوز لشخص أن يشترط عدم المسئولية عن خطأه التقصيرى .
$ 515 $
المطلب الثانى
ما يرجع به المحال له على المحيل عند تحقق الضمان
285 - المبدأ العام : رأينا أن المادة 310 مدنى تنص على أنه " إذا رجع المحال له بالضمان على المحيل طبقاً للمادتين السابقتين ، فلا يلزم المحيل إلا برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات ، ولو وجد اتفاق يقضى بغير ذلك " .
فالمبدأ العام إذن هو أنه عند تحقق الضمان ، يكون أقصى ما يرجع به المحال له على المحيل هو أن يسترد منه ما دفعه له عوضاً عن الحق المحال به ، مع الفوائد من يوم الدفع بالسعر القانونى ، ومع المصروفات التى يكون قد أنفقها فى إبرام الحوالة أولا ثم فى مطالبة المدين ثانياً ثم فى الرجوع بالضمان على المحيل أخيراً . وهذا سواء كان الضمان بحكم القانون ولم يجد المحال له الحق موجوداً ، أو كان بحكم الاتفاق ولم يجد المحال له المدين موسراً .
ويجوز أن يرجع المحال له بأقل من ذلك ، إذا وجد شرط يخفف من الضمان . بل يجوز ألا يرجع بشىء أصلا ، إذا اشترط المحيل عدم الضمان وكان الحق المحال به هو مجرد إدعاء قد يثبت وقد لا يثبت ورضى المحال له بذلك ، كما أسلفنا القول .
ولكن لا يجوز أن يرجع المحال له بأكثر من استرداد ما دفعه مع الفوائد والمصروفات ، إلا فى حالة واحدة هى حالة ضمان المحيل لأفعاله الشخصية . فإن التعويض فى هذه الحالة الأخيرة يكون مصدره خطأ تقصيرياً فى جانب المحيل ، فوجب أن يكون كاملا يشمل قيمة الحق المحال به كلها ولو زادت على ما دفعه صحيحاً حتى لو قلنا إن التعويض مصدره عقد الحوالة لا الخطأ التقصيرى ، فإن التعويض فى المسئولية العقدية يتناول كل الضرر المباشر المتوقع ، فيشمل قيمة لاحق المحال به كما يشمل التعويض عن أى ضرر آخر يكون مباشراً متوقعاً . وإذا كانت المادة 310 مدنى قد قصرت الرجوع بالضمان على إلزام المحيل برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات ولم تجز الاتفاق على غير ذلك ، فإن هذا $ 516 $ الحكم خاص بالضمان الذى لا يرجع إلى أفعال المحيل الشخصية ، وهو الضمان المنصوص عليه فى المادتين 308 و 309 مدنى . ونص المادة 310 مدنى صريح فى هذا المعنى ، ولا يتناول مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية المنصوص عليها بعد ذلك فى المادة 311 مدنى ( [879] ) .
وفى غير حالة مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية ، لا يجوز للمحال له ، فى إلزامه المحيل بالضمان ، أن يرجع عليه بأكثر مما دفعه له مع الفوائد والمصروفات . فلا يجوز له أن يرجع عليه بقيمة الحق المحال به كله إذا كانت هذه القيمة أكثر مما دفعه ، حتى لو اتفق معه على ذلك . فالمبدأ الذى يضع الحد الأقصى لمقدار ما يرجع به المحال له هو إذن من النظام العام ، لا يجوز الاتفاق على مخالفته .
وقد أخذ التقنين المدنى المصرى الجديد هذا الحكم عن المشروع الفرنسى الإيطالى ( م 268 من هذا المشروع ) ( [880] ) ، وقصد به إلى قطع السبيل على المرابين $ 517 $ الذين يستغلون حاجة الناس فيشترون حقوقهم بأبخس الأثمان ، ثم يكفلون لأنفسهم حق الرجوع بها كاملة عليهم إذا يستوفوها كاملة من المحال عليهم . فإذا اشترى المرابى حقاً قيمته مائة بثمانين ، ثم اشترط ضمان المحيل ليسار المدين بقيمة الحق كله ، وأجيز هذا الشرط ، لكان المراب واثقاً من الحصول على مائة فى الثمانين التى دفعها ، إما من المدين إذا كان موسراً ، وإما من طريق الرجوع بالضمان على المحيل .وهذا هو عين الربا المحظور . فقصر حقه فى الرجوع بالضمان على الثمانين التى دفعها مع الفوائد والمصروفات ، حتى إذا أخذ أكثر مما أعطى فى حالة استيفاء الحق من المدين ، لم يأخذ إلا بمقدار ما أعطى فى حالة الرجوع بالضمان على المحيل ، فيمتنع عليه أن يأخذ فى الحالتين أكثر مما أعطى . وقد قيل فى لجنة المراجعة فى صدد هذا الحكم إن المقصود به " أن يتحمل المحال له الغنم والغرم ، لأن الحوالة تنطوى على معنى الضماربة " ( [881] ) .
ونرى من ذلك أن هناك حكمين من أحكام الضمان يعتبر أن من النظام العام . أولهما هو هذا الحكم ، والثانى هو الحكم القاضى بمسئولية المحيل عن أفعاله $ 518 $ الشخصية فلا يستطيع التخلص من هذه المسئولية ولو باتفاق خاص ( [882] ) .
يبقى أن نعرف الحكم فيما إذا كان المدين معسراً إعساراً جزئيا بحيث يتمكن المحال له من استيفاء بعض حقه منه ، وأن نعرف الحكم فيما إذا كان المحال له قد حول الحق إلى محال له تال بعوض يختلف عن العوض الذى دفعه هو للمحيل . ثم نعرف بعد ذلك مقدار ما يرجع به المحال له إذا كانت الحوالة بغير عوض وتحقق الضمان .
286 - حالة إعسار المدين إعساراً جزئيا : يقع فى بعض الحالات التى يتمكن المحال له من استيفاء بعض حقه من المدين الذى لا يكون معسراً إعساراً المحال له من استيفاء بعض حقه من المدين الذى لا يكون معسراً إلا إعساراً جزئياً ، فإذا كان الحق المحال به مائة مثلا ، واستوفى منها المحال له خمسين ولم يستطع استيفاء الخمسين الباقية ، وكان قد اشترى الحق من المحيل بثمانين ، فما مقدار ما يرجع به على المحيل بدعوى الضمان؟
يمكن أن نتصور حلولا ثلاثة :
( الحل الأول ) أن يرجع المحال له على المحيل بكل الخمسين التى نقضته ، فإن المحيل ملزم فى حالة تحقق الضمان أن يرد للمحال له كل خسارته بحيث لا تزيد على الثمانين التى قبضها منه ثمناً للحوالة . وعيب هذا الحل أنه يمكن المحال له من أن يستوفى قيمة الحق المحال به كاملا عند تحقق الضمان ، وفى هذا مخالفة صريحة لنص المادة 310 مدنى التى تقضى بأن المحال له لا يسترد عند تحقق الضمان أكثر مما دفعه ، فلا يجوز أن تخلص له قيمة الحق كاملة .
( الحل الثانى ) أن يرجع المحال له على المحيل بثلاثين لا بخمسين ، ذلك أنه لا يجوز له كما قدمنا أن يسترد فى حالة تحقق الضمان أكثر مما دفعه ، أى أكثر $ 519 $ من ثماينن . وقد استفوى من هذه الثمانين خمسين من المدين ، فيبقى له ثمانون هى التى يرجع بها على المحيل بدعوى الضمان .
( الحل الثالث ) أن يرجع المحال له على المحيل بأربعين لا بخمسين ولا بثلاثين . ذلك أن المحال له ، فى حالة إعسار المدين إعساراً كليا ، يسترد من المحيل ما دفعه له من الثمن ، وهو ثمانون . ففى حالة إعسار المدين إعساراً جزئياً ، يكون من العدل أن يسترد من المحيل نسبة مما يتبقى له تعادل النسبة ما بين الثمن الذى دفعه وقيمة الحق . وقد دفع ثمانين فى حق قيمته مائة ، فيكون قد اشترى الحق بأربعة أخمسا قيمته . وتبقى له خمسون لم يدفعها المدين لإعساره ، فيرجع بأربعة أخماس قيمته . وتبقى له خمسون لم يدفعها المدين لإعساره ، فيرجع بأربعة أخماسها على المحال له ، أى يرجع عليه بأربعين .
وقد تردد الفقه الفرنسى بين الحال الثانى والحال الثالث ( [883] ) . ونحن نؤثر الحل الثالث ، لأنه يميز بين إعسار المدين إعساراً كليا وإعساره إعساراً جزئياً ، فيكون الضرر الذى يصيب المحال له من الإعسار الجزئى أقل من الضرر الذى يصيبه من الإعسار الكلى . وهو بعدُ لم يسترد من المحيل إلا جزءاً مما دفعه ثمناً للحوالة يتناسب مع الجزء الباقى له من حقه ، فبقى بذلك فى الحدود التى رسمتها المادة 310 مدنى .
287 - حالة وقوع حوالة تالية بعوض يقل أو يزيد : وقد يقع أن المحال له يحول حقه إلى محال له تال بثمن أقل أو أكثر من الثمن الذى دفعه هو للمحيل ، فهل يكون رجوع المحال له الثمن بدعوى الضمان مقيداً بما دفعه هو للمحال له الأول أو بما دفعه المحال له الأول للمحيل؟
نفرض أن المحيل قد قبض فى الحق وقيمته مائة ثمناً مقداره ثمانون ، ثم حول المحال له هذا الحق نفسه إلى محال له تال وقبض ثمناً له مقداره سبعون . ولما طالب المحال له الثانى المدين وجده معسراً . فى هذه الحالة يجوز للمحال له $ 520 $ الثانى أن يرجع بالضمان إما على المحال له الأول وإما على المحيل . فإن رجع على المحال له الأول ، استرد السبعين التى دفعها له . وكذلك لا يجوز أن يسترد إلا السبعين التى دفعها ،حتى لو رجع على المحيل ، إذ لا يجوز له أن يسترد بدعوى الضمان أكثر مما دفعه .
أما إذا كان المحال له الثانى دفع ثمناً للحوالة تسعين لا سبعين ، فإنه يرجع بالتسعين على المحال له الأول ، إذا هو قد دفعها له فيستردها منه . ولكن إذا أراد الرجوع على المحيل ، فإنه لا يسترد منه إلا الثمانين التى استولى هذا عليها ، ذلك أن المحيل لا يلزم إلا برد ما استولى عليه ( [884] ) .
288 - حالة الحوالة بغير عوض : وفى كل ما قدمناه افترضنا أن الحوالة بعوض ، ولذلك جعلنا رجوع المحال له على المحيل مقيداً بمقدار هذا العوض ، ويستوى فى ذلك أن تكون الحوالة بيعاً أو هبة بعوض .
أما إذا كانت الحوالة بغير عوض ، وتحقق الضمان على الوجه الذى قدمناه ، فإن المحال له لم يدفع شيئا حتى يسترده . لذلك لا يكون له ، كماس بق القول ، إلا أن يرجع بتعويض عادل عن الضرر الذى أصابه ، يقدره القاضى على الوجه الذى أسلفناه ( [885] ) .
الفرع الثانى
علاقة المحال له بالمحال عليه
289 - النصوص القانونية : تنص المادة 306 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" يجوز قبل إعلان الحوالة أو قبولها أن يتخذ الدائن المحال له من الإجراءات ما يحافظ به على الحق الذى انتقل إليه " .
$ 521 $
وتنص المادة 312 على ما يأتى :
" للمدين أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التى كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة فى حقه ، كما يجوز له أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة ( [886] ) .
ولا مقابل لهذين النصين فى التقنين المدنى السابق ، ولكن أحكامهما كان معمولا بها دون نص لأنها تطبيق للقواعد العامة .
ويقابل النصان فى التقنين المدنى السابق : فى التقنين المدنى السورى المادتين 306 و 312 – وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 293 و 299 وفى التقنين المدنى العراقى المادة 366 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 285 / 2 ( [887] ) .
$ 522 $
ويؤخذ من هذه النصوص أن علاقة المحال له بالمحال عليه ( المدين ) تتأثر كثيراً بالوقت الذى تصبح فيه الحوالة نافذة فى حق المحال عليه بالإعلان أو بالقبول . فقبل هذا لاوقت لا تكون علاقة المحال له بالمحال عليه إلا علاقة دائنية مستقبلة ، إلا أنها علاقة تسمح ببعض آثار محدودة ، أهمها أن المحال له يستطيع أن يتخذ إجراءات تحفظية للمحافظة على حقه المستقبل قبل المحال عليه كما يمتنع على المحال عليه أن يأتى من الأعمال ما يضر بهذا الحق . ومنذ إعلان الحوالة أو قبولها يصبح المحال له هو وحده الدائن –الحالى لا المستقبل - للمحال عليه ، وتقوم بينهما علاقة المديونية كاملة بما يترتب عليها من آثار .
المبحث الأول
علاقة المحال له بالمحال عليه قبل إعلان الحوالة أو قبولها
290 - دائنية المحال له للمحال عليه دائنية محدودة : قبل إعلان الحوالة أوقبولها يبقى المحيل دائناً للمحال عليه ، لأن الحوالة لم تنفذ بعد فى حق المحال عليه . أما المحال له فدائنيته للمحال عليه كامنة ينقصها النفاذ ، فهى دائنية محدودة لا تولد آثاراً كاملة ، ولكنها تولد بعض الآثار على كل حال .
فيستطيع المحال له من جانبه ، أن يتخذ للمحافظة على حقه إجراءات تحفظية . ومن جانب المحال عليه يجب أن يمتنع ، إذا كان قد علم بالحوالة فعلا $ 523 $ دون أن يقبلها ودون أن تعلن إليه ، من أن يأتى عملا من شأنه الإضرار بحق المحال له .
291 - الإجراءات التحفظية التى يتخذها المحال له : يستطيع المحال له ، قبل إعلان المدين بالحوالة أو قبوله لها ، أن يتخذ من الإجراءات التحفظية ما هو واجب للمحافظة على الحق المحال به . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 306 مدنى ، فقد رأيناها تقضى بأنه " يجوز قبل إعلان الحوالة أو قبولها أن يتخذ الدائن المحال له من الإجراءات ما يحافظ به على الحق الذى انتقل إليه " ( [888] ) .
فيجوز للمحال له أن يقطع التقادم ، إذا رأى أنه أوشك أن يتكامل . وبدلا من أني بدأ بإعلان الحوالة إلى المحال عليه لجعلها نافذة فى حقه ، ثم يطالب بعد ذلك بالحق مطالبة قضائية ليقطع التقادم وقد لا يكون هناك وقت كاف قبل تكامل التقادم للقيام بهذين الإجرائين المتتالين ، يعمد منذ البداية إلى مطالبة المحال عليه مطالبة قضائية تقطع التقادم فوراً ، فيحفظ المحال له بذلك حقه من السقوط . والمطالبة القضائية تتضمن بطبيعة الحال إعلاناً للحوالة ، فهى تحدث الأثرين معاً فى وقت واحد : تقطع التقادم وتجعل الحوالة نافذة فى حق المحال عليه وفى حق الغير . ويستطيع المحال له أن يتلقى من المحال عليه اعترافاً بالحق فى ذاته فينقطع التقادم ، وذلك قبل أن يكون المحال عليه مستعداً لقبول الحوالة ، فهو يقر بالحق الذى فى ذمته ، ويريد أن يتريث فى قبول الحوالة تحوطاً منه للنتائج التى تترتب على هذا القبول ، وبخاصة أثر القبول فى منع التمسك بالمقاصة .
ويجوز للمحال له أيضاً أن يبادر إلى قيد رهن أو حق امتياز أو حق اختصاص يكفل الحق المحال به ، فليس هذا إلا إجراء تحفظياً يستطيع القيام به قبل إعلان الحوالة أو قبولها . كما يستطيع أن يحدد القيد إذا كان قد مضى على القيد السابق عشر سنوات ، ويكون القيد أو تجديده باسمه هو لا باسم المحيل ( [889] ) .
ويجوز للمحال له أن يوقع حجزاً تحفظياً تحت يد مدين المحال عليه ، ويتابع $ 524 $ إجراءات هذا الحجز حتى يصل إلى الحكم بصحة الحجز . فيقف عند هذا الحد ، إذ يصبح الحجز عندئذ إجراء تنفيذياً لا إجراء تحفظياً ، فلا يستطيع المحال له الاستمرار فيه قبل أن يجعل الحوالة نافذة فى حق المحال عليه ( [890] ) .
ويجوز كذلك للمحال له ، إذا باع المحال عليه عقاراً مرهوناً فى الحق المحال به وأراد الحائز أن يطهر العقار ، أن يطلب بيع العقار المطلوب تطهيره باعتباره دائناً مرتهناً إذا هو أودع خزانة المحكمة مبلغاً كافياً لتغطية مصروفات البيع بالمزاد ، وذلك طبقاً للمادتين 1067 - 1068 من التقنين المدنى ( [891] ) .
وقد قيس المحال له قبل إعلان الحوالة أو قبولها على الدائن تحت شرط واقف قبل تحقق الشرط ، فكل منهما يجوز له اتخاذ الإحراءات التحفظية ( [892] ) .
$ 525 $
292 - امتناع المحال عليه من الإضرار بحقوق المحال له : وبديهى أن المحال عليه ، الذى لم يقبل الحوالة ولم يعلن بها ، إذا كان لا يعلم فعلا بصدورها ، يستطيع أن يعامل المحيل –وهو لايزال الدائن له - فى شأن الحق المحال به ، فيوفيه إياه ، أو يجده معه ، أو يجعله قصاصاً فى دين له عليه ، أو يستبرئه منه . وعلى هذا النحو أيضاً يعامل المحال عليه محالا له ثانياً يكون قد قبل حوالته أو أعلنت له ، فهذا المحال له الثانى ، الذى حوالته نافذة قبل الحوالة الأولى ، هو وحده صاحب الحق بالنسبة إلى المحال عليه ، علم هذا بالحوالة الأولى أو لم يعلم .
أما إذا علم المحال عليه بالحوالة الأولى فعلا ، ولو قبل أن تصبح نافذة فى حقه بالإعلان أو بالقبول ، فمن واجبه حينئذ أن يمتنع من إتيان أى عمل ينطوى على غش ويكون من شأنه الإضرار بحقوق المحال له . فليس له أن يوفى الحق المحال به للمحيل غشا وتواطؤا معه . أما إذا أجبره المحيل على الوفاء فلا حيلة له ، وقد تقدم بيان ذلك . وليس له أن يتواطأ غشا مع محال له تال للمحال له الأول ، فيقبل الحوالة الثانية حتى يجعلها نافذة قبل الحوالة الأولى . بل إنه يستطيع ، قبل إعلان الحوالة أو قبولها ، أن يوفى الحق المحال به للمحال له ، ويعتبر هذا الوفاء بمثابة قبول منه للحوالة ( [893] ) . كما يستطيع المحال له أن يطالبه بالحق المحال به مطالبة قضائية ، وتعتبر هذه المطالبة بمثابة إعلان للحوالة ( [894] ) .
ونرى من ذلك أنه من وقت صدور الحوالة إلى وقت إعلانها أو قبولها ، يكون للمحال عليه دائنان فى دين واحد ، هما المحيل والمحال له . ولكن منهما أن يطالبه بالدين ، وله أن يوفى الدين لأى منهما ، وهما مع ذلك ليسا بدائنين متضامنين ( [895] ) .
$ 526 $
المبحث الثانى
علاقة المحال له بالمحال عليه بعد إعلان الحوالة أو قبولها
293 - نفاذ الحوالة فى حق المحال عليه ، بإعلان الحوالة أو قبولها تصبح نافذة ، كما قدمنا ، فى حق المحال عليه ، ويصبح الأثر الأول للحوالة –انتقال الحق المحال به من المحيل إلى المحيل له - نافذاً بالنسبة إلى المحال عليه . ويترتب على ذلك نتجيتان رئيسيتان :
( الأولى ) أن يحل المحال له محل المحيل ، بالنسبة إلى المحال عليه ، فى نفس الحق المحال به فى الحالة التى يكون عليها وقت إعلان الحوالة أو قبولها . أما انتقال الحق فيما بين المحيل والمحال له فيكون بالحالة التى كان عليها وقت صدور الحوالة .
( الثانية ) أن يكون للمحال عليه –وهذه نتيجة مترتبة على النتيجة الأولى - التمسك قبل المحال له بالدفوع التى كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت الإعلان أو القبول ، وكذلك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة .
$ 527 $
294 - حلول المحال له محل المحيل فى نفس الحق المحال به : ينتقل ، بالنسبة إلى المحال عليه ، الحق المحال به من المحيل إلى المحال له ، كما قدمنا . وينتقل بالحالة التى يكون عليها وقت إعلان الحوالة أو قبولها ( [896] ) .
فمن هذا الوقت لا يكون للمحال عليه إلا دائن واحد هو المحال له ، وقد حل محل المحيل الدائن السابق ، وأصبح هو دون المحيل صاحب الحق بالحالة التى يكون عليها وقت الإعلان أو القبول . فلو أن هذا الحق كان موجوداً وقت صدور الحوالة ، ولكنه انقضى قبل الإعلان أو القبول بأن استوفاه المحيل مثلا أو قضاه بأى سبب من أسباب الانقضاء ، فإن المحال له لا ينتقل إليه شيء قبل المحال عليه ، لأن الحق أصبح غير موجود وقت الإعلان أو القبول .
وينتقل الحق إلى المحال له بالصفات التى تكون له وقت الإعلان أو القبول . فلو كان الحق ثابتاً فى سند تنفيذى فى هذا الوقت ، ولكن لم يكن ثابتاً فى هذا السند وقت صدور الحوالة ، فإن الحق ينتقل إلى المحال له قابلا للتنفيذ بفضل هذا السند التنفيذى . ولو كان الحق تجارياً أو ينتج فوائد أو كانت له صفات أخرى غير ذلك ، فإنه ينتقل بنفس هذه الصفات إلى المحال له قبل المحال عليه .
وينتقل الحق إلى المحال له بالضمانات التى تكفله وقت الإعلان أو القبول ( [897] ) . فلو أن الحق المحال به كان مضموناً برهن أو اختصاص أو امتياز أو كفيل ، فإنه ينتقل بهذه الضمانات إلى المحال له قبل المحال عليه وقبل الكفيل . ولو كان الضمان الذى يكفل المحال به موجوداً وقت صدور الحوالة ، ولكنه انقضى قبل إعلانها أو قبولها ، فإنه يعتبر غير موجود ولا ينتقل مع الحق إلى المحال له ، كما لو سقط قيد الرهن أو أبرأ المحيل الكفيل قبل الإعلان أو القبول ، وإنما يرجع المحال له على المحيل بالضمان وفقاً للقواعد التى قدمناها .
$ 528 $
وما دام الحق نفسه قد انتقل من المحيل إلى المحال به بالنسبة إلى المحال عليه ، فقد أصبح المحال عليه ليس له ، كما قدمنا ، إلا دائن واحد هو الذى يجب أن يوفيه الحق . فلا يجوز له أن يوفى الحق ، بعد الإعلان أو القبول ، إلى المحيل ، ويكون هذا الوفاء غير مبرئ لذمته ، ويستطيع المحال له أن يستوفى الحق منه مرة ثانية ، ولا يبقى للمحال عليه إلا الرجوع على المحيل بما دفعه إليه دون حق . ويجوز للمحال له ، بعد الإعلان أو القبول ، أن يجبر المحال عليه على الوفاء بالحق كاملا ( [898] ) ، كما يجوز له أن يقضى الحق بأى سبب من أسباب الانقضاء كالتجديد والمقاصة واتحاد الذمة والإبراء ( [899] ) .
$ 529 $
ولا يستطيع المحيل ، بعد الإعلان أو القبول ، أن يتصرف فى الحق المحال به مرة ثانية ، لا ببيع ولا برهن ولا بأى نوع آخر من أنواع التصرفات ( [900] ) ، كما لا يجوز أن يوقع أحد دائنى المحيل حجزاً تحفظياً على الحق المحال به تحت يد المحال عليه بعد الإعلان أو القبول . وعلى العكس من ذلك ، يستطيع المحال له ، بعد الإعلان أو القبول ، أن يتصرف فى الحق بحوالة تالية ، كبيع أو هبة أو رهن ، يجوز لدائنيه أن يوقعوا حجزاً تحفظيا على الحق تحت يد المحال عليه .
على أن حلول المحال له محل المحيل قبل المحال عليه ليس من شأنه أن ينقل الصفات اللصيقة بشخص أحدهما إلى شخص الآخر . فلو أن المحيل كان زوجة المحال عليه ، ومن ثم يكون سريان التقادم موقوفاً لمصلحة الزوجة ، لمي نقتل أثر هذه الظروف الشخصية إلى المحال له ، ويبدأ سريان التقادم من وقت أن تصبح الحوالة نافذة فى حق الزوج المحال عليه ( [901] ) .
295 - الدفوع التى للمحال عليه أن يتمسك بها قبل المحال له : رأينا أن المادة 312 مدنى تنص على أن " للمدين أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التى كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة فى حقه ، كما $ 530 $ يجوز له أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة " . وهذه نتيجة منطقية مترتبة على كون الحق المحال به هو الذى ينتقل من المحيل إلى المحال له قبل المحال عليه ، كما قدمنا . فما دام الحق نفسه هو الذى ينتقل ، فإنه ينتقل بالدفوع التى عليه كما انتقل بالصفات والضمانات التى له . فيستطيع المحال عليه إذن أن يتمسك بهذه الدفوع قبل المحال له ، كما كان يستطيع التمسك بها قبل المحيل ( [902] ) . ويستطيع أيضاً أن يتمسك بالدفوع التى يستمدها من عقد الحوالة ذاته ، وهو العقد الذى نقل الحق المحال به من المحيل إلى المحال له .
يستطيع المحال عليه أولا أن يتمسك قبل المحال له ، بالنسبة إلى الحق المحال به ، بالدفوع التى كان يستطيع أن يتمسك بها قبل المحيل وقت إعلان الحوالة أو قبولها . فإذا كان هناك ، فى هذا الوقت ، دفع يمكن أن يدفع به هذا الحق قبل المحيل ، فإن هذا الدفع يصلح للتمسك به قبل المحال له . والدفوع قد ترجع إلى انقضاء الحق أو إلى بطلانه أو إلى انفساخه . فيجوز أن يكون الحق المحال به قد انقضى وقت إعلان الحوالة أو قبولها ، حتى لو كان موجوداً وقت صدور الحوالة . فيصبح مثلا للمحال عليه أن يدفع بأن الحق قد انقضى إما بالوفاء ( [903] ) $ 531 $ أو بالتجديد أو بالمقاصة أو باتحاد الذمة أو بالإبراء أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء ، سواء كان الانقضاء سابقاً على صدور الحوالة أو تالياً له ، ما دام الحق قد انقضى قبل إعلان الحوالة أو قبولها ( [904] ) . ويجوز كذلك أن يكون الحق قد انقضى بتصرف المحيل فيه لمحال له آخر ونفذت الحوالة الثانية قبل نفاذ الحوالة الأولى ، ففى هذه الحالة يدفع المحال عليه مطالبة المحال له الأول بأن الحوالة الثانية هى النافذة فى حقه وفى حق المحال له الأول على السواء . ويجوز أن يكون أحد دائنى المحيل قد وقع حجزاً تحفظياً تحت يد المحال عليه قبل إعلان الحوالة أو قبولها ، وعندئذ يكون للمحال عليه أن يدفع مطالبة المحال له بالحق كله بأن الدائن الحاجز يشاركه فيه . كل هذه دفوع ترجع إلى انقضاء الحق ، كان المحال عليه يستطيع أني دفع بها مطالبة المحيل ، فيجوز له أن يتمسك بها قبل المحال له . وهناك دفوع ترجع إلى بطلان الحق المحال به أو إلى انفساخه ، كأن يكون الحق مصدره عقد باطل أو عقد قابل للإبطال أو عقد قابل للفسخ ، أو يكون الحق معلقاً على شرط واقف لم يتحقق أو معلقاً على شرط فاسخ تحقق ( [905] ) . كل هذه دفوع كان المحال عليه يستطيع أن يتمسك بها قبل المحيل ، ليستطيع كذلك أن يتمسك بها قبل المحال له ( [906] ) .
$ 532 $
على أن هناك دفعين يخرجان على القواعد التى قدمناها ، هما الدفع باتحاد الذمة والدفع بالمقاصة . فإذا كان المحال عليه هو وارث المحيل ، وبعد صدور الحوالة ، ولكن قبل إعلانها أو قبولها ، مات المحيل فورثه المحال عليه وانقضى الحق المحال به باتحاد الذمة ، فقد كان ينبغى أن يستطيع المحال عليه أن يدفع مطالبة المحال له بعد إعلان الحوالة بانقضاء الحق . ولكنه لما وارثاً للمحيل ، وكان للمحال له أن يرجع بالضمان على المحيل أو على تركته التى يمثلها الوارث ، فإن الأمر ينتهى إلى أن المحال عليه لا يجوز أن يتمسك بهذا السبب من أسباب الانقضاء ( [907] ) . كذلك إذا كان هناك حق للمحال عليه فى ذمة المحيل بحيث ينقضى الحق المحال به بالمقاصة ، ولكن المحال عليه قبل الحوالة دون تحفظ ، فإنه لا يستطيع أن يدفع مطالبة المحال له بالمقاصة ( [908] ) كما كان يستطيع دفعها بالدفوع الأخرى . فقد رأينا أن المادة 368 مدنى تنص على أنه " 1 - إذا حول الدائن حقه للغير وقبل المدين الحوالة دون تحفظ ، ف لا يجوز لهذا المدين أن يتمسك قبل المحال له بالمقاصة التى كان له أن يتمسك بها قبل قبوله للحوالة ، ولا يكون له إلا الرجوع بحقه على المحيل . 2 - أما إذا كان المدين لم يقبله الحوالة ولكن أعلن بها ، فلا تمنعه هذه الحوالة من أن يتمسك بالمقاصة " ( [909] ) .
$ 533 $
ويستطيع المحال عليه ثانياً أن يتمسك بالدفوع التى ترجع إلى عقد الحوالة ذاته . مثل ذلك أني كون عقد الحوالة باطلا ، وهو سند المحال له فى الرجوع على المحال عليه ، فلهذا أن يدفع ببطلان أو يجوز أن يتمسك بالبطلان كل ذى مصلحة . أما إذا كان عقد الحوالة قابلا للإبطال لمصلحة المحيل فإن المحيل وحده هو الذى يستطيع أن يتمسك بإبطال الحوالة ، ولا يستطيع المحال عليه ذلك لأن الإبطال لم يتقرر لمصلحته ، بل ولا يستطيع أن يتمسك بالإبطال باسم المحيل لأنه ليس دائناً له بل مديناً . فلا يبقى أمامه إلا أن يدخل المحيل خصما فى الدعوى التى يرفعها عليه المحال له ، ويطلب منه إما أن يتمسك بإبطال العقد وإلا دفع المحال عليه الحق المحال به للمحال له معتبراً سكوت المحيل عن التمسك بإبطال العقد إجازة ضمنية منه للحوالة . وهذا هو أيضاً شأن ما إذا كان عقد الحوالة قابلا للفسخ . فإذا كانت الحوالة فى مقابل ثمن لم يدفعه المحال له للمحيل ، وكان للمحيل أن يفسخ العقد لعدم دفع الثمن ، فليس للمحال عليه أن يتمسك بالفسخ ، فإن الذى يتمسك به هو المحيل . وللمحال عليه أن يدخل المحيل خصما فى الدعوى ، حتى إذا رأى هذا أن $ 534 $ يطالب بفسخ العقد فعل ، وإلا كان المحال عليه ملزماً بدفع الحق المحال به للمحال له ، ثم يطالب المحيل المحال له بثمن الحوالة ( [910] ) . وقد يكون عقد الحوالة صورياً ، فيجوز للمحال عليه أن يدفع بصوريته ( [911] ) ، وأن يثبتها بجميع الطرق ، حتى بالبينة وبالقرائن ( [912] ) ، لأنه ليس طرفاً فى الصورية . ولكنه لا يعتبر غيراً فيها ، إذ هو ليس بدائن ولا بخلف خاص لأى من طرفى الصورية ، فإذا وفى الحق المحال به للمحال له معتقداً بحسن نية أن الحوالة جدية ، كان الدفع صحيحاً مبرئاً للذمة ، لا لأنه من الغير فى الصورية ومن حقه أن يتمسك بالعقد الصورى ، $ 535 $ بل لأنه وفى الحق إلى الدائن الظاهر بحسن نية ( [913] ) . على أنه إذا تمسك المحال عليه بصورية الحوالة ، جاز مع ذلك اعتبار الحوالة الصورية توكيلا من المحيل للمحال له فى قبض الحق المحال به من المحال عليه ، فيصح للمحال له باعتباره وكيلا إلزام المحال عليه بدفع الحق المحال به ، كما يجوز للمحيل الرجوع فى هذا التوكيل ( [914] ) .
الفرع الثالث
علاقة المحيل بالمحال عليه
296 - التمييز بين مرحلتين : فى علاقة المحيل بالمحال عليه يجب أن نميز بين مرحلتين :
( 1 ) المرحلة التى تسبق إعلان الحوالة أو قبولها .
( 2 ) ثم المرحلة التى تلى الإعلان أو القبول .
297 - المرحلة التى تسبق إعلان الحوالة أو قبولها : فى هذه المرحلة لا تزال الحوالة غير نافذة فى حق المحال عليه ، ولا يزال صاحب الحق بالنسبة إليه هو المحيل . فيستطيع المحيل إذن أن يقوم باتخاذ جميع الإجراءات التحفظية اللازمة ، كأن يقطع التقادم وأن يقيد الرهن وأن يجدد القيد وأن يتقدم فى التوزيع ونحو ذلك ( [915] ) . وما ينتج من أثر يفيد بطبيعة الحال المحال له . وقد رأينا فيما قدمناه أن هذه الإجراءات التحفظية يستطيع المحال له أيضا ، فى هذه المرحلة نفسها ، أن يتخذها باسمه .
كذلك يستطيع المحيل ، فى المرحلة التى نحن بصدها ، أن يجاوز الأعمال التحفظية إلى الأعمال التنفيذية ، فهو بالنسبة إلى المحال عليه لا يزال صاحب $ 536 $ الحق كما قدمنا . فله أن يستوفى الحق من المحال عليه ، وله أن يجبره على الوفاء . وليس للمحال عليه فى هذه الحالة الأخيرة إلا أن يبادر إلى قبوله الحوالة حتى يجعلها نافذة فى حق فلا يوفى الحق المحال به إلا للمحال له ، أو أن يدخل المحال له خصما فى الدعوى ويدعوه إلى تحديد موقفه من الحوالة . كذلك يستطيع المحيل أن يقضى الحق بأى سبب من أسباب الانقضاء ، كالتجديد والمقاصة واتحاد الذمة والإبراء ، ولا يكون للمحال له فى هذه الحالة إلا الرجوع عليه بالضمان إن كان هناك محل للرجوع ( [916] ) .
ويستطيع المحيل أيضا أن يتصرف فى التحق المحال به ، فهو لا يزال صاحبه بالنسبة إلى المحال عليه وبالنسبة إلى الغير ، فيحول الحق مرة أخرى إلى محال له ثان على سبيل البيع أو الهبة أو الرهن أو غير ذلك . ويجوز لدائنى المحيل أن يحجزوا حجزاً تحفظياً على الحق المحال به تحت يد المحال عليه ( [917] ) . فالمحال له إذن يخلص له الحق المحال به بالحالة التى يكون عليها وقت الإعلان أو القبول ، لا بحالته وقت صدور الحوالة . وإذا انتقص الحق بفعل المحيل ، فى الفترة ما بين وقت صدور الحوالة ووقت إعلانها أو قبولها ، فليس للمحال له إلا الرجوع على المحيل ( [918] ) .
298 - المرحلة التى تلى إعلان الحوالة أو قبولها : فإذا ما أعلنت الحوالة أو قبلت ، فقد رأينا أنها تصبح نافذة فى حق المحال عليه وفى حق الغير ، ويصبح المحيل أجنبياً بالنسبة إلى المحال عليه .
ومن ثم لا يستطيع المحيل فى هذه المرحلة أن يفعل شيئاً مما كان يستطيع أن يفعله فى المرحلة الأولى . لا يستطيع أن يستوفى الحق من المحال عليه ، وإن استوفاه كان الوفاء غير مبرئ لذمة المحال عليه كما قدمنا . ولا يستطيع بالأولى $ 537 $ إلزام المحال عليه بالوفاء ، كما لا يستطيع أن يقضى الحق بأى سبب من أسباب الانقضاء ، لا بالتجديد ولا بالمقاصة ( [919] ) ولا باتحاد الذمة ولا بالإبراء ولا بغير ذلك .
كذلك لا يستطيع المحيل أن يتصرف فى الحق المحال به بعد إعلان الحوالة أو قبولها ، لا ببيع ولا بهبة ولا برهن ولا بغير ذلك من التصرفات ، فقد أصبح المحال له هو صاحب الحق كما سبق القول . ولا يجوز فى هذه المرحلة لدائنى المحيل أن يحجزوا على الحق المحال به تحت يد المحال عليه ، والحجز بعد إعلان الحوالة أو قبولها لا يسرى فى حق المحال له . والذين يستطيعون أن يوقعوا الحجز تحت يد المحال عليه هم دائنو المحال له ، فقد أصبح الحق ملك مدينهم وحده ( [920] ) .
الفرع الرابع
علاقة المحال له بالغير
299 - النصوص القانونية : تنص المادة 313 من التقنين المدنى على ما يأتى :
إذا تعددت الحوالة بحق واحد ، فضلت الحوالة التى تصبح قبل غيرها نافذة فى حق الغير " .
وتنص المادة 314 على ما يأتى :
" 1 - إذا وقع تحت المحال عليه حجز قبل أن تصبح الحوالة نافذة فى حق الغير ، كانت الحوالة بالنسبة إلى الحاجز بمثابة حجز آخر " .
$ 538 $
" 2 - وفى هذه الحالة إذا و قع حجز آخر بعد أن أصبحت الحوالة نافذة فى حق الغير ، فإن الدين يقسم بين الحاجز المتقدم والمحال له والحاجز المتأخر قسمة غرماء ، على ان يؤخذ من حصة الحاجز المتأخر ما يستكمل به المحال له قيمة الحوالة ( [921] ) " .
وليس للنص الأول مقابل فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص لانطباقه على القواعد العامة . أما النص الثانى فيقابله فى تقنين المرافعات السابق المادة 433 / 495 ( [922] ) .
ويقابل النصان فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين 313 - 314 ، وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 300 - 301 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 373 - 374 ، وفى تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى المواد 647 - 649 ( [923] ) .
$ 539 $
وقد عرضت هذه النصوص لطائفتين من الغير ، لتقرر لمن يكون التقدم إذا تزاحم المحال له مع الغير . وهاتان الطائفتان هما :
(1) محال له آخر بنفس الحق المحال به أولا ، سواء تضمنت الحوالة بيعاً أو هبة أو رهناً أو غير ذلك من التصرفات .
(2) دائن حاجز من جهة المحيل يكون قد جز على الحق المحال به تحت يد المحال عليه .
وقد رأينا فيما تقدم ( [924] ) أن الغير فى الحوالة يشمل هاتين الطائفتين ويشمل أيضاً طائفة ثالثة هو دائنو المحيل إذا شهر إفلاسه أو إعساره .ورأينا أن العبرة $ 540 $ فى نفاذ الحوالة فى حق هؤلاء الأغيار –أى الطوائف الثلاثة - بالتاريخ الثابت لإعلان المحال عليه بالحوالة أو لقبوله بها .
ولا تقوم صعوبة فى تطبيق هذا المبدأ بالنسبة إلى طائفتين من هذه الطوائف الثلاث ، وهما طائفة دائن المحيل المفلس أو المعسر وطائفة المحال له الثانى . وإنما تقوم الصعوبة فى تطبيق المبدأ بالنسبة إلى الدائن الحاجز . فنبحث أولا الطائفتين الأولين ، ثم نفرد بعد ذلك مبحثا خاصا بالدائن الحاجز .
المبحث الثامن
التزاحم بين المحال له وبين دائن المحيل المفلس أو المعسر أو محال له آخر
300 - التزاحم بين المحال له وبين دائن المحيل المفلس أو المعسر : إذا صدرت الحوالة من المحيل ، وقبل أن تصبح نافذة فى حق الغير بالإعلان أو القبول شهر إفلاس المحيل أو شهر إعساره ، فإن دائنى المحيل فى هذه الحالة يصبحون من الغير بالنسبة إلى المحال له ، وذلك من وقت صدور الحكم بالإفلاس أو من وقت تسجيل صحيفة دعوى الإعسار .
أما فيما يتعلق بالإفلاس ، فقد نصت المادة 216 من التقنين التجارى على أن " الحكم بإشهار الإفلاس يوجب بمجرد صدوره رفع يد المفلس من تاريخ هذا الحكم عن إدارة جميع أمواله . . . " . ومن المجمع عليه فى الفقه التجارى أن غل يد إدارة جميع أمواله . . . " . ومن المجمع عليه فى الفقه التجارى أن غل يد المفلس من تاريخ صدور الحكم بالإفلاس لا يقتصر فحسب على إدارة الأموال ، بل هو يشمل أيضا ، ومن باب أولى ، التصرف فى هذه الأموال ( [925] ) . ومن النتائج التى يرتبها فقهاء القانون التجارى على هذا المبدأ أنه " إذا اشترط القانون لسريان التصرف على الغير إتمام إجراءات أو أشكال معينة ، فلا يعتبر التصرف بالنسبة إلى جماعة الدائنين قد كمل إلا إذا تمت الإجراءات أو الأشكال المذكورة قبل صدور حكم الإفلاس . فإذا لم تكن قد $ 541 $ تمت حق هذا الوقت ، فلا يجوز إجراؤها بعد ذلك ، ومن ثم لا يحتج بالتصرف على جماعة الدائنين لأنها من الغير ( [926] ) " . وتطبيقاً لهذا المبدأ ، إذا حول الدائن قبل شهر إفلاسه الحق الذى له فى ذمة مدينه إلى شخص آخر ، ولم يكن التاريخ الثابت لإعلان هذه الحوالة إلى المدين أو لقبوله إياها سابقاً على تاريخ الحكم بشهر الإفلاس ، فإن دائنى المحيل المفلس يعتبرون من الغير بالنسبة إلى هذه الحوالة ، ولما كان تاريخ نفاذها تالياً لصيرورتهم من الغير ، فإن الحوالة لا تنفذ فى حقهم . وفى هذه الحالة يبقى الحق المحال به فى " روكيه " المحيل المفلس تتناوله إجراءات الإفلاس ، ويدخل المحال له ضمن دائنى التفليسة بما له من حق الرجوع على المحيل ، ويقاسم هؤلاء الدائنين قسمة الغرماء ( [927] ) .
$ 542 $
وأما فيما يتعلق بالإعسار ، فقد نصت المادة 357 مدنى على أنه " متى سجلت صحيفة دعوى الإعسار ، فلا يسرى فى حق الدائنين أى تصرف للمدين يكون من شأنه أن يقنص من حقوقه أو يزيد مفى التزاماته ، كما لا يسرى فى حقهم أى وفاء يقوم به المدين " . ويتبين من هذا النص أنه بعد شهر إعسار المدين ، كل تصرف يصدر منه منذ تاريخ تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، ويكون من شأنه أن ينقص من حقوقه كالبيع والهبة والرهن ويدخل فى ذلك حوالة الحق على سبيل البيع أو الهبة أو الرهن ، أو يزيد فى التزاماته كالقرض ، وأى وفاء يقوم به ولو لدين حال ، يكن غير سار فى حق الدائنين ، وذلك دون حاجة إلى إثبات إعسار المدين فهو ثابت بحكم شهر الإعسار ، ودون حاجة إلى إثبات سوء نية المدين أو سوء نية المتصرف إليه ولو كان التصرف معاوضة . وهذه الوقاية تفضل العلاج الذى تقدمه الدعوى البولصية ( [928] ) . وكما أن الحوالة التى صدرت بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار لا تسرى فى حق دائنى المعسر إذ يعتبرون من الغير بالنسبة إليها ، كذلك إذا لم تتم الإجراءات اللازمة لجعل الحوالة نافذة فى حق الغير قبل تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، فإن الحوالة لا تسرى فى حق دائنى المعسر باعتبارهم من الغير . فإذا صدرت الحوالة من المحيل ولو قبل تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، ولكن التاريخ الثابت لإعلانها أو لقبولها لاحق لتسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، فإن الحوالة لا تنفذ فى حق دائنى المعسر ، ويبقى الحق المحال به داخلا فى الضمان العام لجميع الدائنين ، ومنهم المحال بما له من حق الرجوع بالضمان على المحيل ، فيكون أسوة الدائنين الآخرين فى التنفيذ على أموال المدين المعسر ، وذلك وفقاً للمادة 256 مدنى .
301 - التزاحم بين محال له ومحال له آخر : رأينا أن المادة 313 مدنى تنص على أنه " إذا تعددت الحوالة بحق واحد ، فضلت الحوالة التى تصبح قبل غيرها نافذة فى حق الغير " . فالمفروض أن المحيل قد حول حقه مرة أولى ، ثم حول نفس الحق مرة أخرى ، سواء كانت الحوالة فى أية مرة من $ 543 $ المرتين على سبي البيع أو الهبة أو الرهن أو غير ذلك ، فتزاحم المحال له الأول مع المحال له الثانى ، فأيهما يقدم على الآخر؟
يقول النص إن الحوالة التى تصبح قبل غيرها نافذة فى حق الغير هى التى تفضل . ولا تنفذ الحوالة فى حق الغير ، كما قدمنا ، إلا إذا أعلنت إلى المحال عليه أو إلا إذا قبلها وكان لهذا القبول تاريخ ثابت . فمن من المحال لهما سبق الآخر إلى إعلان الحوالة للمحال عليه ، أو سبق الآخر إلى الحصول على قبول ذى تاريخ ثابت من المحال عليه للحوالة ، كما هو المقدم ( [929] ) . فالعبرة إذن ، عند تزاحم هذين ، فى المفاضلة بينهما ، ليس بتاريخ صدور الحوالة ، بل بالتاريخ الثابت لإعلانها أو لقبولها من المحال عليه ( [930] ) .
وقد يقع أن يحول الدائن جزءاً من حقه إلى محال له أول ، والجزء الباقى إلى محال له ثان . فهنا لا يقوم تزاحم بين المحال لهما ، إذ كان منهما قد حول بجزء من الحق غير الجزء الذى حول به الآخر . فيرجع كل منهما بالجزء المحول به على المحال عليه ، ويستوفيه منه كاملا . فلو كان الحق مائة ، وحول كل من المحال لهما بخمسين ، رجع كل منهما على المحال عليه بالخمسين التى له دون $ 544 $ تزاحم . وإنما يقع التزاحم إذا كان المحال عليه معسراً إعساراً جزئياً ، فإذا فرضنا فى المثل المتقدم أنه لم يخلص للمحال لهما من مال المحال عليه إلا خمسون ، فلكل منهما خمسة وعشرون ، إذ لا وجه لتفضيل أحدهما على الآخر فى هذه الحالة ، ولو كانت حوالته نافذة فى حق الغير قبل نفاذ حوالة الآخر ، لأننا لسنا فى مقام تزاحم بين حوالتين بحق واحد ، بل فى مقام تزاحم دائنين لا يستطيعان أن يستوفيا الحق كاملا فيقسم مال المدين بينهما قسمة غرماء . وقد رأينا أن هذا الحكم ينطبق أيضاً فيما إذا كان المحيل قد حول جزءاً من حقه إلى محال له واستبقى لنفسه الجزء الآخر ، فإذا كان مال المحال عليه لا يفى بحق كل منهما ، قسما هذا المال بينهما قسمة الغرماء هنا أيضاً ، وهذا ما لم يكن المحيل قد ضمن للمحال له يسار المحال عليه وقت حلول الحق المحال به ، ففى هذه الحالة يتقدم المحال له على المحيل ( [931] ) .
على أن من الجائز ، عند تحويل الدائن جزءاً من حقه ، أن يتفق مع المحال له ، وقت الحوالة أو بعدها ، على ان يكون هذا الجزء مقدماً فى الاستيفاء على الجزء الباقى ، سواء استبقى هذا الجزء الباقى لنفسه أو حوله إلى محال له آخر . ففى هذه الحالة يسرى الاتفاق على المحيل إذا كان قد استبقى لنفسه الجزء الباقى ، وعلى المحال له الآخر إذا كان قد حول له هذا الجزء الباقى لأنه يكون قد علم –أو من المفروض أنه علم - بأسبقية الجزء المحول أولا على الجزء الذى حول له أخيراً بالاستعلام عن ذلك من المحال عليه وقت صدور الحوالة له . ونم ثم يتقدم الجزء الأول من المحال به فى الاستيفاء على الجزء الباقى . أما إذا أراد الدائن أن يجعل الأسبقية للجزء الباقى من الحق فلابد أن يحتفظ له بهذه الأسبقية عند إجراء الجزء الأول ( [932] ) .
$ 545 $
المبحث الثانى
التزاحم بين المحال له والدائنين الحاجزين
302 - حالات ثلاث : رأينا أن المادة 314 مدنى تنص على أنه : " 1 - إذا وقع تحت يد المحال عليه حجز قبل أن تصبح الحوالة نافذة فى حق الغير ، كانت الحوالة بالنسبة إلى الحاجز بمثابة حجز آخر . 2 - وفى هذه الحالة ، إذا وقع حجز آخر بعد أن أصبحت الحوالة نافذة فى حق الغير ، فإن الدين يقسم بين الحاجز المتقدم والمحال له والحاجز المتأخر قسمة غرماء ، على أن يؤخذ من حصة الحاجز المتأخر ما يستكمل به المحال له قيمة الحوالة " .
ويوحى هذا النص بأنه يجب التمييز بين حالات ثلاث :
(1) بعد صيرورة الحوالة نافذة فى حق الغير عمد أحد دائنى المحيل إلى توقيع حجز على الحق المحال به تحت يد المحال عليه ، فقام التزاحم بين المحال له والدائن الحاجز .
(2) قبل صيرورة الحوالة نافذة فى حق الغير ، بادر أحد دائنى المحيل إلى توقيع الحجز على الحق لمحال به تحت يد المحال عليه ، فقام التزاحم بين الدائن الحاجز والمحال له .
(3) قبل صيرورة الحوالة نافذة فى حق الغير ، بادر أحد دائنى المحيل إلى توقيع الحجز ، ثم بعد صيرورتها نافذة فى حق الغير وقع دائن آخر حجزاً ثانياً ، فقام التزاحم بين الدائن الحاجز الأول والمحال له والدائن الحاجز الثانى . ولكل من هذه الحالات الثلاث حكمها الخاص .
303 - التزاحم بين المحال له والدائن الحاجز : نفرض فى هذه الحالة أن الحوالة قد صدرت نافذة فى حق الغير قبل توقيع الحجز ، بأن استطاع المحال له أن يعلن المحال عليه بها قبل أن يعلنه الدائن بالحجز ، أو استطاع أن يحصل من المحال عليه على قبول ذى تاريخ ثابت سابق على تاريخ إعلان الحجز للمحال عليه .
( م 35 – الوسيط )
$ 546 $
لم يرد فى هذه الحالة نص لوضوحها ( [933] ) . فمن البديهى أن الحوالة وقد نفذت فى حق الغير –أى فى حق الدائن الحاجز - قبل تاريخ إعلان الحجز ، فقد انتقل الحق المحال به من المحيل إلى المحال له بالنسبة إلى الدائن الحاجز قبل توقيع الحجز . فيكون الحجز وقت توقيعه قد وقع على حق غير مملوك للمدين ، فيقع باطلا لانعدام المحل . ومن ثم يتقدم المحال له فى هذه الحالة على الدائن الحاجز ، ويستولى أولا على قيمة حوالته ( [934] ) . فإن كانت الحوالة بكل الحق ، أخذه كله من المحال عليه ، ولا يبقى للدائن الحاجز شيء . وإن كانت الحوالة بجزء من الحق ، استولى المحال له على هذا الجزء كاملا قبل الدائن الحاجز ، وما يبقى من الحق بعد ذلك يستوفى منه الدائن الحاجز حقه أو بعض حقه بحسب الأحوال ( [935] ) .
304 - التزاحم بين الدائن الحاجز والمحال له : نفرض فى هذه الحالة أن الدائن الحاجز قد سبق المحال له ، فأعلن الحجز للمحال عليه قبل أن يعلن المحال له الحوالة أو قبل أن يحصل على قبول بها ذى تاريخ ثابت من المحال عليه ( [936] ) .
لاشك فى أن الحجز هنا وقع على الحق المحال به فى وقت كان هذا الحق فى ملك المدين ، فالحجز صحيح منتج لأثره . ولكن الحوالة المتأخرة تعتبر هى نفسها بمثابة حجز متأخر ، فإن المحال له دائن بالضمان للمحيل ، وبإعلانه الحوالة أو بقبولها من المحال عليه يكون كأنه أوقع بحقه فى الضمان حجزاً آخر تحت يد المحال عليه . وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الأولى من المادة 314 $ 547 $ مدنى ، فهى تقول : " إذا وقع تحت يد المحال عليه حجز قبل أن تصبح الحوالة نافذة فى حق الغير ، كانت الحوالة بالنسبة إلى الحاجز بمثابة حجز آخر ( [937] ) " .
ولما كان الحجز المتقدم لا يفضل على الحجز المتأخر ، بل كل من الدائنين الحاجزين يزاحم الآخر ويقسم مال المحيل بينهما قسمة الغرماء ، فإن وجد مال عند المحال عليه يفى بكل من الحجز كاملا والحوالة كاملة ، أخذ كل منهما جميع حقه . أما إذا ضاق المال الذى للمحيل عند المحال عليه عن ذلك ، فإن هذا المال يقسم بين الحاجز والمحال له قسمة غرماء كما قدمنا . فلو كان حق الحاجز مائتين ، والحوالة بثلثمائة ، ولم يوجد عند المحال عليه للمحيل إلا أربعمائة ، أخذ الحاجز خمسى هذا المبلغ أى مائة وستين ، وأخذ المحال له ثلاثة الأخماس الباقية أى مائتين وأربعين ( [938] ) .
305 - التزاحم بين الدائن الحاجز الأول والمحال له والدائن الحاجز الثانى : نفرض فى هذه الحالة أن الحاجز الأول أعلن حجزه قبل صيرورة الحوالة نافذة فى حقه ، ثم صارت الحوالة نافذة فى حق الغير ، وبعد $ 548 $ ذلك أعلن الحاجز الثانى حجزه . فعندنا إذن حاجز متقدم ، ثم محال له ، ثم حاجز متأخر ( [939] ) .
لو لم يوجد نص صريح فى هذه المسألة ، لكان الحكم الذى يتفق مع القواعد العامة هو على الوجه الآتى : لا محال للاعتداد بالحجز المتأخر ، فإن الحجز الذى يتأخر عن الحوالة يكون باطلا لانعدام محله . ولا محل إذن للقول بمزاحمة الحاجز الثانى للحاجز الأول باعتبار أن كلا منهما دائن حاجز ، فقبل القول بهذه المزاحمة يجب أن يكون كل من الحجزين قد وقع صحيحاً . وهنا قد وقع الحجز الثانى باطلا ، فلا محل للقول بالتزاحم بين حجز صحيح وحجز باطل . ويترتب على ذلك أنه يجب استبعاد الحاجز المتأخر إذا كانت الحوالة المتقدمة عليه حوالة بكل الحق ، ثم يقسم هذا الحق بين الحاجز المتقدم والمحال له قسمة غرماء ، كما فعلنا فى الحالة الثانية ( [940] ) .
ولكن التقنين المدنى الجديد أراد أن يحتفظ بالحل الذى كان منصوصاً عليه فى تقنين المرافعات السابق ( [941] ) ، توخياً لاستقرار التعامل فى مسألة حسم التردد والاضطراب فيها بنص تشريعى فى العهد السابق . فنصت الفقرة الثانية من المادة 314 مدنى على أن " الدين يقسم بين الحاجز المتقدم والمحال له والحاجز المتأخر قسمة غرباء ، على أن يؤخذ من حصة الحاجز المتأخر ما يستكمل به المحال له قيمة الحوالة " .
فإذا فرضنا أن الحق الذى للمحيل فى ذمة المحال عليه هو تسعمائة ، وكان حق الحاجز المتقدم ثلثمائة ، وحق المحال له ستمائة أى أن المحال له حول بجزء $ 549 $ من الحق ، وحق الحاجز المتأخر ثلثمائة ، فإننا أولا نقسم الحق وقيمته تسعمائة بين الثلاثة قسمة غرماء ، فينال الحاجز المتقدم 225 ، والمحال له 450 ، والحاجز المتأخر 225 ، ثم تستكمل حصة المحال له إلى 600 من حصة الحاجز المتأخر حتى يستوفى قيمة الحوالة كلها ، فتنزل حصة الحاجز المتأخر 75 وتكون حصص الثلاثة نهائياً على الوجه الآتى : للحاجز المتقدم 225 ، وللمحال له 600 ، وللحاجز المتأخر 75 .
والعلة فى هذا الحكم المنصوص عليه أن المشروع أراد أن يجعل الحاجز المتأخر يزاحم الحاجز المتقدم إذ لا محل لتفضيل أحدهم على الآخر ، وأراد فى الوقت ذاته ألا يأخذ الحاجز المتأخر شيئاً قبل أن يستوفى المحال له كل حقه لأن الحوالة المتقدمة تجب الحجز المتأخر ، فأدى تطبيق هاتين الفكرتين معاً –مزاحمة الحاجز المتأخر للحاجز المتقدم وجب الحوالة المتقدمة للحجز المتأخر - إلى هذا الحل التشريعى . والخطأ فى هذا الحل واضح ، فقد كان ينبغى ألا يزاحم الحاجز المتأخر وحجزه باطل الحاجز المتقدم وحجزه وحده هو الصحيح ، وكان الواجب أن المحال له وحده هو الذى يزاحم الحاجز المتقدم ( [942] ) .
$ 550 $
ومهما يكن من أمر ، فإن هذا الحل التشريعى أقل عيباً من حل آخر سدد الفقه والقضاء فى فرنسا ( [943] ) ، ويقضى بأن الحاجز المتقدم يزاحمه كل من المحال له والحاجز المتأخر كما فى الحق الأول . ثم تحدد حصة المحال له على أساس ألا يزاحمه إلا الحاجز المتقدم إذ الحجز المتأخر لا يزاحم الحوالة المتقدمة ، وما يتبقى بعد ذلك يأخذه الحاجز المتأخر . فلو أن الحق الذى للمحيل فى ذمة المحال عليه هو تسعمائة حوله كله إلى محال له ، وتقدم الحوالة حجز بثلثمائة ، وتأخر عنها حجز بثلثمائة أخرى ، فإن حصة الحاجز المتقدم تحدد على أساس تزاحم الدائنين الثلاثة ، فتكون 180 . ثم تحدد حصة المحال له على أساس تزاحمه مع الحاجز المتقدم وحده ، فتكون 675 . وما يتبقى بعد ذلك يعطى للحاجز المتأخر المتقدم وحده ، فتكون 675 . وما يتبقى بعد ذلك يعطى للحاجز المتأخر ، فتكون حصته 45 ( [944] ) . ويجمع هذا الحل بين عيب الحل الأول بجعله الحجز المتأخر وهو باطل $ 551 $ يزاحم الحجز المتقدم وهو وحده الحجز الصحيح ، وبين عيب آخر إذ يجعل للحجز المتأخر حصة مع الحوالة المتقدمة وينبغى ألا يأخذ الحاجز المتأخر شيئا حتى يستوفى المحال له كل حوالته ( [945] ) .
$ 552 $
الباب الثانى
حوالة الدين ( [946] )
( Cession de dette )
306 - أطراف حوالة الدين : فى حوالة الدين ، يتفق المدين مع أجنبى على أن يتحمل عنه الدين الذى فى ذمته للدائن ، فيحل الأجنبى محل المدين فى هذا الدين نفسه بجميع مقوماته وخصائصه وضماناته ودفوعه . وقد رأينا فى حوالة الحق أن الدائن هو الذى يتفق مع أجنبى على أن يحول له الحق الذى فى ذمة المدين ، فيحل الأجنبى محل الدائن فى هذا الحق نفسه .
وفى حوالة الدين يسمى المدين محيلا ( Cedant ) ، لأنه يحيل على الأجنبى الدين الذى فى ذمته . أما المحيل فى حوالة الحق فهو الدائن .
$ 553 $
ويسمى الأجنبى محالا عليه ( Cessionnaire ) ، لأن المدين أحال عليه الدين ، والمحال عليه فى حوالة الحق هو المدين .
ويسمى الدائن محالا ( Cede ) ، لأن المدين أحاله على الأجنبى . والمحال –أو المحال له - فى حوالة الحق هو الأجنبى .
على أن التقنين المدنى لم يستعمل من هذه المصطلحات فى حوالة الدين إلا المصطلح الخاص بالأجنبى الذى يتحمل الدين عن المدين الأصلى ، فأسماه المحال عليه . واستبقى لكل من الدائن والمدين الأصلى اسميهما . فأطراف الحوالة إذن هم المدين الأصلى والمحال عليه والدائن . وسنتابع التقنين فيما فعل ، حتى لا ننحرف عن نصوصه .
ويصح أن تتم حوالة المدين –بل هذا هو الأصل فيها - باتفاق بين الدائن والمحال عليه دون تدخل المدين الأصلى ، فيتفق الدائن مع أجنبى على أن يتحمل هذا الأجنبى الدين عن المدين الأصلى ، وتبرأ ذمة المدين الأصلى دون حاجة إلى رضاه . وسنعود إلى كل ذلك فيما يلى :
307 - الأغراض المختلفة التى تفى بها حوالة الدين : ولحوالة الدين ، كما لحوالة الحق ، أغراض مختلفة تفى بها . ونذكر من هذه الأغراض ما يأتى :
( 1 ) يحدث كثيرا أن شخصياً يكون طرفاً فى عقد ملزم للجانبين ، إيجار أو وكالة أو مقاولة أو عقد أن توريد أو غير ذلك ، ويكون فى حاجة إلى أن ينزل إلى الغير عن هذا العقد بما أكسبه من حقوق وما رتب فى ذمته من التزامات . يريد المؤجر مثلا أن ينزل عن عقد الإيجار ، بعد أن باع العين المؤجرة ، إلى المشترى ، فيقتضيه الأمر أن ينزل للمشترى عن حقوقه وعن التزاماته الناشئة من عقد الإيجار . يتفق الوكيل مع آخر على أن يقوم بعقد الوكالة نيابة عنه ، فيقتضيه الأمر أن ينزل له عن حقوقه والتزاماته الناشئة من عقد المقاولة لمقاول من الباطن بما له من حقوق وما عليه من التزامات . والمتعهد بالتوريد ينزل إلى مورد من الباطن عن عقد التوريد بما أنشأه من حقوق والتزامات . فى جميع هذه الفروض يتيسر النزول عن الحقوق عن طريق حوالة الحق . وينبغى أن يتيسر $ 554 $ أيضا النزول عن الالتزامات عن طريق حوالة الدين . فإذا لم يفتح باب حوالة الدين للوفاء بهذا الغرض ، كان هذا حجر عثرة فى طريق ما تقتضيه حاجات التعامل من مرونة ( [947] ) .
( 2 ) ومثل ذلك أيضاً أن تنتقل عين من شخص إلى آخر ويتصل بالعين التزام يجب أن ينتقل معها وفقاً لقواعد الخلافة الخاصة ، كما فى المنزل المؤمن عليه من الحريق ينتقل من البائع إلى المشترى وتنتقل معه التزامات البائع نحو شركة التأمين . فيجب إذن أن تكون حوالة الدين مباحة منظمة حتى تيسر الوفاء بهذا الغرض .
( 3 ) وقد تتصل الالتزامات بمجموع من المال ، كمتجر أو حصة فى إرث ، فانتقال هذا المجموع من المال من شخص إلى آخر يقتضى أن تنتقل الالتزامات ، كما تنتقل الحقوق ، من المالك الأصلى إلى المالك الجديد . ولا يتيسر ذلك إلا عن طريق حوالة الدين ، فيجب أن تباح هذه الحوالة وأن تنظم ( [948] ) .
( 4 ) وقد يتصل التزام بالعين أوثق الاتصال ، فيكون من المرغوب فيه أن ينتقل هذا الالتزام مع العين ، لا وفقاً لقواعد الخلف الخاص إذ هى ليست منطبقة ، بل مطاوعة لاعتبارات عملية . والمثل البارز لذلك هو بيع العين المرهونة ، فإذا كان هناك عقار مرهون رهناً رسمياً ، وباعه صاحبه ، فإن العقار ينتقل إلى المشترى مثقلا بحق الرهن ، ويصبح المشترى مسئولا مسئولية عينية عن الدين المضمون بالرهن دون أن يكون مسئولا مسئولية شخصية عن هذا الدين الذى لم ينتقل إليه . ويبقى بائع العقار هو المسئول شخصيا عن الدين ، مع أن العقار الضامن لهذا الدين قد خرج من ملكه . فيكون من المرغوب فيه أن ينتقل الدين أيضاً مع العقار المرهون من البائع إلى المشترى ، ولا يتيسر ذلك إلا عن طريق حوالة لدين . وقد أفرد التقنين المدنى الجديد نصاً خاصاً ، هو المادة 322 مدنى ، لهذه المسألة لأهميتها العملية .
$ 555 $
( 5 ) وقد يقع أخيراً أن المدين لا يجده عنده مالا يفى بدينه ، ويكون لدائنه دائن . فيتفق مع دائنه على أن يحل محله فى الدين الذى فى ذمته لدائن الدائن ، ويكون هذا الحلول بمثابة وفاء لدينه هو نحو دائنه . ولا يتيسر ذلك إلا عن طريق حوالة الدين . فإذا فرض مثلا أن ( أ ) مدين بمائتين للدائن ( ب ) أخذها منه قرضاً ، وأن ( ب ) مدين بمائتين هو أيضا للدائن ( جـ ) التزم بها ثمنا لمبيع اشتراه منه ، فإن ( أ ) يستطيع أن يتحمل ، عن طريق حوالة الدين ، بالدين الذى للدائن ( جـ ) على ( ب ) يستطيع أن يحول حقه قبل ( أ ) إلى دائنه ( جـ ) ، فيصل عن طريق حوالة الحق إلى ما يريد ان يصل إليه عن طريق حوالة الدين . ولكن حوالة الحق ، فى هذا المثال ، غير حوالة الدين . فإن ( جـ ) قد لا يرضى بتحويل مبلغ القرض إليه وفاء بثمن المبيع ، ويرضى بأن يحل ( أ ) محل ( ب ) مديناً بثمن المبيع ، إذ يحتفظ عن طريق حوالة الدين بامتياز البائع ولا يحتفظ بهذا الامتياز عن طريق حوالة الحق ( [949] ) .
308 - حوالة الدين نظام استحدثه التقنين المدنى الجديد – النظم الأخرى التى كانت تقوم مقامه : ولم يكن التقنين المدنى السابق ، كما قدمنا ، يعرف حوالة الدين ، وكان لا يعرف إلا حوالة الحق ، شأنه فى ذلك شأن التقنينات اللاتينية القديمة كالتقنين المدنى الفرنسى .
وكان التقنين السابق ، كالتقنين الفرنسى ، يسد هذا لانقض عن طريق التجديد بتغيير المدين ، وعن طريق الإنابة فى الوفاء ، وعن طريق الاشتراط لمصلحة الغير . ولكن هذه الطرق ليس فيها غناء عن حوالة الدين ، فقد بينا الفروق الجوهرية ما بين حوالة الدين من جهة والتجديد بتغيير المدين ( [950] ) والإنابة فى الوفاء ( [951] ) من جهة أخرى . أما الاشتراط لمصلحة الغير ، فبينه $ 556 $ هو أيضاً وبين حوالة الدين فروق جوهرية . وذلك أن المدين إذا اشترط على شخص آخر أن يفى بدينه للدائن . فيكسب الدائن من وراء هذا الاشتراط حقاً مباشراً قبل المتعهد أن يوفى له الدين ، فلا يزال المدين الأصلى ملزماً هو أيضاً بالدين ولم تبرأ ذمته منه ، بل انضم إليه مدين جديد بموجب الاشتراط لمصلحة الدائن . هذا إلى أن الدين نفسه ، بصفاته وضماناته ودفوعه ، لم ينتقل من مدين إلى مدين ، بل وجد إلى جانب الدين الأصلى دين جديد بصفاته وضمانات ودفوعه مستقلة ( [952] ) .
وفيما عدا حالات خاصة نص عليها ، كحلول المشترى للعين المؤجرة محل المؤجر فى التزاماته نحو المستأجر وكحلول المتنازع عن الإيجار محل المستأجر ( [953] ) ، أو قامت بها نظريات فقهية كحلول الخلف الخاص محل السلف فى الالتزامات $ 557 $ المتعلقة بالعين التى انتقلت إليه ( [954] ) ، فإن طريق حوالة الدين كان مسدوداً . وقد حاول كثيرا من الفقهاء فى فرنسا أن يفتحوا هذا الطريق ، بالرغم من سكوت التشريع ، متوسلين فى ذلك بمبدأ سلطان الإرادة ، فيجوز لذوى الشأن أن يتفقوا على حوالة الدين ويكون اتفاقهم ملزماً منتجاً لآثاره ما دام لا يخالف النظام العام أو الآداب ( [955] ) ، ولكن محاولاتهم لم تحقق الغرض المنشود .
لذلك كان تنظيم التقنين المدنى المصرى الجديد لحوالة الدين تنظيما تشريعاً خطوة موفقة سدت ثغرة كان من الضرورى سدها من الناحية العملية . وقد استمد التقنين الجديد قواعد هذا التنظيم من التقنينات الجرمانية ( [956] ) ومن الفقه $ 558 $ $ 559 $ الإسلامى ( [957] ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " استحدث المشروع فى هذا الفصل نظاماً جديداً هو نظام حوالة الدين . ويراعى أن هذا النظام إسلامى بحت ، وإن كان له نظير فى التشريعات الجرمانية . و غنى عن البيان أن نفعه من الناحية العملية يقتضى إقراره فى نطاق التشريع ( [958] ) " .
309 - أركان حوالة الدين والآثار التى تترتب عليها : ونبحث فى حوالة الدين ، كما بحثنا فى حوالة الحق ، أركان الحوالة والآثار التى تترتب عليها .
$ 560 $
الفصل الأول
أركان حوالة الدين
310 - أركان حوالة الدين هى أركان الاتفاق بوجه عام : حوالة الدين اتفاق بين طرفين على تحويل الدين من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة مدين جديد يحل محله . فأركان هذه الحوالة ، كأركان حوالة الحق ، هى أركان أى اتفاق ( Convention ) يتم بين طرفين . ومن ثم تكون هذه الأركان هى التراضى والمحل والسبب .
ولابد أن يصدر التراضى من ذى أهلية ، خالياً من عيوب الإرادة من غلط وتدليس وإكراه واستغلال .
كذلك يجب أن تتوافر فى المحل شرائطه العامة ، ومحل حوالة الدين هو الدين الذى يحول من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة المدين الجديد . وترد حوالة الدين على جميع الديون ، لا فرق فى ذلك بين ما يكون منه مؤجلا أو معلقاً على شرط أو مستقبلا . وهى تنعقد صحيحة فى الدين المستقبل ، ولكنها لا تنفذ إلا بوجود الدين ( [959] ) .
وللسبب فى حوالة الدين هو الباعث الذى دفع إلى عقدها ، ويختلف باختلاف الأغراض المتنوعة التى تفى حوالة الدين بها ، وقد سبق بيان ذلك . وفى القوانين الجرمانية تعتبر حوالة الدين ، كحوالة الحق ، مصدراً لالتزام مجرد .
$ 561 $
فنحيل فى كل ذلك إلى القواعد العامة المتعلقة بنظرية العقد . ونكتفى هنا ببحث الصورتين اللتين تتم فى أحداهما حوالة الدين :
الصورة الأولى : اتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ، ويقر الدائن هذا الاتفاق ليكون نافذاً فى حقه .
والصورة الثانية : اتفاق بين الدائن والمحال عليه ، دون تدخل المدين الأصلى بل ودون حاجة إلى رضائه . وهذه الصورة أكثر تمشياً مع إرادة الدائن ، إذ الدائن فيها يتدخل مباشرة لإبرام الحوالة ، ولا يقتصر على إقرارها كما فى الصورة الأولى .
الفرع الأول
اتفاق المدين الأصلى والمحال عليه
311 - انعقاد حوالة الدين ونفاذها فى حق الدائن : فى الصورة التى تتم فيها حوالة الدين باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه يجب التمييز بين أمرين :
( 1 ) انعقاد الحوالة ، وتنعقد بمجرد الاتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه .
( 2 ) ونفاذها فى حق الدائن ، ولا تنفذ فى حقه إلا إذا اقرها .
المبحث الأول
انعقاد حوالة الدين
312 - النصوص القانونية : تنص المادة 315 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" تتم حوالة الدين باتفاق بين المدين وشخص آخر ويتحمل عنه الدين " ( [960] ) .
$ 562 $
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، إذا لم ينظم هذا التقنين حوالة الدين .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 315 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 302 – وفى التقنين المدنى العراقى المواد 339 و 340 / 1 و 342 - 345 ، وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 287 / 1 و 2 ( [961] ) .
$ 563 $
ويتبين من هذا النص أن حوالة الدين تتم باتفاق بين المدين والمحال عليه ، أى بين المدين الأصلى والمدين الجديد . أما رضاء الدائن فليس بضرورى لانعقاد الحوالة ، وإن كان ضرورياً لنفاذها فى حقه كما سنرى .
313 - انعقاد الحوالة بالاتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه : يكفى فى انعقاد حوالة الدين أن يتفق المدين الأصلى مع المدين الجديد وهو المحال عليه على نقل الدين من ذمة الأول إلى ذمة الثانى . وهذا الاتفاق ، ككل اتفاق آخر ، يقتضى وجود التراضى والمحل والسبب ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . والأهلية الواجبة فى المدين الأصلى هى أهلية التعاقد بوجه عام ، أما أهلية المحال عليه فهى أهلية الالتزام معاوضة أو تبرعاً تبعاً للعلاقة التى تقوم بينه وبين المدين الأصلى .
$ 564 $
ومتى تم الاتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ، فقد انعقدت الحوالة . وسنرى أن المحال عليه يصبح ملتزماً بهذا الاتفاق ، فلا يجوز له الرجوع فيه إلا باتفاق آخر بينه وبين المدين الأصلى ، بشرط أن يتم هذا الاتفاق الآخر قبل أن يقر الدائن الحوالة . وقد ورد هذا الحكم صراحة فى التقنين المدنى الألمانى ، إذ نصت المادة 415 من هذا التقنين على أنه " يجوز للطرفين تعديل الاتفاق أو إلغاؤه إلى حين إقرار الحوالة ( [962] ) " .
وسنرى أيضاً أن الاتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه على حوالة الدين يرتب فى ذمة المحال عليه التزامات شخصية نحو المدين الأصلى ، وهو فى الوقت ذاته ينقل الدين –فى العلاقة ما بين المدين الأصلى والمحال عليه - من ذمة الأولى إلى ذمة الثانى ( [963] ) . أما نقل الدين بالنسبة إلى الدائن فلا يتم إلا بإقرار الدائن للحوالة كما سيأتى .
وهذه آثار بعيدة المدى . ولم يكن الاتفاق على حوالة الدين ما بين المدين الأصلى والمحال عليه يصل إلى هذا الحد فى مبدأ تطور الحوالة فى القوانين الجرمانية . فقد كان هذا الاتفاق فى البداية أثره مقصور على تعهد من قبل المحال عليه للمدين الأصلى بأداء الدين للدائن ، فلم يكن يكسب الدائن أى حق . $ 565 $ ثم تطور بعد ذلك فأصبح اتفاقاً يكسب الدائن حقاً فى ان يستوفى الدين من المحال عليه ، مع بقاء المدين الأصلى مديناً إلى جانب المحال عليه . وفى آخر مراحل التطور أصبح هذا الاتفاق ناقلا للدين فيما بين المدين الأصلى والمحال عليه ، فإذا ما اقره الدائن انتقل الدين أيضاً بالنسبة إلى هذا الأخير ولم يعد للدائن إلا مدين واحد هو المحال عليه وقد قد حل محل المدين الأصلى ( [964] ) .
314 - لابد من تدخل الدائن على كل حال : على أن حوالة الدين ، وهى تحل مديناً جديداً محل المدين الأصلى ، لا يمكن تصورها دون $ 566 $ تدخل الدائن ، إما لانعقادها بالذات ، وإما فى القليل لنفاذها فى حقه . ذلك ان تغير المدين فى حوالة الدين له شأن أخطر بكثير من تغير الدائن فى حوالة الحق . وإذا كان تغير الدائن على المدين ليس بأمر ذى خطر ، فإن تغير المدين على الدائن أمر بالغ الخطورة . إذ العبرة فى الالتزام بشخص المدين لا بشخص الدائن ، فالمدين هو الذى يحدد قيمة الالتزام من الناحية العملية ، وتتوقف هذه القيمة على ملاءته وعلى ما يبديه من يسر فى الوفاء أو مماطلة ، فلابد إذن من رضاء الدائن بتغير مدينه .
ومن ثم كانت الصورة الأولى من صورتى حوالة الدين فى التقنين المدنى الألمانى هى الصورة التى تتم فياه الحوالة باتفاق بين الدائن نفسه والمحال عليه ( م 414 مدنى ألمانى ) ، دون حاجة إلى رضاء المدين الأصلى إذا حوالة الدين تتمحض لمصلحته ، فيكون رضاء الدائن ضرورياً فى هذه الصورة لانعقاد الحوالة لا لنفاذها فى حقه فحسب . ولكن التقنين المدنى المصرى الجديد قدم الصورة الثانية التى تتم فيها الحوالة باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه –وهى الصورة التى نحن بصددها - على الصورة الأولى التى كانت أولى بالتقديم ، مراعاة للتنسيق بين حوالة الدين وحوالة الحق . فحوالة الحق تتم باتفاق بين الدائن الأصلى والدائن الجديد ، وكذلك حوالة الدين تتم هى أيضاً باتفاق بين المدين الأصلى والمدين الجديد ( [965] ) .
315 - مركز المدين الأصلى من كل من الدائن والمحال عليه : وحوالة الدين –فى كل من صورتيها - تفترض أن هناك ديناً فى ذمة المدين الأصلى للدائن هو الذى جعل محلا للحوالة ، وبدون هذا الدين لا تقوم الحوالة إذ ينعدم محلها . فإذا أحال شخص آخر ، دون أن يكون مديناً له ، ليقبض ديناً من شخص ثالثا ، فهذه ليست حوالة ، بل هى وكالة ، إذ يكون المحيل $ 567 $ قد وكل المحال له فى بعض الدين . وهذا ما يقرره التقنين المدنى العراقى صراحة ، إذ تنص المادة 342 من هذا التقنين على أنه " يشترط لصحة الحوالة أن يكون المحيل مديناً للمحال له ، وإلا فهى وكالة " .
أما مركز المدين الأصلى بالنسبة إلى المحال عليه ، فليس من الضوررى أن يكون الثانى مديناً للأول . فإذا لم يكن مديناً ، أو كان مديناً ولم يقيد المحيل الحوالة بهذا الدين ، فالحوالة تعتبر فى الفقه الإسلامى حوالة مطلقة . وإذا كان مديناً وقيد المحيل الحوالة بالدين ، فهى حوالة مقيدة ( [966] ) .
المبحث الثانى
نفاذ الحوالة فى حق الدائن
316 - النصوص القانونية : تنص المادة 316 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - لا تكون لحوالة نافذة فى حق الدائن إلا إذا أقرها " .
" 2 - وإذا قام المحال عليه أو المدين الأصلى بإعلان الحوالة إلى الدائن ، وعين له أجلا معقولا ليقر الحوالة ، ثم انقضى الأجل دون أن يصدر الإقرار ، اعتبر سكوت الدائن رفضاً للحوالة " .
وتنص المادة 322 على ما يأتى :
" 1 - لا يستتبع بيع العقار المرهون رهناً رسميا انتقال الدين المضمون بالرهن إلى ذمة المشترى ، إلا إذا كان هناك اتفاق على ذلك " .
$ 568 $
" 2 - فإذا اتفق البائع والمشترى على حوالة الدين ، وسجل عقد البيع ، تعين على الدائن متى أعلن رسمياً بالحوالة أن يقرها أو يرفضها فى ميعاد لا يجاوز ستة أشهر ، فإذا انقضى هذا الميعاد دون أن يبت برأى اعتبر سكوته إقراراً ( [967] ) " .
$ 569 $
ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق ، لأن هذا التقنين لم ينظم حوالة الدين كما سبق القول .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 316 – وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 303 و 309 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 340 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 287 ( [968] ) .
$ 570 $
317 - مسائل أربع : ويتبين من هذه النصوص أن إقرار الدائن للحوالة ضرورى حتى تنفذ فى حقه . فنبحث فى هذا الصدد مسائل أربعاً :
( 1 ) متى يصدر إقرار الدائن .
( 2 ) وكيف يصدر هذا الإقرار .
( 3 ) وإلى أى مدى يلتزم الدائن بإقرار الحوالة ، وسنرى أنه حر فى الإقرار أو فى الرفض .
( 4 ) وما هو الأثر الذى يترتب على إقرار الدائن للحوالة أو على رفضه إياها .
318 - متى بصدد إقرار الدائن : وإقرار الدائن كما رأينا ضرورى لنفاذ الحوالة فى حقه ، حتى لا يتغير عليه المدين –وشخصه جوهرى فى الدين - دون رضاه . والإقر إرادة منفردة تصدر من الدائن ، ولا تنتج أثرها إلا إذا وصلت إلى علم من توجه إليه هذه الإرادة وفقاً للقواعد العامة . ونرى أنه يكفى أن يصل الإقرار إلى علم أى من المحال عليه أو المدين الأصلى لينتج أثره ، ولا يجوز بعد ذلك لهذين الأخيرين أن يتفقا على العدول عن الحوالة أو التعديل فيها ( [969] ) . ولكن قبول وصول الإقرار إلى علم أى منهما ، يجوز لهما أن يتفقا معاً على أن يعدلا عن الحوالة فلا يكون لها أثر حتى لو صدر إقرار الدائن بعد علمه بهذا العدول ، ويجوز لهما كذلك أن يدخلا على الحوالة من التعديل ما يتفقان عليه .
ويصح أن يصدر الإقرار فى اى وقت بعد انعقاد الحوالة . وليس من الضرورى ، فى التقنين المدنى المصرى ، أن يتربص الدائن بإقراره حتى يعلنه المحال عليه أو المدين الأصلى بالحوالة ، بل يجوز أن يقر الدائن الحوالة قبل أن $ 571 $ يعلن بها ( [970] ) . أما فى التقنين المدنى الألمانى فقد ورد نص صريح فى هذا الصدد يقضى بأن الدائن لا يجوز له أن يقر الحوالة إلا بعد أن يعلن بها ( [971] ) ، وذلك ليكون يبقى زمام الحوالة فى يد المدين الأصلى والمحال عليه ، فيستطيعا أن يعدلا عنها أو يعدلا فيها قبل أن يعلناها للدائن .
إذن ليس فى التقنين المدنى المصرى بداية لميعاد صدور الإقرار إلا وقت انعقاد الحوالة . وكذلك ليس لهذا الميعاد نهاية ، فيجوز للدائن أني يقر الحوالة فى أى وقت بعد انعقادها . على أنه يستطيع أى من المحال عليه أو المدين الأصلى أن يضع حداً لهذا الموقف غير المستقر ، بأن يتولى إعلان الحوالة إلى الدائن ويعين له فى الوقت ذاته أجلا معقولا ، يقدره هو تحت رقابة قاضى الموضوع ، فإذا انقضى هذا الأجل دون أن يقر الدائن الحوالة ، اعتبر سكوته رفضاً ( [972] ) . وعند ذلك يبقى عقد الحوالة قائماً فى العلاقة ما بين المدين الأصلى والمحال عليه ، منتجاً لالتزامات شخصية فيما بينهما ، دون أن ينتقل الدين إلى ذمة المحال عليه فى العلاقة ما بينه وبين الدائن ، وسيأتى بيان ذلك .
319 - حالة بيع العقار المرهون : على أن هناك حالة خاصة ، نصت عليها المادة 322 مدنى ، عدل فيها الحكم المتقدم الذكر ، وهذه هى حالة بيع العقار المرهون رسمياً . ففى هذه الحالة لا ينتقل الدين المضمون بالرهن إلى ذمة المشترى غلا باتفاق خاص بين البائع والمشترى على حوالة هذا الدين – وإلى هنا $ 572 $ لا جديد ، فإن الحوالة لا تفترض ، وبيع العقار المرهون ليس من شأنه افتراض حوالة الدين المضمون بالرهن ، بل لابد أن يكون هناك اتفاق خاص على هذه الحوالة . فإذا ما عقد هذا الاتفاق بين البائع والمشترى –أى بين المدين الأصلى والمحال عليه - ثم سجل عقد للبيع ، وأعلن الحوالة أى من البائع أو المشترى إعلاناً رسميا للدائن ، فإن المادة 322 مدنى قد تكفلت بتحديد الميعاد الذى يجب فيه أن يقر الدائن الحوالة أو يرفضها . وهذا الميعاد هو ستة أشهر من وقت إعلانه بالحوالة ، فإذا انقضى هذا الميعاد دون أن يقر الحوالة أو رفضها . اعتبر سكوته إقراراً للحوالة لا رفضها لها ( [973] ) .
ونرى من ذلك أن النص قد انحرف بهذه الحالة الخاصة عن الأحكام التى تقدم ذكرها فى أمرين :
(1) قد تكفل بتحديد المدة المعقولة ، وهى ستة أشهر كما قدمنا ، ولم يتركها لتقدير أحد طرفى الحوالة .
(2) وجعل سكوت الدائن بعد انقضاء هذه المدة إقراراً للحوالة لا رفضها لها ( [974] ) ، وهذا عكس للحكم الذى تقرر فى غير هذه الحالة .
$ 573 $
ويسوغ هذا الانحراف اعتبارات عملية . فمن المصلحة ، بعد أن انتقل العقار المرهون إلى ملك المشترى ، وأصبح هذا ملزماً بالدين عينيا بحكم ملكيته للعقار ، أن ينتقل الدين إلى ذمته حتى تتفق مسئوليته الشخصية ، مع مسئولية العينية . ومن ثم شجع النص على الوصول إلى هذه النتيجة ، بأن تولى تحديد ميعاد ، ليس بالطويل ، يكون انقضاؤه مع سكوت الدائن إيذاناً بإقرار الحوالة لا برفضها ( [975] ) .
$ 574 $
320 - كيف يكون الإقرار : والإقرار تعبير عن الإرادة ، وليس له شكل خاص ، فأى لفظ أو كتابة أو موقف يدل على رضاء الدائن بالحوالة يكفى . وقد يكون صريحاً كما يكون ضمنياً .ويكون إقرار الدائن للحوالة إقراراً ضمنياً إذا استوفى الدين أو جزءا منه من المحال عليه دون تحفظ ، أو قبل منه أى عمل آخر يقوم به على اعتبار أنه هو المدين ( [976] ) .
$ 575 $
ويثبت إقرار الدائن للحوالة بجميع الطرق ، وفقاً للقواعد العامة ، لأنه إرادة منفردة .
321 - الدائن حر فى إقرار الحوالة أو فى رفضها : والقاعدة أن الدائن حر فى إقرار الحوالة أو رفضها ، فإن أقرها انتقل بالنسبة إليه الدين من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة المحال عليه كما سنرى ، وإن رفضها بقى المدين الأصلى مديناً له كما كان ولم ينتقل الدين بالنسبة إلى الدائن من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة المحال عليه . ولا شيء يجبر الدائن على إقرار الحوالة ، مهما يكن المحال عليه مليئاً ، حتى لو كان أكثر ملاءة من المدين الأصلى ، أو كان له مال ظاهر أيسر فى التنفيذ عليه . فليس الدائن ملزماً أن يغير مدينه حتى إلى مدين أفضل ، فهذا أمر يرجع تقديره إليه هو ، وإذا رفض إقرار الحوالة فلابد أن يكون لديه من الأسباب ما يبرر فى نظره هذا الرفض ، وهذا كاف ولا تعقيب عليه فى تقديره ، بل هو لا يسأل عن أسباب رفضه .
وقد كان المشروع التمهيدى يتضمن حكماً يخالف هذا الحكم ، فقد كانت المادة 446 من هذا المشروع تجرى على الوجه الآتى : " 1 - إذا رفض الدائن الإقرار ، كانت الحوالة غير نافذة فى حقه . 2 - على أنه لا يجوز للدائن أن يرفض الإقرار ، إذا كان حقه بعد الحوالة مكفول الوفاء " . وكان يستفاد من هذا الحكم أن الدائن إذا أحيل بعد الحوالة مكفول الوفاء " . وكان يستفاد من هذا الحكم أن الدائن إذا أحيل على شخص ملئ مقتدر بحيث يكون حقه مكفول الوفاء ، فليس له ان يرفض إقرار الحوالة ، وإلا كان متعسفاً فى استعمال حقه فى الرفض ، فيرد عليه قصده . ولا حاجة فى هذه الحالة لإقراره ، بل لا عبرة برفضه ، لتكون الحوالة نافذة فى حقه ( [977] ) . ولما عرض هذا النص $ 576 $ على لجنة مجلس الشيوخ ، قام اعتراض على فكرة إجبار الدائن على إقرار الحوالة ولو كان الحق بعد الحوالة مكفول الوفاء ( [978] ) ، فوافقت اللجنة على حذفت النص ( [979] ) .
$ 577 $
322 - الأثر المترتب على إقرار الدائن للحوالة أو على رفضها : قدمنا أن الحالة تنعقد بمجرد تراضى المحال عليه والمدين الأصلى عليها ، وذلك قبل إقرار الدائن لها . فالإقرار الذى يصدر من الدائن إنما يلحق عقداً كامل التكوين ، لا يساهم الإقرار فى تكوينه ، بل كل ما له من أثر هو فى نفاذ الحوالة فى حق الدائن . ومن ثم لا يعتبر الإقرار قرارا ينتج أثره من وقت $ 578 $ صدوره ، بل هو إقرار لاتفاق تم من قبل ، فيكون له أثر رجعى يستند إلى وقت انعقاد الحوالة لا إلى وقت صدور الإقرار .
ويترتب على أن للإقرار أثراً رجعيا أنه إذا كان أحد طرفى الحوالة –المدين الأصلى أو المحال عليه – فقد أهليته فى الفترة ما بين صدور الحوالة وصدور الإقرار ، فإن هذا لا يمنع من صدور الإقرار . وهذا بخلاف ما إذا لم يكن للإقرار أثر رجعى ، فإنه يجب فى هذه الحالة أن يكون كل من المدين الأصلى والمحال عليه باقيين على أهليتهما إلى وقت صدور الإقرار .
ومتى صدر إقرار الدائن على النحو الذى سبق بيانه ، أصبحت الحوالة نافذة فى حقه ، وانتقل الدين بالنسبة إليه من المدين الأصلى إلى المحال عليه . وسنبين ذلك تفصيلا فيما يلى :
أما إذا رفض الدائن إقرار الحوالة ، بقيت الحوالة قائمة بين المدين الأصلى والمحال عليه على الوجه الذى سنبينه . غير أنها لا تنفذ فى حق الدائن ، فلا يكون المحال عليه مديناً له مباشرة ، ولا يحق للدائن أن يجبره على الوفاء ( [980] ) . ثم إن الدائن ، إذا رفض إقرار الحوالة ، لا يستطيع العودة إلى إقرارها بعد الرفض .
الفرع الثانى
اتفاق الدائن والمحال عليه
323 - النصوص القانونية : تنص المادة 321 من التقنين المدنى على ما يأتى :
$ 579 $
" 1 - يجوز أيضاً أن تتم حوالة الدين باتفاق بين الدائن والمحال عليه يتقرر فيه أن هذا يحل محل المدين الأصلى فى التزامه " .
" 2 - وتسرى فى هذه الحالة أحكام المادتين 318 و 320 " ( [981] ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، لأن هذا التقنين لم ينظم حوالة الدين كما قدمنا .
ويقابل هذا النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 321 – وفى التقنين المدنى الليبى 308 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 341 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 187 / 1 ( [982] ) .
ويتبين من هذا النص أن هناك صورة ثانية لانعقاد الحوالة . بل إن هذه هى الصورة الأصلية ، لأن رضاء الدائن فيها يساهم فى تكوين الحوالة ، لا فى نفاذها فحسب . وهذه الصورة هى اتفاق مباشر بين الدائن والمحال عليه ، دون حاجة إلى رضاء المدين الأصلى لا فى انعقاد الحوالة ، بل ولا فى نفاذها فى حق هذا المدين .
فنبين إذن :
(1) كيف يتم الاتفاق بين الدائن والمحال عليه على الحوالة .
(2) وما أثر هذا الاتفاق بالنسبة إلى المدين الأصلى .
$ 580 $
324 - كيف يتم الاتفاق بين الدائن والمحال عليه : هذه الصورة الثانية لحوالة الدين تمتاز عن الصورة الأولى فى أن الدائن –وهو صاحب الدين - هو الذى يتولى بنفسه تحويل الدين الذى له من ذمة مدينه الأصلى إلى ذمة المحال عليه ( [983] ) . فالاتفاق يتم إذن مباشرة بين الدائن والمدين الجديد ، وبموجبه يتحول الدين من ذمة المدين القديم إلى ذمة المدين الجديد ، دون حاجة إلى رضاء المدين القديم .
وليس للاتفاق شكل خاص ، فأى تعبير عن الإرادة يكفى . وقد يكون تراضى الطرفين صريحاً ، كما يكون ضمنياً . فإذا عرض المحال عليه على الدائن الوفاء بجزء من الدين باعتباره هو المدين ، لا باعتباره نائباً عن المدين الأصلى ، وقبل منه الدائن دون تحفظ هذا الوفاء ، فقد انعقدت حوالة الدين بتراض ضمنى ، وتحول الدين إلى ذمة المحال عليه ، ولزمه أن يوفى للدائن بالباقى منه .
ويجب أن يقع اتفاق الحوالة على الدين ذاته ، حتى ينتقل الدين بجميع ضماناته وصفاته وبجميع دفوعه إلى المدين الجديد ، وذلك تطبيقاً للمادتين 318 و 320 مدنى اللتين تسريان فى الصورة التى نحن بصددها ، كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من المادة 321 مدنى ( [984] ) .
ومن ثم يجب أن يكون الاتفاق متمحضاً بنية الحوالة . إذا يصح أن يتفق الطرفان ، لا على حوالة الدين ، بل على تجديده . وقد عرفنا الفرق بين الحوالة والتجديد ، ففى الحوالة ينتقل الدين نفسه إلى ذمة المدين الجديد ، أما فى التجديد فينقضى الدين الأصلى ويحل محله دين جديد . ونية الحوالة هى التى تميز الاتفاق على حوالة الدين عن الاتفاق على التجديد ، فإن التجديد يتم أيضاً ، كما سنرى ، $ 581 $ باتفاق بين الدائن والمدين الجديد . وقد كان هذا التمييز نهاية لتطور طويل فى القانون ، إذ كان الاتفاق على التجديد هو المعروف وحده ، ثم عرف بعد ذلك التعهد بوفاء الدين ( Expromissio ) ، وتطور هذا التعهد إلى أن أصبح اتفاقاً على الحوالة ( [985] ) .
كذلك يجب التمييز بين الاتفاق على الحوالة على النحو الذى قدمناه والاتفاق على أن يكون المدين الجديد مضافاً إلى المدين الأصلى ومتضامناً معه فى الدين ، ففى هذه الحالة الأخيرة لا ينتقل الدين إلى ذمة المدين الجديد بل يبقى فى ذمة المدين الأصلى ، ويتضامن معه فيه مدين جديد ( [986] ) .
325 - أثر الاتفاق بالنسبة إلى المدين الأصلى : قدمنا أن هذا الاتفاق لا يقتضى اشتراك المدين الأصلى فيه ولا إقراره له ، فرضاؤه غير ضرورى لا لانعقاد الحوالة ولا لنفاذها فى حقه . ذلك أنه من القواعد المقررة أنه يجوز لأجنبى أن يفى بالدين دون رضاء المدين ( المادة 323 مدنى ) ، ومتى قبل الدائن الوفاء ، ولو عارض المدين ، انقضى الدين ، وكان للأجنبى الذى وفاه الرجوع على المدين الأصلى بمقتضى قواعد الإثراء بلا سبب إذا كان الوفاء بغير علمه أو برغم إرادته . ويقاس على الوفاء الحوالة ، والأجنبى هنا –وهو المحال عليه أو المدين الجديد - لم يف بالدين فعلا ، بل اتفق مع الدائن على أن ينقله إلى ذمته . فينقل الدين بهذا الاتفاق ، وتبرأ ذمة المدين الأصلى ، رضى بالحوالة أو لم يرض ، علم بها أو لم يعلم ، فالاتفاق يسرى فى حقه دون أن $ 582 $ يكون طرفاً فيه بل ودون أن يقره ، لأنه يتمحض لمصلحته ( [987] ) . ومن ذلك نرى أن الحوالة فى هذه الصورة الثانية ، بخلاف الصورة الأولى ، تنعقد نافذة فوراً فى حق المدين الأصلى بمجرد انعقادها ودون حاجة إلى إقرار هذا المدين .
بيد أن عدم اشتراك المدين الأصلى فى الحوالة يظهر أثره فى أمرين : ( الأمر الأول ) رجوع المحال عليه على المدين الأصلى بما وفاه للدائن . ففى الصورة الأولى التى تتم برضاء المدين الأصلى بموجب اتفاق بينه وبين المحال عليه ، يحدد هذا الاتفاق كيف يرجع المحال عليه على المدين الأصلى بما يوفيه للدائن على النحو الذى سنبينه فيما يلى . أما هنا فى الصورة الثانية التى نحن بصددها فالمدين الأصلى لم يتدخل فى الحوالة ، فيكون رجوع المحال عليه بالدين الذى وفاه عنه غير قائم على أى اتفاق بينهما ، فلا يبقى إلا أن يرجع عليه بقاعدة الإثراء بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة سبب . ( والأمر الثانى ) ضمان المدين الأصلى ليسار المحال عليه . ففى الصورة الأولى التى تتم باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ، تقضى المادة 319 مدنى بأن " يضمن المدين الأصلى أن يكون المحال عليه موسراً وقت إقرار الدائن للحوالة ، ما لم يتفق على غير ذلك " . أما فى الصورة الثانية التى نحن بصددها ، حيث لا يتدخل المدين الأصلى فى الحوالة ، فلا ضمان عليه ، وقد رأينا الفقرة الثانية من المادة 321 مدنى تقىض ، فى هذه الصورة الثانية ، بسريان المادة 318 ( انتقال الدين بضماناته ) والمادة 320 ( انتقال الدين بدفوعه ) دون المادة 319 ( ضمان اليسار ) . وهذا أمر طبيعى ، فضمان المدين الأصلى ليسار المحال عليه وقت إقرار الدائن للحوالة لا يكون إلا إذا كان هذا المدين قد اشترك فى الحوالة ورضى بها ، أى فى الصورة الأولى . أما إذا لم يشترك فيها ، كما هى الحال فى الصورة الثانية ، فلا محل لهذا الضمان .
$ 583 $
الفصل الثانى
الآثار التى تترتب على حوالة الدين
326 - علاقات متنوعة : هنا أيضاً ، كما فى حوالة الحقن إذا انعقدت حوالة الدين تقوم علاقات متنوعة تتناول كلا من الدائن والمدين الأصلى والمحال عليه .
وتختلف حوالة الدين عن حوالة الحق فى أن هذه العلاقات لا تتناول الغير . ذلك أن الغير فى حوالة الحق هو ، كما قدمنا ، كل شخص كسب حقا على الحق المحال به ، كمحال له ثان أو دائن حاجز ، ولا يتصور " غير " على هذا النحو فى حوالة الدين ( [988] ) .
فنستعرض :
(1) علاقة الدائن بالمحال عليه .
(2) علاقة الدائن بالمدين الأصلى .
(3) علاقة المدين الأصلى بالمحال عليه .
$ 584 $
الفرع الأول
علاقة الدائن بالمحال عليه
ــ
327 - مسائل ثلاث : نفرض هنا أن الحوالة قد انعقدت ونفذت فى حق الدائن ، إما بأن تكون قد انعقدت باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ثم أقرها الدائن ( [989] ) كما هو الأمر فى الصورة الأولى ، وإما بأن تكون قد انعقدت نافذة فوراً فى حق الجميع وذلك باتفاق بين الدائن والمحال عليه كما هو الأمر فى الصورة الثانية .
فى هذا الفرض ينتقل الدين ، كما قدمنا ، من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة المحال عليه . فيستخلص المدين الأصلى المحال عليه فى الدين نفسه ، ومن ثم تنتقل مع الدين ضماناته ودفوعه .
فعندنا إذن مسائل ثلاث :
(1) استخلاف المحال عليه فى الدين ، أى حلول المحال عليه محل المدين الأصلى فى الدين .
(2) انتقال الدين بضماناته .
(3) انتقال الدين بدفوعه .
المبحث الأول
حلول المحال عليه محل المدين الأصلى فى الدين
ــ
328 - ما يترتب على هذا الحلول : متى صارت حوالة الدين نافذة فى حق الدائن ، يحل بالنسبة غليه المحال عليه محل المدين الأصلى فى الدين . ويترتب على ذلك :
( 1 ) أن تبرأ ذمة المدين الأصلى قبل الدائن .
( 2 ) وأن ينتقل الدين نفسه إلى المحال عليه .
$ 585 $
329 - براءة ذمة المدين الأصلى قبل الدائن : براءة ذمة المدين الأصلى قبل الدائن هى النتيجة الحتمية المترتبة على انتقال الدين من ذمته إلى ذمة المحال عليه . وتتم براءة الذمة هذه من وقت انعقاد الحوالة فى كل من صورتيها . ذلك أن الحوالة إذا انعقدت باتفاق بين الدائن والمحال عليه ، فإنها تنعقد نافذة مباشرة فى حق الدائن ، فتبرأ ذمة المدين الأصلى من وقت انعقاد الحوالة . وإذا هى انعقدت باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ، فأنها لا تصبح نافذة فى حق الدائن إلا بإقراره كما قدمنا ، ولكن هذا الإقرار ينسحب أثره إلى وقت انعقاد الحوالة كما سبق القول ، فتستند براءة ذمة المدين الأصلى فى هذه الصورة أيضاً إلى وقت انعقاد الحوالة ( [990] ) .
وغنى عن البيان أن ذمة المدين الأصلى تبرأ على النحو الذى قدمناه دون حاجة إلى أن يصرح الدائن بذلك ، فإن هذا المعنى مستفاد من رضائه بالحوالة فى الصورة الأولى ومن إقراره لها فى الصورة الثانية ( [991] ) .
ويترتب على أن ذمة المدين الأصلى تبرأ من وقت انعقاد الحوالة نتيجتان هامتان :
(1) تعتبر هذه البراءة نهائية من وقت انعقاد الحوالة . فلو أن المحال عليه ، وقد انتقل الدين إلى ذمته من هذا الوقت ، أعسر بعد ذلك ولم يستطع الدائن أن يستوفى منه الدين ، فإن الدائن لا يستطيع الرجوع بالدين على المدين الأصلى بعد أن برئت ذمته من الدين كما قدمنا . وهذا ظاهر فى حالة انعقاد الحوالة باتفاق بين الدائن والمحال عليه ، فإن المدين الأصلى لا يكون مسئولا حتى $ 586 $ عن ضمان يسار المحال عليه كما قدمنا . أما فى حالة الحوالة باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ، فسنرى أن المدين الأصلى يضمن للدائن أن يكون المحال عليه موسراً وقت إقرار الدائن للحوالة ( م 319 مدنى ) . فلو أعسر المحال عليه بعد انعقاد الحوالة وقبل إقرار الدائن لها ، فإن الدائن ، وإن كان لا يرجع على المدين الأصلى بالدين ذاته ، إلا أنه يرجع عليه بالضمان . وإذا كان إعسار المحال عليه تالياً لإقرار الدائن للحوالة ، فليس للدائن بغير اتفاق خاص أن يرجع حتى بالضمان على المدين الأصلى ( [992] ) .
(2) تبرأ ذمة المدين الأصلى من وقت انعقاد الحوالة ، وتنشغل ذمة المحال عليه بالدين من هذا الوقت ، بحيث لو زالت عن المحال عليه أهليته بعد انعقاد الحوالة وقبل الإقرار ، فى إحدى صورتى الحوالة ، لم يكن لذلك اثر فى صحة التزامه بالدين قبل الدائن ولا فى براءة ذمة المدين الأصلى ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . ومن باب أولى لو أن الحوالة انعقدت ، فى الصورة الأخرى ، باتفاق بين الدائن الأصلى والمحال عليه ، وفقد المحال عليه أهليته بعد ذلك ، فإن فقدانه لأهليته لا يؤثر فى صحة التزامه نحو الدائن بعد أن تم التعاقد بينهما على انتقال الدين إلى ذمته . ولو نشأ دين ، فى الفترة ما بين انعقاد الحوالة وإقرار الدائن لها فى الصورة الأولى من صورتى الحوالة ، لصالح المدين الأصلى فى ذمة الدائن ، فإن المقاصة ، بعد إقرار الدائن للحوالة واستناد هذا الإقرار إلى وقت انعقادها ، لا تقع بين الحق المحال به وهذا الدين الذى نشأ . ذلك أن الدين المحال به يكون قد انتقل إقرار الدائن للحوالة إلى ذمة المحال عليه فلم تعد ذمة المدين الأصلى مشغولة به ، ويستند هذا الأثر إلى وقت انعقاد الحوالة أى إلى وقت سابق على نشوء الدين لصالح المدين الأصلى فى ذمة الدائن ، فلا تقع المقاصة بين الدينين . ومن باب أولى لو أن الحوالة انعقدت ، فى الصورة الثانية ، باتفاق بين الدائن الأصلى والمحال عليه ، فإن الدين المحال به ينتقل بمجرد هذا الاتفاق إلى ذمة $ 587 $ المحال عليه ولا تعود ذمة المدين الأصلى مشغولة به ، فلو نشأ دين بعد ذلك لصالح المدين الأصلى فى ذمة الدائن لم تقع مقاصة بينه وبين الدين المحال به ( [993] ) .
330 - انتقال الدين نفسه إلى المحال عليه : وبراءة ذمة المدين الأصلى من الدين إنما هى نتيجة ترتبت على انتقال هذا الدين نفسه إلى ذمة المحال عليه كما قدمنا . والدين الذى ينتقل هو نفس الدين الذى كان فى ذمة المدين الأصلى ، وينتقل بصفاته وضماناته ودفوعه . وسنرى فيما يلى كيف تنتقل الضمانات والدفوع .
أما انتقال الدين بصفاته ، فمثله أن يكون الدين معلقاً على شرط أو مضافاً إلى أجل ، فينتقل بشرط أو أجله ( [994] ) . ومثله أيضاً أن يكون الدين تجارياً فينتقل على هذا الوصف ، أو أن يكون منتجاً لفوائد فينتقل منتجاً للفوائد بنفس السعر وبنفس الشروط ، أو أن يكون قد بدأ سريان التقادم ضده فينتقل والتقادم مستمر فى سريانه إلى أن يعترضه وقف أو انقطاع ، أو أن يكون مقترناً بسند تنفيذى كحكم قابل للنفاذ أو ورقة رسمية فينتقل قابلا للتنفيذ بهذا السند نفسه .
وينتقل الدين على هذا النحو إلى ذمة إلى ذمة المحال عليه من الوقت الذى تبرأ فيه ذمة المدين الأصلى ، أى من وقت انعقاد الحوالة على الوجه الذى قدمناه .
$ 588 $
ومن هذا القوت لا يستطيع الدائن أن يستوفى الدين إلا من المحال عليه ( [995] ) .
وليس له أن يطالب المدين الأصلى بشىء ( [996] ) . وللدائن أن يستوفى الدين من المحال عليه بأى سبب من أسباب الاستيفاء : بالوفاء ، أو بالمقاصة ولو نشأ الدين الجديد فى ذمة الدائن لصالح المحال عليه فى الفترة ما بين انعقاد الحوالة وإقرار $ 589 $ الدائن لها ، أو بالتجديد ، أو باتحاد الذمة ، أو بالإبراء ، أو بغير ذلك ( [997] ) .
المبحث الثانى
انتقال الدين إلى المحال عليه بضماناته
331 - النصوص القانونية : تنص المادة 318 من التقنين المدنى على ما يأتى :
$ 590$
" 1- تبقى للدين المحال به ضماناته .
" 2- ومع ذلك لا يبقى الكفيل ، عينياً كان أو شخصياً ، ملتزماً قبل الدائن إلا إذا رضى بالحوالة " . ( [998] ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، لأن هذا التقنين لم ينظم حوالة الدين كما سبق القول .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 318- وفى التقنين المدنى الليبى المادة 305 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 348 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 288 ( [999] ) .
$ 591$
والنص ، كما نرى ، يعرض للنوعين من الضمانات : ( 1 ) الضمانات العينية التى تأتى من جهة المدين الأصلى ( 2 ) والضمانات الشخصية أو العينية التى يقدمها كفيل من المدين الأصلى للدائن .
332- الضمانات العينية التى تأتى من جهة المدين الأصلى :
قد يكون المدين الأصلى قدم للدائن ضماناً للدين ، رهنا رسميا أو رهناً حيازيا . أو يكون الدين مضموناً بحق امتياز أو حق اختصاص يثقل عيناً مملوكة للمدين . فتنتقل كل هذه الضمانات العينية مع الدين لمصلحة الدائن ( [1000] ) .
$ 592$
فإذا كان المدين الأصلى قدم عقاراً مرهوناً رهناً رسمياً أو عيناً مرهونة رهن حيازة ضماناً لدينه ، ثم تحول الدين إلى ذمة المحال عليه – سواء كان ذلك باتفاق المدين الأصلى مع المحال عليه وإقرار الدائن أو كان باتفاق مباشر بين الدائن المحال عليه ( [1001] ) . بقى هذا الدين مضمونا بالرهن الرسمى أو رهن الحيازة كما كان وهو فى ذمة المدين الأصلى . ويصبح المدين الأصلى فى هذه الحالة بمثابة $ 593 $ كفيل عينى ، فإن ذمته قد برئت من الدين بالحوالة ولكن ماله بقى مرهوناً لضمان الدين . وإذا انتقلت ملكية العين المرهونة إلى أجنبى ، فإنها تبقى مثقلة بالرهن ضماناً للدين وهى فى يد هذا الحائز للعقار ( [1002] ) .
وإذا كان الدين المحال به قد صدر به حكم نهائى واستطاع الدائن أن يأخذ حق اختصاص على عقار المدين ، ثم تحول الدين إلى المحال عليه ، فإن حق الاختصاص يبقى ضامناً للدين على النحو الذى قدمناه فى الرهن ، وتبرأ ذمة المدين الأصلى من الدين بالحوالة ولكن عقاره المأخوذ عليه حق اختصاص يبقى مثقلا بهذا الحق ضماناً للدين .
وإذا كان الدين المحال به مضموناً بحق امتياز ، بأن كان مثلا ثمن مبيع ، وحول المشترى الثمن الذى فى ذمته إلى مدين جديد ، فإن الدائن يبقى محتفظاً بحق امتيازه على العين المبيعة وهى فى يد المشترى ، كما فى الرهن وحق الاختصاص ، ولو أن ذمة المشترى قد برئت من الدين ( [1003] ) .
كذلك يبقى الدائن محتفظاً بحقه فى حبس العين المبيعة إذا لم يكن قد سلمها للمشترى ، إلى أن يستوفى الثمن من المحال عليه الذى انتقل الدين إلى ذمته . ويلحق هنا الحق فى الحبس بالضمانات العينية ، وإن لم يكن هو نفسه ضماناً عينيناً فى التقنين المدنى الجديد ( [1004] ) . وهذا الحكم قد ورد صراحة فى الفقرة الأولى $ 594 $ من المادة 348 من التقنين المدنى العراقى ( [1005] ) .
333- الضمانات الشخصية أو العينية التى يقدمها كفيل المدين للدائن : وقد يكون الدين المحال به مكفولا بشخص غير المدين الأصلى كفالة شخصية أو كفالة عينية ، بأن يكون للمدين كفيل شخصى ، أو كفيل عينى قدم رهناً لضمان الدين . وتنص الفقرة الثانية من المادة 318 مدنى فى هذه الحالة ، كما رأينا ، على أنه " لايبقى الكفيل عينينا كان أز شخصيا ، ملتزماً قبل الدائن إلا إذا رضى بالحوالة " .
$ 595 $
وهذا الحكم طبيعى ، فإن الكفيل ، ولو كان عينيا ، أجنبى عن الحوالة وهو إنما رضى بكفالة المدين الأصلى بالذات ، كفالة شخصية أو كفالة عينية . فإذا تحول الدين إلى ذمة شخص آخر غير المدين الأصلى ، أى إلى المحال عليه ، وجب أن يرضى الكفيل بهذه الحوالة أيضا حتى يعتبر كفيلا لشخص غير المدين الأصلى الذى رضى أن يكفله .
ويستوى فى ذلك أن يكون الكفيل متمتعاً بحق تجريد المدين الأصلى أو محروماً من هذا الحق ، وأن يكون غير متضامن مع المدين الأصلى أو متضامناً معه ، ولا يعترض على ذلك بأن الكفيل ، فى حالتى الحرمان من حق التجريد والتضامن ، يمكن الرجوع عليه قبل الرجوع على المدين الأصلى ، فلم يعد يعينه شخص هذا المدين ما دام الدائن يستطيع أن يتخطاه وأن يرجع على الكفيل أولا . فإن هذا الاعتراض يمكن دفعه بأن الكفيل ، حتى إذا جاز الرجوع عليه أولا ، لا يزال معتمداً على شخص المدين الأصلى ، لأنه إن دفع الدين كان له الرجوع به على هذا المدين ، فيبقى شخصه هاماً بالنسبة إليه ، ولا يجوز أن يتغير عليه عن طريق الحوالة إلا إذا رضى بذلك ( [1006] ) .
ويدعو هذا إلى بحث نوع من الكفالة الشخصية هو التضامن فلو فرضنا $ 596 $ أن المدين الأصلى الذى حوله دينه إلى مدين جديد كان معه مدينون متضامنون فى هذا الدين ، فهل يبقى هؤلاء المدينون متضامنين مع المدين الجديد ( المحال عليه ) كما كانوا متضامنين مع المدين الأصلى؟ لا شك فى أنهم إذا رضوا بالحوالة أصبحوا متضامنين مع المدين الجديد ، وسرت الحوالة فى حقهم لرضائهم بها أما إذا لم يرضوا بالحوالة ، فيبدو أنها لا تسرى فى حقهم فيما يضرهم ويستطيعون التمسك بها فيما ينفعهم تطبيقاً لمبدأ أساسى قررناه فى التضامن . فإذا طالب الدائن أحدهم بالدين ، كان لهذا المدين أن يدخل المحال عليه فى الدعوى للحكم عليه بحصته فى الدين . وإذا وفى هذا المدين الدين كله للدائن دون أن يدخل المحال عليه فى الدعوى ، ورأى أن المدين الأصلى أكثر ملاءة فى المحال عليه ، كان له أن يرجع عليه هو – لا على المحال عليه – بحصته فى الدين ( [1007] ) .
المبحث الثالث
انتقال الدين إلى المحال عليه بدفوعه
334- النصوص القانونية تنص المادة 320 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" للمحال عليه أن يتمسك قبل الدائن بالدفوع التى كان للمدين الأصلى أن يتمسك بها . كما يجوز له أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة ( [1008] ) .
$ 597 $
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق الذى لم ينظم حوالة الدين كما مر .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 320 – فى التقين المدنى الليبى المادة 307 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 349 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 289 ( [1009] ) .
ونستعرض فى هذا الصدد : ( 1 ) الدفوع التى كان للمدين الأصلى أن يتمسك بها ( 2 ) الدفوع المستمدة من عقد الحوالة ( 3 ) الدفوع المستمدة من العلاقة ما بين المدين الأصلى والمحال عليه .
335- الدفوع التى كان للمدين الأصلى أن يتمسك بها : لما كان الدين الذى ينتقل إلى ذمة المحال عليه هو نفس الدين الذى كان فى ذمة المدين الأصلى ، وقد أصبح المحال عليه خلفاً للمدين الأصلى فى هذا الدين ، فإنه يترتب على ذلك أن جميع الدفوع التى كان المدين الأصلى يستطيع أن يدفع بها هذا الدين يجوز للمحال عليه أن يتمسك بها قبل الدائن .
$598$
وهذه الدفوع كثيرة متنوعة ، منها ما يرجع إلى بطلان الدين ، ومنها ما يرجع إلى فسخه ، ومنها ما يرجع إلى انقضائه .
فمن أوجه البطلان أن يكون الدين ناشئاً من عقد باطل لسبب يرجع إلى التراضى ، أو يرجع لعدم توافر الشروط اللازمة فى المحل ، أو يرجع لعدم مشروعية السبب . أو يكون الدين ناشئاً من عقد قابل للإبطال بسبب نقص الأهلية أو بسبب الغلط أو التدليس أو الإكراه أو الاستغلال . ولكن يلاحظ أنه إذا كان الدين ناشئاً من عقد قابل للإبطال بسبب نقص الأهلية ، فمن ناحية قد يكون هذا الدفع شخصياً للمدين الأصلى وليس للمحال عليه أن يتمسك بدفع خاص بشخص المدين الأصلى ( [1010] ) ، ومن ناحية أخرى أن الحوالة إذا انعقدت باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه فقد يعتبر انعقادها برضاء المدين الأصلى إجازة للبطلان المستمد من نقص الأهلية . كذلك إذا كانت أوجه البطلان راجعة إلى الغلط أو التدليس أو الإكراه أو الاستغلال ، وعلم المدين الأصلى بسبب البطلان ، وبالرغم من علمه هذا اتفق على الحوالة مع المحال عليه ، فإن هذا الاتفاق قد يعتبر إجازة ضمنية لسبب البطلان . أما إذا كانت الحوالة قد انعقدت باتفاق بين الدائن والمحال عليه ، وكانت هناك أوجه البطلان ترجع إلى عيوب فى إرادة المدين الأصلى ، فإنه لا يمكن القول فى هذه الحالة أن الحوالة –ولم يكن المدين الأصلى طرفاً فيها- تعتبر إجازة ضمنية للبطلان ، بل يجوز للمحال عليه أن يتمسك من هذه الأوجه بما كان يستطيع المدين الأصلى أن يتمسك به . وكذلك لو كان وجه البطلان نقصاً فى أهلية المدين الأصلى ، وتمت الحوالة باتفاق بين الدائن والمحال عليه دون تدخل المدين الأصلى ، فما لم يكن المحال عليه وقت الحوالة عالماً بنقص الأهلية حيث يمكن القول إنه قد نزل بقبوله الحوالة عن التمسك بهذا الدفع ، فإنه يبدو أن المحال عليه يستطيع أنه يتمسك قبل الدائن بنقص أهلية المدين الأصلى ، وإن كان هناك رأى يذهب $599$ إلى أن الدفع بنقص الأهلية خاص بشخص المدين الأصلى فلا يجوز للمحال عليه أن يتمسك به فى أية حال .
ومن الدفوع ما يرجع إلى فسخ الدين . ويتحقق ذلك مثلا إذا كان الدين المحال به ثمناً فى عقد بيع تم بين الدائن والمدين الأصلى ، ثم لم يسلم الدائن المبيع إلى المدين الأصلى . فإن هذا المدين كان له –لو بقى الثمن فى ذمته ولم يحل به غيره أن يدفع بالمطالبة بفسخ البيع ، وكذلك يستطيع المحال عليه أن يطالب بفسخ البيع مكانه ( [1011] ) .
ومن الدفوع أخيراً ما يرجع إلى انقضاء الدين . فقد يكون الدين انقضى بالوفاء ، ويتحقق ذلك إذا كانت الحوالة قد تمت باتفاق بين الدائن والمحال عليه دون تدخل المدين الأصلى ويكون هذا وفى بالدين ، فيجوز للمحال عليه أن يتمسك قبل الدائن بانقضاء الدين عن طريق الوفاء . ومثل الوفاء التجديد واستحالة الوفاء والإبراء والتقادم . أما المقاصة التى تكون بين الدين المحال به ودين للمدين الأصلى فى ذمة الدائن ، فالظاهر أن المحال عليه فى إحدى صورتى الحوالة لا يستطيع أن يتمسك بها قبل الدائن ، ويستطيع التمسك بها فى الصورة الأخرى . ذلك أن المقاصة لا تقع إلا إذا تمسك بها المدين الأصلى ( م 365 مدنى ) ، ويجوز له النزول عن التمسك بها . فإذا كان هو الذى عقد الحوالة مع المحال عليه ، فهذا دليل على أنه لا يريد التمسك بالمقاصة ، فحول الدين الذى فى ذمته إلى المحال عليه ليطالب بالدين الذى له فى ذمة الدائن ، فلا يجوز فى هذه الصورة أن يتمسك المحال عليه بالمقاصة بعد أن نزل عنها المدين الأصلى . أما إذا كانت الحوالة قد انعقدت باتفاق بين الدائن والمحال عليه يستطيع فى هذه الصورة أن يتمسك بالمقاصة كما يستطيع المدين الأصلى أن يتمسك بها ، إذ أن كلا منهما له مصلحة فى ذلك ( [1012] ) . $600$ وهذا ما لم يكن المحال عليه يعلم بسبب المقاصة وقت أن قبل الحوالة ، فقد يستخلص من هذا العلم انه نزل بذلك عن التمسك بالمقاصة . ولكن هذا لا يمنع المدين الأصلى من التمسك بها ، فإذا ما فعل أمكن المحال عليه بعد ذلك أن يدفع بسقوط الدين بالمقاصة .
هذا وقد كان المشروع التمهيدى ( م 453/1 من هذا المشروع ) ينص على أن " للمحال عليه أن يتمسك قبل الدائن بما كان للمدين الأصلى من دفوع متعلقة بذات الدين ، وليس له أن يتمسك بالدفوع الخاصة بشخصه هو " ( [1013] ) . وبالرغم من تعديل هذا النص ، فإن الأحكام التى وردت فيه صحيحة . وقد رأينا أنه لا يجوز $601$ للمحال عليه أن يتمسك بالدفوع الخاصة بشخص المدين الأصلى ، كالدفع باتحاد الذمة أو بالحق فى الحبس ( [1014] ) ، وكالدفع بنقص الأهلية وبوقف تنفيذ العقد فى رأى . أما الدفوع الخاصة بشخص المحال عليه ، فيستطيع هذا بداهة أن يتمسك بها ، ومن ثم يستطيع المحال عليه أن يتمسك قبل الدائن بمقاصة وقعت بين الدين المحال به ودين له فى ذمة الدائن ، كما يستطيع أن يتمسك باتحاد الذمة بينه وبين الدائن ( [1015] ) .
336- الدفوع المستمدة من عقد الحوالة : كذلك للمحال عليه أن يتمسك قبل الدائن بجميع الدفوع المستمدة من عقد الحوالة . ذلك أن الحوالة ، كما رأينا إما أن تتم باتفاق من المدين الأصلى والمحال عليه ، وإما أن تتم باتفاق بين الدائن والمحال عليه .
فإن تمت باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ، ثم اقرها الدائن ، فإن حق الدائن فى مطالبة المحال عليه بالدين مستمد من هذا الاتفاق الذى أقره . فإن كان للمحال عليه دفع مستمد من هذا الاتفاق ، فمن حقه أن يتمسك به قبل الدائن . مثل ذلك أن يدفع المحال عليه ببطلان الحوالة لانعدام التراضى ، أو لعدم مشروعية السبب بأن قبل الحوالة مثلا لاستدامة علاقة جنسية غير مشروعة . ومثل ذلك أيضاً أن يطالب المحال عليه بإبطال الحوالة لنقص فى أهليته أو لعيب $602$ وقع فى إرادته ، أو أن يطالب بانعدام الحوالة إذا كانت معلقة على شرط فاسخ تحقق أو شرط واقف لم يتحقق .
وإنما تمت الحوالة باتفاق بين الدائن والمحال عليه ، فمن باب أولى يجوز للمحال عليه أن يتمسك قبل الدائن –الذى كان طرفاً فى العقد- بجميع العيوب التى تلحق هذا الاتفاق ، من تراض معدوم ، أو محل غير مشروع ، أو سبب غير مشروع ، أو نقص فى الأهلية ، أو عيب فى الإرادة ، أو تحقق شرط فاسخ ، أو عدم تحقق شرط واقف .
337- الدفوع المستمدة من العلاقة ما بين المدين الأصلى والمحال عليه : يحدث كثيراً أن يكون سبب الحوالة موجوداً فى العلاقة التى تقوم ما بين المدين الأصلى والمحال عليه . مثل ذلك أن يبيع شخص عقاراً مرهوناً رهناً رسمياً إلى آخر ، وفى عقد البيع ذاته يحول إلى المشترى الدين المضمون بالرهن حتى ينتقل إليه من العقار المرهون ( 322 مدنى ) . ومثل ذلك أيضاً أن يبيع صاحب المتجر متجره ، ويحول إلى المشترى فى عقد البيع ذاته الديون التى على المتجر . فالمحال عليه فى هذين المثلين هو المشترى : مشترى العقار المرهون أو مشترى المتجر . وعلاقة بالمدين الأصلى –وهو البائع- يحددها عقد البيع : بيع العقار أو بيع المتجر . وفى هذه العلاقة بالذات يقوم سبب الحوالة ، فلولا البيع لما كانت الحوالة . فإذا فرضنا أن البيع قد فسخ لسبب يقتضى الفسخ ، بأن أخل البائع بأحد التزاماته مثلا ، فهل يستطيع المشترى المحال عليه أن يتمسك قبل الدائن بفسخ البيع ، فيمتنع عن دفع الدين المحال به الذى ما كان ليقبل نقله إلى ذمته لولا أنه اشترى العقار المرهون أو المتجر .
تجيب الفقرة الثانية من المادة 453 من المشروع التمهيدى –وهى أصل المادة 320 مدنى- على هذا السؤال بما يأتى : " وله ( أى للمحال عليه ) أيضاً أن يتمسك قبل الدائن بأوجه الدفع المستفادة من الرابطة القانونية التى كانت تربطه بالمدين الأصلى ، إذا كانت تلك الرابطة هى السبب فى حوالة الدين وكان $603$ الدائن يعلم ذلك " ( [1016] ) . ويستخلص من مفهوم هذا النص أن الدائن إذا كان يعلم وقت الحوالة أن المحال عليه ما كان ليقبل الحوالة لولا أنه اشترى العقار المرهون أو اشترى المتجر ، فإنه يكون من حق المحال عليه عندئذ أن يتمسك قبله بفسخ البيع ، فيمتنع عن الوفاء له بالدين المحال به . وبمقتضى مفهوم العكس ، إذا لم يكن الدائن قد علم وقت الحوالة بهذا السبب ، لم يجز للمحال عليه أن يتمسك قبل بفسخ البيع ، بل يبقى ملتزماً أن يفى بالدين المحال به بالرغم من هذا الفسخ ، وله الرجوع على المدين الأصلى بما يدفع للدائن ( [1017] ) .
وهذا هو الحكم الذى نرى الأخذ به فى هذه المسألة الدقيقة . وإذا كانت الفقرة الثانية من المادة 453 من المشروع التمهيدى ، وهى النص الذى نستمد $604$ منه هذا الحكم ، قد حذفت فى لجنة المراجعة ، فهى لم تحذف لأن الحكم المستمد منها غير صحيح ، بل لعدم ضرورتها ( [1018] ) ، إذ يغنى عنها تطبيق القواعد العامة . وإذا رجعنا إلى القواعد العامة فى نظرية السبب ، رأينا أن سبب الحوالة فيما قدمناه من الأمثلة ، أى الباعث الذى دفع المحال عليه إلى قبول الحوالة ، هو شراؤه للعقار المرهون أو للمتجر ، وهو سبب فرضنا أن الدائن يعلم به . فإذا فسخ بيع العقار أو المتجر ، انعدم السبب ، وبطلت الحوالة . ولا يمكن أن نجرد التزام المحال عليه من سببه ، فيكون التزاماً مجرداً ( OBLIGATION ABSTRAITE ) ، إلا بنص صريح . وهذا النص قد وجد فى كل من التقنين المدنى الألمانى ( م 417 ) وتقنين الالتزامات السويسرى ( م 179 ) ، فكان التزام المحال عليه فى هذين التقنينيين التزاماً مجرداً ، ولا يستطيع المحال عليه أن يتمسك قبل الدائن بالدفوع المستمدة من العلاقة بينه وبين المدين الأصلى والتى كانت سبباً لالتزامه ( [1019] ) . أما التقنين المدنى المصرى ، فلا يوجد نص بهذا المعنى . بل كان قد وجد نص بعكسه ، ولم يحذف هذا النص إلا لعدم الحاجة إليه ، واكتفاء بتطبيق القواعد العامة . وقد رأينا أن تطبيق هذه القواعد فى نظرية السبب يؤدى إلى الحكم الذى نقول به ( [1020] ) .
$605$
الفرع الثانى
علاقة الدائن بالمدين الأصلى
ــ
338- النصوص القانونية : تنص المادة 319 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" يضمن المدين الأصلى أن يكون المحال عليه موسراً وقت إقرار الدائن للحوالة ، ما لم يتفق على غير ذلك " ( [1021] ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 319 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 306 – وفى التقنين المدنى العراقى $ 606 $ المادتين 357 - 358 – ولا مقابل له فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( [1022] ) . ويمكن تلخيص العلاقة ما بين الدائن والمدين الأصلى فى مسألتين : ( 1 ) براءة $ 607 $ ذمة المدين الأصلى نحو الدائن ( 2 ) وضمان المدين الأصلى للدائن يسار المحال عليه وقت إقرار الدائن للحوالة فى الصورة التى تنعقد بها الحوالة باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه .
339 - براءة ذمة المدين الأصلى نحو الدائن : إذا انعقدت الحوالة باتفاق بني المحال عليه والدائن مباشرة دون تدخل المدين الأصلى ، فإن ذمة هذا المدين تبرأ من الدين بمجرد انعقاد الحوالة كما قدمنا دون حاجة إلى رضائه بذلك . فإن الأجنبى يستطيع وفاء الدين عن المدين دون علمه ودون قبوله ، فيستطيع كذلك أن يلتزم عنه بالدين ، ومن ثم تبرأ ذمة المدين ، وقد تقدم بيان ذلك .
أما إذا انعقدت الحوالة باتفاق بني المدين الأصلى والمحال عليه ، فلا تبرأ ذمة المدين الأصلي نحو الدائن إلا إذا أقر الدائن الحوالة ، فإن الحوالة لا تسري فى حقه إلا بإقراره ، فإذا لم يقرها بقى المدين الأصلي بالنسبة إليه ، دون المحال عليه ، هو المدين . أما بعد الإقرار فتبرأ ذمة المدين الأصلي من الدين نحو الدائن ، ويصبح المحال عليه هو المدين ( [1023] ) .
ويترتب على ذلك أنه من وقت صيرورة الحوالة نافذة فى حق الدائن – سواء بعقدها معه مباشرة أو بإقراره لها – تبرأ ذمة المدين الأصلى ، فلا يستطيع الدائن أن يطالبه بالدين المحال به ، ولا يطالب بهذا الدين إلا المحال عليه الذي انتقل الدين إلى ذمته .
340 - ضمان المدين الأصلى ليسار المحال عليه : هنا يجب التمييز بين صورتى الحوالة .
فإن انعقدت الحوالة باتفاق بين الدائن والمحال عليه مباشرة دون تدخل المدين الأصلى ، فإن المدين الأصلى لا يضمن للدائن شيئا ، إذ هو لم يتدخل $ 608 $ فى الحوالة ، بل انعقدت دون رضائه ، والذى عقدها هو الدائن ، وعقدها مباشرة مع المحال عليه ، فعلى الدائن فى هذه الحالة أن يتحمل إعسار المحال عليه ما دام هو الذي اختار الاتفاق معه ( [1024] ) . وإنما تبرأ ذمة المدين الأصلى من الدين ، كما تقدم القول ، بالرغم من عدم ضمانه ليسار المحال عليه .
أما إذا انعقدت الحوالة باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه وأقرها الدائن ، ففى هذه الصورة يكون المدين الأصلى هو الذي عقد الحوالة ، وهو الذي اختار المدين الجديد ، ودعا الدائن إلى إقرار الحوالة . فافترض القانون أن المدين الأصلى قد أخذ على نفسه فى هذه الحالة أن يضمن للدائن يسار المحال عليه وقت إقرار الدائن للحوالة ، كما تقرر ذلك صراحة المادة 319 مدنى التى تقدم ذكرها .
ولا شك فى أن هذا النص يقتصر على تفسير نية المتعاقدين ، فيجوز الاتفاق على غير هذا الحكم ، كما ورد ذلك فى النص ذاته . ومن ثم يجوز للمدين الأصلي أن يخلى نفسه من هذا الضمان فى هذا الاتفاق الذي يتم بينه وبين المحال عليه ويدعو الدائن إلى إقراره ، أو فى اتفاق خاص بعد ذلك ولكن قبل إقرار الدائن للحوالة . فإذا اشترط المدين الأصلى عدم ضمانه ليسار المحال عليه ، ورضى الدائن بهذا الشرط ، فلا ضمان على المدين الأصلي .
كذلك يجوز – على النقيض مما تقدم – أن يشدد المدين الأصلي على نفسه الضمان ، فيضمن يسار المحال عليه ، لا وقت إقرار الدائن للحوالة فحسب ، بل وقت حلول الدين المحال به ، فيكون فى هذه الحالة بالنسبة إلى المحال عليه فى موقف يشبه موقف الكفيل .
لكن إذا لم يذكر المدين الأصلى فى الحوالة شيئا عن الضمان ، فالمفروض أنه يضمن دون شرط يسار المحال عليه وقت إقرار الدائن للحوالة كما تقدم القول . فإذا كان الدين المحال به وقت إقرار الدائن للحوالة حالا ، فعلى الدائن أن يبادر إلى استيفائه . فإن وجد المحال عليه معسراً ، رجع بالضمان على المدين الأصلى .
$ 609 $ وهو فى رجوعه على المدين الأصلى لا يرجع بالدين المحال به نفسه ( [1025] ) ، فإن هذا الدين قد انتقل نهائياً بالحوالة إلى ذمة المحال عليه ، وإنما يرجع بدين جديد نشأ من عقد الحوالة ، وهو عقد يرتب فى ذمة الدين الأصلي التزاماً بضمان يسار المحال عليه . ولا يرجع الدائن على المدين الأصلي بالضمان إلا بعد أن يرجع أولا على المحال عليه فيجده معسراً ، فإن رجع مباشرة على المدين الأصلى ، كان لهذا أن يطلب منه البدء بتجريد المحال عليه . ولا يكلف بأن يدل الدائن على مال للمحال عليه يستوفى منه الدائن حقه ، كما يكلف الكفيل بذلك ، فإن المدين الأصلي لا يكون مسئولا إلا إذا أثبت الدائن أنه رجع على المحال عليه أولا فوجده معسراً .
أما إذا تراخى الدائن فى مطالبة المحال عليه حتى أعسر ، وذلك بالرغم من حلول الدين ، فإن المدين الأصلى لا يكون مسئولا ما دام المحال عليه كان موسراً وقت إقرار الدائن للحوالة . والدائن هو المقصر ، فقد كان الدين حالا وقت إقراره للحوالة وكان المحال عليه موسراً ، فبتراخيه وإهماله ترك المحال عليه حتى أعسر ، فيرجع باللائمة على نفسه ، ولا يرجع على المدين الأصلى بشىء .
بقيت حالة ما إذا كان الدين المحال به لم يحل وقت إقرار الدائن للحوالة ، وكان المحال عليه فى هذا الوقت موسراً ثم أعسر عند حلول الدين . فى هذه الحالة أيضاً لا يكون المدين الأصلى مسئولا ، فإن الضمان بحكم القانون يقتصر كما قدمنا على ضمان اليسار وقت إقرار الدائن للحوالة ، وقد كان المحال عليه موسراً فعلا فى هذا الوقت ، فتبرأ ذمة المدين الأصلى من التزامه بالضمان حتى لو أعسر المحال عليه بعد ذلك عند حلول الدين . وإذا أراد الدائن أن يجعل المدين الأصلي ضامناً ليسار المحال عليه وقت حلول الدين ، فعليه أن يشترط ذلك صراحة قبل إقراره للحواله .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " تقضى الفقرة الأولى من المادة 450 بأن إقرار الدائن للحوالة يستتبع براءة ذمة المدين الأصلى وإحلال المحال عليه محله . بيد أن حكم هذه البراءة لا يجرى على إطلاقه ، فإذا أقيم الدليل على أن المحال عليه كان معسراً عند انعقاد الحوالة $ 610 $ ( الصحيح عند إقرار الدائن للحوالة ) ، وأن الدائن كان يجهل هذا الإعسار ، فلا تبرأ ذمة المدين الأصلي فى هذه الحالة . وتسرى هذه القاعدة من باب أولى متى كان الجهل راجعاً إلى تدليس أو إلى عيب من عيوب الرضاء " ( [1026] ) . ويؤخذ على ما جاء فى هذه المذكرة ما يأتى : ( 1 ) أنها ، على ما يبدو ، تجعل ذمة المدين الأصلى فى حالة الضمان مشغولة بالدين المحال به ذاته . والصحيح أن الدين المحال به قد انتقل إلى ذمة المحال عليه ، أما المدين الأصلى فمسئوليته قائمة على التزامه بالضمان . وهو التزام مستقل عن المدين المحال به ، ولكل منهما مصدر يختلف عن مصدر الآخر . فمصدر الالتزام بالضمان عقد الحوالة ، أما الدين المحال به فمصدره سبب آخر ، قد يكون عقداً وقد يكون غير عقد ، وفى جميع الأحوال ليس هو عقد الحوالة . ( 2 ) يبدو أن المذكرة الإيضاحية تشترط ، فى ضمان المدين الأصلى ليسار المحال عليه ، أن يكون الدائن جاهلا أن المحال عليه معسر . والصحيح أن علم الدائن بهذا الإعسار أو جهله إياه لا شأن له بضمان المدين الأصلى ليسار المحال عليه وقت إقرار الحوالة ، فهذا الضمان مقرر بصريح النص . أما علم الدائن بإعسار المحال عليه ، فغايته أنه قد يؤخذ قرينة على أن الدائن قد نزل عن هذا الضمان ، والنزول عن الضمان لا يستخلص إلا إذا كانت نية الدائن واضحة فى ذلك ( [1027] ) . ( 3 ) فى حالة ا إذا كان جهل الدائن لإعسار المحال عليه راجعاً إلى تدليس أو إلى عيب آخر من عيوب الرضاء ، يكون المدين الأصلي ضامناً ليسار المحال عليه ، ولكن لا يرجع هذا الضمان إلى ما شاب الرضاء من عيب ، وإنما يرجع إلى حكم القانون نفسه ، فقد أوجب على المدين الأصلي بمقتضى عقد الحوالة ضمان يسار المحال عليه . فإذا كان الدائن قد أوقع فى تدليس جعله يظن أن المحال عليه موسر بينما هو معسر ، فإنه يستطيع فى هذه الحالة أن يرجع بتعويض للتدليس فوق رجوعه بالضمان ( [1028] ) .
$ 611 $
الفرع الثالث
علاقة المدين الأصلى بالمحال عليه
341 – التمييز بين حالتين : تميز هنا بين حالتين :
( الحالة الأولى ) حالة الحوالة غير النافذة فى حق الدائن ، بأن تكون قد انعقدت باتفاق بين المدين الأصلي والمحال عليه ، ولم يصدر إقرار لها من الدائن ، أو صدر رفض منه لها .
( الحالة الثانية ) حالة الحوالة النافذة فى حق الدائن ، ويتحقق ذلك إما بأن تنفذ الحوالة باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ويقرها الدائن ، وإما بأن تنعقد رأسا بين الدائن والمحال عليه فإن الحوالة تنعقد فى هذه الحالة نافذة فوراً فى حق الدائن .
المبحث الأول
الحوالة لم تنفذ فى حق الدائن
342 - النصوص القانونية : تنص المادة 317 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - ما دام الدائن لم يحدد موقفه من الحوالة إقراراً أو رفضا ، كان المحال عليه ملزماً قبل المدين الأصلى بالوفاء للدائن فى الوقت المناسب ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك ، ويسرى هذا الحكم ولو رفض الدائن الحوالة " .
" 2 - على أنه لا يجوز للمدين الأصلى أن يطالب المحال عليه بالوفاء للدائن ، $ 612 $ ما دام هو لم يقم بما التزم به نحو المحال عليه بمقتضى عقد الحوالة " ( [1029] ) . ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، لأن هذا التقنين كما قدمنا لم ينظم حوالة الدين .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 317 - وفى التقنين المدنى الليبى المادة 304 - ولا مقابل له لا فى التقنين المدنى العراقى ولا فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( [1030] ) .
ويتبين من النص المتقدم الذكر :
( 1 ) إن الاتفاق ما بين المحال عليه والمدين الأصلى على حوالة الدين يلزم الأول نحو الثانى أن يفى بالدين المحال به للدائن فى الوقت المناسب ، سواء أقر الدائن الحوالة أو رفضها ، وذلك ما لم يوجد اتفاق يقضى بغيرة .
( 2 ) ولكن هناك فرقاً بين هذا الاتفاق وبين الاشتراط لمصلحة الغير ، $ 613 $ فإن المدين الأصلى لم يشترط لمصلحة الدائن أن يفى له المحال عليه بالدين ، بل ذهب إلى مدى أبعد من ذلك واشترط تخليص ذمته هو من الدين ، بأن اتفق مع المحال عليه على نقل الدين إلى ذمته وذلك فيما بينهما .
( 3 ) وهذا الاتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه على الحوالة هو كل لا يقبل التجزئة ، فإذا كان المدين الأصلى قد التزم بشىء نحو المحال عليه فى نظير التزام المحال عليه نحوه ولم يقم بالتزامه ، لم يكن له أن يطالب المحال عليه أن يقوم هو بالتزامه .
( 4 ) والاتفاق على النحو الذي فصلناه هو على كل حال قابل للتعديل فيه أو للعدول عنه باتفاق آخر بين الطرفين ، وذلك إلى أن يصدر إقرار الدائن للحوالة .
ونعالج هذه المسائل متعاقبة .
343 – الاتفاق على الحوالة يلزم المحال عليه نحو المدين الأصلى :
قدمنا أن المفروض فى الحالة التى نحن بصددها أن الحوالة انعقدت باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه . فقبل أن يصدر الدائن إقراره ، يكون هذا الاتفاق ملزما للمحال عليه نحو المدين الأصلى . والذى يلتزم به المحال عليه هو التزام بعمل ( obligation de faire ) ، إذ يلتزم بتخليص ذمة المدين الأصلى من الدين فى الوقت المناسب . والوقت المناسب هو عادة وقت حلول الدين المحال به . ولا يوجد ما يمنع من الاتفاق على أن يكون الوقت المناسب غير ذلك ، كأن يكون وقت مطالبة الدائن للمدين الأصلى بالدين . وإذا لم يذكر الطرفان شيئا فى هذا الخصوص ، فالمهم هو أن يدرأ المحال عليه عن المدين الأصلى كل مطالبة من الدائن ( [1031] ) .
وقيام المحال عليه بالتزامه هذا يكون عادة بوفائه الدين المحال به للدائن . ويجوز أن يسلم المحال عليه مقدار الدين للمدين الأصلى ليقوم هذا بنفسه بالوفاء $ 614 $ لدائنه ، فإن ذلك يكفى لتخليص المدين الأصلى من مطالبة الدائن ( [1032] ) .
فإذا لم يقم المحال عليه بالتزامه هذا ، كان للمدين الأصلى أن يرجع عليه بالتعويض وفقا للقواعد العامة ( [1033] ) . فهو لا يرجع عليه بالدين المحال به ذاته ، بل يرجع عليه بتعويض من جراء إخلاله بالتزامه من درء مطالبة الدائن . ويجوز للمدين الأصلى أن يتفق مع المحال عليه أن يقدم له تأمينات خاصة ، كرهن أو كفيل ، لضمان الوفاء بهذا الالتزام ، أما التأمينات التى تكفل الدين المحال به فهى لا تكفل رجوع المدين الأصلى بالتعويض على المحال عليه ( [1034] ) .
وهذا الالتزام فى ذمة المحال عليه نحو المدين الأصلى يبقى قائماً حتى لو رفض الدائن إقرار الحوالة ، فإن عدم إقرار الدائن للحوالة لا يستتبع سقوط الاتفاق على حوالة الدين بين المدين الأصلى والمحال عليه . بل يبقى المحال عليه ملتزماً نحو المدين الأصلى ، بعد رفض الدائن إقرار الحوالة ، بأن يخلصه من مطالبة الدائن وله ، فى الوفاء بالتزامه هذا ، إما أن يفى بالدين فعلا للدائن – وليس للدائن $ 615 $ أن يرفض قبول الوفاء فهو مجبر على قبوله ولو من أجنبى – وإما أن يعطى للمدين الأصلى مقدار الدين لدفعه للدائن ( [1035] ) .
هذا هو الأثر الذي يترتب على الاتفاق بين المحال عليه والمدين الأصلى على حوالة الدين ، من حيث إلزام المحال عليه نحو المدين الأصلى . وغنى عن البيان أن الطرفين يستطيعان فى عقد الحوالة الاتفاق على غير ذلك ، إذ أن لهما الحرية الكاملة فى تحديد العلاقة التى تقوم بينهما بموجب هذا العقد . فلهما مثلا أن يتفقا على أنه إذا لم يقر الدائن الحوالة ، فإن الاتفاق الذي كان قائماً بينهما يسقط تبعاً لذلك ، ولا يعود المحال عليه ملزماً لا نحو الدائن ولا نحو المدين الأصلى نفسه بأداء الدين المحال به ولا بتخليص المدين الأصلى من مطالبة الدائن . ولهما كذلك أن يتفقا على أن عقد الحوالة لا ينتج أثره منذ البداية إلا إذا أقره الدائن ، بحيث لا يرتب هذا العقد فى ذمة المحال عليه ، قبل إقرار الدائن له ، أى التزام نحو المدين الأصلى ، فإذا ما صدر إقرار الدائن أصبح المحال عليه ، ليس ملزماً فحسب بتخليص المدين الأصلى من مطالبة الدائن ، بل ملزماً أيضا نحو الدائن مباشرة بوفاء الدين له ( [1036] ) . ونفرض فيما قدمناه أن الاتفاق المخالف قد ورد فى عقد الحوالة ذاته . وسنرى فيا يلى أن للطرفين فوق ذلك ، $ 616 $ بعد إبرام عقد الحوالة وفى اتفاق مستقل ، أن يعدلا فى هذا العقد أو أن يعدلا عنه .
344 – الفرق بين الاتفاق على الحوالة والاشتراط لمصلحة الغير :
وقد يقال ، بعد تحليلنا للاتفاق الذي يتم على الحوالة بين المدين الأصلى والمحال عليه على النحو الذي قدمناه ، أن هذا الاتفاق فيه اشتراط لمصلحة الغير ، فقد اشترط المدين الأصلى على المحال عليه لمصلحة الدائن أن يفى له بالدين المحال به ، ومن ثم يتولد من هذا الاتفاق حق مباشر للدائن يصبح بإقراره غير قابل للنقض ، وذلك وفقاً للقواعد المعروفة فى الاشتراط لمصلحة الغير .
ولكن هذا التأصيل لا يتفق مع التأصيل الصحيح للاتفاق على الحوالة ما بين المدين الأصلى والمحال عليه ، وذلك من وجهين :
( الوجه الأول ) ليس الغرض من هذا الاتفاق أن يشترط المدين الأصلى على المحال عليه لمصلحة الدائن أن يفى له بالدين المحال به . بل الغرض أن يشترط المدين الأصلى لمصلحة نفسه هو ، لا لمصلحة الدائن ، أن يخلصه المحال عليه من الدين الذي من ذمته للدائن بأن يدرأ عنه أية مطالبة من هذا الدائن .
( الوجه الثانى ) وعندما يقر الدائن هذا الاتفاق الذي تم بين المدين الأصلى والمحال عليه ، فليس يفعل ذلك كما يفعل المنتفع فى إقراره الاشتراط لمصلحته ليصبح نافذاً فى حقه . ذلك أن الاتفاق ما بين المدين الأصلى والمحال عليه ليس اشتراطا لمصلحة الغير كما قدمنا ، بل هو أبعد مدى من ذلك . هو اتفاق ينقل الدين المحال به فعلا من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة المحل عليه فى العلاقة فيما بينهما ، فهو اتفاق ناقل للدين منذ البداية . فإذا أقره الدائن ، أصبح انتقال الدين سارياً فى حقه هو أيضاً ، وأصبح المحال عليه ، ليس فحسب فى علاقته بالمدين الأصلى بل أيضاً فى علاقته بالدائن ، هو الملتزم وحده بالدين .
وهذا التصوير هو تصوير التقنين المدنى الألمانى ، نقله عنه التقنين المدنى المصرى الجديد ( [1037] ) .
$ 618 $
345 – الاتفاق على الحوالة كل لا يقبل التجزئة – عدم الوفاء بالتزام يستتبع عدم الوفاء بالالتزام المقابل : وقد رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 317 مدنى تنص على ما يأتى : " على أنه لا يجوز للمدين الأصلى أن يطالب المحال عليه بالوفاء للدائن ، ما دام هو لم يقم بما التزم به نحو المحال عليه بمقتضى عقد الحوالة " . فالاتفاق على الحوالة بين المدين الأصلى والمحال عليه قد يكون اتفاقاً ملزماً للجانبين . مثل ذلك أن يبيع المدين الأصلى للمحال عليه داراً ، وفى مقابل ثمنها يتحمل المحال عليه بدين فى ذمة البائع . فى مثل هذه الحالة يكون التزام المحال عليه بتحمل الدين هو فى مقابل الدار التى اشتراها ، فإذا لم يقم البائع بتسليم الدار إلى المحال عليه أو بنقل ملكيتها إليه وفقاً للقواعد المقررة ، لم يكن له أن يطالب المحال عليه بوفاء الدين المحال به للدائن ، ما دام هو – البائع – لم يقم بما التزم به نحول المحال عليه ( [1038] ) .
ويلاحظ أن ما قدمناه لا يسرى فحسب فى علاقة المحال عليه بالمدين الأصلى ، بل هو يسرى أيضا فى علاقة المحال عليه بالدائن فيما إذا أقر الدائن الحوالة . فقد رأينا أنه يجوز للمحال عليه أن يحتج على الدائن بالدفوع المستمدة من العلاقة بينه وبين المدين الأصلى ، إذا كان الدائن عالماً بهذه العلاقة وبما يترتب عليها من الدفوع ، وفقاً للقواعد العامة فى نظرية السبب ( [1039] ) . ففى المثل $ 619 $ المتقدم إذا طالب الدائن المحال عليه بالدين المحال به بعد إقراره للحوالة ، وكان يعلم أن المحال عليه إنما التزم بالحوالة فى مقابل الدار التى اشتراها من المدين الأصلى ، جاز للمحال عليه أن يمتنع عن الوفاء ما دام المدين الأصلى لم يسلم له الدار التى باعها إياه والتى كان ثمنها هو السبب فى الحوالة .
346 – الاتفاق على الحوالة قابل للتعديل فيه وللعدول عنه باتفاق آخر : هذا وإذا كان الاتفاق على الحوالة بين المدين الأصلى والمحال عليه ملزماً للمحال عليه على النحو إلى قدمناه ، فإنه من جهة أخرى قابل للتعديل فيه أو للعدول عنه . ولكن ذلك لا يكون بإرادة المحال عليه وحدها ، لأنه قد التزم نهائيا بموجب الاتفاق فلا يستطيع أن يتنصل من التزامه . وإنما يجوز ، باتفاق جديد بينه وبين المدين الأصلى ، أن يعدل فى الاتفاق الأول أو أن يلغيه أصلا فتزول الحوالة ( [1040] ) .
وكل هذا جائز إلى أن يقر الدائن الحوالة . فإذا ما أقرها تعلق حقه بها ، ولم يعد يجوز ، حتى باتفاق كل من المدين الأصلى والمحال عليه ، تعديل الاتفاق أو العدول عنه . بل يصبح انتقال الدين المحال به من ذمة الدين الأصلى إلى ذمة المحال عليه بالنسبة إلى الدائن انتقالا نهائيا ، ويستند بأثر رجعى إلى وقت الاتفاق على الحوالة بين المدين الأصلى والمحال عليه . وللدائن مطالبة المحال عليه بالدين المحال به ، بل ليس له أن يطالب به غيره إذ قد برئت ذمة المدين الأصلى منه بموجب الحوالة ، وذلك حتى لو اتفق المدين الأصلى والمحال عليه بعد إقرار الدائن للحوالة على إلغائها ( [1041] ) .
$ 620 $ المبحث الثانى
الحوالة نافذة فى حق الدائن
347 - الحالتان اللتان التى تكون الحوالة فيهما نافذة فى حق الدائن : قدمنا أن هناك حالتين تكون الحوالة فيهما نافذة فى حق الدائن : ( أولهما ) حالة ما إذا تمت الحوالة باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه وأقرها الدائن . و ( الحالة الثانية ) حالة ما إذا تمت الحوالة رأساً باتفاق بين الدائن والمحال عليه دون تدخل من المدين الأصلى ، ففى هذه الحالة تنعقد الحوالة نافذة فوراً فى حق الدائن ، كما قدمنا ، إذ هو نفسه كان طرفاً فيها .
348 - يعتبر المحال عليه قد أدى للمدين الأصلى التزاما بقيمة الحوالة : ومنذ أصبحت الحوالة نافذة فى حق الدائن ، فإن المحال عليه يكون ملتزماً نحوه بالدين المحال به ، وتبرأ ذمة المدين الأصلى من هذا الدين . ويترتب على ذلك أن المدين الأصلى يكون قد أفاد من الحوالة بمقدار الدين المحال به ، وقد حصل على هذه الفائدة منذ برئت ذمته من الدين ، أى منذ أصبحت الحوالة نافذة فى حق الدائن فالتزم المحال عليه بالدين نحوه . فكأن المحال عليه قد أدى للمدين الأصلى التزاماً بقيمة الدين المحال به ، وأداه منذ أن أصبحت الحوالة نافذة فى حق الدائن ، أى منذ أن أصبح هو ملزماً نحو الدائن بالدين المحال به ، دون حاجة إلى أن يفى فعلا بهذا الدين ( [1042] ) .
$ 621 $ وقد يكون المحال عليه ، فى تأديته للمدين الأصلى التزاماً بقيمة الدين المحال به ، قد قصد أن يؤدى هذه القيمة على سبيل القرض ، ففى هذه الحالة يرجع على المدين الأصلى بما أقرضه إياه طبقاً لشروط القرض الذي تم بينهما . وقد يكون قاصداً أن يفى للمدين الأصلى بدين ترتب فى ذمته قبله ( [1043] ) كثمن لم يتم أداؤه ، ففى هذه الحالة تبرأ ذمة المحال عليه من الثمن بمجرد قيام الدين المحال به فى ذمته للدائن وقبل الوفاء بهذا الدين . وقد يكون قاصداً أن يتبرع للمدين الأصلى بقيمة الدين الذي تحمل عنه به ، ففى هذه الحالة تكون العلاقة بينهما علاقة تبرع تطبق فى خصوصها القواعد العامة فى التبرع . والأمر بعد متعلق بنية الطرفين ، فقد تنصرف إلى خلاف ما قدمناه ، وقد يشترط المحال عليه الرجوع على المدين الأصلى بما التزم به نحو الدائن ، ولو قبل الوفاء للدائن ، بل ولو كان فى ذمته للمدين الأصلى دين يصلح للمقاصة ( [1044] ) .
$ 622 $ فرجوع المحال عليه على المدين الأصلى ، بعد أن يلتزم بالدين المحال به نحو الدائن ، يتوقف على العلاقة التى قامت بينه وبين المدين الأصلى . وهذه العلاقة هى التى تحدد متى يكون هناك رجوع ، وكيف يكون .
349 - الحوالة المقيدة : ونفرض أن المحال عليه كان فى ذمته دين للمدين الأصلى ، وأن الحوالة حين تمت بينهما تمت على أساس أن يؤدى المحال عليه الدين المحال به من الدين الذي فى ذمته للمدين الأصلى . وهذا ما يعرف فى الفقه الإسلامي بالحوالة المقيدة ، فهي حوالة قيدت بوفاء الدين المحال به من الدين الذي فى ذمة المدين الأصلي .
وحكم الفقه الحنفي فى هذه الحوالة المقيدة أن الدين الذي فى ذمة المحال عليه للمدين الأصلي يكون مخصصاً لأداء الدين المحال به . وينقطع حق المدين الأصلي فى مطالبة المحال عليه بهذا الدين ، ويكن هذا الدين بمنزلة الرهن عند الدائن ، وإن لم يكن رهناً لسببين : ( 1 ) إذا أفلس المدين الأصلي قبل أن يؤدي المحال عليه الدين المحال به للدائن ، فليس الدائن أحق من سائر الغرماء بالدين الذي تقيدت به الحوالة . ( 2 ) ولو ترى هذا الدين عند المحال عليه ، لا يسقط الدين المحال به فى مقابلة هلاك الرهن ، خلافا لقواعد الرهن المقررة فى الفقه $ 623 $ الإسلامي ( [1045] ) . ويستخلص من ذلك أن ملكية الدين الذي تقيدت به الحوالة لم تنتقل إلى الدائن ، بل أن هذا الدين ليس رهناً عنده ( [1046] ) .
وهذه الأحكام المقررة فى الفقه الحنفى تخالف القواعد العامة عندنا ، فإن المدين الأصلي إذا قيد الحوالة بدين له فى ذمة المحال عليه ، فالمفروض أنه قد انصرفت نيته فى ذلك إلى جعل المحال عليه يفي بالدين المحال به من الدين الذي تقيدت به الحوالة فبمجرد أن تصبح الحوالة نافذة فى حق الدائن ، ويصبح المحال عليه ملتزماً نحوه بالدين المحال به ، فإن المحال عليه يكون قد أدى للمدين الأصلى التزاماً بقيمة هذا الدين ، أي يكون قد أدي إلى الدين الذي تقيدت به الحوالة . فتبرأ ذمته منه نحو المدين الأصلي ، كما تبرأ ذمة المدين الأصلي من الدين المحال به نحو الدائن . ولو أعسر المدين الأصلي قبل أداء المحال عليه الدين المحال به للدائن ، فليس لدائني المدين الأصلي أن يشاركوا الدائن فى الدين الذي تقيدت به الحوالة . ونظير ذلك مقابل الوفاء ( provision ) فى الكمبيالة ، فإن قواعد القانون التجاري تقضى بجعل مقابل الوفاء هذا بمثابة الدين الذي تقيدت به الكمبيالة والكمبيالة نفسها بمثابة حوالة . ويعتبر ساحب الكمبيالة هو المدين الأصلي ، والمسحوب عليه هو المحال عليه ، وحامل الكمبيالة هو الدائن . ونصوص التقنين التجاري صريحة فى أن مقابل الوفاء يكون ملكاً لحامل الكمبيالة ، فقد نصت المادة 114 من هذا التقنين على أن " مقابل الموجود تحت يد المسحوب عليه ، سواء وجد عنده فى وقت تحرير الكمبيالة أوفى وقت انتقال ملكيتها لشخص آخر أو بعد ذلك ، يكون ملكاً لحاملها ، ولو لم يحصل تعيينه لدفع قيمة تلك الكمبيالة أو لم يحصل القبول من المسحوب عليه " . فيكفي إذن أن يكون لساحب الكمبيالة ( المدين الأصلي ) دين فى ذمة المسحوب عليه ( المحال عليه ) ليتعلق حق حامل الكمبيالة ( الدائن ) بهذا الدين ، ويترتب على ذلك أن إفلاس الساحب قبل حلول ميعاد استحقاق الكمبيالة لا يؤثر فى حق حامل الكمبيالة ، فيكون لهذا وحده دون $ 624 $ سائر دائني الساحب الاستيلاء على مقابل الوفاء ( [1047] ) . وقد نصت المادة 115 من التقنين التجاري على هذا الحكم صراحة إذ تقول : " إذا أفلس الساحب ولو قبل حلول ميعاد دفع قيمة الكمبيالة ، يكون لحاملها دون غيره من مداينى الساحب المذكور الحق فى الاستيلاء على مقابل الوفاء المعطي للمسحوب عليه بالطرق المقررة " .
وعلى هذا الوجه حورت أحكام الفقه الحنفي في الحوالة المقيدة فى التقنين المدنى العراقي ، حتى تتفق هذه الأحكام مع القواعد العامة المقررة فى كل من التقنينين المصري والعراقي . فنص المادة 361 من التقنين المدني العراقي على ما يأتي :
" 1 - إذا كانت الحوالة مقيدة بدين للمحيل على المحال عليه أو عين مودعة أو مغصوبة ، فلا يملك المحيل بعد الحوالة مطالبة المحال عليه ، ولا المحال عليه الدفع للمحيل ، فلو دفع له ضمن للمحال له ويكن له الرجوع على المحيل " .
" 2 - ولو أعسر المحيل قبل أداء المحال عليه الدين ، فليس لسائر الغرماء أن يشاركوا المحال له " .
ويلاحظ أن الأحكام المتقدمة التي نص عليها التقنين المدنى العراقي إنما هى نتيجة مستخلصة من تطبيق القواعد العامة ، فتسرى دون نص ، فيما يتعلق $ 625 $ بالحوالة المقيدة على الوجه الذي حددناه ، في البلاد العربية الأخرى : مصر وسورية وليبيا ولبنان ( [1048] ) .
350 – حالة إبطال الحوالة : والأحكام التى قدمناها في تحديد العلاقة ما بين المدين الأصلي والمحال عليه إنما تسرى إذا بقيت الحوالة قائمة ، فإنها مبنية على التزام المحال عليه بموجب الحوالة بالدين المحال به نحو الدائن .
فإذا عرض للحوالة ما يبطلها – سواء كانت باتفاق بين المدين الأصلي والمحال عليه وأقرها الدائن أو كانت باتفاق بين الدائن والمحال عليه – فإن التزام المحال عليه بالدين المحال به نحو الدائن يزول بزوال الحوالة ، ويعود الدين إلى ذمة المدين الأصلي بجميع توابعه ، دون إخلال بحقوق الغير ( [1049] ) . ويقتضي الدائن من المحال عليه أو من المدين الأصلي تعويضاً فى مقابل ما لحقه من الضر ، إما بسب فقد تأمينات سبق ترتيبها وإما لأى سبب آخر ، ما لم يثبت المحال عليه أو المدين الأصلي أنه لا بد له فى إبطال الحوالة ( م180 من تقنين الالتزامات السويسرى ) . ومتى أبطلت الحوالة ، وعاد الدين المحال به إلى ذمة المدين الأصلي كما قدمنا ، لم يعد للمحال عليه رجوع على المدين الأصلي ، فقد كان حقه فى الرجوع قائماً على أساس التزامه بالدين المحال به نحو الدائن ، وقد زال هذا الالتزام بإبطال الحوالة ، فزال تبعاً لذلك حقه فى الرجوع ( [1050] ) .
$ 628 $
القسم الثالث
انقضاء الالتزام
( Extinction des Obligations )
$ 629 $ تمهيد
تحديد أسباب انقضاء الالتزام وتقسيم هذه الأسباب
351 – مصير الالتزام حتما إلي الانقضاء : الحق الشخصي أى الالتزام ، بخلاف الحق العينى ، مصيره حتما إلى الزوال ، فلا يجوز أن يبقى المدين ملتزماً للدائن إلى الأبد ، فإن ذلك يتعارض مع الحرية الشخصية . والأصل براءة الذمة ، أما شغلها بالالتزام فأمر عارض ، والعارض لا يدوم . وهذا لا يمنع بطبيعة الحال أن يكون المدين ملتزما مدى حياة الدائن – لا مدى حياته هو – كما فى الإيراد المرتب مدى الحياة . أما إذا التزم المدين فعلا طول حياته ، فإن القانون يعالج هذا الموقف بطريقة أو بأخرى حتى لا يجعل الالتزام أبدياً . فمثلا إذا تعهد شخص بأن يؤدى على الدوام إلى شخص آخر وإلى خلفائه من بعده دخلا دائما ( م545 مدنى ) ، فإن هذا الدخل الدائم يكون قابلا للاستبدال فى أي وقت شاء المدين ، ويقع باطلا كل اتفاق يقضى بغير ذلك ( م546 / 1 مدنى ) . وإذا جاز الاتفاق على ألا يحصل الاستبدال ما دام مستحق الدخل حياً ، أو على ألا يحصل قبل انقضاء مدة لا يجوز أن تزيد على خمس عشرة سنة ( م546 / 2 مدني ) ، فإنه لا يجوز الاتفاق على ألا يحصل الاستبدال ما دام المدين بالدخل حياً ، فإن هذا تأييد للالتزام فلا يجوز .
وإذا كان عقد الشركة غير معين المدة ، انتهت الشركة بانسحاب أحد الشركاء ، على أن يعلن الشريك إرادته فى الانسحاب إلى سائر الشركاء قبل حصوله ، وألا يكون انسحابه عن غش أو فى وقت غير لائق ( م529 / 1 مدني ) .
وعقد الإيجار يلزم كلا من المؤجر والمستأجر لمدة محدودة ، فإذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة ، أو عقد لمدة غير معينة ، اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ، وينتهى بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء فى مواعيد بينها القانون ( م563 مدني ) .
وعقد العمل يبرم لخدمة معينة أو لمدة معينة ، فإذا أبرم لمدة حياة العامل أو رب العمل أو لأكثر من خمس سنوات ، جاز للعامل بعد انقضاء خمس سنوات أن يفسخ العقد دون تعويض على أن ينظر رب العمل إلى ستة أشهر ( م678 مدني ) .
$ 630 $ وهكذا نستطيع أن نعدد الأمثلة التى تدل على أن الالتزام لا يجوز أن يكون أبدياً ، بل إن مصيره إلى الزوال .
وفى هذا يختلف الالتزام ، كما قدمنا ، عن الحق العينى . فإن أهم الحقوق العينية ، وهو حق الملكية ، حق مؤبد بطبيعته ، ولا يصح إلا أن يكون مؤبداً ، حتى إذا انتقل إلى مالك آخر فإنه يتأبد بهذا الانتقال . والحقوق العينية المتفرعة عن حق الملكية – كحق الانتفاع وحق الارتفاق - بعضها قد يكون مؤبداً ، كحق الارتفاق إذا لم تحدد له مدة فإنه يتأبد مع حق الملكية الذي يلزمه ، وحق الانتفاع مدي الحياة ، وبعضها قد يكون مؤقتاً ، كما إذا حددت معينة لحق الانتفاع أو لحق الارتفاق .
ومن ثم كانت نظرية انقضاء الحقوق العينية محدودة الأهمية ، بعكس نظرية أسباب كسب الحقوق العينية فإن لها المكان الأول من الأهمية . وعلى النقيض من ذلك الالتزام ، فإن نظرية أسباب انقضائه قد لا تقل فى الأهمية عن نظرية مصادره ، بل إن هناك تقابلا ملحوظاً بين مصادر الالتزام وأسباب انقضائه ، فالالتزام ينشأ وينقضى بالتصرف القانوني وبالواقعة المادية ، ولابد له من مصدر ينشئه كما لا بد له من سبب يقضيه .
352 - تحديد أسباب انقضاء الالتزام : ونرى من ذلك الأهمية البالغة لمعرفة متى ينقضي الالتزام ما دام أنه حتما سينقضى ، فلا بد إذن من تحديد أسباب انقضاء الالتزام .
وقد حددها التقنين المدنى الجديد فى ثمانية أسباب : ( 1 ) الوفاء ( 2 ) الوفاء بمقابل ( 3 ) التجديد والإنابة فى الوفاء ( 4 ) المقاصة ( 5 ) اتحاد الذمة ( 6 ) الإبراء ( 7 ) استحالة التنفيذ ( 8 ) التقادم .
وكثيراً ما تختلط هذه الأسباب بأسباب لا تمت لها بصلة ، كالإبطال والفسخ والرجوع ونحو ذلك من أسباب زوال العقد . فهناك فرق واضح بين زوال العقد – وهو مصدر الالتزام – وزوال الالتزام ذاته . غير أنه قد يكون هناك تفاعل ما بين الشيئين ، إذ قد يزول العقد بسبب من أسباب زواله فتنقضى بذلك تبعاً الالتزامات الناشئة من هذا العقد ، وقد تزول الالتزامات الناشئة من العقد بسبب $ 631 $ من أسباب انقضائها فينقضى العقد تبعا لذلك أو يصبح غير ذى موضوع ( [1051] ) .
على أنه من الخير أن نفضل ما بين أسباب انقضاء الالتزام وأسباب زوال العقد ، كما فصلنا ما بين الالتزام والعقد ، إذ أن الخلط بين الشيئين من شأنه أن يورث الغموض والاضطراب ( [1052] ) .
فنقتصر إذن على أسباب انقضاء الالتزام الثمانية التى حددها التقنين المدنى ، وننظر كيف يمكن تقسيم هذه الأسباب .
353 – طريقان لتقسيم أسباب انقضاء الالتزام : ويمكن تقسيم هذه الأسباب من وجه عدة . ولكننا نقف عند تقسيمين اثنين ، أحدهما تقسيم علمى ، والآخر تقسيم عملى ( [1053] ) . وبالتقسيم العملى أخذ التقنين المدنى المصري الجديد ، وسنتابعه فى الأخذ به .
354 - التقسيم العلمى – التصرف القانونى والواقعة المادية : والتقسيم العلمى لأسباب انقضاء الالتزام هو نفس التقسيم العلمى لمصادره ، كما سبق القول . فتنقسم أسباب الانقضاء ، كما تنقسم المصادر ، إلى التصرف $ 632 $ القانونى ( acte juridique ) والواقعة المادية ( fait materiel ) . وقد سبق أن ميزنا ، فى الجزء الأول من الوسيط ، بين التصرف القانونى والواقعة المادية ، فلا نعود إلى ذلك . ونقتصر هنا على بيان ما يعتبر من أسباب الانقضاء واقعة مادية ، وما يعتبر منها تصرفاً قانونياً .
فأسباب الانقضاء التى تعتبر واقعة مادية هى : ( 1 ) اتحاد الذمة ، ويتلخص فى واقعة اجتماع صفتى المدين والدائن فى شخص واحد . ( 2 ) استحالة التنفيذ ، فالسبب الأجنبى الذي يجعل الالتزام ينقضى هو واقعة مادية لا تنسب إلى خطأ المدين . فإذا استحال تنفيذ الالتزام بخطأ المدين ، فإن الخطأ ، وهو أيضاً واقعة مادية ، لا يقضى الالتزام ، بل يحوله إلى تعويض . ( 3 ) التقادم ، وهو واقعة مادية هى انقضاء زمن معين ، فينقض الالتزام بانقضائه . ( 4 ) المقاصة إذ هى تقابل دينين من نوع واحد بشروط معينة . وتقترن هذه الواقعة المادية ، فى التقنين المدنى الجديد ، على غرار التقنينين الألماني والسويسري ، بتصرف قانوني هو إعلان أحد طرفي المقاصة لإرادته فى التمسك بها ، فالمقاصة إذن واقعة مركبة ( fait complexe ) ، كالشفعة فى أسباب كسب الملكية . أما فى التقنين المدني السابق وفى التقنين المدني الفرنسي ، فالمقاصة واقعة مادية محضة تقع بمجرد تقابل الدينين دون حاجة إلى التمسك بها .
وأسباب الانقضاء التى تعتبر تصرفاً قانونياً هى : ( 1 ) الوفاء ، وهو واقعة مختلطة ( fait mixte ) ، إذ هو مزيج من تصرف قانوني وعمل مادي ، ولكن التصرف القانوني هو الغالب . ( 2 ) الوفاء بمقابل ، وهو مثل الوفاء . ( 3 ) التجديد ، إذ هو اتفاق بين أطراف متعددين كما سنرى . ( 4 ) الإبراء ، إذ هو إرادة منفردة ، وقد كان اتفاقاً فى التقنين المدنى السابق .
355 – أهمية هذا التقسيم العلمى محدودة : وهذا التقسيم يعين على تفهم حقيقة علمية هى أن جميع مصادر الحقوق وأسباب انقضائها تنحصر فى التصرف القانوني والواقعة المادية . ولكن نظرية التصرف القانوني والواقعة المادية لم تعد بعد مراحلها الأولى فى الفقه ، ولم يحن الوقت لاتخاذ هذا التقسيم أساساً لبحث الموضوع ، كما بينا ذلك فى الجزء الثانى من الوسيط .
$ 633 $ والجميع بين أسباب الانقضاء التى هى تصرف قانوني فى جهة ، وبين أسباب الانقضاء التي هي واقعة مادية فى جهة أخرى ، أهميته محدودة . ويمكن القول بوجه عام أن الأسباب التي هى تصرفات قانونية تشترك جميعاً فى أنها تعبير عن الإرادة ، وأن يكون له محل وسبب . ولا كذلك الأسباب التي هى وقائع مادية فهذه لا تخضع لنظرية التصرف القانوني ، وهي مجرد وقائع مادية لا تقتضي أهلية ، ولا تدخلها عيوب الإرادة ، ولا أهمية فيها للمحل ، ولا يقوم بها سبب .
وسنعرض لذلك عند الكلام فى كل سبب من أسباب الانقضاء ، ولكننا لا نتخذ هذا التقسيم العلمي أساساً لبحث الموضوع لما قدمناه ، ونؤثر أن نتبع التقسيم العملى الذي سار عليه التقنين المدني الجديد ، وننتقل الآن إليه .
356 - التقسيم العملى – انقضاء الالتزام بتنفيذه عينا أو بتنفيذه بمقابل أو دون تنفيذ : ويقسم التنفيذ المدني الجديد – ومثله تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( 1 ) – أسباب انقضاء الالتزام أقساماً ثلاثة :
( القسم الأول ) ( [1054] ) ويتضمن انقضاء الالتزام بتنفيذه عيناً ، أى بقضاء نفس محل الالتزام ، وهذا القسم لا يشمل إلا الوفاء ( paiement ) . وهو الطريق المألوف لقضاء الدين ، وما عداه ليس أصلا مثله بل بديلا عنه .
( القسم الثانى ) ويتضمن انقضاء الالتزام بتنفيذه ، لا بالوفاء عيناً ، بل بما $ 634 $ يعادل الوفاء . ويشمل : ( 1 ) الوفاء بمقابل ( dation en paiement ) . ( 2 ) والتجديد ( Novation ) ، فهو يقضي التزاماً قديماً بالتزام جديد . ( 3 ) والمقاصة ( compensation ) ، فهو يقضي التزاماً بالتزام يقابله . ( 4 ) واتحاد الذمة ( cofusion ) ، فهو يقضي الدين عن طريق أن يصبح المدين نفسه دائنا بهذا الدين .
( القسم الثالث ) ويتضمن انقضاء الالتزام دون أن ينفذ لا عيناً ولا بمقابل . ويشمل : ( 1 ) الإبراء ( remise de dette ) ، إذ ينزل الدائن عن حقه دون مقابل . ( 2 ) استحالة التنفيذ بسبب أجنبي ( impossibilite dexecution, due a une casue etrangere ) إذ يقضي السبب الأجنبى الالتزام دون تعويض أو أي مقابل آخر . ( 3 ) التقادم المسقط ( prescription extinctive ) ، إذ ينقضي الالتزام بمضي مدة معينة دون أن ينفذ لاعيناً وبالا بمقابل ( [1055] ) .
ونتناول فى أبواب ثلاثة متعاقبة هذه الأقسام الثلاثة لأسباب الانقضاء .
$ 635 $
الباب الأول
انقضاء الالتزام بتنفيذه عينا
الوفاء ( [1056] )
( LE PAIEMENT )
ــ
مقدمة
التكييف القانوني للوفاء
وما يترتب على هذا التكييف
357 - التكييف القانونى للوفاء : الوفاء واقعة مختلطة ( fait mixte ) كما قدمنا ، فهو يجمع بين التنفيذ المادى للالتزام ، كتسليم مبلغ من النقود $ 636 $ أو إقامة بناء أو الامتناع عن المنافسة ، وبين الاتفاق على قضاء الدين والاتفاق تصرف قانونى ( [1057] ) .
ولكن الوفاء إذا كان واقعة مختلطة ، فإنه يغلب فيه عنصر التصرف القانوني ، ولذلك يلحق عادة بالتصرفات القانونية . وقد يكون من الممكن أن نكيفه بأنه تصرف قانوني عينى ( acte juridique reel ) ، إذ هو تصرف لا يتم إلا بعمل مادي هو التنفيذ ( [1058] ) .
358 - ما يترتب على هذا التكييف : ويخلص مما تقدم أن الوفاء هو اتفاق على قضاء الدين . ومن ثم يكون هناك أمران : ( أولا ) أن الوفاء اتفاق . و ( ثانياً ) أنه اتفاق على قضاء الدين .
$ 637 $ ونتناول بالبحث كلا من هذين الأمرين .
1- الوفاء اتفاق
359 - ما يترتب على أن الوفاء اتفاق : ما دام الوفاء اتفاقا ( convention ) بين الموفي والموفي له ، فهو إذن تصرف قانوني ( acte juridique ) يجرى عليه ، من الأحكام ما يجري علي سائر التصرفات القانونية ( [1059] ) .
فلا بد فيه من التراضي ، أي تراضي الموفي والموفي له على وفاء الالتزام . والتراضي يكون بالتعبير عن الإرادة على النحو المقرر قانوناً . ويغلب أن يكون التنفيذ المادي للالتزام هو نفسه تعبير عن هذه الإرادة ، فتسليم الموفي الشىء الذي التزم به هو إيجاب ، وتسلم الموفي له هذا الشىء على أنه وفاء للدين هو القبول .
ويشترط فى هذا التراضي أن يكون صادراً من ذي أهلية ، وسنتكلم في أهلية الموفي وأهلية الموفي له فيما يلى . ويشترط أيضاً أن يكون خالياً من عيوب الإرادة من غلط وتدليس وإكراه ( [1060] ) واستغلال ، فإذا داخل الوفاء شىء من ذلك كان قابلا للإبطال . ومن ثم فإن الموفي إذا وقع فى غلط واعتقد بحسن نية أنه يوفي دينا عليه ولا دين ، فإنه يستطيع استرداد ما وفى به عن طريق إبطال هذا التصرف القانوني المشوب بالغلط وهو الوفاء . وهذا هو المبدأ المعروف باسترداد غير المستحق ، يقوم على هذا الأساس القانوني . وكذلك الأمر لو أكره الموفي على وفاء دين انقضي ، ثم وجد في أوراقه المخالصة التى تثبت أنه هو أو مورثه كان قد وفى بالدين ، فإنه يستطيع هنا أيضاً استرداد غير المستحق عن طريق إبطال الوفاء المشوب بالإكراه ( [1061] ) .
$ 638 $ كذلك يجب أن يكون للوفاء – شأنه في ذلك شأن كل تصرف قانوني – محل وسبب .
فمحل الوفاء هو نفس محل الدين الذي يوفي به ، وسيأتي الكلام فيه تفصيلا . وسبب الوفاء هو قضاء الدين ، وهذا هو الباعث الرئيسي لهذا التصرف القانوني ( [1062] ) . فإذا كان الدين غير مشروع ووفاه المدين بالرغم من عدم مشروعيته ، فإن سبب الوفاء يكون هنا غير مشروع ، ومن ثم يقع باطلا ، ويجوز للموفي أن يسترد ما دفعه ، ولا يعترض ذلك القاعدة القديمة التي كانت تقضي بأن المحل غير المشروع إذا وفي به لا يسترد ( [1063] ) .
ثم إن الوفاء ، باعتباره تصرفا قانونيا ، يخضع للقواعد العامة فى إثبات التصرفات القانونية . ولما كان هذا الحكم فى حاجة إلى شىء من التفصيل ، فنتناوله الآن بالبحث .
360 - إثبات الوفاء – النصوص القانونية : قدمنا عند الكلام فى الإثبات ( [1064] ) أن إثبات الوفاء بالالتزام يقع عبؤه علي المدين ( [1065] ) ، ويثبت بالطرق التي يثبت بها قيام الالتزام ، فلا بد من الكتابة أو ما يقوم مقامها فيما زادت قيمته على عشرة جنيهات ، وإلا جازت البنية والقرائن .
غير أن التقنين الجديد أورد نصاً خاصاً في إثبات الوفاء ، هو المادة 349 ، وتجري على الوجه الآتى :
" 1 - لمن قام بوفاء جزء من الدين أن يطلب مخالصة بما وفاه مع التأشير على سند الدين بحصول هذا الوفاء . فإذا وفى الدين كله ، كان له أن يطلب $ 639 $ رد سند الدين أو إلغاءه ، فإن كان السند قد ضاع كان له أن يطلب الدائن أن يقر كتابة بضياع السند " .
" 2 - فإذا رفض الدائن القيام بما فرضته عليه الفقرة السابقة ، جاز للمدين أن يودع الشىء المستحق إبداعاً قضائياً ( [1066] ) " .
$ 640 $ ولا نعيد هنا ما قدمناه فى إثبات الوفاء بالالتزام ( [1067] ) من جواز إثبات الوفاء بمخالصة مكتوبة ، ومن أن المخالصة يجوز أن تسرى في حق الغير ولو لم تكن ثابتة التاريخ ( م395 / 2 مدني ) . كذلك نشير هنا إلى ماقدمناه فى قسم الإثبات من أن الدفاتر والأوراق المنزلية تكون حجة على من صدرت منه إذا ذكر فيها صراحة أنه استوفى ديناً ( م398 بند أ مدني ) ، وإلى أن التأشير على سند بما يستفاد منه براءة ذمة المدين حجة على الدائن إلى أن يثبت العكس ولو لم يكن التأشير موقعاً منه ما دام السند لم يخرج قط من حيازته ، وكذلك يكون الحكم إذا أثبت الدائن بخطه دون توقيع ما يستفاد منه براءة المدين فى نسخة أصلية أخرى للسند أو فى مخالصة وكانت النسخة أو المخالصة فى يد المدين ( م399 مدنى ) .
على أن نص المادة 349 المتقدم الذكر يضيف شيئاً جديداً إلى ما سبق أن ذكرناه . فالأصل أن المدين إذا وفى بالدين أو بجزء منه ، فمن حقه أن يحصل من دائنه على دليل لإثبات هذا الوفاء . فإن كان القانون يتطلب سندا مكتوباً ، فمن حقه أن يحصل من دائنه على مخالصة مكتوبة ، وهذا هو الدليل المألوف لإثبات الوفاء الكلى أو الجزئى . إلا أن المادة 349 مدني أضافت إلى ذلك أن من حق المدين أيضاً ، بالإضافة إلى هذه المخالصة ، أن يطلب من الدائن رد السند الأصلى للدين أو إعدام هذا السند أو إلغاءه إذا كان الوفاء كلياً ، فإن كان الوفاء جزئياً كان للمدين أن يطلب التأشير على السند بما وفاه . والغرض من ذلك إمعان فى الاحتياط للتزود بمختلف الأدلة على الوفاء ، فإن المخالصة قد تضيع فلا يبقى عند المدين دليل لإثبات الوفاء . أما إذا رد السند الأصلى للمدين أو ألغى فى حالة الوفاء الكلى ، أو أشر عليه بالوفاء الجزئى ، فقد امتنع على الدائن أن يطالب بالدين أو بما وفى منه مرة أخرى ، حتى لو ضاعت المخالصة من المدين . ونفقة كل ذلك على المدين ، فإن نفقات الوفاء عليه ( م348 مدني ) ، وقد كان المشروع التمهيدى يشتمل على نص فى هذا المعنى فحذفته لجنة المراجعة لعدم الحاجة إليه ( [1068] ) .
$ 641 $ وإذا كان السند الأصلي الدين قد ضاع من الدائن ، أو أدعى الدائن ضياعه ، فعلى الدائن فى هذه الحالة أن يقر كتابة بضياع السند . وليس من الضروري أن يكون هذا الإقرار مصدقاً على الإمضاء فيه ، ولكن التصديق يجعل المدين فى مأمن من إنكار الدائن لتوقيعه إلا عن طريق الطعن بالتزوير ( [1069] ) .
وقد أوجب القانون على الدائن أن يعطى لمدينة المخالصة ، وإن يرد له في الوقت ذاته السند أو يعدمه أو يلغيه أو يؤشر عليه بالوفاء الجزئى أو يكتب له إقرار بضياعه ، إلى حد أنه لو امتنع من ذلك ، جاز للمدين أن يلجأ فى وفاء دينه إلي طريق العرض الحقيقي بما يتضمنه هذا العرض من مصروفات تكون على حساب الدائن لامتناعه بغير حق من تمكين المدين من طرق إثبات الوفاء التي قررها القانون .
ويلاحظ أن الجميع بين المخالصة وتسليم السند أو إعدامه أو إلغائه أو التأشير عليه بالوفاء الجزئي أو الإقرار المكتوب بضياعه ليس ضرورياً ، وإنما هو كما قلنا إمعان فى الاحتياط . فيجوز للمدين أن يكتفى بالمخالصة ، وتكون دليلا كاملا على الوفاء الكلي أو الجزئي . كما يجوز له أن يكتفى باسترداد السند أو إعدامه أو إلغائه ، ولكن هذا كما يكون قرينة على الوفاء قد يكون أيضا قرينة على الإبراء ( [1070] ) . أما التأشير بالوفاء الجزائى فهو دليل كامل على هذا الوفاء ، ولا يخشى عليه من الضياع ، فإنه لا يضيع إلا إذا ضاع سند الدين نفسه ( [1071] ) .
$ 642 $
الوفاء اتفاق على قضاء الدين
361 - الوفاء اتفاق له مقومات خاصة : على أن الوفاء ، إذا كان اتفاقاً ، فهو اتفاق له مقوماته الخاصة . فهو اتفاق على قضاء دين قائم ، له أطراف معينة ومحل معلوم . فهو ليس كالاتفاق الذي ينشئ الالتزام ، وإن كان يقابله . ذلك أن الاتفاق الذي ينشئ الالتزام ابتداء أساسه الحرية الكاملة للمتعاقدين . لهما أن يتفقا وألا يتفقا ، فإبرام العقد الذي ينشئ الالتزام ليس مفروضاً عليهما . وإذا اختارا الاتفاق ، فلهما الحرية الكاملة فى أن يعينا محل الالتزام الذي يكون موضوع اتفاقهما ، يستطيعان أن يعينا هذا المحل أو ذاك ، ويستطيعان بعد ذلك أن يعدلا فيه فيزيداه أو ينقصاه أو يستبدلا به محلا آخر .
أما الوفاء فهو اتفاق على قضاء دين قائم كما قدمنا . فهو حتم مفروض على كل من المدين والدائن ، ومحله هو نفس محل الدين الذي يوفي به لا يزيد ولا ينقص ولا يتحور ( [1072] ) .
فهناك إذن مسألتان : ( 1 ) الوفاء اتفاق مفروض على كل من المدين والدائن .
( 2 ) وهو اتفاق محله مفروض أيضاً على الطرفين ، إذ هو نفس محل الدين القائم .
$ 643 $
362 - الوفاء اتفاق مفروض على كل من المدين والدائن : لما كان الوفاء هو اتفاق على قضاء دين واجب ، فليس ثمة محيص لكل من المدين والدائن من إبرام هذا الاتفاق ، والوجوب هنا مستمد من وجوب قضاء الدين .
فالوفاء اتفاق مفروض أولا على المدين . ذلك أنه يجب عليه وفاء الدين ، فالاتفاق مع الدائن على هذا الوفاء يكون واجباً عليه . وإذا لم يقم بهذا الواجب ، كان الجزاء هو إجباره على وفاء التزامه عن طريق التنفيذ القهرى ، وإجراءات التنفيذ إجراءات مادية فى مجموعها .
ثم إن الوفاء اتفاق مفروض بعد ذلك على الدائن نفسه ، فلا يملك الدائن أن يمتنع عن قبول الوفاء . ولو عرض المدين الدين على الوجه الواجب قانوناً ، وامتنع الدائن عن قبوله ، فإنه يجبر على القبول من طريق إجراءات العرض الحقيقي التى سيأتي تفصيلها . وحينئذ يصبح الوفاء الذي يشتمل عليه العرض الحقيقي تصرفاً قانونياً بإرادة منفردة ( acte juridique unilaterial ) هى إرادة المدين ، وليس اتفاقاً ( convention ) بين المدين والدائن . ومن ذلك نرى أن الوفاء يكون فى الأصل اتفاقاً ما بين المدين والدائن ، إلا إذا رفض الدائن دون حق قبول الوفاء وعرض المدين الدين عرضاً حقيقياً ، فعندئذ يصبح الوفاء تصرفاً قانونيا بإرادة منفردة هى إرادة المدين وحده ( [1073] ) .
363 - الوفاء اتفاق محله هو نفس محل الدين الواجب الوفاء : ولا يملك الطرفان ، كما قدمنا ، أن يغيرا من محل الوفاء ، فهذا المحل يجب أن يكون هو نفسه محل الدين الواجب الوفاء . فإن كان المحل نقداً ، وجب أن يكون الوفاء بهذا النقد . وإن كان عيناً أو عملا أو امتناعاً عن عمل ، وجب أن يكون الوفاء بهذا نفسه دون أى تحوير . ولا يستطيع المدين أن يجبر الدائن على أن يقبل الوفاء بغير محل الدين ولو كان ما يفي به أكثر مما التزم ، وكذلك لا يستطيع الدائن أن يجبر المدين على أن يفي له بغير محل الدين ولو كان هذا أقل من قيمة $ 644 $ الدين . فلا خيار إذن لا للمدين ولا للدائن في تعيين محل الوفاء ، بل يجب أن يكون هو عين محل الدين الواجب الأداء . أما إذا وفى المدين بغير محل الدين ، فليس هذا وفاء بل هو وفاء بمقابل ، وهو يقتضي اتفاق المدين والدائن ، ولا يتم بإرادة أحدهما دون الآخر كما سنرى .
ويتبين من ذلك أن المقومات الخاصة للوفاء هي أنه مفروض على طرفيه ومفروض في محله . فنتكلم في الوفاء : ( 1 ) على طرفيه ( 2 ) ثم علي محل الوفاء ، متابعين في ذلك الترتيب الذي سار عليه التقنين المدني الجديد ( [1074] ) .
$ 645 $
الفصل الأول
طرفا الوفاء
364 - الموفي والموفى له : طرفا الوفاء هم الموفى ويغلب أن يكون هو المدين نفسه وقد يكون غير المدين ، والموفى له ويغلب أن يكون الدائن وقد يكون غير الدائن .
الفرع الأول
الموفى ( solvens )
365 - يشترط لصحة الوفاء من الموفى الملكية وأهلية التصرف – النصوص القانونية : تنص المادة 325 من التقنين المدني على ما يأتى :
1 - يشترط لصحة الوفاء أن يكون الموفى مالكاً للشىء الذي وفى به ، وأن يكون ذا أهلية للتصرف فيه " .
" 2 - ومع ذلك فالوفاء بالشىء المستحق ممن ليس أهلا للتصرف فيه ينقضى به الالتزام إذا لم يلحق الوفاء ضرراً بالموفى " ( [1075] ) .
$ 646 $
ويقابل هذا النص فى التقنين المدني السابق المادتين 165 / 228 و166 / 229 ( [1076] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدني السوري المادة 324 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 312 – وفي التقنين المدني العراقي المواد من 376 إلى 378 – ولا مقابل لها فى تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [1077] ) .
$ 647 $ ويستخلص من هذا النص أنه يشترط لصحة الوفاء ، سواء كان الموفى هو المدين نفسه أو كان غير المدين ، أمران : ( 1 ) ملكية الموفى للشىء الذي وفى به ( 2 ) وأهليته للتصرف في هذا الشىء .
وغنى عن البيان أن هذين الشرطين يفترضان أن محل الالتزام شىء لم تنتقل ملكيته إلى الدائن بمجرد نشوء الالتزام أو عين معينة تراخى نقل الملكية فيها . أما إذا كان محل الالتزام نقوداً أو عملاً أو امتناعاً عن عمل ، فإن النص لا ينطبق ( [1078] ) .
366 - ملكية الموفى للشىء الذي وفى به : لا بد أن يكون الموفى مالكا للشىء الذي يوفى به الدين ، لأن المقصود بالوفاء هو نقل ملكية هذا الشىء للدائن ، ولا يستطيع الموفى أن ينقل للدائن ملكية شىء لا يملكه ، فتتخلف الغاية من الوفاء ، ويكون الوفاء قابلا للإبطال على غرار بيع ملك الغير ( [1079] ) .
ويبقى الوفاء قابلا للإبطال حتى لو انتقلت ملكية الشىء إلى الدائن بسبب عارض غير الوفاء ، كما لو كان الشىء منقولا وكان الدائن حين تسلمه من المدين حسن النية فملكه بسبب الحيازة ، أو كان عقاراً وملكه بالتقادم القصير مع حسن النية ( [1080] ) ، ففى مثل هذه الأحوال لا يكون الدائن مجبرا على التمسك بالحيازة أوب التقادم إذا كان ضميره يأبى عليه أن يتمسك بذلك ، وله أن يرد الشىء على صاحبه ، وأن يطالب المدين بالوفاء مرة ثانية إذ وقع الوفاء الأول باطلا كما قدمنا ( [1081] ) .
والذى يتمسك ببطلان الوفاء فى الأصل هو الدائن الذي تقرر البطلان $ 648 $ لمصلحته . ولما كان هذا الوفاء لا يسرى فى حق المالك الحقيقى للشىء الموفى به ، فإن لهذا أن يسترده من الدائن بدعوى استحقاق لأن الوفاء لم ينقل ملكية الشىء إلى الدائن كما قدمنا ، فبقى الشىء على ملك صاحبه فله إذن أن يسترده ، وذلك ما لم يكن الدائن قد ملك الشىء بالحيازة أو بالتقادم كما سبق القول . وكما يستطيع المالك أن يسترد الشىء يستطيع على العكس من ذلك أن يجيز الوفاء فيزول بطلانه ، قياساً على صحة بيع ملك الغير باجازة المالك الحقيقي ، فتنتقل ملكية الشىء إلى الدائن بهذه الأجازة ، وينقلب الوفاء صحيحاً وينقضي به الدين ( [1082] ) .
وإذا أجاز الدائن الوفاء زال بطلانه أيا ، ولكن ما دام المالك لم يجزه يبقى الوفاء غير سار فى حقه ولا تنتقل ملكية الشىء إليه ، فيبقى الدين دون وفاء . بل إن للمدين ، سواء أجاز الدائن الوفاء أو لم يجزه ، أن يطلب استرداد الشىء ليرده على صاحبه ، ولكن بشرط أن يوفى الدائن شيئاً معادلا له تماما قبل أن يسترده ( [1083] ) .
$ 649 $ ونفرض فى هذا كله أن الشىء الموفى به لا يزال باقياً يد الدائن . أما إذا كان الدائن قد استهلكه ، هو وقت تسلمه له ووقت استهلاكه إياه كان حسن النية ، أو اختلط بملكه اختلاطاً لا يمكن معه تمييزه وكان حسن النية على الوجه المتقدم ( [1084] ) ، فإنه يصبح بحكم الواقع مستوفيا لدينه ، وليس له أن يطالب بالوفاء به مرة أخرى . أما المالك الحقيقى فلا يستطيع الرجوع عليه بدعوى الاستحقاق لأن الشىء لم يعد موجوداً ، ولا بدعوى تعويض لأنه حسن النية ولم يصدر منه أى خطأ . وإنما يرجع المالك على المدين ، إما بدعوى تعويض إذا كان المدين سيئ النية ، أو بدعوى الإثراء بلا سبب إذا كان حسن النية .
لكن إذا هلك الشىء فى يد الدائن بسبب أجنبى ، فإن هلاكه فى هذه الحالة لا يمنع الدائن من طلب إبطال الوفاء . فيطالب المدين بالوفاء مرة أخرى ، ولا يكون مسئولا عن رد الشىء الذي تسلمه لأنه هلك بسبب أجنبى ( [1085] ) .
ولا يرجع المالك على المدين فى هذه الحالة إلا إذا كان المدين سيئ النية .
وغنى عن البيان أن الدائن لو علم منذ البداية ، وقبل أن يتسلم الشىء الموفى به ، أن هذا الشىء ليس بملك الموفى ، فإن له أن يمتنع عن أخذه ، ولا يستطيع الموفى أن يجبره على تسلمه ( [1086] ) .
$ 650 $
367 - أهلية الموفى للتصرف فى الشىء الموفى به : ويجب لصحة الوفاء كذلك أن يكون الموفى أهلا للتصرف فى الشىء الموفى به . فلا يكفى إذن أن يكون مالكاً للشىء ، بل يجب أن يكون مالكا وأهلا للتصرف . وأهلية التصرف تقتضى بلوغ سن الرشد وألا يكون الموفى محجوراً عليه .
فإذا كان الموفى مالكا للشىء الموفى به ولكنه غير أهل للتصرف فيه ، بأن كان مثلا قاصراً أو محجوراً عليه ، فإن الوفاء يكون هنا أيضاً قابلا للإبطال ، ولكن لسبب نقص الأهلية لا لسبب أنعدم الملكية . وتختلف القابلية للإبطال هنا عن القابلية للإبطال هناك فيما يأتى :
( 1 ) القابلية للإبطال هنا مقررة لمصلحة ناقص الأهلية ، فلا يتمسك به إلا الموفى ، ولا يجوز أن يتمسك بها الدائن ما دام كامل الأهلية وقد استوفى حقه استيفاء صحيحاً . وقد رأينا فى حالة انعدام الملكية أن الدائن هو الذي يتمسك فى الأصل بإبطال الوفاء إذ هو مقرر لمصلحته ، أما الموفى فيسترد الشىء بدعوى خاصة لا بدعوى الإبطال لاعتبارات تتعلق بالعدالة .
( 2 ) وإذا هلك الشىء بسبب أجنبى فى يد الدائن ، كان الهلاك عليه ، إذ ليس له حق التمسك بإبطال الوفاء كما قدمنا ، وليس من المعقول فى هذه الحالة أن المدين يتمسك بإبطال الوفاء وإلا لما استرد لاشىء بعد أن هلك بسبب أجنبى ولو جب عليه الوفاء بالدين مرة أخرى . وقد رأينا فى حالة إنعدام الملكية أن الشىء إذا هلك بسبب أجنبى لم يهلك على الدائن ، بل له أن يتمسك بإبطال الوفاء وأن يطالب المدين بالوفاء مرة أخرى .
( 3 ) ويمكن القول بوجه عام إن المدين إذا لم تتحقق له مصلحة فى إبطال الوفاء ، بأن كان الوفاء لم يلحق به أى ضرر ، فإن له أن يبقى الوفاء قائماً فينقضى به الدين : لا يطلب إبطاله إذ لا مصلحة له فى ذلك ، ولا يستطيع الدائن إبطاله إذ لاحق له فى التمسك بالإبطال . وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة 325 مدنى إذ تقول : " ومع ذلك فالوفاء بالشىء المستحق ممن ليس أهلا للتصرف فيه ينقضى به الالتزام إذا لم يلحق الوفاء ضرراً بالموفى " .
$ 651 $ على أنه قد يحدث أن تكون للمدين مصلحة فى التمسك بإبطال الوفاء ، فعند ذلك يكون من حقه أن يبطله ، وأن يسترد الشىء الموفى به على أن يفي الدين بعد ذلك وفاء صحيحاً . ويتحقق ذلك بنوع خاص إذا كان المدين قد أدى للدائن صنفاً أعلى من الصنف الواجب أداؤه ، فيسترده ثم يفي بالصنف الأقل ، أو كان فى التزام تخييرى اختار أعلى الشيئين قيمة فوفى به فيسترده ثم يفى بالشىء الأقل قيمة ( [1087] ) .
يبقى فرض ما إذا كان الدائن الذي تسلم الشىء من الموفى ناقص الأهلية قد استهلكه أو تصرف فيه ولو بحسن نية ، أيجوز فى هذا الفرض أن يتمسك الموفى ناقص الأهلية بإبطال الوفاء لتحقق مصلحة له فى هذا الأبطال على النحو الذي قدمناه ، أم أن حقه فى الإبطال يكون قد زال باستهلاك الدائن للشىء أو بالتصرف فيه بحسن نية ، كما هو الحكم فى حال انعدام الملكية؟ إن الفقرة الثانية من المادة 1238 من التقنين المدنى الفرنسى صرحية فى زوال حق الموفى ناقص الأهلية فى التمسك بإبطال الوفاء فى هذه الحالة ( [1088] ) . أما فى التقنين المدنى المصرى ، فإن الفقرة الثانية من المادة 325 تقتصر ، كما رأينا ، على القول بأن الوفاء الشىء المستحق ممن ليس أهلا للتصرف فيه ينقضى به الالتزام إذا لم يلحق الوفاء ضرراً بالموفى ، فاشترط النص لمنع الموفى ناقص الأهلية من التمسك $ 652 $ بالإبطال ألا يلحقه من الوفاء ضرر . وفى الفرض الذي نحن بصدده لا يتحقق هذا الشرط إذا كان الشىء الموفى به أعلى قيمة من الدين على الوجه الذي أشرنا إليه ، إذ يصيب الموفى ضرر من الوفاء . فله إذن أن يتمسك بالإبطال ، خلافا للحكم الوارد فى التقنين المدني الفرنسي ، وهو حكم منتقد من الفقه الفرنسى ( [1089] ) . ومن ثم ففى التقنين المدني المصري يجوز للموفى ناقص الأهلية أن يتمسك بإبطال الوفاء ، حتى لو كان الدائن قد استهلك الشىء الموفى به أو تصرف فيه بحسن نية ، وله أن يطالبه بالتعويض ، ثم يفى له بعد ذلك بالدين ، فيفيد من الفرق ما بين القيمتين .
368 - الموفى قد يكون المدين وقد يكون غير المدين : وقد قدمنا أن الأصل فى الموفى أن يكون هو المدين نفسه ، ولكن يصح أن يكون غير المدين . فإذا كان الموفى غير المدين ، كان له الرجوع على المدين بما وفاه .
فنتكلم إذن فى المسألتين : ( أولا ) من يقوم بالوفاء ( ثانياً ) رجوع الموفى الذي ليس بمدين على المدين .
المبحث الأول
من يقوم بالوفاء
369 - النصوص القانوني : تنص المادة 323 من التقنين المدني على ما يأتى :
" 1 - يصح الوفاء من المدين أو من نائبه أو من أى شخص آخر له مصلحة $ 653 $ فى هذا الوفاء ، وذلك مع مراعاة ما جاء بالمادة 208 " .
" 2 - ويصح الوفاء أيضا مع التحفظ السابق ممن ليست له مصلحة فى هذا الوفاء ، ولو كان ذلك دون علم المدين أو رغم إرادته ، على أنه يجوز للدائن أن يرفض الوفاء من الغير إذا اعترض المدين على ذلك وأبلغ الدائن هذا الاعتراض " ( [1090] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدني السابق المادتين 159 / 222 و160 / 223 ( [1091] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدني السورى المادة 322 - وفى التقنين المدني الليبى المادة 301 – وفى التقنين المدني العراقي المادة 375 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 293 ( [1092] ) .
$ 654 $
ويتضح من النص المتقدم أن الذي يقوم بالوفاء إما أن يكون : ( 1 ) المدين أو نائبه . ( 2 ) أو شخصاً له مصلحة فى وفاء الدين . ( 3 ) أو أجنبيا لا مصلحة له فى الوفاء .
370 - الموفى هو المدين أو نائبه : الأصل فى الموفى هو أن يكون المدين ذاته كما تقدم القول ، لأنه هو الذي يجبر على الوفاء ، وله المصلحة الأولى فيه . وما لم يوجد شخص آخر يفي بالدين ، فعبء الوفاء يقع على المدين . فالمدين إذن له حق الوفاء بالدين ، وعليه فى الوقت ذاته واجب هذا الوفاء . بل إنه فى بعض الحالات يتعين على المدين بالذات أن يقوم هو نفسه بالوفاء ، ولا يجوز لأحد غيره ذلك ، فقد صصت المادة 208 مدني على أنه : " فى الالتزام بعمل ، إذا نص الافتقا أو استوجبت طبيعة الدين أن ينفذ المدين الالتزام بنفسه ، جاز للدائن أن يرفض الوفاء من غير المدين " ( [1093] ) .
وفي غير هذه الحالات يجوز أن يقوم بالوفاء نائب المدين ، والوفاء كما رأينا تصرف قانوني يجوز أن يتم بطريق النيابة ككل تصرف قانوني آخر . ونائب المدين هو وكيله فى وفاء الدين ، وكالة عامة إذا كان الوفاء من أعمال الإدارة ( [1094] ) ، ووكالة خاصة إذا كان من أعمال التصرف . وإذا كان المدين ناقص الأهلية أو محجوراً ، فإنه لا يحق له كقاعدة عامة أن يقوم هو نفسه بالوفاء إذ تنقصه أهلية الأداء ، والذي يقوم بالوفاء فى هذه الحالة هو ولى المدين أو وصيه أو القيم عليه . وإذا كان المدين مفقوداً ، كان لوكيله المعين قانوناً أن يقوم عنه بالوفاء . كذلك يجوز للحارس على أموال المدين ، أو للسنديك فى حالة $ 655 $ إفلاس المدين ، أن يقوم بالوفاء ، فكلاهما فى ذلك يعتبر نائبا عن المدين .
وقد يوكل المدين مصلحة البريد فى وفاء الدين ، فيتم الوفاء عن طريق حوالة البريد . ويكون المدين مسئولا عن كل خطأ يقع من مصلحة البريد ، مسئولية الموكل عن وكيلة ( [1095] ) . كذلك قد يوكل المدين مصرفاً فى وفاء الدين ، عن طريق الدفع للحساب الجارى للدائن فى هذا المصرف . فإذا أخطأ المصرف وأضاف ما دفعه المدين إلى حساب شخص آخر ، كان المدين مسئولا عن خطأ المصرف ( [1096] ) .
371 - الموفى هو شخص له مصلحة فى الوفاء : وإذا لم يكن الوفاء متعيناً على المدين بالذات ، جاز أن يقوم بالوفاء لا المدين ولا نائبه ، بل شخص آخر له مصلحة فى هذا الوفاء ، ويقوم حقه فى الوفاء على هذه المصلحة .
وممن له مصلحة فى وفاء الدين المدين المتضامن ، والمدين من غيره فى دين غير قابل للانقسام ، والكفيل الشخصى سواء كان متضامناً مع المدين أو مع الكفلاء الآخرين أو غير متضامن مع أحد ، والكفيل العينى ، والحائز للعقار المرهون . كل هؤلاء لهم مصلحة فى وفاء الدين ، لأنهم إما ملزمون بالدين مع المدين أو ملزمون بوفائه عنه . ومن ثم يكون لهم حق الوفاء ، ويقع عليهم فى الوقت ذاته واجب الوفاء ، مثلهم فى ذلك مثل المدين نفسه . وسنرى أنهم ، عندما يقومون بوفاء الدين ، يحلون حلولا قانونياً محل الدائن فى الرجوع على المدين ( [1097] ) .
ولما كان هؤلاء الذين لهم مصلحة فى الوفاء يقع عليهم واجب الوفاء كما قدمنا ، فإنه لا يجوز للدائن أن يمتنع عن قبول الوفاء بناء على اعتراض من المدين $ 656 $ يبلغه إياه ، بل وحتى بناء على اتفاق بينه وبين المدين . ذلك أن اتفاق المدين والدائن على قبول الوفاء إنما يصح وينتج أثره ، كما سنرى ، إذا كان الموفى شخصاً أجنبياً ليست له مصلحة فى الوفاء ، فإن الاجنبى لا يقع عليه واجب الوفاء كالشخص ذى المصلحة فيه ، ومن ثم جاز منعه من الوفاء باتفاق بين الدائن والمدين .
372 - الموفى هو أجنبى لا مصلحة له فى الوفاء : وقد يكون الموفى أجنبياً أصلا عن المدين ، ليس هو المدين ولا نائبه ، وليست له مصلحة قانونية فى وفاء الدين ، ومع ذلك يتقدم لوفائه . فقد يكون من أقرباء المدين ، أو صديقاً له ، تقدم عنه لوفاء الدين خوفاً عليه من إجراءات التنفيذ وما تهدده به من خسائر . وقد يكون شريكاً للمدين فى التجارة ، ويخشى ما يحدث التنفيذ الجبرى على المدين من أثر فى تجارتهما المشتركة . وهو على كل حال يغلب أن يكون ، من الناحية القانونية ، فضوليا يقوم بمصلحة عاجلة للمدين دون أمر منه ، إذ لو وفى الدين بأمر المدين كان وكيلاً عنه فى الوفاء . ويبقى فضوليا حتى لو تقدم لوفاء الدين بغير علم المدين ، بل إن هذا هو الأصل فى الفضولى ( [1098] ) .
ويصح للأجنبى أن يقوم بالوفاء حتى لو كان ذلك رغم إرادة المدين ، بأن نهاه المدين عن الوفاء فلم ينته ، وقبل الدائن منه الوفاء . فإن الوفاء فى هذه الحالة يكون مبرئاً لذمة المدين ، ولكن الموفى لا يرجع عليه بدعوى الفضولى بل بدعوى الإثراء بلا سبب .
ذلك أن الأصل أن يكون لكل شخص حق الوفاء بدين غيره ، ولو كان أجنبياً عن المدين . وليس للدائن أن يمتنع عن قبول الوفاء ، إذ ليست له مصلحة . فى ذلك ما دام يستوفى حقه استيفاء صحيحاً . وسيان أن يستوفيه من مدينه نفسه أو من غير مدينه ، ما لم تكن طبيعة الدين أو اتفاق الطرفين يقضى بأن المدين $ 657 $ نفسه هو الذي يقوم بالوفاء ، كما قضت بذلك المادة 208 فيما مر . وفى غير هذا الاستثناء الوارد فى المادة 208 يتعين على الدائن أن يقبل الوفاء ، ولا يجوز له أن يمتنع عن قبوله إلا بشروط ثلاثة : ( 1 ) أن يكون الموفى أجنبياً عن الدين ليست له مصلحة قانونية فى وفائه . ( 2 ) وأن يكون المدين معترضاً على وفاء الأجنبى بالدين وقد أبلغ الدائن هذا الاعتراض . ( 3 ) وأن يكون الدائن نفسه لا يريد أن يستوفى الدين من الاجنبى . فلو كان للموفى مصلحة قانونية فى الوفاء ، وجاء الاعتراض من جانب المدين وحده ، ولكن الدائن قبل الوفاء من الأجنبي ، فإن هذا الوفاء يبرئ ذمة المدين كما سبق القول . وكذلك لو كان الموفى ليست له مصلحة فى الوفاء ، وجاء الاعتراض من جانب الدائن وحده ، دون أن يعترض المدين ، فإن الدائن يجبر على قبول الوفاء ويكون هذا الوفاء مبرئا لذمة المدين ( [1099] ) .
المبحث الثانى
رجوع الموفى على المدين
373 - دعويان – الدعوى الشخصية ودعوى الحلول : إذا كان الموفى هو المدين أو نائبه ، فقد برئت ذمة المدين من الدين ، ولا رجوع له على أحد لأنه إنما وفى دين نفسه ، ولا رجوع لأحد عليه لأنه قام بوفاء دينه بنفسه .
$ 658 $ وأما إذا وفى الدين غير المدين ، سواء كان للموفى مصلحة فى الوفاء أو لم تكن له مصلحة ، فإنه ، ما لم يكن متبرعاً بوفاء الدين وهذا لا بد فيه من ظهور نية واضحة لأن التبرع لا يفترض ، يجوز له أن يرجع على المدين بما وفاه عنه عن طريق دعوى شخصية ( action personnelle ) يعطيها القانون إياه ، وتتكيف هذه الدعوى بحسب الظروف . وقد يكون له فوق ذلك ، أى غير الدعوى الشخصية ، دعوى الدائن نفسه الذي وفاه حقه فيحل محله فيه ، ومن ثم سميت هذه الدعوى الأخرى بدعوى الحلول ( action en subrogation ) .
فهناك إذن دعويان للموفى ( [1100] ) يرجع بهما على المدين : ( 1 ) الدعوى الشخصية ( 2 ) ودعوى الحلول .
374 - الدعوى الشخصية – النصوص القانونية : تنص المادة 324 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا قام الغير بوفاء الدين ، كله له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه " .
" 2 - ومع ذلك يجوز للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته أن يمنع رجوع الموفى بما وفاه عنه كلا أو بعضاً ، إذا أثبت أن له أية مصلحة فى الاعتراض على الوفاء ( [1101] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدني السابق المادتين 161 / 224 و163 / 226 ( [1102] ) .
$ 659 $
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدني السورى المادة 323 - وفى التقنين المدني الليبى المادة 311 - ولا مقابل له فى التقنين المدني العراقي ولا فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( [1103] ) .
ويخلص من هذا النص أن الموفى لدين غيره ، سواء كانت له مصلحة فى الوفاء أو لم تكن له مصلحة ، يستطيع ، ما لم يكن متبرعاً كما قدمنا ، أن يرجع بدعوى شخصية على المدين يسترد بها مقدار ما دفعه وفاء للدين ( [1104] ) .
وقد تكون هذه الدعوى الشخصية قائمة على أساس عقد قرض ، بأن يقرض الغير للمدين مبلغاً من المال يكفي لوفاء دينه ، ويقوم المدين نفسه بوفاء الدين من هذا القرض ، فيرجع الغير على المدين بموجب عقد القرض . ولكن الموفى للدين فى هذه الحالة إنما يكون المدين نفسه ، أو المقرض كنائب عن المدين وبوكالة منه ( [1105] ) .
على أن الغالب هو أن يوفى الغير الدين بنفسه للدائن ، ففى هذه الحالة يرجع على المدين بدعوى شخصية ، قوامها إما الفضالة وإما الإثراء بلا سبب .
$ 660 $
ويكون قوامها الفضالة إذا كان الغير قد وفى الدين بعلم المدين لكن دون تفويض أو وكالة ، أو بغير علمه ولكن دون معارضته ، ويرجع الغير بمقدار ما دفعه وفاء للدين مع الفوائد من يوم الدفع وفقا لقواعد الفضالة .
وتكون الدعوى الشخصية قوامها الإثراء بلا سبب إذا كان الغير قد وفى الدين رغم معارضة المدين ، ففي هذه الحالة لا تتوافر شروط الفضالة ولا يبقى أمام الغير إلا الرجوع بدعوى الإثراء بلا سبب . ويرجع بأقل القيمتين مقدار ما دفع ومقدار ما وفى من الدين ، ويغلب أن تكون القيمتان متعادلتين ، إلا أنه قد يوفى الدين بمبلغ أقل من مقداره فلا يرجع على المدين بمقدار الدين بل بمقدار ما وفى .
وسواء رجع الموفى على المدين بدعوى الفضالة أو بدعوى الإثراء بلا سبب ، فإنه لا يستطيع الرجوع بشىء إلا إذا كان الوفاء نافعاً للمدين . فإذا كان قد وفى ديناً انقضى كله أو بعضه ، أو كان للمدين دفوع ضد الدين ، وكان الوفاء بغير أمر المدين ، كان الموفى مسئولا عن ذلك . فلو أن المدين كان قد وفى الدين قبل أن يوفيه الغير ( [1106] ) ، أو وفى قسطا منه ثم وفاه الغير كله دون اعتبار للقسط الذي دفع ، فإن الغير فى الحالة الأولى لا يرجع بشىء على المدين لأن هذا كان قد وفى الدين كله فلم يفد شيئاً من الوفاء الذي قام به الغير ، ويرجع فى الحالة الثانية بالباقى من الدين بعد استنزال القسط الذي وفاه المدين لأن هذا هو القدر الذي أفاد منه المدين . ولو أنه كان للمدين دفوع ضد الدين وقت وفاء الغير له ، بأن كان له مثلا فى ذمة الدائن دين مماثل له وكان يستطيع أن يتمسك بالمقاصة فينقضى الدين دون حاجة إلى الوفاء ، أو لو كان الدين قد انقضى بسبب آخر غير المقاصة كالتجديد أو الإبراء أو التقادم ( [1107] ) ومع ذلك وفاه الغير ، فإن الغير $ 661 $ لا يرجع بشىء على المدين لأن الوفاء الذي قام به لم يفد المدين منه شيئا .
ولو أن المدين كان يستطيع أن يطعن فى الدين بالابطال لنقص الأهلية أو لعيب فى الإرادة من غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال ، أو كان يستطيع أن يطعن فيه بالبطلان لانعدام الإرادة أو لعيب فى المحل أو فى السبب أو فى الشكل ، أو كان يستطيع أن يتمسك بالفسخ لتحقق شرط فاسخ أو أن يتمسك بعدم النفاذ لعدم تحقق شرط واقف أو لعدم حلول الأجل ، أو كان يستطيع أن يتمسك بأى دفع آخر ، فإن هذا كله يكون محل اعتبار عند رجوع الموفى على الدين ، فلا يرجع الأول على الثاني إلا بقدر ما أفاد الثانى من الوفاء ( [1108] ) .
375 - دعوى الحلول : وقد يكون للموفى ، إلى جانب الدعوى الشخصية ، كما قدمنا ، دعوى الحلول ، فيحل محل الدائن فى نفس الدين الذي وفاه ، ويرجع على المدين بهذا الدين نفسه ، لا بدين جديد كما يفعل فى الدعوى الشخصية ( [1109] ) .
$ 662 $
وحلول الموفى محل الدائن إما أن يكون بحكم القانون ويقال له الحلول القانونى ، وإما أن يكون بموجب الاتفاق ويقال له الحلول الاتفاقى . ولدعوى الحلول ، قانونياً كان الحلول أو إتفاقيا ، أحكام خاصة تميزها عن الدعوى الشخصية . فعندنا إذن مسألتان : ( 1 ) مصدر الحلول ( 2 ) أحكام الرجوع بدعوى الحلول .
المطلب الأول
مصدر الحلول
1- الحلول القانونى
( subrogation legale )
376 - النصوص القانونية : تنص المادة 326 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" إذا قام بالوفاء شخص غير المدين ، حل الموفى محل الدائن الذي استوفى حقه فى الأحوال الآتية " :
" 1 - إذا كان الموفى ملزماً بالدين مع المدين ، أو ملزماً بوفائه عنه " .
" ب – إذا كان الموفى دائناً ووفى دائناً آخر مقدماً عليه بما له من تأمين عينى ، ولو لم يكن للموفى أى تأمين " .
$ 663 $ " جـ - إذا كان الموفى قد اشترى عقاراً ودفع ثمنه لدائنين خصص العقار لضمان حقوقهم " .
" د – إذا كان هناك نص خاص يقرر للموفى حق الحلول " ( [1110] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدني السابق المادة 162 / 225 ( [1111] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى
المادة 325 - وفى التقنين المدني الليبى المادة 313 – وفى التقنين المدني العراقي
المادة 379 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 310 إلى 312 ( [1112] ) .
$ 664 $ ويخلص من هذا النص أن هناك حالات معينة للحلول القانوني نص عليها القانون ( [1113] ) ، ولا يمكن أن يكون هناك حلول قانونى دون نص . ونستعرض هذه الحالات .
377 - الموفى ملزم بالدين مع المدين أو ملزم عنه .وهذه الحالة هى أعم حالات الحلول القانونى ، إذ الحالات الأخرى ليست إلا ذات نطاق محدود ، بل إن الحالة الثالثة منها – حالة ما إذا كان الموفى حائزاً للعقار المرهون – ليست إلا تطبيقاً خاصاً من تطبيقات الحالة الأولى كما سنرى . ثم إن علة الحلول القانونى هنا واضحة ، فالموفى ملزم بالدين مع المدين أو عنه ، فله مصلحة كبرى فى أدائه ، بل هو يجبر على الأداء ، ومن ثم حق له فى رجوعه على المدين أن يرجع عليه بدعوى الدائن بعد أن يحل محله .
$ 665 $ ويكون الموفى ملزماً بالدين مع المدين إذا كان مديناً متضامناً ( [1114] ) ، أو مدينا مع المدين فى دين غير قابل للانقسام ، أو كفيلا متضامنا مع كفلاء آخرين فى علاقته بهؤلاء الكفلاء .
ويكون الموفى ملزماً بالدين عن المدين إذا كان كفيلا شخصياً ، أو كفيلا عينيا ، أو حائزاً للعقار المرهون ( [1115] ) .
فأى من هؤلاء وفى الدين رجع على المدين بدعوى الدائن بعد أن يحل محله بحكم القانون .
فإذا وفى المدين المتضامن كل الدين للدائن ، جاز له أن يرجع بدعوى الحلول على كل مدين متضامن معه بقدر حصته فى الدين ، وقد مر بيان ذلك فى التضامن . وإذا وفى المدين فى دين غير قابل للانقسام الدين للدائن ، جاز له أيضاً أن يرجع بدعوى الحلول على كل مدين معه فى هذا الدين بقدر حصته من الدين ، وقد مر بيان ذلك فى الالتزام غير القابل للانقسام . وإذا وفى حد الكفلاء المتضامنين الدين كله للدائن ، رجع على كل كفيل بدعوى الحلول بمقدار نصيبه فى كفالة الدين ، وهذه غير دعوى الحلول التى يرجع بها على المدين .
وإذا وفى الكفيل الشخصى أو العينى الدين عن المدين ، جاز له الرجوع بدعوى الحلول على المدين بكل ما دفعه ، لأن المدين يجب أن يتحمل الدين كله ( [1116] ) . وكذلك إذا انتقلت ملكية عقار مرهون إلى شخص ، بالبيع أو الهبة $ 666 $ أو المقايضة أو أى سبب آخر لانتقال الملكية ، فإنه يصبح ملزما بالدين عن المدين . فإذا وفى الدين حل محل الدائن قانوناً ، ورجع بدعوى الحلول على المدين بكل ما دفعه . وقد أفرد القانون هذه الحالة بالذكر كحالة خاصة من حالات الحلول القانونى ، وستكون محلا للبحث فيا يلى .
كذلك يمكن القول إن المتبوع مسئول عن التابع ، فإذا كان التابع مؤمناً على مسئوليته مثلاً ، ورجع المصاب على المتبوع فوفى هذا دين التابع ، فإنه يحل محل الدائن – المصاب – فى التأمين ، ويرجع بدعوى الحلول هذه على شركة التأمين ( [1117] ) .
$ 667 $ الموفى دائن وفى دائنا مقدما عيه : ويحل الموفى محل الدائن ، فيرجع على المدين بدعوى الحلول ، " إذا كان الموفى دائنا ووفى دائنا آخر مقدماً عليه بما له من تأمين عينى ، ولو لم يكن للموفى أى تأمين " .
ويفرض القانون أن هناك دائنين لمدين واحد ، أحدهما متقدم على الآخر بموجب تأمين عينى ( [1118] ) ، أى أن المدين قد رهن عقاراً مملوكا له لأحد الدائنين ثم رهنه للآخر ، فصار الأول متقدما على الثانى . بل يجوز أن يكون الدائن الثانى لم يرتهن العقار وظل دائناً شخصيا ، فإن الدائن الأول متقدم عليه بما له من حق الرهن . بل يجوز أيضاً أن يكون التأمين الذي يتقدم به الدائن الأول على الدائن الثانى ليس حق رهن رسمى ، بل حق رهن حيازة ، أو حق امتياز ، أو حق اختصاص ، فكل هذه تأمينات عينية تجعله متقدماً على الدائن الثانى .
ففى جميع هذه الأحوال قد يكون للدائن المتأخر مصلحة محققة فى الوفاء بدين الدائن المتقدم والحلو محله فى هذا الدين ، وتتحقق هذه المصلحة فى فرضين :
( أولا ) قد يرى الدائن المتقدم أن ينفذ على العقار المرهون ، ويكون الوقت غير مناسب للتنفيذ ، فيتوقع الدائن المتأخر أن يباع العقار فى المزاد العلنى بأبخس الأثمان . وقد لا يعنى الدائن المتقدم ذلك ، إذ يكون متأكداً من أنه $ 668 $ سيستوفى حقه مهما بلغ ثمن العقار المرهون ، وإنما تعود الخسارة على الدائن المتأخر فهو الذي سوف لا يدرك من ثمن العقار ما يكفى للوفاء بحقه ، فيكون من مصلحة الدائن المتأخر أن يوفى الدائن المتقدم حقه ، وفيحل محله فى رهنه ، ويمنع بهذا الحلول التنفيذ فى وقت غير مناسب تحيناً لفرصة يبيع فيها العقار المرهون بثمن يكفى لوفاء الدين المتقدم والدين المتأخر جميعاً .
( ثانياً ) قد يرى الدائن المتأخر أن العقار المرهون لا يكفى لوفاء الدينين المتقدم والمتأخر معاً ، مهما بلغ ثمن هذا العقار وفى أى وقت بيع ، ولكن يكون للدائن المتقدم تأمين على عقار آخر مملوك للمدين أو لكفيل عينى ، فيوفى حق الدائن المتقدم حتى يحل محله فى رهنه المتقدم وفى تأمينه الآخر ، ويستطيع بذلك أن يستوفى الدينين معاً من العقار المرهون ومن هذا التأمين الآخر .
من أجل ذلك أجاز القانون للدائن المتأخر أن يحل محل الدائن المتقدم إذا وفى له دينه ( [1119] ) ، فيحقق لنفسه مصلحة مشروعة ، وذلك دون أن يضار $ 669 $ الدائن المتقدم إذ هو يستوفى حقه كاملا ، ودون أن يضار المدين فإن الموقف بالنسبة إليه لا يتغير ، ولا يؤوده فى شىء أن يحل دائن محل آخر ما دام يحل فى نفس الدين .
ويشترط فيما قدمنا شرطان : أن يكون الموفى دائناً لنفس المدين ، وأن يكون الموفى له دائناً متقدماً بما له من تأمين عينى .
فيجب أولا أن يكون الموفى دائناً لنفس المدين . فلا يجوز لأجنبى غير دائن للمدين أن يوفى حقاً لدائن له تأمين عينى ليحل محله حلولاً قانونياً فى هذا التأمين ( [1120] ) . والذى يجوز هنا هو الحلول الاتفاقى لا الحلول القانونى ، فيتفق الأجنبى مع الدائن أو مع المدين على الحلول بالطرق التى قررها القانون على النحو الذي سنبينه فى الحلول الاتفاقى . فإذا كان الموفى دائناً للمدين ، فقد توافر الشرط المطلوب ، ولا يهم بعد ذلك أن يكون للموفى هو أيضا تأمين عينى متأخر أو أن يكون دائناً شخصياً ليس له أى تأمين ( [1121] ) ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك .
ويجب ثانياً أن يكون الموفى له دائناً متقدماً على الموفى بما له من تأمين عينى . فلو كان الموفى له دائناً متأخراً عن الموفى فى تأمينه العينى أو ليس له تأمين عينى أصلا ، فلا محل هنا للحلول القانونى ، لأن مصلحة الموفى فى هذا الحلول ، وهو متقدم على الموفى له أو مساو ، ليست واضحة . قد تكون له مصلحة محدودة فى منع هذا الدائن من القيام بإجراءات التنفيذ فى وقت غير مناسب ، ولكن هذا الدائن إذا فعل ذلك أضر بنفسه أيضاً لأنه غير متقدم على الدائن الأول . وقد تكون للدائن المتقدم مصلحة فى منع الدائن المتأخر من المعارضة فى الديون ، حتى لا تقف إجراءات التوزيع أو حتى يتيسر إجراء تسوية ودية ، ولكن هذه المصلحة جد محدودة لم ير القانون أن يرتب عليها حلولا قانونيا .
$ 670 $ هذا إلى أنه من اليسير على الدائن المتقدم فى مثل هذا الفرض أن يوفى الدائن المتأخر حقه بعد أن يحصل منه على حلول اتفاقى ، بل دون اتفاق على حلول أصلا ، فإن الوفاء بحق الدائن المتأخر يبعده عن التوزيع فيتيسر للدائن المتقدم أن يمضى فيه أو أن يجرى التسوية الودية التى ينشدها كما لو كان هناك حلول ( [1122] ) .
ولابد ، كما قدمنا ، أن يكون الموفى له متقدماً على الموفى بما له من تأمين عينى فإذا لم يكن للموفى له تأمين عينى ، ولو كانت له ميزة أخرى تضاهى التأمين العينى كدعوى فسخ أو حق فى الحبس ، فإن نص التشريع أضيق من أن يتسع لهذا الفرض ، فلا يكون هناك حلول قانونى . فلو أن الموفى له بائع لم يقيد حق امتيازه واكتفى بدعوى الفسخ ، فلا يحق لدائن آخر وفاه الثمن أن يحل محله فى دعوى الفسخ . ولو أن الموفى له دائن ليس له تأمين عينى بل له حق فى حبس عين للمدين ، لم يجز لدائن آخر وفاه حقه أن يحل محله فيحبس العين ( [1123] ) .
$ 671 $ 379 - الموفى اشترى عقاراً ودفع ثمنه لدائنين خصص العقار لضمان حقوقهم : هذه لحالة سبقت الإشارة إليها كتطبيق من تطبيقات الحالة الأولى . ذلك أن المشترى لعقار مثقل بتأمين عينى – رهن أو امتياز أو اختصاص – يصبح حائزا للعقار ( tiers detenteur ) ، فيكون مسئولا عن الدين بحكم انتقال ملكية العقار له . ومن ثم يكون ملزماً بالدين عن المدين ، فيدخل ضمن الحالة الأولى من حالات الحلول القانونى ، وهى الحالة التى سبق بيانـها ( [1124] ) .
وحتى نتبين ، فيما نحن بصدده ، كيف تتحقق للموفى مصلحة فى أن يحل محل الموفى له نفرض أن عقاراً مرهوناً باعه صاحبه . فالمشترى للعقار المرهون يستطيع بطبيعة الحال أن يطهر العقار المرهون فيتخلص من الرهن ، ولا يحتاج إلى الحلول محل الدائن المرتهن . ولكنه مع ذلك قد تكون له مصلحة فى أن يوفى الدائن المرتهن حقه ( [1125] ) فيحل محله ويصبح مرتهناً لملك نفسه ، فى الفرضين الآتيين :
$ 672 $ أولا - قد يتوفى بذلك إجراءات التطهير الطويلة المعقدة ، وذلك بأن يكون ثمن العقار المرهون معادلا لقيمته ، بحيث إذا بيع العقار فى المزاد العلنى لن يبلغ ثمنه فى المزاد أكثر من الثمن الذي التزم به المشترى . فإذا فرض أن العقار مرهون لأكثر من دائن ، وكان الثمن الذي التزم به المشترى لا يكفى إلا لوفاء الدائن المرتهن الأول ، كان للمشترى أن يدفع الثمن لهذا الدائن فيوفيه حقه ، ويحل محله فى رهنه الأول . ولا تصبح هناك مصلحة للدائنين المرتهنين المتأخرين فى بيع العقار ، فلن يصل ثمنه إلى أكثر من الثمن الذي دفعه المشترى وحل به محل الدائن المرتهن الأول ، ولن يصيبهم شىء فى التوزيع بعد أن يستولى المشترى على الثمن الذي دفعه . فيستطيع المشترى ، بفضل هذا الحلول القانونى ، أن يوقف عملياً الدائنين المرتهنين المتأخرين عن مباشرة التنفيذ على العقار الذي اشتراه .
ثانياً – قد يكون للمشترى مصلحة فى أن يحل محل الدائن المرتهن إذا كان البيع الصادر له معرضاً للإبطال أو الفسخ ، فحلوله محل الدائن المرتهن يحقق له تأميناً عينياً عند رجوعه بالثمن فى حالة إبطال البيع أو فسخه ( [1126] ) .
وغنى عن البيان أن المشترى ، إذا وفى الدائن المرتهن حقه وحل محله بمقتضى القانون ، فإنه يحل محله فى جميع ماله من التأمينات . فإذا كان لهذا الدائن المرتهن $ 673 $ تأمين عينى آخر ، حل المشترى محله فيه ، وقد تتحقق مصلحة له فى ذلك فيما إذا كان العقار الذي اشتراه لم يعد يفى بالثمن الذي دفعه ، فيكمل التأمين الآخر ضمانه ( [1127] ) .
ويستوى ، فى وفاء المشترى لحق الدائن المرتهن والحلول محله ، أن يفعل المشترى ذلك اختياراً من تلقاء نفسه أو أن يفعله وهو ملزم به ، بأن يكون للبائع قد الزمه فى شروط البيع أن يدفع الثمن للدائن المرتهن ، أو أن يكون الدائن المرتهن قد بدأ فى اتخاذ إجراءات التنفيذ فاضطر المشترى أن يوفى له حقه ليتوفى هذه الإجراءات ( [1128] ) . ويستوى كذلك أن يكون المشترى قد اشترى العقار ممارسة أو اشتراه فى مزاد جبرى ( [1129] ) .
380 - وجود نص خاص يقرر للموفى حق الحلول : وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وثمة أحوال أخرى يخول القانون الموفى فيها حق الحلول بنص خاص ، فمن ذلك مثلا حلول موفى $ 674 $ الكمبيالة بطريق التوسط محل الحامل فى حقوقه " ( [1130] ) .
ذلك أن المادة 157 من التقنين التجارى تنص على ما يأتى : " الكمبيالة المعمول عنها البروتستو يجوز دفع قيمتها من أى شخص متوسط عن ساحبها أو عن أحد محيليها ، ويصير إثبات التوسط والدفع فى ورقة البروتستو أو فى ذيلها " . ثم تنص المادة 158 من هذا التقنين على أن : " من دفع قيمة كمبيالة بطريق التوسط يحل محل حاملها ، فيحوز ماله من الحقوق ويلزم بما عليه من الواجبات فيما يتعلق بالإجراءات اللازم استيفاؤها . فإذا حصل هذا الدفع عن الساحب تبرأ ذمة جميع المحيلين ، أما إذا كان عن أحدهم فتبرأ ذمة من بعده منهم " .
ويتبين من هذه النصوص أن دفع الكمبيالة بطريق التوسط عن الساحب أو عن أحد المحيلين يجعل المتوسط الذي دفع قيمة الكمبيالة يحل حلولا قانونيا محل الدائن – أى حامل الكمبيالة – فى الرجوع على ساحب الكمبيالة ومحيليها . فإذا كان المتوسط قد دفع عن الساحب ، فلا رجوع إلا على الساحب دون المحيلين لأن ذمة هؤلاء تبرأ بهذا الدفع . أما إذا كان قد دفع عن أحد المحيلين ، فإنه يرجع على الساحب وعلى المحيلين الذين يسبقون المحيل الذي دفع عنه ، أما المحيلون الذين يلون هذا المحيل فقد برئت ذمتهم بالدفع فهذه حالة من حالات الحلول القانونى ورد فيها نص خاص فى التقنين التجارى ( [1131] ) .
وهناك مثل آخر للحلول القانونى الذي ورد فيه نص خاص ، فقد نصت المادة 771 مدنى على ما يأتى : " يحل المؤمن قانوناً بما دفعه من تعويض عن الحريق فى الدعاوى التى تكون للمؤمن له قبل من تسبب بفعله فى الضرر $ 675 $ الذي نجمت عنه مسئولية المؤمن ، ما لم يكن من أحدث الضرر قريباً أو صهراً للمؤمن له ممن يكونون معه فى معيشة واحدة ، أو شخصاً يكون المؤمن له مسئولا عن أفعاله " . وهذا النص يقضى بأن شركة التأمين إذا أمنت مكاناً من الحريق ، ثم احترق المكان المؤمن بخطأ شخص معين ، فإن الشركة تدفع مبلغ التأمين للمؤمن له ، وتحل محله قانوناً فى حقه ضد المسئول عن هذا الحريق ( [1132] ) ،وذلك ما لم يكن هذا المسئول متصلا اتصالا وثيقا بالمؤمن له ، بأن كان قريبه أو صهره وكان مقيما معه فى معيشة واحدة ، أو كان ولده أو شخصاً تحت رعايته ممن يعتبر هو مسئولا عنهم . ولو جاز لشركة التأمين أن ترجع على هؤلاء ، وهذا هو مبلغ صلتهم بالمؤمن له ، لكان رجوعها هذا بمثابة الرجوع على المؤمن له نفسه ، فتكون الشركة قد سلبته بالشمال ما أعطته باليمين .
$ 676 $
2 - الحلو الاتفاقى
( Subrogation conventionnelle )
أ - الحلول باتفاق الموفى مع الدائن
381 - النصوص القانونية : تنص المادة 327 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" للدائن الذى استوفى حقه من غير المدين أن يتفق مع هذا الغير على أن يحل محله ، ولو لم يقبل المدين ذلك ، ولا يصح أن يتأخر هذا الاتفاق عن وقت الوفاء " ( [1133] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 162 / 225 ( [1134] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 326 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 314 – وفى التقنين المدنى العراقى $ 677 $ المادة 380 / 1 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 313 ( [1135] ) .
ويخلص من هذا النص أن الحلول هنا يجب أن يكون باتفاق بين الموفى والدائن ، ويجب ألا يتأخر الاتفاق على الحلول عن وقت الوفاء . ولا يشترط فى الاتفاق شكل خاص ، ويخضع فى إثباته للقواعد العامة ( [1136] ) .
382 - اتفاق بين الموفى والدائن : إذا لم يكن الموفى فى حالة من حالات الحلول القانونى التى سبق ذكرها ، وأراد الوفاء بدين غيره على أن يحل محل الدائن ، فسبيله إلى ذلك أن يتفق مع الدائن على الحلول . ذلك أنه ما دام باب الحلول القانونى غير مفتوح للموفى ، فليس أمامه إلا الحلول الاتفاقى ، فيتفق إما مع الدائن وإما مع المدين .
وما على الدائن ، حتى يستوفى حقه ، إلا أن يتفق مع الموفى على إحلاله محله . وهو لا يخسر شيئاً من هذا الإحلال ، بل يكسب أن يستوفى حقه فى ميعاد حلوله أو حتى قبل هذا الميعاد إذا اتفق الموفى على ذلك . وليس المدين طرفاً فى هذا الاتفاق ، فرضاؤه غير ضرورى ، والحلو يتم بغير إرادته ، بل بالرغم عن إرادته . على أنه يفيد فائدة محققة من هذا الوفاء ، فدينه يقضى ويتخلص بذلك من مطالبة الدائن . وإذا كان قد استبدل بالدائن القديم دائنا جديداً ، $ 678 $ فيغلب أن يكون هذا الدائن الجديد أكثر تساهلا معه وأسرع إلى التيسير عليه فى وفاء دينه ، وإلا لما تطوع مختاراً لوفاء الدين . وهذا هو الدور الذى يقوم به الموفى لديه غيره ، فهو من جهة يسدى خدمة إلى المدين بوفائه للدين وإمهاله حتى يتمكن من الوفاء ، وهى من جهة أخرى يستوثق لضمان حقه قبل المدين بحلوله محل الدائن .
والدائن حر فى قبول إحلال الموفى محله أو عدم إحلاله ( [1137] ) . وهو حر أيضاً فى تحديد مدى هذا الإحلال ، فقد يحله محله فى بعض ضمانات الدين دون بعض ، فيحله فى الرهن والامتياز دون أن يحله فى الكفالة ( [1138] ) .
ولا يشترط فى الاتفاق شكل خاص ، فأى تعبير عن الإرادة له معنى الحلول يكفى . وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يشترط ورقة رسمية نظراً لما للحلول من خطر ، ولكن لجنة المراجعة حذفت هذا الشرط ( [1139] ) .
383 - عدم تأخر الاتفاق عن وقت الوفاء : ولا يجوز أن يتأخر هذا الاتفاق عن وقت الوفاء ( [1140] ) . والغالب أن يكون الاتفاق والوفاء بالدين حاصلين فى وقت واحد ، فيتقدم الموفى إلى الدائن ويتفق معه على وفاء حقه مع حلوله محله فى هذا الحق ، ويثبتان الاتفاقين معاً – الاتفاق على الوفاء $ 679 $ والاتفاق على الحلول – فى مخالصة واحدة ( [1141] ) . ولكن لا شىء يمنع من أن يكون الاتفاق على الحلول سابقاً على الوفاء ، فيتفق الموفى والدائن مقدماً على الحلول ، ثم يدفع الموفى الدين بعد ذلك ( [1142] ) .
والذى لا يجوز هو أن يكون الوفاء بالدين أولا ، ثم يليه الاتفاق على الحلول ( [1143] ) . ذلك أنه إذا تم الوفاء بالدين أولا ، وتراخى الاتفاق على الحلول إلى ما بعد ذلك ، فإن هذا يفتح الباب للتحايل . فقد يكون المدين وفى دينه وفاء بسيطاً ، وانقضى الدين ، فانقضى بانقضائه رهن فى المرتبة الأولى كان يضمنه ، وترتب على ذلك أن الرهن الذى كان فى المرتبة الثانية أصبح فى المرتبة الأولى . ثم يتواطأ المدين بعد ذلك مع الدائن الذى استوفى دينه ، ويجعله يصطنع اتفاقاً مع أجنبى يذكر فيه أن هذا الأجنبى هو الذى وفى الدين وهو الذى حل محله فيه . فيعود الرهن الذى كان فى المرتبة الأولى وكان قد انقضى ، ليحل الأجنبى محل الدائن فيه ، وذلك إضراراً بالرهن الذى يليه والذى أصبح فى المرتبة الأولى بعد انقضاء الرهن الأول ( [1144] ) .
$ 680 $
384 - إثبات الاتفاق على الحلول : ويخضع إثبات الاتفاق على الحلول للقواعد العامة فى الإثبات . فإذا كانت القيمة التى وفى بها الدين تزيد على عشرة جنيهات لم يجز الإثبات إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها ، وإلا جاز الإثبات بالبينة وبالقرائن .
إلا انه يلاحظ أن المخالصة بالدين المتضمنة الاتفاق على الحلول يجب أن تكون ثابتة التاريخ حتى تكون نافذة فى حق موف آخر حل محل الدائن ، أو فى حق محال له بالحق ، أو فى حق دائن للدائن حجز تحت يد المدين . فهؤلاء الأغيار يتنازعون الأسبقية مع الموفى للدين ، فإن كانوا هم السابقين فى الوفاء أو فى الحوالة أو فى الحجز كان الدين لهم ، وإلا فهو للموفى . ومن ثم يجب أن يكون السند الذى يتمسكون به هو أيضاً ثابت التاريخ ، فإذا كان تاريخ الوفاء الواقع من الموفى الثانى أو تاريخ نفاذ الحوالة فى حق المدين تاريخاً ثابتاً –أما تاريخ الحجز فهو ثابت بطبيعة الحال - وجب أن يكون للمخالصة المتضمنة الاتفاق على الحلول تاريخ ثابت أسبق . أما بالنسبة إلى المدين وورثته ، فليس من الضرورى أن تكون المخالصة ثابتة التاريخ ( [1145] ) .
$ 681 $
ب – الحلول باتفاق الموفى مع الدين
385 - النصوص القانونية : تنص المادة 328 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" يجوز أيضاً للمدين ، إذا اقترض مالا وفه به الدين ، أن يحل المقرض محل الدائن الذى استوفى حقه ، ولو بغير رضاء هذا الدائن ، على أن يذكر فى عقد القرض أن المال قد خصص للوفاء وفى المخالصة أن الوفاء كان من هذا المال الذى أقرضه الدائن الجديد " ( [1146] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 164 / 227 ( [1147] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 327 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 315 – وفى التقنين المدنى العراقى $ 682 $ المادة 380 / 2 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 314 ( [1148] ) .
386 - الحلول بالاتفاق مع المدين تبررة أغراض عملية : هنا أيضاً ، كما فى الحلول بالاتفاق مع الدائن ، لا يكون الموفى فى حالة من حالات الحلول القانونى ، فلا يستطيع إذن أن يحل محل الدائن بحكم القانون ، ويلزمه فى هذا الحلول أن يتفق عليه مع المدين . ولكن إذا كان الحلول بالاتفاق مع الدائن ، ولو برغم إرادة المدين ، يبدو طبيعياً على أساس أن الدائن هو الذى يتصرف فى حقه ، فإن الحلول بالاتفاق مع المدين ، ولو برغم إرادة الدائن ، لا يبدو طبيعياً أصلا ، فإن الذى يتصرف فى حق الدائن ليس هو الدائن نفسه صاحب الحق ، بل هو المدين وبرغم إرادة الدائن صاحب الحق . ومهما يكن من غراب ذلك من الناحية النظرية ، فإن الناحية العملية تبرره . ذلك أن الحلول بالاتفاق مع المدين فيه كل النفع للمدين ، فإن تمكن المدين من إحلال المقرض محل دائنه ولو بغير رضاء هذا الدائن يتيح أن يجد فى يسر من يقرضه المال اللازم للوفاء بدينه ، مادام سيقدم للمقرض $ 683 $ نفس الضمانات التى كانت للدائن . فينتفع كل من المدين والمقرض ، المدين بالتخفف من وطأة الدين وبما يمد له المقرض من أسباب التيسير فى الوفاء به ، والمقرض باستثمار ماله فى قرض مكفول بضمانات قائمة . ولا ضرر فى ذلك على الدائن ، فإنه استوفى حقه ، ومادام قد استوفاه ففيم يضيره أن تنتقل الضمانات إلى الدائن الجديد! ولا ضرر فى ذلك على الدائنين الآخرين ، فإن هؤلاء لم تتغير أوضاعهم من مدينهم ، فهم هم فى ترتيهم القائم ، سواء بقى الدائن السابق أو حل محله دائن جديد .
لكل هذه الاعتبارات العملية أجاز القانون أن يكون الحلول باتفاق بين الموفى والمدين ، ولو بغير رضاء الدائن . على أن الدائن ، وهو يعلم أن رضاءه غير ضرورى ، سيبادر فى الغالب إلى الرضاء ، فيتم الحلول باتفاق بين الموفى والدائن نفسه ، وهذا هو الذى يقع عادة فى العمل ( [1149] ) .
387 - شروط الحلول بالاتفاق مع المدين : ويشترط فى هذا الحلول شرطان :
( أولا ) أن يكون القرض بغرض الوفاء بالدين ، فيذكر فى عقد القرض أن المال المقترض قد خصص لهذا الوفاء . ولا يهم ممن يصدر هذا البيان ، من المقترض وهو المدين أم من المقرض نفسه ، والمهم أن يذكر البيان فى نفس عقد القرض ( [1150] ) . وتقترض صحة البيان حتى يقام الدليل على عدم صحته ( [1151] ) .
$ 684 $
( ثانيا ) أن يذكر فى المخالصة عند الوفاء أن المال الموفى به هو مال القرض . ولا يهم هنا أيضا ممن يصدر هذا البيان ، فقد يصدر من المدين وهو يفى دينه وهذا هو الغالب ، وقد يصدر من الدائن وهو يستوفى حقه وهذا جائز ، وقد يصدر من الاثنين معاً ويقع هذا كثيرا ( [1152] ) . وتفترض صحة البيان حتى يقام الدليل على عدم صحته ( [1153] ) .
وليس من الضرورى أن تتعاقب العمليتان ، عملية القرض فعملية الوفاء ، بل يجوز أن تكونا متعاصرتين ، ففى ورقة واحدة يثبت عقد القرض ويذكر فيه أن المال المقترض خصص للوفاء ، ثم يذكر فى الورقة نفسها أن الوفاء قد تم من مال القرض . ولو تم الأمر على هذا النحو لكان هذا أكثر استجابة لأغراض القانون ( [1154] ) ، ولما قامت صعوبات عملية من ناحية ثبوت التاريخ كما سنرى .
ولكني صح أن تتعاقب العمليتان ، بشرط أن تسبق عملية القرض عملية الوفاء . إذا لو كانت عملية الوفاء هى السابقة ، لتبين أن الوفاء لم يكن من مال القرض ، فلا يحل المقرض محل الدائن . ومن ثم كان لابد ، عند تعاقب العمليتين ، ومن أن تكون كل عملية منهما ثابتة التاريخ ، حتى يستطاع إثبات أن عملية القرض سابقة على عملية الوفاء ( [1155] ) .
والسبب فى ذلك هو توقى خطر التواطؤ ، كما رأينا فى الحلول بالاتفاق مع الدائن . فقد يفى المدين بدينه وفاء بسيطاً ، فينقضى الرهن الذى يضمنه . ثم يخطر له إحياء هذا الرهن إضراراً بمرتهن آخر كان متأخراً فى المرتبة وتقدم بعد زوال هذا الرهن الأول ، فيتواطأ مع أجنبى ومع الدائن ، ويصور الأجنبى $ 685 $ مقرضاً أقرضه المبلغ الذى وفى به الدين وأحله بهذا الوفاء محل الدائن ، فيحيا الرهن الأول . فسد القانون طريق هذا التحايل ، بأن اشترط أن تسبق عملية القرض عملية الوفاء ، عن طريق التواريخ الثابتة ، فلا يستطاع التحايل بتقديم تاريخ القرض إذا كان متأخراً فعلا عن تاريخ الوفاء .
على أن القوانين الجرمانية لا تلقى بالا إلى شىء من ذلك ، بل هى تجيز فى صراحة أن يفى المدين دينه ويستبقى عند الوفاء ضمانات هذا الدين قائمة يستطيع أن يفيد منها ، فيعطيها لمقرض يقرضه المال بعد الوفاء لقاء هذه الضمانات ؛ ولا ضرر يصيب الدائنين الآخرين من جراء ذلك ، فأن أوضاعهم لم تتغير ، وإنما تغير عليهم اسم الدائن المتقدم ، وقد كان متقدماً عليهم فى كل حال . وهذا ما يسمى فى القوانين الجرمانية بالشهادات العقارية ( CEDULES HYPOTHECAIRES ) . وكان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يتضمن نصاً على طريق الخيرة فى هذا المعنى ، ولكن لجنة المراجعة حذفته وآثرت البقاء على التقاليد اللاتينية فى الوفاء مع الحلول بالاتفاق مع الدين ، فالشرط إذن أن يسبق القرض الوفاء أو يعاصره على الأكثر ( [1156] ) .
$ 686 $
وإذا سبق القرض الوفاء ، فلا يهم مقدار الوقت الذى يتخلل العمليتين ، فقد يقصر هذا الوقت أو يطول . ولكنه إذا طال إلى أمد أبعد من المألوف ، ألقى هذا البعد ظلا من الشك فى أن مال القرض لم يستعمل لوفاء الدين ، وكان هذا مدعاة للطعن فى الحلول ( [1157] ) .
388 - مالا يشترط فى الحلول بالاتفاق مع المدين : ولا يشترط التقنين المدنى الجديد غير الشرطين المتقدمى الذكر فى الحلول بالاتفاق مع المدين فلا يشترط إذن :
( أولا ) - أن يكون القرض أو المخالصة فى ورقة رسمية . ويشترط التقنين المدنى الفرنسى ( م 1250 بند 2 ) أن يكون كل من القرض والمخالصة فى ورقة رسمية . وكان التقنين المدنى المختلط السابق يشترط أيضاً هذا الشرط فى القرض ونقل التأمينات ( [1158] ) . والذى يشترط فى التقنين المدنى الجديد هو ثبوت تاريخ كل من القرض والمخالصة عند تعاقبهما ، وإلا لم يسر الحلول فى حق مقرض آخر له حق الحلول ، أو فى حق محال له ، أو فى حق دائن حاجز ، أو فى حق دائن مرتهن متأخر . ولكن يسرى ، بالرغم من عدم ثبوت التاريخ ، فى حق المدين نفسه وخلفه العام ، وفى حق الدائن الذى استوفى حقه ( [1159] ) .
( ثانيا ) أن ينص صراحة على حلول المقرض محل الدائن ، وهذا بخلاف الحلول بالاتفاق مع الدائن ، فلابد أن ينص صراحة على حلول الموفى محل الدائن . أما هنا ، فمجرد ذكر أن مال المقرض خصص لوفاء الدين وأن الوفاء حصل بمال القرض كاف لاستخلاص حلول المقرض محل الدائن عن طريق الاقتضاء .
( ثالثا ) أن يرضى الدائن بهذا الحلول . فسواء رضى الدائن أو لم يرض ، فإن حلول المقرض محله فى حقه يتم بمجرد الاتفاق على ذلك مع المدين كما سبق $ 687 $ القول . ولما كانت عملية الحلول هذه تقتضى تدخل الدائن ، فهو لابد أن يقبل الوفاء وأن يذكر فى المخالصة أن الوفاء تم بمال القرض ، فإنه إذا أبى أن يفعل هذا أو ذاك ، كان لكل من المقرض والمدين الوسيلة القانونية لإجباره على ذلك ، عن طريق العرض الحقيقى والإيداع . فيتم بذلك ما كان الدائن يأباه ، فإن قبل الدائن العرض تم الحلول ، وإن أباه أودع المال على ذمته وحكم بعد ذلك بصحة الإيداع على النحو الذى سنبينه ، فيتم الحلول أيضاً على هذا النحو ( [1160] ) .
المطلب الثانى
أحكام الرجوع بدعوى الحلول
389 - حلول الموفى محل الدائن وما يرد على هذا الحلول من القيود : الحلول يجعل الموفى فى مكان الدائن ، فيصبح له حق الدائن يباشره كما لو كان هو الدائن نفسه . وهذا هو الحكم بوجه عام ، غير أنه يرد على هذا الحكم قيود من شأنها أن تجعل الموفى يعامل معاملة أدنى من معاملة الدائن الأصلى من بعض الوجوه .
فنبحث إذن ( أ ) حلول الموفى محل الدائن . ( ب ) ما يرد على حلول الموفى محل الدائن من قيود .
$ 688 $
أ - حلول الموفى محل الدائن
391 - النصوص القانونية : تنص المادة 329 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" من حل قانوناً أو اتفاقاً محل الدائن كان له حقه ، بما لهذا الحق من خصائص ، وما يلحقه من توابع ، وما يكفله من تأ / ينات ، وما يرد عليه مندفوع . ويكون هذا الحلول بالقدر الذى أداه من ماله من حل محل الدائن ( [1161] ) " .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 328 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 316 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 381 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 315 ( [1162] ) .
$ 689 $
ويخلص من هذا النص أن الموفى يحل محل الدائن فى حقه :
( 1 ) بما لهذا الحق من خصائص .
( 2 ) وما يلحقه من توابع .
( 3 ) وما يكفله من تأمينات .
( 4 ) وما يرد عليه من دفوع .
392 - يكون للموفى حق الدائن بما له من خصائص : يحل الموفى محل الدائن فى نفس حقه ، بما لهذا الحق من مقومات وخصائص . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " فالحق ينتقل إلى من تم الحلول له بما له من خصائص ، كما إذا كان تجاريا ، أو كانت له مدد تقادم خاصة ، أو كان السند المثبت له واجب التنفيذ ( [1163] ) " .
فالحق الذى حل فيه الموفى محل الدائن إذا كان إذن حقا تجارياً ، انتقل إلى الموفى على هذه الصفة حقا تجارياً ، وقد يقتضى ذلك أن يكون التقاضى فيه من اختصاص المحاكم التجارية ( [1164] ) . وإذا كان حقاً يسقط بالتقادم بانقضاء مدة قصيرة ، خمس سنوات أو أقل ، فإنه ينتقل إلى الموفى قابلا للسقوط بالتقادم بهذه المدة القصيرة . وقد تكون المدة أوشكت على الانقضاء ، فلا تلبث أن تنقضى بعد انتقال الحق إلى الموفى ، وهذا عيب فى دعوى الحلول لا يوجد فى الدعوى الشخصية كما سيأتى . وقد يكون الحق الذى انتقل إلى الموفى ثابتاً فى سند رسمى أو فى حكم ، فيكون سنداً قابلاً للتنفيذ فى يد الموفى كما كان فى يد الدائن الأصلى .
بل إن الحق قد تقترن به خصائص أخرى فتنتقل جميعها مع الحق إلى الموفى . فقد يكون الدائن الأصلى قد قاضى بحقه وسار فى إجراءات التقاضى شوطاً بعيداً ، فلا يحتاج الموفى إلى تجديد هذه الإجراءات ، بل يسير فيها من حيث وجدها ( [1165] ) .
$ 690 $
393 - يكون للموفى حق الدائن بما يلحقه من توابع : فلو كان الحق الذى انتقل إلى الموفى ينتج فوائد بسعر معين ، فأن الحق ينتقل منتجاً لهذه الفوائد بهذا السعر ، ويكون للموفى الحق فى تقاضى هذه الفوائد ما استحق منها وما سيستحق ( [1166] ) .
ويعتبر تابعاً للحق ، فينتقل منه إلى الموفى ، دعوى فسخ تقترن بالحق ، كما إذا كان أوفى قد وفى البائع الثمن المستحق له . فإن الموفى يحل محل البائع فى حقه ، بما له من تأمين عينى وهو حق الامتياز ، وما يلحق به من تابع وهو دعوى الفسخ . فيجوز للموفى ، إذا لم يستوف من المشترى الثمن الذى دفعه للبائع ، أن يطلب فسخ البيع ، وأن يتسلم المبيع من المشترى وفاء بحقه ( [1167] ) .
ويعتبر أيضاً تابعاً للحق أن يكون للدائن حق الطعن فى تصرف المدين بالدعوى البولصية ، فإذا انتقل الحق إلى الموفى انتقل معه حق الطعن بهذه الدعوى ( [1168] ) .
ويعتبر تابعاً كذلك الحق فى الحبس ، فتنتقل العين المحبوسة من الدائن إلى الموفى ، ويكون له الحق فى حبسها حتى يستوفى الدين من المدين .
394 - يكون للموفى حق الدائن بما يكفله من تأمينات : وينتقل إلى الموفى مع حق الدائن ما يكفل هذا الحق من تأمينات عينية وتأمينات شخصية . $ 691 $ مثل التأمينات العينية الرهن الرسمى والرهن الحيازى ( [1169] ) ، سواء كان الراهن هو المدين نفسه أو كان كفيلا عينياً . ومثل هذه التأمينات أيضاً حقوق الامتياز ، خاصة كانت أو عامة ، على عقار أو على منقول . ومثل التأمينات الشخصية أن يكون للحق كفيل شخصى ، فيبقى هذا الكفيل ضامناً للحق بعد انتقاله إلى الموفى ( [1170] ) ، ولا حاجة فى ذلك إلى رضاء الكفيل لأن المدين الذى يكفهل لم يتغير ولا عبرة بتغير الدائن ( [1171] ) . ومثل التأمينات الشخصية أيضاً أن يكون للحق مدينون متضامنون متعددون ، أو له مدينون متعددون وهو غير قابل للانقسام ، فينتقل إلى الموفى على هذا الوصف . ومن ثم يجوز للموفى أن يرجع به ، لا على المدين الذى وفى دينه فحسب ، بل أيضاً على سائر المدينين المتضامنين فى حالة التضامن أو سائر المدينين المتعددين فى حالة عدم القابلية للانقسام ( [1172] ) .
395 - يكون للموفى حق الدائن بما يرد عليه من دفوع : وكما تنتقل مع الحق مزاياه من خصائص وتوابع وتأمينات ، ينتقل أيضاً معه ما يرد عليه من دفوع ، " كأسباب البطلان والانقضاء ، ما لم يكن الأمر متعلقاً بواقعة غير منفكة عن شخص الدائن ، كالدفع بقصر الدائن ، فهو لا يظل قائماً بعد الحلول متى كان من تم الحلول له كامل الأهلية " ( [1173] ) .
$ 692 $
فإذا كان الحق مصدره عقد باطل أو عقد قابل للإبطال ، جاز للمدينة أن يتمسك بهذا الدفع تجاه الموفى كما كان له ذلك تجاه الدائن الأصلى . وإذا كان الحق قد انقضى بالوفاء أو بأى سبب آخر كالتجديد أو المقاصة أو الإبراء أو التقادم ، جاز للمدين أن يدفع بانقضاء الحق تجاه الموفى كما كان يجوز له ذلك تجاه الدائن الأصلى . وإذا كان الحق معلقاً على شرط واقف لم يتحقق ، أو على شرط فاسخ تحقق ، أو كان حقاً مؤجلا ولم يحل الأجل ، جاز للمدين أن يدفع بكل ذلك ، لاتجاه الدائن الأصلى فحسبن بل أيضاً تجاه الموفى الذى حله محله .
أما إذا كان الدائن الأصلى قاصراً ، فجاز للمدين أن يمتنع عن الوفاء له شخصياً لعدم صحة الوفاء فى هذه الحالة ، فإنه لا يستطيع أن يدفع بهذا الدفع الخاص بشخص الدائن تجاه الموفى إذا كان هذا متوافراً فيه الأهلية لاستيفاء الدين .
ب - ما يرد على حلول الموفى محل الدائن من قيود
396 - فى حالات خاصة لا يحل الموفى محل الدائن من جميع الوجوه : على أنه إذا كان الأصل أن يحل الموفى محل الدائن فى حقه من جميع الوجوه ، فإن هناك حالات لا يكسب فيها الموفى جميع المزايا التى كانت للدائن :
( 1 ) وأولى هذه الحالات أن الموفى إذا وفى الدين للدائن بمبلغ أقل من قيمته ، فإنه لا يرجع على المدين إلا بمقدار ما دفع للدائن ، أما الدائن فإنه كان يرجع على مدينه بكل الدين .
( 2 ) وإذا كان الموفى مديناً متضامناً ووفى الدائن فحل محله حلولا قانونياً على النحو الذى قدمناه ، فإنه لا يرجع على كل من المدينين المتضامنين الآخرين إلا بقدر حصته فى الدين ، وكان الدائن يرجع بكل الدين على أى من المدينين المتضامنين .
( 3 ) وإذا كان الموفى هو حائز العقار المرهون ووفى الدائن فحل محله حلولا قانونياً على النحو الذى قدمناه ، لم يكن له بموجب هذا الحلول أن يرجع على $ 693 $ حائز لعقار آخر مرهون فى ذات الدين إلا بقدر حصة هذا الحائز بنسبة ما حازه من عقار ، وكان الدائن يرجع على أى حائز لعقار مرهون بكل الدين .
( 4 ) كذلك لا يرجع حائز العقار المرهون ، إذا هو وفى الدين للدائن ، على الكفيل لنفس الدين ، وكان الدائن يرجع على الكفيل .
( 5 ) وإذا وفى الغير الدائن جزءاً من حقه وحل محله فيه ، فإن الدائن الأصلى فى استيفاء ما بقى من حقه يكون مقدماً على الموفى ، فهنا قلت حقوق الموفى عن حقوق الدائن .
ونستعرض هذه المسائل الخمس متعاقبة .
397 - رجوع الموفى على المدين بمقدار ما أداه من ماله لا بمقدار الدين : رأينا أن العبارة الأخيرة من المادة 329 من التقنين المدنى تقضى بأن الموفى إذا وفى الدين للدائن بقيمة أقل من مقدار الدين ، فإن رجوعه على المدين يكون بمقدار ما أداه لا بمقدار الدين . وفى هذا نرى الموفى يعامل معاملة أقل من معاملة الدائن ، فإن الدائن إذا كان الغير لم يوفه حقه كان له أن يرجع بكل حقه على المدين . أما وقد قبل الدائن أن يستوفى من الغير حقه منقوصاً ، ونزل عن جزء منه ، فإن هذا النزول يكون فى مصلحة المدين لا فى مصلحة الموفى ، وكأن الدائن قد نزل عن جزء من الدين للمدين ، ومن ثم لا يرجع الموفى على المدين إلا بمقدر ما دفعه لوفاء الدين ( [1174] ) .
والسبب فى ذلك أن الموفى وهو يفى بالدين للدائن إنما يقوم بوفاء الدين ، بعيداً عن فكرة المضاربة التى رأيناها فى حوالة الحق لصيقة بمن يشترى الدين . وقد أحاطت الوفاء هنا ملابسات اقتضت أن ينزل الدائن عن جزء من الدين يستوفى الباقى ، فليس للموفى أن يرجع على المدين بأكثر مما وفى ، إذا هو لا يقصد المضاربة فيما قام به من وفاء ، وهو فى الغالب صديق للمدين أراد ؟؟؟؟؟؟؟ بالدين أراد الوفاء بالتزامه . ولو كان يقصد المضاربة ويريد الرجوع ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ $ 694 $ فسبيله إلى ذلك ان يشترى الدين من الدائن بالمقدار الذى دفعه ، وعند ذلك ينتقل إليه الدين كاملا عن طريق حوالة الحق ، ويرجع به كله على المدين .
398 - الموفى مدين متضامن : وإذا كان الموفى مديناً متضامناً ، أو كان مديناً مع آخرين فى دين غير قابل للانقسام ، أو كان أحد الكفلاء المتضامنين ، ثم وفى الدين كله للدائن فحل محله فيه حلولا قانونيا ، فقد كان ينبغى أن يكون مدى رجوعه معادلا لمدة رجوع الدائن . ولما كان الدائن يستطيع أن يرجع بكل الدين على أى مدين متضامن أو على مدين فى دين غير قابل للانقسام أو على أى كفيل متضامن ، فقد كان ينبغى للموفى أن يفعل ذلك هو أيضاً . ولكن الموفى لا يرجع على أى من المدينين المتضامنين الآخرين ، أو على أى من المدينين المتعددين الآخرين فى الدين غير القابل للانقسام ، أو على أى من الكفلاء المتضامنين الآخرين ، إلا بقدر حصة من يرجع عليه ، وذلك تفادياً من تكرار الرجوع . إذا لو رجع بالدين بعد استنزال حصته على أى من هؤلاء ، لكان للدافع أن يرجع هو أيضاً على أى من الباقين بما بقى من الدين مستنزلا منه حصته ، وهكذا ، فيتكرر الرجوع ؛ فقصر حق الموفى فى الرجوع على مقدار حصة من يرجع عليه تبسيطاً لإجراءات الرجوع ، ولأن الدين إذا كان لا ينقسم فى علاقة الدائن بالمدينين فإنه ينقسم فى علاقة المدينين بعضهم ببعض ، وقد تقدم بيان ذلك عند الكلام فى التضامن .
399 - الموفى حائز للعقار المرهون ويرجع على حائز لعقار مرهون آخر – النصوص القانونية : وتنص المادة 331 من التقنين المدنى على ما يأتى : " إذا وفى حائز العقار المرهون كل الدين ، وحل محل الدائنين ، فلا يكون له بمقتضى هذا الحلول أن يرجع على حائز لعقار آخر مرهون فى ذات الدين إلا بقدر حصة هذا الحائز بحسب قيمة ما حازه من عقار " ( [1175] ) .
$ 695 $
والمفروض هنا أن الدين مضمون برهون متعددة على عقارات مختلفة ، وقد بيع كل عقار فأصبح فى يد حائز لعقار مرهون . ولما كان كل من هؤلاء الحائزين ملتزماً بالدين عن المدين ، فإنه إذا وفى أحدهم الدين للدائن حل محله قانوناً . وكان ينبغى أن يرجع بالدين ، بعد أن يستنزل منه حصته بحسب قيمة ما حازه من عقار ، على أى من الحائزين الآخرين ، وكان الدائن يرجع بكل الدين على أى منهم لأن الرهن غير قابل للتجزئة . ولكن النص يقضى بأن يرجع الموفى على كل من الحائزين الآخرين بقدر حصته فى الدين بحسب قيمة ما حازه من عقار ، حتى لا يتكرر الرجوع ، وذلك لنفس الاعتبارات التى سبق إيرادها فى خصوص التضامن ( [1176] ) .
$ 696 $
400 - الموفى حائز للعقار المرهون ولا يرجع على الكفيل : إذا كان للدين كفيل شخصى أو عينى ، فأصبح مسئولا عن الدين ، فإنه إذا وفى الدين للدائن حل محله فيه قانوناً . وكان له أن يرجع –كما كان يرجع الدائن - على أى عقار مملوك للمدين ومرهون فى الدين ، ولو انتقل العقار إلى يد حائز . فإذا رجع الكفيل على هذا العقار المرهون واستوفى منه ما دفعه وفاء للدين ، لم يرجع عليه أحد ، لا المدين صاحب العقار المرهون ولا الحائز لهذا لعقار ، لأنه إنما كان مسئولا عن الدين تجاه الدائن ، لاتجاه المدين ولاتجاه خلفه الخاص حائز العقار المرهون .
أما العكس فغير صحيح . فلو كان الموفى هو الحائز للعقار المرهون ، وحل محل الدائن حلولا قانونياً ، فإنه لا يستطيع الرجوع على الكفيل ، إذ لو رجع عليه ، لكان للكفيل أن يرجع هو أيضاً بدوره على هذا الحائز بدعوى الحلول . فلا فائدة إذن من رجوع الحائز للعقار المرهون على الكفيل ، لأن هذا الحائز مسئول عن الدين تجاه الكفيل بمقتضى الرهن . أما الكفيل فقد رأينا أنه يرجع على الحائز للعقار المرهون ، لأنه غير مسئول عن الدين تجاه هذا الحائز كما قدمنا ( [1177] ) .
401 - الموفى لم يوف إلا جزءاً من الدين - النصوص القانونية : تنص المادة 330 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا وفى الغير الدائن جزءاً من حقه وحل محله فيه ، فلا يضار الدائن بهذا الوفاء ، ويكون فى استيفاء ما بقى له من حق مقدماً على من وفاه ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك " .
" 2 - فإذا حل شخص آخر محل الدائن فيما بقى له من حق ، رجع من حل $ 697 $ أخيراً هو ومن تقدمه فى الحلول كل بقدر ما هو مستحق له ، وتقساما قسمة الغرماء ( [1178] ) " .
والمفروض هنا أن الموفى وفى جزءاً من الدين ، فحل محل الدائن ، فى هذا الجزء . فإذا كان المدين قدر رهن عقاراً فى الدين ، وليس يفى العقار بكل الدين ، وليس للمدين أموال أخرى ، فإن الموفى وقد وفى جزءاً من الدين والدائن الأصلى ولا يزال دائناً بالجزء الباقى لا يجدان أمامهما غير هذا العقار ليستوفى كل حقه منه ، ويتقدمان معاً على سائر الغرماء بما لهما من حق الرهن . ولكن فيما بينهما كان ينبغى أن يتعادلا ، فإن كلا منهما دائن بجزء من دين واحد ، فلا محل لتفضيل أحدهما على الآخر . ولكن النص –وهو فى ذلك يترجم عن الإرادة المحتملة للطرفين - يفترض أن الدائن لم يكن ليرضى باستيفاء جزء من حقه إلا وهو مشترط على الموفى أن يتقدم عليه فى استيفاء الجزء الباقى ، وعلى هذا الأساس قد قبل وفاء جزئياً ما كان الموفى يستطيع أن يجبره عليه . $ 698 $ ومن ثم يتقدم الدائن الأصلى على الموفى فى الغرض الذى نحن بصدده ، ويستولى أولا الجزء الباقى له من الدين ، وما بقى بعد ذلك من ثمن العقار يأخذه الموفى فلا يستوفى به كل حقه ( [1179] ) .
ونرى من ذلك أن الموفى ، وقد حل محل الدائن فى جزء من حقه ، لم يعامل معاملة الدائن ، بل فضل الدائن عليه . على أن هذه القاعدة يحل منها قيود ثلاثة :
(1) أنها ليست إلا افتراضاً لما أراده الدائن والموفى Nemo contra se subrogasse censetur ، فهى ليست قاعدة من النظام العام . ومن ثم يجوز للدائن والموفى أن يتفقا على غير ذلك ، فلهما أن يتفقا على أنهما يتعادلان ويتقاسمان مال المدين قسمة الغرماء . بل لهما أن يتفقا على أن الموفى هو الذى يتقدم الدائن فيستوفى أولا الجزء من الدين الذى وفاه ، وما بقى بعد ذلك يأخذه الدائن . وهذا ما يقع غالباً ، فإن الموفى وهو يفى للدائن بحقه يكون عادة هو الجانب الأقوى الذى يملى شروط الوفاء ، فسرعان ما يشترط أن يتقدم الدائن فى استيفاء حقه من المدين ( [1180] ) .
(2) وحتى لو لم يتفق الدائن والموفى على شىء يخالف القاعدة المتقدمة الذكر ، وتقدم الدائن على الموفى فهذه ميزة شخصية للدائن وحده ، لا تنتقل منه إلى شخص آخر يفى له بالجزء الباقى من حقه ويحل محله فيه . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 330 مدنى صراحة على هذا الحكم كما رأينا ، فقضت بأنه : " إذا حل شخص آخر محل الدائن فيما بقى له من حق ، رجع من حل أخيراً $ 699 $ هو ومن تقدمه فى الحلول كل بقدر ما هو مستحق له ، وتقاسما قسمة الغرماء " ( [1181] ) . ولا يستطيع الدائن ، وهو يستوفى الجزء الباقى من حقه من هذا الشخص الآخر أن يتفق معه على أن يجعله متقدماً على الموفى الأول ، إذ أن الموفى الأول ليس طرفاً فى هذا الاتفاق فلا يسرى فى حقه . وإنما يجوز للدائن ، عند استيفاء جزء من حقه من الموفى الأول ، أن يشترط عليه أنه هو أو من يخلفه فى الجزء الباقى يتقدم على الموفى الأول . وعند ذلك يكون للدائن وهو يستوفى الجزء الباقى ، أن يتفق مع الموفى الثانى على أن يتقدم على الموفى الأول ، وهذا هو ما رضى به الموفى الأول مقدماً عند اتفاقه مع الدائن ( [1182] ) .
(3) وما قدمناه من أن الموفى بجزء من الدين يتأخر عن الدائن عند ما يريد هذا استيفاء الجزء الباقى ، إنما يصح إذا تمسك الموفى بدعوى الحلول . أما إذا تمسك بالدعوى الشخصية ، فلا وجه لتفضيل الدائن عليه . فإذا فرض فى المثل المتقدم أن المدين لم يرهن عقاراً لضمان الدين ، ووفى الغير الدائن جزءاً من حقه ، ولم يكن عند المدين مال يفى بكل الدين ، فإن رجوع الموفى بالدعوى الشخصية على المدين يجعله يزاحم الدائن فى رجوعه على المدين بما بقى من حقه ويتقاسمان مال المدين قسمة غرماء . ذلك أن الموفى إنما يرجع ، لا بدعوى الدائن عن طريق الحلول حتى يتقدم الدائن عليه ، بل بدعوى شخصية خاصة به تعادل دعوى الدائن ، فلا محل لتفضيل أحدهما على الآخر ( [1183] ) .
$ 700 $
2 - التكييف القانونى للحلول
402 - صعوبة هذا التكييف وسبب ذلك : يقوم فى سبيل التكييف القانونى للحلول صعوبة جوهرية : فإن حلول الموفى محل الدائن معناه كما رأينا انتقال حق الدائن نفسه بمقوماته وخصائصه وتوابعه وتأميناته ودفوعه من الدائن إلى الموفى ، ثم إن هذا الحلول لا يكون إلا بوفاء الموفى لهذا الحق ، والوفاء سبب من أسباب انقضاء الحق بل هو أهم أسبابه ، فإذا كان الموفى قد وفى للدائن حقه فقد انقضى هذا الحق ، فكيف ينقضى الحق بالوفاء ومع ذلك ينتقل إلى الموفى فيبقى بانتقاله! كيف ينقضى الحق ويبقى فى وقت واحد! .
أمام ذلك لجأ الفقه الفرنسى التقليدى إلى القول بأن بقاء الحق بعد انقضائه بالوفاء إنما هو افتراض قانونى ( fiction legale ) لا أساس له من الواقع ، فإن الواقع من الأمر أن الحق قد انقضى بالوفاء ، ولكن القانون يفترض مع ذلك بقاءه للأغراض العملية التى توخاها من إحلال الموفى محل الدائن فيه . وقد انقسم الفقه التقليدى فى شأن هذا الافتراض القانونى . فبدأ فريق بالقول إن الذى يبقى ليس هو الحق نفسه فإنه قد انقضى بالوفاء ، وإنما تبقى تأمينات الحق وهى التى تنتقل لتكفل حق الموفى فى الرجوع على المدين . ولكن الفكرة التى تغلبت فى الفقه التقليدى هى أن الحق يبقى افتراضاً وتنتقل مع الحق تأميناته وتوابعه وما إلى ذلك .
ثم بدأ الفقه الحديث ينبذ فكرة الاقتراض ويواجه المسألة مواجه جديدة ، فيجعل الوفاء مع الحلول وفاء للحق بالنسبة إلى الدائن وانتقالا للحق بالنسبة إلى المدين . فيشبه من وجه حوالة الحق ، ولكن يبقى الوفاء مع الحلول مع ذلك متميزاً عن حوالة الحق ، ويظهر ذلك عند بيان الفروق ما بين هذين النظامين .
فنحن نبسط أولا النظريات الثلاث المختلفة فى التكييف القانونى للوفاء مع الحلول ، ثم نبرز الفروق ما بين الوفاء مع الحلول وحوالة الحق .
$ 701 $
1 - النظريات الثلاث المتخلفة فى التكييف القانونى للوفاء مع الحلول
403 - بقاء التأمينات وحدها دون الحق : يذهب فريق من الفقهاء إلى أن الوفاء مع الحلول يقضى الحق الموفى به ، لأن الحق لا يمكن أن يبقى بعد الوفاء . وإنما يستبقى القانون ، افتراضاً بسلطان منه ، التأمينات التى تكفل الحق ، وينقلها إلى حق الموفى فى الرجوع على المدين بما وفاه من دينه . فكأن دعوى الحلول ، فى هذه النظرية ، هى نفسها الدعوى لاشخصية التى يرجع بها الموفى على المدين ، وتقوم على الوكالة أو الفضالة أو الإثراء بلا سبب ، وإنما نقل القانون إليها التأمينات التى تكفل حق الدائن بعد انقضاء هذا الحق بالوفاء . فالوفاء مع الحلول ليس إذن إلا وفاء ، أو هو ضرب من ضروب الوفاء . ويكون الوفاء نوعين : وفاء بسيطاً ( Paiement pur et simple ) ووفاء موصوفاً ( Paiement avee modalite ) هو الوفاء مع الحلول .
ويبدو أن التقنين المدنى السابق كان يشير إلى هذه النظرية فى النصوص التى وضعها للوفاء مع الحلول ، إذ كان يقول فى المادة 162 / 225 : " التأمينات التى كانت على الدين الأصلى تكون تأميناً لمن دفعه فى الأحوال الآتية . . . " ، وكان يقول فى المادة 164 / 227 : " يجوز للمدين أن يقترض بدون واسطة التأمينات التى كانت للدائن الأصلى . . . " . على أن الفقه والقضاء فى مصر ، فى عهد التقنين المدنى السابق ، لم يكونا يسايران هذا الاتجاه وكانا يذهبان إلى أن الحق نفسه هو الذى ينتقل إلى الموفى ( [1184] ) .
404 - بقاء الحق نفسه وانتقاله إلى الموفى : ذلك أن الفريق الأكبر من الفقه الفرنسى التقليدى لم يسلم بانقضاء الحق الموفى به مع بقاء تأميناته وانتقالها إلى الموفى . وحجتهم فى ذلك أنه إذا كان المنطق المحض يقتضى أن ينقضى الحق بالوفاء ، فكذلك المنطق المحض يقتضى أن تزول تأمينات الحق $ 702 $ بزوال هذا الحق . فإذا كنا استبقينا التأمينات بالرغم من زوال الحق ونقلناها إلى الموفى ، فليس ذلك إلا عملا افتراضياً محضاً . وما دمنا قد لجأنا إلى الافتراض فى استبقاء التأمينات ونقلها إلى الموفى ، فلماذا لا نجلأ إلى نفس الافتراض فى استبقاء الحق نفسه بتوابعه وخصائصه لننقله إلى الموفى ( [1185] ) ؟
والفرق كبير بين الاقتصار على نقل التأمينات مع القول بزوال الحق ، وبين نقل الحق نفسه إلى الموفى بما لهذا الحق من خصائص وما يلحقه من توابع وما يكفله من تأمينات وما يرد عليه من دفوع . والثانى لا الأول هو حكم الوفاء مع الحلول ( [1186] ) ، كما تقضى بذلك صراحة المادة 329 مدنى على الوجه الذى قدمناه .
ويبدو الفرق واضحاً بين القولين . فالقول ببقاء الحق نفسه وانتقاله إلى الموفى لا يخلط بين حق الموفى الشخصى الذى استمده من واقعة الوفاء ، ومصدره الوكالة أو الفضالة أو الإثراء بلا سبب ، وحق الموفى الذى استمده من حلوله محل الدائن وهو حق الدائن نفسه كما قدمنا . فينتقل إلى الموفى بموجب الحلول حق الدائن بمقوماته وخصائصه ، كما لو كان الحق تجارياً أو كان مقترناً بسند تنفيذى أو كانت له مدد تقادم خاصة . وينتقل بتوابعه ، كالفوائد ودعوى الفسخ والدعوى البولصية . وينتقل بتأميناته ، كالرهن وحق الاختصاص وحق الامتياز والكفالة . وينتقل بدفوعه ، كأسباب البطلان وأسباب الفسخ وأسباب الانقضاء . أما لو قلنا بالاقتصار على نقل التأمينات مع القول بزوال الحق ، فإننا لا نجعل للموفى إلا حقاً واحداً هو حقه الشخصى الذى استمده من الوكالة أو الفضالة أو الإثراء بلا بسبب . فلا ينتقل إلى الموفى حق الدائن ، بل ينقضى هذا الحق بالوفاء بما له من خصائص وما يلحقه من توابع وما يرد عليه من دفوع . ولا يبقى إلا حق الشخصى كما قدمنا ، تضاف إليه التأمينات $ 703 $ التى كانت تكفل حق الدائن ( [1187] ) . وظاهر أن القول الأول دون الثانى هو القول الصحيح .
405 - الوفاء مع الحلول وفاء للحق بالنسبة إلى الدائن وانتقال للحق بالنسبة إلى المدين : والفقه الحديث لا يميل فى تكييف الوفاء مع الحلول تكييفاً قانونياً إلى فكرة الاقتراض القانونى ( Fiction legale ) ، بل هو يواجه هذه العملية المركبة مواجهة صريحة ويحللها إلى عناصرها الأولية .
فالعملية من شقين :
(1) هى أولا وفاء للحق ( Paiement ) بالنسبة إلى الدائن ، إذ الدائن يستوفى حقه من الموفى فينقضى هذا الحق بالنسبة إليه .
(2) ثم هى انتقال للحق ( transfert ) بالنسبة إلى المدين ، إذ المدين لم يوف الحق بنفسه بل وفاه عنه غيره ، فلا ينقضى بالنسبة إلى المدين بل ينتق إلى الموفى لأنه هو الذى وفى الحق فى مقابل أن يحل محل الدائن فيه ( [1188] ) .
ووجه الدقة فى هذه العملية أن هناك وفاء للحق ، ولكن لم يقم به المدين . فمن حيث أن هناك وفاء للحق ، ينقضى الحق بالنسبة إلى من استوفاه وهو الدائن . ومن حيث أن المدين ليس هو الذى قام بالوفاء ، يبقى الحق فى ذمته ولكن لدائن آخر حل محل الدائن الأصلى ، هو ذلك الموفى الذى ما وفى الحق إلا ليحل محل الدائن الأصلى فيه ( [1189] ) .
$ 704 $
ومن ثم فإن الوفاء مع الحلول ، من حيث أنه ينقل الحق نفسه من الدائن إلى الموفى ، يقترب كثيراً من حوالة الحق . فلابد من غبراز الفروق ما بين هذين النظامين المتقاربين ، حتى يتبين فى وضوح أنهما نظامان لا يختلطان ، بل يتميز أحدهما عن الآخر . وقد سبقت الإشارة إلى ذلك فى إيجاز ( [1190] ) .
ب - الفروق ما بين الوفاء مع الحلول وحوالة الحق
406 - اختلاف الأغراض العملية : شرع الوفاء مع الحلول لغرض عملى هو التيسير على المدين فى وفاء دنيه ، فالموفى هو عادة صديق يتقدم لوفاء دين صديقه لينقذه من مطالبة الدائن الملحة ، ثم يترفق به فلا يرجع عليه إلا عند الميسرة . ولو أراد الموفى أن يرجع مباشرة على المدين ، لكان $ 705 $ سبيله إلى ذلك ، ليس الوفاء مع الحلول ، بل حوالة الحق ، فيشترى الحق من الدائن ويرجع به مباشرة على المدين . ولكن الموفى ، كما قدمنا ، لا يبغى من تدخله كسباً ، بل يقدم يد المعونة يسديها الصديق للصديق ( office d'ami ) . وهو إذا كان لا يبغى كسبا ، فهو لا يريد أن يتجشم خسارة . ومن ثم فهو يحل محل الدائن فى حقه بما لهذا من الحق من تأمينات ، حتى يستوثق من جدوى الرجوع على المدين . على أنه لا يطالب فى الرجوع على المدين إلا بمقدار ما أدى لوفاء الدين ، حتى لو كان هذا المقدار أقل من قيمة الدين . ويبقى هذا هو الغرض العملى من الوفاء مع الحلول حتى لو كان الموفى مجبراً على الوفاء . بأن كان ملزماً بالدين مع المدين أو عنه ، فقد قبل منذ البداية أن يلتزم بالدين ، فهو لا يزال فى موقف الصديق . والوفاء مع الحلول لا يكون إلا لدين قد حل ، فيتقدم الموفى لقضائه .
وهذا بخلاف حوالة الحق . فمن يشترى حقاً يشتريه عادة بأقل من قيمته ، إما لأن الحق لم يحل أجل الوفاء به ، وإما لأن استيفاء الحق تحيط به صعوبات قوبلت المخاطرة فى مواجهتها بخفض فى قيمة الحق . ويرجع المحال له بعد ذلك على المدين بكل قيمة الحق . فالمحال له ، بخلاف الموفى ، مضارب يعقد صفقة يبغى من ورائها كسباً فى مقابل ما يتربص به من وقت أو ما يواجه من مخاطرة لاستيفاء الحق . ولا يقتصر على توقى الخسارة ، كما يقتصر الموفى فى الوفاء مع الحلول ( [1191] ) .
$ 706 $
على أن الموفى ، فى الحلول الاتفاقى ، قد يبغى أيضاً أن يستثمر ماله ، فهو يقوم بالعملين معاً ، يسدى خدمة ويستثمر مالا . فتقارب الأغراض العملية ما بين الوفاء مع الحلول وحوالة الحق ، فى هذه الحالة ، يجعل النظامين يختلطان أحدهما بالآخر . ولعل الذى أبقى الوفاء مع الحلول إلى جانب حوالة الحق أن الوفاء مع الحلول إلى جانب حوالة الحق أن الوفاء مع الحلول قد يتم بغير إرادة الدائن ، أما حوالة الحق فلا تتم إلا إذا كان الدائن راضياً بالحوالة . ومن ثم كان هناك محل للوفاء مع الحلول إلى جانب حوالة الحق فى الحالات التى يتعذر فيها الحصول على رضاء الدائن بالنزول عن حقه ، بما يكفل هذا الحق من تأمينات ( [1192] ) .
407 - الفروق من حيث شروط الانعقاد والنفاذ : رأينا أن حوالة الحق تنعقد باتفاق بين الدائن المحيل والمحال له ، فلابد إذن فيها من رضاء الدائن ، أما الوفاء مع الحلول فهو أكثر تنوعاً ومرونة . فقد يتم برضاء الدائن إذا اتفق مع الموفى . ولكنه قد يتم أيضاً بغير رضاء الدائن ، ويكفى أن يتفق المدين والموفى على النحو الذى بسطناه فيما تقدم حتى يتم الحلول . بل هو قد يتم دون رضاء أى من الدائن والمدين ، فيتحقق بإرادة الموفى وحده فى الحالات التى نص فيها على أن يكون الحلول بموجب القانون ( [1193] ) . ونرى من ذلك فائدة الوفاء مع الحلول إلى جانب حوالة الحق ، فحوالة الحق لا تصب إلا فى قالب واحد لا تستطيع منه فكاكا ، أما الوفاء مع الحلول فقوالبه كثيرة متعددة ، وهذا التنوع هو الذى يكسبه مرونة تجعل لوجوده معنى إلى جانب حوالة الحق .
ثم إن نفاذ حوالة الحق فى حق المدين وفى حق الغير لا يكون إلا برضاء المدين أو بإعلانه بالحوالة بالطرق المقررة التى سبق بيانها . أما الوفاء مع الحلول فهو نافذ فى حق المدين وفى حق الغير دون أى إجراء ( [1194] ) . ويترتب على ذلك أن $ 707 $ الدائن إذا كان قد استفوى حقه من الغير عن طريق الوفاء مع الحلول ، ثم حول بعد ذلك الحق لمحال له وأعلن هذا الحوالة للمدين ، فإن الوفاء مع الحلول وقد سبق حوالة الحق يكون نافذاً –دون إعلان ودون أى إجراء آخر - فى حق كل من المدين والمحال له على السواء ، ولا يستطيع المحال له فى هذا الفرض أن يتمسك بالحوالة فى مواجهة الموفى مع الحلول . وهذا بخلاف ما إذا كان الدائن قد حول حقه أولا بدلا من استيفائه ولم يعلن المحال له بالحوالة ، ثم عمد الدائن إلى تحويل حقه مرة ثانية إلى محال له أعلن الحوالة للمدين ، ففى هذا الفرض يستطيع المحال له الثانى أن يتمسك بالحوالة التى أعلنها فى مواجهة المحال له الأول الذى لم يعلن حوالته ( [1195] ) .
408 - الفروق من حيث الآثار – الدعوى الشخصية : هناك فرق جوهرى ، يظهر بادئ ذى بدء ، بين الموفى مع الحلول والمحال له . فالمحال له ليس له إلا دعوى واحدة ، هى دعوى الحق الذى انتقل إليه ، ولا يستطيع أن يرجع على المدين بغير هذه الدعوى . أما الموفى مع الحلول فله دعويان : دعوى الحق الذى انتقل إليه يطالب فيها بحق الدائن كما يطالب المحال له ، ثم الدعوى الشخصية الناشئة من واقعة الوفاء ومصدرها الوكالة أو الفضالة أو الإثراء بلا سبب . فللموفى إذن دعويان ، دعوى الحلول والدعوى الشخصية ، ولكن من الدعويين ميزان على الدعوى الأخرى .
فمن ميزات دعوى الحلول على الدعوى الشخصية ، أن الموفى إذا رجع بدعوى الحلول ، كان له جميع تأمينات الحق الذى وفاه عينية كانت أو شخصية ، وكان له أيضاً جميع مقومات هذا الحق وخصائصه فقد يكون حقاً تجارياً أو يكون مقترنا بسند تنفيذى ، وقد تقدم بيان ذلك .
ولكن الدعوى الشخصية قد تكون لها ، من جهة أخرى ، ميزات على دعوى الحلول . ونذكر من هذه الميزات ثلاثا :
$ 708 $
أولا - لما كان الموفى يرجع فى الدعوى الشخصية على اساس الوكالة أو الفضالة فى أغلب الأحوال ، فإنه يستحق الفوائد القانونية على جميع ما دفعه للدائن وفاء للدين وذلك بحكم القانون . أما فى دعوى الحلول فإنه يرجع بحق الدائن ،فإذا لم يكن هذا الحق ينتج فوائد ، فإن الموفى لا يتقاضى أية فوائد من المدين .
ثانيا - إذا رجع الموفى بالدعوى الشخصية ، فإن مصدرها هو واقعة الوفاء كما قدمنا ، ويكون حقه قد نشأ منذ ذلك الوقت . فلا يتقادم –بخمس عشرة سنة فى الوكالة وبثلاث سنوات فى الفضالة وفى الإثراء بلا سبب - إلا بانقضاء هذه المدة وتسرى من وقت الوفاء . أما إذا رجع الموفى بدعوى الحلول ، فإنه يرجع بنفس الحق الذى انتقل إليه من الدائن ، وقد يكون تقادم هذا الحق ساريا منذ مدة طويلة ويوشك أن يتم ، فلا يكاد الموفى يهم برفع دعوى لحلول حتى يكون الحق قد انقضى بالتقادم .
ثالثا - إذا كان الموفى قد وفى الحق وفاء جزئياً ، وأراد الرجوع بدعوى الحلولن فقد رأينا أنه يتأخر عن الدائن حتى يستوفى الدائن من المدين الباقى من حقه . أما إذا رجع الموفى بالدعوى الشخصية ، فإنه يتعادل مع الدائن ولا يتقدم الدائن عليه ، ويتقاسمان مال المدين قسمة الغرماء . وقد سبق بيان ذلك ( [1196] ) .
409 - الفروق من حيث الآثار – دعوى الحلول : فإذا نحن تركنا الدعوى الشخصية واقتصرنا على دعوى الحلول بالنسبة إلى كل من الموفى والمحال له ، فلا تزال هناك فروق هامة بين الاثنين ، ترجع فى اساسها إلى أن الموفى صديق يسدى يداً لا يقصد من ورائها كسباً ، أما المحال له فمضارب يبغى الكسب . ونذكر من هذه الفروق ما يأتى :
أولا - يرجع الموفى على المدين بمقدار ما دفع من ماله وفاء للدين ، فلو أنه $ 709 $ دفع مبلغاً أقل من قيمة الدين فإنه لا يرجع على المدين غلا بهذا المبلغ الأقل ، وقد تقدم بيان ذلك . أما المحال له فلو اشترى الحق بأقل من قيمته –ويقع ذلك غالباً - فإنه يرجع على المدين بكل الحق ، إذ هو مضارب يبغى الكسب ( [1197] ) .
ثانيا - إذا قام الموفى بوفاء الدين ، ثم أثبت المدين أن الدين غير موجود ، كأن كان باطلا أو كان قد انقضى ، فإن الموفى لا يرجع على الدائن بدعوى الضمان ، إذ أن الدائن لم ينقل حقاً ولكنه استوفاه ، فلا يجب عليه الضمان . وإنما يرجع الموفى فى هذه الحالة على الدائن بدعوى استرداد غير المستحق ، فقد تبين أنه وفى حقاً غير موجود فله أن يسترده . أما إذا رجع المحال له على المدين بالحق المحال به وتبين أن الحق غير موجود ، فإن المحال له يرجع بالضمان على الدائن ليعوضه كل ما فقده بسبب انعدام الحق ( [1198] ) .
ثالثا - إذا قام الموفى بوفاء الدين وفاء جزئياً وأراد الرجوع بدعوى الحلول على المدين ، فقد راينا أن الدائن يتقدم عليه فيستوفى الجزء الباقى من حقه أولا ، ثم يأخذ الموفى ما بقى بعد ذلك وقد لا يكون كافياً للوفاء بما دفع . أما المحال له فإذا كان قد اشترى جزءاً من الحق وأراد الرجوع به على المدين ، فإن الدائن لا يتقدم عليه ، بل يتعادل معه ويتقاسمان مال المدين قسمة غرماء .
رابعا - وقد رأينا أن الموفى إذا قام بوفاء جزء من الحق ، وقام شخص آخر بوفاء الباقى ، فإن الموفى الأول والموفى الثانى يتعادلان فى رجوعهما على المدين ، ويتقاسمان ماله قسمة الغرماء ( م 330 / 2 مدنى ) . أما إذا كان $ 710 $ الدائن ، بعد أن استوفى من الموفى جزءاً من حقه ، حول الجزء الباقى إلى محال له ، فإن هذا الجزء الباقى فى انتقاله للمحال له يبقى محتفظاً بميزة التقدم ، فيتقدم المحال له على الموفى .
الفرع الثانى
الموفى له
( Accipiens )
410 - يتم الوفاء باتفاق بين الموفىو الموفى له أو بإرادة الموفى وحده : رأينا أن الوفاء هو فى الأصل اتفاق على قضاء الدين بين الموفى والموفى له ، ولكن قد يرفض الموفى له دون حق قبول الوفاء ، فيستطيع الموفى بإرادته وحده أن يجبره على قبوله عن طريق العرض الحقيقى . وسواء كان الوفاء اتفاقاً أو بإرادة الموفى المنفردة ، فهو تصرف قانونى ( Acte Juridique ) كما سبق القول .
ونستعرض فى مبحثين متعاقبين :
(1) حالة ما إذا كان الوفاء باتفاق بين الموفى والموفى له .
(2) حالة ما إذا كان الوفاء بإرادة الموفى المنفردة ، وهذا هو العرض الحقيقى مع الإيداع ( Offre reelle et consignation ) .
المبحث الأول
الوفاء باتفاق بين الموفى والموفى له
411 - الموفى هو الدائن وقد يكون غير الدائن : الموفى له يكون عادة هو الدائن أو نائبه . وقد يكون غير الدائن فى بعض حالات استثنائية .
$ 711 $
المطلب الأول
الموفى له هو الدائن أو نائبه
412 - النصوص القانونية : تنص المادة 332 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" يكون الوفاء للدائن أو لنائبه . ويعتبر ذا صفة فى استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن ، إلا إذا كان متفقاً علىأن الوفاء يكون للدائن شخصياً ( [1199] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 167 / 230 ( [1200] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 330 - وفى التقنين المدنى الليبى المادة 319 - وفى التقنين المدنى العراقى المادة 383 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 293 / 1 ( [1201] ) .
$ 712 $
ويخلص من هذا النص أن الأصل فى الوفاء ، حتى يكون مبرئاً لذمة المدين ، أن يكون للدائن أو لنائبه .
1 - الوفاء للدائن
413 - الوفاء لمن يكون دائنا وقت استيفاء الدين : الأصل أن يكون الوفاء للدائن كما قدمنا ، لأنه هو الذى له حق استيفاء الدين وإبراء ذمة المدين منه . وليس من الضرورى أن يكون الدائن هو الذى كان دائناً وقت نشوء الدين ، بل المهم أن يكون هو الدائن وقت استيفاء الدين . ذلك أن الدائن قد يتغير فى الفترة ما بين نشوء الدين واستيفائه ، كأن يموت الدائن الأصلى فيكون الوفاء لورثته إذ هم الدائنون وقت الاستيفاء ، أو يحول الدائن الأصلى حقه إلىمحال له فيكون الوفاء لهذا الأخير إذ هو الدائن وقت الاستيفاء . فالوفاء إذن يكون للدائن أو خلفه ، عاماً كان هذا الخلف كالورثة ، أو خاصاً كالمحال له ( [1202] ) .
414 - أهلية الدائن لاستيفاء الدين : ويجب ، حتى يكون الوفاء للدائن صحيحاً مبرئاً للذمة ، أن يكون الدائن أهلا لاستيفاء الدين . فإذا كان قاصراً أو محجوراً ، لم يجز الوفاء إلا لنائبه ، أما الوفاء له شخصياً فلا يكون صحيحاً كما قدمنا . ومع ذلك ينقلب هذا الوفاء صحيحاً إذا أصبح الدائن أهلا للاستيفاء ، بأن بلغ سن الرشد أو رفع عنه الحجر ، وأجاز الوفاء عند صيرورته أهلا . وكذلك إذا أصاب الدائن الذى لا يزال غير أهل للاستيفاء منفعة من الوفاء ، فإن الوفاء $ 713 $ يكون صحيحاً بقدر هذه المنفعة . وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يشتمل على نص فى هذا المعنى هو المادة 468 من هذا المشروع ، وكان يجرى على الوجه الآتى : " إذا كان الدائن غير أهل لاستيفاء الدين . على أنه إذا أصاب الدائن منفعة من الوفاء ، كان هذا الوفاء صحيحاً بقدر هذه المنفعة " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " يشترط لصحة الوفاء توافر أهلية الاستيفاء فى الدائن . فإذا لم تتوافر فى الدائن هذه الأهلية ، وقع الوفاء له قابلا للبطلان ، وكان له وحده أن يتمسك بالبطلان . ولا تبرأ ذمة المدين فى هذه الحالة إلا فى حدود ما يعود على الدائن من منفعة من هذا الوفاء . على أن للدائن أني جيز الوفاء فى هذه الحالة بعد أن يصبح أهلا لاستيفاء الدين ، فيصحح بهذه الإجازة " . وقد حذفت هذه المادة فى لجنة المراجعة " لأنها حكم تفصيلى يكفى فيه تطبيق القواعد العامة ( [1203] ) " .
والموفى هو المكلف بإثبات أن الوفاء عاد بمنفعة على الدائن غير الأهل للاستيفاء . ويستطيع أن يثبت ذلك بجميع الطرق ، لأن حصول المنفعة واقعة مادية . ويكفى فى ذلك أن يثبت قد أنفق ما أخذه فى الشؤون المعتادة ، كأن قام بإصلاحات ضرورية أن نافعة فى عقار يملكه . كما يكفى أن يثبت أن الدائن قد استغل ما أخذه استغلالا نافعاً ، كأن اشترى عيناً ، فتبرأ ذمة المدين بقدر قيمة هذه العين إذا كانت هذه القيمة أقل مما استوفاه الدائن ، أو تبرأ ذمته من الدين كله إذا كانت قيمة العين مساوية للدين المستوفى أو أكثر . وليس من الضرورى أن يبقى النفع الذى عاد على الدائن قائماً ، ما دام النفع قد حصل فعلا للدائن . فإذا هلكت العين التى اشتراها أو تهدمت الإصلاحات التى أجراها ، وكان ذلك لا يرجع إلى سوء تدبير منه ، فإن ذمة المدين تبرأ بقدر المنفعة بالرغم من زوالها بعد ذلك ( [1204] ) .
$ 714 $
فإذا لم يعد الوفاء ينفع على الدائن ، بأن أضاع ما اخذ أو بدده أو صرفه فى غير ما يفيد ، فإن هذا الوفاء لا يبرئ ذمة المدين ، لأن الوفاء وقد حصل لناقص الأهلية يكون قابلا للإبطال . فإذا أبطل ، اعتبر الوفاء كأن لم يكن وبقى الدين فى ذمة المدين ، وليس هناك نفع عاد من الوفاء على ناقص الأهلية حتى يرجع الموفى به عليه ( [1205] ) .
وللموفى ، إذا لم يستطع إثبات أن الوفاء قد عاد بالنفع على الدائن ناقص الأهلية ، وكان الشىء الذى دفعه لا يزال قائماً فى يد الدائن ، أن يطالب ولى الدائن بإجازة الوفاء أو برد ما دفعه للدائن ( [1206] ) .
2 - الوفاء لنائب الدين
415 - الوفاء للولى أو الوصى أو القيم أو الوكيل عن الغائب : فإذا كان الدائن قاصراً أو محجوراً ، فقد قدمنا أن الوفاء له شخصياً لا يكون صحيحاً ولا يبرئ ذمة المدين . وإنما يكون الوفاء فى هذه الحالة لنائب الدائن ، وهو هنا الولى أو الوصى للقاصر ، والقيم للمحجور عليه لجنون أو عته أو غفلة أو سفه ، والوكيل للغائب المفقود .
والوفاء لأى من هؤلاء يعتبر وفاء صحيحاً مبرئا للذمة ، لأن ولايتهم على ناقص الأهلية تشمل فيما تشمل قبض الحقوق ، والقبض يعتبر من أعمال الإدارة فليس فى حاجة إلى إذن من المحكمة .
كذلك يجوز لأى من هؤلاء ، إذا لم يحصل الوفاء له مباشرة ، أن يجيز الوفاء الصادر من الموفى ، كما لو وفى المدين الدين لناقص الأهلية نفسه ثم يجيز النائب الوفاء على النحو الذى بسطناه فيما تقدم .
$ 715 $
416 - الوفاء للشريك وللحارس القضائى : والسنديك يعتبر نائباً عن المفلس ، فله الصفة فى بض حقوق المفلس فى ذمة الغير .
وكذلك الحارس القضائى ، بما له من حق فى إدارة الأموال الموضوعة تحت حراسته ، له صفة فى قبض حقوق الموضوع تحت الحراسة فى ذمة الغير .
417 - الوفاء لدائن الدائن عند استعمال الدعوى غير المباشرة : ويجوز لدائن الدائن أن يستعمل حقوق الدائن عن طريق الدعوى غير المباشرة ، ويكون فى هذه الحالة نائباً عن الدائن نيابة قانونية ( م 236 مدنى ) ، ويحق له بحكم هذه النيابة أن يقبض ما للدائن فى ذمة المدين . على أن ما يقبضه لا يختص به وحده ، بل يتقاسمه مع سائر دائنى الدائن قسمة غرماء ، وفقاً لقواعد الدعوى غير المباشرة ( [1207] ) .
418 - الوفاء للمحضر : والمحضر الموكول إليه تنفيذ حكم أو سند رسمى يعتبر نائبا عن الدائن فى قبض الدين الذى ينفذ به . فما دام قد وكل صراحة فى مباشرة إجراءات التنفيذ للحصول على هذا الدين ، فقد وكل توكيلا ضمنياً فى قبض هذا الدين نيابة عن الدائن ، فإن التنفيذ الجبرى يقتضى قيام الصفة فى قبض الدين ( [1208] ) .
419 - الوفاء لحساب جار باسم الدائن فى مصرف : ويجوز للموفى أن يوفى الدين بدفعه لحساب الدائن فى مصرف يكون له فيه حساب جار ، ويخطره بالإيداع ، على أن يتحمل الموفى تبعه الخطأ إذا هو أودع المبلغ خطأ فى حساب جار لغير الدائن .
$ 716 $
420 - الوفاء لوكيل الدائن : ويجوز الوفاء لوكيل الدائن ، ويكون عادة وكيلا فى قبض الدين ، فيكون قبضة صحيحاً ومبرئاً لذمة المدين . وقد تكون الوكالة عامة بالإدارة ، فتتضمن قبض الديون ( [1209] ) . وقد تكون الوكالة خاصة ببيع أو إيجار ، فلا تتضمن حتما وكالة بقبض الثمن أو بقبض الأجرة ، ولكنها تتضمن عادة ، وتبعاً للظروف ، وكالة فى قبض المعجل من الثمن أو المعجل من الأجرة ( [1210] ) .
وعلى الموفى أن يتثبت من صحة الوكالة ، فإذا دفع لغير وكيل ، أو لوكيل انتهت وكالته وكان ينبغى أن يعلم بانتهاء الوكالة ( [1211] ) ، فإن الوفاء لا يكون صحيحاً ولا يبرئ ذمة المدين . وللموفى أن يطلب من و كيل الدائن أن يبرز السند الذى يثبت هذه الوكالة . وقد جاء فى المادة 332 مدنى ، كما رأينا ، أنه " يعتبر ذا صفة فى استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن ، غلا إذا كان متفقاً على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً " . فوجود مخالصة بالدين صادرة من الدائن فى يد وكيل الدائن قرينة على قيام الوكالة ، وذلك ما لم يكن متفقاً بين الدائن والمدين على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً ، فللمدين فى هذه الحالة ألا يفى بالدين إلا للدائن ، ولكنه إذا وفى لمن بيده المخالصة كان الوفاء صحيحاً مبرئاً للذمة ( [1212] ) .
$ 717 $
هذا وللدائن أن يعزل الوكيل بالقبض عن الوكالة بشرط أن يخطر المدين بذلك ، فلا يكون الوفاء للوكيل المعزول صحيحاً طبقاً للقواعد المقررة فى الوكالة . ولكن يجوز أن تكون الوكالة بالقبض متفقاً عليها بين المدين والدائن فى العقد المنشئ للدين ، فلا يجوز عزل الوكيل فى هذه الحالة إلا باتفاق جديد بين المدين والدائن ، ما لم يثبت الدائن ألا مصلحة للمدين فى الوكالة فعند ذلك يجوز له عزله وحده وإلزام المدين أن يوفى الدين له هو شخصياً أو لوكيل غير الوكيل الأول . وقد يكون الوكيل المعين بالاتفاق بين المدين والدائن له هو نفسه مصلحة فى الوكالة ، كأن يكون دائناً للدائن ويرمى من وراء قبض الدين أن يستوفى حقه ، فعند ذلك لا يجوز عزله ولو باتفاق بين المدين والدائن ( [1213] ) .
المطلب الثانى
الموفى له غير الدائن
421 - النصوص القانونية : تنص المادة 333 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه ، فلا تبرأ ذمة المدين إلا إذا $ 718 $ أقر الدائن هذا الوفاء ، أو عادت عليه منفعة منه وبقدر هذه المنفعة ، أو ثم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين فى حيازته ( [1214] ) " .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 331 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 320 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 384 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 293 / 2 ( [1215] ) .
ويخلص من هذا النص أن الوفاء لغير الدائن أو نائبه لا يكون صحيحاً ولا يبرئ ذمة المدين ، إلا أنه مع ذلك يكون صحيحاً استثناء ويبرئ ذمة المدين فى أحوال ثلاثة ذكرها النص ، ونضيف إليها حالة رابعة وردت فى تقنين المرافعات . وهذه الأحوال الأربع هى :
$ 719 $
( أولا ) إذا أقر الدائن الوفاء .
( ثانيا ) إذا عادت على الدائن منفعة من الوفاء ، وبقدر هذه المنفعة .
( ثالثا ) إذا تم الوفاء للدائن الظاهر .
( رابعا ) إذا تم الوفاء لدائن الدائن الحاجز تحت يد المدين . وهنا لا يتقدم دائن الدائن بصفته نائباً عن الدائن كما يفعل فى الدعوى غير المباشرة ، بل يباشر حقاً شخصياً له هو حق الحجز تحت يد الغير .
422 - إقرار الدائن للوفاء : قد يوفى المدين الدين لغير الدائن أو نائبه ، كأن يوفيه لوكيل انتهت وكالته أو عزل عن الوكالة وكان ينبغى على المدين أن يعلم ذلك ، ففى هذه الحالة لا يكون الوفاء صحيحاً ولا يبرئ ذمة المدين ، كما سبق القول . ومع ذلك إذا أقر الدائن الوفاء ، فإن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ، ويصبح الوفاء صحيحاً مبرئاً لذمة المدين ( [1216] ) .
وإقرار الدائن للوفاء فى هذه الحالة له أثر رجعى ، فيعتبر الوفاء صحيحاً من وقت أن تم لا من وقت الإقرار فحسب . والمكلف بإثبات صدور الإقرار من الدائن هو المدين أو الموفى ، فعليه أن يثبت أن الدائن قد أقر الوفاء وفقاً لقواعد الإثبات المقررة فى التصرفات الصادرة من جانب واحد ( [1217] ) .
423 - منفعة تعود على الدائن من الوفاء : وقد يوفى المدين الدين لغير الدائن ، ولا يقر الدائن هذا الوفاء . فعند ذلك ينظر إلى عمل الموفى له ، فإن توافرت فيه شروط الفضالة ، بأن كان قد قبض الدين عن الدائن لإسداء $ 720 $ خدمة له عاجلة ، ثم أدى الدين له بعد ذلك ، فإن الوفاء يكون صحيحاً فى هذه الحالة ، لأن الفضولى يعتبر نائبا عن الدائن ، فالوفاء هنا يكون لنائب الدائن وهو صحيح كما تقدم القول .
ولكن قد لا تتوافر شروط الفضالة فى عمل الموفى له ، بأن يكون قبض الدين ليس عملا عاجلا ، فعند ذلك لا يكون الوفاء صحيحاً ، إلا إذا عادت منفعة على الدائن من هذا الوفاء وبقدر هذه المنفعة . ويمكن تصور منفعة تعود على الدائن من مثل هذا الوفاء إذا كان الموفى له أدى الدين فعلا للدائن ، فيكون الدائن قد قبض حقه كاملا ، ولا تعود له مصلحة من التمسك بإبطال الوفاء ، فينقلب الوفاء صحيحاً ويبرئ ذمة المدين . كذلك لو كان الموفى له دائناً للدائن وقد قبض الدين استيفاء لحقه فى ذمة الدائن ، وكان هذا الحق واجب الوفاء فوراً ومقدماً على غيره من ديون الدائن ، أو أدى الموفى له بما استوفاه ديناً على الدائن تتوافر فيه هذه الشروط ، فهنا عادت منفعة على الدائن من الوفاء وذلك بسداد دين فى ذمته واجب السداد فوراًن فتبرأ ذمة المدين بقدر هذه المنفعة . ذلك أن الدائن إذا رجع على المدين بالدين ، فإن المدين يرجع على الموفى له ، والموفى له يرجع على الدائن بقدر ما عاد عليه من المنفعة ، فلا محل لهذه السلسلة من الرجوع ، ويكون الوفاء فى هذه الحالة صحيحاً مبرئاً لذمة المدير بقدر ما عاد على الدائن من المنفعة ( [1218] ) .
424 - الوفاء للدائن الظاهر ( [1219] ) : قد يوفى المدين الدين لدائن ظاهر ليس هو الدائن الحقيقى ولا نائبه . والدائن الظاهر هو الذى لا يملك الدين حقيقة ، ولكن الدين يوجد فى حيازته . ذلك أن الحيازة ، كما تشمل الأشياء المادية ، تشمل الحقوق المعنوية ، فتقع على الحقوق العينية غير حق الملكية ، وكذلك تقع على الديون .
$ 721 $
ويمكن أن نتصور وجود الدائن الظاهر فى فروض مختلة . من ذلك أن يحول الدائن حقه ، ثم يتضح بعد ذلك أن الحوالة باطلة أو قابلة للأبطال أو الفسخ ، فتبطل أو تفسخ ، ويتبين بذلك أن المحال له لم يكن فى يوم من الأيام مالكا للحق المحال به ولكنه مع ذلك كان يحوزه ، فهو دائن ظاهر ( [1220] ) . كذلك إذا فرضنا أن الحوالة صورية وأعتقد المدين أنها حوالة جدية ، فالمحال له الصورى يعتبر هنا أيضا دائناً ظاهراً ( [1221] ) . ويكون دائناً ظاهراً الشخص الذى وصل إلى حيازته دون حق سند لحامله ، فإن مجرد حمل هذا السند يجعل الحامل يظهر بمظهر المالك له فهو دائن ظاهر ( [1222] ) . ويعتبر دائناً ظاهراً الوارث الظاهر $ 722 $ فإذا آلت التركة إلى شخص ، ولم يكن هو الوارث الحقيقى بل كان هناك مثلا وارث يحجبه ، فإن الوارث الظاهر يعتبر دائناً ظاهراً بجميع ما للتركة من حقوق فى ذمة الغير . وإذا أوصى شخص بدين له فى ذمة آخر ، ووضع الموصى له يده على هذا الدين بعد موت الموصى ، ثم أبطلت الوصية لسبب ما ، فإن الموصى له يكون دائناً ظاهراً بالدين الموصى به ( [1223] ) . وإذا دفعت الإدارة تعويضاً عن نزع الملكية إلى حائز العقار باعتبار أنه المالك ، ولم يكن فى الحقيقة مالكا ، فقد أوفت بالدين إلى الدائن الظاهر ( [1224] ) . وقد يعتبر المستحق فى وقف دائناً ظاهراً ، فإذا وزعت وزارة الأوقاف ريع وقف معين على المستحقين كل بحسب الحصة التى قررها مفتيها دون أن يصدر أى اعتراض من أصحاب الشأن ، ثم تبين بعد ذلك بحكم شرعى نهائى أن حصة أحد المستحقين تزيد عما كان يتناوله ، لم يجز له أن يرجع على الوزارة بقيمة الفرق ، لأن هذه القيمة دفعت إلى مستحق آخر كان قبل الحكم الشرعى هو الدائن الظاهر ( [1225] ) .
ونرى من ذلك أن الدائن الظاهر هو الشخص الذى لا يكون دائناً حقيقياً ، ولكن الدين موجود فى حيازته بحيث يقع فى روع الناس أنه هو الدائن الحقيقى . فهذا المظهر ، وإن كان يتعارض مع الحقيقة ، قد اطمأنت إليه الناس ، فوجبت حماية من يتعامل بحسن نية على مقتضاه حتى يستقر التعامل ( [1226] ) . وليس من الضرورى أن يكون الدائن الظاهر هو نفسه حسن النية ، أى يعتقد أنه الدائن الحقيقى . وإذا كان يغلب فعلا أن يكون حسن النية ، إلا أنه يبقى $ 723 $ دائناً ظاهراً حتى لو أصبح سيئ النية بعد أن كشف حقيقة أمره ، بل حتى لو كان سيئ النية منذ البداية أى منذ وضع يده على الدين . ذلك أن القانون لا يحمى الدائن الظاهر نفسه ، بل هو يحمى الذين تعاملوا معه ما داموا هم حسنى النية ( [1227] ) .
ويتبين مما تقدم أن الوفاء للدائن الظاهر ، حتى يكون صحيحاً ، يجب أن يقترن بحسن نية الموفى ( [1228] ) . فمن وفى الدين ، سواء كان المدين أو الغير ( [1229] ) ، لدائن ظاهر ، وأعتقد بحسن نية أنه هو الدائن الحقيقى وقد وفاه الدين على هذا الاعتبار ، برئت ذمته بهذا الوفاء ( [1230] ) . ويرجع الدائن الحقيقى على الدائن الظاهر بما استوفاه هذا من الدين دون حق طبقاً لقواعد الإثراء بلا سبب ( [1231] ) ، بل يستطيع الدائن الحقيقى أن يرجع بتعويض على الدائن الظاهر إذا كان هذا سيء النية وقت استيفاء الدين ( [1232] ) .
$ 724 $
والذى يكون صحيحاً مبرئاً للذمة هو الوفاء للدائن الظاهر ، للاعتبارات العملية التى تقدم ذكرها . أما غير الوفاء من أسباب انقضاء الالتزام فلا يكون صحيحاً إذا صدر من الدائن الظاهر . ومن ثم إذا أبرأ الدائن الظاهر المدين من الدين ، أو اتفق معه على تجديده ، فإن كلا من الإبراء والتجديد لا يكون صحيحاً ، ولا يسرى فى حق الدائن الحقيقى ( [1233] ) .
425 - الوفاء لدائن الدائن الحاجز تحت يد المدين : لا يعنينا من موضوع حجز ما للمدين لدى الغير –وهو من مباحث المرافعات - إلا القدر الذى نبين به متى يكون الوفاء لدائن الدائن الحاجز تحت يد المدين وفاء صحيحاً مبرئاً للذمة . ذلك أنه يجوز لدائن الدائن أن يحجز يد المدين ، فيمنع المدين بذلك من أن يوفى الدين للدائن ، بل ويجبره بعد إجراءات معينة على ان يوفى الدين له هو ويكون هذا الوفاء صحيحاً مبرئا لذمة المدين .
فيجوز إذن لدائن الدائن بدين محقق الوجود حال الأداء أن يحجز تحت يد مدين الدائن ، سواء كان بيد دائن الدائن سند تنفيذى أو لم يكن بيده هذا السند . فإذا لم يكن بيده سند تنفيذى ، أو كان دينه غير معين المقدار ، وجب أن يحصل على أمر بالحجز دين الحاجز تقديراً مؤقتاً ( أنظر المادتين 543 و 545 من تقنين المرافعات ) .
ومنذ يوقع الحجز تحت يد مدين الدائن على النحو المتقدم الذكر ، لا يستطيع هذا المدين أن يوفى الدين للدائن أو نائبه ( [1234] ) ، ولكنه يستطيع الوفاء بالإيداع $ 725 $ فى خزانة المحكمة التى يتبعها ( [1235] ) ( م 555 / 2 مرافعات ) .
فغذا لم يودع المدين المحجوز لديه ما فى ذمته فى خزانة المحكمة ، وجب عليه خلال خمسة عشر يوماً من إعلانه بالحجز التقرير بما فى ذمته للدائن فى قلم كتاب المحكمة التى يتبعها ( [1236] ) ( م 548 مرافعات ) .
ومتى كان لدى دائن الدائن سند تنفيذى ، أو حصل على هذا السند عقب الحكم بصحة الحجز ، فإن المدين المحجوز لديه يجب عليه أن يوفى الدين ، لا إلى دائنه المحجوز عليه ، بل إلى دائن الدائن الحاجز ( [1237] ) . وتنص المادة 567 مرافعات فى هذا الصدد على ما يأتى : " يجب على المحجوز لديه بعد خمسة عشر يوماً من تاريخ تقريره أن يدفع إلى الحاجز المبلغ الذى اقر به أو ما يفى منه بحق الحاجز ، وذلك متى كان حقه وقت الدفع ثابتاً بسند تنفيذى وكانت الإجراءات $ 726 $ المنصوص عليها فى المادة 474 قد روعيت . فإذا وقع حجز جديد بعد انقضاء الميعاد المذكور ، فلا يكون له أثر إلا فيما زاد على دين الحاجز الأول . وإذا تعدد الحاجزون مع عدم كفاية المبلغ لوفاء حقوقهم جميعاً ، وجب على المحجوز لديه إيداعه خزانة المحكمة لتقسيمه " .
على أن الدائن يستطيع ، دون أن ينتظر الانتهاء من إجراءات الحجز الطويلة ، إذا كان الحق الذى له فى ذمة مدينه أكبر من الحق الذى فى ذمته لدائنه الحاجز ، أن يخصص لذمة الدائن الحاجز مبلغاً مساوياً لحقه ، فيتمكن بذلك أن يستوفى الباقى من مدينه . وقد رسم تقنين المرافعات طريقين لذلك . فنص فى المادة 559 على أنه " إذا أودع فى خزانة المحكمة مبلغ مساو للدين المحجوز من أجله وخصص للوفاء بمطلوب الحاجز عند الإقرار له به أو الحكم له بثبوته ، زال قيد الحجز عن المحجوز لديه . وإذا وقعت حجوز جديدة على المبلغ المودع ، فلا يكون لها اثر فى حق الحاجز " . ثم نص فى المادة 560 على أنه " يجوز للمحجوز عليه أيضاً أن يطلب من قاضى الأمور المستعجلة ، فى أية حالة تكون عليها الإجراءات ، تقرير مبلغ يودعه خزانة المحكمة على ذمة الوفاء للحاجز . وينتهى أثر الحجز بالنسبة إلى المحجوز لديه من وقت تنفيذ هذا الحكم بالإيداع ، ويصبح المبلغ المودع مخصصاً للوفاء بمطلوب الحاجز عند الإقرار له به أو الحكم له بثبوته " . والنص الأخير مستحدث فى تقنين المرافعات الجديد ، وقد أخذ عن تشريع فرنسى فى هذا المعنى صادر فى 17 من يوليه سنة 1907 معدلا للمادة 567 من تقنين المرافعات الفرنسى . وهو يعالج حالة ما إذا امتنع المدين المحجوز لديه عن إيداع مبلغ مساو للدين المحجوز من أجله فى خزانة المحكمة وفقاً للمادة 559 مرافعات ، معطلا بذلك حق الدائن المحجوز عليه من استيفاء الباقى له فى ذمة مدينه بعد استنزال الدين المحجوز من أجله ، فيتمكن الدائن المحجوز عليه من إجبار مدينه على هذا الإيداع من طريق الالتجاء إلى قاضى الأمور المستعجلة ( [1238] ) .
$ 727 $
فإذا لم يخصص مبلغ مساو للدين المحجوز من أجله للوفاء بمطلوب الدائن الحاجز ، بقى كل الدين محجوزاً تحت يد المدين المحجوز لديه . والذين يفيدون من هذا الحجز هم دائنو الدائن الذين وقعوا الحجز تحت يد مدين الدائن . فإذا تصرف الدائن فيما بقى من حقه بعد استنزال المطلوب لهؤلاء ، نفذ تصرفه فى حق دائنيه الآخرين إذا جاء حجزهم لاحقاً لنفاذ هذا التصرف ( [1239] ) . أما الدائنون الحاجزون قبل نفاذ التصرف فيتعادلون فيما بينهم ، ولا يتقدم واحد منهم على الآخرين حتى لو كان حجزه هو المتقدم ( [1240] ) .
والحكم بصحة الحجز هو وحده الذى يخصص للحاجز حقه ، ويقدمه على سائر الحاجزين الذين لم يوقعوا حجوزهم إلا بعد إعلان الحكم بصحة الحجز إلى المدين ( [1241] ) .
المبحث الثانى
الوفاء بإرادة الموفى وحده
( العرض الحقيقى والإيداع )
426 - متى يجوز للمدين العرض الحقيقى والإيداع – النصوص القانونية : تنص المادة 334 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحا ، $ 728 $ أو رفض القيام بالأعمال التى لا يتم الوفاء بدونها ، أو أعلن أنه لن يقبل الوفاء ، اعتبر أنه قد تم إعذاره من الوقت الذى يسجل المدين عليه هذا الرفض بإعلان رسمى " .
وتنص المادة 338 على ما يأتى :
" يكون الإيداع أو ما يقوم مقامه من إجراء جائزاً أيضاً إذا كان المدين يجهل شخصية الدائن أو موطنه ، أو كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها ولم يكن لهنائب يقبل عنه الوفاء ، أو كان الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص ، أو كانت هناك أسباب جدية أخرى تبرر هذا الأجراء " ( [1242] ) .
ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن هذه الأحكام كان معمولا بها دون نص .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين 332 و 336 – وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 321 و 325 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 385 و 388 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 294 / 1 ( [1243] ) .
$ 729 $
ويخلص من هذه النصوص أن للمدين الوفاء بإرادته المنفردة عن طريق عرض الدين عرضاً حقيقاً على الدائن ثم إيداعه بعد ذلك ، أو عن طريق إيداعه مباشرة دون عرض ، فى الحالتين الآتيتين :
(1) إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء أو قام بعمل يعدل هذا الرفض ، وهنا يجب العرض أولا فإذا رفضه الدائن وجب الإيداع .
(2) إذا تعذر على المدين الوفاء للدائن لسبب جدى ، وهنا لا محل للعرض الحقيقى بل يتم الإيداع مباشرة دون عرض .
427 - رفض الدائن قبول الوفاء : يجد المدين نفسه مضطراً إلى الوفاء بدينه بإرادته المنفردة ، وذلك باتخاذ إجراءات العرض والإيداع ، إذا هو اصطدم برفض الدائن لاستيفاه دينه دون مبرر ، أو إذا قام الدائن بعمل مماثل لهذا الرفض .
والدائن يرفض استيفاء الدين إذا هو اعتقد أن المدين لا يوفيه له كاملا أو لا يوفيه له وفاء صحيحاً أو نحو ذلك ويعتقد المدين أنه يقوم بوفاء صحيح ، فأمام هذا الخلاف لا يجد المدين بدَّا من عرض الدين وإيداعه . وقد يكون الدائن $ 730 $ متعنتاً فى رفضه لاستيفاء الدين ، فهنا أيضاً ، ومن باب أولى ، يحق للمدين أن يعرض الدين ويودعه ( [1244] ) .
ويماثل رفض الدائن لاستيفاء الدين أن يقتضى الوفاء تدخل الدائن فيمتنع عن ذلك ، كما لو كان الدين واجب الوفاء فى موطن المدين وأبى الدائن أن يسعى إليه فى هذا الموطن .
وقد يسبق الدائن الحوادث فيعلن ، قبل أن يعرض المدين الوفاء ، أنه لن يقبله إذا عرض عليه ، فعندئذ يحق للمدين أن يعرض الدين عرضاً حقيقياً ثم يودعه ( [1245] ) .
428 - تعذر الوفاء للدائن : وقد يجد المدين نفسه فى حالة يتعذر معها أن يوفى دينه لدائن مباشرة ، ويتحقق ذلك فى الفروض الآتية :
أولا - إذا كان المدين يجهل شخصية الدائن أو موطنه . مثل ذلك أن يكون الدائن الأصلى قد مات عن ورثة انتقل إليه الدينن ولكن المدين يجهل من هم هؤلاء الورثة أو أين موطنهم ، وقد حل الدين ويريد المدين أن يتخلص منه بالوفاء ، فلا يعرف لمن يوفيه . عند ذلك لا يسعه إلا أن يودع الدين على ذمة صاحبه ، دون عرض حقيقى أو إعذار ، إذ يجهل من هو الدائن الذى يعرض عليه الدين أو أين هو ( [1246] ) .
$ 731 $
ثانيا - إذا كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها ، ولم يكن له نائب يقبل عنه الوفاء . وقد يكون الدائن عديم الأهلية أو ناقصها منذ نشوء الدين ويبقى على هذا الوضع إلى أن يحل ، فلا يجد المدين بدَّا من إيداع الدين على ذمة هذا الدائن دون أن بعرضه عليه عرضاً حقيقيا ، إذ ليست للدائن أهلية الاستيفاء . وقد يجد المدين نفسه ، بعد أن كان دائنه كامل الأهلية ثم مات عن وارث قاصر ، أمام هذا الوارث وليس له نائب يقبل عنه الوفاء ، فيضطر أيضاً فى هذه الحالة إلى إيداع الدين على ذمته .
ثالثا - إذا كان الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص . وهنا أيضاً لا يجد المدين من الحكمة أن يحمل التبعة فى حسم هذا النزاع فيوفى الدين لمن يعتقد أنه على حق من المتنازعين ، وإلا كان مسئولا عما قد يقع فيه من الخطأ . فلا يجد بدَّا من إيداع الدين على ذمة أى من المتنازعين يكون هو الدائن الحقيقى ، دون أن يسبق هذا الإيداع عرض للدين . ومثل التنازع على الدين أن يستوفى الدائن حقه من الغير فيحل الغير محله فيه ، ويحول فى الوقت ذاته هذا الحق لمحال له يعلن الحوالة للمدين ، فيتنازع الدين الموفى والمحال له كل منهما يدعى أنه الأولى بالدين ( [1247] ) . ومثل ذلك أيضاً أن يموت الدائن ، فيتنازع الدين الوارث وموصى له بالدين إذ يطعن الوارث فى الوصية بالبطلان .
رابعا - إذا كانت هناك أسباب جدية تبرر هذا الإجراء . فمتى قام سبب جدى يمنع المدين من عرض الدين على الدائن وهو مع ذلك يريد الوفاء به ، فليس أمامه إلا أن يودعه على ذمة الدائن . مثل ذلك أن يريد المشترى الوفاء بالثمن للبائع ، ولكن البائع يمتنع عن القيام بما يجب للتصديق على إمضائه فى عقد البيع ، فلا يجد المشترى بدَّا من إيداع الثمن على ذمة البائع بشرط ألا يقبضه إلا بعد التصديق على الإمضاء ، ثم يعمد بعد ذلك إلى رفع دعوى بثبوت البيع . ومثل ذلك أيضاً أن يريد المدين الوفاء بدين لغير الدائن حق فيه ، $ 732 $ ولا يستطيع المدين أن يحصل على مخالصة من هذا لاغير ، فلا يسدعه فى هذه الحالة إلا أن يودع الدين ( [1248] ) .
وفى هذه الفروض المتقدمة التى يتعذر فيها على المدين الوفاء للدائن ، ليس على المدين إلا أن يودع الدين ، دون حاجة إلى عرض حقيقى كما قدنا ، فتبرأ ذمته من الدين ( [1249] ) .
وإذ فرغنا من بيان الأحوال التى يجوز فيها للمدين إيداع الدين بعد عرض حقيقى أو دون عرض ، يبقى أن نبحث مسألتين :
(1) إجراءات العرض الحقيقى والإيداع .
(2) ما يترتب على القيام بهذه الإجراءات من الآثار ( [1250] ) .
$ 733 $
المطلب الأول
إجراءات العرض الحقيقى والإيداع
429 - وجوب التنسيق بين نصوص التقنين المدنى ونصوص تقنين المرافعات : تضمن التقنين المدنى طائفة من النصوص فى خصوص العرض الحقيقى والإيداع ، وأحال فى بقية المسائل على تقنين المرافعات . ولكن تقنين المرافعات لم تنسق نصوصه مع نصوص التقنين المدنى ، ويبدو لأول وهلى أن هناك شيئاً من التنافر بين هاتين الطائفتين من النصوص . فلابد إذن من التوفيق ما بين التقنينيين ، وإعمال نصوص كل منهما بحيث لا يتعارض ذلك مع إعمال نصوص التقنين الآخر .
430 - مراحل ثلاث : ويبدو –للتوفيق ما بين التقنينيين - أن هناك مراحل ثلاثا :
( المرحلة الأولى ) مرحلة إعذار الدائن ، وما يترتب على هذا الإعذار من نتائج قانونية . وهذه المرحلة انفرد بذكرها التقنين المدنى .
( المرحلة الثانية ) مرحلة عرض الدين عرضاً حقيقياً على الدائن . وهى مرحلة انفرد برسم إجراءاتها تقنين المرافعات .
( المرحلة الثالثة ) مرحلة إيداع الدين على ذمة الدائن . وهذه مرحلة اشترك فى رسم إجراءاتها كل من التقنين المدنى وتقنين المرافعات .
431 - ( أ ) مرحلة إعذار الدائن : يبدأ المدين بعرض الوفاء على الدائن عرضاً فعلياً صحيحاً . والعرض الصحيح هو أن يعرض المدين الوفاء طبقاً للقواعد القانونية المقررة فى شأنه . فيعرض الدين كله وملحقاته غير منقوصة ، ويعرضه فى وقت حلوله ، وفى مكان الوفاء ، ويكون المدين أهلا لوفاء الدين $ 734 $ ويكون الدائن أهلا لاستيفائه ( [1251] ) . وليس من الضرورى أن يكون هذا العرض الفعلى على يد محضر ، فتدخل المحضر إنما يكون عند إعذار الدائن وعند العرض الحقيقى للدين . ويكفى أن يبدى استعداده ، إذا توافرت الشروط المتقدمة الذكر ، لوفاء الدين للدائن . ويتم ذلك بأية طريقة تفى بهذا الغرض ، فيصح أن يتم بالكتابة لتيسير الإثبات ؛ ويحسن أن تكون الكتابة مسجلة موصى عليها حتى لا يقع نزاع فى تسلمها .
فإذا رفض الدائن قبول الوفاء على هذا الوجه ، فعلى المدين عندئذ أن يسجل على الدائن رفضه بإعلان رسمى على يد محضر ( [1252] ) . ويعتبر هذا الإعلان إعذاراً للدائن برفضه للوفاء .
432 - ما يترتب على إعذار الدائن من النتائج – النصوص القانونية : ويترتب على إعذار الدائن على الوجه المتقدم الذكر نتائج خطيرة ، كانت تترتب فى عهد التقنين المدنى السابق على العرض الحقيقى والإيداع ، وقد رتبها التقنين المدنى الجديد على مرحلة سابقة للعرض والإيداع ، هى مرحلة إعذار الدائن . فنصت المادة 335 من هذا التقنين على ما يأتى :
" إذا تم إعذار الدائن ، تحمل تبعة هلال الشىء أو تلفه ، ووقف سريان الفوائد ، وأصبح للمدين الحق فى إيداع الشىء على نفقة الدائن والمطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر ( [1253] ) .
$ 735 $
ويتبين من هذا النص أن النتائج التى يرتبها القانون على إعذار المدين للدائن هى ما يأتى :
أولا - يتحمل الدائن تبعة هلاك الشىء أو تلفه ، وذلك فيما إذا كان الهلاك أو التلف مما يحمل المدين تبعته قبل إعذار الشىء . مثل ذلك أن يعرض البائع تسليم المبيع على المشترى عرضاً صحيحاً تتافر فيه الشروط التى قدمناها ، فيأبى المشترى تسلم المبيع دون مبرر . عند ذلك يسجل البائع رفض المشترى لتسلم المبيع عن طريق إعلان رسمى على يد محضر . ومنذ وصول هذا الإعلان للمشترى يصبح هو الذى يتحمل تبعة هلاك المبيع أو تلفه ، وكان الذى يتحمل هذه التبعة قبل الإعلان هو البائع لا المشترى . وقد نصت المادة 437 مدنى على هذا الحكم صراحة ، فقضت بأنه " إذا هلك المبيع قبل التسليم لسبب لايد للبائع فيه ، انفسخ البيع واسترد المشترى الثمن ، إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشترى لتسلم المبيع " .
ثانيا - يقف سريان الفوائد فيما إذا كان الدين نقوداً تنتج فوائد ، سواء $ 736 $ كانت هذه الفوائد اتفاقية أو قانونية ( [1254] ) . ولا حاجة ، فى وقف سريان الفوائد ، للعرض الحقيقى والإيداع ، بل يكفى إعذار الدائن على الوجه المتقدم الذكر . ووجه هذا الحكم ظاهر ، إذ المفروض أن الدائن يرفض استيفاء الدين دون مبرر ، والمدين يعرض الوفاء حتى يتخلص من الدين وفوائده ، فالدائن هو المتعنت ويكون من العدل وقف سريان الفرائد .
ثالثا - جواز عرض المدين للدين على الدائن عرضاً حقيقياً وإيداعه إياه بعد ذلك على نفقة الدائن . ونص المادة 335 من التقنين المدنى يقول فى هذا الصدد : " وأصبح للمدين الحق فى إيداع الشىء على نفقة الدائن " ، فلا يتكلم عن العرض الحقيقى ، وكأن التقنين المدنى قد استعاض عن العرض الحقيقى بالإعذار . ولكن تقنين المرافعات نص فى المادة 786 على أن " للمدين إذا أراد تبرئة ذمته مما هو مقربه ، نقداً كان أو غيره ، أن يعرضه فعلياً على دائنه على يد محضر " . وهذا هو العرض الحقيقى الذى لابد أن يسبق الإيداع . ثم إن التقنين المدنى نفسه يشير إشارة عارضة على العرض الحقيقى والإيداع ، ويحيل فى الإيداع على تقنين المرافعات ، فيقول فى المادة 339 : " يقوم العرض الحقيقى بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء إذا ت لاه إيداع يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات . . . " وكذلك تشير المادة 340 فى فقرتيها إلى العرض ( [1255] ) .
من أجل ذلك نرى –للتوفيق بين التقنين المدنى وتقنين المرافعات - أن تجعل مرحلة إعذار الدائن سابقة على مرحلة العرض الحقيقى ، دون أن تغنى عنها .
ولكننا نرى ، من جهة أخرى ، أن المدين يستطيع أن يستغنى عن مرحلة الإعذار ، وأن يقوم مباشرة بالعرض الحقيقى وفقا للقواعد المقررة فى تقنين $ 737 $ المرافعات . غير أن النتائج التى كانت تترتب على الإعذار والتى بسطناها فيما تقدم ، تتأخر فى هذه الحالة إلى حين العرض الحقيقى .
على أن الإعذار ، إلى جانب أنه يعجل بالنتائج التى تترتب عليه ، يكون دليلا قاطعاً على أن الدائن قد رفض استيفاء الدين ، فتكون نفقات العرض الحقيقى ثم نفقات الإيداع فى هذه الحالة على الدائن ، كما تقول المادة 335 مدنى فيما قدمناه .
رابعا - مطالبة المدين للدائن بتعويض عن الضرر الذى أصابه من جراء امتناع الدائن دون مبرر عن استيفاء الدين . فإلى جانب تحمل الدائن تبعة هلاك الشىء ، وإلى جانب وقف سريان الفوائد وتحميل الدائن نفقات العرض الحقيقى والإيداع ، قد يصيب المدين ضرر آخر ، كأن يكون محل الدين عيناً معينة بالذات ، ويمتنع الدائن دون مبرر عن تسلمها فتبقى شاغلة للمكان الذى هى فيه مدة طويلة . فيكون للمدين فى هذه الحالة أن يطالب الدائن بتعويض عن الضرر الذى أصابه من جراء ذلك ، ويتمثل هذا التعويض عادة فى أجرة هذا المكان طول المدة التى شغلته فيها العين دون مبرر ( [1256] ) .
433 - ( ب ) مرحلة العرض الحقيقى : وتلى مرحلة إعذار الدائن مرحلة العرض الحقيقى كما قدمنا . وتقنين المرافعات هو الذى تكفل برسم إجراءات هذه المرحلة على الوجه الاتى :
إذا كان الشىء محل الدين نقوداً أو شيئاً آخر مما يمكن تسليمه للدائن فى موطنه ، فعلى المدين أن يعرضه عرضاً فعليَّا على الدائن فى موطن على يد محضر ( م 786 مرافعات ) ( [1257] ) . أما ما لا يمكن تسليمه للدائن فى موطنه ، كالعقارات $ 738 $ أو المنقولات التى لا يتيسر نقلها إلا بمقشة ومؤونة ، فيحصل عرضها عرضاً حقيقياً على الدائن بمجرد تكليفه على يد محضر ( 787 مرافعات ) . ويجب أن يشتمل محضر العرض أو ورقة التكليف على بيان جنس النقود وعددها وبيان الشىء المعروض بياناً دقيقاً وعلى شروط العرض وذكر قبول المعروض أو رفضه ( م 788 مرافعات ) . ويجب أن يشتمل محضر العرض أو ورقة التكليف على بيان جنس النقود وعددها وبيان الشىء المعروض بياناً دقيقاً وعلى شروط العرض وذكر قبول المعروض أو رفضه ( م 788 مرافعات ) .
وقد نصت المادة 792 من تقنين المرافعات على نوع خاص من العرض الحقيقى بإجراءات مختصرة ، هو العرض حال المرافعة أمام المحكمة . فقضت بأنه " يجوز العرض الفعلى حال المرافعة أمام المحكمة بدون إجراءات أخرى إذا كان من يوجه إليه العرض حاضراً . وتسلم النقود المعروضة عند رفضها لكاتب الجلسة لإيداعها خزانة المحكمة ، ويذكر فى محضر الإيداع ما أثبت بمحضر الجلسة من تقريرات الخصوم خاصاً بالعرض ورفضه . وإذا كان المعروض فى الجلسة من غير النقود ، تعين على العارض أن يطلب إلى المحكمة تعيين حارس عليه لحفظه كما ذكر ، ولا يقبل الطعن فى الحكم الصادر بتعيين الحارس . وللعارض أن يطلب على الفور الحكم بصحة العرض " .
هذا وإذا قبل الدائن العرض ، ذكر المحضر ذلك فى محضره ، وقبض الدائن الدين من يد المحضر . وبذلك يتم الوفاء له بالدين . وكان عليه هو مصروفات العرض ( [1258] ) ، إلا إذا تبين أنه لم يكن المتسبب فى هذه الإجراءات وأن المدين كان متسرعاً فى الالتجاء إليها . وإن لم يقبل الدائن العرض ، ذكر المحضر ذلك فى محضره ، وانتقل بعد ذلك إلى مرحلة الإيداع ( [1259] ) .
$ 739 $
434 - ( جـ ) مرحلة الإيداع – نصوص قانونية : تكفل تقنين المرافعات أيضاً برسم إجراءات هذه المرحلة ، جاء فى التقنين المدنى بعض نصوص فى خصوصها . وتتلخص أحكام مرحلة الإيداع ، كما وردت فى نصوص التقنينين ، فيما يأتى :
المعروض إما أن يكون نقوداً أو غير نقود .
فإن كان من النقود ، ورفض الدائن العرض ، قام المحضر بإيداع هذه النقود خزانة المحكمة فى اليوم التالى لتاريخ محضر العرض على الأكثر . وعلى المدين إعلان الدائن بصورة من محضر الإيداع ( [1260] ) فى ظرف ثلاث أيام من تاريخ ( 789 مرافعات ) .
وإن كان المعروض من غير النقود ، ورفض الدائن العرض ، جاز للمدين أن يطلب من قاضى الأمور المستعجلة تعيين حارس لحفظه فى المكان الذى يعينه ( م 790 مرافعات ) .
وقد ورد فى التقنين المدنى فى هذا الخصوص نصان يكملان نصوص تقنين المرافعات .
فنصت المادة 336 مدنى على أنه " إذا كان محل الوفاء شيئا معيناً بالذات ، وكان الواجب أن يسلم فى المكان الذى يوجد فيه ، جاز للمدين ، بعد أن ينذر الدائن بتسلمه ، أن يحص لعلى ترخيص من القضاء فى إيداعه . فإذا كان هذا الشىء عقاراً أو شيئاً معداً للباقء حيث وجد ، جاز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة ( [1261] ) " . وهذا النص ، للتوفيق بينه وبين المادة 790 مرافعات ، $ 740 $ يجب أن يجعل مفصلا لأحكام هذه المادة . ويجب إذن أن نميز فى غير النقود بين ما يمكن نقله وإيداعه كمجوهرات وعروض يسيرة النقل ، وبين ما هو معد للبقاء حيث وجد كالعقارات وبعض المنقولات العسيرة النقل والتى هى معدة لتبقى حيث هى كالآلات الزراعية والسيارات والمؤن وأدوات العمارة ( [1262] ) ونحو ذلك . فإذا كان المعروض مما يتيسر نقله ، جاز للمدين أن يطلب من قاضى الأمور المستعجلة وفقا للمادة 790 مرافعات ، أو أن يطلب بعريضة من قاضى الأمور الوقتية وفقاً للمادة 336 مدنى ، أمراً بتعيين حارس لحفظ الشىء فى المكان الذى يعينه القاضى ( [1263] ) ، وقد يكون هذا المكان هو خزانة المحكمة إذا تير ذلك كما هو الأمر فى إيداع المجوهرات والأوراق المالية ونحوها . أما إن كان المعروض مما لا يتيسر نقله بل كان معداً للبقاء حيث وجد ، جاز $ 741 $ للمدين ، بالطريقة نفسها ، أن يطلب تعيين حارس لحراسته حيث يوجد دون أن ينقل . وفى جميع هذه الأحوال تقوم الحراسة ، فى المكان الذى يعين أو فى المكان الذى يوجد فيه المعروض ، مقام الإيداع .
على أن الأشياء المعروضة قد تكون مما يسرع إليه التلف كالسمن والزيوت والدقيق ونحو ذلك ، أو تكون مما يكلف نفقات باهظة فى إيداعه أو حراسته كالمواشى وبعض المحوصلات الزراعية ، فهذه وتلك عرضت لها المادة 337 من التقنين المدنى فنصت على ما يأتى : " 1 - يجوز للمدين ، بعد استئذان القضاء ، أن يبيع بالمزاد العلنى الأشياء التى يسرع إليها التلف ، أو التى تكلف نفقات باهظة فى إيداعها أو حراستها ، وأن يودع الثمن خزانة المحكمة . 2 - فإذا كان الشىء له سعر معروف فى الأسواق ، أو كان التعامل فيه متداولا فى البورصات ، فلا يجوز بيعه بالمزاد إلا إذذ تعذر البيع ممارسة بالسعر المعروف ( [1264] ) " .
$ 742 $
فإذا ما أودع الشىء –بعد عرضه عرضاً حقيقياً على الدائن - على النحو السابق ، كان للعرض والإيداع آثار قانونية تنتقل الآن إلى بيانها .
المطلب الثانى
ما يترتب على العرض والإيداع من الآثار
435 - النصوص القانونية : تنص المادة 339 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" يقوم العرض الحقيقى بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقاً لحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أى إجراء مماثل ، وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائى بصحته " ( [1265] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 175 / 238 ( [1266] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 337 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 326 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 386 – وفى تقنين الموجبات و العقود اللبنانى العبارة الأخيرة من المادة 294 / 2 والمادة 298 ( [1267] ) .
$ 743 $
ويتبين من هذا النص أنه يجب التمييز بين فرضين : ( أولا ) العرض والإيداع بعد قبول الدائن أو بعد صدور حكم نهائى بصحة العرض . ( ثانيا ) العرض والإيداع قبل القبول أو صدور الحكم .
أ - أثر العرض والإيداع بعد قبول الدائن أو بعد صدور حكم بصحة العرض
436 - قبول الدائن للعرض : قد يقبل الدائن العرض فى النهاية ، وذلك بعد أن يكون قد رفضه وبعد أن يكون الإيداع قد تم بناء على هذا الرفض . ويجب أن يعلن قبوله للمدين حتى ينتج القبول أثره ، وإلا جاز للمدين قبل وصول القبول إلى علمه أن يرجع فى العرض ( [1268] ) على الوجه الذى سنبينه .
ويجب أيضاً ، حتى يجوز للدائن أن يقبل عرضاً سبق له رفضه ، أن يثبت المودع لديه ( أو خزانة المحكمة ) أنه أخبر المدين بإعلان رسمى على يد محضر أنه سيسلم الشىء المودع للدائن ، وذلك قبل حصول التسليم فعلا بثلاثة أيام $ 744 $ على الأقل . وعند تسليم الشىء للدائن ، يجب عليه أن يسلم المودع لديه صورة محضر الإيداع التى تسلمها مع مخالصة بما قبضه .
وقد نصت على هذه الأحكام صراحة المادة 794 من تقنين المرافعات ، إذ تقول : " يجوز للدائن أن يقبل عرضاً سبق له رفضه ، وأن يتسلم ما أودع على ذمته ، إذا لم يكن المدين قد رجع فى عرضه ، وأثبت المودع لديه أنه أخبر مدينه على يد محضر بعزمه على التسليم قبل حصوله بثلاثة أيام على الأقل . ويسلم الدائن المودع لديه صورة محضر الإيداع المسلمة إليه مع مخالصة بما قبضه " ( [1269] ) .
437 - الحكم بصحة العرض والإيداع : فإذا لم يقبل الدائن العرض بعد الإيداع ، فإن للمدين أن يطلب الحكم بصحة العرض والإيداع ، كما أن للدائن دون أن ينتظر رفع هذه الدعوى أن يبادر هو إلى رفع دعوى ببطلان العرض والإيداع . وتنص المادة 791 مرافعات فى هذا الصدد على أنه : " يجوز طلب الحكم بصحة العرض أو ببطلانه ، وبصحة الإيداع أو عدم صحته ، بالطرق المعتادة لرفع الطلبات الأصلية أو العارضة " .
وفى دعوى صحة العرض والإيداع ، لا يجوز الحكم بصحة العرض وحده إذا لم يعقبه إيداع أو أى إجراء مماثل كوضع المعروض تحت الحراسة على النحو الذى قدمناه . ولا يقتصر الأمر على إيداع المعروض وحده ، بل يجب أن يعرض مع فوائده التى استحقت إلى يوم الإيداع . وقد وردت هذه الأحكام فى الفقرة الأولى من المادة 793 من تقنين المرافعات ، إذ تنص على أنه : " لا يحكم بصحة العرض الذى لم يعقبه إيداع إلا إذا تم إيداع المعروض مع فوائده التى استحقت لغاية يوم الإيداع " ( [1270] ) .
$ 745 $
438 - ما يترتب من الأثر على قبول الدائن أو صدور حكم نهائى بصحة العرض والإيداع : فإذا ما قبل الدائن العرض والإيداع على النحو المتقدم الذكر ، أو صدر حكم نهائى بصحة العرض والإيداع وفقاً للقواعد التى أسلفناها ، قام العرض فى هاتين الحالتين مقام الوفاء ، وبرئت ذمة المدين من الدين . ولا تتأخر براءة ذمة المدين إلى يوم الإيداع ، بل تبرأ ذمته من يوم العرض ، فإن النص صريح فى أن الذى يبرئ ذمة المدين هو العرض إذا تلاه الإيداع ، فالإيداع إذن شرط فى إنتاج العرض لأثره ، وإذا تحقق استند هذا الأثر إلى يوم العرض . وهذا ما تنص عليه المادة 339 مدنى فيما قدمناه ، فهى تقضى بأن " يقوم العرض الحقيقى بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء إذا تلاه $ 746 $ إيداع يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات أو تلاه أى إجراء مماثلن وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائى بصحته " . وأيد هذا النص نص آخر فى تقنين المرافعات صريح فى أن براءة ذمة المدين إنما تكون من يوم العرض ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 793 مرافعات على ما يأتى : " وتحكم المحكمة مع صحة العرض ببراءة ذمة المدين من يوم العرض " ( [1271] ) .
ومنى برئت ذمة المدين ، فقد برئت ذمة المدينين المتضامنين معه والشركاء فى الدين والكفلاء وسقطت التأمينات العينية التى كانت تكفل الدين .
وبراءة ذمة المدينين المتضامنين والشركاء والكفلاء وسقوط التأمينات العينية هو أثر نهائى لقبول الدائن العرض أو للحكم النهائى بصحته ، فلا يجوز بعد ذلك أن ترجع ذمة هؤلاء مشغولة بالدين أو أن تعود التأمينات العينية ، حتى لو رجع المدين فى العرض وقبل الدائن منه هذا الرجوع . وهذا ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 340 مدنى ، إذ تقول : " فإذا رجع المدين فى العرض بعد أن قبل الدائن أو بعد أن حكم بصحته ، وقبل الدائن منه هذا الرجوع ، لم يكن لهذا الدائن أن يتمسك بعد ذلك بما يكفل حقه من تأمينات ، وتبرأ ذمة الشركاء فى الدين وذمة الضامن " . والأصل فى ذلك أنه إذا قبل الدائن العرض ، أو حكم بصحته حكماً نهائياً ، لم يجز للمدين بعد ذلك أن يرجع فيما عرض ، ويختص الدائن وحده بالشىء المعروض ولا يشاركه فيه سائر الغرماء . وقد نصت المادة 796 من تقنين المرافعات على هذا الحكم صراحة إذ تقول : " لا يجوز الرجوع عن العرض ، ولا استرداد المودع ، بعد قبول الدائن لهذا العرض أو بعد صدور الحكم بصحة العرض وصيرورته نهائياً " . غير أنه إذا قبل الدائن من المدين رجوعه فى عرضه بعد قبول الدائن للعرض أو بعد الحكم النهائى بصحته ، فإن قبول الدائن لرجوع المدين فى العرض يكون أثره مقصوراً على العلاقة فيما بينه وبين المدين ، ولا يجاوز ذلك إلى الغير من شركاء فى الدين وكفلاء وأصحاب حقوق عينية على العقار المرهون فى الدين ، فهؤلاء يفيدون نهائيا $ 747 $ من براءة ذمة المدين . ومن ثم تبرأ ذمة الشركاء والكفلاء كما قدمنا ، ويحق لأصحاب الرهون التالية فى المرتبة للدائن الذى برئت ذمة مدينه عدم الاعتداد بالرهن الذى كان متقدماً على رهونهم وكان يكفل الدين ( [1272] ) . أما فى العلاقة ما بين الدائن والمدين ، بعد رجوع المدين فى العرض وقبول الدائن لهذا الرجوع ، فإن الدين الذى كان معروضاً ينقضى بقبول الدائن قد قبل من المدين الرجوع فى هذا العرض ، فإن ذمة المدين ترجع مشغولة بدين جديد معادل للدين القديم الذى انقضى . وإذا أريد أن يكفل هذا الدين الجديد كفلاء أو رهون ، فلابد من الاتفاق على ذلك من جديد بين الدائن والمدين والكفلاء ، وتقوم هذه التأمينات من وقت هذا الاتفاق لا قبل ذلك ( [1273] ) .
2 - أثر العرض والإيداع قبل قبول الدائن وقبل صدور حكم بصحة العرض
439 - النصوص القانونية : تنص المادة 340 من التقنين المدنى على ما يأتى :
$ 748 $
" 1 - إذا عرض المدين الدين وأتبع العرض بإيداع أو بإجراء مماثل ، جاز له أن يرجع فى هذا العرض ما دام الدائن لم يقبله أو ما دام لم يصدر حكم نهائى بصحته . وإذا رجع ، فلا تبرأ ذمة شركائه فى الدين ولا ذمة الضامنين " .
" 2 - فإذا رجع المدين فى العرض بعد أن قبله الدائن أو بعد أن حكم بصحته ، وقبل الدائن منه هذا الرجوع ، لم يكن لهذا الدائن أو يتمسك بعد ذلك بما يكفل حقه من تأمينات ، وتبرأ ذمة الشركاء فى الدين وذمة الضامنين ( [1274] ) " .
وليس لهذا النص مقابل فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان منصوصاً عليه فى المادتين 693 - 694 من تقنين المرافعات القديم .
ويقابل هذا النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 338 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 327 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 389 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 297 ( [1275] ) $ 749 $ ونصت المادة 795 من تقنين المرافعات الجديد على ما يأتى : " ويجوز للمدين أن يرجع عن عرض لم يقبله دائنه ، وأن يسترد من خزانة المحكمة ما أودعه ، متى أثبت أنه أخبر دائنه على يد محضر برجوعه عن العرض وكان قد مضى على إخباره بذلك ثلاثة أيام " .
ويجب استكمال نص التقنين المدنى بنص تقنين المرافعات للتوفيق ما بين النصين ، وليكون هناك تنسيق وانسجام ما بين النصوص . وهذا ما نسير عليه فيما يأتى :
440 - متى يجوز للمدين الرجوع فى العرض : للمدين ، بعد العرض والإيداع ، أن يرجع فى العرض ( [1276] ) إذا توافر شرطان :
( الشرط الأول ) ألا يكون قد صدر قبول من الدائن للعرض ووصل هذا القبول إلى علم المدين ، وألا يكون فى الوقت ذاته قد صدر حكم نهائى بصحة العرض .
( الشرط الثانى ) أن يكون قد مضى ثلاثة أيام من وقت إبلاغ المدين الدائن على يد محضر برجوعه فى العرض . فإذا اقتصر المدين على مجرد إعلان إرادته فى الرجوع ، ولو أبلغ الدائن ذلك بكتاب مسجل أو بأية طريقة أخرى غير الإعلان الرسمى على يد المحضر ، جاز للدائن ألا يعتد بهذا الرجوع ، وأن يقبل العرض على الوجه المبين فى المادة 794 مرافعات وقد سبق بيان ذلك . فعندئذ يصبح العرض نهائياً ، ولا يمكن للمدين بعد ذلك أن يرجع فيه ولو أبلغ الرجوع للدائن على يد محضر . كذلك إعذار رجع المدين فى العرض ، وأبلغ الدائن رجوعه على يد محضر ، فإن للدائن ، فى خلال ثلاثة أيام من يوم إبلاغه برجوع المدين أن يقبل العرض بعد تهيئة الطريق لهذا القبول وفقاً للمادة 794 مرافعات ، وعندئذ $ 750 $ لا يكون لرجوع المدين عن العرض أثر ، ويصبح العرض نهائياً بقبول الدائن له . ولا يعود بعد ذلك للمدين حق فى الرجوع ، إلا بقبول الدائن لهذا الرجوع على الوجه المبين فى الفقرة الثانية من المادة 340 مدنى ، وقد سبق بيان ذلك .
441 - الأثر الذى يترتب على رجوع المدين فى العرض : فإذا رجع المدين فى العرض بعد توافر الشرطين المتقدمى الذكر على الوجه المبين آنفاً ، فإن العرض يعتبر كأن لم يكن ( [1277] ) ، وتكون مصروفات العرض والإيداع على المدين لأنه هو الذى رجع فيما عرض ( [1278] ) .
وتبقى ذمة المدين مشغولة بالدين وملحقاته . وكذلك تبقى مشغولة بالدين ذمة المدينين المتضامنين الآخرين والشركاء فى الدين والكفلاء ، كما تبقى التأمينات العينية التى تكفل الدين ( [1279] ) . وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الأولى من المادة 340 مدنى فيما قدمنا . أما إذا كان رجوع المدين فى العرض بعد قبول الدائن له أو بعد الحكم بصحته ، وكان الرجوع بموافقة الدائن ، فقد رأينا أن المدينين المتضامنين والشركاء فى الدين والكفلاء تبرأ ذمتهم ، وأن التأمينات العينية التى كانت تكفل الدين تزول .
ويجوز ، بعد رجوع المدين فى العرض وقبل استرداده للشىء المعروض من خزانة المحكمة أو من تحت يد الحارس ، أن يوقع دائنوه – ومنهم نفس الدائن الذى كان الدين معروضاً عليه - الحجز على هذا الشىء أما قبل رجوع المدين فى العرض ، فلا يجوز للدائنين الآخرين غير الدائن المعروض عليه الدين أن يوقعوا الحجز على الشىء المعروض أو أن يشاركوا فيه هذا الدائن الأخير مشاركة الغرماء ، حتى لو كان ذلك قبل قبول العرض وقبل صدور حكم بصحته .
$ 751 $
الفصل الثانى
محل الوفاء
442 - على أى شىء يقع الوفاء ومنى وأين يكون : نبحث هنا موضوعين :
أولا - على أى شىء يقع الوفاء وما يتبع هذا الشىء من ملحقات .
ثانيا - الزمان والمكان اللذين يتم فيهما الوفاء .
الفرع الأول
على أى شىء يقع الوفاء وما يتبع هذا الشىء من ملحقات .
المبحث الأول
على أى شىء يقع الوفاء
443 - الوفاء بنفس الشىء المستحق دون تجزئة – حالة تعدد الديون : الوفاء يكون بنفس الشىء محل الالتزام . ولا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على قبول وفاء جزئى ، بل يجب عليه أن يفى بالشىء المستحق كاملا دون تجزئة . وقد تتعدد الديون التى فى ذمة المدين فيفى ببعضها ، ويتعين تحديد بأيها وفى .
فعندنا إذن مسائل ثلاث :
(1) الوفاء بنفس الشىء المستحق .
(2) الوفاء بكل الشىء المستحق فلا يجوز الوفاء الجزئى .
(3) تعيين جهة الدفع عند تعدد الديون .
$ 752 $
المطلب الأول
الوفاء بنفس الشيء المستحق
444 - النصوص القانونية : تنص المادة 341 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" الشىء المستحق أصلا هو الذى به يكون الوفاء ، فلا يجبر الدائن على قبول شىء غيره ولو كان هذا الشىء مساوياً له فى القيمة أو كانت له قيمة أعلى " ( [1280] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 168 / 213 ( [1281] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 339 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 328 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 390 – 391 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 299 و 301 و 317 ( [1282] ) .
$ 753 $
والشىء المستحق أصلا إما أن يكون شيئا معيناً بالذات أو شيئا غير معين إلا بنوعه أو نقوداً أو عملا أو امتناعاً عن عمل .
445 - الشىء المستحق شىء معين بالذات : إذا كان الشىء المستحق هو شىء معين بالذات ، كدار أو سيارة معينة أو حصان معين ، فالوفاء يكون بهذا الشىء بالذات لا بغيره ، ولو كان غيره من ؟؟؟ ونوعه ويساوية أو يزيد عليه . ولا يجبر الدائن على قبول غير الشىء المستحق ، ولو كان أزيد فى القيمة . كما لا يجبر المدين على الوفاء بغير الشىء المستحق ، ولو كان أقل فى القيمة . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 341 كما رأينا .
وهذا لا يمنع بداهة من أن يتفق الدائن والمدين على أن يكون الوفاء بشىء غير المستحق أصلا ، وهذا هو الوفاء بمقابل ( [1283] ) . ولكنه غير الوفاء ، وله أحكام خاصة به سيرد ذكرها فيما يلى .
$ 754 $
ويجب تسليم الشىء المعين بالذات المستحق أصلا فى الحالة التى هو عليها وقت التسليم . فإذا كان قد هلك أو أصابه تلف وهو فى يد المدين قبل تسليمه إلى الدائن ، وكان الهلاك أو التلف بسبب أجنبى ، فإن تبعة ذلك تقع على الدائن ( [1284] ) . أما إذا كان الهلاك أو التلف بخطأ من المدين ، فإذن الدائن يرجع بالتعويض على المدين . وليس فى هذا كله إلا تقرير للقواعد العامة ( [1285] ) .
446 - الشىء المستحق شىء غير معين إلا بنوعه : وقد يكون الشىء المستحق شيئا غير معين إلا بنوعه ، كخمسين قنطاراً من القطن ومائة أردب من القمح . فإذا لم تعين درجة الشىء من حيث جودته ، أو لم يمكن استخلاص ذلك من العرف أو من أى ظرف آخر ، التزم المدين بأن يسلم شيئا من صنف $ 755 $ متوسط ( م 133 / 2 مدنى ) ( [1286] ) . على أنه غذا كان الشىء المستحق يؤخذ من جملة أشياء محصورة فى ذواتها ، كما إذا التزم المدين بإعطاء صندوق من صناديق موضوعة فى مخزن ، جاز للمدين أن يعطى أى صندوق من هذه الصناديق ، ولا يلتزم بإعطاء صندوق منها يكون من صنف متوسط ( [1287] ) .
447 - الشىء المستحق نقود : وإذا كان الشىء المستحق نقوداً لم يجبر الدائن على أخذ غير النقود المستحقة . فلا يجوز الوفاء دون رضاء الدائن بشىء غير النقود ، كعروض ولو كانت قيمتها تساوى النقود المستحقة أو تزيد عليها . . كما لا يجوز الوفاء دون رضاء الدائن بكمبيالة أو بشيك ( [1288] ) أو بحوالة $ 756 $ بريد ( [1289] ) أو بأسهم أو بسندات أو بغير ذلك من الأوراق المالية ، فإن هذه الأوراق ديون على الغير وليست نقوداً ، ولا يجبر الدائن على أخذها فى مقبال النقود .
وتقضى المادة 134 مدنى بأنه " إذا كان محل الالتزام نقوداً ، التزم المدين بقدر عددها المذكور فى العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أى أثر " . ويخلص من ذلك أنه إذا ارتفعت قيمة النقود كان ارتفاعها لمصلحة الدائن ، وإذا انخفضت كان انخفاضها لمصلحة المدين .
وقد رأينا ، فى الجزء الأول من الوسيط ( [1290] ) أن العملة الورقية إذا تقرر لها سعر قانونى ( cours legal ) وجب على الدائن قبولها حتى لو اتفق مع المدين على غير ذلك ، وحتى لو لم يكن لهذه العملة سعر إلزامى ( cours legal ) على أن المسألة ليست لها أهمية عملية إذا لم يكن للعملة الورقية سعر إلزامى ، فإن الدائن الذى يريد الحصول على حقه ذهياً ولا يستوفيه إلا ورقاً يستطيع أن يستبدل الذهب بالورق فى أى وقت شاء . فإذا تقرر للعملة الورقية سعر إلزامى ، واستوفى الدائن حقه ورقاً ، فإنه لا يستطيع أن يستبدل به ذهباً لقيام $ 757 $ السعر الإلزامى ، وقد تكون قيمة الورق قد نزلت نزولا فاحشاً خسارة جسيمة من وراء ذلك . ولا سبيل إلى اشتراط أن يكون الوفاء بالذهب ( Clause d'or ) أو بما يعادل قيمة الذهب ، فإن الشرط يكون باطلا لمخالفته للنظام العام . ويكون العقد الذى تضمن هذا الشرط باطلا كذلك ، إذا تبين أن الشرط كان هو الباعث الرئيسى على التعاقد . ذلك أن الغرض من تقرير السعر الإلزامى هو إعطاء الورق قيمة قانونية إلزامية معادلة لقيمة الذهب ، فينعدم الفرق بين الورق والذهب فى نظر القانون ، ويجب أيضاً أن ينعدم فى نظر الأفراد ، لأن القانون إنما أراد هذه حماية لمصلحة عامة ترج إلى نظام النقد فى البلد وإلى استقرار قيمة العملة وثباتها .
ورأينا أيضاً ، فى الجزء الأول من الوسيط ( [1291] ) ، أن القضاء المصرى مر فى هذه المسألة على مرحلتين : ( المرحلة الأولى ) فى ظل المرسوم ( القانون ) الصادر فى 12 أغسطس سنة 1914 ، وقد قضى بأن يكون للعملة الورقية التى يصدرها البنك الأهلى قيمة الذهب ( السعر القانونى ) ، وبأن البنك لا يجبر على إبدال الورق بالذهب ( السعر الإلزامى ) ، وبأن ما يدفع من هذه الأوراق يكون دفعاً صحيحاً مبرئاً للذمة كما لو كان الدفع حاصلا بالذهب ، ولو وجد اتفاق يخالف ذلك . وبالرغم من صراحة هذا النص انقسم القضاء المصرى فى شأن شرط الذهب ، فبعض الأحكام قضى ببطلانه ، وبعضها قضى بصحته ، وبعضها جرى على نهج القضاء الفرنسى فميز بين المعاملات الداخلية حيث يكون الشرط باطلا والمعاملات الخارجية حيث يكون الشرط صحيحاً ( [1292] ) . ( المرحلة الثانية ) فى ظل المرسوم بقانون رقم 45 لسنة 1935 ، وقد صرح بأن شرط الذهب باطل فى المعاملات الخارجية بطلانه فى المعاملات الداخلية ، فنص على أن " تبطل شروط الدفع ذهباً فى العقود التى يكون الالتزام بالوفاء فيها ذا صبغة دولية ، والتى تكون قد قومت بالجنيهات المصرية أو الاسترلينية أو بنقد أجنبى آخر كان متداولا فى مصر ( الفرنك والجنيه التركى ) ، ولا يترتب عليها أى أثر " .
$ 758 $
ومنذ صدور هذا القانون استقر قضاء المحاكم المصرية على بطلان شرط الذهب فى المعالامت الداخلية والمعاملات الخارجية على السواء ( [1293] ) .
448 - الشىء المستحق عمل أو امتناع عن عمل – إحالة فإذا كان محل الوفاء عملا ، فقد رأينا فى الجزء الثانى من الوسيط أن الالتزامب عمل ينقسم أقساماً ثلاثة :
( 1 ) التزاماً ببذل عناية .
( 2 ) والتزاماً بتسليم شىء .
( 3 ) والتزاماً بإنجاز عمل معين . وقد استعرضنا هناك كلا من هذه الأقسام الثلاثة ، ورأينا كيف يقوم المدين بتنفيذ التزامه فى كل منها ، فنكتفى هنا بالإحالة على ذلك ( [1294] ) .
كذلك إذا كان محل الوفاء امتناعاً عن عمل ، رأينا فى الجزء الثانى من الوسيط كيف يفى المدين بالتزامه ، فهو قائم بتنفيذه تنفيذاً عينياً ما دام ممتنعاً عن العمل الذى التزم بالامتناع عنه . فإذا أتى العمل الممنوع ، أصبح التنفيذ العينى مستحيلا ، ولا يكون هناك مجال إلا للتعويض . ونكتفى هنا أيضاً بالإحالة على ما سبق أن ذكرناه فى هذا الصدد ( [1295] ) .
$ 759 $
المطلب الثانى
الوفاء بكل الشىء المستحق
عدم جواز تجزئة الوفاء
449 - النصوص القانونية : تنص المادة 342 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على أن يقبل وفاء جزئياً لحقه ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك " .
" 2 - فإذا كان الدين متنازعاً فى جزء منه وقبل الدائن أن يستوفى الجزء المعترف به ، فليس للمدين أن يرفض الوفاء بهذا الجزء " ( [1296] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 168 / 231 ( [1297] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 340 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 329 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 392 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 300 ( [1298] ) .
$ 760 $
ويخلص من هذا النص أن القاعدة هى عدم جواز تجزئة الوفاء ، ويرد على هذه القاعدة استثناءات بعضها يرجع إلى الاتفاق وبعضها يرجع إلى أحكام القانون .
450 - القاعدة – عدم جواز تجزئة الوفاء : لما كان الوفاء يجب أن يكون بنفس الشىء المستحق ، وجب تبعاً لذلك أن يكون بكل الشىء المستحق .
فلا يصح ، من جهة أن يجبر المدين الدائن على أن يقبل استيفاء جزء من الدين ، إذا كان كل الدين حالا واجب الأداء . ولا يصح ، من جهة أخرى ، أن يجبر الدائن المدين على الوفاء بجزء من الدين واستبقاء الجزء الآخر فى ذمته . كل هذا حتى لو كان الدين نفسه قابلا للتجزئة ، فإن الدين فيما بين الدائن والمدين يصبح غير قابل للتجزئة ولو كانت طبيعته تقبل التجزئة ( [1299] ) .
وغنى عن البيان أن عدم جواز تجزئة الوفاء لا ينطبق إلا على الدين الواحد . فإذا تعددت الديون ، وحلت جميعها ، فليس للدائن أن يمتنع عن استيفاء أى من هذه الديون إذا أراد المدين الوفاء به ، بدعوى أن المدين لا يفى بالديون جميعاً فهو يجزئ الوفاء ، إذا أن المدين لا يجزئ الوفاء فى الدين الواحد .
$ 761 $
وعلى الدائن فى حالة أن يقبل استيفاء الديون التى يعرضها المدين ، ثم يجبر المدين بعد ذلك على الوفاء بالديون التى لم يف بها ( [1300] ) .
451 - الاستثناءات – جواز تجزئة الوفاء : وتقضى الفقرة الأولى من المادة 342 مدنى ، فيما رأينا ، بجواز الخروج على قاعدة عدم جواز تجزئة الوفاء ، إما بحكم الاتفاق وإما بحكم القانون :
( 1 ) فقد يتفق الدائن والمدين على تجزئة الوفاء ، فتجوز التجزئة عند ذلك نزولا على اتفاقهما ، لأن قاعدة عدم التجزئة ليست من النظام العام .
وقد يكون هذا الاتفاق سابقاً على الوفاء . ويكون صريحاً أو ضمنيا ، ويعتبر اتفاقاً ضمنياً على تجزئة الوفاء أن يتفق الطرفان على أن يكون وفاء الدين فى مكانين مختلفين ، فى القاهرة وفى الإسكندرية مثلا ،فيخلص من ذلك حتما أن الطرفين اتفقا على تجزئة الدين إلى جزئين أحدهما يدفع فى القاهرة والآخر فى الإسكندرية ، وإذا لم يعينا مقدار كل جزء كل الجزءان متساويين ( [1301] ) .
وقد يكون الاتفاق واقعاً وقت الوفاء نفسه دون أن يكون هناك اتفاق سابق ، فإذا وفى المدين بعد حلول الدين الدائن بجزء منه ، وقبل الدائن هذا الوفاء الجزئى ، صح ذلك ، ويكون هناك اتفاق على تجزئة الوفاء وقع عند الوفاء نفسه .
( 2 ) وقد يقضى القانون بجواز تجزئة الوفاء ، كما فعل فى المقاصة . فإنه إذا توافرت شروطها ، سقط الدينان بقدر الأقل منهما . ومعنى ذلك أن الدين الأكبر ، الذى لم يسقط إلا جزء منه فى مقابلة الدين الأصغر ، يكون قد وفى وفاء جزئيا على هذا النحو ( أنظر م 365 / 2 مدنى ) .
$ 762 $
(3) وقد يقضى القانون أيضاً بجواز تجزئة الوفاء ، كما فعل فى الدفع بالتقسيم فيما بين الكفلاء . فإنه إذا تعدد الكفلاء بعقد واحد فى الدين الواحد ، ولم يكونوا متضامنين ، قسم الدين بينهم ، ولا يجوز للدائن أن يطالب كل كفيل إلا بجزء من الدين هو نصيبه فيه ، وفى هذا إجبار للدائن على الوفاء الجزئى . وقد نصت المادة 792 مدنى فى هذا المعنى على ما يأتى : " 1 - إذا تعدد الكفلاء لدين واحد وبعقد واحد وكانوا غير متضامنين فيما بينهم ، قسم الدين عليهم ، ولا يجوز للدائن أن يطالب كل كفيل إلا بقدر نصيبه فى الكفالة . 2 - أما إذا كان الكفلاء قد التزاموا بعقود متوالية ، فإن كل واحد منهم يكون مسئولا عن الدين كله ، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم " .
(4) وقد يقضى القانون أيضاً بجواز تجزئة الوفاء ، كما فعل فى نظرة الميسرة عندما أجاز للقاضى أن يقسط الدين على المدين إلى آجال معقولة ( م 346 / 2 مدنى ) . سنتناول هذه المسألة تفصيلا عند الكلام فى زمان الوفاء ( [1302] ) .
(5) وقد يقضى القانون أيضاً بجواز تجزئة الوفاء ،كما فعل فى الفقرة الثانية من المادة 342 مدنى فيما رأينا . فإن هذه الفقرة تقضى بأنه " إذا كان الدين متنازعاً فى جزء منه وقبل الدائن أن يستوفى الجزء المعترف به ، فليس للمدين أن يرفض الوفاء بهذا الجزاء " . ذلك أنه كما لا يستطيع المدين أن يجبر الدائن على قبول وفاء جزئى ، كذلك لا يستطيع الدائن ، كما قدمنا ، أن يجبر المدين على هذا الوفاء . ومع ذلك إذا كان الدين متنازعاً فى جزء منه ، فالدائن يدعى أنه مائة ويدعى المدين أنه خمسون ، فللدائن أن يجبر المدين على الوفاء بالخمسين وهو الجزء الذى يعترف به ، على أن يحسم النزاع بعد ذلك فى الجزء الباقى المتنازع عليه . وليس للمدين أن يرفض هذا الوفاء الجزئى ، ويأبى أن يدفع شيئا حتى يحسم النزاع فى الجزء المتنازع عليه ، أو يأبى أن يدفع الخمسين إلا بعد أن يقرّ له الدائن أن هذا هو كل الدين ( [1303] ) .
$ 763 $
المطلب الثالث
تعيين جهة الدفع عند تعدد الديون
452 - النصوص القانونية : تنص المادة 344 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" إذا تعددت الديون فى ذمة المدين ، وكانت لدائن واحد ومن جنس واحد ، وكان ما أداه المدين لا يفى بهذه الديون جميعاً ، جاز للمدين عند الوفاء أني عين الدين الذى يريد الوفاء به ، ما لم يوجد مانع قانونى أو اتفاقى يحول دون هذا التعيين " .
وتنص المادة 345 على ما يأتى :
إذا لم يعين الدين على الوجه المبين فى المادة السابقة ، كان الخصم من حساب الدين الذى حل ، فإذا تعددت الديون الحالة فمن حساب أشدها كلفة على المدين ، فإذا تساوت الديون فى الكلفة فمن حساب الدين الذى يعينه الدائن " ( [1304] ) .
$ 764 $
وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المادة 172 / 235 ( [1305] ) .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين ( 342–343 ) وفى التقنين المدنى الليبى المادتين ( 331 - 332 ) وفى التقنين المدنى العراقى المادة 393 / 1 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد ( 307 - 309 ) ( [1306] ) .
$ 765 $
ويخلص من هذه النصوص أن الحاجة إلى تعيين الدين المدفوع أو إلى تعيين جهة الدفع إنما تقوم إذا كان على المدين ديون متعددة لدائن واحد ( [1307] ) ، وكانت هذه الديون جميعا من جنس واحد ، وكان المبلغ المدفوع لا يفى بجميع الديون ( [1308] ) . فيجب عند ذلك أن يتعين أى من هذه الديون المتعددة تم وفاؤه بالمبلغ المدفوع .
$ 766 $
وظاهر من النصوص المتقدمة الذكر أن تعيين الدين المدفوع يوكل أولا للمدين ، ثم للقانون وقد وضع لتعيينه قاعدة الدين الحال الأشد كلفة ، ثم للدائن ( [1309] ) .
453 - تعيين الدين المدفوع بواسطة المدين : لما كان المدين يملك أن يجبر الدائن على استيفاء الدين ما دام الوفاء صحيحا ، فإنه إذا تعددت الديون ، ووفى المدين بعضاً منها ، ملك بطبيعة الحال أن يعين أياً من هذه الديون هو المدفوع . ذلك ان الدين الذى يعينه يملك كما قدمنا أن يجبر الدائن على استيفائه ، فيملك أن يعين أنه هو الدين المدفوع ( [1310] ) .
فالمدين إذن هو الذى يعين الدين المدفوع عند الوفاء ، ولكمته هى العليا فى هذا التعيين ( [1311] ) . ولكن ذلك مقيد بأن يكون التعيين حاصلا وقت الدفع ، وبألا يكون هناك مانع اتفاقى أو قانونى يحول دون هذا التعيين كما تقول العبارة الأخيرة من المادة 344 . ويقوم المانع الاتفاقى إذا كان ، عند الدفع ، اتفق الدائن والمدين على أن المدفوع هو دين معين ، فلا يملك أى من المدين ولا الدائن ، بإرادته المنفردة ، أن يعين ديناً آخر ( [1312] ) . وكذلك يقوم المانع الاتفاقى إذا كان المدين والدائن قد اتفقا مقدماً قبل الوفاء على ترتيب الديون فى الدفع ، فيجب حينئذ على المدين أن يسير فى دفع ديونه على هذا الترتيب ، $ 767 $ ولا يملك عند الوفاء أن يعين ديناً غير الدين الواجب الدفع وفقاً للترتيب المتفق عليه ( [1313] ) .
أما المانع القانونى فيقوم فى الأحوال الآتية ( [1314] ) :
(1) لا يجوز للمدين أن يعين جهة الدفع ديناً لم يحل أجله إذا كان الأجل لمصلحة الدائن ، فإن الدائن لا يجبر فى هذه الحالة على استيفاء الدين ما دام الأجل لمصلحته ولم يقبل النزوع عنه .
(2) ولا يجوز للمدين أن يعين جهة الدفع ديناً أكبر قيمة من المبلغ المدفوع ، لأنه يكون فى هذه الحالة قد أجبر الدائن على قبول وفاء جزئى ، والدائن لا يجبر كما قدمنا على قبول الوفاء الجزئى .
(3) ولا يجوز أخيراً ، إذا كان الدين المدفوع يشتمل على فوائد ومصروفات ، أن يجعل المدين المبلغ المدفوع من أصل الدين أولا قبل المصروفات والفوائد ، فسنرى أن الواجب قانوناً فى هذه الحالة أن يستنزل المبلغ المدفوع أولا من المصروفات ثم من الفوائد ثم من أصل الدين ( [1315] ) .
فإذا لم يوجد مانع اتفاقى أو قانونى ، كان المدين حراً فى تعيين الدين المدفوع . فله أن يصرح وقت الوفاء أن الدين الذى يدفعه هو الدين الذى ينتج فوائد دون الدين الذى لا ينتج فوائد طبقاً لمصلحته ، أو أنه الدين المضمون برهن أو كفالة دون الدين غير المضمون . وقد يعين الدين الذى لا ينتج فوائد إذا قدر أن مصلحته فى ذلك ، بأن يكون هذا الدين مثلا مضموناً برهن أو كفالة ، أو بأن تكون مدة التقادم فيه مدة أطول من المدة التى يتقادم بها دين آخر . وقد يعين ديناً ينتج فوائد دون دين مضمون برهن أو كفيل . ونرى من ذلك أن المدين ، فى تعيينه الدين المدفوع ، ليس مقيداً بمراعاة مصلحة الغير ، فليس عليه أن يقدم فى الدفع ديناً يشترك معه فيه مدينون متضامنون ، أو ديناً غير قابل للتجزئة ، $ 768 $ أو ديناً له فيه كفيل ( [1316] ) . فمصلحته ، لا مصلحة الغير ، هى التى يرعاها ، وله أن يقدم فى الدفع على هذه الديون جميعاً ديناً ينتج فوائد إذ هو أثقل عبئاً عليه ( [1317] ) .
454 - تعيين الدين المدفوع بواسطة القانون : فإذا لم يعين المدين وقت الدفع أى دين هو الدين المدفوع ، فقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يكل التعيين إلى الدائن بشروط معينة ( [1318] ) ، ولكن عدل ذلك فى لجنة مجلس الشيوخ ، ووكل التعيين إلى القانون ، ما دام المدين وقت الدفع لم يعين بنفسه الدين المدفوع ، وعلى هذا سار التقنين الجديد .
$ 769 $
وقد وضع هذا التقنين قاعدة لتعيين الدين المدفوع فى هذه الحالة ، فقرر فى المادة 345 أنه إذا لم يعين المدين الدين المدفوع ، كان الخصم من حساب الدين الذى حل ، فإذا تعددت الديون الحالة فمن حساب أشدها كلفة على المدين ( [1319] ) .
ونرى من ذلك أن الديون المتعددة إذا كان بعضها قد حل وبعضها لم يحل ، فإن القانون يفترض ، متمشياً فى ذلك مع الإرادة الضمنية لكل من الدائن والمدين ، أن الدين المدفوع هو الدين الذى حل أجله لا الدين الذى لم يحل ( [1320] ) ، سواء فى ذلك كان الأجل لمصلحة الدائن أو لمصلحة المدين أو لمصلحتهما معاً . والقانون لا يشترط فى تأخير الدين المؤجل أن يكون الأجل لمصلحة الدائن إلا فى حالة ما إذا تولى المدين وقت الوفاء تعيين الدين المدفوع ، فقد رأينا أنه لا يستطيع أن يعين ديناً لم يحل أجله إذا كان الأجل لمصلحة الدائن .
فإذا تعددت الديون الحالة ( [1321] ) ، افترض القانون أن المدين ، وهو الذى يملك فى الأصل تعيين الدين المدفوع ، قد دفع الدين الأشد كلفة عليه لأن هذه هى مصلحته . ومعرفة أى الديون أشد كلفة على المدين مسألة واقع تقدرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض ( [1322] ) . والواضح أن الدين الذى ينتج فائدة هو أشد كلفة على المدين من الدين الذى لا ينتج فائدة . وبين الديون $ 770 $ التى تنتج فوائد أشدها كلفة الدين المضمون بكفيل أو برهن أو بأى تأمين آخر ، لأن المدين إذا وفى هذا الدين لم يقتصر على إبراء ذمته نحو الدائن ، بل هو يبرئ ذمته فى الوقت ذاته نحو الكفيل أو هو يفك الرهن أو يزيل التأمين ( [1323] ) . وكذلك الدين المضمون بهذه الدعوى ، كدين قرض غير مضمون بتأمين . والدين الذى لا يتقادم إلا بمدة طويلة أشد كلفة من الدين الذى يتقادم $ 771 $ بمدة قصيرة . والدين الثابت فى سند تنفيذى أشد كلفة من الدين الذى ينقصه هذا السند ( [1324] ) . على أن تقدير أى الديون هو أشد كلفة على المدين يرجع فيه إلى ظروف المدين ذاتها ، ومن ثم يكون الأمر موكولا إلى محكمة الموضوع كما تقدم القول .
455 - تعيين الدين المدفوع بواسطة الدائن : فإذا تعددت الديون الحالة ، وتعادلت جميعاً فى عبئها على المدين فلم يمكن استخلاص أيها أشد كلفة عليه ليكون هو الدين المدفوع ، فقد جعل القانون القول فى تعيين الدين المدفوع للدائن ، إذ تقول العبارة الأخيرة من المادة 345 مدنى : " فإذا تساوت الديون فى الكلفة فمن حساب الدين الذى يعينه الدائن " . والمفروض فى ذلك أن المدين لم يعين وقت الوفاء الدين المدفوع ، ولم يكن هناك ترتيب متفق عليه بينه وبين الدائن ، وقد تساوت الديون فى الحلول وتعادلت فى العبء على المدين . فوكل القانون للدائن فى هذه الحالة أن يعين الدين المدفوع ، بعد أن تخلصى المدين عن هذه المهمة ولم تكن له مصلحة ظاهرة فى أن يعين ديناً دون آخر ، إذا قد يكون للدائن مصلحة ظاهرة فى أن يعين ديناً دون آخر ، إذا قد يكون للدائن مصلحة فى استيفاء دين دون آخر . وتعيين الدائن الدين المدفوع لا يكون وقت الوفاء بل يكون بعد ذلك ، فقد قدمنا أن المدين $ 772 $ هو الذى يعين الدين المدفوع وقت الوفاء ، فإن لم يعينه فى هذا الوقت تكفل القانون بتعيينه وفقاً للقواعد التى أسلفناها . ثم يأتى دور الدائن فى التعيين أخيراً ، أى بعد وقت الوفاء لا فى هذا الوقت .
وقد كان المشروع التمهيدى يجعل الخصم فى الحالة التى نحن بصددها من الديون جميعاً بنسبة كل منها ، وهذا هو الحكم الذى سار عليه التقنين المدنى الفرنسى فى المادة 1256 ، ولكن لجنة مجلس الشيوخ عدلت عن هذا الحكم إلى جعل التعيين الدائن ( [1325] ) .
والتعيين فى هذه الحالة يكون للدائن ، دون اعتبار لقدم الدين أو لحداثته ( [1326] ) ، ودون اعتبار لميعاد حلوله ( [1327] ) ، أما التقنين المدنى الفرنسى ( م 1256 ) فيجعل الدين المدفوع هو الدين الأقدم ( La dette la plus ancienne ) ، أى السابق فى الوجود لا السابق فى الحلول ، فإذا تساوت الديون فى الوجود جعل التقنين المدنى الفرنسى الخصم من الديون جميعاً بنسبة كل منها كما قدمنا ( [1328] ) .
$ 773 $
المبحث الثانى
ما يتبع الشىء الموفى به من ملحقات
456 - الفوائد والمصروفات ونفقات الوفاء – النصوص القانونية : وقد يتبع الشىء الموفى به ملحقات ، وهذه هى الفوائد والمصروفات ، ولابد من وفائها مع أصل الدين على نحو معين نص عليه القانون . كذلك يحمل القانون المدين نفقات الوفاء ، فلابد من دفعها مع الدين ذاته . ونورد هنا النصوص القانونية الخاصة بهذه المسائل :
تنص المادة 343 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" إذا كان المدين ملزما بأن يوفى مع الدين مصروفات وفوائد ، وكان ما أداه لا يفى بالدين مع هذه الملحقات ، خصم ما أدى من حساب المصروفات ، ثم من الفوائد ، ثم من أصل الدين ، كل هذا ما لم يتفق على غيره ( [1329] ) " .
$ 774 $
وتنص المادة 348 على ما يأتى :
" تكون نفقات الوفاء على المدين ، إلا إذا وجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك ( [1330] ) " .
457 - الفوائد والمصروفات : إذا تضمن الشىء الموفى به ملحقات – وأكثر ما تكون هذه الملحقات هى الفوائد والمصروفات – أصبح الدين $ 775 $ وملحقاته كلا لا يقبل التجزئة ، ولم يجز للمدين بغير رضاء الدائن أن يوفى بأصل الدين وحده أو بالفوائد وحدها أو بالمصروفات وحدها ، فإن هذا كله يكون وفاء جزئياً لا يجبر الدائن على قبوله . بل يجب على المدين إذا كان أصل الدين قد حل مع فوائده ، أن يدفع الدين والفوائد والمصروفات جميعاً فى وقت واحد لأن هذا كله دين واحد لا يتجزأ عند الوفاء ( [1331] ) .
على أن الدائن قد يقبل من المدين وفاء جزئياً ، وفى هذه الحالة ، إذا لم يوحد اتفاق على ترتيب آخر ، يخصم المبلغ المدفوع من الدين وفوائده ومصروفاته على الترتيب الآتى :
(1) يخصم أولا من المصروفات ( [1332] ) .
(2) فإن بقى شىء من المبلغ المدفوع بعد الوفاء بالمصروفات ، خصم من الفوائد ( [1333] ) .
(3) فإن بقى بعد ذلك شىء من المبلغ المدفوع ، خصم من أصل الدين ( [1334] ) .
تلك هى مصلحة الدائن ، والمفروض أن الدائن لم يقبل الوفاء الجزئى إلا وفقاً لمصلحته هو لا وفقاً لمصلحة المدين ( [1335] ) .
458 - نفقات الوفاء : ونفقات الوفاء غير نفقات الدين ، فهذه قد صرفت فى سبيل إنشاء الدين ، أما الأولى فقد صرفت فى سبيل الوفاء به . والاثنتان يتحملهما المدين ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك . وعلى المدين أن يفى بالدين وفوائده ومصروفاته الوفاء جملة واحدة ، فإذا لم $ 776 $ يوف بها كاملة لم يجبر الدائن على قبول هذا الوفاء الجزئى .
ومن أمثلة نفقات الوفاء نفقات إرسال الدين إلى الدائن ، ونفقات المخالصة ، ونفقات الشيك أو حوالة البريد ، ونفقات الوزن والعد والكيل ، فهذه كلها يتحملها المدين ما لم يتفق على ان الدائن هو الذى يتحملها ( [1336] ) .
وكما قد يقضى الاتفاق بأن تكون نفقات الوفاء على الدائن ، كذلك قد يقضى القانون بهذا . مثل ذلك حالة ما إذا عرض المدين على المدائن الدين عرضاً حقيقياً وأودعه على ذمته ، فإن نفقات العرض والإيداع تكون الدائن : أنظر المادة 335 مدنى وقد سبق ذكرها ( [1337] ) .
الفرع الثانى
الزمان والمكان اللذان يتم فيهما الوفاء
المبحث الأول
الزمان الذى يتم فيه الوفاء
459 - النصوص القانونية : تنص المادة 346 من التقنين المدنى على ما يأتى :
$ 777 $
" 1 - يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً فى ذمة المدين ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك " .
" 2 - على أنه يجوز للقاضى فى حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص فى القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم ( [1338] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 168 / 231 ( [1339] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 344 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 333 – وفى التقنين المدنى العراقى $ 778 $ المادتين 394–395 وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 303 و 115 - 116 ( [1340] ) .
460 - الأصل فى الالتزام أن يؤدى فوراً : الأصل أن الالتزام متى ترتب فى ذمة المدين على وجه بات نهائى ، فإنه يكون واجب الأداء فوراً . ففى عقد البيع يترتب فى ذمة المشترى التزام بدفع الثمن ، ويترتب فى ذمة البائع التزام بتسليم الشىء المبيع ، وكلا الالتزامين بترتبه فى ذمة المدين يكون واجب الأداء فى الحال ، ما لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك .
ولا يعتبر الالتزام قد ترتب نهائياً فى ذمة المدين إذا كان معلقاً على شرط $ 779 $ واقف ، بل يجب انتظار تحقق الشرط . فإذا ما تحقق ، فقد أصبح الالتزام نافذاً فى الحال ، ووجب أداؤه فوراً . أما الالتزام المعلق على شرط فساخ ، فهو نافذ فى الحال ، ويجب أداؤه فوراً . وقد سبق بيان ذلك عند الكلام فى الشرط وفى الأجل .
461 - متى بتراخى الوفاء بالالتزام اتفقا أو نص فى القانون : وتقرر الفقرة الأولى من المادة 346 مدنى ، كما رأينا ، فورية أداء الالتزام ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .
أما الاتفاق فيقع كثيراً ، وبموجبه يكون الالتزام واجب الأداء بعد ترتبه فى ذمة المدين بمدة معينة ، وهذا ما يسمى بالأجل الواقف ( [1341] ) ، وقد سبق بحثه تفصيلا عند الكلام فى الأجل .
وأما نص القانون فمثله ميعاد استحقاق الفوائد التأخيرية ، فقد نصت المادة 226 مدنى على أنه " إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود ، وكان معلوم المقدار وقت الطلب ، وتأخر المدين فى الوفاء به ، كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها 4% فى المسائل المدنية و 5% فى المسائل التجارية . وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها ، إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجارى تاريخاً آخر لسريانها ، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره " . فميعاد استحقاق الفوائد التأخيرية قد عينه القانون هنا ، وهو وقت المطالبة القضائية بهذه الفوائد ، ومن هذا الوقت تترتب الفوائد فى ذمة المدين ويجب الوفاء بها فوراً يوماً بيوم .
ومثل آخر لنص فى القانون يعين وقت الوفاء بالالتزام النص الخاص بدفع أجرة الحكر . فقد نصت المادة 1003 مدنى على ما يأتى : " 1 - على المحتكر $ 780 $ أن يؤدى الأجرة المتفق عليها إلى المحكر . 2 - وتكون الأجرة مستحقة الدفع فى نهاية كل سنة ، ما لم ينص عقد التحكير على غير ذلك .
وقد يكل القانون تحديد وقت الوفاء إلى العرف ، كما فعل فى تحديد مواعيد دفع الأجرة . فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 586 مدنى على أنه " يجب على المستأجر أن يقوم بوفاء الأجرة فى المواعيد المتفق عليها ، فإذا لم يكن هناك اتفاق وجب فاء الأجرة فى المواعيد التى يعينها عرف الجهة " .
462 - تحديد القاضى وقت الوفاء – نظرة الميسرة ( [1342] ) : وكما يتكفل الاتفاق أو القانون أو العرف بتحديد وقت الوفاء ، كذلك القاضى قد يقوم نفسه بتحديد ميعاد الوفاء إذا أعطى للمدين أجلا أو آجالا يفى فيها بالدين . وهذا ما يسمى نظرة الميسرة ( Delai de grace ) .
وقد وضعت الفقرة الثانية من المادة 346 مدنى المبدأ العام و الشروط الواجب توافرها لنظرة الميسرة ، وسنفصل ذلك فيما يلى . وطبقت المادة 982 مدنى نظرة الميسرة تطبيقاً خاصاً فيما يتعلق باسترداد المصروفات ، فنصت على أنه " يجوز للقاضى بناء على طلب المالك أن يقرر ما يراه مناسباً للوفاء بالمصروفات المنصوص عليها فى المادتين السابقتين . وله أن يقضى بأن يكون الوفاء على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة . وللمالك أن يتحلل من هذا الالتزام إذا هو عجل مبلغاً يوازى قيمة هذه الأقساط مخصوماً منها فوائده بالسعر القانونى لغاية مواعيد استحقاقها " . وطبقت المادة 927 مدنى نفس الحكم فى التعويض $ 781 $ المستحق لمن أقام منشآت بمواد من عنده على ارض مملوكة للغير .
ونبحث نظرة الميسرة فى مسائل ثلاث :
(1) شروط منح القاضى لنظرة الميسرة .
(2) الآثار التى تترتب على نظرة الميسرة .
(3) سقوط الأجل فى نظرة الميسرة ( [1343] ) .
463 - شروط منح القاضى لنظرة الميسرة : يتبين من نص الفقرة الثانية من المادة 436 مدنى أن هناك شروطاً أربعة ، إذا توافرت جاز للقاضى أن يمنح المدين نظرة الميسرة . ويتبين أيضاً أن الأمر فى نظرة الميسرة يرجع إلى تقدير قاضى الموضوع ، وأن القاضى قد يمنح المدين نظرة الميسرة سواء أثناء نظر الدعوى التى يرفعها الدائن على المدين يطالبه بالدين أو أثناء إجراءات التنفيذ التى يباشرها الدائن بموجب سند رسمى ، وأن جواز منح القاضى لنظرة الميسرة أمر من النظام العام لا يجوز الاتفاق على سلب القاضى إياه .
أما الشروط الأربعة الواجب توافرها حتى يجوز للقاضى منح المدين نظرة الميسرة فهى :
( 1 ) أن تكون حالة المدين تستدعى أن يمنحه القاضى نظرة الميسرة . فيجب أن يكون حسن النية فى تأخره فى الوفاء بالتزامه ، بأن يكون عاثر الحظ لا متعمداً عدم الوفاء ولا مقصراً فى ذلك . ولا يجوز أن يكون معسراً ، وإلا فلا جدوى من منحه هذه النظرة . بل يجب أن يكون عنده من المال ما يكفى للوفاء بالتزامه ، وليس فى مقدوره مؤقتاً أن يبيع هذا المال ليقوم بالوفاء ، كأن يكون المال عقاراً أو منقولا يتعذر بيعه فى الحال ، فيطلب المدين مهلة حتى يتسع له الوقت اللازم لذلك . أو يكون للمدين موارد يقتضيها فى مواعيد متعاقبة ، كأجر عمله أو ريع ملكه ، وهى كافية للوفاء لو قسط القاضى عليه الدين ( [1344] ) .
$ 782 $
( 2 ) ألا يصيب الدائن من جراء منح المدين نظرة الميسرة ضرر جسيم . فإذا كان فى نظرة الميسرة ما يصيب الدائن بضرر جسيم ، كأن يكون قد اعتمد على استيفاء الدين ليفى هو ديناً عليه لا يستطيع التأخر فى الوفاء به ، أو كانت نظرة الميسرة تفوت عليه صفقة يعود فواتها عليه بضرر جسيم ، فليس من العدل إغاثة المدين عن طريق الإضرار البليغ بالدائن ( [1345] ) .
( 3 ) ألا يقوم مانع قانونى من نظرة الميسرة . ومن النصوص القانونية التى تحول دون منح نظرة الميسرة ما نصت عليه المادة 158 مدنى من أنه " يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائى عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه ، وهذا الاتفاق لا يعفى من الإعذار إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه " . ففى هذه الحالة لا يجوز للقاضى أن يمنح المدين أجلا للوفاء . ومثل ذلك أيضاً ما نصت عليه المادة 461 مدنى من أنه " فى بيع العروض وغيرها من المنقولات ، إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع ، يكون البيع مفسوخاً ، دون حاجة إلى إعذار ، إن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد ، إذا اختار البائع ذلك ، وهذا ما لم يوجد اتفاق على غيره " . فهذا لانص يمنع القاضى من منح المشترى نظرة الميسرة إن تأخر فى دفع الثمن عند حلول الميعاد . ومثل ذلك أخيراً ما نص عليه التقنين التجارى من عدم جواز منح نظرة الميسرة للمدين بموجب كمبيالة ، فقد نصت المادة 156 من هذا التقنين على أنه " لا يجوز للقضاة أن يعطوا مهلة بدفع قيمة الكمبيالة " . ويسرى هذا الحكم أيضاً على السندات الإذنية والسندات لحاملها ( م 189 تجارى ) .
( 4 ) أن يكون الأجل الذى يمنحه القاضى للمدين فى نظرة الميسرة أجلا $ 783 $ معقولا . فلا يجوز أن يمنح القاضى المدين أجلا طويلا يعطل فيه على الدائن حقه ، بل يجب أن يقاس الأجل بقدر ما هو ضرورى ليتمكن المدين من الوفاء . وقد حدد التقنين المدنى الفرنسى – 1244 / 2 من هذا التقنين بعد تعديلها ( [1346] ) – هذا الأجل بما لا يزيد على سنة واحدة . ولا يوجد فى التقنين المدنى المصرى نص يضع هذا الحد الأقصى للأجل ، ومن ثم فالأمر متروك لتقدير القاضى . ولكن السنة أجل يبلغ من الطول قدراً لا يظن معه أن القاضى فى مصر يمنح أجلا أطول ، إلا إذا اقتضت ذلك ظروف استثنائية خاصة . هذا ويجوز للقاضى أن يمنح المدين آجالا متعاقبة لا أجلا واحداً ، بأن يقسط الدين على أقساط يلاحظ فى مواعيدها وفى مقاديرها قدرة المدين على الوفاء .
فإذا ما توافرت هذه الشروط الأربعة ( [1347] ) ، جاز للقاضى أن يمنح المدين هذا الأجل أو هذه الآجال المعقولة . والأمر فى النهاية يرجع إلى تقديره ، فهو الذى ينظر ، حتى بعد توافر هذه الشروط ، إن كان ثمة ما يستدعى منح المدين نظرة الميسرة . وتقديره فى ذلك تقدير نهائى ، لا معقب عليه من محكمة النقض ( [1348] ) .
ولا ينال المدين من القاضى نظرة الميسرة إلا فى أثناء الدعوى التى يرفعها $ 784 $ الدائن يطالبه فيها بالدين ، أو فى أثناء مباشرة الدائن لإجراءات التنفيذ بموجب سند رسمى . ففى الحالة الأولى يستطيع المدين أن يطلب من القاضى أثناء الدعوى منحه نظرة الميسرة على النحو الذى قدمناه ، بل يجوز للقاضى من تلقاء نفسه ودون طلب من المدين أن يمنحه نظرة الميسرة ، فسنرى أن هذه القاعدة تعتبر من النظام العام ( [1349] ) . وفى الحالة الثانية ، إذ لا يتيسر للمدين أن يطلب نظرة الميسرة فى دعوى مقامة عليه ، لا يبقى أمامه إلا أن يستشكل فى التنفيذ ويطلب من قاضى الإشكال منحة نظرة الميسرة بالشروط المتقدم ذكرها ( [1350] ) . أما فى غير هاتين الحالتين ، أى فى حالة ما إذا كان الدائن يباشر التنفيذ بموجب حكم قابل للتنفيذ ، فإنه لا يجوز للمدين أن يستشكل ليطلب نظرة الميسرة ، إذ يكون الوقت قد فات وكان الواجب أن يطلب ذلك فى أثناء الدعوى وقبل صدور الحكم . فإذا ما صدر الحكم دون أن يمنح المدين نظرة الميسرة ، فليس ثمة سبيل إلى ذلك ، إذ الحكم يجب تنفيذه كما هو ، ولا يجوز لقاضى آخر أن يعدله إلا إذا كان ذلك عن طريق الطعن فيه بالأوجه المقررة قانوناً ( [1351] ) .
والقاعدة التى تقضى بجواز منح المدين نظرة الميسرة تعتبر قاعدة من النظام العام ، فلا يجوز للطرفين أن يتفقا على ألا يكون للقاضى هذا الحق ( [1352] ) . فإذا اتفقا على ذلك ، كان الاتفاق باطلا ، وجاز للقاضى بالرغم من هذا الاتفاق أن يمنح المدين نظرة الميسرة . ويجوز للمدين أن يتقدم بهذا الطلب فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف . كما يجوز للقاضى من تلقاء نفسه أن يمنح المدين نظرة الميسرة وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
$ 785 $
464 - الآثارة التى تتربت على نظرة الميسرة : يترتب على منح نظرة الميسرة ما يترتب على الأجل الواقف بوجه عام :
( 1 ) فيوقف التنفيذ حتى ينقضى الأجل الذى منحه القاضى للمدين . وإذا كان الدائن ينفذ بموجب سند رسمى ، ثم منح المدين نظرة الميسرة ، وجب وقف إجراءات التنفيذ ، وإذا استمر الدائن فيها كان ما باشره منها بعد نظرة الميسرة باطلا ولكن ما تم من إجراءات التنفيذ ، قبل منح المدين نظرة الميسرة باطلا ولكن ما تم من إجراءات التنفيذ ، قبل منح المدين نظرة الميسرة ، يبقى قائماً حافظاً لآثاره ( [1353] ) . فإذا ما انقضى الأجل الذى منحه القاضى للمدين ، ولم يوف المدين الدين ( [1354] ) ، فإن الدائن يتابع إجراءات التنفيذ من حيث تركها موقوفة ، ولا يحتاج إلى إعادة هذه الإجراءات من جديد فذلك يجشمه عناء لا محل له ويكلف المدين نفقات لا داعى لها ( [1355] ) .
وإذا كان القاضى قد قسط الدين على المدين ، بأن منحة آجالا متعاقبة ، فإن تأخر المدين فى أى قسط من هذه الأقساط يجعل جميع الأقساط الباقية حالة ، ويستطيع الدائن أن ينفذ بها ( [1356] ) .
( 2 ) ولكن يجوز للدائن أن يتابع الإجراءات التحفظية ، كقطع التقادم وقيد الرهن وتجديد قيده ونحو ذلك ، فإن الأجل الواقف لا يمنع من اتخاذ هذه الإجراءات كما رأينا ، فمن باب أولى لا يمنع منها الأجل الممنوح من القاضى ( [1357] ) . وما اتخذ من إجراءات تحفظية ، كإعذار المدين ( [1358] ) ، يبقى حافظاً لآثاره . $ 786 $ وهناك خلاف فيما إذا كان يجوز للدائن ، بعد منح المدين نظرة الميسرة ، أن يعذر المدين ( [1359] ) وأن يحجز على ما لمدينه لدى الغير ( [1360] ) .
( 3 ) لنظرة الميسرة أثر نسبى ، فهو مقصور على المدين الذى منح الأجل دون غيره من المدينين ولو كانوا متضامنين معه ، ما دام هؤلاء لم يمنحوا مثله نظرة الميسرة ( [1361] ) . ولكن كفيل المدين ، إذا منح المدين نظرة الميسرة ، ينتفع بذلك ، وإلا لجاز للدائن أن يرجع على الكفيل ليتقاضى منه الدين ، ولرجع الكفيل على المدين بما وفاه للدائن ، فلا تكون هناك فائدة من منح المدين نظرة الميسرة ( [1362] ) .
وأثر نظرة الميسرة مقصور كذلك على الدائن الذى حكم فى مواجهته بها ، فلا يتعدى إلى الدائنين الآخرين ولو كانوا متضامين مع الدائن الأول ، لأن الحكم على أحد الدائنين المتضامنين لا يضر بالباقى . والواجب على المدين أن يدخل كل الدائنين المتضامنين فى الدعوى ، ليحصل على حكم فى مواجهتهم جميعاً بمنحه نظرة الميسرة .
465 - سقوط الأجل فى نظرة الميسرة : والأجل فى نظرة الميسرة يسقط بما يسقط به الأجل الاتفاقى ( [1363] ) . فيسقط ، كما يسقط الأجل الاتفاقى $ 787 $ وفقاً للمادة 273 مدنى ، فى الأحوال الآتية :
( 1 ) إذا شهر إفلاس المدين أو إعساره وفقاً لنصوص القانون .
( 2 ) إذا أضعف المدين بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص ، ولو كان هذا التأمين قد أعطى بعقد لاحق أو بمقتضى القانون ، هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين . أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فغذا الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضماناً كافياً .
( 3 ) إذا لم يقدم المدين للدائن ما وعد بتقديمه من التأمينات .
على أن الأجل فى نظرة الميسرة ، خلافاً للأجل الاتفاقى ، يسقط بسبب جديد ، هو توافر شروط المقاصة ما بين الدين الذى منحت فيه نظرة الميسرة ودين ينشأ فى ذمة الدائن للمدين . ذلك أن المدين الذى حصل من القاضى على نظرة الميسرة ، إنما حصل على هذا الأجل لأنه لم يكن فى مكنته وفاء الدين فى الحال ، فنظرة القاضى إلى ميسرة . ثم جدَّ بعد ذلك أن حل دين فى ذمة الدائن للمدين من جنس الدين الأول ، سواء نشأ هذا الدين قبل منح المدين نظرة الميسرة أو نشأ بعد ذلك . ففى هذه الحالة يستطيع المدين أن يوفى الدين الذى عليه بالدين الذى له ، فلا مبرر إذن لانتظار انقضاء الأجل الذى منحه القاضى للمدين فى نظرة الميسرة مادام المدين قد أصبح قادراً على الوفاء بدينه . ومن ثم يكون توافر شروط المقاصة على النحو الذى قدمناه على الوفاء بدينه . ونم ثم يكون توافر شروط المقاصة على النحو الذى قدمناه مسقطاً للأجل فى نظرة الميسرة ( [1364] ) . وقد نص التقنين المدنى على هذا الحكم صراحة ، فقضت الفقرة الثانية من المادة 362 مدنى بأنه " لا يمنع المقاصة أن يتأخر ميعاد الوفاء لمهلة منحها القاضى أن تبرع بها الدائن " .
$ 788 $
المبحث الثانى
المكان الذى يتم فيه الوفاء
466 - النصوص القانونية : تنص المادة 347 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا كان محل الالتزام شيئا معيناً بالذات ، وجب تسليمه فى المكان الذى كان موجوداً فيه وقت نشوء الالتزام ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك " .
" 2 - أما فى الالتزامات الأخرى فيكون الوفاء فى المكان الذى وجد فيه موطن المدين وقت الوفاء ، أو فى المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال ( [1365] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادتين 169 / 232 و 170 / 233 ( [1366] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 345 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 334 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 396–397 – وفى تقنين الموجبات و العقود اللبنانى المادة 302 ( [1367] ) .
$ 789 $
ويخلص من النص المتقدم الذكر أن الوفاء يكون فى المكان الذى اتفق عليه الطرفان ، فإن لم يكن هناك اتفاق ، ففى العين المعينة بالذات يكون الوفاء فى المكان الذى كانت موجودة فيه وقت نشوء الالتزام ، وفى غيرها يكون الوفاء فى المكان الذى يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء أو المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال .
467 - اتفاق الطرفين على مكان الوفاء : كثيراً ما يتفق الدائن والمدين على المكان الذى يكون فيه وفاء الدين ، وفى هذه الحالة يتقيد الطرفان بهذا الاتفاق . فلا يجوز للمدين أن يوفى بالدين إلا فى هذا المكان ، كما لا يجوز للدائن أن يطالب المدين بالوفاء غلا فيه . وقد يكون هذا الاتفاق وقت نشوء الدين كم هو الغالب ، وقد يكون اتفاقاً خاصاً لاحقاً لنشوء الدين .
وفى جميع الأحوال قد يكون الاتفاق صريحاً ، ولا يشترط فى الاتفاق الصريح ألفاظ خاصة . وقد يكون ضمنياً . ومثل الاتفاق الضمنى أن تكون هناك التزامات متقابلة ناشئة من عقد ملزم للجانبين ويتفق الطرفان على أن يتم الوفاء $ 790 $ فى وقت واحد ، فيستخلص من ذلك اتفاق ضمنى على ان يكون مكان الوفاء هو أيضا مكان واحد ( [1368] ) . وق طبقت المادة 456 مدنى هذا الحكم فى عقد البيع إذ نصت على ما يأتى : " ذ - يكون الثمن مستحق الوفاء فى المكان الذى سلم فيه المبيع ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك . 2 - فإذا لم يكن الثمن مستحقاً وقت تسليم المبيع ، وجب الوفاء به فى المكان الذى يوجد فيه موطن المشترى وقت استحقاق الثمن " . ففى الفقرة الأولى افترض أن تسليم المبيع ودفع الثمن يجب أن يتما فى وقت واحد ، فخلص من ذلك أن دفع الثمن يكون فى المكان الذى يتم فيه تسليم المبيع . وفى الفقرة الثانية افترض أن الثمن غير مستحق وقت تسليم المبيع ، فرجعنا إلى القاعدة العامة فى مكان الوفاء بمبلغ من النقود ، وهو موطن المدين وقت استحقاق الدين . وإذا كان الوفاء بشيك أو بحوالة ، استخلص من هذا اتفاق ضمنى على أن يكون مكان الوفاء هو الجهة التى يقبض فيها الدائن قيمة الشيك أو حوالة البريد ( [1369] ) ، وقد قدمنا أن الوفاء لا يتم هذه الحالة بمجرد تسلم الشيك أو الحوالة ، وإنما يتم بقبض القيمة .
وقد يتفق الطرفان على أن يكون مكان الوفاء هو موطن الدائن ، والأصل ألا يكون موطن الدائن هو مكان الوفاء إلا باتفاق صريح أو ضمنى . فإذا تم الاتفاق على ذلك ، فإن موطن الدائن وقت الاتفاق أو موطنه وقت الوفاء إذا تغير هذا الموطن يكون هو مكان الوفاء تبعاً للاتفاق الذى تم ( [1370] ) . فإن لم يكن الاتفاق واضحاً فى ذلك ، فالمفروض أن الطرفين قد اتفقا على أن يكون مكان الوفاء هو موطن الدائن وقت الاتفاق ، لأنه هو الموطن الذى كان معروفاً عندهما وقت ذاك ( [1371] ) .
$ 791 $
468 - مكان الوفاء فى العين المعينة بالذات هو مكان وجودها وقت نشوء الالتزام : وقد رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 347 مدنى تنص على أنه " إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات ، وجب تسليمه فى المكان الذى كان موجوداً فيه وقت نشوء الالتزام ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك " . فإذا لم يوجد اتفاق على أن يكون مكان الوفاء فى غير مكان وجود العين وقت نشوء الالتزام ، ولم يوجد نص يقضى بغير ذلك كما رأينا فى النص الذى يقضى بأن يكون دفع الثمن فى مكان تسليم المبيع ( م 456 مدنى ) ، فإن مكان الوفاء هو المكان الذى توجد فيه العين وقت نشوء الالتزام ( [1372] ) وهذا الحكم مبنى على أن هناك اتفاقاً ضمنيَّا ما بين الطرفين على هذا المكان . فينسخ هذا الاتفاق الضمنى اتفاق ضمنى معارض ، أو اتفاق صريح ، أو نص فى القانون .
ويغلب أن يكون الشىء لم ينتقل من مكانه من وقت نشوء الالتزام إلى وقت الوفاء ، فإذا انتقل فالعبرة كما قدمنا بالمكان الذى توجد فيه العين وقت نشوء الالتزام ، وهو المكان الذى كان معروفاً من الطرفين ( [1373] ) . على أن المفروض فى كل ذلك أن الشىء محل الالتزام مستقر فى مكانه لا يمكن نقله فى يسر . فإذا كان الشىء بطبيعته سهل الانتقال من مكان إلى آخر ، كسيارة أو فرس ، فالغالب أن يكون الطرفان قد أراد ضمناً أن يكون مكان الوفاء ليس هو المكان العارض الذى يوجد فيه الشىء وقت نشوء الالتزام ، بل هو موطن المدين وهو المكان الذى يوجد فيه الشىء عادة . وهنا نرى أن الاتفاق الضمنى الذى قام عليه مكان وجود الشىء وقت نشوء الالتزام قد عارضه اتفاق ضمنى أكثر وضوحاً فنسخه ( [1374] ) .
$ 792 $
469 - مكان الوفاء فى غير العين المعينة بالذات هو موطن المدين أو مركز أعماله : فإذا لم يوجد اتفاق صريح أو ضمنى على مكان الوفاء ( [1375] ) ، ولم يكن محل الوفاء عيناً معينة بالذات ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 347 مدنى ، كما رأينا ، على أن " يكون الوفاء فى المكان الذى يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء ، أو فى المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال ( [1376] ) " .
ويسرى هذا الحكم على كل التزام ليس محله عيناً معينة بالذات ، وأكثر ما يسرى على الالتزام الذى يكون محله مبلغاً من النقود . ويسرى كذلك على كل التزام محله عين غير معينة بالذات ، كالتزام بتسليم مائة أردب من القمح أو خمسين قنطاراً من القطن . ويسرى أخيراً على كل التزام محله عمل أو امتناع عن عمل . ففى هذه الالتزامات جميعاً ، إذا لم يوجد اتفاق صريح أو ضمنى على مكان الوفاء ، فالمكان هو موطن المدين وقت الوفاء ، أو المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال . ومن ثم نرى أن الالتزام هنا يسعى له الدائن ( querable ) ، ولا يسعى به المدين ( Portable ) . وليس فى هذا إلا تطبيق للمبدأ العام الذى يقضى بأن الالتزام يفسر بما فيه مصلحة المدين ( [1377] ) .
وإذا غير الدائن موطنه أو مركز أعماله فى الفترة ما بين نشوء الالتزام وبين الوفاء ، فالعبرة بالموطن أو بمركز الأعمال وقت الوفاء لا وقت نشوء الالتزام . ذلك أن القاعدة إنما تقوم ، لا على افتراض إرادة الطرفين فيقال إن هذه الإرادة قد انصرفت إلى الموطن أو مركز الأعمال وقت نشوء الالتزام ، وإنما تقوم على مصلحة المدين ، ومصلحته تقتضى أن يكون مكان الوفاء هو موطنه أو مركز أعماله وقت الوفاء ( [1378] ) .
$ 793 $
على أن المدين يستطيع بعد نشوء الالتزام أن ينزل عن حقه فى ان يكون مكان الوفاء هو موطنه أو مركز أعماله ، إذا تصرف تصرفاً من شأنه أن يستخلص منه هذا النزول ، فإذا كان الدين أقساطاً ، وأدى المدين أكثر الأقساط فى موطن الدائن ، وأن المدين قد اتفق اتفاقاً ضمنيَّا مع الدائن على ذلك . ولكن مجرد دفع قسط أو قليل من الأقساط فى موطن الدائن لا يستفاد منه حتما أن المدين قد نزل عن حقه فى أن يكون مكان الوفاء بسائر الأقساط هو موطنه لا موطن الدائن ( [1379] ) . فلو أن المؤمن له دفع بعض أقساط التأمين فى موطن الشركة ( [1380] ) ، فلا يستفاد من ذلك حتما أنه نزل عن حقه فى أن يكون الوفاء بسائر الأقساط فى موطنه هو ( [1381] ) . وعلى العكس من ذلك ، إذا اشترطت شركة التأمين على أن يكون الوفاء بالأقساط فى موطنها ( [1382] ) ، ثم استوفت بعض هذه الأقساط فى موطن المدين ، فلا يستفاد من ذلك حتما أنها نزلت عن حقها فى أن يكون الوفاء ببقية الأقساط فى موطنها ، لاسيما إذا ذكرت ذلك صراحة فى وثيقة التأمين ، وهذا ما لم يكن قد اضطرد استيفاؤها لأقساط التأمين فى موطن المدين واستقر تعاملها معه على ذلك ( [1383] ) .
$ 794 $
470 - نصوص خاصة بتعيين مكان الوفاء فى بعض العقود المسماة : وقد أشارت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى إلى أنه " قد أنشأت بعض النصوص أحكاماً خاصة بشأن الوفاء فى بعض العقود المعينة كالبيع والإجارة ( [1384] ) " .
وقد رأينا فعلا أن الفقرة الأولى من المادة 456 مدنى فى البيع تنص على أن " يكون الثمن مستحق الوفاء فى المكان الذى سلم فيه المبيع ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك " . ونصت المادة 436 مدنى ، فى البيع أيضاً ، على أنه " إذا وجب تصدير المبيع للمشترى ، فلا يتم التسليم غلا إذا وصل إليه ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك " .
ونصت المادة 566 مدنى ، فى الإيجار ، على أن " يسرى على الالتزام بتسليم العين المؤجرة ما يسرى على الالتزام بتسليم العين المبيعة من الأحكام ، وعلى الأخص ما يتعلق منها بزمان التسليم ومكانه وتحديد مقدار العين المؤجرة وتحديد ملحقاتها " .
ونصت الفقرة الثانية من المادة 642 مدنى ، فى العارية ، على أنه " يجب رد الشىء فى المكان الذى يكون المستعير قد تسلمه فيه ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك " .
ونصت المادة 655 مدنى ، فى المقاولة ، على أنه " متى أتم المقاول العمل ووضعه تحت تصرف رب العمل ، وجب على هذا أن يبادر إلى تسلمه فى أقرب وقت ممكن بحسب الجارى فى المعاملات . وإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسليم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمى ، اعتبر أن العمل قد سلم إليه " .
ونصت المادة 690 مدنى ، فى عقد العمل ، على أن " يلتزم رب العمل أن يدفع للعامل أجرته فى الزمان والمكان اللذين يحددهما العقد أو العرف ، مع مراعاة ما تقضى به القوانين الخاصة فى ذلك " .
$ 795 $
الباب الثانى
انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء
471 - أسباب انقضاء التزام بما يعادل الوفاء : قدمنا أن الالتزام قد ينقضى ، لا بالوفاء به عيناً ، بل بما يعادل الوفاء ، ويشمل هذا ما يأتى :
( 1 ) الوفاء بمقابل ( Dation en Paiement ) .
( 2 ) التجديد ( Novation ) .
( 3 ) المقاصة ( Compensation ) .
( 4 ) اتحاد الذمة ( Confusion ) .
ففى الوفاء بمقابل يعتاض الدائن عن استيفاء الدين عيناً بشىء يعادله وفى التجديد يستوفى الدائن الدين الأصلى بدين جديد . وفى المقاصة يستوفى الدائن الدين الذى له بدين مقابل فى ذمته للمدين . وفى اتحاد الذمة يستوفى الدائن الدين الذى له بنفس هذا الدين بعد أن يصبح مديناً به .
$ 796 $
الفصل الأول
الوفاء بمقابل ( [1385] )
( Dation en paiement )
472 - أركانه وتكييفه القانوني والآثار التي تترتب عليه : قدمنا أن الدائن يستوفي محل الدين عينه ، فلا يجبر علي استيفاء شيء آخر في مقابل دينه ، ولو كان هذا الشيء أكبر قيمة من الدين . ومع ذلك إذا اتفق الدائن مع المدين علي أن يستوفي شيئا آخر في مقابل دينه ، واستوفي فعلا هذا الشيء الآخر ، فإن الدين ينقضي وتبرأ ذمة المدين ، ولكن لا عن طريق الوفاء ( paiement ) ، بل عن طريق الوفاء بمقابل ( dation en paiement ) .
ومن ثم وجب أن نبحث : ( أولا ) ما هي الأركان التي يقوم عليها الوفاء بمقابل وما هو تكييفه للقانوني . ( ثانياً ) وما هي الآثار التي تترتب عليه .
الفرع الأول
أركان الوفاء بمقابل وتكييفه القانوني
المبحث الأول
الأركان التي يقوم عليها الوفاء بمقابل
473 - النصوص القانونية : تنص المادة 350 من التقنين المدني علي ما يأتي :
$ 797 $ " إذا قبل الدائن في استيفاء حقه مقابلا استعاض به عن الشيء المستحق ، قام هذا مقام الوفاء ( [1386] ) " .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ( [1387] ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 348 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 337 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 399 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 318 ( [1388] ) .
474 - ركنان : ويمكن أن يستخلص من النص المتقدم الذكر أن هناك ركنين للوفاء بمقابل :
$ 798 $ ( الركن الأول ) اتفاق بين الدائن والمدين ( [1389] ) علي الاستعاضة عن محل الوفاء الأصلي بنقل ملكية شيء آخر من المدين إلي الدائن .
( الركن الثاني ) تنفيذ هذا الاتفاق بنقل الملكية فعلا ، فتبرأ ذمة المدين .
475 - اتفاق علي الاستعاضة عن محل الوفاء الأصلي بنقل ملكية شيء آخر : يتفق الدائن مع المدين علي أن يستعاض عن الوفاء بمحل الالتزام الأصلي الوفاء بنقل ملكية شيء آخر من المدين إلي الدائن . فإذا كان محل المدين الأصلي ألفا من الجنيهات مثلا ، فإن الطرفين يتفقان علي أن يفي المدين للدائن بدلا من الألف من الجنيهات مائة قنطار من القطن الأشموني أو مائتي أردب من القمح الهندي أو أن ينقل إليه ملكية سيارة من طراز معين أو قطعة أرض معينة أو دار بالذات أو نحو ذلك . وقد يقع العكس ، فيكون في ذمة المدين أن ينقل للدائن مائة قنطار من القطن أو مائتي أردب من القمح أو ملكية سيارة أو أرض أو دار ، فيتفقان علي أن يعطي المدين للدائن بدلا من ذلك ألفا من الجنيهات ( [1390] ) . ولما كان الدائن في هذه الأحوال ، يستوفي في دينه محلا ليس هو عين محل الدين ، فلا بد إذن لهذا الوفاء بمقابل من اتفاق بين الدائن والمدين يكون لاحقا لنشوء الدين ، وفي الغالب يكون لاحقا أيضا لميعاد استحقاقه . والاتفاق يستدعي حتما رضاء الدائن أن يستوفي الدين بمقابل ، فلا يجوز حمل الدائن علي أخذ غير محل $ 799 $ الدين إجباراً ، ولا يتم ذلك إلا برضائه ( [1391] ) .
ولما كان الوفاء بمقابل اتفاقا ( convention ) ، فهو ككل اتفاق يقتضي توافق إرادتين ، إرادة الدائن وإرادة المدين . ولبس الوفاء بمقابل عقداً ( contrat ) ، بل هو اتفاق كما قدمنا ، كالوفاء ، لأنه لا ينشيء التزاما ، بل يقضي هذا الالتزام . ويجب أن تتوافر الأهلية الواجبة في كل من الطرفين . فتتوافر في الدائن أهلية استيفاء الدين علي النحو الذي قدمناه في الوفاء ، لأن الوفاء بمقابل ينطوي علي معني استيفاء الدين . وتتوافر في المدين ، لا أهلية الوفاء بالدين فحسب ، بل أيضا أهلية التصرف ، فإنه يوفي دينه عن طريق نقل ملكية شيء الي الدائن ، فالوفاء بمقابل بالنسبة إليه ينطوي علي معني الوفاء وعلي معني نقل الملكية في وقت واحد .
ويجب أن تكون إرادة كل من الطرفين خالية من العيوب ، فلا يشوبها غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال ( [1392] ) .
ويجب أن يكون للاتفاق محل وسبب .أما السبب فهو الوفاء بالدين الأصلي . وأما المحل فهو الاستعاضة عن المحل الأصلي بنقل ملكية شيء آخر من المدين إلي الدائن . فلابد إذن في المحل من توافر شرطين : 1 - ألا يكون داخلا في نطاق الالتزام الأصلي ، بل هو شيء جديد يستعاض به عن المحل الأصلي $ 800 $ للالتزام . ومن ثم لا ينطوي الالتزام التخييري ولا الالتزام البدلي علي وفاء بمقابل ، لأن المدين إذا اختار أحد محال الالتزام في الالتزام التخييري ، أو اختار البدل في الالتزام البدلي ، فأداه ، فإنما يؤدي محل داخل في نطاق الالتزام الأصلي متفقا عليه منذ نشوء هذا الالتزام ، فليس هو شيئا جديداً خارجا عن نطاق الالتزام الأصلي يستعاض به عن محل هذا الالتزام ( [1393] ) . 2 - أن يكون نقل ملكية ( dartio ) ، فلا يجوز أن يكون التزاما بعمل أو التزاما بامتناع عن عمل ( [1394] ) . وإذا اتفق المقرض والمقترض علي أن يستعاض عن رد القرض بأن يقوم المقترض بنسخ كتاب معين يطلبه منه الدائن ، فإن هذا لا يكون وفاء بمقابل ، بل يكون في الغالب تجديداً ( novation ) بتغيير محل الدين ( [1395] ) .
ويثبت الاتفاق علي الوفاء بمقابل وفقا للقواعد العامة في الإثبات . فلا يجوز ، فيما يزيد علي عشرة جنيهات ، الإثبات إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها علي أنه إذا ثبت أن الدائن قبد قبل تسلم شيء غير المستحق له دون تحفظ ، فإنه يفترض – حي يقوم الدليل علي العكس - أنه قد ارتضي أن يقوم ذلك مقام الوفاء ( [1396] ) .
$ 801 $ 476 - تنفيذ الاتفاق بنقل الملكية فعلا إلي الدائن : ولا يكفي الاتفاق علي مقابل الوفاء ، بل يجب أيضا تنفيذ هذا الاتفاق بنقل الملكية فعلا من المدين إلي الدائن ( [1397] ) . فإذا كان المقابل مائة قنطار من القطن أو مائة أردب من القمح ، وجب إفراز هذه المقادير حتي تنتقل ملكيتها إلي الدائن . وإذا كان المقابل سيارة وجب تعيينها بالذات ، أو كان دار أو أرضا وجب تسجيل الاتفاق علي الوفاء بمقابل ، حتي تنتقل ملكية السيارة أو الدار أو الأرض من المدين إلي الدائن ( [1398] ) .
وهذا ما يميز الوفاء بمقابل عن التجديد ( [1399] ) ، ففي التحديد يحل التزام جديد محل التزام قديم ، فينقضي الالتزام القديم بقيام الالتزام الجديد . أما في الوفاء بمقابل فلا يكفي قيام الالتزام الجديد ، أي الالتزام بنقل الملكية ، بل يجب تنفيذه أي نقل الملكية فعلا إلي الدائن . فإذا اقتصر الطرفان علي إنشاء التزام بنقل الملكية يحل محل الالتزام الأصلي ، فإنما يكون ذلك تجديداً بتغيير محل الدين لا وفاء بمقابل ( [1400] ) .
المبحث الثاني
التكييف القانوني بالوفاء بمقابل
477 - تضارب الفقه في التكييف القانوني للوفاء بمقابل : بعد أن بسطنا أركان الوفاء بمقابل ، بقي أن نبين ما هو التكييف القانوني لهذا $ 802 $ السبب من أسباب انقضاء الالتزام . وقد تضارب الفقة في هذا التكييف ، حتي أصحبت هذه المسألة الغامضة في حاجة إلي شيء من التجلية والوضوح .
وهناك تكييف يتبادر إلي الذهن لأول وهلة ، هو أن يكون الوفاء بمقابل بيعا فيكون المقابل قد بيع بالدين . وكان للقانون الفرنسي القديم تكييف آخر ، هو أن الوفاء بمقابل ضرب من الوفاء ( paiement ) يتميز بأن المحل الأصلي فيه قد تغير وهناك تكييف ثالث ، هو الذي أخذ يتغلب الآن في الفقه ، يجعل الوفاء بمقابل عملا مركبا من تجديد ووفاء عن طريق الملكية .
478 - الوفاء بمقابل بيع تليه مقاصة : يتبادر إلي الذهن لأول وهلة أن الوفاء بمقابل ينتهي إلي التحليل الآتي : اتفق الدائن مع المدين علي أن يشتري الأول من الثاني المقابل الذي يقدمه الثاني – القطن أو القمح أو السيارة أو الأرض أو الدار إلخ – بثمن يعادل قيمة الدين الذي في ذمته . فتتم صفقة البيع أولا ، ويصبح الدائن مدينا بثمن هو معادل في الجنس والمقدار للدين الذي له . فتقع مقاصة قانونية ما بين هذا الدين والثمن ، فينقضي كلاهما بالمقاصة . ويبقي المدين بعد ذلك ملتزما نحو الدائن بنقل ملكية المقابل ( [1401] ) .
وعيب هذا التكييف أنه يقف بالوفاء بمقابل عند المرحلة الأولي ، ولا يستلزم أن تنتقل الملكية فعلا الي الدائن . فلو فرضنا أن مقابل الوفاء هو مقادير من القطن أو من القمح ، فكيفي ، طبقا لهذا التكييف ، أن يلتزم المدين للدائن بنقل ملكية هذه المقادير حتي يتم الوفاء بمقابل وتبرأ ذمة المدين من دينه الأصلي إلا عند نقل هذه الملكية . أما إذا وقفنا عند هذه المرحلة الأولي ، فإنما نواجه تجديداً بتغيير محل الدين لا وفاء بمقابل كما سبق القول .
$ 803 $ 479 - الوفاء بمقابل ضرب من الوفاء تغير فيه المحل الأصلي : وهذا هو التكييف الذي كان سائداً في القانون الفرنسي القديم ، وكان يقول به دوما وبوتييه ، ولا يزال يقول به بعض فقهاء القانون الفرنسي الحديث .
ففي القانون الفرنسي القديم كان الوفاء بمقابل ضربا من الوفاء ، استعيض فيه عن الشيء المستحق أصلا بشيء آخر ، وذلك باتفاق الطرفين . فهو كالوفاء يقضي الدين ذاته بطريق مباشر ، ولكن يقضيه بمقابل الشيء المستحق لا بالشيء المستحق نفسه . أما في التكييف الأول فقد رأينا أن المقابل يقضي الدين ذاته ، ولكن بطريق غير مباشر ، بأن يجعل ثمنه قصاصا فذ هذا الدين . وسنري في التكييف الثالث أن المقابل لا يقضي الدين ذاته ، ولكن دينا آخر نشأ من طريق التجديد .
ويترتب علي هذا التكييف الثاني أن الدائن ، إذا استحق في يده مقابل الوفاء لم يرجع علي المدين بدعوي ضمان الاستحقاق التي يرجع بها المشتري علي البائع . فهو لم يشتر المقابل كما هو التصوير في التكييف الأول ، بل استوفي به الدين الذي له في ذمة المدين . فإذا استحق المقابل في يده بطل الوفاء ، واستتبع ذلك رجوع الدين الأصلي ، فيعود في ذمة المدين بجميع ما كان له من ضمانات ، ويرجع الدائن علي المدين لا بدعوي ضمان الاستحقاق بل بدعوي هذا الدين نفسه ( [1402] ) .
وكان هذا التكييف القانوني يستقيم ، ويتفق مع إرادة الطرفين ، لولا أنه $ 804 $ من المقرر أن الوفاء بمقابل يقضي التأمينات التي كانت للدين الأصلي ولو استحق المقابل . انقضاء التأمينات هذا مقرر في الفقه الفرنسي ، ويؤيده نص صريح في التقنين المدني الفرنسي خاص بالكفالة ، فقد نصت المادة 2038 من هذا التقنين علي أن قبول الدائن باختياره عقاراً أو أي عرض استيفاء للدين الأصلي يبريء الكفيل ، حتي لو استحق الشيء في يد الدائن ( [1403] ) . ويقيس الفقه الفرنسي علي الكفالة سائر التأمينات . أما في مصر فالنص واضح في أن التأمينات التي كانت للدين الأصلي تزول ، وسنري أن المادة 351 مدني تقضي بأن يسري علي الوفاء بمقابل " من حيث أنه يقضي الدين ، أحكام الوفاء ، وبالأخص ما تعلق منها بتعيين جهة الدفع وانقضاء التأمينات ( [1404] ) " . ثم طبق التقنين المدني المصري هذا الحكم تطبيقا خاصا في الكفالة ، فنص في المادة 783 - وهي المقابلة للمادة 2038 مدني فرنسي - علي أنه " إذا قبل الدائن أن يستوفي في مقابل الدين شيئا آخر ، برئت ذمة الكفيل ولو استحق هذا الشيء " .
ولا شك في أن انقضاء التأمينات إلي غير رجعة لا يتفق مع التكييف القانوني $ 805 $ الذي نحن بصدده ، فإن من مقتضيات هذا التكييف أن يعود الدين الأصلي إذ أبطل الوفاء بمقابل أو استحق المقابل في يد الدائ ، ومتي عاد الدين الأصلي عادت معه جميع التأمينات التي كانت تكفله .
180 - الوفاء بمقابل عمل مركب من تجديد ووفاء عن طريق نقل الملكية : والتكييف القانوني الذي أخذ يتغلب في الفقه المعاصر ، وهو التكييف الذي يساير النصوص التشريعية في مصر وفي فرنسا ، هو أن الوفاء بمقابل عمل مركب . فهو مزيج من التجديد والوفاء عن طريق نقل الملكية ، وتتلاقي فيه عناصر من كل ذلك ، فيجمع في أحكامه بين كل منها .
فالوفاء بمقابل هو أولا تجديد بتغيير محل الدين . إذا الدائن والمدين يتفقان باديء ذي بدء علي تغيير المحل الأصلي للدين بمحل جديد هو المقابل للوفاء ، ومتي دخل في الدين هذا التعديل الجوهري فقد أصبح دينا جديداً يحل محل الدين القديم ، وهذا هو التجديد . ويترتب علي هذه الخطوة الأولي أن الدين الأصلي ينقضي ، وتنقضي معه تأميناته ، عن طريق التجديد ، لا عن طريق الوفاء كما هو الأمر في التكييف الثاني ، ولا عن طريق التجديد ، لا عن طريق الوفاء كما هو الأمر في التكييف الثاني ، ولا عن طريق المقاصة كما هو الأمر في التكييف الأول .
ثم إن الدين الجديد - وهو دائما التزام بنقل ملكية المقابل الذي استعيض به عن المحل الأصلي للدين – ينفذ عن طريق الوفاء ( paiement ) فتنتقل الملكية فعلا إلي الدائن كما قدمنا ، وبذلك يتم الوفاء بمقابل . وفي هذه الخطوة الثانية ينطوي الوفاء بمقابل عل معنيين : ( أولا ) معني الوفاء ، إذ الدين الجديد يوفي به عينا فينقضي ، وهو هنا ينقضي بالوفاء ( paiement ) ، كما انقضي الدين القديم بالتجديد ( novation ) فيما قدمنا . ( ثانياً ) ومعني نقل الملكية ، إذ الوفاء بالدين الجديد معناه نقل ملكية المقابل إلي الدائن كما تنتقل ملكية المبيع إلي المشترة . ونري من ذلك أن هذه الخطوة الثانية تكسب الوفاء فيأخذ أحكامه ، وتكسبه معني نقل الملكية فيأخذ أيضا بعض أحكامه ، وهذا كله إلي معني التجديد الذي رأيناه في الخطوة الأولي والذي انقضي الدين الأصلي به ( [1405] ) .
$ 806 $ ويخلص من هذا التكييف القانوني أمران : ( 1 ) أن الدين الأصلي في الوفاء بمقابل لا ينقضي بالوفاء ولا بالمقاصة ، وإنما ينقضي بالتجديد ، أما الدين الجديد الذي حل محل الدين الأصلي فينقضي بالوفاء عينا ، لا بمقابل الوفاء ( [1406] ) . ( 2 ) إن الوفاء بمقابل يجمع في أحكامه بين معني الوفاء ومعني نقل الملكية ( [1407] ) ، وهذا ما ننتقل الآن إليه .
الفرع الثاني
الآثار التي تترتب علي الوفاء بمقابل
481 - النصوص القانونية : تنص المادة 351 من التقنين المدني علي ما يأتي : $ 807 $ " يسري علي الوفاء بمقابل ، فيما إذا كان ينقل ملكية شيء أعطي في مقابلة الدين ، أحكام البيع ، وبالأخص ما تعلق منها بأهلية المتعاقدين وضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية . ويسري عليه ، من حيث أنه يقضي الدين ، أحكام الوفاء ، وبالأخص ما تعلق منها بتعيين جهة الدفع وانقضاء التأمينات " ( [1408] ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ( [1409] ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 349 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 338 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 400 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 319 ( [1410] ) .
$ 808 $ ويخلص من هذا النص أن الوفاء بمقابل مزدوج الأحكام ، فتسري عليه أحكام البيع باعتباره ناقلا للملكية ، وتسري عليه أحكام الوفاء باعتبار أنه يقضي الدين .
482 - الوفاء بمقابل باعتباره ناقلا للملكية : لما كان الوفاء بمقابل ينقل ملكية المقابل من المدين إلي الدائن ، فانه يسري عليه من هذه الناحية أحكام البيع وأحكام نقل الملكية بوجه عام .
وقد ذكر النص من هذه الأحكام ثلاثة علي وجه التخصيص ( [1411] ) :
أهلية المتعاقدين : وقد قدمنا أنه يشترط في المدين أن تتوافر فيه ، لا أهلية الوفاء فحسب ، بل أيضا أهلية التصرف . وكذلك يشترط في الدائن أهلية الالتزام ( [1412] ) .
ضمان الاستحقاق : فإذا استحق المقابل في يد الدائن ، رجع علي المدين . ولا يرجع بالدين الأصلي ، فإن هذا الدين قد انقضي بالتجديد كما قدمنا ، وقد انقضت تأميناته معه ، فلا يعود ولا تعود . وإنما يرجع بضمان الاستحقاق كما يرجع المشتري علي البائع ، لأنه إنما يطعن في التصرف الخاص بنقل الملكية لا التصرف الخاص بالتجديد . إذ التجديد قد أصبح باتا لا رجوع فيه ، وهو الذي قضي الدين الأصلي بتأميناته ، وأقام مقامه الدين الجديد الذي يستوجب تنفيذه نقل الملكية ( [1413] ) .
$ 809 $ ولما كان الدائن يرجع علي المدين بضمان الاستحقاق كما قدمنا ، فإنه يرجع ، طبقا لأحكام هذا الضمان ، بما يأتي : ( 1 ) قيمة المقابل وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت . ( 2 ) وقيمة الثمار التي ألزم الدائن بردها لمن استحق المقابل . ( 3 ) والمصروفات النافعة التي لا يستطيع الدائن أن يلزم بها المستحق ، وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان المدين سيء النية . ( 4 ) وجميع مصروفات دعوي الضمان ودعوي الاستحقاق عدا ، ما كان الدائن يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر المدين بالدعوي . ( 5 ) وبوجه عام التعويض عما لحقه من خسارة أو وفاته من كسب بسبب استحقاق المقابل ( [1414] ) .
ولا شلك في أن الرجوع بضمان الاستحقاق أرجح للدائن من الرجوع بالدين الأصلي ، ولكن تأمينات الدين الأصلي تزول كما قدمنا فلا تكفل ضمان الاستحقاق .
3 - ضمان العيوب الخفية : فإذا لم يستحق المقابل ، ولكن الدائن كشف فيه عيبا خفيا ، فإنه يرجع علي المدين بضمان العيوب الخفية ، كما يرجع المشتري علي البائع ، طبقا لأحكام المواد 447 - 454 مدني . ويخلص من هذه النصوص أن العيب لو أثر في المقابل إلي حد لو علمه الدائن لما رضي بهذا المقابل ، كان له أن يرده إلي المدين وأن يطالبه بالتعويض علي النحو الذي بيناه في ضمان الاستحقاق . أما إذا اختار الدائن استبقاء المقابل ، أو كانت الخسارة لم تبلغ $ 810 $ الحد المتقدم الذكر ، لم يكن له إلا أن يطالب المدين بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب العيب ( م450 و444 مدني ) ( [1415] ) .
ولما كان نص المادة 351 مدني لم تحصر أحكام البيع التي تسري علي الوفاء بمقابل في الأحكام الثلاثة المتقدمة الذكر ، بل ذكرتها علي سبيل التمثيل والتخصيص ، فإنه يبدو أن بعض أحكام البيع الأخري - كحق امتياز البائع إذا كان هناك معدل ( solute ) يدفعه الدائن للمدين ( [1416] ) ، وحق الفسخ إذا لم يوف الدائن بهذا المعدل ، وحق تكملة الثمن للغبن فيما إذا كان الدائن قاصراً وكان المقابل عقاراً تقل قيمته عن أربعة أخماس الدين ( [1417] ) ، وتسري علي الوفاء بمقابل ( [1418] ) .
483 - الوفاء بمقابل باعتباره وفاء : ثم إن الوفاء بمقابل ، باعتباره وفاء ، يقضي الدين الجديد الذي حل محل الدين الأصلي كما قدمنا . أما الدين الأصلي فقد انقضي بالتجديد ، كما سبق القول .
ومن ثم تترتب النتائج الآتية ( [1419] ) :
1- تزول التأمينات التي كانت للدين الأصلي ، ولا تعود حتي لو استحق $ 811 $ المقابل قد يد الدائن ، علي النحو الذي قدمناه . وهذه النتيجة مترتبة علي أن الدين الأصلي قد انقضي وانقضت معه تأميناته عن طريق التجديد ( [1420] ) .
2- تتبع الأحكام المتعلقة بتعيين جهة الدفع ( imputation du paiement ) فيما إذا كان في ذمة المدين للدائن عدة ديون من جنس واحد وقد دفع المدين مقابلا للوفاء ببعضها دون بعض ، فيكون له وقت الدفع أن يبين الدين الذي دفع مقابله . فإن لم يبين ، كان الدين المدفوع له المقابل هو الدين الحال ، ثم الدين الأكثر كلفة علي المدين ، فإن تعادلت الديون في الحلول وفي الكلفة علي المدين ، كان للدائن أن يعين الدين الذي استوفي مقابله .
3- إذا تبين أن المدين قد دفع مقابلا لدين لا وجود له ، اتبعت أحكام الوفاء لا أحكام نقل الملكية . ومن ثم لا يرجع المدين علي الدائن بمقدار الدين ، ولكن يسترد منه المقابل الذي دفعه بدعوي استرداد غير المستحق ( [1421] ) .
4- يجوز لدائني المدين أن يطعنوا بالدعوي البولصية في الوفاء بمقابل باعتبار أنه وفاء . فإذا وفي المدين المعسر ، وفاء بمقابل ، أحد دائنيه قبل $ 812 $ انقضاء الأجل الذي عين أصلا للوفاء ، لم يسر هذا الوفاء في حق باقي الدائنين . وكذلك لا يسري في حقهم الوفاء بمقابل ولو حصل بعد انقضاء هذا الأجل ، إذا كان قد تم نتيجة تواطؤ بين المدين والدائن الذي استوفي المقابل ( [1422] ) .
$ 813 $ الفصل الثاني
التجديد والإنابة في الوفاء ( [1423] )
( Novation et delegation )
الفرع الأول
التجديد
( Novation )
484 - التجديد تنظام قانوني محدود الأهمية – شروطه والآثار تترتب عليه : التجديد هو استبدال دين جديد بدين قديم ، فيكون سببا في قضاء الدين القديم وفي نشوء الدين الجديد . فالتجديد إذن هو سبب لانقضاء الالتزام ، وهو في الوقت ذاته مصدر لنشوء الالتزام . فهو اتفاق ( convention ) علي قضاء الالتزام القديم ، وعقد ( contrat ) لإنشاء الالتزام الجديد ، وهو في الحاتين تصرف قانوني ( acte juridique ) . ويتميز الدين الجديد عن الدين القديم إما بتغيير في الدين ( أي في محله أو في مصدره ) ، وإما بتغير المدين ، وإما بتغيير الدائن .
والتجديد كنظام قانوني أصبح اليوم محدود الأهمية خلافا لما كان عليه الأمر $ 814 $ في القانون الروماني ( [1424] ) ، وقل الالتجاء إليه في التعامل . فالتجديد بتغير الدين أصبح يغني عنه الوفاء بمقابل ، وتغني حوالة الدين عن التجديد بتغيير المدين ، وحوالة الحق عن التجديد بتغيير الدائن . ومن ثم اختفي التجديد في بعض التقنينات الحديثة كالتقنين الألماني ( [1425] ) ، وقد سبقت الإشارة إلي ذلك .
ونبحث في التجديد : ( أولا ) شروطه ( ثانياً ) الآثار التي تترتب عليه .
$ 815 $ المبحث الأول
شروط التجديد
485 - شروط ثلاثة : يمكن رد شروط التجديد إلي ثلاثة . إذ التجديد يفترض وجود التزامين متعاقبين الجديد منهما يحل محل القديم ، علي أن يختلف الالتزام الجديد عن الالتزام القديم في أحد عناصره ، وعلي أن تتوافر عند الطرفين نية التجديد ( [1426] ) .
فشروط التجديد إذن هي : ( 1 ) تعاقب التزامين ، قديم حل محله جديد ( 2 ) اختلاف ما بين الالتزامين في أحد العناصر ( 3 ) نيه التجديد .
المطلب الأول
تعاقب التزامين قديم حل محل جديد
486 - النصوص القانونية : تنص المادة 353 من التقنين المدني علي ما يأتي :
$ 816 $ " 1 - لا يتم التجديد إلا إذا كان الالتزامان القديم والجديد قد خلال كل منهما من أسباب البطلان " .
" 2 - أما إذا كان الالتزام القديم ناشئا عن عقد قابل للإبطال ، فلا يكون التجديد صحيحا إلا إذا قصد بالالتزام الجديد إجازة العقد وأن يحل محله " ( [1427] ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ( [1428] ) .
ويقابل النص في للتقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 351 - وفي التقنين المدني الليبي 340 - ولا مقابل في التقنين المدني العراقي - ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 322 ( [1429] ) .
$ 817 $ ويخلص من هذا النص أنه حتي يتم التجديد ، يحب أن يوجد التزام قديم خال من أسباب البطلان ، ثم يعقبه ليحل محله التزام جديد خال هو أيضا من أسباب البطلان .
487 - وجود التزام قديم : يفترض التجديد وجود التزام سابق ، هو الذي يقوم عليه التجديد فيقضيه ، وندعوه هنا بالالتزام القديم .
فإذا لم يكن هذا الالتزام القديم موجوداً فعلا بل ظن وجوده توهما ، وكذلك إذا كان هذا الالتزام قد انقضي بسبب سابق علي التجديد ، فلا يمكن أن يكون هناك تجديد ولو اتفق الطرفان علي إنشاء التزام جديد يحل محل الالتزام الموهوم . ذلك أن الالتزام الجديد إنما يستمد قوامه من أنه حل محل التزام قديم ، فإذا لم يوجد هذا الالتزام القديم لم يقم تبعا لذلك الالتزام الجديد ( [1430] ) .
وإذا كان الالتزام القديم مصدره عقد باطل لأي سبب من أسباب البطلان ، كعدم تعيين المحل أو عدم مشروعيته أو عدم مشروعية السبب ، فإن الالتزام القديم يكون معوما في هذه الحالة إذ العقد الباطل لا ينتج في الأصل أثراً ، فلا يمكن أن يكون هناك تجديد لهذا الالتزام المعدوم ( [1431] ) .
وإذا كان الالتزام القديم مصدره ، عقد قابل للإبطال ، لنقص في الأهلية أو لعيب في الإرادة ، فالأصل أن تجديد مثل هذا الالتزام لا يكون صحيحا ، بل يبقي مهددا بالإبطال . فإذا ما طلب ذو الشأن إبطال العقد انعدم الالتزام القديم ، فانعدم لذلك الالتزام الجديد ، وبطل التجديد ( [1432] ) . علي أن الفقرة الثانية $ 818 $ من المادة 353 مدني أوردت استثناء علي هذا الأصل ، فنصت كما رأينا علي ما يأتي : " أما إذا كان الالتزام القديم ناشئا عن عقد قابل للإبطال ، فلا يكون التجديد صحيحا إلا إذا قصد بالالتزام الجديد إجازة العقد وأن يحل محله " . فإذا كان الطرف الذي له حق إبطال العقد مصدر الالتزام القديم قد أصبح في حال يستطيع معها إجازة هذا العقد ، ثم أقدم علي تجديد الالتزام وهو علي بصيرة من الأمر ، فإن التجديد ذاته يعتبر إجازة للعقد . فينقلب الالتزام القديم صحيحا ، ويصح تبعا لذلك الالتزام الجديد ، فيحل محل الالتزام القديم ، ويتم التجديد ( [1433] ) . وقد يتم التجديد دون أن يكون هناك قصد إلي إجارة العقد ، بأن يكون العاقد الذي وقع في غلط مثلا لم يكشف العيب ، فيبقي التجديد ، كما قدمنا ، مهدداً بالإبطال . ولكن يصح أن يجيز العاقد العقد بعد تمام التجديد وبعد كشفه للعيب ، فينقلب العقد صحيحا ، وتستتبع صحة العقد صحة التجديد ( [1434] ) . وقصد إجازة العقد ، سواء قارن التجديد أو أعقبه ، يتوقف الأمر فيه علي نية صاحب الشأن . وهي نيه موكول كشفها لقاضي الموضوع ، ولا معقب عليه في ذلك من محكمة النقض .
وإذا كان العقد القديم قابلا للفسخ وفسخ فعلا ، فقد سقط الالتزام القديم وسقط معه التجديد ( [1435] ) .
$ 819 $ وإذا كان الالتزام القديم معلقا علي شرط ، واقفا كان الشرط أو فاسخا ، فان التجديد يكون هو أيضا معلقا علي هذا الشرط . فإذا تحقق الشرط الواقف ، أو لم يتحقق الشرط الفاسخ ، أصبح التجديد باتا . إما إذا لم يتحقق الشرط الواقف ، أو تحقق الشرط للفاسخ ، فانعدم الالتزام القديم ، انعدم تبعا له الالتزام الجديد ، وسقط التجديد ( [1436] ) .
وإذا كان الالتزام القديم التزاما طبيعيا ، فقد قدمنا في الجزء الثاني من الوسيط عند الكلام في الالتزام الطبيعي ، أن الالتزام الطبيعي لا يكون محلا للتجديد ، وإنما يكون سببا ( cause ) يقوم عليه الالتزام الجديد ( [1437] ) .
488 - إنشاء التزام جديد : ويفترض التجديد أيضا قيام التزام جديد ، هو الذي يقع عليه التجديد فينشئه ، ويحل الالتزام الجديد محل الالتزام القديم الذي يكون قد انقضي بالتجديد .
ويجب ، حتي يتم التجديد ، أن ينشأ هذا الالتزام الجديد صحيحا ، فإن الدائن لم يقبل انقضاء الالتزام القديم إلا في مقابل إنشاء الالتزام الجديد . ومصدر هذا الالتزام الجديد هو التجديد ذاته ، أي العقد الذي أبرم ما بين الدائن والمدين .
فإذا كان هذا العقد باطلا ، لم ينشأ الالتزام الجديد ، وسقط التجديد نبعا لذلك ، وبقي الالتزام علي أصله دون أن ينقضي .
$ 820 $ وإذا كان عقد التجديد قابلا للإبطال ، فان مصير التجديد يبقي مهدداً ( [1438] ) . فإذا ما أبطله صاحب الحق في الإبطال ، زال الالتزام الجديد ، وعاد الالتزام القديم بأثر رجعي ، إذ يعتبر التجديد كأن لم يكن ( [1439] ) . أما إذا أجيز عقد التجديد ، فقد انقلب التجديد صحيحا ، وبقي الالتزام الجديد قائما علي وجه بات يحل محل الالتزام القديم .
وإذا كان عقد التجديد معلقا علي شرط واقف أو شرط فاسخ ، ظل التجديد معلقا علي هذا الشرط ( [1440] ) . فإن تحقق الشرط الواقف ، أو لم يتحقق الشرط الفاسخ ، أصبح إنشاء الالتزام الجديد نهائيا وتم التجديد علي وجه بات . أما إذا لم يتحقق الشرط الواقف أو تحقق الشرط الفاسخ ، فإن الالتزام الجديد يزول ويعود تبعا لذلك الالتزام القديم بأثر رجعي ، ويعتبر التجديد كأن لم يكن ( [1441] ) .
المطلب الثاني
اختلاف ما بين الالتزامين في أحد العناصر
489 - النصوص القانونية : تنص المادة 352 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" يتجدد الالتزام : $ 821 $ " أولا - بتغيير الدين إذا اتفق الطرفان علي أن يستبدلا بالالتزام الأصلي التزاما جديداً يختلف عنه في محله أو في مصدره " .
" ثانياً - بتغيير المدين إذا اتفق الدائن مع أجنبي علي أن يكون هذا الأجنبي مدينا مكان المدين الأصلي وعلي أن تبرأ ذمة المدين الأصلي دون حاجة إلي رضائه ، أو إذا حصل المدين علي رضاء الدائن بشخص أجنبي قبل أن يكون هو المدين الجديد " .
" ثالثاً - بتغيير الدائن إذا اتفق الدائن والمدين وأجنبي علي أن يكون هذا الأجنبي هو الدائن الجديد " ( [1442] ) .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 187 / 251 ( [1443] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 350 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 339 - وفي التقنين المدني العراقي المادتين 401و 402 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 323 ( [1444] ) .
$ 822 $ لا بد من مخالفة الالتزام الجديد للالتزام القديم في عنصر هام : ويخلص من النص المتقدم الذكر أنه حتي يكون هناك تجديد ، لا بد أن يخالف الالتزام الجديد الالتزام القديم في عنصر من عناصره الهامة . أما إذا كان الالتزام الجديد لا يغاير الالتزام القديم ، فلا يعدو الأمر أن يكون هذا إقراراً ( reconnaissance ) بالالتزام القديم كما هو دون تغيير ، أو إقراراً ( ratification ) له حتي يسري في حق الغير ، أو إجازة ( confirmation ) له حتي يزول البطلان ، أو نحو ذلك ، ولكنه لا يكون علي كل حال تجديداً .
كذلك إدخال تعديل غير جوهري ( [1445] ) علي الالتزام القديم لا يعد تجديداً ( [1446] ) . $ 823 $ فإضافة أجل إلي الالتزام القديم ، أو مد أجل قائم ، أو إلغاء أجل موجود ( [1447] ) ، كل ذلك لا يعد تعديلا جوهريا بحيث يكون الالتزام الجديد مغايراً للالتزام القديم إلي حد أن يكون هناك تجديد ( [1448] ) . كذلك إضافة شرط جزائي إلي الالتزام ، أو تقديم تأمين عيني أو شخصي ، أو إلغاء هذا التأمين ، أو تعديل مكانه الوفاء ، أو تعديل سعر الفائدة بخفضها أو رفعها ، أو تغيير مقدار الدين بزيادته أو نقصه ، كل ذلك لا يعد تعديلا جوهريا يترتب عليه تجديد الالتزام ( [1449] ) . وهذا كله ما لم يصرح الطرفان أنهما أرادا تجديداً ، فيتم التجديد ، وتعتبر هذه التعديلات عندئذ تغييراً في محل الدين ( [1450] ) .
أما تعليق التزام منجز علي شرط واقف أو شرط فاسخ ، أو بالعكس إلغاء شرط واقف أو فاسخ كان الالتزام معلقا عليه فأصبح التزاما منجزاً ، فإن هذا يعد تعديلا جوهريا في الالتزام إلي حد أن يكون تجديداً له بتغيير محل الدين ( [1451] ) .
$ 824 $ ويمكن حصر التعديلات الجوهرية التي يتم بها التجديد ، كما هو ظاهر نص المادة 352 مدني السابق ذكرها ، في ثلاثة : ( 1 ) تعديل بتغيير الدين في محل أو في مصدره ، ويكون هذا تجديداً بتغيير الدين ( novation par changement dobjet ) ( 2 ) تعديل بتغيير شخص الدائن ( novation par changement de ereaneier ) ( 3 ) تعديل بتغيير شخص المدين ( novation par changement de debiteur ) ( [1452] ) .
491 - التجديد بتغيير الدين في محله أو في مصدره : تقرر المادة 352 مدني ، كما رأينا ، أن الالتزام يتجدد بتغيير الدين إذا اتفق الطرفان علي أن يستبدلا بالالتزام الأصلي التزاما جديداً يختلف عنه في محله أو في مصدره ( [1453] ) .
ويختلف الالتزام الجديد عن الالتزام القديم في المحل إذا كان محل الالتزام القديم نقوداً مثلا ، فاتفق الطرفان علي أن يكون الالتزام الجديد محله بضاعة أو عروض أو منقول أو عقار كمقادير من القطن أو الحنطة أو كسيارة أو أرض أو دار . وقد يكون محل الالتزام القديم بضاعة أو عروضا أو منقولا أو عقاراً ، فيتجدد بالتزام يكون محله نقوداً ( [1454] ) . وقد يكون محل الالتزام مبلغا مقطوعا من المال ، فيتجدد إلي التزام محله إيراد مؤقت أو إيراد مؤبد ، أو العكس يكون المحل إيراداً مؤقتا أو مؤبداً فيتجدد إلي محل هو مبلغ مقطوع . ويكفي أن تتغير طبيعة المحل ، فيكون تجديداً إبدال دين تجاري بدين مدني أو دين مدني $ 825 $ بدين تجاري ( [1455] ) . ويغلب أن يتعادل المحل الجديد مع المحل القديم في القيمة ، ولكن هذا التعادل غير ضروري لصحة التجديد ، فقد يزيد أحدهما عن الآخر أو ينقص .
ويختلف الالتزام الجديد عن الالتزام القديم في المصدر إذا اتفق البائع والمشتري مثلا علي أن يبقي الثمن في ذمة المشتري علي سبيل القرض . فبعد أن كان مصدر الالتزام عقد بيع أصبح مصدره عقد قرض ( [1456] ) . كذلك إذا جدد حافظ الوديعة فاقترضها والتزم بردها كقرض لا كوديعة ، أو بالعكس جعلها بعد القرض وديعة ، كان هذا تجديداً بتغيير مصدر الالتزام ، فبعد أن كان مصدره وديعة أصبح المصدر قرضا ، أو بعد أن كان المصدر قرضا صار وديعة . كذلك إذا استبدل المستعير أو حافز الوديعة بالتزاماته التزامات المستأجر ، أصبح مستأجراً لما استعارة أو لما استودع إياه ، كان هذا تجديداً بتغيير المصدر ، فقد أصبح المصدر إيجاراً بعد أن كان عارية أو وديعة ( [1457] ) .
492 - التجديد بتغيير الدائن : وتقرر المادة 352 مدني أيضا ، كما رأينا ، أن الالتزام يتجدد بتغيير الدائن إذا اتفق الدائن والمدين وأجنبي علي أن يكون هذا الأجنبي هو الدائن الجديد . فيجب إذن اتفاق الأطراف الثلاثة : المدين والدائن القديم والدائن الجديد . فالمدين يتفق مع الدائن القديم علي انقضاء الالتزام السابق ، ويتفق مع الدائن الجديد علي إنشاء الالتزام الجديد الذي يحل محل الالتزام السابق . وبذلك يتم التجديد بتغيير الدائن ، فينقضي التزام سابق ويحل محله التزام جديد يختلف عن الالتزام السابق $ 826 $ بأن الدائن قد تغير ( [1458] ) .
ونقارن هنا عملية التجديد هذه بعمليتين أخرتين يتغير فيهما الدائن أيضا : حوالة الحق والحلول الاتفاقي . ونقتصر في المقارنة علي الكيفية التي تتم بها كل عملية من هذه العمليات الثلاث ، مرجئين المقارنة من حيث الأثر الذي يترتب علي كل عملية إلي مكان آخر ( [1459] ) . فقد رأينا أن التجديد بتغيير الدائن لا يتم إلا باتفاق بين المدين والدائن القديم والدائن الجديد . أما حوالة الحق فقد تقدم القول أنه تتم باتفاق بين الدائن القديم والدائن الجديد دون حاجة إلي رضاء المدين ، ويكفي إعلانه بالحوالة لا لانعقادها بل لتنفذ في حقه . ذلك أن الحقل الذي انتقل إلي الدائن الجديد في حوالة الحق هو نفس الحق الذي في ذمة المدين ، فليس هناك حق جديد يلتزمه المدين فيقتضي رضاءه بهذا الالتزام ، ولم يقع إلا أن المدين قد تغير عليه دائنه وهذا ليس من الخطر بحيث يستلزم رضاء المدين أما في التجديد بتغيير الدائن فقد انقضي دين قديم وحل محله دين جديد شغل ذمة المدين ، فلا بد في انعقاد هذا الدين الجديد من اتفاق بين المدين والدائن الجديد ، ومن ثم كان لا بد من رضاء المدين .
وفي الحلول الاتفاقي رأينا أن دائنا جديداً يحل محل دائن قديم في نفس الدين ، فالحول من هذه الناحية يتفق مع الحوالة ويختلف عن التجديد . ثم أن الحلول يتضمن وفاء الدين من جهة وانتقاله إلي دائن جديد من جهة أخري كما سبق وكل من الوفاء وانتقال الدين لا يقتضي اتفاقا إلا بين طرفين اثنين لا بين الأطراف الثلاثة فأما أن يتفق الدائن الجديد مع الدائن القديم علي أن يوفيه الدين ويحل محله فيه وإما أن يتفق الدائن الجديد مع المدين علي الوفاء بالدين للدائن القديم وعلي قبول المدين إياه دائنا جديداً محل الدائن القديم . فأخذ $ 827 $ الطرفين في الحلول إذن هو الدائن الجديد . والطرف الثاني إنا أن يكون الدائن القديم وإما أن يكون المدين .
493 - التجديد بتغيير المدين : وتقرر المادة 352 مدني أخيراً ، كما رأينا ، أن الالتزام يتجدد بتغيير المدين إذا اتفق الدائن مع أجنبي علي أن يكون هذا الأجنبي مدينا مكان المدين الأصلي وعلي أن تبرأ ذمة المدين الأصلي دون حاجة إلي رضائه ، أو إذا حصل المدين علي رضاء الدائن بشخص أجنبي قبل أن يكون هو المدين الجديد .
فالتجديد بتغيير المدين يتم إذن بإحدي طريقتين تقابلان الطريقتين اللتين سبق ذكرهما في حوالة الدين . فأما أن يتفق المدين القديم والمدين الجديد والدائن علي التجديد ، بحيث ينقضي الدين القديم ويحل محله دين جديد يكون المدين فيه هو المدين الجديد . وهذه الطريقة تقابل ما رأيناه في الحوالة الدين من اتفق المدين القديم مع المدين الجديد علي الحوالة وإقرار الدائن لهذه الحوالة حتي تنفذ في حقه . وهناك لا يشترط رضاء الدائن في انعقاد الحوالة وإنما يشترط هذا الرضا في نفاذ احوالة في حق الدائن ، أماهنا في التجديد فيشترط رضاء الدائن في انعقاد التجديد لا في نفاذه فحسب ، والسبب في ذلك أن التجديد يتضمن قضاء دين قديم أحد طرفيه الدائن ، وإنشاء دين جديد أحد طرفيه هو الدائن أيضا ، فكان لابد من رضائه لقضاء الدين القديم ولإنشاء الدين الجديد . أما حوالة الدين فتنقل نفس الدين من ذمة المدين القديم إلي ذمة المدين الجديد ، فكان لابد من رضائهما ، ولا ضرورة لرضاء الدائن مادام الدائن هو لم يتغير ، ولكن لما كان سيتغير عليه مدينه فقد اشترط رضاؤه لنفاذ الحوالة في حقه لا في انعقادها ( [1460] ) .
$ 828 $ والطريقة الثانية في تجديد الدين بتغيير المدين تكون باتفاق الدائن والمدين الجديد علي أن يأخذ هذا المدين مكان المدين الأصلي ، ولا حاجة لرضاء المدين الأصلي لا في انعقاد التجديد ولا في نفاذه ( 2 ) . وهذه الطريقة تماثل تماما الطريقة الأخري في حوالة الدين ، حيث يجوز أن تتم الحوالة باتفاق بين الدائن والمدين الجديد دون حاجة لرضاء المدين الأصلي . والعلة واحدة ، في عدم اشتراط رضاء المدين الأصلي ، في حالتي التجديد والحوالة . فالمدين الجديد في التجديد يفي الدين القديم عن المدين الأصلي عن طريق إنشاء دين جديد في ذمته هو ، ومعروف أن من الجائز أن أجنبيا يفي الدين عن المدين دون حاجة إلي رضائه . والمدين الجديد في حوالة الدين يتفق مع الدائن علي أن يتحمل هو بالدين مكان المدين الأصلي ، وهو في ذلك ليس في حاجة إلي رضاء المدين الأصلي إذ يستطيع أن يبريء ذمة هذا المدين دون رضائه كما قدمنا . ولكن يلاحظ أن الدائن عندما يتفق مع المدين الجديد علي التجديد فإنه يتفق معه علي قضاء الدين القديم وإنشاء دين جديد كما سبق القول ، أما عندما يتفق الدائن $ 829 $ مع المدين الجديد علي الحوالة الدين فإنه يتفق معه علي تحويل نفس الدين إلي ذمته لا لي إنشاء دين جديد .
وإذا تم التجديد بتغيير المدين باتفاق بين الدائن والمدين الجديد دون اشتراك المدين الأصلي ، فإن المدين الجديد يكون في حكم من يتعهد بدلا من المدين الأصلي ، ولذلك يسمي التجديد في هذه الحالة بالتعهد بدلا من المدين ( expromission ) ( [1461] ) . أما إذا تم التجديد باتفاق بين المدين الأصلي والمدين الجديد والدائن ، فإن المدين الأصلي يكون قد أناب المدين الجديد عنه في وفاء الدين عن طريق إنشاء دين جديد مكانه ، ولذلك يسمي التجديد في هذه الحالة بالإنابة في الوفاء ( delegation ) وهي هنا إنابة كاملة ( delegation parfaite ) لأن الدين القديم ينقضي ويحل محله دين جديد . وقد تكون الإنابة - كما سنري - قاصرة ( delegation imparfaite ) ، وفيها يبقي المدين الأصلي ، فلا ينقضي دينه كما في الإنابة الكاملة ، وإما ينضم إليه المدين الجديد فيصبح هو أيضا مدينا بدين آخر لنفس الدائن ، ومن ثم يصبح للدائن مدينان أحدهما دينه برئت ذمة الآخر . وسنعود إلي تفصيل ذلك عند الكلام في الإنابة .
وسواء تم التجديد بتغيي المدين بطريقة أو بأخري ، فقد رأينا أن رضاء $ 830 $ كل من الدائن ( [1462] ) والمدين الجديد ضرروي . ثم تختلف الطريقتان بعد ذلك ، ففي طريقة منهما نكتفي برضاء هذين الاثنين ، وفي الطريقة الأخري لا بد أن ينضم إلي رضاهما رضاء المدين الأصلي ( [1463] ) .
المطلب الثالث
نية التجديد
494 - النصوص القانونية : تنص المادة 354 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" 1 - التجديد لا يفترض ، بل يجب أن يتفق عليه صراحة ، أو أن يستخلص بوضوح من الظروف " .
$ 831 $ " 2 - وبوجه خاص لا يستفاد التجديد من كتابة سند بدين موجود قبل ذكل ، ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو مكانه أو كيفيته ، ولا مما يدخل علي الالتزام من تعديل لا يتناول إلا التأمينات أو سعر الفائدة ، كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره " .
وتنص المادة 355 علي ما يأتي :
" 1 - لا يكون تجديداً مجرد تقييد الالتزام في حساب جار " .
" 2 - وإنما يتجدد الالتزام إذا قطع رصيد الحساب وتم إقراره . علي أنه إذا كان الالتزام مكفولا بتأمين خاص ، فان هذا التأمين يبقي ما لم يتفق علي غير ذلك ( [1464] ) .
ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام كام معمولا بها دون لاتفاقها مع القواعد العامة .
وتقابل هذه النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادتين 352 - 353 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 341 - 342 - وليس لها مقابل في التقنين المدني العراقي - وتقابل في تقنين لموجبات والعقود اللبناني المواد 320 - 321 و 324 ( [1465] ) .
$ 832 $ وهذه النصوص قائمة علي أن التجديد عقد يستلزم الرضاء والأهلية ككل عقد آخر . ويتميز بأن الرضاء لابد أن يشتمل علي نية التجديد ، ويجب أن تكون هذه النية واضحة في العقد ، لأن التجديد لا يفترض . ومن ثم لا يستفاد التجديد من مجرد تغييرات في الالتزام لا تمس جوهره ، ولا يكون تجديداً مجرد تقييد الالتزامات في حساب جار .
495 - التجديد عقد : وواضح مما قدمناه أن التجديد عقد ( contrat ) واتفاق ( convention ) في وقت واحد . فهو اتفاق حيث يقضي الالتزام القديم ، وهو عقد حيث ينشيء الالتزام الجديد ، وهو في الحالتين تصرف قانوني ( acte juridique ) ، وقد تقدم ذكر ذلك ( [1466] ) .وأطراف هذا التصرف تختلف باختلاف صور التجديد . ففي التجديد بتغيير الدين محلا أو مصدراً يكون طرفا التصرف هما الدائن والمدين . وفي التجديد بتغيير الدائن تكون أطراف التصرف هم الدائن والمدين والدائن الجديد . وفي التجديد بتغيير المدين تكون أطراف التصرف تارة هم الدائن والمدين والمدين الجديد ، وطوراً هما الدائن والمدين الجديد وحدهما . وقد سبق بيان ذلك تفصيلا .
والتجديد ، ككل التصرفات القانونية ، يقتضي رضاء أطرافه رضا خاليا $ 833 $ من عيوب الإرادة ، ومحلا هو إنهاء الالتزام القديم وإنشاء الالتزام الجديد ، وسببا هو إبدال التزام بالتزام حتي ينقضي الالتزام القديم ( [1467] ) .
496 - الأهلية في التجديد : ويجب ، كما في كل التصرفات القانونية ، أن تتوافر الأهلية اللازمة في أطراف التجديد .
ففي الدائن ، وهو يقضي الالتزام القديم وينشيء التزاما جديداً ، لا يكفي أن تتوافر أهلية الاستيفاء ، بل يجب أيضا أن تتوافر فيه أهلية الالتزام والتصرف ( [1468] ) ومن ثم لا يجوز للوصي ولا لقيم أن يجدد دينا لمحجوره إلا بإذن من المحكمة . ولا يجوز للقاصر ولا للمحجور أن يجدد دينا له إلا بإجازة وليه وإذن المحكمة .
وفي المدين ، وهو يقضي التزاما قديما وينشيء التزاما جديداً ، لا يكفي أن تتوافر أهلية وفاء الدين ، بل يجب أيضا أن تتوافر فيه أهلية الالتزام ( [1469] ) .
وفي الدائن الجديد ، في حالة التجديد بتغيير الدائن ، لا تشترط إلا أهلية التعاقد والإدارة لأنه لا يلتزم بشيء ، بل هو دائن في الدين الجديد . فكيفي
$ 834 $ أن يكون مميزاً ، مما لم يكن قد دفع عوضا للدائن للقدين أو نزل عن دين له في ذمته فعند ذلك تشترط أهلية التصرف .
وفي المدين الجديد ، في حالة التجديد بتغير المدين ، يجب أن تتوافر أهلية الالتزام لأنه يلتزم بالدين الجديد ، فلا يكفي أن يكون مميزاً ، بل يجب أن يكون قد بلغ سن الرشد غير محجور عليه .
497 - وضوح نية التجديد : وقد رأينا أن الفقرة الأولي من المادة 354 مدني تنص علي أن " التجديد لا يفترض ، بل يجب أن يتفق عليه صراحة ، أو أن يستخلص بوضوح من الظروف " . فليس أي تغيير في الالتزام القديم يكفي لإظهار نية التجديد . ونية التجديد لا تفترض ، إذن الأصل ألا يكون هناك تجديد حتي يقوم الدليل علي العكس . فلا بد إذن من أن تكون نية التجديد صريحة في العقد ، أو في القليل لا بد أن تكون واضحة بحيث لا يكون هناك مجال للشك فيها . وعند الشك فيما إذا كان يراد التجديد أو لا يراد ، فإن الشك يفسر ضد التجديد ، ولا يعتبر أن هناك تجديداً ( [1470] ) .
$ 835 $ وقد رأينا فيما قدمناه أنه حتي تقوم نية التجديد واضحة يجب أن يغاير الالتزام الجديد الالتزام القديم في عنصر من عناصره الهامة ( [1471] ) . فتغيير محل الدين أو مصدره ، وإضافة شرط أو إلغاؤه ، وتغيير الدائن ، وتغيير المدين ، كل هذا ينطوي علي إدخال تعديلات جوهرية تخلص منها نية التجديد بوضوح . وإضافة أجل ، أو مد أجل قائم ، أو إلغاء أجل موجود ، أو إضافة شرط جزائي ، أو تقديم تأمين عيني أو شخصي ، أو إلغاء هذا التأمين ، أو تغيير مكان الوفاء ، أو تعديل سعر الفائدة بخفضها أو رفعها ، أو تغير مقدار الدين بزيادته أو نقصه ، كل ذلك لا يكفي لاستخلاص نية التجديد ، إلا إذا وجدت ظروف أخري تدل في وضوح علي هذه النية ( [1472] ) . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 345 مدني علي ذلك صراحة ، فق رأيناها تقضي بأنه " لا يستفاد التجديد من كتابة سند دين بدين موجود قبل ذلك ، ولا مما يحدث في الالتزام من تغير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو مكانه أو كيفيته ، ولا مما يدخل علي الالتزام من تعديل لا يتناول إلا التأمينات أو سرع الفائدة ، كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره ( [1473] ) .
ويتبين مما تقدم أن مجرد كتابة سند بدين كان غير مكتوب لا يعد تجديداً ، بل هو تهيئة دليل علي دين موجود فعلا ( [1474] ) . كذلك إبدال ورقة تجارية بورقة $ 836 $ تجارية أخري ، كابدال كمبيالة بكمبيالة أخري أو سند إذني بكمبيالة أو كمبيالة بسند إذني ، بغرض مد أجل الدين ، أو تغيير سند الدين بكمبيالة أو سند إذني ، لا يعد تجديداً ( [1475] ) . وكذلك تحرير كمبيالة أو سند إذني بثمن المبيع لا يعد تجديداً للثمن ، بل يكون ضربا من التوثيق له ، ويبقي امتياز البائع قائما حتي بعد كتابة الكمبيالة أو السند ، وهذا ما لم يتفق علي غيره فإذا باع شخص لآخر دارا أو سيارة ، وقبض البائع الثمن كمبيالات أو سندات إذنية ، فلا يعد هذا تجديداً للثمن ، ويبقي للبائع حق الامتياز وحق الفسخ ( [1476] ) . وهذا ما لم يتفق علي $ 837 $ التجديد ، ويعد اتفاقا علي التجديد أن يقر البائع أنه تسلم الثمن نقداً ( [1477] ) . ولا يعتبر تجديداً الإقرار بدين بعد صدور حكم به ولو قيل في الإقرار إنه في حالة عدم الوفاء ينفذ الحكم ( [1478] ) ، ولا الإقرار المكتوب الصادر من المستأجر بالمتجمد في ذمته من الأجرة فيبقي امتياز المؤجر ويتقادم الدين بخمس سنوات ( [1479] ) . $ 838 $ وإثبات نية التجديد يتبع فيه القواعد العامة للإثبات ( [1480] ) . وعبء الإثبات يقع علي عائق من يدعي التجديد ، لأن التجديد كما قدمنا لا يفترض ( [1481] ) .
واستخلاص نية التجديد من الظروف مسألة واقع تترك لقاضي الموضوع ، ولا معقب عليه في ذلك ، ولا يخضع تقديره لرقابة محكمة النقض ( [1482] ) .
498 - تقييد الالتزام في حساب جار : وقد رأينا أن المادة 355 مدني تقضي بأنه لا يكون تجديدا مجرد تقييد الالتزام في حساب جار ، وإنما يتجدد $ 839 $ الالتزام إذا قطع رصيد الحساب وتم إقراره ، علي أنه إذا كان الالتزام مكفولا بتأمين خاص فإن هذا التأمين يبقي ما لم يتفق علي غير ذلك . ويخلص من هذا النص أن مجرد تقييد الالتزام في حساب جار لا يكون تجديداً لهذا الالتزام والسبب في ذلك أن التجديد لا يكون إلا حيث يحل التزام جديد محل التزام سابق ، ومجرد تقييد الالتزام في الحساب الجاري قب قطع رصيد الحساب لا ينشيء التزاما جديداً ليحل محل الالتزام الذي أجري تقييده ، ومن ثم لا يتم التجديد .
ولكن ذلك لا يمنع من أن الالتزام الذي أجري تقييده في الحساب الجاري ، وفقا للقواعد المقررة في الحسابات الجارية وهي قواعد تقتضيها طبيعة هذه الحسابات ، تفني ذاتيته باندماجه في الحساب الجاري وصيرورته قلما من أقلامه في الجهة الدائنة أو الجهة المدينة بحسب الأحوال ومن ثم ينقضي هذا الالتزام قبل أن يتم تجديده ، والذي يحل محله ليس التزاما جديداً فإن هذا لا يكون إلا بعد قطع رصيد الحساب كما قدمنا ، ولكن عنصر حسابي ) article de credit de comptabilite ) هو الدائنية أو المديونية التي يمثلها الالتزام في الحساب الجاري ( [1483] ) ويترتب علي أن الالتزام ينقضي حتي قبل أن يتم التجديد أن تزول عنه صفته المدنية إذا كان دينا مدنيا ، ولا يعود يخضع لسريان التقادم والذي يتقادم إنما هو رصيد الحساب بعد قطعه ( [1484] ) . وكان ينبغي ، إذا كان الالتزام مكفولا بتأمين خاص ، أن ينقضي هذا التأمين بانقضاء الالتزام ، حتي قبل التجديد . ولكن النص صريح ، كما رأينا في أن التأمين يبقي ما لم يتفق علي غير ذلك ( [1485] ) .
$ 840 $ فإذا ما قطع رصيد الحساب الجارى وتم إقراره ، فان الرصيد يكون حقا لأحد طرفي الحساب ودينا في ذمة الآخر . وعند ذلك يتم تجديد جميع الالتزامات المقيدة في الحساب الجاري ، ويصبح هذا الرصيد هو الالتزام الجديد الذي حل محل الالتزامات المقيدة ( [1486] ) . وينتقل الي الرصيد التأمين الخاص الذي كان يكفل الالتزام المقيد ، والذي رأيناه يبقي بالرغم من انقضاء هذا الالتزام ذلك أن القانون يفترض أن نية الطرفين قد انصرفت إلي استبقاء التأمين الخاص بعد تقييد الالتزام ، فإذا ما قطع الرصيد انتقل التأمين إليه فأصبح مكفولا به ، وغني عن البيان أن هذا مجرد افتراض يجوز إسقاط دلالته عن طريق اتفاق الطرفين علي زوال التأمين بمجرد تقييد الالتزام في الحساب وانقضائه علي هذا الوجه ( [1487] ) .
$ 841 $
المبحث الثانى
الآثار التى تترتب على التجديد
499 - انقضاء الالتزام الأصلى وحلول التزام جديد مكانه التأمينات : قدمنا أن التجديد يترتب عليه انقضاء الالتزام الأصلى ونشوء التزام جديد يحل محله . أما التأمينات التى كانت تكفل الالتزام الأصلى ، فالأصل فيها أنها تزول مع هذا الالتزام الذى كانت تكفله ، إلا أنه يجوز استثناء نقلها إلى الالتزام الجديد .
فنتكلم إذن فى مسألتين :
( 1 ) انقضاء الالتزام الأصلى ونشوء التزام جديد .
( 2 ) انتقال التأمينات استثناء إلى الالتزام الجديد .
المطلب الأول
انقضاء الالتزام الأصلى ونشوء التزام جديد
500 - النصوص القانونية : تنص المادة 356 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - يترتب على التجديد أن ينقضى الالتزام الأصلى بتوابعه وأن ينشأ مكانة التزام جديد " .
" 2 - ولا ينتقل إلى الالتزام الجديد التأمينات التى كانت تكفل الالتزام الأصلى إلا بنص فى القانون ، أو إلا إذا تبين من الاتفاق أو من الظروف أن نية $ 842 $ المتعاقدين قد انصرفت إلى ذلك ( [1488] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادتين 186 / 249 و188 / 252 ( [1489] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 354 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 343 - وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 403 و404 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 32 / 1 ( [1490] ) .
ويخلص من هذا النص أن التجديد يقضى الالتزام الأصلى وينشئ التزاماً جديداً $ 843 $ يحل محله ، وهذا هو الفرق الجوهرى ما بين التجديد من جهة وبين الحوالة والحلول من جهة أخرى .
501 - القضاء الالتزام ونشوء التزام جديد : التجديد ، كالوفاء ، ويقضى الالتزام الأصلى ، فيزول هذا الالتزام بمقوماته وصفاته ودفوعه وما يلحق به من التأمينات .
والتجديد فى الوقت ذاته ينشئ التزاماً جديداً يحل محل الالتزام المنقضى . وانقضاء الالتزام الأصلى منوط بنشوء الالتزام الجديد ، فلا ينقضى ذاك إلا إذا نشأ هذا ، ولا ينشأ هذا إلا إذا انقضى ذاك ( [1491] ) . ولابد أن يختلف الالتزام الجديد عن الالتزام الأصلى ، كما قدمنا ، فى عنصر من عناصره الجوهرية . والالتزام الجديد على كل حال التزام غير الالتزام الأصلى ، له مقوماته الذاتية ( [1492] ) ، وصفاته ودفوعه وتأميناته . فقد يكون الالتزام الأصلى تجارياً ، وينشأ الالتزام الجديد مدنيا . وقد يكون الالتزام الأصلى غير منتج لفوائد ، وينتج الالتزام الجديد فوائد . وقد يكون الالتزام الأصلى غير منتج لفوائد ، وينتج الالتزام الجديد فوائد . وقد يكون الالتزام الأصلى غير ثابت فى سند قابل للتنفيذ ، ويثبت الالتزام الجديد فى ورقة رسمية فيكون قابلا للتنفيذ . وقد يكون الالتزام الأصلى معلقاً على شرط أو مضافاً إلى أجل ، ويكون الالتزام الجديد منجزاً لا شرط فيه ولا أجل . وقد يتقادم الالتزام الأصلى بمدة قصيرة ، ويتقادم الالتزام الجديد بمدة أطول . وقد يكون الالتزام الأصلى مصدره عقد قابل للإبطال فيجوز دفعه بإبطاله ، ويكون الالتزام الجديد مترتباً على تجديد هو إجازة للعقد القابل للإبطال فلا يجوز دفعه بهذا الدفع . وقد يكون الالتزام الأصلى مكفولا بتأمينات عينية أو شخصية فتزول هذه التأمينات مع زواله ولا تنتقل إلى الالتزام الجديد إلا بنص فى القانون أو إلا إذا تبين من الاتفاق أو من الظروف أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى ذلك ( [1493] ) . وإذا لم تنتقل تأمينات الالتزام الأصلى إلى الالتزام الجديد ، بقى الالتزام الجديد عاريا عن التأمينات ، إلا إذا كفل هو $ 844 $ أيضاً بتأمينات مستقلة عن تأمينات الالتزام الأصلى . وقد يكون الالتزام الأصلى مكفولا بدعوى فسخ ، فلا تنتقل الدعوى إلى الالتزام الجديد ( [1494] ) .
502 - مقابلة بين التجديد من جهة والحوالة والحلول والوفاء بمقابل من جهة أخرى : وانقضاء الالتزام الأصلى من نشوء التزام جديد هو المميز الجوهرى الذى يفرق من حيث الأثر بين التجديد من جهة والحوالة والحلول من جهة أخرى ، وقد سبق أن رأينا الفروق ما بين هذه النظم من حيث التكوين ( [1495] ) .
ففى حوالة الحق والوفاء مع الحلول ، لا ينقضى الحق بل ينتقل بمقوماته وصفاته ودفوعه وتأميناته من دائن قديم إلى دائن جديد . أما فى التجديد بتغيير الدائن فقد رأينا أن الحق الأصلى ينقضى بمقوماته وصفاته ودفوعه وتأميناته ، ويحل محله حق جديد بمقومات وصفاته ودفوع وتأمينات أخرى ، ولا ينتقل نفس الحق من الدائن الأصلى إلى الدائن الجديد .
وفى حوالة الدين ينتقل نفس الدين ، على النحو المتقدم ، من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة المدين الجديد . أما فى التجديد بتغيير المدين فالدين الأصلى ينقضى على الوجه الذى قدمناه ، ويحل محله دين جديد ( [1496] ) .
أما التجديد بتغيير الدين فلا يقابل لا بالحوالة ولا بالحلول ، وإنما يقابل بالوفاء بمقابل . وقد قدمنا أن الفرق بين النظامين أن الوفاء بمقابل يقتضى أن $ 845 $ تنتقل الملكية فوراً إلى الدائن حتى يتم الوفاء ، وأما فى التجديد بتغيير الدين فالوفاء يكون عن طريق إنشاء التزام جديد لا يكون واجب التنفيذ فوراً ( [1497] ) .
المطلب الثانى
انتقال التأمينات من الالتزام الأصلى إلى الالتزام الجديد
503 - النصوص القانونية : تنص المادة 357 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا كانت هناك تأمينات عينية قدمها المدين لكفالة الالتزام الأصلى ، فإن الاتفاق على نقل التأمينات إلى الالتزام الجديد تراعى فيه الأحكام الآتية " : -
" ( أ ) إذ كان التجديد بتغيير الدين ، جاز للدائن والمدين أن يتفقا على انتقال التأمينات للالتزام الجديد فى الحدود التى لا تلحق ضرراً بالغير " .
" ( ب ) إذا كان التجديد بتغيير المدين ، جاز للدائن والمدين الجديد أن يتفقا على استبقاء التأمينات العينية دون حاجة إلى رضاء المدين القديم " .
" ( جـ ) إذا كان التجديد بتغيير الدائن ، جاز للمتعاقدين ثلاثتهم أن يتفقوا على استبقاء التأمينات " .
" 2 - ولا يكون الاتفاق على نقل التأمينات العينية نافذاً فى حق الغير إلا إذا تم مع التجديد فى وقت واحد ، هذا مع مراعاة الأحكام المتعلقة بالتسجيل " .
وتنص المادة 358 على ما يأتى :
" لا ينتقل إلى الالتزام الجديد الكفالة ، عينية كانت أو شخصية ، ولا التضامن ، إلا إذا رضى بذلك الكفلاء والمدينون المتضامنون ( [1498] ) " .
$ 846 $
وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المواد 189 / 253 - 191 / 255 ( [1499] ) .
$ 847 $
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين 355 - 356 - وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 344 - 345 - ولا مقابل لها فى التقنين المدنى العراقى – وتقابل فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 325 / 2 و3 ( [1500] ) .
ويخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن التأمينات التى كانت تكفل الالتزام الأصل إما أن تكون تأمينات عينية قدمها المدين نفسه وهذا هو الغالب ، وإما أن تكون تأمينات عينية أو شخصية قدمها الغير ككفيل عينى أو كفيل شخصى . فنستعرض كلا من هاتين الحالتين .
$ 848 $
1 - التأمينات العينية التى قدمها المدين
504 - انتقال التأمينات إلى الالتزام الجديد فيه خروج على القواعد العامة – مبرراته : ولاشك فى أن انتقال التأمينات من الالتزام الأصلى إلى الالتزام الجديد أمر استثنائى . ذاك أن الالتزام الأصلى الذى كانت هذه التأمينات تكفله قى انقضى ، فكان الواجب أن تنتقضى بانقضائه . أما أن تبقى بعد انقضاء الالتزام ، وتنتقل بمرتبتها الأصلية إلى الالتزام الجديد ، فذلك فيه خروج ظاهر على القواعد العامة ، ولا يبرره إلا اعتبارات عملية محضة ، دعت القانون إلى أن يبيح الاتفاق على استبقاء هذه التأمينات مع نقلها إلى الالتزام الجديد .
وتتلخص هذه الاعتبارات العملية فى أن انتقال التأمينات إلى الالتزام الجديد فيه فائدة كبيرة للدائن ، إذ تبقى له تأميناته القديمة حافظة لمرتبتها الأصلية ، ولولا ذلك لما كان غالباً يرضى بالتجديد . هذا إلى أن انتقال هذه التأمينات لا يضر بالمدين ، فهو قد سبق له أن قدمها لكفالة الالتزام الأصلى ، فلا عليه أن يستبقيها لكفالة الالتزام الجديد فى حدود الالتزام الأصلى . ولا يضر هذا الانتقال بالغير ، فسنرى أن الغير قد كفل القانون مصلحته فلا يضار بهذا الانتقال ( [1501] ) .
ونلاحظ هنا أمرين : ( أولا ) أن هذه التأمينات لا تنتقل إلى الالتزام الجديد بحكم القانون ، بمجرد الاتفاق على التجديد . بل لابد من اتفاق خاص على انتقالها ، وذلك إلى جانب الاتفاق على التجديد . فإذا لم يوجد هذا الاتفاق الخاص ، ولم يكن هناك إلا الاتفاق على التجديد ، انقضت التأمينات بانقضاء الالتزام الأصلى ، فلا تنتقل إلى الالتزام الجديد ( [1502] ) . ( ثانياً ) وقد يقال ما دام $ 849 $ لابد من اتفاق خاص ، فأين وجه الخروج على القواعد العامة ، وفيم النص على إباحة استبقاء التأمينات ، وكان أصحاب الشأن يستطيعون الاتفاق على ما يشاءون من تأمينات دون حاجة إلى نص فى القانون يبيح لهم ذلك؟ ولكن لا وجه لهذا القول ، فالتأمينات التى أباح النص الاتفاق على استبقائها هى التأمينات الأصلية قد انقضت بالتجديد . ولكانت مرتبة هذه التأمينات الجديدة من وقت الاتفاق عليها ، فلا تكون لها مرتبة التأمينات الأصلية . هذا إلى أنه فى صورة خاصة من صور التجديد –التجديد بتغيير المدين - أباح النص للدائن والمدين الجديد أن يتفقا على انتقال التأمينات الأصلية دون رضاء المدين الأصلى مع أنه هو المالك للمال المثقل بالتأمين ، ولولا هذا النص لما أمكن الاتفاق على نقل هذه التأمينات دون رضائه .
505 - حماية الغير : وقد عنى القانون بحماية الغير حتى لا يضار بانتقال التأمينات ، وذلك من ناحيتين : ( أولا ) نصت الفقرة الثانية من المادة 357 مدنى ، كما رأينا ، على أنه " لا يكون الاتفاق على نقل التأمينات العينية نافذاً فى حق الغير إلا إذا تم مع التجديد فى وقت واحد ، هذا مع مراعاة الأحكام المتعلقة بالتسجيل " . ذلك أنه لو تم التجديد قبل الاتفاق على نقل التأمينات ، لا نقضى الالتزام الأصلى وانقضت معه هذه التأمينات ، ولأفاد من انقضائها الغير ، وهو هنا دائن له تأمين عينى متأخر عن التأمين الذى كان يكفل الالتزام الأصلى ، فزوال هذا التأمين المتقدم يفيد الغير صاحب التأمين المتأخر . فلا يجوز أن يضار بعد ذلك بالاتفاق الذى يعقب التجديد على نقل التأمين المتقدم ، الذى كان قد زال بالتجديد ، إلى الالتزام الجديد . ومن ثم لم يجز القانون نقل التأمينات العينية التى كانت تكفل الالتزام الأصلى إلى الالتزام الجديد ، إلا إذا تم هذا الانتقال مع التجديد فى وقت واحد ( [1503] ) . ويراعى فوق ذلك الأحكام $ 850 $ المتعلقة بالتسجيل ، فيؤشر على هامش القيد الذى يشهر التأمين العينى بأن هذا التأمين أصبح يكفل الالتزام الجديد ، يذكر المحل الجديد للالتزام إذا كان التجديد بتغيير الدين ، ويذكر اسم المدين الجديد إذا كان التجديد بتغيير المدين ، أو الدائن الجديد إذا كان التجديد بتغيير الدائن . ( ثانياً ) : لا يجوز أن يكفل التأمين من الالتزام الجديد إلا بمقدار ما كان يكفل من الالتزام الأصلى . فلو كان الالتزام الجديد أكبر قيمة من الالتزام الأصلى ، وكفل التأمين الالتزام الجديد كله ، لتضرر الغير صاحب التأمين المتأخر إذ يرى التأمين المتقدم عليه قد زاد عبؤه عن ذى قبل . وهذا المحظور إنما يتحقق فى التجديد بتغيير الدين ، دون التجديد بتغيير المدين أو بتغيير الدائن ، ولذلك قضت الفقرة الأولى من المادة 357 مدنى بأنه " إذا كان التجديد بتغيير الدين ، جاز للدائن والمدين أن يتفقا على انتقال التأمينات للالتزام الجديد فى الحدود التى لا تلحق ضرراً بالغير " ، أى فى حدود الالتزام الأصلى ( [1504] ) .
506 - ما المقصود بالتأمينات العينية التى قدمها المدين : ونرى أن المقصود بالتأمينات العينية التى قدمها المدين التأمينات الاتفاقية التى ارتضاها لكفالة دينه الأصلى . فيدخل فى ذلك الرهن الرسمى ، ورهن الحيازة سواء كان على عقار أو على منقول . أما حقوق الامتياز فلا تدخل ، لأنها تأمينات لم يقدمها المدين باختياره ، بل هى تأمينات رتبها القانون وبناها على صفة فى الالتزام فهى لصيقة بهذه الصفة ، فإذا كان الالتزام الأصلى قد قرر له القانون امتيازاً نظراً لصفته الخاصة ، فلا يجوز الاتفاق على نقل هذا الامتياز إلى الالتزام $ 851 $ الجديد وهو لم تتوافر له الصفة التى دعت إلى تقرير حق الامتياز ( [1505] ) . وهذا التفسير الذى يستخلص فى يسر من عبارة التقنين يجنبنا عيباً وقع فيه التقنين المدنى والفرنسى ، إذ نصت المادة 1278 من هذا التقنين على أن " حقوق الامتياز والرهون التى كانت للدين القديم لا تنتقل إلى الدين الذى حل محله ، إلا إذا اشترط الدائن صراحة الاحتفاظ بها ( [1506] ) " . ويعيب الفقه الفرنسى على هذا النص أنه يبيح اشتراط انتقال حقوق الامتياز والرهون القانونية ، مع أن هذه الحقوق لم تقرر إلا لصفة فى الدين الأصلى ، فكان ينبغى ألا يجوز اشتراط انتقالها إلى دين آخر ليست له هذه الصفة ( [1507] ) .
وعلى التفسير الذى نقول به ينبغى ألا يجوز الاتفاق على نقل حق الاختصاص من الالتزام الأصلى إلى الالتزام الجديد ، لأن حق الاختصاص تأمين لم يقدمه المدين اختياراً ، بل رتبه القاضى على عقار المدين بموجب حكم واجب التنفيذ . والقانون إنما أباح ، استثناء ، الاتفاق على نقل التأمين الذى قدمه المدين ، والاستثناء لا يقاس عليه . فالتأمين الذى لم يقدمه المدين ، كحق الاختصاص ، يبقى فى حكمه على الأصل ، فيزول بالتجديد ، ولا يجوز الاتفاق على نقله إلى الالتزام الجديد .
507 - كيف يتم انتقال التأمينات من الالتزام الأصلى إلى الالتزام الجديد : أما كيف يتم انتقال التأمينات التى قدمها المدين من الالتزام الأصلى إلى الالتزام الجديد ، على النحو الذى قدمناه ، أى فى حدود الالتزام الأصلى وبشرط أن يتم مع التجديد فى وقت واحد ، فذلك يختلف $ 852 $ باختلاف صور التجديد ( [1508] ) .
فإذا كان التجديد بتغيير الدين ، تم نقل التأمينات بالطريق الذى يتم به التجديد ذاته ، أى باتفاق بين الدائن والمدين .
وإذا كان التجديد بتغيير الدائن ، تم نقل التأمينات أيضاً بالطريق الذى يتم به التجديد ذاته ، أى باتفاق بين المدين والدائن الأصلى والدائن الجديد ، فتتفق ثلاثتهم على أن تبقى التأمينات التى قدمها المدين لكفالة الالتزام الأصلى حتى تكفل الالتزام الجديد .
وإذا كان التجديد بتغيير المدين ، فقد رأينا أن التجديد فى هذه الصورة يتم تارة باتفاق بين الدائن والمدين الجديد ، ويتم طوراً باتفاق بين الدائن والمدين الأصلى والمدين الجديد . ونص القانون –المادة 357 مدنى الفقرة الأولى حرف ب - لم يفرق بين الحالتين ، بل قضى بأنه " إذا كان التجديد بتغيير المدين ، جاز للدائن والمدين الجديد أن يتفقا على استبقاء التأمينات العينية دون حاجة إلى رضاء المدين القديم " . فلا حاجة إذن إلى رضاء المدين القديم ، سواء اشترك فى التجديد أو لم يشترك ، لنقل التأمينات إلى الالتزام الجديد . ويصبح المدين القديم –بعد انقضاء دينه بالتجديد مع بقاء التأمينات تثقل ماله لكفالة المدين الجديد - بمثابة كفيل عينى لهذا المدين . وقد حسم التقنين المصرى بهذا النص خلافاً لا يزال قائماً فى القانون الفرنسى ، فالفقه فى فرنسا منقسم ، فى انتقال التأمين إلى الالتزام الجديد ، بين اشتراط رضاء المدين وعدم اشتراك هذا الرضاء ( [1509] ) .
$ 853 $
2 - التأمينات الشخصية والعينية التى قدمها الغير
508 - وجوب رضاء الغير ينقل هذه التأمينات : وقد يكون الغير هو الذى قدم التأمينات التى تكفل الالتزام الأصلى . وهذا الغير إما أن يكون قد قدم تأميناً شخصياً ، بأن كان كفيلا للالتزام الأصلى أو مديناً متضامناً فيه ، وإما أن يكون قد قدم تأميناً عينياً ، بأن يكون فكيلا عينياً رتب رهناً على مال مملوك له لضمان الالتزام الأصلى .
ففى جميع هذه الأحوال لا يجوز انتقال التأمين الشخصى أو العينى إلا برضاء الغير الذى رتب هذا التأمين . فلا يكفى إذن ، حتى يكفل الكفيل الالتزام الجديد بعد أن كان يكفل الالتزام الأصلى ، أن يتفق على ذلك الدائن والمدين ومعهما المدين الجديد أو الدائن الجديد ، بل لابد من رضاء الكفيل أيضاً . فإنه لم يكفل إلا التزاما بعينه هو الالتزام الأصلى ، فحتى يكفل التزاماً غيره ، ولو كان أقل قيمة ، لابد من رضائه بذلك ( [1510] ) .
وإذا كان الالتزام الأصلى التزاماً تضامنياً ، فقد رأينا عند الكلام فى التضامن ( [1511] ) ، أن المادة 286 مدنى تنص على أن " يترتب على تجديد الدين بين الدائن وأحد المدينين المتضامنين أن تبرأ ذمة باقى المدينين ، إلا إذا احتفظ الدائن بحقه قبلهم " . ورأينا أن باقى المدينين المتضامنين الذين لم يشتركوا فى إجراء التجديد لا يكونون متضامنين فى الالتزام الجديد إلا برضاهم . فإذا اتفق الدائن مع المدينين المتضامنين جميعاً على تجديد الالتزام الأصلى ، ظلوا جميعاً متضامنين فى الالتزام الجديد ، أما إذا اتفق الدائن على سائر المدينين المتضامنين غير المدين الذى أجرى التجديد على أن يبقوا متضامنين فى الدين القديم ، أو احتفظ بحقه قبلهم دون ضرورة للاتفاق معهم ، فإن هؤلاء المدينين لا يلتزمون ولو غير متضامنين ، بالالتزام الجديد ، بل يبقون ملزمين بالتضامن بالدين الأصلى بعد حط حصة المدين الذى أجرى التجديد . وإذا كان الدائن $ 854 $ أراد أن ينقل التضامن إلى الدين الجديد ، واشترط ألا يتم التجديد إلا على هذا الأساس ، ورفض باقى المدينين أن يلتزموا متضامنين بالدين الجديد ، فإن التجديد لا يتم إذ تخلف شرطه ، ويظل الالتزام التضامنى الأصلى على حالة . أما إذا كان الدائن لم يتفق مع باقى المدينين لا على أن يبقوا ملتزمين بالدين الأصلى ولا على أن يتضامنوا فى الدين الجديد مع المدين الذى أجرى التجديد ، ولم يحتفظ بحقه قبلهم ، بل أجرى التجديد دون قيد ولا شرط ، فقد افترض المشرع فى المادة 286 مدنى السالفة الذكر افتراضاً معقولا أن نية الدائن قد انصرفت إلى إبراء ذمتهم من الدين الأصلى لأنه انقضاء بالتجديد ولم يحتفظ بحقه قبلهم ، ومن الدين الجديد لأنهم لم يقبلوا الالتزام به . وقد سبق أن بينا ذلك تفصيلا عند الكلام فى التضامن ( [1512] ) .
وإذا كان الغير قد قدم تأميناً عينياً لكفالة الالتزام الأصلى ، أى كان كفيلا عينيناً لهذا الالتزام ، فإن التأمين الذى قدمه بالمرتبة التى هو عليها لا ينتقل إلى كفالة الالتزام الجديد إلا برضائه . وإذا كان قد رتب تأمينا عينيا لدائن آخر متأخراً فى المرتبة عن التأمين الذى قدمه لكفالة الالتزام الأصلى ، وجب أيضاً ألا ينتقل تأمين الالتزام الأصلى إلى الالتزام الجديد إلا فى حدود الالتزام الأصلى حتى لا يضار الدائن المتأخر فى المرتبة ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
509 - جواز نقل هذه التأمينات بعد إجراء التجديد : والتأمينات التى قدمها الغير ، شخصية كانت أو عينية ، بخلاف التأمينات العينية التى قدمها المدين ، لا يشترط أن يكون نقلها مع التجديد فى وقت واحد ، بل يجوز أن ينفق على نقلها بعد إجراء التجديد ( [1513] ) . فيجوز إذن ، بعد إجراء التجديد ، أن يتفق أطرافه مع الكفيل الشخصى أو الكفيل العينى أو المدينين المتضامنين على نقل $ 855 $ هذه التأمينات الشخصية أو العينية إلى الالتزام الجديد ، وذلك فى غير إخلال بحقوق الغير .
والمراد بالغير هنا دائن له تأمين عينى متأخر فى المرتبة . فإذا تم التجديد قبل الاتفاق على نقل الرهن المتقدم إلى كفالة الالتزام الجديد ، فقد انقضى هذا الرهن المتقدم بانقضاء الالتزام الأصلى المضمون بالرهن . فلا يجوز ، بعد أن استفاد الدائن المتأخر فى المرتبة من زوال الرهن المتقدم على هذا النحو ، أن تتفق أطراف التجديد مع الكفيل العينى على أن ينتقل الرهن إلى الالتزام الجديد ، فيضار الدائن المتأخر فى المرتبة بأحياء رهن متقدم على تأمينه بعد أن كان هذا الرهن قد انقضى .
الفرع الثانى
الإنابة فى الوفاء
( Delegation )
510 - علاقة الإنابة فى الوفاء بالتجديد : قد تنطوى الإنابة فى الوفاء على تجديد بتغيير المدين ، بل وعلى تجديد بتغيير الدائن أيضاً ، كما سنرى . ولكنها قد لا تنطوى على أى تجديد ، فتكون الإنابة فى الوفاء نظاماً مستقلا كل الاستقلال عن التجديد ، ولا علاقة تقوم بين النظامين ( [1514] ) .
$ 856 $
ولم يعرض التقنين المدنى السابق للإنابة فى الوفاء إلا بإشارة عابرة دون أن يذكر اسمها ، أما التقنين المدنى الجديد فقد عنى بها وأفرد لها نصوصاً خاصة ( [1515] ) .
وسنرى أولا كيف تتم الإنابة فى الوفاء ، سواء انطوت على تجديد أو لم تنطو . ثم نرى بعد ذلك ما هى الآثار التى تترتب على الإنابة فى الوفاء فى صورتيها ، صورة التجديد وصورة النظام القانونى المستقل عن التجديد .
المبحث الأول
كيف تتم الإنابة فى الوفاء
511 - النصوص القانونية : تنص المادة 359 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - تتم الإنابة إذا حصل المدين على رضاء الدائن بشخص أجنبى يلتزم بوفاء الدين مكان المدين " .
$ 857 $
" 2 - ولا تقتضى الإنابة أن تكون هناك مديونية سابقة ما بين المدين والأجنبى ( [1516] ) " .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ( [1517] ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 357 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 346 - وفى التقنين المدنى العراقى المادة 405 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 326 / 1 و2 ( [1518] ) .
512 - الإنابة تفترض أشخاصاً ثلاثة : ويستخلص من النص المتقدم الذكر أن الإنابة تقتضى وجود أشخاص ثلاثة :
( 1 ) المنيب ( delegant ) وهو المدين الذى ينيب الشخص الأجنبى ليفى الدين إلى الدائن ، ومن ثم سمى منيباً .
( 2 ) المناب ( delegue ) وهو هذا الشخص الأجنبى الذى ينيبه المدين ليفى الدين إلى الدائن ، ومن ثم سمى منابا .
( 3 ) المناب لديه ( delegataire ) $ 858 $ وهو الدائن الذى ينيب المدين الشخص الأجنبى لديه ليفى له الدين ، ومن ثم سمى منابا لديه .
513 - ما يمكن أن يقوم من مديونية ما بين هؤلاء الأشخاص الثلاثة : والغالب أن يكون المنيب مديناً للمناب لديه ، ولذلك ينيب المناب فى وفاء هذا الدين . والغالب أيضاً أن يكون المنيب دائناً للمناب ، ولذلك اختاره ليقوم بوفاء دينه للمناب لديه ، فيتخلص المناب بهذا الوفاء من الدين الذى فى ذمته للمنيب ( [1519] ) .
على أنه ليس من الضرورى أن يكون المنيب مديناً للمناب لديه ، كما أنه ليس من الضرورى أن يكون المناب مديناً للمنيب .
فقد يكون المنيب غير مدين للمناب لديه ، وإنما أراد أن يتبرع له بمال ليس عنده أو يقرضه إياه فقصد المناب ، سواء كان هذا مديناً له أو غير مدين ، وطلب إليه أن يلتزم بإعطاء هذا المنال للمناب لديه . ولكن هذا الفرض نادر ، إذ يكون المنيب فى الكثرة الغالبة من الأحوال مديناً للمناب لديه ، ويريد عن طريق الإنابة أن يفى بهذا الدين ( [1520] ) .
وقد يكون المناب غير مدين للمنيب ، ومع ذلك يرضى بأن ينوب عنه فى الوفاء بدينه للمناب لديه ، على أن يرجع عليه بعد ذلك بما وفاه عنه . وقد يكون متبرعاً ، فلا يرجع على المنيب . ولما كانت مديونية المناب للمنيب ليست حتمية ، بل وليست غالبة فى العمل كما تغلب مديونية المنيب للمناب لديه ، $ 859 $ فقد تولت الفقرة الثانية للمادة 359 مدنى إبراز هذا الوضع ، فنصت كما رأينا على أنه " لا تقتضى الإنابة أن تكون هناك مديونية سابقة ما بين المدين والأجنبى " ، أى ما بين المنيب والمناب ( [1521] ) .
514 - قد تتضمن الإنابة تجديداً وقد لا تضمن – الإنابة الكاملة والإنابة القاصرة : والإنابة ، على النحو الذى بيناه ، قد تتضمن تجديداً بتغيير المدين ، وقد تنطوى فوق ذلك على تجديد بتغيير الدائن . فإذا كان المنيب مديناً للمناب لديه ، ولم يكن المناب مديناً للمنيب أو كان مديناً له ، واتفق الثلاثة على تجديد دين المنيب للمناب لديه عن طريق تغيير المدين ، بأن يقبل المناب أن يكون مديناً للمناب لديه مكان المنيب ، سميت الإنابة فى هذه الحالة إنابة كاملة ( delegation parfaite ) ، لأنها تتضمن تجديداً بتغيير المدين . وقد تنطوى هذه الإنابة الكاملة فوق ذلك على تجديد آخر بتغيير الدائن ، إذا كان المناب مديناً للمنيب وجدد هو الآخر دينه فجعل دائنه هو المناب لديه بدلا من المنيب ، فيكون المنيب قد جدد دينه نحو المناب لديه بتغيير المدين ، ويكون المناب قد جدد دينه نحو المنيب بتغيير الدائن ( [1522] ) .
فإذا لم تتضمن الإنابة تجديداً بتغيير المدين ، بل بقى المنيب مديناً للمناب لديه إلى جانب المناب ، وصار للمناب لديه مدينان بدلا من مدين واحد ، المنيب وهو مدينه الأصلى والمناب وهو المدين الجديد ، سميت الإنابة فى هذه الحالة بالإنابة القاصرة ( delegation imparfaite ) . وهى قاصرة إذ هى لم تبرئ ذمة المنيب نحو المناب لديه ، بينما الإنابة الكاملة قد أبرأت ذمة المنيب نحو المناب لديه عن طريق التجديد . والإنابة القاصرة هى التى يغلب وقوعها $ 860 $ فى العمل ، فإن المناب لديه قل أن يقبل إبراء ذمة المنيب ، ويأبى إلا أن يستبقيه مديناً أصلياً ويضيف إليه المناب مديناً جديداً . ومن ثم نصت الفقرة الثانية من المادة 360 مدنى ، كما سنرى ، على ما يأتى : " ومع ذلك لا يفترض التجديد فى الإنابة ، فإذا لم يكن هناك اتفاق على التجديد قام الالتزام الجديد إلى جانب الالتزام الأول " . فنية التجديد يجب ، كما قدمنا ، أن تكون واضحة لا غموض فيها . فإذا قام شك ، اعتبرت الإنابة قاصرة لا تتضمن تجديداً ( [1523] ) .
والعبرة فى معرفة ما إذا كانت الإنابة كاملة أو قاصرة هى بأن تتضمن تجديداً بتغيير المدين أو لا تتضمن ، فإن تضمنت هذا التجديد كانت كاملة وإلا فهى قاصرة . أما التجديد بتغيير الدائن فليس من شأنه أن يجعل الإنابة كاملة ، فقد لا يتفق على التجديد بتغيير المدين ، فتكون الإنابة قاصرة حتى لو اتفق على التجديد بتغيير الدائن . على أن الغالب أن الإنابة إذا تضمنت تجديداً ، كان التجديد من الجهتين ، بتغيير المدين وبتغيير الدائن فى وقت واحد ( [1524] ) .
515 - الإنابة القاصرة والاشتراط لمصلحة الغير : ويمكن الوصول إلى الإنابة القاصرة عن طريق الاشتراط لمصلحة الغير . ويكون ذلك بأن يشترط المنيب على المناب أن يقام بوفاء دينه للمناب لديه ، فينشأ عندئذ للمناب لديه حق مباشر يستطيع بموجبه أن يستوفى حقه من المناب . فيكون له بذلك مدينان : المنيب وهو مدينه الأصلى ولم تبرأ ذمته بالاشتراط ، والمناب وهو المتعهد فى الاشتراط فترتب فى ذمته التزام مباشر نحو المناب لديه .
$ 861 $
بل إن الاشتراط لمصلحة الغير أيسر من الإنابة القاصرة ، إذ هو يتم بمجرد اتفاق المنيب والمناب ، ومن وقت هذا الاتفاق . أما رضاء المناب لديه فليس ضرورياً إلا لجعل الاشتراط غير قابل للنقض . وهذا بخلاف الإنابة القاصرة ، فأنها لا تتم إلا فى الوقت الذى يجتمع فيه رضاء كل من المنيب والمناب والمناب لديه ( [1525] ) . على أن الإنابة القاصرة تفضل الاشتراط لمصلحة الغير فى أن المناب لديه لا يحتج عليه بالدفوع المستمدة من العلاقة ما بين المنيب والمناب ، أما المنتفع فى الاشتراط فيحتج عليه بالدفوع المستمدة من عقد الاشتراط الذى تم بين المنيب والمناب ( [1526] ) .
المبحث الثانى
الآثار التى تترتب على الإنابة فى الوفاء
516 - التمييز بين صورتى الإنابة فى الوفاء : هنا يجب التمييز بين صورتى الإنابة فى الوفاء : الإنابة الكاملة ( أى التجديد بتغيير المدين ) والإنابة القاصرة .
المطلب الأول
الإنابة الكاملة أو التجديد بتغيير المدين
517 - النصوص القانونية : تنص الفقرة الأولى من المادة 360 من التقنين المدنى على ما يأتى :
$ 862 $
" إذا اتفق المتعاقدون فى الإنابة على أن يستبدلوا بالتزام سابق التزاماً جديداً ، كانت هذه الإنابة تجديداً للالتزام بتغيير المدين ، ويترتب عليها أن تبرأ ذمة المنيب قبل المناب لديه ، على أن يكون الالتزام الجديد الذى ارتضاه المناب صحيحاً وألا يكون المناب معسراً وقت الإنابة " .
وتنص المادة 361 على ما يأتى :
" يكون التزام المناب قبل المناب لديه صحيحاً ولو كان التزامه قبل المنيب باطلا أو كان هذا الالتزام خاضعاً لدفع من الدفوع ، ولا يبقى للمناب إلا حق الرجوع على المنيب ، كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضى بغيره ( [1527] ) .
ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الأحكام كان معمولا بها دون نص ( [1528] ) .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين 358 / 1 و359 – وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 347 / 1 و348 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 406 / 1 و407 – وفى تقنين الموجبات و العقود اللبنانى المادة 327 ( [1529] ) .
$ 863 $
ونتناول ، فى بسط الآثار التى تترتب على الإنابة الكاملة ، العلاقة ما بين المنيب والمناب لديه ، ثم العلاقة ما بين المنيب والمناب ، وأخيراً العلاقة ما بين المناب لديه والمناب .
518 - العلاقة ما بين المنيب والمناب لديه : لما كانت الإنابة الكاملة هى كما قدمنا تجديد بتغيير المدين لالتزام المنيب قبل المناب لديه ، فإن التجديد يقضى هذا الالتزام ، فتبرأ ذمة المنيب . ويشترط لانقضاء الالتزام ، كما هو الأمر فى كل تجديد ، أن ينشأ الالتزام الجديد المترتب فى ذمة المناب للمناب لديه صحيحا . ولذلك لا تضيف الفقرة الأولى من المادة 360 مدنى فى هذا الصدد جديداً .
ولكنها تضيف جديداً عند ما تشترط " ألا يكون المناب معسراً وقت الإنابة " . ذلك أن الأصل فى تجديد الدين بتغيير المدين أنه متى نشأ الالتزام الجديد صحيحا ، فقد انقضى الالتزام القديم ، ولا يرجع الدائن إلا على المدين الجديد . فإذا كان هذا معسراً ، سواء كان معسراً عند التجديد أو أعسر بعد ذلك ، فإن الدائن هو الذى يتحمل تبعة هذا الإعسار ، ولا رجوع له على المدين الأصلى إلا إذا اشترط عليه ذلك عند التجديد . أما فى الإنابة الكاملة ، فقد جعل القانون للدائن – $ 864 $ المناب لديه - حق الرجوع إلى المدين –المنيب - إذا كان المدين الجديد –المناب - معسراً وقت الإنابة ، وذلك دون حاجة إلى اشتراط ذلك عند الإنابة . فقد افترض القانون أن هذه هى نية ذوى الشأن ، وأن المناب لديه لم يقبل الإنابة مع التجديد ، وما يستتبع ذلك من براءة ذمة المنيب ، إلا وهو حاسب أن المناب موسر وقت الإنابة على الأقل . فإذا تبين أنه كان معسراً فى هذا الوقت ، رجع المناب لديه على المنيب ، ولكن لا بدعوى ضمان ، بل بدعوى الدين الأصلى . ذلك أن المناب لديه وقع فى غلط جوهرى ، عند ما رضى بالإنابة حاسباً أن المناب غير معسر . فإذا ما أبطل الإنابة للغلط ، رجع الالتزام الأصل الذى كان له فى ذمة المنيب بما كان يكفله من تأمينات ( [1530] ) .
519 - العلاقة ما بين المنيب والمناب : قد لا تكون هناك مديونية سابقة ما بين المنيب والمناب كما قدمنا . فعند ذلك ، وبعد أن أصبح المناب مدينا للمناب لديه ، يستطيع الرجوع على المنيب بدعوى شخصية ، هى دعوى الوكالة إن كانت الإنابة بتفويض من المنيب ، أو هى دعوى الفضالة ، أو فى $ 865 $ القليل دعوى الإثراء بلا سبب . وهذا كله ما لم يكن المناب قد انصرفت نيته إلى التبرع ، فعندئذ لا يرجع بشيء على المنيب .
أما إذا كان المناب مديناً للمنيب ، فالغالب أن يكون قد قصد من قبوله الإنابة أن يجدد الدين الذى فى ذمته للمنيب عن طريق تغيير الدائن ، ويكون قد وفى هذا الدين بالالتزام الجديد الذى نشأ فى ذمته للمناب لديه ، فلا يرجع على المنيب بشيء ( [1531] ) . وقد لا يقصد المناب تجديد دينه بتغيير الدائن . فعند ذلك تبقى الإنابة كاملة كما قدمنا ، لأن العبرة فى كونها كاملة هى بانطوائها على تجديد بتغيير المدين لا على تجديد بتغيير الدائن . ولما كان التجديد بتغيير المدين قد أنشأ فى ذمة المناب التزاماً جديداً نحو المناب لديه ، فإن المناب يرجع على المنيب بدعوى الوكالة أو الفضالة أو الإثراء بلا سبب . وقد تقع مقاصة –إذا توافرت شروطها - ما بين حق الرجوع هذا وبين الدين الذى فى ذمة المناب للمنيب ، فينقضى هذا الدين عن طريق المقاصة إن كان لا ينقضى عن طريق التجديد .
520 - العلاقة ما بين المناب لديه والمناب : رأينا أن التجديد بتغيير المدين الذى تضمنته الإنابة الكاملة قد أنشأ التزاماً جديداً فى ذمة المناب للمناب لديه ، حل محل الالتزام الأصلى الذى كان فى ذمة المنيب للمناب لديه ، حل محل الالتزام الأصلى الذى كان فى ذمة المنيب للمناب لديه والذى انقضى بالتجديد . ومن ثم يكون للمناب لديه حق الرجوع على المناب بهذا الالتزام الجديد . فإن وجده معسراً ، وكان الأسعار قائماً وقت الإنابة ، فقد رأينا أن التجديد يجوز إبطاله ، فيرجع المناب لديه على المنيب بدعوى الدين الأصلى . أما إذا كان الإعسار قد حدث بعد الإنابة ، تحمل المناب لديه تبعة هذا الإعسار ، ولا رجوع له على المنيب بسببه إلا إذا كان قد اشترط ذلك عليه فى عقد الإنابة .
$ 866 $
وعند رجوع المناب لديه على المناب بالالتزام الجديد ، لا يستطيع الثانى أن يحتج على الأول بالدفوع التى كان يستطيع أن يحتج بها على المنيب فى الدين الذى للمنيب فى ذمة المناب ، فإنه لا توجد علاقة بين هذا الدين وبين الالتزام الجديد الذى نشأ فى ذمة المناب للمناب لديه . ويعتبر الالتزام الجديد التزاماً مجرداً ( obligation abstraite ) بالنسبة إلى الالتزام الذى فى ذمة المناب للمنيب . ولذلك رأينا المادة 361 مدنى تنص على أن " يكون التزام المناب قبل المناب لديه صحيحاً ، ولو كان التزامه قبل المنيب باطلا ، أو كان هذا الالتزام خاضعاً لدفع من الدفوع ، ولا يبقى للمناب إلا حق الرجوع إلى المنيب ، كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضى بغيره " . فإذا لم يجعل المناب ، باتفاق واضح ، التزامه نحو المناب لديه خاضعاً لالتزامه نحو المنيب ، ولم يبين عند قبوله الإنابة أنه لم يرض بها إلا بسبب أنه مدين للمنيب وأنه إنما يفى بهذا الدين عن طريق التزامه نحو المناب لديه ، كان التزامه نحو المناب لديه منبت الصلة بالتزامه نحو المنيب . ويترتب على ذلك أنه يبقى ملتزماً نحو المناب لديه عن طريق التجديد ، حتى لو ثبت أن التزامه نحو المنيب باطلا لأى سبب من أسباب البطلان ، أو أن هذا الالتزام قد انقضى لأى سبب من أسباب الانقضاء ، أو أن هناك أى دفع آخر يمكن أن يدفع به هذا الالتزام ( [1532] ) . ويجب عليه فى كل حال أن يفى بالتزامه نحو المناب لديه ، ثم إذا ثبت أن التزامه نحو المنيب لا وجود له لبطلانه أو لانقضائه أو لأى سبب آخر ، رجع بدعوى الوكالة أو الفضالة أو الإثراء بلا سبب على المنيب ، كما كان يرجع لو لم تكن بين الاثنين مديونية سابقة ( [1533] ) .
$ 867 $
المطلب الثانى
الإنابة القاصرة
5210 - النصوص القانونية : تنص الفقرة الثانية من المادة 360 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" ومع ذلك لا يفترض التجديد فى الإنابة ، فإذا لم يكن هناك اتفاق على التجديد ، قام الالتزام الجديد إلى جانب الالتزام الأول " ( [1534] ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ( [1535] ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 358 / 2 – وفى التقنين الليبى المادة 347 / 2 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 406 / 2 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 326 / 3 ( [1536] ) .
$ 868 $
وقد قدمنا أن التجديد لا يفترض فى الإنابة ، فإذا لم يشترط أو قام شك فى اشتراطه ، فالمفروض أن أطراف الإنابة لم يقصدوا تجديداً ، بل قصدوا أن يضيف المناب لديه إلى المنيب مدينه الأصلى مديناً جديداً هو المناب .
فنتناول هنا ، كما تناولنا فى الإنابة الكاملة ، العلاقة ما بين المنيب والمناب لديهن ثم العلاقة ما بين المنيب والمناب ، ثم العلاقة ما بين المناب لديه والمناب .
522 - العلاقة ما بين المنيب والمناب لديه : فى الإنابة القاصرة يبقى لمنيب مديناً للمناب لديه ، ولا تبرأ ذمته إلا إذا وفى المناب الالتزام الجديد الذى فى ذمته للمناب لديه ، أو إلا إذا وفى المنيب نفسه للمناب لديه الدين الأصلى الذى فى ذمته . وبمجرد أن يقوم أحدهما –المناب أو المنيب - بالوفاء للمناب لديه ، تبرأ ذمة الآخر . وللمناب لديه أن يرجع على المنيب بالدين الأصلى بما يكفله من تأمينات ( [1537] ) قبل أن يرجع على المناب ، كما أن له أن يرجع على المناب بالالتزام الجديد قبل أن يرجع على المنيب ، فليس يلتزم فى الرجوع على أيهما بترتيب معين .
523 - العلاقة ما بين المنيب والمناب : إذا لم تكن هناك مديونية سابقة بينهما ، وقد أصبح المناب مديناً للمناب لديه ، فإنه إذا وفاه هذا الدين قبل أن يوفيه المنيب الدين الأصلى ، كان للمناب حق الرجوع على المنيب بدعوى الوكالة أو الفضالة أو الإثراء بلا سبب بحسب الأحوال ، ما لم يكن متبرعاً فلا يرجع بشيء .
أما إذا كان المناب مديناً للمنيب ، فيجوز أن يكون قد قصد تجديد هذا الدين عن طريق التزامه نحو المناب لديه ، فينقضى التزامه نحو المنيب فى مقابل الالتزام الذى نشأ فى ذمته للمناب لديه ، ويكون هذا تجديداً بتغيير الدائن . فإذا ما وفى المناب الدين للمناب لديه ، لم يرجع على المنيب بشيء . أما إذا كان المنيب هو الذى وفى الدين الأصلى للمناب لديه ، فإنه يرجع على المناب بما كان $ 869 $ له من دين فى ذمته ، لأن ذمة المناب لديه تكون قد برئت بالوفاء الحاصل من المنيب ، فينفسخ التجديد ، ويعود الدين الذى كان فى ذمة المناب للمنيب .
وقد لا يقصد المناب تجديد دينه قبل المنيب ، فيبقى هذا الدين قائماً فى ذمته . ويرجع به عليه المنيب ، إذا كان هو الذى قام بالوفاء للمناب لديه . أما إذا كان المناب هو الذى قام بالوفاء للمناب لديه ، كان له حق الرجوع على المنيب . وقد تقع مقاصة –إذا توافرت شروطها - ما بين حق الرجوع هذا وبين الدين الذى فى ذمة المناب للمنيب .
524 - العلاقة ما بين المناب لديه والمناب : هذه هى السمة البارزة فى الإنابة القاصرة ، فإن المناب يكون مديناً جديداً للمناب لديه ، فيكون إذن للمناب لديه مدينان : مدينة الأصلى وهو المنيب ، والمدين الجديد وهو المناب . ويستطيع المناب لديه ، كما رأينا ، أن يرجع على أيهما دون أن يلتزم بترتيب معين ، فإذا وفاه أحدهما برئت ذمة الاثنين معاً نحوه . ثم يرجع المناب على المنيب أو لا يرجع بحسب الأحوال ، طبقاً للقواعد التى أسلفناها . ويترتب على ما قدمناه أنه إذا كان المناب مديناً للمنيب ، فالتزم نحو المناب لديه فى مقابل الدين الذى فى ذمته للمنيب ، اجتمعت ديون ثلاثة : دين المنيب للمناب لديه ، ودين المناب للمنيب ، اجتمعت ديون ثلاثة : دين المنيب للمناب لديه ، ودين المناب للمنيب ، ودين المناب للمناب لديه . فإذا قضى المناب الدين للمناب لديه ، انقضت هذه الديون الثلاثة فى وقت واحد ( [1538] ) .
ويلاحظ أنه إذا كان للمناب لديه مدينان ، فإن كل مدين منهما مصدر $ 870 $ دينه مستقل عن مصدر دين الآخر : مصدر دين المنيب هو مصدر الالتزام الأصلى ، ومصدر دين المناب هو عقد الإنابة . ومن ثم لا يكون هناك تضامن بين المدينين ( [1539] ) . كذلك لا يعتبر المناب كفيلا للمنيب ، فقد قدمنا أن للمناب لديه أن يرجع عليه أولا وليس له أن يدفع بحق التجريد ( [1540] ) .
والدين الذى أنشأته الإنابة فى ذمة المناب للمناب لديه هو دين مجرد ( obligation obstraite ) ، لا يتأثر بالدين الذى يكون فى ذمة المناب للمنيب ، شأن الإنابة القاصرة فى ذلك هو شأن الإنابة الكاملة فيما قدمناه . فإذا كان الدين الذى فى ذمة المناب للمنيب باطلا ، أو كان قد انقضى ، أو كان يصح أن يدفع بأى دفع آخر ، فليس لأى شيء من هذا أثر فى الدين الذى فى ذمة المناب للمناب لديه ( [1541] ) . ذلك أن المناب لديه عندما اتخذ المناب مديناً جديداً إلى جانب مدينه $ 871 $ الأصلى لم يدخل فى اعتباره أن هذه المديونية الجديدة لها صلة بالمديونية ما بين المناب والمنيب . وقد سبق بيان ذلك تفصيلا عند الكلام فى الإنابة الكاملة ، وأوردنا نص المادة 361 مدنى التى تقضى بأن " يكون التزام المناب قبل المناب لديه صحيحاً ولو كان التزامه قبل المنيب باطلا ، أو كان هذا الالتزام خاضعاً لدفع من الدفوع ، ولا يبقى للمناب إلا حق الرجوع على المنيب ، كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضى بغيره " . وهذا النص يسرى على الإنابة القاصرة كما يسرى على الإنابة الكاملة ، فهو لا يميز فى عموم عباراته بين هاتين الصورتين ( [1542] ) . وإذا وفى المناب الدين للمناب لديه ، وكان التزامه هو نحو المنيب باطلا أو كان قد $ 872 $ انقضى ، فإنه يرجع على المنيب بدعوى الوكالة أو الفضالة أو الإثراء بلا سبب بحسب الأحوال ، كما هو الأمر فيما لو لم تكن هناك مديونية سابقة بينهما . وغنى عن البيان أن للمناب أن يشترط فى الإنابة جعل التزامه نحو المنيب سبباً لالتزامه نحو المناب لديه ، وعندئذ يسقط التزامه نحو المناب لديه إذا تبين أن التزامه نحو المنيب كان باطلا أو كان قد انقضى أو كان يمكن دفعه بأى دفع آخر ( [1543] ) .
وإذا كان الدين الذى للمناب لديه على المناب لا يتأثر بالدين الذى للمنيب على المناب ، فإنه على النقيض من ذلك يتأثر بالدين الذى للمناب لديه على المنيب ، إذ أن محل الدينين محل واحد كما قدمنا ، فالدفوع التى يمكن أن يدفع بها أحدهما يدفع بها الآخر . ذلك أن المناب لما اتخذ مدينين ، المنيب والمناب ، لم يقصد أن يضاعف الدين الذى له ، ولا وجه لهذه المضاعفة . بل هو قصد أن يتقاضى الدين الذى له من أى المدينين ، فإذا تقاضاه من أحدهما برئت ذمة الآخر . فالدينان متصلان أحدهما بالآخر أوثق الاتصال ، وإذا كان الدين الذى للمناب لديه على المنيب باطلا أو قابلا للإبطال أو كان يمكن أن يدفع بأى دفع آخر ، جاز للمناب فى الدين الآخر الذى فى ذمته للمناب لديه أن يدفع رجوع هذا عليه بكل هذه الدفوع ( [1544] ) .
$ 873 $
الفصل الثالث
المقاصة ( [1545] )
Compensation
525 - المقاصة أداة وفاء وأداة ضمان : إذا أصبح المدين دائناً لدائنه ، وكان محل كل من الدينين المتقابلين – ما فى ذمة المدين للدائن وما فى $ 874 $ ذمة الدائن للمدين –نقودا أو مثليات فى النوع والجودة ، وكان كل من الدينين خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاء ، انقضى الدينان بقدر الأقل منهما عن طريق المقاصة . فالمقاصة إذن هى أداة وفاء ، وهى فى الوقت ذاته أداة ضمان ( [1546] ) .
أما أنها أداة وفاء ، فذلك ظاهر مما قدمناه . فتقابل دينين توافرت فيهما شروط معينة يقضى كلا الدينين بقدر الأقل منهما ، يفكون كل مدين قد وفى الدين الذى عليه بالدين الذى له ، ومن هنا كانت المقاصة أداة وفاء أو سبباً من أسباب انقضاء الالتزام . بل هى أداة تبسيط فى الوفاء ، فهى تقضى دينين فى وقت معاً دون أن يدفع أى مدين من المدينين إلى دائنه شيئاً ، إلا من كان دينه أكبر فيدفع لدائنه ما يزيد به هذا الدين على الدين لآخر . وبذلك يقتصد المدين من نفقات الوفاء ، ولا يتجشم عناء إخراج النقود أو غيرها من المثليات وإرسالها للدائن وما ينطوى عليه ذلك من مخاطر وتبعات ( [1547] ) . ومن ثم كان للمقاصة شأن كبير فى المعاملات التجارية حيث الحاجة تشتد إلى السرعة فى التعامل والاقتصاد فى الإجراءات . وهذا الحساب الجارى ، وهو من دعائم $ 875 $ التجارة ، يقول على أساسين ، المقاصة ثم التجديد فتقع المقاصة أولا بين الحساب الدائن والحساب المدين ، ثم يتخلف عن المقاصة رصيد هو الذى يقع فى شأنه التجديد . وهذه غرف المقاصة ( Chambres de compensation ) ، تقوم عملياتها على إجراء المقاصة بين ما للمصارف وما عليها ، فيستغنى بذلك عن نقل العملة من مصرف إلى مصرف ثم ردها بعد ذلك إلى المصرف الذى خرجت منه ( [1548] ) .
وأما أن المقاصة أداة ضمان ، فذلك ظاهر أيضا من أن الدائن الذى يستوفى حقه من الدين الذى فى ذمته لمدينه إنما يختص بهذا الدين الذى فى ذمته دون غيره من دائنى المدين ، فيستوفى حقه منه متقدماً عليهم جميعاً . وهو ، وإن كان دائناً عادياً ، فى حكم الدائن المرتهن أو الدائن ذى حق الامتياز ، والدين الذى فى ذمته فى حكم المال المرهون المخصص لوفاء حقه . ومن ثم تكون المقاصة من شأنها أن تقدم للدائن تأميناً ، فهى من هذا الوجه أداة ضمان ( [1549] ) .
526 - المقاصة والدفع بعدم التنفيذ والحق فى الحبس : والمقاصة ، كأداة للضمان على الوجه الذى بيناه ، تقرب فى مهمتها من نظامين قانونيين آخرين ، هما الدفع بعدم التنفيذ والحق فى الحبس . فقد رأينا أن أى طرف فى العقد الملزم للجانبين له أن يمتنع عن تنفيذ ما عليه من التزام حتى يستوفى ماله من حق مقابل ، ورأينا كذلك أن الدائن له أن يحبس تحت يده ما لمدينه عنده حتى يستوفى حقاً مرتبطاً بالشىء المحبوس . ففى هاتين الحالتين وضع القانون تحت تصرف الدائن أداة ضمانة تكفل له الوفاء بحقه ، فيمتنع عن تنفيذ التزامه أو يحبس ما تحت يده . والمقاصة تؤدى نفس الغرض ، فالدائن لا يدفع الدين الذى عليه استيفاء للحق الذى له . بل إن المقاصة تصل إلى مدى أبعد فى تأدية هذا الغرض ، إذ الدائن لا يقتصر على الامتناع عن تنفيذ التزامه أو على حبس الدين الذى عليه ، بل هو يقضى الدين الذى عليه قضاء تاماً بالحق الذى له فى $ 876 $ ذمة دائنه ( [1550] ) . وقد سبقت الإشارة إلى ذلك عند الكلام فى الدفع بعدم التنفيذ فى الجزء الأول من الوسيط ، وفى الحق فى الحبس فى الجزء الثانى .
527 - منشأ المقاصة فى القانون الرومانى وفى القانون الفرنسى القديم : ومما يوثق العلاقة ما بين المقاصة والحق فى الحبس –والدفع بعدم التنفيذ ليس إلا صورة من صور الحق فى الحبس كما قدمنا - أن منشأهما واحد فى القانون الرومانى ، فقد كان كلاهما يقوم على الدفع بالغش ( exception de dol ) .
فقد رأينا عند الكلام فى الحق فى الحبس ( [1551] ) أن منشأ هذا الحق يرجع إلى عهد القانون الرومانى ، فقد كان الحائز لعين غير مملوكة له وهو يعتقد أنها ملكه ، إذا أنفق مالا فى حفظها أو فى تحسينها ، وأراد المالك أن يسترد العين ، أعطى البريطور الرومانى للحائز دفعاً بالغش ( exception doli ) يدفع به دعوى الاسترداد حتى يسترد ما صرفه فى حفظ العين وفى تحسينها . وكذلك أعطى هذا الدفع بالغش فى العقود الملزمة لجانب واحد كالوديعة ، إذا أنفق المود عنده مالا على الوديعة وكان له الحق فى استرداد ما أنفق . وكان هذا الدفع مفهوماً ضمناً فى العقود الملزمة للجانبين ، وبموجبه يستطيع كل من المتعاقدين أن يقف تنفيذ التزامه حقى يقوم المتعاقد الآخر بتنفيذ الالتزام المقابل ، وهذا ما سمى بعد ذلك فى القانون الفرنسى القديم بالدفع بعدم تنفيذ العقد .
أما المقاصة فقد تأخر ظهورها فى القانون الرومانى ، إذ حال دونها فى أول الأمر مبدأ كان معروفاً فى القانون الرومانى القديم هو مبدأ وحدة الدعوى . فالدعوى الواحدة كانت لا تتضمن إلا طلباً واحداً ، وكان لا يجوز دفعها إلا بنعم أو لا ، أى بالإقرار أو الإنكار . فإذا طالب الدائن مدينه بالدين ، وأراد المدين أن يدفع الطلب بالمقاصة فى دين له فى ذمة الدائن ، امتنع ذلك عليه ، $ 877 $ لأنه لابد أن يجيب أولا بأن الدين الذى يطالب به الدائن هو فى ذمته حقاً ، ولا يستطيع أن يضيف إلى هذه الإجابة أن له أيضاً ديناً فى ذمة الدائن ، وقعت به المقاصة . فكان يحكم عليه أولا بالدين الذى لدائنه فى ذمته ، وله بعد ذلك أن يرفع دعوى مستقلة على دائنه يطالبه فيها بالدين الذى له فى ذمته . ولا يجوز أن يتقدم بهذه الدعوى كدعوى فرعية فى الدعوى الأولى التى رفعها الدائن ، لأن مبدأ وحدة الدعوى كان يحول دون ذلك . ثم أقر القانون الرومانى بعد ذلك استثناءات معينة من هذا المبدأ ، وانتهى الأمر إلى وضع قاعدة عامة هى إعطاء المدين الذى له دين فى ذمة دائنه دفعاً بالغش ( exception doli ) يدفع به دعوى الدائن إذا لم يجر المقاصة بين ما له وما عليه ، فكان المدين يتمكن بذلك من إجبار دائنه على إجراء المقاصة . ونرى من ذلك أن هناك أصلا مشتركاً بين المقاصة والحق فى الحبس والدفع بعدم تنفيذ العقد هو الدفع بالغش . ثم تطور القانون الرومانى ، وفى عهد جوستنيان كانت المقاصة تجرى بحكم القانون ( ipso Jure ) ، ولكن ذلك لم يكن يعنى أن المقاصة ويجوز للقاضى ألا يحكم بها إذا رأى أن البت فى الدين المقابل يستغرق وقتاً طويلا وإجراءات معقدة . وإنما أريد بذلك أن التمسك بالمقاصة لم يعد يقتضى الدفع بالغش ( [1552] ) .
وانتقلت المقاصة إلى القانون الفرنسى القديم بعد تطور بطئ طويل المدى ، وكانت مقاصة قضائية فى بعض الجهات وقانونية فى الجهات الأخرى . ثم تغلبت المقاصة القانونية التى تتم بمجرد تلاقى الدينين دون حاجة إلى حكم قضائى ، بل ودون علم الطرفين بوقوعها ( [1553] ) ، وذلك أخذاً بتفسير خاطئ للقانون الرومانى فى عهد جوستنيان حيث وردت عبارة ( ipso jure ) كما قدمنا .
ومن القانون الفرنسى القديم انتقلت المقاصة القانونية على الوجه الذى بيناه إلى التقنين المدنى الفرنسى ، نتيجة هذا الفهم الخاطئ للقانون الرومانى ( [1554] ) .
$ 878 $
528 - المقاصة فى التقنينات اللاتينية وفى التقنينات الجرمانية : وهكذا انتقلت المقاصة من القانون الرومانى ، حيث كانت مقاصة قضائية ، إلى التقنينات اللاتينية مقاصة قانونية .
وهناك فرقان جوهريان بين المقاصة القانونية والمقاصة القضائية :
(1) فالمقاصة القانونية تتم كما قدمنا بتلاقى الدينين المتقابلين ، فينقضيان معاً بمجرد هذا التلاقى وبحكم القانون . ولا يملك القاضى إلا أن يقضى بالمقاصة بمجرد توافر شروطها ، دون أن يكون له الحق فى رفضها بدعوى أن التحقق من الدين المقابل يقتضى وقتاً وإجراءات طويلة . بل عليه أن يتحقق من وقوع المقاصة مهما طالت الإجراءات ، فإذا تحقق من ذلك وجب أن يقضى بها . أما المقاصة القضائية فلا تتم بتلاقى الدينين المتقابلين ، بل هى لا تقع إلا إذا صدر حكم القاضى بها . فلا بد إذن من أن يتمسك بها الخصم أمام القضاء ، وللقاضى أن يرفض الحكم بها إذا رأى أن البت فى الدين المقابل يقتضى وقتاً وإجراءات طويلة . بل وله حق التقدير فى أن يقضى بها أو لا يقضى ، فقد يستصوب عدم القضاء بها بالرغم من تحقق شروطها ، تاركاً لذى الشأن أن يرفع دعوى مستقلة بالحق الذى له .
(2) المقاصة القانونية تقتضى شروطاً معينة يجب توافرها جميعاً حتى تقع بحكم القانون ، فإذا ما توافرت هذه الشروط وقعت ولا مناص من وقوعها ، وإذا تخلف شرط مهما كان شأن لم تقع . أما المقاصة القضائية فأكثر مرونة ، إذ هى موكولة إلى تقدير القاضى ، فقد لا يقضى بها مع توافر شروطها ، كما قدمنا ، وقد يقضى بها مع تخلف بعض الشروط .
أما التقنيات الجرمانية – كتقنين الالتزمات السويسرى ( [1555] ) والتقنين الألمانى ( [1556] ) $ 879 $ والتقنين اليابانى ( [1557] ) – فلم تأخذ لا بالمقاصة القانونية التى أخذ بها التقنين المدنى الفرنسى ، ولا بالمقاصة القضائية التى كان يأخذ بها القانون الرومانى . بل جعلت المقاصة رهينة بإعلان عن الإرادة ( delaration de volonte ) يصدر من أحد الطرفين للآخر ، فتقع المقاصة بموجب هذه الإرادة المنفردة متى كانت شروط المقاصة متوافرة ، وتعتبر المقاصة قد وقعت بأثر رجعى من وقت توافر هذه الشروط ، لا من وقت الإعلان عن الإرادة ، دون أن يكون للقاضى حق التقدير . فالمقاصة على هذا الوجه ليست قانونية ، لأنها لا تقع بحكم القانون بل بإعلان عن الإرادة . وليست قضائية ، لأن التمسك بها أمام القضاء ليس ضرورياً بل يصح أن يصدر هذا الإعلان خارج القضاء ، ثم إن القاضى لا يملك إلا الحكم بها متى توافرت شروطها وليس له حق التقدير . ومن ثم تصبح المقاصة فى التقنينات الجرمانية تصرفاً قانونياً صادراً من جانب واحد ( [1558] ) ، ولهذا التصرف أثر رجعى يستند إلى وقت تلاقى الدينين متوافرة فيهما شروط المقاصة . وهذا الأثر الرجعى فى التقنينات الجرمانية يقربها كثيراً من المقاصة القانونية فى التقنينات اللاتينية ، ففى النظامين تتم المقاصة وينقضى الدينان من وقت تلاقيهما .
على أنه لا تزال هناك فروق بين النظامين . ففى النظام اللاتينى تنص المادة 1290 من التقنين المدنى الفرنسى على أن " المقاصة تتم من تلقاء نفسها وبحكم القانون ، ولو بغير علم المدينين . فينقضى الدينان على وجه التقابل ، فى اللحظة $ 880 $ التى يتلاقيان فيها ، فى حدود ما يتعادل من مقدار كل دين ( [1559] ) " . ويتبين من ذلك أن المقاصة القانونية فى التقنينات اللاتينية تختلف عن المقاصة فى التقنينات الجرمانية من الوجوه الآتية :
أولا : تقع المقاصة القانونية من تلقاء نفسها وبحكم القانون ، ولو دون علم أحد من الطرفين . وإذا كان أحدهما قد تمسك بالمقاصة ، فهذا التمسك لا يجعلها تتم ، إذ هى قد تمت قبل ذلك . وإنما هو يتمسك بواقعة ترتب عليها أثرها ، كما لو كان يتمسك بالوفاء أو بأى سبب آخر من أسباب انقضاء الالتزام ( [1560] ) . أما المقاصة فى التقنينات الجرماينة فلا تقع من تلقاء نفسها بحكم القانون ، وإنما تقع بإعلان عن الإرادة يوجه إلى الطرف الآخر كما تقدم القول ، فهى إذن لا يمكن أن تقع دون علم من الطرفين . وإذا لم يعلن أحد الطرفين إرادته فى إجراء المقاصة ، فالمقاصة لا تقع ، ولا يستطيع القاضى أن يحيها بنفسه ، ويتقاضى كل من الطرفين الدين الذى له من الآخر .
ثانيا : إذا كانت المقاصة تستند فى كل من النظامين إلى وقت تلاقى الدينين ، إلا أن ذلك لا يمنع من أن إعلان الإرادة فى التقنينات الجرمانية إجراء لابد منه فى المقاصة وله أثره البالغ . ذلك أنه يجب ، فى التقنينات الجرمانية ، أن تكون شروط المقاصة متوافرة إلى وقت إعلان الإرادة . فإذا كانت هذه الشروط متوافرة عند تلاقى الدينين ، ثم تخلف شرط منها عند إعلان الإرادة ، فإن الأثر الرجعى لا يفيد ، ولا يمكن إعلان الإرادة فى إجراء المقاصة إلا إذا كانت شروطها متوافرة وقت الإعلان . وهذا بخلاف المقاصة القانونية ، فأنها تقع بمجرد تلاقى الدينين متوافرة فيهما الشروط ، حتى لو تخلف أحد هذه الشروط عند التمسك بها . ونورد مثلا : دفع أحد الطرفين دينه بعد أن تلاقى الدينان $ 881 $ متوافرة فيهما شروط المقاصة ، وهو يجهل ذلك . ففى النظام الجرمانى ، إذا كان هذا الدفع سابقاً على إعلان الإرادة ، لم يجز صدور الإعلان بعد ذلك ، لأن المقاصة وقت الدفع لم تكن قد وقعت ، فوقع الدفع صحيحاً عن دين قائم لم ينقض بالمقاصة . ولا يبقى للطرف الذى دفع الدين الذى عليه إلا أن يتقاضى من الطرف الآخر الدين الذى له . أما فى النظام اللاتينى ، فبمجرد تلاقى الدينين متوافرة فيهما الشروط تقع المقاصة دون حاجة إلى إعلان ، فإذا دفع أحد الطرفين دينه بعد ذلك فقد دفع ديناً انقضى بالمقاصة ، وله أن يسترد ما دفعه للطرف الآخر بموجب قواعد استرداد غير المستحق ، لا أن يطالب الطرف الآخر بالدين الذى له كما هو الأمر فى النظام الجرمانى . وهذا ما لم يكن قد نزل عن المقاصة ، فله فى هذه الحالة أن يطالب الطرف الآخر بالدين الذى له ( [1561] ) .
ثالثا : إذا كان أحد الدينين قد سقط بالتقادم وقت إعلان الإرادة ، فقد كان ينبغى فى التقنينات الجرمانية ألا يجوز صدور هذا الإعلان ، حتى لو كان الدين لم يسقط بالتقادم عند تلاقيه بالدين المقابل ، لأن أحد شروط المقاصة قد تخلف وقت الإعلان . أما فى التقنينات اللاتينية ، فإنه بمجرد تلاقى الدينين ينقضيان بالمقاصة ، حتى لو أن أحدهما كان قد انقضت مدة التقادم بالنسبة إليه وقت التمسك بالمقاصة . ومن الغريب أن التقنين الألمانى قد أورد فى المادة 390 حكماً فى هذه المسألة يخالف منطق التقنينات الجرمانية ويتفق مع منطق التقنينات اللاتينية ، إذ تنص هذه المادة على ما يأتى : " لا يمنع التقادم من وقوع المقاصة إذا كان الحق تم تقادمه لم يكن قد انقضى بالتقادم وقت إن كانت المقاصة ممكنة بينه وبين الحق الآخر ( [1562] ) " . وقد أورد التقنين المدنى $ 882 $ المصرى الجديد هذا الحكم فى المادة 366 ، إذ تنص على أنه " إذا كان الدين قد مضت عليه مدة التقادم وقت التمسك بالمقاصة ، فلا يمنع ذلك من وقوع المقاصة به رغم التمسك بالتقادم ، ما دامت هذه المدة لم تكن قد تمت فى الوقت الذى أصبحت فيه المقاصة ممكنة " . ولكن ورود هذا الحكم فى التقنين المدنى المصرى الجديد يتفق مع منطق هذا التقنين ، فقد أخذ بالمقاصة القانونية المعروفة فى التقنينات اللاتينية كما سنرى .
رابعا : لما كانت المقاصة فى التقنينات الجرمانية لا تقع إلا بإعلان الإرادة ، وجب أن يكون من أعلن إرادته فى إجراء المقاصة أهلا لوفاء الدين ولاستيفائه ، لأن التصرف القانونى الذى صدر منه هو وفاء لدينه واستيفاء لحقه . أما فى التقنينات اللاتينية ، فالمقاصة تقضى الدينين بمجرد تلاقيهما ، وذلك بحكم القانون ودون حاجة إلى إعلان عن الإرادة . فالمقاصة فى هذه التقنينات واقعة مادية وليست تصرفاً قانونياً ، ومن ثم لا تشترط أية أهلية فى أى من الطرفين ، بل تقع المقاصة بحكم القانون فى دينين متقابلين ، حتى لو كان كل من المدينين غير مميز ( [1563] ) .
خامسا : فى حوالة الدين ، هل يجوز للمدين الجديد أن يتمسك بمقاصة بين الدائن والمدين القديم؟ إذا أخذنا بالنظرية الجرمانية ، لم يجز ذلك ، لأن المقاصة لا تتم إلا بإعلان عن الإرادة ، والمفروض أن المدين القديم لم يصدر منه هذا الإعلان فلم تقع المقاصة ، فانتقل الدين قائماً إلى المدين الجديد ، فليس لهذا أن يدفع بمقاصة لم تقع . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 417 من التقنين المدنى الألمانى ، إذ تقول : " لا يجوز للمحال عليه أن يتمسك بمقاصة مع حق للمدين السابق ( [1564] ) " . أما إذا أخذنا بالنظرية اللاتينية ، وجب القول بأن المقاصة قد $ 883 $ وقعت بين دين المدين القديم ودين الدائن منذ تلاقيهما ، فالدين يكون إذن قد انقضى بالمقاصة قبل حوالته ، وللمدين الجديد أن يتمسك بهذه المقاصة قبل الدائن ( [1565] ) .
وهذا وقد اختار التقنين المدنى المصرى فى المقاصة النظام اللاتينى ، جرياً على تقاليده ، فأخذ بالمقاصة القانونية كما هى معروفة فى التقنين المدنى الفرنسى . وإذا كان قد نص فى الفقرة الأولى من المادة 365 مدنى على ألا تقع المقاصة إلا إذا تمسك بها من له مصلحة فيها ، فسنرى أن المقصود بهذا النص أن ينتفى عن المقاصة أنها من النظام العام ، فلا يصح للقاضى أن يقضى بها من تلقاء نفسه ، بل لابد أن يتمسك بها ذو المصلحة فيها .
$ 884 $
529 - المقاصة القانونية والمقاصة القضائية والمقاصة الاختيارية : رأينا فيما تقدم أن هناك إلى جانب المقاصة القانونية مقاصة قضائية هى المقاصة التى كانت معروفة فى القانون الرومانى . ويوجد إلى جانب هذين النوعين من المقاصة ما يعرف بالمقاصة الاختيارية ، وهى مقاصة تتم بإرادة أحد الطرفين أو بإرادتيهما معاً ، إذا نزل صاحب الشأن عن شرط من شروط المقاصة لم يتوافر مادام هذا الشرط مقرراً لمصلحته .
وأهم هذه الأنواع الثلاثة هى المقاصة القانونية ، وهى التى عنى المشرع ببسط أحكامها تحت عنوان " المقاصة " ، وقصد بهذا التعبير المقاصة القانونية دون غيرها . فنبدأ ببحثها ، ثم نبحث بعد ذلك النوعين الآخرين : المقاصة الاختيارية والمقاصد القضائية .
الفرع الأول
المقاصة القانونية
( Compensation legale )
530 - المسائل التى يتناولها البحث : نبحث فى المقاصة القانونية –وكثيراً ما نطلق فنقول المقاصة فينصرف اللفظ إلى المقاصة القانونية - موضوعين رئيسين :
( أولا ) الشروط الواجب توافرها حتى تقع المقاصة .
( ثانيا ) كيف يكون إعمال المقاصة ، وما هى الآثار التى تترتب عليها ( [1566] ) .
$ 885 $
المبحث الأول
شروط المقاصة
531 - ما يدخل فى الشروط وما لا يدخل – الديون التى لا تقع فيها المقاصة : يشترط ، حتى تقع المقاصة بين دينين متقابلين ، أن لا يكون محل كل منهما نقوداً أو مثليات متحدة فى النوع والجودة ، وأن يكون الدينان صالحين للمطالبة بهما قضاء ، وأن يكون خاليين من النزاع مستحقى الأداء .
ولا يشترط أن يتحد مكان الوفاء ، كما لا يشترط اتحاد مصدر الدينين .
وتقع المقاصة فى الديون أياً كان مصدرها ، إلا فى ديون معينة لا تقع فيها المقاصة نظراً لاعتبار خاص فيها .
فنبحث : ( أولا ) ما يدخل فى الشروط وما لا يدخل ، ( ثانيا ) الديون التى لا تقع فيها المقاصة .
المطلب الأول
ما يدخل فى الشروط وما لا يدخل
1 - ما يدخل فى الشروط
532 - النصوص القانونية : تنص المادة 362 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - للمدين حق المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه وما هو مستحق له $ 886 $ قبل هذا الدائن ولو اختلف سبب الدينين ، إذا كان موضوع كل منها نقوداً أو مثليات متحدة فى النوع والجودة ، وكان كل منهما خالياً من النزاع ، مستحق الأداء ، صالحاً للمطالبة به قضاء " .
" 2 - ولا يمنع المقاصة أن يتأخر ميعاد الوفاء لمهلة منحها القاضى أو تبرع بها الدائن ( [1567] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادتين 192 / 256 و194 / 258 ( [1568] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 360 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 349 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 408 – 409 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 328 – 330 ( [1569] ) .
$ 887 $
ويخلص من النص المتقدم الذكر أن هناك شروطاً خمسة يجب توافرها حتى تقع المقاصة بين دينين :
(1) التقابل ما بين الدينين .
(2) التماثل فى المحل ما بين الدينين .
(3) صلاحية كل من الدينين للمطالبة به قضاء .
(4) خلو الدينين من النزاع .
(5) استحقاق الدينين للأداء ( [1570] ) .
ونضيف شرطاً سادساً هو أن يكون كل من الدينين قابلا للجز عليه ، وهو شرط يؤخذ من الحالات الواردة فى المادة 364 مدنى ، حيث تقرر هذه المادة أن المقاصة لا تقع " إذا كان أحد الدينين حقاً غير قابل للحجز " . ولما كان الاعتبار الذى امتنعت من أجله المقاصة هنا يرجع إلى طبيعة الدين لا إلى مصدره ، فيحسن جعل هذه الحالة ضمن شروط المقاصة ، وانتزاعها من الحالات الأخرى التى ترجع إلى مصدر الدين لا إلى طبيعته .
ونبحث هذه الشروط الستة تباعاً .
$ 888 $
533 - الشرط الأول – التقابل ما بين الدينين : يجب لوقوع المقاصة أن يكون هناك دينان متقابلان ( reciprouques ) ، أى أن يكون كل من طرفى المقاصة مديناً بشخصه للآخر وفى الوقت ذاته دائناً بشخصه له ، فيتقابل الدينان ، وينقضيان بالمقاصة . فإذا كان ( أ ) قد أقرض ( ب ) ألفاً ، ثم اشترى منه سيارة بألف ، وقعت المقاصة بين مبلغ القرض وثمن السيارة .
ويترتب على ذلك أنه لا يكون هناك محل للمقاصة إذا كان أحد الطرفين مديناً للآخر بصفته الشخصية ودائناً له بصفته ولياً أو وصياً أو قيما أو وكيلا أو وراثاً ، أو كان الأمر على العكس من ذلك ( [1571] ) . ولا تقع المقاصة بين دين الشركة فى ذمة أجنبى ودين لهذا الأجنبى فى ذمة أحد الشركاء ، إذ الأجنبى مدين للشركة ودائن لأحد الشركاء والشركة غير أحد الشركاء فيها ( [1572] ) . ولا تقع المقاصة بين دين للدائن فى ذمة المدين ودين لكفيل غير متضامن فى ذمة الدائن ، إذ الدينان هنا غير متقابلين ، فأحدهما فى ذمة المدين للدائن والآخر فى ذمة الدائن للكفيل لا للمدين ( [1573] ) . ولكن الكفيل يستطيع أن يتمسك بالمقاصة بين الدين الذى كفله ودين للمدين فى ذمة الدائن ، لأن مديونيته تابعة $ 889 $ لمديونية المدين ، فإذا تخلص المدين من مديونيته عن طريق المقاصة تخلص الكفيل تبعاً لذلك ( [1574] ) . ولا تقع المقاصة بين ثمن الأوراق المالية التى اشتراها شخص فى البورصة بواسطة الوكيل بالعمولة وبين دين للمشترى فى ذمة البائع لهذه الأوراق ، وذلك لأن الوكيل بالعمولة يتوسط بين البائع والمشترى ، فيكون هو الدائن بالثمن وليس البائع ، فلا يكونان الدينان متقابلين ( [1575] ) . ولا تجوز المقاصة فى دين على الوقف لمدين المستحق فيه ، ولا فى دين على المستحق فى الوقف لمدين الوقف ( [1576] ) .
ومتى وجد دينان متقابلان لشخصين كلاهما دائن للآخر ومدين له ، $ 890 $ وقعت المقاصة بين هذين الدينين ( [1577] ) ، حتى لو كان أحد الطرفين أو كلاهما لم تتوافر فيه لا أهلية الوفاء ولا أهلية الاستيفاء ( [1578] ) . ذلك أن المقاصة واقعة مادية يرتب عليها القانون انقضاء الدينين ، وليست تصرفاً قانونياً يتطلب أهلية معينة كما هو الأمر ف القوانين الجرمانية على ما قدمنا ( [1579] ) .
534 – الشرط الثانى – التماثل فى المحل ما بين الدينين : ويجب أن يكون محل كل من الدينين نقوداً أو أشياء مثلية من نوع واحد ومن درجة واحدة فى الجودة ، وذلك حتى يتمكن كل من الطرفين أن يستوفى حقه عن طريق المقاصة من نفس الشىء الواجب الأداء . فإذا كان لشىء على آخر مائة جنيه ، وعليه له مائة جنيه ، فإنه بذلك يستطيع أن يستوفى المائة التى له بالمائة التى عليه . ولما كان المحلان متماثلين ، فقد استوفى كل من الطرفين حقه $ 891 $ من نفس الشىء الواجب الأداء . ومن ثم نقع المقاصة بين دينين محل كل منهما قطن من نوع الكرنك ومن مرتبة " جودفير " أو قمح هندى من صنف متوسط ، أو سيارات من ماركة بويك موديل سنة 1957 ، وهكذا . وتصح المقاصة كذلك فى الأسهم والسندات وسائر الأوراق المالية ، إذا كانت متماثلة ( [1580] ) .
ولا تجوز المقاصة فى دينين محل أحدهما قطن من نوع الكرنك ومحل الآخر قطن من نوع الأشمونى ، ولا فى دينين محل أحدهما قمح هندى ومحل الآخر قمح استرالى . ومن باب أولى لا تجوز المقاصة فى دينين محل أحدهما قطن ومحل الآخر قمح ، ولا فى دينين محل أحدهما نقود ومحل الآخر قمح أو قطن ، ولو كان سعر هذه المثليات محدداً فى الأسواق أو فى البورصات ( [1581] ) .
ولا تجوز المقاصة بداهة فى دينين محل كل منهما عمل أو امتناع عن عمل ، أو محل أحدهما عمل ومحل الآخر امتناع عن عمل من باب أولى ، وذلك مهما تشابهت الأعمال ، وحتى لو لم يكن من الضرورى أن يقوم المدين نفسه بالعمل الذى التزم به . فلابد إذن لإمكان المقاصة أن يكون محل كل من الدينين التزاماً ينقل الملكية ( obligation de donner ) ( [1582] ) .
ولا تجوز المقاصة فى دينين أحدهما بسيط والآخر تخييرى أو بديلى ، حتى لو كان أحد محلى الاختيار فى الالتزام التخييرى ، أو كان المحل الأصلى أو البدل فى الالتزام البدلى ، مماثلا فى النوع والجودة للمحل فى الدين البسيط . ذلك لأنه إذا وقعت المقاصة هنا ، حرم فى الالتزام التخييرى صاحب الاختيار من حق اختياره ، أو حرم المدين فى الالتزام البدلى من أن يؤدى الأصل أو البدل ( [1583] ) .
$ 892 $
535 - الشرط الثالث – صلاحية كل من الدينين للمطالبة قضاء : ولابد ، لوقوع المقاصة ، أن يكون كل من الدينين صالحاً للمطالبة به قضاء . فإذا كان أحد الدينين أو كلاهما غير صالح للمطالبة به قضاء ، لم تجز المقاصة . فالالتزام الطبيعى لا يقبل المقاصة فى التزام مدنى ، بل ولا فى التزام طبيعى مثله ، لأن المقوم الرئيسى للالتزام الطبيعى هو أن المدين فيه لا يجبر على الوفاء ، والمقاصة وفاء إجبارى للمدين ، فتتعارض مع طبيعة الالتزام الطبيعى .
وإذا كان أحد الدينين قد مضت عليه مدة التقادم ، فإنه لا يصلح للمقاصة ، حتى قبل أن يتمسك المدين بالتقادم فيصبح التزاماً طبيعياً ، فإن الدين الذى مضت عليه مدة التقادم لا يصلح للمطالبة به قضاء ، لأنه قابل للدفع بالتقادم ( [1584] ) . ولا يصلح الدين الذى مضت عليه مدة التقادم للمقاصة به فى دين آخر ، حتى $ 893 $ لو كان هذا الدين الآخر هو نفسه قد مضت عليه مدة التقادم . بل الذى يقع فى مثل هذه الحالة أن كل مدين يتمسك بسقوط دينه بالتقادم ، فيسقط الدينان معاً ، ولكنهما يسقطان بالتقادم لا بالمقاصة . وما تخلف عن كل منهما من التزام طبيعى لا يصلح للمقاصة فى الالتزام الطبيعى الذى تخلفه عن الالتزام الآخر ، لما سبق أن قدمناه من أن الالتزام الطبيعى لا يقاص فى التزام طبيعى مثله .
وقد وضح السبب الذى من أجله يشترط فى الدين ، ليكون صالحاً للمقاصة ، أن يكون صالحاً للمطالبة به قضاء . فالمقاصة وفاء إجبارى كما قدمنا ، والدين الذى لا يصلح للمطالبة به قضاء لا يجوز إجبار المدين على الوفاء به ، فتتعارض طبيعته مع طبيعة المقاصة .
ولا يستخلص من هذا الشرط أنه إذا كان هناك دين أقوى من دين آخر ، لم تجز المقاصة بين هذين الدينين ، إذا كان المقصود بالدين الأقوى أن يكون أكثر توثيقاً أو ابعد مدى ونفاذاً من ناحية الواقع لا من ناحية الطبيعة القانونية . فالمقاصة تقع بين دينين أحدهما أقوى من الآخر بهذا المعنى ، ما دام الدينان صالحين للمطالبة بهما قضاء . فيقاص الدين المكفول بتأمينات فى دين لا تأمين له ، والدين الذى ينتج فائدة فى دين لا ينتجها ، والدين المشمول بسند قابل للتنفيذ كحكم أو ورقة رسمية فى دين غير مشمول بهذا السند ( [1585] ) . أما إذا كان التفاوت فى القوة راجعاً إلى الطبيعة القانونية للدين ، كما رأينا فى الدين الطبيعى والدين المدنى ، وكما سنرى فى الحق القابل للحجز والحق غير القابل له ، فإن المقاصة تصبح غير ممكنة .
$ 894 $
536 - الشرط الرابع – خلو الدينين من النزاع : ويجب ، لوقوع المقاصة ، أن يكون كل من الدينين خالياً من النزاع ( liquide ) . والمراد بخلو الدين من النزاع أمران : ( أولا ) أن يكون هذا الدين محققاً لاشك فى ثبوته فى ذمة المدين . ( ثانياً ) أن يكون الدين معلوم المقدار .
ولابد من اجتماع هذين الأمرين فى كل من الدينين ( [1586] ) ، لأن المقاصة تتضمن معنى الوفاء الإجبارى ، ولا يجبر المدين على دفع متنازع فيه أو دين غير معلوم المقدار ( [1587] ) .
أ- والدين لا يكون خالياً من النزاع إذا قامت فيه من المدين منازعة جدية . وقاضى الموضوع هو الذى يقدر ما إذا كانت المنازعة تعتبر جدية قائمة على أساس ليكون الدين متنازعاً فيه ، أو هى مماحكة من المدين يريد بهاء وقف إجراء المقاصة وتقاضى الدين الذى له قبل الوفاء بالدين الذى عليه بزعم أن هذا الدين متنازع فيه ( [1588] ) . وليس من الضرورى ، حتى يكون الدين متنازعاً فيه أن ترفع به $ 895 $ دعوى أمام القضاء . بل يكفى أن تقوم فى شأنه منازعة جدية ولو خارج القضاء .
وكل دين غير محقق الوجود يكون فى حكم الدين المتنازع فيه ، إذ يجمع بين الاثنين معنى الشك فى وجود الدين . فالدين المعلق على شرط واقف هو دين غير محقق الوجود ، فلا تقع المقاصة بينه وبين دين آخر ، ولو كان هذا الدين الآخر هو أيضاً معلق على شرط واقف . ذلك أن أحد الدينين أو كليهما قد يوجد وقد لا يوجد ، والمقاصة تتضمن معنى الوفاء الإجبارى كما قدمنا ، ولا جبر فى وفاء دين معلق على شرط واقف قبل أن يتحقق الشرط ( [1589] ) . أما الدين المعلق على شرط فاسخ فهو دين محقق الوجود وإن لم يكن محقق البقاء ، فتقع المقاصة بينه وبين دين آخر ، فإذا ما تحقق الشرط الفاسخ زالت المقاصة وعاد الدين المقابل إلى الوجود بأثر رجعى ( [1590] ) .
ب- ولا يكفى أن يكون الدين محقق الوجود ، بل يجب أيضاً أن يكون معلوم المقدار . فالدين الذى لا يكون معلوم المقدار لا يصلح للمقاصة ، ومن ثم لا يجوز للمضرور فى عمل غير مشروع أن يقاص حقه فى التعويض قبل تقديره فى دين عليه للمسئول ( [1591] ) . ولا يعتبر الدين معلوم المقدار إذا كان تعيين مقداره يتوقف على تسوية معقدة ( [1592] ) ، أو على تقدير خبير ، $ 896 $ ولا يصبح معلوم المقدار إلا بعد إجراء التسوية أو بعد الحكم فى تقدير الخبير ( [1593] ) .
$ 897 $
ولكن إذا كان تعيين مقدار الدين إنما يتوقف على عملية عناصرها ثابتة لا خلاف فيها ، وهى بعد سهلة الأجراء ، كأجرة عيادة الأطباء وكحساب جار محدد العناصر ولا ينقصه لتحديد الرصيد إلا عملية حسابية بسيطة ، فإن الدين يعتبر معلوم المقدار وتصح فيه المقاصة ( [1594] ) .
وإذا كان تعيين مقدار الدين يتوقف على مسألة موضوعية ، كان التعيين أمر واقع يترك لتقدير قاضى الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض . $ 898 $ أما إذا كان تعيين المقدار يتوقف على مسألة قانونية كمقدار نصيب الوارث فى التركة ، فن التعيين يكون من مسائل القانون ويخضع لرقابة محكمة النقض ( [1595] ) .
537 – الشرط الخامس – استحقاق الدينين للأداء : ويجب ، لوقوع المقاصة ، أن يكون كل من الدينين مستحق الأداء ، لأن المقاصة وفاء إجبارى كما قدمنا ، ولا يجبر المدين على الوفاء إلا عند استحقاق الدين .
والدين لا يكون مستحق الأداء إذا كان مضافاً إلى أجل واقف . فلا تجوز المقاصة بين دين مؤجل ودين حال ، ولا بين دينين كلاهما مؤجل ، إذ يكون المدين قد أجبر بذلك على الوفاء قبل حلول الأجل ( [1596] ) . على أن نظرة الميسرة التى يمنحها القاضى للمدين ، وهى أجل ، لا تمنع من المقاصة كما قدمنا . إذ أن القاضى قد منحها للمدين نظراً له ، على اعتبار أنه غير قادر على الوفاء بدينه $ 899 $ فوراً فإذا تبين أنه قادر على الدفع عن طريق المقاصة ، أى عن طريق الوفاء بحق له استجد فى ذمة دائنه ، فلا وجه لانتظار انقضاء الأجل الذى يمنحه القاضى ، بل تقع المقاصة قبل انقضاء هذا الأجل . ومثل نظرة الميسرة الأجل الذى تبرع به الدائن ، فهو أيضاً لا يمنع من وقوع المقاصة ولو قبل انقضائه ، لنفس الأسباب التى قدمناها فى نظرة الميسرة . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 362 مدنى ، كما رأينا ، على هذا الحكم صراحة إذ تقول : " ولا يمنع المقاصة أن يتأخر ميعاد الوفاء لمهلة منحها القاضى أو تبرع بها الدائن " .
فإذا كان الدين مضافاً إلى أجل ، فإن لا يصلح للمقاصة كما قدمنا ، ولابد من حلول الأجل حتى يصبح صالحاً ( [1597] ) . ويحل الأجل بانقضاء مدته ، أو بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه . فإذا انقضت مدة الأجل ، أو نزل عنه من له مصلحة فيه من الطرفين ( [1598] ) ، فقد أصبح الدين صالحاً للمقاصة ( [1599] ) .
ويحل الأجل أيضاً بسقوطه . ويسقط بشهر إفلاس المدين أو شهر إعساره ، وكذلك إذا ضعفت التأمينات إلى حد كبير أو لم يقدم المدين للدائن ما وعد فى العقد بتقديمه من التأمينات ( م 273 مدنى ) . فإذا سقط الأجل للسببين الأخيرين –ضعف التأمينات أو عدم تقديم التأمين الموعود به - فقد حل الدين وأصبح صالحاً للمقاصة . أما إذا سقط الأجل بسبب إفلاس المدين أو إعساره ، فإن الدين يحل أيضاً ، ولكنه لا يكون صالحاً للمقاصة . وذلك أن المدين بعد $ 900 $ شهر إفلاسه أو إعساره يمتنع عليه الوفاء بدوينه ، والمقاصة ضرب من الوفاء ، فلا تقع بعد الإفلاس أو الإعسار ( [1600] ) .
538 – الشهر السادس – قابلية كل من الدينين للحجز : تقرر المادة 364 مدنى أن المقاصة لا تقع " إذا كان أحد الدينين حقاً غير قابل للحجز " . فلابد إذن ، لوقوع المقاصة ، من أن يكون كل من الدينين قابلا للحجز ، لأن المقاصة وفاء إجبارى ، والحق غير القابل للحجز لا يمكن إجبار صاحبه على رفاء دينه به لعدم قابليته للحجز .
فإذا كان أحد الدينين أو كلاهما غير قابل للحجز ، لم تقع المقاصة . مثل ذلك أن يكون للمدين دين نفقة فى ذمة دائنه ، فلا يستطيع الدائن أن يمتع عن دفع دين النفقة لمدينه بدعوى المقاصة بين هذا الدين والدين الذى له فى ذمة المدين . ذلك أنه لا يستطيع أن يستوفى حقه من دين النفقة ، وهو دين غير قابل للحجز . كذلك لا تمكن المقاصة بين المرتبات بالقدر غير القابل للحجز ودين مقابل ، كما إذا كان صاحب العمل دائناً للعامل به قدمه له من مأكول ولباس وسكنى ونحو ذلك ، فلا يستطيع صاحب العمل أن يمتنع عن دفع القدر غير القابل للحجز من أجرة العامل بدعوى المقاصة بين هذه الأجرة وتلك الديون ( [1601] ) .
$ 901 $
2 - مالا يدخل فى الشروط
539 - وحدة المصدر بين الدينين ليست بشرط : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 362 مدنى تقرر إمكان المقاصة " ولو اختلفت سبب الدينين " . والمقصود بسبب الدين هو مصدره . فتجوز إذن المقاصة بين دين مصدره عقد ودين مصدره عمل غير مشروع ، كما تجوز المقاصة بين دين مصدره عمل غير مشروع ودين مصدره إثراء بلا سبب ، أو دين مصدره نص فى القانون ودين مصدره عمل غير مشروع ، وهكذا ، كل ذلك إذا توافرت شروط المقاصة على الوجه الذى بيناه .
فالقاعدة العامة أن كل دين توافرت فيه شروط المقاصة تجوز المقاصة فيه ، أيا كان مصدره ، كما أسلفنا القول . إلا أن هناك ديوناً تنشأ من مصادر معينة لا تجوز المقاصة فيها ، وسنتناولها بالبحث فى المطلب التالى .
540 - وحدة مكان الوفاء بين الديني ليست بشرط – النصوص القانونية : تنص المادة 363 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" يجوز للمدين أن يتمسك بالمقاصة ولو اختلف مكان الوفاء فى الدينين ، ولكن يجب عليه فى هذه الحالة أن يعوض الدائن عما لحقه من ضرر لعدم تمكنه بسبب المقاصة من استيفاء ما له من حق أو الوفاء بما عليه من دين فى المكان الذى عين لذلك ( [1602] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 194 / 258 ( [1603] ) .
$ 902 $
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 361 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 350 – ولا مقابل له فى التقنين المدنى العراقى – ويقابل فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 330 / 2 ( [1604] ) .
ويخلص من هذا النص أنه لا ضرورة ، لوقوع المقاصة ، أن يكون الدينان المتقابلان واجبى الوفاء فى مكان واحد ( [1605] ) . فإذا فرض أن شخصاً دائن لآخر $ 903 $ بألف واجب الدفع فى القاهرة ، والآخر دائن للأول واجب الدفع فى باريس ، وقد توافرت شروط المقاصة فى الدينين ، وتمسك الأول بالمقاصة ، لم يحل اختلاف مكان الوفاء دون وقوعها . غير أن الدائن الآخر الذى كان يجب أن يستوفى حقه فى باريس قد حرم من جراء المقاصة ، أن يكون عنده الألف فى هذه المدينة ذاتها . فيستطيع ، بالرغم من وقوع المقاصة ، أن يرجع على الأول بمصروفات نقل هذا المبلغ من القاهرة إلى باريس . وإذا فرض أن الآخر هو الذى تمسك بالمقاصة ، وهو مدين بألف فى القاهرة ودائن بألف فى باريس ، جاز للأول أن يرجع عليه بمصروفات نقل الألف من باريس إلى القاهرة ( [1606] ) .
المطلب الثانى
الديون التى لا تقع فيها المقاصة
541 - النصوص القانونية : تنص المادة 364 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" تقع المقاصة فى الديون أيا كان مصدرها ، وذلك فيما عدا الأحوال الآتية : "
$ 904 $
" ( أ ) إذا كان أحد الدينين شيئاً نزع دون حق من يد مالكه ، وكان مطلوباً رده " .
" ( ب ) إذا كان أد الدينين شيئاً مودعاً أو معاراً عارية استعمال ، وكان مطلوباً رده " .
" ( جـ ) إذا كان أحد الدينين حقاً غير قابل للحجز " ( [1607] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 195 / 259 ( [1608] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية : فى التقنين المدنى السورى المادة 362 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 351 – وفى التقنين المدنى العراق المواد 410 – 412 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 331 ( [1609] ) .
$ 905 $
والنص يمنع المقاصة فى ديون ينظر فى بعضها إلى مصادرها ، وينظر فى بعض آخر إلى طبيعة الدين وهى عدم القابلية للحجز . وقد فصلنا هذه الحالة عن بقية الحالات ، وألحقناها بما يجب أن يتوافر من الشروط لإمكان وقوع المقاصة فيما قدمناه . فلم تبن إلا الحالتان اللتان فيهما ينظر القانون إلى مصدر الدين . فتارة يراه اعتداء من المدين لا يصح تشجيعه فيمنع المقاصة ، وهذه هى حالة نزع الشىء دون حق من يد مالكه . وطوراً يراه إخلالا بواجب الأمانة والثقة اللتين وضعهما الدائن فى المدين بحيث يكون إمكان المقاصة متعارضاً مع هذا الواجب ، وهذه هى حالة ما إذا كان مصدر الدين وديعة أو عارية استعمال ( [1610] ) . فنتكلم فى هاتين الحالتين ( [1611] ) .
542 - أحد الدينين شيء نزع دون حق من يد مالكه : والصورة العملية لهذه الحالة أن يكون للدائن دين محله نقود أو مثليات كقطن أو قمح ، $ 906 $ ويمتنع المدين عن وفاء دينه فى ميعاد استحقاقه ، فيعمد الدائن ، بدلا من أن يقاضى المدين ويطالبه بحقه ، إلى أن ينتزع منه ما يماثل دينه من النقود أو المثليات ، قاصداً بذلك أن يستوفى حقه بيده . ولاشك فى أن انتزاع الشىء عنوة من يد المدين دون رضائه لا يعتبر وفاء ( [1612] ) ، ويصبح الدائن مديناً ، بموجب العمل غير المشروع ، برد النقود أو المثليات التى انتزعها . ولما كانت هذه معادلة لدينه ، فقد كانت القواعد العامة تقضى بأن تقع فيها المقاصة مع الدين الذى له فى ذمة المدين ( [1613] ) . ولكن القانون منع المقاصة هنا ، إمعاناً منه فى الضرب على أيدى الدائنين الذين ينتزعون حقوقهم بأيديهم من مدينيهم وكان الواجب عليهم أن يلجأوا إلى القضاء .
وانتزاع الدائن الشىء دون حق من يد المالك يتم بطرق مختلفة . فقد يكن بطريق السرقة خفية ، أو بطريق النصب ، أو بطريق خيانة الأمانة ، وهذه كلها جرائم . معاقب عليها . وقد يتم لا بطريق جريمة معاقب عليها ، ولكن بطريق عمل غير مشروع يرتب الالتزام بالرد ، وذلك بأن يغتصب الدائن من مدينه الشىء ، لا خفية ولا نصباً ولا تبديداً ، ولكن عنوة . وقد يخبره $ 907 $ وهو يغتصب الشىء أنه إنما يستوفى به حقه ، ذلك أن الاستيفاء لا يكون عن طريق الغصب ( [1614] ) .
543 - أحد الدينين شيء مودع أو معار عادية استعمال : وهذه حالة نادرة الحصول فى العمل ، نقلها التقنين المدنى الفرنسى عن دوما وبوتييه فى القانون الفرنسى القديم ( [1615] ) ، ثم نقلها عن التقنين المدنى الفرنسى التقنين المدنى المصرى ( [1616] ) .
وصورة الوديعة ، كما يمكن أن تقع فى العمل ، هى أن يودع المدين عند دائنه نقوداً لا يأذن له فى استعمالها ( م 726 مدنى ) وهذا ما يسمى بالوديعة الناقصة ( depot irregulier ) ويكون دين الدائن فى ذمة مدينه نقوداً أيضاً ، فتتوافر شروط المقاصة بين هذا الدين والدين الذى فى ذمة الدائن لمدينه من رد الوديعة . فلا يجوز للدائن ، بالرغم من توافر شروط المقاصة ، أن يتمسك بها فيمتنع عن رد الوديعة . ذلك أن المدين قد ائتمنه على وديعته ووضع ثقته فيه ، فلا يجوز الإخلال بهذه الثقة ولو عن طريق التمسك بالمقاصة ( [1617] ) . وإنما يجب على الدائن أن يرد الوديعة للمدين ، ثم يطالبه بعد ذلك بالدين الذى فى ذمته ( [1618] ) . ويمكن أيضاً أن تتحقق صورة الوديعة ، حتى لو كانت وديعة كاملة ، فى الفرض الآتى : يودع المدين عند دائنه عيناً معينة بالذات ، فتهلك بتقصير من الدائن ، فيكون الدائن مديناً بالتعويض لمدينه ، ويقدر هذا التعويض اتفاقاً أو قضاء . فهذا الفرض يتسع له النص إذ يقول : " إذا كان أحد الشيئين شيئاً مودعاً . $ 908 $ وكان مطلوباً رده " ، فإن مطالبة المدين للدائن بالتعويض عن هلاك الوديعة تدخل فى المطالبة بالرد . فإذا تم الأمر على هذا الوجه كانت شروط المقاصة متوافرة ، وبالرغم من توافرها لا يجوز للدائن أن يتمسك بها لأن أحد الدينين وهو التعويض مصدره عقد وديعة ( [1619] ) .
أما العارية فهى أصعب تصوراً من الوديعة . ولابد أن نفرض أن المدين بمبلغ من النقود قد أعار دائنه عيناً معينة بالذات لأن المثليات لا تعار بل تقرض – فهلكت بتقصير من الدائن ، فأصبح مسئولا عن التعويض . ثم قدر هذا التعويض اتفاقاً أو قضاء ، وأصبحت شروط المقاصة متوافرة ما بين الدين الذى فى ذمة المدين للدائن والتعويض الذى فى ذمة الدائن للمدين . وبالرغم من توافر شروط المقاصة لا يجوز للدائن أن يتمسك بها ، وليس له أن يمتنع عن دفع التعويض للمعير . ذلك أن المعير قد ائتمنه على الشىء المعار ، بل نزل له عن منفعته دون أجر ، فلا يكون جزاؤه على ذلك أن يمتنع المستعير عن دفع التعويض المستحق ولو عن طريق التمسك بالمقاصة . فعلى المستعير أن يدفع التعويض للمعير ، ثم يطالبه بعد ذلك بالدين الذى له فى ذمته .
وغنى عن البيان أن النص مقصور على عقدى الوديعة والعارية ، فلا يتعدى إلى غيرهما من العقود كعقد الوكالة مثلا ( [1620] ) .
$ 909 $
المبحث الثانى
كيف يكون إعمال المقاصة وما هى الآثار التى تترتب عليها
المطلب الأول
كيف يكون إعمال المقاصة
544 - النصوص القانونية : تنص الفقرة الأولى من المادة 365 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" لا تقع المقاصة إلا إذا تمسك بها من له مصلحة فيها ، ولا يجوز النزول عنها قبل ثبوت الحق فيها ( [1621] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 192 / 256 ( [1622] ) .
$ 910 $
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 363 / 1 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 352 / 1 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 352 / 1 – وفى التقنين المدى العراقى المادة 413 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى العبارة الأخيرة من المادة 331 والعبارة الأولى من المادة 332 ( [1623] ) .
وهذا النص يعالج مسألتين : ( أولا ) أن المقاصة لا تقع إلا إذا تمسك بها من له الحق فيها . ( ثانياً ) وأنه لا يجوز النزول عنها إلا بعد ثبوت الحق فيها .
545 - وجوب التمسك بالمقاصة : لا تزال المقاصة قانونية فى التقنين المدنى الجديد ، كما كانت فى التقنين المدنى السابق ، وكما هى فى التقنينات اللاتينية وبخاصة التقنين المدنى الفرنسى . فهى ليست مقاصة قضائية كما كان الأمر فى القانون الرومانى ، ولا هى مقاصة تقع بإعلان عن الإرادة كما هو الأمر فى التقنينات الجرمانية . وقد بسطنا الفروق الجوهرية التى تميز المقاصة القانونية فى القوانين اللاتينية عن المقاصة بإعلان عن الإرادة القوانين الجرمانية ( [1624] ) .
ولكن التقنين المدنى الجديد أوجب على ذى المصلحة فى المقاصة أن $ 911 $ يتمسك بها ( [1625] ) . والتمسك بالمقاصة هنا ليس هو إعلان الإرادة فى إجراء المقاصة كما رأينا ذلك فى التقنينات الجرمانية ، بل إن المقاصة تقع بحكم القانون لا بإعلان عن الإرادة ، وتقع بمجرد تلاقى الدينين ولو من غير علم أصحاب الشأن . ووجوب التمسك بالمقاصة قصد به رفع شبهة ، إذ أراد التقنين الجديد أن يؤكد أن المقاصة ليست من النظام العام بل هى مقررة لمصلحة الطرفين ، وأن القاضى لا يجوز له أن يقضى بها من تلقاء نفسه حتى لو علم بوقوعها وإنما يجب على ذى المصلحة أن يتمسك باه ( [1626] ) . فإذا لم يتمسك بها صاحب المصلحة مع علمه بوقوعها ، أمكن تأويل ذلك على أنه قد نزل عنها بعد ثبوتها ، وهذا جائز كما سنرى .
والتمسك بالمقاصة يصح فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ( [1627] ) . بل يصح التمسك بالمقاصة حتى بعد صدور حكم نهائى ، $ 912 $ وفى أثناء إجراءات التنفيذ ( [1628] ) . ذلك أن المقاصة تقع بحكم القانون ( [1629] ) . كما قدمنا دون حاجة إلى إعلان عن الإرادة ، والتمسك بها ليس إلا إعلاناً للقاضى أن ذا المصلحة فيها يطلب الحكم بوقوعها ، إذ القاضى من جهة لا يستطيع أن يحكم بوقوع المقاصة من تلقاء نفسه ، وإغفال الخصم التمسك بها قد يؤول من جهة أخرى على أنه قد نزل عنها بعد ثبوتها ( [1630] ) .
$ 913 $
بل ويمكن التمسك بالمقاصة خارج مجلس القضاء ، ولا يعتبر هذا التمسك تصرفاً قانونيا كما فى القوانين الجرمانية ، إنما هو إشعار للطرف الآخر بوقوع المقاصة ( [1631] ) .
546 - جواز النزول عن المقاصة بعد ثبوت الحق فيها : قلنا إن المقاصة ليست من النظام العام ، بل هى مقررة لمصلحة الطرفين . فيجوز إذن لمن تقررت لمصلحته أن ينزل عنها بعد ثبوت حقه فيها ( [1632] ) .
والذى ينزل عن المقاصة هو ذو المصلحة فيها . وقد يكون نزوله عنها ضمنيا ، ويكون ذلك عادة بعدم التمسك بها مع علمه بوقوعها . فهو ، دون أن يذكر شيئاً عن الدين الذى له فى ذمة دائنه ، ينصرف إلى دفع مطالبة الدائن بدفوع غير المقاصة ، أو يقر بحق الدائن دون أن يتمسك بالمقاصة . ويعتبر نزولا ضمنياً عن المقاصة وفاء المدين طوعاً بحق الدائن ، كما يعتبر نزولا ضمنياً أن يكون $ 914 $ الدين حالا فيقبل الدائن إضافته إلى أجل فينزل بذلك عن مقاصته فى دين عليه لمدينة ( [1633] ) .
والنزول عن المقاصة لا يفترض ، فمجرد سكوت المدين عن التمسك بها لا يفيد حتما النزول عنها ، بل له كما قدمنا أن يتمسك بها فى أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف . ومجرد مطالبة الدائن المدين بالدين لا يتضمن حتما تزول هذا الدائن عن حقه فى مقاصة هذا الدين بدين فى ذمته لمدينه ، ما دام لم يستوف حقه فعلا من المدين . كذلك يجب تفسير النزول عن المقاصة فى أضيق الحدود ، فمن استوفى جزءاً من حقه لا يعد متنازلا عن المقاصة بباقى حقه فى دين عليه لمدينه ( [1634] ) .
ومتى نزل صاحب المصلحة فى المقاصة عن حقه التمسك بها ( [1635] ) ، فإن له أن يتقاضى حقه من مدينه كاملا ، وعليه أن يؤدى الدين الذى فى ذمته لهذا المدين . فبعد أن كانت المقاصة قد قضت الدينين معاً منذ تلاقيهما ، فإن النزول عن المقاصة يعيد الدينين إلى الوجود بما كان لهما من تأمينات ، وذلك دون إضرار بحقوق الغير . فلو أن أحد الدينين كان مضموناً بكفيل شخصى أو كفيل عينى ، فانقضت الكفالة بالمقاصة ، ثم نزل المدين فى هذا الدين عن التمسك بالمقاصة ، فإن الدين يعود ، ولكن لا تعود الكفالة . ذلك أن الكفيل كان قد تخلص من الكفالة منذ أن انقضى الدين بالمقاصة ، فلا يضار بنزول المدين عن مقاصة الدين المكفول ( [1636] ) .
أما قبل ثبوت الحق فى المقاصة – أى قبل توافر شروطها أو قبلا تلاقى $ 915 $ الدينين – فإنه لا يجوز لذى الشأن أن ينزل مقدماً عن الحق فى التمسك بها ، لأن هذا الحق لم يثبت بعد حتى يمكن النزول عنه . كذلك لا يصح للمدين ، وقت أن يعقد الدين ، أن ينزل مقدماً عن جواز انقضاء هذا الدين بالمقاصة . وعدم جواز النزول مقدماً عن المقاصة حكم ورد صريحاً فى الفقرة الأولى من المادة 365 مدنى ، فقد رأيناها تقضى بأنه لا يجوز النزول عن التمسك بالمقاصة قبل ثبوت الحق فيها ( [1637] ) . ويوجه الحكم الذى أخذ به التقنين المصرى ، من عدم جواز النزول مقدماً عن المقاصة ، أن المقاصة شرعت لتحقيق أغراض جوهرية ، فهى وفاء إجبارى مبسط ، وهى فى الوقت ذاته تأمين للدين . فلا يجوز تفويت هذه الأغراض الاهمة بالنزول مقدماً عن المقاصة ، وإلا أصبح النزول شرطاً مألوفاً فى التعامل ( CLAUSE DE STYLE ) . ثم إن الواجب ألا يصح النزول إلا عند ثبوت الحق فى المقاصة ، حتى يتبين من ينزل عن حقه موقفه ، فينزل وهو على بصيرة من أمره ( [1638] ) .
$ 916 $
547 - حالة من حالات التزول الضمنى عن المقاصة بعد ثبوتها – نص قانونى : وهناك حالة من حالات النزول الضمنى عن المقاصة بعد ثبوت الحق فيها ، ورد فى شأنها نص خاص فى التقنين المدنى هو المادة 369 ، وتجرى على الوجه الآتى : " إذا وفى المدين ديناً وكان له أن يطلب المقاصة فيه بحق له ، فلا يجوز أن يتمسك إضراراً بالغير بالتأمينات التى تكفل حقه ، إلا إذا كان يجهل وجود هذا الحق ( [1639] ) " . وهذا النص يفرض أن المدين وفى دينه للدائن ، بالرغم من وجود حق له فى ذمة الدائن كان من الممكن أن يقاص به دينه فلم يفعل . وهنا يجب التمييز بين حالتين :
أولا – حالة ما إذا كان المدين وهو يدفع دينه يعلم بوجود حق له يمكن أن $ 917 $ يقاص به الدين ، فلم يتمسك مع ذلك بالمقاصة ودفع الدين . وهنا يجب تأويل عدم تمسك المدين بالمقاصة مع علمه بجواز التمسك بها أن هذا نزول ضمنى منه عن التمسك بحقه فى المقاصة بعد ثبوتها ، وهذه هى الحالة التى أشرنا إليها فيما تقدم . ومن ثم ينقضى الدين الذى كان فى ذمة المدين بالوفاء ، ويعود للمدين حقه الذى كان قد انقضى بالمقاصة بعد أن نزل عنها . ولا يعود من التأمينات التى كانت تكفل هذا الحق ما تضر عودته بالغير ، فلا تعود الكفالة الشخصية أو العينية ، ولا يضار دائن مرتهن متأخر فى المرتبة عن مرتبة الرهن الذى كان يكفل الحق ، وقد تقدم بيان ذلك ( [1640] ) .
ثانياً – حالة ما إذا كان المدين وهو يدفع دينه يجهل وجود حق له يمكن أن يقاص به الدين ، وعليه هو يقع عبء إثبات ذلك ( [1641] ) . فهنا لا يمكن القول بأن المدين ، وهو يجهل وجود حقه ، أنه نزل عن التمسك بالمقاصة فى هذا الحق . وكان مقتضى تطبيق القواعد العامة أن يقال إن المقاصة قد وقعت بحكم القانون ، فانقضى بها دين المدين ، فإذا دفعه بعد ذلك يكون قد دفع ديناً انقضى ، فيسترد ما دفع وفقاً لقواعد استرداد غير المستحق . ولا يرجع بحقه وبما يكفل هذا الحق من تأمينات ، لأن هذا الحق قد انقضى أيضاً بالمقاصة وانقضت معه تأميناته . ولكن القانون جعل من جهل المدين بوجود حقه المكفول بتأمينات عذراً مقبولا ، فحفظ له قصده ، واعتد بالوفاء الصادر منه على أنه وفاء لدين قائم فى ذمته لا على أنه وفاء لدين قد انقضى بالمقاصة . ومادامت المقاصة لم تقع ، فإن حق المدين فى ذمة الدائن يبقى بما له من تأمينات ، ولو كانت هذه التأمينات كفالة شخصية أو كفالة عينية فأضر بقاؤها بالغير ، وذلك كله رعاية لحسن نية المدين ( [1642] ) .
$ 918 $
المطلب الثانى
الآثار التى تترتب على المقاصة
548 - فيما بين الطرفين وبالنسبة إلى الغير : إذا وقعت المقاصة بين دينين متقابلين على الوجه الذى بسطناه فيما تقدم ، انقضى الدينان بقدر الأقل منهما ، وهذا فيما بين الطرفين . أما بالنسبة إلى الغير ، فلا يجوز أن تقع المقاصة إضراراً بحقوق كسبها هذا الغير .
1 - أثر المقاصة فيما بين الطرفين
549 - النصوص القانونية : تنص الفقرة الثانية من المادة 365 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" ويترتب على المقاصة انقضاء الدينين بقدر الأقل منهما ، منذ الوقت الذى $ 919 $ يصبحان فيه صالحين للمقاصة . ويكون تعيين جهة الدفع فى المقاصة كتعيينها فى الوفاء " .
وتنص المادة 366 على ما يأتى :
" إذا كان الدين قد مضت عليه مدة التقادم وقت التمسك بالمقاصة ، فلا يمنع ذلك من وقوع المقاصة به رغم التمسك بالتقادم ما دامت هذه المدة لم تكن قد تمت فى الوقت الذى أصبحت فيه المقاصة ممكنة " ( [1643] ) .
وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المادتين 193 / 257 و196 / 260 ( [1644] ) .
وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين 363 / 2 و364 – وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 352 / 2 و353 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 413 – 414 – وفى تقنين الموجبات والعقود $ 920 $ اللبنانى المواد 332 – 334 و336 ( [1645] ) .
ويخلص من هذه النصوص أن المقاصة ، كالوفاء ، تقضى الدينين بقدر الأقل منهما ، ذلك أن كل دائن يستوفى حقه من الدين الذى فى ذمته . ويعتبر انقضاء الدينين قد تم من وقت تلاقيهما متوافرة فيهما شروط المقاصة ، لا من وقت التمسك بالمقاصة . وإذا تعددت الديون التى تصح فيها المقاصة ، كان تعيين جهة الدفع عن $ 921 $ حالة المقاصة كتعيينها فى حالة الوفاء . ونبحث كلا من هذه المسائل الثلاث .
550 - المقاصة تقضى الدينين بقدر الأقل منهما : المقاصة لها أثر الوفاء فى كل من الدينين المتقابلين ، إذا كل دين قد استوفى من الدين المقابل . فينقضى الدينان إذن ، إذا كان متساويين .
ويترتب على انقضائهما أنه لو كان أحدهما أو كلاهما ينتج فائدة ، فإن الفوائد تنطقع من وقت الانقضاء ، أى من وقت تلاقى الدينين لا من وقت التمسك بالمقاصة فحسب . وقد تتعادل . فإذا كان كل من الدينين ينتج فائدة سعرها معادل لسعر الفائدة فى الدين الآخر ، ففى هذا الفرض ، والدينان متساويان وسعر الفائدة متحد ، تتعادل منفعة كل من المدينين بانقطاع الفوائد ، ولا يكسب أحدهما بانقطاعها أكثر مما يكسب الآخر . أما إذا كان أحد الدينين ينتج فائدة سعرها أكبر من سعر الفائدة التى ينتجها الدين الآخر ، أو كان أحد الدينين ينتج فائدة والدين الآخر لا ينتج فائدة ما ، فإن انقطاع الفوائد يفيد المدين الذى ينتج دينه فائدة ، أو ينتج فائدة أكبر ، أكثر مما يفيد المدين الآخر .
ويترتب على انقضاء الدينين أيضاً أن التأمينات التى كانت تكفل أيا منهما تنقضى معه . فلو كان أحد الدينين مكفولا بكفيل شخصى أو بكفيل عينى أو برهن أو امتياز أو اختصاص أو بغير ذلك من التأمينات الشخصية أو العينية ، فإن هذه التأمينات تزول بمجرد انقضاء الدين المكفول . ولكن يجب التأشير على هامش القيد بزوال التأمين ، حتى يكون زواله ساريا فى حق الغير ( [1646] ) .
ومن أجل ذلك يجوز للكفيل الشخصى أن يتمسك بالمقاصة الواقعة بين المدين المكفول ودائنه ، لأن هذه المقاصة تقضى الدين المكفول فتنقضى الكفالة بانقضائه ( [1647] ) . وهذا صحيح حتى لو كان الكفيل الشخصى متضامنا مع المدين ، فإن تضامن الكفيل مع المدين لا يخرجه عن أن يكون كفيلا التزامه $ 922 $ تابع لالتزام المدين الأصلى فمتى انقضى الالتزام الأصلى انقضى التزام الكفيل ( [1648] ) . أما المدين الأصلى فليس له أن يطلب المقاصة بما فى ذمة الدائن للكفيل ( [1649] ) ، لأنه هو المدين وليس له أن يفى دنيه من مال الكفيل . ولكن يجوز للكفيل ، إذا رجع عليه الدائن ، أن يدفع بالمقاصة بين الدين المكفول ودين له فى ذمة الدائن ( [1650] ) ، وله بعد ذلك أن يرجع على المدين الأصلى بما وفاه من دينه على هذا النحو ( [1651] ) . أما المدين المتضامن فقد رأينا ، عند الكلام فى التضامن ، أنه يستطيع أن يدفع بالمقاصة الواقعة بين الدائن ومدين متضامن آخر ، ولكن بقدر حصة هذا المدين ( [1652] ) .
هذا كله إذا كان الدينان المتقابلان متساويين . فإذا كان غير متساويين ، ونفرض أن أحدهما ألف ينتج فوائد بسعر 5% وله تأمينات تكفله والدين الآخر خمسمائة لا تنتج فوائد وليس لها تأمينات ، فإن المقاصة تقضى الدينين بقدر الأقل منهما ، أى بقدر خمسمائة . فينقضى الدين الآخر كله ، وينقضى الدين $ 923 $ الأول بقدر خمسمائة ، فيبقى منه خمسمائة تستمر فى إنتاج الفوائد بسعر 5% وتستمر مكفولة بالتأمينات التى كانت تكفل الدين كله . وهنا نرى أن صاحب الدين الأول قد استوفى بحكم المقاصة جزءاً من دنيه ، فهو قد أجبر على الاستيفاء الجزئى . ولكن ليس له أن يشكو من ذلك ، فإنه لو استوفى حقه كاملا وهو ألف ، لوجب عليه أن يؤدى منه فى الحال خمسمائة للطرف الآخر ، فلا يبقى له إلا خمسمائة . وهذا هو عين المبلغ الباقى له فى ذمة الطرف الآخر بعد إعمال المقاصة ، وله أن يستوفيه فوراً ( [1653] ) .
551 - انقضاء الدينين منذ الوقت الذى يصبحان فيه صالحين للمقاصة : قدمنا أن المقاصة تقع من وقت تلاقى الدينين المتقابلين صالحين للمقاصة ، أى متوافرة فيهما شروطها . فهى لا يتأخر وقوعها إلى وقت التمسك بها ، بل هى مقاصة قانونية تقع بحكم القانون ، ولو بدون علم صاحب الشأن ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [1654] ) .
فالمقاصة إذن تقع منذ تلاقى الدينين المتقابلين متوافرة فيهما شروطها ( [1655] ) . فإذا كان أحد الدينين أو كلاهما محلا للنزاع أو غير معلوم المقدار ، وقعت المقاصة من وقت حسم النزاع أو من وقت مقدار الدين . وإذا كان أحد الدينين $ 924 $ أو كلاهما مؤجلا ، وقعت المقاصة من وقت حلول الأجل . وقس على ذلك سائر الشروط . وينقضى الدينان بقدر الأقل منهما بمجرد وقوع المقاصة ويكون للمقاصة نفس الأثر الذى للوفاء فى انقضاء كل من الدينين .
وتبقى المقاصة واقعة والدينان منقضيين ، حتى لو تخلفت الشروط أو بعضها بعد ذلك عند التمسك بالمقاصة . وقد أوردت المادة 366 مدنى مثلا على ذلك ، فنصت على أنه " إذا كان الدين قد مضت عليه مدة التقادم وقت التمسك بالمقاصة ، فلا يمنع ذلك من وقوع المقاصة به رغم التمسك بالتقادم ، مادامت هذه المدة لم تكن قد تمت فى الوقت الذى أصبحت فيه المقاصة ممكنة " . والنص يفترض أن هناك دينين متقابلين تلاقيا ، متوافرة فيهما شروط المقاصة ، قبل أن تمضى عليهما بطبيعة الحال مدة التقادم . وعند التمسك بالمقاصة كانت مدة التقادم قد انقضت بالنسبة إلى أحد الدينين . ولما كانت العبرة فى وقوع المقاصة ، فإن الدينين فى وقت تلاقيهما لم يكن قد مضت على أى منهما مدة التقادم ، فوقعت التمسك بها قد تقادم أحد الدينين وتمسك المدين بالتقادم ، لأن العبرة كما قلنا بوقت تلاقى الدينين لا بوقت التمسك بالمقاصة . وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك ( [1656] ) .
$ 925 $
أما إذا كان قد مضى على كل من الدينين ، وقت التمسك بالمقاصة ، مدة التقادم ، فقد يرى الطرفان أنهما فى غير حاجة إلى التمسك بالمقاصة ، لأن كلا منهما يستطيع أن يتمسك بالتقادم . ولكن لا يزال لهما حق التمسك بالمقاصة مادامت شروطها قد توافرت قبل انقضاء مدة التقادم ، والتمسك بالمقاصة خير لهما من التمسك بالتقادم ، لأن التمسك بالتقادم يتخلف عنه التزام طبيعى لا يتخلف عن التمسك بالمقاصة ( [1657] ) .
552 - تعيين جهة الدفع فى المقاصة : وقد يتلاقى دين صالح للمقاصة من جهة مع ديون متعددة متقابلة معه من جهة أخرى هى أيضاً صالحة للمقاصة ، بأن يكون فى ذمة أحد المدينين للأخر مثلا ألف ، وفى ذمة الآخر له دينان أحدهما ألف غير مكفولة والدين الآخر ألف مكفولة بتأمين عينى . وتتلاقى هذه الديون جميعاً ، فتقع المقاصة بين الدين الأول وأحد الدينين المقابلين له ، فأى هذه الدينين هو الذى تقع فيه المقاصة؟ تجيب على ذلك العبارة الأخيرة من المادة 365 مدنى بما يأتى : " ويكون تعيين جهة الدفع فى المقاصة كتعيينها فى الوفاء " . ونم ثم يجب تطبيق قواعد تعيين جهة الدفاع ( imputation des paiements ) التى مرت بنا عند الكلام فى الوفاء ، إذ المقاصة كما قدمنا ضرب من الوفاء ( [1658] ) .
وعلى أنه يجب أن يستبعد من هذه القواعد ما يرجع التعيين فيه إلى إرادة المدين $ 926 $ أو إلى إرادة الدائن ، فالمقاصة وفاء إجبارى يقع لا بإرادة المدين ولا بإرادة الدائن ( [1659] ) . ويبقى من هذه القواعد ما يرجع التعيين فيه إلى حكم القانون . وفى المثل المتقدم أحد الدينين غير مكفول والدين الآخر مكفول بتأمين عينى ، فهذا الدين الآخر – وهو الدين الأشد كلفة على الميدن ( م 345 مدنى ) – هو الذى تقع فيه المقاصة ( [1660] ) .
وغنى عن البيان أننا نفترض فى المثل المتقدم أن الدينين المقابلين فى جهة وجدا أولا –متعاقبين أو متعاصرين - ثم وجد الدين المقابل فى الجهة الأخرى . أما إذا وجد أحد الدينين أولا ثم وجد الدين المقابل ، أو وجد الدين المقابل أولا ثم وجد أحد الدينين ، فقد تلاقى عند ذلك دينان متقابلان وانقضيا بالمقاصة ، فإذا وجد الدين الآخر بعد ذلك لم يكن الدين الذى ينقضى بالمقاصة ، حتى لو كان هو الدين المكفول . فلابد إذن من أن يكون الدينان المقابلان من جهة قائمين معاً وقت تلاقيهما مع الدين المقابل من وجهة أخرى ، حتى يكون هناك محل لتطبيق القواعد المتعلقة بتعيين جهة الدفع . أما إذا كان أحد الدينين المقابلين هو الذى كان قائماً وحده ، فإنه هو الدين الذى ينقضى بالمقاصة سواء كان هو الدين المكفول أو الدين غير المكفول ( [1661] ) .
$ 927 $ " 2 - أثر المقاصة بالنسبة إلي الغير
553 - النصوص القانونية : تنص المادة 367 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" 1 - لا يجوز أن تقطع المقاصة إضراراً بحقوق كسبها الغير " .
" 2 - فإذا أوقع الغير حجزاً تحت يد المدين ، ثم أصبح المدين دائنا لدائنه ، فلا يجوز له أن يتمسك بالمقاصة إضرارا بالحاجز " .
وتنص المادة 368 علي ما يأتي :
" 1 - إذا حول الدائن حقه للغير ، وقبل المدين الحواله دون تحفظ ، فلا يجوز لهذا المدين أن يتمسك قبل المحال له بالمقاصة التي كان له أن يتمسك بها قبل قبوله للحوالة ، ولا يكون له إلا الرجوع بحقه علي المحيل " .
" 2 - أما إذا كان المدين لم يقبل الحوالة ولكن أعلن بها ، فلا تمنعه هذه الحوالة من أن يتمسك بالمقاصة ( [1662] ) " .
$ 928 $ وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادتين 197 / 261 و 199 / 262 ( [1663] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادتين 365 - 366 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 354 – 355 – وفي التقنين المدني العراقي المادتين 415 و 417 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 335 ( [1664] ) .
ويخلص من هذه النصوص أن المبدأ العام هو عدم جواز وقوع المقاصة إضرار بحقوق كسبها الغير ( [1665] ) . وقد أورد التقنين المدني تطبيقين هامين لهذا $ 929 $ المبدأ : ( أولهما ) توقيع الحجز التحفظي علي أحد الدينين المتقابلين . ( والثاني ) حوالة أحد الدينين المتقابلين وقبول المدين للحوالة دون تحفظ .
554 - توقيع الحجز التحفظي علي أحد الدينين المتقابلين : إذا تلاقي دينان متقابلان صالحان للمقاصة ، فوقعت المقاصة بينهما ، فلا يجول دون ذلك أن يوقع حجز تحفظي علي أحد هذين الدينين أو علي كليهما ، حتي قبل التمسك بالمقاصة ، مادام الدينان قد توافرت فيها شروط المقاصة قبل توقيع الحجز التحفظي . فالعبرة كما قلنا بوقت تلاقي الدينين صالحين للمقاصة ، لا بوقت التمسك بالمقاصة .
أما إذا وقع الحجز التحفظي علي دين قبل نشوء دين مقابل صالح للمقاصة به ( [1666] ) ، فان الدين المحجوز عليه يصبح غير قابل للمقاصة حماية لحق الدائن الحاجز . ونشوء دين مقابل لهذا الدين صالح للمقاصة بعد توقيع الحجز التحفظي علي الدين لا يغير من عدم قابليته للمقاصة بعد أن تعلق به حق الغير ، إذ المقاصة لا تقع إضراراًً بحقوق كسبها الغير .
فلو أن شخصا في ذمته دين لشخص آخر ، ووقع حجز تحفظي علي هذا الدين من دائن للدائن ، ثم نشأ بعد ذلك دين للمدين في ذمة الدائن صالح للمقاصة بالدين الأول ، فلا تقع المقاصة بالرغم من ذلك . ذلك أن في وقوعها إضراراً بحق الدائن الحاجز ، وهو من الغير في المقاصة . وكما أن المدين الذي وقع تحت يده الحجز لا يستطيع أن يوفي الدين المحجوز عليه للدائن بعد توقيع الحجز ، كذلك هو لا يستطيع أن يوفيه بعد توقيع الحجز بحق له في ذمة الدائن عن طريق المقاصة .
علي أنه يجوز للمدين الذي وقع الحجز تحت يده ، فامتنعت عليه المقاصة ، $ 930 $ أن يوقع هو أيضا حجزاً تحفظيا تحت يد نفسه ، فيشترك بذلك مع الدائن الحاجز الأول في اقتضاء حقه من الدين الذي في ذمته ، ولكنه يشترك في ذلك مع الدائن الحاجز الأول شركة الغرماء ( [1667] ) .
555 - حوالة أحد الدينين المتقابلين وقبول المدين الحوالة دون تحفظ : والتطبيق الثاني الذي أورده التقنين المدني للمبدأ القاضي بعدم جواز وقوع المقاصة إضراراً بحقوق كسبها الغير ، هو حالة ما إذا وقعت حوالة لأحد الدينين المتقابلين ، فتعلق بهذا الدين حق الغير وهو المحال له ( [1668] ) . وهنا يجب التمييز بين فرضين :
( الفرض الأول ) أن تكون الحوالة قد سرت في حق المدين بقبوله لها . فإذا قبل المدين الحوالة مع وجود حق له في ذمة المحيل كان يستطيع أن يقاص به الدين موضوع الحوالة ، وكان قبوله للحوالة دون تحفظ ، فقد تعلق بالدين المحال به حق المحال له ، ولا يجوز بعد ذلك أن تقع المقاصة إضراراً بهذا الحق . ويستوي في ذلك أن يكون المدين المحال عليه عالما وقت قبوله الحوالة بالحق الذي له في ذمة المحيل وبإمكان المقاصة به أو غير عالم بذلك ( [1669] ) . فإن كان عالما ، $ 931 $ وقبل مع ذلك الحوالة دون تحفظ ، حمل ذلك منه علي أنه قد نزل عن المقاصة بعد ثبوت حقه فيها ، وهذا جائز كما قدمنا . وفي هذه الحالة لا يجوز له التمسك بالمقاصة ضد المحال له بعد أن نزل عنها . ويعود له بطبيعة الحال حقه نحو المحيل الذي كان قد انقضي بالمقاصة قبل النزول عنها ، إلا أن التأمينات التي كانت تكفل هذا الحق لا تعود ، قياسا علي الحكم الوارد في المادة 369 مدني السابق ذكرها ، وهي تقضي بعدم جواز عودة التأمينات إضراراً بحقوق الغير بعد النزول عن المقاصة . أما إذا كان المدين وقت قبوله للحوالة دون تحفظ غير عالم بالحق الذي له في ذمة المحيل ، فإن المقاصة مع ذلك تمتنع أيضا ، لأنه قبل الحوالة دون تحفظن فتعلق حق الغير بالدين ، والمقاصة لا تقع إضراراً بحق كسبه الغير كما قدمنا . ولكن يعود للمدين ، مع حقه نحو المحيل الذي عاد له ، التأمينات التي كانت تكفل هذا الحق ، لأن المدين لا يعتبر متناولا عن مقاصة كان لا يعلم بوقوعها ، وهذا كله قياسا أيضا علي المادة 369 مدني السالفة الذكر وهي تجيز عودة التأمينات إذا كان المدين يجهل وجود الحق الذي كان يصح أن يقاص به دينه .
( والفرض الثاني ) أن تكون الحوالة قد سرت في حق المدين بإعلانها له لا بقبوله إياها . وفي هذا الفرض لم يكن في استطاعة المدين تلافي الإضرار بالغير ، كما كان يستطيع في الفرض الأول الذي قبل فيه الحوالة دون تحفظ . فقد كان يستطيع في الفرض الأول ، إذا كان عالما بوجود الحق ، أن ينبه المحال له إلي وقوع المقاصة ولا يقبل الحوالة . وإذا لم يكن عالما بوجود الحق ، فإن قبوله للحوالة دون تحفظ من شأنه أن يوهم المحال له أن الحوالة وقعت علي محل قابل له ، فوجب أن يتحمل تبعة القبول الصادر منه دون تحفظ ( [1670] ) . أما في الفرض الثاني الذي نحن بصدده ، وهو لم يصدر منه قبول للحوالة بل أعلن بها ، فلا ذنب له ، $ 932 $ إذ هو لم يقبل الحوالة فيجر قبوله المحال له إلي الوهم الذي وقع فيه في الفرض الأول . ومن ثم وجب إعمال المقاصة بين الدينين بعد أن تلاقيا صالحين لها قبل صدور الحوالة ، وتكون الحوالة واردة علي حق انقضي بالمقاصة ، فتقع باطلة . ويستطيع المدين إذن أن يحتج بالمقاصة علي المحال له في هذا الفرض ، ولا يمنعه من ذلك إلا أن يكون الحق الذي يقاص به دينه قد ثبت بعد إعلان الحوالة له ، ففي هذه الحالة لا تقع المقاصة لأن الدين المحال به لم يتلاق مع الدين المقابل ، بل انتقل إلي المحال له قبل ذلك ، فأصبح غير صالح للمقاصة ( [1671] ) .
الفرع الثاني
المقاصة الاختيارية والمقاصة القضائية
556 - سكوت التقنين المدني عن المقاصة الاختيارية والمقاصة القضائية : والتقنين المدني ، عندما عرض للمقاصة ، لم يقصد إلا المقاصة القانونية التي سبق أن بسطنا أحكامها . أما المقاصة الاختيارية ( [1672] ) ، وأما المقاصة القضائية ، $ 933 $ فقد سكت عنهما ، وترك أحكامهما تسري عليها القواعد العامة ، وبخاصة قواعد قانون المرافعات فيما يختص بالمقاصة القضائية .
وسنورد في إيجاز أحكام كل من هذين النوعين من المقاصة ، مستمدين إياها من القواعد العامة .
المبحث أول
المقاصة الاختيارية
( Compensation facultative ou conventionnelle )
557 - الأحوال التي تجري فيها المقاصة الاختيارية : قد يوجد دينان ولكن لا تتوافر فيهما كل شروط المقاصة القانونية التي أوردناها .
فقد لا يكون هناك تقابل ما بين الدينين ، بأن يكون أحد الدينين في ذمة الدائن للكفيل والدين الآخر في ذمة المدين للدائن ، وقد علمنا أن المقاصة القانونية لا تقع في دين للكفيل في ذمة الدائن . وقد يكون الدين في ذمة المدين للدائن والدين الآخر في ذمة الدائن لأجنبي ، فلا تقع المقاصة القانونية ما بين الدينين لأنهما غير متقابلين .
وقد لا يكون هناك تماثل في المحل ما بين الدينين ، فقد يكون محل أحد الدينين مقداراً معينا من القطن ويكون محل الدين الآخر نقوداً أو مقداراً معينا من القمح ، فلا نجري المقاصة القانونية ما بين الدينين لعدم التماثل في المحل .
وقد يكون أحد الدينين غير صالح للمطالبة به قضاء بأن يكون التزاما طبيعيا يقابله التزام مدني ، فلا تجري المقاصة القانونية ما بين هذين الالتزامين .
وقد يكون أحد الدينين غير خال من النزاع أو غير معلوم المقدار ، فتمتنع المقاصة القانونية ما بين الدينين .
$ 934 $ وقد يكون أحد الدينين غير مستحق الأداء بأن كان مضافا إلي أجل ، فلا تجري المقاصة القانونية بينه وبين دين مقابل مستحق الأداء .
وقد يكون أحد الدينين غير قابل للحجز كدين النفقة ، فتمتنع المقاصة القانونية بينه وبين دين مقابل قابل للحجز .
وقد استعرضنا فيما قدمناه الأسباب المختلفة التي تمنع من وقوع المقاصة القانونية ، سواء كان ذلك يرجع لاختلال شرط من شروط هذه المقاصة أو يرجع لعدم صلاحية الدين نفسه للمقاصة لاعتبار خاص فيه .
وهذه الأسباب المختلفة ترجع إلي رعاية مصلحة أحد الطرفين أو إلي رعاية مصلحتهما معا ، لأن المقاصة القانونية إنما شرعت لمصلحة خاصة ، فهي ليست من النظام العام كما قدمنا .
فإذا تبين أن سببا منها يرجع إلي رعاية مصلحة أحد الطرفين ، ونزل هذا الطرف عن حقه ، فيكفي أن يعلن إرادته في إجراء المقاصة حتى تجري ، ولكنها تجري مقاصة اختيارية لا مقاصة قانونية . وإذا تبين أن السبب يرجع الي رعاية مصلحة كل من الطرفين ، فلا بد أن يتفق كلاهما علي إجراء المقاصة ، ولا يكفي رضاء أحدهما ، فإذا اتفقا أجريت المقاصة اختيارية لا قانونية ( [1673] ) .
ولنستعرض الآن مرة أخري الأحوال التي قدمناها ، لنري كيف تتم المقاصة الاختيارية في كل منها ، أتتم بإرادة أحد الطرفين أم لا تتم إلا باتفاقهما .
فأما إذا لم يوجد تقابل بين الدينين ، كأن يكون أحد الدينين في ذمة الدائن للكفيل أو في ذمة الدائن لأجنبي ، فإنه إذا لم يجز للمدين أن يتمسك بالمقاصة $ 935 $ بين الدين الذي في ذمته للدائن والدين الذي في ذمة الدائن للكفيلنفإن الكفيل له أن يتمسك بالمقاصة بين الدين المكفول والدين الذي له في ذمة الدائن ، وبذلك تتم مقاصة اختيارية ما بين الدينين أجراها الكفيل بإرادته وحده ، وكانت المقاصة القانونية ممتنعة لمصلحته فنزل عن هذه المصلحة ( [1674] ) . كذلك إذا لم يجز للمدين أن يتمسك بالمقاصة بين الدين الذي في ذمته للدائن والدين الذي في ذمة الدائن للأجنبي ، فإن الأجنبي يستطيع بإرادته وحده أن يجري مقاصة اختيارية بين الدين الذي في ذمة الدين للدائن والدين الذي في ذمة الدائن له ، وكانت المقاصة القانونية ممتنعة لمصلحته فنزل عن هذه المصلحة ( [1675] ) .
وإذا لم يوجد تماثل في المحل ما بين الدينين ، كأن يكون محل أحدهما قطنا ومحل الآخر قمحا أو نقوداً ، كان من الممكن إجراء المقاصة الاختيارية ، بأن يتفق الطرفان معاً علي إجراء هذه المقاصة ما بين الدينين وإن لم يتماثل المحل فيهما . وكانت المقاصة القانونية ممتنعة لمصلحة كل من الطرفين ، فنزلا عن هذه المصلحة باتفاقهما ( [1676] ) .
وإذا كان أحد الدينين غير صالح للمطالبة به قضاء ، كالالتزام الطبيعي ، جاز للملتزم بإرادته وحده أن يجري المقاصة الاختيارية بين هذا الالتزام الطبيعي الذي عليه لدائنه والتزام مدني في ذمة دائنه له . ذلك أن المقاصة القانونية إنما امتنعت رعاية لمصلحته وحده ، وقد نزل عن هذه المصلحة .
وإذا كان أحد الدينين غير خال من النزاع ، أمكن المدين في هذا الدين $ 936 $ أن ينزل عن المنازعة فيه ، فيجري بإرادته وحده المقاصة الاختيارية بين الدينين . كذلك إذا كان أحد الدينين غير معلوم المقدار ، أمكن الطرفين معا أن يحدداً مقداره ، وأن يجريا المقاصة الاختيارية بين الدينين باتفاقهما .
وإذا كان أحد الدينين مضافاً إلي أجل والدين الآخر مستحق الأداء ، فمن كان الأجل في مصلحته له أن ينزل عنه . فإن كان هو المدين أو كان هو الدائن ، أجري المقاصة الاختيارية بإرادته وحده ، وإن كان الأجل لمصلحة الطرفين معا ، أجريت المقاصة الاختيارية باتفاقهما .
وإذا كان أحد الدينين غير قابل للحجز ، كأن كان علي الدائن بالنفقة دين في ذمته لمدينه ، جاز لهذا الدائن أن يجري المقاصة الاختيارية بإرادته وحده بين دين النفقة الذي له والدين الذي في ذمته .
وإذا كان أحد الدينين مما لا تجري فيه المقاصة القانونية ، كأن كان شيئا نزع دون حق من مالكه أو كان شيئا مودعاً أو معاراً ، جاز لمن نزع منه ملكه أو للمودع أو للمعير أن يجري المقاصة الاختيارية بإرادته وحده بين الدينين .
ونري من ذلك أن المقاصة الاختيارية يمكن إجراؤها حيث يقوم مانع من وقوع المقاصة القانونية ، ويكون هذا المانع قد روعيت فيه مصلحة أحد الطرفين أو كليهما . فينزل من روعيت مصلحته عن هذه المصلحة ، فيتم إجراء المقاصة الاختيارية بإرادة أحد الطرفين أو باتفاقهما معا بحسب الأحوال ( [1677] ) .
558 - الآثار التي تترتب علي المقاصة الاختيارية : رأينا أن المقاصة القانونية تقع بمجرد تلاقي الدينين . بل إن المقاصة التي تتم بإعلان عن الإرادة ، في القوانين الحرمانية ، تقضي الدينين من وقت تلاقيهما بأثر رجعي . وهذا بخلاف المقاصة الاختيارية ، فأنها لا تنتج أثرها إلا من وقت إعلان صاحب المصلحة إرادته في إجرائها . فلا تستند إلي الماضي ، ولا ينقضي الدينان من وقت تلاقيهما ، بل من وقت إعلان الإرادة في إجرائها ، إرادة أحد $ 937 $ الطرفين أو إرادة كل منهما بحسب الأحوال ( [1678] ) .
وتقضي المقاصة الاختيارية الدينين معا كما تقضيهما المقاصة القانونية ، فتنقطع الفوائد ، وتزول التأمينات . ولا يجوز الرجوع في المقاصة الاختيارية ، ولو كانت قد تمت بإرادة أحد الطرفين ، إلا باتفاقهما معا . وإذا اتفق الطرفان علي الرجوع فيها ، لم يضار الغير بذلك ، فلا تعود التأمينات التي تكون قد زالت ، توقيا للإضرار بحقوق الغير ( [1679] ) .
ولا يجوز أن تتضمن المقاصة الاختيارية وفاء جزئيا يجبر عليه الدائن . فلا يجوز إجراء مقاصة اختيارية بين دينين غير متساويين ، إلا برضاء الدائن بالدين الأكبر ، وقد قدمنا أن الوفاء الجزئي لا يجوز إلا برضاء الدائن ( [1680] ) .
المبحث الثاني
( Compensation judiciaire ou reconventionnelle )
559 - الأحوال التي تجري فيها المقاصة القضائية : تجري المقاصة القضائية أمام القضاء بدعوي عارضة من المدعي عليه كما سنري . ولابد أن $ 938 $ تكون في دينين متقابلين ( [1681] ) تمتنع فيهما علي المدعي عليه المقاصة القانونية ، وتتعذر المقاصة الاختيارية . ذلك أنه لو كانت المقاصة القانونية لجائرة ، لوقعت من تلقاء نفسها بحكم القانون ومن وقت تلاقي الدينين ، ولما احتاج المدعي عليه أن يرفع بها دعوي عارضة ، بل لاقتصر علي الدفع بالمقاصة القانونية ، ولتحتم علي القاضي الحكم بها متي ثبت له وقوعها . وكذلك لو كانت المقاصة الاختيارية ممكنة للمدعي عليه لاستطاع بإرادته وحده أن يجري هذه المقاصة فتقع من وقت إعلان هذه الإرادة ، ولما احتاج إلي دعوي عارضة ، بل اقتصر علي الدفع بوقوع المقاصة الاختيارية ، فتحتم علي القاضي الحكم بها .
فالمقاصة القضائية تكون إذن في الأحوال التي لا تتوافر فيها شروط المقاصة القانونية ، ويكون الشرط أو الشروط المتخلفة ليست من الشروط التي روعيت فيها مصلحة المدعي عليه وحده وإلا لأمكن هذا أن ينزل عنها وأن يجري المقاصة الاختيارية بدلا من الالتجاء إلي المقاصة القضائية الأكثر تعقيداً . ويبدو أن المقاصة القضائية تكون حيث يتخلف من شروط المقاصة القانونية أحد شرطين : الخلو من النزاع ومعلومية المقدار ( [1682] ) . فتقابل الدينين وصلاحيتهما للمطالبة بهما قضاء وقابليتهما للحجز واستحقاقهما للأداء ( [1683] ) ، كل $ 939 $ هذه شروط لابد من توافرها حتي في المقاصة القضائية ، ولا يتصور أي نوع من المقاصة بدونها . كذلك التماثل في المحل ما بين الدينين لابد منه حتي في المقاصة القضائية ، فيدون التماثل لا يمكن القاضي أن يستنزل أحد الدينين من الدين الآخر ، وليس أمامه إلا أن يقضي بالدينين جميعا ، وهذه ليست مقاصة ( [1684] ) . فلا يبقي إذن إلا أن يكون الدينان خاليين من النزاع معلومي المقدار وهذان شرطان يمكن أن يتخلف أحدهما أو كلاهما ، وهنا يلجأ المدعي عليه إلي المقاصة القضائية ، إذا تعذرت عليه المقاصة الاختيارية بأن يكون حسم النزاع في الدين أو تحديد مقداره متوقفا علي رضاء الطرف الآخر ويأبي هذا أن يتفق معه .
فإذا رفع المدعي دعوي يطالب فيها المدعي عليه بدين معلوم المقدار بموجب سند مكتوب ، فادعي المدعي عليه أن له في ذمة المدعي تعويضا وطلب المقاصة به فنازع المدعي في التعويض أو سلم به ولكنه دفع بأنه تعويض لم يقدر ، فهنا لا يستطيع المدعي عليه أن يدفع دعوي المدعي ، لا بالمقاصة القانونية لأن شروطها لم تتوافر ، ولا بالمقاصة الاختيارية لأن الشرط المتخلف لا يستطيع المدعي عليه وحده أن ينزل عنه بل لا بد من رضاء المدعي وهو يأبي . فلا يبقي أمام المدعي عليه إلا المقاصة القضائية ، يلجأ إليها علي الوجه الذي نتولي الآن بيانه ( [1685] ) .
$ 940 $ 560 - كيف تجري المقاصة القضائية وما يترتب عليها من الآثار : لا تكون المقاصة القضائية إلا في صورة دعوي أمام القضاء ، وهي عادة تكون عارضة ( demande reconyentionnelle ) يرفعها المدعي عليه علي المدعي يدفع بها الدعوي الأصلية ( [1686] ) . وقد نصت المادة 152 من تقنين المرافعات علي هذه الدعوي صراحة ، إذ تقول : " للمدعي عليه أن يقدم من الطلبات العارضة : ( 1 ) طلب المقاصة القضائية . . . " .
ويطلب المدعي عليه في هذه الدعوي العارضة من القاضي أن يسقط قصاصاً الدين المطلوب منه في دين يدعيه علي المدعي ، بأن يفض النزاع في خصوص هذا الدين الذي يدعيه علي المدعي إذا كان الدين متنازعاً فيه ، أو أن يعين مقدار هذا الدين إذا لم يكن معلوم المقدار ، ثم يجري المقاصة القضائية بعد ذلك ( [1687] ) .
وللقاضي حرية كاملة في تقدير هذا الطلب الذي يتقدم به المدعي عليه في دعواه العارضة . فقد يري منذ البداية أن هذه الدعوي العارضة ليس لها أساس واضح ، فيرفض النظر فيها ويقتصر علي النظر في الدعوي الأصلية ، ويبقي للمدعي عليه أن يرفع دعوي مستقلة بما يدعيه من الدين إذا شاء . وقد يري القاضي أن الدعوي العارضة لها أساس ، ولكنها من التعقيد والغموض بحيث تكون في حاجة إلي تحقيق واسع وإجراءات طويلة من شأنها أن تعطل الفصل في الدعوي الأصلية ، فيرفض هنا أيضا النظر فيها ، مع الدعوي الأصلية ، $ 941 $ مستبقيا إياها للفصل فيها فيما بعد ، أو تاركا للمدعي عليه أن يرفع بطلبه دعوي مستقلة ( [1688] ) . وقد يري القاضي أخيراً أن الدعوي العارضة مما يتيسر البت فيه مع الدعوي الأصلية ، فينظر الدعويين معا ( [1689] ) ، وقد يرفض إحداهما دون الأخري ، أو يرفضهما معا ، أو يقبلهما معا ، بحسب الأدلة التي تتقدم بها الخصوم . وإلي كل ذلك تشير المادة 155 من تقنين المرافعات ، إذا تنص علي أن " تحكم المحكمة علي وجه السرعة في كل نزاع يتعلق بقبول الطلبات العارضة أو التدخل . ولا يترتب علي الطلبات العارضة أو التدخل إرجاء الحكم في الدعوي الأصلية متي كانت صالحة للحكم فيها . وتحكم المحكمة في موضوع الطلبات العارضة أو طلبات التدخل مع الدعوي الأصلية كلما أمكن ذلك ، وإلا استبقت الطلب العارض أو طلب التدخل للحكم فيه بعد تحقيقه ( [1690] ) " .
$ 942 $ فإذا قبل القاضي كلا من الدعوي الأصلية والدعوي العارضة ، بعد أن فض النزاع في شأن الدين الذي يدعيه المدعي عليه في ذمة المدعي أو بعد أن عين مقداره ، فأنه يجري المقاصة القضائية بين الدينين بعد أن أصبحت المقاصة ممكنة . فينقضي الدينان بقدر الأقل منهما ، كما في المقاصة القانونية . فإذا كان دين المدعي هو الأكبر ، قصر له بما زاد به دينه . وإذا كان دين المدعي عليه هو الأكبر ، قضي للمدعي عليه بالزيادة . وإذا كان الدينان متساويين ، قضي بايقاع المقاصة في كل من الدينين وبانقضائهما معا .
وحكم القاضي هو الذي ينشيء المقاصة القضائية ، ومن ثم لا تقع هذه المقاصة إلا من وقت صدور الحكم بها ، لا من وقت رفع الدعوي العارضة ، لأن الحكم هنا منشيء وليس كاشفا . وفي هذا تختلف المقاصة القضائية عن كل من المقاصة القانونية التي تقع من وقت تلاقي الدينين ، والمقاصة الاختيارية التي تقع من وقت إعلان الإرادة في إجرائها ( [1691] ) .
$ 943 $ ويترتب علي إجراء المقاصة القضائية من الآثار ما يترتب علي المقاصة القانونية . فينقضي الدينان المتقابلان بقدر الأقل منهما كما بينا ، وتنقطع الفوائد وذلك من وقت صدور الحكم بالمقاصة ، وتزول التأمينات التي كانت تكفل أيا من الدينين وذلك أيضا من وقت صدور الحكم ، ولكن لا يسري زوال التأمينات في حق الغير إلا بالتأشير بذلك في هامش القيد .
$ 944 $ الفصل الرابع
اتحاد الذمة ( [1692] )
( Confusion )
651 - مقارنة بين اتحاد الذمة والمقاصة : يتحقق اتحاد الذمة إذا اجتمع في شخص واحد صفتا الدائن والمدين بالنسبة إلي دين واحد ( [1693] ) . فالمفروض إذن أن هناك دينا واحداً ، فورث الدائن المدين أو ورق المدين الدائن ، أو تحقق أي سبب قانوني آخر غير الميراث نقل إلي الدائن صفة المدين أو نقل إلي المدين صفة الدائن ، فاجتمع بذلك في شخص أحد طرفي الدين صفتا الدائن والمدين . وتعذر إذن علي هذا الشخص أن يمارس حقه ، إذ هو دائن ومدين ، ولا يستطيع أن يطالب نفسه بالدين . ومن ثم ينقضي الدين ، أو في الصحيح يقف نفاذه ، لهذا الضرب من الشلل الذي اعتراه ( [1694] ) ، كما سنري .
$ 945 $ ويتبين مما تقدم أن هناك فرقا جوهريا بين اتحاد الذمة والمقاصة . فقي اتحاد الذمة لا يوجد إلا دين واحد ( [1695] ) اجتمع في أحد طرفيه صفتا الدائن والدين ، فوقف نفاذه . أما في المقاصة فقد رأينا أنه يوجد دينان متقابلان لا دين واحد ، ولكن الدائن في الدين الأول هو المدين في الدين الآخر والدائن في الدين الآخر هو المدين في الدين الأول . فيوجد إذن في المقاصة شخصان : دائن هو مدين ، ومدين هو دائن أما في اتحاد الذمة بعد تحققها فلا يوجد إلا شخص واحد ، هو دائن ومدين في وقت واحد . والمقاصة تقضي الدينين المتقابلين ، كما في الوفاء . أما اتحاد الذمة فلا يقضي الدين الواحد الذي اتحدت الذمة فيه ، بل يقف نفاذه ( [1696] ) .
562 - الأهمية المحدودة لاتحاد الذمة : وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " ليس لاتحاد الذمة حظ موفور من الأهمية من الناحية العملية . وقد أغفله التقنين الألماني ، ولو أنه أقره بطريق ضمني . ذلك أن واضعي هذا التقنين اعتبروه سببا طبيعيا لانقضاء الالتزام من حيث هو حتم تقتضيه طبيعة اجتماع صفتي الدائن والمدين في الشخص الواحد ، وانتهوا إلي أن أثره يتفرع لزاماً علي جوهر الالتزام ذاته : تعليقات علي التقنين الألماني 1 ص 551 ( [1697] ) .
وهناك سبب آخر – في مصر – يجعل اتحاد الذمة محدود الأهمية من الناحية $ 946 $ العملية . ذلك أن اتحاد الذمة يتحقق ، أكثر ما يتحقق ، عن طريق الميراث . وله صورتان : ( الصورة الأولي ) حيث يرث المدين الدائن ، فتكون التركة هي الدائنة للمدين ، ويرث المدين هذا الحق الذي للتركة ، فتتحد الذمة في الدين . وهذا صحيح في مصر ، لأن قواعد الفقه الإسلامي - وهي التي تطبق في الميراث - تقره ، فتنقل إلي الورقة الحقوق التي للتركة . ( والصورة الثانية ) حيث يرث الدائن المدين ، فتكون التركة هي المدينة للدائن ، والدائن هو الوارث . وهنا تأبي قواعد الفقه الإسلامي أن تتحد الذمة في الدين ، إذ أن الدائن لا يرث الدين الذي علي التركة ، فالديون لا تورق ، ولا تركة إلا بعد سداد الدين . فتبقي التركة منفصلة عن مال الدائن حتي تسدد دينها لهذا الدائن ، ثم يرث الدائن بعد ذلك من التركة ما يبقي بعد سداد الديون ، فلا يكون هناك مجال لاتحاد الذمة في هذه لصورة . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعني : " ورغم أن نصيب هذا النظام من الأهمية في مصر جد ضئيل ، إذ أن الشريعة الإسلامية لا تقر أحد تطبيقية الرئيسين ، فيد أفرد له المشروع مادتين ( أدمجتا بعد ذلك في مادة واحدة ) ، تناول في أولاهما تحديد نطاقه ، واستظهر في الثانية معني الأثر المترتب عليه " ( [1698] ) .
فنبحث إذن في اتحاد الذمة موضوعين :
( أولا ) كيف يتحقق اتحاد الذمة ، فنحدد بذلك نطاقه .
( ثانيا ) الآثار التي تترتب علي اتحاد الذمة .
الفرع الأول
كيف يتحقق اتحاد الذمة
563 - عن طريق الميراث : أكثر ما يتحقق اتحاد الذمة عن طريق الميراث كما قدمنا . فيكون هناك شخص مدين لآخر ، وهو في الوقت ذاته وارثه . فإذا مات الدائن ، أصبحت تركته دائنة للمدين بمبلغ الدين . فإذا $ 947 $ فرضنا أن المدين هو الوارث الوحيد للدائن ، فإنه يرث كل الدين الذي للتركة في ذمته ، فيصبح دائنا في هذا الدين نفسه ، وتجتمع فيه صفتا المدين والدائن ، فينقضي الدين أو يقف نفاذه عن طريق اتحاد الذمة . وإذا كان المدين هو أحد وارثين يرث كل منهما النصف ، فقد ورث من الدين نصفه ، فاتحدت الذمة في هذا النصف ، فانقضي أو وقف نفاذه .أما النصف الآخر من الدين ، فيبقي المدين ملتزماً به نحو الوارث الآخر .
وإذا كان الدائن هو الوارث للمدين ، ومات المدين ، فقد أصبحت تركته مدينة للدائن . وسواء كان الدائن هو الوارث الوحيد للمدين أو هو أحد الورثة ، فانه طبقا لقواعد الشريعة الإسلامية وهي التي تسري في الميراث وإن كان يرث الدين الذي للتركة ، لا يرث الدين الذي علي التركة . ومن ثم لابد من سداد الدين أولا ، فيستوفي الدائن هذا الدين من التركة . وعند ذلك تصبح التركة خالية من الديون ، فيرثها الدائن وحده أو مع غيره . ومن أجل ذلك لا يتهيأ في هذه الصورة ، كما قدمنا ، أن تتحد الذمة في الدين الذي علي التركة . بل يتقاضي الدائن حقه أولا من التركة ، فينقضي بطريق الوفاء لا بطريق اتحاد الذمة ، ثم يرث الدائن التركة بعد ذلك خالية من الديون ( [1699] ) . وهذا بخلاف القانون الفرنسي ، إّا يرق الدائن في هذه الصورة الدين الذي علي التركة إذا كان قد قبل الميراث دون قيد ، فتتحد الذمة في الدين كما في الصورة الأولي ( [1700] ) . أما إذا $ 948 $ قبل الميراث مع اشتراط الجرد ( sous benefice dinventaire ) ، فإنه يصبح في وضع مماثل لوضع الوارث في الشريعة الإسلامية ، فلا تتحد الذمة ، بل يتقاضي الدائن أولا الدين من التركة ثم يرث التركة بعد تصفيتها من الديون ( [1701] ) .
564 - عن طريق الوصية : وقد يتحقق اتحاد الذمة عن طريق الوصية ، ويكون الموصي له إما خلفا عاما وإما خلفا خاصا .
فيكون الموصي له خلفا عاما إذا أوص الدائن لمدينة بثلث تركته مثلا ، فيصبح المدين الموصي له بعد موت الموصي مدينا للتركة بالدين وموصي له بثلث التركة . فينتقل إليه من الدين ثلثه ، ويكون مدينا له بحكم المديونية السابق ودائنا له بحكم الوصية .فتتحد الذمة فى ثلث الدين ، ويبقى ثلثاه فى ذمته دينا للتركة . أما إذا كان المدين هو الذي أوصى للدائن بثلث تركته ، فإن الدائن الموصى له يكون بعد موت الموصى دائنا للتركة بمبلغ الدين وموصى له بثلث التركة . ويجب ، طبقا لقواعد الشريعة الإسلامية ، سداد دين التركة أولا ، فيستوفى الدائن منها مبلغ الدين . وينقضي الدين بالوفاء لا باتحاد الذمة ، ثم يستولى الدائن بعد ذلك عن طريق الوصية علي ثلث التركة خالية الديون .
ويكون الموصي له خلفا خاصا إذا أوصي الدائن لمدينة بالدين الذي له في $ 949 $ ذمته . فيكون المدين ، بعد موت الدائن ، مدينا للتركة بحكم مديونيته السابقة ، ودائنا فى نفس الدين بحكم الوصية . فتجتمع فيه صفتا المدين والدائن ، وتتحد الذمة فى الدين . ولا يتصور هنا أن يوصي المدين للدائن بالدين الذي فى ذمته له ، إذ هو دين عليه ، لا حق له ، حتي يوصي به .
565 - عن طريق التصرف القانوني ما بين الأحياء : وقل أن تجتمع صفتا الدائن والمدين في الشخص الواحد عن طريق التصرف القانوني ما بين الأحياء . ومع ذلك فهناك مثل أورده المشرع ، إذ نص في الفقرة الأولي من المادة 469 مدني علي ما يأتي : " إذا كان الحق المتنازع فيه قد نزل عنه صاحبه بمقابل إلي شخص آخر ، فللمتنازل ضده أن يتخلص من المطالبة إذا هو رد إلي المتنازل له الثمن الحقيقي الذي دفعه مع المصروفات وفوائد الثمن من وقت الدفع " فهذا دين متنازع فيه في ذمة المدين للدائن ، وقد حوله الدائن بمقابل إلي شخص آخر ، فيستطيع المدين أن يحول الصفقة إليه عن طريق رد الثمن والفوائد إلي المحال له . فيصبح المدين بفضل هذا الاسترداد ، دائنا لنفسه ، وتتحد الذمة في الدين . والواقعة التي أدت إلي اتحاد الذمة هنا هي تصرف قانوني ما بين الأحياء . فإن استرداد ( retrait ) المدين للدين ينطوي كالشفعة علي تصرف قانوني .
والمثل الآخر الذي يورده الفقه عادة لتصرف قانوني ما بين الأحياء يكون سببا لاتحاد الذمة هو مثل الكمبيالة التي قبلها المسحوب عليه ، فأصبح مدينا بقيمتها . وقبل حلول ميعاد استحقاقها يشتريها المسحوب عليه ، فتصبح ملكه ، ومن ثم يصير دائنا لنفسه . فتجتمع صفتا المدين والدائن ، وتتحد الذمة في الدين . وسبب اتحاد الذمة هنا هو شراء المسحوب له للكمبيالة ، وهذا تصرف قانوني ما بين الأحياء ( [1702] ) .
$ 950 $ 566 - كل الديون قابلة للانقضاء باتحاد الذمة : وكل دين قابل لاتحاد الذمة فيه علي الوجه الذي بيناه . تستو في ذلك كل الديون ، أيا كان مصدرها . فسواء كان الدين مصدره عقد أو علم غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نص في القانون ، فهو قابل لاتحاد الذمة فيه ، متي اجتمعت صفتا الدائن والمدين في شخص واحد . وتستوي أيضا في ذلك كل الديون ، أيا كان الوصف الذي يحلق بها . فيصح اتحاد الذمة في الدين البسيط ، وفي الدين المضاف إلي أجل ، وفي الدين المعلق علي شرط واقف ، وفي الدين المعلق علي شرط فاسخ . إلا أنه إذا لم يتحقق الشرط الواقف ، أو تحقق الشرط الفاسخ ، فقد زال الدين ، وزال معه اتحاد الذمة ( [1703] ) .
ويصح أن تتحد الذمة في الدين المدني وفي الدين الطبيعي . ففي الدين الطبيعي ، إذا ورث المدين الدائن ، فقد اجتمعت صفتا المدين والدائن فيه ، فاتحدت الذمة ، شأنه في ذلك شأن الدين المدني ( [1704] ) . ولا يقال إن في هذا أثراً جديداً يترتب علي الالتزام الطبيعي ، فإن اتحاد الذمة ليس إلا استجابة لطبائع الأشياء ، فيخضع له كل التزام ( [1705] ) .
$ 951 $ الفرع الثاني
الآثار التي تترتب علي اتحاد الذمة
567 - النصوص القانونية : تنص المادة 370 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" 1 - إذا اجتمع في شخص واحد صفتا الدائن والمدين بالنسبة إلي دين واحد ، انقضي هذا الدين بالقدر الذي اتحدت فيه الذمة " .
" 2 - فإذا زال السبب الذي أدي إلي اتحد الذمة ، وكان لزواله أثر رجعي ، عاد الدين إلي الوجود هو وملحقاته بالنسبة إلي ذوي الشأن جميعا ، ويعتبر اتحاد الذمة كأن لم يكن ( [1706] ) " .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادتيتن 202 / 266 و 203 / 267 ( [1707] ) .
$ 952 $ ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 368 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 357 - وفي التقنين المدني العراقي المادتين 418 - 419 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 337 ( [1708] ) .
ويخلص من هذا النص أنه يجب التمييز ، في الآثار التي تترتب علي اتحاد الذمة ، بين فرضين :
(1) الآثار التي تترتب علي اتحاد الذمة ما دام السبب الذي أدي إليه قائما .
(2) ما يترتب من الأثر علي زوال السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة بأثر رجعي .
المبحث الأول
الآثار التي تترتب علي اتحاد الذمة ما بقي السبب الذي أدي إليه قائما
568 - كيف ينقضي الدين باتحاد الذمة : تنص الفقرة الأولي من المادة 370 مدني ، كما رأينا ، علي أنه إذا تحقق اتحاد الذمة في الدين $ 953 $ " انقضي هذا الدين بالقدر الذي اتحدت فيه الذمة " . فالدين إذن ينقضي باتحاد الذمة ، وبالقدر الذي اتحدت فيه الذمة . فإن كان المدين الوارث ، في الأمثلة التي قدمناها ، لم يرث إلا نصف الدين ، فأن هذا النصف وحده هو الذي ينقضي باتحاد الذمة كما سبق القول . وانقضاء الدين باتحاد الذمة غير انقضائه بالوفاء أو بالتجديد أو بالمقاصة . ففي هذه الحالات الأخيرة ينقضي الدين حقيقة ، ولا يعود له وجود . أما انقضاء الدين عن طريق اتحاد الذمة فليس بانقضاء حقيقي ، بل إن الدين يقف نفاذه ، كما قدمنا ، لارتطامه بعقبة طبيعية تجعل هذا النفاذ مستحيلا . فقد اتحدت صفتا الدائن والمدين في شخص واحد ، وأصبح من المستحيل أن يطالب الشخص نفسه بالدين ، ومن ثم يقف نفاذ الدين من ناحية المطالبة وحدها ( [1709] ) . ولكن الدين ، وهو موقوف علي هذا النحو ، يبقي مع ذلك معتداً به من نواح أخري ( [1710] ) .
$ 954 $ 569 - نواح يبقي فيها الدين المنقضي باتحاد الذمة معتدا به - حساب الدين في نصاب الوصية : فإذا اعتبر الدين باتحاد الذمة منقضيا - أو موقوفا - من ناحية المطالبة به ، فهناك نواح أخري غير المطالبة يعتد فيها بالدين . من ذلك حساب نصاب الوصي . فإذا مات الدائن وورثة المدين ، وكانت قيمة الدين ألفا وخمسمائة مثلا ، فإن الدين يعتبر منقضيا من ناحية المطالبة ، فلا يستطيع المدين ، وقد ورث الدين فأصبح دائنا ، أن يطالب به نفسه . ولكن الدين يعتد به إذا ترك الدائن وصية ، وأريدت معرفة ما إذا كانت هذه الوصية لا تجاوز النصاب حتي تكون صحيحة . فيجب اعتبار الدين الذي انقضي باتحاد الذمة قائما في حساب هذا النصاب . فلو كانت التركة بغير الدين ثلاثة آلاف ، وجب لحساب الثلث الذي تجوز فيه الوصية ، أن تضاف قيمة الدين وهي ألف وخمسمائة إلي ثلاثة الآلاف ، فتكون قيمة التركة كلها أربعة آلاف وخمسمائة ، ويكون ثلثها الجائز الإيصاء به هو ألف وخمسمائة . أما إذا اعتبرنا الدين منقضيا باتحاد الذمة من جميع النواحي ، وجب حساب قيمة التركة ثلاثة آلاف لا أربعة آلاف وخمسمائة ، ولكان ثلثها ألفا ، وليس ألفا وخمسمائة كما هو الحساب الصحيح ( [1711] ) .
570 - الاعتداد بالدين عند اتحاد ذمة الكفيل والدائن : وإذا مات الدائن وورثه الكفيل ، فاتحاد الذمة ما بين الدائن والكفيل إذا كان يقضي $ 955 $ التزام الكفيل ، فليس ينقضي علي النحو الذي ينقضي به لو أن الكفيل وفي للدائن . فإن الكفيل إذا وفي الدين للدائن ، ينقضي الدين ، وتبرأ ذمة المدين الأصلي ، ويرجع الكفيل علي المدين الأصلي بالدعوي الشخصية أو بدعوي الحلول . أما إذا ورث الكفيل الدائن ، فاتحدت الذمة وانقضت الكفالة ، لم ينقض الدين الأصلي ، ويطالب الكفيل الذي أصبح دائنا المدين بهذا الدين ذاته .
وإذا اتحدت ذمة المدين الأصلي والدائن ، فإن الدين ينقضي باتحاد الذمة ، وتبرأ بذلك ذمة الكفيل . ذلك أن المدين الأصلي - وقد أصبح باتحاد الذمة دائنا - إذا حاول أن يرجع باعتبار أنه دائن علي الكفيل ، فإن الكفيل يرجع عليه باعتباره مدينا ، فيشل هذا الرجوع الأخير الرجوع الأول . وقد كانت المادة 203 / 267 من التقنين المدني السابق تقضي بأن اتحاد ذمة الدائن والمدين الأصلي يبريء ذمة الكفلاء ( [1712] ) .
571 - الاعتداء بالدين عند اتحاد ذمة الكفيل والمدين الأصلي :
وإذا ورث الكفيل المدين الأصلي ، فاتحدت الذمة وانقضت الكفالة ، فإن انقضاء التزام الكفيل علي هذا النحو لا يكون إلا من حيث المطالبة ، بمعني أنه إذا أدي الكفيل باعتباره كفيلا الدين للدائن ، لم يستطع – وقد أصبح مدينا أصليا بالميراث وذلك في القانون الفرنسي دون القانون المصري - الرجوع علي نفسه . ولكن التزامه ككفيل يبقي مع ذلك معتدا به في غير هذه المطالبة . ويترتب علي ذلك أنه إذا كان لهذا الكفيل كفيل فإن التزام كفيل الكفيل يبقي قائما مستندا إلي التزام الكفيل بالرغم من انقضاء هذا الالتزام الأخير باتحاد الذمة . فيجوز للدائن ، في هذه الحالة ، إذا لم يستطع استيفاء حقه من الكفيل الذي أصبح في الوقت ذاته مدينا أصليا ، أن يرجع علي كفيل الكفيل . ولهذا الأخير ، إذا وفي الدين ، أن يرجع علي الكفيل بما وفاه للدائن بالرغم من اتحاد ذمة الكفيل والمدين الأصلي . وقد نصت المادة 2035 من التقنين المدني الفرنسي صراحة علي هذا الحكم ، إذ تقول : $ 956 $ " اتحاد الذمة الذي يتحقق بين شخص المدين الأصلي وكفيله ، عندما يرث أحدهما الآخر ، لا يقضي دعوي الدائن ضد من كفل الكفيل " ( [1713] ) .
وإذا كفل الكفيل مدينين متضامنين متعددين وورث أحدهم ، فصار في القانون الفرنسي كفيلا ومدينا متضامنا في وقت واحد ، فإن وفي الدين باعتباره كفيلا ، رجع علي أي من المدينين المتضامنين الآخرين . بالدين بعد استنزال حصة مورثه . أما إذا وفاه باعتباره مدينا متضامنا ، لم يستطع الرجوع علي باقي المدينين المتضامنين إلا بقدر حصة كل منهم في الدين ( [1714] ) .
572 - الاعتداد بالدين عند اتحاد ذمة أحد المدينين المتضامنين
والدائن : رأينا ، عند الكلام في التضامن ، أن المادة 288 مدني تنص علي أنه " إذا اتحدت الذمة بين الدائن وأحد مدينيه المتضامنين ، فإن الدين لا ينقضي بالنسبة إلي باقي المدينين إلا بقدر حصة المدين الذي اتحدت ذمته مع الدائن ( [1715] ) . فإذا ورث أحد المدينين المتضامنين الدائن ، فإن الدين ينقضي باتحاد الذمة ، ولكنه لا ينقضي علي النحو الذ ينقضي به فيما إذا وفي المدين المتضامن الدين للدائن . فإن المدين المتضامن ، إذا وفي الدين الدائن ، رجع علي باقي المدينين المتضامنين كل بقدر حصته في الدين . أما إذا ورث المدين المتضامين الدائن ، فالدين لا ينقضي إلا بقدر ما يقتضيه اتحاد الذمة ، إذ أن حصة المدين المتضامن في الدين هي وحدها التي تنقضي ، لأن المدين المتضامن قد أصبح دائنا بهذه $ 957 $ الحصة لنفسه . والباقي من الدين ، بعد استنزال هذه الحصة ، يرجع به الدين المتضامن - الذي أصبح دائنا بالميراث - علي أي من المدينين المتضامنين الباقين ( [1716] ) .
وقد رأينا كذلك ، في التضامن الإيجابي ، أنه إذا ورث المدين أحد الدائنين المتضامنين ، فإن اتحاد الذمة لا يقضي من الدين إلا بقدر حصة هذا الدائن المتضامن ( [1717] ) . ذلك أن المدين يصبح دائنا متضامنا ، ولو استوفي الدين كله بهذه الصفة لرجع عليه باقي الدائنين بحصصهم ، فلا يبقي في يده إلا حصته . فهذه الحصة وحدها هي التي يصبح فيها دائنا ومدينا في وقت واحد ، فتتحد فيها الذمة . ويستطيع بعد ذلك أي من الدائنين المتضامنين الآخرين أن يرجع علي المدين بالباقي من الدين ( [1718] ) .
$ 958 $ المبحث الثاني
ما يترتب من أثر
علي زوال السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة بأثر رجعي
573 - عودة الدين إلي الظهور : وكل ما قدمناه هو أثر اتحاد الذمة إذا بقي سببه قائما . فيبقي الدين معتداً به من بعض النواحي ، ويقف نفاذه من ناحية المطالبة ، إذ تصبح مستحيلة باجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد .
فإذا زال بأثر رجعي السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة ، اعتبر اتحاد الذمة كأن لم يكن ، وعاد الدين إلي الظهور والنفاذ بعد أن كان موقوفاً من ناحية المطالبة . ويعود الدين بمقوماته الأصلية ، فيرجع دينا مدنيا أو تجاريا ، منتجا لفوائد أو غير منتج لها ، مشمولا بسند تنفيذي أو غير مشمول به ، بحسب الأحوال . وتعود أيضا التأمينات التي كانت تكلفه ، وذلك بالنسبة إلي ذوي الشأن جميعا ، من كفيل شخصي وكفيل غيني ورهن وغير ذلك .
مثل ذلك أن يكون السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة وصية ، فأوصي الدائن بالدين للمدين ، ومات الدائن فاتحدت الذمة في الدين ، ثم تبين بعد ذلك أن الوصية قابلة للإبطال ، فأبطلت ، وزال بأثر رجعي هذا السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة . عند ذلك يعود الدين في ذمة المدين للتركة ، ويعود كما كان بصفاته ودفوعه وتأميناته ، ويرجع الكفيل - شخصيا كان أو عينيا - ملتزما $ 959 $ بالكفالة . وتطالب التركة المدين بالدين ، بعد أن كانت قد كفت عن المطالبة بسبب اتحاد الذمة ( [1719] ) .
ومثل ذلك أن يقبل الكمبيالة المسحوب عليه ، ويشتريها بعد ذلك بعقد قابل للإبطال ، ثم يبطل العقد . ومثل ذلك أيضا أن يشتري المستأجر العين المؤجرة بعقد قابل للإبطال ، ثم يبطل العقد . ومثل ذلك أخيراً أن يتخلص المدين من دين متنازع فيه بدفعه الثمن والفوائد ، ثم يتبين بعد ذلك أنه كان قاصراً وقت تخلصه ، فيبطل التصرف . في هذه الأحوال جميعا يعتبر اتحاد الذمة كأن لم يكن بعد أن زال سببه بأثر رجعي ، ويعود الدين إلي الزهور والنفاذ بصفاته ودفوعه وتأميناته ( [1720] ) .
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 370 مدني ، كما رأينا ، علي هذه الأحكام ، إذا تقول : " وإذا زال السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة ، وكان لزواله أثر رجعي ، عاد الدين إلي الوجود هو وملحقاته بالنسبة إلي ذوي الشأن جميعا ، ويعتبر اتحاد الذمة كأن لم يكن " .
574 - زوال السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة بأثر غير رجعي : وقد يزول بأثر غير رجعي السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة . ويمكن تصور ذلك إذا ورث المدين الدائن ، فاتحدت الذمة في الدين ، ثم اتفق الوارث ، $ 960 $ باعتباره دائنا ، مع شخص آخر فحول الدين له ( [1721] ) . ففي هذه الحالة يعود الدين إلي الظهور في ذمة الوارث باعتباره مدينا ويصبح المحال له دائنا للوارث ( [1722] ) .
ولكن لا يضار الغير بعودة الدين علي هذا الوجه . ففي المثل الذي نحن بصدده ، إذا كان للدين كفيل شخصي أو عيني ، وبرئت ذمة هذا الكفيل باتحاد الذمة ، ثم عاد الدين بعد أن زال بأثر غير رجعي السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة ، فإن الكفالة لا تعود . ولا يستطيع المحال له أن يرجع علي الكفيل ، لأن الكفيل من الغير في الاتفاق الذي تم بين المحال له والوارث ، وقد برئت ذمته من الكفالة كما قدمنا ، فلا يضار بسبب اتفاق لم يكن هو طرفا فيه ( [1723] ) .
$ 961 $ الباب الثالث
انقضاء الالتزام دون الوفاء به
575 - أسباب انقضاء الالتزام دون الوفاء به : قدمنا أن الالتزام قد ينقضي دون الوفاء به أصلا ، ويتحقق ذلك في أسباب الانقضاء الآتية :
1 - الإبراء من الدين ( Remise de dette )
2 - استحالة التنفيذ ( Impossibilite dexecution )
3 - التقادم المسقط ( Prescription extinctove )
ففي هذه الأسباب جميعا تبرأ ذمة الدين من الدين دون أن يكون قد أدي للدائن شيئا أصلا ، لا الدين ذاته ولا ما يعادله .
ففي الإبراء قد نزل الدائن عن حقه مختاراً دون مقابل ، وهو الذي ارتضي ذلك .
وفي استحالة التنفيذ قد اضطر الدائن ألا يستوفي حقه ، لأن الوفاء به قد أصبح مستحيلا .
وفي التقادم المسقط قد حال القانون دون أن يستوفي الدائن حقه ، وأبرأ ذمة المدين لاعتبارات تمت للمصلحة العامة .
$ 962 $
الفصل الأول
الإبراء ( [1724] )
( Remise de dette )
576 - كيف يتم الإبراء وما يترتب عليه من الآثار : الإبراء هو نزول الدائن عن حقه قبل المدين دون مقابل ، فهو تصرف تبرعي حتما . وإذا استوفي الدائن عين حقه كان هذا وفاء ، وإذا استوفي مقابلا في حقه كان هذا وفاء بمقابل ( [1725] ) ، وإذا نزل عن حقه فلم يستوفه لا عينا ولا بمقابل كان هذا إبراء .
والإبراء تصرف قانوني يصدر من جانب واحد هو الدائن ( [1726] ) ، ومتي صدر متوافرة شروطه انقضي به الدين وبرئت ذمة المدين .
فنتكلم إذن في مسألتين : ( 1 ) كيف يتم الإباء ( 2 ) الآثار التي تترتب عليه .
الفرع الأول
كيف يتم الإبراء
577 - النصوص القانونية : تنص المادة 371 من التقنين المدني علي ما يأتي :
$ 963 $
" ينقضي الالتزام إذا أبرأ الدائن مدينة مختاراً . ويتم الإبراء متي وصل إلي علم المدين ، ويرتد برده " .
وتنص المادة 372 علي ما يأتي :
" 1 - يسري علي الإبراء الأحكام الموضوعية التي تسري علي كل تبرع " .
" 2 - ولا يشترط فيه شكل خاص ، ولو وقع علي التزام يشترط لقيامه شكل فرضه القانون أو اتفق عليه المعاقدان " ( [1727] ) .
وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 180 / 243 ( [1728] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادتين 369 - 370 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 358 - 359 - $ 964 $ وفي التقنين المدني العراقي المواد 421 - 423 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 338 - 340 ( [1729] ) .
ويخلص من هذه النصوص أن للإبراء مميزات ، هي أن يتم بإرادة منفردة من جانب الدائن ، وأنه تصرف قانوني تبرعي . ثم أنه يشترط لصحة الإبراء شروط ترجع إلي الموضوع لا إلي الشكل .
فنبحث إذن : ( 1 ) مميزات الإبراء ( 2 ) الشروط الواجب توافرها فيه .
$ 965 $ المبحث الأول
مميزات الإبراء
578 - الإبراء يتم بإرادة واحدة من جانب الدائن : الإبراء تصرف قانوني ( acte juridique ) . وقد كان في التقنين المدنس السابق ، ولا يزال في التقنين المدني الفرنسي ، اتفاقا ( convention ) يتم بين الدائن والمدين علي قضاء الدين دون مقابل ( [1730] ) . فكان لا يكفي في الإبراء إرادة الدائن ، بل لا بد أيضا من قبول المدين حتي يتم ، وقبل هذا القبول كان الدائن يستطيع أن يعدل عن الإبراء وفقا للقواعد العامة . وقد قيل في توجيه هذا التكييف إن الالتزام رابطة ما بين شخصين ، فلا بد في قضائها من تدخل هذين الشخصين معا ، وهذا بخلاف الحق العيني فإنه سلطة علي شيء معين فيجوز لصاحب هذه السلطة أن ينزل عنها بإرادته المنفردة ( [1731] ) .
وقد عدل التقنين المدني الجديد عن هذا التكييف التقليدي ، وصرح في المادة 371 مدني ، كما رأينا ، بأن الإبرام يتم " متي وصل إلي علم المدين ، ويرتد برده " . ومعني ذلك أن الإبراء يتم بإرادة الدائن وحده ، لا باتفاق بين الدائن والمدين كما كان الأمر في التقنين المدني السابق ( [1732] ) . وقد اقتبس التقنين المدني الجديد هذا التكييف المستحدث من الفقه الإسلامي ، فقيه يتم الإبراء بإرادة الدائن المنفردة ويرتد بالرد . وقد غلب في هذا التكييف الطابع المادي للالتزام علي الطابع الذاتي ، فالالتزام قيمة مالية تدخل في حوزة الدائن ضمن العناصر الإيجابية التي تشتمل عليها ذمته المالية ، فيستطيع النزول عنه بإرادته المنفردة كما يستطيع النزول عن $ 966 $ الحق العيني ( [1733] ) . ولما كان الدائن لا يستطيع أن يفرض علي المدين هذا النزول ، فقد يتحرج المدين من تفضل لا يريده من الدائن ، وقد يصر علي الوفاء بالرغم من رغبة الدائن في إبرائه ، فقد أعطي القانون الحق للمدين في أن يرد الإبراء متي وصل إلي علمه ، وذلك أن الإبراء يرتد بالرد ( [1734] ) .
وهناك فروق واضحة بين أن يتم الإبراء بإرادة الدائن المنفردة وأن يتم باتفاق بينه وبين المدين ، نذكر منها ما يأتي :
1- في التقنين المدني الجديد حيث يتم الإبراء بإرادة الدائن المنفردة ، يكفي أن تصل هذه الإرادة إلي علم المدين حتي يتم الإبراء ، ويتم من وقت هذا العلم . أما في التقنين المدني السابق فهذا لا يكفي بل يجب أيضا أن يصدر قبول من المدين للإبراء ، ولا يتم الإبراء إلا من وقت هذا القبول .
2- ويترتب علي ما تقدم أنه إذا أعلن إرادته في إبراء المدين ووصل هذا الإعلان إلي علم المدين ، لم يستطع الدائن ، في التقنين المدني الجديد ، أن يعدل عن الإبراء بعد أن تم . وإذ مات أو فقد أهليته قبل أن يصل الإعلان إلي علم المدين ، فإن ذلك لا يمنع من تمام الإبراء عند اتصال الإعلان بعلم المدين بعد موت الدائن أو فقده لأهليته ( م 92 مدني ) . أما في التقنين المدني السابق ، فما دام المدين ، حتي بعد علمه بإرادة الدائن في الإبراء ، لم يصدر منه قبول ، فقد كان يجوز للدائن أن يعدل عن هذا الإبراء . وإذا مات الدائن أو فقد أهليته قبل صدور القبول ، فقد كان الإيجاب يسقط ( [1735] ) ، ولا يجوز للمدين أن يقبل $ 967 $ الإبراء بعد ذلك ( [1736] ) .
3- إذا رد المدين الإبراء في التقنين المدني الجديد ، كان بهذا الرد يفقر نفسه . ذلك أن ذمته تبرأ من الدين بمجرد وصول الإبراء إلي علمه ، فبرده للإبراء يعود إلي ذمته بعد أن كان قد انقضي . ومن ثم لابد أن تتوافر في المدين أهلية التبرع حتي يستطيع رد الإبراء ( [1737] ) ، وكذكل يجوز لدائنيه أن يطعنوا في رده للإبراء بالدعوي البولصية لأن هذا الرد زاد في التزاماته إذ عاد الدين بالرد بد انقضائه . أما في التقنين المدني السابق ، فإن رد المدين للإبراء لا يعتبر افتقاراً ، إذ الإبراء لا يتم إلا بقبوله . فهو برده للإبراء لم يفقر نفسه ، والدين لا يعود بالرد بعد انقضائه ، إذا هو لم ينقض ما دام المدين لم يقبل الإبراء . وإنما رد المدين للإبراء امتناع منه عن أن يثري ، ومن ثم لا يشترط في الرد أن تتوافر في المدين أهلية التبرع ، ولا يجوز لدائنيه أن يطعنوا في رده للإبراء بالدعوي البولصية .
من أجل هذه الفروق وغيرها تجب معرفة متي تسري أحكام التقنين المدني الجديد في الإبراء . والعبرة في ذلك بوقت علم المدين بالإبراء . فإن كان قبل 15 أكتوبر سنة 1949 - موعد سريان التقنين الجديد - فإن الإبراء تسري عليه أحاكم التقنين المدني السابق ، فلا يتم إلا بقبول المدين ( [1738] ) . وإلا فأن أحكام التقنين المدني الجديد هي التي تسري ، فيكفي علم المدين بالإبراء وعدم رده له حتي يتم .
$ 968 $ الإبراء تصرف تبرعي : وقد قدمنا أن الإبراء يصدر من الدائن اختياراً دون مقابل ، فهو ينزل عن حقه دون عوض . ومن ثم يكون الإبراء تصرفا تبرعيا محضا من جانب الدائن .
وهذا هو الذي يميز الإبراء عن غيره من التصرفات القانونية المشابهة ، كالتجديد والصلح .
فيجب تمييز الإبراء عن التجديد . ففي التجديد يبري الدائن ذمة المدين من الدين ، وهذا هو وجه المشابهة بالإبراء . ولكن الطرفين في التجديد يتفقان علي إنشاء دين جديد يحل محل الدين الأصلي فليس الإبراء من الدين الأصلي تبرعاً ، بل يقابله إنشاء دين جديد .
ويجب تمييز الإبراء عن الصلح . فقد يتضمن الصلح إبراء ، ولكنه إبراء بمقابل . فإن كلا من المتصالحين ينزل عن بعض ما يدعيه ، في مقابل التسليم له بالبعض الآخر ( [1739] ) .
ويجب تمييز الإبراء أخيرا عن صلح الدائنين مع مدينهم المفلس ( concordat ) فالدائنون عندما يبرئون ذمة مدينهم المفلس من جزء من الديون لا يتبرعون ، ولكنهم يأملون من وراء هذا الإبراء أن يحصلوا علي أكبر حصة ممكنة من حقوقهم ، وهم ييسرون علي المدين السبل التي تؤدي إلي ذلك ومنها إبراؤه من جزء من ديونه . ويخالف الصلح مع المفلس الإبراء ، لا في انعدام نية التبرع فحسب ، بل أيضا من وجوه أخري . منها أن ليس من الضروري في الصلح مع المفلس أن يقبل جميع الدائنين الصلح ، بل يكفي أن تقبله أغلبية معينة من الدائنين فتفرضه علي الأقلية ، أما الإبراء فلا بد من رضاء الدائن به مختاراً .ومنها أن الدائنين في الصلح مع المفلس لا يبرئون المدين إلا من جزء من الدين ابتغاء $ 969 $ الحصول علي الباقي ( [1740] ) ، أما في الإبراء فإن الدائن ينزل غالبا عن كل حقه وإن كان ليس هناك ما يمنع من أن يكون الإبراء مقصوراً علي جزء من الدين ، ومنها أن الصلح مع المفلس يتخلف عنه التزام طبيعي في ذمة المدين بالجزء من الديون الذي أبريء منه لأن الدائنين لم يرضوا بهذا الإبراء مختارين ، أما في الإبراء فقد رضي الدائن بالنزول عن حقه مختاراً فتبرأ ذمة المدين أصلا ولا يتخلف عن الإبراء أي التزام طبيعي في ذمته ( [1741] ) .
فمنطقة الإبراء تتحدد إذن بما قدمناه من أنه نزول اختياري من الدائن عن حقه علي سبيل التبرع ، أما التصرفات الأخري التي تقاربه فهي ليست تصرفات تبرعية ولا تشترط فيها أهلية التبرع بل تكفي أهلية التصرف ( [1742] ) .
المبحث الثاني
الشروط الواجب توافرها في الإبراء
580 - ليست هناك شروط من ناحية الشكل : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 372 مدني تقضي بأنه لا يشترط في الإبراء " شكل خاص ، ولو وقع علي التزام يشترط لقيامه توافر شكل فرضه القانون أو اتفق عليه المتعاقدان " . فالإبراء إذن تصرف قانوني رضائي ( consensual ) وليس بشكلي $ 970 $ ( solennel ) ، ينعقد بإرادة الدائن دون حاجة إلي أن تفرغ هذه الإرادة في ورقة رسمية أو في أي شكل خاص .
وهذا صحيح ، بالرغم من أن الإبراء تصرف تبرعي كما قدمنا ، لأن الإبراء يعتبر هبة غير مباشرة ، والهبات غير المباشرة لا تشترط في انعقادها الرسمية التي في الهبات المباشرة ( [1743] ) وهذا صحيح أيضا ، ولو وقع الإبراء علي التزام مصدره عقد شكلي ، سواء كان الشكل مفروضا بحكم القانون أو متفقا عليه من المتعاقدين . فلو وعد شخص آخر بأن يهبه مبلغا من النقود ، فإنه لا يلتزم بموجب هذا الوعد إلا إذا كان الوعد مكتوباً في ورقة رسمية بمقتضي حكم القانون ( م 490 مدني ) . فإذا فرضنا أن الوعد كتب في ورقة رسمية ، وترتب عليه التزام الواعد بإعطاء هذا المبلغ من النقود للموعود له ، فإن الموعود له وهو الدائن يستطيع أن يبريء الواعد وهو المدين من التزامه ، دون حاجة إلي أن يفرغ الإبراء في ورقة رسمية ، فالوعد إذن ليس ملزماً إلا إذا كتب قي ورقة رسمية ، ولكن يمكن الإبراء منه دون حاجة إلي هذه الورقة . كذلك إذا اتفق المتبايعان علي أن يكتبا عقد البيع في ورقة رسمية ، فإن التزام المشتري بدفع الثمن ، ومصدره عقد شكلي ، والشكلية هنا بمقتضي الاتفاق ، يمكن البائع إبراءه منه دون حاجة إلي أن يكون الإبراء في ورقة رسمية ( [1744] ) .
وهذا كله لو صدر الإبراء من الدائن تصرفا قانونيا حال الحياة . أما إذا كان الدائن قد أوصي بإبراء مدينة ، فالإبراء هنا يكون وصية ، وتسري أحكام الوصية في الشكل وفي الموضوع . فلا بد من إفراغه في صورة وصية في الشكل الواجب قانونا ، ولا ينفذ إلا من ثلث التركة ، ويجوز للموصي الرجوع فيه قيل موته ، ويسقط إذا مات الموصي له قبل موت الموصي ( [1745] ) . علي أن الإبراء إذا صدر من الدائن وهو في مرض الموت ، لم يشترط فيه أن يكون في شكل الوصية ، ولكن يسري عليه حكم الوصية من حيث الموضوع ، إذ أن المادة 916 مدني $ 971 $ تقضي بأنه كل تصرف قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ، ويكون مقصوداً به التبرع ، يعتبر تصرفا مضافا إلي ما بعد الموت ، وتسري عليه أحكام الوصية أيا كانت التسمية التي تعطي لهذا التصرف .
هذا وإذا كان لا يشترط في الإبراء شكل خاص ، فان ذلك لا يمنع من أن المدين الذي يدعي أن دائنه أبراه من الدين يقع عليه عبء إثبات هذا الدين ، وتسري في ذلك القواعد العامة في الإثبات . فإذا كان الالتزام الذي يدعي المدين أن الدائن أبراه منه تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، لم يجز له إثبات الإبراء إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها ، ولو أن الإبراء تصرف قانوني صادر بإرادة منفردة ، لأن وجوب الإثبات بالكتابة يسري علي جميع التصرفات القانونية ولو كانت صادرة بإرادة منفردة ( [1746] ) . أما إذا كانت قيمة الالتزام لا تزيد علي عشرة جنيهات ، جاز للمدين إثبات الإبراء بالبينة أو بالقرائن . وقد كان التقنين المدني السابق يشتمل علي نصوص تقيم قرينة قانونية لإثبات التخلص من الدين ، إما من طريق الإبراء أو من طريق الوفاء . فكانت المادة 219 / 284 تنص علي أن " إثبات التخلص من الدين يكون بتسليم سنده أو صورته الواجبة التنفيذ إلي المدين " . وكانت المادة 220 / 285 تنص علي ما يأتي : " ومع ذلك يجوز للدائن أن يثبت بالبينة أن وجود السند تحت يد المدين كان لسبب آخر غير تخلصه من الدين " . فكان تسليم الدائن للمدين سند الدين أو صورته الواجبة التنفيذ قرينة قانونية ، قابلة لإثبات العكس ، علي براءة ذمة المدين من الدين ، إما عن طريق الوفاء وإما طريق الإبراء ( [1747] ) . ولم يستبق التقنين المدني الجديد هذه النصوص ، فنزلت هذه القرينة القانونية إلي مرتبة القرينة القضائية ( [1748] ) . والعبرة بتاريخ تسليم السند أو صورته الواجبة التنفيذ ، وهي $ 972 $ الواقعة المادة التي تستخلص منها القرينة . فإن كان ذلك قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، كانت واقعة التسليم هذه قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس ، تطبيقا لأحكام التقنين المدني السابق ، وإلا فهي قرينة قضائية تطبيقا لأحكام التقنين المدني الجديد .
581 - الشروط الموضوعية الواجب توافرها في الإبراء : وقد رأينا أن الفقرة الأولي من المادة 372 مدني تنص علي أنه " يسري علي الإبراء الأحكام الموضوعية التي تسري علي كل تبرع " .
ومن ثم فالإبراء لابد فيه من صدور إرادة من الدائن ، ليس لها شكل خاص كما قدمنا ، للنزول عن حقه دون مقابل . وأي تعبير عن هذه الإرادة يكفي ، سواء كان التعبير صريحا أو ضمنيا ( [1749] ) . إلا أن الإبراء لا يفترض ، لأنه نزول عن الحق ، فعند الشك لا يكون هناك محل لتفسير إرادة الدائن بأنه قد الإبراء ( [1750] ) . وهذه الإرادة يجب أن تصدر من دائن ذي أهلية كاملة ، والأهلية $ 973 $ هنا هي أهلية التبرع ، لأن الإبراء تصرف تبرعي كما قدمنا ( [1751] ) . فلا يجوز للقاصر ولا للمحجور إبراء المدين من الدين ، لأن أهلية التبرع غير متوافرة فيهما . ولا يجوز للولي ولا للوصي ولا للقيم إبراء مدين الصغير أو المحجور من الدين ، لأنهم لا يملكون ولاية التبرع في مال محجوريهم . بل لا يجوز لهم ذلك حتي بإذن من المحكمة ، فالمحكمة لا تملك ولاية التبرع في مال المحجور ، والإبراء في جميع هذه الأحوال يكون باطلا . فيجب إذن أن يكون الدائن بالغا سن الرشد غير محجور عليه ، حتي يصدر منه الإبراء صحيحا ( [1752] ) . كذلك يجب أن تكون إرادة الدائن خالية من العيوب ، فيجب ألا يشوبها غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال ، وإلا كان الإبراء قابلا للإبطال . وأكثر ما يشوب الإبراء هو الإكراه ، لأن الدائن لا يبريء مدينه عادة ، وإنما هو في الكثير من الأحوال يكون مكرها علي ذلك . ومن ثم عنيت المادة 371 مدني في صدرها أن تبرز وجوب خلو الإرادة من الإكراه وأن تكون إرادة مختارة ، فنصت علي أن $ 974 $ " ينقضي الالتزام إذا إبرا الدائن مدينة مختاراً ( [1753] ) .
وللإبراء ككل تصرف قانوني ، محل . ومحل الإبراء هو الالتزام الذي يبريء الدائن منه المدين . ويصح أن يقع الإبراء علي أي التزام ( [1754] ) ، ما لم يكن ذلك مخالفا للنظام العام ( [1755] ) .
$ 975 $ وللإبراء أخيرا ، ككل تصرف قانوني ، سبب . والسبب هو الباعث الدافع إلي الإبراء . فإن كان هذا الباعث مشروعا ، صح الإبراء ، وإلا كان باطلا ( [1756] ) . وليس في هذا إلا تطبيق للقواعد العامة .
الفرع الثاني
الآثار التي تترتب علي الإبراء
582 - الإبراء يقضي الدين : الإبراء سبب من أسباب انقضاء الالتزام . فإذا أبرأ الدائن مدينة من الدين الذي في ذمته ، فقد انقضي به صدر المادة 371 مدني ، إذ يقول : " ينقضي الالتزام إذا أبرأ الدائن مدينة مختاراً ( [1757] ) .
علي أن الإبراء يرتد بالرد ، وفي هذا يقول عجز المادة 371 مدني : " ويتم الإبراء متي وصل إلي علم المدين ، ويرتد برده " . فإذا وصل الإبراء إلي علم $ 976 $ المدين ، ولم يرده في المجلس الذي علم فيه ( [1758] ) ، لم يستطع أن يرده بعد ذلك . أما إذا رده في المجلس ، فإنه يرتد ويزول أثره ، ويعود الدين إلي ذمة المدين بعد أن كان قد انقضي بالإبراء ، وقد سبقت الإشارة إلي ذلك .
ونري مما تقدم أن الإبراء ، وهو يقضي الدين ، تصرف قانوني يفقر الدائن إذ ينقص من حقوقه . وكذلك الرد ، وهو يعيد الدين إلي ذمة المدين بعد انقضائه ، تصرف قانوني يفقر المدين إذ يزيد في التزاماته ( [1759] ) .
ولما كان يسري علي الإبراء الأحكام الموضوعية التي تسري علي كل تبرع ، فإن أحكام الدعوي البولصية تسري علي الإبراء كما تسري علي أي تبرع ( [1760] ) . $ 977 $ ويترتب علي ذلك أمران : ( أولا ) يجوز لدائني الدائن الذي صدر منه الإبراء أن يطعنوا في هذا الإبراء بالدعوي البولصية ، كما يطعنون في أي تبرع صادر من مدينهم . فليسو في حاجة إلي إثبات إعسار الدائن الذي صدر منه الإبراء أو زيادة إعساره بسبب هذا الإبراء ، ولا ضرورة لإثبات تواطؤ المدين معه ، بل ولا لإثبات سوء نية الدائن نفسه ، وذلك تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 238 مدني ، وهي تقضي بأنه " إذا كان التصرف تبرعا فإنه لا ينفذ في حق الدائن ، ولو كان من صدر له التبرع حسن النية ، ولو ثبت أن المدين لم يرتكب غشا " . ( ثانيا ) وكذلك إذا رد المدين الإبراء ، فإن هذا التصرف من جانبه يكون مفقراً إذ يزيد في التزاماته كما تقدم القول . فيجوز لدائني المدين أن يطعنوا فيه بالدعوي البولصية كما سبق أن بينا ( [1761] ) ، إذا أثبتوا أن رد الإبراء قد سبب إعسار المدين أو زاد في إعساره ، دون حاجة إلي إثبات تواطؤ الدائن معه ، بل ولا سوء نية المدين .
583 - وتنقضي مع الدين تأميناته : وإذ ينقضي الدين بالإبراء ، فإنه ينقضي معه ما كان يكلفه من تأمينات ، كرهن أو امتياز أو اختصاص أو كفالة . وحتي يكون زوال التأمينات ساريا في حق الغير ، يجب شطب القيد طبقا للقواعد المقررة .
وقد أورد التقنين المدني السابق ، في شأن الكفالة الشخصية ، سلسلة من النصوص لم ينقلها التقنين المدني الجديد ، لأنه مجرد تطبيق للقواعد العامة ، فتسري أحكامها دون حاجة إلي نص . من ذلك أن نصت المادة 181 / 244 $ 978 $ علي أن " إبراء ذمة المدين من الدين يترتب عليه إبراء ذمة ضامنيه أيضا " فتبرأ ذمة الكفيل الشخصي ببراءة ذمة المدين ، لأن التزام الكفيل تابع الالتزام المدين ، فإذا زال الأصل زال التبع ( [1762] ) . ويستثني من ذلك الإبراء الذي يتضمنه الصلح مع المفلس ، فإنه لا يبريء ذمة الكفلاء كما رأينا ، بل إن فائدة الكفالة لا تظهر إلا عند إفلاس المدين فقد أراد الدائن أن يستوثق لحقه من ذلك ( [1763] ) . أما إبراء ذمة الكفيل فلا يبرىء ذمة المدين الأصلى ، لأن زوال التبع لا يستوجب زوال الأصل ، وفى هذا الصدد تنص المادة 184 / 247 من التقنين المدنى السابق على أنه " لا تبرأ ذمة المدين بإبراء ذمة ضامنه " . وإذا تعدد الكفلاء ، وأبرأ الدائن أحدهم ، فإن ذلك لا يعنى أنه أبرأ الباقين ، بل يجوز له مطالبة باقى الكفلاء كل بقدر الحصة التي كفقلها إذا كان الكفلاء غير متضامنين ، أو أى منهم بالدين بعد استنزال حصة الكفيل الذي أبرأه إذا كان الكفلاء متضامنين ( [1764] ) . هذا كله ما لم يكن الكفيل الذي أبرأه الدائن قد كفل الدين بعد أن كفله الكفلاء الآخرون ، فهو إذا كان متأخراً عنهم لا يكونون قد اعتدوا على كفالته ، فإذا أبرأه الدائن لم يجز للكفلاء المتقدمين أن يستنزلوا حصته . بل يرجع الدائن على كل منهم بعد تقسيم الدين كله بينهم دون الكفيل المتأخر إذا كانوا غير متضامنين ، أو يرجع على أى منهم $ 979 $ بكل الدين إذا كانوا متضامنين . فرجوع الكفلاء علي الكفيل الذي أبراه الدائن ، بمقدار حصته ، منوط بأن تكون ضمانه هذا الكفيل سابقة لضمانتهم أو مقارنة لها . وفي هذا الصدد تنص المادة 185 / 248 من التقنين المدني السابق علي أنه " إذا تعدد الضامنون في دين ، وأبرأ الدائن ذمة أحدهم ، جاز للباقي مطالبته بالضمان إذا كانت ضمانته سابقة علي ضمانتهم أو مقارنة لها ( [1765] ) " .
$ 980 $ 5840 إبراء الدائن لأحد المدينين المتضامنين – إحالة : وقد يبريء الدائن أحد المدينين المتضامنين ، فلا تبرأ ذمة المدينين المتضامنين الباقين ، وللدائن أن يطالب أيا منهم بالدين بعد استنزال حصة المدين الذي أبراه . وهذا ما لم يكن الدائن قد صرح أنه أراد بذلك إبراء جميع المدينين المتضامنين فتبرأ ذمتهم جميعا ، أو ما لم يكن علي النقيض من ذلك قد احتفظ بحقه في الرجوع علي أي من المدينين المتضامنين الباقين بكل الدين رغم إبراء أحدهم ( [1766] ) . وقد يبريء الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن فحسب ، فيبقي حقه في الرجوع علي أي من المدينين الباقين بكل الدين ، ما لم يتفق علي غير ذلك ( [1767] ) . وفي جميع الأحوال التي يبريء فيها الدائن أحد المدينين المتضامنين ، سواء كان الإبراء من الدين أو من التضامن ، يكون لباقي المدينين أن يرجعوا عند الاقتضاء علي هذا المدين بنصيبه في حصة المعسر منهم ، إلا إذا أخلي الدائن المدين الذ أبراه من كل مسئولية عن الدين ، فيتحمل هو نصيب هذا المدين في حصة المعسر ( [1768] ) . وقد نقدم بيان ذلك تفصيلا عند الكلام في التضامن ( [1769] ) .
$ 981 $ الفصل الثاني
استحالة التنفيذ ( [1770] )
( Impossibilite dexecution )
585 - مسألتان : متي أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا ، فإنه لا محالة ينقضي . وهذا ما تقتضيه طبائع الأشياء ، إذا لا التزام بمستحيل :
( a limpossible nul nest tenu )
ونتكلم هنا في مسألتين : ( 1 ) متي تتحقق استحالة التنفيذ ( 2 ) الآثار التي تترتب علي هذه الاستحالة .
الفرع الأول
متي تتحقق استحالة التنفيذ
586 - النصوص القانونية : تنص المادة 373 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء أصبح مستحيلا لسبب أجنبي لا بد له فيه ( [1771] ) .
$ 982 $ ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المواد 177 / 240 و 178 / 241 و 179 / 242 ( [1772] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 371 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 360 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 425 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 341 / 342 ( [1773] ) .
$ 983 $ ويخلص من هذا النص أن هناك شرطين حتي تتحقق استحالة التنفيذ التي تقضي الالتزام : ( 1 ) أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا ( 2 ) وأن ترجع هذه استحالة إلي سبب لابد للمدين فيه .
587 - الشرط الأول - تنفيذ الالتزام يصبح مستحيلا : يجب أن يصبح تنفيذ الالتزام ، بعد نشوئه ، مستحيلا استحالة فعلية أو استحالة قانوني . ولا يكفي أن يصبح تنفيذ الالتزام مرهقا ، ما دام لا يزال ممكنا .
فيجب أولا أن ينشأ الالتزام ممكنا ، فلا تطرأ الاستحالة إلا بعد نشوئه . ما إذا كان تنفيذ الالتزام منذ البداية مستحيلا ، فإنه لا ينشأ أصلا ، ولا محل للقول بانقضاء ما لم يوجد . وإنما يكون العقد الذي رتب الالتزام المستحيل باطلا لعدم توافر الشروط اللازمة في المحل ، فمن شروط المحل أن يكون ممكنا إذا كان عملا أو امتنعا عن عمل ، وأن يكون موجودا إذا كان عينا معينة بالذات .
ويجب ، بعد أن ينشأ الالتزام ممكنا ، أن يطرأ ما يجعل تنفيذه مستحيلا . أما إذا طرأت حوادث جعلت تنفيذه مرهقا ، مع بقائه ممكنا ، فلا يتقضي الالتزام . وإنما ننتقل في هذه الحالة إلي نظرية الحوادث الطارئة ( theorie de limprevision ) وأثر الحادث الطاريء في الالتزام ، وهو ما تقرره الفقرة الثانية من المادة 147 مدني إذ تقول : " ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها ، وترتب علي حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي ، وإن لم يصبح مستحيلا ، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة ، جاز للقاضي ، تبعا للظروف وبعد الموازنة بن مصلحة الطرفين ، أن يرد الالتزام المرهق إلي الحد المعقول . ويقع باطلا كل اتفاق عن خلاف ذلك " . وقد سبق تفصيل القول في نظرية الحوادث الطارئة ( [1774] ) .
$ 984 $ فيجب إذن ، حتي ينقضي الالتزام ، أن يطرأ ما يجعل تنفيذه مستحيلا استحالة فعلية أو استحالة قانونية في الوقت الذي يجب فيه تنفيذه . فلو طرأ ما يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا استحالة مؤقتة ما بين وقت نشوئه ووقت التنفيذ ، ثم زال هذا الطاريء عند حلول ميعاد التنفيذ فأصبح تنفيذ الالتزام ممكنا في هذا الوقت ، فإن الاستحالة السابقة التي زالت لا أثر لها في الالتزام بل يبقي الالتزام قائما واجب التنفيذ . وحتي لو كان الالتزام مستحيلا تنفيذه وقت حلول ميعاد التنفيذ ، ولكن هذه الاستحالة ليست دائمة ، وأمكن أن تزول في وقت يكون تنفيذ الالتزام فيه غير متعارض مع الغرض الذي من أجله وجد الالتزام ، فإن هذه الاستحالة المؤقتة ليس من شأنها أن تقضي الالتزام ، بل هي تقتصر علي وقفه إلي أن يصبح قابلا للتنفيذ فينفذ ( [1775] ) .
أما أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا استحالة فعلية ، فهذه مسألة واقع يقدرها قاضي الموضوع تقديراً نهائيا لا معقب عليه من محكمة النقض . فالالتزام بنقل حق عيني ، إذا وقع علي عين معينة بالذات ، يصبح تنفيذه مستحيلا إذا هلك هذا الشيء ، أو تلف تلفا يجعله في حكم الهالك ، أو فقد بحيث لا تمكن معرفة مكانه ( [1776] ) . وإذا وقع الالتزام علي شيء غير معين إلا بنوعه ومقداره ، فمن الصعب أن نتصور استحالة تنفيذ هذا الالتزام ، لأن الشيء غير المعين بالذات يوجد بجنسه ، والجنس لا ينعدم ( genera nan pereunt ) ( [1777] ) . ومع ذلك فقد يقع في بعض الأحوال الاستثنائية أن يتعذر التنفيذ ، كما إذا كان المدين ملتزما بتوريد أزهار نادرة أو شيء بطل صنعه فلم يستطع العثور علي ما التزام به ( [1778] ) . والالتزام بعمل ، كالتزام المصور برسم صورة ، يصبح تنفيذه مستحيلا إذا أصيب هذا الفنان بفقد بصره أو ببتر يده فلم يعد قادراً علي الرسم ( [1779] ) . $ 985 $ والالتزام بالامتناع عن عمل يصبح تنفيذه مستحيلا إذا اضطر المدين إلي إتيان هذا العمل الذي التزم بالامتناع عنه .
وأما أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا استحالة قانونية ، فهذه مسألة قانون تخضع لرقابة محكمة النقض . من ذلك أن يكون المدين ملتزما بنقل ملكية أرض ، فتنزع ملكيتها قبل التنفيذ للمصلحة العامة ، فيتعذر تعذراً قانونيا تنفيذ الالتزام . ومن ذلك أيضا أن يكون المدين ملتزما بتوريد شيء ، ثم يحرم القانون صنعه ، فيصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا استحالة قانونية ( [1780] ) .
588 - الشرط الثاني – استحالة التنفيذ ترجع إلي سبب أجنبي لا بد للمدين فيه / ولا يكفي أن يستحيل تنفيذ الالتزام علي النحو الذي قدمناه حتي ينقضي ، بل يجب أيضا أن تكون هذه الاستحالة راجعة إلي سبب أجنبي لا بد للمدين فيه .
فإن كانت الاستحالة راجعة إلي خطأ المدين ، لم ينقض الالتزام . ولكن لما كان تنفيذه العيني أصبح مستحيلا ، وجب تنفيذه عن طريق التعويض وحيث يستحيل التنفيذ العيني ويجب التعويض مكانه ، فإن لا يجوز القول بأن الالتزام الأصلي قد انقضي وحل محله التزام جديد محله التعويض . بل إن الالتزام باق بعينه ، وإنما تحول محله من التنفيذ العيني إلي التعويض . وهذا التحول يجري بحكم القانون تمشيا مع مقتضي إرادة الطرفين ، فليس مما يتعارض مع إرادتهما ، إذا تعذر التنفيذ العيني بخطأ المدين ، أن يتحول محل الالتزام إلي تعويض . وقد سبقت الإشارة إلي ذلك ( [1781] ) . ولهذا التكييف أهمية عملية كبيرة فلو قلنا إن الالتزام الأصلي قد انقضي وحل محلة التزام جديد ، لترتب علي ذلك انقضاء التأمينات التي كانت تكفل الالتزام الأصلي وانقطاع مدة التقادم التي $ 986 $ كانت تسري ضد هذا الالتزام ، ولترتب علي ذلك أيضا أن الالتزام بالتعويض الذي ينشأ من عدم تنفيذ العقد يكون التزاما جديداً ليس مصدره العقد بل يكون المصدر خطأ تقصيريا من المدين . أما إذا أخذنا بالرأي الصحيح وقلنا إن الالتزام يبقي بعينه مع تحول محله ، لترتب علي ذلك أن التأمينات التي كانت تكفل التنفيذ العيني لا تنقضي ، بل تتحول إلي كفالة التعويض . ولترتب علي ذلك أيضا أن مدة التقادم لا تنقطع ، بل تبقي سارية ضد الالتزام بعد أن تحول محله من تنفيذ عيني إلي تعويض . فلو كانت المدة التي انقضت أربع عشرة سنة مثلا ، ثم استحال تنفيذ الالتزام بخطأ المدين فتحول محله إلي تعويض ، فان حق الدائن في التعويض يسقط بالتقادم بعد انقضاء سنة واحدة وهي التي تكمل المدة التي انقضت إلي خمس عشرة سنة ، لا بانقضاء مدة تقادم جديدة فيما لو قلنا إن الالتزام بالتعويض هو التزام جديد . ولترتب علي ذلك أخيراً ان الالتزام بالتعويض الذي ينشأ من عدم تنفيذ العقد هو عين الالتزام الذي نشأ من العقد منذ البداية ، فيكون مصدره العقد لا خطأ تقصيريا من المدين ( [1782] ) .
أما إذا كانت الاستحالة راجعة إلي سبب أجنبي ( [1783] ) – والسبب الأجنبي هو الحادث الفجائي ( cas fortuity ) أو القوة القاهرة ( force majeure ) ، وخطأ الدائن ( faute du creancier ) ، وفعل الغير ( fait dun tiers ) فإن الالتزام ينقضي أصلا ، ولا يقتصر الأمر فيه علي أن يتحول محله إلي تعويض ، فالتعويض لا يكون مستحقا ما دامت استحالة التنفيذ ترجع إلي سبب أجنبي ولا ترجع إلي خطأ المدين . وعب إثبات السبب الأجنبي يقع علي المدين ، إذ بعد أن يثبت الدائن وجود الالتزام يجب علي المدين أن يثبت تخلصه منه وفقا للقواعد العامة ، وهنا لا يستطيع المدين أن يتخلص من الالتزام إلا إذا أثبت $ 987 $ استحالة التنفيذ وأنها راجعة إلي سبب أجنبي ( [1784] ) .
هذا وقد يرجع السبب الأجنبي إل خطأ من المدين ، كما إذا كانت العين التي التزم بها قد احترقت أو سرقت وكان ذلك مصحوباً بتقصير من المدين . فلا يعتد في هذه الحالة بالسبب الأجنبي ، بل تعتبر استحالة التنفيذ راجعة إلي خطأ المدين ، ولا ينقضي الالتزام ، بل يتحول محله من تنفيذ عيني إلي تعويض ( [1785] ) . وعبء إثبات خطأ المدين يقع في هذه الحالة علي الدائن .
وقد يتحمل المدين تبعة السبب الأجنبي ، فلا ينقضي الالتزام حتي لو استحال تنفيذه بسبب أجنبي ، ويتحول محله إلي تعويض . ويكون المدين فيه هذه الحالة إزاء الدائن بمثابة المؤمن ، يؤمنه من الحوادث التي ترجع إلي القوة القاهرة ( [1786] ) .
كذلك إذا استحال تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي ، ولكن الدائن كان قد أعذر المدين قبل استحالة التنفيذ ، فإن الأعذار يجعل المدين مسئولا عن استحالة التنفيذ كما لو كانت هذه الاستحالة ترجع إلي خطأه ، فلا ينقضي الالتزام بل يتحول محله إلي تعويض . وقد نصت الفقرة الأولي من المادة 207 مدني علي هذا الحكم صراحة إذ تقول : " إذا التزم المدين أن ينقل حقا عينيا أو أن يقوم بعمل ، وتضمن التزامه أن يسلم شيئا ولم يقم بتسليمه بعد أن أعذر ، فإن هلاك الشيء يكون عليه ولو كان الهلاك قبل الأعذار علي الدائن ( [1787] ) " . علي أن الالتزام ينقضي ، حتي لو كان المدين قد أعذر قبل استحالة التنفيذ ، إذا أثبت أن الشيء كان يهلك كذلك عند الدائن لو أنه سلم إليه . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 207 مدني علي هذا الحكم صراحة $ 988 $ إذ تقول : " ومع ذلك لا يكون الهلاك علي المدين ، ولو أعذر ، إذا أثبت أن الشيء كان يهلك كذلك عند الدائن لو أنه سلم إليه ، ما لم يكن المدين قد قبل أن يتحمل تبعة الحوادث المفاجئة ( [1788] ) " . بل إنه إذا كان الالتزام مترتبا في ذمة السارق برد الشيء المسروق ، فإنه لا ينقضي حتي لو هلك الشيء بسبب أجنبي ، وحتي لو لم يكن السارق معذراً قبل هذا الهلاك ، وحتي لو أثبت السارق أن الشيء كان يهلك عند صاحبه لو أنه رده إليه . وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الثالثة من المادة 207 مدني إذ تقول : " علي أن الشيء المسروق إذا هلك أوضاع بأية صورة كانت ، فإن تبعة الهلاك تقع علي السارق ( [1789] ) .
الفرع الثاني
الآثار التي تترتب علي استحالة التنفيذ
589 - انقضاء الالتزام وتوابعه : يترتب علي استحالة تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي علي النحو الذي قدمناه أن ينقضي هذا الالتزام ، إذ التنفيذ قد أصبح مستحيلا ، والمدين غير مسئول عن هذه الاستحالة ، فلا مناص من القول بانقضاء الالتزام ( [1790] ) .
وينقضي الالتزام بتوابعه ، وبخاصة تنقضي جميع التأمينات العينية والشخصية $ 989 $ التي كانت تكلفه . فإذا كان هناك رهن أو حق امتياز أو حق اختصاص يكفل الالتزام قبل استحالة تنفيذه ،فإن هذه الحقوق العينية تنقضي بانقضاء الالتزام ، ويجب علي الدائن أن يقوم بالإجراءات الواجبة لشطب القيد الذي كان يشهر هذه التأمينات .
وإذا كان للالتزام كفيل شخصي ، ثم استحال تنفيذه بسبب أجنبي فانقضي ، وبرئت ذمة المدين منه ، فإن ذمة الكفيل الشخصي تبرأ تبعا لبراءة ذمة المدين .
وقد يكون الالتزام مترتبا في ذمة مدينين متضامنين متعددين ، ثم يستحيل تنفيذه بسبب أجنبي فينقضي ، فتبرأ ذمة جميع المدينين المتضامنين . أما إذا استحال التنفيذ بخطأ أحد المدينين المتضامنين دون الباقي ، فإن خطأ هذا المدين لا يتعدي أثره إلي باقي المدينين المتضامنين ، ويكون هذا المدين وحده هو المسئول عن التعويض . أما الباقي فيعتبر خطأ المدين بالنسبة إليهم من قبيل فعل الغير ، أي يعتبر سببا أجنبيا ، فينقضي الدين بالنسبة إليهم ، وتبرأ ذمتهم منه, وقد سبق بيان ذلك عند الكلام في التضامن ( [1791] ) .
كذلك إذا كان الالتزام مترتبا في ذمة المدين لمصلحة عدد من الدائنين المتضامنين ، واستحال تنفيذه لسبب أجنبي ، فإنه ينقض بالنسبة إلي جميع الدائنين المتضامنين .
ومتي انقضي الالتزام وتوابعه ، فإن المدين يلتزم أن ينزل للدائن عما قد يكون له من حق أو دعوي في التعويض عن الشيء الذي هلك . فإذا كان الشيء مؤمنا عليه فاستحق المدين مبلغ التأمين ، أو كان هلاك الشيء بفعل أجنبي $ 990 $ فاستحق المدين التعويض ، وجب على المدين أن ينقل إلى الدائن حقه فى مبلغ التأمين أو حقه فى التعويض . وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يتضمن نصاً فى هذا المعنى ، هو نص المادة 283 من هذا المشروع ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " فى الالتزام بنقل حق عينى ، إذا هلك الشئ أو ضاع أو خرج من التعامل لسبب أجنبى لا يد للمدين فيه ، التزم المدين أن يتنازل للدائن عما قد يكون له من حق أو دعوى فى التعويض عن هذا الشئ " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، لأن الحكم الوارد فيه حكم تفصيلى يكفى فيه تطبيق القواعد العامة ( [1792] ) . ورد فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى نص صريح فى هذا الحكم ، هو نصر المادة 343 ( [1793] ) .
590 - تحمل التعبة فى العقد وفى الملك : وإذا انقضى الالتزام لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبى فقد انقضى دون أن يستوفى الدائن حقه ، لا عيناً ولا بمقابل . $ 991 $ ومن ثم إذا نظر إلى هذا الالتزام وحده ، كان الدائن هو الذى يتحمل تبعة استحالة التنفيذ ، إذ عليه هو الغرم دون المدين . ويصدق ذلك ، فيتحمل الدائن وحده تبعة استحالة التنفيذ ، إذا كان الالتزام الذى استحال تنفيذه ناشئاً من عقد ملزم لجانب واحد . ذلك أن المدين فى هذا العقد تبرأ ذمته وينقضى التزامه باستحالة تنفيذه ، دون أن يكون للدائن تعويض مقابل ، إذ العقد لا ينشئ إلا هذا الالتزام فى جانب المدين . أما إذا كان الالتزام ناشئاً من عقد ملزم للجانبين ، واستحال تنفيذ أحد الالتزامين المتقابلين بسبب أجنبى ، فانقضى هذا الالتزام ، فإن الالتزام المقابل ينقضى تبعاً لانقضاء الالتزام الأول . وقد نصت المادة 159 مدننى على هذا الحكم صراحة إذ تقول : " فى العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيه ، انقضت معه الالتزامات المقابلة له ، وينفسخ العقد من تلقاء نفسه ( [1794] ) " . ويترتب على ذلك أن المدين فى العقد الملزم للجانبين ، إذا انقضى التزامه لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبى يتحمل مع ذلك تبعة استحالة التنفيذ ، ولا يتحملها الدائن كما يتحملها فى العقد الملزم لجانب واحد . ذلك أن المدين ، إذا كان قد تحلل من تنفيذ التزامه بسبب استحالة تنفيذه ، يجد فى الوقت ذاته الالتزام الذى له فى ذمة الدائن - وهو الالتزام المقابل - قد انقضى هو أيضاً بسبب انقضاء الالتزام الأول ، وانفسخ العقد ، فيقع عليه الغرم ، ومن ثم كان هو الذى يتحمل التبعة . وهذه هى نظرية تحمل التبعة فى العقد ، وهى كما نرى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بانقضاء الالتزام لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبى ، وقد سبق أن عالجناها فى الجزء الأول من الوسيط ( [1795] ) .
وهناك إلى جانب تحمل التبعة فى العقد تحمل التبعة فى الملك . وقد انفرد التقنين المدنى العراقى بالنص على تحمل التبعة فى الملك ، عقب النص الذى أورده فى خصوص انقضاء الالتزام لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبى . ونقتصر هنا $ 992 $ على إيراد النصوص التى اشتمل عليها هذا التقنين فى هذه المسألة ، مع التعليق عليها فى إيجاز ( [1796] ) .
نصت المادة 426 من التقنين المدنى العراقى على أنه " إذا انتقل الشئ إلى يد غير يد صاحبه ، بعقد أو بغير عقد ، وهلك دون تعد أو تقصير ، فإن كانت اليد يد ضمان هلك الشئ على صاحب اليد ، وإن كانت يد أمانة هلك الشئ على صاحبه " . ونصت المادة 427 على أنه " 1 - تكون اليد يد ضمان إذا حاز صاحب اليد الشئ بقصد تملكه ، وتكون يد أمانة إذا حاز الشئ لا بقصد تملكه بل باعتباره نائباً عن المالك . 2 - وتنقلب يد الأمانة إلى يد ضمان ، إذا كان صاحب اليد ولو بغير قصد التملك ، قد حبس الشئ عن صاحبه دون حق أو أخذه بغير إذنه " .
وتفرض هذه النصوص أن شياً قد انتقل من يد مالكه إلى يد غير المالك ، سواء انتقل بعقد كعارية أو وديعة أو إيجار ، أو انتقل بغير عقد كحيازة بحسن نية أو بسوء نية أو غصب . ثم يهلك الشئ فى يد غير المالك بسبب أجنبى . فإذا كان هناك التزام مترتب فى ذمة غير المالك برد الشئ إلى صاحبه ، وقلنا إن هذا الالتزام ينقضى لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبى ، فإن المالك هو الذى يتحمل تبعة هلاك الشئ وقد هلك فى غير يده . وهنا يميز التقنين المدنى العراقى – أخذاً بأحكام الفقه الإسلامى – بين يد الضمان ويد الأمانة . فإن كانت يد غير المالك يد ضمان ، فإن التزامه برد الشئ إلى المالك لا ينقضى باستحالة تنفيذه ، بل يتحول هذا الالتزام إلى تويض ، ويتحمل هو تبعة هلاك الشئ .
أما إن كانت يد غير المالك يد أمانة ، فإن التزامه برد الشئ إلى المالك ينقضى باستحالة تنفيذه ، ويتحمل المالك إذن تبعة هلاك الشئ وإن كان قد هلك فى غير يده ، لأنه هلك فى يد هى يد أمانة . ثم يضع التقنين العراقى معياراً ليد الضمان وليد الأمانة ، فيد الضمان هى يد غير المالك إذا حاز الشئ بقصد تملكه ، ويد الأمانة هى يد غير المالك إذا حاز الشئ لا بقصد تملكه بل باعتباره نائباً عن المالك . فالغاصب ، والحائز بقصد التملك لا سيما إذا كان سيئ النية ، $ 993 $ ومن أخذ الشئ على سوم الشراء ، كل هؤلاء يدهم على الشئ يد ضمان . فإن هلك بسبب أجنبى ، وجب عليهم الضمان ، وتحملوا هم دون المالك تبعة الهلاك . أما المستعير والمودع عنده والمستأجر ومن أخذ الشئ على سوم النظر ، فهؤلاء يدهم يد أمانة . فإن هلك الشئ فى يدهم بسبب أجنبى ، هلك على مالكه ، وانقضى التزام الحائز برد الشئ إلى مالكه لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبى .
ومع ذلك فإن يد الأمانة تنقلب إلى يد ضمان ، فتكون تبعة الهلاك فى هذه الحالة على الحائز لا على المالك ، إذا كان الحائز ، ويده قد بدأت يد أمانة ، قد حبس الشئ عن صاحبه دون حق ، أو أخذه بغير إذنه ، ولو كان قد فعل هذا أو ذاك بغير قصد التملك . ذلك أن الحائز ، فى هاتين الحالتين ، يكون بمثابة المدين المعذر الذى يتحمل تبعة هلاك الشئ ولو بسبب أجنبى .
بقى بعد كل ذلك موقف البائع لعين معينة بالذات ، قبل تسليم هذه العين للمشترى . فهو من وجه يحوز الشئ بعد البيع لا بقصد تملكه ، وهو من وجه آخر يلتزم بتسليم الشئ إلى المشترى وهذا الالتزام مكمل لنقل الملكية ولم يقم بعد بتنفيذ التزامه . فإن هلك الشئ فى يده قبل التسليم ، فهل تكون يده يد أمانة ولا يهلك الشئ عليه اعتباراً بأنه لا يجوز الشئ بقصد تملكه ، أم تكون يده يد ضمان ويهلك الشئ عليه اعتباراً بأنه لم يقم بعد بواجب التسليم وهو التزام مكمل لنقل الملكية؟ تجيب المادة 428 من التقنين المدنى العراقى على هذا السؤال بما يأتى : " إذا انتقلت ملكية الشئ بعقد ، كانت يد المالك القديم قبل التسليم يد ضمان ، وتنقلب يد أمانة إذا امتنع واجب التسليم بقيام سبب للحبس " . ومعنى ذلك أن المبيع يهلك على البائع بل التسليم ، لأن يده تعتبر يد ضمان وإن كان غير مالك ، إذ لا يزال مترتباً فى ذمته واجب التسليم ولم يقم به وهو التزام مكمل لنقل الملكية . أما إذا قام سبب لحبس البائع المبيع فى يده ، بأن كان لم يستوف ثمنه الواجب الأداء ، فامتنع واجب التسليم سبب قيام سبب الحبس ، فإن يد البائع ، وقد كانت يد ضمان كما رأينا ، تنقلب إلى يد أمانة . فإذا هلك الشئ بسبب أجنبى ، وهو محبوس فى يده بسبب عدم استيفاء الثمن ، لم يهلك عليه بل يهلك على المشترى .
$ 994 $
الفصل الثالث
التقادم المسقط ( [1797] )
( Prescription extinctive )
تمهيد
591 - التقادم المسقط والتقادم المكسب – وجوب الفصل بينهما : جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد : " وفق التقنين الحالى ( السابق ) فى المباعدة بين أحكام التقادم المسقط وبين أحكام التقادم المكسب ، وقد تبعه المشروع فى ذل . والحق أن هذين النظامين يختلفان كل الاختلاف من حيث الغاية والتطبيق والمشخصات الذاتية ( [1798] ) " . فالتقنين المدنى الجديد قد فصل إذن – كما فصل التقنين المدنى السابق – ما بين التقادم $ 995 $ المسقط فجعل مكانه بين أسباب انقضاء الالتزام ، وبين التقادم المكسب فجعل مكانه بين أسباب كسب الحقوق العينية .
والفرق بين هذين النوعين من التقادم ظاهر . فالتقادم المسقط يقضى الحقوق الشخصية والعينية ( [1799] ) على السواء ، إذا لم يستعمل صاحب الحق حقه مدة معينة حددها القانون . أما التقادم المكسب – وتقترن به الحيازة دائماً – فيكسب الحائز ما حازه من حقوق عينية بعد أن تستمر حيازته لمها مدة معينة حددها القانون . ونرى من ذلك أن التقادم المسقط لا يقترن بالحيازة ، ويسقط الحقوق العينية كما يقسط الحقوق الشخصية . وهذا بخلاف الحقوق الشخصية . والقادم المسقط لا يتمسك به إلا عن طريق الدفع ، فإذا رفع صاحب الحق الذى سقط بالتقادم دعواه أمكن المدعى عليه أن يدفع هذه الدعوى بالتقادم المسقط . أما التقادم المكسب فيتمسك به عن طريق الدفع وعن طريق الدعوى على السواء ، فللحائز أن يدفع دعوى الاستحقاق المرفوعة عليه من المالك بالتقادم المكسب ، كما أن له إذا انتزعت منه الحيازة أن يرفع دعوى الاستحقاق على الحائز الجديد ويتمسك قبله بالتقادم المكسب . ثم إن التقادم المكسب يعتد فيه بحسن النية ، إذ الحائز حسن النية يملك الحق فى مدة أقصر من المدة التى يملكه فيها الحائز سيئ النية . أما فى التقادم المسقط فلا يعتد بحسن النية ، والمدة التى يحددها القانون لسقوط الحق تقصر أو تطول تبعاً لطبيعة هذا الحق ، لا تبعاً لثبوت حسن النية أو انتفائه ( [1800] ) .
ونقتصر هنا على الكلام فى التقادم المسقط للحقوق الشخصية . أم الكلام فى $ 996 $ التقادم المسقط للحقوق العينية ( [1801] ) والتقادم المكسب لهذه الحقوق فيكون عند الكلام فى الحقوق العينية .
592 - الأساس الذى يرتكز عليه التقادم المسقط : يرتكز التقادم المسقط على اعتبارات تمت للمصلحة العامة بسبب وثيق ، فإن استقرار التعامل يقوم إلى حد كبير على فكرة التقادم . ويكفى أن نتصور مجتمعاً لم يدخل التقادم فى نظمه القانونية ، لندرك إلى أى حد يتزعزع فيه التعامل وتحل الفوضى محل الاستقرار ( [1802] ) . فغذا كان للدائن أن يطالب مدينه بالدين مهما طالت المدة التى مضت على استحقاقه ، وكان على المدين أن يثبت براءة ذمته من الدين بعد أن يكون قد وفاه فعلاً وحصلا على خالصة به ، أليس من الإرهاق أن يكلف المدين بالمحافظة على هذه المخالصة إلى قوت لا نهاية له ، حتى يستطيع إبرازها فى أى وقت شاء الدائن أن يطالبه فيه بالدين! ويقع كثيراً أن يكون المدين قد مات ، أيكون للدائن أن يطالب الورثة بإبراز المخالصة أو الوفاء بالدين! أليس من حق المدين ومن حق ورثته من بعده أن يواجهوا الدائن ، وهو يطالب بدين مضت على استحقاقه $ 997 $ مدة طويلة ليس من المألوف أن يسكت فيها ، لا بمخالصة بالدين لم تتيسر المحافظة عليها بعد انقضاء هذه الأعوام الطوال فضاعت أو خفى مكانها ، بل بطلب إسقاط دعواه بعد أن سكت عنها طوال هذه المدة ( [1803] ) ! أليس واجباً لاستقرار التعامل أن يفترض فى الدائن الذى سكت مدة طويلة عن المطالبة بدينه أنه قد استوفاه ، أو فى القليل قد أبرأ ذمة المدين منه بعد هذا السكوت الطويل؟ وكما يجب وضع حد للمطالبة بالحقوق وذلك بتقرير مبدأ التقادم . ولابد أن تستقر الأوضاع فى الحالتين ، فلا يتجدد النزاع فى كل وقت ولا يبقى حق الدائن فى المطالبة إلى غير نهاية ( [1804] ) .
فالتقادم المقسط لا يقوم على قرينه الوفاء ، أكثر مما يقوم على وجوب احترام الأوضاع المستقرة ، التى مضى عليها من الزمن ما يكفى للاطمئنان إليها وإحاطتها بسياج من الثقة المشروعة ( [1805] ) . ووجوب احترام الأوضاع المستقرة هو الذى يحتم علينا أن نتساءل إلى متى يستطيع الدائن أن يطالب الدين دون أن يواجه بتقادمه؟ عشرين عاماً ، أو ثلاثين ، أو مائة؟ لابد من تحديد وقت ما ، إذا انقضى لا يستطيع الدائن أن يطالب بالدين ، وإلا ظلت الناس يطالب بعضهم بعضاً بديون مضت عليها أجيال طويلة .والمشروع يختار مدة لا يكون من شأنها إرهاق المدين بجعله معرضاً للمطالبة وقتاً أطول مما يجب ، ولا بمباغتة الدائن بإسقاط حقه فى وقت أقصر مما يجب . وقد اختار المشرع الفرنسى ثلاثين عاماً ، واختار المشرع المصرى خمسة عشر عاماً وهى المدة التى لا يجوز بعدها سماع الدعوى فى الفقه الإسلامى . فإذا انقضت المدة التى يتم بها التقادم ، وادعى المدين براءة ذمته ، وأصر الدائن على المطالبة بالدين ، فالولى بالرعاية هو المدين لا الدائن . ذلك أن الدائن إلا لم يكن قد استوفى حقه فعلاً ، ولم يكن قد أبرأ ذمة المدين من الدين بسكوته عن المطالبة به هذه المدة الطويلة ، فلا أقل من أنه قد أهمل إهمالاً لا عذر له فيه بسكوته حقبة طويلة من الدهر ثم مباغتة المدين بعد ذلك $ 998 $ بالمطالبة . وبين مدين اطمأن إلى وضع ظاهر مستقر ، ودائن أقل ما يؤخذ به الإهمال الذى لا مبرر له ، المدين دون ريب هو الأولى بالرعاية . وقد دلت التجارب على أن طائفة من الدائنين يدعون بعد انقضاء مدة التقادم أنهم لم يستوفوا حقوقهم ، ولا يصدق فى دعواه منهم إلا القلة النادرة . أفمن أجل هذه القلة ، وهم بعد قد أهملوا إهمالاً لا عذر لهم فيه ، تضحى الكثرة الغالبة من المدينين الذين قد برئت ذمتهم حقاً من ديونهم وتعذر عليهم استيفاء الدليل على براءة ذمتهم بعد انقضاء هذه المدة الطويلة ( [1806] ) !
من أجل كل هذه الاعتبارات شرع التقادم . وقد أخذت به جميع الشرائع ، حتى أن الشرائع التى لم تأخذ به بطريق مباشر فتسقط الدين بالتقادم ، أخذت به بطريق غير مباشر فتمنع سماع الدعوى بعد انقضاء مدة التقادم .
وإذا كانت الاعتبارات التى قدمناها هى الأساس الذى يرتكز عليه التقادم المسقط بوجه عام ، فهناك اعتبارات أخرى تتعلق بحالات خاصة من هذا التقادم . فتقادم الدين الدورى المتجدد بخمس سنوات يقوم على أساس آخر غير استقرار التعامل . ذلك أن هذا الدين يدفعه المدين عادة من ريعه لا من رأس ماله ، فإذا تراكم المستحق منه لمدة أطول من خمس سنوات ، اضطر المدين أن يدفع الدين من رأس المال لا من الريع ، فكان هذا مرقهاً له . فإذا أضيف إلى ذلك أن الدائن قد أهمل المطالبة بحقه مدة تزيد على خمس سنوات ، كان من الإنصاف للمدين أن يسقط القانون من هذه الديون ما مضى على استحقاقه أكثر من هذه المدة . ومن ثم قضت المادة 375 مدنى بأن هذه الديون تتقادم بخمس سنوات ولو أقر بها المدين ، فليس التقادم هنا إذن مبيناً على قرينة الوفاء ، بل ولا على استقرار التعامل ، وإنما بنى على الاعتبارات التى تقدم ذكرها .
أما حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها ، وحقوق العمال والخدم والأجراء من أجور ومن ثمن ما قاموا به من توريدات ، فتتقادم بسنة واحدة ( م378 مدنى ) . والتقادم هنا مبنى رأساً على قرينة الوفاء ، إذا ليس من $ 999 $ المألوف أن يسكت هؤلاء الدائنون عن استيفاء حقوقهم أكثر من عام ، فإذا كانوا قد سكتوا طول هذه المدة عن المطالبة بها فالمفروض أنهم قد استوفوها . ومن ثم أوجبت الفقرة الثانية من المادة 378 مدنى على المدين الذى يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً ، فإن نكل فقد انتقضت قرينة الوفاء ، وبقى الحق قائماً للدائن أن يستوفيه ( [1807] ) .
593 - لمحة تاريخية : تأخر التقادم المسقط فى القانون الرومانى عن التقادم المكسب فى الظهور . فقد كانت الدعاوى فى هذا القانون ، إلى عهد طويل ، أبدية لا تتقادم . والدعاوى التى كانت تتوقت بمدة معينة هى الدعاوى البريطورية ، إذ كان البريطور يمنحها لمدة سنة واحدة . ثم أصدر الإمبراطور ثيودوس Theodose ، فى سنة 424 ، قانوناً معروفاً قرر فيه أن الدعاوى ، شخصية كانت أو عينية ، تتقادم فى الأصل بين التقادم المسقط والتقادم المكسب ، وكانا قبله منفصلين أحدهما عن الآخر . وانتقل هذا الخلط إلى التقنين المدنى الفرنسى نفسه ، وكان مصدراً لكثير من الاضطراب والتشويش فى تفهم أحكام التقادم ، وساء فى القانون الرومانى أو فى القانون الفرنسى ( [1808] ) .
وأخذ التقادم الثالثينى الذى عرفه القانون الرومانى طريقه إلى القانون الفرنسى القديم . على أن العادات الحرمانية وبعضها كان يجعل التقادم سنة واحدة ، والقانون الكنسى وقد عمل كثيراً على تعديل أحكام القانون الرومانى فى التقادم بإقامته على قرينة الوفاء ( [1809] ) ، والأوامر الملكية وقد خلقت كثيراً $ 1000 $ من مدد التقادم القصيرة واحتفظ ببعضها التقنين المدنى الفرنسى ، وما منح لبعض الهيئات كالكنيسة وأملاك التاج من ميزة فى ألا يجرى فى حقها التقادم أو فى أن يجرى تقادم أطول ، كل هذا زاحم نفوذ القانون الرومانى وعدل من أحكامه فى التقادم .
فالمصادر التاريخية للتقادم فى التقنين المدنى الفرنسى هى إذن القانون الرومانى وقانون الكنيسة والعادات الجرمانية والأوامر الملكية ( [1810] ) .
594 - التمييز بين التقادم المسقط تشتبه بمواعيد أخرى يقال لها المواعيد المسقطة ( delais de decheance ) . والمواعيد المسقطة هذه لها مهمة غير المهمة التى لمواعيد التقادم . فهى قد وضعها القانون ، لا كما فى مواعيد التقادم المسقط لحماية الأوضاع المستقرة أو للجزاء على إهمال الدائن أو لتقوم قرينة على الوفاء ، بل لتعيين الميعاد الذى يجب أن يتم فيه حتماً عمل معين ، فهى مواعيد حتمية ، لابد أن يتم العمل المعين فى خلالها ، وإلا كان باطلاً . ولذلك فهى تختلف عن مواعيد التقادم ، لا فى المهمة التى تقوم بها فحسب ، بل أيضاً فى كيفية إعمالها . فيجوز للقاضى إثارتها من تلقاء نفسه دون حاجة إلى أن يتمسك الخصم بها ، ولا تنقطع ، ولا يقف سريانيها ، ولا يتخلف عنها التزام طبيعى . وهذا بخلاف التقادم ، فسنرى أن الخصم يجب أن يتمسك به ، ويجوز أن ينقطع سريانه ، كما يجوز أن يقف هذا السريان ، ويتخلف عن التقادم التزام طبيعى . وسنرى أيضاً أن الحق المتقادم إذا لم يصلح أن يكون طلباً فإنه يصلح أن يكون دفعاً إذ الدفوع لا تتقادم ، أما الحق الذى سقط لعدم استعماله فى الميعاد فلا يصلح لا طلباً ولا دفعاً ( [1811] ) .
$ 1001 $
ويحدث أن يقرر القانون ميعاداً تقوم الشبهة فى شأنه ، هل هو ميعاد تقادم أو هو ميعاد مسقط ، ويكون من المهم التعرف إلى طبيعة هذا الميعاد لما بين مواعيد التقادم والمواعيد المسقطة من الفروق التى تقدم ذكرها . ويغلب أن تكون المواعيد المسقطة قصيرة ، على خلاف مواعيد التقادم . ويغلب أيضاً أن يتولى النص التشريعى نفسه بيان ما إذا كان الميعاد ميعاد تقادم ، أو هو ميعاد مسقط . غير أن هاتين العلامتين الماديتين لا يمكن الاعتماد عليهما دائماً . فالعلامة الأولى قد لا تصدق ، إذ أن من مواعيد التقادم ما هو قصير ، ومن المواعيد المسقطة ما يصل فى الطول إلى الحد الذى يبلغه بعض مواعيد التقادم . والعلامة الأخرى قد تتخلف ، ويسكت النص عن بيان طبيعة الميعاد ( [1812] ) . وخير معيار للتعرف على ما إذا كان الميعاد ميعاد تقادم أو ميعاد مسقطاً ، هو تبين الغرض الذى قصد إليه القانون من تقرير هذا الميعاد . فإن كان لحماية الأوضاع المستقرة أو لغير ذلك من أغراض التقادم ( [1813] ) ، فهو ميعاد تقادم . وإن كان لتحديد $ 1002 $ الوقت الذى يجب فى خلاله استعمال حق أو رخصة ، فهو ميعاد مسقط ( [1814] ) .
ونأتى بأمثلة على ما قدمناه من نصوص التقنين المدنى المصرى . فالمواد من 374 إلى 378 مدنى صريحة فى أن المواعيد المبينة فيها هى مواعيد تقادم : خمس عشرة سنة للتقادم العادى ( م374 ) ، وخمس سنوات لتقادم الحقوق الدورية المتجددة وحقوق أصحاب المهن الحرة ( م375 - 376 ) ، وثلاث سنوات لتقادم الضرائب والرسوم ( م377 ) ، وسنة لتقادم حقوق التجار والصناع والعمال والخدم ومن إليهم ( م378 ) . كذلك المادة 140 فى تقادم دعاوى $ 1003 $ الإبطال بثلاث سنوات ، والمادة 172 فى تقادم دعوى التعويض الناشئة عن عمل غير مشروع ، والمواد 180 و187 و197 فى تقادم دعاوى الإثراء بلا سبب واسترداد غير المستحق والفضالة ، صريحة هى أيضاً فى أن المواعيد مواعيد تقادم ( [1815] ) .
ولكن الفقرة الثانية من المادة 129 مدنى ، فى خصوص دعوى الاستغلال ، تنص على أنه " يجب أن ترفع الدعوى بذلك خلال سنة من تاريخ العقد ، وإلا كانت غير مقبولة " . فهنا الميعاد ميعاد مسقط ، لا ميعاد تقادم ( [1816] ) . وتقضى الفقرة الثانية من المادة 162 مدنى ، فى خصوص الوعد بجائزة ، بأن " تسقط دعوى المطالبة بالجائزة إذا لم ترفع خلال ستة أشهر من تاريخ إعلانه العدول للجمهور " . فالميعاد هنا ميعاد مسقط . ومن المواعيد المسقطة ما نصت عليه $ 1004 $ المادة 248 ( [1817] ) ، والمادة 322 ( [1818] ) ، والمادة 455 ( [1819] ) ، والمادة 739 ( [1820] ) ، والمادة 845 ( [1821] ) ، والمادة 948 ( [1822] ) ، والمادة 961 ( [1823] ) ، والمادة 977 ( [1824] ) .
$ 1005 $
ويلاحظ أن من المواعيد المسقطة ما يعتبر من النظام العام فلا يجوز الاتفاق على إطالته أو تقصيره ، ومنها لا يعتبر من النظام العام فيجوز فيه الاتفاق على ذلك ( [1825] ) .
$ 1006 $
595 - خطة البحث : وسنجرى فى بحث التقادم كما جرينا فى بحث المقاصة ، فنبحث الموضعين الآتيين : ( أولاً ) المدد الواجب انقضاؤها حتى يتحقق التقادم ، فنبحث مدد التقادم المختلفة ، وكيفية حساب المدة ، ووقف التقادم ، وانقطاعه . ( ثانياً ) كيف يجب إعمال التقادم ، وما هى الآثار التى تترتب عليه ( [1826] ) .
الفرع الأول
المدد الواجب انقضاؤها حتى يتحقق التقادم
المبحث الأول
مدد التقادم المختلفة
596 - القاعدة العامة والاستثناءات – النصوص القانونية : تنص المادة 374 من التقنين المدنى على ما يأتى :
$ 1007 $
" يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة ، فيما عدا الحالات التى ورد عنها نص خاص فى القانون وفيما عدا الاستثناءات الآتية ( [1827] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 208 / 272 ( [1828] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 372 - وفى التقنين المدنى الليبى المادة 361 - وفى التقنين المدنى العراقى المادة 429 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادتين 344 و349 ( [1829] ) .
$ 1008 $
ويخلص من هذا النص أن القاعدة العامة فى مدة التقادم أن تكون خمس عشرة سنة ميلادية ( [1830] ) ، وهذه المدة تسرى بالنسبة إلى كل التزام لم ينص القانون فى خصومه على مدة أخرى . والمدة فى التقنين المدنى الفرنسى هى ثلاثون سنة كما رأينا ( [1831] ) ، ولكن التقنين المدنى المصرى الجديد استبقى مدة التقادم كما كانت فى التقنين المدنى السابق ، وهى مدة أخذت عن الشريعة الإسلامية فى نظامها المعروف من منع سماع الدعوى ، وقد روعى فى تحديدها أنها مدة مناسبة ، لا هى بالطويلة بحيث ترهق المدين ، ولا هى بالقصيرة بحيث تباغت الدائن ، ثم هى المدة التى ألفتها الناس منذ حقب طويلة ( [1832] ) .
ويرد على هذه القاعدة العامة استثناءات كثيرة ، بعضها متناثر فى نصوص متفرقة وقد سبقت دراسة أكثرها ، وبعضها فى نصوص أعقبت مباشرة النص الذى أورد القاعدة العاة وستكون دراستها فى هذا المكان .
597 - القاعدة العامة – مدة التقادم خمس عشرة سنة : قدمنا أن القاعدة العامة فى مدة التقادم أن تكون خمس عشرة سنة ، فما لم يرد نص $ 1009 $ خاص يقرر مدة أقل أو أكثر بالنسبة إلى التزام عين ، فإن مدة تقادم هذا الالتزام تكون خمس عشرة سنة .
على أن هناك حقوقاً غير قابلة للتقادم ، وهى الحقوق التى لا يجيز النظام العام التعامل فيها ، كالحقوق المتعلقة بالحالة المدنية ( إلا ما تفرع عنها من حقوق مالية ، ( [1833] ) والحقوق المتعلقة بالاسم ( [1834] ) .
ويجب التمييز بين الحق ومجرد الرخصة ( pure faculte ) فإذا كان الحق يتقادم فإن الرخصة لا تقبل التقادم . ومن ثم لا يتقادم حق الفرد فى اتخاذ المهنة التى يريدها ما دام قد استوفى شرائطها ، ولا قه فى أن يبنى أو يغرس فى أرضه ، ولا حقه فى أن يجبر جاره على وضع حدود لا ملاكهما المتلاصقة ، ولا حقه فى المرور بأرض مجاورة إذا كانت أرضه محبوسة عن الطريق العام ، ولا حقه فى الشرب والمجرى والمسيل ، ولا حقه فى طلب قسمة المال الشائع . فكل هذه رخص تتعلق بالحرية الشخصية أو بحق الملكية ، وهذا وتلك لا يقبلان التقادم ( [1835] ) .
ودعوى الصورية لا تسقط بالتقادم ، سواء رفعت من أحد المتعاقدين أو من الغير ، لأن المطلوب فيها هو تقرير أن العقد الظاهر لا وجود له ، وهى حقيقة قائمة مستمرة ليس من شأن التقادم أن يؤثر فيها ( [1836] ) .
وكان ينبغى أن دعوى البطلان المطلق تكون غير قابلة للتقادم ، لأن العقد الباطل معدوم والعدم لا ينقلب وجوداً مهما طال عليه الزمن ( [1837] ) . ولكن التقنين $ 1010 $ المدنى الجديد ، تمشياً مع القضاء الفرنسى ومع بعض الفقهاء الفرنسيين ، نص فى الفقرة الثانية من المادة 141 على ما يأتى : " وتسقط دعوى البطلان بمضى خمس عشر سنة من وقت العقد ( [1838] ) " . أما الدفع بالبطلان المطلب ، فلا يسقط بالتقادم ( 7 ) . ويناقش الفقه فى فرنسا ما إذا كان الدفع بوجه عام يسقط بالتقادم كالدعوى ، أو لا يسقط ، وسنعود إلى هذه المسألة فيما يلى ( [1839] ) .
وإذا أخذ الدائن رهناً حيازياً ضماناً لحقه ، فما دام هذا الرهن فى يده فإن حقه لا يتقادم ، ذلك أن وجود الرهن فى حيازته يعتبر قطعاً مستمراً للتقادم ( [1840] ) . أما حق الراهن فى استرداد الرهن ، وكذلك حق المودع فى استرداد الوديعة ، فإنهما يسقطان بالتقادم . ولكن يستطيع الراهن أو المودع الاسترداد ، لا بموجب الدعوى الشخصية التى تقادمت ، ولكن بموجب دعوى الاستحقاق العينية القائمة على حق الملكية فهذه لا تتقادم ، بل لا يعارضها تقادم مكسب من جانب المرتهن أو المودع عنده فإنهما لم يحوزا الشئ إلا حيازة عارضة ( [1841] ) .
وإذا كانت هناك حقوق تتقادم بمدد خاصة بموجب نصوص تشريعية ، وجب تفسير هذه النصوص تفسيراً ضيقاً بحيث لا تسرى إلا على الحالات بالذات التى تضمنتها . وما خرج عن هذه الحالات فإنه يرجع إلى أصل القاعدة ، وتكون مدة تقادمه خمس عشرة سنة ( [1842] ) .
$ 1011 $
598 - الحالات التى ورد فيها نص خاص – إحالة : والحالات التى ورد فيها نص خاص متناثرة فى نواحى التقنين المدنى ، بل وفى تقنينات أخرى . ونقتصر هنا على الإشارة إلى أهم هذه الحالات ، وبعضها سبق أن عالجناه فى الجزئين الأولين من الوسيط ، وبعضها يعالج فى موضوعه .
فقد نصت المادة 140 مدنى على أن " 10 يسقط الحق فى إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات . 2 - ويبدأ سريان هذه المدة فى $ 1012 $ حالة نقص الأهلية ، من اليوم الذى يزول فيه هذا السبب ، وفى حالة الغلط أو التدليس من اليوم الذى ينكشف فيه ، وفى حالة الإكراه من يوم انقطاعه . وفى كل حال لا يجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد " . وهذا النص يقرر مدة تقادم خاصة – ثلاث سنوات أو خمسة عشرة سنة – لدعاوى إبطال العقد ، وقد سبق أن عالجنا هذه المسألة عند الكلام فى البطلان ( [1843] ) .
ونصت المادة 172 مدنى على أن " 1 - تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه . وتسقط هذه الدعوى فى كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع 2 - على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة ، وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة فى الفقرة السابقة ، فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية " . وهنا أيضاً وضع القانون مدة تقادم خاصة – ثلاث سنوات أو خمس عشرة سنة – للدعاوى الناشئة عن العمل غير المشروع ، وقد سبق بحث ذلك فى الجزء الأول من الوسيط ( [1844] ) .
$ 1013 $
؟؟؟ لا توجد صفة 1013 ؟؟؟
$ 1014 $
ونصت المادة 243 مدنى على أن " تسقط بالتقادم دعوى عدم نفاذ التصرف بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف ، وتسقط فى جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذى صدر فيه التصرف المطعون فيه " . وهذه هى أيضاً مدة خاصة لتقادم الدعوى البوليصة عالجناها عند الكلام فى هذه الدعوى فى الجزء الثانى من الوسيط ( [1845] ) .
ونصت الفقرة الأولى من المادة 426 مدنى على أن " تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذى يموت فيه صاحب العقار المبيع " . وهذه مدة خاصة للتقادم قررها القانون فى خصوص دعوى الغبن ، ومكانها عند الكلام فى البيع .
ونصت المادة 452 مدنى ، فى خصوص دعوى ضمان العيب فى البيع ، على أن " تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ، ولو لم يكشف المشترى العيب إلا بعد ذلك ، ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان مدة أطول . 2 - على أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بالسنة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب عشاً منه " . وهذه مدة خاصة لتقادم دعوى ضمان العيب الخفى ، مكانها عند الكلام فى البيع .
ونصت المادة 654 مدنى ، فى خصوص دعاوى ضمان المهندس المعمارى والمقاول المعمارى ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم فيما أقاموه من منشآت ، على أن " تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب " . ومكان هذا التقادم الخاص عند الكلام فى عقد المقاولة .
ونصت المادة 672 مدنى – للانحراف أو الغلط الذى يقع عند تطبيق تعريفة الأسعار التى قررتها السلطة العامة فى التزام المرافق العامة على العقود الفردية ، فيكون الحق للعميل فى استرداد ما دفعه زيادة على الأسعار المقررة ، ويكون للملتزم بالمرفق العام الحق فى استكمال ما نقص من الأسعار المقررة - على أن " يسقط الحق فى الحالين بانقضاء سنة من وقت قبض الأجور التى لا تتفق مع $ 1015 $ الأسعار المقررة " . ومكان هذا التقادم الخاص عند الكلام فى التزام المرافق العامة .
ونصت المادة 698 مدنى على أن " 1 - تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة من وقت انتهاء العقد ، إلا فيما يتعلق بالعمالة والمشاركة فى الأرباح والنسب المئوية فى جملة الإيراد فإن المدة فيها لا تبدأ إلى من الوقت الذى يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد . 2 - ولا يسرى هذا التقادم الخاص على الدعاوى المتعلقة بانتهاك حرة الأسرار التجارية أو تنفيذ نصوص عقد العمل التى ترمى إلى ضمان احترام هذه الأسرار " . وهذا التقادم الخاص مكانه عقد العمل .
ونصت الفقرة الثانية من المادة 728 مدنى على أن " تسقط بالتقادم دعوى المسافر قبل صاحب الفندق أو الخان بانقضاء ستة أشهر من اليوم الذى يغادر فيه الفندق أو الخان " . وهذا التقادم الخاص مكانه عقد الوديعة .
ونصت الفقرة الأولى من المادة 752 مدنى على أنه " تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة من عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التى تولدت عنها هذه الدعاوى " . وهذا التقادم الخاص مكانه عقد التأمين .
ونصت المادة 194 من التقنين التجارى على أن " كل دعوى متعلقة بالكمبيالات أو بالسندات التى تحت إذن وتعتبر عملاً تجارياً أو بالسندات التى لحاملها أو بالأوراق المتضمنة أمراً بالدفع أو بالحوالات الواجبة الدفع بمجرد الاطلاع عليها وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية يسقط الحق فى إقامتها بمضى خمس سنين اعتباراً من اليوم التالى ليوم حلول ميعاد الدفع أو من يوم عمل البروتستو أو من يوم آخر مرافعة بالمحكمة إن لم يكن صدر حكم أو لم يحصل اعتراف بالدين بسند منفرد . وإنما على المدعى عليهم تأييد براءة ذمتهم بحلفهم اليمين على أنه لم يكن فى ذمتهم شئ من الدين إذا دعوا للحلف ، وعلى من يقوم مقامهم أو ورثتهم أن يحلفوا يميناً على أنهم معتقدون حقيقة أنه لم يبق شئ مستحق من الدين ( [1846] ) " . ونصت المادة 65 من التقنين التجارى على أن $ 1016 $ $ 1017 $ " كل ما نشأ عن أعمال الشركة من الدعاوى على الشركاء الغير مأمورين بتصفية الشركة أو على القائمين مقامهم يسقط الحق فى إقامته بمضى خمس سنين من تاريخ انتهاء مدة الشركة إذا كانت المشارطة المبنية فيها مدتها أعلنت بالكيفية المقررة قانوناً ، أو من تاريخ إعلان الاتفاق المتضمن فسخ الشركة . وتتبع فى ذلك القواعد العمومية المقررة لسقوط الحق بمضى المدة ، مع مراعاة القواعد المقررة لانقطاعها " . ونصت المادة 104 من التقنين التجارى على أن " كل دعوى على الوكيل بالعمولة وعلى أمين النقل بسبب التأخير فى نقل البضائع أو بسبب ضياعها أو تلفها تسقط بمضى مائة وثمانين يوماً فيما يختص بالإرساليات التى تحصل فى داخل القطر المصرى ، وبمضى سنة واحدة فيما يختص بالإرساليات التى تحصل للبلاد الأجنبية . ويبتدئ الميعاد المذكور فى حالة التأخير أو الضياع من اليوم الذى وجب فيه نقل البضائع ، وفى حالة التلف من يوم تسليمها ، وذلك مع عدم صرف النظر عما يوجد من الغش والخيانة " . ومكان بحث هذه النصوص القانون التجارى .
$ 1018 $ ويلاحظ أن المشرع قد قصر مدد التقادم في الدعاوي الناشئة عن غير العقد - العمل غير المشروع والإثراء بلا سبب – لأن الدين مفروض علي المدين بحكم القانون لا بإرادته . وقصر أيضا مدد التقادم في الدعاوي الناشئة عن العقد حيث يكون هناك مبرر للتقصير بسبب طبيعة الدعوي ، وذلك كدعاوي الإبطال والدعاوي الناشئة عن عقد العمل أو عن عقد التأمين أو عن الكمبيالات والأوراق التجارية أو عن بعض العقود التجارية ، فهذه كلها دعاوي تستوجب التعجيل في رفع الدعوي ، فقصر المشرع مدد التقادم فيها علي نحو ما رأينا . أما الدعاوي الناشئة عن العقد فيما لا يستوجب التعجيل في رفع الدعوي ، فهذه لا تتقادم عادة إلا بخمس عشرة سنة ، لأن الالتزامات التي ترفع بها هذه الدعاوي قد ارتضاها المدين بإرادته مختاراً .
599 - الاستثناءات التي أوردها القانون . ( 1 ) الحقوق الدورية المتجددة – النصوص القانونية : وهناك إلي جانب هذه النصوص الخاصة استثناءات أخري أوردها التقنين المدني عقب إيراده للقاعدة العامة في مدة التقادم . وأول هذه الاستثناءات يتعلق بالحقوق الدورية المتجددة . فقد نصت المادة 375 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" 1 - يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين ، كأجرة المبانى والأراضى الزراعية ومقابل الحكر ، وكالفوائد والإيرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات " .
" 2 - ولا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية ولا الريع الواجب علي ناظر الوقف أداؤه للمستحقين إلا بانقضاء خمس عشرة سنة ( [1847] ) .
$ 1019 $ ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 211 / 275 ( [1848] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 273 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 362 - وفي التقنين المدني العراقي $ 1020 $ المادة 430 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 350 ( [1849] ) .
600 - الضابط هو الدورية والتجدد : وقد أورد المشرع بصريح النص الضابط لهذه الحقوق التي تتقادم بخمس سنوات ، فوصفها بأنها " كل حق دوري متجدد " . والدورية ( Periodicite ) هي أن يكون الحق مستحقا في مواعيد دورية ، كل شهر أو كل ثلاثة أشهر أو كيل سنة ، أو أقل أو أكثر والتجدد ( renouvellement ) هو أن يكون الحق بطبيعته مستمراً لا ينقطع .
والأمثلة التي أوردها المشرع توضح هاتين الخصيصتين . فأجرة المبانى والأراضي الزراعية دورية : تدفع أجرة المباني في العادة كل شهر أو كل ثلاثة أشهر أو كل سنة ، وتدفع أجرة الأراضي الزراعية عادة كل سنة قسطاً واحداً أو قسطين . وهي في الوقت ذاته متجددة بطبيعتها ، إذ هي مستمرة لا تنقطع ، $ 1021 $ فإن المالك يستأدي الأجرة في العادة مستمرة دون انقطاع ، والمستأجر يدفعها مستمرة دون انقطاع . وهى إذا كانت تنقطع بانتهاء عقد الإيجار ، إلا أنها تقاس بالزمن ، وتتجدد بتجدده ، ما دام عقد الإيجار قائما ( [1850] ) . وليست أجرة المباني والأراضي الزراعية وحدها هي الدورية المتجددة ، بل إن كل أجرة يحلقها هذا الوصف . فأجرة الأرض الفضاء ، وأجرة الغرف المفروشة ، وأجرة المنقولات كالسيارات إذا استؤجرت لمواعيد دوريه " والذهبيات " " والعوامات " وغيرها ، كل هذه حقوق دورية متجددة تتقادم بخمس سنوات . غير أن المشرع أورد أجرة المباني والأراضي الزراعية علي سبيل المثال لا علي سبيل الحصر ، لأنها هي الغالبة في التعامل ( [1851] ) .
ومقابل الحكر هو أيضا أجرة دورية متجددة ( [1852] ) . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 1003
مدني علي أن تكون هذه الأجرة " مستحقة الدفع في نهاية كل سنة ، ما لم ينص عقد التحكير علي غير ذلك " . وكمقابل الحكر الأجرة السنوية للأرض المساوية لأجرة المثل في عقد الإجارتين ( م1013 مدني ) ، والأجرة الثابتة في عقد خلو الانتفاع ( م1014مدني ) ، فكل هذه حقوق دورية متجددة $ 1022 $ تتقادم بخمس سنوات ( [1853] ) .
والفوائد هي أيضا حقوق دورية متجددة ، إذ هي تدفع كل سنة عادة ، وهي ريع متجدد لرأس المال . وتتقادم بخمس سنوات أيا كان مصدرها فقد تكون فوائد اتفاقية كما في القرض وثمن المبيع ، وقد تكون فوائد قانونية طوالب بها مطالبة قضائية ( [1854] ) . ويدخل في الفوائد الأسهم والسندات ( الكوبونات ) ( [1855] ) .
$ 1023 $ والإيرادات المرتبة هي أيضا حقوق دورية متجددة تتاقدم بخمس سنوات . ويستوي في ذلك الإيرادات المرتبة مدي الحياة فهي دورية تتجدد مدي الحياة ، والإيرادات الدائمة فهي دورية تتجدد علي الدوام . وتتقادم الإيرادات بخمس سنوات إما باعتبارها إيرادات مرتبة ، وإما باعتبارها فوائد مستحقة علي رأس المال الذي دفعه صاحب الإيراد للمدين به ( انظر 545 / 2 مدني ) .
والمهايا والأجور والمعاشات ( [1856] ) هي أيضا حقوق دورية متجددة تتقادم بخمس سنوات ، وتدفع عادة كل شهر ، وتتجدد باستمرار . ولا يدخل في ذلك أجور العمال والخدم والأجراء ، سواء كانت يومية أو أسبوعية أو شهرية ، فهذه كما سنري تتقادم بسنة واحدة . فالذي يتقادم إذن بخمس سنوات هي مهايا وأجور ومعاشات الموظفين والمستخدمين دون العمال والخدم . ويلحق بالمهايا والأجور والمعاشات دين النفقة ، فهو أيضا يتقادم بخمس سنوات ( [1857] ) ، والدائن بالنفقة إذا هو أهمل في المطالبة بها أكثر من هذه المدة ، فالغالب أن يكون ذلك راجعا إلي عدم حاجته لها ، ويكون غير مستحق إياها .
ويكفي أن يكون الحق دوريا متجدداً ليتقادم بخمس سنوات ، فليس من الضروري إذن أن يكون حقا ثابتا لا يتغير مقداره . فمن الحقوق الدورية المتجددة ما يتغير مقداره . من وقت إلي آخر ، كريع الأسهم ( dividends ) ومقابل الحكر وهو يزيد أو ينقص كلما بلغ التغير في أجر المثل حداً يجاوز الخمس زيادة أو نقصا علي أن يكون قد مضي ثماني سنوات علي آخر تقدير ( م 1004 / 2 مدني ) ، وكأقساط التأمين في جمعيات التأمين التعاونية ( assurance mutuelle ) فهذه أيضا متغيرة بحسب الحوادث التي تقع كل سنة وقد لا تقع حوادث أصلا فلا تستحق أقساط ما . فهذه الحقوق الدورية المتجددة ، التي تتغير مقاديرها من وقت إلي آخر ، تتقادم مع ذلك بخمس سنوات . وهذا غلي خلاف ما جري $ 1024 $ عليه القضاء الفرنسي ، فهو يقضي بوجوب أن يكون مقدار الحق الدوري المتجدد ثابتا لا يتغير ، فتتقادم أقساط التأمين في جمعيات التأمين التعاونية بثلاثين سنة لا بخمس سنوات .
601 - الأساسي الذي يقوم عليه تقادم الحقوق الدورية المتجددة : وتصعد قاعدة التقادم الخمسي للحقوق الدورية المتجددة ، في أصلها التاريخي ، للقانون الفرنسي القديم ( [1858] ) . وقامت منذ البداية علي الاعتبار الرئيسي الآتي : إن هذه الحقوق الدورية المتجددة يدفعها المدين عادة من ريعه الدوري المتجدد ، فالمستأجر يدفع الأجرة من إيراده الشهري أو السنوي ، والمفترض يدفع الفوائد من ريع أمواله ، بل إن الحكومة وأرباب الأعمال يدفعون ماهيات الموظفين والمستخدمين وأجورهم ومعاشاتهم من ميزانياتهم السنوية وهي ميزانيات دورية متجددة ( [1859] ) . فإذا أهمل الدائن في المطالبة بهذه الحقوق الدورية المتجددة مدة طويلة من الزمن ، فتراكمت علي المدين ، وكان للدائن أن يتقاضاها لمدة التقادم العادي ، أي لمدة خمس عشرة سنة خلت ، اضطر المدين أن يدفعها من رأس ماله ، وقد يجر هذا عليه الإفلاس والخراب ، من أجل ذلك وضع $ 1025 $ القانون حداً لتراكم هذه الديون ، خمس سنوات ميلادية لا تزيد ، فلا يستطيع الدائن أن يطالب المدين بما تأخر منها لأكثر من خمس سنوات ، لأن ما مضي علي استحقاقه منها أكثر من خمس سنوات يكون قد انقضي بالتقادم . ومن ثم لا يجبر المدين علي دفع هذه الديون المتجددة الدورية إلا لمدة خمس سنوات فقط سابقة علي يوم المطالبة ( [1860] ) ، فلا يكون في هذا من الإرهاق ما يصل به إلي حد الإعنات .
هذا من جهة . ومن جهة أخري - ولكن هذا اعتبار ثانوي بجانب الاعتبار الرئيسي الذي قدمناه - فإن الدائن بهذه الحقوق الدورية المتجددة يعتبر عادة هذه الحقوق إيرادا ينفق منه في شئون حياته اليومية ، فلا يسكت عن المطالبة بها أكثر من خمس سنوات ، ويغلب في الحقوق التي مضي علي استحقاقها أكثر من خمس سنوات ، أن يكون الدائن قد استوفاها . ولا يستطيع المدين عادة أن يحتفظ بمخالصات دورية لإثبات هذا الوفاء لمدة تزيد علي خمس سنوات ، فيتعذر عليه إثبات الوفاء عن مدة أبعد . فيأتي القانون لإسعاف المدين ، ويقضي بتقادم الديون التي ترجع إلي أبعد من خمس سنوات ، ويقوم التقادم علي قرينة الوفاء .
علي أن هذا الاعتبار الثاني هو ، كما قدمنا ، اعتبار ثانوي بجانب الاعتبار الرئيسي الأول ، وهو تجنيب المدين الإرهاق والعنت ، فلا يجبر علي دفع هذه الحقوق الدورية المتجددة لمدة تزيد علي خمس سنوات ، حتى لا يضطر إلي دفعها من رأس ماله . فهذا الاعتبار الأول متحقق دائما ، أما الاعتبار الثاني فقد يتحقق ولا يتحقق . فإذا لم يتحقق ، فإن الاعتبار الأول كاف وحده $ 1026 $ لتأسيس التقادم الخمسي . ويترتب علي ذلك أن هذه الديون تتقادم بخمس سنوات ، حتى لو أقر المدين أنه لم يوف بها ( [1861] ) ، وتمسك مع ذلك بالتقادم تفاديا من إرهاقه بوفاء ما تراكم منها لمدة أكثر من خمس سنوات . وقد ورد هذا الحكم صراحة في النص ، إذا جاء في صدر الفقرة الأولي من المادة 375 مدني : يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ، ولو أقر به المدين .
ويلاحظ أن إقرار المدين بعدم وفاء ما انقضي علي ميعاد استحقاقه أكثر من خمس سنوات ، قد يفسر بأنه نزول منه عن التمسك بالتقادم ( [1862] ) . ولما كان النزول عن التقادم بعد تمامه جائزاً ، فإن الإقرار بعدم الوفاء علي هذا النحو يمنع من تقادم الدين ، ويجبر المدين في هذه الحالة علي الوفاء بكل ما تراكم من الديون ، ولو رجع استحقاقه الي عهد أبعد من خمس سنوات . أما إذا كان ما صدر من المدين هو مجرد تقرير للواقع ، فهو لا ينكر أنه لو يوف بما تراكم من هذه الديون ، ولكنه مع ذلك يتمسك بالتقادم ، فلا يعتبر إقراره علي هذا النحو نزولا منه عن التقادم ، وله أن يتمسك به علي النحو الذي قدمناه ( [1863] ) .
602 - الديون التي لم تستوف شرطي الدورية والتجدد تتقادم بخمس عشرة سنة : والتقادم الخمسي لا يكون إلا في الديون الدورية المتجددة علي النحو قدمناه . فإذا لم يستوف الدين هذين الشرطين معاً ، كان تقادمه بخمس عشرة سنة لا بخمس سنوات .
$ 1027 $ فهناك ديون قد استوفت شرط الدورية دون أن تستوفي شرط التحدد ، كما هي الحال في دين مقسط أقساطا دورية . فهذا الدين دوري لأنه يدفع في مواعيد دورية ، ولكنه غير متجدد لأنه لا يتجدد بتجدد الزمن ، بل ينقضي بدفع آخر قسط منه . ومن ثم تكون مدة التقادم هنا خمس عشرة سنة لا خمس سنوات ( [1864] ) كذلك لا يستوفي شرط التجدد وإن استوفي شرط الدورية نتاج المناجم والمحاجر ، فهذا نتاج دوري لكنه يستنزف الأصل – المنجم أو المحجر - فهو بطبيعته غير متجدد . ومن ثم إذا ترتب دينا في ذمة شخص ، لم يتقادم هذا الدين إلا بخمس عشرة سنة ، ولا يتقادم بخمس سنوات .
عن طريق قانوني . مثل ذلك أني قرض شخص المدين ما يفي به فوائد دينه أو أجرة مسكنه أو يفي به ديونا دوريه متجددة أخرى ، فإن دين القرض هذا – وإن كان سببه هذه الديون الدورية المتجددة – قد أصبح رأس مال مصدره عقد القرض ، فلا يتقادم بخمس سنوات وإنما يتقادم بخمس عشرة سنة . كذلك إذا دفع المستأجر الأجرة للمؤجر ، وتبين بعد ذلك أنه دفع مبالغ غير مستحقة من هذه الأجرة ، فإنه يستردها . ويعتبر دين المؤجر الخاص برد هذه المبالغ غير المستحقة رأس مال لا دينا دوريا متجدداً ( [1865] ) ، فلا يتقادم بخمس سنوات ، $ 1028 $ وإنما يتقادم تقادم رد غير المستحق بثلاث سنوات أو بخمس عشرة سنة ( [1866] ) .
603 - الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية والريع الواجب علي ناظر الوقف أداؤه للمستحقين : تنص المادة 979 مدني علي أن " يكون الحائز سيء النية مسئولا من وقت أن يصبح سيء النية عن جميع الثمار التي يقبضها والتي قصر في قبضها ، غير أنه يجوز أن يسترد ما أنفقه في إنتاج هذه الثمار " .
ويخلص من هذا النص أن الحائز سيء النية ملتزم برد ثمرات الشيء الذي حازه من يوم أن أصبح سيء النية ، ويعتبر سيء النية حتما من يوم رفع الدعوي علي الأقل ( [1867] ) . فهذه الثمرات ، فيما بين الحائز والمالك ، لا تعتبر ديونا دورية متجددة ، بل هي قد تحولت في ذمة الحائز من ريع إلي رأس مال واجب الأداء للمالك .
$ 1029 $ ومن ثم تتقادم هذه الثمار بخمس عشرة سنة لا بخمس سنوات ، فإذا طالب المالك بها الحائز قبل انقضاء خمس عشرة سنة ، ولو بعد انقضاء خمس سنوات ، لم يجز للحائز أن يدفع هذه المطالبة بالتقادم ( [1868] ) .
$ 1030 $ كذلك الريع الواجب علي ناظر الوقف أداؤه للمستحقين ، وهو مقدار استحقاقهم في الوقف ، لا يعتبر دينا دوريا متجدداً ، فلا يتقادم إلا بخمس عشرة سنة . وقد تردد القضاء في هذه المسألة في عهد التقنين المدني السابق ( [1869] ) ، ثم قضت محكمة استئناف مصر في دوائرها المجتمعة بأن غلة الوقف تظل ملكا للمستحق ولا يتقادم حقه ، فإذا اختلطت بمال الناظر واستهلكها الناظر بتعدية أو بتقصيره أصبحت رأس مال واجبا في ذمته للمستحق ، ومن تتقادم بخمس عشرة سنة لا بخمس سنوات ( [1870] ) .
وقد أراد التقنين المدني الجديد بالنص صراحة في الفقرة الثانية من المادة 375 مدني علي تقادم الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية والريع الواجب علي ناظر الوقف أداؤه للمستحقين بخمس عشرة سنة لا بخمس سنوات علي ما رأينا ( [1871] ) ، أن يحسم $ 1031 $ في هاتين المسألتين خلافا قد نشب في عهد التقنين المدني السابق وتمثل في أحكام متضاربة أصدرها القضاء في ذلك العهد ( [1872] ) .
604 - حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين الخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين - النصوص القانونية تنص المادة 376 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" تتقادم بخمس سنوات حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين ، علي أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل من أعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات ( [1873] ) .
$ 1032 $ ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 209 / 273 ( [1874] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 373 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 363 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 431 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 351 - 352 ( [1875] ) .
$ 1033 $ 605 - الديون المستحقة لطائفة من أصحاب المهن الحرة تتقادم بخمس سنوات : ونري مما تقدم أن هناك طائفة من أصحاب المهن الحرة - هم البارزون في أصحاب هذه المهن - رأي المشرع أن تتقادم الحقوق المستحقة لهم بسبب مهنهم بمدة أقصر من خمس عشرة سنة ، فجعل مدة التقادم فيها $ 1034 $ خمس سنوات فقط ، وذلك لسببين : ( أولا ) أن العادة قد جرت بأن هؤلاء الدائنين يتقاضون حقوقهم عقب انتهاء خدماتهم ، ولا يسكتون طويلا عن المطالبة بأجورهم لأنها مصدر معاشهم . فإذا مضي علي استحقاقهم هذه الحقوق خمس سنوات ولم يطالبوا بها ، فالغالب أن ذلك يرجع إلي أنهم استوفوا هذه الحقوق ، وقل أن يحتفظ المدينون بمخالصات عن يدون مضي علي استحقاقها أكثر من خمس سنوات . ( ثانياً ) وحتي لو ثبت أن هؤلاء الدائنين لم يستوفوا حقوقهم التي مضي علي استحقاقها أكثر من خمس سنوات ، فمن الإرهاق لمدينيهم أن يجبروا علي دفع ديون مضت عليها هذه المدة وأهمل أصحابها في المطالبة بها . ويترتب علي ذلك أنه يكفي أن يتمسك المدين بالتقادم حتي ينقضي الدين ، ولا يصح أن توجه إليه يمين أن ذمته لم تعد مشغولة بالدين كما يصح ذلك في الديون التي تتقادم بسنة واحدة علي ما سنري .
وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل علي عبارة عامة تتناول جميع من يزاول المهن الحرة ، ولكن هذه العبارة حذفت في لجنة مجلس الشيوخ ، لأن فيها " توسعا يجعل الحكم غير منضبط ، ويحسن في مدد التقادم الخاصة أن تعين الحقوق التي تتقادم بانقضاء هذه المدة تعيينا نافيا للشبهة ( [1876] ) " . ومن ثم أصبح النص مقصوراً علي من يأتي من بين أصحاب المهن الحرة ( [1877] ) .
1- الأطباء : ويشمل هذا اللفظ كل طبيب ، سواء كان متخصصا أو غير متخصص ، ويدخل الجراحون والمولدون وأطباء الأسنان والبياطرة ( [1878] ) . ولكن لا يدخل من ليس بطبيب وإن كان يباشر العلاج أو يساعد فيه ، $ 1035 $ فلا يدخل الأطباء النفسانيون ولا الممرضون ( التمرجية ) ولا المولدات غير الطبيبات ولا المدربون علي الألعاب الرياضية لأغراض صحية . والديون المستحقة للأطباء التي تتقادم بخمس سنوات هي الأجور التي يستحقونها علي علاج مرضاهم ، وما عسي أن يكونوا قد تكبدوه من مصروفات أثناء العلاج كمصروفات الانتقال والتحليلات وإقامة المريض ليكون تحت ملاحظة الطبيب . وإذا اقتضي العلاج في المرض الواحد زيارات عدة ، يحسب الأجر عن مجموع هذه الزيارات كأنه دين واحد ، ولا يبدأ سريان التقادم إلا عند انتهاء آخر زيارة ، حتى لو طال المرض ( [1879] ) ، وهذا ما لم يكن العلاج علي فترات منفصلة فيحسب أجر عن زيارات كل فترة من هذه الفترات ( [1880] ) ، فإذا استحق دين لطبيب علي هذا النحو ، ولم يطالب به مدة تزيد علي خمس سنوات ، فإن الدين ينقضي بالتقادم ، حتى لو كان الطبيب مستمراً في علاج نفس المريض ولكن في مرض آخر غير المرض الذي استحق من أجله الدين المتقادم ( أنظر م379 / 1 مدني وسيأتي ذكرها ) . وإذا حرر المدين للطبيب سنداً مكتوبا بالدين ، انقطعت مدة التقادم بهذا السند المكتوب ( [1881] ) ، وبدأت مدة تقادم جديدة مقدارها $ 1036 $ خمس عشرة سنة من وقت استحقاق الدين المدون في السند ( انظر 379 / 2وسيأتي ذكرها ) .
2- الصيادلة : وأغلب ما تكون حقوقهم التي تتقادم بخمس سنوات هي أثمان الأدوية والعقاقير التي يبيعونها لعملائهم ، وكل صفقة تعتبر قائمة بذاتها ، والدين الناشيء عنها يكون مستحق الأداء ويسري عليه التقادم الخمسي منذ تمام الصفقة ، حتي لو استمر الصيدلي بعد ذلك يقدم أدوية أخري ( م379 / 1 مدني ) وقد يقوم الصيدلي بخدمات ويتكبد مصروفات ، فهذه وتلك تعتبر ديونا يسري عليها التقادم الخمسي منذ استحقاقها . فإذا لم يطالب الصيدلي العميل بما يستحقه من دين في ذمته علي النحو المتقدم الذكر ، وانقضي علي استحقاق الدين أكثر من خمس سنوات ، فأنه ينقضي بالتقادم . وإذا حرر العميل للصيدلي سنداً بالدين ، فإن التقادم ينقطع ، ويحل محله تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة _م 379 / 2مدني ) .
3- المحامون : وهؤلاء يستحقون أتعابهم عند موكليهم ، سواء ما اتفق عليه بينهم أو ما قدر بمعرفة المحكمة ( [1882] ) ، فتتقادم هذه الأتعاب بخمس سنوات من وقت استحقاقها . وتستحق الأتعاب بالنسبة إلي المعجل منها من وقت الاتفاق ، وبالنسبة إلي المؤجل من وقت صدور الحكم ، أو من وقت انقضاء الوكالة ولو بعزل الوكيل ( [1883] ) . وقد يستحق للمحامي في ذمة موكله مصروفات ورسوم قضائية $ 1037 $ يدفعها عنه ويرجع عليه بها ، فهذه أيضا ديون تتقادم بخمس سنوات من وقت انقضاء التوكيل . فإذا لم يطالب المحامي موكله بهذه الديون ، وانقضي علي استحقاقها خمس سنوات ، فإنها تسقط بالتقادم ، حتى لو استمر المحامي يباشر قضايا أخري لموكله غير القضية التي نشأ بسببها الديون المتقادمة ( 379 / 1مدني ) . أما إذا حرر الموكل للمحامي سنداً بهذه الديون ، فإن التقادم ينقطع ، ويبدأ تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة ( م379 / 2مدني ) .
1- المهندسون : ويستحقون أجورهم عند عملائهم من أجل التصميمات التي يقومون بها ومن أجل الإشراف علي تنفيذ التصميمات ، وقد يتكبدون مصروفات ويدفعون لحساب العمل مبالغ لتنفيذ الأعمال المعهود بها إليهم . فكل هذه ديون في ذمة العميل تتقادم بخمس سنوات من وقت استحقاقها ، حتى لو بقي المهندس قائما بأعمال أخري للعميل ( م 379 / 1 مدني ) . فإذا حرر العميل للمهندس سنداً بالدين ، انقطع التقادم ، وبدأ تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة ( م379 / 2مدني ) .
2- الخبراء وكلا التفليسة والسماسرة : والخبير يستحق عند العميل أتعاب خبرته ، وقد يتكبد مصروفات لحساب العميل أثناء القيام بأعمال الخبرة . ووكيل التفليسة ( السنديك ) يستحق أتعابه من مال التفليسة ، وقد يتكبد هو أيضا مصروفات لحسابها . والسمسار يستحق عند العميل السمسرة المتفق عليها أو المقضي بها ، وقد يتكبد مصروفات لحساب العميل . فكل هذه ديون تتقادم بخمس سنوات من وقت استحقاقها ( [1884] ) ، ولو بقي الخبير أو وكيل التفليسة أو $ 1038 $ السمسار يقوم بأعمال أخري غير التي استحق من أجلها الأجر المتقادم ( م379 / 1 مدني ) . فإذا حرر المدين سنداً بالدين ، انقطع التقادم ، وبدأ تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة ( م379 / 2مدني ) .
3- الأساتذة والمعلمون : وهؤلاء قد يستحقون أجراء علي التدريس للطلبة أو للتلاميذ ، كالأجور الدراسية في المدارس الحرة وأجور الدروس الخاصة ، ويدخل أيضا ضمن الديون التي يستحقونها ثمن الأدوات والكتب التي يعطونها للطلبة أو التلاميذ ، وثمن الأغذية التي تقدم لهؤلاء ، وما إلي ذلك . فهذه كلها ديون تتقادم بخمس سنوات من وقت استحقاقها ، ولو بقي الأستاذ أو المعلم مستمراً في القيام بخدمات أخري غير التي استحق من أجلها الأجر المتقادم ( م 379 / 1 مدني ) . فإذا ما حرر المدين سنداً بالدين ، انقطع التقادم ، وبدأ تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة ( م 379 / 2 مدني ) .
606 - سريان التقنين المدني الجديد : ويلاحظ أن التقنين المدني الجديد قد استحدث تعديلات في التقنين المدني السابق في خصوص هذه المسائل تتلخص فيما يأتي :
1 - زاد التقنين المدني الجديد في أصحاب المهن الحرة الصيادلة والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة فهؤلاء كانت ديونهم ، في عهد التقنين المدني السابق ، تتقادم بخمس عشرة سنة ، فأصبحت الآن تتقادم بخمس سنوات ، أي بمدة أقصر . وتنص المادة 8 من التقنين المدني الجديد علي أنه ( 1 - إذا قرر النص الجديد مدة للتقادم أقصر مما قرره النص القديم ، سرت المدة الجديدة من وقت العمل بالنص الجديد ، ولو كانت المدة القديمة قد بدأت قبل ذلك . 2 - أما إذا كان الباقي من المدة التي نص عليها القانون القديم أقصر من المدة التي قررها النص الجديد ، فإن التقادم يتم بانقضاء هذا الباقي . ويخلص من ذلك أن ديون الصيادلة والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة إذا كانت قد تقادمت في عهد التقنين المدني السابق بانقضاء خمس عشرة سنة ، فقد انقضت . أما إذا كان التقادم قد بدأ يسري في حقها ولم يتم قبل العمل بالتقنين المدني الجديد ، فإذا كان الباقي من الخمس العشرة سنة $ 1039 $ خمس سنوات أو أكثر ، سري التقادم الخمسي من وقت العمل بالتقنين الجديد . أما إن كان الباقي من مدة التقادم القديم أقل من خمس سنوات ، فإن هذا الباقي هو الذي تتقادم به هذه الديون .
2 - جعل التقنين المدني الجديد ، فيما يتعلق بديون الأطباء والمحامين والمهندسين والمعلمين ، مدة التقادم خمس سنوات ، بعد أن كانت في التقنين المدني السابق ثلثمائة وستين يوما توجه بعد انقضائها اليمين الي المدين . فمدة التقادم هنا أطول مما كانت ، ولم يعد القانون يسمح بتوجيه اليمين إلي المدين . فإذا كان دين من هذه الديون قد انقضتا بالنسبة إليه مدة التقادم القديمة – ثلثمائة وستون يوما - قبل نفاذ التقنين المدني الجديد ، فقد انقضي الدين بالتقادم ، ولم يبق إلا توجيه اليمين للمدين عملا بأحكام التقنين المدني السابق . أما إذا كانت هذه المدة القديمة لم تنقض قبل نفاذ التقنين المدني الجديد ، فبنفاذ هذا التقنين تطول مدة التقادم إلي خمس سنوات تبدأ من وقت أن سرت في عهد التقنين المدني السابق . فإذا كان قد مضي علي استحقاق الدين نصف سنة مثلا وقت نفاذ التقنين المدني الجديد ، فإن مدة التقادم تطول أربع سنوات ونصفا أخري غير نصف السنة التي انقضت . متي يتم التقادم علي هذا النحو ينق1ضي الدين ، ولا يجوز عندئذ توجيه اليمين للمدين وفقا لأحكام التقنين المدني الجديد .
607 - ( 3 ) حقوق التجار والصناع والعمال والخدم والإجراء النصوص القانونية : وقد قدمنا هذه الحقوق علي ما قبلها من الحقوق المذكورة في المادة 377 مدني ( الضرائب والرسوم المستحقة للدولة ) حتى تعقب حقوق أصحاب المهن الحرة ، فقد كانت هذه الحقوق جميعا تتقادم بمدة سنة واحدة في المشروع التمهيدي ، وفصل ما بينها التقنين المدني الجديد في صورته الأخيرة . وبقيت أحكام مشتركة ما بين هذين النوعين من الحقوق هي المذكورة في المادة 379 مدني ، فنورد هنا نص المادتين 378و379 :
تنص المادة 378 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" 1 - تتقادم بسنة واحدة الحقوق الآتية " :
" ( أ ) حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون : $ 1040 $ في هذه الأشياء ، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم " .
" ( ب ) حقوق العمل والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ، ومن ثمن ما قاموا به من توريدات " .
" 2 - ويجب علي من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين علي أنه أدي الدين فعلا ، وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه ، وتوجه الي ورثة المدين ، أو أوصيائهم إن كانوا قصراً ، بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء " .
وتنص المادة379 علي ما يأتي :
" 1 - يبدأ سريان التقادم ، في الحقوق المذكورة في المادتين 376و378 ، من الوقت الذي يتم فيه الدائنون تقدماتهم ، ولو استمروا يؤدون تقدمات أخري " .
" 2 - وإذا حرر سند بحق من هذه الحقوق ، فلا يتقادم الحق إلا بانقضاء خمس عشرة سنة ( [1885] ) .
$ 1041 $ وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 209 / 273و212 / 276 و213 / 277 ( [1886] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادتين 375 - 376 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 365 - 366 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 431 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 351 و353 ( [1887] ) .
$ 1042 $ التقادم في هذه الحقوق يقوم علي قربة الوفاء : ويخلص من النصوص المتقدم ذكرها أن حقوق التجار والصناع وأصحاب الفنادق $ 1043 $ والمطاعم والعمال والخدم والأجراء تتقادم كلها بسنة واحدة ، وهى مدة قصيرة لأن المألوف في التعامل أن هؤلاء الدائنين يتقاضون حقوقهم فور استحقاقها ، وإذا أمهلوا المدين فلا يمهلونه أكثر من عام ، لأن هذه الحقوق هي مورد عيشهم . فإذا مضت سنة ميلادية كاملة دون أن يطالبوا بها ، فرض القانون أنهم استوفاه فعلا ، ولا يطالب المدينين بتقديم ما يثبت براءة ذمتهم ، بل يجعل هذه الحقوق تتقضي بالتقادم .
ولكن لما كان القانون يفرض هنا - نظراً لقصر مدة التقادم - أن المدين قد وفي الحق في خلال سنة من وقت استحقاقه ، فقد جعل هذه القرينة قابلة لإثبات العكس ولكن بطريق واحد هو توجيه القاضي اليمين ، من تلقاء نفسه ، إلي المدين ، فيحلق علي أنه أدي الذين فعلا . فإذا حلف فقد سقط الدين بالتقادم ، ولا يسمح للدائن ، ولو قبل حلف اليمين ، أن يثبت أن المدين لم يدفع الدين . والطريق الوحيد لإثبات ذلك هو أن ينكل المدين عن الحلف عند توجيه القاضي اليمين له علي النحو الذي قدمناه . فان نكل المدين ، ثبت الدين في ذمته ، ووجب عليه وفاؤه ، ولا يتقادم الدين بعد ذلك إلا بخمس عشرة سنة من وقت صدور الحكم ، أو من وقت النكول إذا لم يصدر حكم .
وقد قدمنا ، في الجزء الثاني من الوسيط ( [1888] ) ، أن اليمين في هذه الحالة هي يمين الاستيثاق . فالقانون بعد أن جعل مدة التقادم سنة واحدة ، وجعل من هذا التقادم قرينة علي الوفاء ، أراد أن يعزز هذه القرينة - وقد اعتبرها دليلا غير كامل - بيمين متممة يحلفها المدين علي واقعة شخصية له هي أداؤه الدين فعلا . فإذا كان قد مات ، حلفت الورثة ، أو أوصياؤهم إن كانوا قصراً ، بمين عدم العلم بأنهم لا يعلمون بوجود الدين ، أو يمين العلم بأنهم يعلمون حصول الوفاء ( [1889] ) .
وقد ذكرنا في صدد هذه اليمين ما يأتي : " وخصائص يمين الاستيثاق في الحالة التي نحن بصددها أنها يمين إجبارية ، ولابد للقاضي أن يوجهها إلي المدين $ 1044 $ أو إلي ورثته . وتوجه إلي هؤلاء ، دون الدائن . وإذا حلفها من وجهت إليه ، كسب الدعوي حتما . علي أنها تبقي بعد كل ذلك في نظرنا يمينا متممة لا يمينا حاسمة ، فهي تختلف اختلافا جوهريا عن اليمين الحاسمة في أنها ليست هي الدليل الوحيد في الدعوي ، بل هي دليل تكميلي يعزز الدليل الأصلي وهو قرينة الوفاء المستخلصة من انقضاء سنة علي وجود الدين . علي أن هناك رأيا يذهب إلي أن اليمين هنا يمين حاسمة إجبارية يوجهها القاضي من تلقاء نفسه في حق تقادم بمدة قصيرة . والتقادم يقوم علي قرينة الوفاء ، فهي قرينة قانونية قاطعة لا يجوز دحضها إلا بالإقرار أو بالنكول عن هذه اليمين ( [1890] ) .
609 – تفصيل الحقوق التي تتقادم بسنة واحدة : والدائنون في الحقوق التي تتقادم بسنة واحدة فريقان .
( الفريق الأول ) التجار والصناع وأصحاب الفنادق والمطاعم . ويستحق التاجر أو الصانع حقه في ذمة العميل عن الأشياء التي وردها له من تجارته أو صناعته ، بشرط ألا يشتري العميل هذه الأشياء ليتجر بها هو نفسه ، وإلا كان دينا تجاريا يتقادم في الغالب بخمس عشرة سنة . ويستوى أن يكون العميل تاجراً أو غير تاجر ، ما دام يشترى الأشياء لا للتجارة بها ، بل لاستهلاكه الخاص هو وأسرته . فقد يشتري العمل ، من المخبز أو المطحن أو البقال أو الجزار أو صاحب مصنع الأحذية أو صاحب مصنع المنسوجات ، ما يحتاج إليه في استهلاكه الخاص ، من خبز أو دقيق أو أغذية أو لحم أو أحذية أو ملابس أو غير ذلك . فسواء كان هذا العميل تاجراً أو غير تاجر ، فإن الدين الذي يترتب في ذمته للتاجر أو الصانع يتقادم بسنة واحدة ، لأن مثل هذه الديون لا تبقي عادة في ذمة المدين أكثر من هذه المدة . ويتقادم الدين حتي لو استمر الدائن في توريد أشياء أخري للمدين ، فكل صفقة قائمة بذاتها يتقادم الدين فيها مستقلا عن غيره من الديون في الصفقات الأخري ، والعبرة في تميز الصفقة عن الصفقات الأخري بالمألوف المعتاد ، فمن الناس من تعود " الاستجرار " $ 1045 $ طوال الشهر ويدفع شهراً فشهراً ، ومنهم من يدفع أسبوعا فأسبوعاً ، ومنهم من يدفع يوما فيوما ، فمتي تمت الصفقة واستحق الدين بحسب المألوف في التعامل بين المدين والدائن ، بدأ سريان التقادم ( [1891] ) . وإذا أراد الدائن أن يمنع تقادم الدين في هذه المدة القصيرة ، فما عليه إلا أن يجعل المدين يحرر له سنداً بالدين ، فينقطع التقادم ، ويبدأ تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة .
أما أصحاب الفنادق والمطاعم فيستحقون ديونهم في ذمة عملائهم عن أجر الإقامة في الفندق ، وما يستهلكه العميل عادة في الفندق من طعام وشراب وما يترتب في ذمته من أجر للخدمات التي يقدمها الفندق من غسيل وكي ونحو ذلك ، وما يقدمه الفندق للعميل من سلف . وصاحب المطعم يستحق في ذمة العميل ثمن الطعام والشراب اللذين تناولهما العميل ، وما عسي أن يصرفه صاحب المطعم لحسابه . كل هذه ديون تدفع عادة عقب الانتهاء من الإقامة في الفندق ، وعقب الانتهاء من تناول الطعام والشراب في الفندق . فيسري عليها تقادم السنة من هذا الوقت ، حتي لو عاد العميل إلي الفندق أو المطعم مرة أو مرات أخري وترتيب في ذمته ديون جديدة ، فكل دين من هذه الديون يتقادم بسنة من وقت استحقاقه . وإذا أراد الدائن أن يمنع هذا التقادم القصير ، فعليه أن يجعل المدين يحرر سنداً بالدين ، فيبدأ تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة . هذا ويلاحظ أنه لا يدخل في هذه الديون أجر الغرف المفروشة في غير الفنادق ، فهذه ديون دورية متجددة تتقادم بخمس سنوات كما تقدم القول ( [1892] ) .
$ 1046 $ ( والفريق الثاني ) هم العمال والخدم والأجراء ، عما يستحقونه من أجور عند أرباب العمل ، وعما قاموا به من توريدات لمخدوميهم . والعمال هم عمال المصانع والمتاجر والمزارع . والخدم والأجراء هم الطهاة والسواقون " والسفرجية " والبوابون " والجناينية " وخدم المنازل والفنادق والمطاعم . ويدخل ضمن الأجراء صغار الصناع من سباكين وحدادين ونجارين وميكانيكيين ونحوهم ، وإذا لم يدخلوا ضمن الأجراء دخلوا ضمن الصناع ، فحقوقهم في جميع الأحوال تتقادم بسنة واحدة . والحقوق التي ترتب لمثل هؤلاء الدائنين تدفع عادة في مواعيد استحقاقها ، إذا هى مورد عيشهم . فإذا تأخر الدائن عم المطالبة بها مدة سنة كاملة ،تقادم حقه وسقط ، حتي لو بقي مستمراً في توريد خدماته للمدين . فإذا بقي العامل في المصنع ، تقادم أجره بحسب ميعاد استحقاقه ، يوما فيوماً أو أسبوعا فأسبوعا ، أو شهراً فشهرا . وإذا بقي الخادم في المنزل ، تقادم حقه شهراً فشهراً بحسب ميعاد الاستحقاق . أما ألأجير العارض ، كالنجار والحداد ، فيستحق أجره بمجرد انتهاء عمله ، ويبدأ سريان التقادم من هذا الوقت . وإذا أراد الدائن منع هذا التقادم القصير ، جعل المدين يحرر سنداً بالدين ، فيبدأ تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة . هذا ويلاحظ أن أجور الموظفين والمستخدمين ومهاياهم ومرتباتهم ومعاشاتهم غير أجور العمال والخدم والأجراء ، فقد رأينا أنها تتقادم بخمس سنوات .
610 - سريان التقنين المدني الجديد : رأينا أن التقنين المدني الجديد جعل من التقادم في الحقوق المتقدمة الذكر سنة ميلادية كاملة بدلا من ثلثمائة وستين يوما وهي مدة التقادم في التقنين المدني السابق . أما الدائنون في التقنين المدني السابق فكانوا " الباعة " عن أثمان مبيعاتهم ، ويمكن إدخال التجار والصناع في عموم هذا اللفظ ، فلا خلاف إذن بين التقنينن في هذا الصدد . ولم يذكر التقنين السابق أصحاب الفنادق والمطاعم ، ولا يمكن إدخال هؤلاء ضمن " الباعة " ، فيكون التقنين الجديد قد استحدث هؤلاء الدائنين . وكذلك العمال والأجراء لم يذكرهم التقنين السابق ، ومن الصعب إدخالهم ضمن " الخدمة " الذين ذكرهم ، فيمكن القول إذن أن التقنين الجديد قد استحدث أيضا هؤلاء الدائنين .
$ 1047 $ فيكون الدائنون الذين استحدثهم التقنين المدني الجديد هم أصحاب الفنادق والمطاعم والعمال والأجراء ، فهؤلاء كانت حقوقهم وفقا لأحكام التقنين السابق تتقادم بخمس عشرة سنة ، فأصبحت وفقا لأحكام التقنين الجديد تتقادم بسنة واحدة . فمن كان من هؤلاء له حق سري ضده التقادم في عهد التقنين المدني السابق ، ولم يتكامل بل بقي علي تكامله سنة أو أكثر ، فان هذا الحق ، منذ سريان التقنين الجديد ، يسري ضد التقادم ، الجديد ومدته سنة واحدة ، حتي لو كانت المدة الباقية من التقادم القديم تبلغ أربع عشرة سنة . أما إذا كانت المدة الباقية من التقادم القديم أقل من سنة ، فان هذه المدة الباقية هي التي يتقادم الحق بانقضائها . فلو أن الحق كان قد مضي علي استحقاقه أربع عشرة سنة ونصف ، فإنه يتقادم بعد انقضاء نصف سنة فقط من يوم 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 ( انظر المادة 8 من التقنين المدني الجديد وقد تقدم ذكرها ) . أما إذا كان التقادم قد تكامل خمس عشرة سنة قبل نفاذ التقنين الجديد ، فان الحق يكون قد انقضي في عهد التقنين السابق ، ولا محل إذن للقول بتقادم جديد .
أما بقية الدائنين من الصناع والتجار والخدم . فقد كانت حقوقهم تتقادم بثلثمائة وستين يوما في عهد التقنين المدني السابق ، فطالت مدة التقادم في عهد التقنين المدني الجديد إلي سنة كاملة ، أي زادت نحو خمسة أيام . فالحق الذي كان التقادم قد تكامل بالنسبة إليه ، أي انقضي علي استحقاقه ثلثمائة وستون يوما قبل 15 من شهر أكتوبر سنة1949 ، يكون قد سقط بالتقادم وفقا لأحكام التقنين السابق . أما إذا كان الحق لم ينقض علي استحقاقه قبل 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 ثلثمائة وستون يوما ، فإنه لا يتقادم إلا بانقضاء سنة كاملة من وقت سريان التقادم القديم . فلو أن حقا كان قد انقضي علي استحقاقه عند نفاذ التقنين الجديد تسعة أعشر ، فإن مدة التقادم الباقية تكون ثلاثة أشهر تبدأ من 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 ( [1893] ) .
$ 1048 $ 611 - ( 4 ) الضرائب والرسوم والمستحقة للدولة - النصوص القانونية : تنص المادة 377 من التقنين المدني المصري علي ما يأتي :
" 1 - يتقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة ، ويبدأ سريان التقادم في الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها ، وفي الرسوم المستحقة عن الأوراق القضائية من تاريخ انتهاء المرافعة في الدعوي التي حررت في شأنها هذه الأوراق أو من تاريخ تحريرها إذا لم تحصل مرافعة " .
" 2 - ويتقادم بثلاث سنوات أيضا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ، ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها " .
" 3 - ولا تحل الأحكام السابقة بأحكام النصوص الواردة في القوانين الخاصة ( [1894] ) " .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 210 / 274 ( [1895] ) .
$ 1049 $ ولا مقابل له في التقنينات المدنية العربية الأخري ، فيما عدا التقنين الليبي فتقابله المادة 364 ( [1896] ) .
ويخلص من النص المتقدم الذكر أن مدة التقادم في الضرائب والرسوم المستحقة للدولة هي بوجه عام ثلاث سنوات ( [1897] ) ، ما لم يرد في قوانين الضرائب $ 1050 $ والقوانين الخاصة الأخري نصوص تقضي بغير ذلك ( [1898] ) .
فما لم يرد إذن نص مخالف ، تكون مدة التقادم في الضريبة العقارية ( [1899] ) ، علي الأراضي الزراعية والمباني ، وفي ضرائب الأموال المنقولة ، وفي ضريبة الإيراد العام ، وفي ضريبة الخفر ، وفي غير ذلك من الضرائب ( [1900] ) ، هل ثلاث سنوات تبدأ من نهاية السنة التي تستحق عنها الضريبة ، فمن هذا $ 1051 $ الوقت إذن يبدأ سريان التقادم .
وكذلك الرسوم المستحقة للدولة ، كرسوم التمغة ورسوم البريد ورسوم القضايا والأوراق القضايا ، تتقادم بثلاث سنوات من وقت استحقاقها ، وتستحق الرسوم عن الأوراق القضائية من تاريخ انتهاء المرافعة فى الدعوى التى حررت فى شأنها هذه الأوراق ، فإن لم تحصل مرافعة فمن تاريخ تحريرها ، ويبدأ سريان التقادم من هذا الوقت أو ذاك .
وكما يسرى تقادم ثلاث السنوات فى حقوق الدولة قبل الممولين فى الضرائب والرسوم ، كذلك يسرى تقادم ثلاث السنوات فى حقوق الممولين قبل الدولة إذا دفع الممولون ضرائب أو رسوما أكثر من المستحق وجاز لهم استرداد الزيادة ، ومدة التقادم هذه تعادل مدة التقادم المقررة فى استرداد دفع غير المستحق بوجه عام ( أنظر م 187 مدنى ) ، إلا أن التقادم فى استرداد الزيادة فى الضرائب والرسوم يسرى من يوم دفع غير المستحق سواء كان الممول يعلم بحقه فى الاسترداد أو لا يعلم ، فإذا كان لا يعلم فليست هناك مدة تقادم أخرى مقدارها خمس عشرة سنة تسرى من وقت الدفع ، إذ مدة التقادم هنا واحدة لا تتغير ، وهى ثلاث سنوات تسرى من وقت الدفع كما قدمنا . وهذا بخلاف التقادم فى استرداد غير المستحق فى غير الضرائب والرسوم ، فإن تقادم ثلاث السنوات يسرى من وقت علم الدائن بحقه فى الاسترداد ، ويسقط هذا الحق على كل حال بخمس عشرة سنة من وقت الدفع . ومن ثم نكون أحكام الفقرة الثانية من المادة 377 مدنى مخصصة للأحكام العامة الواردة فى المادة 187 مدنى ( [1901] ) .
$ 1052 $ 612 - لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم فى مدة تختلف عن المدة التى عينها القانون – النصوص القانونية : تنص الفقرة الأولى من المادة 388 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم فى مدة تختلف عن المدة التى عينها القانون ( [1902] ) " .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 385 / 1 - وفى التقنين المدنى الليبى المادة 375 / 1 - وفى التقنين المدنى العراقى المادة 443 / 1 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 346 / 1 ( [1903] ) .
ويخلص من هذا النص أنه لا يجوز الاتفاق مقدما على تعديل مواعيد التقادم التى قررها القانون ، لا بالزيادة ولا بالنقص . وقد كان التقنين المدنى السابق لا يشتمل على نص فى هذه المسألة ، فكان الفقه والقضاء يسيران على ما جرى عليه القضاء فى فرنسا ( [1904] ) . ويحرم القضاء الفرنسى الاتفاق على إطالة مدة التقادم ، إذ هو ضد مصلحة المدين ، وقد يكون فوق ذلك وسيلة إلى النزول عن التقادم قبل أن يتم ، كما إذا اتفق الطرفان على إطالة مدة التقادم إلى خمسين سنة أو إلى مائة ، فيكون هذا بمثابة النزول مقدما عن التقادم من الناحية العملية ( [1905] ) . ولكن القضاء الفرنسى يجيز الاتفاق على تقصير مدة التقادم ، بشرط أن تكون المدة المتفق عليها كافية لأن يطالب الدائن بحقه ، فلا تكون قصيرة إلى حد $ 1053 $ لا تمكنه من ذلك عمليا ، وكثيرا ما كان يتفق على تقصير مدد التقادم فى عقود النقل وفى عقود التأمين ( [1906] ) . وحجة القضاء فى ذلك أن تقصير المدة هو مصلحة المدين ، ولكن هذه الحجة ليست حاسمة ، فإنه يقع كثيراً أن يكون المدين هو الجانب الأقوى كما فى عقود الإذعان ومنها عقود النقل وعقود التأمين . ومن ثم حرم قانون 13 يوليه سنة 1930 الذى نظم عقد التأمين فى فرنسا أى اتفاق على تقصير مدة التقادم ، بل وعلى إسقاط حق المؤمن له إذا لم يقم بأعمال معينة فى مدد قصيرة كالتبليغ عن الحادث وتقديم المستندات ( [1907] ) .
أما التقنين المدنى المصرى الجديد فقد أتى ، كما رأينا ، بنص صريح فى المسألة ، استمده من المشروع الفرنسى الإيطالى . فنص على تحريم الاتفاق على إطالة مدة التقادم أو تقصيرها ، واعتبر مدة التقادم التى حددها القانون ملزمة للطرفين فلا يجوز لهما أن يتفقا على تعديلها . فتكون مدد التقادم إذن من النظام العام ، ولا يجوز أن يترك تحديدها لمشيئة الأفراد ( [1908] ) . ويترتب على ذلك أنه إذا اتفق الطرفان على تقصير مدة التقادم العادى ، وهى خمس عشرة سنة ، إلى عشر سنوات أو خمس مثلا ، لم يعتد بهذا الاتفاق بل تكون المدة خمس عشرة سنة كاملة .
وإذا اتفق الطرفان على إطالة مدة السنة المحددة لتقادم بعض الديون إلى سنتين أو ثلاث مثلا ، كان هذا الاتفاق باطلا ، وتبقى مدة التقادم سنة كما حددها القانون . وسنرى فيما يلى أن النزول عن التقادم مقدما قبل أن يكتمل غير جائز كإطالة مدة التقادم ، والجائز إنما هو النزول عن التقادم بعد أن يكتمل .
$ 1054 $ وقد كان الاتفاق على تقصير مدة التقادم جائزا فى عهد التقنين المدنى السابق ، وفقا لما جرى عليه القضاء الفرنسى فيما قدمناه . ومن ثم تنفذ الاتفاقات التي تكون قد عقدت فى ذلك العهد ، إذا كانت مدة التقادم التي اتفق على تقصيرها قد اكتملت قبل نفاذ التقنين الجديد . أما إذا كانت لم تكتمل ، فالظاهر أن الاتفاق على تقصير مدة التقادم تسرى عليه أحكام التقنين الجديد وهى هنا من النظام العام ، فلا يعتد بهذا الاتفاق وتبقى مدة التقادم كاملة دون تقصير كما حددها القانون .
المبحث الثانى
كيفية حساب مدة التقادم
613 – النصوص القانونية : تنص المادة 380 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات . ولا يحسب اليوم الأول ، وتكمل بانقضاء آخر يوم منها " .
وتنص المادة 381 على ما يأتى :
" 1 - لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء "
" 2 – وبخاصة لا يسرى التقادم بالنسبة إلى دين معلق على شرط واقف إلا من الوقت الذي يتحقق فيه الشرط ، وبالنسبة إلى ضمان الاستحقاق إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق ، وبالنسبة إلى الدين المؤجل إلا من الوقت ينقضى فيه الأجل " .
" 3 – وإذا كان تحديد ميعاد الوفاء متوقفا على إرادة الدائن ، سرى التقادم $ 1055 $ من الوقت الذي يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته ( [1909] ) " .
ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الأحكام كان معمول به بها دون نص لاتفاقها مع القواعد العامة ( [1910] ) .
وتقابل هذه النصوص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين 377 – 378 – وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 367 – 368 - وفى التقنين المدنى العراقى المواد 432 – 434 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 348 ( [1911] ) .
وتعرض هذه النصوص لمسألتين : ( 1 ) حساب مدة التقادم ( 2 ) ومبدأ سريان التقادم .
$ 1056 $
614 - حساب مدة التقادم : تقول المادة 380 مدنى " تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات " . ذلك أننا لو حسبنا المدة بالساعات ، لاقتضى ذلك أن نعرف فى أية ساعة على وجه الدقة بدأ سريان التقادم ، وهذا أمر تتعذر معرفته ، فإن التاريخ الذي يكتب فى الأوراق ويؤخذ عادة مبدأ لسريان التقادم لا تذكر فيه الساعات بل اليوم ( [1912] ) . فوجب إذن حساب المدة من يوم إلى يوم ، ابتداء من منتصف الليل إلى منتصف الليل التالى ، وفقا للتقويم الميلادى ( [1913] ) . ويقضى هذا عدم حساب اليوم الأول ، لأنه يكون يوما ناقصا أو جزءاً من يوم ( [1914] ) . ذلك أنه إذا لم يكن سريان التقادم قد بدأ عند منتصف الليل تماما ، وهذا أمر نادر لا يدخل فى الحساب ، وأردنا أن نحسب ما تقدم من الساعات على منتصف الليل ، لاقتضى ذلك أن نحسب المدة بالساعات ، من الساعة التي بدأ فيها على وجه الدقة سريان التقادم ، وهذا أمر تتعذر معرفته كما سبق القول .
$ 1057 $
فالحساب بالأيام يقتضى إذن إغفال اليوم الناقص ، ثم حساب مدة التقادم يوما فيوما ، حتى نصل إلى منتصف الليل من اليوم الذي يتم به عدة التقادم السنين التي حددها القانون ، ولا يتم التقادم إلا عند منتصف هذا الليل . وتقول المادة 380 مدنى : " ولا يحسب اليوم الأول ، وتكمل المدة بانقضاء آخر يوم منها " .
ويدخل فى الحساب ما يتخلل هذه الأيام من مواسم وأعياد ، وإذ كان التقادم لا يكتمل إلا بانقضاء آخر يوم منه ، فإنه يقع صحيحا ما يتخذ من الإجراءات بشأن قطع التقادم فى هذا اليوم . فإن كان اليوم الأخير يوما من أيام الأعياد أو المواسم ، وتعذر اتخاذ إجراء فيه لقطع التقادم ، فإن سريان التقادم يوقف بالقوة القاهرة إلى اليوم التالى أو إلى أول يوم صالح لاتخاذ الإجراء ، ولا يكتمل التقادم إلا بانقضاء هذا اليوم دون أن يقطع الدائن سريانه ( [1915] ) .
هذا وفى حساب المدة تضم مدة السلف إلى مدة لخلف . فلو أن الدائن قد مات بعد استحقاق الدين بسبع سنوات ، وكانت مدة التقادم خمس عشرة سنة ، فلا يبقى أمام وارث الدائن إلا ثمانى سنوات للمطالبة بالدين . فإن انقضت هذه المدة دون أن يطالب الوارث بالدين ، سقط الدين بالتقادم ، لأن مدة المورث ضمت إلى مدة الوارث فى الحساب . ولو أن الدائن نزل عن الدين المحال له بعد سبع سنوات من استحقاقه ، فإن المحال له لا يبقى أمامه للمطالبة بالدين إلا ثمانى سنوات ، لأن مدة سلفه تضم إلى مدته فى حساب التقادم ، على نحو ما رأينا فى ضم مدة المورث إلى مدة الوارث . فالخلف ، سواء كان خلفاً عاماً أو خلفاً $ 1058 $ خاصاً ، تحسب عليه مدة سلفه وتضم إلى مدته لاكتمال التقادم ( [1916] ) .
وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد ينص على حساب مدة التقادم بالتقويم الهجرى ( [1917] ) ، كما كان الأمر فى عهد التقنين المدنى السابق حيث كان القضاء تحسب مدة التقادم ، وهى مأخوذة من الشريعة الإسلامية ، بالتقويم الهجرى ، فوجب الحساب بالتقويم الميلادى تطبيقا لأحكام المادة 3 مدنى ( [1918] ) ، وتنص على أن " تحسب المواعيد بالتقويم الميلادى ، ما لم ينص القانون على غير ذلك ( [1919] ) " . من جل هذا يقع أن تكون مدة التقادم بحسب التقويم الهجرى مكتملة قبل نفاذ التقنين المدنى الجديد ، أى قبل يوم 15 من أكتوبر سنة 1949 ، فيسقط بالتقادم حتى لو لم تكن المدة قد اكتملت بحسب التقويم الميلادى . أما إذا كانت المدة لم تكتمل بالتقويم الهجرى قبل يوم 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 ، فإن التقادم يستمر ساريا ، ولكن تحسب المدة ، أولها بالتقويم الميلادى تطبيقا لأحكام التقنين المدنى الجديد . فلو أن المدة التي انقضت قبل يوم 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 كانت خمس عشرة سنة هجرية إلا يوما واحدا ، فإن التقادم فى هذه الحالة يحسب من أوله بالتقويم الميلادى ، ويبقى على اكتمال المدة ، لا يوم واحد فحسب ، بل هذا اليوم مضافا إليه عدد آخر من الأيام هو الفرق ما بين خمس عشرة سنة ميلادية وخمس عشرة سنة هجرية ، فتكون المدة الباقية لاكتمال التقادم فى الحالة التي نحن بصددها هى مائة وتسعة وستون يوما بدلا من يوم واحد ، إذا حسبنا فى الخمس العشرة سنة ميلادية ثلاث سنوات كبيسة على الأقل ( [1920] ) .
$ 1059 $ 615 – مبدأ سريان التقادم – القاعدة العامة واستثناءاتها :
تضع الفقرة الأولى من المادة 381 مدنى القاعدة العامة فى تحديد مبدأ سريان التقادم ، فقد رأيناها تنص على أنه " لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء " . فالقاعدة إذن أن يبدأ سريان التقادم من وقت استحقاق الدين ، إذ أن الدائن لم يكن يستطيع المطالبة بالدين قبل استحقاقه ، وينبغى أن يكون الدائن خلال مدة التقادم قادرا على مطالبة المدين ولم يفعل ، فيتقادم الدين جزاء له على إهماله . وتفريعاً على ذلك ، إذا كان الدين غير مستحق الأداء إلا بعد مدة معينة ، لم يسر التقادم إلا من وقت استحقاق الدين للأداء ، ما دام الدائن كان لا يستطيع المطالبة بالدين قبل ذلك ( [1921] ) .
$ 1060 $ هذا ما لم يرد نص خاص يجعل مبدأ سريان التقادم غير يوم استحقاق الدين وهناك فعلا نصوص خاصة ، بعضها يجعل مبدأ سريان التقادم بعد يوم استحقاق الدين ، وبعضها يجعله قبل يوم الاستحقاق .
فمن النصوص التي تجعل مبدأ سريان التقادم بعد يوم استحقاق الدين ما ورد خاصاً بالتقادم الثلاثى بالنسبة إلى الالتزامات الناشئة من العمل غير المشروع أو الإثراء بلا سبب أو دفع غير المستحق أو الفضالة فهذه الالتزامات جميعا لا يسرى فى حقها تقادم ثلاث السنوات إلا من اليوم الذي يعلم فيه الدائم بقيام الدين وبالشخص المسئول عنه ، وقد يتأخر هذا اليوم عن اليوم الذي يستحق فيه الدين وهو اليوم الذي وقع فيه العمل غير المشروع أو الإثراء بلا سبب أو دفع غير المستحق أو الفضالة ( [1922] ) . كذلك يجرى التقادم الثلاثى بالنسبة إلى دعاوى إبطال العقد لنقص الأهلية أو الغلط أو التدليس أو الإكراه من اليوم الذي يزول فيه نقص الأهلية أو ينكشف فيه الغلط أو التدليس أو ينقطع فيه الإكراه ، وهذا اليوم يتأخر عادة عن اليوم الذي يمكن فيه رفع دعوى الإبطال ( [1923] ) . كذلك يسرى التقادم الثلاثى بالنسبة إلى الدعوى البولصية من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف ، وهذا اليوم يتأخر عادة عن اليوم الذي يمكن فيه رفع الدعوى وهو اليوم الذى وقع فيه التصرف المطعون فيه ( [1924] ) .
ومن النصوص التى تجعل مبدأ سريان التقادم قبل يوم استحقاق الدين ما ورد فى الفقرة الثالثة من المادة 381 مدنى ، وتقضى كما رأينا بأنه " إذا كان تحديد ميعاد الوفاء متوقفا على إرادة المدين ، سرى التقادم من الوقت الذي $ 1061 $ يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته " . فالدين هنا لا يستحق إلا إذا أعلن الدائن فعلا إرادته فى استيفائه ، ومع ذلك يبدأ سريان التقادم بالنسبة إليه من اليوم الذي يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته ولو لم يعلنها بالفعل ، أى فى يوم سابق على استحقاق الدين . كذلك نصت الفقرة الثانية من المادة 386 مدنى على أنه " إذا سقط الحق بالتقادم سقطت معه الفوائد وغيرها من الملحقات ، ولو لم تكتمل مدة التقادم الخاصة بهذه الملحقات " . فهذا النص يجعل الفوائد والملحقات تتقادم بتقادم الحق نفسه ، وقد يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الحق قبل استحقاق الفوائد والملحقات ، ومن ثم يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الفوائد والملحقات قبل استحقاقها .
616 - مبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى دين معلق على شرط وبالنسبة إلى ضمان الاستحقاق : وتطبيقا للقاعدة العامة من أن مبدأ سريان التقادم يكون من وقت استحقاق الدين ، يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الدين المعلق على شرط واقف من وقت تحقق هذا الشرط ، لأن هذا الدين لا يستحق إلا من هذا الوقت ، وقبل تحقق الشرط الواقف لم يكن من الممكن معرفة ما إذا كان الدين يستحق أو لا يستحق . وإذا كان لتحقق الشرط الواقف أثر رجعى ، فيعتبر الالتزام لا يكون نافذا إلا من وقت تحقق الشرط ، والعبرة فى مبدأ سريان بنفاذ الالتزام لا بوجوده ( [1925] ) .
ويترتب على ذلك أن مبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى ضمان الاستحقاق هو من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق بحكم نهائى ، ذلك أن التزام البائع بضمان $ 1062 $ استحقاق المبيع ه التزام معلق على شرط واقف ويتحقق الشرط بثبوت استحقاق المبيع ، فيبدأ سريان التقادم من وقت ثبوت استحقاق المبيع بالحكم النهائى ( [1926] ) .
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 381 مدنى ، كما رأينا ، على الأحكام المتقدم ذكرها ، فقالت : " وبخاصة لا يسرى التقادم بالنسبة إلى دين معلق على شرط واقف إلا من الوقت الذى يتحقق فيه الشرط ، وبالنسبة إلى ضمان الاستحقاق إلا من الوقت الذي يثبت فيــه الاستحقـاق ( [1927] ) " .
$ 1063 $ أما الدين المعلق على شرط فاسخ فإنه نافذ منذ وجوده . ويبقى نافذاً إلى أن يتحقق الشرط الفاسخ ، فإذا تحقق الشرط زال الالتزام بأثر رجعى . ويترتب على ذلك أن مبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الدين المعلق على شرط فاسخ يكون من وقت نفاذه ، أى قبل تحقق الشرط الفاسخ . فإذا أكتمل التقادم قبل تحقق الشرط ، سقط الالتزام بالتقادم سواء تحقق الشرط أو لم يتحقق . أما إذا لم يكتمل التقادم وتحقق الشرط الفاسخ ، فقد زال الالتزام بأثر رجعى كما قدمنا . وإذا تبين أن الشرط الفاسخ لن يتحقق وأصبح الالتزام باتاً ، بقى التقادم سارياً منذ بدأ ، إلى أن يتكامل أو إلى أن ينقطع ( [1928] ) .
617 – مبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى دين مؤجل : وتطبيقاً للقاعدة العامة أيضاً فى مبدأ سريان التقادم ، يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الدين المؤجل من وقت حلول الأجل ، بانقضائه أو بسقوطه أو بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه . ذلك أن الدين يصبح مستحقاً من وقت حلول الأجل ، فمن هذا الوقت يبدأ سريان التقادم . ويسترى فى ذلك أن يكون الأجل صريحا أو ضمنيا ، معينا أو غير معين ، اتفاقياً أو قانونياً أو قضائياً .
فإذا كان الدين مسقطاً ، فكل قسط يعتبر ديناً مستقلا بذاته ، ويسرى التقادم بالنسبة إلى كل قسط من وقت حلول هذا القسط ( [1929] ) .
كذلك الديون الدورية بوجه عام ، كالأجر والأجور والفوائد وأقساط الإيراد ، فهى تحل فى مواعيد دورية . وكل دفعة منها تحل ، يبدأ سريان التقادم بالنسبة إليها من وقت حلولها . ولا يتوقف سريان التقادم بالنسبة إلى أية دفعة على سريانه بالنسبة إلى الدفعات الأخرى ، بل كل دفعة تعتبر دينا قائما بذاته مستقلا بالنسبة إلى التقادم وإلى مبدأ سريانه ( [1930] ) . وقد طبقت الفقرة $ 1064 $ الأولى من المادة 379 مدنى هذا المبدأ ، بالنسبة إلى حقوق أصحاب المهن الحرة وحقوق التجار والصناع والعمال والخدم والأجراء ، فنصت كما رأينا على أن " يبدأ سريان التقادم فى الحقوق المذكورة فى المادتين 376 و378 من الوقت الذي يتم فيه الدائنون تقدماتهم ، ولو استمروا يؤدون تقدمات أخرى ( [1931] ) .
والالتزام بدفع إيراد مرتب غير الالتزام بدفع أقساط هذا الإيراد فالالتزام بدفع كل قسط من أقساط الإيراد يبدأ سريان التقادم بالنسبة إليه من وقت حلول هذا القسط كما قدمنا . أما الالتزام بدفع الإيراد ، فى ذاته ، دون نظر إلى أقساطه ، فيتقادم من وقت وجوده ، لأنه من ذلك الوقت يكون نافذاً ، حتى قبل حلول أى قسط من أقساطه . فإذا انقضى منذ وجود الالتزام يدفع الإيراد مدة التقادم ، سقط الالتزام ( [1932] ) . والمفروض فى هذه الحالة أن أى قسط من أقساط هذا الإيراد لم يدفع ، لأنه لو دفع قسط منها فقد انقطع التقادم ، وبدأ تقادم جديد يسرى منذ الانقطاع دون حاجة لانتظار حلول قسط تال . ويلاحظ أيضاً أن مدة التقادم تبدأ فى هذه الحالة منذ وجود الالتزام بالايراد دون حاجة لانتظار حلول أول قسط منه ، فقد لا يحل إلا بعد سنة ، فيتقادم الالتزام بالإيراد بعد خمس عشرة سنة من وجوده ، أى بعد أربع عشرة سنة من حلول أول قسط ( [1933] ) . ويتقادم كل قسط من أقساط الإيراد ، $ 1065 $ وهى ديون دورية ، باقنضاء خمس سنوات من وقت حلول القسط .
وقد يكون تحديد الأجل موكولا إلى تقدير القاضى ، كما إذا اتفق الدائن والمدين على أن يكون الدفع عند المقدرة ، فعند ذلك يحدد القاضى الأجل الذي يعتبر الدين حالا بعد انقضائه . فلا يسرى التقادم فى هذه الحالة إلا إذا حدد القاضى الأجل وانقضى الأجل المحدد ، فمنذ انقضائه يبدأ سريان التقادم ( [1934] ) .
618 - مبدأ سريان التقادم إذا كان ميعاد الاستحقاق متوقفا على إرادة الدائن : وقد عنى المشرع بالنسب على مبدأ سريان التقادم إذا $ 1066 $ كان ميعاد استحقاق الدين متوقفا على إرادة الدائن ، كما هو الأمر فى سند مستحق الأداء عند تقديمه ( a vue ) ، أى عندما يتقدم به الدائن للمدين مطالباً بالوفاء . فنصت الفقرة الثالثة من المادة 381 مدنى ، كما رأينا ، على أنه " إذا كان تحديد ميعاد الوفاء متوقفا على إرادة الدائن ، سرى التقادم من الوقت الذي يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته " . ذلك أنه إذا تأخر مبدأ سريان التقادم إلى الوقت الذي يختاره الدائن لتقديم السند إلى المدين ومطالبته بوفائه ، كان أمر سريان التقادم موكولا إلى محض إرادة الدائن ، وهذا لا يجوز ، وإلا أمكن أن يكون الدين غير قابل للتقادم ( [1935] ) . فجعل النص مبدأ سريان التقادم الوقت الذي يتمكن فيه الدائن من المطالبة بالوفاء ( [1936] ) ، سواء طالب فعلا بالوفاء أو لم يطالب ، حتى لا يتحكم فى الوقت الذي يبدأ فيه سريان التقادم . والوقت الذي يتمكن فيه الدائن من المطالبة بالوفاء يكون عادة وقت إنشاء الالتزام ( [1937] ) ، ما لم يثبت الدائن أنه لم يكن فى استطاعته المطالبة بالوفاء $ 1067 $ إلا فى تاريخ لاحق ( [1938] ) .
ويخلص مما تقدم أن مبدأ سريان التقادم لا يجوز أن يترك لمحض إرادة الدائن يتحكم فى تحديده كما يشاء . كذلك لا يجوز أن يترك مبدأ سريان التقادم حتى إلى اتفاق يتم بين الدائن والمدين ، إذ لو جاز ذلك لاستطاعا أن يصلا بطريق غير مباشر إلى النزول عن التقادم قبل اكتماله ، بأن يؤخرا مبدأ السريان مستمرين على تأخيره ، والنزول عن التقادم قبل اكتماله لا يجوز كما سنرى .
وإنما الجائز هو أن يتفق الدائن والمدين على اعتبار سلسلة من الصفقات مرتبطة بعضها ببعض كأنها صفقة واحدة لا تتجزأ ، فلا يسرى التقادم إلا بعد أن تتم حلقات هذه السلسلة . وبذلك يتأخر مبدأ سريان التقادم بالاتفاق حتى تتم آخر حلقة من هذه الصفقات ( [1939] ) . وقد يستخلص هذا الاتفاق من طبيعة الوضع القائم ، فالالتزامات الناشئة عن عقد الوكالة لا يبدأ سريان التقادم فيها إلى من وقت انقضاء هذا العقد ( [1940] ) .
619 – مبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الديون الاحتمالية : والدين يكون احتمالياً ، كما قدمنا ، إذا كانت عناصر وجوده لم تتكامل فالالتزام بالتعويض عن عمل غير مشروع يبقى احتمالياً حتى لو وقع العمل غير المشروع ما دام الضرر لم يتحقق ، فإذا ما تحقق الضرر انقلب الالتزام من التزام احتمالى إلى التزام محقق . والالتزام بالرصيد فى الحساب الجارى يبقى التزاماً احتمالياً حتى يقفل الحساب ويتحدد الرصيد لمصلحة أحد الطرفين ، فعند ذلك ينقلب الالتزام إلى التزام محقق .
$ 1068 $ وغنى عن البيان أن التقادم لا يمكن أن يسرى بالنسبة إلى الالتزام الاحتمالى ، لأنه التزام غير نافذ ، بل هو التزام غير موجود حالا وأن احتمل وجوده استقبالا . ولا يبدأ سريان التقادم بالنسبة إليه ، إلا من وقت أن ينقلب من التزام احتمالى إلى التزام محقق . ومن ثم لا يبدأ سريان التقادم ، بالنسبة إلى الالتزام الاحتمالى بالتعويض ، إلا من وقت تحقق الضرر . ولا يبدأ سريان التقادم ، بالنسبة إلى الالتزام الاحتمالى بدفع رصيد الحساب الجارى ، إلا من وقت إقفاله وترصيده ( [1941] ) .
المبحث الثالث
وقف التقادم
( Suspension de la prescription )
620 – التمييز بين وقف سريان التقادم وتأخير سريان التقادم : قد يعرض من الأسباب ما يقف سريان التقادم بعد أن يكون قد بدأ ، وعند ذلك لا تحسب المدة التى وقف فيها سريان التقادم ، وتحسب المدة التى سبقت والمدة التى تلت . فوقف سريان التقادم يفترض إذن أن التقادم قد بدأ سريانه ، ثم وقف لسبب معين . أما تأخير سريان التقادم فيفترض أن التقادم لم يبدأ سريانه لعدم استحقاق الدين ، وسيبدأ السريان بمجرد الاستحقاق ، وهذا ما عرضنا له عند الكلام فى بدء سريان التقادم .
ولكن من الجائز أن يقوم سبب يقف سريان التقادم منذ البداية ، أى قبل أن يبدأ السريان ، فعند ذلك يختلط وقف سريان التقادم بتأخير سريانه .
$ 1069 $ على أنه لا يزال هناك فرق بين الأمرين حتى فى هذه الحالة . ففى صورة وقف سريان التقادم تنتهى المدة التى وقف فيها السريان بزوال سبب الوقف ، أما فى صورة تأخير سريان التقادم فلا تنتهى المدة إلا بحلول الميعاد الذي يستحق فيه الدين ( [1942] ) .
ومهما يكن من أمر ، فإن وقف التقادم إذا صح أن يعترض التقادم بعد بدء سريانه أو يقع منذ البداية ، فإن تأخير سريان التقادم لا يقع إلا منذ البداية ولا يتصور وقوعه معترضاً سريان التقادم بعد أن بدأ .
621 - النصوص القانونية : تنص المادة 382 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - لا يسرى التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً . وكذلك لا يسرى التقادم فيما بين الأصيل والنائب " .
" 2 - ولا يسرى التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات فى حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو فى حق الغائب أو فى حق المحكوم عليه بعقوبة جنائية إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناً ( [1943] ) " .
$ 1070 $ ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المواد 83 / 112 و85 / 114 و205 / 269 ( [1944] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 379 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 369 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 435 – 436 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 354 - 356 ( [1945] ) .
$ 1071 $ ويخلص من هذا النص أن التقنين المدنى الجديد قد استحدث تعديلاً هاماً فى أسباب وقف التقادم ، فبعد أن كانت هذه الأسباب مذكورة على سبيل الحصر فى التقنين المدنى السابق أسوة بالتقنين المدنى الفرنسى ، أصبحت فى التقنين الجديد سببا عاماً يندرج تحته كثير من الأسباب ، فكلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ، يقف سريان التقادم ، ولو كان هذا المانع أدبياً .
وحتى ندرك مدى العموم الذي استحدثه التقنين الجديد ، يحسن أن نستعرض أولا أسباب وقف سريان التقادم فى التقنين المدنى الفرنسى ، ثم ننتقل بعد ذلك إلى أسباب الوقف فى التقنين المدنى المصرى .
622 - أسباب وقف التقادم فى التقنين المدنى الفرنسى : عدد التقنين المدنى الفرنسى أسباب وقف التقادم على سبيل الحصر ( [1946] ) ، وهى طائفتان من الأسباب :
$ 1072 $ ( الطائفة الأولى ) هم القصر والمحجورون ( [1947] ) ( م 2252 مدنى فرنسى ) ، فهؤلاء لا يسرى فى حقهم التقادم إذا كانت مدته تزيد على خمس سنوات ، ما دام نقص الأهلية قائما . ويستوى أن يكون للقصر والمحجورين من يمثلهم قانوناً كولى أو وصى أو قيم أو لم يكن لهم ممثلون ، ففى الحالتين يقف سريان التقادم فى حقهم . وينتقد الفقه الفرنسى هذا الحكم ، ويؤثر ألا يقف سريان التقادم فى حق القصر والمحجورين ، أو فى القليل لا يقف سريانه إذا كان لهم من يمثلهم قانوناً إذ وجد من يستطيع المطالبة بحقوقهم ، فإن أهمل من يمثلهم فى المطالبة بحقوقهم استطاعوا الرجوع عليه بالتعويض . هذا إلى أن الأساس الذي يقوم عليه التقادم إنما هو تثبيت الأوضاع التى بقيت قائمة زمنا طويلا حتى يستقر التعامل ، وليس غرضه الجوهرى عقاب الدائن المهمل ، فتحقق حكمته سواء كان الدائن كامل الأهلية أو ناقصها ( [1948] ) .
( الطائفة الثانية ) هم الطائفة الذين تستوجب علاقتهم بالمدينين وقف سريان التقادم فى حقهم ، وهؤلاء هم : 1 - الزوجان ( م 2253 مدنى فرنسى ) ، ولا يسرى التقادم فيما بينهما ، وإلا لاضطر كل منهما أن يقاضى الآخر حتى يقطع التقادم ، فيتعكر صفو السلام فى الأسرة ( [1949] ) . 2 - الوارث الذي قبل الميراث مع الاحتفاظ بحقه فى الجرد sous benefice d’inventaire ( م 2258 مدنى فرنسى ) . فهذا الوارث إنما قبل الميراث على أن تفصل أموال التركة عن أموال الشخصية ، وعلى ألا يكون مسئولا عن ديون التركة إلا بقدر ما لها من حقوق . فإذا كان دائناً للتركة ، فإن حقه لا يزول باتحاد الذمة ، لأنه لم يرث ديون التركة بعد أن انفصلت عن أمواله . ومادام حقه لا يزول ، فقد أصبح هذا الحق عرضة للتقادم ، إلا إذا قاضى الوارث التركة مطالباً به . وقد رأى المشرع الفرنسى ، فى سبيل منع الوارث من مقاضاة التركة وما فى ذلك من تعارض مع واجباته باعتبار أنه هو المدير للتركة والممثل لها ، وتوقياً لمصروفات المقاضاة $ 1073 $ مما يضر بمصلحة الدائنين الآخرين ومصلحة الوارث نفسه ، أن يقف سريان التقادم فى حق هذا الوارث حتى لا يضطر إلى مقاضاة التركة ( [1950] ) .
هذه هى أسباب وقف التقادم فى التقنين المدنى الفرنسى ذكرت على سبيل الحصر ، فلا يجوز التوسع فيها ولا القياس عليها . وبخاصة لا يجوز ، فى نظر الفقه الفرنسى ، الرجوع إلى قاعدة تقليدية كانت معروفة فى القانون الفرنسى القديم ، وكانت تقضى بأن يوقف التقادم حيث يتعذر على الدائن أن يقطع سريانه ( contra non valentem agere non currit praescriptio ) ، فأي مانع يتعذر معه على الدائن أن يقطع التقادم يكون سببا لوقف سريانه . ولم ينقل التقنين المدنى الفرنسى هذه القاعدة ، بل هو على العكس من ذلك انكرها فى وضوح عندما قرر فى المادة 2251 أن التقادم يسرى فى حق كل شخص إلا إذا كان الشخص مستثنى بمقتضى نص فى القانون ( [1951] ) . ولكن القضاء الفرنسى لم يساير $ 1074 $ الفقه فيما ذهب إليه ، بل قصر نص المادة 2251 على أسباب وقف التقادم التى ترجع إلى حالة الشخص كما هو ظاهر النص ، فهذه الأسباب مذكورة على سبيل الحصر فى نصوص القانون . أما الأسباب التى لا ترجع إلى حالة الشخص ، بل ترجع إلى ظروف خارجية ، فهى غير مذكورة على سبيل الحصر ، بل كان القضاء الفرنسى فى شأنها أميل إلى تطبيق القاعدة التقليدية المشار إليها ، فأى مانع خارجى يتعذر معه على الدائن أن يقطع التقادم يكون سببا لوقف سريانه ( [1952] ) .
$ 1075 $ 623 - أسباب وقف التقادم فى التقنين المدنى المصرى : وإذا كان التقنين المدنى المصرى : وإذا كان التقنين المدنى المصرى السابق قد حذا حذو التقنين المدنى الفرنسى فى حصر أسباب وقف التقادم كما قدمنا ، فإن التقنين المدنى المصرى الجديد قد عدل عن هذه المحاذاة ، وجعل التقادم يقف لا بالنسبة إلى ناقصى الأهلية والمحجورين فحسب ، ولا فيما بين الأصيل والنائب فحسبن بل بوجه عام يقف سريان التقادم " كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ، ولو كان المانع أدبيا " .
فجاءت هذه العبارة من حيث العموم والشمول بحيث تذكر بالقاعدة التقليدية فى القانون الفرنسى القديم التى سبقت الإشارة إليها ، والتى تقضى بان يوقف التقادم حيث يتعذر على الدائن أن يقطع سريانه ، وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " بيد أن أهم جديد أتى به المشروع فى هذا الصدد هو النص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إذا كان ثمة مانع يستحيل معه على المدين أن يطالب بحقه فى الوقت المناسب ، ولو كان هذا المانع أدبيا . ولم ير إيراد الموانع على سبيل الحصر – كالحرب وحالة الأحكام العرفية والأسر وصلة الزوجية والخدمة – على غرار ما فعلت بعض تقنينات أجنبية .
بل عمم الحكم لتمشيه مع ما يقضى به العقل ، ولا سيما أن ضبط حدوده من طريق التطبيق غير عسير . وتطبيقا لهذا الحكم يقف سريان التقادم بين الزوج وزوجه ما بقيت الزوجية قائمة ، وبين المحجور ومن ينوب عنه قانوناً ما بقى قائما على الإدارة ، وبين الشخص المعنوى ونائبه ما بقيت النيابة قائمة ، وبين الموكل والوكيل فيما يدخل فى حدود التوكيل ، وبين السيد والخادم طوال مدة التعاقد ، لأن بين كل من أولئك وكل من هؤلاء على التوالى صلة تبعث على الاحترام والثقة أو الرهبة يستحيل معها على الدائن أدبيا أن يطالب بحقه . وتجدر الإشارة إلى أن اتحاد الذمة مانع طبيعى من موانع سريان المدة ، فإذا زال السبب الذي أفضى إلى اجتماع صفتى الدائن والمدين زوالا مستنداً ، وعاد الدين إلى الوجود ، أعتبر التقادم قد وقف طوال الفترة التى تحقق الاتحاد فى خلالها ( [1953] ) " .
$ 1076 $ يضاف إلى الاعتبارات التى تقدم ذكرها فى المذكرة الإيضاحية أن التقنين المصرى ، وقد أخذ مدة التقادم عن الشريعة الإسلامية وجعلها خمس عشرة سنة ،وهى مدة لا تبلغ إلا نصف المدة المقررة فى التقنين المدنى الفرنسى ، لم ير بأساً من أن تطول هذه المدة بالعذر الشرعى ، وهو ما أخذت به الشريعة الإسلامية أيضا عندما قررت عدم جواز سماع الدعوى على المنكر بعد تركها من غير عذر شرعى ( [1954] ) . ذلك أن مدة التقادم والعذر الشرعى أمران متلازمان ، وقد أخذ التقنين الجديد فيهما معا بأحكام الشريعة الإسلامية . وما العذر الشرعى إلا قيام المانع الذي يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ، والعذر الشرعى والمانع كلاهما يمكن تقريبه من القاعدة الفرنسية القديمة التى كانت تقضى بوقف التقادم حيث يتعذر على الدائن أن يقطع سريانه .
على أنه من المصلحة أن تضبط ، من ناحية التطبيق ، حدود المانع الذي تعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه . ويجب أن يكون هذا الضبط محكما ، حتى لا تنفذ ثغرات إلى أحكام التقادم تخل بالأساس الذي قام عليه . فالتقادم إنما شرع لصيانة الأوضاع القائمة المستقرة ، فلا يجوز إهدار هذه الصيانة فى سبيل صيانة مصلحة الدائن عن طريق وقف التقادم . فالأولى مصلحة عامة والأخرى مصلحة خاصة ، والمصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة . ومن ثم يجب التشدد فى ضبط أسباب وقف التقادم ، " ولا سيما – كما تقول المذكرة الإيضاحية ( [1955] ) – أن ضبط حدوده من طريق التطبيق غير عسير " .
وقد ورد من أسباب وقف التقادم – فى نص التقنين المصرى وفى المذكرة الإيضاحية وفى التقنينات الأجنبية – نقص الأهلية والحجر ، والعلاقة ما بين الأصيل والنائب ، والعلاقة ما بين الزوجين ، والعلاقة ما بين الأصول والفروع ، والعلاقة ما بين الشخص المعنوى ومديره ، والعلاقة ما بين المخدوم والخادم ، وحالة ما إذا كان الدائن غائبا غيبة اضطرارية فى سفر أو أسر أو نحو ذلك ، $ 1077 $ وحالة اتحاد الذمة . وهذه كلها أسباب تتعلق بالشخص : شخص الدائن كما فى القصر والحجر والغيبة والأسر واتحاد الذمة ، أو العلاقة بينه وبين المدين كما فى العلاقة بين الزوجين وبين الأقارب وبين المخدوم والخادم . وبعض هذه الموانع مادية ، وبعضها موانع أدبية .
وقد تقوم موانع يتعذر معها أن يطالب الدائن بحقه وترجع ، لا لأسباب تتعلق بالشخص ، بل لظروف مادية أقرب ما تكون إلى القوة القاهرة ، كقيام حرب أو نشوب فتنة أو إعلان الأحكام العرفية أو انقطاع المواصلات أو ارتباط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية .
ونستعرض الآن كلا من هذين النوعين من أسباب وقف التقادم فى التقنين المدنى المصرى ( [1956] ) : ( 1 ) أسباب وقف التقادم التى تتعلق بالشخص ( 2 ) وأسباب وقف التقادم التى ترجع إلى ظروف مادية اضطرارية .
$ 1078 $ 624 - أسباب وقف التقادم التى تتعلق بالشخص : أهم هذه الأسباب هو السبب المتعلق بناقصى الأهلية والمحجورين . وقد رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 382 مدنى تنص على أنه " لا يسرى التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات فى حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو فى حق الغائب أو فى حق المحكوم عليه بعقوبة جنائية ، إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناً " . فمدد التقادم التى لا تزيد على خمس سنوات لا يقف سريانها إذن فى حق القصر والمحجورين ، ولو لم يكن لهم من يمثلهم قانونا من ولى أو وصى أو قيم . والحكمة فى ذلك أن مدد التقادم التى لا تزيد على خمس سنوات يقوم التقادم فيها على اعتبارات يستوى عندها القاصر والمحجور بالبالغ الرشيد . فالديون الدورية المتجددة تتقادم بخمس سنوات حتى لا تتراكم على المدين فترهقه ، وهذا الاعتبار قائم بالنسبة إلى المدين سواء كان دائنه بالغاً رشيداً أو كان قاصراً أو كان محجوراً ، وسواء كان للقاصر والمحجور من يمثله قانوناً أو لم يكن ، فلا يكون القصر أو الحجر فى هذه الحالة سببا لوقف التقادم . وحقوق أصحاب المهن الحرة تتقادم بخمس سنوات ، والتقادم يقوم على قرينة الوفاء وعدم إرهاق المدين فى وقت $ 1079 $ واحد وهذه الاعتبارات متوافرة ولو كان الدائن قاصراً أو محجوراً ، على أنه قل أن يكون أحد من أصحاب هذه المهن الحرة قاصراً أو محجوراً . وحقوق التجار والصناع وأصحاب الفنادق والمطاعم والعمال والخدم والأجراء تتقادم بسنة واحدة ، والتقادم يقوم على قرينة الوفاء ، وهذا الاعتبار قائم ولو كان الدائن قاصراً أو محجوراً ، على أنه قل – فى غير العمال والخدم والأجراء – أن يكون الدائن قاصراً أو محجوراً . والضرائب والرسوم تتقادم بثلاث سنوات ، والدائن هنا هو الدولة لا يلحقها قصر ولا حجر ، فلا محل فى هذه الحالة لوقف التقادم . وهناك مدد تقادم أخرى وردت فى نصوص متفرقة ، كتقادم دعاوى الإبطال ودعاوى العمل غير المشروع والإثراء بلا سبب والدعوى البولصية بثلاث سنوات ، وإذا وقف سريان التقادم للقصر أو للحجر فى هذه الأحوال لم يتحقق الغرض الذي أراده المشرع من تقصير مدد التقادم ، وهو استقرار الأوضاع بعد انقضاء مدة معقولة ( [1957] ) . فإذا زادت مدة التقادم على خمس سنوات – وهى لا تكون حينئذ إلا خمس عشرة سنة – وجب التمييز بين ما إذا كان القاصر أو المحجور له نائب يمثله أو ليس له نائب . ففى حالة ما إذا كان له نائب ، لا يقف سريان التقادم ، وعلى النائب أن يقطع التقادم وأن يطالب بحق محجوره ، وإلا كان هو المسئول نحو المحجور . وهذا حكم استحدثه التقنين المدنى الجديد ، أخذاً عن بعض التقنينات الأجنبية ، وتضييقاً من أسباب وقف التقادم بإغفال ما لا تقوم الضرورة لتبريره ( [1958] ) . أما التقنين المدنى السابق فكان يقف سريان $ 1080 $ التقادم ، ولو كان للقاصر أو المحجور نائب يمثله ( [1959] ) .
وقد يقوم مانع ، غير القصر والحجر ، يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه . من ذلك الغيبة الاضطرارية لسجن أو أسر أو نحو ذلك ( [1960] ) ، وهذه غير الغيبة المنقطعة التى يقام من أجلها وكيل للغائب والتى تدخل فى أسباب الحجر السالفة الذكر . فيقف سريان التقادم ، إلى أن تتهيأ للدائن أسباب العودة إلى مباشرة أعماله . وتقرير ما إذا كان هذا المانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه مسألة واقع ، تترك لتقدير قاضى الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض ( [1961] ) .
وحالة اتحاد الذمة مانع طبيعى من أن يطالب الدائن بحقه ، كما تقول المذكرة الإيضاحيــة ( [1962] ) . فإذا مازال سبب اتحاد الذمة وانفصلت صفة الدائن عن صفة المدين بأثر رجعى ، فهذا الأثر الرجعى لا شأن له بما وقف $ 1081 $ من سريان التقادم ، ولا تحسب المدة التى قام فى خلالها اتحاد الذمة ضمن مدة التقادم ( [1963] ) .
وقد يكون المانع من أن يطالب الدائن بحقه هى العلاقة القائمة بينه وبني المدين . فالعلاقة ما بين الزوجين مانع أدبى لأى منهما أن يطالب الآخر بحقه ، وإلا تعكر صفو السلام فى الأسرة . فوجب وقف سريان التقادم ما دامت علاقة الزوجية قائمة ، ويعود التقادم إلى السريان بمجرد أن تنفصم عرى الزوجية لموت أو طلاق أو عير ذلك . وقد قدمنا أن التقنين المدنى الفرنسى ( م 2253 ) يشتمل على نص صريح فى هذا الحكم ( [1964] ) .
والعلاقة ما بين الأصول والفروع هى أيضاً مانع أدبى ، وقد يكون مانعاً أدبيا علاقة القرابة أيا كانت ، ما دامت علاقة وثيقة واقترنت بملابسات تؤكد $ 1082 $ معنى المنع ، كالعلاقة ما بين الأشقاء ، وعلاقة الأعمام والأخوال بأولاد الأخ أو أولاد الأخت . وهذه مسألة واقع يقدرها قاضى الموضوع .
والعلاقة ما بين المخدوم والخادم مانع أدبى ، ما دامت علاقة الخدمة قائمة .
والعلاقة ما بين الأصيل والنائب مانع يقف سريان التقادم ، وقد ورد نص صريح فى ذلك فى الفقرة الأولى من المادة 382 مدنى ، كما رأينا ويدخل فى ذلك العلاقة ما بين الموكل والوكيل ما دامت الوكالة قائمة ، وذلك فى حدود أعمال الوكالة ( [1965] ) . كما تدخل العلاقة ما بين الولى أو الوصى أو القيم بالمحجور ، ما دام الحجر قائما ( [1966] ) . وكذلك تدخل العلاقة ما بين الشخص المعنوى والمدير ، مادامت صفة الإدارة قائمة . ففى كل هذه الأحوال يقف سريان التقادم فى الحقوق التى لأى طرف على الآخر انتظاراً لتصفية العلاقة القائمة إذا لا يحسن $ 1083 $ أن يقاضى أحد الطرفين الآخر مع وجود بينهما تقوم على الثقة والائتمان ( [1967] ) .
ويقف سريان التقادم فى جميع الموانع التى قدمناها ، أيا كانت مدة التقادم خمس سنوات أو أكثر أو أقل ، وذلك فيما عدا القصر والحجر فقد رأينا أن التقادم لا يقف فيهما إلا إذا كانت مدته أكثر من خمس سنوات .
625 - أسباب وقف التقادم التى ترجع إلى ظروف مادية
اضطرارية : وقد يرجع المانع ، لا إلى اعتبار يتعلق بالشخص ، بل إلى ظرف مادى اضطرارى ، أقرب ما يكون إلى القوة القاهرة ( [1968] ) ، يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه . فيقف سريان التقادم ، أيا كانت مدته ، خمس سنوات أو أكثر أو أقل ( [1969] ) . من ذلك قيام حرب مفاجئة أو نشوب فتنه أو $ 1084 $ إعلان الأحكام العرفية ، إذا كان شىء من هذا قد منع المحاكم من مباشرة أعمالها ، فلا يتمكن الدائن من المطالبة القضائية بحقه ( [1970] ) .
ومن ذلك أيضا انقطاع المواصلات بحيث لا يتمكن الدائن من اتخاذ الإجراءات اللازمة للمطالبة بحقه ، فيقف سريان التقادم لهذا المانع ( [1971] ) . والمسألة موكولة إلى تقدير قاضى الموضوع ، ولا معقب على هذا التقدير من محكمة النقض .
ومن ذلك أخيراً ارتباط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية . فقد نصت المادة 172 مدنى على أن " 1 - تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه . وتسقط مدة الدعوى ، فى كل حال ، $ 1085 $ بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع . 2 - على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة ، وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة فى الفقرة السابقة ، فان دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية " . فلو فرضنا أن جناية وقعت وعلم المجنى عليه بها وبالشخص المسئول عنها وقت وقوعها ، فان الدعوى المدنية بالتعويض تتقادم بثلاث سنوات من وقت وقوع الجناية . ولكن لما كانت الدعوى الجنائية لا تسقط فى الجنايات إلا بعشر سنوات من وقت وقوع الجناية ( م 15 من قانون الإجراءات الجنائية ) ، فلو فصلنا ما بين مدتي التقادم ، لنتج عن ذلك موقف شاذ هو سقوط الدعوي المدنية بثلاث سنوات قبل سقوط الدعوي الجنائية بعشر سنوات . فيكون من الممكن إيقاع عقوبة علي الجاني بعد انقضاء ثلاث سنوات إذ تكون الدعوي الجنائية لم تتقادم ،دون التمكن من إلزامه بالتعويض إذ تكون الدعوي المدنية قد تقادمت ، مع أن التعويض أقل خطراً من العقوبة الجنائية . هذا المحظور أراد المشرع أن يتفاداه ،فنص علي أن الدعوي المدنية لا تتقادم فى هذه الحالة بثلاث سنوات ، بل تبقي قائمة مع الدعوي الجنائية ولا تسقط إلا بسقوطها ، حتي يستطيع المضرور في الوقت الذي يعاقب فيه الجاني أن يتقاضي منه التعويض المدني ( [1972] ) . والمفروض في كل ذلك أن الدعوي الجنائية لا تزال قائمة ، فتقوم معها الدعوي المدنية ، وتسقط بسقوطها . أما إذا انفصلت الدعوي المدنية عن الدعوي عن الدعوي الجنائية ، وانقضت الدعوي الجنائية بصدور حكم فيها ، فقد فصمت عري الارتباط ما بين مدتي التقادم ، فتستقل الدعوي المدنية بمدة تقادمها الأصلى وهى ثلاث سنوات . فإذا فرضنا أن المجني عليه لم يرفع دعوي التعويض أمام محكمة الجنايات ، تربص بالجانى حتي يحكم عليه جنائيا ، ودامت المحاكمة الجنائية أكثر من ثلاث سنوات ثم انتهت بإدانة الجاني ، فإنه يكون قد مضي على الدعوي المدنية بالتعويض أكثر من ثلاث سنوات ، فهل تكون قد تقادمت بانقضاء هذه المدة ؟ لا نتردد في القول بأن سريان التقادم بالنسبة إلى الدعوي المدنية يقف طوال المدة التي دامت فيها $ 1086 $ المحاكمة الجنائية ، ولا يعود التقادم إلى السريان إلا عند صدور الحكم النهائي بإدانة الجانى أو عند انتهاء هذه المحاكمة بسبب آخر . ذلك أن من حق المجني عليه أن يختار الطريق المدني دون الطريق الجنائي فى دعواه المدنية بالتعويض . فإذا اختار هذا الطريق ، وقف النظر فى دعواه المدنية أثناء نظر الدعوي الجنائية ، لأن الطريق الجنائي يقف الطريق المدني ( le criminal tient le civil en etat ) . فهناك إذن سبب لوقف سريان التقادم فى حق الدعوي المدنية ، وهو سبب قانوني ، إذ القانون يمنع نظر الدعوي المدنية أمام المحاكم المدنية أثناء نظر الدعوي الجنائية . ويترتب على ذلك أن المجني عليه يستطيع أن يرفع دعواه المدنية بالتعويض أمام المحاكم المدنية بعد انتهاء المحاكمة الجنائية ، ولا تكون هذه الدعوي المدنية قد تقادمت ، لأن التقادم فى حقها يكون قد وقف سريانه طوال المدة التي دامت فيها المحاكمة الجنائية ( [1973] ) .
626 - الأثر الذي يترتب علي وقف التقادم : متى وقف سريان التقادم لسبب أو لآخر من الأسباب التي تقدم ذكرها ، فإن الأثر الذي يترتب علي وقف التقادم واضح . ذلك أن المدة التي وقف سريان التقادم في خلالها لا تحسب ضمن مدة التقادم ، وتحسب المدة السابقة والمدة التالية ( [1974] ) . فلو أن الدائن ترك حقه الذي يتقادم بخمس عشرة سنة دون أن يطالب به المدين $ 1087 $ اثنتي عشرة سنة ، ثم مات وورثه قاصر لم يعين له نائب يمثله قانوناً ، فوقف سريان التقادم سنتين إلي أن عين للقاصر وصي وعاد التقادم إلي السريان ، فإن مدة السنتين التي وقف فى خلالها سريان التقادم لا تحسب ، وتحسب الاثنتا عشرة سنة التي تقدمتها . فيبقي للقاصر من وقت تعيين وصي له ثلاث سنوات أخري – لا سنة واحدة – قبل أن يتقادم حقه ( [1975] ) .
المبحث الرابع
انقطاع التقادم
( Interruption de la prescription )
627 - أسباب انقطاع التقادم وما يترتب عليه من الأثر : كما يعرض للتقادم أن يقف سريانه للأسباب التي قدمناها ، يعرض له أيضا أن ينقطع بسبب من أسباب الانقطاع . فتكون المدة التي انقضت قبل انقطاع التقادم كأنها لم تكن ولا تدخل في حساب مدة التقادم ، حتى إذا بدأ سريان التقادم من جديد بعد انقطاعه ، يعقب التقادم الذي زال بالانقطاع تقادم جديد تسري عليه الأحكام العامة للتقادم .
$ 1088 $ فنبحث إذن مسألتين : ( 1 ) أسباب انقطاع التقادم . ( 2 ) الأثر الذي يترتب علي انقطاع التقادم .
المطلب الأول
أسباب انقطاع التقادم
628 - النصوص القانونية : تنص المادة 383 من التقنين المدني علي ما يأتي :
" ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوي إلي محكمة غير مختصة ، وبالتنبيه ، وبالحجز ، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع ، وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه في إحدي الدعاوي " .
وتنص المادة 384 علي ما يأتي :
1- ينقطع التقادم إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحا أو ضمنيا .
2- ويعتبر إقرار ضمنيا أن يترك المدين تحت يد الدائن مالا له مرهونا رهنا حيازيا تأمينا لوفاء الدين ( [1976] ) .
$ 1089 $ وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادتين 82 فقرة ثانية / 111 و205 / 269 ( [1977] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادتين 380 - 381 وفي التقنين المدني الليبي المادتين 370 - 371 وفي التقنين المدني العراقي المادتين 437 - 438 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 357 - 358 ( [1978] ) .
$ 1090 $ ويخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن الأسباب التي تقطع التقادم إما أن تكون صادرة من الدائن وذلك بالمطالبة القضائية أو بما يقوم مقامها ( [1979] ) ، وإما أن تكون صادرة من المدين وذلك بإقراره بحق الدائن .
1 - الأسباب الصادرة من الدائن
629 - المطالبة القضائية : ينقطع التقادم بمطالبة الدائن المدين بحقه مطالبة قضائية ( demande judiciaire ) أى بإقامة دعوي بحقه ( citation en justice ) فلابد إذن أن يصل الدائن ، حتى يقطع التقادم ، إلي حد المطالبة القضائية . $ 1091 $ فلا تكفي المطالبة الودية ، ولو بكتاب مسجل ( [1980] ) .
بل ولا يكفي الإنذار الرسمي علي يد محضر ( [1981] ) ( summation ) . وقد كانت لجنة المراجعة أضافت نصاً يجعل الإنذار الرسمي كافيا لقطع التقادم ، ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفت هذا النص " لأن ما يقطع التقادم يجب أن يكون التنفيذ أو مقدماته وليس الإنذار ، ولكي تكون أسباب قطع التقادم أكثر دلالة علي رغبة صاحب الحق في اقتضائه وتحفزه لذلك ، فلا يكفي مجرد إرسال إنذار رسمي من حي إلي آخر " ( [1982] ) .
ولا يكفي لقطع التقادم مجرد اتخاذ إجراءات تحفظية ، كطلب وضع الأختام ، وكوضعها بالفعل ، وكقيد الرهن ، وكتجديد القيد ( [1983] ) .
كذلك لا يكفي لقطع التقادم المطالبة القضائية أمام قاضي الأمور المستعجلة ، فإن الذي يطلبه الدائن من المدين أمام قاضي الأمور المستعجلة إنما هي إجراءات $ 1092 $ وقتيه عاجلة لا تمس موضوع الحق ، فلا تمس المطالب القضائية بها تقادم الحق نفسه . ويترتب علي ذلك أن دعوي إثبات الحالة لا تقطع التقادم بالنسبة إلي موضوع الحق ( [1984] ) .
ولا يكفي أيضا لقطع التقادم طلب المعافاة من الرسوم القضائية ، ولو انتهي الأمر إلي قبول الطلب ، فإن هذا لا يعتبر مطالبة قضائية بالحق ذاته ( [1985] ) .
كذلك لا يكفي لقطع التقادم التظلم المرفوع إلي سلطة إدارية ، فإن هذا التظلم لا يعتبر مطالبة قضائية ( [1986] ) .
$ 1093 $ ولا يكفي لقطع التقادم إيداع شروط البيع دون إعلانها للمدين ( [1987] ) .
وإذا حول الدائن حقه إلى محال له ، فإن إعلان المدين بالحوالة ، سواء صدر من المحيل أو من المحال له ، لا يقطع التقادم ( [1988] ) .
فالواجب إذن ، لقطع التقادم ، أن يطالب الدائن المدين مطالبة قضائية بالحق الذي له في ذمته ( [1989] ) . وتصدر المطالبة القضائية - صحيفة الدعوي - من الدائن ، أو من نائبه كوكيل أو ولي أو وصي أو قيم أو فضولي أو دائن للدائن يستعمل حقوق مدينة ( [1990] ) . ولما كان قطع التقادم لا يقتضى أهلية التقاضى ، $ 1094 $ بل تكفي فيه أهلية مباشرة الإجراءات التحفظية ، لذلك يجوز للقاصر ولمن تتوافر فيه أهلية الإدارة أن يقوم بالمطالبة القضائية التي تقطع التقادم ( [1991] ) . وتوجه المطالبة القضائية إلي المدين الذي ينتفع بالتقادم ، أو إلي من ينوب عنه ، فلو وجهت المطالبة إلي مستأجر عنده ليست له صفة في تمثيله فإنها لا تقطع التقادم ( [1992] ) .
$ 1095 $ وقد جاء في صدر المادة 383 مدني أنه " ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوي أمام محكمة غير مختصة " . فإذا أخطأ الدائن ورفع الدعوي علي المدين أم محكمة غير مختصة ، فإن المطالبة القضائية تقطع التقادم بالرغم من عدم اختصاص المحكمة ( [1993] ) ، وذلك لسببين : ( الأول ) أن القواعد التي يقوم عليها اختصاص المحاكم قد تكون معقدة في بعض الأحوال ، فيلتبس الأمر علي الدائن ويرفع الدعوي أمام محكمة غير مختصة عن خطأ مغتفر . وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن النص الآتى : " حتى لو رفعت الدعوي عن غلط مغتفر إلى محكمة غير مختصة " . ولكن لجنة المراجعة حذفت عبارة " عن غلط غير مغتفر ( [1994] ) " ، فلم يصبح من الضروري أن يثبت الدائن لقطع التقادم أن رفعه الدعوي أمام محكمة غير مختصة كان عن خطأ مغتفر . بل إن مجرد رفع الدعوي ولو أمام محكمة غير مختصة يكفي لقطع التقادم ، ويفرض القانون أن الدائن لم يرفع الدعوي أمام محكمة غير مختصة إلا عن خطأ مغتفر ، إذ لا مصلحة له في تكبد المصروفات وإضاعة الوقت في رفع الدعوي أمام محكمة غير مختصة إلا إذا كان قد وقع في هذا الخطأ . ( والسبب الثاني ) أن الدائن ، وقد رفع الدعوي علي المدين يطالبه بحقه ، قد أظهر بذلك نيته المحققة في أنه يريد تقاضي هذا الحق ، ويستوي في ظهور هذه النية أن تكون الدعوي مرفوعة أمام محكمة مختصة أو أمام محكمة غير مختصة ، وهذه النية من جانب الدائن هي الأصل في قطع التقادم ( [1995] ) . ويستوى أن تكون المحكمة غير مختصة اختصاصاً محليا $ 1096 $ أو غير مختصة اختصاصاً نوعيا ، ففي الحالتين ينقطع التقادم ( [1996] ) . ويظل منقطعا طوال المدة التي تستغرقها الدعوي المقامة ، ثم يسري من يوم صدور الحكم النهائي بعدم الاختصاص تقادم جديد له صفات التقادم الذي قطع وندته ويكون خاضعاً لنفس القواعد التي تسري عليه ( [1997] ) .
وتنص المادة 2247 من التقنين المدني الفرنسي على أنه " إذا كانت صحيفة الدعوي باطلة لعيب في الشكل ، أو ترك المدعي الخصومة ، أو جعلها تسقط بمضي المدة ، أو رفضت دعواه ، فإن انقطاع التقادم يعتبر كأن لم يكن ( [1998] ) . وليس فى التقنين المدني المصري مقابل لهذا النص ، ولكن النص ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ بأحكامه في مصر ( [1999] ) .
فصحيفة الدعوي ، أي المطالبة القضائية ، إذا كانت باطلة لعيب في $ 1097 $ الشكل ، فليس لها وجود قانوني ، ولا يترتب عليها أي أثر ، ومن ثم لا تقطع التقادم ( [2000] ) .
كذلك إذا كان الدائن ، بعد أن رفع الدعوي علي المدين فقطع التقادم ، ترك الخصومة " بإعلان منه للمدين علي يد محضر ، أو بتقرير منه في قلم الكتاب ، أو ببيان صريح في مذكرة موقع عليها منه أو من وكيله مع إطلاع خصمه عليها ، أو بإبدائه شفويا بالجلسة وإثباته في المحضر " ( م 308 مرافعات ) ، مع ملاحظة وجوب قبول المدين لترك الدائن للخصومة إذا كان المدين قد أبدي طلباته في الدعوي قبل صدور الترك من الدائن ( م309 مرافعات ) ( [2001] ) . فإنه " يترتب عل الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوي ، والحكم علي التارك بالمصاريف . ولكن لا يمس ذلك الحق المرفوعة به الدعوي " ( م310مرافعات ) . ويخلص من ذلك أنه إذا ترك الدائن الخصومة على النحو الذي قدمناه ، ترتب علي هذا الترك إلغاء صحيفة الدعوي وإلغاء ما ترتب عليها من آثار ، ومن ذلك انقطاع التقادم ، فيعتبر هذا الانقطاع كأن لم يكن . ويعتبر التقادم ، الذي كان قد بدأ سريانه ، مستمراً أبداً في السريان . فإذا $ 1098 $ كان التقادم وقت ترك الخصومة قد اكتمل ، فإن الحق يسقط بالتقادم . أما إذا كان التقادم لم يكتمل ، فإن ترك الخصومة لا يمس الحق المرفوعة به الدعوي ، ولكن التقادم يستمر في سريانه إلي أن يكتمل فيسقط الحق ، أو إلي أن ينقطع بعمل آخر فيبتديء تقادم جديد ( [2002] ) . علي أن ترك الخصومة ، إذا كان سببه رفع الدعوي أمام محكمة غير مختصة ، لا يكون من شأنه أن يلغي الأثر الذي ترتب علي صحيفة الدعوي من قطع التقادم ، فقد تقدم القول بأن المطالبة القضائية تقطع التقادم ولو رفعت الدعوي أمام محكمة غير مختصة ( [2003] ) .
وإذا قضي بسقوط الخصومة لانقضاء سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي دون أن يسار في الدعوي بفعل الدائن أو امتناعه ، وذلك وفقا للمواد 301 - 303 من تقنين المرافعات ، فإن الحكم بسقوط الخصومة - كما تقول المادة 304 من تقنين المرافعات ، " يترتب عليه سقوط الأحكام الصادرة فيها بإجراء الإثبات وإلغاء جميع إجراءات الخصومة ، بما في ذلك صحيفة الدعوي ، ولكنه لا يسقط الحق في أصل الدعوي ، ولا في الأحكام القطعية الصادرة فيها ولو كانت غيابية ، ولا في الإجراءات السابقة لتلك الأحكام أو الإقرارات الصادرة من الخصوم أو الإيمان التي حلفوها " . ويخلص من هذا النص أن الحكم بسقوط الخصومة يترتب عليه إلغاء صحيفة الدعوي بما ترتب عليها من الآثار ، ومن ذلك قطع التقادم . فيعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن ، وأن التقادم لا يزال ساريا منذ البداية . فإن كان قد اكتمل وقت الحكم بسقوط الخصومة ، سقط الحق . وإن كان لم يكتمل ، فإن الحكم بسقوط الخصومة لا يسقط الحق نفسه ، ولكن التقادم يستمر في سريانه إلي أن يكتمل فيسقط الحق ، أو إلي أن ينقطع بعمل آخر فيبتديء تقادم جديد ( [2004] ) .
$ 1099 $ فإذا وقف السير في الدعوي أكثر من سنة ولم يطلب ذوو المصلحة من الخصوم الحكم بسقوط الخصومة ، انقضت الخصومة في جميع الأحوال بمضي خمس سنوات علي آخر إجراء صحيح فيها ( 307مرافعات ) . وانقضاء الخصومة يقع بحكم القانون ، بمجرد انقضاء الخمس السنوات ، دون حاجة إلي صدور حكم بذلك . ومتي انقضت الخصومة علي هذا النحو ، فقد ألغيت جميع إجراءاتها ، وألغيت صحيفة الدعوي وما ترتب عليها من الآثار ، ويدخل في ذلك انقطاع التقادم . فيعتبر هذا الانقطاع كأن لم يكن ، وأن التقادم لا يزال ساريا منذ البداية ( [2005] ) . فإن كان قد اكتمل وقت انقضاء الخصومة ، فقد سقط الحق . وإن كان لم يكتمل ، بقي الحق قائما إلي أن تكتمل المدة فيسقط ، أو إلي أن ينقطع التقادم بعمل آخر فيبتديء تقادم جديد .
بقي الفرض الأخير ، وهو زوال انقطاع التقادم برفض الدعوي . وقد يقال ما دام الدائن قد رفضت دعواه ، فهو لا يستطيع رفعها من جديد ، وإلا دفعها المدين ، لا باكتمال التقادم بعد أن زال ما أصابه من انقطاع ، ولكن بقوة الأمر المقضي . فلا حاجة إذن إلي البحث في زوال انقطاع التقادم ، واحتمال تكامله بعد هذا الزوال . ولكن الفقه الفرنسي يجيب علي ذلك بأن هناك أحوالا يفيد فيها القول بأن التقادم قد زال انقطاعه ، وأنه مستمر في سريانه منذ البداية . ويتحقق ذلك في الفرضين الآتيين : ( 1 ) قد يرفع الدائن الدعوي علي المدين فيقطع التقادم ، ثم ترفض دعواه لسبب لا يرجع إلي موضوع الحق . فقد ترفض دعواه مثلا بالحالة التي هي عليها ، فيستطيع رفعها من جديد بعد أن يستوفي الشروط التي كانت غير متوافرة . فإذا رفعت الدعوي الجديدة ، لم يستطع المدين أن يدفعها بقوة الأمر المقضي ، ولكن له أن يدفعها بالتقادم إذا كان قد تكلم . ولا يستطيع الدائن أن يعترض علي ذلك بأن التقادم قد $ 1100 $ انقطع برفع الدعوي الأولي ، فإن الدعوي الأولي بعد أن رفضت قد زال أثرها في قطع التقادم ( [2006] ) . ( 2 ) قد يرفع أحد الدائنين المتضامين ( [2007] ) . ثم ترفض الدعوي ، فلا يضار برفعها سائر الدائنين المتضامنين ( [2008] ) . فإذا رفع أحد هؤلاء الدعوي علي المدين ، لم يستطع هذا أن يدفع الدعوي بقوة الأمر المقضي . وإنما يستطيع أن يدفعها بتقادم الحق ، إذا كانت مدة التقادم قد اكتملت . ولا يستطيع الدائن الذي رفع الدعوي رفع الدعوي الجديدة أن يعترض بأن التقادم قد انقطع برفع الدعوي الأولي ، فقد زال هذا الانقطاع برفض هذه الدعوي ( [2009] ) .
630 - التنبيه : ويلجأ الدائن إلي قطع التقادم عن طريق المطالبة القضائية ، إذا لم يكن بيده سند واجب التنفيذ . أما إذا كان بيده هذا السند - حكم أو سند رسمي - فإنه لا يرفع دعوي علي المدين ، بل يبادر إلي التنفيذ علي ماله بموجب السند الذي بيده . ويسبق إجراءات التنفيذ تنبيه ( commandement ) نص عليه تقنين المرافعات ، فهذا التنبيه يقطع التقادم ( [2010] ) ، وأثره في ذلك هو نفس الأثر الذي يترتب علي رفع الدعوي ( [2011] ) .
ويجب أن يكون التنبيه صحيحا حتى يقطع التقادم ، كذلك يجب أن يكون صحيحاً السند الواجب التنفيذ الذي يستند إليه التنبيه .
ويعقب التنبيه عادة التنفيذ ، ويكون بطريق الحجز علي أموال المدين .
$ 1101 $ ولكن لا يشترط ، حتى يقطع التنبيه التقادم ، أن يعقبه الحجز ( [2012] ) . وإذا ما أعقبه فعلا ، فلا يشترط أن يكون الحجز صحيحاً . فقد يعقب التنبيه حجز باطل ، أو لا يعقبه حجز ما ، ومع ذلك يبقى حافظاً لأثره مع قطع التقادم . ولكن يسرى فى هذه الحالة تقادم جديد ، إذا اكتملت مدته قبل أن ينقطع تقادم الدين ( [2013] ) .
ويقوم مقام التنبيه فى قطع الإنذار الذى يوجهه الدائن المرتهن لحائز العقار المرهون بالدفع أو التخليه ( م 626 مرافعات ) ، فهو من مقدمات التنفيذ ، والسند الذى يجرى التنفيذ بموجبه هو عقد الرهن الرسمى .
وإذا أراد الحائز تطهير العقار المرهون ، جاز للدائن المرتهن أن يطلب بيع العقار المطلوب تطهيره ( م 1067 مدنى ) ، ويكون الطلب بإعلان يوجه إلى الحائز وإلى المالك السابق . فهذا الإعلان يقوم هو أيضاً مقام التنبيه فى قطع التقادم بالنسبة إلى دعوى الرهن .
631 - الحجز وتقضى المادة ( 383 ) مدنى ؛ كما رأينا ، بأن التقادم ينقطع أيضا بالحجز ( Saisie ) . فالحجز إذن يقطع التقادم ، سواء كان حجزاً تنفيذياً أو حجزاً تحفظياً . غير أن الحجز التنفيذى يسبقه تنبيه هو أيضاً يقطع التقادم ، أما الحجز التحفظى فلا يسبقه هذا التنبيه ، ومن ثم لا ينقطع التقادم إلا من وقت توقيع الحجز التحفظى بالذات .
ففى التنفيذ على العقار ، يبدأ التنفيذ بالتنبيه ، والتنبيه يقطع التقادم كما رأينا . ثم يسجل التنبيه فى خلال ميعاد معين وإلا اعتبر كأن لم يكن ( م 613 مرافعات ) ، وفقد أثره فى قطع التقادم . ويترتب على تسجيل التنبيه اعتبار العقار محجوزاً ( م 615 مرافعات ) ، فيعود التسجيل وهو بمثابة حجز إلى قطع التقادم مرة أخرى . وتنص الفقرة الثانية من المادة ( 615 ) مرافعات على أن $ 1102 $ " يسقط هذا التسجيل ويحصل شطبه بمجرد طلبه بعريضة تقدم إلى مكتب الشهر ، إذا لم يعقبه خلال المائتين والأربعين يوماً التالية له التأشير على هامشه بما يفيد الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع أو صدور أمر قاضى البيوع بمد هذا الميعاد " . فإذا شطب التسجيل على هذا النحو ، زال أثره فى قطع التقادم . ثم إن سقوط التسجيل يجعل التنبيه نفسه كأن لم يكن ( [2014] ) فيزول كذلك أثر التنبيه فى قطع التقادم . ومن ثم لا يعتبر التقادم قد انقطع لا بالحجز ولا بالتنبيه ، ويبقى مستمراً فى سريانه منذ البداية ( [2015] ) .
وفى الحجز التنفيذى على المنقول ، يسبق الحجز تنبيه ( م 498 مرافعات ) ينقطع به التقادم . ثم يوقع الحجز ، فينقطع به التقادم مرة أخرى . وتنص المادة ( 519 ) مرافعات على أن " يعتبر الحجز كأن لم يكن إذا لم يتم البيع خلال ستة أشهر من تاريخ توقيعه ، إلا إذا كان البيع قد وقف باتفاق الخصوم البيع لمدة تزيد على ستة شهور من تاريخ الاتفاق " . فإذا اعتبر الحجز كأن لم يكن على هذا النحو ، زال أثره فى قطع التقادم . ولكن يبقى مع ذلك أثر التنبيه الذى $ 1103 $ سبق الحجز فى قطع التقادم ، ويعتبر التقادم الجديد سارياً من وقت هذا التنبيه ، وكان قبل إلغاء الحجز منقطعاً بسبب هذا الحجز ( [2016] ) .
وفى حجز ما للمدين لدى الغير ، إذا كان الحجز تحفظياً ، ينقطع التقادم بتوقيع الحجز تحت يد مدين المدين ( م 547 مرافعات ) . ولا يسبق هذا الحجز تنبيه ينقطع به التقادم قبل ذلك كما رأينا فى الحجوز التنفيذية ، لأن الدائن يوقع الحجز بمقتضى أمر من قاضى الأمور الوقتية أو بموجب حكم غير واجب النفاذ ( م 545 مرافعات ) . وينقطع التقادم بهذا الحجز التحفظى ، ليس فحسب بالنسبة إلى الدين فى ذمة المدين للدائن ، بل أيضاً بالنسبة إلى الدين الذى فى ذمة مدين المدين للمدين ، وفى كل هذا الدين لا فيما يعادل دين الدائن فى ذمة المدين فقط ( [2017] ) .
632 - الطلب الذى يتقدم به الدائن لقبول حقه فى تفليس أو فى توزيع وأى عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير فى إحدى الدعاوى : وقد قضت المادة ( 383 ) مدنى ، كما رأينا ، بانقطاع مدة التقادم " بالطلب الذى يتقدم به الدائن لقبول حقه فى تفليس أو فى توزيع وبأى عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير فى إحدى الدعاوى " .
وقد نصت المادة ( 288 ) من التقنين التجارى على أنه " يجب على المدانين ، ولو كانوا ممتازين أو أصحاب رهون على عقار أو منقول أو متحصلين $ 1104 $ على الاختصاص بعقارات المفلس وفاء لديونهم ، أن يسلموا من تاريخ الحكم بإشهار الإفلاس سنداتهم إلى المحكمة مع كشف ببيان ما يطلبونه من المبالغ . . . " . فالدائن الذى يتقدم فى تفليسه مدينة بسند دينه على النحو المتقدم ، يعتبر مطالباً بحقه مطالبة قضائية ، ومن ثم يقطع التقادم ( [2018] ) . وإذا كان مجرد تقدم الدائن فى تفليسه مدينة يعتبر مطالبة قضائية بحقه تقطع التقادم ، فمن باب أولى إذا كان الدائن قد تقدم بنفسه طالباً شهر إفلاس مدينة ( م 196 تجارى ) ، أو طالباً شهر إعساره ( م250 مدنى ) ، اعتبر هذا من الدائن مطالبة قضائية بحقه ، ويكون طلب شهر إفلاس المدين أو شهر إعساره قاطعاً للتقادم ( [2019] ) . كذلك قبول الدائن فى التفليسة ، حتى لو يتقدم إليها بنسفه ، يعتبر بمثابة إقرار بحقه ، ويقطع التقادم كما يقطعه المدين بحق الدائن ( [2020] ) .
وينقطع التقادم أيضاً بتقدم الدائن فى توزيع لأموال المدين ، سواء كان تقسيما بالمحاصة أو توزيعاً بحسب درجات الدائنين . وقد نصت المادة ( 731 ) من تقنين المرافعات فى صدد التقسيم بالمحاصة على ما يأتى : " على كاتب المحكمة . . . إعلان الدائنين الحاجزين فى موطن كل منهم المختار المبين بمحاضر المحجز ليقدموا إلى قلم الكتاب خلال ثلاثين يوماً طلباتهم فى التقسيم ومستنداتهم " . ثم نصت المادة ( 733 ) من تقنين المرافعات على أنه " لا يقبل طلب من أحد بعد مضى ثلاثين يوماً من تاريخ وصول آخر إعلان ، ويسقط حق من لم يتقدم من الدائنين فى التقسيم مهما تكن صفته أو صفة دينه ، وذلك بغير إخلال بحقه فى الرجوع على المتسبب بالتضمينات ، ولا بحقه فى الدخول بدينه فى تقسيم أو توزيع آخر " . فهذا الطلب الذى يتقدم به الدائن فى التقسيم على النحو المبين فى النصوص المتقدمة الذكر يكون قاطعاً للتقادم بهذا الطلب ، قد انقطع بالحجز ، ولكن الطلب يقطع التقادم من جديد . ونصت المادة ( 764 ) من تقنين المرافعات $ 1105 $ فى صدد التوزيع بحسب درجات الدائنين على أن " يقدم الطلب فى التوزيع بعريضة يعين فيها الطالب موطناً مختاراً له فى البلدة التى بها مقر المحكمة ، مشفوعة بالأوراق المؤيدة للطلب . وكل دائن لا يقدم طلبه فى التوزيع على الوجه الصحيح فى الميعاد يسقط حقه فى الاشتراك فى إجراءات التوزيع . . . " ؛ فهذا الطلب الذى يتقدم به الدائن للاشتراك فى التوزيع على النحو المبين فى النص المتقدم ، يعتبر منه بمثابة مطالبة قضائية بحقه ، فيقطع التقادم ( [2021] ) . ولما كان الدائنون الذين يتقدمون بطلباتهم فى التوزيع بعضهم دائنون عاديون $ 1106 $ حاجزون على الثمن وبعضهم دائنون أصحاب رهون أو حقوق امتياز أو حقوق اختصاص ولو لم يكونوا حاجزين ، فإن التقادم يكون قد انقطع لمصلحة الحاجزين منهم بالحجز ثم أعيد قطعه بطلب الاشتراك فى التوزيع ، وينقطع التقادم لمصلحة أصحاب الرهون أو حقوق الامتياز أو حقوق الاختصاص لأول مرة بالطلبات التى يتقدمون بها للاشتراك فى التوزيع .
وقد رأينا أن آخر عبارة فى المادة ( 383 ) مدنى تقضى بانقطاع التقادم بأى عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير فى إحدى الدعاوى . ومن هذه الأعمال الطلبات العارضة المقدمة من الدائن إذا كان مدعى عليه ، وتدخل الدائن فى دعوى سبق رفعها ( [2022] ) . فإذا رفع المدين دعوى على الدائن يطالبه فيها بحق له فى ذمته ، ورفع الدائن الدعوى مطالباً بحقه الذى له فى ذمة مدينه وطالباً إجراء المقاصة القضائية بين الحق الذى له والدين الذى عليه ، فإن الدائن بهذا الطلب العارض يكون قد قطع التقادم ؛ لأنه يكون قد تمسك بحقه أثناء السير فى إحدى الدعاوى ( م 152 مرافعات ) . كذلك إذا تدخل الدائن فى دعوى يكون مدينة فيها أحد الخصوم ، مطالباً فى تدخله المدين بحقه فى ذمته ، فإنه يكون بهذا التدخل قد قطع التقادم ، إذا قد تمسك بحقه أثناء السير فى إحدى الدعاوى ( م 153 مرافعات ) ( [2023] ) .
$ 1107 $
633 - تكييف الإقرار الصادر من المدين بحق الدائن : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة ( 384 ) مدنى تنص على أن " ينقطع التقادم إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً " . فإذا مضت مدة على استحقاق الدين دون أن يتكامل التقادم ، ثم أقر المدين بأن الدين لا يزال فى ذمته ، فإنه يكون بهذا الإقرار قد نزل عما انقضى من مدة . ولما كان النزول عن مدة التقادم كلها بعد تكاملها جائزاً ، كذلك يجوز النزول عن بعض مدة التقادم بعدم انقضائها ( [2024] ) . ويؤدى ذلك إلى انقطاع التقادم الذى كان ساريا وعدم الاعتداد بالمدة التى انقضت ، وابتداء تقادم جديد يسرى من وقت صدور الإقرار .
وليس الإقرار بالدين القاطع للتقادم هو مجرد تقرير للواقع من جانب المدين ، وإلا لكان عملا مادياً ( Fait Materiel ) ، ولما كان من شأنه أن $ 1108 $ يقطع التقادم ( [2025] ) . فإن تقرير المدين أن الدين باق فى ذمته ، كأمر واقع ، لا يتعارض فى طبيعته مع استمرار سريان التقادم . ولكن الإقرار هنا ينطوى على نزول المدين عن الجزء الذى انقضى من مدة التقادم ، فهو عمل مادى ينطوى على تصرف قانونى ( [2026] ) ( Acte Juridique ) . وهو كإقرار المدين أمام القضاء ، فقد قدمنا أن الإقرار أمام القضاء واقعة مادية تنطوى على تصرف قانونا هو نزول المقر عن حقه فى مطالبة خصمة بإثبات ما يدعيه ( [2027] ) .
ولما كان الإقرار ، على التكييف الذى قررناه ، ليس نزولا عن الحق نفسه ، بل نزولا عن مدة التقادم التى انقضت ، لذلك لا يشترط فى المدين الذى صدر منه الإقرار أهلية التصرف فى الحق ، يل يكفى أن تتوافر فيه أهلية الإدارة ( [2028] ) . فالصبى المميز إقراره صحيح وقاطع للتقادم ، فى حدود أهليته للإدارة ( [2029] ) . كذلك يستطيع الولى أو الوصى أو القيم أن يقر بدين فى ذمة القاصر أو المحجور ، ويكون إقراره هذا قاطعاً للتقادم الذى بدأ يسرى فى مصلحة القاصر أو المحجور ، بينما هو لا يستطيع أن ينزل عن حق للصغير أو للمحجور ولو بإذن المحكمة .
وإقرار المدين بالدين ، على النحو الذى بيناه ، تصرف صادر من جانبه وحده ، فلا حاجة لقبول الدائن لهذا الإقرار ، ولا يجوز للمدين بعد الإقرار أن يرجع فيه .
$ 1109 $
634 – الإقرار الصريح والإقرار الضمنى : وقد يكون الإقرار من المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو إقراراً ضمنيا ( [2030] ) .
والإقرار الصريح لا يشترط فيه شكل خاص ، فأى تعبير عن الإرادة يفيد معنى الإقرار بالدين يكفى . وقد يكون مكتوباً أو غير مكتوب ، فى صورة رسالة أو فى غير هذه الصورة ، موجهاً إلى الدائن أو غير موجه إليه . وقد يكون فى صورة اتفاق بين المدين والغير ، أو صادراً من جانب المدين وحده دون أى اتفاق ( [2031] ) .
والإقرار الضمنى يستخلص من أى عمل يمكن أن يفيد معنى الإقرار . فيكون الإقرار ضمنياً إذا دفع المدين قسطاً من الدين ، أو فدفع فوائده ، أو قدم رهناً أو كفالة لضمانه ، أو طلب مهلة للوفاء به ، أو عرض مقاصته فى دين مقابل ( [2032] ) . وقاضى الموضوع هو الذى يقدر ما إذا كان العمل الذى صدر من $ 1110 $ المدين ينطوى على إقرار ضمنى ، ولا معقب على تقديره من محكمة النقض ( [2033] ) .
$ 1111 $
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 384 مدنى ، كما رأينا ، على أنه " يعتبر إقراراً ضمنياً أن يترك المدين تحت يد الدائن مالا له مرهوناً رهناً حيازياً تأميناً لوفاء الدين " . وقد قدمنا أن مجرد تقديم رهن تأمينا لوفاء الدين يعتبر إقراراً ضمنياً . أما إذا كان الرهن رهن حيازة ، وكان المرهون مالا مملوكاً للمدين ، فإن ترك المدين ما له فى حيازة الدائن تأميناً لوفاء للدين هو إقرار ضمنى مستمر بالدين . ويبقى هذا الإقرار الضمنى المستمر قائماً بعد استحقاق الدين ، مهما طالت المدة التى مضت على استحقاقه ، ويبقى التقادم منقطعاً ما دام المال المرهون فى حيازة الدائن ( [2034] ) . وهذا بخلاف الرهن الرسمى وحق الاختصاص وحق الامتياز ، فإن ثبوت حق من هذه الحقوق للدائن تأمينا للوفاء بالدين لا يعتبر إقراراً مستمراً من المدين بدينه . ولا ينقطع التقادم بقيد حق من هذه الحقوق ، ولا بتحديد القيد ، فإن القيد والتجديد أعمال صادرة من الدائن لا من المدين ، $ 1112 $ فلا تنطوى على إقرار ضمنى من المدين . أما ترك المدين ماله المرهون حيازة فى يد الدائن فعمل سلبى صادر من المدين ، ومن ثم يكون منطويا على إقرار ضمنى بالدين ( [2035] ) .
635 - أثبات الإقرار : ولما كان الإقرار واقعة مادية تنطوى على تصرف قانونى ، ويغلب فيها معنى التصرف القانونى كما هو الأمر فى الوفاء ، فإن إثبات الإقرار يخضع للقواعد العامة فى إثبات التصرف القانونى ولو كان من جانب واحد . فيجوز الإثبات بجميع الطرق إذا كانت قيمة الالتزام الذى يراد قطع تقادمه لا تزيد على عشرة جنيهات ، فإن زادت وجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها ( [2036] ) . وعبء الإثبات يقع على الدائن الذى يدى انقطاع التقادم .
كذلك إذا استخلص الإقرار الضمنى من تصرفات قانونية ، كوفاء قسط من الدين أو دفع الفوائد أو الوعد بتقديم ضمان ، وجب إثبات هذه التصرفات وفقاً للقواعد العامة المتقدم ذكرها ، فيجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت قيمة الالتزام على عشرة جنيهات ، ولو كان الجزء الموفى به من الدين $ 1113 $ أو الفوائد المدفوعة أو الضمان الموعود بتقديمه قيمته أقل من هذا المبلغ ( [2037] ) .
وقد يثبت الإقرار القاطع للتقادم بسند مؤيد ( Acte Recognitif ) ، وهو سند يتضمن إقراراً بحق سبق تدوينه فى محرر يسمى بالسند الأصلى ( Acte Primordial ) . وقد سبق بحث السند المؤيد عند الكلام فى الإثبات ( [2038] ) . وقدمنا هناك أن السند المؤيد يصلح من الناحية القانونية لقطع التقادم ، ومن الناحية العملية لتهيئة دليل لإثبات عند فقد السند الأصلى إذا كان هذا معرضاً للضياع . ويغلب أن يكون ذلك فى الديون الطويلة الآجال وفى الإيرادات المؤبدة ، حيث يحتاج الدائن من وقت إلى آخر أن يحصل على سند مؤيد لسنده الأصلى ، فيقطع التقادم ويجدد الدليل ( [2039] ) .
المطلب الثانى
الأمر الذى يترتب على انقطاع التقادم
636 - النصوص القانونية : تنص المادة 385 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - إذا انقطع التقادم بدأ تقادم جديد يسرى من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع ، وتكون مدته هو مدة التقادم الأول " .
" 2 - على أنه إذا حكم بالدين وحاز الحكم قوة الأمر المقضى ، أو إذا كان الدين مما يتقادم بسنة واحدة وانقطع تقادمه بإقرار المدين ، كانت مدة التقادم خمس عشرة سنة ، إلا أن يكون الدين المحكوم به متضمناً لالتزامات دورية $ 1114 $ متجددة لا تستحق الأداء إلا بعد صدور الحكم ( [2040] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 81 / 109 ( [2041] ) .
ويقابل فى التقنيات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 382 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 372 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 349 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 359 ( [2042] ) .
ويخلص من النص المتقدم الذكر أنه إذا انقطع التقادم ، زال أثره ، وأصبحت المدة التى انقضت قبل انقطاعه كأن لم تكن ، فلا يعتد بها فى حساب $ 1115 $ التقادم الجديد الذى يلى التقادم المنقطع . وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . وفى هذا يختلف انقطاع التقادم عن وقف التقادم ، فقد قدمنا فى وقف التقادم أن المدة التى سبقت الوقف تبقى ويعتد بها وتحسب فى مدة التقادم عند ما يعود إلى السريان بعد زوال سبب الوقف .
ثم إنه إذا زال التقادم المنقطع ، حل محله تقادم جديد يسرى من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع ( [2043] ) . والأصل أن يكون هذا التقادم الجديد ، فى مدته وفى طبيعته ، مماثلا للتقادم الأول الذى انقطع ، فيما عدا حالات استثنائية نص عليها القانون . ولا يمتد أثر الانقطاع فى الأصل إلا إلى الدائن الذى قطع التقادم ، وقد يمتد إلى غيره استثناء . ولا يتناول فى الأصل إلا الالتزام الذى انقطع فيه التقادم ، وقد يتناول غيره استثناء أيضاً .
فنبحث إذن المسائل الآتية :
( 1 ) مبدأ سريان التقادم الجديد الذى يحل محل التقادم المنقطع .
( 2 ) متى يختلف التقادم الجديد عن التقادم المنقطع .
( 3 ) متى يمتد أثر الانقطاع إلى غير الدائن الذى قطع التقادم .
( 4 ) متى يتناول أثر الانقطاع غير الحق الذى قطع فيه التقادم .
637 - مبدأ سريان التقادم الجديد الذى يحل محل التقادم المنقطع : قدمنا أن تقادماً جديداً يحل محل التقادم الذى انقطع . ومبدأ سريان هذا التقادم $ 1116 $ الجديد يختلف باختلاف السبب الذى قطع التقادم السابق .
فإن كان السبب الذى قطع التقادم السابق هو المطالبة القضائية ، بقى أثر الانقطاع قائماً ما دامت الدعوى قائمة ( [2044] ) . فإن انتهت بحكم نهائى يقضى للدائن $ 1117 $ بطلباته ، بدأ سريان تقادم جديد من وقت صدور هذا الحكم . وسنرى أن مدة هذا التقادم الجديد تكون دائماً خمس عشرة سنة ، ولو كان التقادم السابق مدته أقصر من ذلك . أما إذا انتهت الدعوى برفض طلبات الدائن ، أو ترك الدائن الخصومة ، أو حكم بسقوطها بعد سنة ، أو انقضت بمضى خمس سنوات ، فقد قدمنا أن ذلك يترتب عليه إلغاء صحيفة الدعوى بما ترتب عليها من الآثار ، ومنها قطع التقادم . فيعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن ، وأن التقادم لا يزال سارياً منذ البداية ، فلا يكون هناك محل للكلام فى تقادم جديد يحل محله ويسرى من وقت معين ( [2045] ) . وقد تنتهى الدعوى ، إذا رفعت إلى محكمة غير مختصة ، بحكم نهائى بعدم الاختصاص . وفى هذه الحالة تبقى صحيفة الدعوى حافظة لأثرها من قطع التقادم ، فقد قدمنا أن المطالبة القضائية تقطع التقادم ولو رفعت أمام محكمة غير مختصة ( [2046] ) ، ولا يسرى التقادم الجديد إلا من وقت صدور الحكم النهائى بعدم الاختصاص ( [2047] ) .
وإن كان السبب الذى قطع التقادم السابق هو التنبيه ، فإن التقادم الجديد يسرى فوراً عقب التنبيه ، ويبقى سارياً إلى أن يقطعه الحجز الذى يلى التنبيه .
والحجز ، إذا كان هو السبب فى قطع التقادم السابق ، يدوم أثره فى قطع التقادم مادامت إجراءاته متعاقبة على النحو الذى قرره القانون ، حتى يصل إلى التقسيم أو إلى التوزيع . فإذا أقفل التقسيم أو التوزيع ، بدأ سريان التقادم الجديد من هذا الوقت .
$ 1118 $
وإذا كان سبب انقطاع التقادم السابق هو التقدم فى تفليس أو فى توزيع ، بقى أثر الانقطاع قائماً إلى أن تقفل التفليسة أو التوزيع ، وعند ذلك يبدأ سريان التقادم الجديد .
وكذلك الحال فى كل عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير فى إحدى الدعاوى ، فمتى انتهى الأثر المترتب على هذا العمل ، بدأ سريان التقادم الجديد . فدعوى المدعى عليه مثلا يبقى أثرها فى قطع التقادم قائماً إلى أن تنتهى الدعوى بحكم بالقبول أو بالرفض ، أو إلى أن تنقضى الخصومة بالترك أو بالسقوط ، على النحو الذى قدمناه فى دعوى المدعى . والتدخل كذلك يبقى أثره قائماً فى قطع التقادم ، إلى أن ينتهى هذا التدخل ( [2048] ) .
وإذا كان سبب قطع التقادم هو إقرار المدين بحق الدائن ، بدأ سريان التقادم الجديد فوراً عقب هذا الإقرار . هذا إلا إذا كان الإقرار مستخلصا من حالة مستمرة ، كما إذا كان فى يد الدائن على سبيل الرهن الحيازى عين مملوكة للمدين ، فقد قدمنا أن التقادم يبقى منقطعاً مادامت العين المرهونة فى يد الدائن ، ولا يبدأ سريان التقادم الجديد إلا عند خروج العين من يده ( [2049] ) .
638 - متى يختلف التقادم الجديد عن التقادم القديم والأصل ، كما قدمنا ، أن التقادم الجديد الذى يحل محل التقادم الذى انقطع يكون مماثلا لهذا التقادم السابق فى مدته وفى طبيعته ( [2050] ) . ويستثنى من هذه القاعدة حالتان ، يختلف فيهما التقادم الجديد عن التقادم السابق :
( الحالة الأولى ) إذا انتهى السبب الذى قطع التقادم السابق بحكم حاز قوة $ 1119 $ الأمر المقضى أى بحكم نهائى . ففى هذه الحالة ، أياً كانت مدة التقادم السابق ، تكون مدة التقادم الجديد الذى يبدأ سريانه منذ صدور هذا الحكم النهائى خمس عشرة سنة كاملة ، ولو كانت مدة التقادم السابق أقصر كأن كانت خمس سنوات أو ثلاثاً أو سنة واحدة ( م 385 / 2 مدنى ) . ذلك أن الحكم النهائى يقوى الالتزام ، ويمده بسبب جديد للبقاء ، فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة من وقت صدور الحكم ( [2051] ) . فإذا كان هذا الالتزام مما كان تقادمه السابق يقوم على قرينة الوفاء ، كحقوق أصحاب المهن الحرة والتجار والصناع والعمال والخدم والأجراء ، فإن هذه القرينة تزول نهائياً بصدور الحكم مثبتاً الدين فى ذمة المدين . فتكون مدة التقادم الجديد خمس عشرة سنة ، وهى مدة التقادم فى الأصل ، وذلك بعد أن انتفت قرينة الوفاء التى تأسست عليها المدة القصيرة فى التقادم السابق . وحتى لو كان الالتزام دورياً متجدداً ، وصدر حكم نهائى به ، فإن هذا الالتزام تزول عنه صفتا الدورية والتجدد ، فتكون مدة تقادمه هى المدة العادية وهى خمس عشرة سنة ( [2052] ) . وقد يتضمن الحكم فوق ذلك التزامات لم تزل عنها صفتا الدورية والتجدد ، كما إذا قضى للمؤجر بالمستحق من الأجرة وما يستجد منها منذ صدور الحكم إلى يوم التنفيذ . فإن الالتزام بالمستحق من الأجرة قد فقد صفتى الدورية والتجدد ، لأنه مستحق يوم صدور الحكم ، فلا يتقادم إلا بخمس عشرة سنة . أما الالتزام بما يستجد من الأجرة إلى يوم $ 1120 $ التنفيذ ، فيبقى محتفظاً لصفتى الدورية والتجدد بالرغم من صدور حكم به ، لأنه غير مستحق يوم صدور الحكم ، بل هو يستحق على أقساط دورية متجددة ، فيتقادم كل قسط منها بخمس سنوات تسرى من الوقت الذى يحل فيه هذا القسط ( [2053] ) .
( الحالة الثانية ) هى ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 385 مدنى ، إذ تقول : " على أنه . . . إذا كان الدين مما يتقادم بسنة واحدة وانقطع تقادمه بإقرار المدين ، كانت مدة التقادم خمس عشرة سنة " . ونحن نعلم أن الديون التى تتقادم بسنة واحدة هى حقوق التجار والصناع وأصحاب الفنادق والمطاعم والعمال والخدم والأجراء ( 378 مدنى ) . فهذه الحقوق إذا صدر بها حكم ، فالحكم لا يتقادم إلا بخمس عشر سنة كما سبق القول . ثم إذا انقطع التقادم فيها عن طريق إقرار المدين بها ، فقد انتفت قرينة الوفاء التى يقوم عليها التقادم الحولى ، كما انتفت فى حالة الحكم بهذه الحقوق ، فيكون التقادم الجديد الذى يحل محل التقادم المنقطع بالإقرار مدته خمس عشرة سنة ( [2054] ) ، كمدة التقادم الجديد الذى يحل محل التقادم المنقطع بالحكم . ولكن إذا انقطع التقادم فى هذه الحقوق بغير $ 1121 $ الحكم وبغير إقرار المدين ، كأن ينقطع بالتنبيه أو بالحجز أو بالمطالبة القضائية التى تنتهى إلى حكم بعدم الاختصاص مثلا أو بالتقدم فى تفليس أو توزيع ، فإن التقادم الجديد الذى يحل محل التقادم السابق يكون مماثلا له فى مدته وطبيعته ( [2055] ) ، فتكون مدة التقادم الجديد سنة واحدة ، ويقوم هذا التقادم الجديد على قرينة الوفاء ( [2056] ) .
$ 1122 $
649 - متى يمتد أثر الانقطاع إلى غير الدائن الذى قطع التقادم : والأصل أن انقطاع التقادم وسريان تقادم جديد على النحو الذى بيناه فيما تقدم لا يتعدى أثره الدائن الذى قطع التقادم ( [2057] ) . فإذا كان الدين لعدة من الورثة ، وتجزأ عليهم ، وقطع أحدهم التقادم ضد المدين ، لم ينقطع التقادم لمصلحة الورثة الآخرين ، بل يقتصر أثر القطع على الوارث الذى قطع التقادم ( [2058] ) . كذلك إذ قطع الدائن التقادم ضد الكفيل ، لم ينقطع التقادم ضد المدين الأصلى ( [2059] ) . وإذا قطع التقادم ضد المدين الأصلى ، لم ينقطع التقادم ضد الكفيل ( [2060] ) . وإذا قطع الدائن التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، فإن التقادم لا ينقطع بالنسبة إلى باقى المدينين المتضامنين ، وقد نصت الفقرة $ 1123 $ الثانية من المادة 292 مدنى صراحة على هذا الحكم ، فقالت : " وإذا انقطعت مدة التقادم أو وقف سريانه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقى المدينين ( [2061] ) " .
ولكن يستثنى من ذلك حالة ما إذا كان أحد الدائنين المتضامنين ، قد قطع التقادم ضد المدين ، فإن هذا يفيد باقى الدائنين المتضامنين ، وينقطع التقادم لمصلحتهم هم أيضاً ضد المدين ( [2062] ) .
640 - متى يتناول أثر الانقطاع غير الحق الذى قطع فيه التقادم : والأصل أيضاً أن انقطاع التقادم لا يتناول إلا الحق الذى قطع فيه التقادم ، فلا يتناول أثر الانقطاع غيره من الحقوق ( [2063] ) . فإذا كان للدائن $ 1124 $ دينان فى ذمة المدين ، وقطع التقادم بالنسبة إلى أحد الدينين ، فإن التقادم لا ينقطع بالنسبة إلى الدين الآخر ( [2064] ) . وفى الاشتراط لمصلحة الغير ، إذ قطع المنتفع التقادم بالنسبة إلى حقه فى ذمة المتعهد ، لم ينقطع التقادم بالنسبة إلى حق المشترط فى ذمة المتعهد ( [2065] ) . وفى العلاقة ما بين الوصى والصغير عندما يبلغ سن الرشد ، إذا طعن الثانى بالبطلان فى المخالصة التى صدرت منه للوصى فقطع التقادم بالنسبة إلى هذه المخالصة ، لم ينقطع التقادم بالنسبة إلى الدعوى بتقديم حساب عن مدة الوصاية ( [2066] ) .
ويستثنى من ذلك حالة ما إذا كان حق واحد ينشئ دعويين مختلفتين ضد مدين واحد ، فإن قطع التقادم فى إحدى الدعويين يقطع التقادم فى الدعوى الأخرى ( [2067] ) . مثل ذلك ما نصت عليه المادة 438 مدنى من أنه " إذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه ، جاز للمشترى إما أن يطلب فسخ البيع إذا كان النقص جسيما بحيث لو طرا قبل العقد لما تم البيع ، وإما أن يبقى المبيع مع إنقاص الثمن " . فهاتان دعويان نشأتا من سبب واحد هو نقص قيمة البيع قبل التسليم لتلف أصابه ، فإذا قطع المشترى التقادم بالنسبة إلى دعوى الفسخ ، انقطع التقادم تبعاً لذلك بالنسبة إلى دعوى إنقاص الثمن ، أو قطعه بالنسبة إلى دعوى إنقاص الثمن فقد انقطع بالنسبة إلى دعوى الفسخ ( [2068] ) . كذلك إذا رفعت $ 1125 $ دعوى بصحة عقد زمنى ينشئ التزامات متعاقبة ، فإن رفع الدعوى يقطع التقادم بالنسبة إلى الالتزامات التى نشأت قبل رفع الدعوى ، وكذلك بالنسبة إلى الالتزامات التى لم تنشأ إلا بعد رفع الدعوى ( [2069] ) .
الفرع الثانى
كيف يجب إعمال التقادم وما هى الآثار التى تترتب عليه
المبحث الأول
كيف يجب إعمال التقادم
641 - وجوب التمسك بالتقادم وجواز النزول عنه بعد اكتماله : إذا اكتملت مدة التقادم ، بعد مراعاة أسباب الوقف والانقطاع على النحو الذى تقدم ذكره ، فإن الالتزام مع ذلك لا يسقط بالتقادم من تلقاء نفسه ، بل لابد للمدين من أن يتمسك بالتقادم لسقوط الالتزام . بل إنه يجوز للمدين ، بعد تكامل مدة التقادم ، ألا يتمسك به وأن ينزل عنه ، فيبقى الالتزام قائماً ولا يسقط بالتقادم .
فنبحث إذن مسألتين :
(1) وجوب التمسك بالتقادم أو الدفع بالتقادم .
(2) النزول عن التقادم .
$ 1126 $
المطلب الأول
وجوب التمسك بالتقادم
( الدفع بالتقادم )
642 - النصوص القانونية : تنص المادة 387 من التقنين المدنى على ما يأتى :
" 1 - لا يجوز للمحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها ، بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنيه أو أى شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين " .
" 2 - ويجوز التمسك بالتقادم فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، ولو أمام محكمة الاستئناف ( [2070] ) " .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادتين 204 / 268 و206 / 270 ( [2071] ) .
$ 1127 $
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 384 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 374 – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 442 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادتين 345 و347 ( [2072] ) .
ويخلص من هذا النص ما يأتى :
(1) لا تقضى المحكمة بالتقادم من تلقاء نفسها ، بل لابد من التمسك به .
(2) ويتمسك بالتقادم المدين وكل ذى مصلحة .
(3) ويجوز التمسك به فى أية حالة كانت عليها الدعوى .
1 - لا تقضى المحكمة بالتقادم من تلقاء نفسها بل لابد من التمسك به .
643 - لابد من التمسك بالتقادم : التقادم يسقط الدين بحكم القانون كالمقاصة ، فليس للقاضى سلطة تقديرية فى أن يحكم بسقوط الدين بالتقادم $ 1128 $ أو لا يحكم . ولكنه ، كما فى المقاصة أيضاً ، لا يستطيع أن يحكم من تلقاء نفسه بسقوط الدين بالتقادم ، بل يجب على ذى المصلحة أن يتمسك بذلك ( [2073] ) . فإذا ما تمسك ذو المصلحة ( [2074] ) ، وجب على القاضى أن يحكم بتقادم الدين ( [2075] ) .
وليس المقصود من التمسك بالتقادم أن يعلن ذو المصلحة إرادته فى أن يجرى التقادم ، كما يعلن ذو المصلحة إرادته فى أن يجرى المقاصة فى القوانين الحرمانية ، بل إن التقادم يقع من غير هذا الإعلان كما تقع المقاصة فى القوانين اللاتينية والقانون المصرى . وإنما أريد من وجوب التمسك بالتقادم أن يكون التقادم دفعاً ( Exception ) يدفع به المدين دعوى الدائن ، وهو كالدفع بحجية الأمر المقصى ( [2076] ) لا يعتبر من النظام العام ، فلا يستطيع القاضى أن يأخذ به من تلقاء نفسه بل يجب أن يتمسك به المدين ( [2077] ) كما قدمنا .
ويخلص من ذلك أمران :
( أولا ) أن التمسك بالتقادم ليس تصرفاً قانونياً ( Acte Juridique ) قائماً على إرادة المدين النمفردة ( Volonte Unilateraledu Debiteur ) كما هو الأمر فى التمسك بالمقاصة فى القوانين الحرمانية ، بل هو دفع يدفع $ 1129 $ به المدين مطالبة الدائن كما هو الأمر فى التمسك بالمقاصة فى القوانين اللاتينية والقانون المصرى .
( ثانياً ) وهذا الدفع لا يثيره القاضى من تلقاء نفسه ، بل لابد أن يتمسك به ذو المصلحة ، لأنه لا يعتبر من النظام العام وإن كان يمت للمصلحة العامة ، فهو من هذه الناحية كالدفع بالمقاصة والدفع بحجية الأمر المقضى ( [2078] ) .
644 - الأسباب التى تدعو إلى وجوب التمسك بالتقادم : وقد أوجب القانون على ذى المصلحة أن يتمسك بالتقادم للأسباب الآتية :
( 1 ) ليس سقوط الدين بالتقادم من النظام للعام كما قدمنا ، فهو وإن كان مبنياً على اعتبارات تمت للمصلحة العامة لضمان الأوضاع المستقرة ، إلا أنه يتصل مباشرة بمصلحة المدين الخاصة ( [2079] ) . فالمدين وشأنه ، إن رأى أن يتمسك بالتقادم كان له ذلك ، وإن أراد النزول عن هذا الدفع صح نزوله .
( 2 ) هذا إلى أن التمسك بالتقادم أمر يتصل اتصالا وثيقاً بضمير المدين . فإن كان المدين مطمئناً إلى أن ذمته غير مشغولة بالدين ، دفع بالتقادم ليوفر على نفسه مشقة إثبات براءة ذمته بعد هذه المدة الطويلة . أما إن كان يعلم أن ذمته مشغولة بالدين ، وتحرج من التذرع بالتقادم ، فقد فتح له القانون الباب للنزول عنه عن طريق عدم التمسك به ( [2080] ) .
( 3 ) يضاف إلى ما تقدم أن التقادم من شأنه أن يثير وقائع كثيرة لا يتيسر للقاضى أن يستخلصها من تلقاء نفسه من واقع الأوراق والمستندات ، فلابد من أن يثيره الخصوم ويكون محلا لمناقشتهم حتى يتمحص وجه الحق فيه ( [2081] ) .
$ 1130 $
( 4 ) ثم إن التقادم لو أسقط الدين دون أن يتمسك به المدين ، ثم رأى المدين أن ضميره يدعوه إلى عدم التذرع بالتقادم لأن ذمته مشغولة بالدين ، فأراد النزول عنه ، كان هذا النزول بعد أن سقط الدين بالتقادم بمثابة هبة للدائن أو بمثابة التزام جديد ارتبط به نحوه . وهذا ما لم يقل به أحد ، إذ المدين عند ما ينزل عن التقادم ويوفى الدين ، إنما يوفى ديناً واجباً فى ذمته ، سواء علم بالتقادم أو لم يعلم . فهو لا يتبرع ، ولا يعقد التزاماً جديداً ( [2082] ) .
645 - هل هناك استثناءات للقاعدة العامة : ويذكر الفقه ، فى بعض الأحيان ، للقاعدة التى تقضى بوجوب التمسك بالتقادم بعض استثناءات :
( 1 ) فمن ذلك ما قررته المادة 16 من القانون رقم 142 لسنة 1944 الصادر فى 3 أغسطس سنة 1944 من أنه ، عند تقرير ضريبة التركات ، تعتبر الديون التى على التركة ومضت عليها مدة التقادم قد سقطت دون حاجة إلى الدفع بذلك ، وذلك ما لم يظهر أن التقادم قد انقطع لأى سبب من الأسباب . فيجب إذن ، عند حساب الضريبة المستحقة على التركة ، عدم استنزال هذه الديون التى تقادمت من موجودات التركة ، لأنها ديون اعتبرت منقضية بالتقادم ، وتحسب الضريبة كما لو كانت هذه الديون غير موجودة . ويدلل الفقه بهذا المثل على أن ديون التركة قد سقطت بالتقادم ، دون حاجة إلى التمسك بهذا الدفع ( [2083] ) . ولكن يلاحظ أن الورثة ، بالرغم من عدم استنزال الديون المتقادمة من موجودات التركة ، عند حساب الضريبة المستحقة ، يستطيعون ألا يتمسكوا بالتقادم فى مواجهة الدائنين ، إذا دعتهم ضمائرهم إلى ذلك وأيقنوا أن هذه الديون لا تزال فى ذمة مورثهم ، فيدفعوا من التركة حقوق هؤلاء الدائنين . وهم يتحملون ، فى سبيل إراحة ضمائرهم ، ما يضطرون إلى دفعه من زيادة فى الضريبة بسبب هذه الديون . فالدائنون لا تسقط ديونهم إذن إلا إذا تمسك الورثة بالتقادم طبقاً للقاعدة العامة ، فإذا نزل الورثة عن التمسك $ 1131 $ بالتقادم وجب الوفاء بهذه الديون . ونم ثم نرى أن التقادم فى هذه الحالة ، إذا وقع دون تمسك به ؛ فإنما يقع لصالح الخزانة لا لصالح المدين . أو قل أن الخزانة هى التى تتمسك بهذا الدفع فى حقها عند حساب الضريبة وإن لم تتمسك به الورثة ، أما فى حق الدائنين فلابد من أن يتمسك الورثة بالتقادم . فليس فى هذه الحالة إذن خروج عن القاعدة العامة ( [2084] ) .
( 2 ) ومن ذلك أيضاً ما قضت به المادة 28 من القانون رقم 14 لسنة 1939 من أنه تؤول إلى الدولة جميع المبالغ التى أصابها التقادم ، متى كانت هذه المبالغ تمثل أرباح وفوائد الأسهم والسندات التى لم يطالب بها أصحابها ، وكذلك قيمة الأسهم والسندات نفسها والودائع والسندات المودعة لدى البنوك والمبالغ المعطاة على سبيل الضمان . وهذا الحكم مبنى على اعتبارات ترجع إلى مصلحة خزانة الدولة . فقد رأى المشرع أن فى استطاعة الشركات والمصارف التمسك بالتقادم فى هذه المبالغ فتؤول إليها ، فكان بين أن يتركها تؤول إلى الشركات والمصارف من غير ظهور وجه المصلحة فى ذلك ، وبين أن يجعلها غير قابلة للتقادم وفى هذا خروج على القواعد العامة لا مبرر له . فرأى الخير فى أن تؤول لخزانة الدولة ، تصرفها فيما يعود بالنفع على المصلحة العامة ( [2085] ) . وليس فى هذا الحكم خروج على القاعدة العامة التى تقضى بوجوب التمسك بالتقادم حتى ينتج أثره . فلو أن التقادم هنا قد أنتج أثره دون التمسك به ، لآلت المبالغ إلى الشركات والمصارف بمجرد اكتمال مدة التقادم . ولكن المشرع لم يقبل هذه النتيجة ، بل هو قد عمد إلى نقل ملكية هذه المبالغ بمجرد تقادمها إلى الخزانة العامة ، وهذا بحكم نص تشريعى ، لاعتبارات ترجع إلى المصلحة العامة كما قدمنا .
( 3 ) ومن ذلك أخيراً ما لا يزال محل نقاش فى الفقه الفرنسى من أنه إذا تقادمت الديون التى فى ذمة القصر والمحجوزين والغائبين ، ولم يتمسك ممثلوهم القانونيون بالتقادم ، جاز للنيابة العامة –وهى طرف منضم فى الخصومة - أن $ 1132 $ تتمسك هى بالتقادم ( [2086] ) . فإن طائفة كبيرة من الفقهاء فى فرنسا لا يجيزون للنيابة العامة ، وهى مجرد طرف منضم ، أن تتمسك بالتقادم ( [2087] ) . أما فى مصر فإن تقنين المرافعات الجديد ( م 100 ) أجاز للنيابة العامة أن تتدخل ، كخصم منضم ، أمام محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية فى القضايا الخاصة بالقصر وعديمى الأهلية والغائبين . والنيابة تمنح ، بناء على طلبها ، ميعاد ثماينة أيام على الأقل ، لتقديم مذكرة بأقوالها ( م 103 مرافعات ) . والظاهر أن النيابة لا تتدخل كخصم منضم إلا لإبداء رأيها ، فهى ليست بخصم أصيل تبدى طلبات مستقلة أو تضيف إلى الطلبات الأصلية . ومهما يكن من أمر ، فإن التقادم ، حتى فى هذه الحالة ، لابد من التمسك به ، إما من الممثلين القانونيين للقصر والمحجورين ، وإما من النيابة العامة إذا كان هذا الأمر يدخل فى اختصاصها . فإذا لم يتمسك أحد من هؤلاء بالتقادم ، لم يكن للقاضى أن يحكم به من تلقاء نفسه ، وليس فى هذا إلا تطبيق للقواعد العامة التى أسلفنا ذكرها ( [2088] ) .
646 - التمسك بتقادم الدعوى المدنية إذا ارتبطت بالدعوى الجنائية : وقد ترتبط دعوى التعويض المدنية عن عمل غير مشروع بالدعوى الجنائية عن نفس العمل إذا كان جريمة فى قانون العقوبات . فإذا فرضنا أن الدعوى المدنية نظرت أمام المحكمة الجنائية مع الدعوى الجنائية ، وكانت مدة التقادم قد مضت على الدعويين ( [2089] ) ، فمن المسلم أن للقاضى الجنائى أن يحكم من تلقاء نفسه بتقادم الدعوى الجنائية ، دون حاجة إلى أن يتمسك المتهم بالتقادم .
$ 1133 $
ويذهب الفقه فى فرنسا إلى أن القاضى الجنائى فى هذه الحالة يحكم أيضاً من تلقاء نفسه بتقادم الدعوى المدنية ، دون حاجة إلى أن يتمسك المدين بالتقادم ، وذلك أسوة بما يفعله فى الدعوى الجنائية ( [2090] ) . فإذا سلمنا فى مصر بهذا الرأى ( [2091] ) ، كان هذا الحكم استثناء حقيقياً من القاعدة التى تقضى بوجوب التمسك بالتقادم . ذلك أن القاضى هنا قد حكم بتقادم الدعوى المدنية ، كما حكم بتقادم الدعوى الجنائية ، دون حاجة إلى أن يتمسك المدين أو المتهم بالتقادم ( [2092] ) .
647 - لا يغنى التمسك بنوع من القادم عن التمسك بنوع آخر : وفيما عدا هذا الاستثناء الذى أسلفنا ذكره ، يجب القول إنه لابد دائماً من التمسك بالتقادم ، فلا يجوز للقاضى أن يحكم به من تلقاء نفسه . بل إن المدين عندما يتمسك بنوع من التقادم ، كما إذا تمسك بالتقادم الحولى وتبين أن التقادم المنطبق على الدين هو التقادم الخمسى ، لا يغنيه تمسكه بالتقادم الخاطئ عن التمسك بالتقادم $ 1134 $ الصحيح . فلابد إذن من أن يتمسك بعد ذلك بالتقادم الصحيح ، فإن كان أمام محاكم الاستئناف وأقفل باب المرافعة ، فأنه يكون قد فوت على نفسه فرصة التمسك بالتقادم ( [2093] ) .
2 - يتمسك بالتقادم المدين وكل ذى مصلحة
648 - تمسك المدين بالتقادم : الأصل أن المدين هو الذى يتمسك بالتقادم ، فهو الذى يريد أن يبرئ ذمته من الدين عند مطالبة الدائن منه . ثم إن الدين هو الذى يعلم إن كانت ذمته قد برئت من الدين ، فيقدم وهو مطمئن الضمير على الدفع بالتقادم دون حاجة إلى تحمل العبء فى إثبات براءة الذمة ، أو أن الدين باق فى ذمته فقد لا يطاوعه ضميره أن يدفع بالتقادم ( [2094] ) .
وغنى عن البيان أن خلف المدين ، عاماً أو خاصاً ، يستطيع كالمدير أن يتمسك بالتقادم . فوارث المدين ، إذا طولبت تركة المدين بالدين ، له أن يدفع بالتقادم . ويطمئن ضميره إلى هذا الدفع إن كان يعلم أن المورث قد برئت منه من الدين دون أن يوجد فى أوراقه ما يدل على براءة الذمة ، أو فى الليل إن كان لا يعلم أن ذمة المورث لا تزال مشغولة بالدين إذ من حقه أن يقدر أن $ 1135 $ المورث لا بد أن يكون وفي الدين في خلال مدة التقادم . وكذلك المحال عليه بالدين له أن يدفع بالتقادم كما كان المحيل يستطيع أن يفعل ، وقد تقدم بيان ذلك . والمدة التي انقضت على استحقاق الدين وهو في ذمة السلف تضم إلى المدة التي تنقضي بعد انتقال الدين إلى ذمة الخلف .
649 - التمسك بالتقادم من كل ذي مصلحة : والى جانب المدين وخلفه ، يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالتقادم ، كما تنص على ذلك صراحة الفقرة الأولي من المادة 387مدني المتقدمة الذكر .
ومن ذوى المصلحة الذين يحق لهم التمسك بالتقادم :
( 1 ) الكفيل : فإذا كان دين الأصيل قد انقضت عليه مدة التقادم ولم تنقض المدة على دين الكفيل ، بأن يكون الدائن مثلاً قطع التقادم بالنسبة إلى الكفيل دون أن يقطعه بالنسبة إلى الأصيل ، فالكفيل في هذه الحالة أن يتمسك بأن دين الأصيل قد سقط بالتقادم ، فتكون ذمة الأصيل قد سقط بالتقادم ، فتكون ذمة الأصيل برئت من الدين فتبرأ تبعاً لذلك ذمة الكفيل ( [2095] ) . وظاهر أن للكفيل هنا مصلحة في التمسك بالتقادم ولو لم يتمسك به الأصيل ، ومن حقه أن يقدر أن ذمة المدين قد برئت من المدين بعد انقضاء مدة التقادم ، وليس عليه من حرج في ذلك . فإن كان المدين يعلم أن ذمته لم تبرأ من المدين ، فما عليه إلا أن يوفيه ، فتبرأ ذمته وذمة الكفيل جميعاً .
( 2 ) المدين المتضامن :وله أن يدفع بتقادم الدين بالنسبة إلى مدين متضامن آخر بقدر حصة هذا المدين . فإذا فرض أن الدين ثلثمائة في ذمة مدينين متضامنين ثلاثة ، وقطع الدائن التقادم بالنسبة إلى اثنين منهم دون الثالث ، فسقط الدين بالتقادم بالنسبة إلى هذا الثالث دون أن يسقط بالنسبة إلى الاثنين الآخرين ، ورفع الدائن الدعوى على أحد هذين يطالبه بكل الدين ، كان لهذا المدين أن يدفع بتقادم دين الثالث بقدر حصته وهي مائة ، ولا يدفعه للدائن إلا مائتين ( م292 مدني ) . وظاهر أن له مصلحة في أن يدفع بتقادم دين $ 1136 $ المدين الثالث ، إذ أن ذلك يبرئ ذمته نحو الدائن بقدر حصة هذا المدين فإذا كان هذا المدين يعلم أن الدين لا يزال في ذمته ، ويأبى ضميره أن يستسيغ الدفع بالتقادم من جانب المدين الذي رفعت عليه الدعوى ، فما عليه إلا أن يوفي الدائن المائة الباقية له من الدين .
( 3 ) الحائز للعقار المرهون : وله أن يدفع بتقادم الدين المضمون بالرهن فلو فرض أن المدين رهن عقاراً ضماناً للوفاء بدينه ، ثم باع هذا العقار ، ومضت على الدين مدة التقادم ، ومع ذلك رجع الدائن على حائز العقار يطالبه بالدين فللحائز أن يدفع الدين بالتقادم . وله مصلحة في ذلك ، إذ أن هذا يخلصه من مطالبه الدائن . فإن كان المدين يعلم أن الدين لا يزال في ذمته ، وتحرج من أن الحائز دفعه بالتقادم ، فما عليه إلا أن يوفيه للدائن ، فهو المدين الأصلي الذي يجب عليه الوفاء ( [2096] ) .
650 - التمسك بالتقادم من دائني المدين : وقد يقع أن يكون للمدين دائنان ، ويتقادم دين أحدهما ، فيكون للدائن الآخر الحق في التمسك بهذا التقادم ، ولو لم يتمسك به المدين . وقد نصت الفقرة الأولي من المادة 387مدني ، كما رأينا ، على هذا الحكم صراحة إذ قالت : " … بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنيه . . " . والدائن الذي يتمسك بالتقادم إنما يتمسك به هنا نيابة عن المدين بطريق الدعوى غير المباشرة وفقاً للمادة 235مدني . ومصلحته في ذلك ظاهرة ، فإنه يستبعد عن طريق الدفع بالتقادم ديناً قد يكون متقدماً على دينه بسبب رهن أو امتياز أو غير ذلك أو في القليل يستبعد ديناً يزاحم دينهم . ويجب في هذه الحالة أن يكون تقدم الدين المتقادم أو مزاحمته من شأنه أن يضر بالدائن الذي يتمسك بالتقادم . فإذا كان مال المدين ألفاً ، وكان الدين المتقادم ثلثمائة ، ودين الدائن الذي يتمسك بالتقادم تسعمائة ، فلو قدرنا أن الدين المتقادم يتقدم على الدين الآخر ، كانت مصلحة الدائن الآخر في التمسك بالتقادم هي أن يستبعد هذا الدين ، فهو إذا لم $ 1137 $ يستبعد لم يخلص للدائن الآخر من المدين الذي له إلا سبعمائة . ولو قدرنا أن الدين المتقادم لا يتقدم على الدين الآخر بل يزاحمه ، لبقيت للدائن مع ذلك مصلحة في دفعه بالتقادم ، إذ لو زوحم لما نال من الدين الذي له إلا سبعمائة وخمسين . أما إذا كان مال المدين يسع الدينين جميعاً ، بأن كان ألفاً ومائتين أو أكثر ، لم يكن للدائن الآخر مصلحة في الدفع بالتقادم ، وترك الأمر للمدين يدفع بالتقادم أو لا يدفع بحسب ما يمليه عليه ضميره .
ولا يعترض على تمسك الدائن الآخر بالتقادم ، نيابة عن المدين ، بأن هذا التمسك حق متصل بشخص المدين ، فلا يجوز للدائن استعماله . ذلك أن من حق الدائن أن يقدر أن الدين قد انقضى بالتقادم فلا يتحمل مزاحمة هذا الدين ومهما يكن من أمر ، فالنص صريح في جواز أن يستعمل الدائن حق مدينه في التمسك بالتقادم ( [2097] ) .
هذا وسنرى انه كما ثبت للدائن أن يستعمل حق مدينه في التمسك بالتقادم وفقاً للفقرة الأولي من المادة 387 مدني ، كذلك يثبت له ، إذا لم يقتصر المدين على الامتناع عن التمسك بالتقادم بل خطا خطوة إيجابية ونزل عن التقادم ، أن يطعن في هذا النزول بالدعوى البولصية وفقاً للفقرة الثانية من المادة 388 مدني . فاللدائن إذن أن يستعمل حق مدينه في التمسك بالتقادم وفقاً لأحكام الدعوى غير المباشرة إذا سكت المدين عن التمسك بالتقادم وفقاً لأحكام الدعوى غير المباشرة إذا سكت المدين عن التمسك بالتقادم . وله كذلك ، إذا نزل المدين عن التقادم ، أن يطعن في هذا النزول بالدعوى البولصية ، حتى إذا نجح في طعنه عمد بعد ذلك إلى التمسك بالتقادم نيابة عن المدين ، فهو إذا طعن بالدعوى البولصية ، لم يكن له بد ، بعد أن ينجح في طعنه ، من الانتقال إلى الدعوى غير المباشرة .
$ 1138 $
3 - يجوز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى
651 - التمسك بالتقادم أمام المحكمة الابتدائية : ولما كان التمسك بالتقادم دفعاً موضوعياً ، فإن المدين أو لذي المصلحة أن يتمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ( [2098] ) . فله أن يتمسك به منذ البداية ،وقبل الدخول في أي دفع شكلي أو موضوعي . وله أن يؤخره إلى أن يستفيد جميع دفوعه الأخرى الشكلية والموضوعية ، فإذا لم ينجح فيها عمد بعد ذلك إلى الدفع بالتقادم ( [2099] ) .
وكل ما ينبغي أن يحتاط له أمران : ( 1 ) ألا ينطوي تأخيره للدفع بالتقادم على معنى النزول عنه ضمناً ، فأنه إذا نزل عنه لم يستطيع بعد ذلك أن يعود إليه ومن ثم كان من المناسب ، وهو يبدي أوجه دفاعه الأخرى ، أن يذكر أن عنده دفعاً بالتقادم يؤخره إلى ما بعد أن ينتهي من أوجه الدفاع التي يبديها ( [2100] ) . ( 2 ) ألا يؤخر الدفع بالتقادم إلى ما بعد إقفال باب المرافعة ، فإنه إذا أقفل هذا الباب فليس له بعد ذلك أن يبدى أي طلب ( [2101] ) .
$ 1139 $
652 - التمسك بالتقادم أمام محكمة الاستئناف :فإن فاته الدفع بالتقادم أمام محكمة أول درجة على الوجه السابق بيانه ، سواء لأنه كان يجهله أو كان يعلمه ولكنه لم يتمكن من إبدائه قبل إقفال باب المرافعة لسهو أو لتعذر الحصول على الأدلة المثبتة لوقوع التقادم أو لغير ذلك من الأسباب ، فأنه يستطيع - ما لم ينطو تركه للدفع أمام المحكمة الابتدائية على معنى النزول عنه - أن يدفع بالتقادم لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية ، وفي أية حالة كانت عليها الدعوى ، مع مراعاة ما قدمناه من وجوب الحيطة ، فلا ينطوي تأخيره للدفع بالتقادم على معنى النزول عنه ضمناً ، ولا يؤخر الدفع إلى ما بعد إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف ( [2102] ) .
653 - التمسك بالتقادم أمام محكمة النقض : فإذا لم يدفع المدين بالتقادم لا أمام المحكمة الابتدائية ولا أمام محكمة الاستئناف ، فليس له أن يدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض ، فإن محكمة النقض لا تستطيع أن تنظر أوجهاً جديدة لم يسبق الدفع بها أمام محكمة الموضوع . وليس الدفع بالتقادم ، كما قدمنا ، معتبراً النظام العام ، حتى يجوز لمحكمة النقض أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها . فهو كالدفع بالمقاصة وكالدفع بحجية الأمر المقضي ، لا يجوز أن يثار لأول مرة أمام محكمة النقض ( [2103] ) .
654 - التمسك بالتقادم أمام محكمة الإحالة : لكن إذا استطاع المدين أن يحصل على حكم من محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه لسبب $ 1140 $ غير التقادم ، كخلل في الإجراءات أو خطأ في تطبيق القانون في مسألة أخرى ، وأحالت محكمة النقض الدعوى على دائرة أخرى من دوائر محكمة الاستئناف فإنه يجوز المدين أمام محكمة الإحالة – وهي محكمة موضوع –أن يدفع بالتقادم لأول مرة ، وفي أية حالة كانت عليها الدعوى . وعليه أن يحتاط كما قدمناه ، فلا ينطوي تأخيره الدفع بالتقادم على معنى النزول عنه ، ولا يؤخر الدفع إلى ما بعد إقفال باب المرافعة أمام محكمة الإحالة ( [2104] ) .
المطلب الثاني
النزول عن التقادم
655 - النصوص القانونية : تنص المادة 388 من التقنين المدني على ما يأتي :
" 1 – لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه ، كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون " .
" 2 - وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل ولو ضمناً عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه ، على أن هذا النزول لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضراراً بهم ( [2105] ) " .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادتين 80 / 108 و 206 / 270 ( [2106] ) .
$ 1141 $
ويقابل في التقنيات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 385 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 375 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 443 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 346 ( [2107] ) .
يخلص من النص المتقدم الذكر قاعدتان أساسيتان : ( القاعدة الأولي ) عدم جواز النزول عن التقادم مقدماً قبل ثبوت الحق فيه ، ويلحق بهذه القاعدة عدم جواز الاتفاق على مدة للتقادم تختلف عن المدة التي عينها القانون .
( القاعدة الثانية ) جواز النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه ؛ ويلحق بهذه القاعدة جواز النزول عن المدة التي انقضت أثناء سريان التقادم ولو لم تكتمل مدة التقادم كلها .
$ 1142 $
1 - عدم جواز النزول عن التقادم مقدماً قبل ثبوت الحق فيه
656 - الأسباب التي تدعو إلى عدم جواز النزول مقدماً عن التقادم :
ينص القانون صراحة على عدم جواز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه . فلا يجوز إذن أن يتفق الدائن والمدين على عدم إمكان تقادم الدين بعد اكتمال مدة التقادم التي عينها القانون . وليس ذلك راجعاً إلى أن التقادم يعتبر من النظام العام ، وإلا لما جاز أيضاً النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه . وإنما يرجع ذلك إلى أنه لو أجيز للدائن أن يشترط على المدين عدم إمكان تقادم الدين ، لاستطاع الدائنون أن يفرضوا هذا الشرط على المدينين ، ذا الدائن هو الذي يملي على المدين شروط الدين ، ولأصبح هذا الشرط شرطاً مألوفاً في التعامل ( clause de style ) ، ولترتب على ذلك أن ينهدم نظام التقادم من أساسه ( [2108] ) .
أما إذا اكتملت مدة التقادم ، وصار المدين هو سيد الموقف يستطيع أن يدفع بسقوط الدين لتقادمه ، ثم أراد بالرغم من ذلك أن ينزل يطوعه من التمسك بالتقادم بعد ثبوت حقه فيه ، فليس في هذا النزول إهدار للحماية التي أرادها القانون للأوضاع المستقرة . بل أن ترك المدين لضميره يملي عليه واجبه أرادها القانون للأوضاع المستقرة . بل إن ترك المدين لضميره يملي عليه واجبه هو خير ما يفعله القانون ، للتوفيق بين استقرار الأوضاع ونزاهة التعامل .
657 - عدم جواز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه يسري على جميع أنواع التقادم : وحظر النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه ينطبق على جميع أنواع التقادم ، أياً كانت مدته . فالتقادم العادي $ 1143 $ بخمس عشرة سنة لا يجوز النزول عنه مقدماً للاعتبارات التي قدمناها . ولا يجوز كذلك النزول عن التقادم الحقوق الدورية المتجددة بخمس سنوات ، فإن الغرض من التقادم في هذه الحالة هو عدم تراكم الديون على المدين كما قدمناه ، وهذا سبب يكفي وحده لتبرير النزول مقدماً عن التقادم . وهذا السبب نفسه هو الذي يبرر تحريم النزول مقدماً عن تقادم حقوق أصحاب المهن الحرة بخمس سنوات . أما تقادم حقوق التجار والصناع وأصحاب الفنادق والمطاعم والعمال والخدم والأجراء بسنة واحدة فيقوم على قرينة الوفاء ، ومن ثم كان النزول عنه مقدماً مصادرة لقرينة معقولة قبل أن تتحقق . وتصدق الاعتبارات المتعلقة باستقرار التعامل في تبرير تحريم النزول مقدماً عن تقادم الثلاث السنوات في دعاوى الإبطال ودعاوى العمل غير المشروع ودعاوى الإثراء بلا سبب .
658 - عدم جواز الاتفاق على الحالة مدة التقادم أو على تقصيرها – إحالة : وقد رأينا أن الفقرة الأولي من المادة 388 مدني تقول أيضاً إنه " لا يجوز الاتفاق إذن على إطالة مدة التقادم ولا على تقصيرها . وقد سبق أن بينا ( [2109] ) أن مدة التقادم من النظام العام ، ولا يجوز أن يترك تحديدها لمشيئة الأفراد ( [2110] ) . ولو أنا أبحنا إطالة مدة التقادم ، أياً كانت هذه $ 1144 $ المدة لجاز اتخاذ هذه الإباحة وسيلة إلى النزول عن التقادم قبل أن يتم . وما على الطرفين إلا أن يطيلا مدة التقادم إلى أجل أو إلى آجال بعيدة ، في اتفاق وأحد أو في اتفاقات متعاقبة ، ويؤدي هذا عملاً إلى نزول مقدماً عن التقادم قبل ثبوت حقه فيه ، وهذا ما لا يجوز . كذلك لا يجوز الاتفاق على تقصير مدة التقادم ، لأن إقرار صحة هذا الاتفاق لا يؤمن معه الاعتساف ، وبخاصة في عقود النقل وفي عقود التأمين . وقد قدمنا أن الاتفاق على تقصير مدة التقادم كان جائزاً في عهد التقنين المدني السابق ، وفقاً لما جرى عليه القضاء الفرنسي ونكتفي هنا بالإحالة إلى ما قدمناه هناك ( [2111] ) .
659 - كيف تطول مدة التقادم بطرق أخرى : على أن ما قررناه من عدم جواز الاتفاق على إطالة مدة التقادم لا يمنع من أن مدة التقادم قد تطول فعلاً بطرق أخرى . فإذا وقف سريان التقادم ، طالت مدته بمقدار المدة التي وقف فيها عن السريان . وإذا انقطعت مدة التقادم ، طال التقادم بمقدار المدة التي انقطع في آخرها وهي المدة التي أصبحت لا يعتد بها ، وبمقدار المدة التي يبقى فيها سبب الانقطاع نافذ الأثر .
وقد قدمنا أنه يجوز للدائن والمدين أن يتفقا على تأخير مبدأ سريان التقادم عن طريق اعتبار سلسلة من الصفقات مرتبطة بعضها ببعض ، فكأنها صفقة واحدة لا تتجزأ . وعند ذلك لا يسري التقادم إلا بعد أن تتم حلقات هذه السلسلة ، فيتأخر مبدأ سريان التقادم إلى أن تتم آخر حلقة من هذه الصفقات ( [2112] ) . فإذا تأخر مبدأ سريان التقادم على النحو المتقدمة الذكر ، فقد طالت مدته بقدر ما تأخر مبدأ سريانه ( [2113] ) .
$ 1145 $
2 - جواز النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه
660 - النزول الصريح والنزول الضمني : قدمنا أنه إذا اكتملت مدة التقادم ، وثبت حق المدين في التمسك به ، فإن نزوله عنه بعد ثبوت حقه فيه جائز . فهو لا يخشى عندئذ من ضغط الدائن ما كان يخشاه قبل أن يبدأ التقادم أو قبل أن يكتمل ، فإن هو اختار مع ذلك أن ينزل عن التقادم وأن يوفي الدين ، فهو لم يفعل ذلك بضغط من الدائن بل استجابة لداع من الضمير .
وقد يكون نزول المدين عن التقادم بعد ثبوت حقه فيه صريحاً .ولا يشترط في النزول الصريح شكل معين أو عبارات خاصة ، فكل تعبير عن الإرادة يفيد معنى النزول يعتد به . وقد يكون النزول الصريح مكتوباً ، كان يحرر المدين على نفسه سنداً بالدين بعد تقادمه ويكتب في السند أنه نزل عن التمسك بالتقادم فيه . كما يكون النزول الصريح شفوياً باللفظ ، ولكن يجب في إثبات هذا النزول –وهو تصرف قانوني - اتباع القواعد العامة في الإثبات ، فيجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت قيمة الدين المتقادم على عشرة جنيهات .
وقد يكون النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه ضمنياً . وأكثر ما يكون ذلك في دعوى الدين يرفعها الدائن على المدين ، فيعتمد المدين إغفال الدفع بالتقادم ، بحيث يفهم من موقفه ، أنه لا يريد الالتجاء على هذا الدفع ( [2114] ) .
ولكن ليس من الضروري أن يستخلص من تأجير المدين الدفع بالتقادم أنه قد نزل عنه ، فقد قدمنا أن للمدين أن يدفع بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف لأول مرة ، ما لم يستخلص من ظروف تأخيره للدفع أنه قد نزل عنه ، وقاضى الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان $ 1146 $ يستخلص من موقف المدين ما يستفاد منه حتما أنه قد نزل عن الدفع بالتقادم ، ولا يقترض ذلك عند الشك فأن النزول عن الحق لا يفترض ( [2115] ) . وقد يستخلص النزول الضمني من طلب المدين مهلة من الدائن لدفع الدين بعد تقادمه ، أو من تقديمه للدائن كفالة بالدين أو رهناً بعد اكتمال التقادم ، أو من دفعه قسطاً من الدين أو دفعه جزءاً من فوائده أو نحو ذلك من الأعمال التي تعتبر إقراراً بالدين ، وتكون أثناء سريان التقادم سبباً لقطعه ، ويعد اكتماله نزولاً ضمنياً عنه ( [2116] ) .
661 - الأهلية الواجبة للنزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه :
وتقول الفقرة الثانية من المادة 388 مدني : " وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل … " . فلأهلية الواجبة إذن للنزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه هي أهلية التصرف . فلا تكفي أهلية الإرادة ، ولا تلزم أهلية التبرع ( [2117] ) .
$ 1147 $
أما أن أهلية التبرع لا تلزم ، فذلك لأن المدين لا يسقط بمجرد اكتمال مدة التقادم ، بل لا بد من أن يتمسك المدين بالتقادم كما قدمناه . وهو لم يتمسك سقط بمجرد اكتمال مدة التقادم ، ثم لما نزل عن التمسك بالتقادم نشأ دين جديد في ذمته ، لكان متبرعاً بإنشاء هذا الدين الجديد ، ولوجب توافر أهلية التبرع فيه ، ولكنه كما قلنا ، لا ينشئ ديناً جديداً في ذمته ، بل يستبقى ديناً قديماً ، وهذا الدين القديم وجب في ذمته من قبل فهو لا يتبرع بإنشائه من جديد .
وأما أن أهلية الإدارة لا تكفي ، فذلك لأن المدين ، باستبقائه في ذمته قديماً كان يستطيع إسقاطه لو أنه لم ينزل عن حقه في التمسك بالتقادم ، لا يقوم بعمل مألوف من أعمال الإدارة ، بل هو يقوم بعمل أكبر خطراً من ذلك . فهو في موقف من يلتزم ، إذ يبقي التزاماً كان في استطاعته أن يتخلص منها فلا يكفي إذن أهلية الإرادة ، بل تجب أهلية التصرف .
ويترتب على ذلك أن الصغير والمحجور لا يستطيع أي منهما أن ينزل عن حقه في التمسك بالتقادم . كذلك لا يستطيع الوصي أو القيم أن ينزل عن حق الصغير أو المحجور في التمسك بالتقادم ، من غير إذن المحكمة . ولا يستطيع الوكيل النزول عن التمسك بالتقادم ، إلا إذا أعطى توكيلاً خاصاً في ذلك .
662 - أثر النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه : وإذا نزل المدين عن التقادم صراحة أو ضمناً على النحو الذي قدمناه ، كان نزوله هذا تصرفاً قانونياً صادراً من جانب وأحد ، لا حاجة فيه إلى قبول الدائن ، وكان ملزماً له لا يستطيع الرجوع فيه ( [2118] ) .
وينبني على ذلك أن الدين الذي اكتملت مدة التقادم فيه يبقى في ذمة المدين $ 1148 $ على نحو بات ، بعد أن كانت مهدداً بالسقوط عن طريق الدفع بالتقادم ، ويجب على المدين الوفاء به للدائن . ومن وقت النزول عن التقادم يبدأ تقادم جديد ، كما هو الأمر في انقطاع التقادم . والأصل أن تكون مدة التقادم الجديد هي نفس مدة التقادم القديم الذي نزل عنه المدين ، ولكن قد تختلف المدتان . فلو كانت مدة التقادم الذي نزل عنه المدين خمس عشرة سنة ، فإن مدة التقادم الجديد تكون دون شك خمس عشرة سنة أخرى تبدأ من وقت نزول المدين عن التقادم الأول . فلو أن المدين نزل عن الدين بعد أن انقضى على تكامله سنتان ، فإن مدة الخمس العشرة سنة الأخرى تبدأ من وقت انقضاء سنتين على تكامل التقادم الأولي ، أي بعد سبع عشرة سنة من مبدأ سريان هذا التقادم ، ومن ثم تطول مدة تقادم الدين إلى اثنتين وثلاثين سنة من أول وقت استحق فيه . ولو كانت مدة التقادم خمس سنوات ، في حقوق دورية متجددة ، ونزل المدين عن التقادم بعد تكامله ، كانت مدة التقادم الجديد خمس سنوات أيضاً ، حتى تتحقق الحكمة من هذا النوع من التقادم وهي عدم تراكم الديون في ذمة المدين . ولو كانت مدة التقادم خمس سنوات ، في حقوق أصحاب المهن الحرة ، ونزل المدين عن التقادم بعد تكامله كانت مدة التقادم الجديد خمس سنوات أيضاً ، ما لم يكن نزول المدين عن التقادم جاء عن طريق تحرير سند بالدين ، ففي هذه الحالة تكون مدة التقادم الجديد خمس عشر سنة ، قياساً على حالة ما إذا حرر المدين سنداً بالدين في أثناء سريان التقادم ، وتطبيقاً للفقرة الثانية من المادة 379مدني . ولو كانت مدة التقادم سنة واحدة ، في حقوق التجار والصناع وأصحاب الفنادق والمطاعم والعمال والخدم والأجراء ونزل المدين عن التقادم بعد تكامله ، فإن في نزوله هذا دحضاً لقرينة الوفاء التي قام عليها التقادم في هذه الحقوق ، فتكون مدة التقادم الجديد خمس عشرة سنة . ويستوي في ذلك أن يكون النزول عن التقادم بعد تكامله جاء عن طريق تحرير سند بالدين أو جاء عن أي طريق آخر ، وتقاس هذه الحالة على حالة التقادم الذي يسري ضد الحكم النهائي الصادر بهذه الحقوق ، فإن مدة التقادم حينئذ تكون خمس عشرة سنة كما سبق القول .
وتقول العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 388 مدني : " على أن هذا النزول لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضرار بهم " . وفي هذا تطبيق $ 1149 $ لقواعد الدعوى البولصية على تصرف قانوني صدر من المدين ، هو نزوله عن التقادم بعد ثبوت حقه فيه . وقد رأينا من قبل تطبيق قواعد الدعوى غير المباشرة في نص الفقرة الأولي من المادة 387مدني ، وهو نص قاطع للشك في جواز استعمال الدائنين لحق مدينهم في التمسك بالتقادم . وإذا كان هذا النص الأخير ضرورياً ، إذ يزيل الشبهة في جواز استعمال الدائنين لحق متصل بشخص مدينهم بل لرخصة لم ترق إلى مرتبة الحق ( [2119] ) ، فأن نص الفقرة الثانية من المادة 388مدني هو أيضاً نص ضروري ، إذ يزيل الشبهة في جواز الطعن بالدعوى البولصية في تصرف للمدين على الامتناع عن إنقاص التزاماته ، فكان الواجب لولا النص ألا يقع تحت طائلة الدعوى البوليصية ( [2120] ) وفي هذه المسألة وحدها يخرج القانون على قواعد الدعوى البوليصية ، أما في المسائل الأخرى فتبقى هذه القواعد سارية ومن ثم يشترط أن يكون نزول المدين عن التمسك بالتقادم ، حتى يجوز الطعن فيه بالدعوى البولصية ، سبباً في إعسار المدين أو في زيادة إعساره ( م337 مدني ) فإذا كان المدين موسراً حتى بعد النزول عن التقادم ، فلا شأن لدائنيه في هذا النزول ما دامت حقوقهم مكفولة . ولما كان نزول المدين عن التمسك بالتقادم لا يعتبر تبرعاً كما قدمناه ، فإنه يشترط ، لعدم نفاذ هذا النزول في حق الدائنين ، أن يكون منطوياً على غش من المدين وأن يكون الدائن الذي صدر النزول لمصلحته على علم بهذا الغش . ويكتفي في ذلك ، كما تقول الفقرة الأولي من المادة 238مدني ، أن يكون النزول قد صدرت من المدين وهو عالم أنه معسر وأن يكون الدائن الذي صدر النزول لمصلحته على علم بهذا الإعسار ( [2121] ) . وفي هذه $ 1150 $ المسائل مختلف عليها كل الاختلاف في فرنسا ( [2122] ) ، أما عندنا فالنصوص صريحة لا تسمح بترديد صدى هذا الاختلاف ( [2123] ) .
$ 1151 $
وقد قدمنا أن الدائنين إذا نجحوا في الطعن في نزول المدين عن التمسك بالتقادم تطبيقاً لأحكام الثانية من المادة 388مدني ، فأن عليهم بعد ذلك أن يتمسكوا بالتقادم نيابة عن مدينهم تطبيقاً لأحكام الفقرة الأولي من المادة 387 مدني ( [2124] ) .
663 - جواز النزول عن المدة التي انقضت في تقادم لم تكتمل :
وقد يقع أن المدين ينزل عن التقادم ، لا قبل سريانه فيكون نزوله عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه ومن ثم يكون باطلاً ، ولا بعد تكامله نزولاً عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه ومن ثم يكون صحيحاً ، ولكن أثناء السريان . وهذا النزول يكون صحيحاً فيما يتعلق بالمدة التي انقضت لأنه نزول عن حق في مدة قد انقضت فعلاً ، وباطلاً فيما يتعلق بالمدة الباقية لاكتماله التقادم لأنه نزولاً عن مدة مستقبلة لم يثبت للمدين حق فيها . ومن ثم تزول المدة التي انقضت بالنزول عنها ، ولا يعتد بها في حساب التقادم ويبدأ تقادم جديد يسري من وقت النزول عن المدة التي انقضت ، لا من وقت اكتمال التقادم السابق .
والتكييف الصحيح لهذا النوع من النزول إنما هو قطع التقادم عن طريق إقرار المدين بحق الدائن . ذلك أن المدين ، إذا نزل عن المدة التي انقضت في تقادم لم يكتمل ، إنما يقر بحق الدائن ، فيقطع الإقرار التقادم ، ولا يعتد بالمدة $ 1152 $ التي انقضت ، كما سبق القول عند الكلام في انقطاع التقادم بالإقرار ( [2125] ) .
ويترتب على هذا التكييف أمران : ( 1 ) أن التقادم الجديد الذي يعقب التقادم السابق يكون مدته هي مدة التقادم السابق أو تختلف عنها ، وفقاً للأحكام التي قدمناها عند الكلام في انقطاع التقادم . فتكون المدة خمس عشرة سنة بدلاً من خمس في حقوق أصحاب المهن الحرة إذا كان نزول المدين عن طريق تحرير سند بالدين ، وبدلاً من سنة واحدة في حقوق التجار والصناع والعمال ومن إليهم بمجرد الإقرار بحق الدائن عن طريق النزول عن المدة التي انقضت ، سواء كان الإقرار عن طريق سند بالدين أو عن طريق آخر . ( 2 ) وما دام النزول عن المدة التي انقضت في تقادم لم يكتمل إنما هو قطع للتقادم ، فالأهلية الواجبة فيه ليست هي أهلية التصرف كما في النزول عن التقادم المكتمل ( [2126] ) ، بل هي أهلية الإدارة وهي الأهلية الواجبة في قطع التقادم كما سبق القول ( [2127] ) .
المبحث الثاني
الآثار التي تترتب على التقادم
664 - النصوص القانونية : تنص المادة 386من التقنين المدني على ما يأتي :
" 1 - يترتب على التقادم انقضاء الالتزام . ومع ذلك يتخلف في ذمة المدين التزام طبيعي " .
" 2 - وإذا سقط الحق بالتقادم سقطت معه الفوائد وغيرها من $ 1153 $ الملحقات ، ولو لم تكتمل مدة التقادم الخاصة بهده الملحقات ( [2128] ) " .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 204 / 268 ( [2129] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 383 - وفي المدني الليبي المادة 373 - وفي التقنين المدني العراقي المادتين 440 - 441 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 360 - 361 ( [2130] ) .
$ 1154 $
ويخلص من هذا النص أن الالتزام بنقضي بالتقادم . ويجب في هذا الصدد أن نميز ، عند اكتمال مدة التقادم ، بين حالتين : ( 1 ) قبل التمسك بالتقادم ( 2 ) بعد التمسك به .
665 - التزام اكتملت مدة تقادمه قبل التمسك بالتقادم : فإذا كان الالتزام قد اكتملت مدة تقادمه ، ولكن المدين لم يتمسك بعد بالتقادم ، فهو في هذه الفترة التزام مدني قائم كما كان أثناء سريان مدة التقادم . ولا تتغير طبيعة الالتزام بمجرد تكامل هذه المدة ، لأن التقادم لا يقضى الالتزام إلا إذا تمسك به المدين ( [2131] ) .
ويخلص مما تقدم أن الالتزام يكون في هذه الفترة التزاماً مدنياً واجب الوفاء . ويترتب على ذلك نتائج هامة نذكر منها ما يأتي :
( 1 ) إذا وفي المدين بالالتزام في هذه الفترة ، فإنه يوفي بالتزام مدني مستحق الأداء . فهو لا يستطيع بعد أن وفي به للدائن أن يسترده منه ، بدعوى أنه دفع ديناً انقضى بالتقادم ، وهذا حتى لو كان الوفاء صدر عن غلط ، وكان المدين وقت أن وفي بالدين لا يعلم باكتمال مدة التقادم ، وظن أن المدة لا تزال سارية دون أن تكتمل ( [2132] ) .
$ 1155 $
( 2 ) إذا قدم المدين كفيلاً للدين الذي اكتملت مدة تقادمه دون أن يتمسك بالتقادم ، سواء علم باكتمال المدة أو لم يعلم ، صحت الكفالة ، إذا الكفيل يضمن التزاماً مدنياً قائماً . فإذا كان المدين يعلم ، عند ما قدم الكفيل ، بأن المدة قد اكتملت ، اعتبر تقديمه للكفيل نزولاً منه عن حقه في التمسك بالتقادم . أما إذا كان لا يعلم باكتمال المدة ، جاز له أن يتمسك بعد ذلك بالتقادم فيسقط الدين ، وجاز لكفيله في هذه الحالة أن يدفع هو أيضاً بسقوط الدين للتقادم ( [2133] ) .
( 3 ) إذا ترتب في ذمة الدائن للمدين دين توافرت فيه شروط المقاصة بالدين الذي له في ذمة المدين ، فإن المقاصة تقع بين الدينين إذا تمسك الدائن بالمقاصة قبل أن يتمسك المدين بالتقادم . ذلك أن تمسك الدائن بالمقاصة يجعل الدينين ينقضيان بمجرد تلاقيهما ، وقد تلاقيا في وقت كان فيه الدين الذي اكتملت مدة تقادمه لا يزال ديناً مدنياً ، إذ لم يكن المدين قد تمسك بالتقادم عندما تمسك الدائن بالمقاصة ، فتوافرت شروط المقاصة وانقضى الدينان . فإذا جاء المدين بعد ذلك وتمسك بالتقادم ، فإنه يكون قد فعل ذلك متأخراً ، إذ وقت أن تمسك بالتقادم كان الدين قد انقضى بالمقاصة ( [2134] ) وحكم $ 1156 $ المقاصة هنا هو حكم الوفاء بالدين المتقادم قبل التمسك بتقادمه ، لأن المقاصة ضرب من الوفاء .
666 - التزام اكتملت مدة تقادمه بعد التمسك بالتقادم : ويتغير الحكم إذا اكتملت المدة وتمسك المدين بالتقادم ، فإنه بمجرد أن يتمسك المدين بالتقادم على النحو الذي فصلناه يسقط الدين وتوابعه . وهناك رأي يذهب إلى أن التقادم يلحق الدعوى دون الحق ، ولكن الظاهر هو أن التقادم يسقط الحق نفسه هو ودعواه جميعاً . وأياً كان الرأي في سقوط الدعوى دون الحق أو في سقوط الدعوى دون الحق فقد أصبح مجرداً من الدعوى وانحدار الالتزام المدني إلى التزام طبيعي ، وإن سقط الحق والدعوى معاً فقد بقى في ذمة المدين واجب أدبي ارتقى إلى مرتبة الالتزام الطبيعي .
فهناك إذن ثلاث مسائل نبحثها على التعاقب : ( 1 ) سقوط الدين وتوابعه عند التمسك بالتقادم ( 2 ) تأصيل هذا السقوط وهل يلحق الدعوى دون الحق أو يلحق الدعوى والحق جميعاً ( 3 ) تخلف التزام طبيعي عن الالتزام المدني الذي سقط بالتقادم .
المطلب الأول
سقوط الدين وتوابعه عند التمسك بالتقادم
667 - سقوط الدين وتوابعه : إذا تمسك المدين بالتقادم على النحو الذي بسطناه ، فإن الدين يسقط ، ولا يستطيع الدائن أن يجير المدين على أدائه ( [2135] ) .
$ 1157 $ 1156 $
ويسقط مع الدين توابعه من كفالة ورهن رسمي وحق امتياز وحق اختصاص وما إلى ذلك ، فتبرأ ذمة الكفيل وينقضي الرهن والامتياز والاختصاص بانقضاء الدين الأصلي بالتقادم ( [2136] ) ، فإن التابع يزول بزوال الأصل ( [2137] ) .
كذلك يسقط مع الدين ما استحق من فوائده وملحقاته باعتبارها توابع للدين ، حتى لو لم تكن هذه الفوائد والملحقات قد سقطت هي ذاتها استقلالا بالتقادم . ذلك أنه يمكن أن نتصور سقوط الفوائد والملحقات بالتقادم استقلالا دون سقوط الدين الأصلي ، فإذا مضى على استحقاق الفوائد مثلاً خمس سنوات سقطت ، وقد لا يسقط الدين الأصلي إلا بخمس عشرة سنة : فتسقط الفوائد دون أن يسقط الدين . أما إذا سقط الدين بالتقادم ، فإن الفوائد والملحقات تسقط حتما معه ، حتى لو لم يمض عليها مدة التقادم الخاص بها فإذا تقادم الدين وسقط ، معه ، ليس فحسب الفوائد التي مضى على استحقاقها خمس سنوات فهذه تسقط بالتقادم استقلالا عن الدين ، بل تسقط أيضاً الفوائد التي لم يمض على استحقاقها خمس سنوات وهذه تسقط تبعاً لسقوط الدين الأصلي ، وقد سقط هذا بأثر رجعي كما سنري ، فتسقط تلك بسقوطه سقوطاً يستند إلى الماضي . وقد رأينا الفقرة الثانية من المادة 386مدني تنص على هذا الحكم $ 1158 $ صراحة إذ تقول : " وإذا سقط الحق بالتقادم ، سقط معه الفوائد وغيرها من الملحقات ولو لم تكتمل مدة التقادم الخاصة بهذه الملحقات ( [2138] ) " .
668 - سقوط المدين بأثر رجعي : وإذا سقط الدين بالتقادم سبط بأثر رجعي ، واستند سقوطه إلى الوقت الذي بدأ فيه سريان للتقادم ، لا إلى الوقت الذي اكتملت فيه مدة التقادم ( [2139] ) . يدل على ذلك في وضوح سقوط الحق في الفوائد والملحقات ولو لم تكتمل مدة التقادم الخاصة بها . فلو كان الدين الأصلي الذي انقضى بالتقادم سقط من وقت اكتمال مدة التقادم لا من وقت مبدأ سريانه ، لبقيت آثار هذا الدين إلى وقت اكتمال المدة قائمة ، ومن ثم كانت تبقى الفوائد والملحقات التي أنتجها الدين ، ولا تسقط إلا إذا تقادمت هي مستقلة عن الدين . ولكن لما كان الدين ينقضي بأثر رجعي من وقت مبدأ سريان التقادم ، فإنه يعتبر غير موجود خلال مدة سريان التقادم ، وتعتبر الفوائد التي أنتجها خلال هذه المدة ولم تدفع غير موجودة ، وهكذا تسقط بسقوط الدين ( [2140] ) .
على أنه لا يستخلص من سقوط الدين بأثر رجعي أن المدين إذا كان قد وقع منه للدائن أقساطاً أو فوائد مستحقة قبل أن تتكامل مدة التقادم يستطيع أن يستردها ( [2141] ) ، بدعوى أن الدين يعتبر موجود من وقت مبدأ سريان التقادم $ 1159 $ فلم توجد الأقساط ولم تستحق الفوائد . ذلك أن المدين وقت أن دفع هذه الأقساط والفوائد ، كان الدين لم يتكامل تقادمه . فكان ديناً مدنياً مستحقاً في ذمته بأقساط وفوائده ، فيكون وقت الدفع المستحق في ذمته ، فلا يستطيع أن يسترده بدعوى دفع غير المستحق . وإذا كان الدائن لا يستطيع أن يتمسك بوجود الدين بعد تقادمه عن طريق الدعوى ، فإنه يستطيع أن يتمسك بوجوده بعد تقادمه عن طريق الدفع . وهذا ما ننتقل الآن إليه .
669 - سقوط الدين بالتقادم عن طريق الدعوى لا يمنع من التمسك بوجوده عن طريق الدفع : رأينا أن المدين إذا تمسك بتقادم الدين ، فإن الدين يسقط ، ولا يستطيع الدائن أن يطالب به المدين . ولكن إذا كان الدائن لا يستطيع أن يتمسك بوجود الدين المتقادم عن طريق الدعوى ( exception ) وقد كانت القاعدة في القانون الفرنسي القديم أن الدعوى إذا تنقضي بالتقادم ، فإن الدفع دائم لا يتقادم ( quae temporalia sunt ad agendum perpetua sunt ad excipiendum ) وقد انتقلت هذه القاعدة إلى القانون الفرنسي الحديث ، وقال بها الفقه والقضاء في فرنسا ( [2142] ) ، ولا مانع من الأخذ بها في مصر ، فهي تتمشى مع طبيعة الدفع .
ويقال عادة في تبرير هذه القاعدة إن التقادم إنما يرد على الدعوى ولا يرد على الدفع . فالدعوى هي التي كان صاحبها يستطيع أن يرفعها خلال مدة التقادم ، فإذا لم يرفعها حتى انقضت هذه المدة ، سقط الحق . أما الدفع فهو طبيعته $ 1160 $ موضوع لمعارضة طلب يوجه ضد صاحب الدفع . وما دام هذا الطلب لم يوجه ، فكيف يتسنى لصاحب الدفع أن يتمسك به ؟ وجب إذن ، مطاوعة لطبائع الأشياء ، أن يبقى الدفع ما بقى الطلب ، حتى لو انقضت على الدفع مدة التقادم . وهذا هو تفسير ما يقال من أن الدفع لا يتقادم .
ونأتي ببعض تطبيقات لهذه القاعدة :
( 1 ) دعوى البطلان تتقادم بخمس عشرة سنة من وقت العقد ( م 141 / مدني ) ، ولكن الدفع بالبطلان لا يسقط بالتقادم مهما طالت المدة . فإذا باع شخص أرضاً ، وكان البيع باطلاً ، وسلم البائع الأرض للمشتري ، استطاع البائع أن يرفع دعوى البطلان في خلال هذه المدة ، سقط حقه ، بعد أن قصر في رفع الدعوى طوال هذا الوقت . أما إذا لم يسلم البائع الأرض للمشتري ، فهو ليس في حاجة إلى رفع الدعوى البطلان ما دامت الأرض في يده ولا يمكن أن يعتبر مقصراً إذا هو اطمأن إلى أن البيع باطل والى أن الأرض لم تخرج من حيازته . فإذا ما طالب المشتري بتسليم الأرض ، أمكنه أن يدفع هذا الطلب ببطلان البيع . ولكن متى يستطيع التمسك بهذا الدفع؟ لا يمكنه بطبيعة الحال أن يتمسك به إلا عند ما يرفع المشتري عليه دعوى المطالبة بالتسليم . فإذا فرض أن المشتري أمكنه أن يرفع دعوى التسليم بعد انقضاء خمس عشرة سنة ، بأن قطع تقادم هذه الدعوى مثلاً فإنه يجب أن يتمكن البائع من الدفع ببطلان البيع ولو بعد انقضاء خمس عشرة سنة وهي مدة التقادم ، لأنه ما كان يستطيع أن يتمسك بهذا الدفع إلا بعد رفع دعوى التسليم ونرى من ذلك أنه إذا كانت دعوى البطلان تسقط بالتقادم ، فإن الدفع بالبطلان لا يتقادم ( [2143] ) .
$ 1161 $
( 2 ) في بيع باطل أجل فيه دفع الثمن ، إذا لم يسلم البائع المبيع إلى المشتري وسكت المشتري عن المطالبة بالمبيع وعن دفع الثمن اعتماداً على بطلان البيع ، فلا يمكن اعتباره مقصراً إذا هو لم يرفع دعوى بطلان البيع في خلال خمس عشرة سنة . فإذا رفع البائع بعد انقضاء هذه المدة دعوى الثمن على المشتري ، وكانت هذه الدعوى لم تتقادم بسبب تأجيل الثمن ، كان من حق المشتري أن يدفع ببطلان البيع ، ولو أن هذا الدفع قد مضى عليه اكثر من خمس عشرة سنة ، لأنه ما كان يستطيع أن يتمسك بهذا الدفع قبل رفع دعوى الثمن ( [2144] ) .
( 3 ) إذا تقادم الدين فسقط من وقت مبدأ سريان التقادم ، وكان المدين قد دفع أثناء سريان التقادم بعض أقساط الدين ، فإنه لا يستطيع بعد سقوط الدين بالتقادم أن يسترد من الدائن ما دفعه . فهو إذا رفع دعوى استرداد غير المستحق ، استطاع الدائن أن يدفع هذه الدعوى بوجود الدين رغم تقادمه ، فتكون الأقساط المدفوعة مستحقة لا يجوز استردادها ( [2145] ) . ونرى من ذلك أن الدائن إذا كان لا يستطيع التمسك بوجود دين متقادم عن طريق الدعوى ، فإنه يستطيع التمسك بوجود هذا الدين عن طريق الدفع . وإذا كانت الدعوى بالتقادم ، فإن الدفع لا يتقادم .
$ 1162 $
670 - تقادم الدين قد يفيد غير المدين : وإذا انقضى الدين بالتقادم ، فإن المدين هو الذي يفيد من هذا الانقضاء إذ تبرأ ذمته من الدين . وقد يفيد من انقضاء الدين غير المدين .
فالكفيل له أن يتمسك بتقادم دين المدين الأصلي كما قدمنا ، فيفيد من انقضاء هذا الدين وإن كان دينه هو لم ينقض بالتقادم . ذلك أن التزام الكفيل تابع لالتزام المدين ، فمتى سقط الالتزام الأصلي بالتقادم سقط معه الالتزام التابع .
والمدين المتضامن يفيد أيضاً من تقادم الدين بالنسبة إلى مدين متضامن آخر ، بقدر حصة هذا المدين ( [2146] ) . وقد قدمنا أن الفقرة الأولي من المادة 292مدني تنص على أنه " إذا انقضى الدين بالتقادم بالنسبة إلى أحد المدينين ، فلا يستفيد من ذلك باقي المدينين إلا بقد حصة هذا المدين " .
وكذلك الدائن المتضامن يحتج عليه المدين بتقادم الدين بالنسبة إلى دائن متضامن آخر ، بقدر حصة هذا الدائن ، وقد تقدم بيان ذلك ( [2147] ) .
وإذا تقادم الدين غير المتجزئ بالنسبة إلى أحد المدينين المتعددين ، أفاد من التقادم المدينون الآخرون في كل الدين لأنه غير متجزئ ، ولو لم تكتمل مدة التقادم بالنسبة إلى هؤلاء المدينين ( [2148] ) .
كذلك إذا تقادم الدين غير المتجزئ بالنسبة إلى أحد الدائنين المتعددين ، فإن طبيعته غير القابلة للتجزئة تجعله متقادماً بالنسبة إلى باقي الدائنين ولو لم تكتمل مدة التقادم بالنسبة إليهم ، ويستطيع المدين أن يحتد على أي دائن بالتقادم الذي اكتمل بالنسبة إلى دائن آخر ( [2149] ) .
$ 1163 $
671 - انتقال الدين المتقادم إلى خزانة الدولة في حالات ينص عليها القانون : والأصل أن الدين إذا سقط بالتقادم ، برثت منه ذمة المدين . ولكن قد يقضى القانون في بعض حالات استثنائية بأن الدين المتقادم يضيع على الدائن ، ولكن لا تبرأ منه ذمة المدين . بل ينتقل الدين إلى الدولة ، فيدفعه المدين للخزانة العامة . وقد رأينا أن المادة 28 من القانون رقم 14 لسنة 1939تقضى بأن تؤول إلى الدولة جميع المبالغ التي أصابها التقادم ، متى كانت هذه المبالغ تمثل أرباح وفوائد الأسهم والسندات التي لم يطالب بها أصحابها ، وكذلك قيمة الأسهم والسندات نفسها والودائع والسندات المودعة لدى البنوك والمبالغ المعطاة على سبيل الضمان . وقدمنا ( [2150] ) أن هذا الحكم مبني على اعتبارات ترجع إلى مصلحة خزانة الدولة ، فبدلاً من أن تؤول هذه المبالغ إلى الشركات والبنوك عن طريق التقادم ، رأى المشروع أن تؤول إلى خزانة الدولة ، تصرفها فيما يعود بالنفع على المصلحة العامة . فعمد ، بنص تشريعي ، إلى نقل ملكية هذه المبالغ بمجرد تقادمها إلى الخزانة العامة .
والتشريع المصري مأخوذ من تشريع فرنسي هو المادة 111 من القانون 25يونية سنة 1920 ، ويقضى هذا التشريع في فرنسا بأن تؤول إلى خزانة الدولة الديون الآتية : 1 - ما يصيبه التقادم الخمسي أو التقادم الاتفاقي من الكوبونات والفوائد والأرباح الناتجة من الأسهم وحصص المؤسسين والسندات المتداولة التي أصدرتها شركات تجارية أو مدنية أو أية هيئات أخرى عامة أو خاصة .
2 - ما يصيبه التقادم الثلاثيني أو التقادم الاتفاقي من الأسهم وحصص المؤسسين والسندات وجميع الأوراق المالية الأخرى كأوراق النصيب وسندات الخزانة ذات الأجل القصير وبوالص التأمين التي أصدرتها الشركات والهيئات المتقدمة الذكر .
3 - جميع الودائع والمبالغ المودعة في البنوك أو مؤسسات الائتمان أو غيرها من المؤسسات التي تتسلمها نقوداً كودائع أو كحسابات جارية ، إذا أصابها التقادم .
4 - جميع السندات والأوراق المالية المودعة $ 1164 $ في البنوك أو غيرها من المؤسسات التي تتسلم أوراقاً مالية على سبيل الوديعة أو لأي سبب آخر ، إذا أصابها التقادم .
وينتقد الفقه الفرنسي هذا التشريع ، ويعتبر أنه ينطوي على مصادرة لأموال الأفراد في غير الأحوال التي تجوز فيها المصادرة ( [2151] ) . وقد أصاب التشريع المصري ، كالتشريع الفرنسي ، حظه من الانتقاد ( [2152] ) .
$ 1165 $
المطلب الثاني
تأصيل سقوط الدين بالتقادم
672 - الرأي الأول –التمييز بين المديونية والمسؤولية ( المذهب الجرماني ) : يذهب الفقه الجرماني إلى التمييز بين عنصرين في الالتزام :1 - عنصر المديونية ( Schuld Debitum ) 2 - وعنصر المسئولية ( Haftung Obligatio ) .فالمديونية هي الواجب القانوني الذي يفرض على المدين ، وينقضي بالوفاء فِإذا لم يقم المدين بالوفاء ظهر العنصر الآخر وهو المسئولية ، وبموجبه يجبر المدين على الوفاء ( [2153] ) .
$ 1166 $
ويجتمع العنصران عادة في الالتزام . ولكن يحدث أحياناً أن توجد المسئولية دون المديونية ، كما في التزام الكفيل ، فهو مسئول عن الدين المكفول دون أن يكون هذا الدين في ذمته . ويحدث أحياناً أن توجد المديونية دون المسئولية ، كما في الالتزام الطبيعي ، فالمدين بهذا الالتزام لا يجير على الوفاء به .
ومن ثم يجئ سقوط الالتزام بالتقادم عن طريق انفصال عنصر المسئولية عن عنصر المديونية في الالتزام ، واختفاء العنصر الأول بالتقادم مع بقاء العنصر الثاني . فلا يبقى إذن ، في الالتزام المتقادم ، عنصر المسئولية ومن ثم لا يجير المدين على الوفاء به . ولكن يبقى عنصر المديونية ، ومن ثم إذا وفى المدين مختاراً الالتزام الذي سقط بالتقادم فإنه يوفي ديناً مترتباً في ذمته ، ولا يكون متبرعاً ، فلا يستطيع استرداد ما وفي به ( [2154] ) .
$ 1167 $
وهذه النظرية الجرمانية ، التي تفسر بعض النظم القانونية الموجودة في التقنين المدني الألماني كالدين العقاري والإيراد العقاري والرهن ، لم يقبلها إلا قليل من الفقهاء في فرنسا ( [2155] ) ، ولم تسد في الفقه الفرنسي ولا في الفقه اللاتينى بوجه عام ( [2156] ) .
673 - الرأي الثاني - التقادم يقسط الدعوى دون الحق - لا تميز النظرية التقليدية كثيراً بين الحق والدعوى ، فالفرق بينهما ليس إلا الفرق بين السكون والحركة في الجسم الواحد ، والدعوى ليست إلا الحق متحركاً أما القضاء ، أو هي جزاء الحق . ولا يوجد حق بدون دعوى ، كما لا توجد دعوى بدون حق . ومحل الدعوى هو نفسه محل الحق . وتشارك الدعوى الحق في مميزاته وخصائصه ، فتكون مثله عينية أو شخصية ، عقارية أو منقولة .
ولكن النظرية الحديثة أخذت تميز تمييزاً دقيقاً بين الحق والدعوى ( [2157] ) . فتتميز الدعوى عن الحق في السبب ، وسبب الحق هو الواقعة القانونية أو التصرف القانوني الذي أنشأ الحق ، أما الدعوى فسببها النزاع بين المدعي والمدعي عليه حول وجود الحق . وتتميز عن الحق كذلك في المحل ، فقد يكون محل الدعوى ، ليس فحسب القيام بعمل أو الامتناع عن عمل كما في الحق ، بل $ 1168 $ أيضاً الاعتراف بحالة واقعة أو اتخاذ إجراء وقتي أو إجراء تحفظي . وتتميز الدعوى عن الحق أخيراً في الأثر ، فالدعوى تضيف إلى الحق عنصراً جديداً يحدد حق الدائن ، كما هي الحال في الحق الناشئ عن العمل غير المشروع حيث يحدد الحكم طبيعة التعويض ومقداره .
فالتقادم يسقط الدعوى ، دون أن يسقط الحق ، ويبقي الحق بعد التقادم دون دعوى تحميه ، ولكنه مع ذلك يبقى . ولما كان التقادم يلحق الدعوى دون الحق ، فلا بد إذن للمدين من أن يتمسك به ، وله أن ينزل عنه ، ولا يسري التقادم من وقت نشوء الحق بل من وقت نشوء الدعوى ( [2158] ) .
وهذا المذهب يقرب كثير من المذهب الذي اختاره الفقه الإسلامي ، فالتقادم في الفقه الإسلامي لا يسقط الحق ذاته ، ولكنه يقتصر على أن يمنع سماع الدعوى .
674 - الرأي الثالث - التقادم يسقط الدعوى والحق معا : والرأي الذي يتفق مع نصوص التقنين المصري هو أن التقادم لا يقتصر على إسقاط الدعوى ، بل يسقط الدعوى والحق جميعاً ( [2159] ) . فالنصوص صريحة في أن التقادم يقضى الحق نفسه ، وليس سقوط الدعوى بالتقادم إلا نتيجة لسقوط الحق . ومما يقطع في أن الحق ذاته هو الذي يسقط ، بعد تمسك المدين بالتقادم ، أن المدين - في غير الديون التي يقوم فيها التقادم على محض قرينة الوفاء - لو أقر أمام القضاء بعد أن تمسك بالتقادم أن الدين باق في ذمته ، فإن إقراره هذا لا يلزمه بالدين ، إذ الدين يكون قد سقط ( [2160] ) . أما الفقه الإسلامي حيث $ 1169 $ لا يسقط الدين ، فإن المنع من سماع الدعوى لا يكون إلا عند الإنكار ،فإذا أقر المدين بالدين سمعت عليه الدعوى وألزم بالوفاء .
بل أن من الفقهاء من ذهب إلى أن التقادم يقضى بالدعوى والحق معاً كما تقضيهما الأسباب الأخرى لانقضاء الالتزام ، فلا يتخلف عن الدين المتقادم التزام الطبيعي ( [2161] ) . ولكن هذا الرأي لم يسد . والرأي الصحيح هو أنه يتخلف عن الالتزام المدني المصري في الفقرة الأولي من المادة 386 ، فقد رأيناها تقول : " يترتب على التقادم انقضاء الالتزام ، ومع ذلك يتخلف في ذمة المدين التزام طبيعي " . والنص صريح في أمرين : ( أولاً ) في أن التقادم يقضى الالتزام ذاته ، ولا يقتصر على أن يقضى الدعوى . ( ثانياً ) في أن الالتزام الذي ينقضي بالتقادم يتخلف عنه في ذمة المدين التزام طبيعي .
ومهما يكن من أمر تأصيل التقادم ، وهل هو زوال عنصر المسئولية مع بقاء عنصر المديونية ، أو هو يلحق الدعوى دون الحق ، أو هو يلحق الدعوى والحق معاً ، فإنه يبدو لنا أن هذه الآراء لها أهميتها الفقهية ، ولكن النتيجة العملية واحدة فيها جميعاً . فإن قلنا أن التقادم يسقط عنصر المسئولية ويستبقي عنصر المديونية ، فهذا معناه أن الحق يبقي مقصوراً على عنصر المديونية وحده ، وهذا هو الالتزام الطبيعي . وان قلنا أن التقادم يسقط الدعوى دون الحق ، فهذا معناه أن الحق يصبح بعد التقادم مجرداً من دعوى تحميه ، وهذا هو أيضاً الالتزام الطبيعي . وإن قلنا أن التقادم يسقط الدعوى والحق معاً ، فلا شك في انه يتخلف هنا أيضاً عن سقوط الدعوى والحق التزام طبيعي يحل محل الالتزام المدني الذي سقط بالتقادم . ففي جميع المذاهب يتخلف عن تقادم الحق التزام طبيعي ، وهو التزام قد انحدر من مرتبة الالتزام المدني في المذهبين الأولين ، وارتفع عن مرتبة الواجب الأدبي في المذهب الثالث .
فننظر الآن في الآثار التي تترتب على هذا الالتزام الطبيعي .
$ 1170 $
المطلب الثالث
تخلف التزام طبيعي عن الالتزام المدني الذي سقط بالتقادم
675 - الآثار التي تترتب على الالتزام الطبيعي المتخلف عن الالتزام المتقادم : رأينا أن الفقرة الأولي من المادة 386مدني تنص صراحة على تخلف التزام طبيعي عن الالتزام المدني المتقادم . والآثار التي تترتب على الالتزام الطبيعي هي نفس الآثار التي تترتب على أي التزام طبيعي .
وقد رأينا ( [2162] ) أن آثار الالتزام الطبيعي ينظر إليها من نواح خمس : ( 1 ) من ناحية إمكان الوفاء به ( 2 ) ومن ناحية صلاحيته ليكون سبباً لإنشاء التزام مدني ( 3 ) ومن ناحية المقاصة ( 4 ) ومن ناحية الكفالة ( 5 ) ومن ناحية الحق في الحبس
676 - الوفاء –يجوز الوفاء بالالتزام الطبيعي المتخلف عن التزام مدني متقادم بنفس الشروط التي يجوز بها الوفاء بأي التزام طبيعي آخر فيشترط إذن أن يكون الوفاء عن بينة واختيار . والوفاء يكون عن بينة إذا لم يشبه غلط أو تدليس ، وعن اختبار إذا لم يشبه إكراه . فإن كان المدين ، بعد التمسك بالتقادم وإسقاط الالتزام المدني ، قد استجاب لداعي ضميره فوفي عن بينة واختيار الالتزام الطبيعي الذي تخلف عن الالتزام المدني ، كان هذا التنفيذ وفاء لا تبرعاً . فلا يشترط في الوفاء شكل خاص ، ولا تشترط أهلية التبرع ، ولا يجوز للمدين أن يسترد ما وفاه ( [2163] )
وغنى عن البيان أن الالتزام الطبيعي لا يتخلف عن الالتزام المدني الذي سقط بالتقادم ، إلا إذا كان المدين لم يوف الدين الذي عليه ، واعتمد في التخلص من مطالبة الدائن على التمسك بالتقادم . فيكون ضميره الرقيب عليه $ 1171 $ في هذه الحالة ، وإذا كان قد أغفل الوفاء بدينه المدني ، فقد يحرص على الوفاء بالتزامه الطبيعي ، أما إذا كان قد وفي الدين فعلاً للدائن ، ثم تمسك بعد ذلك بالتقادم تخففاً من عبء إثبات الوفاء ، فلا محل للقول بتخلف التزام طبيعي ، بل يقتضي الدين بالتقادم دون أن يتخلف عنه شئ . فالأمر إذن موكول إلى ضمير المدين ، يهديه إلى ما يجب عليه أن يفعله .
وقد قدمنا أن الدين قبل التمسك بالتقادم يبقى التزاماً مدنياً بالرغم من اكتمال المدة ، فإن وفاة المدين حتى عن غلط لم يجز له استرداده . أما بعد التمسك بالتقادم فإنه يتحول إلى التزام طبيعي ، أن وفاة المدين عن غلط - بأن وفاة الوارث مثلاً وهو يجهل أن المورث قد تمسك بالتقادم – جاز له أن يسترده .
677 - إنشاء التزام مدني : ويجوز كذلك اتخاذ الالتزام الطبيعي المختلف عن التزام مدني متقادم سبباً صحيحاً لإنشاء التزام مدني جديد غير الالتزام المدني الذي سقط بالتقادم . فإذا كان المدين - بدلاً من أن يفي بهذا الالتزام الطبيعي - يتعهد بأن يفي به ، فإنه ينشئ بهذا التعهد التزاماً مدنياً في ذمته يجير على الوفاء به . ويجب أن يكون قد قصد أن يلتزم بالوفاء التزاماً مدنياً ، فلا يكفي مجرد الاعتراف بوجود التزام طبيعي في ذمته ( [2164] ) .
والالتزام المدني الجديد ، الذي أنشئ على أساس سبب صحيح هو الالتزام الطبيعي ، يتميز عن الالتزام المدني القديم الذي سقط بالتقادم . فهو التزام مدني جديد مصدره الوعد الذي صدر من المدين بوفاء الالتزام الطبيعي ( [2165] ) . ويسري في حقه تقادم جديد ( [2166] ) يبدأ من وقت استحقاقه .
$ 1172 $
678 - المقاصة : ولا تجوز المقاصة القانونية في الالتزام الطبيعي المتخلف عن التزام مدني متقادم ، فإن المقاصة القانونية تنطوي على وفاء إجباري للدين ، وهذا لايجوز في الالتزام الطبيعي ( [2167] ) .
وغنى عن البيان أن المقاصة القانونية جائزة في الالتزام قبل التمسك بتقادمه ، إذ يكون الالتزام في هذه الحالة لا يزال التزاماً مدنياً لم يقسط بالتقادم . فإذا كانت مدة تقادمه قد اكتملت جازت المقاصة فيه إذا تمسك الدائن بالمقاصة قبل أن يتمسك المدين بالتقادم ( [2168] ) . أما إذا كانت مدة التقادم لم تكتمل ، وقعت المقاصة ، حتى لو لم يتمسك بها الدائن إلا بعد اكتمال المدة وتمسك بها بعد تمسك المدين بالتقادم . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 366مدني ، وقد سبق بيان ذلك ( [2169] ) .
ويلاحظ أنه إذا كان الذي يتمسك بالمقاصة هو المدين في دين عليه بدأ فيه سريان التقادم ، فإن تمسكه بالمقاصة يعتبر إقراراً منه بالدين . ويكون هذا الإقرار إذا صدر أثناء سريان التقادم قاطعاً له ، وإذا صدر بعد اكتمال المدة نزولاً عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه .
679 - الكفالة : ولا تجوز كفالة الالتزام الطبيعي المتخلف عن التزام مدني متقادم ، إذا قصد بالكفالة أن يترتب في ذمة الكفيل التزام مدني يضمن الالتزام الطبيعي ( [2170] ) .
ولكن إذا كفل الكفيل هذا الالتزام الطبيعي وهو يعتقد أنه التزام مدني ، فإن التزامه يكون التزاماً طبيعياً مثل الالتزام الأصلي ، إذ لا يصح أن يكون التزام الكفيل أشد من التزام المدين ( [2171] ) .
$ 1173 $
وإذا كفل الكفيل الالتزام قبل التمسك بالتقادم ولكن بعد اكتمال مدته ، فإن كان المدين هو الذي اتفق مع الكفيل على أن يكلفه ، عد ذلك منه نزولاً عن حقه في التقادم بعد ثبوته ، فيبقى التزامه مدنياً تصح كفالته ، ويكون التزام الكفيل التزاماً مدنياً صحيحاً ( [2172] ) . وإن كان الكفيل هو الذي تقدم للكفالة بدون أمر المدين ، فلا يعتبر المدين قد نزل عن حقه في التقادم ، فله أن يتمسك به فيسقط التزامه ويسقط التزام الكفيل تبعاً لذلك ويخلف عن كل منهما التزام طبيعي ، بل وللكفيل أن يتمسك بالتقادم ولو يتمسك به المدين فيقسط التزامه ويتخلف عنه التزام طبيعي ( [2173] ) .
680 - الحبس - القاعدة العامة أنه لا يجوز للدائن في التزام طبيعي أن يحبس في يده عيناً للمدين حتى يستوفي حقه ، لأن الالتزام الطبيعي لا يجوز الحبس من أجله ، وإلا كان في هذا جبر على تنفيذه ، وهذا لا يجوز ( [2174] ) .
ولكن هذه القاعدة يرد عليها استثناء إذا اقترنت بالقاعدة التي تقضى بأن الدفوع أبدية لا تتقادم ، وهي القاعدة التي سبق ذكرها ( [2175] ) . ونفرض ، لبيان ذلك ، أن شخصاً باع عقاراً لآخر ،واتفقا على دفع الثمن في الحال وعلى أن يكون تسليم المبيع بعد سنة ، ولم ينفذ العقد أي من الطرفين . ففي هذه الحالة ، يسقط بالتقادم حق البائع في استيفاء الثمن قبل سقوط حق المشتري في تسلم العقار المبيع . فإذا رفع المشتري دعوى يطالب البائع بتسليم العقار المبيع ، وذلك بعد سقوط حق البائع في استيفاء الثمن ، فإن البائع يستطيع استيفاء العقار المبيع محبوساً في الثمن عن طريق الدفع ، وإن كان حقه في الثمن قد تقادم عن طريق الدعوى ( [2176] ) . فيكون الحق في الحبس في هذه الحالة ضامناً لحق سقط بالتقادم ، إذ حبس الدائن في التزام طبيعي عيناً للمدين في يده ، على خلاف القاعدة التي تقدم ذكرها .
$ 1174 $
أما إذا كان المدين المحبوس من أجله هو عبارة عن مصروفات أنفقت على عين في يد المدين ، فإن حق المدين في اقتضاء هذه المصروفات لا يتقادم ما دام حابساً العين في يده ( [2177] ) . ذلك أن الحبس هنا ، كحبس العين المرهونة رهناً حيازياً ، يعتبر قاطعاً للتقادم على وجه مستمر ، والتقادم لا يكتمل ما دام منقطعاً . ولا بد أن يقبل المدين رد العين إلى صاحبها حتى يزول الانقطاع ، فيسرى التقادم من جديد ، ويتهيأ له بذلك أن يكتمل .
( [1] ) أما إذا لم يلحق الوصف عنصراً من عناصر الالتزام ، فلا يكون الالتزام موصوفاً ، بل بسيطاً منجزاً . ومن ثم لا يعتبر موصوفاً الالتزام المضمون برهن أو بحق امتياز أو بكفالة أو بنحو ذلك ، ولا الالتزام غير معلوم القيمة ، ولا الالتزام التبعي كالتزام الكفيل ، فهذه كلها التزامات بسيطة منجزة ، وأن كان لكل منها خصوصية تميزه ( انظر في هذا المعنى بيدان ولا جارد 8 فقرة 693 – فقرة 694 ) .
( [2] ) ويتعدد الدائن والمدين ، في غير تضامن أيضاً ، في الدعوى المباشرة على النحو الذي بيناه عند الكلام في هذه الدعوى ( الوسيط 2 فقرة 563 وما بعدها ) ، والوصف في هذه الحالة مصدره القانون .
( [3] ) والوصف أمر عارض ( accidentel ) يضاف إلى الالتزام بعد أن يستوفى هذا أركانه . فلو رفع عنه لارتفاع دون أن يزول الالتزام ، بل يبقى دون وصف في صورته البسيطة . فلو مس الوصف ركناً من أركان الالتزام لما كان أمراً عارضاً ولازال الالتزام بزواله ، فلا يعتبر وصفا . ويترتب على ذلك : ( 1 ) أن السبب إذا لم يوجد في الالتزام المجرد ( obligation abstraite ) فليس هذا وصفاً ، إذ أن الأمر متعلق بركن في الالتزام . ( 2 ) إن العقود الزمنية – كعقد الإيجار وعقد العمل وعقد التوريد – ليست عقوداً موصوفة ، لأن الزمن عنصر من عناصر المحل ، والوصف لا يكون عنصراً في الركن بل هو عنصر عارض كما قدمنا .
( [4] ) وقد رأينا في مستهل الجزء الثاني من الوسيط ، عند الكلام في إقامة نظرية الالتزام على فكرة التصرف القانونين والواقعة المادية ، أن ترتيب البحث على هذا الأساس يجعلنا نعاج أوصاف الالتزام في باب أركان التصرف القانونين ، ويكون كل من الشرط والأجل والتضامن وعدم القابلية للانقسام وصفاً من أوصاف الإرادة ، كما يكون بحث الالتزام التخييري والالتزام البدلي عند الكلام في المحل وتعدده ( الوسيط 2 ص 4 ) . ولكن يلاحظ على هذا الترتيب أن الأوصاف المتقدمة الذكر لا تلحق الالتزام الإرادي وحده ، بل هي أيضاً تلحق الالتزام البدلي عند الكلام في المحل وتعدده ( الوسيط 2 ص 4 ) . ولكن يلاحظ على هذا الترتيب أن الأوصاف المتقدمة الذكر لا تلحق الالتزام الإرادي وحده ، بل هي أيضاً تلحق الالتزام غير الإرادي . فالأولى إذن أن تبقى أوصاف الالتزام في نطاق نظرية الالتزام في ذاته ، لا أن تنتقل إلى نظرية التصرف القانونين ، ما دامت هذه الأوصاف تلحق الالتزام أياً كان مصدره ، تصرفاً قانونياً كان هذا المصدر أو واقعة مادية .
على أنه يغلب أن يكون الشرط والأجل وصفين في الالتزام الإرادي دون غيره . ومن ثم ذهب فريق من الفقهاء إلى أن الشرط والأجل هما قيدان على أثر الإرادة ، فيكونان جزءاً منها . وفي هذا تجوز لا محل له . والصحيح أن كل التزام إرادي هو التزام أريد في أركانه الثلاثة وفي عناصر العارضة ، فالشرط والأجل ، كالمحل والسبب ، ليست أجزاء من الإرادة ، بل هي عناصر مستقلة عنها ، والإرادة تتعلق بها جميعاً .
( [5] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " خلا التقنين المصري الراهن ( السابق ) إلا من قلة من النصوص بشأن الشرط . وقد اسهب المشروع في هذا الصدد ، رقم اقتصاره على القواعد الأساسية واخذ كثيراً من الأحكام عن المشروع الفرنسي الإيطالي ، وقد اتيح له بذلك أن يبقى على التصوير اللاتيني لفكرة الشرط ، ولاسيما فيما يتعلق باستناد أثره . ولم يستحدث المشروع شيئاً جوهرياً فيما يتعلق بالأجل . ومع ذلك فهو لم يغفل في هذه الناحية عن ضبط حدود بعض الأحكام ضبطاً ينطوي بغير شك على تحسين أو تهذيب في نصوص التقنين الراهن ( السابق ) ، وهي بعد أكثر اقتضابا فيما يتعلق بالأجل منها فيما يتعلق بالشرط . فلم يفرد هذا التقنين لأحكام الأجل سوى نصين قاصرين أبترين ، لا يلمح فيهما أثر للكلف أو العناية بعرض صورة جامعة كاملة المعالم . وقد تناول المشروع هذه الأحكام ، ونهج في تنظيمها نهجاً منطقياً . وعرض كذلك لطائفة من المسائل لم تعن النصوص القائمة بإزالة ما يكتنفها من الشك والابهام . وأخص هذه المسائل أسباب انقضاء الأجل وتعجيل الوفاء بالدين وما جرى به العرف من الاتفاق على الدفع عند المقدرة أو الميسرة ، ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 5 ) .
( [6] ) وكل من الشرط والأجل هو النافذة التي يطل منها النظام القانونين على المستقبل ، فالنشاط القانونين لا يستطيع إن يقتصر على الحاضر ، بل لا بد أن يمتد إلى المستقبل زف إن ابسط حاجات الإنسان تقتضي منه ذلك ، وتدفعه إليه دفعاً . وكثير من العلاقات القانونية لا يمكن البت فيها إلا في ظروف وملابسات غير محددة ، والمستقبل وحده هو الذي يكشف عنها . ولا يصل القانون إلا تحقيق ذلك إلا عن طريق الشرط والأجل ، فكلاهما أمر مستقبل يرد إليه مصير العلاقات القانونية ، وعن هذا الطريق يستطيع الإنسان أن يتحكم في المستقبل ( أنظر في هذا المعنى اهرنج في روح القانون الروماني 4 ص 162 – ص 163 ) .
( [7] ) الموجوز للمؤلف فقرة 465 – ص 472 .
( [8] ) مراجع : أوبرى ورو ( Aubry et Rau ) وبارتان ( bartin ) طبعة سادسة 4 فقرة 302 ص 87 – ص 124 – بودرى وبارد ( Baudry et Barde ) طبعة ثانية 2 فقرة 743 – فقرة 967 – بنكاز ( Bonnecase ) ، فقرة 626 وما بعدها – بلانيول وريبير وجابولد ( Planiol, Ripert et Gabolde ) طبعة ثانية 7 فقرة 1024 – فقرة 1046 – بيدان ولاجارد ( Beudant et Lagarde ) طبعة ثانية 8 فقرة 723 – فقرة 762 وفقرة 778 – فقرة 796 – جان دي جارو دي لا ميشيني ( Jean du Gurreau de la Mechenie ) في أنسيكلوبيدي داللوز ( Encyclopedie ) 1 لفظ ( Condition ) .
بارتان ( Bartin ) في نظرية الشروط المستحيلة ويغر المشروعة والمخالفة للآداب رسالة من باريس سنة 1887 – لبلتييه ( Lepelletier ) في الشروط المستحيلة وغير المشروعة والمخالفة للآداب رسالة من باريس سنة 1889 – للوتر ( Leloutre ) رسالة من كان سنة 1904 – دي لوان ( De Loynes ) في الملكية المعلقة على شرط فاسخ رسالة من باريس سنة 1908 – إيجو ( Eygont ) في الأثر الرجعي لتحقق الشرط رسالة من باريس سنة 1922 – تيودرسكو ( Theodoresco ) في نظرية الشرط الإداري في عقود المعارضة رسالة من باريس سنة 1923 – فلدرمان ( Filderman ) رجعية الشرط في الاتفاقات رسالة من باريس سنة 1935 .
وعند الإشارة إلى المؤلفات التي تكرر طبعها نشير إلى التي ذكرناها هنا .
( [9] ) تاريخ النصوص :
م 265 : ورد هذا النص في المادة 385 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر به في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح المادة 277 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 265 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 6 – ص 8 ) .
م 266 : ورد هذا النص 386 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر به في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح المادة 278 في المشروع النهائي .
ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 266 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 8 – ص 10 ) .
م 267 : ورد هذا النص في المادة 387 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر به في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح المادة 279 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 267 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 11 – ص 13 ) .
( [10] ) التقنين المدني السابق م 103 / 157 : يجوز أن يكون التعهد معلقاً على أمر مستقبل أو غير محقق يترتب على وقوعه أو عدمه وجود ذلك التعهد أو تأييده اومنع وجوده أو زواه .
( ويلاحظ الخطأ المادي الوارد في هذا النص من أن التعهد المشروط هو الذي يكون معلقاً على أمر مستقبل أو غير محقق زوالصحيح أنه يكون معلقاً على أمر مستقبل غير محقق . وقد تجنب التقنين المدني الجديد هذا الخطأ المادة ، فلم يعطف الاستقبال على عدم تحقق الوقوع " بأو " ، بل جمع بين الوصفين للإفصاح عن وجود تلازمهما : المذكرة الإيضاحية في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 7 – الموجز للمؤلف فقرة 465 – والتون 2 ص 340 – استئناف مختلط أول مايو سنة 1907 م 19 ص 232 ) .
( [11] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 265 – 267 ( مطابقة للمواد 65 – 267 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 252 – 254 – مطابقة للمواد 265 – 267 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 285 : العقد المنجز ما كان بصيغة مطلقة غير معلقة على شرط ولا مضافة إلى وقت مستقبل ، ويقع حكمه في الحال .
م 286 – 1 : العقد المعلق هو ما كان معلقاً على شرط واقف أو فاسخ . 2 : ويشترط لصحة التعليق أن يكون مدلول فعل الشرط معدوماً على خطر الوجود ، لا محققاً ولا مستحيلاً .
م 287 – 1 : إذا علق العقد على شرط مخالف للنظام العام أو الآداب ، كان باطلا إذا كان هذا الشرط ولففاً ، فإن كان فاسخاً كان الشرط نفسخ لغواً غير معتبر . 2 : ومع ذلك يبطل العقد الذي علق على شرط فاسخ مخالف للآداب أو للنظام العام إذا كان هذا الشرط هو السبب الدافع للتعاقد .
( ولا فرق في الأحكام ما بين التقنينين المصري والعراقي ، غير إن أسلوب التقنين العراقي مقتبس من تعبيرات الفقه الإسلامي ، ولم يرد في التقنين العراقي نص في الشرط الإرادي المحض ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 81 : الشرط عارض مستقبل غير مؤكد يتعلق عليه تولد الموجب أو سقوطه ، ويكون له مفعول رجعي إلا إذا تحصل العكس من مشيئة الفريقين أو من ماهية الموجب . وفي الحالة الأولى المشار إليها في الفقرة السابقة يقال له شرط التعليق ، وفي الحالة الثانية يسمى شرط الإلغاء . إن العارض الماضي أو الحاضر ، وإن جهله الفريقان ، لا يعد شرطاً بالمعنى المقصود في هذه المادة .
م 82 : إن اشتراط الشيء المستحيل أو المخالف للآداب أو للقانون باطل ومبطل للاتفاق المعلق عليه . وإن صيرورة الشرط ممكنا فيما بعد من الوجه المادي أو الوجه القانونين لا تجعل الاتفاق صحيحاً . بيد أن الأمر يكون خلاف ذلك ، أي أن الشرط المستحيل أو غير المباح يعد كأنه لم يكتب ، إذا كان الفريقان لم يجعلا له شأناً جازماً ولم يكن له في التعاقد شأن السبب الدافع الحامل على إنشاء الموجب .
م 83 : باطل كل شرط من شأنه أن يقيد أو يمنع استعمال الحقوق المختصة بكل إنسان كاستعمال حقوقه في الزواج أو حقوقه المدنية . غير أن هذا الحكم لا يسري على الحالة التي يحبس فيها أحد الفريقين نفسه عن ممارسة صناعة أو مهنة ما في زمن معين أو مكان محدود . إما شرط بقاء الترمل فيكون صحيحاً إذا وجد ما يصوبه من الأسباب المشروعة ، وحق تقديرها يعود إلى القاضي .
م 84 : يكون الموجب باطلا إذا جعل وجوده موقوفاً على إرادة الموجب عليه وحدها ( وهو الشرط الإرادي المحض ) . غير أنه يحق للفريقين أو لأحدهما أن يحفظ لنفسه حق التصريح في مهلة معينة بأنه يريد البقاء على العقد أو فسخه . وهذا التحفظ لا يجوز اشتراطه في الاعتراف بالدين ولا في الهبة ولا في إسقاط الدين ولا في بيع السلم .
م 85 : إذا لم تعين المهلة في الحالة المنصوص عليها في المادة السابقة ، فكل فريق يمكنه أن يوجب على الفريق الآخر التصريح بقراره في مهلة كافية . وإذا انقضت المهلة ولم يصرح ذلك الفريق برغبته في فسخ العقد ، أصبح العقد نهائياً من تاريخ انعقاده . وإذا صرح جلياً للفريق الآخر برغبته في فسخ العقد ، عد الاتفاق كأنه لم يكن .
م 86 : إذا توفى قبل انقضاء المهلة الفريق الذي احتفظ بنفسه بحق الفسخ ولم يكن قد أفصح عن مشيئته ، كان لورثته الحق في إبقاء العقد أو فسخه في في المدة التي كانت باقية لمورثهم . وإذا اختلف الورثة فالذين يريدون البقاء على العقد لا يمكنهم إجبار الآخرين على قبوله ، ولكن لهم أن يتخذوا العقد كله لحسابهم الخاص .
م 87 : إذا جن الفريق الذي احتفظ لنفسه بحق الفسخ أو فقد الأهلية الشرعية بسبب آخر ، فالمحكمة ، بناء على طلب الفريق الآخر أو غيره من ذوى العلاقة ، تعين وصياً خاصاً لهذا الغرض ، فيقرر بترخيص من المحكمة ما إذا كان هناك محل لقبول العقد أو لفسخه حسبما تقتضيه مصلحة فاقد الأهلية . أما في حالة الإفلاس فيتولى الوصاية حتما وكيل التفليسة أو غيره من ممثلي جماعة الدائنين .
( والأحكام المقررة في التقنين اللبناني تتفق في جملتها مع الأحكام المقررة في التقنين المصري ، غير أن التقنين اللبناني جاء أكثر افاضة في التفصيلات على ما رأينا ، ولا سيما فيما يعرف في الفقه الإسلامي بخيار الشرط ، فقد نظمه تنظيماً تشريعياً مستفيضاً ) .
( [12] ) قارب بودري وبارد 2 فقرة 750 ص 4 – وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " فإذا علق الالتزام على أمر تم وقوعه من قبل ، ترتب الالتزام منجزا لا معلقا ، ولو كان المتعاقدان على جهل بذلك : أنظر المادة 1181 فرنسي والمادة 81 لبناني " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 7 ) .
وقد كان التقنين المدني السابق ( م 241 / 307 ) يجعل الهلاك على المشتري إذا كان المبيع مما يوزن أو يعد أو يكال أو يقاس ، ووزن أو عد أو كيل أو قيس ولو قبل تسليمه إلى المشتري . وقد كان هذا الحكم شاذاً ، إذ كان يخرج على القاعدة العامة التي تقضي بأن هلاك المبيع قبل التسليم على البائع لا على المشتري . وقد أزال التقنين الجديد هذا الشذوذ ، فجعل الهلاك على البائع في الحالة التي نحن بصددها . ومن ثم كانت هناك ، في التقنين المدني السابق ، أهمية عملية لاعتبار الالتزام منجزاً إذا علق على أمر غير مستقبل في الفرض الآتي ( وننقله عن الموجز ص 473 ) : شخص يبيع لآخر مائة قنطار من القطن تؤخذ من مخزنه ، ويعلق التزامه على صدور قانون بجواز زراعة القطن في نصف الزمام ، ويكون هذا القانون قد صدر فعلا وقت البيع وهو يجهل ذلك . في مثل هذا الفرض يكون التزام البائع – وقد علق على شرط قد تم من قبل – التزاماً منجزا ًن فلو احترق القطن بعد وزونه وقبل تسليمه للمشتري يكون الهلاك على المشتري ( 241 / 307 من التقنين المدني السابق ) . أما إذا كان القانون لم يصدر إلى يوم احتراق القطن ، فإن الهلاك يكون على البائع ، لأن التزامه يكون معلقاً على شرط هو صدور القانون وقد صار الوفاء بالالتزام مستحيلا قبل تحقق الشرط ، فلا يكون لتحقق الشرط بعد ذلك تأثير ( م 106 / 160 من التقنين المدني السابق ) – قارب كولان وكابيتان ، فقرة 647 .
( [13] ) لكن إذا علم الطرفان أن الشرط قد تحقق أو هو متحقق ، ومع ذلك علقا الالتزام عليه باعتبار أنه قد يقع مرة أخرى في المستقبل ، وكانا واهمين في هذا الظن إذ أن الأمر لن يقع بعد ذلك ، فإن الشرط يكون في هذه الحالة أمراً مستحيلا ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 90 هامش رقم 6 ) .
( [14] ) 2 فقرة 776 – وانظر أيضاً ديمولومب 25 فقرة 283 – فقرة 284 .
( [15] ) فإذا كان التعهد معلقاً نفاذه على حادث في استطاعة كل من المتعاقدين أن يوجده أو يمنعه ، لم يكن هذا الحادث شرطاً ( محكمة الاستئناف الأهلية 4 مايو سنة 1905 المحاكم 16 ص 3499 – 20 يناير سنة 1915 الحقوق 30 ص 170 ) .
والاتفاق على أن يكون استحقاق الكمبيالة هو اليوم التالي لمغادرة سفينة الميناء هو اتفاق معلق على شرط لا مضاف إلى أجل ، لأن مغادرة السفينة الميناء أمر لا يمكن البت في وقوعه بتاً مطلقاً ( محكمة الاستئناف المختلطة ) يناير سنة 1928 سيريه 1929 – 4 – 6 ) .
والاتفاق على أن يكون سريان وثيقة التأمين هو اليوم التالي لدفع القسط الأول اتفاق معلق على شرط . ويترتب على ذلك أن مبلغ التأمين يكون مستحقاً إذا وقع الحادث المؤمن عليه قبل دفع القسط الأول ، إذا ثبت أن التأخر في دفع هذا القسط كان جماً عن خطأ من شركة التأمين نفسها . ذلك لأن تخلف الشرط كان بخطأ المدين فيعتبر الشرط متحققاً ويكون مبلغ التأمين مستحقاً ( أنظر ما يلي فقرة 43 – وقارن بيدان ولاجارد 8 ص 523 هامش رقم 2 ) .
( [16] ) الموجز للمؤلف فقرة 469 .
( [17] ) فمن التزم بإعطاء جحائزة لسابح إذا عبر المحيط سباحة يكون قد علق التزامه على شرط مستحيل استحالة مادية ، ومن التزم بإعطاء سمسرة لشخص إذا باع له عيناً موقوفة يكون قد علق التزامه على شرط مستحيل استحالة قانونية ( الموجز للمؤلف فقرة 470 ص 475 ) . كذلك إذا اشترط شخص على آخر أن يأخذ عقاراً بالشفعة ولم يكن المشترط عليه من الشفعاء ، فإن الشرط يكون مستحيلا استحالة قانونية .
وإذا كان عبور المحيط سباحة يعد مستحيلا استحالة مطلقة ، فإن عبور المانش سباحة لا يعد مستحيلا إذ عبره كثيرون ، فإذا اشترطه شخص على آخر ممن لا يجيدون السباحة كانت الاستحالة نسبية بالنسبة إلى المشترط إليه ، وكان الشرط صحيحاً . ومثل عبور المانش تسلق جبل شاهق .
( [18] ) وإذا كان الشرط وقت اشتراطه ممكناً ، ثم أصبح بعد ذلك تستحيلا ، فإنه يكون شرطاً صحيحاً قد تخلف ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 93 – لوران 17 فقرة 42 – هيك 7 فقرة 247 – بودري وبارد 2 فقرة 757 ) .
كذلك إذا كان الشرط مستحيلا وقت اشتراطه ولكنه يصبح ممكناً في ظروف من المألوف توقعها ، فإن المفروض أن المشترط نظر إلى احتمال تحقق هذه الظروف ، فيكون الشرط في هذه الحالة صحيحاً ( بودري وبارد 2 فقرة 758 ) .
( [19] ) أوبري ورو 4 فقرة 302 ص 89 .
( [20] ) استئناف مختلط 11 ابريل سنة 1934 م 46 ص 240 – كفر الشيخ 16 مارس سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 ص 79 – كولان وكابيتان 2 فقرة 560 – قارن انسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Condition فقرة 16 .
( [21] ) أما إذا التزم شخص على أن يكون الالتزام في حدود معقولة ، فإن هذا الشرط لا يكون ارادياً لأن تعيين الحدود المعقولة للالتزام يترك لتقدير القاضي ( ديرانتون 11 فقرة 23 – لارومبيير 2 م 1174 فقرة 3 – ديمولومب 25 فقرة 318 – والتون 2 ص 344 ) . فإذا التزم صاحب المتجر لمستخدمه أن ينفحه آخر العام مبلغاً على أن يترك تقدير هذا المبلغ لصاحب المتجر يعينه وفقاً للمألوف وفي حدود معقولة ، لم يكن التزام صاحب المتجر معلقاً على شرط إرادي ، وعند الخلاف يتولى القاضي تعيين الحدود المعقولة لتقدير هذه النفحة ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 96 – ص 97 ) .
بل يجوز أن يعلق المدين في عقد ملزم للجانبين ، وجود التزامه على محضر إدارته ، ما دام الالتزام المقابل متوقفاً على وجود الالتزام الأول ، لأن المدين في هذه الحالة إذا شاء إلا يلتزم حرم من الالتزام المقابل ، فليس له إذن كامل الحرية في أن يلتزم أو إلا يلتزم . وعلى هذا يخرج بيع المذاق ، فالمشتري لا يلتزم بالثمن إلا إذا شاء بمحض إدارته ، ولكنه إذا شاء إلا يلتزم حرم من المبيع ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 97 ) . ويذهب بودري وبارد في العقد الملزم للجانبين مذهباً آخر ، فيقولان إنه إذا التزم أحد المتعاقدين من جانبه التزاماً معلقاً على محضر إدارته كان التزامه باطلا ، أما الالتزام المقابل فيبقى صحيحاً ، فينعقد العقد في هذه الحالة ملزماً لجانب واحد لا ملزماً للجانبين . فإذا التزم البائع أن يبيع ، والتزم المشتري أن يشتري إذا أراد ، فإن التزام البائع ينعقد صحيحاً ، ويبطل التزام المشتري لتعلقه على محضر إدارته ، فينعقد العقد ملزماً لجانب واحد ويكون في حقيقته وعداً بالبيع . على أن المشتري لا يستطيع في هذه الحالة أن يتقاضى مع البائع التزامه إلا إذا قام هو من جانبه بالتزامه الذي علقه على محض إدارته ، فيعود العقد إذا أريد تنفيذه عقداً ملزماً للجانبين ( بودري وبارد 2 فقرة 782 ) . ونلاحظ على هذا التحليل أن هناك فرقاً بين عقد ملزم للجانبين أحد الالتزامين فيه معلق على محض إرادة المدين كمبيع المذاق ، وبين عقد ملزم لجانب واحد كالوعد بالبيع . فبيع المذاق ينشيء التزاماً بدفع الثمن في جانب المشتري ، وإذا كان هذا الالتزام معلقاً على محضر إدارته إلا أنه التزام صحيح إذا شاء إلا يحرم من البيع ، فإذا أراد المشتري استبقاء الصفقة انعقدت من وقت البيع . وهذا بخلاف الوعد بالبيع ، فهو لا يرتب أي التزام في جانب المشتري وإنما ينشيء له حقاً منجزاً ، وإذا أعلن المشتري إدارته في إتمام الصفقة انعقدت ولكن من وقت إعلان الإرادة لا من وقت الوعد بالبيع ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام ص 254 هامش رقم 1 ) .
وإذا التزم شخص على أن يكون الوفاء عندما يريد ، فإن الالتزام يكون صحيحاً لأنه ترتب في ذمته دون أن يتعلق ذلك بمحض إدارته ، أما ميعاد الوفاء فيكون أي يوم يختاره المدين قبل موته ، فإذا مات حل الدين ووجب الوفاء ( والتون 2 ص 344 ) . ومن باب أولى يكون الالتزام صحيحاً إذا اشترط المدين أن يكون الوفاء عند الميسرة . ويلاحظ إننا ، في الفرضين المتقدمين ، بصدد أجل غير مين لا بصدد شرط ( أنظر المادة 272 مدني ) . ويعين القاضي ، في الفرض الثاني ، ميعاداً مناسباً لحلول الأجل ، مراعياً في ذلك موارد المدين الحالية والمستقلة ومقتضياً منه عناية الرجل الحريص علىالوفاء بالتزامه ، ويحل الأجل حتما بموت المدين ( محكمة الإسكندرية الأهلية 5 يناير سنة 1932 المحاماة 11 ص 1063 – منوف 16 ديسمبر سنة 1928 المحاماة ) ص 902 – شبين الكوم 8 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 ص 905 – الموجز للمؤلف ص 474 هامش رقم 1 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 167 ) . وقد يريد المتعاقدان أن تكون الميسرة شرطاً لا أجلا ، فعند ذلك لا يستحق الدين إلا إذا أيسر المدين ، فلو لم يوسر حتى مات معسراً ، فقد تخلف الشرط ولم يستحق الدين ( الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 167 ) . وسنعود إلى هذه المسألة بتفصيل أو في فيما يلي ( أنظر فقرة 54 ) .
( [22] ) أنظر في الشرط الإرادي المحض : مصر الأهلية 18 يونية سنة 1890 الحقوق 5 ص 131 – المنيا 26 يولية سنة 1921 المحاماة 3 ص 47 – اجا 21 مايو سنة 1925 المحاماة 6 ص 537 – جرجا 25 ديسمبر سنة 1296 المحاماة 8 ص 586 – الإسكندرية مستعيجل 22 سبتمبر سنة 1932 المحاماة 13 ص 585 – شبين الكوم 8 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 ص 905 – استئناف مختلط 23 ابريل سنة 1919 م 31 ص 261 – 27 نوفمبر سنة 1934 م 37 ص 43 .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يعتبر شرطاً إرادياً محضاً متعلقاً بإرادة المدين ، ومن ثم يكون باطلا ، الاتفاق على إلا يأخذ الوار – حخقه من التركة إلا بعد توقيع عقد القسمة ما بين جميع الورثة ، فإنه يكفي أن يمتنع أحد الورثة من توقيع عقد القسمة حتى يمتنع على الوارث أن يأخذ حقه في التركة ( استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1900 م 12 ص 126 ) . وقضت أيضاً بأن اشتراط الوكيل بالعمولة أنه يشتري لحساب غيره وانه يعلن اسم هذا الغير متى شاء ، يعتبر شرطاً إرادياً محضاً ، ومن ثم يكون باطلا ، فإذا لم يعلن الوكيل بالعمولة اسم الغير كان هو الملتزم شخصياً ( استئناف مختلط 30 أكتوبر سنة 1961 م 29 ص 22 ) .
ويرد بيدان ولاجارد ( 8 فقرة 792 ) من الأمثلة على الشرط الإرادي المحض أن يعد المفرض بالقرض إذا شاء ، أو إذا قرر أن هذا ممكن ، أو إذا وجد ذلك منقولا ، أو إذا رأى أن الصفقة مجزية . ويلاحظ بلانيول وريبير وبولانجيه ( 2 فقرة 1353 ) إن الشرط الإرادي المحض ليس في حقيقته شرطاً ، ولكنه عنصر من عناصر الالتزام ذاته ، وهو عنصر إرادة الملتزم في أن يلتزم .
( [23] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 12 – ص 13 – الموجز للمؤلف فقرة 469 والأحكام المشار إليها في ص 475 هامش رقم 1 .
ويمكن القول ، بعد ما قدمناه ، إن الشرط الإرادي المحض إذا تعلق بإرادة الدائن ، أو تعلق بإرادة المدين وكان شرطاً فاسخاً ، أو تعلق بإرادة المدين وكان شرطاً واقفاً مترتباً على عقد ملزم للجانبين ، فإنه يكون شرطاً صحيحاً . ولا يبطل الشرط الإرادي المحض إلا إذا تعلق بإرادة المدين وكان شرطاً واقفاً غير مترتب على عقد ملزم للجانبين . وتقدير ما إذا كان الشرط هو هذا أو ذاك مسألة واقع لا معقب فيها على قاضي الموضوع ، أما حكم الشرط بعد تعيين نوعه فمسالة قانون تخضع لرقابة محكمة النقض .
وهناك من ينتق التمييز ما بين الشرط الإرادي البسيط والشرط الإرادي المحض ، معتبراً أن الكثرة الغالبة مما يسمى بالشروط الإرادية البسيطة هي في حقيقتها شروط مختلفة ( أنظر ايجو ( Eygout ) في الأثر الرجعي لتحقق الشرط رسالة من باريس سنة 1922 ) . ولكن هذا التمييز قد استقر في الفقه وفي القضاء بحيث أصبح من المتعذر إغفاله ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقةر 1028 ص 377 هامش رقم 1 ) .
( [24] ) أنظر في أمثلة أخرى الموجز للمؤلف فقرة 470 وص 475 – 476 وص 476 هامش رقم 1 .
( [25] ) لوران 17 فقرة 49 – هيك 7 فقرة 248 – بودري وبارد 2 فقرة 766 – هذا وإذا التزم شخص نحو آخر أن يدفع مبلغاً من المال إذا ارتكب الملتزم عملا غير مشروع أو عملا منافياً للآداب ، فإن الشرط يكون في هذه الحالة صحيحاً ، فهناك فرق بين أن يدفع شخص إلى القيام بالواجب عن طريق اعطائه مالا وبين أن يزجر شخص عن عدم القيام بالواجب عن طريق تغريمه المال ، فالشرط في الحالة الأولى باطل لمنافاته للآداب ، وهو في حالة الثانية صحيح لأنه لا ينافي الآداب في شيء بل هو يقوم الأخلاق ويصلح النفوس ( كولميه دي سانتير 5 فقرة 92 مكررة – أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 94 – ديمولومب 25 فقرة 306 – فقرة 307 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 783 – فقرة 784 – انسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Condition فقرة 19 – أنظر عكس ذلك : لارومبيير 2 م 1172 و 1173 فقرة ) – لوران 17 فقرة 49 – هيك 7 فقرة 248 – بودري وبارد 2 فقرة 764 ) . بل نحن نرى أنه إذا قصد بإعطاء المال التشجيع على أداء الواجب ، فإن الشرط قد يكون صحيحاً ، كما إذا وعد شخص حارساً عنده بزيادة أجره إذا هو أحسن الحراسة .
( [26] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1024 ص 371 – الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 178 وص 188 ، ومع ذلك فإن هناك رأياً يذهب إلى أن كل ما يجعل وجود الالتزام أمراً مستقبلا غير محقق فهو شرط ، ولو كان عنصراً جوهرياً في الالتزام ذاته . وإنما يراد بأن الشرط أمر عارض أن الالتزام لا يكون حتما معلقاً على شرط ، بل أن الأصل في الالتزام هو أن يكون غير مشروط ( أنظر في هذا المعنى للوتر Leloutre رسالة من كان سنة 1904 ص 16 وما بعد ، ومقالا له في المجلة الانتقادية سنة 1912 ص 232 – أيجو Eygout في الأثر الرجعي لتحقق الشرط رسالة من باريس سنة 1922 ص 16 ) . وسنرى أن هناك رأياً يذهب ، على النقيض من ذلك ، إلى أن الحق المشروط ليس إلا نوعاً من أنواع الحق الاحتمالي .
( [27] ) انسيكلوبيدي داللوز جان دي جارو دي لاميشيني Jean de Garreau de la Mechenie لفظ Condition فقرة 2 – ديمولومب 25 ص 360 وما بعدها – بودري وبارد 2 فقرة 837 وما بعدها – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1350 – كولان وكابيتان 2 فقرة 648 – جوسران 2 فقرة 738 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1024 ص 371 .
( [28] ) بيدان ولاجارد 8 ص 534 هامش رقم 1 .
هذا وقد ذهب جان موريس فردييه ( Jean-Maurice Verdier ) في رسالته القيمة في الحقوق الاحتمالية ( les droits eventuels ) ( باريس سنة 1955 ) إلى أن الحق المشروط ليس إلا نوعاً من أنواع الحقوق الاحتمالية ، وألا فرق في الطبيعة بين الحق المشروط والحق الاحتمالي ، فكلاهما يتميز بأنه تعاقب حقين يتواليان في الزمان . فالحق المشروط هو ، قبل تحقق الشرط ، حق حال في أن يكون للدائن الحق المعلق على شرط . ثم إذا تحقق الشرط ينقضي هذا الحق الحال ، ويحل محله حق آخر هو نفس الحق الذي كان معلقاً على شرط ، وقد أصبح حقاً حالا منجزاً بعد تحقق الشرط . وكذلك الحق الاحتمالي هو أيضاً تعاقب حقين يتواليان في الزمان ، فيبدأ حقاً حالا في أن يكون للدائن الحق الاحتمالي ، ثم إذا تحقق الحادث الاحتمالي الذي يتوقف عليه وجود الحق ينقضي هذا الحق الحال ، ويحل محله حق آخر هو نفس الحق الذي كان احتمالياً ، وقد أصبح الآن حقاً حالا منجزاً بعد تحقق الشرط . وكذلك الحق الاحتمالي هو أيضاً تعاقب حقين يتواليان في الزمان ، فيبدا حقاً حالا في أن يكون للدائن الحق الاحتمالي ، ثم إذا تحقق الحادث الاحتمالي الذي يتوقف عليه وجود الحق ينقضي هذا الحق الحال ، ويحل محله حق آخر هو نفس الحق الذي كان احتمالياً ، وقد أصبح الآن حقاً حالا منجزاً . ومن ثم يكون في البداية ، في كل من الحق المشروط والحق الاحتمالي ، حق حال وحق مستقبل : فالحق الحال هو وحده الموجود فعلا ، أما الحق المستقبل فلا وجد له في مبدأ الأمر ، ولا يوجد إلا بتحقق الشرط أو تحقق الحادث الاحتمالي ، وبمجرد وجوده ينقضي الحق الأول .
وننقل نص ما يقول فردييه في هذا المعنى ( أنظر ص 246 ) : Mais ce qui, dans les deux cas , est essential et en fait la veritable identite sur le plan statique , c'est l'existence de ce droit atuel distinct du droit future qu'il prepare p l'expression " droit eventual " ou " droit conditionnel " concerne non ce droit present mais la situation juridique future qui prendra naissance a la survenance de l'evenement .
وليس الأثر الرجعي هو الذي يميز الحق المشروط عن الحق الاحتمالي ، فكثير من الحقوق الاحتمالية له أثر رجعي ، كالوارث يستند حقه عقد قبل الميراث إلى موت المور ثن ورهن الأموال المستقبلة يأخذ مرتبته من وقت الرهن لا من وقت تملك الأموال المرهونة ، ومثله الرهن لضمان دين مستقبل . وكثير من الحقوق المشروطة ليس له أثر رجعي ، كالحق في قبض الثمار وفي أعمال الإدارة وغير ذلك مما سيأتي بيانه تفصيلا ( أنظر ص 247 من الرسالة المشار إليها ) .
بقى ما يقال من أن الشرط أمر عارض وهو وصف في الحق المشروط لا يلحقه إلا بعد تكامل عناصره ، بينما الحق الاحتمالي ينقصه عنصر من العناصر الجوهرية حتى يكون حقا كاملا . فهذا الفرق ينكره أيضاً فردييه ، فمن الصعب في بعض الأحوال ، علىما يقول ، التمييز بين العناصر الجوهرية والأمور العارضة ، فالحق الذي لا ينفذ إلا بالتصديق عليه ( homologation ) يصعب القول هل التصديق عنصر جوهري فيه فلا يكون له أثر رجعي ، أو هو أمر عراض فيكون له هذا الأثر . وإذا قارنا بين حق الموعود له بالبيع والمشتري بشرط التجرية لم نجد فرقاً محسوساً بين الحق الأول وهو حق احتمالي والحق الثاني وهو حق مشروط ، فكلاهما يتوقف على رغبة المشتري في الشراء ( أنظر ص 253 و ص 270 – ص 273 من الرسالة المشار إليها ) .
على أن فردييه يسلم بأن هناك فرقاً واحداً بين الشرط والحادث الاحتمالي ، فالشرط يقف نشوء الحق دون أن يقف نشوء العقد الذي هو مصدر هذا الحق ، أما الحادث الاحتمالي فيقف نشوء الحق ونشوء العقد معاً ( أنظر ص 283 – وانظر ما ترتبه على هذا الفرق من النتائج ص 285 – ص 288 ) .
( [29] ) أنظر آنفاً فقرة 12 .
( [30] ) استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 94 . ومثل أيضاً الشرط المدون في عقد البيع بان البيع لا يكون باتا إلا بعد دفع قسطين من الثمن ويجوز بعد ذلك للمشتري التصرف في المبيع ، فهذا الشرط شرط فاسخ يتمكن به البائع من فسخ البيع حتى بالنسبة إلى من تصرف له المشتري قبل دفع القسطين من الثمن ويجوز بعد ذلك للمشتري التصرف في المبيع ، فهذا الشرط شرط فاسخ يتمكن به البائع من فسخ البيع حتى بالنسبة إلى من تصرف له المشتري قبل دفع القسطين ، ولا يعتبر شرطا واقفاً ( استئناف مختلط 7 مارس سنة 1933 م 45 ص 194 ) .
( [31] ) وهناك ما يسمى بالشرط الفاسخ الضمني ، وهو مفروض في العقد الملزم للجانبين ، فإذا لم يقم أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب فسخ العقد ، وقد سبق تفصيل ذلك عند الكلام في فسخ العقد ( الوسيط جزء أول فقرة 462 وما بعدها ) . وطبيعة الشرط الفاسخ الصريح الذي نحن بصدده تختلف كلا الاختف عن طبيعة ما يسمى بالشرط الفاسخ الضمني ، إذا الشرط الفاسخ الضمني ليس في حقيقته شرطاً . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم الابتدائي قد بنى الفسخ الذي قضى به على الشرط الضمني ، ثم جاء الحكم الاستئنافي مقاماً من ناحية على قيام شرط فاسخ صريح ومن ناحية أخرى على أسباب الحكم الابتدائي ، فإنه يكون متناقضاً لاختلاف حكم كل واحد من الشرطين عن حكم الآخر .
( نقض مدني 27 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 16 ص 35 ) . وقضت أيضاً بأن شرط الفسخ الصريح وشرطه الضمني يختلفان طبيعة وحكماً ، فالشرط الفاسخ الضمني ( le pacte commissoire tacite ) لا يستوجب الفسخ حتما إذ هو خاضع لتقدير القاضي ، وللقاضي إني مهل المدين حتى بعد رفع دعوى الفسخ عليه ، بل المدين نفسه له أن يتفادى الفسخ بعرض دينه كاملا قبل أن يصدره ضده حكم نهائي بالفسخ . أما الشرط الفاسخ الصريح فهو فيما تقضي به المادة 334 من القانون المدني ( القديم ) موجب للفسخ حتما ، فلا يملك معه القاضي إمهال المشتري المتخلف عن أداء الثمن ، ولا يستطيع المشتري أن يتفادى الفسخ بأداء الثمن أو عرضه بعد إقامة دعوى الفسخ عليه متى كان قد سبقها التنبيه الرسمي إلى الوفاء ، بل قد يكون الفسخ الصريح موجباً للفسخ بلا حاجة إلى تنبيه إذا كانت صيغته صريحة في الدلالة على وقوع الفسخ عند تحققه بلا حاجة الاى تنبيه ولا إنذار . وعلى ذلك فإذا كانت محكمة الدرجة الأولى قد أقامت قضاءها بفسخ العقد على أن المشتري إذ قصر في الوفاء بجزء من الثمن كان البائغ محقاً في طلب الفسخ بناء على الشرط الفاسخ الضمني المفترض في جميع العقود التبادلية ، ثم جاءت محكمة الاستئناف فقالت أن الفسخ كان متفقاً عليه جزاء للتخلف عن أداء الثمن وإذ قد ثبت لها تخلف المشتري فهي تقرر حق البائع في الفسخ نزولا على حكم الشرط الفاسخ الصريح عملا بنص المادة 334 مدني ( قديم ) ، ثم لم تلبث أن قالت في آخر حكمها إنها تؤيد الحكم المستأنف لأسبابه وتأخذ منه أسباباً لحكمها ، فحكمها هذا يكون قد أقيم على أمرين واقعيين متغايرين لا يمكن أن يقوم حكم عليهما مجتمعين لاختلاف شرط الفسخ الصريح والفسخ الضمني طبيعة وحكماً ، وهذا تعارض في أسباب الحكم يعيبه ويستوجب نقضه ( نقض مدني 2 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 68 ص 155 ) وقضت أيضاً بأن القانون لم يشترط ألفاظاً معينة للشرط الفاسخ الصريح في معنى المادة 334 من القانون المدني ( القديم ) . وعلى ذلك فإذا ما اثبت الحكم أن طرفي عقد البيع قد اتفقا في العقد على أن يودع العقد لدى أمين حتى يوفى المشتري الثمن في الميعاد المتفق عليه ، ونصا على أنه عند إخلال المشتري بشروط العقد يصرح الطرفان للمودع لديه باعدام هذا العقد ، ثم قرر الحكم أن المستفاد من ذلك أن نية المتعاقدين اتجهت عند تحرير هذا العقد إلى الشرط الفاسخ الصريح أي اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند الاخلل بشروطه ، فإنه لا يكون قد مسخ مدلول نص العقد لأن عبارته تحتمل ما ستخلصه الحكم منها ( نقض مدني 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 356 ص 688 ) . أنظر أيضاً : نقض مدني 18 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 192 ص 540 – 4 ديسمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 237 ص 498 .
وقضت أخيراً محكمة النقض بأنه في حالة الشرط الفسخ الصريح قد ينزل صاحب المصلحة عن التمسك بوقوع الفسخ من تلقاء نفسه وذلك بانذاره للمدين ، فلا يقع الفسخ من تلقاء نفسه بل يلزم لوقوعه إني صدر به حكم وللمدين أن يتقيه بتنفيذ التزامه ( نقض مدني 31 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 145 ص 922 ) .
( [32] ) ويقول اهرنج ( Ihering ) أن الشروط الواقف وحده هو الذي عرفه القانون الروماني أولاً ، ثم أتى الشرط الفاسخ بعد الشرط الواقف وعلى غرراه ، فهو شرط واقف يعلق على تحققه زوال الالتزام ( اهرنج في روح القانون الروماني 4 ص 164 ) .
( [33] ) ديرانتون 15 فقرة 44 – أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 88 .
وهذا وقد قضت محكمة النقض بأن الشرط القاضي بأن من يرسو عليه المزاد في أطيان موقوفة تباع بقصد الاستبدال لا يستحق الربيع إلا إذا وافقت المحكمة الشرعية على الاستبدال يعد مشترياً بشرط واقف لا بشرط فاسخ ، لأن اجازة الاستبدال من المحكمة إنما هي شرط واقف لا فاسخ ( نقض مدني ) مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 59 ص 204 ) .
( [34] ) لارومبيير 3 م 1183 فقرة 16 – ديمولومب 25 فقرة 281 – هيك 7 فقرة 244 ص 326 – بودري وبارد 2 فقرة 775 – بيدان ولا جاود 8 فقرة 735 ص 537 وفقرة 754 – قارن ديرانتون 11 فقرة 91 – أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 89 وهامش رقم 4 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1025 ص 373 .
( [35] ) استئناف أهلي 9 يناير سنة 1893 الحقوق 7 ص 385 .
( [36] ) يتبين من نص الفقرة الأولى من المادة 266 مدني أن الشرط الفاسخ إذا كان مستحيلا فإنه يعتبر غير قائم ، ويبقى الالتزام باتاً غير معلق على شرط . ولم تستثن الفقرة الثانية من المادة 266 إلا الشرط الفاسخ المخالف للنظام العام أو الآداب إذا كان هو السبب الدافع إلى الالتزام ، فيسقط الشرط والالتزام معاً . يبقى إذن الشرط المستحيل إذا كان هو السبب الدافع إلى الالتزام ، والظاهر أن الاستثناء الوارد في الفقرة الثانية من المادة 266 لا يشمله ، ومن ثم يبقى خاضعاً للفقرة الولى من المادة 266 . وينبني على ذلك أن الشرط المستحيل يسقط ويبقى الالتزام باتاً غير معلق على شرط ، حتى لو كان الشرط المستحيل هو الدفاع إلى التعاقد .
وقد أشتمل التقنين المدني الفرنسي على نصين في هذا الموضوع ، فقضت المادة 1172 من هذا التقنين ببطلان العقد المقترن بشرط مستحيل أو مخالف للنظام العام أو الآداب ، وقضت المادة 900 من نفس التقنين بصحة التبرعات المقترنة بشرط مستحيل أو مخالف للنظام العام أو الآداب مع سقوط الشرط وحده . فخفف القضاء الفرنسي من شدة النص الأول إذ قضى بأن الشرط إذا لم يكن هو الدافع إلى التعاقد فإنه وحده هو الذي يسقط ويبقى العقد ، وشدد من تراخى النص الثاني إذ قضى بسقوط التبرع ذاته إذا كان الشرط هو السبب الدافع إليه . فخلص من مجموع ما ذهب إليه القضاء الفرنسي المبدأ الآتي : متى كان الشرط المستحيل أو المخالف للنظام العام أو الآداب هو الآداب إلى التعاقد – في كل من المعاوضات والتبرعات – فإن الشرط والعقد يسقطان معاً ، إما إذا كان الشرط ليس هو الدافع على التعاقد فإنه وحده هو الذي يسقط ويبقى العقد .
وهذا المبدأ المستخلص من القضاء الفرنسي هو الذي قنته المادة 111 من المشروع الفرنسي الإيطالي فيما يتعلق بالشرط الفاسخ مع قصر الاستثناء الخاص بالسبب الدافع على الشرط المخالف للنظام العام أو الآداب دون الشرط المستحيل ( أنظر في هذا المعنى كولان وكابيتان 2 فقرة 651 وص 443 – ص 444 و 443 هامش رقم 2 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1356 – جوسران 2 فقرة 739 ) . وقد نقل التقنين المصري الجديد هذا المبدأ عن المادة 111 من المشروع الفرنسي الإيطالي ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 9 ) .
( [37] ) وفي فرنسا تثار المسألة بنوع خاص في شرط الدفع بالذهب أو بعملة أجنبية ( أنظر مقال فواران ( Voirin ) في المجلة الانتقادية سنة 1926 ص 337 – كابيتان في داللوز الأسبوعي سنة 1927 ) .
ويلاحظ الأستاذ إسماعيل غانم ( أحكام الالتزام ص 256 – ص 257 ) أن الشرط الفاسخ لا يمكن إلا أن يكون هو السبب الدافع إلى التعاقد ما دام قد علق على تحققه فسخ العقد ذاته ، فلا تتحقق إذن الصورة التي يكون فيها الشرط الفاسخ ليس هو السبب الدافع إلى التعاقد . على أنه كثيراً ما يختلط في العمل الشرط الفاسخ بشروط العقد العادية ، كما إذا باع شخص سلعة بشرط أن يتقاضى الثمن ذهباً ، فمن الممكن أن يكون الشرط هنا شرطاً فاسخاً وأن يكون هو السبب الدافع إلى التعاقد ، فيجري في هذه الحالة حكم النص .
( [38] ) ومن الأمثلة على الإرادة الضمنية ما يأتي : ( ا ) الاكتتاب في أسهم شركة تحت التأسيس مفروض فيه أن كل مكتتب إنما اكتتب في اسهمه بشرط أن تتم تغطية الاسهم ، إذ الشركة لا يتم تأسيسها إلا بهذه التغطية ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 733 ص 534 ) . ( ب ) إذا أصدرت بلدية سندات وطرحتها في السوق للاكتتاب ، وصرحت بان الغرض من هذا القرض هو انجاز مشروع معين ، فإن الاكتتاب يعتبر في هذه الحالة عملية جمعية ( acte collectif ) ، وكل اكتتاب يكون مشروطا بتغطية جميع السندات ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 733 – بيك في الشركات 3 فقرة 1626 ) . ( ج ) عندما يرسل تاجر أوراقاً مالية ( شيكات أو كمبيالات ) لمصرفه لأضافتها إلى حسابه الجاري ، فإن الإضافة تكون مشروطة بقبض قيمة الأوراق المالية ( بيدان ولا جارد 8 فقرة 733 ص 535 ) . ( د ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يعتبر شرطاً ضمنياً موافقة جميع الدائنين على صلح ودى مع المدين ، إذ أن الصلح الودي لا يتم إلا بموافقة جميع الدائنين ( 27 ديسمبر سنة 1928 م 41 ص 142 ) .
( [39] ) أنظر آنفاً فقرة 12 .
( [40] ) أنظر في هذا المعنى أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 88 – بودري وبارد 2 فقرة 745 – فقرة 746 – ويميز إهرنج بين الوصية والحق المعلق على شرط ( أنظر روح القانون الروماني 4 ص 168 – 170 ) .
( [41] ) أنظر في هذا المعنى الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 178 و ص 179 هامش رقم 1 الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 176 ص 249 . وجاء في الموجز للمؤلف : " هذا ويلاحظ أن تعليق الالتزام على الشرط يجب أن يكون وليد إرادة الطرفين ، أما إذا كان القانون هو الذي علق الحكم على استيفاء شرط ، كما إذا جعل الوصية متوقفة على وفاة الموصى وكما إذا اشترط الحاجة لاستحقاق النفقة ، فلا يكون الالتزام في مثل هذه الحالة شرطياً " .
على أن هناك حالات تقوم فيها شبهة قوية في أن مصدر الشرط هو القانون . من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني من أنه " إذا زرع مصري أرضا غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها ، تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبنى ولو بغير ترخيص من الدولة . ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس العشرة السنة التالية للتملك " . فهل يمكن القول أن الملكية هنا معلقة على شرط فاسخ – مصدره القانون – هو عدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخسم العشرة السنة التالية للتملك ؟ ( أنظر في هذا المعنى في عهد التقنين المدني السابق : استئناف مختلط 26 يناير سنة 1937 م 49 ص 81 ) . ومن ذلك أيضاً ما قضت به المادة 501 ( حرف جـ ) من جواز فسخ الهبة إذا رزق الواهب بعد الهبة ولدا يظل حيا إلى وقت الفسخ ( أنظر أيضاً في هذا المعنى المادة 960 وما بعدها من التقنين المدني الفرنسي ) .
ويذهب بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1349 وبيدان ولاجارد ( 8 فقرة 733 ) إلى أن الشرط في مثل هذه الحالات مصدره القانون فعلا . ولكن قارن بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1024 ص 371 – ص 372 . وفي رأينا أن " الشرط " في هذه الحالات ليس إلا وضعاً خاصاً قرره القانون ، ورتب عليه نتائجه . وسواء تحقق هذا الوضع أو تخلف ، فليس له – كما للشرط بالمعنى الصحيح – أثر رجعي .
( [42] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " ويراعى أن التعليق يرد على الالتزام ذاته دون العقد أو التصرف القانوني بوجه عام . . ولهذا كان نهج المذهب اللاتيني أدنى إلى التوفيق في هذا الصدد من منحى المذهب الجرماني . ذلك أن الأول يفرد لأحكام الشرط مكاناً في نطاق النظرية العامة للالتزام ، في حين أن الثاني يلحق هذه الأحكام بنظرية التصرف القانوني " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 7 ) .
( [43] ) أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 91 هامش رقم 10 – أنظر أيضاً إهرنج في روح القانون الروماني 4 ص 165 .
( [44] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 389 من المشروع التمهيدي على وجه يكاد يكون مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويراً لفظياً طفيفاً جعل المطابقة تامة ، وأصبح المادة 280 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 268 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 14 – ص 16 ) .
( [45] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 268 ( مطابقة المادة 268 مصري ) .
التقنين المدني الليبي م 255 ( مطابقة المادة 268 مصري ) .
التقنين المدني العراقي م 288 : العقد المعلق على شرط واقف لا ينفذ إلا إذا تحقق الشرط . ( ويلاحظ أن التقنين المدني العراقي لم يبين في نصوصه كيف أن الحق المعلق على شرط واقف لا يقبل التنفيذ اطلاقاً وإن كان يجوز اتخاذ الإجراءات التحفظية بموجبه ، كما يبين ذلك التقنين المدني المصري . ولكن لما كانت هذه الأحكام يمكن استخلاصها من تطبيق القواعد العامة ، إذ الحق غير النافذ حق موجود ، فإنه يمكن القول بتطبيق هذه الأحكام في القانون المدني العراقي : ( أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 134 ، ومع ذلك قارن فقرة 137 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 93 : إن الموجب المعقود على شرط التعليق لا يقبل التنفيذ الاجباري ولا التنفيذ الاختياري ولا يمر عليه الزمان ما دام الشرط معلقاً . على أن الدائن يمكنه أن يقوم بأعمال احتياطية ، اخصها قيد الرهن المؤمن دينه عند الاقتضاء وطلب تطبيق الخط ووضع الاختام وإنشاء المحاضر والجداول .
م 94 : أن الموجب الذي عقد على شرط التعليق وما زال الشرط فيه معلقاً يمكن التفرغ عنه بوجه خاص أو بوجه عام .
م 95 : إن الموجب عليه تحت شرط التعليق لا يمكنه قبل تحقق هذا الشرط أن يقوم بأي عمل من شأنه أن يمنع استعمال حقوق الدائن أو يزيده صعوبة في حالة تحقق الشرط . وبعد أن يتحقق شرط التعليق تكون الأعمال التي أجراها الموجب عليه في خلال ذلك ملغاة على قدر ما يكون فيها من الإضرار بالدائن ، ما عدا الحقوق المكتسبة شرعاً لشخص ثالث حسن النية .
( ويلاحظ أن التقنين اللبناني أكثر إيراداً للتفصيلات من التقنين المصري ، ولكن جميع التفصيلات الواردة في التقنين اللبناني يمكن الأخذ بها في القانون المصري تطبيقاً للقواعد العامة ، ودون حاجة إلى نصوص خاصة في ذلك ) .
( [46] ) أنظر في هذا المعنى بيدان ولاجارد 8 فقرة 738 . وقد كان القانون الروماني يعتبر في بعض نصوصه ( Institutes ) الحق تحت شرط واقف مجرد أمل وليس حقاً ، وإن اعتبره حقاً لا مجرد أمل في نصوص أخرى ( Digeste ) : أنظر بودري وبارد 2 فقرة 837 . أما تقاليد القانون الفرنسي القديم فكانت في المعنى الأول ، وكان بوتييه يذهب إلى أن الحق المعلق على شرط واقف ليس بحق وإنما هو مجرد أمل ( بوتييه في الالتزامات فقرة 218 وفقرة 222 ) .
( [47] ) ويقول اهرنج إن الحق المعلق على شرط واقف هو حق موجود وجود الجنين في بطن أمه . فالحق كالانسان يتدرج نطفة ، ثم علقة ، إلى أن يكمل خلقاً سوياً . والحق المعلق على شرط واقف يبدأ جنيناً وقت تعلق الشرط ، إلى أن يولد حياً عند تحققه ، أو ميتاً عند تخلفه ( روح القانون الروماني 4 ص 166 – ص 167 ) . ثم يقول ( ص 174 ) إن ينشأ فوراً من مصدره ، ولا يمكن أن يتخلل أي فراغ بين وجود المصدر ونشوء الحق ، فمتى وجد الاتفاق المعلق على شرط واقف فقد وجد الحق المعلق على هذا الشرط ، لا يفصل بينهما أية فترة من الزمن مهما قصرت ، كما لا يفصل بين الميلاد ودبيب الحياة في المولود أية فترة من الزمن .
ويذهب شوس ( Chausse ) في مقاله في المجلة الانتقادية ( سنة 1900 ص 540 – ص 541 ) إلى أن الرومان كانوا يميزون بين العناصر الذاتية ( elements subjectifs ) للحق وعناصره الموضوعية ( elements objectifs ) . فالعناصر الذاتية للحق المعلق على شرط واقف يجب توافرها وقت الاتفاق على هذا الحق ، فيوجد في هذا الوقت طرفا الحق ، وتتوافر فيهما الأهلية اللازمة ، ويجوز أن ينتقل الحق إلى غير صاحبه ولو قبل تحقق الشرط . أما العناصر الموضوعية فيجب توافرها عند تحقق الشرط ، ففي هذا الوقت يتحدد محل الحق ، ويصح أن يكون هذا المحل غير موجود وقت الاتفاق ما دام أنه سيوجد وقت تحقق الشرط .
ولكن بلانيول ويبير وبولانجيه يذهبون إلى أن الحق تحت شرط واقف ليس إلا مجرد أمل ، وأن كانوا يقولون أن الدائن تحت شرط واقف يملك " شيئاً " يجب الاعتداد به ، هو الأمل في أن يكون يوماً ما دائناً ، وهو أمل يحميه القانون وينظمه ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1358 وانظر أيضاً الجزء الأول فقرة 325 ) . وما دام القانون يحمى هذا " الأمل " وينظمه ، فهو إذن حق موجود وإن كان غير كامل الوجود . وهذا هو الذي يميز بين الحق تحت شرط واقف وهو حق موجود كما قدمنا ، والحق الاحتمالي وهو لا يزيد على مجرد أمل .
أنظر في المعنى الذي نقول به كولان وكابيتان 2 فقرة 653 – جوسران 2 فقرة 740 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 258 . وقارن الأستاذ عبد الحي حجازي ص 182 .
( [48] ) بيدان ولاجارد 8 فقرة 740 ص 540 .
( [49] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 15 – وانظر أيضاً الفقرة الثانية من المادة 93 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني .
( [50] ) ويجوز للدائن تحت شرط واقف أن يأخذ بحقه كفيلا أو رهناً أو أي ضمان آخر ( الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 182 ) . ومن الأعمال التحفظية التي يستطيع المالك تحت شرط واقف أن يقوم بها قطع التقادم ضد حائز العين . ذلك أن التقادم في هذه الحالة يسري ضد المالك تحت شرط فاسخ ، ولكنه قد يتم قبل تحقق الشرط الواقف ، فإذا ما تحقق هذا الشرط ولم يستطع صاحبه قطع التقادم ، فإنه لا يتمكن من نزع العين من حائزها بعد أن أصبح هذا مالكاً لها بالتقادم . ومن ثم جاز للمالك شرط واقف أن يقطع التقادم قبل أن يتم توقياً لهذا الضرر ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 105 ) .
ولكن لا يعتبر عملا تحفظياً تطهير العقار المرهون ، فلا يجوز للمالك تحت شرط واقف لعقار مرهون أن يطهره ، ويجوز ذلك للمالك تحت شرط فاسخ إذ يعتبر التطهير عملا من أعمال الإدارة كما سنرى ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 105 – بودري وبارد 2 فقرة 842 ) .
( [51] ) أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 104 – تولييه 6 فقرة 528 – وبرانتون 11 فقرة 69 – ديمولومب 25 فقرة 370 – لوران 17 فقرة 89 – بودري وبارد 2 فقرة 843 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 740 ص 540 .
( [52] ) لوران 17 فقرة 89 .
( [53] ) استئناف مختلط 18 نوفمبر سنة 1926 م 39 ص 23 – بودري وبارد 2 فقرة 844 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام ص 259 هامش رقم 1 .
( [54] ) ديرانتون 13 فقرة 688 – ديمولومب 25 فقرة 358 – لوران 17 فقرة 91 – بودري وبارد 2 فقرة 832 – بلانيول ويبير وبولانجيه 2 فقرة 1360 .
( [55] ) أنظر في كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 14 – ص 15 – الموجز للمؤلف فقرة 472 .
( [56] ) ولا يستطيع المالك تحت شرط واقف أن يمنع هذا التنفيذ ، ولكن إذا تحقق الشرط الواقف كان له أثر رجعي ، فتزول الآثار التي ترتبت عليه ( بودري وبارد 2 فقرة 834 ) .
ولا يستطيع المالك تحت شرط واقف أن يأخذ بالشفعة حال تعليق الشرط ، ولا يأخذ بالشفعة إلا إذا تحقق الشرط . كذلك البيع المعلق على شرط واقف لا يؤخذ فيه بالشفعة إلا إذا تحقق الشرط ، ولا تجري مواعيد الشفعة إلا من وقت تحققه ( استئناف مختلط 29 ابريل سنة 1930 م 42 ص 463 ) .
( [57] ) أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 102 . ويدفع المالك تحت شرط فاسخ رسوم انتقال الملكية كاملة .
( [58] ) بودري وبارد 2 فقرة 875 – وجاء في الموجز للمؤلف : " وإذا تلقى الدائن ملكية العين معلقة على شرط فاسخ ، وتبين بعد ذلك أن المدين الذي تلقى الدائن عنه الملكية كان لا يملك العين بل كان واضعاً يده عليها ، فإن الدائن يتملك العين بالتقادم إذ تأيد حقه بتخلف الشرط وكان قد أكمل المدة اللازمة لتملك العين بالتقادم . ففي بيع الوفاء لو أن البائع وفاء كان لا يملك العين ، ولكنه وضع يده عليها مدة اثنتى عشرة سنة ، ثم باعها وفاء ، وبقى المشتري واضعاً مدة ثلاث سنوات أخرى ، وانقضى ميعاد الاسترداد دون أن يسترد البائع ، فإن المشتري يتملك العين لا بالبيع لأنه صدر من غير مالك ، بل التقادم بعد أن أكمل مدته خمس عشر سنة " ( الموجز فقرة 478 ص 486 ) . ونلاحظ هنا أن المشتري وفاء قد أكمل التقادم إما لحسابه هو إذا لم يسترد البائع ، أو لحساب البائع إذا استرد . وفي حالة استرداد البائع للمبيع وفاء تعود إليه الملكية ، ويعتبر أنه كسبها بالتقادم ، فقد وضع يده اثنتى عشرة سنة أكملها المشتري إلى خمس عشرة .
وكما يسرى التقادم لمصلحة المالك تحت شرط فاسخ ، كذلك يسري التقادم ضده ، فلو أن عقاراً باعه صاحبه تحت شرط واقف ، فبقى هو مالكاً إياه تحت شرط فاسخ ، ثم اغتصب العقار شخص آخر ، فإن المغتصب يكسب الملكية بالتقادم ضد المالك تحت شرط فاسخ ، ولا يقف التقادم لمصلحة المالك تحت شرط واقف ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 103 ) . ويذهب كثير من الفقهاء ( ديرانتون 9 فقرة 312 – لارومبيير 2 م 1181 فقرة 61 – لوران 17 فقرة 95 – بودري وبارد 2 فقرة 821 – فقرة 822 ) إلى أن الحائز للعقار ( المغتصب ) يسري تقادمه ضد المالك تحت شرط فاسخ أو ضد المالك تحت شرط واقف حسبما يتخلف الشرط أو يتحقق ، لأن لتخلفه أو لتحققه أثراً رجعياً . فإذا تخلف الشرط اعتبر التقادم سارياً ضد المالك تحت شرط فاسخ الذي تأيدت ملكيته بتخلف الشرط ، وإذا تحقق الشرط اعتبر التقادم سارياً ضد المالك تحت شرط واقف إذ يعتبر مالكاً منذ البداية بتحقق الشرط . ولا نرى في هذا الخلاف أهمية عملية ما دام الجميع متفقين أن سريان التقادم لا يوقف ضد المالك تحت شرط واقف إذا ما تحقق الشرط وصار مالكاً منذ البداية واعتبر التقادم سارياً ضد . والنتيجة العملية لا تتغير ، فالحائز تحسب له مدة حيازته في أثناء تعلق الشرط ، إما ضد المالك تحت شرط فاسخ ، وإما ضد المالك تحت شرط واقف . ولذلك رأينا فيما قدمناه أن المالك تحت شرط واقف يستطيع أن يقطع التقادم أثناء تعلق الشرط ، ويعتبر هذا عملا من أعمال التحفظ المخولة له بموجب حقه المعلق على شرط واقف ( أنظر آنفاً فقرة 30 في الهامش ) .
( [59] ) بودري وبارد 2 فقرة 867 – فقرة 872 . ويجوز للمالك تحت شرط فاسخ أن يأخذ بالشفعة ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 17 ) ، ويبقى حقه على العقار الذي أخذه بالشفعة قائماً حتى لو تحقق الشرط الفاسخ ( استثناء من الأثر الرجعي ) ، ولا يرد للمالك تحت شرط واقف عند تحقق الشرط إلا العين الأصلية دون العين المشفوع فيها . ويجوز للمالك تحت شرط فاسخ أن يطهر العقار المرهون ، ويكون التطهير باتاً ولو تحقق الشرط الفاسخ ( بودري وبارد 2 فقرة 873 – كولان وكابيتان 2 فقرة 659 ) ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . أنظر في الأثر البات للأخذ بالشفعة وللتطهير : المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 21 – الموجز للمؤلف ص 485 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 688 ص 515 ) .
( [60] ) ولا تقع المقاصة بين دين معلق على شرط فاسخ ودين بات ما بقى التعليق قائماً ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 17 – الموجز للمؤلف ص 481 ) . ويذهب الأستاذ إسماعيل غانم ( أحكام الالتزام ص 259 هامش رقم 2 ) الىجواز المقاصة حالة التعليق لأن الدين حال الأداء ، فإذا تحقق الشرط زالت المقاصة ، ويستند في ذلك إلى موسوعة داللوز 2 فقرة 122 ص 910 . وتجوز المقاصة على كل حال بين دين كان معلقاً على شرط فاسخ ثم تأيد وبين دين منجز منذ البداية ( الموجز للمؤلف فقرة 478 ص 486 ) .
( [61] ) أنظر في كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 17 – الموجز للمؤلف فقرة 473 .
( [62] ) وهذا هو النص في أصله الفرنسي : Toute condition doit etre accomplice de la maniere que les parties ont vraisemeblablement voulu et entendu qu'elle le fut .
( [63] ) أنظر في كل هذه المسائل بودري وبارد 2 فقرة 970 – فقرة 797 .
( [64] ) وهذا هو النص في أصله الفرنسي : Lorsqu'une obligation est contractee sous la condition qu'un evenement arrivera dans un temps fixe , cette condition est censee defaillir lorsque le temps est expire sans que l'evenement soit arrive . S'il n'y a point de temps fixe , la condition peut toujours etre accomplice p et elle n'est censee defaillir que lorsqu'il est devenu certain que l'evenement n'arrivera pas .
( [65] ) وهذا هو النص في أصله الفرنسي : Lorsqu'une obligation est contractee sous la condition qu'un evenement n'arrivera pas dans un temps fixe, cette condtion est accomplice lorsque ce temps est expire sans que l'evenement soit arrive : elle l'est egalement , si avant le terme il est certain que l'evenement n'arrivera pas p et s'iil n'y a pas de temps determine , elle n'est accomplice que lorsqu'il est certain que l'evenement n'arrivera pas .
( [66] ) ديمولومب 25 فقرة 339 – فقرة 340 – تولييه 6 فقرة 608 – لوران 17 فقرة 75 – بودري وبارد 2 فقرة 799 .
( [67] ) ولم يرد هذا الفرض في المادة 1176 فرنسي ، كما ورد نظيره في المادة 1177 فرنسي ، ولكنه حكم يستخلص من تطبيق القواعد العامة دون حاجة إلى نص .
( [68] ) بودري وبارد 2 فقرة 800 .
( [69] ) ولا تمد المدة ولا توقف ولا تنقطع .
( [70] ) وقد جاء في المادة 88 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني : " إذا عقد موجب وكان معلقاً بشرط وقوع حادث ما في وقت معين ، فإن هذا الشرطيعد غير متحقق إذا انصرم ذلك الوقت ولم يقع ذلك الحادث . ولا يجوز للقاضي على الإطلاق أن يمنح في هذه الحالة تمديداً للمهلة . وإذا لم يضرب أجل ما ، فإن تحقق الشرط ممكن في كل أن ، ولا يعد غير متحقق إلا إذا أصبح من المؤكد أن الحادث لن يقطع . وجاء في المادة 89 من نفس التقنين : " إذا عقد موجب مباح شرعاً على ألا يطرأ حدث ما في زمن معين ، فيعد هذا الشرط متحققا إذا انقضى هذا الزمن ولم يقع الحدث ، أو أصبح من المؤكد قبل الأجل المعين أنه لن يقع . وإذا لم يكن ثمة وقت معين فلا يتحقق الشرط إلا إذا بات من المؤكد أن الحدث لن يقع " .
( [71] ) وهذا هو النص في أصله الفرنسي : La condition est repute accomplice lorsque c'est le debiteur , oblige sous cette condtion , qui en a cmpeche l'accomplissement .
( [72] ) وقد أخذ من المادتين 131 – 132 من التقنين الفرنسي والمادتين 91 – 92 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانين والمادة 162 من التقنين المدني الألماني ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي 2 ص 408 – 409 ) .
وقد نصت المادة 90 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : " أن الشرط الموقوف تحقيقه على اشتراك شخص ثالث في العمل أو على فعل من الدائن يعد غير متحقق إذا نكل الشخص الثالث عن الاشتراك أو الدائن عن إتمام الفعل المعين وأن يكن المانع غير منوط بمشيئته " . ونصت المادة 91 من هذا التقنين على أن " يعد الشرط متحققا حينما يكون المديون الملزم إلزاماً " شرطياً قد منع بدون حق وقوع الحادث أو كان متأخراً عن إتمامه " . ونصت المادة 92 على أنه " لا مفعول للشرط المتحقق إذا وقع الحادث بخدعة من الشخص الذي كان من مصلحته أن يقع هذا الحادث " .
( [73] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 11 في الهامش .
( [74] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 11 في الهامش .
( [75] ) استئناف مختلط 6 يناير سنة 1930 م 42 ص 151 .
( [76] ) بودري وبارد 2 فقرة 806 .
( [77] ) محكمة استئناف بواتييه أول فبراير سنة 1881 سيريه 82 – 2 – 27 – بودري وبارد 2 فقرة 808 . وقريب من ذلك الوارث إذا قتل مورثه ، فإنه لا يرث في الشريعة الإسلامية ، وإن كان حق الوارث في الميراث ليس حقاً معلقاً على شرط كما سبق القول .
( [78] ) وقد جاء في الموجز للمؤلف في هذا الصدد : " ويعتبر الشرط قد تحقق حكماً إذا منع المدين تحققه عن عمد أو إهمال ( م 1178 فرنسي – استئناف مختلط 6 يناير سنة 1930 م 42 ص 151 ) . فإذا تعهد شخص لسمسار بان يدفع له مبلغاً من النقود إذا توسط السمسار في بيع منزل مملوك للمتعهد بالثمن المناسب ، ووجد السمسار مشترياً بثمن مناسب ، وامتنع صاحب المنزل من بيعه عمداً أو أهمل حتى ضاعت الصفقة ، فإن الشرط يعتبر متحققاً حكماً ، ويجوز للسمسار أن يطالب بالمبلغ الذي وعد به . ولكن إذا كان المدين في منعه لتحقق الشرط إنما كان يستعمل حقاً له دون أن يتعسف في استعماله ، فلا يعتبر الشرط متحققاً حكماً في هذه الحالة . وقد ضرب بوتييه ( الالتزامات فقرة 212 ) لذلك مثلا : أوصى شخص لآخر بمنزل بشرط أن يدفع الموصى له مبلغاً من المال لشخص معين في مدة سنة وإلا بقى المنزل للوارث . فإذا منع الوارث الموصى له من تحقيق الشرط الذي علقت عليه الوصية ، بأن حجز على أمواله لدين شخصي في ذمة الموصى له للوارث ، وجعل الوارث الموصى له بذلك عاجزاً عن دفع المال للشخص المعين في المدة المحددة ، فإن الشرط يعتبر متخلفاً لا متحققاً حكماً ولو أن الوارث هو الذي منع تحقق الشرط ، لأنه في منعه لتحقق الشرط إنما كان يستعمل حقاً ثابتاً له . وكما أن الشرط يعتبر متحققاً حكماً إذا منع المدين تحققه لسبب غير مشروع ، فإنه كذلك يعتبر متخلفاً حكماً إذا حققه الدائن بعمل غير مشروع . فمن يتعاقد مع شركة تأمين على الحياة على أن الشركة تعطي ورثته مبلغاً من المال إذا مات ، ثم يعجل بعد ذلك بموته بان ينتحر مثلا ، فيحقق الشرط بعمل غير مشروع ، لا يكون بذلك قد حقق الشرط تحقيقاً معتبراً ، بل يعد الشرط متخلفاً حكماً " ( الموجز فقرة 474 ص 482 ) .
هذا ويلاحظ أن التزام شركة التأمين على الحياة بإعطاء الورثة مبلغ التأمين ، إذا مات مورثهم المؤمن له ، ليس التزاماً معلقاً على شرط ، بل هو التزام مقترن بأجل ، إذ الموت أجل لا شرط وإن كان أجلاً غير معين . ومع ذلك فإنه إذا انتحر المؤمن له ، لم يحل الأجل ، وتبرأ ذمة شركة التأمين من التزامها بدفع مبلغ التأمين ( أنظر فقرة 75 فيما يلي ) .
( [79] ) أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 100 .
( [80] ) لا رومبيير 2 م 1178 فقرة 10 – لوران 17 فقرة 76 ص 91 – بودري وبارد 2 فقرة 807 .
( [81] ) أنظر تاريخ هذا النص والنصوص المقابلة له آنفاً فقرة 28 في الهامش – وقد كانت المادة 104 / 158 من التقنين المدني السابق تنص على ما يأتي : " إذا كان فسخ التعهد معلقاً على أمر محقق فالتعهد باطل ، ويبطل أيضاً إذا كان فسخه معلقاً على أمر مشكوك فيه في الأصل ثم تحقق . وأما إذا كان التعهد مشترطاً فيه أنه معلق على أحد الأمرين ، فبوجود المعلق عليه يبطل الشرط ويثبت التعهد " . وصدر هذه المادة يعرض للشرط الفاسخ ، ويعرض العجز للشرط الواقف . والذي يعنينا هو الشرط الواقف ، فإذا كان التعهد معلقاً عليه وتحقق الشرط – سواء كان محققاً منذ البداية أو كان مشكوكاً في تحققه ثم تحقق ، ولا يعتبر في الحالة الأولى شرطاً بالمعنى الصحيح ( الموجز للمؤلف ص 481 هامش رقم 1 ) – أصبح التعهد نافذاً ، وهذا هو عين ما يقرره صدر المادة 268 من التقنين المدني الجديد ، فلا فرق إذن في الحكم ما بين النصين .
( [82] ) وقد كان للالتزام وقت تعلق الشرط وجود ناقص كما قدمنا ، وبتحقق الشرط يتكامل هذا الوجود ، ويصبح الالتزام كامل الوجود نافذاً .
( [83] ) استئناف مختلط 2 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 29 .
( [84] ) بودري وبارد 2 فقرة 847 .
( [85] ) بودري وبارد 2 فقرة 849 .
( [86] ) على أن هناك أعمالاً إذا نفذت لم يمحها تخلف الشرط الواقف . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في هذا المعنى بأنه إذا دفع المقرض للمقترض جزءاً من القرض ، على أن له الباقي إذا قدم المقترض شهادة بخلو العقار المرهون ضماناً لهذا القرض من الحقوق العينية والتكاليف ، فإن الرهن يبقى ضامناً للجزء المدفوع من القرض حتى لو ظهر أن العقار مثقل بحقوق سابقة ( استئناف مختلط 27 نوفمبر سنة 1902 م 15 ص 14 ) .
( [87] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 390 من المشروع التمهيدي على وجه يكاد يكون مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة اقر النص بعد استبدال كلمة " استحال " بكلمة " تعذر " في الفقرة الأولى ، وأصبح رقمه المادة 281 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت كلمة " نافذة " بكلمة " قائمة " في الفقرة الثانية ، وأصبح رقم المادة 269 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 16 وص 18 ) .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق صدر المادة 104 / 158 ، وهو كما رأينا يقضي بأنه " إذا كان فسخ التعهد معلقاً على أمر محقق فالتعهد باطل ، ويبطل أيضاً إذا كان فسخه معلقاً على أمر مشكوك فيه في الأصل ثم تحقق " . والفسخ المعلق على أمر محقق لا يعتبر فسخاً معلقاً على شرط ، إذ الأمر المحقق لا يمكن إني كون شرطاً كما قدمنا ، ومن ثم يكون التعهد غير موجود ما دام فسخه معلقاً منذ البداية على أمر محقق ، أي ما دام مفسوخاً منذ البداية . أما في الحالة الثانية الواردة في النص ، وهي حالة الشرط بالمعنى الصحيح ، فإن الفسخ يكون معلقاً على أمر مشكوك فيه ثم يتحقق ، وبتحقق الشرط يزول الالتزام . وهذا هو عين الحكم في التقنين المدني الجديد .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 269 ( وهي مطابقة للمادة 269 من التقنين المدني المصري ) . وفي التقنين المدني الليبي م 256 ( وهي مطابقة للمادة 269 من التقنين المدني المصري ) . وفي التقنين المدني العراقي : م 289 – 1 – العقد المعلق على شرط فاسخ يكون نافذاً غير لازم . فإذا تحقق الشرط فسخ العقد ، وألزم الدائن برد ما أخذه ، فإذا استحال رده وجب الضمان . وإذا تخلف الشرط لزم العقد . 2 – على أن أعمال الإدارة التي تصدر من الدائن تبقى قائمة رغم تحقق الشرط . ( ولا فرق في الحكم بين التقنين العراقي والتقنين المصري رغم اختلاف العبارة ، ويرجع اختلاف العبارة إلى تأثر التقنين العراقي بتعبيرات الفقه الإسلامي – أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام فقرة 139 ) . وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني : م 97 – إن شرط الإلغاء لا يوقف تنفيذ الموجب ، بل يقتصر على إلزام الدائن برد ما أخذه عند تحقق الشرط . وإذا لم يتمكن من رده لسبب هو مسئول عنه ، لزمه بدل العطل والضرر . غير أن لا يلزمه رد المنتجات والزيادات ، وكل نص يقضي عليه برد المنتجات يعد كأنه لم يكن – م 99 – إذا تحقق شرط الإلغاء ، فإن الأعمال التي أجراها الدائن في خلال ذلك تصبح لغواً ، ما عدا أعمال الإدارة فإنها تبقى ثابتة على كل حال . ( ولا فرق في الحكم ما بين التقنين اللبناني والتقنين المصري رغم اختلاف العبارة ) .
( [88] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 17 .
( [89] ) أنظر في هذا المعنى انسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Condition فقرة 63 – كولان وكابيتان 2 فقرة 659 . وانظر في أن هذه المسألة مختلف فيها : بودري وبارد 2 فقرة 873 – بودري ولوان 3 فقرة 2340 – فقرة 2346 .
( [90] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 791 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، بعد أن ابدلت في لجنة المراجعة كلمة " انسحب " بكلمة " استند " . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 282 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 270 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 19 و ص 21 – ص 22 ) .
( [91] ) التقنين المدني السابق : م 105 / 159 : إذا تم الشرط بوقوع الأمر المعلق عليه وجود التعهد أو بطلانه ، فيعتبر التعهد والحقوق اللاحقة له مستحقة أو لاغية من وقت الاتفاق على هذا الشرط .
م 106 / 160 : ومع ذلك إذا صار الوفاء بالمتعهد به غير ممكن قبل وقوع الأمر المعلق عليه وجود التعهد ، فلا يكون لهذا الأمر تأثير عند وقوعه .
م 629 مكررة / 340 : لا يضر وقوع الشرط الذي يجهله الدائن المرتهن لعقار بالحقوق الايلة إليه من البائع تحت شرط توقيفي أو من المشتري تحت شرط فاسخ ( قانون رقم 79 لسنة 1943 ) . : وهذا النص في التقنين المدني السابق يقابل المادة 1034 من التقنين المدني الجديد . ويلاحظ أن العقد المعلق على شرط لا بد من شهره معلقاً بالشرط ، فإذا ما تحقق الشرط أثر ذلك في حق الدائن المرتهن ، وهذا خلافا لحكم المادة 269 مكررة / 340 من التقنين المدني السابق ( الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 688 ص 515 ) .
( [92] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري : م 270 ( مطابقة للمادة 270 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي : م 257 ( مطابقة للمادة 270 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراق يك م 290 ( مطابقة في الحكم للمادة 270 من التقنين المدني المصري : أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 143 – فقرة 148 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 95 : أن الموجب عليه تحت شرط التعليق لا يمكنه قبل تحقق هذا الشرط أن يقوم بأي عمل من شأنه أن يمنع استعمال حقوق الدائن أو يزيده صعوبة في حالة تحقق الشرط . وبعد أن يتحقق شرط التعلقي تكون الأعمال التي أجراها الموجب عليه في خلال ذلك ملغاة على قدر ما يكون فيها من الأضرار بالدائن ما عدا الحقوق المكتسبة شرعاً لشخص ثالث حسن النية .
م 96 : إذا هلك أو تعيب موضوع الموجب المعلق على شرط قبل تحقق الشرط فتطبق القواعد الآتية : إذا هلك الشيء جميعه ولم يكن هلاكه ناشئاً عن فعل أو خطأ من المديون ، فيبقى تحقق الشرط بدون مفعول ويعد الموجب كأنه لم يكن . وإذا كان هذا الموجب ناشئاً عن عقد متبادل فإن الشيء يهلك على المديون ، بمعنى أنه لا يحق له أن يطالب الدائن بتنفيذ الشيء المقابل . وإذا تعيب الشيء أو نقصت قيمته بلا فعل ولا خطأ من المديون ، وجب على الدائن قبوله بحاله دون تخفيض من الثمن . وإذا هلك الشيء جميعه بخطأ أو بفعل المديون ، حق للدائن أن يطلب بدل العطل والضرر . وإذا تعيب الشيء أو نقصت قيمته بخطأ أو بفعل من المديون ، كان للدائن أن يختار إما قبول الشيء على حالته وإما إلغاء العقد ، وفي الحالتين لا يحرم حق المطالبة ببدل العطل والضرر عند الاقتضاء . كل ذلك إذا لم يشترط الفريقان خلافه .
م 98 : إن القاعدة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 95 تطبق على الموجبات المعقوده على شرط الإلغاء ، فيما يختص بالأعمال التي أجرها ذاك الذي تلغى حقوقه بتحقق الشرط ، ما خلا الحقوق المكتسبة شرعاً لشخص ثالث حسن النية .
م 99 : إذا تحقق شرط الإلغاء فإن الأعمال التي أجرها الدائن في خلال ذلك تصبح لغوا ، ما عدا أعمال الإدارة فإنها تبقى ثابتة على كل حال .
( والتقنين اللبناني ، كما نرى ، لا يصرح بمبدأ الأثر الرجعي لتحقيق الشرط ، ولكنه يورد أهم تطبيقاته وأهم استثناءته . ولعله تأثر بالنقد الذي يوجه عادة من الفقه الحديث إلى مبدأ الأثر الرجعي . وهو في تبعة الهلاك يتمشى مع أحكام القانون المدني الفرنسي إلا في التعيب والهلاك الجزئي ) .
( [93] ) لم يكن القانون الروماني في عهده المدرسي يجعل للشرط أثراً رجعياً في كل الصور . فقد كان الأثر الرجعي لتحقق الشرط الواقف مختلفا فيه بين الفقهاء المدرسيين ، ولم يكن لتحقق الشرط الفاسخ في هذا العهد المدرسي أثر رجعي . وإنما جعل لتحقيق الشرط أثر رجعي في جميع الصور في عهد جوستينيان ( جيرار الطبعة الثامنة ص 508 – شوس Chausse في مقالة في الأثر الرجعي للتصرفات في المجلة الانتقادية سنة 1900 ص 529 – ص 547 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1037 ص 386 – ص 387 ) .
( [94] ) أنظر في هذه المسألة : رسالة فلدرمان Felderman باريس سنة 1935 – مرلان Merlin في مجلة القانون المدني الفصلية سنة 1948 ص 271 وما بعدها – تقرير هوان Houin وكزافييه جان Xavier Janne في مجموعة أعمال جمعية هنري كابيتان 3 ص 242 وما بعدها .
( [95] ) أوبرى ورو وبارتان 4 فقرة 302 ص 106 هامش رقم 60 مكرر ثالثاً – بودري وبارد 2 فقرة 809 – بلانيول وريبير وبونجيه 2 فقرة 1366 .
( [96] ) ديمولومب 25 فقرة 377 – لارومبيير 2 م 1179 فقرة ) – ماركاديه 4 م 1179 فقرة 558 .
( [97] ) ويذهب إهرنج إلى أن القانون الروماني كان يقول بالأثر الرجعي ، ويفسر ذلك باعتبارات عملية ، وبأن الحق قد وجت بذرته منذ البداية كالجنين ، وإن كان المنطق يقضي بألا يكون هناك أثر رجعي ، وانه يجب التربص حتى يولد الحق ( اهرنج في روح القانون الروماني 4 ص 167 ) .
( [98] ) كولان وكابيتان 2 فقرة 658 – ولكنهما يقولان أيضاً أنه يجب عدم اعتبار الأثر الرجعي مبدأ عاماً ، بل الأصل هو أن الأثر لا يترتب إلا عند تحقق الشرط ، مع استثناء بعض حالات يكون فيها الأثر الرجعي تتفسيراً قوياً لفكرة تثبيت الحق الموجود من قبل ( كولان وكابيتان 2 فقرة 659 ) . والفقيهان يقلبان الوضع بذلك ، فإن الأصل هو الأثر الرجعي والعكس هو الاستثناء .
( [99] ) أنظر في هذا المعنى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1037 ص 389 – ص 390 .
( [100] ) كولان وكابيتان 2 فقرة 659 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 330 و 2 فقرة 1373 . ويقول بيدان ولاجارد ( 8 ص 541 هامش رقم 1 ) أنه منذ آخر القرن التساع عشر أخذ بعض رجال الفقه الحديث ينتقدون فكرة الأثر الرجعي لتحقق الشرط ، وبخاصة رجال الفقه الروماني تحت تأثير ونشايد ( Winscheid ) ، إذ ذهبوا إلى أن الأثر الرجعي في نظرية الشرط تزيد يعيق الباحث ( جيرار الطبعة الثامنة ص 507 – 508 ) .
وجاء في الموجز للمؤلف عن المذهب المنكر للأثر الرجعي ما يأتي : " وهناك مذهب حديث ينكر أن يكون للشرط أثر رجعي ، ويرى أن إسناد أثر الشرط لتاريخ سابق على تحققه أو تخلفه أمر مخالف لطبيعة الأشياء ، وأن الطبيعي هو أن ينتج تحقق الشرط أو تخلفه ما يترتب عليه من الأثر من الوقت الذي وقع فيه هذا التحقق أو هذا التخلف لا قبل ذلك ، لأن تحقق الشرط أو تخلفه هو العلة لهذا الأثر والمعلول لا يسبق العلة . ويدعم المذهب هذه الحجة المنطقية باعتبارات تاريخية وعملية . فمن الناحية التاريخية يستند إلى أن القانون الروماني لم يقرر مبدأ الأثر الرجعي للشرطة كقاعدة عامة ، بل أن هناك نصوصاً وردت في هذا القانون تتناقض مع الأثر الرجعي . ولم يخرج فقهاء القانون الفرنسي القديم عن تقاليد القانون الروماني في هذا الصدد ، ولم يأت بوتييه إلا ( بحالتين ) يفسرهما بالأثر الرجعي . وقد نقل قانون نابليون نظرية الأثر الرجعي للشرطة عن بوتييه ، فلم يرد أن يخرج بها عن صورها التقليدية الضيقة . أما من الناحية العملية فإن نظرية الأثر الرجعي ليست ضرورية بالنسبة لبعض النتائج ، وليست صحيحة بالنسبة لبعض النتائج الأخرى . فهي ليست ضرورية بالنسبة للنتائج التي سبق إيرادها كتطبيق لها ، ويمكن تفسير هذه النتائج بغير نظرية الأثر الرجعي : ( 1 ) فالحق المعلق على شرط موقف ينتقل إلى الورثة لأن له وجوداً احتمالياً كما قدمنا ، فينتقل بحالته هذه من المورث إلى الوارث ، ولا حاجة في تفسير هذا الحكم إلى القول بالأثر الرجعي . ( 2 ) والرهن الذي يضمن حقاً معلقاً على شرط موقق يعتبر تاريخه من وقت الاتفاق على الرهن لا من وقت تحقق الشرط ، لأن الحق كان له وجود احتمالي وقت الاتفاق على الرهن ، وإذا كان الرهن جائزاً لضمان الأشياء المستقبلة فأولى إني جوز لضمان الأشياء الموجودة ولو كان وجودها احتمالياً . ( 3 ) وتصرف الدائن في حق معلق على شرط موقف تصرف في شيء موجود ولو وجوداً احتمالياً . أما تصرفه في حق معلق على شرط فاسخ ، وزوال هذا التصرف بتحقق الشرط ، فيرجع إلى أن الشخص لا يستطيع أن ينقل الىاليغر أكثر مما يملك ، والدائن وقت تصرفه في الحق المعلق على شرط فاسخ كان بتصرف في حق قابل للزوال ، فلا يستطيع أن ينقل إلى الغير إلا حقاً قابلا للزوال . ( 4 ) وإذا أدى المدين حقاً معلقاً على شرط موقف ، فإنه لا يستطيع أن يسترد ما دفع بعد تحقق الشرط ، لأن الحق قد وجد في ذمته وجوداً مؤكداً بتحقق الشرط قبل إني طالب بالاسترداد ، فلا يجوز له بعد ذلك أن يطالب باسترداد ما دفعه وفاء لحق مؤكد في ذمته . أما إذا أدى حقاً معلقاً على شرط فاسخ ثم تحقق الشرط ، فله أن يسترد ما دفعه لأنه عند ما استرد لم يكن هناك حق مترتب في ذمته يمنع من الاسترداد . ونظرية الأثر الرجعي ليست صحيحة بالنسبة للنتائج الآتية : ( 1 ) إذا كان الحق المعلق على شرط موقف متعلقاً بعين ، وهلكت العين قبل تحقق الشرط ، فإنها تهلك على المدين حتى لو تحقق الشرط بعد اهللاك . وقد تقدم ذلك هذا الحكم وهو حكم يتناقض مع نظرية الأثر الرجعي ، إذ لو كان لتحقق الشرط أثر رجعي في هذا الفرض . لاعتبرت العين مملوكة للدائن من وقت الاتفاق لا من وقت تحقق الشرط ولكانت وقت الهلاك ملك الدائن ، فكانت تهكل عليه لا على المدين . ( 2 ) إذا طهر الحائز لعقار مرهون العقار من الرهن ، وكان يملكه بشرط فاسخ ، ثم تحقق الشرط ، فلا يكون لتحققه أثر رجعي بالنسبة لتطهير العقار ، ويبقى العقار مطهراً من الرهن . ( 3 ) إذا أخذ الشفيع عقاراً بالشفعة ، وكان يملك العقار المشفوع به بشرط فاسخ ، ثم تحقق الشرط ، فلا يكون لتحققه أثر رجعي بالنسبة للشفعة ، ويبقى الشفيع مالكاً للعقار المشفوع فيه . ( 4 ) إذا كان الحق معلقاً على شرط موظف ، فلا يسري على التقادم بالنسبة له إلا من وقت تحقق الشرط ، ولا يكون لتحقق الشرط أثر رجعي في هذه الحالة . ( 5 ) إذا قام الدائن بعمل من أعمال الإدارة في الحق المعلق على شرط فاسخ ، كأن أجر المشتري وفاء العين لا عن غش ولمدة لا تزيد على ثلاث سنوات ، ثم تحقق الشرط ، فلا يكون لتحققه أثر رجعي بالنسبة للإيجار ، بل يبقى الإيجار سارياً في حق البائع وفاء إذا استرد العين المبيعة . ( 6 ) . . . فيتبين من ذلك أن الفروض التي لا تطبق فيها نظرية الأثر الرجعي لا تقل عن الفروض التي تطبق فيها هذه النظرية ، وإن هذه الفروض الأخيرة يمكن تفسيرها بغير نظرية الأثر الرجعي . فلا حاجة لنا إذن بنظرية غير ضرورية في بعض التطبيقات وغير صحيحة في البعض الآخر " ( الموجز للمؤلف فقرة 480 ) .
( [101] ) أنظر المواد 158 و 169 و 161 من التقنين المدني الألماني . وهذه النصوص تقضي بأن الشرط ، واقفاً كان أو فاسخاً ، ليس لتحققه أثر رجعي ، إلا إذا اتفق الطرفان على أن يكون لتحققه هذا الأثر في العلاقة فيما بينهما . والحقوق العينية التي تصدر ، أثناء تعلق الشرط ، من ناقل الملكية تحت شرط واقف أو من متلقيها تحت شرط فاسخ ، تسقط بتحقق الشرط ، ولكن هذا لا يعني إطلاقاً أن لتحقق الشرط أثراً رجعياً ، فإن هذه الحقوق إنما تسقط من وقت تحقق الشرط ، فلا يزيد أثر تحقق الشرط هنا عن أثر حلول الأجل الفاسخ ( بودري وبارد 2 فقرة 41 – ص 42 ) .
وانظر المادتين 171 و 174 فقرة ثانية من تقنين الالتزامات السويسري وهما تنفيان الأثر الرجعي لتحقق الشرط إلا إذا اتفق المتعاقدان على غير ذلك .
( [102] ) استئناف مختلط 27 نوفمبر سنة 1902 م 15 ص 12 – 2 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 29 – 14 يونيه سنة 1927 م 39 ص 550 .
( [103] ) وقد جاء في الموجز للمؤلف في هذا المعنى : " وأنصار هذا المذهب يدافعون عنه بأنه يترجم بأمانة عن النية الحقيقية للمتعاقدين ، فإن هذين لو علما وقت الاتفاق هل يتحقق الشرط أو يتخلف لبنيا تعاقدهما على هذا الحساب منذ الاتفاق . فإذا كانا قد جهل الغيب ، ولم يعلما بتحقق الشرط أو بتخلفه وقت الاتفاق ، فليس هذا الجهل الاضطراري بمانع من أنهما يريدان إرجاع أثر الشرط إلى وقت الاتفاق ، وقد كان يفعلان ذلك لو أنهما استطاعا أن يتبينا مآل الشرط منذ ذلك الوقت " ( الموجز للمؤلف فقرة 479 ص 487 وهامش رقم 1 ) .
( [104] ) أنظر بيدان ولاجارو 8 فقرة 741 – جوسران 2 فقرة 472 – فقرة 743 – انسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Condition جان دي جارو دي ميشيني Jean de Garreau de la Mechenie فقرة 55 – وانظر المادة 110 من المشروع الفرنسي الإيطالي – وقارن كولان وكابيتان 2 فقرة 659 ص 450 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 189 .
( [105] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 19 – ص 20 ) في هذا الصدد ما يأتي : " ولم يحد المشروع في هذا الشأن عما جرت عليه التقاليد اللاتينية ، بل جعل الأصل في أثر الشرط أن يستند أو ينعطف إلى الماضي فيما عدا الستثناءات معينة . فالقاعدة العامة هي انسحاب أثر تحقق الشرط الموقف أو الفاسخ إلى وقت التعاقد . والواقع أن هذا الحكم ليس إلا تفسيراً معقولاً لإرادة المتعاقدين ، فلو أنهما كانا من مبدأ الأمر على يقين من تحقق الشرط ، لردا أثره إلى وقت انعقاد العقد . ويتفرع على فكرة استناد أثر الشرط أن الدائن بالتزام معلق على شرط موقف يترتب حقه لا من وقت تحقق الشرط فحسب ، بل من تاريخ انعقاد العقد . وكذلك الشأن في حق الدائن بالتزام معلق على شرط فاسخ ، فهو يعتبر كأن لم يكن قد ترتب قط ، لا من وقت تحقق الشرط بل من تاريخ انعقاد العقد . وإذا كان التقنين الألماني والتقنين السويسري قد أعرضا عن فكرة استناد أثر الشرط وشايعتهما في ذلك تقنينات كثيرة ، فمن المحقق أن هذه التقنينات جميعاً لم تمض في هذا السبيل إلى القصى من غايتها . فهي تخفف من آثار عدم الاستناد إلى حد بعيد بمقتضى طائفة من التصرف الخاصة ( أنظر المواد 159 – 161 من التقنين الألماني ) . والحق أن شقة الخلاف بين المذهب اللاتيني والمذهب الجرماني ، فيما يتعلق بأثر الشرط ، ليس من السعة كما قد يحسب البعض . فالأحكام العملية أو التطبيقية تكاد تتماثل في ظل كل من هذين المذهبين ، والواقع أن الخلاف بينهما لا يعدو أن يكون خلافاً في التصوير لا أكثر . فالمذهب اللاتيني يجعل من استناد أثر الشرط قاعدة عامة ويجيز مع ذلك الاتفاق على عكسها ، بينما يجعل المذهب الجرماني من عدم استناد هذا الأثر قاعدة عامة مع إباحة الخروج عليها " .
( [106] ) استئناف أهلي أول ديسمبر سنة 1898 الحقوق 14 ص 26 – بنى سويف 13 مارس سنة 1892 الحقوق 9 ص 35 .
( [107] ) وقد قضت محكمة النقض بأن ما تضمنته قائمة مزاد استبدال الأطيان الموقوفة من أن من يرسو عليه المزاد لا يستحق في الريع إلا إذا وافقت المحكمة الشرعية على الاستبدال ، وانه إلى أن يتم ذلك لا مسئولية على وزارة الأوقاف في شيء يتعلق بالعقار الذي يكون في هذه الحالة تحت يدها ولها حق تأجيره واستغلال ريعه ، وأن الراسي عليه المزاد ملزم باحترام عقود التأجير الصادرة منها ولو كان ذلك قبل تاريخ توقيع الصيغة الشرعية بيوم واحد ، ما تضمنته القائمة من ذلك لا يسوغ القول باعتبار هذا البيع معلقاً على شرط فاسخ ، وذلك لأن اجازة الاستبدال من المحكمة الشرعية ، ثم توقيع صيغته منها ، ليست شرطاً فاسخاً وإنما هي شرط واقف ، ولو أن النتيجة بالنسبة إلى موضوع النزاع لا تختلف بتخلف الشرط إن اعتبر فاسخاً أو بتحققه إن كان واقفاً ، فإنه في كلتا الحالتين يكون البيع نافذاً من وقت رسو المزاد لا من وقت توقيع الصيغة الشرعية ( نقض مدني 9 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 59 ص 204 ) .
( [108] ) وإذا باع شخص داراً تحت شرط واقف هو أن يرحل لسكنى مدينة أخرى ، ثم باع نفس الدار بعد ذلك بيعاً منجزاً إلى شخص آخر ، ثم تحقق الشرط ورحل لسكنى المدينة الأخرى ، فقد اختلف الفقهاء في فرنسا في مصير البيع الثاني بعد أن تحقق الشرط الواقف وزالت الملكية عن البائع بأثر رجعي فأصبح غير مالك عند صدور البيع الثاني منه . وقد ذهب أوبرى ورو إلى أن الشرط إرادي ، فلا يجوز أن يكون له أثر رجعي بالنسبة إلى المشتري الثاني ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 109 وهامش رقم 66 – أنظر أيضاً : تولييه 6 فقرة 546 – ترولونج في الرهون الرسمية 2 فقرة 474 ) . ولكن بودري وبارد يذهبان إلى أن الشرط هنا ليس شرطاً ارادياً محضاً ، إذ هو خاضع لظروف وملابسات لا سيطرة للملتزم عليها ، فالشرط صحيح ، وإذا تحقق كان لتحققه أثر رجعي حتى بالنسبة إلى الغير ، فيعتبر المشتري الثاني قد اشترى من غير مالك ، وتكون ملكية الدار للمشتري الأول ( بودري وبارد 2 فقرة 825 – وانظر أيضاً : لارومبيير 2 م 1179 فقرة 10 – ديمولومب 25 فقرة 386 – فقرة 387 – لوران 17 فقرة 86 – هيك 7 فقرة 256 ) .
( [109] ) بودري وبارد 2 فقرة 819 – فإذا فرض أن العقار المبيع تحت شرط واقف كان مثقلا برهن صادر من البائع للبائع تحت شرط واقف ، فإن البائع تحت شرط واقف – وهو مالك في الوقت ذاته تحت شرط فاسخ – يعتبر بالنسبة إلى الرهن حائزاً للعقار المرهون . فإذا طهره من الرهن ، ولم ينته التطهير إلى نزع الملكية ، ثم تحقق الشرط ، فأصبح المشتري تحت شرط واقف مالكاً للعقار منذ البداية ، فأنه يأخذه مطهراً من الرهن ، ولا تزول إجراءات التطهير بتحقق الشرط . أما إذا انتهى التطهير الىنزع الملكية ، فإن نزع الملكية يكون نافذاً في حق المشتري تحت شرط واقف عند تحقق الشرط ، لأن الرهن كان نافذاً في حقه ( لارومبيير 2 م 1181 فقرة 7 – لوران 17 فقرة 94 – بودري وبارد 2 فقرة 819 ص 46 هامش رقم 2 ) .
( [110] ) بودري وبارد 2 فقرة 820 – أما إذا وجد على العقار رهن صادر من البائع ، فإن نزع الملكية ولو تم بناء على طلب دائن مرتهن للمشتري ، يكون نافذاً في حق البائع وفاء للرهن الصادر منه هو ( بودري وبارد 2 فقرة 820 ) .
( [111] ) بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1371 – جوسران 2 فقرة 742 .
( [112] ) بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1370 – وجاء في الموجز للمؤلف : " فلو أن مديناً رتب على عقاره رهناً يضمن التزاماً في ذمته معلقاً على شرط واقف ، وقبل تحقق الشرط رتب على نفس العقار رهناً آخر يضمن التزاماً في ذمته منجزاً ، ثم تحقق الشرط ، فإن الالتزام الذي كان معلقاً على هذا الشرط يعتبر موجوداً من وقت الاتفاق عليه لا من وقت تحقق الشرط ، ويكون الرهن الضامن لهذا الالتزام سابقاً في التاريخ للرهن الضامن للالتزام المنجز " ( الموجز فقرة 479 ص 488 ) .
ويقول بودري وبارد في هذه المسألة أن هذا لا يدل على أثر رجعي ، فالدين الاحتمالي إذا أخذ به رهن وقيد الرهن ، كانت مرتبته من وقت القيد لا من وقت وجود الدين ، مع أنه لا محل في هذه الحالة للقول بالأثر الرجعي ( بودري وبارد 2 فقرة 814 ) .
وتنص المادة 1057 مدني على أن " تحسب مرتبة الرهن من وقت قيده ، ولو كان الدين المضمون بالرهن معلقاً على شرط أو كان ديناً مستقبلاً أو احتمالياً " .
( [113] ) بودري وبارد 2 فقرة 813 .
( [114] ) أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 105 .
( [115] ) ويلاحظ أن منطقة الأثر الرجعي للشرط ، بل منطقة الشرط نفسه ، محصورة في الشرط وهو ينشأ من إرادة المتعاقدين ، فقد قدمنا أن الشرط لا مصدر له إلا الإرادة . أما حيث يقرر القانون شرطا يعلق عليه حكماً من الأحكام ، فذلك لا يعتبر شرطا كما رأينا ، وليس لتحققه أثر رجعي ، فإن الحكم المشروط لا يوجد ولا يثبت إلا عند تحقق شرطه ، أما قبله فلا ، لأن الأصل أن الأثر لا يسبق المؤثر ( نقض مدني 21 فبراير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 112 ص 265 ) .
( [116] ) أنظر آنفاً فقرة 40 .
( [117] ) ديمولومب 25 فقرة 400 وما بعدها – بودري ، وبارد 2 فقرة 824 – أنظر عكس ذلك : تولييه 6 فقرة 563 – لوران 17 فقرة 58 – كذلك إذا دفع المالك تحت شرط فاسخ التأمين ، ثم تحقق الشرط وزالت ملكيته بأثر رجعي ، فلا يسترد الأقساط التي دفعها ، لأن دفع أقساط التأمين يعتبر من أعمال الإدارة ( بيدان ولاجارد 8 ص 544 هامش رقم 1 ) .
( [118] ) وقد قدمنا أن المالك تحت شرط فاسخ له حق الأخذ بالشفعة ، فإذا أخذ عقاراً بالشفعة ، ثم تحقق الشرط الفاسخ فزالت ملكيته عن العقار المشفوع به ، فإن الأثر الرجعي لتحقيق الشرط لا يؤثر في ملكيته للعقار المشفوع فيه ، بل يستبقى هذا العقار . ولا يرجع ذلك إلى أن الأخذ بالشفعة يعتبر من أعمال الإدارة ، بل إلى اعتبارات عملية تتعلق بوجوب استقرار التعامل . ومما يخل بهذا الاستقرار أن يجبر الشفيع ، بعد الأخذ بالشفعة ، أن يرد العقار المشفوع فيه إلى المشتري ، أو أن يباح له هذا الرد .
( [119] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1044 .
( [120] ) أنظر في العقد الزمني الوسيط جزء أول فقرة 65 – فقرة 66 – وانظر بيدان ولاجارد 8 فقرة 747 . ومما تستعصى طبيعته على الأثر الرجعي أن يتعاقد شخص مع آخر على أنه إذا باشر الأول عملا معيناً استخدم فيه الثاني ، ويباشر الواعد هذا العمل المعين . فيستخدم الموعود له ، ولكن منذ القيام بالعمل ، لأن طبيعة التعاقد تستعصى على الأثر الرجعي . كذلك إذا وقف الدائن إجراءات التنفيذ تحت شرط فاسخ هو تأخر المدين في دفع أحد أقساط الدين ، فإن تحقق الشرط الفاسخ ، وتأخر المدين في دفع أحد أقساط الدين ، فإن تحقق الشرط الفاسخ ، وتأخر المدين في دفع قسط ، لا يكون له أثر رجعي بالنسبة إلى الزمن الذي وقفت فيه إجراءات التنفيذ . فإن الزمن هنا ، كما في العقد الزمني ، إذا مضى لا يعود ( استئناف مختلط 20 مارس سنة 1935 م 47 ص 211 ) . والالتزام المعلق على شرط واقف لا يسري في حقه التقادم إلا منذ تحقق الشرط ، خلافاً لمبدأ الأثر الرجعي ، ومطاوعة لطبائع الأشياء .
( [121] ) وإذا فرض ، خلافا للمألوف ، أن البائع سلم المبيع للمشتري قبل تحقق الشرط ، وهلك المبيع في يد المشتري ، ثم تحقق الشرط ، فهنا يختلف الحكم : لو كان البيع منجزاً لكان الهلاك على المشتري في هذه الحالة لأنه تسلم المبيع ، أما وهو معلق على شرط واقف فالهلاك على البائع وفقاً لأحكام المادة 270/ 2 مدني ( أنظر الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 180 . وقارب الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام ص 266 هامش رقم 1 ) .
( [122] ) أنظر في تبعة الهلاك فيما إذا كان الشرط واقفاً في القانون الفرنسي المادة 1182 من التقنين المدني الفرنسي ، وانظر أيضاً بيدان ولاجارد 8 فقرة 744 – فقرة 745 .
( [123] ) مراجع : بنكاز ( Bonnecase ) 2 فقرة 620 وما بعدها – أوبرى ورو 4 فقرة 303 – بودري وبارد 2 فقرة 968 وما بعدها – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 998 وما بعدها – بيدان ولاجارد 8 فقرة 698 وما بعدها – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1491 وما بعدها – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 401 وما بعدها – جوسران 2 فقرة 722 وما بعدها .
لاباتيه ( Labatut ) نظرة الميسرة رسالة من تولوز سنة 1927 – لاجرانج ( Lagrange ) أزمة العقد ومهمة القاضي ( Le crise du contrat et le role du juge ) رسالة من مونيلبيه سنة 1935 – دفو ( Deveau ) نظرة الميسرة في التقنين المدني والتشريعات المعاصرة رسالة من باريس سنة1 937 – بنزييه ( Ponsier ) نظرة الميسرة رسالة من مونبلييه سنة 1937 – كاريه سيرات ( Carre Serat ) تأجيل الديون ( moratoires ) ونظرة الميسرة رسالة من باريس سنة 1938 – رولان تكسييه ( Roland Texier ) نظرة الميسرة رسالة من باريس سنة 1938 – لورانس ( Lorans ) نظرة الميسرة وتسوية الديون رسالة من بوردو سنة 1940 – داترى ( Datry ) في حلول الدين ( L'echeance ) رسالة من ليون سنة 1945 .
( [124] ) تاريخ النصوص :
م 271 : ورد هذا النص في المادة 392 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 283 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 271 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 22 – ص 23 و ص 25 – ص 26 ) .
م 272 : ورد هذا النص في المادة 395 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 284 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 272 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 26 و ص 28 ) .
( [125] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 271 – 272 ( مطابقتان للمادتين 271 – 272 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 258 – 259 ( مطابقتان للمادتين 271 – 272 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 291 : يجوز أن يقترن العقد بأجل يترتب على حلوله تنجيز العقد أو انقضاؤه .
م 297 ( مطابقة للمادة 272 من التقنين المدني المصري ) .
( وأحكام التقنين المدني العراقي تتفق مع أحكام التقنين المدني المصري فيما عرضت له هذه النصوص من المسائل : أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 150 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : م 100 : إن الموجبات يمكن تقييدها بأجل . والأجل عارض مستقبل مؤكد الحدوث من شأنها أن يقف استحقاق الموجب أو سقوطه ، ولا يكون له مفعول رجعي . وإذا كان الوقت الذي سيقع فيه ذاك العارض معروفا من قبل ، كان الموجب ذا أجل أكيد ، وإلا كان ذا أجل غير أكيد .
( وهذا النص يتفق في الحكم مع المادة 271 من التقنين المدني المصري . ولا مقابل في التقنين اللبناني للمادة 272 من التقنين المصري . ولكن يوجد في نصوص عقد القرض في التقنين اللبناني المادة 763 وتنص على ما يأتي : " وإذا لم يعين أجل كان المقترض ملزماً بالرد عند أي طلب يأتيه من المقرض . وإذا اتفق الطرفان على أن المقترض لا يوفي إلا عند تمكنه من الإبقاء وحين تتسنى له الوسائل ، فللمقرض عندئذ أن يطلب من القاضي تعيين موعد للإيفاء " . ويمكن تعميم حكم هذه المادة على الالتزامات الأخرى الناشئة من غير عقد القرض ، إذ النص ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيكون حكم التقنين اللبناني متفقاً مع حكم التقنين المصري في هذه المسألة ) .
( [126] ) الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 171 هامش رقم 1 .
( [127] ) الموجز للمؤلف فقرة 483 .
( [128] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 24 .
( [129] ) بودري وبارد 2 فقرة 968 ص 147 هامش رقم 1 . ومما يقطع في أن المفترض لم يتعامل في تركته المستقبلة أنه إذا أفلس أو أعسر أو اضعف التأمينات ، فسقط الأجل ، حل الدين ، وزاحم المقرض باقي الدائنين في مآل المقترض الموجود وقت سقوط الأجل .
( [130] ) وقد يكون الأجل غير المعين موكولا تعيينه الىارادة الدائن ، كما إذا اتفق على حلول الدين بعد إخطار الدائن المدين بثلاثة أشهر أو بسنة مثلا . فالأجل هنا غير معين ، ولا يتعين إلا باخطار الدائن المدين وانقضاء المدة المحددة بعد الأخطار . ولكن التقادم يسري ضد هذا الدين من وقت وجوده لا من وقت حلول الأجل الموكول إلى إرادة الدائن ، وإلا كان غير قابل للتقادم ( أنظر في هذا المعنى أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 125 ) . وكذلك الحال في السندات الواجبة الدفع عند التقديم ( a vue ) ( قارن بيدان ولاجارد 8 فقرة 716 ) . وإذا كان نظام الشركة لم يحدد مواعيد لتغطية الأوراق غير المغطاة وترك ذلك لعناية مديري الشركة ، فأن ذلك ليس من شأنه أن يجعل الدين ديناً مستحق الوفاء عند التقديم ( a vue ) ، بل أن الالتزام هنا مضاف إلى أجل معين أو غير معين ، تبعاً لما إذا كان نظام الشركة قد عين مقدماً ميعاد التغطية أو لم يعين ، ولا يحل الأجل إلا عند الدعوة إلى التغطية ( استئناف مختلط 30 مارس سنة 1927 م 39 ص 352 ) . والالتزام برصيد الحساب الجاري هو الالتزام مقترن بأجل غير معين ، إذ أن الرصيد يحل أجله متى أبدى الدائن للرصيد رغبته في اقفال الحساب وقبض الرصيد ( استئناف مختلط 18 نوفمبر سنة 1908 م 21 ص 12 ) ، ويحل على كل حال بموت أحد الطرفين ( استئناف مختلط 18 يناير سنة 1917 م 29 ص 166 – 16 ابريل سنة 1924 م 36 ص 313 ) . وللمصرف في أي وقت أن يقطع حساب عميله ولا يكون ملزماً بالاستمرار في الحساب الجاري ، فإذا ترك لعميله المهلة المعقولة لسداد رصيد الحساب الجاري ، فلا يجوز للعميل أن ينعي عليه أنه قطع الحساب في وقت غير مناسب ( استئناف مختلط 6 مارس سنة 1902 م 14 ص 180 ) .
وقد يكون الأجل المضروب أجلاً ممتداً ، كأن يلتزم صانع أن يصنع أثاثاً في خلال مدة معينة ، فالأجل هنا ليس يوماً معيناً بالذات ، بل ميعاداً أقصاه يوم معين بالذات . فهو من هذه الناحية مجهول ميعاد الحلول ، وإن كان الحد الأقصى لهذا الميعاد معلوماً . ويكون تعيين ميعاد الحلول موكولا إلى أحد الطرفين – المدين في هذا المثل وقد يكون الدائن في أمثلة أخرى – ويقوم بتعيينه عند الوفاء بالالتزام . ومثل هذا الأجل تمكن تسميته بالأجل التعجيلي ، لأن الغرض منه تعجيل تنفيذ الالتزام وليس تأجيله ( أنظر الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 17 – ص 18 ) .
( [131] ) وقد أورد الأستاذان كولان وكابيتان مثلا لأجل غير معين يشتبه بالشرط : يهب رجل امرأة أو يوصى لها بإيراد مرتب إلى اليوم الذي تتزوج فيه ، وعندئذ ينقطع المرتب . فإذا اعتبرنا الزواج هنا أجلاً فاسخاً غير معين ، كان التصرف صحيحاً . أما إذا اعتبرناه شرطاً فاسخاً ، كان بمثابة قدي على حق الزواج وقد يكون غير مشروع . وفي هذه الحالة يكيف الوصف ، عند الشك ، بأنه أجل غير معين تصحيحاً للتصرف ( كولان وكابيتان 2 فقرة 667 ) .
وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الاتفاق الذي يؤخر حلول الدين إلى وقت القيام بعمل متعلق بإرادة المدين يعتبر اتفاقاً على أجل غير معين لا على شرط إرادي محض ، ويجوز في هذه الحالة للدائن أن يدعو المدين إلى القيام بالعمل الموكول لارادته أو أن يعين القاضي للمدين وقتاً معقولا للقيام بهذا العمل ( استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 14 – 15 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 29 ) . فإذا رهن مزارع قطنه عند أحد المصارف في نظير مبلغ معجل من المال ، على أن يبيع المصرف القطن في الميعاد الذي يعينه الدين ، لم يجز للمدين أن يسرف في تأجيل ميعاد البيع ، بل يجب عليه أن يعين للبيع ميعاداً معقولا ( استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 14 – 15 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 29 ) . فإذا رهن مزارع قطنه عند أحد المصارف في نظير مبلغ معجل من المال ، على إني بيع المصرف القطن في الميعاد الذي يعينه المدين ، لم يجز للمدين أن يسرف في تأجيل ميعاد البيع ، بل يجب عليه أن يعين للبيع ميعاداً معقولا ( استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 14 ) . وإذا وضع مهندس معماري تصميماً لبناء ، وعين وقت البدء في هذا البناء ميعاداً لدفع باقي أتعابه ، فإن هذا يعتبر أجلاً غير معين . ويحل هذا الأجل إذا بيعت الأرض التي كان مقدراً للبناء أن يشيد عليها ، إذ أن بيع الأرض يتضمن حتما العدول من هذا البناء ، ومن ثم يحل ميعاد دفع باقي الأتعاب ( استئناف مختلط 15 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 29 ) .
( [132] ) فقرة 65 .
( [133] ) أنظر الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 20 – ص 26 – أما إذا كان الزمن عنصراً غير جوهري في العقد ، فإنه يصلح أن يكون أجلاً ، لأن الأجل كما قدمنا عنصر عارض . كذلك إذا تعهد صانع بصنع أثاث يسلمه في مدة معينة ، فإنه يقرن التزامه هنا بأجل واقف ، يسميه الأستاذ عبد الحي حجازي بالأجل المعجل أو الأجل التعجيلي كما تقدم القول ، وهو عنصر عرضي في الالتزام وأن كان جبريا ( الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 17 – ص 18 ) .
( [134] ) الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 112 . وانظر فيما إذا كان التزام المستأجر بدفع الأجرة على أقساط يعتبر التزاما زمنيا أو هو التزام مقترن بأجل واقف أو آجال واقفة : الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 117 – 122 .
( [135] ) وهذا هو النص في أصله الفرنسي : Tout contrat de rente viagere creee sur la tete d'une personne qui etait morte au jour du contrat , ne produit aucun effet .
( [136] ) وهذا هو النص في أصله الفرنسي : Il en est de meme du contrat par lequel la rente a ete creee sur la tete d'une personne atteinte de4 la maladie don’t elle est decedee dans les vingt jours de la date de contrat .
( [137] ) وقد نصت المادة 101 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : " الموجب المؤجل التنفيذ أو ذو الأجل المؤجر هو الذي يكون تنفيذه موقوفاً إلى إني حل الأجل . وإذا لم يكن ثمة أجل منصوص عليه أو مستنتج من ماهية القضية فيمكن طلب التنفيذ حالا " .
( [138] ) وهذا مع ملاحظة أن الرهن ينقضي ، فيزول الالتزام بالرد ، إذا نفذ الدائن المرتهن بحقه على العين المرهونة . ولكن يصح أن يقال ، من جهة أخرى ، أن الوفاء بالدين المضمون بالرهن هو أمر غير محقق الوقوع ، فيكون شرطاً لا أجلا ، ولكن ليس له أثر رجعي لاستعصاء طبيعة التعامل على هذا الأمر .
( [139] ) وهذا النص مأخوذ من المادة 193 من تقنين الالتزامات البولوني . أنظر أيضاً المادة 743 / 2 من التقنين المدني البرتغالي ، والمادة 654 من التقنين المدني الارجنتيني ، والمادة 904 من التقنين المدني النمساوي ، والمادة 117 / 2 من المشروع الفرنسي الإيطالي . وانظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 999 ، و المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 27 .
( [140] ) أنظر في هذا المعنى محكمة الإسكندرية الوطنية في 5 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 524 ص 1063 – شبين الكوم في 8 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 344 ص 905 .
( [141] ) ديمولومب 25 فقرة 577 – لوران 17 فقرة 175 – أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 124 – ص 125 – بودري وبارد 2 فقرة 969 .
ويخلص من ذلك أن المدين إذا أبرأه دائنه من الدين ، فتعهد على أثر هذا الإبراء أن يفي بالدين لدائنه إذا تمكن من ذلك في المستقبل ، فإن دلالة هذه الظروف تتوجه إلى أن يحمل تعهده هذا على أنه تعهد مدني – مبني على التزام طبيعي – وقد جعله المدين ، لا مقترناً بأجل ، بل معلقاً على شرط التمكن من وفاء الدين ( قارب بودري وبارد 2 فقرة 148 هامش رقم 3 ) .
( [142] ) استئناف مختلط 10 يونيه سنة1 928 م 40 ص 437 – منوف 16 ديسمبر سنة 1928 المحاماة ) رقم 459 ص 902 .
( [143] ) فإذا كان هناك ما يؤمن الدائن على استيفاء حقه ، اكتفى القاضي بذلك . وقد قضت محكمة طهطا بأن الشرط الذي ينص فيه ، في عقد غاروقة ، على أن المدين يقوم بسداد الدين عند اقتداره هو بمثابة اشتراط أجل لمصلحته ، فلا يمكن إجباره على الدفع قبل حلول الأجل ما لم يكن قد اضعف التأمينات ( طهطا في 15 أغسطس سنة 1904 المجموعة الرسمية 6 ص 147 : أي لا يحل أجل الدين ما دامت الغاروقة في يد الدائن ولم تضعف أو يضعفها المدين ) .
( [144] ) ومثل تعهد المدين بوفاء الدين عند الميسرة أو المقدرة تعهده بوفاء الدين عندما يشاء ، غير أن تعهد المدين بالوفاء عندما يشاء يختلف عن التعهد الأول في أمرين ( أولاً ) في تعهد المدين بالوفاء عندما يشاء لا يحل الدين إلا إذا شاء المدين دفعه حال حياته ، فإن لم يشأ لم يستطيع القاضي تحديد ميعاد للوفاء ، ولا يحل الدين إلا بموت المدين ( بودري وبارد 2 فقرة 970 ) . ( ثانياً ) قد يفسر تعهد المدين بالوفاء عندما يشاء أنه إنما أراد أن يلتزم التزاماً أدبياً لا التزاماً مدنياً ، ففي هذه الحالة لا يجبر على الوفاء حياً ولا يؤخذ الدين من تركته بعد موته ( ديمومب 25 فقرة 576 – بودري وبارد 2 فقرة 971 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 999 ) .
( [145] ) استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 14 – 15 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 29 – 20 يونيه سنة 1928 م 40 ص 437 – الصف 3 مارس سنة 1917 الشرائع 4 ص 367 – الموجز للمؤلف فقرة 484 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 670 ص 502 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 167 .
( [146] ) وسار على هذا التعبير الأستاذ عبد الحي حجازي في رسالته في عقد المدة وفي كتابه في النظرية العامة للالتزام . أنظر أيضاً الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 175 ص 248 .
( [147] ) وانظر أيضاً النصوص المقابلة في التقنينات المدنية العربية الأخرى آنفاً فقرة 46 في الهامش . أما التقنين المدني الفرنسي فلا يتكلم إلا عن الأجل الواقف ، والفقه الفرنسي فلا يتكلم إلا عن الأجل الواقف ، والفقه الفرنسي مضطرب في هذا الصدد . فمن الفقهاء من يعترف بالأجل الفاسخ وصفاً للعقد لا وصفاً للالتزام ( ديمولومب 25 فقرة 569 بودري وبارد 2 فقرة 937 ) ، ومنهم من لا يعتبر الأجل الفاسخ وصفاً للالتزام ، بل يعتبره سبباص من أسباب انقضاء الالتزام ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 998 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 707 ) .
( [148] ) أنظر آنفاً فقرة 52 – وينفي الأستاذ عبد الحي حجازي ، في شيء من التردد ، عن الأجل الفاسخ ( أو الأجل المنهي حكما يدعوه ) أنه وصف للالتزام ( أنظر رسالته في عقد المدة ص 230 ، وكتابه في النظرية العامة في الالتزام 1 ص 171 – وبنوع خاص ص 176 – ص 177 ) . وينفي الأستاذ إسماعيل غانم صراحة عن الأجل الفاسخ أنه وصف للالتزام إذ يقول : " والأجل الفاسخ ليس وصفاً بالمعنى الدقيق ، فهو لا يعدل من آثار الالتزام ، بل هو في حقيقته الطريق الطبيعي لإنهاء الالتزام الزمني ، فهو يحدد مدة بقاء ذلك الالتزام " ( أحكام الالتزام فقرة 168 ) .
( [149] ) أنظر عكس ذلك الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 47 – ص 48 . وهو يسلم أن المدة في هذا العقد ليست وظيفتها أن تحدد كم المبلغ الموضوع تحت تصرف العميل ، فهو محدد في ذاته بدون فكرة الزمن ، لا يزيد كمه ولا ينقص حسب طول المدة أو قصرها . ولكنه يضيف ما يأتي : " ومع ذلك فلزمن دور اصيل في هذا العقد ، إن العقد ينص علىالمدة التي يجب في خلالها أن يظل البنك ملتزماً بوضع مبلغ الاعتماد تحت تصرف المعتمد ، وبالتالي المدة التي يكون المعتمد في خلالها واثقاً من أن ثمة مبلغاً موضوعاً تحت تصرفه . إن وضع المبلغ تحت تصرف المعتمد طوال مدة العقد ، وإمكان هذا الأخير الاستفادة منه في كل لحظة في خلال مدة العقد لهو الذي يحقق الفائدة التي يرجوها المعتمد من هذا العقد ، وتلك فائدة تقاس بالزمن ، تزيد معه إذ تزيد ، وتنقص معه إذ ينقص . وهذا كاف لإدراج هذا العقد ضمن طائفة عقود المدة " .
على أن المدة هنا ، وإن حققت فائدة للعميل ، إلا إنها فائدة عارضة ، وليست عنصراً جوهرياً في العقد لا يتصور العقد بدونها ، فهي أقرب إلى أن تكون كالمدة التي يشترطها الصانع في صنع الأثاث : مدة عارضة جبرية .
( [150] ) قارن الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 48 .
( [151] ) قارن الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 39 .
( [152] ) قارن الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 38 – ص 39 . .
( [153] ) النظر الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 55 – ص 56 والمرجع التي أشار إليها . .
( [154] ) أوبرى ورو 4 فقرة 303 – بودري وبارد 2 فقرة 972 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 998 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 718 – كولان وكابيتان 2 فقرة 661 – جوسران 2 فقرة 722 .
( [155] ) وإذا عين لتنفيذ الالتزام حد أقصى للأجل ، فإن انقضاء هذا الحد الأقصى لا يمنع الدائن من مطالبة المدين بتنفيذ التزامه حتى بعد مجاوزة هذا الحد ( استئناف مختلط 11 مايو سنة 1901 م 13 ص 312 ) .
وقد يمنح الدائن المدين أجلاً على سبيل التسامح والتفضل ، فيبيح له أن يسدد الدين اقساطاً ، ولكن ذلك لا يمنعه من مطالبة المدين في أي وقت بكل الدين دون أن يحتج عليه المدين بالأجل الممنوح له على سبيل التسامح ( استئناف مختلط 21 ابريل سنة 1938 م 50 ص 253 ) .
( [156] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1000 – ويصح إني كون مصدر الأجل إرادة المدين المنفردة ، وليس اتفاقاً بينه وبين الدائن . ويقع ذلك كثيراً إذا صدر من أحد العاقدين إيجاب وحدد لالتزامه بالبقاء على الإيجاب ميعاداً ، أو استخلص هذا الميعاد ضمناً من ظروف الحال أو طبيعة المعاملة ( أنظر المادة 93 مدني ) .
( [157] ) أنظر في فرنسا بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1033 .
( [158] ) الموجز للمؤلف فقرة 489 ص 499 .
( [159] ) وكان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص يعدد مصادر الأجل ، وهو المادة 393 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " 1 – الأجل إما أن يكون اتفاقياً يحدده المتعاقدان صراحة أو ضمناً ، وإما أن يكون بحكم القانون . 2 – ويجوز للقاضي في حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص في القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استدعت حالته ذلك المادة 393 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " 1- الأجل إما أن يكون اتفاقياً يحدده المتعاقدان صراحة أو ضمناً ، وإما أن يكون بحكم القانون . 2 – ويجوز للقاضي في حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص في القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استدعت حالته ذلك ، ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم " ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي 3 ص 23 في الهامش ) . وقد حذفت لجنة المراجعة هذا النص ، بعد أن نقلت الفقرة الثانية منه ( الخاصة بنظرة الميسرة ) إلى الفصل المعقود للوفاء كسبب من أسباب انقضاء الالتزام عند الكلام في ميعاد الوفاء ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 23 في الهامش ) .
ونصت المادة 106 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : " الأجل المؤجل إما قانونين أو ممنوح . فالقانونين هو المثبت في عقد إنشاء الموجب أو في عقد لاحق له أو المستمد من القانون . والأجل الممنوح هو الذي يمنحه القاضي " . ونصت المادة 107 من هذا التقنين على أن " الأجل القانونين صريح أو ضمني : فهو صريح إذا كان مشترطاً صراحة ، وضمني إذا كان مستنتجاً من ماهية الموجب " .
( [160] ) وقد نصت المادة 292 من التقنين المدني العراقي على أنه " لا يصح في العقد اقتران الملكية بأجل " ( أنظر عكس ذلك الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 154 ص 149 ) .
( [161] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 398 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 286 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 274 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 34 – ص 35 ) . وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 34 – ص 35 ) .
( [162] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري : م 274 ( مطابقة للمادة 274 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي : م 261 ( مطابقة للمادة 274 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي : م 293 : 1 – العقد المضاف إلى أجل واقف ينفذ سبباً في الحال ، ولكن يتأخر وقوع حكمه إلى حلول الوقت المضاف إليه . 2 – والعقد المقترن بأجل فاسخ يكون نافذاً في الحال ، ولكن يترتب على انتهاء الأجل انقضاء العقد . ( والحكم واحد في التقنينين المصري والعراقي ، وعبارة التقنين العراقي مستمدة من لغة الفقه الإسلامي . قارن الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 154 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : م 108 : أن الأجل المؤجل لا يقتصر على جعل الموجب غير مستحق الايفاء ، بل يمنع عنه حكم مرور الزمن ما دام الأجل لم يحل . أما إذا كان الموجب قد نفذ ، فلا وجه لاسترداد ما لم يجب .
م 111 : إن الدائن إلى أجل يمكنه حتى قبل الاستحقاق إني توسل بكل الوسائل الاحتياطية لصيانة حقوقه وأن يطلب كفالة أو غيرها من وجوه التأمين أو أن يعمد إلى الحجز الاحتياطي حين يجد من الأسباب الصحيحة ما يحمله على الخوف من عدم ملاءة الديون أو من إفلاسه أو من هربه .
م 117 : إن الموجبات التي موضعها إجراء أمر متواصل أو سلسلة أمور متتابعة يكون مفعول الأجل فيها الأسقاط .
م 118 : للموجب ذى الأجل المسقط مفاعيل الموجب البسيط ما دام ذلك الأجل لم يحل . وعند حلوله تنقطع مفاعيل الموجب فيما يختص بالمستقبل فقط .
( ورغم إفاضة التقنين اللبناني في التفصيلات فإن الأحكام واحدة في التقنينين المصري واللبناني فيما عدا ما يأتي : ( 1 ) لا يجيز التقنين اللبناني رد الدين المؤجل إذا كان قد وفى قبل حلول الأجل ، ويجيز التقنين المصري ذلك على تفصيل سيأتي ( م 183 مصري ) – ( 2 ) يجيز التقنين اللبناني الحجز التحفظي بالدين المؤجل ، أما تقنين المرافعات المصري فيشترط في الحجوز التحفظية أن يكون الدين محقق الوجود حال الأداء ( م 543 و 604 مرافعات مصري ) – ويلاحظ أيضاً أن المادة 117 من التقنين اللبناني تعرض للالتزامات الناشئة من عقود زمنية ، ولكن لتقرر جواز أن يقترن بها أجل فاسخ يكون مفعوله عند انقضائه إسقاط الالتزام ) .
( [163] ) وغنى عن البيان أن الحكم الذي يحصل عليه الدائن بصحة السند المثبت لدين مؤجل لا يستطيع الحصول بموجبه على حق اختصاص ، لأن حق الاختصاص لا يؤخذ إلا بموجب حكم واجب التنفيذ في موضوع الدعوى أي بالدين نفسه ( م 1085 مدني ) . وفي فرنسا قانون قديم صدر في 3 سبتمبر سنة 1807 ويقضي بأنه إذا صدر حكم بصحة دين قبل حلول أجله ، فلا يجوز الحصول بموجب هذا الحكم على رهن عام ( وهو ما يقابل حق الاختصاص عندنا ) على أموال المدين إلا إذا لم يدفع المدين الدين عند حلول أجله ، وهذا ما لم يوجد اتفاق على غيره ( بودري وبارد 2 فقرة 998 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1005 ص 344 ) . ويرى أكثر الفقهاء أن قانون 3 سبتمبر سنة 1807 اقتصر في نصه على حالة الحكم بصحة السند العرفي المثبت للدين ، فإذا كان الدين غير ثابت في سند ما ، أو كان ثابتاً في سند رسمي ، فإنه لا يجوز رفع دعوى بصحة الدين قبل حلول الأجل ، إذ لو جاز ذلك لا ستطاع للدائن أن يحصل على الرهن العام عند حلول الأجل ، وهذا يخالف العقد القائم ما بين الطرفين ، فإن المدين لم يرض أن يعطي للدائن رهناً خاصاً فكيف يجوز للدائن أن يحصل على رهن عام ! ( ديمولومب 25 فقرة 617 – لوران 17 فقرة 188 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 هامش رقم 3 – بودري وبارد 2 فقرة 999 – عكس ذلك لا رومبيير 3 م 1186 فقرة 24 ) .
( [164] ) ويعتبر التزام المدين بتقديم التأمين أو دفع الدين فوراً التزاما تخييريا مصدره نص القانون ، وحق الخيار فيه للمدين ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 37 – ص 38 ) .
( [165] ) أما قطع التقادم فلا فائدة منه ، لأن الدين المؤجل لا يسري في حقه التقادم إلا عند حلول الأجل ، فإذا حل الأجل وبدأ التقادم يسري كان للدائن بطبيعة الحال أن يقطعه ( بودري وبارد 2 فقرة 994 ) .
( [166] ) والتون 2 ص 365 – الموجز للمؤلف فقرة 486 ص 495 .
( [167] ) ويترتب على ذلك : ( ا ) إذا رفع الدائن الدعوى يطالب بوفاء الدين قبل حلول الأجل ، رفضت دعواه ، حتى لو تعهد أنه لا ينفذ الحكم إلا عند حلول الأجل ( لوران 17 فقرة 184 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 132 – بودري وبارد 2 فقرة 990 – بلانيول وريبير وجابولد 8 فقرة 1005 ) . ( ب ) وإذا لم يحضر المدين ، جاز للقاضي من تلقاء نفسه أن يرفض الدعوى ، لأن الحكم بدفع دين لم يحل أجله لا يجوز ويكون واجباً نقضه ( ديمولومب 25 فقرة 608 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 وهامش رقم 11 – بودري وبارد 2 فقرة 990 – ولكن قارن دريدا Derrida في انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ terme فقرة 22 ) . ( ج ) ورفض الدعوى واجب حتى لو حل أجل الدين أثناء نظرها ، لأن الحكم يستند إلى يوم رفع الدعوى وفي هذا اليوم لم يكن الدين مستحق الأداء ( لارومبيير 3 م 1186 فقرة 26 – بارتال على اوبري ورو 4 فقرة 303 هامش 10 مكرر – بودري وبارد 2 فقرة 990 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1005 ) . ولكن هذه المسألة فيها نظر ، فقد يقال أن القاضي يحكم بالوفاء ما دام الدين قد استحق أثناء نظر الدعوى ، غير أنه يجعل المصروفات على الدائن إذ تعجل في رفع الدعوى قبل حلول الأجل ، وذلك اقتصاداً في مجهود التناضى ( أنظر تولييه 6 فقرة 664 ) . وفي الفضاء المختلط حكمان متعارضان في هذه المسألة ، فقد قضت محكمة القضاء المستعجل بالإسكندرية بأن دعوى إخلاء العين المؤجرة أمام القضاء المستعجل تكون غير مقبولة فيها قبل الأوان إذا هي رفعت قبل أن ينقضي عقد الإيجار ، حتى لو انقضى العقد أثناء نظر الدعوى ولم يبادر المستأجر إلى إخلاء العين0 الإسكندرية القضاء المستعجل 3 ديسمبر سنة 1919 جازيت 10 رقم 19 ص 13 ) . ولكن محكمة الاستئناف المختلطة قضت ، من جهة أخرى ، بأنه إذا رفعت دعوى الوفاء بالدين قبل حلول أجله ، ولكن حل الأجل أثناء نظر الدعوى دون أن يعرض المدين الوفاء ، فلا محل للحكم برفض الدعوى لرفعها قبل الأوان ( استئناف مختلط أول مارس سنة 1894 م 6 ص 143 ) .
( [168] ) أنظر في هذا المعنى الموجز للمؤلف فقرة 486 ص 494 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 676 ص 506 ( وانظر في أن العبرة بتاريخ الوفاء المعجل ، فإن وقع قبل 15 أكتوبر سنة 1949 طبق التقنين السابق ، وإلا طبق التقنين الجديد : الوسيط جزء أول ص 1220 هامش رقم 3 ) . وانظر عكس ذلك : والتون 2 ص 362 – ص 364 ( ويذهب إلى أن الدين المؤجل إذا دفع عن بينه لا يسترد ، وإذا دفع عن غلط استرد ) .
وفي الفقه الفرنسي وقع خلاف في هذه المسألة ، فاغلبية الفقهاء يذهبون إلى عدم جواز استرداد ما دفع عن غلط قبل حلول الأجل ، لأن التقنين المدني الفرنسي يشتمل على نص في هذا المعنى هو المادة 1186 ، وتقضي بأن ما كان غير مستحق الوفاء إلا بعد أجل لا تجوز المطالبة به إلا عند حلول الأجل ، ولكن ما عجل الوفاء به لا يسترد ( تولييه 11 فقرة 59 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 126 – لارومبيير 3 م 1186 فقرة 34 – لوران 17 فقرة 185 – هيك 7 فقرة 284 – بودري وبارد 2 فقرة 988 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1009 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 707 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1497 – كولان وكابيتان 2 فقرة 663 ص 452 – جوسران 2 فقرة 727 ) . ولكن بعض الفقهاء يفسرون النص المتقدم بأن من يدفع قبل الأجل عن بينة – لا عن غلط – لا يجوز له أن يسترد ، أما إذا دفع عن غلط فقد دفع غير المستحق وجاز له الاسترداد ( ماركاديه 4 فقرة 572 – ديمولومب 25 فقرة 633 – فقرة 634 ) – هذا والفقهاء الذين يذهبون إلى عدم جواز الاسترداد حتى لو كان الدفع عن غلط يختلفون فيما بينهم : فبعضهم يجيز للمدين أن يسترد من الدائن ثمار ما فدعه قبل الأجل دون أن يسترد الأصل ( ديرانتون 11 فقرة 113 – مورلون فقرة 1222 – لوران 17 فقرة 186 ) ، وبعض آخر لا يجيز للمدين أن يسترد الأصل ولا الثمار ( تولييه 11 فقرة 59 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 هامش رقم 10 – لارومبيير 3 م 1186 فقرة 35 – هيك 7 فقرة 285 – بودري وبارد 2 فقرة 989 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1009 ص 348 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 705 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1498 ) .
( [169] ) وقد سبق شرح هذا النص في الجزء الأول من الوسيط عند الكلام في دفع غير المستحق ( الوسيط 1 فقرة 847 ) .
( [170] ) وقد أوردت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي تطبيقاً عملياً لهذا الحكم إذ تقول : " فيحق مثلا لمقاول اعتقد خطأ أنه ملزم بتسليم بناء قبل الموعد المقرر بستة أشهر ، وتحمل بسبب ذلك نفقات إضافية ، أن يطالب الدائن ، إذا لم يشأ أن يرد البناء الذي تسلمه إلى أن يحل الأجل ، بأقل القيمتين : قيمة النفقات الإضافية وقيمة إيراد البناء في خلال الشهور الستة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 452 ) .
( [171] ) ولكن إذا كان من يتمسك بالمقاصة لحق له مؤجل يستند في تمسكه إلى أن الأجل في صالحه وقد نزل عنه ، جاز له ذلك ( بودري وبارد 2 فقرة 991 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1005 ص 344 ) .
( [172] ) وقد كان هذا هو أيضاً الحكم في عهد التقنين المدني السابق ( استئناف مختلط 17 ابريل سنة 1900 م 12 ص 203 – 2 ابريل سنة 1902 م 14 ص 222 – 11 فبراير سنة 1915 م 27 ص 161 – 18 نوفمبر سنة 1926 م 39 ص 23 – 29 يناير سنة 1930 م 42 ص 241 – الموجز للمؤلف فقرة 486 ص 459 ) .
( [173] ) ويذهب الفقه الفرنسي في هذه المسألة إلى نفس الحكم الذي قطعت به عندنا النصوص الصريحة المشار إليها في تقنين المرافعات ( ديمولومب 25 فقرة 610 – لارومبيير 2 م 1166 فقرة 21 – لوران 17 فقرة 187 – بودري وبارد 2 فقرة 595 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1005 ص 344 – جارسونية الطبعة الثانية 4 فقرة 1389 ص 336 ) . ولكن الرأي الراجح في الفقه الفرنسي أن نظرة الميسرة لا تمنع الدائن من توقيع حجز ما للمدين لدى اليغر ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1021 ص 364 ) .
( [174] ) وقد قدمنا أن الأجل إذا كان موكولا تعيينه إلى إرادة الدائن كما إذا اتفق على حلول الدين بعد إخطار الدائن المدين بثلاثة أشهر مثلا ، فإن التقادم يسري في حق هذا الدين من وقت وجوده لا من وقت حلول الأجل الموكول إلى إرادة الدائن ، وإلا كان غير قابل للتقادم ( أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 125 – وانظر آنفاً فقرة 50 في الهامش ) .
( [175] ) الوسيط 2 فقرة 642 ص 1143 .
( [176] ) ولا تثار بالنسبة إلى الحق المقترن بأجل فاسخ ما أثير بالنسبة إلى الحق المعلق على شرط فاسخ من مسائل التطهير والشفعة والتقادم المكسب والمقاصة القانونية ، فإن الحق المقترن بأجل فاسخ حق مصيره حتما إلى الزوال ، فلا يقوى على مثل هذه الأوضاع القانونية .
( [177] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " والأصل أن ينقضى الأجل بالحلو أو السقوط أو التنازل . على أن لانقضاء الأجل أسباباً أخرى تعرض في أحوال خاصة : كانقضاء الأجل بالموت في حالة تصفية التركة ، وسقوط الأجل القضائي بوقوع المقاصة أو بقيام دائن آخر بالتنفيذ على أموال المدين أو بتحقيق الاقتدار على الوفاء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 24 في الهامش ) .
( [178] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 24 في الهامش – وقارب المادة 20 من تقنين المرافعات .
( [179] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 24 في الهامش – وقد خاض تقنين الموجبات والعقود اللبناني في كل هذه التفصيلات ، فأورد النصوص الآتية : م 102 – إن مهلة الأجل تبتدئ من تاريخ العقد إذا لم يعين الفريقان أو القانون تاريخاً آخر . أما في الموجبات الناشئة من جرم أو شبه جرم فتبتدئ مهلة الأجل من تاريخ الحكم الذي يعين للتعويض الواجب على المديون . م 103 – إن اليوم الذي يكون مبدأ مدة الأجل لا يحسب . وإن الأجل المحسوب بالأيام ينتهي بانتهاء آخر يوم من مدة الأجل . م 104 – وإذا كان محسوباً بالأسابيع أو بالأشهر أو بالأعوام ، فيكون الاستحقاق في اليوم المقابل بتسميته أو بترتيبه من الأسبوع أو الشهر أو العام لليوم الذي ابرم فيه العقد . م 105 – إذا كان الاستحقاق واقعاً في يوم عطلة قانونية ، أرجئ إلى اليوم التالي الذي لا عطلة فيه .
أنظر أيضاً المواد من 87 إلى 89 من تقنين الالتزامات السويسري – وانظر بودري وبارد 2 فقرة 1002 – فقرة 1005 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 712 .
على أن محكمة الاستئناف المختلطة قضت ، في عهد تقنين المرافعات السابق ، بأن المادة 20 من تقنين المرافعات التي تقضي بمد الميعاد إذا كان آخر يوم فيه يوم عطلة لا تطبق إلا في مواد الإجراءات التي وردت فيها ، فلا تطبق إذن على الأجل المتفق عليه في العقد ( استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1889 م 1 ص 46 ) .
( [180] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 396 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا بعض اختلاف لفظي طفيفي . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويراً لفظياً ، واستبدلت عبارة " ضماناً كافياً " الواردة في البند 2 بعبارة " مايكمل التأمين " . وسال أحد الأعضاء عن مدى ما تؤديه عبارة " أضعاف التأمين إلى كبير " : فأجيب " بأن مجرد الإضعاف لا يكفي لسقوط الأجل ، وإنما يكون بحيث تقل التأمينات عن قيمة الدين " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 285 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب .
وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة " ما لم يقدم المدين ضماناً كافياً " الواردة في آخر البند ، بعبارة " ما لم يتوقف المدين هذا السقوط بأن يقدم للدائن ضماناً كافياً " ، لأن الإشارة إلى توقى السقوط تزيد فمن البديهي أن المدين بتقديمه الضمان الكافي يتوقى السقوط ، وأصبحت المادة رقمها 273 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 29 – ص 30 – وص 32 – ص 33 ) .
( [181] ) التقنين المدني السابق م 102 / 156 : إذا تعهد المدين بشيء لأجل معلوم وظهر إفلاسه أو فعل ما يوجب ضعف التأمينات التي كانت محلا لوفاء التعهد ، فيستحق ذلك الشيء فوراص قبل حلول الأجل .
( ونص التقنين المدني الجديد أوفى من الوجوه الآتية ( 1 ) أضعاف شهر الإعسار إلى شهر الإفلاس ، وكان الإعسار في عهد التقنين المدني السابق سبباً لإسقاط الأجل ، ولكن لم يكن خاضعاً لنظام الشهر القانوني الذي خضع له في التقنين الجديد ، فكان الأمر في هذا الشأن مضطربا . ( 2 ) أضاف التقنين المدني الجديد حالة ما إذا كان أضعاف التأمينات يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، ورتب على هذا الإضعاف أن يختار المدين بين سقوط الأجل وتقديم ضمان كاف . وكان هذا الحكم معمولا به في التقنين المدني السابق ، وورد فيه نص صريح في حالة الرهن ( م 562 / 686 وتقابل في التقنين المدني الجديد المادة 1048 ) . ( 3 ) أضعاف التقنين المدني الجديد حالة ما إذا لم يقدم المدين للدائن ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات ، وكان هذا الحكم معمولا به في التقنين المدني السابق دون نص ) .
( [182] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 273 ( مطابقة للمادة 273 من التقنين المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 260 ( مطابقة للمادة 273 من التقنين المصري ، فما عدا أن التقنين الليبي لم يذكر شهر الإعسار بين مسقطات الأجل لأنه لا يعرف نظام الإعسار ) .
التقنين المدني العراقي م 295 ( مطابقة للمادة 273 من التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين العراقي هو أيضاً لم يذكر شهر الإعسار من مسقطات الأجل ، ولكنه نص في ماكحن الإعسار على حلول الديون المؤجلة : أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 161 ص 157 ) .
م 296 : الدين المؤجل لا يحل بموت الدائن ، ويحل بموت المدين ، إلا إذا كان مضمونا بتأمينات عينية . ( وفي التقنين المدني المصري لا يحل الدين بموت المدين إلا في حالة تصفية التركة ، وقد استمد التقنين المدني العراقي هذا الحكم من الفقه الإسلامي ومن تقنين الموجبات والعقود اللبناني ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 113 : إن المديون الذي يستفيد من الأجل يسقط حقه في الاستفادة منه : ( 1 ) إذا أفلس أو أصبح غير ملئ . ( 2 ) إذا أتى فعلا ينقص التأمينات الخاصة المعطاة للدائن بمقتضى عقد عتند إنشاء الموجب أو عقد لاحق له أو بمقتضى القانون . أما إذا كان النقص في تلك التأمينات ناجماً عن سبب لم يكن الديون فيه مختاراً ، حق للدائن أن يطلب زيادة التأمين ، فإذا لم ينلها حق له أن يطلب تنفيذ الموجب حالا . ( 3 ) إذا لم يقدم المديون للدائن التأمينات التي وعد بها في العقد . ( وهذه الأحكام مطابقة لما ورد في التقنين المدني المصري ، إلا أن التقنين اللبناني لا يعرف نظام الإعسار فاقتصر على ذكر أن المدين أصبح غير ملئ . وغنى عن البيان أن المدين إذا اضعف التأمينات بفعله ، جاز للدائن ، في التقنين اللبناني بدلا من سقوط الأجل ، أن يطالب بتكملة التأمينات كما هو الأمر في التقنين المصري ) .
م 114 : إن وفاة المديون تجعل كل ما عليه من الموجبات ذات الأجل مستحقة الايفاء ، ما عدا الديون المضمونة بتأمينات عينية . ( وهذا النص يطابق في الحكم المادة 296 من التقنين المدني العراقي السالفة الذكر ) .
( [183] ) أنظر فيما يلي فقرة 78 في الهامش .
( [184] ) استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1876 المجموعة الرسمية المختلفطة 1 ص 125 – الزقازيق 3 ديسبر سنة 1907 المجموعة الرسمية ) ص 118 – طلخا 10 ديسمبر سنة 1924 المحاماة 5 رقم 223 / 3 ص 256 – المنيا 20 يناير سنة 1930 المجموعة لارسمية 31 رقم 28 ص 61 – شبين الكوم 22 ابريل سنة 1931 المحاماة 11 رقم 549 / 2 و 3 ص 1075 – أنظر عكس ذلك وأن الإعسار بخلاف الإفلاس لا يسقط الأجل في التقنين المدني السابق : مصر الكلية 14 مايو سنة 131 المحاماة 12 رقم 179 ص 341 .
( [185] ) جاء في الموجز للمؤلف : " ويلحق بالإفلاس بالنسبة للتاجر الإعسار بالنسبة لغير التاجر . وحتى يثبت الإعسار يجب أن يصدر به حكم قضائي ، ويكون الإعسار ثابتاً من وقت صدور الحكم أو على أبعد تقدير من وقت رفع الدعوى لإثبات الإعسار " ( الموجز فقرة 488 – وانظر أيضاً الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 674 ) – على أن بعض الأحكام كانت تذهب خطأ إلى أنه يكفي أن يضعف المدين بخطأه الضمان العام للدائنين دون أن يصل إلى حد الإعسار ودون أن يكون في ذلك أضعاف لتأمين خاص : استئناف مختلط 24 مايو سنة 1911 م 23 ص 337 .
( [186] ) أنظر في سقوط الأجل بالاعسار الفعل في القانون الفرنسي وهو أيضاً لا ينظم الإعسار القانوني بودري وبارد فقرة 1012 – فقرة 1013 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1014 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1508 – كولان وكابيتان 2 فقرة 664 – جوسران 2 فقرة 732 – فقرة 733 .
( [187] ) ويسقط الأجل حتى لو كان لدلائن ضمان عيني يكفل الدين ، كرهن رسمي . فلا تزال للدائن مصلحة في سقوط الأجل لاحتمال إلا يكون الضمان كافياً للوفاء بحقه فيتمكن من مزاحمة سائر الدائنين بالباقي من هذا الحق ( بودري وبارد 2 فقرة 1008 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1013 ) . ويسقط الأجل كذلك حتى لو كان أجلاً غير معين ، فلو أن شخصاً امن على حياته ثم افلست شركة التأمين ، فإن أجل دفع مبلغ التأمين يحل بإفلاس الشركة . ولكن المؤمن على حياته يبقى ملتزماً بدفع أقساط التأمين إلى آخر حياته ، ولما كان لا يستولى إلا على جزء من مبلغ التأمين بسبب إفلاس الشركة ، فسيجد أن مصلحته هي فسخ عقد التأمين حتى لا يعرض نفسه للخسارة ( بودري وبارد 2 فقرة 1009 ) .
( [188] ) أنظر المادة 263 مدني والمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 31 – وانظر الوسيط 2 فقرة 721 .
( [189] ) استئناف مختلط 6 ابريل سنة 1920 م 32 ص 351 – الزقازيق 2 ديسمبر سنة 1907 المجموعة الرسمية ) ص 118 – ومع ذلك أنظر : استئناف مختلط 24 مايو سنة 1911 م 23 ص 337 .
( [190] ) وتطبيقاً لهذا المبدأ لا يحل أجل الدين بالنسبة إلى سندات أصدرتها شركة للسكك الحديدية إذا باعت هذه الشركة بعض خطوطها ، فأضعفت بذلك التأمين العام لحملة هذه السندات . وكذلك لا يحل أجل الدين المترتب في ذمة شركة تجارية ، ولم يستند الدائن فيه إلا على ملاءة الشركاء ، إذا حلت هذه الشركة أو صفيت وبيعت عقارتها ، وهذا على خلاف في الرأي ، فهناك رأي في فرنسا يذهب إلى حلول الدين إذا صفيت الشركة ( أنظر في هذه المسألة في القانون الفرنسي بودري وبارد 2 فقرة 1015 ص 186 هامش رقم 1 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 353 هامش رقم 2 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1509 ص 503 هامش رقم 2 ) . أما في التقنين المدني المصري فيبدو أن الدين المؤجل لا يحل بتصفية الشركة ، فقد نصت الفقرة الولى من المادة 536 من هذا التقنين على أن " تقسم أموال الشركة بين الشركاء جميعاً ، وذلك بعد استيفاء الدائنين لحقوقهم ، وبعد استنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون التي لم تحل أو الديون المتنازع فيها ، وبعد رد المصروفات أو القروض التي يكون أحد الشركاء قد باشرها في مصلحة الشركة " .
وإذا اقترض شخص مالا لأجل ، لتمويل مشروع معين ، ثم باع هذا المشروع وهو الضمان الوحيد للقرض ، فإن أجل القرض يحل ببيع المشروع ( أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 129 – ص 130 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 354 ) .
( [191] ) استئناف مختلط 6 ابريل سنة 1920 م 32 ص 251 – 26 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 95 – دسوق 11 يوليه سنة 1900 الحقوق 15 ص 225 – الزقازيق 2 ديسمبر سنة 1907 المجموعة الرسمية ) ص 118 – طلخا 10 ديسمبر سنة 1924 المحاماة 5 رقم 223 / 2 ص 256 – المنشية 12 مارس سنة 1931 المحاماة 11 رقم 555 / 1 ص 1085 – شبين الكوم 22 ابريل سنة 1931 المحاماة 11 رقم 549 / 1 ص 1075 – مصر الكلية 14 مايو سنة 1931 المحاماة 12 رقم 179 / 1 ص 341 .
( [192] ) وذلك فيما عدا حقوق الامتياز العامة فهذه تشمل جميع أموال المدين ، فلا يستساغ أن يحرم المدين من التصرف في جميع أمواله ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 الأستاذ إسماعيل غانم أحكام الالتزام فقرة 172 ص 244 ) .
( [193] ) ونشترط المادة 1188 / 2 من التقنين المدني الفرنسي أن يكون التأمين الخاص مصدره العقد ، ومع ذلك يذهب بعض الفقهاء الفرنسيين إلى أن إضعاف التأمين خاص مصدره القانون كحق الامتياز يكفي لإسقاط الأجل ( ديرانتون 11 فقرة 125 – لارومبيير 3 م 1188 فقرة 11 – ديمولومب 25 فقرة 685 – أنظر عكس ذلك : لوران 17 فقرة 202 – هيك 7 فقرة 288 ) . ويذهب فقهاء آخرون إلى التمييز بين حق امتياز يكون أساسه عقداً كرهن الحيازة وحق امتياز البائع فيكون إضعافه سبباً لإسقاط الأجل ، وحق امتياز ليس اساه العقد فلا يكون في إضعافه إسقاط للأجل ( بودري وبارد 2 فقرة 1006 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 354 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 710 ص 519 – كولان وكابيتان 2 فقرة 664 – جوسران 2 فقرة 734 ) .
( [194] ) ومن ذلك نرى أن ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 31 ) من أن التأمين الخاص يصح أن يكون حق اختصاص ليس بصحيح . قارن الأستاذ إسماعيل في أحكام الالتزام فقرة 172 ص 244 .
( [195] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 32 – وانظر آنفاً فقرة 71 في الهامش – فيعد أضعافاً للتأمين أن يهدم المنزل المرهون ( استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 95 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 674 ص 505 ) أو أن يباع المنزل المرهون ويعرض ثمنه للتوزيع ( استئناف مختلط 9 فبراير سنة 1898 م 10 ص 134 ) .
( [196] ) فلا يعد إضعافاً للتامين أن يرتب المدين على العين المرهونة لمضان الدين المؤجل رهناً آخر ، حتى لو قيد الرهن الثاني قبل قيد الرهن الأول باهمال الدائن ذى الدين المؤجل ، لأن إهماله لا فعل المدين هو الذي اضعف التأمينات ، ومن حق المدين أن يرهن العين المملوكة له مرة ثانية وثالثة إلخ ( بودري وبارد 2 فقرة 1022 ) . ولكن إذا تواطأ المدين مع الدائن المرتهن الثاني ليعجل هذا قيد رهنه قبل قيد الرهن الأول ، كان هذا إضعافاً للتأمينات بفعل المدين ، بل بغشه وتواطئه ، فيسقط الأجل .
ولا يعد إضعافاً للتامين أن يبيع المدين العقار المرهون رهناً رسمياً لضمان الدين المؤجل ، سواء باع العقار كله أو باع جزءاً منه . ومع ذلك فقد يترتب على تجزئة العقار – في حالة البيع الجزئي – أضعاف فعلى للتامين ، وهذه المسافة واقع يقدرها قاضي الموضوع ، فيترتب على هذا الإضعاف الفعلي إسقاط الأجل . وقد يترتب على البيع – الكلي أو الجزئي – أو يعمد الحائز للعقار إلى تطهير الرهن ، فلا يصلح الدائن المرتهن ذو الدين المؤجل على كل حقه ، فيكون التطهير سبباً في أضعاف التأمين ، ويكون أضعاف التأمين سبباً في إسقاط الأجل ( بودري وبارد 2 فقرة 1023 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 355 – والتون 2 ص 370 – الموجز للمؤلف فقرة 488 ص 497 هامش رقم 2 ) .
ولا يعد إضعافاً للتامين أن يزرع المدين الأرض المرهونة قطناً مرة كل سنتين مخالفاً بذلك ما جرت به العادة من زرعها مرة كل ثلاث سنوات ، وبخاصة إذا كانت قيمة الأرض تغطى الدين إلى المدى بعيد ( استئناف مختلط 2 يونيه سنة 1897 م ) ص 377 ) .
( [197] ) ويعتبر المدين قد اضعف بخطأه التأمين الخاص إذا هو أدخل في طريقة استغلال العقار المرهون تعديلا من شأنه أن ينقص كثيراً من قيمة العقار ، أو هدم المنزل المرهون إلا إذا كان الهدم بغرض إعادة البناء ( بودري وبارد 2 فقرة 1024 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 355 ) . وإذا كان التأمين الخاص رهنا رسمياً على جزء شائع من عقار ، وفي أثناء القسمة رسا مزاد العقار كله على الشريك الآخر غير المدين الراهن ، فإن الرهن في هذه الحالة يزول ولكن لا يعتبر أنه قد زوال بفعل المدين إلا إذا كان المدين هو الذي طلب القسمة ، أو كان عنده سبب جدي ، لمعارضتها ولم يتقدم به ، أو كان قد تواطأ مع شريكه ليصل إلى هذه النتيجة . أما إذا كان لم يفعل شيئاً مع ذلك ، فإن زوال الرهن لا يكون بفعله ، بل يكون لسبب لا دخل لإرادته فيه ، وتطبق الأحكام التي تتفق مع هذه الحالة وسنذكرها فيما يلي ( بودري وبارد 2 فقرة 1026 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 356 ) .
( [198] ) وتذهب الأغلبية في الفقه الفرنسي إلى أن سقوط الأجل لا يكون إلا بموجب حكم قضائي له أثر منشيء ، لا مجرد أثر كاشف ، فهو الذي يسقط الأجل ، ولا يسقط الأجل بحكم القانون ( ديمولومب 25 فقرة 701 – لوران 17 فقرة 415 – ماركاديه 4 فقرة 827 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص ص 127 – بودري وبارد 2 فقرة 1030 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 356 – جوسران 2 فقرة 736 ) . على أن هناك رأياً يذهب إلى أن الأجل يسقط بحكم القانون ، وعند النزاع يصدر حكم قضائي ليقرر سقوطه ، وهذا الحكم له أثر كاشف لا أثر منشيء ( هيك 6 فقرة 289 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 710 ص 519 ) . والظاهر من الرجوع إلى نص المادة 273 مدني أن القانون يقضي بسقوط الأجل ، فالأجل يسقط إذن بحكم القانون ، والحكم القضائي إنما يحسم النزاع في هذا الصدد ، فهو كاشف لا منشيء .
( [199] ) أنظر المادة 278 مدني وسيأتي تفصيلها . وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 31 . ويقول الأستاذ إسماعيل غانم : " ولا نرى الأخذ بهذا التفسير ، فإن إلزام واحداً ينحصر في الأداء الذي التزم به من أول الأمر . أما إلزامه بتقديم تأمين فهو التزام آخر تابع للالتزام الأول . وليس هناك تعدد في محل الالتزام الأول ، وإنما هما التزامان أحدهما تابع الآخر ، ولا ينشأ إلا بالشروط التي نصت عليها المادة 273 / 2 " ( أحكام الالتزام فقرة 172 ص 244 هامش رقم 3 ) . وفي رأينا أن القانون ، عندما يسقط الأجل بإضعاف التأمينات فيحل الدين ، ينشيء في الوقت ذاته إلى جانب محل الالتزام الأصلي محلا آخر يمكن للدائن أن يختاره ، وهو تكملة التأمين الأصلي .
( [200] ) بودري وبارد 2 فقرة 1033 – ومع ذلك إذا كان مبلغ الدين يتضمن رأس المال مضافاً إليه فوائده مدة الأجل ، وسقط الأجل بإضعاف المدين للتأمينات ، فإن الفوائد عن المدة التي سقطت من الأجل تخصم من مبلغ الدين ، حتى لا يجمع الدائن بين الانتفاع بالمدة التي سقطت من الأجل وبين الفوائد عن هذه المدة نفسها ( ديمولومب 25 فقرة 697 – لوران 17 فقرة 211 – لارومبيير 3 م 1188 فقرة 27 – بودري وبارد 2 فقرة 1034 ) .
( [201] ) استئناف مختلط 17 نوفمبر سنة 1898 م 11 ص 17 – ويمكن استخلاص هذا الحكم من المبادئ العامة دون حاجة إلى نص خاص ، وهذا ما يفعله الفقه الفرنسي ، دون أن يكون في التقنين المدني الفرنسي نص يقابل الجزء الأخير من الفقرة الثانية من المادة 273 مدني مصري وهو الذي ينص على حالة ضعف التأمينات بسبب لا دخل لإرادة المدين فيه ( ديمولومب 25 فقرة 690 – فقرة 693 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص هامش رقم 13 – بودري وبارد 2 فقرة 1025 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 355 ) .
ويصدر حكم قضائي بسقوط الأجل في هذه الحالة كما في حالة أضعاف التأمينات بخطأ المدين ، ويكون هذا الحكم منشئاً أو كاشفاً على الخلال الذي سبق أن أوردناه .
( [202] ) قارن بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1052 – وقارن أيضاً المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 47 .
( [203] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 32 – وانظر آنفاً فقرة 71 في الهامش .
( [204] ) أنظر أيضاً المادة 183 مدني وقد سبق ذكرها – هذا وإذا كان أضعاف التأمينات بفعل الدائن نفسه ، كما إذا كان دائناً مرتهناً رهن حيازة وأتلف العين المرهونة ، فغنى عن البيان أن الأجل لا يسقط لأن الدائن هو المسئول عن أضعاف التأمينات ، بل ويجوز للمدين أن يرجع عليه بتعويض إذا كان له محل .
( [205] ) ويلاحظ أن المشرع هنا لم يميز بين حالتي أضعاف المدين للتأمينات وضعف التأمينات لسبب أجنبي من حيث التأمين الذي يجب تقديمه ، ففي الحالتين يقددم المدين تأميناً كافياً . وقد رأينا في القاعدة العامة أن المدين في الحالة الأولى يطالب بتكملة التأمين الأصلي ولو كانت قيمة هذا التأمين أعلى بكثير من الدين ، وفي الحالة الثانية لا يطالب إلا بتقديم تأمين كاف .
( [206] ) وفي التقنين المدني السابق لم يكن يوجد نص في هذه الحالة ، ولكن الحكم كان مطابقاً دون نص لاتفاقه مع القواعد العامة ( استئناف مختلط 30 نوفمبر سنة 1911 م 24 ص 28 – مصر الكلية الوطنية 2 نوفمبر سنة 1909 المجموعة الرسمية 11 ص 22 – الموجز للمؤلف فقرة 488 ص 407 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 674 ص 505 ) .
وفي التقنين المدني الفرنسي لا يوجد نص صريح في هذه الحالة ، ولكن الفقه والقضاء في فرنسا يذهبان مع ذلك إلى أن عدم تقديم التأمين الخاص الموعود به يسقط الأجل ، قياسا على حالة أضعاف التأمين الخاص . ذلك أن من لم يقدم تأميناً خاصا وعد به لا يكون فحسب قد اضعف التأمين ، بل هو قد اعدمه أصلاً ، فمن باب أولى يسقط الأجل ( ديرانتون 11 فقرة 123 – ماركاديه 4 فقرة 576 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 129 – لارومبيير 3 م 1188 فقرة 18 – ديمولومب 25 فقرة 677 – لوران 27 فقرة 204 – هيك 7 فقرة 288 – بودري وبارد 2 فقرة 1018 بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1016 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 710 ) . وإذا وعد المدين بتقديم تأمين معين – رهن مثلا – فلا يستطيع بإرادته وحده أن يحل محله تأميناً آخر ولو كان كافياً أو معادلا ككفالة . وإذا وعد بتقديم شخص معين كفيلا فلا يستطيع كذلك إني قدم شخصاً آخر ولو كان مليئاً مثله ( ديمولومب 25 فقرة 678 – لارومبيير 3 م 1188 فقرة 18 – بودري وبارد 2 فقرة 1019 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1016 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1511 – جولان وكابيتان 2 فقرة 664 ص 454 – جوسران 2 فقرة 735 ) .
( [207] ) أنظر آنفاً فقرة 65 .
( [208] ) أنظر في أسباب سقوط الأجل الثلاثة السالفة الذكر ، شهر الإفلاس أو الإعسار وإضعاف التأمينات أو ضعفها وعدم تقديم التأمين الموعود به ، المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 31 – ص 32 .
( [209] ) أما موت الدائن فلا يكون سبباً فلا يكون سبباً لحلول الدين ، بل يبقى المدين ملتزماً نحو ورثة دائنه ، وينتقل الدين إلى هؤلاء بالميراث مؤجلا كما كان في حياة الدائن المورث .
( [210] ) أنظر المادة 895 فقرة أولى مدني . وتضيف الفقرة الثانية من هذه المادة ما يأتي : " وترتب المحكمة لكل دائن من دائني التركة تأمينا كافيا على عقار أو منقول ، على أن تحتفظ لمن كان له تأمين خاص بنفس هذا التأمين . فإن استحال تحقيق ذلك ، ولو بإضافة ضمان تكميلي ، يقدمه الورثة من مالهم الخاص أو بالاتفاق على أية تسوية أخرى ، رتبت المحكمة التأمين على أموال التركة جميعها " .
( [211] ) هذا ويجوز للدائن أن ينزل عن حقه في التمسك بسقوط الأجل ، ويعتبر نزولا ضمنياً أن يكون سبب ضعف التأمينات متوقعاً قبل حصوله . فالدائن الذي يرتهن نصيباً شائعاً ، ويتوقع تبعاً للظروف والملابسات طلب القسمة من أحد الشركاء غير المدين وما ينطوي عليه هذا الطلب من احتمال زوال الرهن ، يكون قد نزل نزولا ضمنياً عن حقه في التمسك بسقوط الأجل إذا تحقق هذا الاحتمال ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1013 ص 350 وفقرة 1015 ص 356 – استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1927 م 42 ص 25 ) .
وانظر في أن سقوط الأجل بالنسبة إلى المدين الاصلى لا يترتب عليه سقوط بالنسبة إلى مدين متضامن ولا إلى كفيل شخصي ولو كان متضامناً ولا إلى كفيل عيني ، ولكن يسقط الأجل بالنسبة إلى حائز العقار المرهون : بودري وبارد 2 فقرة 1013 وفقرة 1017 وفقرة 1039 – فقرة 1040 – طلخا 10 ديسمبر سنة 1924 المحاماة 5 رقم 223 ص 256 .
( [212] ) ويقابل ذلك اعتبار الشرط قد تخلف إذا عمل الدائن على تحقيقه غشا . ولكن يلاحظ أن الأجل يعتبر أنه قد تخلف على سبيل التجوز ، فإن الأصل في الأجل أن يكون محقق الوقوع . فاعتباره متخلفا في حالة خاصة لا يبرره إلا غش الدائن .
( [213] ) استئناف مختلط 24 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 90 – 2 مايو سنة 1895 م 7 ص 245 – 23 يناير سنة 1930 م 42 ص 223 ( جواز التمسك بالمقاصة بين دين مؤجل سقط الأجل بالنزول عنه ودين حال ) .
أما الأجل الفاسخ فالأصل فيه أنه لمصلحة الدائن ، ولذلك يجوز له وحده أن ينزل عنه بإرادته المنفردة . على أن الأجل الفاسخ قد يكون لمصلحة الطرفين كما في الإيجار ( إذا سلمنا بالأجل الفاسخ في العقود الزمنية ) ، فلا يجوز النزول عنه أو عن بعضه إلا باتفاق الطرفين . وقد يكون العقد غير لازم – كالوكالة – فيجوز للموكل أن يعزل الوكيل قبل انتهاء الأجل ، كما يجوز للوكيل أن ينزل عن الوكالة قبل انتهاء الأجل كذلك ، على أن الوكالة إذا كانت باجر فإن الموكل يكون ملزما بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول ، وإذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي فلا يجوز للموكل أن ينهي الوكالة أو يقيدها دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه ( الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 171 ص 240 – ص 241 ) .
( [214] ) ويقابل هذا النص المادة 101 / 155 من التقنين المدني السابق ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " إذا كان للتعهد أجل ، جاز للمتعهد الوفاء قيل حلوله إلا إذا كان العقد يمنع ذلك " . وبالرغم من غموض هذا النص ، فإنه كان يفسر بالمعنى الواضح الذي أتى به التقنين المدني الجديد .
ويقابل النص في التقنين المدني العراقي المادة 294 وهي مطابقة لنص التقنين المدني المصري .
ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني النصوص الآتية : م 109 إن الأجل المؤجل موضوع لمصلحة المديون ، إلا إذا استنتج العكس من الأحوال أو من نص العقد أو ماهيته أو القانون .
م 110 – إذا كان الأجل موضوعاً لمصلحة الدائن أو لمصلحة الفريقين المشتركة ، فهو يمنع المديون من التنفيذ الاختياري للموجب .
م 112 – إن الفريق الذي يستفيد وحده من الأجل يمكنه أن يتنازل عنه بمجرد مشيئته .
م 303 / 1 - لا يجوز إجبار الدائن على قبول الايفاء قبل الأجل ، إلا إذا كان موضوعاً لمصلحة المديون وحده .
( وهذه الأحكام نتفق مع أحكام التقنين المدني المصري ) .
( [215] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 30 في الهامش .
( [216] ) ومع ذلك فإن المادة 722 مدني تنص على أنه " يجب على المودع عنده أن يسلم الشيء إلى المودع بمجرد طلبه إلا إذا ظهر من العقد أن الأجل عين لمصلحة المودع عنده . وللمودع عنده أن يلزم المودع أن يتسلم الشيء في أي وقت إلا إذا ظهر من العقد أن الأجل عين لمصلحة المودع " ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 171 ص 242 هامش رقم 2 – وانظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 152 ) .
( [217] ) حتى لو كان الدين تجارياً ، وإن كانت الديون التجارية يستخلص فيها بسهولة أن الأجل لمصلحة الطرفين معاً ( بودري وبارد 2 فقرة 982 – فقرة 983 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1003 – وانظر عكس ذلك وأن الأجل في الديون التجارية مفروض فيه أنه لمصلحة الطرفين معاً : تولييه 6 فقرة 679 – لارومبيير 3 م 1187 فقرة 4 ) . وقد نصت المادة 145 من التقنين التجاري على أنه " لا يجبر حامل كمبيالة على استلام قيمتها قبل الاستحقاق " . وانظر نفس القاعدة ، في السندات تحت الإذن والسندات لحاملها ، في المادة 189 من التقنين التجاري وهي تحيل على القواعد المطبقة في الكمبيالات . ففي الكمبيالات والسندات ، دون غيرها من المسائل التجارية ، يفرض القانون أن الأجل مشترط لمصلحة الطرفين .
وإذا أصدرت شركة أو شخص معنوي عام ( الدولة أو إحدى البلديات مثلا ) سندات وذكرت إنها تستهلك بطريق القرعة في مواعيد معينة ، لم يستطع من أصدر هذه السندات أن يستهلكها قبل المواعيد المحددة وبطريقة القرعة المعينة إلا إذا كان الأجل لمصلحته وحده لا لمصلحة الطرفين ، ومعرفة ما إذا كان الأجل في هذه الحالة لمصلحة المدين وحده أو لمصلحة الطرفين مسألة واقع يستخلصها قاضي الموضوع من الظروف دون رقابة عليه من محكمة النقض ( أنظر في هذه المسألة بودري وبارد 2 فقرة 984 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1002 ص 341 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 303 ص 513 هامش رقم 1 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1499 – جوسران 2 فقرة 725 ص 397 ) .
( [218] ) قارن بودري وبارد 2 فقرة 974 ص 151 هامش رقم 2 – وقد يكون القرض بفائدة بين شخصين تربطهما علاقة وثيقة وأراد المقرض تقديم خدمة للمقترض ، عند ذلك يستطيع قاضى الموضوع أن يستخلص أن الأجل ، وإن كان القرض بفائدة ، لمصلحة المدين وحده ، فيستطيع هذا أن ينزل عنه . كذلك ليس كل دين بفائدة يكون الأجل فيه حتما لمصلحة الطرفين ، فالمشتري بثمن مؤجل وبفائدة قد يكون الأجل لمصلحته وحده ، فله في هذه الحالة أن ينزل عن الأجل وأن يعجل الثمن فلا يدفع الفائدة عن المدة الباقية من الأجل ( بودري وبارد 2 فقرة 981 والهامش رقم 2 ) .
( [219] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 30 هامش رقم 1 .
( [220] ) وفي فرنسا صدر تشريع استثنائي ( قانون 16 يوليه سنة 1935 وأكمل بمرسوم بقانون في 30 أكتوبر سنة 1935 ) لا يطبق إلا على الديون المدنية والتجارية السابقة على نفاذه ، ويقضي بجواز تعجيل دفع الدين قبل الأجل ولو كان ينتج فوائد ، دون حاجة إلى رضاء الدائن . واشترط هذا التشريع شروطاً تتعلق بوجوب إخطار الدائن بالدفع المعجل وانقضاء أربعة أسابيع على الأقل بعد الأخطار إلا إذا كان العقد الأصلي ينص على مدة أطول ، ويجوز أن يكون الوفاء المعجل جزئياً بشرط إلا يقل عن ربع الدين . وقد قصد التشريع أن يهيئ السبيل لمن استدان بفائدة مرتفعة – أثناء أزمة اقتصادية – أن يفي بالدين قبل حلول أجله ، ولو عن طريق اقتراض ما يفي به الدين بفائدة أقل ( أنظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1007 مكررة – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1051 – فقرة 1053 – كولان وكابيتان 2 فقرة 665 ) .
( [221] ) أنظر في هذا المعنى المادة 512 من التقنين المدني السوري ( وهي مطابقة ) والمادة 543 من التقنين المدني الليبي ( وهي مطابقة ) والمادة 762 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ونصها ما يأتي : لا يجوز إجبار المقترض على رد ما يجب عليه قبل حلول الأجل المعين بمقتضى العقد أو العرف ، وإنما يجوز له أن يرده قبل الأجل ما لم يكن هذا الرد مضراً بمصلحة المقترض .
هذا ويلاحظ أن الأجل إذا كان لمصلحة المدين ، وكان المدين معسراً إعساراً فعلياً ( وإلا فإن الإعسار القانوني يسقط الأجل ) ، لم يجز له أن ينزل عن الأجل ، وإذا وفي الدائن قبل حلول الأجل فإن هذا الوفاء لا يسري في حق باقي الدائنين . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 242 صراحة على هذا الحكم فقالت : " وإذا وفى المدين المعسر أحد دائنيه قبل انقضاء الأجل الذي عين أصلاً الوفاء ، فلا يسري هذا الوفاء في حق باقي الدائنين " .
( [222] ) استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1901 م 13 ص 362 – 20 نوفمبر سنة 1902 م 5 ص 11 – الاسكنردية الوطنية 16 مايو سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 29 ص 46 – مصر الوطنية 6 فبراير سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 58 ص 138 – وذلك ما لم يشترط حلول الأجل بمجرد انقضائه دون حاجة إلى إعذار ( استئناف مختلط 20 مارس سنة 1913 م 25 ص 25 ) .
ولا يكفي إعذار المدين لحلول الأجل إذا كان وقت الإعذار قد حول الدائن حقه إلى آخر ، فلم يعرف المدين على وجه التحقيق هو الدائن الذي يجب الوفاء له ( استئناف مختلط 21 يونيه سنة 1923 م 35 ص 519 )
وإذا اشترط الدائن أنه عند حلول أجل قسط من المدين دون أن يدفع تحل باقي الأقساط دون حاجة إلى إعذار ، عمل بهذا الشرط وحلت باقي الأقساط بمجرد تأخر المدين عن دفع قسط في ميعاده ، ولا يمنع من ذلك أن تضاف عبارة " على حسب اختيار الدائن " ، فإن هذه العبارة لا تعني إلا أن الدائن له أن ينزل عن التمسك بهذا الشرط وله أن يتمسك به ( استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1921 م 33 ص 401 – 6 نوفمبر سنة 1923 جازيت 15 رقم 202 ص 124 – 29 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 93 – المحلة 4 ديسمبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 5 ص 195 ) . ولكن ليس للدائن أن يتمسك بتأخر المدين في دفع قسط مدية قليلة ، إذا ثبت أن المدين دفع الأقساط السابقة في مواعيدها ، وأن الدائن كان يتساهل في استيفاء بعض هذه الأقساط متأخرة مدة قليلة ( استئناف مختلط 26 مارس سنة 1942 م 54 ص 151 ) . كذلك إذا بدا تساهل من الدائن ، فتعود المدين أن يؤخر دفع القسط دون أن يطالبه الدائن بدفع باقي الأقساط ، فليس للدائن أن يباغت المدين بمطالبته بدفع باقي الأقساط إذا جرى المدين على عادته في التأخر عن دفع قسط منها ( استئناف أهلي 17 ابريل سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 ص 239 – كفر الشيخ 28 مايو سنة 1928 المجموعة الرسمية 20 ص 11 – استئناف مختلط 3 ابريل سنة 1930 م 42 ص 402 ) . بل يجب في هذه الحالة قبل أن يعتبر الدائن أن بقية الأقساط قد حلت أن يعذر المدين أنه معتزم العودة إلى التمسك بشرطه بكل دقة فلا يسمح للمدين بأي تأخر في مواعيد دفع الأقساط ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1942 م 54 ص 211 ) . وفي حالة نزول الدائن عن بعض الدين إذا دفع المدين الأقساط الباقية في مواعيدها ، المدين هو المكلف بإثبات أنه قام بالشرط حتى ينفذ تنازل الدائن ، وليس علىالدائن أن يعذر المدين ( استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1948 م 60 ص 59 ) .
( [223] ) الوسيط جزء ثان فقرة 464 .
( [224] ) وإذا حل الأجل فليس الدائن ملزماً أن يطالب المدين بالدين فوراً ، بل يستطيع أن يتربص فيطالب المدين في أي وقت يختاره ، مع مراعاة أن التقادم يسري في حق الدين من وقت حلول الأجل ، فإذا تمت مدة التقادم لم يعد الدائن يستطيع المطالبة بالدين . وإذا كان للدين كفيل وحل أجل الدين ولم يطالب به الدائن فوراً ، فليس للكفيل أن يتضرر من ذلك ، لكن له أن ينذر الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر من هذا الإنذار ، وإلا برئت ذمة الكفيل ما لم يقدم المدين له ضماناً كافياً . وقد نصت المادة 785 مدني على هذه الأحكام صراحة فقالت : " 1- لا تبرأ ذمة الكفيل لمجرد أن الدائن تأخر فى اتخاذ الإجراءات أو لمجرد أنه لم يتخذها .
2- على أن ذمة الكفيل تبرأ إذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر نم إنذار الكفيل للدائن ؟ ، ما لم يقدم المدين للكفيل ضمانا كافيا " . أنظر في الفقه الفرنسي : ديمولومب 25 فقرة 650 – لوران 17 فقرة 193 – أوبرى ورو 4 فقرة 302 – بودري وبارد 2 فقرة 1000 – ويلاحظ أن المادة 2039 من التقنين المدني الفرنسي تقضي بأن للدائن أن يتفق مع المدين على مد أجل الدين دون أن تبرأ ذمة الكفيل بذلك ، ولكن يجوز للكفيل في هذه الحالة أن يقاضي المدين لإجباره على الوفاء .
( [225] ) الموجز للمؤلف فقرة 489 .
( [226] ) ويمكن تصور سقوط الأجل الفاسخ ، إذا تجوزنا وسلمنا بهذا الأجل في العقود الزمنية ، في بعض الحالات الخاصة ، نذكر منها على سبيل المثال : ( ا ) إذا مات المستأجر ، فإنه يجوز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد إذا اثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد اثقل من أن تتحملها مواردهم أو أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجتهم ( م 601 / 2 مدني ) . ( ب ) إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات ، جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلبوا إنهاء العقد ( م 602 مدني ) . وانظر أيضاً في الإيجار المواد 603 و 604 و 607 و 608 و 609 . ( ج ) يجوز للمعير أن يطلب في أي وقت إنهاء العارية في الأحوال الآتية : 1 – إذا عرضت له حاجة عاجلة للشيء لم تكن متوقعة . 2 – إذا أساء المستعير استعمال الشيء أو قصر في الاحتياط الواجب للمحافظة عليه . 3- إذا أعسر المستعير بعد انعقاد العارية أو كان معسراً قبل ذلك دون علم من المعير ( م 644 مدني ) . 4 – تنتهي العارية بموت المستعير ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك ( م 645 مدني ) .
( [227] ) ديمولومب 25 فقرة 569 – لوران 17 فقرة 179 – هيك 7 فقرة 282 – بودري وبارد 2 فقرة 973 .
( [228] ) هيك 7 فقرة 282 – بودري وبارد 2 فقرة 973 .
( [229] ) أنظر في كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 34 – ص 35 .
( [230] ) أما إذا كان المدين ملزماً بأداءات ( prestations ) متعددة ، كل منهما متميز عن الآخر ، كان هناك التزامات متعددة ، وليس محالا متعددة لالتزام واحد ، حتى لو كان لهذه الالتزامات المتعددة مصدر واحد ، وذلك كعقد البيع ينشيء في جانب البائع التزامات متعددة ، منها التزام بنقل الملكية ، ومنها التزام بالتسليم ، ومنها التزام بضمان الاستحقاق ، ومنها التزام بضمان العيوب الخفية ( أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 300 ص 68 ) .
( [231] ) وقد يتعدد المحل ومع ذلك يتكون من جميع المحال وحدة مقصودة ، كبيع مجموعة من الصور وغرفة للطعام أو للنوم أو للاستقبال ونحو لك ، فهنا يكون الالتزام ذا محل واحد لا يتجزأ . وكذلك قد يكون محل الالتزام واحداً ولكن تتفرق أجزاؤه ، كبيع كتاب من أجزاء متعددة ، ويكون الالتزام هنا من باب أولى ذا محل واحد لا يتجزأ . ويلاحظ إن عدم تجزئة المحل في الصورتين المتقدمتين ليس هو عدم التجزئة الذي سنبحثه في تعدد أطراف الالتزام ، فإن عدم تجزئة المحل لا يكون وصفاً في الالتزام يقتضى أحكاماً خاصة به إلا إذا تعددت أطراف الالتزام من مدين أو دائن ، أما عدم تجزئة المحال المتعددة مع بقاء كل من المدين والدائن واحداً لا يتعدد فليس إلا تعبيراً آخر للقول بأن الوفاء الجزئي لا يجوز ، وهذا أيضاً صحيح حتى لو كان محل الالتزام شيئاً واحداً ، تفرقت أجزاؤه أو لم تتفرق ( أنظر في هذا المعنى دي باج 3 فقرة 267 وفقرة 272 ) .
ويقول أوبرى ورو : إذا التزمت بإعطاء حصاني وبقرتي فالالتزام متعدد المحل ، ويكون الالتزام بسيطاً إذا التزمت بإعطاء المواشي التي املكها ، وكذلك يكون الالتزام بسيطاً إذا التزمت برد رأس المال مع فوائده ( أوبرى ورو 4 فقرة 300 ص 68 هامش رقم 1 ) .
( [232] ) أوبرى ورو 4 فقرة 300 ص 69 .
( [233] ) لارومبيير 3 م 1189 فقرة 5 – لوران 17 فقرة 224 – فقرة 225 – بودري وبارد 2 فقرة 1047 – جوسران 2 فقرة 744 .
والفقه الإسلامي يعني عناية خاصة بالالتزام ذى المحل المتعددة ، ويميز تمييزاً واضحاً بين التزام محله أشياء متعددة كلها واجبة الأداء وبين التزام محله أشياء متعددة أحدها وحده هو الواجب الأداء بحسب اختيار المدين ويسمى هذا بخيار التعيين ( البدائع جزء 5 ص 156 – ص 158 ) . وسنعود إلى خيار التعيين عند الكلام في الالتزام التخييري .
أما الالتزام الذي يكون محله أشياء متعددة كلها واجبة الأداء فيفصل الفقه الإسلامي أحكامه في كثير من الإسهاب ، ويحرص فيه بوجه خاص على عدم تفريق الصفقة ، ثم إذا هي تفرقة يحرص على عدم جهالة الثمن فيما تفرقت الصفقة فيه . " فإذا أوجب ( البائع ) في العبدين فقبل ( المشتري ) في أحدهما ، بان قال بعت منك هذين العبدين بألف درهم ، فقال المشترى قبلت في هذا العبد وأشار إلى واحد معين ، لا ينعقد ، لان القبول في أحدهما تفريق الصفقة على البائع ، والصفقة إذا وقعت مجتمعة من البائع لا يملك المشترى تفريقها وقبل التمام . لان من عادة التجار ضم الردئ إلى الجيد ترويجا للردئ بواسطة الجيد ، فلو ثبت للمشترى ولاية التفريق لقبل في الجيد دون الردئ ، فيتضرر به البائع والضرر منفى . ولان غرض الترويج لا يحصل الا بالقبول فيهما جميعا ، فلا يكون راضيا بالقبول في أحدهما . ولان القبول في أحدهما يكون اعراضا عن الجواب بمنزلة القيام عن المجلس . . . . . ثم إذا قبل المشترى بعض ما أوجبه البائع كان هذا شراء مبتدأ من البائع ، فان اتصل به الايجاب من البائع في المجلس فينظر : ان كان للبعض الذى قبله المشترى حصة معلومة من الثمن جاز ، والا فلا . بيانه إذا قال بعت منك هذين الكرين بعشرين ، بيع كل كر بعشرة لتماثل قفزان الكرين . وكذلك إذا قال بعت منك هذين العبدين بألف درهم ، فقبل المشترى في أحدهما وبين ثمنه ، فقال البائع بعت ، يجوز . فاما إذا لم يبين ثمنه لا يجوز ، وان ابتدأ البائع الايجاب . بخلاف مسألة الكرين وسائر الاشياء المتماثلة ، لما ذكرنا ان الثمن في المثليات ينقسم على المبيع باعتبار الاجزاء ، فكان حصة كل واحد معلوما . وفيما لامثل له لا ينقسم الثمن على المبيع باعتبار الاجزاء ، لانعدام تماثل الاجزاء وإذا لم ينقسم بقيت حصة كل واحد منهما من الثمن مجهولة ، وجهالة الثمن تمنع صحة البيع . هذا إذا لم يبين البائع حصة كل واحد من العبدين ، بأن قال بعت منك هذين العبدين بألف درهم . فاما إذا بين بأن قال بعت منك هذين العبدين هذا بألف وهذا بخمسمائة ، فقبل المشترى في أحدهما دون الآخر ، جاز البيع لانعدام تفريق الصفقة من المشترى ، بل البائع هو الذى فرق الصفقة حيث سمى لكل واحد منهما ثمنا على حدة ، وعلم انه لا ضرر له فيه ، ولو كان فهو ضرر مرضى به وانه غير مدفوع " ( البدائع جزء 5 ص 136 – ص 137 ) .
ويعني الفقه الإسلامي – من حيث تكوين العقد أيضاً – بفكرة أن الالتزام ذا المخل المتعدد ، وهو صفقة واحدة ، إذا داخله بطلان في بعض محاله المتعددة ، قد يختل باختلال وحدة الصفقة . فلو جمع البائع " بين ما هو مال وبين ما ليس بمال في البيع ، بان جمع بين حر وعبد أو بين عصير وخمر أو بين ذكية ، وميتة وباعهما صفقة واحدة ، فان لم يبين حصة كل واحد منهما من الثمن ، لم ينعقد العقد أصلا بالاجماع . وان بين ، فكذلك عند أبى حنيفة . وعندهما ( أي عند أبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة ) يجوز في العصير والعبد والذكية ، ويبطل في الحر والخمر والمية . . . وجه قولهما ان الفساد بقدر المفسد لان الحكم يثبت بقدر العلة ، والمفسد خص أحدهما فلا يتعمم الحكم مع خصوص العلة ، فلو جاء الفساد انما يجئ من قبل جهالة الثمن ، فإذا بين حصة كل واحد منهما من الثمن فقد زال هذا المعنى أيضا . . . ولابي حنيفة رضى الله عنه ان الصفقة واحدة وقد فسدت في احدهما فلا تصح في الآخر ، والدليل على ان الصفقة واحدة ان لفظ البيع والشراء لم يتكرر والبائع واحد والمشترى واحد ، وتفريق الثمن وهو التسمية لكل واحد منهما لا يمنع اتحاد الصفقة ، دل ان الصفقة واحدة ، وقد فسدت في أحدهما بيقين لخروج الحر والخمر والميتة عن محلية البيع بيقين : فلا يصح في الآخر لاستحالة كون الصفقة الواحدة صحيحة وفاسدة ، ولهذا لم يصح إذا لم يسم لكل واحد منهما ثمنا فكذا إذا سمى لان التسمية وتفريق الثمن لا يوجب تعدد الصفقة لاتحاد البيع والعاقدين . . . . ولانه لما جمع بينهما في الصفقة فقد جعل قبول العقد في أحدهما شرط القبول في الآخر ، بدليل انه لو قبل العقد في احدهما دون الآخر لا يصح ، الحر لا يحتمل قبول العقد فيه فلا يصح القبول في الآخر . . . . ولان في تصحيح العقد في أحدهما تفريق الصفقة على البائع قبل التمام ، لانه أوجب البيع فيهما قالقبول في أحدهما يكون تفريقا وهذا لا يجوز . . . ثم إذا جاز البيع في أحدهما عندهما ( أي عند الصاحبين ) فهل يثبب الخيار فيه ؟ ان علم بالحرام يثبت لان الصفقة تفرقت عليه ، وان لم يعلم لا لانه رضى بالتفريق " ( البدائع جزء 5 ص 145 – ص 146 ) .
وتفرق الصفقة أيضاً هي التي يعني بها الفقه الإسلامي في تقرير أحكام العقد بعد انعقاده صحيحاً ، فإذا هلك بعض المبيع قبل القبض هلك على البائع ، ثم ينظر : " ان كان النقصان نقصان قدر ، بان كان مكيلا أو موزونا أو معدودا ، ينفسخ العقد بقدر الهالك وتسقط حصته من الثمن ، لان كل قدر من المقدرات معقود عليه فيقابله شئ من الثمن ، وهلاك كل المعقود عليه يوجب انفساخ البيع في الكل وسقوط كل الثمن ، فهلاك بعضه يوجب انقساخ البيع وسقوط الثمن بقدره . والمشترى بالخيار في الباقي ، ان شاء أخذه بحصته من الثمن ، وان شاء ترك لان الصفقة قد تفرقت عليه " ( البدائع جزء 5 ص 239 ) . وللبائع حبس المبيع حتى يستوفى الثمن ، فلو باع " شيئين صفقة واحدة ، وسمى لكل واحد منهما ثمنا ، فنقد المشترى حصة أحدهما ، كان للبائع حبسهما حتى يقبض حق الاخر لما قلنا ، ولان قبض أحدهما دون الآخر تفريق الصفقة الواحدة في حق القبض ، والمشترى لا يملك تفريق الصفقة الواحدة في حق القبول بأن يقبل الايجاب في أحدهما دون الآخر ، فلا يملك التفريق في حق القبض ايضا ، لان للقبض شبها بالعقد . وكذلك لو أبرأه من حصة أحدهما ، فله حبس الكل لاستيفاء الباقي لما ذكرنا " ( البدائع جزء 5 ص 250 ) .
وظاهر من هذه النصوص التي قدمناها أن أحكام الفقه الإسلامي في الالتزام ذى المحل المتعدد مقبولة بوجه عام ، ويمكن تخريجها على المبادئ العامة في القانون الحديث .
( [234] ) أنظر في ذلك دي باج 3 فقرة 268 .
( [235] ) ويميز تقنين الموجبات والعقود اللبناني ، في " الموجبات ذات المواضيع المتعددة " ، " بين الموجب المتلازم " وهو الذي ندعوه بالالتزام ذى المحل المتعدد ، " والموجب التخييري " أي الالتزام التخييري ، " الموجب الاختياري " أي الالتزام البدلي . فتنص المادة 53 من هذا التقنين على " أن الموجبات ذات المواضيع المتعددة تكون متلازمة أو تخييرية أو اختيارية " . وتنص المادة 54 على أن " الموجب المتلازم هو الذي يكون موضوعه مشتملا على جملة أشياء تجب معاً بحيث لا تبرأ ذمة المديون إلا بأدائها كلها " . وتنص المادة 55 على " أن الموجبات المتلازمة خاضعة للأحكام المختصة بالموجب البسيطة " .
( [236] ) مراجع : بنكاز Bonnecase تكملة بودري 2 فقرة 760 وما بعدها – مقال له في مجلة القانون المدني الفصلية سنة 1929 ص 1092 – أوبرى ورو 4 فقرة 300 – بودري وبارد 2 فقرة 1042 – فقرة 1106 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1048 – فقرة 1051 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 800 – فقرة 803 – دي باج 3 فقرة 273 – 282 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1319 – فقرة 1322 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 678 – جوسران 2 فقرة 745 – فقرة 746 .
( [237] ) ويقول دي باج إنه بالرغم من أن الالتزام التخييري ليس كثير الوقوع في الحياة العملية ، فإنه يثير صعوبات جدبة من ناحية الصناعة القانونية ( دي باج 3 فقرة 273 ص 269 ) .
( [238] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 399 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، غير أن النص في المشروع التمهيدي كان مقسوماً إلى فقرتين ، فاندمجت الفقرة الثانية في الفقرة الأولى في لجنة المراجعة . وعرض على لجنة المراجعة اقتراح محكمة مصر من إضافة نص يجعل أثر التخيير يستند إلى وقت الالتزام ، فلم تر اللجنة ضرورة لهذا النص لامكان استخلاص حكمه من المبادئ العامة ، وأصبحت المادة رقمها 287 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 275 – مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 37 وص 39 ) .
( [239] ) التقنين المدني السابق 96 / 150 : إذا كان التعهد بعمل أحد شيئين فأكثر ، الخيار للمتعهد ، إلا إذا وجد نص صريح في التعهد أو في القانون يقضي بخلاف ذلك .
ولا فرق في الأحكام ما بين التقنينين الجديد والقديم . وقد كان التقنين القديم يغفل ذكر الالتزام البدلي ، ويكثر من النصوص فيما يتعلق بالالتزام التخييري في غير ضبط ولا تحديد . وقد تكفل التقنين المدني الجديد بهذا الضبط ، فبين من يستعمل الخيار إذا امتنع من له الحق في مباشرته ، ووضع نظاماً أدنى إلى المنطق في آثار استحالة التنفيذ . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " عمد المشروع – فيما تعلق بالأوصاف الخاصة بتعدد محل الالتزام – إلى الجمع بين الالتزام التخييري والالتزام البدلي في الفصل المعقود لهما ، مقتدياً ذلك بالتقنين اللبنانين . ولعل في دقة التفريق بين هذين الضربين من الالتزام ما يمتنع معه الأعضاء عن إهمال التقنين المصري والتقنين الفرنسي ، بل والمشروع الفرنسي الإيطالي ، للالتزامات البدلية . ومع أن أحكام الالتزام التخييري ظفرت بخط موفور من التفصيل في نصوص التقنين الحالي ( السابق ) – إذ اختصت بما لا يقل عن مواد أربع – إلا إنها كانت بحاجة إلى شيء من الضبط والتحديد . وقد تكفل المشروع بذلك ، فعين كيفية أعمال حق الخيار بين محلى التخيير إذا امتنع من ثبت له هذا الحق من العاقدين عن مباشرته ، ووضع لإثار استحالة التنفيذ نظاماً أدنى إلى المنطق " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 36 ) .
( [240] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 275 ( مطابقة للمادة 275 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 262 ( مطابقة للمادة 275 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 298 : 1 – يصح أن يكون محل الالتزام أحد أشياء قيمية أو مثلية من اجناس مختلفة ، ويكون الخيار في تعيينه للمدين أو للدائن . 2 – وإذا أطلق خيار التعيين فهو للمدين ، إلا إذا قضى القانون أو اتفق المتعاقدان على أن الخيار يكون للدائن .
( ولا فرق في الأحكام ما بين التقنين المصري والتقنين العراقي رغم اختلاف العبارة . أنظر في التقنين العراقي الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 136 – فقرة 166 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 56 : الموجب التخييري هو الذي يكون موضوعه مشتملا على جملة أشياء تبرأ ذمة المديون تماماً بأداء واحد منها . وللمديون وحده حق الاختيار ما لم يكن ثمة نص مخالف . ( ولا فرق في الأحكام ما بين التقنين المصري والتقنين اللبنانين رغم اختلاف العبارة . ويقول التقنين اللبناني إن حق الاختيار للمدين ما لم يكن ثمة نص مخالف ، والمقصود بالنص هنا الاتفاق ( stipulation ) كما يفهم من الرجوع إلى الأصل الفرنسي للمادة 56 ، أما نص القانون فمن البديهي أنه إذا وجد وجعل الخيار للدائن فإنه يجب اتباعه ) .
( [241] ) وخيار التعيين في الفقه الإسلامي – وهو الذي يقابل التخيير في الالتزام التخييري – لا يجوز أن يقع على أكثر من أشياء ثلاثة ، ويلزم فيه ذكر المدة التي يتم فيها الخيار على خلاف في الرأي ، ويكون الخيار إما للمشتري أو للبائع حسب الشرط . جاء في المبسوط للسرخسي جزء 13 ص 55 ) : " ولو اشترى ثوبين كل واحد منهما بعشرة دراهم ، على أنه بالخيار ثلاثة أيام يمسك أيهما شاء ويرد الآخر ، جاز العقد عندنا استحسانا . وكذلك هذا في ثلاثة أثواب ، وفيما زاد على الثلاثة العقد فاسد . . . . وجه الاستحسان ان هذا الجهالة لا تفضي إلى المنازعة لانه شرط الخيار لنفسه ، وبحكم خياره يستند بالتعتين ، والجهالة التى لا تفضي إلى المنازعة لا تمنع صحة العقد . . . . فقد يشترى الانسان لعياله ثوبا ولا يعجبه أن يحمل عياله إلى السوق ولا يرضي البائع بالتسليم إليه ليحمله إلى عياله بغير عقد ، فيحتاج إلى مباشرة العقد بهذه الصفة . وهذه الحاجة مقصورة على الثلاث ، لان كل نوع يشتمل على أوصاف ثلاثة ، جيد ووسط وردئ ، فإذا حمل الثلاثة إلى أهله ثم المقصود . فأخذنا فيما زاد على ذلك بالقياس لعدم الحاجة فيه . . . ثم نص في هذا الموضع على تقدير الخيار بثلاثة أيام ، وهو الصحيح ، لان هذا خيار ثبت بالشرط فلابد فيه من اعلام المدة ، وان أطلق ذلك في غير هذا الموضع " وجاء في البدائع للكاساني ( جزء 5 ص 157 ) في خصوص المدة ما يأتي : " وهل يشترط بيان المدة في هذا الخيار ؟ اختلف المشايخ فيه لاختلاف ألفاظ محمد في هذه المسألة في الكتب ، فذكر في الجامع الصغير على أن يأخذ المشترى أيهما شاء وهو فيه بالخيار ثلاثة أيام ، وذكر في الاصل على أن يأخذ أيهما شاء بألف ولم يذكر الخيار . فقال بعضهم لا يجوز هذا البيع الا بذكر مدة خيار الشرط ، وهو ثلاثة أيام فما دونها عند أبى حنيفة رحمه الله ، وعندهما الثلاث وما زاد عليها بعد أن يكون معلوما ، وهو قول الكرخي والطحاوى رحمهما الله . وقال بعضهم يصح من غير ذكر المدة . وجه قول الاولين ان المبيع لو كان ثوبا واحدا معينا وشرط فيه الخيار كان بيان المدة شرط الصحة بالاجماع ، فكذا إذا كان واحدا غير معين ، والجامع بينهما ان ترك التوقيت تجهيل لمدة الخيار وانه مفسد للبيع . . . . . وجه قول الآخرين ان توقيت الخيار في المعين انما كان شرطا لان الخيار فيه يمنع ثبوت الحكم للحاجة إلى دفع الغبن بواسطة التأمل فكان في معنى الاستثناء ، فلا بد من التوقيت ليصح استثناء ذلك في الوقت عن ثبوت حكم البيع فيه ، وخيار التعيين لا يمنع ثبوت الحكم بل يثبت الحكم في أحدهما غير عين وانما يمنع تعين المبيع لا غير ، فلا يشترط له بيان المدة والله سبحانه وتعالى أعلم . والدليل على التفرقة بينهما أن خيار الشرط لا يورث على أصل أصحابنا ، وخيار التعيين يورث بالاجماع " هذا وكون الخيار يجوز أن يكون للبائع إنما جاء على سبيل الاستحسان ، جاء في فتح القدير للكمال بن الهمام ( جزء 5 ص 131 ) : " وإذا ظهر أن جواز هذا البيع للحاجة إلى اختيار ما هو الارفق والأوفق لمن يقع الشيء له حاضرا أو غائبا ، ظهر أنه لا يجوز للبائع ، بل يختص خيار التعيين بالمشتري ، لأن البائع لا حاجة له إلى اختيار الأوفق والأرفق لأن المبيع كان معه قبل البيع وهو ادرى بما لاءمه منه ، فيرد جانب البائع إلى القياس ، فلهذا نص في المجرد على أنه لا يجوز في جانب البائع . وذكر الكرخي أنه يجوز استحساناً ، لأنه بيع يجوز مع خيار المشتري فيجوز مع خيار البائع قياسا على الشرط " .
وحكم البيع مع خيار التعيين أنه غير لازم لمن له الخيار سواء كان المشتري أو البائع . جاء في البدائع ( جزء 5 ص 261 ) في حالة ما إذا كان الخيار للمشتري : " الملك الثابت بهذا البيع قبل الاختيار ملك غير لازم ، وللمشترى أن يردهما جميعا ، لان خيار التعيين يمنع لزوم العقد كخيار العيب وخيار الرؤية ، فيمنع لزوم الملك ، لكان محتملا للفسخ . وهذا لان جواز هذا النوع من البيع انما يثبت بتعامل الناس لحاجتهم إلى ذلك لما بينا فيما تقدم ، ولا تنعدم حاجتهم الا بعد اللزوم لانه عسى لا يوافقه كلاهما جميعا فيحتاح إلى ردهما " . وجاء أيضاً ( ص 263 ) في حالة ما إذا كان الخيار للبائع : " وللبائع أن يفسخ البيع لأنه غير لازم " .
ويبدو أن خيار التعيين يكون مقترناً بخيار الشرط . وهذا ما يعلل أن البيع المقترن بخيار التعيين يكون يغر لازم على النحو الذي قدمناه ، وعدم لزومه إنما جاء من خيار الشرط المقترن بخيار التعيين لا من خيار التعيين ذاته . وهذا ما يعلل أيضاً أن خيار التعيين ينتقل إلى الورثة ولكن البيع يكون لازماً لهم خلافاً للمورث ، وذلك لأن خيار الشرط المقترن بخيار التعيين لا يورث ، فينقطع هذا الخيار عن الورثة ومن ثم يلزمهم البيع ، ويبقى لهم خيار التعيين وحده دون خيار الشرط . وهذا ما يعلل أخيراً أن الشيئين إذا تعيبا معاً في يد المشتري وكان له خيار التعيين ، فللمشتري أن يأخذ أيهما شاء بثمنه وليس له أن يردهما جميعاً ، لأن خيار الشرط المقترن بخيار التعيين هو الذي بطل بتعيب الشيئين وبقى خيار التعيين على حاله . وفي هذا يقول صاحب البدائع ( جزء 5 ص 262 ) : " ولو تعيبا جميعا ، فان كان على التعاقب تعين الاول للبيع ولزمه ثمنه ويرد الاخر لما قلنا ، ولا يغرم بحدوث العيب شيأ لما قلنا انه أمانة . وان تعيبا معا لا يتعين أحدهما للبيع لانه ليس أحدهما بالتعيين أولى من الآخر ، وللمشترى أن يأخذ أيهما شاء بثمنه ، لانه إذا لم يتعين أحدهما للبيع بقى المشترى على خياره . الا انه ليس له أن يردهما جميعا ، لان البيع قد لزم في أحدهما بتعيينهما في يد المشترى وبطل خيار الشرط ، وهذا يؤيد قول من يقول من المشايخ ان هذا البيع فيه خياران ، خيار التعيين وخيار الشرط ، ولا بد له من رتبة معلومة ، إذ لو لم يكن لملك ردهما جميعا كما لو لم يتعيب أحدهما أصلا ، لكنه لم يملك لان ردهما جميعا قبل التعييب ثبت حكما لخيار الشرط ، وقد بطل خيار الشرط بعد تعينهما معا فلم يملك ردهما ، وبقى خيار التعيين فيملك رد أحدهما . . . . ولا يبطل هذا الخيار بموت المشترى بل يورث بخلاف خيار الشرط ، لان خيار التعيين انما يثبت للمورث لثبوت الملك له في أحدهما غير عين ، وقد قام الوارث مقامه في ذلك الملك فله أن يختار أيهما شاء دون الآخر ، الا انه ليس له أن يردهما جميعا وقد كان للمورث ذلك . وهذا يؤيد قول أولئك المشايخ انه لابد من خيارين في هذا البيع ، وقد بطل أحدهما وهو خيار الشرط بالموت لانه لا يورث على أصل أصحابنا فبطل الحكم المختص به وهو ولاية ردهما جميعا " .
( [242] ) ديرانتون 11 فقرة 136 – ماركادية 4 فقرة 579 – ديمولومب 26 فقرة 4 – بودري وبارد 2 فقرة 1042 .
( [243] ) لكن إذا أراد المتعاقدان أن يخفيا التزاماً غير مشروع تحت ستار التزام تخييري ، بأن يتفقا أصلاً على محل غير مشروع ، ثم يضعا إلى جانبه على طريق التخيير محلا آخر مشروعاً يكون المقصود منه أن يصبح جزاء لعدم تنفيذ المحل غير المشروع ، فإن مثل هذا الالتزام لا يكون التزاما صحيحاً حتى في محله المشروع ، بل يكون التزاماً باطلا في المحلين جميعاً ( بودري وبارد 2 فقرة 1046 ص 207 هامش رقم 2 ) .
( [244] ) وهذا هو النص فى أصله الفرنسى :
L'obligation est pure et simple, quoique contractee d'une maniere alternative, si l'une des duex choses ne pouvait etre le sujct l'obligation .
( [245] ) ديمولومب 26 فقرة 12 - بودرى وبارد 2 فقرة 1046 - وانظر أيضاً المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 38 .
( [246] ) ديمولب 26 فقرة 8 - بودرى وبارد 2 فقرة 1044 - فقرة 1045 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1048 - دى باج 3 فقرة 274 .
( [247] ) ديرانتون 11 فقرة 139 - لارومبيير 3 م 1189 فقرة 9 - ديمولومب 26 فقرة 5 - بودرى وبارد 2 فقرة 1043 .
( [248] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1075 .
( [249] ) انظر ماركاديه 4 فقرة 1189 - كولميه دى سانتير 4 فقرة 115 مكررة - ديمولومب 26 فقرة 63 .
( [250] ) انظر المادة 276 مدنى ، وسيأتى بيان ذلك . فلا يكون إذن اختيار أحد محال الالتزام التخييرى شرطاً ما دام محقق الوصول ، بل هو أجل معين أو غير معين على حسب الأحوال ( انظر قريباً من هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1052 ) .
( [251] ) انظر بودرى وبارد 2 فقرة 1053 .
( [252] ) لارومبيير 3 م 1189 فقرة 8 - ديمولومب 26 فقرة 35 - بودرى وبارد 2 فقرة 1054 - فقرة 1055 .
( [253] ) قارب بودرى وبارد 2 فقرة 1065 .
( [254] ) لارومبيير 3 م 1189 فقة 7 - ديمولومب 26 فقرة 7 – فقرة 8 - بودرى وباد 2 فقرة 1054 ص 212 .
( [255] ) لارومبيير 3 م 1192 فقرة 1 - ديمولومب 26 فقرة 12 - بودرى وبارد 2 فقرة 1056 . ويقع كثيراً أن تعقد الشركات الكبيرة قروضاً فى الأسواق العالمية ، فتصدر سندات وتتعهد بدفع رأس المال والأرباح بعملات مختلفة ، حتى يتهيأ للمقرضين حاملى هذه السندات أن يقبضوا حقوقهم كل بعمله بلده ، فهل يعتبر التزام الشركة المقترضة فى هذه الحالة التزاماً تخييرياً محالة المتعددة هى هذه العملات المتخلفة؟ انقسم الفقهاء فى هذه المسألة : ففريق يذهب إلى أن الالتزام بسيط ، ومحله هو مبلغ من النقود يحسب فى كل بلد بعملته ، والدائن هنا هو الذى يختار عملة بلده ( بارتان على أوبرى ورو 4 فقرة 300 ص 69 وهامش رقم 3 مكرر - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1320 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1050 ) . وفريق آخر يذهب إلى أن الالتزام تخييرى إذ هو يقع على عملات مختلفة ، ولكن يستخلص من الظروف أن هناك اتفاقاً ضمنياً على أن يكون الخيار فى هذا الالتزام للدائن لا للمدين ، أى لحاملى السندات لا للشركة ( أنسيكلوبيدى داللوز 3 لفظ Obligation فقرة 49 - دى باج 3 فقرة 276 ) . وسواء أخذ بالرأى الأول أو بالرأى لاثانى ، فالنتيجة العملية واحدة ، إذ ينتهى الأمر إلى تفسير نية المتعاقدين وإعطاء الخيار للدائن ، وإنما يختلف الرأيان فى التصوير الفنى للالتزام .
( [256] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1058 . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا كان هناك خيار فى دفع الثمن فوراً مع خصم معين أو دفعه إلى أجل ، فالخيار يكون للمدين لا للدائن ، ولا يجوز للدائن أو الوسيط أن يجبر المدين على الدفع فوراً ( استئناف مختلط 20 مايو سنة 1925 م 27 ص 439 ) .
( [257] ) أما التقنين المدنى الفرنسى فقد نص فى المادة 1190 على أن يكون الاتفاق صريحاً ، وبالرغم من ذلك يذهب بعض الفقهاء إلى جواز أن يكون الاتفاق ضمنياً ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 801 - أنسيكلوبيدى داللوز لفظ Obligation فقرة 55 - دى باج 3 فقرة 278 ) .
( [258] ) انظر أيضاً المادة 1048 فقرة أولى مدنى .
( [259] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1060 - فقرة 1061 .
( [260] ) انظر فى إمكان أن يكون الخيار للغير فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 177 .
( [261] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 37 - ص 38 .
( [262] ) انظر أيضاً المادة 1102 فقرة ثانية مدنى فى رهن الحيازة .
( [263] ) انظر الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 195 - وقارن ، فيما يتعلق بالتزام المدين بدفع الدين فوراً أو بتقديم تأمين إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب أجنبى ، المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 47 وص 31 ، حيث تفيد أن هذا الالتزام التزام بدلى ، الصحيح أنه التزام تخييرى كنظيره الذى ينشأ إذا كان إضعاف التأمين راجعاً إلى خطأ المدين ، ولكن الخيار فى الالتزام الأول للمدين ، وهو فى الالتزام الثانى للدائن .
( [264] ) انظر آنفاً فقرة 73 .
ومثل الالتزام التخييرى الذى مصدره القانون أيضاً ما قضت به المادة 274 مدنى من أن المدين ، إذا خشى الدائن إفلاسه أو إعساره واستند فى ذلك إلى سبب معقول ، يخير بين وفاء الدين فوراً أو تقديم تأمين ( انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 37 - ص 38 ) . وانظر أمثلة أخرى للالتزام التخييرى الذى مصدره القانون فى نص المادة 425 مدنى ( الغبن فى البيع ، وتقابلها المادة 1681 من التقنين الفرنسى وهذه تنشئ التزاماً بدلياً لا التزاماً تخييرياً ) ، وفى نص المادة 119 من التقنين التجارى ( عدم قبول الكمبيالة ، وتقابلها المادة 120 من التقنين التجارى الفرنسى وتنشئ التزاماً بدلياً لا التزاماً تخييرياً ) .
وقضت المادة 924 مدنى بأن من يقيم منشآت على أرض غيره وهو يعلم أن الأرض ليست ملكه ، ويطلب صاحب الأرض استبقاء المنشآت ، فإن له أن يستبقيها مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة أو دفع مبلغ يساوى ما زاد فى ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت . فقد يقال أن فى ذمة صاحب الأرض التزاماً تخييرياً ، إما بدفع قيمة المنشآت مستحقة الإزالة ، أو بدفع ما زاد فى ثمن الأرض . ولكن لما كان صاحب الأرض سيختار دون شك اقل هاتين القيمتين ، فالظاهر أن الالتزام هنا يعتبر التزاماً بسيطاً له محل واحد هو أقل القيمتين ( انظر بودرى وبارد 2 فقرة 1043 ) . ومثل هذا يقال فيما تقضى به المادة 925 مدنى ، فى حالة ما إذا كان من أقام المنشآت على أرض غيره حسن النية ، من أن صاحب الأرض له أن يستبقى المنشآت ، ويخير بين أن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل ، أو أن يدفع مبلغاً يساوى ما زاد فى ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت – وفيما تقضى به بوجه عام المادة 179 مدنى ، من أن المثرى على حساب غيره يلتزم بدفع أقل القيمتين ، قيمة ما أثرى به وقيمة ما افتقر به الدائن .
( [265] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 400 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " إذا كان الخيار للمدين وامتنع عن الاختيار ، جاز للدائن أن يطلب من القاضى تحديد أجل للمدين يختار فيه ، حتى إذا لم يفعل تولى القاضى بنفسه تعيين محل الالتزام . 2 - أما إذا كان الخيار للدائن وامتنع عن الاختيار ، حدد القاضى له أجلاً إن طلب المدين ذلك ، فإذا انقضى الأجل انتقل الخيار إلى المدين " . وفى لجنة المراجعة عدلت المادة ، بناء على طلب محكمة مصر ، للنص على حالة تعدد المدينين أو تعدد الدائنين ولم يتفقوا على الاختيار ، وأصبح النص بعد التعديل مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبحت المادة رقمها 288 فى المشروع النهائى . ووافق مجلس النواب على المادة دون تعديل ، وكذلك مجلس الشيوخ تحت رقم 276 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 240 وص 42 ) .
( [266] ) لم يكن التقنين المدنى السابق يشتمل على نص يبين الحكم فيما إذا رفض من له الخيار ، مديناً كان أو دائناً ، إعمال حق خياره ، أو كان من لهم الخيار متعددين ولم يتفقوا على أمر واحد . لذلك كان الحكم موكولا إلى تطبيق القواعد العامة ، وتقضى هذه بأن يوكل أمر التعيين إلى القضاء . وقد ورد فى الموجز للمؤلف ( ص 502 ) فى هذا الصدد ما يأتى : " فإذا انقضت مدة الخيار دون أن يستعمله صاحبه ، جاز للطرف الآخر أن يرفع الأمر إلى القضاء ، فيجبر من له حق الخيار على استعماله أو يقوم القضاء مكانه فى ذلك " . انظر أيضاً : والتون 2 ص 376 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 693 - بودرى وبارد 2 فقرة 1071 - فقرة 1703 - استئناف مختلط 27 مارس سنة 1907 م 19 ص 183 .
أما التقنين المدنى الجديد فيقضى بهذا الحل ، كما رأينا ، فى حالة ما إذا كان الخيار للمدين ولم يختر أو تعدد المدينون ولم يتفقوا فيما بينهم . أما إذا كان الخيار للدائن ولم يختر أو تعدد الدائنون ولم يتفقوا فيما بينهم ، فإن التقنين المدنى الجديد يقضى بأن ينتقل الخيار فى هذه الحالة إلى المدين . وانتقال الخيار إلى المدين يقتضى نصاً خاصاً ، ومن ثم يكون هذا الحكم مستحدثاً فلا يسرى إلا على الالتزامات التخييرية التى شأت منذ 15 أكتوبر سنة 1949 .
ويقضى التقنين المدنى الألمانى ( م 264 ) بأنه إذا لم يستعمل صاحب الخيار – دائناً كان أو مديناً – حقه فى الخيار ، انتقل الخيار إلى الطرف الآخر .
( [267] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 276 ( مطابقة للمادة 276 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 263 ( مطابقة للمادة 267 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 299 : 1 - يلزم فى خيار التعيين تحديد المدة التى يكون فيها الخيار . 2 - فإذا كان الخيار للمدين وامتنع عن الاختيار فى المدة المحددة ، جاز للدائن أن يطلب من المحكمة أن تتولى بنفسها تعيين محل الالتزام ، أما إذا كان الخيار للدائن وامتنع عن الاختيار انتقل الخيار إلى المدين .
300 : خيار التعيين ينتقل إلى الوارث .
والتقنين المدنى العراقى يتفق فى أحكامه مع أحكام التقنين المدنى المصرى ، غير أن التقنين العراقى لم يورد الحكم فيما إذا كان من لهم حق الخيار متعددين ولم يتفقوا فيما بينهم ، والظاهر أن الحكم الذى أورده التقنين المصرى هو الذى يسرى فى هذه الحالة . كذلك نص التقنين العراقى صراحة على أن خيار التقنين ينتقل إلى الوارث ، وهذا هو حكم الفقه الإسلامى ، وهو حكم يتفق مع تطبيق القواعد العامة فيسرى فى مصر – انظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 167 - فقرة 171 ) .
تقنين المواجبات والعقود اللبنانى : م 57 - يتم الاختيار بمجرد إخبار الفريق الآخر ، وعندما يتم يعد الشئ المختار كأنه موضوع الموجب فى الأصل .
م 58 - أما إذا كان للموجب مواضيع تخييرية تستحق الأداء فى أجال موقوتة ( prestations periodiques portant sur des objets alternatifs ) ، فإن اختيار أحدهما فى أجل لا يمنع صاحب الحق من اختيار غيره فى أجل آخر ، إذا كان لا يتحصل العكس من الصك الأساسى أو العادة المألوفة أو ما يرجح أنه مشيئة الطرفين .
م 59 - إذا توفى الفريق الذى له حق الاختيار قبل أن يختار فإن حقه ينتقل إلى ورثته ، وإذا أعلن عجزه ( si elle tombe en etat d'insolvabilite declaree ) يصبح حق الاختيار لجماعة الدائنين ( masse des creanciers ) . وإذا لم يتفق الوارثون أو الدائنون ، كان الفريق الآخر أن يطلب تحديد مهلة لهم حتى إذا انتقضت أصبح حق الاختيار لهذا الفريق .
م 60 - تبرأ ذمة المديون بأداء أحد الأشياء الموعود بها ، لكنه لا يستطيع إجبار الدائن على قبول جزء من هذا الشئ وجزء من ذالك . ولا يحق للدائن أن يطلب إلا أداء أحمد الأشياء برمته ، ولا يستطيع إجبار المدين على التنفيذ بأداء جزء من هذا وجزء من ذاك .
م 64 - إذا امتنع المديون عن الاختيار ، أو كان ثمة مديونون لم يتفقوا على الاختيار ، حق للدائن ؟؟؟؟؟الكلام غيرواضح؟؟؟؟؟؟ تعيين مهلة كافية للدائن ليتمكن من الجزم فى الأمر ، فإذا انقضت المهلة قبل وقوع اختياره أصبح هذا الحق للمديون .
( وهذه النصوص وما تشتمل عليه من تفصيلات تتفق فى مجموعها مع أحكام التقنين المصرى ، بعضها نص عليه هذا التقنين ، وبعضها لا حاجة فيه إلى النص إذا يمكن استخلاصه من تطبيق القواعد العامة . لكن يلاحظ على نصوص التقنين اللبنانى أمران : ( 1 ) قيام تعارض بين المادة 59 وتقضى بأنه فى حالة عدم اتفاق ورثة المدين أو دائنيه على اختيار محل الالتزام ينتقل حق الخيار للدائن ، وبين المادة 64 وتقضى بأنه فى حالة رفض المدين اختيار محل الالتزام أو على اتفاق المدينين المتعددين على اختياره يتولى القاضى تعيينه . ( 2 ) تقضى المادة 59 بأنه إذا شهر إعسار الطرف الذى له حق الاختيار ، فإن حقه فى الاختيار ينتقل إلى جماعة الدائنين ( masse des creanciers ) . وغنى عن البيان أن هذا إذا أمكن تصوره فى الإفلاس حيث تندمج جماعة الدائنين فى اتحاد ( masse ) يمثله السنديك ، فإنه لا يمكن تصوره فى الإعسار إذ الدائنون لا يندمجون فى إتحاد ولا يمثلهم سنديك . ولكن التقنين اللبنانى صريح فى أن حق الاختيار فى حالة الإعسار يكون لجماعة الدائنين ، فيجب التسليم بأن هذا الحق ينتقل إليهم جميعاً ، فإن لم يتفقوا بعد تحديد مهلة لهم انتقل الحق إلى الطرف الآخر كما تذكر المادة 95 ) .
( [268] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعه الأعمال التحضيرية 3 ص 38 - ص 39 . ولا محل للبحث فيما إذا كان يجوز لدائنى المدين استعمال حقه فى الخيار إذا امتنع هو عن استعماله ، فالقانون يقضى بأن القاضى فى هذه الحالة يتولى الاختيار بنفسه . ولكن يجوز لدائنى المدين أن يطعنوا بالدعوى البولصية فى اختيار المدين – والاختيار تصرف قانونى مفقر – إذا تواطأ مع الدائن إضراراً بحقوقهم وتوافرت شروط الدعوى البولصية الأخرى .
( [269] ) انظر عكس ذلك بودرى وبارد 2 فقرة 1079 . ذلك أن الفقه الفرنسى يذهب إلى أن المدين لا يستطيع استعمال خياره إلا عن طريق تنفيذ أحد محال الالتزام ، ولا يكفى أن يعلن إرادته فى الاختيار دون أن يسلم إلى الدائن ما اختاره ، حتى لا تنتقل تبعة الهلاك إلى الدائن بمجرد إعلان المدين إرادته فى اختيار محل الالتزام ، فإن تبعة الهلاك فيما يجب نقل ملكيته ، فى القانون الفرنسى ، تكون على الدائن حتى قبل التسليم متى انتقلت إليه الملكية . والفقه الفرنسى ، فى مذهبه هذا ، يعتبر أن التخيير فى الالتزام التخييرى ينطوى على ضرب من الضمان للدائن يتوقى به أن يحمل تبعة هلاك الشئ ، فينبغى أن يؤتى هذا الضمان ثمرته ، ولا تنتقل تبعة الهلاك إلى الدائن إلا إذا تسلم فعلاً الشئ الواجب الأداء . ومن ثم لا يستطيع المدين أن يعمل اختياره لهذا الشئ إلا عن طريق التنفيذ الفعلى ، بأن يسلم الدائن الشئ الذى وقع عليه اختياره ( لارومبيير 3 م 1190 فقرة 3 - ديمولومب 26 فقرة 48 - كولميه دى سانتير 5 فقرة 124 - بودرى وبارد 2 فقرة 1062 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1049 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 801 ص 588 - دى باج 3 فقرة 279 - فقرة 280 - عكس ذلك : هيك 7 فقرة 291 - لوران 17 فقرة 232 ) . وغنى عن البيان أن هذه الاعتبارات لا تقوم فى القانون المصرى ، فتبعة الهلاك قبل التسليم لا تنتقل إلى الدائن عندنا حتى لو انتقلت إليه ملكية الشئ . فالقول بأن المدين يستطيع أن يختار بإعلان إرادته وقبل التسليم ليس من شأنه ، فى القانون المصرى ، أن ينقل تبعة الهلاك إلى الدائن ، بل تبقى التبعة على المدين حتى يتم التسليم . ومن ثم لا يوجد محظور فى القانون المصرى ، كما وجد فى القانون الفرنسى ، من القول بأن المدين يستطيع أن يعجل الخيار عن طريق إعلان إرادته ، فلا تزال تبعة الهلاك بعد ذلك عليه ، وبهذا يتوافر للدائن الضمان المنشود من الالتزام التخييرى . هذا إلى أن القول بإمكان استعمال الخيار عن طريق إعلان المدين لإرادته هو الذى يتفق مع القواعد العامة ، وقد أخذ به التقنين المدنى الألمانى ( م 263 ) والتقنين المدنى الأسبانيولى ( م 1133 ) .
ويثير بودرى وبارد فى هذه المناسبة مسألة تعيين المحل فى الالتزام بشئ غير معين بالذات ( obligation' de genre ) ، فهل يتعين بالفرز وتنتقل الملكية من هذا الوقت ومعها تبعة الهلاك ( فى القانون الفرنسى ) إلى الدائن ، أو لا يتعين المحل إلا بالتسليم فلا تنتقل الملكية وتبعة الهلاك إلا من ذلك الوقت؟ فالقائلون بأن المحل يتعين بالفرز يسلمون بأن الالتزام يتحول قبل تنفيذه إلى التزام بشئ معين بالذات ، والقائلون بأن المحل يتعين بالتسليم يأبون أن يتحول الالتزام ما دام قائماً عن طبيعته فيصبح التزاماً بشئ معين بالذات ( بودرى وبارد 2 فقرة 1066 - ويذهب إهرنج : أعمال مختارة 1 ص 41 - إلى أن المحل لا يتعين إلا بالتسليم . ولكن الفقهاء الألمان بعد إهرنج ذهبوا إلى أن الفرز هو الذى يعين المحل ولو تم قبل التسليم : بودرى وبارد 2 ص 218 هامش رقم 3 ) . ومهما يكن من أمر فإن مسألة تعيين محل الالتزام بشئ غير معين بالذات غير مسألة تعيين محل الالتزام التخييرى ، ولا يتحتم أن تقاس المسألة الثانية على المسألة الأولى . فقد يصح أن يقال إن الالتزام بشئ غير معين بالذات يبقى على طبيعته ما دام التزاما قائماً ، أما الالتزام التخييرى فلا يوجد مانع من وقوعه على محل معين بالذات ، فلو كان هذا المحل المعين بالذات هو الذى وقع عليه الاختيار ، لم يكن من شأن هذا التعيين أن يقلب طبيعة الالتزام ، فالالتزام منذ البداية محله معين بالذات ، يقول فى الوقت نفسه إن إعلان المدين إرادته يكفى لتعيين محل الالتزام التخييرى ( انظر بودرى وبارد 2 فقرة ؟؟؟؟؟الكلام غيرواضح؟؟؟؟؟ ص 220 - ص 221 ) .
( [270] ) الموجز للمؤلف فقرة 3 495 ص 502 الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 693 .
( [271] ) هذا هو النص فى أصله الفرنسى : art . 1199 : Le debiteur peut se liberer en delivrat l'une des deux choses promises, mais il ne peut pas forcer le creancier a recevoir une partie de l'une et une partie de l'autre .
وانظر أيضاً المادة 60 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى .
( [272] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ما يأتى : " وقد عنى التقنين البولونى بتقرير حكم آخر . . فنص فى الفقرة الثانية من المادة 22 على أنه لا يجوز للدائن أو المدين أن يقتصر على الوفاء بشق من أحد محلى التخيير وشق من المحل الآخر : انظر كذلك المادة 1191 من التقنين الفرنسى والمادة 60 من التقنين اللبنانى والمادة 121 من المشروع الفرنسى الإيطالى والمادة 56 / 46 من التقنينيين التونسى والمراكشى والمادة 1177 من التقنين الإيطالى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 38 ) .
( [273] ) انظر المادة 68 من هذا التقنين . وانظر : تولييه 6 فقرة 693 - ديمولومب 26 فقرة 52 - لوران 17 فقرة 244 - هيك 7 فقرة 291 - أوبرى ورو 4 فقرة 300 ص 70 - بودرى وبارد 2 فقرة 1080 - وقارن ديرانتون 11 فقرة 141 .
( [274] ) وقد رأينا أن خيار التعيين فى الفقه الإسلامى ينتقل إلى الورثة بعد موت المدين ( انظر آنفاً فقرة 84 فى الهامش ) .
( [275] ) انظر أيضاً المادة 64 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ، وقارن المادة 59 من نفس التقنين .
( [276] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1071 - فقرة 1073 - والتون 2 ص 376 - الموجز للمؤلف فقرة 495 ص 502 - ويرى بيدان ولاجارد ( جزء 8 فقرة 801 ص 588 ) أنه فى حالة تعدد الورثة يؤخذ أولاً بأغلبية الآراء ، فإن لم توجد أغلبية تولى القاضى التعيين . ويقضى التقنين المدنى الألمانى ( م 264 ) كما رأينا بأن الخيار ينتقل إلى الدائن .
( [277] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص نص المادة 276 مدنى ما يأتى : " يتناول هذا النص حكم امتناع من يعهد إليه بالاختيار عن استعمال حقه . فإذا كان الخيار للمدين وامتنع عن الإفصاح عن رأيه ، ضرب له القاضى أجلاً يختار فيه . وللقاضى أن يعين فى الحكم نفسه ما يلزم المدين بالوفاء به من بين ما يرد التخيير عليه ، فيما لو امتنع المدين عن الاختيار فى هذا الأجل . وقد يعترض بأن القاضى فى هذا الوضع يخرج عن حدود المألوف فى وظيفته ، ويقيم نفسه مقام المدين فى تنفيذ التزامه . بيد أن مثل هذا الاعتراض غير ظاهر الوجاهة ، فقد تقدم أن القاضى يتدخل فى تنفيذ العقود ، بل وفى تكوين بعضها ، ذا اقتضت ذلك ضرورة قاهرة أو ملحة . والحق أن تدخل القاضى فى هذه الحالة بخصوصها حتم لا محيص عنه ، فليس فى الوسع خلع حق الخيار عن المدين وإسناده إلى الدائن ، لأن ذلك يفضى إلى تحكم الثانى فى الأول خلافاً لما تقضى به قاعدة ترجيح جانب المدين عند الشك . أما إذا كان الخيار ، على نقيض ذلك ، موكولاً إلى الدائن وامتنع عن مباشرة هذا الحق ، حتى فى الأجل الذى حدده القاضى له ، فليس ثمة ما يحول دون إسناد الخيار إلى المدين . هذا وقد يتعدد من يعهد إليهم بالخيار ، كما هو الشأن فى تعدد المدينين أو خلفاء المدين ، أو تعدد الدائنين أو خلفاء الدائن ، وفى هذه الحالة يتعين اتفاق أولئك أو هؤلاء جميعاً على الخيار وإلا تولاه القاضى . وقد استظهرت الفقرة الثالثة من المادة 122 من المشروع الفرنسى الإيطالى هذا الحكم فنصت على أنه " إذا كان الخيار لأشخاص متعددين ، فللقاضى أن يضرب لهم أجلاً للاتفاق وإعلان اختيارهم ، إن لم يعلنوا ذلك فى خلال الأجل المحدد ، تولى القاضى الاختيار " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 41 ) .
( [278] ) والفقه الفرنسى هنا يسلم بجواز أن يعمل الدائن حق الخيار عن طريق إعلان إرادته ، فإن امتناع هذا الطريق على المدين إذا كان هو الذى له الخيار إنما تقرر رعاية لمصلحة الدائن حتى لا يكون هناك انتقاص للضمان الذى قصد إله من الالتزام التخييرى ، أما إذا كان الدائن هو الذى له الخيار واختار عن طريق إعلان إرادته فلابد أن يكون قد اختار طريقاً لا يتعارض مع مصلحته ( لوران 17 فقرة 237 - بودرى وبار 2 فقرة 1067 - ومع ذلك انظر ديمولومب 62 فقرة 49 - وقارن كذلك أنسيكلوبيدى داللوز 3 لفظ obligation فقرة 55 ) .
( [279] ) انظر أيضاً المادة 65 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى .
( [280] ) وقد نزل التقنين المصرى الجديد فى ذلك عند القاعدة التى تنص بأن يكون التفسير عند الشك فى مصلحة المدين ، كما نزل عند هذه القاعدة ذاتها عندما قضى بأن يكون الخيار للمدين إذا لم ينص العقد أو القانون على من يكون له الخيار ( الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 196 ) .
( [281] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1072 - قارون لوران 17 فقرة 239 - عكس ذلك ديمولومب 26 فقرة 41 .
( [282] ) وكان القاضى هو الذى يتولى الاختيار بنفسه فى عهد التقنين المدنى السابق وقد خلا هذا التقنين من نص على انتقال الخيار من الدائن إلى المدين ( انظر الموجز للمؤلف فقرة 495 ص 502 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 693 ، وانظر آنفاً فقرة 94 فى الهامش ) . وقد سبق أن ذكرنا أن العبرة فى سريان التقنين الجديد بوقت نشوء الالتزام ، فإن نشأت الالتزام التخييرى الذى يكون فيه الخيار للدائن قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، وامتنع الدائن عن إعمال حقه فى الخيار ولو وقع الامتناع بعد هذا التاريخ ، فالتقنين السابق هو الذى يسرى ويتولى القاضى تعيين محل الالتزام بنفسه . أما إذا نشأن الالتزام فى وقت غير سابق على 15 أكتوبر سنة 1949 ، فالتقنين الجديد هو الذى يسرى وينتقل الخيار من الدائن إلى المدين ( انظر آنفاً فقرة 94 فى الهامش ) . وقد قدمنا أن التقنين المدنى الألمانى ( م 264 ) يجعل الخيار ينتقل من الدائن إلى المدين ومن المدين إلى الدائن على حد سواء .
( [283] ) وقد يقع من له حق الاختيار – المدين أو الدائن – فى غلط ، فيؤدى أو يستأدى شيئاً وهو جاهل أن له حق الخيار فى تأدية أو استئداء هذا الشئ أو فى تأدية أو استئداء شئ آخر غيره .
فيقع الغلط من المدين فيما إذا كان وارثاً مثلاً لمدين بالتزام تخييرى وهو يعتقد أن التزام مورثه التزام بسيط ذو محل واحد ، فيؤديه للدائن ، ثم ينكشف له الغلط . ففى هذه الحالة يجو له – إذا اختار أن يؤدى الشئ الآخر – أن يسترد من الدائن الشئ الذى سبقت له تأديته فى مقابل أن يؤدى له الشئ الذى اختار أداءه ( تولييه 6 فقرة 692 - ديمولومب 26 فقرة 54 بودرى وبادر 2 فقرة 1081 ) . على أن الدائن إذا كان قد قبض الشئ الأول وهو حسن النية ، ثم باعه ، فإن المدين لا يسترد إلا الثمن بشرط أن ييزد هذا الثمن على قيمة الشئ الثانى الذى اختار المدين أداءه ( توليه 6 فقرة 692 - ديمولومب 26 فقرة 55 - بودرى وبارد 2 فقرة 1081 ) . أما إذا كان الوارث الذى وقع فى الغلط اعتقد أن الواجب هو أداء الشيئين معاً ، بأن ظن أن الالتزام متعدد المحل وليس بتخييرى ، كان من حقه بعد أن ينكشف له الغلط أن يسترد أياً من الشيئين يختاره . إذا كان أحد الشيئين قد هلك فى يد الدائن بسبب أجنبى ، لم يعد للمدين أن يسترد الشئ الآخر فقد تركزت محلية الالتزام فيه ( تولييه 6 فقرة 692 - ديموومب 26 فقرة 57 - فقرة 59 - لوران 17 فقرة 234 - بودرى وبارد 2 فقرة 1081 ص 31 ) .
ويقع الغلط من الدائن فيما إذا اعتقد – هو أو وارثه – أن الالتزام بسيط وأن الشئ الذى أداه له المدين هو المحل الوحيد للالتزام ، وكان يجهل أن الالتزام تخييرى وأن له ( أى للدائن ) حق الخيار . فمتى انكشف له الغلط ، جاز _ إذا اختار الشئ الآخر – أن يرد الشئ الذى أداه له المدين ، وأن يطالب بأداء الشئ الذى اختاره هو ( لارومبيير 3 م 1190 فقرة 6 - ديمولومب 26 فقرة 56 - بودرى وبارد 2 فقرة 1081 ص 230 ) .
( [284] ) ويقول بالالتزام الشرطى ماركاديه 4 فقرة 1189 . وانظر أيضاً بيدان ولاجارد 8 فقرة 802 - بلانيول وربير وبولانجيه 2 فقرة 678 ص 462 .
( [285] ) سالى بحث فى النظرية العامة للالتزام فى القانون الألمانى فقرة 10 ص 10 - بودرى وبارد 2 فقرة 1074 - جوسران 2 فقرة 746 - الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 191 ص 269 - وانظر عكس ذلك فى أن التعيين لا يستند إلى الماضى وليس له أثر رجعى : لوران 17 فقرة 240 - فقرة 241 - هيك 7 فقرة 291 - دى باج 3 فقرة 277 وفقرة 281 - فقرة 282 - كولان وكابيتان 2 فقرة 410 - الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 198 .
( [286] ) بودرى وبارد فقرة 1075 .
( [287] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1076 - انظر عكس ذلك : لوران 17 فقرة 221 - فقرة 223 - تولييه 6 فقرة 695 - لارومبيير 3 م 1193 - 1194 فقرة 2 .
والظاهر أن نقل الملكية فى خيار التعيين فى الفقه الإسلامى يستند إلى الماضى فى حالة ما إذا كان الخيار للمشترى أى للدائن . جاء فى البدائع ( جزء 5 ص 261 - ص 262 ) فى خصوص ما إذا كان الخيار للمشترى : " فحكمه ثبوت الملك للمشترى فى أحد المذكورين غير عين . . والآخر يكون ملك البائع أمانة فى يده إذا قبضه لأنه قبضه بإذن المالك لا على وجه التمليك ولا على وجه الثبوت فكان أمانة . . ولو تصرف البائع فى أحدهما فتصرفه موقوت ، إن تعين ما تصرف ليه للبيع لم ينفذ تصرفه لأنه تبين أنه تصرف فى ملك غيره ، وإن تعيين ما تصرف فيه للأمانة نفذ تصرفه لأنه ظهر أنه تصرف فى ملك نفسه فينفذ " . أما فى خصوص ما إذا كان الخيار للبائع ، فالظاهر أن الخيار يمنع زوال السلعة عن ملكه ، فلا يجوز للمشترى أن يتصرف فى أى من الشيئين . جاء فى البدائع ( جزء 5 ص 263 ) فى هذا الصدد : " فلا يجوز للمشترى أن يتصرف فيهما ولا فى أحدهما ، لأن أحدهما ليس بمبيع بيقين والآخر مبيع لكن لبائعه فيه خيار وخيار البائع يمنع وزال المبيع عن ملكه . ولو تصرف البائع فى أحدهما جاز تصرفه فيه ، ويتعين الآخر للبيع ، وله خيار الإلزام فيه والفسخ . ولو تصرف فيهما جميعاً ، جاز تصرفه فيهما ، ويكون فسخاً للبيع ، لأن تصرفه فيهما دليل إقرار المالك فيهما فيتضمن فسخ البيع كما فى المبيع المعين " .
( [288] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1077 .
( [289] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1077 ص 227 .
( [290] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 401 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا خلافاً لفظياً طفيفاً . وفى لجنة المراجعة عدل النص تعديلاً لفظياً فتمت المطابقة ، وأصبحت المادة رقمها 289 لى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 277 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 43 وص 46 ) .
( [291] ) التقنين المدنى السابق م 97 / 151 : إذا صارت إحدى الكيفيات المعينة للتنفيذ غير ممكن الحصول عليها ، فيكون قاصراً على الكيفية الممكن تنفيذ التعهد بها .
م 99 / 153 : إذا كان الخيار للمتعهد له وصار طريق من طرق الوفاء غير ممكن بتقصير المتعهد ، فللمتعهد له الخيار بين طلب الوفاء بالطريق الممكن وبين طلب التعويض المترتب على عدم الوفاء بالطريق الآخر .
م 100 / 154 : وإذا صار الطريقان المعينان للوفاء غير ممكنين بتقصير المتعهد ، فحق الخيار للمتعهد له لم يزل باقياً بين التعويضين المعينين لعدم الوفاء .
( وهذه حالات مختلفة ، أجرى عليها التقنين المدنى السابق القواعد العامة فانتهى إلى حلول يمكن الأخذ بها دون نص . ولا تزال هناك حالات أخرى سكت عنها التقنينان القديم والجديد لوضوحها من حيث تطبيق القواعد العامة . إلا أن الحالتين اللتين أوردهما التقنين الجديد – ولم يعرض لهما التقنين القديم – هما الحالتان الجديرتان بالذكر - لأن الحل الذى ينتهى إليه فيهما تطبيق القواعد العامة فى حاجة إلى التجلية والبيان ) .
( [292] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى الصورى م 277 ( مطابقة للمادة 277 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 264 ( مطابقة للمادة 277 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 301 : إذا كان خيار التعيين للمدين ، وهلك أحد الشيئين فى يده ، كان له أن يلزم الدائن بالثانى ، فإن هلكا معاً انفسخ العقد . وإذا كان المدين مسئولاً عن الهلاك ولو فيما يتعلق بواحد من الشيئين ، فيكون ملزماً بدفع قيمة آخر شئ هلك .
( والتقنين العراقى عرض للصورة التى عرض لها التقنين المصرى ، وجعل لها نفس الحل . وأضاف صورتين أخريين طبق فيهما القواعد العامة ، فانتهى إلى حلول يمكن الأخذ بها فى مصر دون نص . انظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 172 - فقرة 174 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 61 : إذا كان أحد المواضيع وحده قابلاً للتنفيذ ، فالموجب يكون أو يصبح من الموجبات البسيطة ( هذا الحكم يتفق مع المبادئ العامة ويمكن تطبيقه فى مصر ) .
م 62 : يسقط الموجب التخييرى إذا أصبحت مواضيع مواضيع الموجب كلها مستحيلة فى وقت واحد بدون خطأ من المديون وقبل تأخره ( هذا الحكم يتفق أيضاً مع المبادئ العامة ويمكن تطبيقه فى مصر ) .
م 63 : إذا أحصبت مواضيع الموجب كلها مستحيلة فى وقت واحد بخطأ من المديون أو بعد تأخره ، أنكم الدائن أن يطالب بثمن ما يختاره من تلك المواضيع ( هذا الحكم يتفق أيضاً مع المبادئ العامة يمكن تطبيقه فى مصر ) .
م 66 : إذا حدث فى الحالة المشار إليها فى المادة السابقة ( الخيار للدائن ) أن تنفيذ أحد مواضيع الموجب أصبح مستحيلاً بخطأ من المديون أو بعد تأخره ، حق للدائن أن يطالب بالموضوع الذى بقى ممكناً أو بأداء عوض يناسب الضرر الناجم عن استحالة تنفيذ ذلك الموضوع ( يتفق هذا النص فى الحكم مع المادة 99 / 153 من التقنين المدنى المصرى السابق ، ويتفق أيضاً مع المبادئ العامة فيمكن تطبيقه فى مصر ) .
م 67 : إذا أصبح تنفيذ أحد مواضيع الموجب مستحيلاً بخطأ الدائن ، كأنه اختار هذا الموضوع ، فلا يمكنه أن يطالب بما بقى ممكناً من المواضيع ( كان تطبيق القواعد العامة يقضى بأن الدائن فى هذه الحالة يختار بين أن يعتبر نفسه قد اختار المحل الهالك وبين أن يطالب بالشئ الباقى مع دفع تعويض عما تسبب فى هلاكه بخطأه . وهذا هو الحل الواجب الاتباع فى مصر ، مادام التقنين المصرى لا يتضمن نصاً كنص التقنين اللبنانى ) .
( [293] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 43 - ص 44 .
( [294] ) انظر فى هذا المعنى المادة 1195 من التقنين المدنى الفرنسى والمادة 62 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " إذا كانت استحالة التنفيذ راجعة إلى سبب أجنبى ، انقضى الالتزام ، وفقاً للقواعد العامة ، متى شملت هذه الاستحالة جميع الأمور التى يرد التخيير عليها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 41 ) . وفى مكان آخر : " وإن كان التخيير للدائن ، واستحال تنفيذ جميع ما يرد التخيير عليه من جراء سبب أجنبى ، انقضى الالتزام طبقاً للقواعد العامة ، كما هو الشأن عند تخويل المدين خيار التعيين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 45 ) .
وينقضى الالتزام لاستحالة التنفيذ فى الصورة التى نحن بصددها سواء هلك الشيئان معاً فى وقت واحد ، أو هلك أحدهما بعد هلاك الآخر . والفرق بين هاتين الحالتين لا أهمية له من الناحية العملية ، فقد قدمنا أن الالتزام ينقضى فيهما معاً . غير أنه من الناحية النظرية يصبح الالتزام بسيطاً ، فى الحالة الثانية ، بهلاك أحد الشيئين ، ثم ينقضى بهلاك الشئ الآخر . أما فى الحالة الأولى فينقضى الالتزام وهو تخييرى دون أن يصبح بسيطاً قبل انقضائه ( بودرى وبارد 2 فقرة 1082 ص 232 هامش رقم 2 ) .
( [295] ) انظر فى هذا المعنى المادة 97 / 151 من التقنين المدنى السابق والمادة 1193 فقرة أولى من التقنين المدنى الفرنسى . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " أما إذا اقتصرت الاستحالة على أحد محلى التخيير ، فيسقط خيار المدين ، ولا يكون له إلا الوفاء بالآخر ، وليس ثمة معدى عن إمضاء هذا الحكم ، فهو حتم تقتضيه طبيعة الأشياء ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 44 ) .
على أنه يمكن التساؤل عما إذا كان يحق للمدين فى هذه الصورة أن يختار بين الوفاء بالشئ الباقى وبين دفع قيمة الشئ الهالك ، ولكن يعترض على هذا الحل بأنه لو سلم به لوجب ، فيما إذا هلك الشئ الباقى هو أيضاً بسبب أجنبى ولو هلكا على التوالى كما تقدم القول . بقى أن يقال أن المدين يرى نفسه مضطراً أن يفى بالشئ الباقى مع احتمال اختياره للشئ الهالك لو لم يهلك بسبب أجنبى ، فله إذن بعد أن يفى بالشئ الباقى أن يسترد من الدائن الفرق فى القيمة ما بين الشيئين فيما إذا كان الشئ الباقى أعلى قيمة من الشئ الهالك ( انظر بودرى وبارد 3 فقرة 1087 ويشير إلى لابيه فى بحث له فى بعض الصعوبات المتعلقة بهلاك الشئ الواجب الأداء وباتحاد الذمة ص 53 وما بعدها ) . ولكن إذا جاز للمدين إجبار الدائن على تقاضى الشئ الهالك لو أنه بقى قائماً ، فإنه لا يجوز له أن يجبره على تقاضى الشئ الباقى مع استرداد الفرق ما بين القيمتين ، ففى هذا تجوز لا تبيحه علاقة المديونية فيما بينهما .
( [296] ) انظر فى هذا المعنى 97 / 151 من التقنين المدنى السابق والمادة 1193 فقرة أولى من التقنين المدنى الفرنسى . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " أما إذا اقتصرت الاستحالة على أحد محلى التخيير دون الآخر ، وكانت راجعة إلى خطأ المدين ، فيتعين عليه الوفاء بما يقوم به وصف الإمكان حتى لا يفيد من خطأه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 45 ) .
( [297] ) لارومبيير 3 م 1193 - 1194 فقرة 11 - ديمولومب 26 فقرة 97 - بودرى وبارد 2 فقرة 1100 - وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " وإن اقتصرت الاستحالة على أحد محلى التأخير ، فللمدين وقد ثبت له خيار التعيين ، أن يختار الوفاء بالآخر ، وفى هذه الحالة يكون له أن يطالب الدائن بقيمة ما استحال الوفاء به من جراء خطأه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 44 ) .
( [298] ) انظر بودرى وبارد 2 فقرة 1090 - فقرة 1091 - الأستاذ عبد الحى حجازى ص 197 . أما لو هلك الشئ الآخر – فى الحالة التى نحن بصددها – بخطأ الدائن ، فيكون الدائن بمثابة من استوفاه ، ولا يرجع على المدين بشئ .
( [299] ) انظر بودرى وبارد 2 فقرة 1089 - أما إذا كان هلاك الشئ الأول - فى الحالة التى نحن بصددها بخطأ الدائن ، وهلك الشئ الثانى بخطأ المدين ، فالمدين إما أن يختار الشئ الأول وقد هلك بخطأ الدائن فتبرأ ذمة المدين ، وإما أن يختار الشئ الثانى فيدفع قيمته للدائن ويرجع عليه بقيمة الشئ الأول .
( [300] ) انظر المادة 1193 فقرة ثانية من التقنين المدنى الفرنسى ، وانظر بودرى وبارد 2 فقرة 1092 - فقرة 1093 . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ما يأتى : " أما إذا كانت الاستحالة قد حدثت من جراء خطأ المدين ؟؟؟؟؟غيرواضح؟؟؟؟؟؟ كانت شاملة لجميع الأمور التى يرد التخيير عليها – وهذا هو الفرض الذى عنى المشروع بالنص على حكمه – فقد يتبادر إلى الذهن أن المدين ، بوصفه المتصرف فى الخيار ، يستطيع أن يبرئ ذمته بأداء قيمة ما يختاره ، لا سيما أن ذا هو حكم تحقق استحالة جميع الأمور التى يرد عليها التخيير فى آن واحد . وكن ينبغى التفريق فى هذا الصدد بين فروض عدة : فإذا استحال الوفاء بأحد محلى التخيير قبل تحقيق الاستحالة فى الآخر ، وجب أن يستبعد الأول من نطاق التخيير ، ويستوى فى هذا المقام أن تكون الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين أم إلى حادث فجائى ، ذلك بأن المدين لا يسوغ له أن يفيد من خطأه فى الحالة الأولى ، وهو ملزم يتحمل التبعة فى الحالة الثانية ، ولهذه العلة يتعين عليه أداء ما طرأت عليه استحالة التنفيذ أخيراً " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 44 - 45 ) .
( [301] ) وهذا هو أيضاً الحكم فيما ولو كان الشئ الذى هلك أولا هلك بخطأ المدين ، فإن محل الالتزام فى هذه الحالة أيضاً يتركز فى الشئ الآخر الذى هلك بخطأ الدائن ، ولما كان الدائن قد أهلكه بخطأه فيكون بمثابة من استوفاه وتبرأ ذمة المدين من الالتزام .
( [302] ) ونفرض ، فى الحالة التى نحن بصددها ، أن الشئ الذى هلك أولاً هلك بخطأ الدائن ، وهلك الشئ الآخر بخطأ المدين لا بسبب أجنبى . فللمدين ، وله الخيار ، أن يختار أى الشيئين . فإن اختار الشئ الأول الذى هلك بخطأ الدائن ، يكون الدائن بمثابة من استوفاه ولا يرجع بشئ على المدين ، يتحمل المدين هلاك الشئ الآخر إذ هلك بخطأه . وإن اختار المدين الشئ الآخر الذى هلك بخطأه ، فعليه أن يؤدى قيمته للدائن ، ثم يرجع عليه بقيمة الشئ الأولى .
( [303] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1101 - الموجز للمؤلف فقرة 495 ص 502 - وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " وإذا كانت استحالة التنفيذ ترجع إلى خطأ الدائن ، وكانت تتناول جميع الأمور التى يرد التخيير عليها ، فللمدين وهو صاحب الخيار أن يعين الأمر أو التكليف الذى يعتبر أن ذمته قد برئت بسبب الهلاك الحادث من جراء هذا الخطأ " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 44 ) .
( [304] ) انظر فى هذا المعنى المادة 97 / 151 من التقنين المدنى السابق والمادة 1194 الفقرة الثانية من التقنين المدنى الفرنسى . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " أما إذا اقتصرت الاستحالة على أحد محلى التخيير ، فليس للدائن ألا أن يختار الوفاء بالآخر مادام هذا الوفاء ممكناً . وليس شك فى أن إمضاء هذا الحكم حتم تقتضيه طبيعة الأشياء ، كما هى الحال عندما يعهد للمدين بالخيار " ( مجموعة العمال التحضيرية 3 ص 45 ) .
( [305] ) انظر فى هذا المعنى المادة 99 / 153 من التقنين المدنى السابق والمادة 1194 الفقرة الثانية من التقنين المدنى الفرنسى والمادة 66 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " فإن اقتصرت الاستحالة على أحد محلى التخيير ، فللدائن إن يطالب بالوفاء بالآخر ما دام هذا الوفاء ممكناً ، أو أن يطالب بقيمة الأول وهو الذى أصبح تنفيذه مستحيلاً من جراء خطأ المدين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 45 ) .
( [306] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " أما إذا اقتصرت الاستحالة على أحد محلى التخيير ، فللدائن – وهو صاحب الخيار – أن يختاره ، ويكون بذلك قد استوفى حقه . وله كذلك أن يختار استيفاء ما بقى الوفاء به ممكناً ، على أن يؤدى فى هذه الحالة قيمة ما استحال الوفاء به من جراء خطأه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 45 ) .
هذا وتقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( م 67 ) يفرض على الدائن أن يختار الشئ الذى هلك بخطأه ، فتبرأ ذمة المدين بهذا الهلاك .
( [307] ) أما المادة 1194 فقرة ثالثة من التقنين المدنى الفرنسى فتقضى بأن للدائن الرجوع على المدين بالقيمة التى يختارها من إحدى قيمتين : قيمة الشئ الذى هلك بخطأ المدين وقيمة الشئ الذى هلك بسبب أجنبى . وينتقد الفقه الفرنسى هذا الحكم ، ويرى فى الخيار الذى أعطى للدائن ضرباً من العقوبة فرضها القانون على المدين ( لارومبيير 3 م 1193 فقرة 9 - ديرانتون 11 فقرة 148 - ماركاديه 4 فقرة 586 - ديمولومب 26 فقرة 88 - لوران 17 فقرة 250 - بودرى وبارد 2 فقرة 1095 ) أما إذا كان هلاك أحد الشيئين – فى الحالة التى نحن بصددها – بخطأ الدائن وهلاك الشئ الآخر بخطأ المدين لا بسبب أجنبى ، فللدائن – وله الخيار – أن يختار أحد الشيئين . فإن اختار الشئ الذى هلك بخطأه يكون بمثابة من استوفاه ، وإن اختار الشئ الذى هلك بخطأ المدين رجع عليه بقيمته وأدى له قيمة الشئ الذى هلك بخطأه .
( [308] ) انظر فى هذا المعنى المادة 100 / 154 من التقنين المدنى السابق والمادة 1194 فقرة ثالثة من التقنين المدنى الفرنسى . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " فإذا كانت استحالة التنفيذ ناشئة عن خطأ المدين ، وكانت شاملة لجميع الأمور التى يرد التخيير عليها ، فللدائن – وهو المتصرف فى الخيار – أن يطالب المدين بقيمة ما يقع عليه اختياره " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 45 ) .
( [309] ) أما إذا هلك الشئ بخطأ المدين لا بسبب أجنبى ، رجعنا إلى حالة سبق بيان حكمها . وللدائن أن يختار الشئ الذى هلك بخطأه فيكون بمثابة من استوفاه ، أو الشئ الذى هلك بخطأ المدين فيستأدى قيمته ويؤدى قيمة الشئ الذى هلك بخطاه .
( [310] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1103 - وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " وإذا نشأت استحالة التنفيذ عن خطأ الدائن ، وتناولت الأمور التى يرد التخيير عليها ، أصبح هذا الدائن مسئولاً عن هلاك الشئ الذى لا يقع عليه اختياره وتعين عليه أداء قيمته ، باعتبار أن هلاك ما يقع عليه الاختيار يستتبع براءة ذمة المدين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 45 ) .
أما أحكام الهلاك فى خيار التعيين فى الفقه الإسلامى فالضابط فيها أنه إذا كان الخيار للبائع ( أى للمدين ) فإن الخيار يمنع زوال السلعة عن مالكه ، وإذا كان الخيار للمشترى ( أى للدائن ) فإن الخيار يثبت الملك له فى أحد الشيئين غير عين والآخر يكون ملك البائع أمانة فى يديه إذا قبضه . وفى جميع الأحوال يقترن خيار الشرط بخيار التعيين . ويترتب على ذلك ما يأتى :
( أ ) إذا كان الخيار للبائع : 1 - قبل القبض : وهلك أحدهما يهلك أمانة ، والبائع على خياره ، إن شاء ألزم المشترى الباقى منهما لأنه تعين للبيع ، وإن شاء فسخ البيع فيه لأنه غير لازم بسبب خيار الشرط . وتعليل ذلك أن خيار البائع يمنع زوال السلعة عن ملكه ، فيهلك على ملك البائع أى أن الهالك يهلك أمانة - ويتعين الباقى للبيع وله فيه خيار الشرط ، وليس للبائع أن يلزم المشترى الشئ الهالك لأنه هلك أمانة – وإن هلكا جميعاً بطل البيع بهلاك المبيع قبل القبض بيقين . 2 - بعد القبض : وهلك أحدهما يهلك أمانة أيضاً كما لو هلك قبل القبض ، ويتعين الباقى منهما للبيع وللبائع فيه خيار الشرط ، إن شاء ألزمه المشترى وإن شاء فسخ البيع فيه . وتعليل ذلك أن خيار البائع يمنع زوال السلعة عن ملكه ، فيهلم الهالك على ملك البائع وليس له أن يلزمه المشترى لأنه هلك أمانة ، ويتعين الباقى للبيع وللبائع فيه خيار الشرط - وإن هلكا جميعاً ، فإن كان ؟؟؟؟غيرواضح؟؟؟؟؟ بالتعاقب هلك الأول أمانة ، وتبين الثانى للبيع وفيه خيار الشرط فيهلك بقيمته لا بثمنه . وإن كان هلاكهما معاً فى وقت واحد ، فعلى المشترى نصف قيمة كل منهما لأن البيع شاع فيهما .
( ب ) وإذا كان الخيار للمشترى : 1 - قبل القبض : وهلك أحدهما لا يبطل البيع ، ولكن المشترى بالخيار إن شاء أخذ الباقى بثمنه ، وإن شاء ترك لأن المبيع قد تغير قبل القبض بالتعيين وهذا يوجب الخيار – وإن هلكا جميعاً بطل البيع بهلاك المبيع قبل القبض بيقين . 2 - بعد القبض : وهلك أحدهما تعين الهالك للبيع ولزم المشترى ثمنه ، وتعين الآخر للأمانة لأن الأمانة فيما مستحقة الرد على البائع ، وقد خرج الهالك عن احتمال الرد فيه ، فتعين الباقى للرد وتعيين الهالك للبيع ضرورة – وإن هلكا جميعاً ، فإن كان هلاكهما على التعاقب هلك الأول مبيناً وهلك الآخر أمانة . وإن هلكا معاً فى وقت واحد لزم المشترى ثمن نصف كل منهما ، لأنه ليس أحدهما بالتعيين أولى من الآخر ، فشاع البيع فيهما جميعاً .
هذا ويخالف خيار التعيين فى الفقه الإسلامى الالتزام التخييرى من الوجوه الآتية :
(1) خيار التعيين لابد فيه من ذكر المدة على خلاف فى الرأى ، ولا يزيد على الثلاث .
(2) إذا مضت المدة فى خيار التعيين ، ولم يختر من له حق الخيار ، نقض البيع ( الخطاب 4 ص 425 ) .
(3) فى خيار التعيين إذا كان الخيار للمشترى ، ثبت له الملك فى أحد الشيئين غير معين ويكون الثانى فى يده أمانة . وإذا كان الخيار للبائع ، لم يزل أى الشيئين عن ملكه .
(4) يجتمع مع خيار التعيين خيار الشرط ، فلا يلزم البيع من له الخيار إلا بعد أن يتم تعيين الشئ الواجب الأداء .
( [311] ) مراجع : بودرى وبارد 2 فقرة 1408 - فقرة 1051 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1052 - فقرة 1503 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 804 - فقرة 805 - دى باج 1 فقرة 283 - فقرة 286 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1323 - فقرة 1326 - كولان وكابيتان 2 فقرة 679 - جوسران 2 فقرة 747 - فقرة 748 .
( [312] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 402 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم المادة 290 فى المشروع النهائى, ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 278 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 47 - ص 48 ) .
( [313] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 278 ( مطابقة للمادة 278 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 265 ( مطابقة للمادة 278 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 302 : 1 - يكون الالتزام بدلياً إذا لم يكن محله إلا شيئاً واحداً ولكن تبرأ ذمة أدى بدلاً من شيئاً آخر . 2 - والأصل لا البدل هو وحده محل الالتزام ، وهو الذى يحدد طبيعته . ( ويطابق هذا النص فى الحكم نص المادة 278 من التقنين المدنى المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 68 : يكون الموجب اختيارياً حين يجب أداء شئ واحد مع تخويل المديون الحق فى إبراء ذمته بأداء شئ آخر . والشئ الواجب الأداء هو ، فى نظر الشرع ، موضوع الموجب الذى تعين به ماهيته ، لا الشئ الآخر الذى يستطيع المديون أن يبرئ ذمته بأدائه .
م 69 : يسقط الموجب الاختيارى إذا هلك الشئ الذى يكون موضوعاً له بغير خطأ من المديون وقبل تأخره ، ولا يسقط إذا هلك الشئ الذى جعل تسلميه اختيارياً .
( وأحكام التقنين اللبنانى تتفق مع أحكام التقنين المصرى ، وقد زاد التقنين اللبنانى أن أورد حكم هلاك الشئ الأصل وحكم هلاك البدل بما يتفق مع القواعد العامة ) .
( [314] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 47 .
( [315] ) انظر فى أمثلة أخرى بيدان ولاجارد 8 فقرة 804 ص 592 .
( [316] ) انظر فى هذا المعنى المادة 69 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى .
( [317] ) أوبرى ورو 4 فقرة 300 ص 71 .
( [318] ) الموجز للمؤلف فقرة 498 - الأستاذ أحمد حشمت أبون ستيت فقرة 696 - الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 200 - الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 192 .
وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ويناط الحكم على طبيعة الالتزام البدلى بالتكليف الأصيل الذى يرد عليه ويعتبر محلاً له على وجه الأفراد ، دون البديل الذى يكون للمدين أن يبرئ ذمته بأدائه . ويتفرع على ذلك أن الالتزام البدلى ينقضى إذا أصبح الوفاء بهذا التكليف الأصيل مستحيلاً قبل إعذار المدين بغير خطأ منه ، لكنه يظل على نقيض ذلك قائماً رغم استحالة الوفاء بالبديل ( انظر المادة 69 من التقنين اللبنانى ) . وكذلك يرجع فى اعتبار الالتزام البدلى عقارياً أو منقولاً ، وفى التقاضى بشأن هذا الالتزام ، ولا سيما فيما يتعلق بتقدير القيمة والاختصاص ، إلى محله الأصيل دون البديل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 47 - ص 48 ) .
( [319] ) الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 199 - الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 192 .
( [320] ) انظر فى هذه الفروق : أوبرى ورو 4 فقرة 300 ص 70 - بودرى وبارد 2 فقرة 1050 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1053 .
( [321] ) جوسران 2 فقرة 748 .
( [322] ) استئناف مختلط 6 يناير سنة 1916 م 28 ص 95 - وانظر من هذا الرأى الأستاذ محمود أبو عافية : محاضرات فى الالتزامات ص 115 - وقارن الأستاذين سليمان مرقس ومحمد على إمام فى عقد البيع ص 61 - ص 63 .
( [323] ) الوسيط 1 فقرة 142 ص 263 - ص 264 وص 264 هامش رقم 1 – الوسيط 2 فقرة 490 .
( [324] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 47 .
( [325] ) إذ يلاحظ أن للراهن حقاً كما أن عليه التزاماً . فمن حقه أن يطالب هو ببيع العين المرهونة خوفاً عليها من التلف ، إذا تأخر الدائن فى ا لتقدم بهذا الطلب .
( [326] ) أما ما قضت به المادة 273 مدنى من أن المدين ، إذا ضعف التأمين لسبب أجنبى ، يلتزم بدفع الدين فوراً أو بتقديم تأمين ، فهذا التزام تخييرى الخيار فيه للمدين كما سبق القول . وما ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 31 وص 47 ) من أنه التزام بدلى فغير صحيح ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك ( انظر آنفاً فقرة 73 وفقرة 92 ) .
هذا وقد أنشاً القانون الفرنسى بعضاً من الالتزامات البدلية ، والمقابل لها فى القانون المصرى التزامات تخييرية لا بديلة ( انظر المادة 1681 من التقنين المدنى الفرنسى وتقابلها المادة 425 من التقنين المدنى المصرى ، وانظر المادة 120 من التقنين التجارى الفرنسى وتقابلها المادة 119 من التقنين التجارى المصرى ) : انظر بودرى وبارد 2 فقرة 1049 .
وقد يكون البدل أكثر من شئ واحد ، ويكون للمدين أن يختار من هذه الأبدال البدل الذى يرتضيه عوضاً عن الوفاء بالمحل الأصلى ، فالالتزام هنا يكون بدلياً من ناحية الوفاء وتخييرياً من ناحية البدل . ونجد فى المادة 1072 مدنى مثلاً لذلك ، فهى تنص على أنه " إذا لم يختر الحائز أن يقضى الديون المقيدة ، أو يطهر العقار من الرهن ، أو يتخلى عن هذا العقار ، فلا يجوز للدائن المرتهن أن يتخذ فى مواجهته إجراءات نزع الملكية وفقاً لأحكام قانون المرافعات إلا بعد إنذاره بدفع الدين المستحق أو تخلية العقار . ويكون الإنذار بعد التنبيه على المدين بنزع الملكية أو مع هذا التنبيه فى وقت واحد " . ويستفاد من هذا النص أن الحائز للعقار المرهون يكون ملتزماً التزاماً بتحمل إجراءات نزع الملكية ( انظر أنسيكلوبيدى داللوز 3 لفظ obligation فقرة 61 - الموجز للمؤلف فقرة 497 ص 504 هامش رقم 2 ) . وله أن يفتدى ذلك ببديل ، وهذا البديل أمر من أمور ثلاثة : ( 1 ) قضاء الدين المضمون بالرهن ( 2 ) تطهير العقار المرهون ( 3 ) التخلى عنه . فهنا البدل تخييرى ، وللمدين أن يختار ما بين هذه الأمور الثلاثة ، إذا لم يرغب فى الوفاء بالمحل الأصلى وهو تحمل إجراءات نزع الملكية .
( [327] ) وإذا كان المحل الأصلى غير قابل للتجزئة ، فإن البديل لا ينقسم على ورثة المدين حتى لو كان قابلاً للتجزئة . فلو التزم المدين بالإيراد أن يعطى رهناً لضمانه وإلا رد رأس المال ، فإن إعطاء الرهن يكون هو لاملح الأصلى ورد رأس المال هو البديل . ولما كان الرهن لا يتجزأ ، فإن البديل وهو رد رأس المال لا يتجزأ أيضاً وإن كان قابلاً للتجزئة . ومن ثم فإن ورثة المدين إذا اختاروا الوفاء بالبديل عوضاً عن المحل الأصلى ، فأرادوا رد رأس المال بدلاً من إعطاء الرهن وجب أن يردوا رأس المال كاملاً دون أن يتجزأ عليهم ( أنسيكلوبيدى داللوز 3 لفظ Obligation فقرة 63 ) .
( [328] ) وهناك التزام تتعد أطرافه لا على سبيل الجمع بل على سبيل التخيير ، فيكون الدائن متعدداً على أن يكون أحد هؤلاء المتعددين دون الباقى هو الدائن وحده ، أو يكون المدين متعدداً على أن يكون أحد هؤلاء المتعددين دون الباقى هو المدين وحده – ويسمى الالتزام الذى تتعد أطرافه على سبيل التخيير بالالتزام التخييرى الطرف ، ويدعى فى فرنسا بعبارة ( obligation disjointe ) . فكما يتعدد المحل فى الالتزام التخييرى المحل على أن يكون أحد المحال المتعددة هو وحده محل الالتزام ، كذلك تتعد الأطراف فى الالتزام التخييرى الطرف على أن يكون أحد الأطراف المتعددة هو وحده الدائن أو المدين . ويتحقق ذلك أكثر ما يتحقق فى الوصية ، فيوصى الشخص لفلان ثم لفلان إن مات الأول قبله . على أنه نادر الوقوع فى العمل ، ولم يبحثه فى فرنسا إلا بعض فقهاء القرن التاسع عشر ( انظر ديمولومب 26 فقرة 101 - فقرة 104 - وانظر فى المعنى الذى قدمناه بودرى وبارد 2 فقرة 1107 ص 244 هامش رقم 1 ) .
هذا ولا يوجد ما يمنع من أن يجمع الالتزام أوصافاً عدة ، فيكون التزاماً شرطياً ويكون فى الوقت ذاته تخييرياً من حيث المحل وتضامنياً من حيث الأطراف ( دى باج 3 فقرة 287 ) .
( [329] ) انظر فى هذا المعنى دى باج 3 ص 280 هامش رقم 2 .
( [330] ) وهذه حالة من حالات الدين المشترك فى الفقه الإسلامى ، ونظام الدين المشترك أذ به التقنين المدنى العراقى دون التقنين المدنى المصرى كما سنرى .
( [331] ) ومع ذلك يصور الأستاذ إسماعيل غانم انتقال الديون إلى ورثة المدين فى الشريعة الإسلامية على النحو الآتى : " إن أموال المورث وديونه تنتقل جميعاً إلى الوارث بمجرد الوفاة فيصبح مالكاً لتلك الأموال ومديناً بالديون . غير أن مسئوليته عن هذه الديون ليست مسئولية شخصية تمتد إلى كافة أمواله الموروث منها وغير الموروث ، وإنما هى مسئولية عينية محددة تنحصر فيما تلقاه عن مورثه من أموال ، فتنقل إليه هذه الأموال محملة بحق عينى تبعى لمصلحة الدائنين يخول لهم استيفاء ديونهم منها بالأفضلية على دائنى الوارث الشخصيين ، كما يخول لهم تتبع تلك الأموال إذا تصرف فيها الوارث قبل سداد ديونهم " ( أحكام الالتزام فقرة 19 ص 31 - ورسالته فى الذمة المالية فقرة 26 - فقرة 32 ) . ثم يقول فى موضع آخر : " تطبق القاعدة ذاتها ( قاعدة انقسام الدين ) فى القانون الفرنسى إذا توفى المدين عن عدة ورثة ، فينقسم الدين بينهم كل بقدر حصته فى التركة . أما فى القانون المصرى ، فلا يخضع الدين لقاعدة الانقسام . ويفسر ذلك عادة بأن الديون لا تنتقل إلى الورثة أصلاً ، بل تكون التركة هى المدينة على أساس بقاء الديون متعلقة بذمة المورث ، فيفترض استمرار ذمته بعد وفاته إلى أن تسوى ديونه من أمواله . وقد سبقت الإشارة إلى أن التفسير الصحيح لمركز الوارث فى القانون المصرى يقتضى التسليم بأن أمال المتوفى وديونه تنتقل إلى الورثة بمجرد الوفاة ، ولكن ذلك لا يعنى أن الالتزام ينقسم بين الورثة فى علاقتهم بالدائن ، فمن المسلم أن الورثة ، ومسئوليتهم عن ديون المورث مسئولية عينية محددة بالأموال التى تركها ، لا يتلقون تلك الأموال خالصة ، بل محملة بحق عينى تبعى يكفل للدائنين تتبع أعيان التركة والأولوية فى استيفاء حقوقهم منها . والقاعدة أن الحق العينى التبعى لا يقبل التجزئة ، وعلى ذلك فللدائن أن يرجع بحقه كاملاً على أى مال من أموال التركة . فإذا اقتسم الورثة أموال التركة ، فاختص أحدهم بعين معينة تعادل حصته فى الميراث ، فللدائن رغم ذلك أن يستوفى حقه كاملاً من تلك العين بوصفها محملة بحق عينى تبعى يكفل له ضماناً لا يقبل التجزئة . وليس للوارث ، إذا وفى الدين كاملاً أو استوفى الدين جبراً عليه من العين التى اختص بها فى القسمة ، إلا أن يرجع على الورثة الآخرين بما زاد عن حصته فى الدين " ( أحكام الالتزام ص 272 هامش رقم 1 ) . ويبدو أن الأستاذ إسماعيل غانم يذهب إلى أن الدين فى الشريعة الإسلامية ينتقل إلى الوارث بعنصرية من مديونية ومسئولية ، ولكن المسئولية محدودة بما أصابه الوارث من مال التركة ، أما عدم انقسام الدين على ورثة المدين فيرجع إلى هذا الحق العينى التبعى الذى يثقل كل أموال التركة وهو حق غير قابل للانقسام .
( [332] ) أما بالنسبة إلى ورثة المدين ، فالدين فى الشريعة الإسلامية لا ينقسم على هؤلاء الورثة ، وقد تقدم ذكر ذلك .
( [333] ) ويلاحظ أن الدين ينقسم بحسب نصيب كل من الأطراف أو بأنصبة متساوية ، لا فحسب فى علاقة الدائنين بالمدين أو علاقة المدينين بالدائن ، بل أيضاً فيما بين الدائنين أو فيما بين المدينين بعضهم مع بعض ، أى أن نصيب كل منهم فى الالتزام بالدين ( obligation a la dette ) معادل لنصيبه فى المساهمة فيه ( contribution a la dette ) . وسنرى فى الالتزام التضامنى وفى الالتزام غير القابل للانقسام أن النصيب فى الالتزام بالدين قد يختلف عن النصيب فى المساهمة فيه ( دى باج 3 فقرة 291 ) . على أنه يجوز ، فى الالتزام متعدد الأطراف ، الاتفاق على أن يكون النصيب فى الالتزام بالدين غير النصيب فى المساهمة فيه ( دى باج 3 فقرة 289 ص 282 ) .
ويجوز أن ينشأ من العقد الواحد التزامات عدة ، بعضها قابل للانقسام وبعضها غير قابل له ، فإذا اشترى شخصان داراً صفقة واحدة ، فإن الالتزام بالثمن يكون قابلاً للانقسام ، أما الالتزام بتسليم الدار فإنه يكون غير قابل له ( دى باج 3 فقرة 289 ص 282 ) .
( [334] ) على أن هذا الاستقلال لا يكون كاملاً من بعض الوجوه التفصيلية ( انظر فى ذلك بودرى وبارد 2 فقرة 111 - ديمولومب فقة 113 - فقرة 114 ) .
( [335] ) انظر فى كل هذه النتائج أوبرى ورو 4 فقرة 298 ص 23 - بودرى وبار 2 فقرة 1112 - فقرة 1113 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1057 - دى باج 3 فقرة 290 وقد ورد فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى من النصوص فى هذا الصدد ما يأتى :
م 9 : يجوز أن يتص الموجب الواحد بعدة أشخاص موجب لهم أو موجب عليهم . وتقسم الموجبات من هذا القبيل إلى موجبات متقارنة وموجبات متضامنة .
م 10 : إن توزيع المنافع والتكاليف فى الموجبات المتقارنة يتم حتماً على قاعدة المساواة بين الدائنين والمديونين ، ما لم يكن العقد يقضى بخلاف ذلك . فيكون فى الحقيقة عدد الديون بقدر عدد الدائنين أو المديونين ، وهو الأمر الذى يجب الاعتداد به ، ولا سيما فى : 1 - ما يتعلق بحق المداعاة ، إذ لا يمكن أحد الدائنين أن يستعمل هذا الحق ، كما لا يمكن استماله على أحد المديونين ، إلا بقدر النصيب الذى يكون للدائن أو النصيب الذى يكون على المديون من ذلك الموجب . 2 - ما يختص بإنذار كل من المديونين أو بنسبة الخطأ إليه ، فإن الإنذار ونسبة الخطأ ؟؟؟؟ فى شأن كل مديون على حدة . 3 - ما يتعلق بتقدير أحوال البطلان التى يمكن أن تكون شخصية لكل ذى شأن فى الموجب . 4 ما يختص بالأعمال التى تقطع حكم مرور الزمن بالأسباب التى توقف سريانه .
( [336] ) دى باج 3 فقرة 290 .
( [337] ) مراجع : بيلون ( Pilon ) فى النظرية العامة فى النيابة فى الالتزامات رسالة من كان سنة 1897 - يوانيد ( Ioanid ) فى التضامن الناقص رسالة من باريس سنة ؟؟؟؟؟ - ديشون ( Duchon ) فى النيابة فى التضامن رسالة من باريس سنة 1907 - هامل ( Hamel ) رسالة من بواتييه سنة 1908 - أودينو ( Oudinot ) فى النيابة الناقصة فى القانون الفرنسى رسالة من باريس سنة 1909 - هوانج هاى ( Huang - Hai ) فى التضامن السلبى رسالة من باريس سنة 1934 - فرانسوا ( I .Francois ) فى التمييز بين الالتزام التضامنى والالتزام التضاممى ( in solidum ) رسالة من باريس سنة 1936 - دراكيديس ( Drakidis ) فى المبدأ القاضى بأن التضامن لا يفترض رسالة من باريس سنة 1939 . هرفيه ( Herve ) فى التضامن وعدم القابلية للانقسام والكفالة رسالة من بوردو سنة 1940 - كايزر ( Kayser ) رسائل فى التضامن فى المسئولية عن العمل غير المشروع المجل الانتقادية سنة 1931 ص197 - فانسان ( Vicent ) توسع القضاء فى فكرة التضامن السلبى المجلة الفصلية للقانون المدنى سنة 1939 ص601 .
أوبرى ورو 4 فقرة 398 وما بعدها - بودرى وبارد 2 فقرة 1107 وما بعدها - بنكاز 2 فقرة 784 وما بعدها - بلانيول وريير وجابولد 7 فقرة 1059 وما بعدها – بيدان ولاجارد 8 فقرة 1108 وما بعدها - دى باج 3 فقرة 311 وما بعدها – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1841 وما بعدها – كولان وكابيتان 2 فقرة 411 وما بعدها – جوسران 2 فقرة 754 وما بعدها .
( [338] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1059 ص414 .
( [339] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1119 .
( [340] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1116 .
( [341] ) وقد عنى التقنين المدنى الجديد بالتضامن فلم يورده مقتضياً كما فعل التقنين لمدنى السابق ، وعنى بالتضامن بين المدينين بوجه خاص لأهميته العملية . على أن أكثر الأحكام التى نص عليها فيه يسهل تصور نظائرها فى التضامن بين الدائنين ، وهذا ما سنفعله فيما يلى . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " التزم التقنين الراهن ( السابق ) ما عهد فيه من الإقلال والاقتضاب فيما يتعلق بأحكام التضامن ، مع مالها من عظيم الخطر . فلم يكن بد من أن يعمد المشروع إلى تنظيم صورتى التضامن تنظيماً أشمل ، وأن يعنى بوجه خاص بالتضامن السلبى وهو أهم هاتين الصورتين فى نطاق العمل . على أن أكثر الأحكام التى عنى المشروع بوضعها فيما يتعلق بالتضامن بين المدينين من الميسور تضور نظيرها بصدد التضامن بين الدائنين . بيد أنه رؤى إغفال هذه الأحكام فى معرض إيراد القواعد المتعلقة بهذا الضرب من التضامن ، حتى لا ينوء المشروع بنصوص حظها من التطبيق العملى جد يسير " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص49 ) .
( [342] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 403 من المشروع التمهيدى على وجه مقارب لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، ثم حور تحويراً طفيفاً فى لجنة المراجعة فأصبح مطابقاً لما استقر عليه ، وأصبحت المادة رقمها 291 من المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 279 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص51 - ص52 ) .
( [343] ) التقنين المدنى السابق م107 / 161 : إذا تضمن التعهد التفويض من كل من المتعهد لهم للباقى فى استيفاء الشئ المتعهد به ، يكون كل منهم قائماً مقام الباقى فى ذلك . وفى هذه الحالة تتبع القواعد المتعلقة بأحوال التوكيل .
م108 / 162 : لا يلتزم كل واحد من المتعهدين بوفاء جميع المتعهد به إلا إذا اشترط تضامنهم لبعضهم فى العقد أو أوجبه القانون ، وفى هذه الحالة يعتبر المتعهدون كفلاء لبعضهم بعضاً ووكلاء عن بعضهم بعضاً فى وفاء المتعهد به ، وتتبع القواعد العامة المتعلقة بأحكام الكفالة والتوكيل . ( والتوكيل المدنى الجديد لم يغير من مصر التضامن الإيجابى فهو الاتفاق ، ولا من مصدر التضامن السلبى فهو الاتفاق أو نص فى القانون . أما ما عرض له التقنين المدنى السابق من أن أحكام الوكالة تنطبق على التضامن الإيجابى وأن أحكام الوكالة والكفالة تنطبق على التضامن السلبى ، فقد تجنب ذكره التقنين المدنى الجديد ، مقتصراً على التطبيقات التشريعية التى ؟؟؟؟؟؟ بها وهى تخرج فى بعض الأحوال على هذه الأحكام ) .
( [344] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م279 ( مطابقة للمادة 279 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م266 ( مطالبة للمادة 279 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م315 : لا يكون الدائنون متضامنين إلا إذا كان هناك اتفاق على ذلك أو كان القانون ينص على تضامنهم . ( ونجد هنا التقنين المدنى العراقى يصرح بأن القانون قد يكون مصدراً لتضامن الدائنين ، وليس يوجد تطبيق لذلك : راجع الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 193 وهو لا يشير إلى أى تطبيق فى هذا الصدد ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م12 : إن التضامن بين الدائنين لا يؤخذ بالاستنتاج ، بل يجب أن ينشأ عن عقد قانونى أو عن القانون أو عن ماهية العمل .
( وهنا أيضاً نجد التقنين اللبنانى يشير إلى القانون مصدراً لتضامن الدائنين دون أن يورد بثلا لذلك ) .
( [345] ) أوبرى ورو 4 فقرة 298 مكررة ص24 - بودرى وبارد 2 فقرة 1122 ص252 وفقرة 1126 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1060 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1846 - جوسران 2 فقرة 757 ص412 – ويقول بيدان ولاجارد أنه لا توجد أية حالة للتضامن الإيجابى يكون مصدرها القانون ، وإذا كان يذكر فى بعض الأحيان حالة الشركاء فى شركة التضامن ، فهؤلاء مدينون بالتضامن ، وليسوا دائنين بالتضامن ، والدائن هى الشركة دون غيرها ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 811 ص986 - ص897 ) . انظر أيضاً المذكرة الإيضاحية لمشروع التمهيدى حيث تقول : " قد يكون مصدر التضامن السلبى والإيجابى تعبيراً عن الإرادة " . ثم تقول : " هذا وقد يكون نص القانون مصدراً للتضامن السلبى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص51 ) - قارن مع ذلك التقنين المدنى العراقى المدة 315 وتقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 12 .
( [346] ) ديمولومب 26 فقرة 133 وفقرة 219 - فقرة 220 - لوران 17 فقرة 254 وفقرة 276 - بودرى وبارد 2 فقرة 1123 وفقرة 1126 .
( [347] ) وعند الفرنسيين صورة عملية للتضامن بين الدائنين ، ألفوها مدة من الزمن للتهرب من ضريبة التركات . وذلك بأن يودع المورث والوارث المحتمل – زوج وزوجته أو ابن وابنه أو نحو ذلك – النقود باسميهما فى أحد المصارف على أن يكونا دائنين متضامنين لهذا الحساب المشترك ( compte joint ) ، فيتمكن بذلك أى منهما أن يسحب من المصرف كل المبلغ بمفرده ، فإذا مات أحدهما وورثه الآخر سحب الوارث المبلغ كله ، فيفلت بذلك من ضريبة التركات . غير أن قانونين صدرا فى 31 مارس سنة 1903 و31 ديسمبر سنة 1903 اعتبرا هذا الحساب المشترك ملكاً مشتركاً للدائنين ، فإذا مات أحدهما اعتبر نصيبه تركة تستحق عليها الضريبة . على أن باب التحايل لا يزال مفتوحاً عن طريق إخفاء العنوان الحقيقى ، وعن طريق إيداع الحساب المشترك أحد المصارف الأجنبية حيث لا يسرى عليه التشريع الفرنسى ( انظر فى ذلك بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1061 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 811 ص597 - ص598 - دى باج 3 فقرة 337 ) - أما فى مصر ففتح الحساب الجارى المشترك نادر الوقع ، وترفضه المصارف عادة خشية النزاع الذى يقع بين ورثة من يموت من أصحاب الحساب ومن بقى من هؤلاء حياً ( الأستاذ محسن شفيق فى القانون التجارى 2 ص349 - الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام ص275 هامش رقم 2 ) .
كذلك صدر فى فرنسا قانون فى 16 يوليه سنة 1934 وقانون آخر فى 8 أغسطس سنة 1935 يجعلان حملة سندات الفرض الواحد فى موقف قريب من موقف الدائنين المتضامنين ، فحامل السند إذا قطع التقادم بالنسبة إلى الأرباح أفاد من ذلك حملة السندات الآخرون : وكذلك إذا هو حصل على حكم أفاد منه الآخرون ولو لم يكونوا طرفاً فيه . وهذا الضرب من التضامن الإيجابى الخاص يصح أن يقال بأن مصدره القانون ( انظر فى ذلك بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 10616 - ص416 - ص417 ) .
( [348] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1129 - بالنيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1060 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 811 ص596 - دى باج 3 فقرة 336 - هذا ويبدو الفقر واضحاً ما بين تضامن الدائنين والوكالة . فقد يوكل الدائن عنه شخصاً فى قبض الدين ، فلا يكون هذا الوكيل دائناً متضامناً مع موكله ، فإن للدائن أن يعزله عن الوكالة ، وإذا قبض الوكيل الدين وجب عليه دفعه للموكل إذ لا نصيب له فيه ( بودرى وبارد 2 فقرة 1128 ) .
والتضامن بين الدائنين إذا كان نافعاً فهو أنفع للمدين منه للدائنين المتضامنين ، إذ يتمكن لمدين أن يوفى الدين كله لأى من هؤلاء الدائنين فيبرأ ذمته نحو الباقين ، فيهيئ التضامن له بذلك طريقاً ميسراً للوفاء بالدي ، ولا حاجة به أن يقسم الدين على الدائنين فيعطى لكل نصيبه ، وفى هذا من الكلفة والمشقة ما فيه . وقد كان التضامن بين الدائنين نافعاً فى القانون الرومانى من ناحية خاصة بهذا القانون ، إذ كان يفتح الطريق لحوالة الحق بأن يضم الدائن من يريد أن يحول له الحق دائناً متضامناً معه ، فيجيز بذلك للمدين أن يوفى الدين كله لهذا الدائن المتضامن - بودرى وبارد 2 فقرة 1129 ص256 - ص257 ) .
( [349] ) لارومبيير 3 م1197 فقرة 18 - ديمولومب 26 فقرة 138 - لوران 17 فقرة 256 - بودرى وبارد 2 فقرة 1121 . على أنه يصح أن يستخلص ضمناً من الظروف والملابسات أن التضامن فى الالتزامات يستتبع التضامن فى الحقوق ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1060 ) .
( [350] ) على أنه يجب استخلاصه حتماً من الظروف والملابسات ، فإذا قام فى شأنه شك أو لم يتيسر إثباته ، فإنه لا يفترض ، ويتعين استبعاده فى هاتين الحالتين ( دى باج 3 فقرة 414 ص299 ) .
( [351] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص51 .
( [352] ) ليون كان ورينو 3 فقرة 38 – بودرى بارد 2 فقرة 1127 - دريدافى أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ ( solidarite ) فقرة 8 .
( [353] ) ليون كان ورينو 2 فقرة 295 - بودرى وبارد 2 فقرة 1127 .
وإذا كان للدائن مدينون متضامنون ، ونزل عن حقه قبل أحدهم إلى محال له ، واستبقى المدينين الباقين ، فهل يصبح هو والمحال له ، بالنسبة إلى هؤلاء المدينين الباقين ، دائنين بالتضامن ويستخلص التضامن فى هذه الحالة من الظروف؟ الظاهر أنه لا تقوم علاقة التضامن بينهما ولا يمكن استخلاصها من هذه الظروف ، ولكن يصح اعتبارهما دائنين بالتضامم ( in solidum ) على غرار المدينين بالتضامم ( انظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1063 ص418 ) .
أما إذا نزل الدائن عن حقه لمحال له دون أن يستبقى المدينين الآخرين ، فإن المحال له وحده هو الذى يصبح الدائن مكان الدائن الأصلى ، وتنتفى علاقة الدائن الأصلى بالمدينين المتضامنين .
( [354] ) انظر فى الدفاع عن فكرة تعدد الروابط ووحدة المحل فيما يتعلق بالتضامن السلبى بوتييه فى الالتزامات فقرة 263 / 3 .
( [355] ) ديمولومب 26 فقرة 24 - بودرى وبارد 2 فقرة 1117 .
( [356] ) تاريخ النصوص :
م280 : ورد هذا النص فى المادة 404 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد فيما يتعلق بالفقرة الثانية . أما الفقرة الأولى فقد كان نصها فى المشروع التمهيدى على الوجه الآتى " إذا كان التضامن بين الدائنين ، جاز لكل منهم أن يطالب المدين بأداء كل الدين ، وجاز للمدين أن يوفى الدين وفاء صحيحاً لأى من الدائنين المتضامنين ، إلا إذا قام دائن آخر بإجراءات تمنع المدين من ذلك " . وفى لجنة المراجعة حذف الحكم الخاص بمطالبة كل من الدائنين بأداء كل الدين لأن هذا الحكم منصوص عليه فى المادة التالية ، وحذفت عبارة " وفاء صحيحاً " إذ لا ضرورة لها ، وأصبحت المادة رقمها 292 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب . وفى لجنة مجلس للشيوخ استبدلت عبارة " إلا إذا مانع أحدهم فى ذلك " بعبارة " إلا إذا قام دائن آخر بإجراءات تمنع المدين من الوفاء " ، لأن المقصود هو الاكتفاء بمجرد اعتراض أحد الدائنين المتضامنين على وفاء المدين لدائن آخر ، فى حين أن عبارة " إلا إذا قام دائن آخر بإجراءات إلخ " قد توحى بأن الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات رسمية معينة ، مع أن المسألة لا تعدو مجرد الاعتراض ، ومن المفهوم أن الاعتراض يثبت وفقاً للقواعد العامة فى الإثبات . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها لجنته ، وأصبح رقمها 280 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص53 - ص55 ) .
م281 : ورد هذا النص فى المادة 405 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 293 من المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 281 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص55 - ص56 ) .
م282 : ورد ها النص فى المادة 406 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 294 من المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 282 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص57 - ص59 ) .
( [357] ) التقنين المدنى السابق م 107 / 161 : " إذا تضمن التعهد التفويض من كل من المتعهد لهم للباقى فى استيفاء الشئ المتعهد به ، يكون كل منهم قائماً مقام الباقى فى ذلك . وفى هذه الحالة تتبع القواعد المتعلقة بأحوال التوكيل " . وقد سبق إيراد هذا النص . ولا فرق فى الأحكام ما بين التقنين الجديد والتقنين السابق ، وإن كان التقنين السابق قد أحال على أحكام الوكالة جملة واحدة دون التفصيل الذى أتى به التقنين الجديد . هذا وقد أشار بودرى وبارد ( جزء2 فقرة 1168 ) ، وهو يعرض لبعض القوانين الأجنبية ، إلى أن التقنين المدنى المختلط السابق يقيم التضامن بين الدائنين على فكرة الوكالة ، فلا يجوز لأى دائن أن يقضى الدين بتجديد أو إبراء وإلا جاوز حدود الوكالة .
( [358] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م280 - 282 ( مطابقة للمواد 280 - 282 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م267 - 269 ( مطابقة للمواد 280 - 282 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العرابى م316 - 318 ( متفقة فى مجموعها مع أحكام التقنين المدنى المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م11 : يوجد التضامن بين الدائنين حين يكن شخصان أو عدة أشخاص أصحاباً لدين واحد يحق لكل منهم أن يطلب دفع هذا الدين بجملته ، كما يحق من جهة أخرى للمديون أن يدفع الدين إلى أى كان منهم ، وهذا ما يسمونه تضامن الدائنين . على أن الدائن المتضامن لا يحق له أن يتصرف فى مجموع الدين ، بل يعد مفوضاً من قبل سائر الدائنين فى المحافظة على القسم الذى يتجاوز مبلغ حصته وفى استيفائه من المديونين .
م13 : إن موجب التضامن يسقط تجاه كل الدائنين بالإيفاء أو بأداء العوض أو بأداء الشئ المستحق أو بالمقاصة أو بتجديد التعاقد تجاه أحد الدائنين . إن المديون الذى يوفى أحد الدائنين المتضامنين حصته فى الموجب يبرئ ذمته تجاه الآخرين على قدر هذه الحصة .
م14 : إن إسقاط أحد الدائنين المتضامنين الدين لا يسرى على الآخرين ولا يبرئ المديون إلا من حصة هذا الدائن . وإن اجتماع صفتى الدائن والمديون فى شخص أحد الدائنين المتضامنين وفى شخص المديون لا يسقط الموجب إلا بالنظر إلى هذا الدائن .
م15 : إذا أنذر أحد الدائنين المديون أو أجرى حكم الفائدة على المدين ، فسائر الدائنين يستفيدون من نتيجة عمله .
م17 : إن الأعمال التى تقطع مرور الزمن بالنظر إلى أحد الدائنين المتضامنين يستفيد منها الآخرون . أما الأسباب التى تقف سريان مرور الزمن فتبقى شخصية ومختصة بكل من الدائنين .
م18 : إن الصلح الذى يعقد بين أحد الدائنين والمديون يستفيد منه الدائنون الآخرون حينما يكون متضمناً الاعتراف بالحق أو بالدين . ولا يسرى عليهم هذا الصلح حين يتضمن إسقاط للدين أو إحراج موقفهم إلا إذا رضوا به .
م19 : إذا منح أحد الدائنين المتضامنين المديون مهلة ، فلا يسرى ذلك على الآخرين ، ما لم يستنتج العكس من صك إنشاء الموجب أو من القانون أو من ماهية القضية .
وهذه الأحكام التفصيلية الواردة فى التقنين اللبنانى تتفق مع ما أجمله التقنين المصرى فى نصوصه الثلاثة ، إلا فى أن التجديد والمقاصة بين أحد الدائنين المتضامنين والمدين يبرئان ذمة المدين نحو سائر الدائنين فى التقنين اللبنانى ، ولا يبرئانه إلا بقدر حصة الدائن الذى وقع منه التجديد أو المقاصة فى التقنين المصرى . هذا وقد أجمل التقنين المصرى أحكام التضامن بين الدائنين لأن هذا التضامن نادر فى العمل ، واحتفظ بتفصيل الأحكام للتضامن بين المدينين الذى هو أكثر وقوعاً . على أن أكثر الأحكام التى عنى التقنين المصرى بوضعها فيما يتعلق بالتضامن بين المدينين - كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى – من الميسور تصور نظيرها بصدد التضامن بين الدائنين . بيد أنه رؤى إغفال هذه الأحكام فى معرض إيراد القواعد المتعلقة بهذا الضرب من التضامن حتى لا ينوء التقنين بنصوص حظها من التطبيق العملى جد يسير ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص49 ) .
( [359] ) يبين بودرى وبارد كيف تطورت هذه المبادئ من القانون الرومانى حتى وصلت إلى التقنين المدنى الفرنسى . ففى القانون الرومانى كان كل دائن متضامن يستطيع أن يتصرف فى الدين كما لو كان هو الدائن الوحيد ، فيستوفيه ويقضيه بأى سبب من أساب الانقضاء كالتجديد والمقاصة واتحاد الذمة والإبراء والتقادم ، فتبرأ ذمة المدين نحو سائر الدائنين . ولا يرجع الدائنون على الدائن الذى قام من جهته سبب الانقضاء إلا إذا أثبتوا أن هناك مصلحة مشتركة بين جميع الدائنين ، فيرجع كل دائن بنصيبه فى هذه المصلحة المشتركة . أما فى القانون الفرنسى القديم فقد كان الحكم هو أيضاً كالحكم فى القانون الرومانى ، إلا أن المصلحة المشتركة بين الدائنين كانت مفترضة ، فكان كل دائن يرجع بنصيبه بحكم القانون . وتغير هذا الحكم فى التقنين المدنى الفرنسى ، فأصبح الدائن المتضامن لا يملك إلا استيفاء الدين ، فإذا استوفاه أو وفاه المدين له برئت ذمة المدين نحو سائر الدائنين . أما ما عدا الوفاء من أسباب انقضاء الدين فلا يسرى فى حق الدائنين الآخرين إلا بقدر نصيب الدائن الذى قام من جهته سبب الانقضاء . ويكون كل دائن متضامن ممثلاً لسائر الدائنين لا فى الوفاء فحسب ، بل أيضاً فى كل عمل من شأنه تثبيت الدين وتقويته ، دون الأعمال التى يكون من شأنها إسقاط الدين أو إضعافه ( بودرى وبارد 2 فقرة 1132 ) .
( [360] ) ديمولومب 26 فقرة 155 - بودرى وبارد 2 فقرة 1135 .
( [361] ) انظر فى هذا المعنى المادة 13 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى . ومع ذلك يذهب بعض الفقهاء إلى أنه إذا استوفى أحد الدائنين المتضامنين جزءاً من الدين ، حتى لو كان هذا الجزء هو نصيبه وحده ، جاز لسائر الدائنين أن يرجعوا على هذا الدائن كل بنسبة نصيبه فى الدين ( لارومبير 3 م1197 فقرة 20 - ديمولومب 26 فقرة 156 - فقرة 158 - بودرى وبارد 2 فقرة 1136 ) .
( [362] ) وهذا هو النص فى أصله الفرنسى :
Art . 1198 : Il est au choix du debiteur de payer a l'un ou a l'autre des creanciers solidaire, tant qu'il n'a pas ete prevenu par les poursuites de l'un d'eux .
( [363] ) انظر أيضاً فى هذا المعنى م1196 من التقنين المدنى الإيطالى الجديد ( والمادة 1185 من التقنين المدنى الإيطالى القديم ) والمادة 1142 من التقنين المدنى الأسبانى والمادة 750 من التقنين المدنى البرتغالى والمادة 1489 من المشروع الفرنسى الإيطالى والمادة 892 من التقنين المدنى النمساوى والمادة 146 من تقنين الالتزامات السويسرى والمادة 9 من تقنين الالتزامات البولونى والمادة 899 من التقنين المدنى البرازيلى . وانظر عكس ذلك المادة 428 من التقنين المدنى الألمانى وانظر فى هذه النصوص المذكرة الإيضاحية لمشروع تنقيح القانون المدنى جزء 2 ص450 - ص453 ) . وانظر شرح هذا الحكم فى القانون الفرنسى وانتقاده والرد على هذا الانتقاد فى شكل المطالبة بودرى وبارد 2 فقـرة 1138 - فقـرة 1144 .
( [364] ) المذكرة الإيضاحية لمشروع تنقيح القانون المدنى جزء2 ص453 - مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص59 .
( [365] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص54 - ص55 . وانظر آنفاً فقرة 130 فى الهامش .
( [366] ) ويرى الأستاذ إسماعيل غانم أنه " إذا اعترض أحد الدائنين ، كان المدين ملزماً بأداء الالتزام للدائنين مجتمعين أو إيداع الشئ محل الالتزام " قياساً على المادة 302؟؟؟؟؟؟؟؟ قابلية الالتزام للانقسام ( أحكام الالتزام فقرة 213 ص300 هامش رقم ؟؟؟؟؟؟؟ القياس هنا غير سائغ ، فإن الالتزام غير القابل للانقسام لا يتجزأ حتى يعطى للدائن ؟؟؟؟؟ نصيبه منه ويعطى الباقى للدائن الذى اختاره المدين . ولما كان هذا الحل مستحيلاً فى الالتزام غير القابل للانقسام وممكناً فى الالتزام التضامنى ، قد استبعده المشرع فى الأول ولم يستبعده فى الثانى . هذا إلى أن الحل الذى نقول به يجعل التضامن الإيجابى أقرب إلى ضمان المدين منه إلى ضمان الدائن ، وهى النزعة التى يحسن تغليبها فى هذا النوع من التضامن .
( [367] ) ولعل هذا يحدد نزعة كل من التقنينات الثلاثة : فالتقنين الفرنسى – إذا تعارض ما فى التضامن الإيجابى من ضمان للدائن مع ما فيه من ضمان للمدين – يضحى ضمان المدين . والتقنين الألمانى يضحى ضمان الدائن . والتقنين المصرى يوفق بين الأمرين ، بأن يستبقى ضمان المدين ، مع إعطاء الدائن نصيبه فى الدين رعاية لمصلحته المشروعة .
وفى ضوء هذا الاعتبار ، نرى أنه إذا طالب أحد الدائنين المتضامنين المدين بالوفاء ، فى التقنين المصرى ، ويكون المدين قد اختار أن يوفى الدين لغيره من الدائنين ، تعين على المدين أن يوفى أولاً الدائن المطالب نصيبه فى الدين ، ثم يوفى للدائن الذى اختاره بقية الدين بعد استنزال نصيب الدائن المطالب . فيتعادل على هذا النحو الدائن الذى يطالب بوفاء الدين له مع الدائن الذى يمانع فى وفاء الدين لغيره . وقد رأينا أن التقنين الفرنسى والتقنين الألمانى يقفان فى هذه المسألة موقفين متعارضين : فالتقنين الفرنسى يحتم على المدين أن يوفى الدين كله للدائن المطالب ، والتقين الألمانى يجيز للمدين أن يوفى بالدين كله للدائن الذى اختاره .
ولكن يجب أن يلاحظ أنه إذا رجع أحد الدائنين المتضامنين على المدين يطالبه بكل الدين فى التقنين المصرى ، لم يجز أن يقتصر المدين على إعطاء هذا الدائن نصيبه ، مكتفياً بالقول إنه اختار دائناً آخر للوفاء له بباقى الدين . بل يجب على المدين فى هذه الحالة أن يوفى كل الدين للدائن المطالب ، ما لم يكن قد دفع فعلاً – ولو بعد هذه المطالبة – باقى الدين إلى دائن آخر ، وقدم ما يثبت ذلك .
( [368] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وتظل وحدة الدين مكفولة ما بقى الدائن المتضامن حياً . فإذا مات انقسم الدين بين ورثته ، ما لم يكن غير قابل للانقسام . فلو فرض مثلاً أن ثلاثة من الدائنين تضامنوا فى استيفاء دين مقداره 300 جنيه ، وقد توفى أحدهم عن وارثين متكافئى الفرض ، فلا يجوز لأيهما أن يطالب المدين إلا بمبلغ 150 جنيهاً " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص59 ) . هذا ويلاحظ أن أحد الورثة ، إذا طالب المدين بنصيبه مطالبة قضائية ، فقطع التقادم وجعل الفوائد تسرى ، فإنما يقطع التقادم ويجعل الفوائد تسرى ، لا لصالح الورثة الباقين فقد انقسم الدين عليهم ، بل لصالح الدائنين المتضامنين الآخرين وفى حدود نصيب الوارث فقط ، أى ا ، التقادم ينقطع والفوائد تسرى بالنسبة إلى الدائنين المتضامنين الآخرين ، فى المثل المذكور فى المذكرة الإيضاحية ، فى حدود مائة وخمسين فقط لا فى الدين كله وهو ثلثمائة ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 816 ص602 - ص603 وص602 هامش رقم1 ) .
( [369] ) أما مجرد اشتراط التضامن فلا يفيد وحده اشتراط أن الدين غير قابل للانقسام ( استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1912 م25 ص98 ) .
( [370] ) انظر فى هذا المعنى الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 217 ص305 - وكثيراً ما يشترط فى الأسهم والسندات أنها لا تقبل التجزئة ، فإذا مات صاحبها عند عدة ورثة لم ينقسم الحق عليهم ، ويجوز للشركة أن توفى أياً من الورثة كل الأرباح وكل الفوائد ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1102 ) .
( [371] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وقد تلحق رابطة بعض الدائنين المتضامين بالمدين وصف يختلف عن الوصف الذى تتسم به رابطة البعض الآخر ، كأن يكون الدين معلقاً على شرط بالنسبة لفريق منهم ، ومضافاً إلى أجل بالنسبة للباقين . وفى هذه الحالة يتعين على كل منهم أن يعتد بالوصف اللاصق برابطته عند مطالبة المدين بالوفاء . وقد يطرأ هذا الوصف على الرابطة بعد تمام التعاقد ، فقد يرتضى بعضد الدائنين مثلاً أن يولى المدين أجلاً للوفاء بالدين ، وفى هذه الحالة لا يجوز أن يحتج على الدائنين الآخرين بهذا الأجل ، ما ؟؟؟؟؟ نقيض ذلك من مشارطة ترتيب الالتزام أو من طبيعة التعامل أو من نص فى القانون ؟؟؟؟؟ من التقنين اللبنانى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص58 ) .
( [372] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " أما فيما يتعلق بالوفاء ، فلكل دائن من الدائنين المتضامنين أن يستأدى المدين كل الدين : ولهم ، مجتمعين أو منفردين ، مطالبة المدين بالوفاء أمام القضاء . ولا يجوز له إذا عمد أحدهم إلى مطالبته على هذا الوجه أن يحتج إلا بأوجه الدفع الخاصة بهذا الدائن أو بالأوجه المشتركة بين الدائنين جميعاً . أما أوجه الدفع الخاصة بغيره من الدائنين ، كالغش أو الإكراه الصادر منهم ، فيمتنع عليه الاحتجاج بها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص58 ) .
( [373] ) فالوفاء يجعل فى حيازة الدائن مبلغ الدين ، ومن ثم يستطيع الدائنون الآخرون أن يحجزوا عليه لاستيفاء حقوقهم ، ويأمنون بذلك إلى حد كبير خطر إعساره إذا هم لم يتهاونوا فى رجوعهم عليه . أما أسباب الانقضاء الأخرى فبعضها لا يجعل فى حيازة الدائن مبلغ الدين إلا حكماً كما فى التجديد واتحاد الذمة والمقاصة ، وبعضها لا يجعل فى حيازة الدائن أى ش\ على الإطلاق كما فى الإبراء والتقادم ( انظر فى هذا المعنى لوران 17 فقرة 268 ص274 وقارن بودرى وبارد 2 فقرة 1145 ) .
( [374] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " لعل تعيين صلة الدائنين المتضامنين بالمدين أسبق مما يعرض من المسائل بصدد التضامن الإيجابى . وقد عنيت المادتان 404 و405 ببيان حكم هذه الصلة بصدد الوفاء فحسب باعتباره أهم سبب من أسباب انقضاء الالتزامات . أما ما عداه من الأسباب ، أو ما عدا ذلك من آثار هذا التضامن فى صلة الدائنين بالمدين بعبارة أعم ، فسيشار عند تفصيل الأحكام الخاصة بالتضامن السلبى ، وهو أوفر حظاً من الأهمية فى نطاق العمل ، إلى تطبيقات تلك الأحكام فى نطاق التضامن الإيجابى . ومع ذلك فمن المستطاع بادئ ذى بدء تقرير قاعدة عامة أفرغت فى المادة 406 من المشروع فى العبارة الآتية : إذا برئت ذمة المدين قبل أحد الدائنين المتضامنين بسبب غير الوفاء ، فلا تبرأ ذمته قبل باقى الدائنين إلا بقدر حصة الدائن الذى برئت ذمة المدين قبله ، ولا يجوز لأحد الدائنين المتضامنين أن يأتى عملاً من شأنه الأضرار بالدائنين الآخرين ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص57 - ص58 ) .
( [375] ) ديرانتون 11 فقرة 176 - ماركادية 4 فقرة 598 - لارومبير 3 م1198 فقرة 13 - ديمولوب 26 فقرة 183 - لوران 17 فقرة 269 - هيك 7 فقرة 304 - بودرى وبارد 2 فقرة 1156 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1063 ص418 .
( [376] ) ويتفق حكم تقنين الموجبات والعقود اللبنانى فى التضامن الإيجابى مع حكمه فى التضامن السلبى من حيث التحديد ، فالتجديد كقاعدة عامة مبرئ لذمة الجميع فى الحالتين كالوفاء . وتنص المادة 131 من هذا التقنين على " أن موجب التضامن يسقط تجاه كل الدائنين بالإيفاء أو بأداء العوض أو بإيداع الشئ المستحق أو بالمقاصة أو بتجديد التعاقد تجاه أحد الدائنين " . ثم تنص المادة 31 من نفس التقنين على " أن تجديد الموجب بين الدائن وأحد الموجب عليهم يبرئ ذمة الآخرين ، إلا إذا رضى هؤلاء بالتزام الموجب الجديد . أما إذا اشترط الدائن قبول المديونين وامتنع هؤلاء ، فالموجب السابق لا يسقط " .
( [377] ) ماركاديه 4 فقرة 498 - لوران 17 فقرة 268 . ولكن انظر عكس ذلك : دايرنتون 11 فقرة 178 - لارومبيير 3 م1198 فقرة 8 - ديمولومب 26 فقرة 192 - هيك 7 فقرة 305 . وانظر عكس ذلك المادة 13 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى .
ولا مجال فى مصر لهذا الخلاف فى الرأى لأن نص الفقرة الأولى من المادة 282 مدنى صريح فى تقرير الحكم ( مع ذلك انظر العكس : الأستاذ عبد الحيى حجازى 1 ص219 ) . وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وتسرى القاعدة نفسها على التضامن الإيجابى ، فليس للمدين أن يحتج على الدائنين المتضامنين بالمقاصة التى تقع بينه وبين دائن آخر إلا بقدر حصة هذا الدائن : المادة 152 من المشروع الفرنسى الإيطالى . وليس لمن انقضى دينه من الدائنين المتضامنين بطريق المقاصة أن يرجع على المدين ، وللدائنين الآخرين أن يرجعوا على هذا الدائن كل بقدر حصته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص70 ) .
هذا ويحتج المدين بالمقاصة فى حدود حصة من وقعت معه حتى لو كانت المقاصة جزئية ، ولا يعترض على ذلك بعدم جواز الوفاء الجزئى ، فإن الوفاء الجزئى جائز فى المقاصة ( ديمولومب 26 فقرة 194 - بودرى وبارد 2 فقرة 1146 ) .
( [378] ) ومن ثم يجبر على دفع الباقى من الدين لأى دائن آخر ، وتبقى التأمينات الأصلية التى كانت تضمن الدين كله ضامنة للباقى منه ( بودرى وبارد 2 فقرة 1163 ص283 ) .
( [379] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وكذلك يكون الحكم فى حالة التضامن الإيجابى ، فلا يترتب على اتحاد الذمة بين أحد الدائنين المتضامين والمدين انقضاء الدين إلا بقدر حصة هذا الدائن : انظر المادة 14 / 5 من التقنين اللبنانى والمادة 153 من المشروع الفرنسى الإيطالى ؟؟؟الكلام مكرر؟؟؟ والمادة 429 / 2 من التقنين الألمانى . فإذا خلف الدائن المدين ، فلكل من الدائنين الآخرين أن يرجع عليه ، أما بوصفه دائناً قد استوفى الدين من طريق اتحاد الذمة ، وفى هذه الصورة لا يكون لمن يستعمل حق الرجوع إلا المطالبة بحصته ، وإما بوصفه وارثاً للمدين ، وفى هذه الصورة لا يمن لمن يستعمل حق الرجوع أن يطالب بجملة الدين بعد استنزل حصة الدائن الذى خلف المدين . وإن خلف المدين الدائن ، فلكل من الدائنين الآخرين أن يرجع عليه بجملة الدين بعد استنزال حصة هذا الدائن . ويراعى أن الصورة الأولى يمتنع تحققها فى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ، فإذا توفى المدين وورثه دائن من الدائنين المتضامنين فيظل لهذا الدائن حقه فى الرجوع بجملة الدين على التركة شأنه فى ذلك شأن أى دائن آخر " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص72 ) .
( [380] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ولا يجوز أن يحتج فى التضامن الإيجابى بالإبراء الصادر من أحد الدائنين المتضامين على الباقين ، فلكل من هؤلاء أن يرجع على المدين بجملة الدين بعد استنزال حصة من صدر الإبراء منه : انظر المادة 14 / 1 من التقنين اللبنانى والمادة 154 من المشروع الفرنسى الإيطالى والمادة 118 / 2 من التقنين الفرنسى والمادة 429 / 3 من التقنين الألمانى والمادة 20 من التقنين البولونى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص80 ) . وتضيف المذكرة الإيضاحية ، فى شأن جواز الإبراء من التضامن الإيجابى على غرار الإبراء من التضامن السلبى ، ما يأتى : " ومن الميسور أن يتصور الإبراء من التضامن بصدد التضامن الإيجابى أيضاً ، فإذا ارتضى أحد الدائنين المتضامنين أن يستوفى نصيبه من الدين ، برئت ذمة المدين بقدر هذه الحصة بالنسبة للدائنين الآخرين : المادة 13 / 2 من التقنين اللبنانى . ويجوز أيضاً أن يصدر الإبراء من التضامن من أحد الدائنين المتضامنين دون أن يستوفى حصته من الدين فعلاً ، وفى هذه الحالة يكون لسائر الدائنين الذين لم يرتضوا هذا الإبراء حق الرجوع على لمدين بكل الدين . فلو فرض أن دائنين أربعة تضامنوا فى استيفاء دين مقداره 1200 جنيه ، وأبرأ أحدهم المدين من الدين ، فلكل من الثلاثة الباقين أن يرجع على المدين بملغ 900 جنيه . فإذا أعسر هذا المدين إعساراً جزئياً ، ولم يستطيع إلا أداء 600 جنيه ، وجب أن يتحمل جميع الدائنين ، حتى من صدر الإبراء منه ، تبعة الخسارة الناشئة من هذا الإعسار وقدرها 300 جنيه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص80 - ص81 ) .
( [381] ) الأستـاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 214 ص302 - انظر عكس ذلك الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص121 - ص222 - ص222 هامش رقم 1 ) .
( [382] ) هذا ويبقى من أسباب انقضاء الالتزام الوفاء بمقابل واستحالة الوفاء . ففى الوفاء بمقابل ، إذا وفى المدين أحد الدائنين المتضامنين الدين بمقابل ، وذلك قياساً علـى سائـر أسباب الانقضاء غير الوفاء ، ولأن الدائنين الآخرين لا يتقيدون بمقابل الوفاء إلا إذا قبلـوه وهم لم يفعلوا ( انظر الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص220 ) . أما استحالة الوفاء ، إذا وقعت على محل الدين وكانت بسبب أجنبى ، فإنها تقضى الدين بالنسبة إلى الدائنين جمعياً . فإذا كانت الاستحالة بخطأ المدين ، كان مسئولاً عن التعويض لجميع الدائنين بالتضامن فيما بينهم ( بودرى وبارد 2 فقرة 1133 ص262 هامش رقم 1 ) .
( [383] ) وإذا انقسم الدين على ورثه أحد الدائنين المتضامنين ، على الوجه الذى بيناه فيما تقدم ، فإن قطع أحد الورثة للتقادم لا يفيد بقية الورثة لأنه غير متضامن معهم بل إن الدين قد انقسم عليهم ، ولكنه يفيد بقية الدائنين المتضامنين فى حدود نصيب الوارث الذى قطع التقادم لأنه متضامن مع هؤلاء الدائنين ، وقد سبق ذكر ذلك ( انظر آنفاً فقرة 134 فى الهامش - وانظر ديرانتون 11 فقرة 180 - لارومبيير 3 م1199 فقرة 4 - لوران 17 فقرة 263 - بودرى ووبارد 2 فقرة 1148 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 816 ص602 - ص603 وص602 هامش رقم 1 ) .
( [384] ) ماركاديه 4 فقرة 599 - لوران 17 فقرة 264 - هيك 6 فقرة 307 - بودرى وبارد 2 فقرة 1149 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1063 ص418 عكس - ذلك : ديرانتون 11 فقرة 180 - لارومبيير 3 م1199 فقرة 3 – ديمولومب 26 فقرة 171 .
( [385] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " إذا تصالح أحد الدائنين المتضامنين مع المدين ، أفاد من هذا الصلح باقى الدائنين ، متى كان صلحه هذا يتضمن إقراراً بالحق أو بالدين . أما إذا كان ينطوى على إبراء من الدين أو يسئ إلى مركزهم ، فلا ينفذ فى حقهم ما لم يرتضوا ذلك : انظر المادتين 18 و9 من التقنين اللبنانى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص89 ) .
( [386] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وتسرى القاعدة أيضاً على التضامن الإيجابى ، فإذا حكم لصالح أحد الدائنين المتضامنين على المدين ، أفاد من هذا الحكم باقى الدائنين ، أما إذا قضى لصالح المدين فلا يضار الباقون بهذا الحكم . وإذا ألغى الحكم الصادر لصالح أحد الدائنين ، زال أثره بالنسبة لباقى الدائنين ، ولكن إذا كان جميع الدائنين قد اختصموا فى الدعوى ثم قضى بإلغاء الحكم بالنسبة لأحدهم فلا يضار بذلك الباقون . ولا يترتب على إعلان الحكم لأحدهم سريان المواعيد المقررة للطعن فى الأحكام بالنسبة للباقين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص94 ) .
هذا وإذا ارتكب المدين خطأ يستوجب مسئوليته ، فإنه يكون مسئولاً قبل جميع الدائنين المتضامنين .
( [387] ) انظر ما سبق ذكره من المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص89 ( آنفاً فقرة 144 فى الهامش ) .
( [388] ) انظر ما سبق ذكره من المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص94 ( آنفاً فقرة 144 فى الهامش ) . وانظر لوران 17 فقرة 271 . وانظر عكس ذلك فى القانون الفرنسى لارومبير 3 م1198 فقرة 15 - ديمولومب 26 فقرة 191 - بودرى وبارد 2 فقرة 1159 ، ولكن يسلم الفقهاء الفرنسيون بأن الحكم الصادر ضد الدائن لسبب خاص به ، كنكوله عن اليمين أو إقراره أو توجيهه اليمين للمدين فيحلفها ، لا يسرى فى حق الدائنين الآخرين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1160 - ديمولومب 26 فقرة 191 ) .
( [389] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 407 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه لجنة المراجعة ، وأصبحت المادة رقهما 392 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 283 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص60 - ص62 ) .
( [390] ) التقنين المدنى السابق م107 / 161 ( ونعيد ذكرها ) : إذا تضمن التعهد التفويض من كل من المتعهد لهم للباقى فى استيفاء الشئ المتعهد به ، يكون كل منهم قائماً مقام الباقى فى ذلك . وفى هذه الحالة تتبع القواعد المتعلقة بأحكام التوكيل .
( وما دامت قواعد الوكالة هى التى تطبق ، فهى تسرى أيضاً فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض ، ويعتبر من استوفى الدين من الدائنين وكيلاً عن كل من الآخرين فى قبض نصيبه ، فعليه أن يسلمه إياه . وهذا هو نفس الحكم الذى قرره التقنين المدنى الجديد ) .
( [391] ) التقنينات المدنية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م283 ( مطابقة للمادة 283 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م270 ( مطابقة للمادة 283 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م319 ( متفقة فى الحكم مع المادة 283 من التقنين المدنى المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م20 : ما يأخذه كل واحد من الدائنين المتضامنين ، سواء أكان بالاستيفاء أم بالصلح ، يصبح مشتركاً بينه وبين الدائنين الآخرين ، فيشتركون فيه على نسبة حصصهم . إذا حصل أحد الدائنين على كفالة أو حوالة لحصته ، فيحق للدائنين الآخرين الاشتراك فيما يوفيه الوكيل أو المحال عليه ، هذا كله ما لم يستنتج العكس من العقد أو القانون أو ماهية القضية .
م21 : بعد الإيفاء يقسم مجموع الدين خصصاً متساوية إذا لم يشترط العكس .
م22 : إن الدائن المتضامن الذى لا يتمكن بعد الاستيفاء من تقديم المال المستوفى لسبب يسند إلى خطأه هو مسئول تجاه الدائنين الآخرين على قدر حصصهم .
( والأحكام واحدة فى التقنينين اللبنانى والمصرى ، سواء من حيث المبدأ أو من حيث التفصيلات التى أوردها التقنين اللبنانى ويمكن استخلاصها من تطبيق القواعد العامة فى مصر دون حاجة إلى نص ) .
( [392] ) انظر المادة 20 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى . أما الاستيفاء بطريق الصلح الذى يشير إله التقنين اللبنانى فيجب فيه التمييز بين ما إذا كان الصح سارياً فى حق سائر الدائنين طبقاً للقواعد التى قدمناها فيكون للدائنين أن يرجعوا بحصصهم فى مقابل الصلح على الدائن الذى وقع منه الصلح ، وبين ما إذا كان الصلح غير سار فى حق سائر الدائنين فيكون لأى دائن منهم الرجوع على المدين ببقية الدين بعد أن يستنزل حصة الدائن الذى وقع منه الصلح .
( [393] ) انظر آنفاً فقرة 132 .
( [394] ) لارومبيير 3 م1197 فقرة 29 - ديمولومب 26 فقرة 156 - فقرة 158 - بودرى وبارد 2 فقرة 1136 وفقرة 1166 .
( [395] ) انظر آنفاً فقرة 132 فى الهامش – هذا وتنص المادة 22 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى على " أن الدائن المتضامن الذى لا يتمكن بعد الاستيفاء من تقديم المال المستوفى لسبب يسند إلى خطأه هو مسئول تجاه الدائنين الآخرين على قدر حصصهم " . وهذا الحكم هو مجرد تطبيق للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ به فى مصر دون نص . ومن ثم إذا ارتكب الدائن الذى استوفى الدين خطأ ، كان مسئولاً عنه – مسئولية الوكيل أو مسئولية الفضولى - قبل الدائنين الآخرين . فإذا كان الدين مثلاً عيناً قبضها من المدين ثم هلكت بخطأه ، كان مسئولاً عن تعويض كل دائن آخر بقدر حصته فى العين المقبوضة .
( [396] ) وعلى هذا الأساس كان التقنين المدنى السابق ( م107 / 161 ) ، كما رأينا ، يبنى التضامن .
( [397] ) مجوعة الأعمال التحضيرية 3 ص61 .
( [398] ) وفى هذا المعنى تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " يعتبر الدين وحدة لا تقبل التجزئة فى صلة الدائنين بالمدين ، ولكنه على نقيض ذلك ينقسم فى صلة الدائنين بعضهم ببعض . ويتفرع على ذلك أن كل ما يستوفى أحد الدائنين من الدين يصير من حق هؤلاء الدائنين جميعاً ، ويتحاصون فيه بنسبة أنصابهم ، وقفاً لما اتفقوا عليه صراحة أو ضمناً . فإذا كان أحدهم هو صاحب المصلحة فى الدين وحده ، وكان الباقون مجرد وكلاء سخروا فى الواقع من الأمر ، استقل هذا الدائن وحده بالدين بأسره إن كان قد استوفاه ، وله أن يرجع به كله على من يستأديه من سائر الدائنين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص60 - ص61 ) .
( [399] ) والأصل أن الحصص تكون متساوية ، ما لم يثبت أن هناك اتفاقاً أو نصاً يقضى بغير ذلك ، ؟؟؟؟؟؟؟ فى الإثبات ، فلا يجوز إثبات الاتفاق إذا كانت قيمة الحصة تزيد على عشرة جنيهات إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها ( انظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1165 ص285 ) .
( [400] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص61 - وانظر فى بعض التشريعات الأجنبية فى التضامن من ما بين الدائنين بودرى وبارد 2 فقرة 1167 - فقرة 1169 .
( [401] ) يعرف الفقه الإسلامى ، إلى جانب نظام الدين المشترك ، نظام التضامن سواء بين الدائنين أو بين الدينين .
فالتضامن بين الدائنين يقوم فى شركة المفاوضة ، سواء كانت شركة أموال أو شركة أعمال أو شركة وجوه ، متى كان الدين ناشئاً عن أعمال التجارة . فيعتبر الشركاء دائنين متضامنين بالثمن إذا باع أحدهم مالاً للشركة ، ويعتبرون كذلك دائنين متضامين بالتعويض إذا اغتصب شخص مالاً للشركة . كذلك يقوم التضامن بين الدائنين فى شركة العنان إذا كانت شركة أعمال ، فالشركاء دائنون متضامنون بالأجر المستحق . وأثر التضامن بين الدائنين يجعل لكل دائن أن يطالب المدين بكل الدين ، وإذا وفى المدين أحد الدائنين كل الدين برئت ذمته نحو الجميع ويرجع الدائنون على شريكهم الذى قبض الدين ، كل منهم بحصته ، وحصصهم دائماً متساوية فى شركة المفاوضة . والتضامن بين الدائنين فى شركة المفاوضة يقوم على فكرة الوكالة ، فكل شريك وكيل عن الآخر فى القبض والتقاضى وفى جميع حقوق العقد . ويقوم التضامن بين الدائنين فى شركة العنان على تضامنهم كمدينين ، فالشركاء مدينون متضامنون فى التزامهم بالعمل فيكونون دائنين متضامنين فى حقهم فى الأجر .
والتضامن بين المدينين يقوم بين الشركاء فى شركة المفاوضة ، ولو نشأ الدين عن غير أعمال التجارة ، ما دام ذا صبغة مالية . ويقوم كذلك فى شركة العنان إذا كانت شركة أعمال ، فيكون الشركاء متضامنين فى التزامهم بالعمل كما قدمنا . وهم أيضاً مدينون متضامنون بالتعويض المستحق فى حالة هلاك الشئ المسلم لهم ، ولو كان الهلاك منسوباً لخطأ ا ؛دهم دون الآخرين . وهناك أيضاً تضامن اتفاقى بين المدينين : فإذا نشأ الالتزام عن مصدر واحد وكان محله واحداً وتعدد المدينون وكفل بعضهم بعضاً كانوا جميعاً مدينين متضامنين . والتضامن بين المدينين ، سواء كان اتفاقياً أو قانونياً ( فى شركتى المفاوضة والعنان ) ، يقوم على فكرة الكفالة المتبادلة بين المدينين . ومن ثم فأحكام الكفالة هى التى تسرى ، ويجوز للدائن أن يرجع على أى مدين بكل الدين بصفته أصيلاً عن نفسه وكفيلاً للمدينين الآخرين ، وكذلك يجوز لأى مدين أن يفى الدائن الدين كله بصفته أصيلاً وكفيلاً . وإذا وفى أحد المدينين الدين كله للدائن ، رجع على المدينين الآخرين ككفيل إذا كانت الكفالة بأمرهم ، وله أن يرجع على كل منهم بحصته ، كما له أن يرجع على أى منهم بحصته وبنصيبه فى حصص الآخرين ثم يرجعان معاً بالباقى على سائر المدينين . فلو كان الدين ثلثمائة ، وكان المدينون المتضامنون ثلاثة حصصهم متساوية ، ووفى أحدهم الدين كله للدائن ، فإنه إما أن يرجع على كل من المدينين الآخرين بمائة ، وإما أن يرجع على أحدهما بمائة وهى حصته فى الدين وبخمسين وهذا هو نصيبه فى حصة المدين الثالث ثم يرجع كل منهما على المدين الثالث بخمسين . انظر فى التضامن بين الدائنين وبين المدينين فى الفقه الإسلامى الأستاذ شفيق شحاتة فى النظرية العامة للالتزامات فى الشريعة الإسلامية ص303 - 378 .
ويتبين مما قدمناه أن الكفالة هى التى جعلت أساساً للتضامن السلبى فى الفقه الإسلامى ، وساعد على ذلك أن الكفيل لا يملك حق التجديد فى الفقه الإسلامى ، فللدائن أن يطالب بالدين كله أياً شاء المدين الأصلى أو الكفيل ، فتمشت أحكام الكفالة على هذا النحو مع أحكام التضامن إلى مدى بعيد . أما تاريخ الكفالة فى الفقه الغربى فهو على العكس من ذلك ، إذ التضامن هو الذى وجد أولاً وكان أساساً للكفالة ، ثم تميز الكفيل بعد ذلك عن المدين المتضامن حتى كسب فى النهاية حق التجديد .
ونظام المدين المشترك ، كما سنرى ، يحتل مكاناً بارزاً فى الفقه الإسلامى ، وهو أكثر بروزاً من نظام التضامن ، فقد أفاض الفقه الإسلامى فى تفصيل قواعده ، وجعله نظاماً أصيلاً تقوم مبادئه مستقلة على فكرة الاشتراك .
( [402] ) وكذا إذا أوصى المتوفى لرجلين بالدين الذى له على آخر ، فالدين أيضاً مشترك بينهما لاتحاد سببه وهو . . . الوصية ( شرح المجلة لسليم باز م1092 ص611 ) .
( [403] ) وقد ذكرنا فى بيع المال الشائع – سواء صدر البيع من الورثة أو من الملاك فى الشيوع – أن البيع يجب أن يصدر صفقة واحدة ، ولم نذكر ذلك فى دين التعويض عن إتلاف مال مشترك ولا فى التزام المقترض برد المال المشترك الذى اقترضه . ذلك أن التعويض فى حالة الإتلاف ، والمال الذى يرده المقترض فى حالة القرض ، إنما هو بديل عن المال المشترك الذى كان سبباً فى نشوء الدين ، فيتخذ صفته ويكون مالاً مشتركاً مثله . أما الثمن ، فى حالة بيع المال المشترك ، فلا يتخذ صفة المال المشترك إلا إذا كان المبيع قد بيع على أنه مال مشترك أى بيع صفقة واحدة ، لاحتمال أن يبيع كل مالك على الشيوع نصيبه فى المال الشائع على حدة فتتعدد الصفقة وينقسم الثمن على البائعين فلا يكون ديناً مشتركاً .
ويقول الأستاذ شفيق شحاتة فى مناسبة القرض والعمل غير المشروع ما يأتى : " ويلاحظ مع ذلك أن دين المقرضين يعتبر ديناً واحداً إذا كان المبلغ المقرض من مال مشترك ولو أن عقد القرض لا يعتبر صفقة واحدة عند تعدد المقبضين ، ذلك أن الاشتراك هنا قد فرضته طبيعة الأشياء فهو نتيجة حتمية لكون المبلغ المقترض مشتركاً – إن المقترض يرد مثل ما اقترض تماماً ، فكان من الطبيعى أن يبقى المردود مشتركاً كما كان المأخوذ ، ولذلك لا يكون المردود مشتركاً إذا لم يكن المأخوذ كذلك ، أى لا يكون الدين واحداً إذا لم يكن القرض من مال مشترك . وهذا هو كذلك حكم رجوع الدافعين بأمر المدين ، فإن دينهم يكون مشتركاً إذا دفعوا من مال مشترك ، ذلك أن الدفع هنا هو فى الواقع عبارة عن إقراض فيأخذ حكمه . وفى جميع ما تقدم نشأ الدين عن تقاعد . وقد ينشأ كذلك عن ضرر ويكون لمتعدد ، وهو يعتبر ديناً واحداً فى الحالة الأخيرة إذا كان الضرر قد لحق مالاً مشتركاً بين اثنين أو وقع على نفس مورثهما المشترك . أما إذا لحق الضرر أموالاً مختلفة مملوكة لجملة أشخاص ، فلا يكون الدين واحداً . وقد فسروا ذلك بصريح العبارة أن السبب وهو الجريمة لا يعتبر واحداً فى الحالة الأخيرة ، ويعتبر كذلك فى الحالة الأولى " ( النظرية العامة للالتزامات فى الشريعة الإسلامية فقرة 299 - فقرة 300 والنصوص الفقهية المشار إليها ) .
( [404] ) ويتساءل الأستاذ شفيق شحاتة ، عند بحثه فى الأساس القانونى لرجوع الدائنين الآخرين على الدائن الذى قبض حصته : " كيف يفسر أن القابض يقبض حصته دون غيرها من الحصص ، ويكون مع ذلك عرضة لرجوع باقى الدائنين عليه؟ هل يقال إن القابض لم يقبض نصيبه حقيقة بل نصيباً شائعاً مملوكاً له ولشركائه؟ لا يمكن قبول هذا التعليل ، لأن المقبوض لو كان مملوكاً للجميع لما أمكن القابض التصرف فيه كما رأينا . يضاف إلى ذلك أن القابض لا صفة له فى حيازة المقبوض عن الغير ، فهو ليس بوكيل ولا بمستودع . المقبوض هو إذن ملك القابض خاصة ، على أن للدائن الشريك حقاً ثابتاً فى الشئ المقبوض ، وبموجب هذا الحق يستحق هذا الدائن الشريك بعضاً مما قبض القابض ، ولو أنه لا يستطيع تتبع المقبوض بين يدى الغير فقد رأينا أنه لا يستطيع فى حالة انتقال الملكية سوى المطالبة بتعويض . هذا الحق هو إذن حق شبه عينى ، فصاحبه ليس له حق ملكية ، بل حق فى أن يتملك : ولهذا الحق نظائر فى الشرع " ( النظرية العامة للالتزامات فى الشريعة الإسلامية فقرة 321 - فقرة 322 والنصوص الفقهية المشار إليها فى الهوامش ) .
ويبدو لنا أنه يمكن القول إن حصة كل دائن فى الدين المشترك هى ملك الدائن خاصة فى العلاقة بينه وبين المدين ، وهى مال مشترك – لأنها جزء من الدين المشترك – فى علاقة الدائن بباقى الدائنين . ومن ثم يجوز لباقى الدائنين إن يطالبوا الدائن الذى قبض حصته بأنصبتهم فى هذه الحصة إذ هى مال مشترك بينهم ، ولهم أن يرجعوا على المدين . فإذا ما استولى كل من الدائنين على حصته اختص بها ، حتى فى علاقة هؤلاء الدائنين بعضهم ببعض . وإذا تصرف الدائن فى حصته التى قبضها من المدين لم يكن لباقى الدائنين تتبع هذه الحصة فى يد الغير ، لأن الحصة إنما تعتبر مالاً مشتركاً فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض ، لا فى علاقتهم بالغير . على أن أثر الاشتراك يعود ، حتى فى هذه الحالة ، إذا أعسر المدين ، ويتجلى دائماً فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض ، فيرجع الدائنون الآخرون على الدائن الذى قبض حصته وتصرف فيها ليحملوه نصيبه من تبعة إعسار المدين .
( [405] ) ويستخلص الأستاذ شفيق شحاتة الطبيعة القانونية للدين المشترك على الوجه الآتى : " الدين المشترك قد ورد ذكره فى النصوص على أنه ملك مشترك ، فهو إذن فى نظر الفقهاء عبارة عن شئ مملوك للدائنين على الشيوع . ولكن قد لاحظ الفقهاء أنفسهم أن الدين ليس بشئ حسى بل هو مجرد معنى فى الذهن ، ولما كان كذلك كان من المتعذر تصور انقسامه . لذلك قالوا بأنه لا ينقسم ، ونشأ عن ذلك حق الرجوع . إلا أنهم قد لاحظوا من ناحية أخرى أنه إذا كان الدين لا يقبل الانقسام على أنه دين ، فهو يقبله على أنه مطالبة ، ونشأ عن ذلك جواز انفراد كل من الدائنين بالمطالبة بحصته منه . ولكننا قد رأينا عند الكلام على الأساس القانونى لحق الرجوع أن تصوير الدين المشترك على هذا الشكل لا يتفق والحلو الثابتة . أما الفكرة التى تستمد من الحلول فهى أن الدين المشترك ينقسم فيما بين الدائنين فى الواقع . إلا أن انقسامه لا يكون مطلقاً فهو ينقسم انقساماً مقيداً بما شرعوه من حق الرجوع ، ذلك أن حق الرجوع يوجد بين الدائنين رابطة ذات طبيعة خاصة كما بينا . وإذا نظرنا إلى الدين المشترك نظرة عملية ، وجدنا أن هذه الرابطة التى أوجدها حق الرجوع لا تبقى على الشئ الكثير من اعتبار الالتزام منقسماً ، فهى تؤدى بالفعل إلى ضرورة اجتماع جميع الدائنين عند المطالبة ، ذلك أنه ما دام لم يجتمع هؤلاء الدائنون لا تكون المطالبة أبداً مجدية " ( النظرية العامة للالتزامات فى الشريعة الإسلامية فقرة 323 - فقرة 324 ) .
ونعود إلى القول بأن الدين المشترك هو دين منقسم على الدائنين فى علاقتهم مع المدين ، وغير منقسم عليهم فى علاقتهم بعضهم ببعض ، وانقسامه على الدائنين فى علاقتهم بالمدين هو الذى يجنب نظام الدين المشترك عيوب نظام التضامن بين الدائنين ، أما عدم انقسامه على الدائنين فى علاقتهم بعضهم ببعض فهو الذى يحقق للنظام هدفه الأول وهو أن يكون ضماناً للدائنين .
ويقول الأستاذ منير القاضى فى محاضراته فى القانون المدنى العراقى فى معهد الدراسات العربية العالية ( سنة 1953 ص61 - ص62 ) : " والفكرة فى هذا النوع من الدين مبينة عند فقهاء الشريعة على عدم قبول الدين للانقسام ، لأن الديون عندهم أوصاف فى ذمم المدينين والأوصاف لا تقبل الانقسام ، فما يقبضه كل واحد من الدائنين إنما يقبضه مالاً مشتركاً . وهى مبينة فى رأى من يعد الدين مالاً يقبل القسمة . . على أن أحد الدائنين له حق المطالبة بحصته بناء على قبول الدين القسمة فهو يطالب بقسمة ، فإذا قبض حصته كان لشركائه الرجوع عليه بأنصابهم مما قبض لأن قسمة المشترك لا تتم إلا برضاء الشركاء أو بحكم القضاء بالقسمة ، فإذا لم يرض الشركاء بهذه القسمة التى تولاها القابض وحده بقى ما قبضه مشتركاً بينهم ، وظل الباقى فى ذمة المدين مشتركاً بينهم أيضاً ، وإذا رضوا بهذه القسمة سلمت له حصته التى قبضها " .
( [406] ) والاتفاق مقدماً على استبعاد الاشتراك فى الدين لا يقول به فى الفقه الإسلامى إلا عدد قليل من الفقهاء ، ولكن التقنين المدنى العراقى اختار هذا القول لما فيه من مزية واضحة . ويقول الأستاذ منير القاضى فى هذا الصدد : " لم يجوز الفقه الحنفى قسمة الدين لا تمليكه لغير من عليه الدين ، لأن الديون فى نظريته أوصاف فى ذمة المدين لا أموال ، والأوصاف لا تقبل القسمة ولا الانتقال من محالها ، فلا تقسم إذن ولا تملك ، وإنما تقسم أو تملك بعد تمثلها فى الأعيان المقبوضة منها . وهى نظرية لها دقتها وقيمتها . وإنما جوزوا تمليكها لمن عليه الدين لأن هذا التمليك إبراء معنى ، والإبراء يتضمن الإسقاط ، والأوصاف تقبل الإسقاط . . . ولكن القانون العراقى ، وإن اقتبس الدين المشترك وأحكامه من هذا الفقه ، قد تجافى تلك النظرية ومال إلى رأى من المذاهب الإسلامية الأخرى وغيرها أن الديون أموال لا أوصاف فى الذمة فهى إذن تقبل القسمة ، فقرر فى مادته الـ314 أن الدين المشترك يجوز الاتفاق فيما بين الشركاء فيه على أن يكون لكل منهم الحق فى قبض حصته من الدين من غير أن يكون لسائل الشركاء الرجوع عليه حتى لو توت حصصهم . وفى هذه الحالة ينقسم الدين المشترك على الدائنين قسمة تامة ، ويختص كل منم بحصته فى الدين من غير أن يشاركه فيه غيره بوجه من الوجوه ، فيخرج الدين عن كونه مشتركاً ( محاضرات فى القانون المدنى العراقى فى معهد الدراسات العربية العالية ص64 - ص65 ) .
ومن أعلام الفقهاء الذين يقولون بجواز الاتفاق على استبعاد الاشتراك فى الدين ابن القيم ، ويقول فى هذا الصدد : " تجوز قسمة الدين المشترك بميراث أو عقد أو إتلاف ، فينفرد كل من الشريكين بحصته ويختص بما قبضه ، سواء كان فى ذمة واحدة أو فى ذمم متعددة . فإن الحق لها ، فيجوز أن يتفقا على قسمته أو بقائه مشتركاً ولا محذور فى ذلك . بل هذا أولى بالجواز من قسمة المنافع بالمهايأة بالزمان أو بالمكان ، ولا سيما فإن المهايأة بالزمان تقتضى تقدم أحدهما على الآخر وقد تسلم المنفعة إلى نوبة الشريك وقد تتوى . والدين فى الذمة يقوم مقام العين ، ولهذا تصح المعاوضة عليه من الغريم وغيره ، وتجب على صاحبه زكاته إذا تمكن من قبضه ، ويجب عليه الإنفاق على أهله وولده ورقيقه منه ، ولا يعد فقيراً معدماً ، فاقتسامه يجرى مجرى اقتسام الأعيان والنافع . فإذا رضى كل من الشريكين أن يختص بما يخصه من الدين ، فينفرد هذا برجل يطالبه وهذا برجل يطالبه ، أو ينفرد هذا بالمطالبة بحصته وهذا بالمطالبة بحصته ، لم يهدما بذلك قاعدة من قواعد الشريعة ولا استحلا ما حرم الله ولا خالفاً نص كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول صاحب ولا قيساً شهد له الشرع بالاعتبار . وغاية ما يقدر عدم تكافؤ الذمم ووقوع التفاوت فيها ، وأن ما فى الذمة لم يتعين فلا تمكن قسمته ، وهذا لا يمنع تراضيهما بالقسمة مع التفاوت فإن الحق لا يعدوهما ، وعدم تعيين ما فى الذمة لا يمنع ما يقدر عدم تكافؤ الذمم ووقع التفاوت فيها ، وأن ما فى الذمة لم يتعين فلا تمكن قسمته ، وهذا لا يمنع تراضيهما بالقسمة مع التفاوت فإن الحق لا يعدوهما ، وعدم تعيين ما فى الذمة لا يمنع القسمة فإنه يتعين تقديراً ، ويكفى فى إمكان القسمة التعين بوجه فهو معين تقديراً ويتعين بالقبض تحقيقاً . وأما قول أبى الوفاء بن عقيل لا تختلف الرواية عن أحمد فى عدم جواز قسمة الدين فى الذمة الواحدة واختلفت الرواية عنه فى جواز قسمته إذا كان فى الذمتين فعنه فيه روايتان ، فليس كذلك ، بل عنه فى كل من الصورتين روايتان ، وليس فى أصوله ما يمنع جواز القسمة كما ليس فى أصول الشريعة ما يمنعها ، وعلى هذا فلا يحتاج إلى حيلة على الجواز . وأما من منع القسمة ، فقد تشتد الحاجة إليها ، فيحتاج إلى التحيل عليها . فالحيلة أن يأذن لشريكه أن يقبض من الغريم ما يخصه ، فإذا فعل لم يكن لشريكه أن يخاصمه فيه بعد الإذن على الصحيح من المذهب كما صرح به الأصحاب . وكذلك لو قبض حصته ثم استهلكها قبل المحاصة ، لم يضمن لشريكه شيئاً ، وكان المقبوض من ضمانة خاصة ، وذلك أنه لما أذن لشريكه فى قبض ما يخصه ، فقد أسقط حقه من المحاصة ، فيختص الشريك بالمقبوض . وأما إذا استهلك الشريك ما قبضه ، فإنه لا يضمن لشريكه حصته منه قبل المحاصة لأنه لم يدخل فى ملكه ولم يتعين له بمجرد قبض الشريك له ، ولهذا لو وفى شريكه نظيره لم يقل انتقل إلى القابض الأول ما كان ملكاً للشريك ، فدل على أنه إنما يصير ملكاً له بالمحاصة لا بمجرد قبض الشريك . ومن الأصحاب من فرق بين كون الدين بعقد وبين كونه بإتلاف أو إرث ، ووجه الفرق أنه إذا كان بعقد فكأنه عقد مع الشريكين لكل منهما أن يطالب بما يخصه ، بخلاف دين الإرث والإتلاف والله أعلم " ( إعلام الموقعين جزء 4 ص1 - ص2 ) . وانظر أيضاً الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 183 ص175 - ص176 .
( [407] ) وقد تكون حصة أحد الدائنين مؤجلة ، وحصة ثان حالة ، وحصة ثالث معلقة على شرط . ولكن إذا نشأ الدين حالاً فى جميع حصصه ، فقد اختلف فيما إذا كان يجوز لدائن دون غيره أن يمنح حصته أجلاً : فعند أبى يوسف ومحمد يجوز ، وعند أبى حنيفة لا يجوز لأن منح الأجل بالنسبة إلى حصة دائن يتعدى أثره حتماً إلى حصص الآخرين ( انظر فى هذه المسألة الأستاذ شفيق شحاتة فى النظرية العامة فى الشريعة الإسلامية فقرة 305 ) .
( [408] ) فلا يجوز للمدين أن يفى أحد الدائنين كل الدين ، ولا تبرأ ذمته من حصص باقى الدائنين بهذا الوفاء ، بل لهؤلاء أن يطالبوا المدين كل بحصته ، ويرجع المدين على القابض بما قبضه زيادة على حصته . جاء فى البدائع ( جز6 ص70 ) : " من استوفى كل الدين المشترك بغير إذن شريكه ، كان لشريكه أن يرجع على الغريم بحصته ، ويرجع الغريم على القابض بما قبضه ، لأنه إنما سلم إليه ليملك ما فى ذمته بما سلم ، ولم يملك ، فكان له أن يرجع " . على أنه يجوز إذا قبض أحد الدائنين كل الدين أن يرجع عليه شركاؤه كل بحصته ، فتبرأ ذمة المدين من الدين كله . جاء فى البدائع ( جزء 6 ص70 ) : " إن أحد الشريكين إذا استوفى الدين المشترك كله كان للشريك الآخر أن يرجع عليه بنصيبه " .
( [409] ) ومن كانت حصته مؤجلة من الدائنين لا يستطيع أن يطالب بها إلا عند حلول الأجل ، بل ولا يستطيع أن يرجع على من قبض من الدائنين حصته الحالة إلا إذا انقضى أجل حصته . جاء فى المبسوط للرضى ( جزء 21 ص38 ) : " والدليل على أن تأجيله يصادف بعض نصيب شريكه أن الآخر إذا قبض نصيبه ثم حل الأجل ، كان للمؤخر أن يشاركه فى المقبوض ، ويكون ما بقى مشتركاً بينهما ، والباقى هو ما كان مؤجلاً " . وإذا كان الدين كله مؤجلاً ، فعجل المدين لأحد الدائنين حصته ، رجع الشركاء فى الدين على هذا الدائنين دون أن ينتظروا حلول الأجل ، لأن الأجل قد سقط فى الحصة المعجلة بالنسبة إلى الدائنين جمعياً . وقد جاء فى البدائع ( جزء 7 ص196 ) : " لو كان الدين فى الأصل منهما جميعاً مؤجلاً ، فأخ أحدهما شيئاً قبل حل الأجل ، شاركه فيه صاحبه ، لأنه لما أخذ شيئاً قبل حل الأجل فقد سقط الأجل على قدر المقبوض وصار حالاً فصار المقبوض من النصيبين جميعاً ، فيشاركه فيه صاحبه كما فى الدين الحال " .
وإذا نشأ الدين المشترك حالاً ، ثم أراد أحد الدائنين أن يؤجل ، فلا يجوز على رأى أبى حنيفة ، كما قدمنا ، وقد نصت المادة 1112 من المجلة على أنه " ليس لأحد الدائنين أن يؤجل الدين المشترك بلا إذن الآخر " . وقد جاء فى شرح سليم باز للمجلة ( ص617 ) : " لأنه إذا صح التأجيل فى الحصتين لصار تصرفاً فى حق شريكه بدون إذنه . وإن صح فى حصة المؤجل ، لأدى إلى قسمة الدين قبل قبضه ، وذا لا يجوز . ومفاده أنه لو أجل الشريك حصته من الدين ، فلا يصح أيضاً لما فيه من قسمة الدين قبل قبضه . فبناء عليه لو أجل أحد الدائنين الدين المشترك كلاً أو بعضاً ، ثم قبض الشريك الآخر بعض الديون من المديون ، فللشريك الذى أجل أن يشاركه فيما قبض وإن لم يحل الأجل ، لأن الأجل باطل " . أما الصاحبان فقد رأينا أنهما يجيزان أن يؤجل الدائن حصته دون حصة شريكه . وقد أخذ مرشد الحيران برأى الصاحبين ، ولكن قصره دون مبرر على الميراث ، فنصت المادة 187 على أنه " إذا كان الدين المشترك موروثاً ، فلا يجوز لأحد الشريكين أن يؤجل حصة شريكه بلا إذن ، وله أن يؤجل حصته " . ثم نصت المادة 188 على أنه " إذا كان الدين المشترك واجباً بإدانة أحد الشريكين فى شركة عنان ، فإن أجل الذى باشر الإدانة صح تأجيله فى جميع الدين ، وإن أ<له الذى لم يباشر الإدانة فلا يصح تأجيله فى حصته ولا فى حصة شريكة بالأولوية . فإن كان الشريكان متفاوضين ، فأيهما أجل الدين المشترك بينهما صح تأجيله " . ونصت المادة 189 على أنه " إذا كان الدين المشترك واجباً بعقد قرض ، فلا يجوز للشريك الذى باشر العقد ولا للشريك الآخر أن يؤجله ، وإن أجله أحدهما فلا يلزم تأجيله ولكن منهما اقتضاؤه حالاً " . والمادتان الأخيرتان إنما تعرضان لأحكام خاصة بالشركة وبالقرض لا بالدين المشترك فى ذاته ( انظر الأستاذ شفيق شحاتة فى النظرية العامة للالتزامات فى الشريعة الإسلامية ص299 ) .
( [410] ) وقد نقل الأستاذ شفيق شحاتة عن محمد فى المبسوط ( ص385 / 1 ) : " قال أبو حنيفة إن أقر أحد الشريكين فى هذا أن الدين كان إلى سنة وقال الآخر كان حالاً ، فإن حصة الذى أقر بالأجل إلى ذلك الأجل ، وحصة الآخر حالة " ( النظرية العامة للالتزامات فى الشريعة الإسلامية ص237 هامش رقم 67 ) .
( [411] ) قارن الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 182 ص174 .
( [412] ) وقد رأينا أنه إذا قبض أحد الدائنين كل الدين ، جاز لشركائه أن يرجعوا عليه كل بحصته ، فتبرأ ذمة المدين من الدين كله ( انظر آنفاً فقرة 158 فى الهامش ) .
( [413] ) وإلى هذا العيب فى نظام الدين المشترك يشير الأستاذ شفيق شحاتة فيقول : " هذا على أن لنظرية الدين المشترك عيوباً ، إذ لا يستطيع الدائن طبقاً لهذه النظرية أن يحصل على حصته فى الدين بصورة جدية فى حال من الأحوال . فهو دائماً يظل مهدداً بحق الرجوع ولو قبض دون حقه " ( النظرية العامة للالتزامات فى الشريعة الإسلامية فقرة 325 ص275 ) . ثم يقول فى آخر هامش رقم 147 من ص275 : " ويلاحظ خصوصاً أن حق الرجوع من شأنه تكثير الدعاوى ، على أن تعاقب الدعاوى من الدائن الواحد لن يغنى أبداً عن المطالبة المشرك ، إذ يبقى دائماً رصيد لا تصل إليه إلا المطالبة المشتركة " .
على أن هذا العيب لم يخل منه نظام تضامن الدائنين ، فقد قدمنا أن أحد الدائنين المتضامنين إذا قبض جزءاً من الدين شاركه الآخرون فيما قبض ، ثم إذا قبض جزءاً آخر شورك فيه ، وهكذا . ومهما يكن من أمر فإنه من الممكن فى نظام الدين المشترك ، من الناحية العملية ، توقى هذا العيب بأن ينزل الدائنون الآخرون عن حقهم فى الرجوع على الدائن الذى قبض حصته ، مع استبقاء حقهم فى تحميله نصيبه من إعسار المدين .
( [414] ) ويقول الأستاذ منير القاضى : " وإذا استهلك الشريك حصته من الدين بعد قبضها ، لا يسقط خيار بقية الشركاء بالرجوع عليه . ولكن لو هلكت فى يده فليس هلم خيار الرجوع عليه ، بل يعتبر المقبوض الهالك من صيب القابض وحده . وكان القياس أن يثبت لهم حق خيار الرجوع لأنه قبض مالاً مشتركاً بينهم ، ولكن الاستحسان يميل إلى عدم الرجوع . وجه الاستحسان أنه لو صح لهم اختيار الرجوع عليه فاختاروا الرجوع يكونون قد أجازوا قبضه ، فتكون حصصهم أمانة فى يديه ، فلا يستحقون عليه ضماناً بهلاك ما قبض لأن الأمين لا يضمن بلا تعد ، فكان الأوجه اعتبار المقبوض بعد هلاكه من حصة القابض " ( محاضرات فى القانون المدنى العراقى لمعهد الدراسات العربية العالية ص63 ) .
( [415] ) وقد جاء فى المبسوط للسرخى ( جزء 21 ص41 ) : " إن مبنى الصلح على الإغماط والتجوز بدون الحق ، فمن حجة المصالح . . . أن يقول إنما توصلت إلى نصيبى لأنى تجوزت بدون حق ، فإن أردت أن تشاركنى بما تجوزت به لأدفع إليه نصف ما قبضت " .
( [416] ) أما إذا مات أحد الدائنين وورثه المدين فالأمر واضح ، ذلك بأن حصة الدائن المتوفى فى الدين المشترك تكون قد انقضت باتحاد الذمة ، ويرجع الدائنون الآخرون كل بحصته على المدين ، ولا محل مشاركتهم فى الحصة التى انقضت فإن ذلك لا يكون إلا برجوعهم على المدين على اعتبار أنه وارث للدائن ، ويستوى من الناحية العملية أن يرجعوا عليه بهذا الاعتبار أو يرجعوا عليه باعتباره مديناً .
( [417] ) ولا تنقضى حصة الدائن الوارث باتحاد الذمة لأنه غير مسئول شخصياً عن ديون التركة ( الأستاذ شفيق شحاتة فى النظرية العامة للالتزامات فى الشريعة الإسلامية ص234 هامش رقم 61 - الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 188 ) . وجاء فى البدائع ( جزء 6 ص67 ) : " وذكر على بن الجعد عن أبى يوسف أنه لو مات المطلوب وأحد الشريكين وارثه ، وترك مالاً ليس فيه وفاء ، اشتركا بالحصص ، لأن الدين يمنع انتقالى الملك إلى الورثة لقوله تعالى من بعد وصية يوصى بها أو دين ، رتب الميراث على الدين فلم ينتقل لذلك إلى الوارث ، فلا يسقط دينه ، وكان دين الوارث والأجنبى سواء " .
وهذا هو نص المادة 310 عراقى : " إذا مات المدين فى دين مشترك ، وترك مالاً ليس فيه وفاء للدين ، وكان أحد الشركاء وارثاً له÷ن فجميع الشركاء يشتركون فى المال الذى تركه المدين على حسب حصة كل منهم " .
( [418] ) ويوجد فى الفقه الإسلامى خلاف فى جواز رجوع الشركاء على الشريك لذى سقطت حصته بالمقاصة فى مقابلة دين وجب عليه بسبب عمل غير مشروع ( انظر فى هذه المسألة الأستاذ شفيق شحاته فى النظرية العامة للالتزامات فى الشريعة الإسلامية ص250 - 251 والنصوص الفقهية المشار إليها فى الهامش ) . ولا نرى ، فى التقنين المدنى العراقى ، التمييز فى العمل غير المشروع بين الشرر الواقع على المال والضرر الواقع على النفس ، فإذا ثبت فى ذمة الدائن للمدين دين عن ضرر أوقعه الدائن على مال المدين أو نفسه ، فإن حصة الدائن فى الدين المشترك تسقط قصاصاً بهذا الدين ، ويكون للدائنين الآخرين الرجوع على هذا الدين المشترك تسقط قصاصاً بهذا الدين ، ويكون للدائنين الآخرين الرجوع على هذا الدائن . ويذهب الأستاذ حسن الذنون إلى غير هذا الرأى إذ يقول : " الرأى عندى أن النصر العراقى للمادة 312 يشعر بالتفرقة بين الضرر الواقع على النفس وفى هذه الحالة لا يجوز للدائن الثانى أن يرجع على الدائن الأول بشئ ، وبين الضرر الواقع على المال وفى هذه الحالة يجوز له الرجوع عليه . ذلك أن الفقرة الأولى من المادة السالفة تقضى بأنه إذا أتلف أحد الشركاء فى دين مشترك مالاً للمدين وتقاصاً بحصته ضماناً فلشركائه أخذ نصيبهم منه . فالنص قاصراً على جواز الرجوع فى حالة ما إذا أتلف الدائن مالاً للمدين . أما فى حالة إتلاف النفس أو ما هو دون النفس ، فالنص ساكت عن بيان حكمه ، وإذن فلا مندوحة من الرجوع إلى أحكام الفقه الإسلامى وهى المصدر التى اقتبست عنه هذه النصوص . وبالرجوع إلى أحكام هذا الفقه نجد أن الفقهاء لا يجيزون الرجوع فى هذه الحالة ، أى فى حالة إتلاف النفس أو ما هو دون النفس . وعندى أن هذه التفرقة منتقدة ، وكان الأجدر بالمشروع العراقى أن يجيز الرجوع سواء وقع الشرر على المال أم على النفس – انظر المبسوط 21 ص40 - فتح القدير 7 ص406 - الزيلعى 5 ص42 " ( أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 190 ص180 ) – ونرى أن ذكر النص لإتلاف الشريك مالاً للمدين لم يقصد به الاقتصار على حالة إتلاف المال دون إتلاف النفس ، بل إن النص بإشارته إلى إتلاف المال قد ذكر ما يقع غالباً فى العمل ، فيقاس على إتلاف المال إتلاف النفس .
( [419] ) وقد جاء فى البدائع ( جزء 6 ص67 ) : " ولو كان وجب للمطلوب على أحد الطالبين دين بسبب قبل أن يجب لهما عليه الدين ، فصار ما عليه قصاصاً بما لأحد الطالبين ، فلا ضمان على الذى سقط عنه الدين لشريكه ، لأنه ما استوفى الدين بل قضى ديناً كان عليه ، إذ الأصل فى الدينين إذا التقيا فصاصاً أن يصير الأول مقضياً بالثانى لأنه كان واجب القضاء قبل الثانى ، وإذا لم يكن مستوفياً للدين لم يكن له المشاركة إذ المشاركة تثبت فى القدر المستوفى " .
( [420] ) جاء فى الفتاوى الهندية ( جزء2 ص240 ) : " وفى المنتقى عن أبى يوسف لو ضمن أحد الطالبين للمطلوب مالاً عن رجل ، صارت حصته قصاصاً به ، ولا شئ لشريكه عليه . فإن اقتضى من المكفول عنه ذلك المال ، لم يكن لشريكه أن يرجع عليه أيضاً فيشاركه فى ذلك ، كذا فى المحيط " .
( [421] ) وننقل هنا ما جاء فى البدائع ( جزء6 ص67 - ص68 ) تأكيداً لما استخلصناه من هذه المبادئ : " ولو كان الدين بين شريكين على امرأة ، فتزوجها أحدهما على نصيبه من الدين ، فقد روى بشر عن أبى يوسف أن لشريكه أن يرجع عليه بنصف حقه من ذلك . وروى بشر عنه أيضاً أنه لا يرجع وهو رواية محمد بن أبى يوسف . وجه الرواية الأولى أن النكاح أوجب المهر فى ذمته ، وله فى ذمتها مثله ، فصار قصاصاً بدينه ، فصار كأنه قبض نصف الدين ، فكان له أن يرجع بنصف حقه ، كما لو اشترى منها ثوباً بنصيبه من الدين . وجه الرواية الأخرى أن من شرط وجود الضان عليه لشريكه أن يسلم له ما يحتمل المشاركة ، ولم يوجد ، فلا يضمن لشريكه ، كما أو أبرأها عن نصيبه . ولو استأجر أحد الشريكين الغريم بنصيبه ، فإن شريكه يرجع عليه فى قولهم جميعاً ، لأن الأجرة فى مقابلتها بدل مضمون بالعقد ، فأشبه البيع ، وكذا الذى سلم له وهو المنفعة قابل للشركة ، فكان له أن يضمنه . وروى بشر عن أبى يوسف أن أحد الطالبين إذا شج المطلوب موضحة عمداً ، فصالحه عن حصته ، لا يلزمه شئ لشريكه ، لأنه لم يسلم له ما تمكن المشاركة فيه ، لأن الصلح عن جناية عمد ليس فى مقابلته بدل مضمون ، فلم يسلم ما تصح المشاركة فيه ، فلا يلزمه شئ . وأما إذا استهلك أحد الطالبين على المطلوب مالاً ، فصارت قيمته قصاصاً بدينه ، أو اقترض منه شيئاً بقدر نصيبه من الدين ، فلشريكه أن يرجع عليه ، لأن قدر القرض وقيمة المستهلك صار قصاصاً بدنيه والاقتصاص استيفاء الدين من حيث المعنى ، فصار كأنه استوفى حقه . ولو كان وجب للمطلوب على أحد الطالبين دين ؟؟؟؟؟؟ قبل أن يجب لها على الدين ، فصار ما عليه قصاصاً بما لأحد الطالبين ، فلا ضمان على الذى سقط عنه الدين لشريكه ، لأنه ما استوفى دينه بل قضى ديناً كان عليه ، إذ الأصل فى الدينين إذا التقيا قصاصاً أن يصير الأول مقضياً بالثانى لأنه كان واجب القضاء قبل الثانى ، وإذا لم يكن مستوفياً للدين لم يكن له المشاركة إذ المشاركة تثبت فى القدر المستوفى . وذكر ابن سماعة فى نوادره عن محمد لو أن أحد الغريمين اللذين لهما المال قتل عبد المطلوب فوجب عليه القصاص ، فصالحه المطلوب على خمسمائة درهم ، كان ذلك جائزاً ، وبرئ من حصة القاتل من الدين ، وكان لشريك القاتل أن يشركه فيأخذ منه نصف الخمسمائة ، وكذلك لو تزوج المرأة الغريمة على خمسمائة مرساة ، أو استأجر الغريم بخمسمائة مرسلة ، فرق بين هذا وبين ما إذا صالح على نفس الدين أو تزوج به ، ووجه الفرق أن العقد هنا ، وهو الصلح والنكاح ، وقع على ما فى الذمة ، وغننه يوجب المقاصة ، فكان استيفاء الدين معنى بمنزلة الاستيفاء حقيقة . بخلاف الصلح على نفس الدين والتزوج به ، فإن العقد هناك ما وقع على ما فى الذمة مطلقاً ، ألا ترى أن العقد هناك أضيف إلى نفس الدين ، فلم تقع المقاصة ، ولم يسلم له أيضاً ما يحتمل الاشتراك فيه ، فلا يرجع . وذكر على بن الجعد عن أبى يوسف أنه لو مات المطلوب وأحد الشريكين وارثه ، وترك مالاً ليس فيه وفاء ، اشتركا بالحصص ، لأن الدين يمنع انتقال الملك إلى الورثة لقولة تعالى " من بعد وصية يوصى بها أو دين " ، رتب الميراث على الدين فلم ينتقل الملك إلى الوارث ، فلا يسقط دينه ، وكان دين الوارث والأجنبى سواء . ولو أعطى المطلوب لأحدهما رهناً بصحته فهلك الرهن عنده ، فلشريكه أن يضمنه ، لأن قبض الرهن قبض استيفاء ، وبهلاك الرهن يصير مستوفياً للدين حكماً ، فكان كالاستيقاء حقيقة . ولو غصب أحد الشريكين المطلوب عبداً فمات عنده ، فلشريكه أن يضمنه ، لأنه صار ضامناً لقيمة العبد من وقت الغصب فملك المغصوب من ذلك الوقت بطريق الظهور والاستناد . ولو ذهبت إحدى عينى العبد بآفة سماوية فى ضمان الغاصب فرده ، لم يرجع شريكه عليه بشئ ، لأنه لم يسلم له ما تمكن المشاركة فيه فيضمن لشريكه . وكذلك العبد المرهون إذا ذهبت إحدى عينيه بآفة سماوية . وكذا لو اشترى أحد الشريكين من الغريم عبداً بيعاً فاسداً وقبضه ، فمات فى يده أن باعه أو اعتقه ، إنه يضمن لشريكه كما يضمن فى الغصب . ولو هبت عينه بآفة سماوية فرده ، لم يضمن لشريكه شيئاً ، ويجب عليه من حصته من الدين خاص " .
( [422] ) أما إذا انقضت حصة الدائن فى الدين المشترك دون أن يقبض شيئاً ، كما إذا أبرأ المدين من حصته أو انقضت هذه الحصة بالتقادم ، فيبدو أن الدائن فى هذه الحالة لا يحمل نصيبً فى إعسار المدين ، فهو لم يأخذ مقابلاً فى حصته حتى يشارك فى تبعة الإعسار .
( [423] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص49 - ص50 .
( [424] ) سبق أن أوردنا تاريخ هذا النص عند الكلام فى التضامن بين الدائنين ، وذكرنا ما يقابله فى التقنين المدنى السابق وما يقابله فى التقنينات المدنية العربية الأخرى ، ( انظر آنفاً فقرة 125 فى الهامش ) . ولم يبق إلا أن نذكر هنا نصوص التقنين المدنى العراقى وتقنين الموجبات والعقود اللبنانى الخاصة بالتضامن السلبى :
التقنين المدنى العراقى م320 : التضامن بين المدينين لا يفترض ، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص فى القانون . ( وهذا النص مطابق لنص المادة 279 من التقنين المدنى المصرى فيما يخص التضامن السلبى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م24 : إن التضامن بين المديونين لا يؤخذ بالاستنتاج ، بل يجب أن يستفاد صراحة من عقد إنشاء الموجب أو من القانون أو من ماهية القضية . على أن التضامن يكون حتماً فى الموجبات المعقودة بين التجار فى شئون تجارية ، إذا لم يتحصل العكس من عقد إنشاء الموجب أو القانون .
( والتقنين اللبنانى يتفق فى أحكامه مع التقنين المصرى ، ويزيد أن نص على التضامن فى المسائل التجارية ، فالتقنين اللبنانى أكثر توسعاً فى التضامن السلبى من سائر التقنينات المدنية العربية ) . .
( [425] ) ويصح أن يكون مصدر التضامن هو الوصية – وهى إرادة منفردة لا اتفاق – فيوصى المورث بمبلغ من النقود لشخص ، ويجعل الورثة متضامنين فى أدائه للموصى له . وهذا ظاهر فى القانون الفرنسى ( بودرى وبارد 2 فقرة 1172 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1065 ) . أما فى مصر فالتركة ، طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، مسئولة عن الوصية ، إذ الوصية مقدمة على الميراث ، فسواء اشترط الموصى تضامن الورثة فى أداء الوصية أو لم يشترى فإن الموصى له يأخذ الوصية كاملة من التركة قبل الورثة ما دامت لا تخرج من الثلث .
( [426] ) مصر الوطنية 21 أبريل سنة 1891 الحقوق 6 ص76 - استئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1931 م44 ص66 - 15 يونيه سنة 1932 م44 ص367 - 6 ديسمبر سنة 1933 م46 ص67 .
( [427] ) استئناف مختلط 13 ديسمبر سنة 1900 م13 ص41 - 22 فبراير سنة 1911 م23 ص186 - 6 أبريل سنة 916 م28 ص237 - بودرى وبارد 2 فقرة 1194 مكررة ( 2 ) - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1065 ص421 - ص422 .
( [428] ) استئناف وطنى 7 أغسطس سنة 1893 الحقوق 7 ص203 .
( [429] ) استئناف مختلط 20 يناير سنة 1932 م44 ص130 .
( [430] ) استئناف مختلط 11 يناير سنة 1906 م18 ص97 - 3 مارس سنة 1910 م22 ص179 - 5 فبراير سنة 1918 م30 ص202 - 6 مارس سنة 1930 م42 ص335 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 809 ص595 وهامش رقم 2 .
( [431] ) نقض مدنى 29 أكتوبر سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 182 ص488 .
( [432] ) استئناف وطنى 3 ديسمبر سنة 1896 الحقوق 12 ص11 . وقضى أيضاً بأن تعهد كل مدين بنفس الدين فى التزام مستقل يستخلص منه التضامن ( المحلة 21 فبراير سنة 1933 المحاماة 13 رقم 658 ص1313 ) .
( [433] ) نقض مدنى 31 مارس سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 106 ص315 . وقضى أيضاً بأنه إذا استدان شخصان مبلغاً بعقد واحد ، ورهن كل منهما عقاراً من ممتلكاته لسداد هذا الدين ، وخلا العقد من بيان حصة كل منهما وكيفية الدفع ، فلا تضامن بينهما ، بل يكون على كل أداء نصف الدين إلا إذا اعترف أحدهما بأن نصيبه أكثر من النصف ( بنى سويف 20 يناير سنة 1909 المجموعة الرسمية 10 ص239 ) . ولا يكون هناك تضامن بين الطرفين دون اتفاق فى الالتزام نحو السمسار فى صفقة عقدها الطرفان بوساطته ( استئناف مختلط 16 مارس سنة 1938 م50 ص168 - مصر الوطنية 29 أكتوبر سنة 1907 الحقوق 23 ص36 ) .
وانظر فى قيام التضامن : استئناف مختلط 13 مارس سنة 1902 م14 ص185 - 22 أبريل سنة 1914 م26 ص342 - 5 فبراير سنة 1930 م42 ص255 - 27 مايو سنة 1936 م48 ص290 .
وانظر فى عدم قيام التضامن : استئناف مختلط 16 يناير سنة 1889 م1 ص181 - 29 ديسمبر سنة 1898 م11 ص74 - 14 فبراير سنة 1900 م12 ص130 - 22 مارس سنة 1900 م12 ص173 - 4 فبراير سنة 1914 م26 ص200 - 5 يونيه سنة 1919 جازيت 10 - 9 - 1 - 11 يونيه سنة 1921 جازيت 12 - 24 - 40 - 13 يونيه سنة 1923 م35 ص506 - 11 مارس سنة 1924 م36 ص257 - 10 يونيه سنة 1924 م36 ص426 - 31 يناير سنة 1934 م46 ص146 - 27 فبراير سنة 1935 م47 ص169 - مصر الوطنية 16 مايو سنة 1911 الحقوق 27 ص45 .
وقد سبق أن ذكرنا أن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى تقول فى هذا الصدد : " ومن الأصول المقررة أن التضامن بنوعيه لا يفترض ، وليس يقص بذلك إلى وجوب اشتراطه بصريح العبارة ، فقد تنصرف إليه الإرادة ضمناً ، ولكن ينبغى أن تكون دلالة الاقتضاء فى مثل هذه الحالة واضحة لا خفاء فيها . فإذا اكتنف الشك فى هذه الدلالة ، وجب أن يؤول لنفى التضامن لا لإثباته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص51 وانظر آنفاً فقرة 127 ) .
ويصح أن يستخلص من الظروف ووقائع الدعوى أن الطرفين إنما أرادا من ذكر التضامن أن يكون الملتزم كفيلاً لمدين أصلى لا مديناً متضامناً معه ، كما يصح أن يستخلص أنه كفيل متضامن لا مدين متضامن ( بودرى وبارد 2 فقرة 1177 - فقرة 1178 ) .
( [434] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1065 - نقض فرنسى أول ديسمبر سنة 1908 داللوز 1909 - 1 - 420 - أول فبراير سنة 1921 داللوز 1924 - 1 - 133 - أول يونيه سنة 1938 سيريه 1938 - 1 - 253 .
( [435] ) وقد يقع عبء إثبات التضامن على أحد المدينين المتضامنين إذا دفع الدين كله للدائن وأراد الرجوع على المدينين الآخرين كل بنصيبه ، فأنكر عليه أحدهم حق الرجوع ونفى وجود التضامن .
( [436] ) هيك 7 فقرة 309 - بودرى وبارد 2 فقرة 1179 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1066 .
( [437] ) لوران 17 فقرة 285 .
( [438] ) بارتان على أوبرى ورو 4 فقرة 298 مكررة ثالثاً هامش 9 مكرر بودرى وبارد 2 فقرة 1175 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 847 - كولان وكابيتان 2 ص200 - ليون كان ورينو 3 فقرة 38 - نالير فقرة 1054 - أسكارا فقرة 5 - ريبير فى القانون التجارى فقرة 328 .
( [439] ) كان القضاء الفرنسى فى مبدأ الأمر يقيم التضامن فى المسائل التجارية على أساس افتراض قيام شركة تجارية بين المدينين المتضامنين ، فكان يقضى بقيام التضامن بين تجار اشتروا شيئاً مشتركاً ، أو بين موكل ووكيله عن أعمال تجارية قام بها الوكيل مع الغير ، أو بين شركاء فى شركة محاصة تعاملوا مع الغير ، أو لوجود شركة واقعية بين شركتين أو وجود مال مشترك فى الظاهر بين هاتين الشركتين ( انظر الأحكام المشار إليها فى هذا الصدد فى بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص439 الهوامش رقم 3 إلى رقم8 ) . وكان يقيم التضامن فى الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع على أساس الخطأ المشترك . أما فى الالتزامات الناشئة عن الإثراء بلا سبب فكان لا يقضى بالتضامن فيها ، بل كان لا يقضى بافتراض تضامن الكفيل مع المدين الأصلى فى المسائل التجارية إذ كان يعطى للكفيل حق التجريد – ولكن محكمة النقض الفرنسية أزالت كل هذه القيود ، وأصبحت تقضى فى عبارة عامة بقيام التضامن فى المسائل التجارية ، لأن هذا ما تقتضيه مصلحة الدائن والمدين معاً تقوية للائتمان التجارى ، وذلك ما لم يستبعد التضامن باتفاق صريح أو ضمنى يستظهره قاضى الموضوع ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص439 - ص441 ) .
( [440] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1175 ص292 - ويتابع بودرى وبارد ( ص292 - ص294 ) إيراد أقوال فقهاء القانون الفرنسى القديم التى تثبت أن العرف التجارى كان يقضى بقيام التضامن بين التجار فى المسائل التجارية ، ويدردان كذلك الأعمال التحضيرية للتقنين المدنى الفرنسى التى تؤيد هذا المعنى .
وتنص المادة 24 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى صراحة على قيام التضامن فى المسائل التجاري ، فتقول : " على أن التضامن يكون حتماً فى الموجبات المعقودة بين التجار فى شئون تجارية إذا لم يتحصل العكس من عقد إنشاء الموجب أو من القانون " .
أما التقنين المدنى الألمانى فيذهب إلى مدى أبعد من ذلك ، فهو يفترض قيام التضامن حتى فى الالتزامات المدنية التى يكون مصدرها العقد ( م427 من هذا التقنين ) ، فعمم بهذا النص الحكم الذى كان وارداً فى المادة 280 من التقنين التجارى الألمانى القديم . على أن التقنين المدنى الألمانى يضيق من جهة أخرى من الآثار التى تتربت على التضامن ، ولا يتوسع فيها توسع التقنينات اللاتينية ( بودرى وبارد 2 فقرة 1176 ) .
( [441] ) انظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص441 .
( [442] ) هامل ( Hamel ) فى تعليقه على حكم محكمة النقض الفرنسية فى 20 أكتوبر سنة 1920 سيريه 1922 - 1 - 203 - دراكيدس ( Drakides ) ص55 وما بعدها .
( [443] ) ريبير فى القانون التجارى فقرة 328 وفى القانون البحرى فقرة 2412 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1853 .
( [444] ) هامل ( Hamel ) فى المرجع السابق الإشارة إليه فى سيريه 1922 - 1 - 201 - قارون دى باج 3 فقرة 328 .
( [445] ) انظر أمثلة لتوسع القضاء الفرنسى فى بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص442 - أما التضامن بين الدائنين فإنه لا يفترض ، لا فى مصر ولا فى فرنسا ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( انظر آنفاً فقرة 127 ) .
( [446] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص443 - ص444 . على أن محكمة النقض الفرنسية قضت حديثاً بأن الشركاء فى خطأ مشترك ، وإن كان يجوز الحكم على كل منهم بتعويض كل الضرر الناجم عن هذا الخطأ ، إلا أنهم لا يكونون متضامنين ( نقض فرنسى 10 مايو سنة 1948 J . S . 1950ص92 ) .
( [447] ) وقد كتبنا فى الموجز فى هذا الصدد ما يأتى : " والقاعدة التى تقضى بأن التضامن لا يفترض صحيحة فى المسائل التجارية صحتها فى المسائل الدنية ، وإن كان كثير من الفقهاء فى فرنسا يذهبون إلى أن التضامن يفترض فى المسائل التجارية بحكم العرف والعادات ، وجارتهم فى ذلك أخيراً محكمة النقض الفرنسية . أما فى مصر فنزعة القضاء تتجه إلى عدم افتراض التضامن حتى فى المسائل التجارية " ( الموجز للمؤلف فقرة 504 ص511 ) . انظر أيضاً فى هذا المعنى الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 703 . وانظر : استئناف مختلط 28 يناير سنة 1903 م15 ص106 - 11 يناير سنة 1922 م34 ص109 - وقضت محكمة المنشية الوطنية بأن التضامن لا يفترض ، ولا بد من نص صريح فى القانون أو الاتفاق ، ولم يرد فى القانون التجارى ما يخالف ذلك ، ولذا اختلف فيما إذا كانت المسائل التجارية تخرج على هذا الحكم ، فذهب رأى على أنها والمسائل المدنية سواء ، وذهب آخرون إلى خلاف ذلك . على أن الرأى القائل بعدم سريان المادة 108 مدنى على المسائل التجارية لا يفيد أكثر من التسامح فى استنباط الدليل على قيام رابطة التضامن أو تقرير قرينة مبدئية لمصلحة الدائن ، وهو دليل يحتمل الجدل وقرينة يصح نقضها بظروف الحال كافة ( 9 أبريل سنة 1931 الجريدة القضائية 114 ص17 ) .
ومع ذلك قارن ألبير فاهل والدكتور كامل أمين ملش فى القانون التجارى المصرى فقرة 120 ص68 وفقرة 662 ص352 - استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1914 م27 ص18 - 14 مارس سنة 1923 م35 ص293 .
( [448] ) ويذهب الأستاذ إسماعيل غانم إلى عكس ذا الرأى فيقول بافتراض التضامن فى المسائل التجارية ، ويعلل اقتصار التقنين التجارى على حالات معينة نص فيها على قيام التضامن بأنها حالات عنى بها المشرع عناية خاصة لأهميتها ( أحكام الالتزام فقرة 195 ص276 ) . وانظر من هذا الرأى العكسى الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 201 - وقارن الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص227 .
( [449] ) ذلك أن وكالة مجلس إدارة الشركة المساهمة هى وكالة قانونية لا اتفاقية ، ومن ثم تكون مسئولية أعضاء مجلس الإدارة أمام الشركة والمساهمين والغير مسئولية تقصيرية ، فيكون جميع أعضاء مجلس الإدارة متضامنين فى هذه المسئولية ( م169 مدنى ) . على أن المسئولية تكون فردية إذا قام أحد الأعضاء بمفرده بعمل ضار بالشركة أو بالغير ، دون أن يشترك معه الآخرون فى هذا الخطأ ، ودون أن يقصروا فى واجبهم من الرقابة ( انظر رسالة الدكتور مصطفى كمال وصفى فى المسئولية المدنية لأعضاء مجالس الإدارة فى شركات المساهمة – القاهرة سنة 1951 ص36 - ص40 ) .
( [450] ) الموجز للمؤلف فقرة 505 ص511 .
( [451] ) هذا ويلاحظ أن الالتزامات المدنية التى يقيم فيها القانون التضامن بنص فى التقنين المدنى لا يقتصر التضامن فيها على ما كان مدنياً منها ، بل يشمل أيضاً – ومن باب أولى – ما كان منها تجارياً وأياً كان مصدره : العقد أو العمل غير المشروع أو الإثراء بلا سبب أو القانون .
( [452] ) وتقضى الفقرة الثالثة من المادة 708 مدنى بوجود دعوى مباشرة للموكل قبل نائب الوكيل ، وهذا أدعى لتقرير التضامم دون التضامن ، فإن الموكل يستطيع أن يطالب كلاً من الوكيل ونائبه بدعوى مباشرة بنفس الدين ، وهذا هو التضامم كما سنرى .
ثم إن الفقرة الثانية من المادة 708 مدنى تقضى ،إذا رخص الوكيل فى إقامة نائب عنه ، بألا يكون مسئولاً إلى عن خطأه فى اختيار نائبه أو عن خطأه فيما أصدر له من تعليمات . فهل يكون ، إذا تحققت مسئوليته على هذا النحو ، متضامناً مع نائبه؟ لم يصرح النص بالتضامن هنا كما صرح به فى الفقرة الثانية ، وليست المسئولية فى هذا الفرض ناشئة عن خطأ مشترك يوجب التضامن ، ومن ثم نرى أن المسئولية هنا تكون بالتضامم لا بالتضامن .
( [453] ) استئناف مختلط 22 مارس سنة 1893 م5 ص181 - 4 أبريل سنة 1894 م6 ص218 - 17 يونيه سنة 1914 م26 ص442 - 7 مايو سنة 1925 م37 ص414 - 29 أبريل سنة 1926 م38 ص380 - 30 يناير سنة 1930 م42 ص245 .
ويترتب على ذلك أنه إذا وكل عدة أشخاص أحد المحامين فى قضية مشتركة ، كانوا جميعاً متضامنين فى التزامهم بدفع الأتعاب للمحامى ( بودرى وبارد 2 فقرة 1187 - فقرة 1190 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1067 ص423 ) - هذا والموكلون متضامنون نحو الوكيل ، حتى لو كانت الوكالة بغير أجر ( بودرى وبارد 2 فقرة 1186 ) .
( [454] ) أما فى فرنسا فلا يوجد نص عام يقابل نص المادة 169 مدنى مصرى ، ولكن يوجد نص فى التقنين الجنائى الفرنسى ( م55 ) يقضى بالتضامن فى الغرامة والرد والتعويض والمصروفات المحكوم بها على عدة أشخاص أدينوا فى جناية أو جنحة مشتركة . ولا بد من أن يكون المحكوم عليهم قد اشتركوا جميعاً فى الجناية أو الجنحة التى حكم من أجلها ، ويقوم التضامن بينهم بحكم القانون دون حاجة لذكره فى الحكم بالإدانة ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1068 ص427 - 429 ) . يضاف إلى ذلك أن هناك قاعدة تقليدية قديمة فى القضاء الفرنسى تقضى بقيام التضامن بين الأشخاص الذين يشتركون فى ارتكاب عمل غير مشروع ، سواء كان هذا العمل جريمة جنائية أو مجرد خطأ مدنى . وتهبط جذور هذه القاعدة التقليدية إلى أغوار بعيدة من الماضى السحيق ، إذ يرجع عهدا إلى القانون الرومانى فى مبادئه التقليدية إلى أغوار بعدية من الماضى السحيق ، غذ يرجع عهدها إلى القانون الرومانى فى مبادئه الخاصة بالغش والإكراه . فقد كانت هذه المبادئ تقضى بأنه إذا اشترك عدة أشخاص فى ارتكاب إحدى هاتين الجريمتين ، كان كل منهم مسئولاً عن تعويض كل الشرر الناجم عن هذا العمل ، إذ لا يخفف من مسئولية الشخص عن خطأه أن غيره أخطأ معه . ولكن إذا قام أحد الشركاء بتعويض الضرر برئت ذمة الآخرين من الالتزام بالتعويض ، إذا لم يعد هناك ضرر يستوجب أن يعوض عنه . وانتقلت هذه القاعدة من القانون الرومانى إلى القانون الفرنسى القديم ، وبقيت قاعدة من قواعده الثابتة ( بوتييه فى الالتزامات فقرة 268 ) . وبالرغم من أن المادة 55 من التقنين الجنائى الفرنسى لم تقم التضامن إلا فى حالة الحكم على شركاء فى جناية أو جنحة ، فخرج من نطاقها الاشتراك فى خطأ مدنى بل والاشتراك فى جناية أو جنحة إذا لم يصدر حكم جنائى بالإدانة ، فإن القضاء الفرنسى بقى مع ذلك يعمم القاعدة التى انتقلت إليه من القانون الفرنسى القديم ، فيقضى بالتضامن فى جميع الأحوال التى يشترك فيها عدة أشخاص فى ارتكاب خطأ ، سواء كان هذا الخطأ جنائياً أو كان خطأ مدنياً تقصيرياً . ويقصر القاعدة التى تقضى بأن التضامن لا يفترض على نطاق الالتزامات التعاقدية ، ويتلمس النص القانونى الذى يعوزه لإقامة التضامن فى المادة 55 من التقنين الجنائى عن طريق القياس . وتنقل القضاء الفرنسى فى تأصيل قاعدته – وهى تقضى بمسئولية أى من الشركاء فى العمل غير المشروع عن تعويض كل الضرر – من فكرة الالتزام غير القابل للانقسام إلى فكرة التضام ، ثم من فكرة التضامن إلى فكرة التضامم ( انظر بلانيولوريبير وجابولد 7 فقرة 1069 - فقرة 1070 ) - وانظر فى انقسام الفقه الفرنسى فى هذه المسألة بودرى وبارد 2 فقرة 1301 - فقرة 1302 .
( [455] ) ديموومب 26 فقرة 247 - فقرة 248 - لوران 17 فقرة 292 - بودرى وبارد 2 فقرة 1180 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1068 ص430 .
( [456] ) انظر الوسيط جزء أول فقرة 620 : وقد ذكرنا بنوع خاص أن التضامن فى المسئولية التقصيرية كان مقرراً أيضاً بنص فى التقنين المدنى السابق ، وأنه يقوم دون حاجة إلى ذكره فى الحكم ( الوسيط جزء أول ص 929 هامش رقم 3 ) ، وأن المسئولية تضامنية فى القانون المصرى بخلاف القانون الفرنسى فهى مسئولية تضاممية ( الوسيط جزء أول ص 920 هامش رقم 1 ) .
( [457] ) فإذا سرق أحد اللصوص عجلة السيارة ، ثم جاء لص آخر فسرق بعض الآلات ، لم يكن اللصان متضامنين ، لأن كل منهما أحدث بخطأه ضرراً غير الضرر الذى أحدثه الآخر ( الوسيط جزء أول ص926 ) .
( [458] ) فإذا حاول لص سرقة منزل فنقب فيه نقباً ثم ذهب ليستحضر ما يستعين به على السرقة ، فأتى لص آخر على غير اتفاق مع اللص الأول ودخل من النقب وسرق المنزل ، فإن اللصين يكونان مسئولين بالتضامن ( الوسيط جزء أول ص926 ) .
( [459] ) فقد يكون أحد الخطأين سرقة والخطأ الآخر إخفاء لأشياء مسروقة ، أو يكون الخطأ الأول جناية قتل والخطأ الآخر جنحة ضرب ( انظر فى قضاء محكمة النقض فى هذه المسائل الوسيط جزء أول ص926 هامش رقم 3 ) .
( [460] ) مثل ذلك أن يهمل الخادم فيترك باب المنزل مفتوحاً ، ليدخل اللص ويسرق المنزل ففى هذه الحالة يكون اللص والخادم تضمنين لعى اختلاف ما بين الخطأين ، فأدهما عمد والآخر غير عمد ، وأحدهما جنائى والآخر مدنى ، وأحدهما عمل والآخر امتناع عن عمل ( الوسيط جزء أول ص927 ) .
( [461] ) وقد يكون أحد المسئولين هو الذى يتحمل التعويض كله فى النهاية ، كما إذا اختل أساس منزل الجار من جراء هدم جاره لمنزله وإعادة بنائه ، فللجار المضرور فى هذه الحالة الرجوع على جاره والمقاول متضامنين بسبب العمل غير المشروع ، ثم يرجع الجار على المقاول إذا كان بينهما اتفاق على أن يتحمل المقاول المسئولية وحده ( استئناف مختلط 31 أكتوبر سنة 1929 م42 ص9 ) .
( [462] ) استئناف مختلط 22 أبريل سنة 1942 م54 ص172 - على أن محكمة الاستئناف المختلط قد قضت فى بعض أحكامها بأن المتبوع مسئول مع التابع مسئولية تضاممية لا مسئولية تضامنية ( استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1938 م51 ص75 ) .
( [463] ) انظر الوسيط جزء أول فقرة 877 .
( [464] ) ويلاحظ أن القانون لم ينص على تضامن أرباب العمل إذا تعددوا كما نص على تضامن الموكلين عند التعدد فى المادة 712 مدنى . والسبب فى ذلك أن الموكلين قد جمعهم عقد واحد ، فالتضامن بينهم مستساغ ، أما أرباب العمل فلم تجمعهم رابطة إلا عمل الفضولى نفسه فقل أن توجد بينهم رابطة تسوغ قيام التضامن ( الوسيط جزء أول فقرة 897 ص1269 ) .
( [465] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المادة 233 من تقنين المرافعات القديم ( م248 جديد ) إذ نصت على أن تقدير أجر الخبير يكون نافذاً على الخصم الذى طلب تعيين أهل الخبرة ، ومن بعد صدور الحكم فى الدعوى يكون نافذاً أيضاً على من حكم عليه بالمصروفات ، فإنها لا تلزم المحكوم له فى الدعوى بأتعاب الخبير بالتضامن مع المحكوم عليه بالمصروفات ( نقض مدنى 24 فبراير سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 101 ص65 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الخصم الذى طلب تعيين الخبير والخصم المحكوم عليه بأتعاب الخبير يكونان متضامنين ( استئناف مختلط 6 يناير سنة 1930 م42 ص159 ) .
وفى فرنسا يقوم التضامن فى المصروفات الجنائية طبقاً للمادة 55 من التقنين الجنائى الفرنسى ، أما فى المواد المدنية فلا يقوم التضامن فى المصروفات إلا إذا حكم بها جميعاً على كل من المحكوم عليهم كجزء من التعويض ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1073 ) .
( [466] ) ويوجد مثل آخر للتضامن فى التزام قانونى ، فقد نصت المادة 59 من قانون رقم 14 سنة 1939 ( الخاص بضريبة إيرادات رؤوس الأموال المنقولة والأرباح التجارية والصناعية وكسب العمل ) على أنه " يجب عند التنازل عن كل أو بعض المنشآت تبليغ مصلحة الضرائب عن هذا التنازل فى مدى ستين يوماً من تاريخ حصوله ، ويكون كل من المتنازل والمتنازل له مسئولاً بالتضامن عما يستق من ضرائب على المنشأة المتنازل عنها إلى تاريخ التنازل " ( انظر الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص228 ) .
( [467] ) وهناك من يذهب إلى أن دائن الشركة يرجع بجميع حقه على الشركة أو على أى من الشركاء فى ماله الخاص ، فالشركة والشركاء متضامنون جميعاً فى ديون الشركة . وهناك من يذهب إلى أن الدائن لا يرجع على أى من الشركاء فى ماله الخاص قبل أن يحصل على حكم بالدين على الشركة ذاتها ، وهذا الحكم يمكن تنفيذه على أموال الشركة وعلى أموال كل من الشركاء . وهناك أخيراً من يذهب إلى أن الدائن لا يستطيع الرجوع على أحد من الشركاء قبل الرجوع على الشركة ذاتها أو فى القليل قبل إعذارها ، إذ الشركاء متضامنون فيما بينهم ولكنهم غير متضامنين مع الشركة بل يعتبرون فى حكم الكفلاء لها .
( [468] ) وانظر أيضاً المادة 189 تجارى بالنسبة إلى السندات تحت الإذن أو التى لحاملها .
( [469] ) انظر أيضاً لمادة 139 تجارى وتجعل الضامن ضماناً احتياطياً ( avale ) مسئولاً على وجه التضامن .
( [470] ) هذا وقد وردت نصوص أخرى تقيم التضامن بين المدينين المتعددين فى مسائل متفرقة ، كالنصوص التى وردت فى خصوص الخسارة البحرية ، وفى بيع المحل التجارى ، وفى قانون العمل الفردى ، وفى قانون إصابات العمل .
وورثة المدين لا يكونون متضامنين فى القانون الفرنسى ، بل ينقسم الدين عليهم ، أما فى القانون الألمانى فهم متضامنون ( بودرى وبارد 2 فقرة 1200 ) . وفى مصر ، وقفاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، تكون التركة مسئولة عن جميع الديون ، بل لا تركة إلا بعد سداد الدين ، ومن ثم يبقى كل جزء من التركة سئولاً عن كل الدين . إلا أنه إذا خضعت التركة لإجراءات التصفية المنصوص عليها فى المواد 876 - 913 مدنى ، تولت المحكمة توزيع الديون المؤجلة على الورثة مع ترتيب تأمينات كافية ورد ذكرها فى المادة 895 من التقنين المدنى .
( [471] ) انظر آنفاً فقرة 128 - وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ويناط تفسير القواعد الخاصة بالتضامن السلبى والإيجابى على حد سواء بفكرتين استنبطها الفقه ، هما فكرة وحدة الدين وفكرة تعدد الروابط . فلكل مدين متضامن أن يوفى الدين بأسره ويكون وفاؤه هذا مبرئاً لذمة الباقين . وعلى هذا النحو لا يكون من حق الدائن أن يطالب بالوفاء بكل الدين فحسب ، بل ويكون من واجبه كذلك أن يقبل أداءه ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك فى التضامن الإيجابى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص66 ) .
( [472] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1076 ص445 .
( [473] ) سميناه فى الجزء الأول من الوسيط " المسئولية المجتمعية " ، ونؤثر الآن أن نسميه " الالتزام التضاممى " ( obligation in solidum ) لنقابل به " الالتزام التضامنى " ( obligation solidaire ) .
( [474] ) وقد رأينا فيما يتعلق بالعمل غير المشروع أنه قد يتعدد الخطأ ، ولكن ما دام الضرر يجب أن يكون واحداً ، والضرر هو أحد أركان المسئولية التقصيرية ، فوحدة الضرر قد تتغلب على تعدد الخطأ ، فيتوحد المصر وكون المسئولية تضامنية إذا وجد نص فى القانون يقضى بالتضامن ، كما فعل التقنين المدنى المصرى ( م169 ) . وقد يتغلب تعدد الخطأ على وحدة الضرر فيتعدد المصر وتكون المسئولية تضاممية ما دام لا يوجد نص فى القانون يقضى بالتضام ، كما هى الحال فى القانون الفرنسى .
( [475] ) بدأ الفقه فى فرنسا بالتمييز بين التضامن الكامل ( solidarite parfaite ) والتضامن الناقص ( solidarite imparfaite ) ، وانقسم الفقهاء فى تحديد فيصل التفرقة بين هذين النوعين من التضامن بين رأيين : ( 1 ) رأى قال به مورلون ( Mourlon ) ، غذ ذهب إلى أن التضامن يكون كاملاً إذا وجدت بين المدينين المتضامنين مصلحة مشتركة بحيث يمكن أن يمثل كل منهم الآخرين . أما إذا كان المدينون المتضامنون لا توجد بينهم مصلحة مشتركة ولا يعرف بعضهم بعضاً ولا يمكن القول بأن كلا منهم يمثل الآخرين ، فالتضامن فى هذه الحالة يكون ناقصاً ( مورلون 2 فقرة 1260 ) . ( 2 ) ورأى قال به أوبرى ورو ، غذ ذهبا إلى أن هناك نصوصناً تقيم التضامن مباشرة بين المدينين وهذا هو التضامن الكامل ، وهناك نصوص تقتصر على أن تجعل للدائن الحق فى أن يطالب مدينين متعددين بدين واحد وهذا هو التضامن الناقص ( أوبرى ورو 4 فقرة 298 مكررة ثالثاً ص31 - ص35 وتعليق بارتان فى هامش رقم 6 ) . ولكن ما لبث الفقه الفرنسى أن هجر هذا التمييز بين تضامن كامل وتضامن ناقص ، إذ لا يوجد إلا نوع واحد من التضامن هو التضامن الكامل . أما ما يسمى بالتضامن الناقص فليس نوعاً آخر من التضامن ، بل هو نظام قانونى مستقل كل الاستقلال عن نظام التضامن ( solidarite ) ، وتمكن تسميته بنظام التضامم ( in solidum ) ، ونظام التضامن يقوم على الاتفاق أو نص القانون . أما نظام التضامم فيقوم على طبيعة الأشياء ، حيث يجعل القانون مدينين متعددين مسئولين عن دين واحد نحو دائن واحد ، فيكون هؤلاء المدينون متضامنين فى هذا الدين دون أن يكون هناك تضامن بينهم . وليس الالتزام التضاممى هو فى الأصل التزام تضامنى نزل درجة بعد أن استبعدت منه فكرة النيابة التبادلية ، بل إن للالتزام التضامنى منطقة خاصة به وللالتزام التضاممى منطقة أخرى لا تتلاقى مع المنطقة الأولى . والنظامان مستقلان أحدهما عن الآخر ، وليس الثانى مشتقاً من الأول . وغذا كانت المصحلة المشتركة بين المدينين المتعددين منعدمة فى نظام التضامم ، فذلك راجع إلى أنه لا توجد رابطة تربط ما بين هؤلاء المدينين ، وكل ما يجمع بينهم أن كلا منهم مسئول عن نفس الدين نحو نفس الدائن ( انظر بودرى وبارد 2 فقرة 1396 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1089 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 847 وما بعدها – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1884 - جوسران 2 فقرة 771 ) . ويثور دى باج على فكرة الالتزام التضاممى ثورة عنيفة ( انظر دى باج 3 فقرة 330 ) ، بينما يدافع عنها دريدا ( Derrida ) دفاعاً قوياً ( انظر انسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ solidarite فقرة 131 - فقرة 157 ) .
( [476] ) استئناف وطنى 19 أكتوبر سنة 1897 القضاء 5 ص 13 .
( [477] ) أنظر فى المسئولية العقدية عن الغير الوسيط الجزء الأول فقرة 431 – فقرة 433 .
( [478] ) وقد بينا عند الكلام فى المسئولية العقدية عن الغير فى الجزء الأول من الوسيط أن هذه المسئولية قد تتحقق إذا استخدم المدين أشخاصًا غيره فى تنفيذ التزامه العقدى ، فيكون مسئولاً مسئولية عقدية عن خطأ هؤلاء الأشخاص الذى أضر بالدائن فى الالتزام العقدى ، فيوجد إذن المسئول وهو المدين فى الالتزام العقدى ، والمضرور وهو الدائن فى الالتزام ، والغير وهم الذين استخدمهم المدين فى تنفيذ التزامه ، وتقوم المسئولية العقدية عن الغير حيث يوجد عقد صحيح بين المسئول والمضرور وحيث يكون الغير مكلفًا بتنفيذ هذا العقد ، فالمؤجر مسئول عن البواب قبل المستأجر : المسئول هنا هو المؤجر ، والمضرور هو المستأجر ، وقد قام بينهما عقد صحيح هو عقد الإيجار ، والغير المكلف بتنفيذ هذا العقد من قبل المسئول هو البواب ، ويتبين من ذلك أن هناك حدين لنطاق المسئولية العقدية عن الغير : الحد الأول أن يكون هناك بين المسئول والمضرور عقد صحيح ، والحد الثانى أن يكون الغير معهودًا إليه فى تنفيذ هذا العقد ، ويجب أن يكون الغير قد أحدث الضرر فى فى حال تنفيذ العقد أو بسبب تنفيذه . فيكون الغير ومسولاًعن تعويض هذا الضرر مسئولية تقصيرية إذ لا عقد يربطه بالمضرور ، أما المرتبط بالعقد فمسئول نحو المضرور مسئولية عقدية عن الغير ، ويكون الاثنان مسئولين عن دين واحد هو التعويض دون أن يكونا متضامنين فى هذا الدين ( انظر الوسيط الجزء الأول فقرة 431 وفقرة 433 ) .
( [479] ) أما فى فرسنا فيقوم بين العامل وصاحب المنافس تضامن ( Solidarite ) لاتضامم فحسب ، بموجب المادة الثالثة من قانون 5 فبراير سنة 1932 ، بل كان القضاء الفرنسى يقضى بالتضامن حتى قبل صدور هذا القانون ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1068 ص 426 وفقرة 1072 ) .
( [480] ) الوسيط الجزء الأول فقرة 620 ص 928 ـ ص 929 ـ وإذا أخل المتعاقدان فى عقد واحد بمسئوليتهما العقدية ، فهما شريكان فى هذه المسئولية ، ولكنها ليست مسئولية تقصيرية حتى يقوم التضامن بينهما . ولما كان مصدر المسئولية هو العقد ، فلابد من شرط التضامن ، وإلا انقسم الالتزام بينهما . ويذهب بلانيول وريبير وجابولد إلى اعتبار المسئولية هنا ، فى القليل ، مسئولية تضاممية ، إن لم يكن اعتبارها مسئولية تضامنية ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1071 ) ، ولكن الالتزام التضاممى يشترط فيه - على ما نرى - أن يكون المصدر متعددًا ، وهنا المصدر عقد واحد .
( [481] ) وقد كان التقنين المدني السابق يقيم التضامن السلبي علة فكرتي الكفالة والوكالة ( م 108 / 162 ) . أنظر في هذا المعنية استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1909 م ص 183 . ويفسر بيدان ولا جارد جميع المبادئ الثلاثة بفكرة النيابة التبادلية ( يبدال ولا جارد 8 فقرة 817 وما بعدها ) ، ولكن هذه الفكرة وحدها لا تكفي ، فهي تضيق مصلا عن تفسير القادة التي تقضي بأنه لا يجوز للممدين أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بغيره من المدينين ، وكان من حقه أن يحتج بها بمقتضي النيابة التبادلية ( derrida أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ solidarite فقرة 61 )
( [482] ) تاريخ النصوص :
م 284 : ورد هذا النص في المادة 408 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي " 1 – إذا كان التضامن بين المدينين ، كان كل منهم ملزما بالدين جمعيه ، وكان وفاء أحدهم بالدين مبرئاً لذمة الباقين . 2 – ومع ذلك لا يحول التضامن دون انقسام الدين بين ورثة أحد المدينين المتضامنين ، إلا إذا كان الدين غير قابل للانقسام " . وفي لجنة المراجعة حذف الحكم الخاص بالتزام أي من المدينين المتضامنين بكل الدين لأنه ورد في المادة التالية ، وكذلك حذفت الفقرة الثانية لأنها لا تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية في الميراث ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 296 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 284 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 63 ـ ص 64 ) .
م 285 : ورد هذا النص في المادة 409 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 297 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 285 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 65 – ص 67 ) .
( [483] ) التقنين المدني السابق م 108 / 162 – 164 : لا يلزم كل واحد من المتعهدين بوفاء جميع المتعهد به إلا إذا اشترط تضامنهم لبعضهم في العقد أو أوجبه القانون . وفي هذه الحالة وفي هذه الحالة يعتبر المتعهدون كفلاء لبعضهم بعضا ووكلاء عن بعضهم بعضا في وفاء المتعهد به ، وتتبع القواعد المتعلقة بأحكام الكفالة والتوكيل .
م 109 / 165 : يجوز للدائن يجمع أن يجمع مدينيه المتضامنين في مطالبتهم بدينه أو يطالبهم به منفردين ، ما لم يكن بعض المدينين المذكورين مؤجلا لأجل معلوم أو معلقاً على شرط .
م 112 / 268 : لكل من المدينين المذكورين الحق في التمسك بأوجه الدفع الخاصة بشخصه وبالأوجه العامة لجميعهم .
( وأحكام التقنينين القديم والجديد واحدة في هذه المسائل بالرغم من اختلاف الأسلوب . وقد قدمنا أن التقنين المدني السابق صح بالأساس الذي تبنى علية أحكام التضامن السلبي ، فذكر أن المدينين يعتبرون كفلاء بعضهم لبعض ووكلاء بعضهم عن بعض في وفاء الدين وأن تتبع أحكام الكفالة والوكالة . والأولي عدم ذكر هذه الأسس الفقهية في التشريع ، لا سيما أنه ليس صحيحاً أن جميع أحكام الكفالة والوكالة تنطبق في التضامن السلبي ) .
( [484] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 284 – 285 ( مطابقتان للمادتين 284 – 285 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 271 – 272 ( مطابقتان للمادتين 284 – 285 من التقنين المدني المصري )
التقنين المدني العراقي م 321 : 1 – إذا كان المدينون متضامنين ، فللدائن أن يطالب بالدين كله من شاء منهم ، وأن يطالبهم به مجتمعين ، ومطالبته لأحدهم لاتمنعه من مطالبة الآخرين . 2 - ولا يجوز للمدين الذي يطالبه الدائن بالوفاء أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بمدين آخر إلا بقدر نصيب هذا المدين إذا كان قد انقضى بوجه من الوجوه ، ولكن يجوز له أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة به هو وبأوجه الدفع المشتركة بين المدينين جميعاً .
م 322 : إذا قضى أحد المدينين المتضامنين الدين بتمامه عيناً أو بمقابل أو بطريق الحوالة ، برئت ذمته ويبرأ منه المدينون الآخرون .
( وهذه نصوص تتفق مع أحكامها مع أحكام التقنين المدني المصري وإن اختلفت في العبارة والأسلوب : أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 204 وما بعدها ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 23 : يكون الموجب متضامنا بين المديونين حين يكون عدة مديونين ملزمين بدين واحد وكل منهم يجب اعتباره في علاقاته بالدائن كمديون بمجموع هذا الدين ، فيقال إذ ذاك " تضامن المديونين " . على أن التضامن لا يحول دون قسمة الدين بين ورثة المديون المتضامن .
م 25 : إذا وجد موجب التضامن بين المديونين ، فإن جميع هؤلاء ملزمون بالشيء ذاته ولكن بمقتضى روابط متميزة ومستقلة بعضها عن بعض ، ولا سيما فيما يختص : 1 - بصحة هذه الروابط . 2 - باستحقاقها . 3 – بسقوطها .
م 26 : يحق لكل من المدينين المتضامنين أن يدلى بأسباب الدفاع المختصة به والمشتركة بين جميع المديونين .
م 27 : إن أسباب الدفاع المختصة بكل من المديونين هي التي يمكن أن يدلى بها واحد أو عدة منهم ، وأخصها : 1 – الأسباب الممكنة من الأبطال ( الإكراه والخداع والغلط وعدم الأهلية ) سواء أكانت مختصة بأحد المديونين أم ببعضهم 2 – الشكل ( الأجل أو الشرط ) الذي لا يشمل ما التزمه الجميع . 2 – أسباب سقوط الموجب التي لم تحدث للجميع .
م 28 : أسباب الدفاع المشتركة هي التي يمكن أن يدلى بها جميع المديونين بالموجب المتضامن وهي على الخصوص : 1 – أسباب البطلان ( كموضوع غير مباح وكفقدان الصيغ المطلوبة شرعاً الخ ) التي تشمل ما التزمه الجميع . 2 – الشكل أو الأجل أو الشرط الشامل بما التزم به الجميع . 3 – أسباب الإسقاط التي أفضت إلى سقوط الدين عن الجميع .
م 29 : إن الإيفاء أو أداء العوض أو إيداع الشئ المستحق أو المقاصة التي جرب بين أحد المديونين والدائن كلها تبرئ ذمة سائر الموجب عليهم .
( وهذه نصوص تتفق في أحكامها بوجه عام مع أحكام التقنين المدني المصري فيما عدا حكم المقاصة ، فلا يحتج بالمقاصة في التقنين المصري إلا بمقدار نصيب من وقعت المقاصة معه . والتقنين اللبناني يزخر ، كما نري ، بالأساليب والتفصيلات الفقهية ) .
( [485] ) لا رومبيير 3 م 1024 فقرة 4 ـ ديمولومب 26 فقرة 381 ـ بودري وبارد 2 فقرة 1209 .
( [486] ) بودري وبارد 2 فقرة 1211 . ويلاحظ أن المادة 290 مدني تقضى بأنه إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، بقة حقه في الرجوع على الباقين بكل الدين ، ما لم يتفق على غير ذلك . والفرق بين صورة الإبراء هذه وصورة استيفاء الدائن لحصة أحد المدينين أن المفروض في الصورة الثانية أن الدائن قد استوفه فعلا هذه الحصة ، فلم بعد له إلا باقي الدين يرجع به على أي مدين متضامن آخر . أما في الإبراء ومن ثم إذا طالب مديناً آخر كان له أن يطالبه بكل الدين لأنه لم يستوف من هذا الدين شيئاً ، وهذا ما لم يكن قد اتفق مع المدين المبرأ على استنزال حصته من الدين عند الرجوع علة أحد من المدينين الآخرين كما يقول النص . وهناك فرق لآخر من ناحية الصناعة القانونية : فاستيفاء الحصة لابد فيه من إرادتين متوافقتين ، أما الإبراء فتكفي فيه إرادة الدائن وإن كان يرتد برد المدين ( م 371 مدني ) .
وكل مبلغ يدفعه أحد المدينين المتضامنين للدائن ، سواء كان هذا المبلغ مساوياً لحصة هذا المدين أو أقل أو أكثر ، يستطيع المدينون الآخرون التمسك به لاستنزاله من الدين عند رجوع الدائن عليهم ( استئناف مختلط 19 مارس سنة 1913 م 43 ص 302 ) ، وهذا ما لم يكن المدين قد اتفق مع الدائن على أنه إنما يدفع له حصته في الدين أ جزءاً منها كما سبق القول ( انظر تفصيل ذلك فيما يلي فقرة 204 في الهامش ) .
( [487] ) مصر الوطنية 91 ديسمبر سنة 1892 الحقوق 7 ص 393 ـ استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1897 م 9 ص 394 ـ 23 يناير سنة 1907 م 19 ص 98 ـ 17 يونيه سنة 1914 م 26 ص 442 – 17 يناير سنة 1917 م 29 ص 156 .
( [488] ) أنظر آنفا فقرة 164 .
( [489] ) ولا يخل هذا الحكم بجواز الاتفاق على أن يرجع الدائن على المدينين المتضامنين بترتيب معين ، أو على أن يرجع الدائن أولا بتأمين العيني ( لا رومبيير 3 م 1203 فقرة 3 ـ هيك 7 فقرة 316 ـ ديمولومب 62 فقرة 315 ـ بودي وبارد 2 فقرة 1207 ) .
( [490] ) وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً يحتم ذلك ، ولكنه حذف .
( [491] ) بودري وبارد 2 فقرة 1208 . بل لا يجوز للمدين الذي يطالبه الدائن بكل الدين أن يؤخر الوفاء ، بدعوى أن هناك نزاعاً لا يزال منظوراً أما القضاء بينه وبين المدنيين الآخرين بشأن حصة كل منهم في الدين ، وأنه يخشى لو دفع الدين كله أن يتحمل إعسار أحد من هؤلاء المدينين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1208 ) .
( [492] ) وحق اقتصار المدين على دفع حصته في الدين إنما أعطى للكفيل إذا تعدد الكفلاء دون تضامن بينهم ، ويسمى بحق التقسم ( benefice de division ) . ولكن هذا الحق ، إذا جاز للكفيل غير المتضامن ، لا يجوز للكفيل المتضامن ، ومن باب أولى لا يجوز للمدين المتضامن .
( [493] ) أنظر الفقرة السابقة – ولكن إذا كان المدينان المتضامنان لا يملك كل منهما أكثر من خمسة أفدنة ، وإن كان مجموع ما يملكان أكثر من خمسة أفدنة ، لم يجز للدائن أن ينفذ على أي منهما بدعوى انهما يملكان معاً نصاب الحجز ( استئناف مختلط 28 يناير سنة 1932 م 44 ص 153 ) .
( [494] ) أنظر آنفاً فقرة 135 وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 58 – وانظر أيضاً المادة 19 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني .
( [495] ) استئناف مختلط 21 مارس سنة 1901 م 13 ص 208 – 3 مايو سنة 1916 م 28 ص 295 .
( [496] ) ديرانتون 11 فقرة 215 – لارومبيير 3 م 1203 فقرة 4 – ديمولومب 26 فقرة 316 – هيك 7 فقرة 316 – بودري وبارد 2 فقرة 1204 – بيدان ولا جارد 8 فقرة 818 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 197 ص 279 – وانظر عكس هذا الرأي فلا يجوز للمدين طلب التأجيل لادخال باقي المدينين في الدعوى لوران 17 فقرة 297 – دي باج 3 فقرة 343 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 706 .
ولكن لا يجوز أن يطالب المدين الدائن بإدخال بقية المدينين في الدعوى ، لأنه مسئول نحو الدائن عن كل الدين ، فإذا أراد أن يدخل باقي المدينين في الدعوى ، فعليه هو لا على الدائن أن يدخلهم ( بيدان لاجارد 8 فقرة 818 ص 606 ) .
( [497] ) أنظر في هذا المعنى لارومبيير 3 م 1203 فقرة 4 – ديمولومب 26 فقرة 317 – بودرى وبارد 2 فقرة 1205 .
( [498] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1210 – بيدان وجابولد 8 فقرة 1081 .
( [499] ) أما إذا كان كل من المدينين المتضامنين مفلسين ، فإن الدائن يدخل في كل تفليسة بمقدار كل الدين . وتنص المادة 348 من التقنين التجاري في هذا الصدد على ما يأتي : " إذا كانت بيد أحد المداينين سندات دين ممضاة أو محولة أو مكفولة من المفلس واخرين ملتزمين معه على وجه التضامن ومفلسين أيضاً ، جاز له أن يدخل في التوزيعات التي تحصل في جميع روكيات تفليساتهم ، ويكون دخوله فيها بقدر أصل المبلغ المحرر به السند وما يتبعه إلى تمام الوفاء . ولا حق لتفلسيسات الملتزمين بدين واحد في مطالبة بعضها بعضاً بالحصص المدفوعة منها ، إلا في حالة ما إذا كان مجموع تلك الحصص المدفوعة من روكيات هذه التفليسيات يزيد على قدر أصل الدين وما هو تابع له ، ففي هذه الحالة تقرر الزيادة لمن كان من المدينين المفلسين مكفولا من الآخرين على حسب ترتيب التزامهم بالدين " . والفقرة الأولى من هذا النص تقابلها المادة 542 من التقنين التجاري الفرنسي . أنظر في هذا النص وما يثيره من مسائر مختلف عليها وهي تدخل في نطاق القانون التجاري بودري وبارد 2 فقرة 1211 .
( [500] ) ديمولومب 26 فقرة 321 – بودري وبارد 2 فقرة 1212 .
( [501] ) وقد قضت محكمة اسئتناف مصر بأنه إذا لم يطلب التضامن في صحيفة الدعوى الابتدائية ولا أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة ، فلا يقبل إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ( استئناف مصر 5 يناير سنة 1941 المجموعة الرسمية 42 ص 169 ) . ولكن إذا لم يقدم طلب التضامن للقضاء للفصل فيه ضمن الدعوى الأصلية ، فلا مانع من رفع دعوى جديدة به ( أسيوط الكلية 21 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 543 ص 1064 ) .
هذا وهناك فرق بين مطالبة المدينين مجتمعين في التزام متعدد الأطراف ( obligation conjointe ) ومطالبتهم مجتمعين في التزام تضامني ( obligation solidaire ) . ففي الحالة الأولى بحكم على كل من المدينين بحصته في الدين فحسب ، أما في الحالة الثانية فيحكم على كل من المدينين بكل الدين متضامنا فيه مع الآخرين .
( [502] ) بودري وبارد 2 فقرة 1212 ص 324 .
( [503] ) لارومبيير 3 م 1204 فقرة 2 – بودري وبارد 2 فقرة 1212 ص 324 .
( [504] ) أنظر آنفاً فقرة 134 .
( [505] ) وهي المادة 408 من هذا المشروع .
( [506] ) أنظر آنفاً فقرة 180 في الهامش .
( [507] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1079 .
( [508] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 63 و أنظر آنفاً فقرة 180 في الهامش . وانظر أيضاً فقرة 119 في الهامش حيث نقلنا كيف يصور الأستاذ إسماعيل غانم انتقال الدين إلى ورثة المدين .
( [509] ) كما يجوزز أن يرجع على كل وارث بحصته في دين مورثه بقدر ما أفاد من تركته ( استئناف مصر 13 يناير سنة 1923 المجموعة الرسمية 43 رقم 192 ) . ولكن لا تضامن بين الورثة كما قدمنا ، فإذا اتخذ الدائن إجراءات نزع الملكية ضد أحد الورثة بقدر حصته في الميراث ، كان عليه أن يتخذ نفس هذه الإجراءات ضد سائر الورثة كل بقدر حصته ( استئناف مختلط 3 يونيه سنة 1943 م 55 ص 180 ) .
( [510] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي الذي احتوى النص الملغى ما يأتي : " ويترتب على موت المدين المتضامن انقسام الدين بين ورثته ، ما لم يكن غير قابل للانقسام ، فلو فرض أن مدينين ثلاثة التزموا على وجه التضامن بدين مقداره 300 جنيه ، وتوفى أحدهم عن وارثين متكافئي الفرض ، فليس للدائن أن يطالب كلا منهما إلا بمبلغ 150 جنيه " . ثم ما لبثت المذكرة الإيضاحية أن استدركت فقالت : " وهذا الحكم لا يتبع في الشريعة الإسلامية إذ هي لا تبيح انتقال الدين من طريق الميراث " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 66 ) . وهذا ما دعا لجنة المراجعة إلى حذف النص الذي كان يقضي بانقسام الدين على ورثة المدين كما سبق القول .
( [511] ) أنظر آنفاً فقرة 136 .
( [512] ) استئناف وطني 18 ابريل سنة 1916 المجموعة الرسمية 17 ص 198 – استئناف أسيوط 14 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 274 ص 550 .
( [513] ) فإذا طالب الدائن أولاً من شاب رضاءه عيب فأبطل هذا التزامه ، ثم رجع الدائن على مدين متضامن آخر لم يشب رضاءه عيب ، فإنه يطالبه بكل الدين دون أن يستنزل حصة من شاب رضاءه العيب ( رومبيير 3 م 1208 فقرة 10 – لوران 17 فلقرة 300 – بودري وبارد 2 فقرة 1244 ) .
( [514] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : " للدائن في التضامن السلبي أن يطالب كلا من المدينين المتضامنين بالدين بأسره ، كما هو الشأن في التضامن الايجابي . وله أن يطالب هؤلاء المدينين بالوفاء أما مالقضاء ، مجتمعين أو منفردين . ولا جيوز لمن يطالب بالوفاء منهم ، على هذا الوجه ، أن يحتج إلا بأوجه الدفع الخاصة بخشصه – كالغلط أو الإكراه اللذين شابا رضاءه – والأوجه المشتركة بين المدينين جميعاً – كما إذا كان الإلتزام باطلا لعدم مشروعية السبب أو كما إذا كن قد انقضى بالوفاء . أما الدفوع الخاصة بغيره من المدينين – كالغلط أو الغش أو الإكراه الذي شاب رضاء هؤلاء دون أن يؤثر في رضائه – فيمتنع عليه الاحتجاج بها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 65 – ص 66 ) . وقد فصل تقنين الموجبات والعقود اللبناني في المواد 25 إلى 28 أوجه الدفع المشتركة بين المدينين جميعاً وأوجه الدفع الخاصة بأحدهم ( أنظر آنفاً فقرة 180 في الهامش ) .
أنظر أيضاً ترتيباً منطقياً لأوجه الدفع المتعلقة بطبيعة الالتزام ، والأوجه المشتركة بين جميع المدينين ، والأوجه الخاصة بأحدهم دون غيره ، في بيدان ولا جارد 8 فقرة 820 – فقرة 825 .
( [515] ) وذلك فيما عدا التجديد ، فسنرى أنه يبرئ ذمة باقي المدينين المتضامنين إلا إذا احتفظ الدائن بحقه قبلهم .
( [516] ) وهناك ، غير هذه الأسباب ، الوفاء بمقابل واستحالة التنفيذ .
ففي الوفاء بمقابل ، إذا استوفى الدائن من أحد المدينين المتضامنين مقابلا للدين ، انقضى الدين أصلاً كما ينقضي بالوفاء ، وبرئت ذمة المدينين الآخرين ، فيستطيع كل مدين منهم أن يحتج بهذا السبب متمسكاً بانقضاء كل الدين ولا يقتصر على استنزال حصة من وفى المقابل . وهذا الحكم يختلف عن الحكم الذي أوردناه في الوفاء بمقابل لأحد الدائنين المتضامنين في التضامن الايجابي ( أنظر آنفاً فقرة 138 في الهامش ) . والسبب في هذا الاختلاف أن في التضامن السلبي لا يوجد إلا دائن واحد ، وقد قبل أن يستوفى مقابلا للدين ، فانقضى الدين بهذا القبول . أما في التضامن الايجابي فيوجد دائنون متعددون ، ولم يقبل الوفاء بمقابل إلا أحد هؤلاء الدائنين ، فلا يتقيد الدائنون الآخرون بقبوله فيما يجاوز حصته ( أنظر الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 229 ) .
واستحالة التنفيذ لسبب أجنبي لا يد لأحد المدينين المتضامنين فيه يقضى الالتزام التضامني نفسه ( م 373 مدني ) ، فتبرأ ذمة جميع المدينين ، ويكون حكم استحالة التنفيذ هو حكم الوفاء بالدين وحكم الوفاء بمقابل . أما إذا استحال التنفيذ بخطأ أحد المدينين المتضامنين أو بعد إعذاره – كان يكون البائعون متضامنين في الالتزام بتسليم المبيع ثم هلك المبيع بخطأ أحدهم – فالمدين الذي صدر منه الخطأ يكون وحده مسئولا عن رد الثمن والتعويض ، أما بقاي المدينين فيكونون مسئولين عن رد الثمن وحده ، لأن البائع في القانون المصري يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم ( أنظر م 437 مدني ) . وتقضي المادة 1205 من التقنين المدني الفرنسي بأن باقي المدينين يكونون مسئولين عن رد الثمن دون التعويض ، ولكن الفقه الفرنسي ينتقد هذا الحكم ( أنظر بودري وبارد 2 فقرة 1224 ) ، لأن البائع في القانون الفرنسي لا يتحمل تبعه هلاك المبيع بسبب أجنبي قبل التسليم ، وهلاك الشيء بخطأ أحد المدينين المتضامنين يجب اعتباره هلاكاً بسبب أجنبي بالنسبة إلى الباقين ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 204 ص 291 هامش رقم 1 وانظر ما يلي فقرة 197 ) .
وقد يحول الدائن حقه قبل أحد المدينين المتضامنين إلى محال له دون أن يستبقى حقه قبل المدينين الآخرين . والظاهر أنه عند تمام الحوالة في هذه الحالة يحل المحال له مكان الدائن الأصلي ، لأن الحق ينتقل إليه مع ضماناته والتضامن من أهمها ، فيصبح المدينون المتضامنون جميعاً مدينين للمحال له ، ولاي منهم أن يتمسك بالحوالة قبل الدائن الأصلي ( أنظر في هذا المعنى دريدا Derrida انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ solidarite فقرة 80 ) . أما إذا حول الدائن حقه قبل أحد المدينين المتضامنين واشترط استبقاء حقه قبل المدينين الآخرين ، فقد سبقت الإشارة إلى أن الدائن الأصلي في هذه الحالة يستبقى علاقته بهؤلاء المدينين ، ويصبح هو والمحال له دائنين لهم بالتضامم ( أنظر آنفاً فقرة 127 في الهامش ) .
( [517] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 410 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 298 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 286 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 67 – ص 69 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 190 / 154 ونصها ما يأتي : " لا يصح في أي حال من الأحوال السالفة نقل التأمينات الشخصية كالكفالة والتضامن إلا برضاء الكفلاء والمتضامنين " . والتقنين السابق باشتراطه قبول المدينين المتضامنين بالتجديد يتفق مع الحكم مع التقنين الجديد .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 286 ( وهي مطابقة ) - التقنين المدني الليبي م 273 ( وهي مطابقة ) - التقنين المدني العراقي م 323 ( وهي مطابقة ) – تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 31 ونصها ما يأتي : " إن تجديد الموجب بين الدائن وأ ؛د الموجب عليهم يبرئ ذمة الآخرين إلا إذا رضى هؤلاء بالتزام الموجب الجديد . أما إذا اشترط الدائن قبول المديونين وامتنع هؤلاء ، فالموجب السابق لا يسقط " ( والتقين اللبناني يتفق في الحكم مع التقنين المصري ) .
( [518] ) - أنظر آنفاً فقرة 138 . والفرق بين التضامن الإيجابي والتضامن السلبي في حكم التجديد يرجع إلى أن التجديد لا يتم في أية حالة من حالاته الثلاث إلا برضاء الدائن ، ولما كان الدائن متعدداً في التضامن الإيجابي فلا يجوز أن يسري التجديد الذي قبله أحد الدائنين في حق الباقين الذين لم يقبلوه إلا بقدر حصة الدائن الذي قبل .
( [519] ) أنظر في هذا المعنى المادة 31 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني .
( [520] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " يترتب على اتفاق الدائن مع أحد المدينين المتضامنين على تجديد الدين أو استبداله انقضاء الالتزام القديم وبراءة ذمة باقي المدينين منه ، ما لم يرفض هؤلاء الارتباط بالتعهد الجديد . فإذا لم يرفضوا ذلك وكان الدائن قد اشترط رضاءهم ، فلا ينعقد التجديد ويظل الالتزام القديم قائماً : أنظر في هذا المعنى المادتين 181 / 171 من التقنين التونسي والمراكشي والمادة 31 من التقنين اللبناني والمادة 137 من المشروع الفرنسي الإيطالي . ويختلف الحكم بعض الاختلاف فيما يتعلق بالتضامن الإيجابي ، فالتجديد الذي ينعقد بين دائن من الدائنين المتضامنين والمدين لا يبرئ هذا المدين قبل باقي الدائنين ، ولكنه يستتبع انقضاء الدين القديم بالنسبة لذاك الدائن وحده ، أما الدائنون الذين لم يكونوا طرفاً في التجديد فيظل الدين القديم قائماً بالنسبة لهم ، ويكون لكل منهم أن يطالب بهذا الدين بعد استنزال حصة الدائن الذي ارتضى هذا التجديد : أنظر المادة 155 من المشروع الفرنسي الإيطالي " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 68 ) .
( [521] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 411 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 299 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 287 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 69 – ص 71 ) .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادتين 113 / 169 و 201 / 265 ، وهذا نص كل منهما : م 113 / 169 : " لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين لبعضهم في الدين أن يحتج بالمقاصة الحاصلة لغيره من المدينين مع الدائن . وإذا اتحدت الذمة بأن اتصف الدائن أو أحد المدينين الضامنين لبعضهم بصفتي دائن ومدين في آن واحد بدين واحد ، جاز لكل من المدينين التمسك بهذا الاتحاد بقدر الحصة التي تخص شريكهم في الدين " . ويفهم من هذا النص ضمناً ، وبمفهوم المخالفة ، أن المقاصة – خلافاً لاتحاد الذمة – لا يحتج بها المدينون الآخرون حتى بقدر حصة المدين الذي وقعت المقاصة معه . غير أن المادة 201 / 265 تنص على ما يأتي : " ولا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن يتمسك بالمقاصة المستحقة لباقي المدينين المذكورين إلا بقدر حصتهم في الدين " . وهذا الحكم القاضي بأن للمدينين الآخرين أن يحتجوا بالمقاصة بقدر حصة المدين الذي وقعت المقاصة معه يتعارض مع الحكم السابق الذي تقضى به المادة 113 / 169 سالفة الذكر . وقد ذهبنا في عهد التقنين المدني السابق ، أمام هذا التناقض ، إلى إعمال المادة 201 / 265 دون المادة 113 / 169 ، وتخويل المدينين المتضامنين الباقين الحق في أن يتمسك كل منهم بالمقاصة بقدر حصة المدين الذي وقعت معه هذه المقاصة . وكتبنا في الموجز في هذا الصدد ما يأت : " أما المقاصة فقد تقع بين أحد المدينين المتضامنين والدائن . فإذا كان ( أ ) و ( ب ) مدينين متضامنين بمبلغ ثلثمائة جنيه ، ثم أصبح ( أ ) دائناً بمبلغ ثلثمائة جنيه بالمقاصة . ولكن هب أن الدائن لمي رجع على ( أ ) ورجع على ( ب ) ، فهل يستطيع ( ب ) أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت بين الدائن والمدين ( أ ) ؟ تجيب المادتان 113 / 169 بما يأتي " لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين لبعضهم في الدين أن يحتج بالمقاصة الحاصلة لغيره من المدينين مع الدائن " . ويفهم من ذلك أن ( ب ) في الفرض المتقدم لا يستطيع أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت بين الدائن والمدين ( أ ) ، لا بالنسبة لكل الدين ولا بالنسبة لحصة ( أ ) من هذا الدين . . . هذا هو المفهوم من النص ، ويؤيد هذا الفهم أنه متفق مع الحكم الذي نص عليه القانون المدني الفرنسي في هذه الحالة ( م 1294 ) . ويؤيده أيضاً أن العبارة الأخيرة في المادتين 113 / 169 تجيز في حالة إتحاد الذمة ، مغايرة لحالة المقاصة ، أن يتمسك المدين المتضامن باتحاد الذمة بقدر الحصة التي تخص شريكه في الدين كما سنرى . إلا أن التفريق بين المقاصة واتحاد الذمة لا مسوغ له ، وما دام للمدين المتضامن أن يتمسك باتحاد الذمة بقدر الحصة التي تخص شريكه في الدين ، وجب أيضاً أن يكون للمدين المتضامن حق التمسك بالمقاصة بقدر حصة المدين الذي وقعت معه هذه المقاصة ، فيجوز في الفرض المتقدم أن يتمسك ( ب ) بالمقاصة بقدر حصة ( أ ) في الدين ، ولا يرجع عليه الدائن إلا بنصف الدين . وهذا هو الحكم الصحيح الذي يجب أن نقف عنده ، والذي أراده المشرع المصري ، فنص عليه في المادتين 201 / 265 : " ولا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن يتمسك بالمقاصة المستحقة لباقي المدينين المذكورين إلا بقدر حصتهم في الدين " .فرجع بذلك عن الحكم الذي نص عليه في المادتين 113 / 169 . ونحن نرى أمام هذا التناقض أن المادتين 201 / 265 تنسخان المادتين 113 / 169 " ( الموجز للمؤلف ص 516 – ص 517 ) .
وتقابل المادة 287 من التقنين المدني المصري في التقنينات المدينة العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 287 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني الليبي المادة 274 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني العراقي المادة 324 ( مطابقة ) - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 37 ونصها ما يأتي : " إذا وجد التضامن بين المديونين ، أمكن كلاً منهم أن يبرئ ذمة الآخرين جميعاً : 1 - . . . . . 2 - بإجراء المقاصة على دين له في ذمة الدائن مقابل مجموع الدين " . ومن ذلك نرى أن التقنين اللبناني – خلافاً للتقنينات العربية الأخرى – يجعل الحق لكل مدين متضامن أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت بين الدائن ومدين متضامن آخر ، لا فحسب بقدر حصة هذا المدين المتضامن ، بل أيضاً بالدين كله ، فتبرأ ذمة جميع المدينين المتضامنين بهذه المقاصة ، ويكون للمقاصة حكم وفاء الدين . وقد خالف التقنين اللبناني في حكمه هذا ، لا التقنينات العربية فحسب ، بل خالف أيضاً التقنين المدني الفرنسي الذي يسترشد به عادة ، فإن هذا التقنين ( م 1294 ) لا يجيز لباقي المدينين أن يتمسكوا بالمقاصة أصلاً ، حتى ولو بقدر حصة المدين الذي وقعت المقاصة معه .
( [522] ) والفرق بين انقضاء الدين بالوفاء حيث يجوز لباقي المدينين أن يتمسكوا بذلك في كل الدين ، وبين انقضائه بسبب آخر غير الوفاء حيث لا يجوز لباقي المدينين أن يتمسكوا بسبب الانقضاء إلا بقدر حصة المدين الذي قام به هذا السبب ، أن الدائن بالوفاء يكون قد حصل على كل حقه ، فليس له أن يطالب بشيء بعد ذلك . أما في غير الوفاء من أسباب الانقضاء ، فإن الدائن لا يكون قد حصل فعلاً على حقه ، فلا يكون للانقضاء أثره إلا في الرابطة التي تربطه بالمدين الذي قام به سبب الانقضاء دون غيرها من الروابط التي تربطه بالمدينين المتضامنين الآخرين وهي روابط مستقلة عن الرابطة الأولى . وقد قدمنا هذه الاعتبارات في صدد التضامن بين الدائنين ( أنظر آنفاً فقرة 137 في الهامش ) .
( [523] ) أما في القانون الفرنسي فقد قضت المادة 1294 من التقنين المدني الفرنسي بأنه لا يجوز للمدين المتضامن أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت مع مدين متضامن آخر ، حتى ولو بقدر حصة هذا المدين . والفقهاء الفرنسيون الذين يؤيدون هذا الحكم يعللونه بكراهية المشرع لأن يتدخل المدين في شؤون مدين آخر تدخلاً تصل إلى حد تمكينه من الدفع بمقاصة وقعت بين هذا المدين الآخر والدائن ( ديمولومب 26 فقرة 401 – لوران 17 فقرة 339 – بودري وبارد 2 فقرة 1250 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1078 ص 448 – كولان وكابيتان 2 فقرة 700 ص 474 – بلانيول وريبير وبولانيجه 2 فقرة 1870 ص 606 – وأنظر تعليلاً آخر لأوبرى ورو 4 فقرة 298 مكررة ثالثاً هامش 18 ) . ولكن الفقه الفرنسي لا يؤيد كله هذا الحكم ، بل يذهب بعض الفقهاء إلى وجوب استنزال حصة المدين الذي وقعت معه المقاصة عند رجوع الدائن على المدينين الآخرين ( ديرانتون 12 فقرة 429 – فقرة 430 – تولييه 6 فقرة 733 و 7 فقرة 377 – ماركاديه 5 فقرة 839 – لارومبير 3 م 1208 فقرة 5 ) .
( [524] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " تبرأ ذمة من يوفق من المدينين المتضامنين إلى الاحتجاج بالمقاصة على الدائن . ويكون له أن يرجع على باقي المدينين كل بقدر حصته . ولكن إذا عمد الدائن إلى مطالبة هؤلاء المدينين ، فله أن يقتضي كلاً منهم جملة الدين بعد استنزال حصة المدين الذي وقع القصاص معه : أنظر ما بين المادتين 201 / 265 و 113 / 169 من التقنين الحالي ( السابق ) من تناقض ملحوظ " ( مجمعة الأعمال التحضيرية 3 ص 70 ) .
( [525] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 412 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 300 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 288 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 71 وص 73 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 113 / 169 والمادة 203 / 267 . وتنص المادة 113 / 169 على ما يأتي : " . . . وإذا اتحدت الذمة بأن اتصف الدائن أو أحد المدينين الضامنين لبعضهم بصفتي دائن ومدين في آن واحد بدين واحد ، جاز لكل من المدينين التمسك بهذا الاتحاد بقدر الحصة التي تخص شريكهم في الدين " . وتنص المادة 203 / 267 على ما يأتي : " اتحاد الذمة يبرئ الكفلاء في الدين ، ولا يخلى المدينين المتضامنين إلا بقدر ما يخص من اتحدت فيه الذمة من المدينين " . والحكم واحد ، كما نرى ، في التقنين القديم والجديد .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 288 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني الليبي المادة 275 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني العراقي المادة 325 ( مطابقة ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 35 ونصها ما يأتي : " إن اجتماع صفتي الدائن والمديون في شخص الدائن أو في شخص أحد المديونين لا يسقط الموجب إلا فيما يختص بحصة هذا المديون " . وهذا الحكم مطابق لحكم التقنين المدني المصري .
( [526] ) وإذا كانت التركة معسرة إعساراً جزئياً ، فلم يستطع الدائن الوارث أن يحصل منها إلا على خمسين ، فإنه يرجع بالباقي من الدين وهو مائتان وخمسون على أي من المدينين الآخرين ( الأستاذ إسماعيل غانم أحكام الالتزام ص 284 هامش رقم 1 ) .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد اتحاد الذمة : " يوجه هذا النص حكم اتحاد الذمة بين الدائن وأحد مدينيه المتضامنين . ويتحقق ذلك إما من طريق خلافة الثاني للأول ، وإما من طريق خلافة الأول للثاني . وفي كلتا الحالتين لا ينقضي الدين إلا بقدر حصة هذا المدين فيه . بيد أن للمدين في الحالة الأولى ، عندما تقوم به صفة الخلافة عن الدائن ، أن يرجع على باقي المدينين بصفتين : فله أن يرجع على كل منهم بقدر حصته بوصفه دائناً له إذ المفروض أنه أصبح خلفاً لهذا الدائن . أما في الحالة الثانية ، حيث تقوم بالدائن صفة الخلافة عن المدين ، فيستبقى الدائن حقه في الرجوع على كل من المدينين المتضامنين بجملة الدين بعد استنزال حصة هذا المدين . ويراعى أن هذه الحالة لا تتحقق في ظل أحكام الشريعة الإسلامية ، حيث يظل للدائن بعد موت مورثه المدين حق الرجوع بالدين كاملاً على التركة وعلى كل من المدينين الآخرين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 72 ) .
( [527] ) تاريخ النص :
م 289 : ورد هذا النص في المادة 413 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة تحت رقم 301 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ ، تحت رقم 289 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 74 – ص 75 ) .
م 290 : ورد هذا النص في المادة 414 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 302 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 290 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 76 ) .
م 291 : ورد هذا النص في المادة 415 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي تضمن العبارة الآتية في الفقرة الثانية من النص : " على أنه إذا ثبت أن الدائن أراد أن يخلى المدين الذي أبرأه من أية مسئولية عن الدين . . . " ، فعدلت هذه العبارة في لجنة المراجعة على الوجه الذي استقر في التقنين المدني الجديد " توخياً لإيراد الحكم في صورته الموضوعية دون أن تختص مسألة الإثبات بالذكر " . وأصبحت المادة رقمها 303 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 291 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 77 وص 81 ) .
وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق النصوص الآتية :
م 114 / 170 : إذا أبرأ الدائن ذمة أحد مدينيه المتضامنين ، ساغ لغيره من المدينين التمسك بذلك بقدر حصة من حصل أبراء ذمته فقط ، ما لم يكن الإبراء عاماً للجميع ثابتاً إذ لا يحكم فيه بالظن .
م 182 / 245 : وإبراء ذمة أحد المدينين المتضامنين يعتبر قاصراً على حصته فقط ، وينقضي الدين بقدرها فقط .
م 183 / 246 : لا يجوز لباقي الشركاء المتضامنين في الدين أن يطالبوا شريكهم الحاصل له الإبراء إلا بقدر حصة الشركاء المعسرين إذا اقتضت الحال ذلك .
وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المدني الجديد . ولم يورد التقنين المدني السابق حالة الإبراء من التضامن ، وأوردها التقنين المدني الجديد في المادة 290 كما رأينا . ولكن التقنين الجديد لم يورد في هذا الشأن إلا ما هو متفق مع القواعد العامة ، فحكم الإبراء من التضامن في التقنين القديم متفق مع حكمه في التقنين الجديد : الموجز للمؤلف ص 518 ) .
وتقابل النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 289 – 291 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني الليبي م 276 – 278 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني العراقي م 326 – 328 ( وهي مطابقة ، فيما عدا أن المادة 326 عراقي – وهي المقابلة للمادة 289 مصري – لا تورد في فقرتها الثانية العبارة الأخيرة الواردة في التقنين المصري : " إلا أن يكون قد احتفظ بحقه في الرجوع عليهم بكل الدين ، وفي هذه الحالة يكون لهم حق الرجوع على المدين الذي صدر الإبراء لصالحه بحصته في الدين " . وهذه العبارة ليست إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ بها في العراق دون نص ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني النصوص الآتية : م 32 – إن إسقاط الدين على أحد المديونين المتضامنين يستفيد منه سائر الموجب عليهم ، إلا إذا كان الدائن قد صرح بأنه لا يريد إسقاط الدين إلا عن ذاك المديون وعلى قدر حصته منه ، فعندئذ لا يستفيد المديونون الآخرون إلا بنسبة حصة المديون المبرأة ذمته ( وفي هذا يختلف التقنين اللبناني عن التقنين المصري ، ففي التقنين المصري ، كما رأيناً ، إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين فلا تبرأ ذمة الباقين إلا إذا صرح الدائن بذلك . أما في التقنين اللبناني فإبراء ذمة أحد المدينين المتضامنين يبرئ ذمة الباقين ، ما لم يصرح الدائن أنه لم يرد إلا إبراء المدين بقدر حصته ) – م 33 : إن الدائن الذي يرضى بتجزئة الدين لمصلحة أحد المديونين يبقى له حق الادعاء على الآخرين بمجموع الدين ، إذا لم يشترط العكس ( هذا النص موافق في الحكم للمادة 290 مصري ) – م 37 : إذا وجد التضامن بين المديونين أمكن كلاً منهم أن يبرئ ذمة الآخرين جميعاً . . . بأن ينال من الدائن إسقاط مجموع الدين ( ولا يختلف الحكم في القانون المصري عن هذا الحكم ) – م 42 : يزول التضامن حين يسقطه الدائن – م 43 : يكون إسقاط التضامن إما عاماً وشاملاً لجميع المديونين ، وإما شخصياً مختصاً بواحد أو بعدة منهم . فإذا شمل الإسقاط جميع المديونين ، يقسم الموجب فيما بينهم كما يقسم الموجب المتقارن . وإذا كان الإسقاط شخصياً مختصاً بواحد أو بعدة من المديونين ، فإن الدائن لا يمكنه أن يطالب الذين أسقط التضامن عنهم إلا بنصيبهم ، وإنما يحق له أن يقاضى سائر المديونين على وجه التضامن بمبلغ الدين كله . وإذا وقع لأحد المديونين الذين لم يشملهم إسقاط التضامن إن أصبح غير ملئ ، فإن سائر المديونين ، وفي جملتهم الذين استفادوا من هاذ الإسقاط ، يتحملون إيفاء ما يجب عليه من الدين ( والمادتان 42 و 43 من التقنين اللبناني توافقان في الحكم المادتين 290 و 291 من التقنين المصري ) .
( [528] ) استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 1892 الحقوق 7 ص 393 – استئناف مختلط 20 أبريل سنة 1939 م 51 ص 271 .
( [529] ) نقض مدني 10 يونيه سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 69 ص 195 – على أنه إذا أفلس أحد المدينين المتضامنين ، وتصالح معه الدائن على جزء من المدين وأبرأه من الباقي ، فللدائن أن يرجع على أي المدينين المتضامنين الآخرين بكل الدين دون أن يستنزل حصة المدين المفلس في الجزء الذي أبرأه منه الدائن . وهذا ما تنص عليه المادة 349 من التقنين التجاري إذ تقول : " وللمدين مطالبة الشركاء في الدين بتمام دينه ولو حصل الصلح مع الفلس ( أنظر الأستاذ محسن شفيق في الإفلاس فقرة 651 – وأنظر المادة 545 من التقنين التجاري الفرنسي وكولان وكابيتان 2 فقرة 700 ص 474 ) .
( [530] ) وتقدير ما انصرفت إليه نية الدائن في الإبراء مسألة واقع لا معقب على قاضي الموضوع فيها من محكمة النقض . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا اختلف أحد المدينين المتضامنين مع الدائن في مدى الإبراء الصادر منه وفيما إذا أن يتناول الدين برمته فيستفيد منه كلا المدينين أو هو مقصور على المدين الآخر ، وعرضت المحكمة لهذا النزاع وكانت على بينة من كل ما يستند إليه المدين ، ثم خلصت من بحثها وموازنتها بين حجج الطرفين إلى أن هذا الإبراء خاص بأحد المدينين دون الآخر ، وكان ما ذهبت إليه من ذلك سائغاً في تفسير الإقرار وعقد شطب بالاختصاص الصادرين من الدائن ولا يتجافى مع ما هو وارد فيهما ، فلا معقب عليها في ذلك ( نقض مدني 10 يونيه سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 69 ص 195 ) .
ولما كان الإبراء إسقاطاً فهو لا يفترض ، بل يجب أن يستخلص في وضوح وفي غير إبهام ، وإذا تضمنته ورقة مكتوبة وجب أن تكون ممضاة من الدائن أو من نائب عنه مفوض له في الإبراء ( استئناف مختلط 11 يناير سنة 1906 ص 97 ) .
( [531] ) وقد يكون في محاسبة الدائن لأحد المدينين المتضامنين عن حصته في الدين نزول ضمني عن التضامن بالنسبة إليه ( محكمة مصر الكلية الوطنية 19 يناير سنة 1929 المجموعة الرسمية 31 رقم 115 ص 299 – 3 أكتوبر سنة 1935 المحاماة 17 رقم 156 ص 326 – تعليق الأستاذ سليمان مرقس في مجلة القانوني والاقتصاد 7 ص 659 ) . على أن هذا النزول الضمني لا يستخلص حتماً ، وقد قضت محكمة مصر الكلية الوطنية بأنه إذا طالب أحد المدينين المتضامنين بحصته في الدين وتخالص معه عنها على هذا الوجه ، فليس في ذلك تنازل عن التضامن لمجرد أن المدين قد دفع حصته في الدين ، إذ أنه يبقى مع ذلك التزامه بصفته وكيلاً عن باقي المدينين من مالهم ( 30 مارس سنة 1936 المحاماة 16 رقم 446 ص 968 ) .
( [532] ) قارن في تعيين حصة المدين المبرأ من التضامن بالنسبة إلى الدائن الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 236 – ص 237 .
( [533] ) أنظر في اضطراب نصوص التقنين المدني الفرنسي في هذه المسألة وتضارب آراء الفقهاء الفرنسيين في تفسير المادة 1210 من هذا التقنين بودرى وبارد 2 فقرة 1279 – فقرة 1282 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1078 ص 447 وفقرة 1095 .
( [534] ) وإذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، وعندما أراد الرجوع على باقي المدينين وجدهم جميعاً معسرين ، فإنه يستطيع الرجوع على المدين الذي أبرأه من التضامن بكل الدين ، فإن هذا المدين بعد إبرائه من التضامن يلتزم بدفع حصته من الدين ، ثم يلتزم بدفع الباقي على أساس أنه يتحمل حصص المعسرين ( ديمولومب 26 فقرة 440 – كولميه دي سانتير 5 فقرة 150 مكررة ثالثاً – بودري وبارد 2 فقرة 1263 ) .
( [535] ) أنظر في اختلاف الآراء في الفقه الفرنسي في هذه المسألة لعدم وضوح نص المادة 1215 من التقنين المدني الفرنسي بودرى وبارد 2 فقرة 1262 – فقرة 1265 .
وأنظر في المادتين 1211 و 1212 من التقنين المدني الفرنسي وهما يضعان قرائن قانونية على وقوع الإبراء من الدائن بودرى وبارد 2 فقرة 1283 – فقرة 1288 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1097 – ولا محل لتطبيق هذه القرائن القانونية في مصر ، فإن القرينة لا بد فيها من نص ولم يورد التقنين المدني المصري هذه النصوص فالقرينة على الإبراء في القانون المصري لا تكون إلا قضائية ( قارن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 78 – ص 79 ) .
( [536] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد الإبراء ما يأتي : " إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين ، استتبع ذلك براءة ذمة من الدين ، أما الباقون فلا تبرأ ذمتهم إلا إذا أعلن الدائن ذلك . فإن لم يفعل ، بقى كل منهم ملزماً بأداء الدين بأسره بعد استنزال حصة من أبرئ . بيد أن للدائن أن يرجع رغم ذلك على كل من المدينين المتضامنين بكل الدين إذا احتفظ لنفسه بهذا الحق ، ويكون لمن يقوم بالوفاء عن هؤلاء المدينين في هذه الحالة حق الرجوع على من أبرئ بحصته في الدين . ويستخلص مما تقدم أن ثمة قرينتين : ( الأولى ) قرينة انصراف إرادة الدائن إلى عدم إبراء سائر المدينين ، ما لم يعلن خلاف ذلك . ( والثانية ) قرينة انصراف إرادة الدائن إلى إبراء ذمتهم من حصة المدين الذي صدر الإبراء لصالحه ، ما لم يحتفظ لنفسه بحق الرجوع بجملة الدين . أما إذا اقتصر الدائن على إبراء أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، فلا ينهض هذا الإبراء قرينة على أن نيته قد انصرفت إلى إبراء ذمة الباقين من حصة من أبرئ . وعلى ذلك يكون للدائن أن يرجع على كل من هؤلاء المدينين بجملة الدين ، ما لم يصرح أنه أبرأ ذمتهم من حصة من صدر الإبراء لصالح÷ . ولا يجوز له في أي حال أن يرجع على من أبرئ من التضامن إلا بقدر حصته في الدين… ويستخلص مما تقدم أ ، الدائن إذا أبرأ أحد المدينين المتضامنين من الدين أو من التضامن ، فله أ ، يرجع على كل من الباقين بكل الدين ، بعد استنزال حصة من أبرئ أو دون استنزال هذه الحصة ، ولا يكون لمن يقوم بالوفاء من المدينين بجملة الدين بعد استنزال حصة المدين الذي أبرأه الدائن أن يرجع بشيء على هذا المدين ولكن يثبت له حق الرجوع عليه بصحته لو أنه قام بالوفاء بجملة الدين دون أن يستنزل تلك الحصة . فلو فرض مثلاً أن مدينين أربعة التزموا على وجه التضامن بالوفاء بدين قدره 1200 جنيه ، وأن دائنهم أبرأ أحدهم من الدين أو من التضامن ، فلهذا الدائن أن يرجع على كل من الثالثة الباقين بمبلغ 900 جنيه أو بمبلغ 1200 جنيه على حسب الأحوال . فإذا اقتصر أحد هؤلاء الثالثة على الوفاء بمبلغ 900 جنيه ، فليس له الرجوع بشيء على من أبرئ . أما إذا أدى مبلغ 1200 جنيه ، فله أن يرجع عليه بمبلغ 300 جنيه . وله أن يرجع ، في كلتا الحالتين ، على كل من المدينين الآخرين بمبلغ 300 جنيه . ولو فرض أن أحد هذين المدينين معسر لا مال له ، فلا يكون لمن قام بالوفاء إلا أن يرجع على المدين الموسر ، وفي هذه الحالة يتحمل من أبرئ من المدينين ، سواء ألزم بأداء مبلغ 300 جنيه أم برئت ذمته براءة تامة ، نصيبه في تبعة هذا الإعسار ، فيؤدي فضلاً عن حصته في الدين ( مبلغ 300 جنيه ) مبلغ 100 جنيه عند الاقتضاء وهو نصيبه في حصة المعسر . على أن هذا الحكم لا يعدو أن يكون مجرد تفسير لنية المتعاقدين ، فهو يقوم على قرينة يجوز نقض دلالتها بإثبات العكس . فإذا أثبت من أبرئ من المدينين أن إرادة الدائن قد انصرفت إلى إبرائه من كل مسئوليته عن الدين ، تحمل الدائن نصيب هذا المدين في تبعة إعسار من يعسر من المدينين المتضامنين : وهو مبلغ 100 جنيه في الفرض الذي تقدمت الإشارة إليه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 78 – ص 80 ) .
( [537] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في الفقرة الأولى من المادة 416 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا انقضى الدين بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين بسبب التقادم ، لا يستفيد من ذلك باقي المدينين . على أنه إذا أجبر أحد المدينين على وفاء الدين ، كان له حق الروع على الباقين ، حتى من انقضى التزامه بالتقادم " . وفي لجنة المراجعة عدل النص تعديلاً جعل حكمه متفقاً مع الأحكام الأخرى الخاصة بأسباب انقضاء الالتزام ، وأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 304 / 1 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 292 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 82 وص 84 – ص 85 ) .
ولم يرد هذا النص مقابل في التقنين المدني السابق ، ولكنه لما لم يكن إلا تقريراً للمبدأ العام الذي أخذ به هذا التقنين ، فقد كان يمكن العمل به في عهده ، وكانت المادة 207 / 271 من التقنين المدني السابق تنص على ما يأتي : " إذا ترك أحد المدينين المتضامنين أو المدين الأصلي حقه في التمسك بمضي المدة الموجب لتخلصه من المدين ، فلا يضر ذلك بباقي المدينين المتضامنين وبالكفيل الذي تخلصوا من التزاماتهم بمضي المدة " . وهذا الحكم ، كما سنرى ، يمكن الأخذ به في عهد التقنين المدني الجديد ، فهو موافق للمبدأ العام المقرر في هذا التقنين .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 292 / 1 ( وهي مطابقة ) – وفي التقنين المدني الليبي المادة 279 / 1 ( وهي مطابقة ) – وفي التقنين المدني العراقي المادة 329 / 1 ونصها كالآتي : " إذا كانت دعوى الدين بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين لا يجوز سماعها بسبب التقادم ، استفاد من ذلك باقي المدينين بقدر حصة المدين الذي لا يجوز سماع الدعوى ضده " ( وحكم هذا النص موافق لحكم التقنين المصري ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 347 ونصها كالآتي : " يحق لكل مديون متضامن وللكفيل الإدلاء بمرور الزمن تجاه الدائن ، كما يحق لدائن آخر للمديون أن يدلى به على الطريقة غير المباشرة " ( ولم يبين النص في وضوح الحكم فيما إذا تمسك أحد المدينين المتضامنين بالتقادم الذي تم لمصلحة مدين آخر . ولكن يظهر من نص المادة 361 – وتنص على " أن حكم مرور الزمن لا يقتصر على إسقاط حق الدائن في إقامة الدعوى ، بل يسقط أيضاً الموجب نفسه ، فلا يمكن بعد ذلك الاستفادة منه بوجه من الوجوه ، لا بإقامة دعوى ولا بتقديم دفع " – أن التقادم يبرئ ذمة باقي المدينين المتضامنين ، وإن كان الأمر غير واضح وضوحاً كافياً . فإن صح هذا التفسير ، فإن التقنين اللبناني يختلف حكمه في هذه المسألة عن حكم التقنين المصري ) .
( [538] ) أما في القانون الفرنسي فمن الفقهاء من يذهب إلى هذا الرأي ( كولميه دي سانتير 5 فقرة 142 مكررة خامساً – لوران 17 فقرة 335 ) ، ومنهم من يذهب إلى أن المدين المتضامن يحتج بالتقادم الذي اكتمل بالنسبة إلى مدين غيره ، لا بقدر حصة هذا المدين فحسب ، بل بكل الدين ، فتبرأ ذمة المدينين جميعاً إذا اكتمل التقادم بالنسبة إلى أحدهم ولو لم يتكامل بالنسبة إلى الآخرين ( ديمولومب 26 فقرة 413 – فقرة 414 – بودري وبارد 2 فقرة 1252 – فقرة 1253 ) .
ويجب التمسك بالتقادم ، إما من المدين الذي انقضى دينه به ، وإما من مدين آخر إذا بدأ الدائن بالرجوع عليه قبل الأول ( الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 239 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 202 ص 287 ) . وإذا انقضى الدين بالتقادم بالنسبة إلى الجميع ، ثم لم يتمسك أحدهم به أو نزل عنه ، فسنرى ( أنظر ما يلي فقرة 196 ) أن ذلك لا يضر بالآخرين ( أنظر أيضاً المادة 207 / 271 من التقنين المدني السابق – وأنظر الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 239 ) . كذلك إذا اكتمل التقادم لأحد المدينين ، ورجع الدائن على مدين غيره فلم يتمسك هذا بالتقادم ليستنزل حصة المدين الذي تقادم دينه ، بل دفع الدين كله ، فليس له أن يرجع على المدين الذي تقادم دينه بحصته في الدين ( الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام ص 287 هامش رقم 2 ) .
( [539] ) أما في فرنسا فالنيابة التبادلية ما بين المدينين المتضامنين كانت معروفة منذ عهد القانون الفرنسي القديم ، قال بها ديمولان وبوتييه من بعده ، ثم تبعهما في ذلك فقهاء القانون الفرنسي الحديث . والنيابة التبادلية ، كما هي مفهومة في فرنسا في العصر الحاضر ، وكما كانت مفهومة في مصر في عهد التقنين المدني السابق تبعاً للفقه الفرنسي ، تقضي بأن كل مدين يمثل سائر المدينين المتضامنين فيما يحفظ الالتزام ، وفيما يستبقيه ، لا فيما يزيد من عبثه ( ad conservandam vel perpetuandum, non ad augendam ) . ومن ثم يكون إعذار أحد المدينين المتضامنين إعذاراً للباقين ، وتكون مطالبته القضائية مطالبة للباقين ، ويكون قطع التقادم بالنسبة إليه قطعاً للتقادم بالنسبة إلى الباقين ، ويكون الحكم عليه حكماً على الباقين ، وفي هذا كله مثل المدين المتضامن سائر المدينين فيما يضر وإن كان لا يزيد من عبء الالتزام . على أن من يراجع نصوص التقنين المدني الفرنسي في التضامن ، وتضارب آراء الفقهاء في تفسيرها ، يدرك أن هذه النصوص لم تنتظمها وحدة دقيقة من منطق منسجم . أنظر في هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1213 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1083 ص 454 – ص 455 . وقد التزم التقنين المدني المصري الجديد في نصوصه التي أوردها في هاذ الموضوع الهام ، كما سنرى ، هذه الوحدة الدقيقة ، ولم يحد عنها في أي نص ، إذ جعل النيابة التبادلية تقوم في جميع الأحوال فيما ينفع سائر المدينين المتضامنين لا فيما يضرهم ، فتمحضت هذه النيابة لمصلحة المدينين .
ويذهب دي باج إلى أن فكرة النيابة التبادلية في القانوني الفرنسي تهدف إلى غرض عملي محض ، هو تقوية التضامن وجعله ينتج أبعد الآثار لمصلحة الدائن ، فيستطيع هذا بإجراء يتخذه قبل مدين واحد أن يحدث الآثار التي تنتج فيما لو اتخذ هذا الإجراء قبل جميع المدينين ( دي باج 3 فقرة 358 ) ص 327 ) . وإذا أخذنا بهذا الرأي ، تبين أن فكرة النيابة التبادلية في فرنسا إنما هي لتقوية ضمان الدائن ، أما في مصر فقد أصبحت في عهد التقنين المدني الجديد متمحضة لمصلحة المدينين ( أنظر الأستاذ غانم إسماعيل في أحكام الالتزام فقرة 203 ص 290 ) .
ويستعرض بودرى وبارد التقنينات الأجنبية المختلفة ، فيما يتعلق بآثار التضامن ، ليقارن فيما بينها . فبعضها يسير على غرار التقنين الفرنسي ، كما هي الحال في التقنين البرتغالي وفي التقنين الشيلي وفي التقنين المصري السابق . وبعضها يوسع في آثار التضامن ويزيد فيها على التقنين الفرنسي ، كما فعل التقنين الأسباني إذ جعل سائر المدينين المتضامنين مسئولين عن خطأ أحدهم ، وكما فعل التقنين الأرجنتيني إذ جعل اتحاد الذمة يقضي الدين كله بالنسبة إلى جميع المدينين ، وكما فعل التقنين الإيطالي السابق إذ جعل كل مدين يحتج بقدر حصته في الدين بالمقاصة التي وقعت لأحد منهم . وبعضها يضيق من آثار التضامن ، وقد فعل ذلك بنوع خاص التقنين الألماني ففي هذا التقنين لا أثر للتضامن إلا فيما يتعلق بالوفاء والوفاء بمقابل والمقاصة ، أما الإعذار والخطأ واستحالة التنفيذ والتقادم وقطعه ووقفه واتحاد الذمة والحكم فلا أثر للتضامن فيها . فالتقنين الألماني يستبعد فكرة النيابة التبادلية ويضيق كثيراً من الآثار الأخرى للتضامن ، ولكنه من جهة أخرى يوسع من حالاته : فالتضامن يفترض في العقد ، والورثة متضامنون في تنفيذ التزامات المورث . ويتضح من ذلك ألا محل في التقنين الألماني للتمييز بين التضامن الكامل والتضامن الناقص ، ما دامت فكرة النيابة التبادلية ، وهي التي تميز بين النوعين ، قد استبعدت والتقنين السويسري يقرر أن المدين المتضامن لا يستطيع بعمله أن يسوئ مركز المدينين الآخرين ، فمطالبة أحد المدينين بالفوائد لا يجعلها تسري في حق الآخرين ، ولكن قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدنين يقطعه بالنسبة إلى الباقين لتوقي مضاعفة مصروفات قطع التقادم . ويوسع التقنين السويسري هو أيضاً من حالات التضامن ، فالوكلاء وحافظوا الوديعة متضامنون إذا تعددوا ، ولكنه لا يفترض التضامن في العقد بوجه عام ( أنظر في كل ذلك بودرى وبارد 2 فقرة 1307 فقرة 1311 – وأنظر في المقارنة بين التقنين الفرنسي والتقنين الألماني بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1088 ) .
( [540] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 83 .
( [541] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في الفقرة الثانية للمادة 416 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 304 / 2 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النوا بن فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 292 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 82 و ص 84 ص 85 ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 110 / 116 ، ونصها ما يأتى : " مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين يسريان على باقى المدينين " .
وقد كتبنا فى الموجز فى عهد التقنين المدنى السابق فى هذا الصدد ما يأتى : " والفكرة الأخرى الجوهرية فى علاقة المدينين المتضامنين بعضهم بالبعض الآخر هى النيابة التبادلية . فكل مدين نائب عن بقية المدينين فيما لا يزيد من عبء الالتزام . والى هذا تشير المادتان 111 / 167 : لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن ينفرد بفعل ما يوجب الزيادة على ما التزام به باقى المدينين فإذا كان الدين غير قابل للتحويل ، وقبل تحويله أحد المدينين المتضامنين ، فلا يسرى هذا القبول على المدينين الآخرين ، إذ لا نيابة فيما يزيد عبء الالتزام . كذلك إذا قبل أحد المدينين المتضامنين أن يدفع فوائد لم يكن ملزما بدفعها ، أو أن يزيد فى الفوائد التى التزم بدفعها ، فإن هذه الزيادة فى عبء الدين لا تسرى فى حق المدينين الآخرين . أما فى حدود الالتزام ، فكل مدين نائب عن المدينين الآخرين ، وتترتب على هذه النيابة التبادلية النتائج الآتية : ( 1 ) إعذار الدائن لأحد المدينين المتضامنين يعتبر إعذارا للباقين ، وتتولد آثار اعذار بالنسبة لجميع المدينين المتضامنين ، بما فى ذلك التعويض عن التأخر وضمان الهلاك . ( 2 ) مطالبة الدائن لأحد المدينين المتضامنين مطالبة قضائية تعتبر مطالبة للباقى ، وتتولد آثار المطالبة القضائية بالنسبة لجميع المدينين المتضامنين ، بما فى ذلك قطع سريان التقادم واستحقاق الفوائد . والى هاتين النتيجتين تشير المادتان 110 / 116 : مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين .
يسريان على باقى المدينين ( 3 ) الحكم على أحد المدينين المتضامنين حكم على الباقى ، ألا إذا ثبت أن المدين المحكوم عليه متواطئ مع الدائن أو أنه أهمل فى الدفاع عن حقه أو ثبت أن أحد المدينين غير المحكوم عليهم عنده دفوع خاصة به . ومن باب أولى إذا صدر الحكم لصالح أحد المدينين المتضامنين ، استفاد منه الباقى ، وقد رأينا تطبيق هذا المبدأ فى تضامن الدائنين . فالقاعدة إذن أن المدين المتضامن أو الدائن المتضامن يمثل شركاءه المتضامنين معه فى الدعوى التى يدخل طرفا فيها ، فإذا حكم له أو عليه تعدى أثر هذا الحكم إلى شركائه بفضل هذه النيابة التبادلية . إلا أن هؤلاء الشركاء يستطيعون أن يدفعوا عنهم أثر حكم لم يصدر لصالحهم ، إذا أثبتوا أن شريكهم الذى دخل طرفا فى الدعوى قد تواطأ مع من صدر الحكم لمصلحته ، أو أنه أهمل فى الدفاع عن حقه ، ويستطيع أحد الشركاء كذلك أن يدفع عنه أثرا الحكم إذا ثبت أن عنده دفوعا خاصة به من شأنها أن تحول الحكم لمصلحته . ومعنى أن الحكم على أحد المدينين المتضامنين أوله حكم على الباقى أو لهم أن هذا الحكم يكون حجة عليهم أولهم ، وليس معناه أن المدين المتضامن الذى لم يكن طرفا فى الدعوى ينفذ عليه أو ينفذ بمقتضى هذا الحكم . وإذا صدر الحكم لصالح الدائن فى مواجهة جميع المدينين المتضامنين فإن المعارضة أو الاستئناف أو النقض الذى يرفعه أحد هؤلاء المدينين يفيد الباقين حتى لو لم يطعنوا فى الحكم بأنفسهم " ( الموجز للمؤلف فقرة 510 ) – أنظر أيضا المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 83 .
ويتبين مما قدمناه أن التقنين المدنى السابق كان يتضمن مبدأ يقضى بالنيابة التبادلية ما بين المدينين المتضامنين والدائنين المتضامين لا فيما ينفع فحسب ، بل أيضا فيما يضر ، إلا إذا كان فى ذلك زيادة فى عبء الدين كأن تزيد فوائده أو أن يصبح قابلا للتحويل ( استئناف أهلى 17 مارس سنة 1915 الشرائع 2 ص 218 – استئناف مصر 31 مارس سنة 1943 المجموعة الرسمية 43 رقم 221 ) . أما ما ينتج من الآثار من الإعذار والمطالبة القضائية ، كاستحقاق التعويض وتحمل تبعة الهلاك وسريان الفوائد وقطع التقادم ، فهذا كله لا يعتبر زيادة فى عبء الدين ، إذ هو من النتائج الطبيعية الدين ذاته ، وهو وإن كان ضاراً بالمدينين المتضامنين الآخرين إلا أنه يسرى فى حقهم بمقتضى هذه النيابة التبادلية فيما ينفع وفيما يضر إلا ما يزيد فى عبء الدين . وقد جارى التقنين المدنى السابق فى كل هذه الفقه الفرنسى ، كما بينا فيما تقدم .
ويتضح من ذلك أن الآثار الثانوية للتضامن – وهى التى نحن بصددها - يختلف فيها التقنين السابق عن التقنين الجديد . ففى التقنين السابق ، قطع التقادم ووقفه فى حق أحد المدينين المتضامين يكون قطعاً للتقادم ووقفاً له فى حق الآخرين ، وإعذار أحد المدينين المتضامنين أو مطالبته مطالبة قضائية يسرى فى حق المدينين الآخرين ، وكذلك يحتج بالحكم الصادر فى مواجهة أحد المدينين المتضامنين وبالإجراءات الصحيحة المتخذة قبله على الباقين ( استئناف مصر 15 يونيه سنة 1931 المحاماة 12 رقم 258 ص 524 – الجيزة 4 يناير سنة 1939 .
المجموعة الرسمية 41 رقم 176 - استئناف مختلط 26 نوفمبر سنة 1908 م 21 ص 33 – أبريل سنة 1911 م 23 ص 249 - 10 نوفمبر سنة 1919 جازيت 10 رقم 85 ص 88 –27 أبريل سنة 1922 جازيت 12 رقم 193 ص 335 – 17 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 29 – 16 مارس سنة 1937 م 49 ص 146 – 4 مايو سنة 1938 م 50 ص 278 . ولكن انظر عكس ذلك : استئناف مصر 20 ديسمبر سنة 1939 المحاماة 20 رقم 491 ص 1162 - استئناف أسيوط 10 ديسمبر سنة 1942 المجموعة الرسمية 43 رقم 113 ) .
وفيما استحدثه التقنين الجديد من أحكام فى هذا الشأن لا يسرى هذا التقنين بأثر رجعى ، فتبقى أحكام التقنين السابق سارية على الالتزامات التضامنية التى نشأت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، ولو صدر الإعذار أو وقعت المطالبة القضائية أو قطع التقادم أو صدر الحكم بعد هذا التاريخ ، إذ العبرة بتاريخ نشوء الالتزام التضامنى ، فهو ينشأ خاضعاً للنظام القانونى الذى كان ساريا وقت نشوئه .
ويقابل نص المادة 292 / 2 من التقنين المدنى المصرى الجديد فى التقنينات المدنية العربية الأخرى .
وفى التقنين المدنى السورى المادة 292 / 2 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين المدنى الليبى المادة 279 / 2 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين المدنى العراقى المادة 329 / 2 ( وهى مطابقة ) .
وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 36 / 2 و 3 ، وتجريان على الوجه الآتى :
إن الأسباب التى توقف حكم مرور الزمن يمكن إبقاؤها شخصية ومختصة بأحد الدائنين . ولكن الأسباب التى تقطع مرور الزمن بالنظر إلى أحد المديونين المتضامنين تقطعه أيضا بالنظر إلى الآخرين – ويختلف التقنين اللبنانى ، كما نرى ، فى طقع التقادم عن التقنين المصرى . ففى التقنين اللبنانى - كما كان الأمر فى التقنين المصرى السابق وكما هو الأمر الآن فى التقنين الفرنسى - قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين يقطعه بالنسبة إلى الباقين .
( [542] ) أما فى فرنسا فقطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين يكون قطعاً للتقادم بالنسبة إلى الباقين ( المادة 1206 من التقنين المدنى الفرنسى وانظر بودرى وبارد 2 فقرة 1214 - فقرة 1221 ) . ولكن وقف التقادم بالنسبة إلى أحدهم لا يكون وقفا له بالنسبة إلى الباقين ( أنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1222 - فقرة 1223 ) .
( [543] ) أنظر آنفافا فقرة 144 .
( [544] ) أنظر آنفا فقرة 144 .
( [545] ) وإذا كان قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامين لا يكون قطعاً له بالنسبة إلى الآخرين ، فمن باب أولى لا يكون قطع التقادم بالنسبة إلى الكفيل ولو كان متضامناً مع المدين الأصلى قطعا للتقادم بالنسبة إلى المدين الأصلى . وهذا الحكم صحيح حتى فى عهد التقنين المدنى السابق حيث كان قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين قطعاً له بالنسبة إلى الباقى ، وذلك لأن التزام الكفيل – ولو كان متضمناً – التزام تبعى ، فلا يستلزم قطع التقادم بالنسبة إليه قطعه بالنسبة إلى المدين الأصلى . وقد قضت محكمة النقض بأن حكم المادة 110 من القانون المدنى ( السابق ) يسرى فيما بين المدينين المتضامين بعضهم وبعض وفيما بين الكفلاء المتضامنين بعضهم وبعض ، لافيما بين المدين وكفيله المتضامن معه ( نقض مدنى 17 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 24 ص 50 ) . وقضت أيضا فى هذا المعنى بأن ما ورد فى المادة 110 من القانون المدنى ( السابق ) من أن " مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى بالدين يسريان على باقى المدينين " هو استثناء من الأصل الذى من مقتضاه أن انقطاع التقادم المترتب على المطالبة الرسمية بالدين لا يتعدى أثره من وجه إليه الطلب ، فلا يجوز أن يسوى فى حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن ، لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً ، بل يبقى التزامه تبعياُ ، وينبنى على كون التزام الكفيل تابعا لالتزام المدين أن ينقضى حتما بانقضائه ولو كان التقادم قد انقطع بالنسبة إلى الكفيل ، ولا فرق فى هذا بين الكفيل المتضامن والكفيل غير المتضامن . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أن الدعوى رفعت على الضامن المتضامن وعلى أن رفع الدعوى على الضامن المتضامن يقطع التقادم بالنسبة إليه والى المدينين على السواء ، كان هذا خطأ فى تطبيق القانون ( نقض مدنى 24 أبريل سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 163 ص 919 ) . أنظر عكس ذلك : بنى سويف 30 يونيه سنة 1929 المحاماة 9 رقم 605 ص 1115 .
( [546] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى صدر المادة 417 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة ، وذكر فى هذه اللجنة أن المقصود بكلمة " فعله " هو كل فعل يعزى إلى أحد المدينين ويسأل عنه هو نفسه دون الآخرين ، متى كان من شأنه زيادة الدين ، تمشيا مع فكرة اقتصار نيابة المدينين على بعضهم فيما ينفع لا فيما يضر . واصبحت المادة رقمها 305 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 293 الفقرة الأولى ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 86 و ص 87 - 88 ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به تطبيقا للمبدأ القاضى بألا نيابة فيما يزيد من عبء الالتزام .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
فى التقنين المدنى السورى المادة 293 / 1 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين المدنى الليبى المادة 280 / 1 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 38 ، وتجرى على الوجه الآتى : إن كلا من المديونين المتضامين مسئول عن عمله فقط فى تنفيذ الموجب ، والإنذار الموجه على أحدهم لا يسرى مفعوله على الآخرين - وهذا النص مطابق فى الحكم لنص التقنين المصرى .
( [547] ) ويلاحظ أن حكم التقنين المدنى الفرنسى فى هذه المسألة منتقد ، لأن البائع لا يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم - كما يتحمل البائع هذه التبعة فى مصر – فكان الواجب ألا يكون البائع الذى لم يصدر من جانبه خطأ مسئولا حتى عن رد الثمن . أما فى مصر ، فهو مسئول عن رد الثمن ، بمقتضى تحمله لتبعة هلاك المبيع . فنص المادة 1205 من التقنين المدنى الفرنسى هو إذن أكثر انطباقاً على حالة القانون فى مصر منه على حالة القانون فى فرنسا ( أنظر آنفا فقرة 189 فى الهامش ) .
( [548] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 86 .
( [549] ) وإذا كان المدين الثالث يرد الثمن إلى المشترى ، فإن ذلك لا يرجع إلى أنه ملزم نحو الدائن بدفع قيمة الشىء دون التعويض - كما ذهب الأستاذ عبد الحى حجازى ( 1 ص 240 - ص 241 ) وإنما يرجع كما قدمنا إلى أنه بائع يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم ، أى يرجع إلى قاعدة قانونية أخرى لا علاقة لها بقواعد التضامن ( قارن الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام ص 291 هامش رقم 1 – وأنظر آنفاً فقرة 189 فى الهامش فيما يتعلق باستحالة التنفيذ ) – ولكن إذا قدر التعويض فى صورة شرط جزائى ، كان المدينون المتضامنون كلهم مسئولين عن هذا الشرط الجزائى ، فقد التزموا به جميعاً متضامنين عن طريق التعاقد ، فهو والمحل الأصلى للالتزام فى ذلك سواء ( أنظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1084 ص 457 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 833 ص 618 )
( [550] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 417 من المشروع التمهيدى فى عجزها على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 305 فى المشروع النهائى ، بعد أن جعل النص فقرتين . ثم وافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 293 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 86 و ص 87 – ص 88 )
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 110 / 166 ، وهذا نصها : " مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين يسريان على باقى المدينين " . وقد قدمنا أن التقنين المدنى السابق يختلف عن التقنين المدنى الجديد فى آثار الأعذار والمطالبة القضائية فى حق أحد المدينين المتضامنين ، فإنها فى التقنين السابق تتعدى إلى سائر المدينين وقد سبق تفصيل القول فى ذلك ( أنظر آنفا فقرة 196 فى الهامش ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 293 / 2 وهى مطابقة – وفى التقنين المدنى الليبى 280 / 2 وهى مطابقة – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 330 ( فى عجزها ) وهى مطابقة – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادتين 30 و 38 . وتنص المادة 30 من هذا التقنين على " أن تأخر الدائن ( إعذاره ) بالنظر إلى أحد الموجب عليهم يستفيد من نتائجه الآخرون " . وتنص المادة 38 منه على " أن كلا من المديونين المتضامنين مسئول عن عمله فقط فى تنفيذ الموجب . والإنذار ( الأعذار ) الموجه على أحدهم لا يسرى مفعوله على الآخرين " . ويلاحظ أن التقنين اللبنانى يتفق مع التقنين المصرى فيما يتعلق بالأعذار ، ففى التقنين إعذار الدائن لأحد المدينين المتضامين لا أثر له بالنسبة إلى الباقى ، أما أعذار أحد المدينين المتضامين للدائن فإنه يفيد الباقى . ولكن التقنين اللبنانى لم يذكر حكم المطالبة القضائية الموجهة من الدائن إلى أحد المدينين المتضامنين ، وهل تقتصر آثارها على هذا المدين فلا تتعدى إلى باقى المدينين . ولما كان التقنين اللبنانى لا يطبق تطبيقا مضطرداً مبدأ النيابة التبادلية فيما ينفع لا فيما يضر ، فحكم هذه المسألة فيه يقتضى اجتهادا وإمعانا فى النظر ، لا سيما أن من آثار المطالبة القضائية قطع التقادم ، وقد صرح التقنين اللبنانى كما رأينا ( م 36 / 3 ) بأن قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامين يقطع التقادم بالنسبة إلى الباقين ، وهذا الحكم يتعارض مع المبدأ القاضى بأن المدين المتضامن لا يمثل باقى المدينين فيما يضر .
( [551] ) أنظر آنفا فقرة 145 .
( [552] ) أنظر آنفا فقرة 144 .
( [553] ) أما فى القانون الفرنسى ، فمطالبة الدائن لأحد المدينين المتضامين تجعل الفوائد تسرى فى حق الآخرين ( م 1207 من التقنين المدنى الفرنسى وأنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1227 - فقرة 1230 ) . ويعلل الفقهاء الفرنسيون المعاصرون هذا الحكم بأن المدين الذى طالبه الدائن لو أنه وفى الدين فى الحال ، لرجع على باقى المدينين بالفوائد ، ويستوى لدى هؤلاء المدينين أن يدفعوا الفوائد للدائن أو أن يدفعوها للمدين الذى وفى الدين . ويقول بلانيول وريبير وجابولد أن التعليل الحاذق لم يفكر فيه واضعو التقنين المدنى الفرنسى ، وكل ما قصدوا إليه عندما قرروا هذا الحكم هو أن يزيدوا للدائن من مزايا التضامن ، فيستطيع بمطالبة مدين واحد من المدينين المتضامنين أن يصل إلى نفس النتائج التى كان يصل إليه بمطالبتهم جميعاً ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1085 ص 458 ) .
( [554] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 87 .
( [555] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 418 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 306 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 294
( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 89 – ص 90 ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 1 11 / 167 ونصها ما يأتى : لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن ينفرد بفعل ما يوجب الزيادة على ما التزم به باقى المدينين – وهذا النص يمكن أن يستخلص منه أن الصلح الذى يزيد فى الالتزام التضامنى لا يسرى فى حق الباقين ، وهو ما يتفق مع حكم المادة 294 من التقنين المدنى الجديد .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
وفى التقنين المدنى السورى المادة 294 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين المدنى الليبى المادة 281 ( وهى مطابقة ) .
وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 34 ، وتجرى على الوجه الآتى : إن الصلح الذى يعدق بين الدائن وأحد الموجب عليهم يستفيد منه الآخرون إذا كان يتضمن إسقاط الدين أو صيغة أخرى للإبراء ، وهو لا يلزمهم ولا يحرج موقفهم إذا كانوا لم يرضوا به – وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المدنى المصرى .
( [556] ) استئناف مختلط 28 مايو سنة 1885 المجموعة الرسمية للمحاكم المختلطة 10 ص 38 – على أنه لا يجوز أن يتمسك المدينون المتضامنون الآخرون بالجزء الذى يفيدهم فى الصلح وينبذوا الجزء الذى يضرهم ، فما دام الصلح فى مجموعه يفيدهم وتمسكوا به وجب أن يتحملوه كله إذ هو لا يقبل التجزئة ( الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 207 ص 294 ) .
( [557] ) أنظر آنفاً فقرة 144 .
( [558] ) انظر آنفا فقرة 145 - وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 89 .
( [559] ) وفى القانون الفرنسى انقسمت الآراء ، فمن الفقهاء من يذهب مذهب التقنين المصرى ( لارومبيير 3 م 1208 فقرة 11 ديمولومب 26 فقرة 417 ) ، ومنهم من يذهب إلى أن الصلح لا يجوز أن يتمسك به المدينون الآخرون ، ضاراً كان أو نافعاً ( أنظر المادة 2051 مدنى فرنسى – بودرى وبارد 2 فقرة 1254 مكررة بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1087 ) .
( [560] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 419 / 1 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 307 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 295 / 1 مجموعة الأعمال التحضيرية 30 ص 91 - ص 92 ) .
ويقابل هذا النص المادة 1 11 / 167 من التقنين المدنى السابق وقد سبق ذكرها ، وهى تقضى بأنه لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن ينفرد بفعل ما يوجب الزيادة على ما التزم به باقى المدينين . ولما كان الإقرار حجة قاصرة على المقر ، فإن أثره لا يتعدى المدين المقر إلى غيره من المدينين ، حتى فى عهد التقنين المدنى السابق .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 295 / 1 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 282 / 1 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 332 / 1 ( وهى مطابقة ) – ولا مقابل فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ، ولكن الحكم الوارد فى التقنين المصرى ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة فى الإقرار ، فيمكن الأخذ به فى لبنان دون نص .
( [561] ) أنظر آنفا فقرة 144 .
( [562] ) وهذا ما لم يكن إقرار الدائن متعلقاً بشىء خاص بالمدين دون غيره ، فلا يتعدى أثر الإقرار فى هذه الحالة إلى غير هذا المدين .
( [563] ) أنظر آنفا فقرة 144 - وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 91 .
( [564] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 419 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا الفقرة الثالثة فقد كان نصها فى المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " أما إذا حلف المدين المتضامن اليمين ، فإن المدينين الآخرين يستفيدون من ذلك إذا انصبت اليمين على المديونية لا على التضامن " . وفى لجنة المراجعة عدلت هذه الفقرة على الوجه الذى استقرت عليه فى التقنين المدنى الجديد ليكون معناها أدق ، وأصبحت المادة رقمها 307 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 295 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 91 - ص 92 ) .
ويقول الأستاذ إسماعيل غانم فى صدد التعديل الذى أجرته لجنة المراجعة ما يأتى : " يلاحظ أن المادة 419 / 3 من المشروع التمهيدى ، وهى تقابل المادة 295 من التقنين ، كانت تنص على أن المدينين الآخرين يستفيدون من حلف المدين المتضامن اليمين إذا انصبت اليمين على المديونية لا على التضامن : أنظر أيضا 365 / 1 مدنى فرنسى . وقد عدل هذا النص فى لجنة المراجعة فحذفت العبارة الأخيرة ، وقد وصف تعديل المادة على هذا الوجه بأنه تعديل لفظى يجعل معناها أدق : الأعمال التحضيرية 3 ص 92 . والحقيقة أنه لا يتصور استفادة المدينين من يمين يحلفها أحدهم ينكر بها وجود التضامن ، إذ أن أساس الاستفادة من اليمين هو مبدأ النيابة التبادلية وهو لا يوجد إلا بوجود التضامن " ( أحكام الالتزام ص 295 هامش رقم 1 )
وليس للنص مقابل فى التقنين المدنى السابق . وكان مبدأ النيابة التبادلية ، كما كان مفهوما فى عهد هذا التقنين ، يقضى بأن نكول أحد المدينين المتضامنين لا يضر الباقى ، أما حلفه اليمين فيفيدهم . ويقوم الشك فيما إذا حلف الدائن يميناً وجهها إليه أحد المدينين المتضامنين ، هل يضار بذلك باقى المدينين؟
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 295 / 2 و 3 ( مطابقة ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 282 / 2 و 3 ( مطابقة ) – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 232 / 2 و 3 ( مطابقة لنص المشروع التمهيدى ولا تختلف فى الحكم ) وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 37 ، وتجرى على الوجه الآتى : إذا وجد التضامن بين المديونين أمكن كلا منهم أن يبرئ ذمة الآخرين جميعاً : . . . ( 4 ) بأن يحلف اليمين عند الاقتضاء على عدم وجوب دين ما – وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المصرى فى صورة ما إذا وجه الدائن إلى أحد المدينين المتضامنين اليمين فحلها ، ولم يرد نص فى التقنين اللبنانى عن الصورة الأخرى .
( [565] ) والمفروض أن الدائن قد " أقتصر " – كما يقول النص – فى توجيه اليمين على أحد المدينين المتضامنين . أما إذا وجه اليمين إليهم جميعاً ، فحلف بعضهم ونكل بعض آخر ، فمن نكل منهم يضار بنكوله ولا يستفيد من أن الآخرين قد حلفوا ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1082 ص 452 – الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 208 ) .
( [566] ) انظر آنفا فقرة 145 .
( [567] ) انظر آنفا فقرة 145 - وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموع الأعمال التحضيرية 3 ص 91 .
( [568] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 420 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 308 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 296 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 93 - ص 94 ) .
وليس للنص مقابل فى التقنين المدنى السابق . ولكننا رأينا أن الحكم على أحد المدينين المتضامنين ، فى عهد هذا التقنين ، يكون حكما على الباقى ، إلا إذا ثبت أن المدين المحكوم عليه متواطئ مع الدائن أو إذ أهمل فى الدفاع عن حقه أو ثبت أن أحد المدينين غير المحكوم عليهم عنده دفوع خاصة به . ومن باب أولى إذا صدر الحكم لصالح أحد المدينين المتضامنين ، أفاد منه الباقى ( أنظر آنفا فقرة 196 فى الهامش ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 296 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 283 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى العرفى المادة 333 ( وهى مطابقة ) – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 36 / 1 ، وتجرى على الوجه الآتى : ليس للحكم الصادر على أحد المديونين المتضامنين قوة القضية المحكمة بالنظر إلى المديونين الآخرين ، أما الحكم الصادر لمصلحة أحد المديونين فيستفيد منه الآخرون إى إذا كان مبنيا على سبب يتعلق بشخص المديون الذى حصل على الحكم وهذا النص يتفق فى الحكم مع نص التقنين المصرى .
( [569] ) ومع ذلك يجوز لهم أن يطعنوا فى الحكم بطريق اعتراض الشخص الخارج عن الخصومة ( م 450 / 2 مرافعات ) ، وذلك بدلا من أن ينتظروا رجوع المدين المحكوم عليه عند تنفيذه للحكم ووفائه للدين كله ، إذ هو فى هذه الحالة يرجع عليهم كل بقدر حصته فى الدين ، وهم ، إذا كانوا يستطعون دفع هذا الرجوع عندئذ ، قد يفضلون المبادأة ، فيبادرون إلى الطعن فى الحكم ذاته بطريق الاعتراض كما قدمنا ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 209 ص 295 ) .
( [570] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الأهلية بأنه يجوز لمن سهى عليه أن يطلب الحكم بالتضامن أن يرفع دعوى من جديد باعتبار المحكوم عليه فى الدعوى الأولى متضامنين فى الوفاء ( 10 نوفمبر سنة 1915 الشرائع 3 ص 179 ) .
( [571] ) انظر آنفاً فقرة 145 .
( [572] ) وقد قضى بأنه إذا رفع أحد المدينين المتضامنين معارضة أو استئنافاً ، استفاد الآخرون : استئناف مختلط 30 مايو سنة 1900 م 12 ص 286 – 38 يناير سنة 1903 م 15 ص 11 1 – أول ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 58 – 31 يناير سنة 1912 م 24 ص 118 – 3 مايو سنة 1917 م 29 ص 403 – 14 مارس سنة 1918 م 30 ص 287 - 15 يونيه سنة 1921 م 33 ص 396 – 14 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 23 - 13 مارس سنة 1923 م 35 ص 281 – 21 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 51 - 30 فبراير سنة 1932 م 44 ص 204 - 20 مارس سنة 1934 م 46 ص 216 - 11 يناير سنة 1938 م 50 ص 96 - إلا إذا كان المطلوب من أحدهم يخالف المطلوب من الآخرين : استئناف مختلط 22 يناير سنة 1931 م 43 ص 177 - 20 مارس سنة 1936 م 48 ص 69 - 11 مارس 1936 م 47 ص 181 . ويقتصر من يستفيد منهم على أوجه الدفع المشتركة بينهم وبين من رفع الطعن ، فلا يعرضون لأوجه الدفع الخاصة بهم ما دامواهم لم يرفعوا طعناً فى الميعاد : استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1897 م 10 ص 7 . وإذا رفع أحد المدينين المتضامين معارضة فى شروط البيع ( dire ) ، استفاد المدينون الآخرون : استئناف مختلط 17 يونيه سنة 1903 م 15 ص 352 ، وهذا ما لم يكن قد صدر حكم نهائى حاز قوة الأمر المقضى بالنسبة إلى أحدهم فلا يستفيد من طعن رفعه غيره : استئناف مختلط 23 يونيه سنة 1910 م 22 ص 380 – وإذا رأت محكمة الدرجة الأولى أن هناك تضامناً فى المسئولية بين شخصين ، واستأنف أحدهما حكمها ، وقضى استئنافيا بعدم وجود التضامن بينهما ، استفاد المدين الآخر من هذا الحكم ولو لم يستأنف : بنى سويف 20 يناير سنة 1909 المجموعة الرسمية 10 ص 239 .
( [573] ) ذلك لأنه إذا صدر حكم ضد المدينين المتضامنين جميعاً ، لم يترتب على إعلانه لأحدهم سريان مواعيد الطعن بالنسبة إلى الباقين ، بل يبقى كل من هؤلاء لا تسرى مواعيد الطعن قبله حتى يعلن بالحكم . وإذا أعلن أحدهم بالحكم وانقضت مواعيد الطعن بالنسبة إليه ، وبقى الطعن مفتوحاً بالنسبة إلى مدين آخر ، وطعن هذا فى الحكم ، فللمدين الذى انقضى ميعاد الطعن بالنسبة إليه أن ينضم للمدين الذى رفع الطعن فى الميعاد ويطلب الاستفادة من طعنه . وقد قضت محكمة النقض بأن رفع الاستئناف من أحد المدينين المتضامنين يستفيد منه الباقون ، ولهم أن ينضموا إليه فى استئنافه ولو بعد الميعاد ( نقض مدنى 21 ديسمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 18 ص 36 – 16 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 90 ص 197 ) . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 384 من تقنين المرافعات على ما يأتى : " على إنه إذا كان الحكم صادرا فى موضوع غير قابل للتجزئة أو فى التزام بالتضامن أو فى دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين ، جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع فى الميعاد من أحد زملائه منضما إليه فى طلباته . وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم فى الميعاد ، وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم " فإذا لم ينضم المدين الذى فوت ميعاد الطعن إلى زميله الذى رفع الطعن فى الميعاد ليطلب الاستفادة من هذا الطعن ، بقى الحكم الصادر ضده نهائيا بالنسبة إليه . وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأنه إذا حكم على أشخاص بالتضامن ، ثم رفع بعضهم استئنافا عن الحكم ولم يستأنف البعض ، ولم يحضر أمام محكمة الاستئناف ليطلب الاستفادة من الاستئناف المروع من الآخرين : كان لمحكمة الاستئناف قد فوت عله نفسه فرصة ابداء طلب الاستفادة من الاستئناف المرفوع من الآخرين ( نقض مدنى 3 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 12 ص 23 ) .
( [574] ) استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1927 م 39 ص 393 - ولكن لا يستطيعون التنفيذ به . وإذا طعن الدائن فى هذا الحكم ، فصدر فى الطعن حكم بإلغائه ، زال أثر الحكم الأول بالنسبة إلى سائر المدينين ولم يجز لهم الاحتجاج به بعد ذلك .
( [575] ) استئناف أهلى 19 أكتوبر سنة 1897 القضاء 5 ص 13 استئناف مختلط 13 مارس سنة 1913 م 25 ص 231 .
( [576] ) أنظر آنفا فقرة 144 .
( [577] ) وإعلان هذا الحكم من أحد المدينين المتضامنين يجعل ميعاد الطعن يسرى لصالحه وصالح باقى المدينين المتضامنين : استئناف مختلط 22 إبريل سنة 1926 م 38 ص 306 أول مارس سنة 1927 م 39 ص 286 – 31 مارس سنة 1934 م 46 ص 219 - على أنه إذا أعلن أحد المدينين المتضامين الحكم الصادر لصالح الجميع ، ورفع الدائن الاستئناف بعد الميعاد ، وجب على المدين الذى لم يعن الحكم أن يدخل فى هذا الاستئناف طالباً الاستفادة منه والحكم بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد ، لا فحسب بالنسبة إلى زميله الذى أعلن الحكم ، بل أيضا بالنسبة إليه . فإذا لم يدخل فى الاستئناف على هذا النحو ، ولم ينقض ميعاد الاستئناف بالنسبة إليه لعدم إعلانه الحكم ، لم يكن له أن يدفع بعدم قبول الاستئناف الذى يرفعه عليه الدائن . وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأنه إذا كان اثنان من المحكوم لهم قد تمسكا بأنهما أعلنا الحكم الابتدائى للمستأنف وأنه لم يرفع الاستئناف إلا بعد الميعاد ، فتنازل المستأنف عن اختصامهما وقصر طلباته على ما ادعاه قبل ثالث المحكوم لهم الذى لم يعلن الحكم الابتدائى للمستأنف ولم يحضر ولم يطلب الاستفادة من أن زميليه المحكوم لصالحهما معه قد أعلنا الحكم ، ولم يبين كيف كان له أن يستفيد من إعلان غيره ، فلا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعتبر الاستئناف غير مقبول شكلا فى حقه ( نقض مدنى 20 يونيه سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 287 ص 873 ) .
( [578] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ويراعى أن الحكم الصادر لصالح أحد المدينين المتضامنين يزول أثره بالنسبة لباقى المدينين إذا قضت بالغائه هيئة قضائية مختصة ، ولكن إذا اختصم الدائن جميع المدينين فى الدعوى وصدر حكم لصالحهم ، ثم قضى بإلغاء هذا الحكم بالنسبة لأحدهم فيها بعد ، فلا يضار الباقون بذلك . أما إذا صدر الحكم عليهم ، فلا يترتب على إعلانه لأحدهم سريان مواعيد المعارضة والاستئناف والنقض بالنسبة للباقين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 94 وانظر أيضا ص 93 - 94 ) .
أما فى القانون الفرنسى ، فقد احتدم الخلاف : فمن الفقهاء من يذهب إلى أن الحكم الصادر ضد أحد المدينين المتضامنين يحتج به على الباقى ، ومن باب أولى إذا صدر الحكم لصالح أحدهم جاز للباقى أن يتمسكوا بهذا الحكم ( لارومبيير 3 م 1208 فقرة 19 – ديمولومب 26 فقرة 374 – هيك 7 فقرة 328 - بودرى وبارد 2 فقرة 1231 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1086 ) . ومنهم من يذهب إلى أن الحكم لا يسرى فى حق الآخرين ، سواء كان صادراً ضد المدين المتضامن أو لصالحه ( كولميه دى سانتيز 5 فقرة 328 مكررة 24 - لوران 20 فقرة 120 ) . ومنهم من يذهب إلى أن الحكم الصادر لمصلحة المدين يتمسك به الآخرون ، والحكم الصادر ضده لا يحتج به عليهم ، كما هو الحكم فى التقنين المصرى بصريح النص ( ديرانتون 13 فقرة 519 – فقرة 520 – ماركاديه 5 فقرة 13 ) – وإذا صدر حكم ضد المدينين المتضامنين جميعاً ، فالطعن المروع من أحدهم يفيد الباقين ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1086 ص 459 – ص 461 ) . وإذا صدر حكم لصالح المدينين المتضامنين وأعلن أحدهم الحكم للدائن وانقضت مواعيد الطعن بالنسبة إليه ، ثم طعن الدائن فى الحكم بالنسبة إلى الباقين فى الميعاد القانونى ، فان هذا الطعن لا يضر بالمدين الذى انقضى ميعاد الطعن بالنسبة إليه ، ويجب على الدائن فى طعنه ضد الباقين أن يستنزل حصة هذا المدين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1236 مكررة – وانظر أيضا فى الموضوع بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1086 ) .
( [579] ) تاريخ النصوص : م 297 : ورد هذا النص فى المادة 421 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عيه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 309 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 297 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 95 - ص 96 ) .
م 298 : ورد هذا النص فى المادة 422 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 310 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 298 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 97 ) .
م 299 : ورد هذا النص فى المادة 423 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 311 فى المشروع النهائى . ثم وافق علين مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 299 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 98 – ص 100 ) .
( [580] ) التقنين المدنى السابق 115 / 171 : إذا قام أحد المتضامنين فى الدين بأدائه أو وفاه بطريق المقاصة مع الدائن ، جاز له الرجوع على باقى المدينين كل بقدر حصته ، وتوزع حصة المعسر منهم على جميع الموسرين .
ولا فرق فى الأحكام ما بين التقنينين الجديد والقديم . ويلاحظ أن التقنين القديم ذكر المقاصة وحدها إلى جانب الوفاء ، ولكن المقاصة فى هذا كغيرها من طرق انقضاء الالتزام كالتجديد واتحاد الذمة ، وذلك متى كان الدائن قد طالب المدين الذى قام به سبب انقضاء الالتزام ووقف عنده . أما إذا طالب غيره من المدينين المتضامنين ، فقد رأينا أن كل مدين منهم لا يجوز له أن يحتج على الدائن إلا بمقدار حصة المدين الذى قام به سبب الانقضاء .
( [581] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 297 – 299 ( مطابقة ) . التقنين المدنى الليبى م 284 – 286 ( مطابقة ) .
التقنين المدنى العراقى م 334 : 1 - لمن قضى الدين من المدينين المتضامنين الرجوع على الباقين بما دفعه زائدا على ما هو واجب عليه ، كل بقدر حصته .
م 335 : 1 – إذا قضى أحد المدينين المتضامنين الدين بغير الشىء الواجب أداؤه ، أو بطريق آخر يقوم مقام الوفاء كالهبة أو الحوالة ، رجع على بقية المدينين بما ضمن لا بما أدى " .
2 - وإذا كان أحد المدينين المتضامنين هو وحده صاحب المصلحة فى الدين ، فهو الذى يتحمله كله قبل الباقين .
وهذه النصوص تتفق أحكامها مع أحكام التقنين المصرى ، فيما عدا أن التقنين العراقى ينص على أنه إذا أدى المدين الدين بغير الشىء الواجب أداؤه أو بطريق آخر غير الوفاء كالهبة أو الحوالة ، رجع على بقية المدينين كل بقدر حصته الدين الأصلى ، ولو أدى هو للدائن أقل من ذلك أو أكثر . وهذا مأخوذ من الفقه الإسلامى .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 39 : أن موجب التضامن ينقسم حكماً بالنظر إلى علاقات الموجبات والعقود اللبنانى م 39 : أن موجب التضامن ينقسم حكماً بالنظر إلى علاقات المديونين بعضهم ببعض ، فهم فيما بينهم لا يلزم أحد منهم إلا بنسبة حصته . وإن الحصص التى يلزم بها المديونون بمقتضى أحكام الفقرة السابقة هى متساوية إلا فيما يلى :
1- إذا كان العقد يصرح بالعكس .
2- إذا كانت مصالح المديونين غير متساوية . وإذا كانت المصلحة فى الدين لأحد المديونين وحده ، وجب اعتبار الآخرين كفلاء فى علاقتهم به .
م . 4 : إن المديون فى موجب التضامن إذا وفى مجموع الدين ، كان له حق الرجوع على المديونين الآخرين بما يتجاوز حصته . وأمكنه إذ ذاك أن يقيم الدعوى الشخصية أو الدعوى التى يحق للدائن إقامتها مع ما يختص بها من التأمينات عند الاقتضاء . ولكن ، أية كانت الدعوى التى يقيمها ، لا يحق له أن يتطلب من كل مديون إلا الحصة التى يجب عليه نهائيا أن يتحملها .
م 41 : إذا وجد بين المديونين المتضامنين شخص أو عدة أشخاص غائبين أو غير مقتدرين على الدفع ، فإن أعباءهم من الدين يتحملها المديونون الحاضرون وذوو الاقتدار بنسبة ما يجب على كل منهم أن يتحمله من الدين ، ذلك كله إذا لم يكن نص مخالف .
وهذه النصوص تتفق فى أحكامها مع نصوص التقنين المصرى .
( [582] ) وقد قضت محكمة النقض بأن من مصلحة المدين الذى رفعت عليه دعوى تعويض بالتضامن مع مدين آخر أن يقاضى فى نفس الوقت ذلك المدين الآخر ، ويطلب إلى المحكمة فى حالة الحكم عليه بذلك الدين أن تقضى له بحق الرجوع على المدين الآخر بكافة ما يحكم به عليه هو إذا كان لديه من الأسباب ما يقتضى عدم ملزوميته شخصياً بشىء من الدين . ومصلحته فى ذلك محققة لا احتمالية فقط ، لأن رفع الدعوى عليه بادئ الأمر بصفته مدينا متضامناً مع المدين الآخر معناه التزامه فى النهاية بجزء من الدين ، سواء اختار الدائن التنفيذ عليه هو بما حكمت به المحكمة ثم رجع على زميله المدين بحصته فيما حكم به ، أو كان الدائن قد اختار التنفيذ على المدين الآخر ثم رجع هذا المدين الآخر على المدين الأول بحصته فيما حكم به طبقا لحكم المادة 115 مدنى ( قديم ) . وهذه المصلحة المحققة من أول الأمر هى التى تبيح لذلك المدين الرجوع على زميله المدين فى نفس الوقت الذى رفعت فيه دعوى التعويض الأصلية على المدينين معاً والمطالبة بالحكم له على المدين الآخر بكل ما يحكم به عليه ( نقض مدنى 25 مايو سنة 1936 المجموعة الرسمية 37 رقم 193 ) .
( [583] ) ولكن لا يكفى أن يكون الدين قد حل وأن يتوقع المدين أن الدائن سيرجع عليه هو دون سائر المدينين ، حتى يكون ذلك مبرراً للمدين فى الرجوع مقدماً على سائر المدينين خشية إعسارهم . بل لابد من أن يكون المدين قد قضى الدين فعلا إما بالوفاء ، وإما بطريق يقوم مقام الوفاء ( بيدان ولاجارد 8 ص 615 هامش رقم 3 – قارن بودرى وبارد 2 فقرة 1272 ) .
( [584] ) بودرى وبارك 2 فقرة 1246 .
( [585] ) وفى التقنين المدنى العراقى تنص الفقرة الأولى من المادة 335 ، كما رأينا ، على أنه " إذا قضى أحد المدينين المتضامنين الدين بغير الشىء الواجب أداؤه ، أو بطريق آخر يقوم مقام الوفاء كالهبة أو الحوالة ، يرجع على بقية المدينين بما ضمن لا بما أدى " .
( [586] ) وقد ينقضى الدين باستحالة الوفاء بسبب أجنبى ، فتبرأ ذمة جميع المدينين المتضامنين دون أن يدفع أحد منهم شيئا للدائن حتى يرجع به على الآخرين .
( [587] ) لا رومبيير 3 م 1214 فقرة 3 - ديمولومب 26 فقرة 428 – بودرى وبارد 2 فقرة 1270 – كذلك لا يكون المدين الذى وفى الدين هو الذى أبرأ ذمة المدينين الآخرين نحو الدائن ، إذا كان لم يخطرهم بالوفاء وقوعه وكان عندهم من الدفوع ما يستطيعون أن يسقطوا به الدين ( لارومبيير 3 م 1214 فقرة 4– هيك 7 فقرة 333 - بودرى وبارد 2 فقرة 1270 ) . ذلك أن المدين المتضامن فى علاقته بالمدينين المتضامنين الآخرين بمثابة كفيل لهم فيما يتعلق بحصصهم فى الدين . وقد نصت المادة 798 مدنى ، فيما يتعلق بالكفيل ، على أنه " 1 - يجب على الكفيل أن يخطر المدين قبل أن يقوم بوفاء الدين ، وإلا سقط حقه فى الرجوع على المدين إذا كان هذا قد وفى الدين أو كانت عنده وقت الاستحقاق أسباب تقضى ببطلان الدين أو بانقضائه . 2 - فإن لم يعارض المدين فى الوفاء ، بقى للكفيل حقه فى الرجوع عليه ولو كان المدين قد دفع الدين أو كانت لديه أسباب تقضى ببطلانه أو بانقضائه " . على أننا سنرى فيما يلى أن هناك فروقا كثيرة بين المدين المتضامن والكفيل ، وبخاصة فى علاقة كل منهما بالدائن ( أنظر ما يلى فقرة 208 ) .
( [588] ) على أن كثيراً من الفقهاء فى فرنسا يذهبون إلى أنه يستوى أن يكون الجزء من الدين الذى وفاه المدين للدائن معادلا لحصته فيه أو أكثر أو أقل ، فله أن يرجع فى كل هذه الأحوال على المدينين الآخرين .
ويقولون فى تبرير هذا الرأى أن المدين عندما يوفى الدين أو أى جزء منه إنما يعمل بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن سائر المدينين المتضامنين ، فله عليهم حق الرجوع فى حدود ما وفاه من الدين ( ديرانتون 11 فقرة 245 - لارومبيير 3 م 1214 فقرة 5 – ديمولومب 26 فقرة 426 وفقرة 446 - هيك 7 فقرة 333 – بودرى وبارد 2 فقرة 1269 ) .
والصحيح فى رأينا أنه يجب التمييز – عندما يفى المدين بجزء من الدين – بين ما إذا كان قد اتفق مع الدائن على أنه إنما يدفع له حصته فى الدين أو جزءاً منها ، أو لم يتفق معه على ذلك ففى الحالة الأولى لا يرجع المدين على المدينين الآخرين ، ويرجع فى الحالة الثانية بل نحن نذهب إلى أبعد من ذلك ، ونفترض ، عندما يوفى المدين جزءاً من الدين ، أن هناك اتفاقا ضمنياً بينه وبين الدائن على أنه إنما يوفى حصته فى الدين أو جزءاً منها ، فذلك اقرب إلى المألوف فى التعامل ، وأيسر فى تصفية العلاقات المختلفة ما بين المدينين المتضامنين . ولتوضيح ذلك نفرض أن الدين ثلثمائة ، وأن المدينين المتضامنين ثلاثة بحصص متساوية ، وقد دفع المدين الأولى للدائن مائة ، ثم دفع الثانى للدائن المائتين الباقيتين . فإذا أخذنا بالرأى الذى يقوم برجوع المدين على المدينين الآخرين عند وفائه بجزء من الدين ، وجب أن يجرع الأولى على كل من الثانى والثالث بثلث المائة ، ووجب أن يرجع الثانى على كل من الأول والثالث بثلث المائتين . فيأخذ الأول من الثانى 3 / 331 ، ويعطيه 3 / 266 ، أى يعطيه فى النهاية 3 / 331 . ثم يأخذ من الثالثة 3 / 331 ، فينتهى إلى أن يكون قد أخذ من الثالث مثل ما أعطى للثانى ، وخرج من كل ذلك على أنه قد دفع للدائن حصته فى الدين . ثم إن الثانى يأخذ فى النهاية من الأول 3 / 331 كما قلنا ، ويأخذ من الثالث 3 / 662 ، فيكون ما أخذه منهما 100 . وقد دفع 200 للدائن ، فينتهى إلى أن يكون قد تحمل 100 هى حصته فى الدين! أليس خيراً من ذلك أن تقول إن المدين الأول قد دفع للدائن مائة وهى حصته فى الدين ، فلا يرجع على أحد بشىء . ثم إن المدين الثانى ، الذى دفع المائتين للدائن ، يرجع على المدين الثالث بمائة هى حصته فى الدين ، ويكون من كل من المدينين الثلاثة قد تحمل على هذا الوجه حصته فى الدين من أيسر الطرق؟ هذا وقد نص التقنين المدين العراقى صراحة ( م 324 / 1 ) على هذا الرأى الذى نذهب إليه إذ يقول : " لمن قضى الدين من المدينين المتضامنين الرجوع على الباقين بما دفعه زائداً على ما هو اجب عليه " . كذلك يذهب أو برى ورو إلى أنه لابد لقيام حق الرجوع من ا ، يكون المدين قد وفى الدائن أكثر من حصته فى الدين ( أوبرى ورو 4 فقرة 298 مكرر ص 51 - وأنظر أيضا الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 249 – ص 250 والأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 197 ص 279 وص 298 هامش رقم 1 ) . وهذا ما ذهبت إليه أيضا محكمة النقض إذ قضت بأنه يشترط لرجوع المدين المتضامن على المدين المتضامن معه أن يكون وفى أكثر من نصيبه فى الدين ، وإذن فمتى كان الواقع أن الطاعن مدين بالتضامن مع المطعون بالرهن إلا أقل مما التزم به بمقتضى محضر الصلح المبرم بينه وبين المطعون عليه ، فإن ما يزعمه من أن جميع أقساط الدين موضوع الصلح المبرم بينه وبين المطعون عليه ، فإن ما يزعمه من أن جميع أقساط الدين موضوع الصلح واجبة الأداء له لا سند له من القانون ( نقض ندنى 6 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 100 ص 585 ) . وأنظر أيضا طنطا 26 أبريل سنة 1934 المحاماة 16 رقم 34 ص 77 .
( [589] ) استئناف مختلط 29 ديسمبر سنة 1923 م 26 ص 110 .
( [590] ) ديمولومب 26 فقرة 442 - بودرى وبارد 2 فقرة 1266 - وتتقادم هذه الفوائد فى رأينا بخمس سنوات لا بخمس عشرة سنة ( أنظر فى هذه المسالة بودرى وتيسييه فقرة 784 - بودرى وبارد 2 فقرة 1276 ) .
ولا يرجع المدين المتضامن على المدينين الآخرين بالمصروفات التى حكم بها عليه للدائن إذا هو لم يف بالدين بمجرد مطالبته به ، لأنه هو الذى تسبب ، بتأخره فى الوفاء بالدين ، فى الحكم عليه بهذه المصروفات ( ديمولومب 26 فقرة 433 - بودرى وبارد 2 فقرة 1268 - بودرى وبادر 2 فقرة 1268 – وقارن لارومبيير 3 م 1214 فقرة 8 ) . ولكن إذا هو طالب بدوره المدينين الآخرين كلا بحصته ، وتأخر هؤلاء فى الوفاء ، حكم له هو أيضا عليهم بالمصروفات بداهة لتأخرهم فى الدفع .
( [591] ) استئناف أهلى 4 ديسمبر سنة 1900 الحقوق 17 ص 163 .
( [592] ) وقد تكون فوائد هذا الدين الأصلى هى فوائد قانونية استحقت من وقت أن طالب الدائن بحقه المدينين المتضامنين مطالبة قضائية ( بودرى وبارد 2 فقرة 1257 ) .
( [593] ) بأن تكون دعوى الدين الأصلى ( أى دعوى الحلول ) تتقادم بثلاث سنوات أو بخمس عشرة سنة كما تتقادم دعوى الفضالة ( م 197 مدنى ) ، أو تتقادم بخمس عشرة سنة كما تتقادم دعوى الوكالة ( م 374 مدنى ) – وبديهى أنه إذا اختلفت مدة التقادم ، فالدعوى التى تتقادم قبل الأخرى هى التى تكون مدة التقادم فيها أقصر .
وأنظر فى الأساس القانونى لحق رجوع المدين المتضامن على المدينين الآخرين المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 99 .
( [594] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المادة 115 مدنى ( قديم ) تنص على أنه إذا قام أحد المتضامنين فى الدين بأدائه ، جاز له الرجوع على باقى المدينين معه كل بقدر حصته فى الدين ومفاد هذا أن تضامن المدينين قبل الدائن لا يلزم عنه تضامنهم بعضهم قبل بعض ، فالحكم الذى يقضى باعتبار المدينين متضامنين فيما بينهم لكونهم متضامنين قبل الدائن يكون مخالفاً للقانون ، متعيناً نقضه ( نقض مدنى 27 فبراير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 104 ص 334 ) . أنظر أيضا : استئناف أهلى 30 مايو سنة 1893 الحقوق 6 ص 348 – 18 مايو سنة 1897 الحقوق 12 ص 280 .
( [595] ) أنظر فى هذا المعنى بوتييه فى الالتزامات فقرة 28 . وأنظر أيضا بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1094 . ويقول جوسر أن فى هذا الصدد إن انقسام الدين على المدينين المتضامنين فى علاقتهم بعضهم ببعض لا يفسر بالرغبة فى تجنب سلسلة من دعاوى للرجوع لا مبرر لها . فسواء رجع المدين الذى وفى كل الدين على المدين الثانى بكل الدين بعد استنزال حصته ثم رجع الثانى على الثالث بالباقى بعد استنزال حصته وهكذا ، وهذه هى دعاوى رجوع أربع ، أو رجع المدين الأول منذ البداية على كل من المدينين الأربعة الآخرين بحصته فى الدين ، وهذه هى أيضاً دعاوى رجوع أربع ، فإن عدد دعاوى الرجوع واحد فى الحالتين . ويفسر جوسر ان انقسام الدين بأن التضامن ينقضى بمجرد استيفاء الدائن حقه ، فينقسم الدين بانقضاء التضامن بعد أن أصبح الأمر مقتصراً على علاقة المدينين بعضهم ببعض . فإذا حل المدين الذى وفى الدين محل الدائن ، حل فى دين منقسم ، فلا يرجع على أى مدين آخر إلا بمقدار حصته فى الدين ( جوسران 2 فقرة 779 ) .
( [596] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1256 .
( [597] ) وفى هذا تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " والقاعدة أن الدين ينقسم بين المدينين بالنسبة المتفق عليها أو المحددة بمقتضى نص فى القانون . من ذلك مثلا نص المادة 236 / 2 من المشروع ، الخاص بدرجة جسامة الخطأ فيما يتعلق بالتضامن فى المسئولية عن الفعل الضار " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 98 ) . وأنظر الوسيط الجزء الأولى فقرة 599 وفقرة 620 ص 930 .
( [598] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 99 - وأنظر أيضا بودرى وبارد 2 فقرة 1256 .
( [599] ) ولا يجوز أن يتحمل المدين الذى وفى الدين وحدة حصة المعسر كلها ، وغلا لجاز للدائن أن يتحكم ، ولتوقف على اختياره مديناً دون آخر فى الرجوع بالدين أن يتحمل هذا المدين وحدة تبعة الاعسار . هذا إلى أنه ليس من الإنصاف أن جزاء المدين الذى قام بالوفاء عن جميع المدينين ، فعجل إبراء ذمتهم من الدين ، أن يتحمل وحده حصة المعسر منهم ( بودرى وبارد 2 فقرة 1260 ) .
( [600] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 99 .
( [601] ) لارومبيير 3 م 1214 فقرة 9 - ديمولومب 26 فقرة 435 - بودرى وبارد 2 فقرة 1260 – دى باج 3 فقرة 369 ص 334 .
( [602] ) ويرى الأستاذ عبد الحى حجازى أن التقنين المدنى المصرى الجديد لم يأخذ بالرأى الذى يذهب إليه الفقه الفرنسى فى هذه المسألة ، فيقول : " وليس فى القانون المدنى المصرى الجديد ما يفيد أنه أخذ أو يميل إلى الأخذ بهذا الرأى . إن القانون يقول : إذا أعسر أحد المدينين المتضامنين . . . وهذا يفيد أنه يجب الاعتداد بالوقت الذى يحصل فيه الرجوع ، لا بالوقت الذى حصل فيه الوفاء . ومع ذلك فمن الواضح أنه إذا ثبت أن المدين الموفى قد تلكأ فى الرجوع على سائر المدينين المتضامنين بما يجعله مقصراً ، وأنه لو كان قد بادر إلى الرجوع لما أصابه شىء من جراء هذا الإعسار اللاحق ، عندئذ يعتبر مخطئاً ، ويؤدى تطبيق القواعد العامة فى هذه الحالة إلى عدم تحمل المدينين المتضامنين هذا الإعسار اللاحق ( الأٍستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 248 هامش رقم 1 )
( [603] ) فليس من الضرورى أن يكون واحد فقط هو صاحب المصلحة ، وإذا كان النص قد جرى بأن أحد المدينين المتضامنين هو وحده صاحب المصلحة ، فهذا لا يمنع من أن يكون صاحب المصلحة أكثر من واحد ، والمهم هو ألا يكون المدينون المتضامنون جميعاً شركاء فى المصلحة ( أنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1272 ص 381 0 - لارومبيير 3 م 1216 فقرة 1 ) .
( [604] ) وهذا بخلاف الفقه الإسلامى ، فقد كانت الكفالة هى الأصل الذى نشأ عنه التضامن ( أنظر آنفاً فقرة 150 فى الهامش ) .
( [605] ) جيرار الطبعة الثالثة ص 687 وص 744 . وأنظر فى هذه المسألة وفى تطور الكفالة فى القانون الفرنسى القديم بودرى وبارد 2 فقرة 1276 .
( [606] ) أنظر آنفا فقرة 164 .
؟؟؟؟ أحد منهم ، كان لهذا أن يرجع على صاحب المصلحة بالرغم من إبرائه فلم تعد هناك فائدة من هذا الإبراء . وما دام الدائن قد أبرأ صاحب المصلحة فى الدين وهو عالم بذلك ، فالمفروض أنه أراد من باب أولى إبراء المدينين الآخرين . كذلك إذا ورث الدائن صاحب المصلحة فى الدين ، لم يكن له أن يرجع بشىء على غير أصحاب المصلحة من المدينين المتضامنين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1272 ص 38 ) .
( [607] ) ومن التطبيقات العملية لهذه الصورة الأخيرة : ( ا ) التابع والمتبوع ، فهما مسئولان بالتضامن قبل المضرور ، ولكن التابع وحده هو صاحب المصلحة في الدين . ( ب ) من هو تحت الرقابة ومتولى الرقابة ، فهما مسئولان أيضاً بالتضامن قبل المضرور ، ولكن الأول منهما هو وحده صاحب المصلحة في الدين . ( ج ) صاحب الكمبيالة والمسحوب عليه والمظهرون للكمبيالة وضامنوها كلهم مدينون متضامنون قبل حامل الكمبيالة ، ولكن صاحب المصلحة في الدين منهم هو المسحوب عليه وحده إذا كان قد قبل الكمبيالة أو عنده مقابل للوفاء ( Provision ) ، وإلا فالساحب ( ليون كان ورينو الطبعة الخامسة 4 فقرة 267 وفقرة 390 وما بعدها – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام ص 297 هامش رقم 1 ) .
( [608] ) فليس له مثلا اني تمسك بالتجديد أو بالمقاصة أو باتحاد الذمة أو بالابراء أو التقادم إذا وقع شيء من ذلك مع مدين متضامن آخر ولو كان هو المدين الأصلي ، إلا بقدر حصة هذا المدين . ولو اجرينا أحكام الكفالة ، لكان له أن يتمسك بهذه الدفوع في كل الدين ، ما دام المدين الأصلي يستطيع أن يتمسك بها .
( [609] ) لارومبيير 3 م 1208 فقرة 4 – ديمولومب 26 فقرة 495 – فقرة 500 – لوران 17 فقرة 342 – هيك 12 فقرة 252 – اوبرى ورو 4 فقرة 398 مكررة ثالثاً ص 54 – ص 57 – بودرى وبارد 2 فقرة 1289 – بيدان ولاجارد 8 ص 615 هامش رقم 3 – أنظر عكس ذلك : ديرانتون 28 فقرة 382 في الهامش – تولييه 7 فقرة 172 – الموجز للمؤلف فقرة 509 ص 520 هامش رقم 3 ، وقد كنا من هذا لاراي العكسي في الموجز ، واعتمدنا في ذلك على حكم لمحكمة الاستئناف المختلطة ، ولكن الصحيح هو الرأي الذي بسطناه في المتن . وكانت محكمة الاسئتناف المختلطة قد قضت بأن المدينين المتضامنين ، وهم كفلاء بعضهم لبعض ، تسري عليهم أحكاماً لكفالة ، فيجوز لأن منهم أن يتمسك على الدائن بسقوط حقه بقدر ما أضاعه بخطأه من التأمينات ( 17 مايو سنة 1927 م 39 ص 428 ) . ولكن هذه المحكمة رجعت عن هذا الرأي بعد ذلك ، فقضت بأن المدينين المتضامنين ، وإن كانوا في علاقتهم فيما بينهم كفلاء بعضهم لبعض ، غلا أنهم في علاقتهم بالدائن يعتبر كل منهم مديناً اصلياً ، فليس له أن يتمسك بما يتمسك به الكفيل ، وليس له بنوع خاص أن يتمسك باضاعة التأمينات ( استئناف مختلط 17 فبراير سنة1 932 م 44 ص 179 – 27 فبراير سنة 1935 م 47 ص 171 ) .
ويستثنى بودري وبارد من القاعدة التي تقضي بأنه لا يجوز للمدين المتضامن أن يتمسك على الدائن باضاعته التأمينات حالتين : ( أ ) إذا اضاع الدائن التأمينات بسوء نية ، بأن اتفق مثلا مع المدين الذي قدم التأمينات أن ينزل له عنها في مقابل مبلغ من النقود ، وقصر رجوعه على المدينين الآخرين ( بودري وبارد 2 فقرة 1290 ) . ( ب ) إذا كان هناك اتفاق بين الدائن والمدينين المتضامنين على أنه لا يجوز للدائن أن يضيع التأمينات بخطأه . وقد يكون هذا الاتفاق ضمنياً ، بأن يكون الدائن مثلا عالما بأن المدينين المتضامنين الآخرين لم يقبلوا التضامن إلا بعد أن قدمت هذه التأمينات ( بودري وبارد 2 فقرة 1291 ) .
( [610] ) على أنه إذا كان الدائن يعلم أن مدينا متضامنا هو وحده صاحب المصلحة في الدين ، ثم أبرأه منه ، فليس له أن يرجع بعد ذلك بشيء على المدينين الآخرين . ذلك أنه إذا رجع على أحد منهم ، كان لهذا أن يرجع على صاحب المصلحة بالرغم من ابرائه فلم تعد هناك فائدة من هذا الإبراء . وما دام الدائن قد ابرا صاحب المصلحة في الدين وهو عالم بذلك ، فالمفروض أنه أراد من باب أولى ابراء المدينين الآخرين . كذلك إذا ورث الدائن صاحب المصلحة في الدين ، لم يكن له أن يرجع بشيء على غير أصحاب المصلحة من المدينين المتضامنين ( بودري وبارد 2 فقرة 1272 ص 38 ) .
( [611] ) أنظر آنفا فقرة 204 فى الهامش .
( [612] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 98 – ص 99 .
( [613] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1273 .
( [614] ) والكفيل الذى وفى الدين عن المدينين المتضامنين أن يرجع على أى منهم بكل الدين ، حتى لو كان المدين الذى رجع عليه قد اشترط على المدينين الآخرين أن يتحملوا هم وحدهم بكل الدين ، فإن هذا الشرط النافذ فى علاقة هؤلاء المدينين بعضهم ببعض لا يسرى فى حق الكفيل ( بلانيول وريبر وجابولد 7 فقرة 1092 ) .
( [615] ) ديمولومب 26 فقرة 451 - بودرى وبارد 2 فقرة 1272 مكررة 1 ص 383 الأستاذ عبد الحى حجازى 1 - ص 249 - وقد طبقنا هنا أحكام الكفالة . وقد ورد فى هذا المعنى نص صريح فى التقنين المدنى المصرى ، إذ تقضى المادة 796 من هذا التقنين بأنه " إذا كان الكفلاء متضامنين فيما بينهم ووفى أحدهم الدين عند حلوله ، كان له أن يرجع على كل من الباقين بحصته فى الدين وبنصيبه فى حصة المعسر منهم " . وتنص المادة 2033 من التقنين المدنى الفرنسى على أنه " إذا تعدد الكفلاء لمدين واحد فى دين واحد ، فالكفيل الذى وفى الدين يرجع على الكفلاء الآخرين كل بقدر حصته " .
( [616] ) مراجع : كاميل كليير ( Camille Keyer ) فى الالتزامات القابلة للانقسام وغير القابلة له رسالة من بروكسل سنة 1873 – لويس جوترون ( Louis Gotteron ) فى عدم قابلية الالتزامات للانقسام فى القانون الرومانى وفى القانون الفرنسى رسالة من بوردو سنة 1876 - بنكاز 2 فقرة 800 وما بعدها – هرفيه ( Hervè ) فى التضامن وعدم القابلية للانقسام والكفالة رسالة من بوردو سنة 1940 – بودرى وبارد 2 فقرة 1312 وما بعدها بيدان ولاجارد 8 فقرة 863 وما بعدها – أوبرى ورو 6 فقرة 301 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1098 وما بعدها – دى باج 3 فقرة 292 وما بعدها – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1895 وما بعدها – كولان وكابيتان 2 فقرة 433 وما بعدها جوسران 2 فقرة 792 وما بعدها .
( [617] ) وقد كسب موضوع الالتزام غير القابل للانقسام شهرة بعيدة فى التعقيد والغموض وزاد فى تعقيده وغموضه مؤلف وضعه ديمولان ( Dumoulin ) ، من أشهر فقهاء القانون الفرنسى القديم ، فى القرن السادس عشر ، عالج فيه هذا الموضوع بإفاضة ، وشبه بتيه يضل فيه السارى ، وقد وضع له المفاتيج والخيوط التى يهتدى بها فى اجتياز هذا التيه . ولخص بوتييه هذا المؤلف فى بعض صفحات ، وعن بوتييه أخذ واضعو التقنين المدنى الفرنسى النصوص التسعة التى صاغوها فى هذا الموضوع
( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1098 ) .
( [618] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 424 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 312 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 300 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 100 – ص 102 ) .
( [619] ) التقنين المدنى السابق م 116 / 172 : متى كان الوفاء بالتعهد غير قابل للانقسام ، بالنسبة لحالة الأشياء المتعهد بها أو بالنسبة للغرض المقصود من التعهد ، فكل واحد من المتعهدين ملزم بالوفاء بالكل ، وله الرجوع على باقى المتعهدين معه . ( ولا فرق فى الحكم بين التقنين القديم الجديد ) .
( [620] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 300 ( مطابقة ) .
التقنين المدنى الليبى م 287 ( مطابقة ) .
التقنين المدنى العراقى م 336 ( مطابقة ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 70 : يكون الموجب غير قابل للتجزئة : أولا - بسبب ماهية الموضوع حينما يكون شيئا أو عملا غير قابل لتجزئة مادية أو معنوية . ثانيا : بمقتضى صك إنشاء الموجب أن بمقتضى القانون حينما يستفاد من الصك أو من القانون أن تنفيذ الموجب لا يكون جزئيا .
ويلاحظ أن التقنين اللبنانى يضيف القانون إلى أسباب عدم القابلية للانقسام . ولا محل لذكر القانون هنا ، فالنص الذى يقضى بعدم جواز تجزئة التنفيذ لا يجعل الالتزام ذاته غير قابل للانقسام ، ولكن يورد حكما فى تنفيذه ، مثل ذلك عندما ينص القانون على عدم جواز تجزئة الوفاء .
( [621] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 50 .
( [622] ) أنظر فى أمثلة لعدم القابلية للانقسام نظراً لطبيعة المحل : استئناف مختلط 14 مارس سنة 1900 م 12 ص 164 – 15 أبريل سنة 900 م 12 ص 198 – 16 مايو سنة 1922 م 34 ص 404 – وأنظر فى عدم القابلية للانقسام فى رصيد الحساب الجارى : استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1930 م 42 ص 255 – 17 يناير سنة 1935 م 47 ص 124 - 27 مايو سنة 1936 م 48 ص 290 – وانظر فى عدم قابلية دعوى القسمة للانقسام : استئناف مختلط 6 يناير سنة 1930 م 42 ص 151 – 7 مايو سنة 1935 م 47 ص 296 - وانظر فى عدم قابلية دعوى بطلان المرافعة للانقسام : استئناف مختلط 17 فبراير سنة 1931 م 43 ص 228 – وفى عدم قابلية دعوى الصورية ودعوى البطلان للانقسام : استئناف مختلط 30 نوفمبر سنة 1937 م 50 ص 32 .
وقد قضت محكمة النقض بأن طلب ورثة المشترى لعقار صحة ونفاذ البيع الذى عقده مورثهم لا يجعل موضوع الدعوى فى جميع الأحوال غير قابل للتجزئة ، إذ مثل هذه الدعوى التى يقصد بها أن تكون دعوى استحقاق مالا ، يعتبر فى الأصل قابلا للتجزئة ، لكل وارث أن يطالب بحصة فى المبيع مساوية لحصته الميراثية ، وذلك ما لم يكن محل العقد غير قابل للتجزئة لطبيعته أو لمفهوم قصد عاقدية . وإذن فمتى كان الواقع أن ورثة المشترى أقاموا دعواهم على ورثة البائع يطلبون الحكم بصحة ونفاذ البيع الصادر من مورث هؤلاء الآخرين عن قطعة أرض فضاء ، ولما قضى برفض الدعوى استأنف بعض الورثة دون البعض الآخر الحكم ، وكان الحكم الاستئنافى إذ قضى بقبول الاستئناف وإلغاء الحكم الابتدائى وصحة ونفاذ البيع استناداً إلى أن موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة ، لم يبين كيف توافر لديه الدليل على هذا ، فإنه يكون قد شابه قصور مبطل له فى قضائه ، لأنه متى كان المبيع قطعة أرض فضاء فإنه لا يصح إطلاقا القول بأن الموضوع غير قابل للتجزئة دون بيان سند لهذا القول ( نقض مدنى أول مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 73 ص 394 ) .
وقضت محكمة النقض ، فى خصوص دعوى الغصب ، بأنه إذا رفعت دعوى الغصب ، وكانت العين المغصوبة المطلوب ردها قابلة بذاتها للتجزئة ، بل مجزأ فعلا ، وتحت يد كل من المدعى عليهم بالغصب جزء معين منها يستند فى وضع يده عليه إلى عقد صادر له من مملكه ، وحكمت المحكمة برفضها فاستأنف المدعى هذا الحكم فى الميعاد ضد بعض المدعى عليهم والواضعى اليد على بعض أجزاء العين ، ثم استأنف بعد الميعاد ضد المدعى عليهم الواضعى اليد على بعض الأجزاء الأجزاء الأخرى ، فلا يقبل قول هذا المستأنف بأن موضوع الحق المطلوب غير قابل للتجزئة ، وأنه لهذه العلة يكفى أن يكون استئنافه قبل البعض صحيحاً ليكون الاستئناف قبل البعض الآخر صحيحاً ولو كان بعد الميعاد ، بل الحكم الذى يقبل هذا ويقرره فى هذه الصورة يكون باطلا متعيناً نقضه ( نقض مدنى 25 مايو سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 125 ص 226 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا تكيفت الدعوى بأنها دعوى ملكية موضوعها ملكية منزل وأساسها فعل غصب ادعى به على عدة أشخاص أصبح موضوع الدعوى ، وهو تثبيت الملكية للمنزل والتخلى عن تسليمه ، لا يقبل الانقسام ، واعتبر هذا الطلب المبنى على فعل الغصب غير قابل للتجزئة عند التنفيذ . وما دام المدعى عليهم جميعا معتبرين غاصبين ، فلا محل للتفرقة بينهم ، إذ يجوز للمدعى مقاضاتهم بهذه الصفة ، سواء أكانوا غاصبين بأنفسهم أم حالية محل الغاصب ، وساء أكانوا حسنى النية أم لا ( استئناف مصر 28 يونيه سنة 1932 المحاماة 13 رقم 350 ص 707 ) .
( [623] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1101 ص 473 .
( [624] ) أنظر فى كل ذلك بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1101 ص 473 .
( [625] ) نقض فرنسى 14 مارس سنة 1933 داللوز الأسبوعى 1933 – 234 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1101 ص 473 .
( [626] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1101 ص 474 – وقد عرضت المذكرة الإيضاحية لهذه الصورة الأولى ، صورة عدم التجزئة المطلقة أو الحتمية ، فقالت : " تتناول المادة 424 ( م 300 مدنى ) بيان حالتى عدم القابلية للانقسام : ( أ ) فتعرض الأولى حيث برد الالتزام على محل لا يقبل التجزئة بطبيعته ، كما هو الشأن فى تسليم شىء معين بذاته يعتبر كلا لا يحتمل التبعيض كجواد مثلا ، أو فى ترتيب أو نقل حق غير قابل للانقسام كالارتفاق مثلا ، أو فى التزام وضع لا يتصور فيه التفريق كالبقاء على موقف سلبى معين بمقتضى التزام بالامتناع عن عمل شىء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 101 ) .
( [627] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1101 ص 474 – وأنظر أيضا بوتييه فى الالتزامات فقرة 292 .
( [628] ) ويكون الشرط هنا واقعاً على الالتزام ذاته فيجعله غير قابل للانقسام ، ولا يعتبر أنه تعاقد على تركة مستقبلة ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1102 ص 475 ) .
( [629] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1102 ص 476 .
( [630] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1327 ص 453 – وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 101 – وقد قضت محكمة النقض بأن عدم تجزئة الالتزام يصح تقريره بإرادة المتعاقدين . وإذن فمتى كان الواقع فى الدعوى هو أن الطاعن اشترى من المطعون عليه قطعتى أرض منفصلتين الواحدة عن الأخرى ولكن أفرغا معا فى محرر واحد ، وكان الحكم ، إذ قضى برفض الدعوى التى أقامها الطاعن بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع بالنسبة إلى إحدى القطعتين تأسيسا على أن التزامات الطاعن بالنسبة إلى القطعتين واحدة لا تقبل التجزئة وإنه قصر فى الوفاء بها ، قد أقام قضاءه على أن الطاعن تعهد بوفاء دين قطعة مما يتبقى من ثمن الثانية وأن نية المطعون عليه واضحة فى هذا من رغبته التخلص من ديونه دفعة واحدة ببيع قطعتى الأرض على السواء لمشتر واحد يكمل من باقى ثمن إحداهما ما على الأخرى لنفس الدائن ، متى كان الحكم قد أقام قضاءه على ذلك ، فإن ما ينعاه عليه الطاعن من خطأ فى تطبيق القانون استنادا إلى إنه أو فى المطعون عليه بكامل ثمن القطعة التى طلب الحكم بصحة ونفاذ العقد بالنسبة إليه يكون على غير أساس ( نقض مدنى 22 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 82 ص 444 ) .
وهذا ويذهب بعض الفقهاء إلى جعل عدم التجزئة النسبية وعدم التجزئة الاتفاقية قسما واحداً فكلاهما يجرع إلى الجهة التى اعتبر من ناحيتها الالتزام ( دى باج 3 فقرة 298 وفقرة 300 وفقرة 304 – أوبرى ورو 4 فقرة 301 ص 74 – بيدان ولاجارد 8 فقرة – 880 فقرة 882 – كولان وكابيتان 2 فقرة 714 ) . ويستبقى فقهاء آخرون التمييز بين هذين النوعين ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1101 فقرة 1102 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1898 – فقرة 1904 – جوسران 2 فقرة 795 ) . وأنظر فى أن عدم القابلية للانقسام إنما يقع على محل الالتزام لا على الالتزام ذاته ، وأنه أقرب إلى أن يكون خصوصية فى تنفيذ الالتزام من أن يكون وصفاً له : بيدان ولا جارد 8 فقرة 865 .
( [631] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 104 .
( [632] ) على أنه قد يكون كل من الدائن والمدين واحداً ويكون من المهم مع ذلك معرفة ما إذا كان الالتزام غير قابل للانقسام ، وذلك فى حالة استعمال القاضى لحقه فى نظرة الميسرة ( م 346 / 2 مدنى ) . فإذا كان الالتزام غير قابل للانقسام – بطبيعته على الأقل – لم يستطع القاضى أن يجزئ الالتزام على أقساط ، وإن استطاع تأجيله كله ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 866 ) . كما قد يترتب على اشتراط عدم الانقسام الربط بين التزامين منفصلين فى الأصل ، فيصير التزام المدين واحداً لا يقبل التجزئة ( الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام ص 306 هامش رقم 1 نقض مدنى 22 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 82 ص 444 ) .
( [633] ) أنظر فى انقسام الدين على المدينين المتعددين : استئناف مختلط 20 يناير سنة 1904 م 16 ص 106 – 18 يونيه سنة 1914 م 26 ص 447 – 10 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 58 – 29 يونيه 1916 م 28 ص 453 .
( [634] ) ذلك لأنه ما دامت أهمية عدم قابلية الالتزام للانقسام لا تظهر إلا عند تعدد المدين أو الدائن ، فوصف عدم القابلية للانقسام إنما يدور مع هذا التعدد ، لا مع طبيعة المحل فى ذاته ، فيلحق بأطراف الالتزام دون محله ( أنظر دى باج 3 فقرة 267 وفقرة 272 وفقرة 292 - فقرة 293 – أو برى ورو 4 فقرة 301 ص 76 – ص 77 بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1099 ) - وفى هذا المعنى تنص المادة 76 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى على أن " الموجب القابل للتجزئة يجب تنفيذه فيما بين الدائن والمديون كما لو كان غير قابل لها ، ولا يلتفت إلى قابلية التجزئة إلا إذا كان هناك عدة دائنين لا يستطيع كل منهم أن يطالب إلا بحصته من الدين القابل للتجزئة ، أو إذا كان عدة مديونين لا يلزم كل منهم إلا بجزء من الدين وتطبق القاعدة نفسها على الورثة ، فلا يمكن أن يطالبوا أن يطالبوا إلا بالحصة التى تعود لهم أو عليهم من دين التركة " .
( [635] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 425 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى " 1 - إذا تعدد المدينون فى التزام غير قابل للانقسام ، كان كل منهم ملزماً بوفاء الدين كاملا ، وكذلك يكون الحكم بالنسبة لورثة كل مدين 2 - وللمدين الذى وفى الدين حق الرجوع على الباقين ، كل بقدر حصته ، إلا إذا تبين من الظروف غير ذلك " . وفى لجنة المراجعة حذفت عبارة " وكذلك يكون الحكم بالنسبة لورثة كل مدين " من الفقرة الأولى ، ولم تذكر اللجنة سبب الحذف ، ولكن الظاهر أن هذا السبب يرجع إلى أنه عند موت المدين تكون التركة مسئولة عن التزامه حتى لو كان قابلا للانقسام وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ، فلا ينقسم على الورثة ، ومن ثم لم يعد هناك حاجة إلى النص على هذا الحكم فى خصوص الالتزام غير القابل للانقسام . وقد أصبح النص بعد هذا الحذف مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمه 313 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، وكذلك لجنة مجلس الشيوخ وقد ذكرت فى تقريرها ما يأتى : " أقترح أن يضاف إلى نصوص المواد 300 وما بعدها الخاصة بالالتزام غير القابل للانقسام النص الآتى : تسرى أحكام التضامن على الالتزام غير القابل للانقسام ، وذلك بقدر ما تتفق هذه الأحكام مع طبيعته ، وذلك لبيان حكم التقادم والإبراء وما إلى ذلك من أحكام التقادم فى خصوص الالتزام غير القابل للانقسام . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأن أكثر أحكام التضامن تقوم على فكرة النيابة ، ومن الاحوط التحرز من بسط نطاق هذه الفكرة على الالتزام غير القابل للانقسام . أما بيان الأحكام التى يشير إليها الاقتراح فيرجع فيها إلى القواعد العامة ، هذا فضلا عن أن صيغة النص المقترح لا ترد القاضى إلى ضابط بين المعالم " . ثم وافق مجلس الشيوخ على النص تحت رقم 301 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 102 – 106 ) .
( [636] ) التقنين المدنى السابق 116 / 172 : متى كان الوفاء بالتعهد غير قابل للانقسام بالنسبة لحالة الأشياء المتعهد بها أو بالنسبة للغرض المقصود من التعهد ، فكل واحد من المتعهدين ملزم بالوفاء بالكل ، وله الرجوع على باقى المتعهدين معه . ( والحكم واحد فى التقنينين القديم والجديد ) .
( [637] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 301 ( مطابقة ) .
التقنين المدنى الليبى م 288 ( مطابقة ) .
التقنين المدنى العراقى م 337 ( مطابقة ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 71 : إذا تعدد المديونون فى موجب غير قابل للتجزئة أمكن إلزام كل منهم بإيفاء المجموع ، على أن يكون له حق الرجوع على سائر المديونين . ويسرى هذا الحكم على ورثة من عقد مثل هذا الموجب إذ لا تصح فيه قاعدة التجزئة الأرثية خلافاً لدين التضامن . ويكون الرجوع على بقية المديونين إما بإقامة دعوى شخصية وإما بإقامة الدعوى التى كانت من حق الدائن مع ما يتبعها من وجوه التأمين .
م 73 : إن المديون بدين لا يتجزأ والمدعى عليه بمجموع الموجب يمكنه أن يطلب مهلة لإدخال بقية المديونين فى الدعوى ليحول دون صدور الحكم عليه وحده بمجموع الدين . أما إذا كان لا يمكن استيفاء الدين إلا من المديون المدعى عليه ، جاز صدور الحكم عليه وحده وله عندئذ حق الرجوع على سائر شركائه فى الإرث أو فى الموجب بما يناسب حصة كل منهم .
م 74 : إن قطع أحد الدائنين لمرور الزمن فى موجب لا يتجزأ يستفيد منه الآخرون ، كما أن قطعة على مديون ينفذ فى حق سائر المديونين . وكذلك الأسباب الموقفة لمرور الزمن فإن حكمها يسرى على الجميع .
م 77 : إن الدين القابل للتجزئة بين المديونين لا يتجزأ : أولا – حينما يكون موضوع الموجب تسليم شىء معين بذاته موجود فى حوزة أحد المدينين . ثانيا – حينما يكون أحد المديونين موكلا وحده بتنفيذ الموجب إما بمقتضى عقد الإنشاء وإما بمقتضى عقد لاحق له . وفى كلتا الحالتين يمكن أن يطالب بمجموع الدين المديون الواضع يده على الشىء أو الموكل بالتنفيذ ، ويكون له عند الاقتضاء حق الرجوع على شركائه بالدين .
م 78 : إن قطع مرور الزمن فى الأحوال المبينة فى المادة السابقة ، على المديون التى تمكن مطالبته بجميع الدين ، تسرى مفاعيله على سائر الموجب عليهم .
والأحكام واحدة فى التقنين اللبنانى والتقنين المصرى ، إلا أن نصوص التقنين اللبنانى أكثر تفصيلاً فقد عرضت لعدم تجزئة الالتزام بالنسبة إلى ورثة المدين – وإن كان هذا غير دقيق وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية كما قدمنا – كما عرضت لتكييف دعوى رجوع المدين على سائر المدنين ، ولإمكان المدين أن يطلب مهلة لإدخال بقية المدينين فى الدعوى ، ولأثر قطع التقادم ووقفه بالنسبة إلى المدينين الآخرين . وهذا كله يمكن الأخذ به فى مصر دون حاجة إلى نص لأنه تطبيق للقواعد العامة . وعرض التقنين اللبنانى إلى حالة خاصة للالتزام غير القابل للتجزئة – إذا تركز عدم التجزئة فى أحد المدينين المتعددين بأن كان محل الالتزام تسليم شىء معين بالذات موجود فى حيازة هذا المدين أو بأن كان هذا المدين موكولا إليه وحده تنفيذ الالتزام - فعند ذلك يكون لهذا الالتزام بالنسبة إلى هذا المدين وحده أحكام الالتزام غير القابل للانقسام ، فتجوز مطالبته وحده بالالتزام كله ، وقطع التقادم بالنسبة إليه يعتبر قطعاً للتقادم بالنسبة إلى الآخرين .
( [638] ) وقد تقدم أن لجنة مجلس الشيوخ ذكرت فى تقريرها أن الأحوط التحرز فى بسط نطاق فكرة النيابة التبادلية على الالتزام غير القابل للانقسام ( أنظر آنفا فقرة 214 فى الهامش ) . وقد أحسنت اللجنة صنعاً فى ذلك ، فإن النص الذى كان مقترحا عليها ورفضت الأخذ به كان يقضى بمد أحكام التضامن فيما يقوم على النيابة التبادلية إلى الالتزام غير القابل الانقسام ، فكان هذا النص يدخل فكرة غريبة على التزام لا تتلاءم معها طبيعته . أنظر مع ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ، حيث ورد فيها ما يأتى : " وقد واجهت المادة 425 حالة تعدد المدينين ، وفى هذه الحالة يلتزم كل مدين فى صلته بالدائن بالوفاء بكل الالتزام كما هو الشأن فى التضام ، وتستبعد كذلك فكرة النيابة حيث يكون إعمالها ضاراً ، وتستبقى إذا كان فى ذلك نقع للمدينين : أنظر المادة 74 من التقنين اللبنانى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 104 ) . وهذه العبارة الأخيرة ، التى تشير إلى مد فكرة النيابة التبادلية إلى الالتزام غير القابل للانقسام فيما ينفع ، ليست صحيحة كما رأينا . والمادة 74 من التقنين اللبنانى ، إذا كانت تجعل قطع التقادم أو وقفه بالنسبة إلى أحد المدينين يقطع التقادم أو يقفه بالنسبة إلى الباقى ، فليس يرجع ذلك إلى قيام نيابة تبادلية . ولو كان الأمر كذلك ، لما انقطع التقادم أو وقف بالنسبة إلى الباقى ، لأن النيابة التبادلية لا يجوز إعمالها فيما يضر كل مر . وإنما يرجع انقطاع التقادم ووقفه بالنسبة إلى المدينين الآخرين إلى أن طبيعة المحل ، من حيث عدم قابليته للتجزئة ، تقتضى هذا الحكم كما سيجىء ( قارن الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 218 ) .
( [639] ) أنظر الفقرة الأولى من المادة 301 مدنى . ويترتب على ذلك أنه إذا جمع شخصين التزام غير قابل للانقسام ، وكان أحدهما رشيداً والآخر قاصراً ، أمكن الدائن أن يلزم الرشيد منهما بتنفيذ الالتزام كله . فإذا لم يقم هذا المدين بالتنفيذ ، أمكن الدائن أن يطلب فسخ العقد مع الحكم عليه بالتعويض ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1103 ص 437 ) . وقضت محكمة النقض بأنه متى كان حكم التضامن وعدم التجزئة نافذاً على المدينين ، فلا محل لأن يسائلوا نازع الملكية عن تنفيذ أجرى على أطيان أحدهم ، ما دامت هذه الأطيان داخلة فى الأطيان المرهونة التى تقرر عليها حق امتياز لنازع الملكية سابق فى المرتبة على من نفذ عليها ، مما مقتضاه أن نازع الملكية حتى إذا سكت عن استعمال حقه عندما أجرى هذا التنفيذ ، فإن حقه فى اقتضاء دينه كاملا من مدينيه المتضامنين معا يبقى قائما ، وهؤلاء وشأنهم فى رجوعهم بعضهم على بعض ( نقض مدنى 26 مارس سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 148 ص 420 ) .
( [640] ) أنظر المادة 73 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى . وأنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1334 – فقرة 1338 – هذا وللمحكمة من تلقاء نفسها ، دون طلب من المدين ، أن تأمر بإدخال باقى المدينين فى الدعوى ، وتعين ميعاداً لحضورهم ، وتكلف من يقوم من الخصوم بإعلانهم ( م 144 من تقنين المرافعات ) . بل يجوز لباقى المدينين أن يتدخلوا هم من تلقاء أنفسهم فى الدعوى لرعاية حقوقهم ( م 153 من تقنين المرافعات ) . وقد قدمنا مثل ذلك فى حالة ما إذا طالب الدائن أحد المدينين المتضامنين بكل الدين ( أنظر آنفا فقرة 184 ) .
( [641] ) استئناف مختلط 21 يونيه سنة 1894 م 6 ص 354 – 10 مايو سنة 1927 م 39 ص 452 – 25 يناير سنة 1928 جازيت 18 رقم 80 ص 99 .
( [642] ) وقد رأينا أن المشروع التمهيدى كان يشتمل على نص صريح يقضى بهاذ الحكم ، فحذف هذا النص فى لجنة المراجعة لعدم الحاجة إليه ، إذ هو نص تمليه طبيعة الأشياء ويكفى فيه تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية ( أنظر آنفاً فقرة 214 فى الهامش – ومع ذلك انظر آنفا فقرة 119 فى الهامش ) .
( [643] ) وحتى لو قسمت الديون المؤجلة على الورثة عند تصفية التركة وفقا لأحكام المادة 895 مدنى ، فإن الدين غير القابل للانقسام لا يقسم بين الورثة ، بل يوضع فى نصيب أحد الورثة فيختص به وحده نظراً لطبيعته غير القابلة للانقسام ( الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 219 ص 310 هامش رقم 2 ) .
( [644] ) أو برى ورو 4 فقرة 301 ص 80 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1103 ص 479 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 873 .
( [645] ) قارن فى كل من المقاصة واتحاد الذمة والإبراء والتقادم الأستاذ عبد الحى حجازى 1 – ص 264 .
( [646] ) استئناف مختلط 10 مايو سنة 1928 م 39 ص 452 - بودرى وبارد 2 فقرة 1339 - بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1103 ص 477 - بيدان ولاجارد 8 فقرة 869 ص 648 - دى باج 3 فقرة 356 ص 294 – الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 264 - ص 265 ( وقارن بالنسبة إلى وقف التقادم ص 265 ) - قارن الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام ص 307 هامش رقم 1 .
وهذا وحتى لو قلنا بأن وقف التقادم يقتصر أثره على من قام به المدينين سبب الوقف ، فلا مناص مع ذلك من القول بأن الدائن يرجع بكل الدين على من وقف التقادم بالنسبة إليه فلم ينقض دينه ، وهذا المدين يرجع على المدينين الآخرين الذين اكتمل التقادم بالنسبة إليهم كل بمقدار حصته ( الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 265 ) . فلا تبرأ إذن ذمة هؤلاء المدينين الآخرين – فى رجوع المدينين بعضهم على بعض – باستكمالهم للتقادم ، مادام التقادم قد وقف بالنسبة إلى واحد منهم .
( [647] ) بيدان ولاجارد 8 فقرة 875 – الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 267 - ص 268 .
( [648] ) بيدان ولاجارد 8 فقرة 877 – الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 265 .
( [649] ) أنظر عكس ذلك الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 266 .
( [650] ) وإن كانت تقطع التقادم بالنسبة إلى المدينين جميعاً ، فقد قدمنا أن قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام يعتبر قطعاً للتقادم أيضا بالنسبة إلى باقى المدينين .
( [651] ) ديمولومب 26 فقرة 608 – 609 – لوران 17 فقرة 391 – بودرى وبارد 2 فقرة 1337 ص 460 بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1103 ص 447 - ص 478 أنظر عكس ذلك مولميه دى سانتير 5 فقرة 106 مكررة 1 - الموجز للمؤلف فقرة 512 ص 252 .
( [652] ) الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 266 .
( [653] ) الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 266 .
( [654] ) قارب استئناف مختلط 8 يناير سنة 1924 م 36 ص 128 .
( [655] ) الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 266 .
( [656] ) الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 266 .
( [657] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1103 ص 478 – بيدان ولاجارد 8 ص 878 .
( [658] ) ورفع الاستئناف على أحد المدينين فى دين غير قابل للانقسام فى الميعاد يجيز إدخال المدنين الآخرين فى هذا الاستئناف ولو بعد الميعاد : استئناف مختلط 16 مارس سنة 1937 م 49 ص 146 – 9 مايو سنة 1939 م 51 ص 308 – 28 مايو سنة 1939 م 51 ص 219 . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان موضوع دعوى استرداد الحصة المبيعة مما لايقبل التجزئة ، فإن إعلان الاستئناف الموجه من المسترد إلى البائع بعد الميعاد يكون صحيحاً متى كان المشترى قد أعلن به فى الميعاد ( نقض مدنى 27 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 13 ص 22 – ولم تأخذ المحكمة بهذا المبدأ فى دعوى الشفعة ، لأن القانون نص فى الشفعة على وجوب رفع الدعوى على الخصوم جميعاً فى ميعاد معين ، واستئناف الحكم فيها على جميع الخصوم كذلك فى ميعاد معين : تعليق الأستاذ محمد حامد فهمى فى مجموعة عمر 5 ص 24 فى الهامش ) . ورفع أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام طعناً فى الحكم يفيد الباقين ، كما أن الحكم لأحد المدينين يفيد سائرهم : استئناف مختلط 23 مارس سنة 1933 م 45 ص 212 - 6 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 67 – 13 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 78 – 9 مايو سنة 1934 م 46 ص 284 – 5 يونيه سنة 1934 م 46 ص 313 - 13 يونيه سنة 1934 م 46 ص 329 - 7 مياو سنة 1935 م 47 ص 296 – 31 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 85 - 30 نوفمبر سنة 1937 م 50 ص 32 - 14 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 48 – 11 يناير سنة 1938 م 50 ص 96 .
( [659] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد رجوع المدين الذى وفى الدين على بقية المدينين : " أما بالنسبة لعلاقة المدينين فيما بينهم ، فينقسم الالتزام وفقا للقواعد التى تقدم ذكرها بصدد التضامن ، ويشتركون جميعا فى تحمل تبعة إعسار من يعسر من بينهم وللمدين ، إذا طولب بالالتزام بأسره أمام القضاء ، أن يطلب أجلا لاختصام سائر المدينين ، لا ليدرأ عن نفسه تبعة الوفاء بالالتزام كاملا ، بل ليحصل على حكم بشأنه حقه فى الرجوع على هؤلاء المدينين ، ولو كان الدين بطبيعته لا يتيسر الوفاء به إلا من هذا المدين : أنظر المادة 1225 من التقنين المدنى الفرنسى والمادة 164 من المشروع الفرنسى الإيطالى . ويكون الرجوع فى هذا الحالة بمقتضى الدعوى الشخصية أو بمقتضى دعوى الحلول ، كما هو الشأن فى التضامن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 104 ) .
( [660] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 426 على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 314 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 302 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 106 – ص 108 ) .
( [661] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 302 ( مطابقة ) . التقنين المدنى الليبى م 289 ( مطابقة ) .
التقنين المدنى العراقى م 338 ( مطابقة ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 72 : إذا تعدد الدائنون فى موجب غير قابل للتجزئة ولا تضامن بينهم ، فالمديون لا يمكنه أن يدفع إلا لجميع الدائنين معاً ، وكل دائن منهم لا يمكنه أن يطلب التنفيذ إلا باسم الجميع وبتفويض منهم . على أنه يجوز لكل دائن أن يطلب لحساب الجميع إيداع الشىء الواجب أو تسليمه إلى حارس تعينه المحكمة إذا كان ذلك الشىء غير قابل للإيداع .
ويختلف التقنين اللبنانى عن التقنين المصرى فى أن الأصل فى التقنين اللبنانى أن أحداً من الدائنين لا يستطيع أن يستقل باستيفاء كل الدين ، بل يجب أن يفوضه باقى الدائنين فى ذلك ، وكل ما يستطيعه وحده هو أن يطالب بإيداع الشىء أو بتسليمه إلى حارس . أما فى التقنين المصرى فيجوز لأى دائن ، ما لم يترض عليه دائن آخر ، أن يستقل باستيفاء الدين كله .
( [662] ) أنظر فى هذا المعنى : بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1104 ص 479 – بلانيول وريبير وبلاونجيه 2 فقرة 1913 - جوسران 2 فقرة 800 .
( [663] ) أنظر آنفا فقرة 136 .
( [664] ) بودرى وبارد 2 فقرة 331 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1104 بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1912 – دى باج 3 فقرة 307 - كلوبيدى داللوز 2
لفظ indivisibilitèفقرة 27 – وأنظر الفقرة الثانية من التقنين المدنى الفرنسى وأنظر أيضا المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 107 – وأنظر الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 270 – ص 272 – وقارن : استئناف مختلط 20 يناير سنة 1904 م 16 ص 106 .
( [665] ) لارومبيير 3 م 1225 فقرة 11 – ديمولومب 26 فقرة 924 - لوران 17 فقرة 396 – هيك 7 فقرة 360 – بودرى وبارد 2 فقرة 1332 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1104 ص 480 – دى باج 3 فقرة 307 – الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 273 – قارن الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام ص 308 هامش رقم 2 وإذا نزل المدين عن التقادم بالنسبة إلى أحد الدائنين ، انتفع الباقى بذلك ( الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 273 ) .
( [666] ) أنظر عكس ذلك الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 273 .
( [667] ) وإن كانت تقطع التقادم لمصلحة الدائنين جميعاً ، فقد قدمنا أنه إذا قطع أحد الدائنين التقادم انتفع بذلك سائر الدائنين .
( [668] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا كان المدين المحكوم عليه لصالح دائنين متعددين فى دين غير قابل للانقسام قد أقر لمصلحة أحد هؤلاء الدائنين ، لم يجز له أن يستأنف الحكم بالنسبة إلى الباقى ( استئناف مختلط 8 يناير سنة 1924 م 26 ص 128 ) .
( [669] ) الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 273 .
( [670] ) الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 272 .
( [671] ) أنظر عكس ذلك الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 273 .
( [672] ) الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص 274 .
( [673] ) ورفع أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام استئنافاً فى الميعاد يفيد سائر الدائنين ، فيستطيعون الانضمام إليه ولو بعد فوات ميعاد الاستئناف بالنسبة إليهم ، بل ولو بعد رضائهم بالحكم الابتدائى ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1103 – دى باج 3 فقرة 308 كولان وكابيتان 2 فقرة 435 ) .
( [674] ) وبديهى أن الإعسار إذا كان كليا ، ولم يستطيع الدائنون الآخرون الرجوع بشىء على المدين المعسر .
( [675] ) أنظر آنفاً فقرة 149 .
( [676] ) وفى الفرقين الأخيرين تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ومهما يكن من أمر ما بين عدم القابلية للانقسام ( السلبى ) والتضامن ( السلبى ) من أوجه الشبه ، فثمة فارقان يتمثل فيهما اختلاف هذين الوضعين : ( أ ) فيراعى من ناحية أن عدم القابلية للانقسام قد تكون أقول إلزاما من التضامن ، باعتبار أن الالتزام الذى لا يقبل القسمة لا ينقسم بين ورثة المدين . ولهذه العلة يجرى المتعاملون على اشتراط التزام الذى لا يقبل القسمة لا ينقسم بين ورثة المدين . ولهذه العلة يجرى المتعاملون على اشتراط التزام المدينين التزاما تضامنيا غير قابل للانقسام ، اتقاء لتجزئة الدين بين الورثة فيما لو اقتصر الأمر على النص على التضامن فحسب ولا يعرض مثل هذا الفرض فى الشريعة الإسلامية ، لأن الدين لا ينتقل من طريق الميراث ، فيكون بهذه المثابة غي قابل للانقسام ، ويستأدى بجملته من التركة . ( ب ) ويراعى من ناحية أخرى أن عدم القابلية للانقسام قد تكون أضعف إلزاما عند قيامها على طبيعة المحل ، فهى تظل قائمة ما دام هذا المحل عصياً على التجزئة بطبعه ، ولكن إذا اتفق أن استحال الالتزام إلى تعويض مالى ، زالت عدم قابلية الانقسام وانقسم مبلغ التعويض . أما المدينون المتضامون فيظل كل منهم ، على نقيض ذلك ، ملزما قبل الدائن بالدين بأسره ، ولو استحال الدين إلى تعويض مالى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 105 ) .
وتضيف المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فرقا غير الفروق المتقدمة فيما يأتى " ويتمثل اختلاف عدم القابلية للانقسام ( الإيجابى ) عن التضامن ( الإيجابى ) فى هذا الفرض فى الفارقين اللذين تقدمت الإشارة إليهما : ( أ ) فلكل وارث من ورثة الدائن أن يطالب بالدين بأسره ، ويسرى هذا الحكم فى الشريعة الإسلامية حيث ينتقل الحق من طريق الميراث . ( ب ) ويصبح الدين قابلا للانقسام متى استحال إلى تعويض نقدى . ويراعى أنه عند تعدد المدينين والدائنين قد يتصور التضامن سلبيا أو إيجابيا ، أما عدم الانقسام الناشئ عن طبيعة المحل فلا يتصور إلا من الناحيتين معاً " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 107 ) .
( [677] ) وفي الشريعة الإسلامية يبقي الالتزام ، باعتباره دينا ، في التركة حتي يؤدي من أموالها . فما لات يتم في الشرائع الغربية إلا عن طريق الاحتفاظ بحق التجريد هو الأصل الذي يعمل به في الشريعة الإسلامية .
( [678] ) انظر في كل ذلك بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1106 – دي باج 3 فقرة 374 .
( [679] ) أما في الشريعة الإسلامية فقد رأينا أن الالتزام ينقسم إذا انتقل كحق إلي ورثة الدائن ، ويبقي في التركة غير منقسم إذا كان دينا مات عنه المورث .
( [680] ) ويقول كولان وكابيتان ان انتقال الالتزام ما بين الأحياء كان أبطأ ظهوراً في التاريخ من انتقاله بسبب الموت . وكذلك كان انتقال الحق الشخصي متأخراً في الظهور عن انتقال الحق العيني ، وبخاصة حق الملكية . ذلك أن صاحب حق الملكية إذا أراد تحويل حقه إلي نقود فإنما يفعل ذلك غالبا عن طريق بيعه ، أي عن طريق انتقال الحق العيني . أما الدائن في الالتزام فيحول حقه إلي نقود عادة عن طريق استيفائه ، أي عن طريق انقضاء الحق الشخصي . ويترتب علي ذلك نتيجتان : ( أولاهما ) أن انتقال حق الملكية ظهر مبكراً في التاريخ ، ولم يظهر انتقال الحق الشخصي إلا متأخراً كثيراً عن ذلك . ( والثاني ) ان نظرية انقضاء الالتزام بلغت قدراً كبيراً من الأهمية ، بخلاف نظرية انقضاء الحق العيني فليست لها أهمية تذكر ( كولان وكابيتان 2 فقرة 623 ص 425 ) .
( [681] ) دي باج 3 فقرة 375 ص 340 - كولان وكابيتان 2 فقرة 622 ص 425 . ويقول دي باج إن فكرة الالتزام في القانون الروماني القديم هي التي تفسر استحالة انتقال الالتزام ، فالالتزام في هذا القانون لا ينعقد إلا بموجب أشكال وأوضاع معينة يقوم بها كل من المدين والدائن ، ومن شأن الالتزام أن يضع المدين تحت سلطة الدائن إلي حد بعيد . فكيف يمكن أن ينتقل الالتزام من دائن إلي دائن ، ومن مدين إلي مدين ، إلا بعد الالتجاء من جديد إلي هذه الأشكال والأوضاع ، وعندئذ تنحل عقدة الالتزام الأصلي ويحل محلة التزام جديد ، وليست هذه بالحوالة وإنما هو التجديد ( دي باج 3 فقرة 375 ص 340 ) .
( [682] ) بوتييه في البيع فقرة 551 .
( [683] ) بودري وبارد 3 فقرة 1763 ص 81 – ص83 - دي باج فقرة 375 ص 340 .
( [684] ) وإن كان المدين يعينه هو أيضا تغيير دائنه ، فمن الدائنين من هو أرحب جانب وأيسر معاملة وأقل تشدداً . ولكن الاعتبارات التي تقترن بتغير الدائن أقل أهمية من تلك التي تقترن بتغير المدين .
( [685] ) انظر في الاعتراضات التي توجه إلي إقرار حوالة الدين والرد عليها الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 268 - ص271 - وسنري عند الكلام في حوالة الدين كيف وقف تطور هذه الحوالة في القانون الفرنسي .
( [686] ) ويستتبع ذلك أن تنتقل هذه القيمة المادية من دائن إلي دائن دون رضاء المدين ، ومن مدين إلي مدين دون رضاء الدائن ( دي باج 3 فقرة 376 ص 341 - ص 342 ) .
( [687] ) وسنري عند الكلام في حوالة الدين كيف نشأت هذه الحوالة في البلاد الجرمانية وكيف استكملت تطورها .
( [688] ) ويعرض تقنين الموجبات والعقود اللبناني لانتقال الالتزام بوجه عام ، سواء بين الأحياء أو بسبب الموت ، وسواء انتقل الحق أو انتقل الدين ، فتنص المادة 279 من هذا التقنين علي ما يأتي : " تنتقل الموجبات بالوفاة أو بين الأحياء ، ما لم يكن ثمة استحالة ناشئة عن نص قانوني أو عن كون الموجب شخصيا محضا وموضوعا بالنظر إلي شخص العاقد - ويخضع الانتقال بسبب الوفاة لقواعد الأرث بوصية أو بغير وصية - أما الانتقال بين الأحياء فخاضع للقواعد الآتية الموضوعة مع التمييز بين انتقال الموجبات منظوراً إليها من الوجهة الإيجابية ( انتقال دين الدائن ) وانتقال الموجبات منظوراً إليها من الوجهة السلبية ( انتقال دين المدين ) " .
( [689] ) ويذهب الأستاذ شفيق شحاته إلي أن الالتزام لا ينتقل ، في الواقع من الأمر ، من دائن إلي دائن أو من مدين إلي مدين ، بل الدائن أو المدين يستخلف شخصا آخر - دائنا أو مدينا - علي الالتزام . فهو يميز ، من ناحية التعبير ، ما بين انتقال الالتزام والاستخلاف عليه ، ففي الحالة الأولي ينتقل الالتزام إلي شخص جديد ، أما في الحالة الثانية فلا ينتقل الالتزام بل يستخلف شخص عليه شخصا آخر . ويقول في هذا المعني ما يأتي : " والواقع ان الذي وصلت إليه التشريعات الحديثة بعد تطور طويل هو إباحة الاستخلاف ما بين الأحياء في الحق الواحد ، كما يحدث تماما عند وفاة الشخص بالنسبة إلي مجموعة حقوقه . فالدائن الجديد يخلف الدائن القديم ، وكذلك المدين الجديد يخلف المدين القديم ، في الحق الشخصي . فلا ينشأ حق جديد ، ولا ينتقل الحق القديم إلي شخص جديد ، بل أن شخصا يحل محل آخر في نفس الحق ، من طريق ما يسمي خطأ في القوانين الوضعية بالحوالة " ( الأستاذ شفيق شحاته : حوالة الحق في قوانين البلاد العربية ص 7 ) وقد يقتضي كل هذه الدقة ، فلا يقال إن الالتزام انتقل من شخص قديم إلي شخص جديد ، بل إن شخصا قديما استخلف عليه شخصا جديداً . ويوزان سالي بين العبارتين ، فيري العبارة الثانية أدق ، إذ يقول : " ان استبدال شخص بآخر ، فيما يتعلق بالالتزام ، هو الذي يعدل انتقال الالتزام . ولكن لفظ الاستخلاف أدق من لفظ الانتقال . فما دام الالتزام لصيقا بالشخص ، فنقله لا يعني إلا أن شخصا جديداً أصبحا هو صاحب الالتزام وخلف عليه من نقله . بل إن التعبير الصحيح ، ليس أن يقال أن شخصا قد استخلف علي حق الغير ، بل أن يقال إن شخصا خلف شخصا آخر فيما يتعلق بهذا الحق " ( سالي : بحث في النظرية العامة للالتزام في القانون الألماني فقرة 74 ص 64 ) . ومهما يكن من أمر ، فما لا شك فيه أن عندما يقال ان الالتزام انتقل من شخص إلي شخص آخر ، يكون المقصود دائما أن هذا الشخص الآخر قد خلف الشخص الأول علي هذا الالتزام . فالانتقال هنا معناه الاستخلاف ، واستعمال لفظ الانتقال أيسر من الناحية العلمية . علي أن الأستاذ شفيق شحاته أجاز في مكان آخر أن يقال " إن الحق وقد كان محله الشيء انتقل إلي شخص آخر وبقي محله نفس هذا الشيء " ( النظرية العامة للحق العيني ص 114 و ص115 وهامش رقم 1 في ص 115 ) . ويعترض الأساتذة بلانيول وريبير وبولانجية علي التمسك بهذا القدر من الدقة ، ويذهبون إلي أن الحق ، وبخاصة حق المليكة والحق الشخصي من ناحيته الإيجابية ، ينتقل فعلا من شخص إلي آخر ( بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2459 ) .
( [690] ) انظر في هذا الموضوع الدكتور صبحي المحصاني : انتقال الالتزام في القانون المدني اللبناني – النظرية العامة للموجبات والعقود في الشريعة الإسلامية 2 ص 341 – ص 356 .
( [691] ) هذا التفريق بين الحوالة المقيدة والحوالة المطلقة مذكور في نصوص المذهب الحنفي دون نصوص المذاهب الأخري . ولكنه تفريق جوهري لتفهم الحوالة في الفقه الإسلامي في المذاهب جميعا لا في المذهب الحنفي وحده ، كما سنري .
( [692] ) وفي المذهب الحنفي لا تكون الحوالة مقيدة إلا إذا قيد المدين الحوالة بالدين الذي له في ذمة المحال عليه ، فإذا كان للمدين دين في ذمة المحال عليه ولم يقيد به الحوالة ، فإن الحوالة تكون مطلقة بالرغم من مديونية المحال عليه للمدين .
( [693] ) قارن الدكتور حسن الذنون ، وهو يقول : " والشريعة الإسلامية أقرت حوالة الدين دون حوالة الحق علي رأي معظم الفقهاء " ( أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 218 ص 207 ) .
( [694] ) أما إذا اتفق المدين مع المحال عليه علي الحوالة ، فان هذا لا يكفي ، بل لابد أيضا من قبول الدائن ، ولا تنعقد الحوالة إلا من وقت هذا القبول دون أثررجعي . ويشترط أيضا لانعقاد الحوالة بلوغ المحال عليه ، لأنه يعتبر في مقام المتبرع . أما المدين والدائن فيكفي فيهما التمييز لانعقاد الحوالة ، ويشترط لنفاذها الإجازة ، فإذا كان المميز هو الدائن اشترط في الإجازة أن يكون المحال عليه أكثر ملاءة من المدين .
ويعتمد المذهب الحنفي - ومعه سائر المذاهب - في مشروعية الحوالة علي حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : مطل الغني ظلم ، وإذا اتبع أحدكم علي ملي فليتبع .
( [695] ) ويرجع بنفس الدين لا بالضمان ، وسنري أن هذا يمكن حمله علي أن الحوالة تفسخ إذا توي الدين . ولكن قد يؤخذ هذا دليلا علي صحة قول محمد من أن الدين لا ينتقل بالحوالة ، بل يبقي في ذمة المدين ، وتعود المطالبة بالتوي فتجتمع مع الدين ، ومن ثم يرجع الدائن بنفس الدين علي المدين ، وقد سبقت الإشارة إلي ذلك .
( [696] ) ونصوص المذهب الحنفي لا تشترط التساوي ما بين الدين المحال به والدين المحال عليه ، أما نصوص المذاهب الثلاثة الأخري فتصرح بوجب هذا التساوي كما سنري .
وفي الحوالة المقيدة في الفقه الحنفي يخصص الدين المحال عليه للوفاء بالدين المحال به كما يخصص مقابل الوفاء ( Provision ) لدفع قيمة الكمبيالة . وقد عرف الفقه الإسلامي الكمبيالة فعلا ، وسماها " السفتجة " ، وبني أحكامها علي أساس الحوالة .
( [697] ) وقد أخذت " المجلة " بقول زفر في هذه المسألة ، إذا نصت المادة 692 منها علي ما يأتي : " ينقطع حق مطالبة المحيل بالمحال به في الحوالة المقيدة ، وليس للمحال عليه أن يعطي المحال به للمحيل فان أعطاه ضمن ، وبعد الضمان يرجع علي المحيل . ولو توفي المحيل قبل الأداء وكانت ديونه أزيد من تركته ، فليس لسائر الغرماء حق في المحال به " . ويقول الأستاذ سليم باز تعليقا علي هذا النص ما يأتي : " التعبير بالمحال به . . غير مصيب ، إذ المقصود هنا ما في يد المحال عليه أو في ذمته من العين والدين كما هو ظاهر . أما أن المحال له أحق من سائر الغرماء في ذلك ، فلم يظهر لي وجهه ، مع أن عامة كتب المذهب قد صرحت بأن المحال له أسوة للغرماء ، لأن العين التي للمحيل في يد المحال عليه والدين الذي له في ذمته لم يصر مملوكا للمحتال بعقد الحوالة ، لا يدا وهو ظاهر ، ولا رقبة لأن الحوالة ما وضعت للتمليك بل للنقل ، فيكون بين الغرماء بالأسوة . أما المرتهن فملك المرهون يدا وحبسا ، فيثبت له نوع اختصاص بالمرهون شرعا لم يثبت لغيره ، فلا يكون لغيره أن يشاركه فيه ( درر ) . أما لو كانت الحوالة مطلقة ، فالمحتال أسوة الغرماء عند الكل ( رد مختار ) . والظاهر أن جمعية المجلة لم تخالفهم إلا في الحوالة المقيدة فقط ، ولعلها أخذت بقول زفر ، فمان المحتال عنده أحق من سائر الغرماء ، لأن الدين صار له بالحوالة كالمرتهن بالرهن بعد موت الراهن ( مجمع الأنهر ) ، ( شرح المجلة للأستاذ سليم باز م 692 ص 379 ) . ولو أخذنا برأي زفر ، يكون الدين المحال عليه وهنا في الدين المحال به كما رأينا ، فلا تنتقل ملكية الدين المحال عليه إلي الدائن كما تنتقل في حوالة الحق بالمعني المفهوم في القوانين الغربية . ومن ثم لا تكون الحوالة في رأي زفر ، حتي بالنسبة إلي الدين المحال عليه ، حوالة حق ( انظر الأستاذ مصطفي الزرقا في الحقوق المدنية جزي 2 ص 30 في الهامش - الأستاذ أميل تيان في مقال له بمجلة كلية الحقوق ببيروت في حوالة الدين وحوالة الحق في الفقه الإسلامي علما وعملا - وقارن الأستاذ شفيق شحاته في حوالة الحق في قوانين البلاد العربية ص 58 هامش رقم 3 ) .
( [698] ) أو لم يستوف الدائن الدين لأي سبب آخر ، كأن كان ثمن مبيع فاستحق أو كان وديعة فهلكت . ولكن الحوالة تبطل في هذه الحالة ، لأن الدين الذي قيدت به يعتبر سببا لها ، وقد انعدام فانعدمت .
( [699] ) ولو كان الدين الذي قيدت به الحوالة رهنا عند الدائن ، وتوي عند المحال عليه ، ليقسط الدين المحال به بقدر ما توي من الرهن ، لأن المرهون إذا هلك سقط من الدين ما يقابله .
( [700] ) أما عند محمد فتبقي التأمينات علي حالها تكفل الدين الباقي في ذمة المدين ، وقد قدمنا أن الحوالة عند محمد لا تنقل الدين وإنما تنقل المطالبة وحدها . وجاء في فتح الغدير : " فعند أبي يوسف ينتقل الدين والمطالبة ، وعند محمد تنتقل المطالبة لا الدين . قال وفائدة هذا الخلاف تظهر في مسألتين : إحداهما أن الراهن إذا أحال المرتهن بالدين ، فله أن يسترد الرهن عند أبي يوسف كما لو أبراه عنه ، وعند محمد لا يسترده كما لو أجل الدين بعد الرهن . . " ( فتح القدير جزء 5 ص 446 ) . وجاء في البحر الرائق : " لو أحال المشتري البائع بالثمن علي رجل ، لم يملك ( البائع ) حبس المبيع . وكذا لو أحال الراهن المرتهن ، لا يحبس ( المرتهن ) الرهن . ولو أحال الزوج المرأة بصداقها ، لم تحبس نفسها " ( البحر الرائق 6 ص 268 وما بعدها ) . وجاء في الزيلعي : " ثم اختلفوا في البراءة ، فقال أبو يوسف يبرأ عن الدين والمطالبة ، وقال محمد يبرأ عن المطالبة فقط ولا يبرأ عن الدين . وثمرة الخلاف تظهر في موضعين : أحدهما . . . والثاني أن الراهن إذا أحال المرتهن بالدين علي إنسان ، كان للراهن أن يسترد الرهن عند أبي يوسف كما لو أبراه عن الدين ، وعند محمد ليس له ذلك كما لو أجل الدين " ( الزيلعي 4 ص171 ) .
وكما أن التأمينات لا تنتقل لتكفل الدين في ذمة المحال عليه عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، كذلك نحسب أن الدفوع أيضا لا تنتقل . فليس للمحال عليه أن يتمسك ضد الدائن بالدفوع التي كان المدين يتمسك بها ضد الدائن ، بل ولا يجوز للمحال عليه أن يتمسك ضد الدائن بالدفوع المستمدة من علاقته هو بالمدين ، وهذا ما لم تكن الحوالة مقيدة وسقط الدين الذي تقيدت به أو هلكت الوديعة علي النحو الذي قدمناه . فيعتبر التزام المحال عليه نحو الدائن التزاما مجرداً ، فلا يتأثر لا بالعلاقة القائمة بين المدين والدائن ولا بالعلاقة القائمة بينه وبين المدين ، وإنما هي علاقة جديدة قامت بينه وبين الدائن مستقلة عن العلاقتين السالفتي الذكر . صحيح أن الدين الذي يقوم في ذمة المحال عليه للدائن يشارك الدين كان في ذمة المدن للدائن في صفته من حيث الحلول والتأجيل ، وقد جاء في المادة 896 من مرشد الحيران : " يتحول الدين علي المحتال عليه بصفته التي علي المحل . فإن كان الدين علي المحيل حالا ، تكون الحوالة به علي المحتال عليه حاله ، ويدفع المحتال عليه الدين المحال به معجلا . وإن كان الدين علي المحيل مؤجلا ، تكون الحوالة به علي المحتال عليه مؤجله ، ولا يلزم بالدفع إلا عند حلول الأجل . فلو مات المحيل بقي الأجل ، وإن مات المحتال عليه صار الدين حالا ويؤدي من التركة إن كان بها ما يفي بأدائه ، وإلا رجع المحتال بالدين أو بما بقي له منه علي المحيل ليؤديه عند حلول الأجل " . ولكن هذا لا يفيد أن المحال عليه يتمسك بالدفوع التي كان يتمسك بها المدين . للمحال عليه طبعا أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة ذاته إذ هو طرف فيه ، فإذا كان هذا العقد باطلا جاز له أن يتمسك ببطلانه . وله أيضا أن يتمسك بالدفوع التي يستمدها من علاقته هو بالدائن ، فله أن يتمسك ببطلانه . وله أيضا أن يتمسك بالدفوع التي يستمدها من علاقته هو بالدائن ، فله أن يتمسك باتحاد ذمته مع الدائن ، وأن يتمسك بالمقاصة بينه وبين الدائن . أما أن يتمسك بالمقاصة بين الدائن والمدين ، فإن جاز له ذلك فإنما يحمل علي أنه يتمسك بدفع مستمد من عقد الحوالة . ذلك أنه إذا كان الدين المحال به قد انقضي بالمقاصة بين الدائن والمدين قبل الحوالة ، فالحوالة باطلة ، لأن من شروط انعقادها أن يكون هناك دين قائم في ذمة المدين للدائن ، فتمسك المحال عليه بالمقاصة في هذه الحالة إنما هو تمسك ببطلان الحوالة ( قارن الدكتور صبحي المحمصاني في النظرية العامة للموجبات والعقود في الشريعة الإسلامية 2 ص 355 – انتقال الالتزام في القانون اللبناني ص 58 ) .
( [701] ) وفي الحوالة المقيدة تبرأ ذمة المحال عليه نحو المدين بقدر ما أدي من الدين للدائن .
( [702] ) ذلك أن المدين يضمن للدائن يسار المحال عليه ، بحيث تنفسخ الحوالة إذا توي الدين عنده . وهذا بخلاف المذاهب الثلاثة الأخري ، فسنري أن المدين لا يضمن يسار المحال عليه ، إلا في مذهب مالك حيث يعتبر المدين قد غر الدائن إذا كان المحال عليه مفلسا وقت الحوالة دون أن يعلم الدائن ذلك ويعلمه المدين .
( [703] ) وقد قدما أن التأمينات ، عند محمد ، تبقي علي حالها تكفل الدين الباقي في ذمة المدين ، خلافا لأبي حنيفة ولأبي يوسف : فتح القدير 5 ص 446 – الزيلعي 4 ص 171 – ويقضي المنطق ، عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، بأن تعود التأمينات إذا فسخت الحوالة بالتوي وعاد الدين إلي ذمة المدين الأصلي ، ولكن لا يوجد في نصوص المذهب الحنفي نص صريح في هذا المعني .
( [704] ) بل إن الدائن في الكفالة العادية يغلب أن يرجع أولا علي الكفيل ، لأنه يختار عادة لكفالة الدين من هو أكثر ملاءة من المدين الأصلي ، فيكون الرجوع علي الكفيل أيسر من الرجوع علي المدين . وهذا الذي يقع فعلا في الكفالة العادية يقع قانوناً في حوالة الدين . فالذي تتميز به حوالة الدين إذن هو أن المدين في الحوالة يأمن رجوع الدائن عليه قبل رجوعه علي الكفيل ، فالحوالة من هذا الوجه أقرب إلي أن تكون ضمانا للمدين منها ضمانا للدائن .
( [705] ) أو لعل حوالة الدين ، عند محمد ، هي ضرب من الأنابة القاصرة ( delegation imparfaite ) ، ينيب فيها المدين المحال عليه في الوفاء بالدين عن طريق نقل المطالبة إليه ، فيرجع الدائن ( المناب ) هنا أيضا علي المحال عليه ( المناب لديه ) أولا ، فإن توي الدين عنده رجع علي المدين ( المنيب ) .ويستوي في ذلك أن تكون الحوالة مطلقة أو مقيدة .
( [706] ) وهذا لا يمنع من أن يكون ما علي المدين للدائن أكثر أو أقل مما علي المحال عليه للمدين . فان كان أكثر ، جازت حوالة جزء منه يعادل في المقدار ما علي المحال عليه للمدين ، وإن كان أقل ، جازت حوالته علي جزء مما علي المحال عليه للمدين معادل له في المقدار . جاء في الشرح الصغير للدردير ( جزء 2 ص 143 ) : " وشرط لصحتها . . تساوي الدينين ، المحال به وعليه ، قدراً وصفة . فلا تصح حوالة بعشرة علي أكثر منها ولا أقل ، ولا بعشرة محمدية علي عشرة يزيدية ولا عكسه ، فليس المراد بالتساوي أن يكون ما علي المحيل مثل ما علي المحال عليه قدراً وصفة ، لأنه يجوز أن يحيل بعشرة علي عشرة من عشرين لي غريمة ، وأن يحيل بخمسة من عشرة علي خمسة علي غريمة " .
( [707] ) وتصرح المالكية بأن الحوالة ، في حالة تساوي الدينين ، هي " إحالة " الدين ، وليست بيع الدين بالدين . قال ابن جزي : " والشرط الثاني أن يكون الدين المحال به مساويا للمحال فيه في الصفة والمقدار ، فلا يجوز أن يكون أحدهما أقل أو أكثر ، أو أدني أو أعلي ، لأنه يخرج عن الأحالة إلي البيع ، فيدخله الدين بالدين " ( القوانين الفقهية ص 327 ) .أما عند الشافعية فالحوالة هي بيع دين بدين . جاء في المهذب : " لا تجوز الحوالة إلا علي دين يجوز بيعه . . لأن الحوالة بيع في الحقيقة ، لأن المحتال يبيع ماله في ذمة المحيل بما له في ذمة المحال عليه ، والمحيل يبيع ما له في ذمة المحال عليه بما عليه من الدين ، فلا تجوز إلا فيما يجوز بيعه " ( المهذب جزء أول ص 337 ) .
( [708] ) جاء في أسني المطالب شرح روض الطالب ( جزء 3 ص 232 ) : " لا يعتبر اتفاقهما في الرهن ولا الضمان ، بل لو أحاله بدين أو عي دين به رهن أو ضامن ، انفك الرهن وبريء الضامن ، لأن الحوالة كالقبض بدليل سقوط حبس المبيع والزوجة فيما إذا أحال المشتري بالثمن والزوج بالصداق . ويفارق المحتال الوارث في نظيره من ذلك ، لأن الوارث خليفة مورثه فيما ثبت له من الحقوق " . وجاء في حاشية الشرقاوي علي شرح التحرير ( جزء 2 ص 26 ) . " فلو كان في أحد الدينين توثق برهن أو ضامن ، لم يؤثر ولم ينتقل الدين بصفة التوثق . بل يسقط التوثق ، لأحد الحوالة كالقبض بدليل سقوط حبس المبيع والزوجة فيما إذا أحال المشتري بالثمن والزوج بالصداق " وجاء في نهاية المحتاج إلي شرح المنهاج ( جزء 3 ص394 ) : " إن أطلق الحوالة ولم يتعرض لتعلق حقه بالرهن ، فينبغي أن تصح وجها واحدا وينفك الرهن ، كما إذا كان له به ضامن فأحال عليه به من له دين لا ضامن به صحت الحوالة وبردي الضامن ، لأنها معارضة أو استيفاء وكل منهما ينقضي براءة الأصيل فكذلك يقتضي فك الرهن . فان شرط بقاء الرهن ، فهو شرط فاسد تبطل به الحوالة إن قارنها " .
( [709] ) جاء في الغرر البهية شرح البهجة الوردية ( جزء 3 ص 144 وما بعدها ) : " لو أحاله علي دين به رهن أو ضامن ، انفك الرهن وبريء الضامن ، لأن الحوالة كالقبض " . انظر ايضا ما قدمناه من النصوص : أسني المطالب شرح روض الطالب جزء 3 ص 232 - حاشية الشرقاوي علي شرح التحرير جزء 2 ص 26 - نهاية المحتاج إلي شرح المنهاج جزء 3 ص 394 .
( [710] ) أما أنه ليس للمحال عليه أن يدفع مطالبة الدائن بالدفوع التي كان يدفع بها مطالبة المدين ما لم يكن الدين الذي في ذمته للمدين غير موجود أصلا ، فقد جاء في المهذب ( جزء أول ص 338 ص339 ) : " وإن أحال البائع رجلا علي المشتري بالألف ، ثم رد المشتري المبيع بعيب ، لم تبطل الحوالة وجها واحدا ، لأنه تعلق بالحوالة حق غير المتعاقدين وهو الأجنبي المحتال فيم يجز إبطاها . وإن أحال البائع علي المشتري رجلا بألف ، ثم اتفقا علي أن البعد كان حرا ، فإن كذبهما المحتال لم تبطل الحوالة . . فان أقاما علي ذلك بينة لم تسمع ، لأنهما كذبا البينة بدخولهما في البيع . وإن صدفهما المحتال بطلت الحوالة ، لأنه ثبتت الحرية وسقط الثمن فبطلت الحوالة " - وهناك خلاف فيما إذا كان يجوز للمحال عليه أن يدفع مطالبة الدائن بالدفوع المستمدة من علاقة المديونية ما بين الدائن والمدين ، فقد جاء في المهذب : " وإذا اشتري رجل من رجل شيئا بألف وأحال المشتري البائع علي رجل بالألف ، ثم وجد بالمبيع عيبا فرده ، فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو علي الطبري لا تبطل الحوالة فيطالب البائع المحال عليه بالمال ، ويرجع المشتري علي البائع بالثمن ، لأنه تصرف في أحد عوضي البيع فلا يبطل بالرد بالعيب ، كما لو اشتري عبداً بثوب وقبضه وباعه ثم وجد البائع بالثوب عيبا فرده . وقال أبو اسحق تبطل الحوالة . . فلا يجوز للبائع مطالبة المحال عليه ، لأن الحوالة وقعت بالثمن ، فإذا فسخ البيع خرج المحال به عن أن يكون ثمنا ، فإذا خرج عن أن يكون ثمنا ولم يتعلق به حق غيرهما وجب أن تبطل الحوالة . . ويخالف هذا إذا اشتري عبداً وقبضه وباعه ، لأن العبد تعلق به حق غير المتبايعين وهو المشتري الثاني فلم يمكن إبطاله ، والحوالة لم يتعلق بها حق غيرهما فوجب إبطالها ( المهذب جزء أول ص 338 ) .
( [711] ) جاء في القوانين الفقهية لابن جزي : " فإذا وقعت الإحالة ، برئت بها ذمة المحيل من الدين الذي كان عليه للمحال ، وانتقل إلي طلب المحال عليه . ولا رجوع للمحال علي المحيل إن أفلس المحال عليه أو أنكر ، إلا أن يكون المحيل قد غر المحال لكونه يعلم فليس المحال عليه أو بطلان حقه قبله ولم يعلم المحال بذلك . وقال الشافعي لا يرجع علي المحيل ، غره أو لم يغره " ( القوانين الفقهية ص 327 ) . وجاء في المهذب : " إذا أحال بالدين ، انتقل الحق إلي المحال عليه وبرئت ذمة المحيل ، لأن الحوالة إما أن تكون تحويل حق أو بيع حق ، وأيهما كان وجب أن تبرأ من ذمة المحيل . وإن أحاله علي مليء فأفلس أو جحد الحق وحلف عليه ، ولم يرجع إلي المحيل ، لأنه انتقل حقه إلي مال يملك بيعه ، فسقط حقه من الرجوع ، كما لو أخذ بالدين سلعة ثم تلفت بعد القبض . وإن أحاله علي رجل بشرط أن مليء فبان أنه معسر ، فقد ذكر المزني أنه لا خيار له ، وأنكر أبو العباس هذا وقال له الخيار لأنه غره بالشرط فثبت له الخيار ، كما لو باعه عبدا بشرط أنه كاتب ثم بأن أنه ليس بكاتب . وقال عامة أصحابنا لا خيار له ، لأن الإعسار نقص ، فلو ثبت به الخيار لثبت من غير شرط كالعيب في المبيع ، ويخالف الكتابة فإن عدم الكتابة ليس بنقص وإنما هو عدم فضيلة ، فاختلف الأمر فيه بين أن يشرط وبين ألا يشرط " ( المهذب جزء أول ص 338 ) . وجاء في الأم للشافعي ( جزء 2 ص 203 ) : " اخبرنا الربيع بن سليمان قال اخبرنا الشافعي إملاء قال : والقول عندنا والله تعالي أعلم ما قال مالك بن أنس أن الرجل إذا أحال علي الرجل بحق له ، ثم أفلس المحال عليه أو مات ، لم يرجع المحال علي المحيل أبداً " . وجاء في المغني : " فإذا اجتمعت شروط الحوالة وصحت ، برئت ذمة المحيل في قول عامة الفقهاء . . . إذا ثبت أن الحق انتقل . فمتي رضي بها المحتال ولم يشترط اليسار ، لم يعد الحق إلي المحيل أبداً ، سواء أمكن استيفاء الحق أن تعذر لمطل أو فلس أو غير ذلك " ( المغني 5 ص58 ) .
( [712] ) بل ان الفقه المالكي يشترط فوق ذلك أن يكون الدين المحال به حالا ، فإذا لم يكن حالا وجب علي الأقل أن يكون الدين المحال عليه حالا وأن يقبضه المحال قبل التفرق ، وفي هذا ما يبرز في وضوح أن الحوالة ليست إلا وفاء دين بدين . جاء في الشرح الكبير للدردير ( جزء 3 ص 226 وما بعدها ) : " شرط صحة الحوالة . . حلول الدين المحال به ، وهو الذي علي المحيل لأنه إذا لم يكن حالات أدي إلي تعمير ذمة بذمي فيؤدي إلي بيع الدين بالدين . . إلأا أن يكون المحال عليه حالا ويقبضه قبل أن يتفرقا مثل الصرف فيجوز " .
( [713] ) ومما يؤيد أن الدين الذ قام في ذمة المحال عليه للدائن ليس هو نفس الدين الذي كان في ذمة المدين للدائن بل هو نظيره أي التزام جدي معادل له ، ما جاء في كشاف القناع بحل ألفاظ أبي شجاع ( جزء 2 ص48 ) : " وتبرأ بالحوالة الصحيحة ذمة المحيل عن دين المحتال ، ويسقط دينه عن المحال عليه ، ويلزم دين محتال محالا عليه أي يصير نظيره في ذمته " .
ويخلص من كل ذلك أن حوالة الدين في الفقه الإسلامي تدخل في منطقة الوفاء بالدين لا في منطقة بيعه أو انتقاله . ويقول ابن القيم نقلا عن ابن تيمية في هذا المعني : " إن الحوالة من جنس إيفاء الحق لا من جنس البيع ، فإن صاحب الحق إذا استوفي من المدين ما له كان هذا استيفاء ، فإذا أحاله علي غيره كان قد استوفي ذلك الدين عن الدين الذي في ذمة المحيل . . ووفاء الدين ليس هو البيع الخاص وإن كان فيه شوب المعارضة " ( إعلام الموقعين 1 ص341 ) .
( [714] ) يؤيد ذلك النصوص الآتية : جاء في الخطاب ( جزء 5 ص 91 ) : " قال في المدونة وإذا أحالك علي من ليس قبله دين ، فليست حوالة وهي حمالة " . وجاء في الخرشي ( جزء 6 ، 17 ) : " ومن شروطها ثبوت دين للمحيل في ذمة المحال عليه ، وإلا كانت حمالة عند الجمهور " . وجاء في المهذب ( جزء أول ص 337 ) : " ولا تجوز الحوالة إلا علي من له عليه دين ، لأنابينا أن الحوالة بيع ما في الذمة بما في الذمة ، فإذا أحال علي من لا دين له عليه كان بيع معدوم فلم تصح . ومن أصحابنا من قال تصح إذا رضي المحال عليه ، لأنه تحمل دين يصح إذا كان عليه مثله فيصح وأن لم يكن عليه مثله كالضمان . فعلي هذا يطالب المحيل بتخليصه ، كما يطالب الضامن المضمون عنه بتخليصه . فإن قضاه بإذنه رجع علي المحيل . وإن قضاه بغير إذنه لم يرجع " .
( [715] ) ويخلص من ذلك أن الحوالة المطلقة في المذاهب الثلاثة تختلف في طبيعتها عن الحوالة المقيدة ، فالأولي كفالة محضة ، والثانية تجديد بتغيير المدين وتجديد بتغيير الدائن . أما في المذاهب الحنفي ، فالحوالة المطلقة لا تختلف في طبيعتها عن الحوالة المقيدة ، كلتاهما إما تجديد بتغيير المدين إذا قلنا بانتقال المطالبة والدين جميعا ، وإما كفالة محورة إذا قلنا بانتقال المطالبة وحدها دون الدين ، وإما كفالة محضة إذا قلنا بعدم انتقال أي من الدين والمطالبة . وإنما تزيد الحوالة المقيدة علي الحوالة المطلقة ، في المذهب الحنفي ، بوجود دين في ذمة المحال عليه للمدين يخصص لوفاء الدين المحال به علي قول الأئمة الثلاثة ، أو يكون مرهونا فيه علي قول زفر .
( [716] ) وقد جاء في المدونة : " قلت أرايت أن وهبت لرجل دينا لي عليه كيف يكون قبضه ، قال إذا قال قد قبلت فذلك جائز له ، وهذا قبض لأن الدين عليه ، وهذا قول مالك ، وإذا قبل سقط . قلت فإن وهبت لرجل دينا علي رجل آخر ، قال مالك إذا أشهد له ، وجمع بينه وبين غريمه ، ودفع إليه ذكر الحق ، فهو قد قبض . قلت فإن لم يكن كتب عليه ذكر حق كيف يصنع ، قال إذا أشهد له وأحاله عليه فهذا قبض في قول مالك . قلت فإن كان الغريم غائبا ، فوهب لرجل ماله علي غريمه وأشهد له بذلك ودفع إليه ذكر الحق وأحاله عليه ، أيكون هذا قبضا في قول مالك ، قال نعم . قلت أرايت الدين إذا كان علي الرجل وهو بأفريقية وأنا بالفساط ، فوهبت ذلك الدين الذي لي بأفريقية لرجل معي بالفسطاط ، وأشهدت له ، وقل أتري ذلك جائزاً ، قال نعم . قلت لم أجزته في قول مالك ، قال لأن الديون هكذا تقبض ، وليس هو شيئا بعينه يقبض ، إنما هو دين علي رجل فقبضه أن يشهد له ويقبل الموهوب له الهبة " ( المدونة الكبري جزء 15 ص 126 - 127 ) .
( [717] ) وقد جاء في شرح التاودي للتحفة : " وإنما يجوز بيع الدين لغير من هو عليه ، مع حضور المدين وإقراره وإن كان عليه بينه ، لأنه قد يطعن فيها أو يدعي القاضء فيكون من شراء ما فيه خصومة وهو ممنوع علي المشهور . وأجاز ابن القاسم في سماع موسي بن معاوية شراء الدين علي الغائب . . مع تعجيل الثمن وإلا كان من بيع الدين بالدين ، وكونه ليس طعام من يبيع فإن كان الدين طعام من يبيع لم يجز لما تقدم من منع بيع طعام المعاوضة قبل قبضة . وبيعه بغير جنس مرعي : فإن بيع بجنسه لم يجز ، لأنه الشأن في الدين أن يباع بأقل فيكون سلفا بمنفعة . وسادس الشروط ألا يكون المشتري عدوا للمدين يقصد بالشراء إعناته ، وإلا رد البيع وفسخ " ( التاودي علي التحفة 2 ص47 ) .
ونري من هذا النص إنه لا يشترط لجواز بيع الدين لغير من هو عليه رضا المدين ، ولكن يجب مع ذلك توافر الشروط الآتية : ( 1 ) ألا يكون الدين حقا متنازعاً فيه ، لأن شراء ما فيه خصومة ممنوع . ( 2 ) ألا يكون الدين طعاما في ذمة المدين ، لأن بيع الطعام قبل قبضه ممنوع . ( 3 ) ألا يكون الثمن من جنس الدين ، إذ المشتري يشتري الدين المؤجل عادة بأقل من قيمته فيكون سلفا بمنفعة ويداخله الربا . ( 4 ) أن يعجل الثمن ، وإلا كان من بيع للدين بالدين وهذا غير جائز . ( 5 ) ألا يكون المشتري خصما للمدين ، وإلا كان في هذا إعنات للمدين بتسليط خصمه عليه . ( انظر في ذلك أيضا المدونة الكبري 9 ص 128 - ص130 ) . ويبدو أن بيع الدين من غير المدين في المذهب المالكي ، بالشروط المتقدمة الذكر ، أقرب إلي أن يكون وفاء مع الحلول أو وفاء للدين بمقابل صادراً من غير المدين . فالأجنبي يتقدم إلي الائن ويوفيه دينه أو يوفيه مقابلا من غير جنس الدين ، ويرجع بالدين علي المدين . ولو كان هذا بيعا لأمكن تأجيل الثمن ، فمن المسلم أن البيع يجوز تأجيل الثمن فيه ، ولأمكن الأجنبي ، بدلا من الوفاء بالدين أو بمقابل الدين في الحال ، وهذا هو التعجيل بالثمن ، أن يبقيه دينا في ذمته . ولكن المقطوع به في مذهب مالك أنه لا يجوز بيع الدين من غير المدين بثمن مؤجل .
( [718] ) وقد جاء في شرح التاودي للتحفة : " وإذا بيع الدين أو وهب أو تصدق به ، وكان فيه رهن أو حميل ، لم يدخل واحد منهما إلا بالشرط ، مع حضور الحميل وإقراره بالحمالة ، وإن لم يرض بالتحمل لمن ملكه . ( تنبيه ) من بيع الدين المسألة الملقبة عند العامة بقلب الرهن ، وهي أن يكون بيد رهن في دين مؤجل ، ويحتاج إلي دينه فيبيعه بما يباع به . ويحل المشتري للدين محل بائعه في حوز الرهن ، والمنفعة إن كانت المنفعة جعلت له ، والبيع للرهن بالتفويض الذي جعل للبائع المرتهن ، وغير ذلك . ويكتب في ظهر وثيقة الدين أو في طرتها . فإن سكتا عن الرهن يدخل ، وإن اختلفا في اشتراطه حلفا وفسخ . وحيث دخل فللرهن جعله تحت يد أمين إن لم تشترط منفعته أو اشترطت والحقه ضرر ، وإلا فلا كلام له " ( التاودي علي التحفة 2 ص48 ) .
( [719] ) والحنفية تجيز بيع الدين ممن عليه الدين : إما بثمن معجل ، ويبدو أن هذا أقرب إلي أن يكون وفاء للدين بمقابل . وإما بثمن مؤجل ، ويبدو أن هذا أقرب إلي أن يكون تجديداً بتغيير محل الدين .
أما الشافعية ففي أحد قولين في مذهبهم أنه يجوز بيع الدين من غير المدين ، بشرط قبض الدين والثمن في المجلس . وهذا لا يعدو أن يكون بيعا محضا ، عجل فيه الثمن وسلم المبيع . فالبائع تقدم إلي الدائن بسلعته ، وباعها منه بثمن معادل للدين ، ووكله الدائن ( المشتري ) في قبض هذا الدين . فقبض البائع الدين من المدين ، واحتجزه ثمنا ، وسلم المبيع إلي المشتري ، وذلك كله في مجلس البيع .
وأما الحنابلة فلا يجيزون بيع الدين من غير المدين . ويجيزون بيعه من المدين بثمن معجل –وهذا وفاء بمقابل - لا بثمن مؤجل . غير أن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم يذهبان إلي جواز بيع الدين بالدين ولو بثمن مؤجل ( إعلام الموقعين 1 ص 340 - ص341 ) ، ولا يمنعان إلا ابتداء الدين بالدين ، أي أن يكون المبيع دينا مؤجلاً في الذمة ويكون الثمن كذلك دينا مؤجلاً في الذمة ، كبيع مقدار من القمح مؤجل التسليم في مبلغ من النقود مؤجل الدفع . وهذا يخرج عن منطقة بيع الدين بالدين .
( [720] ) فيحتال علي حوالة الحق بأحد طريقين : ( 1 ) يوكل الدائن من يريد أن يحول له حقه في قبض هذا الحق من المدين ثم يهبه إياه ، وهو الطريق الذي كان القانون الروماني يلجأ إليه . ولكن يستطيع الموكل ، في هذه الحالة ، عزل الوكيل قبل قبض الدين . ( 2 ) يقر الدائن لمن يريد أن يحول له حقه بأن الحق له . وهذا الإقرار مقصور علي العلاقة فيما بين المقر والمقر له ، أما المدين فلا يطالب بالدفع للمقر له . ولذلك يصحب الإقرار توكيل من الدائن للمقر له بقبض الدين ، أو يصدق المدين علي الإقرار فيسري في حقه ( انظر في ذلك الأستاذ شفيق شحاته في حوالة الحق في قوانين البلاد العربية ص 62 - ص 64 . أما ما يذكره الأستاذ شفيق شحاته في ص 57 – ص61 من المسائل التي يستدل بها علي جواز حوالة الحق في الفقه الحنفي ، فيبدو لنا أن التعامل فيها إنما يقع علي حوالة الدين لا علي حوالة الحق ، فتجري أحكام حوالة الدين علي الوجه الذي أسلفناه في هذا المذهب ، أو أن الحوالة في هذه المسائل إنما قصد بها التوكيل بقبض الدين وهذا مألوف في المذهب الحنفي كما قدمنا : انظر في هذا المعني الأستاذ عيسوي أحمد عيسوي مجلة الأزهر 27 ص 1014 – ص 1018 و ص 116 - ص 1120 ) .
( [721] ) انظر في الحوالة بوجه عام في الفقه الإسلامي في مذاهبه الأربعة : البدائع 6 ص15 - ص 19 – فتح القدير 5 ص 443 – ص 452 - الزيلعي 4 ص 171 – ص 175 - الفتاوي الهندية 3 ص 295 – ص 306 - ابن عابدين 4 ص446 – ص459 - بداية المجتهد 2 ص 250 - 252 - الخرشي 6 ص 16 - ص 21 - الخطاب 5 ص 90 – ص 96 - القوانين الفقهية لابن جزي ص 327 - المهذب 1 ص 338 ص 339 - المغني ( الطبعة الثالثة ) 4 ص 521 – ص534 .
والذي يخلص من كل ذلك أن حوالة الدين هي إما تجديد أو كفالة محورة أو كفالة محضة في المذهب الحنفي ، وهي تجديد للدين بتغيير المدين وبتغير الدائن في المذاهب الأخري . فلم يسلم الفقه الإسلامي أصلا بانتقال الدين ، لا فيما بين الأحياء ولا بسبب الموت ، لا عن طريق الخلافة الخاصة ولا عن طريق الخلافة العامة . وإنما سلم بانتقال الحق بسبب الموت ، عن طريق الخلافة العامة في الميراث ، وعن طريق الخلافة الخاصة في الوصية بالدين . ولا يكاد يسلم بانتقال الحق فيما بين الأحياء إلا عن طريق الحيلة في المذهب الحنفي ، وإلا في كثير من التردد فذ مذهب مالك . ولا عجب في ذلك ، فهذا هو السير الطبيعي في تطور الحالة . أما تسليمه بانتقال الحق بسبب الموت ، فيبدو أن ذلك قد قام علي فكرة الخلافة : خلافة الوارث للمورث وخلافة الموصي له للموصي . وهي خلافة لا تتحقق عنده إلا بالموت ، فيختفي شخص السلف ويحل محله شخص الخلف .
( [722] ) ويحسن التمييز أيضا بين حوالة الحق والاشتراط لمصلحة الغير . فالمشترط لمصلحة الغير لا يحول للغير حقا له ، بل يشترط لمصلحته حقا يلزم به المتعهد ، فينشأ للغير حق مباشر يستمده من عقد الاشتراط ذاته دون أن ينتقل إليه من المشترط بطريق الحوالة . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعني بأنه إذا جعل شخص من شخص آخر مستحقا لقيمة التأمين الذي تعاقد عليه مع شركة التأمين ، فهذا اشتراط لمصلحة الغير اشترطه المؤمن له علي الشركة لمصلحة المستحق ، لا يترتب حقا للمستحق قبل المشترط أو ورثته من بعده بسبب إلغاء بوليصة التأمين لامتناع المشترط عن دفع أقساطه ، إلا إذا كان الاشتراط قد حصل مقابل حق لمستحق علي المشترط . وليس هو حوالة من المشترط للمستحق تفيد بذاتها مديونية المشترط للمستحق بمقابل قيمتها ( نقض مدني 9 يناير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 136 ص 297 ) .
( [723] ) هذا إلي أن التجديد بتغيير الدائن يقتضي في انعقاده رضاء المدين الأصلي ، أما حوالة الحق فلا تقتضي في انعقادها رضاء المحال عليه . والتجديد بتغيير المدين يتم باتفاق المدين القديم والمدين الجديد والدائن ، أما حوالة المدين فتتم باتفاق المدين القديم والمدين الجديد وحدهما ، أما قبول الدائن فلازم في نفاذ الحوالة لا في انعقادها . وقد يتم التجديد بتغيير المدين عن طريق اتفاق المدين الجديد والدائن وحدهما ، وتتفق حواة الدين في ذلك مع التجديد .
( [724] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1143 - دي باج 3 فقرة 372 .
( [725] ) أما في تقنين الالتزامات السويسري : فقد بقي التجديد ولكن بآثار محدودة ، ولم يخصص له هذا التقنين إلا مادة واحدة هي المادة 116 .
( [726] ) فلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1144 – دي باج 3 فقرة 372 .
( [727] ) انظر في كل ذلك دي باج 3 فقرة 377 .
( [728] ) انظر ما يلي فقرة 406 – فقرة 409 .
( [729] ) مراجع : أوبري ورو 5 فقرة 359 وفقرة 359 مكررة - بودري وسينيا فقرة 748 وما بعدها –بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1105 وما بعدها – بيدان ودي لاجريسيه 11 فقرة 352 وما بعدها – دي باج 3 فقرة 371 وما بعدها – بلا نيول وريبير وبولا نجيه 2 فقرة 1308 - فقرة 1310 وفقرة 1696 - فقرة 1740 - كولان وكابيتان ودي لامورانديير 2 فقرة 622 - فقرة 641 - جوسران 2 فقرة 802 - فقرة 826 - كامبيون ( Campion ) في علم الغير بحوالة الحق غير المعلنة رسالة من ليل سنة 1909 – لأب ( Lapp ) بحث في حوالة العقد الملزم للجانبين إلي خلف خاص رسالة من ستراسبورج سنة 1950 انسيكلوبيدي داللوز ( Cessin de Creance ) .
الأستاذ شفيق شحاته في حوالة الحق في قوانين البلاد العربية - الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 241 - ص 267 - الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام ص 311 - 322 . الموجز للمؤلف ص 527 – 548 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت ص 539 - ص 560 .
( [730] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1107 ص 485 - أنسيكلوبيدي داللوز ( Cession de Creance ) فقرة 7 – فقرة 9 وفقرة 12 - وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت الحوالة بالحق حاصلة بقصد الوفاء للمحتال ، فإنه تنقل إليه الملكية في الدين ، ويكول للمحتال أن يباشر بموجبها التنفيذ . . ومتي استخلصت المحكمة استخلاصها سائغا من أوراق الدعوي وظروفها أن المقصود من الحوالة إنما كان استيفاء المحتال حقا له قبل المحيل من الدين المحال بطريق التنفيذ بمقتضي عقد الحوالة الرسمي الذ أحله محل الدائن في كل ماله من حقوق قبل المدين ، فإن المجادلة في ذلك لا تكون إلا مجادلة موضوعية ( نقض مدني 13 فبراير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 99 ص 317 ) .
وأيا كان الغرض من الحوالة ، فهناك قواعد عامة تطبق علي كل حوالة ، بيعا كانت أو هبة أو رهنا أو وفاء بمقابل أو غير ذلك ، كاتفاق المحيل مع المحال له علي الحوالة وكيف تصير الحوالة نافذة في حق المحال عليه وفي حق الغير . ثم ينفرد بعد ذلك كل عقد بالقواعد الخاصة به ، فالبيع يقتضي الثمن والضمان ، والهبة تقتضي نية التبرع ، والوفاء بمقابل يقتضي وجود دين في ذمة المحيل للمحال له يوفيه بالحوالة ، والرهن يقتضي أيضا وجود دين في ذمة المحيل للمحال له يرهن فيه المحيل حقه عن طريق الحوالة . والأهلية اللازمة للحوالة هي الأهلية اللازمة للحوالة هي الأهلية اللازمة للعقد الذي تنطوي عليه فقد تكون أهلية التصرف أو أهلية التبرع بحسب الأحوال ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1107 ص 485 - الأستاذ شفيق شحاته في حوالة الحق في قوانين البلاد العربية ص 17 ) .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " وإذا كان الغالب في هذه الحوالة أن تتم في مقابل مبلغ من المالي يؤدي بوصفه ثمنا ، وأن تتوافر فيه مقومات البيع من هذا الوجه ، إلا أنها قد تنعقد أحيانا للاعتياض فتكون وفاء بمقابل ، وقد ينتفي فيها المقابل فتكون هبة . وقد يقع أن يقصد منها إلي مجرد إنشاء تأمين خاص ، وفي هذه الحالة تنشيء للمحال رهنا ، ولا يترتب عليها نقل الملك في الحق المحال به . ومرجع الحكم في كل أولئك هو نية المتعاقدين . ويتفرغ علي هذا أن تعيين القواعد الواجب تطبيقها في هذا الشأن يناط بطبيعة التصرف الذي يزمع عقده . وإذا كان من بين هذه القواعد ما يتعين تطبيقه في جميع الأحوال دون تفريق ، كما هو الشأن فيما يتعلق بالإجراءات الخاصة بنفاذ الحوالة في حق الغير ، فثمة قواعد أخري يختلف حظها من التطبيق تبعا لطبيعة المقصود ، ومن ثم مثلا قواعد الضمان وغني عن البيان أن الطائفة الأولي من تلك القواعد ترتفع عن الخصوصيات علي نحو يؤهلها لأن تشغل مكانا طبيعيا في نطاق النظرية العامة للالتزام . ولهذه العلة اقتصر المشروع في هذا المقام علي الوقوف لدي الأحكام الخاصة بانتقال الالتزام في ذاته ( انظر المادة 413 من التقنين الألماني والمادة 1078 من التقنين البرازيلي ) دون أن يعتد في ذلك بسبب الانتقال أو ترتيب الحق ، بيعا كان أو هبة أو مقايضة أو شركة أو رهنا " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 109 - ص 110 ) .
( [731] ) استئناف مصر 30 نوفمبر سنة 1936 المحاماة 17 رقم 264 ص 544 – استئناف مختلط 13 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 79 – 16 مايو سنة 1940 م 52 ص270 .
( [732] ) استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1920 م 33 ص112 .
( [733] ) وعلي المحال له المرتهن أن يجدد قيد الرهن الضامن للحق محل الحوالة حتي قبل أن تصبح الحوالة نافذة في حق الغير ( استئناف مخلط 17 يونيه سنة 1920 م 32 ص 358 ) . أما إذا استوفي المحال له حقه الذي ارتهن فيه الحق محل الحوالة ، فالتزام تجديد القيد يقع علي المحيل بعد ذلك ( استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1927 م 39 ص 270 ) ويعود للمحيل بوجه عام الصفة الكاملة في أن يتخذ أي إجراء بشأن الحق ( استئناف مختلط نفس الحكم السابق ) وللمحال له المرتهن أن يستوفي كل الحق محل الحوالة ولو زاد علي حقه المضمون بالرهن ، ثم يرد الزيادة إلي المحيل الراهن ( استئناف مختلط 26 مايو سنة 1936 م 48 ص 281 ) ولا يجوز للمحال له المرتهن أن يحول الحق محل الحوالة إلي محال له ثان بأقل من قيمته دون رضاء المحيل الراهن ( استئناف مختلط 16 مايو سنة 1940 م 52 ص 270 ) .
( [734] ) استئناف مختلط 23 يناير سنة 1930م 42 ص 223 .
( [735] ) استئناف مختلط 19 فبراير سنة 1890 م 2 ص 327 – 15 مايو سنة 1915 م27 ص 331 - أول إبريل سنة 1937 م 49 ص 178 – 27 أبريل سنة 1939 م 51 ص 289 .
هذا وقد يقصد بالحوالة أغراض أخري : فقد تكون الحوالة مقايضة ، فيحول المحال له إلي المحيل حقل في مقابل الحق الذي حول له ( هيك 1 فقرة 266 ) . وقد تكون الحوالة قرضا ، فيقبض المحال له الحق من المحال عليه علي أن يرد مثله أن يرد مثله إلي المحال له في الأجل المضروب . وقد تكون الحوالة شركة ، فيدفع المحيل حصته في الشركة الحق الذي حوله لها . وقد تكون الحوالة وكالة بالقبض بقصد التحصيل ، فيكون المحال له وكيلا عن المحيل في تحصيل الحق محل الحوالة ، وتقديم حساب عنه للمحيل ( نقض مدني 22 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 55 ص375 ) . فإذا كان سند الدين محرراً لأمر وإذن الدائن ، وحوله هذا تحويلا لم يذكر فيه تاريخه ولا أن القيمة وصلت ، كان تحويلا ناقصا لا يوجب انتقال الملكية للمحال له ، بل يعتبر توكيلا في قبض السند عملا بالمادة 135 تجاري ، فيجوز أن توجه للمحال له جميع الدفوع التي يجوز التمسك بها قبل المحيل : استئناف وطني 8 مارس سنة 1908 المجموعة الرسمية 9 رقم 125 ص 293 - 6 ديسمبر سنة 1913 المجموعة الرمسية 15 رقم 38 ص 78 - 15 يناير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 67 ص 123 - طنطا 4 مارس سنة 1923 المحاماة 3 رقم 277 ص 352 - مصر 18 مايو سنة 1923 المحاماة 15 رقم 51 ص 106 العطارين 5 أبريل سنة 1931 المحاماة 13 رقم 222 ص 446 - وقضي بأن اشتراط ذكر عبارة " القيمة وصلت " في التحويل ليكون تاما إنما محل السندات التجارية : بني مزار 25 مايو سنة 1939 المحاماة 20 رقم 188 ص 512 . وإذا اعتبر التحويل الحاصل من الدائن توكيلا لعدم النص علي وصول القيمة ، فإن هذا لا يمنع المحال له من رفع الدعوي باسمه الشخصي علي المحال عليه وتقاضي الدين باسمه خاصة ، وكل ما للمدين في هذه الحالة هو أن يدفع قبل المحال له بالدفوع التي له قبل المحيل ( طنطا 16 فبراير سنة 1933 المحاماة 14 رقم 93 ص 182 ) .
وعدم ذكر ثمن للحوالة لا يجعلها باطلة ، فقد تكون هبة أو رهنا أو وفاء بمقابل أو غير ذلك ، وتعتبر في أقل تقدير وكالة بالقبض لتحصيل الحق محل الحوالة ( استئناف مختلط 24 مايو سنة 1905 م 17 ص 293 - 14 يونية سنة 1938 م 50 ص363 - 6 نوفمبر سنة 1941 م54 ص6 - 12 مايو سنة 1949 م 61 ص122 ) ولكن إذا كانت الحوالة ضمانا لاعتماد يفتح في مصرف ، وجب أن يذكر مقدار هذا الاعتماد حتي تكون الحوالة صحيحة ، لأن المحال له ليس في الحوال إلا هذا المقدار ( استئناف مختلط 10 يونيه سنة 1903 م 15 ص 344 ) .
( [736] ) ويعتبر غلطا جوهريا أن يكون الرهن الضامن للحق المحال به قد سقط دون أن يعلم المحال بسقوطه ( استئناف مختلط 7 أبريل سنة 1931 م 43 ص 333 ) ويعتبر تدليسا ألا يطلع المحامي موكله علي المركز الصحيح لحقه في قائمة التوزيع ، ليحمله بلك علي أن يحول له هذا الحق ( استئناف مختلط 30 مايو سنة 1939 م 51 ص 233 ) .
( [737] ) وتعتبر الحوالة في القوانين الجرمانية مصدراً لالتزام مجرد .
( [738] ) والحوالة اتفاق لأنها تنقل الالتزام ، ولا تنشئه كالعقد علي أنه لا توجد أهمية عملية في التمييز ما بين الاتفاق والعقد . وسنعود إلي هذه المسألة : انظر ما يلي فقرة 263 .
( [739] ) تاريخ النصوص :
م303 : ورد هذا النص في المادة 427 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التنين الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 315 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 303 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 111 وص 114 ) .
م 304 : ورد هذا النص في المادة 429 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض اختلاف لفظي طفيف ، عدل في لجنة المراجعة ، وأصبح رقم النص 316 في المشروع النهائي . ثم وافق ليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 304 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 114 - ص 115 ) .
( [740] ) التقنين المدني السابق : م 349 / 1و2 وطني ( دكريتو 26 مارس سنة 1900 ) لا تنتقل ملكية الديون والحقوق المبيعة ولا يعتبر بيعها صحيحا إلا إذا رضي المدين بذلك بموجب كتابة مشتملة علي رضا المدين بالبيع ، لا تقبل أوجه ثبوت عليه غير اليمين .
م 435 مختلط : تنتقل ملكية الحق المبيع من البائع إلي المشتري بمجرد تراضيها .
وسنعلق في مكان آخر علي نصوص التقنين المدني السابق فيما يتعلق برضاء المدين .
( [741] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري : م 303 - 304 ( مطابقتان للمادتين 303 - 304 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي : م 290 - 291 ( مطابقتان للمادتين 303 - 304 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي : م 362و364 ( مطابقتان للمادتين 303 - 304 من التقنين المدني المصري ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : م 280 : يجوز للدائن أن يتفرغ لشخص آخر عن دين له ، إلا إذا كان هذا التفرغ ممنوعا بمقتضي القانون أو بمقتضي مشيئة المتعاقدين أو لكون الموجب شخصيا محضا وموضوعا بين شخصين معينين علي وجه لا يقبل التغيير .
م 281 : ويجوز التفرغ عن حقوق معلقة بظرف ما وإن تكن استقبالية محضة . ويصح التفرغ عن حق متنازع عليه اقيمت دعوي الأساس في شأنه ، بشرط أن يرضي المديون الذي تفرغ الدائن عن دينه . وتبقي مفاعيل هذا التفرغ خاضعة من حيث الصلاحية لأحكام المادة الثالثة من القانون الصادر في 17 شباط سنة 1928 . علي أنه لا يمكن التملص من المتفرغ له حين يكون لديه سبب مشروع في إحرازه الحقوق المتنازع عليها ، كأن يكون وارثا مع المتفرغ أو شريكا له في ملك أو دائنا له .
وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المدني المصري . وفيما يتعلق ببيع الحقوق المتنازع عليها الذي وردت أحكامه في الفقرة الثانية من المادة 281 لبناني انظر المادتين 469 - 470 مصري ، هي مسألة تخرج عن نطاق البحث . انظر في التقنين اللبناني الدكتور صبح المحمصاني في انتقال الالتزام في القانون المدني اللبناني ص 19 - ص 25 .
( [742] ) وذلك كسند تعهد موقعه بموجبه أن يورد قطناً لشونة الدائن ، فيجوز لدلائن حوالة هذا السند ( استئناف مختلط 16 مايو سنة 1916م 28 ص 320 ) .
( [743] ) أما التنازل عن الحقوق العينية فتخضع لإجراءات الشهر والتسجيل إذا كانت عقارية ، لا لإجراءات الحوالة ( أو برى ورو 2 فقرة 209 وهامش رقم 12 – بودرى وسينيا فقرة 755 – دى باج 3 فقرة 381 ) .
( [744] ) أنسيكلوبيدى داللوز Cession de créance فقرة 59 وما بعدها – والمشترى لمحصول مستقبل دائن قبل ظهر المحصول ، فإذا نزل عن حقه الشخصى اتبعت قواعد حوالة الحق . أما بعد ظهور المحصول ، فإن حق المشترى يصبح حقاً عينياً ، إذ تنتقل ملكية المحصول للمشترى ولو قبل أن يتسلمه ، فإذا نزل عن حقه لشخص آخر اتبعت إجراءات نقل الحقوق العينية لا إجراءات الحوالة ( قارن بلانيول وريبير وردووان 7 ص 489 هامش رقم 3 ) .
ويجوز فى البيع غير المسجل لعقار معين بالذات أن يحول المشترى حقه الشخصى وفقاً لإجراءات الحوالة لا لإجراءات التسجيل ، لأن البيع غير المسجل يقتصر على إنشاء حقوق شخصية ، فتكون قابلة للحوالة ( نقض مدنى 3 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 76 ص 594 ) .
( [745] ) لوران 24 فقرة 480 – هيك 1 فقرة 312 – جيللوار 2 فقرة 762 – بودرى وسينيا فقرة 754 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1112 – عكس ذلك أوبرى ورو 4 فقرة 359 .
( [746] ) أما الإيجار من الباطن فهو إيجار المتسأجر لحقه لا نزوله عن هذا الحق ، فيختلف عن التنازل عن الإيجار ( انظر دى باج 3 فقرة 382 ) .
( [747] ) فيجوز للسمسر أن ينزل عن حقه فى السمسرة إذا ما تمت الصفقة التى توجب له هذا الحق ، فهو فى هذه الحالة ينزل عن حق معلق على شرط ( أنسيكلوبيدى دا للواز 1 Cession de créance فقرة 51 ) .
( [748] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 113 .
( [749] ) وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 281 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى صراحة على هذا الحكم ، فقضت بأنه " يجوز التفرغ شعن حقوق معلقة بظرف ما ، وإن تكون استقبالية مخضة " . والنص الفرنسى للعبارة الأخيرة هو ما يأتى : " quand bien méme ils seraient purement éventuels "
( [750] ) انظر آنفاً فقرة 16 .
( [751] ) فلا يجوز للمؤلف أن ينزل عن حقوقه قبل الناشر إلا بعد إمضاء عقد النشر ، ولا يجوز للمقاول أن ينزل عن حقه قبل صاحب العمل إلا بعد إبراهيم الصفقة معه ( محكمة النقض الفرنسية 7 أغسطس سنة 1843 سيرية 43 – 1 - 775 ) .
وانظر بودرى سينيا فقرة 760 – فقرة 762 – أنسيكلوبيدى داللوز Cession de créance 1 فقرة 70 – فقرة 77 .
( [752] ) أوبرى ورو 5 فقرة 359 ص 133 – هيك 1 فقرة 159 وفقرة 175 – جيللوار 2 فقرة 75 – ديموج فى مقال له فى المجل الفصلية للقانون المدنى سنة 1905 وسنة 1906 – فال فى تعليق له فى سيريه 1896– 2 – 185 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1114 ص 493 – ص 494 – محكمة النقض الفرنسية 17 مارس سنة 1891 سيرية 95 – 1 – 444 – 29 يونيه سنة 1908 داللوز 1908 – 1 – 463 – 13 نوفمبر سنة 1928 داللوز الأسبوعى 1928 – 605 .
( [753] ) انظر فى هذا المعنى الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 18 – وقارن الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 247 – أما الموصى له فلا يجوز أن يتصرف فى الوصية قبل موت الموصى ، لجواز رجوع الموصى فى الوصية ، ولأن هذا تعامل فى تركة مستقبلة لم يجزه القانون كما أجاز الوصية .
( [754] ) استئناف مختلط 26 نوفمبر سنة 1890 م 3 ص 27 .
( [755] ) استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 45 – ويجب إعلان هذه الحوالة لصاحب العمل حتى تنفذ فى حقه ، ولا يكفى إعلانها لوكيل عنه تقتصر وكالته على رقابة العمل ودفع الأقساط للمقاول ( استئناف مختلط 17 ديسمبر سنة 1925 م 38 ص 103 ) .
( [756] ) وهذا ما يسميه الفقه الحديث فى الوقت الحاضر بحوالة العقد ، وحوالة العقد ليست إلا حوالة مجموع الحقوق والالتزامات الناشئة من هذا العقد ( انظر فى حوالة العقد لاب Lapp فى حوالة العقد الملزم للجانبين لخلف خاص رسالة من ستراسبوج سنة 1950 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1147 مكررة – وانظر الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية فقرة 48 ص 42 الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 245 – وانظر فى التقنين المدنى الإيطالى الجديد المواد 1406 – 1410 ) .
( [757] ) وقد ينظم التقنين تنظيماً تشريعياً حوالة العقد الملزم للجانبين بما ينشئه من حقوق وديون ، حتى لو كان هذا التقنين لم ينظم حوالة الدين ، وذلك بفضل ما للمشرع من سلطان تشريعى . وقد كان التقنين المدنى المصرى السابق لا ينظم حوالة الدين ، ومع ذلك نظم حوالة عقد الإيجار ، وأسماها هو أيضاً " التنازل عن الإيجار " .
( [758] ) وحتى فى التقنينات التى نظمت حوالة الدين كما نظمت حوالة الحق ، كما هو شأن التقنين المدنى المصرى ، قد تقوم الحاجة إلى الترخيص فى حوالة الحق دون الدين . طلك أن المتعاقد ، فى عقد ملزم للجانبين ، يستطيع باعتباره دائناً أن يحول حقه دون رضاء المتعاقد الآخر ، ولكنه باعتباره مديناً لا يستغنى عن رضاء هذا المتعاقد الآخر فى تحويل دينه حتى تنفذ حوالة الدين فى حق دائنه . فإذا لم يكن المتعاقد الآخر راضياً بالحوالة ، فلا مناص من أن يكتفى المتعاقد الأول بحوالة الحق دون الدين .
( [759] ) ديمولومب 24 فقرة 282 .
( [760] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1115 .
( [761] ) استئناف مختلط أو فبراير سنة 1905 م 17 ص 93 – وقد كان رضاء الدين ضرورياً لانعقاد الحوالة فى عهد التقنين المدنى الأهلى السابق حتى لو كان الحق متنازعاً فيه : نقض مدنى 19 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 55 ص 198 – استئناف مصر 27 ديسمبر سنة 1928 المجموعة الرسمية 30 رقم 24 ص 61 – 31 مارس سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 83 ص 198 – 20 نوفمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 145 ص 293 – استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1912 م 24 ص 397– 12 مايو سنة 1921 م 33 ص 331 .
( [762] ) وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 281 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى على ما يأتى : " ويصح التفرغ عن حق متنازع عليه أقيمت دعوى الأساس فى شأنه بشرط أن يرضى المديون الذى تفرغ الدائن عن دينه . وتبقى مفاعيل هذا التفرغ خاضعة من حيث الصلاحية لأحكام المادة الثالثة من القانون الصادر فى 17 شباط سنة 1928 . على أنه لا يمكن التملص من المتفرع له حين يكون لديه سبب مشروع فى إحرازه الحقوق المتنازع عليها كأن يكون وارثاً مع المتفرغ أو شريكاً له فى ملك أو دائناً له " . ويبدو من هذا النص أنه يجوز للمحال عليه " التملص " من الحق المتنازع فيه بدفعه الثمن والفوائد والمصروفات ، ما لم يوجد عن المتفرغ له سبب مشروع فى شرائه الحق المتنازع فيه ، كأن يكون وارثاً مع المتفرع أو شريكاً له فى ملك أو دائناً له كما يذكر النص . ومع ذلك قارن الدكتور صبحى المحمصانى فى انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 38 .
( [763] ) بودرى وسينيا فقرة 735 . وقد جاء فى المادة 286 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى أن قواعد الحوالة " لا تطبق على التفرغ عن دين الدائن فقط ، بل تطبق أيضاً على التفرغ عن الحقوق بوجه عام ، إلا إذا كان فى القانون نص مخالف ، أو كان فى ماهية الحق ما يمنع تطبيقها " . ويقول الدكتور صبحى المحمصانى فى هذا الصدد : " ولكن القانون اللبنانى ، خلافاً لسائر القوانين العربية ، اعتبر قواعد حوالة الحق التى وضعها عمة تشمل أيضاً حوالة جميع الحقوق . فنص على أن القواعد المتقدم ذكرها لا تطبق على التفرغ عن دين الدائن فقط ، بل تطبق أيضاً على التفرغ عن الحقوق بوجه عام ، إلا إذا كان فى القانون نص مخالف أو كان فى ماهية الحق ما يمنع تطبيقها : م 286 . ومن أمثلة الحقوق التى وضع لها القانون أحكاماً خاصة الحقوق العينية التى لا تنتقل إلا بتسجيلها فى السجل العقارى وحقوق الملكية الصناعية والتجارية والفنية والأدبية التى يجب تسجيلها فى الدائرة المختصة وما أشبه " ( انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 23 – ص 24 ) . والظاهر أن نصر التقنين اللبنانى مأخوذ من المادة 413 من التقنين المدنى الألمانى ( انظر فى التعليق على هذه المادة التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 413 ص 596 – ص 597 ) . وانظر الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 8 – ص 9 .
أما الحقوق العينية التبعية ، كالرهن والاختصاص والامتياز ، فتنتقل تبعاً للحق الشخصى إلى من حول له هذا الحق ، مع التأشير فى القيد ليكون الانتقال نافذاً فى حق الغير ( استئناف مختلط 26 مايو سنة 1915 م 27 ص 360 – 2 مارس سنة 1926 م 38 ص 269 ) .
( [764] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 113 – ص 114 .
( [765] ) الأستاذ سليمان مرقس فى شرح قانون أيجار الأماكن طبعة ثانية فقرة 46 ص 107 - وعلى العكس من ذلك ، قد يباح للمستأجر فى حالات استثنائية أن ينزل عن الإيجار ولو كان ممنوعاً من ذلك بشرط فى العقد . فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 594 مدنى على أنه " إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر ، واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر ، جاز للمحكمة ، بالرغم من وجود الشرط المانع ، أن تقضى بإبقاء الإيجار ، إذا قدم المشترى ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق " .
( [766] ) وقد ربط القانون فى الحقوق الشخصية بين عدم القابلية للحجز وعدم القابلية للحوالة ، وهذا بخلاف الحقوق العينية ، فإن الأصل العام فيها أن ما لا يجوز الحجز عليه من الأموال يجوز مع ذلك التصرف فيه . وينبنى على أن الحق الشخصى غير القابل للحجز لا يكون قابلاً للحوالة أن المبالغ المودعة فى صندوق التوفير تصبح غير قابلة للحوالة ، لأن الحجز عليها ممتنع بنص القانون ( الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 20 ) . وانظر : استئناف تختلط 25 مارس سنة 1896 م 8 ص 171 – 27 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 30 . قارن بين الأستاذين أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فى البيع فقرة 618 ص 556 وص 557 .
( [767] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 114 .
( [768] ) وكذلك كان الاتفاق – فى عهد التقنين المدنى الأهلى السابق حيث كانت الحوالة لا تنعقد إلا برضاء المدين– على أن الحق يكون قابلاً للحوالة دون رضاء المدين اتفاقاً جائزاً ، وكان النص فى سند الدين على أنه تحت إذن الدائن يعد رضاء مقدماً بقبول الحوالة . انظر فى ذلك : بنى سويف 29 مارس سنة 1890 الحقوق 8 ص 50 – الإسكندرية 11 نوفمبر سنة 1897 القضاء 5 ص 77 – جرجا 24 مايو سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 رقم 106 ص 169 – طنطا 5 مارس سنة 1923 المحاماة 3 رقم 349 ص 418– بنى سويف 28 يونيه سنة 1931 المحاماة 13 رقم 439 ص 888 – استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1903 م 16 ص 136 – أول مارس سنة 1905 م 17 ص 146 – 27 مارس سنة 1907 م 19 ص 184 – 25 أبريل سنة 1912 م 24 ص 311 – 7 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 12 – 15 مايو سنة 1913 م 25 ص 39 – 11 فبراير سنة 1914 م 26 ص 220 – 30 يونيه سنة 1917 م 29 ص 524– 25 مارس سنة 1926 م 38 ص 309 – 17 نوفمبر سنة 1926 م 39 ص 13 – 22 مارس سنة 1928 م 40 ص 245 – 14 يونيه سنة 1928 م 40 ص 432 – 13 ديسمبر سنة 1928 م 41 ص 109 – 28 يناير سنة 1930 م 42 ص 230 – 28 يناير سنة 1930 م 42 ص 238 – 13 مايو سنة 1930 م 42 ص 498– 13 مايو سنة 1931 م 43 ص 390 – 4 فبراير سنة 1937 م 49 ص 94 . .
( [769] ) انظر أيضاً استئناف مختلط 18 يونيه سنة 1942 م 54 ص 245 ، ويقضى الحكم بعدم جواز حوالة ما تودعه الشركة لحساب المستخدم فى صندوق الادخار تحت شرط عدم وجواز حوالته ( الأستاذ شفيق شحاته فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 21 هامش رقم 1 ) . ومن أمثلة عدم جواز الحوالة بموجب الاتفاق على ذلك عدم جواز النزول عن الاشتراكات فى السكة الحديدية وعدم جواز النزول عن تذكرة الإياب إذا أخذ المسافر تذكرتى ذهاب وغياب معاً ( الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 721 ) .
( [770] ) ويبدو أن شرط عدم جواز الحوالة يدخل ضمن الدفوع التى يستطيع المدين أن يتمسك بها ضد المحال له يستطيع ، قبل التعاقد على الحوالة ، أن يستعلم من المدين عن الدفوع التى له ضد الحق الذى يراد تحويله ، فإن كتم المدين عنه شيئاً من هذه الدفوع ، أو لم يخبره أن الحق مشروط فيه عدم جواز حوالته عشاً منه ، فعند ذلك لا يعتد بعدم قابلية الحق للحوالة ، لا لأن شرط عدم جواز الحوالة غير سار فى حق المحال له ، بل للغش الذى ارتكبه المدين ( قارن الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 249 ) .
( [771] ) المقصود بالمال هنا الملكية والحقوق العينية دون الحقوق الشخصية . ذلك أن من ينشئ حقاً شخصياً له أن ينشئه على الوجه الذى يرتضيه ، فالحق لم يكن موجوداً قبل إنشائه ، فله أن يوجده غير قابل للحوالة . أما من ينقل حقاً عينياً ، فإنه يتعامل فى شئ موجود فى التداول ، وليس من حقه أن يقيد من تداوله إلا لمسوغ مشروع ولمدة معقولة .
( [772] ) قارن الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 21 .
( [773] ) تاريخ النصوص :
م 303 : سبق إيراد تاريخها ( انظر آنفاً فقرة 249 فى الهامش ) .
م 305 : ورد هذا النص فى المادة 430 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية طفيفة ، وعدل النص فى لجنة المراجعة بحيث أصبح مطابقاً مطابقة تامة لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه 317 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 305 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 116 - ص 117 ) .
( [774] ) التقنين المدنى السابق م 349 أهلى : لا تنتقل ملكية الديون والحقوق المبيعة ، ولا يعتبر بيعها صحيحاً ، إلا إذا رضى المدين بذلك كتابة . فإن لم توجد كتابة مشتملة على رضا المدين بالبيع ، لا تقبل أوجه ثبوت عليه غير اليمين . وزيادة على ذلك لا يصح الاحتجاج بالبيع على غير المتعاقدين ، إلا إذا كان تاريخ الورقة فقط ، وكل هذا بدون إخلال بأصول التجارة فيما يتعلق بالسندات والأوراق التى تنتقل الملكية فيها بتحويلها .
م 435 مختلط : تنتقل ملكية الحق المبيع من البائع إلى المشترى بمجرد تراضيهما .
م 436 مختلط ( معدلة بدكريتو 26 مارس سنة 1900 ) : تنتقل الملكية بالنسبة لغير المتعاقدين : ( أولاً ) بإعلان المدين بتحويل ما عليه من الدين إعلاناً رسمياً . ( ثانياً ) بقبول المدين الحوالة بكتابة مؤرخة تاريخاً ثابتاً بوجه رسمى ، ولا يسرى مفعول الانتقال إلا من ذكل التاريخ فقط . أما بالنسبة للمدين فيعتبر الانتقال من تاريخ قبوله ، ولو لم يكن ذلك التاريخ ثابتاً بوجه رسمى ، وكل هذا بدون إخلال بأصول التجارة فى حق الحوالة فى السندات والأوراق التجارية . ومع ذلك فالتعهدات المدنية المحضة بين الأهالى لا يجوز تحويلها إلا برضاء المدين ، ولا يثبت الرضاء إلا بالكتابة أو بالنكول عن اليمين .
م 437 مختلط : فى المواد التجارية ، تحويل الدين الذى لم يكن بسند تجارى يكون معتبراً بالنسبة للغير إذا ثبت إعلان التحويل للمدين أو قبوله له بمقتضى دفاتر محررة حسب القانون أو بأوجه الثبوت المقبولة فى المواد التجارية .
وظاهر من هذه النصوص أن التقنين المدنى السابق قد وضع حوالة الحق فى باب البيع اعتباراً بما يقع غالباً فى العمل ، مقتفياً فى ذلك أثر التقنين المدنى الفرنسى ( انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 109 ) .
وقد اشترط التقنين المدنى الأهلى السابق فى انعقاد حوالة الحق رضاء المدين ، وجعل إثبات هذا الرضاء لا يكون إلا بالكتابة أو بالإقرار أو باليمين . وكان هناك رأى خاطئ ، شاع فى الفقه والقضاء فى مصر ، يرجع هذا الشرط إلى الشريعة الإسلامية وإلى أنها هى أيضاً تشترط فى حوالة الحق رضاء الدين ( استئناف أهلى 6 ديسمبر سنة 1894 الحقوق 9 ص 349 - استئناف مختلط 5 يناير سنة 1893 م 4 ص 91 - 16 مارس سنة 1898 م 10 ص 199 ) . والصحيح أن الفقه الإسلامى فى أكثر مذاهبه ، كما قدمنا ، لا يعرف حوالة الحق ، والمقصود بالحوالة فيه حوالة الدين . فنقل المشرع الأهلى شرط رضاء المدين فى حوالة الدين فى الفقه الإسلامى ( مع أنه ليس بشرط حتمى ) إلى حوالة الحق . انظر فى ضرورة إثبات رضاء المدين بالكتابة فى التقنين الأهلى السابق : استئناف مختلط 3 نوفمبر سنة 1938 م 51 ص 9 - وفى جواز أن يكون رضاء المدين بالحوالة مقدماً وقت نشوء الدين وبأن الحكم الصادر بثبوت هذا الدين يكون هو أيضاً قابلاً للحوالة دون رضاء جديد من المدين : نقض مدنى 29 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 230 ص 13 - وفى عدم ضرورة رضاء المستأجر عندما يخلف المشترى المؤجر فى حقوقه قبل المستأجر : نقض مدنى 22 نوفمبر سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 207 ص 496 - وفى ضرورة رضاء المدين حتى فى حوالة الحق لمتنازع فيه : نقض مدنى 19 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 55 ص 198 – وفى ضرورة رضاء المدين حتى لو كان الحق المحال به قد صدر به حكم : نقض مدنى 25 أبريل سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 53 ص 178 - 7 مايو سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 147 ص 973 – استئناف مصر 27 يناير سنة 1923 المحاماة 4 رقم 33 ص 39 – أول يناير سنة 1930 المحاماة 10 رقم 273 ص 550 – 31 مارس سنة 1943 المجموعة الرسمية 43 رقم 9 ص 221 - استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1924 م 36 ص 211 - 21 مارس سنة 1929 م 41 ص 321 - 12 يناير سنة 1932 م 44 ص 134 - 15 فبراير سنة 1940 م 52 ص 150 - 4 يونيه سنة 1942 م 54 ص 226 .
وقد عدل التقنين المدنى الجديد عن مذهب التقنين الأهلى السابق ، ولم يتشرط رضاء المدين فى انعقاد حوالة الحق ، بل ذكر صراحة ، كما رأينا ، أن هذه الحوالة تتم دون حاجة إلى رضاء المدين ، مقتدياً فى ذلك بالتشريعات الحديثة ( انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 113 - الموجز للمؤلف فقرة 515 ) .
أما التقنين المدنى المختلط السابق فلم يكن ، كما هو واضح من نص المادة 435 منه ، يشترط رضاء المدين لانعقاد حوالة الحق ، بل كان يكفى تراضى الدائن الأصلى والدائن الجديد . وقد صدر دكريتو 26 مارس سنة 1900 يجعل العبرة ، فى عهد التقنين المدنى السابق ، بنشوء الحق ، فإن نشأ بين وطنيين وجب رضاء المدين ولو كانت الحوالة لأجنبى ، وإن نشأ بين أجنبيين أو بين مصرى وأجنبى فلا يجب رضاء المدين ولو كانت الحوالة لمصرى ( الموجز للمؤلف فقرة 517 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 724 - الأستاذ أحمد نجيب الهلالى فى البيع فقرة 629 فقرة 632 - استئناف أهلى 25 أغسطس سنة 1890 الحقوق 5 ص 231 - استئناف مختلط 5 يناير سنة 1893 م 5 ص 91 - 28 نوفمبر سنة 1901 م 14 ص 28 - 11 ديسمبر سنة 1902 م 15 ص 42 ) .
ويظهر مما قدمناه أن التقنين المدنى الجديد لم يغير فى نظام حوالة الحق بالنسبة إلى الحقوق التى كانت خاضعة لنظام التقنين المختلط ، فكل حق نشأن بين مصرى وأجنبى أو بين أجنبيين قبل 15 أكتوبر سنة 1949 كان ، ولا يزال ، فى غير حاجة إلى رضاء المدين فى انعقاد حوالته .
أما الحقوق التى نشأت بين وطنيين قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، فهذه تبقى فى حوالتها خاضعة للتقنين المدنى الأهلى السابق ، ومن ثم يكون رضاء المدين ضرورياً فى انعقاد الحوالة . وما نشأ من الحقوق منذ 15 أكتوبر سنة 1949 أياً كان طرفا الدين ، مصريان أو أجنبيان أو مصر وأجنبى – يخضع للتقنين المدنى الجديد ، فلا يكون رضاء المدين ضرورياً فى انعقاد حوالته .
( [775] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 303 و305 ( مطابقتان للمادتين 303 و305 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 290 و292 ( مطابقتان للمادتين 303 و305 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 362 و363 ( مطابقتان للمادتين 303 و305 من التقنين المدنى المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 280 ( سبق إيرادها انظر فقرة 249 فى الهامش ) .
م 282 : يتم التفرغ بين المتعاقدين منذ حصول الاتفاق بينهم ، إلا إذا كان هذا التفرغ مجانياً فحينئذ يجب أن تراعى قواعد الشكل المختصة بالهبة بين الأحياء .
م 283 : إن الانتقال لا يعد موجوداً بالنظر إلى شخص ثالث ، ولا سيما بالنظر إلى المديون الذى تفرغ الدائن عن دينه ، إلا بإبلاغ هذا التفرغ إلى المديون أو بتصريح المدين فى وثيقة ذات تاريخ مسجل بأنه قبل ذلك التفرغ . وما دامت إحدى هاتين المعاملتين لم تتم ، يصح للمديون أن يبرئ ذمته لدى المتفرغ . وإذا كان المتفرغ قد أجرى فراغين متتابعين لدين واحد ، فالمتفرغ له الذى سبق إلى العمل بمقتضى القانون يفضل على الآخر ، حتى لو كان تاريخ عقده أحدث عهداً .
وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المدنى المصرى ( انظر فى وضع المحال عليه فى التقنين اللبنانى وفى أنه يعتبر من الغير الدكتور صبحى المحصمانى فى انتقال الالتام فى القانون المدنى اللبنانى ص 33 ) .
( [776] ) انظر المذكرة الإيضاحية لمشروع التمهيدى فى مجموعه الأعمال التحضيرية 3 ص 113 .
( [777] ) أما فى حوالة الدين فتغير الدين على دائته أشد خطراً ، إذا أن قيمة الدين تتوقف إلى حد كبير على شخص المدين وملاءته ومبلغ مسارعته إلى الوفاء بما فى ذمته من الديون ، ومن ثم كان شأن الدان فى حوالة الدين أهم من شأن المدين فى حوالة الحق كما سنرى .
هذا ويصح أن ينقل الدائن حقه إلى آخر بطريق الوصية ، والوصية تصرف قانونى كالحوالة . وفى هذه الحالة تتبع أحكام الوصية لا أحكام الحوالة ، فتتم الوصية بالحق بإرادة الموصى وحده ، وتكون قبلة للرجوع فيها إلى أن يموت ، وترتد برد الموصى له ، ولا تنفذ إلا فى ثلث التركة ، إلى غير ذلك من أحكام الوصية . ولكن متى انتقل الحق بالوصية إلى الموصى له ، أصبح هو الدائن مكان الموصى ، وصار خلفاً خاصاً على هذا الحق ، شأنه فى ذلك شأن المحال له فى الحوالة ما بين الأحياء ، لا سيما فى الحوالة التى تتم بطريق الهبة .
انظر فى انتقال الحق الشخصى من دائن إلى آخر ، لا عن طريق تصرف قانونى كالحوالة والوصية والحلول الاتفاقى ، بل عن طريق واقعة مادية كالميراث والحلول القانونى ، وكذلك فى التزام الدائن إحلال دائنه محله فى بعض الأحوال كما إذا باع وارث المودع عنده الشئ المودع وهو حسن النية فعليه لمالكه التنازل له عن حقوقه قبل المشترى ( م 723 مدنى ) : الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 10– ص 11 .
( [778] ) استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 40 - 18 يونيه سنة 1940 م 52 ص 317 .
( [779] ) واستخلاص قيام الحوالة مسألة واقع لا تخضع لرقابة محكمة النقض ( نقض مدنى 19 نوفمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 6 ص 14 ) .
( [780] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1116 ص 496 - وانظر آنفاً فقرة 250 .
( [781] ) انظر فى أن حوالة الحق المضمون برهن رسمى أو بأى تأمين عينى آخر تتم بعقد رضائى ، والتأشير على هامش القيد الأصلى للتأمين إنما هو للتمسك به قبل الغير : استئناف مختلط 30 مايو سنة 1901 م 13 ص 341 - 27 مارس سنة 1907 م 19 ص 184 - 30 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 40 - 26 مايو سنة 1915 م 27 ص 359 - 17 يونيه سنة 1920 م 32 ص 358 - 10 يونيه سنة 1936 م 48 ص 313 ، 20 مايو سنة 1937 م 49 ص 231 - 16 أبريل سنة 1940 م 52 ص 232 - 4 ديسمبر سنة 1941 م 54 ص 21 - 15 يناير سنة 1942 م 54 ص 45 . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الشأن ما يأتى : " جعل المشروع من حوالة الحق عقداً رضائياً ، ولم يروجها لاشتراط شكل معين بالنسبة لها بالذات, مؤدى هذا أنها تخضع فى انعقادها للأحكام العامة التى تسرى بشان العقود الرضائية جميعاً . ولم يستثن المشروع من نطاق تطبيق هذه القاعدة حوالة الحق المضمون برهن رسمى أو بأى تأمين عينى آخر بل اعتبر التأمين فى هذه الحالة من توابع الحق ، وألحقه بأصله تفريعاً على هذا الوصف . ولكنه اشترط لجواز التمسك قبل الغير – وهم خليقون بالحماية – ويتم انعقاد الحوالة متى اتفق المحيل والمحال له فيما بينهما ، بيد أن المدين قد يجهل هذا الاتفاق ، بل والغالب فيه أن يجهله ، ولهذه العلة يقع وفاؤه للمحيل صحيحاً ما بقى جاهلاً بالحوالة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 113 فى الهامش ) .
( [782] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 112 فى الهامش .
( [783] ) قارن استئناف مختلط 5 يونيه سنة 1917 م 29 ص 480 - كذلك إذا حول الدائن الأصلى حقه مرة أخرى ، ولم يكن المحال له الأول قد أشر بالحوالة الأولى على هامش القيد ، وأشر المحال له الثانى على هذا الهامش الحوالة الثانية ، فإن حوالة التأمين العينى بموجب الحوالة الأولى لا يحتج بها على المحال له الثانى ولول كانت الحوالة الأولى للحق الشخصى نافذة فى حقه ( الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 15 - شبين الكوم 14 يناير سنة 1935 المحاماة 15 رقم 308 ص 667 ) .
( [784] ) وقد نص تقنين الموجبات والعقود اللبنانى صراحة على هذا الحكم ، إذ تقول المادة 282 من هذا التقنين : " يتم التفرغ بين المتعاقدين منذ حصول الاتفاق بينهم ، إلا إذا كان هذا التفرغ مجانياً فحينئذ يجب أن تراعى قواعد الشكل المختصة بالهبة بين الأحياء " .
وإذا كانت حوالة الحق على سبيل الرهن ، فالرهن رهن حيازة ، ولا يتشرط لانعقاد الحوالة فى هذه الحالة شكل خاص . ولكن لا يكون الرهن نافذاً إلا بإعلان هذا الرهن إليه أو بقبوله إياه ، ولا يكون نافذاً فى حق الغير إلا بحيازة الدائن المرتهن للدين المرهون ، وتحسب للرهن مرتبته من التاريخ الثابت للإعلان أو القبول ( انظر م 1123 مدنى ) .
( [785] ) ولكن فى المواد التجارية يحوز الإثبات بالبينة والقرائن . وقد يعتبر تسليم سند الدين إلى المحال له قرينة على وقوع الحوالة . وحتى فى المواد المدنية قد يكون هذا التسليم قرينة تعزز مبدأ ثبوت بالكتابة ( انظر أنسيكولوبيدى داللوز 1 لفظ Cession de créance فقرة 155 ) .
( [786] ) وإذا قيل أن قيمة الحق المحال به فى هذه الحالة هى ثمنه الذى بيع به وليست قيمته فى ذاته – وهذا ما لا نميل إلى الأخذ به لأن العبرة هى بقيمة الالتزام فى ذاته ولو زادت هذه القيمة على الثمن الذى بيع به – فإن كلا من المحيل والمحال له يستطيع إثبات الحوالة بالبينة والقرائن .
( [787] ) انظر فى هذا المعنى أيضاً المادة 165 مت تقنين الموجبات والعقود اللبنانى .
( [788] ) وكان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يورد تعريفاً للعقد لا يميز فيه بينه وبين الاتفاق . وقد حذف هذا التعريف فى المشروع النهائى ، ولم يكن الحذف عدولاً عن عدم التمييز بين الاتفاق والعقد ، بل كان مجاراة لسياسة تشريعية هى تجنب الإكثار من التعريفات الفقهية ( الوسيط جزء أول فقرة 37 - مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 9 - ص 11 فى الهامش ) .
( [789] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 10 فى الهامش . ويعترض الأستاذ شفيق شحاتة على هذا التصوير ( حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 13 - ص 14 ) . ولا مانع من القول معه بأن عقد الحوالة نفسه هو الذى ينقل الحق مباشرة من المحيل إلى المحال له ، دون حاجة إلى افتراض نشوء التزام سابق بنقل هذا الحق يتم تنفيذه بمجرد نشوئه . وتبقى الحوالة مع ذلك عقداً ، لعدم الحاجة إلى التمييز ما بين العقد والانفاق كما سبق القول . ولكن قيام حق عينى يترتب على حق شخصى– وهو ما يأباه الأستاذ شفيق شحاتة ويتخذ من تقنيده حجة رئيسية لرفض التصوير المتقدم الذك - لا شك فى إمكانه ، بل هو يقع كثيرا ًفى العمل . ويكفى أن نشير إلى إمكان رهن الحق اشخصى وإلى إمكان أن يترتب عليه حق انتفاع ، ففى الحالة الأولى رتبنا حقاً عينياً تبعياً على حق شخصى . وفى الحالة الثانية رتبنا على الحق الشخصى حقاً عينياً أصلياً ( انظر أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة هامش رقم 1 ) .
( [790] ) انظر فى اعتبار المدين غيراً : استئناف مختلط 14 مارس سنة 1912 م 24 ص 194 - 14 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 22 . ولكن انظر فى اعتبار أن دائنى المدين ليسو من الغير : استئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 85 - 4 مارس سنة 1914 م 26 ص 259 - 14 ديسمبر سنة 1915 م 8 ص 56 .
أما تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( م 283 ) فيعتبر المدين " غيراً " ، شأنه فى ذلك شأن سائر الأغيار ، ويشترط لنفاذ الحوالة فى حقه بقبوله لها أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ . ويقول الأستاذ صبحى المحمصانى فى هذا الصدد : " ولابد من الإشارة إلى فارق مهم بين القانون اللبنانى وسائر القوانين المدنية العربية . فالقانون اللبنانى ، على غرار القانون الفرنسى ، اعتبر المدين من فئة الغير فى الحوالة ، وعاملهم جميعاً معاملة واحدة لجهة إجراءات الإعلان اللازمة فى الحوالة ، فنص على أن الحوالة لا تعد موجودة بالنظر إليهم إلا بإجراء إحدى طريقتى الإعلان المبينتين . ولكن باقى القوانين العربية لم تعتبر المدين من فئة الغير ، وفرقت بينه وبين هؤلاء فى المعاملة لجهة إجراءات الإعلان ، فلم تشترط ثبوت التاريخ لقبول المدين بالحوالة إلا تجاه الغير " ( انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 33 ) .
( [791] ) استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1932 م 44 ص 202 .
( [792] ) وليس هناك ميعاد محدد يجب فى خلاله إعلان الحوالة أو قبولها ، وسنرى فيما يأتى ( انظر فقرة 266 ) أن الإعلان أو القبول ينتج أثره ، ويجعل الحوالة نافذة فى حق المدين وفى حق الغير ، أياً كان الوقت الذى صدر فيه بعد صدور الحوالة . ولا يكون الإعلان أو القبول متأخراً ، فلا ينتج أثره ، إلا إذا سبقه إعلان أو قبول لحوالة أخرى أو توقيع حجز تحفظى تحت يد المدين أو شهر إفلاس المحيل أو شر إعساره .
وحوالة الحق المعلق على شرط يجوز إعلانها أو قبولها قبل تحقق الشرط ( بودرى وسينيا فقرة 786 ، وانظر فى حوالة الحق المستقبل بودرى وسينيا فقرة 787 ) .
وموت المحيل ( الدائن الأصلى ) لا يحول دون الإعلان أو القبول ، فيجوز للمدين أن يقبل الحوالة بعد موت المحيل ، كما يجوز للمحال له ولورثة المحيل إعلانه بالحوالة . كذلك موت المحال له لا يمنع ورثته ولا المحيل من إعلان الحوالة ، ولا يمنع المدين من قبولها .
أما إذا كان الحق ميراثاً فى تركة ، وجعل بعد القسمة فى نصيب أحد الورثة دون الآخرين ، فلا يعتبر الحق قد حول من باقى الورثة إلى هذا الوارث حتى تحتاج الحوالة إلى إعلان المدين أو قبوله ، بل يكون للقسمة أثر كاشف ويعتبر الحق قد انتقل كله إلى الوارث بطريق الميراث لا بطريق الحوالة ، فلا حاجة إذن إلى إعلان المدين أو قبوله ( استئناف مختلط 31 يناير سنة 1901 م 13 ص 132 ) .
( [793] ) انظر بودرى وسينيا فقرة 767 - أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 143 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 117 - كولان وكابيتان 2 فقرة 627 .
وأى حق شخصى ، ولو كان حقاً تجارياً ، يحوله صاحبه إلى غيره ، تخضع الحوالة فيه ، حتى تكون نافذة فى حق المدين والغير ، لأحد هذين الإجرائين الإعلان أو القبول . ومع ذلك توجد حقوق تقتضى إجراءات أخرى بجانب الإعلان أو القبول ، كما فى حوالة الأجرة التى لم تستحق لمدة تزيد على ثلاث سنوات فإنها لا تكوون نافذة فى حق الغير إلا بالتسجيل . كما توجد=
حقوق تقتضى إجراءات غير الإعلان أو القبول ، كالحقوق الثابتة فى سندات اسمية أو تحت الإذن أو لحاملها ، وسيأتى بيان ذلك .
والإعلان أو القبول لازم لنفاذ الحوالة ، سواء كان الحق المحال حقاً منفرداً ( droit isole ) أو كان عنصراً فى مجموع من المال ( universalite ) . وقد نصت المادة 474 مدنى على أنه " إذا بيعت تركة ، فلا يسرى البيع فى حق الغير إلا إذا استوفى المشترى الإجراءات الواجبة لنقل كل حق اشتملت عليه التركة . فإذا نص القانون على إجراءات لنقل الحق فيما بين المتعاقدين ، وجب أيضا أن تستوفى هذه الإجراءات " .
( [794] ) وإذا تعدد المحال لهم فى الحوالة الواحدة ، كان عليهم جميعا أن يقوموا بإعلان الحوالة ، وقد يقوم أحدهم بإعلانها ، أصالة عن نفسه وبالوكالة عن الآخرين . بل يجوز فى هذه الحالة أن يعلنها باسمه خاصة ، إذا هو أرفق بالإعلان صورة الحوالة حيث يبين منها أنها صادرة له ولآخرين هو الوكيل عنهم ( استئناف مختلط 27 أبريـل سنة 1920 م 32 ص 296 ) . وإذا كان المحال لهم متضامنين ، صح لأى منهم إعلان الحوالة ، ويفيد سائر المحال لهم من هذا الاعلان ، إذ يسرى عمل أحد الدائنين المتضامنين فى حق الباقين إذا كان هذا العمل نافعاً لهم ، وقد سبق بيان ذلك .
( [795] ) بودرى وسينيا فقرة 771 .
( [796] ) أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 148 – ص 149 . وأنظر فى شهر إفلاس المحيل بودرى وسينيا فقرة 783 . وانظر فى شهر إعساره المادة 257 مدنى ، وهى تجعل أثر الإعسار يسرى من وقت تسجيل صحيفة دعوى الإعسار .
( [797] ) ويقول الدكتور صبحى المحمصانى : " إما فى لبنان ، فليس فى القانون ما يوجب هذا التشديد . والظاهر أنه يجب الرجوع إلى قواعد الإنذار العامة ، التى تكتفى بأن يكون ذلك بأية طريقة كانت ، بشرط أن تكون خطية ثابتة ، كالكتاب المضمون أو البرقية أو الإخطار الصادر من دائرة رسمية كدائرة الإجراء مثلا ) أو استحضار الدعوى ولو تقدم أمام مححكمة غير مختصة ( م 275 ) " ( انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 32 ) .
( [798] ) استئناف مختلط 29 فبراير سنة 1916 م 28 ص 170 .
( [799] ) استئناف مختلط 22 يناير سنة 1903 م 15 ص 98 – 11 فبراير سنة 1903 م 15 ص 136 – 20 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 40 .
( [800] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1118 ص 496 – وقارب آنفاً فقرة 250 .
( [801] ) استئناف مختلط 15 ديسمبر سنة 1927 م 40 ص 84 - 20 يناير سنة 1930 م 42 ص 243 – 13 مايو سنة 1931 م 43 ص 390 – 15 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 74 - 22 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 85 - 21 يناير سنة 1937 م 49 ص 76 – 28 مايو سنة 1938 م 50 ص 328 - 31 يناير سنة 1940 م 52 ص 130 - 3 يناير سنة 1945 م 57 ص 73 أنظر أيضا المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 116 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1118 ص 497 .
( [802] ) استئناف مختلط 9 مايو سنة 1940 م 52 ص 252 .
( [803] ) استئناف مختلط 11 يونيه سنة 1940 م 52 ص 298 – 4 فبراير سنة 1941 م 53 ص 79 - 22 أبريل سنة 1947 م 59 ص 183 - 15 مايو سنة 1947 م 59 ص 198 .
( [804] ) والمحال له يستطيع مطالبة المدين باسمه الشخصى ، فهو فى غير حاجة إلىتوقيع حجز تحفظى تحت يده ، فإن فعل ، عد هذا بمثابة إعلان للحوالة ، ولا يكون فى حاجة بعد ذلك إلى طلب تثبيت الحجز التحفظى ( استئناف مختلط أول أبريل سنة 1891 م 3 ص 279 ) .
( [805] ) ويكون إعلان الحوالة فى الموطن الحقيقى للمدين ، لا فى الموطن المختار . ذلك أن الموطن المختار إنما يكون للإعلانات المتعلقة بتنفيذ التصرفات القانونية ، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 43 مدنى على أنه " يجوز اتخاذ موطن مختار لتنفيذ عمل قانونى معين " . والحوالة ليست تنفيذاً للحق ، بل هى نقل له إلى دائن جديد ( هيك 2 فقرة 326 - جيللوار 2 فقرة 774 – أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 145 – بودرى وسينيا فقرة 769 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1119 ص 498 – عكس ذلك أى جواز الإعلان فى المطن المختار : ديمولومب 1 فقرة 321 ) .
وإذا تعدد المدينون المحال عليهم فى الحوالة الواحدة ، فسواء كانوا متضامنين أو غير متضامنين لابد من إعلان كل منهم . فإن كانوا غير متضامنين أعلن كل منهم بالنسبة إلى نصيبه فى الدين ، لأن الدين ينقسم عليهم . وإن كانوا متضامنين أعلن كل منهم فى كل الدين ، إذ هو مسئول عنه ، ولأن المدينين المتضامنين لا يمثل بعضهم بعضاً كما قدمنا إلا فيما يفيد وليس إعلان الحوالة مما يفيد . فإذا أعلن أحد المدينين المتضامنين بالحوالة دون الآخرين ، كانت الحوالة نافذة فى حق من أعلن دون غيره ( قارن بودرى وسينيا فقرة 772 ) .
( [806] ) فإذا كان الحق المحال به مضموناً برهن ، وبيعت العين المرهونة فى المزاد بناء على طلب الدائن الأصلى ، فإن الحوالة فى هذه الحالة لا تعلن إلى المدين بعد أن نزعت ملكيته ، بل تعلن إلى الراسى عليه المزاد إذا كان الثمن لا يزال فى ذمته ، أو تعلن إلى خزانة المحكمة إذا كان الثمن قد أودع فيها ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1119 ص 499 - انظر أيضا : رودرى وسينيا فقرة 774 ص 819 – ص 820 – انسيكلوبيدى د اللوز 1 لفظ cession de creance فقرة 214 – فقرة 219 ) .
( [807] ) ومثل الحق المستقبل الثمن الذى سيرسو به المزاد فى عين تعرض للبيع بالمزاد ، فيجوز لصاحب هذا الحق أن يحوله إلى شخص آخر ، وتعلن الحوالة فى هذه الحالة إلى الأشخاص الذين يحتمل أن يرسو المزاد عليهم ، وبخاصة الشركاء فى العين المعروضة للبيع إذا كانت هذه العين مملوكة على الشيوع . أنظر فى كل ذلك : بودرى وسينيا فقرة 773 – فقرة 774 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1119 – فقرة 1120 .
هذا وإذا كان المستحق فى الوقت هو فى الوقت ذاته الناظر ، وحول استحقاقه فى الوقت إلى شخص آخر ، فلا حاجة إلى إعلان الحوالة إليه باعتباره ناظراً للوقف ، لأن تحويله استحقاقه باعتباره مستحقاً يتضمن علمه بالحوالة باعتباره ناظراً ( استئناف مختلط 22 أبريل سنة 1929 م 41 ص 368 ) .
( [808] ) بودرى وسينيا فقرة 778 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1121 ص 502 هامش رقم 1 - الأستاذ شفيق شحاتة فى الحوالة فى قوانين البلاد العربية فقرة 45 – الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 224 ص 315 – عكس ذلك : هيك فقرة 343 – كولان وكابيتان 2 فقرة 627 ص 427 – الدكتور صبحى المحمصانى فى انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 33 . ومن الصعب التسليم بأن القبول الذى يجعل الحوالة نافذة فى حق المدين وفى حق الغير يصح صدوره قبل صدور الحوالة ، لأن هذا القبول لا يتحصل به العلم بالمحال له ، وعلم المدين بالمحال له أمر جوهرى لنفاذ الحوالة فى حقه وفى حق الغير . والقبول الذى يجوز صدوره قبل صدور الحوالة إنما هو القبول اللازم لانعقاد الحوالة ، لا لنفاذها ، فى القوانين التى تشترط رضاء المدين فى انعقاد الحوالة كما كان الأمر فى التقنين المدنى الأهل السابق ( انظر الموجز للمؤلف فقرة 515 ص 531 ) .
( [809] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1121 ص 501 - ص 502 .
( [810] ) ومن ثم يكون القبول إخبارياً لا إنشائيا ( الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 250 - ص 251 ) ومع ذلك يقتضى القبول أهلية الالتزام ( هيك 3 فقرة 342 – انسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ cession de creance فقرة 283 – وقارن بودرى وسينيا فقرة 777 )
( [811] ) وكما لا يعتبر إعلان أحد المدينين المتضامنين بالحوالة إعلاناً للباقين ( أنظر آنفا فقرة 266 فى الهامش ) كذلك لا يعتبر قبول أحد المدينين المتضامنين بالحوالة قبولا بها من الباقين .
وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن قبول أحد المدينين المتضامنين للحوالة إنما هو تنازل فردى عن حقه الشخصى ، ولا يسرى على غيره من المدينين الذين لم يرضوا بالحوالة ، ولا يمكن أن يعتبر وكيلا عنهم فى هذا الشأن ( استئناف مصر 31 مارس سنة 1943 المجموعة الرسمية 43 رقم 9 ص 221 ) .
وليس من الضرورى أن يعلم المحيل أو المحال له بقبول المدين للحوالة ، بل ينتج القبول أثره قبل علم أحد من هذين به ، إذ القبول هنا إرادة غير موجهة إلى شخص معين ( بودرى وسينيا فقرة 780 ) .
( [812] ) وفى فرنسا يجب أن يكون القبول ثابتاً فى ورقة رسمية حتى تكون الحوالة نافذة فى حق الغير ( م 1690 من التقنين المدنى الفرنسى ) .
( [813] ) استئناف مختلط 15 يونية سنة 1911 م 23 ص 370 . ومن باب أولى لو دفع المدين كل الدين للمحال له : استئناف مختلط 29 فبراير سنة 1916 م 28 ص 170 .
( [814] ) أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ cession de creance فقرة 301 . أما فى المسائل التجارية فيجوز الإثبات بجميع الطرق : استئناف مختلط 30 مارس سنة 1898 م 10 ص 208 .
( [815] ) بودرى وسينيا فقرة 791 .
( [816] ) استئناف مختلط 20 ديسمبر سنة 1899 م 12 ص 49 .
( [817] ) جيللورا 2 فقرة 778 – بودرى وسينيا فقرة 791 – فقرة 792 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1122 .
( [818] ) استئناف مختلط 7 مايو سنة 1898 م 10 ص 208 .
( [819] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1122 ص 504 هامش رقم 2 – قارن أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 147 - أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ ( cession de creanee ) فقرة 302 وما بعدها – ويلاحظ أن القاعدة المنطبقة هنا هى القاعدة العامة التى تقضى بأن الغش يفسد التصرفات ، وليست حتما الدعوى البولصية بشروطها الدقيقة ، خلافاً لما صرح به بودرى وسينيا ( أنظر فقرة 792 ص 836 وفقرة 793 ص 839 وص 842 ) .
( [820] ) وتختلف نصوص التقنينات الألمانى والسويسرى والإيطالى الجديد عن نصوص التقنين المصرى . فنصوص التقنين المدنى المصرى صريحة فى أن الحوالة لا تكون نافذة فى حق المدين إلا بالإعلان أو القبول . أما التقنين المدنى الألمانى ( م 407 ) وتقنين الالتزامات السويسرى ( م 167 ) والتقنين المدنى الإيطالى الجديد ( م 1264 / 2 ) فتقضى بان وفاء المدين للدين للمحيل لا يكون مبرئا لذمته إلا إذا تم بحسن نية ، فإن أثبت المحال له أن المدين كان يعلم بوقوع الحوالة وقت أن وفى الدين للمحيل ، ولو من غير طريق الإعلان او القبول ، فإن الوفاء لا يكون صحيحاً ولا يبرئ ذمة المدين ( أنظر فى التقنين المدنى الألمانى التعليقات على هذا التقنين المادة 398 ص 567 - ص 569 والمادة 407 ص 579 ) . ويذهب الأستاذ شفيق شحاتة إلى تفسير نصوص التقنين المدنى المصرى بما يجعل هذا التقنين فى هذه المسألة متفقاً فى الحكم مع التقنينين الألمانى والسويسرى ( حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 33 - ص 36 ) . ولا تتفق معه فى هذا الرأى ، فإن نصوص التقنين المدنى المصرى صريحة فى أن الحوالة لا تكون نافذة فى حق المدين إلا بالإعلان أو بالقبول ، فإذا لم يعلن المدين بالحوالة ولم يصدر منه قبول بها ، فإنها لا تكون نافذة فى حقه ، حتى لو علم بها من طريق آخر ، إلا إذا ارتكب غشاً فى الوفاء للمحيل فإن الغش حينئذ يجعل الوفاء غير مبرئ لذمته ( انظر من الرأى الذى اخترناه الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 252 – ص 255 والاستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الإلتزام فقرة 230 ص 319 - 320 ) .
وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يتضمن نصاً يجعل علم المدين بوقوع الحوالة من غير طريق الإعلان أو القبول ، ووفاءه بالدين مع ذلك للمحيل ، فى حكم الغش . فكانت المادة 432 من هذا المشروع تجرى على الوجه الآتى : " 1 - تبرأ ذمة المدين إذا لم يقبل الحوالة وفى الدين للمحيل قبل أن يعلن بهذه الحوالة . 2 - ومع ذلك لا تبرأ ذمة المدين بهذا الوفاء إذا أثبت الدائن المحال له أن المدين كان يعلم وقت الوفاء بصدور الحوالة " . وهذا النص هو الذى يتفق مع نصوص التقنينات الألمانى والسويسرى والإيطالى ، وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى شأنه ما يأتى : " يصبح التساؤل فى ظل أحكام التقنين القائم ( السابق ) عما إذا كان فى الوسع أن يتخذ من الأمر الواقع بديل من الإجراءات التى يتطلبها القانون . فلو فرض أن المدين علم بانعقاد الحوالة فعلا ، فهل يجوز له ان يتمسك بعدم نفاذها فى حقه استناداً إلى أنه لم يعلن بها؟ جرى أكثر الفقهاء فى فرنسا ، وشايعهم فى ذلك القضاء ، على أن علم المدين بحوالة لم يعلن بها ولم يقبلها يجعل وفاءه للمحيل فاسداً ، وفقاً لما هو مأثور من أن كل ما يترتب على الغش فاسد . وكذلك الشأن فى المحال له الثانى إذا تواطأ مع المحيل وعمد إلى الافتيات على حق المحال له الأول ، فحوالته هذه تعتبر باطلة وتنفذ فى حقه الحوالة الأولى . ويراعى من ناحية أخرى أن فريقاً كبيراً من الفقه والقضاء الفرنسيين يستند إلى المادة 1382 ( 151 / 202 مصرى ) ويفرع عليها بطلان كل تصرف يقع إخلالا بحوالة لم تعلن ولم تقبل متى كان المتصرف قد علم فعلا بتلك الحوالة ، وصدر فى تصرفه هذا عن خطأ أو رعونه . ومؤدى ذلك أن البطلان يعتبر تعويضاً عن هذا الخطأ أو تلك الرعونة وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية . وقد نصت المادة 167 من تقنين الالتزامات السويسرى على أن ذمة المدين تبرأ على الوجه الصحيح إذا أوفى بالدين بحسن نية لدائنه السابق قبل أن يقوم المحيل أو المحال له بإبلاغه بالحوالة . فالتقنين السويسرى ، والحال هذه ، قنع بالعلم الفعلى ، ولا يتطلب الدليل على غش أو تدليس ، بل هو لا يفترض توافر الخطأ . على أن هذا التقنين لم يكن مبتدعاً فى هذه الناحية ، فقد سبقه التقنين الألمانى إلى ذلك ، ونص على المبدأ نفسه صراحة فى المادتين 407 و 408 . وقد اختار المشروع هذا المبدأ باعتباره نتيجة طبيعية منطقية للتصوير الفرنسى فى هذا الشأن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 118 هامش رقم 1 ) . ولكن نص المادة 432 حذف فى لجنة المراجعة " لأنه يتضمن حكما تفصيليا رؤى الاكتفاء فيه بتطبيق القواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 138 هامش رقم 1 ) . والواقع من الأمر أن الحكم ليس بتفصيلى ، وقد كان المراد به العدول عن التصوير الفنى الفرنسى الذى يقتضى بان علم المدين بالحوالة لا يعتد به إلا إذا كان حاصلا عن طريق الإعلان أو القبول ، إلى التصوير الفنى للتقنينات الأخرى ( الألمانى والسويسرى والإيطالى ) الذى يجعل العلم الفعلى يغنى عن العلم القانونى على أن يحمل المحال له عبء إثبات هذا العلم الفعلى . وليس دقيقاً ما تقرره المذكرة الإيضاحية من أن هذا التصوير الأخير هو نتيجة طبيعية منطقية للتصوير الفرنسى . ولو بقى نص المشروع التمهيدى ولم يحذف ، لأمكن القول فى التقنين المدنى المصرى أن العلم الفعلى يغنى عن العلم القانونى . ولكن بعد حذف هذا النص ، وأمام صراحة نص المدة 305 مدنى التى تقضى بأن " لا تكون الحوالة نافذة قبل المدين أو قبل الغير غلا إذا قبلها المدين أو أعلن بها . . . " ، لم يبق مجال للقول فى التقنين المدنى المصرى أن العلم الفعلى يغنى عن العلم القانونى . فلابد لنفاذ الحوالة فى حق المدين وفى حق الغير من أن يعلم بها المدين علماً قانونياً – دون أن يكفى العلم الفعلى – عن أحد طريقين ، الإعلان أو القبول . ويستثنى من هذه القاعدة حالة الغش بطبيعة الحال . وقد لوحظ اتجاه من القضاء الفرنسى إلى التوسع فى هذا الاستثناء ، وافتراض الغش إذا ثبت أن المدين قد حصل له العلم بالحوالة " علماً خاصاً شخصياً " ، حتى ليكاد الاستثناء يستغرق القاعدة ، ويقلل من أهمية ما يشترطه القانون من شكلية فى وجوب تحصيل العلم القانونى عن طريق الإعلان أو القبول ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1122 ص 505 ) .
( [821] ) ماركاديه 6 المادتان 1689 و 1690 فقرة 1 – هيك 2 فقرة 348 وما بعدها جيلللوار 2 فقرة 781 – فقرة 782 – بودرى وسينيا فقرة 793 .
( [822] ) بلانيول وريبير وردان 7 فقرة 1122 ص 505 – ويجوز أيضا أن يكون الحق المحال به قد توافرت فيه الشروط اللازمة للمقاصة القانونية فى حق مقابل ترتب فى ذمة المحيل للمدين ، ولم يقبل المدين الحوالة ولم يعلن بها قبل وقوع المقاصة ، وإن كان قد علم بها قبل ذلك ، فعلمه الفعلى بالحوالة لا يمنع من وقوع المقاصة ، ولا يعتبر هذا العلم غشاً فى جانبه ( بودرى وسينيا فقرة 793 ص 840 ) .
( [823] ) بودرى وسينيا فقرة 793 - 796 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1122 .
( [824] ) انظر فى عدم جواز التمسك بالدفوع فى السند الإذنى الذى ينتقل بالتظهير بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1127 .
( [825] ) وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يتضمن نصاً فى هذه المسألة ، فكانت المادة 442 من هذا المشروع تجرى على الوجه الآتى : 1 - يجوز إثبات حق مدنى فى سند اسمى أو سند إذنى أو سند لحاملة . وفى هذه الحالة تتم حوالة هذا الحق بالنقل أو التظهير أو التسليم .
2 - ويجوز لصاحب السند فى هذه الحالة أن يحتج بجميع الدفوع التى يجوز للمحال عليه أن يحتج بها وفقاً لا جاء بالمادة 439 " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد " لا يشترط اتخاذ الإجراءات المقررة فى المادة 430 فى الحالات التى يواجهها هذا النص . فالقاعدة هى إتباع الأوضاع المقررة فى قانون التجارة فى حوالة الحق ولو كان مديناً ، متى أثبت شكلا فى سند اسمى أو سند إذنى أو سند لحامله . وتسرى على المحال عليه ، فى هذه الحالة ، أحكام المادة 439 فيما يتعلق بما يجوز له التمسك به من الدفوع أو أوجه الدفع العادية " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة " اكتفاء بتطبيق القواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 133 – ص 134 فى الهامش ) .
( [826] ) تاريخ النصوص :
م 307 : ورد هذا النص فى المادة 433 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " تشمل حوالة الحق توابعه كالكفالة والامتياز والرهن الرسمى ، كما تعتبر شاملة لما حل من فوائد وأقساط " وفى لجنة المراجعة حذفت كلمة " الرسمى " الواردة بعد كلمة " الرهن " ليدخل الرهن الرسمى وغيره من الرهون ، واستبدلت بكلمة " توابعه " كلمة " ضماناته " تنسيقا بين هذه المادة والمادة 318 ، فأصبح النص مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمه المادة 319 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 307 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 120 – ص 122 ) .
م 308 : ورد هذا النص فى المادة 435 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن الفقرة الثانية من نص المشروع التمهيدى كانت تتضمن فى آخرها عبارة " مالم يتفق على غير ذلك " . وفى لجنة المراجعة حذفت هذه العبارة " حتى يتمشى حكم هذه الفقرة مع حكم المادة 437 من المشروع ( وتقابل المادة 310 من التقنين المدنى الجديد ) ، لأن المحيل بغير عوض لم يستول على شىء حتى يرده فى حالة الضمان المتفق عليه " . فأصبح نص المادة مطابقا لا استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمها المادة 320 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 308 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 122 – ص 123 ) .
م 309 : ورد هذا النص فى المادة 436 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 321 من المشروع النهائى ، فمجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 309 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 124 - ص 125 ) .
م 310 : ورد هذا النص فى المادة 437 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 322 من المشروع النهائى . وقد ذكر فى هذه اللجنة ، بعد أن تساءل أحد الأعضاء عما إذا كان المقصود من الحكم الأخير منع الربا " أن المقصود من هذا الحكم أن يتحمل المحال له الغنم والغرم ، لأن الحوالة تنطوى على معنى المضاربة " ووافق مجلس النواب على النص ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 310 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 126 ) .
م 311 : ورد هذا النص فى المادة 438 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا خلافاً لفظياً طفيفاً أزالته لجنة المراجعة ، فأصبح التطابق تاماً ، وصار رقم المادة 323 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 311 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 127 - ص 128 ) .
( [827] ) التقنين المدنى السابق م 351 / 439 : لا يضمن البائع للمشترى إلا وجود الحق المبيع فى وقت البيع ، وضماناته تكون قاصرة على ثمن المبيع والمصايف .
م 352 / 440 : لا يضمن المحيل يسار المدين فى الحال ولا فى الاستقبال إلا إذا وجد شرط صريح لكل من الحالتين المذكورتين .
م 353 / 441 : إذا باع شخص مجرد دعوى بدين أو بمجرد حق ، فلا يكون مسئولا عن وجود الدين ولا عن وجود ذلك الحق .
وأحكام التقنين المدني السابق لا تختلف عن أحكام التقنين المدنى الجديد .
( [828] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 307 – 311 ( مطابقة للمواد 307 – 311 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 294 – 295 و 297 - 298 ( مطابقة للمواد 370 – 308 و 310 – 311 من التقنين المدنى المصرى ) .
م 296 ( مطابقة للفقرة الأولى من المادة 309 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 365 و 368 و370 ( مطابقة للمواد 307 و 308 و 310 من التقنين المدنى المصرى ) .
م 369 ( مطابقة للفقرة الثانية من المادة 309 من التقنين المدنى المصرى ) .
م 371 : يضمن المحيل تعديه حتى لو كانت الحوالة بغير عوضن وحتى لو اشترط عدم الضمان ( وهى موافقة فى الحكم للمادة 311 من التقنين المدنى المصرى )
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : م 284 : يجب على المتفرغ أن يسلم إلى المتفرغ له سند الدين ، وأن يخوله ما لديه من الوسائل لإثبات الحق المتفرغ عنه والحصول عليه . وهو يضمن للمتفرغ له – فيما خلا التفرغ المجانى – وجود الحق المتفرغ عنه وقت إجراء التفرغ مع صحة هذا الحق ، غير أنه لا يضمن ملاءة المديون . أما إذا كان الاتفاق ينص على العكس فيما يختص بملاءة المديون ، فيجب أن يكون النص الراجع إليها مقتصراً على الملاءة الحاضرة ، وأن تقتصر التبعة على قيمة بدل التفرغ ، إلا إذا كان هناك تصريح مخالف .
م 285 / 1 : إن التفرغ ينقل إلى المتفرغ له الدين مع جميع ملحقاته ، كالكفالة والامتياز والرهن والتأمينات العينية غير المنقولة ، وفاقا للصيغ والشروط المنصوص عليها فى قانون الملكية والحقوق العينية ، كما ينقل جميع العيوب الملتصقة بالدين والخصائص الملازمة له وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المدنى المصرى ، فيما عدا أن التقنين اللبنانى ، وإن كان يجعل رجوع المحال بالضمان على المحيل مقصوراً فى الأصل على استرداد ما دفع مع الفوائد والمصروفات ، إلا أنه يجيز الاتفاق على غير ذلك ، فيصح أن يشترط المحال له فى عقد الحوالة أن يرجع بكل الحق . أما التقنين المدنى المصرى فيحتم ان يكون الرجوع مقصوراً على استرداد ما دفع مع الفوائد والمصروفات ، ولا يبيح الاتفاق على غير ذلك ( انظر الدكتور صبحى المحمصانى فى انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 29 ) .
( [829] ) على أنه إذا كانت الحوالة على سبيل الرهن ، فإن ملكية الحق لا تنتقل إلى المحال له ، بل ينتقل إليه حق عينى عليه هو حق الرهن .
( [830] ) وقد يكون العوض وفاء دين ، فإذا نزل شريك لشريكه عن نصيبه فى الشركة فى مقابل دفع ديون الشركة التى تخصه ، كانت هذه حوالة صحيحة ( استئناف مختلط 19 مايو سنة 1926 م 38 ص 420 ) .
( [831] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 121 .
( [832] ) استئناف مختلط 8 فبراير سنة 1911 م 23 ص 158 .
( [833] ) وقد قضت محكمة دمياط بأنه إذا اشترى المحال له الدين بأقل من قيمته الاسمية ، كان له الحق فى مطالبة المدين بكامل الدين ( 7 يناير سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 رقم 150 ص 310 ) . هذا ما لم يكن الدين متنازعاً فيه ، فعند ذلك يجوز للمدين التخلص من الدين برده الثمن الذى دفعه المحال له للمحيل والمصروفات والفوائد من وقت الدفع ، وقد تقدم بيان ذلك ( انظر آنفاً فقرة 253 ) .
ولا يرجع المحال له على المدين بمصروفات الحوالة ذاتها ، فهذه يتحملها هو ( استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 14 – 11 أبريل سنة 1940 م 52 ص 211 ) .
( [834] ) وقد سبقت الإشارة إلى أنه يحسن القول بأن الحق ينتقل بالحوالة ، دون القول الحوالة تنشئ التزاماً بنقل الحق يتم تنفيذه بمجرد نشوئه ( انظر آنفاً فقرة 263 ) .
( [835] ) انظر أيضاً المادة 367 من التقنين المدنى العراقى والمادة 284 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى .
( [836] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 120 فى الهامش – وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن تسليم الحقوق المبيعة يكون بإعطاء سنداتها للمشترى بالترخيص له فى الانتفاع بها إذا لم يوجد مانع من الانتفاع ( استئناف مصر 31 مارس سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 127 ص 307 ) . وإذا كانت الحوالة بمقابل ، ولم يدفع المحال له هذا المقابل للمحيل ، كان لهذا الأخير " أن يحبس سند الدين حتى يستوفى المقابل . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن التنازل عن الدين يعتبر بمثابة عقد بيع بمقتضى المادة 348 مدنى ، فتسرى عليه قواعد البيع ، ويكون للبائع حق حبس المبيع إذا لم يكن سلمه إلى المشترى ، كما يجوز له أن يسترد المبيع إذا كان قد سلمه إليه ( استئناف مصر 31 مارس سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 127 ص 307 ) .
وإذا لم يوف المحال له القسط الأخير من مقابل الحوالة للمحيل ، وكان المحيل قد اشترط فى هذه الحالة أن يكون له حق تقدم على الحق المحال به فيما يتبقى من المقابل ، لم يجز للمحيل أن يفسخ الحوالة ، وحل محل المحال له فى جزء من الحق المحال به بمقدار ما تبقى من المقابل ( استئناف مختلط 29 مايو سنة 1947 م 59 ص 233 ) .
( [837] ) ويمكن إيداع السند عند أمين لحساب كل من المحيل والمحال له . وإذا كان السند ورقه رسمية ، جاز استخراج صورة منها للمحال له أو للمحيل ( بودرى وسينيا فقرة 808 بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1125 ) .
( [838] ) استئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1919 م 32 ص 59 .
( [839] ) استئناف مختلط 30 مايو سنة 1939 م 51 ص 230 .
( [840] ) وتنتقل أيضا من الحق المحال به كل ميزة أخرى متصلة بالحق ولو لم تكن ضماناً له . فلو أن مستأجر حصل من المؤجر فى عقد الإيجار على وعد ببيع العين المؤجرة ، ثم نزل المستأجر عن الإيجار لآخر ، فإن المتنازل له ينتقل إليه حق المستأجر فى الإيجار ومعه الحق فى الوعد البيع الصادر من المؤجر ( انظر فى هذا المعنى بودرى وسينيا فقرة 811 ) .
( [841] ) ديرانتون 16 فقرة 507 – هيك 2 فقرة 448 – بودرى وسينيا فقرة 810 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1126 ص 512 – ص 513 - انظر عكس ذلك لوران 240 فقرة 533 .
( [842] ) بودرى وسينيا فقرة 812 ص 853 – ص 854؟
( [843] ) الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 229 ص 318 .
( [844] ) استئناف مختلط 16 يناير سنة 1913 م 25 ص 137 – انظر عكس ذلك لوران 24 فقرة 515 – الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية فقرة 48 ص 42 .
على أن هناك حالات لا يستطيع فيها المحال له أن يفسخ البيع ويأخذ المبيع من المشترى ، وذلك عندما يكون المبيع متصلا اتصالاً وثيقاً بملك البائع ، كما إذا كان حق ارتفاق رتبه البائع للمشترى على أرضه أو حائطا جعله البائع مشتركا بينه وبين المشترى . ففى مثل هذه الحالات مقتضى الفسخ أن يزول الارتفاق ولكن لمصلحة البائع لا لمصلحة المحال له ، أو أن ترجع الحائط ملكاً خالصاً ولكن للبائع لا للمحال له ، فلا يفيد المحال شيئاً من الفسخ . ومن ثم تستعصى طبائع الأشياء على أن يكون للمحال له دعوى الفسخ ، فلا تنتقل هذه الدعوى مع الحق المحال به إلى المحال له ( انظر فى هذا المعنى بودرى وسينيا فقرة 813 ) .
( [845] ) انظر فى هذا المعنى أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة هامش رقم 49 - جيللوار 2 فقرة 819 – هيك 2 فقرة 449 – بودرى وسينيا فقرة 812 ص 852 – ص 853 - وقارن بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1126 ص 515 .
( [846] ) استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1948 م 60 ص 58 .
( [847] ) وقد يقال أن المسئولية هنا ناشئة عن عقد الحوالة ، وأن المادة 311 مدنى ليست تقريراً للقواعد العامة فى المسئولية التقصيرية ، بل هى تفرض على المحيل التزاما بضمان أفعاله الشخصية نشأ من تعاقده مع المحال له . ولكن يعترض هذا القول أنه لو صح لجاز للمحيل اشتراط عدم الضمان عن فعله الشخصى الذى لا يعتبر غشاً أو خطأ جسيماً ، إذ يجوز للمدين فى المسئولية العقدية أن يشترط إعفاءه من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدى إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطأه الجسيم ( م 217 / 2 مدنى ) ، فى حين أن المادة 311 مدنى تبطل اشتراط عدم الضمان عن أى خطأ ، دون تمييز بين خطأ وخطأ . ومهما يكن من أمر ، فإنه إذا تحققت مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية ، كان ملتزماً بتعويض المحال له تعويضاً كاملا ، ولا يقتصر على رد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات . وهذا الحكم يتمشى ، لا فحسب مع قواعد المسئولية التقصيرية ، بل أيضاً مع قواعد المسئولية العقدية . أما ما نصت عليه المادة 310 مدنى من أن التزام المحيل بالضمان يقتصر على رد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يقضى بغير ذلك ، فإن هذا لا يشمل مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية ، إذ أن هذه المسئولية لا يتناولها حكم المادة 310 مدنى كما سيأتى ( أنظر فقرة 285 ) .
( [848] ) نقول بحكم القانون ، أى دون أن تكون هناك حاجة إلى اتفاق خاص ، وإلا فإن الالتزام بالضمان مصدره عقد الحوالة ، الذى التزم المحيل بموجبه أن ينقل الحق المحال به إلى المحال له ، ولم يقم بالتزامه . تبقى حالة ما إذا كان الحق المحال به غير موجود أصلا ، إذ قد يقال إن الحوالة فى هذه الحالة تكون باطلة لانعدام محلها ، والعقد الباطل لا ينشئ التزاماً بالضمان ، إذ لا يترتب أثر على العقد الباطل . والقول بأن أساس الالتزام بالضمان فى هذه الحالة هو الخطأ عند تكوين العقد ( أنظر الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية ص 26 هامش رقم 1 ) يعارضه أن المشرع المصرى قد استبعد هذه النظرية بعد أن كان المشروع التمهيدى ( م 204 من المشروع ) قد نص عليها . فلا يبقى إذن إلا القول بأن المسئولية هنا مسئولية قانونية ، حدد القانون ( م 308 مدنى ) نطاقها ، فجعل الجزاء فيها مقصوراً على رد الثمن والمصروفات ولم يجعله تعويضاً كاملا ، وأجاز استبعادها باتفاق خاص . أما إذا قلنا بأن المسئولية لا تزال مسئولية عقدية ، فلابد من افتراض أن عقد الحوالة إذا وقع على حق غير موجود يبقى قائماً من حيث إلزام المحيل بالضمان . فكأن الحوالة تفترض وجود عقد آخر إلى جانبها يلزم المحيل بالضمان إذا كان الحق المحال به غير موجود ، فإذا كانت الحوالة باطلة لانعدام محلها ، فإن هذا العقد الآخر يبقى قائماً وهو مصدر الالتزام بالضمان ( ويؤيد ذلك أن الحوالة فى التقنين الألمانى تشمل على اتفاق ناقل للالتزام وهذا عقد مجرد واتفاق منشئ لالتزامات شخصية : أنظر ما يلى فقرة 313 فى الهامش ) . أو يقال إن عقد الحوالة الباطل قد تحول هو ذاته إلى عقد منشئ للالتزام بالضمان ، طبقاً لنظرية تحويل العقد : أنظر المادة 144 مدنى ، وأنظر ف هذا المعنى فيما يتعلق ببيع ملك الغير الأستاذ سليمان مرقص والأستاذ محمد على إمام فى عقد البيع فقرة 281 ص 461 – ص 462 .
( [849] ) استئناف مختلط 21 مارس سنة 1901 م 13 ص 202 – مصر مستعجل 28 يوليه سنة 1937 المحاماة 19 رقم 181 ص 418 .
( [850] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 127 .
( [851] ) ومثل ذلك أيضاً إذا أعطى صراف عميلا ورقة " بنكنوت " مزورة ، ولو كان الصراف يجهل تزويرها ، فإن تسليم الورقة إلى العميل يعد بمثابة حوالة حق غير موجود ، فيلتزم الصراف بالضمان ( بودرى وسينيا فقرة 819 ) . وكان فى عهد التقنين المدنى الأهلى السابق يجب الضمان على المحيل إذا لم يقبل المدين الحوالة ( استئناف مختلط 23 مايو سنة 1912 م 24 ص 358 ) .
( [852] ) بودرى وسينيا فقرة 819 – ولكن إذا كان الحق المحال به فى ذمة قاصر ، وحوله الدائن إلى محال له يعلم بأن الحق قابل للإبطال بسبب قصر المدين ، لم يكن للمحال له الرجوع بالضمان على المحيل إذا طلب القاصر إبطال العقد ( استئناف مختلط 16 مارس سنة 1892 م 4 ص 156 ) .
( [853] ) كذلك إذا تبين أن دائناً للمحيل قد حجز حجزاً تحفظياً على الحق المحال به قبل صدور الحوالة ، فإن المحيل يكونا ملتزماً بالضمان . أما إذا كان الحجز قد وقع بعد صدور الحوالة ولكن قبل نفاذها فى حق الدائن ، فإن المحيل يكون مسئولا عن ضمان فعله الشخصى كما سبق القول .
وللمحال له ، إذا كان قد اشترى الحق المحال به وخشى من استحقاقه ، أن يحبس الثمن حتى يزول التعرض أو حتى يقدم المحيل كفيلا ، لأن المحال له يكون فى مركز المشترى ( م 457 / 2 مدنى ) . ويتحقق ذلك ، فيجوز للمحال له حبس الثمن ، إذا وقع المدين حجزاً تحفظيا تحت يد نفسه قبل نفاذ الحوالة فى حقه ( استئناف مختلط 21 مارس سنة 1901 م 13 ص 202 ) . ويكفى أن يكون الحق المحال به معرضاً لخطر الاستحقاق . دون أن يكون قد استحق فعلا ( استئناف مختلط 21 مارس سنة 1901 م 13 ص 203 ) .
( [854] ) وقد قضت محكمة طنطا بأن الضمان يشمل وجود الدين والتأمينات المتعلقة به والتى تعتبر من توابعه ، فإذا ثبت أن العين المرهونة رهن تأمين لدين محول لآخر لم تكن مملوكة للراهن بل مملوكة لغيره من وقت البيع ، كان التحويل لاغياً ، وترتب عليه إلزام المحيل برد القيمة للمحال له ( 20 مارس سنة 1926 المحاماة 7 رقم 161 ص 224 ) .
( [855] ) استئناف مختلط 18 مارس سنة 1891 م 3 ص 274 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1132 ص 527 .
( [856] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن التزام المحيل باعتباره ضامناً بالاتفاق هو كالتزام كل كفيل التزام تبعى ، فإذا زال الدين بمضى المدة سقط تبعا التزام المحيل ( 15 نوفمبر سنة 1944 المجموعة الرسمية 46 / 7 و 8 و 9 و 10 / 136 ) . ويمكن تخريج هذا الحكم على أساس أن ذمة المحيل قد برئت من الضمان لوجود الحق وقت صدور الحوالة ، دون حاجة إلى تشبيه المحيل بكفيل للمدين .
( [857] ) بودرى وسينيا فقرة 821 –بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1132 - الموجز للمؤلف فقرة 520 . لكن إذا كان سبب زوال التأمين يرجع إلى وقت سابق على الحوالة ، فإن المحيل يكون ضامنا لزوال التأمين . مثل ذلك أن يحول البائع الثمن بما يضمنه من حق امتياز ، ثم يشهر إفلاس المشترى ويحكم ببطلان الامتياز لحصول القيد فى المدة المشتبه فيها ( Periode suspecte ) وهى سابقة على الحوالة . ففى هذه الحالةى يرجع سبب بطلان الامتياز إلى وقت سابق على الحوالة ، إذ المفروض أن البيع الذى هو مصدر الامتياز قد صدر قبل الحوالة ، وأبطل الامتياز بعد الحوالة ولكن لسبب يرجع إلى وقت سابق عليها ، فيلتزم المحيل بالضمان . وهذا بخلاف ما إذا كانت الحوالة قد صدرت قبل المدة المشتبه فيها ، فرجع سبب بطلان الامتياز إلى سبب لاحق لصدور الحوالة ، فإن المحيل لا يلتزم فى هذه الحالة بالضمان ( بودرى وسينيا فقرة 821 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1132 ) .
( [858] ) استئناف مختلط 27 مايو سنة 1915 م 27 ص 366 .
( [859] ) بودرى وسينيا فقرة 823 وفقرة 829 .
( [860] ) وفى هذه الحالة يجوز للمدين أن يتخلص من مطالبة المحال له إذا هو رد إليه الثمن الحقيقى الذى دفعه من المصروفات وفوائد الثمن من وقت الدفع ( م 469 مدنى ) ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
( [861] ) وفى مثل هذه الأحوال يكون المفروض أن المحيل إنما يحتاج لأمره ، فإذا تحققت مخاوفه وظهر أن الحق غير موجود أو أن به عيوباً تشوبه ، لم يكن مسئولا عن تعريض المحال له ، وإنما يبقى متلزماً برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات كما سنرى . ولكن قد يصل الاتفاق على محو الضمان إلى حد أن تصبح الحوالة عقداً احتماليا ، فيشترط المحيل ألا يكون ضامناً لوجود الحق وأنه غير ملتزم برد شيء إلى المحال له إذا ظهر أن الحق غير موجود ، وفى هذه الحالة يكون الحق المحال به هو مجرد إدعاء قد يثبت وقد لا يثبت ، فإذا لم يثبت لم يرجع المحال له على المحيل بشىء ولا يلتزم المحيل حتى يرد ما استولى عليه . ولكن مثل هذا الشرط لا يفترض ، بل يجب أن يكون واضحاً لاشك فيه . وأكثر ما يقع ذلك فى حوالة الحقوق المتنازع فيها ( بودرى وسينيا فقرة 825 ص 864 – ص 866 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1133 – ص 528 ص 529 – وأنظر أيضاً : استئناف مختلط 20 فبراير سنة 1913 م 25 ص 189 – 11 ديسمبر سنة 1940 م 53 ص 26 ) .
( [862] ) ومثل هذه الحوالة تسرى عليها أحكام بيع الحقوق المتنازع فيها ( م 469 – 472 مدنى ) وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . وقد كان المشروع التمهيدى يتضمن نصاً فى هذا المعنى ، فكانت المادة 443 من المشروع تجرى على الوجه الآتى : " إذا كان الحق المحال به متنازعا فيه ، فتسرى على الحوالة أحكام المواد الخاصة باسترداد الحقوق المتنازع عليها " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، إذ أن حكمه يستفاد بداهة من وجود نصوص خاصة ببيع الحقوق المتنازع فيها ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 134 فى الهامش ) .
ومما يقع فى العمل من الحوالات التى يشترط فيها عدم الضمان أن السنديك أو المصفى ، بعد أن يستوفى الحقوق الثابتة والحقوق التى يسهل استيفاؤها ، يبيع الحقوق الأخرى جملة واحدة مع اشتراط عدم الضمان ( بودرى وسينيا فقرة 827 ) .
( [863] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 127 .
( [864] ) ولا يكفى اشتراط الضمان إطلاقا ، فإن هذا يتصرف إلى الضمان بحكم القانون ، بل يجب تعيين الواقعة المضمونة ، فيشترط ضمان اليسار ( بودرى وسينيا فقرة 830 – فقرة 831 ) . أنظر فى بعض عبارات مألوفة فى اشتراط الضمان وفى تفسير هذه العبارات : أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 165 – ص 166 – بودرى وسينيا فقرة 832 – فقرة 833 – أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ Cession de Creance فقرة 514 وما بعدها .
( [865] ) وقد جاء فى الموجز للمؤلف : " ويلاحظ أن هذا التشديد يجب أني كون باتفاق صريح ، فلا يمكن افتراضه ، كما إذا أعطى المدين على نفسه سنداً مدنياً تحت إذن الدائن متبعاً فى ذلك الشكل التجارى . فإذا حول الدائن هذا السند المدنى إلى آخر ، فإنه لا يكون ضامناً ليسار المحال عليه إلا بشرط صريح ، ولا يكفى أن قيس هذا السند المدنى ، ولو كان قد اتخذ الشكل التجارى ، على السند التجارى المحض الذى يضمن فيه المحيل يسار المحال عليه وقت الوفاء على أن هذا الحكم ليس محل اتفاق " ( الموجز للمؤلف فقرة 520 ص 538 هامش رقم 1 ) .
( [866] ) بودرى وسينيا فقرة 289 .
( [867] ) شبين الكوم 11 مارس سنة 1931 المحاماة 12 رقم 329 ص 646 – أنظر آنفاً فقرة 281 .
( [868] ) بودرى وسينيا فقرة 832 – فقرة 833 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1133 ص 530 هامش رقم 1 .
( [869] ) وقد قضت محكمة استئناف أسيوط بأن مركز المحيل فى حالة الضمان الاتفاقى ليس إلا مركز ضامن تتحدد مدى التزاماته بعبارة الضمان الواردة فى الحوالة ، فقد يكون ضامناً ليسار المدين وقت الحوالة ، وقد يكون ضامنا ليساره فى المستقبل ، وقد يكون ضامنا بسيطا ، وقد يكون متضامنا . على أنه فى هذه الصور كلها لا يعدو صفة الضامن ، وإن كان فى بعض النتائج القانونية أقل مسئولية منه ( استئناف أسيوط 15 نوفمبر سنة 1944 المجموعة الرسمية 46 رقم 7 و 8 و 9 و 10 ص 136 ) .
( [870] ) وقد قضت محكمة طنطا بأن ضمان المحيلى يسار المدين فى الاستقبال ينصرف إلى موعد استحقاق الدين ، فإ ،ه فيه يلتزم بالوفاء ويضمنه مجموع ماله ، وعلى المحال أن يسعى لاستيفاء قيمة الدين . فإذا أعسر المدين بعد ذلك ، فلا يضمن المحيل ذلك الإعسار ، إلا إذا كانت الفترة التى وقعت بين موعد السداد والإعسار قليلة – لا تتسع لاستيفاء المحال به . فلا يملك المحال له تأجيل السداد صراحة بإعطاء المدين مهلة أخرى ، أو ضمنا بإهمال اتخاذ الإجراءات التحفظية أو التنفيذية على مال المدين . فإن فعل ، وأعسر المدين فى هذه الأثناء ، فلا رجوع على المحيل . وإذا كان تأجيل الدائن سداد الدين لا يبرئ الكفيل من الكفالة بينما يبرئ المحيل من الضمان ، فلأن للكفيل الحق قانوناً فى مطالبة المدين بالوفاء عند حلول أجل الاستحقاق فتتوافر لديه بذلك الوسيلة لاتقاء إعسار المدين ، فإذ لم يفعل فيجب أن يتحمل النتيجة . أما المحيل فلا يملك ذلك بداهة ، فإنه لم يعد دائناً بعد الحوالة ( طنطا 22 أكتوبر سنة 1931 المحاماة 13 رقم 287 ص 554 ) . ومن هذا الحكم يتبين الفرق بين مركز المحيل الضامن ليسار المدين وقت حلول الحق المحال به ومركز الكفيل . فإن ذمة الكفيل لا تبرأ لمجرد أن الدائن تأخر فى اتخاذ الإجراءات أو لمجرد أنه لم يتخذها ، وإنما تبرأ ذمته –طبقاً لأحكام التقنين المدنى الجديد ( م 785 / 2 ) - إذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر من إنذار الكفيل للدائن ، ما لم يقدم المدين للكفيل ضماناً كافياً . هذا إلى أن مصدر التزام الكفيل و عقد الكفالة ، وهذا العقد يفترض عادة قيام علاقة وكالة أو فضالة بين الكفيل والمدين ، فإن دفع الكفيل الدين عن المدين رجع عليه بدعوى الوكالة أو بدعوى الفضالة . أما مصدر التزام المحيل بالضمان فمصدره عقد الحوالة فنسه الذى ورد فيه شرط الضمان ، ولا يفترض هذا الشرط عادة قيام علاقة وكالة أو فضالة بين المحيل والمدين ، فإن دفع المحيل الدين للمحال له وفاء لالتزامه بالضمان ، فالغالب ألا يجد أمامه للرجوع على المدين بما دفعه إلا دعوى الإثراء بلا سبب .
( [871] ) بودرى وسينيا فقرة 837 – فقرة 838 .
( [872] ) وهذا فرق آخر بين مركز المحيل الضامن ليسار المدين ومركز الكفيل . فالكفيل ليس له فى الأصل إلا أن يطلب تجريد المدين نفسه ، فإذا كان للدين كفالة عينية ، كان للدائن أن يرجع على الكفيل الشخصى دون الكفيل العينى ، وعند ذلك يحل الكفيل الشخصى محل الدائن فى الرجوع على الكفيل العينى . أما المحيل الضامن ليسار المدين فله أن يطلب منن المحال له الرجوع على الكفيل العينى للحق المحال به قبل الرجوع عليه هو . وسنرى حالا أن الكفيل ، دون المحيل الضامن للسيار ، يلتزم بتقديم مصروفات التجريد . ومن ذلك يتبين أن التزام المحيل الضامن لليسار هو بوجه عام أيسر من التزام الكفيل .
( [873] ) وقد قضى بأن حق المحال له فى الرجوع على المحيل بالضمان مقيد بحصول تجريد أموال المدين تجريداً فعلياً بالبيع عقد باستحقاق الوفاء ، إذ قبل ذلك لا يتحقق الإعسار . وهذا البيع يجب أن يشمل المدين وملك الغير المرتهن وفاء للسداد إذا كان هناك شيء من ذلك . وبمعنى آخر يجب أن يستنفد المحال له جميع وسائل السداد قبل الرجوع على الحيل ( استئناف مصر 8 يونيه سنة 1932 المحاماة 13 رقم 280 ص 543 – طنطا 22 أكتوبر سنة 1931 المحاماة 13 رقم 287 ص 554 ) .
( [874] ) أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 166 – بودرى وسينيا فقرة 839 – فقرة 840 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1133 ص 529 – ص 530 .
ومع ذلك فقد قضت محكمة الإسكندرية بأن شرط الرجوع على المحيل بالضمان قد جاء من إنه كفيل وضامن للمدين فى تحصيل الدين وقبضه ، ويجوز فى هذه الحالة أن يطلب المحيل ، إذا لم يكن ضامناً متضامناً ، رجوع المحال له أولا على المدين بطلب حق التجريد إذا توافرت شروطه ، وأيسرها ألا يكون المحيل ضامنا متضامنا ، وبشرط أن يرشد المحيل إلى أموال المدين ، وأن يقدم للمحال له مصروفات التجريد والمستندات الخاصة بذلك ، وأن يطلب ذلك صراحة قبل التكلم فى موضوع الدعوى ( الإسكندرية 23 مارس سنة 1940 المحاماة 20 رقم 503 ص 1190 ) .
( [875] ) كذلك لا توجد أفضلية للمحيل على المحال له كما توجد هذه الأفضلية للدائن الأصلى الذى حل محله شخص آخر فى جزء من الدين : أنظر الفقرة الأولى من المادة 330 .
( [876] ) أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 167 – بودرى وسينيا فقرة 843 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1127 .
( [877] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 128 .
( [878] ) أنظر آنفاً فقرة 271 فى الهامش – مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 123 .
( [879] ) أنظر آنفاً 280 فى الهامش .
( [880] ) أما التقنين المدنى الفرنسى فقد أغفل النص على وضع حد أقصى لضمان المحيل بحكم القانون ، ولكنه وضع هذا الحد لضمان المحيل بحكم الاتفاق . فنصت المادة 1694 من هذا التقنين على أن المحيل لا يكون مسئولا عن يسار المدين إلا إذا التزم بذلك ، وفى حدود الثمن الذى تقاضاه عن الحق . فانقسم الفقه الفرنسى فى المقدار الذى يرجع به المحيل له على المحيل عند تحقق الضمان بحكم القانون . ففريق يذهب إلى أن المحال له لا يرجع على المحيل له على المحيل عند تحقق الضمان بحكم القانون . ففريق يذهب إلى أن المحال له لا يرجع على المحيل إلا بالثمن الذى دفعه ، قياساً على الرجوع فى حالة ضمان اليسار بموجب المادة 1694 السالفة الذكر ( ديرانتون 16 فقرة 512 – ترولونج فى البيع 2 فقرة 943 – ديفرجييه فى البيع 2 فقرة 263 – أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 164 – جيللوار فى البيع والمقايضة 2 فقرة 836 ) . وفريق آخر يجعل الرجوع فى الضمان بحكم القانون بقيمة الحق كله لا بالثمن وحده ، قياساً على ضمان الاستحقاق فى عقد البيع . ويوجهون هذا الرأى بالضمان بحكم القانون هو ضمان الوجود الحق ، فإذا اشترى المحال له حقاً غير موجود كان له أن يرجع بقيمته على المحيل ، لأنه لم يضارب على وجود الحق بل ضارب على يسار المدين . فإذا كان الحق موجوداً ، ولكن المدين كان معسراً ، لم يكن له أن يرجع على المحيل إلا بالثمن الذى دفعه حتى لو اتفق معه على الرجوع بقيمة الحق كلها ، لأنه لما ضارب على يسار المدين فقد تحمل تبعة إعساره ، فإن كان المدين موسراً فقد خلص له كل الحق ، وإن كان معسراً فليس له إلا الرجوع بالثمن على المحيل ( كولميه دى سانتير 7 فقرة 139 مكررة – لوران 24 فقرة 549 – هيك 2 فقرة 492 – بودرى وسينيا فقرة 822 – أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ ( Cession de creanc ) فقرة 746 ) . ويذهب بلانيول وريبير وردوان إلى أن المحال له لا يرجع على المحيل ، حالة الضمان القانونى ، بقيمة الحق كله إلا على سبيل التعويض ، فيجب عليه إذن أن يثبت أن الضرر الضمان القانونى ، بقيمة الحق كله إلا على سبيل التعويض ، فيجب عليه إذن أن يثبت أن الضرر الذى لحقه يعادل قيمة الحق ، ولا يتأتى له ذلك إلا إذا أثبت أن المدين موسر ولو أن الحق كان موجوداً لاستطاع أن يتقاضاه كله من المدين ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1132 ص 528 ) . وينتصر الأستاذ شفيق شحاته لهذا الرأى ( حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية فقرة 32 ) .
أما ضمان المحيل ليسار المدين ، فإن نص المادة 1694 من التقنين الفرنسى ، كما رأينا ، صريح فى أنه يقتصر على استرداد المحال له للثمن الذى دفعه . واختلف الفقهاء فى فرنسا هل يعتبر هذا الحكم من النظام العام . ففريق يذهب إلى أنه من النظام العام فلا يعتد بالاتفاق المخالف ولا يرجع المحال له على المحيل إلا بالثمن ولو اتفق معه على أن يرجع عليه بكل قيمة الحق ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1133 – بلانيول وريبر وبولانجيه 2 فقرة 1717 . جوسران 2 فقرة 811 ) . وفريق آخر يذهب إلى أن هذا الحكم ليس من النظام العام ، وأنه يجوز للمحال له أن يتفق مع المحيل الذى ضمن يسار المدين على أن يرجع عليه ، فى حالة تحقق هذا الضمان ، بقيمة الحق كله لا بالثمن وحده ( بودرى وسينيا فقرة 836 – أنظر أيضاً المادة 284 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى وقد سبق ذكرها آنفاً فقرة 271 فى الهامش ) .
( [881] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 126 – وأنظر آنفاً 271 فى الهامش .
( [882] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ، وهى تقول فى هذا الصدد : " على أن إعمال مبدأ سلطان الإدارة يرد عليه فى هذا النطاق قيدان . فيراعى من ناحية أن مدى التزام المحيل بالضمان لا يجاوز على وجه الإطلاق رد ما أدى إليه فعلا مع الفوائد والمصروفات . وقد قصد من نص المشروع على عدم جواز الاتفاق على خلاف هذا الحكم إلى قطع السبيل على المرابين . ويراعى من ناحية أخرى أن اشتراط الإعفاء من المسئولية عن ضمان الاستحقاق يقع باطلا إذا كان هذا الاستحقاق يرجع إلى فعل المحيل نفسه . . وليس هذا الحكم سوى تطبيق للقواعد المقررة بشأن ضمان الاستحقاق بوجه عام " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 127 – ص 128 ) .
( [883] ) ممن يقولون بالحل الثانى بودرى وسينيا فقرة 834 ، وبلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1133 . وكنا نقول به أيضاً فى الموجز فقرة 520 ص 538 هامش رقم 1 .
وممن يقولون بالحل الثالث هيك فقرة 742 .
( [884] ) بودرى وسينيا فقرة 841 .
( [885] ) أنظر آنفاً فقرتى 283 و 284 .
( [886] ) تاريخ النصوص :
م 306 : ورد هذا النص فى المادة 431 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 318 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 306 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 118 - ص 119 ) .
م 312 : ورد هذا النص فى المادة 439 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " يجوز للمدين أن يحتج على المحال إليه بالدفوع التى كان له ، وقت نفاذ الحوالة فى حقه ، أن يحتج بها على المحيل ، كما يجوز له أن يحتج بالدفوع الخاصة بالمحال إليه وحده " . وفى لجنة المراجعة عدل النص بما جعله مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمه 324 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 312 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 129 – 131 ) .
( [887] ) التقنين المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 306 و م 312 ( مطابقتان للمادتين 306 و 312 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 293 و م 300 ( مطابقتان للمادتين 306 و 312 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 366 ( تطابق المادة 312 من التقنين المدنى المصرى ، فيما عدا العبارة الأخيرة فهى تجرى فى التقنين العراقى على الوجه الآتى : " كما يجوز له أن يحتج بالدفوع الخاصة بالمحال له وحده . ولا مقابل فى التقنين العراقى للمادة 306 من التقنين المصرى ، ولكن حكمها متفق مع القواعد العامة : أنظر الدكتور حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 252 – فقرة 254 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : م 285 / 2 : فيحق إذن للمديون أن يدلى بأسباب الدفع والدفاع ، التى كان يحق له أن يدلى بها ، تجاه المتفرغ له . ويجرى الأمر بالعكس إذا كان المديون قد وافق على الانتقال بلا قيد ولا شرط ، فهو يعدل إذن عادلا عن وسائل الدفاع التى كان يملكها إلى ذلك الحين .
( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المدنى المصرى : أنظر الدكتور صبحى المحمصانى فى انتقال التزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 35 – 37 ) .
( [888] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 119 .
( [889] ) بودرى وسينيا فقرة 851 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1129 ص 520 .
( [890] ) أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 154 – ص 155 – بودرى وسينيا فقرة 851 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1129 ص 520 – ولا يوقع المحال له حجزاً تحفظياص تحت يد المحال عليه ، فإذن هذا ليس مديناً لمدينه بل هو مدينه المباشر . وإن فعل ، عد هذا بمثابة إعلان للحوالة ، ومن ثم لا يكون فى حاجة إلى طلب تثبيت الحجز التحفظى ( استئناف مختلط أول أبريل سنة 1891 م 3 ص 279 – وأنظر آنفاً فقرة 266 فى الهامش ) .
( [891] ) جيللوار 2 فقرة 806 وما بعدها –أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 155 – بودرى وسينيا فقرة 851 ص 885 – عكس ذلك : ديفر جييبه 2 فقرة 204 – لوران 24 فقرة 518 وما بعدها .
وهناك شك فيما إذا كان المحال له يستطيع أن يطعن باسمه فى حكم صدر ضد المحيل لمصلحة المخال عليه قبل صيرورة الحوالة نافذة فى حق المحال عليه ( أنظر فيما يتعلق بالطعن بالنقض بلانيول وريبير وردوان 7 ص 520 هامش رقم 3 ) . وسنرى أن المحال له يستطيع ذلك دون خلاف بعد صيرورة الحوالة نافذة فى حق المحال عليه ( أنظر فقرة 294 فى الهامش ) .
( [892] ) ويقول بلانيول وريبير وردوان إن هذا قياس مع الفارق ، فالمحال له لا وجود لحقه تجاه المحال عليه قبل صيرورة الحوالة نافذة فى حق هذا الأخير ، أما الدائن تحت شرط واقف فحقه موجود حتى قبل تحقق الشرط . ولكنهم يرون مع ذلك أن هذا الحكم تبرره فائدته العملية فهو يتعجل بعض آثار الحوالة فى حق المدين من غير أن يلحق به كبير ضرر ( بلانيول وريبير وردوان 7 ص 521 ) .
وإذا كان المحال له يستطيع اتخاذ إجراءات تحفظية ضد المحال عليه ، فهذه الإجراءات يستطيع أيضاً ، ومن باب أولى ، أن يتخذها المحيل ، لأنه لا يزال دائناً للمحال عليه مادامت لم تصبح نافذة فى حق هذا الأخير . ومن ثم يكون للمحال عليه ، بالنسبة إلى الإجراءات التحفظية ، دائنان فى وقت واحد : المحيل والمحال له ( أنظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1129 ص 520 – ص 521 – وأنظر أيضاً فلانية فى العقود لحساب الغير ) .
( [893] ) بودرى وسينيا فقرة 851 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1129 ص 521 وهامش رقم 3 .
( [894] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1129 ص 521 – وأنظر آنفاً فقرة 291 .
( [895] ) ومن ثم لا يكون للإعلان أو القبول شأن عمل كبير فى العلاقة ما بين المحال له والمحال عليه ، وهذا بعكس الغير من محال له ثانى أو دائن حاجز أو دائن عادى فى حالة إفلاس المحيل أو إعساره ، فإن للإعلان أو القبول شأناً حاسماً بالنسبة إلى هؤلاء . ونرى من ذلك أن المحال عليه فى مركز وسط بين أطراف الحوالة والغير ، فهو لا يتمحص غيرا ولا يخلص طرفاً فى الحوالة ( بلانيول وريبير وردوان 7 ص 523 هامش رقم ) .
وهناك تياران متضاربان فى تقدير أهمية إجراءات الإعلان والقبول ، وهى الإجراءات التى تجعل الحوالة نافذة فى حق المدين وفى حق الغير : تيار ينزع إلى الخفض من شأن هذه الإجراءات والتقليل من أهميتها وهذا هو المذهب الجرمانى ، وتيار ينزع إلى الإكبار من شأنها وجعلها بمنزلة إجراءات للشهر كالتسجيل والقيد وهذا هو المذهب اللاتينى ( قارب فى هذا المعنى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1129 ص 521 – ص 523 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1708 ) على أن هذه الإجراءات لا تستكمل مقوماتها كإجراءات للشهر فعالة ، إلا إذا كان المدين المحال عليه ملزماً قانوناً بإخطار الغير ، متى طلب منه ذلك ، بما يعلمه من حوالات سابقة عن طريق قبوله لها أو إعلانه بها ، فيكون المحال عليه هو الجهة التى يتركز فيها الشهر ( أنظر اقتراحاً فى هذا المعنى لجمعية الدراسات التشريعية فى مجلتها سنة 1937 ص 340 والتقرير الذى وضعه بولانجيه فى هذا الشأن ) .
( [896] ) وقد تقدم الكلام فى انتقال الحق فيما بين المحيل والمحال له ( أنظر آنفاً فقرة 272 – 277 ) ، ونحن الآن فى صدد انتقال الحق إلى المحال له بالنسبة إلى المحال عليه .
( [897] ) وكما ينتقل الحق بضماناته أيضاً بما يثقله من تكاليف ، فينتقل حق المقاول إلى المحال له مثقلا باميتاز المقاول من الباطن ( استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1920 م 32 ص 161 : دوائر مجتمعة – 30 مارس سنة 1920 م 32 ص 242 ) .
( [898] ) ولا يقتصر على استيفاء العوض الذى دفعه مقابلا للحق ، إلا إذا كان متنازعاً فيه ، وقد تقدم بيان ذلك .
( [899] ) ويجوز للمحال له أن يأخذ حق اختصاص بحكم حول له ( استئناف مختلط 20 مايو سنة 1903 م 15 ص 307 ) ، كما يجوز له أن يرفع استئنافاً عن حكم صدر ضد المحيل ( استئناف مختلط 14 نوفمبر سنة 1900 م 13 ص 10 – 26 أبريل سنة 1905 م 17 ص 230 – 15 نوفمبر سنة 1905 م 18 ص 12 ) . وبالجملة يستطيع المحال له أن يتخذ الإجراءات القضائية ضد المحال عليه باسمه خاصة ( استئناف مختلط 22 ديسمبر سنة 1898 م 11 ص 61 – 22 نوفمبر سنة 1899 م 12 ص 12 ص 22 – 12 يونيه سنة 1902 م 14 ص 347 ) .
وبالنسبة إلى الإجراءات القضائية يمكن تلخيص موقف المحال له فى المبادئ الآتية : ( أولا ) للمحال له رفع الدعوى باسمه ضد المحال عليه لمطالبته بالحق المحال به ( محكمة مصر 11 أبريل سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 88 ص 169 ) ، وله أن يدخل المحيل ضامناً فى الدعوى ( استئناف مصر 25 يونيه سنة 1925 المحاماة 6 رقم 533 ص 855 ) . ( ثانيا ) إذا وجدت قضية قائمة بين المحيل والمحال عليه فى خصوص الحق المحال به ، وجب على المحال له أن يأخذ مكان المحيل فيها ، بأن يتدخل فى الدعوى فى اية حالة كانت عليها ( استئناف مصر 2 أبريل سنة 1930 المحاماة 10 رقم 355 ص 717 – استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1890 م 3 ص 24 ) . ( ثالثا ) يعتبر المحيل وكيلا عن المحال له فى مواجهة دفاع المحال عليهن فالاستئناف المرفوع منه يفيد المحال له ( استئناف مختلط 24 نوفمبر سنة 1910 م 23 ص 47 ) ، وكذلك يستفيد المحال له من الطلبات التى وجهها المحيل إلى المحال عليه ، فالطلبات التى كانت موجهة من المحيل فى الدعوى الابتدائية تعتبر قائمة أمام محكمة الاستئناف ( استئناف مصر 19 فبراير سنة 1930 المحاماة 10 رقم 343 ص 690 ) . ( رابعاً ) للمحال له الحق فى التنفيذ باسمه ولو كانت الحوالة فى ورقة عرفية ، ما دام الحق المحال به قد استجمع الشرائط القانونية ليكون قابلا للتنفيذ بأن يكون ثابتاً فى ورقة رسمية أو صدر به حكم قابل للتنفيذ ( مصر مستعجل 9 ديسمبر سنة 1939 المحاماة 20 رقم 233 ص 663 ) .
( [900] ) ومن باب أولى لا يستطيع المحيل أن يبرئ ذمة المحال عليه من الدين إذا كان إعلان الحوالة للمحال عليه سابقاً على إعلان الإبراء ( استئناف مختلط 18 نوفمبر سنة 1919 م 32 ص 14 ) . كذلك لا يستطيع المحال عليه أن يتمسك قبل المحال له ، فى حوالة الأجرة ، بحقه فى إنقاص الأجرة قبل المحيل إذا كان هذا الحق لم يستعمل إلا بعد أن أصبحت الحوالة نافذة قبل حقه ( استئناف مختلط 23 يناير سنة 1923 م 35 ص 160 ) . ولا يستطيع المحيل بعد نفاذ الحوالة فى حق المحال عليه أن يصالحه ( استئناف مختلط 2 يناير سنة 1901 م 13 ص 93 ) . ولا يحتج على المحال له بالاتفاقات التى تكون قد تمت بين المحيل والمحال عليه بعد إعلان الحوالة للمحال عليه ( نقض مدنى 29 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 412 ) .
( [901] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1126 ص 514 – ص 515 – وعلى العكس من ذلك ، إذا حول الحق لزوجة المدين ، وقف سريان التقادم لمصلحتها ، ولم يكن موقوفاً من قبل لمصلحة المحيل ( أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 160 – بودرى وسينيا فقرة 846 ) . وإذا حول الوارث حقاً للتركة انتقل إليه بالميراث ، وأصبح المحال له خلفاً خاصاً فى هذا الحق ، الديون فى حدود حصته فى الميراث ( استئناف مختلط 26 أبريل سنة 1900 م 13 ص 221 ) .
( م 34 – الوسيط ) .
( [902] ) نقض مدنى 3 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 76 ص 594 – استئناف أهلى 25 نوفمبر سنة 1909 المجموعة الرسمية 11 رقم 29 ص 79 – 21 مايو سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 130 ص 269 – 18 ديسمبر سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 46 ص 87 – 3 أبريل سنة 1923 المحاماة 3 رقم 416 ص 512 – استئناف مصر 15 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 141 ص 187 – 10 مارس سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 70 ص 166 – 2 أبريل سنة 1930 المحاماة 10 رقم 355 ص 717 – استئناف مختلط 6 نومفبر سنة 1889 م 1 ص 393 – 27 نوفمبر سنة 1890 م 3 ص 37 – 2 يونيه سنة 1898 م 10 ص 305 – 22 مارس سنة 1900 م 12 ص 171 – 26 يناير سنة 1905 م 17 ص 100 – 20 مارس سنة 1912 م 24 ص 203 – 5 مارس سنة 1913 سنة م 25 ص 207 – 23 فبراير سنة 1916 م 28 ص 167 – 7 يونيه سنة 1917 م 29 ص 486 – 24 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 86 – 21 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 38 – 8 فبراير سنة 1938 م 50 ص 123 – 16 مايو سنة 1939 م 51 ص 327 – 17 مايو سنة 1945 م 57 ص 134 .
( [903] ) وليس من الضوررى أن تكون المخالصة ثابتة التاريخ لأمكان أن يتمسك بها المحال عليه قبل المحال له ، ولكن للمحال له أن يثبت عدم جديتها ( استئناف مختلط 23 ديسمبر سنة 1902 م 15 ص 71 – أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 153 – بودرى وسينيا فقرة 847 ص 880 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1128 ص 517 هامش رقم 4 ) .
( [904] ) أنظر الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 360 – وقارن الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية فقرة 52 وفقرة 54 .
( [905] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 129 – ص 130 .
( [906] ) كذلك يستطيع المحال عليه أن يتمسك قبل المحال له بالفوائد الربوية التى دفعها للمحيل ويطلب استنزالها من أصل الدين ( بودرى وسينيا فقرة 847 ص 881 ) .
أما إذا كان الحق ما بين المحيل والمحال عليه صورياً ، وحوله المحيل إلى آخر فإن المحال له يعتبر من الغير فى الصورية إذا كان حسن النية ، ولا يستطيع المحال عليه أن يتمسك قبله بانعدام الحق لصوريته . وقد قضت محكمة النقض بأن ليس للمدين فى حوالة مدنية قبلها المدين والضامن قبولا ناقلا للملك أن يقيم الدليل فى وجه المحال له على صورية السبب الظاهر فى ورقة الدين ، متى كان المحال له يجهل المعاملة السابقة التى أخفى سببها عليه ، وكان يعتقد أن السبب الظاهر حقيقى ، وكان المدين لم يدفع بعلم هذا المحال له للسبب الحقيقى وقت احتياله بالدين ، ولأن إخفاء السبب الحقيقى تحت ستار السبب المنتحل لا يمكن الاحتجاج به على غير المتعاقدين ومنهم المحال له ( نقض مدنى 11 أبريل سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 247 ص 684 – أنظر أيضا : استئناف مصر 14 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 20 رقم 103 ص 293 استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1929 م 41 ص 209 – 11 ديسمبر سنة 1930 م 43 ص 77 – 31 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 55 – 16 مايو سنة 1944 م 56 ص 147 – 26 فبراير سنة 1946 م 58 ص 59 – وأنظر الوسيط جزء 2 فقرة 621 ص 1090 هامش رقم 1 ) .
( [907] ) هيك 2 فقرة 378 – بودرى وسينيا فقرة 847 ص 880 – ص 881 .
( [908] ) استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1897 م 9 ص 154 .
( [909] ) أما تقنين الموجبات والعقود اللبنانى فيعمم حكم المقاصة على جميع الدفوع الأخرى ، فتنص المادة 285 / 2 منه ، كما رأينا ، على أن يجوز " للمدين أن يدلى بأسباب الدفع والدفاع التى كان يحق له أن يدلى بها تجاه المتفرغ له . ويجرى الأمر بالعكس إذا كان المديون قد وافق على الانتقال بلا قيد ولا شرط ، فهو يعد إذن عادلا عن وسائل الدفاع التى كان يملكها إلى ذلك الحين " . وهذا الحكم منتقد ، وهو مخالف للمعنى الذى ينطوى عليه قبول الحوالة ، إذ لا يعدو هذا المعنى أن يكون إقراراً من المحال عليه بعلمه للحوالة ، ولا يتضمن هذا القبول نزولا منه عن الدفوع التى كان له أن يتمسك بها قبل المحيل ( أنظر فى هذا المعنى بودرى وسينيا فقرة 848 – الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية فقرة 51 ص 45 – الدكتور صبحى المحمصانى فى انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 36 – ص 37 ) . على أن قبول المحال عليه للحوالة قبولا لا تحفظ فيه ، ومتضمناً معنى أنه قد التزم شخصياً نحو المحال له ، قد يفيد نزوله عن الدفوع التى كان يستطيع أن يدفع بها مطالبة المحال له ، فلا يجوز له بعد ذلك أن يتمسك بأى دفع من هذه الدفوع ، ويجب عليه أن يفى بالحق المحال به للمحال له ، ثم يرجع بعد ذلك على المحيل إن كان هناك وجه للرجوع ( استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1907 م 20 ص 8 – الإسكندرية 27 أكتوبر سنة 1930 المحاماة 12 رقم 226 ص 450 – بودرى وسينيا فقرة 849 – فقرة 850 – قارن الموسكى 16 أكتوبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 280 ص 550 ) . ولكن تضمين قبول المحال عليه للحوالة معنى النزول عن الدفوع التى كانت له قبل المحيل لا يفترض ، بل لابد أن يكون هذا المعنى واضحاً من قبول الحوالة ، فإن قام شك فسر القبول لمصلحة المحال عليه ، لأنه هو المدين ، واعتبر قبولا للحوالة مع الاحتفاظ بما للمحال عليه من دفوع كان له أن يتمسك بها قبل المحيل ( بودرى وسينيا فقرة 849 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1121 ص 501 - 502 – وأنظر آنفاً فقرة 267 ) .
ويعرض التقنين المدنى الألمانى لدفع المحال عليه بالمقاصة ، فتنص المادة 406 من هذا التقنين على ما يأتى : " يجوز للمدين أيضاً أن يتمسك بالمقاصة قبل الدائن الجديد ( المحال له ) فى حق ثبت له فى ذمة الدائن السابق ( المحيل ) ، إلا إذا كان وقت أن كسب هذا الحق قد أحاط علماً بوقوع الحوالة ، وإلا إذا كان حقه لم يحل إلا بعد علمه بالحوالة ، ويشترط فى هذه الحالة الأخيرة ألا يكون هذا الحق قد حل إلا فى وقت لاحق لحلول الحق المحال به " . وأنظر فى التعليق على هذا النص التعليقات على التقنين المدنى الألمانى 1 م 406 ص 576 – ص 578 .
( [910] ) ويبدو مما قدمناه أن من الإسراف القول بأن للمحال عليه أن يتمسك بالدفوع التى ترجع إلى عقد الحوالة ذاته ، فقد رأيناه لا يستطيع أن يتمسك بإبطال العقد أو بفسخه ، ويجب عليه أن يدخل المحيل خصما فى الدعوى ليتولى التمسك بذلك . وإذا كان المحال عليه يستطيع التمسك ببطلان العقد ، فإن ذلك لا يرجع إلى قواعد الحوالة بل إلى قواعد البطلان المطلق ، إذ يستطيع التمسك بالبطلان المطلق كل ذى مصلحة . وسنرى حالا أن المحال عليه يستطيع أن يتمسك بصورية الحوالة ، ولكن هذا أيضاً يرجع إلى قواعد الصورية لا إلى الحوالة ، فإن الصورية كالبطلان المطلق يستطيع كل ذى مصلحة أن يتمسك بها . وقد كان المشروع التمهيدى لنص المادة 312 مدنى ، وهو النص الذى يجيز للمحال عليه أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة ،ويجرى على الوجه الآتى : " كما لا يجوز له أن يحتج بالدفوع الخاصة بالمحال إليه وحده " ، أى يستطيع المحال عليه أن يتمسك ضد المحال له مثلا بمقاصة وقعت بين الحق المحال به وحق آخر مقابل ترتب فى ذمة المحال له للمحال عليه ، فكان النص مستقيا على هذا الوجه . إلا أنه عدل فى لجنة المراجعة ، لتنسيقه مع المادة 320 الواردة فى حوالة الدين ، مع أن هناك فرقاً واضحاً بين حوالة الدين وحوالة الحق فى هذا الصدد . ففى حوالة الدين –دون حوالة الحق - يكون المحال عليه دائماً طرفاً فى عقد الحوالة ، فمن حقه إذن أن يتمسك بالدفوع المستمدة من هذا العقد . ( أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 129 – ص 131 – أنظر آنفاً فقرة 289 فى الهامش ) . وكان الأولى إبقاء النص على أصله دون تعديل ، وهذا ما وقع فى التقنين المدنى العراقى فى المادة 366 ، فقد بقيت هذه المادة على اصلها فى المشروع التمهيدى المصرى دون تعديل كما بينها ذلك آنفاً فى فقرة 289 فى الهامش . ( أنظر فى هذا المعنى الأستاذ شفيق شحاتة فى حوالة الحق فى قوانين البلاد العربية فقرة 55 – الدكتور صبحى المحمصانى فى انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 37 – وقارن الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 360 ) .
( [911] ) قارن استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1938 م 50 ص 363 – 6 نوفمبر سنة 1942 3 ص 360 ) .
( [912] ) ولا يكفى لإثبات صورية الحوالة أن المقابل المدفوع يعادل قيمة الحق المحال به مع أن هذا الحق لا ينتج فوائد ومع أن استيفائه يقتضى وقتاً وإجراءات طويلة ( استئناف مختلط 30 مايو سنة 1939 م 51 ص 235 ) .
( [913] ) الوسيط جزء 2 فقرة 621 ص 1090 هامش رقم 1 .
( [914] ) استئناف مختلط 3 نوفمبر سنة 1938 م 51 ص 9 . وأنظر فى إمكان أن تكون الحوالة وكالة بالقبض بقصد التحصيل ما ذكرناه آنفاً فقرة 246 فى الهامش .
( [915] ) أنظر آنفاً فقرة 291 فى الهامش .
( [916] ) بودرى وسينيا فقرة 852 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1128 .
( [917] ) ولكن لا يجوز لدائنى المحال له أن يوقعوا حجزاً تحفظيا تحت يد المحال عليه ، لن هذا لا يعتبر قبل الإعلان أو القبول مديناً لمدينهم .
( [918] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1128 ص 518 – ص 518 – وقد رأينا فيما قدمناه أن المحال له هو أيضاً يستطيع أن يقوم بإجراءات تحفظية وإجراءات تنفيذية فى المرحلة التى نحن بصددها ، بحيث يكون المحق المحال به صاحبان فى وقت واحد .
( [919] ) وإذا كان الحق المحال به مضافاً إلى أجل ، وكان الأجل فى صالح المحيل ، لم يستطع هذا ، بعد الإعلان أو القبول ، أن ينزل عن الأجل حتى يتمسك بالمقاصة فى دين كان قد حل فى ذمته للمحال عليه . وإذا كان الأجل فى صالح المحال عليه ، لم يستطيع هو أيضاً ، بعد الإعلان أو القبول ، أن ينزل عن الأجل ليتمسك بالمقاصة ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1148 ص 518 هامش رقم 3 ) .
( [920] ) بودرى وسينيا فقرة 852 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1128 ص 518 .
( [921] ) تاريخ النصوص :
م 313 : ورد هذا النص فى المادة 440 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 325 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم رقم 313 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 131 - 132 ) .
م 314 : ورد هذا النص فى المادة 441 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 326 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 314 ( مجموعة العمال التحضيرية 3 ص 133 - ص 135 ) .
( [922] ) تقنين المرافعات السابق م 433 / 495 : إذا وقع الحجز على مال المدين عند الغير ، ثم أحال المدين أجنبياً بالزائد له عند الحجوز لديه أو بعضه وأعلنت الحوالة إعلاناً صحيحاً ، ثم ظهر بعد ذلك مداينون آخرون ووقعوا الحجز ، فهؤلاء يتحاصون مع الحاجزين السابقين ومع المحتال بشرط أن يقنص من حصة كل من الحاجزين المتأخرين قدر ما يفى بإتمام مبلغ الحوالة ، كل منهم بحسب ما يخصه بالنسبة لدينه . ( وهذا الحكم يتفق مع الحكم الوارد فى المادة 314 من التقنين المدنى الجديد ) .
( [923] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 313 - 314 ( مطابقتان للمادتين 313 - 314 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 300 - 301 ( مطابقتان للمادتين 313 - 314 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 373 - 374 ( مطابقتان للمادتين 313 - 314 من التقنين المدنى المصرى ) .
تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى م 647 : إن التفرغ عن الدين المطلوب للمحجوز عليه يجعل الحجز باطلا إذا جرى هذا التفرغ قبل إبلاغ ورقة الحجز إلى الشخص الثالث المحجوز لديه .
م 648 : إذا حدث بعد الحجز لدى شخص ثالث ، وقبل كل حكم بإثبات الحجز وكل قرار بحصر امتياز الحجز ، أن المديون تفرغ لأحد عن الدين المحجوز لدى الشخص الثالث ، فإن التفرغ يكون باطلا بهذه الصفة ، بيد أن المتفرغ له يصبح تجاه الحاجز الأول بمنزلة حاجز ثان ، ويشترك معه على نسبة ماله من الدين .
م 649 : إذا حدث بعد أول حجز لدى شخص ثالث ، وقبل كل حكم بإثبات الحجز وكل قرار بحصر امتياز الحجز ، أنه جرى أولا تفرغ عن الدين ثم حجز ثان ، فإن المتفرغ له يأخذ نصيبه وقت التوزيع مع الحاجز الأول ويكون مقدماً على الحاجز الثانى . ويتم التوزيع على الوجه الآتى : تحدد أولا حصة الحاجز الأول بإجراء توزيع نسبى بين ذوى الشأن الثلاثة ، ثم تعطى الزيادة للمتفرغ له بالأفضلية على الحاجز الثانى .
وهذه النصوص تتفق أحكامه مع أحكام التقنين المصرى . أنظر مع ذلك الدكتور صبحى محمصانى ، وهو يقول : " إن الفرق واضح فى الأحكام ما بين التقنين اللبنانى والتقنينات العربية ، فإن أفضلية المحال له بالنسبة للحاجز الثانى محدودة بقيمة الحوالة فى هذه القوانين ، على حين أن الأفضلية مطلقة فى القانون اللبنانى " ( انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 39 ) . ولا نظن ، مهما تكن الأفضلية مطلقة فى التقنين اللبنانى ، أن المحال له يحصل فى التوزيع على اكثر من قيمة الحوالة ، وهذا هو الحكم أيضاً فى التقنينات العربية الأخرى .
( [924] ) أنظر آنفاً فقرة 264 .
( [925] ) الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 244 ص 338 .
( [926] ) الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 255 ص 358 . ويشير إلى حكم محكمة الاستئناف المختلطة فى 12 أبريل سنة 1933 م 45 ص 233 .
( [927] ) ليون كان ورينو 7 فقرة 703 – الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 255 ص 359 .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الدفع بعدم جواز إعلان الحوالة للمدين المحال عليه بعد إفلاس المحيل لا يجوز التمسك به إلا من دائنى هذا الأخير الذين تتكون منهم جماعة الدائنين ( 27 مارس 1930 م 42 ص 385 – وأنظر أيضاً : استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1932 م 44 ص 202 ) . ويقول الأستاذ محسن شفيق فى هذا الصدد : " ويسرى ذات الحكم إذا كان الحق مما يتداول بالطرق التجارية ، أى بطريق التسليم إذا كان لحامله ، أو التظهير إذا كان إذنيا ، أو القيد فى دفاتر المحال عليه إذا كان اسمياً ، لأن التسليم أو التظهير أو القيد فى الدفاتر يقوم مقام الإجراءات الخاصة بالحوالة المدنية . وعلى هذا الأساس إذا تنازل المفلس عن ورقة تجارية أو مالية لحاملها ، ولم يقع التسليم حتى صدور حكم الإفلاس ، فلا يحتج بالتنازل فى مواجهة جماعة الدائنين . وإذا تنازل عن ورقة تجارية أو مالية إذنية ولم توضع صيغة التظهير الناقل للملكية على الورقة حتى صدور حكم الإفلاس ، فلا يجوز وضعها بعد ذلك ، ولا يكون للمتنازل إليه أن يحتج بالتظهير فى مواجهة جماعة الدائنين ولو كان الصك فى حيازته ، ومن هنا تبدو أهمية تاريخ التظهير . ولما كان القانون لا يتطلب أن يكون هذا التاريخ ثابتاً بوجه رسمى ، فقد أراد أن يعوض ذلك بتوقيع العقوبة على الكذب فيه ، وعلى الأخص إذا كان هذا الكذب بتقديمه ، فقضى فى المادة 136 تجارى بأن تقديم التواريخ فى التحاويل ممنوع ، وإن حصل بعد تزويراً وإذا تنازل المفلس عن سهم أو سند اسمى ، ولم تتم إجراءات التنازل فى دفاتر للشركة حتى وقت صدور حكم الإفلاس ، فلا يجوز بعد ذلك إتمامها ، ولا يحتج بالتنازل فى مواجهة جماعة الدائنين ، فيكون لها أن تعتبر السهم أو السند لايزال فى ملكية المفلس : استئناف مختلط 13 أبريل سنة 1933 م 45 ص 233 " ( الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 255 – ص 359 – ص 360 ) .
( [928] ) الوسيط جزء 2 فقرة 708 ص 1232 .
( [929] ) ولو كان المحال له الأسبق فى التاريخ الثابت قد انتقل إليه المحال به ببيع أو هبة مثلا ، فإنه يجب المحال له المتأخر ، سواء كان هذا قد كسب الحق أو اقتصر على رهنه . أما إذا كان المحال له المتقدم لم ينتقل إليه الحق إلا على سبيل الرهن ، وكان المحال له المتأخر قد كسب الحق ببيع أو هبة مثلا ، فإن المحال له الأول لا يجب المحال له الثانى إلا فى حدود حق الرهن ، فينتقل الحق المحال به إلى المحال له الثانى مثقلا بحق الرهن الثابت للمحال له الأول . فإذا استوفى المحال له الأول الحق المضمون بالرهن من الحق المحال به المرهون ، وبقى شيء من هذا الحق الأخير ، فإن الباقى يؤول إلى المحال له الثانى .
( [930] ) استئناف مختلط 20 مارس سنة 1889 م 1 ص 179 – المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 131 – هذا ويشترط فى تفضيل صاحب التاريخ الثابت المتقدم أن يكون حسن النية ( استئناف مختلط 7 مايو سنة 1898 م 10 ص 208 – الوسيط جزء 2 فقرة 124 ص 233 ) . وهذا بخلاف التسجيل فى شهر الحقوق العينية الأصلية ، فإن الذى يسجل أولا يفضل على من سجل بعد ذلك ولو كان هذا الأخير قد تلقى التصرف قبل الأول ، ولا يشترط فيمن سجل أولا ، حتى يفضل ، أن يكون حسن النية . بل إن القضاء المصرى قد ذهب فى بعض أحكامه إلى تفضيل من سجل أولا ولو كان متواطئاً مع من صدر منه التصرف ( الوسيط جزء 2 فقرة 588 ص 1030 هامش رقم ) .
( [931] ) أنظر آنفاً فقرة 282 من آخرها .
( [932] ) أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 167 – ص 168 بودرى وسينيا فقرة 854 .
( [933] ) ورد فى تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى نص صريح فى هذا المعنى ، هو المادة 647 من هذا التقنين ( أنظر آنفاً فقرة 299 فى الهامش ) .
( [934] ) استئناف مختلط 25 يناير سنة 1911 م 23 ص 137 – 24 أبريل سنة 1912 م 24 ص 303 – 5 مارس سنة 1913 م 25 ص 207 .
( [935] ) بودرى وسينيا فقرة 856 .
( [936] ) وهذا حتى لو كان حق الدائن الحاجز متأخراً عن صدور الحوالة ، ما دام إعلان الحجز سابقاً على الإعلان أو التاريخ الثابت للقبول .
( [937] ) أما إذا كان الحجز باطلا ، بأ ، كان لم يعلن أو لم تعقبه دعوى بصحة الحجز ، فلا يعتد به ، وتكون الحوالة نافذة فى حق الحاجز ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1906 ص 16 ) .
( [938] ) أما إذا كان الدائن الحاجز قد استطاع الحصول على حكم بصحة الحجز قبل إعلان الحوالة أو قبولها ، ولم يقع الإعلان أو القبول إلا بعد انقضاء خمسة عشر يوماً من يوم تقرير المحجوز لديه بما فى ذمته فى قلم كتاب المحكمة ( م 561 مرافعات ) ، فإن الدائن الحاجز يكون فى هذه الحالة بمثابة محال له سابق ، ويتقدم على المحال له فى استيفاء حقه من الحق المحجوز عليه . ويفهم هذا الحكم من نص المادة 567 مرافعات ، إذ تقضى بأنه " يجب على المحجوز لديه بعد خمسة عشر يوماً من تاريخ تقريره ( بما فى ذمته ) أن يدفع إلى الحاجز المبلغ الذى أقر به أو ما يفى منه بحق الحاجز ، وذلك متى كان حقه وقت الدفع ثابتاً بسند تنفيذى وكانت الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 474 قد روعيت . فإذا وقع حجز جديد بعد انقضاء الميعاد المذكور ، فلا يكون له أثر إلا فيما زاد على دين الحاجز الأول . وإذا تعدد الحاجزون مع عدم كفاية المبلغ لوفاء حقوقهم جميعاً ، وجب على المحجوز لديه إيداعه خزانة المحكمة لتقسيمه " ( أنظر فى هذه المسألة فى القانون الفرنسى بودرى وسينيا فقرة 858 ) .
( [939] ) وغنى عن البيان أن الحوالة إذا تأخرت عن الحجز الثانى ، فتزاحم الدائن الحاجز الأول والدائن الحاجز الثانى والمحال له بهذا الترتيب ، اعتبرت الحوالة بمثابة حجز ثالث ، وقسم الحق المحجوز على الجميع قسمة غرماء .
( [940] ) أنظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1130 ص 524 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1729 – وقارن بودرى وسينيا فقرة 860 ص 891 ص 892 .
( [941] ) الموجز للمؤلف فقرة 527 ص 547 – ص 548 – المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 134 .
( [942] ) ولا يقال إن هذا الحل التشريعى يستقيم إذا كانت الحوالة بكل الحق ، فتجب الحوالة الحجز المتأخر ولا يأخذ الحاجز المتأخر شيئاً . فلا يزال الحاجز المتأخر –وحجزه باطل - يزاحم الحاجز المتقدم . وهذه المزاحمة غير الحقة من شأنها أن تنقص حصة الحاجز المتقدم من جهة ، وأن تزيد فى حصة المحال له من جهة أخرى . ففى المثل الذى أوردناه ، لو كانت الحوالة بكل الحق أى بتسعمائة ، فإن حصة الحاجز المتقدم على أساس تزاحم الدائنين الثلاثة تكون 180 وتحدد حصة كل من المحال له والحاجز المتأخر مبدئياً على أساس هذا التزاحم ، فتكون حصة المحال له 540 ، وحصة الحاجز 180 . ثم تستكمل حصة المحال له من حصة الحاجز المتأخر حتى يستوفى المحال له قيمة الحوالة ، فيستغرق ذلك حصة الحاجز المتأخر كلها دون أن يصل المحال له إلى استيفاء كل القيمة ،وتصبح حصة المحال له نهائياً 720 ، ولا يأخذ الحاجز المتأخر شيئاً . هذا هو الحل التشريعى ، وهو لا يزال متحيفاً للحاجز المتقدم ومحابياً للمحال له ، إذ ينبغى بعد استبعاد الحاجز المتأخر لبطلان حجزه ، ألا يزاحم الحاجز المتقدم غير المحال له . فيأخذ الحاجز المتقدم 225 بدلا من 180 ، ويأخذ المحال له 675 بدلا من 720 .
وإذا كان ينبغى ألا يضار المحال له بالحجز المتأخر وهو حجز باطل ، فلا يزاحمه مع الحاجز المتقدم الحاجز المتأخر لتنزل حصته إلى 540 ، فإنه ينبغى أيضاً ألا يحابى المحال له بسبب هذا الحجز الباطل ، فيزاحم الحاجز المتأخر الحاجز المتقدم وينقص من حصته ما يضيفه إلى المحال له فترتفع هذه الحصة إلى 720 . فالمحال له إذا نزلت حصته إلى 540 يكون قد خسر دون حق بسبب حجز باطل ، وإذا ارتفعت حصته إلى 720 يكون قد كسب دون حق بسب بهذا الحجز الباطل . والواجب هو ألا يخسر ولا يكسب ، فتكون حصته 675 ، لا تنزل إلى 540 ، ولا ترتفع إلى 720 .
( [943] ) هيك 2 فقرة 401 – بودرى وسينيا فقرة 861 – كولان وكابيتان 2 فقرة 632 ص 430 – ص 431 – وأنظر القضاء الفرنسى فى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1130 . ولم يتضمن التشريع الفرنسى حلا تشريعياً لهذه المسألة ، كما تضمن التشريع المصرى .
( [944] ) وقد يتفق هذا الحل مع الحل الأول فى النتائج النهائية ، إذا كان المحال له قد حول بجزء من الحق يستطيع أن يستوفيه بالرغم من مزاحمة الحاجز المتقدم له ، كما هو الأمر فى المثل الذى فرضناه فى إيضاح الحل الأول . وقد جاء فى الموجز فهذا الصدد ما يأتى : " ويمكن أن نصور فرضاً يتفق فيه الحلان –الحل المأخوذ به فى فرنسا والحل الذى أخذ به المشرع المصرى - فى النتيجة العملية على ما بينهما من خلاف ، ويكفى فى ذلك أن نجعل المحال له يستوفى كل حقه دون حاجة إلى أن يستكمل هذا لاحق من نصيب الحاجز الثانى ، فيكون نصيب المحال له واحداً فى الحلين ، ولما كان نصيب الحاجز الأول واحداً فى الحلين أيضاً ، فيتحد نصيب الحاجز الثانى كذلك . ونوضح ذلك بمثال : نجعل فى ذمة المدين ستمائة ، ونوقع حجزاً أولا بمبلغ ثلثمائة ، ثم حوالة بمبلغ ثلثمائة ، ثم حجزاً ثانياً بمبلغ ثلثمائة ، فالحل الفرنسى يقضى بأن المحال له يزاحم ولا يزاحم ، فيأخذ كل حقه وهو ثلثمائة ، ثم يأخذ الحاجز الأول مائتين على اعتبار ان الثلاثة قسموا المبلغ فيما بينهم قسمة الغرماء ، ويأخذ الحاجز الثانى الباقى وهو مائة . وهذه هى النتيجة التى يؤدى إليها الحل المصرى ، فهو يقضى بإعطاء الحاجز الأول مائتين على اعتبار قسمة الغرماء ، ثم يكل المائتين اللتين تصيبان المحال له من قسمة الغرماء حتى يستوفى كل حقه فيأخذ ثلثمائة ، ويأخذ الحاجز الثانى الباقى وهو مائة . هذا ويلاحظ أن المثال المتقدم هو الذى ينطبق على حرفية المادتين 433 / 495 من قانون المرافعات ، وقد جاء فيهما : ثم أحال المدين أجنبياً بالزائد له عند المحجوز لديه ، فكأن المشرع المصرى أراد الوصول إلى النتيجة العملية المأخوذ بها فى فرنسا ولكن من طريق آخر " ( الموجز للمؤلف فقرة 527 ص 548 هامش رقم ) .
( [945] ) وهناك حلول فقهية أخرى كثيرة لهذه المسألة المعروفة ، نذكر منها ما يأتى :
1- نفرض أن الحق المحال به هو 300 ، وقد توسطت الحوالة حجزين قيمة كل منهما 150 . فيقسم الحق المحال به بين الحاجز الأول والمحال له قسمة غرماء ، فيصيب الأول 100 ، ويصيب الثانى 200 . ثم يقسم ما يصيب الحاجز الأول –وهو 100 - بينه وبين الحاجز الثانى قسمة غرماء ، فيصيب كلا منهما 50 وعيب هذا الحل أنه يحمل الحاجز الأول مسئولية تأخر الحاجز الثانى فى الحجز ، ولا يجعل الحوالة المتقدمة تجب الحجز المتأخر .
2- يقسم المبلغ قسمة أولى ، كما فى الحل الأول ، بين الحاجز الأول والمحال له ، فيصيب الأول 100 ، ويصيب الثانى 200 . ثم يقسم ، كما فى الحل الأول أيضاً ، ما يصيب الحاجز الأول –وهو 100 - بينه وبين الحاجز الثانى فيصيب كلا منهما 50 ثم يرجع الحاجز الأول على المحال له بالخمسين التى نقصته من جراء مزاحمة الحاجز الثانى له ، فتكون الأنصبة فى النهاية : 100 للحاجز الأول و 150 للمحال له و 50 للحاجز الثانى . وعيب هذا الحل أنه يحمل المحال له مسئولية تأخر الحاجز الثانى فى الحجز ، ثم لا يجعل الحوالة المتقدمة تجب المتأخر .
3- يقسم المبلغ بين الثلاثة جميعاً قسمة غرماء ، فيصيب الحاجز الأول 75 ، ويصيب المحال له 150 ، ويصيب الحاجز الثانى 75 . وعيب هذا الحل أنه يجعل الحجز الثانى الباطل يزاحم الحجز الأول الصحيح ، ثم لا يجعل الحوالة المتقدمة تجب الحجز المتأخر .
( أنظر فى هذه الحلول المختلفة : أوبرى ورو 5 فقرة 359 مكررة ص 158 هامش رقم 44 – بودرى وسينيا فقرة 859 – فقرة 861 – أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ Cession de Creance فقرة 713 – فقرة 718 – الأستاذ أحمد نجيب الهلالى فى البيع فقرة 649 – الموجز للمؤلف فقرة 527 ) .
( [946] ) مراجع : سالى فى نظرية الالتزام فى مشروع التقنين المدنى الألمانى ( فقرات 81 و 105 وما بعدها ) – سالى فى حوالة الدين ( مقال فى حوليات القانون التجارى سنة 1890 ) – التقنين المدنى الألمانى مع التعليقات الجزء الأول ص 598 – ص 623 – جودميه ( Gaudemet ) بحث فى حوالة الدين كاستخلاف خاص رسالة من ديجون سنة 1898 – بنريه ( Benrey ) فى حوالة الدين رسالة من جنيف سنة 1910 – الأستاذان شيرون ( Cheron ) ومحمد صادق فهمى فى حوالة الدين فى التشريعات الأوروبية وفى الشريعة الإسلامية ( مقال فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 37 – ص 66 وص 137 – ص 190 ) بودرى وسينيا 3 فقرة 1758 وما بعدها – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1141 وما بعدها – دى باج 3 فقرة 384 – فقرة 388 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1312 – فقرة 1316 – كولان وكابيتان ودى لامورانديير 2 فقرة 642 – فقرة 646 – جوسران 2 فقرة 827 – فقرة 831 – أنسيكلوبيدى داللوز لفظ Cession de dette .
الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 268 – ص 288 – الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 232 – فقرة 239 ( ص 323 – ص 329 ) – الموجز للمؤلف فقرة 528 فقرة 532 ( ص 549 – ص 551 ) – الأستاذ أحمد حشمت أبوستيت فقرة 740 – فقرة 742 ( ص 560 – ص 563 ) .
( [947] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1147 مكررة – دى باج 3 فقرة 388 .
( [948] ) دى باج 3 فقرة 388 ص 360 .
( [949] ) بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1314 – وأنظر فى أن حوالة الدين تهدر شخص المدين ولا تعتد إلا بالقيمة المادية للالتزام كولان وكابيتان 2 فقرة 643 .
( [950] ) أنظر آنفاً فقرة 242 .
( [951] ) أنظر آنفاً فقرة 343 .
( [952] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1145 – دى باج 3 فقرة 387 ص 358 – الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 271 – ص 273 – وقد جاء فى الموجز فى هذا المعنى ما يأتى : " . . . فيتولد من هذا الاشتراط حق مباشر للدائن قبل المدين الجديد ، وبذلك يتحقق غرض من الغرضين اللذين تحققهما حوالة المدين . أما الغرض الآخر ، وهو براءة ذمة المدين القديم ، فلا يتحقق من وراء الاشتراط لمصلحة الدائن ، لأن المدين القديم يبقى ملتزماً قبل الدائن ما لم يبرئه الدائن باتفاق آخر . على أن الغرض الأول ، وهو التزام المدين الجديد مباشرة نحو الدائن ، لا يتحقق فى الاشتراط لمصلحة الغير على النحو الذى يتحقق به فى حوالة الدين . وذلك لأن حوالة الدين تنقل إلى ذمة المدين الجديد نفس الدين الذى كان فى ذمة المدين القديم بتأميناته ودفوعه كما قدمنا . أما الاشتراط لمصلحة الغير فيوجد فى ذمة المدين الجديد ديناً جديداً مستقلا عن الدين القديم فى التأمينات والدفوع " ( الموجز للمؤلف فقرة 530 ) .
والحالات العملية التى كان الاشتراط لمصلحة الغير يستخدم فيها ليقوم مقام حوالة الدين كثيرة . منها حلول شركة محل أخرى عند التصفية ، فتصبح الشركة الأولى ملزمة نحو دائنى الشركة الأخرى بموجب الاشتراط لمصلحتهم ، ولهؤلاء أن يرجعوا مباشرة على الشركة الأولى . وكذلك الأمر عندما تحل شركة تأمين محل شركة تأمين أخرى . فيرجع المؤمن لهم عند الشركة الأخرى مباشرة على شركة التأمين الأولى . وبيع المتجر يجعل دائنيه ، بموجب الاشتراط لمصلحتهم ، يرجعون مباشرة على مشتريه . وبيع العقار المرهون فى دين يجعل الدائن المرتهن ، بفضل الاشتراط لمصلحته ، يرجع مباشرة بدين شخصى ، لا بالرهن فحسب ، على مشترى العقار ( أنظر فى ذلك بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1146 ) .
( [953] ) أنظر المادة 389 / 474 مدنى سابق فيما يتعلق بحلول المشترى محل المؤجر ، والمادة 368 / 451 مدنى سابق فيما يتعلق بحلول المتنازل له عن الإيجار محل المستأجر .
( [954] ) وقد قرر التقنين المدنى الجديد هذا الحكم فى نص تشريعى هو المادة 146 .
( [955] ) وقد ذهب بودرى وبارد إلى إمكان الاتفاق على حوالة الدين فى القانون الفرنسى ، فإن هذا القانون إذا كان لم ينظم حوالة الدين ، فهو بحكم مبدأ سلطان الإرادة لم يقفل الباب دونها . ولا ينبغى أن يحول التقنين دون تطور النظم القانونية واستكمال ما يكون ناقصاً فى التقنين ، وهذا هو عمل الفقه . ثم بوردان مثل التقنين المدنى النمساوى ، فإن هذا التقنين ، كالتقنين المدنى الفرنسى ، لم ينظم حوالة الدين . ومع ذلك لمن يمنع سكوته عن هذا التنظيم من أن تكون حوالة الدين معمولا بها فى النمسا بالقدر الذى أقره التقنين المدنى الألمانى ذاته ( بودرى وبارد 3 فقرة 1766 ص 93 – ص 94 ) . ويشير جوسران إلى كثير من النظم التى أدخلها العمل فى القانون قبل أن يتولى المشرع تنظيمها ، كعقود التأمين والمؤسسات وعقد النشر . فلا شيء يمنع إذن من إدخال نظام حوالة الدين ، أسوة بهذه النظم ( جوسران 2 فقرة 830 ص 449 – ص 450 – فقرة 831 ) . أنظر أيضاً فى هذا المعنى : سالى فى الالتزامات فقرة 83 – وفى حوالة الدين ص 39 – جودميه ص 304 و ص 538 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1147 – دى باج 3 فقرة 386 – أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ Cession de dette فقرة 43 – فقرة 47 – الموجز للمؤلف فقرة 530 ص 551 .
على أنه قد لا يتيسر فى بعض الحالات أن ينتقل ، بمجرد الاتفاق ودون حكم القانون ، الدين بصفة لصيقة به من المدين الأصلى إلى مدين جديد . فالدين التجارى يصعب نقله بصفته التجارية إلى المدين الجديد ليكون من اختصاص القضاء التجارى ، فإن الاختصاص النوعى يعتبر من النظام العام ( أنظر فى هذا المعنى الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى المقال المنشور بمجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 38 ) . كذلك إذا كان هناك حكم صادر ضد المدين الأصلى ، فإنه يصعبن فى نقل الدين إلى المدين الجديد ، أن ينتقل معه الحكم ليكون نافذاً ضد هذا المدين الأخير .
( [956] ) رأينا فيما قدمناه ( أنظر آنفاً فقرة 239 ) أن التقنينات الجرمانية هى التى سارت فى تطور الحوالة إلى نهاية الطريق ، فأقرت حوالة الدين إقرارها لحوالة الحق . وكان القانون الرومانى – ولم يكن يقر كما رأينا انتقال الالتزام من دائن إلى دائن أو من مدين إلى مدين هو العقبة التى أعاقت وقتاً طويلا المضى فى هذا التطور ، سواء فى البلاد اللاتينية أو فى البلاد الجرمانية . وكان التطور قد بلغ فى البلاد اللاتينية حد إقرار حوالة الحق دون حوالة الدين . ثم ظهر التقنين المدنى الفرنسى فوقف من هذا التطور ، إذ نظم حوالة الحق دون أن ينظم حوالة الدين . وبقيت التقنينات اللاتينية التى اقتبست من التقنين المدنى الفرنسى ، ومعها التقنين المدنى المصرى السابق ، يشوبها هذا النقض ، فهى مثله تنظم حوالة الحق دون حوالة الدين . أما فى ألمانيا - ولم يظهر التقنين المدنى الألمانى إلا فى آخر القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين – فقد استمرت حركة التطور طوال القرن التاسع عشر . وإذا كان قد قاومها فى بداية الأمر الفقهاء الألمان الذين يشايعون القانون الرومانى ، من أمثال ميلها نبريك ( Mulhenbrich ) وسافينى ، فإنها ما لبثت ، منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر ، أن تغلبت على هذه العقبة التى أقامتها مبادئ القانون الرومانى دون إقرار حوالة الدين . وقد تعاقب على هذا العمل الفقهى عدة من الفقهاء الألمان المعروفين :
فبدأ دلبريك ( Delbruch ) ، الأستاذ بجامعة برلين ، بنشر كتاب فى سنة 1853 حاول فيه أن يوفق بين الفكرة الرومانية وإمكان الحوالة . فميز بين الالتزام ، حقاً كان أو ديناً ، وهو رابطة شخصية لا يمكن أن تنتقل من شخص إلى آخر وهذا ما عناه القانون الرومانى ، وبين ما ينتج عن الالتزام من قيمة مادية ( Produits Economiques ) ، فهذه من ناحيتيها الإيجابية والسلبية يمكن أن تنتقل من ذمة مالية إلى ذمة مالية أخرى . وقد أحدثت نظرية دلبريك حركة فقهية قوية فى ألمانيا ، واعترض الفقهاء على التمييز الذى يقول به ف لافرق بين الالتزام وبين قيمته المادية ، ولكنهم انقسموا فيما إذا كان الالتزام قابلا للانتقال أو غير قابل ، وإذا كان قابلا فبأى أداة ينتقل .
وجاء كينتز ( Kuntze ) بعد دلبريك ، ولكنه ظل أميناً على تقاليد القانون الرومانى . فلم يجز نقل الدين ، ولكنه سلم بأن الدائن يستطيع أن يوجد مديناً آخر إلى جانب مدينه الأول كما فى الإنابة ، أو يقضى الدين الول ويحل محله ديناً جديداً كما فى التجديد .
ثم لجأ بير ( Bahr ) إلى نظرية الاشتراط لمصلحة الغير ، ففى الاتفاق ما بين المدين الأصلى والمحال عليه يشترط الأول عل الثانى لمصلحة الدائن أن يؤدى له الدين ، فينشأ للدائن من هذا الاشتراط حق مبشار فى ذمة المحال عليه ، ولكن يبقى المدين الأصلى بالإضافة إلى المحال عليه ملتزماً نحو الدائن .
وذهب فقهاء ثلاثة – سالبيس ( Salpius ) وجاريس ( Gareis ) ومنزل ( Menzel ) – إلى أن القانون الرومانى لا يستعصى على حوالة الدين ، وتصوروا هذه الحوالة على النحو الآتى : يقدم المدين الأصلى والمحال عليه إيجاباً مشتركاً إلى الدائن ، فإن قبله الدائن أصبح المحال عليه هو المدين مكان المدين الأصلى . على أن أول هؤلاء الفقهاء – سالبيس – يجعل الحوالة تتم باتفاق بين الدائن و المحال عليه .
أما وندشايد ( Windcheid ) فقد عارض القانون الرومانى صراحة ، وقال إن الالتزام قد تطور منذ عهد الرومان ، وأصبح المعتبر فيه هو القيمة المادية لا الرابطة الشخصية ، وبذلك تقضى التقاليد الجرمانية مناقضة فى ذلك التقاليد الرومانية . ومن ثم يجوز أن ينتقل الالتزام ، باعتباره قيمة مادية ، من ذمة مدين إلى ذمة مدين آخر باتفاق بين المدينين . ولما كان المحال عليه إنما يتصرف فى مال مملوك للغير –أى للدائن - فقد وجب أن يقر الدائن هذا التصرف ، فإذا ما اقره أصبح سارياً فى حقه بأثر رجعى من وقت اتفاق المدينين لا من وقت إقراره .
وظهر التقنين المدنى الألمانى فى أعقاب هذه الحركة الفقهية ، فأقر حوالة الدين إقراره لحوالة الحق كما قدمنا ، وصاغ لها الأداة الفنية اللازمة . وقد أخذ بنظرية وندشايد ونظرية دلبريك فى صورة الحوالة التى تتم باتفاق ما بين المدين الأصلى والمحال عليه ، وبنظرية ساسلبيس فى صورة الحوالة التى تتم باتفاق بين الدائن والمحال عليه .
( أنظر فى كل ذلك : التعليقات على التقنين المدنى الألمانى 1 م 414 ص 598 – ص 599 – بودرى وبارد 3 فقرة 1763 – ص 83 – ص 86 – مقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 43 – ص 51 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1315 .
وهذا ويعرف التقنين المدنى الألمانى طرقاً خمسة لإحلال مدين جديد محل مدين قديم أو لإقامة مدين آخر إلى جانب المدين الأول . ( 1 ) الإنابة وفيها يقوم مدين آخر إلى جانب المدين الأول . ( 2 ) التعهد بالوفاء ، وفيه يتعهد شخص للمدين الأصلى أن يؤدى الدين عنه للدائن ، ويقتصر أثر هذا التعهد على العلاقة فيما بين الاثنين ، لا يجاوزها إلى الدائن . ( 3 ) التعهد بالوفاء مع الاشتراط لمصلحة الدائن ، ويزيد على سابقه بأن يكون هناك اشتراط لمصلحة الدائن ، فينشئ التعهد حقاً مباشراً للدائن يستطيع بموجبه أن يرجع مباشرة على المتعهد . ( 4 ) حوالة الدين باتفاق يتم بين الدائن والمحال عليه . ( 5 ) حوالة الدين باتفاق يتم بين المدين الأصلى والمحال عليه ، ويتوقف نفاذه فى حق الدائن على إقراره . أنظر فى ذلك التعليقات على التقنين المدنى الألمانى 1 م 414 ص 600 – ص 602 .
( [957] ) أنظر فى الفقه الإسلامى ما قدمناه آنفاً فقرة 240 – وقد رأينا أن الفقه الإسلامى لا يسلم بحوالة الدين بمعناها الدقيق ، خلافاً لما يقال عادة ، ولا يسلم بحوالة الحق إلا فى المذهب المالكى وفى حدود معينة . على أن الفقه الإسلامى ، فى قواعده التفصيلية ، يصلح للاقتباس منه فى بعض أحكام حوالة الدين . وقد أمكن تحويره فى التقنين المدنى العراقى ، فأقر هذا التقنين حوالة الدين بالمعنى المفهوم فى التقنينات الجرمانية .
( [958] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 136 .
( [959] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 158 .
وتوجد حالات يكون فيها الدين غير قابل للحوالة . ومن هذه الحالات ما نصت عليه المادة 721 مدنى من إنه " ليس للمودع عنده أن يحل غيره محله فى حفظ الوديعة دون إذن صريح من المودع ، إلا أن يكون مضطراً إلى ذلك بسبب ضرورة ملجئة عاجلة " . كذلك المدين فى عقد روعيت فيه شخصيته ، كالمزارعة وشركة الأشخاص ، لا تجوز له حوالة دينه بغير رضاء الدائن .
( [960] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 444 من المشروع التمهيدى كفقرة أولى تليها فقرة ثانية على الوجه الآتى : " ولا تكون الحوالة نافذة فى حق الدائن إلا إذا أقرها " . وفى لجنة المراجعة نقلت هذه الفقرة الثانية لتكون الفقرة الأولى من المادة التالية " لأن هذا هو المكان المناسب " ، وأصبح نص المادة النهائى مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمها 327 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 315 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 136 – ص 138 ) .
( [961] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى : م 315 ( مطابقة للمادة 315 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 302 ( مطابقة للمادة 315 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 339 : 1 - حوالة الدين هى نقل الدين و المطالبة من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه . 2 - وتكون مطلقة إذا أحال المدين بدينه غريمة على المحال عليه حوالة غير مقيدة بأدائه من الدين الذى للمحيل فى ذمة المحال عليه ، أو من العين التى له عنده وديعة أو مغصوبة ، أو أحال على شخص ليس له شيء عليه أو عنده . 3 - وتكون مقيدة إذا أحال المدين بدينه من غريمه على المحال عليه حوالة مقيدة بأدائه الدين للمحيل فى ذمة المحال عليه ، أو من العين التى له عنده أمانة أو مغصوبة .
م 340 / 1 : الحوالة التى تمت بين المحيل والمحال عليه تنعقد موقوفة على قبول المحال له .
م 342 : يشترط لصحة الحوالة أن يكون المحيل مديناً للمحال له ، وإلا فهى وكالة .
م 343 : كل دين تصح به الكفالة تصح به الحوالة ، بشرط أن يكون معلوماً .
م 344 : تصح إحالة المستحق فى الوقف غريمة حوالة مقيدة باستحقاقه على متولى الوقف ، إذا كانت غلة الوقف متحصلة فى يده وقبل الحوالة . ولا تصح الحوالة بالاستحقاق إذا لم تكن الغلة متحصلة فى يد المتولى .
م 345 : قبول الأب أو الوصى الحوالة على الغير جائز إن كان فيه خير للصغير ، بأن يكون المحال عليه أملأ من المحيل ، وغير جائز عن كان مقارباً أو مساوياً له فى اليسار .
ونصوص التقنين العراقى مأخوذة بوجه عام من الفقه الإسلامى ، لاسيما المذهب الحنفى ، مع تعديل يجعل حوالة الدين فى التقنين العراقى حوالة دين بالمعنى المفهوم فى التقنينات الجرمانية ، إذ حوالة الدين فى المذهب الحنفى هى ، كما قدمنا ، أقرب إلى أن تكون صورة خاصة من الكفالة . وأول تعديل هام هو ما قررته الفقرة الأولى من المادة 339 من أن حوالة الدين هى نقل الدين والمطالبة من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه ، وهذه مسألة مختلف فيها فى المذهب الحنفى ، ونقل الدين والمطالبة معاً هو الذى يلائم حوالة الدين بمعناها الصحيح . ثم إن انعقاد الحوالة موقوفة على قبول المحال له ( م 340 / 1 عراقى ) واشتراط أن يكون المحيل مديناً للمحال له ( م 342 عراقى ) يتفق مع أحكام التقنين المصرى . وما ورد غير ذلك من أحكام خاصة بالفقه الإسلامى ، من تقسيم الحوالة إلى مطلقة ومقيدة ( م 339 م 2 و 3 عراقى ) ، ومن أن كل دين تصح به الكفالة تصح به الحوالة ( م 343 عراقى ) ، فهى لا تتعارض مع أحكام التقنين المصرى . بقيت الإحالة على متولى الوقف ( م 344 عراقى ) وقبول الولى أو الوصى الحوالة نائباً عن المحجور ( م 345 عراقى ) ، وقبول الولى أو الوصى الحوالة نائباً عن المحجور ( م 345 عراقى ) ، فهذه هى أحكام الفقه الإسلامى فى موضوعين لصيقين به –الوقف والولاية - ولا مانع من نقلهما عن هذا الفقه فى نصوص مأخوذة عنه فى مجموعها ، وهى على كل حال لا تتعارض مع أحكام التقنين المصرى : أنظر الدكتور حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 224 وفقرة 227 – فقرة 229 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 287 / 1 و 2 : 1 - انتقال دين المديون يحصل إما بالاتفاق بين الدائنين ومن يأخذ الدين على عاتقه ، وأما بالاتفاق بين هذا والمديون . 2 - وفى الحالة الثانية يبقى مفعول الاتفاق موقوفاً على إجازة الدائن ، ويستطيع المتعاقدان ، ما دامت الإجازة لم تعط – أن يعدلا اتفاقهما أو يلغياه .
ويبدو أن هذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصرى ، إلا أن التعبير بأن مفعول الاتفاق يبقى موقوفاً على إجازة الدائن يتعارض مع إنتاج الاتفاق لآثار قانونية إذا لم يجزه الدائن ( أنظر الدكتور صبحى محمصانى فى انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 42 – ص 50 – وأنظر ما يلى فقرة 342 فى الهامش ) .
( [962] ) وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يشتمل على نص ، هو المادة 449 من هذا المشروع ، يجرى على الوجه الآتى : " يجوز لطرفى الحوالة ، إلى ان يصدر إقرار الدائن ، أن يعدلا فيها أو أن يعدلا عنها " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة لأنه " مجرد تطبيق للقواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 144 فى الهامش ) .
( [963] ) وقد جاء فى التعليقات على التقنين المدنى الألمانى أن الاتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ينتج أثرين ، أحدهما شخصى والآخر عينى . فهو كاتفاق منشئ لروابط شخصية يرتب التزامات بين المدين الأصلى والمحال عليه تصل من المدى إلى ما يبلغه التعهد بتأدية الدين المنصوص عليه فى المادة 329 من التقنين المدنى الألمانى ، وبخاصة يرتب التزاماً فى ذمة المحال عليه أن يؤدى الدين بدلا من المدين الأصلى ، فيضمن لهذا أية مطالبة يوجهها إليه الدائن ولكن دون أن يلتزم بالحصول على إبراء ذمة المدين الأصلى قبل حلول الدين . أما الأثر العينى فهو انتقال الدين من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة المحال عليه . والاتفاق – من حيث أنه ناقل للدين لا من حيث أنه منشئ لالتزامات شخصية – هو عقد مجرد ، ويكون صحيحاً بقطع النظر عن سببه ، على غرار حوالة الحق تطبيقاً للمادة 413 من التقنين المدنى الألمانى ( التعليقات على التقنين المدنى الألمانى 1 ص 606 – ص 607 ) .
( [964] ) وقد اقتفى التقنين المدنى المصرى الجديد أثر التقنين المدنى الألمانى فى هذا التصوير الفنى : أنظر المادة 415 التقنين المدنى الألمانى .
أما فى تقنين الالتزامات السويسرى ، فحوالة الدين لا تتم إلا على مرحلتين ( المرحلة الأولى ) يتم فيها اتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ، يتعهد بموجبه هذا الأخير نحو المدين الأصلى بأن يتحمل بالدين ، إما بوفائه للدائن وإما بالاتفاق مع الدائن على ان يلتزم هو به نحوه . ( والمرحلة الثانية ) يقوم فيها المحال عليه بتنفيذ التزامه بموجب الاتفاق الأول ، فيعقد اتفاقاً آخر مع الدائن ، وهذا الاتفاق الآخر هو الذى ينقل الدين من ذمة المدين الأصلى إلى المحال عليه . ولا ينتقل الدين إلا من وقت تمام الاتفاق الثانى ، أما فى التقنينيين الألمانى والمصرى فينتقل الدين من وقت الاتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه إذا أقر الدائن هذا الاتفاق لأن لإقراره أثراً رجعياً . ويترتب على ذلك أن المحال عليه ، فى تقنين الالتزامات السويسرى ، إذا فقد الأهلية بعد إتمامه الاتفاق الأول وقبل إبرامه الاتفاق الثانى ، لا يستطيع أن يعقد الاتفاق الثانى ، فإن الدين لا ينتقل ، ولكن يبقى الاتفاق الأول ملزما للمحال عليه .
وهذا ما تنص عليه المادتان 175 و 176 تقنين الالتزامات السويسرى . فقد نصت المادة 175 على أن " التعهد الذى يصدر من المحال عليه للمدين بأن يتحمل بالدين يلزم المحال عليه أن يبرئ ذمة المدين ، إما بوفائه الدين للدائن ، وإما بنقله الدين إلى ذمته برضاء الدائن " . ونصت المادة 176 على أن " الحلول محل المدين الأصلى أو غبراء ذمته يتم باتفاق بين المحال عليه والدائن . ويصح استخلاص الإيجاب لإبرام هذا الاتفاق من تبليغ يصدر للدائن من المحال عليه أو من المدين الأصلى بترخيص من المحال عليه ، بما تم من اتفاق بين هذين الأخيرين . ويجوز أن يكون قبول الدائن لهذا الإيجاب صريحاً أو ضمنياً يستخلص من الظروف . ويكون القبول ضمنياً إذا قبل الدائن دون تحفظ الوفاء من المحال عليه ، أو قبل منه أى عمل آخر يقوم به باعتباره مديناً " .
وأنظر فى ذلك الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 . ص 60 – ص 62 .
( [965] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى : " تعرض أول صورة من صور حوالة الدين حيث يتم التعاقد مباشرة بين المدين الأصلى والمحال عليه ، وهو من يتحمل الدين . وفى هذه الحالة يعمد المدين إلى التصرف فى مركزه بوصفه هذا ، شأنه شأن الدائن عند التصرف فى مركزه من طريق حوالة حقه " ( مجموعة العمال التحضيرية 3 ص 137 ) .
( [966] ) أنظر المادة 339 / 2 و 3 من التقنين المدنى العراقى ، وقد تقدم ذكر النص ( أنظر آنفاً فقرة 312 فى الهامش ) .
( [967] ) تاريخ النصوص :
م 316 : ورد هذا النص فى نصوص عدة من المشروع التمهيدى : ( 1 ) فى الفقرة الثانية من المادة 44 من هذا المشروع ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " ولا تكون الحوالة نافذة فى حق الدائن إلا إذا أقرها " . ( 2 ) وفى الفقرة الثانية من المادة 446 من المشروع وكانت تجرى على الوجه الآتى : " على أنه لا يجوز للدائن أن يرفض الإقرار إذا كان حقه بعد الحوالة مكفول الوفاء " . ( 3 ) وفى المادة 447 من المشروع ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " إذا قام المحال عليه أو المدين الأصلى بإعلان الحوالة للدائن ، وحدد له أجدلا معقولا ليقر الحوالة ، ثم انقضى الأجل دون أن يصدر الإقرار اعتبر سكوت الدائن رفضاً للحوالة " – وفى لجنة المراجعة أدمجت هذه النصوص كلها فى مادة واحدة من فقرتين على الوجه الآتى : " ( 1 ) لا تكون الحوالة نافذة فى حق الدائن إلا إذا اقرها . على أنه لا يجوز للدائن دون مبرر أن يرفض الإقرار إذا كان حقه بعد الحوالة مكفول الوفاء . ( 2 ) وإذا قام المحال عليه أو المدين الأصلى بإعلان الحوالة إلى الدائن ، وعين له أجلا معقولا ليقر الحوالة ، ثم انقضى الأجل دون أن يصدر الإقرار ، اعتبر سكوت الدائن رفضاً للحوالة " . وأصبحت المادة رقمها 328 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ اعترض على نظرية إجبار الدائن على قبول الحوالة ولو كان الحق بعد الحوالة مكفول الوفاء . فرد على هذا الاعتراض بأن هذه النظرية تتضمن قاعدة شرعية وردت فى حديث شريف عن النبى صلى الله عليه وسلم : " فإذا أحيل أحدكم على ملئ فليحتل " . فأجيب على هذا الرد بأن " مجال تطبيق القاعدة الشرعية قد تغير الآن ، فأصبحت النفوس مليئة بالشر والمكر فهناك أشخاص أغنياء لا يمكن التعامل معهم ، وبالتالى لا يمكن اقتضاء الحقوق منهم " . وانتهى الأمر إلى أن حذفت من الفقرة الأولى عبارة " على أنه لا يجوز للدائن دون مبرر ان يرفض الإقرار إذا كان حقه بعد الحوالة مكفول الوفاء " ، " لأن هذه العبارة تفتح باب المنازعاتن وقد تسبب أضراراً كبيرة للدائن الذى ارتضى أن يعامل المدين دون غير لأسباب متعددة . فرأت اللجنة أن من الأنسب لذلك كله سد هذا الباب ، وبهذا لا تكون حوالة الدين نافذة إلا إذا أقرها الدائن " . وأصبح رقم المادة 316 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدالتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 139 وص 141 – ص 143 ) .
م 322 : ورد هذا النص فى المادة 456 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا عبارة وردت فى آخر الفقرة الثانية فى المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " وتنفذ الحوالة فى حقه حتى لو رفضها فى الميعاد المحدد إذا لم يستند فى رفضه إلى أسباب معقولة " ، وفيما عدا فقرة ثالثة كانت فى المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " ولا يجوز للمشترى إذا انتقل الدين إلى ذمته أن يطهر العقار المرهون أو أن يتخلى عن هذا العقار " ، وفيما عدا أن الميعاد الذى ورد فى المشروع التمهيدى لإقرار الحوالة أو رفضها كان ثلاثة أشهر لا ستة . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت العبارة التى وردت فى آخر الفقرة الثانية تمشياً مع تعديل مماثل فى المادة 316 مدنى ، وحذفت الفقرة الثالثة لأن المشترى بقبوله الحوالة يصبح مديناً أصلياً فلا يجوز له طبقاً للقواعد العامة تطهير العقار المرهون أو التخلية ، وجعل ميعاد الإقرار أو الرفض ستة أشهر بدلا من ثلاثة . فأصبح نص المادة بذلك مطابقاً تماماً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمها 322 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته؟؟؟ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 160 وص 164 – ص 165 ) .
( [968] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 316 ( مطابقة للمادة 316 من التقنين المدنى المصرى – ولا مقابل فى التقنين المدنى السورى للمادة 322 التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 303 و م 309 ( مطابقتان للمادتين 316 و 322 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 340 : 1 - الحوالة التى تمت بين المحيل والمحال عليه تنعقد موقوفة على قبول المحال له . 2 - وإذا قام المحيل أو المحال عليه بإبلاغ الحوالة للمحال له وحدد له أجلا معقولا لقبول الحوالة ، ثم انقضى الأجل دون أن يصدر القبول ، اعتبر سكوت المحال له رفضاً للحوالة .
وهذا الحكم يتفق مع حكم المادة 316 مصرى . ولا يوجد فى التقنين العراقى مقابل للمادة 322 من التقنين المصرى .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 287 : انتقال دين المديون يحصل إما بالاتفاق بين الدائنين ومن يأخذ الدين على عاتقه ، وإما بالاتفاق بين هذا والمديون – وفى الحالة الثانية يبقى مفعول الانتقال موقوفاً على إجازة الدائن . ويستطيع المتعاقدان ، مادامت الإجارة لم تعط ، أن يعادلا اتفاقاهما أو يلغياه – وإذا لم يجز الدائن الانتقال بطل . وإذا أجازه كان له مفعول رجعى منذ اليوم الذى تم فيه الاتفاق بين المديون ومن انتقل إليه الدين –ولا يجوز إعطاء الأجازة إلا بعد أن يبلغ المتعاقدون الانتقال إلى الدائن . ويجب أعطاؤها فى خلال المهلة المعينة فى البلاغ ، وإذا لم تعين مهلة ففى خلال المدة التى تعتبر كافية للاختيار . وإذا انقضت المدة عدت الإجازة مرفوضة .
وتتفق هذه الأحكام مع أحكام المادة 316 من التقنين المصرى ، فيما عدا عدم جواز صدور الإقرار قبل إعلان الحوالة فى التقنين ، وهى حكم مأخوذ من التقنين المدنى الألمانى . ولا مقابل فى التقنين اللبنانى للمادة 322 من التقنين المصرى .
( [969] ) الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 237 ص 327 .
( [970] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " وقد أجاز المشروع للدائن إقرار الحوالة متى اتصلت بعلمه ، حتى قبل أن يقوم المدين أو المحال عليه بإعلانه بها . ولكن ليس للدائن أن يتمسك بالحوالة مادام إقراره لم يصل إلى المدين أو المحال عليه . وعلى هذا الاعتبار يكون لطرفى الحوالة أن يعدلا فيها أو يعدلا عنها قبل وصول هذا الإقرار إلى أحدهما " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 150 ) . وأنظر أيضاً الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 278 .
( [971] ) فقد نصت المادة 415 من التقنين المدنى الألمانى على أن " هذا الإقرار لا يجوز صدوره إلا بعد أن يعلن المدين أو الأجنبى الحوالة للدائن " . وعلى نهج التقنين المدنى الألمانى سار تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( أنظر المادة 287 / 4 من هذا التقنين الأخير آنفاً فقرة 318 فى الهامش ) .
( [972] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 140 .
( [973] ) وقد استمدت المادة 322 مدنى مصرى من المادة 416 من التقنين المدنى الألمانى وكان المشروع الأول للنص الألمانى يجعل الدائن المرتهن مخيراً بين إقرار الحوالة أو اتخاذ إجراءات تنفيذ الرهن فى مدى ستة أشهر ، حتى لا يظل الراهن معلقاً مدة طويلة بعد أن باع العقار المرهون . ولكن النص النهائى عدل عن ذلك ، وجعل للدائن المرتهن الحق فى رفض الحوالة إذا أعلن الرفض للمدين الراهن ، حتى لا يضطر الدائن المرتهن إلى اتخاذ إجراءات تنفيذ الرهن فى وقت قد لا يكون ملائماً . على أن النص الألمانى فى صورته النهائية يختلف عن النص المصرى فى أن إعلان الحوالة يصدر ، وفقاً للنص الألمانى ، من المدين الراهن وحده ، فلا يجوز صدوره من المشترى للعقار المرهون ، وفى أن رفض الحوالة يجب إعلانه لهذا المدين الراهن ( التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 416 ص 612 – ص 613 – وأنظر أيضاً مقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 57 – ص 58 – وأنظر فيما يتعلق تقنين الالتزامات السويسرى المادة 183 والمقال المشار إليه ص 66 . وأنظر فيما يتعلق التقنين المدنى المصرى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 162 – ص 163 ) .
( [974] ) وقد يعلن الدائن المرتهن بالحوالة قبل تسجيل عقد البيع ، فهل يكون الإعلان فى هذه الحالة باطلا لا يترتب عليه أى اثر ، أو يبقى صحيحاً ولكن لا يترتب عليه أثره –أى لا يسرى ميعاد ستة الأشهر - إلا من تاريخ التسجيل؟ نرجح الرأى الثانى ، لأن الأخذ به من شأنه إعمال إعلان الحوالة ، وإعمال التصرفات خير من إهمالها ( أنظر الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 287 – ص 288 ) . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " فيراعى من ناحية أنه لا يجوز إعلان الحوالة قبل التسجيل . وينهض لتوجيه هذا القيد أن المشروع قد قصد إلى تحامى الفصل بين المسئولية الشخصية والمسئولية العينية عن الدين ما أمكن ، وإن من مصلحة المشترى أن تمتنع على الدائن مطالبته بمقتضى المسئولية الشخصية قبل أن تترتب مسئوليته العينية ، فيما لو أعلن بالحوالة من قبل . أما فيما يتعلق بالجزء الذى يكفل نفاذ هذا الحكم ، فقد تعرض للذهب ، صورتان : فيجوز أن يعتبر الإعلان السابق على التسجيل غير ذى أثر فى بدء سريان الميعاد الحتمى المنصوص عليه فى هذه المادة ، وعلى هذا لا يبدأ سريان هذا الميعاد إلا من تاريخ التسجيل – ويجوز أن يعتبر هذا الإعلان غير ذى أثر بالنسبة للمشترى . بيد أن الصورة الأولى هى الأولى بالقبول ، نظراً لتمشيها مع وجوب إعمال التصرفات القانونية كلما تيسر ذلك ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 163 ) .
( [975] ) وقد جاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد المادة 322 مدنى ما يأتى : " تتناول هذه المادة صورة عملية بالغة الأهمية ، تعرض عند التصرف فى عقار مرهون ، مع تحمل الخلف بالدين الذى أنشئ الرهن لضمان الوفاء به . فالواقع إن إنشاء رهن رسمى لضمان الوفاء بالدين يجعل عنصر المسئولية العينية أغلب من عنصر المسئولية الشخصية ، وبعبارة أخرى يصبح حق الرهن الرسمى فى هذه الحالة أصلا ، ولا يكون لمسئولية المدين الشخصية عن الدين إلا منزلة الفرع من حيث التبعية . والغالب أن من يتصرف فى العقار المرهون يقصد إلى نقل الدين إلى الخلف ، والتحلل من المسئولية عنه ، فليس أسوأ من مركز مدين يظل مسئولا عن الدين شخصياً فى خلال فترة طويلة بعد أن يكون قد تصرف فى العقار الذى رهن لضمان الوفاء بهذا الدين . فإذا انصرفت نية المتصرف إلى التخلص من الدين ، أمكن أن يترتب على الحوالة التى تتم على هذا الوجه أن يصبح الخلف مسئولا عن الدين مسئولية عينية ومسئولية شخصية فى آن واحد . وهو بهذه المثابة يسأل فى جميع أمواله ، إذا لم يكن العقار المرهون الذى آل إليه كافياً الوفاء بحق الدائن . بيد أن مثل هذا الوضع ، رغم ما ينطوى فيه من نزوع إلى التمشى مع مقتضيات العمل ، والنزول على حكم المنطق . قد يستتبع أحياناً تعريض الدائن لخطر جدى ، ولاسيما إذا كان متأخراً فى الرتبة وكان فى شك من استيفاء حقه من ثمن العقار المرهون . فأولى به فى هذه الحالة أن يبقى على دعواه قبل مدينه الأصلى ، متى كان مأمون اليسار ، من أن يرجع بهذه الدعوى على الخلف وقد لا يتوافر فيه من ضمانات الملاءة ما يتوافر لدى الأصيل . ومؤدى هذا أن مصالح الدائن قد تستهدف للخطر كلما كان نصيب المسئولية الشخصية من الأهمية أعظم من نصيب المسئولية العينية ، كما هو الشأن فى الحالة الأخيرة . وقد قصر المشروع إلى التوفيق بين مصلحة الدائن ومصلحة المتصرف –ومن الواجب أن يصفى مركزه ما أمكن حتى لا يطول أمد بقاء مسئوليته عن الدين المضمون بالهرن بعد بيع العقار - فقضى باعتبار الدائن مقراً بالحوالة ، إذا لم يقم برفضها صراحة خلال ثلاثة أشهر ( أصبحت ستة أشهر ) من إعلانه بها استثناء من أحكام القواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 161 – ص 162 ) .
ويبدو من الأسباب التى علل بها الحكم الذى نحن بصدده أن هذا الحكم منطبق أيضاً فى حالة ما إذا كان العقار المبيع مثقلا بتأمين عينى آخر غير الرهن الرسمى ، كحق امتياز أو حق اختصاص .
( [976] ) وقد كان المشروع التمهيدى يتضمن نصاً فى هذا المعنى ، فكانت المادة 445 من هذا المشروع تجرى على الوجه الآتى : " يكون إقرار الدائن للحوالة صريحاً أو ضمنياً . ويعتبر الدائن قد أقر الحوالة إذا وفى المحال عليه الدين بصفته مديناً وقبل الدائن دون تحفظ هذا الوفاء ، أو قبل أى عمل آخر يقوم به المحال عليه بصفته مديناً " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " للدائن أن يتخذ من الحوالة مواقف مختلفة : ( أ ) فله أن يقرها ، وقد يكون الإقرار صريحاً أو ضمنياً . وقد يفترض الإقرار إذا قبض الدائن دون تحفظ ما أوفى به المحال عليه –كالوفاء الجزئى بأصل الدين أو الوفاء بالفوائد - أو إذا قبل من المحال عليه أداء تكليف يقع على المدين ، كما هو الشأن فى التجديد . بيد أنه يشترط فى هذه الحالة أن يكون المحال عليه قد أوفى بالدين ، أو أدى تكليفاً آخر مما يجب على المدين ، وأن يكون قد أضاف الوفاء أو الأداء إلى نفسه لا إلى المدين ، إذا فى هذا الوضع فحسب يكون الدائن قد اعتبر المحال عليه مديناً له . وقد يستفاد إقرار الدائن للحوالة من مطالبته للمحال عليه بالتزام ، أو من إنظاره إلى أجل معلوم . على أن القرينة التى تستخلص من تلك الظروف ليست بقاطعة ، بل يجوز إسقاط دلالتها بإثبات العكس ، كما إذا كان التحفظ ذاته مستفاداً من واقع الحال . ( ب ) وله أن يرفضها فتكون غير نافذة فى حقه " . وقد حذفت لجنة المراجعة هذه المادة من المشروع ، " لأنها ليست إلا مجرد تطبيق للقواعد العامة ، بدليل أنه لا مقابل لها فى الفصل الخاص بحوالة الحق " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 137 – ص 138 فى الهامش ) .
( [977] ) أنظر فى هذا المعنى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 139 – ص 140 – وقد جاء فيها ما يأتى : " والمشهور عند الحنفية هو ضرورة رضاء الدائن . ومن رأيهم أن قوله عليه السلام فى الحديث : فإذا أحيل أحدكم على ملئ فليحتل ، يفيد فى ظاهرة معنى الأمر ، ولكنه أمر استحباب أو إباحة ، لأن المدينين رغم يسارهم قد تتفاوت ذممهم فى حسن القضاء والمطل ، ولهذه العلة قد يحرص الدائن على عدم إبدال مدينه . ويضيف ابن الهمام إلى ذلك أن الدائن قد يضار إذا أجبر على استيفاء دينه من مدين لا يوفيه : فتح القدير 6 ص 347 –والكاسانى 6 ص 16 - ولم يعرض مرشد الحيران لهذه المسألة ، ولكن المادة 683 من المجلة نصت صراحة على أن " الحوالة التى أجريت بين المحيل والمحال عليه تنعقد موقوفة على قبول المحال له " . والواقع أن تعاقد المدين والمحال عليه يعتبر ، فى اصطلاح الفقه الحنفى ، عقداً موقوفاً . وهو بهذه المثابة غير لازم بالنسبة لكل من المتعاقدين : أنظر الكاسانى فى البدائع جـ 5 ص 178 – ولم يرد المشروع أن يلتزم حدود هذا التصوير ، ولو أن له شبيهاً فى أحكام التقنين الصينى ( م 302 ) . أما الحنابلة فلا يشترطون رضاء الدائن . ولمذهبن فى هذه الناحية طابع خاص ، فمن رأيهم –فيما عدا حالة الإعسار - أن الأمر المستفاد من الحديث الذى تقدمت الإشارة إليه أمر وجوب ينطوى على تكليف الدائن باستيفاء حقه ممن قبل تحمل الدين ، ما دام المدين الأصلى قد أحال عليه . ويعتبر الدائن ، وفقاً لهذا الرأى ، غير محق فى الممانعة فى اتفاق لا يضار منه . فإن فعل ، كان متعنتا ، وكان للقاضى أن يجبره على إمضاء حكم هذا الاتفاق إن اقتضى الحال ذلك : منصوص بن إدريس فى كشاف القناع جـ 2 ص 187 " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 140 – ص 141 ) .
( [978] ) وقد رأينا فى بيان تاريخ نص المادة 316 أن هذا الاعتراض ، لما قام فى لجنة مجلس الشيوخ ، قيل فى الرد عليه أن النص يتضمن قاعدة شرعية وردت فى حديث شريف عن النبى صلى الله عليه وسلم : فإذا أحيل أحدكم على ملئ فليحتل . فأجيب بأن مجال تطبيق القاعدة الشرعية قد تغير ، وأصبحت النفوس مليئة بالشر والمكر ، فهناك أشخاص أغنياء لا يمكن التعامل معهم ولا يمكن اقتضاء الحقوق منهم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 142 . وأنظر آنفاً فقرة 316 فى الهامش ) .
( [979] ) وقد رأينا أن لجنة مجلس الشيوخ ذكرت فى تقريرها فى هذا الصدد ما يأتى " حذفت من الفقرة الأولى عبارة : على إنه لا يجوز للدائن دون مبرر أن يرفض الإقرار إذا كان حقه بعد الحوالة مكفول الوفاء –لأن هذه العبارة تفتح باب المنازعات ، وقد تسببت أضراراً كبيرة للدائن الذى ارتضى أن يعامل المدين دون غيره لأسباب متعددة . رأت اللجنة أن من الأنسب لذلك كله سد هذا الباب ، وبهذا لا تكون حوالة الدين نافذة إلا إذا أقرها الدائن ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 143 – وأنظر آنفاً فقرة 316 فى الهامش ) .
هذا وهناك حالة واردة فى المشروع التمهيدى ، هى حالة بيع المتجر بماله من حقوق وما عليه من ديون ، ولم يكن المشروع التمهيدى يشترط فيها رضاء الدائن . فقد كانت المادة 457 من هذا المشروع تجرى على الوجه الآتى : " 1 - إذا بيع متجر بماله من حقوق وما عليه من ديون ، كان المشترى مسئولا عن الديون مدة ثلاث سنوات . وتحسب هذه المادة بالنسبة للديون التى حلت من الوقت الذى يقوم فيه البائع بإخطار الدائنين بالحوالة وبالنسبة للديون التى لم تكن قد حلت وقت هذا الأخطار من وقت حلولها " . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد هذا النص ما يأتى : " تتناول هذه المادة حكم حوالة الديون عند تفرعها على الاستخلاف على محتويات ذمة من الذمم جملة واحدة ، بوصفها جزافا ، كما هو الشأن فى بيع شركة أو متجر أو حصة فى هذه أو تلك . ولا يشترط فى الاستخلاف على محتويات الذمة أو المتجر شكل خاص بل تطبق القواعد العامة فى العقود . بيد أنه لا يتيسر للمستخلف أن ينفذ التزامه بنقل عناصر الذمة أو المتجر إلى الخلف جملة واحدة وإنما يتعين عليه أن ينقل إليه كل عنصر من تلك العناصر إن كانت من قبيل الحقوق وفقاً للأوضاع الخاصة بانتقال هذه الحقوق . وقد استثنى المشروع من نطاق تطبيق القواعد العامة حكم حوالة الديون عند الاستخلاف على محتويات ذمة أو متجر ، فلم يشترط رضاء الدائن لانعقادها ، معتداً فى ذلك بما شرع من ضمانات لحماية الدائن . وقد نص على احتفاظ الدائن بحقه فى الرجوع على المدين الأصلى بوصفه مديناً متضامناً مع من يخلفه ، فى خلال ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ إخطار الدائنين بالحوالة بالنسبة للديون التى حلت ومن تاريخ حلول الديون غير المستحقة الأداء . فإذا انقضت مدة السنوات الثلاث ، سقط حق الدائن فى الرجوع على المدين الأصلى . وغنى عن البيان أن فى هذا الأجل فسحة تكفل للدائن حسن القيام على مصالحه . ولا يسأل المحال عليه عن الديون إلا بنسبة ما آل إليه ، فمسئولية تنحصر على هذا الوجه فى حدود عناصر الذمة التى استخلف عليها ، فإذا لم تكن جميع الأموال . ويسرى حكم هذا النص متى اعتبرت محتويات الذمة التى يقع الاستخلاف عليها جزافاً ، ولا يهم فى ذلك أن تكون بعض الأموال قد أخرجت منها فرادى لاحتفاظ المدين الأصلى بها ، لأن الدائن يستبقى حقه فى الرجوع على هذا المدين فى خلال ثلاثة سنوات كما تقدم بيان ذلك " . هذا وقد اقترح فى لجنة المراجعة حذف هذا النص ، فوافقت اللجنة على حذفه ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 161 ) . وكانت المادة 457 من المشروع التمهيدى مأخوذة من المادة 419 من التقنين المدنى الألمانى ( أنظر التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 419 ص 621 – ص 623 – وأنظر أيضاً مقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 58 – ص 59 – وأنظر فى حالة بيع المتجر المادتين 25 و 26 من التقينن التجارى الألمانى – وأنظر فى تقنين الالتزامات السويسرى المادتين 181 و 182 ومقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى المشار إليه ص 65 – ص 66 ) .
( [980] ) وقد كان المشروع التمهيدى يشتمل على نص فى هذا المعنى ، هو الفقرة الأولى من المادة 446 من هذا المشروع ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " إذا رفض الدائن الإقرار ، كانت الحوالة غير نافذة فى حقه " . فحذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، لأنه مجرد تكرار للفقرة الأولى من المادة 316 مدنى ، إذ تنص هذه الفقرة على أنه " لا تكون الحوالة نافذة فى حق الدائن إلا إذا أقرها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 137 – ص 138 فى الهامش ) .
( [981] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 445 من المشروع التمهيدى عل وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 333 من المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 321 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 157 و ص 159 ) .
( [982] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 321 ( مطابقة للمادة 321 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 308 ( مطابقة للمادة 321 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 341 : يصح عقد الحوالة بين الدائن والمحال عليه . ويلزم المحال عليه بالأداء ، ولكن ليس له الرجوع على المدين الأصلى إلا إذا أقر المدين الحوالة .
( وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المصرى . غير أن رجوع المحال عليه على المدين الأصلى فى التقنين المصرى جائز بقاعدة الإثراء بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة سبب حتى لو لم يقر المدين الحوالة ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 287 / 1 : انتقال دين المديون يحصل إما بالاتفاق بين الدائنين ومن يأخذ الدين على عاتقه ، وإما بالاتفاق بين هذا والمديون .
( وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المصرى ) .
( [983] ) أما فى الصورة الأولى ، فإن المدين هو الذى يحول الدين من ذمته إلى ذمة المدين الجديد ، ولذلك اقتضت هذه الصورة رضاء الدائن حتى تكون الحوالة نافذة فى حقه . ولم تقتضى الصورة الثانية التى نحن بصددها رضاء المدين الأصلى ، ولو لتكون الحوالة نافذة فى حقه ، فإن الحوالة تنعقد فى هذه الصورة الثانية نافذة فى حق المدين الأصلى بمجرد انعقادها ودون حاجة إلى رضائه كما سنرى .
( [984] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 158 .
( [985] ) أنظر فى هذا المعنى التعليقات التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 414 ص 601 – ص 602 .
( [986] ) وفى هذا المعنى تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ولا يشترط لانعقاد الحوالة فى هذه الصورة شكل خاص ، بل تسرى القواعد العامة بشأن إثبات انعقادها ، كما أن الرضاء فيها قد يكون صريحاً أو ضمنياً . بيد أنه يشترط على أى حال أن يفرغ رضاء الطرفين بحيث يتيسر للدائن أن يفهم أن المحال عليه لم يقصد إلى الاشتراك فى المسئولية عن الدين ، أو إلى الالتزام به على سبيل التضامن ، بل إلى إحلال نفسه محل المدين الأصلى فى أدائه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 157 – ص 158 ) .
( [987] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى ما يأتى : " ولا يشترط رضاء المدين الأصلى بالحوالة فى هذه الصورة ، فهى تنعقد صحيحة سواء أقرها أو مانع فيها ، وذلك أنها تتمحض لمنفعته ، إذ يترتب عليها أن تبرأ ذمته من الالتزام " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 158 ) .
( [988] ) وإذا انعقدت الحوالة باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه وأقر الدائن الحوالة ، فقد انتقل الدين إلى ذمة المحال عليه بالنسبة إلى الدائن نفسه بمجرد إقراره ، فإذا فرض أن المدين الأصلى انفق مع شخص آخر على أن يحول له الدين ، بعد الاتفاق الأول الذى أقره الدائن ، فإن الدين ، وقد سبق أن تحول إلى ذمة المحال عليه الأول بالحوالة الأولى ، لا يمكن أن يتحول مرة أخرى إلى ذمة المحال عليه الثانى ، لأن المدة الأصلى وقت الحوالة الثانية لم يكن مديناً .
وغنى عن البيان أن المدين الأصلى إذا عقد حوالتين متعاقبتين مع شخصين مختلفين ، فأية حوالة منهما يقرها الدائن أولا هى التى تسرى . ولا عبرة بالحوالة الثانية بالنسبة إلى الدائن ، وإن كانت هذه الحوالة الثانية تبقى قائمة بين المدين الأصلى والطرف الآخر فيها .
وهذا هو الحكم أيضاً فيما إذا عقدت حوالتان متعاقبتان ، أحداهما أو كلتاهما باتفاق بين الدائن والمحال عليه ، فأية حوالة منهما رضى الدائن بها أو أقرها أولا هى التى تسرى .
( [989] ) أما قبل إقرار الدائن ، فقد قدمنا أن الحوالة لا تكون نافذة فى حقه ، ويكون المحال عليه أجنبياً بالنسبة إليه ، ويبقى المدين الأصلى هو المدين تجاه الدائن .
( [990] ) وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يتضمن نصاً فى هذا المعنى هو المادة 450 من هذا المشروع ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " 1 - إذ أقر الدائن الحوالة ، برئت ذمة المدين الأصلى ، وحل محله المحال عليه . 2 - وينسحب أثر الإقرار لليوم الذى تم فيه الاتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، لأنه مجرد تطبيق للقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 144 هامش رقم 1 ) .
( [991] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 151 – ص 152 ) .
( [992] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد " : " وتعتبر البراءة نهائية ، فلو أعسر المدين الجديد فيما بعد ، فليس للدائن أن يرجع على الأصيل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 152 ) .
( [993] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ومتى أقر الدائن الحوالة يجرى الحكم كما لو كان هذا الدائن قد اشترك فى التعاقد الذى تم من قبل بين المحيل والمحال عليه . . . ويراعى أن أثر براءة ذمة المدين الأصلى والتزام المدين الجديد قبل الدائن ينسحب إلى هذا التاريخ ، فلو زالت عن المحال عليه أهليته بعد انعقاد الحوالة وقبل الإقرار ، فلا يكون لذلك اثر فى صحة التزامه قبل الدائن ، لأن الدائن يعتبر طرفاً فى التعاقد السابق . ولو نشأ سبب من أسباب المقاصة لصالح المدين الأصيل فى هذه الفترة ، فلا يجوز التمسك بمثل هذا السبب إذ المفروض أن الأصيل قد برئت ذمته من قبل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 152 ) .
( [994] ) وتنص المادة 347 من التقنين المدنى العراقى فى هذا المعنى على ما يأتى : " يتحول الدين على المحال عليه بصفته التى على المحيل ، فإن كان حالا تكون / لحوالة به حالة ، وإن كان مؤجلا تكون مؤجلة " .
( [995] ) وفى الفقه الإسلامى ، يوجد ، كما قدمنا ، ضرب من الحوالة يعرف بالحوالة المقيدةز وصورتها أن يتفق كل من المدين الأصلى و المحال عليه والدائن على أن يستوفى الدائن الدين الذى فى ذمة المدين الأصلى من دين فى ذمة المحال عليه لهذا المدين الأصلى ، فتقيد حوالة الدين باستيفائه من دين آخر للمدين الأصلى فى ذمة المحال عليه . وقد ورد فى التقنين المدنى العراقى طائفة من النصوص فى هذه الحوالة المقيدة ، نكتفى بإيرادها فيما يلى :
م 352 عراقى : إذا اشترط المحيل فى الحوالة أن يبيع المحال عليه عيناً مملوكة للمحيل ويؤدى الدين المحال به من ثمنها وقبل المحال له الحوالة بهذا الشرط ، صحت الحوالة ، ولا يجبر المحال عليه على الدفع قبل البيع ، ويجبر على البيع وتأدية الدين من الثمن .
م 353 عراقى : 1 - إذا سقط الدين الذى قدمت به الحوالة بأمر عارض بعدها ، فلا تبطل الحوالة . فلو أحال البائع غريمة على المشترى بثمن المبيع ، فهلك المبيع عند البائع قبل تسليمه للمشترى وسقط الثمن عنه ، أورد المبيع بخيار عيب أو غيره ، فلا تبطل الحوالة ، ويكون للمحال عليه بعد الأداء الرجوع بما آداه . 2 - أما إذا سقط الدين الذى قيدت به الحوالة بأمر سابق عليها ، وتبينت براءة المحال عليه منه ، فإن الحوالة تبطل . فلو أحال البائع غريمه على المشترى بثمن المبيع ، ثم استحق المبيع للغير ، بطلت الحوالة وعاد الدين على المحيل .
م 354 عراقى : فى كل موضع ورد فيه استحقاق المبيع الذى أحيل بثمنه ، إذا أدى المحال عليه الثمن ، كان له الخيار فى الرجوع ، إن شاء رجع على المحال له القابض ، وإن شاء رجع على المحيل .
م 355 عراقى : 1 - إذا أحال المدين غريمه على الوديع حوالة مقيدة بالعين المودعة عنده ، فهلكت الوديعة قبل أدائها للمحال له بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة تعد من الوديع ، بطلت الحوالة وعاد الدين على المحيل . واستحقاق الوديعة للغير مبطل للحوالة كهلاكها . 2 - فإن كان هلاك الوديعة بتقصير الوديع أو تعديه ، فلا تبطل الحوالة .
م 356 عراقى : 1 - إذا حال المدين غريمه على الغاصب حوالة مقيدة بالعين المغصوبة ، فهلكت العين فى يد الغاصب قبل أدائها للمحال له ، فلا تبطل الحوالة . 2 - فإن استحقت العين المغصوبة للغير ، بطلت الحوالة وعاد المحال له بحقه على المحيل .
أنظر أيضاً الفقرتين 2 و 3 من المادة 339 عراقى وقد سبق ذكرهما : آنفاً فقرة 312 فى الهامش .
( [996] ) وتنص المادة 346 من التقنين المدنى العراقى فى هذا المعنى على ما يأتى : " إذا قبل المحال له الحوالة ورضى المحال عليه بها ، برئ المحيل من الدين ومن المطالبة معاً ، وثبت للمحال له حق مطالبة المحال عليه " .
( [997] ) وتنص المادة 350 من التقنين المدنى العراقى فى هذا المعنى على ما يأتى : " تبرأ ذمة المحال عليه من الدين بأداء المحال به ، أو بحوالته إياه على آخر ، أو بالإبراء أو باتحاد الذمة ، أو بأى سبب آخر يقضى الالتزام " .
وإذا أراد الدائن استيفاء الدين من المحال عليه ، فوجده معسراً إعساراً جزئياً ، زاحم بقية دائنى المحال عليه ، وما بقى له من الدين بعد ذلك يرجع به على المدين الأصلى إن كان له حق الرجوع عليه بالضمان ، وذلك فيما إذا أعسر المحال عليه قبل إقرار الدائن للحوالة ( م 319 مدنى ) . وفى هذا المعنى تنص المادة 351 من التقنين المدنى العراقى على ما يأتى : " إذا مات المحال عليه مدينا ، يقسم ماله بين الغرماء وبين المحال له بالحصص ، وما بقى للمحال له بعد القسمة يرجع به على المحيل إذا كان له حق الرجوع " .
وبديهى أن نص التقنين العراقى السالف الذكر لا يعرض لحالة ما إذا كان الدين المحال به مضموناً برهن أو بامتياز أو بأى تأمين آخر . فإن كان مضموناً بشىء من ذلك ، فإن مزاحمة دائنى المحال عليه للدائن لا تنقطع فيما يتعلق بمال المحال عليه ، وتنقطع بداهة فيما يتعلق بالضمان فلا يزاحم دائنو المحال عليه الدائن فى المال المثقل برهن أو امتياز أو نحو ذلك . والغريب أن الأستاذ حسن الذنون يأخذ على المادة 351 من التقنين المدنى العراقى أنها لم تذكر هذا الأمر البديهى ، وهى لو ذكرته لكان هذا فضولا ليس له مبرر وتزيداً لا محل له . والأغرب من ذلك أن الأستاذ ينعى فى هذه المناسبة على التقنين المدنى العراقى أنه لم يوفق فى الجمع بين الفقه الإسلامى والفقه الغربى ، فيقول فى صدد هذا النص : " وهذا مثل آخر من أمثلة كثيرة جداً ( كذا ) تدل دلالة واضحة على عدم توفيق المشرع فى الجمع بين الفقهين الإسلامى والمدنى جمعاً غير متنافر ولا متناقض " ( أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقر 236 ) . ونحسب أن الأستاذ حسن الذنون قد تسرع فى تقدمه بهذا الحكم ، وكان واجب الأنصاف يقتضيه أن يكون أدق نظراً وأوسع أحاطة قبل أن ينعى على التقنين المدنى العراقى تناقضاً لا وجود له . أما المسألة التى اثارها فى خصوص حق الامتياز العام ، كامتياز المبالغ المستحقة للخدم والكتبة والعمال وكل أجير آخر وكامتياز النفقة المستحقة فى ذمة المدين ، وقد جزم الأستاذ أن هذا ينتقل باعتباره وصفاً للدين إلى المحال عليه بعد الحوالة ، فهذه مسألة لا تزال محلا للنظر ، وسنشير إليها فيما يلى ( أنظر فقرة 332 فى الهامش ) .
( [998] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 451 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا عبارة وردت فى آخر الفقرة الأولى من المشروع التمهيدى هذا نصها : " بالرغم من تغير شخص المدين " . وفى لجنة المراجعة حذفت هذه العبارة لعدم ضرورتها ، وأصبح النص كامل التطابق ، وصار رقمه 330 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 318 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 146 – ص 147 ) .
( [999] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 318 ( مطابقة للمادة 318 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 305 ( مطابقة للمادة 418 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 348 : 1- تبقى للدين المحال به ضماناته بالرغم من تغيير شخص المدين ، فإذا أحال الراهن المرتهن بالدين على آخر أو أحال المشترى البائع بالثمن على آخر ، فلا يسقط حق المرتهن فى الرهن ، ولا حق البائع فى حبس المبيع . أما إذا أحال المرتهن غريماً له على الراهن ، فإن حقه فى الرهن يسقط ولا يكون رهناً للمحال له ، وكذا إذا أحال البائع غريماً له على المشترى بالثمن يسقط حقه فى حبس العين المبيعة . 2- على أن من كفل الدين المحال به كفالة شخصية أو عينية لا يكفل المحال عليه ، إلا إذا رضى الكفيل بالحوالة .
( وهذا النص حكمه يتفق مع حكم نص التقنين المصرى . وسنعرض فيها يلى إلى الحالة التى يحول الدائن فيها على مدينة دينا فى ذمته لدائن له ، فيحيل المرتهن غريماً له على الراهن أو يحيل البائع غريماً له على المشترى بالثمن ، وسنرى أن الحكم المنصوص عليه فى الفقرة الأولى من المادة 384 من التقنين المدنى العراقى خاصاً بهذه الحالة ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 288 : إن التأمينات العينية تبقى قائمة بعد انتقال الدين أما التأمينات الشخصية فتسقط ، إلا إذا وافق المسئولون على الاتفاق الذى عقد ( وهذا النص حكمه يتفق فى جملته مع حكم التقنين المصرى ، إلا أن عبارة " التأمينات العينية " الواردة فى التقنين اللبنانى واسعة ، فهى تشمل الكفيل العينى ، والكفيل العينى فى التقنين المصرى لا يضمن المحال عليه إلا إذا رضى بالحوالة : أنظر الدكتور صبحى محمصانى فى انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 55 ) .
( [1000] ) أم التقنين المدنى الألمانى ، فإن المادة 418 منه تقضى بأن حوالة الدين تنهى الكفالة ورهن الحيازة اللذين كانا يضمنان الدين قبل الحوالة . وإذا وجد رهن رسمى كان ضامناً للدين قبل حوالته ، فإن رضا الدائن بالحوالة يكون بمثابة نزول منه عن هذا الرهن . ولكن هذه الأحكام لا تسرى إذا كان الكفيل الشخصى ، أو من كان مالكاً وقت الحوالة للعين المرهونة فى الدين ، قد رضى بالحوالة . وإذا كان للدين امتياز التقدم على غيره من الديون عند إفلاس المدين ، فإن هذا الامتياز لا يجوز التمسك به فى مال المحال عليه إذا أفلس – ويقول المعلقون على التقنين المدنى الألمانى فى صدد هذا النص ما يأتى : 1- إن الرهن الذى رتبه المدين على عين مملوكة له ضمانا للدين يبقى ضامناً له بعد الحوالة ، إذا كان المدين هو الذى عقد الحوالة مع المحال عليه وأقرها الدائن . أما إذا كانت الحوالة قد تمت باتفاق بين الدائن والمحال عليه ولم يشترك فيها المدين ، فرضا الدائن بالحوالة مع عدم اشتراك المدين فيها يعد نزولا منه عن الرهن . ( 2 ) فى حالة ما إذا رتب المدين رهنا رسمياً على عقار مملوك له لضمان الدين ، ثم انتقلت ملكية العقار إلى أجنبى ( حائز للعقار ) قبل الحوالة ، فإن الرهن لا يكون ضامناً للدين بعد الحوالة ، ولو انعقدت بالاتفاق مع المدين الأصلى ، إلا إذا رضى الحائز للعقار أيضا بهذه الحوالة . ذلك أن قبول الدائن للحوالة دون أن يرضى بها الحائز للعقار يعد بمثابة نزول من الدائن عن الرهن .
3- لا يضمن الكفيل ، شخصياً كان أو عينياً ، الدين بعد انتقاله بالحوالة إلى ذمة المحال عليه ، إلا إذا رضى بهذه الحوالة . 4- حق الامتياز الذى يكون ضامنا للدائن قبل الحوالة ، ولو كان حق امتياز عام ، لا ينتقل إلى مال المحال عليه بعد الحوالة . ذلك أن حق الامتياز أسبقية يقررها القانون للدين الممتاز ، فلا يصح أن يسبق الدائن المحال دائنى المحال عليه فى مال هذا الأخير بمقتضى أسبقية قررها القانون فى مال آخر غير هذا المال . أنظر فى كل ذلك التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 418ص 617- ص 621 . وأما تقنين الالتزامات السويسرى ، فتقضى المادة 178 منه ، على العكس من التقنين المدنى الألمانى ، بأن التأمينات التى كانت تضمن الدين قبل الحوالة تبقى ضامنة له بعدها ، ومع ذلك لا يكون الكفيل ، شخصيا كان أو عينياً ، ضامناً للدين بعد حوالته إلا إذا رضى بالحوالة ونرى من ذلك أن الأحكام التى تضمنها تقنين الالتزامات السويسرى هى التى سار عليها التقنين المدنى المصرى .
ويقول الأستاذان شيرون ومحمد صادق فهمى فى مقالهما فى مجلة مصر المعاصرة :
( 1 ) إن التقنينين الألمانى والسويسرى يتقاربان فى الواقع ، ولو أن كلا منهما أخذ بمبدأ يخالف المبدأ الذى أخذ به الآخر . ذلك أن كلا منهما أدخل الاستثناءات على المبدأ الذى أخذ به ما جعل التقارب يتحقق بين التقنينين . فالتقنين الألمانى بدأ بتقرير أن التأمينات لا تنتقل ، ولكنه استثنى الرهن الذى رتبه المدين على عين مملوكة له ثم رضى بالحوالة ، واستثنى كذلك الكفيل ، شخصياً كان أو عينياً ، إذا رضى بالحوالة . والتقنين السويسرى بدأ بتقرير أن التأمينات تنتقل ، ولكنه استثنى الكفيل ، شخصيا كان أو عينيناً ، إذا لم يرضى بالحوالة ( 2 ) إن حق الامتياز العام الذى كان ضامناً للدين قبل الحوالة ينبغى أن ينتقل إلى مال المحال عليه بعد الحوالة ، ذلك أن الامتياز العام ليس إلا وصفا للدين ، والحوالة تنقل الدين بالوصف الذى هو عليه أنظر فى كل ذلك مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 56 و ص 64 – ص 65 .
ويتبين مما تقدم أن الأحكام التى أخذ بها كل من تقنين الالتزامات السويسرى والتقنين المدنى المصرى تختلف عن الأحكام التى أخذ بها التقنين المدنى الألمانى فيما يأتى : ( 1 ) الرهن الذى يرتبه المدين الأصلى على عين مملوكة له ضماناً للدين ، فى التقنين الألمانى ، لا يبقى بعد الحوالة ضمامناً له إذا انعقدت الحوالة باتفاق بين الدائن والمحال عليه دون اشتراك المدين الأصلى . أما فى التقنينين المصرى والسويسرى ، فإن هذا الرهن يبقى ضامناً للدين . ( 2 ) إذا انتقل العقار المرهون رهنا رسمياً فى الدين إلى أجنبى ( حائز للعقار ) ، فى التقنين الألمانى ، فإن الرهن لا يضمن الدين بعد حوالته إلا إذا رضى الحائز للعقار بالحوالة . أما فى التقنين المصرى والسويسرى ، فأن هذا الرهن يبقى ضامناً للدين ولو لم يرض الحائز للعقار بالحوالة ( 3 ) حق الامتياز العام الذى كان يضمن الدين قبل حوالته لا ينتقل ، بنص صريح فى التقنين الألمانى ، إلى مال المحال عليه بعد الحوالة . ولا يوجد نص فى هذه المسألة فى أى من التقنينين المصرى والسويسرى .
( [1001] ) وقد رأينا أن التقنين المدنى الألمانى لا يجعل الرهن فى هذه الحالة ضامناً للدين بعد الحوالة إذا انعقدت باتفاق بين الدائن والمحال عليه دون اشتراك المدين الأصلى .
( [1002] ) وقد رأينا أن التقنين المدنى الألمانى لا يجعل الرهن فى هذه الحالة ضامناً للدين إلا إذا رضى الحائز للعقار بالحوالة .
( [1003] ) أما إذا كان هناك حق امتياز عام ، كامتياز المبالغ المستحقة للخدم والكتبة والعمال والمبالغ المستحقة عما تم توريده للمدين ولم يعوله من مأكل وملبس والنفقة المستحقة فى ذمة المدين لأقاربه ( م1141مدنى ) ، فقد رأينا أن التقنين المدنى الألمانى ( م418 ) ينص صراحة على أنه لا ينتقل إلى مال المحال عليه بعد الحوالة ، ورأينا الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مقالهما بمجلة مصر المعاصرة يذهبان إلى أن هذا الامتياز ينبغى أن ينتقل إلى مال المحال عليه . إذا قسمنا حق الامتياز العام على حقوق الامتياز الخاصة ، ولم نقل إن حق الامتياز العام هو مجرد وصف فى الدين الممتاز ، وجب القول بأن هذا الحق لا ينتقل إلى مال المحال عليه ، ولكنه يبقى فى مال المدين الأصلى ، كما كان قبل الحوالة ، ضامناً للدين الذى انتقل إلى ذمة المحال عليه .
( [1004] ) أنظر الوسيط الجزء الثانى فقرة 639 .
( [1005] ) أنظر نص هذه المادة آنفا فقرة 331 فى الهامش – وقد ورد فى آخر الفقرة الأولى من هذه المادة العبارة الآتية : " أما إذا أحال المرتهن غريماً له على الراهن ، فإن حقه فى الرهن يسقط ولا يكون رهنا للمحال له ، وكذا إذا أحال البائع غريماً له على المشترى بالثمن يسقط حقه فى حبس العين المبيعة " .وواضح أن الحوالة هنا حوالة دين لاحوالة حق ، ولو كانت حوالة حق لما سقط حق الرهن أو الحق فى حبس العين المبيعة . ففى حالة الدائن المرتهن ، المفروض أن لهذا الدائن غريماً أى دائناً ، فأراد أن يوفيه حقه ، فوفاه إياه عن طريق إحالته على مدينه الراهن . وهذه حوالة دين ، فإن الدائن المرتهن نقل الدين الذى فى ذمته إلى ذمة مدينة الراهن فى مقابل الدين الذى له فى ذمة هذا المدين وهو الدين المضمون بالرهن ، فانقضى الدين المضمون بالرهن قصاصاً وسقط الرهن تبعاً لذلك . وبرئت ذمة الدائن المرتهن من الدين الذى كان فى ذمته لدائنه . وأصبح هذا الدائن الأخير دائنا للمدين الراهن ، ولكن لا بالدين المضمون بالرهن فهذا الدين قد انقضى كما قدمنا ، بل بالدين الذى كان فى ذمة الدائن المرتهن ثم حول إلى ذمة المدين الراهن ، ومن ثم لا يكون هذا الدين مضموناً بالرهن- وهذا هو الأمر فى حالة البائع الذى أحال غريمه على المشترى بالثمن ، فقد نقل البائع الدين الذى فى ذمته لغريمه إلى ذمة المشترى فى مقابل الثمن الذى له ، فسقط الثمن قصاصاً وانقضى بسقوطه الحق فى حبس العين المبيعة . وأصبح دائن البائع هو الدائن المشترى ، ولكن لا بدين الثمن الذى كان للبائع فقط سقط هذا الدين كما قدمنا ، بل بالدين الذى كان فى ذمة البائع لدائنه وقد حوله البائع إلى ذمة المشترى .
ويتبين فى وضوح مما تقدم أنه لا شك فى أن الحوالة التى نحن بصددها هى ، كما سبق القول ، حوالة دين لا حوالة حق . وقد ظن الأستاذ حسن الذنون ( أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 223 ) أنها حوالة حق ، فقال عند الكلام فى الفقرة الأولى من المادة 348 عراقى ما يأتى : " على أن هذه الفقرة تقرر فى قسمها الأخير بأنه إذا أحال الدائن المرتهن غريماً له على الراهن فإن حقه فى الرهن يسقط ولا يكون رهناً للمحال له ، وكذلك إذا أحال البائع غريماً له على المشترى فقد سقط حقه فى حبس العين المبيعة . وواضح جداً ألا علاقة لهذه الأمثلة بحوالة الدين ، فهى حوالة حق . وهذا مظهر من مظاهر الخلط والارتباك اللذين وقع فيهما المشرع العراقى كثيراً عندما حاول التوفيق بين فقه القانون المدنى وفقه الشريعة الإسلامية " ( انتهى فتأمل )
( [1006] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " لما كانت حوالة الدين تقتصر على إبدال المدين مع بقاء الدين ذاته ، فمن الطبيعى أن يظل ما يتبع هذا الدين من التأمينات ملحقاً به . . . بيد أن كفيل المدين الأصلى ، شخصيا كان أو عينياً ، قد لا يرتضى كفالة المدين الجديد ، كما لو كان أقل ملاءة . ولهذا عنى المشروع بحمياته فاشترط فى الفقرة الثانية من المادة 451 ( م 318 مدنى ) رضاءه بالحوالة ، وإلا برئت ذمته من الكفالة . وقد يقال إن تنازل الكفيل عن حق التجريد يفيد أنه ارتضى أن توجه إليه المطالبة قبل توجيهها إلى المدين ، وأنه لم يعلق أهمية خاصة على شخص المدين وملاءته ، وبهذا تنتفى ضرورة اشتراط رضائه بالحوالة لبقاء الكفالة . بيد أنه يراعى أن الكفيل لا يكفل معتمدا على ثقته فى وفاء الدين من ماله فحسب ، بل وعلى ثقته فى قيام هذا المدين بالوفاء عند حلول الأجل وانتفاء الحاجة إلى الرجوع عليه تفريعاً على ذلك . فعلة الكفالة ، والحال هذه ، هى الثقة الشخصية ، وهذه لا تتأثر فى قليل أو كثير بالنزول عن حق التجريد . وصفوة القول أن التزام الكفيل لا يظل قائماً فى جميع الأحوال إلا إذا رضى بالحوالة؟ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 152 – 253 ) . ويضاف إلى ما جاء فى المذكرة الإيضاحية ما قدمناه أن الكفيل يعتمد فى كل حال على ماله من حق الرجوع على المدين الأصلى ، فشخص هذا المدين له أكبر الأثر فى قبوله الكفالة .
( [1007] ) أما إذا حول الدائن حقه قبل أحد المدينين المتضامنين إلى محال له واستبقى المدينين الباقين ، فقد قدمنا أنه يصبح هو والمحال له ، بالنسبة إلى هؤلاء المدينين ، دائنين بالتضامم ، على غرار المدينين بالتضامم ( أنظر آنفا فقرة 127 فى الهامش ) .
( [1008] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 453 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى :
" 1 للمحال عليه أن يتمسك بما كان منها خاصاً بشخص المدين ، وإنما يجوز له أن يتمسك بالدفوع الخاص بشخصه هو . 2- وله أيضا أن يتمسك قبل الدائن بأوجه الدفع المستفادة من الرابطة القانونية التى كانت تربط بالمدين الأصلى إذا كانت تلك الرابطة هى السبب فى حوالة الدين وكان الدائن يعلم ذلك " . وفى لجنة المراجعة أدخلت تعديلات فى الفقرة الأولى تجعل المعنى أدق ، وحذفت الفقرة الثانية لعدم ضرورتها ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه 332 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 320 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 148- ص 149 و ص 156 ) .
( [1009] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 320 ( مطابقة للمادة 320 من التقنين المدنى المصرى )
التقنين المدنى الليبى م 307 ( مطابقة للمادة 320 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 349 : للمجال عليه أن يتمسك قبل المحال له بما كان للمحيل من دفوع متعلقة بذات الدين ، وليس له أن يتمسك بما كان من الدفوع خاصا بشخص المحيل ، وإنما يجوز له أن يتمسك بما كان خاصاً بشخصه هو . ( وهذا النص يطابق نص المشروع التمهيدى من التقنين المدنى المصرى فى فقرته الأولى ، ويتفق فى الحكم مع التقنين المدنى المصرى أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 235 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 289 : أن أسباب الدفع ووسائل الدفاع الملازمة للدين تنتقل من المديون إلى من التزم الدين . أما الوسائل المختصة بشخص المديون السابق ، فلا يحق للمديون الجديد أن يتذرع بها ، بل يحق له أن يدلى بأسباب الدفع ووسائل للدفاع المختصة بشخصه ( وهذا النص يتفق فى الحكم مع نص التقنين المصرى – أنظر الأستاذ صحى محمصانى فى انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 57 – ص 59 ) .
( [1010] ) أنظر المشروع التمهيدى لنص المادة 320 وأنظر تاريخ هذا النص آنفاً فقرة 334 فى الهامش – وهذا ما يقضى به تقنين الالتزامات السويسرى ( م 179/2 ) بخلاف التقنين المدنى الألمانى ( أنظر فى ذلك مقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 63 – ص 64 ) .
( [1011] ) ويستطيع المشترى كذلك أن يدفع بوقف تنفيذ العقد ، فيجوز للمحال عليه أن يدفع بذلك هو أيضاً ، إلا إذا قيل إن الدفع بوقف التنفيذ دفع خاص بشخص المدين .
( [1012] ) أما التقنين المدنى الألمانى ، فيقضى بنص صريح ( م 417 ) ، بأن المحال عليه لا يستطيع أن يتمسك بالمقاصة التى كان المدين الأصلى يستطيع أن يتمسك بها ، وذلك لأن المقاصة ، فى هذا التقنين لا تقع إلا بإعلان عن الإرادة كما سيأتى ( أنظر التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 417 ص 615 ) – وهذا هو الحكم أيضاً فى القانون السويسرى ، دون ان يرد نص صريح بذلك فى تقنين الالتزامات السويسرى كما ورد فى التقنين المدنى الألمانى ( أنظر فى هذا المعنى مقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 63 ) .
وقد رأينا ، فى حوالة الحق ، أن الفقرة الثانية من المادة 368 مدنى تقضى بأنه " إذا كان المدين لم يقبل الحوالة ولكن أعلن بها ، فلا تمنعه هذه الحوالة من أن يتمسك بالمقاصة " . ويظهر الفرق واضحاً فى هذه المسألة بين حوالة الحق وحوالة الدين فيما لو كانت حوالة الدين قد انعقدت باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ، فإن المدين فى حوالة الدين رضى بالحوالة فنزل عن المقاصة كما قدمنا ، أما المدين فى حوالة الحق فلم يقبل الحوالة ولكن أعلن بها فلا يمكن القول هنا بأنه نزل عن المقاصة كما أمكن القول بذلك فى حوالة الدين . بقيت الحوالة التى تنعقد فيها الدين باتفاق بين الدائن والمحال عليه دون تدخل من المدين الأصلى ، فإن المدين الأصلى فى هذه الحالة لم يقبل الحوالة حتى يفترض أنه قد نزل بهذا القبول عن المقاصة . ونحن فى هذا الرأى الذى نقول به إنما نقيس المدين الذى يتمسك بالمقاصة بعد حوالة دينه على المدين الذى يتمسك بالمقاصة بعد تقادم حقه ( أنظر م 366 مدنى ) ، فكلاهما يتمسك بالمقاصة فى دين أو حق قد سقط عنه –الدين بالحوالة والحق بالتقادم- ما دام التلاقى بالحق أو الدين المقابل قد تم فى وقت سابق على هذا السقوط .
( [1013] ) أنظر تاريخ نص المادة 320 مدنى آنفاً فقرة 334 فى الهامش .
( [1014] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " وعلى نقيض ذلك لا يجوز للمحال عليه أن يتمسك بالدفوع الخاصة بشخص الأصيل ، كالدفع باتحاد الذمة أو بالحق فى الحبس . وقد يقصد إيثار الأصيل شخصياً بالإبراء من الدين أو بامتداد الأجل وعندئذ يمتنع التمسك بهما على المحال عليه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 154 ) .
( [1015] ) وقد يقال إنه مادامت الحوالة لا تنعقد فى كل من صوريتها إلا برضاء المحال عليه ، وما دام المحال عليه قد رضى بأن يتحول الدين إلى ذمته ، فإنه يكون قد اقر بوجود الدين ، فينبغى أن يرتبط بهذا الإقرار ، ومن ثم لا يجوز له التمسك بأى دفع ولو كانت متعلقاً بذات الدين وغير خاص بشخص المدين . وهذا اعتراض يمكن دفعه بأن رضاء الحال عليه بالحوالة إنما ينصرف إلى قبوله تحمل الدين فى حدود التزام المدين الأصلى به ، فإذا قبل أن يلتزم إلى مدى أبعد من هذه الحدود ، وجب أن يكون ذلك باتفاق خاص ( أنظر فى هذا المعنى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 154 – التعليق على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 417 ص 614 ) .
( [1016] ) أنظر تاريخ نص المادة 320 مدنى آنفاً فقرة 334 فى الهامش .
( [1017] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصد ما يأتى : " وقد عرضت الفقرة الثانية من المادة 453 لحكم حوالة الدين من حيث إمكان اعتبارها تصرفاً قانونياً مجرداً ينعزل عن سببه ، كما هو الشأن فى حوالة الحق . ويراعى أن وجه الحكم بين لا سبيل إلى الشك فيه متى انعقدت حوالة الدين بين الدائن والمحال عليه مباشرة بمعزل عن الأصيل . فالواقع أن الحوالة تكوةن فى هذه الحالة مستقلة كل الاستقلال عن رابطة المدين الأصيل بالمدين الجديد ، ولا يكون للمحال عليه أن يحتج على الدائن بأوجه الدفع المستفادة من الرابطة القانونية التى كانت تربطه بالمدين الأصلى . ولكن وجه الحكم يختلف عن ذلك متى كانت هذه الرابطة قد قامت مقام السبب من الحوالة ، كما هو الشأن فى بيع محل تجارى أو بيع عقار مع حوالة الديون المضمونة برهون عقارية على المشترى ، فإن الحوالة تعتبر شقاً من البيع . وغنى عن البيان أن هذه الحالة تختلف كل الاختلاف عن حالة انعقاد الحوالة بين الدائن والمحال عليه مباشرة ، إذ أن هذا التعاقد مستقل من كل وجه عن علاقة المحال عليه بالمدين الأصيل . أما الحالة الثانية فيعرض فيها وضع موكب ، فعلاقات المدينين هى التى تعتبر سبباً قانونياً لالتزام المحال عليه قبل الدائن . ولو قبل بغير ذلك لندر أن يتصدى شخص لتحمل دين عن شخص آخر فى مثل هذه الحالة . وللمحال عليه وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 453 ، أن يحتج على الدائن بالدفع بعدم الوفاء استناداً إلى تخلف الأصيل عن الوفاء بالتزامه فى بيع عقد بينهما ، وله كذلك أن يحتج عليه بالتقابل فى هذا البيع . على إنه يشترط للتمسك بمثل هذه الدفوع أن يكون الدائن – والمفروض أنه يظل بمعزل عن الحوالة – قد علم بشروطها . وليس ينبغى أن يغيب عن البال أن هذه القاعدة مفسرة أو متممة للمتعاقدين ملء الخيار فى الخروج عليها . . ويراعى من ناحية أخرى إنه إذا خصص دين كان المحال عليه ملزماً به قبل المدين الأصيل ، وكان هذا الدين باطلا ، فلا يكون المحال عليه ملزماً قبل الدائن با :ثر من التزامه قبل المدين الأصيل ، ويكون له أن يتمسك قبل الدائن ببطلان دينه قبل المدين الأصيل ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 154 – ص 155 ) .
( [1018] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 156 – وأنظر تاريخ نص المادة 320 مدنى آنفاً فقرة 334 فى الهامش .
( [1019] ) فإذا اشترى شخص داراً ، وتحمل فى عقد البيع بدين على البائع كان هذا قد اقترضه من آخر ، فإن المشترى المحال عليه يستطيع فى التقنين المدنى الألمانى ، أن يحتج على الدائن المقرض بالدفوع المستمدة من عقد القرض وهو مصدر الدين المحال به ، ولكنه لا يستطيع أن يحتج على هذا الدائن بالدفوع المستمدة من الرابطة التى قامت بينه وبين المدين الأصلى ، وهى رابطة البيع ، فلا يجوز مثلا أن يحتج على الدائن المقرض بعيب خفى فى الدار المبيعة ( مقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 55 – وأنظر فيما يتعلق بتقنين الالتزامات السويسرى مثل ذلك أيضاً فى نفس المقال ص 64 ) .
وأنظر التقنين المدنى الألمانى التعليقات على هذا التقنين جزء أول م 417 ص 615 – ص 616 .
( [1020] ) وهذا بخلاف الإنابة فى الوفاء ( Delegation ) ، فسنرى أن المناب لا يحتج على المناب لديه بالدفوع التى يستطيع أن يحتج بها على المنيب ، فالإنابة تصرف مجرد فى هذه الناحية ، وذلك بموجب نص صريح ورد فى القانون هو المادة 361 مدنى ( أنظر فقرة 524 فيما يلى ) . وقد فرضنا فى الأمثلة التى قدمناها أن حوالة الدين انعقدت باتفاق بين المدين الأصلى والمحال عليه ثم أقرها الدائن ، فأمكنه بذلك أن يتصل بالسبب الذى التزم من أجله المحال عليه بتحمل الدين ، وأن يعلم به . أما إذا كانت الحوالة قد انعقدت باتفاق بين الدائن والمحال عليه دون اشتراك المدين الأصلى ، فلا مناص من القول بأن العلاقة التى تربط المدين الأصلى بالمحال عليه لا شأن لها بهذا الاتفاق ، بل هى أجنبية عنه ، فلا يجوز إذن للمحال عليه أن يحتج على الدائن بدفوع يستمدها من هذه العلاقة . وهذا هو الحكم أيضاً فى حوالة الحق ، فإن المحال عليه لا يحتج على المحال له بدفوع مستمدة من العلاقة التى تقوم بين المحال له والمحيل : أنظر آنفاً فقرة 295 . وأنظر فى كل ذلك ما سبق أن أوردناه من المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 154 – ص 155 – وأنظر آنفاً فقرة 337 فى الهامش .
( [1021] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 454 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 331 من المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 319 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 147 – ص 148 ) .
( [1022] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 319 ( مطابقة للمادة 319 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 306 ( مطابقة للمادة 319 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 357 : 1 - لا يرجع المحال له بدينه على المحيل ، إلا إذا اشترط فى الحوالة خيار الرجوع أو بطلب الحوالة المقيدة بسقوط الدين أو هلاك العين أو استحقاقها وفقا للأحكام السابقة . 2 - أما مجرد تعذر استيفاء الدين من المحال عليه وتفليسه ولو بأمر المحكمة ، فلا يوجبان بطلان الحوالة وعود الدين على المحيل .
م 358 : الحوالة بشرط عدم براءة المحيل كفالة عارية من حق التجريد ، وللمحال له فى هذه الحالة أن يطالب أياً شاء من المحيل والمحال عليه .
ويلاحظ أن حوالة الدين فى التقنين المدنى العراقى تسير فى نصوصها على غرار الفقه الحنفى ولما كانت حوالة الدين فى هذا الفقه أقرب إلى أن تكون كفالة كما قدمنا ، إذ يجوز للدائن إذا وجد المحال عليه معسراً أن يرجع بالدين نفسه على المدين الأصلى ، فكأن هذا الدين لم ينتقل من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة المحال عليه وإنما انتقل حق المطالبة ، فقد أراد التقنين المدنى العراقى فى هذا الموضع أن ينحرف على الفقه الحنفى ، ليماشى الفقه الغربى ويميز بين الحوالة والكفالة . فنص على أن مجرد تعذر استيفاء الدين من المحال عليه وتفليسه ولو بأمر المحكمة لا يوجبان بطلان الحوالة وعود الدين على المحيل . ولكنه أجاز للدائن أن يشترط فى الحوالة خيار الرجوع على المدين الأصلى ، والرجوع هنا يكون لا بالدين نفسه كما يوهم النص ، بل بالضمان ، وهذا يضاهى فى التقنين المدنى المصرى ضمان المدين الأصلي ليسار المحال عليه . كذلك أجاز رجوع الدائن بالضمان على المدين الأصلى ، إذا كان هذا قد قيد الحوالة بحق له فى ذمة المحال عليه أو بعين فسقط هذا الحق أو هلكت العين أو استحقت ، فإن المفروض فى هذه الحالة أن الدائن عندما أجاز هذه الحوالة المقيدة قد احتفظ لنفسه بحق الرجوع بالضمان على المدين الأصلى . أما إذا أصر الدائن على استبقاء الدين فى ذمة المدين الأصلي واشترط عدم براءته من هذا الدين – وهذا غير أشترطه الرجوع بالضمان الذى رأيناه فى الفرض المتقدم فإنه هنا يشترط الرجوع بنفس الدين – فإن الحوالة تكون فى هذه الحالة كفالة يستطيع الدائن فيها أن يطالب أياً شاء المدين الأصلى أو الكفيل ( المحال عليه ) ، فهى كفالة عارية من حق التجريد ، وهذا ما حرص التقنين المدنى العراقى على أن يذكره صراحة فى المادة 358 ( انظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام فى القانون المدني العراقي فقرة 238 – فقرة 239 9 .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : لا يوجد نص فى هذا التقنين يقابل النص الذى نحن بصدده . ويبدو أن المدين الأصلى ، فى التقنين اللبنانى ، لا يضمن يسار المحال عليه إلا باتفاق خاص . وإذا كان فى الحوالة تدليس أو غلط ، فإن الحوالة تكون فى هذه الحالة قابلة للإبطال لمصلحة الدائن ( أنظر الأستاذ صبحى محمصانى فى انتقال الالتزام فى القانون المدنى اللبنانى ص 57 ) .
( [1023] ) وقد سبق القول أن الفقرة الأولى من المادة 450 من المشروع التمهيدى كانت تنص على أنه " إذا أقر الدائن الحوالة ، برئت ذمة المدين الأصلى وحل محله المحال عليه " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة ، لأنه مجرد تطبيق للقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 144 فى الهامش – وأنظر آنفا فقرة 329 فى الهامش ) .
( [1024] ) على أنه لا يوجد ما يمنع ، بالرغم من أن الحوالة تكون قد انعقد باتفاق بين الدائن والمحال عليه دون تدخل المدين الأصلى ، من أن يتفق الدائن مع المدين الأصلى اتفاقاً مستقلا عن عقد الحوالة ، يلتزم به المدين الأصلى بضمان يسار المحال عليه .
( [1025] ) أما فى المذهب الحنفى ، فقد قدمنا أن الدائن يرجع بالدين نفسه على المدين الأصلى .
( [1026] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 155 .
( [1027] ) قارن الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 281 – ص 282 – والأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الإلتزام فقرة 238 .
( [1028] ) ولا يوجب التقنين المدنى الألمانى ، ولا تقنين الالتزامات السويسرى ، ضمانا ليسار المحال عليه فى جانب المدين الأصلى ( انظر بودرى وبارد 3 فقرة 1764 ص 88 – ومقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 55 ) .
( [1029] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 448 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . وفى لجنة المراجعة سئل عن تحديد معنى عبارة " فى الوقت المناسب " ، فأجيب بأن المفروض على المحال عليه أن يدرأ عن المدين الأصلى كل مطالبة ، ووافقت اللجنة على النص تحت رقم 329 من المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 317 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 144 - ص145 ) .
( [1030] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 317 ( مطابقة للمادة 317 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 304 ( مطابقة للمادة 317 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : لم يرد نص مقابل ، ولكن الحكم الذى يستخلص من نص التقنين المدنى المصرى متفق مع القواعد العامة ، فلا مانع من تطبيقه فى العراق . أما ما ورد فى التقنين المدنى العراقى من نصوص فى علاقة المدين الأصلى بالمحال عليه ، فكلها تفترض أن الحوالة نافذة فى حق الدائن ، وسنذكرها فى موضعها .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : لم يرد نص مقابل . على أنه قد ورد فى صدر الفقرة الثالثة من المادة 287 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى العبارة الآتية " وإذا لم يجز الدائن الانتقال بطل " . ويفهم من هذا النص أن التقنين اللبنانى ، خلافاً للتقنين المصرى ، يفرض أن نية المدين الأصلى المحال عليه ، فى اتفاقهما على الحوالة ، قد انصرفت إلى عدم ترتيب أى أثر على هذا الاتفاق إذا لم يقره الدائن .
( [1031] ) أنظر ما دار فى لجنة المراجعة هذا الصدد ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 145 - وانظر تاريخ نص المادة 317 مدنى آنفاً فقرة 342 فى الهامش ) .
( [1032] ) وليس من الضرورى ان يخلص المحال عليه ذمة المدين الأصلى من الدين نحو الدائن فوراً عقب الاتفاق . كما أنه لا يكفى أن يرد المحال عليه إلى المدين الأصلى ما دفعه للدائن عقب مطالبة هذا إياه ، فإن المدين الأصلى باتفاقه على الحوالة مع المحال عليه أراد أن يدرأ عن نفسه هذه المطالبة . بل الواجب أن يقوم المحال عليه بوفاء الدين عندما يطالب الدائن به المدين الأصلى ، أو أن يسلم للمدين الأصلى مقدار الدين ليدفعه للدائن فيدرأ مطالبته ( أنظر فى هذا المعنى مقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة 3 ص 150 ) .
وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ولا يستتبع التزام المحال عليه بقضاء حق الدائن عن الاستحقاق تخويل المدين حق مطالبة المحال عليه بأن يعمل على إبراء ذمته قبل الدائن فور الوقت . بل كل ما هناك أن هذا الالتزام يخول للمدين ، إذا طالبه الدائن قضائياً ، حق الرجوع على المحال عليه باعتبار أنه قد تعهد بالوفاء عنه ليجنبه هذه المطالبة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 150 )
( [1033] ) الأستاذ عبد الحى حجازى 3 2 280 .
( [1034] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وإذا تخلف المحال عليه عن الوفاء بالتزامه ، فللمدين الأصلى متى طولب بالدين أن يرجع عليه بالتعويضات . وينص تقنين الالتزامات السويسرى ( م 175 / 3 ) على أن للمدين المحيل أن يطلب إلى المحال عليه تقديم تأمينات خاصة لضمان الوفاء بالتزامه . وبديهى أن للمتعاقدين أن يشترطا ذلك فى عقد الحوالة دون حاجة إلى نص فى القانون " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 150 ) .
( [1035] ) وقد ورد فى التعليقات على التقنين المدنى الألمانى فى هذا الصدد ما يأتى : " ويجب أن يلاحظ أخيراً أن رفض الدائن إقرار الحوالة ، إذا لم يوجد اتفاق مخالف ، يبطل العقد العينى الذى ينقل الدين ، ولكنه يبقى قائما العقد المنشئ لالتزامات شخصية الذى تنطوى عليه الحوالة ، ومن ثم تبقى التزامات المحال عليه نحو المحيل " ( التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 415 ص 608 ) .
( [1036] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " من المسلم أن للمتعاقدين كامل الخيار فى تحديد ما يترتب بينهما من الآثار بمقتضى تعاقد صريح . فلهما أن يشترط اعتبار الحوالة غير قائمة إلى أن يتم إقرارها ، كما أن لهما أن يشترطا اقتصار الحوالة على إنشاء مجرد التزام على عائق المحال عليه بقضاء حق الدائن . ويختلف الحكم باختلاف التشريعات عند سكوت المتعاقدين عن اشتراط أمر معين . فالتقنين اللبنانى ( م 287 / 3 ) والتقنين الصينى ( م 302 ) يفترضان أن نية المحيل والمحال عليه تنصرف ، فى هذه الحالة ، إلى عدم ترتيب أى أثر لتعاقدهما إذا لم يقره الدائن . أما المشروع ( م 448 / 1 ) ، فقد اقتفى ، على نقيض ذلك ، أثر التقنين الألمانى ( م 415 / 3 ) ، واختار الحكم الوارد فى النص طبقا لمبدأ إعمال التصرفات القانونية ما وجد سبيل إلى ذلك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 149 ) .
( [1037] ) وقد أوردت التعليقات على التقنين المدنى الألمانى التصويرات الفنية لحوالة الدين فى المراحل المختلفة التى مر عليها المشروعان الأول والثانى للتقنين المدنى الألمانى . ففى المشروع الأول صورت حوالة الدين التصوير الفنى الذى قال به وندشايد ( windcheid ) ( أنظر آنفاً فقرة 308 فى الهامش ) على النحو الآتى : كما أن الدائن فى حوالة الحق يتصرف فى الحق بإحالته إلى غيره ، كذلك المحال عليه فى حوالة الدين يتصرف فى الدين بإحالته إلى ذمته . ولكن الدائن فى حوالة الحق يتصرف فى حق مملوك له ، أما المحال عليه فى حوالة الدين فيتصرف فى دين مملوك لغيره وهو الدائن . ومن ثم وجب أن يقر الدائن هذا التصرف ، حتى يكون نافذاً فى حقه . على أن الاتفاق الذي تم بين المحال عليه والمدين الأصلى ، وهو تصرف ناقل للدين ، ينطوى فى الوقت ذاته على عقد منشئ لالتزامات شخصية ، منها التزام فى ذمة المحال عليه أن يحصل على إقرار الدائن للتصرف . وقد هوجم هذا التصوير أمام اللجنة الثانية للمشروع ، ووجه بتصوير آخر ، هو أن المحال عليه والمدين الأصلى باتفاقهما على الحوالة قد صدر منهما إيجاب مشترك موجه إلى الدائن . والاتفاق على الحوالة ، فى هذا التصوير الآخر ، ليس إلا عقداً منشئاً لالتزامات شخصية وليس بعقد ناقل للدين ، كما أنه لا يرتب فى ذمة المحال عليه التزاماً بالحصول على إقرار الدائن للحوالة . وما دام المحال عليه إنما يعرض على الدائن إيجاباً يشترك فيه مع المدين الأصلى ، فإنه يجوز له العدول عن هذا الإيجاب قبل صدور الإقرار من الدائن . وحتى إذا صدر الإقرار فإن الدين ينتقل من وقت صدوره ، ولا يستند بأثر رجعى إلى وقت الاتفاق على الحوالة الذي تم بين المحال عليه والمدين الأصلى . وقد رفضت اللجنة الثانية هذا التصوير الآخر بأغلبية كبيرة ، إذ هو لا يستجيب إلى مقتضيات التعامل فى أمرين جوهريين : فهو يجيز للمحال عليه أن يرجع فى الحوالة بعد اتفاقه عليها مع المدين الأصلى ، وهو يؤخر انتقال الدين إلى وقت إقرار الدائن للحوالة . فأدخلت تعديلات على هذا التصوير الثانى انتهت به إلى تصوير ثالث ، يكون فيه الاتفاق على الحوالة بين المحال عليه والمدين الأصلى اتفاقاً منشئا لالتزامات شخصية كما هو الأمر فى التصوير الثانى ، وليس بعقد ناقل للدين على خلاف التصوير الأول ، ولكن الإيجاب المشترك المعروض على الدائن مستخلصاً من هذا الاتفاق هو إيجاب ملزم لا يجوز الرجوع فيه . وبذلك زال أحد الاعتراضين الجوهريين الموجهين إلى التصوير الثانى ، وأصبح لا يجوز للمحال عليه أن يرجع فى الحوالة بعد اتفاقه عليها مع المدين الأصلى ولكن بقى الاعتراض الثانى ، وهو الوقت إلى ينتقل فيه الدين . ففى التصويرين الثانى والثالث ، ما دام الاتفاق على الحوالة بين المحال عليه والمدين الأصلى هو مجرد إيجاب مشترك معروض على الدائن ، فإن انتقال الدين لا يتم إلا من وقت إقرار الدائن ، ولا يستند بأثر رجعى إلى وقت الاتفاق . من أجل ذلك رجعت اللجنة إلى التصوير الأول بعد أن أعادت النظر فيه . ففى هذا التصوير الأول يعتبر الاتفاق على الحوالة بين المحال عليه والمدين الأصلى تصرفاً فى الدين صادراً من المحال عليه ، قرأت اللجنة أن هذا التصرف ليس صادراً من المحال عليه فحسب ، بل هو صادر أيضاً من المدين الأصلى ، ومن ثم لا محل لقيام التزام فى ذمة المحال عليه نحو المدين الأصلى للحصول على إقرار الدائن للحوالة ، وقد كان قيام هذا الالتزام هو الاعتراض الجوهرى على التصوير الأول . ومنذ عدل التصوير الأول على هذا الوجه قبلته اللجنة نهائيا كتصوير فنى لحوالة الدين على الأساس الآتى : يعد الاتفاق على الحوالة الذي تم بين المحال عليه والمدين الأصلى مشتملا على عقدين ، 1 - عقد منشئ لالتزامات شخصية ، فالمحال عليه قد التزم نحو المدين الأصلى أن يخلص ذمته من الدين المحال به ، دون أن يلتزم بالحصول على إقرار الدائن للحوالة ودون أن يلتزم بتخليص ذمة المدين الأصلى قبل حلول الدين المحال به ، 2 - وعقد ناقل للدين ، وهو عقد مجرد ( contrat abstrait ) ، قد نقل الدين من ذمة المدين الأصلى إلى ذمة المحال عليه فى حدود العلاقة فيما بينهما ، دون اعتداد بسبب هذا العقد إذ هو عقد مجرد كما سبق القول . فإذا ما أقر الدائن هذا العقد ، أصبح انتقال الدين نافذاً فى حقه لا من وقت الإقرار فحسب ، بل مستنداً بأثر رجعى إلى وقت قيام العقد ، أى إلى وقت الاتفاق بين المحال عليه والمدين الأصلى . وإذا لم يقر الدائن العقد الناقل للدين ، بطل هذا العقد وحده ، وبقى العقد الأول المنشئ لالتزامات شخصية قائما بين المحال عليه والمدين الأصلى ( أنظر التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 415 ص 602 – ص608 ) .
( [1038] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 150 .
( [1039] ) انظر آنفاً فقرة 337 .
( [1040] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 150 .
( [1041] ) انظر التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 415ص 607 .
( [1042] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 151 – وقارن مقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 54 . وهذا بخلاف التقنين المدنى العراقى فى الحوالة المطلقة ، فقد ورد فى شأن هذه الحوالة نصان فى هذا التقنين ، هما المادتان 359 و360 . فتنص المادة 359 على أنه " إذا أحال المحيل حوالة مطلقة ، فإن لم يكن عند المحال عليه دين أو عين مودعة أو مغصوبة ، فله أن يطالب المحال عليه بعد الحوالة إلى أن يؤدى المحال عليه الدين للمحال له ، فإن أداة سقط ما عليه قصاصاً بقدر ما أدى " . وواضح من ذلك أن التقنين المدنى العراقى يفرض فى الحوالة المطلقة أنه مادام المدين الأصلى لم يقيد الحوالة بالدين أو العين ، فقد احتفظ لنفسه بالحق فى المطالبة بهما حتى بعد الحوالة ، إلى أن يؤدى المحال عليه الدين المحال به للدائن ، فعندئذ تقع المقاصة بين ما على المدين الأصلى للمحال عليه وماله عنده ، ولو أراد هذان أن ينقطع بعد الحوالة حق المحال عليه فى مطالبة المدين الأصلى بالدين أو بالعين ، فأمامهما الحوالة المقيدة وقد وردت فيها نصوص كثيرة فى التقنين المدنى العراقى ، فما عليهما إلا أن يقيدا الحوالة بما للمدين الأصلى فى ذمة المحال عليه . وتنظيم الحوالة المقيدة إلى جانب الحوالة المطلقة فى التقنين المدنى العراقى هو الذى يبرر الحكم المتقدم . على أنه ليس هناك إطلاقا ما يمنع المشرع – من ناحية السياسة التشريعية التى يختطها – من أن يرجئ رجوع المحال عليه على المدين الأصلى إلى وقت وفاء المحال عليه بالدين للدائن فيفترض أن نية الطرفين قد انصرفت إلى هذا الحكم ما لم يوجد اتفاق مخالف ( انظر فى هذا المعنى مقال الأستاذين شيرون ومحمد صادق فهمى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1931 ص 54 – وقارن الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 240 ص 222 ، وهو ينعى هنا أيضاً ، دون مبرر ، على المادتين 359 و360 من التقنين المدنى العراقى التعقيد والغموض! ) .
ويلاحظ أخيراً أن المحال عليه يرجع على المدين الأصلى ، فى التقنين العراقى ، بالدين المحال به لا بما أدى ، أن يرجع بدعوى الحلول ، والحلو هنا قانونى إلا إذا كان متفقاً عليه قبل وفاء الدين المحال به .
( [1043] ) وهذا هو ما يعرف بالحوالة المقيدة فى الفقه الإسلامي وسيأتى ذكرها . وللتمييز بين الحوالة المقيدة والحوالة المطلقة فى الفقه الإسلامي أهمية بالغة سبقت الإشارة إليها ( انظر آنفاً فقرة 240 ) .
( [1044] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " يقصد المحال عليه تحمل الدين إلى النتيجة التى كان يصل إليها لو إنه ؟؟؟ المدين بأداء ؟؟؟؟؟؟؟ الدين . فلو فرض أن المحال عليه تحمل عن المدين ديناً مقداره 100 جنيه ، فهو يقصد من ذلك إما إلى إقراض المدين مثل هذا المبلغ ، وإما إلى التبرع له به ، وإما إلى الوفاء له بدين ترتب فى ذمته من قبل كباقى ثمن لم يتم أداؤه . ويراعى أن نية المحال عليه تنصرف ، فى هذه الحالة الأخيرة ، إلى الوفاء بباقى الثمن من طريق تحمل الدين عن المحيل ، وبهذا تبرأ ذمته على الفور من المطالبة بمقتضى عقد البيع . . . بيد أن إرادة المتعاقدين قد تنصرف إلى خلاف ذلك ، فالأمر لا يعدو والحال هذه مجرد التنويه بقاعدة مفسرة أو متممة ، للأفراد مطلق الخيار فى الخروج عليها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 150 – ص 151 )
هذا وقد كان المشروع التمهيدى يتضمن نصاً هو المادة 452 من هذا المشروع ، وكان يجرى على الوجه الآتى : " إذا أقر الدائن حوالة الدين ، اعتبر المحال عليه قد أدى للمدين الأصلي التزاماً بقيمتها " . فحذفت هذه المادة فى لجنة المراجعة " لأن حكمها مستفاد من القواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 146 فى الهامش ) .
( [1045] ) وقد سبق بحث هذه المسألة تفصيلا فى الفقه الإسلامي انظر آنفا فقرة 240 .
( [1046] ) ولكن لو ظهرت براءة المحال عليه من الدين الذى قيدت به الحوالة – كما إذا كان الدين ثمن بيع فاستحق المبيع أو كان وديعة فهلكت – فإن الحوالة تبطل ، لأن الدين الذي قيدت به يعتبر سبباً لها ، وقد انعدم فانعدمت .
( [1047] ) الأستاذ محمد صالح فى شرح القانون التجارى جزء 2 فقرة 53 – أما فى التقنين التجارى المختلط ، فقد كان حامل الكمبيالة لا يتملك مقابل الوفاء إلا فى حالتين : حالة تخصيص المقابل ( وهذا التخصيص هو الذى يضاهى فى الفقه الإسلامي تقييد الحوالة ) وحالة قبول المسحوب عليه للكمبيالة . وكانت المادة 120 من التقنين المدنى المختلط تجرى فى هذا المعنى على الوجه الآتى : " ومع ذلك يكون مقابل الوفاء ملكا لحامل الكمبيالة فى يوم استحقاق دفع قيمتها إذا كان عين خصيصاً لوفائها ، وكان المسحوب عليه قد قبل مع علمه هذا التعيين أو أخبر به قبل إفلاس الساحب سواء كان بأخبار الساحب أو بعمل بروتستو عدم القبول أو عدم الدفع ولو كان عمله بعد الميعاد . أما إذا لم يحصل التعيين المذكور فيدخل مقابل الوفاء فى روكية غرماء الساحب إذا كان القبول لم يحصل قبل علم القابل بالإفلاس " . ومن هذا يتبين أن مقابل الوفاء يكون مملوكاً لحامل الكمبيالة فى التقنين التجاري الوطني ، سواء كانت الحوالة مقيدة أو مطلقة . وكذلك كان الحكم فى التقنين التجاري المختلط ، فإن مقابل للوفاء فى هذا التقنين كان يعتبر مملوكاً لحامل الكمبيالة في حالة التخصيص وهذه هي الحوالة المقيدة ، وفى حالة قبول الكمبيالة من المسحوب عليه وهذا هو شأن كل حوالة ، مقيدة كانت أو مطلقة ، فإن قبول المحال عليه ضروري لانعقاد الحوالة في جميع الأحوال .
( [1048] ) قارن الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام في القانون المدني العراقى فقرة 241 .
( [1049] ) وذلك ككفيل عيني لم يرض بالحوالة ، فزال الرهن المترتب على ماله ، ثم عاد الرهن بإبطال الحوالة ، وكان هذا الكفيل قد رتب للغير حقا على المال المرهون فى الفترة ما بين انعقاد الحوالة وإبطالها .
( [1050] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى ما يأتى : " وتطبق القواعد العامة عند إبطال الحوالة ، فيراعى أولا أن الدين القديم يعود سيرته الأولى بجميع توابعه ، دون إخلال بحقوق الغير ، ويراعى من ناحية أخرى أن الدائن يكون له أن يقضى من المحال عليه تعويضاً فى مقابل ما لحقه من الضرر ، إما بسبب فقد تأمينات سبق ترتيبها وإما بأى سبب آخر ، ما لم يثبت المحال عليه أن بطلان الحوالة والضرر الحادث يرجعان إلى سبب لابد له فيه : انظر المادة 180 من تقنين الالتزامات السويسرى والمادة 453 / 2 من المشروع ، ويلاحظ أخيرا أنه لا يجوز للمدين الأصيل فى الشريعة الإسلامية أن يطالب المحال عليه بما له قبله إلا فى حدود ما يربو على الدين المحال به " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 151 ) .
( [1051] ) دى ياج 3 فقرة 391 .
( [1052] ) وقد ينقضى الالتزام بتحقق الشرط الفاسخ أو عدم تحقق الشرط الواقف ، ولكن الشرط وصف فى الالتزام كما رأينا لا سبب لانقضائه . وله أثر رجعى ، فيعتبر الالتزام كأنه لم يوجد بتحقق الشرط الفاسخ أو بعدم تحقق الشرط الواقف ، والفرق واضح بين التزام لم يوجد والتزام وجد ثم انقضي . أما الأجل الفاسخ فى الالتزام الزمنى فقد رأينا أنه عنصر الزمن الجوهرى فى الالتزام ، بل هو محل الالتزام ، فانقضاؤه هو استيفاء للالتزام فيكون انقضاء الالتزام آتياً عن طريق الوفاء .
والموت قد يكون سبباً فى انتهاء العقد فينقضي بانتهائه الالتزام ، كما فى الوكالة وعقد العمل والإيراد المرتب مدى الحياة .
( [1053] ) وهناك تقسيمات أخرى ، نشير منها إلى اثنين : ( أ ) هناك أسباب تقضى الالتزام بطريق غير عن طريق انقضاء العقد بالإبطال أو الفسخ أو الرجوع أو نحو ذلك ، وأسباب نقضى الالتزام بطريق مباشر كالوفاء والتجديد والإبراء والتقادم ( بيدان ولا جارد 9 فقرة 990 ) . ( ب ) أسباب انقضاء الالتزام ترجع إما لإرادة المتعاقدين كما فى الأجل الفاسخ والإبراء ، وإما لانعدام أحد أركان الالتزام كما فى اتحاد الذمة وهلاك المحل ، وإما للتنفيذ بمقابل كما فى الوفاء بمقابل والمقاصة ، وإما للتقادم ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1983 ) . أنظر أيضا فى تقسيم أسباب الالتزام دى باج 3 فقرة 390 – فقرة 391 .
( [1054] ) انظر أيضاً جوسران 2 فقرة 833 .
هذا وتنص المادة 290 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى على ما يأتى : " تسقط الموجبات أولا – بتنفيذها وهو الوجه الطبيعى لسقوطها ( الإيفاء ) . ثانياً – بتدبير أو حادث يضمن للدائن الحصول على منفعة غير التى يحق له أن يطلبها ( كالإيفاء بأداء العوض وتجديد الموجب والمقاصة واتحاد الذمة ) . ثالثاً – بأسباب تسقط الموجب أو يمكن أن تسقطه مع قطع النظر عن حصول الدائن على منفعة ما ( كاستحالة التنفيذ والإبراء من الدين ومرور الزمن ) . وتنص المادة 291 من نفس التقنين على ما يأتى : " إن سقوط الموجب الأصلى يؤدى إلى سقوط الموجبات الفرعية والتأمينات المنقولة التى كانت مختصة بالدين . وينشأ عنه حق محو القيود المختصة بالتأمينات غير المنقولة " .
( [1055] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 166 .
( [1056] ) مراجع : اوبرى ورو 4- بودرى وبارد 2 – بلانيول وريبير وردوان 7 – بيدان ولاجارد 8 – دى باج 3 .
جونسكو ( Jonesco ) فى الآثار القانونية للوضع الظاهر فى القانون الخاص رسالة من ستراسبورج سنة 1927 – لاباتى ( Labatut ) فى نظرة الميسرة رسالة من تولوز سنة 1927 – ميلوياك ( miloac ) فى نظرة الميسرة رسالة من باريس سنة 1936 – ديفو ( Deveau ) رسالة من باريس سنة 1937 – بانسييه ( pansier ) رسالة من مونبيلييه سنة 1937 – ساراكاريه ( Sarah Carre ) – رسالة من باريس سنة 1938 – رولان تكسييه ( roland Texier ) رسالة من باريس سنة 1938 – لورين ( Laurain ) رسالة من بوردو سنة 1940 – الدكتور عبد الباسط جميعى فى الوضع الظاهر رسالة من القاهرة سنة 1955 .
ديمونتيس ( Demontes ) الوفاء بطريق الشيكات فى المجلة الانتقادية سنة 1926 – وأهل ( wahl ) فى الوقت الذي يعتبر فيه الإيراد المدفوع بطريق الشيكات قد قبض من ناحية الضريبة على الإيراد في مجلة دافعى الضرائب نوفمبر سنة 1934 .
( [1057] ) والوفاء والتنفيذ العينى للالتزام هما فى الواقع شىء واحد ، وقد عمدت بعض التقنينات الحديثة ، كتقنين الالتزامات السويسرى وتقنين الالتزامات البولونى ، إلى عدم الفصل بينهما وإدماجهما جميعا فى مكان واحد . ولكن جرت التقاليد على أن يقسم هذا الموضوع قسمين ، فما يتعلق بكيفية التنفيذ العيني يذكر في آثار الالتزام ، وما يتعلق بالتنفيذ باعتباره سبباً لانقضاء الالتزام – ويتناول ذلك تعيين من يقوم بالوفاء ولمن يكون الوفاء وما هو محل الوفاء – يذكر فى أسباب انقضاء الالتزام . وقد نزل التقنين المدني الجديد على هذا التقاليد . وبعض الفقهاء يعالجون الوفاء فى باب تنفيذ الالتزام ( أنظر على سبيل المثال بيدان ولاجارد 8 فقرة 459 ) .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " جرى المشروع على التقليد اللاتيني ، فعزل الأحكام المتعلقة بالوفاء عن الأحكام المتعلقة بآثار الالتزام ، مع ما بين هذه وتلك من وثيق الصلات فى نواح عدة . وقد بلغ من أمر هذه الصلات أن عمد بعض التقنينات ، كالتقنين السويسرى والتقنين البولونى ، إلى الخروج على ذلك التقليد وجمع هاتين الطائفتين من الأحكام تحت عنوان مشترك هو تنفيذ الالتزمات . على أن اختيار مذهب الفصل قد اقتضى المشروع عناية خاصة لتجنب التكرار ، حيث لا يؤمن توقيه إزاء ما بين هذه الأحكام جميعاً من قوة الارتباط " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 166 - ص 167 )
( [1058] ) ويشير بيدان ولاجارد إلى أن فكرة الاتفاق بين الدائن والمدين على الوفاء تختفي عادة تحت ستار عمل مادي هو تسلم الدائن من المدين ما يوفي هذا به الدين . على ان فكرة الاتفاق هذه تبرز إذا وقع نزاع بين الطرفين على صحة الوفاء . وتسلم الدائن ما يعطيه المدين وفاء لدينه هو قبول لهذا الوفاء ، ومن شأنه أن ينقل عبء الإثبات من المدين إلى الدائن . فقبل هذا التسلم كان المدين هو المكلف بإثبات إنه عرض على الدائن وفاء صحيحاً ، ولكن بعد التسلم يكون الدائن هو المكلف بإثبات أن الوفاء الذي قبله من المدين لم يكن وفاء صحيحاً . ذلك أن قبول الدائن الوفاء عن طريق تسلمه ما أعطاه إياه المدين قرينة على أن الوفاء صحيح ، فإذا أدعى الدائن عكس ذلك فعليه هو يقع عبء الإثبات ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 461 - 463 ) .
( [1059] ) بيدان ولاجارد 8 فقرة 460 .
( [1060] ) استئناف مختلفط 15 يونيه سنة 1916 م 28 ص 431 .
( [1061] ) استئناف مختلط 26 مارس سنة 1942م 54 ص 151 - 11 مارس سنة 1948م 60ص84 .
( [1062] ) والوفاء يفترض وجود دين سابق يوفي به ، فسبب الوفاء إذن مفروض . وإذا ادعى الموفي إنه لم يكن يوجد دين سابق وأن الوفاء كان عن غلط وقع فيه ، فعليه هو إثبات ذلك ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1540 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1149 ) .
( [1063] ) انظر الوسيط جزء أول فقرة 338 .
( [1064] ) أنظر الجزء الثاني من الوسيط .
( [1065] ) استئناف مختلط 13 نوفمبر سنة 1889م 1 ص 319 .
( [1066] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 486 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - لمن قام بالوفاء أن يطلب مخالصة بما وفاه مع التأشير على سند الدين بحصول هذا الوفاء ، ويكون كل ذلك على نفقته . فإذا انقضي الدين كله ، كان له أن يطلب رد سند الدين أو إلغاءه ، فان كان السند قد ضاع ، كان له أن يطلب من الدائن إقراراً كتابياً بضياع السند . ويجب أن يكون توقيع الدائن على الإقرار مصدقا عليه ، وتكون نفقة التصديق على الدائن . 2 - فإذا رفض القيام بما فرضته عليه الفقرة السابقة ، جاز للمدين أن يودع الشىء المستحق إيداعاً قضائياً " . وفى لجنة المراجعة حذفت عبارة " ويكون كل ذلك على نفقته " الواردة فى الفقرة الأولى اكتفاء بالحكم الوارد فى المادة السابقة الذي يقضي بأن تكون نفقات الوفاء على المدين ، وأصبح رقم المادة 361 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذف من آخر الفقرة الأولى عبارة " ويجب أن يكون توقيعه على الإقرار مصدقا عليه ، وتكون نفقة التصديق على الدائن " لأنها قد تصرف الذهن إلى أن عدم التصديق يسقط حجية الإقرار ، فضلا عما ينشأ عن بقائها من حرج وإشكالات فى المعاملات ، وأصبح رقم المادة 349 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 231 – ص 233 ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص لاتفاقه مع القواعد لعامة .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 347 ( مطابقة للمادة 349 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 336 ( مطابقة لمادة 349 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدني العراقي : لا مقابل فيه ، ولكن يمكن العمل بهذا الحكم فى العراق لاتفاقه مع القواعد العامة ( انظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدني العراقي فقرة 301 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 305 : يثبت الإيفاء عادة بسند الإيصال الذي يعطيه الدائن للمديون ، وهو مثبت لتاريخه بنفسه بالنظر إلى المتعاقدين أنفسهم . وإذا لم يكن هناك سند إيصال فيمكن استخراج البينة إما من قيود سجلات الدائن وأوراقه البيتية ، وإما من القيود التى كتبها الدائن ذيلا أو هامشاً على سند الدين .
م 306 : يحق للمديون الذي قام بالإيفاء التام أن يطلب ، علاوة على سند الإيصال ، تسليم السند نفسه إليه أو إتلافه . أما إذا كان الإيفاء جزئياً فيمكنه أن يطلب ، علاوة على سند الإيصال ، ذكر ما دفعه على سند الدين المحفوظ عند الدائن .
( [1067] ) انظر الجزء الثانى من الوسيط .
( [1068] ) انظر تاريخ نص المادة 349 فى نفس الفقرة فى الهامش .
( [1069] ) وقد كان المشروع التمهيدى يشتمل على نص يقضي بأن يكون الإقرار مصدقاً عليه وبأن تكون نفقة التصديق على الدائن ، ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفت هذا النص ، حتى لا ينصرف الذهن إلى أن عدم التصديق يسقط حجية الإقرار ، ولتجنب تعقيد الإجراءات ( أنظر تاريخ نص المادة 349 في نفس الفقرة في الهامش ) .
( [1070] ) بلانيول وريبر وردوان 7 فقرة 1201 .
( [1071] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 232 ، والمادة 88 من تقنين الالتزامات السويسرى .
وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا فسرت محكمة الموضوع كلمة " مناولة " الواردة فى وصول بأنها لا تقطع بأن الموفي دفع الدين من ماله الخاص ، فإنها لا تكون قد انحرفت عن المعني الذي تؤديه هذه العبارة ولم تخطئ في تطبيق القانون إذا هي أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن المبلغ قد دفع من مال المتمسك بهذا الوصول ( نقص مدي 28 أكتوبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 3 ص 45 ) .
وقضت أيضا بأنه إذا كان المدعى عليه يستند فى إثبات براءة ذمته من الدين لا إلى تصرف قانوني بل إلى واقعة مادية هى استيلاء المؤجر على الزراعة التى كانت قائمة بالعين المؤجرة ، وأن قيمة ما استولى عليه يزيد على قيمة الإيجار المطالب به ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الواقعة ، حتى لو كان الإيجار الذي يتمسك المستأجر ببراءة ذمته منه يزيد على نصاب البينة ( نقص مدني 28 أكتوبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 4 ص 55 ) .
والمخالصة بقسط متأخر قرينة الوفاء بالأقساط المتقدمة على هذا القسط ، إلا إذا أثبت الدائن غير ذلك . وتقول المادة 587 مدني فى هذا المعنى إن " الوفاء بقسط من الأجرة قرينة الوفاء بالأقساط السابقة على هذا القسط ، حتى يقوم الدليل على العكس " ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1891 م 3 ص 360 ) . وتسليم سند الدين للمدين قرينة على الوفاء بالدين ، إلا إذا أثبت الدائن غير ذلك ( استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1894م 6ص 247 – 13 فبراير سنة 1896م 8 ص 117 ) .
( [1072] ) أنظر ما يقارب هذا المعنى فى بيدان ولاجارد 8 فقرة 460 .
( [1073] ) قارب دى باج 3 فقرة 396 – وقارن الأستاذ عبد الحي حجازى 3 ص 8 - ص11 .
( [1074] ) ولم يستحدث التقنين المدني الجديد شيئا كثيراً فى الوفاء عما كان عليه التقنين المدني السابق ، فيما خلا أن التقنين المدني الجديد قد ضبط حدود بعض الأحكام ، كما فعل في النصوص الخاصة بتعيين من يصح الوفاء منه والنصوص المتعلقة بالوفاء مع الحلول وما يترتب عليه من آثار وما ينشأ فى شأنه من تزاحم . كذلك عرض التقنين الجديد للقواعد الموضوعية المتعلقة بالعرض الحقيقي والإيداع ، وترك الإجراءات الشكلية لتقنين المرافعات ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 167 – ص 168 ) .
( [1075] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 460 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 337 من المشروع النهائي ، فمجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 325 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 174 - 175 ) .
( [1076] ) التقنين المدني السابق م165 / 228 : يشترط لصحة الوفاء أن يكون المدين أهلا للتصرف والدائن أهلا للقبول .
م166 / 229 : ومع ذلك يزول الدين بدفعه ممن ليس أهلا للتصرف إذا كان مستحقاً عليه ولم يعد عليه ضرر من دفعه – ( وتتفق أحكام التقنين المدني السابق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .
( [1077] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السورى م324 ( مطابقة للمادة 325 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبى م312 ( مطابقة للمادة 325 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م376 : يشترط لنفاذ وفاء الدين والبراءة منه أن يكون الدافع مالكا لما دفعه ، فإن استحق بالبينة وأخذه صاحبه أو هلك وأخذ بدله ، فللدائن الرجوع بدينه على غريمه .
م377 : إذا كان المدين صغيراً مميزاً ، أو كبيراً معتوهاً ، أو محجوراً عليه لسفه أو غفلة ، ودفع الدين الذي عليه ، صح دفعه ما لم يلحق الوفاء ضررا بالموفي .
م378 : لا يصح للمدين أن يوفي دين أحد غرمائه فى مرض موته إذا أدى إلى الإضرار ببقية الدائنين .
( وهذه النصوص تتفق فى أحكامها مع أحكام التقنين المصري . وصياغتها تساير الفقه الإسلامي كما هو ظاهر . وقد جاء فى المادة 376 أن المدفوع إذا استحق بالبينة كان للدائن الرجوع بدينه على المدين ، تحرزاً من أن يكون المدفوع قد استحق بإقرار الدائن فلا رجوع له فى هذه الحالة لأن الإقرار حجة قاصرة على المقر . وجاء فى المادة 378 أن المدين إذا وفى ديناً وهو فى مرض موته ، وكان ماله لا يسع الوفاء بجميع ديونه ، فأدى الوفاء بالدين إلى الإضرار ببقية الدائنين ، فإن الوفاء لا يصح . وليس ذلك إلا تطبيقا للفقه الإسلامي في تصرفات المريض مرض الموت . وهذا الحكم يصح تطبيقه في مصر على أساس أن الوفاء في هذه الحالة تصرف صدر من مدين معسر ، ما دام الوفاء قد أدى إلى الاضرار ببقية الدائنين ، فلا يسري في حقهم إذا كان قد تم نتيجة تواطؤ بين المدين والدائن الذي استوفى حقه ( م242 / 2 مدني ) . أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 283 . وهو يذهب إلى أن هناك تعارضاً بين القول بصحة الوفاء الصادر من ناقص الأهلية إذا لم يلحق به ضرراً والقول بأن تصرفات ناقص الأهلية موقوفة على الإجازة . ونري أن هذا التعارض – إن وجد – لا يجوز أن يمنع المشرع من تصحيح الوفاء الصادر من ناقص الأهلية ما دام هذا التصرف لم يلحق به ضرراً ، فهو فى هذه الحالة تصرف نافع إذ قضى الدين الذى في ذمته ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل فيه . ولكن نص التقنين المصر ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة ، فيصح تطبيق حكمه فى لبنان دون حاجة إلى نص .
( [1078] ) أوبرى ورو 4 فقرة 316 ص 223 – ديمولومب 27 فقرة 86 – هيك 8 فقرة 14 – لوران 17 فقرة 493 .
( [1079] ) وقد ورد فى بيع ملك الغير نص يقضى بأن يكون قابلا للإبطال ، وكذلك الوفاء بملك الغير فإن نص المادة 32 مدني يقضى بعدم صحته ، وتكييف عدم الصحة هنا هو القابلية للإبطال .
( [1080] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 175 .
( [1081] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1412 وفقرة 1413 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقـرة 1152 .
( [1082] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1411 .
( [1083] ) ويضطرب الفقه فى تكييف هذه الدعوى التى يسترد بها المدين الشىء من الدائن . فهى ليست بدعوى استحقاق ، لأن المدين ليس مالكاً للشىء . وهى ليست بدعوى استرداد غير المستحق لأن الدائن عندما تسلم الشىء من المدين كان دائناً له فعلا . وقد ذهب البعض إلى أن المدين يتمسك ببطلان الوفاء كما يتمسك به الدائن نفسه ( بودرى وبارد 2 فقرة 1409 ) ، ولكن الوفاء إنما هو قابل للإبطال لمصلحة الدائن لا لمصلحة المدين ، فالذي يتمسك ببطلانه هو الدائن دون المدين . وذهب بعض آخر إلى أن هذه دعوى من طبيعة خاصة ، تقوم على أساس مصلحة المدين فى وضع حد لوفاء غير صحيح قام به فأصبح مسئولا عن رد الشىء إلى صاحبه ، وهو يتعجل استرداد الشىء حتى يتمكن من رده ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1152 ص 553 – وقارن بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1545 ص 512 ) .
ويبدو أن استرداد المدين الشىء من الدائن إنما هو محض تصحيح للوفاء غير الصحيح الذى قام به من قبل . وقد رأينا أن المدين لا يستطيع أن يسترد الشىء من الدائن قبل أن يسلمه بدلا منه شيئا معادلا له تماماً ، حتى لو أن الشىء الذى كان قد وفى به أولا أعلى من الصنف المتوسط الذي كان يحق له أن يختاره لم يستطع أن يسترد هذا الشىء إلا بعد أن يسلم للدائن شيئاً من نفس الصنف الأعلى لا من الصنف المتوسط ، وحتى لو كان الالتزام تخييريا واختار المدين أحد الشيئين لم يستطع استرداده إلا بعد أن يسلم للدائن شيئا معادلا له تماما دون الشىء الآخر ( انظر في هذا المعني ديمولومب 27 فقرة 102 – بودرى وبارد 2 فقرة 1418 ) . فاذا كان الدائن يتسلم شيئا معادلا تماماً للشىء الذي أخذه ، فليست له أية مصلحة فى منع المدين من تصحيح العمل الخاطئ الذى قام به ، فيجب
( [1084] ) بودى وبارد 2 فقرة 1421 .
( [1085] ) ماركاديه 4 فقرة 684 – ديمولومب 27 فقرة 96 – لوران 17 فقرة 497 - هيك 8 فقرة 15 - بودرى وبارد 2 فقرة 1416 – عكس ذلك ديرانتون 12 فقرة 32 .
( [1086] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1408 .
( [1087] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 175 – ويلاحظ انه قد ورد فى المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد مثل ما إذا عجل المدين الوفاء وأراد أن يسترد لينتفع بفسحة الأجل ، وهذا مثل لا يحتاج فيه إلى أن يكون الموفى ناقص الأهلية فحتى لو كان كامل الأهلية ووفى الدين قبل الأجل فإنه يستطيع الاسترداد ( م 183 / 1 مدنى ) .
( [1088] ) وهذا ما تنص عليه المادة 1238 من التقنين المدنى الفرنسى : " 1 - حتى يكون الوفاء صحيحاً ، يجب أن يكون الموفى مالكاً للشىء الموفى به وأهلا للتصرف فيه . 2 - ومع ذلك فالوفاء بمبلغ من النقود أو بشىء يستهلك بالاستعمال لا يسترد من الدائن إذا كان قد استهلكه بحسن نية ولو كان الوفاء بالشىء قد وقع من غير مالكه أو من شخص غير أهل للتصرف فيه " . وننقل الأصل الفرنسى فيما يأتى :
Art :1238 : pour payer valablement, il faut être propriétaire de la chose donnée en paiement, et capable de l’aliéner . 2 . Neamoins le paiement d’une somme d’argent ou autre chose qui se consomme par l’usage, ne peut être répète contre le créancier qui l’a consommée de bonne foi, quoique le paiement en ait été fait par celui qui n’en était pas propriétaire ou qui n’était pas capable de l’aliéner .
( [1089] ) انظر ديمولومب 27 فقرة 131 – لوردان 17 فقرة 509 – بودرى وبارد 2 فقرة 1431 .
( [1090] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 458 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 335 من المشروع النهائى . وفى لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب حذفت عبارة " من الغير " الواردة فى آخر الفقرة الثانية بسبب " أن الدائن لا يستطيع أن يرفض الوفاء من الغير إذا كانت له مصلحة فى القيام بهذا الوفاء " ، ووافق مجلس النواب على النص كما عدلته لجنته . وفى لجنة مجلس الشيوخ أعيدت عبارة " من الغير " ، لأن المقصود " بالغير " هنا شخص لا مصلحة له فى الوفاء كما هو مفهوم من سياق الفقرة الثانية ، ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته تحت رقم 323 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 169 – ص177 ) .
( [1091] ) التقنين المدني السابق م 159 / 222 : لا يجوز الوفاء إلا من المتعهد ما دام يظهر من كيفية التعهد أن مصلحة المتعهد له تستدعى ذلك .
م 160 / 223 : إذا كان المتعهد به عبارة عن مبلغ من النقود ، فيجوز وفاؤه من شخص أجنبى ولو على غير رغبة الدائن ، أو المدين . ( والحكم واحد فى التقنين السابق والجديد ، ولو أن عبارات التقنين السابق والجديد ، ولو أن عبارات التقنين السابق لا تخلو من الاضطراب وليست فى وضوح التقنين الجديد ) .
( [1092] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 322 ( مطابقة للمادة 323 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدني الليبى م310 ( مطابقة للمادة 323 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 375 : 1 - ينصح وفاء الدين من المدين أو نائبه ، ويصح وفاؤه من أى شخص آخر له مصلحة فى الوفاء كالكفيل والمدين المتضامن ، مع مراعاة ماجاء بالمادة 250 .
2 - ويصح أيضا وفاء الدين من أجنبى لا مصلحة له فى الوفاء بأمر المدين أو بغير أمره ، على إنه يجوز للدائن أن يرفض الوفاء من الغير إذا اعترض المدين على ذلك وأبلغ الدائن هذا الاعتراض . ( ويتفق حكم التقنين العراقي مع حكم التقنين المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م292 : يجب على المديون أن ينفذ بنفسه الموجب حينما يستفاد من نص العقد أو من ماهية الدين أن من الواجب عليه أن يقوم هو نفسه بالتنفيذ . أما فى غير هذه الأحوال فيصح أن يقوم بالتنفيذ أى شخص كان عن غير علم من المديون وبدون أن يحق للدائن الاعتراض على هذا التدخل .
( ويتفق حكم التقنين اللبنانى مع حكم التقنين المصرى ) .
( [1093] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 169 .
( [1094] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الأهلية بأنه إذا دفع الخادم دين مخدومه يفترض أنه دفعه من مال المخدوم الذى تحت يده أو فى تصرفه حتى يثبت خلاف ذلك ( 25 مارس سنة 1890 الحقوق 15 ص 106 ) .
( [1095] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1150 .
( [1096] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1150 ص 552 هامش رقم 1 .
( [1097] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 170 - وقد قضت محكمة الاستئناف الأهلية بأنه إذا دفع الخصم المحكوم لصالحه مصروفات الدعوى حتى يحصل على صورة الحكم الصادر لصالحه ، حل قانوناً محل قلم الكتاب ، وأصبح له القلم الكتاب من الحقوق ضد المدعى عليه بشأن المصروفات ( 6 مايو سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 105 ص202 ) .
( [1098] ) ولا يكون للأجنبى الذى وفى الدين ، فى هذه الحالة ، أن يحل محل الدائن حلولا قانونياً فى الرجوع على المدين . وإنما يجوز له الحلول الاتفاق كما سنرى ، إما باتفاق مع الدائن وإما باتفاق مع المدين ( انظر دى باج 3 فقرة 406 ص 381 ) .
( [1099] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 170 .
هذا ويجب على الأجنبى أن يعرض وفاء الدين دون أن يقيد عرضه بأى شرط . وقد قضت محكمة مصر الوطنية بأن العرض الحاصل من غير المشترى على البائع بوفاء الثمن غير مقبول قانوناً ، إذا قيد الأجنبى عرضه بشروط تقضى على البائع أن يقبل التعاقد مع آخرين . ولا عبرة يتمسك المشترى ومن معه بأنه يجوز لشخص أجنبى أن يدفع عن المدين ولو على غير رغبة الدائن ، لأن هذا لا يصح إلا إذا كان العرض حاصلا بدون قيد ولا شرط ( 10 مارس سنة 1904 الاستقلال 2 ص 54 ) . كذلك لا يجوز للأجنبى أن يجعل الوفاء عن طريق المقاصة بين الدين وحق له فى ذمة الدائن ، فإن المقاصة لا تكون إلا فى دينين متقابلين ( استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1903م 15 ص 136 – وقارن 12 مايو سنة 1914م 26 ص 382 ) .
( [1100] ) وغنى عن البيان أنه لا يريد أن يسبق ذلك وفاء الدين وفاء مبرئا للذمة ( استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1911م 23 ص 362 ) .
( [1101] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 459 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، ما عدا أن المشروع التمهيدى لم يكن يتضمن عبارة " بقدر ما دفعه " الواردة فى آخر الفقرة الأولى . وفى لجنة المراجعة أضيفت هذه العبارة ، وأصبحت المادة رقمها 336 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 324 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 172 – ص 173 ) .
( [1102] ) التقنين المدني السابق : م161 / 224 : من دفع دين شخص فله حق الرجوع عليه بقدر ما دفعه ومطالبته بناء على ما حصل له من منفعة بسداد الدين .
م163 / 226 : إذا دفع إنسان دين آخر بغير إرادته ثم رجع عليه ، فللمدين المذكور الحق فى عدم قبول ما دفع عنه كله أو بعضه إذا أثبت أن مصلحته كانت تقتضى امتناعه عن الدفع للدائن الأصلى .
( والحكم واحد فى التقنين السابق والجديد كما نرى ) .
( [1103] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 323 ( مطابقة للمادة 324 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبى : م311 ( مطابقة للمادة 324 من التقنين المدني المصري ) .
فى التقنين العراقي لا يكون إلا بدعوى الإثراء بلا سبب ، ما لم يكن الموفى مأموراً من المدين بوفاء الدين فيرجع عليه بدعوى الوكالة ويكون نائباً عنه فى الوفاء بالدين . أما الرجوع بدعوى الفضالة فلا يجوز ، لأن التقنين العراقي لم يجعل الفضالة مصدراً للالتزام متأثراً فى ذلك بالفقه الإسلامي .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : لا مقابل فيه للنص – ولكن نص التقنين المصرى ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ به فى لبنان دون نص .
( [1104] ) استئناف وطنى 23 فبراير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 429 ص 515 .
( [1105] ) بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1219 .
( [1106] ) وكذلك إذا كان الغير قد وفى الدين قبل وفاء المدين له ، ولكن لم يخطر المدين بهذا الوفاء فوفى المدين الدين مرة أخرى ، فلا رجوع للموفى على المدين لأن المدين لم يفد شيئاً من هذا الوفاء ، وإنما يرجع الموفى على الدائن ليسترد منه ما أخذ دون حق ( بوردى وبارد 2 فقرة 1400 ) .
( [1107] ) بل إن الدين إذا كان لم يسقط بعد بالتقادم ، ولكن بقيت مدة قليلة لتمام التقادم بحيث لو لم يوف الغير الدين لا نقضت هذه المدة ولسقط الدين بالتقادم ، فان المدين يستطيع أن يتمسك بهذا الدفع إذا رجع الموفى عليه ، لأنه لولا وفاء الغير للدين لسقط بالتقادم ، فكأن المدين لم يفد شيئاً من الوفاء ( أنظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1399 ص 505 ) .
( [1108] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 172 - ولكن يجب أن يكون الاعتراض الذي يقيمه المدين اعتراضاً جدياً . فاذا كان المبلغ المدفوع صادراً به أحكام نهائية ومأخوذاً به اختصاص على عقار المحكوم عليه ، لم يلتفت إلى قول المدين من أنه ينازع المدفوع إليه فى مقدار الدين أمام محكمة أخرى ( استئناف أهلى 22 نوفمبر سنة 1984 الحقوق 9 ص 344 ) . وللمدين أن يدفع مطالبة الغير بما كان يدفع به مطالبة الدائن ( استئناف مختلط 24 ديسمبر سنة 1902م 15 ص75 ) . وإذا دفع الغير دينا على تركة ، رجع على الورثة فى حدود أموال التركة ( استئناف مختلط 13 يناير سنة 1903م 16 ص 89 ) .
( [1109] ) وترجع دعوى الحلول فى أصلها إلى القانون الروماني . فقد كان هذا القانون يقضى بأن ينزل الدائن عن دعواه لمن يوفيه حقه فى حالات كثيرة ، فإذا رفض النزول عن دعواه كان لمن وفى له حقه أن يواجهه بدفع فى خصوص ذلك ( cedendarum actionum ) ، بل كان يفترض فى بعض الحالات أن النزول عن الدعوى قد تم فعلا . وكان القانون الرومانى ، من جهة أخرى ، يجعل لمن يوفى ديناً مضموناً برهن الحق فى أن يخلف الدائن فى هذا الرهن ( successio in locum creditioris ) ، أو فى مرتبته ( جيرار طبعة ثالثة ص 754 - ص 757 - ص 776 هوامش 2و 5و 6و 7 ) .
وحلول الموفى محل الدائن نافع من كل الوجوه . فهو نافع للموفى ، إذ ييسر له سبيلا ممهدا للرجوع بحقه ، ويهيئ له أسباباً لاستغلال ماله . وهو نافع للدائن ، إذ يستطيع بفضل الحلول أن يجد من يوفى له حقه فى وقت يكون المدين فيه غير قادر على الوفاء . وهو نافع للمدين ، إذ يتوفى أن يعجل الدائن بالتنفيذ شده ، ويغلب أن يتمكن من استمهال الدائن الجديد الذي وفى الدين . ثم إن الحلول لايضر أحداً ، فإن الدائن الجديد لم يزد على أن حل محل الدائن القديم ، فلا يتأذى من ذلك الدائنون الآخرون ولا الكفلاء ، إذ لم يتغير عليهم من الدائن غير اسمه ( أنظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1516 ص 616 – ص 617 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1219 ص 626 – ص 627 )
( [1110] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 461 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لا استقر عليه فى التقنين المدني الجديد . ووافق عليه لجنة المراجعة تحت رقم 338 فى المشروع النهائي ، ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 326 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 177 - ص 179 ) .
( [1111] ) التقنين المدنى السابق م162 / 225 : التأمينات التى كانت على الدين الأصلى تكون تأميناً لمن دفعه فى الأحوال الآتية فقط : أولا . . . ثانياً – إذا كان الدافع ملزماً بالدين مع المدين أو بوفائه عنه . ثالثاً – إذا كان الدافع دائنا ووفى لدائن آخر مقدم عليه بحق الامتياز أو الرهن العقارى ، أو أدى ثمن عقار اشتراه للدائنين المرتهنين لذلك العقار . رابعاً - إذا كان القانون مصرحاً بحلول من دفع الدين محل الدائن الأصلى .
( ومن هذا يتبين أن أحوال الحلول القانونى فى التقنين المدني السابق هى نفس أحواله فى التقنين المدنى الجديد . ويبدو من عبارات التقنين السابق أن هذا التقنين يعتبر الدين الذى وفى قد انقضى ، فيرجع الموفى بدين جديد تنتقل إليه تأمينات الدين القديم . أما فى التقنين الجديد ، فواضح أن الرجوع يكون بنفس الدين وتأميناته ودفوعه ، كما سنرى ) .
( [1112] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السورى : م 325 ( مطابقة للمادة 326 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 313 ( مطابقة للمادة 326 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 379 ( مطابقة للمادة 326 من التقنين المدنى المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : م310 يكون الإيفاء مسقطا للمدين إسقاطاً مطلقا نهائيا بالنظر إلى جميع أصحاب الشأن . ويجود أن يكون الإيفاء مقتصراً على نقل الدين إذا كان مقترناً باستبدال ، فيقدر عندئذ أن الدين موفى كله أو بعضه من قبل شخص لا يجب أن يحمل كل العبء بوجه نهائى ، فيحل محل الدائن الذى استوفى حقه ليتمكن من الرجوع على المديون الأصلى أو على الشركاء فى الموجب .
م311 : إن الاستبدال يكون إما بمقتضى القانون وإما بمشيئة الدائن أو المديون
م 312 : يكون الاستبدال قانونياً فى الأحوال الآتية : أولا – لمصلحة الدائن العادى والمرتهن أو صاحب التأمين الذى يوفى حقوق دائن آخر له حق الأولوية عليه . غير أن الاستبدال فيما يختص بالحقوق الخاضعة للقيد فى السجل العقارى لا يكون له مفعولا إلا بعد إتمام هذا القيد . ثانيا – لمصلحة الملزم بالإيفاء مع الآخرين ( كما فى الموجبات المتضامنة أو غير المتجزئة ) أو الملزم بالإيفاء من أجل آخرين ( كالكفيل أو الشخص الثالث محرز العقار المرهون ) إذا أجبر على الإيفاء أو كان الإيفاء من مصلحته . ثالثاً – لمصلحة الوارث الذى أوفى من ماله ديون التركة .
( وأحوال الحلول القانونى فى التقنين اللبنانى مماثلة لأحواله فى التقنين المصرى ، فيما عدا حالة الوارث ) .
( [1113] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص المادة 326 مدنى ما يأتى : " استفى المشروع هذا النص من المادة 162 / 225 من التقنين الحالى ( السابق ) مع تعديل صياغتها تعديلا استلهم فيه على وجه الخصوص عبارة المادة 185 من المشروع الفرنسى الايطالى . بيد أنه شذ عن مذهب هذا التقنين فى التفريق بين الحلول القانونى وهو ما يقع بحكم القانون والحلول الاتفاقى وهو ما يقع برضاء الدائن . وقد نقلت أحوال الحلول القانونى جميعا عن التقنين القائم ، وهو يورد منها ما جرت سائر التقنينات على إيراد ( أنظر المدة 1251 من التقني الفرنسى والمادة 183 من المشروع الفرنسى الإيطالى والمادة 312 من التقنين اللبنانى ، ومطابق لمعنى النص المادة 1210 من التقنين الأسبانى والمدة 779 من التقنين البرتغالى والمادة 110 من تقنين الالتزامات السويسرى والمادة 985 من التقنين البرازيلى ، وتتكلم المادة 268 من التقنين الألمانى عن انتقال الحق أو تحويله لا عن الحلول ) . ويراعى أن الموفى ، فى جميع أحوال الحلول القانونى ، يكون غيراً له مصلحة فى الوفاء بالدين . فله ، والحال هذه ، أن يوفى رغم إرادة المدين والدائن على حد سواء ، وبذلك يتم له الحلول بحكم القانون محل الدائن الذى استوفى حقه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 178 ) .
( [1114] ) حتى لو كان المدين الذى تضامن معه أبرئ من التضامن ومع ذلك رجع الدائن على المدين المتضامن بكل الدين ( استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1909 م 22 ص 75 ) .0
( [1115] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 178 – وإذا دفع وارث ديناً على التركه ، حل محل الدائن فى الرجوع على بقية الورثة ( استئناف مختلط 14 نوفمبر سنة 1946 م 59 ص 27 ) .
( [1116] ) وقد جاء فى الموجز للمؤلف : " والكفيل ، سواء كان كفيلا شخصياً أو عينياً ، وسواء كان الكفيل الشخصى متضامناً مع المدين أو غير متضامن ، يحل محل الدائن إذا وفى له الدين . فإذا كان الكفيل كفيلا شخصياً متضامناً مع المدين ، ودفع الدين عنه ، فإنه يرجع عليه بكل ما دفعه ، ويحل فى هذا الرجوع محل الدائن فى كل ماله من تأمينات . وكذلك الأمر لو كان الكفيل الشخصى غير متضامن مع المدين . غير أنه يلاحظ فى الحالتين أن الكفيل إذا حل محل الدائن فى الرجوع على كفلاء آخرين ، فإنه لا يرجع على كل كفيل إلا بقدر حصته من الدين بمقتضى حق التقسيم . وإذا كان الكفيل كفيلاً عينياً ، ودفع الدين عن المدين ، فإنه يرجع على المدين بكل ما دفعه ، ويحل محل الدائن فيما له من تأمينات . فإذا كانت هذه التأمينات كفيلاً شخصياً ، رجع الكفيل العينى على الكفيل الشخصى بقدر حصة هذا الأخير ، ويقسم الدين بينهما على أساس أن الكفيل الشخصى قد كفل الدين وأن الكفيل العينى قد كفل الدين بقدر قيمة العين التى قدمها رهناً ، فيكون تقسيم الدين بينهما بهذه النسبة . فلو كان الدين ثلثمائة ، وضمن الكفيل الشخصى كل الدين ، وقدم الكفيل عيناً قيمتها مائة ، فإن الدين يقسم بين الكفيلين بنسبة ثلثمائة ( قدر ما ضمنه الكفيل الشخصى ) إلى مائة ( قدر ما ضمنه الكفيل العينى ) ، فتكون حصة الكفيل الشخصى مائتين وخمسة وعشرين وتكون حصة الكفيل العينى خمسة وسبعين . وإذا كانت التأمينات كفيلا عينياً آخر ، قسم الدين بينهما بنسبة قيمة ما قدمه كل منهما ضماناً للدين " ( الموجز فقرة 556 ) .
( [1117] ) وقد كشف العمل عن أمثلة أخرى يكون فيها الموفى ملزماً بالدين فيحل محل الدائن ، ويرجع بدعوى الحلول على المدين . من ذلك شركة التأمين عن الإصابات ، فهى مسئولة عن تعويض المصاب ، فإذا وفته التعويض حلت محله فى الرجوع على المسئول عن الإصابة . ومن ذلك الوكيل بالعمولة ، إذا وفى من ماله ثمن البضاعة التى اشتراها لعميله ، حل محل البائع الذى وفاه حقه فى الرجوع بالثمن على هذا العميل . ومن ذلك من يقوم بتخليص البضائع من " الجمرك " إذا دفع الرسوم المستحقة ، حل محل مصلحة الجمارك فى الرجوع بهذه الرسوم على صاحب البضاعة ( انظر فى ذلك بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1228 ص634 ) .
أما إذا كان الموفى غير ملزم بالدين ووفاه ، لم يكن من حقه الرجوع بدعوى الحلول . فالمولى أو الوصى أو القيم ، إذا وفى دين الصغير أو المحجور ، لم يحل محل الدائن فى الرجوع عليه ، ومن تعهد عن الغير وأقر الغير تعهده ، إذا وفى قيمة هذا التعهد للدائن ، لم يحل محله فى الرجوع على الغير ، لأن المتعهد بعد إقرار الغير لم يعد ملزماً بالتعهد ( انظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1560 إلى فقرة 1560 مكررة ثانيا ) .
هذا وإذا دفع أحد المدينين المتضامنين الدين كله ، كان له أن يوجه دعوى الحلول إلى المدينين المتضامنين الآخرين وإلى الدائنين المرتهنين المتأخرين فى المرتبة عن الدائن الذى وفى حقه ( استئناف مختلط 30 مايو سنة 1929م 41 ص 419 ) .
( [1118] ) وليس من الضرورى أن يكون للدائنين مدين واحد ، بل يكفى أن يكون كل من الدائنين له تأمين عينى على نفس العقار وأحدهما متقدم على الآخر ، فيصح أن يكون صاحب العقار مديناً لاحدهما وقد رهن له عقاره وكفيلا عينياً للدائن الآخر ، كما يكفى أن يكون صاحب العقار كفيلا عينياً لكل من الدائنين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1543 مكررة ) .
هذا وإذا كانت العين قد بيعت لشخصين ، ودفع أحدهما حصته من الثمن ، وبقى امتياز البائع ضامناً للباقى من الثمن وهو حصة المشترى الآخر ، ثم بيعت العين فى المزاد للوفاء بهذه الحصة ، واستوفاه البائع من ثمن العين مما يقع فى نصيب المشترى الأول يحل فيه هذا المشترى محل البائع فى حق امتيازه ، لأنه يكون فى حكم الدائن الذى وفى دائناً مقدماً عليه ( استئناف مختلط 24 ديسمبر سنة 1913م 26 ص104 ) .
أما إذا كان العقار مرهوناً لدائنين أحدهما مقدم على الآخر ، ثم رسا مزاده عند التنفيذ على المرتهن الثانى ، فما استوفاه المرتهن الأول من ثم العقار المترتب فى ذمة المرتهن الثانى لا يعتبر مدفوعاً من المرتهن الثانى حتى يحل محل المرتهن الأول فيه ، لأن المرتهن الثانى إنما وفى المرتهن الأول ديناً ترتب فى ذمته وهو الثمن الذى رسا به المزاد عليه ( استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1923 م 35ص 398 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة فى دوائرها المجتمعة فى هذا المعنى أيضا بأنه إذا كان لدائن رهنان على عقارين ، فنفذ على أحد هذين العقارين واستوفى حقه من ثمنه ، فأضر ذلك بدائن مرتهن متأخر لنفس العقار ، فإن الدائن المتأخر لا يحل محل الدائن المتقدم فى الرهن الذى لهذا الدائن على العقار الآخر لأنه لم يوفه حقه من ماله ( 28 فبراير سنة 1920م 32 ص 381 ) .
ولكن إذا كان هناك دائنان مرتهنان أحدهما مقدم على الآخر ، وكان الدائن المتقدم له رهن على عقار آخر ، ووفى الدائن المتأخر الدائن المتقدم حقه ، فإنه يحل محل فى الرهنين معاً ، لأنه يكون قد وفى الدائن المتقدم حقه من ماله لا من ثمن العقار ( استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1924م 36 ص 242 ) .
( [1119] ) ويصح أن يوفيه جزءاً من دينه إذا قبل الموفى له هذا الوفاء الجزئى ، فيحل محله فى هذا الجزء ( أنظر فى مناقشة هذه المسألة بودرى وبارد 2 فقرة 1543 مكررة ثانية ) .
ولكن لا يجوز أن يتربص الدائن المتأخر حتى ينزع الدائن المتقدم ملكية العين المرهونة ، ويتقدم فى التوزيع فى مرتبة أعلى ، وعند ذلك يأتى الدائن المتأخر يريد أن يوفى الدائن المتقدم ليحل محله ( استئناف مختلط 18 مارس سنة 1914م 26 ص 286 – 25 مارس سنة 1914م 26 ص 294 30 ديسمبر سنة 1914م 27 ص 94 – 8 مارس سنة 1917 م 29ص 282 ) .
( [1120] ) بوردى وبارد 2 فقرة 1542 مكررة ثالثا – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1230 ص 637 - ص 638 .
( [1121] ) ديرانتون 12 فقرة 149 وفقرة 153 – لارومبير 4 م 1251 فقرة 5 - ديمولوب 27 فقرة 458 - فقرة 459 - لوران 18 فقرة 69 - بودرى وبارد 2 فقرة 1542 مكررة أولا – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1230 .
( [1122] ) قارن بودرى وبارد 2 فقرة 1544 – وإذا كان للدائن المتأخر رهن على عين أخرى بالإضافة إلى رهنه المتأخر على العين الأولى ، فإن الدائن المتقدم – باعتباره دائناً عادياً بالنسبة إلى العين الأخرى – يعتبر دائناً متأخراً ، فله أن يوفى حق الدائن على هذه العين الأخرى ويحل محله فى الرهن إذا كانت له مصلحة فى ذلك ( انظر فى هذا المعنى الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 48 - وقارب : استئناف مختلط 25 يونيه سنة 1918م 30 ص 488 ) .
وهذا وقد يكون للدائن الموفى له حقان ، أحدهما متقدم على حق الدائن الموفى والآخر متأخر . ويذهب القضاء الفرنسى فى هذه الحالة إلى أن الدائن الموفى يجب عليه أن يوفى الدائن الموفى له بالحقين معاً ، المتقدم والمتأخر ، لأنه لو اقتصر على الوفاء بالحق المتقدم فإن الموفى له يكون بدوره ، وبمقتضى حقه المتأخر ، جائزاً له أن يوفى الموفى حقه ليحل محله هو الآخر ، وفى هذا دور يريد القضاء تجنبه ( محكمة النقض الفرنسية 2 أغسطس سنة 1870 سيريه 71 - 1 - 25 وأنظر أيضاً : ديمولومب 27 فقرة 478 – بودرى وبارد 2 فقرة 1543 مكررة خامساً وما بعدها – يلانيول وريبير ورودوان 7 فقرة 1230 ص 637 هامش رقــم 5 ) . وتطبيقاً لهذا المبدأ ، إذا كان لدائن رهنان فى المرتبة الأولى على عقارين ، وكان له إلى جانب ذلك دين آخر مضمون برهن متأخر على العقار الثانى ، لم يجز لدائن متأخر مرتهن للعقار الأول أن يوفيه الدين المضمون بالرهنين ليحل محله فيهما ، وذلك لأن الدائن المتقدم هو فى الوقت ذاته دائن متأخر بالنسبة إلى العقار الثانى ، فيحق له أن يوفى بدوره الدائن الآخر حقه ليحل محله ، ومن هنا يأتى الدور ( انظر بودرى وبارد 2 فقرة 1543 مكررة ثامناً ) .
( [1123] ) ولو أراد الموفى أن يحل محل الموفى له ، وجب عليه أن يحصل على حلول اتفاق بالتراضى ، لأن الحلول القانونى ممتنع كما قدمنا ( أنظر فى تأييد هذا الحكم بودرى وبارد 2 فقرة 1545 – فقرة 1546 ، وفى انتقاده بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1230 ص 639 - ص640 ) .
هذا وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد هذه الحالة الثانية من حالات الحلول القانونى ما يأتى : " أما الحالة الثانية فهى حالة الوفاء من أحد الدائنين لدائن آخر مقدم عليه بماله من تأمين عينى . فلو فرض أن عقاراً رهن لدائنين على التوالى ، فللدائن المتأخر مصلحة فى الوفاء بحق الدائن المتقدم والحلول محله فيه . فقد يوفق بذلك إلى وقف إجراءات التنفيذ إذا كانت قد بوشرت فى وقت غير ملائم ، على أن يعود إليها متى استقامت الأحوال . وقد يتيسر له أحياناً أن ينتفع من تأمينات أخرى خصصت لضمان الدين الذى قام بأدائه . وقد يكون من مصلحة أحد الدائنين العاديين أن يقوم بالوفاء بدين الدائنين المرتهنين حتى يفيد من مزايا الحلول . ويراعى أن الدائن المتقدم فى الرتبة لا يحل حلولا قانونياً إذا وفى دائناً متأخراً عنه حتى يتيسر له وقف إجراءات التنفيذ لعدم ملاءمة الظروف ، فالحلول لا يتم فى هذه الحالة إلا بالتراضى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 178 – ص 179 ) .
( [1124] ) استئناف مختلط 20 فبراير سنة 1917 م 29 ص 235 – 8 مايو سنة 1917 م 29 ص 405 .
( [1125] ) ويجب أن يوفى المشترى الدائن المرتهن مباشرة ، أما إذا دفع الثمن للبائع ثم استعمل البائع الثمن فى الوفاء للدائن المرتهن ، فإن المشترى لا يحل حلولا قانونياً محل الدائن المرتهن .
ولكن يجوز أن يقبض البائع الثمن من المشترى على ذمة دفعة الدائن المرتهن بتفويض من المشترى ، فيحل المشترى فى هذه الحالة محل الدائن المرتهن ، لأنه يكون هو – عن طريق وكيله البائع – الذى وفى الدائن المرتهن حقه ( انظر فى هذه المسألة بودرى وبارد 2 فقرة 1552 ) .
وإذا وفى المشترى للدائن المرتهن حقه ، حل محله دون حاجة إرى رضائه أو إلى رضاء المدين ( استئناف مختلط 13 يونيه سنة 1900م 12 ص 331 ) .
( [1126] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1550 مكررة أولا – ويورد بودرى وبارد فرضاً ثالثاً يتحقق فيه للمشترى مصلحة فى أن يحل محل الدائن المرتهن ، وذلك إذا اشترى العقار من غير مالك ، وأراد المالك الحقيقى ان يسترد منه العقار ، فعندئذ يكون المشترى آمنا على الثمن الذى دفعه للدائن المرتهن وحل به محله ، إذ أن المالك الحقيقى عندما يسترد العقار يسترده مرهوناً للمشترى بمقدار هذا الثمن ( بودرى وبارد 2 فقرة 1550 ) . وقد يعترض على ذلك بأن المشترى من غير مالك لا يصبح مالكا للعقار المرهون ، فلا يكون مسئولا عن الدين ، وإذا دفعه للدائن المرتهن لم يحل محله حلولا قانونياً ، ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المشترى من غير مالك ، إذا دفع الدين للدائن المرتهن ، حل محله فى الرهن ( استئناف مختلط 9 مايو سنة 1895م 7 ص 265 ) .
( [1127] ) استئناف مختلط 11 يونية سنة 1913م 25 ص 440 – 14 إبريل سنة 1938 م 50ص 237 – بودرى وبارد 2 فقرة 1553 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1229 ص 636 – ص 637 .
وإذا كان المشترى قد اشترى حصة شائعة ، دفع الدين لفك الرهن الموقع على العين جميعها ، حل محل الدائن فى مواجهة البائع وجميع الشركاء فى الشيوع بمقدار ما وفى عنهم من الدين ( استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة 1906م 19 ص 63 – أنظر أيضا : استئناف مختلط 26 فبراير سنة 1929م 41 ص 265 ) .
( [1128] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1552 مكررة أولا – فقرة 1552 مكررة ثانيا .
( [1129] ) استئناف مختلط 30 مايو سنة 1944م 56 ص 156 – بودرى وبارد 2 فقرة 1549 مكررة أولا .
هذا وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد هذه الحالة الثالثة من حالات الحلول القانونى ما يأتى : " أما الحالة الثالثة فتتحقق حيث يكون الموفى قد اشترى عقاراً وأدى ثمنه وفاء لدائنين خصص العقار لضمان حقوقهم ، كما هو الشأن فى الحائز . فقد يتاح للموفى فى هذه الحالة أن ينتفع من تأمينات أخرى خصصت لضمان الدين الذى أداه . وقد تكون له مصلحة فى أداء ثمن العقار للدائنين المرتهنين المتقدمين فى المرتبة دون أن يقوم بتطهيره ، متى وثق من أن الثمن الذى يرسو به مزاده لا يكفى للوفاء بديون من وفاهم وحل محلهم فيما لو باشر إجراءات التنفيذ غيرهم من الدائنين المتأخرين فى المرتبة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 179 ) .
( [1130] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 179 .
( [1131] ) ويلاحظ أن المتوسط ، فى الحالة التى نحن بصددها ، عندما دفع قيمة الكمبيالة لم يكن مسئولا عن هذا الدين ، وإنما جعل له القانون الحلول محل الدائن توثيقا للائتمان ، وتوسيعاً لسبل الوفاء بسندات الائتمان التجارية ، فييسر الوفاء بهذه السندات من طرق مختلفة . هذا إلى أن المتوسط الذى دفع الكمبيالة عن الساحب أو عن المحيل يغلب أن يكون صديقاً ينتظر منه إمهال من دفع عنه ، ومما يغريه بهذا الإمهال أن يحل قانوناً محل الدائن ( أنظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقر 1566 ) .
( [1132] ) ويلاحظ هنا أيضاً أن شركة التأمين ، عندما دفعت مبلغ التأمين للمؤمن له وحلت محله فى الرجوع بالتعويض على المسئول ، لم تكن مسئولة عن هذا التعويض مع المسئول . ومن ثم وجب أن يقوم الحلول القانونى هنا على نص خاص ، إذ أن شركة التأمين عندما دفعت مبلغ التأمين للمؤمن له أتما دفعت دينا شخصياً فى ذمتها له بموجب عقد التأمين . فليس من حقها أن ترجع على المسئول عن الحريق بمقتضى القواعد العامة إلا إذا نزل لها المؤمن له عن دعواه قبل هذا المسئول ، فالحلول هنا أقرب إلى أن يكون نزولا عن هذه الدعوى إلى شركة التأمين بموجب نص خاص فى القانون ( أنظر فى المعنى الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 51 ) . ويخلص من ذلك أن حلول شركة التأمين محل المؤمن له مقصور على الحالة التى نحن بصددها ، لورد النص فى شأنها . وقد ورد نص آخر فى القانون رقم 64 لسنة 1936 بشأن إصابات العمل ، فقد قضت المادتان 7 و 9 من هذا القانون بأنه إذا كانت إصابة العامل ترتب مسئولية شخص آخر غير صاحب العمل ، وكان صاحب العمل مؤمناً على حوادث العمل ( وقد أصبح هذا التأمين إجباريا بموجب القانون رقم 86 لسنة 1942 ) ، فإن شركة التأمين التى دفعت قيمة التعويض تحل محل صاحب العمل فى حقوقه قبل الشخص المسئول . وفيما عدا هذه الحالات التى وردت فيها نصوص خاصة ، لا يوجد نص عام يقضى ، فى التأمين على الحوادث ، بحلول شركة التأمين محل المصاب فى الرجوع على المسئول . وكثيراً ما تعمد شركات التأمين إلى الاحتفاظ بحقها فى الرجوع على المسئول بموجب شرط صريح فى وثيقة التأمين ، ويكون هذا الشرط بمثابة اتفاق على حوالة حق محتمل ، فينفذ فى حق المسئول بإعلانه بالحوالة وفقا للقواعد المقررة فى حوالة الحق ( انظر فى هذا المعنى الأستاذ محمد على عرفة فى التأمين طبعة ثانية ص 184 – ص 192 - وقارن بلانيول وريبير وردوان فقرة 1233 ص 642 – ص 643 ) .
( [1133] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 462 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " الدائن الذى استوفى حقه من غير المدين أن يتفق مع هذا الغير على أن يحل محله حتى لو لم يقبل المدين ذلك . ويكون الاتفاق بورقة رسمية ، ولا يصح أن يتأخر عن وقت الوفاء " . وفى لجنة المراجعة حذف الحكم الخاص بجعل الاتفاق فى ورقة رسمية لعدم ضرورة ذلك ، وأصبحت المادة رقمها 339 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 327 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 180 – ص 181 ) .
( [1134] ) التقنين المدنى السابق م 162 / 225 : التأمينات التى كانت على المدين الأصلى تكون تأمينا لمن دفعه فى الأحوال الآتية فقط : أولا– إذا قبل الدائن عند الأداء له انتقال التأمينات لمن دفع الدين إليه . . .
( والحكم واحد فى التقنينيين السابق والجديد ، إلا فيما يتعلق بالتصوير الفنى للحلول فقد قدمنا أنه يبدو من عبارات التقنين السابق أن هذا التقنين يعتبر الدين الذى وفى قد انقضى فيرجع الموفى بدين جديد تنتقل إليه تأمينات الدين القديم ، أما فى التقنين الجديد فالرجوع يكون بنفس الدين وتأميناته ودفوعه : أنظر آنفاً فقرة 376 فى الهامش ) .
( [1135] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 326 ( مطابقة للمادة 327 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 314 ( مطابقة للمادة 327 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 380 / 1 ( مطابقة للمادة 327 من التقنين المدنى المصرى ، فيما عدا أنها تشترط أن يكون الاتفاق بورقة رسمية ، كما كان الأمر فى المشروع التمهيدى للتقنين المدنى المصرى الجديد ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 313 : إن الدائن الذى قبل الإيفاء من شخص ثالث يمكنه أن يحل محله فى حقوقه ، ويجب حينئذ أن يحصل الاستبدال صراحة عند الإيفاء على الأكثر أما تاريخ سند الإيصال المشتمل على الاستبدال فلا يعد ثابتاً بالنسبة إلى الأشخاص الآخرين إلا من يوم صيرورة هذا التاريخ صحيحاً . ( والحكم واحد فى التقنينيين اللبنانى والمصرى ) .
( [1136] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 180 – ص 181 .
( [1137] ) ويجوز لوكيل الدائن أن يحل الموفى محل الدائن ، ولو كانت الوكالة عامة ( بودرى وبارد 2 فقرة 1527 ) – وإذا أرسل الدائن محضراً لقبض الدين ، فوكالة المحضر مقصورة على القبض . فإذا اتفاق مع الموفى على أن يحل محل الدائن ، لم يسر هذا الاتفاق فى حق الدائن إلا إذا أقره ( بودرى وبارد 2 فقرة 1527 – فقرة 1527 مكررة ) .
( [1138] ) لوران 18 فقرة 32 – بودرى وبارد 2 فقرة 1529 .
( [1139] ) أنظر آنفاً فقرة 381 فى الهامش فيما يتعلق بتاريخ نص المادة 327 مدنى – والتقنين المدنى الفرنسى وتقنين الموجبات والعقود اللبنانى يشترط كل منهما أن يكون الاتفاق صريحاً ( Expres ) ، ولكن ذلك لا يعنى اشتراط لفظ خاص . قارن فى عهد التقنين المدنى السابق : استئناف مختلط 12 يناير سنة 1911 م 23 ص 106 .
( [1140] ) استئناف مختلط 20 مايو سنة 1930 م 42 ص 507 – 21 يناير سنة 1932 م 44 ص 134 .
( [1141] ) ولكن يجب أن يدفع الموفى الدين للدائن حتى يحل محله فيه . وليس من الضرورى أن يدفعه من ماله ، والمهم ألا يكون الوفاء من مال المدين . فلو أن أجنبياً أقرض المدين مالا ليوفى به دينه ، فوفى المدين الدين من هذا القرض ، لم يحل الأجنبى محل الدائن ، حتى لو ذكر الدائن فى مخالصة الدين أنه قبل إحلال المقرض محله ، ما دام الدين قد وفى من مال المدين بعد أن اقترضه . والذى يمكن فى هذه الحالة هو الحلول باتفاق مع المدين لا مع الدائن ، إذا استوفيت الشروط الواجبة ، وسيأتى بيانها ( أنظر فى هذا المعنى لارومبيير 4 م 1250 فقرة 7 – هيك 8 فقرة 57 – ديمولومب 27 فقرة 358 – بودرى وبارد 2 فقرة 1526 – أنظر عكس ذلك : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1222 ص 628 – ص 629 ) .
( [1142] ) قارن الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 38 .
( [1143] ) ولكن إذا اتفق على الحلول قبل الوفاء بالدين أو معه ، كان الحلول صحيحاً حتى لو أعيطت المخالصة المثبتة للحلول بعد الوفاء بالدين ، فالعبرة بتاريخ الاتفاق على الحلول لا بتاريخ إعطاء المخالصة ( ديمولومب 27 فقرة 372 – هيك 8 فقرة 58 – بودرى وبارد 2 فقرة 1525 مكررة أولا ) .
( [1144] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " والثانى إتمام الاتفاق على الحلول وقت الوفاء على الأكثر ، وقد قصد من هذا الشرط إلى درء التحايل ، فقد يتواطأ الدائن مع المدين بعد أن يكون هذا قد استوفى حقه ، فيتفقان غشاً على حلول أحد الأغيار لتفويت حق دائن مرتهن ثانى متأخر فى الرتبة ، فيما لو أقر النص صحة الاتفاق على الحلول بعد الوفاء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 181 ) .
( [1145] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1528 مكررة –بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1223 – الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 41 .
هذا وقد يتمسك الغير ، ويدخل فيهم دائن مرتهن فى المرتبة الثانية كان يصبح فى المرتبة الأولى لو أن الوفاء كان بسيطاً دون حلول ، بأن الدين كان قد وفى قبل الاتفاق على الحلول ، فيكون الحلول باطلا وفقاً لما قدمناه . فإذا أدعو أن الذى وفى الدين هو نفس المتمسك بالحلول وأنه وفى الدين أولا ثم تواطأ مع الدائن و المدين على الحلول ، جاز لهم إثبات أسبقية الوفاء على الحلول بجميع الطرق ، لأنه ينسبون الغش للمتمسك بالحلول . وإذا ادعوا أن الذى وفى الدين هو المدين أو شخص آخر غير المتمسك بالحلول ، دون أن ينسبوا غشاً إلى هذا الأخير ، لم يجز لهم إثبات أسبقية الوفاء على الحلول إلا بتاريخ ثابت للوفاء يسبق التاريخ الثابت للمخالصة المتضمنة الاتفاق على الحلول ( أوبرى ورو 4 فقرة 321 ص 269 ) .
( [1146] ) تاريخ النص : ورد هذا النص المادة 463 من المشروع التمهيدى بطريق الحيرة على أحد الوجهين الآتيين : ( 1 ) " ويجوز أيضا للمدين ، إذا اقترض مالا سدد به الدين ، أن يحل المقرض محل الدائن الذى استوفى حقه ، ولو بغير رضاء هذا الدائن ، على أن يكون الحلول بورقة رسمية ، وأن يذكر فى عقد القرض أن المال قد خصص للوفاء وفى المخالصة أن الوفاء كان من هذا المال الذى أقرضه الدائن الجديد " – ( 2 ) " ويجوز أيضاً لمدين ، ولو بغير رضاء الدائن الذى استوفى حقه ، أن يحل شخصاً آخر محل هذا الدائن ، على ان يكون الحلول بورقة رسمية ، وأن يكون التأشير به على هامش القيد الأصلى قد تم قبل أن يسجل تنبيه عقارى صدر من دائن آخر " . وقد آثرت لجنة المراجعة النص الأول ، وأقرته بعد حذف الحكم الخاص بجعل الحلول بورقة رسمية لعدم ضرورته ، وأصبح رقم المادة 340 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 328 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 182 و ص 184 ) .
( [1147] ) التقنين المدنى السابق : م 164 / 227 : يجوز للمدين أن يقترض بدون واسطة مداينه من شخص آخر ما يكون منه وفاء المتعهد به ، وأن ينقل لذلك الشخص التأمينات التى كانت للدائن الأصلى – وأضافت المادة 227 من التقنين المختلط ما يأتى : بشرط أن يكون الاقتراض والنقل ثابتين بسند رسمى .
( والحكم واحد فى التقنينيين السابق والجديد ، فيما عدا وجوب الورقة الرسمية فى التقنين المختلط ، فقد جارى التقنين الجديد التقنين الأهلى السابق فى حذف هذا الشرط ) .
( [1148] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 327 ( مطابقة للمادة 328 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 315 ( مطابقة للمادة 328 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 380 / 2 ( مطابقة للمادة 328 من التقنين المدنى المصرى ، فيما عدا أن التقنين العراقى يشترط أن يكون الحلول بورقة رسمية كما كان عليه الأمر فى المشروع التمهيدى للتقنين المصرى الجديد ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : م 314 : يكون الاستبدال صحيحاً عندما يقترض المديون مبلغاً من المال لإبقاء ما عليه ، فيمنح مقرضه ، لكى يؤمنه على ماله ، جميع الحقوق التى كانت لدائنه الأول الذى أوفى دينه ، فيمنح مقرضه ، لكى يؤمنه على ماله ، جميع الحقوق التى كانت لدائنه الأول الذى أوفى دينه . وفى مثل هذه الحالة يجب : ( أولا ) أن يكون لسند الاقتراض ولسند الإيصال تاريخ صحيح ( ثانيا ) أن يصرح فى سند الاقتراض بأن المال إنما افترض بقصد الإيفاء ويصرح فى سند الإيصال بأن الإيفاء إنما كان من المال المقرض . ( ثالثا ) أن يصرح بأن المقرض حل محل الدائن الموفى دينه فيما له من الحقوق – ولا يشترط رضاء الدائن لصحة هذا التعامل ) .
( والحكم واحد فى التقنينيين اللبنانى والمصرى ) .
( [1149] ) لوران 18 فقرة 38 – ديمولومب 27 فقرة 393 – بودرى وبارد 2 فقرة 1530 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1224 – وأنظر كيف دخل الحلول بالاتفاق مع المدين فى القانون الفرنسى القديم عقب إنزال سعر الفائدة فى الإيرادات المرتبة من 8 .33% إلى 4 / 1 6 .25% ، مما جعل المدينين يقبلون على الاقتراض بالسعر المخفض وإحلال مقرضهم محل دائنيهم الأصليين ، إلى بودرى وبارد 2 فقرة 1531 .
( [1150] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1533 .
( [1151] ) بلانيول وريبير وردوان وريبير 7 فقرة ص 631 – ولا يشترط أن يكتب عقد القرض وقت القرض نفسه ، بل قد تتأخر كتابة هذا العقد . بل ويجوز الاتفاق على فتح حساب جار للقرض نفسه ، ثم يتسلم المدين القرض بعد ذلك من الحساب الجارى لوفاء الدين . أنظر فى ذلك بودرى وبارد 2 فقرة 1533 .
( [1152] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1533 .
( [1153] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1225 ص 631 .
( [1154] ) بودرى وبار 2 فقرة 1534 .
( [1155] ) أما إذا اقترض المدين وسدد الدين من القرض ، دون أن يذكر فى عقد القرض أن القرض خصص لوفاء الدين أو دون أن يذكر فى المخالصة أن المال الموفى به هو مال القرض ، فلا حلول ، إلا إذا دفع المقرض الدين مباشرة للدائن وكان فى حالة من حالات الحلول القانونى ( استئناف مختلط 9 ديسمبر سنة 1930 م 43 ص 70 ) .
( [1156] ) أنظر تاريخ المادة 328 آنفا فقرة 385 فى الهامش – وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما ياتى : " وقد قصد إلى إفساد ضروب التحايل . فأوجب المشروع أن يذكر فى عقد القرض أن المال قد خصص للوفاء بالدين ، وأن يذكر فى المخالصة أن الوفاء كان من هذا المال الذى أقرضه للدائن الجديد . ويراعى أن هذا القيد يحول بين المدين وبين الإفادة من تأمينات من يقوم بإبقاء حقه من الدائنين ، من طريق إحلال أحد الأغيار محله . وقد يصح التساؤل عما إذا كان فى تقييد حق المدين على هذا النحو ما يفوت عليه فرصة الانتفاع من استغلال ما يولى له من الائتمان على أساس الرهن الأولن مع أن احتفاظ الدائن المرتهن المتأخر بمرتبته هذه لا يجعل له فيما لو رفع التقييد وجها للشكوى ( قارن نظام صكوك الرهن العقارى أوتيسير ائتمان فى العقارات الزراعية فى التقنينات الجرمانية ) . وقد رؤى إفساح المجال للاختيار فشفعت المادة 463 بصيغة أخرى تنزل منزلة البديل من صيغتها الأولى . وقد نص فى هذه الصيغة الأخرى على أن للمدين أن يحل من أقرض محله الدائن على أن يكون الحلول بورقة رسمية ، دون اشتراط اتمام عقد القرض فى وقت سابق على الوفاء أو معاصر له . وغاية ما هنالك إنه اشترط أن يكون التأشير بهذا الحلول على هامش القيد الأصلى قد تم قبل أن يسجل تنبيه عقارى صدر من دائن آخر ، لأن من حق هذا الدائن ألا يعتد بأى قيد تال لتسجيل ذلك التنبيه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 183 ) .
( [1157] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1534 مكررة – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1225 ص 631 .
( [1158] ) أنظر آنفا فقرة 385 فى الهامش .
( [1159] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1538 .
( [1160] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1540 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1226 .
( [1161] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 464 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 341 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 329 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 185 – ص 187 ) .
( [1162] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 328 ( مطابقة للمادة 329 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 316 ( مطابقة للمادة 329 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 381 ( مطابقة للمادة 329 من التقنين المدنى المصرى ) .
تقتين الموجبات والعقود اللبنانى : م 315 : إن الاستبدال القانونى أو الاتفاق يجعل الدائن البديل يحل فى الحقوق محل الدائن الموفى دينه ، ولكن لا يكسب صفة المتفرغ له ولا مركزه – ولا يحق له إقامة دعوى الضمان على الدائن الموفى دينه – ولا يحل محله إلا بقدر المال الذى دفعه وبنسبته – وإذا كان ملزما مع غيره ، فلا يحق له مقاضاة شركائه فى الموجب إلا على قدر حصة كل منهم ونصيبه – ويحق للدائن البديل ، فضلا عن حق إقامة الدعاوى الناجمة عن الاستبدال ، أن يقيم الدعوى الشخصية الناشئة عن تدخله بصفة كونه وكيل أو فضولياً .
( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصرى ، وسنرى ذلك عند الكلام فى القيود التى ترد على الحلول وفى مقارنة الحلول بحوالة الحق ) .
( [1163] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 186 .
( [1164] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن من كفل سنداً إذنياً ووفاء للدائن ، يجوز له بعد ذلك أن يحوله إلى الغير كما لو كان هو الدائن ( 8 مارس سنة 1916 م 28 ص 187 ) .
( [1165] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1235 ص 645 .
( م 44 – الوسيط ) .
( [1166] ) محكمة طنطا 20 يناير سنة 1926 المحاماة 6 رقم 257 ص 337 – المذكرة الإيضاحية لمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 186 .
( [1167] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1567 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1235 ص 645 – وغذا أجيب الموفى إلى طلبه من فسخ البيع وتسلم المبيع من المشترى ، انتقلت ملكية المبيع إلى الوفى انتقالا مبتدأ تستحق عليه الرسوم الكاملة لانتقال الملكية . بخلاف ما إذا كان البائع هو الذى طلب فسخ البيع واسترد المبيع من المشترى ، فإن ملكية المبيع تعود إلى البائع بأثر رجعى ، وتعتبر كأنها لم تنتقل منه ، لا أنها انتقلت إليه بأثر مبتدأ ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1240 ) .
( [1168] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1567 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1235 ص 645 .
( [1169] ) استئناف مختلط 8 يناير سنة 1914 م 26 ص 134 .
( [1170] ) استئناف مختلط 29 مايو سنة 1913 م 25 ص 415 .
( [1171] ) أنظر الأصل التاريخى – فى القانون الفرنسى القديم – فى رجوع الموفى على الكفيل : بودرى وبارد 2 فقرة 1567 مكررة أولا .
( [1172] ) والحلول فى التأمينات يقع بحكم القانون ، فلا يحتاج الموفى إلى اتفاق مع الدائن على إحلاله محله فى رهن أو فى أى تأمين آخر أو فى أى طلب للدخول فى التوزيع بدلا منه ( استئناف مختلط 14 فبراير سنة 1912 م 24 ص 138 – 17 أبريل سنة 1912 م 24 ص 257 – 25 يونيه سنة 1913 م 25 ص 468 – 22 أبريل سنة 1919 م 31 ص 257 – 27 أبريل سنة 1920 م 32 ص 292 – 2 يونيه سنة 1921 م 33 ص 265 – 29 يونيه سنة 1923 م 35 ص 530 – 16 أبريل سنة 1925 م 37 ص 337 – 24 ديسمبر سنة 1925 م 38 ص 136 ) . ولا يجوز للدائن أن ينزل عن الرهن أو عن مرتبة هذا الرهن إضراراً بحق الموفى الذى حل محله فى هذا للرهن ( استئناف مختلط 25 مايو سنة 1904 م 16 ص 264 ) .
( [1173] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 186 .
( [1174] ) استئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 85 – بلانيول ؟؟؟؟؟؟؟؟ فقرة 1236 ص 646 .
( [1175] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 466 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 343 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 331 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 190 – ص 191 ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص . ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى الليبى المادة 318 وهى مطابقة للمادة 331 من التقنين المدنى المصرى . ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السورى ، ولا فى التقنين المدنى العراقى ، ولا فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ، ولكن الحكم يمكن العمل به دون نص .
( [1176] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " فإذا قام أحد المدينين المتضامنين بالوفاء بالدين بأسره ، كان له أن يرجع على الباقين كل بقدر حصته . . . ولو كان رجوعه هذا مؤسساً على دعوى الحلول . . . . وقد طبقت القاعدة نفسها فيما يتعلق بالحائز عند وفائه بكل الدين الذى رهن العقار لضمان الوفاء به . فلمثل هذا الحائز أن يرجع بدعوى الحلول على الحائزين الآخرين ، سواء فى حالة تعدد العقارات المرهونة فى دين واحد ، أو فى حالة تعدد المشترين للعقار المرهون ، ولكن ليس له أن يرجع على كل منهم إلا بقدر نصيبه فى الدين حسب قيمة ما يكون حائزاً له " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 190 – ص 191 ) .
وتقول محكمة استئناف مصر إن هذا هو الحل الذى تمليه العدالة حفظاً للتوازن فى الحقوق والواجبات بين جميع الحائزين ، لأن القانون يخول كلا منهم حق الحلول محل الدائن الأصلى فى حقوقه متى وفى الدين ، وله بهذه المثابة أن يرجع على سواء من الحائزين ومنهم من دفع أولا . فخير وسيلة لحفظ الموازنة بين الجميع هى أن يجعل رجوع بعضهم على بعض متناسباً مع قيمة ما يحوزون ( استئناف مصر 7 أبريل سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 280 ) . وأنظر : استئناف مختلط 6 مارس سنة 1919 م 31 ص 196 – 20 مارس سنة 1919 م 31 ص 230 – 23 ديسمبر سنة 1920 م 33 ص 95 – 34 أبريل سنة 1928 م 40 ص 313 .
( [1177] ) لكن إذا وفى الحائز للعقار المرهون الدين بأكثر من الثمن الذى اشترى به العقار ، اعتبر فيما زاد على الثمن بمثابة كفيل عينى ، وأنقسم الدين عليه وعلى الكفلاء ، فيرجع على كل كفيل بقدر حصته فيما زاد على الثمن ( استئناف مختلط 16 أبريل سنة 1925 م 37 ص 338 ) وأنظر فى أن الحائز للعقار المرهون لا يرجع على الكفيل : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1241 .
( [1178] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 465 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 342 ، فمجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 330 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 188 – ص 189 ) .
ويقابل فى التقنين المدنى السابق المادة 505 / 617 ، وهذا نصها : " إذا دفع الكفيل الدين عند حلول الأجل ، فله الرجوع على المدين بجميع ما أداه ، ويحل محل الدائن فى حقوقه . لكن لا تجوز له المطالبة إلا بعد استيفاء الدائن دينه بتمامه إذا كان الكفيل لم يدفع إلا جزءاً من الدين " . ( ويتفق هذا الحكم مع حكم التقنين المدنى الجديد ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
فى التقنين المدنى السورى المادة 329 ( وهى مطابقة للمادة 330 من التقنين المدنى المصرى ) .
فى التقنين المدنى الليبى المادة 317 ( وهى مطابقة للمادة 330 من التقنين المدنى المصرى ) .
فى التقنين المدنى العراقى المادة 382 ( وهى مطابقة للمادة 330 من التقنين المدنى المصرى ) .
فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 316 : فى حالة الإيفاء الجزئى يشترط البديل مع الدائن فى استعمال الحقوق المختصة بكل منهما على نسبة ما يجب لكل واحد ، ويوفى دينهما من أموال المديون على نسبة حصة كل منهما . ( وهذا النص يخالف نص التقنين المصرى ، فهو يفترض أن إرادة الدائن وإرادة الموفى بجزء من الدين قد انصرفتا إلى أن يكونا على قدم المساواة ، فيتقاسما مال المدين قسمة الغرماء ) .
( [1179] ) استئناف مختلط 25 يونيه سنة 1913 م 25 ص 468 – 20 فبراير سنة 1917 م 29 ص 235 – وقد طبقت المادة 799 من التقنين المدنى الجديد هذا الحكم فى الكفالة ، فنصت على إنه " إذا وفى الكفيل الدين ، كان له أن يحل محل الدائن فى جميع ما له من حقوق قبل المدين . ولكن إذا لم يوف إلا بعض الدين ، فلا يرجع بما وفاه إلا يعد أن يستوفى الدائن كل حقه من المدين " . أنظر أيضاً فى هذا المعنى المادة 505 / 617 من التقنين المدنى السابق وقد سبق ذكرها .
( [1180] ) وبدرى وبارد 2 فقرة 1575 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1237 ص 648 . هذا ويلاحظ أن تقنين الموجبات والعقود اللبنان ( م 316 ) وضع القاعدة على خلاف ذلك كما قدمنا ، فافترض أن الدائن والموفى أرادا أن يتعادلا وأن يتقاسما مال المدين قسمة الغرماء .
( [1181] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 189 وهذا الحكم هو المتبع فى القانون المدنى الفرنسى ، مستمداً من التقاليد دون نص على ذلك ( بودرى وبارد 2 فقرة 1573 ) .
( [1182] ) أما إذا كان الدائن الذى بقى له جزء من حقه –وهو مقدم فيه على الموفى - قد حول هذا الجزء الباقى إلى آخر حوالة حق ، فإن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مقترناً بحق التقدم الذى كان للدائن المحيل ( أنظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1574 ) .
( [1183] ) بودرى وبارد فقرة 1571 –بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1238 ص 649 - وإذا رجع من وفى جزءاً من الدين على كفيل للدين بالدعوى الشخصية لا بدعوى الحلول ، لم يتقدم عليه الدائن عند رجوع هذا على الكفيل بالجزء الباقى من الدين ، للأسباب ذاتها ( بودرى وبارد 2 فقرة 1572 ) .
وإذا كان للدائن رهنان متتاليان على عقار واحد يضمان دينين مختلفين ، ووفى الغير للدائن جزءاً من الدين المضمون بالرهن الأول ، وتقدم الدائن على الموفى فى استيفائه للجزء الباقى من هذا الدين ، فإن الموفى يتقدم على الدائن عند ما يريد الدائن استيفاء الدين الآخر المضمون برهن متأخر فى المرتبة ( أنظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1238 ) .
( [1184] ) أنظر الموجز للمؤلف ص 578 .
( [1185] ) أنظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1518 ص 620 .
( [1186] ) أوبرى ورو 4 فقرة 321 ص 263 – ص 264 و ص 270 هامش رقم 21 – بودرى وبارد 2 فقرة 1518 ص 618 – ص 619 .
( [1187] ) بل إن من هذه التأمينات ما يعتبر صفة فى الدين لا فى الدائن ، كحق الامتياز ، فينبغى ألا تنتقل حقوق الامتياز بعد انقضاء حق الدائن إذا قلنا بالنظرية التى تذهب إلى انقضاء الحق مع بقاء التأمينات ( أنظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1519 ) .
( [1188] ) استئناف مختلط 12 يناير سنة 1933 م 45 ص 128 .
( [1189] ) أنظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1244 – دى باج 3 فقرة 553 – فقرة 554 وفقرة 513 – فقرة 514 وقارن فقرة 337 ص 344 – ص 347 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 550 – فقرة 552 ، ولكنهما يذهبان إلى أن انتقال الحق افتراض قانونى – كولان وكابيتان ودى لامورانديير 2 فقرة 515 ، وهم وإن كانوا ينفون فكرة الافتراض القانونى ، إلا أنهم يذهبون إلى أن الاعتبارات العملية هى وحدها التى اقتضت أن ينقضى الحق بالوفاء وهو مع ذلك يبقى بانتقاله إلى الموفى ، فالاعتبارات العملية هنا قد تغلبت على الصناعة القانونية . وقارن الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 35 – ص 36 ، ويذهب إلى أن هناك شبهاً بين من يوفى بدين على الغير وبين من يقوم بعمله لمصلحة الغير ، فلا يجوز أن ينكر على الموفى حقه فى التمسك بما أداه لصالح المدين ، وبذلك كان الحلول وسيلة يمنح بها الشارع جهد المستطاع أن يكون الموفى ضحية سعيه فى الخير!
هذا ويؤيد تكييف الوفاء مع الحلول على أنه وفاء للحق بالنسبة إلى الدائن وانتقال للحق بالنسبة إلى المدين ، ما ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " الأصل فى الالتزام أن ينقضى بالوفاء ، ومتى انقضى على هذا الوجه انقضى تبعاً لذلك ما يتصل به من الملحقات وأخصها التأمينات الشخصية والعينية والفوائد التى تم استحقاقها من قبل : أنظر المادة 114 من تقنين الالتزامات السويسرى . على ان هذا الحكم لا يجرى على إطلاقه ، بل يجب التحفظ فى شأنه فيما يتعلق بالوفاء مع الحلول حيث تظل التأمينات قائمة ، بل يظل الالتزام قائما لصالح من تم الحلول له . ينحصر أثر الحلول ، قانونياً كان أو اتفاقياً ، فى إحلال الموفى محل الدائن فى الحق الذى استوفاه ، وعلى هذا النحو يظل الحق قائماً بعد الوفاء ، وهو أمر يشق توجيهه من الناحية الفقهية . ومهما يكن من شىء فلفكرة الحلول نصيبها من التراكب : فهى تبدو عند إمعان النظر فيها وفاء تترتب عليه براءة الذمة فى صلة الدائن بالمدين . وهى تتمثل فى صور الاستخلاف على الحق فى صلة الدائن بالموفى ، حتى لتكاد تشتبه بالحوالة . على أن بين الحلول والحوالة من دقيق الفوارق ما يمتنع معه هذا الاشتباه ، كما سيأتى بيان ذلك . والخلاصة أن الدين فى الحلول يظل قائماً بعد الوفاء ، دون أن يستبدل به دين جديد ( قارن م 162 / 225 ) ، ولا يعتبر هذا مجرد افتراض ، بل هو حقيقة واقعة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 185 – ص 186 ) .
( [1190] ) أنظر آنفاً فقرة 244 .
( [1191] ) والقضاء مضطرد فى أنه لأجل التمييز بين الوفاء مع الحلول وحوالة الحق ، يجب الرجوع إلى غرض من تعامل مع الدائن . فإن كان غرضه أداء خدمة للمدين بوفاء دينه ، فهذا هو الوفاء مع الحلول . وإن ظهر من ظروف الدعوى أنه لم يكن يرمى إلى هذا الغرض ، وجب اعتبار العقد حوالة حق . أنظر : أسيوط 23 ديسمبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 139 ص 125 – 16 مارس سنة 1919 المجموعة الرسمية 20 رقم 105 ص 138 – استئناف أهلى 29 أبريل سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 رقم 138 ص 224 – استئناف مصر 20 نوفمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 145 ص 293 – الإسكندرية 27 أكتوبر سنة 1933 المحاماة 14 رقم 221 ص 424 – أسيوط 7 يوليه سنة 1934 المحاماة 15 رقم 125 ص 252 – استئناف مصر 7 مايو سنة 1941 المجموعة الرسمية 42 رقم 10 ص 267 – استئناف مختلط 6 مايو سنة 1891 م 3 ص 330 – 28 نوفمبر سنة 1901 م 14 ص 28 – 26 مايو سنة 1915 م 27 ص 539 – 26 ديسمبر سنة 1946 م 59 ص 75 .
( [1192] ) أنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1520 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1245 .
( [1193] ) فإذا كان الحق غير قابل للنزول عنه ولا للحجز عليه ، لم يستطع الدائن حوالته . ولكنه يستطيع استيفاءه من الغير ، ويحل الغير محله فيه ( بونسار فى أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ Subrogation فقرة 207 ) .
( [1194] ) على أن الحيطة تقتضى أن يخطر الموفى المدين بأنه وفى الدين ، خشية أن يوفى المدين الدين للدائن قبل علمه بالوفاء السابق ، فلا يستطيع الموفى فى هذه الحالة إلا أن يرجع على الدائن ( أوبرى ورو 4 فقرة 321 ص 270 وهامش رقم 22 ) .
( [1195] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1520 ص 624 – 625 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 2146 ص 656 .
( [1196] ) أنظر آنفاً فقرة 401 – وأنظر فى كل ما تقدم بودرى وبارد 2 فقرة 1521 ص 622 – 623 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1235 وفقرة 1242 .
( [1197] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 186 – وهذا إلا إذا كانت الحوالة بحق متنازع فيه ، فيجوز للمدين فى هذه الحالة أن يتخلص من مطالبة المحال له إذا هو رد إليه الثمن الحقيقى الذى دفعه مع المصروفات وفوائد الثمن من وقت الدفع ( م 469 / 1 مدنى ) .
( [1198] ) ففى دعوى الضمان يرد الدائن للمحال له قيمة الحق كله مع الفوائد والمصروفات والتعويض عن أى ضرر آخر أصاب المحال له ، أما فى دعوى استرداد غير المستحق فلا يرد الدائن للموفى إلا ما قبضه منه وفاء للدين ولا يكون مسئولا عن الفوائد إلا إذا كان سيئ النية وقت القبض . ( أنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1520 ص 623 – ص 624 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1243 ) .
( [1199] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 467 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن نص المشروع التمهيدى كان فى فقرتين . فأدمجتهما لجنة المراجعة فى فقرة واحدة تحت رقم 344 من المشروع النهائى . ووافق مجلس النواب على النص ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 332 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 192 و ص 194 ) .
( [1200] ) التقنين المدنى السابق م 167 / 230 : يجب أن يكون الوفاء للدائن أو لوكيله فى ذلك أو لمن له الحق فى الشىء المتعهد به . ( ويتفق الحكم فى التقنين السابق والجديد – أنظر فى أن المقصود ، فى رأى البعض ، بعبارة " أو لمن له الحق فى الشىء المتعهد به " هو الدائن الظاهر : الموجز للمؤلف ص 558 هامش رقم 2 ) .
( [1201] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 330 ( مطابقة للمادة 332 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 319 ( مطابقة للمادة 332 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 383 : 1 - يصح دفع الدين للدائن أو وكيله إن كان غير محجور ، فإن كان محجورا فلا يصح دفع الدين إليه ، بل يدفع لمن له حق قبضه من ولى أووصى أو قيم . 2 - فإن دفع المدين الدين إلى الدائن المحجور ، فلا يعتبر دفعه ولا تبرأ ذمته من الدين . بل إذا هلك ما دفعه أو ضاع من المحجور ، فللولى أو الوصى أو القيم مطالبة المدين بالدين . ( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المدنى المصرى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 285 – فقرة 286 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 293 / 1 : يجب التنفيذ بين يدى الدائن أو وكيله الحاصل على تفويض قانونى أو الشخص الذى عينه لهذا الغرض . ( وتتفق الأحكام فى التقنينيين اللبناني والمصرى ) .
( [1202] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1433 .
( [1203] ) أنظر فى كل ذلك مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 192 – ص 193 فى الهامش .
( [1204] ) تولييه 7 فقرة 14 – ديمولومب 27 فقرة 194 – فقرة 196 – لوران 17 فقرة 541 – بودرى وبارد 2 فقرة 1434 .
( [1205] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1434 ص 529 .
( [1206] ) ديمولومب 27 فقرة 199 – بوردى وبارد 2 فقرة 1435 – عكس ذلك : لوران 17 فقرة 542 – هيك 8 فقرة 26 .
( [1207] ) وقد جاء فى الموجز للمؤلف : " وقد يطالب بالوفاء دائن الدائن ، إما باستعمال الدعوى غير المباشرة باسم الدائن ، أو بالحجز تحت يد المدين ، والطريقة الأخيرة هى الأكثر وقوعاً فى العمل " ( الموجز فقرة 537 ) .
( [1208] ) أوبرى ورد 4 فقرة 317 ص 226 – ص 227 وهامش رقم 6 – كذلك تسليم المحضر سنداً إذنياً أو كمبيالة لعمل البروتستو يتضمن توكيلا ضمنياً للمحضر فى قبض قيمة السند أو الكمبيالة من المدين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1439 مكررة أولا ) .
( [1209] ) أوبرى ورو 4 فقرة 317 ص 226 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1550 وإذا كانت الوكالة بالقبض ممضاة بيد الدائن ومصدقاً فيها على الإمضاء ، كان الوفاء لهذا الوكيل مبرئاً لذمة المدين ، ولا يكفى أن ينكر الدائن صحة صدور الوكالة منه دون أن يطعن فيها بالتزوير ( استئناف مختلط 22 مايو سنة 1902 م 14 ص 325 ) .
( [1210] ) ديرانتون 12 فقرة 51 – لارومبيير 4 م 1239 فقرة 7 - ديمولومب 27 فقرة 148 – فقرة 152 – بودرى وبارد 2 فقرة 1442 .
( [1211] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1438 .
( [1212] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " الأصل أن الدائن هو ذو الصفة فى استيفاء الدين ، وله أن ينيب عنه وكيلا فى ذلك ، يكفى فيه التفويض بتوكيل عام . ويتعين على الوكيل فى مثل هذه الحالة أن يقيم الدليل على صفته وفقاً للأحكام العامة فى الوكالة . على أن المشروع قد جعل من التقدم بمخالصة صادرة من الدائن قرينة كافية فى ثبوت صفة استيفاء الدين لمن يحمل تلك المخالصة ، ما لم تنف دلالة هذه القرينة بالاتفاق على وجوب الوفاء للدائن شخصياً . فإذا اتفق على ذلك ، كان للمدين أن يرفض الوفاء لمن يتقدم له بالمخالصة الصادرة من الدائن حتى يستوثق من ثبوت صفته فى استيفاء الدين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 193 ) .
وكثيرا ما يعطى المالك للبواب مخالصات بالأجرة ، فيتقدم البواب بها إلى السكان ، وتكون له بذلك صفة فى قبض الأجرة ( الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 245 ص 334 ) . وقد قضت محكمة الأزبكية بأن البواب الذى يعينه المالك ، ويكلفه بتحصيل الأجرة من السكان يعتبر خادماً عند المالك ، فتبرأ ذمة السكان بدفع الأجرة له ( 3 مايو سنة 1923 المحاماة 4 رقم 190 ص 260 ) .
أنظر فى التمييز بين الوكيل بالقبض وعامل التنفيذ ( Agent d'execution ) دى باج 3 فقرة 424 ص 403 – ص 404 .
( [1213] ) أوبرى ورو 4 فقرة 317 ص 228 – بودرى وبارد 2 فقرة 1443 – دى باج 2 فقرة 427 .
( [1214] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 469 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 345 من المشروع النهائى . ثم وافق مجلس النواب على النص ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 333 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 195 و ص 197 ) .
( [1215] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 331 ( مطابقة للمادة 333 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 320 ( مطابقة للمادة 333 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 384 : إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه ، فلا تبرأ ذمة المدين إلا إذا أقر الدائن هذا الوفاء ، أو تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين له ظاهراً كالوارث الظاهر . ( والحكم يتفق مع أحكام التقنين المدنى المصرى . وقد أغفل التقنين العراقى ذكر صحة الوفاء إذا عادت منفعة على الدائن وبقدر هذه المنفعة ، لأنه لا يعترف بالفضالة ، ولكن يمكن تطبيق قواعد الإثراء بلا سبب فى هذه الحالة ، وهى قواعد أقرها التقنين العراقى - قارن الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 288 – فقرة 289 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 293 / 2 : على أن التنفيذ لشخص غير ذى صلاحية لا يبرئ ذمة المديون إلا فى الأحوال الآتية : أولا - إذا وافق الدائن . ثانيا - إذا استفاد الدائن من التنفيذ غير الصحيح ، وتكون براءة المديون بقدر استفادة الدائن . ثالثا - إذا جرى الإيفاء بنية حسنة لشخص عد حائزاً صفة الدائن كالوارث الظاهرى . ( وتتفق الأحكام فى التقنين المصرى ) .
( [1216] ) استئناف مصر 6 يناير سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 211 – ذلك أن الوفاء وهو تصرف قانونى ، قبل إقرار الدائن ، لا يسرى فى حقه ، فهو موقوف على الإجازة ، وإذا أجيز سرى فى حق الدائن ، وانقلب من قبض الدين وكيلا بالإقرار . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ويكون من أثر هذا الإقرار أن ينقلب الغير وكيلا بعد أن بدأ فضولياً ، ويتعين عليه تفريعاً لذلك أن يقدم حساباً للدائن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 196 ) . قارن بودرى وبارد 2 فقرة 1444 .
( [1217] ) قارن بودرى وبارد 2 فقرة 1444 .
( [1218] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى 3 ص 196 .
( [1219] ) مراجع : جونسكو ( Jonesco ) فى الآثار القانونية للأوضاع الظاهرة رسالة من ستراسبورج سنة 1927 – الدكتور عبد الباسط جميعى فى نظرية الأوضاع الظاهرة رسالة من القاهرة سنة 1956 ( غير مطبوعة ) .
( [1220] ) ويكون المحال له فى هذه الحالة دائناً ظاهراً حتى لو لم يكن قد قام بالإجراءات اللازمة لجعل الحوالة نافذة فى حق المدين ، فما دام المدين وهو حسن النية قد حسن النية قد وفاه الدين ، فإن الوفاء يكون صحيحاً مبرئاً للذمة ، حتى بعد إبطال الحوالة أو فسخها . ولكن إذا حول الدائن الحق حوالة ثانية وكانت الحوالة صحيحة ، وأعلن المحال له الثانى الحوالة للمدين ، فإن الوفاء الحاصل للحال له الأول حتى لو كان سابقاً على الإعلان لا يسرى فى حق المحال له الثانى . ويستوفى المحال له الثانى الدين من المدين ، ويرجع المدين على المحال له الأول لاسترداد ما دفعه له دون حق ( بودرى وبارد 2 فقرة 1447 ) . كذلك إذا قبض الدائن الدين من المدين بعد أن حوله وقبل أن يعلن المحال له الحوالة ، كان الوفاء هنا للدائن الحقيقى لا للدائن الظاهر ، ويرجع المحال له على الدائن بدعوى الضمان ( دى باج 3 فقرة 432 ) .
( [1221] ) أما إذا كانت الحوالة مزورة ، فحامل هذه الحوالة لا يعتبر دائناً ظاهراً . ذلك إنه مما يكون محل اعتبار فى الدائن الظاهر أن يكون موقف الدائن الحقيقى منطوياً على شىء من التقصير يؤدى إلى ترك الدائن الظاهر يستولى على حيازة حقه . وهنا لا يمكن أن ينسب أى إهمال للدائن الحقيقى إذا زور شخص عليه حوالة مصطنعة ( بودرى وبارد 2 فقرة 1447 مكررة – دى باج 3 فقرة 432 ) .
( [1222] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1446 ص 540 – كذلك من أدرج اسمه من الدائنين فى توزيع وأصبح فى يده أمر صرف واجب التنفيذ ، ولم يكن دائناً حقيقياً ، يعتبر دائناً ظاهراً ، فغذا وفاه الراسى عليه المزاد كان الوفاء صحيحاً مبرئاً للذمة ( بونسار فى أنسيكلوبيدى داللوز 3 لفظ Paiement فقرة 76 ) - وحامل الكمبيالة ، إذا لم يكن هو الدائن الحقيقى ، يكون الدائن الظاهر . وما دام المدين لم يرتكب تقصيراً ووفاه قيمة الكمبيالة بحسن نية ، فإن الوفاء يكون صحيحاً مبرئاً للذمة . وقد نصت المادة 144 من التقنين التجارى على أن " من يدفع قيمة الكمبيالة فى ميعاد استحقاق دفعها ، بدون معارضة من أحد فى ذلك ، يعتبر دفعه صحيحاً " ( أنظر المادة 145 من التقنين التجارى الفرنسى ، وأنظر أوبرى ورو 4 فقرة 317 ص 229 – ص 230 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 488 ) .
( [1223] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1448 – دى باج 3 فقرة 432 .
( [1224] ) استئناف مختلط 23 يونيه سنة 1910 م 22 ص 383 .
( [1225] ) استئناف مصر 11 مارس سنة 1928 المحاماة 8 رقم 476 ص 781 – والتون 2 ص 463 – الموجز للمؤلف ص 558 هامش 2 .
( [1226] ) ويقول الدكتور عبد الباسط جميعى : " إن مناط تحقق صفة الدائن الظاهر ينحصر فى قيام مظهر له من الجسامة ما يكفى لتكوين الاعتقاد لدى المدين اليقظ بأن صاحب ذلك المظاهر هو الدائن الحقيقى ، أو بعبارة أخرى فى انتفاء الخطا عن المدين اليقظ فى اعتقاده هذا ، لوجود ظروف يتولى من اجتماعها ذلك المظهر الجسيم " ( نظرية الأوضاع الظاهرة ص 302 وأنظر أيضاً ص 295 ) – ولذلك يبنى صحة الوفاء للدائن الظاهر على نظرية المظهر أو الأوضاع الظاهرة ( ص 307 – ص 308 ) .
( [1227] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1449 – دى باج 3 فقرة 432 ص 414 – ص 415 .
( [1228] ) وإذا كان الموفى هو نائب المدين ، وجب توافر حسن النية فى كل من المدين ونائبه ( الدكتور عبد الباسط جميعى فى نظرية الأوضاع الظاهرة ص 289 ) . وحسن نية الموفى وكون الدين فى حيازة الدائن الظاهر من المسائل الموضوعية ، يبت فيهما قاضى الموضوع دون تعقيب عليه من محكمة النقض ( بودرى وبارد 2 فقرة 1541 ) .
( [1229] ) وسواء كان الغير ملتزما بالدين أو غير ملتزم به ، وسواء كان الوفاء بسيطا أو كان وفاء مع الحلول ( بودرى وبارد 2 فقرة 1452 ) .
( [1230] ) نقض مدنى 5 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 92 ص 596 – استئناف مختلط 30 نوفمبر سنة 1911 م 24 ص 23 – 15 مايو 1913 م 25 ص 381 .
( [1231] ) قارن الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 13 .
( [1232] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 196 – الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 246 ص 335 – هذا وقد قضت محكمة النقض بأن من صدر عليه حكم نهائى بدفع ثمن عقار إلى شخص معين ، وأوفى بهذا الثمن بعد صدور الحكم للمحكوم له ، فقد برئت ذمته ، لأنه لا يستطيع عدم الوفاء لهذا الشخص المعين بعد صدور هذا الحكم . ولا يمكن الادعاء ببطلان هذا الوفاء لانتفاء حسن نيته فيه بعلة وجود منازع آخر ينازع فى هذا العقار ويدعى ملكه لنفسه ، خصوصاً إذا كان هذا المنازع قد حاول الدخول فى الدعوى فمنعته المحكمة بناء على طلب من صدر له الحكم النهائى ( نقض مدنى 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 197 ص 438 ) . وقضت محكمة استئناف أسيوط بأن قيام المستأجر بالوفاء إلى من صدر الحكم الاستئنافى لصالحهم صحيح رغم اختصامه فى الطعن بالنقض ، لأن هذا الطعن لا يوقف نفاذ الحكم الاستئنافى ( استئناف أسيوط 13 مايو سنة 1948 المجموعة الرسمية 49 رقم 236 ) – وقد يكون المالك الظاهر دائناً ظاهراً بحكم ملكيته الظاهرة ، كالحائز للعين المؤجرة يقبض أجرتها ، ولا يشترك فى هذه الحالة أن تكون الحيازة مستوفية للشروط اللازمة للتقادم ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1156 ص 557 – ص 558 .
( [1233] ) هيك 8 فقرة 25 – بودرى وبارد 2 فقرة 1450 – عكس ذلك بالنسبة إلى التجديد : ديمولومب 28 فقرة 188 .
( [1234] ) وإذا وفى للدائن أو نائبه ، كان الوفاء باطلا ، ولم تبرأ ذمته من الدين . ويكون للدائن الحاجز أن يستوفى الدين مرة أخرى من المدين ، وتبقى الضمانات التى تكفل الدين من رهن أو امتياز أو غير ذلك ( بودرى وبارد 2 فقرة 1453 ص 545 ) .
( [1235] ) وقد مكن المدين من الوفاء بطريق الإيداع ، فى خزانة المحكمة ، لاحتمال أن تكون له مصلحة فى ذلك ، بأن يكون الدين قد حل ويريد الوفاء به حتى يتخلص من الفوائد ، وهو لا يستطيع الوفاء به للدائن بسبب الحجز ، ولا لدائن الدائن لأن إجراءات التقرير بما فى الذمة لم تستوف ولا حتمال ألا يكون دائن الدائن قد حصل بعد على سند تنفيذى بحقه ( أنظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1215 ص 620 – ص 621 ) .
( [1236] ) ويذكر فى التقرير مقدار الدين الذى فى ذمته للدائن المحجوز عليه وسببه وأسباب انقضائه إن كان قد انقضى ، ويبين جميع الحجوز الموقعة تحت يده ، ويودع الأوراق المؤيدة لتقريره أو صوراً منها مصدقاً عليها ( م 561 / 1 مرفعات ) . هذا والحجز تحت يد مدين الدائن يتناول كل دين ينشأ للدائن المحجوز عليه فى ذمة المدين المحجوز لديه إلى وقت التقرير بما فى ذمته ، ما لم يكن الحجز موقعاً على دين بعينه فقط ( م 563 مرفعات ) .
( [1237] ) فإذا دفع إلى دائنه ، لم يستطع أن يسترد منه ما دفعه بدعوى استرداد غير المستحق ، لأن دائنه لا يزال دائناً بالرغم من الحجز ، وقد قبض المستحق . ولكن عندما يجبر المدين على الدفع ثانية إلى دائن الدائن ، فإنه يكون قد أبرأ بهذا الدفع ذمة دائنه نحو دائن دائنه ، فيستطيع عندئذ أن يرجع على دائنه بدعوى الإثراء بلا سبب ( دى باج 3 فقرة 443 ) .
( [1238] ) أما إذا لم يودع خزانة المحكمة مبلغ مساو للدين المحجوز من أجله ، عن أحد الطريقين المتقدم ذكرهما ، فإن جميع الدين المحجوز عليه تحت يد المدين يبقى معطلا لا يستطيع الدائن المحجوز عليه أن يستوفى منه شيئاً ، مهما كانت قيمته أكبر من قيمة الدين المحجوز من أجله ذلك أن مجرد الحجز على الدين تحت يد المدين لا ينقل الدين إلى دائن الدائن الحاجز ، وجب أن يبقى كل الدين للوفاء بمطلوبه وبمطلوب من يشاركه من الدائنين الآخرين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1455 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1216 ) .
( [1239] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1216 ص 622 – ص 623 .
( [1240] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1217 .
( [1241] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1218 .
( [1242] ) تاريخ النصوص :
م 334 : ورد هذا النص فى المادة 470 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدى كان يقتصر فى تسجيل رفض الدائن على الكتابة دون ضرورة لإعلان رسمى . وفى لجنة المراجعة أقر نص المشروع التمهيدى تحت رقم 346 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة " بإعلان رسمى " بكلمة " بالكتابة " حسما للمنازعات ، وأصبحت المادة رقمها 334 ، ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 197 – ص 199 ) .
م 338 : ورد هذا النص فى المادة 474 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 350 فى المشروع النهائى ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 338 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 205 – ص 206 ) .
( [1243] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 332 و 336 ( مطابقتان للمادتين 334 و 338 من التقنين المدنى المصرى .
التقنين المدنى الليبى م 321 و 325 ( مطابقتان للمادتين 334 و 338 من التقنين المدنى المصرى .
التقنين المدنى العراقى م 385 : 1 - إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحاً ، أو رفض القيام بالأعمال التى لا يتم الوفاء بدونها ، أو إذا أعلن أنه لن يقبل الوفاء ، فيجوز للمدين أن ينذر الدائن بوجوب استيفاء حقه فى مدة مناسبة يحددها الإعذار . 2 - ولا يتم إعذار الدائن إلا إذا أودع المدين الشىء على ذمة الدائن بعد انقضاء هذه المدة وأنذره بهذا الإيداع . ( ويختلف هذا النص فى الحكم عن نص التقنين المصرى فى أن إعذاره الدائن وما يترتب عليه من النتائج لا يتم فى التقنين العراقى إلا بعد الإيداع ، أما فى التقنين المصرى فيتم بمجرد تسجيل رفض الدائن قبول الوفاء بإعلان رسمى ولو قبل العرض الحقيقى والإيداع : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 303 – فقرة 306 ) .
م 386 ( مطابقة للمادة 338 من التقنين المدنى المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 294 / 1 : إن الدائن الذى يرفض لغير سبب مشروع الإيفاء المعروض عليه بشروط منطبقة على الأصول يعد من جراء ذلك فى حالة التأخر منذ تحقق رفضه بصك رسمى . ( وهذا النص يتفق فى الحكم مع نص المادة 334 من التقنين المدنى المصرى ) .
( [1244] ) ويعتبر تعنتاً من الدائن أن يرفض الوفاء لتأخر المدين قليلا عن دفع ثمن الأرض التى اشتراها ، أملا فى فسخ البيع بعد أن ارتفعت قيمة الأرض ( استئناف مختلط 9 نوفمبر سنة 1920 م 33 ص 8 ) .
( [1245] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ويسجل الإعذار على الدائن رفض الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحاً دون مبرر ، أو امتناعه عن القيام بالأعمال التى لا يتم الوفاء بدونها كامتناع المشترى عن التصديق على إمضائه لإجراء تسجيل عقد البيع ، أو تصريحه بأنه لا يقبل الوفاء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 200 ) .
( [1246] ) استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 59 – وقد يعرف المدين ورقة الدائن ، ولكن هؤلاء الورثة لا يتفقون جميعاً على شطب الرهن ( استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 95 ) .
( [1247] ) أما إذا كان كل من المتنازعين فى الدين محالا له ، وسبق أحدهما الآخر فى إعلان الحوالة للمدين ، فالأولى منهما بداهة هو من سبق إلى هذا الإعلان ، ولا يحق للمدين فى هذه الحالة أن يمتنع عن الوفاء له بالدين مكتفياً بالإيداع ، إذ النزاع هنا غيرى جدى لوضوح حق السابق .
( [1248] ) استئناف مختلط 3 يونيه سنة 1903 م 15 ص 338 – وأنظر فى هذه الفروض الأربعة المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 205 .
( [1249] ) أما فى الفروض التى يرفض فيها الدين استيفاء الدين أو التى يقوم فيها بعمل مماثل ، فلابد أن يسبق الإيداع عرض حقيقى للدين كما قدمنا . وقد قضت محكمة النقض بأن مجرد إرسال خطاب موصى عليه من المدين للدائن يقول عنه المدين أنه كان به حوالة يريد بمبلغ الدين ، ويقول الدائن إنه حين لم يقبل تسلمه لم يكن يعلم بما احتواه – ذلك ، حتى مع صحة قول المدين ، لا يعتبر طريق وفاء قانونية ، وخصوصاً إذا لم يثبت أن الدائن كان يعلم باحتواء الخطاب لهذا المبلغ . ولقد كان من الواجب على المدين لكى تبرأ ذمته أن يعرض الدين عرضاً حقيقياً ( نقض مدنى 16 نوفمبر سنة 1944 مجموعة عمر رقم 157 ص 439 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلط بأن من أراد أن يخلى عقاراً هوملزم بتخليته ، يجب عليه أن يعرض التخلية عرضاً حقيقياً ( استئناف مختلط 12 مايو سنة 1910 م 22 ص 306 ) . وقضت أيضاً بأن المدين الذى يعلن أنه يريد الوفاء ، ولا يقرن هذا الإعلان بإجراءات العرض الحقيقى ، يكون ملزماً بالفوائد حتى يتم العرض ( استئناف مختلط 19 يناير 1911 م 23 ص 120 ) ، ويحكم عليه بالمصروفات ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1917 م 29 ص 202 ) .
( [1250] ) وطريقة العرض الحقيقى والأبداع ، التى سار عليها التقنين المدنى وتقنين المرافعات فيما يستخلص من مجموع نصوصهما ، هى الطريقة المتبعة فى القوانين اللاتينية . أما التقنين الألمانى ( م 293 – 304 ) فقد اتبع طريقة أبسط ، إذا كتفى بمجرد إعذار الدائن ( أنظر فى المقابلة ما بين الطريقتين كولان وكابيتان ودى لامورانديير 2 فقرة 499 – دى باج 3 فقرة 493 ) . على أن التقنين المدنى الجديد ، كما سنرى ، أخذ عن التقنين المدنى الألمانى بعض أحكامه فيما رتبه من النتائج على إعذار الدائن .
( [1251] ) أنظر المادة 1258 من التقنين المدنى الفرنسى وما ورد فى شأنها فى بوردى وبارد 2 فقرة 1597 – فقرة 1611 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1208 .
( [1252] ) وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يكتفى فى هذا الإعذار بمجرد الكتابة ، كما كان يكتفى بمجرد الكتابة أيضاً فى إعذار المدين . ولكن لجنة مجلس الشيوخ عدلت النصوص فجعلتالإعذار ، سواء بالنسبة إلى المدين أو بالنسبة إلى الدائن ، بإعلان رسمى على يد محضر ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 200 – وأنظر تاريخ نص المادة 334 آنفاً فقرة 426 فى الهامش ) .
( [1253] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 471 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 347 فى المشروع لنهائى ، ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 335 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 199 – ص 201 ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق . ولكن المادة 174 / 237 من هذا التقنين كانت ترتب للمدين حقاً فى التعويض إذا امتنع الدائن عن قبول الوفاء ، وكان النص يجرى على الوجه الآتى : " لا تبرأ ذمة من تعهد بعمل شىء بمجرد عرضه على المتعهد له أنه مستعد لعمله ، إنما له عند امتناع المتعهد له عن قبول العمل وقت العرض أن يطالبه بتعويض الضرر المترتب على امتناعه " .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 333 ( وهى مطابقة للمادة 335 من التقنين المدنى المصرى ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 322 ( وهى مطابقة للمادة 335 من التقنين المدنى المصرى ) – ولا مقابل له فى التقنين المدنى العراقى ، وقد قدمنا أن التقنين العراقى لا يجعل الدائن معذراً إلا بإيداع المدين الشىء على ذمة الدائن : أنظر المادة 385 مدنى عراقى – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 294 ، وتجرى على الوجه الآتى : " إن الدائن الذى يرفض لغير سبب مشروع الإيفاء المعروض عليه بشروط منطبقة على الأصول يعد من جراء ذلك فى حالة التأخر منذ تحقق رفضه بصك رسمى – ومن ذلك الحين يصبح خطر هلاك الشىء أو تعيبه على عهدة هذا الدائن ، وينقطع حكم الفائدة عن الدين . وعلاوة على ذلك يحق عندئذ للمديون إيداع موضوع الموجب وتحميل الدائن عبء النفقة والمخاطر ، وتبرأ ذمته على هذا الوجه من الموجب " . ويتفق هذا الحكم مع الحكم الوارد فى المادة 335 من التقنين المدنى المصرى .
( [1254] ) استئناف مختلط 29 يناير سنة 1920 م 32 ص 148 .
( [1255] ) ومن ذلك أيضا ما ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ، فى خصوص النتائج التى تترتب على إعذار الدائن ، أن من بين هذه النتائج " تخويل المدين حق اتخاذ إجراءات العرض الحقيقى وإتباع هذا العرض بالإيداع على نفقة الدائن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 200 ) ، وهذا صريح فى أن الإعذار يليه عرض حقيقى ، ثم يلى العرض الحقيقى الإيداع ، فتنسجم بذلك نصوص التقنين المدنى مع نصوص تقنين المرافعات .
( [1256] ) أوبرى ورو 4 فقرة 322 ص 306 – أنظر فى كل ما تقدم المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 300 .
( [1257] ) وإذا كان الدين نقودا ، وجب عرض جميع المبالغ المستحقة والفوائد والمصروفات التى صفيت ومبلغ إجمالى لحساب المصروفات التى لم تصف ، ولا يجوز أن تكون المبالغ المعروضة أقل من ذلك ،إلا إذا كان الفرق ضئيلا ويرجع إلى تعذر تحديد المبالغ المستحقة على وجه الدقة أو إلى مجرد خطأ فى الحساب ( استئناف مختلط 3 فبراير سنة 1931 م 43 ص 199 – 2 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 41 – 29 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 93 ) .
( م 47 – الوسيط ) .
( [1258] ) ولكن لا يجوز للمدين أن يستنزل مقدما من المبالغ المعروضة مصروفات العرض ، فإن هذه المصروفات لا تكون على الدائن إلا إذا كان العرض صحيحاً ( بودرى وبارد 2 فقرة 1634 ص 725 ) .
( [1259] ) ولابد ، كما قدمنا ، من العرض الحقيقى قبل الإيداع ، وإلا فالإيداع وحده لا يكون مبرئاً للذمة ( استئناف مختلط 26 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 50 – 6 مايو سنة 1914 م 26 ص 372 – 10 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 59 ) ، وذلك ما لم يكن العرض الحقيقى متعذراً كأن كان المدين يجهل ورثة الدائن على وجه التحقيق ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 59 ) ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
( [1260] ) والعبرة فيما إذا كان الإيداع قد تم مع التخصيص depot etfectue avec affecta tion speciale ) ، بمحضر الإيداع لا بمحضر العرض ( استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة 1945 م 58 ص 19 ) .
( [1261] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 472 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 348 من المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 336 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 201 – ص 202 ) .
وقد جاء فى التقنين المدنى السابق ( م 176 / 239 ) فى هذا الخصوص ما يأتى : " تبرأ ذمة المتعهد بتسليم عقار إذا استحصل على تعيين أمين حارس للعقار المذكور بحكم يصدر بمواجهة المتعهد له أو فى غيبته بعد تكليفه بالحضور أمام المحكمة " .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 334 ( وهى مطابقة له ) - وفى التقنين المدنى الليبى المادة 323 ( وهى أيضاً مطابقة له ) – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 387 / 1 ، وتجرى على الوجه الآتى : " إذا كان محل الوفاء عقاراص أو شيئاً معداً للبقاء حيث وجد ، وطلب المدين من المحكمة وضعه تحت يد عدل ، قام تسليمه الشىء للعدل مقام الإيداع " ( والحكم متفق مع حكم المادة 336 مصرى ) – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 295 ، وتجرى على الوجه الآتى : " إذا كان موضوع الموجب عملا ما ، لا تسليم شىء ، يحق للمديون منذ وجود الدائن فى حالة التأخر أن يفسخ العقد وفاقاً للأحكام المختصة بتأخر المديون " . وهذا النص لا مقابل له فى التقنين المصرى ، ولكن يمكن العمل بحكمه فى مصر لاتفاقه مع القواعد العامة . وليس هذا من باب العرض والإيداع ، وإنما يقوم الحكم على أنه إذا كان على المدين واجب عرض الوفاء ، فعلى الدائن كذلك واجب قبوله ، فإذا لم يقم الدائن بواجبه كان للمدين أن يفسخ العقد ليتخلص هو أيضاً من القيام بواجبه : أنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1626 .
وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 209 .
( [1262] ) نقض مدنى 5 نوفمبر سنة 1936 مجموعة عمر 2 ص 2 .
( [1263] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يشترط أن يكون المدين قد حصل مبدئياً على حكم بإيداع السيارة المعروضة على الدائن فى جراج ، بل يصح أن يودع السيارة الجراج على أن يعرض الأمر بعد ذلك على القضاء ليقول كلمته فيما إذا كان هذا العرض صحيحاً وهل يعتبر إجراء مماثلا للإيداع ( نقض مدنى 27 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 145 ص 1022 .
( [1264] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 473 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 349 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ اقترح أن يضاف إلى النص بعد عبارة " استئذان القضاء " عبارة " بأمر على عريضة " ، ورفضت اللجنة هذا الاقتراح إذ مادام الأمر يتعلق بسلطة القاضى الولائية فإن مفهوم ذلك بداهة أن يتم الاستئذان باستصدار أمر على عريضة ، ووافقت اللجنة على النص دون تعديل تحت رقم 337 . ووافق عليه مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 203 – ص 204 ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 335 ( وهى مطابقة له ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 324 ( وهى أيضاً مطابقة له ) – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 387 / 2 ، وتجرى على الوجه الآتى : " وإذا كان شيئاً يسرع إليه التلف أو يكلف نفقات باهظة فى إيداعه ، فإنه يجوز للمدين ، بعد استئذان المحكمة ، أو دون استئذان عند الضرورة ، أن يبيعه بسعره المعروض فى الأسواق ، فإذن تعذر ذلك فبالمزاد العلنى ، ويقوم العراقى يبيح عند الضرورة عدم استئذان القضاء فى بيع الشىء – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 296 / 2 ، وتجرى على الوجه الآتى : " أما إذا كان الشىء غير قابل للايداع كأن يكون مثلا قابلا للتلف ، أو يكون حفظه مدعاة لنفقات باهظة ، جاز للمديون ، بعد استئذان القاضى ، بيعه علناً وإيداع الثمن " . وهذا حكم يتفق مع حكم التقنين المصرى .
أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 209 . وقارب استئناف مختلط 4 أبريل سنة 1900 م 12 ص 190 .
( [1265] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 475 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 351 من المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 339 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 207 – ص 208 ) .
( [1266] ) التقنين المدنى السابق م 175 / 238 : ومع ذلك إذا كان الدين عبارة عن نقود أو منقولات ، فتبرأ ذمة المدين بعرضه الدين على الدائن عرضاً حقيقياً بالتطبيق للقواعد المبينة فى قانون المرافعات .
وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المصرى الجديد .
( [1267] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 337 ( مطابقة للمادة 339 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 326 ( مطابقة للمادة 339 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 386 : 1 يقوم الإيداع مقام الوفاء إذا قبله الدائن أو صدر حكم بصحته . 2 - وفى هذه الحالة تكون نفقات الإيداع على الدائن ، وهو الذى يتحمل تبعة هلاك الشىء من وقت الإيداع ، ومن هذا الوقت أيضاً يقف سريان الفوائد . ( ويتفق هذا الحكم مع حكم التقنين المصرى ، إلا أن التقنين العراقى يرتب ، كما قدمنا ، على الإيداع الآثار التى يرتبها التقنين المصرى على إعذار الدائن ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 294 / 2 ( العبارة الأخيرة ) : وتبرأ ذمته على هذا الوجه من الموجب ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى ، غير أن نص التقنين اللبنانى لا يذكر صراحة قبول الدائن للعرض أو الحكم بصحته ، ولكن القواعد العامة تقتضى ذلك ، كما أن هذا الحكم يستنتج من المادة 297 لبنانى ) .
م 298 : إن نفقة الإيداع على الدائن حيثما يكون الإيداع مشروعا ( والحكم متفق مع الحكم التقنين المصرى ) .
( [1268] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1632 .
( [1269] ) ويجوز أيضاً لدائن الدائن أن يقبل العرض باسم الدائن ، عن طريق استعمال حقوق مدينه ، وأن يحجز على الشىء المودع تحت يد المودع لديه . فلا يجوز بعد الحجز للدائن أن يتسلم الشىء ، ولا للمدين أن يرجع فى العرض ، ذلك فى حدود ما لدائن من حق ( بودرى وبارد 2 فقرة 1631 مكررة أولا ) .
( [1270] ) وترفع دعوى صحة العرض أمام محكمة موطن الدائن ( استئناف مختلط 3 يناير سنة 1920 م 32 ص 96 ) . ومصروفات الإعذار وللعرض والإيداع ، إذا حكم بصحة العرض ، تكون على الدائن ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 59 ) ، ولكن لا يجوز للمدين ، كما قدمنا ، أن يستنزل مقدما من المبالغ المعروضة هذه المصروفات ، وذلك إلى أن يحكم بصحة العرض ويضخم بعد ذلك رسم الإيداع من الدين ( نقض مدنى 2 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 26 ص 199 ) . ولا يجوز أن تكون المبالغ المعروضة أقل من المبالغ المستحقة ، إلا إذا كان الفرق ضئيلا كما سبق القول ( استئناف مختلط 18 يناير سنة 1893 م 5 ص 101 – 21 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 77 – 28 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 59 – 3 فبراير سنة 1931 م 43 ص 199 – 2 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 41 – 29 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 93 ) . ولا يجوز أن يكون الإيداع مقيداً بشروط ( استئناف مختلط 14 فبراير سنة 1895 م 7 ص 136 – 18 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 26 – 6 مايو سنة 1914 م 26 ص 372 – 12 فبراير سنة 1930 م 42 ص 275 ) ، إلا إذا كانت شروطا يستلزمها الدين المعروض ، وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأنه إذا عرض المدين الأدوات والمهمات المحكوم عليه بتسليمها إلى المدعين ، وقيد عرضه بأن يدفعوا له المبلغ الذى حكم له به نهائياً قبلهم بمقتضى نفس الحكم الذى ألزمه بتسليم الأشياء المعروضة ، فهذا العرض صحيح ، ومثل هذا الشرط لا يبطله ، لأن للمدين أن يشترط ما يكفل له حقه المحكوم له به ( نقض مدنى 5 نوفمبر سنة 1936 مجموعة عمر 2 رقم 2 ص 2 ) . ولا يجوز عرض جزء من الدين هو الجزء الذى يقر به المدين إلى أن يحسم النزاع فى الجزء الباقى ، فإذا حكم للدائن فى هذا النزاع كان على المدين دفع فوائد كل الدين دون استنزال الفوائد عن الجزء الذى عرضه ( استئناف مختلط 3 يونيه سنة 1896 م 8 ص 313 ) . وإذا حكم بصحة العرض والإيداع ، فلا محل فى الحكم لإلزام المدين البرئ الذمة بالسداد ، بل ينص الحكم فقط على السماح للدائن بأن يسحب مما هو مودع على ذمته ما يعادل حقه ( استئناف أهلى 29 يناير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 155 / 1 ص 210 ) .
( [1271] ) ويقضى التقنين المدنى الفرنسى ( م 1257 / 2 ) بعكس ذلك ، فلا تبرأ ذمة لامدين إلا من يوم الإيداع ( أنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1628 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1211 ص 616 ) .
( [1272] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " ومتى قبل العرض المشفوع بالإيداع أو بإجراء مماثل له ، أو حكم بصحته ، أصبح لازماً وامتنع الرجوع فيه . ويكون لمثل هذا العرض حكم الوفاء ، ويستند أثره إلى الماضى ، فيعتبر أنه تم وقت إعلان العرض ( وقد ورد خطأ : وقت إعلان الإيداع ) ، وتعتبر ذمة المدين والملتزمين معه بالدين والكفلاء قد برئت من هذا الوقت . على أن للدائن أن يرفض رجوع المدين فى عرضه الحقيقى ، بعد القبول أو بعد صدور الحكم بصحته ، وعندئذ يعتبر الوفاء كأن لم يكن ، دون أن يخل ذلك بحقوق الملتزمين مع المدين بالدين أو الكفلاء ، فهؤلاء تبرأ ذمتهم نهائياً ، ولا يكون لهذا الرجوع أثر بالنسبة لهم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 209 – ص 210 ) .
وسنرى أن ما ورد فى المذكرة الإيضاحية من أن الوفاء يعتبر كأن لم يكن ليس دقيقاً ، فمتى قبل الدائن العرض أو حكم نهائياً بصحته فقد تم الوفاء على وجه بات وانقضى الدين المعروض . فإذا رجع المدين بعد ذلك فى العرض وقبل الدائن ذلك منه ، كان هذا بمثابة اتفاق على دين جديد تنشغل به ذمة المدين نحو الدائن ، كما سيأتى .
( [1273] ) أنظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1633 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1211 ص 617 .
( [1274] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 476 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - إذا عرض المدين الدين ، وأتبع العرض بإيداع أو إجراء مماثل ، جاز له أن يرجع فى هذا العرض ما دام الدائن لم يقبله أو ما دام لم يصدر حكم نهائى بصحته . 2 - فإذا رجع المدين فى العرض بعد أن قبله الدائن أو بعد أن حكم بصحته ، وقبل الدائن منه هذا الرجوع ، لم يكن لهذا الدائن أن يتمسك بعد ؟؟؟؟ بما يكفل حقه من تأمينات " . وفى لجنة المراجعة أضيف حكم عدم براءة ذمة الشركاء فى الدين الضامنين إلى الفقرة الأولى فى حالة رجوع المدين فى عرضه قبل قبول الدائن للعرض وقبل الحكم بصحته ، وأضيف حكم براءة ذمة الشركاء فى الدين والضمنين فى الفقرة الثانية فى حالة رجوع المدين فى العرض بعد أن قبله الدائن أو بعد أن حكم بصحته إذا كان هذا الرجوع بموافقة الدائن . فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه 352 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 340 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 209 – ص 211 ) .
( [1275] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 338 ( مطابقة للمادة 340 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 327 ( مطابقة للمادة 340 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 389 ( مطابقة للمادة 340 من التقنين المدنى المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 297 : للمديون أن يسترد الشىء المودع ما دام الدائن لم يصرح بقبوله الإيداع ، وفى هذه الحالة يعود الدين بجميع ملحقاته . ( وهذا النص يتفق فى الحكم مع نص التقنين المصرى ، وإن لم يذكر فى نص التقنين اللبنانى إلا قبول الدائن يعرض ، وأغفل ذكر صدور الحكم بصحته ، ولكن صدور الحكم بصحة العرض يمنع فى لبنان رجوع المدين فى العرض وفقاً للقواعد العامة ) .
( [1276] ) وقح رجوع المدين فى العرض حق متصل بشخصه ، فلا يجوز لدائنيه أن يستعملوه باسمه . فإذا وقع هؤلاء حجزاً على الشىء المعروض ، ولم يرجع المدين فى العرض ، كان الحجز باطلا ( بودرى وبارد 2 فقرة 1631 ) . ولكن لما كان العرض يعتبر وفاء للدين ، فلدائنى المدين أن يطعنوا فيه بالدعوى البولصية وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 242 مدنى .
( [1277] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الإيداع الحاصل على ذمة أحد دائنى المدين لا يخرج به المبلغ المودع عن ملكية المودع إلا بقبول الدائن له ، فقبل ذلك يستطيع المدين أن يوجه المبلغ الذى أودعه أية وجهة أخرى ( نقض مدنى 28 أبريل سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 117 ص 333 . وأنظر أيضاً : استئناف مختلط 11 مارس سنة 1936 م 48 ص 179 ) .
( [1278] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1634 ص 725 .
( [1279] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 209 .
؟؟؟؟؟؟؟؟ أنظر آنفاً فقرة 440 فى الهامش .
( [1280] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 477 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 353 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 341 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 212 – ص 213 ) .
( [1281] ) التقنين المدنى السابق : م 168 / 231 : يجب أن يكون الوفاء على الوجه المتفق عليه بين المتعاقدين . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المدنى الجديد ) .
( [1282] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 339 ( مطابقة للمادة 341 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 328 ( مطابقة للمادة 341 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 390 : 1 - إذا كان الدين مما يتعين بالتعيين ، فليس للمدين أن يدفع غيره بدلا عنه بدون رضاء الدائن ، حتى لو كان هذا البدل مساوياً فى القيمة للشىء المستحق أو كانت له قيمة أعلى . 2 - أما إذا كان مما لا يتعين بالتعيين وعين بالقدر ، فللمدين دفع مثله وإن لم يرض الدائن .
م 391 : رب الدين إذا ظفر عرضاً بجنس حقه من مال مدينه ، وهو على صفته ، فله الاحتفاظ به .
( وأحكام التقنين العراقى تتفق مع أحكام التقنين المصرى . ولا يوجد ما يمنع من تطبيق حكم المادة 391 عراقى –وهى مأخوذة من الفقه الإسلامى – فى مصر ، إذ هو حكم لا يتعارض مع القواعد العامة ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنان : م 299 : يجب غيفاء الشىء المستحق نفسه ، ولا يجبر الدائن على قبول غيره وإن كان أعلى قيمة منه – وإذا كان الشىء لم يعين إلا بنوعه ، فلا يجب على المديون تقديمه من النوع الأعلى ، ولكن لا يجوز له تقديمه من النوع الأدنى .
م 301 : عندما يكون الدين مبلغاً النقود يجب إيفاؤه من عملة البلاد . وفى الزمن العادى ، حين لا يكون التعامل إجباريا بعملة الورق ، يظل المتعاقدون أحراراً فى اشتراط الإيفاد نقوداً معدنية أو عملة أجنبية .
م 317 : إن الإيفاء بواسطة التحويل ( الشيك ) يبقى خاضعاً لأحكام القانون الصادر فى 7 نيسان سنة 1330 ( 1914 ) الذى لا يزال مرعى الأجراء .
( وهذه الأحكام تتفق فى مجموعها مع أحكام التقنين المصرى ) .
( [1283] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ينبغى أن يقع الوفاء على الشىء المستحق أصلا ، سواء أكان الالتزام به التزاماً بنقل حق عينى أو التزاماً بعمل أو التزاماص بالامتناعن عمل . فلا يجوز أن يستبدل بهذا الشىء شىء آخر ولو كان أعلى منه قيمة ، إلا أن يرتضى الدائن الاعتياض ( الوفاء بمقابل ) ، أو أن يكون ظاهر التعنت " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 212 ) . ويستفاد من ذلك أن الدائن ليس له أن يرفض استيفاء شىء أعلى قيمة ، ولا المدين أن يرفض إيفاء شىء أدنى قيمة ، إذا كان فى الرفض تعنت ظاهر ، وهذا تطبيق للنظرية فى التعسف فى استعمال الحق .
( م 48 – الوسيط ) .
( [1284] ) وذلك ما لم يكن الدين ناشئاً من عقد ملزم للجانبين . وإذا كان هناك رجوع على الغير بتعويض أو بمبلغ تأمين وجب على المدين أن ينزل عن التعويض أو عن مبل التأمين غلى الدائن ، بعد أو حل هذا أو ذاك حلولا عينياً محل الدين المستحق ( بودرى وبارد 2 فقرة 1468 ) .
على أن المدين ، إذا أعذره الدائن ، يكون مسئولا عن الهلاك أو التلف ، ولو كان ذلك بسبب أجنبى ، ما لم يثبت أن الشىء كان يهلك فى يد الدائن لو كان قد قبضه ( بودرى وبارد 2 فقرة 1466 ) .
( [1285] ) وقد كان المشروع التمهيدى يتضمن نصاً ، هو المادة 479 من هذا المشروع ، يجرى على الوجه الآتى : " إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات ، برئت ذمة المدين إذا قام بتسليمه بالحالة التى يكون عليها وقت التسليم ، حتى لو أصاب الشىء تلف بعد نشوء الالتزام ، على ألا يكون هذا التلف راجعاً إلى خطأ المدين ، أو أن يكون المدين قد أعذر قبل حصول التلف ، كل هذا ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغيره " . وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروعع التمهيدى فى خصوص هذا النص ما يأتى : " الأصل فى المدين أن يلزم بتسليم الشىء بالحالة التى يكون عليها وقت التسليم ، إذا ورد الالتزام على شىء معين بالذات . فهو لا يسأل عما يصيب الشىء من تلف بعد الالتزام ، ما لم يكن قد أعذر قبل حدوث التلف ، أو ما لم يكن هذا التلف راجعاً إلى خطأه من يسأل عنهم . ويقع عبء الإثبات فى حالة المسئولية التعاقدية على المدين . على أن هذه القاعدة العامة لا تنطبق حيث يتفق المتعاقدان على الخروج عليها ، أو حيث يقضى القانون بمخالفتها . فمن ذلك مثلا اتفاق المشترى والبائع على أن تكون حالة المبيع حسنة عند التسليم ، وقد نص المشروع على وجوب تسليم العين المؤجرة وملحقاتها فى حالة تؤهلها لأن تفى بما أعدت له من المنفعة : م 762 من المشروع " . وقد حذفت لجنة المراجعة هذه المادة " لأن حكمها مستفاد من القواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 214 فى الهامش ) .
( [1286] ) الوسيط جزء أول فقرة 223 .
( [1287] ) ديمولومب 27 فقرة 254 – بودرى وبارد 2 فقرة 1473 .
( [1288] ) فلا يجبر الدائن على استيفاء حق بشيك ، وإن كانت بعض التشريعات الأخيرة فى فرنسا تبيح للمدين فى حالات معينة أن يفى دنيه بشيك ، بلا تجبره على ذلك ، حتى لا تتضخمكميات أوراق النقد التى تطرح فى الأسواق للتعامل ( أنظر بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1158 ) .
ولما كان الوفاء بالشيكات هو الغالب فى المعاملات المدنية ، فإن الدائن لا يعتبر مستوفياً حقه إلا عند قبض قيمة الشيك من البنك ( استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1889 م 1 ص 105 – 15 فبراير سنة 1894 م 6 ص 169 ) ، فلا ينقضى الدين بمجرد تسلم الدائن للشيك عن طريق التجديد . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا أعطى شيك ثمناً لمبيع مع إثبات التخالص بالثمن فى عقد البيع ، فإن إعطاء هذا الشيك يعتبر وفاء بالثمن لا استبدالا له ، وعلى ذلك فإنه إذا حكم يفسخ البيع فلا يبقى لتحصيل قيمة الشيك محل ( نقض مدنى 2 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 69 ص 156 ) . وإمضاء الدائن على الشيك بأنه قد تسلم قيمته يكون بمثابة مخالصة بالدين ، أو هو فى القليل مبدأ ثبوت بالكتابة على أنه إنما استوفى ديناً ولم يقبض قيمة الشيك لغرض آخر ، فيستطيع تكملته بالبينة أو بالقرائن . وحيازة البنك لشيك لحامله دليل على أنه صرف قيمة هذا الشيك ، ولو لم يوقع صاحب الشيك على ظهره ( استئناف مختلط 15 يونيه سنة 1916 م 28 ص 431 ) . ويترتب على أن الوفاء لا يتم إلا بقبض قيمة الشيك لا بمجرد تسلمه أن شركة النقل ، إذا كلفت بتسليم بضاعة لقاء استيفاء ثمنها ( Contre remboursement ) وتسلمت شيكاً فى مقابل الثمن ، تبقى مسئولة عن الثمن إلى وقت قبض الشيك ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1158 ) .
وقد غلب التعامل بالشيكات إذ يجنب مشقة التعامل فى كميات كبيرة من أوراق النقد ، وهو فى الوقت ذاته يهيئ طريقاً ميسراً لإثبات الوفاء فإن إمضاء الدائن على الشيك بأنه قد تسلم قيمته تكون بمثابة مخالصة كما قدمنا ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1507 ) .
وكالشيكات الكمبيالات والإضافة إلى الحساب الجارى ( Virement bancaire du compte a compte ) ، لا يتم الوفاء بها إلا بقبض القيمة أو بالإضافة الفعلية إلى الحساب الجارى . ومن ثم يتحمل المدين التبعة إلى وقت قبض الدائن القيمة بالفعل ، فإذا صرفت القيمة إلى غير الدائن أو إلى غير حسابه الجارى دون خطأ منه لم يكن مستوفياً حقه وتحمل المدين تبعة ذلك . ولا يجبر الدائن على إعطاء مخالصة إلا عند القبض الفعلى ، فإن أعطى مخالصة قبل ذلك جاز أن يحمل هذا منه على أنه رضى أن يستوفى الدين بمقابل ( دى باج 3 فقرة 476 – وأنظر أيضاً بيدان ولاجارد 8 فقرة 468 – فقرة 472 – وفقرة 484 – فقرة 485 ) .
( [1289] ) وإذا قبل الدائن حوالة البريد ، فلا يتم الوفاء إلا بقبض قيمتها فعلا . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا وفى المدين الدين بحوالة بريد ، ولكنه لم يقطع سند التسليم منها ويرسله إلى الدائن ليتسلم بموجبه قيمة الحوالة ، لم يكن هذا وفاء مبرئاً للذمة ( 18 يناير سنة 1900 يتحمل تبعة صرف الحوالة إلى غير الدائن إذا تم ذلك دون خطأ من الدائن ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1158 ) .
( [1290] ) فقرة 224 – فقرة 225 .
( [1291] ) فقرة 226 .
( [1292] ) أنظر الأحكام المشار إليها فى الوسيط جزء أول فقرة 226 ص 393 هامش رقم 1 .
( [1293] ) أنظر الأحكام المشار إلياه فى الوسيط جزء أول فقرة 226 ص 396 هامش رقم 1 . يضاف إليها : استئناف مختلط 8 ديسمبر سنة 1938 م 51 ص 46 – 3 فبراير سنة 1944 م 56 ص 54 – ومع ذلك قارن : استئناف مختلط 2 مايو سنة 1939 م 51 ص 15 – 6 مارس سنة 1941 م 53 ص 127 – وأنظر فى تحديد سعر الصرف فى تاريخ الاستحقاق لا فى تاريخ المطالبة : نقض مدنى 9 ديسمبر 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 31 ص 244 .
وأنظر فى فرنسا التمييز ما بين الشروط التى تمس مركز العملة ( Clauses a caractere monetaire ) كالدفع بالذهب أو بقيمة الذهب أو بعملة أجنبية وهذه باطلة فى المعاملات الداخلية ، والشروط ذات الصبغة الاقتصادية ( Clauses a caractere economique ) وهذه لا تنم عن عدم الثقة بمركز العملة القومية ، وذلك كالدفع بالبضائع ( Clauses de Paiement en merchandises ) أو بقيمة البضائع ( Clauses de paiement valeur - merchandises ) أو الدفع بمعدل متحرك ( Clauses d'echelle mobile ) ، ونم ثم تكون هذه الشروط صحيحة : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1166 – فقرة 1185 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 503 – فقرة 522 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1599 – فقرة 1631 – كولان وكابيتان ودى لامورانديير 2 فقرة 484 – فقرة 494 – جوسران 2 فقرة 856 – فقرة 860 مكررة – وأنظر فى بلجيكا : دى باج 3 فقرة 462 – فقرة 469 .
( [1294] ) الوسيط جزء 2 فقرة 424 – فقرة 437 .
( [1295] ) الوسيط جزء 2 فقرة 438 – فقرة 440 .
( [1296] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 478 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية طفيفة . وفى لجنة المراجعة أزيلت هذه الفروق ، وأصبحت المادة رقمها 354 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 342 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 213 – ص 216 ) .
( [1297] ) التقنين المدنى السابق : م 168 / 231 : يجب أن يكون الوفاء . . . وألا يكون ببعض المستحق . . .
( وتتفق الأحكام فى التقنينيين السابق والجديد ) .
( [1298] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 340 ( مطابقة للمادة 342 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 329 ( مطابقة للمادة 342 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 392 : إذا كان الدين حالا ، فليس للمدين أن يجبر دائنه على قبول بعضه دون البعض ، ولو كان قابلا للتبعيض .
( والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 300 : لا يجوز للمديون إجبار الدائن على قبول الإيفاء مجزئاً وإن كان الموجب قابلا للتجزئة ، لأن الإيفاء بهذا المعنى لا يتجزأ – وتجوز مخالفة هذه القاعدة بإجراء أحكام المقاصة أو باستعمال حق التجزئة فيما يختص بالكفلاء . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى ) .
( [1299] ) ولو جزأنا الدين ، فيما بين الدائن والمدين ، لأصبح الدين الواحد ديوناً متعددة ( لاورمبيير 4 م 1244 فقرة 1 – ديمولومب 27 فقرة 237 – لوران 17 فقرة 566 – بودرى وبارد 2 فقرة 1478 ) – هذا إلى ما فى التجزئة من ضرر يصيب الدائن ، فإنه إذا استوفى حقه كاملا مرة واحدة استطاع أن يستثمره استثماراً أكمل مما لو استوفاه جزءاً ( بوتييه فى الالتزامات فقرة 534 – بودرى وبارد 2 فقرة 1478 ) .
( [1300] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1478 مكررة ثانيا – ويترتب على ذلك إنه إذا كان المستحق عدة أشياء ، فمن المهم معرفة ما إذا كان الدين واحداً فلا يتجزأ الوفاء به ، أو أن هناك ديوناً متعددة لا يجوز للدائن أن يمتنع عن استيفاء ما يعرض المدين الوفاء به منها . فإذا كان أ ؛د الأشياء المتعددة هو الشىء الأصلى وكان الباقى تبعاً له ، كرأس المال والفوائد والمصروفات ، فإن الدين يكون واحداً لا تجوز تجزئته عند الوفاء . أما إذا كانت الأشياء المتعددة كلها أصلية ، كأقساط تستحق تباعاً أ, أجرة تحل مدة بعد مدة ، فهذه ديون متعددة كل منها يجوز الوفاء به على حدة ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1163 ص 565 ) .
( [1301] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1479 .
( [1302] ) وقد يقضى القانون بتجزئة الوفاء فى حالة ما إذا مات الدائن وانقسم حقه على ورثته ، فكل وارث يستوفى جزءاً من الدين هو حصته فيه ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 214 – ص 215 ) .
( [1303] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " وقد يتصور إعمال قاعدة عدم تجزئة الوفاء إعمالا عكسياً لمصلحة المدين ، فيكون له أن يصر على أداء الدين بأسره ، ولو قبل الدائن الاقتصار على استيفاء جزء منه . أما إذا كان الدين متنازعاً فيه ، وأقر المدين بجزء منه ، فليس له أن يمتنع عن الوفاء بهذا الجزء متى طالب به الدائن ، بدعوى التريث حتى يحسم النزاع فى الجزء الآخر ويتيسر له قضاء حق الدائن كاملا : أنظر فى هذا المعنى م 1169 من التقنين الأسبانى ، والمادة 722 من التقنين البرتغالى ، والمادة 777 من التقنين الأرجنتينى ، والمادة 69 / 2 من تقنين الالتزام السويسرى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 من 215 ) .
( [1304] ) تاريخ النصوص :
م 344 : ورد هذا النص فى المادة 481 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد وذلك فى الفقرة الأولى من المادة 481 من المشروع . وكانت هذه المادة تتضمن فقرة ثانية نصها ما يأتى : " فإذا لم يعين المدين الدين ، خصم ما أداه من حساب الدين الذى يعينه الدائن فى المخالصة ، إلا إذا اعترض المدين فوراً على هذا التعيين أو كان التعيين قد صدر عن غش أو عن مباغتة من الدائن " . وقد وافقت لجنة المراجعة على المادة بفقرتيها تحت رقم 356 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الثانية " لأنها نتناول مسألة تفصيلية وتقرر حلا لم تر اللجنة الأخذ به ، بل آثرت ترك الأمر للقواعد العامة ، لاسيما أن المادة التالية وضعت من القواعد ما يكفى فى هذا الشأن " ، وأصبح النص مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 344 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 219 – 221 ) .
م 345 : ورد هذا النص فى المادة 482 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " فإذا لم يعين الدائن أو المدين الدين تعييناً صحيحاً ، كان الخصم من حساب الدين الذى حل ، فإذا تعددت الديون الحالة فمن حساب أشدها كلفة على المدين ، فإذا تساوت الديون فى الكلفة فمن هذه الديون جميعاً بنسبة كل منها " . ووافقت لجنة المراجعة على المادة تحت رقم 357 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ قام نقاش حول حكم العبارة الأخيرة وهى : " فإذا تساوت الديون فى الكلفة فمن هذه الديون جميعاً بنسبة كل منها " ، وقيل فى الاعتراض عليها أنه لا يجرى فى العمل عند الوفاء أن يحصل الخصم من جملة الديون بنسبة كل منها ، فمن المصلحة إثبات الحكم القانونى عندما تتساوى أعباء دينين إذا قد يكون أحدهما وشيك السقوط بمقضى المدة ولا يتبين أى الدينين قد وفى . ورأت اللجنة أن أمامها حلولا ثلاثة : ( 1 ) أما أن تحذف عبارة " فإذا تساوت الديون فى الكلفة فمن هذه الديون جميعاً بنسبة كل منها " ، فإذا حصل إشكال فأمر ذلك يكون محل تقدير القاضى . ( 2 ) وأما أن تعدل هذه الفقرة فتكون : " فإذا تساوت الديون فى الكلفة فمن حساب الدين الذى يعينه الدائن " . ( 3 ) وأما أن تنص على أن الوفاء يكون للدين المتأخر . وبعد مناقشة هذه الحلول رأت أغلبية اللجنة الأخذ بالحل الثانى . وفى هذه الحدود حصر النص ما يبقى للدائن من خيار ، وهو بعد صاحب المصلحة فى الاستيفاء . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها لجنته تحت رقم 345 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 221 – ص 224 ) .
( [1305] ) التقنين المدنى السابق : م 172 / 235 : تستنزل المدفوعات فى حالة تعدد الديون من الدين الذى عينه المدين ، وإن لم يعين استنزلت من الدين الذى له زيادة منفعة فى وفائه . ( والحكم واحد فى التقنينيين السابق والجديد ، فيما عدا أن التقنين الجديد أضاف أنه إذا تساوت الديون فى الكلفة فالمدفوع يكون من حساب الدين الذى يعينه الدائن . ويعمل بهذه الإضافة من وقت نفاذ التقنين الجديد –أى من 15 أكتوبر سنة 1949 - والعبرة بوقت الدفع ، فإن كان قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فالتقنين القديم هو الذى يسرى ، وإلا فالتقنين الجديد ) .
( [1306] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 342 - 343 ( مطابقتان للمادتين 344 - 345 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 331 - 332 ( مطابقتان للمادتين 344 - 345 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 392 / 1 : إذا دفع المدين أحد دينين واجبين فى ذمته ، وكان أحدهما مطلقاً والآخر مشمولا بكفالة أو برهن ، أو كان أحدهما قرضاً والآخر ثمن مبيع ، أو كان أحدهما مشتركا والآخر خاصاً ، أو كان الدينان متباينين بوجه من الوجوه ، واختلف الطرفان فى وجهة الدين ، يعتبر قول المدين فى تعيين جهة الدفع . ( وهذا الحكم يتفق فى مجموعه مع حكم التقنين المصرى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 295 – فقرة 296 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : م 307 : إذا كان على المديون الواحد عدة ديون لدائن واحد ، فللمديون أن يصرح عند الإيفاء بالدين الذى يريد إيفاءه – وإذا لم يصرح ، فالخيار للدائن بشرط أن يعمد إليه بلا تأخير فى سند الإيصال نفسه ، ما ليم يعترض عليه المديون . ( وهذا النص يتفق فى حكمه مع نص التقنين المصرى فى مشروعه التمهيدى ) .
م 308 : لخيار المديون بعض القيود : فهو إذا لم يتفق مع الدائن لا يمكنه عند الإيفاء الجزئى أن يجعل هذا الإيفاء لرأس المال قبل أن يوفى الفوائد ، ولا أن يفضل إيفاء دين غير مستحق الأداء على دين مستحق . ( ويتفق هذا الحكم مع حكم التقنين المصرى ) .
م 309 : إذا يكن هناك تخصيص صريح من قبل أحد المتعاقدين وجب أن يعد الإيفاء مختصا بالدين المستحق الأداء لا بالدين الذى لم يحل أجله ، وإذا وجدت عدة ديون مستحق الأداء فيخصص الإيفاء بالدين الذى يكون من مصلحة المديون أن يوفيه قبل غيره ، وإلا فالدين الذى يكون أثقل عبئاً من سواه . وعند انتفاء كل سبب آخر للتقدير يشمل الإيفاء الديون على اختلافها بنسبة مقاديرها .
( ويتفق هذا الحكم مع حكم التقنين المصرى فى مشروعه التمهيدى ) .
( [1307] ) فلا بد من سبق وجود الدين ( استئناف مختلط 30 يناير سنة 1940 م 52 ص 120 ) .
( [1308] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الأحكام الخاصة باستنزال الديون لا تسرى إلا فى حالة تعدد الديون التى تكون مستحقة لدائن واحد . أما إذا تزاحم دائنون متعددون على مبلغ واحد قبل أن يحصل عليه أحدهم فعلا ، فالأمر فى ذلك . . يخضع لأحكام التوزيع بين الدائنين أو قسمة الغرماء ( نقض مدنى 28 أبريل سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 117 ص 333 ) .
( [1309] ) ولا يجوز أن بترك التعيين لمحض تحكم الطرفين بحسب الظروف ( استئناف مختلط 30 يناير سنة 1940 م 52 ص 1200 ) .
( [1310] ) استئناف مختلط 5 يونيه سنة 1912 م 24 ص 383 .
( [1311] ) وكالمدين فى تعيين جهة الكفيل ( استئناف مختلط 26 مايو سنة 1932 م 44 ص 345 ) .
( [1312] ) استئناف وطنى 24 نوفمبر سنة 1894 القضاء 1 ص 233 – استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة 1944 م 57 ص 33 .
( [1313] ) استئناف مختلط 30 مايو سنة 1944 م 56 ص 158 – ويجوز للطرفين ، بعد أن اتفقا على تعيين جهة الدفع ، أن يغيرا هذا التعيين باتفاق جديد فيعينا ديناً آخر جهة للدفع ، على ألا يكون فى ذلك إضرار بالغير ، فإذا كان الدين الذى تم الاتفاق عليه أولا مضموناً بكفيل شخص أو عينى ، وانقضت الكفالة بتعيين هذا الدين جهة للدفع ، لم يجز للطرفين باتفاق جديد أن يعينا دينا آخر جهة للدفع ، لأن ذلك يترتب عليه إحياء الدين الأول ورجوع الكفالة من جديد فيتضرر الكفيل ( أوبرى ورو 4 فقرة 320 ص 261 ) .
( [1314] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 219 .
( [1315] ) استئناف مختلط 28 مارس سنة 1918 م 30 ص 319 .
( [1316] ) استئناف مختلط 11 يناير سنة 1900 م 12 ص 84 – 26 مايو سنة 1932 م 44 ص 345 – 26 فبراير سنة 1936 م 48 ص 168 10 فبراير سنة 1937 م 49 ص 106 .
( [1317] ) وكل هذا مقيد بالا يتعسف فى استعمال حقه فى تعيين الدين المدفوع إضراراً بحقوق الغير ، ككفيل شخصى أو عينى ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1203 ص 610 ) .
وقد قدمنا أن المدين يجب أن يعين جهة الدفع عند الوفاء لا بعده ، وإلا كانت جهة الدفع هى التى يعينها القانون ، أى الدين الحال الأشد كلفة على المدين ( استئناف مختلط 11 يونيه سنة 1921 م 33 ص 378 – 8 مايو سنة 1924 م 36 ص 362 ) .
ومتى عين جهة الدفع ، فلا يجوز له أن يعدل عن هذا التعيين ليعين جهة أخرى دون رضاء الدائن أو إضراراً بحقوق الغير ( استئناف مختلط 14 مارس سنة 1935 م 47 ص 197 ) .
( [1318] ) وقد رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 481 من المشروع التمهيدى كانت تنص على ما يأتى : " فإذا لم يعين المدين الدين ، خصم ما أداه من حساب الدين الذى يعينه الدائن فى المخالصة ، إلا إذا اعترض المدين فوراً على هذا التعيين ، أو كان التعيين قد صدر عن غش أو مباغته من الدائن " ( أنظر تاريخ نص المادة 344 مدنى آنفاً فقرة 452 فى الهامش ) . وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذه الفقرة الملغاة ما يأتى : " فإذا لمي عين المدين الدين الذى يريد قضاءه ، كان للدائن نفسه أن يتولى التعيين فى المخالصة مثلا ، إلا أن هذا التعيين لا يقيد المدين إلا إذا سكت عن الاعتراض عليه . بيد أنه يتعين على الدائن ألا يتوسل بالتدليس أو المباغتة لا بتعاث هذا السكوت ، أو القبول الضمنى بعبارة أخرى – ويتضح من ذلك أن تعيين المدين يعتبر من قبيل ما ينعقد من التصرفات بإرادة منفردة ، فى حين أن تعيين الدائن تعاقد لا يتم إلا بتلا أرادتين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 219 – ص 220 ) .
وهذه الفقرة الملغاة كانت تتضمن الحكم الذى تضمنته المادة 1255 من التقنين المدنى الفرنسى ( أنظر فى تفسير هذه المادة فى التقنين الفرنسى : بودرى وبارد 2 فقرة 1584 – فقرة 1587 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1204 ) .
( [1319] ) استئناف وطنى 23 فبراير سنة 1897 الحقوق 12 ص 249 – 25 فبراير سنة 1897 الحقوق 12 ص 106 – استئناف مختلط 27 مايو سنة 1908 م 20 ص 258 .
( [1320] ) استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1897 م 9 ص 276 – ذلك أن المفروض هو أن المدين أراد الوفاء بالدين الحال فهو الذى يستطيع الدائن أن يطالبه به ، والمفروض كذلك أن الدائن أراد استيفاء الدين الحال فهو الذى يستطيع إجبار المدين على دفعه . ومن ثم لا يصح أن تكون جهة الدفع التزاماً طبيعياً ، لأن الالتزام الطبيعى لا يمكن إجبار المدين على دفعه . كذلك تكون جهة الدفع هى الدين الحال حتى لو كان هذا الدين لا ينتج فوائد وكان الدين غير الحال هو الذى ينتجها ، ولا عبرة هنا بمصلحة المدين أو بالدين الأشد كلفة ما دامت جهة الدفع تدور بين دين حال ودين غير حال ( ديمولومب 27 فقرة 46 – هيك 8 فقرة 84 – بودرى وبارد 2 فقرة 1589 ) .
( [1321] ) أو كانت الديون كلها لم تحل ، وعندئذ لا مجال لتقديم دين حال ، وإنما يقدم الدين الأشد كلفة على المدين ، لا الدين الذى يحل أولا ، لأن هذه هى مصلحة المدين فتنصرف إليها إرادة المدين المفترضة ( بودرى وبارد 2 فقرة 1590 مكررة ثانياً ) .
( [1322] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1590 مكررة أولا .
( م 49 – الوسيط ) .
( [1323] ) استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1916 م 28 ص 429 – 13 مايو سنة 1931 م 43 ص 391 – وأنظر أيضاً المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 222 . أما إذا كان الدين مضموناً فى جزء منه دون الجزء الآخر ، فإن جهة الدفع تنصرف إلى الجزء غير المضمون . ذلك أن الدائن ما كان ليقبل الوفاء الجزئى ، وهو لا يجبر عليه ، لو أن الوفاء وقع على الجزء المضمون . فهو إذا قبل هذا الوفاء الجزئى ، وهو لا يجبر عليه ، لو أن الوفاء وقع على الجزء المضمون . فهو إذا قبل هذا الوفاء الجزئى ، فلأنه يستوفى به الجزء غير المضمون من الدين ، مستبقياً الجزء المضمون إذ هو موثق بالضمان ( أنظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1206 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 533 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1590 ) . وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصد ما يأتى : " وقد يقع أن يكون شق من الدين مضموناً بتأمين خاص ، وفى هذه الحالة يخصم ما يؤدى من حساب هذا الشق أو من حساب الشق المضمون وفقاً لنية المتعاقدين . فإذا لم تكن ثمة نية صريحة أو ضمنية ، فالمفروض أن الدائن لا يقبل الوفاء الجزئى إلا على أن يخصم من حساب صريحة أو ضمنية ، فالمفروض أن الدائن لا يقبل الوفاء الجزئى إلا على أن يخصم من حساب الشق غير المضمون . وقد أقر تقنين الالتزامات السويسرى هذا الحكم ، فنص فى الفقرة الثانية من المادة 85 على أنه : إذا كان الدائن قد حصل على كفالة أو رهن أو أى تأمين آخر لضمان شق من الدين ، فليس للمدين أن يخصم الوفاء الجزئى من حساب الشق المضمون من هذا الدين أو من حساب الشق الأوفى ضماناً منه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 217 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا كان الدين مكفولا فى جزء منه ، فإن جهة الدفع فى الوفاء الجزئى إنما تنصرف إلى الجزء غير المكفول ( استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 57 ) . على أن هذا الحكم مقصور على ما إذا كان الدين مضموناً فى جزء منه . أما إذا كان هناك دينان مستقلان أحدهما عن الآخر ، وكان دين منهما مضموناً فى جزء منه . أما إذا كان هناك دينان مستقلان أحدهما عن الآخر ، وكان دين منهما مضموناً والآخر غير مضمون ، فجهة الدفع تنصرف إلى الدين فلم يكن المدين يستطيع إجبار الدائن على استيفائه هذا الدين ، بخلاف الجزء المضمون من الدين فلم يكن المدين يستطيع إجبار الدائن على استيفائه إذ يكون هذا وفاء جزئياً لا يجبر الدائن على قبوله . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا كان هناك دينان مستقلان أحدهما مكفول والآخر غير مكفول ، كان الوفاء للدين المكفول ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1926 م 38 ص 306 ) . وقضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن الدين المكفول أشد كلفة ( 28 يناير سنة 1897 القضاء 4 ص 249 ) – وقضت أيضا بأن الدين المضمون بحق اختصاص أشد كلفة ( 13 مارس سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 106 ص 202 ) .
( [1324] ) كذلك الدين المضمون بشرط جزائى أشد كلفة من الدين غير المصحوب بهذا الشرط ، والدين المرفوع به دعوى أشد كلفة من دين لم يطالب به الدائن ، ودين لا نزاع فيه أشد كلفة من دين فيه نزاع ( أنظر فى هذا كله : استئناف مختلط 5 نوفمبر سنة 1931 م 44 ص 5 – 26 نوفمبر سنة 1931 م 44 ص 33 – تولييه 7 فقرة 179 – ديرانتون 12 فقرة 199 – لوران 17 فقرة 602 – بودرى وبارد 2 فقرة 1590 ) – وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 222 .
ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه إذا كان المدين عليه دينان يتضامن فى أحدهما مع الغير ، فالدين الأشد كلفة هو الدين الآخر ، لأن الدين التضامنى قد لا يقصد هو أولا فى الوفاء به ( 20 فبراير سنة 1902 المجموعة الرسمية 3 رقم 95 ص 250 ) .
وقضت محكمة الاستئناف المختلط بأنه إذا دفع المستأجر بعض الأقساط المتأخرة ، فالمفروض أن الدائن لم يقبل الوفاء إلا خصما من الأقساط الأقدم ، ما لم يثبت المدين غير ذلك ( 11 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 83 ) .
( [1325] ) وقد رأينا فى العبارة الأخيرة من المادة 482 من المشروع التمهيدى كانت تجرى على الوجه الآتى : " فإذا تساوت الديون فى الكلفة ، فمن هذه الديون جميعاً بنسبة كل منها " ( أنظر تاريخ نص المادة 345 آنفا فقرة 452 فى الهامش ) . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذه العبارة ما يأتى : " فإن لم تتفاوت فى الشدة فمن حسابها جميعاً بنسبة كل منها . وغنى عن البيان أن هذه القوانين تتشمى مع المعقول ، وهى بعد مقررة فى نصوص التقنين الحالى ( السابق ) . وقد وردت فى نصوص بعض التقنينات قرائن أخرى ، منه ما يجعل البداءة للدين الأقل ضمانا ، ومنها ما يجعلها للدين الأقدم نشوءاً أو استحقاقاً ، ولكن هذه القوانين تستهدف جميعاً للنقد من وجود " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 222 ) .
( [1326] ) قارن : استئناف مختلط 19 مايو سنة 1942 م 54 ص 199 – ومع فقد قضت محكمة استئناف مصر فى عهد التقنين المدنى السابق أن الديون التى للمدين زيادة منفعة فى وفائها هى الديون التى قد يجبر على أدائها بالحبس أو الدين المقرر عليها فائدة أكبر أو التى لها حق امتياز أو حق رهن . ومن المقرر أيضاً أنه فى حالة تعارض جملة ديون ، للمدين زيادة منفعة فى أدائها ، يجب أن يحصل الاستنزال من أقدمها ( 20 نوفمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 43 ص 64 ) . أنظر أيضاً : استئناف مختلط 4 فبراير سنة 1892 م 4 ص 105 – 25 مايو سنة 1932 م 44 ص 345 – وقارب : 5 مايو سنة 1936 م 48 ص 252 .
( [1327] ) أنظر : استئناف مختلط 11 يونيه سنة 1921 م 33 ص 378 .
( [1328] ) أنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1593 – فقرة 1594 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1205 .
ولا يكون دليلا على تقديم دين فى الدفع أن يكون المبلغ المدفوع معادلا لهذا الدين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1592 ) .
ويلاحظ أن المادة 1848 مدنى فرنسى تقضى بأنه إذا كان الشريك هو والشركة معاً دائنين لمدين واحد . وقبض الشريك مبلغاً من المدين ، وجب أن يخصم هذا المبلغ من الدين الذى له والدين الذى للشركة بنسبة مقدار كل منهما ، حتى لو كتب فى المخالصة أن المبلغ كله يخصم من الدين الذى له . أما إذا كتب أن المبلغ كله يخصم من الدين الذى للشركة ، صح ذلك . ويسرى هذا الحكم فى شأن كل نائب يكون هو والأصيل دائنين لمدين واحد ( بنسار Ponsard فى أنسكلوبيدى داللوز 3 لفظ Paiement فقرة 223 ) .
( [1329] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 480 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 355 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 343 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 216 – ص 218 ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 173 / 236 ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " يبدأ الاستنزال بالمصاريف والفوائد قبل الخصم من رأس المال " وهو حكم مطابق لحكم التقنين المدنى الجديد .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 340 ( وهى مطابقة للمادة 343 من التقنين المدنى المصرى ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 330 ( وهى أيضاً مطابقة للمادة 343 من التقنين المدنى المصرى ) – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 393 / 2 ( وهى كذلك مطابقة للمادة 343 من التقنين المدنى المصرى ) – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 308 ، وتجرى على الوجه الآتى : " لخيار المديون بعض القيود : فهو إذا لم يتفق مع الدائن لا يمكنه عند الإيفاء الجزئى أن يجعل هذا الإيفاء لرأس المال قبل أن يوفى الفوائد . . . " ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى ، وإن أغفل ذكر المصروفات ، ولكن المصروفات تدفع قبل الفوائد طبقاً للقواعد العامة ) .
( [1330] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 485 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " تكون نفقات الوفاء على المدين ، إلا إذا وجد اتفاق يقضى بغير ذلك . على أنه إذا زادت هذه النفقات لسبب يرجع إلى للدائن ، فهو الذى يتحمل هذه الزيادة " . وفى لجنة المراجعة حذفت العبارة الأخيرة من المادة لأنها " حكم تفصيلى مستفاد من القواعد العامة " . وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمه 360 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 348 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 230 – ص 231 ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 171 / 234 ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " مصاريف الوفاء تكون على المتعهد " . وهو حكم متفق مع حكم التقنين المدنى الجديد .
ويقابل هذا النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 346 ( وهى مطابقة للمادة 348 من التقنين المدنى المصرى ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 335 ( وهى أيضاً مطابقة للمادة 348 من التقنين المدنى المصرى ) – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 398 ، وتجرى على الوجه الآتى : " نفقات الوفاء على المدين ، إلا إذا وجد اتفاق أو عرف أو نص يقضى بغير ذلك " . والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى – وفى تقنين الموجبات و العقود اللبنانى المادة 304 ، وهى تجرى على الوجه الآتى : " تكون نفقات الإيفاء على عاتق المديون " والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى ، وما ورد فى هذا التقنين الأخير من جواز الاتفاق أو النص على ألا تكون نفقات الإيفاء على عاتق المدين يعمل به دون شك فى لبنان ، دون حاجة إلى نص خاص ، لأنه تطبيق للقواعد العامة .
( [1331] ) وهذا بخلاف ما إذا كانت هناك ديون متعاقبة ، كأقساط أو أجرة عن مدد متتالية ، فالديون هنا متعددة ، ويجوز للمدين إجبار الدائن على استيفاء كل منها على حدة ( أنظر آنفاً فقرة 450 ) .
( [1332] ) استئناف مختلط 31 يناير سنة 1946 م 58 ص 35 – وتشمل المصروفات نفقات فك الرهن الضامن للمدين المدفوع ( استئناف مختلط 30 ديسمبر 1915 م 28 ص 85 – بودرى وبارد 2 فقرة 1514 مكررة ثالثا ) .
( [1333] ) وتشمل الفوائد التاخيرية منها و التعويضية ( بودرى وبارد 2 فقرة 1580 ) .
( [1334] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 217 .
( [1335] ) استئناف مختلط 9 مارس سنة 1892 م 4 ص 165 – 19 يناير سنة 1893 م 5 ص 117 – وإذا دفع المدين مبلغا لخصمه من المصروفات والفوائد ، وزاد المبلغ المدفوع على ما هو مستحق من ذلك ، خصم الزائد من أصل الدين فلا يسترده المدين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1582 ص 686 ) .
( [1336] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 230 – بودرى وبارد 2 فقرة 1512 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1165 ص 567 – وإذا كانت نفقات التسليم على المدين ، فإن نفقات التسلم على الدائن ( بودرى وبارد 2 فقرة 1513 ) . فإذا كان الدين واجب الدفع فى موطن المدين ، فإن نفقات إرساله إلى موطن الدائن تكون على الدائن ( استئناف مختلط 8 مارس سنة 1943 م 56 ص 8 ) .
( [1337] ) ومثل ذلك أيضاً ما إذا زادت النفقات لسبب يرجع إلى الدائن فإن القانون يقضى فى هذه الحالة بأن الدائن هو الذى يتحمل هذه الزيادة لأنه هو المتسبب فيها بخطأه . فإذا أضاع الدائن الشيك الذى حرره له المدين ، واقتضى الأمر الإعلان عن الشيك الضائع وتحرير شيك جديد ، فإن المصروفات الزائدة تكون على الدائن . وقد كان المشروع التمهيدى يشمل على عبارة فى هذا المعنى حذفت فى لجنة المراجعة اكتفاء بتطبيق القواعد العامة ( أنظر تاريخ نص المادة 348 آنفاً فقرة 456 فى الهامش ) .
( [1338] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 483 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً فى ذمة المدين ، ما لم يوجد اتفاق أو نص بغير ذلك ، ومع مراعاة ما للقاضى من حق فى إمهال المدين " . وفى لجنة المراجعة جعلت المادة من فقرتين ، وخصصت الفقرة الثانية لنظرة الميسرة ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمه 358 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ اعترض على الفقرة الأولى بأنها تحتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً فى ذمة المدين ، مع أنه من الجائز أن يترتب الدين فى ذمة المدين ولكن لا يحل أجله بسبب تعلقه بشرط أو أجل . فأجيب على هذا الاعتراض بأن العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى قد واجهته لأنه إذا وجد اتفاق معلق على شرط أو مقرون بأجل فلا يتحتم الوفاء إلا بعد حلول الأجل أو تحقق الشرط . ثم اعترض على الفقرة الثانية بأنها تعطى للقاضى رخصة منح أجل للمدين للوفاء بالتزامه إذا لم يلحق الدائن من هذا لأجل ضرر جسيم ، فالنص على قيد الضرر الجسيم يلغى الرخصة التى أعطيت للقاضى فى منح المدين حسن النية سىء الحظ أجلا للسداد ، ويحسن ترك الأمر للقاضى يقارن بين مصلحة الدائن ومصلحة المدين فى هذه الحالة . فأجيب على الاعتراض بأن تأخير الوفاء إلى أى أجل قد يضر بالدائن ضرراً جسيماً ، كأن يكون معولا على استيفاء هذا الدين وإلا كان معرضاً للإفلاس ، وفى مثل هذه الحالة نكون قد أصبنا صاحب الحق بضرر جسيم رفقاً بالمدين المطالب بالالتزام . ووافقت اللجنة على بقاء المادة دون تعديل ، وأصبح رقمها 346 ، ثم وافق عليها مجلس الشيوخ دون تعديل ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 225 – ص 226 ) .
( [1339] ) التقنين المدنى السابق : م 168 / 231 : يجب أن يكون الوفاء على الوجه المتفق عليه بين المتعاقدين ، وأن يحصل فى الوقت والمحل المعينين ، وألا يكون ببعض المستحق . إنما يجوز للقضاة فى أحوال استثنائية أن يأذنوا بالوفاء على أقساط بميعاد لائق ، إذا لم يترتب على ذلك ضرر جسيم لرب الدين . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المدنى الجديد ) .
( [1340] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 344 ( مطابقة للمادة 346 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 333 ( مطابقة للمادة 346 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 394 : 1 - إذا أجل الدين أو قسط إلى أقساط معلومة ، فلا يجوز للدائن مطالبة المدين بالدين أو بالقسط قبل حلول أجله . 2 - فإذا لم يكن الدين مؤجلا ، أو حل أجله ، وجب دفعه فوراً . ومع ذلك يجوز للمحكمة عند الضرورة ، إذا لم يمنعها نص فى القانون ، أن تنظر المدين إلى أجل مناسب إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا ضرر جسيم .
م 395 : 1 - إذا كان الدين مؤجلا ، فللمدين أن يدفعه قبل حلول الأجل إذا كان الأجل متمحضاً لمصلحته ، ويجبر الدائن على القبول . 2 - فإذا قضى المدين الدين قبل حلول الأجل ، ثم استحق المقبوض ، عاد الدين كما كان .
( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المدنى المصرى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 300 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : م 303 لا يجوز إجبار الدائن على قبول الإيفاء قبل الأجل إلا إذا كان موضوعاً لمصلحة المديون وحده – وإذا لم يكن هناك أجل معين أو مستفاد ضمناً من ماهية القضية ، فيمكن تنفيذ الموجب وطلب هذا التنفيذ بلا تأخير – ويجب التنفيذ فى يوم الاستحقاق مع مراعاة أحكام المادة 105 ( المادة 105 : إذا كان الاستحقاق واقعاً فى يوم عطلة قانونية ، أرجئ إلى اليوم التالى الذى لا عطلة فيه ) .
م 115 : للقاضى أن ينظر بعين الاعتبار إلى حالة المديون إذا كان حسن النية ، فيمنحه مع الاحتياط الشديد مهلا معتدلة لإيفاء الموجب ، ويأمر بتوقيت المداعاة مع إبقاء كل شىء على حاله ، ما لم يكن ثمة نص قانونى مخالف .
م 116 : خلافا للأجل القانونى لا يحول الأجل الممنوح دون إجراء المقاصة عند الاقتضاء . ( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصرى ) .
( [1341] ) والمفروض فيه أن لمصلحة الدين ، فيجوز له النزول عنه والوفاء بالالتزام فوراً ، إلا إذا تبين من الظروف أنه لمصلحة الطرفين معاً ، ففى هذه الحالة لا يجوز للمدين أن يوفى التزام ولا للدائن أن يطلب استيفاءه إلا عند حلول الأجل ( استئناف مختلط 14 أبريل سنة 1949 م 61 ص 95 ) . وقد تقدم بيان ذلك عند الكلام فى الأجل .
( [1342] ) مراجع : لاباتى ( Labatut ) فى نظرة الميسرة رسالة من تولوز سنة 1927 – جودان دى لاجرانج ( gaudin de Lagrange ) فى أزمة العقد ومهمة القاضى رسالة من مونبلييه سنة 1935 – ميلوياك ( Miloac ) رسالة من باريس سنة 1936 – دفو ( Deveau ) فى نظرة الميسرة فى التقنين المدنى وفى التشريع المعاصر رسالة من باريس سنة 1937 – بانزييه ( Pansier ) فى نظرة الميسرة رسالة من مونبلييه سنة 1937 – سارا كاريه ( Sarah Carre ) رسالة من باريس سنة 1938 – رولان تكسييه ( Roland Texier ) فى نظرة الميسرة رسالة من باريس سنة 1938 – لورين ( Laurain ) فى نظرة الميسرة وتدبير الديون رسالة من بوردو سنة 1940 .
( [1343] ) أنظر فى تاريخ نظرة الميسرة فى القانون الفرنسى القديم وكيف انتقلت إلى التقنين المدنى الفرنسى بودرى وبارد 2 فقرة 1482 – فقرة 1484 .
( [1344] ) ويقول بودرى وبارد إن العناصر الرئيسية التى يقدر القاضى بمقتضاها حالة المدين ، ليتعرف هل تستدعى هذه الحالة نظرة الميسرة ، حى حسن نية المدين ، ورغبته فى الوفاء بدينه ، وأن الضيق الذى أحاط به أمر مؤقت ، وأن موارده كافية فى النهاية للوفاء بدينه ، وأنه يتخذ من التدابير ما ييسر له هذا الوفاء ، وأنه وفى فعلا ما أمكنه الوفاء به من الدين ، وأن الوفاء فوراً بكل الدين يلحق به ضرراً جسيما ، وأنه قدم للدائن الضمان الكافى للحصول على حقه ، ثم ما عسى أن يوجد بين المدين والدائن من وشائج القرابة أو الصهر أو المودة ، وما عسى أن يكون للمدين عند الدائن ما أياد سابقة ( بودرى وبارد 2 فقرة 1491 ص 588 – ص 589 ) .
( [1345] ) استئناف وطنى 11 أبريل سنة 1923 المحاماة 4 رقم 23 ص 30 – بودرى وبارد 2 فقرة 1491 ص 589 .
( [1346] ) وقد عدل هذا النص بقانون 25 مارس 1936 ، ثم بقانون 20 أغسطس سنة 1936 . وهذا القانون الأخير هو الذى جعل الأجل الممنوح للمدين لا يجوز أن يزيد على سنة واحد ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1018 ص 358 – ص 359 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1522 – فقرة 1523 ) .
( [1347] ) ولا يحول دون منح المدين نظرة الميسرة أن يكون الدين قد صدر به حكم مشمول بالنفاذ المعجل ، ويسرى هذا النفاذ العاجل بعد انقضاء الأجل الممنوح من القاضى ( استئناف أسيوط 17 أبريل سنة 1929 المحاماة 9 رقم 318 ص 523 ) .
( [1348] ) نقض مدنى 23 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 وقم 94 ص 373 – 25 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 134 ص 534 – وما دام الأمر متوركاً لتقدير القاضى ، فليس من الضرورى أن يسبب حكمه برفض منح المدين نظرة الميسرة ، بل ليس من الضرورى أن يرفض صراحة الطلب الذى يتقدم به المدين فى هذا الشأن ، فما دام لم يجبه إليه فإن ذلك يكون بمثابة رفض لهذا الطلب ( بودرى وبارد 2 فقرة 1491 مكررة أولا ص 591 ) .
وغنى عن البيان أن القاضى لا يستطيع أن يمنح المدين نظرة الميسرة إلا إذا توافرت الشروط الأربعة السابق ذكرها ، فإن لم تتوافر ومنح القاضى المدين نظرة الميسرة بالرغم من عدم توافرها ، فإن الحكم يكون قد ارتكب خطأ فى تطبيق القانون ويتعين نقضه .
( [1349] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1486 .
( [1350] ) أنظر فى مناقشة هذه المسألة بودرى وبارد 2 فقرة 1489 – فقرة 1490 .
( [1351] ) أوبرى ورو 4 فقرة 319 ص 258 – بودرى وبارد 2 فقرة 1488 – وفى فرنسا جعل قانون 25 مارس سنة 1936 الاختصاص لقاضى الأمور المستعجلة فى منح نظرة الميسرة ، ومن ثم يجوز للمدين ، بعد صدور حكم عليه بوفاء الدين ، أن يلجأ إلى قاضى الأمور المستعجلة يطلب منحه نظرة الميسرة ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1019 ص 360 – ص 361 – بلانيول ورويبر وبولانجيه 2 فقرة 1525 ) .
( [1352] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1484 – فقرة 1485 .
( [1353] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1492 .
( [1354] ) ويلاحظ إنه إذا كان الدين واجب التنفيذ فى موطن المدين ، فإن يصبح بعد نظرة الميسرة واجب التنفيذ فى موطن الدائن . ذلك أن المدين مدعو إلى تنفيذ التزامه فى اى وقت خلال الأجل الممنوح له من القاضى ، وليس الأجل إلا حدا أقصى لموعد التنفيذ ، فيجب عليه إذن أن يسعى بالتنفيذ إلى موطن الدائن ، لا أن ينتظر حتى يأتى الدائن إلى موطنه ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1021 ص 364 ) .
( [1355] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1492 .
( [1356] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1498 .
( [1357] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1494 .
( [1358] ) بلانيول رويبير وردوان 7 فقرة 1021 .
( م 50 – الوسيط ) .
( [1359] ) أنظر فى عدم جواز إعذار المدين لأن الإعذار يسوئ مركزه إذ يحمله تبعة الهلاك ويجعله مسئولا عن التعويض : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1021 .
( [1360] ) فيقول بعض الفقهاء بعدم جواز حجز ما للمدين لدى الغير ، لأن هذا الحجز ليس حجزا تحفظياً فحسب بل هو أيضاً فى نهايته حجز تنفيذى ، ولأن الحجز يعطل ما للمدين لدى الغير وقد يكون فى حاجة إليه لتدبير موقفه من حيث الوفاء بالتزامه ( لوران 17 فقرة 584 – بودرىوبارد 2 فقرة 1495 ) . ويذهب فقهاء آخرون إلى جواز الحجز ( تولييه 6 فقرة 673 بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1021 ) . وعلى كل حال لا يفك الحجز التحفظى الذى يكون موقعاً قبل منح المدين نظرة الميسرة ، فلا يفك حجز تحفظى موقع تحت يد ناظر وقف على حصة المستحق وهو المدين ( استئناف وطنى 28 أبريل سنة 1903 الحقوق 20 ص 231 ) .
( [1361] ) وهذا على خلاف القاعدة التى تقضى بأن ما يفيد أحد المدينين المتضامنين يفيد الباقى ، ذلك لأن نظرة الميسرة إنما تمنح للمدين نظراً لظروفه الشخصية ، فلا يتعدى أثرها إلى غيره من المدينين ممن ليست لهم هذه الظروف .
( [1362] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1496 .
( [1363] ) أنظر فى الأسباب المتعددة التى يسقط بها الأجل فى نظرة الميسرة فى القانون الفرنسى : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1022 .
( [1364] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1493 – ويخلص من ذلك إنه حيث يثبت أن المدين الذى منح نظرة الميسرة قد أصبح قادراً على الوفاء بالدين ، حتى قبل انقضاء الأجل الذى منحه القاضى إياه ، إنه يجوز للدائن أن يطالبه بالدين .
( [1365] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 484 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعى تحت رقم 359 من المشروع النهائى ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 347 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 288 - 229 ) .
( [1366] ) التقنين المدنى السابق م 169 / 232 : محل الوفاء هو المكان الموجود فيه عين الشىء المقتضى تسليمه إذا لم يشترط المتعاقدان غير ذلك .
م 170 / 233 : إذا كان المتعهد به عبارة عن نقود أو أشياء معين نوعها ، فيعتبر الوفاء مشترطا حصوله فى محل المتعهد .
( [1367] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 345 ( مطابقة للمادة 347 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 334 ( مطابقة للمادة 347 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 396 : 1 - إذا كان الشىء الملتزم بتسليمه مما له حمل ومؤونة ، كالمكيلات والموزونات والعروض ونحوها ، وكان العقد مطلقاً لم يعين فيه مكان التسليم ، يسلم الشىء فى المكان الذى كان موجوداً فيه وقت العقد . 2 - وفى الالتزامات الأخرى يكون الوفاء فى موطن المدين وقت وجوب الوفاء ، أو فى المكان الذى يوجد فيه محل أعماله إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال ، ما لم يتفق على غير ذلك .
م 397 : إذا أرسل المدين الدين مع رسوله إلى الدائن ، فهلك فى يد الرسول قبل وصوله ، هلك من مال المدين ، وإن أمر الدائن المدين بأن يدفع الدين إلى رسول الدائن ، فدفعه إليه وهلك فى يده ، فهلاكه من مال الدائن ويبرأ المدين من الدين .
( والمادة 396 تتفق أحكامها مع أحكام التقنين المصرى . أما أحكام المادة 397 فتتفق مع القواعد العامة ، ويمكن تطبيقها فى مصر دون نص : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 298 – فقرة 299 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : م 203 : يجب إيفاء الدين بالمكان المعين فى العقد . وغذا لم يوضع شرط صريح أو ضمنى فى هذا الشأن ، وجب الإيفاء فى محل إقامة المديون . أما إذا كان موضوع الموجب عينا معينة ، فيجب التنفيذ حيث كان الشىء عند إنشاء العقد . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى ) .
( [1368] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 229 .
( [1369] ) أنظر دى باج 3 فقرة 372 ص 455 .
( [1370] ) نقض مدنى 9 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 31 ص 244 .
( [1371] ) ديمولومب 27 فقرة 273 – بودرى وبارد 2 فقرة 1505 أنسيلكوبيدى داللوز 3 لفظ ( Paiement ) فقرة 137 – أنظر عكس ذلك دى باج 3 فقرة 473 – وقارن بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1578 .
وقد ينسخ هذا الاتفاق أن يرسل الدائن محصلا لاستيفاء الدين فى موطن المدين ، فيكون هذا الموطن هو مكان الوفاء ( استئناف مصر 31 يناير سنة 1946 المجموعة الرسمية 47 رقم 223 ) .
( [1372] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 229 .
( [1373] ) ويرجع الدائن على المدين فى هذه الحالة بنفقات نقل الشىء من مكان وجوده وقت الوفاء إلى مكان وجوده وقت نشوء الالتزام ( ديمولومب 27 فقرة 273 – بودرى وبارد 2 فقرة 1506 ) .
( [1374] ) ديمولومب 27 فقرة 278 – لوران 17 فقرة 590 – هيك 8 فقرة 42 – بودرى وبارد 2 فقرة 1504 ص 602 .
( [1375] ) استئناف مختلط 2 ديسمبر سنة 1915 م 28 ص 43 .
( [1376] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 229 .
( [1377] ) على أن المدين يسعى بالدين إلى موطن الدائن فى حالة العرض الحقيقى والإيداع ، وقد سبق بيان ذلك .
( [1378] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1508 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1186 وكما يستطيع المدين أن يتمسك بأن يكون مكان الوفاء هو موطنه أو مركز أعماله وقت الوفاء كذلك يستطيع الدائن أن يجبر المدين على قبول الوفاء فى هذا المكان دون أى مكان آخر ( بودرى وبارد 2 فقرة 1509 ) .
( [1379] ) ديمولومب 27 فقرة 271 – هيك 8 فقرة 42 - بودرى وبارد 2 فقرة 1510 .
( [1380] ) وقد جرت العادة أن يكون الوفاء بالقسط الأول فى موطن الشركة ، وكذلك يكون مكان الوفاء هو موطن الشركة فى جميع الأقساط التى حلت وأعذر فى شأنها المؤمن له ( بلانيول وريبير وبسون 11 فقرة 1308 ص 690 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1187 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1580 .
( [1381] ) وكذلك إذا دفع المستأجر أقساط الأجرة من وقت إلى آخر فى موطن المؤجر لم يعد هذا حتما نزولا منه عن أن الوفاء بالأجرة يكون فى موطنه هو لا فى موطن المؤجر ( استئناف مختلط 5 يناير سنة 1905 م 17 ص 60 ) .
( [1382] ) ولا يجوز ، طبقاً للقانون الصادر فى فرنسا فى 13 يوليه سنة 1930 ( م 16 ) ، أن يكون هذا الشرط ضمن الشروط المطبوعة ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 524 – بلانيول وريبير وبسون 11 فقرة 1308 ص 690 ) .
( [1383] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1511 – وتفسير نية الشركة فى أنها أدخلت تعديلا ضمننيا فى مكان الوفاء ، فجعلته موطن المؤمن له لا موطنها هى ، مسألة واقع يبت فيها قاضى الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض ( بودرى وبارد 2 فقرة 1511 ص 607 هامش رقم 1 ) .
( [1384] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 229 .
( [1385] ) مراجع : سيجوني ( Segogne ) في الوفاء بمقابل في القانون الروماني والقانون الفرنسي رسالة من باريس سنة 1880 - جمبو ( Guimbaud ) النظرية العامة في الوفاء بمقابل في القانون الروماني والقانون الفرنسي رسالة من يواتييه سنة 1889 .
( [1386] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 487 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 362 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 350 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 235 - 236 ) .
( [1387] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " أغفل التقنين القائم ( السابق ) الاعتياض – الوفاء بمقابل - في نصوصه فوكل أمره بذلك إلي القواعد العامة . بيد أن المشروع آثر أن يختصه ببعض النصوص إزاء ما هو ملحوظ من ازدواج أثره ، وتراكب طبيعته في فقه القانون " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 234 ) . وانظر أيضا الموجز للمؤلف فقرة 543 .
( [1388] ) التقنيات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 348 ( مطابقة للمادة 350 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 337 ( مطابقة للمادة 350 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 339 ( مطابقة للمادة 350 من التقنين المدني المصري - وانظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 325 - فقرة 326 ) .
تقنين الموجبات والعقود واللبنانى م 318 : يسقط الدين إذا قبل الدائن ، عوضا عن التنفيذ ، أداء شيء غير الذي كان يجب له - وإذا بدأ شك ولم يعترض الدائن أو لم بيد تحفظا عند الايفا بأداء العوض ، فالدائن يعد ، إلي أن يقوم برهان علي العكس ، قابلا لذلك الايفاء ومبرئا لذمة المدين . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصري ) .
( [1389] ) ولا نري ما يمنع من أن يتفق الدائن مع غير المدين علي أن يستوفي الدين منه بمقابل فينقل الغير الي الدائن ملكية شيء مملوك للأول وفاء للدين . ثم يرجع الغير علي المدين ، إذا لم يكن هناك اتفاق بينهما ، بدعوي الفضالة أو بدعوي الإثراء بلا سبب ، بحسب الأحوال . وفي حالة الرجوع بدعوي الإثراء بلا سبب يطالب الغير المدين بأقل القيمتين ، مقدار الدين وقيمة الشيء الذ أعطاه للدائن مقابلا للوفاء .
( [1390] ) انظر جوسران 2 فقرة 926 - الموجز المؤلف فقرة 543 - وقد يعطي المدين للدائن ، مقالا للوفاء ، دينا له في ذمة الغير . ولكن هذا يتم عادة لا عن طريق الوفاء بمقابل ، بل عن طريق حوالة هذا الحق ( cession de creanse ) للدائن ، أو إنابة الغير في الوفاء للدائن ( delegation ) : أنظر في هذا المعني بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2018 – وقارن جوسران 2 فقرة 926 ص 492 .
( [1391] ) وقد يعطي المدين الدائن شيئا غير محل الدين ، ولكن لا للوفاء بالدين بل كضمان له ، كما إذا اتفق الطرفان علي مد أجل الدين في مقابل أن يعطي المدين للدائن رهنا . وفي هذه الحالة لا ينقضي الدين بداهة ، بل يبقي قائما ، ويكون الشيء الذي أعطاه المدين للدائن ليس مقابلا للوفاء بل هو رهن في يد الدائن لضمان الدين . ويرجع فيما إذا كان الشيء الذي أعطاه المدين للدائن مقابلا للوفاء أو رهنا لنية الطرفين ( دي باج 3 فقرة 506 ص 484 ) . فلا يكون هناك وفاء بمقابل إلا إذا اتفق الطرفان في وضوح علي نقل ملكية الشيء إلي الدائن . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا سلم المستأجر محصولات الأرض إلي المؤجر وفاء بالأجرة بعد عمل الحساب ، فلا يعني ذلك إنه نقل ملكية المحصولات إلي المؤجر ، وفاء بالأجرة بعد عمل الحساب ، فلا يعني ذلك أنه نقل ملكية المحصولات إلي المؤجر ، بل أودعها عنده ضمانا للأجرة ، ووكله في بيعها ليستوفي الأجرة ، منها فلا يجوز للمؤجر التمسك ببطلان حجز وقعه أحد دائني المستأجر علي هذه المحصولات بدعوي أن ملكيتها انتقلت إليه ( استئناف مختلط 6 يناير سنة 1915 ص 107 ) .
( [1392] ) دي باج 3 فقرة 506 ص 486 .
( [1393] ) بودري وبارد 2 فقرة 1684 – دي باج 3 فقرة 506 ص 485 .
( [1394] ) الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص58 .
( [1395] ) وإذا قبل الدائن استيفاء الدين بشيك أو بكمبيالة أو بأية ورقة مماثلة ، لم تبرأ ذمة المدين من الدين إلا إذا قبض الدائن فعلا قيمة الشيك أو الكمبيالة أو الورقة المالية . وعندئذ ينقضي الدين ، لا بالوفاء بمقابل ، بل بالوفاء عينا كما سبق القول ( دي باج 3 فقرة 506 ص 485 - ص486 ) .
( [1396] ) وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 318 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني علي هذا الحكم صراحة ، فقضت بأنه " إذا بد شك ما ، ولم يعترض الدائن أو لم يبد تحفظا عند الايفاء بأداء العوض ، فالدائن يعد ، إلي أن يقوم برهان علي العكس ، قابلا لذلك الايفاء ومعترفا بكونه مبرئا لذمة المديون " . انظر أيضا المادة 364 / 2 من التقنين المدني الألماني .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " أما فيما يتعلق بالإثبات ، فيفرض في الدائن . إذ قبل الوفاء بغير ما هو مستحق له دون تحفظ ، أنه قد ارتضي أن يقوم ذلك مقام الوفاء من المدين ، إلا أن يقوم دليل يسقط هذه القرينة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 237 ) .
( [1397] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص237 .
( [1398] ) ويترتب علي ذلك أن الوفاء بمقابل لا يمكن أن يتم عن طريق الوصية ، بأن يوصي المدين لدائنه بمال للوفاء بالدين . وذلك لأن الوصية يجوز الرجوع فيها دائما ، ولا تنتقل ملكية الموصي به في حياة الموصي ( نقض مدني أول أبريل سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 38 ص 95 ) . كذلك لا يتم الوفاء بمقابل إذا احتفظ المدين لنفسه بحق استرداد العقار الذي سلمه وفاء لدينه ( استئناف مختلط 6 ديسمبر سنة 1928 م 41 ص 79 ) .
( [1399] ) الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 59 .
( [1400] ) كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 988 ص 649 - جوسران 2 فقرة 926 ص 492 .
( [1401] ) انظر في بسط هذا الرأي بودري وبارد 2 فقرة 1686 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1249 ص 659 .
( [1402] ) دوما في القوانين المدنية القسم الأول الكتاب الثالث الباب الأول الفرع السابع فقرة 6 بوتييه في الالتزامات فقرة 406 - وانظر في فقهاء القانون الفرنسي الحديث : سيجوني Segogne في الوفاء بمقابل في القانون الرزماني والقانون الفرنسي رسالة من باريس سنة 1880 ص 82 – ص 100 – جمبو Guimbaud في الوفاء بمقابل في القانون الروماني والقانون الفرنسي رسالة من بواتتيه سنة 1889 ص 185 – ص206 - وقارب بلانيول وويبير وبولانجيه 2 فقرة ويقرب من هذا التكييف ما يذهب إليه الأستاذ عبد الحي حجازي ( جزء 3 ص 62 ) أن الوفاء بمقابل عقد عيني تنتقل به ملكية شيء من ذمة المدين إلي ذمة الدائن ويترتب عليه الوفاء بالتزاما سابق .
ويتحمس في الدفاع عن هذا التكييف من الفقهاء المعاصرين دي باج : انظر الجزء الثالث فقرة 511 .
( [1403] ) ويذهب سيجوني Segogne ، في الرسالة التي أسلفنا الإشارة إليها ، إلي ان بوتتيه قرر هذا الحكم في خصوص الكفيل وحده ، دون سائر التأمينات ، لاعتبارات خاصة بالكفيل . فإن الدائن ، بعد أن استوفي دينه بمقابل للوفاء ، وبعد أن برئت ذمة الكفيل ، لا يفكر في الرجوع علي الكفيل ، إذا استحق المقابل في يده ، إلا إذا كان المدين معسرا . فيضار الكفيلي بهذا الإعسار ، ويكون من حقه أن يدفع رجوع الدائن عليه ، ما دام الدائن هو الذي قبل أن يستوفي دينه بمقابل وترك المدين حتي أعسر ، ففوت علي الكفيل الفرصة في أن يرجع علي المدين إذا وفي عنه الدين ( بوتتيه في الالتزامات فقرة 407 ) وقد نقل التقنين المدني الفرنسي هذا الحكم عن بوتتيه ، وقصره علي الكفيل ( سيجوني ص 88 – ص 90 ) .
ويرد بودري وبارد علي هذه الحجة بأن التقنين المدني الفرنسي في المادة2038 جعل براءة الكفيل ، حتي لو استحق المقابل في يد الدائن ، حكما عاما ، ولم يقصره علي حالة ما إذا كان المدين معسراً ، وهذا يدل علي أن الوفاء بمقابل من شأنه تجديد الدين الأصلي ، فينقضي هذا الدين بالتجديد وتنقضي معه تأميناه والكفالة من بينها . ويظهر ذلك في وضوح تام عند الرجوع إلي الأعمال التحضيرية للتقنين المدني الفرنسي ، فقد وردت فيها عبارات صريحة كل الصراحة في هذا المعني ( انظر بودري وبارد 2 فقرة 1685 ص 791 - ص 792 - وانظر في الرد علي بودري وبارد : دي باج 3 فقرة 511 ص 491 ) .
( [1404] ) انظر عكس ذلك في عهد التقنين المدني السابق : استئناف مختلط 25 نوفمبر سنة 1919 م 32 ص 27 .
( [1405] ) انظر في هذا المعني أوبري ورو 4 فقرة 318 هامش رقم 1 وفقرة 324 هامش رقم 48 لوران 18 فقرة 323 و31 فقرة 363 - ديمولومب 27 فقرة 230 و28 فقرة 288 وما بعدها - بودري وبارد 2 فقرة 1685 ص 788 - ص 789 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1249 ص 659 وفقرة 1250 ص 659 - ص 660 - بيدان لاجارد 8 فقرة 494 - جوسران 2 فقرة 928 ص 493 .
وانظر في هذا المعني أيضا الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 281 .
وانظر انتقاداً لا يخلو من المبالغة لهذا التكييف في دي باج 3 فقرة 510 - فقرة 511 .
( [1406] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " ويراعي أن الوفاء بالدين القديم لا يتم بمقتضي الإدلاء بالعوض ، وإنما ينشا التزام جديد يحل محل هذا الدين ، وهذا الالتزام هو الذي ينقضي الإدلاء بالعوض ، وإنما ينشأ التزام جديد يحل محل هذا الدين ، وهذا الالتزام هو الذي ينقضي بالوفاء فور الوقت عن طريق انتقال حق الملك في ذلك العوض . فالاعتياض والحالة هذه ليس إلا تجديداً يتبع بالوفاء بالالتزام الجديد علي الفور " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 237 ) .
( [1407] ) فالوفاء بمقابل هو إذن تصرف قانوني مركب ( acte juridique complexe ) من تجديد ونقل ملكية ووفاء . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعني : " بيد أن المشروع آثر أن يختصه ( الوفاء بمقابل ) ببعض النصوص إزاء ما هو ملحوظ من ازدواج أثره وتراكب طبيعته في فقه القانون : فيراعي من ناحية أن الإدلاء بعوض ينقل ملكية ما يؤدي في مقابل الوفاء ، وفي هذه الحدود تطبق أحكام البيع . ويراعي من ناحية أخري أنه يهييء للمدين طريقا لإبراء ذمته من الدين ، وفي هذا النطاق تطبق قواعد الوفاء . وقد يقال أخيراً إن الاعتياض ينتهي أمره إلي تجديد يعقبه الوفاء مباشرة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص234 ) .
( [1408] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 488 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فما عدا العبارة الآتية التي وردت في المشروع التمهيدي : " يسري علي الوفاء بمقابل ، من حيث انه ينقل ملكية الشيء الذي أعطي في مقابلة الدين . . " ، وفيما عدا عبارة " احتساب الخصم " في المشروع التمهيدي . وفي لجنة المراجعة عدلت عبارة : " من حيث أنه ينقل ملكية الشيء الخ " بعبارة " فيما إذا كان ينقل ملكية شيء " .وكانت عبارة المشروع التمهيدي أدق في المعني من عبارة لجنة المراجعة ، لأن العبارة الأخيرة توهم أن الوفاء بمقابل قد لا ينقل الملكية في بعض صورة ، وقد رأينا انه ينقل الملكية في جميع الصور ( قارن مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 238 ) وأصبح رقم المادة 363 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب علي النص . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدلت عبارة " احتساب الخصم بعبارة " تعيين جهة الدفع " . ووافق مجلس الشيوخ علي المادة كما عدلتها لجنته تحت رقم 351 ( مجموعة الأعمال التضحيرية 3 ص 236 و ص 238 - ص 239 ) .
( [1409] ) الموجز للمؤلف فقرة 543 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 793 - فقرة 794 .
( [1410] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 349 ( مطابقة للمادة 351 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 338 ( مطابقة للمادة 351 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 400 ( مطابقة للمادة 351 من التقنين المدني المصري - وانظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 327– فقرة 328 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 319 : إن قواعد البيع تطبق مبدئيا علي الإيفاء بأداء العوض ، ولاسيما القواعد المختصة بالضمان وبأهلية المتعاقدين – علي أن قواعد الإيفاء تطبق بالقياس وبقدر المستطاع ، ولا سميا فيما يختص بتعيين جهة الإيفاء . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصري ، وإذا كان نص التقنين اللبناني لم يذكر انقضاء التأمينات صراحة ، إلا أن هذا الانقضاء يستخلص بداهة من قواعد الوفاء الواجبة التطبيق ) .
( [1411] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 237 .
( [1412] ) جوسران 2 فقرة 929 .
( [1413] ) وقد يقال إنه مما يتفق نية الطرفين ، في حالة ما إذا لم تخلص ملكية المقابل للدائن ، أن يفسخ الوفاء بمقابل في مجموعة ، بما ينطوي عليه من تجديد ووفاء ونقل ملكية ، ويعود الدين الأصلي إلي ذمة المدين . وقد جاء في هذا المعني في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " ولا يكون للدائن في هذه الحالة إلا حق الرجوع بدعوي الضمان ، ما لم يطلب الحكم بفسخ الاعتياض ذاته : قارن المادة 998 من التقنين البرازيلي ، وهي تقضي بأن الدين القديم يعود الي الوجود ويزول أثر المخالصة به متي استحق العرض " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 237 - 238 ) انظر أيضا المادة 1197 / 2 من التقنين المدني الإيطالي الجديد - والأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 64 - ص 65 .
ولكن القول برجوع الدين الأصلي ، عن طريق فسخ الوفاء بمقابل في مجموعة ، يقتضي أن يرجع مع الدين الأصلي تأميناته التي كانت تكلفه ، وهذا يتعارض مع نص القانون الصريح من أن التأمينات تنقضي . ومن ثم لا يكون للدائن ، في حالة استحقاق المقابل ، إلا الرجوع بضمان الاستحقاق علي الوجه الذي سنبسطه ، ولا يجوز له فسخ التجديد . فيبقي الدين الجديد قائما ، ولا يعود الدين الأصلي ولا تعود تأميناته ( انظر في هذا المعني أوبري ورو 4 فقرة 324 ص 334 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1254 - كولان وكابيتان ودي لا مورانديير 2 فقرة 988 ) .
( [1414] ) انظر المادة 443 من التقنين المدني في ضمان الاستحقاق .
( [1415] ) كولان وكابيتان ودي لامورانديير 2 فقرة 988 ص 649 – أنسيلكوبيدي داللوز 2 لفظ dation en paiement فقرة 17 .
( [1416] ) كولان وكابيتان ودي لامورانديير 2 فقرة 937 – أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ dation en paiement فقرة 16 .
( [1417] ) كولان وكابيتان ودي لامورانديير 2 فقرة 937 – أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ dation en paiement فقرة 15 - قارن بودري وبارد 2 فقرة 1687 مكررة أولا - فقرة 1688 . وانظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1253 وفقرة 1255 .
( [1418] ) وكذلك تدفع رسوم انتقال الملكية في الوفاء بمقابل بنفس المقدار الذي تدفع به في البيع ( استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1891 م 3 ص 317 - وانظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1253 ) .
( [1419] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 237 – ص 238 .
( [1420] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1252 – جوسران 2 فقرة 929 .
( [1421] ) أنسيكولوبيدي داللوز 2 لفظ dation en paiement فقرة 18 - ويمكن القول أيضا إن الذي أعطي المقابل ، وقد تبين أنه غير مدين ، يكون بمثابة البائع الذي لم يستوف الثمن من المشتري ، فيفسخ البيع ويسترد المبيع . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعني بأنه إذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن الدائن ومدينه اتفقا علي أن يبيع المدين إلي الدائن قدراً من أطيانه مقابل مبلغ ما كان باقيا عليه من دين سبق أن حوله الدائن إلي أجنبي ، وتعهد الدائن بإحضار مخالصة من ذلك الأجنبي عند التصديق علي عقد البيه ، وحرر بين الطرفين في تاريخ هذا الاتفاق عقد بيع عن الأطيان الواردة به ، ثم تم التوقيع علي عقد البيع النهائي ، ولم يحضر الدائن المخالصة من الأجنبي ، بل إن هذا الأخير استمر في إجراءات التنفيذ بالنسبة إلي باقي الدين فنزع ملكية المدين من أطيان أخري حتي بيعت بالمزاد ، فرأت المحكمة من هذا انه مع قيام الأجنبي بالتنفيذ علي هذه الأطيان الأخري للحصول علي باقي الدين تكون الأطيان المبيعة للدائن تحت يده من غير مقابل ، وعلي هذا قضت بفسخ العقد ، فإنها تكون قد أصابت ، لأنه بالقياس علي البيع يكون للمدين - الذي هو في مركز البائع - الحق في فسخ العقد إذا حال الدائن الذي أخذ الأطيان وفاء لدينه دون حصول المقاصة عن هذا الدين بمتابعة التنفيذ وفاء لدينه ، إذ يكون الدائن والحالة هذه كأنه مشتر لم يدفع الثمن ( نقض مدني 18 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 139 ص 385 ) .
( [1422] ) وذلك كله قياسا علي المادة 242 / 2 مدني ، وقد وردت في خصوص الطعن بالدعوي البولصية في الوفاء ، فيمكن قياس الوفاء بمقابل علي الوفاء . انظر : استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1912 م24 ص 287 - 30 مايو سنة 1914 م 26 ص 402 - 15 يونية سنة 1916 م 28 ص 433 – وانظر الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 66 .
( [1423] ) مراجع : بول جيد ( Paul Gide ) دراسة في التجديد وحوالة الحق في القانون الروماني سنة 1879 – بيتي ( Petit ) نظرات ( reflexions ) في الحوالة : المجلة الانتقادية سنة 1930 ص 95 – هيبير ( Hubert ) بحث في النظرية القانونية للإنابة رسالة من بواتييه سنة 1899 - نجر ( Negre ) شروط الانعقاد والصحة في التجديد رسالة من أكس سنة 1920 - تالير ( Thaller ) الصبغة القانونية لسند الائتمان : حوليات القانون التجاري سنة 1906 وسنة 1907 - كابيتان ( Capitant ) في السبب .
( [1424] ) لم تكن حوالة الحق ولا حوالة الدين معروفة في القانون الروماني علي ما قدمنا ، فكان التجديد يقوم مقام الحوالة . علي أن التجديد في القانون الروماني كان يختلف في جوهره عن التجديد في القوانين الحديثة . فهو لم يكن يغير من محل الدين ، بل كان يغير شكله ، فيفرغه غالبا في عقد لفظي ( stipulation ) وأحيانا في عقد كتابي ( litteris ) ، فيكسبه جدة ويزيد في قوته . وقد يكون التجديد بتغيير الدائن أو بتغيير المدين ليقوم مقام حوالة الحق أو حوالة الدين ، بل قد يكون بتغيير عنصر غير جوهري في الالتزام كإضافة أجل أو توثيق الدين بضمان مما لا يعتبر تجديداً في القوانين الحديثة . فالتجديد في القانون الروماني كان أقرب إلي المساس بصورة الالتزام وشكله منه إلي تغيير موضوعه وطبيعته . أما التجديد في القوانين الحديثة فيجري علي أساس النية لا الشكل ، ويغير في الالتزام الأصلي تغييراً جوهريا إلي حد استبدال التزام جديد به . ومن ثم كان التجديد في القانون الروماني مسألة شكلية تتصل بصورة الالتزام ، والتجديد في القوانين الحديثة مسألة موضوعية تتصل بحرية التعاقد وسلطان الإرادة ( أنظر في هذا المعني بودري وبارد 2 فقرة 1689 وفقرة 1711 – بلانيول بوريبير وردوان 7 فقرة 1256 ) .
( [1425] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " يختلف مذهب التقنينات الاتينية عن مذهب التقنينيات الجرمانية فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بالتجديد فقد جرت الأولي علي إفراد مكان لهذه الأحكام في النصوص ، متأثرة بما كان لها من منزلة في القانون الروماني ، وقد كان هذا القانون يجهل حوالة الحق وحوالة الدين علي حد سواء ، فألجيء بذلك إلي الاستعاضة بالتجديد عن هذا وتلك . أما الثانية فتهمل التجديد علي نقيض ذلك ، وتستعيض عنه بحوالة الحق وحوالة الدين ، وهما بطبعهما أدني إلي التمشي مع التصوير المادي للالتزام . علي أن الفوارق بين هذين المذهبين أقرب إلي المساس بالعرض منها إلي المساس بالجوهر ، فالتقنينات اللاتينية تقر صراحة حوالة الحق ، ولا تمانع علي وجه الإطلاق في حوالة الدين . والتقنينات الجرمانية ( وردت خطأ : اللاتينية ) لا تضيق بالتجديد حيث تتضح جدواه كما هو الشأن في التجديد بتغيير الدين بوجه خاص . ولم ير المشروع أن يشذ عن التقليد اللاتيني ، ولا سيما أن الإنابة مع أهميتها تقترن بالتجديد باعتبارها مجرد وصف من أوصافه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص240 ) .
ولم يغفل التقنين المدني الجديد شأن التجديد ، لا تصاله بالإنابة من ناحية ، ولأن التجديد بتغيير الدين لا تزال له أهمية كبيرة في العمل من ناحية أخري ( انظر في هذا المعني بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1256 ص 664 ) . فعرض لأحكام التجديد ، وتولاها بشيء من الضبط والتجديد . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وقد عرض المشروع لبعض الأحكام الخاصة بالتجديد ذاته بشيء من الضبط والتحديد ، لاسيما ما تعلق منها بتجديد الالتزام الباطل أو القابل للبطلان ، وبالتطبيقات العملية لفكرة عدم افتراض التجديد ، وبانتقال التأمينات إلي الالتزام الجديد " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 240 ) وجاء في موضع آخر : " يعتبر التجديد طريقا من طرق انقضاء الالتزام ومصدراً من مصادر إنشائه في آن وحدا . وليس شك في أن الحوالة والإنابة والحلول تحقق الغرض المقصود من هذا النظام ، وتفضله من وجوه . وهذا هو ما حدا بالتقنينات الجرمانية إلي أغفاله : انظر مع ذلك المواد 1375 - 1377 من التقنين النمساوي . بيد أن للتجديد مزايا ما تزال باقية تتجلي قيمتها عند ما يراد استبدال محل الالتزام أو مصدره : انظر المادة 263 من التقنين البولوني " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 243 ) .
ويعرض التقنين المدني الإيطالي الجديد في تفصيل لتنظيم التجديد بتغيير الدين وهو التجديد الموضوعي ، ولا يشتمل إلا علي نص واحد في التجديد بتغيير المدين وهو التجديد الشخصي ، ويسكت عن التجديد بتغيير الدائن ( الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 70 - ص71 ) .
( [1426] ) أسيوط 27 أكتوبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 219 ص 404 - 31 أكتوبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 562 ص 1128 .
( [1427] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 490 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية طفيفة ، أزيلت في لجنة المراجعة فأصبح التطابق تاما ، ووافقت اللجنة علي المادة تحت رقم 365 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 353 ( مجموع الأعمال التحضيرية 3 ص 244 - 246 ) .
( [1428] ) الموجز للمؤلف فقرة 574 - فقرة 575 .
( [1429] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 351 ( مطابقة للمادة 353 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 340 ( مطابقة للمادة 353 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي : لا مقابل للنص ، والسبب هو اختلاف نظرية البطلان في التقنين العراقي عنها في التقنين المصري ، ومع ذلك فالأحكام واحدة رغم هذا الاختلاف ( انظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 333 - فقرة 334 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 322 : لا يتم التجديد إلا إذا كان الموجبان القديم والحديث موجودين حقيقة وليس بهما سبب للإبطال المطلق - أما مجرد قابلية الإبطال لهذا الدين أو لذاك فلا يحوال دون التجديد ، بل تبقي مفاعليه موجودة مادام الإبطال لم يحكم به . وإن الدين القابل للإبطال يجوز استبداله بموجب صحيح إذا كان صاحب دعوي الإبطال عالما بالحالة ، فيعد حينئذ عادلا عن حق إقامتها - والموجب الطبيعي يجوز استبداله بواسطة التجديد بموجب مدني . ( وتتفق هذه الأحكام مع أحكام التقنين المصري ، إلا في تجديد الالتزام الطبيعي ، ففي التقنين المصري لا يكون هذا تجديداً وإنما هو إنشاء لالتزام مدني سببه الالتزام الطبيعي ، وقد سبق ذكر ذلك في الجزء الثاني من الوسيط عند الكلام في الالتزام الطبيعي ) .
( [1430] ) بودري وبارد 3 فقرة 1690 .
( [1431] ) استئناف مختلط 15 نوفمبر سنة 1934 م 47 ص 28 - وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " يشترط لصحة التجديد إلا يكون أحد الالتزامين ، القديم أو الجديد ، مطلق البطلان . فإذا كان الالتزام القديم باطلا ، استتبع ذلك بطلان الالتزام الجديد لتخلف سببه . وإذا كان الالتزام الجديد باطلا ، بقي الالتزام القديم قائما لامتناع أثر التجديد " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 245 ) .
( [1432] ) وقد لا يكون الالتزام القديم قابلا للإبطال ، ولكنه يكون خاضعا لحكم خاص تقرر قبل التجديد أو بعده ، فلا يقول التجديد عن حجب هذا الحكم ، بل ينتقل أثر الحكم إلي الالتزام الجديد . من ذلك ما قضت به محكمة الاستئناف المختلطة من أنه إذا داخل الالتزام القديم ربا فاخش ، فان التجديد الالتزام لا يمنع من المطالبة بتخفيض الفوائد إلي الحد المسموح به قانونا ( استئناف مختلط 4 مارس سنة 1896 م 8 ص 147 - 25 نوفمبر سنة 1896 م 9 ص 37 - 11 يناير سنة 1898 م 10 ص 89 - 5 مايو سنة 1898 م 10 ص 264 - 21 فبراير سنة 1912 م 24 ص 143 ) ومن ذلك أيضا ما قضت به محكمة أسيوط من أنه إذا استبدل دين بدين ، ثم صدر بعد الاستبدال قانون يعطي للمدين الحق في خصم جزء من الدين الأول ، جاز للمدين أن يتمسك بهذا القانون ، إذ هو لم يدخل في تقديره وقت الاستبدال ، ولم يحصل تقصير منه في عدم التمسك به ( أسيوط أول مارس سنة 1932 المحاماة 13 رقم 216 ص 430 ) .
( [1433] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 245 .
( [1434] ) وهذا كله لو اشترك العاقد الذي له حق إبطال العقد في التجديد . أما إذا لم يشترك فيه ، وتقدم مدين جديد يتعاقد مع الدائن ليحل محل المدين الأصلي الذي له حق إبطال العقد ، فإن هذا المدين الأصلي يبقي علي حقه في طلب إبطال العقد ، حتي لو كان المدين الجديد عالما بسبب الإبطال . فيسقط التجديد أو يصح ، تبعا لما إذا أبطل المدين الأصلي العقد أو أجازه ( بودري وبارد 3 فقرة 1692 ) .
( [1435] ) طنطا 8 يناير سنة 1930 المجوعة الرسمية 31 رقم 116 ص 300 .
( [1436] ) أوبري ورو 4 فقرة 324 ص 321 - ص 322 - ومع ذلك قد تنصرف نيه الطرفين إلي بقاء التجديد حتي لوزال الالتزام القديم بحكم الشرط ، كما إذا جدد الطرفان التزاما معلقا علي شرط قيمته مائة فأحلا محله التزاما قيمته خمسون ، فيصبح التجديد باتا تحقق الشرط أو تخلف ( استئناف مختلط 7 مايو سنة 1930 م 42 ص 479 - وانظر : بودري وبارد 3 فقرة 1693 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1258 ) .
( [1437] ) انظر المادة 202 مدني – وانظر عكس ذلك المادة 322 / 3 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني .
وإذا انقضت مدة التقادم في الالتزام معين ، فقبل التمسك بالتقادم يبقي الالتزام قائما ، ويجوز تجديده ، ويعتبر التجديد نزولا عن حق التمسك بالتقادم . أما بعد التمسك بالتقادم ، فإن الالتزام يسقط ، ويتخلف عنه التزام طبيعي ، لا يكون قابلا للتجديد ، ولكن يجوز اتخاذه سببا لإنشاء التزام مدني ( دي باج 3 فقرة 570 ) .
( [1438] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وإن كان الالتزام الجديد هو القابل للبطلان ، يظل التجديد قائما حتي يقضي ببطلان هذا الالتزام : انظر المادة 322 من التقنين اللبناني " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 245 ) .
( [1439] ) وقد يقبل الدائن الالتزام الجديد القابل للإبطال علي علاته ، معتمدا علي أن صاحب الحق في الإيطال سيجيز عقد التجديد ولا يبطله ، فيرضي بانقضاء الالتزام القديم علي وجه بات حتي لو أبطل عقد التجديد . ففي هذه الحالة ، إذا أبطل عقد التجديد علي خلاف ما أمله الدائن ، فإن الالتزام القديم لا يعود بالرغم من سقوط التجديد ، ويكون الدائن عندما قبل التجديد علي هذا النحو قد أبرم في الواقع من الأمر عقداً احتماليا ( ديمولومب 28 فقرة 521 - لوران 18 فقرة 253 – بودري وبارد 3 فقرة 1696 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1259 ) .
( [1440] ) بودري وبارد 3 فقرة 1695 .
( [1441] ) أوبري ورو 4 فقرة 324 ص 322 - وهذا كله ما لم يقصد الطرفان أن يبقي الالتزام الجديد قائما حتي لو زال الالتزام القديم بتحقق الشرط الفاسخ أو بعدم تحقق الشرط الواقف ، فإن زال الالتزام القديم علي هذا النحو بقي الالتزام الجديد قائما وفقا لإرادة الطرفين ، ولكن لا يكون هذا تجديدا ( بودري وبارد 3 فقرة 1695 - بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1259 ) .
( [1442] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 489 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 364 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 352 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 242 - ص 244 ) .
( [1443] ) التقنين المدني السابق م 187 / 251 : يحصل الاستبدال بأحد الأمور الآتية : أولا– إذا اتفق الدائن والمدين علي استبدال الدين الأصلي بدين جديد أو علي تغيير سبب الدين الأصلي بسبب آخر . ثانيا – إذا اتفق الدائن مع شخص علي انتقال الدين لذمته وبراءة ذمة المدين الأصلي بدون احتياج لرضاه بذلك ، أو استحصل المدين علي رضاء دائنه باستيفاء دينه من شخص آخر ملتزم بأدائه بدلا عن المدين . ثالثا - إذا اتفق الدائن مع مدينه علي دفع الدين لشخص آخر وارتضي الشخص المذكور ذلك .
( ولا فرق في هذا ما بين التقنينين القديم والجديد : انظر الموجز للمؤلف فقرة 575 ) .
( [1444] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 350 ( مطابقة للمادة 352 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 339 ( مطابقة للمادة 352 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م401 : يجوز تجديد الالتزام باتفاق الطرفين ، علي أن يستبدلا بالالتزام الأصلي التزاما جديداً يختلف عنه في محله أو في مصدره .
م 402 : يجوز تجديد الالتزام أيضا بتغيير الدائن إذا اتفق الدائن والمدين وأجنبي علي أن يكون هذا الأجنبي هو الدائن الجديد ، أو بتغيير المدين إذا اتفق الدائن مع أجنبي علي أن يكون هذا الأجنبي مدينا مكان المدين الأصلي وعلي أن تبرأ ذمة المدين الأصلي دون حاجة لرضائه ، أو إذا قبل شخص أجنبي أن يكون المدين الجديد وحصل المدين الأصلي علي إجازة الدائن لذلك . ( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصري : انظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 335 ) .
( [1445] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن استبدال الالتزام عقد يتفق فيه الطرفان علي أن يقضيا علي التزام سابق وعلي أن يحلا محله التزاما آخر يختلف عن الأول بأحد عناصره الهامة : العاقدين أو الموضوع أو السبب القانوني . ومن المتفق عليه علما وقضاء أن التعديلات التي تطرأ علي قيمة الالتزام ، أو أجله ، أو طريقة الدفع ، أو التأمينات ، أو شكل العقد بأن كان العقد رسميا فأصبح عرفيا أو العكس ، لا تكفي لإحداث الاستبدال القانوني ( استئناف مصر 5 مايو سنة 1930 المجموعة الرسمية 32 رقم 10 ص 17 ) ، إلا إذا وجد من الظروف ما يدل علي أن نية الطرفين قد اتجهت إلي تجديد الدين ( استئناف مصر 23 أكتوبر سنة 1945 المجموعة الرسمية 46 رقم 139 ) .
( [1446] ) استئناف مختلط 15 ديسمبر سنة 1938 م 51 ص 63 : مجرد تعيين طريق الوفاء ( mode de reglement ( مع التصريح بأن ليس هناك تجديد لا يعتبر تجديداً .
( [1447] ) استئناف مختلط 6 يونية سنة 1889 م 1 ص 238 – 15 فبراير سنة 1894 م 6 ص 169 - 5 مايو سنة 1898 م 10 ص264 .
( [1448] ) بودري وبارد 3 فقرة 1703 : إبدال ورقة تجارية ( كمبيالة مثلا ) بورقة أخري لمد الأجل لا يعد تجديداً .
( [1449] ) انظر المادة 354 / 2 مدني وسيأتي ذكرها فيما يلي فقرة 497 - وانظر بيدان ولاجارد 9 فقرة 998 ص 85 .
( [1450] ) قارن الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 273 .
( [1451] ) بودري وبارد 3 فقرة 1702 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1264 - ولا يعد تجديداً الصلح مع المفلس ، أو تغيير العملة التي يكون بها الوفاء ، أو تعيين وكيل لقبض الدين ( بودري وبارد 3 فقرة 1704 – فقرة 1709 - أوبري ورو 4 فقرة 324 ص 328 - ص 329 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1264 - بيدان ولاجارد 9 فقرة 998 ص 85 ) . أما تعديل الالتزام البسيط إلي التزام تخييري ، أو بالعكس تعديل الالتزام التخييري إلي التزام بسيط ، فيعد تجديداً ، لأن التعديل تناول ذاتية محل الالتزام . بخلاف ما إذا عدل الالتزام البسيط ، إلي التزام بدلي ، أو عدل الالتزام البدلي إلي التزام بسيط ، فإن هذا ليس بتجديد ، لأن التعديل لم يتناول إلا طريقة من طرق تنفيذ الالتزام ( انظر في هذا المعني بودري وبارد 3 فقرة 1702 ) . كذلك صدور حكم بالدين لا يعد تجديداً لهذا الدين ، بل يبقي الدين المحكوم به كما هو بمقوماته وضماناته ، وكل ما تغير فيه أنه صار مقترنا بسند تنفيذي هو الحكم . أما في القانون الروماني فقد كانت الصناعة فيه تقتضي أن يكون الحكم تجديداً للدين ( انظر في هذا المعني بيدان ولاجارد 9 فقرة 998 ص 84 – ص 85 ) .
( [1452] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص243 – ولا يوجد ما يمنع من أن يتم التجديد بتعديل أكثر من عنصر واحد من هذه العناصر الثلاثة ، أو بتعديلها جميعا ( بودري وبارد 3 فقرة 1697 ) . وقد رأينا أن حوالة الدين المقيدة في بعض مذاهب الفقه الإسلامي هي تجديد بتغيير المدين وتجديد بتغيير الدائن في وقت واحد ( انظر آنفا فقرة 240 ) .
( [1453] ) استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1900 م 12 ص 204 .
( [1454] ) وقد رأينا أنه إذا نفذ الالتزام الجديد فوراً كان هذا وفاه بمقابل لا تجديداً ، وأن الذي يميز بين الوفاء بمقابل والتجديد هو التنفيذ الفوري أو المتراخي للالتزام الجديد . فإن كان التنفيذ فوريا انقضي الالتزام الأصلي عن طريق الوفاء بمقابل ( أي بتجديد ثم وفاء ) ، وأن تراخي التنفيذ انقضي الالتزام الأصلي عن طريق التجديد .
( [1455] ) بودري وبارد 3 فقرة 1701 .
( [1456] ) استئناف مختلط 17 يونية سنة 1924 م 36 ص 442 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1263 .
( [1457] ) وقد يكتب المستأجر بالأجرة المتأخرة سنداً إذنيا أو سندا عاديا ، يقسط فيه الأجرة بعد أن يحط جزءاً منها ويشترط براءة ذمته من الأجرة ، فيكون هذا تجديداً بتغيير مصدر الدين : استئناف مختلط 5 مايو سنة 1904 م 16 ص 241 - وانظر أيضا : استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1900 م 12 ص 204 .
( [1458] ) فيجب إذن اتفاق الأطراف الثلاثة علي أن يحل الدائن الجديد محل الدائن القديم في دين جديد . فلا يكون هناك تجديد إذا انضم الدائن الجديد إلي القديم في نفس الدين ، بل يكون هناك اتفاق علي تضامن ما بين الدائنين . ولا يكون هناك تجديد إذا لم يتفق علي أن يكون الشخص الجديد دائنا ، بل وكيلا عن الدائن في قبض الدين ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1261 ) .
( [1459] ) انظر فقرة 502 فيما يلي .
( [1460] ) وتغير المدين علي الدائن اشد خطرا من تغير الدائن علي المدين ، لأن قيمة الدين تتأثر بشخص المدين أكثر من تأثرها بشخص الدائن . ولذلك وجب رضاء الدائن في نفاذ حوالة الدين ، لأن المدين قد تغير وإن كان الدائن لم يتغير . ولم يجب رضاء المدين في حوالة الحق ، لأن المدين لم يتغير وإن تغير الدائن . وقد سبقت الإشارة إلي ذلك .
( [1461] ) أما إذا انضم المدين الجديد إلي المدين القديم بصفته كفيلا له أو مدينا متضامنا معه ، دون أن ينقضي الالتزام الأصلي ، فإن هذا لا يعد تعهدا بدلا من المدين ، بل يكون تعهدا عن المدين في حالة الكفالة أو تعهدا مع المدين في حالة التضامن . وكان الرومان يميزون بين الحالتين ، فيدعون التعهد بدلا من المدين expromissio ، ويدعون التعهد عن المدين أو معه adpromissio .
ولا يجوز تحليل بدلا من المدين expromissio علي أنه اشتراط المصلحة الغير ، اشترك فيه المدين الجديد علي الدائن إبراء ذمة المدين الأصلي في مقابل إنشاء التزام جديد في ذمة المدين الجديد للدائن . إذ لو كان هذا التحليل صحيحا لترتب عليه أن المدين الأصلي ، وهو المنتفع في هذا الاشتراط ، يكون له الحق في إقرار الاشتراط أو عدم إقراره فيتوقف التجديد علي رضائه ، مع أن التجديد بالطريقة التي نحن في صددها لا يحتاج أصلا كما قدمنا لرضاء المدين الأصلي لا لوجود التجديد ولا لإقراره بعد وجوده ( انظر بودري وبارد 3 فقرة 1717 ) .
( [1462] ) ولابد أن يرضي الدائن بتجديد الدين وبإبراء ذمة المدين القديم ، فإن لم يبرء ذمته واستبقاه مدينا كان هذا إنابة قاصرة كما قدمنا ( استئناف مختلط 16 مايو سنة 1889 م 1 ص 187 - 3 يونية سنة 1891 م3 ص379 - 15 نوفمبر سنة 1900 م13 ص 19 - 3 ابريل سنة 1902 م14 ص218 - 20 نوفمبر سنة 1907 م20 ص9 - 13 مايو سنة 1908 م20 ص214 - 27 يناير سنة 1910 م22 ص114 - 8 يونيه سنة 1910 م22 ص365 - 30 نوفمبر سنة 1911 م24 ص25 - 26 يونيه سنة 1912 م24 ص418 - 17 أبريل سنة 1913 م25 ص320 - 22يناير سنة 1914 م26 ص167 - 23 ديسمبر سنة 1915 م28 ص72 - 28 مارس سنة 1917 م29 ص328 - 15 يناير سنة 1918 م 30 ص152 - 10 مايو سنة 1927 م 39 ص 452 - 2 يناير سنة 1930 م 42 ص 140 - 6 مايو سنة 1930 م 42 ص 474 - 20 يناير سنة 1931 م 43 ص 162 - 22 يناير سنة 1931 م 43 ص 169 - أول مارس سنة 1932 م 44 ص 205 – 20 ديسمبر سنة 1934 م 47 ص 71 - 25 يونية سنة 1935 م 47 ص 391 ) .
( [1463] ) ويجب أن ينصب رضاء المدين الأصلي علي قضاء الدين القديم وإنشاء دين جديد ، فإن انصب علي انتقال نفس الدين من ذمته إلي ذمة المدين الجديد كان هذا حوالة دين لا تجديدا وأن انصب علي بقاء الدين في ذمته مع انتقاله إلي دائن جديد ، لم يكن هذا أيضا تجديدا ، بل هو حوالة حق . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن رضاء المدين بحوالة الحق التي أجراها دائنه لا يترتب عليه تجديد الدين ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1981 م 3 ص 333 - 11 فباير سنة 1897 م 9 ص 154 ) .
( [1464] ) تاريخ النصوص :
م 354 : ورد هذا النص في المادة 491 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عيه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 366 في المشروع النهائي ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 354 ( مجموع الأعمال التحضيرية 3 ص 247 - ص 249 ) .
( [1465] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري : م 352 - 353 ( مطابقتان للمادتين 354 - 355 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي : م341 - 342 ( مطابقتان للمادتين 354 - 355 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي : لا مقابل . ولكن يمكن العمل بأحكام التقنين المدني المصري لاتفاقها مع القواعد العامة : انظر في هذا المعني الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام المدني العراقي فقرة 336 - فقرة 337 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : م 320 : التجديد هو استبدال الموجب الأول بموجب جديد . وتجديد الموجب لا يقدر وجوده ، بل يجب أن يستفاد من العقد صراحة .
م 321 : يجب أن يكون الدائن أهلا للتصرف في حقه ، والمديون أهلا للالتزام .
م 324 : لا يستنتج التجديد من تغيير صفة الموجب أو تغيير محل الإيفاء ولا من وضع سند قابل للقطع ولا من انضمام أشخاص آخرين إلي الموجب عليهم .
( وأحكام التقنينيين اللبناني والمصري متفقة ) .
( [1466] ) انظر آنفا فقرة 484 .
( [1467] ) استئناف مختلط 27 يناير سنة 1925 م 37 ص 182 - ويثبت التجديد وفقا للقواعد العامة ، فإذا زاد الدين الجديد علي عشرة جنيهات وجب الإثبات بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو بالقرائن ( استئناف مختلط 22 يناير سنة 1914 م 26 ص 168 ) وانظر في أن البينة لا تجوز فيما يخالف المكتوب : استئناف مختلط 27 مايو سنة 1909 م 21 ص 364
( [1468] ) انظر المادة 321 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفا فقرة 494 في الهامش ) - ديمولومب 28 فقرة 263 – لوران 18 فقرة 255 - 256 - بودري وبارد بودري وبارد 3 فقرة 1727 .
وقد قدمنا في التضامن أنه إذا جدد أحد الدائنين المتضامنين الدين ، إما بتغيير محل الدين أو مصدره أو بتغيير المدين أو بتغيير الدائن نفسه ، فإن هذا التجديد يقضي حصة الدائن في الدين بالنسبة إلي سائر الدائنين . ولأي دائن آخر أن يرجع علي المدين بالدين منقوصا منه حصة الداين الذي صدر منه التجديد ، فلا تبرأ ذمة المدين إذن نحو سائر الدائنين إلا بمقدار حصة هذا المدين .
فإذا رجع دائن آخر علي المدين بالدين علي الوجه المذكور ، كان للمدين الرجوع علي الدائن الذي صدر منه التجديد بما دفعه إليه زائدا عي حصته ( انظر آنفا فقرة 138 ) .
( [1469] ) انظر المادة 321 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفا فقرة 494 في الهامش ) - وانظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1266 - الأستاذ إسماعيل غانم ف أحكام الالتزام فقرة 373 ص 355 .
( [1470] ) نقض مدني 19 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 102 ص 673 - استئناف مصر 5 مايو سنة 1930 المجموعة الرسمية 32 رقم 10 ص 17 - استئناف مختلط 6 يونية سنة 1889 م 1 ص 238 - 4 فبراير سنة 1890 م 2 ص 372 - 29 مايو سنة 1890 م 2 ص 300 - 4 فبراير سنة 1891 م 3 ص 172 - 15 فبراير سنة 1891 م 3 ص 307 - 30 ديسمبر سنة 1891 م 4 ص 76 - 17 أبريل سنة 900 م 12 ص 204 – 3 أبريل سنة 1902 م 14 ص 218 - 14 مارس سنة 1906 م 18 ص 147– 18 مايو سنة 1909 م 21 ص 356 – 23 ديسمبر سنة 1911 م 24 ص 15 - 19 أبريل سنة 1916 م 28 ص 259 .
ويجب أن تكون نية التجديد من الوضوح بحيث تتعارض الظروف مع احتمال بقاء الالتزام القديم ( بودري وبارد 3 فقرة 1731 ) . فظهور مدين جديد أو دائن جديد لا تستفاد منه ضرورة نية التجديد ، إذ قد يكون هذا المدين الجديد قد انضم إلي المدين الأصلي مدينا متضامنا أو كفيلا ، أو يكون هذا الدائن الجديد قد انضم إلي الدائن الأصلي دائنا متضامنا أو غير متضامن ( بودري وبارد 3 فقرة 1731 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1265 ) . وانظر أيضا المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 250 . وإذا كان واحد من المدينين المتضامنين بالذات هو الذي يتعامل دائما مع الدائن ويراجع الحساب ويدفع الفوائد والأقساط ، فليس في هذا دليل علي التجديد إذ هو بصفته مدينا متضامنا مسئول عن كل ذلك ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1265 ) .
( [1471] ) انظر آنفا فقرة490 وفقرة 494 .
( [1472] ) استئناف مصر 18 فبراير سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 247 - استئناف مختلط 23 مارس سنة 1910 م 22 ص 206 - 20 أبرسل سنة 1911 م 23 ص 273 - 26 أبريل سنة 1911 م 23 ص 282 - 31 يناير سنة 1912 م 24 ص 188 – 28 يناير سنة 1914 م 26 ص 186 - 12 فبراير سنة 1914 م 26 ص 235 - 23 ديسمبر سنة 1915 م 28 ص73 - 13 أبريل سنة 1916 م 28 ص 254 – 15 يونية سنة 1916 م 28 ص 433 - 20 يونية سنة 1922 م 34 ص 489 - 27 مايو سنة 1936 م 48 ص 288 . وإدراج دائن في قائمة التوزيع وتسلمه أمر الصرف لا يعتبر تجديدا ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1265 ص 671 هامش رقم 1 ) .
( [1473] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 248 وقد جاء في آخرها : " وتتضح أهمية نفي التجديد في هذه التطبيقات جميعا من الناحية العملية في الإبقاء علي الدين بجميع ما يحلق به من التأمينات " .
( [1474] ) وقد قضت محكمة أسيوط بأن مجرد تغيير طريقة الدفع ، أو تحرير سند رسمي بدل آخر عرفي ، أو تأجيل الوفاء أو تقسيطه ، أو ما شابته ذلك ، لا يعتبر تجديداً للتعهد ، ويعتبر تجديداً تغيير التعهد سبب الالتزام ، كما إذا كتب بمتأخر الأجرة سند تحت الإذن وذكر فيه أنه قرض ( أسيوط 27 أكتوبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 219 ص 404 ) انظر أيضا بوردي وبارد 3 فقرة 1707 .
( [1475] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه لا يعتبر استبدالا للدين اتفاق الدائن مع المدين علي تقسيط الدين وتحرير سندات بأقساطه ، فلا يترتب علي ذلك براءة ذمة الكفيل من الدين ( 14 مارسة سنة 1928 المحاماة 8 رقم 538 ص 895 ) وقضت أيضا بأن التوقيع علي كمبيالات جديدة بدلا من كمبيالات سابقة فقدت أو أعدمت استبدالا للدين ينبني عليه زوال التأمينات ، وإنما يعد ذلك إقراراً بدين سابق ( 9 نوفمبر سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 40 ص 64 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن مجرد تغيير سند الدين بكمبيالة أو بسند أذني لا يعتبر تجديداً ، ويجوز للدائن أن يطالب المدين إما بموجب السند الأصلي فيرد السند الجديد ، أو بموجب السند الجديد فيلغي السند الأصلي ، وهذا كله ما لم تظهر نية التجديد بوضوح ( استئناف مختلط 26 مايو سنة 1931 م 43 ص 405 - 27 أبريل سنة 1923 م 44 ص 294 - وانظر أيضا في هذا المعني : استئناف مختلط 6 يونية سنة 1889 م 1 ص 238 - 22 مارس سنة 1893 م 5 ص 182 - 15 أبريل سنة 1984 م 6 ص 169 - 25 أكتوبر سنة 1933 م 45 ص 2 – 7 مارس سنة 1934 م 46 ص 203 – 15 نوفمبر سنة 1934 م 47 ص 28 - 11 أبريل سنة 1935 م 47 ص 249 - 18 يونية سنة 1935 م 47 ص 378 ) .
ولا يعد تجديدا تغيير سند الدين بكمبيالة أو سند أذني حتي لو أعطي الدائن مخالصة بالدين ، إذ المفروض أنه جعل هذه المخالصة مشروطة بسداد الكمبيالة أو السند الأذني . ومن باب أولي لا يكون هناك تجديد إذا ذكر الدائن في الكمبيالة أو السند السبب الذي من أجله حرر السند الجديد : انظر في هذه المسألة ديمولومب 28 فقرة 297 لوران 18 فقرة 283 – هيك 8 فقرة 113 - بودري وبارد 3 فقرة 1732 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1264 ص 670 .
( [1476] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا ذكر في عقد بيع عقار أن باقي الثمن تحرر به سند تحت الإذن ، وذلك بالسند أن القيمة باقي ثمن عقار ، كان هذا دليلا علي أن العاقدين لم يقصدا استبدال الدين ، وعلي ذلك لا تسقط الضمانات المترتبة لصالح الدين ( 15 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 141 ص 187 ) . وقضت أيضا بأنه إذا استصدر البائع من المشتري أو من المشترين من المشتري سندات لأمره وإذنه ، ثم احتفظ بضمان المشتري منه ، دل هذا علي أن نية الاستبدال معدومة . ولو استصدر البائع السندات من المشتري من المشتري منه ولم يخل ذمة المشتري الأصلي من باقي الثمن ، فلا يكون هناك استبدال معلق علي شرط قيام المشترين الجدد بسداد الدين فإن لم يسددوه بقي الالتزام الأصلي عالقا بذمة المشتري الأول ( 27 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 284 ص 547 ) وقضت أيضا بأن مجرد تحرير سند مستقل بالثمن لا يفيد أن البائع قصد اعتبار أن الثمن قد دفع وأن التأمينات التي كانت تضمنه قد سقطت ، بل أن قصد المتعاقدين كان إيجاد أداة جديدة لدفع الثمن ، فبد أن كان ثابتا بالعقد أصبح ثابتا بالسند ( 16 فبراير سنة 1933 المحاماة 13 رقم 628 ص 1232 ) - انظر أيضا : استئناف وطني 23 فبراير سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 76 ص 158 - استئناف مختلط 23 نوفمبر سنة 1911 م 24 ص 15 - 26 مايو سنة 1931 م 43 ص 405 - 17 أبريل سنة 1940 م 52 ص 233 - وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا حرر الغير سندات بالثمن للبائع ، لم يكن هذا تجديداً بتغيير المدين ، بل إنابة في الوفاء إنابة قاصرة ، ويكون الغير مدينا للبائع بدين جديد إلي جانب الدين الذي في ذمة المشتري ( 5 نوفمبر سنة 1930 م 43 ص 13 ) .
( [1477] ) استئناف مختلط 8 مارس سنة 1916 م 28 ص 189 .
( [1478] ) استئناف مختلط 9 مايو سنة 1939 م 51 ص 311 .
( [1479] ) نقض مدني 19 مارس سنة 1953 المحاماة 35 رقم 16 ص 56 - وقضت محكمة مصر بأنه إذا حصلت محاسبة واتفاق بين المتعاقدين عن دين الإيجار ، وتعهد المستأجر بدفع الباقي لإن المؤجر على نفس ورقة المحاسبة ، فلا يعتبر هذا السند استبدلاً ، لأنه قد ذكر فيه بصريح العبارة أن سبب تحرير هذا السند هو دين الإيجار السابق ، وهذا يظهر بجلاء أن المتعاقدين احتفظًا بسبب الدين الأصلى ، أما التعهد بأن يدفع المستأجر الباقى لإذن المؤجر ، فهذا من قبيل التسهيل فى الوفاء ، بدليل أن كثيرًا من عقود الإيجار بغض فيها على قابليتها للتحويل ولا تفقد طبيعتها ( 8 مارس سنة 1932 المحاماة 13 رقم 218 ص 434 ) .
هذا والأصل فى الصلح ألا يكون تجديدًا للدين ، وقضت محكمة استئناف مصر بأن الصلح مقرر للحقوق لا منشئ لها ، فهو لا يغر من طبيعة الدين المصتالح عليه ، وتبقى جميع التأمينات التى كانت للحق الذى وقع عليه الصلح على حالتها للوفاء بالصلح ، فلا يعتبر الصلح استبدالاً للدين المتصلح عليه ، ولا عبرة كذلك بعدم ذكر قابلية الدين للتحويل فى محضر الصلح ، لأن العبرة فى ذلك بسند الدين الأصلى إلا إذا حصل العدول عنه صراحة ، ( 2 أبريل سنة 1930 المحاماة 10 رقم 355 ص 717 ) ، وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الصلح مع المفلس لا يجدد الدين ( 12 فبراير سنة 1925م 27 ص 231 ) ، إلا إذا ظهرت نية التجديد ، بوضوح ( 8 مايو سنة 1924 م 36 ص 352 ) ، وقضت أيضًا بأن الصلح على حكم بإدخال بعض تعديلات فيه والنزول عن جزء منه لا يعد تجديدًا ، فإذا لم ينفذ المدين الصلح كان للدائن أن ينفذ عليه الحكم ( 3 ديمسبر سنة 1937م 50 ص 79 ) .
وقد قدمنا أن الدفع بطريق الشيك لا يعتبر تجديدًا ، بل هو لا يعتبر وفاء إلا بعد قبض قيمة الشيك ( استناف مختلط 26 فبراير سنة 1941 م 53 ص 111 ـ وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 250 والمادة 265 من تقنين الالتزامات البولنى ـ وانظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1264 ص 670 ـ دى باج 3 فقرة 562 وفقرة 611 ) .
وقد تتضمن تصفية الحساب تجديدًا ، وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه عند تصفية الحساب قد يكون الرصيد تجديدًا للدين إذا ظهر ذلك بوضوح من نية الطرفين ، وتستظهر هذه النية إذا كان الحساب متعلقًا بعقد البيع ونزل البائع بعد تصفية الحساب عن امتيازه ( 30 يناير سنة 1913 م 2 ص 155 ) .
( [1480] ) بيدان ولاجارد 9 فقرة 998 - فلا يجوز الإثبات إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها فيما يزيد علي عشرة جنيهات ، وفيما لا يزيد علي عشرة جنيهات يجو الإثبات بالبينة أو بالقرائن وكون التجديد لا يفترض ليس معناه عدم جودا إثباته بالقرائن فيما لا يزيد علي عشرة جنيهات ، بل معناه إنه إذا قام شك لا يعتبر أن هناك تجديداً ( ديمولومب 28 فقرة 270 – لوران 18 فقرة 261 - بودري وبارد 3 فقرة 1733 ) .
( [1481] ) بودري وبارد 3 فقرة 1733 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1765 ص 672 .
( [1482] ) نقض مدني 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 3 رقم 36 ص 93 - بودري وبادر 3 فقرة 1734 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1765 ص 672 - ولكن إذا كانت عناصر التجديد موجودة وفقا لما ذهب اليه قاضي الموضوع في تفسير نيه الطرفين ، وجب تطبيق أحكام التجديد ، ولمحكمة النقض الرقابة علي قاضي الموضوع في ذلك ( بودري وبارد 3 فقرة 1734 ويشير الي حكم محكمة النقض الفرنسية في 13 يناير سنة 1903 داللوز 1903 - 1 - 122 ) .
( [1483] ) انظر في هذا المعني بودري وبارد 3 فقرة 1710 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1262 ص 668 وهامش رقم 5 والمراجع والأحكام المشار إليها - بيدان ولاجارد 9 فقرة 998 ص 85 – دي باج 3 فقرة 564 مكررة - وقارن ديموج في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1906 ص 316 .
( [1484] ) ولا يتقادم الرصيد إلا بخمس عشرة سنة ، حتي لو كانت الالتزامات تتقادم بأقل من هذه المدة ( استئناف مصر 30 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 104 - 15 يونية سنة 1926 المحاماة 7 رقم 85 ص 114 ) .
( [1485] ) وقد كانت محكمة الاستئناف المختلطة تقضي بهذا المعني في عهد التقنين المدني السابق بالرغم من أن هذا التقنين لم يكن يشتمل علي نص في ذلك : استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1895 م 7 ص 154 – 6 مارس سنة 1930 م 42 ص 335 .
( [1486] ) قارن استئناف مختلط 28 ديسمبر سنة 1904 م 17 ص 49 - وانظر في هذه المسألة الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 82 - ص84 : وهو يقول بأن الالتزام يفقد ذاتيته من وقت تقييده في الحساب الجاري ، ولكن يذهب إلي أن التقنين الجديد علي العكس من ذلك يجعله محتفظاً بذاتيته ، ويستدل بالنص الذي يقضي بأن مجرد تقييد الالتزام في حساب جار لا يكون تجديداً ، وغني عن البيان إنه لا يوجد أي تعارض بين عدم تجديد الالتزام بمجرد تقييده في الحساب الجاري وبين فناء ذاتيته باندماجه في هذا الحساب ، فقد قدمنا أن الالتزام بتقييده في الحساب الجاري ينقضي قبل أن يتجدد . والذي نص عليه التقنين الجديد هو أن الالتزام لا يتجدد بمجرد تقييده في الحساب الجاري ، وهذا صحيح ، ولكنه لا يمنع من فناء ذاتيته وانقضائه بهذا التقييد .
( [1487] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " ولا يتجدد الالتزام بمجرد رصد في الحساب الجاري ، ما دام هذا الحساب لم يقطع . فإن قطع هذا الحساب وتم إقراره ، استتبع ذلك التجديد . وقد نص ، استثناء من حكم القواعد العامة ، علي بقاء الرهن التأميني الذي ينشأ لضمان الوفاء بالالتزام ، رغم تجديده بسبب قطع رصيد الحساب الجاري . إلا أن هذا الاستثناء أقيم علي قرينة بسيطة ، يجوز إسقاط دلالتها بإثبات العكس : انظر المادة 117 من تقنين الالتزامات السويسري والمادة 492 من المشروع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 250 ) .
( [1488] ) تاريخ النص : ورد هذا فى المادة 493 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدى لم يكن يتضمن عبارة " إلا بنص فى القانون " . وفى لجنة المراجعة أضيفت هذه العبارة لتواجه انتقال التأمينات بنص القانون فى حالة قطع رصيد الحساب الجارى مثلا ، فإن المادة 355 تنقل التأمين الخاص الذى قد يكون الالتزام مكفولا به إلى هذا الرصيد . وأصبحت المادة رقمها 368 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 356 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 252 – ص 253 ) .
( [1489] ) التقنين المدنى السابق 186 / 249 : استبدال الدين يترتب عليه زواله وإيجاد دين غيره بدله ، ويكون الاستبدال بعقد .
م 188 / 252 : التأمينات التى كانت على الدين القديم لا تكون على الدين الجديد ، إلا إذا تبين من العقد أو من قرائن الأحوال قصد المتعاقدين انتقالها على الدين الجديد .
( ولا فرق بين التقنينيين السابق والجديد فى الحكم : الموجز للمؤلف فقرة 577 – فقرة 579 ) .
( [1490] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 354 ( مطابقة للمادة 356 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 343 ( مطابقة للمادة 356 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 403 : إذا جدد الالتزام ، سقط الالتزام الأصلى ، وحل محله التزام جديد .
م 404 : إذا كان الدين الأصلى مكفولا بتأمينات شخصية أو عينية ، وصار تجديده ، سقطت التأمينات ، إلا إذا جددت هى أيضاً .
( وحكم التقنين العراقى متفق مع حكم التقنين المصرى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 338 وفقرة 340 ) .
تقنين الموجبات و العقود اللبنانى م 325 / 1 : إن التجديد يسقط الموجب أصلا وفرعا تجاه الجميع . ( والحكم يتفق مع حكم التقنين المصرى ) .
( [1491] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1268 .
( [1492] ) استئناف وطنى 10 أغسطس سنة 1891 الحقوق 6 ص 245 .
( [1493] ) وسنبين فيما يلى كيف تنتقل التأمينات إلى الالتزام الجديد بالاتفاق . أما انتقالها بنص القانون فمثله ما ورد فى المادة 355 مدنى من أن الالتزام إذا قيد فى حساب جار فإنه لا يتجدد إلا إذا قطع رصيد الحساب ، فإذا كان مكفولا بتأمين خاص فإن هذا التأمين يبقى ما لم يتفق على غير ذلك . فهنا انتقل التأمين الخاص من الالتزام إلى رصيد الحساب بحكم القانون ( أنظر تاريخ نص المادة 356 آنفا فقرة 500 فى الهامش ) .
( [1494] ) وقد يكون المدين فى الالتزام الأصلى معذرا فيتحمل تبعة الهلاك ، ولا يكون معذراً فى الالتزام الجديد فلا يتحمل هذه التبعة ( بودرى وبارد 3 فقرة 1735 ) .
( [1495] ) أنظر آنفاً فقرة 492 – وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 258 – ص 259 .
( [1496] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 252 ص 253 .
( [1497] ) بيدان ولاجارد 9 فقرة 992 – جوسران 2 فقرة 903 – انسيكلو لبيدى واللوز 3 لفد Novation فقرة 31 .
( [1498] ) تاريخ النصوص :
م 357 : ورد هذا النص فى المادة 494 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا خلافا فى أحدى العبارات وفيما عدا أن المشروع التمهيدى كان يشترط ألا يكون الاتفاق على نقل التأمينات العينية نافذاً فى حق الغير إلا إذا كان بورقة رسمية . وفى لجنة المراجعة حذف هذا الشرط ، وأصبحت المادة رقمها 369 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليها مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة " فى الحدود التى لا تلحق ضرراً بالغير " بعبارة " ما لم يترتب على ذلك زيادة فى هذا الالتزام تلحق ضرراً بالغير " التى كانت واردة فى المشروع ، " لأنها فى عمومها أشمل من العبارة الأولى ، ولأنها تبرد المعنى المقصود " . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها لجنته تحت رقم 357 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 255 – ص 257 ) .
م 358 : ورد هذا النص فى المادة 495 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 370 ففى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 358 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 258 – ص 260 ) .
( [1499] ) التقنين المدنى السابق م 189 / 253 : ومع ذلك لا يجوز الاتفاق على خلاف ما هو آت : فى الحالة الأولى من الأحوال السالف ذكرها يجوز للمدين والدائن أن يتفقا على أن التأمينات العينية ، كالامتيازات ورهن العقار وحبس العين ، تكون تأمينا على الدين الجديد إذا لم تكن فيه زيادة تضر بحقوق الغير . وفى الحالة الثانية يجوز للدائن ولمن حل محل المدين الأصلى أن يتفقا على بقاء التأمينات العينية ولو بغير رضاء المدين الأصلى . وفى الحالة الثالثة يجوز للمتعاقدين الثلاثة أن يتفقوا على بقاء التأمينات العينية .
م 190 / 254 : لا يصح فى أى حال من الأحوال السالفة نقل التأمينات الشخصية ، كالكفالة والتضامن ، إلا برضاه الكفلاء والمتضامنين .
م 191 / 255 : الاتفاق على نقل التأمينات المذكورة بالمادة السابقة لا ينفذ على غير المتعاقدين إلا إذا كان حاصلا مع الاستبدال فى آن واحد بوثيقة رسمية .
( ويتفق التقنينان السابق والجديد إلا فى المسائل الآتية : ( 1 ) ذكر التقنين السابق التأمينات العينية كالامتيازات ورهن العقار وحبس العين ، بتعميم خصصه التقنين الجديد بالتأمينات التى قدمها المدين ، فلا تدخل حقوق الامتياز ولا حقوق الاختصاص ، وسنبسط ذلك فيما يلى . ( 2 ) اقتصر التقنين السابق فى التأمينات التى يقدمها الغير على التأمينات الشخصية ، أما التقنين الجديد فنص على التأمينات والعينية . ( 3 ) أوجب التقنين السابق فى المادة 191 / 255 أن يكون الاتفاق على نقل التأمينات المذكورة بالمادة السابقة –وهذا خطأ مادى والمقصود المادة قبل السابقة - بورقة رسمية حتى ينفذ فى حق الغير ، أما التقنين الجديد فقد حذف هذا الشرط بعد أن كان وارداً فى المشروع التمهيدى : أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 259 ، وأنظر الموجز للمؤلف فقرة 578 والأستاذ أحمد حشمت أبوستيت فقرة 804 . هذا والعبرة فى تطبيق التقنين الجديد فى شأن نقل التأمينات التى قدمها المدين دون غيرها وفى شأن أن يكون الاتفاق على هذا النقل يصح ولو فى ورقة غير رسمية بتاريخ الاتفاق على نقل التأمينات ، فإن كان هذا التاريخ سابقا على 15 أكتوبر سنة 1949 صح نقل كل التأمينات ولو لم يكن المدين هو الذى قدمها ووجب أن يكون الاتفاق فى ورقة رسمية وذلك تطبيقاً لأحكام التقنين السابق ، وإلا فتطبق أحكام التقنين الجديد .
( [1500] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 355 - 356 ( مطابقتان للمادتين 357 - 358 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 344 - 345 ( مطابقتان للمادتين 357 - 358 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : لا مقابل – ويبدو أن التأمينات فى التقنين العراقى لا تنتقل بمرتبتها الأصلية ، بل تجدد فتأخذ مرتبتها من وقت تجديدها : أنظر عكس ذلك الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فى فقرة 339 .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 325 / 2 و3 : ويمكن الكفلاء وسائر الموجب عليهم أن يدخلوا برضاهم تحت أحكام الموجب الجديد – ويجوز وضع نص صريح يشترط به إلحاق الرهون والحقوق الممتازة ورهون المنقولات بالدين الجديد على الشروط نفسها التى كانت ضامنة للموجب الساقط ، ولا يكون ذلك إلا إذا رضى بهذا الإلحاق صاحب الملك المترتب عليه حق الرهن أو الامتياز : ( ويختلف حكم التقنين اللبنانى عن حكم التقنين المصرى فى مسألتين : ( 1 ) تشمل التأمينات حقوق الامتياز فى التقنين اللبنانى بالنص الصريح ، أما فى التقنين المصرى فالتأمينات التى قدمها المدين لا تشمل حقوق الامتياز . ( 2 ) فى التجديد بتغيير المدين إذا كان هذا المدين قدم تأميناً على ملك له وأريد نقله إلى الالتزام الجديد وجب رضاؤه بذلك فى التقنين اللبنانى ، ولا يشترط هذا الرضاء فى التقنين المصرى ) .
( [1501] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1269 .
( [1502] ) وهذا ما يستبقى أهمية التمييز بين الحوالة والتجديد . ففى الحوالة تنتقل التأمينات بمجرد الحوالة دون حاجة إلى اتفاق خاص ، أما فى التجديد فقد رأينا أنها لا تنتقل بمجرد الاتفاق على التجديد بل لابد من اتفاق خاص .
( [1503] ) ومن ثم أن يكون الاتفاق على نقل التأمينات ، لنفاذه فى حق الغير ، ثابت التاريخ . إذ لو جاز أن يكون الاتفاق غير ثابت التاريخ ، لأمكن تقديم تاريخه حتى يكون معاصراً للتجديد ولول كان الاتفاق لاحقاً ، فتبقى التأمينات ضامنة للدين الجديد وكان ينبغى أن تنقضى ( الموجز للمؤلف فقرة 578 ص 602 – ص 603 – الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 87 – ص 88 – الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 275 ) .
( [1504] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 259 وقد كان المشروع التمهيدى يتضمن نوعاً ثالثاً من الحماية للغير ، إذ كان يشترط لنفاذ انتقال التأمينات العينية فى حق الغير أن يكون الاتفاق فى ورقة رسمية ، وقد حذف هذا الشرط فى لجنة المراجعة أنظر تاريخ نص المادة 357 مدنى آنفاً فقرة 503 فى الهامش ) .
( [1505] ) فإذا جدد البائع التزام المشترى نحوه يدفع الثمن إلى التزام جديد ناشئ من عقد قرض مثلا ، لم يجز الاتفاق على نقل امتياز البائع إلى هذا الالتزام الجديد .
( [1506] ) وهذا هو النص فى أصله الفرنسى : Art, 1278 : Les Privileges et hypotheques de l'ancienne creance ne passent point a celle qui lui est substituee, a moins que le creancier ne les ait exprssement reserves .
( [1507] ) أنظر بودرى وبارد 3 فقرة 1737 .
( [1508] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضرية 3 ص 259 .
( [1509] ) أنظر فى ذلك بودرى وبارد 3 فقرة 1738 ومن الفقهاء الذين يقولون بعدم ضرورة رضاء المدين تولييه 7 فقرة 312 وما بعدها – ديرانتون 12 فقرة 311 - كولميه دى سانتير 5 فقرة 226 مكررة –لا رومبيير 5 م 1279 فقرة 2 – ديمولومب 27 فقرة 356 – فقرة 357 . ومن الفقهاء الذين يقولون بضرورة رضاء المدين ماركاديه 4 م 1279 فقرة 3 – لوران 18 فقرة 332 – بودرى وبارد 3 فقرة 1738 – جوسران 3 فقرة 914 .
( [1510] ) مصر استئنافى 18 يوليه سنة 1905 الاستقلال 4 ص 475 .
( [1511] ) أنظر آنفاً فقرة 190 .
( [1512] ) أنظر آنفاً فقرة 190 .
( [1513] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " أما التأمينات التى تقدم من الغير –كالكفالة العينية أو الشخصية أو التضامن - فلا تنتقل إلا برضاء هذا الغير كفيلا كان أو مدينا متضامنا . . ويجوز أن يصدر هذا الرضاء بعد انقضاء التجديد ، فى غير إخلال بحقوق الغير " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 259 ) .
( [1514] ) بلانيول وريبر وردوان 7 فقرة 1271 – دى باج 3 فقرة 603 .
وقد أرجع تالير ( Thaller ) أحكام الأوراق التجارية ( effets de commerce ) وهى ما تسمى الآن بسندات الائتمان الصرفية ( titres de credit ) – وهى الكمبيالات ( letters de change ) والسندات الإذنية ( billets a ordre ) والشيكات ( cheques ) – إلى قواعد الإنابة فى الوفاء ( حوليات القانون التجارى سنة 1906 وسنة 1907 – القانون التجارى الطبعة السابعة فقرة 1639 ) . وكذلك أرجعت إلى قواعد الإنابة فى الوفاء أحكام أوراق الاعتماد ( letters credit ) والتحويل من حساب جار إلى حساب آخر ( virement bancaire ) . على أن الفقه المعاصر تحول عن هذا الاتجاه . فالشيك ليس إلا أمراً يصدره الساحب ( tireur ) إلى المصرف المسحوب عليه ( tire ) بدفع قيمة الشيك لحامله ( beneficiaire direct ou endossataire ) ، والمصرف ليس إلا وكيل الساحب ينفذ ما وكله فيه ، وهذا هو أيضا الحكم فى التحويل من حساب جار إلى حساب جار آخر ( أنظر فى هذا المعنى دى باج 3 فقرة 611 وفقرة 611 مكررة ) . وتخضع الكمبيالات والسندات الإذنية لأحكام خاصة بها أنشأتها وطورتها المعاملات التجارية ، ولا تتسع لها قواعد الإنابة فى الوفاء التى ترجع فى أصلها إلى القانون الرومانى ( أنظر فى هذا المعنى بيدان ولاجارد 9 فقرة 5 – فقرة 6 ) . وأنظر فى نظام قريب الإنابة ، كان معروفاً فى القانون الفرنسى القديم تحت اسم ( rescription ) ، وكان يتسع لتأصيل الأوراق التجارية ونحوها لو أن الفقه الفرنسى الحديث احتفظ به كما احتفظ به الفقه فى ألمانيا وفى سويسرا إلى كابيتان فى السبب فقرة 177 .
( [1515] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " أما الإنابة فلم يعرض لها التقنين القائم ( السابق ) إلا بمجرد إشارة عابرة فى بعض الأحكام الخاصة بالتجديد بتغيير المدين ، دون أن يعنى بذكر اسمها . ولكن المشروع أفرد لها نصوصاً خاصة استظهر فيها سمتها الذاتية من حيث التجديد ، وعرض صورتيها ، فتناول الإنابة الكاملة وهى فى حقيقتها ليست سوى تجديد بتغيير المدين ، والإنابة القاصرة وهو لا تستتبع التجديد وهى بذلك أعظم أهمية من الناحية العملية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 240 ) .
( [1516] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 496 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 371 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 359 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 261 ) .
( [1517] ) الموجز للمؤلف فقرة 580 وما بعدها – الأستاذ أحمد حشمت أبوستيت فقرة 806 وما بعدها .
( [1518] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 357 ( مطابقة للمادة 359 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 346 ( مطابقة للمادة 359 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 405 ( مطابقة للمادة 359 من التقنين المدنى المصرى – وأنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 341 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 326 / 1 و2 : إن التفويض هو توكيل يعطى من شخص ( يدعى المفوض لشخص آخر ( يدعى المفوض إليه ) ليعقد التزاماً تجاه شخص ثالث ( يسمى المفوض لديه ) – وهو لا يفيد بحكم الضرورة وجوب موجب سابق بين المتعاقدين . ( وحكم التقنين اللبنانى متفق مع حكم التقنين المصرى ) .
( [1519] ) فإذا باع شخص عقاراً مرهوناً لدائن ، وأصبح البائع دائنا بالثمن للمشترى ، جاز للبائغ أن يفى الدين المضمون بالرهن عن طريق الإنابة فى الوفاء . ويتم ذلك بأن ينيب البائع المشترى فى الوفاء بهذا الدين للدائن المرتهن ، ويكون البائع منيباً والمشترى مناباً والدائن مناباً لديه . وتكون هناك علاقة مديونية أولى بين المناب والمنيب إذ المشترى مدين بالثمن للبائع ، وعلاقة مديونية ثانية بين المنيب والمناب لديه إذ البائع مدين للدائن المرتهن ( أنظر استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1939 م 51 ص 262 ) . وقد وجدت علاقة مديونية ثالثة بين المناب والمناب لديه ، إذ المشترى يصبح مديناً مديونية مباشرة للدائن المرتهن ( استئناف مختلط 13 مارس سنة 1913 م 25 ص 232 ) .
( [1520] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1271 .
( [1521] ) وقد يعلق المنيب الإنابة على شرط فاسخ أو شرط واقف ، إذا كان الدين الذى له فى ذمة المناب معلقاً على هذا الشرط ، فإذا تحقق الشرط انفسخت الإنابة أو نفذت بحسب الأحوال ( استئناف مختلط 8 يونيه سنة 1939 م 51 ص 373 ) .
( [1522] ) وهذه الإنابة الكاملة التى تتضمن تجديداً بتغيير المدين وتجديداً بتغيير الدائن هى التى رددنا إليها الحوالة فى الفقه الإسلامى فى مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة فيما قدمناه ( أنظر آنفاً فقرة 240 ) .
( [1523] ) دمنهور تجارى 6 ديسمبر سنة 1955 المحاماة 36 رقم 457 ص 1374 – هذا ولا ضرورة فى الإنابة ، كاملة كانت أو قاصرة ، لأى إجراء لتكون نافذة فى حق الغير ، ويكفى فى ذلك رضاء أطراف الإنابة . ذلك أن الإنابة لا تنطوى على حوالة حق ، لتكون فى حاجة إلى إعلان . فالمناب لديه يصبح دائناً للمناب دون أن ينتقل إليه حق المنيب فى ذمة المناب ، إذ يبقى هذا الحق فى ذمة المناب للمنيب ما لم يكن قد انقضى بالتجديد ( بودرى وبارد 3 فقرة 1746 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1273 ) – ويصح أن يكون رضاء المناب لديه ضمنياً ، كما إذا قبل استيفاء الدين من المناب ( استئناف مختلط 20 أبريل سنة 1944 م 56 ص 108 ) . ويجوز ، قبل رضاء المناب لديه ، إذا اتفق المنيب والمناب على الإنابة ، أن يرجع كل منهما فيها ( استئناف مختلط 20 يناير سنة 1931 م 43 ص 162 ) .
( [1524] ) أنظر بيدان ولاجارد 9 فقرة 1021 .
( [1525] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1279 – والقضاء فى فرنسا يتردد بين النظامين ، فهو تارة يطبق أحكام الاشتراط لمصلحة الغير وبخاصة فيما بين الورثة إذا اتفقوا على أن يتحمل أحدهم بدين على التركة ، وطوراً يطبق أحكام الإنابة وبخاصة فى غنابة البائع للمشترى أن يفى بدين على البائع . وأمام هذا التسابق بين النظامين ، يرجع الفقه أن يكون السبق للاشتراط لمصلحة الغير ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1279 ص 683 – وأنظر أيضاً بودرى وبارد 3 فقرة 1757 ) .
( [1526] ) بيدان ولاجارد 9 فقرة 1020 .
( [1527] ) تاريخ النصوص :
م 360 / 1 : ورد هذا النص فى المادة 497 / 1 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 372 / 1 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 360 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 262 – ص 263 ) .
م 361 : ورد هذا النص فى المادة 498 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 372 / 1 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 360 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 262 – ص 263 ) .
م 361 : ورد هذا النص فى المادة 498 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 373 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 361 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 264 – ص 265 ) .
( [1528] ) الموجز للمؤلف فقرة 581 – الأستاذ أحمد حشمت أبوستيت فقرة 807 .
( [1529] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 358 / 1 و359 ( مطابقتان للمادتين 360 / 1 و361 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 347 / 1 و348 ( مطابقتان للمادتين 360 / 1 و361 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 406 / 1 : إذا اتفق المتعاقدون فى الإنابة على أن يستبدلوا التزاماً جديداً بالالتزام الأول ، كانت الإنابة تجديداً للالتزام بتغيير المدين . ( ونص التقنين العراقى لا يشترط ، كما يشترط ، نص التقنين المصرى ، ألا يكون المناب معسراً وقت الإنابة : أنظر مع ذلك الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 343 ) .
م 407 ( مطابقة للمادة 361 من التقنين المدنى المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 327 : إذا كان قصد المتعاقدين إبدال الموجب أو الموجبات السابقة بموجب جديد ( تفويض كامل ) فتبرأ فى الحال ذمة المفوض تجاه المفوض لديه ، على شرط أن يكون الالتزام الجديد الذى التزمه المفوض إليه صحيحاً وأن يكون المفوض إليه مليئاً عند التفويض . ( وهذا الحكم متفق مع حكم التقنين المدنى المصرى . ولا مقابل فى التقنين اللبنانى للمادة 361 من التقنين المصرى ، فهل يمكن العمل بحكم هذه المادة فى لبنان واعتبار التزام المفوض إليه تجاه المفوض لديه التزاما مجرداً ، بالرغم من انعدام النص على ذلك؟ ) .
( [1530] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 264 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1277 – وعلى المناب لديه أن يثبت إعسار المناب حتى يستطيع الرجوع على المنيب ( بودرى وبارد 3 فقر 1748 ) .
ويذهب بعض الفقهاء إلى التمييز بين الإنابة الكاملة حيث يرجع المناب لديه على المنيب بدعوى الدين الأصلى إذا كان المناب معسراً وقت الإنابة وذلك عن طريق إبطال الإنابة للغلط ، وبين التجديد بتغيير المدين إذا اشترط الدائن على المدين الأصلى يسار المدين الجديد وقت التجديد حيث يرجع الدائن على المدين الأصلى بدعوى الضمان لا بدعوى الدين الأصلى إذا كان المدين الجديد معسراً وقت التجديد ( كولان وكابيتان 2 فقرة 554 ص 389 – بلانيول وريبير وبولايجيه 2 فقرة فقرة 1830 – بيدان ولاجارد 9 فقرة 1022 ) . ويرى الأساتذة بلانيول وريبير وردوان أنه يمكن اعتبار التجديد بتغيير المدين المشترط فيه يسار المدين الجديد تجديداً معلقاً على شرط هذا اليسار . فإذا تخلف هذا الشرط ، وتبين أن المدين الجديد كان معسراً وقت التجديد ، انفسخ التجديد ، ورجع الدائن على المدين الأصلى بدعوى الدين الأصلى لا بدعوى الضمان ، فلا يكون هناك محل للتمييز بين الإنابة الكاملة والتجديد بتغيير المدين المشترك فيه يسار المدين الجديد ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1277 ص 681 – ص 682 – وأنظر أيضا بودرى وبارد 3 فقرة 1750 ) .
( [1531] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ويقضى تحديد صلة المنيب والمناب شيئاً من التفصيل : فإن كان للمنيب فى ذمة المناب دين سابق ، انطوت الإنابة على تجديد بتغيير الدائن . وإن لم يكن بينهما مثل هذا الدين ، ثبت للمناب حق الرجوع على المنيب ، ما لم تكن نيته قد انصرفت إلى التبرع له " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 264 ) .
( م 55* - الوسيط ) .
( [1532] ) استئناف مختلط 25 مايو سنة 1939 م 51 ص 361 .
( [1533] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 265 – وهذا عن العلاقة ما بين الالتزام الجديد والالتزام الذى يكون فى ذمة المناب للمنيب . أما فيما بين الالتزام الجديد والالتزام الأصلى الذى كان فى ذمة المنيب للمناب لديه ، فالعلاقة وثيقة ، فإن الأول قد حل محل الثانى عن طريق التجديد . ويكون انقضاء الالتزام الثانى متوقفاً على نشوء الالتزام الأول صحيحاً ، كما أن نشوء الالتزام الأول متوقف على انقضاء الالتزام الثانى ، وهذا هو الأمر فى شأن كل تجديد .
( [1534] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 497 / 2 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 372 / 2 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 360 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 262 – ص 263 ) .
( [1535] ) الموجز للمؤلف فقرة 582 – الأستاذ أحمد حشمت أبوستيت فقرة 807 .
( [1536] ) التقنيات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 258 / 2 ( مطابقة للمادة 360 / 2 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 347 / 2 ( مطابقة للمادة 360 / 2 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 406 / 2 ( مطابقة للمادة 360 / 2 من التقنين المدنى المصرى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 344 – فقرة 345 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 326 / 3 : وهذا التعامل لا يقدر تقديراً ( ne se presume pas ) ، ولا يفضى إلى تجديد موجب سابق كان يربط المفوض بالمفوض إليه أو المفوض بالمفوض لديه . وإذا لم يكن هناك نص خاص ، فالموجب الجديد يندمج ( vient se Jxtaposer ) بجانب الموجبات السابقة ( وهذا ما يسمى التقويض الناقص ) .
( وحكم التقنين اللبنانى متفق مع حكم التقنين المصرى ) .
( [1537] ) بولانجيه فى أنسيكلوبيدى داللوز 2 لفظ ( delegation ) فقرة 14 .
( [1538] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " أما إذا بقى المنيب ملزماً بالدين قبل المناب له رغم الإنابة ، فيكون للدائن مدينان عوضاً عن مدين واحد ، وهذا هو الفرض الغالب لأن التجديد لا يفترض فى الإنابة . فلو فرض فى هذه الحالة أن كان للمنيب دين سابق فى ذمة المناب ، استتبعت الإنابة وجود دين ثالث يترتب للمناب لديه فى ذمة المناب ويضم إلى الدينين الأولين ، وهما دين المناب له قبل المنيب ودين المنيب قبل المناب ، فإذا قام المناب بقضاء حق المناب له ، انقضت هذه الديون الثلاثة . وإذا تخلف عن الوفاء ، كان للمناب له أن يرجع على المنيب والمناب ، دون أن يكونا متضامنين . فإن وفاه الأول كان لهذا أن يرجع بدينه على المناب ، وإن انتصف من الثانى انقضت الديون الثلاثة كما تقدم بيان ذلك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 264 – ص 265 ) .
( [1539] ) ولما كان الدينان لهما محل واحد بالرغم من اختلاف المصدر ، يدل على ذلك أن الوفاء بأحدهما يبرئ من الآخر ( أنظر دى باج 3 فقرة 612 ص 584 ) ، أمكن القول بأنه إذا لم يكن هناك تضامن بين المدينين ، فهناك تضامن بينهما ، فهما مدينان بالتضامن ( in solidum ) لا بالتضامن ( أنظر آنفا فقرة 177 – وقارن بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1278 – ص 682 هامش رقم ) .
( [1540] ) فالإنابة القاصرة ضمان للدائن أكثر منها ضماناً للمدين ، والغرض منها أن يتمكن المدين من تقديم ضمان لدائنه ، فيما إذا أراد مد أجل الدين أو فيما إذا وقع عند الدائن شك فى يساره ، فيأتى بمدين آخر إلى جانبه يستطيع الدائن أن يرجع عليه أولا إذا شاء . وهذا من شأنه أن يبعث الاطمئنان إلى نفس الدائن ، وأن يمكن المدين من استخدام ما عسى أن يكون له من دين فى ذمة المناب ليكون أداة ائتمان يوثق بها دينه نحو دائنه ( أنظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1278 ص 682 هامش رقم 1 – وأنظر أيضاً بودرى وبارد 3 فقرة 1753 – كولان وكابيتان 2 فقرة 554 ) . ومع ذلك يذهب بعض الفقهاء إلى أن تفسير النية المعقولة لأطراف الإنابة يؤدى إلى القول بأن المناب لديه يرجع أولا على المناب ، فإن لم يدفع الدين فى الحال رجع المناب لديه فوراً على المنيب دون حاجة إلى اتخاذ إجراءات أخرى . ويكون شأن الإنابة القاصرة فى المسائل المدنية هو شأن الكمبيالة فى المسائل التجارية ، ففى الكمبيالة إذا لم يستوف صاحبها حقه من المسحوب عليه رجع فوراً على الساحب ( بيدان ولاجارد 9 فقرة 1024 ص 105 – وأنظر أيضاً فى هذا المعنى بولانجيه فى أنيسكلوبيدى داللوز 2 لفظ delegation فقرة 15 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1832 ) .
( [1541] ) على أنه قد تنتقل التأمينات التى كانت لدين المنيب فى ذمة المناب عند رجوع المناب لديه على المناب إذا كانت هذه هى نية أصحاب الشأن ، وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا أناب بائع العقار المشترى فى الوفاء بدين على البائع بما على المشترى من الثمن وكانت هذه الإنابة شرطاً فى البيع ، انتقل للمناب لديه حق امتياز البائع على العقار وهو فى يد المشترى ( استئناف مختلط 7 مايو سنة 1930م 42 ص 482 ) .
( [1542] ) ومن الحق أن يرجع المناب لديه على المناب ، دون أن يعتد بالمديونية بين المناب والمنيب . فهو فى الإنابة القاصرة قد ضم المناب مديناً إلى جانب المنيب لقاء مزية أولاها ، كأن يكون قد مد فى أجل الدين . وهو فى الإنابة الكاملة قد أبرأ ذمة المنيب وجعل مكانه المناب مديناً ، فلا يجوز بعد أن فقد حق الرجوع على المنيب ألا يستطيع الرجوع بعد ذلك على المناب ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1274 – وأنظر أيضاً بودرى وبارد 3 فقرة 1756 – وأنظر استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1931 م 43 ص 208 – 17 مارس سنة 1936 م 48 ص 191 – ومع ذلك أنظر فى أن المناب يستطيع أن يحتج على المناب لديه بالدفوع التى كان يستطيع أن يحتج بها على المنيب وذلك فى الإنابة القاصرة دون الإنابة الكاملة : استئناف مختلط 25 مايو سنة 1939 م 51 361 ) .
وإذا كان المناب مديناً للمنيب وقبل الإنابة فأصبح مديناً للمناب لديه ، فإن مركزه يختلف فى الإنابة عنه فى حوالة الحق فيما إذا كان المنيب ، بدلا من الالتجاء إلى الإنابة ، عمد إلى حوالة الحق الذى له فى ذمة المناب إلى دائن جديد . فتختلف عندئذ حوالة الحق عن الإنابة من الوجوه الآتية : ( 1 ) من حيث الانعقاد : لا تقتضى الحوالة رضاء المدين ، وتقتضى الإنابة رضاء المناب . ( 2 ) من حيث النفاذ : تقتضى الحوالة إعلان المدين أو قبوله ، ولا تقتضى الإنابة إعلان المناب إذ هو رضى بالإنابة فلا حاجة إلى إعلانه بها . ( 3 ) من حيث الآثار : فى الحوالة ينتقل إلى الدائن الجديد نفس الحق بصفاته وتأميناته ودفوعه ، وفى الإنابة يترتب للمناب لديه فى ذمة المناب حق جديد ليست له صفات الحق الذى للمنيب على المناب ولا تأميناته ولا دفوعه . ويتبين من ذلك أن الإنابة تمتاز على الحوالة من الناحية الآتية : لا يستطيع المناب أن يحتج على المناب لديه بالدفوع التى كان يستطيع أن يحتج بها على المنيب ، أما فى حوالة الحق فعلى النقيض من ذلك يستطيع المدين أن يحتج على المحال له بالدفوع التى كان يستطيع أن يحتج بها على الدائن الأصلى .
( [1543] ) الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 279 ص 359 .
( [1544] ) أنظر فى هذا المعنى فيما يتعلق بالإنابة الكاملة كابيتان فى السبب فقرة 179 ص 398 هامش رقم 2 –بودرى وبارد 3 فقرة 1752 - وفى القانون الألمانى يميز الفقهاء ، فى الإنابة الكاملة والإنابة القاصرة على سواء ، بين ما إذا كان المناب قد التزم نحو المناب لديه التزاماً مجرداً فعند ذلك لا يستطيع أن يحتج عليه بالدفوع التى كان يستطيع المنيب أن يحتج بها ، أو التزم التزاماً غير مجرد وعندئذ يستطيع أن يحتج بهذه الدفوع ( كابيتان فى السبب فقرة 183 ص 409 هامش رقم 3 ) . وغنى عن البيان أن المناب ، فى التقنين المصرى ، لا يلتزم نحو المناب لديه التزاما مجرداً إلا فيما يتعلق بالدفوع التى كان يستطيع أن يحتج بها على المنيب ( م 361 مدنى ) ، أما الدفوع التى كان المنيب يستطيع أن يحتج بها على المناب لديه فلا يوجد نص يجعل التزام المناب فيها مجرداً .
أنظر عكس هذا الرأى – أى لا يجوز للمناب أن يحتج على المناب لديه بالدفوع التى تكون للمنيب فى مواجهة المناب لديه –الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 94 - ص 95 بالنسبة إلى الإنابة القاصرة وص 97 بالنسبة إلى الإنابة الكاملة – وأنظر أيضاً الأستاذ محمود أبوعافية فى التصرف القانونى المجرد ( النسخة العربية ) فقرة 61 ص 220 - ص 221 ( ويذهب إلى حد أنه إذا قام المنيب بوفاء الدين بعد الإنابة ، لم تبرأ ذمة المناب ولا يجوز له أن يحتج على المناب لديه بهذا الوفاء ) .
والقضاء المختلط قد اضطرد فى المعنى الذى نقول به ، فقد قضى : ( أولا ) بأنه لا يجوز للمناب أن يحتج على المناب لديه بالدفوع التى كان يستطيع أن يحتج بها على المنيب ، فهنا يكون التزام المناب مجرداً ( استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1931 م 43 ص 208 – 17 مارس سنة 1936 م 48 ص 191 ، ومع ذلك أنظر استئناف مختلط 25 مايو سنة 1939 م 51 ص 361 ) . ( ثانياً ) بأنه يجوز للمناب أن يحتج على المناب لديه بالدفوع التى تكون للمنيب فى مواجهة المناب لديه ، فهنا لا يكون التزام المناب مجرداً ( استئناف مختلط 26 نوفمبر سنة 1908 م 21 ص 28 – 2 مارس سنة 1921 م 33 ص 194 – أول ديسمبر سنة 1925 م 38 ص 78 ) .
على أن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى قد ورد فيها ما يفيد عدم جواز احتجاج المناب على المناب لديه بالدفوع التى للمنيب فى مواجهة المناب لديه ، فقد جاء فيها ما يأتى : " بيد أن الفكرة الجوهرية فى الإنابة هى أن تعهد المناب قبل المناب له تعهد مجرد . وأهم ما يتفرع على هذه الفكرة من الناحية العملية عدم جواز احتجاج المناب على المناب له ( وردت المنيب خطأ فى المذكرة الإيضاحية ) بالدفوع التى كان له أن يتمسك بها قبل المنيب ، أو بالدفوع التى كان للمنيب أن يتمسك بها قبل المناب له " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 265 ) . ونرى عدم التقيد بما جاء فى المذكرة الإيضاحية فى هذه المسألة .
( [1545] ) مراجع : جوسلان ( Jousselin ) فى المقاصة القانونية والمقاصة القضائية رسالة من باريس سنة 1900 – كاسان ( Cassin ) الدفع المستخلص من عدم التنفيذ فى الروابط التبادلية رسالة من باريس سنة 1914 – نيكيه ( Nicket ) مفعول المقاصة ( Du jeu de la compensation ) سرالة من مونبلييه سنة 1934 – نستيانى ( Nestianu ) فى المقاصة فى القانون المدنى الألمانى رسالة من باريس سنة 1938 – لير ( Lair ) فى المقاصة والدعاوى الفرعية فى القانون الرومانى والقانون الفرنسى القديم والحديث باريس سنة 1862 – ألبير ديجاردن ( Albert Desjardins ) فى المقاصة والدعاوى الفرعية فى القانون الرومانى والقانون الفرنسى القديم والحديث باريس سنة 1864 .
( [1546] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى : " ويتفرع على ذلك أن المقاصة تنطوى على معنيين : أولهما معنى الوفاء ، فكل من الدينين يقاص وفاء بالدين الآخر . والثانى معنى الضمان ، لأن من يتمسك بها ، لتلاقى ما وجب فى ذمته بما وجب له فى ذمة هذا الدائن من حيث القصاص ، يضمن استيفاء دينه مقدماً على سائر الدائينين . وقد تغالت التقنينات الحرمانية فى إعمال فكرة الضمان هذه ، فقضت المادة 123 من تقنين الالتزامات السويسرى مثلا بأن للدائنين عند إفلاس المدين أن يقاصوا ديونهم ، ولو لم تكن مستحقة الأداء ، فيما يجب فى ذمتهم من ديون للمفلس . وغنى عن البيان أن هذا النص يجعل للمقاصة حقيقة الامتياز ، وهو أمر غير ميسور القبول " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 274 ) .
ويلاحظ أن فكرة الضمان هى الغالبة فى القوانين الحرمانية فالمقاصة فيها ضرب من التأمين ( Garantie ) ، وفكرة الوفاء هى الغالبة فى القوانين اللاتينية فالمقاصة فيها وفاء مبسط . ( Paiement abrege ) . أنظر فى هذا المعنى بيدان ولاجارد 9 فقرة 1035 وفقرة 1048 ص 121 هاشم رقم 3 – كولان وكابيتان 2 فقرة 576 .
( [1547] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1281 .
( [1548] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1803 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1281 .
( [1549] ) بيدان ولاجارد 9 فقرة 1034 – فقرة 1035 – دى باج 3 فقرة 617 – الموجز للمؤلف فقرة 583 .
( [1550] ) بودرى وبارد 3 قرة 1802 ص 131 – ص 132 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1280 .
( [1551] ) الوسيط جزء 2 فقرة 636 .
( [1552] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1804 ص 136 – ص 137 .
( [1553] ) بوتييه فى الالتزامات فقرة 635 .
( [1554] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1804 ص 143 – دى باج 3 فقرة 616 .
( [1555] ) وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 138 من تقنين الالتزامات السويسرى على ما يأتى " لا تقع المقاصة إلا إذا أعلن المدين الدائن بنيته فى التمسك بها ، فينقضى الدينان عندئذ بمقدار الأقل منهما ومن اللحظة التى كان فيها الدينان صالحين للمقاصة " .
( [1556] ) وقد نصت المادة 387 من التقنين المدنى الألمانى على ما يأتى : " إذا كان شخصان مدينين ، كل منهما للآخر ، بدين من جنس واحد ، جاز لكل منهما أن يقاص حقه فى الحق الذى للآخر ، من الوقت الذى يستطيع أن يطالب فيه بحقه وأن يؤدى الحق الذى عليه " . ونصت المادة 388 على ما يأتى : " تتم المقاصة بإعلان عن الإرادة يوجه للطرف الآخر ، ولا تصح إذا علقت على شرط أو أضيفت إلى أجل " . ونصت المادة 389 على ما يأتى : " يترتب على المقاصة أن الحقين ، بالمقدار الذى يتعادلان فيه ، يعتبران منقضين من وقت تواجدهما أحدهما تجاه الآخر صالحين للمقاصة " .
( [1557] ) وقد نصت المادة 506 من التقنين المدنى اليابانى على ما يأتى : " 1 - تتم المقاصة بإعلان عن الإرادة يوجه إلى الطرف الآخر . ولا يجوز مع ذلك أن يعلق هذا الإعلان على شرط أو يقترن بأجل . 2 - والإعلان عن الإرادة المذكور فى الفقرة السابقة يستند إلى الوقت الذى كان فيه الدينان صالحين للمقاصة على وجه التقابل " .
( [1558] ) أنظر التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 388 .
( [1559] ) وهذا هو النص فى أصله الفرنسى : Art . 1290 : La compensation s'opere de plein droit par la seule force de la loi meme a l'insu des debiteurs; les deux dettes s'eteignent a l'instant ou elles se trouvent exister a la fois, jusqu'a concurrence de leurs quotites respectives .
( [1560] ) وهذا ما كان يقوله بوتييه فى عهد القانون الفرنسى القديم : بوتييه فى الالتزامات فقرة 635 .
( [1561] ) أنظر المادة 1299 من التقنين المدنى الفرنسى . وأنظر التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 387 فقرة ثانية و م 389 فقرة ثانية .
( [1562] ) أنظر التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 389 فقرة ثانية . ويعلل الفقه الألمانى هذا الخروج على منطق التقنين الألمانى باعتبارات عملية . فإن الدائن الذى يصبح مديناً لمدينه يعتبر نفسه عادة قد استوفى حقه ، فلا يعنيه بعد ذلك أن يقطع سريان التقادم بالنسبة إلى حقه مادام قد استوفاه . فإذا سقط حقه بالتقادم قبل أن يعلن إرادته فى إجراء المقاصة ، لم يعامل بمقتضى منطق القانون فيضيع عليه حقه ويجبر على الوفاء بدينه ، بل يعامل بمقتضى التصرف المألوف بين الناس فيعذر فى سكوته عن قطع التقادم قبل إعلانه إرادته فى إجراء المقاصة ( التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 390 فقرة رابعة ) .
( م 56 – الوسيط ) .
( [1563] ) لوران 18 فقرة 382 – بيدان ولاجارد 9 فقرة 1049 ص 121 – دى باج 3 فقرة 618 ص 593 .
( [1564] ) وهذا بخلاف حوالة الحق فى التقنين المدنى الألمانى ، فقد نصت المادة 406 من هذا التقنين على ما يأتى : " يجوز للمدين أيضاً أن يتمسك تجاه الدائن الجديد بمقاصة فى حق له فى ذمة الدائن السابق . . . " والسبب فى هذا الخلاف أن المدين فى حوالة الحق قد يفاجأ بهذه الحوالة قبل أن يعلن إرادته فى إجراء المقاصة بين الحق المحال وحق له فى ذمة المحيل ، فلم يرد القانون أن يحرمه من إعلان إرادته فى إجراء المقاصة حتى بعد الحوالة . أما فى حوالة الدين ، فالمدينان القديم والجديد ، باتفاقها على الحوالة قبل إجراء المقاصة ، قد جعلا المقاصة مستحيلة باختيارهما . ( أنظر التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 417 فقرة 2 ) . أنظر فى هذه المسألة المادة 368 من التقنين المدنى المصرى والمادة 1295 من التقنين المدنى الفرنسى . وأنظر آنفاً فقرة 335 فى الهامش .
( [1565] ) أنظر آنفا فقرة 335 – وقد قدمنا أن كلا من المدين الجديد والمدين القديم ، فى التقنين المدنى المصرى ، يستطيع أن يتمسك بالمقاصة . وهذا ما لم تكن حوالة الدين قد انعقدت باتفاق بينهما ، فإن هذا يدل على أن المدين القديم قد نزل عن المقاصة ولا يريد التمسك بها ، فحول الدين الذى فى ذمته إلى المدين الجديد ليطالب بالدين الذى له فى ذمة الدائن .
هذا وما قدمناه من الفروق بين المقاصة فى القوانين الجرامية والمقاصة فى القوانين اللاتينية ترجع كلها إلى أن المقاصة فى القوانين الأولى تقع بإعلان عن الإرادة ، وتقع فى القوانين الأخرى من تلقاء نفسها بحكم القانون . وهناك فروق ترجع إلى أن الفكرة الغالبة فى المقاصة فى القوانين الجرمانية هى فكرة الضمان ، وهى فى القوانين اللاتينية فكرة الوفاء ، ونذكر منها فرقين : ( 1 ) لا تشترط القوانين الجرمانية فى وقوع المقاصة أن يكون الدينان خاليين من النزاع مستحقى الأداء لأن فكرة الضمان لا تقتضى ذلك ، وتقتضيه فكرة الوفاء فكان شرطاً فى القوانين اللاتينية . ( 2 ) إذا أفلس أحد المدينين قبل وقوع المقاصة ، امتنع وقوعها فى القوانين اللاتينية ، لأن وفاء ديون المفلس تتقيد بشروط وبإجراءات تتعارض مع وقوع المقاصة . أما فى القوانين الجرمانية فالإفلاس لا يحول دون وقوع المقاصة ، بل إن فكرة الضمان تستدعى وقوع المقاصة عند الإفلاس أكثر مما تستدعيه فى الأحوال الأخرى ( أنظر فى ذلك كولان وكابيتان 2 فقرة 576 ) .
( [1566] ) ولا يختلف التقنين المدنى الجديد عن التقنين المدنى السابق فى أحكام المقاصة –عدا النص الوارد فى التقنين الجديد قاضياً بوجوب التمسك بالمقاصة - إلا فى مسائل تفصيلية أشارت إليها المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فيما يأتى : " وقد عمد المشروع ، فوق علاج هذه المسألة الكلية ( وجوب التمسك بالمقاصة ) ، إلى تدارك عيوب التقنين الراهن ( السابق ) ، ولاسيما فيما يتعلق بالقصاص فى الديون المتنازعة أو الديون المستحقة الأداء فى أمكنة مختلفة . ثم أنه جمع النصوص المتعلقة بالمقاصة جمعاً أدنى إلى العقل والمنطق . ونص كذلك على أن سقوط الدين بالتقادم لا يحول دون وقوع المقاصة مادام هذا السقوط لم يكن قد تم فى الوقت الذى أصبح فيه القصاص ممكناً ، وليس هذا الحكم إلا نتيجة منطقية لقاعدة استناد أثر المقاصة إلى وقت توافر شروط القصاص فى الدينين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 266 – ص 267 ) . وأنظر فى التقنين المدنى السابق الموجز للمؤلف فقرة 583 – فقرة 593 .
( [1567] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 499 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية بسيطة . ووافقت لجنة المراجعة على النص مع تعديل لفظى طفيف ، تحت رقم 374 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ استبدلت كلمة " النوع " بكلمة " الجنس " لأنها أخص من الجنس ، وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 362 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 268 وص 270 ) .
( [1568] ) التقنين المدنى السابق : م 192 / 256 : المقاصة هى نوع من وفاء الدين يحصل حتما بدون علم المتعاملين إذا كان كل منهما دائناً ومديناً للآخر .
م 194 / 258 : لا تقع المقاصة إلا إذا كان الدينان خاليين من النزاع ومستحقى الطلب ، وكانا من النقود أو من أشياء من جنس واحد يقوم بعضها مقام بعض بالنسبة لنوعها وقيمتها ، وبشرط أن يكونا واجبى الأداء فى مكان واحد .
( والأحكام متفقة فى التقنينيين القديم والجديد ، فيما عدا وجوب الأداء فى مكان واحد فقد كان شرطاً فى المقاصة فى التقنين السابق ، وهو فى التقنين الجديد ليس بشرط كما سنرى – أنظر مع ذلك فى وحدة مكان الوفاء فى التقنين السابق وكيف فسرت بما يتفق مع التقنين الجديد : الموجز للمؤلف فقرة 589 –والتون 2 ص 521 – ص 522 – الأستاذ أ ؛مد حشمت أبوستيت ص 265 هامش رقم 1 ) .
( [1569] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 360 ( مطابقة للمادة 362 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 349 ( مطابقة للمادة 362 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 408 : المقاصة هى إسقاط دين مطلوب لشخص من غريمه فى مقابلة دين مطلوب من ذلك الشخص لغريمه .
م 409 : 1 - المقاصة إما جبرية تحصل بقوة القانون ، أو اختيارية تحصل بتراضى المتدانين . 2 - ويشترط لحصول المقاصة الجبرية اتحاد الدينين جنساً ووصفاً وحلولا وقوة وضعفاً ، ولا يشترط ذلك فى المقاصة الاختيارية . فإن كان الدينان من جنسين مختلفين أو متفاوتين فى الوصف أو مؤجلين أو أحدهما حالا والآخر مؤجلا أو أحدهما قويا والآخر ضعيفاً ، فلا يلتقيان قصاصاً إلا بتراضى المتداينين ، سواء اتحد سببهما أو اختلف .
( والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى فقرة 351 – فقرة 355 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 328 : إذا وجد شخصان وكل منهما دائن ومديون للآخر ، حق لكل واحد منهما أن يقاص الآخر بما له قبله على قدر المبلغ الأدنى من الدينين .
م 329 : لا تجرى المقاصة إلا بين الديون التى يكون موضعها نقوداً أو أشياء ذات نوع واحد من المثليات .
م 330 : لا يدخل فى المقاصة إلا الديون المحررة والمستحقة الأداء . على أن المهلة الممنوحة من القاضى لا تحول دون المقاصة . وليس من الضرورة أن يكون الدينان واجبى الأداء فى مكان واحد . على أن الأحوال التى تحول دون الإيفاء تحول مبدئيا دون المقاصة .
( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصرى ) .
( [1570] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 273 .
( [1571] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لا تجوز المقاصة فى دين على الوصى شخصياً لمدين القاصر المشمول بوصايته ، ولا فى دين على القاصر لمدين الوصى عليه ، ولا فى دين مستحق على الدائن لموكل المدين أو لكفيله ، ولا فيما لمدين شركة قبل أحد الشركاء المساهمين ، ولا فيما لمدين تركة قبل أحد الورثة ، ولا فيما لأحد الورثة قبل أحد دائنى التركة ( نقض مدنى 22 أكتوبر سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 379 ص 1167 – أنظر قريباً من هذا المعنى : نقض مدنى 15 يناير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 260 ص 523 ) .
( [1572] ) نقض مدنى 22 أكتوبر سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 379 ص 1167 – استئناف مختلط 13 مارس سنة 1895 م 7 ص 185 – 20 إبريل سنة 1910 م 22 ص 275 – بودرى وبارد 3 فقرة 1811 .
( [1573] ) ولكن يجوز للكفيل إذا طالبه الدائن أن يتمسك بالمقاصة فى دين له على الدائن ، إذ هو يفى بالدين المكفول عن طريق المقاصة ، ولكن المقاصة هنا اختيارية لا قانونية ، فلا ينقضى الدينان إلا من وقت التمسك بالمقاصة . ولا يجوز للدائن أن يرجع على المدين بعد ذلك فقد استوفى حقه من الكفيل ، وإذا رجع جاز للمدين أن يدفع رجوعه بالمقاصة التى تمسك بها الكفيل . وإنما يرجع الكفيل على المدين ، بعد أن وفى دينه عن طريق المقاصة ( بودرى وبارد 3 فقرة 1814 ) .
( [1574] ) وقد نصت المادة 1294 من التقنين المدنى الفرنسى على هذه الأحكام صراحة إذا تقول : " يجوز للكفيل أن يتمسك بالمقاصة فى دين على الدائن للمدين الأصلى ، ولكن لا يجوز للمدين الأصلى أن يتمسك بالمقاصة فى دين على الدائن للكفيل " . وهذا هو النص فى أصله الفرنسى :
Art . 1294 : La caution peut opposer la compensation de ce que le creancier doit au debitur principal . Mais le debiteur principal ne peut opposer la compensation de ce que le creancier doit a la caution .
( [1575] ) قارب استئناف مختلط 4 فبراير سنة 1903 م 15 ص 132 – بودرى وبارد 3 فقرة 1819 .
( [1576] ) استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1907 م 19 ص 196 – على أنه قد قضى بوقوع المقاصة فى دين للوقف على دائن المستحق الوحيد فيه ( استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1945 م 58 ص 14 ) .
ولا تجوز المقاصة بين دين للموكل ودين على الوكيل بقبض الدين الأول ( استئناف مختلط 25 نوفمبر سنة 1915 م 28 ص 35 ) . وإذا اشترط البائع على المشترى دفع الثمن للغير ، أصبح المشترى مديناً لهذا الغير بالثمن ، فلا يستطيع أن يقاص الثمن بدين له فى ذمة البائع ( استئناف مختلط 9 يونيه سنة 1927 م 39 ص 536 ) . ولا مقاصة بين دين لدائن ودين لأجنبى على هذا الدائن ( استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1903 م 15 ص 136 ) ، ولكن يستطيع الأجنبى أن يقبل حوالة الدين الذى للدائن برضاء هذا الدائن ، فيصبح مديناً للدائن ودائناً له ، فتعق المقاصة . ولا يستطيع الدائن الظاهر أن يتمسك بالمقاصة بين الدين الظاهر الذى له على المدين ودين للمدين فى ذمته ( دى باج 3 فقرة 631 ) . وإذا لم يصبح المدين دائناً لدائنه إلا بعد أن حوال دائنه الحق الذى له فى ذمة المدين ، لم تجز المقاصة بين الدينين ، لأن المدين قد أصبح بالحوالة مديناً للمحال له ثم صار دائناً للدائن ، فلا تقابل بين الدينين ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1274 ص 687 ) . أنظر أمثلة أخرى : استئناف مختلط 9 مارس سنة 1916 م 28 ص 190 – 2 مايو سنة 1923 م 35 ص 425 .
( [1577] ) على أنه يلاحظ أن المقاصة لا تقع ، حتى لو كان الدينان متقابلين ، إذا تعلق بأحد الدينين حق للغير أقوى من حق الطرف الآخر . وسنرى ذلك فى حالة الحجز التحفظى ( م 367 مدنى ) وفى حالة قبول المدين لحوالة الحق ( م 368 مدنى ) فيما يأتى . ونذكر هنا ، تطبيقاً للقاعدة السالفة ، أنه إذا بيع مال المدين فى المزاد وفاء لديونه ، فرسا المزاد على أحد الدائنين ، لم تقع المقاصة بين الدين الذى لهذا الدائن والثمن الذى عليه ، لأن الثمن قد تعلق به حقوق الدائنين الآخرين ، فيجب أن يقسم بينهم قسمة الغرماء . وهذا ما لم يكن للدائن الراسى عليه المزاد رهن أو امتياز يجعله مقدماً على سائر الدائنين ، فتعق المقاصة عندئذ بين الدين الذى له والثنم الذى عليه ، إذ لم يتعلق بالثمن حق للدائنين أقوى من حقه ، بل حقه هو الأقوى : أنظر فى هذا المعنى استئناف مختلط 23 أبريل سنة 1914 م 26 ص 338 – 28 مايو سنة 1918 م 30 ص 450 – 10 ديسمبر سنة 1918 م 31 ص 53 – 10 يونيه سنة 1919 م 31 ص 335 – 18 أبريل سنة 1922 م 34 ص 333 – 7 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 14 – 18 ديسمبر سنة 1923 م 36 ص 92 – 18 فبراير سنة 1926 م 38 ص 248 – 17 نوفمبر سنة 1928 م 40 ص 138 – 29 أبريل سنة 1930 م 42 ص 461 – 24 يونيه سنة 1930 م 43 ص 469 – وقارن بودرى وبارد 3 قرة 1820 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1284 ص 688 .
( [1578] ) أوبرى ورو 4 فقرة 326 ص 346 – بودرى وبارد 3 فقرة 1821 – لوران 18 فقرة 382 – بيدان ولاجارد 9 فقرة 1049 ص 121 – دى باج 3 فقرة 618 ص 593 .
( [1579] ) أنظر آنفاً فقرة 528 .
( [1580] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1285 .
( [1581] ) قارن الفقرة الثانية من المادة 1291 من التقنين المدنى الفرنسى .
( [1582] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1285 .
( [1583] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1823 – فقرة 1824 – أما إذا اختار صاحب الاختيار فى الالتزام التخييرى المحل الذى يؤديه ، أو اختار المدين فى الالتزام البدل أن يؤدى الأصل أو أن يؤدى البدل ، وكان المحل الذى وقع عليه الاختيار مماثلا فى النوع والجودة فى الدين البسيط ، فإن المقاصة يمكن وقوعها حينئذ بين الدينين .
هذا ولا يمنع المقاصة أن يكون أحد الدينين أو كلاهما مصحوباً بشرط جزائى ، فإن الشرط الجزائى لا يغير من محل الالتزام ، بل هو مجرد تقدير للتعويض عند عدم الوفاء ( بودرى وبارد 3 فقرة 1825 ) .
( [1584] ) ويمكن استخلاص هذا الحكم بطريق المفهوم العكسى من المادة 366 مدنى ، إذ تنص على أنه " إذا كان الدين قد مضت عليه مدة التقادم وقت التمسك بالمقاصة ، فلا يمنع ذلك من وقوع المقاصة به رغم التمسك بالتقادم مادامت هذه المدة لم تكن قد تمت فى الوقت الذى أصبحت فيه المقاصة ممكنة " . فيفهم من هذا النص ، بطريق عكسى ، إنه لو تمت مدة التقادم فى الوقت الذى أصبحت فيه المقاصة ممكنة ، ولو قبل التمسك بالمقاصة ، فإن ذلك يمنع من التمسك بها . هذا إلى أن المقاصة وفاء إجبارى ، والدين الذى مضت عليه مدة التقادم لا يجبر المدين على الوفاء به ، إذ يمكنه أن يتمسك بسقوطه بالتقادم .
وقد اشترط التقنين المدنى المصرى فى الدين أن يكون " صالحاً للمطالبة به قضاء " ، يدخل الدين الذى مضت عليه مدة التقادم قبل التمسك بالتقادم على ما رأينا ، لأنه دين غير صالح للمطالبة به قضاء . أما فى التقنين المدنى الفرنسى فلم يرد هذا الشرط ، ويدمجه الفقه الفرنسى عادة فى شرط استحقاق الدين للأداء ، فالالتزام الطبيعى لا يصلح للمقاصة عند الفقه الفرنسى لأنه دين غير مستحق الأداء ( بودرى وبارد 3 فقرة 1839 ) . ومن ثم وقع خلاف فى الدين لاذى مضت عليه مدة التقادم قبل التمسك بالتقادم ، هل يصلح للمقاصة أو لا يصلح . فمن الفقهاء من يقول بصلاحيته ( لارومبيير 5 م 1291 فقرة 25 – ديمولومب 28 فقرة 544 – بودرى وبارد 3 فقرة 1839 – دى باج 30 فقرة 626 ) ، ومنهم من يقول بعدم صلاحيته ( دلفنكور 2 فقرة 581 – ديرانتون 12 فقرة 408 – ماركاديه 4 فقرة 826 ) .
( [1585] ) أوبرى ورو 4 فقرة 326 ص 346 – وتصح المقاصة فى دين قابل للإبطال أو قابل للفسخ – مادام لم يبطل أو يفسخ – ولو فى دين غير قابل لذلك ، ولا يرجع التفاوات فى القوة هنا إلى طبيعة الدين . فإذا ما أبطل الدين أو فسخ ، انتقضت المقاصة واعتبرت كأنها لم تكن ( استئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 59 – وأنظر أيضاً أوبرى ورو 4 فقرة 326 ص 343 – بودرى وبارد 3 فقرة 1838 وفقرة 1840 ) .
( [1586] ) نقض مدنى 15 يونيه سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 152 ص 422 – استئناف وطنى 8 فبراير سنة 1822 الحقوق 6 ص 409 – 21 أبريل سنة 1904 الاستقلال 3 ص 154 – استئناف مختلط 15 ديسمبر سنة 1938 م 51 ص 63 – 20 ديسمبر 1939 م 52 ص 66 – 16 فبراير سنة 1942 م 54 ص 102 .
( [1587] ) وفى القوانين الجرمانية لا يشترط لإمكان وقوع المقاصة خلو الدين من النزاع ، لأن المعتبر فى المقاصة فى هذه القوانين هو معنى التأمين أكثر من معنى الوفاء ، ومعنى التأمين يبقى قائماً حتى لو كان الدين غير خال من النزاع . ويذكر سالى فى هذا الصدد أن الوفاء الفعلى بدين غير خال من النزاع هو الذى يكون غير مأمون العاقبة ، فقد لا يكون الدين موجوداً ثم يتعذر على المدين استرداده من الدائن . أما الوفاء بدين متنازع فيه عن طريق المقاصة فليس فيه أى حرج ، وإذا تبين أن الدين غير موجود فليس فى ذلك ضير على أحد ، إذ أن شيئاً لم يدفع فيخشى من تعذر استرداده ( سالى : بحث فى النظرية العامة للالتزام فى مشروع التقنين المدنى الألمانى فقرة 65 – وأنظر رداً على ما يقوله سالى فى بوردى وبارد 3 فقرة 1831 ص 169 ) .
( [1588] ) ولا يعتبر الدين متنازعاً فيه حتى لو لم يقدم الدائن الدليل عليه فى الحال ، مادام يستطيع أن يقدم هذا الدليل فى وقت مناسب دون طويل إبطاء ( لارومبيير 5 م 1291 فقرة 15 – ديمولومب 28 فقرة 517 – بودرى وبارد 3 فقرة 1832 ص 170 – ص 171 ) . ولا يعتد بالتنازع إذا كان الأمر لا علاقة له بالمقاصة ( نقض مدنى 9 مارس سنة 1933 المحاماة 13 رقم 493 ص 998 ) .
وإذا صدر حكم بالدين ، وكان الحكم غير نهائى ، بقى الدين متنازعاً فيه . فإذا أصبح الحكم نهائياً ، صار الدين خالياً من النزاع . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن الدين الثابت مقتضى حكم نهائى يكون خالياً من النزاع ( 11 أكتوبر سنة 1887 الحقوق 2 ص 317 ) . وقضت محكمة سوهاج بأنه لا تجوز مقاصة دين بحكم نهائى فى دين بحكم ابتدائى ، لاحتمال إلغاء الحكم الابتدائى أو تعديله ( 18 مارس سنة 1899 الحقوق 14 ص 100 ) .
( [1589] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1832 ص 169 – استئناف مختلط 13 ديسمبر سنة 1906 م 19 ص 36 .
( [1590] ) أنظر آنفاً فقرة 535 فى الهامش .
( [1591] ) ولكن إذا كان المسئول نفسه هو الذى يتمسك بالمقاصة ، فليس للمضرور أن يتمسك بعدم وقوعها بسبب عدم تقدير حقه ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1946 م 58 ص 143 ) . ولكن المقاصة هنا تكون اختيارية أو قضائية ، ولا تكون مقاصة قانونية .
( [1592] ) كما يقع أحياناً فى تصفية شركة أو تصفية تركة أو تصفية حسابات الأوصياء ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1286 ص 691 وهامش رقم 3 ) .
( [1593] ) وقضت محكمة استئناف مصر بأن المقاصة القانونية لا تكون إلا حيث يخلو المبلغان المتقاص بينهما من كل نزاع يتعلق بأصلهما وتصفيتهما ( 22 يونيه سنة 1931 الجريدة القضائية 96 ص 15 ) . فلا يمكن عمل المقاصة بين دين ثابت بكمبيالة واجبة الدفع عند الطلب وبين ثمن أقطان مدعى بتوريدها إذا كانت قيمتها متنازعاً منها ( استئناف 4 ديسمبر سنة 1922 المجموعة الرسمية 25 رقم 42 ص 72 ) ، ولا المصروفات القضائية إذا كانت غير مقررة ( عابدين 27 أكتوبر سنة 1902 الحقوق 17 ص 276 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الدين غير الخالى من النزاع لا تجوز فيه المقاصة ( 6 يونيه سنة 1889 م 1 ص 168 ) ، فلا تجوز مقاصة أجرة ثابتة فى دين متنازع فيه ( 13 نوفمبر سنة 1889 م 2 ص 6 ) ، ولا دين ثابت فى دين لا يزال فى حاجة إلى حكم لتصفيته ( 5 مارس سنة 1890 م 2 ص 342 ) ، ولا أجرة ثابتة فى تعويض لم يقدر عن عجز مدعى فى الأرض المؤجرة ( 28 مايو سنة 1890 م 2 ص 267 ) ، ولا دين ثابت فى دين لا يزال أمام القضاء ( 5 فبراير سنة 1891 م 3 ص 180 – 7 ديسمبر سنة 1892 م 5 ص 44 – 23 نوفمبر سنة 1894 م 7 ص 21 ) ، ولا دين ثابت فى تعويض لم يقدر بعد ، ومن باب أولى فى دينين متقابلين لا يزالان أمام القضاء ( 30 يناير سنة 1896 م 8 ص 213 ) ، ولا دين ثابت بعقد صلح فى دين لم يصدر به حكم نهائى ( 11 فبراير سنة 1897 م 9 ص 154 ) ، ولا أجرة ثابتة فى تعويض عن أعمال أجراها المستأجر لم تقدر بعد ( 6 مايو سنة 1897 م 9 ص 334 ) ، ولا دين ثابت بسند فى تعويض لم يقدر ( 9 نوفمبر سنة 1898 م 11 ص 290 ) ، ولا دين معترف به فى دين لم يقطع فيه الحساب ( 4 فبراير سنة 1903 م 15 ص 132 ) ، ولا دين ثابت بكمبيالة فى دين صدر به حكم غيابى ( 20 مايو سنة 1903 م 15 ص 308 ) ، ولا دين معترف به فى دين لايزال فى حاجة إلى إثبات ( 4 مايو سنة 1904 م 16 ص 233 ) ، ولا أجرة ثابتة فى تعويض لم يقدر ( 2 مارس سنة 1905 م 17 ص 151 ) ، ولا دين ثابت فى أسهم متنازع فيها وغير معلومة المقدار ( 12 فبراير سنة 1908 م 20 ص 84 ) ولا دين ثابت فى دين احتمالى ( 11 فبراير سنة 1909 م 21 ص 181 ) ، ولا دين ثابت فى دين محول متنازع فيه ( 22 يونيه سنة 1910 م 22 ص 377 ) ، ولا تجوز المقاصة فى دين غير مقدر ( 23 نوفمبر سنة 1911 م 24 ص 15 ) ، أو تعويض غير مقدر ( 20 مارس سنة 1913 م 25 ص 250 ) ، أو دين يحتاج فى تقديره إلى خبير ( 15 مايو سنة 1913 م 25 ص 381 – 11 يونيه سنة 1914 م 26 ص 425 ) أو بوجه عام دين متنازع فيه ( 16 مايو سنة 1918 م 30 ص 435 – 30 ديسمبر سنة 1929 م 42 ص 120 – 18 فبراير سنة 1930 م 42 ص 295 – 14 يناير سنة 1931 م 43 ص 151 – 19 يناير سنة 1932 م 44 ص 122 – 14 أبريل سنة 1932 م 44 ص 278 – 10 يناير سنة 1934 م 46 ص 118 – 30 يناير سنة 1935 م 47 ص 137 – 28 مايو سنة 1935 م 47 ص 341 – 21 نوفمبر سنة 1935 م 48 ص 34 – 11 مارس سنة 1936 م 48 ص 176 – 4 نوفمبر سنة 1936 م 49 ص 1 – 25 نوفمبر سنة 1937 م 50 ص 27 – 2 فبراير سنة 1938 م 50 ص 121 – 5 مايو سنة 1938 م 50 ص 285 ) .
( [1594] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بمقاصة أجرة ثابتة فى محصول ورده المستأجر للمؤجر بكميات محددة وبمخالصات من المؤجر ( 15 أبريل سنة 1897 م 9 ص 276 ) .
وقد يكون الدين بعضه ثابت وبعضه متنازع فيه أو غير معلوم المقدار ، فيجوز للقاضى أن يحكم بالمقاصة فى الجزء الثابت ، ويستبقى الجزء الآخر حتى يتم تقديره . ويجوز للقاضى كذلك فى الدين المتنازع فيه أن يحدد مقداراً منه هو الحد الأدنى لما يعتبره القاضى ثابتاً فى ذمة المدين ، ويقضى بالمقاصة فى هذا المقدار مقاصة قانونية لا مقاصة قضائية ، إذا لم ير ضرورة للانتظار حتى يفصل فى الدين كله ( أنظر فى هذا المعنى بودرى وبارد 3 فقرة 1833 مكررة أولا ص 173 ) . وكان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يتضمن نصاً يقرر هذا المبدأ ، هو المادة 500 من هذا المشروع ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " إذا كان الدين الذى طلبت المقاصة فيه غير خال من النزاع ، وكان الفصل فيه ميسوراً ، جاز للقاضى أن يجرى المقاصة فيما ثبت له وجوده من هذا الدين " . وقد أقرت لجنة المراجعة هذه المادة ، كما أقرها مجلس النواب ، ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفتها " لأنها تتناول نقطة تفصيلية يحسن تركها للقواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 268 فى الهامش ) . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى شأن هذه المادة ما يأتى : " فيراعى من ناحية أنه ( المشروع ) أجاز المقاصة ولو كان دين المدين متنازعاً ، وجعل للقاضى أن يجريها فيما ثبت له وجوده من هذا الدين . ولا يعتبر هذا الإجراء صورة من صور المقاصة القضائية ، لأن أثر القصاص فى هذه الحالة ينسحب إلى وقت تلاقى الدينين ولا يترتب من وقت صدور الحكم فحسب " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 274 ) .
وهناك طريقة يستطيع من كان له دين متنازع فيه أن يلجأ إليها إلى أن يفصل فى النزاع ، فتقع المقاصة . وذلك أن يوقع حجزاً تحت يد نفسه بالدين الذى له وهو الدين المتنازع فيه على الدين الذى فى ذمته لمدينه والذى يرمى إلى إجراء المقاصة فيه . ويجوز الحجز هنا بدين متنازع فيه على أن يقدر القاضى الدين تقديراً مؤقتاً . فإذا فصل فى مقدار الدين فى دعوى تثبيت الحجز ، أصبح الدين خالياً من النزاع ، ووقعت المقاصة . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا حجز المدين تحت يد نفسه بدين له على الدائن ، فبمجرد تثبيت الحجز تقع المقاصة بين الدينين ( استئناف مختلط 28 مارس سنة 1901 م 13 ص 220 ) .
( م 57 – الوسيط ) .
( [1595] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1833 مكررة ثانياً .
( [1596] ) وقد يكون للمدين الحق فى حبس الدين المستحق الأداء ، فيكون الحبس بمثابة الأجل ، ولا يكون الدين فى هذه الحالة مستحق الأداء ، فلا يصلح للمقاصة . فإذا اشترى الدائن من مدينه عقاراً مرهوناً لغيره ، كان من حقه أن يحبس الثمن ليوفى حق الدائن المرتهن . فلا يستطيع البائع العقار أن يتمسك بالمقاصة بين هذا الثمن والدين الذى عليه للمشترى . ولكن المشترى يستطيع أن ينزل عن حقه فى حبس الثمن ، وأن يتمسك هو بالمقاصة بين الثمن والدين الذى فى ذمة البائع ، فإذا ما رجع الدائن المرتهن على العقار المرهون واستوفى حقه منه ، رجع المشترى على البائع بالضمان . والقضاء الفرنسى يمنع ، فى هذه الحالة ، التمسك بالمقاصة ، سواء من جانب البائع أو من جانب المشترى ، بدعوى أن أحد الدينين ، وهو الثمن ، قد ترتب عليه حق للغير ، وهو الدائن المرتهن . وقد طبقنا هذا المبدأ الذى يقول به القضاء الفرنسى فى حالة ما إذا بيع مال المدين فى المزاد وفاء لديونه ، فرسا المزاد على أحد الدائنين ، فلا تقع المقاصة بين الدين الذى لهذا الدائن والثمن الذى عليه ، لأن الثمن قد تعلق به حقوق الدائنين الآخرين ، فيجب أن يقسم بينهم قسمة الغرماء ( أنظر آنفاً فقرة 533 فى الهامش ) . ولكن لامزاد الجبرى فى هذه الحالة الأخيرة قد طهر العقار من الرهون إن كان مرهوناً ، وهو على كل حال جعل حقوق الدائنين تتعلق بالثمن الذى رسا به المزاد ، فلم يعد الثمن بعد أن تعلقت به حقوق الغير صالحاً للمقاصة ، أما فى بيع العقار المرهون بيعاً اختيارياً ، فإن حق الدائن لم يتعلق بالثمن ، بل هو لا يزال متعلقاً بالعقار المرهون ( أنظر فى هذه المسألة بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1287 مكررة ثالثا – لوران 18 فقرة 42 – بودرى وبارد 3 فقرة 1848 – وقارن ديمولومب 28 فقرة 635 – أوبرى ورو 4 فقرة 326 هامش رقم 3 – بيدان ولاجارد 9 فقرة 1039 ) .
( [1597] ) ولا يعتبر الرصيد فى الحساب الجارى قد حل قبل قطع الحساب ، ونم ثم لا تجوز مقاصة رصيد حساب جار لم يقطع فى دين آخر ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1286 ص 693 ) .
( [1598] ) استئناف مختلط 23 يناير سنة 1930 م 42 ص 177 .
( [1599] ) فإذا كان على المستأجر أجرة لم تحل ، استطاع أن ينزل عن الأجل وهو فى مصلحته ، وأن يتمسك بالمقاصة بين دين الأجرة الذى لم يحل ودين له فى ذمة المؤجر . ولكن إذا كان المؤجر قد حول الأجرة قبل حلولها إلى محال له ، وذلك قبل أن ينزل المستأجر عن الأجل ويتمسك بالمقاصة ، فإن المقاصة بعد ذلك لا تقع ، وعلى المستأجر أن يدفع الأجرة إلى المحال له ويتقاضى من المؤجر الدين الذى فى ذمته ( بودرى وبارد 3 فقرة 1835 ) .
وقد يحل الأجل قبل انقضائه بناء على اتفاق سابق ، كما إذا اشترط الدائن على المدين أن تحل جميع الأقساط إذا تأخر المدين فى دفع قسط منها . فإذا حلت على هذا الوجه ، أمكن الدائن أن يقاص بها ديناً فى ذمته للمدين ( استئناف مختلط 20 مارس سنة 1913 م 25 ص 250 ) .
( [1600] ) ولا يكون الدين صالحاً للمقاصة بعد إيداع التاجر دفاتره للحصول على صلح واق ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1940 م 52 ص 136 ) . ولكن إذا كان الدينان المتقابلان كلا لا يقبل التجزئة ، كما فى الحساب الجارى وفى حساب الوصى وفى الحساب ما بين الوكيل والموكل وفى أى حساب آخر ما بين شخصين ، فإن المقاصة تقع حتى بعد إفلاس أحد المدينين : استئناف مختلط 26 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 48 – 25 فبراير سنة 1914 م 26 ص 253 . وهذا هو الحكم أيضاً فيما إذا كان الدينان لهما مصدر واحد كعقد ملزم للجانبين : استئناف مختلط 12 فبراير سنة 1936 م 48 ص 123 . وهذا المبدأ هو الذى يسير عليه القضاء الفرنسى ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1287 – فقرة 1287 مكررة ) .
وفى القانون الفرنسى إذا كان الإفلاس يحول دون المقاصة ( بودرى وبارد 3 فقرة 1836 ) ، فإن الإعسار لا يحول ( بودرى وبارد 3 فقرة 1837 ) لأنه لم ينظم كما نظم فى التقنين المصرى الجديد .
( [1601] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1289 مكررة – ولا تجوز المقاصة بين حق رب العمل فى ذمة العامل وحق العامل فى التعويض عن إصابات العمل ، لأن قانون إصابات العمل قد نص فى المادة 8 / 2 على عدم جواز الحجز على المبالغ المستحقة تعويضا للعامل المصاب ( الأستاذ حلمى مراد 2 ص 533 وما بعدها – الأستاذ عبد الحى حجاز 3 ص 108 – ص 109 ) .
( [1602] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 501 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 376 فى المشروع النهائى . ثم واق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 363 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 271 – ص 272 ) .
( [1603] ) التقنين المدنى السابق : م 194 / 258 : . . . . وبشرط أن يكونا واجبى الأداء فى محل واحد .
( ونرى من ذلك أن التقنين المدنى السابق يشترط وحدة مكان الوفاء فى الدينين ، خلافاً للتقنين المدنى الجديد فقد ألغى هذا الشرط صراحة – ومع ذلك قارن الموجز للمؤلف فقرة 589 ووالتون 2 ص 521 – ص 522 ، وأنظر آنفاً فقرة 532 فى الهامش – وإذا سلمنا أن وحدة مكان الوفاء كانت شرطاً فى التقنين السابق ، فإن العبرة فى تطبيق أحكام التقنين الجديد تكون بالوقت الذى تتم فيه المقاصة ، أى بالوقت الذى يتلاقى فيه الدينان المتقابلان متوافرة فيهما شروط المقاصة . فإن كان هذا الوقت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 وجب تطبيق أحكام التقنين السابق ، وإلا طبقت أحكام التقنين الجديد فلا تشترط وحدة المكان . على أنه يلاحظ أن وحدة المكان إذا لم تكن متوافرة قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، ثم استمر الدينان متقابلين بعد هذا التاريخ مع تخلف هذا الشرط ، كان التقنين الجديد هو الذى يسرى ، فلا تشترط وحدة المكان وتقع المقاصة بالرغم من تخلف هذا الشرط . ولكنها لا تقع إلا فى 15 أكتوبر سنة 1949 وقت سريان التقنين الجديد ، ولا تقع قبل ذلك عند تلاقى الدينين حيث كان التقنين القديم هو الذى يسرى ) .
( [1604] ) التقنيات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 361 ( مطابقة للمادة 363 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 350 ( مطابقة للمادة 363 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : لا مقابل فيه للنص . ولكنه لم يذكر اتحاد مكان الوفاء ضمن شروط المقاصة ، فيستخلص من ذلك أنه ليس بشرط ، ويتفق التقنين العراقى مع التقنين المصرى إذن فى هذا الحكم ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 330 / 2 : وليس من الضرورة أن يكون الدينان واجبى الأداء فى مكان واحد .
( وحكم التقنين اللبنانى يتفق مع حكم التقنين المصرى ) .
( [1605] ) أنظر فى هذا المعنى المادة 1296 من التقنين المدنى الفرنسى ، وتجرى على الوجه الآتى : " إذا كان الدينان غير واجبى الوفاء فى مكان واحد ، لم يجز التمسك بالمقاصة إلا بعد حساب مصروفات النقل " . وهذا هو النص فى أصله الفرنسى : Art . 1296 : Lorsque les dettes ne sont pas payables au meme lieu, on n'en peut opposer la compensation qu'en faisant raison des frais de la remise .
وأنظر أيضا فى هذا المعنى المدة 391 / 1 من التقنين المدنى الألمانى والتعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 391 فقرة 2 – فقرة 3 .
( [1606] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ويراعى من وجهة أخرى أنه ( أى التقنين الجديد ) أجازها ( أى المقاصة ) كذلك ولو اختلف مكان الوفاء فى الدينين . بيد أنه يتعين على من يتمسك بالمقاصة فى هذه الحالة أن يعوض الدائن عما لحقه من ضرر لعدم تمكنه ، من جراء هذه المقاصة ، من استيفاء ماله من حق ، أو الوفاء بما عليه من دين ، فى المكان الذى حدد لذلك . فلو فرض أن أحد الدينين واجب الوفاء فى القاهرة ، وأن الدين الآخر واجب الوفاء فى باريس ، وأن الدائن الذى اشترط الوفاء فى باريس قد تحمل خسارة من جواء عدم استيفائه لحقه فى هذه المدينة بسبب المقاصة ، كان لهذا الدائن أن يرجع بنفقات نقل المبلغ إذا كان قد ألجئ إلى ذلك : أنظر المادة 1296 من التقنين الفرنسى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 274 – ص 275 ) .
ويذهب بودرى وبارد إلى أنه كان من الممكن ، من الناحية التشريعية ، عدم اشتراط استحقاق الدينين للأداء ، كما لم تشترط وحدة مكان الوفاء . وإذا كان اختلاف مكان الوفاء أمكنت مواجهته عن طريق حساب نفقات النقل ، فقد كان من الممكن كذلك مواجهة اختلاف زمان الوفاء عن طريق استنزال ما يقابل الوقت الباقى للاستحقاق من الدين ( بودرى وبارد 3 فقرة 1489 ص 187 ) .
( [1607] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 502 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدى كان يتضمن عبارة تقضى بعدم جواز وقوع المقاصة أيضاً " عندما يتنازل المدين مقدماً عن المقاصة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 377 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة " عندما يتنازل المدين مقدماً عن المقاصة " نظراً لأن " البنوك فى معاملاتها مع الأفراد تتمسك فى عقودها معهم بالنص على عدم جواز تمسكهم بالمقاصة ، وفى هذا ضرر بليغ بهؤلاء الأفراد ، ويجب أن يضمن مشروع هذا القانون نصا يمن النزول مقدماً عن التمسك بالمقاصة " . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته تحت رقم 364 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 273 وص 275 – ص 276 ) .
( [1608] ) التقنين المدنى السابق : م 195 / 259 : لا محل للمقاصة إذا كان أحد الدينين غير جائز الحجز عليه ، أو عبارة عن مبلغ مودع أو أشياء مودعة يمكن قيام بعضها مقام بعض .
( ولم يورد التقنين المدنى السابق ، بين الديون التى لا تقع المقاصة فيها ، الشىء المنزوع دون حق من يد مالكه والشىء المعار . ففيما يتعلق بهذين تكون العبرة بوقت تلاقى الدينين ، فإن كان سابقاً على 15 أكتوبر سنة 1949 سرى التقنين السابق فتقع المقاصة ، وإلا سرت أحكام التقنين الجديد فلا تقع ) .
( [1609] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 362 ( مطابقة للمادة 364 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 351 ( مطابقة للمادة 364 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 410 : إذا كان للوديع دين على صاحب الوديعة ، والدين والوديعة من جنس واحد ، أو كان للغاصب دين على صاحب العين المغصوبة من جنسها ، فلا تصبر الوديعة أو العين المغصوبة قصاصاً بالدين ، إلا إذا تقاص الطرفان بالتراضى .
م 411 : إذا أتلف الدائن عيناً من مال المدين ، وكانت من جنس الدين ، سقطت قصاصاً ، وإن كانت خلافه فلا تقع المقاصة دون تراضيهما .
م 412 : إذا كان للكفيل المحروم من حق التجريد دين على الدائن المكفول له من جنس الدين المكفول به ، فالدينان يلتقيان قصاصاً من غير رضاهما . وإن كانت من غير جنس الدين المكفول به ، فلا يلتقيان قصاصاً إلا بتراضى الدائن المكفول له من الكفيل لامع المدين .
( والتقنين العراقى يورد حالتى الغصب والوديعة ، ويغفل حالة العارية . وأما التعويض عن التلف ، فقد أجرى عليه حكم القواعد العامة . وخالف التقنين المصرى فى المقاصة القانونية التى تقع بين دين الكفيل والدين المكفول به ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 331 : تجرى المقاصة أية كانت أسباب أحد الدينين ، فيما خلا الأحوال الآتية : 1 - عند المطالبة برد شىء نزع بلاحق من يد مالكه . 2 - عند المطالبة برد وديعة أو عارية استعمال . 3 - إذا كان هناك دين غير قابل للعجز . إذا عدل المديون مقدما عن المقاصة .
( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصرى ، فيما عدا أن التقنين اللبنانى يجبر النزول مقدماً عن المقاصة كما كان يفعل المشروع التمهيدى للتقنين المصرى ) .
( [1610] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 274 .
( [1611] ) أما التقنين المدنى الألمانى فلم يورد إلا حالة واحدة لا تجوز فيها المقاصة ، هى أن يكون مصدر الدين عملا غير مشروع ارتكب عمداً ، فلا يجوز للمدين فى هذا العمل أن يقاص دنيه هذا بدين له فى ذمة المضرور : أنظر التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول م 393 .
( [1612] ) وقد ورد فى المادة 391 من التقنين المدنى العراقى : " رب الدين إذا ظفر عرضاً بجنس حقه من مال مدينه وهو على صفته ، فله الاحتفاظ به " . وقد اعتبر القانون هنا ظفر الدائن عرضاً بجنس حقه من مال مدينه وفاء ، لأن الدائن لم يستول عليه عنوة ولم ينتزعه اغتصاباً ، بل ظفر به عرضاً .
( [1613] ) ويذهب بودرى وبارد إلى أن القواعد العامة لا تقضى فى هذه الحالة بوقوع المقاصة ، إلا إذا انتزع الدائن من مدينه نقوداً استهلكت أو اختلطت بمال الدائن فأصبحت ديناً فى ذمته ، أما إذا انتزع نقوداً لم تستهلك ولم تختلط بماله فاحتفظت بذاتيتها ، أو انتزاع مثليات ، فقد تعينت وأصبحت بانتزاعها عيناً معينة بالذات فتمتنع المقاصة بموجب القواعد العامة دون حاجة إلى نص خاص ، لأن العين المعينة بالذات لا تمكن المقاصة فيها . وإذا استهلك الدائن المثليات غير النقود التى انتزعها من مدينه ، فإنه لا يستطيع أيضاً أن يتمسك ، فى التعويض الذى يترتب فى ذمته ، بالمقاصة ، لأن التعويض يكون فى هذه الحالة ديناً غير معلوم المقدار ، فتمتنع المقاصة طبقاً للقواعد العامة دون حاجة إلى نص خاص ( بودرى وبارد 3 فقرة 1854 – وأنظر أيضاً : ديمولومب 28 فقرة 588 و590 – لوران 18 فقرة 445 – هيك 8 فقرة 159 ) .
( [1614] ) لا رومبيير 5 م 1293 فقرة 2 – ديمولومب 28 فقرة 289 – لوران 18 فقرة 444 – بودرى وبارد 3 فقرة 1853 .
( [1615] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1856 ص 196 – ص 197 .
( [1616] ) وكان التقنين المدنى السابق ، كما رأينا ، قد اقتصر فى نقلها على الوديعة دون العارية . والوديعة وحدها هى التى تكلم فيها بوتييه ، ودوماهو الذى تكلم فى العارية .
( [1617] ) استئناف مختلط 3 مارس سنة 1927 م 39 ص 302 – المنصورة 21 ديسمبر سنة 1937 المحاماة 19 رقم 540 ص 1448 . وقد تكون الوديعة أسهماً أو سندات فلا تجوز فيها المقاصة ( استئناف وطنى 4 مايو سنة 1909 الحقوق 24 ص 177 ) .
( [1618] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1856 ص 194 .
( [1619] ) قارن بودرى وبارد 3 قرة 1856 ص 195 – ص 196 .
( [1620] ) فإذا تسلم الوكيل نقوداً لحساب الموكل ، وقعت المقاصة ، إذا توافرت شروطها ، بين هذه النقود وبين ما قد يكون للوكيل فى ذمة الموكل من دين يتعلق بالمصروفات التى أنفقها فى تنفيذ الوكالة ( بودرى وبارد 3 فقرة 1856 مكررة أولا ) .
( [1621] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى العبارة الأولى من المادة 503 من المشروع التمهيدى ونصها كالآتى : " لا تقع المقاصة إلا إذا طلبها من له مصلحة فيها " . وفى لجنة المراجعة عدل النص على الوجه الآتى : " لا تقع المقاصة إلا إذا تمسك بها من له مصلحة فيها " ، وأصبح رقم المادة 378 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ عدل النص أولا على النحو الآتى : " لا يقضى بوقوع المقاصة إلا إذا تمسك بها من له مصلحة فيها ، ولا يجوز النزول عنها قبل ثبوت الحق فيها " ، وذلك " إبرازاً لمعنى انصراف النص إلى حالة التمسك بالمقاصة أمام القضاء . . . وقد رأت اللجنة . . أن المقاصة طريق من طرق الاستيفاء ، ومن الخير ألا يتنازل صاحب الحق عنه إلا بعد ترتبه " . ثم عدل النص بعد ذلك فى اللجنة نفسها على النحو الذى استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأعيدت عبارة " لا تقع المقاصة " بدلا من عبارة " لا يقضى بوقوع المقاصة " ليكون الحكم مطلقاً لا يرتبط بالتقاضى ، وقد تقع المقاصة خارج دائرة التقاضى " ، وأصبحت المادة رقمها 365 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 277 – ص 281 ) .
( [1622] ) التقنين المدنى السابق م 192 / 256 : المقاصة هى نوع من وفاء الدين يحصل حتما بدون علم المتعاملين إذا كان كل منهما دائناً ومديناً للآخر .
( وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين الجديد ، إذ كان العمل جاريا فى عهد التقنين السابق على وجوب التمسك بالمقاصة : الموجز للمؤلف فقرة 591 ) .
( [1623] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 363 / 1 ( مطابقة للمادة 365 / 1 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 352 / 1 ( مطابقة للمادة 365 / 1 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 413 : تقع المقاصة بقدر الأقل من الدينين ، ولا تقع إلا إذا تمسك بها من له مصلحة فيها .
( ويتفق هذا الحكم مع حكم التقنين المصرى . ولم يذكر التقنين العراقى ، كما ذكر التقنين المصرى ، أنه لا يجوز النزول عن المقاصة قبل ثبوت الحق فيها . فيجوز القول فى القانون العراقى أنه يجوز النزول عن المقاصة قبل ثبوت الحق فيها تبعاً للرأى السائد فى الفقه الفرنسى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 359 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 331 : تجرى المقاصة . . . فيما خلا الأحوال الآتية : . . . 4 - إذا عدل المديون مقدماً عن المقاصة .
م 332 : لا تجرى المقاصة حتما ، بل بناء على طلب أحد الفريقين .
( والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى ، فيما عدا أنه يجوز فى التقنين اللبنانى النزول مقدماً عن المقاصة وذلك بصريح النص ) .
( [1624] ) أنظر آنفاً فقرة 528 .
( [1625] ) دى باج 3 فقرة 619 – وذو المصلحة فى المقاصة هو أحد المدينين . وقد يكون مديناً متضامناً يتمسك بمقاصة تمت بين الدائن ومدين متضامن آخر ، أو كفيلا يتمسك بمقاصة تمت بين المدين والدائن ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 291 ) .
( [1626] ) وهذا هو الذى يميز التقنين المدنى الجديد عن القوانين اللاتينية . ففى هذه القوانين تقع المقاصة أيضاً بحكم القانون ، وبمجرد تلاقى الدينين ، وبغير علم من ذى المصلحة ، بل وعلى الخصم أن ينبه القاضى إلى وجوب تقرير وقوعها لأن القاضى لا يعلم بوقوعها فى أغلب الأحيان فيجب تنبيهه إلى ذلك . ولكن – وهنا تفترق القوانين اللاتينية عن التقنين المصرى الجديد – إذا علم القاضى عرضاً بوقوع المقاصة ، كأن وقف على ذلك من واقع ملف الدعوى والمستندات ، حكم من تلقاء نفسه بوقوعها فى القوانين اللاتينية ( ديمولومب 28 فقرة 643 – لوران 18 فقرة 381 – بودرى وبارد 3 فقرة 1861 ) ، أما فى التقنين المصرى الجديد فالنص صريح فى أنه لا يجوز للقاضى أن يحكم بوقوع المقاصة من تلقاء نفسه بل لابد من التمسك بها . على أن هناك رأياً فى الفقه الفرنسى يذهب هو أيضاً إلى وجوب التمسك بالمقاصة وإلى أنه لا يجوز للقاضى أن يحكم بها من تلقاء نفسه ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2054 – كولان وكابيتان 2 فقرة 562 – جوسران 2 فقرة 936 ص 497 – أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ Compensation فقرة 7 ) .
( [1627] ) استئناف مختلط 11 يناير سنة 1900 م 12 ص 75 – 8 إبريل سنة 1936 م 48 ص 219 – أوبرى ورو 4 فقرة 328 ص 354 – ص 355 – دى باج 3 فقرة 618 ص 594 – بودرى وبارد 3 فقرة 1682 – ولكن لا يجوز التمسك بالمقاصة لأول مرة أمام محكمة النقض ( أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ Compensation فقرة 10 ) .
( [1628] ) ويطلب الخصم وقف إجراءات التنفيذ حتى يحكم قاضى الموضوع فى وقوع المقاصة ( استئناف مختلط 17 مايو سنة 1905 م 17 ص 289 ( أنسيكلوبيدى داللوز 1 لفظ Compensation فقرة 13 ) ، وذلك حتى لو لم تقع المقاصة إلا بعد صدور الحكم النهائى ( استئناف مختلط 24 مايو سنة 1938 م 50 ص 319 ) . وصدور حكم نهائى بالدين لا يتعارض مع التمسك بعد ذلك بالمقاصة ، فالمطلوب من المدين أن يوفى الدين المحكوم به تنفيذا للحكم النهائى ، ووفاء الدين قد يكون عن طريق المقاصة به فى دين آخر ولو كان هذا الدين لاحقاً للحكم النهائى ، فتعتبر المقاصة فى حكم الوفاء من حيث تنفيذ الحكم ( بودرى وبارد 3 فقرة 1864 ) .
( [1629] ) أما حكم القاضى فليس إلا كاشفاً عن وقوع المقاصة . على أنه لو كان الدين متنازعاً فيه ، تم حسم النزاع بحكم ، وتمسك ذو الشأن بالمقاصة القانونية ، اعتبرت المقاصة واقعة من وقت حسم النزاع . ( أنظر ما يلى فقرة 551 – وقارن استئناف مختلط أول أبريل سنة 1943 م 55 ص 116 – 13 فبراير سنة 1945 م 57 ص 49 ) .
( [1630] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " لم يختر المشروع مذهب التقنين الألمانى ( م 388 ) فى وقوع المقاصة بمقتضى إعلان يصدر من جانب واحد ، بل التزم على نقيض ذلك التصوير اللاتينى فى ترتيب أثرها بحكم القانون . ولك ما هنالك أنه نص على وجوب طلبها ، تأكيداً لنفى ارتباطها بالنظام العام أو تخويل القضاء سلطة الحكم بها من تلقاء نفسه . ويراعى أن هذا الطلب لا يختلف عن الإعلان الذى يتطلبه التقنين الألمانى من حيث الشكل فحسب ، بل وكذلك من حيث الآثار . فلو فرض أن طلب المقاصة أفرغ فى صورة إعلان صدر فى غير مجلس القضاء ، فلا يكون من أثر ذلك محو الفوارق الجوهرية بين المذهب الجرمانى والمذهب اللاتينى فى هذا الصدد . فإذا وفى أحد الطرفين عند تلاقى الدينين ، فالظاهر وفقاً للمذهب الجرمانى أن الإعلان بالمقاصة يصبح ممتنعاً ويكون الوفاء صحيحاً ، فى حين أن الوفاء فى هذه الحالة يعتبر وفقاً للمذهب اللاتينى وفاء بدين تم انقضاؤه ويكون للموفى حق المطالبة برد ما أداه : تعليقات على التقنين الألمانى جزء أول ص 542 " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 282 ) .
وجاء أيضاً فى مكان آخر : " يختلف مذهب التقنينات اللاتينية عن مذهب التقنينات الجرمانية فيما يتعلق بالمقاصة . فالمقاصة القانونية تقع ، وفقاً لمذهب التقنينات اللاتينية ، بحكم القانون وبمقتضى هذا الحكم وحده ولو كان المدين غير عالم بأمرها : المادة 1290 من التقنين وأنظر كذلك المادة 192 / 256 من التقنين المصرى . أما التقنينات الجرمانية فلا تتم فيها المقاصة بحكم القانون ، بل بمقتضى تعبير عن الإرادة يصدر من جانب واحد : المادة 388 نم التقنين الألمانى . على أن اختلاف هذين المذهبين فيما يتعلق بالقاعدة العامة لا يلبث أن يتضاءل إلى حد بعيد عند مواجهة التفاصيل ، فيراعى من ناحية أن التقنينات اللاتينية تستلزم طلب المقاصة ، وهى بهذا تحتم صدور تعبير عن الإرادة كما هو الشأن فى التقنينات الجرمانية . ويراعى من ناحية أخرى أن التقنينات الجرمانية تسند أثر التعبير عن الإرادة ، فينقضى الدينان المتقابلان بالمقاصة من وقت توافر شروط القصاص بالنسبة لهما كما هى الحال فى التقنينات اللاتينية . وقد اختار المشروع مذهب التقنينات اللاتينية ، إلا أنه تحاشى التعبير بوقوع المقاصة بحكم القانون دون علم المدينين ، والحق أن فى هذا التعبير مدخلا للشك فى طبيعة المقاصة ، فضلا عن مجانبته للصحة . ذلك أن المقاصة ليست من النظام العام ، وليس للقاضى أن يحكم بها من تلقاء نفسه . وإزاء هذا احتذى مثال المشروع الفرنسى الإيطالى ، ونص على أن المقاصة لا تقع إلا إذا طلبها من له مصلحة فيها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 266 ) .
( [1631] ) أنظر تاريخ نص المادة 365 آنفاً فقرة 544 فى الهامش – وأنظر الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 111 .
( [1632] ) استئناف مصر 8 نوفمبر سنة 1939 المجموعة الرسمية 41 رقم 83 – وفى القانون الفرنسى ، كما سنرى ، يجوز النزول عن المقاصة بعد ثبوت الحق فيها وقبل ثبوت هذا الحق . والنزول بعد ثبوت الحق أشد إشكالا ، فى نظر الفقه الفرنسى ، من النزول قبل ثبوته . ذلك أن المقاصة بعد ثبوت الحق ، تكون قد قصت الدينين من وقت تلاقيهما بحكم القانون ، فكيف يمكن بعد ذلك النزول عن المقاصة وعودة الدينين بعد انقضائهما! ( أنظر فى هذا المعنى بيدان ولاجارد 9 فقرة 1050 ) .
( م – 58 الوسيط ) .
( [1633] ) وكل طلب يتقدم به المدين ، أو دفع يتمسك به ، ويكون متعارضاً مع وقوع المقاصة ، يمكن اعتباره نزولا ضمنياً عن التمسك بها ( استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1945 م 57 ص 49 ) .
( [1634] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1867 ص 209 .
( [1635] ) وقد ينزل أحد المدنيين عن المقاصة ولكن يتمسك بها المدين الآخر ، فتعق المقاصة بالرغم من نزول المدين الأول عنها . فيكفى إذن لوقوع المقاصة أن يتمسك بها أحد المدينين ، وإذا أريد للمقاصة ألا تقع وجب أن ينزل عنها المدينان معاً .
( [1636] ) والنزول عن المقاصة يقطع سريان التقادم ، لأنه يكون بمثابة إقرار بالدين ، فيعود الدين ويسرى فى حقه تقادم جديد ( بودرى وبارد 3 فقرة 1868 ص 210 ) .
( [1637] ) أنظر فى هذا المعنى ماركاديه 4 فقرة 833 – كولميه دى سانتير 5 فقرة 241 مكررة ثالثاً – أوبرى ورو 4 فقرة 327 ص 352 وهامش رقم 8 – لارومبير 5 م 1295 فقرة 1 – ديمولومب 28 فقرة 604 . وأنظر أيضاً المادة 331 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ، وهى تصرح بجواز النزول مقدماً عن المقاصة ( أنظر آنفاً فقرة 541 فى الهامش ) . وأنظر عكس هذا الرأى فلا يجوز النزول مقدما عن المقاصة : تولييه 7 فقرة 303 – لوران 18 فقرة 456 .
وإذا أجزنا النزول مقدما عن المقاصة ، أمكن الغير العلم بذلك ، فيكون النزول ساريا فى حقه . وهذا بخلاف النزل عن المقاصة بعد ثبوت الحق فيها ، فقد قدمنا أن هذا النزول لا يضار به الغير ولا يكون ساريا فى حقه ( بودرى وبارد 3 فقرة 1881 ص 220 ) .
( [1638] ) وقد ورد فى الأعمال التحضيرية تعليلان لعدم جواز النزول عن المقاصة قبل ثبوتها ، كلاهما ذكر فى لجنة مجلس الشيوخ : 1 - " للقضاء على محاولة الدائنين التحكم فى المدين عند نشوء الدين للحصول مقدماً على الرضاء بالتنازل عن هذا الحق " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 278 ) . 2 - " وقد راعت الجنة أن المقاصة طريق من طريق الاستيفاء ، ونم الخير ألا يتناول صاحب الحق عنه إلا بعد ترتبه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 279 ) . وقد قدمنا أن المشروع التمهيدى كان يتضمن نصاً يقضى بعدم جواز المقاصة عندما يتنازل المدين مقدماً عنها ، فعكست لجنة مجلس الشيوخ هذا الحكم ، ولم تجز التناول عن المقاصة قبل ثبوت الحق فيها ، نظراً لأن " البنوك فى معاملاتها مع الأفراد تتمسك فى عقودها معهم بالنص على عدم جواز تمسكهم بالمقاصة ، وفى هذا ضرر بليغ بهؤلاء الأفراد " ( أنظر تاريخ المادة 364 آنفاً فقرة 541 فى الهامش ) .
( [1639] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 507 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لم استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدى اشتمل فى آخر النص على عبارة " وكان له فى ذلك عذر مقبول " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 382 فى المشروع لانهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة " وكان له فى ذلك عذر مقبول " ، اكتفاء بواقعة جهل المدين لوجود حقه ، وحسما للمنازعات التى تنشأ عن تقدير ما يعتبر مقبولا أو غير مقبول من الأعذار ، وترك أمر الإثبات للقواعد العامة . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها لجنته رقم 369 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 289 – 290 ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 198 / 262 – وكانت تجرى على الوجه الآتى : " إذا اجتمع صفتا دائن ومدين فى شخص واحد ، ودفع ما عليه من الدين بغير التفات إلى المقاصة المستحقة له ، ثم طالب بما له من الدين ، وكان لمدينه كفلاء فيه أو شركاء متضامنون أو مدانيون متأخرون عن المطالب المذكور فى درجة الامتياز أو الرهن أو مالك لمنقول مرهون تأميناً على الدين المطالب به ، فلكل واحد من هؤلاء التمسك عليه بالمقاصة التى لم يلتفت إليها ، إلا إذا كان له عذر صحيح منعه وقت الوفاء عن العلم بوجود دينه الذى كانت تمكن به المقاصة " . والحكم فى هذا النص لا يختلف عن الحكم فى نص التقنين الجديد .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 367 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 356 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 416 ( وهى مطابقة مع إضافة عبارة " وكان له فى ذلك عذر مقبول " التى كانت واردة فى المشروع التمهيدى للتقنين المصرى ) – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى لا يوجد نص مقابل ، فيجب تطبيق القواعد العامة .
( [1640] ) أنظر آنفاً فقرة 546 .
( [1641] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1873 . وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يقضى بأن يثبت المدين أيضاً أنه كان له عذر مقبول فى جهله بوجود حقه ، ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفت العبارة التى كانت تقضى بذلك ، " اكتفاء بواقعه جهل المدين لوجود حقه ، وحسما للمنازعات التى تنشأ عن تقدير ما يعتبر مقبولا أو غير مقبول من الأعذار " ( أنظر تاريخ نص المادة 369 فى هذه الفقرة فى الهامش ) .
( [1642] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 289 – وأنظر بودرى وبارد 3 فقرة 1872 .
ونص المادة 369 مدنى يقابله فى التقنين المدنى الفرنسى المادة 1299 وتتضمن نفس الحكم والفقه الفرنسى يجعل مع ذلك كلا من المدين والدائن مخيرا ، فالمدين مخير بين الرجوع بحقه بما كان يكفله من تأمينات ، أو يرجع بدعوى استرداد غير المستحق وقد تكون له مصلحة فى ذلك إذا كان الدائن قد استوفى الحق وهو سيئ النية فيرجع المدين عليه بالفوائد ( ديمولومب 28 فقرة 623 – أوبرى ورو 4 فقرة 329 ص 357 – ص 357 – ص 358 – بودرى وبارد 3 فقرة 1872 – أنظر مع ذلك لوران 18 فقرة 464 ) . ولا نرى ما يمنع من العمل بهذا الحكم فى مصر ، فإن المادة 369 مدنى إنما تقرر أمراً لمصلحة المدين حسن النية ، فله أن يرجع إلى تطبيق القواعد العامة إذا رأى أن تطبيقها أصلح له ( أنظر فى هذا المعنى الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 294 ) . وكذلك الدائن ، إذا استوفى الحق وهو يجهل إنه انقضى بالمقاصة ، مخير بين الوفاء بدينه بما كان يكفله من تأمينات ، أو يرد ما استوفاه للمدين ويتمسك بالمقاصة التى تمت وهو يجهلها ( ديمولومب 28 فقرة 625 – فقرة 626 – لوران 18 فقرة 464 – أوبرى ورو 4 فقرة 329 هامش رقم 8 – بودرى وبارد 3 فقرة 1873 – أنسكلوبيدى داللوز 1 لفظ Compensation فقرة 180 ) . وهنا أيضاً لا يوجد ما يمنع من الأخذ بهذا الحكم فى مصر ، فإن المدين إذا لم يستبق حقه بما كان يكفله من تأمينات ، يكون قد استرد فعلا ما وفاء للدائن ، فوصل إلى حقه كاملا من طريق أقرب .
( [1643] ) تاريخ النصوص :
م 365 / 2 : ورد هذا النص ضمن 503 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا تحويرات لفظية بسيطة . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 378 من المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ قسم النص إلى فقرتين ، اشتملت الفقرة الثانية منهما على النص الذى نحن بصدده على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقم المادة 365 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 277 – 281 ) .
م 366 : ورد هذا النص فى المادة 504 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " إذا كان الدين قد سقط بالتقادم وقت طلب المقاصة ، فلا يمنع سقوطه من وقوع المقاصة فيه ، مادام هذا السقوط لم يمكن قد تم فى الوقت الذى أصبحت المقاصة فيه ممكنة " . وفى لجنة المراجعة حور النص تحويراً لفظياً ، فصار مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمه 379 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 366 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 281 و ص 283 ) .
( [1644] ) التقنين المدنى السابق م 193 / 257 : تحصل المقاصة بقدر الأقل من الدينين .
م 196 / 260 : يحصل التسديد بالمقاصة كما يحصل فى حالة الوفاء بالدفع عند تعدد الديون .
( والتقنينان السابق والجديد حكمها واحد . ولم يرد فى التقنين السابق ما يقابل نص المادة 366 من التقنين الجديد ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص لأنه متفق مع القواعد العامة : أنظر الموجز للمؤلف فقرة 590 – فقرة 591 – الأستاذ أحمد حشمت أبوستيت فقرة 819 – فقرة 820 ) .
( [1645] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 363 / 2 و364 ( مطابقتان للمادتين 365 / 2 و366 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م352 و353 ( مطابقتان للمادتين 365 / 2 و366 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 413 : تقع المقاصة بقدر الأقل من الدينين ، ولا تقع إلا إذا تمسك بها من له مصلحة فيها .
م 414 : إذا كان الدين لا تسمع فيه الدعوى لمرور الزمن وقت التمسك بالمقاصة ، فلا يمنع ذلك من وقوع المقاصة ما دلت المدة اللازمة لعدم سماع الدعوى لم تكن قد تمت فى الوقت الذى أصبحت فيه المقاصة ممكنة .
( وحكم التقنين العراقى يتفق مع حكم التقنين المصرى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 332 : لا تجرى المقاصة حتما بل بناء على طلب أحد الفريقين ، وهى تسقط الدين فى اليوم الذى تتوافر فيه الشروط اللازمة لإمكان التذرع بها مع قطع النظر عن الأمور التى تكون قد وقعت فيما بعد كسقوط أحد الموجبين بمرور الزمن .
م 333 : إن المقاصة فى الأساس تفعل عند الإدلاء بها فعل الإيفاء ، ولكن بقدر الدين الأقل . وهى تسقط ملحقات الموجب ( كرهن العقار والمنقول والكفالة الخ ) على نسبة إسقاطها للموجب نفسه . على ان سقوط الحقوق الخاضعة للقيد فى السجل العقارى لا يتم إلا بمحو ذاك القيد .
م 334 : يجوز للكفيل أن يطلب المقاصة بما يجب على الدائن للكفيل . كما أنه لا يجوز للمدين المتضامن أن يحتج بوجود دين آخر لأحد شركائه فى الدين مترتب على الدائن . أ / ا إذا احتج بالمقاصة الكفيل أو المديون المتضامن بعد أن يصبحا دائنين للدائن ، فالمقاصة تسقط الدين عن المديون الأصلى أو عن سائر المدينين ، ويحق لهؤلاء الإدلاء بالمقاصة .
م 336 : متى وجدت بين شخصين عدة ديون قابلة للمقاصة ، تطبق القواعد الموضوعة لتعيين جهة الإيفاء .
( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصرى إما بالنص أو بتطبيق القواعد العامة ، فيما عدا التضامن : ففى التقنين اللبنانى إذا وقعت المقاصة بين أحد المدينين المتضامنين والدائن دون أن يتمسك هذا المدين بها ، لم يجز لأى مدين متضامن آخر أن يحتج بهذه المقاصة ، أما فى التقنين المصرى فقد رأينا أن أى مدين آخر يحتج بالمقاصة لا بقدر حصة من وقعت معه ) .
( [1646] ) أنظر الفقرة الأخيرة من المادة 333 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى .
( [1647] ) أنظر المادة 334 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى – وكذلك يجوز للكفيل العينى أن يتمسك بالمقاصة الواقعة بين المدين ودائنه ، إذ المقاصة تقضى الدين المكفول ، فينقضى الرهن الواقع على مال الكفيل العينى .
( [1648] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1865 .
( [1649] ) أنظر المادة 334 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى – وأنظر آنفا فقرة 533 .
( [1650] ) أنظر المادة 334 من تقنين الموجبات و العقود اللبنانى – وتكون المقاصة هنا اختيارية لا قانونية ، فلا ينقضى الدينان إلا من وقت التمسك بالمقاصة ( أنظر آنفا فقرة 533 فى الهامش ) .
( [1651] ) أما التقنين المدنى العراقى فتقضى المادة 412 منه ، على النقيض من ذلك ، بما يأتى " إذا كان للكفيل المحروم من حق التجريد دين على الدائن المكفول له من جسن الدين المكفول به ، فالدينان يلتقيان قصاصاً من غير رضاهما " . فالمقاصة فى التقنين العراقى قانونية لا اختيارية ( أنظر آنفاً فقرة 541 فى الهامش ) .
( [1652] ) قارن المادة 334 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى وهى لا تجيز للمدين المتضامن أن يحتج بالمقاصة أصلا ولو بقدر حصة المدين المتضامن الذى وقعت معه المقاصة ، وقارن أيضاً المادة 1294 / 3 من التقنين المدنى الفرنسى وهى فى معنى التقنين اللبنانى .
ونستدرك هنا خطأ فى شأن التقنين اللبنانى ورد فى مناسبة المادة 37 من هذا التقنين ( أنظر آنفا ص 315 فى الهامش ) . فقد قنال هناك إن التقنين اللبنانى يجعل لكل مدين متضامن الحق فى إسقاط الدين كله بالمقاصة . والصحيح أنه لا يستطيع ذلك إلا إذا وقعت المقاصة معه هو ورجع عليه الدائن فتمسك بها ، وفى هذا يتفق التقنين اللبنانى مع سائر التقنينات العربية ومع التقنين الفرنسى . أما إذا تمسك المدين المتضامن بمقاصة وقعت مع مدين متضامن آخر دون أن يتمسك هذا المدين الآخر بها ، فإن هذا التمسك لا يفيد المتمسك أصلا ولا يستطيع هذا أن يستنزل من الدين حتى حصة المدين الذى وقعت معه المقاصة . وفى هذا يتفق التقنين اللبنانى مع التقنين الفرنسى ، ويخالف التقنينات العربية الأخرى .
( [1653] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1864 ص 205 – ويلاحظ أنه إذا كان أحد الديني المطلوب القصاص فيهما دون نصاب الاستئناف والدين الآخر يبلغ النصاب ، جاز رفع استئناف عن الحكم الصادر فى الدين الأول بالرغم من أنه لم يبلغ النصاب ، لأن الحكم تناول الدين الآخر وهو يبلغ ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1946 م 58 ص 40 ) .
( [1654] ) وحتى المقاصة التى تقع بإعلان عن الإرادة ، كما هو الأمر فى التقنينات الجرمانية ، فإنها تستند إلى وقت تلاقى الدينين كما قدمنا .
( [1655] ) وإذا رسا المزاد على الدائن المرتهن للعقار ، وكان مقدما على سائر الدائنين ، فوقعت المقاصة بين الثمن الذى فى ذمته الراسى به المزاد والحق الذى له المكفول بالرهن ، فإن المقاصة تقع وقت النطق بحكم مرسى المزاد ، ففى هذا الوقت يثبت الثمن ديناً حالا فى ذمة الدائن المرتهن ، فيتلاقى الدينان متوافرة فيهما شروط المقاصة . ومن ثم لا يكون الدائن المرتهن فى حاجة إلى أن يدرج اسمه فى قائمة التوزيع بعد أن انقضى حقه بالمقاصة ، ويستطيع أن يتمسك بالمقاصة عن طريق المعارضة فى قائمة التوزيع النهائى ( استئناف مختلط 13 يونيه سنة 1940 م 52 ص 311 – 16 ديسمبر سنة 1947م 60 ص 31 ) .
( [1656] ) أنظر آنفا فقرة 528 – وأنظر المذكرة الإيضاحية المشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 282 – وقد كان هذا هو الحكم فى عهد التقنين المدنى السابق ، بالرغم من عدم اشتمال هذا التقنين على نص مماثل لنص المادة 366 فى التقنين المدنى الجديد ، وذلك لأن الحكم ليس إلا تطبيقاً للقاعدة العامة التى تقضى بأن المقاصة تقع من وقت تلاقى الدينين . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان أحد الدينين قد استحق فى 30 نوفمبر سنة 1915 والآخر فى آخر ديسمبر سنة 1928 ، فإنه فى هذا الوقت الأخير لم يكن الدين الأول قد سقط الحق فى المطالبة به بمضى المدة ، فيتقابل الدينان فيه وتقع المقاصة بقدر أقلهما . ولا يمنع من حصول هذه المقاصة أن يكون قد طلبها صاحب الدين الأول بعد دعوى خصمه صاحب الدين الثانى عليه مهما استطالت المدة ، لأن المقاصة تقع حتما بدون طلب نم ذى الشأن ، فالتمسك بها بعد رفع دعوى الخصم إنما هو تمسك بأمر قد وقع فعلا بقوة القانون ( نقض مدنى 24 ديسمبر سنة 1936 مجموعة عمر 2 رقم 21 ص 50 – أنظر أيضاً : استئناف مختلط 24 مايو سنة 1938 م 50 ص 319 ) .
( [1657] ) هذا وقد يتلاقى الدينان متوافرة فيهما شروط المقاصة ، ثم يطرأ بعد ذلك على أحد الدينين ما يجعله ينقضى بسبب آخر غير التقادم الذى نحن بصدده ، كأن يعمد أحد المدينين إلى تجديد دينه . ففى هذه الحالة إذا كان المدين قد جدد دينه وهو عالم بجواز التمسك بالمقاصة ، كان هذا التجديد بمثابة نزول ضمنى عن المقاصة يكون له حكم النزول وقد تقدم بيانه . أما إذا كان لا يعلم بوقوع المقاصة ، فإن التجديد يكون باطلا ، لأن الدين المراد تجديده يكون قد انقضى بالمقاصة فلا يكون هناك محل للتجديد .
( [1658] ) وتطبيقاً لهذه القواعد إذا تقابل دينان ، أدهما خمسمائة مثلا والآخر خمسمائة تضاف إليه مائة هى المصروفات والفوائد ، وقعت المقاصة فى الدين الآخر فى المصروفات والفوائد أولا ثم فى رأس المال . فينقضى الدين الأول كله . وينقضى من الدين الآخر المصروفات والفوائد أولا وهى المائة ، ثم أربعمائة من رأس المال ، وتبقى مائة من رأس المال .
( [1659] ) ولما كانت المقاصة فى القوانين الجرمانية تتم بإعلان عن الإرادة كما قدمنا ، فهنا يتسع المجال لمن أعلن عن إرادته فى إيقاع المقاصة أن يعين أيا من الديون المتعددة يريد إيقاع المقاصة فيه . وقد نصت المادة 396 من التقنين المدنى الألمانى فى هذا المعنى على ما يأتى : " إذا كان أحد الطرفين له حقوق متعددة تصلح كلها للمقاصة ، فللطرف الذى يوقع المقاصة أن يعين أيا من هذه الحقوق يريد أن تقع فيه . فإذا وقعت المقاصة دون هذا التعيين ، أو حصل التعيين ولكن الطرف الآخر اعترض عليه دون إبطاء ، وجب تطبيق أحكام الفقرة الثانية من المادة 366 " . ( أنظر التعليقات على التقنين المدنى الأمانى 1 م 396 فقرة 1 – فقرة 3 ) .
( [1660] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 282 – وأنظر بودرى وبارد 3 قرة 1864 ص 206 .
( [1661] ) ديمولومب 28 فقرة 655 – بودرى وبارد 3 فقرة 1864 ص 206 – ويترتب على ذلك أنه إذا قام دين من جهة ، ثم قام دينان متعاصران ( أى فى وقت واحد ) مقابلان له من جهة أخرى ، فإن هذين الدينين يكونان قائمين معاً وقت تلاقيهما مع الدين المقابل ، ويكون هناك محل لتطبيق القواعد المتعلقة بتعيين جهة الدفع ، فينقض الدين المكفول ويبقى الدين غير المكفول .
( [1662] ) تاريخ النصوص :
م 367 : ورد هذا النص في المادة 505 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 380 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 367 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 284 - 285 ) .
م 368 : ورد هذا النص في المادة 506 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن الفقرة الثانية من النص في المشروع التمهيدي كانت تنتهي بالعبارة الآتية : " إلا إذا كان الحق الذي يريد المقاصة به ثبت في ذمة المحيل بعد إعلان الحوالة " . ووافقت لجنة المراجعة علي النص تحت رقم 381 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت العبارة السالفة الذكر ، لأنه بعد إعلان الحوالة ينتقل الحق من المحيل إلي المحل له ، فإذا ثبت في ذمة المحيل للمدين دين بعد ذلك ، لم يكن هناك محل للمقاصة ، ففي القواعد العامة ما يغني عن هذه العبارة . وأصبحت المادة رقمها 368 . ووافق مجلس الشيوخ علي النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 285 وص 287 - ص 288 ) .
( [1663] ) التقنين المدني السابق م 197 / 261 : إذا أخال الدائن بدين وقعت فيه المقاصة ، وقبل المدين الحوالة ، فلا يصح له بعد ذلك التمسك بالمقاصة علي المحتال ، إنما له أن يطالب المحيل بدينه .
م 199 / 263 : وضع الحجز علي ما في ذمة المدين يمنع المذكور من طلب المقاصة التي تحدث بعد الحجز . ( وأحكام التقنين المدني السابق متفقة مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .
( [1664] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 365 - 366 ( مطابقتان للمادتين 367 - 368 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 354 – 355 ( مطابقتان للمادتين 367 - 368 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 415 ( مطابقة للمادة 367 من التقنين المدني المصري ) .
م 417 : ( مطابقة للمادة 368 من التقنين المدني المصري مع إضافة عبارة " إلا إذا كان الحق الذي يريد المقاصة به ثبت في ذمة المحيل بعد إعلان الحوالة " التي كان يتضمنها المشروع التمهيدي للتقنين المصري - والحكم في التقنين العراقي متفق مع الحكم في التقنين المصري : انظر الأستاذ حس الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقري 361 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 335 : إن المقاصة لا تؤثر في حقوق شخص ثالث مكتسبه من قبل .
( وقد اقتصر التقنين اللبناني علي إيراد المبدأ دون النص علي تطبيقاته . ولكن هذه التطبيقات بعمل بها في لبنان لأنها مستمدة من هذا المبدأ ) .
( [1665] ) وقد سبق أن بينا أن المادة 369 مدني تقرر مبدأ مكملا لهذا المبدأ ، هو أن النزول عن المقاصة لا يجوز أن يضر بالغير ، فإذا وفي المدين دينا وكان له أن يطلب المقاصة فيه بحق له ، فلا يجوز أن يتمسك إضرار بالغير بالتأمينات التي تكفل حقه ( انظر آنفا فقرة 547 ) . فلا يجوز إذن الأضرار بحقوق كسبها الغير ، لا عن طريق التمسك بالمقاصة ، ولا عن طريق النزول عنها .
( [1666] ) ويستوي أن ينشأ الدين المقابل بعد توقيع الحجز أو قبله ، ما دام لم يصلح للمقاصة إلا بعد توقيع الحجز ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 286 - استئناف مختلط 10 يناير سنة 1935 م 47 م ص 102 - وانظر أيضا المادة 392 من التقنين المدني الألماني والتعليقات علي التقنين المدني الألماني 1 م 392 فقرة 1 - فقرة 2 ) .
( [1667] ) استئناف مختلط 2 يناير سنة 1930 م 42 ص 140 - وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " ويعرض أول هذين التطبيقين عند توقيع حجز تحت يد المدين ، فإذا ترتب لهذا المدين دين في ذمة دائنه المحجوز علي ما له ، بعد توقيع ذاك الحجز ، امتنع عليه التمسك بالمقاصة إضراراً بالحاجز . ومؤدي هذا أن الدين المحجوز لا يجوز القصاص فيه ، شأنه من هذا الوجه شأن الدين غير القابل للحجز . ولا يشترط في هذه الحالة أن يترتب دين المدين في ذمة دائنه بعد الحجز ، بل تمتنع المقاصة كذلك ولو كان هذا الدين قد نشأ من قبل ما دامت شروطها لم تتوافر عند توقيعه : قارن المادة 392 من التقنين الألماني . ويراعي أخيراً أن للدائن الذي تمتنع عليه المقاصة في هذه الحالة أن يحجز تحت يد نفسه ، فيتيسر له بذلك أن يشترك مع الحاجز الأول في اقتسام الدين المحجوز عند التوزيع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 286 ) .
( [1668] ) استئناف مختلط 15 مايو سنة 1913 م 25 ص 379 .
( [1669] ) ومع ذلك يجوز للمدين أن يتمسك بالمقاصة ، ولو كان قد قبل الحوالة أو كان محجوزاً تحت يده قبل نشوء حقه ، إذا كان هذا الحق الذي يقاص دينه به نشأ من نفس المصدر الذي نشأ منه الدين وكان من شأنه أن يحدده ، ففي عقد البيع إذا كان البائع مدينا بضمان عيب ودائنا بالثمن ، ووقعت المقاصة بين الدينين ، ولكن البائع حول الثمن إلي أجنبي وقبل المشتري الحوالة ، أو وقع دائن للبائع حجزاً علي الثمن تحت يد المشتري قبل وقوع المقاصة ، فقبول المشتري للحوالة أو توقيع الحجز التحفظي تحت يده لا يمنعه من التمسك بالمقاصة بين الثمن وضمان العيب ( استئناف مختلط 8 يناير سنة 1914 م 26 ص 135 - 7 مايو سنة 1940 م 52 ص 247 ) .
( [1670] ) الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 293 ص 369 .
( [1671] ) انظر تاريخ المادة 368 مدني آنفا فقرة 553 في الهامش - وانظر ديرانتون 12 فقرة 434 - فقرة 436 - ماركادية 4 فقرة 842 - ديمولومب 28 فقرة 575 - فقرة 579 - لوران 18 فقرة 467 - هيك 8 فقرة 165 - أوبري ورو 4 فقرة 328 ص 347 - بودري وبارد 3 فقرة 1875 - فقرة 1880 .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما التطبيق الثاني فيتحقق إذا حول الدائن حقه للفير وقبل المدين هذه الحوالة دون تحفظ . فلا يجوز لهذا المدين أن يتمسك بالمقاصة إضراراً بالمحال له ، ولو كان له أن يتمسك بها من قبل . ولا يمكن لمن يفوت عليه التمسك بالمقاصة علي هذا الوجه إلا أن يرجع بدينه علي المحيل ، دون أن يكون له أن يتمسك بالتأمينات التي أنشئت لضمان الوفاء بهذا الدين إضراراً بالغير . ولكن إذا كان المدين قد أعلن بالحوالة دون أن يقبلها ، فلا يحول هذا الإعلان بينه وبين التمسك بالمقاصة . وغني عن البيان أنه لا يجوز للمدين أن يتمسك بالمقاصة بين دين وجب له في ذمة دائنه وبين الدين المحال به ، إذا كان كان دينه هو قد ترتب بعد إعلان الحوالة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 286 ) .
( [1672] ) ورد في التقنين المدني العراقي نص في المقاصة الاختيارية ، وهو نص المادة 409 من هذا التقنين ( انظر آنفا فقرة 532 في الهامش ) . ولم يرد له نظير ، لا في التقنين المدني المصري ، ولا في التقنينات المدني العربية الأخري .
( [1673] ) علي أن للمقاصة الاختيارية حدوداً لا تتخطاها إرادة الطرفين ، وهذه هي منطقة النظام العام . فهي لا تجوز بعد شهر الإفلاس ، بل ولا في المدة المشتبه فيها . كذلك لا يجوز أن يجربها رب العمل في الديون التي يه علي العمال يقاص بها مرتباتهم وأجورهم ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1294 ) .
( [1674] ) انظر آنفا فقرة 533 في الهامش وفقرة 550 .
( [1675] ) بل يستطيع الأجنبي أن يحول حقه قبل الدائن إلي المدين ، ويكفي إعلان الدائن لتكون الحوالة نافذة في حقه . فإذا تمت الحوالة أصبح المدين دائنا لدائنه ، فوقعت المقاصة القانونية بين الدينيني ( بودري وبارد 3 فقرة 1885 ص 225 ) – انظر في ذلك : لا رومبيير 5 م 1293 فقرة 18 - ديمولومب 28 فقرة 76 – فقرة 77 - بودري وبارد 3 فقرة 1885 - عكس ذلك : ديرانتون 12 فقرة 17 – لوران 18 فقرة 420 وكذلك يستطيع الأجنبي أن يقبل حوالة الدين الذي في المدين إلي ذمته ، برضاء الدائن أو بإقراره وفقا للقواعد المقررة في حوالة الدين ، فيصبح مدينا للدائن ودائنا له ، فتقع المقاصة ( انظر آنفا فقرة 533 في الهامش ) .
( [1676] ) انظر تطبيقا تشريعيا في التقنين المدني الفرنسي في المادة 1291 / 2 من هذا التقنين . وانظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1293 .
( [1677] ) بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1292 .
( [1678] ) نقض مدني 4 أبريل سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 57 ص 144 - ديمولومب 28 فقرة 671 – فقرة 673 - لارومبيير 5 م 1293 فقرة 16 - لوران 18 فقرة 469 - بودري وبارد 3 فقرة 1887 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1295 .
وإذا وقع نزاع في صحة إجراء المقاصة الاختيارية ، حسم القاضي النزاع . ولكن لا تنقلب المقاصة الاختيارية بذلك الي مقاصة قضائية ، فإن القاضي لا يملك في المقاصة الاختيارية سلطة تقديريه ، بل يتعين عليه أن يقضي بوقوعها إذا كانت شروطها متوافرة ، وهو يملك هذه السلطة التقديرية في المقاصة القضائية ، كما سنري . وإذا رفع الدائن علي المدين دعوي الدين ، وأراد المدين إجراء المقاصة الاختيارية ، لم يكن في حاجة إلي رفع دعوي فرعية كما هو الأمر في المقاصة القضائية علي ما سنري ، بل يكفي أن يقدم إلي المحكمة طلبا بذلك ( بودري وبارد 3 فقرة 1886 ) .
( [1679] ) بودري وبارد 3 فقرة 1886 ص 226 .
( [1680] ) ديمولومب 28 فقرة 664 - هيك 8 فقرة 172 - بودري وبارد 3 فقرة 1884 - عكس ذلك لارومبيير 5 م 1293 فقرة 14 .
( [1681] ) ولا يشترط أن يكون بين الدينيني أية رابطة ( لارومبيير 5 م 1293 فقرة 20 - ديمولومب 28 فقرة 689 - فقرة 690 - لوران 18 فبرة 481 ) . ولكن القضاء البلجيكي يشترط وجود رابطة بين الدينين ( أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ compensation فقرة 240 ) .
( [1682] ) ولما كان التقنين المدني الألماني يجيز المقاصة القانونية في الديون غير الخالية من النزاع ( انظر آنفا فقرة 536 في الهامش ) ، فقد أصبحت المقاصة القضائية ليس لها إلا محل محدود جداً في هذا التقنين ( انظر التعليقات علي التقنين المدني الألماني جزء أول م 387 فقرة 2 - فقرة 3 ) .
( [1683] ) علي أن هناك طريقة عملية لمقاصة دين مؤجل في دين مستحق الأداء ، إذا رأي القاضي في ظروف معينة أن هذه المقاصة عادلة ، وسبيله إلي ذلك أن يمنح المدين في الدين المستحق الأداء نظرة الميسرة ، ويجعل النظرة تمتد الي وقت حلول الأجل في الحق الذي للمدين علي الدائن . فتنقضي نظرة الميسرة في الدين في الوقت الذي يحل فيه الأجل في الحق ، فيصبح الدينان مستحقي الأداء ، فيتقاصان ( انظر في ذلك بودري وبارد 3 فقرة 1889 - انسيكلوبيدي دالوز 1 لفظ compensation فقرة 242 ) .
( [1684] ) بودري وبارد 3 فقرة 1889 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1296 - جوسران 2 فقرة 944 - دي باج 3 فقرة 667 - الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 100 - الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 296 .
( [1685] ) وقد يكون الدين الذي للمدعي هو أيضا محل نزاع أو غير معلوم المقدار ، ومن أجل ذلك رفع به الدعوي . فإذا تنازع شخصان ، ورفع كل منهما علي الآخر دعوي تعويض ، جاز للقاضي أن يجري المقاصة القضائية بين الطلبين . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه إذا تطاول كل من طرفي الخصوم علي صاحبة بالقذف ، وطلب كلاهما من الآخر تعويضا ، جاز للمحكمة الحكم بسقوط حق كل منهما قبل الآخر لتكافؤ السيئات ( 12 مايو سنة 1900 المجموعة الرسمية 2 ص 52 ) .
( [1686] ) ويجوز أن يبادر الطرف صاحب الحق المتنازع فيه أو غير معلوم المقدار إلي رفع دعوي أصليه بحقه ، دون أن ينتظر رفع دعوي عليه من الطرف الآخر ، وذلك حتي يصل من طريق القضاء إلي حسم النزاع في حقه أو إلي تحديد مقداره ، تمهيداً لإجراء المقاصة . وفي هذه الحالة يحسن به أن يحتاط ، فيبادر عند رفع الدعوي إلي توقيع حجز تحت يد نفسه علي الدين الذي في ذمته للطرف الآخر ، حتي لا يعمد هذا إلي التصرف فيه ، كأن يحوله إلي آخر قبل أن تصبح المقاصة ممكنة ( بودري وبادر 3 فقرة 1896 ) .
( [1687] ) ولا يجوز للمدعي أن يدفع هذه الدعوي العارضة بدعوي عارضة أخري ، إلا إذا كانت الدعوي العارضة الأولي من شأنها إذا نجحت ألا تقتصر علي استنفاد الدين الذي له ، بل تزيد علي هذا الدين فتجعل المدعي مدينا للمدعي عليه ( بودري وبارد 3 فقرة 1893 - أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ compensation فقرة 243 ) .
( [1688] ) فلا يعطل القاضي دون مقتض الفصل في الدعوي الأصلية ، وبخاصة إذا كان غير مختص بنظر الدعوي العارضة اختصاصا نوعيا ( استئناف مختلط 18 ديسمبر سنة 1889 م 2 ص 337 ) ، أو رأي ان الدعوي العارضة إنما أريد بها تعطيل الدعوي الأصلية : استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1896 م 5 ص 217 – 16 ديسمبر سنة 1897 م 10 ص 52 - 9 فبراير سنة 1899 م 11 ص 125 – 11 يناير سنة 1900 م 12 ص 75 - 13 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 47 - 7 مارس سنة 1907 م 29 ص 140 - 27 يناير سنة 1909 م 21 ص 146 – 2 مارس سنة 1910 م 22 ص 166 – 8 ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 68 - 10 يونية سنة 1914 م 26 ص 414 - 10 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 59 - 5 أبريل سنة 1916 م 28 ص 235 - 17 مايو سنة 1916 م 28 ص 338 - 28 مارس سنة 1917 م 29 ص 330 - 20 مارس سنة 1919 م 31 ص 228 - 9 ديسمبر سنة 1920 م 33 ص 67 - 11 يونية سنة 1921 م 33 ص 391 – 4 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 11 – 21 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 43 – 14 يونية سنة 1928 م 40 ص 432 – 2 أبريل سنة 1931 م 43 ص 329 – 4 نوفمبر 1936 م 49 ص 1 . ولا تقبل دعوي عارضة للمقاصة في حق ملكية مرفوع به دعوي أصلية : استئناف مختلط 31 مارس 1936 م 48 ص 204 .
( [1689] ) وبخاصة إذا كانت الدعوي العارضة مرتبطة بالدعوي الأصلية ارتباطاً وثيقا ، فإن هذا يهييء جواً مناسبا لقبول النظر فيها ، والفصل في الدعويين معاً لإجراء المقاصة إن كان لها وجه : استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1917 م 29 ص 310 . وانظر أيضا : استئناف مختلط 11 أبريل سنة 1895 م 7 ص 221 - 23 يناير سنة 1907 م 29 ص 99 - 24 أبريل سنة 1923 م 35 ص 399 - 25 أكتوبر سنة 1933 م 46 ص 2 .
( [1690] ) وقد يوقف القاضي الدعوي الأصلية ، حتي يترك للمدعي عليه فرصة لتصفية الحق الذي له في ذمة المدعي ، تمهيداً لإجراء المقاصة : استئناف مختلط 16 مارس سنة 1898 م 10 ص 196 - بودري وبارد 3 فقرة 1888 . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن ليس للدائن الذي دينه معلوم المقدار أن يجري تنفيذ حكمه ، بل يجب علبه الانتظار حتي يصفي الدين الذي لمدينة فتحصل المقاصة ( 21 ديسمبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 131 ص 122 ) .
( [1691] ) لوران 18 فقرة 476 - هيك 8 فقرة 173 - بودري وبادر 3 فقرة 1894 - فقرة 1895 - علي أن عدداً كبيرا من الفقهاء يذهبون إلي أن المقاصة القضائية كاشفة لامنشئة فتستند إلي وقت رفع الدعوي العارضة ( لارومبيير 5 م 1293 فقرة 26 - ديمولومب 28 فقرة 691 - أوبري ورو 4 فقرة 328 ص 397 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1297 ) . ويذهب البعد إلي جعل المقاصة القضائية كاشفة فيما بين الطرفين ، ومنشئة بالنسبة إلي الغير ممن كسب حقا علي أحد الدينين ( أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ compensation فقرة 238 ) .
وكان القضاء المختلط منقسما في هذه المسألة ، فبعض الأحكام تذهب إلي أن المقاصة القضائية كاشفة تستند إلي وقت تلاقي الدينين ( استنئاف مختلط 12 مايو سنة 1914 م 26 ص 382 - 11 فبراير سنة 1915 م 27 ص 157 ) ، وأحكام أخري تذهب إلي أنها منشئة تحدث أثرها وقت صدور الحكم ( استئناف مختلط 15 مايو سنة 1913 م 25 ص 381 - 24 مايو سنة 1938 م 50 ص 319 ) . وهناك حكم يقضي بأنه إذا كان النزاع في الدين مما يسهل فضه ، وجب اعتبار الدين غير متنازع فيه ويصلح للمقاصة القانونية ( استئناف مختلط أول أبريل سنة 1937 م 49 ص 177 ) . ولعل هذا الحكم هو الذي يرفع التعارض ما بين الأحكام المتقدمة الذكر . فإذا كان النزاع مما يسهل فضه ، وجب اعتبار الدين غير متنازع فيه ويصلح للمقاصة القانونية ( استئناف مختلط أول أبريل 1937 م 49 ص 177 ) . ولعل هذا الحكم هو الذي يرفع التعارض ما بين الأحكام المتقدمة الذكر . فإذا كان النزاع مما يسهل فضه في يسر وسرعة اعتبر الدين غير متنازع فيه وكانت المقاصة قانونية ترجع إلي يوم تلاقي الدينين ، أما إذا كان النزاع لا يسهل فضه اعتبر الدين متنازعا فيه وكانت المقاصة قضائية تحدث أثرها وقت صدور الحكم النهائي . علي أنه يلاحظ - بفرض التسليم أن القاضي في المقاصة القضائية إنما يقتصر علي استكمال شروط المقاصة القانونية ، وأنه متي توافرت هذه الشروط وقعت المقاصة بحكم القانون - أن هذه الشروط لا تستكمل فعلا إلا وقت صدور الحكم ، فلا تقع المقاصة إلا في هذا الوقت ، سواء اعتبرت مقاصة قضائية أو مقاصة قانونية ( قارن الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 296 ص 372 ) .
( [1692] ) مراجع : مولان ( Moulin ) شراء الشركة لأسهمها رسالة من باريس سنة 1931- لاجارد ( Lagarde ) شراء الشركة لأسهما – لابيه ( Labbe ) بحث في بعض الصعوبات الخاصة بضباع الشيء المستحق وباتحاد الذمة في القانون الروماني .
( [1693] ) وكما يتحقق اتحاد الذمة ( confusion ) في الديون ، يتحقق أيضا في الحقوق العينية ويسمي بالتجمع أو الإدغام ( consolidation ) . فينتهي حق الارتفاق باجتماع العقار المرتفق به والعقار المرتفق في يد مالك واحد ( 1026 مدني ) . وينتهي حق الرهن الحيازي إذا اجتمع مع حق الملكية في يد شخص واحد ( م 1113 مصري ) . وينتهي حق الانتفاع إذا اجتمع مع حق الرقبة في يد شخص واحد ، بأن مات صاحب الرقبة وورثه صاحب حق الانتفاع . أنظر بودري وبارد 3 فقرة 1897 ص 233 . وانظر في القانون المدني العراقي في هذه المسألة مقالا للأستاذ ضياء شيت خطاب في مجلة القضاء ببغداد السنة 15 ص 200 وص 208 – ص 211 .
( [1694] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " والواقع أن هذا الأثر أقرب في حقيقته إلي شل حكم الاستحقاق ، وهو المطالبة ، منه إلي معني الانقضاء . فالالتزام يعود إلي الوجود ، إذا زال السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة زوالا مستندا " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 291 . انظر أيضا ص 292 – ص 293 ) .
( [1695] ) قارن المادة 1300 من التقنين المدني الفرنسي وهي تتحدث في اتحاد الذمة عن دينين خطأ ( بودري وبارد 3 فقرة 1897 ص 234 – بيدان ولاجارد 9 فقرة 1063 ) .
( [1696] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 292 - وجاء في الموجز : " والذي يحدث الشبهة هو أن الشخص الواحد ، في كل من اتحاد الذمة والمقاصة ، يصبح دائنا ومدينا . لكن يلاحظ أن الشخص في اتحاد الذمة يصبح دائنا ومدينا في دين واحد ، أما في المقاصة فإنه يكون دائنا في دين ومدينا في دين آخر " ( الموجز للمؤلف فقرة 594 ص 616 ) .
( [1697] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 292 – وقد أغفل التقنين الألماني ذكر سبين لانقضاء الالتزام كان من المألوف ذكرهما منذ عهد القانون الروماني ، وهما التجديد واتحاد الذمة . وكان اتحاد الذمة مذكوراًُ في المشروع الأول من التقنين الألماني ، ولكنه حذف في المشروع الثاني باعتبار أنه أمر تقتضيه طبائع الأشياء ، فلا حاجة إلي ذكره ( تعليقات علي التقنين المدني الألماني جزء أول ص 511 ) .
( [1698] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 291 .
( [1699] ) استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1924 م 37 ص 66 .
( [1700] ) وقد جاء في الموجز : " وإذا كان الفرق بين القانون الفرنسي والشريعة الإسلامية واضحا في هذه المسألة ، فيتحقق اتحاد الذمة في القانون الفرنسي ولا يتحقق في الشريعة الإسلامية ، فإن النتيجة واحدة في الشريعتين . ونوضح ذلك بمثل : تركة المورث قدرها ألفان ، وله وارثان لكل منهما النصف ، وعليه دين لأحد الوارثين قدره ألف . ففي القانون الفرنسي يرث الوارث الدائن ألفا ، ويرث إلي جانب ذلك نصف الدين ( أي خمسمائة ) ، فتتحد ذمته في هذا النصف ، ويرجع بالنصف الباقي من الدين علي الوارث الثاني . فيكون مجموع ما ناله هو الألف التي ورثها والخمسمائة التي رجع بها علي الوارث الثاني . وهذا ما يناله أيضا في الشريعة الإسلامية ، دون أن يكون هناك اتحاد ذمة في نصف الدين . فإن الوارث في هذه الشريعة يبدأ باستيفاء حقه من التركة ، فينال ألفا باعتباره دائنا ، والألف الباقية ينال منها خمسمائة باعتباره وارثا . ولكن يلاحظ أن الوارث في القانون الفرنسي قد نال ألفا باعتباره وارثا وخمسمائة باعتباره دائنا ، أما في الشريعة الإسلامية قد نال ألفا باعتباره دائنا وخمسمائة باعتباره وارثا . وقد يترتب علي ذلك بعض النتائج العملية . من ذلك ن الوارث في الشريعة الإسلامية قد يحرم من الميراث ، لقتله المورق مثلا فيحرم من الخمسمائة التي نالها باعتباره وارثا ، لا من الألف التي نالها باعتباره دائنا . ومن ذلك أيضا أن الوارث إذا دفع ضريبة علي الميراث ، بدفع الضريبة باعتبار أن ما وره خمسمائة لا ألف " ( الموجز للمؤلف فقرة 594 ص 616 وهامش رقم 1 ) . وانظر في هذا المعني في القانون المدني العراقي مقالا للأستاذ ضياء شيت خطاب في مجلة القضاء ببغداد السنة 15 ص 204 - ص 206
( [1701] ) وإذا كانت الدولة هي الوارثة لانعدام الوارث ، وجب اعتبارها في وضع الوارث الذي قبل الميراث مع اشتراط الجرد . فتسدد أولا الديون التي علي التركة من أموال التركة ، وما بقي من هذه الأموال بعد سداد الديون تتملكه الدولة . فإذا كانت الدولة دائنة للتركة ، تقاضت أولا الدين الذي لها . فإذا كانت التركة لا تفي بالدين ، رجعت بالباقي علي الكفلاء ( تولييه 7 فقرة 434 - ديرانتون 12 فقرة 479 - لوران 18 فقرة 493 - بودي وبارد 3 فقرة 1902 ) .
( [1702] ) لارومبيير 5 م 1300 فقرة 5 - بودري وبارد 3 فقرة 1898 ص 235 .
ويتحقق اتحاد الذمة أيضا بتصرف قانوني ما بين الأحياء إذا اشتري المستأجر العين المؤجة ، فيصبح دائنا ومدينا بالأجرة ( بيدان ولاجارد 9 فقرة 1064 ) . لكن إذا كان المستأجر قد رهن حقه الشخصي الثابت بموجب عقد الإيجار قبل أن يشتري العين المؤجرة ، فإن سراءه للعين وما استتبعه من اتحاد الذمة – لا يضر بحق الدائن المرتهن ( أوبري ورو 4 فقرة 330 ص 362 - بيدان ولاجارد 9 فقرة 1070 ) .
ومن الأمثلة علي تحقق اتحاد الذمة بتصرف قانوني ما بين الأحياء ، ما قضت به محكمة استئناف مصر من أنه إذا حصل البيع للمسئول عن الضمان ، اتحدت ذمته بهذا البيع باجتماع صفتي دائن بحق الضمان ومدين به في شخصه ( 8 يناير سنة 1933 المحاماة 13 رقم 555 ص 1115 ) .
ويمكن اعتبار بيع الدين ممن عليه الدين ، في الفقه الإسلامي ، إذا لم يكن وفاء بمقابل ، مثلا لتحقق اتحاد الذمة بتصرف قانوني ما بين الأحياء ، هو عقد البيع . فالمدين قد اشتري الدين الذي في ذمته من دائنه ، فأصبح دائنا ومدينا في وقت واحد ، وتتحد الذمة في الدين .
( [1703] ) أوبري ورو 4 فقرة 330 ص 360 .
( [1704] ) أما إذا ورث الدائن المدين ، فقد رأينا أن قواعد الشريعة الإسلامية تمنع من اتحاد الذمة .
( [1705] ) انظر في ذلك بودري وبارد 3 فقرة 1899 .
( [1706] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادتين 508 و 509 من المشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : م 508 - إذا اجتمعت في شخص واحد صفة الدائن والمدين ، انقضي الالتزام لاتحاد الذمة ، وبالقدر الذي اتحدت فيه – م 509 - إذا زال السبب الذي أدي لاتحاد الذمة وكان لزواله أثر رجعي ، عاد الالتزام إلي الوجود هو ملحقاته ، بالنسبة لذوي الشأن جميعا ، ويعتبر اتحاد الذمة كأن لم يكن . وفي لجنة المراجعة أدمجت المادتان في مادة واحدة ، وأجريت تعديلات في الفقرة الأولي تجعل التمييز بين المقاصة واتحاد الذمة واضحا ، وأبدلت كلمة الالتزام في الفقرة الثانية بكلمة الدين لتنسيق الصياغة ، فأصبح النص مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 383 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تخت رقم 370 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 292 – 293 ) .
( [1707] ) التقنين المدني السابق م 202 / 266 : اتحاد الذمة هو عبارة عن اجتماع صفتي دائن ومدين في شخص واحد بدين واحد ، ويترتب علي ذلك زوال الصفتين المذكورتين بمقابلة أحداهما للأخري .
م 203 / 267 : اتحاد الذمة يبريء الكفلاء في الدين ، ولا يخلي المدينين المتضامنين إلا بقدر ما يخص من اتحدت فيه الذمة من الدين .
وأحكام التقنين السابق متفقة مع أحكام التقنين الجديد . وإذا لم يوجد مقابل في التقنين الجديد للمادة 203 / 267 من التقنين السابق إلا فيما يتعلق بالتضامن ، فإن النص كله ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة فالعمل بأحكامه ليس في حاجة إلي نص : انظر الموجز للمؤلف فقرة 594 - فقرة 595 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 827 - فقرة 825 ) .
( [1708] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 368 ( مطابقة للمادة 370 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 357 ( مطابقة للمادة 370 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 418 : في الدين الواحد ، إذا اجتمع في شخص واحد صفتا الدائن والمدين ، انقضي الدين لاتحاد الذمة بالقدر الذى اتحدت فيه .
م 419 : إذا زال السبب الذي أدي إلي اتحاد الذمة ، وكان لزواله أثر رجعي ، عاد الالتزام إلي الوجود هو وملحقاته بالنسبة لذوي الشأن جميعا ، ويعتبر اتحاد الذمة كأن لم يكن . ( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصري - وانظر في اتحاد الذمة في القانون المدني العراقي مقالا للأستاذ ضياء شيت خطاب في مجلة القضاء ببغداد السنة 15 ص 200 - ص 213 .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 337 : عندما تجتمع الصفتان المتعارضتان ، صفة الدائن وصفة المديون ، في موجب واحد وفي شخص واحد ، ينشأ عن اجتماعهما اتحاد يسقط الموجب علي نسبة هذا الاتحاد . وإذا زال سبب الاتحاد ، وكان لزواله مفعول رجعي ، عاد الدين مع كل ملحقاته بالنظر إلي الجميع ، وعد اتحاد الذمة كأنه لم يحصل قط .
( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصري ) .
( [1709] ) الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 298 ص 273 - وقارن الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 298 – ص 300 .
ويذهب بيدان ولاجارد إلي أن اتحاد الذمة يقضي الدين قضاء تاما علي النحو الذي يقضي به الوفاء الدين ، ويستعرضان الأحوال المختلفة لاتحاد الذمة ، ويستظهران في كل منها أن الدين قد انقضي ولم يقتصر الأمر فيه علي أنه وقف نفاذه ( بيدان ولاجارد 9 فقرة 1071 - فقرة 1076 - انظر الأستاذ عبد الحي حجازي 2 ص 293 – ص 300 والأستاذ ضياء شيت خطاب مجلة القضاء ببغداد السنة 15 ص 202 – 203 - في مناقشة الرأيين ، مجر وقف النفاذ والانقضاء التام ) .
ويذهب بلانيلو وريبير وبولانجيه إلي أن التمييز في الالتزام بين عنصر المسئولية وعنصر المديونية قد يكون نافعاً هنا ، فاتحاد الذمة يقضي المطالبة أو المسئولية ( Haftung ) ، ويستبقي المديونية ( Schuld ) : بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2009 .
( [1710] ) أوبري ورو 4 فقرة 330 ص 360 - بودري وبارد 3 فقرة 1905 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1300 ص 711 - واتحاد الذمة كالمقاصة واقعة مادية ، هي واقعة اجتماع صفتي الدائن والمدين في الدين الواحد في شخص واحد . وقد رأينا أن المقاصة هي أيضا واقعة مادية ، إذ هي واقعة تلاقي دينين متقابلين توافرت فيهما شروط خاصة . أما المقاصة في القوانين الجرمانية فهي تصرف قانوني لا واقعة مادية ، كما سبق القول ، وهي من هذه الناحية كالوفاء والوفاء بمقابل والتجديد ، فهذه كلها تصرفات قانونية . وهي تصرفات قانونية تصدر من الجانبين ، إلا الوفاء عن طريق العرض الحقيقي والمقاصة في القوانين الجرمانية فهما تصرفان قانونيات يصدران من جانب واحد .
( [1711] ) ديمولومب 28 فقرة 718 - فقرة 719 - هيك 8 فقرة 177 – لوران 18 فقرة 448 – أوبري ورو 4 فقرة 330 ص 361 - بودري وبارد 3 فقرة 1906 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1300 ص 711 - دي باج 3 فقرة 695 - كولان وكابيتان 2 فقرة 578 ص 402 - الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 298 - الموجز للمؤلف فقرة 595 .
وكذلك يحسب الدين الذي انقضي باتحاد الذمة ضمن التركة ، في تقدير قيمتها لحساب ما يجب عليها من الضرائب ( بيدان ولاجارد 9 فقرة 1066 ص 135 ) .
ويقول بلانيول وريبير وبولانجيه إن اعتبار الدين المنقضي باتحاد الذمة قائما ، لتقدير نصاب الوصية ولتقدير الضريبة ، يمكن تفسيره بأن التركة تقدر قيمتها باعتبار العناصر الموجودة وقت الموت ، واتحاد الذمة لا يتحقق إلا بعد ذلك ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2007 ) .
( [1712] ) انظر أيضا المادة 1301 / 1 من التقنين المدني الفرنسي . وانظر في القانون المدني العراقي مقال الأستاذ ضياء شيت خطاب في مجلة القضاء ببغداد السنة 15 ص 208 .
( [1713] ) وهذا هو النص في أصله الفرنسي :
Art . 2035 : Laconfusion qui s'opere dans la personne du debiteur principal et de sa caution, lorsqu'ils deviennent heritiers l'un de l'autre, n'eteint point l'action du creancier contre celui qui s'est rendu caution de la caution .
انظر ديمولومب 28 فقرة 735 - بودري وبارد 3 فقرة 1910 ص 243 - ص 244 - وقارن يلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1301 ص 713 هامش رقم 1 .
وإذا كان الكفيل - الذي أصبح مدينا أصليا علي النحو المتقدم – قد قدم رهناً لتأمين الدين ، فإن اتحاد الذمة لا يكون من شأنه أن يقضي هذا الرهن ( بودري وبارد 3 فقرة 1910 ) .
( [1714] ) ديرانتون 12 فقرة 477 - لارومبيير 5 م 1301 فقرة 14 - بودري وبارد 3 فقرة 1911 .
( [1715] ) انظر أيضا المادة 203 / 267 من التقنين المدني السابق .
( [1716] ) وغني عن البيان أن المدين المتضامن ، الذي أصبح دائنا بالميراث ، يستطيع أن يعتبر نفسه مدينا وفي دينه بطريق اتحاد الذمة ، لا دائما أستوفي حقه بهذا الطريق . ولكنه علي الاعتبار الأول ، لا يرجع علي المدينين الآخرين إلا بقدر حصة كل منهم . فهو يؤثر بطبيعة الحال الاعتبار الآخر ، حيث يستطيع أن يطالب أيا من المدينين الآخرين بالدين بعد أن يستنزل حصته هو ( انظر فقرة 192 ) .
( [1717] ) انظر آنفا فقرة 140 .
( [1718] ) أما إذا ورث أحد المدينين المتضامنين مدينا متضامنا آخر ، فلا محل هنا لاتحاد الذمة ، بل يرجع الدائن علي هذا المدين بصفته الأصلية ، أو بصفته وإرثا للمدين المتضامن الآخر بما قد يكون هناك من تأمينات . وله أن يرجع عليه بالصفتين معا ، ليطالبه بحصتين من الدين بدلا من حصة واحدة ( تولييه 7 فقرة 433 - ديمولومب 28 فقرة 737 - بودري وبارد 3 فقرة 1913 ) .
ومما يدل علي أن اتحاد الذمة يقف نفاذ الحق دون أن يقضيه أن الحائز للعقار المرهون إذا دفع ثمنه للدائن المرتهن المتقدم في المرتبة ، وحل محله في الرهن ، أصبح في دعوي الرهن دائنا ومدينا في وقت واحد ، فتتحد فيها الذمة . علي أن هذا لا يعني أن حق الرهن المتقدم قد انقضي ، وكل ما يعنيه أن الحائز لا يستطيع استعمال هذا الحق ضد نفسه ، ولكن يستطيع أن يستعمله ضد الدائن المتأخر في المرتبة ، إذا أراد هذا الدائن التنفيذ علي العقار ، فيتقدم الحائز علي الدائن المتأخر في المرتبة بفضل حق الرهن المتقدم . وهذا يدل علي أن حق الرهن المتقدم لم ينقض باتحاد الذمة ، بل وقف نفاذه حيث تعذر استعماله ، فلما أمكن استعماله عاد إلي الظهور والنفاذ ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1300 ص 712 ) . كذلك مستأجر العقار – وتعطيه قوانين الإيجار الاستثنائية حق مد الإيجار بعد انقضائه - إذا اشتري العقار ، فوقف باتحاد الذمة حقه كمستأجر ، يعود حقه إلي الظهور رغم اتحاد الذمة ضد شخص حصل علي وعد بإيجار العقار له بعد انتهاء الإيجار الأول ( بيدان ولاجارد 9 فقرة 1070 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1300 ص 712 - كولان وكابيتان 2 فقرة 578 ص 402 – جوسران 2 فقرة 947 ص 503 - أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ confusion فقرة 32 ) .
( [1719] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 293 - أوبري ورو 4 فقرة 330 ص 362 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1300 ص 712 علي أنه إذا عاد الدين كما كان ، فإن التقادم الذي كان ساريا ضده يعتبر موقوفا باتحاد الذمة ، ولا يعود إلي السريان إلا بعد زوال اتحاد الذمة ( أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ confusion فقرة 49 ) .
( [1720] ) أما إذا كان الالتزام نفسه الذي اتحدت الذمة فيه معلقا علي شرط فاسخ أو واقف ، ثم تحقق الشرط الفاسخ أو لم يتحقق الشرط الواقف ، فإن اتحاد الذمة يعتبر كأن يك ، ، لا لأن سببه قد زال بأثر رجعي ، بل لأنه تبين أن الالتزام الذي اتحدت الذمة فيه فغير موجود أصلا ، وغير الموجود لا تتحد فيه الذمة .
( [1721] ) أو باع الوارث التركة بمالها من ديون ( vente dheredite ) ، أو باعت التركة أسهمها التي سبق أن اشترتها ( بيدان ولاجارد 9 فقرة 1074 ص 139 ) .
انظر في هذا المعني في القانون المدني العراقي مقال الأستاذ ضياء شيت خطاب في مجلة القضاء ببغداد السنة 15 ص 213 .
( [1722] ) بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1300 ص 712 .
( [1723] ) أوبري ورو 4 فقرة 330 ص 362 - ديمولومب 28 فقرة 739 - لوران 18 فقرة 507 - هيك 8 فقرة 179 – بودري وبارد 3 فقرة 1915 – الأستاذ عبد الحي حجازى 3 ص 305 - ص 307 - وقارن جوسران 2 فقرة 948 .
( [1724] ) مراجع : ليسونا ( Lesona ) بحث في نظرية عامة للتنازل في القانون المدني : المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1912 ص 376 – رينو ( Raynaud ) التنازل عن الحقوق : المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1936 ص 763 .
( [1725] ) ومن قبيل الوفاء بمقابل أو بما يعادل الوفاء التجديد والمقاصة واتحاد الذمة ، وقد تقدم بيان ذلك .
( [1726] ) أما الوفاء فقد قدمنا أنه تصرف قانوني صادر من الجانبين ، وقد يصدر من جانب واحد إذا أخذ صورة العرض الحقيقي مع الإيداع . وذكرنا أيضا أن كلا من الوفاء بمقابل ( dation en paiement ) والتجديد تصرف قانوني صادر من الجانبين ، وأن كلا من المقاصة واتحاد الذمة واقعة مادية وليس تصرفا قانونيا .
( [1727] ) تاريخ النصوص : م 371 : ورد هذا النص في المادة 510 من المشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : " ينقضي الالتزام إذا أبرأ الدائن مدينه مختاراً ، ويتم الإبراء متي وصل إلي علم الدين ولم يعترض عليه " . وفي لجنة المراجعة أبدلت عبارة " ولم يعترض عليه " بعبارة " ويرتد برده " ، وذكر في اللجنة أن هذا النص مقصود به أن يقع الإبراء بإرادة منفردة أخذا بأحكام الشريعة الإسلامية ، وفيها يتم الإبراء بإرادة الدائن وحده ويرتد بالرد من المدين ، ويعتبر الرد بمنزلة التبرع فلا يقبل ممن لا تتوافر فيه أهلية التبرع . وأصبحت المادة رقمها 384 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، ثم وافقت عليها لجنة مجلس الشيوخ ، علي أن يكون المفهوم من كلمة " مختاراً " ألا يكون الإبراء مظنة الغش أو الإكراه لأن الاختيار في الإبراء هو العنصر البارز . ووافق عليها مجلس الشيوخ تحت رقم 371 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 295 – ص 296 ) .
م 372 : ورد هذا النص في المادة 511 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 385 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 372 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 297 – ص 298 ) .
( [1728] ) التقنين المدني السابق م 180 / 243 : يسقط الدين عن المدين بإبراء ذمته من الدائن إبراء اختياريا إذا كان في الدائن أهلية التبرع . ( أحكام التقنين السابق متفقة مع أحكام التقنين الجديد ، فيما عدا أن الإبراء في التقنين الجديد يتم بإرادة الدائن المنفردة ، أما في التقنين السابق فان لا يتم إلا باتفاق بين الدائن والمدين : الموجز للمؤلف فقرة 597 - فقرة 598 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 827 – فقرة 829 - وانظر أيضا المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 294 ) .
( [1729] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 369 - 370 ( مطابقتان للمادتين 371 - 372 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 358 – 359 ( مطابقتان للمادتين 371 - 372 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 421 : يشترط لصحة الإبراء أن يكون المبريء أهلا للتبرع .
م 422 : 1 - لا يتوقف الإبراء علي قبول المدين ، لكن إذا رده قبل القبول ارتد ، وإن مات قبل القبول فلا يؤخذ الدين من تركته . 2 - ويصح إبراء الميت من دينه .
م 423 : يصح تعليق الإبراء . فإن علق الدائن إبراء مدينه من بعض الديون بشرط أداء البعض الآخر وأداه الدين بريء ، وإن لم يؤده فلا يبرأ ويبقي عليه الدين كله .
( وهذه الأحكام بعضها يتفق وبعضها لا يتعارض مع أحكام التقنين المصري : انظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 367 - فقرة 371 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني :
م 338 : إن الإبراء من الدين أو تنازل الدائن عن حقوقه لمصلحة المديون لا يكون إلا بمقتضي اتفاق إذ يفترض في الإبراء اتفاق أصحاب الشأن .
م 339 : إن الإبراء لا يخضع لقواعد الشكل المختصة بالتبرع ولو أجراه الدائن بدون أية منفعة تقابله ، لكنه يخضع في هذه الحال لقواعد الأساس المختصة بالتبرع ، وخصوصا ما يتعلق منها بأهلية أصحاب الشأن .
م 340 : يكون عقد الإبراء صريحا أو ضمنيا ، فهو يستفاد من كل عمل أو كل حالة تتبين منهما جليا عند الدائن نية التنازل عن حقوقه ، وعند المديون نية الاستفادة من هذا التنازل . إن التسليم الاخيتاري للسند الأصلي الذي كان في حوزة الدائن يقدر معه حصول الإبراء إلي أن يثبت العكس . ولا يكفي رد الدائن للشيء المودع علي سبيل التأمين ( donnee en nantissement ) ليبني عليه مثل هذا التقدير . ( وتتفق أحكام التقنين اللبناني مع أحكام التقنين المصري ، إلا في أمرين : ( 1 ) الإباء في التقنين اللبناني اتفاق لا إرادة واحدة . ( 2 ) جعل التقنين اللبناني التسليم الاختياري للسند الأصلي قرينة قانونية علي الإبراء ، وقد كانت هذه القرينة القانونية موجودة في التقنين المصري السابق – م 2198 - 220 / 284 - 285 - ولم ينقلها التقنين الجديد .
( [1730] ) وهو أيضا اتفاق لا إرادة واحدة في التقنين المدني الألماني : انظر المادة 397 / 1 من هذا التقنين .
( [1731] ) بودري وبارد 3 فقرة 1767 – دي باج 3 فقرة 674 .
( [1732] ) الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 309 - ص 310 - وتكفي إرادة الدائن المنفردة في الإبراء ، حتي لو كان الالتزام الذي يبريء الدائن منه التزاما من عقد ملزما للجانبين .
( [1733] ) الموجز للمؤلف ص 618 هامش رقم 1 .
( [1734] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 295 - وانظر المادة 253 من التقنين التونسي – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 299 .
( [1735] ) وينبني علي ذلك أنه إذا مات الدائن ، وترك سند الدين مؤشراً عليه بعدم مطالبة المدين به ، لم يجز في التقنين المدني السابق أن يقبل هذا الإبراء بعد موت الدائن ، وكان لتركة الدائن الحق في مطالبة المدين بالدين ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1304 ص 715 هامش رقم 2 ) . وهذا ما لم يثبت المدين أنه يعلم بهذا التأشير وأنه صدار من الدائن علي سبيل الإقرار بأن ذمة المدين قد برئت بالوفاء أو بإبراء قد تم وقبله المدين ، أو يثبت أن التأشير صادر من الدائن علي سبيل الوصية . أما في التقنين المدني الجديد ، فهذا التأشير علي سند الدين كاف متي وصل إلي علم المدين .
( [1736] ) وإذا مات المدين قبل أن يقبل الإبراء ، فإن الإبراء لا يتم في التقنين المدني السابق ، ويؤخذ الدين من تركة المدين . أما في التقنين المدني الجديد ، فإنه إذا مات المدين دون أن يرد الإبراء ، تم الإبراء ولم يؤخذ الدين من تركة المدين . وينص التقنين العراقي ( م 422 / 1 ) علي هذا الحكم صراحة ، إذ يقول : " وإن مات قبل القبول ، فلا يؤخذ الدين من تركته " . ونص هذا التقنين ( م 422 / 2 ) أيضا علي أنه " يصح إبراء الميت من دينه " ، أي أن الدائن يبريء تركة المدين من الدين . وهذا جائز أيضا في القانون المصري .
( [1737] ) والرد كالإبراء تصرف قانوني صادر من جانب واحد ، ولكنه يصدر من المدين ، أما الإبراء فيصدر من الدائن . وهو كالإبراء أيضا في أنه تصرف تبرعي ، فلا يقبل من المدين إذا لم تتوافر فيه أهلية التبرع ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 295 وانظر تاريخ المادة 371 آنفا فقرة 577 في الهامش - الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 317 ) .
( [1738] ) حتي لو صدر القبول بعد سريان التقنين المدني الجديد .
( [1739] ) بودري وبارد 3 فقرة 1768 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1304 ص 715 - ص 716 - بيدان ولاجارد 9 فقرة 1205 - دي باج 3 فقرة 671 - كولان وكابيتان 2 فقرة 580 - الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 310 - وقارن بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1990 – جوسران 2 فقرة 951 .
( [1740] ) وإذا لم يف المدين المفلس بما تعهد به انفسخ الصلح ، لأن الصلح مع المفلس معلق دائما علي شرط فاسخ هو وفاء المفلس بما تعهد به لدائنيه ، فإن تخلف هذا الشرط انفسخ الإبراء ورجع الدين كاملا في ذمة المفلس لدائنيه ( استئناف مختلط 26 يونية سنة 1926 م 38 ص 498 ) .
( [1741] ) بودري وبارد 3 فقرة 1774 – بيدان ولاجارد 9 فقرة 1033 – دي باج 3 فقرة 672 - ردوان في أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Remise de dette فقرة 48 .
( [1742] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1036 ص 717 .
( [1743] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1305 .
( [1744] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 297 .
( [1745] ) بودري وبارد 3 فقرة 1775 .
( [1746] ) الوسيط جزء 2 فقرة 193 .
( [1747] ) الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 829 .
( [1748] ) الوسيط جزء 2 فقرة 180 ص 338 - ص 339 - هذا وقد اشتمل التقنين المدني الفرنسي علي نصين ، الأول منهما ( م 1282 ) يقضي بأن تسليم الدائن السند الأصلي العرفي تسليما اختياريا إلي المدين يستدل به علي تخلص المدين من الدين . ويعتبر الفقه الفرنسي هذه القرينة القانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس ، وهي قرينة إما علي الوفاء وإما علي الإبراء والنص الثاني ( م 1283 ) يقضي بأن التسليم الاختياري للصورة الواجبة التنفيذ من السند الرسمي يكون قرينة إما علي الإبراء وإما علي الوفاء ، إلا إذا قام دليل العكس . والقرنية القانونية قابلة لإثبات العكس بصريح النص . وفي مناسبة هاتين القرينتين القانونيتين يسهب الفقه الفرنسي فيما يسميه بالإبراء الضمني ( remise tacite de dette ) . أنظر في هذه المسألة : بوردي وبارد 3 فقرة 1776 – فقرة 1788 - بلانيول وردوان 7 فقرة 1307 - فقرة 1312 دي باج 3 فقرة 676 - فقرة 683 .
أما في مصر فكل هذه القرائن تعتبر قرائن قضائية موكولة إلي تقدير القاضي .
وقد نقل تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 340 / 2 ) عن التقنين المدني الفرنسي القرينة القانونية التي اشتملت عليها المادة 1282 من هذا التقنين ( أنظر آنفا فقرة 577 في الهامش ) .
( [1749] ) انظر المادة 340 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني – ولا يشترط في التعبير الصريح أن ينصب مباشرة علي الإبراء ، فالمخالصة الصورية التي يعطيها الدائن للمدين تكون تعبيراً صريحا عن الإبراء ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1305 – دي باج 3 فقرة 675 ص 634 ) . ويكون تعبيراً ضمنيا عن الإبراء ، في عقد ملزم للجانبين لم يبدأ تنفيذه ، أن ينزل أحد المتعاقدين عن حقه الناشيء من هذا العقد ، فيعتبر هذا النزول إبراء ضمنيا من جانب المتعاقد الآخر عن حقه المقابل ، ويرجع في ذلك إلي نيه المتعاقدين ( بودري وبارد 3 فقرة 1772 ) .
( [1750] ) استئناف وطني 30 نوفمبر سنة 1893 الحقوق 8 ص 353 - 17 أغسطس سنة 1897 الحقوق 12 ص 287 - استئناف مختلط 2 ديسمبر سنة 1930 م 43 ص 52 - 8 مايو سنة 1940 م 52 ص 249 - انظر أيضا المادة 424 من التقنين المدني العراقي فقرة 582 فيما يلي في الهامش .
فلا تبرأ ذمة الكفيل بحصول الدائن علي تأمين عيني ، لأن الإبراء يفسر في أضيق الحدود ( استئناف وطنى 27 نوفمبر سنة 1921 المحاماة رقم 67 ص 218 ) . وإذا رد الدائن التأمين الذي أخذه لضمان دينه إلي المدين لم يفد ذلك أنه أبرأ المدين من الدين ، وإن كان قد يستفاد منه أنه نزل عن التأمين ( انظر المادة 340 / 3 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ) . وتأجير الداين المرتهن العين المرهونة للمشتري ، وتعهد هذا المشتري بدفع الدين للدائن المرتهن ، لا يعتبر إبراء للمدين الأصلي ( المحلة 21 فبراير سنة 1933 المحاماة 13 رقم 658 ص 1313 ) وإذا أوصي الدائن لمدينة بعين في تركته لم يفد ذلك أنه أبراه من الدين ( بودري وبارد 3 فقرة 1775 ص 101 – ردوان في أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Remise de dette فقرة 18 ) .
( [1751] ) انظر المادة 421 من التقنين المدني العراقي ( آنفا فقرة 577 في الهامش ) .
( [1752] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 297 - ولا يصدر الإبراء إلا من الدائن أو وكيله في الإبراء . فإذا كان هناك دائنون متضامنون ، وأبرأ أحدهم المدين ، وقع هذا الإبراء علي حصة الدائن الذي صدر منه الإبراء ، وجاز لكل من باقي الدائنين المتضامنين أن يرجع علي المدين بالدين بعد استنزال حصة هذا الدائن ( انظر آنفا فقرة 141 ) .
( [1753] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 296 - وانظر آنفا فقرة 577 في الهامش . ويصح أن يكون الإبراء معلقا علي شرط فإذا كان الشرط فاسخا أصبح الدين نفسه معلقا علي شرط واقف ، وإذا كان الشرط واقفا أصبح الدين معلقا علي شرط فاسخ ( ديمولومب 28 فقرة 381 - بودري وبارد 3 فقرة 1767 ص 96 - الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 314 ) وقد ورد في التقنين المدني العراقي نص صريح يجيز تعليق الإبراء علي الشرط ، مخالفا في ذلك الفقه الإسلامي ( انظر م 243 من مشرد الحيران ) ، فنصت المادة 423 من هذا التقنين علي أنه " يصح تعليق الإبراء ، فإن علق الدائن إبراء مدينة من بعض الديون بشرط أداء البعض الآخر وأداه المدين بريء ، وإن لم يؤده فلا يبرأ ويبقي عليه الدين كله " وبقرب هذا الفرض من فرص الصلح مع المفلس ، فنيه التبرع هنا غير واضح ، إذا أن الدائن إنما أبرأ المدين من بعض الدين ليضمن استيفاء البعض الآخر .
( [1754] ) والغالب أن يقع الإبراء علي التزام بمنقول غير معين ، وبخاصة علي التزام بدفع مبلغ من النقود ، ولكن لا يوجد ما يمنع من أن يقع علي التزام بعين معينة بالذات . ولكن إذا كانت ملكية هذه العين تنتقل في الحال بمجرد قيام الالتزام ، لم ينفسح المجال للإبراء من التزام تم تنفيذه . وكل ما يمكن عمله في هذه الحالة هو أن تعاد الملكية إلي صاحبها الأصلي ، ولكن لا عن طريق الإبراء بل بعقد جديد ، وتعود الملكية مشتغلة بالحقوق العينية التي ترتيت للغير ( بودري وبارد 3 فقرة 1771 وفقرة 1773 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1306 ص 717 ) .
ولا يجوز النزول عن حق قبل كسبه ، وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن القانون يقضي بعدم صحة التنازل عن الحقوق قبل وجودها وكسبها ، إذا الإنسان إنما يتنازل عما يثبت له ( 29 مايو سنة 1893 الحقوق 9 ص 225 ) . وقضت بأنه لا يجوز لأحد فريقي الخصوم التنازل عن حق أكسبه إياه حكم ، إذا كان هذا التنازل يضر بمصلحة الفريق الثاني ، بأن يكون ذلك الحكم نفسه قاضيا لهذا الفريق الثاني بحق آخر مقابل للحق الذي قضي به للفريض الأول ( 4 ديسمبر سنة 1902 الحقوق 18 ص 156 ) .
ويصح للدائن في التزام طبيعي أن يبريء ذمة مدينة من هذا الالتزام ، فإذا وفي المدين الالتزام بعد الإبراء جاز له استرداده ( الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 312 - ص 313 ) .
( [1755] ) فلا يجوز النزول عن حقوق الولاية والنسب ونحو ذلك من الحقوق المتعلقة بالنظام العام . كما لا يجوز النزول عن الحق في النفقة ، وإن كان يجوز إبراء المدين من نفقة متجمدة في ذمته ( أوبري ودو 4 فقرة 323 ص 307 - بودري وبارد 3 فقرة 1771 ) .
( [1756] ) كذلك إذا ثبت أن الإبراء كان له باعث معين ، ثم تخلف هذا الباعث ، سقط الإبراء - والإبراء في القانون الألماني تصرف مجرد ( acte adstrait ) ، فلا يتأثر بالباعث . فإذا أبرأ الدائن مدينة ، انقضي الدين وزالت التأمينات التي كانت تكلفه . وإذا تبين بعد ذلك أن الباعث علي الإبراء قد تخلف ، لم يسقط الإبراء ، ولم تعد التأمينات ، وإنما يرجع الدائن علي المدين بدعوي الإثراء بلا سبب ( أنظر في هذه المسألة التعليقات علي التقنين المدني الألماني 1 م 397 ص 563 - ص 564 - جوسران 2 فقرة 951 ) .
( [1757] ) وينص التقنين المدني العراقي في المادة 420 علي ما يأتي : " إذا أبرأ الدائن المدين ، سقط الدين " . ثم جاء في المادة 424 من نفس التقنين : " 1 - إذا اتصل إبراء خاص بالمصالح عنه ، فلا تسمع الدعوي في خصوص ذلك وتسمع في غيره . وإذا اتصل بالصلح إبراء عام عن الحقوق والدعاوي كافة ، فلا تسمع علي المبرأ دعوي في أي حق كان قبل الصلح ، وتسمع علي الحق الحادث بعده . 2 - وحكم البراءة المنفردة عن الصلح كحكم البراءة المتصلة به في الخصوص والعموم " .
وهذا النص ليس إلا تطبيقيا لقاعدة عامة سبقت الإشارة إليها تقضي بأن الإبراء وهو نزول عن الحق يجب أن يفسر في أضيق الحدود ( انظر آنفا فقرة 581 - وانظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 730 ص 327 ) .
( [1758] ) ولما كان تكييف الإبراء بأنه تصرف قانوني من جانب واحد يرتد بالرد مأخوذا من الفقه الإسلامي ، وجب الرجوع إلي الفقه الإسلامي لتحديد الوقت الذي يجوز فيه رد الإبراء . فالرد يكون في مجلس الإبراء ، أي في المجلس الذي يعلم فيه المدين بالإبراء ، فلو رد المدين الإبراء بعد انقضاض هذا المجلس بقي الإبراء نافذاً ولا يرتد . كذلك لو رد المدين الإبراء بعد قبوله إياه لا يرتد ، والقبول إذا لم يكن ضروريا لقيام الإبراء يجعله مع ذلك غير قابل للرد . وقد نصت المادة 1568 من المحلة علي أنه " لا يتوقف الإبراء علي القبول . ولكن يرتد بالرد . فإذا أبرأ واحد آخر ، فلا يشترط قبوله . ولكن إذا رد الإبراء في ذلك المجلس بقوله لا أقبل ، ارتد ذلك الإبراء ، يعني فلا يبقي له حكم . ولكن لو رد الإبراء بعد قبوله ، فلا يرتد " ويقول الأستاذ سليم باز في التعليق علي هذا النص : " مفاده أنه يشترط أن يكون الرد في مجلس الإبراء ، فلو رده بعد التفرق لا يصح الرد ، ويبقي الإبراء نافذاً " ( شرح المجلة للأستاذ سليم باز م 1568 ص 853 - ص 854 ) .
( [1759] ) انظر آنفا فقرة 578 – والرد يعيد الدين كما كان ، بجميع مقوماته وصفاته ودفوعه وتأميناته .
( [1760] ) م 372 / 1 مدني – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 297 - ومن الأحكام الموضوعية التي تسري علي التبرعات جواز الرجوع في الهبة لعذر مقبول ( م 500 مدني ) ما لم يوجد مانع من الرجوع ( م 502 مدني ) . ويعتبر عذراً مقبولا للرجوع في الهبة جحود الموهوب له ، وصيرورة الواهب عاجزاً عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة ، وأن يرزق الواهب بعد الهية ولداً أو أن يكون له ولد يظنة ميتا وقت الهبة فإذا به حي ( م 501 مدني ) . والظاهر أن هذه الأحكام الموضوعية تسري علي الإبراء كما تسري علي الهبة ( الموجز للمؤلف فقرة 597 ص 619 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 827 ص 633 - الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 313 - وانظر أيضا في القانون الفرنسي حيث يجوز الرجوع في الهبة لجحود المرهوب له أو لأن الموهوب له قد رزق ولداً وسريان هذه الأحكام علي الإبراء . بودري وبارد 3 فقرة 1769 ص 98 - بلانيول وريبير وردان 7 فقرة 306 ص 717 - بيدان ولاجارد 9 فقرة 1026 – دي باج 3 فقرة 675 ) . وقد يقال إن الإبراء في الفقه الإسلامي إسقاط ، والساقط لا يعود ( انظر شرح المجلة للأستاذ سليم باز م 51 ص 40 و م 1562 ص 848 - 849 و م 1568 ص 853 ) ولكن لما كان نص الفقرة الأولي من المادة 372 مدني صريحا في أنه " يسري علي الإبراء الأحكام الموضوعية التي تسري علي كل تبرع " ، فالظاهر أن هذا النص يقضي بسريان أحكام الرجوع في الهبة علي الإبراء .
( [1761] ) انظر آنفا فقرة 578 .
( [1762] ) ولا يجوز للدائن أن يبريء ذمة المدين الأصلي مع استبقائه الكفيل ملتزما بالدين ، فإن حق التجريد المعطي للكفيل يمنع من ذلك . ولكن يظهر أنه يجوز للدائن الاحتفاظ بالكفيل إذا كان كفيلا متضامنا مع المدين أو كان كفيلا عينيا ، مع إبراء ذمة المدين الأصلي ( بيدان ولاجارد 9 فقرة 1032 ) .
( [1763] ) استئناف مختلط 25 مايو سنة 1932 م 44 ص 341 – بودرى وبارد 3 فقرة 1794 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1312 – ويذهب بودرى وبارد ( 3 فقرة 1794 ( إلى أن الجزء من الديون الذى أبرىء منه المفلس يبقى التزاماً طبيعياً فى ذمته ، ويصلح هذا الالتزام الطبيعى أن يكون التزاماً أصلياً تستند إليه الكفالة . وقد رأينا أن الالتزام الطبيعى لا تمكن كفالته إلا بالتزام طبيعى مثله ( انظر الوسيط جزء 2 فقرة 403 ) . على أننا لسنا فى حاجة إلى تأصيل بقاء الكفيل ملتزماً بجميع ديون المفلس حتى ما أبرىء منه بالصلح مع الدائنين ، فإن هذا هو الوضع الطبيعى للكفيل ، فهو لم يكفل إلا هذا الإفلاس بالذات ، فإذا تحقق الإفلاس كان للدائنين حق الرجوع على الكفيل .
( [1764] ) بودرى وبارد 3 فقرة 1797 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1312 .
( [1765] ) لارومبيير 5 م 1287 فقرة 4 – ديمولومب 28 فقرة 468 - ديرانتون 12 فقرة 375 - ماركاديه 4 فقرة 809 - بودري وبارد 3 فقرة 1797 مكررة – المؤجز للمؤلف فقرة 598 - انظر عكس ذلك لوران 18 فقرة 373 - هيك 8 فقرة 140 .
وتنص المادة 1288 من التقنين المدني الفرنسي علي أن " ما أخذه الدائن من الكفيل لإبراء ذمته من الكفالة يستنزل من الدين ، وتبرأ بمقداره ذمة المدين الأصلي وذمة الباقي من الكفلاء " . وهذا هو النص في أصله الفرنسي Art . 1288 : ce que le creancier a recu d'une caution pout la decharge de son cautionnement doit etre impute sur la dette et tourner a la decharge du debiteur principal et des autres cautios . وهذا نص ينتقده الفقه الفرنسى لمخالفته للقواعد العامة ، إذ أن نية الطرفين - الدائن الكفيل - قد انصرفت في هذه الحالة إلي أن الكفيل دفع مقابلا لإبراء ذمته من الكفالة ، وقد رضي الدائن بذلك معرضا نفسه لخطر ألا يستوفي الدين كله أو بعضه من المدين الأصلي . فالعقد بين الدائن والكفيل عقد احتمالي ، قد يكون مصدر ربح للدائن فيما إذا استوفي كل حقه من المدن الأصلي ، وقد ينتهي به إلي الخسارة فيما إذا لم يستوف حقه أو لم يستوف إلا جزءاً منه ، فما أخذه من الكفيل هو المقابل لهذا الخطر الذي عرض نفسه له ، فهو ضرب من التأمين ( ديرانتون 12 فقرة 379 – لاومبيير 5 م 1288 فقرة 2 - ديمولومب 28 فقرة 469 – فقرة 471 - لوران 18 فقرة 374 – هيك 8 فقرة 141 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1312 ص 724 – ص 725 ) . ولم ينقل التقنين المصري هذا النص ، فيجب تطبيق القواعد العامة . ومقتضي تطبيقها أن تكون العبرة بنية الطرفين ، الدائن والكفيل . فإن قصدا أن يفتدي الكفيل ذمته بما دفعه للدائن من المقابل ويكون للدائن بعد ذلك أن يرجع علي المدين بكل الدين ، برئت ذمة الكفيل ، ولا يرجع عليه الدائن إذا لم يستوف كل حقه من المدين ولا يرجع هو علي المدين بما أعطاه للدائن ، وكذلك لا يرجع علي الدائن حتي لو استوفي هذا كل حقه من المدين . وإن قصدا أن يستنزل المقابل من الدين ، لم تبرأ ذمة الكفيل من باقي الدين ، ويرجع عليه الدائن إذا لم يستوف من المدين ما بقي من حقه ، ويرجع هو علي المدين بما أعطاه للدائن . وعند الشك يكون المفروض أن الدائن بأخذه المقابل من الكفيل أراد إبراء ذمته من الكفالة ، ويكون الدائن قد احتفظ بحقه في الرجوع بكل الدين علي المدين ، إذا لو أراد استنزال المقابل من الدين ، لاستبقي الكفيل يرجع عليه فيما إذا لم يستوف من المدين الباقي من حقه .
( [1766] ) م 289 مدني – وانظر أيضا المادة 182 / 245 من التقنين المدني السابق .
( [1767] ) م 290 مدني .
( [1768] ) م 291 مدني – وانظر أيضا المادة 183 / 246 من التقنين المدني السابق .
( [1769] ) انظر آنفا فقرة 193 .
( [1770] ) مراجع : ردوان ( Radouant ) في الحادث الفجائي والقوة القاهرة رسالة من باريس سنة 1920- لبريه ( Lebret ) في وقف العقود وفسخها : المجلة الانتقادية سنة 1924 ص 581 وما بعدها – ساروت ( Sarraute ) في وقف تنفيذ العقود رسالة من باريس سنة 1929 .
( [1771] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 512 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 386 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 373 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 299 - ص 300 ) .
( [1772] ) التقنين المدني السابق م 177 / 240 تزول التعهدات بالفسخ إذا صار الوفاء بعد وجودها غير ممكن .
م 178 / 241 : إذا صار الوفاء غير ممكن بتقصير المدين ، أو حدث عدم الإمكان بعد تكليفه بالوفاء تكليفا رسميا ، ألزام بالتضمينات .
م 179 / 242 : إذا انفسخ التعهد بسبب عدم إمكان الوفاء ، تنفسخ أيضا كافة التعهدات المتعلقة به ، بدون إخلال بما يلزم من التضمينات لمستحقيها في نظير ما حصل عليه غيرهم من المنفعة دون حق ، ولا يترتب علي الفسخ إخلال بحقوق الدائنين المرتهنين الحسني النية ( انظر قانون رقم 79 لسنة 1933 ) .
( وأحكام التقنين السابق متفقة مع أحكام التقنين الجديد ، وقد أسهب التقنين السابق في التفريغ علي الموضوع الأصلي . وفي هذا تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " لم يفرد المشروع لاستحالة التنفيذ سوي مادة واحدة ، قرر فيها قاعدة انقضاء الالتزام متي أصبح تنفيذه مستحيلا من جراء سبب أجنبي . أما انقضاء الالتزامات المتقابلة في العقود التبادلية ، وحق الدائن في اقتضاء التعويض عند رجوع الاستحالة إلي فعل المدين ، فلم يثقل المشروع بهما نصوص هذا الفرع علي نحو ما فعل التقنين الراهن ( السابق ) غافلا عن انتفاء وجه المناسبة . وبهذا وفق المشروع الي التوسط ، فخفف من هذه النصوص دون أن يغفلها كل الإغفال ، كما فعل المشروع الفرنسي الإيطالي " : مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 298 - وانظر في التقنين المدني السابق الموجز للمؤلف فقرة 599 – فقرة 602 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 830 - فقرة 833 ) .
( [1773] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 371 ( مطابقة للمادة 373 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 360 ( مطابقة للمادة 373 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 425 ( مطابقة للمادة 373 من التقنين المدني المصري - وانظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 372 - فقرة 374 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 341 : يسقط الموجب إذا كان ، بعد نشأته ، قد أصبح موضوعه مستحيلا من الوجه الطبيعي أو الوجه القانوني بدون فعل أو خطأ من المديون .
م 342 : يجب علي المديون أن يقيم البرهان علي وجود القوة القاهرة ، ويبقي مع ذلك للدائن متسع لكي يثبت أن الطاريء الذي وقع بمعزل عن المديون كان مسبوقا أو مصحوبا بخطأ ارتكبه المديون كإبطاء في التنفيذ جعله في حالة التأخر ، وفي مثل هذا الموقف يظل الموجب قائما .
( [1774] ) الوسيط جزء أول فقرة 314 – فقرة 423 .
( [1775] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1316 .
( [1776] ) بيدان ولاجارد 9 فقرة 1078 .
( [1777] ) أوبري ورو 4 فقرة 331 ص 366 .
( [1778] ) بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1315 ص 727 - جي باج 3 فقرة 699 ص 656 .
( [1779] ) بيدان ولاجارد 9 فقرة 1082 ص 145 – وإذا تعهد ممثل بالتمثيل في وقت معين ، وأصيب بمرض فلي هذا الوقت يقعده عن التمثيل ، أصبح تنفيذ التزامه مستحيلا ( كولان وكابيتان 2 فقرة 588 ) .
( [1780] ) ومنذ حرم الرق أصبح التعامل في الرقيق مستحيلا استحالة قانونية ( بودري وبارد 3 فقرة 1917 ص 250 – بيدان ولاجارد 9 فقرة 1079 ص 143 ) . وإذا قيدت ، أثناء الحرب مثلا ، الكميات التي تستهلك من البنزين أو الغاز أو الكهرباء ، أصبح الالتزام الذي يتعارض تنفيذه مع هذه القيود مستحيلا استحالة قانونية ( بيدان ولاجارد 9 فقرة 1082 ) .
( [1781] ) الوسيط جزء 2 فقرة 409 .
( [1782] ) بودري وبارد 3 فقرة 1918 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1916 ص 728 - بيدان ولاجارد 9 فقرة 1078 ص 143 – الموجز للمؤلف فقرة 442 ص 439 ولكن قارن فقرة 601 ص 622 .
( [1783] ) ويلاحظ أن السبب الأجنبي الذي يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا فيقضيه إنما ينطبق بالأخص علي الالتزامات العقدية . أما الالتزام الذي ينشأ عن عمل غير مشروع ، فهو لا ينشأ أصلا - وبالأولي لا ينقضي - بالسبب الأجنبي ، لأن السبب الأجنبي يزيل رابطة السببية فلا يتولد الالتزام ( دي باج 3 فقرة 699 ص 657 ) . والذي ينقضي بالسبب الأجنبي إنما هو الالتزام القانوني العام ألا يضر شخص آخر بعمل غير مشروع ، إذا جاز أن يعد هذا التزاما .
( [1784] ) بودري وبارد 3 فقرة 1922 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1318 – وتقدير ما إذا كانت الواقعة المدعي بها تعتبر قوة قاهرة هو تقدير موضوعي تملكه محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، ما دامت قد أقامت قضاءها علي أسببا سائغة ( نقض مدني 27 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 145 ص 1022 ) ، وما دامت الشروط اللازمة قانونا لقيام القوة القاهرة متوافرة .
( [1785] ) بودري وبارد 3 فقرة 1923 - وانظر المادة 342 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفا فقرة 586 في الهامش ) .
( [1786] ) نقض مدني 29 أكتوبر سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 273 ص 746 .
( [1787] ) الوسيط جزء 2 فقرة 432 .
( [1788] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1322 – دي باج 3 فقرة 702 .
( [1789] ) تولييه 7 فقرة 486 - بودري وبارد 3 فقرة 1925 – بلانيول وريبير ردوان 7 فقرة 1323 – جوسران 2 فقرة 962 - دي باج 3 فقرة 702 - وقارن أوبري ورو 4 فقرة 331 ص 365 هامش رقم 6 – ديرانتون 12 فقرة 506 – وانظر في كل ذلك الوسيط جزء 2 فقرة 432 ص 788 .
( [1790] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 299 - وإذا هلك الشيء هلاكا جزئيا بسبب أجنبي ، تخلص المدين من الالتزام بتسليمه إلي الدائن الجزء غير الهالك ( بودري وبارد 3 فقرة 1916 ) ، ويجوز للدائن في هذه الحالة أن يرفض تسلم الجزء غير الهالك لأنه لا يجبر علي الوفاء الجزئي ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2013 – أنسيلكوبيدي داللوز 3 لفظ perte de la chose due فقرة 4 ) .
( [1791] ) انظر آنفا فقرة 189 ص 309 هامس رقم 2 - وقارن المادة 1205 من التقنين المدني الفرنسي وبودري وبارد 3 فقرة 1921 .
هذا وإذا استحال تنفيذ الالتزام بخطأ المدين ، فإن المحل يتحول إلي تعويض كما قدمنا ، ولا تبرأ ذمة المدين . كذلك لا تبرأ ذمة الكفيل بل يبقي كفيلا للتعويض ، وكذلك لا تنقضي التأمينات بل تبقي ضامنة للتعويض ( بودري وبارد 3 فقرة 1921 ص 255 ) .
أما إذا هلك الشيء بفعل الكفيل ، فإن ذمة الدين الأصلي تبرأ من الدين ، إذ يعتبر فعل الكفيل سبباً أجنبيا بالنسبة إلي المدين الأصلي ( بودري وبارد 3 فقرة 1921 ص 255 ) . وتبرأ ذمة الكفيل – باعتباره كفيلا - ببراءة ذمة المدين الأصلي ، ولكن الكفيل يكون مسئولا عن فعله كمدين أصلي نحو الدائن .
( [1792] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص519 هامش رقم 1 - وانظر الوسيط جزء 2 فقرة 432 ص787 وهامش رقم 1 . ويشتمل التقنين المدنى الفرنسى على نص يقرر هذا الحكم هو المادة 1303 . وهذا الن ينتقده الفقه الفرنسى . فهو قد كان مفهوماً فى ضوء تقاليد القانون الماضية وأحكام القانون الرومانى ، إذ كان البيع لا ينقل الملكية . فيظل البائع مالكاً الشئ ، فإذا هلك كان البائع هو الذى يملك دعوى التعويض ، ومن ثم وجب أن ينقلها إلى المشترى . أما الآن فالبيع ينقل الملكية إلى المشترى ، ودعوى التعويض يملكها المشترى مباشرة ، دون حاجة إلى أن ينقلها إليه البائع . على أن النص لا يزال مفيداً فى الحالات التى يتراخى فيها نقل الملكية إلى المشترى ، فيهلك الشئ قبل أن تنتقل الملكية إليه ( أوبرى ورو 4 فقرة 331 ص365 هامش رقم 5 - بودرى وبارد 3 فقرة 1926 - فقرة 1927 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 139 - دى باج 3 فقرة 704 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2014 - كولان وكابيتان 2 فقرة 588 - أنسيكلوبيدى واللوز 3 لفظ perte de la chose due فقرة 7 - فقرة 8 . وانظر المادة 37 من قانون 13 يوليه سنة 1930 فى فرنسا الخاص بالتأمين .
( [1793] ) ويجرى هذا النص على الوجه الآتى : " لا تبرأ ذمة المديون من أجل القوة القاهرة إلا بقدر استحالة التنفيذ ، فيمكن إذن ألا يكون سقوط الموجب إلا جزئياً . وفى جميع الأحوال ، حتى فى حالة سقوط الموجب كله ، يلزم المديون أن يتنازل للدائن عن الحقوق والدعاوى المختصة بالتعويض مما يتعلق بالموجب السابق ، كما يلزمه أن يسلم إليه ما بقى من الشئ الهالك إن كانت هناك بقية " . وانظر فى وجوب تسليم بقية الشئ الهالك : بودرى وبارد 3 فقرة 1927 ص265 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1319 ص731 .
( [1794] ) انظر الوسيط جزء أول فقرة 489 - فقرة 490 .
( [1795] ) الوسيط جزء أول فقرة 489 - فقرة 490 - وانظر أيضاً دى باج 3 فقرة 699 ص657 - ص658 - أنسيكلوبيدى داللوز 3 لفظ perte de la chose due فقرة 6 - الموجز للمؤلف فقرة 602 - الأستاذ عبد الحى حجازى 2 ص343 - ص347 - الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 300 ص377 .
( [1796] ) والتقنين المدنى العراقى وحده هو الذى أورد هذه النصوص ، كما قدمنا ، فلم ترد فى التقنين المدنى المصرى ، ومن ثم يجب فى مصر تطبيق القواعد العامة فى هذه المسائل .
( [1797] ) مرجع : جوسار ( Gossart ) فى التقادم المسقط فى الدعاوى رسالة من باريس سنة 1886- جندارد ( Gondard ) فى وقف التقادم وقاعدة وقف التقادم حيث يتعذر على الدائن قطع سريانه رسالة من باريس سنة 1904- جيرى ( Guery ) فى تقادم الدعوى العامة والدعوى المدنية رسالة من رِنْ سنة 1905- بكنيو ( Pequignot ) فى التقادم الاتفاقى رسالة من ديجون سنة 1905- جوردان ( Jourdan ) فى التقادم فى التقنين المدنى الألمانى رسالة من باريس سنة 1906- بشرل ( Becherel ) فى تقادم الحقوق المعلقة على شرط رسالة من باريس سنة 1909 – روشفور ( Rochefort ) فى تقادم الحقوق المعلقة على شرط رسالة من باريس سنة 1910- هوليو ( Holleaux ) فى تطور القواعد الخاصة بمدد التقادم القصيرة القائمة على قرينة الوفاء- رسالة من باريس سنة 1927- مونتل ( Montel ) بعض اعتبارات فى مسألة تنقيح التقادم : المجلة التفصلية للقانون المدنى سنة 1936 ص637- كاربونييه ( Carbonneir ) فى قاعدة وقف التقادم حيث يتعذر على الدائن قطع سريانه : المجل الانتقادية سنة 1937 ص155- تعليقات على التقادم المسقط : المجلة الفصلية للقانون المدنى سنة 1952 ص171- فاسير ( Vasseur ) فى مواعيد السقوط ومواعيد التقادم ومواعيد المرافعات : المجل الفصلية للقانون المدنى سنة 1950 ص439- الأستاذ عبد المنعم البدراوى فى أثر مضى المدة فى الالتزام رسالة من القاهرة سنة 1950 .
( [1798] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص300 .
( [1799] ) فيما عدا حق الملكية .
( [1800] ) على أن كلا من التقادم المسقط والتقادم المكسب يخضع لقواعد واحدة فيما يتعلق بحساب المدة ووقف التقادم وانقطاعه والتمسك به . وهذا ما دعا التقنين المدنى الفرنسى إلى الجمع بين النوعين فى باب واحد ، صدر بهذه القواعد المشتركة . وينتقد الفقه الفرنسى هذا المسلك ، ويعيب على التقنين المدنى الفرنسى جمعه بين نظامين يختلفان اختلافاً جوهرياً فى الغاية والنطاق والمقومات . ولم يشأ بوتييه أن يجمع بينهما ، فقد أفرد للتقادم المكسب كتاباً خاصاً ووضع التقادم المسقط فى كتاب الالتزامات ( الأستاذ عبد المنعم البدراوى فى أثر مضى المدة فى الالتزام فقرة 30 - فقرة 31 ) .
( [1801] ) فالحقوق العينية ، كحق الانتفاع وحق الارتفاق ، تسقط بعدم الاستعمال ، أى بالتقادم المسقط . وذلك فيما عدا حق الملكية فإنه لا يسقط بعدم الاستعمال وإن كان يكسب بالتقادم ، ومجرد ترك العين أو إهمالها ، مهما يطل الزمن ، من غير أن يتعرض لها أحد أو يغتصبها وينكر حق مالكها فيها ، لا يترتب عليه البتة – لا فى الشريعة الإسلامية ولا فى غيرها من الشرائع – لا سقوط حق ملكيتها ولا منع سماع الدعوى بها لو تعرض لها متعرض بعد زمن الإهمال المديد ( نقض مدنى 18 أبريل سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 249 ص694 - 23 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 352 ص1098 - وانظر أيضاً بالنسبة إلى عدم سقوط الدعوى بملكية الوقف : نقض مدنى 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة 1 رقم 295 ص912 - 23 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 351 و352 ص1097 وص1098 - 21 مايو سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 162 ص453 - أول مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 213 ص572 - أو إذا غصب الوقف غاصب وبقيت حيازته ثلاثاً وثلاثين سنة : أول مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 214 ص574 ) . ولكن إذا استحال حق الملكية إلى تعويض ، كأن أتلف الحائز ملك الغير الذى فى حيازته ، فإن دعوى التعويض تسقط التقادم ، وإن كانت الملكية ذاتها لو بقى الشئ ولم تكن لتسقط ( استئناف مختلط 15 ديمسبر سنة 1938 م51 ص65 ) .
( [1802] ) لوران 32 فقرة 5 .
( [1803] ) جوسران 2 فقرة 967 .
( [1804] ) بودرى وتيسييه فقرة 33 .
( [1805] ) بودرى وتيسييه فقرة 28 - فقرة 29 وفقرة 33 .
( [1806] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1325 .
( [1807] ) كذلك التقادم الخمسى الخاص بالدعاوى الناشئة من الكمبيالات والسندات الإذنية ونحوها من الأوراق التجارية ( م194 تجارى ) يقوم على قرينة الوفاء ، ويحلف المدين اليمين على أنه أدى الدين . وتقادم دعاوى البطلان ، لنقص الأهلية أو لعيوب الرضاء ، بثلاث سنوات يقوم على قرينة أن العاقد قد أجاز العقد .
( [1808] ) بودرى وتيسييه فقرة 13 - فقرة 14 .
( [1809] ) وقد حاول قانون الكنيسة كثيراً أن يضعف من نظام التقادم الرومانى ، إذ رآه مخالفاً لما تقتضيه نزاهة التعامل . فهو فى نظره يقر الاغتصاب ، ويجيز للمدين أن يبرئ ذمته دون أن يوفى دينه . فأكثر من أسباب وقف التقادم ، وأقام التقادم المسقط على قرينة الوفاء لا على أساس استقرار التعامل ، وأدخل فى التقادم المكسب عنصر حسن النية ، وبذل جهداً كبيراً فى عرقلة هذا النظام ( بودرى وتيسييه فقرة 19 ) .
( [1810] ) بودرى وتيسييه فقرة 22 .
( [1811] ) أوبرى ورو 12 فقرة 711 ص532 - ص835 - بيدان ولاجارد 9 فقرة 1090 - كولان وكابيتان 2 فقرة 621 - جوسران 2 فقرة 1004 - فقرة 1006 - وقارن بودرى وتيسييه فقرة 39 ص39 - ص40 - ويذهب بودرى وتيسييه إلى أن المواعيد ليست إلا مواعيد تقادم تخضع لأحكام خاصة ، فلا تنقطع ولا يقف سريانها ( بودرى وتيسييه فقرة 40 - وانظر أيضاً هذا المعنى الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 317 - فقرة 318 .
وانظر أيضاً فى الآراء المختلفة فى التمييز بين مواعيد التقادم والمواعيد المسقطة الأستاذ عبد المنعم البدراوى فى أثر مضى المدة فى الالتزام فقرة 40 - فقرة 49 .
( [1812] ) ومما يزيد فى دقة التمييز أن هناك مواعيد تقضى النصوص بجواز انقطاع سريانه دون جواز وقف السريان ، وذلك كالتقادم الذى لا تزيد مدته على خمس سنوات ( م382 / 2 مدنى ) . والأصل فى هذه المواعيد أن تكون مدد تقادم ما لم يكن الغرض الأصلى من تقريرها أن تكون مواعيد مسقطة ( بلانيول وريبير ودوان 7 فقرة 1403 ص820 - ص821 - وانظر ايضاً بودرى وتيسييه فقرة 39 ص37 - ص39 ) .
( [1813] ) فمن أغراض التقادم أيضاً أن يكون قرينة على الوفاء ، فالدين الذى مضت عليه مدة التقادم يغلب فى الواقع أن يكون قد وفى ، والمشرع يجعل هذا الغالب الواقعى حقيقة قانونية . فالتقادم طريق للإثبات ، أو بالأحرى إعفاء من الإثبات ، أكثر منه سبباً لانقضاء الالتزام . أما فى المواعيد المسقطة فالمشرع لا يضع قرينة ولا يفترض أمراً ، بل هو يحتم على صاحب الحق أن يستعمله فى وقت معين وإلا سقط . فسقوط الحق لا يقوم على قرينة الوفاء ، بل هو عقوبة على عدم استعمال الحق فى الوقت المحدد ( انظر فى هذا المعنى جوسران 2 فقرة 1004 ) .
( [1814] ) ومن ثم يكون الميعاد المسقط عنصراً من عناصر الحق يدخل تكوينه ولا يتم الحق بدونه ، ولابد فى الحق حتى يكون تاماً من رفعا الدعوى فى المدة المضروبة . وقد قضت محكمة الإسكندرية التجارية فى هذا المعنى بأن الفرق بين مدة التقادم المسقط ومدة السقوط أن الحق الأصلى فى الأولى مقرر من قبل وتام الوجود ، وأما الحق فى الثانية فهو لم يكن تام الوجود والتكوين بل لابد فيه حتى يكون تاماً من رفع الدعوى فى المدة المضروبة . ولذلك فالمدة فى أحوال السقوط لازمة لتكوين الحق ، بخلاف مدة التقادم فهى ليست لازمة لتكوينه لأنه سبق أن تكون من قبل . فإذا طالب المالك فى حالة مدة التقادم بحقه ، فإنما يطلب حقاً مقرراً كاملاً . أما فى الأحوال المقرر لها مدة السقوط ، فالمدعى ملزم برفع الدعوى فى غضون المدة حتى يظهر حقه كاملاً ، وبدون رفع الدعوى لا يكون الحق موجوداً بتمامه . ولذلك كان الحق الكامل الموجود بتمامه فى مدة التقادم يعنى الشارع بحمايته ، من حيث القطع والإيقاف فى المدة . وأما شبه الحق فى مدة السقوط\ فهو ليس جديراً بحماية الشارع له بقطع أو إيقاف ، بمعنى أن مدة السقوط لا تقبل تطويلاً بإيقاف سريانها أو قطعها فى مصلحة المدعى ، لأن الحق لم يولد كاملاً بعد حتى يتقرر له حق الحماية ( أول أغسطس سنة 1946 المجموعة الرسمية 47 رقم 235 ) . وقضت محكمة استئناف أسيوط بأن مواعيد السقوط تختلف عن مواعيد التقادم فى أن الأولى تقوم على فكرة وجود أجل قانونى يتناول أصل الحق ويسقطه ، بخلاف الثانية فإنها تقوم على إيقاع جزاء الإهمال صاحب الشأن فيها . ويترتب على ذلك ألا تطبق فى الأولى قواعد وقف المدة أو انقطاعها ، فهى تتم فى الميعاد المحدد ولو كان يوم عيد ، حتى لو اعترض الموعد حالة من حالات القوة القاهرة ، بخلاف مواعيد التقادم . وكذلك لا يجوز تعديل مواعيد السقوط بإرادة ذوى الشأن لا بالامتداد ولا بالإنقاص ، بخلاف مواعيد التقادم فإن هذا جائز فى شأنها إذ يجوز أثناء النزاع التنازل عن المدة السابقة ويجوز التسامح فى مدها لمدة جديرة . وكذلك لا يجوز التنازل عن مواعيد السقوط بعد سريانها ، وعلى القاضى أن يراعى ذلك من تلقاء نفسه ، ويحتم عليه القانون وجوب احترامها بغير أن يدفع أحد طرفى الخصومة . ومتى تم سريان ميعاد السقوط انقضى الحق بصفة مطلقة ، بخلاف الحال فى التقادم ( 23 ديسمبر سنة 1946 المجموعة الرسمية 48 رقم 171 ) .
( [1815] ) وتصرح المادة 246 مدنى بأن دعوى تكملة الثمن للغبن الفاحش تتقادم بثلاث سنوات ، وكأن التقنين السابق ( م337 / 420 ) يجعل المدة مدة سقوط لا تقادم ويحددها بسنتين . وكذلك تصريح المادة 452 مدنى بأن دعوى لاضمان للعبي الخلقى فى المبيع تتقادم بسنة من وقت تسلم المبيع ، وكان التقنين السابق ( 324 / 402 ) يجعلها تسقط – لا تتقادم – بثمانية أيام من وقت كشف العيب . وكذلك تصرح المادة 434 مدنى بأن دعوى العجز والزيادة فى مقدار المبيع تتقادم بسنة من وقت تسليم المبيع ، وكان الفقه والقضاء فى عهد التقنين السابق يفسران النص المقابل ( م296 / 370 ) بأن مدة السنة من وقت العقد هى مدة سقوط لا تقادم ، وهذا بالرغم من أن الأصل الفرنسى لهذا النص ذكر لفظ التقادم ( se prescrivent ) : انظر الموجز للمؤلف فقرة 605 ص628 - ص629 .
( [1816] ) الوسيط جزء أول فقرة 209 وقارن فقرة 322 ص544 حيث وردت عبارة " مدة التقادم فى الاستغلال " : وصحتها المدة المسقطة – الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص323 - ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض – فى ميعاد مشابه – بأنه فيما يتعلق بالمدة المعينة لرفع دعوى منع التعرض ، فإن مدة السنة ، المشترط فى المادة 26 مرافعات ( قديم ويقابلها م961 مدنى جديد ) عدم مضيها على الفعل الصادر من المدعى عليه ، هى مدة تقادم خاص تسرى عليه قواعد الانقطاع التى تسرى على التقادم المسقط العادى . فإذا رفع واضع اليد دعواه أمام القضاء المستعجل طالباً إزالة السد موضوع النزاع وتمكينه من رى أطيانه ، فإن هذا الطلب ، إذ يعتبر بمبناه ومعناه طلباً بمنع التعرض ، يقطع مدة دعوى وضع اليد ولو حكمت المحكمة المستعجلة بعدم اختصاصها ، لأن رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة يقطع المدة ( نقض مدنى 13 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 8 ص13 ) .
( [1817] ) وتنص على ما يأتى : " يجوز لحابس الشئ ، إذا خرج الشئ من يديه خفية أو بالرغم من معارضته ، أن يطلب استرداده إذا هو قام بهذا الطلب خلال ثلاثين يوماً من الوقت الذى علم فيه بخروج الشئ من يده وقبل انقضاء سنة من خروجه " .
( [1818] ) وتنص فى بيع العقار المرهون على ما يأتى : " إذا اتفق البائع والمشترى على حوالة الدين المضمون بالرهن ، وسجل عقد البيع . تعين على الدائن ، متى أعلن رسمياً الحوالة ، أن يقرها أو يرفضها فى ميعاد لا يجاوز ستة أشهر ، فإذا انقضى هذا الميعاد دون أن يبت برأى اعتبر سكوته إقراراً " .
( [1819] ) وتنص على ما يأتى : " إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ، ثم ظهر خلل فى المبيع ، فعلى المشترى أن يخطر البائع بهذا الخلل فى مدة شهر من ظهوره ، وأن يرفع الدعوى فى مدة ستة شهور من هذا الإخطار ، وإلا سقط حقه فى الضمان ، كل هذا ما لم يتفق على غيره " .
( [1820] ) وتنص على ما يأتى : " ولمن خسر فى مقامرة أو رهان أن يسترد ما دفعه خلال ثلاث سنوات من الوقت الذى أدى فيه ما خسره ، ولو كان هناك اتفاق يقضى بغير ذلك " .
( [1821] ) وتنص على ما يأتى فى خصوص دعوى نقض القسمة للغبن : " ويجب أن ترفع الدعوى فى خلال سنة التالية للقسمة " .
( [1822] ) وتنص على ما يأتى : " يسقط الحق فى الأخذ بالشفعة إذا انقضت أربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع " . انظر فى أن هذا الميعاد ميعاد سقوط : نقض مدنى 3 أبريل سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 182 ص395 - وكذلك يعتبر ميعاد الخمسة عشر يوماً لإعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ( م940 ) ، وميعاد الثلاثين يوماً لإيداع الثمن خزانة المحكمة ولرفع دعوى الشفعة ( م942 - 953 ) ، من المواعيد المسقطة ( نقض مدنى 26 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 128 ص282 ) .
( [1823] ) وتنص على ما يأتى : " من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كامله ، ثم وقع له تعرض فى حيازته ، جاز أن يرفع خلال السنة التالية دعوى بمنع التعرض " .
( [1824] ) وتنص على ما يأتى : " يجوز لمالك المنقول أو السن لحامله ، إذا فقده أو سرق منه ، أن يسترده ممكن يكون حائزاً له بحسن نيه ، وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرق " – انظر الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص323 - ص324 .
وتحدد المادة العاشرة من القانون رقم 64 لسنة 1936 الخاص بإصابات العمل ستة أشهر لرفع الدعوى ، والمدة مدة مسقطة لا تنقطع ( نقض مدنى 8 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 48 ص339 ) .
وفى التقنين التجارى ، كما فى التقنين المدنى ، مواعيد تقادم ومواعيد مسقطة . فمن أمثلة مواعيد التقادم ما نصت عليه المادة 65 فى خصوص الدعاوى الناشئة عن أعمال الشركات ، وما نصت عليه المادة 104 فى خصوص الدعاوى التى ترفع على الوكيل بالعمولة وعلى أمين النقل بسبب التأخر فى نقل البضاعة أو بسبب ضياعها أو تلفها ( انظر نقض مدنى 5 نوفمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 19 ص156 ) ، وما نصت عليه المادة 194 فى خصوص دعاوى الكمبيالات والسندات الإذنية والسندات لحاملها . ومن أمثلة المواعيد المسقطة ما نصت عليه المادة 124 فى خصوص ميعاد قبول الكمبيالة ، وما نصت عليه المادة 160 فى خصوص طلب دفع قيمة الكمبيالة أو قولها ، وما نصت عليه المادة 162 فى خصوص ميعاد عمل البروتستو ، وما نصت عليه المادة 289 فى خصوص ميعاد تقدم الدائنين فى التفليسة .
( [1825] ) بودرى وتسييه فقرة 39 ص37 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1403 ص820 - وقد رأينا فى بعض النصوص المتقدمة ما يصرح بذلك . فالمادة 455 مدنى ، وهى تحدد ميعاد الشهر لإخطار البائع بالخلل الذى فى المبيع وميعاد ستة الشهور لرفع الدعى ، تقول بعد ذلك : كل هذا ما لم يتفق على غيره . فليست هذه المواعيد إذن من النظام العام ، بل يجوز الاتفاق على إطالتها أو على تقصيرها . والمادة 739 مدنى ميعاد ثلاث السنوات لاسترداد الخاسر فى مقامرة أو رهان ما خسره ، تقول بعد هذا : ولو كان هناك اتفاق يقضى بغير ذلك . فالميعاد هنا يعتبر من النظام العام ، ولا يجوز الاتفاق على إطالته أو تقصيره . وسائر المواعيد المسقطة تكون من النظام العام أو لا تكون ، تبعاً لما إذا كانت تحقق مصلحة عليا للمجتمع أو كانت مقصورة على حماية مصالح الأفراد . فميعاد دعوى الاستغلال مثلاً يمكن اعتباره من النظام العام ، أما ميعاد دعوى نقض القسمة للغبن فيبدو أنه لا يعتبر من النظام العام .
هذا وإلى جانب المواعيد السقطة توجد مواعيد المرافعات ( ) ، كمواعيد الحضور ومواعيد الطعن فى الأحكام ، فهذه أيضاً لها أحكامها الخاصة المعروفة فى قانون المرافعات ، وهى أيضاً لا تقطع ولا يقف سريانها– وتوجد أيضاً المواعيد التنظيمية ( ) . نذكر منها ما نصت عليه المادة 262 مدنى من أنه " تنتهى حالة الإعسار بقوة القانون متى انقضت خمس سنوات على تاريخ التأشير بالحكم الصادر بشهر الإعصار " ، وما نصت عليه المادة 544 مدنى من أنه " إذا اتفق على الفوائد ، كان للمدين إذا انقضت ستة أشهر على القرض أن يعلن رغبته فى إلغاء العقد ورد ما اقترضه ، على أن يتم الرد فى أجل لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ هذا الإعلان " ، وما نصت عليه المادة 651 مدنى من أنه " يضمن المهندس المعمارى والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئى فيما شيدوه " ( قارن الأستاذ عبد المنعم البدراوى فى أثر مضى المدة فى الالتزام ص67 - أما المادة 654 مدنى فتحدد ميعاد تقادم مسقط للدعوى ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب ) ، وما نصت عليه المادة 874 مدنى فى خصوص تملك الأراضى المباحة بالاستيلاء من أن واضع اليد " يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس العشرة السنة التالية للتملك " . وهذه أيضاً مواعيد لا تقطع ولا يقف سريانها . انظر بودرى وتسييه فقرة 37 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1403 ص822 .
( [1826] ) ولم يستحدث التقنين المدنى الجديد تعديلات كثيرة فى أحكام التقادم . وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى لهذا التقنين فى هذا الصدد ما يأتى : " وقد جعل المشروع مدة التقادم المعتادة خمس عشرة سنة ، كما هو الشأن فى التقنين الراهن ( السابق ) . ولم ير تعديل المدد المقررة فى هذا التقنين ، فيما عدا نصوصاً معينة أخصها ما تعلق بالتقادم الثلاثى فى المسئولية التقصيرية والإثراء بلا سبب وعيوب الرضا ونقص الأهلية . وعلى ذلك اقتصر الأمر على تعديل مدة التقادم الحولى ، فجعلت سنة بدلاً من ثلثمائة وستين يوماً ، حتى يرتفع من التقنين الحالى ( السابق ) ذلك التناقض الملحوظ بين النصوص المتعلقة بالتقادم والنصوص الخاصة بحقوق الامتياز . وقد ضبط المشروع وقفه وانقطاعه وآثاره ، ثم إنه عين بدء سريان المدة ، ولا سيما فيما يتعلق بالديون التى يتوقف استحقاقها على إرادة الدائن . ويراعى أن النصوص الخاصة بوقف التقادم لا تحول دون سريان المدة بالنسبة لناقص الأهلية ، إلا إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناً . كما أنها تقضى بعدم سريان المدة ، كقاعدة عامة ، كلما وجد مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه فى الوقت المناسب ، ولو كان هذا المانع أدبياً . ويراعى من ناحية أخرى أن نصوصاً أخرى قد تناولت أسباب انقطاع التقادم ، واشترطت لذلك . . . رفع الدعوى أو أى إجراء مماثل . أما آثار التقادم فقد فصلت تفصيلاً واضحاً ، فنص على وجوب تمسك المدين به كما نص على إسناد أثر انقضاء الالتزام بالتقادم وتخلف التزام طبيعى فى ذمة المدين من بعد . وأخيراً قضى المشروع بعدم جواز الاتفاق على تعديل مدد التقادم بأى حال ، فلم يجز التنازل عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه ، إنما أجاز التنازل بعد ثبوت هذا الحق فى غير إخلال بحقوق الدائنين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص300 - 301 ) .
( [1827] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 513 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد مع تحديد لفظى لا يغر المعنى . وفى لجنة المراجعة جعل النص مطابقاً كل المطابقة ، وأصبح رقمه 387 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 374 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص302 - ص303 ) .
( [1828] ) التقنين المدنى السابق م208 / 272 : جميع التعهدات والديون تزول بمضى مدة خمس عشرة سنة ، ما عدا الاستثناءات الآتية بعد والأحوال المخصوصة المصرح بها فى القانون . ( ويتفق الحكم فى التقنينين السابق والجديد ) .
( [1829] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م372 ( مطابقة للمادة 374 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م361 ( مطابقة للمادة 374 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م429 : الدعوى بالتزام ، أياً كان سببه ، لا تسمع على المنكر بعد تركها من غير عذر شرعى خمس عشرة سنة ، مع مراعاة ما وردت فيه أحكام خاصة . ( والتقنين العراقى أخذ عن الشريعة الإسلامية مبدأ عدم سماح الدعوى لا سقوط الحق : انظر مقالاً للأستاذ ضياء شيت فى التقادم المسقط فى القانون المدنى العراقى منشوراً فى مجلة القضاء ببغداد السنة الخامسة عشر ص45 - ص58 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م344 : تسقط الموجبات بتقاعد الدائن الذى يتخلف عن التذرع بحقوقه سحابة مدة من الزمان .
م349 : إن مرور الزمن يتم فى الأساس بعد انقضاء عشر سنوات . ( وتتفق هذه الأحكام مع أحكام التقنين المصرى ، فيما عدا أن مدة التقادم المعتادة فى التقنين اللبنانى عشر سنوات وهى خمس عشرة سنة فى التقنين المصرى ) .
( [1830] ) ذلك أن القاعدة العامة تقضى بأن " تحسب المواعيد بالتقويم الميلادى ، ما لم ينص القانون على غير ذلك " ( م3 مدنى ) .
( [1831] ) وينتقد الفقه الفرنسى طول مدة التقادم فى التقنين المدنى الفرنسى ، وقد قدمت مقترحات لتقصيرها إلى عشرين سنة أو أقل ، ولكن التقنين الفرنسى لم يعدل حتى الآن فى هذه المسألة . والقوانين الأجنبية تحدد مدة أقصر للتقادم ، ففى النرويج والسويد والدنمارك حددت مدة التقادم بعشرين سنة بموجب قوانين خاصة ، والتقنين الأسبانى ( م1963 ) يحددها مدة التقادم بخمس عشرة سنة ، وتقنين الالتزامات السويسرى ( م146 ) والتقنين المدنى الإيطالى الجديد ( م2946 ) وتقنين الموجبات والعقود اللبانى ( م349 ) تحدد مدة التقادم بعشر سنوات . انظر فى انتقاد طول مدة التقادم فى فرنسا بودرى وتيسييه فقرة 587 مكررة - وينتقد بلانيول وريبير وردوان ( جزء 7 فقرة 1327 ) تنوع مدد التقادم تنوعاً يوقع فى الخلط والارتباك ، ولكنهم ( جزء 7 فقرة 1329 ) مع ذلك يرون استبقاء الثلاثين سنة مدة للتقادم كقاعدة عامة ، حتى يتسع الوقت للدائن للمطالبة بحقه ، فلا يكون التقادم وسيلة لاغتصاب الحقوق .
( [1832] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص302 .
( [1833] ) فالحق فى النسب لا يسقط بالتقادم ، ولكن يسقط بالتقادم ما ترتب على النسب من حقوق مالية كنفقة متجمدة ونصيب الوارث فى التركة .
( [1834] ) بودرى وتيسييه فقرة 157 - فقرة 159 .
( [1835] ) بودرى وتيسييه فقرة 163 - فقرة 172 . ودعوى طلب إثبات صحة التوقيع لا تتقادم لأنها رخصة وليست التزاماً ( سوهاج 5 مايو سنة 1940 المحاماة 20 رقم 614 ص1397 ) - وحكم مرسى المزاد لا يتقادم كسبب ناقل للملكية ، ولا يتعدى أثر التقادم إلا إلى الصيغة التنفيذية ( استئناف مصر 25 فبراير سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 249 ) .
( [1836] ) الوسيط جزء 2 فقرة 627 .
( [1837] ) انظر فى هذا المعنى نقض مدنى 5 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 118 ص271 - 7 أبريل سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 139 ص944 .
( [1838] ) انظر فى هذه المسألة الوسيط جزء أول فقرة 319 - بودرى وتيسييه فقة 589 - فقرة 591 .
( [1839] ) الوسيط جزء أول فقرة 320 .
( [1840] ) انظر فقرة 669 فيما يلى - وانظر بودرى وتيسييه فقرة 609 - فقرة 612 .
( [1841] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1328 .
( [1842] ) فإذا وفى شخص بالوكالة عن المدين ديناً يتقادم بمدة قصيرة ، كالفوائد تسقط بخمس سنوات ، وكالضرائب تسقط بثلاث سنوات ، ورجع بدعوى الوكالة على المدين ، فإن هذه الدعوى لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة ( استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 64 ص117 - بودرى وتيسييه فقرة 600 ) . ودعوى الموكل على الوكيل بتقديم حساب دعوى شخصية تسقط بخمس عشرة سنة ( استئناف وطنى 15 يناير سنة 1903 الحقوق 18 ص46 - استئناف مختلط 15 ديسمبر سنة 1938 م51 ص65 ) ، ولو كان ذلك عن نصيب الموكل فى ميراث ( استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1940 م52 ص219 ) . وكذلك التزام الفضولى بتقديم حساب يتقادم ، فى التقنين المدنى السابق ، بخمس عشرة سنة ( استئناف مختلط 16 أبريل سنة 1940 م52 ص257 ، أما فى التقنين المدنى الجديد فيتقادم بثلاث سنوات أو بخمس عشرة سنة ( انظر م197 مدنى ) . ودعوى الحساب ورصيد الحساب الجارى لا يسقطان إلا بخمس عشرة سنة ( استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1889 م2 ص59 ) . وإذا كانت صيغة العقد تدل على أنه وديعة موضوعها مبلغ من المال ، فإن العقد لا يكون عقد وديعة تامة ، بل هو عقد وديعة ناقصة وأقرب إلى عارية الاستهلاك منه إلى الوديعة ، وكل ما يكون للمودع هوا لمطالبة بقيمة ماله ، وهذا حق شخصى يسقط كسائر الحقوق الشخصية بمضى خمس عشرة سنة من تاريخ الالتزام بالرد ( نقض مدنى 11 يناير سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 21 ص47 - استئناف مختلط 3 مارس سنة 1927 م39 ص302 ) ، وإذا حصل تكليف بالوفاء فإن مدة التقادم تبدأ من جديد خمس عشرة سنة ( استئناف مصر 7 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 19 رقم 286 ص690 ) . والحق فى المعاش ( لا فى أقساط المعاش الدورية ) يسقط بخمس عشرة سنة ( استئناف مختلط 19 يناير سنة 1893 م5 ص104 - 5 مايو سنة 1897 م9 ص312 ) . ولا يكون ثمن استبدال العين الموقوفة معتبراً وقفاً بمنزلة العين المبيعة حتى تشترى به عين أخرى ، إلا إذا دفع الثمن وحفظ وديعة على ذمة الوقف . أما إذا لم يدفع ، فإنه يعتبر ديناً بسيطاً بخمس عشرة سنة ، لا بثلاث وثلاثين ( الإسكندرية 4 يناير سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 رقم 87 ص143 ) . والحق فى أخذ سند أو تسلمه من شركة حق شخصى يسقط بالتقادم ( استئناف مختلط 22 مايو سنة 1902 م14 ص325 - 20 يناير سنة 1904 م16 ص105 ) . انظر أيضاً ريبير فى القانون التجارى فقرة 2447 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1330 .
ويلاحظ أخيراً أنه لا عبرة بحسن النية أو بسوء النية فى التقادم المسقط القائم على أساس استقرار التعامل ، وهذه هى حال التقادم بخمس عشرة سنة . فمهما كان المدين سيئ النية ، متى انقضى على استحقاق دينه خمس عشرة سنة فقد سقط الدين بالتقادم ، حتى لو اعترف المدين وهو يتمسك بالتقادم أنه لم يدفع الدين . وقد كان قانون لكنيسة يشترط حسن نية المدين ابتداء وبقاء ، ثم تغلبت مبادئ القانون الرومانى القانون الكنسى لاعتبارات عملية ( بودرى وتيسييه فقرة 616 - فقرة 619 ) .
( [1843] ) الوسيط جزء أول فقرة 322 - ويلاحظ أن دعوى الإبطال فى حالة نقص الأهلية لها ميعاد تقادم واحد هو ثلاث سنوات من اليوم الذى يزول فيه نقص الأهلية . ولا تتقادم هذه الدعوى بخمس عشرة سنة من وقت تمام العقد ، لأن هناك احتمالاً يزول نقص الأهلية ، فلا يرتفع الحجر ولا يبلغ القاصر سن الرشد ، إلا بعد مدة طويلة تستنفد الخمس العشرة سنة أو تكاد ، فتتقادم الدعوى أو توشك أن تتقادم قبل زوال نقص الأهلية . فأراد المشرع أن يبقى لناقص الأهلية مدة بعد استكمال أهليته يرفع فيها دعوى الإبطال ، وهى ثلاث سنوات كاملة بعد استكمال الأهلية .
( [1844] ) الوسيط جزء أول فقرة 625 - ولما كان أساس مسئولية الإدارة عن قراراتها الباطلة هو الخطأ ، أى العمل غير المشروع ( انظر فى هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا فى 15 ديسمبر سنة 1956 مجلة إدارة قضايا الحكومة السنة الأولى العدد الأول ص214 ) ، فإنه يترتب على ذلك ان دعوى التعويض عن قرار إدارى باطل تتقادم بثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه . قارن مع ذلك حكماً آخر للمحكمة الإدارية العليا فى 28 ديسمبر سنة 1956 ( مجلة إدارة قضايا الحكومة السنة الأولى العدد الأول ص219 ) ، وتذهب المحكمة فى هذا الحكم إلى أن التعويض عن قرار باطل بفصل عامل اليومية = ؟؟؟؟ تكملة الحاشية بصفحة 1013 وهى غير موجودة؟؟؟؟
( [1845] ) الوسيط جزء ثان فقرة 596 .
( [1846] ) ويسرى هذا التقادم على الكمبيالات وتعتبر دائماً أعمالاً تجارية . ويسرى أيضاً على السندات تحت الإذن أو لحاملها ، بشرط أن تكون محررة من تجار أو بسبب أعمال تجارية . ويسرى أخيراً على الكمبيالات التى ينقصها بعض الشروط – وهى التى عناها النص بعبارة " الأوراق المتضمنة أمراً بالدفع أو الحوالات الواجبة الدفع بمجرد الاطلاع عليها وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية " . – بشرط أن تكون هى أيضاً محررة من تجارة أو بسبب أعمال تجارية حتى تكون من الأعمال التجارية . والدعاوى التى تسقط بهذا التقادم هى الدعاوى التى يرفعها الحامل على المسحوب عليه القابل للكمبيالة أو على محرر السند تحت الإذن ، والدعاوى التى ترفع على الساحب الذى لم يقدم مقابل الوفاء ، والدعاوى التى ترفع على المظهرين ، ودعاوى رجوع الملتزمين بالوفاء بعضهم على بعض ، والدعاوى الناشئة بين الموقعين على الورقة التجارية بسبب علاقاتهم القانونية التى أفضت إلى إنشاء الورقة أو تظهيرها .
أما بقية الديون التجارية الأخرى ، غير الديون المتقدمة وغير ما نصت عليه المادتان 65 و104 تجارى الآتى ذكرهما فى المتن ، فتسقط كالديون المدنية بخمس عشرة سنة ، ويدخل فى ذلك رصيد الحساب الجارى ( استئناف مصر 15 يونيه سنة 1926 المحاماة 7 ص114 ) .
ويسرى التقادم الخمسى بالنسبة إلى الأوراق التجارية من اليوم التالى ليوم حلول ميعاد الدفع أو من يوم عمل البروتستو أو من يوم آخر مرافعة فى المحكمة . وإذا كانت الكمبيالة أو السن الإذنى مستحق الدفع عند الطلب ، سرى التقادم من تاريخ إنشاء الكمبيالة أو السند . وإذا انقطع التقادم وسرى تقادم جديد ، كانت مدة هذا التقادم الجديد خمس سنوات أيضاً ، إلا إذا صدر حكم بالدين فإن هذا الحكم لا يسقط إلا بخمس عشرة سنة ( استئناف مصر 16 يونيه سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 ص248 - استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1939 م51 ص382 ) ، أو إلا إذا اعترف المدين بالدين بسند منفرد فيعتبر هذا تجديداً للدين بشرط أن يكون التجديد لاحقاً لاستحقاق الورقة التجارية فلا يسقط الدين الجديد إلا بخمس عشرة سنة ( الأستاذ محمد صالح فى شرح القانون التجارى 2 ص155 - ص165 - الموجز للمؤلف فقرة 608 ) .
وقد قضت محكمة النقض بأن المادة 194 من التقنين التجارى بقولها " وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية " إنما عنت الأوراق التجارية الصادرة لعمل تجارى ، لا الأوراق غير التجارية ولو كانت صادرة لعمل تجارى . وأخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول ، ولازم كونها كذلك أن تكون ورقة مستقلة بنفسها ، وأن يبين فيها بمجرد الاطلاع عليها أن قيمتها مقدرة على وجه نهائى لا يدع محلاً لمنازعة . فإذا كانت الورقة محل الدعوى متصلة بكشف حساب وكانت نهائية قيمتها معلقة على خلو الكشف من السهو والغلط ، فإنها لا تكون ورقة تجارية ، وذلك دون الحاجة إلى النظر فيما إذا كانت الورقة قد حررت لعمل تجارى أم لغيره ( نقض مدنى 23 يناير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 142 ص311 ) . وقضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه لكى يسقط حق المطالبة بكمبيالة تحت الإذن بمضى خمس سنوات يجب أن يكون سبب الدين تجارياً ، أما إذا كان السبب غير تجارى فتطبق قواعد القانون المدنى ( استئناف وطنى 4 مايو سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 رقم 127 ص204 - وانظر أيضاً استئناف مختلط 15 مارس سنة 1911 م23 ص217 - 24 ديسمبر سنة 1914 م27 ص84 ) . وقضت محكمة الاستئناف الوطنية أيضاً بأن التزام الموقعين على كمبيالة بعضهم قبل بعض يعتبر مدنياً لا يسقط إلا بخمس عشرة سنة ولو كانت الكمبيالة تجارية ، ويسقط الحق فيها بالنسبة إلى الدائن بمرور خمس سنوات ( استئناف وطنى 23 مارس سنة 1905 الحقوق 20 ص139 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا كان السند الإذنى موقعاً عليه من تاجر ، كان عملاً تجارياً بمقتضى نص المادة 2 من قانون التجارة ، إلا أن هذه القرينة ليست قاطعة ، فيجوز نفيها وإثبات أن سبب الدين مدنى محض تسرى عليه أحكام القانون المدنى خصوصاً فيما يتعلق بسقوط الحق فى المطالبة بالدين ( استئناف مصر 15 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 141 ص187 ) . وقضت محكمة استئناف مصر أيضاً بأنه إذا حرر التاجر سند دين لعمل غير خاص بتجارته كان السند مدنياً ، فلا يسقط الحق فى المطالبة به بمضى خمس سنوات ( استئناف مصر 17 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 311 ص616 - 25 نوفمبر سنة 1937 المحاماة 18 رقم 400 ص867 ) . وقضت محكمة مصر بأن السند يكون تجارياً من ناحية الدائن إذا كان هذا الأخير تاجراً ولم يقم دليل من جانبه على مدنية سبب السند ، وإذا كان السند تجارياً من ناحية الدائن فإن حقه فى المطالبة بقيمته يسقط بمضى خمس سنوات ، سواء كان المدين تاجراً أو غير تاجر " ( مصر 9 أبريل سنة 1930 المحاماة 12 رقم 325 ص637 ) .
هذا والنص على جواز توجيه اليمين إلى المدين دليل على أن هذا التقادم قائم على قرينة الوفاء ( استئناف مصر 3 نوفمبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 343 ص505 - 4 فبراير سنة 1930 المحاماة 10 رقم 338 ص676 - مصر 15 أبريل سنة 1931 المحاماة 11 رقم 547 ص1072 ) . ولا توجه اليمين إلا للمدين أو ورثته ، فلا توجه للكفيل ( استئناف مصر 8 ديسمبر سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 94 ص226 ) .
( [1847] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 514 من المشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : " 1 - يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ، كالأجرة في المبانى وفي الأراضي الزراعية وكالفوائد والأقساط والمرتبات والأجور والمعاشات ، ويتقادم الحق حتى لو أقر به المدين بعد سقوط بالتقادم . 2 - ومع ذلك لا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سييء النية ولا الديون الثابتة في ذمة ناظر الوقف للمستحقين إلا بانقضاء خمس عشرة سنة " . وفي لجنة المراجعة ضيف " مقابل الحكر " ضمن الحقوق التي تسقط بخمس سنوات ، وأصبحت المادة 388 في المشروع النهائي . وفي مجلس النواب عدل النص بحيث أصبح مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة مجلس الشيوخ تقدمت مقترحات عدة لم تأخذ بها اللجنة ، وقالت عنها في تقريرها ما يأتي : اقترح حذف عبارة " ولو أقر به المدين " من المادة 375 وحذف الفقرة الثانية منها ، لأن التقادم الخمسي لا يعتبر من النظام العام ولأن ما تنص عليه الفقرة الثانية لا يعتبر من قبيل الديون الدورية بالنسبة الي المدينين الوارد ذكرهم فيها ، فضلا عن إنه لا محل لأفراد نص لهم دون أمثالهم من الأوصياء والوكلاي والمصفين . . . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأن النص ليس معناه أن المحكمة تقضي بالتقادم ولو أقر المدين بالدين إقراراً ينطوي علي معني التنازل عن التمسك بالدفع بالتقادم ، بل هو يقرر القاعدة المسلمة المتفرعة علي عدم قيام هذا النوع من التقادم علي قرينة الوفاء ، ومؤداها أن إقرار المدين بترتب الدين في ذمته لا يمنعه في الوقت ذاته من أن يتمسك بالتقادم ، ولا يحول دون القضاء بتقادم الدين علي أساس هذا التمسك . هذا ويراعي أن الفقرة الثانية من المادة 375 وردت لحسم خلاف أثير في صدد الحالتين اللتين خصتهما بالذكر ، وليس من الخير أن يترك باب الخلاف مفتوحا مع أن في الوسع سده . واقترح الاستعاضة عن عبارة " حق وحقوق " الواردة في المواد 375و376و378 بعبارة " دين وديون " ، لأن الانقضاء لا يرد علي الحق وإنما يرد علي الدين . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأن الذي ينقضي هو الالتزام ، وهو رابطة تتمثل في ذمة الدائن حقا وفي ذمة المدين دينا ، فلا يقبل أن يقال إن أحد وجهي هذه الرابطة هو الذي يقبل الانقضاء دون الآخر ، وإنما يرد الانقضاء علي الرابطة بوجهيها جميعا ، فيصح في لغة التشريع أن يقال انقضاء الحق وانقضاء الالتزام وانقضاء الدين ، وكلها صحيح وكلها بمعنى واحد . ولذلك استعمل التقنين الحالي ( السابق ) الاصطلاحين معا ، فعبر أحيانا بسقوط " المبالغ المستحقة " أى الحقوق ، وعبر أحيانا بسقوط " الديون " . والفقه والقضاء جميعا لا ينكران شيئا من ذلك . واقترح أن يضاف إلي أحكام التقادم النص الآتي : " تتقادم الدعوي بذات المدة المقررة لتقادم الدين المطلوب فيها " . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأن النظام الذي اتبعه التقنين لا يفرق بوجه عام بين الحق والدعوي علي غرار ما هو معروف في الفقه الإسلامي . أما إذا أريد بالدعوي الخصومة أمام القضاء ، فهذا ما تكفل بالنص علي التقادم فيه مشروع قانون المرافعات " . ووافقت اللجنة علي النص كما هو تحت رقم 375 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 304 وض 306 - ص310 ) .
( [1848] ) التقنين المدني السابق م 211 / 275 : المرتبات والفوائد والمعاشات والأجر ، وبالجملة كافة ما يستحق دفعة سنويا أو بمواعيد أقل من سنة ، يسقط الحق في المطالبة به بمضي خمس سنوات هلالية . ( والحكم واحد في التقنينين السابق والجديد ، فيما عدا أن السنين تحسب ميلادية في التقنين الجديد ) .
( [1849] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 373 ( مطابقة للمادة 375 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 362 ( مطابقة للمادة 375 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 430 :1 - كل حق دوري متجدد ، كالأجرة والفوائد والرواتب والإيرادات المرتبة ، لا تسمع الدعوي به علي المدين بعد تركها من غير عذر شرعي خمس سنوات . 2 - أما الريع المستحق في ذمة الحائز سييء النية ، والريع والواجب علي متولي الوقف أداؤه للمستحقين ، فلا تسمع الدعوي بهما علي المنكر بعد تركها من غير عذر شرعي خمس عشرة سنة . ( وأحكام التقنين العراقي متفقة مع أحكام التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين العراقي ، علي غرار الفقه الإسلامي ، لا يجيز سماع الدعوي بدلا من أن يسقط الحق بالتقادم . انظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 382 - فقرة 384 - وانظر مقالا في التقادم المسقط في القانون العراقي للأستاذ ضياء شيت خطاب في مجلة القضاء ببغداد السنة الخامسة عشرة ص 50 - ص52 ) .
تقنين الموجبات والعقود واللبنانى م 350 : تكون مدة مرور الزمن خمس سنوات في المستحقات المتأخرة والفوائد وحصص الأسهم من الأرباح وأجور المباني والأراضى الزراعية ، وبوجه عام في الموجبات التي تستحق الأداء ك سنة أو أقل . وتكون مدة مرور الزمن خمس سنوات أيضا في الدعاوي بي الشركاء أو بين هؤلاء وأشخاص آخرين من أجل الموجبات الناشئة عن عقد الشركة . وتبتديء هذه المدة من يوم إعلان حل الشركة أو إعلان خروج أحد الشركاء . ( والفقرة الأولي من النص تتفق أحكامها مع التقنين المدني المصري . وانظر في الفقرة الثانية من النص المادة 65 من التقنين التجاري المصري ) .
( [1850] ) ويفرق الأستاذ عبد الحي حجازى بين الحق المتجدد كالأجرة والحق المتجزيء كالحق المسقط ، فيقول : " الحق المتجدد تتعين مرات تجدده علي أساس المدة ، أما الحق المتجزيء علي الزمن فان المدة تتحدد علي أساس عدد الأجزاء . ولهذا فإن الدين المتجزيء لا يسقط إلا بالتقادم الطويل ، وذلك لتخلف صفة التجدد فيه ، بل إن صفة الدورية فيه ليست ناشئة من كونه منوطا بالمدة ، لأنه ليس منوطا بالمدة ، وإنما المدة ناشئة من تقسميه عدة أجزاء ووضع كل جزء في نطاق زمن معين " ( الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص355 ) .
( [1851] ) ولأن في اطلاق " الأجرة " شيئا من عدم الدقة ، فسنري أن أجرة الغرفة في الفندق تتقادم بسنة واحدة لا بخمس سنوات ( م378مدني ) .
( [1852] ) استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 103 - 12 مارس سنة 1896م ص 165 - مصر 30 أبريل سنة 1899 الحقوق 16 ص 148 - 7 يناير سنة 1908 المجموعة الرسمية 9 رقم 91 ص 208 .
( [1853] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا أقر المستأجر في عقد الإيجار أنه إذا زرع أكثر من ثلث الأرض قطنا أو كرر الزراعة القطنية فيما سبقت زراعته قطنا ، يكون ملزما بمثل الأجرة ، وجعل لنظارة الوقف حق خصم ما يجب من ذلك التعويض من كل مبلغ دفعه أو يدفعه المستأجر ، ووقع الاتفاق علي أن يسري هذا الحكم ويتكرر في سني الإيجار ، فإن الظاهر من هذا العقد أن الطرفين أنزلا التعويض المذكور منزلة الأجرة قدراً واستحقاقا وتكراراً ، ومتى قام بالالتزام بالتعويض المترتب علي مخالفة المستأجر لالتزاماته الأصلية وصف كونه مقدراً تقدير الأجرة ومستحقا استحقاقها ودائراً معها عن مدة الإيجار ، فقد جاز عليه حكم السقوط بالتقادم الخمسي سقوط الأجرة ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 334 ص 1072 - وانظر أيضا : نقض مدني 27 أبريل سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 180 ص 548 ) .
( [1854] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بسقوط الفوائد التي حل أجلها وانقضي علي استقحاقها خمس سنوات أيا كان نوعها ، سواء أكانت الفوائد متفقا عليها أم كانت سارية بحكم القانون أو محكوما بها من المحاكم ( 16 يونية سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 رقم 114 ص 248 - وانظر : استئناف مختلط 9 مارس سنة 1892 م 4 ص 165 - 29 ديسمبر سنة 1925 38 ص - 141 - 21 أبريل سنة 1931 م 43 ص 359 - 2 مارس سنة 1937 م 49 ص 120 ) .
وقضت أيضا بأنه يبدأ فى استنزال ما دفع من الدين من الأقساط بالمصروفات والفوائد المستحقة علي الدين قبل الخصم من رأس المال . فإذا ورد في الإيصالات المقدمة من المستأنف أن خصم الأقساط التي دفعها يكون من المطلوب للدائن بدون تفصيل ، انصرف هذا السداد إلي أنه واقع علي الفوائد أولا . ومتي ثبت ذلك تكون هذه الدفعات خصما من الفوائد المستحقة سنويا ، ويتفرع علي هذا أن سدادها قاطع لسريان مدة تقادمها في كل تاريخ من تواريخ الإيصالات التي قدمها الخصم ( استئناف مصر 3 يناير سنة 1945 المجموعة الرسمية 46 رقم 121 ) .
( [1855] ) أما إذا كانت الفوائد مستحقة علي سبيل التعويض ، فإنها لا تكون دورية متجددة ، وتتقادم بخمس عشرة سنة لا بخمس سنوات . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا لم يشترط دفع فوائد عن الباقي من الثمن في ذمة المشتري ، واستولي المشتري علي الأرض المبيعة وانتفع بها ، وجب عليه دفع فوائد سبيل التعويض في مقابل الانتفاع بالأرض ، وهذه الفوائد لا تخضع للتقادم الخمسي ( 11 نوفمبر سنة 1919 م 32 ص 7 ) .
( [1856] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن المادتين 211 مدني ( قديم ) و64 من لائحة المعاشات الخاصتين بسقوط الحق في المرتبات بخمس سنوات لا تنطبقان إلا علي معاش تمت تسويته ( 4مايو سنة 1905 الاستقلال 5 ص 23 ) .
( [1857] ) إلا يحتمل عشرة سنة ( 26 يناير سنة 1899 القضاء 6 ص58 ) .
( [1858] ) وبالتحديد إلي عصر لويس الثاني عشر ، إذ أصدر هذا الملك الفرنسي أمراً ملكيا ( ordonnance ) ، في يونية سنة 1510 ، قضي فيه بأن من يشتري إيراداً مرتبا - والإيراد المرتب في ذلك الوقت هو الفائدة علي رأس المال - لا يجوز له أن يطالب بمتأخرات الإيراد لأكثر من خمس سنوات ، وذلك حتى لا تتراكم المتأخرات علي المدين بالإيراد ، فترهقه وتوقعه في الإفلاس والخراب ( بودري وتيسييه فقرة 767 ) .
( [1859] ) وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن التقادم الخمسي يقوم علي افتراض أداء المدين للديون الدورية المتجددة من إيراده ، وأن تراكمها أكثر من خمس سنوات تكليف بما يجاوز السعة ، وهذه القرينة لا تقبل إثبات الدليل العكسي ، وللخزانة العامة حق الانتفاع بحكمها رغم ملاءتها . ومنازعة المدين في أصل المرتب لا تمنع من سريان هذا التقادم ( 19 نوفمبر سنة 1955 المحاماة 36 رقم 448 ص 1328 - وانظر حكما آخر من نفس المحكمة في 36 نوفمبر سنة 1955 المحاماة 37 رقم 70 ص68 ) . وقضت محكمة الإسكندرية بأن القول بوجوب أن تكون المبالغ التي يسري عليها التقادم الخمسي معينة المقدار عند التعاقد قول لا سند له من القانون ، لأن الخطر من تراكم الديون غير المعينة المقدار لا يقل عن خطر تجمد الدوين المعلوم مقدارها ( 4 ديسمبر سنة 1939 المجموعة الرسمية 41 رقم 106 ) .
( [1860] ) وقد لا يستطيع الدائن المطالبة بالدين إلا لمدة أقل من خمس سنوات ، ويتحقق ذلك في القرض الآتي : يهمل الدائن بإيراد مرتب مدي الحياة تقاضي الإيراد مدة خمس سنوات ، ثم يموت فينقضي الإيراد بالموت . ثم نطالب الورقة بما تراكم من الإيراد لمورثهم ، وتتأخر المطالبة إلي سنة مثلا بعد موت صاحب الإيراد . ففي هذه الحالة لا تستطيع الورقة المطالبة بكل إيرادات الخمس السنوات المتراكمة ، لأن إيراد السنة الأولي منها يكون قد تقادم بخمس سنوات بعد انقضاء سنة علي موت صاحب الإيراد قبل المطالبة . ومن ثم لا يستطيع الورقة أن يطالبوا بأكثر من إيرادات الأربع السنوات الأخيرة ، فهذه وحدها هي التي لم تتقادم بخمس سنوات ( بودري وتيسييه فقرة 799 ) .
( [1861] ) قارن استئناف مختلط 8 مايو سنة 1941 م 53 ص 167 .
( [1862] ) استئناف مختلط 25 يونية سنة 1942 م 54 ص 255 .
( [1863] ) انظر ما جاء في تقرير لجنة مجلس الشيوخ في هذا المعني ، وقد تقدم ذكره عن إيراد تاريخ نص المادة 375 مدني ( انظر آنفا فقرة 599 في الهامش ) . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى " ولا يقوم التقادم الخمسي علي قرينة الوفاء ، كما هو الشأن فيما عداه من ضروب التقادم ، وإنما يرجع في أساسه إلي أن المدين يفترض فيه أداء الديون الدورية المتجددة من إيراده ، فلو أجبر علي الوفاء بما تراكم من هذه الديون بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ استحقاقه ، لأفضي ذلك إلي تكليفه بما قد يجاوز السعة . وقد جعل للمدين ، تفريعا علي هذا التوجيه ، أن يتمسك بالتقادم بانقضاء تلك المدة ولو بعد إقراره بوجوب الدين في ذمته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 305 ) .
( [1864] ) استئناف مختلط 8 يونية سنة 1922م 34 ص478 - وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " يرد التقادم الخمسي علي الالتزامات الدورية المتجددة أما أقساط الديون المنجمة فيسقط كل منها بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاقه ، لأنها ليست بالمتجددة وإن كانت دورية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 305 ) .
( [1865] ) استئناف مختلط 25 مايو سنة 1905 م 17 ص 298 - 18فبراير سنة 1947م 59 ص 59 - سوهاج 18 فبراير سنة 1938 المحاماة 20 رقم 417 ص 1026 - وإذا دفع المستأجر عن المؤجر الأموال الأميرية ، فرجوعه عليه بها يتقادم تقادم الإثراء دون سبب بثلاث سنوات أو بخمس عشرة سنة ، لا تقادم الأموال الأميرية بثلاث سنوات ( نقض مدني 28 أكتوبر سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 67 ص190 ، وقارب استئناف مختلط 29 ديسمبر سنة 1923م 36 ص109 ) . ولكن إذا استبقي المستأجر من الأجرة المستحقة عليه مبلغا معينا ليدفعه في الأموال الأميرية المقررة علي العين المؤجرة ، لم يخرج المبلغ المستبقي عن طبيعته ، وهي أنه دين أجرة سبب الالتزام به عقد الإجارة ، وتخصيصه ليدفع في الأموال الأميرية لا يعد تبديلا للالتزام ، وإذن فمدة السقوط المقررة له هي خمس سنوات ( نقض مدني 30 نوفمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 10 ص 22 ) . كذاك إذا تجمد دين الأجرة بانتهاء مدة الإيجار ، فإنه لا يفقد صفتي الدورية والتجدد . وقد قضت محكمة النقض بأن الدورية والتجدد هما صفتان لاحقتان بدين الأجرة ، وهما مفترضتان فيه ما بقي حافظاً لوضعه ، ولو تجمد بانتهاء مدة الإيجار وأصبح في الواقع مبلغا ثابتا في الذمة لا يدور ولا يتجدد ( نقض مدني 19 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 102 ص 673 ) .
( [1866] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1338 ص 748 - ردوان في انسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ prescription civile فقرة 317 - وانظر ما قدمناه من أن الحقوق التي تتقادم بمدد خاصة تفسر تفسيراً ضيقا ، وما خرج عنها يرجع إلي أصل القاعدة فيتقادم بخمس عشرة سنة ( آنفا فقرة 597 ) .
وإذا أدمجت الفوائد في رأس المال ، أصبحت هي أيضا رأس مال ، وفقدت صفتي الدورية والتجدد ، فلا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة ، وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الثابت من وقائع الدعوي أن الكمبيالة المطالب بقيمتها حررت عن أجرة سنة وفوائد متجمدة صفيت ، واستبدل بهما مبلغ واحد هو هو المبلغ الوارد بالكمبيالة ، فإن هذا المبلغ يكون قد زالت عنه صفة الدورية والتجدد ، فلا يسقط الحق فيه بخمس سنوات ( نقض مدني 27 مايو سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 66 ص 179 ) . وانظر أيضا في هذا المعني : استئناف مصر 12 يناير سنة 1939 المحاماة 19 رقم 339 ص 830 - استئناف مختلط 3 مايو سنة 1927 م 39 ص 438 - 22 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 85 - 14 يناير سنة 1941 م 53 ص 61 - أول أبريل سنة 1943 م 55 ص 116 - 2 يونية سنة 1943 م 55 ص 177 - 5 يونية سنة 1944 م 56 ص 191 - 4 أبريل سنة 1946 م 58 ص 99 .
( [1867] ) انظر المادة 185 / 3 مدني .
( [1868] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ويراعي أن التزام الحائز سييء النية برد الثمرات لا يعتبر من قبيل الدوين الدورية المتجددة ، ولذلك نص علي أن هذا الالتزام لا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة ، ويسري الحكم نفسه علي الفوائد المتجمدة " ( مجموعة الأعمال للتحضيرية 3 ص305 ) .
هذا وإذا كان الريع مستحقا في ذمة من تسلم غير المستحق لأنه سيء النية ( انظر م 185 مدني ) فإنه يلحق برأس المال الذي سلم دون حق ، ويتقادم هو ورأس المال بثلاث سنوات أو بخمس عشرة سنة وفقا لأحكام التقادم المقررة في الالتزام برد غير المتسحق ( انظر م 187مدني ) .
وقد كان القضاء ، في عهد التقنين المدني السابق ، منقسما في هذه المسألة . ولكن الكثرة الغالبة من الأحكام كانت تقضي بتقادم الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية بخمس عشرة سنة : نقض مدني 17 فبراير سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 96 ص 285 - استئناف وطني 27 مارس سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 92 ص 187 - أول يناير سنة 1914 الحقوق 30 ص 324 - 16 يونية سنة 1914 الشرائع 1 رقم 414 ص 252 - 15 فبراير سنة 1915 الشرائع 2 رقم 198 ص 183 - 15 يونية سنة 1915 الشرائع 2 رقم 335 ص 308 - 26يناير سنة 1916 الشرائع 3 رقم 113 ص 370 - استئناف مصر 11 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 129 ص 226 - 12 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 128 ص 225 - 21 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 142 ص 239 - 128 مارس 1929 المحاماة 9 رقم 402 ص 637 - 7 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 373 ص 759 - 4 أبريل سنة 1932 المحاماة 13 رقم 83 ص 191 - استئناف مختلط 27 يناير سنة 1892 م 4 ص 80 - 20 مايو سنة 1897 م 9 ص357 - 21 نوفمبر سنة 1922 م 35ص43 - 18 مارس سنة 1930 م 42 ص 362 – 27 مايو سنة 1930 م42 ص517 - 17 مارس سنة 1931م43 ص299 - 23 فبراير سنة 1932 م 44 ص196 - 5 يناير سنة 1932 م47 ص 92 - 21 نوفمبر سنة 1935 م ص 33 - 16 يونية سنة 1936 م 48 ص 320 - 10 يناير سنة 1937 م 49 ص 66 .
ومع ذلك فقد كانت هناك أحكام تقضي بتقادم الريع المستحق في ذمة الحائز سييء النية بخمس سنوات : استئناف وطتي 19 مايو سنة 1896 القضاء 3 ص 386 - 6 يونية سنة 1899 الحقوق14 ص 463 - 19 يناير سنة 1904 الاستقلال 3 ص27 - 22 ديسمبر سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 رقم 50 ص 93 - 12 فبراير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 204 ص 273 - 13 نوفمبر سنة 1923 المحاماة 4 رقم 274 ص 334 - 6 مايو سنة 1925 المحاماة 5 رقم 614 ص 744 - استئناف مختلط 17 نوفمبر سنة 1892 م 5 ص 12 .
انظر في هذه المسألة الموجز للمؤلف فقرة 607 ص 632 هامش رقم 1 .
( [1869] ) فقضت محكمة الاستئناف الوطنية في بعض أحكامها بأن نص المادة 211 مدني ( قديم ) يقضي بصفة عامة بسقوط الحق في المطالبة بكل ما هو مستحق دفعه سنويا بمضي خمس سنوات هلالية ، ولم يفرق بين الوقف وغير الوقف ، فإذا حكم لمستحق في الوقف باستحقاقه لحصة من الريع ، فلا يكون له حق الرجوع علي الناظر إلا بريع السنوات الخمس السابقة لرفع الدعوي فقط ( 16 مايو سنة 1905 المجمعة الرسمية 6 رقم 112 ص 244 - 27 أبريل سنة 1922 المحاماة 2 رقم 166 ص 494 - 27 مارس سنة 1927 المحاماة 8 رقم 230 ص 304 ) . وقضت في أحكام أخري بأن ناظر الوقف هو وكيل المستحقين ، فإن قبض غلة الوقف اعتبرت أمانة تحت يده لحسابهم ، وعلي ذلك فلا يسقط حقهم في المطالبة بها إلا بعد مضي خمس عشرة سنة ( 16 أبريل سنة 1897 الحقوق 13 ص 229 - 24 فبراير سنة 1907المجموعة الرسمية 8 رقم 89 ص 192 - 27 يناير سنة 1908 المجموعة الرمسية 9 رقم 112 ص 263 - 4 ديسمبر سنة 1930 المجموعة الرسمية 32 رقم 95 ص 211 ) .
انظر في هذه المسألة الموجز للمؤلف فقرة 607 ص 632 - ص 633 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 839 .
( [1870] ) استئناف مصر ( دوائر مجتمعة ) 3 مايو سنة 1930 المجموعة الرسمية 31 ص 274 - المحاماة 11 ص 39 .
( [1871] ) وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما ما يثبت للمستحق في الوقف من ديون في ذمة الناظر ، فقد حسم المشروع ما أثير من الخلاف في القضاء بشأن تقادمه ، واختار ما قضت به محكمة الاستئناف الأهلية بدوائرها المجتمعة - 3 مايو سنة 1930 المجموعة الرسمية 31 ص 274 رقم 106 - وقد بنت هذه المحكمة قضاءها علي أن غلة الوقف تظل ملكا للمستحق ، ولا يتقادم حقه فيها ما بقيت مفرزة في بد الناظر غير مختلطة بماله ، لأن هذه اليد يد أمانة لا تملك . ولكن إذا كان الناظر قد استهلك هذه الغلة بتعديه أو بتقصيره ، أصبح مسئولا عن فعله قبل المستحق ، وكان لهذا أن يطالبه بحقه باعتباره دينا لا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة . وقد تقدم أن المشروع أجاز تقادم الديون المترتبة علي الفعل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات في بعض الصور ، وبانقضاء خمس عشرة سنة في صور أخري بيد أنه رؤي استبعاد التقادم الثلاثي في هذه الحالة ، حتى لا يتقادم دين المستحق في الوقف بمدة أقل من مدد تقادم الديون الدورية المتجددة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 305 - 306 ) .
( [1872] ) انظر ما جاء في تقرير لجنة مجلس الشيوخ ، وقد سبق ذكره عند إيراد تاريخ نص المادة 375 ( انظر آنفا فقرة 599 في الهامش ) .
( [1873] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 515 / 1 من المشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : 1 - تتقادم بسنة واحدة الحقوق الآتية : ( 1 ) حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين ، وبوجه عام حق كل من يزاول مهنة حرة ، علي أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل وما تكبدوه من مصروفات " . وفي لجنة المراجعة أفرد هذا النص بمادة مستقلة هي المادة 389 من المشروع النهائي ، ورفعت مدة التقادم إلي خمس سنوات بدلاً من سنة واحدة . ووافق عليها مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة " وبوجه عام حق كل من يزاول مهنة حرة " ، وجاء في تقرير اللجنة في خصوص هذا الحذف ما يأتي : حذفت من هذه المادة عبارة " وبوجه عام حق كل من يزاول مهنة حرة " ، وبهذا أصبح النص قاصراً علي من ذكروا فيه . وقد رأت اللجنة أن في العبارة المحذوفة توسعا يجعل الحكم غير منضبط ، ويحسن في مدد التقادم الخاصة أن تعين الحقوق التي تتقادم بانقضاء هذه المدد تعيينا نافيا للشبهة . وأضافت اللجنة بعد كلمة " عمل " عبارة " من أعمال مهنتهم " ، زيادة في البيان المقصود . وأصبحت المادة رقمها 376 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 310 - ص313 ) .
( [1874] ) التقنين المدني السابق م 209 / 273 : المبالغ المستحقة للأطباء وللأفوكاتية وللمهندسين أجرة سعيهم ، وللباعة أثمان المبيعات لغير التجار مطلقا ولهم فيما عدا ما يتعلق بتجارتهم ، ولمؤدبي الأطفال والمعلمين علي تلاميذهم ، وللخدمة ماهية لهم ، تزول بمضي ثلثمائة وستين يوما ، ولو استحقت ديون جديدة من قبيل ما ذكر في ظرف الثلثمائة والستين يوما المذكورة . ( وهذه الأحكام تختلف عن أحكام التقنين الجديد فيما يأتي : ( 1 ) اقتصر التقنين السابق علي ذكر الأطباء والمحامين والمهندسين ومؤدبي الأطفال والمعلمين من أصحاب المهن الحرة . أما التقنين الجديد فقد زاد علي هؤلاء الصيادلة والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة . ( 2 ) جعل التقنين السابق مدة التقادم ثلثمائة وستين يوما . أما التقنين الجديد فجعلها خمس سنوات . وسنري كيف يسري بالنسبة إلي الزمان أحكام التقنين الجديد فيما خالف أحكام التقنين السابق عند شرح النص ) .
( [1875] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري م 373 ( مطابقة للمادة 376 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 363 ( مطابقة للمادة 376 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 431 : 1 - لا تسمع الدعوي علي المنكر بعد تركها من غير عذر شرعي سنة واحدة في الحقوق الآتية : ( 1 ) حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والأساتذة والمعلمين والمهندسين والخبراء ووكلءا التفليسة والسماسرة ، وبوجه عام كل من يزاول مهنة حرة ، علي أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل وما تكبدوه من مصروفات .
2 - ولا تسمع الدعوي في هذه الحقوق حتي لو بقي الدائنون مستمرين فيما يقومون به من خدمات أو أعمال أو أشغال أو توريدات .
3 - ويجب علي من يتمسك بعدم سماع الدعوي بمرور سنة واحدة أن يحلف يمينا توجهها المحكمة من تلقاء نفسها علي أن ذمته غير مشغولة بالدين . وتوجه اليمين إلي ورثة المدينين أو أوليائهم ، إن كانوا محجورين ، بأنهم لا يعلمون بوجود الدين .
4 - لكن إذا حرر سند بحق من هذه الحقوق ، فلا يتقادم الحق إلا بانقضاء خمس عشرة سنة ( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري ، إلا فيما يأتي : ( 1 ) عدم جواز سماع الدعوي في التقنين العراقي بدلا من سقوط الحق . ( 2 ) مدة التقادم في التقنين العراقي سنة واحدة كما كان الأمر في المشروع التمهيدي للتقنين المصري ، وذلك بدلا من خمس سنوات في التقنين المصري ( 3 ) عمم التقنين العراقي النص فجعله يشمل كل من يزاول مهنة حرة ، كما كان الأمر في المشروع التهميدي للتقنين المصري . ( 4 ) أوجب التقنين العراقي علي المدين أن يحلف يمينا علي أن ذمته غير مشغولة بالدين ، كما كان الأمر في المشروع التمهيدي للتقنين المصري . أما أن التقادم يسري حتي لو بقي الدائن مستمراً فيما يقوم به ، وأما أن تحرير سند بالدين يجعل مدة التقادم خمس عشرة سنة ، فالحكم فيهما واحد في التقنينين العراقي والمصري : انظر في التقنين المصري المادة 379 وسيأتي ذكرها - وانظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 386 - ومقالا في التقادم المسقط في القانون المدني العراقي للأستاذ ذياء شيت خطاب في مجلة القضاء ببغداد السنة الخامسة عشرة ص53 – ص55 .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 351 : يسقط بحكم مرور الزمن بعد سنتين :
3 - حق دعوي المعلمين والأساتذة وأرباب معاهد التعليم الداخلية العامة والخاصة فيما يتعلق بالمرتبات المستحقة لهم من قبل تلاميذهم وباللوازم التي قدمت لهؤلاء التلاميذ . وتبتديء مدة مرور الزمن منذ حلول الأجل المعين لاستحقاق المرتبات . .
م352 : يسقط أيضا بمرور الزمن بعد سنتين : ( 1 ) حق دعوي الأطباء والجراحين والمولدين وأطباء الأسنان والأطباء البيطريين من أجل عياداتهم والعمليات التي أجروها واللوازم والمسلفات التي قدموها ، وتبتديء مدة مرور الزمن من تاريخ العيادة أو العملية الأخيرة . ( 2 ) حق دعوي الصيدليين من أجل الأدوية التي قدموها ، وتبتديء مدة مرور الزمن من تاريخ تقديمها . ( 3 ) حق دعوي المحامين ووكلاء الدعاوي من أجل أجورهم وسلفاتهم . وتبتديء المدة المشار إليها منذ صدور الحكم النهائي أو من تاريخ عزلهم عن الوكالة . ( 4 ) حق دعوي مهندس البناء والمساحة وسائر المهندسين والخبراء من أجل الخطط التي يرسمونها أو الأعمال التي يجرونها أو المسلفات التي يقدمونها ، وتبتديء المدة من تاريخ تسليم الخطط أو إتمام الأعمال أو أداء المسلفات . ( 5 ) حق دعوي الوسطاء فيما يختص بأداء بدل السمسرة ، وتبتديء المدة من تاريخ انعقاد الاتفاق .
م 353 : في الأحوال المعينة في المادتين 351و352 يجري حكم مرور الزمن ولو تواصل تقديم اللوازم أو التسليم أو الخدمة أو العمل .
( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ، إلا فيما يأتي : ( 1 ) التقادم في التقنين اللبناني سنتان بدلا من خمس سنوات في التقنين المصري . ( 2 ) لم يذكر في التقنين اللبناني ، كما ذكر في التقنين المصري : وكلاء التفليسة . ( 3 ) أفاض التقنين البناني في بعض التفصيلات التي أغفلها التقنين المصري مقتصراً فيها علي تطبيق القواعد العامة ) .
( [1876] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 313 – وانظر تاريخ نص المادة 376 مدني آنفا فقرة 604 في الهامش .
( [1877] ) أما غيرهم فيرجع فيه إلي الأصل وتكون مدة التقادم خمس عشرة سنة . ومن ثم فحق المؤلف قبل الناشر لا يتقادم إلا بخمس عشرة سنة ( الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 305 ص382 ) . وحق المحاسب في أتعاب عمله ، وحق صاحب الجريدة في ثمن الإعلان في جريدته ، حق المصور والفنان بوجه عام في الأجر علي عمل معين من أعمال الفن ، كل هذه حقوق تتقادم بخمس عشرة سنة .
( [1878] ) انظر المادة 352 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفا فقرة 604 في الهامش ) .
( [1879] ) وقد قضت محكمة أسيوط بأن مبدأ التقادم لا يسرى بالنسبة إلي أتعاب الطبيب ، حتى في حالة الأمراض المزمنة ، إلا من تاريخ شفاء المريض أو وفاته أو انقطاع علاجه لسبب آخر ( 31 يناير سنة 1934 المحاماة 14 رقم 325 ص 634 ) .
( [1880] ) بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1356 ص 770 – ص771 - وإذا عالج الطبيب مريضين في أسرة واحدة وفي وقت واحد ، ترتب له دينان مستقلان أحدهما عن الآخر ، قد يختلف مبدأ سريان التقادم في كل منهما ، وقد يتقادم أحدهما دون الآخر . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى في هذا الصدد : " فإذا قام طبيب بعلاج مريضين في أسرة واحدة علي التوالي ، ترتب له دينان قائمان بذاتهما . ولكن تكرار العيادة لأحد المريضين يعتبر كلا لا يتجزأ ، ولا يصبح الدين الواجب بسببه مستحق الأداء إلا بعد انتهاء هذه العيادة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 318 - ص319 ) .
( [1881] ) وإذا حرر المدين السند بعد انتهاء مدة التقادم ، أمكن تفسير ذلك علي أنه نزول منه عن مدة التقادم بعد ان تمت ، وبدأت مدة تقادم جديدة مقدارها خمس عشرة سنة . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن كتابة المدين للسند يقطع التقادم إذا كان لا يزال ساريا ، ويعتبر أنه تنازل عنه إذا كان قد تم ، وفي الحالتين تكون المدة الجديدة التي تسري هي خمس عشرة سنة ( 11 يناير سنة 1900 م 12 ص 84 ) .
( [1882] ) أما ما تقدره المحكمة كأتعاب محاماة للخصم الذي كسب الدعوي ، هو تعويض له عن المصروفات التي تكبدها في تعيين محام عنه ، فلا تسقط إلا بخمس عشرة سنة ( دمنهور 7 أكتوبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 ص 36 - الموجز للمؤلف فقرة 609 ص 638 هامش رقم2 ) .
( [1883] ) انظر المادة 352 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفا فقرة 604 في الهامش ) وقد قضت محكمة الإسكندرية الوطنية بأن سريان التقادم لا يبدأ إلا من وقت انقضاء التوكيل ، وقالت في أسباب حكمها أن المحامي وكيل ، والتقادم في الوكالة لا يبدأ إلا من تاريخ انقضاء التوكيل ، فإذا وكل محام لمباشرة نزاع معين وجب اعتبار كل ما يتعلق بهذا النزاع من إجراءات وما يرتبط به من قضايا متعددة كلا لا يقبل التجزئة وحساب مدة التقادم ابتداء من انقضاء التوكيل بالنسبة إلي هذا النزاع المعين ، أي بإتمام العمل أو العزل أو الاستقالة أوالوفاة ( 18 يونية سنة 1929 المحاماة 10 ص 95 – وانظر الموجز للمؤلف فقرة 609 ص 638 هامش رقم 2 ) .
وقد قضت المادة 50 من قانون المحاماة رقم 98 لسنة 1944 بأن حق المحامي في مطالبة موكله ، عند عدم وجود سند بالأتعاب ، يتقادم بمضي خمس سنوات ميلادية .
( [1884] ) وكان التقنين المدني القديم لا يذكر الخبراء ولا وكلاء التفليسة ولا السماسرة ، فكانت أتعابهم لا تسقط إلا بخمس عشرة سنة ( الأزبكية 19 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 161 ص 345 ) .
( [1885] ) تاريخ النصوص :
م 378 : ورج هذا النص في المادة 515 / 1 والمادة 516 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، مع اشمال النص علي مادتين منفصلتين إحداهما عن الأخري ، ومع خلاف في نص الفقرة الثانية من المادة 516 من المشروع التمهيدي وكانت تجري علي الوجه الآتي : " وتوجه اليمين إلي من بقي حيا من الزوجين ، وإلي ورثة المدين وأوصيائهم إن كانوا قصراً ، بأنهم لا يعلمون بوجود الدين " . وفي لجنة المراجعة أدمجت المادتان في مادة واحدة للارتباط ما بين الأحكام ، وحذفت عبارة " إلي من بقي حيا من الزوجين لأنه داخل في عداد الورثة ، وأصبحت المادة رقمها 391 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيفت عبارة " أو يعلمون بحصول الوفاء " في نهاية الفقرة الثانية ، فأصبح النص مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 378 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 317 - 320 ) .
م 379 : ورد في النص في المادة 515 / 2 من المشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : " وتتقادم هذه الحقوق ، حتي ولو بقي الدائنون مستمرين فيما يقومون به من خدمات أو أعمال أو أشغال أو توريدات " . وفي لجنة المراجعة عدل النصوص أضيفت إليه فقرة ثانية ، فأصبح مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبحت المادة رقهما 392 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 379 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص321 - ص322 ) .
( [1886] ) التقنين اتلمدني السابق 209 / 273 : المبالغ المستحقة . . للباعة أثمان المبيعات لغير التجار مطلقا ولهم فيما عدا ما يتعلق بتجارتهم . . وللخدمة ما هية لهم ، تزول بمضي ثلثمائة وستين يوما ، ولو استحقت ديون جديدة من قبيل ما ذكر في ظرف الثلثمائة والستين يوما المذكورة .
م 212 / 276 : في حالة ما إذا كانت المدة المقررة لسقوط الحقوق ثلثمائة وستين يوماً فأقل ، لا تبرأ ذمة من يدعي التخلص بمضي المدة إلا بعد حلفه اليمين علي أنه أدي حقيقة ما كان في ذمته . .
م 213 / 277 : وأنا الأرامل والورثة والأوصياء فيتخلصون بحلفهم أنهم لا يعلمون أن المدعي به مستحق .
( وتختلف أحكام التقنين المدني السابق عن أحكام التقنين المدني الجديد فيما يأتي :1 - مدة التقادم في التقنين المدني السابق ثلثمائة وستون يوما وليست سنة كما هي في التقنين المدني الجديد . 2 - لم ينص التقنين المدني السابق علي العمال والأجراء ، واكتفي بذكر الخدم .كما أنه لم ينص علي أصحاب الفنادق والمطاعم 3 - لم ينص التقنين المدني السابق علي انقطاع التقادم ، بتحرير سند بالدين ، وبدء تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة ) .
( [1887] ) التقنينات المدنية العربية الأخري : التقنين المدني السوري م 375 - 376 ( مطابقتان للمادتين 378 - 379 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 365 - 366 ( مطابقتان للمادتين 378 - 379 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 431 : 1 - لا تسمع الدعوي علي المنكر بعد تركها ، من غير عذر شرعي ، سنة واحدة في الحقوق الآتية : ( أ ) . . . . . . . ( ب ) حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء : وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجرة الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه . لحساب عملائهم . ( جـ ) حقوق العملة والخدم والأجراء من أجرو يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات .
2 - ولا تسمع الدعوي في هذه الحقوق حتي لو بقي الدائون مستمرين فيما يقومون به من خدمات أو أعمال أو أشغال أو توريدات .
3 - ويجب علي من يتمسك بعدم سماع الدعوي ، بمرور سنة واحدة ، أن يحلف يمينا ، توجهها المحكمة من تلقاء نفسها ، علي أن ذمته غير مشغولة بالدين . وتوجه اليمين إلي ورقة المدينين ، أو أوليائهم إن كانوا محجورين ، بأنهم لا يعلمون بوجود الدين .
4 - ولكن إذا حرر سند بحق من هذه الحقوق ، فلا يتقادم الحق إلا بانقضاء خمس عشرة سنة وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين العراقي بقرر عدم جواز سماع الدعوي بدلا من سقوط الحق - انظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 387 - فقرة 388 - وانظر مقالا في التقادم المسقط في القانون المدني العراقي للأستاذ ضياء شيت خطاب منشوراً في مجلة القضاء ببغداد السنة الخامسة عشرة ص 55 - ص58 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 351 : يسقط بحكم مرور الزمن بعد سنتين : 1 - حق دعوي الباعة وملتزمي تقديم البضائع وأصحاب المعامل فيما يختص بالأشياء التي يقدمونها . 2 - حق دعوي المزارعين ومنتجي المواد الأولية فيما يختص بالأشياء التي يقدمونها إذا استعملت في حاجات الديون البيتية . وتبتديء مدة الزمن من يوم تقديم هذه الأشياء . . 4 - حق دعوي الخدام المختصة بما لهم من الأجور والمسلفات وسائر الموجبات المستحقة لهم ، بمقتضي عقد الاستخدام ، وكذلك حق السيد علي خدامه فيما يختص بالمال المسلف لهم بصفة كونهم خدما . 5 - حق دعوي العمال والمتدربين فيما يختص بأجورهم ولوازمهم ويوميتهم والمال الذي أسلفوه من أجل خدمتهم ، وكذلك حق دعوي المستخدم أو رب العمل فيما يختص بالمال المسلف لعماله بصفة كونهم عمالا . 6 - حق دعوي أصحاب الفنادق والمطاعم فيما يختص بتقديم السكن والطعام لمعامليهم وبالمال المسلف لهم . 7 - حق دعوي مؤجري الأثاث والأشياء المنقولة من أجل بدل إيجارها . 8 - حق دعوي العملة المأجورين فيما يختص بالتعويضات التي يمكنهم أن يطالبوا بها حسب المادتين 652 و656 من القانون المذكور .
م 353 : في الأحوال المعينة في المادتين 351 و 352 يجري حكم مرور الزمن وإن تواصل تقديم اللوازم أو التسليم أو الخدمة أو العمل .
( وتختلف أحكام التقنين اللبناني عن أحكام التقنين المصري فيما يأتي : ( 1 ) مدة التقادم في التقنين اللبناني سنتان لا سنة واحدة . ( 2 ) يشمل نص التقنين اللبناني حقوق المزارعين ومنتجي المواد الأولية ، وحق السيد علي الخدم في القروض التي يقدمها لهم باعتبارهم خدما ، وحق رب العمل في القروض التي يقدمها لعماله ، وحق مؤجري الأثاث والأشياء المنقولة ، وحق العملة فيما يختص بتعويضاتهم ، ولم ينص التقنين المصري علي شيء من ذلك . ( 3 ) لم ينص التقنين اللبناني علي أن تحرير سند بالدين يقطع التقادم ويجري تقادما جديداً مدته خمس عشرة سنة ، كما فعل التقنين المصري ) .
( [1888] ) الوسيط جزء ثان فقرة 317 .
( [1889] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 319 .
( [1890] ) الوسيط جزء ثان 2 فقرة 317 ص 589 - ص590 - وانظر أيضا فقرة 335 ص 619 - ص620 .
( [1891] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " والغالب في الديون التي يرد عليها التقادم الحولي أن تترتب علي عقود تقتضي نشاطاً مستمراً ، أو متجدداً ، كخدمات الأجراء وعمل من يزاولون المهن الحرة وتوريد البضائع وما إلي ذلك . بيد أن كل دين من هذه الديون يعتبر قائما بذاته رغم استمرار نشاط الدائن وتجدده ، ويسقط بانقضاء سنة متي اكتمل ذاتيته وأصبح مستحق الأداء . . . ويستحق أداء ثمن ما يورده التاجر عادة لعملية كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر ، وفقا للعرف الجاري " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 318 – 319 ) .
( [1892] ) أنظر المادة 351 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفا فقرة 607 في الهامش ) وتجعل حق مؤجر الأثاث والأشياء المنقولة تتقادم بسنتين .
هذا وقد يستأجر العميل غرفة في فندق ويدفع أجرتها شهراً فشهرا ، فالأجرة هنا ، وإن كانت دورية تتجدد كأجرة الغرف المفروشة ، تدخل ضمن حقوق أصحاب الفنادق التي تتقادم سنة واحدة بتصريح نص الفقرة الأولي من المادة 378 مدني .
( [1893] ) وقد كان هناك تعارض ملحوظ في أحكام التقنين المدني السابق ، إذ كانت مدة التقادم في حقوق الخدم ثلثمائة وستيمن يوما ، وكانت مدة امتياز هذه الحقوق سنة كاملة ، فكان الحق يسقط بالتقادم قبل تكامل مدة امتيازه ( الموجز للمؤلف فقرة 609 ص 639 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 841 فقرة ص 646 ) . وقد توقي التقنين المدني الجديد هذا التعارض ، فجعل مدة التقادم سنة كاملة ومدة الامتياز ستة أشهر فقط . فالحق يكون لستة أشهر حقا ممتازا ، ويكون لستة أشهر أخري دينا عاديا ، ثم يسقط بالتقادم .
( [1894] ) تاريخ النص : لم يرد هذا النص في المشروع التمهيدي ، ولجنة المراجعة هي التي أنشأته علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 360 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 377 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 315 ) .
( [1895] ) التقنين المدني السابق م 210 / 274 : المبالغ المستحقة للمحضرين وكتبة المحاكم عن رسوم أوراق يسقط حق المطالبة بها بمضي مدة ثلثمائة وستين يوما اعبتاراً من تاريخ انتهاء المرافعة في الدعوي التي تحررت في شأنها الأوراق المذكورة أو من تاريخ تحريرها إذا لم تحصل المرافعة .
( وقد كان هذا النص مقحما في التقنين المدني السابق ، وقد أخذ عن التقنين المدني الفرنسي : م 2272 / 1 ، حيث لا يعتبر المحضرون موظفين في الدولة ، بل يتقاضون أتعابا علي أعمالهم تتقادم بسنة واحدة . ولذلك لم ينقل المشروع التمهيدي هذا النص ، وورد في مذكرته الإيضاحية في هذا الصدد ما يأتي : " وقد أغفل المشروع ذكر عبارة المبالغ المستحقة للمحضرين وكتبة المحاكم في البيان الوارد في المادة 515 ، مراعيا في ذلك أن التقنين الحالي – السابق - أخطأ في إقحام هذه العبارة في نص المادي 210 / 274 . والواقع أن المحضرين والكتبة يعتبرون وفقا لنظام الإدارة في مصر ضمن موظفي الحكومة علي نقيض ما هو متبع في فرنسا . وعلي هذا الأساس تكون المبالغ التي تستحق لأولئك وهؤلاء ، بسبب ما يؤدون من أعمل رسمية للمتقاضين ، دينا للحكومة يدخل في حساب الرسوم القضائية : مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 318 - ثم صدر بعد ذلك قانون رقم 2 لسنة 1940 يعدل المادة 210 / 274 - وسيأتي ذكره - وهذا التعديل هو الذي نقله التقنين المدني الجديد - انظر الموجز للمؤلف فقرة 609 ص 639 – ص640 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 842 ) .
( [1896] ) التقنينات المدنية العربية الأخري :
التقنين المدني السوري ( لا مقابل – وتسري القوانين الخاصة ) .
التقنين المدني الليبي م 364 ( مطابقة للمادة 377 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي ( لا مقابل – وتسري القوانين الخاصة )
تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( لا مقابل – وتسري القوانين الخاصة ) .
( [1897] ) كانت الضرائب تتقادم – قبل الأمر العالي الصادر في 29 مارس سنة 1900 - بخمس سنوات هجرية ، باعتبارها ديونا دورية متجددة تطبيقا للمادة 211 / 275 من التقنين المدني السابق ( استئناف مختلط 27 مارس سنة 1889 م1 ص 89 - 17 يناير سنة 1895 م7 ص 170 ) ثم صدر الأمر العالي السالف الذكر ، فقضي بسقوطها بعد مضي ثلاث سنوات ميلادية لا يوقف سريانها ولا ينقطع . ثم صدر قانون رقم 2 لسنة 1940 يعدل الماد 210 / 274 من التقنين المدني السابق ، ويحدد مدة ثلاث سنوات ميلادية لسقوط الحق في الضرائب والرسوم المستحقة لقلم الكتاب والمصروفات القضائية ، " وبهذا يضع حداً للبلبلة القائمة ، ويوحد أحكام سقوط الحق في مواد الضرائب والرسوم والمصاريف القضائية وأي رسوم أخري ، سواء كان صاحب الحق هو خزينة الحكومة أو أفراد الناس " ( من المذكرة الإيضاحية للمادة 210 المعدلة ) . وقد عدل نص المادة 210 / 274 من التقنين المدني السابق علي الوجه الآتي : " يسقط الحق في المطالبة بالمبالغ المستحقة بصفة ضريبة أو رسم بمضي ثلاث سنين ميلادية من تاريخ استحقاقها . ولا يبدأ سريان هذه المدة بالنسبة للضرائب أو الرسوم السنوية إلا من نهاية السنة التي تستحق عنها تلك الضرائب والرسوم . وفيما يتعلق بالرسوم التي تستحق عن أوراق قضائية فيبدأ سريان هذه المدة بالنسبة لها من تاريخ انتهاء المرافعة في الدعوي التي حررت بشأنها تلك الأوراق أو من تاريخ تحريرها إذا لم تحصل المرافعة . ويسقط الحق في المطالبة برد المبالغ التي دفعت بغير حق بمضي ثلاث سنين من يوم دفعها . وكل ذلك مع عدم الإخلال بأحكام القانونين رقمي 14 لسنة 1939 و44 لسنة 1939 " . ( انظر الدكتور أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 842 ) . وهذا التعديل الصادر في سنة 1940هو الذي نقل عنه التقنين المدني الجديد كما سبق القول .
( [1898] ) وقد وردت فعلا نصوص مخالفة في بعض قوانين الضرائب . من ذلك الفقرة الأولي من المادة 97 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ، وهي تقضي بسقوط حق الحكومة في المطالبة بما هو مستحق لها بموجب هذا القانون بمضي خمس سنوات . ثم عدلت هذه المدة إلي عشر سنوات بموجب القانون رقم 29 لسنة 1947 بالنسبة الي الضرائب المستحقة عن سنوات 1938 - 1940 وتبدأ المدة من وقت وضع الإيراد تحت تصرف الممول ( نقض مدني 25 يونية سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 194 ص 1211 ) . ولا تنقطع بخطاب موصي عليه من مصلحة الضرائب ، ولكن بصدور الورد علي النموذج رقم 4 ضرائب ( نفس الحكم ) .
( [1899] ) والضريبة العقارية دين في ذمة الممول يجوز ، ما لم يسقط بالتقادم ، تقاضيه من أمواله الأخري ، وحق امتياز الحكومة علي العقار المستحق هذا الدين بسببه ليس إلا ضمانا للوفاء به . وقد قضت محكمة النقض بأن دين الضريبة العقارية يسقط بمضي ثلاث سنوات ميلادية تبدأ من آخر السنة التي استحق فيها هذا الدين ، سواء بيع العقار المستحق هذا الدين بسببه أو بقي ملكا للمدين . ذلك أن دين الضريبة هو دين شخصي ثابت في ذمة المدين . وامتياز الحكومة علي العقار المستحق هذا الدين بسببه ليس إلا ضمانا للوفاء به ، وبيع الضمان أو هلاكه ليس من شأنه أن يؤثر في خصائص الدين المضمون . ذلك أنه إذا بيع الضمان ، فإن ذلك لا يحول دون استيفاء الدين من أموال المدين الأخري قبل سقوطه بالتقادم ( نقض مدني أول مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 149 ص 1008 ) .
( [1900] ) أما العوائد المستحقة للبلديات ولمجالس المديريات وللأشخاص المعنوية العامة الأخري غير الدولة فلها في تقادمها أحكامها الخاصة .
( 1 ) وإذا وجب على الدولة رد غير المستحق للممول ولم يسقط هذا الحق بالتقادم ، فإني الدولة لا تلتزم بدفع فوائد عن المبالغ غير المستحقة التى تردها ، فقد صدر القانون رقم 146 لسنة 1950 يقضى بعدم جواز مطالبة مصلحة الضرائب بالفوائد عن المبالغ التى يحكم عليها بردها للممولين ، وقد كانت محكمة النقض تقضى باستحقاق هذه الفوائد قبل العمل بالقانون سالف الذكر ، أما منذ نفاذ هذا القانون فالنص صريح فى عدم استحقاق هذه الفوائد ( أنظر الوسيط جزء 2 فقرة 507 ص 894 هامش رقم 4 ) .
( [1902] ) تاريخ النص : انظر ما يلى فقرة 655 فى الهامش .
( [1903] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : أنظر ما يلى فقرة 655 فى الهامش – وأحكام هذه التقنينات فى هذه المسألة متفقة مع أحكام التقنين المدنى المصرى .
( [1904] ) استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1905 م 17 ص 124 - الموجز للمؤلف فقرة 612 ص 643 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 851 .
( [1905] ) بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1350 – ولكن هذا لا يمنع من أن يقطع الدائن التقادم أو أن يقوم سبب لوقف سريانه ، فتطول مدة التقادم حتما من جراء قطعة أو وقفه ( بلانيول وريبير وردوان فقرة 1350 ) .
( [1906] ) بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1349 ص 762 .
( [1907] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1349 .
( [1908] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " نهج المشروع نهج المشروع الفرنسى الإيطالى ، فحظر كل تعديل اتفاق فى مدة التقادم المقررة فى القانون . ويفرق البعض بين الاتفاقات الخاصة بمد المدة والاتفاقات الخاصة بقصرها ، يلحقون البطلان بالأولى دون الثانية ، بيد أنه لم ير وجه للأخذ بهذه التفرقة ، لأن إقرار صحة الاتفاق على قصر المدة ؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟ ؟؟ ؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟ لأن حكم التقادم يتعلق بالنظام العام ، ولا ينبغى أن يترك تطبيقه لمشيئة الأفراد " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 345 )
وأنظر ما يلى فقرة 658 .
( [1909] ) تاريخ النصوص :
م .38 : ورد هذا النص فى المادة 517 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " تحسب مدة التقادم بالتقويم الهجرى ، وتكون بالأيام لا بالساعات ، ولا يحسب اليوم الأول ، وتكمل المدة بانقضاء آخر يوم فيها " . وفى لجنة المراجعة حذف النص على الحساب بالتقويم الهجرى حتى يكون الحساب بالتاريخ الميلادى طبقا للقاعدة العامة التى نص عليها فى الباب التمهيدى ، فأصبح النص مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه المادة 393 فى المشروع النهائى ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 380 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 322 – ص 323 ) .
م 381 : ورد هذا النص فى المادة 528 من المشروع التمهيدى على وجه مطبق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن الفقرة الأولى من المشروع التمهيدى لم تكن تشتمل على عبارة " فيما لم يرد فيه نص خاص " ، وقد أضيفت هذه العبارة فى لجنة المراجعة ، فكمل تطابق النص ، ,اصبح رقمه المادة 394 فى المشروع النهائى ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 381 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 324 وص 326 ) .
( [1910] ) ولكن التقويم الهجرى كان هو المعمول به فى حساب مدد التقادم فى عهد التقنين المدنى السابق ، أما التقنين المدنى الجديد فتقضى نصوصه بأن يكون حساب مدد التقادم بالتقويم الميلادى .
( [1911] ) التقنيات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 377 - 378 ( مطابقتان للمادتين 380 –381 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 367 – 368 ( مطابقتان للمادتين 380 - 381 من التقنين المدنى المصرى ) .
= التقنين المدنى العراقى م 432 : إذا ترك السلف الدعوى مدة ، وتركها الخلف مدة أخرى ، وبلغ مجموع المدتين الحد المقرر لعدم سماع الدعوى ، فلا تسمع .
م 433 : تحسب المدة التى تمنع من سماع الدعوى بالتقويم الميلادى ، وتكون بالأيام لا بالساعات .
م 434 : 1 - يعتبر ابتداء المدة المقررة لعدم سماع الدعوى من اليوم الذى يصبح فيه الالتزام مستحق الآداء . 2 - ففى دعوى الدين المؤجل تبدأ المدة من وقت حلول الأجل ، وفى دعوى الدين المعلق على شرط من وقت تحقق الشرط ، وفى دعوى ضمان الاستحقاق من الوقت الذى يثبت فيه الاستحقاق . 3 - وإذا كان تحديد ميعاد الوفاء متوقفا على إرادة الدائن ، سرى مرور الزمن من الوقت الذى يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته .
( وأحكام التقنين العراقى متفقة مع أحكام التقنين المصرى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 390 – فقرة 391 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 438 : لا يبتدئ حكم مرور الزمن إلا يوم يصبح الدين يستحق الأداء ، وتحسب المدة بالأيام لا بالساعات ، ولا يحسب يوم البداءة . وتعد مدة مرور الزمن تامة عند انقضاء آخر يوم فيها . ( وأحكام التقنين اللبنانى تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .
( [1912] ) وإذا لجأنا إلى الشهادة لتحديد الساعة التى بدأ فيها سريان التقادم ، وهذه واقعة مادية يجوز إثباتها بالبينة ، تعذر على الشهود أن يحددوا على وجه الدقة اليوم الذى بدأ فيه سريان التقادم بله الساعة ( بودرى وتيسييه فقرة 579 ) .
( [1913] ) استئناف مصر 3 أبريل سنة 1952 المحاماة 34 رقم 27 ص 31 .
( [1914] ) استئناف مختلط 17 ديسمبر سنة 1908 م 21 ص 78 .
( [1915] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : " تحتسب مدة التقادم ، أيا كانت ، بالأيام لا بالساعات . ويتفرع على ذلك أن اليوم الأول لا يدخل فى الحساب ، فى حين يدخل فيه ما يعرض خلال هذه المدة من أيام المواسم والأعياد . وينبغى لاستكمال مدة التقادم أن ينقضى آخر يوم فيها ، ولذلك يقع صحيحا ما يتخذ من الإجراءات بشأن التقادم فى هذا اليوم ، كإجراءات قطع المدة مثلا . وإذا وقع آخر أيام المدة فى عطلة عيد أو موسم لا يتيسر اتخاذ الإجراءات فى خلالها ، كان ذلك من قبيل القوة القاهرة ، ووقف سريان التقادم : انظر المادة 519 / 2 من المشروع والمادة 563 من التقنين البرتغالى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 325 ) .
وأنظر فى هذا المعنى المادة 193 من التقنين المدنى الألمانى – الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 330 – ويذهب بودرى وتيسييه إلى عكس ذلك ، وإلى أن التقادم يكتمل بانقضاء اليوم الأخير حتى لو كان يوم عطلة ( بودرى وتيسييه فقرة 583 ) .
( [1916] ) أنظر فى هذا المعنى المادة 432 من التقنين المدنى العراقى ( آنفا فقرة 613 فى الهامش ) – وانظر أيضا الموجز للمؤلف فقرة 605 ص 626 .
( [1917] ) انظر تاريخ نص المادة 380 مدنى ( آنفا فقرة 613 فى الهامش )
( [1918] ) الموجز للمؤلف فقرة 605 – المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 325 .
( [1919] ) انظر تاريخ نص المادة 380 مدنى ( آنفا فقرة 613 فى الهامش ) .
( [1920] ) ذلك أن هناك فرقا هو أحد عشر قوما ما بين السنة الميلادية والسنة الهجرية ، فيكون مجموع الفرق خمس عشرة سنة ميلادية هو مائة وخمسة وستون يوما . يضاف إلى ذلك ثلاثة أيام عن السنوات الكبيسة الثلاث ، كما يضاف اليوم الذى كان باقيا لاكتمال التقادم قبل نفاذ التقنين المدنى الجديد ، فيكون مجموع كل ذلك هو مائة وتسعة وستون يوما .
( [1921] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1352 – وقارن بوردى وتيسييه فقرة 381 وفقرة 388 ومع ذلك انظر فقرة 384 مكررة .
ومن ثم يبدأ سريان التقادم ، بالنسبة إلى دعوى التعويض التى يرفعها المالك على مغتصب باع الملك الذى اغتصبه ، لا من وقت الاغتصاب ، بل من وقت البيع ( استئناف مختلط 31 مارس سنة 1942 م 54 ص 153 – 16 فبراير سنة 1943 م 55 ص 55 ) .
ويبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الضرائب من تاريخ إقفال ميزانية الممول أو المنشأة ، لا من تاريخ تقديم الممول أو المنشأة للإقرار ( السويس 14 أبريل سنة 1951 المحاماة 32 رقم 71 ص 265 ) .
ويسرى التقادم بالنسبة إلى الأرباح التجارية من يوم إمكان المطالبة بالدين ( استئناف مصر 3 أبريل سنة 1952 المحاماة 34 رقم 27 31 ) .
ويبدأ سريان التقادم ، بالنسبة إلى الكفيل فى الرجوع على المدين ، من تاريخ وفاء الكفيل لهذا الدين ، لا من تاريخ استحقاق الدين المكفول ( نقض مدنى 19 مايو سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 152 ص 143 ) .
ويبدأ سريان التقادم ، بالنسبة إلى دعوى تقديم الحساب على مصفى الشركة ، من وقت انتهاء مهمة المصفى ( استئناف مختلط 32 نوفمبر سنة 1904 م 17 ص 12 ) .
ويبدأ سريان التقادم ، بالنسبة إلى التزام الدائن المرتهن برد الشىء المرهون حيازة ، من وقت انقضاء الدين وصيرورة الشىء المرهون واجب الرد ( بودرى وتيسييه فقرة 384 ) .
ويبدأ سريان التقادم ، بالنسبة إلى حق الفضولى فى استرداد المصروفات التى صرفها فى أعمال الفضالة ، من وقت قيامه قصدا بالعمل الذى ترتب عليه منفعة رب العمل ( نقض مدنى 12 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 69 ص 476 )
ويبدأ سريان التقادم ، بالنسبة إلى دعوى مسئولية أمين النقل ، من اليوم الذى يجب أن يتم فيه النقل ( نقص مدنى 7 يناير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 59 ص 302 – 31 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 88 ص 642 )
( [1922] ) أنظر م 172 مدنى بالنسبة إلى العمل غير المشروع ، وم 180 مدنى بالنسبة إلى الإثراء بلا سبب ، وم 187 مدنى بالنسبة إلى دفع غير المستحق ، وم 197 مدنى بالنسبة إلى الفضالة .
( [1923] ) أنظر م 140 مدنى .
( [1924] ) أنظر م 243 مدنى
( [1925] ) استئناف مختلط 3 مارس سنة 1927 م 39 ص 302 - ويعلل بعض الفقهاء تأخر سريان التقادم إلى وقت تحقق الشرط تعليلا آخر ، فيذهبون إلى أن سريان التقادم يكون موقوفا بموجب القاعدة التى تقضى بوقف التقادم حيث يتعذر على الدائن قطعة ( contra non ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قطع التقادم من الأعمال التحفظية التى يستطيع أن يقوم بها الدائن تحت شرط واقف ( بودرى وتيسييه فقرة 389 ) .
( [1926] ) استئناف وطنى 20 مارس سنة 1917 المجموعة الرسمية 18 رقم 68 ص 118 - استئناف مختلط 24 مارس سنة 1910 م 22 ص 223 – ودرى وتيسييه فقرة 393 .
أما ضمان التعرف فيبدأ سريان التقادم فيه من وقت حصول التعرض ( نقض مدنى 5 ديسمبر سنة 1940 مجموعة عمر 2 رقم 79 ص 280 - استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 113 - 22 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 38 - 13 أبريل سنة 1937 م 49 ص 192 ) . وقد قضت محكمة النقض أيضاً بأن حق المشترى فى رفع دعوى الضمان على البائع ( أى ضمان التعرض ) لا يتوقف وجوده على صدور حكم نهائى بنزع ملكية المشترى من العقار المبيع ، بل يكفى لنشوء هذا الحق أن يحرم المشترى فعلا من العقار المبيع لأى سبب سابق على البيع لم يكن له يد فيه أو ليس فى مقدوره دفعه . وإذا كانت مدة التقادم المسقط للحق لا تبتدئ إلا من وقت وجود هذا الحق ، كان التقادم فى دعوى الضمان يسرى من تاريخ المنازعة فى الملك على المعنى السابق بيانه ( نقض مدنى 28 أبريل سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 47 ص 99 ) . ونرى من ذلك أن التقادم بالنسبة إلى ضمان التعرض يسرى أولا ، فإذا أعقب التعرض استحقاق سرى تقادم جديد بالنسبة إلى ضمان الاستحقاق من وقت صدور الحكم النهائى باستحقاق المبيع ، حتى لو كان التقادم بالنسبة إلى ضمان التعرض قد أكتمل قبل ذلك .
وأما ضمان العيب الخفى فتبدأ مدة السقوط فيه من وقت العلم اليقينى بالعيب وذلك فى عهد التقنين المدنى السابق : م 324 / 402 ( نقض مدنى 24 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 47 ص 307 ) ، ويسرى التقادم فيه فى عهد القتنين المدنى الجديد من وقت تسليم المبيع إلى المشترى ( أنظر المادة 452 من التقنين المدنى الجديد ) .
( [1927] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ويبدأ سريان التقادم من الوقت الذى يصبح فيه الدين مستحق الأداء ، وتحتسب المدة من أول يوم كامل يلى هذا الوقت ، ولا يسرى التقادم طبقا لهذه القاعدة ، بالنسبة لدين معلق على شرط موقف ، إلا من وقت تحقق الشرط وكذلك يكون الحكم فى ضمان الاستحقاق بوصفه التزاما شرطيا ، يتوقف وجوده على نجاح المتعرض فى دعواه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 325 ) .
( [1928] ) بلانيول وريبير وردوان 1 فقرة 1354 .
( [1929] ) استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1925 م 37 ص 334 .
( [1930] ) استئناف مختلط 8 يونيه سنة 1933 م 45 ص 310 - 7 مايو سنة 1936 م 48 ص 258 - وذلك حتى لو وجد شرط بحلول الأقساط الباقية إلا عند حلول مواعيدها الأصلية ، واشتراط حلولها عند التأخر فى دفع قسط إنما هو شرط فى مصلحة الدائن ، فلا يضاربه بتقديم مبدأ سريان التقادم ( استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1929 م 41 ص 446 – 15 مايو سنة 1947 م 59 ص 197 – الزقازيق 15 أكتوبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 3 رقم 28 ص 89 – انظر عكس ذلك : استئناف مختلط 21 أبريل سنة 1931 م 43 ص 359 ) .
( [1931] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ويسرى التقادم فى الديون الدورية – كالفوائد وأقساط الديون – من تاريخ استحقاق كل دين منها بذاته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 326 ) . وأنظر أيضا بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1356 ص 769 - ص 770 .
( [1932] ) بودرى وتيسييه فقرة 382 .
( [1933] ) انظر فى هذا المعنى لوران 32 فقرة 13 – جيللوارد 2 فقرة 75 – بودرى وتيسييه فقرة 382 – كولان وكابيتان 2 فقرة 607 – ويذهب فقهاء آخرون إلى أن التقادم بالنسبة إلى الالتزام بالإيراد لا يبدأ سريانه إلا من وقت حلول أول قسط ، لأن الالتزام بالإيراد إنما يتمثل فى أقساطه ، فلا يستطيع الدائن أن يطالب بشىء إلا بعد حلول أول قسط ، فمن هذا الوقت فقط يصبح الالتزام مستحق الأداء ( كويليه دى ساتتير 8 فقرة 370 مكررة رابعا – بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1353 ) .
( 7 ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " فإذا كان تحديد الأجل موكولا إلى القاضى – كما هى الحال فى الالتزام بالدفع عند الاقتدار – تعين التريث حتى يتم هذا التحديد وتنقضى المدة المحددة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 325 ) .
وقد يكون تحديد الأجل موكولا إلى القيام بإجراء معين ، كما فى دعوى إعادة البيع على الراسى عليه المزاد ، فلا يسرى التقادم بالنسبة إلى هذه الدعوى إلا من وقت إعلان الراسى عليه المزاد بقائمة التوزيع مع التنبيه عليه بالدفع وإلا أعيد البيع عليه ( استئناف مختلط 22 يونيه سنة 1939 م 51 ص 397 ) .
وإذا لم يعين للقرض أجل يرد بعد انقضائه ، اعتبر حالا ، وبدأ سريان التقادم فيه من يوم وجودة ( استئناف مختلط 5 أبريل سنة 1917 المجموعة الرسمية 18 رقم 91 / 1 ص 161 ) .
ومتى أصبح الدين مستحق الأداء ، فلا يحول دون سريان التقادم صعوبة فى استيفائه ، ما لم تكن هذه الصعوبة من شأنها أن تقف سريان التقادم . وقد قضت محكمة النقض بأن دين الأجرة الذى يستحق دفعه على المستأجر وضامنيه فى تاريخ انتهاء العقد تبدأ مدة التقادم بالنسبة إليه من اليوم التالى لذلك التاريخ . ولا يؤثر فى ذلك تعلل المؤجر ( وزارة الأوقاف ) الذى وضعت الأرض المؤجرة تحت حراسته لعدم سداد الأجرة بأنه لم يكن متمكنا من المطالبة بالدين لعدم معرفة حقيقة مقداره بسبب عدم تصفية حساب الحراسة ، فإن هذا لا يعد قوة قاهرة منعته من المطالبة بالدين ( نقض مدنى 3 فبراير سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 92 273 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا تعين المؤجر حارساً قضائياً على العين المؤجرة ، لم يبدأ ميعاد سقوط الحق بالمطالبة بالأجرة إلا من تاريخ انتهاء الحراسة . وليس للمستأجر أن يدفع بسقوط الحق لمضى أكثر من خمس سنوات من تاريخ عقد الإيجار ، لأن التقادم لا يبدأ إلا من الوقت الذى يمكن للدائن فيه أن يطالب بحقه ، ولا يستطيع المؤجر اتخاذ إجراءات تنفيذية عن دين الأجرة ما دامت عملية الحراسة لم تنته ( 28 مايو سنة 1930 المجموعة الرسمية 31 رقم 143 ص 367 – المحاماة 11 رقم 96 ص 158 ) .
( [1934] ) ؟؟؟؟
( [1935] ) أنظر آنفاً فقرة 50 فى الهامش وفقرة 66 فى الهامش – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1352 ص 767 .
( [1936] ) استئناف مصر 28 مايو سنة 1930 المحاماة 11 رقم 96 ص 158 .
( [1937] ) استئناف مختلط 7 مارس سنة 1901 م 13 ص 187 - 24 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 84 – طنطا 20 يناير سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 71 ص 168 – وقد قضت محكمة الاسكندرية بأن مدة سقوط الودائع تبرأ من يوم حلول الأجل إن كانت لأجل أو تحقق الشرط إن كانت معلقة على شرط ، أو من يوم فض النزاع إن كانت متنازعا فيها وفى غير ذلك يبدأ سقوط الحق فى طلب ردها من يوم الإيداع ( 11 مارس سنة 1931 المحاماة 12 رقم 384 ص 779 ) .
هذا وقد يتفق على أن المدين يتعين عليه الوفاء بالدين فى خلال مدة معينة من مطالبة للدائن له بالوفاء ، ففى هذه الحالة أيضا يبدأ سريان التقادم من وقت وجود الالتزام ، وإلا تحكم الدائن فى تحديد الوقت الذى يبدأ فيه سريان التقادم ( بودرى وتيسييه فقرة 390 – وانظر آنفاً فقرة 50 فى الهامش وفقرة 66 فى الهامش ) . وهناك رأى يذهب إلى أن الالتزام فى هذه الحالة لا يعتبر مستحق الوفاء إلا بعد انقضاء المدة المعينة التى يتعين على المدين الوفاء فى خلالها ، فتضاف هذه المدة إلى مدة التقادم ، على ألا تكون هى ذاتها مدة تقادم ، بل تكون أجلا لاستحقاق الدين ، فلا تنقطع ولا يقف سريانها ( انظر أوبرى ورو 2 فقرة 213 ص 451 هامش رقم 8 - جيللوارد فقرة 72 وفقرة 133 – وانظر المادة 199 من التقنين المدنى الألمانى وسالى فى التعليقات على التقنين المدنى الألمانى جزء أول مادة 199 ص 282 فقرة 6 ) .
( [1938] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وإذا كان الأجل متوقفا على إرادة الدائن – كما هو الشأن فى سند مستحق الوفاء عند الاطلاع – بدأ سريان التقادم من اليوم الذى يتمكن فيه الدائن من الإفصاح عن هذه الإرادة ، أى من يوم إنشاء الالتزام مالم يقم الدليل على أنه لم يكن فى استطاعته أن يطالب بالدين إلا فى تاريخ لاحق " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 325 – ص 326 ) .
( [1939] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1358 .
( [1940] ) استئناف مختلط 23 مايو سنة 1984 م 6 ص 306 - 25 يناير سنة 1905 م 17 ص 89 - 2 يونيه سنة 1908 م 20 ص 262 - 9 أبريل سنة 1940 م 52 ص 219 .
( [1941] ) استئناف مختلط 17 مايو سنة 1939 م 51 ص 330 - وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " أما الحساب الجارى فلا يبدأ سريان التقادم فيه إلا من تاريخ ترصيده " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 326 ) . وانظر أيضا بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1355 .
( [1942] ) بودرى وتيسييه فقرة 385 وفقرة 416 – ويميز بودرى وتيسييه بين الأمرين ، فى التقادم المكسب ، ويوضحان ذلك بمثل خاص بالقانون الفرنسى . فيفرضان أن شخصاً وضع يده على عقار مملوك لبنت قاصر ، تزوجت بعد ذلك تحت نظام " الدوطة " . فلو قيل إن التقادم بدأ سريانه ثم وقف ، فإنه يستأنف السريان بمجرد بلوغ الزوجة سن الرشد ، لأن التقادم يسرى على " الدوطة " متى كان قد بدأ قبل الزواج ( م 1561 فرنسى ) . أما إذا قيل إن التقادم تأخر سريانه ولم يبدأ قبل الزواج ، فإنه لا يسرى ببلوغ الزوجة سن الرشد ، ولا يسرى إلا عند انقضاء الزواج ( بودرى وتيسييه فقرة 416 ) .
( [1943] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 519 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - لا يسرى التقادم فى حق من لا تتوافر فيه الأهلية إذا لم يكن له نائب يمثله قانونا . ومع ذلك يسرى التقادم فى حقه إذا كانت المدة خم سنوات أو أقل . 2 - ولا يسرى التقادم كذلك فيما بين الأصيل والنائب ، ولا فيما بين السيد والخادم . وبوجه عام لا يسرى التقادم كلما وجد مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه فى الوقت المناسب ، ولو كان المانع أدبيا " . وفى لجنة المراجعة عدل النص على نحو جعله مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن الفقرة الثانية من المشروع كانت تتضمن فى آخرها العبارة الآتية : " ومع ذلك يسرى التقادم فى حقه إذا كانت المدة خمس سنوات أو أقل " ، وأصبحت المادة رقمها 395 فى المشروع النهائى ووافق عليها مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية ، لأن حكمها مستفاد بطريق القياس العكسى من سائر أجزاء النص ، وأصبح رقم المادة 382 ، ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 327 – ص 331 ) .
( [1944] ) التقنين المدنى السابق م 83 / 112 : لا تثبت الملكية مطلقا بمضى المدة الطويلة ولا يعتبر حكمها بين الموكل والوكيل فى جميع ما هو داخل ضمن التوكيل .
م 85 / 114 : وكذلك لا تسرى على مفقود الأهلية المذكورة أحكام ما عدا ذلك من أنواع التملك بمضى المدة الطويلة ، متى كان المعتبر فيها أزيد من خمس سنوات .
م 205 / 269 : القواعد المقررة للتملك بمضى المدة ، من حيثية أسباب أتقاطعها أو إيقاف سريانها ، تتبع أيضا فى التخلص من الدين بمضى المدة .
( وتختلف أحكام التقنين المدنى السابق عن أحكام التقنين المدنى الجديد فيما يأتى : 1 - كان التقادم يقف فى التقنين المدنى السابق حتى لو كان لناقص الأهلية نائب يمثله قانونا . 2 - كانت أسباب وقف التقادم فى التقنين المدنى السابق محصورة فى نقص الأهلية وعلاقة الوكالة بحسب النص ، فأتى التقنين المدنى الجديد بنص عام بموجبه يقف التقادم كلما وجد مانع ، ولو أدبى ، يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ) .
( [1945] ) التقنيات المدنية العربية الأخرى :
التقنينات المدنى السورى م 379 ( مطابقة للمادة 382 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 369 ( مطابقة للمادة 382 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 435 : 1 - تقف المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بالعذر الشرعى ، كأن يكون المدعى صغيرا أو محجورا وليس له ولى ، أو غائباً فى بلاد أجنبية نائية ، أو أن تكون الدعوى بين الزوجين ، أو بين الأصل والفروع ، أو أن يكون هناك مانع آخر يستحيل معه على المدعى أن يطالب بحقه . 2 - والمدة التى تمضى مع قيام العذر لا تعتبر .
م 436 : إذا ترك بعض الورثة الدعوى بدين مورثهم من غير عذر المدة المقررة ، وكان لباقى الورثة عذر شرعى ، تسمع دعوى هؤلاء بقدر حصتهم من الدين .
( وأحكام التقنين العراقى متفقة مع أحكام التقنين المصرى ، فيما عدا أن التقنين العراقى يقف التقادم النسبة إلى ناقص الأهلية إذا لم يكن له نائب يمثله قانونا فى جميع مدد التقادم ، لا فى المدة التى تزيد على خمس سنوات فحسب . أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 392 – فقرة 393 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 354 : لا يسرى حكم مرور الزمن ، وإذا كان ساريا وقف : 1 - بين الزوجين فى مدة الزواج . 2 - بين الأب والأم وأولادهما . 3 - بين فاقد الأهلية أو الشخص المعنوى من جهة ، والوصى أو القيم أو ولى الإدارة من جهة أخرى ما دامت لم تنقطع مهمتهم ولم يؤدوا حساب إدارتهم على وجه نهائى . 4 - بين السيد والخادم ما دام عقد الاستخدام قائما .
م 355 : إن حكم مرور الزمن ، فى حق القاصرين غير المحررين وسائر فاقدى الأهلية الذين ليس لهم وصى أو مشرف قضائى أو ولى ، يقف إلى ما بعد بلوغهم سن الرشد أو تحريرهم أو إقامة وكيل شرعى عنهم .
م 356 : ويقف أيضا حكم مرور الزمن بوجه عام لمصلحة الدائن الذى استحال عليه قطعة لسبب لم يكن فيه مختاراً .
( وأحكام التقنين اللبنانى تتفق مع أحكام التقنين المصرى ، فيما عدا أن التقادم يقف لصالح ناقصى الأهلية الذين ليس لهم نائب يمثلهم قانوناً فى جميع مدد التقادم ، وليس فحسب فى المدد التى تزيد على خمس سنوات كما هو الأمر فى التقنين المصرى ) .
( [1946] ) والمادة 2251 من التقنين المدنى الفرنسى هى التى تبين أن أسباب وقف التقادم مذكورة فى نصوص القانون على سبيل الحصر ( بودرى وتيسييه فقرة 366 ) ، إن اختلف القضاء مع الفقه ، فى فرنسا ، على تحديد معنى الحصر ، كما سنرى .
( [1947] ) ويسرى التقادم فى حق المرأة المتزوجة ، إلا فىحالات محصورة حددها القانون ( أنظر المواد 2254 – 2256 من التقنين المدنى الفرنسى ) .
( [1948] ) بودرى وتيسييه فقرة 368 .
( [1949] ) بودرى وتيسييه فقرة 444 – فقرة 446 مكررة .
( [1950] ) بودرى وتيسييه فقرة 447 – ولكن سريان التقادم لا يقف فيما للتركة من حقوق فى ذمة الوارث ، على أن الوارث – وهو المكلف بادارة التركة ومن ذلك قطع التقادم – لا يستطيع أن يتمسك باكتمال تقادم كان من واجبه أن يقطعه ، ولا يجوز له أن يفيد من خطأ هو المسئول عنه ( بودرى وتيسييه فقرة 453 ) .
( [1951] ) وهذا هو النص فى أصله الفرنسى Art .2251 : La prescription court contre toutes personnes, a moins quelles ne soient dans quelque exception etablie par une loi .
ويأتى الفقه الفرنسى الأخذ بالقاعدة التقليدية القديمة فلا يسلم بوقف التقادم حيث يتعذر على الدائن أن يقطع سريانه . فإن هذه القاعدة قامت فى القانون الفرنسى القديم على أساس أن التقادم إنما وجد لعقاب الدائن المهمل ، وقد ثبت أنه لم يهمل ، بل كان من المتعذر عليه أن يطالب بحقه ، فلم يعد هناك محل لسقوط حقه بالتقادم . وكان الفقهاء الأولون الذين قالوا بهذه القاعدة فى القانون الفرنسى القديم يقصرونها على الموانع القانونية التى تحول دون أن يطالب الدائن بحقه ، ولكن ما لبثت القاعدة أن اتسعت حتى شملت الموانع القانونية والموانع المادية جميعا ، فانطوى فى القاعدة جميع الأحوال التى يتعذر فيها على الدائن أن يطالب المدين بحقه ، من قصر وجنون وحجر وشرط وأجل وقيام حرب وانقطاع مواصلات وغيبة منقطعة وجهل بالحق وقوة قاهرة وحادث فجائى وغير ذلك ، وكان للقانون الكنسى ، وقد قدمنا أنه كان ينزع إلى التضييق من نطاق التقادم ، أثر كبير فى توسيع القاعدة ، ويذهب الفقه الفرنسى إلى أن التقنين المدنى الفرنسى أراد القضاء على هذه القاعدة القديمة بما تجريه من اضطراب ومنازعات ، فنص فى المادة 2251 على أن التقادم يسرى فى حق كل شخص إلا إذا كان الشخص مستثنى بمقتضى نص فى القانون ، فأسباب وقف التقادم إذن مذكورة فى نصوص القانون على سبيل الحصر ، وليست متفرعة عن قاعدة عامة كالقاعدة السالفة الذكر ، وأيا كان المانع الذى يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ، فإن هذا المانع لا يكون سببا لوقف التقادم إلا إذا ورد به نص صريح فى القانون . ويدعم الفقه الفرنسى منطقه فى هذه المسألة بأن التقادم لم يعد يقوم على فكرة عقاب الدائن المهمل ، وهى الفكرة التى تعتبر من أقوى المبررات للقاعدة التقليدية القديمة ، بل يقوم التقادم على فكرة تثبيت الأوضاع القائمة ودعم الثقة المشروعة حتى يستقر التعامل ، وهى فكرة يستوى عندها أن يقوم مانع يحول دون أن يطالب الدائن بحقه أو لا يقوم ، ففى الحالتين ينبغى أن يسقط الحق بالقادم حتى تتوطد الثقة المشروعة وتستقر الأوضاع القائمة – انظر فى هذا المعنى تيسييه فقرة 367 – فقرة 368 – لوران 32 فقرة 37 - هيك 14 فقرة 415 – وقارن بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1379 ) . ويذهب أوبرى ورو مع ذلك إلى الأخذ بالقاعدة التقليدية القديمة ، بشرط أن تكون مقصورة على الموانع القانونية وحدها ، فلا يعتد بالموانع المادية أسباباً لوقف التقادم إلا إذا ورد بها نص صريح فى القانون ( أوبرى ورو 2 فقرة 214 وهوامش 29 إلـى 33 ) .
( [1952] ) وقد ذهب القضاء الفرنسى إلى أن المقصود بالمادة 2251 مدنى فرنسى هو القضاء على الامتيازات التى كان يتمتع بها بعض الأشخاص فى القانون الفرنسى القديم ، كالكنيسة والهيئات العامة وأملاك التاج ، فكان لا يجرى التقادم فى حقها أو يجرى تقادم أطول ( انظر آنفا فقرة 593 ) . فقضى النص بأن التقادم يجرى فى حق كل شخص ، دون تمييز بين شخص وآخر ، ما لم يرد نص خاص يقف سريان التقادم بالنسبة إلى طائفة معينة من الأشخاص نظراً لحالة شخصية قائمة بها ، كما وردت المادة 2252 . ويطبق القضاء الفرنسى القاعدة القديمة فى هذا النطاق ، بعد أن يخرج الموانع التى ترجع إلى حالة شخصية فيجعلها خاضعة للمادة 2251 . فعنده إذا تعذر على الدائن أن يطالب بحقه ، بسبب حرب أو غزو أو ثورة أو انقطاع المواصلات أو إقفال المحاكم أو غيبة منقطعة أو جهل الدائن بحقه جهلا مغتفراً أو غير ذلك ، كان هذا كافيا لوقف سريان التقادم ( انظر فى القضاء الفنرسى بودرى وتيسييه فقرة 369 – فقرة 377 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1379 ) . وهذا الاتجاه الذى سار فيه القضاء الفرنسى ، ومن شأنه أن يخفف من حدة ما قد ينطوى عليه التقادم من انكار لحقوق ثابتة ، هو الذى أخذ به التقنين المدنى المصرى الجديد كما سنرى .
( [1953] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 329 – وانظر الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 332 - ص 336 .
( [1954] ) انظر فى التقادم المسقط فى الفقه الإسلامي فى مذاهبه المختلفة وفى مجلة الأحكام العدلية مقال الأستاذ ضياء شيت خطاب المنشور فى مجلة القضاء ببغداد السنة الخامسة عشرة ص 45 - ص 47 .
( [1955] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 329 .
( [1956] ) وما استحدثه التقنين الجديد من أسباب وقف التقادم يسرى من وقت العمل بهذا التقنين .
فإذا كان التقادم سارياً فى ظل التقنين السابق ، ثم جد سبب لوقفه فى يوم 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 أو بعد ذلك ، طبقا لأحكام التقنين الجديد ، فإن التقادم يقف سريانه ، حتى لو لم يكن هذا السبب فى عهد التقنين السابق يترتب عليه وقف التقادم ، وعلى العكس من ذلك إذا كان هذا السبب قد اعترض التقادم فى عهد التقنين السابق ، ولم يكن من شأنه أن يقف التقادم طبقا لأحكام هذا التقنين وإن كان يقفه طبقا لأحكام التقنين الجديد ، فإنه لا يعتبر واقفا للتقادم فى المدة التى سبقت العمل بالتقنين الجديد .
على أن القضاء والفقه فى عهد التقنين السابق كانا يتوسعان فى أسباب وقف التقادم إلى حد مشارفة القاعدة الفرنسية التى تقضى بوقف التقادم حيث يتعذر على الدائن قطع سريانه : استئناف مختلط 9 ديسمبر سنة 1896 م 9 ص 53 ( يقف التقادم بالنسبة إلى دائن مدرج فى قائمة التوزيع حتى لو بقيت هذه القائمة مدة طويلة بسبب معارضات فيها خاصة بدائنين آخرين ) – 13 مايو سنة 1909 م 21 ص 342 ( وصية تنفيذها يتوقف على الحكم قضية فيقف التقادم حتى يصدر الحكم ) – 27 أبريل سنة 1922 م 34 ص 373 ( دائن استوفى حقه عن طريق نزع ملكية مال لمدينه ، ثم أبطلت إجراءات نزع الملكية فيعتبر التقادم موقوفاً طوال مدة الإجراءات الباطلة ) – 20 فبراير سنة 1930 م 42 ص 306 - 20 أبريل سنة 1944 م 56 ص 216 - وانظر أيضا الموجز للمؤلف فقرة 605 ص 628 - الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 846 ص 651 - ص 652 .
وأكثر ما يجرى القضاء الفرنسى القاعدة التى تقضى بوقف التقادم حيث يتعذر على الدائن قطع سريانه ، إنما يكون عندما يقوم المانع فى آخر مدة التقادم ، فتكتمل المدة والمانع لا يزال قائما . عند ذلك يعتبر هذا المانع قوة قاهرة ، حالت دون أن يتخذ الدائن الإجراءات القانونية للمطالبة . أماإذا قام المانع فى وسط مدة التقادم ، ثم زال وبقيت مدة طويلة بعد زواله وقبل أن يكتمل التقادم ، لم يعتد بهذا المانع ، ولم يعتبر التقادم موقوفا أثناء قيامه ، فقد كان عند الدائن مدة طويلة بعد زوال المانع يستطيع فى خلالها المطالبة بحقه ( انظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1379 ) . وهذا هو عين ما كان القضاء يجرى عليه فى مصر فى عهد التقنين السابق . فقد قضت محكمة استئناف مصر بأن المانع الوقتى لا يقف سريان التقادم ، ولكن للقاضى أن يعفى صاحب الحق من الحكم بالتقادم إذا باشر حقوقه بمجرد زوال المانع . أما إذا زال المانع الوقتي ولا يزال أمام الدائن مدة كافية لاستعمال حقه ، وأهمل استعماله حتى انتهت جميع المدة ، فإن الحق يسقط بالتقادم ( 8 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 376 ص 762 ) . وقضت محكمة مصر الوطنية بأن الاستحالة التى تقف سريان التقادم هى الاستحالة المطلقة التى تكون مانعة منعا كليا من مباشرة الحقوق كالأسر فى حرب أو إعلان الأحكام العرفية فى البلد . أما إبعاد شخص من الديار المصرية ومنعه من العودة لأسباب سياسية ، فيعتبر مانعاً وقتياً ، ولا يترتب عليه وقف سريان المدة . ولكن للقاضى أن يعفى صاحب الحق من آثار مضى المدة التى سرت ضده ، إذا باشر حقه بمجرد زوال المانع ( 12 فبراير سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 74 ص 132 ) .
( [1957] ) على أن المشرع قد لاحظ حالة القصر أو الحجر فى دعاوى الإبطال البنية على نقص الأهلية ، فأخر سريان التقادم إلى اليوم إلى يزول فيه نقص الأهلية ( انظر الفقرة الثانية من المادة 140 مدنى ) . وفعل مثل ذلك فى دعوى تكملة الثمن للغبن فى بيع عقار شخص لا تتوافر فيه الأهلية ، إذ نصت الفقرة الثانية من المادة 426 مدنى على أن " تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذى يموت فيه صاحب العقار المبيع " .
( [1958] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " استحدث المشروع حكماً هاماً بشأن وقف التقادم بالنسبة لعديمى الأهلية وناقصيها ، فقضى بأن هذا الوقف لا يقع على وجه الإطلاق لمصلحة أولئك وهؤلاء متى كان لهم من ينوب عنهم قانوناً : انظر المادة 549 من التقنين البرتغالى . ذلك أن النائب يحل محل الأصيل المحجور ، فيتعين عليه أن يتولى أمر المطالبة عنه ، فإذا لم يفعل كان مسئولا عن ذلك . أما إذا لم يكن لعديم الأهلية أو ناقصها من ينوب عنه ، فعندئذ يقف سريان مدة التقادم بالنسبة له ، ما لم تكن المدة خمس سنوات أو أقل ، ويشمل هذا الحكم الغائب والمحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية ، فالواقع أن الغرض من التقادم الحسى هو درء خطر تراكم الديون الدورية المتجددة ، وليس يتأثر هذا الغرض بما يتصل بشخص الدائن من أوصاف ولو كان القصر من بينها . ثم إن ما يسقط من الحقوق بانقضاء خمس سنوات يتهافت تهافتاً يمتنع معه التسليم بوقف سريان المدة . . . أما التقادم الحولى فقد بنى على قرينة الوفاء ، وهى تظل سليمة الدلالة ولو كان الدائن قاصراً " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 328 – ص 329 ) .
( [1959] ) فإذا كان للقاصر أو المحجور نائب يمثله ، ووقف سريان التقادم فى عهد التقنين المدنى السابق ، اعتبر التقادم موقوفاً إلى يوم نفاذ التقنين المدنى الجديد . ومنذ هذا اليوم تسرى أحكام هذا التقنين ، فيزول سبب الوقف ويعود التقادم إلى السريان فى حق القاصر أو المحجور مادام له نائب يمثله . أما إذا لم يكن للقاصر أو المحجور نائب يمثله ، ووقف سريان التقادم فى عهد التقنين المدنى السابق ، فإنه يبقى موقوفاً بعد نفاذ التقنين المدنى الجديد ، ويستمر موقوفاً إلى أن يعين للقاصر أو المحجور نائب يمثله ، فعندئذ يعود التقادم إلى السريان ولو لم يرتفع الحجر لبقاء نقص الأهلية .
( [1960] ) أنظر استئناف مختلط 13 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 53 ( جندى أسر فى السودان )
( [1961] ) أما إفلاس الدائن فليس سبباً لوقف التقادم ، وعلى السنديك أن يقوم بمطالبة المدين ( استئناف مختلط 3 يناير سنة 1895 م 7 73 ) .
( [1962] ) انظر آنفاً فقرة 623 - وانظر مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 329 .
( [1963] ) بودري وتسييه فقرة 378 .
( [1964] ) وقد كان القضاء في عهد التقنين المدني السابق يتردد في جعل علاقة الزوجية سببا في وقف التقادم . فقد قضت محكمة استئناف مصر بأن مرور الزمن المسقط للحقوق يسري بين الزوجين ، بخلاف ما جاء بالقانون الفرنسي بالمادة 2253 التي أساسها أن للزوج حق إدارة أموال زوجته بقوة القانون ، فهو وكيل قانوني عنها ، وهذه الصفة غير مقررة في القانون المصري ( 7 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 19 برقم 286 ص 690 ) . ولكن محكمة النقض قضت بعد ذلك بأن اعتبار علاقة الزوجية مانعة من المطالبة بالحق أو غير مانعة من الأمور الموضوعية التي تختلف في الدعاوي بحسب ظروفها ، والقضاء فيها لا يخضع لرقابة محكمة النقض ( نقض مدني 11 يناير سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 21 ص 47 – وانظر : استئناف مصر 9 مايو سنة 1933 المحاماة 14 رقم 45 ص 88 – عابدين أول يوليه سنة 1918 المجموعة الرسمية 20 رقم 11 ص 12 ) - أما في التقنين الجديد ، حيث النص صريح في وقف سريان التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه علي الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا ، فنري ان تكون علاقة الزوجية في الأصل مانعا أدبيا من سريان التقادم ، فإذا استأجر الزوج مثلا أرضا من زوجته ، لم يستطع أن يتمسك بالتقادم الخمسي لإسقاط الأجرة المستحقة في ذمته لها ما دامت علاقة الزوجية قائمة ، ولكن له أن يثبت أنه وفاها الأجرة بجميع طرق الإثبات ، دون حاجة إلي الكتابة ، بسبب هذه العلاقة نفسها . علي أنه قد يقع أن ينفصل الزوجان ، ويقوم الشقاق بينهما ، مع بقاء الزوجية قائمة ، فلا يعود هناك محل للخشية من تعكير صفو السلام في الأسرة بعد أن تعكر فعلا ، لاسيما إذا كانت هناك قضايا مرفوعة بين الزوجين ، ففي هذه الحالة يمكن القول بأن سبب وقف التقادم قد زال ، وهذه مسألة واقع لا معقب فيها علي تقدير قاضي الموضوع .
( [1965] ) استئناف مختلط 21 يونيه سنة 1932 م 44 ص 387 - 27 يونيه سنة 1933 م 45ص 352 - وحيازة الوكيل لملك موكله تكون حيازة عارضة ، ولا يسري التقادم المسقط بالنسبة إلي حق الموكل الشخصي في الرجوع علي الوكيل إلا من وقت أن يغير الوكيل حيازته من حيازة عارضة إلي حيازة المالك ( استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1940 م 52 ص 219 ) . علي أنه إذا قام نزاع بين الوكيل والموكل ، فقد تكدرت العلاقة بينهما ، ولم تعد مانعا أدبيا من سريان التقادم . ولا يقف التقادم في هذه الحالة قيام نزاع بينهما علي عنصر من عناصر الحساب ، إذا كان قد سبق للوكيل تقديم الحساب في قضية أخري . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعني بأنه إذا قررت المحكمة أن قيام النـزاع بين الموكل والوكيل علي عنصر من الحساب بينهما لا يعتبر عائقا يمنع من المطالبة بتقديم الحساب ويقف مدة تقادم دعوي طلبه ، واستدلت علي ذلك بأن الوكيل سبق له تقديم الحساب في قضية أخري عن مدة سابقة قبل تصفية ذلك النزاع ، فلا يكون حكمها مخالف للقانون ( نقض مدني 21 أكتوبر سنة 1948 مجموعة عمره رقم 327 ص 645 ) .
( [1966] ) وإذا أستأجر المشرف علي الوصية أطيان القصر ، فليس له أن يتمسك قبل القصر بسقوط الحق في الأجرة بمضي خمس سنوات ، لأنه وإن كان بصفته مستأجراً يستفيد من التقادم الخمسي ، إلا أن من واجبه مراقبة الوصية في اتخاذ اللازم نحو الحصول علي حقوق القصر ومنه أي إهمال يؤدي إلي سقوط تلك الحقوق أو ضياعها ، وواجبه هذا يتعارض مع استفادته من إهمال الوصية في مطالبته والتمسك بسقوط حقوق القصر بمضي المدة ( استئناف مصر 15 ديسمبر سنة 1933 المحاماة 13 رقم 431 ص 878 ) .
( [1967] ) ولا تعد علاقة الموظف بالحكومة مانعا أدبيا من شأنه وقف التقادم ( محكمة القضاء الإداري 20 مايو سنة 1953 المحاماة 35 رقم 915 ص 1739 ) . كذلك لا يكون شغار الوقف من الأسباب القانونية التي تقف سريان التقادم ( استئناف مصر 10 يونيه سنة 1929 المحاماة 9 رقم 591 ص 1087 – المادتان 594 و 619 من قانون العدل والأنصاف ) .
( [1968] ) ولم نقل القوة القاهرة ، إذ لا يشترط في المانع ما يشترط في القوة القاهرة . ويكفي في المانع أن يقوم دون أن يكون مصدره خطأ الدائن ، حتي يقف سريان التقادم . فيعتبر جهل الدائن بوجود حقه عن غير تقصير منه مانعا يقف التقادم ( استئناف مختلط 2 ديسمبر سنة 1943 م 56 ص 12 ) ، وقد لا يكون هذا الجهل قوة قاهرة بالمعني الدقيق . وقد قضت محكمة النقض بأن الجهل باغتصاب الحق قد يكون من الأسباب الموقفة للتقادم ، إذا لم يكن ناشئا عن إهمال صاحب الحق ولا تقصيره . فإذا كان الحكم قد نفي عن صاحب الحق كل إهمال أو تقصير من اجنبه في جهله باغتصاب ملكه ، فإنه لا يكون مخطئا إذا اعتبر مدة التقادم لا تحتسب في حقه إلا من تاريخ علمه بوقوع الغصب علي ملكه ( نقض مدني 22 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 303 ص 602 ) . ويلاحظ هنا أن التقادم قد وقف قبل أن يبدأ سريانه ( انظر آنفا فمقرة 620 ) .
ومن ثم يحسن فصل الفكرتين – المانع والقوة القاهرة – إحداهما عن الأخري . والأمر في تقدير المانع يترك لقاضي الموضوع ، ولا معقب عليه من محكمة النقض ( قارن استئناف مختلط 23 يناير سنة 1947 م 59 ص 80 - وانظر الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 342 ) .
( [1969] ) ومن ذلك نري أن أسباب الوقف ترد علي التقادم أيا كانت مدته ، ولو كانت هذه المدة خمس سنوات أو أقل ، وذلك فيما عدا الأسباب التي تردع إلي عدم توافر الأهلية أو الغيبة المنقطعة أو الحكم بعقوبة جنائية فهذه كما رأينا لا تقف سريان التقادم إلا إذا كانت مدته أكثر من خمس سنوات .
( [1970] ) انظر المادة 203 من التقنين المدني الألماني .
( [1971] ) ومن الموانع التي رأت محكمة النقض أنها تقف سريان التقادم ، حتي في عهد التقنين المدني السابق ، ما قضت به من إنه إذا باع المدين الدائن عينا أداء لدينه ثم حكم ببطلان هذا البيع ، فإن تقادم الدين يقف إلي صدور الحكم بالبطلان ز وإذا أقر البائع ( المدين ) للمشتري ( الدائن ) بإجازة البيع بعد ذلك ثم قضي ببطلان هذه الإجازة ، فهذه الإجازة تقف التقادم إلي أن يقضي ببطلانها ( نقض مدني 3 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 19 ص 37 ) . ومن ذلك أيضا ما قضت به من أنه متي كانت المورثة قد أوصت بكل أملاكها العقارية والمنقولة لبناتها ومن بينهن المطعون عليها ، وأقرت في التوصية لهن بديون ، فإنه بحسب الحكم ، ليستقيم قضاؤه برفض الدفع بسقوط حق المطعون عليها في المطالبة بدينها لمضي خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاقه حتي تاريخ المطالبة به ، تقريره أن قيام الوصية كان مانعاً يستحيل معه علي المطعون عليها المطالبة بالدين موضوع الإقرار حتي فصل نهائيا ببطلانها ، متي كان ثابتا في الحكم أن المقرة أوصت بما أوصت للمطعون عليها في مقابل دينها . وتقدير المانع في هذه الحالة موكول أمره إلي محكمة الموضوع دون معقب عليها متي اعتمدت علي أسباب سائغة ( نقض مدني 19 أبريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 113 ص 693 ) . ومن ذلك أخيرا ما قضت به من أن النزاع علي عقد أمام القضاء من شأنه وقف سريان التقادم في حق الالتزامات المترتبة علي هذا العقد ، لا انقطاعه ، متي كان لم يتوافر سبب من أسباب الانقطاع القانونية ( نقض مدني 22 يناير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 55 ص 375 ) . أما الدعوي التى يرفعها الغير بطلب استرداد الشيء المبيع فلا يعتبر سبباً قانونيا لوقف التقادم الخاص بحق المشتري فى التضمينات مقابل ما فاته من ربح بسبب عدم تنفيذ عقد البيع ( نقض مدني 16 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 37 ص 290 ) .
( [1972] ) الوسيط جزء أول فقرة 625 ص 939 .
( [1973] ) انظر في أن وقف النظر في الدعوي المدنية أمام المحاكم المدنية أثناء نظر الدعوي الجنائية ، التقادم في حق الدعوي المدنية : بودرى وتيسييه فقرة 377 .
( [1974] ) ويذهب بعض الفقهاء في فرنسا إلي أن قيام مانع من شأنه أن يقف التقادم إنما يقفه إذا قام في الوقت الذي يوشك فيه التقادم أن يكتمل ( أوبري ورو 2 فقرة 214 ص 468 - وانظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1379 . وانظر آنفا فقرة 623 في الهامش فيما جرب عليه القضاء في مصر في عهد التقنين المدني السابق ) . ولكن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به في مصر ، حيث النص صريح في أن المانع أيا كان يقف التقادم . ولم تذكر أسباب محدودة علي سبيل الحصر لوقف التقادم كما فعل التقنين المدني الفرنسي ، مما دعا القضاء والفقه في فرنسا ، في المواقع التي لم يرد بها نص ، إلي اعتبار هذه الموانع بمثابة القوة القاهرة ، فلا يكون لها أثر إلا إذا قامت في آخر مدة التقادم ، فمنعت الدائن من المطالبة بحقه قبل اكتمال هذه المدة ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1379 – وانظر الأستاذ عبد الحي حجازي 3 ص 343 – ص344 ) .
( [1975] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد رؤي أن أثر وقف التقادم أظهر من أن يحتاج إلي نص خاص ، فالفترة التى يقف التقادم فى خلالها لا تحتسب ضمن المدة المسقطة : المادة 205 من التقنين المدني الألماني " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 329 ) . هذا ولا يقف التقادم ، إذا كان سبب الوقف يتعلق بالشخص ، إلا بالنسبة إلى الشخص الذي قام به هذا السبب ، فلا يستفيد دائن متضامن من قصر دائن متضامن معه لوقف التقادم بالنسبة إلي الاثنين ، بل يقف التقادم بالنسبة إلي القاصر فقط إذا لم يكن له من يمثله قانوناً ( بودري وتيسييه فقرة 463 ) . وإذا وقف سريان التقادم بالنسبة إلي أحد المدينين المتضامنين ، لم يجز للدائن أن يتمسك به قبل باقي المدينين ( م292 / 2مدني ) .
وإذا وقف التقادم بالنسبة إلي أحد المدينين في التزام غير قابل للانقسام ، فإن طبيعة عدم تجزئة المحل تقتضي وقف سريان التقادم بالنسبة إلي باقي المدينين ( انظر آنفا فقرة 218 ) وكذلك إذا وقف التقادم لصالح أحد الدائنين في التزام غير قابل للانقسام ، انتفع بذلك سائر الدائنين نظراً لما تقتضيه طبيعة عدم التجزئة ( انظر آنفا فقرة 226 ) .
( [1976] ) تاريخ النصوص :
م383 : ورد هذا النص في المادة 520 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يشتمل علي عبارة " عن غلط مغتفر " بعد عبارة " ولو رفعت الدعوي " . وفي لجنة المراجعة حذفت هذه العبارة ، وأضيف فقرة ثانية نصها كالآتي : " وينقطع التقادم أيضا بالإنذار الرسمي " . وأصبحت المادة رقمها 396في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على النص .وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الثانية التي أضافتها لجنة المرجعة " لأن ما يقطع التقادم يجب أن يكون التنفيذ أو مقدماته وليس الإنذار " ولكي تكون أسباب قطع التقادم أكثر دلالة على رغبة صاحب الحق في اقتضائه وتحفزه لذلك ، فلا يكفي مجرد إرسال إنذار رسمي من حي إلي آخر " . ووافق مجلس الشيوخ علي المادة كما عدلتها لجنته تحت رقم 383 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 331 - 334 ) .
م 384 : ورد هذا النص في المادة 521 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا الفقرة الثانية من المشروع التمهيدي حيث ورد فيها :
" ويعتبر إقرار ضمنيا أن يترك المدين تحت يد الدائن منقولا أو عقاراً . . " وفي لجنة المراجعة اكتفي بكلمة " مال " لأنها تشمل المنقول والعقار ، وقيدت بأن المال المرهون يكون ملكاً للمدين ، وأصبحت المادة رقمها 397 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس للشيوخ تحت رقم 384 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 335 - 336 ) .
( [1977] ) التقنين المدني السابق م 82 فقرة ثانية / 111 : تنقطع المدة المقررة للتملك بوضع اليد إذا ارتفعت اليد ولو بفعل شخص أجنبي ، وتنقطع المدة المذكورة أيضا إذا طلب المالك استرداد حقه بأن كلف واضع اليد بالحضور لمرافعة أمام المحكمة أو نبه عليه بالرد تنبيها رسميا مستوفيا للشروط اللازمة ولو لم يستوف المدعي دعواه ، إنما يشترط في ذلك عدم سقوط الدعوي بمضي الزمن .
م205 / 269 : القواعد المقررة للتملك بمضي المدة من حيثية أسباب انقطاعها أو إيقاف سريانها تتبع أيضا فى التخلص من الدين بمضي المدة .
( ويلاحظ علي هذه النصوص ما يأتي : 1 - المقصود بالتنبيه بالرد تنبيها رسميا مستوفيا للشروط اللازمة هو التنبيه : un commandement regulier en la forme . 2 - أغفل التقنين السابق ذكر الحجز ، والطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع ، وأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدي الدعاوي . ولكن هذا كله كان معمولا به في عه التقنين السابق ، تطبيقا للقواعد العامة . 3 - لم يذكر التقنين السابق ضمن أسباب قطع التقادم إقرار المدين بحق الدائن ، ولكن هذا الحكم أيضا كان معمولا به دون نص في عهد التقنين السابق . وقد استوفي التقنين الجديد هذا النقص ) .
( [1978] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م380 - 381 ( مطابقة للمادتين 383 - 384من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م370 - 371 ( مطابقتان للمادتين 383 - 384 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م437 :1 - تنقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوي بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوي إلي محكمة غير مختصة عن غلط مغتفر . فإن طالب الدائن غريمة في المحكمة ولم تفصل الدعوي حتى مضت المدة ، فإنها تسمع بعدها . 2 - وكالمطالبة القضائية الطلب الذي = ( م69 - الوسيط ) = يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو توزيع ، وبوجه عام أي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدي الدعاوي .
م438 : 1 - تنقطع أيضا المدة المقررة لعدم سماع الدعوي إذا أقر المدين بحق الدائن صراحة أو دلالة ، ما لم يوجد نص بخلاف ذلك . 2 - ويعتبر المدين قد أقر دلالة بحق الدائن إذا هو ترك تحت يده مالا مرهوناً بالدين رهن حيازة .
( والتقنين العراقي يتفق في أحكامه مع التقنين المصري : أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 394 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م357 : ينقطع حكم مرور الزمن : 1 - بكلى مطالبة قضائية أو غير قضائية ذات تاريخ صحيح من شأنها أن تجعل المديون في حالة التأخير عن تنفيذ الموجب ، ولو قدمت لمحكمة لاصلاحية لها أو حكم بفسادها شكلا . 2 - بطلب قبول الدائن فى تفليسة المدين . 3 - بعمل احتياطي يتناول أملاك المديون أو بعريضة ترمي إلي نيل الإذن في إجراء عمل من هذا النوع .
م358 : ينقطع مرور الزمن باعتراف المديون بحق الدائن .
( وتختلف أحكام التقنين اللبناني عن أحكام التقنين المصري فيما يأتي : 1 - يكتفي التقنين اللبناني بمجرد الإنذار ذي التاريخ الصحيح لقطع التقادم . 2 - ويكتفي أيضا بعمل احتياطي يتناول أملاك المدين أو بعريضة ترمي إلي نيل الإذن في إجراء عمل من هذا النوع .
3 - لا تفقد المطالبة القضائية في التقنين اللبناني أثرها في قطع التقادم ولو حكم بفسادها شكلا ، وفي مصر تفقد هذا الأثر . أما المطالبة القضائية المقدمة لمحكمة غير مختصة فتقطع التقادم في كلا التقنينين . هذا ولم يذكر التقنين اللبناني من أسباب قطع التقادم التنبيه والحجز والتقدم في توزيع وأى عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في أحدي الدعاوي ، ولكن لا شك في أن كل هذه الأعمال تقطع التقادم في لبنان ما دام مجرد الإنذار ذي التاريخ الصحيح يكفي لقطعه ) .
( [1979] ) استئناف مصر 3 أبريل سنة 1952 المحاماة 34 رقم 26 ص 31 .
( [1980] ) استئناف مختلط 11 مايو سنة 1897 م 9 ص 335 - 27 ديسمبر سنة 1899 م12ص 57 - 12 مارس سنة 1913 م25 ص 223 .
( [1981] ) قارن استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1944م 56 ص106 .
( [1982] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 334 – وانظر تاريخ نص المادة 383 مدني آنفاً فقرة 628 في الهامش – وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وليس يكفي مجرد الإنذار لترتيب هذا الأثر ، ولو تولى إعلانه أحد المحضرين . وقد اكتفي المشروع الفرنسي الإيطالي في قطع التقادم بكل ما يصلح وسيلة لأعذار المدين : المادة 243 ، وهو بهذا يجتزئ بالكتابة أيا كانت صورتها . بيد أن مثل هذا الحكم يكاد يجعل تقادم الديون مستحيلا ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 332 ) . ويقال في تبرير عدم الاكتفاء بالإنذار الرسمي لقطع التقادم إن من وجه إليه هذا الإنذار ليس مضطراً إلي الرد عليه ، فقد يعتقد أنه غير جدي ما دام صاحبه لم يفرغه في صورة مطالبة قضائية من شأنها أن تجبر المدعي عليه علي رفع الدعوي ، وقد يعتقد أن صاحب الإنذار بعد أن كف عن المطالبة عن طريق رفع الدعوي قد عدل عن إدعائه بعد أن تبين أنه غير محق في طلبه ( انظر بودري وتيسييه فقرة 478 ) – وانظر : نقض مدني 28 أبريل سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 47 ص 99 - استئناف مصر16 ديسمبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 299 ص 425 - 8 نوفمبر سنة 1939 المحاماة 20 رقم 299 ص 772 .
وكما لا يكفي الإنذار الرسمي في قطع التقادم ، كذلك لا يكفي البروتستو لأنه ليس إلا إنذاراً من نوع خاص ( السيدة 28 يناير سنة 1940 المجموعة الرسمية 43 رقم18 ) .
( [1983] ) أما حجز ما للمدين لدى الغير فيقطع التقادم ، لأنه حجز لا مجرد إجراء تحفظي ، وسنري أن الحجز يقطع التقادم ولو كان حجزاً تحفظياً .
( [1984] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 333 - بودري وتيسييه فقرة 494 - وإذا تضمنت المطالبة القضائية أمام القضاء المستعجل ، عن خطأ ، طلبات في موضوع الحق ، أمكن اعتبار المطالبة القضائية في هذه الحالة مطالبة بموضوع الحق مرفوعة أمام محكمة غير مختصة ، فتقطع التقادم . وقد يكون من المعقول أن تقطع المطالبة القضائية أمام القضاء المستعجل سريان التقادم إذا تلاها في خلال مدة معينة مطالبة قضائية بالحق أمام محكمة الموضوع ، لكن هذا الحكم لا يمكن العمل به إلا بموجب نص تشريعي ، وهذا النص غير موجود ( بودرى وتيسييه فقرة 495 ) .
( [1985] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 333 - نقض مدني 26 نوفمبر سنة 1942 مجموعة عمر 4 رقم 7 ص 10 - استئناف مصر 29 ديسمبر سنة 1921 المحاماة 12 رقم 490 ص 983 - 14نوفمبر سنة 1933 المحاماة 14 رقم 218 ص 418 - 13 مايو سنة 1934 المحاماة 15 رقم 116 ص238 - 8 نوفمبر سنة 1939 المحاماة 20 رقم 299 ص 772 .
( [1986] ) استئناف مختلط 20 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 63 - بودرى وتيسييه فقرة 479 – ولكن المطالبة أمام لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي تقطع التقادم . وقد قضت لجنة طعن الضرائب بالقاهرة بأن المشرع لم يقصد بالمطالبة القضائية معناها الحرفي المتعارف عليه ، وإنما قصد كل إجراء قانوني يتضمن إظهار نية الدائن في تمسكه بحقه ضد من يسري التقادم في مصلحته . وليست المطالبة القضائية مقصورة علي التكليف بالحضور أمام محكمة تتآلف من قضاة بالمعني الذي قصده قانون استقلال القضاء ، بل يجب أن تمتد إلي المطالبة التي يتضمنها كل تكلف بالحضور أمام أيه هيئة عهد إليها المشرع بنظر خلاف معين ومن اختصاصها إصدار قرار أو حكم ملزم يمكن التنفيذ بمقتضاه ، تمشيا مع ما تطورت إليه النظم الاجتماعية والاقتصادية واستحدثت من القوانين الحالية . وانه بناء علي ذلك تكون إحالة الموضوع إلي لجنة الطعن بناء علي طلب الطاعن قاطعاً للتقادم ، لأن هذه الإحالة تتضمن لا محالة من جانب المصلحة بحقها ، ومعلوم أن التمسك بالحق قطاع للتقادم ( أو أبريل سنة 1952 المحاماة 33 رقم 397 ص939 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأن لجان التقدير القديمة هي هيئات مختصة في مسائل الضرائب ، وكل إليها المشرع دون غيرها أمر إجراء التقدير لأرباح الشركات غير المساهمة والأفراد ، وأن ولايتها في ذلك ولاية أصيلة ، وأن رفع الأمر إليها يعتبر مطالبة قضائية تقطع التقادم طبقا للمادة 383 مدني ، وأن الخطاب الموصي عليه يعلم الوصول الذي بمقتضاه تحيل مصلحة الضرائب الممول علي لجنه التقدير تكون له قوة الإعلان الذي يتم بالطرق القانونية العادية ، ويقطع التقادم أن كان لم يكتمل بعد ( 3أبريل سنة 1952 المحاماة 34 رقم 27 ص31 ) .
( [1987] ) استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1941م 53 ص 116 . ولا يقطع التقادم محضر تحديد يوم للبيع ( استئناف مختلط 30 ديسمبر 1948 م61 ص42 ) .
( [1988] ) بودرى وتيسييه فقرة 480 .
هذا ولا يوجد ما يمنع من أن يتفق الدائن مع المدين علي أن التقادم ينقطع بمجرد إنذار رسمي أو غير رسمي ، أو بأي عمل من الأعمال التي قدمنا أنها لا تقطع التقادم ، ويكون الاتفاق صحيحا فينقطع التقادم بالعمل الذي اتفقا علي أن يكون له هذا الأثر ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1368 ) .
( [1989] ) المذكرة الإيضاحية للمشورع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 332 - ويراعي أن المطالبة القضائية تشمل الدعوي والدفع علي حد سواء ( انظر المادة 135 / 2 من تقنين الالتزامات السويسري ) .
ولا يؤثر في قطع التقادم أن الدعوي لم تقيد في الجدول ، لأن كل ما يترتب علي عدم تقييدها إنها لا تنظر في الجلسة المحددة ، وللمدعي أن يعيد إعلانها ( بني سويف 25 يوليه سنة 1938 المحاماة 19 رقم 113 ص 251 ) . والمطالبة القضائية تقطع التقادم ولو لم تعقبها إجراءات ( استئناف مختلط 9 يناير سنة 1929 م 41 ص159 ) .
( [1990] ) بودرى وتيسييه فقرة 482 - أما إذا كان من رفع الدعوي هو المدين نفسه ، وقد رفعها علي الدائن يطلب الحكم ببراءة ذمته من الدين أو ببطلانه أو بانقضائه بأي سبب ولو بالتقادم ، ورفضت هذه الدعوي ، فإنها لا تقطع التقادم ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1361ص 774 - ص775 - وانظر عكس ذلك تعليق لأبيه علي حكم محكمة النقض الفرنسية في 13 يناير سنة 1879 سيريه 79 - 1 - 441 - ويميز بودرى وتيسييه فقرة 509 بين ما إذا كان الحكم برفض دعوي المدين صدر في غيبة الدائن ودون إبداء دفاع منه فلا يقطع التقادم أو صدر في حضور الدائن وبعد أن أبدي دفاعه فيكون مؤيداً لحقه وقاطعا للتقادم ) . وقد قضت محكمة النقض بأن المدين إذا رفع دعوي ببراءة ذمته من الدين ، فان ذلك لا يعتبر منه اعترافا بالدين ، ولا ينقطع التقادم ( نقض مدني 17 نوفمبر سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 144 ص 428 ) وقضت أيضا بأن رفع الدعوي من المدين ببراءة ذمته من الدين لانقضائه بالتقادم ينافي اعتباره معترفا بالدين اعترافا يقطع مدة التقادم التي لم تكن قد تكاملت : كما أن تمسك الدائن بدينه في تلك الدعوي ليس هو التنبيه الرسمي المنصوص عليه في المادة 82 من القانون المدني ( القديم ) ، وهو لا يغني عن التنبيه ولا عن التنفيذ ، لأنهما هما وحدهما اللذان يصلحان لقطع سريان التقادم ( نقض مدني 17 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 24 ص 50 ) . رفضت محكمة استئناف مصر بأن الدعوي التى يرفعها المدين ضد الدائن بسقوط الدين أو بطلانه لا تقطع التقادم ( 13 أكتوبر سنة 1940 المجموعة الرسمية 45 رقم 37 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الدعوي التي يرفعها المدين علي الدائن بأن الدين انقضي بالتقادم لا تقطع التقادم حتى لو كان وقت رفع الدعوي لم يتكامل ( 31 أكتوبر سنة 1933 م 46 ص4 - وقارن 20 يناير سنة 1930م42 ص148 - 16أبريل سنة 1940 م52 ص257 ) . وقضت أيضا بأن الكتاب الذي يرسله أمين النقل إلي صاحب البضاعة يخطره فيه أن بضاعته أرسلت إلي غير جهتها ، وأنه أعطي تعليمات لإرسالها إلي الجهة الصحيحة ، ليس من شأنه أن يقطع التقادم أو أن يغير من مبدأ سريانه ( 10 يونيه سنة 1925 م 37ص 485 ) .
( [1991] ) فتصح المطالبة القضائية من حيث أثرها في قطع للتقادم . لكن يجب للاستمرار في التقاضي من التوفر علي أهلية التقاضي ، ومن ثم يجب أن يتدخل في الدعوي ولي القاصر لتصحيح الإجراءات ولاستبقائها قائمة ، ويجوز لمن له حق إدارة الشركة أن يرفع الدعوي ، قبل الحصول علي الإذن الواجب من مجلس الإدارة ، فيقطع التقادم ، ثم يحصل بعد ذلك علي الإذن الواجب للاستمرار في الدعوي وتصحيح الإجراءات ( بودري وتيسييه فقرة 484 ) .
( [1992] ) لوزان 32 فقرة 91 - بودرى وتبسييه فقرة 483 - ولا يعتبر البائع ممثلا للمشتري في الدعاوي اللاحقة للتاريخ للثابت لعقد البيع ( نقض مدني 28 أبريل سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 47 ص 99 ) . وتوجه الدعوي في الوقف إلي ناظره ، وفي التركة إلي أحد الورثة . وقد قضت محكمة النقض بأن دائن الوقف إذا رفع الدعوي ضد ناظر الوقف قطع التقادم ( نقض مدني 17 مارس سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 397 ص 739 ) . وقضت محكمة سوهاج بأن مطالبة أحد الورثة بدين علي التركة بقطع التقادم بالنسبة إلي جميع الورثة ( 10 مارس سنة 1892 الحقوق 7 ص 29 ) .
( [1993] ) استئناف مختلط 17 مايو سنة 1939 م 51 ص 330 .
( [1994] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 333 - وانظر تاريخ نص المادة 383 مدني آنفا فقرة 628 في الهامش .
( [1995] ) استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1902 م 15 ص 43 – 7 مارس سنة 1933 م 45 ص94 - بودرى وتيسييه فقرة 496 .
( [1996] ) ويبدو أن رفع الدعوي إلي محكمة لا ولاية لها ( defaut de juridction ) يقطع التقادم لنفس السببين اللذين قدمناهما في رفع الدعوي إلي محكمة لا اختصاص لها ، فمسائل الولاية أشد تعقيداً في بعض الأحوال من مسائل الاختصاص ، ونية الدائن في المطالبة بالدين محققة ( قارب نقض مدني 6 أبريل سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 176 ص 535 ) . لكن إذا كان عدم ولاية المحكمة أو عدم اختصاصها من الوضوح بحيث لا يكون هناك أى محل للبس ، فالظاهر أن التقادم لا ينقطع . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن رفع الدعوي ابتداء إلي محكمة الاستئناف لا يقطع التقادم ( 19 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 44 ) .
( [1997] ) نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 8 ص 13 – وتقضي المادة 212 من التقنين المدني الألماني بأن التقادم لا ينقطع بالمطالبة القضائية أمام محكمة غير مختصة إلا إذا رفع الدائن الدعوي أمام المحكمة المختصة في خلال ستة أشهر من يوم صدور الحكم بعدم الاختصاص أو من يوم سحب القضية من المحكمة غير المختصة .
( [1998] ) وهذا هو النص في أصله الفرنسي :
Art . 2247 : Si lassignation est nulle pour defaut de forme si le demandeur se desiste de sa demande s il laisse perimer l instance ou sis a demande est rejetee l interruption est regardee comme non avenue .
( [1999] ) استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1929 م 41 ص 203 – 2 يناير سنة 1930 م 42 ص 149 - 23 فبراير سنة 1923 م 44 ص 197 - 8 ديسمبر سنة 1932 م45 ص 63 - 22 مارس سنة 1938 م 50 ص 50 ص 180 - أما سقوط الحكم الغيابي فلا يترتب عليه زوال أثر انقطاع المدة ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 333 ) .
( [2000] ) استئناف مختلط 20 يناير سنة 1904 م 16 ص 105 - 26 فبراير سنة 1913 م 25 ص 199 - ومع ذلك قارن 12 يناير سنة 1911 م 23 ص 105 - وينتقد الفقه الفرنسي التعارض ما بين الحكم القاضي بأن المطالبة القضائية أمام محكمة غير مختصة تقطع التقادم والحكم القاضي بأن المطالبة القضائية الباطلة شكلا لا تقطع التقادم ، مع أن البطلان في الحالة الأولي يرجع إلي الدائن وفي الحالة الأخري قد يرجع إلي المحضر ( ماركاديه م 2243 فقرة 3 - لوران 32 فقرة 97 – جيللوار فقرة 209 - وانظر المادة 357 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى آنفا فقرة 628 في الهامش ) . ويدافع بودري وتيسييه عن هذه التفرقة بأن المطالبة القضائية أمام محكمة غير مختصة لا تمنع إطلاقا من ظهور نية الدائن المحققة في تقاضيه لحقه كما سبق القول ، أما المطالبة القضائية الباطلة شكلا فكثيراً ما يرجع بطلانها إلي غموض هذه النية أو إلي عدم جديتها ، فوجب الرجوع في شأنها إلي الأصل وهو انعدامها وعدم جواز ترتيب أي أثر عليها ( بودري وتيسييه فقرة 498 ص 376 ) .
( [2001] ) وتمضي المادة 309 مرافعات فنقول : " ومع ذلك لا يلتفت لاعتراضه ( أي اعتراض المدين ) علي الترك ، إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة ، أو بإحالة القضية إلي محكمة أخري ، أو ببطلان صحيفة الدعوي ، أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوي " .
( [2002] ) وفى التقنين المدني الألماني ( م 212 ) ، إذا ترك الدائن الخصومة ، لم يعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن إلا إذا لم يرفع الدائن دعوي جديدة في خلال ستة أشهر .
( [2003] ) بودري وتيسييه فقرة 502 .
( [2004] ) وتنص المادة305 / 1 مرافعات علي أنه " متي حكم بسقوط الخصومة في الاستئناف ، اعتبر الحكم المستأنف انتهائيا في جميع الأحوال " . فإذا كان الحكم الابتدائي الذي أصبح انتهائيا قد قضي برفض طلب الدائن ، فإن انقطاع التقادم الذي كان قد ترتب علي صحيفة دعواه الابتدائية يعتبر كأن لم يكن . فلو أن رفض الدعوي الابتدائية كان راجعاً إلي سبب لا يتصل بموضوع الحق ، وجاز رفع الدعوي من جديد ، أمكن المدين أن يحتج بالتقادم إذا كان قد تكامل . ولا يعترض عليه الدائن بأن التقادم قد انقطع بصحيفة الدعوي الأولي ، فقد زال أثر الانقطاع برفض الدعوي .
( [2005] ) استئناف مختلط 8 أبريل سنة 1941 م 53 ص 147 ( وانقضاء الخصومة في تقنين المرافعات السابق كان يقع بانقضاء خمس عشرة سنة ) .
( [2006] ) بودري وتيسييه فقرة 505 .
( [2007] ) ذلك أن الدائن المتضامن الذي قطع التقادم يعتبر نائبا عنهم فيما يفيدهم ، فيعتبر التقادم قد انقطع لمصلحتهم هم أيضا ( انظر آنفا فقرة 144 ) .
( [2008] ) ذلك أن الدائن المتضامن لا يعبر نائبا عنهم فيما يضرهم ، فلا يتعدى إليهم أثر الحكم برفض الدعوي ( انظر آنفا فقرة 145 ) .
( [2009] ) بودرى وتيسييه فقرة 504 .
( [2010] ) استئناف مختلط 3 فبراير سنة 1904 م 16 ص 124 - 25 مارس سنة 1943م 55 ص 11 - 8 مايو سنة 1947 م 59 ص 194 .
( [2011] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 332 .
( [2012] ) استئناف مختلط 4 مارس 1924 م 36 ص 250 – 8 يناير سنة 1925 م 37 ص 143 .
( [2013] ) استئناف مختلط 23 مايو سنة 1939 م 51 ص 351 .
( [2014] ) وذلك إذا كان التسجيل قد شطب فى وقت لا يتمكن معه الدائن من إعادته فى الميعاد القانونى ، أى إذا كان التسجيل قد شطب بعد انقضاء ستين يوماً على إعلان التنبيه ( م 613 مرافعات ) .
( [2015] ) وقد نصت المادة ( 632 ) مرافعات على أنه " يجب على قلم الكتاب خلال الخمسة عشر يوما التالية لإيداع قائمة شروط البيع أن يخبر به المدين والحائز والدائنين الذين سجلوا تنبيهاتهم والدائنين أصحاب الرهون الحيازية والرسمية وحقوق الاختصاص والامتياز الذين قدمت حقوقهم قبل تسجيل لتنبيه . . . " . ثم تنص المادة ( 636 ) مرافعات على أن " يخطر المحضر الذى قام بإعلان ورقة الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع مكتب الشهر بحصول ذلك خلال ثمانية الأيام التالية . ويوقع الموظف المختص على أصل الإعلان بما يفيد علمه بحصوله ، ويؤشر بذلك على هامش تسجيل التنبيه " . وتنص المادة ( 637 ) على أن " جميع الدائنين المقيدة حقوقهم قبل تسجيل التنبيه وجميع الدائنين الذين سجلوا تنبيهاتهم يصبحون ، من تاريخ التأشير بحصول الإعلان المشار إليه فى المادة السابقة ، طرفاً فى الإجراءات . ولا يجوز بعد ذلك شطب التسجيلات والتأشيرات المتعلقة بالإجراءات إلا برضاه هؤلاء الدائنين جميعاً أو بمقتضى أحكام نهائية عليهم " .
ويخلص من هذا النصوص أن الدائنين المقيدين على العقار يصبحون طرفاً فى الإجراءات من وقت معين ، ومن ذلك الوقت ينقطع التقادم السارى ضدهم بالنسبة إلى حقوقهم ( أنظر فى هذا المعنى بودرى وتيسييه فقرة 523 ) .
( [2016] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن الحجز على المنقولات يقطع مدة التقادم ، ولو لم يتم التنفيذ بسبب رفع دعوى استرداد ( 16 يونيه سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 رقم 14 ص 248 ) .
( [2017] ) استئناف مصر 3 يناير سنة 1945 المجموعة الرسمية 47 رقم 21 – استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1889 م 1 ص 72 – 27 مارس سنة 1889 م 1 ص 89 – 12 يناير سنة 1915 م 27 ص 109 – 12 يونيه سنة 1923 م 35 ص 504 – وأنظر بودرى وتيسييه فقرة 520 – وقارن أوبرى ورو 2 فقرة 215 هامش رقم 32 – لوران 32 فقرة 116 .
أنظر أيضا فى الحجز التحفظى على المنقول المواد ( 601 ) وما بعدها من تقنين المرافعات . وقارن بودرى وتيسييه فقرة 513 .
( [2018] ) استئناف مختلط 17 إبريل سنة 1917 م 29 ص 363 .
( [2019] ) ويسرى تقادم جديد إذا لم يتخذ الدائن إجراءات من شأنها أن تستبقى انقطاع التقادم الأول ( استئناف مختلط أو فبراير سنة 1928 م 40 ص 170 ) .
( [2020] ) بودرى وتيسييه فقرة 510 .
( [2021] ) وكان القضاء المختلط فى عهد تقنين المرافعات السابق يجعل دخول الدائن فى التوزيع قاطعاً للتقادم ، وذلك لأنه كان يوجب إعلان المدين بإجراءات التوزيع . أما القضاء الوطنى فلم يكن يوجب هذا الإعلان ، ومن ثم لم يكن دخول الدائن فى التوزيع قاطعاً للتقادم .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الدخول فى إجراءات التوزيع أمام المحاكم المختلطة بقطع التقادم ( استئناف مختلط 13 مارس سنة 1902 م 14 ص 185 – 7 يونيه سنة 1917 م 29 ص 490 – 15 يناير سنة 1924 م 36 ص 149 – 25 مارس سنة 1925 م 37 ص 303 – 13 ديسمبر سنة 1928 م 41 ص 113 – 24 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 87 – 31 أكتوبر سنة 1933 م 46 ص 4 – 2 مارس سنة 1937 م 49 ص 120 – 23 يناير سنة 1947 م 59 ص 80 ) . ولكن التقدم فى توزيع سقط بعد فتحة لا يقطع التقادم ( استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1941 م 53 ص 116 ) .
وقضت محكمة النقض بأن طلب فتح التوزيع لا يوجه قبل المدين ، فهو إذن لا يقطع سريان التقادم ( نقض مدنى 17 فبراير سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 98 ص 292 ) . وقضت كذلك بأنه متى كان المقرر فى القضاء المختلط وجوب إعلان المدين بإجراءات التوزيع لدى المحاكم المختلطة ، صح اعتبار دخول الدائن فى التوزيع مطالبة قضائية منه بالدين قاطعة للتقادم . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه ، إذ قضى برفض الإشكال واستمرار التنفيذ على أساس عدم سقوط الدين المحكوم به بالتقادم ، أقام قضاءه على أن العلاقة بين الطرفين نشأت فى ظل القانون المختلط وهو الذى يحكمها ، مما يتحتم معه على المحكمة أن تستهدى فى قضائها بما جرت عليه أحكام المحاكم المختلطة فى شأن النزاع القائم بين الطرفين ، وأن هذا القضاء قد استقر على أن دخول الدائن فى توزيع مفتوح ضد مدينة قاطع للتقادم تأسيساً على أن النظام الذى جرى عليه قضاء هذه المحاكم كان يحتم إعلان المدين بإجراءات التوزيع وإعلانه بالحضور للإطلاع على القائمة المؤقتة ، وأنه لا محل لا تباع قضاء المحاكم الوطنية فى هذا الشأن لأن أساس هذا القضاء هو أن المدين لا يعلن بالتوزيع المفتوح أمام المحاكم المذكورة ، فإن ما قرره هذا الحكم هو تطبيق صحيح للأحكام الواجب إتباعها فى هذا الخصوص ( نقض مدنى 5 يونيه سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 185 ص 1175 – وأنظر أيضاً : نقض مدنى 19 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 102 ص 673 ) .
( م . 70 – الوسيط )
( [2022] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 333 .
( [2023] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن مواجهة الخصم لخصمه فى مرافعاته ومذكراته بدينه باعتباره مستحق الأداء تعتبر قاطعة للتقادم ، بشرط أن تكون مصحوبة بطلب إلزام المدين بالدين ، سواء أكان ذلك فى صحيفة الدعوى أم فى المرافعة أم فى المذكرات ( 8 نوفمبر سنة 1939 المحاماة 20 رقم 299 ص 722 ) . وقضت أيضاً بأن إعلانٍ تعديل الطلبات قاطع للتقادم ( 4 مارس سنة 1933 المحاماة 14 رقم 172 ص 340 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن إجراءات التنفيذ تقطع التقادم ( 9 مارس سنة 1892 م 4 ص 165 ) ، وأن إعلان الحكم الابتدائى بما يتضمنه من طلب الدين يقطع التقادم ولو رفع استئناف عن الحكم ( 15 يناير سنة 1924 م 36 ص 149 ) ، وأن الصلح يقطع التقادم ( 31 يناير سنة 1901 م 13 ص 132 ) ، ولكن الصلح على أحد الطلبات المقدمة فى الدعوى لا يقطع التقادم بالنسبة إلى الطلبات الأخرى التى لم يتناولها الصلح وهو مستقلة عن الطلب الأول ( 3 أبريل سنة 1912 م 24 ص 248 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأن المفاوضات التى تجرى بين الخصوم توصلا للصلح لا تقطع التقادم ، إلا إذا اعترف المدين فى خلالها بصحة الدين اعترافاً يمكن اعتباره تنازلا عن التمسك بالتقادم ، على أن هذه المفاوضات إذا أدت إلى الإقرار بالدين من جانب بعض ورقة المدين فإن الإقرار يكون حجة قاصرة على المقر ( 28 أبريل سنة 1934 المحاماة 15 رقم 81 ص 173 ) . وقضت محكمة طنطا بأنه إذا رفعت دعوى بالمطالبة بإيجار قبل مضى خمس سنوات على استحقاقه وتم الصلح فيها ، فيعتبر التقادم منقطعاً حتى يوم التصديق على محضر الصلح ، وليس من شأن القضاء ببطلان محضر الصلح لسبب ما أن يزيل أثر الإجراءات السابقة عليه وما ترتب عليها قانوناً من انقطاع التقادم ( 9 نوفمبر سنة 1933 المحاماة 14 رقم 223 ص 432 ) .
ويذهب الفقه الفرنسى إلى أن تمسك الدائن بحقه فى تحكيم ( Compormis ) يقطع التقادم كما يقطعه تمسك الدائن بحقه أثناء السير فى إحدى الدعاوى ( ترولونج فقرة 561 وفقرة 594 – أوبرى ورو فقرة 215 – لوران 32 فقرة 119 – جيللوار فقرة 202 – بودرى وتيسييه فقرة 511 – وأنظر أيضاً المادة 220 من التقنين المدنى الألمانى ) . ولا مانع من الأخذ بهذا الرأى فى مصر ، فإن إجراءات التحكيم نظمها تقنين المرافعات على نحو يجعلها متصلة اتصالا وثيقاً بالمحاكم والإجراءات القضائية ، ويجعل للقضاء إشرافاً عليها ( أنظر المواد 818 – 850 من تقنين المرافعات ) . فيجوز إذن اعتبار تمسك الدائن بحقه فى خلال إجراءات التحكيم عملا قاطعاً للتقادم ، ويبتدئ تقادم جديد من وقت انتهاء مهمة المحكمين . ويعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن إذا رفض طلب الدائن أو أبطلت إجراءات التحكيم ( أنظر المادتين 849 – 850 مرافعات ) .
( [2024] ) أنظر ما يلى فقرة 663 .
( [2025] ) استئناف وطنى 21 يناير سنة 1896 الحقوق 11 ص 197 .
( [2026] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1364 وفقرة 1366 ص 779 هامش رقم 1 - وقارن سالى فى تعليقه على التقنين المدنى الألمانى م 208 هامش 1 - بودرى وتيسييه فقرة 528 ص 392 – ص 393 .
( [2027] ) الوسيط جزء ثانى فقرة 249 .
( [2028] ) أوبرى ورو 2 فقرة 215 وهامش رقم 45 – جيللوار فقرة 252 – بودرى وتيسييه فقرة 536 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1367 – وقارن لوران 32 فقرة 125 .
( [2029] ) ولكن إقرار المعتوه لا يعتد به فى قطع التقادم ( قارب نقض مدنى 3 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 19 ص 37 ) .
( [2030] ) استئناف مختلط 8 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 63 – 2 مايو سنة 1935 م 47 ص 291 .
( [2031] ) وقد يرد الإقرار الصريح فى محضر جرد لحصر تركة الدائن ، أو فى إيجاب صادر من المدين دون أن يقبله الدائن ، أو فى قبول الدين فى تفليسة المدين ، أو فى بيع يصدر من المدين للغير من إنابة المشترى فى دفع الثمن للدائن وفاء بالدين ، أو فى توكيل يصدر من المدين للغير للوفاء بالدين ، أو فى مذكرات يتقدم بها المدين فى قضية لا يكون الدائن خصما فيما ، أو فى عقد قسمة ، أو فى تصفية شركة ، أو فى تصرف قانونى حكم ببطلانه دون أن يمس البطلان الإقرار الريح بالدين الوارد فى هذا التصرف ( بودرى وتيسييه فقرة 529 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن إقرار المستأجر بالأقساط المتأخرة من الأجرة والتعهد بدفعها فى ميعاد معين يقطع التقادم ويسرى تقادم جديد مدته 15 سنة ( 13 ديسمبر سنة 1889 م 2 ص 209 ) – وقضت أيضاً بأنه إذا تضمنت تسوية إقراراً بالدين ثم أبطلت التسوية ، بقى الإقرار قاطعاً التقادم ( 21 يونيه سنة 1932 م 44 ص 387 ) .
( [2032] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 335 – ص 336 – وأنظر أيضا المادة ( 135 / 1 ) من تقنين الالتزامات السويسرى .
ويعتبر إقراراً ضمنيا مفاوضة المدين للدائن فى مقدار الالتزام لا فى وجوده ، وعرض المدين على الدائم تعويضاً عن الالتزام ، وإجراء المدين تسوية مع الغير بقصد الوفاء بالدين . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن الكتاب الذى يرسله المدين للدائن بطلب مهلة للسداد يقطع التقادم ( 30 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 67 ص 104 ) . وقضت أيضا بأن سداد جزء من الدين اعتراف ضمنى به فيقطع التقادم ، ويتفرع على ذلك أن المدين إذا قام بسداد أقساط الدين فى خلال سنوات متوالية يكون قد قطع التقادم فى تاريخ كل دفعة قام بسدادها إلى الدائن وفى كل تاريخ من تواريخ الإيصالات ، وينقطع التقادم أيضاً بالنسبة إلى الفوائد فى خلال السنوات المتعاقبة ( 3 يناير سنة 1945 المجموعة الرسمية 47 رقم 121 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن سداد قسط من الدين إقرار ضمنى فه فيقطع التقادم ( 23 يناير سنة 1890 م 2 ص 228 ) .
ولا يعتبر إقراراً ضمنيا مجرد أن يذكر الدائن وفاء المدين بقسط من الدين ( استئناف مختلط أول مايو سنة 1945 م 57 ص 132 ) . ورع الدعوى من البائع ضد المتعرض أ, مدى الملكية لا يعتبر إقراراً ضمنياً بحق الضمان ، إذ يجب ألا يشوب الاعتراف لبس أو تأويل ( استئناف مصر 26 مايو سنة 1931 المحاماة 12 رقم 166 ص 314 ) . ورد المدين على الدائن يعترف بأصل الدين ويقرر فى الوقت ذاته براءة ذمته منه لا يقطع التقادم ، لأن الإقرار القاطع للتقادم هو الإقرار ببقاء الدين فى ذمة المدين ( استئناف مصر 11 أبريل سنة 1928 المحاماة 8 رقم 550 ص 911 ) . وإذا عرض المدين أن يدفع مبلغاً على سبيل الصلح وحسم النزاع لا يستخلص منها حتما أن يقر بالدين فى ذمته ( نقض فرنسى 14 مايو سنة 1918 داللوز 1926 – 1 – 204 ) . والمقاصة القانونية التى تقع بين جزء من الدين ودين مقابل لا تفيد الإقرار الضمنى بالجزء الباقى من الدين ، لأن المقاصة القانونية قد تقع بدون إرادة المدين ( بودرى وتيسييه فقرة 530 ) . وقبول المدين مخالصة من الدائن يحتفظ فيها بسائر حقوقه فى عبارة عامة مبهمة لا يعد اعترافاً ضمنياً من المدين بدين معين ولا يقطع التقادم ( بودرى وتيسييه فقرة 529 ص 395 ) .
( [2033] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الإقرار القاطع للتقادم مسألة واقع لا تخضع لرقابة محكمة النقض ( نقص مدنى 8 ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 215 ص 1567 ) . وقضت أيضاً بأن المسائل المتعلقة بانقطاع مدة التقادم مناط خضوعها لرقابة محكمة النقض هو التفرقة بين ما إذا كان قطع مدة التقادم مترتباً على اعتراف واضع اليد أو المدين بالحق المطالب هو به اعترافاً يجب الرجوع فى استفادته إلى فعل مادى مختلف على دلالته أو إلى ورقة مقدمة فى الدعوى مختلف على دلالتها الصريحة أو الضمنية كذلك ، وبين ما إذا كان مترتباً على ورقة مقدمة فى الدعوى مختلف على دلالتها الصريحة أو الضمنية كذلك ، وبين ما إذا كان مترتباً على ورقة الطلب المقدم للمحكمة بالحق المطلوب استرداده أو اقتضاؤه . ففى الحالة الأولى لا رقابة لمحكمة النقض ، لأن حكم القاضى فيها يكون مبنياً على ما استنتجه من الأفعال أو الأوراق المقدمة المتنازع على دلالتها العقلية . أما فى الحالة الثانية فيكون النزاع قائماً على ما لورقة الطلب من الأثر القانونى فى قطع التقادم ، وعلى متى تكون الورقة قاطعة ، وفيم تكون ، أى على ما اشترطه القانونى فى ورقة الطلب ( Demande en Justice ) من الشرائط القانونية . فيكون فصل القاضى فى ذلك فصلا فى مسألة قانونية يخضع فيه لرقابة محكمة النقض ( نقض مدنى 24 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 22 ص 34 ) .
( [2034] ) بودرى وتيسييه فقرة 530 – ولا يبدأ سريان التقادم الجديد إلا إذا خرج المال المرهون من حيازة الدائن ( نقض مدنى 17 فبراير سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 96 ص 285 – استئناف وطنى 5 أبريل سنة 1917 المجموعة الرسمية 18 رقم 91 / 2 ص 161 – 16 فبراير سنة 1922 المحاماة 2 رقم 117 ص 374 – مصر 8 مارس سنة 1904 الاستقلال 3 ص 42 – استئناف مختلط 31 يناير سنة 1900 م 12 ص 105 – 16 أبريل سنة 1924 م 36 ص 313 – 23 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 65 – 36 مارس سنة 1942 م 54 ص 153 ) .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة أيضاً بأنه إذا قبل المدين أن يترك للدائن المرتهن الانتفاع بالعقار المرهون رهناً رسمياً والاستيلاء على ريعه لسداد الفوائد ، فالاستيلاء على الريع يقطع التقادم بالنسبة إلى الفوائد ( استئناف مختلط 15 ديسمبر سنة 1921 م 34 ص 56 ) . وقضت كذلك بأن التأمين الذى يودعه المستأجر لضمان الأجرة عند المؤجر يعتبر بمثابة أجرة مدفوعة مقدماً ، فلا يسرى فى حقها التقادم ، وإنما يسرى على ما يتبقى من الأجرة بعد خصم التأمين ( استئناف مختلط 17 ديسمبر سنة 1929 م 42 ص 106 ) . ولكنها قضت من جهة أخرى بأن الحبس لا يمنع من سريان التقادم ضد الدين المضمون بالحبس ( استئناف مختلط 15 يناير سنة 1914 م 26 ص 154 ) . ولعل ذلك يرجع إلى أن الحبس ، بخلاف رهن الحيازة ، لا يجيز للدائن أن يتقاضى حقه من غلة العين المحبوسة . ولكن رهن الحيازة يستبقى التقادم منقطعاً لمجرد أن العين المرهونة قد خرجت من يد المدين وانتقلت إلى حيازة الدائن ، وفى هذا يشترك الحبس مع رهن الحيازة . أما أن الدائن يتقاضى حقه من غلة العين المرهونة فهذا يقطع التقادم أيضاً ، ولكنه ليس ضرورياً لذلك ، بل يكفى لقطع التقادم انتقال العين إلى حيازة الدائن .
( [2035] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " يراعى أن ترتيب رهن الحيازة ينفرد بأن أثره لا يقتصر على قطع التقادم ، بل يجاوز ذلك إلى استدامة هذا الأثر ما بقى الشىء المرهون فى يد المرتهن . فمجرد ترك الدائن للشىء المرهون فى يد المرتهن ، وترخيصه لهذا المرتهن فى اقتضاء حقه من إيراده ، يعتبر إقراراً ضنيا دائماً أو متجدداً : قارن المادة 140 من تقنين الالتزامات السويسرى والمادة 275 من التقنين البولونى . أما وجود الرهن الرسمى والامتياز والاختصاص ، وقيد هذه الحقوق وتجديد قيدها ، فليس من شأنها جميعاً قطع التقادم ، لأن المدين لا ينسب إليه فى هذه الحالة أمر مادى ينطوى على إقرار ضمنى بالدين ، ومجرد وجود تأمين يكفل حق الدائن لا يكفى فى هذا الشأن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 336 ) .
( [2036] ) وإذا كانت الورقة التى تتضمن الإقرار بالدين ورقة عرفية ، وجب أن تكون ثابتة التاريخ حتى تسرى فى حق الغير ( لوران 32 فقرة 133 – ماركاديه 2248 فقرة 10 – بودرى وتيسييه فقرة 538 ص 403 ) . فإذا انقضى بالتقادم دين مضمون برهن متقدم ، لم يجز الاحتجاج على دائن مرتهن متأخر بأن التقادم قد انقطع بإقرار المدين ، فلم ينقض الدين من أجل ذلك وبقى الرهن المتقدم إضراراً بالدائن المرتهن المتأخر ، وذلك ما لم يكن الإقرار بالدين ثابت التاريخ فى وقت لم يكن فيه التقادم قد اكتمل .
( [2037] ) لوران 32 فقرة 130 وما بعدها – أوبرى ورو 2 فقرة 215 – بودرى تيسييه فقرة 538 .
( [2038] ) الوسيط 2 فقرة 129 .
( [2039] ) بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1365 .
( [2040] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 522 من المشروع التمهيدى على نحو مطابق لما استقر عليه فى التقنين الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدى لم يكن يشتمل على عبارة " وانقطع تقادمه بإقرار المدين " بعد عبارة " إذا كان الدين مما يتقادم بسنة واحدة " الواردة فى الفقرة الثانية . وفى لجنة المراجعة أدخل " قيد واجب على الديون التى تتقادم بسنة واحدة ، فهذه إذا انقطع التقادم فيها بإقرار المدين انتفت علة التقادم بسنة واحدة ، لأن الإقرار يهدم قرينة الوفاء ، أما إذا انقطع التقادم بالمطالبة القضائية فإن مدة التقادم الجديدة تبقى سنة واحدة ، لأن قرينة الوفاء لا تزال قائمة " وأصبحت المادة رقمها 398 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 385 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 337 – ص 339 ) .
( [2041] ) التقنين المدنى السابق م 81 / 109 : إذا انقطع التوالى فى وضع اليد ، فلا تحسب المدة السابقة على انقطاعه . ( ويلاحظ أن هذا الأثر لانقطاع التقادم الوارد فى التقادم المكسب ينطبق أيضا على التقادم المسقط : م205 / 269 – والحكم واحد فى التقنينيين الجديد والسابق ، إلا أن التقنين الجديد أكثر ضبطاً للأحكام ، فقد حدد مبدأ سريان التقادم الجديد ومتى يختلف التقادم الجديد عن التقادم المنقطع ، وقد كان هذا معمولا به فى عهد التقنين السابق دون نص ) .
( [2042] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 382 ( مطابقة للمادة 385 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى م 372 ( مطابقة للمادة 385 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 439 : 1 - إذا انقطعت المدة المقررة لعدم سماع الدعوى ، بدأت مدة جديدة كالمدة الأولى . 2 - على إنه إذا حكم بالدين ، وحاز الحكم درجة البتات ، أو إذا كانت المدة المقررة لعدم سماع الدعوى سنة واحدة وانقطعت بإقرار المدين ، كانت المدة الجديدة خمس عشرة سنة . ( والحكم واحد فى التقنينيين المصرى والعراقى . وما ورد فى التقنين المصرى من جعل الدين المحكوم به ، فيما تضمن من التزامات دورية متجددة لا تستحق الأداء إلا بعد صدور الحكم ، يتقادم بخمس سنوات لا بخمس عشرة سنة ، ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيؤخذ به فى العراق ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 359 : إذا انقطع حكم مرور الزمن على وجه قانونى ، فالوقت الذى تصرم قبل وقوع الفعل الذى قطعه لا يدخل فى حساب المدة اللازمة لمرور الزمن . وهذه المدة ، الباقية على حالها ، تعود فتسرى مبدئياً منذ توقف العمل القاطع لمرور الزمن عن إنتاج مفاعيله . وإذا جرى الاعتراف بالدين فى صك أو أثبت هذا الدين بحكم ، فالمهلة الجديدة لمرور الزمن تبقى عشر سنوات .
وحكم التقنين اللبنانى متوقف مع حكم التقنين المصرى ، فيما عدا أن الاعتراف المكتوب بالدين فى التقنين اللبنانى يحول مدة التقادم الجديد إلى عشر سنوات –وهى المعادلة لمدة الخمس عشرة سنة فى التقنين المصرى - دون تمييز بين دين ودين . أما فى التقنين المصرى ، فهذا مقصور على الديون التى تتقادم بسنة واحدة وعلى ديون أصحاب المهن الحرة التى تتقادم بخمس سنوات ) .
( [2043] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " لا يقتصر أثر انقطاع التقادم على الحيلولة دون سريان المدة ، بل يجاوز ذلك إلى محو ما انقضى من هذه المدة قبل تحقق سببه ، وهذا ما يفرقه عن الوقف ، فإذا كف الإجراء القاطع عن ترتيب أثره ، بدأ سريان تقادم جديد من هذا الوقت " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 338 ) .
( [2044] ) استئناف مختلط 6 فبراير سنة 1896 م 8 ص 108 – 23 ديسمبر سنة 1896 م 9 ص 69 – 22 فبراير سنة 1940م 52 ص 159 – 6 فبراير سنة 1941 م 53 ص 88 – 17 فبراير سنة 1942 م 54 ص 106 – 13 مارس سنة 1943 م 55 ص 129 – 18 ديسمبر سنة 1946 م 59 ص 56 .
وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة ، مع تسليمها برفع الدعوى التى لم تقيد ، لم تفرق بين التقادم المسقط للحق نفسه والتقادم المسقط للدعوى ( أى المسقط للمطالبة القضائية ) المرفوعة بشأنه ، فاعتبرت أن قطع التقادم الخمسى الذى ينشأ عن رفع الدعوى لا يستمر إلا لمدة التقادم المسقط للحق ذاته ، فإنها تكون قد أخطأت . إذ أن لكل من تقادم الحق وتقادم الدعوى حكماً خاصاً . فالتقادم الخمسى ينقطع برفع الدعوى ، ويظل هذا الانقطاع مستمراً ، ما دام سببه قائماً . وإذا كان سبب الانقطاع هو الدعوى ، فيبقى التقادم منقطعاً إلى أن تسقط هى بالتقادم المسقط لها ومدته 15 سنة طبقاً لحكم المادة 82 من القانون المدنى ( السابق ، وفى تقنين المرافعات الجديد المدة خمس سنوات فقط ) . وما دامت هذه المدة لم تنقض ، فيبقى أثر الانقطاع قائماًٍ . فإذا تحركت الدعوى فى أثنائها ، فيكون تحريكها صحيحاً لعدم سقوط الحق المرفوعة به ( نقض مدنى 23 نوفمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 162 ص 460 ) . وقضت أيضا بأنه إذا صدر حكم بالدين ، ثم رفع المحكوم له دعوى نزع ملكية ضد المدين ، وطلب الدائن بعدم إذا صدر حكم بالدين ، ثم رفع المحكوم له دعوى نزع ملكية ضد المدين ، وطلب الدائن بعد صدور الحكم بنزع الملكية تعيين يوم للبيع ، فعين لذلك يوم ، وأجل البيع عدة مرات للنشر ، ثم استبعدت القضية من الروع لعدم دفع مصاريف النشر ، وظلت مستبعدت حق طلب الدائن تعيين يوم للبيع فعين ، ولما لم يحصل نشر قررت المحكمة رفع الدعوى عملا بالقانون رقم 15 لسنة 1937 الخاص بحماية الثروة العقارية ، فإن طلب الدائن تعيين جلسة للبيع ، وتعيين القاضى جلسة بناء على هذا الطلب ، وتداول الدعوى فى الجلسات إلى أن استبعدت من الرول ، ثم طلب الدائن تعيين جلسة للبيع بعد ذلك ، وتأشير القاضى على الطلب بإحالة الدعوى لنظرها أمام قاضى البيوع بالمحكمة التى نقل الاختصاص إليها ، ثم عرض هذا الطلب على قاضى البيوع بالمحكمة المختصة وتعيين جلسة بناء على هذا الطلب ، ثم طلب الدائن تعيين يوم للبيع بعدم وقف الدعوى عملا بقانون حماية الثروة العقارية – كل أولئك لاشك فى أنه من إجراءات دعوى نزع الملكية التى يترتب على حصولها قيام الدعوى ومنع سقوطها بالتقادم ، ما دام لم يمض بين أى إجراء منها والذى يليه ولا على آخر إجراء المدة المسقطة للدعوى ( نقض مدنى أول مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 217 ص 582 ) . وقضت كذلك بأنه إذ كان يترتب على إعلان صحيفة الدعوى بطلب الفوائد انقطاع التقادم بالنسبة إليها ، فإن أثر هذا الانقطاع يمتد إلى أن يصدر الحكم النهائى فى الدعوى . وينبنى على ذلك أن مضى المدة من تاريخ صدور الحكم الابتدائى حتى تاريخ استئنافه ، مهما طال ما دام باب الاستئناف مازال مفتوحاً ، لا يترتب عليه سقوط الحق فى استئنافه ، كما أن الحق فى الفوائد يبقى محفوظاً بحكم انقطاع المدة بعريضة الدعوى الابتدائية . وإذن فالحكم الذى يقضى برفض الدفع بسقوطه حق الاستئناف بالنسبة إلى الفوائد التى لم يقض بها الحكم الابتدائى استناداً إلى أنه ما دام باب الاستئناف مفتوحا فتعتبر الدعوى المستأنف حكمها بجميع طلباتها قائمة فلا تسرى أثناءها المدة المقررة لسقوط الحق المطالب به بخمس سنوات ، ، إذ القاعدة العامة أن طلب الحضور أمام القضاء يحفظ حقوق المدعى بأن يقطع سريان مدة التقادم فيستبدل بالمدة التى كانت سارية من قبل المدة الطويلة المقررة فى سقوط جميع الحقوق – هذا الحكم صحيح فى القانون ولا غبار عليه ( نقض مدنى 15 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 9 ص 48 ) .
( [2045] ) أنظر آنفاً فقرة 629 .
( [2046] ) أنظر آنفاً فقرة 629 .
( [2047] ) استئناف مختلط 15 يونيه سنة 1921 م 33 ص 393 .
( [2048] ) فينقطع التقادم ، ويبقى منقطعا طوال الوقت الذى يدون فيه أثر السبب فى انقطاعه . ويبدو عند ذلك أن التقادم قد انقطع ثم أعقب انقطاعه وقف لسريانه . والصحيح أن التقادم قد انقطع ، وبقى منقطعا إلى أن زال أثر السبب فى انقطاعه . وواضح أن بقاءه منقطعا شىء ، ووقف سريانه شىء آخر ( بودرى وتيسييه فقرة 543 ) .
( [2049] ) أنظر آنفاً فقرة فقرة 634 .
( [2050] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن مدة التقدم تبقى كما كانت عندما تعود إلى السريان بعد أن انقطعت عن طريق التنبيه ( 10 يناير سنة 1924 م 36 ص 136 ) .
( [2051] ) وإدراج الدائن فى قائمة التوزيع وصبرورة هذه القائمة نهائية يكون بمثابة الحكم النهائى بالدين فيسرى بالنسبة إلى هذا الدين تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة ( استئناف مختلط 18 سنة 1941 م 53 ص 135 ) .
( [2052] ) استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1940م 52 ص 218 – 13 فبراير سنة 1941 م 53 ص 94 .
وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه وإن كان الحكم القاضى بالدين لا يصلح لأن يكون أساساً لنزع الملكية ، لإغفاله النص فى منطوقه على مقدار الدين ، إلا أنه يترتب عليه بالرغم من ذلك تغيير سبب الدين ، فتصبح المدة اللازمة لسقوطه الحق هى مدة خمس عشرة سنة ، ولو كان من الممكن قبل صدور الحكم التمسك بسقوط الدين بمضى خمس سنوات إذا كان موضوعة مثلا ريع حكر ( 17 فبراير سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 رقم 4 ص 5 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأن مدة التقادم خمس عشرة سنة بعد صدور حكم نهائى ، مهما كانت مدة التقادم للدين الأصلى ( 24 أبريل سنة 1928 المحاماة 9 رقم 39 ص 60 – 16 يونيه سنة 1931 المحاماة 12 رقم 259 ص 526 ) .
( [2053] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ويستبدل التقادم بانقضاء خمس عشرة سنة بالتقادم الخمسى كذلك إذا صدر حكم بالدين الدورى المتجدد حاز قوة الشىء المحكوم فيه . ذلك أن الدين يتحدد نهائياً بصدور هذا الحكم ، وتزول عنه صفة الحلول الدورى ، فيسقط بانقضاء المدة العادية . فإذا تضمن الحكم فوق ذلك التزامات لم تزل عنها صفتها الدورية ، أى التزامات تصبح مستحقة الأداء فى المستقبل –كالحكم بما سيتحقق فى المستقبل من الإيجار - ظلت هذه الالتزامات خاضعة للتقادم الخمسى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 338 ) .
( [2054] ) أنظر فى أن تحول مدة التقادم من مدة قصيرة إلى مدة طويلة يقوم فى القضاء الفرنسى على فكرة التجديد Novation ، وفى انتقاد ذلك : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1370 ص 782 – ص 783 .
وغنى عن البيان أن الدين إذا جدد ، فآياً كانت مدة تقادم الدين القديم ، تكون مدة تقادم الدين الجديد مستقلة عنها ، وتكون عادة خمس عشرة سنة تسرى من وقت التجديد ، أى من وقت نشوء الدين الجديد . وقد قضت محكمة النقض بأن الأصل فى انقطاع التقادم أنه لا يغير مقدار المدة التى حددها القانون لزوال الالتزام ، ما لم يرد نص على غير ذلك أو يصدر حكم بالدين أو يحصل تجديده . فإذا انقطع التقادم بإقرار المدين ، يكون الحكم فى تبديل المدة بسبب الإقرار منوطاً بما يستخلصه قاضى الموضوع من واقع الدعوى عن المقصود بإثبات الالتزام فى سند جديد ، هل هو من قبيل تجديد الدين أم لا . فإذا تبين له ما ينفى نية التجديد ، وأقام قضاءه على أسباب مستساغة ، فلا معقب عليه فيه . وكذلك إذا ما أدعى الدائن تجديد الدين بدخوله فى حساب جار بينه وبين مدينه ، فإن المعول فى هذا أيضاً يكون على ما يحصله على قاضى الموضوع من الوقائع المطروحة عليه من وجود الحساب الجارى أو عدمه ( نقض مدنى 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 358 ص 689 ) .
فإذا انقطع التقادم دون أن ينطوى انقطاعه على تجديد ، ودون أن يكون الانقطاع عن طريق الحكم النهائى أو عن طريق الإقرار بالديون التى تتقادم بسنة واحدة ، فإن الانقطاع ، ولو جاء عن طريق الإقرار ، لا يغاير ما بين مدة التقادم الجديد والتقادم السابق ( استئناف وطنى 11 ديسمبر سنة 1920 المحاماة 2 رقم 7 ص 13 ) .
( [2055] ) استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1947 م 59 ص 189 – وقارن بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1370 ص 782 هامش رقم 2 .
( [2056] ) وقد ورد تحول مدة التقادم من مدة قصيرة إلى مدة طويلة فى مكان آخر فى حالة خاصة من حالات إقرار المدين بالدين ، هى حالة تحرير سند بالدين . فقضت الفقرة الثانية من المادة 379 مدنى بأنه إذا حرر سند بحق من الحقوق المتقدمة الذكر –وهى حقوق التجار والصناع وأصحاب الفنادق والمطاعم والعمال والخدم والأجراء التى تتقادم بسنة واحدة - فلا يتقادم الحق إلا بانقضاء خمس عشرة سنة ، وقد مر بيان ذلك . وهذا النص يؤكد الحكم العام فى صورة خاصة من صورة ، فتتحول السنة إلى خمس عشرة سنة إذا أقر المدين بالحق بوجه عام ، وبخاصة إذا أقر به عن طريق تحرير سند .
والفقرة الثانية من المادة 379 مدنى تشمل أيضاً حقوق أصحاب المهن الحرة –الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين - فتحول مدة التقادم فى هذه الحقوق من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة إذا حرر المدين سنداً بها فلا يكفى هنا مجرد الإقرار ، بل يجب أن يكون الإقرار فى صورة سند مكتوب فإذا أقر المدين بالدين شفوياً ، أو كان الإقرار إقراراً ضمنياً ، فانقطع التقادم ، لم تتغير مدة التقادم الجديد ، بل تبقى كمدة التقادم السابق خمس سنوات . وكان الواجب أن تشير الفقرة الثانية من المادة 385 مدنى إلى هذه الحقوق التى تتحول مدة التقادم فيها من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة إذا حرر بها سند مكتوب ، كما أشارت إلى الحقوق الأخرى التى تتحول مدة التقادم فيها إلى خمس عشرة لصدور حكم بها أو صدور إقرار من المدين . والسبب فى عدم الإشارة غليها أنها كانت فى المشروع التمهيدى تتقادم بسنة واحدة ، فكانت تندمج فى الحقوق التى تتحول مدة التقادم فيها من سنة واحدة إلى خمس عشرة سنة لصدور إقرار بها من المدين ، فلم تكن فى حاجة إلى إشارة خاصة . ولما عدلت مدة التقادم فيها فارتفعت إلى خمس سنوات ، لم يلاحظ إدخال ما يقتضيه هذا التعديل من تعديل مقابل فى نص الفقرة الثانية من المادة 385 مدنى .
( [2057] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الأثر المترتب على رفع الدعوى من جهة قطع التقادم لا يتعدى من رفعها ومن رفعت عليه . وإذا أحال الدائن أجنبياً بدينه ، فرفع هذا الأجنبى الدعوى بالدين أمام المحكمة المختلطة ، فقضت بعدم اختصاصها على أساس أن التحويل صورى ، فاستأنف الحكم ، ثم تنازل عن الاستئناف وطلب شطب الدعوى ، فحكمت بالشطب ، ثم رفع الدائن الأصلى الدعوى بدينه أمام المحكمة الأهلية ، دفع المدين بسقوط الحق فى المطالبة بمضى المدة ، فإن رفع الدعوى أمام المحكمة المختلطة لا يمكن أن يتعدى أثره رافعها الأجنبى ، فيقطع التقادم بالنسبة إلى غيره ( نقض مدنى 6 أبريل سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 176 ص 535 ) .
( [2058] ) كذلك إذا تقادم الدين الذى لأحد الورثة ، لم يستتبع ذلك أن يتقادم الدين الذى للوارث الآخر . وقد نصت المادة 436 من التقنين المدنى العراقى على هذا الحكم صراحة إذ تقول : " إذا ترك بعض الورثة الدعوى بدين مورثهم ، من غير عذر ، المدة المقررة ، وكان لباقى الورثة عذر شرعى ، تسمع دعوى هؤلاء بقدر حصتهم من الدين " . ويخلص من ذلك أيضاً أن وقف سريان التقادم بالنسبة إلى حصص بعض الورثة لا يقفه بالنسبة إلى حصص الآخرين .
( [2059] ) ويترتب على ذلك أن التقادم قد لا يكتمل بالنسبة إلى الكفيل بسبب انقطاعه ، ويكتمل التقادم بالنسبة إلى المدين الأصلى إذ هو لم ينقطع بانقطاع التقادم ضد الكفيل . فعند ذلك يسقط دين المدين الأصلى بالتقادم ، ويسقط تبعاً له التزام الكفيل بالرغم من عدم تقادمه ، إذ هو التزام تبعى بسقوط الالتزام الأصلى ( بودرى وتيسييه فقرة 566 ) .
( [2060] ) وقد قضت محكمة النقض بأن مطالبة المدين واستصدار حكم عليه بالدين لا يغير مدة التقادم بالنسبة إلى الكفيل المتضامن إذا كان لم يطالب ولم يحكم عليه معه ( نقض مدنى 6 يونيه سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 67 ص 239 ) . أنظر عكس ذلك المادة 2250 من التقنين المدنى الفرنسى ، وينتقد الفقه الفرنسى ما ورد فى هذا النص ( بودرى وتيسييه فقرة 565 ) .
( [2061] ) أما إذا قطع للدائن التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين فى التزام غير قابل للانقسام ، فإن طبيعة عدم تجزئة المحل تقتضى حتما أن ينقطع التقادم بالنسبة إلى باقى المدينين ( أنظر آنفاً فقرة 218 ) .
( [2062] ) أنظر المادة 282 / 2 مدنى عن طريق الاستنتاج العكسى ، وأنظر آنفاً فقرة 144 – وأنظر عكس ذلك فى القانون الفرنسى بودرى وتيسييه فقرة 561 – كذلك إذا قطع التقادم أحد الدائنين فى التزام غير قابل للانقسام ، انتفع بذلك سائر الدائنين ، كما فى التضامن ، لأن طبيعة عدم التجزئة تقتضى ذلك ( أنظر آنفاً فقرة 226 ) .
وإدخال المدعى عليه ، لضامن فى الدعوى بقطع التقادم ، لا لمصلحة المدعى عليه فحسب ، بل أيضاً لمصلحة المدعى فى رجوعه بالضمان على الضامن ( لوران 32 فقرة 156 – جيللوار فقرة 274 – أوبرى ورو 2 فقرة 225 – بودرى وتيسييه فقرة 569 ) .
وقد قضى قانون 16 يوليه سنة 1934 فى فرنسا بأنه إذا أصدرت هيئة عامة أو خاصة سندات بقروض ، وقطع أحد حاملى هذه السندات تقادم الفوائد ، انقطع التقادم أيضا لمصلحة الباقى من حاملى السندات .
( [2063] ) والتابع يلحق الأصل فى قطع التقادم ، والجزء يلحق الكل . فإذا انقطع التقادم بالنسبة إلى الدين ، انقطع أيضاً بالنسبة إلى الفوائد . كذلك إذا انقطع التقادم بالنسبة إلى الفوائد ، انقطع أيضا بالنسبة إلى الدين . والمطالبة القضائية بجزء من دين حل بأكمله يقطع التقادم بالنسبة إلى الدين كله ، ويقطع التقادم أيضاً بالنسبة إلى فوائد هذا الدين ( بودرى وتيسييه فقرة 578 ) .
وقد قضت محكمة النقض بأنه لا تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعة التقادم إلا فى خصوص هذا الحق أو ما التحقق به من توابعه ، مما يجب لزوماً بوجوبه أو يسقط كذلك بسقوطه فإن تغاير الحقان أو تغير مصدرهما ، فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة إلى الحق الآخر ( نقض مدنى 24 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 22 ص 34 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأن انقطاع التقادم بالنسبة إلى الدين يسرى أيضاً بالنسبة إلى الفوائد وبالعكس ، لأن الفوائد فرع عن الدين ، والفرع يتبع الأصل حكماً ، فإذا سقط الحق فى المطالبة بالدين ، لا يسوغ منطقياً المطالبة بفوائده . كما أنه إذا ظل قائماً ، يستحق عليه الفوائد القانونية ، إلا إذا سقط الحق فى المطالبة بها استقلالا بعد مضى خمس سنوات ( 2 يناير سنة 1945 المجموعة الرسمية 47 رقم 121 ) . وقارب أيضاً استئناف مختلط أول أبريل سنة 1940م 52 ص 257 .
( [2064] ) استئناف مختلط 27 مايو سنة 1903 م 15 ص 311 .
( [2065] ) بودرى وتيسييه فقرة 573 ص 425 .
( [2066] ) نقض فرنسى أول مايو سنة 1850 داللوز 50 – 1 – 151 – لوران 32 فقرة 88 – أوبرى ورو 2 فقرة 215 – بودرى وتيسييه فقرة 574 .
( [2067] ) بودرى وتيسييه فقرة 574 .
( [2068] ) أنظر كذلك فى أن وحدة السبب مع تعدد الدعاوى تجعل للحكم بالرفض فى إحدى هذه الدعاوى حجية الأمر المقضى بالنسبة إلى باقى الدعاوى : الوسيط جزء 2 فقرة 378 .
( [2069] ) نقض فرنسى 29 يونيه سنة 1948 داللوز 1948 – 469 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1373 ص 388 – ص 789 وص 789 هامش رقم 1 .
( [2070] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 524 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن الفقرة الثانية فى المشروع التمهيدى كانت تنتهى بالعبارة الآتية " إلا إذا تبين من الظروف أن الشخص الذى يتمسك بالتقادم أراد بذلك أن يتنازل عنه " . وفى لجنة المراجعة عدلت هذه العبارة الأخيرة على الوجه الآتى : " إلا إذا تبين من الظروف أن الشخص الذى يتمسك بالتقادم أراد بعدم تمسكه به من قبل أن يتنازل عنه " ، وأصبحت المادة رقمها 400 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت العبارة الأخيرة المشار إليها ، لأن حكمها يستفاد من القواعد العامة ، وترك الأمر للقواعد العامة فى التنازل عن الحقوق وكيفية قيام الدليل عليه ، فأصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 387 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 342 – ص 343 ) .
( [2071] ) التقنين المدنى السابق م 204 / 268 : مضى المدة المقررة بالقانون يترتب عليه سقوط التعهد واعتباره براءة المتعهد منه إذا تمسك بذلك .
م 206 / 270 : إذا كان لمدين واحد عدة دائنين ، وانقضت المدة المقررة لتخلصه من دين أحدهم ، فلباقى الدائنين أن يتمسكوا بمضى تلك المدة ، ولو لم يتمسك بها المدين المذكور تدليساً منه وإضراراً بحقوقهم .
( والأحكام متفقة فى التقنينين السابق والجديد ) .
( [2072] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى م 384 ( مطابقة للمادة 387 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبيى م 374 ( مطابقة للمادة 387 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 442 :
1- لا يجوز للمحكمة أن تمتنع من تلقاء نفسها من سماع الدعوى لمرور الزمان ، بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب دائنيه أو أى شخص آخر له مصلحة فى هذا الدفع ولو لم يتمسك به المدين .
2- ويجوز التمسك بالدفع فى أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام المحكمة الاستئنافية ، إلا إذا تبين من الظروف أن المدعى قد تنازل عن الدفع .
( والأحكام متقة فى التقنينين العراقى والمصرى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 398 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 345 : لا يجرى حكم مرور الزمن حتما ، بل يجب أن يدلى به من تم فى مصلحته . ويمكنه الإدلاء به فى جميع أطوار المحاكمة ، حتى فى الاستئناف للمرة الأولى . ولا يجوز للقاضى أن يطبق من تلقاء نفسه أحكام مرور الزمن .
م 347 : يحق لكل مديون متضامن وللكفيل الإدلاء بمرور الزمن تجاه الدائن ، كما يحق لدائن آخر للمديون أن يدلى به على الطريقة غير المباشرة . ( والأحكام متفقة فى التقنينين اللبنانى والمصرى ) .
( [2073] ) استئناف مختلط 12 يونيه سنة 1923 م 35 ص 503 .
( [2074] ) ولبس التمسك بالتقادم شكل خاص ، فأية عبارة تدل بوضوح على أن المدين يتمسك بالتقادم تكفى . وإذا تمسك المدين بالتقادم أمام محكمة أول درجة فقضت له بذلك ، فبحبسه أمام محكمة الاستئناف أن يطلب تأييد الحكم المستأنف حتى يعتبر متمسكاً بالتقادم أمام هذه المحكمة ، أما إذا تمسك بالتقادم أمام محكمة أول درجة ولكنه كسب الدعوى دون نظر إلى التقادم ، فلا يكفى فى محكمة الاستئناف أن يطلب تأييد الحكم المستأنف ، بل لابد له من التمسك بالتقادم من جديد ( أنظر فى كل ذلك بودرى وتيسييه فقرة 42 – فقرة 43 وفقرة 45 ) .
ولا يكفى أن يتمسك المدين بالتقادم فى مرافعته الشفوية دون أن يضمن ذلك طلباته الختامية ، ولا يعتبر ما كان عاماً من طلباته الختامية – كالتقدم إلى المحكمة فى أن تأخذ بما ترى الأخذ به من الدفوع – تمسكاً بالتقادم ( بودرى وتيسييه فقرة 44 ) .
( [2075] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 342 .
( [2076] ) الوسيط جزء 2 فقرة 345 .
( [2077] ) ويجب أن يقع التمسك بالتقادم أمام القضاء ، فلا يكفى التمسك به أثناء محاولات الصلح . فالمدعى عليه الذى تمسك بالتقادم الخمصى خلال محاولات التوفيق ، ثم تغيب أمام محكمة أول درجة ، لا يستطيع أن يحتج بأن المحكمة كان واجباً عليها القضاء بالتقادم ( الأستاذ عبدالمنعم البدراوى فى أثر مضى المدة فى الالتزام فقرة 71 ) .
( [2078] ) وهناك تمييز قديم ، فى أسباب انقضاء الالتزام ، بين أسباب حتمية ( Ipso Jure ) وأسباب تتوقف على الدفع بها ( Ope Exceptionis ) . فالتقادم والمقاصة سببان لانقضاء الالتزام ، لا ينتجان أثرهما إلا عن طريق الدفع بهما . أنظر الأستاذ عبدالمنعم البدراوى فى أثر مضى المدة فى الالتزام فقرة 58 .
( [2079] ) بودرى وتيسييه فقرة 41 ص 42 – بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1380 .
( [2080] ) بودرى وتيسييه فقرة 41 ص 42 – بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1380 .
( [2081] ) بودرى وتيسييه فقرة 41 ص 42 .
( [2082] ) بودرى وتيسييه فقرة 41 ص 43 – بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1380 .
( [2083] ) أنظر فى هذا المعنى فى فرنسا المادة 7 من قانون 25 فبراير سنة 1901 - بودرى وتيسييه فقرة 41 ص 43 – بلا نيول وريبير وردوان 7 فقرة 1380 .
( [2084] ) الأستاذ عبدالمنعم البدراوى فى أثر مضى المدة فى الالتزام فقرة 68 .
( [2085] ) وسنرى فيما يلى أن هذا التشريع منتقد ( أنظر فقرة 671 فيما يلى ) .
( [2086] ) أنظر فى هذا المعنى ديرانتون 21 فقرة 135 – كولميه دى سانتير 8 فقرة 330 مكررة – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2098 .
( [2087] ) من هؤلاء الفقهاء هيك 14 فقرة 330 – وجيللوار 1 فقرة 302 – وبدرى وتيسييه فقرة 46 – وقارن بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1381 .
( [2088] ) أنظر فى هذه المسألة الأستاذ عبدالمنعم البدراوى فى أثر مضى المدة فى الالتزام فقرة 65 – فقرة 66 .
( [2089] ) وقد رأينا فى أن الفقرة الثانية من المادة 172 مدنى تنص على ما يأتى : " على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة ، وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط إلا بعد انقضاء المواعيد المذكورة فى الفقرة السابقة ، فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية " .
( [2090] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1383 ص 800 – ص 801 .
( [2091] ) أنظر الأستاذ عبدالمنعم البدراوى فى أثر مضى المدة فى الالتزام فقرة 74 ص 92 .
( [2092] ) أما إذا رفعت الدعوى المدنية إلى على المحاكم المدنية ، فانفصلت بذلك عن الدعوى الجنائية ، فى الفقهاء فى فرنسا من يقول بوجوب الرجوع إلى القاعدة الأصلية ، فلا يجوز للقاضى أن يحكم من تلقاء نفسه بتقادم الدعوى المدنية ، بل لابد من أن يتمسك المدين بالتقادم ( أوبرى ورو 12 فقرة 775 وهامش رقم 11 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1383 ) . ومنهم من يذهب إلى عكس ذلك ، فيجيز للقاضى أن يحكم بتقادم الدعوى المدنية من تلقاء نفسه ، دون حاجة إلى أن يتمسك المدين بالتقادم ( جيللوار 1 فقرة 305 وفقرة 313 – بورى وتيسييه 3 فقرة 632 ) . ونميل إلى الأخذ بالرأى الأول ، فهو الذى يتفق مع النص الصريح من وجوب التمسك ، ولا شبهة فى وجوب إعمال هذا النص أمام القضاء المدنى . أما ما يخشاه المشرع من محظور ، عند قيام الدعويين الجنائية والمدنية عن عمل واحد ، من أن تسقط الدعوى المدنية مع قيام الدعوى الجنائية ( أنظر الفقرة الثانية من المادة 172 مدنى ) ، فإن هذا الاحتمال لا يمكن أن يتحقق ، ذلك أن المدين فى الدعوى المدنية إما أن يتمسك بالتقادم أمام القضاء المدنى ، فيحكم القاضى بسقوط الدعوى المدنية فتسقط هى والدعوى الجنائية معاً ، لأن القضاء الجنائى يحكم بسقوط الدعوى الجنائية من تلقاء نفسه . وإما أن يتمسك أمام القضاء المدنى بالتقادم ، فتبقى الدعوى المدنية مع سقوط الدعوى الجنائية ، وهذا غير محظور ، والمحظور هو بقاء الدعوى الجنائية مع سقوط الدعوى المدنية .
( [2093] ) بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1382 : ولا يسلمون حتى بأن التمسك بتقادم الدين بعد تمسكاً بتقادم الفوائد . وقارن بودرى وتيسييه فقرة 43 ص 44 – ص 45 : ويذهب إلى أن المدين إذا تمسك بتقادم قصير كالتقادم الحولى ، فنفى بذلك ملزوميته بدفع دين مضى استحقاقه سنة واحدة ، فهو لاشك ينفى –ومن باب أولى - ملزوميته بدفع الدين إذا كان مضى على استحقاقه مدة أطول . فالتمسك بتقادم قصير يتضمن التمسك بتقادم أطول . ويذهب الأستاذ عبدالمنعم البدراوى ، بنفس هذا المنطق ، إلى أن التمسك بالتقادم العادى لا يتضمن التمسك بالتقادم القصير ، ولكن التمسك بالتقادم القصير يتضمن التمسك بالتقادم العادى ( أثر مضى المدة فى الالتزام فقرة 73 ) .
( [2094] ) ويتمسك المدين بالتقادم لا فى مواجهة الدائن فحسب ، بل أيضاً فى مواجهة أى شخص آخر تكون للمدين مصلحة فى مواجهته بالتقادم . فيجوز له أن يتمسك بالتقادم فى مواجهة شخص وفى عنه الدين دون علمه قبل اكتمال المدة بوقت قصير ، يريد الرجوع عليه بعد اكتمالها ( بودرى وتيسييه فقرة 105 ) .
( [2095] ) انظر آنفاً فقرة 639 في الهامش .
( [2096] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 342 الأستاذ عبد المنعم البدراوى في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 99 .
( [2097] ) وقد يعترض أيضاً بأن التمسك بالتقادم رخصة وليست حقاً ، والرخص لا يستعملها الدائن باسم المدين . ولكن النص هنا صريح جواز أن يستعمل رخصة مدينة في التمسك بالتقادم ( انظر ما قدمناه في هذه المسألة في الدعوى غير المباشرة : الوسيط جزء 2 فقرة 542 ) .
( [2098] ) استئناف مختلط 29 ديسمبر سنة 1923م 36 ص 109 .
( [2099] ) استئناف مختلط 29يناير سنة 1924م ص 179 - ولكن يلاحظ أن التقادم المبني على قرينة الوفاء لا يجوز التمسك به بعد التمسك بدفع يتضمن معنى عدم الوفاء بالدين ، كدفع بالمقاصة أو بالتجديد أو بالإبراء أو نحو ذلك ، فإن هذا التعارض الواضح يمنع من قبول الدفع بالتقادم ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 77 ) .
( [2100] ) وقد كان المشروع التمهيدي ، ومن بعده المشروع النهائي ، يتضمن نصاً في هذا المعنى وكان يجري على النحو الآتي : " إلا إذا تبين من الظروف أن الشخص الذي يتمسك بالتقادم أراد بعد تمسكه من قبل أن يتنازل عنه " . وقد حذفت هذه العبارة في لجنة مجلس الشيوخ " لأن حكمها يستفاد من القواعد العامة ، وترك الأمر للقواعد العامة للتنازل عن الحقوق وكيفية قيام الدليل عليه " ( أنظر الأعمال التحضيرية 3ص 343 ، وانظر تاريخ نص المادة 387 مدني آنفاً فقرة 642في الهامش ) .
( [2101] ) بودرى وتيسييه فقرة 48 - فقرة 49 – المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 342 - كذلك لا يجوز التمسك بالتقادم بعد أن صدر حكم موضوعي يلزم المدين بالدين ، ولم يبق أما المحكمة إلى الفصل في مقدار هذا الدين ( بودرى وتيسييه فقرة 49 ) .
( [2102] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 342 – بودري وتيسييه فقرة 50 - فقرة 52 – استئناف مختلط 15 يناير سنة 1914م 26ص 154 - 15 ديسمبر سنة 1921م 34ص 56 – 6 نوفمبر سنة 1923م 36 ص 12 – 29 يناير سنة 1924م 36 ص 178 - 6 مارس سنة 1924 م 36 ص 253 – أول فبراير سنة 1828 م 40 ص 170 - 18 فبراير سنة 1936 م 48 ص 141 - 13 يناير سنة 1948 م 60 ص 44 .
( [2103] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 342 - بودري وتيسييه فقرة 52 – الأستاذ عبد المنعم البدراوى في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 82 - نقض مدني 15يونية 1944مجموعة عمر 4 رقم 152ص 422 .
( [2104] ) بودرى وتيسييه فقرة 52 – الأستاذ عبد المنعم البدراوى في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 82 .
( [2105] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 525 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 401 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 388 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 344 – ص 346 ) .
( [2106] ) التقنين المدني السابق م 80 / 108 : لا يجوز ترك الحق في التملك بمضي المدة الطويلة قبل حصوله ، وإنما يجوز ذلك بعد حصوله لكل شخص متصف بأهلية التصرف في حقوقه ( وهذا النص الوارد في التقادم المكسب كان يطبق أيضاً في التقادم المسقط ) . م206 / 270 : إذا كان لمدين وأحد عدة دائنين ، وانقضت المدة المقررة لتخلصه من دين أحدهم ، فلباقي الدائنين أن يتمسكوا بمضي تلك المدة ولو لم يتمسك بها المدين المذكور تدليساً منه وإضراراً بحقوقهم ( وهذا النص الوارد في الدعوى غير المباشرة كان يطبق أيضاً في الدعوى البولصية ) .
( وأحكام التقنين المدني السابق تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .
( [2107] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 385 ( مطابقة للمادة 388 من التقنين المدني المصري )
التقنين المدني الليبي م 375 ( مطابقة للمادة 388 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدين العراقي م 443 : 1 - لا يجوز التنازل بعد سماع الدعوى لمرور الزمان قبل ثبوت الحق في هذا الدفع ، كما لا يجوز الاتفاق على عدم جواز سماع الدعوى بعد مدة تختلف عن المدة التي حددها القانون .
2 - وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن يتنازل ، ولو دلالة ، عن الدفع بعد ثبوت الحق فيه ، على أن هذا التنازل لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضراراً بهم .
( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري : انظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 39 ، ويذهب إلى جواز الاتفاق على تقصير مدة التقادم على خلاف النص الصريح ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 346 : لا يجوز للدائن ( صحته المدين ) أن يعدل مقدماً حكم مرور الزمن ولا أن يطيل أو يقصر مدته ، وإنما يجوز له أن يعدل عنه بعد الحصول عليه ويكون عدوله صريحاً أو ضمنياً . وإذا كان لعدوله صفة الاحتيارل ، جاز لدائنه أن يحصلوا على إبطال ذاك العدول بإقامة الدعوى البوليانية .
( أحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .
( [2108] ) هذا إلى أنه يصعب على المدين ، وقت التعاقد على الدين ، أن يرفض شرط الدائن من أن الدين لا يتقادم . فهو لا يستطيع أن يقول للدائن إنه يأبى إلا أن الدين يسقط بالتقادم ، ولو لم يوف به . وإذا كان القانون قد أظل المدين بحمايته ، فهو لم يفعل ذلك لمصلحة المدين ولا للأضرار بالدائن ، ولكن تثبيتا للأوضاع المستقرة . فلا يملك الطرفان أن يهدرا هذه الاعتبارات ، ولو باتفاق يتم بينهما على ذلك .
( [2109] ) انظر آنفاً فقرة 612 .
( [2110] ) ومع ذلك قد يجيز القانون في بعض الحالات الاستثنائية الاتفاق على إطالة مدة التقادم أو على تقصيرها . من ذلك ما نصت عليه الفقرة الأولي من المادة 452 مدني من أنه " تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المشتري العيب إلا بعد ذلك ، ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول " . ومن ذلك ما راعاه المشرع من حماية المؤمن له والمستفيد في عقد التأمين ، فأجاز في المادة 753مدني الاتفاق على ما يخالف النصوص السابقة على هذا النص إذا كان ذلك لمصلحة المؤمن له أو لمصلحة المستفيد . ومن هذه النصوص التي تجوز مخالفتها بالاتفاق نص المادة 752 / 1 ويقضى بأن " تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى " . ومن ثم يجوز الاتفاق على إطالة هذه المدة أو على تقصيرها ، أن كان ذلك في مصلحة المؤمن له أو في مصلحة المستفيد . انظر الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 308 .
( [2111] ) انظر آنفاً فقرة 612 .
( [2112] ) انظر آنفاً فقرة 618 .
( [2113] ) ويجيز القضاء الفرنسي أن يتفق الطرفان على وقف سريان التقادم لمدة معينة لأسباب تستوجب لذلك ، كما إذا اتفقا على وقف التقادم خلال مدة تحقيق جنائي أو تحقيق إداري أو خلالا المدة التي تدور فيها مفاوضات للصلح . ومن ثم تطول مدة التقادم بقدر ما وقف من سريانه ويقول الأستاذان بودري وتيسييه أنه ليس في هذا الاتفاق ما ينشئ أسباباً جديدة لوقف التقادم وإنما هو تطبيق لحرية التعاقد فيما لا يصطدم مع النظام العام . وليس في النظام العام ما يمنع من الاتفاق على تأخير رفع الدعوى أو على وقف سريان التقادم لتحقيق مصلحة أو لقيام ضرورة فقد أجاز القانون إضافة أجل للدين فمكن الطرفين بذلك من وقف التقادم إلى حلول هذا الأجل ( بودري وتيسييه فقرة 63 – فقرة 66 ) .
( [2114] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 345 .
( [2115] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن المنازعة في وجود الدين لا تمنع من التمسك بالتقادم ، فهو دفع يجوز التمسك به احتياطياً كما يجوز التمسك به أصلاً ولا يفهم من المنازعة في وجود الدين أنها تتضمن تزولاً عن التمسك بالتقادم ( 25 ديسمبر سنة 1944المجموعة الرسمية 47 رقم 35 ) .
( [2116] ) أوبرى ورو 12 فقرة 776 ص – ص 6574 - بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1389 - وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن رضاء المدين بالحجز على ماله وبيعه يعتبر نزولاًَ ضمنياً عن التمسك بالتقادم ( 16 ديسمبر سنة 1941 م54 ص 25 ) . وقضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن الاتفاق الحاصل أمام المحكمة بين المدعى والمدعي عليه على أن الأخير يقدم حساباً عن المبالغ المطلوب ، والإقرار بعد ذلك منه أنه قد الحساب فعلاًُ ، يقطع المدة الطويلة إذا حصل أثناء سريانها ، ويمنع حكمها إذا تم بعد انتهائها ( 8يونيه سنة 1899 المجموعة الرسمية 1 ص 99 ) . والنزول عن التقادم يجب أن يكون واضحاً لا غموض فيه ( استئناف مختلط 29يناير 1924م 36 ص 179 ) . فسكوت المدين عن التمسك بالتقادم بالنسبة إلى الفوائد في محكمة أول درجة لا يعتبر نزولاً ضمنياً عن التقادم ، إذا كان قد أنكر اصل الدين ذاته ( استئناف مختلط 30مارس سنة 1927م 39ص 352 ) .
وإذا كان للمدين دائنون متعددون بدين وأحد قابل للانقسام وكان الدائنون غير متضامنين ، للنزول المدين عن التقادم بالنسبة إلى أحدهم لا يعتد به بالنسبة إلى الباقين ( استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1925 م 37ص 334 ) .
( [2117] ) وبالرغم من أن النص صريح في أن اِلأهلية الواجبة هي أهلية التصرف لا أهلية التبرع ، فقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ما ياتي : " ويعتبر التنازل بمنزلة التبرع ، وإن لم تنطو فيه حقيقة الافتقار . ويتفرع على ذلك وجوب توافر أهلية التبرع فيمن يصدر منه التنازل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 345 ) .وإذا تعارض النص الصريح مع المذكرة الإيضاحية ، وجب الأخذ بالنص الصريح .
( [2118] ) استئناف مختلط 12يونية سنة 1923م 35ص 503 .
( [2119] ) انظر آنفاً فقرة 650 . وانظر الوسيط جزء 2 فقرة 542 .
( [2120] ) أنظر الوسيط جزء 2 فقرة 579 .
( [2121] ) ولما كان نزول المدين عن التمسك بالتقادم اعتبر في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي تبرعا ، على خلاف النص الصريح كما قدمنا ، فقد اقتضى ذلك من المذكرة الإيضاحية ألا تشترط ، لجواز الطعن بالدعوى البولصية في هذا النزول ، لا غش الدائن ولا المدين ، فقالت في هذا الصدد : " ويعتبر التنازل بمنزلة التبرع وإن لم تنطو فيه حقيقة الافتقار . ويتفرع على ذلك … جواز طعن الدائنين على هذا التنازل بطريق الدعوى البولصية ، دون أن يكون ثمة حلة لإقامة الدليل على غش الدائن الذي وقع التنازل لمصلحته فضلاً عن غش المدين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 345 ) .
انظر في المعني الذي تقول به الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 216ص 392 – وانظر : استئناف مختلط 16 ديسمبر 1941م 54ص 25 – وقارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 181 ، واستئناف مختلط 18 مايو سنة 1948 م 60ص 108 .
( [2122] ) ذلك أن التقنين المدين الفرنسي لم يشتمل إلا على النص وأحد في هذا الموضوع ، هو نص المادة 222 . وهذا النص يقضى بجواز أن يتمسك الدائنون بالتقادم ، حتى لو نزل المدين عن التمسك به . وقد تشعبت المذاهب الفقهية في تفسير هذا النص ، ويعد بودري وتيسييه من هذه المذاهب أربعة :
1 - فمن الفقهاء من ذهب إلى قصر هذا النص على الدعوى غير المباشرة دون الدعوى البولصية ، فيجوز للدائنين التمسك بالتقادم إذا لم يتمسك به المدين ، وهذا هو معنى نزول المدين عن التمسك بالتقادم الوارد في النص كما يفسرونه . ولكن إذا نزل المدين عن التقادم فهذه مسألة ترجع إلى ضميره ، وهو بع د أن أتخذ هذا الموقف الإيجابي ونزول عن التقادم لا يجعل للدائنين سبيلاً إلى الطعن في هذا النزول ، لا سيما أنه لا يجوز الطعن بالدعوى البولصية في تصرف لا يعد افتقاراً بل هو امتناع عن الإثراء .
2 - ومن الفقهاء من ذهب إلى أن النص يشمل الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية معاً ، ولكن يشترطون لجواز الطعن بالدعوى البولصية إثبات غش المدين في نزوله عن التمسك بالتقادم ( ترولونج فقرة 101وما بعدها – ماركاديه م2225 فقرة 2 - جيللوار فقرة 342 ) .
3 - ومن الفقهاء من ذهب إلى جواز الطعن بالدعوى البولصية حتى لو لم يثبت عش في جانب المدين ، ويكفي أن يكون نزوله عن التقادم قد سبب إعساوه أو زاد في هذا الإعسار ، ويقول بودري وتيسييه أن هذا الرأي هو الذي رجح في الفقه وفي القضاء ( ديرانتون 21فقرة 150 - ديمولومب 19فقرة 219 – فقرة 223 - أوبرى ورو 4 فقرة 313 هامش رقم 18 - كولميه دي سانتير 8 فقرة 332 مكررة خامساً ) .
4 - ومن الفقهاء أخيراً من ذهب إلى جواز الطعن بالدعوى البولصية ، حتى لو لم يثبت غش في جانب المدين ، وحتى لو لم يثبت أن نزوله عن التقادم قد سبب إعساره أو زاد في هذا الإعسار ( لوارن 32 فقرة 209 – فقرة210 وفقرة 220 - هيك 14 فقرة 333 - فقرة 334 ) .
ويقول بودري وتيسييه أنه يصعب الدفاع عن هذا الرأي فهو يتعارض مع أحكام الدعوى البولصية ومع أحكام التقادم . انظر في هذه الآراء المختلفة بودري وتيسييه فقرة 113 - فقرة 119 .
وقد قدمنا أن التقنين المدني المصري وضع نصاً للدعوى غير المباشرة ( م387 / 1 ) ونصاً آخر للدعوى البولصية ( م 388 / 2 ) ، ففصل بين الدعويين ، حيث جمعهما التقنين المدني الفرنسي في نص وأحد فأورث الحكم كل هذا الغموض .
( [2123] ) وإذا نزل المدين عن التمسك بالتقادم في الدعوى المرفوعة عليه من الدائن فقضى عليه بالدين ، وفات دائنيه أن يتدخلوا في الدعوى ليطعنوا في نزول المدين بالدعوى البولصية ، فإن لهم أن يطعنوا في الحكم بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة ، بشرط أن يثبتوا غش مدينهم وتواطؤه مع الدائن الذي نزل له عن التمسك بالتقادم ( انظر المادة 450 من تقنين المرافعات – بودري وتيسييه فقرة 120 ) .
( [2124] ) وإذا كان الحق يتقادم بسنة واحدة ويقوم التقادم فيه على قرينة الوفاء وتوجه فيه اليمن إلى المتمسك بالتقادم ، وجب التمييز بني حالتين : ( 1 ) حالة ما إذا اقتصر المدين على عدم التمسك بالتقادم ، فتمسك به الدائنون نيابة عن مدينهم عن طريق الدعوى غير المباشرة ، ففي هذه الحالة يوجه القاضي اليمين إلى المدين لا إلى الدائنين ( أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ PRESCRIPTION civile فقرة 484 - وقارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 182 ) . ( ب ) وحالة ما إذا لم يقتصر المدين على عدم التمسك بالتقادم ، بل نزل عنه نزولاًَ إيجابياً ، ففي هذه الحالة لا يجوز للدائنين الطعن في هذا النزول بالدعوى البولصية ، لأن التقادم هنا مبني على قرينة الوفاء ، وقد انتفت هذه القرينة بنزول المدين عن التقادم ( الأستاذ عبد المنعم البدراوى في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 182 ) .
( [2125] ) انظر آنفاً فقرة 633 .
( [2126] ) انظر آنفاً فقرة 661 .
( [2127] ) انظر آنفاً 633 . انظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1389 مكررة .
( [2128] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 523 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 369 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 386 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 340 - ص 341 ) .
( [2129] ) التقنين المدني السابق م 204 / 268 : مضى المدة المقررة بالقانون يترتب عليه سقوط التعهد واعتبار براءة المتعهد منه إذا تمسك بذلك . ( وتتفق أحكام التقنين المدني السابق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .
( [2130] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م383 ( مطابقة للمادة 386 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 373 ( مطابقة للمادة 386 من التقنين المدني المصري )
التقنين المدني العراقي م 440 : لا يسقط الحق بمرور الزمان ، فإذا أقر المدعى عليه بالحق أمام المحكمة أخذ بإقراره ، ما لم يوجد نص يقضى يغير ذلك .
م441 : إذا لم تسمع الدعوى بالحق لمرور الزمان ، فلا تسمع الدعوى بالفوائد وغيرها من الملحقات ، حتى لو لم تكمل المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بهذه الملحقات . ( ويختلف التقنين العراقي في التقنين المصري في أن المدين ، في التقنين العراقي ، إذا أقر بالحق أمام المحكمة بعد تكامل مدة التقادم - سواء تمسك بالتقادم أو لم يتمسك به - أخذ بإقراره وذلك في غير الحقوق التي يقوم التقادم فيها على غير قرينة الوفاء كالحقوق الدورية المتجددة ، فهذه لا يجوز سماع الدعوى فيها حتى لو اقر المدين : انظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في التقنين المدني العراقي فقرة 399 . أما في مصر ، إذا أقر المدين بالحق بعد اكتمال مدة التقادم ، فإن كان ذلك قبل التمسك بالتقادم ، جاز اعتبار الإقرار نزولا عن التمسك به . وإن كان بعد التمسك بالتقادم ، في غير تقادم السنة ، فالتقادم يسقط الحق رغم هذا الإقرار ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني / 360 : إن حكم مرور الزمن بعد بمثابة برهان على إبرام ذمة المديون ، وقرينة الإبراء الناشئة عنه لا ترد ولا تقبل برهاناً على العكس .
م361 : إن حكم مرور الزمن لا يقتصر على إسقاط حق الدائن في إقامة الدعوى ، بل يسقط أيضاً الموجب نفسه ، فلا يمكن بعد ذلك الاستفادة منه بوجه من الوجوه ، لا بإقامة دعوى ولا بتقديم دفع . على أن المديون الذي أبرأه مرور الزمن من الوجهة المدنية يظل مقيداً بموجب طبيعي يمكن اتخاذه سبباً للإيفاء .
( وأحكام التقنين اللبناني تنفق مع أحكام التقنين المصري . وقد جعل التقنين اللبناني التقادم قرينة على براءة ذمة المدين ، وكان الأول ترك الأساس الذي يقوم عليها التقادم للفقه ، فيتطور في مرونة لا يعوقها نص التشريع ونص التقنين اللبناني صراحة على عدم صلاحية الحق المتقادم لأن يكون دفعاً ، فخرج بذلك على قاعدة أبدية الدفوع . ولم يعرض التقنين المصري لهذه المسألة بل تركها للفقه ، والرأي الغالب في الفقه هو الأخذ بقاعدة أبدية الدفوع ) .
( [2131] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " ولا ينقضي الالتزام قبل التمسك بالتقادم بمجرد انقضاء المدة المسقطة ، بل يظل التزاماً مدنياً إلى أن يدفع بتقادمه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص341 ) .
( [2132] ) وهذا هو ما قضت به محكمة النقض الفرنسية وما نص عليه صراحة التقنين المدني الألماني فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن المدين لا يسترد ما وفاه وهو جاهل باكتمال التقادم ، ما دام الوفاء كان تلقائياً كان باختياره دون ضغط من الدائن أو تهديد منه باتخاذ إجراءات قضائية نقض فرنسي 17 يناير سنة 1938داللوز 1940 - 1 – 57 – 4 ديسمبر سنة 1944 داللوز 1945 – 135 – 21 فبراير سنة 1949 داللوز 1949 – 208 – وانظر بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1393 ) . وقضت محكمة الموسكي بأن المدين إذا طولب بدين ظن أنه ملزم به مدنياً فدفعه ، في حين أن هذا الدين كان قد سقط الحق فيه بمضي المدة ، لم تقبل منه دعوى استرداد هذا المبلغ لأنه دفعه بإرادته ( 18مارس سنة 1906 المجموعة الرسمية 7 رقم 68 ص 142 ) .وتنص المادة 222 من التقنين المدني الألماني على أنه " إذا اكتملت مدة التقادم ، كان للملتزم الحق في رفض الوفاء بالدين . ولكن ما دفعه وفاء لمطالبة تقادمت لا يجوز له استرداده ، حتى لو كان الوفاء قد تم وهو جاهل بالتقادم . ويسري هذا الحكم أيضاً في حالة ما إذا صدر من الملتزم إقرار تعاقدي بالدين ، أو تقدم بضمان لكفالته " . انظر التعليقات على التقنين المدني الألماني 1م 222 فقرة 1 - فقرة 2 .
( [2133] ) قارن المادة 222 من التقنين المدني الألماني والتعليقات على التقنين المدني الألماني 1 م 222 فقرة 2 .
( [2134] ) والمفروض هنا أن الدينين وقت أن تلاقيا كان أحدهما قد اكتملت مدة تقادمه دون أن يتمسك المدين بالتقادم ، ولذلك وجب أن يكون تمسك الدائن بالمقاصة سابقاً على تمسك المدين بالتقادم . أما إذا كان الدين لم يكتمل مدة تقادمه وقت أن تلاقى بالدين المقابل ، فإنه يسقط بالمقاصة حتى لو كان التمسك بها لاحقاً لتمسك المدين بالتقادم . وقد رأينا أن المادة 366مدني تنص على هذا الحكم صراحة إذ تقول : " إذا كان الدين قد مضت عليه مدة التقادم وقت التمسك بالمقاصة ، فلا يمنع ذلك من وقوع المقاصة به رغم التمسك بالتقادم ، ما دامت هذه المدة لم تكن قد تمت في الوقت الذي أصبحت فيه المقاصة ممكنة " . انظر آنفاً فقرة 551 .
( [2135] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3ص 340 – ص 341 .
( [2136] ) استئناف وطني 2 أبريل سنة 1896 القضاء 3 ص 342 .
( [2137] ) ويبقى التابع ما بقى الأصل ، فإذا كان الدين الأصل باقياً ، بقيت ضماناته ولو اكتملت بالنسبة إليها مدة التقادم ، ما دام الدين الأصلي – بسبب انقطاع التقادم مثلاً - لم يتقادم ( بودري وتيسييه فقرة 612 مكررة ) .
وتقضى المادة 223 من التقنين المدني الألماني بأن تقادم الدين لا ينهي رهن الحيازة ولا الرهن الرسمي ، بل يبقى الرهنان منتجين لأثرهما بالرغم من تقادم الدين ( سالي 223 ص 329 ) . وهذا الحكم يمكن التسليم به في القوانين اللاتينية ، في رهن الحيازة دون الرهن الرسمي ، فإن رهن الحيازة ، كما قدمنا ، يمنع الدين ، فيبقى قائماً ما دام الشيء المرهون في الحيازة الدائن . أما في القانون الألماني فيمكن تعليل بقاء كل من رهن الحيازة والرهن الرسمي بالرغم من تقادم الدين بأن التقادم ، في الفقه الجرماني ، إذا أسقط عنصر المسئولية في الالتزام ، فإنه يبقى عنصر المديونية ، والى هذا العنصر يستند رهن الحيازة والرهن الرسمي ( انظر ما يلي فقرة 672 في الهامش ) .
( [2138] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 341 .
( [2139] ) يقول بودري وتيسييه أن استناد التقادم بأثر رجعي إلى وقت مبدأ سريانه تقضى به طبيعة نظام التقادم والهدف الذي يرمي هذا النظام إلى تحقيقه . فالأوضاع المستقرة التي يقصد بنظام التقادم إلى احترامها وحمايتها قد استقرت منذ مبدأ سريان التقادم ، فإلي هذا الوقت يجب الرجوع في تحديد أثر التقادم ( بودي وتيسييه فقرة 103مكررة ) .
( [2140] ) وقد كان هذا الحكم معمولاً به دون نص في عهد التقنين المدني السابق ( الموجز للمؤلف فقرة 613 – الأستاذ احمد حشمت أبو ستيت فقرة 855 ) .
( [2141] ) ويذهب بلانيول وريبير وردوان إلى أن عدم استطاعة المدين أن يسترد ما دفع قبل تقادم الدين من أقساط وفوائد دليل على أن التقادم ليس له أثر رجعي ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1393 ص809 . وانظر أيضاً كولان وكابيتان 2 فقرة 615 ) .ولكن لا يمكن أن نفسر بدون الأثر الرجعي سقوط الفوائد التي لم تمض عليها مدة التقادم بسقوط الدين الأصلي .
أما عدم استطاعة المدين أن يسترد ما دفع قبل تقادم الدين من أقساط وفوائد فيمكن تفسيره ، كما سنرى ، بأن الدين المتقادم إذا كان لا يمكن التمسك بوجوده عن طريق الدعوى ، فإن هذه لا يمنع من جواز التمسك بوجوده عن طريق الدفع .
( [2142] ) تولييه 7 فقرة 600 وما بعدها – ترولونج فقرة 827 وما بعدها - ديمولومب 92 فقرة 136 - جيللوار 1 فقرة 53 – 54 – لامومبيير م 1304 فقرة 34 وما بعدها – أوبري ورو 12 فقرة 771 ص 529 – ص 531 – وقارن : كولميه دي سانتير 5 م 1304 فقرة 265 مكررة سادساً وسابعاً - لوران 19 فقرة 57 وما بعدها و32 فقرة 372 – بودري وتيسييه فقرة 612 .
( [2143] ) انظر الوسيط جزء أول فقرة 320 - وإذا كان الدفع ببطلان العقد لا يتقادم ، فإن الدفع بإبطال العقد يتقادم ، كدعوى الإبطال نفسها ، بثلاث سنوات ( الوسيط جزء أول فقرة 321 ) . وقد جاء في الجزء الأول من الوسيط في تبرير هذه التفرقة ما يأتي : " ويلاحظ أن الدفع بالإبطال في العقد القابل للإبطال يختلف عن الدفع بالبطلان في العقد الباطل في أن الدفع في الحالة الأولي هو في حقيقته دعوى وكذلك هو في صورته ، إذ سيتخذ من ناحية الإجراءات صورة دعوى فرعية يقيمها المدعي عليه ويطلب فيها إبطال العقد . أما الدفع في الحالة الثانية فهو دفع محض ، من ناحية الموضوع ومن ناحية الإجراءات . ومن ثم فالدفع بالإبطال يتقادم ، لأنه دعوى والدعاوى يرد عليها التقادم ، أما الدفع بالبطلان فلا يتقادم ، لأنه دفع والدفوع لا تتقادم " ( الوسيط جزء أول فقرة 321 ص523 هامش رقم 1 ) .وقاعدة أبدية الدفع أو عدم تقادمه لا تنطبق في الأحوال الآتية :1 - في الدعاوى العارضة ودعاوى المدعي عليه ، كما رأينا . فهذه ليست بدفوع وإنما هي دعاوى ، والدعاوى تتقادم ( بودري وتيسييه فقرة 611 ) . 2 - فيما إذا كان الدفع رداً على دفع سبقه ، فدفع الدفع إنما هو دعوى لا دفع . ذلك أن من يدفع الدفع لا يزال في موقفه مهاجماً لصاحب الدفع الذي التزم موقف الدفاع ، فدفع الدفع ملحق بالدعوى وبهذا الاعتبار يتقادم مهاجماً لصاحب الدفع الذي التزم موقف الدفاع ، فدفع الدفع ملحق بالدعوى وبهذا الاعتبار يتقادم ( بودري وتيسييه فقرة 610ص 459 ) . 3 - في المواعيد المسقطة ( delais de decheance ) فهذه متى انقضت ، سقط الحق لعدم استعماله في الميعاد ، فلا يصلح لا طلباً ولا دفعاً ( انظر آنفاً فقرة 594 ) .
( [2144] ) قارن بودري وتيسييه فقرة 609ص 456 - الأستاذ عبد المنعم البدراوى في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 276 ص 258 .
( [2145] ) انظر آنفاً فقرة 668 .
( [2146] ) انظر آنفاً فقرة 194 .
( [2147] ) انظر آنفاً فقرة 142 .
( [2148] ) انظر آنفاًَ فقرة 217 .
( [2149] ) انظر آنفاً فقرة 225 - وانظر أيضاً كيف يفيد الحائز للعقار المرهون من تقادم الدين المضمون بالرهن آنفاً فقرة 649 .
( [2150] ) انظر آنفاً فقرة 645 .
( [2151] ) ويقول الفقه الفرنسي أن هذا التشريع الغريب يستند إلى أن المبالغ التي نقل ملكيتها إلى خزانة الدولة قد أصبحت يتقادمها مالا مباحاً لا مالك له ( biens vacants et sans maitre ) .وهذا غير صحيح ، لا من ناحية قواعد المال ولا ممن ناحية قواعد التقادم ، للأسباب الآتية :1 - أن المال المباح إذا كان منقولا لا يكون ملك الدولة ، بل يكون لم يستولي عيه 2 - على أن هذه المبالغ ليست مالا مباحاً أصلا ، فهي ديون لها أصحابها ، وقد تقادمت ، والتقادم لا يقضي الدين إلا إذا تمسك به المدين . فإذا لم تتمسك المصارف والشركات بالتقادم ، بقيت هذه الديون لأصحابها وهم الدائنون . 3 - وحتى لو تمسكت المصارف والشركات بالتقادم ، فإن القاعدة هي أن الديون التي تسقط بالتقادم تبرأ منها ذمة المدين . أما هنا فقد نقلها المشروع من دائن إلى دائن آخر لا شأن له بها إطلاقاً ، ولم يبرئ منها ذمة المدين . ويقول الفقه الفرنسي أن المشروع بتشريعه هذا لم ينقل ملكية مال بسبب سائغ من أسباب نقل الملكية ، بل هو قد عمد إلى مصادرة أموال الأفراد في غير الأحوال التي تجوز فيها المصادرة . ثم إنه قد ألقى الاضطراب والبلبلة في قواعد التقادم ، إذ أخضع طائفة من الأموال إلى نظام خاص بشد عن نظام التقادم ، فأثار كثيراً من الصعوبات والمسائل الشائكة . فهل يجوز مثلاً للمدين في الحالات التي عرض لها التشريع ، أن يقر بالدين فيقطع التقادم ؟ وهل يقف سريان التقادم إذا قام سيب يستوجب وقف سريان ؟ هل إذا وقع الدائن الدين بعد تقادمه إلى المدين ، يجوز له استرداده ؟ هل يتخلف عن الدين بعد تقادمه التزام طبيعي؟ وهل يجوز للقاضي أن يحكم بالتقادم من تلقاء نفسه إذا لم يتمسك به المدين ؟ كل هذه الصعوبات أثارها هذا التشريع الشاذ ، وتدل بذلك على مبلغ الفوضى والاضطراب التي يلقيها المشروع في المعاملات بين الناس عندما يشرع وهو مشغول باعتبارات مالية تتعلق بالخزانة !
انظر في كل ذلك : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1401 - جوسران 2 فقرة 1000ص 527 .
( [2152] ) وقد كتبنا عن التشريع المصري ، في مقال لنا عن مخالفة التشريع للدستور والانحراف في استعمال السلطة التشريعية ، ما يأتي : " وقبل أن نترك قوانين الضرائب نشير إلى نص ورد في القانون رقم 14 لسنة 1939 الخاص بضرائب الدخل . وهو نص لا يخلو من غرابة ، وقد أقحمه المشروع في المكان الذي وضعه فيه دون مبرر ، ويغلب أن يكون منطوياً على انحراف في استعمال السلطة التشريعية . فقد قضت المادة 28 من القانون المشار إليه بأن الأرباح والفوائد على الأسهم والسندات والودائع النقدية وودائع الأوراق المالية وغيرها من الديون التي تكون مستحقة للأفراد في ذمة الشركات والمصارف ونحوها تؤول إلى الحكومة إذا لحقها التقادم . وقد قيل في تعليل هذا النص ، الذي يخرج على أصول القانون المدني ، أن التقادم مبني على قرينة الوفاء ، وهذه القرينة منتفية إذا كان المدين شركات أو مصارف لها من انتظام حساباتها ما يقطع فيما إذا كان الدائن قد استوفي حقه منها أو لم يستوفه ، فإن كان لم يستوفه فعلاً فلا محل لقيام قرينة على الوفاء . ولكن هذا التعليل لا يستلزم أن تحل الحكومة محل الدائن بانقضاء مدة التقادم وما دمنا قد أبقينا الحق ولم نسقطه بانقضاء هذه المدة ، ليقيننا من أن الدائن لم يستوفه ، فإن الوضع السليم هو أن يبقي الحق لصاحبه ، لا أن تستولي الحكومة عليه دون مقابل ، فتكون قد نزعت ملكية لغير المنفعة العامة وبدون تعويض " ( مجلة مجلس الدولة السنة الثالثة يناير سنة 1952ص 82 – ص 83 ) .
( [2153] ) ويذهب فقهاء الألمان في تحليل هذين العنصرين إلى مدى بعيد . فعندهم أن المديونية هي علاقة قانونية تتضمن واجباً قانونياً ( rechtliches Sollen ) ، ويميزون في هذه العلاقة بين واجب المدين في الوفاء وواجب الدائن في قبول الوفاء . ولا يظهر عنصر الجبر في أي من هذين الواجبين ، وهو لا يظهر إلا بوجود علاقة المسئولية . وهذه العلاقة هي التي تجعل للدائن سلطاناً ، يمارسه عادة عن طريق الدعوى والتنفيذ الجبري . فمن الناحية الإيجابية تتمثل المسئولية سلطاناً للدائن ، ومن الناحية السلبية تتمثل خضوعاً من المدين . ثم يميز الفقه الألماني بين المسئولية الشخصية والمسئولية المالية والمسئولية العينية . ففي المسئولية الشخصية يخضع شخص مسئول لسلطان الدائن ، وكانت هذه المسئولية تقع في القديم على جسم المدين ، ثم أصبحت الآن تقع على ذمته المالية . وفي المسئولية المالية لا يكون المدين مسئولا مسئولية شخصية في مجموع ذمته ، بل يكون مسئولاً مسئولية مالية في ذمة محددة تحديداً مادياً ، وذلك كمسئولية الوارث عن ديون المورث فالتركة وحدها هي المسئولة ، وكمسئولية المرأة المتزوجة في أموالها الخاصة عن الديون التي لا تكون الأموال المشتركة مسئولة عنها . وفي المسئولية العينية تخضع عين معينة من أموال المدين لسلطان الدائن ، وذلك كما في الرهن والتكاليف العينية والدين العقاري والإيراد العقاري .
انظر الأستاذ عبد المنعم البدراوي في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 224 – فقرة 323 .
( [2154] ) ويؤيد ذلك أن المادة 222 من التقنين المدني الألماني تنص ، كما رأينا ( انظر آنفاً فقرة 66 في الهامش ) ، على ما يأتي : " إذا اكتملت مدة التقادم ، كان للملتزم الحق في رفض الوفاء بالدين . ولكن ما دفعه وفاء لمطالبة تقادمت لا يجوز له استرداده ، حتى لو كن الوفاء قد تم وهو جاهل بالتقادم . ويسري هذه الحكم أيضاً في حالة ما إذا صدر من الملتزم إقرار تعاقدي الدين لا ينهي رهن الحيازة ولا الرهن الرسمي ، بل يبق الرهنان منتجين لأثرهما بالرغم من تقادم الدين . فبقاؤهما يستند إذن إلى عنصر المديونية الذي بقى بعد زوال عنصر المسئولية إذا صدر من المدين بالاتفاق مع الدائن إقرار بالدين بعد تقادمه ، أو إذا قدم المدين تأميناً لضمان الدين .
على أن التقنين المدني الألماني يميز بين الحق وحق الادعاء والدعوى . والفرق بين حق الادعاء والدعوى أن الحق الادعاء ( pretention Anspruch ) ينشأ بنشوء الحق وقبل الإخلال به ، أما الدعوى فلا تنشأ إلا عند الإخلال بالحق ، فالدعوى هي الجزاء على حق الادعاء . والتقادم يقضى حق الادعاء دون الحق نفسه ، وإذا انقضى حق الادعاء فأن الدعوى لا يمكن أن تنشأ ( انظر التعليقات على التقنين المدني الألماني 1م 194 فقرة 1 و م فقرة ) .وتنص المادة 194 / 1 من التقنين الألماني على أن " الحق فقي اقتضاء عمل أو امتناع عن عمل من شخص آخر ( حق الادعاء ) يخضع للتقادم " . ثم تنص المادة 198من نفس التقنين على أنه " يبدأ سريان التقادم من اليوم الذي ينشأ فيه حق الادعاء . فإذا كان محل الحق امتناعاً عن عمل ، بدا سريان التقادم من الوقت الذي يخل فيه المدين بهذا الحق " .
( [2155] ) ويؤيد بوبا ( Popa ) في رسالته في المديونية والمسئولية في القانون المدني الفرنسي الحديث ( باريس سنة 1935 ) الأخذ بالتمييز بين عنصري المديونية والمسئولية في الفقه الفرنسي والفقه اللاتيني بوجه عام ، فيميز في الفقه الفرنسي بين العنصرين ، بحيث يصح أن يوجد أحدهما دون الآخر . فتوجد المديونية دون المسئولية في الالتزامات الطبيعية ، ومنها ما ينحدر عن التزام مدني منحل كالتزام المفلس بعد الصلح والتزام ناقص الأهلية بعد إبطال العقد والالتزام الذي سقط بالتقادم ، ومنها ما ينشأ التزاماً طبيعياً منذ البداية كالتزام الوارث بتنفيذ الوصية الباطلة شكلاً والالتزام بالنفقة على الأقارب في غير الأحوال التي نص عليها القانون . وقد توجد المسئولية دون المديونية ، كما هي الحال في مركز الحائز للعقار المرهون وفي مركز الكفيل العيني .
( [2156] ) انظر في انتقاد إدخال هذا التمييز في الفقه اللاتيني الأستاذ عبد المنعم الدراوي في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 244 - ثقرة 245 .
( [2157] ) انظر موريل ( Morel ) موجز المرافعات سنة 1949 ص26 وما بعدها – جلاسون وتيسييه في شرح المرافعات 1 فقرة 831 – جابيو ( japiot ) في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1914 ص 679 وسنة 1915 ص 419 .
( [2158] ) أوبري ورو 12 فقرة 564 - ص 565 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1325 ص 734 - جوسران 2 فقرة 995 ص 524 – الأستاذ عبد المنعم الدراوي في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 268 – 275 - الأستاذ عبد الحي حجازي 3ص 319 وص 351 – ص 352 .
( [2159] ) انظر في هذا المعنى بيدان ولاجارد 9 1088 – استئناف مصر أول يناير سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 رقم 193 ص 396 .
( [2160] ) بيدان ولاجارد 9 فقرة 1109 – وقارن الموجز للمؤلف ص 624 هامش رقم 1 .
( [2161] ) ترولونج 1 فقرة 29 - لوران 32 فقرة 205 – هيك 14 فقرة 838 .
( [2162] ) انظر الوسيط الجزء الثاني فقرة 399 وما بعدها .
( [2163] ) انظر في هذه النتائج وفي غيرها الوسيط الجزء الثاني فقرة 400 .
( [2164] ) انظر الوسيط الجزء الثاني فقرة 401 .
( [2165] ) والوعد هنا عقد يتم بإيجاب وقبول من المدين والدائن .
( [2166] ) ومدة التقادم الجديد خمس عشرة سنة ، حتى لو كانت مدة التقادم السابق أقل من ذلك .
( [2167] ) الوسيط الجزء الثاني فقرة 402 .
( [2168] ) انظر آنفاً فقرة 665 .
( [2169] ) انظر آنفاً فقرة 551وفقرة 665 .
( [2170] ) انظر الوسيط الجزء الثاني فقرة 403 .
( [2171] ) قارب المادة 780 مدني . وانظر الوسيط الجزء الثاني فقرة 403 .
( [2172] ) انظر آنفاً فقرة 665 .
( [2173] ) انظر آنفاً فقرة 665 .
( [2174] ) انظر الوسيط الجزء الثاني فقرة 642 ص 1143 .
( [2175] ) انظر آنفاً فقرة 669 .
( [2176] ) انظر في هذا المعني الأستاذ عبد المنعم البدراوي في أثر مضى المدة في الالتزام فقرة 339 .
( [2177] ) أنظر آنفاً فقرة 634 – وقارن : استئناف مختلط 15 يناير سنة 1914 م 26 ص 154 .