أحصائية باعداد القوانين والتشريعات
قوانين : 313 (ق)
-
مواثيق واتفاقيات : 14 (ق)
-
لوائح وقرارات : 204 (ق)
الدراسات

وسيط السنهوري - الجزء 4 الرابع - المجلد 1 الأول

admin منذ 4 أشهر 219
وسيط السنهوري - الجزء 4 الرابع - المجلد 1 الأول

وسيط السنهوري - الجزء 4 الرابع - المجلد 1 الأول
 
 

الوسيط

في شرح القانون المدني

( 4 )

العقود التي تقع على الملكية

المجلد الأول

البيع

والمقايضة

تأليف

عبد الرازق أحمد السنهوري

دكتور في العلوم القانونية ودكتور في العلوم السياسية والاقتصادية

ودبلوميه من معهد القانون الدولي بجامعة باريس


تمهيد

العقود المسماه

وتقسيماتها المختلفة

***

( 1 )

العقود المسماة

$1 1 – المقصود ب العقود المسماة : بعد أن فرغنا من عرض نظرية الالتزام بوجه عام في الأجزاء الثلاثة الأولى من الوسيط ، ننتقل في الأجزاء الثلاثة التالية إلى تطبيق أحكام هذه النظرية وقواعدها المجردة تطبيقاً مفصلا على عقود معينة بالذات أطلقت عليها أسماء معروفة . وقد عنى المشرع بهذه العقود عناية كبيرة ، فخصص لها الكتاب الثاني من القسم الأول من التقنين المدني تحت عنوان (( العقود المسماة )) ، فأعقب هذا الكتاب الثاني الكتاب الأول الذي خصصه المشرع لنظرية الالتزام بوجه عام .

والمقصود بالعقود المسماة عقود كثيرة التداول في الحياة العملية ، حتى عرفت بأسمائها الخاصة ، وذلك نحو البيع والهبة والشركة والإيجار والمقاولة والوكالة ، وقد نظمها المشرع تنظيما مفصلا لما لها من أهمية بالغة في ميادين التعامل والنشاط الاقتصادي .

وقد كان التمييز بين العقود المسماة والعقود غير المسماة في القانون الروماني يقوم على أساس آخر غير الأساس الذي يقوم عليه هذا التمييز في القانون الحديث .


$2 2 – التمييز بين العقود المسماة والعقود غير المسماة في القانون الروماني : بدأت العقود في القانون الروماني تكون شكلية ، تحوطها أوضاع معينة . ولكن الحضارة الرومانية ما لبثت أن تطورت ، إذ دعت الحاجة إلى كثرة التبادل ووجوب السرعة في المعاملات . واقترن ذلك بتقديم في التفكير القانوني ، فظهر إلى جانب العقود الشكلية ([1]) العقود العينية ( القرض والعارية والوديعة والرهن) ، والعقود الرضائية ( البيع والإيجار والشركة والوكالة ) ، والعقود غير المسماة . والعقود غير المسماة عقود اعترف بها القانون الروماني تدرجاً وبعد تطور طويل ، وهي عقود لا تتم إلا إذا قام أحد الطرفين بتنفيذ ما اتفق عليه مع الطرف الآخر ، فإذا فعل تكون العقد ، ونشأ بموجبه التزام في جانب الطرف الآخر بأن يقوم هو أيضاً بتنفيذ ما اتفق عليه مع الطرف الأول([2]) .

وكان الرومان يقسمون هذه العقود أقساماً أربعة : ( القسم الأول) عقود يقوم فيها الطرف الأول بنقل حق عيني ، فيتولد في جانب الطرف الآخر التزام بنقل حق عيني كذلك ( do ut des )، من ذلك عقد المقايضة (premutatio ) $3 ( والقسم الثاني ) عقود يقوم فيها أحد الطرفين بنقل حق عيني ، فيلتزم الطرف الآخر بالقيام بعمل ( do ut facias ) ، مثل ذلك الهبة بعوض ( sub modo ) . (والقسم الثالث ) عقود يقوم فيها أحد الطرفين بعمل ، فيلتزم الطرف الآخر أن يقوم بعمل كذلك ( facio ut facias ) ، مثل ذلك أن يسلم شخص شيئًا لآخر فيلتزم الآخر برده عند أول طلب ( convention do precaire ) . ( والقسم الرابع ) عقود يقوم فيها أحد الطرفين بعمل ، فيلتزم الطرف الآخر بنقل حق عيني ( facio ut des ) ، مثل ذلك عقد المحاسبة ) ( facio ut facias ) ، وهو أول عقد طبق فيه الرومان دعوى العقود غير المسماة ( praescriptio verbis ) ، لما رأوه عقداً يدور بين البيع والعمل والوكالة ([3]) .

ونرى مما تقدم أن تسمية هذه العقود في القانون الروماني بالعقود غير المسماة تسمية غير دقيقة ، فإن أغلب هذه العقود كان معروفاً بالإسم . ولكنها دعيت كذلك لأنها لا تدخل في نوع من أنواع العقود المسماة التي اعترف بها القانون الروماني : العقود الشكلية والعقود العينية والعقود الرضائية والعقود الشرعية والعقود البريطورية . ونرى أيضاً أن التمييز بين العقد المسمى والعقد غير المسمى كان ذا أهمية كبيرة في القانون الروماني ، لأن العقد غير المسمى – خلافاً للعقد المسمى – كان لا يتم إلا إذا قام أحد الطرفين بتنفيذ ما اتفق عليه مع الطرف الآخر ، ولا يوجد العقد قبل ذلك . فهي عقود قريبة من العقود العينية التي لا تتم إلا بالتسليم ([4])

3 – التمييز بين العقود المسماة والعقود غير المسماة في القانون الحديث : أما في القانون الحديث فلم يعد هناك فرق بين العقد المسمى والعقد غير المسمى ، فكلاهما يتم بمجرد تراضى المتعاقدين إلا في العقود الشكلية $4 وما بقي من العقود العينية . وإذا كان بعض العقود يطلق عليه اسم (( العقود المسماة )) ، فليس ذلك كما قدمنا إلا لأنها عقود نظمها المشرع تنظيما خاصاً ، نظراً لكثرة تداولها في العمل إلى حد أن أصبحت قواعدها رأسية مستقرة .

وسنرى ما هي العقود المسماة التي نظمها التقنين المدني الجديد. ونبادر هنا إلى القول بأن قائمة العقود المسماة تتطور من زمن إلى زمن بحسب ما يألفه الناس في التعامل . فالعقود المسماة في هذا العصر قد تزيد أو تنقص عن العقود المسماة في عصر سابق أو عصر لاحق ، إذ تظهر عقود جديدة وتختفي عقود قديمة . ونلمح هذا التطور عندما نلاحظ أن هناك عقوداً أخذ شأنها يتعاظم في مجالات العمل ، ولكنها لم تصل بعد إلى المرتبة التي تكفل لها التنظيم المفصل ، وتتفاوت التقنينات المختلفة فيما تتناوله بالتنظيم من هذه العقود . فقد كان التقنين المدني السابق لا ينظم عقود المقامرة والرهان والإيراد المرتب والتأمين والتزام المرافق العامة ، وقد نظم هذا كله التقنين المدني الجديد ([5]) . ولم ينظم التقنين المدني الجديد عقود النشر ([6]) والنزول في الفندق والنقل والأعمال العامة والتوريد ، مع أن هذه عقود تتزايد أهميتها كل يوم ، وقد نظمت التقنينات الأجنبية بعض هذه العقود ([7]) .

أما العقود غير المسماة – وهي التي يتولى المشرع تنظيمها – فإنها تخضع في أحكامها للقواعد العامة في نظرية العقد ، شأنها في ذلك شأن العقود المسماة .

وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ( م 127 ) يشتمل على نص في هذا المعنى يجري على الوجه الآتي : (( 1 – تسري على العقود ، المسماة منها وغير المسماة ، القواعد العامة التي يشتمل عليها هذا الفصل . 2 – أما القواعد التي ينفرد بها بعض العقود المدنية فتقررها الأحكام الواردة في الفصول المعقودة لها ، وتقرر قوانين التجارة القواعد الخاصة بالعقود التجارية )) . وقد حذفت لجنة المراجعة هذا النص لعدم الحاجة إليه ([8])

$5 ومثل العقود غير المسماة أن يتفق شخص مع آخر على أن يثبت له ميراثاً يستحقه ، وعلى أن يقوم بدفع المصروفات التي يستلزمها هذا العمل في نظير جزء من هذا الميراث يأخذه إذا وفق في عمله ([9]) . أو يتفق شخص مع آخر على أن يبيع الأول لحساب الثاني شيئًا على أن يعطى الأول للثاني بعد البيع مبلغاً معيناً ، وما زاد من الثمن على هذا المبلغ يحتفظ به لنفسه ([10]). وعقد المحاسبة الذي أشرنا إلى وجوده في القانون الروماني هو أيضاً عقد غير مسمى ، وكذلك العقد بين مدير المسرح والممثلين ([11]) .

وتكييف العقد ، هل هو  عقد من العقود المسماة أو هو عقد غير مسمى ، قد يكون في بعض الحالات مسألة دقيقة . ولا عبرة بالألفاظ التي يستعملها المتعاقدان إذا تبين أنهما اتفقا على عقد غير العقد الذي سمياه ، فقد يكونان مخطئين في التكييف ، وقد يتعمدان أن يخفيا العقد الحقيقي تحت اسم العقد الظاهر $6 كما في الوصية يخفيها الموصى تحت ستار البيع ([12])

$7 على أن العقد – مسمى أو غير مسمى – قد يكون بسيطاً ، إذا لم يكن مزيجاً من عقود متنوعة، كالبيع والإيجار . فإذا اشتمل على أكثر من عقد امتزجت جميعاً فأصبحت عقداً واحداً ، سمى عقداً مختلطاً ( mixte, complexe ) ، كما في العقد بين صاحب الفندق والنازل فيه ( contrat d'hotellerie ) ، فهو مزيج من عقد إيجار بالنسبة إلى المسكن ، وبيع بالنسبة إلى المأكل ، وعمل بالنسبة إلى الخدمة ، ووديعة بالنسبة إلى الأمتعة . وكذلك العقد بين صاحب المسرح وأفراد النظارة مزيج من عقد إيجار بالنسبة إلى المقعد ، وعمل بالنسبة إلى وسائل التسلية التي تعرض على المسرح . ومن الأمثلة على العقود المختلطة : ( 1 ) عدة عقود تمتزج في عقد واحد ، وذلك كمدير شركة يتولى إدارتها ويكون وكيلا عنها ، فيمتزج عقد العمل بعقد الوكالة . وقد يتوالى العقدان الواحد بعد الآخر ، كعقد نقل بحري يعقبه عقد نقل برى أو إيجار يقترن بوعد بالبيع . ( 2 ) إضافة شرط إلى العقد ليس من مقتضياته ، كما إذا التحق بعقد البيع شرط للتأمين أو التحق بعقد النقل شرط للتخزين . ( 3 ) الجمع بين عناصر متفوقة من عقود مختلفة ، كالعقد الذي يجمع بين الإيجار والبيع ((Lcation – vente وكالوديعة في المصارف تدور بين الوديعة الناقصة والقرض ([13]) .

وليست هناك أهمية كبيرة لمزج عدد من العقود وتسميتها جميعاً بالعقد المختلط ، فإن هذا العقد إنما تطبق فيه أحكام العقود المختلطة التي يشتمل عليها . على أنه قد يكون من المفيد في بعض الأحيان أن يؤخذ العقد المختلط كوحدة قائمة بذاتها ن وذلك إذا تنافرت الأحكام التي تطبق في كل عقد من العقود التي يتكون منها ، ففي هذه الحالة يجب تغليب أحد هذه العقود باعتباره العنصر الأساسي وتطبيق أحكام هذا العقد دون غيره . فعقد التليفون عقد يدور بين عقد العمل وعقد الإيجار ، ولكن القضاء ([14]) غلب عنصر عقد العمل فرفض دعوى إعادة $8 وضع اليد التي رفعها مشترك قطعت عنه المواصلة ([15])

4- الأغراض المختلفة التي يتوخاها المشرع في تنظيم العقود المسماة :

والعقود المسماة تخضع هي أيضاً للقواعد العامة في نظرية العقد كما تخضع العقود غير المسماة ، وقد رأينا أن المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد كان يشتمل على نص في هذا المعنى ([16]) . ولكن المشرع يعني مع ذلك بتنظيمها وإيراد نصوص خاصة في شأنها ، توخياً لتحقيق أغراض مختلفة منها :

1 – لما كانت العقود المسماة هي من أكثر العقود شيوعاً في التعامل ، وقد أعان شيوعها على إرساء قواعدها واستقرار أحكامها ، فإن المشرع أراد بتنظيم العقد الرسمي أن يعبد الطريق للمتعاملين ، فلا يجدون مشقة في تنظيم علاقاتهم التعاقدية ، إذ تنبه المشرع لأكثر ما يعرض لهذه العلاقات فتناولها بالتنظيم والتحديد ، ووضع أحكاماً نموذجية هي نتاج خبرة القرون الطويلة . ولم يكن المتعاقدان ليستطيعا التنبه لجميع هذه المسائل ، فتولاها المشرع عنهما . على أن المشرع في تنظيمه للعقد المسمى لا يصادر مبدأ سلطان الإرادة ولا حرية المتعقادين في تنظيم تعاملهما على الوجه الذي يثرانه . فلو أنهما في بعض المسائل التي نظمها المشرع يريدان حلولا أخرى غير تلك التي وضعت ، وكانت هذه المسائل ليست من النظام العام ، فإنهما يستطيعان أن ينسخا الحلول التي وضعها المشرع ، وليس عليهما في ذلك إلا أني ضعا الحلول التي اختارها فتكون هي المعمول بها دون الحلول التي وضعها المشرع .

2- والمشرع عندما يطبق القواعد العامة على عقد مسمى بالذات ، كثيراً ما يجلى تطبيقات خفية لهذه القواعد ، تختلف فيها الأنظار . فيعرض لما فيه خفاء من هذه التطبيقات فيوضحه بنصوص حاسمة لا تدع مجالا للاضطراب والبلبلة . والأمثلة على ذلك كثيرة ، نذكر منها ضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية وتحمل تبعة الهلاك .

9$ 3 – على أن المشرع لا يقتصر على مجرد تطبيق القواعد العامة في العقود المسماة ، فهو في بعض الحالات يخرج على هذه القواعد لمبررات خاصة ترجع إلى العقد المسمى الذي يتولى تنظيمه ، وأكثر هذه المبررات تتصل بالنظام العام . فإيراد نصوص على هذا النحو يصبح إذن أمراً ضرورياً ، إذ هو يجعل الأحكام الواجبة التطبيق تختلف اختلافاً بينا عن تلك التي تستنبط من القواعد العامة . نذكر للتمثيل على ذلك ما حاد فيه المشرع عن تطبيق القواعد العامة في الحقوق المتنازع فيها ، وفي بيع المريض مرض الموت ، وفي بيع ملك الغير ، وفي كثير من نصوص عقد العمل ، وفي الرجوع في الهبة ، وفي الغلط في الصلح ، وفي التزام المرافق العامة ، وفي تعديل الأجرة في عقد الوكالة ، وفي التأمين بما يشتمل عليه من قواعد خاصة ، وغير ذلك كثير نراه منتثرًا في نواح متفرقة من العقود المسماة .

4 – وقد يعمد المشرع أخيراً ، في تنظيم العقد المسمى ، إلى تحقيق غرض هام ، هو توجيه هذا العقد وتطويره بحيث يتمشى مع الاتجاهات المتجددة . فعل ذلك في تحريم الرهن الذي يستتر تحت اسم بيع الوفاء ، وفي تحريم بيع الوفاء ذاته ، وفي تنظيم أحكام الأجهزة الحديثة في العين المؤجرة ، وفي تنظيم ما ألفته الناس من خلط عقد الإيجار بعقد البيع .

ويخلص مما تقدم أن تنظيم المشرع للعقد المسمى ييسر معرفة الأحكام التي تسرى على هذا العقد مرتبة بحسب الأولوية . ففي المرتبة الأولى يجب تطبيق النصوص الخاصة التي أوردها المشرع في هذا العقد المسمى بالذات . فإذا لم يوجد نص يمكن تطبيقه منها ، وجب تطبيق النصوص الواردة في النظرية العامة للعقد أي تطبيق القواعد العامة . وتطبق بعد ذلك المصادر غير التشريعية من عرف ونحوه . ويغلب أن تغطى النصوص الخاصة والقواعد العامة الجزء الأكبر من منطقة العقد الرسمي ، فلا يبقى بعد ذلك إلا حيز ضيق تطبق فيه المصادر غير التشريعية .


$10 ( 2 )

التقسيمات المختلفة للعقود المسماة

5 – محاولة فقهية لحصر العقود المسماة وغير المسماة : ذهب بلانيول ([17]) إلى أن العقود جميعها – مسماة وغير مسماة – يمكن حصرها في طوائف محدودة . ذلك أن محل الالتزام إما أن يكون شيئاً أو عملا أو حقاً ، والملتزم بموجب عقد إما أن يأخذ مقابلا لما أعطى وإما ألا يأخذ . فإذا كان المحل ملكية شيء ولم يأخذ الملتزم مقابلا فالعقد هبة ، أما إذا أخذ مقابلا فالعقد بيع أو مقايضة ، ويكون وفاء بمقابل إذا كان المقابل دينا ، ويكون عقد شركة إذا كان المقابل حصة في شركة . أما إذا كان المحل هو مجرد الانتفاع بشيء ، ولم يأخذ الملتزم مقابلا فالعقد عارية ، وإذا أخذ مقابلا فالعقد إيجار أو قرض بفائدة ، وقد يكون المقابل ذاته مجرد انتفاع فيكون العقد مقايضة انتفاع بانتفاع كما كان مقايضة ملك بملك . وإذا كان المحل عملا ، وكان بغير مقابل فقد يكون العقد وكالة غير مأجورة أو وديعة غير مأجورة أو خدمة ما غير مأجورة . أما إذا كان بمقابل وهو الغالب فقد يكون العقد إيجار عمل أو عقد استصناع أو عقد شركة ( والعمل حصة فيها ) أو وكالة مأجورة أو وديعة مأجورة . وقد يكون المقابل شيئًا آخر غير النقود ، كعامل يأخذ أجره طعاماً ومسكناً . بل قد يكون المقابل شيئًا آخر غير النقود ، كعامل يأخذ أجره طعامًا ومسكناً . بل قد يكون المقابل نفسه عملا فيقوم شخص بعمل لآخر في مقابل أن يقوم الآخر بعمل له ، وهذه مقايضة عمل بعمل كمقايضة انتفاع بانتفاع وملك بملك . وإذا كان المحل حقاً – عينياً أو شخصياً  - جاز أن يكون بغير مقابل فيكون هبة ، كما جاز أن يكون بمقابل فيكون بيعاً أو مقايضة أو شركة أو وفاء بمقابل . هذا إذا كان محل العقد نقل الحق ، وقد يكون محله رهن الحق ضماناً لدين ، أو النزول عن الحق نزولا كلياً أو جزئياً بمقابل أو بغير مقابل . ويرى بلانيول إمكان حصر العقود على هذا النحو ما دامت العناصر المكونة لها محصورة بطبيعتها .

$11 وإذا كان بلانيول بما نقلناه عنه قد استطاع أن يثبت أنه يمكن وضع أساس منطقي لتقسم العقود ، فإن ذلك لا يدل على أنه يمكن حصر كل عقد بالذات وما يدخل في ذلك من تلفيق ومزج واختلاط مما تستحدثه ضروب النشاط في ميادين العمل ([18]) .

6 – تقسيم العقود المسماة في التقنين المدني السابق : وقد أورد التقنين المدني السابق العقود المسماة دون ترتيب منطقي ودون تنسيق ، فجاءت على الوجه الآتي : البيع – المقايضة ( في التقنين الوطني فقط ) – الإيجار ( إجارة الأشياء وعقد المقاولة وعقد العمل ) – الشركة – العارية بنوعيها ( الاستهلاك والاستعمال ) الإيرادات المرتبة – الوديعة – الكفالة – الوكالة – الصلح – الرهن – الغاروقة – الرهن العقاري .

فتوالت العقود تنساق بعضها وراء بعض متنافرة ، في غير ترتيب ولا تنسيق ، حتى ليعجب الباحث كيف حشر هذا التقنين الكفالة بين الوديعة والوكالة ، وفصل بين رهن الحيازة والرهون الأخرى ، وأورد حوالة الحق في نصوص البيع ، وجمع ما بين عقود الإيجار والمقاولة والعمل في عقد واحد ([19]) .

7 – تقسيم العقود المسماة في التقنين المدني الجديد : أما التقنين المدني الجديد فقد رتب العقود المسماة ترتيباً منطقياً متسقاً راعى فيه المحل الذي يقع عليه العقد . فهناك عقود تنصب على الملكية ، وعقود تقع على المنفعة ، وعقود ترد على العمل . ثم إن هناك عقوداً احتمالية ينتظمها أنها تدور جميعاً على احتمال $12 قد يتحقق وقد لا يتحقق . وينتهي التقنين الجديد بعقد الكفالة إذ هو عقد ضمان شخصي فلا يدخل في العقود المتقدمة ، ويجب في الوقت ذاته أن ينفصل عن عقدي الضمان العيني وهما عقد الرهن الرسمي وعقد رهن الحيازة .

وقد نوهت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي بهذا الترتيب المنطقي في العبارات الآتية : (( أما المشروع فقد راعى في تبويب العقود المسماة أن يقف عند الموضوع الذي يرد عليه العقد . فهناك عقود ترد على الملكية ، وهذه هي : البيع والمقايضة والهبة والشركة والقرض والصلح . وعقود ترد على المنفعة ، وهذه هي : الإيجار والعارية . وعقود ترد على عمل الإنسان ، وهذه هي : عقد المقاولة وعقد العمل والوكالة والوديعة والحراسة . وعقود احتمالية ترد على موضوع غير محقق ، وهذه هي : المقامرة والرهان وعقد الإيراد المرتب مدى الحياة وعقد التأمين . وقد أفرد لعقد الكفالة الباب الأخير لأن موضوع الكفالة يتميز عن موضوعات سائر العقود المسماة بأنه عقد تأمين شخصي ، فوجب تمييز الكفالة عن غيرها من العقود من ناحية ، وفصلها عن التأمينات العينية من ناحية أخرى )) ([20]) .

فنبحث العقود المسماة على هذا الترتيب في أجزاء ثلاثة من الوسيط .


 

 

 

 

 

 

 

 

 

العقود

التي ترد على الملكية


$15 8 – العقود التي ترد على الملكية هي موضوع هذا الجزء الرابع

من الوسيط : ونبدأ بالعقود المسماة التي ترد على الملكية – البيع والمقايضة والهبة والشركة والقرض والصلح – ونخصص لها هذا الجزء الرابع من الوسيط . ونبحث العقود المسماة الأخرى في الجزئين الخامس والسادس .

وتنتظم العقود الواردة على الملكية خصائص مشتركة ، ففيها جميعاً يلتزم أحد المتعاقدين بنقل ملكية شيء إلى المتعاقد الآخر ، ويلتزم في الوقت ذاته بتسليم هذا الشيء وبضمان التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية . أما المتعاقد الآخر فيلتزم من جهته بدفع المقابل الذي تعهد به في نظير الشيء الذي انتقلت ملكيته إليه إذا كان هناك مقابل .

ثم ينفرد بعد ذلك كل عقد من هذه العقود بخصائصه الذاتية ، فلعقد الهبة خصائص يتيمز بها عن عقدي البيع والمقايضة ، ولكل من عقد الشركة وعقد القرض وعقد الصلح خصائص ذاتية يتميز بها عن العقود الأخرى . وسنرى ذلك تفصيلا عند بحث كل عقد على حدة .

ولما كنا قد فصلنا القواعد العامة لنظرية الالتزام في الأجزاء الثلاثة الأولى من الوسيط ، فلا نطيل القول ، في صدد العقود المسماة ، فيما هو مجرد تطبيق لهذه القواعد ، بل نقتصر على الإشارة إليها . أما الذي نقف عنده في العقد المسمى ، فهو ما يتميز به هذا العقد بالذات من قواعد خاصة به تبرز ذاتيته وتبسط مقوماته وترسم سير تطوره ، ونستظهر ما في أحكامه من تطبيقات للقواعد العامة تنطوى على شيء من الخفاء ، وما في هذه الأحكام من خروج على القواعد العامة ذاتها . ونوجه عناية خاصة للنواحي العملية في العقد المسمى ، على النحو الذي أبرزته ضرورات التعامل وكشف عنه القضاء فيما عرض له من خصومات .

ونبحث العقود الواردة على الملكية في أبواب متعاقبة على الترتيب الآتي :

الباب الأول : عقد البيع .

الباب الثاني : عقد المقايضة .

الباب الثالث : عقد الهبة .

الباب الرابع : عقد الشركة .

الباب الخامس : عقد القرض وعقد الدخل الدائم .

الباب السادس : عقد الصلح.


 

 

 

الباب الأول

عقد البيع


$19 مقدمة *

9 – التعريف بالبيع – نصوص قانونية : أوردت المادة 418 من التقنين المدني تعريفاً لعقد البيع على الوجه الآتي :


$20 (( البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي)) ([21]) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 235 / 300 ([22]) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 386 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 407 – وفي التقنين المدني العراقي المادتين 506 – 507 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 372 ([23]) .

$21 ويستخلص من هذا التعريف أن البيع عقد ملزم للجانبين ، إذ هو يلزم البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر ويلزم المشتري أن يدفع للبائع مقابلا لذلك ثمناً نقدياً ([24]) . ويستخلص منه أيضاً أن البيع عقد معاوضة ، فالبائع يأخذ الثمن مقابلا للمبيع والمشتري يأخذ المبيع مقابلا للثمن . ويستخلص منه كذلك أن البيع عقد رضائي ، إذ لم يشترط القانون لانعقاده شكلاً خاصاً فهو ينعقد بمجرد تراضي المتبايعين . ويستخلص منه أخيراص أن البيع عقد ناقل للملكية ، فهو يرتب التزاماً في ذمة البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري كما هو صريح النص .

وإذا قابلنا هذا التعريف الذي أورده التقنين المدني الجديد بالتعريف الذي كان يشتمل عليه التقنين المدني السابق ([25]) ، رأينا أن تعريف التقنين الجديد يمتاز في أمرين : ( أولهما ) أنه لا يقصر المبيع على ملكية الشيء ، بل يجاوز الملكية إلى غيرها من الحقوق المالية الأخرى . فيجوز أن يكون محلا للبيع ، لا حق الملكية فحسب ، بل أيضاً حق الانتفاع وحقوق الارتفاق وحق الحكر ، كما يجوز أن يكون محلا للبيع الحقوق الشخصية في صورة حوالة الحق ، وحقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية . ( والأمر الثاني ) أن التعريف يبين في وضوح أن الثمن لابد أن يكون من النقود . وهذا ما يميز البيع عن المقايضة والصرف $22 ويميزه عن البيع في الفقه الإسلامي ففي هذا الفقه يصح أن يكون الثمن من غير النقود فيتسع البيع فيه ليشمل البيع المطلق والمقايضة والصرف والسلم ([26]) .


$23 10 – البيع ونقل الملكية : ولعل أهم تطور في تاريخ البيع هو تطوره ليكون عقداً ناقلا للملكية ، وسنتابع مراحل هذا التطور عند الكلام في التزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري ([27]) . ونقتصر هنا على القول إن البيع لم يكن في القديم عقداً ناقلا للملكية . فقد كان البيع في القانون الروماني لا يرتب في ذمة البائع التزاماً بنقل الملكية ، بل التزاماً بنقل حيازة المبيع إلى المشتري ، إلا إذا اشترط المشتري على البائع أن ينقل له الملكية . وكذلك كان الحكم في القانون الفرنسي القديم ، فكانت الملكية لا تنتقل فيه إلا بالقبض . ولكن مراحل طويلة من التطور في هذا القانون انتهت إلى أن يكون القبض أمراً صورياً ، وكان يكفي أن يذكر في عقد البيع أن القبض قد تم ( clause de dessaisine saisne ) حتى تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري .

وقطع التقنين المدني الفرنسي في سنة 1804 آخر مرحلة من مراحل التطور ، فجعل البيع ذاته ناقلا للملكية إذ رتب في ذمة البائع التزاماً بنقلها إلى المشتري . ومن ذلك الحين أصبح البيع ناقلا للملكية في التقنينات الحديثة ، ومنها التقنين المصري السابق والتقنين المصري الجديد ، وإن كان الفقه الإسلامي قد تعجل هذا التطور وجعل البيع ناقلا للملكية قبل ذلك بدهور طويلة ، وسنرى ذلك عند تفصيل القول في هذا التطور فيما يلي ([28]) .

11 – خصائص عقد البيع – اشتباهه بعقود أخرى : وقد رأينا فيما تقدم أن أهم خصائص عقد البيع هو نقله لملكية حق في مقابل عوض نقدي ، $24 فهو إذن عقد معاوضة ناقل للملكية والثمن فيه نقد ([29]) . وهذه الخصائص وحدها تكون عادة كافية لتمييز عقد البيع عن غيره من العقود . فكونه معاوضة يميزه عن عقد الهبة مثلا ، الذي هو أيضاً ناقل للملكية ولكنه ليس معاوضة بل تبرعاً . وكونه ناقلاً للملكية يميزه عن عقد الإيجار مثلا ، الذي لا ينقل للمستأجر ملكية العين المؤجرة بل يقتصر على أن يرتب له حقاً شخصياً في ذمة المؤجر للانتفاع بالعين . وكون المقابل في عقد هو مبلغ من النقود يميز هذا العقد عن عقد المقايضة مثلا ، والمقابل في المقايضة ليس مبلغاً من النقود .

ومع ذلك قد يلتبس عقد البيع بهذه العقود ذاتها أو بعقود أخرى ، فيدق تمييزه عنها . ونضرب لذلك الأمثلة الآتية :

1 – قد يدق التمييز بين البيع والهبة إذا كانت الهبة مقابل عوض هو مبلغ من النقود . فقد يكون هذا المبلغ كبيراً إلى حد يقرب من قيمة الشيء الموهوب ، وعند ذلك يصح التساؤل هل العقد هبة بعوض أو هو بيع سمي الثمن فيه عوضاً ([30]) . والعبرة في التمييز بين فرض وآخر بنية التبرع ، فإذا كانت موجودة في جانب العاقد الذي أعطى الشيء كان العقد هبة مهما بلغ مقدار العوض ، وإلا فالعقد بيع ([31]) . ووجود نية التبرع مسألة واقع ، يقدرها قاضي الموضوع $26 وحده دون رقابة عليه من محكمة النقض ([32]) . ومما يرجح وجود هذه النية أن $27 يكون العرض في مصلحة شخص ثالث غير الواهب، بل قد يكون الموهوب له الحقيقي هو هذا الشخص الثالث وقد وسط الواهب المتعاقد الآخر بينهما ([33]).

2 – وقد يدق التمييز بين البيع والإيجار إذا وقع العقد لا على الشيء ذاته ، بل على ثمراته أو منتجاته . ويقال عادة إن الفرق بين الثمرات ( fruits ) والمنتجات ( produits ) هو أن الأولى دورية ( periodique ) تتجدد دون انتقاص ، أما الأخرى فتتناقص حتى تنفد . فمحصولات الأرض تعتبر ثمرات لأنها تتجدد في أوقات دورية ، أما الفحم والبترول والمعادن والحجر في المناجم والمحاجر فهذه كلها منتجات لأنها غير دورية بل إن مصيرها إلى النفاد . ومن ثم فقد قيل إن العقد إذا وقع على الثمرات فهو إيجار إذ يقع على منفعة الأرض المتجددة التي لا تنفد ، وإذا وقع على المنتجات فهو بيع إذ يقع على هذه المنتجات ذاتها لا على منفعة متجددة ([34]) . ويغلب أن يكون هذا صحيحاً ، ولكنه قد لا يصدق في بعض الحالات . فقد يبيع صاحب الأرض المحصول الناتج منها وهو لا يزال في الأرض ، فيكون العقد بيعاً لهذا المحصول لا إيجاراً للأرض . ويغلب في هذه الحالة ألا يسلم البائع الأرض للمشتري ولا يسلم له إلا المحصول ، وأن تكون مصروفات الزراعة على صاحب الأرض لا على المشتري . أما في الإيجار فتسلم الأرض للمستأجر للانتفاع بها ، وتكون مصروفات الزراعة $28 على المستأجر لا على صاحب الأرض ([35]) . ولكن لا يوجد ما يمنع من أن تكون مصروفات الزراعة أو بعضها في الإيجار على صاحب الأرض لا على المستأجر ، ولا أن تكون مصروفات إنتاج المحصول الذي باعه صاحب الأرض أو بعض هذه المصروفات على المشتري لا على صاحب الأرض . فالعبرة إذن بنية المتعاقدين ، هل أرادوا بيعاً أو إيجاراً ، وتتخذ الظروف الخارجية التي أشرنا إليها قرائن قضائية على هذه النية ، وقاضي الموضوع هو الذي يستخلص من هذه القرائن ومن غيرها دلالتها ، تقديره وتقدير موضوعي لا معقب عليه فيه من محكمة النقض ([36]) . فقد يؤجر صاحب المنجم أو المحجر منجمه أو محجره ليستغله المستأجر في مقابل أجرة دورية فيكون العقد إيجاراً لا بيعاً ، وتسري أحكام الإيجار وبخاصة ما يتعلق منها بتجديد الإيجار وبامتياز المؤجر وبطريقة الشهر ، وكل هذا يختلف تماماً عن الأحكام الخاصة بعقد البيع ([37]) .

 وهناك فرض آخر يدق فيه التمييز بين البيع والإيجار ، فقد يوصف العقد بأنه إيجار حتى إذا واظب المستأجر على دفع الأجرة لمدة معينة انقلب العقد بيعاً واعتبرت الأجرة أقساطاً للثمن . وهذا ما يسمى بالإيجار الساتر للبيع ( location – vente ) ، وقد ورد فيه نص خاص هو نص المادة 430 مدني ، ويقضي هذا النص بأن العقد يعتبر في هذه الحالة بيعاً لا إيجاراً فتسري عليه أحكام البيع . وسنعود إلى هذه المسألة تفصيلا في مكان آخر ([38]) .

$29 3 – وقد يترواح العقد بين أن يكون بيعاً أو مقايضة . مثل ذلك أن يتعاقد شخص مع آخر على أن يعطيه داراً في مقابل أحد شيئين يختاره المتعاقد الآخر ، مبلغ معين من النقود أو أرض معينة . فهنا العقد يكون بيعاً أو مقايضة بحسب المقابل الذي يختاره المتعاقد الآخر ، فإن اختار النقود كان العقد بيعاً ، وإن اختار الأرض كان العقد مقايضة . ولا يقع في هذا الفرض لبس ما ، وخصوصيته في أن العقد لا يتمحض منذ البداية بيعاً أو مقايضة ، ولا يعرف ذلك إلا عندما يختار المتعاقد الآخر المقابل الذي يدفعه . ولكن قد يدق التمييز فيما إذا أعطى شخص داراً لآخر في مقابل أوراق مالية أو سبائك ذهبية ، فهل يعتبر المقابل هنا بمثابة النقد فيكون العقد بيعاً ؟ الظاهر أن هذا المقابل ، وإن أمكنت معرفة قيمته نقداً بمجرد تبين سعر السوق ، إلا أن العبرة فيه هي بطبيعته وقت العقد ، وهو ليس نقداً ، فيكون العقد مقايضة لا بيعاً . وإذا كان المقابل إيراداً مرتباً مدى الحياة ، فقد ذهب البعض إلى أن المقابل ليس بنقود بل هو الحق في المرتب ، ومن ثم يكون العقد مقايضة . ولكن الصحيح أن العقد بيع قدر الثمن فيه – وهو نقود – على وجه احتمالي في صورة الإيراد ([39]) . وإذا كان المقابل بعضه نقود وبعضه غير نقود ، فإذا كان العنصر الغالب هو النقود ، كما إذا بيعت سيارة جديدة بألفين على أن يحسب من الثمن سيارة قديمة قدرت قيمتها بخمسمائة ، فالعقد بيع . أما إذا كان العنصر الغالب هو غير النقود ، كما إذا استبدلت سيارة بأخرى متقاربتين في القيمة مع دفع $30 معدل من النقود زهيد ، فالعقد مقايضة ([40]) .

وقد قدمنا أن عقد البيع قد يلتبس بعقود أخرى غير العقود الثلاثة المتقدمة الذكر ، ونستعرض بعض الأمثلة على ذلك .

1 – فقد يدق التمييز بين البيع والوفاء بمقابل . وقد قدمنا في الجزء الثالث من الوسيط ([41]) أن الوفاء بمقابل قد اختلف في تكييفه . فهو في جميع الأحوال ينقل ملكية شيء يعطي في مقابلة دين يوفى به ، فيسري عليه من حيث أنه ينقل الملكية أحكام البيع ، وبخاصة ما تعلق منها بأهلية المتعاقدين وضمان الاستحقاق وضمان العيوب . ويسري عليه من حيث أنه يقضي الدين أحكام الوفاء ، ويخاصة ما تعلق منها بتعيين جهة الدفع وانقضاء التأمينات ( أنظر م 351 مدني ) . وقد رأينا أن التكييف الصحيح للوفاء بمقابل أنه تجديد بتغيير محل الدين ، فيحل محل الدين الأصلي دين جديد ، ويقترن التجديد في الوقت ذاته بوفاء الدين الجديد عيناً بالشيء المعطي ([42]) . فيجمع الوفاء بمقابل بين خصائص التجديد وخصائص الوفاء ، ويسري عليه أحكام كل منهما . ثم هو في الوقت ذاته ناقل لملكية الشيء المعطي ، ومن هذه الناحية وحدها أشبه البيع وسرت عليه أحكامه ، وبخاصة ما تعلق منها بالأهلية والضمان كما سبق القول ([43]) .

2 – وقد يدق التمييز بين عقد البيع وعقد المقاولة . فإذا كان الصانع هو الذي ورد الخامات التي يصنعها ، وكانت الخامات أكبر قيمة من عمله ، فالعقد بيع . ومن ثم يكون العقد الذي يلتزم به صاحب المصنع أن يورد $31 مصنوعاته إلى العميل ، كما إذا تعهد بتوريد آلات أو أجهزة أو أسلحة أو بواخر أو سيارات أو غير ذلك ، هو بيع أشياء مستقبلة . أما إذا كانت الخامات أقل قيمة من العمل ، كالرسام يورد القماش ( toile ) أو الورق الذي يرسم عليه والألوان التي يرسم بها ، فهذه الخامات أقل بكثير من قيمة عمل الفنان ، ويكون العقد عقد مقاولة لا عقد بيع . والخياط ( الترزي ) إذا ورد القماش وكانت قيمته أقل من قيمة العمل فالعقد مقاولة ، وإذا كانت قيمته أكبر فالعقد بيع ([44]) .

وقد تتقارب قيمة القماش وقيمة العمل ، فالعقد يكون في هذه الحالة مزيجاً من بيع ومقاولة ([45]) . أما المقاول الذي يتعهد بإقامة مبني ، فإن كانت الأرض التي يقام عليها المبني ملكاً لرب العمل كما هو الغالب فالعقد مقاولة ، وإن كانت الأرض ملكاً للمقاول فالعقد بيع الأرض في حالتها المستقبلة أي بعد أن يقام عليها المبني ([46]) .

3 – وقد يدق التمييز بين عقد البيع وعقد الوديعة . فيقع أن يودع الشيء صاحبه عند آخر ليبيعة بمبلغ معين ، على أن يأخذ المودع عنده مقداراً معلوماً أجراً له . مثل ذلك أن يودع المؤلف نسخاً من كتابه في مكتبة ليبيعها صاحب المكتبة ، أو أن يودع تاجر الجملة مجوهرات عند تاجر التجزئة ليبيعها . ففي هذه الأحوال تكون النسخ أو المجوهرات مودعة عند صاحب المكتبة أو عند تاجر التجزئة ، وهذا إما أن يبيعها لحساب صاحبها فيكون وكيلا بالبيع بعد أن كان مودعاً عنده ، وهو وكيل بالأجر إذ يتقاضى أجراً معيناً على ما يقوم ببيعه . وإما أن يعتبر ، عندما يجد مشترياً ، أنه هو اشتراها أولا من صاحبها بثمن معين ، ثم باعها للعمل بثمن أكبر ، والفرق هو مكسبه . والقول بتكييف أو بآخر $32 يتوقف على نية المتعاقدين ، وهذه النية يستخلصها قاضي الموضوع من ظروف الواقع ([47]) .

4 – وقد يدق التمييز بين عقد البيع وعقد الوكالة . ويحدث ذلك مثلا في حالة الاسم المستعار أو المسخر ( prete – nom ) ، فإنه يشتري باسمه ما وكل في شرائه ، وتنتقل ملكية الشيء إليه ثم ينقل الملكية بعد ذلك بعقد جديد إلى الموكل . فينطوي التسخير إذن على عقد وكالة هو الذي أبرم بين الموكل والمسخر ، وعقدي بيع العقد الأول هو الذي أبرمه المسخر مع المتعاقد الآخر والعقد الثاني هو الذي أبرمه المسخر مع الموكل . ومن ثم لا يختلط البيع بالوكالة في هذه الحالة ، بل يقترن بها . وكذلك السمسار والقومسيونجي يقوم كل منها بشراء الشيء باسمه ولكن لحساب عملية ، ثم ينقله إلى العميل بعقد جديد ، $33 فيكون هناك عقد سمسرة ( وكالة ) مقترناً بعقدي بيع على النحو الذي رأيناه في المسخر ([48]) .

5 – وقد يدق التمييز بين عقد البيع وعقد القرض . ويحدث ذلك في مثل الفرض الآتي : يريد شخص أن يقترض من آخر ، فيعمد إلى شراء سلعة من المقرض بثمن مؤجل ، ثم يبيعها بثمن معجل ، فيصبح مديناً بالثمن المؤجل ويتقاضى في الوقت ذاته الثمن المعجل ، وترجع السلعة إلى صاحبها كما كانت . وتتكشف هذه  العملية المركبة عن أن المشتري إنما هو مقترض ، اقترض الثمن المعجل على أن يؤدي بدله الثمن المؤجل عند حلول الأجل ، ويكون الثمن المؤجل أعلى من الثمن المعجل والفرق بين الثمنين إنما هو فوائد القرض . وهذا ما يعرف في الفقه الإسلامي ببيع العينة ([49]) . والواجب في هذه الحالة استخلاص نية المتعاقدين ، ويغلب أن تكون هذه النية قد انطوت على قرض بربا فاحش ، احتال المتعاقدان للوصول إليه عن طريق بعين متعاقبين أحدهما بثمن مؤجل والآخر بثمن معجل . ومتى تبين للقاضي أن هذه هي نية المتعاقدين ، وجب أن يجري أحكام القرض وأن يسقط البيعين من حسابه ، ومن ثم ينقص الفوائد الفاحشة إلى الحد المسموح $34 به قانوناً . وقد كان بيع الوفاء قبل تحريمه يحقق هذا الغرض في كثير من الأحوال ، فيتخذ وسيلة إلى القرض بربا فاحش . فيتظاهر البائع وفاء أنه يبيع عيناً ، وإنما هو يرهنها عند المشتري وفاء فإذا رد القرض في الميعاد المضروب استرد العين ، ويكون المشتري قد استولى على الريع وهو يزيد عادة على الفوائد المسموح بها . وإذا لم يرد المقترض القرض في الميعاد ، ضاعت عليه العين . ومثل هذا العقد يجب اعتباره قرضاً مضموناً برهن ، وقد صدر تشريع في عهد التقنين المدني السابق يقضي بجعله باطلاً باعتباره بيع وفاء وباعتباره رهناً ، أما في التقنين المدني الجديد فقد حرم بيع الوفاء ذاته حتى لا يتخذ ذريعة لمثل هذه الأغراض ([50]) .

12 – أهمية عقر البيع وكيف حل محل المقايضة : وعقد البيع هو أكثر العقود شيوعاً في التعامل ، فهو قوام الحياة التجارية والمدنية . وحتى قبل أن تتسع ميادين التجارة وتتنوع ضروب البياعات التجارية ، كان البيع هو العقد الرئيسي في مراحل تطور الحضارة ، ولا تكاد تذكر العقود المسماة إلا ويكون على رأسها عقد البيع ([51]) .

ولم يكن البيع معروفاً في البداية ، بل سبقته المقايضة ( troc ) قبل أن يكشف الناس أن تكون وساطة التعامل فيما بينهم المعادن الثمينة ، ثم النقود . فكان الناس في أقدم العصور يتقاضون سلعة بسلعة ، ولكن المقايضة لم تكن تصلح إلا لجمعية بدائية حيث يمكن حصر السلع المرغوب فيها والتقايض عليها . فلما تقدمت الحضارة وتنوعت الحاجات ، أصبحت المقايضة كطريق للتعامل عسيرة التناول وقل أن تفي بالأغراض المختلفة التي جدت للناس . وكان لابد من إيجاد سلعة عامة تقوم بها جميع السلع ، وتكون هي الواسطة في التبادل . فكانت المعادن الثمينة هي السلعة المنشودة ، وبخاصة الذهب والفضة ، يزن المشتري منهما ثمن $35 ما يشتريه . ثم أنشئت دور لسك هذه المعادن ، ولم يكن للدولة رقابة عليها في البداية ، ثم أخذت الدولة تبسط رقابتها على هذه الدور إلى أن سيطرت عليها ، وأصبحت وحدها هي التي تسك العملة . وهكذا ظهرت النقود وساطة للتعامل ([52]) ، ومنذ ظهرت على هذا النحو ظهر معها عقد البيع ، وانتشر هذا العقد في جميع ضروب التعامل وحل محل المقايضة ، وأصبح هو العقد الأول الذي يتعامل به الناس . على أن كل هذا لم يتم إلا تدرجاً ، فلا تزال الحضارات القديمة تحمل أثر المقايضة في معاملاتها ، حتى أن الفقه الإسلامي يجعل البيع شاملا لها كما تقدم القول .

ولم تختف المقايضة تماماً من ميادين التعامل ، فقد يقع أن يتقايض شخصان شيئاً بشيء ، فإذا لم تتعادل القيمتان دخلت النقود ولكن في دور ثانوي كمعدل ( solute ) للقيمتين . ومن ثم نظم المشرع عقد المقايضة عقب عقد البيع ، دون أن يفيض في هذا التنظيم لقلة الحاجة إلى هذا العقد ولأن أحكامه هي عين أحكام البيع ، لا فرق بين العقدين إلا في طبيعة المقابل فهو نقد في البيع وعين في المقايضة . وحظ المقايضة في التعامل الخارجي أوفر من حظها في التعامل الداخلي ، فكثير من الدول في العصر الحاضر ، بعد تعقد شؤون النقد ، تتفق فيما بينها على تقايض السلع .

13 – تنظيم عقد البيع في التقنين المدني السابق : أفاض التقنين المدني السابق في تنظيم عقد البيع ([53]) ، فعوض بهذا التبسط اقتضابه في نصوصه النظرية العامة للعقد ، حتى كانت هذه النصوص تستخلص من النصوص المتعلقة بالبيع . على أنه بالرغم من تبسطه في تنظيم عقد البيع ، لم يراع ترتيباً علمياً واضحاً في تنسيق نصوصه ، ونترك الكلام للمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ، حيث تنعي هذا النقص على التقنين المدني السابق في العبارات الآتية : 

$36 (( أما البيع بوجه عام ، فلم يراع فيه التقنين الحالي ( السابق ) ترتيباً علمياً واضحاً . فقد خصص الفصل الأول لأحكام البيع ، ولكنه لا يكاد يذكر شيئاً من هذه الأحكام ، بل هو يعرف البيع ، ويذكر أركانه وأوصافه ، ويبين كيف يكون إثباته ، ويستعرض حالات معينة فيه ( بيع الجزاف والبيع بالتقدير والبيع بشرط التجربة ) ، ثم يقرر أن مصروفات العقد على المشتري وهذه هي المسألة الوحيدة التي يمكن إدخالها في أحكام البيع . أما المسائل الأخرى فمن الواضح أن العنوان الذي وضع لها لا يصدق عليها ، ثم إن كثيراً منها ليس إلا تكراراً لا فائدة فيه للقواعد العامة ، كالإثبات ( م 237 / 302 – 303 ) والبيع المعلق على شرط أو المقترن بأجل ( م 238 / 304 ) والبيع التخييري ( م 244 / 310 ) . وخصص الفصل الثاني للمتعاقدين ، فذكر الأهلية والرضا وخيار الرؤية ، ثم انتقل إلى بيع المريض مرض الموت وبيع عمال القضاء وبيع النائب لنفسه . وظاهر أن هذا خلط لا مسوغ له بين أركان العقد وأنواع معينة من البيوع كان الواجب أن ينفرد كل نوع منها بمكان خاص كما قدمنا ([54]) . وخصص الفصل الثالث للمبيع وقد التزم فيه شيئاً من المنطق ، إلا أنه أورد في هذا الفصل بيع ملك الغير وكان الواجب إفراده بمكان خاص ([55]) . وخصص الفصل الرابع لما يترتب على البيع ، والظاهر أنه يريد أحكام البيع الذي عنون بها خطأ الفصل الأول . وقد بسط في هذا الفصل التزامات البائع والتزامات المشتري على ترتيب لا يؤخذ عليه عيب واضح . وخصص الفصل الخامس للغبن في البيع ، وكان الأولى ألا ينفصل هذا الموضوع عن مكانه الطبيعي عند الكلام في تقدير الثمن )) ([56]) .

$37 14 – تنظيم عقد البيع في التقنين المدني الجديد – ما استحدث هذا التقنين من التعديلات : أما التقنين المدني الجديد فقد كان أسد منطقاً في ترتيب نصوصه ، إذا استعرض في أقسام ثلاثة رئيسية أركان البيع والتزامات البائع والتزامات المشتري .

ففي أركان البيع خص بالذكر المبيع والثمن ، استعرض حالات البيع بالعينة والبيع بشرط التجربة وبيع المذاق ، واشترط في الثمن أن يكون نقداً مقدراً أو قابلاً للتقدير ، ثم استطرد إلى الغبن على اعتبار أنه يرد قيداً على حرية المتعاقدين في تقدير الثمن .

واستعرض التزامات البائع ، وهي نقل الملكية والتسليم والضمان . فقرر في الالتزام بنقل الملكية ما هي الأعمال التي يجب أن يقوم بها البائع لتنفيذ هذا الالتزام ، وكيف تنتقل الملكية في الشيء المبيع جزافاً . وفي الالتزام بتسليم المبيع ذكر على أي شيء يقع التسليم ، وحدد طريقة التسليم ، ونعرض لحالة هلاك المبيع قبل التسليم فبين على من تقع تبعة هذا الهلاك . وفي الالتزام بالضمان ميز بين ضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية ، وبين في كل منهما متى يوجد الضمان وماذا يترتب عليه.

واستعرض أخيراً التزامات المشتري ، وهي دفع الثمن والمصروفات وتسلم المبيع . فقرر في الالتزام بدفع الثمن ما الذي يدفعه المشتري ، وبين مكان الوفاء وزمانه ، ثم ذكر ما يترتب من جزاء على عدم الوفاء بالثمن . واقتصر في الالتزام بدفع المصروفات على تقرير هذا الالتزام ، وفي الالتزام بتسلم المبيع على تقرير الزمان والمكان اللذين يتم فيهما التسليم ومن الذي يتحمل نفقته .

وقد توخى التقنين المدني الجديد في كل ما تقدم ألا يقرر حكماً يكون مجرد تطبيق للقواعد العامة ، إلا إذا كان فيه شيء من الخفاء ، أو كان في حاجة إلى تحديد ، أو كان من الأهمية العملية بحيث يحسن أن يسترعى له النظر ([57]) . وإذا $38 كان التقنين المدني السابق قد تبسط في تنظيم عقد البيع على النحو الذي قدمناه ، فإن التقنين المدني الجديد وجد مع ذلك  السبيل واسعاً إلى التنقيح ، فأضاف نصوصاً جديدة ، وحذف نصوصاً معقدة ، وعدل أحكاماً معيبة ، وصحح أخطاء وقعت في بعض النصوص . وهذه أمثلة على ما تقدم وردت في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ([58]) :

(( أضاف نصوصاً جديدة في البيع بالعينة ، وتقدير الثمن تبعاً لأسس معينة أو وفقاً للسعر المتداول في التجارة والبيع بثمن مقسط ، وأبقى حق المشتري ضمان الاستحقاق حتى لو اعترف وهو حسن النية بحق المتعرض ، كما أثبت للبائع حق التخلص من هذا الضمان إذا هو رد للمشتري ما دفعه للمستحق توقياً من استحقاق المبيع ، وأضاف إلى ضمان العيوب الخفية ضمان صلاحية المبيع للعمل )).

(( وحذف نصوصاً معقدة أو نصوصاً لا تعدو أن تكون مجرد تطبيق للقواعد العامة دون أن يكون في ذكرها فائدة . من ذلك إثبات البيع وما يدخل عليه من الأوصاف ، وأهلية كل من البائع والمشتري ، وعيوب الرضاء ، والبيع للأعمى ، والشروط العامة لمحل الالتزام ، والأثر الرجعي للشرط ، وظهور العيب في بعض الأشياء المبيعة دون البعض الآخر ، وحدوث عيب جديد بعد العيب القديم ، وهلاك المبيع بسبب العيب القديم ، وهلاكه بسبب عيب جديد أو بحادث قهري )) .

(( وعدل أحكاماً معيبة ، وحدد أحكاماً مبهمة ، وأوجز في أحكام مسهبة . من ذلك البيع بشرط التجربة والفرق بينه وبين بيع المذاق ، وعلم المشتري بالشيء المبيع ، وضمان القدر الذي يشتمل عليه المبيع ، وتبعة الهلاك الجزئي ، وثبوت ضمان الاستحقاق ولو كان حق الغير شخصياً ، وتقادم دعوى ضمان العيوب الخفية بسنة من وقت تسليم المبيع لا بثمانية أيام من وقت العلم بالعيب )) .

$39 (( وصحح أخطاء وقع فيها التقنين الحالي ( السابق ) . من ذلك تبعة الهلاك قبل التسليم في البيع بالتقدير ، وأحكام بيع المريض مرض الموت ، ونقل الملكية بالتسليم في المنقول )) .

(( هذا إلى أن ( التقنين الجديد ) نقل موضوعات من البيع إلى الالتزامات بوجه عام أو إلى الملكية لأنها موضوعات عامة تجاوز حدود البيع . من ذلك حوالة الدين ، وبيع الحقوق في التركات المنتظرة ، وهلاك المبيع في البيع المعلق على شرط ، ونقل الملكية في العقار والمنقول بالعقد ، وإضعاف التأمينات ، ونظرة الميسرة )) .

15 – خطة البحث : والخطة التي نتبعها في بحث عقد البيع أن نتكلم في أركان هذا العقد ، ثم في الآثار التي تترتب عليه في فصلين متعاقبين .

ونبحث أنواع البيوع التي أفرد لها التقنين الجديد مكاناً خاصاً بها – بيع الوفاء وبيع ملك الغير وبيع الحقوق المتنازع عليها وبيع التركة والبيع في مرض الموت وبيع النائب لنفسه – كل نوع في المكان المناسب له في الفصل الأول الذي خصصاناه لأركان البيع . وإذا كان المشرع ، من ناحية السياسة التشريعية ، وجد من المناسب أن يجمع هذه الأنواع من البيوع وأن يفرد لها مكاناً خاصاً بها حتى يسهل العثور عليها ، فإن الفقيه من ناحية البحث العلمي ، يتردد كثيراً في تعقب أثر المشرع في هذه الخطة ، ويجد من الأنسب أن يفرغ على كل نوع من هذه البيوع الثوب الفقهي الذي يلائمه في البيئة التي ينتمي إليها ، فإن هذا يعين كثيراً على تفهم طبيعة كل نوع ، فيسهل بذلك تكييفه تكييفاً قانونياً صحيحاً ، وهذا من أخص أعمال الفقه . ولا يصعب بعد ذلك العثور على كل نوع منها في المكان المناسب له ، ولا إيراد النواحي العملية وتطبيقات القضاء في كل نوع ، بحيث يمتزج كل هذا بتأصيل فقهي سليم يساعد كثيراً على إدراك حظ هذه التطبيقات العملية من الإصابة والسداد .


$40 الفصل الأول

أركان البيع

16 – تطبيق القواعد العامة : أركان العقد ، في نظريته العامة ، هي التراضي والمحل والسبب . والسبب في عقد البيع لا جديد يقال فيه يزيد على ما قيل في نظرية السبب في العقد بوجه عام . ويبقى بعد ذلك ركنان للبيع : التراضي والمحل .

الفرع الأول

التراضي في عقد البيع

17 – شروط الانعقاد وشروط الصحة والبيوع المشروطة :

هناك شروط للانعقاد في التراضي ، وشروط للصحة . وقد رأينا كل ذلك في العقد بوجه عام ، فنطبق هنا القواعد العامة على عقد البيع بالذات . ولما كانت هناك أوصاف كثيرة تدخل على الالتزامات العقدية ، فإن البيع من أوفر العقود حظاً في هذه الأوصاف ، وبخاصة في وصف منها هو الشرط .

فنتكلم إذن ، في مباحث ثلاثة متعاقبة ، في شروط الانعقاد في عقد البيع ، ثم في شروط الصحة ، ننتهي بالكلام في بعض بيوع مشروطة لها شأن ملحوظ في مجال التعامل .

$41 شروط الانعقاد

18 – التبايع أصالة والنيابة في التبايع : الأصل أن يتبايع المتعاقدان إصالة عن نفسيهما ([59]) . ولكن كثيراً ما يتم التبايع بطريق النيابة ، إما عن البائع وإما عن المشتري وإما عن كليهما .

المطلب الأول

التبايع إصالة

19 – القواعد العامة : عرفنا في القواعد العامة لنظرية العقد أن شروط الانعقاد في التراضي هي تلاقي القبول بالإيجاب وتطابقهما . وقد يكون التعاقد بين غائبين ، فيتم العقد في الزمان والمكان اللذين يصل فيهما القبول إلى علم الموجب ([60]) ، ويعتبر وصول القبول إلى الموجب قرينة على علمه به إلى أن يثبت العكس . وقد بسطنا القول في كل ذلك في النظرية العامة في العقد ، فتطبق هذه الأحكام في عقد البيع على النحو الذي قدمناه ([61]) .

$42 وقد يكون البيع صورياً ، وقد بحثنا الصورية في الجزء الثاني من الوسيط ، فنحيل إلى ما قدمناه في ذلك .

وقد يسبق البيع مرحلة تمهيدية ، وهذه هي الوعد بالبيع والبيع الابتدائي والبيع بالعربون .

وقد يتقابل المتبايعان البيع بعد أن أبرماه ، والتقايل عقد جديد يفسخ البيع الأول . وقد أشرنا إلى أحكام التقابل في النظرية العامة للعقد في الجزء الأول من الوسيط .

والذي نقف عنده هنا مسألتان نطبق فيهما القواعد العامة لنظرية العقد على عقد البيع بالذات :

( 1 ) تطابق الإيجاب والقبول ، من ناحية العناصر التي يتم فيها هذا التطابق ، ومن ناحية بعض الصور العملية للإيجاب والقبول ، ومن ناحية شكل البيع وطرق إثباته وقواعد تفسيره .

( 2 ) الوعد بالبيع والبيع الابتدائي والبيع بالعربون .

1 – تطابق الإيجاب والقبول

20 – العناصر التي يتطابق فيها الإيجاب والقبول : كانت المادة 557 من المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد تجري على الوجه الآتي : (( يتم البيع برضاء المتعاقدين أحدهما بالبيع والآخر بالشراء ، وباتفاقهما على المبيع والثمن )) . وهذا النص مأخوذ من المادة 236 / 301 من التقنين المدني السابق ، وكانت تصن على أنه (( لا يتم البيع إلا إذا كان برضاء المتعاقدين أحدهما بالبيع والآخر بالشراء وباتفاقهما على المبيع وثمنه )) . ولما تلى نص المشروع التمهيدي في لجنة المراجعة ، قررت هذه اللجنة حذفه ، لأن حكمه مستفاد من القواعد العامة ([62]) .

$43 فيجب إذن أن يتفق المتعاقدان على طبيعة العقد الذي يقصدان إبرامه ، وهو البيع . فلو قصد أحدهما رهناً وقصد الآخر بيعاً ، بأن قال صاحب الدار للمتعاقد الآخر خذ هذه الدار وأعطني ألفاً وقصد أن يرهنها بهذا المبلغ ، وقبل الآخر هذا الإيجاب معتقداً أن صاحب الدار يبيعها لا يرهنها ، فإن الإيجاب والقبول لم يتطابقا لا على البيع ولا على الرهن ، فلا يوجد بيع ولا رهن .

ويجب أن يتفقا على الشيء المبيع ، فلو كان للبائع داران وعرض على شخص أن يبيعه إحداهما فظن هذا أنه يبيع الدار الأخرى فقبل شراءها لم يتم البيع ، لأن المتعاقدين لم يتفقا على المبيع فقد قصد البائع أن يبيع داراً وقصد المشتري أن يشتري أخرى .

ويجب أخيراً أن يتفقا على الثمن ، فلو طلب البائع في الدار ألفاً ولم يقبل المشتري أن يشتريها إلا بتسعمائة لم يتم البيع لأن المتبايعين لم يتفقا على الثمن ([63]) .

$44 وإذا كان اتفاق المتبايعين على البيع والمبيع والثمن ضرورياً ليتم البيع ، فهو أيضاً كاف ، ولا ضرورة لتمام البيع لأن يتفقا على أكثر من ذلك ([64]) . فيتم البيع  $45 إذن حتى لو سكت المتبايعان عن تحديد وقت تسليم المبيع ، أو عن تحديد وقت دفع الثمن ، أو عما إذا كان الثمن المؤجل ينتج فوائد أو لا ينتج ، أو عمن يلتزم بدفع مصروفات البيع ، أو عن نحو ذلك من المسائل . فما دام المبتايعان قد اتفقا على البيع والمبيع والثمن فقد تم البيع ([65]) ، ويكون المبيع واجب التسليم فوراً ، ويكون الثمن واجب الدفع في الحال ، وإذا كان الثمن مؤجلا ولم يتفق على فوائد $46 لم تستحق الفوائد إلا في حالات خاصة ، وإذا لم يعرض المتبايعان لمن يلتزم بدفع مصروفات البيع فالمصروفات على المشتري . فها نحن نرى أن هذه المسائل التي لم يعرض لها المتبايعان قد تكفل القانون بحلها ، ولا يجوز بعد أن تم العقد على النحو الذي قدمناه لأحد من المتعاقدين أن يعدل عنه دون رضاء المتعاقد الآخر ([66]) .

ولكن إذا عرض المتعاقدان لشيء من هذه المسائل – ميعاد تسليم المبيع أو ميعاد دفع الثمن إلخ – ولم يتفقا على مسألة منها ، فإن البيع لا يتم ، لأنهما عرضا للمسألة ولم يتفقا عليها . وكذلك الحكم إذا احتفظ أحد المتبايعين بمسألة للاتفاق عليها فيما بعد ، فاحتفاظ المتعاقد بمسألة دليل على أنه قصد ألا يتم البيع إلا بعد الاتفاق عليها . ومع ذلك فقد نصت المادة 95 مدني على أنه (( إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد ، واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ، ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها ، فإن المحكمة تقضي فيها طبقاً لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة ([67]) )) .

وقد سبق بيان ذلك تفصيلا في الجزء الأول من الوسيط ([68]) .

وسبق كذلك بيان أن الأصل في الإيجاب ألا يكون ملزماً ، فيجوز للموجب الرجوع عنه إلى أن يلتقي به القبول . ولكن إذا مات من صدر له الإيجاب أو فقد أهليته بعد صدور القبول منه ، فإن ذلك لا يمنع من تمام البيع عند اتصال القبول بعلم الموجب ، وهذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل ([69]) .

$47 21 – صور عملية للإيجاب : قد يتخذ الإيجاب صوراً عملية مألوفة ، فتعمد المتاجر إلى عرض سلعها عن طريق النشرات والإعلانات و (( الكتالوجات )) وغيرها من وسائل الدعاية ، وتضع بياناً تفصيلياً لما تتجر فيه من السلع ، وتذكر أمام كل سلعة ثمنها . وقد يعمد المتجر إلى عرض عينات من السلع التي يبيعها على الجمهور في واجهة المكان الذي يتجر فيه ، ويضع إلى جانب كل سلعة منها بياناً بالثمن الذي يبيعها به ([70]) .

كل هذه صور عملية للإيجاب أصبحت الآن مألوفة في التجارة ، والخصيصة التي تشترك جميعاً فيها هي أن الإيجاب موجه لغير شخص معين بالذات ، إذ هو موجه للجمهور في مجموعه دون تمييز بين شخص وآخر . ومع ذلك يعتبر هذا إيجاباً صحيحاً ، لأن الموجب لا يعنيه شخص من يوجه إليه الإيجاب ، ولا يهمه إلا أن يبيع سلعته لأي شخص يتقدم لشرائها بالثمن الذي حدده لها . ومن ثم إذا تقدم أي شخص من جمهور الناس إلى المتجر ، وقبل أن يشتري السلعة المبنية في النشرة أو في الإعلان أو الكتالوج أو الموضوعة في الواجهة بالثمن المحدد لها ، كان هذا قبولا صحيحاً لإيجاب قائم ، ويتم عقد البيع على هذا الوجه بتطابق الإيجاب والقبول . ولا يستطيع صاحب المتجر أن يرفض ، بعد أن تم العقد على هذا الوجه ، تسليم السلعة للمشتري .

على أن هذا الحكم ترد عليه القيود الآتية :

1 – عرض السلع على الجمهور عن طريق النشرات والإعلانات و (( الكتالوجات )) يكون في الغالب دعوة إلى التعاقد لا إيجاباً كاملا ، فإذا تقدم شخص إلى صاحب المتجر وطلب منه أن يبيع له سلعة من السلع المبينة في نشرة أو إعلان أو (( كتالوج )) غير موجه إليه شخصياً ، كان هذا إيجاباً من صاحب $48 السلعة لا قبولا ، ويصدر القبول بعد ذلك من صاحب المتجر ، ولكن لا يجوز له أن يرفض القبول بعد أن دعا إلى شراء سلعته إلا إذا استند في ذلك إلى أسباب مشروعة ([71]) . أما إذا كانت النشرة أو الإعلان أو الكتالوج قد أرسل إلى شخص بالذات بعنوانه الشخصي ، وقد قصد صاحب المتجر أن يوجه إليه إيجاباً ، فإن هذا يعتبر إيجاباً كاملا ، فإذا استجاب له من وجه إليه كان هذا قبولا وتم البيع ، ولا يستطيع صاحب المتجر بعد ذلك أن يرجع في تعاقده . وكذلك عرض السلعة في واجهة المكان مصحوبة ببيان ثمنها يعتبر إيجاباً لا مجرد دعوة للتعاقد ، بالرغم من أن الإيجاب هنا موجه للجمهور لا لشخص معين بالذات ، فإذا قبل شخص هذا العرض كان هذا قبولا وتم البيع . أما إذا كانت السلعة غير معروضة في واجهة المكان ، بل كانت داخل المتجر مصحوبة ببيان ثمنها ، وكان دخول المتجر مباحاً للجمهور كما هي العادة ، وعرض صاحب المتجر على العميل سلعته وقد بين عليها ثمنها ، اعتبر هذا إيجاباً منه إذا قبله العميل $49 تم البيع . أما إذا لم يبين على ا لسلعة الثمن ، أو كانت هناك بيانات عن الثمن لا يستطيع العميل إدراك معناها وقد قصد بها أن ترشد صاحب المتجر إلى تحديد الثمن ، فإن عرض السلعة على العميل في هذه الحالة لا يعتبر إيجاباً ، بل يجب أن يبين صاحب المتجر ثمن السلعة حتى يقوم الإيجاب .

2 – في الحالات التي يقوم فيها الإيجاب من صاحب المتجر ، وبخاصة عن طريق النشرات والإعلانات والكتالوجات ، يكون المفروض أن صاحب المتجر يعرض سلعته ما بقي عنده منها شيء . فإذا نفدت السلعة ، ثم أتى عميل بعد ذلك يطلبها ، كان لصاحب المتجر أن يعتبر نفاد السلعة بمثابة رجوع منه في الإيجاب جرى العرف أن ينتج أثره من غير حاجة إلى إعلانه ([72]) ، فلا يكون التاجر ملزماً بإجابة العميل إلى طلبه .

3 – الإيجاب الذي يقوم على هذا الوجه قد يحدد له ميعاد يبقى فيه قائماً ، فإذا انقضى الميعاد سقط الإيجاب من تلقاء نفسه . أما إذا لم يحدد ميعاد ، فالمفروض أن صاحب المتجر إنما قصد أن يقوم إيجابه في خلال مدة معقولة تحدد حسب ظروف المتجر ونوع البضاعة والمألوف في التجارة . فإذا تقدم عميل بعد انقضاء هذه المدة ، لم يكن التاجر ملزماً بإجابته إلى طلبه .

4 – إذا لم يكن عند صاحب المتجر شيء من السلعة وقت أن أصدر إيجابه على النحو السابق ، فليس ذلك مبرراً إلى أنه لا يجيب أي عميل إلى ما يطلب ، وإلا كان الإيجاب الذي أصدره لا معنى له . وإنما هو أراد بإيجابه أن يتعهد لمن يطلب السلعة بأن يوردها له في وقت مناسب . فما دامت المدة المعقولة لقيام الإيجاب لم تنقض ، كان لأي عميل الحق في طلب السلعة بالثمن المحدد ، وعلى صاحب السلعة توريدها له في وقت مناسب بهذا الثمن ، وليس له أن يحتج بأن السلعة لم تكن عنده ليكون حكمها حكم السلعة التي نفدت ([73]) .

هذا وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل في هذا الصدد $50 على النص الآتي ( م 143 من المشروع ) : (( 1 – يعتبر عرض البضائع مع بيان ثمنها إيجاباً . 2 – أما النشر والإعلان وبيان الأسعار الجاري التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعروض أو طلبات موجهة للجمهور أو للأفراد ، فلا يعتبر عند الشك إيجاباً ، وإنما يكون دعوة إلى التفاوض ([74]) )) . فحذفت لجنة المراجعة هذا النص لعدم الحاجة إليه ، إذا يسهل على القضاء تطبيق هذا الحكم دون نص عليه ([75]) .

22 – شكل عقد البيع : ويخلص مما تقدم أن عقد البيع ليس له شكل خاص ، فهو ليس بعقد شكلي ، بل هو عقد رضائي . فمتى تم الاتفاق على البيع والمبيع والثمن ، فقد تم البيع ، دون حاجة إلى ورقة رسمية بل ولا إلى ورقة عرفية . فمجرد تطابق الإيجاب والقبول يكفي ، شأن البيع في ذلك شأن كل عقد من عقود التراضي ([76]) .

$51 على أنه قد ينص القانون في بعض حالات استثنائية على شكل معين لأنواع خاصة من البيوع ، وذلك كبيع السفينة وبيع براءات الاختراع والعلامات التجارية ([77]) .

وقد يتفق الطرفان على أن يكتب بالبيع ورقة رسمية أو ورقة عرفية . وهذا الاتفاق يمكن أني قصد به أحد أمور ثلاثة :

( الأمر الأول ) أن يكون المتبايعان قد أرادا باتفاقهما هذا بيعاً كاملا باتا ، وإنما اتفقا على أن يعدا ورقة رسمية أو ورقة عرفية كدليل لإثبات هذا البيع ، إمعاناً منهما في الحصول على وسيلة قوية للإثبات . ويسمى هذا الاتفاق بالعقد الابتدائي ، وحقيقته أنه بيع كامل يؤخذ فيه بالشفعة ، وإذا مات أـحد المتبايعين قبل إعداد الورقة المتفق عليها كانت الورثة باعتبارهم ممثلين للتركة ملتزمين مكانه بالمساهمة في إعداد هذه الورقة . وسنعود إلى هذه المسألة بتفصيل أوفى عند الكلام في العقد الابتدائي . ولا يكون  البيع الابتدائي في هذه الحالة عقداً شكلياً ، بل يبقى عقداً رضائياً ، أما البيع النهائي فيكون عقداً شكلياً بموجب الاتفاق . فإذا امتنع أحد الطرفين من المساهمة في إعداد الورقة المتفق عليها أمكن الطرف الآخر إجباره على ذلك قضاء ، بأن يحصل على حكم بثبوت البيع منذ الاتفاق الأول ، ويحل الحكم محل الورقة العرفية أو الرسمية المتفق عليها .

( الأمر الثاني ) أن يكون المتعاقدان قد قصدا باتفاقهما مجرد وعد بالبيع ، وأن البيع لا يتم إلا عند كتابة الورقة العرفية أو الرسمية . وقد يكون هذا الوعد من جانب أحد الطرفين ، أو من جانب كل من الطرفين . فإذا أخل الواعد $52 بالتزامه ولم يساهم في إتمام البيع بكتابة الورقة المتفق عليها ، أجبره الطرف الآخر على تنفيذ التزامه عينا بالحصول على حكم يقوم مقام عقد البيع . والبيع في هذه الحالة يكون شكلياً لا يتم إلا بكتابة الورقة المتفق عليها أو بالحكم الذي يصدر لإجراء البيع ، ولا يعتبر الحكم موجوداً إلا من وقت كتابة الورقة أو من وقت صدور الحكم ، بخلاف الحالة الأولى فقد رأينا أن البيع يكون موجوداً من وقت الاتفاق الأول .

( الأمر الثالث ) أن يكون الطرفان لم يقصدا لا بيعاً كاملا باتا كما في الحالة الأولى ، بل ولا مجرد وعد بالبيع كما في الحالة الثانية . وإنما قصدا إعداد مشروع للبيع يحدد شروطه مبدئياً ، على أن يتم البيع بعد ذلك بكتابة الورقة العرفية أو الرسمية . وفي هذه الحالة لا يكون هذا المشروع ملزماً لأحد منهما ، ويستطيع كل منهما الامتناع عن إبرام البيع ولا يجوز للطرف الآخر إجباره على ذلك عن طريق القضاء . فإذا ما قبل الطرفان إبرام البيع بعد ذلك عن طريق كتابة الورقة المتفق عليها ، فإن البيع يتم ولكن من وقت كتابة الورقة ، ويكون البيع شكلياً في هذه الحالة ([78]) .

$53 23 – إثبات عقد البيع : عقد البيع يثبت طبقاً للقواعد العامة في الإثبات . وتعتبر قيمة البيع بمقدار الثمن ، فإذا بيعت دار بألف كان التزام البائع بنقل ملكية الدار قيمته ألف لأن الدار قومت بهذا المقدار ([79]) . وكان التزام المشتري بدفع الثمن قيمته ألف بطبيعة الحال .

ومن ثم يثبت عقد البيع بالبينة أو بالقرائن إذا كان الثمن لا يزيد على عشرة جنيهات ([80]) . فإذا زاد الثمن على هذا المقدار ، أو كان غير معلوم القيمة بأن كان إيراداً مرتباً مدى الحياة مثلا ، لم يجز إثبات البيع إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها طبقاً للقواعد العامة ([81]) . ويقوم مقام عقد البيع الحكم النهائي القاضي بوقوع البيع وصحة التعاقد ([82]) .

24 – تفسير عقد البيع : عقد البيع ، كسائر العقود ، تجري عليه القواعد العامة في تفسير العقد.

فإذا كانت عبارات البيع واضحة ، لم يجز الانحراف عنها من طريق تفسيرها $54 للتعرف على إرادة المتبايعين ( م 150/1 مدني ) . ففي تفسير الشروط الظاهرة لا تجيز محكمة النقض لقاضي الموضوع أن ينحرف عن معناها الظاهر إلى معنى آخر ، ويعتبر الانحراف عن عبارة العقد الواضحة تحريفاً لها ومسخاً وتشويهاً مما يوجب نقض الحكم .

أما إذا كانت عبارات البيع غير واضحة ، وجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ ( 150 / 2 مدني ) . ويستهدي القاضي ، للكشف عن هذه النية المشتركة ، بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين ، وفقاً للعرف الجاري في المعاملات .

وإذا قام شك في التعرف على النية المشتركة للمتعاقدين ، فسر عقد البيع بما فيه مصلحة الملتزم ، البائع أو المشتري ، فإن كلا منهما ملتزم بعقد البيع ( م 151/1 مدني ) . أما التقنين المدني الفرنسي فقد نصت المادة 1602/2 منه على أن (( الشروط الغامضة في عقد البيع تفسر لمصلحة المشتري وضد البائع )) ، أي سواء كان البائع هو الدائن أو المدين ([83]) .

وإذا كان البيع من عقود الإذعان ، فلا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة فيه ضاراً بمصلحة الطرف المذعن ( م 151/2 مدني ) . ففي التعاقد مع شركة المياه وشركة النور وشركة الغاز يكون العميل مشترياً للمياه والنور والغاز بشروط أملتها عليه الشركة ، ولا يستطيع هو إلا أن يذعن لها . فإذا كان هناك غموض في التزامات الشركة ، فسر هذا الغموض ، لا لمصلحة الشركة المدينة كما كانت القواعد العامة تقضي فيما قدمناه ، بل لمصلحة العميل إذ هو الطرف المذعن ([84]) .

$55 2 – الوعد بالبيع والبيع الابتدائي والبيع بالعربون

25 – مرحلة تمهيدية للبيع النهائي : فرضنا فيما قدمناه أن المتبايعين قد عقدا العزم على التبايع ، فأبرما عقد بيع نهائي . ولكن يقع كثيراً أن يمر المتعاقدان بمرحلة تمهيدية ، تؤدي على وجه محقق أو غير محقق إلى البيع النهائي . وهذه المرحلة التمهيدية نفسها متدرجة ، فقد تكون مجرد وعد بالبيع ، وقد تصل إلى أبعد من ذلك فتكون بيعاً ابتدائياً ، وكثيراً ما يقترن بالبيع الابتدائي عربون يجيز للعاقد الرجوع في البيع . وقد سبق أن استعرضنا هذه المرحلة التمهيدية في التعاقد بوجه عام ([85]) ، وتطبق هنا الأحكام التي سبق أن فصلناها في العقد على عقد البيع بالذات .

فتستعرض : ( أولاً ) الوعد بالبيع ( ثانياً ) البيع الابتدائي ( ثالثاً ) البيع بالعربون .

أولاً – الوعد بالبيع

26 – صورة ثلاث للوعد بالبيع : قد يتفق المتعاقدان ، لا على بيع نهائي ، بل على مجرد وعد بالبيع . والوعد بالبيع له صور ثلاث :

( الصورة الأولى ) الوعد بالبيع من جانب واحد ( promesse de vente ) . وفي هذه الصورة يعد صاحب الشيء المتعاقد الآخر أن يبيع منه هذا الشيء إذا رغب الآخر في شرائه في مدة معينة . فيكون صاحب الشيء هو الملزم وحده بالبيع إذا أظهر الطرف الآخر رغبته في الشراء ، أما الطرف الآخر فلا يكون ملزماً بالشراء ، بل هو حر إن شاء أظهر رغبته في الشراء فيتم البيع النهائي ، وإن شاء امتنع عن إظهار هذه الرغبة فلا يتم البيع ، بل ويسقط الوعد بالبيع .

$56 ( الصورة الثانية ) الوعد بالشراء من جانب واحد ( promesse d'achat ) . وفي هذه الصورة يعد المتعاقد الآخر صاحب الشيء أن يشتري منه هذا الشيء إذا رغب الأول في بيعه في مدة معينة . فهذه ، كما نرى ، الصورة العكسية للصورة الأولى . ويكون المتعاقد الآخر هو الملتزم وحده بالشراء إذا رغب صاحب الشيء في بعيه ، أما صاحب الشيء فلا يكون ملزماً بالبيع ، بل هو حر إن شاء أظهر رغبته في البيع فيتم البيع النهائي ، وإن شاء امتنع عن إظهار هذه الرغبة فلا يتم البيع بل ويسقط الوعد بالشراء .

( الصورة الثالثة ) الوعد بالبيع وبالشراء ( promesse de vente et d'achat ) وتحتها حالتان ، حالة الوعد بالبيع وبالشراء من جانب واحد وحالة الوعد بالبيع وبالشراء من الجانبين . ففي الوعد بالبيع وبالشراء من جانب واحد يجتمع الوعد بالبيع ملزماً لجانب صاحب الشيء دون المتعاقد الآخر ، والوعد بالشراء ملزماً للمتعاقد الآخر دون صاحب الشيء ، أي تجتمع الصورتان المتقدمتان . فيكون صاحب الشيء ملزماً ببيعه إذا أظهر المتعاقد الآخر رغبته في الشراء في المدة المحددة ، وقد لا يظهر هذه الرغبة فيسقط الوعد بالبيع كما قدمنا . ويكون ، من ناحية أخرى ، المتعاقد الآخر ملزماً بالشراء إذا أظهر صاحب الشيء رغبته في البيع في المدة المحددة ، وقد لا يظهر هذه الرغبة فيسقط الوعد بالشراء كما قدمنا . ونرى من ذلك أن هناك احتمالا في هذه الحالة أن كلا من صاحب الشيء والمتعاقد الآخر ، الأول لا يظهر رغبته في البيع والثاني لا يظهر رغبته في الشراء ، فيسقط كل من الوعد بالبيع والوعد بالشراء في وقت واحد . وهذا بخلاف الوعد الوعد بالبيع وبالشراء من الجانبين ، فهذا وعد ملزم للجانبين وهو بيع كامل ، وليس هو اجتماع وعد بالبيع ملزم لجانب واحد ووعد بالشراء ملزم لجانب واحد ، وسنرى تفصيل ذلك فيما يلي :

1 – الوعد بالبيع من جانب واحد

27 – أمثلة عملية : يحدث كثيراً أن يجد الشخص نفسه في حاجة إلى الحصول من آخر على وعد بالبيع دون أن يتقيد هو بالشراء .

$57 فالمستأجر لدار قد يقوم عنده احتمال في أن يشتريها ، ولكنه لا يريد أن يتقيد بالشراء منذ البداية ، إما لأنه يريد تجربة الدار وقتاً كافياً وهو يسكنها كمستأجر ، وإما لأنه في حاجة إلى وقت لتدبير ثمن الدار وقد لا يستطيع تدبيره ، وإما لأي سبب آخر . ففي هذه الحالة يحصل ، إذا استطاع ، من صاحب الدار على وعد ببيعها منه إذا أبدى المستأجر رغبته في الشراء في مدة معينة تكون غالباً هي مدة الإيجار . فيتسع للمستأجر الوقت لتجربة الدار أو لتدبير لثمن ، وقد لا تعجبه الدار أو لا يتيسر له تدبير الثمن ، فلا يظهر رغبته في الشراء ومن ثم يسقط الوعد . أما إذا أعجبته الدار أو تيسر له تدبير الثمن فما عليه إلا أن يبدي رغبته في الشراء فيتم البيع ([86]) .

وقد يقع أن شخصاً يريد إنشاء مصنع على أرض معينة ، فيستأجرها من صاحبها ويقيم عليها المصنع . ويحصل في الوقت ذاته على وعد من صاحب الأرض ببيعها منه في مدة معينة إذا رغب في شرائها . فإذا هو دبر المال اللازم للشراء ، أبدي رغبته في أن يشتريها فيتم البيع ، وقد أتيح له بذلك الوقت الكافي لتدبير الثمن .

وقد يقع أن يكون بناء مستشفى أو مدرسة أو نحو ذلك يقتضي أن يقوم البناء على قطع متجاورة من الأرض لملاك مختلفين ، فيعمد من يريد البناء إلى الحصول على وعد بالبيع من كل مالك على حدة ، حتى إذا اكتمل له وعود من جميع الملاك ، أبدي رغبته في الشراء ، فيتم البيع في جميع القطع اللازمة للبناء .

 $58 ويمكن الأكثار من هذه الأمثلة العملية التي يحتاج فيها الشخص إلى الحصول على وعد بالبيع دون أن يتقيد هو بالشراء ([87]) . وفيها جميعاً يكون الوعد بالبيع $59 عقداً ملزماً لجانب واحد ، هو جانب صاحب الشيء الذي وعد ببيعه . فنظر كيف ينعقد هذا الوعد بالبيع ، ثم نستعرض الآثار التي تترتب عليها إذا انعقد صحيحاً .


28 – كيف ينعقد الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد انعقاداً صحيحاً :

 رأينا في الجزء الأول من الوسيط ([88]) أن المادة 101 مدني تنص على أن (( 1 – الاتفاق الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها . 2 – وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين ، فهذا الشكل تجب مراعاته أيضاً في الاتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام هذا العقد ([89]) .

ونرى من ذلك أن الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد ليس مجرد إيجاب من الواعد ، بل هو عقد لا بد فيه من إيجاب وقبول من الواعد والموعود له ([90]) . ذلك أنه قد يتصور أن صاحب الدار مثلا يصدر منه إيجاب ببيع الدار لشخص آخر ويتضمن الإيجاب مدة معينة لقبوله فيكون هذا الإيجاب ملزماً . ولكنه لا يكون الوعد بالبيع الذي نقصده هنا . والفرق بينهما أن الوعد بالبيع وسط بين هذا الإيجاب الملزم والبيع النهائي . ففي الوعد بالبيع يتفق كل من الواعد والموعد له على أن يبيع الواعد الدار إذا أبدى الموعود له رغبته في شرائها خلال مدة معينة ، فهذا أكثر من إيجاب ملزم لأنه إيجاب قد اقترن به القبول من الطرف الآخر . ولكنه لا يزال دون البيع النهائي ، لأن كلا من الإيجاب والقبول لم ينصب على البيع ذاته بل على مجرد وعد بالبيع . ولذلك يكون الوعد مرحلة دون البيع النهائي وفوق الإيجاب الملزم ، ففي الإيجاب الملزم لم يلتزم الموجب وعداً بالبيع بل التزم بالبقاء على إيجابه المدة المحددة . ثم إن الوعد مرحلة دون البيع النهائي وفوق الإيجاب الملزم ، ففي الإيجاب الملزم لم يلتزم الموجب وعداً بالبيع بل التزم بالبقاء على إيجابه المدة المحددة . ثم إن الوعد $60 بالبيع ، من الناحية العملية ، مرحلة أقوى وأكثر ثباتاً في إلزام الواعد من مرحلة الإيجاب الملزم ، وتكون المدة المحددة للوعد أطول عادة من المدة المحددة للإيجاب الملزم ([91]) .

ويخلص من المادة 101 مدني التي تقدم ذكرها أنه يشترط لانعقاد الوعد بالبيع الاتفاق على جميع الأركان والمسائل الجوهرية للبيع الموعود به . فيجب أن يتفق الواعد والموعود له على المبيع والثمن وعلى جميع شروط البيع التي يريان الاتفاق عليها ، وذلك حتى يكون السبيل مهيأ لإبرام البيع النهائي بمجرد ظهور رغبة الموعود له في الشراء . ويجب أيضاً أن يحدد المتعاقدان مدة يظهر في خلالها الموعود له رغبته في الشراء ، حتى إذا انقضت هذه المدة ولم تظهر هذه الرغبة سقط الوعد . ونرى من ذلك أن أقل ما يجب أن يتم الاتفاق عليه لانعقاد الوعد بالبيع هو ما يأتي . ( 1 ) العين المراد بيعها ، مع تعيينها التعيين الواجب شأن كل مبيع . ( 2 ) الثمن الذي تباع به ، مع تحديده تحديداً كافياً شأن كل ثمن ([92]) . ( 3 ) المدة التي يجب في خلالها على الموعود له أن يظهر رغبته في الشراء ، وقد يكون الاتفاق على هذه المدة اتفاقاً ضميناً ، كما رأينا في حالة المستأجر الموعود ببيع العين المؤجرة عندما يتبين من الظروف أن مدة الوعد هي مدة الإيجار ([93]) . فإذا لم تزد المسائل المتفق عليها في الوعد بالبيع على ما تقدم ، وأبرم $61 البيع بعد ذلك بظهور رغبة الموعود له في الشراء ، فإن بقية شروط البيع تستخلص من أحكام القانون ، كما هو الأمر في أي بيع آخر . فيكون تسليم المبيع واجباً في الحال ، ويكون الثمن واجب الدفع فوراً ، ويكون حق المشتري في الثمار وحق البائع في تقاضي فوائد عن الثمن ومصروفات البيع وكيفية تسليم المبيع وضمان الهلاك وضمان الاستحقاق والعيوب الخفية وغير ذلك من المسائل الكثيرة التي يشتمل عليها عقد البيع خاضعة للأحكام التي تسري على البيع ووفقاً للقواعد التي قررها القانون في هذا الشأن .

ولما كان عقد البيع عقداً رضائياً كما قدمنا ، فإن عقد الوعد بالبيع هو أيضاً عقد رضائي لا يشترط لانعقاده شكل خاص ، شأنه في ذلك شأن البيع . وإذا كانت الفقرة الثانية من المادة 101 مدني تقضي بأنه إذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين فهذا الشكل تجب مراعاته أيضاً في الاتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام هذا العقد ، فإن عقد الوعد بالبيع لا يدخل في مضمون هذا النص ، إذ لم يشترط القانون لتمام البيع استيفاء شكل معين كما سبق القول . وهذا ما لم نكن في حالة من الحالات الاستثنائية التي يكون فيها البيع شكليا ([94]) ، فعندئذ يجب أن يستوفي الوعد بهذا البيع نفس الشكل الخاص الذي يجب أن يستوفيه البيع ([95]) .

$62 ولما كان الوعد بالبيع هو خطوة نحو البيع النهائي كما قدمنا ، فإن شروط البيع – لا من حيث الانعقاد فحسب بل أيضاً من حيث الصحة – تكون مطلوبة في الوعد بالبيع . فتعتبر الأهلية بالنسبة إلى الواعد وقت الوعد ، ومن ثم يجب أن يكون الواعد أهلاً للبيع النهائي وقت الوعد ولو فقد الأهلية وقت إبرام العقد النهائي بأن حجر عليه مثلا . وتعتبر عيوب الإرادة بالنسبة إلى الواعد وقت الوعد أيضاً ، فإنه لا يصدر منه رضاء بعد ذلك إذ البيع النهائي يتم بمجرد ظهور رغبة الموعود له كما سيجيء . أما أهلية الموعود له فتعتبر وقت البيع النهائي لا وقت الوعد ، فيصح أن يكون قاصراً وقت الوعد بشرط أن تتوافر فيه أهلية التصرف وقت ظهور رغبته في الشراء ، ذلك أنه لا يلتزم بشيء وقت الوعد وإنما يلتزم عند البيع النهائي . على أنه يجب أن تتوافر فيه أهلية التعاقد – أي التمييز – وقت الوعد ، لأن الوعد كما قدمنا عقد وهو أحد طرفيه . أما عيوب الإرادة فتعتبر بالنسبة إليه وقت الوعد ووقت البيع النهائي معاً ، إذ أنه يصدر منه رضاء في كل من هذين الوقتين ، فيجب أن يكون رضاؤه في كل منهما صحيحاً ([96]) .

ويكفى أن تتوافر مشروعية المحل والسبب وقت البيع النهائي ، حتى لو لم تكن متوافرة وقت الوعد ([97]) .

$63  29 – الآثار التي تترتب على الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد : إذا انعقد الوعد بالبيع صحيحاً على النحو الذي قدمناه ، وجب في بيان الآثار التي تترتب عليه التميز بين مرحلتين : ( 1 ) قبل ظهور رغبة الموعود له في الشراء في خلال المدة المحدودة ( 2 ) بعد ظهور هذه الرغبة أو بعد انقضاء المدة المحددة دون ظهورها .

30 – الآثار التي قد تترتب قبل ظهور الرغبة : قدمنا أن الوعد بالبيع عقد ملزم لجانب واحد هو الواعد بالبيع ، فلا يترتب أي التزام في جانب الموعود له . والالتزام الذي يترتب في ذمة الواعد هو التزام بعمل ( obligation de faire ) ، وهذا العمل هو أن يبرم عقد بيع نهائي مع الموعود له إذا أظهر هذا رغبته في الشراء في المدة المحددة ([98]) . ونرى من ذلك أن حق الموعود له في هذه المرحلة – أي قبل ظهور رغبته – حق شخصي لا حق عيني ، فلا تنتقل إليه ملكية الشيء الموعود ببيعه . ويترتب على ذلك أمران :

( الأمر الأول ) أن الواعد بالبيع يبقى مالكاً للشيء الذي وعد ببيعه . فله أن يتصرف فيه ، وله أن يؤجره وأن يحصل على غلته ، وذلك إلى وقت إبرام البيع النهائي ([99]) . ويسرى بوجه عام تصرف الواعد في حق الموعود له . فإذا كان الشيء الموعود ببيعه عقاراً ، وباع الواعد العقار من آخر ، وسجل البيع قبل ظهور رغبة الموعود له في الشراء ، بل وبعد ظهور هذه الرغبة إذا لم يتمكن الموعود له من تسجيل البيع  النهائي الذي تم بظهور رغبته في الشراء قبل تسجيل البيع الأول ، فإن تصرف الواعد يسري في حق الموعود له . أما إذا كان الشيء الموعود ببيعه منقولا معيناً بالذات ، وتصرف فيه الواعد قبل ظهور رغبة الموعود له في الشراء ، سرى التصرف في حق الموعود له وليس لهذا إلا الرجوع   $64 بتعويض على الواعد ([100]) . فإذا كان تصرف الواعد في المنقول قد صدر بعد ظهور رغبة الموعود له في الشراء ، لم يسر التصرف في حق الموعود له ، بل اعتبر البيع الصادر له قد أبرم أولا فتنتفل إليه ملكية المنقول . وهذا كله مع مراعاة القاعدة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية ، فإذا تصرف الموعود له في المنقول ، سواء كان هذا قبل ظهور رغبة الموعود له في الشراء أو بعد ظهور هذه الرغبة ، فأيهما تسلم العين أولا – الموعود له أو من تصرف له الواعد – يكون مالكاً للعين إما بموجب عقد البيع النهائي وإما بموجب الحيازة ، ويرجع الآخر بتعويض على الواعد .

( الأمر الثاني ) أنه إذا هلك الشيء الموعود ببيعه قضاء وقدراً ، تحمل الواعد تبعة هلاكه ([101]) ، لا لأنه هلك قبل التسليم كما يكون الأمر لو أن البيع النهائي $65 قد أبرم ، بل لأن الواعد لا يزال هو المالك والأصل أن الشيء يهلك على مالكه . وكهلاك الشيء نزع ملكيته ، يتحمل الواعد تبعته ([102]) .

31 – الآثار التي تترتب بعد ظهور الرغبة أو بعد انقضاء المدة دون ظهورها : وننتقل الآن إلى المرحلة الثانية ، وفيها يقع أحد شيئين : ( 1 ) إما أن يظهر الموعود له رغبته في الشراء في خلال المدة المحددة ( 2 ) وإما أن تنقضي المدة المحددة دون أن يظهر هذه الرغبة .

ففي الحالة الأولى تظهر رغبة الموعود له في الشراء صراحة أو ضمناً ، بشرط أن يكون ذلك في المدة المحددة . وتظهر الرغبة ضمناً فيما إذا تصرف الموعود له في الشيء الموعود ببيع أو إيجار أو غير ذلك ، مما تستخلص منه نيته في أنه اعتبر الشيء مملوكاً له فتصرف فيه على هذا النحو . فإذا ظهرت رغبة الموعود له في شراء الشيء الموعود به ، فإن البيع النهائي يتم بمجرد ظهور هذه $66 الرغبة ، ولا حاجة لرضاء جديد من الواعد ([103]) . ويعتبر البيع النهائي قد تم من وقت الرغبة لا من وقت الوعد ، على أساس أن ظهور الرغبة يعد إيجاباً من جانب الموعود له ، وهو إيجاب مقبول من الواعد فقد التزم هذا أن يقبله بموجب الوعد الصادر منه ([104]) . فيتم البيع النهائي ، على هذا الوجه ، من وقت ظهور الرغبة ([105]) . والأمر واضح فيما إذا كان الشيء الموعود ببيعه عيناً منقولة $67 معينة بالذات ، ككتاب أو سيارة أو جهاز أو آلة ، فإن البيع النهائي يعتبر قد تم بمجرد ظهور رغبة الموعود له في الشراء ، وتنتقل ملكية العين إلى الموعود له الذي أصبح الآن مشترياً ، ويلتزم هذا بدفع الثمن المتفق عليه للواعد الذي أصبح الآن بائعاً ، وتسري أحكام البيع في سائر المسائل . أما إذا كان الشيء والموعود ببيعه عقاراً ، فالبيع يتم أيضاً بمجرد ظهور رغبة الموعود له في الشراء ، ولكن الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل . فعلى البائع ( الواعد ) أن يقوم بالأعمال الواجبة لكتابة العقد والتصديق على إمضائه حتى يكون العقد معداً للتسجيل ، فإن هو امتنع عن ذلك أو نازع في أن العقد النهائي قد تم جاز للمشتري ( الموعود له ) أن يحصل على حكم بثبوت البيع يقوم مقام العقد ، ومتى سجل هذا الحكم انتقلت الملكية إليه ([106]) .

وفي الحالة الثانية ، إذا لم يظهر الموعود  له رغبته في الشراء ، تحلل الواعد من وعده وسقط الوعد ([107]) ، وصار الواعد في حل بعد ذلك أن يتصرف الشيء لمن يشاء . وهذا وهو الحكم أيضاً حتى لو أظهر الموعود له رغبته في الشراء ولكن بعد انقضاء المدة المحددة . كذلك يكون هذا هو الحكم لو أن الموعود له ، حتى قبل انقضاء المدة المحددة ، أعلن عدم رغبته في شراء الشيء الموعود به ، ولو ضمناً كأن تعامل مع الواعد في الشيء على اعتبار أن الواعد هو المالك المستقر فاستأجره منه مثلا لمدة تجاوز مدة الوعد . ذلك أن إعلان $68 الموعود له عدم رغبته في الشراء يكون بمثابة نزول منه عن حقه الذي استمده من الوعد ([108]) .

32 – الوعد بالتفضيل : وهناك صورة خاصة من الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد هي الوعد بالتفضيل ( pacte de preference ) . وفي هذه الصورة لا يلتزم الواعد في وعده أن يلتزم ببيع الشيء إذا أظهر الموعود له رغبته في شرائه ، وإنما يلتزم ، إذا هو رغب في بيع الشيء أن يعرضه أولا على الموعود له تفضيلا له على غيره ، فإن قبل الموعود له شراءه تم البيع . فالذي يميز هذه الصورة عن الصورة الأخرى في الوعد بالبيع أن الواعد لم يلتزم ببيع الشيء ، وكل ما التزم به هو أنه إذا رغب في بيع الشيء وجب عليه أن يعرضه أولا على الموعود له . فلا يتم البيع النهائي إذن إلا باجتماع أمرين : أن يريد الواعد بيع الشيء وأن يريد الموعود له شراءه ([109]) . ويكون التزام الواعد بعرض الشيء على الموعود له معلقاً $69 على شرط أن يريد بيعه ، ولا يقال إن هذا شرط إرادي محض من جانب المدين ، فإن إرادة الواعد بيع الشيء ليست إرادة محضة ، بل هي متصلة بظروف خارجية قد تدفعه أن يمتنع عن بيعه مع شدة رغبته في ذلك ، فالشرط إذن شرط مختلط وليس شرطاً إرادياً محضاً ([110]) .

وينعقد الوعد بالتفضيل على النحو الذي ينعقد به الوعد بالبيع الملزم $70 لجانب واحد ، فيجب أن يكون مشتملا على الشيء الموعود به والثمن الذي يباع به والمدة التي يجب في خلالها أن يعرض الواعد الشيء على الموعود له إذا أراد بيعه ([111]) . وكل ما قلنا في انعقاد بالبيع وفي صحته يقال هنا .

والأثر الذي يترتب على الوعد بالتفضيل ، في المرحلة السابقة على عرض الشيء الموعود ببيعه ، هو نشوء التزام شخصي في ذمة الواعد بأن يعرض الشيء على الموعود له إذا أراد بيعه . وهو مجرد التزام شخصي يترتب عليه كما في الوعد بالبيع فيما قدمناه ، أن يبقى الواعد مالكاً للشيء ([112]) . وأن الشيء إذا هلك أو نزعت ملكيته تحمل الواعد تبعة ذلك دون أن يلتزم بضمان للموعود له .

والأثر الذي يترتب ، في المرحلة الأخيرة ، أنه إذا أراد الواعد بيع الشيء في المدة المحددة ، وعرضه على الموعود له فقبل شراءه ، تم البيع النهائي في المنقول وفي العقار على الوجه الذي بيناه في الوعد بالبيع . وإذا رفض الموعود له شراءه ، $71 أو انقضت المدة المحددة دون أن يريد الواعد بيع الشيء ولو أراد البيع بعد ذلك ، أو أعلن الموعود له رغبته في تحليل الواعد من التزامه ، فإن الوعد بالتفضيل يسقط ، ويتحلل الواعد من الالتزام الذي ترتب في ذمته بموجب الوعد بالتفضيل . وقد قدمنا كل هذه الأحكام تفصيلا في الوعد بالبيع .

ب – الوعد بالشراء من جانب واحد

33 – أمثلة عملية : يحدث أن يجد صاحب الشيء نفسه في حاجة إلى الحصول من شخص آخر على وعد بشراء هذا الشيء . مثل ذلك صاحب الدار يتقدم له شخص في شرائها ، وهو لم يبت العزم بعد على البيع ، فيكتفي بالحصول من هذا الشخص على وعد بالشراء فيما إذا بت صاحب الدار العزم على البيع في مدة معينة . أو يكون قد بت العزم على البيع ، ولكنه يريد أعلى ثمن ، فيحصل ممن تقدم له على وعد بالشراء بالثمن الذي يعرضه ، وإن وجد بعد ذلك من يعرض ثمناً أعلى باع الدار منه ، وإلا باعها من الواعد بالشراء . أو يكون قد أراد بيع الدار لشراء دار أخرى ، ويخشى إن بت في البيع ألا يجد بعد ذلك الدار التي يرغب في شرائها ، فيكتفي بالحصول على وعد بالشراء ، حتى إذا عثر على الدار التي يرغب فيها باع داره واشتراها ([113]) .

وكثيراً ما يقع أن يتفق صاحب الشيء المعروض في المزاد مع شخص آخر على أن يتقدم هذا في المزاد لإبلاغ الثمن إلى مقدار معين ، فهذا وعد بالشراء من جانب الشخص الآخر ، وعليه أن يتقدم بعطاء بهذا المقدار ، فإن زيد عليه لم يلتزم بأن يزيد ، فإذا رسا المزاد على غيره ، ثم أبطل أو أعيد على من رسا عليه ، لم يلتزم أن يتقدم في المزاد الجديد . أما إذا لم يتقدم للمزاد أصلاً ، أو تقدم $72 ولم يبلغ الثمن المقدار المتفق عليه ، فرسا المزاد بثمن أقل ، ألزم بالفرق على سبيل التعويض لأنه يكون قد أخل بوعده ([114]) .

34 – كيف ينعقد الوعد بالشراء الملزم لجانب واحد انعقاداً صحيحا : 

هنا أيضاً نطبق المادة 101 مدني التي سبق ذكرها ([115]) ، فيشترط لانعقاد الوعد بالشراء الاتفاق على جميع الأركان والمسائل الجوهرية للشراء الموعود به . فيتفق الواعد بالشراء مع الموعود له على الشيء الموعود بشرائه ، والثمن الذي يشتري به ومدة يتفق عليها صراحة أو ضمناً يظهر في خلالها الموعود له رغبته في البيع ليتم الشراء .

$73 وكل ما قلناه في خصوص رضائية الوعد بالبيع ، وأهلية كل من الواعد والموعود له ، ومتى تتوافر هذه الأهلية ، وعيوب الإرادة عند كل من الطرفين ، ومشروعية المحل والسبب ، ينطبق هنا على الوعد بالشراء .

35 – الآثار التي تترتب على الوعد بالشراء قبل ظهور الرغبة :

الوعد بالشراء كالوعد بالبيع عقد ملزم لجانب واحد هو جانب الواعد بالشراء ، فلا يترتب أي التزام في جانب الموعود له . والالتزام الذي يترتب في ذمة الواعد بالشراء هو أيضاً التزام بعمل ( obligation de faire ) ، وهو أن يبرم بيعاً نهائياً مع الموعود له إذا أظهر هذا رغبته في البيع في المدة المحددة ([116]) . فيكون حق الموعود له في هذه المرحلة حقاً شخصياً لاحقاً عينياً ، كحق الموعود له في الوعد بالبيع ([117]) . ويترتب على ذلك ما يأتي :

أولاً : يبقى الشيء مملوكاً للموعود له ، ويستطيع هذا أن يتصرف فيه كما يشاء . ويسري تصرفه في حق الواعد بالشراء . فإذا باع الموعود له الشيء من آخر غير الواعد ، صح البيع وسرى في حق الواعد ن وسقط في الوقت ذاته الوعد بالشراء لأن الموعود له بتصرفه في الشيء لغير الواعد قد نزل عن حقه في إلزام الواعد بشرائه .

ثانياً : وبديهي أن الواعد بالشراء لا يستطيع التصرف في الشيء لأنه لم تنتقل له ملكيته في هذه المرحلة ، وإذا تصرف فيه كان تصرفاً في ملك الغير ، ولا يسري تصرفه هذا في حق المالك وهو الموعود له . ولكن يجوز للموعود له أن يجيز التصرف فيصح ويسري في حقه ، وهذا هو حكم بيع ملك الغير . كذلك يجوز بعد تصرف الواعد في الشيء أن يبدى الموعود له رغبته في بيعه من الواعد فيتم البيع النهائي ، ويصبح الواعد بموجبه مالكاً للشيء وفقاً لأحكام القانون ، $74 فيصح التصرف الذي صدر منه قبل ظهور رغبة الموعود له في بيع الشيء . وهذا هو أيضاً حكم بيع ملك الغير عندما يصبح البائع مالكاً للشيء الذي باعه قبل أن يملكه .

ثالثاً : إذا هلك الشيء الموعود بشرائه قضاء وقدراً هلك على ملك الموعود له ، وتحمل هذا تبعة الهلاك ، إذ الأصل أن الشيء يهلك على مالكه . ولا يستطيع لموعود له بداهة ، بعد هلالك الشيء ، أن يلزم الواعد بشرائه . وكهلاك الشيء أنزع ملكيته ، يتحمل الموعود له تبعته ([118]) .

36 – الآثار التي تترتب على الوعد بالشراء بعد ظهور الرغبة أو بعد انقضاء المدة دون ظهورها : وننتقل إلى المرحلة الثانية ز فأما أن يظهر الموعود له رغبته في البيع في خلال المدة المحددة ، وإما أن تنقضي المدة المحددة دون أن يظهر هذه الرغبة .

ففي الحالة الأولى ، إذا ظهرت رغبة الموعود له ، صراحة أو ضمناً ، في البيع في خلال المدة المحددة ، تم البيع النهائي بمجرد ظهور هذه الرغبة ، ولا حاجة لرضاء جديد بالشراء من جهة الواعد . ويعتبر البيع النهائي قد تم من وقت ظهور الرغبة لا من وقت الوعد ، تنفيذاً للالتزام الذي نشأ في ذمة الواعد ، فإذا نازع هذا في تمام البيع استطاع الموعود له أن يحصل على حكم بوقوع البيع يقوم مقام العقد ، وذلك كله على النحو الذي رأيناه في الوعد بالبيع .

وفي الحالة الثانية ، إذا لم يظهر الموعود له رغبته في البيع في المدة المحددة ، تحلل الواعد من وعده وسقط الوعد . وهذا هو الحكم أيضاً فيما لو أظهر الموعود له رغبته في البيع ولكن بعد انقضاء المدة المحددة ، أو أعلن عدم رغبته في البيع حتى قبل انقضاء المدة المحددة ، ففي جميع هذه الفروض يتحلل الواعد من وعده ويسقط الوعد على الوجه الذي بيناه في الوعد بالبيع ([119]) .

$75 جـ - الوعد بالبيع وبالشراء

37 – التمييز بين الوعد بالبيع بالشراء من جانب واحد والوعد بالبيع وبالشراء من الجانبين : قدمنا أنه يجب أن نميز هنا بين حالتين :

أولا ً: الوعد بالبيع وبالشراء من جانب واحد . وفي هذه الحالة يوجد عقدان يقعان على شيء واحد وبين نفس الطرفين . العقد الأول هو وعد بالبيع من صاحب الشيء يرتبط به نحو الموعود له فيما إذا أظهر هذا رغبته في شراء الشيء . والعقد الثاني هو وعد بالشراء يرتبط به الموعود له في العقد الأول بأن يشتري الشيء إذا أظهر صاحبه – وهو الواعد في العقد الأولى – رغبته في بيعه . ومن ثم يوجد وعدان ، وعد بالبيع من جانب واحد ووعد بالشراء من جانب واحد ، وقد وقع العقدان على نفس الشيء وتما بين نفس الطرفين ([120]) .

ثانياً : الوعد بالبيع وبالشراء من الجانبين . وفي هذه الحالة يوجد عقد $76 واحد ، التزم بموجبه أحد الطرفين بأن يبيع شيئاً والتزم الطرف الآخر بأن يشتريه ، فيتم البيع بينهما ملزماً للجانبين على هذا النحو .

38 – الوعد بالبيع وبالشراء من جانب واحد : نفرض أن صاحب الدار يريد أن يحصل على وعد بشرائها إذا أظهر رغبته في البيع ، وكان إظهار هذه الرغبة متوقفاً على أن يعثر على أرض صالحة يشتريها بدلا من الدار . فتقدم له شخص وعقد معه وعداً بالشراء ، التزم بموجبه أن يشتري الدار بمبلغ معين إذا ظهر صاحب الدار في مدة محددة رغبته أن يبيعها منه . فهنا تم بين الطرفين عقد وعد بالشراء ، على الوجه الذي بيناه فيما تقدم . ونفرض في الوقت ذاته أن الواعد بالشراء يتوقع ظروفاً وقعت تجعل شراءه للدار أمراً هاماً ، كأن ينتقل إلى المدينة التي فيها الدار فيتخذ الدار سكناً له . فيحصل من صاحب الدار على وعد بيع الدار إياه إذا أظهر في مدة محددة رغبته في شرائها . فهنا أيضاً تم عقد وعد بالبيع بين نفس الطرفين بالنسبة إلى نفس الدار . وفي هذا الوعد بالبيع الواعد هو صاحب الدار ، وهو الملتزم وحده بهذا الوعد على النحو الذي قدمناه في الوعد بالبيع . أما في الوعد بالشراء فالواعد بالشراء هو الموعود له بالبيع ، وهو وحده الملتزم بهذا الوعد . في مثل هذه الحالة يكون هناك وعد بالبيع من جانب واحد ، يقترن به وعد بالشراء من جانب واحد .

قد يعترض بأن الطرفين في هذه الحالة إنما يتعاقدان على وعد بالبيع وبالشراء ، وأن الوعد بالبيع ملزم لأحد الطرفين ببيع الدار ، والوعد بالشراء ملزم للطرف الآخر بشرائها ، فيكون الوعد بالبيع وبالشراء ملزماً للجانبين ، هذا بالشراء وذاك بالبيع ، ويكون في حقيقته بيعاً نهائياً أبرمه الطرفان . ولكن هذا الاعتراض لا أساس له ، لأن الطرفين لم يريدا هذا الوضع ، وإنما أرادا أن يلتزم أحدهما ببيع الدار إذا أراد الآخر شراءها وتوافرت عنده الأسباب لهذا الشراء ، وأن يلتزم الآخر بشرائها إذا أراد الأول بيعها وتوافرت عنده الأسباب لهذا البيع . والفرق بين الوضعين كبير . والدليل على ذلك أنه في الوضع الذي نحن فيه – الوعد بالبيع والشراء الملزم لجانب واحد – قد لا يتم البيع النهائي أصلا ، ويكفي لذلك ألا تتوافر الأسباب $77 عند الطرف الأول لبيع الدار ، بالأ يجد الأرض الصالحة التي يشتريها لتحل محل الدار ، فلا يظهر رغبته في البيع في الميعاد المحدد ، ومن ثم يسقط الوعد بالشراء وفي الوقت ذاته لا تتوافر الأسباب عند الطرف الآخر لشراء الدار ، بالأ ينتقل إلى المدينة التي فيها الدار ، فلا يظهر رغبته في الشراء في الميعاد المحدد ، ومن ثم يسقط الوعد بالبيع . فإذا ما سقط كل من الوعد بالبيع والوعد بالشراء ، فإن البيع النهائي لن يتم ، ويكون كل من الوعدين قد أدى الغرض الذي أريد به تحقيقه وسقط بعد أن أدى هذا الغرض . وهذا الوضع يختلف تماماً عن وضع الوعد بالبيع وبالشراء الملزم للجانبين ، كما سنرى .

ومن ذلك يتبين أنه إذا عقد كل من الطرفين مع الطرف الآخر وعدا بالبيع ملزماً لجانب واحد ووعدا بالشراء ملزماً لجانب واحد ، أخذ كل وعد من هذين الوعدين حكمه . فالوعد بالبيع ينعقد على الوجه الذي سبق أن قررناه ، فإذا ما انعقد صحيحاً رتب التزاماً في ذمة صاحب الدار بأن يبيعها من الموعود له إذا رغب هذا في شرائها . فإذا أظهر الموعود له رغبته في الشراء تم البيع النهائي وأصبح الموعود له مشترياً للدار ، وإذا لم يظهر هذه الرغبة في الميعاد المحدد سقط الوعد بالبيع . والوعد بالشراء ينعقد أيضاً على الوجه الذي بيناه ، فإذا ما انعقد صحيحاً رتب التزاماً في ذمة الواعد بالشراء بأن يشتريها إذا رغب صاحب الدار في بيعها . فإذا أظهر هذا رغبته في البيع في الميعاد – وقد يكون نفس الميعاد المتفق عليه في الوعد بالبيع كما قد يكون أطول منه أو أقصر – تم البيع النهائي ، وإذا لم يظهر هذه الرغبة في البيع في الميعاد المحدد سقط الوعد بالشراء . فالبيع النهائي يتم إذن في أحد فرضين : إما بأن يظهر صاحب الدار رغبته في بيع الدار ، وإما بأن يظهر الطرف الآخر رغبته في شرائها . فإذا لم يظهر هذا رغبته في الشراء ، ولم يظهر ذاك رغبته في البيع ، فإن البيع النهائي لن يتم كما سبق القول .

39 – الوعد بالبيع وبالشراء الملزم للجانبين : قدمنا أن الوضع في الوعد بالبيع وبالشراء الملزم للجانبين يختلف عن الوضع السابق في الوعد بالبيع وبالشراء الملزم لجانب واحد . ففي الوعد بالبيع والشراء الملزم للجانبين – وهذا $78 هو العقد الابتدائي كما سنرى – يلتزم صاحب الدار ببيعها للطرف الآخر ، وفي الوقت ذاته يلتزم الطرف الآخر بشرائها منه ([121]) . فعندنا هنا عقد واحد ملزم للجانبين ، أما في الوضع السابق فيوجد عقدان كل منهما ملزم لجانب واحد . وهنا لا بد أن يتم البيع ، بل هو قد تم فعلا فقد التزم صاحب الدار ببيعها والتزم الطرف الآخر بشرائها فتم البيع ملزماً للجانبين ([122]) ، أما في الوضع السابق فقد لا يتم أصلا كما قدمنا .

يبقى إذن أن نعرف لماذا لجأ الطرفان في الوعد بالبيع وبالشراء الملزم للجانبين إلى عبارة الوعد وهما في الحقيقة يبرمان بيعاً تاماً ؟ السبب في ذلك يرجع إلى اعتبارات عملية محضة ، فقد أراد الطرفان إبرام بيع تام ، وسمياه بالوعد لأنهما يعتبران أن هذا البيع التام ليس هو البيع النهائي . فقد يريد المشتري ، بعد أن قيد البائع بالبيع وتقيد هو بالشراء ، أن يبحث عن حالة الدار من حيث ترتب حقوق عليها ، فإذا ما رآها خالية من التكاليف استبدل بالوعد البيع النهائي ، وإلا طلب الفسخ ([123]) . وقد يريد المشتري ، بعد إبرام الوعد على النحو الذي قررناه ، أن يتسع له الوقت لتدبير المشتري ، بعد إبرام الوعد على النحو الذي قررناه ، أن يتسع له الوقت لتدبير الثمن ، حتى إذا ما دبره أبرم البيع النهائي . وقد يكون الأمر لا هذا ولا ذاك ، ولكن تسجيل البيع يقتضي إجراءات تستغرق مدة من الزمن – وبخاصة إذا كان أحد الطرفين قاصراً حيث يضاف إلى إجراءات التسجيل إجراءات الحصول على إذن من المحكمة – ولكن يريد كل من الطرفين أن يقيد الآخر بعقد ابتدائي هو هذا الوعد ، وذلك إلى أن تتم الإجراءات اللازمة فيبرما البيع النهائي .

فالوعد بالبيع وبالشراء الملزم للجانبين هو إذن بيع تام ، تترتب عليه كل $79 الآثار التي تترتب على البيع ([124]) . وسنرى ذلك تفصيلا عند الكلام في البيع الابتدائي ، لأن هذا الوعد ليس إلا بيعاً ابتدائياً كما قدمنا . وإلى هذا المعنى تشير المادة 1589 من التقنين المدني الفرنسي ، إذ تقول : (( الوعد بالبيع يعدل البيع إذا تراضى الطرفان على المبيع والثمن )) ([125]) . وقد اختلف الفقه في فرنسا في تفسير هذا النص ، ولكن الكثرة الغالبة من الفقهاء يفسرونه بحسب معناه الظاهر ، وهو أنه إذا وعد شخص آخر بالبيع ووعد الآخر الأول بالشراء ، واتفقا على المبيع والثمن ، فهذا هو البيع الكامل . ويستوي أن يبيع الشخص أو أن يعد بالشراء ، وعبارة (( الوعد )) ما دامت منجزة وصادرة من الطرفين لتلزم كلا منهما في الحال لا تختلف عن عبارة (( البيع والشراء )) ([126]) . وإذا كان التقنين المدني الفرنسي قد عنى بإبراز هذا المعنى الواضح في نص خاص ، فإن ذلك يرجع إلى أسباب تاريخية تتصل بالقانون الفرنسي القديم ([127]) .

$80 ثانياً – البيع الابتدائي

40 – صور ثلاث للبيع الابتدائي : قدمنا ([128]) أنه يمكن أن نتصور مرحلة ابتدائية في البيع في إحدى الصور الثلاث الآتية :

أولاً : يتفق الطرفان على مشروع كامل لعقد البيع ، ولكنهما لا يلتزمان فوراً بهذا المشروع ، فيبقى مشروعاً غير ملزم . ثم يحولان المشروع إلى عقد بيع ملزم في صورة نهائية ، في ورقة رسمية أو في ورقة عرفية . وعند ذلك يكون هناك بيع ابتدائي هو هذا المشروع غير الملزم ، يتلوه بيع نهائي هو عقد البيع الملزم الذي أبرماه بعد ذلك . وغنى عن البيان أن هذه الصورة لا تبرز خصائص البيع الابتدائي ولا خصائص البيع النهائي . فالمشروع الذي سماه الطرفان بالبيع الابتدائي غير ملزم لأحد كما قدمنا ، ولا يستطيع أي من الطرفين أن يجبر الآخر بموجب هذا المشروع على إبرام البيع النهائي . ومن ثم يحسن عدم الوقوف عند هذه الصورة وعدم تسمية المشروع بيعاً ابتدائياً ، فهو ليس ببيع أصلاً لأنه مشروع غير ملزم . كذلك يحسن عدم تسمية البيع إذا أبرم تنفيذاً للمشروع بالبيع النهائي ، إذ لم يتقدمه بيع ابتدائي يجعله هو نهائياً ، بل تقدمه مشروع غير ملزم ، فهو بيع فحسب . وإنما يتميز عن غيره من البيوع بأنه قد سبقته مفاوضات ومساومات انتهت إلى مشروع محدد ، ثم أبرم البيع بعد ذلك دون أن يتقيد الطرفان بالمشروع ، فلهما أن يغيرا فيه ما شاءا ، بل لهما أن يعدلا عنه بتاتاً ولا يبرما البيع .

$81 ثانياً : يتفق الطرفان على وعد بالبيع وبالشراء ملزم لجانب واحد ، فلا يتقيد صاحب الدار ببيعها إلا إذا أظهر الطرف الآخر رغبته في الشراء ، ولا يتقيد الطرف الآخر بالشراء إلا إذا أظهر صاحب الدار رغبته في البيع . فإذا رغب الموعود له في البيع أو في الشراء ، تم البيع النهائي على الوجه الذي قدمناه في الوعد بالبيع وبالشراء الملزم لجانب واحد . وهنا يمكن القول إن هناك عقد بيع نهائي هو البيع الذي تم بإظهار صاحب الدار رغبته في البيع ، أو بإظهار الطرف الآخر رغبته في الشراء . ولكن لا يمكن القول إن هذا البيع النهائي قد سبقه بيع ابتدائي ، وإنما سبقه وعد بالبيع وبالشراء ملزم لجانب واحد .

ثالثاً : يتفق الطرفان على وعد بالبيع وبالشراء ملزم للجانبين ، وهذه هي الصورة العملية الصحيحة لما يسمى بالعقد الابتدائي ([129]) . ويتلو هذا البيع الابتدائي بيع نهائي ، يبرم في ميعاد محدد يتفق عليه ([130]) . وقد سبق أن استعرضنا الاعتبارات العملية المختلفة التي تدعو إلى إبرام البيع على مرحلتين ، مرحلة ابتدائية ومرحلة نهائية ([131]) .

والفرق واضح بين هذه الصورة الأخيرة والصورتين السابقتين . ففي إحدى الصورتين السابقتين قد رأينا أنه لا يوجد في الواقع من الأمر بيع ابتدائي وبيع نهائي ، وإنما يوجد بيع واحد هو الذي أبرمه الطرفان تنفيذاً للمشروع الذي أعد من قبل . والصورة الأخرى ليست إلا صورة الوعد بالبيع وبالشراء $82 الملزم لجانب واحد . أما الصورة الثالثة ، صورة الوعد بالبيع وبالشراء الملزم للجانبين ، فهذه هي الصورة الصحيحة للبيع الابتدائي .

فنقف إذن عند هذه الصورة الأخيرة لنفصل ما يتعلق بها من الأحكام ، وننبه منذ الآن إلى أننا إذا أطلقنا عبارة (( البيع الابتدائي )) فإنما نريد هذه الصورة دون غيرها .

41 – البيع الابتدائي في صورته العملية الصحيحة : قلنا إن الطرفين يعقدان بيعاً ابتدائياً ([132]) ، ويحددان ميعاداً يتفقان عليه لإبرام البيع النهائي مكتوباً في ورقة عرفية أو في ورقة رسمية ([133]) . فننظر الآن في الآثار التي تترتب على هذا البيع الابتدائي ، ثم ننظر ماذا يكون مصير هذا البيع الابتدائي عند إبرام البيع النهائي .

42 – الآثار التي تترتب على البيع الابتدائي : إذا كان البيع الابتدائي ينعقد صحيحاً بنفس الأركان وشروط الصحة التي ينعقد بها البيع صحيحاً ، فإنه أيضاً يترتب عليه من الآثار ما يترتب على البيع ([134]) . فالبائع قد التزم بنقل ملكية المبيع إلى المشتري ([135]) ، والتزم نحوه بتسليم المبيع وبضمان التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية . والمشتري قد التزم بدفع الثمن والمصروفات وتسلم المبيع . وأهم ما يسترعى النظر في العقد الابتدائي – وهذا ما يميزه عنه $83 عقد البيع بوجه عام – أن كل هذه الالتزامات لا يقصد تنفيذها في الحال ، بل تبقى موقوفة إلى حين تحرير العقد النهائي . إذ المفروض أن المتبايعين ، بتسميتهما العقد بيعاً ابتدائياً ، إنما أرادا أن البائع لا يطالب بالثمن – فيما عدا ما قد يتفق عليه من عربون – حتى يحرر البيع النهائي ، وأن المشتري لا يطالب بتسليم المبيع ولا بريعه حتى هذا الوقت ويزيد البيع الابتدائي في آثاره أنه ينشئ التزاماً في ذمة كل من الطرفين بإبرام البيع النهائي في الميعاد المتفق عليه ([136]) .

ويترتب على ما قدمناه نتيجتان عمليتان هامتان :

( الأولى ) لما كان البيع الابتدائي ينشئ كل آثار البيع ، فإن الشفعة تجوز فيه وتستحق من وقت صدوره . فإذا بيع عقار بيعاً ابتدائياً ، وكان لهذا العقار شفيع ، استطاع الشفيع أن يطلب الأخذ بالشفعة من وقت صدور البيع الابتدائي ، وتسري مواعيد الشفعة من هذا الوقت ([137]) .

( والثانية ) لما كان البيع الابتدائي ينشئ – إلى جانب الالتزامات التي ينشئها البيع عادة – التزاماً في ذمة كل من الطرفين بإبرام البيع النهائي في خلال مدة معينة ، وهذا الالتزام هو التزام بعمل ، فإنه إذا امتنع أحد الطرفين دون مبرر ([138]) $84  عن القيام بالتزامه من إبرام هذا العقد ، جاز للطرف الآخر إجباره على القيام بهذا الالتزام . والسبيل إلى ذلك هو أن يستصدر حكماً ضده بوقوع البيع أو بصحة التعاقد ، وهذا الحكم يقوم مقام العقد النهائي ، وإذا كان المبيع عقاراً سجل هذا الحكم فتنتقل ملكية العقار إلى المشتري بتسجيله ([139]) .

43 – مصير البيع الابتدائي عند إبرام البيع النهائي : قدمنا أن كلاً من الطرفين ملزم بإبرام البيع النهائي ، وأنه يجبر على ذلك باستصدار حكم ضده ، فما هو مصير البيع الابتدائي بعد إبرام البيع النهائي ؟ ينسخ البيع النهائي البيع الابتدائي ويحل محله ، فلا يبقى إلا هذا البيع النهائي لتنظيم العلاقات بين المتبايعين ([140]) . ويمكن القول إن إبرام البيع النهائي يكون بمثابة تقايل ([141]) من البيع الابتدائي ، فيعتبر البيع الابتدائي كأن لم يكن ، ولا يكون هناك إلا البيع النهائي ، ومما يترتب على ذلك من النتائج ما يأتي :

1- تاريخ البيع هو تاريخ البيع النهائي ، لأنه هو البيع الوحيد القائم ما بين الطرفين ، ولا عبرة بتاريخ البيع الابتدائي فهذا بيع قد نسخ كما قدمنا ([142]) .

$85 2 – يجوز أن يختلف البيع النهائي في شروطه عن البيع الابتدائي ، ولكن ذلك لا يكون إلا باتفاق الطرفين . فيجوز أن يتفقا على تعديل في مقدار الشيء المبيع ، أو تعديل في الثمن ، أو تعديل في سائر شروط البيع الابتدائي ، ولا قيد عليهما في ذلك إلا وجوب اتفاقهما عليه ([143]) . فإذا امتنع أي منهما عن قبول تعديل في شروط البيع الابتدائي ، التزم الآخر بهذه الشروط دون تعديل ، ووجب عليه إمضاء البيع النهائي بالشروط نفسها التي تم بها البيع الابتدائي .

3 – إذا اتفق الطرفان على أن يكون البيع النهائي مكتوباً في ورقة رسمية ، فإن البيع يكون رسمياً حتى لو كان البيع الابتدائي مكتوباً في ورقة عرفية أو غير مكتوب أصلاً . ومن ثم يستطيع البائع أن ينفذ بالثمن بموجب الورقة الرسمية  التي حررت بالبيع النهائي ، كما يستطيع المشتري أن ينفذ بتسليم المبيع بموجب هذه الورقة ([144]) .

4 – إذا كان البيع الابتدائي قد نسخ كما قدمنا بأثر رجعي ن فإن هذا النسخ لا يجوز أن يمس حقوق الغير . إذا كان الشفيع قد طلب الأخذ بالشفعة في البيع الابتدائي ، بقى حقه في الشفعة قائماً وبشروط البيع الابتدائي ، حتى بعد إبرام البيع النهائي ، وحتى لو تغيرت شروط البيع النهائي عن شروط البيع الابتدائي . وإذا كان المشتري بعقد ابتدائي قد آجر العين التي اشتراها ، بقى ملتزماً بهذا $86  الإيجار حتى بعد إبدال البيع الابتدائي بالبيع النهائي . وإذا كان المشتري قد تصر في المبيع ، بقي أيضاً ملزماً بهذا التصرف ، حتى بعد إبرام البيع النهائي .

5 – ويبدو أن الشفيع إذا فاته الأخذ بالشفعة في البيع الابتدائي ، جاز له شفعته بعد علمه بالبيع الابتدائي ، بأن نزل عنها أو ترك المواعيد تفوت ، لم يستطيع بعد ذلك الأخذ بالشفعة في البيع النهائي ، إلا إذا اختلفت شروط البيع النهائي عن شروط البيع الابتدائي ، وبخاصة إذا أنقص الثمن . وذلك أن الشفيع إذا كان قد نزل عن حقه في أخذ المبيع بالشفعة بثمن معين ، فإن هذا لا يستلزم حتماً أنه قد نزل عن حقه في أخذ هذا المبيع بالشفعة بثمن أقل .

ثالثاً – البيع بالعربون

44 – الصورة العملية للبيع بالعربون : أكثر ما يقع الاتفاق على العربون (arrhes) في البيع الابتدائي في الصورة  التي بسطنا أحكامها فيما تقدم . فيبرم المتعاقدان بيعاً ابتدائياً ، ويحددان ميعاداً لإبرام البيع النهائي ، ويتفقان في البيع الابتدائي على عربون يدفعه المشتري للبائع . فإذا امتنع المشتري عن إبرام البيع النهائي في الميعاد المحدد ، خسر العربون الذي دفعه للبائع ، وسقط البيع الابتدائي . وإذا كان الذي امتنع عن إبرام البيع النهائي هو البائع ، ترتب على امتناعه نفس الجزاء المتقدم ، فيسقط البيع الابتدائي ، ويخسر البائع قيمة العربون بأن يرد للمشتري العربون الذي أخذه منه ومعه مثله .

45 – أحكام البيع بالعربون : وقد ورد نص في التعاقد بالعربون بوجه عام ، فقد نصت المادة 103 من التقنين المدني على أن (( 1 – دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه ، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك .

2 – فإذا عدل من دفع العربون فقده ، وإذا عدل من قبضه رد ضعفه ، هذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر ([145]) )) . ونتولى $87 الآن تطبيق هذا النص على عقد البيع بالذات ، بعد أن شرحناه فيما يتعلق بالتعاقد بوجه عام ([146]) .

والذي يقع عادة هو أن يعطي المشتري للبائع مبلغاً من النقود يسميه عربوناً ، ويعتبره مبدئياً جزءاً من الثمن . ويكون غرض المتبايعين حفظ الحق لكل منهما في العدول عن البيع في نظير أن يدفع قيمة العربون للطرف الآخر ، وإما أن يكون الغرض هو تأكيد العقد والبت فيه عن طريق البدء في تنفيذه بدفع العربون فلا يكون لأحد من المتباعين حق العدول عن البيع .

ولم يكن التقنين المدني السابق يشتمل على نص يغلب إحدى هاتين الدلالتين على الأخرى عند الشك ، فكان القضاء المصري يتردد بينهما ويفسر نية المتبايعين بحسب العرف الجاري . والعرف في مصر يجعل دلالة العربون في البيع الابتدائي جواز العدول ، وفي البيع النهائي التأكيد والبت ([147]) .

$88 ثم جاء التقنين المدني الجديد بالنص الذي قدمناه – م 103 مدني – يقيم قرينة قانونية تقبل إثبات العكس . وتقضي هذه القرينة بأن الأصل في دفع العربون أن تكون له دلالة جواز العدول عن البيع ، إلا إذا اتفق الطرفان صراحة أو ضمناً أن دفع العربون معناه البت والتأكيد والبدء في تنفيذ العقد . وقد قدمنا أن العربون لا يدفعه المشتري عادة للبائع إلا عند توقيع البيع الابتدائي ، أما عند توقيع البيع النهائي فالذي يدفع هو الثمن إذا كان معجلاً أو قسط منه إذا كان مقسطاً أو لا يدفع منه شيء أصلاً إذا كان مؤجلا . فنقتصر على الصورة العملية التي يدفع فيها المشتري العربون للبائع عند توقيع العقد الابتدائي .

فإذا لم يتبين من العقد الابتدائي ماذا قصد المتبايعان من حيث دلالة العربون ، فهناك قرينة قانونية كما قدمنا على أن العربون يراد به أن يكون لكل من المتبايعين $89 حق الرجوع في البيع وعدم إبرام البيع النهائي . وفي هذه الحالة يستطيع المشتري أن يرجع في البيع . فيخسر العربون الذي دفعه إلى البائع ولا يسترده منه في نظير هذا الرجوع ([148]) . ولا يعتبر العربون تعويضاً عن ضرر أصاب البائع ، بل هو جزاء حتمي يدفعه من عدل عن البيع للطرف الآخر ، حتى لو لم يترتب على العدول أي ضرر كما هو صرح النص .

كذلك يستطيع البائع أن يرجع في البيع ، ويكون الجزاء على هذا العدول هو كما قدمنا أن يدفع للمشتري قيمة العربون ، فيرد له أولا العربون الذي أخذه منه ثم مقداراً معادلا له هو الذي يستحقه المشتري فوق استرداده لما دفعه . وهذه القرينة القانونية التي استحدثها التقنين الجديد تسري من وقت العمل بهذا التقنين ، فلا يعمل بها إلا في قيود البيع التي تمت منذ 15 أكتوبر سنة 1949 .

وقد يبين البيع الابتدائي دلالة العربون . فإذا بينها على أنها لجواز العدول عن البيع ، كان الحكم الذي قدمناه . وإذا بينها على أنها للبت والتأكيد ، لم يجز لأي من المتبايعين الرجوع في البيع ، واعتبر العربون المدفوع جزءاً من الثمن ، وجاز لأي من الطرفين إلزام الطرف الآخر بإبرام البيع النهائي ([149]) .

$90 وقد يبين البيع الابتدائي أن للعربون دلالة العدول بالنسبة إلى أحد المتعاقدين دون الآخر . فيجعل للبائع وحده الحق إما في إلزام المشتري بإبرام البيع النهائي ، وإما في الاقتصار على أخذ العربون مع إسقاط البيع . وكذلك قد يجعل البيع الابتدائي هذا الحق للمشتري وحده ، فيجوز له إما إلزام البائع بإبرام البيع النهائي وإما الاقتصار على استرداد العربون ومقدار مثله .

46 – التكييف القانوني للعربون :  قدمنا أنه إذا كانت دلالة العربون جواز الرجوع في البيع ، فإن العاقد الذي يرجع يلتزم بدفع قيمة العربون للعاقد الآخر . ولكن هذا الالتزام ليس تعويضاً عن الضرر الذي أصاب الطرف الآخر من جراء العدول ، فإن النص صريح في أن هذا الالتزام موجود حتى لو لم يترتب على العدول أي ضرر . فالعربون إذن معناه في نظر المشرع أن المتبايعين قد أرادا إثبات حق الرجوع لكل منهما في نظير الالتزام بدفع قيمة العربون ، فجعلا العربون مقابلا لحق الرجوع . ومن ثم لا يجوز تخفيض العربون إذا تبين أن الضرر الذي أصاب الطرف الآخر أقل من قيمته ، كما لا تجوز زيادته إذا تبين أن الضرر أكبر ، ما لم يكن هناك تعسف في استعمال حق الرجوع فتكون الزيادة تعويضاً عن التعسف لا تعويضاً عن الرجوع في ذاته . ولا يجوز عدم الحكم بالعربون حتى إذا تبين أنه ليس هناك أي ضرر ، كما سبق القول .

فالعربون إذن هو مقابل للرجوع في البيع ، أي بدل عن هذا الرجوع .

$91 فيمكن تكييفه بأنه البدل فى التزام بدلى . ويكون المدين ـ بائعاً كان أو مشترياً ـ ملتزماً أصلا بالالتزام الوراد فى البيع ودائناً فى الوقت ذاته باحلق الذى يقابل هذا الالتزام الوارد فى البيع ودائناً فى الوقت ذاته بالحق الذى يقابل هذا الالتزام . وكلن تبرأ ذمته من الالتزام ـ ويسقط بداهة الحق المقابل تبعاً لذلك ـ إذا هو أدى العربون ([150]) . ويترتب على ذلك أن العربون بدل مستحق بالعقد ـ فدفعه إنما هو تنفيذ للعقد وليس فسخاً له ([151]) .

$92 ويختلف العربون فى كل ذلك عن الشرط الجزائى . فان الشرط الجزائى تعويض ، اتفق على تقديره المتعاقدان ، عن الضرر الذى ينشأ عن الإخلال بالعقد . ومن ثم جاز للقاضى تخفيض هذا التقدير إذا كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة ، بل جاز له ألا يحكم به أصلا إذا لم يلحق الدائن أى ضرر ، وهذا كله بخلاف العربون ([152]) كما سبق القول . فالتكييف القانونى للشرط الجزائى هو $93 نفس التكييف

القانونى للتعويض ، ولا يجوز القول بأن التعويض بدل فى التزام بدلى ، لأن المجين لا يملك أن يؤديه بدلال من تنفيذ الالتزام الأصلى تنفيذا ً عينياً إذا كان هذا التنفيذ ممكناً وطالب به الدائن ([153]) .

 

المطلب الثاني

التبايع بطريق النيابة

       47 ـ جواز التبايع بطريق النباية وتطبيق القواعد العامة : يجوز التبايع بطريق النيابة ، فيباشر البيع نائب عن للبائع ، أو يباشر الشراء نائب عن المشترى ، أو يباشر كلا من البيع والشراء نائب عن كل من البائع والمشترى . فيتم البيع وفقاً للقواعد المقررة فى النيابة فى التعاقد ، وهى القواعد التى سبق بسطها فى الجزء الأول من الوسيط ([154]) .

       فتحل إرادة النائب عن البائع أو عن المشتري محل إرادة الأصيل ، مع انصراف أثر هذه الإرادة ـ أى انصراف الحقوق والالتزامات الناشئة من عقد البيع ـ إلى شخص الأصيل كما لو كان افرادة قد صردت منه هو . ويشترط لتحقيق ذلك أن تحل إرادة النائب خحل الأصيل ، وأن تجرى إرادة النائب فى الحدود المرسومة للنيابة ، وأن يكون التعامل باسم الأصيل لا باسم النائب . $94 وقد سبق بيان ذلك تفصيلا عند الكلام فى النيابة فى التعاقد ([155]) .

       والنيابة بالنسبة إلى المصدر الذى يحدد نطاقها ، تكون إما نيابة قانونية إذا كان القانون هو الذى يحدد هذا النطاق كما فى الولى والوصى والقيم والوكيل عن الغائب والحارس القضائي ، وإما أن تكون نيابة اتفاقية إذا كان الاتفاق هو الذى يتولى تحديد نطاقها ويتحقق هذا فى عقد الوكالة .

       فيجوز إذن أن ينوب عن البائع أو عن المشترى وكيل ، وهذا يدخل فى الوكالة فلا شأن لنا به هنا ([156]) . كما يجوز أن ينوب عن البائع أو عن المشترى ولى أو وصى أو قيم أو وكيل عن الغائب أو حارس قضائى . وفى جميع الأحوال لا يجوز لشخص أن يتبايع مع نفسه باسم من ينوب عنه ، سواء أكان التبايع لحسابه هو أم لحسبا شخص آخر ، دون ترخيص من الأصيل قبل التعاقد أو إجازة منه بعد التعاقد ( م108 مدنى ) .

       ونقف عند هاتين المسألتين : (1) التبايع عن طريق ولى أو وصى أو قيم أو وكيل عن الغائب أو حارس قضائى . (2) بيع النائب لنفسه .

 

$95 1 ـ التبايع عن طريق ولى أو وصى أو قيم أو وكيل

عن الغائب أو حارس قضائى

       48 ـ المصادر التشريعية : النائب هنا يستمد ولايته من القانون كما قدمنا ، فالقانون هو الذى يحدد مدى هذه الولاية . وهناك مصدران تشريعيان مختلفان ، أحدهما يحدد مدى ولاية الولى والوصى والقيم والوكيل عن الغائب ، والثانى يحدد مدى ولاية الحارس القضائى .

       فالمصدر التشريعى الأول هو النصوص الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة والوكالـة عن الغائب . وقد كانت هذه النصوص قبلا يحتويها قانون المجالس السبية الصادر فى سنة 1925 . وقد ألغى هذا القانون واستبدل به قانون المحاكم الحسبية الصادر فى سنة 1947 . ثم حل محل هذا القانون المرسوم رقم 119 لسنة 1952 ، وهو الذى يسمى بقانون الولاية على المال .

       والمصدر التشريعى الثانى هو النصوص الخاصة بالحراسة ، وهذه يحتويها التقنين المدنى فى المواد من 729 إلى 738 .

       ونستعرض ، طبقاً لهذه المصادر التشريعية ، مدى ولاية الولى ، ثم مدى ولاية الوصى والقيم والوكيل عن الغائب ، ثم مدى ولاية الحارس القضائى ، فى البيع والشراء ، إذ أن لكل من الطوائف الثلاث ولاية تختلف فى المدى عن الولاية التى للطائفتين الأخريين .

       49 ـ ولاية الولى فى البيع والشراء : الولى هو أبو القاصر أو جده ، ومدى ولاية الأب أوسع من مدى ولاية الجد .

       فقد قضت المادة 7 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بأنه لا يجوز للأب أن يتصرف فى عقار القاصر أو فى محله التجارى أو فى أوراقه المالية إذا زادت قيمة أى منها على ثلثمائة جنيه ، إلا باذن المحكمة . ولا يجوز للمحكمة فى هذه الأحوال أن ترفض الإذن إلا إذا كان التصرف من شأنه جعل أموال القاصر فى خطر أو كان فيه غبن يزيد على خمس القيمة . وقضت المادة 8 بأنه $96 لا يجوز للأب أن يتصرف فى أموال القاصر ، عقارية كانت أو منقولة ولو لم تجاوز قيمتها ثلثمائة جنيه ، إلا باذن المحكمة وتحت إشرافها ، إذا كانت هذه الأموال قد ورثها القاصر من مورث أوصى بألا يتصرف ولى القاصر فى المال المورث . أما إذا كانت الأموال قد آلت إلى القاصر من أبيه نفسه وعن طريق التبرع ، فقد قضت المادة 13 بأن يجوز للأب أن يتصرف فيها ، ولو زادت قيمتها على ثلثمائة جنيه ، بدون إذن المحكمة . ويخلص من هذه الأحكام أن الأب يجوز له أن يتصرف فى مقولات ابنه الصغير أياً كانت قيمتها بدون إذن المحكمة ، إلا إذا كانت هذه المنقولات أوراقاً مالية أو محلا تجارياً ولم تكن قد آلت إلى القاصر من أبيه نفسه عن طريق التبرع فيجب إذن المحكمة إذا زادت قيمة هذه الأموال على ثلثمائة جنيه . ويجوز للأب أن يتصرف فى عقارات الصغير بدون إذن المحكمة ، إذا كانت قيمتها لا تزيد على ثلثمائة جنيه ، أو كانت قيمتها تزيد على هذا المبلغ ولكنها آلت إلى القاصر من أبيه نفسه عن طريق التبرع ، وإلا فيجب إذن المحكمة أياً كانت القيمة ، إذا كانت هذه الأموال قد ورثها القاصر من مورث أوصى بألا يتصرف ولى القاصر فى المال الموروث ([157]) . وحكم الشراء هو حكم البيع .

       أما الجد فلا يجوز له التصرف فى مال القاصر إطلاقاً ، عقاراً كان أو منقولا ، وسوءا كان التصرف بيعاً أو شراء ، إلا بإذن المحكمة ( م 15 من قانون الولاية على المال ) .

       $97 ولا يجوز للولى ، أباً كان أو جداً ، أن يتصرف فى عقار القاصر لنفسه ( أو لزوجه أو لأقاربه أو لأقارب زوجه إلى الدرجه الرابعة ) إلا باذن المحكمة ( م 7 قانون الولاية على المال ) . فاذا أذنت المحكمة جاز للأب أن يتعاقد مع نفسه ، أما الجد فيلزمه أن يطلب تعيين وصى خاص (ad hoc) للتعاقد معه (م 31 قانون الولاية على المال ) .

       50 ـ ولاية الوصى والقيم والوكيل عن الغائب فى البيع والشراء : وقد قضت المادة 39 من قانون الولاية على المال بأنه لا يجوز للوصى التصرف فى أموال القصار ، عقاراً كان المال أو منقولا ، وبيعاً كان التصرف أو شراء ، إلا بإذن المحكمة . ولا بد من إذن خاص فى ذلك إذا أراد الوصى شراء مال القاصر لنفسه أو بيع ماله القاصر ، ويطلب تعيين وصى خاص (ad hoc) للتعاقد معه ( م 78 قانون الولاية على المال ) ([158]) .

على أن هناك ضروباً من البيع والشراء تلحق بأعمال الإدارة ، فهذه يجوز $98 أن يباشرها الوصى والقيم والوكيل عن الغائب دون حاجة إلى الحصول على إذن المحكمة ، وذلك كبيع الحاصلات المملوكة للقاصر أو شراء ما يلزم القاصر لزراعة أرضه .

51 – ولاية الحارس القضائي : يعين الحارس القضائي على المال في حالات معينة ، أهمها أن يكون المال قد قام في شأنه نزاع أو كان الحق فيه غير ثابت أو كان صاحب المصلحة فيه قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطراً عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزة ( م 729 – 730 مدني) .

ويعين الحارس باتفاق ذوي الشأن جميعاً ، وإلا تولى القاضي تعيينه ( م 732 مدني ) .

ويحدد الاتفاق أو الحكم القاضي بالحراسة مدى ولاية الحارس ( م 733 مدني ) ، فإذا لم يحدد مدى هذه الولاية باشر الحارس جميع أعمال الإدارة دون حاجة إلى إذن المحكمة ، أما أعمال التصرف ، ومنها البيع والشراء ، فلا بد فيها من الإذن ( م 735 مدني ) ، وذلك ما لم يكن البيع أو الشراء ملحقاً بأعمال الإدارة كبيع الحاصلات وشراء ما يلزم للزراعة فتجوز مباشرة هذه التصرفات دون حاجة إلى الحصول على إذن .


2 – بيع النائب لنفسه .

52 – القاعدة العامة : رأينا في الجزء الأول من الوسيط ([159]) أن المادة 108 مدني تنص على أنه (( لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه ، سواء أكان التعاقد لحسابه هو أم لحساب شخص آخر ، دون ترخيص من الأصيل . على أنه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد . كل هذا مع مراعاة ما يخالفه مما يقضي به القانون أو قواعد التجارة )) . ويتبين من هذا النص $99 أنه لا يجوز للنائب عن البائع أن يبيع الشيء من نفسه أو من شخص آخر هو نائب عنه أيضاً ، كما لا يجوز للنائب عن المشتري أن يبيع مال نفسه أو مال شخص هو نائب عنه أيضاً من المشتري الذي هو نائب عنه .

ذلك أن النائب يتحكم بإرادته وحده في مصلحتين متعارضتين . والتعارض ، في حالة ما إذا كان النائب ينوب عن المتبايعين معاً ، لم يحسب حسابه أحد من الأصيلين . وهو ، في حالة ما إذا كان النائب ينوب عن أحد المتبايعين مع أصالته عن نفسه ، تعارض مع مصلحته الشخصية ذاتها . فلا تتيسر الحماية الواجبة لمصلحة الأصيل في كلتا الحالتين .

53 – تطبيقات خاصة في بيع النائب لنفسه – النصوص القانونية :

وقد وردت تطبيقات خاصة لهذا المبدأ العام في عقد البيع ، تحت عنوان بيع النائب لنفسه ، في المواد 479 – 481 مدني ([160]) .

فنصت المادة 479 مدني على أنه (( لا يجوز لمن ينوب عن غيره بمقتضى اتفاق أو نص أو أمر من السلطات المختصة أن يشتري لنفسه ، مباشرة أو باسم مستعار ، ولو بطريق المزاد العلني ، ما نيط به بيعه بموجب هذه النيابة ، ما لم يكن ذلك بإذن القضاء ومع عدم الإخلال بما يكون منصوصاً عليه في قوانين أخرى )) . ونصت المادة 480 مدني على أنه (( لا يجوز للساماسرة ولا للخبراء أن يشتروا الأموال المعهود إليهم في بيعها أو في تقدير قيمتها ، سواء أكان الشراء بأسمائهم أم باسم مستعار )) . ونصت المادة 481 مدني على أنه (( يصح العقد في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا أجازه من تم البيع لحسابه )) ([161]) .  

$100 ويقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 258 / 325 ([162]) .

$101 ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المواد 447 – 449 . وفي التقنين المدني الليبي المواد 468 – 470 – وفي التقنين المدني العراقي المواد 588 – 592 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 378 – 379 و 381 ([163]) .

$102 54 – الأشخاص الذين لا يجوز لهم الشراء : ويخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن من كان نائباً عن غيره في بيع مال هذا الغير لا يجوز له شراء هذا المال لنفسه ، لتعارض مصلحته الشخصية باعتباره مشترياً مع مصلحة من ينوب عنه باعتباره بائعاً ، وقد تقدم ذكر ذلك .

والنيابة في بيع مال الغير قد تأتي من اتفاق ، وهذه هي الوكالة . فمن وكل في بيع مال لا يجوز له أن يشتريه لنفسه مباشرة أو باسم مستعار ، كأن يشتريه لزوجه أو لود له أو لأحد ممن يمت له بصلة ويكون هذا المشتري في الواقع من الأمر مسخراً من النائب . وكون النائب اشترى لنفسه باسم مستعار مسألة واقع يقدرها قاضي الموضوع ، ولا معقب على تقديره في ذلك من محكمة  النقض ، ويجوز $103 إثباتها بجميع الطرق لأنها واقعة مادية ([164]) . وقد وضع تقنين الموجبات والعقود اللبناني قرينة قانونية على الاسم المستعار ، فقضى في المادة 381 منه بأن الزوجة والأولاد يعدون أشخاصًا مستعارين ، فتصبح هذه القرينة من مسائل القانون في هذا التقنين . والشراء محظور على النائب كما قدمنا ، ويستوي أن يكون الشراء بالممارسة أو في المزاد العلني . فلو وكل شخص في بيع مال للغير بالمزاد العلني ، فإنه لا يجوز له أن يدخل مزايداً لشراء هذا المال ، فلا تزال مصلحته الشخصية متعارضة مع مصلحة موكله ([165]) .

$104 ويلحق بالوكيل من نيطت به إدارة عين واشترى المال الذي يجب أن يتم بيعه على يده ، ومن عين مصفياً لتركة أو لشركة واشترى المال الذي يصفيه ([166]) .

وقد تأتي النيابة في بيع مال الغير عن الطريق نص في القانون ، وذلك كالولي ، فلا يجوز له أن يشتري مال الصغير لنفسه ، لا باسمه ولا باسم مستعار ، ولو كان الشراء في المزاد العلني ، وهذا ما يقع غالباً في بيع أموال المحجورين ، إلا إذا كان القانون يرخص في ذلك . وقد قدمنا أنه يجوز للولي شراء عقار الصغير لنفسه ، بشرط الحصول على إذن من المحكمة في ذلك ([167]) .

وقد تأتي النيابة في بيع مال الغير عن طريق أمر من السلطات المختصة . فالوصي والقيم والوكيل عن النائب والسنديك والحارس القضائي ، كل هؤلاء ينوبون عن غيرهم في بيع المال بموجب أمر من السلطة القضائية . والموظف العام قد ينوب عن الدولة في بيع أموالها بموجب أمر من السلطة الإدارية . فلا يجوز لأحد من هؤلاء أن يشتري المال المعهود إليه في بيعه ، لا باسمه ولا باسم مستعار ، ولو كان الشراء في مزاد علني . وقد قدمنا أن الوصي والقيم والوكيل عن الغائب يجوز لهم بإذن خاص من المحكمة ، أن يشتروا أموال محجوريهم ([168]) .

كذلك لا يجوز للسمسار ، إذا عهد إليه شخص في بيع مال له ، أن يشتري هذا المال لنفسه ([169]) . ذلك أن السمسار إما أن يكون عنده توكيل بالبيع ، فيصبح وكيلاً ويمنع ككل وكيل من شراء ما وكل في بيعه . وإما ألا يكون عنده توكيل ، فعند ذلك لا يكفي رضاؤه بشراء الشيء لنفسه بل يجب قبولا المالك ، وفي هذا إذن يجعل الشراء جائزاً . ومثل السمسار الخبير الذي يعهد إليه في تقويم شيء ، لا يجوز له أن يشتريه لنفسه ، لتعارض المصلحة إذ أن ذلك يحمله على أن يبخس تقويم الشيء ، حتى ينتفع هو من بخس الثمن ([170]) . والخبير كالسمسار ، إما أن $105  يكون عنده توكيل فيكون حكمه حكم الوكيل لا يجوز له شراء الشيء لنفسه ، وإما ألا يكون عنده توكيل فلا بد في هذه الحالة من قبول المالك . والسمسار والخبير ممنوعان من شراء المال ولو بيع في المزاد العلني ، سواء كان الشراء باسمهما أو باسم مستعار ([171]) .

55 – الجزاء على المنع من الشراء : وليس الأشخاص الذين قدمنا ذكرهم ممنوعين من الشراء لنقص في أهليتهم ، فنقص الأهلية شيء ، والمنع من الشراء شيء آخر . وإنما المنع قد قام بسبب تعارض المصلحة كما قدمنا .

وقد ذكرنا في الجزء الأول من الوسيط ([172]) أن هناك رأياً يذهب إلى أن تعاقد الشخص مع نفسه – ومن ثم شراء النائب للمال المعهود إليه في بيعه – قابل للإبطال لمصلحة الأصيل ، ولذلك ترد عليه الإجازة . وقد أخذت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي بهذا الرأي ، إذ جاء فيها : (( ولهذه العلة اعتبر تعاقد الشخص مع نفسه قابلا للبطلان لمصلحة الأصيل .. ومن الواضح أن البطلان المقر في هذا الشأن قد أنشئ بمقتضى نص خاص ([173]) )) وجاء في نفس المذكرة الإيضاحية في صدد بيع النائب لنفسه : (( أجاز المشروع تصحيح البيع  - وهو باطل بطلاناً نسبياً لمصلحة البائع وقد قرر البطلان نص خاص لعلة تعارض المصلحة – لا بإجازة من تم البيع لحسابه فحسب ، بل كذلك بإذن القضاء في البيع قبل حصوله كالوصي يستأذن المجلس الحسبي ([174]) .

$106 والصحيح أن تحريم بيع النائب لنفسه إنما يقوم على قرينة قانونية هي أن الأصيل عندما أناب النائب في بعي ماله لم يدخل في هذه الإنابة أن يكون المناب هو المشتري سواء لنفسه أو بالنيابة عن غيره ، وإلا لكان قد باع له مباشرة دون حاجة إلى إنابته في البيع . فإذا ما باع النائب المال لنفسه ، سواء باعتباره أصيلا في الشراء أو باعتباره نائباً عن غيره فيه ، يكون قد جاوز حدود نيابته ، فلا ينفذ تصرفه في حق الأصيل إلا إذا أجازه هذا ([175]) . ويترتب على هذا التكييف النتائج الآتية :

$107 1 – أن الأصيل إذا أدخل في حسابه جواز أن يشتري النائب المال لنفسه ، فأذن له في ذلك قبل الشراء ، جاز شراؤه ، إذ يكون التصرف قد دخل في حدود النيابة ، ( أنظر المادة 108 مدني ) .

2 – وإذا لم يأذن الأصيل مقدماً في الشراء ، فله أن يجيز الشراء بعد تمامه ، إذ الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة . وبهذا تقضي صراحة المادة 481 مدني إذ تنص على أنه (( يصح العقد في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا أجازه من تم البيع لحسابه )) .

3 – وإذا كانت النيابة قانونية أو قضائية ، كنيابة الولي أو الوصي أو القيم ، فالقانون هو الذي يتولى بنفسه رسم حدود النيابة . فتارة يجيز بيع النائب لنفسه دون إذن كما فعل في حالة الولي عندما يشتري منقول الصغير لنفسه ، وطوراً يستوجب إذن المحكمة كما فعل في حالة الولي عندما يشتري عقار الصغير وفي حالة الوصي والقيم والوكيل عن الغائب عندما يشتري مال المحجور ([176]) .


$108 وإلى هذا تشير المادة 479 مدني عندما تقول في عباراتها  الأخيرة : (( ما لم يكن ذلك بإذن القضاء ومع عدم الإخلال بما يكون منصوصاً عليه في قوانين أخرى )) ، ومن هذه القوانين الأخرى قانون الولاية على المال وقد سبق بيان أحكامه في هذا الصدد ([177]) .

المبحث الثاني

شروط الصحة

56 – الأهلية وعيوب الإرادة : بعد أن فرغتا من شروط انعقاد البيع ، ننتقل إلى شروط صحته . وشروط صحة البيع هي شروط صحة أي عقد : توافر الأهلية الواجبة وسلامة الرضا من عيوب الإرادة . فنتكلم إذن في : ( 1 ) الأهلية في عقد البيع ( 2 ) وعيوب الرضا في عقد البيع .

المطلب الأول

الأهلية في عقد البيع

57 – تمييز الأهلية عما يلتبس بها من النظم : قدمنا في الجزء الأول من الوسيط ([178]) أن الأهلية تلتبس بغيرها من النظم ، وكثيراً ما تختلط بها . فيحسن تمييز الأهلية تمييزاً دقيقاً عن غيرها .

الأهلية مناطها التمييز ، لأن الإرادة لا تصدر إلا عن تمييز ، فمن كان كامل التمييز كان كامل الأهلية ، ومن نقص تمييزه نقصت أهليته ، ومن كان عديم التمييز كان عديم الأهلية .

$109 والأهلية غير الولاية على المال . فالولاية على المال هي نفاذ التصرف على مال الغير ، كنفاذ تصرف الولي والوصي والقيم على مال المحجور . ومن ثم تكون الولاية صلاحية بالنسبة إلى مال الغير ، أما الأهلية فصلاحية بالنسبة إلى مال الشخص نفسه .

والأهلية غير عدم قابلية المال للتصرف . فمن وقف ماله لا يستطيع التصرف فيما وقفه ، لا لنقص في أهليته ، بل لعدم قابلية المال الموقوف للتصرف .

والأهلية غير المنع من التصرف . فالمريض مرض الموت ممنوع من التصرف في ماله في حدود معينة لمصلحة الورثة ، بحيث إذا جاوز هذه الحدود لم يسر تصرفه في حقهم . والنائب ممنوع من شراء ما وكل في بيعه على نحو ما قدمنا لمصلحة الأصيل ، بحيث إذا اشترى هذا المال لم يسر التصرف في حق الأصيل . وعمال القضاء ممنوعون من شراء الحقوق المتنازع فيها إذا كان نظر النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها ، وهذا المنع من التصرف للنظام العام وجزاؤه أن يكون التصرف باطلا . وكذلك المحامون ممنوعون من التعامل مع موكليهم في الحقوق المتنازع فيها إذا كانوا هم الذين يتولون الدفاع عنها ، والمنع هنا أيضاً للنظام العام وجزاؤه أن يكون التصرف باطلاً .

58 – أهلية التصرف واجبة في كل من البائع والمشتري :

فالأهلية إذن هي التي ترجع إلى التمييز . وقد علمنا عند الكلام في النظرية العامة للأهلية أن هناك أدوراً ثلاثة طبيعية يمر بها الإنسان من وقت أن يولد إلى أن يموت . فالدور الأول هو دور عدم التمييز ، والصبي غير المميز وهو من كان دون سبع سنوات لا يستطيع مباشرة أي تصرف . والدور الثاني هو دور التمييز ، ويبدأ من سن السابعة وهي سن التمييز إلى سن الحادية والعشرين وهي سن الرشد . وفي هذا الدور يكون الصبي المميز ناقص الأهلية ، لا عديمها ولا كاملها ، فيباشر من التصرفات ما يكون نافعاً نفعاً محضاً ، ولا يباشر منها ما يكون ضاراً ضرراً محضاً ، وما كان من التصرفات دائراً بين النفع والضرر ومنها البيع والشراء يباشره ، بإجازة الولي . والدور الثالث هو دور الرشد ، ويبدأ من الحادية والعشرين ، وفيه يكون البالغ الرشيد أهلاً لجميع التصرفات ومنها البيع $110 والشراء ، بل ويكون أهلاً للتبرعات وهي التصرفات الضارة ضرراً محضاً ، وذلك ما لم يحجر عليه لجنون أو عته أو غفلة أو سفه ، فينصب له قيم يباشر عنه التصرفات على النحو الذي قدمناه في النظرية العامة للأهلية .

ويخلص من ذلك أن الصبي غير المميز ليس أهلاً لا للبيع ولا للشراء ، لأن البيع – سواء من ناحية البائع أو من ناحية المشتري – يعتبر من أعمال التصرفات الدائرة بين النفع والضرر .

أما الصبي المميز – ويلحق به المحجور – فأهليته في البيع والشراء أهلية ناقصة . فهو يستطيع أن يبيع ويشتري ، بشرط إجازة الولي أو الوصي أو القيم وبإذن من المحكمة في الأحوال التي نص القانون فيها على ذلك ، وقد أشرنا إليها فيما تقدم .

ومن بلغ من العمر إحدى وعشرين سنة – أي بلغ سن الرشد – غير محجور عليه ، فقد توافرت فيه أهلية التصرف كاملة ، وكانت له أهلية البيع والشراء دون قيد ، فلا يحتاج إلى إذن ولي ولا إلى إذن من المحكمة .

فأهلية كل من البائع والمشتري إذن هي أهلية التصرف ، وتقتضي بلوغ سن الرشد ([179]) .

59 – متى يكفي التمييز في أهلية البيع والشراء : على أن هناك أحوالاً معينة يكفي فيها بلوغ سن التمييز دون بلوغ سن الرشد ليتوافر في الإنسان أهلية البيع والشراء .

1 – فقد نصت المادة 112 مدني على أنه (( إذ بلغ الصبي المميز الثامنة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله لإدارتها ، أو تسلمها بحكم القانون ، كانت أعمال الإدارة الصادرة منه صحيحة في الحدود التي رسمها القانون )) . والقانون $111 هنا هو قانون الولاية على المال . وتقضى المادة 54 منه بأن للوالي أن يأذن القاصر الذي بلغ الثامنة عشرة في تسلم أموال كلها أو بعضها لإدارتها . وتقضى المادة 55 منه بأن للمحكمة بعد سماع أقوال الوصى أن تأذن للقاصر الذي بلغ الثامنة عشرة في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها . وسواء أذن للقاصر من وليه أو من المحكمة ، فانه متى تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها . وسواء أذن للقاصر من وليه أو من المحكمة ، فانه متى تسلم أموال كان له أن يباشر أعمال الإدارة . ويدخل في هذه الأعمال أى بيع أو شراء تقتضيه الإدارة ، كبيع الحاصلات وشراء ما يلزم للزراعة فتكون أهلية البيع والشراء متوافرة عنده فى هذه الحدود . وكذلك تكون له أهلية التصرف ، بيعاً وشراء ، في صافي دخله بالقدر اللازم لسد نفقاته هو ومن تلزمه نفقتهم قانوناص ( م56/2 قانون الولاية على المال ) . وهذه الأحكام تسرى على المحجور للسفه أو للغفلة إذا أذنته المحكمة في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها ( م67 قانون الولاية على المال ) .

       2 ـ وتقضى المادة 57 من قانون الولاية على المال بأنه يجوز للمحكمة أن تأذن للقاصر الذى بلغ الثامنة عشرة أن يتجر ، ويكون إذن المحكمة مطلقاً أو مقيداً . فيكون للقاصر في هذه الحالة الأهلية الكاملة للبيع والشراء فيما يتعلق بالتجارة المأذون له فيها .

       3 ـ وتنص المادة 63 من قانون الولاية على المال على أن يكون (( القاصر الذى بلغ السادسة عشرة أهل للتصرف فيما يكسبه من عمله من أجر أو غيره . ولا يجوز أن يتعدى أثر التزام القاصر حدود المال الذي يكسبه من مهنته أو صناعته )) . ويخلص من ذالك أن القاصر متى بلغ السادسة عشرة يصبح ، دون حاجة إلى أى إذن ، أهلا أهلية كاملة في التصرفات فى كسب عمله . فيستطيع ، في حدود هذا الكسب ، أن يبيع وأن يشتري وأن يلتزم .

       4 ـ وتنص المادة 61 من قانون الولاية على المال على أن (( للقاصر أهلية التصرف فيما يسلم له أو يوضع تحت تصرفه عادة من مال لأغراض نفقته ، ويصح التزامه المتعلق بهذه الأغراض في حدود هذا المال فقط )) . ويخلص من هذا النص أن القاصر المميز ـ أياً كانت سنه ـ متى وضع تحت تصرفه مال لينفق منه على نفسه ، كانت له أهلية التصرف كاملة في هذا المال . فيجوز له أن يشترى بهذا المال ما يحتاج إليه من مأكل وملبس وغير ذلك ، ويجوز له $112 أن يبيع المال إذا كان غير نقد للحصنول على نقد ينفق منه على نفسه . فهو كامل الأهلية في التصرف ، بيعاً وشراء والتزاماً ، في حدود المال الموضوع تحت تصرفه للنفقة .

5 – وتنص المادة 60 من قانون الولاية على المال على أنه (( إذا أذنت المحكمة في زواج القاصر الذي له مال ، كان ذلك إذناً له في التصرف في المهر والنفقة ، ما لم تأمر المحكمة بغير ذلك عند الإذن أو في قرار لاحق )) . ويخلص من هذا النص أن القاصر إذا أذنت له المحكمة في الزواج – ويجب أن يبلغ الثامنة عشرة إذا كان ذكراً والسادسة عشرة إذا كان أنثى وفقاً للقانون رقم 56 لسنة 1923 – تضمن هذا الإذن إذناً في أن يتصرف الزوج في المهر بإعطائه لزوجته وفي التصرف في ماله للنفقة على زوجته ، وتضمن إذناً في أن تتصرف الزوجة في المهر الذي تأخذه من زوجها فتكون لها الأهلية الكاملة بالرغم من قصرها في أن تشتري جهازها من هذا المهر . وهذا كله ما لم تقرر المحكمة غيره عند الإذن في الزواج ، أو في قرار لاحق لهذا الإذن .

المطلب الثاني

عيوب الرضا في عقد البيع

60 – تطبيق القواعد العامة : عيوب الرضاء في عقد البيع هي عيوبه في أي عقد آخر ، فيعيب إرادة أي من البائع والمشتري أن تكون مشوبة بغلط أو تدليس ([180]) أو إكراه أو استغلال . فإذا شاب الإرادة عيب من هذه العيوب ، $113 كان البيع قابلا للإبطال لمصلحة من شاب إرادته العيب . وفي الاستغلال يكون البيع قابلا للإبطال أو قابلا للإنقاص وفقاص للقواعد المقررة في الاستغلال ، وقد سبق تفصيلها في الجزء الأول من الوسيط . وللغبن أحكام خاصة في عقد البيع ، سنتناولها عند الكلام في الثمن .

ولا جديد يقال في البيع في صدد هذه العيوب ، فيتبع فيها القواعد المقررة في النظرية العامة في العقد فيما يتعلق بعيوب الإرادة ([181]) كما هي مبسوطة تفصيلا $114 في الجزء الأول من الوسيط .

ولكن الغلط في المبيع في عقد البيع له شأن خاص ، إذ يتصل اتصالا وثيقاً بالعلم بالمبيع وبخيار الرؤية وهو الخيار المعروف بالفقه الإسلامي ، فتناوله هنا في شيء من التفصيل .

61 – علم المشتري بالمبيع – النصوص القانونية : تصن المادة 419 من التقنين المدني على ما يأتي :

(( 1 – يجب أن يكون المشتري عالماً بالمبيع علماً كافياً . ويعتبر العلم كافياً إذا اشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بياناً يمكن من تعرفه )) .

(( 2 – وإذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع ، سقط حقه في طلب إبطال البيع بدعوى عدم علمه به ، إلا إذا أثبت تدليس البائع ([182]) )) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المواد 249 – 253 / 315 – 319 ([183]) .

$115 ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 387 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 408 – وفي التقنين المدني العراقي $116 المواد 715 – 523 وفي تقنين الموجبات والعقود لا يوجد نص مقابل ([184]) .

$117 62 – القواعد العامة المتعلقة بعلم المشتري بالبيع : لو أن نص المادة 419 مدني لم يوجد ، لوجب ألا تتطلب أن يكون المشتري عالماً بالمبيع ذاتاً ، ولكفى أن يكون المبيع معيناً تعييناً كافياً يميزه عن غيره ويكون مانعاً من الجهالة الفاحشة ولو لم يكن المشتري عالماً به . وهذه هي القواعد العامة المتعلقة بتعيين محل الالتزام ، سبق بسطها في النظرية العامة للمحل . فإذا كان المبيع داراً مثلا ، ولم يرها المشتري ، ولكنها عينت تعييناً كافياً بأن ذكر موقعها وحدودها ، فقد كان ينبغي أن هذا التعيين يكفي ولو لم يكن للمشتري سابق علم بالدار .

فكان ينبغي إذن ألا تشترط رؤية المشتري للمبيع ، ولا سابق علمه به ، ولا وصفه بأكثر من الأوصاف التي تكفي لتعيينه . على أنه يجب ألا يكون المشتري واقعا في غلط في صفة جوهرية في المبيع ، وهذا الغلط لا يفترض ، فعلى المشتري الذي يدعيه يقع عبء إثباته . ولكن الفقه الإسلامي ، وبخاصة المذهب الحنفي ، يثبت للمشتري الذي لم ير المبيع خيارا يسميه خيار الرؤية ، يستطيع المشتري بموجبه أن ينقض البيع ويرد المبيع إذا رآه فوجده على خلاف ما ظن . وقد أراد التقنين المدني الجديد ، على غرار التقنين المدني السابق، أن يوفق بين خيار الرؤية وبين القواعد العامة التي سبقت الإشارة غليها في تعيين المبيع وفي الغلط في صفة جوهرية فيه . فنستعرض في إيجاز خيار الرؤية في الفقه الإسلامي ، في المذهب الحنفي وفي غيره من المذاهب الأخرى ، ثم ننتقل إلى أحكام التقنين المدني المصري التي أريد بها التوفيق بين أحكام خيار الرؤية وبين هذه القواعد العامة .

63 – خيار الرؤية في الفقه الحنفي : يثبت خيار الرؤية ، في المذهب الحنفي ، في عقد البيع ، ويثبت للمشتري دون البائع . فمن اشترى عيناً معينة $ بالذات ، ولم يكن قد رآها لا وقت البيع ولا قبل البيع ([185]) ، كان له الخيار إذ رآها ، ولو كان اشتراها على الصفة وظهرت على ما وصفت ، لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من اشترى شيئا لم يره فهو الخيار إذا رآه . أما البائع فلا خيار له ، حتى لو لم يكن قد رأى العين التي باعها قبل بيعها . ووقت ثبوت خيار الرؤية للمشتري هو وقت الرؤية لا قبلها ، حتى لو أجاز البيع قبل الرؤية ورضي بالبيع ، فإنه له بالرغم من ذلك أن يرده إذا رآه ، لأن نزوله عن الخيار قبل أن يثبت له لا يعتد به . واختلف في جواز الفسخ قبل الرؤية ، والصحيح أنه يجوز .

والعقد حال قيام خيار الرؤية غير لازم من جهة المشتري ، فلهذا الرجوع عنه وفسخه بعد الرؤية ، بل وقبلها كما سبق القول . أما البائع فقد قدمنا أنه لا خيار له ، فالعقد يكون لازماً من جهته . وعدم لزوم العقد من جهة المشتري يقوم في أساسه على فكرة الغلط ، إذ يفترض أن المشتري لم يجد المبيع على الحال التي ظنها ، بل وجده  على حال لا يصلح معها للغرض المقصود ، فأساس خيار الرؤية هو غلط المشتري في شيء لم تسبق له رؤيته .

ويسقط خيار الرؤية : ( 1 ) برؤية المشتري للعين المبيعة ورضائه بها صراحة أو دلالة . ولا تلزم رؤية جميع أجزاء المبيع بل يكتفي برؤية ما يدل على العلم بالمقصود من العين المبيعة ([186]) . فإذا تمت رؤية المبيع على الوجه المتقدم ، جاز للمشتري إمضاء البيع برضائه بالمبيع كما جاز له فسخه . والفسخ يثبت له منذ البداية ، حتى قبل الرؤية على الرأي الصحيح كما قدمنا . والمختار في المذهب الحنفي أن خيار الرؤية لا يتوقت ، بل يبقى إلى أن يوجد ما يسقطه . فليس هناك وقت معلوم يجب أن يستعمل فيه المشتري خياره في الإمضاء أو في الرد ، $119 وما دام ساكتاً فخياره قائم إلى أن يصدر منه ما يدل على الإمضاء أو الرد ، وعند ذلك يسقط خياره ويصبح البيع لازماً في حالة الإمضاء منتقضا في حالة الرد . وهناك قول بأن خيار الرؤية موقت بعد الرؤية بقدر ما يتمكن المشتري من الفسخ ، فإذا تمكن من الفسخ بعد الرؤية فلم يفسخ سقط خياره ولزم المبيع ([187]) . ( 2 ) بموت المشتري قبل أن يختار ، فيلزم البيع بموته . ولا ينتقل الخيار إلى ورثته ، لأن خيار الرؤية لا يورث . ( 3 ) بهلاك بعض المبيع أو تعيبه أو تغيره قبل أن يختار المشتري . ( 4 ) بتصرف المشتري في المبيع . وهنا يجب التمييز بين ما إذا كان التصرف صادراً قبل رؤية المشتري للمبيع أو بعد الرؤية . فإن كان صادراً قبل رؤيته ، وكان التصرف لا يمكن رفعه كالإعتاق والتدبير ، أو كان لازماً يوجب حقاً للغير كالبيع والهبة مع التسليم والرهن والإجارة ، سقط خيار الرؤية . ذلك أن تعذر فسخ هذه التصرفات يوجب لزوم البيع ، لأن الفسخ إذا تعذر لم يكن في بقاء الخيار فائدة فيسقط . ويبقى الخيار ساقطاً حتى لو نقضت هذه التصرفات اللازمة ، كما لو باع أو رهن أو آجر ثم رد عليه بعيب أو افتك الرهن أو انقضت مدة الإجارة . فخيار الرؤية لا يعود بعد أن سقط ، إذا الساقط لا يعود إلا بسبب جديد ، أما إذا كان التصرف الصادر من المشتري قبل الرؤية تصرفاً غير لازم ، كما لو باع بشرط الخيار أو عرض للبيع أو وهب ولم يسلم أو كان المبيع داراً فيبعت دار بجنبها فأخذها بالشفعة ، لم يسقط خيار الرؤية ، لأن هذه التصرفات يمكن للمشتري الرجوع فيها ولا يتعذر فسخها ، وكل ما تدل عليه هو الرضا ، والخيار قبل الرؤية لا يسقط بصريح الرضا ، فبدلالة الرضا أولى ألا يسقط . بقيت التصرفات الصادرة من المشتري بعد الرؤية ، فهذه سواء كان يمكن رفعها أو يمكن ، تعذر فسخها أو لم يتعذر ، $120  فإنها تسقط ضيار الرؤية . إذ أقل ما تدل عليه الرضا ، والخيار بعد الرؤية يسقط بالرضا صراحة أو دلالة ([188]) .


64 – خيار الرؤية في المذاهب الأخرى في الفقه الإسلامي :

والمذهب الحنفي وحده هو الذي يعرف خيار الرؤية على النحو الذي بسطناه ، أما المذاهب الأخرى فتختلف أحكامها في هذا  الخيار عن أحكام المذهب الحنفي .

ففي مذهب مالك ، إذا كانت العين المبيعة حاضرة في مجلس العقد ولم يكن في رؤيتها مشقة وجب أن يراها المشتري ليصح العقد . فإذا اشتراها بعد رؤيتها انعقد البيع صحيحاً نافذاً لازماً ولا خيار فيه للرؤية ، وإذا اشتراها دون أن يراها لم يصح البيع . و هذا هو الحكم أيضاً إذا كانت العين قريبة جداً من مجلس العقد ، بحيث تمكن رؤيتها دون مشقة . أما إذا كانت العين غائبة عن مجلس العقد ، أو كانت حاضرة ولكن في رؤيتها مشقة كثوب يخشى أن يلحقه الفساد من تكرار النشر عليه ، جاز بيعها على الصفة إذا لم تكن بعيدة جداً ، فتوصف وصفاً يميزها عن غيرها ويفرد بذاتيتها . فإذا بيعت العين على هذا النحو انعقد البيع نافذاً وليس للمشتري خيار الرؤية ، ولكن له خيار الوصف إن جاءت العين على غير ما وصفت . ويدخل في البيع على الوصف ما يعرف $121 بالبيع على البرنامج ، بأن تذكر أوصاف العين في دفتر مكتوب ، فيشتريها المشتري على هذه الأوصاف ، فإن وجدت لزم البيع ، وإلا كان للمشتري خيار الوصف . ويغني عن الوصف رؤية متقدمة ، بأن يكون المشتري قد سبق له أن رأى العين قبل البيع ولم تتغير العين وقت البيع عما كانت عليه وقت الرؤية . فإذا لم تسبق للمشتري رؤية العين ، ولم توصف على النحو المتقدم أو وصفت ولكنها كانت بعيدة جداً ، لم يجز البيع إلا إذا جعل المشتري لنفسه الخيار إذا رأى المبيع . أما إذا انعقد البيع على الإلزام بأن اشترط البائع على المشتري ألا يكون له الخيار أو سكت العقدان عن شرط الخيار ، فالبيع باطل . ويستخلص من ذلك أن خيار الرؤية غير معروف في مذهب مالك ، إلا في حالة العين الغائبة التي لم توصف ، أو في حالة العين البعيدة جداً ولو وصفت ، ما دامت العين في هاتين الحالتين لم تسبق رؤيتها ، ولا يثبت الخيار إلا بالشرط .

وفي مذهب الشافعي ، في قوله القديم ن يجوز بيع العين الغائبة ويثبت للمشتري خيار الرؤية . ثم إن في افتقار صحة البيع إلى ذكر صفات المبيع ثلاثة أوجه : أحدها أنه لا يصح حتى تذكر جميع الصفات ، والثاني أنه لا يصح حتى تذكر الصفات المقصودة ، والثالث أن صحة البيع لا تفتقر إلى ذكر شيء من الصفات فيجوز بيع العين الغائبة دون وصف لأن الاعتماد على الرؤية وقد ثبت للمشتري خيارها . وأما إذا رأى المشتري المبيع قبل العقد ثم اشتراه دون أن يراه وقت البيع ، فإن كان مما لا يتغير كالعقار ونحوه جاز بيعه . وهذا القول القديم في مذهب الشافعي يقارب المذهب الحنفي في خيار الرؤية ، فهو يثبت للمشتري هذا الخيار حتى لو ذكرت جميع صفات المبيع . وفي القول الجديد رؤية المبيع شرط في صحة العقد ، سواء كانت العين حاضرة أو غائبة ، وسواء لم يسبق للمشتري رؤيتها أو سبق ، ففي جميع الأحوال لا يصح البيع إلا في المبيع المرئي وقت العقد . ومن ثم لا يكون للمشتري خيار الرؤية ، فهو قد رأى العين وقت العقد ورضي شراءها ، بل إن رؤيتها وقت العقد شرط في صحة البيع كما قدمنا ([189])

$122 والظهر في مذهب أحمد بن حنبل أن العين الغائبة التي لم توصف ولم تتقدم رؤيتها لا يصح بيعها . فيجب ، حتى يصح العقد ، إما الرؤية من المشتري والبائع جميعاً ، وإما سبق الرؤية بزمن لا تتغير العين فيه ، وإما وصف العين بحيث يذكر من صفاتها ما يكفي لصحة السلم . فإن وقع البيع على هذا النحو كان صحيحاً لازماً ، وليس للمشتري ولا للبائع خيار الرؤية فيه . لكن إذا وصف المبيع فجاء على غير الوصف ، كان للمشتري خيار الخلف في الوصف . وإذا كانت العين حاضرة في مجلس العقد ن اشترطت رؤية ما هو مقصود بالبيع ، وهذا ما لم يوصف المبيع . ويتبين من ذلك أن خيار الرؤية غير معروف في الظاهر من مذهب أحمد ، إذ البيع لا يصح إلا برؤية المبيع أو بوصفه ، فلا مجال بعد ذلك لخيار الرؤية ([190]) .

ويستخلص مما قدمناه في المذاهب الثلاثة أو وصف المبيع يغني عن رؤيته ، فالبيع على الوصف جائز ، وليس للمشتري عند ذاك خيار الرؤية وإنما له خيار الخلف في الوصف . وهذا الذي استخلص من المذاهب الثلاثة هو ما أكمل به التقنين المدني المصري أحكام خيار الرؤية بعد أن أخذ هذه الأحكام من المذهب الحنفي ، فجعل الوصف مغنياً عن الرؤية ، بل جعل إقرار المشتري أنه عالم بالمبيع بمثابة الرؤية كما سنرى .

65 – خيار الرؤية في التقنين المدني المصري : وقد نقل التقنين المدني الجديد ، على غرار التقنين المدني السابق ، خيار الرؤية على الفقه الإسلامي ، مع بعض تعديلات تظهر مما يأتي ([191]) .

فقد أوجب – في المادة 419 مدني وقد تقدم ذكرها – أن يكون المشتري عالماً بالمبيع علماً كافياً . والعلم بالمبيع شيء غير تعيين المبيع ، فقد يكون المبيع معيناً كل التعيين ولكن المشتري لا يعلمه . والأصل في العلم بالمبيع أن يكون برؤية المبيع ذاتاً ، ولكن التقنين المدني لم يجعل الرؤية هي الطريق الوحيد لتحصيل العلم بالمبيع ، بل جعل إلى جانب هذا الطريق طريقين آخرين .

أولاً : أن يشتمل عقد البيع على بيان المبيع وأوصافه ا لأساسية بياناً يمكن من تعرفه . وهذه خطوة أبعد من تعيين المبيع ، إذ يكفي في تعيين المبيع أن يكون معروفا بذاته لا يقع لبس فيه . فإذا باع شخص دارا معروفة للناس إذا ذكرت فلا يقع لبس فيها ، كانت العين المبيعة معينة تعيينا كافياً ، ولكن المشتري قد لا يكون رأى الدار وليس له سابق علم بها . فلا يكفي إذن ، لصحة البيع ، أن تكون الدار معينة تعيينا كافيا ، بل يجب أيضا بيان أوصافها الأساسية بيانا يمكن من تعرفها ، فيذكر موقع الدار وحدودها ومساحتها وعدد طبقاتها وما يتبع الدار من ملحقات ونحو ذلك مما يجعل صورة الدار مرسومة رسماً واضحاً في ذهن المشتري ، فهذا الوصف الدقيق يقوم مقام الرؤية ([192]) . وقد رأينا أن المذاهب الثلاثة ن بخلاف المذاهب الحنفي ، تستغني من الرؤية بالوصف .

ثانياً : إقرار المشتري في عقد البيع بأنه عالم بالمبيع . فقد لا يوصف المبيع المعين على النحو الذي قدمناه ، ولكن المشتري يذكر في عقد البيع أنه يعرف المبيع أو سبقت له رؤيته ، فيكون إقراره هذا حجة عليه . ولا يستطيع بعد ذلك أن يطعن في البيع بالإبطال بدعوى عدم علمه بالمبيع ، إلا إذا أثبت $124 أن البائع قد دلس عليه ، بأن أراه مثلا عيناً أخرى وأوهمه أنها العين المبيعة ، ففي هذه الحالة له أن يتمسك بإبطال البيع للتدليس لا للغلط ([193]) .

ونرى من ذلك أن خيار الرؤية في التقنين المدني المصري قد آل في النهاية إلى وجوب وصف المبيع في عقد البيع وصفاً مميزاً له عن غيره بحيث يتمكن المشتري من تعرفه . فإذا لم يوصف على هذا النحو ، وجب على الأقل أن يقر المشتري في عقد البيع أنه عالم بالبيع .

ولا يظهر إذن خيار الرؤية إلا في الفرض النادر الآتي : تكون العين المبيعة معينة تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة ، ولكنها لا توصف الوصف المميز الذي يمكن من تعرفها ، وفي الوقت ذاتها لا يقر المشتري في عقد البيع أنه عالم بالمبيع ، ولم يكن قد سبقت له رؤيتها . ففي هذه الحالة وحدها يثبت للمشتري خيار الرؤية ، على نحو لاءم فيه التقنين المدني بين أحكام الفقه الإسلامي والمبادئ العامة للقانون المدني ([194]) فخرج خيار الرؤية على نظرية الغلط ، وافترض أن $125 المشتري في الحالة التي نحن بصددها ، إذا رأى المبيع فلم يجده وافياً بالغرض المقصود ، قد وقع في غلط جوهري في شأن المبيع . فهو لم يره ولم يوصف له ، ولكنه أقدم على شرائه بالرغم من ذلك ظاناً أنه يفي بالغرض المقصود . فلما رآه وجده غير واف بهذا الغرض ، فيكون قد وقع في غلط جوهري كما قدمنا ، وله أن يطلب إبطال البيع وفقاً للقواعد المقررة في نظرية الغلط ([195]) . وخصوصية الغلط هنا أنه غلط قد أعفى المشتري من إثباته ، فهو غلط مفترض ، ويكفي أن يدعيه المشتري حتى يصدق بقوله ، بل يطلب منه أن يحلف اليمين . فما دام أنه لم ير المبيع من قبل ، ولم يصوف له الوصف اللازم ، ولم يقر أنه عالم به ، فالمفروض قانوناً أنه إذا رد المبيع بعد رؤيته فليس ذلك إلا نتيجة لوقوعه في غلط جوهري من حيث وفاء المبيع بالغرض المقصود ([196]) .

$126 هذا هو القدر الذي أخذ به التقنين المدني في خيار الرؤية . وغني عن البيان أنه لو لم يأخذ بهذا القدر ، وادعى المشتري بعد رؤية المبيع أنه وقع في غلط جوهري من حيث وفائه بالغرض المقصود ، لكان عليه عبء إثبات هذا الغلط . فتحور الغلط من غلط واجب الإثبات إلى غرض مفترض هو الأثر الذي ترتب على أخذ التقنين المدني بخيار الرؤية ([197]) .

المبحث الثالث

بعض البيوع الموصوفة

66 – يدخل على البيع ما يدخل على سائر العقود من أوصاف :

والبيع كسائر العقود قد تدخل عليه أوصاف مختلفة ، فيكون معلقاً على شرط أو مقترنا بأجل ، يكون متعدد المحل بأن يكون بيعا مع خيار التعيين أو بيعا ينطوي على التزام بدلي كالبيع بالعربون . والقواعد العامة التي سبق أن بسطناها في أوصاف الالتزام من شرط ( 2 ) وأجل ( 3 ) ومن التزام تخييري ( 4 ) والتزام $127 $128 بدلي ([198]) ، وكذلك في البيع بالعربون ([199]) ، هي التي تنطبق ، فلا نعود إليها هنا ([200]) .

وإنما نقف عند بعض بيوع موصوفة كثيرة الوقوع في العمل . فنبسط ما يميزها من خصائص ، ونختار البيوع الآتية : ( 1 ) البيع بشرط  التجربة ( vente a la degustation ) ( 2 ) البيع بشرط المذاق ( vente a l'essai ) ( 3 ) بيع الوفاء ( vente a remere ) ( 4 ) للبيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية حتى استيفاء الثمن ( vente a temperament ) أو الإيجار السائر للبيع ( location – vente ) ( 5 ) البيع مع حق التقرير بالشراء عن الغير ( vente avec faculte d'elire commande ) .

البيع بشرط التجربة

( Vente a l'essai )

67 – النصوص القانونية : تنص المادة 421 من التقنين المدني على ما يأتي :

1 – في البيع بشرط التجربة يجوز للمشتري أن يقبل المبيع أو يرفضه ، $129 وعلى البائع أن يمكنه من التجربة . فإذا رفض المشتري المبيع وجب أن يعلن الرفض في المدة المتفق عليها ، فإن لم يكن هناك اتفاق على المدة ففي مدة معقولة يعينها البائع ، فإن انقضت هذه وسكت المشتري مع تمكنه نم تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولا )) .

(( 2 – ويعتبر البيع بشرط التجربة معلقاً على شرط واقف هو قبول المبيع ، إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ ([201]) )) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 242 / 308 ([202]) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 389 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 410 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 524 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 374 بند 3 والمادة 391 ([203]) .

$130 ويلخص من النص أن البيع قد يعلق على شرط التجربة ، فنبحث في هذا الصدد المسائل الآتية : ( 1 ) كيف يعلق البيع على شرط التجربة ، ( 2 ) كيف تكون التجربة والوقت الذي تتم فيه ، ( 3 ) التجربة كشرط واقف ، ( 4 ) التجربة كشرط فاسخ .

68 – كيف يعلق البيع على شرط التجربة : يكون ذلك عادة بأن يشترط المشتري أن يجرب المبيع ليتبين صلاحيته للغرض المقصود منه أو ليستوثق من أن المبيع هو الشيء الذي يطلب ، ولا يكون مجرد رؤية المبيع كافياً للاستيثاق من ذلك .

وأكثر ما يكون شرط التجربة صريحاً . ولكنه قد يكون ضمنياً ، يستخلص من طبيعة المبيع أو من ظروف التعامل . فشراء ملابس ينطوي عادة على شرط ضمني أن المشتري قد اشتراها بشرط تجربتها ، حتى إذا كانت لا تناسبه نقض البيع ([204]) . وشراء آلات ميكانيكية للزراعة أو الصناعة أو لغير ذلك من الأغراض ، إذا كانت من الدقة بحيث لا يستوثق من صلاحيتها إلا بعد تجربتها ، تفترض فيه التجربة شرطاً ضمنياً . وإذا اشترى شخص سيارة مستعملة لم يسبق له فحصها ، فالغالب أن يشترط أن يكون البيع بشرط التجربة ، وكثيراً ما يكون هذا الشرط مفهوماً ضمناً من ظروف التعامل ومن سبق استعمال السيارة . وقد يستقر $131 العرف في أشياء معينة أن يكون شراؤها معلقاً على شرط التجربة ن فيفهم الشرط ضمناً عن طريق العرف .

ونرى من ذلك أن البيع بشرط التجربة يقع عادة على الأشياء التي لا يمكن الاستيثاق منها إلا بعد استعمالها ، كالملابس والآلات الميكانيكية والآلات الكاتبة والتركيبات الكيماوية والأسمدة والسيارات والآلات الفوتوغرافية والصور والتبالوهات والراديوهات والأثاث المنزلي وكلاب الصيد وخيل السابق ونحو ذلك . وكل هذه الأشياء منقول ، ولكن لا يوجد مانع من أن يقع بيع التجربة على عقار فيشترط المشتري لمنزل يريد سكناه أن يكون البيع بشرط التجربة .

69 – كيف تكون التجربة والوقت الذي تتم فيه : إذا كان البيع بشرط التجربة ، وجب أن يمكن البائع المشتري من تجربة المبيع ، ويكون ذلك عادة بتسليمه إياه لاستعماله بنفسه ([205]) . وليس من الضروري أن تكون التجربة بمحضر من البائع ، فيجوز أن يجرب المشتري المبيع للاستيثاق من صلاحيته بعيداً عن البائع .

والتجربة يقصد بها أحد أمرين :   

1 – إما لتبين أن المبيع صالح للغرض المقصود منه ، كأن يكون آلة ميكانيكية للحرث أو للدراسة ، فيجربها المشتري ومتى تبين أنها تصلح للحرث أو للدراسة فلا يستطيع أن يتحكم وينقض البيع بدعوى أن المبيع غير صالح فالصلاحية هنا معيارها وفاء المبيع بالأغراض المقصودة منه ، فمتى وجد المبيع صالحاً للوفاء بهذه الأغراض فلا يملك المشتري أن يرفضه ، وإذا وقع خلاف $132 حسمه الخبراء . وهنا يقترب معنى صلاحية المبيع من معنى خلوه من العيوب الخفية إذ المبيع غير الصالح يكون منطوياً عادة على عيب خفي يجعله غير  صالح .

2 – وإما للاستيثاق من أن المبيع يستجيب لحاجة المشتري الشخصية ، فإذا اشترى ملابس أو فرساً أو منزلاً للسكني بشرط التجربة ، فالعبرة ليست بصلاحية المبيع في ذاته بل بملاءمته للمشتري . فقد تكون الملابس أو الفرس أو المنزل صالحة في ذاتها ، ولكن المشتري لم ترقه الملابس أو لم يجد في الفرس صفات خاصة كان يتطلبها أو لم يرتح للسكني في المنزل ، فله عند ذلك أن يرفض المبيع ، والقول في ذلك قوله هو لا قول الخبراء . وقد عرضت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي لهذا الأمر الثاني إذ تقول : (( ولم يقتصر المشروع على إدخال هذا التعديل ، بل بين كيف تتم التجربة ، فقرر إلزام البائع بتمكين المشتري من تجربة المبيع ، وللمشتري حرية القبول أو الرفض ، فهو وحده الذي يتحكم في نتيجة التجربة . وقد جارى المشروع في ذلك التقنين الألماني ( م 223 ) والتقنين البولوني ( م 339 ) ن فإن المفروض أن يكون المبيع من الأشياء التي يتطلب فيها أن تناسب المشتري مناسبة شخصية ، فهو وحده الذي يتسطيع أن يقرر ذلك ([206]) )) . وغني عن البيان أن ما ورد في المذكرة الإيضاحية إنما يفرض الأمر الثاني ويعتبره هو المتفق عليه بين المتبايعين ، ولكن ذلك لا يمنع من أن يتفقا على أن المقصود بالتجربة هو الأمر الأول ، أي أن يكون الشيء صالحاً في ذاته للأغراض المقصودة منه ، ومتى قوع خلاف بين الطرفين في ذلك حسم الخلاف أهل الخبرة ([207]) . فالعبرة إذن باتفاق المتبايعين ، فإن قصدا $133 من التجربة صلاحية الشيء في ذاته كان للخبراء القول الحاسم ، وإن قصدا منها مناسبة الشيء لحاجة المشتري الشخصية كان قول المشتري هو القول الأخير . وإذا وقع شك في قصدهما ، فالمفروض – نظراً لعبارة النص ولما جاء في المذكرة الإيضاحية – أن المقصود هنا مناسبة المبيع لحاجة المشتري ، فيكون للمشتري القول الحاسم في صلاحية المبيع .

والتجربة – سواء كان القصد منها تبين الصلاحية في ذاتها أو المناسبة لحاجة المشتري الشخصية – يجريها المشتري بنفسه في العادة ، لا سيما إذا كان القصد منها الاستيثاق من مناسبة المبيع لحاجته . ولكن قد يستعين فيها برأي صديق أو رأي خبير ، كما في الصور والتابلوهات والآلات الميكانيكية ([208]) .

وكثيراً ما يحدد المتبايعان وقتاً معيناً يعلن فيه المشتري نتيجة التجربة ([209]) . فإذا لم يحددا وقتاً لذلك ، جاز للبائع أن يقوم هو بتحديد مدة معقولة ، وللقضاء حق الرقابة عليه في ذلك ([210]) .

فإن قبل المشتري المبيع أو رفضه في خلال مدة التجربة ، اعتبر البيع من وقت إعلان القبول أو الرفض بيعاً تاماً أو كأنه لم يكن تبعاً للقبول أو الرفض ([211]) $134 أما إذا انقضت المدة ، وسكت المشتري عن القبول أو الرفض مع تمكنه من تجربة المبيع ([212]) ، فإن سكوته يعد قبولا . ذلك أن التجربة شرط علق عليه البيع ، وقد جعله المشتري بامتناعه عن التجربة أبو بامتناعه عن إعلان نتيجتها مستحيلا ، فيعتبر الشرط إذا كان واقفاً أنه تحقق ، وإذا كان فاسخاً أنه تخلف ، طبقاً للقواعد المقررة في الشرط ([213]) .

70 – التجربة شرط واقف : بقي أن نبين هل شرط التجربة الذي علق عليه البيع شرط واقف أو هو شرط فاسخ . تجيب الفقرة الثانية من المادة 421 مدني ، كما رأينا ، بأن البيع بشرط التجربة يعتبر (( معلقاً على شرط واقف هو قبول المبيع ، إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ )) . فالأصل إذن أن يكون شرط التجربة شرطاً واقفاً ، وإذا لم يبين المتعاقدان صراحة أو ضمناً أنهما أرادا شرطاً فاسخاً ، أو كان هناك شك في فيما قصدا إليه ، كان المفروض أنهما أرادا أن تكون التجربة شرطاً واقفاً .

ويكون المشتري بشرط التجربة في هذه الحالة مالكاً تحت شرط واقف ([214]) ، ويبقى البائع مالكاً للمبيع تحت نفس الشرط ولكنه يكون شرطاً فاسخاً بالنسبة إليه . والشرط الذي يعتبر واقفاً بالنسبة إلى المشتري وفاسخاً بالنسبة إلى البائع هو قبول المشتري المبيع بعد تجربته ، بإعلانه هذا القبول إلى البائع في الميعاد المتفق عليه $135 أو الميعاد المعقول الذي حدده البائع على التفصيل الذي قدمناه . فالشرط يتحقق بقبول المبيع ([215]) . ومتى تحقق الشرط أصبحت ملكية المشتري للمبيع ملكية باتة بأثر رجعي ، فاستندت إلى وقت البيع لا إلى وقت القبول فحسب . وزالت ملكية البائع بأثر رجعي أيضاً ، فاستند زوالها إلى وقت البيع . ومن ثم تزول كل الحقوق العينية التي ترتبت من جهة المشتري . ويتخلف الشرط برفض المشتري للمبيع ، وإعلانه هذا الرفض للبائع في الميعاد . ومتى تخلف الشرط ، زال البيع بأثر رجعي واعتبر كأن لم يكن . وزالت مع البيع بأثر رجعي ملكية المشتري التي كانت معلقة على شرط واقف ، وأصبحت ملكية البائع التي كانت معلقة على شرط فاسخ ملكية باتة منذ البداية . وتبقى الحقوق العينية التي ترتبت على المبيع من جهة البائع في خلال مدة التجربة ، وتزول تلك التي ترتبت من جهة المشتري . أما إذا سكت المشتري عن إعلان القبول أو الرفض مع تمكنه من تجربة المبيع ، فقد رأينا أنه بسكوته هذا جعل تحقق الشرط مستحيلا ، فيعتبر الشرط قد تحقق وأن المشتري قبل المبيع ، وتجري الأحكام التي قدمناها في حالة تحقق الشرط . وتقول الفقرة الأولى من المادة 421 مدني في هذا المعنى ، كما رأينا ، أنه (( إذا انقضت المدة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع ، اعتبر سكوته قبولا )) .

وإذا اعتبرنا التجربة شرطاً واقفاً ، كما هو الأصل ، وهلك المبيع بسبب أجنبي وهو لا يزال تحت التجربة وقبل تبين مصير الشرط ، هلك على البائع . ذلك لأن البائع هو المالك للمبيع تحت شرط فاسخ ، ولأن الشرط إذا تحقق – ويتعذر أن يتحقق في هذه الحالة فإن المشتري لن يقبل المبيع بعد أن هلك – لم $136 يكن لتحققه أثر رجعي ، فيبقى المالك وقت هلاك المبيع هو البائع لا المشتري ، فيهلك على البائع ([216]) .

71 – التجربة شرط فاسخ : على أنه يجوز للمتبايعين أن يتفقا على أن تكون التجربة شرطاً فاسخاً . ويكون الاتفاق على ذلك صريحاً ، أو ضمنياً يستخلص من الظروف وملابسات التعاقد . فعند ذلك ينفذ البيع منذ البداية ، ويصبح المشتري مالكاً للمبيع ملكية معلقة على شرط فاسخ ، بينما يصبح البائع مالكاً له ملكية معلقة على شرط واقف . والشرط هنا يصبح عدم قبول المشتري للمبيع وإعلان البائع بهذا الرفض ، فهذا هو الشرط الفاسخ بالنسبة إلى المشتري ، وهو في الوقت ذاته شرط واقف بالنسبة إلى البائع . فإذا تحقق الشرط ، بأن أعلن المشتري البائع رفضه للمبيع ، انفسخ البيع بأثر رجعي ، واعتبر المشتري كأنه لم يملك المبيع والبائع كأنه هو المالك منذ البداية ، وتزول الحقوق التي ترتبت من جهة المشتري على المبيع وتبقى تلك التي ترتبت من جهة البائع . أما إذا تخلف الشرط – أو صار في حكم المتخلف بأن سكت المشتري $137 عن القبول أو الرفض – فإن البيع يصبح باتا ن ويعتبر المشتري مالكاً للمبيع ملكية باتة منذ البداية ، وتزول ملكية البائع بأثر رجعي . وتبقى الحقوق التي ترتبت من جهة المشتري على المبيع ، بينما تزول الحقوق التي ترتبت من جهة البائع ([217]) .

وإذا هلك الشيء بسبب أجنبي ، هلك على المشتري لا على البائع ، لأنه وقت أن هلك كان ملك المشتري ، وذلك حتى لو تحقق الشرط فليس لتحققه أثر رجعي ( م 270 / 2 مدني ) .

2 – البيع بشرط المذاق

( vente a la degustation – vente ad gustum )

72 – النصوص القانونية : تنص المادة 422 من التقنين المدني على ما يأتي :

(( إذا بيع الشيء بشرط المذاق ، كان للمشتري أن يقبل المبيع إن شاء ، ولكن عليه أن يعلن هذا القبول في المدة التي يعينها الاتفاق أو العرف ، $138 ولا ينعقد البيع إلا من الوقت الذي يتم فيه هذا الإعلان )) ([218])

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ([219]) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 390 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 411 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 525 – ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 374 بند 4 والمادة 392 ([220]) .

$139 73 – كيف يعلق البيع على شرط المزاق : يكون ذلك عادة بأن يشترط المشتري على البائع ألا يتم البيع إلا إذا ذاق المشتري المبيع وقبله . وهذا الشرط قد يكون صريحاً ، وقد يكون ضمنياً يستخلص من الظروف والملابسات . ومن أهم الظروف التي يستخلص منها هذا الشرط طبيعة المبيع ، فمن المبيعات ما لا يدرك كنهه إدراكاً تاماً إلا بمذاقه ، وذلك كالزيت والزيتون والخل وبعض أنواع الفاكهة والنبيذ ونحو ذلك من المأكولات والمشروبات التي تختلف فيها أذواق الناس . فالمفروض أنه إذا بيع شيء من ذلك ولم تدل الظروف على أن المتبايعين أرادا استبعاد شرط المذاق ، فقد قصد المتبايعان أن يكون البيع بشرط المذاق ، فلا يتم إلا بعد المذاق وقبول المشتري للمبيع .

على أنه قد يتفق المتبايعان على استبعاد شرط المذاق حتى في المأكولات التي تقدمت الإشارة إليها ن وقد يستخلص هذا الاتفاق ضمناً من الظروف والملابسات . فإذا كان المشتري تاجراً يتجر في مثل هذه الأشياء ، واشترط على البائع بالجملة أن يبيعه منها كميات معينة ، على أن تكون من صنف جيد أو من صنف متوسط أو من الصنف التجاري المألوف ، وعلى أن ترسل إلى مكان المشتري وهو بعيد عن مكان البائع ، فهذه الظروف كلها يمكن أن يستخلص منها أن البيع بات وقد نزل المشتري عن شرط المذاق ، فهو تاجر يبيع لعملائه وليس لذوقه الشخصي دخل في الصفقة ، وقد اشترط الصنف الذي يريد وهذا أمر يترك لتقدير الخبراء عند النزاع ، وإرسال البضاعة إلى مكان بعيد يفهم منه أن الصفقة قد تمت وإلا لما خاطر البائع بإرسالها إلى هذا المكان البعيد قبل أن تتم . وكذلك إذا تم البيع على موجب عينة ، فالمفروض أن المشتري قد ذاق العينة وأقرها ، وأن المبيع الذي يجيء وفق العينة يكون البيع باتاً فيه وأن اختلافه عن العينة يكون محل تقدير الخبراء ([221]) .

$140 74 – كيف يتم المذاق – الزمان والمكان اللذان يتم فيهما :

يتم المذاق في الزمان والمكان اللذين يتفق عليهما المتبايعان . فإن لم يكن هناك اتفاق ، لا صريح ولا ضمني ، على الزمان والمكان ، اتبع عرف الجهة . فإن لم يكن عرف ، فالمذاق يتقدم تسلم المشتري المبيع من البائع ، فيتم في المكان الذي يكون فيه التسليم ، ويسبق التسليم فوراً ، بحيث إذا تسلم المشتري المبيع اعتبر تسلمه إياه رضاء به وقبولا له بعد مذاقه .

والذي يذوق المبيع هو المشتري شخصياً ([222]) ، وله الحرية الكاملة في قبول المبيع أو في رفضه حسب ذوقه ([223]) . فالبيع بالمذاق يختلف عن البيع بشرط التجربة في أن التجربة قد تكون لتبين صلاحية الشيء في ذاته وقد تكون للاستيثاق من مناسبة الشيء لحاجة المشتري ، أما المذاق فيتمحض في الاستيثاق من مناسبة الشيء لذوق المشتري . وحتى لو كان المشتري تاجراً واشترط مذاق المبيع ، فالعبرة بذوقه الشخصي ، وهو الذي يقرر – لا الخبراء – أي صنف يلائم عملاءه ([224]) . وغني عن البيان أن البائع يلتزم بأن يمكن المشتري من مذاق المبيع ([225]) .

ولا بد من أن المشتري يعلن قبول المبيع بعد مذاقه وسكوته لا يكفي ، وهذا فرق آخر بين بيع المذاق وبيع التجربة ([226]) . ولكن قبول المبيع قد يكون $141 صريحاً وقد يكون ضمنياً . ويستخلص القبول ضمناً ، كما قدمنا ، من تسلم المبيع ، أو من وضع المشتري ختمه أو  علامة خاصة على المبيع ، فهذا وذاك دليل على أنه ارتضى المبيع بعد أن ذاقه ([227]) .

75 – التكييف القانوني للبيع بالمذاق : والبيع بالمذاق ليس بيعاً معلقاً على شرط فاسخ ، بل ولا على شرط واقف ، وفي هذا يختلف أيضاً عن بيع التجربة . ذلك أن البيع بالمذاق ليس بيعاً أصلا ، بل هو مجرد وعد بالبيع . وهذا الوعد صادر من المالك ، وقد قبل الطرف الآخر الوعد ولم يقبل بعد البيع ذاته ([228]) . فإذا ذاق المبيع وارتضاه ، فقد قبل البيع . وينعقد البيع من وقت هذا القبول ، فليس للقبول أثر رجعي كما له هذا الأثر في بيع التجربة ([229]) . ومن ثم رأينا المادة 422 مدني تقول : (( كان للمشتري أن يقبل البيع )) . أما في البيع بالتجربة ، فتقول المادة 421 مدني : (( يجوز للمشتري أن يقبل المبيع )) . وهذا الفرق بين العبارتين نتيجة متفرعة عن الفرق بين العمليتين في طبيعتهما . فبيع التجربة بيع كامل وإن لم يكن باتاً ، ولذلك يقبل المشتري المبيع ، أما البيع فقد سبق له قبوله . وبيع المذاق ليس بيعاً كاملا ، بل وعداً بالبيع ، ولذلك يقبل المشتري البيع ، $142 ونرى من ذلك أن بيع المذاق إذا تم بيعاً بقبول المشتري للبيع – أي بقبوله للوعد وتحويله بيعاً بهذا القبول كما هو شأن الوعد بالبيع – فإن ملكية المبيع لا تنتقل إليه إلا من وقت هذا القبول . ويترتب على ذلك الأمور الآتية :
( 1 ) إذا كان دائن للبائع قد وقع حجزاً على المبيع قبل قبول المشتري للبيع ، كان الحجز صحيحاً إذ وقع على شيء مملوك للبائع ، وجاز الاحتجاج بالحجز على المشتري لو قبل البيع ، وهذا بخلاف بيع التجربة . ( 2 ) إذا أفلس البائع قبل قبول المشتري للبيع ، ثم قبل المشتري البيع ، فإنه لا يستأثر بالمبيع دون سائر الدائنين ، أما في بيع التجربة فيعتبر مالكاً من وقت البيع أي قبل الإفلاس فيستأثر بالمبيع . ( 3 ) إذا هلك الشيء قبل مذاقه ، هلك على البائع ([230]).

76 – الفروق بين بيع المذاق وبيع التجربة : والآن نستطيع أن نلخص الفروق ما بين بيع المذاق وبيع التجربة ([231]) فيما يأتي :

1 – المذاق ، بخلاف التجربة ، يراد به محض التثبت من ملاءمة الشيء لذوق المشتري ، ولا يمكن أن يقصد به الاستيثاق من صلاحية الشيء في ذاته ، فلا يجوز في المذاق أن يترك الأمر لتقدير الخبراء .

2 – المذاق يكون عادة قبل أن يتسلم المشتري المبيع ، أما التجربة فتكون عادة بعد التسليم .

3 – لا يكفي سكوت المشتري في بيع المذاق بل لابد من إعلان قبوله للبيع ، ويكفي السكوت في بيع التجربة ويكون معناه قبول المبيع .

4 – بيع المذاق مجرد وعد بالبيع ، أما بيع التجربة فبيع كامل معلق إما على شرط واقف وإما على شرط فاسخ .

5 – إذا وقع دائن البائع حجزاً على المبيع قبل قبول المشتري ، ففي بيع المذاق ينفذ الحجز في حق المشتري ، وفي بيع التجربة لا ينفذ .

$143 6 – إذا أفلس البائع قبل قبول المتشري ، ففي بيع المذاق لا يستأثر المشتري بالمبيع ، وفي بيع التجربة يستأثر .

7 – إذا هلك الشيء قبل قبول المشتري ، ففي بيع المذاق يكون هلاكه دائماً على البائع ، وفي بيع التجربة يكون الهلاك على البائع إذا كانت التجربة شرطاً واقفاً وعلى المشتري إذا كانت التجربة شرطاً فاسخاً ([232]) .

3– بيع الوفاء

( vente a remere )

77 – النصوص القانونية : تنص المادة 465 من التقنين المدني على ما يأتي :

$144 (( إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة ، وقع البيع باطلا )) ([233]) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المواد 338 – 347 / 421 – 433 - ([234]) .

$145 ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 433 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 454 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 1333 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 473 – 486 ([235]) . $146

وقد كان التقنين المدني السابق يقر بيع الوفاء وينظمه تنظيما مسهباً ، أما التقنين المدني الجديد فقد أبطله كما رأينا . فيحسن إذن أن نبحث بيع الوفاء : ( أ ) في عهد التقنين المدني السابق ، إذ لا يزال موجوداً حتى اليوم بيوع وفاء أبرمت في عهد التقنين السابق فتسري عليها نصوص هذا التقنين . ( ب ) في عهد التقنين المدني الجديد .

$148 1 – بيع الوفاء في عهد التقنين المدني السابق

78 – بيع الوفاء والرهن : بيع الوفاء في عهد التقنين المدني السابق كان طريقاً من طرق التأمين ، يتجرد فيه المالك عن ملكه لدائنه ، فيتملك الدائن المبيع تحت شرط فساخ ، هو أن يرد البائع الثمن والمصروفات للدائن ، فينفسخ البيع ويعود المبيع إلى ملك البائع بأثر رجعي . فالبائع وفاء هو المدين ، والمشتري وفاء هو الدائن ، ويتجرد الأول عن ملكه للثاني على أمل استرداده في المستقبل . أما في رهن الحيازة فلا يتجرد الراهن عن الملك بل عن الحيازة فقط ، وفي الرهن الرسمي لا يتجرد عن الملك ولا عن الحيازة . فظاهر أن الرهنين يفضلان بيع الوفاء من هذه الناحية الهامة . ولكن بيع الوفاء – من ناحية أخرى أهل أهمية – يمتاز على كل من الرهنين . فهو يمتاز على رهن الحيازة بأن المبيع وفاء إذا هلك في يد المشتري هلك عليه دون البائع ، أما إذا هلكت العين المرهونة في يد المرتهن فإنها تهلك على الراهن دون المرتهن . ثم إن المشتري في بيع الوفاء لا شأن له ببقية أموال البائع الخارجة عن المبيع ، أما المرتهن فله عدا حقه العيني على الشيء المرهون حق شخصي يضمنه جميع أموال الراهن . ويمتاز بيع الوفاء على الرهن الرسمي بهاتين الميزتين وبأنه لا حاجة فيه إلى ورقة رسمية والرهن الرسمي لابد لانعقاده من هذه الورقة ، وبأنه يجوز في العقار وفي المنقول ، والرهن الرسمي لا يجوز إلا في العقار .

عن أن بيع الوفاء كثيراً ما يتخذه المتعاقدان ستاراً لإخفاء رهن حيازي ([236]) لو كشفنا عنه كان غير مشروع . ويتحقق ذلك في الفروض الآتية : ( 1 ) يقصد المتعاقدان إبرام قرض بربا فاحش مضمون برهن حيازي ، فلا يكشفان عن هذا القصد لعدم مشروعيته ، بل يلجآن إلى بيع الوفاء ، فيبيع المدين من الدائن عيناً بيعاً وفائياً ، ثم يستأجرها ويدفع أجرة هي عبارة $149 عن الربا الفاحش ([237]) . أو يشترط عليه المشتري ( الدائن ) إذا أراد استرداد العين أن يدفع ثمناً يكون أكثر من الثمن الذي قبضه ، والفرق ربا فاحش . ( 2 ) يقصد المتعاقدان التخلص من بطلان شرط امتلاك المرتهن للشيء المرهون إذا لم يف الراهن بالدين ، فيلجآن إلى بيع الوفاء . فيتخذ الدائن المرتهن سمة المشتري وفاء ، ويستطيع بذلك أن يتملك المبيع إذا لم يرد الراهن – وهو البائع وفاء – ما اقترضه وسماه ثمناً في بيع الوفاء . ( 3 ) يقصد المتعاقدان التخلص من قانون الخمسة الأفدنة ، فيسميان رهن الحيازة بيع وفاء . فلا يحتاج الدائن ( المشتري وفاء ) إلى الحجز والبيع ، بل يمتلك المرهون ( المبيع وفاء ) بمجرد عدم قيام المدين ( البائع وفاء ) بسداد الدين .

وقبل قانون رقم 49 / 50 سنة 1923 ، وكان على القاضي ، إذا عرض عليه عقد موصوف بأنه بيع وفاء ، أن يفسر هذا العقد بحسب نية المتعاقدين الحقيقية ، فيعتبره بيع وفاء أو رهناً ، ويجري على كل عقد حكمه . ثم صدر هذا القانون قاضياً بأن العقد الموصوف بأنه بيع وفاء ، إذا كان واقعاً على عقار ، وتبين أنه رهن ، فإنه يكون باطلا لا باعتباره بيع وفاء فحسب بل أيضاً باعتباره رهناً . وقالت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون : (( إن في إبطال عقود الرهن التي تكون في شكل بيع وفائي إبطالا تاماً الوصول إلى الغاية المطلوبة ، إذ من المؤكد أن الدائنين سيمتنعون من وصف عقود الرهن بصفة عقود بيع وفائي نظراً لما يترتب على هذا العمل من النتائج الخطيرة وإبطال العقد إبطالا تاماً . وعلى ذلك تكون هذه القاعدة بمثابة نظام رادع لمنع استعمال البيع الوفائي الذي ينطوي على الرهن ، وإلا كان جزاء المخالف إلغاء كل أثر لعقده )) . وقد جعل تشريع سنة 1923 من القرائن على أن بيع الوفاء يستر رهناً ، فيبطل كبيع $ 150 $ وكرهن معاً ، اشتراط المشتري على البائع إذا أراد الاسترداد أن يرد مع الثمن فوائده ، وذلك لأن المشتري وفاء يقبض ريع المبيع ، فإذا ضم إليه الفوائد كان هذا قرينة على الربا الفاحش . وجعل من هذه القرائن أيضاً أن تبقى العين في حيازة البائع بأي سبب ( [238] ) . وهذه القرائن غير قاطعة ، فيجوز إثبات عكسها ( [239] ) .

 $ 152 $

79 – دوران في بيع الوفاء : ويمر بيع الوفاء على دورين : الدور الأول عند انعقاد البيع ، والدور الثاني عند استعمال حق الاسترداد .

أولاً – عند انعقاد بيع الوفاء :

80 – أركان بيع الوفاء : هي أركان أي بيع آخر ، رضاء المتعاقدين والمبيع والثمن ، ولا يشترط التسليم ( [240] ) . وهو بيع معلق على شرط فاسخ ، هو أن البائع إلى المشتري المبالغ التي يتفق عليها – وهي غالباً الثمن والمصروفات - $ 153 $ في مدة معينة . فإذا تحقق هذا الشرط انفسخ البيع واعتبر كأن لم يكن ، ورجع المبيع إلى مالك البائع واعتبر أنه لم يخرج من ملكه أصلاً .

وحتى يعتبر هذا الشرط صحيحاً يجب توافر أمرين : ( 1 ) أن يكون الشرط معاصراً لعقد البيع ولو لم يكن مذكوراً في عقد البيع ذاته ، فالمعاصرة الذهنية تكفي ( [241] ) . فإذا تخلف الشرط عن عقد البيع ، فإن البيع ينعقد باتاً ، ويكون الشرط اللاحق إما وعدا بالبيع أو بيعاً معلقاً على شرط واقف تبعاً لنية المتعاقدين . وتكييف الشرط اللاحق بأنه بيع معلق على شرط واقف هو الذي تنص عليه المادة 425 مدني مختلط إذ تقول : إذا لم يشترط حق الاسترداد في العقد نفسه فمن يكسب هذا الحق لا يعود مالكاً إلا من يوم اشتراطه هذا الحق " . ولا نظير لهذا النص في التقنين الوطني السابق ، ولكنه تطبيق للقواعد العامة ولنية المتعاقدين . ( 29 إلا تزيد المدة التي يصح فيها الاسترداد على خمس سنوات في التقنين الوطني ، وعلى سنتين في التقنين المختلط . وسنعود إلى هذه المسألة فيما يلي :

81 – حقوق كل من المشتري والبائع : يصبح المشتري ، بعد تسجيل بيع الوفاء إذا كان المبيع عقاراً ، مالكاً للمبيع تحت شرط فاسخ ، وله أن $ 154 $ يتصرف فيه ولكن يكون تصرفه معلقاص على هذا الشرط . فله أن يبيع وأن يهب وأن يرهن ، فإذا تحقق الشرط فسخت كل هذه التصرفات . ويستطيع أن يطهر العقار مما عليه من الرهون ، ويبقى هذا التصرف نافذاً حتى لو تحقق الشرط الفاسخ . وله أن يطلب الأخذ بالشفعة ( [242] ) ، ويبقى تصرفه هذا أيضاً نافذاً ولو تحقق الشرط . وله من باب أولى أن يقوم بأعمال الإدارة ، كان يؤجر العين ، ويكون إيجاره نافذاً حتى لو تحقق الشرط الفاسخ وردت العين إلى البائع ، ويلتزم هذا بتنفيذ الإيجار إذا كان ثابت التاريخ ووقع دون غش ولم تجاوز مدته ثلاث سنوات ( 345  /  431 مدني سابق ) . وإذا كان بيع الوفاء صادراً من غير مالك ، فإن كان المبيع منقولا ملكه المشتري إذا كان حسن النية بموجب الحيازة ، وللمالك الحقيقي أن يستعمل حق الاسترداد . وإذا كان المبيع عقاراً ، أمكن المشتري أن يملكه بالتقادم الخمسي إذا كان حسن النية ، وللبائع حسن النية إذا استرد المبيع إني ضم مدة حيازة المشتري إلى مدة حيازته إذا اقترنت بسبب صحيح لأن المشتري يعتبر حائزاً لحسابه ( [243] ) . أما إذا كان المشتري سيء النية ، فإنه لا يملك المبيع إلا بالتقادم الطويل ، سواء كان المبيع عقاراً أو منقولا ، وله أن يضم مدة حيازة البائع ، فإذا ملك المبيع بالتقادم بقى للبائع حقه في الاسترداد .

ويصبح البائع مالكاً تحت شرط واقف . فإذا تصرف المشتري في المبيع ، ثم تحقق الشرط ، عادت الملكية إلى البائع بأثر رجعي ، وأمكن هذا أن يسترد المبيع ممن تصرف له المشتري . ويستطيع البائع أن يتصرف في ملكيته المعلقة على شرط واقف وأن يرهنها خاضعة لهذا الشرط ( [244] ) ، فإذا كان المبيع عقاراً وجب التسجيل أو القيد . وللبائع فوق ذلك حق شخصي في ذمة المشتري ، يستطيع بموجبه أن يسترد المبيع في مواجهته ، حتى لو انتقل إلى يد أجنبي .

 $ 155 $

ثانياً – عند استعمال حق الاسترداد :

82 – من يستعمل حق الاسترداد وضد من يستعمل وعلى أي شيء يقع : الذي يستعمل حق الاسترداد هو البائع ، وورثته من بعده ، ومن انتقل إليه حق البائع أي خلفه الخاص ( [245] ) . ولدائني البائع ، إذا كان هذا معسراً ، أن يستعملوا حقه باسمه وفقاً لأحكام الدعوى غير المباشرة ( [246] ) .

ويستعمل حق الاسترداد ضد المشتري أو ورثته من بعده . ويجوز أيضاً استعماله ضد المشتري من المشتري ( أي الخلف الخاص ) ، إلا إذا كان المبيع منقولا وكان المشتري الثاني حسن النية فإنه يملك المبيع ملكاً باتاً ويبقى للبائع أن يرجع بتعويض على المشتري . أما إذا كان المشتري الثاني يعلم شرط الاسترداد أو كان المبيع عقاراً ، فإنه يجوز للبائع أن يسترد منه المبيع ولا يدفع إلا الثمن المتفق عليه بينه وبين المشتري الأول حتى لو كان هذا الثمن أقل مما اشترى به المشتري الثاني ، ويرجع هذا على البائع له – أي على المشتري – بالفرق . أما إذا كان الثمن الذي اشترى به المشتري الثاني أقل ، فإنه يسترد من البائع الثمن الأكثر ، ولا يرد الفرق إلى المشتري لأنه تلقى عنه حقوقه بالثمن الذي دفعه له . ويلاحظ أن استرداد البائع من المشتري الثاني يكون بموجب دعوى عينيه هي دعوى الاستحقاق ، إذ يرجع المبيع إلى ملك البائع باستعمال حق الاسترداد . وقد تقدم أن للبائع عدا هذا دعوى شخصية قبل المشتري الأول ، وتظهر فائدتها $ 156 $ في حالتين : ( 1 ) إذا كان البائع متأكداً من أن المبيع تحت يد المشتري الثاني ، إذ يجوز أن يكون هذا قد باعه لثالث ، ففي هذه الحالة لا يستطيع البائع أن يستعمل حق الاسترداد ضد المشتري الثاني ، وهو لا يعلم أين ذهبت العين ، فخير طريق يسلكه هو أن يستعمل حق الاسترداد ضد المشتري الأول بموجب حقه الشخصي فيضمن أن يكون استعماله لحق الاسترداد صحيحاً . ( 2 ) إذا كان البيع منقولا وقد ملكه المشتري الثاني حسن النية بالحيازة ، فلا يستطيع البائع في هذه الحالة أن يرفع عليه دعوى الاسترداد ، ولا يبقى له إلا الرجوع بتعويض على المشتري الأول بموجب حقه الشخصي ، وقد تقدم ذكر ذلك .

ويقع الاسترداد على نفس المبيع ، سواء كان ملكاً كاملاً أو حصة مشاعة أو حصصاً مقسومة ( م 346  /  432 مدني سابق ) . ولكن لهذه القاعدة استثناءات .

1 - فقد يتعدد البائع ، بان يرثه ورثة متعددون أو يكون هو نفسه في الأصل متعدداً . فإذا كان البيع بعقد واحد وبثمن واحد ، جاز للمشتري أن يطلب من البائعين جميعاً أن يتفقوا فيما بينهم على استرداد كل المبيع أو لا يستردون شيئاً أصلاً . ولا بد من اتفاق الجميع على الاسترداد ، فلو عرض أحدهم أن يسترد كل المبيع لنفسه لم يجبر المشتري على اجابة هذا الطلب إلا إذا نزل باقي البائعين للبائع الذي يريد الاسترداد عن حقهم فيه . أما إذا لم يستعمل المشتري حقه في طلب اتفاق البائعين على الاسترداد ، فكل بائع لا يسترد إلا نصيبه ، وبذلك ينقسم حق الاسترداد ( أنظر المواد 1668 – 1670 مدني فرنسي ، وهي مجرد تطبيق للقواعد العامة ) .

2 - وقد يتعدد المشتري ، بأن يرثه ورثة متعددون أو يكون هو نفسه في الأصل متعدداً . فيستطيع البائع إني ستعمل حقه في الاسترداد ضد كل واحد منهم بقدر نصيبه ( [247] ) . أما إذا وقع المبيع كله في نصيب أحد الورثة ، استعمل $ 157 $ البائع حقه في الاسترداد ضد هذا الوارث بالنسبة إلى كل المبيع . ويبقى سائر الورثة كل منهم مسئولا بدعوى شخصية بمقدار نصيبه كل المبيع بأن كان مثلا منقولا وملكه مشتر ثان حسن النية بالحيازة . وليس للورثة أو للمشترين أن يطلبوا من البائع استرداد كل الشيء المبيع كما في حالة تعدد البائع ، بل ينقسم هنا حق الاسترداد حتما ( م 346  /  432 مدني سابق وم 1672 مدني فرنسي ) .

3 - وتقضي المادة 347  /  433 مدني سابق ( أنظر 1766 مدني فرنسي ) بأنه إذا كان المبيع بيع وفاء حصة شائعة في عقار ، واشترى مشتريها الحصة الباقية من مالكها بعد طلب هذا المالك مقاسمته ، فللمشتري المذكور عند مطالبة بائعه الأول باسترداد الحصة المبيعة بيع وفاء أن يلزمه بأخذ العين بتمامها . ذلك أن المشتري وفاء قد اضطر ، لحفظ الحصة الشماعة التي اشتراها ، أن يشتري حصة الشريك ، فلزم البائع أن يستردها مع الحصة المشاعة وأن يرد إلى المشتري الثمن الذي دفعه للشريك . ولكن للمشتري أن يحتفظ بما اشتراه في طلب المقاسمة وأن يرد للبائع الحصة المشاعة التي اشتراها منه فقط . فإذا لم يشتر المشتري وفاء حصة الشريك عند طلب القسمة ، بل بيعت كل العين لهذا الشريك أو لأجنبي ، فثمن الحصة المشاعة المبيعة وفاء هو الذي يستعمل فيه حق الاسترداد ( [248] ) . ويلاحظ أنه إذا كان المشتري وفاء هو الذي طلب القسمة ، فليس له أن يطالب البائع إلا باسترداد الحصة التي اشتراها منه ، وإذا خرجت العين من يده نتيجة للقسمة لم تسر القسمة في حق البائع وفاء بل له أن يسترد حصته المبيعة من يد من انتقلت إليه ، وله دعوى شخصية ضد المشتري وفاء كما قدمنا .

 $ 158 $

83 – متى يستعمل حق الاسترداد : الحد الأقصى للمدة التي يجوز أن يستعمل فيها حق الاسترداد هو خمس سنوات ( [249] ) . فإن اتفق المتعاقدان على أقل من هذه المدة ، سرى ما اتفقا عليه . وإن اتفقا على أكثر ، انقص ما اتفقا عليه إلى خمس سنوات ( [250] ) . وإن سكتا عن تعيين المدة ، اعتبرت المدة خمس سنوات ( [251] ) . والمدة تحسب بالتقويم الهجري ، بحسب المتبع في عهد التقنين المدني السابق . وتبدأ من وقت البيع ( [252] ) ، ولا يحسب يوم البيع ويحسب يوم الاسترداد ، وتحسب أيام الأعياد ولو انتهى بها الميعاد ، لأن المدة مدة سقوط لا مدة تقادم ، ومن ثم تسري على القاصر ولو لم يكن له نائب ( [253] ) .

وتنص المادة 342  /  427 مدني سابق على أن " الميعاد المذكور محتم بحيث يترتب على تجاوز سقوط حق الاسترداد ، ولا يجوز للمحكمة أن تحكم بعدم سقوط الحق في أي حال من الأحوال ولو في حالة القوة القاهرة " . فإذا انقضى الميعاد ولم يستعمل البائع حقه في الاسترداد ، أصبح بيع الوفاء الذي كان معلقاً على شرط فاسخ بيعاً باتاً ، وأصبح المشتري مالكاً للمبيع ملكا باتا منذ البيع لا منذ انقضاء المدة ( [254] ) ، فأصبحت جميع تصرفاته في البيع باتة . $ 159 $ وعلى العكس من ذلك تزول ملكية البائع بأثر رجعي منذ البيع ، وتزول جميع تصرفاته وتعتبر كأنها لم تكن ، لأن هذا كله كان معلقاً على شرط واقف ولم يتحقق الشرط .

أما المتعاقدان فيستطيعان باتفاق لاحق مد الميعاد إذا كان أقل من الحد الأقصى بحيث لا تجاوز المدة بعد المد هذا الحد . وإذا اتفق متعاقدان في البداية على مدة معينة ، ثم مداها بعد ذلك ، فإن كان الاتفاق على الحد قبل انتهاء المدة الأولى فالحكم ما تقدم ، وإن كان بعد انتهاء المدة الأولى أمكن تفسير ذلك بان بيع الوفاء أصبح باتا بانتهاء المدة الأولى وأن المتعاقدين اتفقا بعد ذلك على بيع معلق على شرط واقف وحدد لتحقق الشرط مدة هي مقدار ما مد من الأجل ( م 428 مختلط ) ( [255] ) . ولا يجوز في جميع الأحوال أن يضر الاتفاق على مد المدة بحقوق الغير ( [256] ) . فإذا فرض أن المدة التي حددت أولاً هي سنتان ، $ 160 $ وفي غضون السنة الأولى رتب المشتري وفاء رهناً على العقار المبيع ، ثم اتفق مع البائع قبل انتهاء الميعاد على مدة سنة ثالثة ، فإن الرهن يصبح باتا بانقضاء السنتين ، لأن الدائن المرتهن كسب حقه معلقاً على شرط فاسخ يجب أن يتحقق في هذه المدة ، فإذا انقضت ولم يتحقق صار حقه باتا . أما إذا كسب دائن آخر رهناً على العقار بعد مد الميعاد ولو قبل انتهاء السنتين ، فالميعاد الثاني الممدود هو الذي لا يسري الميعاد الأول ( [257] ) .

84 – كيف يستعمل حق الاسترداد : في فرنسا اختلف الرأي في الفقه . ففريق يذهب إلى أن البائع يستعمل حقه في الاسترداد بعرضه الثمن والمصروفات على المشتري عرضاً حقيقياً ، وفريق ثان يذهب إلى جواز الاقتصار على العرض الفعلي دون العرض الحقيقي ، وفريق ثالث يذهب إلى عدم ضرورة العرض إطلاقاً ويكفي إظهاره البائع للمشتري استعداده أن يدفع له فوراً الثمن والمصروفات فيتم الاسترداد بإرادة منفردة من جانب البائع يعلن بها رغبته في استرداد المبيع مع استعداده لرد الثمن والمصروفات . وبهذا الرأي الأخير يأخذ القضاء في فرنسا ، ويزيد عليه أن الاسترداد على هذا النحو يكون هو نفسه معلقاً على شرط واقف ، ويتحقق الشرط بأن يرد البائع للمشتري فعلا الثمن والمصروفات ، فإن لم يردها اعتبر الاسترداد كأن لم يكن فيخلص للمشتري ملك المبيع باتا ويأمن بذلك مزاحمة دائني البائع .

أما في مصر فالقضاء والفقه يذهبان إلى الأخذ بهذا الرأي الأخير ، وإلى أن مجرد إظهار البائع استعداده لدفع الثمن والمصروفات كاف ( [258] ) . ولكن يحسن $ 161 $ إذا أخذ بهذا الرأي ، التمشي مع القضاء الفرنسي في أن الاسترداد على هذا النحو يكون معلقاً على شرط واقف هو الدفع الفعلي ، فإذا لم يتحقق هذا الشرط لم يعتبر البائع قد استرد وأصبح البيع باتا لعدم الاسترداد ، وبذلك يخلص للمشتري ملك المبيع فلا يزاحمه فيه دائنو البائع ( [259] ) .

85 – الآثار التي تترتب على استعمال حق الاسترداد : تترتب على استعمال البائع لحق الاسترداد النتائج الآتية :

أولاً – ينفسخ بيع الوفاء ويعتبر كأن لم يكن ، فتنفسخ تصرفات المشتري وفاء في المبيع وقد كانت معلقة على شرط فاسخ فتحقق الشرط ( [260] ) ، وتنفذ كل تصرفات البائع وقد كانت معلقة على شرط واقف فتحقق الشرط أيضاً .

ثانياً – يصبح البائع مديناً بما يأتي : ( 1 ) أصل الثامن . وليس من المحتم أن يكون الثمن الذي يرده البائع هو نفس الثمن الذي دفعه المشتري ، وإن كان هذا هو الذي يقع غالباً . ولكن قد يتفق المتعاقدان على أن البائع يرد ثمناً أكثر أو أقل ، إلا أنه في حالة اشتراط رد ثمن أكثر يكون هذا موجباً للشك في أن العقد رهن بربا فاحش . وليس على البائع رد فوائد الثمن ، فإن المشتري قد استغل المبيع مدة البيع الوفائي ويقوم ذلك مقام الفوائد حتى لا يجمع بين الفوائد والريع . بل أن اشتراط رد الفوائد يعتبر من القرائن على أن بيع الوفاء إنما هو رهن . ( 2 ) المصروفات المترتبة على البيع والتي تترتب على استرداد المبيع . فيرد البائع للمشتري رسوم التسجيل ، ويتحمل مصروفات الاسترداد من نقل المبيع والتأشير على هامش التسجيل وغير ذلك . ( 3 ) المصروفات الضرورية التي صرفها المشتري غير ما صرفه في صيانة المبيع ، وكذلك في المصروفات النافعة يرد أقل القيمتين ما صرف فعلا وما زاد في قيمة المبيع . ويشترط في المصروفات النافعة إلا تكون فاحشة ، فقد يتعمد المشتري تحسين المبيع تحسيناً يعجز البائع عن در مصروفاته ، ففي هذه الحالة يكون البائع غير ملزم بردها وعلى المشتري أن يرد الشيء إلى أصله وينزع منه ما زاد عليه من بناء أو غراس أو غير ذلك ( [261] ) .

وليس للمشتري حق امتياز على المبيع ، لأن الاسترداد فسخ للبيع الأول وليس بيعاً جديداً ، ولكن يستطيع المشتري أن يعتبر الاسترداد كأن لم يكن إن لم يستوف الديون المتقدم ذكرها على الرأي الذي نذهب إليه . وللمشتري على كل حال حبس المبيع حتى استيفاء هذه الديون .

ثالثاً – يصبح المشتري مديناً برد المبيع . ولا يرد الثمرات لأنها في مقابل $ 163 $ الفوائد ، ويستحق منها بنسبة المدة التي بقى فيها بيع الوفاء دون فسخ ، سواء كانت الثمرات طبيعية كمحصول الأرض ( [262] ) أو مدنية كأجرة المنزل . وإذا نقص المبيع ، فإن كان بغير فعل المشتري لم يلزم بشيء ولكن للبائع ببداهة إلا يسترد ، وإن كان بفعل المشتري فهو مسئول عنه .

( ب ) بيع الوفاء في عهد التقنين المدني الجديد

86 – بيع الوفاء باطل – الأعمال التحضيرية للتقنين الجديد وما دار في لجنة مجلس الشيوخ : قدمنا أن المادة 465 من التقنين المدني الجديد تنص على أنه " إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة ، وقع البيع باطلا " . وذكرنا أن مشروع التقنين الجديد كان يقر بيع الوفاء وينظمه على غرار التنظيم الذي قدمناه في عهد التقنين السابق . ولكن لجنة مجلس الشيوخ ، عندما نظرت المشروع ، انقسمت إلى رأيين ( [263] ) :

( الرأي الأول ) ذهب إلى حذف هذه النصوص جملة واحدة ، وعدم النص على بيع الوفاء اكتفاء بأحكام الرهن ، إذ تبين من العمل أن كثيراً من البيوع الوفائية تستر رهونا حيازية عقارية ، حتى أن المشرع في سنة 1923 نص على أن البيع الوفائي إذا ستر رهناً كان العقد باطلا بوصفة بيعاً أو رهناً . وقد دلل أصحاب هذا الرأي على صحة ما ذهبوا إليه بما يأتي : ( 1 ) أن بيع الوفاء لا وجود له إلا من الناحية النظرية ، وهو في الحقيقة يهدف إلى تحقيق أحكام الرهن من أيسر السبل . فنظام الرهن بنوعيه يغني عنه ، وبخاصة رهن الحيازة . ( 2 ) أن هذا النظام يقضي على مزية حماية الملكية الصغيرة المتمثلة في قانون خمسة الأفدنة ، فيستطيع المرابى عن طريق بيع الوفاء أن يشتري أرض الفلاح الصغير وتخلص له ملكيتها إذا لم يسترد البائع ، وكان لا يستطيع ذلك عن طريق الرهن إذ لا يستطيع الحجز على الأرض وهي لا تزيد على خمسة أفدنة . ( 3 ) أن بيع $ 164 $ الوفاء يدفع صغار الملاك إلى بيع أموالهم وهم يعتقدون إنهم يستردونها ، والغالب أنهم يعجزون عن ذلك ، فتضيع عليهم أموالهم بأبخس الأثمان . 04 ) أن البائع في البيع الوفائي لا يستطيع أن يبيع ماله مرة ثانية بيعاً باتاً ، ويستطيع ذلك في الرهن .

( والرأي الثاني ) ذهب إلى الإبقاء على نظام بيع الوفاء ، لأن في حذف هذا النوع من البيوع انعدام بعض التصرفات المقبولة التي جرى عليها العمل . وليس من الصواب القول بأن كل بيع وفائي يستر رهناً ، لأن المشتري في بيع الوفاء الحقيقي يطمع بعد انقضاء المدة في أن يكون مالكا ملكا باتا والبائع يطمع في أن يسترد ملكه ، فإذا حرم البائع من هذا التصرف وألحت عليه الحاجة وكان من صغار الملاك اضطر إلى بيع ملكه بيعاً نهائياً . وما دام القانون قد وضع الضمانات التي راها كافية لحفظ الملك لصاحبه إذا رد الثمن ، فلا محل لحذف بيع الوفاء .

وقد قيل من جانب الحكومة في لجنة مجلس الشيوخ ، تأييداً للرأي الثاني ، إنه يجب الإبقاء على بيع الوفاء ، لأن العمل اثبت الحاجة إليه . وفي الإمكان ، حماية لصغار الملاك والفلاحين ، الكشف عن البيوع الوفائية الساترة الرهون ومحاربتها ، كما فعل المشرع المصري في سنة 1923 . وأما ما قيل من أن البائع في البيع الوفائي لا يستطيع بيع ملكه مرة أخرى بيعاً نهائياً فمردود ، لأنه يستطيع بيع حقه المعلق على شرط واقف وهذا لا يختلف كثيراً عن بيع ماله المرهون مثقلا بالرهن . والقانون بإلغاء البيع الوفائي لم يثبتوا أن العمل ابان أن بيع الوفاء ضرره أكثر من نفعه . ثم وجهت الحكومة نظر اللجنة إلى أن حذف النصوص المتعلقة ببيع الوفاء من المشروع لا يمنع من تطبيق القواعد العامة ، فيكون هناك بيع وفاء ولكنه غير منظم تنظيما تشريعياً ، وهذا وضع أسوأ . وليس أمام اللجنة إلا أحد طريقين : إما أن تبقى بيع الوفاء فستبقى تنظيمه التشريعي ، وإما أن تحرمه فتنص على ذلك نصاً صريحاً .

وقد رأت اللجنة تأجيل البت في المسألة حتى تستطلع آراء المزارعين والمحامين في شأنها . ثم اعادت اللجنة النظر فيها ، ورأت حذف النصوص $ 165 $ المتعلقة ببيع الوفاء والنص صراحة على تحريمه ، لأن عدم النص على هذا التحريم يدع للناس مجالا للتعامل به مستهدين فيه بتطبيق القواعد العامة .

وجاء بعد ذلك في تقرير لجنة مجلس الشيوخ ، تلخيصاً لما دار في المسألة من مناقشات ، ما يأتي ( [264] ) : " تناولت اللجنة بيع الوفاء ، وقد رأت بالإجماع أن هذا النوع من البيع لم يعد يستجيب لحاجة حيوية في التعامل ، إنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان ، تبدأ ستاراً لرهن ، وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس . والواقع أن من يعمد إلى بيع الوفاء لا يحصل على ثمن يتناسب مع قيمة المبيع ، بل يحصل عادة على ما يحتاج إليه من مال ولو كان أقل بكثير من هذه القيمة . ويعتمد غالباً على احتمال وفائه بما قبض قبل انقضاء أجل الاسترداد . ولكنه قل أن يحسن التقدير ، فإذا أخلف المستقبل ظنه وعجز عن تدبير الثمن خلال هذا الأجل ، ضاع عليه دون أن يحصل على ما يتعادل مع قيمته ، وتحمل غبنا ينبغي أن يدرأه القانون عنه . ولذلك رؤى أن تحذف النصوص الخاصة ببيع الوفاء ، وأن يستعاض عنها بنص عام يحرم هذا البيع في أية صورة من الصورة . ولهذا لا يكون أمام الدائن والمدين إلا الالتجاء إلى الرهن الحيازي وغيره من وسائل الضمان التي نظمها القانون وأحاطها بما يكفل حقوق كل منهما ، دون أن يتسع المجال لغبن قلما يؤمن جانبه " .

87 – ما الذي يترتب على بطلان ببيع الوفاء : فبيع الوفاء إذن ، في التقنين المدني الجديد ، باطل . ويمكن تأسيس هذا البطلان على هذا النص الخاص ( م 465 مدني ) ، كما يمكن القول إن البطلان هنا راجع على أن المشرع قد استحدث تغييراً في نظرته إلى النظام العام ، فوجد أن بيع الوفاء – ويقصد به عادة أن يكون ستاراً لتصرف غير مشروع – أمر مخالف للنظام العام ، فيكون باطلا تطبيقا للقواعد العامة في البطلان ( [265] ) .

 $ 166 $

وأحكام هذا البطلان هي الأحكام التي تقررها القواعد العامة . فهو بطلان مطلق ، لا تلحقه الاجارزة ، ولا يرد عليه التقادم ، ويستطيع أن يتسمك به كل من كان له مصلحة فيه ، ويجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها . ولا يترتب عليه أثر ( [266] ) ، لا فيما بين المتعاقدين ، ولا بالنسبة إلى الغير ، وفقاً للتفصيلات التي أوردناها عند الكلام في البطلان في الجزء الأول من الوسيط . فيجب على المشتري رد المبيع وثمراته إلى البائع ، وله أن يسترد المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة ، وذلك كله طبقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن . ويجب على البائع أن يرد للمشتري فوراً ما قبضه من ثمن ولا يعتاد بالأجل ، ويكون الرد بموجب قاعدة استرداد غير المستحق . ولا يكون المبيع مثقلا بأي حق عيني لضمان رد الثمن ، فإن بيع الوفاء جعله القانون باطلا باعتباره بيعاً أو رهناً . وإذا كان قد سبق تسجيله ، فعند تقرير البطلان يؤشر بذلك على هامش التسجيل .

وفي الفترة السابقة على تقرير بطلان بيع الفواء ، إذا تصرف المشتري في المبيع ببيع أو رهن ، اعتبر التصرف صادراً من غير مالك وجرى عليه حكمه . أما إذا تصرف البائع في المبيع ، فتصرفه صحيح لأنه هو المالك . وإذا انقضت المدة المحدد للاسترداد ولم يسترد البائع المبيع ، فإن ذلك لا يمنعه من التمسك ببطلان البيع ( [267] ) . أما إذا استرد البائع المبيع في المدة المحددة ، فلا عبرة بهذا الاسترداد ، ويرجع المبيع إلى البائع لا بحكم الاسترداد وفسخ البيع ، بل بحكم أن البيع باطل من الأصل كما سبق القول .

ولا يصلح بيع الوفاء ، وهو بيع باطل ، أن يكون سبباً صحيحاً للتقادم القصير . على أن المشتري وفاء إذا باع العين لمشتر حسن النية ، ملكها المشتري الثاني في المنقول بالحيازة ، وأمكن أن يملكها في العقار بالتقادم القصير ، لأن البيع الصادر من المشتري وفاء بيع صادر من غير مالك فيجري عليه حكمه .

 $ 167 $

88 – نميز منطقة بيع الوفاء عن البيع المعلق على شرط فاسخ : ولما كان بيع الوفاء ليس إلا بيعا معلقاً على شرط فاسخ ، وكان دون سائر البيوع المعلقة على شرط فاسخ بيعاً باطلا في التقنين المدني الجديد ، لذلك أصبح تميزه عن هذه البيوع وتحديد منطقته أمراً بالغ الأهمية ، حتى يختص هو وحده بالبطلان .

ولا صعوبة في تمييز الشرط الوفائي عن الشرط الفاسخ غير المتعلق بإرادة البائع . ذلك أن الشرط الوفائي هو شرط يتعلق حتما بإرادة البائع ، إذ هو يسترد المبيع متى أعلن إدارته في الاسترداد . فإذا كان الشرط الفاسخ غير متعلق بإرادة البائع ، أو متعلقاً بها وبأمر آخر خارج عنها ، لم يكن هذا الشرط فالاسخ شرطاً وفائياً ، وكان البيع المعلق عليه بيعاً صحيحاً . مثل ذلك أن يبيع موظف داراً له في الإسكندرية ، ويعلق البيع على شرط فاسخ هو نقله إلى هذه المدينة إذ يحتاج عند ذلك إلى الدار لسكناها ، فالبيع هنا معلق على شرط خارج عن إرادة البائع ويكون صحيحا . وإذا باع شخص داراً وعلق البيع على شرط فاسخ هو أن يتزوج ، فالشرط هنا مختلط يتعلق بإرادته وبارادة الزوجة ، فلا يكون شرطاً وفائياً ويكون البيع المعلق عليه بيعاً صحيحاً .

ويدق الأمر عندما يكون الشرط الفاسخ متعلقاً بإرادة البائع . فهناك شرط متعلق بإرادة البائع وليس شرطاً وفائياً فيبقى معه البيع صحيحاً ، وشرط متعلق بإرادة البائع وهو شرط وفائي فيبطل معه البيع . ونرى أن التمييز بين الشرطين يقوم على الاعتبار الآتي : في بعض الأحوال يجعل البائع لنفسه حق الفسخ ليستبقى فسحة من الوقت يتروى فيها كما في البيع مع الاحتفاظ بحق العدول أو البيع المقترن بخير الشرط ( [268] ) ، ففي هذه الحالة يكون الشرط للتروي فيصبح ويصح معه البيع . وفي أحوال أخرى يجعل البائع لنفسه حق الفسخ مؤملا أن يسترد المبيع برد الثمن ، ففي هذه الحالة يكون الشرط وفائياً فيبطل ويبطل معه $ 168 $ البيع ، فالشرط الصحيح هو ما كان للتروي ، والشرط الباطل هو ما كان للتمكن من استرداد المبيع .

ويمكن أن نتصور ، بعد أن أصبح بيع الوفاء باطلاً ، أن تتحايل الناس لتجنب هذا الحكم بإحدى وسيلتين ( [269] ) : ( 1 ) يبيع المالك العين للمشتري بيعاً باتاً ، ثم يبيع المشتري بعقد جديد نفس العين للبائع معلقاً البيع على شرط واقف هو أن يسترد الثمن والمصروفات في مدة معينة . ( 2 ) يبيع المالك العين للمشتري بيعاً باتاً ، ثم يبيع المشتري العين لأجنبي بعقد ثاني ، ثم يبيع الأجنبي العين للبائع بعقد ثالث معلقاً البيع على شرط واقف هو أن يرد البائع الثمن والمصروفات في خلال مدة معينة . وتمتاز هذه الوسيلة الثانية عن الوسيلة الأولى في أنه قد توسط أجنبي ما بين البائع والمشتري ، فجعل الشبهة أبعد ( [270] ) . وعندنا أنه إذا اشتبه القاضي في حقيقة البيع هل هو بيع وفائي فيبطله ، وجب عليه ألا يقف عند تكييف $ 169 $ المتابعين للعقد ، بل يحلل الصفقة أو مجموعة الصفقات ليرى هل الغرض من ذلك هو ضمان رد المبيع إلى البائع إذا رد الثمن فإذا لم يرده خلصت ملكية المبيع للمشتري ، فعند ذلك يكون التصرف ساتراً لبيع وفاء ويجب عليه الحكم ببطلانه . ومما يعينه على تبين ذلك القرائن التي كانت في عهد التقنين المدني السابق تتخذ دليلاً على أن العقد رهن لا بيع وفاء . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد – وقد أقر بيع الوفاء نظمه كما قدمنا – يتضمن نصاً في هذا المعنى هو المادة 631 من هذا المشروع ، وكانت تقضي بما يأتي : " 1 - إذا ستر بيع الوفاء رهن حيازة عقارية ، كان العقد باطلاً بوصفه بيعاً أو رهناً . 2 - ويعتبر بيع الوفاء ساتراً لرهن حيازي إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقى المبيع في حيازة البائع بأية صفة كانت . ويجوز بأية طريقة أخرى إثبات الرهن المستتر ، دون الوقوف عند الألفاظ التي وردت في العقد " . ( [271] ) ونرى أن نستهدي بهذا المبدأ ، ففي الصورتين اللتين قدمناهما ، وفيهما صدر البيع معلقاً على شرط واقف إلى البائع من المشتري أو من أجنبي ، إذا سلم المشتري أو الأجنبي المبيع للبائع بالرغم من أن ملكية هذا البائع لا تزال معلقة على شرط واقف ، أو كان على البائع أن يرد الثمن مع الفوائد ، أو قامت قرائن أخرى كأن يرد البائع ثمناً أكبر أو أن تطول مدة التعليق كما يكون عادة في مدة الاسترداد في البيع الوفائي ، سهل على القاضي أن يتبين أن العقد يستر بيع وفاء فيقضي ببطلانه ( [272] ) .

89 – ليس للتقنين الجديد أثر رجعي : رأينا أن التقنين المدني الجديد قد استحدث حكم بطلان بيع الوفاء أصالة من غير تمييز بين بيع جدي وبيع يستر رهناً ، فهذا الحكم الجديد وإن كان يمت للمصلحة العامة لا يعتبر من النظام $ 170 $ العام ، فلا يكون له أثر رجعي ، ويترتب على ذلك أن كل بيع وفاء أبرم قبل 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 يبقى خاضعاً لأحكام التقنين المدني السابق المعدل بالقانون رقم 49  /  50 لسنة 1923 ، وتسري عليه هذه الأحكام فلا يكون باطلاً إلا إذا كان بيعاً يستر رهناً ، وذلك حتى لو لم تكن مدة الاسترداد قد انقضت في 15 أكتوبر سنة 1949 ( [273] ) .

أما بيوع الوفاء التي تبرم ابتداء من يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ، فهذه تخضع لأحكام التقنين المدني الجديد ، ومن ثم تكون باطلة حتى لو لم يثبت أن بيع الوفاء يستر رهناً ( [274] ) .

4 - البيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية حتى استيفاء الثمن أو الإيجار السائر للبيع

( vente a temperament - location - vente )

9 - النصوص القانونية : تنص المادة 430 من التقنين المدني على ما يأتي :

 $ 171 $

 " 1 . إذا كان البيع مؤجل الثمن ، جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفاً على استيفاء الثمن كله ولو تم تسليم المبيع " .

 " 2 . فإذا كان الثمن يدفع أقساطاً ، جاز للمتعاقدين أن يتفقا أن يستبقى البائع جزءاً منه تعويضاً له عن فسخ البيع إذا لم توف جميع الأقساط ، ومع ذلك يجوز للقاضي تبعاً للظروف أن يخفض التعويض المتفق عليه وفقاً للفقرة الثانية من المادة 224 " .

 " 3 . فإذا ما وفيت الأقساط جميعاً ، فإن انتقال الملكية إلى المشتري يعتبر مستنداً إلى وقت البيع " .

 " 4 . وتسري أحكام الفقرات الثلاث السابقة ولو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً " ( [275] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولاً به دون نص .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري $ 172 $ المادة 398 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 419 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 534 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني لا يوجد مقابل النص ( [276] ) .

91 - تطبيقات عملية : يقع كثيراً أن يبيع شخص عيناً بثمن مقسط ، وحتى يستوثق من أن المشتري يوفي الثمن وتحرزاً من إعساره يشترط أن يحتفظ بملكية البيع فلا تنتقل باتة إلى المشتري حتى يقوم بوفاء جميع أقساط الثمن . وأكثر ما يقع ذلك في بيع السيارات والآلات الميكانيكية والدراجات وماكينات الخياطة والراديوهات والبيانوهات والآلات الكاتبة والبرادات ( الثلاجات ) والغسالات ونحو ذلك من المنقولات . وقد يقع أيضاً في بيع المحلات التجارية والأراضي والدور والفيلات . فيجمع إلى أصل الثمن فوائده ، ويقسم المجموع أقساطاً متساوية على عدد من الشهور أو السنين ، إذا وفاها المشتري جميعها خلصت له ملكية المبيع ( [277] ) .

 $ 173 $

وأول صورة لهذا البيع كانت هي البيع بالتقسيط ( vent a temperament ) . ثم تدرج التعامل من هذه الصورة إلى صورة الإيجار الساتر للبيع ( location vente ) . وهو الآن في سبيله إلى التدرج نحو صورة ثالثة هي الإيجار المقترن بوعد بالبيع ( location complete par une promesse de vente ) . ونستعرض هذه الصور الثلاث التي وقف منها التقنين المدني الجديد عند الصورتين الأوليين ، لأنهما هما الصورتان ، الأكثر انتشاراً .

92 - البيع بالتقسيط : عرضت الفقرات الثلاث الأولى من المادة 430 مدني ، كما رأينا ، لحالة البيع بالتقسيط . فإذا باع تاجر عيناً – سيارة أو آلة كاتبة أو راديو أو غير ذلك – بثمن مؤجل واجب الدفع في ميعاد معين ، أو بثمن مقسط أقساطاً متساوية على النحو الذي قدمناه ، واشترط البائع على المشتري أن يكون البيع معلقاً على شرط واقف هو وفاء المشتري بالثمن المؤجل في الميعاد المحدد أو وفاؤه بالأقساط جميعاً في المواعيد المتفق عليها ، فإن البيع بهذا الشرط يكون صحيحاً . ويجب إعمال الشرط ، حتى لو سلم البائع المبيع للمشتري قبل استيفاء الثمن أو قبل استيفاء أي قسط من أقساطه .

وفي هذه الحالة تنتقل ملكية المبيع معلقة على شرط واقف إلى المشتري ، ويستبقي البائع ملكية المبيع معلقة على شرط فاسخ ( [278] ) . وكل من الشرط الواقف والشرط الفاسخ هنا حادث واحد ، هو أن يوفي المشتري بالثمن أو بأقساطه في الميعاد المجدد . فإذا فعل تحقق الشرط الواقف وانتقلت الملكية باتة بأثر رجعي $ 174 $ إلى المشتري ، وتحقق في الوقت ذاته الشرط الفاسخ وزالت الملكية عن البائع بأثر رجعي أيضاً ( [279] ) . ومن ذلك نرى أن البيع بالتقسيط هو صورة معكوسة لبيع الوفاء ، إذ في بيع الوفاء يكون البائع هو المالك تحت شرط واقف والمشتري مالك تحت شرط فاسخ .

وقبل تحقق الشرط يكون المشتري ، كما قدمنا ، مالكاً للمبيع تحت شرط واقف . ولا يمنع من وقف ملكيته أن يكون قد تسلم المبيع ، فالذي انتقل إليه بالتسليم هو حيازة المبيع ، أما الملكية فانتقلت إليه بالبيع موقوفة . ولكن ذلك لا يمنع المشتري من أن يتصرف في هذه الملكية الموقوفة ، ويكون تصرفه هو أيضاً معلقاً على شرط واقف . فيجوز له أن يتصرف في المبيع بالبيع والرهن ، ويكون المشتري من المشتري مالكاً تحت شرط واقف ، كما يكون للمرتهن حق رهن معلق على شرط واقف . وإذا كان المبيع منقولاً – كما هو الغالب – وتصرف فيه المشتري تصرفاً باتاً لمشتر حسن النية لا يعلم أن ملكية المشتري معلقة على شرط واقف ، فقد تملكه المشتري من المشتري تملكاً باتاً بموجب الحيازة ( [280] ) . $ 175 $ ولا يعتبر المشتري في هذه الحالة مبدداً ، فالتبديد يقتضي قيام عقد معين – الإيجار أو العارية أو الوديعة أو الرهن – ولس البيع بالتقسيط من بين هذه العقود ( [281] ) . ولو أفلس المشتري ، والشرط لا يزال معلاقً ، كان الباقي من الثمن ديناً في التفليسة يزاحم فيه البائع سائر دائني المشتري إذ لا يكون امتياز البائع سارياً في حق التفليسة ولا يستطتيع البائع من جهة أخرى أن يسترد المبيع من التفليسة ( [282] ) ، فهذان أمران يجريان على غير ما يشتهي البائع : عدم اعتبار المشتري مبدداً إذا تصرف في المبيع ، وعدم استطاعة البائع استرداد المبيع عيناً من التفليسة .

وإذا تحقق الشرط ، ووفى المشتري بالثمن ، فقد صار مالكاً للمبيع هو وثمراته منذ البداية ، وزال عن البائع ملكيته للمبيع بأثر رجعي . أما إذا تخلف الشرط ، وتأخر المشتري عن دفع الثمن ، فإن ملكية المشتري التي كانت معلقة على شرط واقف تزول بأثر رجعي لعدم تحقق الشرط ( [283] ) ، وتعود الملكية باتة إلى البائع منذ البداية إذ أن البيع يعتبر كأن لم يكن . ولا يحتاج البائع في ذلك إلى حكم بزوال البيع ، فإن تخلف الشرط الواقف وحده كان في ذلك وفقاً للقواعد المقررة $ 176 $ في الشرط ( [284] ) . وللبائع في هذه الحالة أن يطالب المشتري بتعويض ، ويغلب أن $ 177 $ يكون قد اشترط في عقد البيع أن يكون التعويض هو احتفاظه بكل أو بعض الأقساط التي يكون قد استوفاها . ويعتبر هذا الشرط شرطاً جزائياً تسري عليه أحكام الشرط الجزائي ، وأهم هذه الأحكام – وهو ما تشير إليه الفقرة الثانية من المادة 430 مدني – أنه يجوز للقاضي تخفيضه إذا كان مبالغاً فيه . ويكون مبالغاً فيه إذا كان المشتري قد وفى عدداً كبيراً من الأقساط بحيث يكون احتفاظ البائع بها يزيد كثيراً على الضرر الذي لحقه من جراء عدم استيفائه الباقي من الثمن ( [285] ) . ففي هذه الحالة يحكم للقاضي بإرجاع بعض هذه الأقساط إلى المشتري ، ويحتفظ البائع من الأقساط التي استوفاها بما يكفي لتعويضه ( [286] ) .

93 – الإيجار الساتر للبيع : وحتى يتجنب البائع المحظورين اللذين أشرنا إليهما – عدم اعتبار المشتري مبدداً إذا تصرف في المبيع قبل الوفاء بالثمن وعدم استطاعة البائع استرداد العين من تفليسة المشتري – يعمد في كثير من الأحيان أن يخفى البيع بالتقسيط تحت ستار عقد الإيجار ، فيسمى البيع إيجاراً . وغرضه من ذلك ألا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد العقد ، حتى هذه الملكية المعلقة على شرط واقف والتي كانت هي المانعة من اعتبار المشتري مبدداً ومن استرداد البائع للمبيع من التفليسة . فيصف المتعاقدان العقد بأنه إيجار ، ويصفان $ 178 $ أقساط الثمن بأنها هي الأجرة المقسطة ، ثم يتفقان على أنه إذا وفى المشتري بهذه الأقساط انقلب الإيجار بيعاً وانتقلت ملكية البيع باتة إلى المشتري . وحتى يحكما ستر البائع يتفقان في بعض الحالات على أن يزيد الثمن قليلاً على مجموع الأقساط ، فتكون الأقساط التي يدفعها المشتري هي أقساط الأجرة لا أقساط الثمن ، فإذا وفاها جميعاً ووفى فوق ذلك مبلغاً إضافياً يمثل الثمن انقلب الإيجار بيعاً باتاً .

ويحسب البائع بذلك أنه قد حصن نفسه : ( 1 ) فهو أولاً وصف البيع بأنه إيجار ، وسلم العين للمشتري على اعتبار أنه مستأجر ، فإذا تصرف المشتري فيها وهو لا يزال مستأجراً أي قبل الوفاء بالثمن ، فقد ارتكب جريمة التبديد ومن ضمن عقودها الإيجار . ( 2 ) وهو ثانياً قد أمن شر إفلاس المشتري ، إذ لو أفلس وهو لا يزال مستأجراً ، فإن البائع لا يزال مالكاً للمبيع ملكية باتة ، فيستطيع أن يسترده من تفليسة المشتري ( [287] ) .

ولكن بالرغم من تذرع المتعاقدين بعقد الإيجار يستران به البيع ، فإن الغرض الذي يرميان إلى تحقيقه واضح . فقد قصدا أن يكون الإيجار عقداً صورياً يستر العقد الحقيقي وهو البيع بالتقسيط ، والمبلغ الإضافي الذي جعله المتعاقدان ثمناً ليس إلا ثمنا رمزياً والثمن الحقيقي إنما هو هذه الأقساط التي يسميانها أجرة . ومن ثم قضت الفقرة الرابعة من المادة 430 مدني بأن أحكام البيع بالتقسيط تسري على العقد " ولو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً " ( [288] ) . ويترتب على ذلك أن الإيجار السائر للبيع يعتبر بيعاً محضاً ، وتسري عليه أحكام البيع بالتقسيط $ 179 $ التي تقدم ذكرها ( [289] ) ، وأهمها أن تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري معلقة على شرط $ 180 $ واقف منذ إبرام العقد . وانتقال الملكية إلى المشتري على هذا النحو يترتب عليه أنه إذا تصرف المشتري في المبيع قبل الوفاء بالثمن لم يعتبر مبدداً ، وأنه إذا أفلس المشتري ( [290] ) لم يستطع البائع أن يسترد المبيع من التفليسة ( [291] ) .

94 – الإيجار المقترن بوعد بالبيع : وقد لا يتحدث المتعاقدان عن بيع أصلاً في عقد الإيجار ، فيصدر العقد على أنه إيجار محض ، ولكنه مقترن بوعد بالبيع من المؤجر إذا أبدى المستأجر رغبته في الشراء خلال مدة الإيجار ونرى في هذه الحالة التمييز بين فرضين .

( الفرض الأول ) أن يكون المتعاقدان يريدان في الحقيقة بيعاً بالتقسيط منذ $ 181 $ البداية . وآية ذلك أن يجعل المؤجر الوعد بالبيع الصادر منه معلقاً على شرط وفاء المستأجر بأقساط الإيجار في مواعيدها ، وأن يجعل الثمن في حالة ظهور رغبة المستأجر في الشراء هو أقساط الإيجار وقد يضاف إليها مبلغ رمزي . ففي هذا الفرض يكون العقد بيعاً بالتقسيط لا إيجاراً ، ويعتبر المشتري مالكاً تحت شرط واقف ، فلا يكون مبدداً إذا هو تصرف في المبيع قبل الوفاء بالثمن ، ولا يستطيع البائع استرداد المبيع من تفليسة المشتري ( [292] ) .

( الفرض الثاني ) أن يعقد المتعاقدان إيجاراً جدياً يقترن به وعد بالبيع . فيؤجر المالك داراً أو سيارة لآخر مدة معينة بأجرة تدفع أقساطاً ، وبعد المالك المستأجر في عقد الإيجار بأن يبيع منه الدار أو السيارة إذا هو أبدى رغبته في شرائها في خلال مدة الإيجار . ويكون للعين الموعود ببيعها ثمن جدي مستقل عن أقساط الأجرة ، ويتناسب هذا الثمن مع قيمة العين ( [293] ) ، وتكون الأقساط التي يدفعها المستأجر هي أقساط لأجرة حقيقية وليست أقساط الثمن . ففي هذا الفرض يكون العقد إيجاراً لا بيعاً بالتقسيط ، فلا تنتقل الملكية إلى المستأجر ، وإذا تصرف المستأجر في السيارة التي استأجرها كان مبدداً ، وإذا أفلس استرد المؤجر السيارة من تفليسته . فإذا ما أظهر المستأجر رغبته في شراء العين ، انتهى $ 182 $ عقد الإيجار ، وتم عقد بيع ينقل الملكية إلى المشتري من وقت ظهور الرغبة ولا يستند بأثر رجعي وقت الإيجار . وزال التزام المستأجر بدفع أقساط الأجرة ، وحل محله التزام المشتري بدفع الثمن المتفق عليه ، ويكون الثمن مضموناً بحق امتياز على المبيع .

5 - البيع من حق التقرير بالشراء عن الغير

( vente avec faculte d'elie command – avec declaration de command – avec election d'ami )

95 – الصور العملية لهذا البيع : يقع في العمل أن شخصاً يريد شراء معين ، ولكنه لا يريد أن يظهر نفسه مشترياً ، إما لعدم رغبته في ذيوع الخبر لسبب خاص به ، وغما لخشيته من أن البائع إذا علم أنه هو المشتري يطلب ثمناً عالياً لعلمه أنه رجل ثري ، أو أن له مصلحة بارزة ، أو حاجة ملحة ، لإتمام هذه الصفقة . فيعمد من يرغب في الشراء إلى إخفاء اسمه ، ويكلف صديقاً أو وسيطاً أن يتقدم هو لشراء الشيء على أن يشترط لنفسه حق التقرير بالشراء عن الغير . ولا تتسع النيابة العادية لهذه الصورة من صور التعامل ، إذ لو أن الوسيط تقدم وكيلاً عن المشتري لا نكشف اسم الموكل ، والموكل يريد كتمان اسمه كما قدمنا . كذلك لا يتسع التعاقد بمسخر أو باسم مستعار prete - nom ، إذ لو تقدم الوسيط للشراء باسمه الشخصي كوسيط مسخر ، لوقع العقد له هو ، ولاحتاج في نقل ملكية الشيء لمن وسطه في الشراء إلى يعقد بيع جديد برسوم جديدة ، ولانتقلت الملكية إلى هذا الأخير مثقلة بالحقوق العينية والتكاليف الآتية من جانب الوسيط . لم يبق إذن إلا أن يشتري الوسيط الشيء باسمه مع احتفاظه بالحق في أن يقرر في مدة يتفق عليها أنه اشترى لشخص يعلن اسمه ، ومتى أعلن الاسم وقع البيع مباشرة لهذا الشخص الآخر ، ويعتبر الوسيط نائباً في الشراء . فإذا لم يعلن الوسيط اسم أحد في المدة المعينة ، بقى البيع باسمه واعتبر أصيلاً في الشراء لا نائباً .

ويجز أن يكون للبيع مع حق التقرير بالشراء عن الغير صور عملية أخرى . $ 183 $ منها أن شخصاً يعلم بحاجة شخص آخر إلى شراء شيء معين ، ولا يتسع الوقت أو لا تواتي الظروف أن يطلب إليه تفويضاً في شرائه ، فيقدم على شراء الشيء باسمه مع الاحتفاظ بحق التقرير بالشراء عن الغير ، ثم يعرض الصفقة بعد ذلك على الشخص الآخر ، فإن قبلها قرر المشتري أنه اشترى باسم هذا الشخص الآخر ، وإلا استبقى الصفقة لنفسه . ومن صور هذا البيع أيضاً ألا يكون عند المشتري فكرة واضحة عن شخص آخر يشتري له الصفقة ، فشتري الصفقة باسمه مع الاحتفاظ بحق التقرير بالشراء عن الغير ، ثم ينظر بعد ذلك فقد يجد الشخص الملائم الذي يريد الصفقة فيعلن اسمه ، أو يجد الخير في استبقاء الصفقة لنفسه . ومن صور هذا البيع أخيراً صورة خاصة نص عليها تقنين المرافعات وسيأتي تفصيلها فيما يلي :

ومن ذلك نرى أنه حتى يكون بيع مع التقرير بالشراء عن الغير ، يجب توافر شرطين :

( 1 ) أن يحتفظ المشتري عند الشراء – لا بعده – بحقه في التقرير بالشراء عن الغير ( faculte d'elire command ) ( [294] ) .

( 2 ) أن يتفق مع البائع على مدة يعلن المشتري في خلالها اسم من اشترى له الصفقة ، فإن لم يفعل بقيت الصفقة له . وتكون هذه المدة في العادة مدة قصيرة ، حتى لا يبقى البائع معلقاً مدة طويلة لا يدري أباع للوسيط أم باع لغيره ( [295] ) .

ويجوز أن يكون الاحتفاظ بحق التقرير بالشراء عن الغير في أي بيع ، سواء كان بيعاً بالممارسة أو بيعاً بالمزاد ( [296] ) . ولم يرد فيه نص في التقنين المدني $ 184 $ المصري ، ولا في التقنين المدني الفرنسي ( [297] ) ، وفي مصر تسري القواعد العامة على هذا العقد ( [298] ) ، فننظر في حكمه قبل التقرير بالشراء عن الغير ، ثم ننظر كيف يكون هذا التقرير ، وما هي الآثار التي تترتب عليه إذا وقع أو إذا لم يقع .

96 – حكم البيع قبل التقرير بالشراء عن الغير : ينعقد البيع صحيحاً بالشرط المتقدم الذكر . وقبل أن يستعمل المشتري حقه في التقرير بالشراء عن الغير وإعلان اسم هذا الغير ، وفي خلال المدة التي عينت لهذا التقرير ، يكون البيع موصوفاً بالخصوصية الآتية : المشتري للصفقة قد يكون هو الذي تقدم للشراء وقد يكون شخصاً آخر سيعلنه هذا المشتري في الميعاد المحدد . فالمشتري إذن شخص تخييري ( [299] ) ، إذا جاز نقل هذا التعبير المعروف من محل الالتزام إلى طرف الالتزام ، وتعيينه بيد من تقدم للشراء محتفظاً بهذا الحق ، فيكون إما هو ذاته أو يكون شخصاً آخر يعلن اسمه في خلال المدة المتفق عليها .

وليس من تقدم للشراء مجبراً ، بطبيعة الحال ، على التقرير بالشراء عن الغير ، فهذا حق احتفظ به لنفسه ، فله أن ينزل عنه ويحتفظ لنفسه بالصفقة ( [300] ) . $ 185 $ وهو في هذا ليس في حاجة إلى أن يتقدم بتقرير يبين فيه أنه يحتفظ بالصفقة لنفسه ، بل يكفي أن يدع الميعاد المحدد ينقضي دون أن يقرر أنه اشترى لشخص آخر ، فيكون هو المشتري على وجه بات .

ويجوز له أن يتصرف في المبيع ، فيبيعه أو يرهنه أو يرتب عليه حق إرتفاق أو حق انتفاع أو غير ذلك ، ويحمل تصرفه في هذه الحالة على أنه قرر ضمناً أن يستبقى الصفقة لنفسه ، لأنه لا يفعل ذلك إلا إذا كان ملاكاً للمبيع ( [301] ) . ولكن أعمال الإدارة - كأن يرمم المبيع أو يؤجره أو يودعه - لأي ستخلص منها أنه قرر استبقاء الصفقة لنفسه ، بل يجوز له قان يقوم بها مع استبقاء الحق في التقرير بالشراء عن الغير ، لأن القيام بأعمال الإدارة لا يتنافى مع الاحتفاظ بهذا الحق ( [302] ) .

97 - كيف يكون التقرير بالشراء عن الغير : فإذا لم يرد المشتري أن يستبقى الصفقة لنفسه ، فعليه أن يقرر بالشراء عن الغير الذي اشترى له الصفقة . $ 186 $ وليس هذا التقرير شكل خاص ، فيكفي أن يخطر البائع بأنه يقرر أنه اشترى لشخص معين ويذكر اسم هذا الشخص . ولكن عليه أن يثبت صدور هذا الإخطار منه وفقاً للقواعد العامة ، فإذا كان الثمن يزيد على عشرة جنيهات وجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها . فيحسن إذن أن يكون الإخطار بالكتابة ، بكتاب مسجل أو بإنذار على يد محضر ، حتى يتوفر للمشتري وسيلة قوية للإثبات .

ويجب أن يعلم البائع بهذا التقرير في الميعاد المتفق عليه . فإذا اقنضى هذا الميعاد ولم يصل إلى علم البائع تقرير من مالمشتري ، اعتبر البائع أن الصفقة قد وقعت نهائياً للمشترين وكان هذا هو المسئول عن التزامات المشتري وله جميع حقوقه ، حتى إذا أعلن المشتري أسم شخص آخر بعد انقاضء المدة ، عد هذا الإعلان منه بيعاً جديداً إذا قبله الشخص الآخر ( [303] ) .

وإذا أعلن المشتري اسم الشخص الذي اشترى له في الميعاد ، فإذا كان هذا الشخص قد قبل الصفقة من قبل واتفق مع المشتري على أن يتقدم للشراء لحسابه لم يلزم قبول منه آخر . وإذا كان لم يسبق منه قبول للصفقة ، فعند ذلك يجب أن يصدر منه قبول ، لأنه لا يجبر على أن يحل محل المشتري دون قبول منه . لذلك يجوز للبائع ، بعد أن يصله تقرير المشتري بالشراء عن الغير ، أن يطلب من المشتري إثبات قبول هذا الغير للصفقة ، قبولاً سابقاً أو قبولاً لاحقاً . فإذا لم يستطع المشتري إثبات ذلك ، فإن تقريره بالشراء للغير آل ينتج أثراً ، وتقع الصفقة له هو لا للغير ( [304] ) .

وإذا قرر المشتري أنه اشترى لشخص معين على النحو المتقدم الذكر ، وجب أن تقع الصفقة لهذا الشخص المعين بنفس الثمن وبنفس شروط البيع الذي تم . فإن اختلف الثمن أو اختلف الشروط ، كان التقرير بيعاً جديداً صادراً من المشتري للغير إذا قبله هذا ، ووجب دفع رسوم جديدة ، وتنتقل الملكية فيه $ 187 $ من المشتري إلى الغير مثقلة بجميع التكاليف الآتية من جانب المشتري ( [305] ) .

وقد يعلن المشتري ، لا شخصاً واحداً تقع له الصفقة ، بل شخصين أو أكثر ، فتقع الصفقة لهؤلاء الأشخاص المتعددين ( [306] ) . وقد يستبقى جزءاً من الصفقة لنفسه ، ويعلن اسم شخص آخر يقع له الباقي من الصفقة ( [307] ) .

98 – حكم البيع بعد التقرير بالشراء عن الغير : فإذا قرر المشتري أنه اشترى للغير ، وقعت الصفقة لهذا الغير كما سبق القول ، واعتبر أنه هو المشتري مباشرة من البائع ، وأن المشتري الظاهر لم يكن إلا وكيلاً عنه ( [308] ) ، ولا تتقاضى إلا رسوم واحدة إذ لا يوجد إلا بيع واحد .

ومن ثم يكون للشخص الذي أعلن اسمه جميع حقوق المشتري يطالب بها البائع مباشرة ، لأنه اشترى منه عن طريق نائب عنه هو المشتري الظاهر . فيجوز للمشتري الحقيقي أن يطالب البائع بنقل ملكية المبيع إليه وبتسليمه إياه ، ويرجع عليه مباشرة بضمان الاستحقاق وبضمان العيوب الخفية وبجميع الحقوق التي تكون للبائع بموجب هذا البيع الذي أبرم بين البائع والمشتري الظاهر .

كذلك يكون على الشخص الذي أعلن اسمه جميع التزامات المشتري . $ 188 $ فللبائع أن يطالبه مباشرة بالثمن والفوائد والمصروفات . وليس للبائع أن يرجع على المشتري الظاهر بشيء من ذلك . وإذا كان المشتري الظاهر قد دفع عند التعاقد الثمن للبائع ، كان على المشتري الحقيقي أن يرده للمشتري الظاهر ، ولكن دون أن يكون للمشتري الظاهر حق امتياز على المبيع ، فإنه يرجع على المشتري الحقيقي بالثمن إما بدعوى الوكالة إذا كان متفقاً معه على أن يدفع الثمن عنه ، وإما بدعوى الإثراء بلا سبب إذا لم يكن متفقاً معه على ذلك . وليس هو بائعاً للمشتري حتى يكون له امتياز بالثمن ، فقد قدمنا أن المشتري الحقيقي يعتبر مشترياً مباشرة من البائع دون توسط المشتري الظاهر الذي لم يكن في هذا البيع إلا نائباً عنه . ولكن لا يوجد ما يمنع من أن المشتري الظاهري يلتزم شخصياً بدفع الثمن للبائع ، ويعتبر في هذه الحالة كفيلاً للمشتري بالثمن . ولا تعارض بين صفته هذه ككفيل وصفته كنائب في الشراء ، فإن الوكيل بالشراء قد يكون كفيلاً بالثمن للموكل ( [309] ) .

ويترتب على أن البيع يعتبر صادراً مباشرة من البائع إلى المشتري الحقيقي وأن المشتري الظاهر يعتبر وكيلاً بالشراء عن المشتري الحقيقي ، أنه إذا أخذ أحد دائني المشتري الظاهر اختصاصاً على العقار المبيع في المادة السابقة على التقرير بالشراء ، سقط حق الاختصاص هذا لوقوعه على عقار غير مملوك للمدين ( [310] ) . أما إذا رتب المشتري الظاهر بنفسه على المبيع حقوقاً عينية أو تكاليف ، كرهن أو حق إرتفاق أو حق انتفاع ، فقد قدمنا أن هذا يعتبر منه نزولاً ضمنياً عن حقه في التقرير بالشراء عن الغير فتستقر الصفقة له . وإذا أخذ شفيع العقار المبيع بالشفعة ، لم يؤثر في الأخذ بالشفعة أن تستقر الصفقة للمشتري الظاهر أو أن يقرر هذا أنه اشترى لشخص آخر ، ففي الحالتين تصح الشفعة لأن العبرة فيها بالعقار المشفوع فيه ولا يعتد بشخص المشتري ( [311] ) .

 $ 189 $

99 - صورة خاصة – تقرير الراسي عليه المزاد الشراء عن الغير : وتوجد صورة خاصة للبيع مع التقرير بالشراء عن الغير ، أوردها تقنين المرافعات في المادة 670 منه على الوجه الآتي : " يجوز للراسي عليه المزاد أن يقرر في قلم كتاب المحكمةن قبل انقضاء ثلاثة الأيام التالية ليوم البيع ، أنه اشترى بالتوكيل عن شخص معين ، إذا وافقه على ذلك كل من الموكل والكفيل عند الاقتضاي ، وبهذا يبرأ الوكيل وتعتبر الكفالة عن الموكل ( [312] ) " . وهذه الصورة تتميز بالخصوصيات الآتية :

1 - ليس واجباً فيما أن يشترط من يتقدم للمزايدة أنه يشتري مع الاحتفاظ $ 190 $ بحقه في التقرير بالشراء عن الغير ، بل ولا يشترط أن يرد الاحتفاظ بهذا الحق في قائمة شروط البيع . ذلك أن هذا الحق يجعله القانون لكل رأس عليه المزاد في بيع جبري دون شرط خاص بذلك .

2 - المدة التي يجب فيها التقرير بالشراء عن الغير محددة في القانون ، وهي ثلاثة أيام من يوم وقوع البيع ورسو المزاد على المشتري .

3 - التقرير بالشراء عن الغير له شكل خاص بينه القانون ، فيكون بتقرير في قلم كتاب المحكمة ، ومن ثم لا يجوز أن يكون بإخطار ولو مكتوب أو مسجل أو على يد محضر ، فما لم يكن بتقرير في قلم كتاب المحكمة فإنه لا ينتج أثراً .

فإذا روعيت هذه الخصوصيات الثلاث ، سرت على الصورة التي نحن بصددها الأحكام الأخرى التي قدمناها . فإذا لم يقرر الراسي عليه المزاد في قلم كتاب المحكمة في الثلاثة الأيام التالية لرسوم المزاد أنه اشترى بالتوكيل عن شخص معين ، وقعت الصفقة له على وجه بات . أما إذا قرر ذلك ، ووافقه على تقريره الموكل - وإذا كان الراسي عليه المزاد كفيل وجب أراضً أن يقبل الكفيل كفالته للموكل فتسقط كفالته للوكيل – اعتبر الموكل هو الراسي عليه المزاد وأن من رسا عليه المزاد فعلاً لم يكن إلا وكيلاً عنه ، ووقعت الصفقة مباشرة للموكل دون الوكيل ، وأصبح للأول دون الثاني كل حقوق الراسي عليه المزاد ، وعليه كل التزاماته .

الفرع الثاني

المحل في عقد البيع

100 - للبيع محلان : المحل في واقع الأمر ركن في الالتزام لا في العقد . ولما كان البيع عقداً ملزماً للجانبين ، فإنه ينشئ التزامات في جانب البائع محلها هو المبيع ، وينشئ التزامات مقابلة في جانب المشتري محلها الرئيسي هو الثمن ( [313] ) ، لذلك يكون للبيع محلان رئيسيان هما المبيع والثمن .

 $ 191 $

المبحث الأول

المبيع

101 – الشروط الواجب توافرها في المبيع : يجب أن يتوافر في المبيع ( [314] ) الشروط الواجب توافرها في محل الالتزام بوجه عام ، وهي أن يكون المبيع موجوداً ، ومعيناً أو قابلاً للتعيين ، وصالحاً للتعامل فيه . ويضاف إلى هذه الشروط أن يكون المبيع مملوكاً للبائع .

المطلب الأول

وجود البيع

102 - معنى الوجود : قدمنا في الجزء الأول من الوسيط ( [315] ) أن المحل يجب أن يكون موجوداً ، والمعنى المقصود بالوجود هو أن يكون المبيع موجوداً وقت انعقاد البيع أو أن يكون ممكن الوجود بعد ذلك . فإذا كان المبيع $ 192 $ غير موجود أصلاً ولا يمكن وجوده في المستقبل ، فالبيع باطل ( [316] ) . وإذا وجد المبيع ثم هلك قبل البيع ، فالبيع يكون أيضاً باطلاً . أما إذا كان المبيع موجوداً وقت البيع ولكنه هلك قبل التسليم ، فالبيع ينفسخ على التفصيل الذي سنورده في مكانه .

وقد يقصد المتبايعان أن يقع البيع على شيء موجود فعلاً لا على شيء ممكن الوجود . ففي هذه الحالة إذا كان المبيع غير موجود وقت البيع ، حتى لو أمكن وجوده في المستقبل ، كان البيع باطلاً . فإذا لم يقصد المتبايعان أن يتبايعا شيئاً موجوداً فعلاً وقت البيع ، جاز كما قدمنا أن يقع البيع على شيء يوجد في المستقبل ، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 131 مدني على أنه " يجوز أن يكون محل الالتزام شيئاً مستقبلاً ( [317] ) " فيجوز بيع الأشياء المستقبلة ، كالمحصولات قبل أن تنبت ، بثمن مقدر بسعر الوحدة أو مقدر جزافاً ( [318] ) . ويصح أن يبيع شخص من آخر منزلاً لم يبدأ بناءه على أن تنتقل ملكية المنزل إلى المشتري عند تمام البناء ، فهذا بيع شيء مستقبل محقق الوجود . وقد يكون الشيء المستقبل محتمل الوجود ، كما إذا باع شخص نتاج ماشية ، فالنتاج قد يوجد وقد لا يوجد ، والبيع هنا $ 193 $ معلقاً على شرط واقف يتحقق إذا وجد النتاج ( [319] ) .

وبيع الشيء المستقبل كثير الوقوع في التعامل ، فكيراً ما يقع أن يبيع صاحب المصنع مقداراً معيناً من مصنوعاته دون أن يكون قد أتم صنعها ، بل لعله لا يكون قد بدأ في ذلك . وقد يبيع مزارع محصولات أرضه قبل نباتها ، كما رأينا . ويبيع مؤلف مؤلفه قبل أن يتمه ، بل قبل أن يبدأه . ويبيع مقاول الحق الذي له في مقاولة لم ترس عليه بعد . فهذه كلها عقود واقعة على شيء مستقبل ، وهي صحيحة . وهذا يقرب من بيع السلم المعروف في الفقه الإسلامي .

على أن القانون قد يحرم لاعتبارات خاصة ضروبا من التعامل في الشيء المستقبل ، كما فعل عندما حرم رهن المال المستقبل رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً . وقد يحرم جميع ضروب التعامل في شيء خاص من المال المستقبل ، كما فعل عندما حرم التعامل في التركة المستقبلة ( [320] ) .

وقد يقيد التبايع في شيء محتمل الوجود ، كما فعل في بيع الحقوق المتنازع فيها ، فهذه حقوق قد توجد وقد لا توجد ، ومن ثم وضع المشروع قيوداً على بيعها .

 $ 194 $

ونستبقى للبحث من كل هذا مسألتين : ( 1 ) بيع الحقوق المتنازع فيها . ( 2 ) البيع المعروف في الفقه الإسلامي بالسلم .

1 - بيع الحقوق المتنازع فيها

103 – التمييز بين حالتين – الحق المتنازع في حق محتمل الوجود ، وهو بهذا الوصف يجوز بيعه . والبيع يصبح في هذه الحالة عقداً احتمالياً ( contrat aleatoire ) ، فإن ثبت الحق المبيع للبائع انتقل المشتري بعقد البيع ، وإن لم يثبت فقد ضاع على كل من البائع والمشتري . فالمشتري الذي يقدم على شراء حق متنازع فيه إنما يخاطر بما يبذله فيه من الثمن .

ويجب ، في بيع الحق المتنازع فيه ، أن نميز بين حالتين : ( 1 ) بيع الحق لغير عمال القضاء . ( 2 ) بيعه لعمال القضاء . ولكل من الحالتين حكم يختلف عن حكم الحالة الأخرى .

1 - بيع الحقوق المتنازع فيها لغير عمال القضاء

حق الاسترداد ( retrait litigieux )

104 - النصوص القانونية – تنص المادة 469 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا كان الحق المتنازع فيه قد نزل عنه صاحبه بمقابل إلى شخص آخر ، فللمتنازل ضده أن يتخلص من المطالبة إذا هو رد إلى المتنازل له الثمن الحقيقي الذي دفعه مع المصروفات وفوائد الثمن من وقت الدفع " .

 " 2 - ويعتبر الحق متنازعاً فيه إذا كان موضوعه قد رفعت به دعوى أو قام في شأنه نزاع جدي " .

وتنص المادة 470 على ما يأتي :

 " لا تسري أحكام المادة السابقة على ما يأتي " :

 " ( أ ) إذا كان الحق المتنازع فيه داخلاً ضمن مجموعة أموال بيعت جزافاً بثمن واحد " .

 " ( ب ) إذا كان الحق المتنازع فيه شائعاً بين ورثة أو ملاك وباع أحدهم نصيبه من الآخر " .

 " ( ج ) إذا نزل المدين لدائن عن حق متنازع فيه وفاء للدين المستحق في ذمته " .

 " ( د ) إذا كان الحق المتنازع فيه يثقل عقاراً وبيع الحق لحائز العقار " ( [321] ) .

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 353 – 355  /  441 - 443 ( [322] ) .

 $ 196 $

وتقابل في التقنينات المدينة العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 437 - 438 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 458 – 459 – وفي التقنين المدني العراقي المادتين 593 – 594 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 281  /  2 ( [323] ) .

ويخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن بيع الحق المتنازع ينقل الحق كما هو – متنازعاً فيه – إلى المشتري هو الذي يتحمل تبعة مصير النزاع في شأن الحق ، فأما أن يثبت الحق للبائع فيثبت للمشتري كخلف له ، وإما ألا يثبت فلا ينتقل إلى المشتري شيء كما سبق القول . فالبائع إذا باع حقاً متنازعاً فيه لا يضمن للمشتري وجود هذا الحق ( [324] ) ، وإنما هو يبيع مجرد إدعاء . ومن ثم يراعى في تقدير ثمن هذا الإدعاء أن يكون متناسباً مع قوته ، فيكثر أو يقل تبعاً لقوة الإدعاء أو ضعفه ، وهو على كل حال يكون دون قيمة الحق ذاته إذ لا بد أن المشتري يدخل في حسابه احتمال الخسارة فينزل من قيمة الحق ما يقابل هذا الاحتمال . لذلك كان المشتري لحق متنازع فيه مضارباً يأمل الكسب ، $ 197 $ فواجه القانون هذا الوضع بما يلائمه ، وأجاز لمن عليه الحق المتنازع فيه أن يسترده من المشتري بدفع الثمن – وهو كما قدمنا أقل من قيمة الحق – مع المصروفات والفوائد . أما في الحالات الاستثنائية التي تنتفي فيها فكرة المضاربة ، فقد منع القانون حق الاسترداد ( [325] ) .

فنبحث إذن : ( 1 ) متى يجز استرداد الحق المتنازع فيه . ( 2 ) وكيف يكون الاسترداد . ( 3 ) والآثار التي تترتب على الاسترداد ( 4 ) والحالات الاستثنائية التي لا يجوز فيها الاسترداد .

105 - حتى يجوز استرداد الحق المتنازع فيه : ويؤخذ من نص المادة 469 مدني أنه يجب توافر شرطين حتى يجوز الاسترداد : ( 1 ) أن يكون الحق المسترد حقاً متنازعاً فيه . ( 2 ) وأن يكون قد نزل عنه صاحبه بمقابل .

فيجب أولاً أن يكون الحق المسترد حقاً متنازعاً فيه . وتقول الفقرة الثانية من المادة 469 مدني إنه " يعتبر الحق متنازعاً فيه إذا كان موضوعه قد رفعت به دعوى أو قام في شأنه نزاع جدي " . فليس من الضروري إذن أن تكون هناك دعوى مرفوعة بالحق حتى يكون الحق متنازعاً فيه ، ويكفي أن يقوم في شأنه $ 198 $ نزاع جدي ( [326] ) . وليس من الضروري أيضاً أن يكون الحق الذي رفعت به دعوى يكون حقاً متنازعاً فيه ، فقد لا يمس النزاع في الدعوى موضوع الحق نفسه بل يتناول مسائل شكلية في الإجراءات كعدم صحة الإعلان أو عدم توافر الصفة أو نحو ذلك ( [327] ) ، والحق حتى يكون متنازعاً فيه يجب أن يقوم النزاع في موضوعه بالذات ( [328] ) . وقد ترفع بالحق دعوى تنتهي إلى حكم ابتدائي ، فما دام الحكم غير نهائي يبقى الحق متنازعاً فيه ، لا فحسب إذا طعن في الحكم $ 199 $ الابتدائي بطريق من طرق الطعن الاعتيادية كالمعارضة والاستئناف ، بل أيضاً طول المدة التي يظل فيها باب هذا الطعن الاعتيادي مفتوحاً ولو لم يطعن في الحكم بالفعل . أما إذا كان الحكم نهائياً فقد أنحسم النزاع في الحق وأصبح حقاً غير متنازع فيه ، فلا يجوز فيه الاسترداد حتى لو كان الحكم النهائي يمكن أن يطعن فيه بطريق غير اعتيادي كالنقض والتماس إعادة النظر ، وحتى لو كان باب الطعن غير الاعتيادي لا يزال مفتوحاً . أما إذا طعن بالفعل في الحكم النهائي بطعن غير اعتيادي ، فإن الحكم يعود في هذه الحالة حقاً متنازعاً فيه ، ويجوز فيه الاسترداد ( [329] ) . ويجب أن يكون الحق متنازعاً فيه على النحو الذي أسلفناه في اليوم الذي ينزل فيه عند صاحبه إلى الغير ، فلو بدأ الحق متنازعاً فيه ثم أنحسم النزاع فنزل عنه صاحبه بعد ذلك لم يجز الاسترداد ، ولو كان الحق وقت أن نزل عنه صاحبه غير متنازع فيه ثم نوزع فيه بعد ذلك لم يجز الاسترداد كذلك ( [330] ) . ويستوي أن يكون الحق المتنازع فيه حقاً شخصياً أو حقاً عينياً ، منقولاً أو عقاراً فلا يوجد ما يمنع من استرداد عقار متنازع فيه باع المدعى حق ادعائه فيه إلى أجنبي ، فيسترد المدعى عليه وهو الحائز للعقار حق المدعى برده له الثمن والمصروفات والفوائد . أما إذا كان البائع هو المدعى عليه حائز العقار ، فهناك خلاف في الرأي . فمن يؤسس حق الاسترداد على فكرة المضاربة يجيز للمدعى حق الاسترداد ، لأن الحكمة متوافرة في حالته كما توافرت في حالة المدعى عليه . ومن يؤسس حق الاسترداد ، إذ هو الذي أنشأ الخصومة بإدعائه فلا يجوز أن يسترد توقياً لخصومة هو المتسبب فيها ( [331] ) .

 $ 200 $

والشرط الثاني أن يكون النزول عن الحق بمقابل . فإذا نزل صاحب الحق عنه للغير تبرعاً لم يجز الاسترداد ، لأن التبرع يتنافى مع فكرة المضاربة ولا يمكن وصف المتبرع له أن يتصيد القضايا المتنازع فيها ويستغل الخصومات القائمة ( [332] ) . أما إذا وهب صاحب الحق حقه بعوض ، فإن كان العوض من الأهمية بحيث يجعل النزول عن الحق بمقابل جاز الاسترداد ، وإلا غلبت صفة التبرع وامتنع على المدين استرداد الحق ( [333] ) . ولابد أن يكون المقابل نقداً أو أشياء مثلية على الأقل حتى يتمكن المسترد من أن يدفع مثلها للمشتري . فإذا كان النزول عن الحق من طريق المقايضة ، لم يجز الاسترداد ، لأن المسترد لا يستطيع أن يدفع للمشتري مثل العوض بل كان ما يستطيع أن يدفعه هو قيمة العوض والقيمة لا تجزئ عن المثل ( [334] ) . وليس معنى ذلك أن يكون النزول عن الحق المتنازع فيه حتماً من طريق البيع ( [335] ) ، فقد يكون من طريق آخر وبمقابل نقدي فيجوز $ 201 $ الاسترداد . مثل أن يكون هناك حق بين شخصين كل منهما يدعى أنه له ، ثم إن هذا الحق نفسه ينازع فيه المدين ، فلو أن صاحبي الحق المتنازعين اصطلحا فأعطى أحدهما الآخر مبلغً من النقود حتى ينزل هل عن إدعائه ، فإن المدين يستطيع أن يسترد حقوق هذا الآخر برده المبلغ الأول ، ولكن يبقى الأول على إدعائه فهو لم يحصل على شيء في مقابله ( [336] ) . كذلك إذا كان صاحب الحق المتنازع فيه في ذمته مبلغ من النقود لدائن ، فوفاه الدين بالحق المتنازع فيه ، جاز للمدين في الحق المتنازع فيه أن يسترد الحق من الدائن بأن يرد له الدين الذي كان له في ذمة صاحب الحق . وإذا باع صاحب الحق المتنازع فيه حقه هذا مع أموال أخرى بثمن واحد ، جاز للمدين أن يسترد الحق المتنازع فيه بحصته من الثمن ( [337] ) .

106 - - كيف يكون الاسترداد : يتم الاسترداد باجتماع أمرين : ( 1 ) إعلان المدين إرادته في الاسترداد ( 2 ) ورده للمشتري الثمن الحقيقي وفوائده والمصروفات .

ويعلن المدين ( [338] ) إرادته في الاسترداد دون حاجة إلى شكل خاص . فإذا $ 202 $ كانت هناك دعوى بالحق المتنازع فيه منظورة أمام المحاكم – بأن يكون الدائن قد رفع الدعوى يطالب المدين بالحق ودخل فيها المشتري خصماً أو رفعها المشتري ابتداء على المدين يطالبه بالحق الذي شاتراه – فالمدين يعلن إرادته في الاسترداد عن طريق طلبه في المحكمة من المشتري بالشكل العادي الذي تبدي به الطلبات في الخصومة . ويوجه الطلب إلى المشتري دون الدائن ، فالمشتري وحده هو الخصم في الاسترداد ( [339] ) . وإذا لم تكن الدعوى منظورة ، بأن لم ترفع دعوى أصلاً بالحق المتنازع فيه وإنما قام في موضوعه نزاع جدي ، أو رفعت الدعوى وصدر فيها حكم ما زال باب الطعن العادي مفتوحاً فيه ولكن لم يرفع الطعن فعلاً ، فطلب الاسترداد يكون بإعلان المدين إرادته ، ويوجه هذا الإعلان إلى المشتري دون الدائن كما قدمنا ، ويحدث الإعلان أثره من وقت وصوله إلى علم المشتري وفقاً للقواعد العامة ( [340] ) .

ويجب أن يرد المدين للمشتري رداً فعلياً – أو يعرض عرضاً حقيقياً – الثمن وفوائده من وقت الدفع والمصروفات ، فإن طلب الاسترداد لا يحدث أثره إلا $ 203 $ إذا تم هذا الرد أو العرض ( [341] ) . ذلك أن نص القانون ( م 469  /  1 ) مدني صريح في أن " للمتنازل ضده أن يتخلص من المطالبة إذا هو رد على المتنازل الثمن الحقيقي الذي دفعه مع المصروفات وفوائد الثمن من يوم الدفع " . ولأن التخلص من المطالبة بالحق المتنازع فيه لا يكون إلا من يوم الوفاء ، والوفاء لا يكون إلا بالدفع الفعلي أو العرض الحقيقي إذا لم يقبل المشتري الدفع الفعلي أو نازع في صحته . والذي يجب أن يدفع فعلاً أو يعرض عرضاً حقيقياً هو ما يأتي : ( 1 ) الثمن الحقيقي الذي دفعه المشتري لشراء الحق المتنازع فيه ، وأراد القانون بذكر لفظ " الحقيقي " التحرز من الثمن الصوري الذي قد يذكره المتبايعان في عقد البيع ، فيزيدان من الثمن الحقيقي حتى يمنعا المدين من الاسترداد أو يجعل الاسترداد أكثر كلفة . وللمدين أن يثبت بجميع الطرق أن الثمن المذكور في العقد ليس هو الثمن الحقيقي ، وأن يقتصر على دفع الثمن الحقيقي أو عرضه ( [342] ) . ( 2 ) فوائد هذا الثمن من وقت أن دفعه المشتري للبائع . والمراد هنا الفوائد بالسعر القانوني – 4 %  في المسائل المدنية و 5 %  في $ 204 $ المسائل التجارية – لتعويض امشتري عن المدة التي بقى فيها محروماً من الثمن لا ينتفع به . وفي مقابل ذلك يرد المشتري للمدين ثمرات الحق المتنازع فيه ، فإن كان ديناً ينتج فوائد تقف هذه الفوائد ولا يدفعها المدين للمشتري منذ اليوم الذي دفع فيه المشتري الثمن للدائن ، وإن كان عقاراً رد المشتري ثمراته من ريع أو محصولات للمتنازل ضده . أما إذا كان الثمن الذي اشترى به المشتري الحق المتنازع فيه مؤجلاً وينتج فوائد ، فإن المتنازل ضده يتحمل هذا الثمن مؤجلاً كما كان ويدفع الفوائد المتفق عليها ، وهذه غير الفوائد القانونية التي أشرنا إلهيا فيما تقدم . ويلتزم بهذا نحو المشتري ، والمشتري يبقى ملتزماً نحو البائع كما سنرى . ( 3 ) مصروفات التنازل عن الحق المتنازع فيه ، كرسوم التسجيل في العقار ورسوم الورقة الرسمية أو التصديق على الإمضاء ورسوم التمغة والسمسرة وأتعاب المحامي وغير ( [343] ) . ويتحمل المسترد أيضاً مصروفات الاسترداد ، ويدخل فيه المصروفات دعوى المطالبة بالحق إذا كان المشتري هو الذي رفعها على المتنازل ضده ، فإن هذه الدعوى قد انقضت دون حكم فتحمل المشتري مصروفاتها فيرجع بها على المتنازل ضده ( [344] ) . وكذلك يرد المتنازل ضده مصروفات دعوى المطالبة بالحق التي قد يكون صاحب الحق رفعها ضده وانتهت دون حكم ، وذلك فيما إذا كان المشتري قد تحملها ، أما إذا لم يرجع بها صاحب الحق على أحد فالغالب أن يكون قد أدخلها في الثمن الذي باع به الحق وقد رأينا أن المتنازل ضده يجب عليه رد هذا الثمن للمشتري .

107 - الآثار التي تترتب على الاسترداد : إذا استرد المتنازل ضده الحق المتنازع فيه من المشتري ، فإن هذا لا يعني أنه أقر بأن الحق ليس له . وكل ما عناه بالاسترداد أنه قصد وضع حد للخصومة القائمة ، حتى ينحسم النزاع في أمر لا تعرف مغبته ( [345] ) .

والاسترداد إذا تم على الوجه الصحيح يكون له أثره : ( أولاً ) في العلاقة ما بين المشتري والمتنازل ضده . ( ثانياً ) وفي العلاقة ما بين المشتري والبائع . ( ثالثاً ) وفي العلامة ما بين المتنازل ضده والبائع .

ففي العلاقة ما بين المشتري والمتنازل ضده ، يحل الثاني محل الأول بموجب الاسترداد . ولا يعتبر الاسترداد شراء جديداً للحق المتنازع فيه صدر من المشتري للمتنازع ضده ، بل إن المشتري يعتبر – في العلاقة ما بينه وبين المسترد – أنه لم ينتقل إليه الحق أصلاً وقد انتزعه منه المسترد . ويترتب على ذلك أن جميع الحقوق التي يكون قد رتبها المشتري على الحق قبل الاسترداد تسقط ، وتعتبر كأن لم تكن ( [346] ) . فإذا كان الحق المتنازع فيه عقاراً ، سقط كل ما رتبه المشتري على هذا العقار من رهون أو تصرفات أخرى كحقوق إرتفاق أو حقوق انتفاع . وتسقط الحجوز التي يكون دائن المشتري قد وقعها تحت يد المتنازل ضده إذا كان الحق المتنازع فيه حقاً شخصياً ، إذ هي تعتبر واردة على حق ليس للمشتري ( [347] ) .

وفي العلاقة ما بين المشتري والبائع يبقى البيع قائماً ، فلا ينتقص بالاسترداد ( [348] ) . وهذا بخلاف الشفعة وحق الاسترداد بوجه عام ، فهناك يحل المسترد محل المشتري نحو البائع ، أما هنا فالاسترداد يوجه ضد المشتري وحده دون البائع ، فلا تتأثر بالاسترداد العلاقة ما بين المشتري والبائع . ومن ثم يكون للبائع حق مطالبة المشتري بالثمن والالتزامات الأخرى الناشئة عن عقد البيع ، ولا يحل المسترد $ 206 $ محل المشتري في هذه الالتزامات ، فإن البائع لم يتعامل معه فلا يجبر على معاملته . ولا يرجع المشتري على البائع بالضمان ، بعد أن انتزع المسترد الصفقة من المشتري ، وذلك ما لم يكن المشتري يجهل أنه اشترى حقاً متنازعاً فيه ، فإن جهل ذلك رجع على البائع بالضمان والتعويض ( [349] ) .

بقيت العلاقة ما بين البائع والمسترد . والخصوصية التي تميز هذا النوع من الاسترداد عن غيره من الأنواع الأخرى أن المسترد هنا مدين بالحق المتنازع فيه للبائع ، فهو غير أجنبي عن الحق بخلاف الشفيع الأجنبي عن العين المشفوعة . وهو إذن لا يتلقى الحق ، بل ينهيه إذا كان حقاً شخصيا ، ويقطع الخصومة فيه إذا كان حقاً عينياً . ويترتب على ذلك أن الحق المتنازع فيه لا ينتقل من البائع إلى المستر ، فقد كان حقاً متنازعاً فيه ما بين البائع والمسترد ، وكل ما حدث بالاسترداد أن هذا النزاع قد انحسم ، ولم يعد للبائع حق في مطالبة المسترد بشيء من الحق المتنازع فيه ، ويكون للاسترداد الأثر الذي للصلح في حسم النزاع . فإذا كان الحق المتنازع فيه ديناً يدعيه البائع في ذمة المسترد ، فإن الاسترداد لا ينقل الدين إلى المسترد فينقضي باتحاد الذمة ، بل إن الاسترداد يحسم النزاع في الدين فيعتبر كأنه لم يكن في ذمة المسترد ( [350] ) . وإذا كان الحق $ 207 $ المتنازع فيه عقاراً ، انقطع النزاع فيه وخلصت ملكيته للمسترد دون منازعة من البائع . ولا يعتبر العقار قد انتقل من البائع إلى المستر ، بل يعتبر أنه كان دائماً ملك المسترد ، ومن ثم لا يلزم تسجيل الاسترداد . وإذا كان المشتري قد اشترى بثمن مؤجل ، وأصبح المسترد ملزماً بهذا الثمن إلى أجله ( [351] ) ، فإنه لا يكون ملزماً بشيء نحو البائع ، بل هو ملزم نحو المشتري ، وهذا ملزم نحو البائع ( [352] ) كما سبق القول .

108 – الحالات الاستثنائية التي لا يجوز فيها الاسترداد : لما كان حق الاسترداد قد أعطى للقضاء على المضاربة في الحقوق المتنازع فيها ولمنع استغلال الخصومات ، فقد نصت المادة 470 مدني ، كما رأينا على حالات استثنائية أربع لا يجوز فيها الاسترداد لانتفاء فكرة المضاربة . وهذه الحالات هي ( [353] ) :

1 - إذا كان الحق المتنازع فيه داخلاً ضمن مجمعة أموال بيعت جزافاً $ 208 $ بثمن واحد . مثل ذلك بيع التركة ، فهي مجموع من المال بما له من حقوق وما عليه من ديون ، وسنرى أن بيع التركة هو بيع لهذا المجموع دون نظر إلى عنصر من عناصره بالذات . فإذا كان في التركة حق متنازع فيه ، فإن هذا الحق يفقد ذاتيته ويفني مع العناصر الأخرى في مجموع التركة ، فتنعدم فكرة المضاربة في هذا الحق بالذات ، فلا يجوز الاسترداد . ويترتب على ذلك أنه إذا اشترى شخص من وارث نصيبه في التركة ، وكان ضمن هذا النصيب دين للتركة في ذمة أجني وهو دين ينازع فيه المدين ، فإن المشتري لنصيب الوارث وقد أصبح صاحب هذا الدين المتنازع فيه يستطيع أن يطالب به المدين ، ولا يستطيع المدين أن يسترده منه . فإذا صفى النزاع في الدين ، وثبت استحقاق التركة له ، وجب على الدين أن يدفعه كله لمن اشترى نصيب الوارث . 2 - إذا كان الحق المتنازع فيه شائعاً بين ورثة أو ملاك ( [354] ) ، وباع أحدهم نصيبه في الحق من الآخر ، فإن الاسترداد لا يجوز في هذه الحال’ . ذلك أن المفروض أن يكون شراء الشريك لنصيب شريكه لا يقصد به المضاربة ، بل هو قسمة أو هو خطوة نحوها ( [355] ) . أما إذا كان الشريكان في الحق ينازعهما أجنبي يدعى ملكية الحق معهما ، وكان الحق ذاته متنازعاً فيه مع المدين به ، ثم نزل الأجنبي عما يدعيه للشريكين ، جاز للمدين أن يسترد . ذلك أننا خرجنا عن نطاق الاستثناء الذي نحن بصدده ، فهذا الاستثناء يقتضي $ 209 $ أن يبيع أحد الشريكين من الآخر نصيبه ، لا أن أجنبياً عنهما يكون هو المتصرف ( [356] ) .

3 - إذا نزل المدين للدائن عن حق متنازع فيه وفاء للدين المستحق في ذمته . والمفروض هنا أن للمدين حقاً متنازعاً فيه في ذمة آخر ، فنزل عن هذا الحق لدائنه وفاء بالدين الذي في ذمته له . فالواضح أن الدائن ، عندما قبل نزول مدينه عن حقه ، لم يقصد المضاربة ، وإنما قصد أن يستوفي حقه . ومن ثم لا يجوز لمن عليه الحق المتنازع فيه أن يتخلص من المطالبة باسترداد الحق من الدائن الذي استوفى بهذا الحق حقه ، لأن الاسترداد هنا لا مبرر له ( [357] ) . وقد ينزل المدين وفاء لدينه عن حق متنازع فيه ، ولا يكون هذا الحق كافياً لوفاء الدين ، فيدفع معه مبلغاً إضافياً من النقود . مثل ذلك أن يكون في ذمة المدين لدائنه أربعة آلاف ، فيوفيه حقاً متنازعاً فيه مقداره أربعة آلاف ومعه مبلغ إضافي مقدراه خمسمائة . فكأ ، ه وفي مدينه خمسمائة ، والباقي من ادلين مقداره ثلاثة آلاف وخمسائة وفاه بأربعة آلاف متنازع فيها . ففي هاذ المثل لا تدل الأرقام على أن هناك مضارة في الحق المتنازع فيه ، فقد استوفى الدائن الدين الذي له بحق متنازع فيه يزيد عليه زيادة معقولة تقابل خطر النزاع . وإذا عكسنا الفرض ، وقلنا إن في ذمة المدين ثلاثة آلاف فوفاها بحق متنازع فيه مقداره أربعة آلاف على أن يعطي الدائن للدين معدلاً ( soulte ) لهذه الصفقة مقداره خمسمائة ، فإن الدائن يكون قد أعطى المدين خمسمائة فوق الثلاثة الآلاف ، واستوفى الثلاثة الآلاف والخمسمائة بأربعة آلاف متنازع فيها ، فلا تدل الأرقام هنا أيضاً على فكرة المضاربة . ولكن إذا كان الدين الذي في ذمة المدين هو ألف فقط ، والمسألة بحالها ، فإن الدائن يكون قد أعطى خمسمائة فوق الألف ، واستوفى الألف وخمسمائة بأربعة آلاف متنازع فيها ، وقد يكشف قاضي الموضوع في هذه الحالة من الأرقام والظروف الأخرى فكرة $ 210 $ المضاربة فيجعل للمدين بالحق المتنازع فيه حق الاسترداد ( [358] ) .

4 - إذا كان الحق المتنازع فيه يثقل عقاراً وبيع الحق لحائز العقار . والمفروض هنا أن عقاراً مثقل برهن يكفل ديناً على مالكه متنازعاً فيه . وباع المدين العقار المرهون من آخر ، فالحائز للعقار وهو المشتري يكون مسئولاً عن الرهن الذي يثقل العقار وله حق التطهير ، ولكن إجراءاته معقدة وهو غير مأمون العاقبة . فيعمد إلى شراء الحق المتنازع فيه المكفول بالرهن ، حتى يمنع الدائن المرتهن من تتبع العقار . ولا يستطيع المدين بالحق المتنازع فيه – وهو المدين الذي باع العقار – الاسترداد في هذه الحالة ، فإن الذي دفع حائز العقار إلى شراء الحق المتنازع فيه لم يكن فكرة المضاربة ، بل إنه أراد تجنب إجراءات الدائن المرتهن ( [359] ) . مثل ذلك أن يشتري شخص عقاراً من آخر بأربعة آلاف ، وعلى العقار رهن بألف متنازع فيها فإذا دفع المشتري كل الثمن للبائع ، ثم اشترى الدين المضمون بالرهن ومقداره ألف بثمانمائة ، فإنه يرجع على المدين وهو بائع العقار بألف ، ولا يجوز لهذا المدين أن يسترد الدين بثمنه فيدفع ثمانمائة بدلاً من الألف . وإذا اكتفى المشتري بأن يدفع من الثمن ثلاثة آلاف ليستبقي ألفاً لوفاء الدين – وهذا ما يقع عادة – ثم اشترى الدين بثمانمائة ، لم يجز للمدين بائع العقار أن يتمسك بحقه في الاسترداد ليرجع على المشتري بالفرق بين الدين ومقداره ألف وبينه ثمنه ومقداره ثمانمائة ( [360] ) .

 $ 211 $

ب - بيع الحقوق المتنازع فيها لعمال القضاء

109 - النصوص القانونية : تنص المادة 471 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " لا يجوز للقضاة ولا لأعضاء النيابة ولا للمحامين ولا لكتبة المحاكم ولا للمحضرين أن يشتروا ، لا بأسمائهم ولا باسم مستعار ، الحق المتنازع فيه كله أو بعضه ، إذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها ، وإلا كان البيع باطلاً " .

وتنص المادة 472 على ما يأتي :

 " لا يجوز للمحامين أن يتعاملوا مع موكليهم في الحقوق المتنازع فيها إذا كانوا هم يتولون الدفاع عنها ، سواء أكان التعامل بأسمائهم أم باسم مستعار ، وإلا كان العقد باطلاً ( [361] ) " .

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 257  /  324 ( [362] ) .

 $ 212 $

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 439 – 440 . وفي التقنين المدني الليبي المادتين 460 - 461 – وفي التقنين المدني العراقي المادتين 595 – 596 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 380 – 381 ( [363] ) .

110 - البيع لعمال القضاء وحق الاسترداد : ونرى من ذلك أن لبيع الحقوق المتنازع فيها خاصية أخرى . فقد رأينا فيما تقدم أن بيع الحق المتنازع فيه يجعل للمدين حق الاسترداد من المشتري . وهنا نرى أن المشتري إذا كان أحداً من عمال القضاء - وبالتحديد أحداً ممن ذكروا بالنص – فإن البيع يكون باطلاً ، ومن ثم لا يكون هناك محل للاسترداد إذ لا لاسترداد في بيع باطل . وقد ربط التقنين المدني الجديد ما بين النصوص المتعلقة ببيع الحقوق المتنازع $ 213 $ فيها ربطاً لم يكن موجوداً في التقنين المدني السابق ، إذ أن هذا التقنين الأخير عرض لحق الاسترداد في مكان وللبيع لعمال القضاء في مكان آخر ، وباعد ما بين المكانين حتى صار الربط بينهما ينطوي على شيء من الخفاء . ومنذ ربط بينهما التقنين الحالي ، أصبح واضحاً أن بيع الحق المتنازع فيه لأحد عمال القضاء ، وهو بيع باطل ، لا يدع مجالاً لحق الاسترداد . فلا يجوز للمدين بالحق المتنازع فيه أن يسترد الحق ، ويبطل البيع أصلاً فيرجع الحق لصاحبه ، ويكون المدين ملتزماً نحوه بكل الدين إذا صفى النزاع وثبت وجود الدين في ذمة المدين . أما العكس فجائز ، فإذا فرضنا أن المدين بالحق المتنازع فيه هو أحد عمال القضاء وباع الدائن الحق من آخر ، فإنه يجوز للمدين – ولو أنه من عمال القضاء – أن يسترد الحق المتنازع فيه ( [364] ) . ولا يحتج عليه في ذلك بأنه اشترى حقاً متنازعاً فيه رؤية النزاع فيه من اختصاصه ، لأنه إنما حسم النزاع بهذا الاسترداد ، ولأنه لم يشتر الحق بل استرده لإبراء ذمته منه ، واسترداد الحق لإبراء الذمة غير شرائه للمضاربة ( [365] ) .

 $ 214 $

ويخلص مما تقدم أن القانون ينظر في ريبة إلى بيع الحق المتنازع فيه . فهو في القليل ينطوي على فكرة المضاربة واستغلال الخصومات ، ومن ثم جعل القانون الجزاء على ذلك حقاً في الاسترداد يعطيه للمدين . فإذا زادت الريبة وكان المشتري هو أحد عمال القضاء يشتري حقاً نظر النزاع فيه يقع في اختصاصه ، زاد الجزاء على ما تقدم ، إذ الشبهة هنا لا تتعلق فحسب بفكرة المضاربة ، بل تصل إلى حد استغلال النفوذ ، ومن ثم كان الجزاء أشد وقد جعله القانون بطلان البيع ( [366] ) . وحرم القانون بوجه خاص على المحامي التعامل مع موكله في الحق المتنازع فيه الموكول إليه أمر الدفاع عنه ، سواء بالبيع أو بغيره من التصرفات .

وقد عرفنا فيما تقدم ما هو الحق المتنازع فيه ( [367] ) . ويبقى أن نعرف : ( 1 ) من هم المشترون للحقوق المتنازع فيها . ( 2 ) وما هو الجزاء على شرائهم لهذه الحقوق ( 3 ) وأحكام تعامل المحامي في الحق المتنازع فيه ( pacte de quota litis ) .

 $ 215 $

111 - المشترون للحقوق المتنازع فيها : المحظور عليهم الشراء هم القضاة وأعضاء النيابة والمحامون وكتبة المحاكم والمحضرون . وقد ذكروا في المادة 471 مدني على سبيل الحصر ، فلا يجوز القياس عليهم ، ولا يمتد الحظر إلى الخبراء ( [368] ) ومترجمي المحاكم ووكلاء المحامين وكتبتهم وخدم المحاكم وحجابها وفراشيها والحراس ورجال الشرطة ومأموري الضبطية القضائية ( [369] ) .

والقضاة يشملون كل من ولى وظيفة القضاء . فقضاة المحاكم الجزئية والمحاكم الكلية ومحاكم الاستئناف ومحكمة النقض ، كل هؤلاء القضاة والمستشارين يعتبرون " قضاة " . ويشمل اللفظ أيضاً مستشاري وقضاة مجلس الدولة والمحاكم الإدارية ( [370] ) ، كما يشمل قضاة المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمجالس الملية عندما كانت هذه المحاكم موجودة . والمحظور شراؤه على القاضي يتسع أو يضيق بحسب المحكمة التي يباشر فيها وظيفته . فقاضي المحكمة الجزئية لا يجوز له شراء الحقوق المتنازع فيها إذا كان النظر في النزاع من اختصاص محكمته الجزئية وحدها ، ويجوز له شراء الحقوق المتنازع فيها فيما عدا ذلك ولو كان النظر في النزاع من اختصاص محكمة جزئية أخرى تابعة لنفس المحكمة الكلية التي تتبعها محكمته ( [371] ) ، على أن يكون للمدين حق الاسترداد على النحو الذي قدمناه فيما يتعلق بهذا الحق . وقاضي المحكمة الكلية يمتد اختصاصه إلى دائرة محكمته ، بما في ذلك اختصاص المحاكم الجزئية التابعة لمحكمته حتى لو كان النزاع يدخل في $ 216 $ الاختصاص النهائي للمحكمة الجزئية ، لأن مجرد احتمال رفع استئناف ولو غير مقبول يكفي لإلقاء ظل من الشبهة ، بل يجز أن يتبع النزاع وتضم إليه طلبات إضافية تجعله قابلاً للاستئناف ( [372] ) . ومستشار محكمة الاستئناف يمتد اختصاصه إلى دائرة محكمته ، بما في ذلك اختصاص المحاكم الكلية والمحاكم الجزئية التابعة لهذه المحكمة . أما مستشار محكمة النقض فيمتنع عليه أن يشتري أي حق متنازع فيه ، لأن اختصاص محكمته يمتد إلى جميع أنحاء الدولة ، وهذا حتى لو كان الحكم في النزاع غير قابل للنقض للاحتمالات التي قدمناها .

وأعضاء النيابة يتدرجون من النائب العام إلى معاوني النيابة . ولا يدخل فيهم معاونو الإدارة ، ولا أعضاء النيابة الإدارية فهذه النيابة لم تكن موجود وقت وضع التقنين الجديد . ولكل عضو نيابة اختصاص المحكمة التي يعمل فيها ، ويمتد اختصاص النائب العام إلى جميع أنحاء الدولة وكذلك المحامون العامون وأعضاء النيابة الذين يعملون أمام محكمة النقض .

والمحامون هم كل من كان عضواً في نقابة المحامين ولو كان لا يزال تحت التمرين . ومن هؤلاء المحامين من لا يسمح لهم بالمرافعة إلا أمام المحاكم الجزئية ، فيحظر عليهم شراء الحقوق المتنازع فيها إذا كان النزاع من اختصاص أية محكمة جزئية في جميع أنحاء البلاد . ومنهم من لا يسمح لهم بالمرافعة إلا أمام المحاكم الكلية والجزئية ، فيحظر عليهم شراء الحقوق المتنازع فيها جميعاً . والمحامون المسموح لهم بالمرافعة أمام محكمة النقض أو أمام الاستئناف يحظر عليهم هم أيضاً شراء أي حق متنازع فيه ( [373] ) .

وكتبة المحاكم يندرج فيهم كتاب الجلسات ، وغيرهم من الكتاب ككتاب الحسابات والسكرتارية والقيد وغير ذلك من الأقسام الإدارية . والكاتب موظف في محكمة معينة ، فالحظريشمل دائرة اختصاص هذه المحكمة ، سواء كانت محكمة جزئية أو محكمة كلية أو محكمة استئناف أو محكمة النقض .

كذلك المحضرون كل معين في محكمة معينة ، فالحظر يشمل دائرة اختصاص هذه المحكمة .

ويلاحظ أنه يجب توافر الصفة في الوقت الذي يتم فيه الشراء ، فلو أن المشتري لم يكن قاضياً في محكمة القاهرة وقت أن اشترى حقاً متنازعاً فيه من اختصاص هذه المحكمة ، فالشراء جائز حتى لو نقل القاضي بعد ذلك إلى محكمة القاهرة ورفع النزاع أمام هذه المحكمة ، وعليه في هذه الحالة أن يتنحى عن نظر القضية . ويجب أيضاً أن يكون الحق متنازعاً فيه وقت الشراء ، فلو لم يقم في شأنه نزاع جدي وقت أن اشتراه عامل لقضاء فالشراء صحيح ولو قام النزاع بعد ذلك أو كان قائماً قبل ذلك وانحسم . ويجب أخيراً أن يكون عامل القضاء عالماً بوقوع النزاع في الحق وقت شرائه ( [374] ) .

ويستوي أن يكون الشراء واقعاً على كل الحق ، أو واقعاً على بعضه . كما يستوي أن يشتري عامل القضاء الحق المتنازع فيه باسمه الشخصي أو باسم مستعار ( [375] ) .

112 - جزاء الحظر : ولا شك في أن جزاء الحظر بطلان البيع بطلاناً مطلقاً ، فالنص ( م 471 مدني ) صريح في هذا المعنى . ولا يكون لعقد البيع أثر لا فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير ، وفقاً للقواعد المقررة $ 218 $ في البطلان ( [376] ) . ومن ثم لا يجوز للمدين بالحق المتنازع فيه أن يسترد الحق في هذا البيع ، كما سبق القول . ويترتب على بطلان البيع أن المشتري يسترد ما دفعه ثمناً للحق ، ويبقى الحق ملكاً لصاحبه الأصلي .

والبطلان يقوم على أساس أن البيع مخالفاً للنظام العام . فما يخالف النظام العام أن يستغل عامل القضاء نفوذه في شراء الحقوق المتنازع فيها . وإذا كان لم يقصد أن يستغل نفوذه فعلاً ، ففي القليل قد ألقى بشرائه الحق المتنازع فيه ظلاً من الشبهة في حيدة القضاء في نزاع يقع في اختصاصه . فهذه الاعتبارات تتصل أوثق الاتصال بالنظام العام والآداب ، ويكون الجزاء هو البطلان المطلق ( [377] ) .

113 – تعامل المحامي في الحق المتنازع فيه ( pacte de quota litis ) : وقد ورد في التقنين المدني ( م 472 ) نص صريح في تحريم تعامل المحامي مع موكله في الحق المتنازع فيه . ويلاحظ أن نص المادة 471 مدني كان وحده يكفي لتحريم شراء المحامي حقاً متنازعاً فيه لموكله . بل إن النص أوسع من ذلك إذ يحرم على المحامي أن يشتري أي حق متنازع فيه ولو لم يكن وكيلاً عن صاحب الحق كما سبق القول . أما المادة 472 مدني فهي أضيق من المادة 471 مدني من $ 219 $ ناحية ، وأوسع من ناحية أخرى . هي أضيق ، لأنها تشترط أن يكون المحامي وكيلاً في الحق المتنازع فيه . وهي أوسع ، لأنها تقضي بأنه متى كان المحامي وكيلاً في الحق المتنازع فيه فكل ضروب التعامل في هذا الحق محرمة عليه ، وليس الشراء فحسب . فلا يجوز له أن يشتري الحق ، ولا أن يقايض عليه ، ولا أن يوهب له ، ولا أن يشارك فيه ، ولا أن يقترضه . ولا يجوز له بوجه خاص أن يأخذ جزءاً من الحق في مقابل أتعابه ولو تولى الإنفاق على التقاضي . والحظر هنا أيضاً يقوم على اعتبارات تتصل بالنظام العام ، إذ يخشى أن يستغل مركزه فيوهم موكله أن حظه في استخلاص حقه غير كبير ، ويحمله بذلك على قبول اتفاق يكون الموكل فيه مغبوناً . ومن ثم يكون التعامل باطلاً بطلاناً مطلقاً ، ويستوي أن يتعامل المحامي باسمه أو يتعامل باسم مستعار كزوجة أو ولد أو قريب أو صديق . وبطلان التعامل لا يمنع من أن يطلب المحامي تقدير أتعابه ، ويرجع على الموكل بها هي وما عسى أن يكون قد أنفقه على التقاضي ( [378] ) . كذلك لا يوجد ما يمنع ، إذا انتهى النزاع في الحق ، أن يتعامل المحامي فيه مع موكله السابق بعد أن أصبح الحق غير متنازع فيه ( [379] ) .

وقد كان تعامل المحامي في الحق الموكل في النزاع بشأنه محرماً على الرأي الراجح ، في عهد التقنين المدني السابق ( [380] ) ، تطبيقاً للمبدأ العام الذي يحرم $ 220 $ على المحامين شراء الحقوق المتنازع فيها سواء كانوا موكلين في النزاع أو غير موكلين . فلم يستحدث التقنين المدني الجديد حكماً جديداً في الصدد ، وإنما أورد نصاً خاصاً صريحاً في التحريم ( [381] ) .

2 - بيع السلم

114 - السلم في الفقه الإسلامي : لما كان بيع المعدوم باطلاً في الفقه الإسلامي ، فقد استثنى من هذه القاعدة بيع السلم ، وهو بيع شيء غير موجود ولكنه ممكن الوجود . ونستعرض هنا في إيجاز ، ملخصاً عن البدائع ( [382] ) ، الخطوط الرئيسية في بيع السلم في الفقه الإسلامي ، ثم نعرض لهذا النوع من البيع في القانون المصري . ولما كان تقنين الموجبات والعقود اللبناني أفرد لهذا البيع نصوصاً خاصة ، فإننا نعرض لهذه النصوص بعد ذلك .

يمكن تعريف السلم في الفقه الإسلامي بأنه بيع شيء غير موجود بالذات بثمن مقبوض في الحال ، على أن يوجد الشيء ويسلم للمشتري في أجل معلوم . ويسمى المشتري المسلم أو رب السلم ، والبائع المسلم إليه ، والمبيع المسلم فيه ، والثمن رأس المال . ونرى من ذلك أن السلم هو بيع المعدوم ، رخص فيه استثناء من مبدأ عدم جواز بيع المعدوم للحاجة إليه وجريان التعامل فيه . على أن للسلم $ 221 $ شروطاً وقيوداً تخرجه عن أن يكون مطلق بيع المعدوم ، وتكسبه سمة خاصة تجعله استثناء مقيداً في حدود ضيقة .

فيشترط في المبيع – المسلم فيه – أن يكون معلوم الجنس والنوع والصفة كحنطة سقية وسط أو تمر فارسي جيد ، وأن يكون معلوم القدر بالكيل أو الوزن أو العد أو الذرع ، وأن يكون مما يمكن أن يضبط قدره وصفته بالوصف على وجه لا يبقى بعد الوصف إلا تفاوت يسير . فلو كان مما لا يمكن ، ويبقى بعد الوصف تفاوت فاحش ، لا يجوز السلم فيه . فيجوز السلم إذن في المكيلات والموزونات لأنها من ذوات الأمثال ، وفي العدديات المتقاربة كالجوز والبيض لأ ، الجهالة فيها يسيرة وصغيرها وكبيرها سواء فلا يجري التنازع في ذلك القدر من التفاوت بين الناس عادة ، وفي الذرعيات كالثياب والبسط والحصير لأن الناس تعاملوا السلم فيها لحاجتهم إلى ذلك ولأنه إذا بين الجنس والنوع والصفة والرفعة والطول والعرض يتقارب التفاوت فيلحق بالمثل في باب السلم . ولا يجوز السلم في العدديات المتفاوتة من الحيوان والجواهر واللآلئ والجلود والبطيخ والقثاء والسفرجل والرمان ونحوها ، لأنه لا يمكن ضبطها بالوصف ، أو يبقى بعد بيان جنسها ونوعها وصفتها وقدرها جهالة فاحشة مفضية إلى المنازعة . ويجب في المسلم فيه أيضاً أن يكون مما يتعين بالتعيين ، فإن لم يكن كالدراهم والدنانير ، لم يجز السلم فيه ، لأن المسلم فيه مبيع والمبيع يجب أن يتعين بالتعيين ، كما يجب أن يكون المسلم فيه مؤجلاً ، حتى لا يجوز السلم في الحال عند الحنفية ، وعند الشافعي هذا ليس بشرط ، وسلم الحال جائز . وجه قوله أن الأجل شرع نظراً للمسلم إليه – البائع – تمكيناً له من الاكتساب ، فلا يكون لازماً كما في بيع العين ، واحتجت الحنفية بأن السلم حالاً يفضي إلى المنازعة لأن السلم يع المفاليس ، فالظاهر أن يكون المسلم إليه عاجزاً عن تسليم المسلم فيه ورب السلم يطالب بالتسليم فيتنازعان على وجه تقع معه الحاجة إلى الفسخ . وبأن الترخيص في السلم هو تغيير الحكم الأصلي وهو حرمة بيع ما ليس عند الإنسان إلى الحل بعارض عذر العدم ضرورة الإفلاس ، فحالة الوجود والقدرة لا يلحقها اسم الرخصة فيبقى الحكم فيها على العزيمة الأصلية . ولو مات المسلم إليه قبل الأجل ، حل $ 222 $ الدين . ويجب أن يكون نوع المسلم فيه موجوداً من وقت العقد إلى وقت الأجل ، فإن لم يكن النوع موجوداً عند العقد أو عند محل الأجل ، أو كان موجوداً فيهما لكنه انقطع من أيدي الناس فيما بين ذلك كالثمار والفواكه واللبن وأشباه ذلك ، لا يجوز السلم . وهذا عند الحنفية وقال الشافعي الشرط وجوده عند محل الأجل دون وقت العقد . أما الثمن – رأس المال – في السلم ، فيجب فيه أيضاً بيان جنسه ونوعه وصفته ، كدنانير نيسابورية جيدة وتمر برني وسط . ويجب أن يكون مقبوضاً فيم جلس السلم ، لأن المسلم فيه دين والافتراض لا عن قبض رأس المال يكون افتراقاً عن دين بدين ، وإنه منهي عنه لما روى أن النبي عليه السلام نهى عن بيع بالكالئ الكالئ أي النسيئة بالنسيئة . ويشترط القبض سواء كان رأس المال ديناً أ وعيناً عند عامة العلماء استحساناً ، والقياس ألا يشترط القبض في المجلس إذا كان عيناً ، وهو قول مالك . وجه القياس أن اشتراط القبض للاحتراز عن الافتراق عن دين بدين ، وهذا افتراق عن عين بدين وإنه جائز . وجه الاستحسان أن رأس مال السلم يكون ديناً عادة ولا تجعل العين رأس مال السلم إلا نادراً ، والنادر حكمه حكم الغالب فيلحق بالدين .

ويتبين مما قدمناه أن السلم ، بما أحاطه من قيود ، أصبح عقداً خاصاً يتميز عن سائر العقود . وأهم القيود التي تحيط به أربعة : ( 1 ) يجب قبض رأس المال ، أي الثمن ، فيم جلس العقد . ( 2 ) يجب أن يكون نوع المبيع موجوداً من وقت العقد إلى وقت حلول الأجل ، ولا يجوز أن ينقطع فيما بين هذين الوقتين . وهذا الشرط ، في رأينا ، يعوض انعدام ذات البيع وقت العقد ما دام نوعه موجوداً ، فكأن السلم يرد لا على معدوم ، بل على موجود بالنوع لا بالذات . ويندرج تحت هذا الشرط أن يكون المسلم فيه ( المبيع ) مما لا يحتمل انقطاعه ، ويرجع ذلك في الغالب إلى الخشية من الضرر ، فإن الشيء الذي ينقطع نوعه لا يخلو التعامل فيه من غرر . فلا يجوز السلم في ثمر نخلة بعينها لم ينعقد ولا في محصول أرض بالذات لم ينبت ، بل في الثمر جملة وفي المحصول عامة . وهذا من شأنه أن يجعل السلم غير صالح لإباحة بيع محصول مستقبل لأرض بالذات . ( 3 ) ولا يجوز السلم في العدديات المتفاوتة من الحيوان والجواهر واللآلئ والبطيخ والقثاء والرمان والسفرجل ونحو ذلك . ( 4 ) ويجب أن يكون هناك أجل معلوم $ 223 $ للسلم عند الحنفية فالسلم الحال غير مرخص فيه لأنه بيع المعدوم في الحال ، حتى لو ثبت أن المسلم إليه ( البائع ) قادر على التسليم . ذلك أن طبيعة السلم تقتضي التأجيل إلى أجل معلوم لأنه بيع المفاليس كما تقول الفقهاء ، وهو بيع بأوكس الأثمان ، إذ البائع يبيع ما ليس عنده ، فيضرب أجلاً للتسليم مع أنه يقبض الثمن في الحال ، فلزم أن يكون الثمن دون المبيع في القيمة والفرق في مقابلة الأجل ( [383] ) .

115 - السلم في القانون المصري : ولم يرد نص خاص ببيع السلم في التقنين المدني . و ليس التقنين في حاجة إلى ذلك فقد رأينا أن بيع الشيء المستقبل فيه جائز ما دام محتمل الوجود . فيجوز إذن بيع المحصولات المستقبلة ويع المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة والمتفاوتة والمذروعات وغير ذلك ، حتى لو لم توجد في الحال ، ما دامت توجد في المستقبل . والبيع على هذا النحو يخضع للقواعد العامة ، فلا يشترط فيه قبض الثمن في المجلس كما يشترط ذلك في الفقه الإسلامي ، كذلك لا يشترط أن يكون غير منقطع النوع ، ولا أن يكون من العدديات المتقاربة ، وذلك لأن قواعد القانون المصري تحتمل من الغرر ما لا تحتمله مبادئ الفقه الإسلامي .

وفي القانون المصري يوجد بيع مؤجل التسليم vente a livrer, marche a - terme – ويكثر التعامل به في البورصة ، في البضائع كالقطن وفي الأوراق ذات القيمة كالأوراق المالية المسعرة . ولكن هذا البيع لا يقابل بيع السلم ، فهو بيع $ 224 $ مضاربة ، أما بيع السلم فقد رأينا أنه بيع المفاليس . ففي الصفقات الآجلة ( marche a terme ) يغلب أن يكون كل من البائع والمشتري مضارباً على الفرق في الأسعار ، فتنتهي الصفقة لا إلى التسليم عيناً بل إلى دفع الفرق ، فإن ارتفع السعر دفع البائع الفرق ، وإن نزل فالفرق يدفعه المشتري . ويعقد البيع على هذا الوجه في بورصة مرخص بها ، ويحصل بواسطة سماسرة مقيدة أسماؤهم في قائمة تحررها لجنة البورصة ، ويرد على بضائع أو أوراق ذات قيمة مسعرة ( [384] ) . أما بيع السلم في الفقه الإسلامي ، فالمفروض فيه أن شخصاً يكون في حاجة المال قبل أن ينتج سلعته فيأخذه من الغير في مقابل أن يورد له السلعة في أجل معين . فوظيفة بيع السلم الاقتصادية وهي الحصول على مال عاجل في مقابل شيء آجل ( [385] ) ، غير وظيفة الصفقات الآجلة وهي في الغالب المضاربة على فروق الأسعار .

116 - السلم في القانون اللبناني : وقد أورد تقنين الموجبات والعقود اللبناني نصوصاً خاصة ببيع السلم ، تخطي فيها القيود التي أسلفنا ذكرها في الفقه الإسلامي ، إلا قيد تعجيل الثمن فإنه استبقاه ، وأضاف إليه أن يكون إثبات عقد السلم بالكتابة ولو لم تزد قيمته على النصاب المقرر للبينة والقرائن .

فتنص المادة 487 من تقنين الموجبات والعقود على أن " بيع السلم هو عقد بمقتضاه يسلف أحد الفريقين الآخر مبلغاً معيناً من النقود ، فيلزم هذا الفريق مقابل ذلك أن يسلم إليه كمية معينة من المواد الغذائية أو غيرها من الأشياء المنقولة في موعد يتفق عليه الفريقان . ولا يثبت هذا العقد إلا كتابة " . وتنص المادة 488 على أنه " يجب دفع الثمن كله إلى البائع وقت إنشاء العقد " . وإذا لم يعين ميعاد لتسليم المبيع ، اتبع العرف في تحديد هذا الميعاد ( م 489 لبناني ) . وإذا لم يبين مكان التسليم ، وجب أن يكون مكان العقد ( م 491 لبناني ) . ويجب أن يكون المبيع معيناً بكميته أو بصفته أو بوزنه أو بكيله كالمواد الغذائية ، فإن كان مما لا يعد ولا يوزن فيكفي أن يعين بوصفه وصفاً دقيقاً ( م 490 لبناني ) .

 $ 225 $

ثم تنص المادة 492 من تقنين الموجبات والعقود على أنه " إذا تعذر على البائع بسبب قوة قاهرة ودون خطأ أو تأخر منه أن يسلم ما وعد به ، فللمشتري أن يفسخ العقد ويسترد الثمن الذي أسلفه أو أن ينتظر إلى السنة التالية . وإذا عرض البائع في السنة التالية الشيء المعقود عليه البيع ، وجب على المشتري استلامه ، وليس هل أن يفسخ العقد . ويسري هذا الحكم أيضاً إذا كان المشتري قد استلم قسماً من المبيع . أما إذا كان الشيء المتعاقد عليه غير موجود ، فتطبق أحكام الفقرة الأولى من هذه المادة " .

المطلب الثاني

تعيين المبيع

117 - كيفية تعيين المبيع : قدمنا عند الكلام في تعيين المحل ( [386] ) أن محل الالتزام يجب أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين .

فإذا وقع البيع على شيء معين بالذات ، وجب أن يوصف الشيء وصفاً مانعاً من الجهالة الفاحشة . فإذا باع شخص داراً ، وجب أن يبين موقعها وأوصافها الأساسية التي تميزها عن الدور الأخرى . وإذا باع أرضاً ، وجب تحديد موضعها وبيان مساحتها وتعيين حدودها ( [387] ) . وإذا باع آلة ميكانيكية ، وجب أن يعين نوعها وأوصافها المميزة . وقد رأينا فيما قدمناه أن المشتري يجب أن يكون أيضاً عالماً بالمبيع علماً كافياً ، ويعتبر العلم كافياً إذا أشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بياناً يمكن من تعرفه ( م 419 مدني ) .

أما إذا كان المبيع غير معين بالذات ، فإنه يجب أن يكون معيناً بجنسه ونوعه ومقداره ( م 133  /  1 مدني ) ، فيقال مثلاً مائة أردب من القمح الهندي من الصنف الجيد . فإذا لم يحدد المقدار ، وجب أن يتضمن العقد ما يستطاع به تحديده ( م 133  /  2 مدني ) ، كما إذا تعهد شخص بأن يورد أغذية معينة النوع لمستشفى معين أو لمدرسة معينة ، فالمقدار اللازم من هذه الأغذية وإن لم يحدد في العقد قابل للتحديد وفقاً لحاجة المستشفى أو المدرسة . وقد يقتصر التعيين على بيان الجنس والنوع والمقدار دون أن تذكر درجة الجودة ودون أن يمكن استخلاصها من العرف أو من ظروف التعاقد ، ففي هذه الحالة يجب أن يكون الصنف متوسطاً ، فلا يكون جيداً حتى لا يغبن البائع ، ولا يكون رديئاً حتى لا يغبن المشتري ( م 133  /  2 مدني ) ( [388] ) .

ونرى مما تقدم أن تعيين المبيع إذا لم يكن معيناً بالذات يحصل بالتقدير ، وقد يكون البيع جزافاً ، كذلك قد يكون بيع المقدرات بالعينة . أما الشيء المعين بالذات ، فيتعين بوصفه وصفاً يميزه عن غيره تمييزاً مانعاً من الجهالة الفاحشة . ولا يمنع الشيء من أن يكون معيناً أن يكون مجموعاً من المال كما في بيع التركة .

فنبحث على التوالي : ( 1 ) البيع بالتقدير والبيع الجزاف . ( 2 ) البيع بالعينة . ( 3 ) بيع التركة .

1 - البيع بالتقدير البيع الجزافي

( vente au poids, au compte ou a la mesure - vente en bloc )

118 - كيف يكون البيع بالتقدير : رأينا أن المبيع إذا كان من المثليات ، وجب أن يعين وزناً أو كيلاً أو مقاساً أو عدداً . فإذا باع شخص $ 227 $ من آخر مائة أقة من السكر فهذا بيع بالتقدير عن طريق الوزن ، أو باع ستين أردباً من القمح فهذا بيع بالتقدير عن طريق الكيل ، أو مائتي ذراع من القماش فهذا بيع بالتقدير عن طريق المقاس ، أو خمسمائة بيضة فهذا بيع بالتقدير عن طريق العدد .

ونرى من ذلك أن المبيع إذا احتاج في تعيينه إلى وزن أو كيل أو مقاس أو عدد ، كان البيع بالتقدير ، لأن المبيع لا يتعين إلا بعد أن يقدر وزناً أو كيلاً أو مقاساً أو عدداً . ويتم التقدير في المكان والزمان المتفق عليهما ، وإذا لم يكن هناك اتفاق اتبع العرف ، وإلا ففي مكان تسليم المبيع وفي الوقت الذي يجب فيه التسليم . ويجب أن يكون تقدير المبيع – الوزن أو الوكيل أو المقاس أو العد – واقعاً من البائع أو نائبه بمحضر من المشتري أو نائبه ( [389] ) .

119 - كيف يكون البيع الجزاف – نص قانوني : وإذا كان الشيء مما يوزن أو يكال أو يقاس أو يعد ، ولكن المبيع لا يحتاج في تعيينه إلى تقدير بل هو معين بالذات ، فالبيع جزاف . فإذا باع شخص من آخر جميع كمية السكر أو القمح أو القماش أو البيض التي توجد في مخزنه ، وعين المخزن تعييناً كافياً ، فإن البيع لا يكون في هذه الحالة بالتقدير ، بل يكون جزافاً .

ويكون البيع جزافاً أيضاً حتى لو باع نصف أو ربع الكمية الموجودة بالمخزن $ 228 $ أو أي جزء شائع فيها ، فيكون للمشتري هذا الجزء الشائع من الكمية الموجودة بالمخزن ( [390] ) .

ويبقى البيع جزافاً كذلك إذا هو باع كل ما في المخزن أو جزءاً شائعاً منه ، ولو كان قد قدر المبيع بمقدار معين ، كما إذا باع كل ما في المخزن من قمح أو نصفه على أنه مائة أردب . فالبيع في هذه الحالة قد وقع على كل القمح الموجود في المخزن أو على نصفه . فهو بيع جزاف ( [391] ) ، وإذا تبين أن الكل أو النصف ينقض من مائة أردب أو يزيد فهذه مسألة ضمان سنعرض لها فيما بعد .

وما دام المبيع لا يحتاج في تعيينه إلى تقدير فالبيع جزاف ، حتى لو احتاج الثمن إلى التقدير ( [392] ) ، فإذا باع شخص كل القمح الذي في مخزنه بسعر الأردب خمسة جنيهات ، فإن البيع في هذه الحالة يكون بيعاً جزافاً ، لأن المبيع لا يحتاج في تعيينه إلى تقدير فهو كل القمح الذي في المخزن وإن احتاج الثمن إلى تقدير لأنه لم يعين إلا على أساس سعر الأردب فوجب لتحديد جملته أن يكال القمح الذي في المخزن ليعرف مقدراه . وهناك رأي يذهب إلى أن البيع في هذه الحالة يكون بالتقدير ، ما دام الثمن يحتاج في تحديده إلى تقدير ولو كان المبيع لا يحتاج إلى ذلك ويقول أصحاب هذا الرأي إنه قبل تحديد الثمن لا يتم البيع لانعدام عنصر جوهري فيه هو الثمن إذ هو لم يتعين ، والذي يتم إنما هو عقد غير مسمى وليس بعقد البيع . والصحيح أن الذي تم في فرضنا هذا هو عقد بيع لا عقد غير مسمى ، والثمن غير منعدم ويكفي إذا لم يكن معيناً أن يكون قابلاً للتعيين ، وهو هنا قابل للتعيين بتحديد مقدار البيع ( [393] ) . وقد حسم التقنين المدني الجديد هذا الخلاف ، فنصت $ 229 $ المادة 429 منه على أنه " إذا كان البيع جزافاً ، انتقلت الملكية إلى المشتري على النحو الذي تنتقل به في الشيء المعين بالذات ، ويكون البيع جزافاً ولو كان تحديد الثمن موقوفاً على تقدير المبيع " ( [394] ) .

 $ 230 $

ونرى من ذلك أن البائع إذا بباع مثلاً أردباً من القمح – سواء من القمح الموجود في مخزنه أو من أي قمح آخر يصفه وصفاً كافياً – كان البيع بالتقدير ، سواء احتاج الثمن إلى تقدير بأن جعل سعر الأردب خمسة جنيهات مثلاً ، أو قدر جزافاً بأن جعل ثمن العشرين الأردب مائة جنيه جملة واحدة . وإذا باع كل القمح الذي في مخزنه أو جزءاً شائعاً منه ، فإن البيع يكون جزافاً ، سواء قدر الثمن جزافاً با ، جع مائة جنيه جملة واحدة ، أو احتاج إلى تقدير بأن جعل سعر الأ{دب خمسة جنيهات . فالعبرة في بيع الجزاف أن يكون المبيع هو الجزاف ، سواء قدر الثمن جزافاً أو احتاج إلى تقدير .

120 - أهمية التمييز بين بيع التقدير وبيع الجزاف من حيث انتقال الملكية : والتمييز بين بيع التقدير وبيع الجزاف على النحو الذي قدمناه له أهمية كبيرة من حيث انتقال ملكية المبيع إلى المشتري . ففي بيع الجزاف تنتقل $ 231 $ ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد انعقاد البيع كما في سائر البيوع ( [395] ) . أما في بيع التقدير فلا تنتقل ملكية المبيع بمجرد انعقاد البيع ، ولكن تنتقل بإفراز المبيع وزناً أو كيلاً أو مقاساً أو عداً على الوجه الذي قدمناه . فالإفراز لا البيع هو الذي ينقل الملكية ، لأن الملكية لا يتصور انتقالها إلا في شيء معين بالذات ، ولايتعين المبيع بالذات في بيع التقدير إلا بالإفراز . ولما كان الإفراز يتم عادة وقت التسليم ، فإن العمليتين – الإفراز والتسليم – تختلطان إحداهما بالأخرى ، ويبدو أن الذي ينقل الملكية هو التسليم . لكن إذا تأخر التسليم عن الإفراز ، فإن الملكية تنتقل بمجرد الإفراز وقبل أن يتم التسليم ( [396] ) .

ويستخلص مما تقدم أنه إذا باع شخص القمح الذي فيم خزنه ، سواء بسعر إجمالي أو بسعر الوحدة ففي هذا البيع الجزاف تنتقل ملكية القمح الموجود في المخزن إلى المشتري بمجرد انعقاد المبيع ( [397] ) . أما إذا باع عشرين أردباً من القمح الموجود بمخزنه أو الموصوف بأوصاف مميزة ، سواء باعها بسعر إجمالي أو بسعر الوحدة ، فإن ملكية العشرين الأردب لا تنتقل إلى المشتري إلا عند إفراز هذا المقدار وإعداده للتسليم ، سواء سلم للمشتري أو لم يسلم ( [398] ) .

ويترتب على أن الملكية تنتقل بمجرد انعقاد البيع في بيع الجزاف أن ثمرات المبيع وما يطرأ عليه من زيادة – كمبيع قطيع من الغنم أو مساحة معينة من أرض تنتج محصولاً – من وقت انعقاد البيع تكون للمشتري ، إذ أن هذه الزيادة $ 232 $ طرأت على ملكه . أما في بيع التقدير فلا تكون الزيادة للمشتري إلا بعد الإفراز ، إذ هو لا يملك المبيع قبل ذلك ( [399] ) .

121 – أهمية التمييز بين بيع التقرير وبيع الجزاف من حيث تحمل تبعة الهلاك : وهناك وجه آخر لأهمية التمييز بين بيع التقدير وبيع الجزاف ، ذلك هو تعيين من يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم . ولما كان القانون الفرنسي ينقل تبعة هلاك المبيع إلى المشتري بمجرد انتقال الملكية إليه ولو قبل التسليم ، فإن تبعة هلاك المبيع في بيع التقدير لا يتحملها المشتري إلا بعد إفراز المبيع أي بعد انتقال الملكية . فلو أن شخصاً باع عشرين أردباً من القمح الذي في مخزنه ، ثم احترق المخزن بالقمح كله قبل إفراز المبيع ، فإن العشرين الأردب الداخلة في القمح المحترق تهلك على البائع لا على المشتري لأنها لم تكن قد فرزت ، ويتحلل المشتري من دفع الثمن ( [400] ) . أما إذا باع صاحب المخزن جميع القمح الذي في مخزنه جزافاً ، ثم احترق القمح قبل التسليم ، فإنه يهلك على المشتري لا على البائع ، إذ انتقلت تبعة الهلاك إليه بانتقال الملكية ، فيبقى ملتزماً بدفع الثمن للبائع ( [401] ) .

 $ 233 $

أما في مصر فسنرى أن تبعة هلاك المبيع قبل التسليم تكون على البائع لا على المشتري ، حتى لو انتقلت الملكية إلى المشتري . فهلاك الشيء قبل التسليم ، سواء في بيع الجزاف أو في بيع التقدير قبل الإفراز أو بعده ، يكون في القانون المصري على البائع ، فلا أهمية إذن للتمييز بين بيع التقدير وبيع الجزاف من هذا الوجه . لكن الأهمية تظهر فيما إذا أعذر البائع المشتري لتسليم المبيع ، فإن تبعة الهلاك بعد الإعذار تكون ، حتى في القانون المصري ، على المشتري لا على البائع . فلو باع شخص كل القمح الذي في مخزنه جزافاً ، وأعذر المشتري ليتسلم هذا القمح ، ثم احترق القمح قبل أن يتسلمه المشتري ، فالهلاك على المشتري لا على البائع . ولو باع شخص عشرين أردباً من القمح الذي في مخزنه ، ثم أعذر البائع المشتري ليحضر الإفراز فلم يفعل ، ثم احترق المخزن بما فيه من القمح قبل أن يتم الإفراز ، فإن تبعة الهلاك في بيع التقدير هذا تكون على البائع لا على المشتري ، لأن المبيع لم يتعين بالإفراز فيهلك على البائع .

122 - لا فرق بين بيع التقدير وبيع الجزاف من حيث إنشاء الالتزامات الشخصية : وفيما عدا انتقال الملكية وتحمل تبعة الهلاك ، لا يوجد فرق بين بيع التقدير وبيع الجزاف من حيث أن كلاً منهما ينشئ التزامات شخصية في جانب كل من المتبايعين . فبيع التقدير حتى قبل إفراز المبيع ، وبيع الجزاف حتى قبل تحديد الثمن إذا كان لا يتحدد إلا بالتقدير ، كلاهما عقد بيع تام ، وليس عقداً غير مسمى . فينشئ عقد البيع هذا جميع الالتزامات التي ينشئها البيع ، ولا فرق بين بيع التقدير وبيع الجزاف في ذلك ، ولا بين البيعين وبيع العين المعينة بالذات .

ففي بيع التقدير ، كما في بيع الجزاف ، يلتزم البائع بنقل ملكية المبيع وبتسليمه وبضمان الاستحقاق والعيوب الخفية ، ويلتزم المشتري بدفع الثمن والمصروفات وبحضور إفراز المبيع وتسلمه . فلو أن شخصاً باع من آخر عشرين أردباً من القمح ، كان للمشتري إجبار البائع على تسليم هذا المقدار ، أو الحصول على $ 234 $ مثله على نفقة البائع بعد استئذان القاضي أو دون استئذانه في حالة الاستعجال ( م 205 مدني ) . وكان للبائع إجبار المشتري على تسلم المبيع ودفع الثمن . وكان لكل من المتبايعين طلب تعويض من الآخر عما قد يحدث له من ضرر بسبب عدم تنفيذ هذه الالتزامات ، وكان لكل منهما أن يطلب فسخ البيع إذا تحقق سبب للفسخ ( [402] ) .

2 - البيع بالعينة

( vente par echantillon )

123 - النصوص القانونية : تنص المادة 420 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا كان البيع بالعينة ، وجب أن يكون المبيع مطابقاً لها " .

 " 2 - وإذا تلفت العينة أو هلكت في يد أحد المتعاقدين ولو دون خطأ ، كان على المتعاقد بائعاً كان أو مشترياً أن يثبت أن الشيء مطابق للعينة أو غير مطابق " ( [403] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكنه متفق مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري $ 235 $ المادة 388 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 409 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 518 وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 444 ( [404] ) .

124 – العينة طريق لتعيين المبيع : قد يختار المتبايعان طريقاً دقيقاً لتعيين المبيع ، فيتقدم أحدهما - ويكون غالباً هو البائع – بعينة يجب أن يكون المبيع مطابقاً لها . فيعطي بائع القماش مثلاً للمشتري عينة من القماش الذي يبيعه إياه تكون عادة قصاصة من هذا القماش ، أو يعطي بائع القطن أو القمح أو الورق أو نحو ذلك عينة مما يبيعه يحتفظ بها المشتري حتى يضاهى عليها ما يتسلمه من البائع من قطن أو قمح أو ورق أو غير ذلك ( [405] ) .

 $ 236 $

والعينة تغني عن تعيين المبيع بأوصافه ( [406] ) فهي المبيع مصغراً ، وبمضاهاة المبيع على العينة يتبين إن كان البائع قد نفذ التزامه تنفيذاً سليماً فيما يتعلق بجنس المبيع ونوعه وجودته وغير ذلك من الأوصاف التي يتميز بها . وهي في الوقت ذاته تغني عن رؤية المبيع ، إذ أن المشتري برؤيته للعينة يكون في حكم من رأى المبيع . وقد جاء النص الخاص بالعينة ( م 420 مدني ) تالياً للنص الخاص برؤية المبيع أو العلم به ( 419 مدني ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص نص المادة 420 مدني : " هذا النص جديد لا نظير له في التقنين الحالي ( السابق ) ، وهو يعالج حالة يكون البيع فهيا على أساس نموذج يتفق عليه المتعاقدان ، فوجب أن يكون المبيع كله مطابقاً لهذا النموذج . وقد يحدث أن المشتري لا يكون قد سبق له رؤية المبيع واكتفى برؤية النموذج ، وهذا ما يجعل للمسألة اتصالاً بخيار الرؤية ، وهو موضع النص السابق " ( [407] ) .

والمشتري هو الذي يحتفظ بالعينة عادة ، ولكن لا يوجد ما يمنع من الاتفاق على أن يحتفظ بها البائع .

125 - وجوب مطابقة المبيع للعينة : ويجب أن يجئ المبيع مطابقاً للعينة مطابقة تامة ، وللمشتري أن يرفض المبيع أو أي جزء منه لا يكون مطابقاً لها ( [408] ) ، حتى لو أثبت البائع أن المبيع أعلى صنفاً أو أجود من العينة ذاتها ، فقد تم الاتفاق على أن يكون المبيع مطابقاً للعينة فليس للبائع أن يقدم شيئاً يخالفها ولو كان أفضل ( [409] ) .

كذلك متى جاء المبيع مطابقاً للعينة لا يستطيع المشتري رفضه ، ولو وجده غير ملائم لحاجته ( [410] ) . بل ليس للمشتري ، في الأشياء التي تجرب عادة أو تذاق ، $ 237 $ أن يرد المبيع المطابق للعينة ، ولو وجده بعد التجربة غير صالح أو بعد المذاق غير ملائم ، فما دام المبيع مطابقاً للعينة وجب على المشتري قبوله ( [411] ) . ولكن ذلك لا يمنع من رجوع المشتري على البائع بضمان العيوب الخفية في المبيع ( [412] ) .

وإذا وقع نزاع ، مع وجود العينة ، فميا إذا كان المبيع مطابقاً لها أو غير مطابق ، فإن البائع هو الذي يحمل عبء إثبات أن المبيع مطابق للعينة ( [413] ) . ويجوز الالتجاء إلى الخبراء في ذلك ، ولكن رأي الخبير غير ملزم للقاضي ( [414] ) .

126 - جزاء عدم مطابقة المبيع للعينة : قدمنا أن المبيع إذا لم يجئ مطابقاً للعينة ، لم يجبر المشتري على قبوله . وينفتح أمامه ، جزاء على عدم المطابقة أبواب ثلاثة :

أولاً – يستطيع أن يطالب بالتنفيذ العيني ، فيجبر البائع على تسليمه شيئاً آخر يكون مطابقاً للعينة ( [415] ) . بل يستطيع المشتري أن يحصل على شيء مطابق للعينة على نفقة البائع بعد استئذان القاضي ، أو دون استئذانه في حالة الاستعجال ( م 205 مدني ) .

ثانياً – ويستطيع ، بدلاً من المطالبة بالتنفيذ العين ، أن يطلب فسخ البيع لعدم قيام البائع بتنفيذ التزامه من تقديم شي مطابق للعينة ( [416] ) . ويجوز فوق ذلك أن يطلب المشتري من البائع تعويضاً عما أصابه من ضرر بسبب عدم تنفيذ البائع لالتزامه ، وذلك وفقاً للقواعد العامة .

ثالثاً - ويستطيع ، بدلاً من المطالبة بالتنفيذ العيني أو المطالبة بالفسخ ، أن يقبل المبيع غير المطابق للعينة ويطلب إنقاص الثمن إذا كانت قيمة المبيع أقل من قيمة الشيء المطابق للعينة ( [417] ) .

 $ 239 $

127 - إثبات العينة : وقد يحتاج أحد المتبايعين إلى إثبات العينة إذا نازع فيها المتبايع الآخر ، وتعرض مسألة الإثبات في فرضين :

( الفرض الأول ) أن يكون المطلوب إثباته هو ذاتية العينة ، فهي في يد المشتري أو في يد البائع ، والطرف الآخر ينكر أنها هي ذاتها العينة المتفق عليها . وفي هذه الحالة يجب تطبيق القواعد العامة ، وهذه تقضي أن من كانت في يده العينة يكون هو المدعى عليه والآخر هو المدعى . فعلى هذا الآخر يقع عبء إثبات أن الشيء الذي في يد الأول ليس هو ذات العينة المتفق عليها ( [418] ) ، وهذا ما لم تكن هناك علامة متفق عليها بين الطرفين وقد وضعت على العينة ، فوجود هذه العلامة يكفي لإثبات ذاتية العينة ( [419] ) .

( والفرض الثاني ) أن تكون العينة قد فقدها من كانت بيده أو تلفت أو هلكت ، ولو دون خطأ من أحد . فإن كان ذلك وهي في يد المشتري ، كما هو الغالب ، وادعى هذا أن المبيع غير مطابق للعينة ، فعليه هو أن يثبت ذلك فإن البائع لا يد له في ضياع العينة ، فهو على دعواه من أن المبيع مطابق لها ، حتى يثبت المشتري العكس ، وإن كانت العينة في يد البائع ، وادعى المشتري أن المبيع غير مطابق لها ، فعلى البائع أن يثبت المطابقة . ويكون الإثبات من الطرفين بجميع الطرق ، بما في ذلك البينة والقرائن ( [420] ) .

 $ 240 $

3 - بيع التركة

( vente d'heredite )

128 - النصوص القانونية : تنص المادة 473 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " من باع تركة دون أن يفصل مشملاتها لا يضمن إلا ثبوت وراثته ، ما لم يتفق على غير ذلك " .

وتنص المادة 474 على ما يأتي :

 " إذا بيعت تركة ، فلا يسري البيع في حق الغير إلا إذا استوفى المشتري الإجراءات الواجبة لنقل كل حق اشتملت عليه التركة . فإذا نص القانون على إجراءات لنقل الحق فيما بين المتعاقدين ، وجب أيضاً أن تستوفى هذه الإجراءات " .

وتنص المادة 475 على ما يأتي :

 " إذا كان البائع قد استوفى بعض ما للتركة من الديون ، أو باع شيئاً مما اشتملت عليه ، وجب أن يرد للمشتري ما استولى عليه ، ما لم يكن عند البيع قد اشترط صراحة عدم الرد " .

وتنص المادة 476 على ما يأتي :

 " يرد المشتري للبائع ما وفاه هذا من ديون التركة ، ويحسب للبائع كل ما يكون دائناً به للتركة ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك " ( [421] ) .

 $ 241 $

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 350  /  438 ( [422] ) .

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المواد 441 – 444 – وفي التقنين المدني الليبي المواد 462 - 465 - ولا مقابل لها في التقنين المدني العراقي ولا في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [423] ) .

 $ 242 $

129 - صور مختلفة لبيع التركة : ليس المقصود من بيع التركة أن يبيع شخص مجرد حق احتمالي في التركة ، بل يجب في القليل أن يبيع حصة في التركة موجودة ولا يستطيع ذلك إلا إذا ضمن للمشتري أنه وارث . فإذا ضمن صفته هذه ، فهو يبيع حصة في مجموع المال ، بعد أن تستنزل منه ديون التركة فإن الوارث لا تنتقل إليه هذه الديون . وفي الوقت ذاته يبيع تركة مفتوحة لا تركة مستقبلة ، فقد رأينا أن التعامل في التركات المستقبلة باطل . ومن ثم وجب أن نستبعد من بحثنا هذا صوراً ثلاثاً : ( 1 ) بيع حق احتمالي في تركة دون ضمان صفة الوارث . ( 2 ) بيع تركة مستقبلة . ( 3 ) بيع عين بالذات من أعيان التركة ، فهذا غير بيع التركة التي هي مجموع من المال لا أعيان معينة بالذات ولو استغرقت كل التركة ( [424] ) ، وسنبحث في مكان آخر بيع الوارث لعين من أعيان التركة قبل سداد الديون .

ويبقى بعد ذلك أن نبحث الصورتين الآتيتين : ( 1 ) بيع الوارث حصة في التركة لأجنبي غير وارث . ( 2 ) بيع الوارث حصته في التركة لوارث آخر ، وهذا هو التخارج ( [425] ) .

1 - بيع الوارث حصته في التركة لأجنبي غير وارث

أولاً – حكم هذا البيع فيما بين الطرفين :

130 - التزامات من الجانبين : ينعقد هذا البيع بالتراضي كسائر البيوع فإذا ما انعقد صحيحاً ، رتب التزامات في ذمة الوارث البائع ، والتزامات مقابلة في ذمة المشتري الأجنبي . وهي بوجه عام الالتزامات التي تترتب في كل بيع .

 $ 243 $

فالتزامات الوارث البائع هي نقل ملكية حصته في التركة إلى المشتري ، وتسليمها إياه ، وضمان ثبوت وراثته . والتزامات المشتري هي دفع الثمن ، ورد ما عسى أن يكون الوارث البائع قد وفاه من ديون التركة ، وحساب ما عسى أن يكون هذا الوارث البائع دائناً به للتركة .

131 – نقل ملكية الحصة المبيعة للمشتري : يلتزم البائع بنقل ملكية حصته في التركة – أو جزء منها – للمشتري . والمنقول ملكيته هنا هو مجموع من المال ( universalite ) ، لا مال معين بالذات ( [426] ) . ومن ثم تنتقل الملكية بمجرد البيع ، ويحل المشتري محل الوارث في حصته ( [427] ) ، ولا حاجة في ذلك للتسجيل حتى لو اشتملت الحصة المبيعة على عقار . ولكن لا تنتقل ملكية عقار بالذات إلى المشتري ، حتى فيما بين الطرفين ، إلا بالتسجيل ( [428] ) . وإلى هذا تشير $ 244 $ العبارة الأخيرة من المادة 474 مدني عندما تقول : " فإذا نص القانون على إجراءات لنقل الحق فيما بين المتعاقدين ، وجب أيضاً أن تستوفي هذه الإجراءات " . أما المنقولات بذواتها فتنتقل ملكيتها إلى المشتري بمجرد البيع ، فيصبح المشتري مالكاً في الشيوع مع بقية الورثة للمنقولات الموجودة في التركة بمقدار حصة الوارث البائع ، ولا حاجة في ذلك إلى التسليم . وإذا كان في التركة حقوق شخصية في ذمة مدينيها ، فهذه الحقوق تنتقل أيضاً إلى المشتري يملكها شائعة مع بقية الورثة بمقدار حصة الوارث البائع . ولا حاجة هنا أيضاً إلى إعلان مديني التركة أو قبولهم ، فإن الحوالة تنقل الحق إلى المحال له دون حاجة إلى إعلان المدين أو قبوله . وسنرى أن هذا الإعلان أو القبول لازم لصيرورة الحوالة نافذة في حق مديني التركة وفي حق الغير ( [429] ) .

أما إذا كان على التركة ديون ، فهذه لا تنتقل إلى المشتري كما تنتقل الديون في حوالة الدين . وذلك أن القاعدة المعروفة ، وهي ألا تركة إلا بعد سداد الدين ، تمنع من انتقال الديون إلى الوارث . فالمشتري ، عندما اشترى حصة الوارث ، اشتراها خالصة من الديون التي على التركة ، وقبل أن يأخذ شيئاً من التركة يجب وفاء هذه الديون منها . فإذا وفيت الديون جميعاً خلص للمشتري حصة الوارث التي اشتراها ، دون أن ينتقل إليه شيء من هذه الديون ( [430] ) .

132 – تسليم الوارث البائع مشتملات حصته للمشتري : ويلتزم الوارث البائع بأن يسلم ما اشتملت عليه حصته في التركة من عقارات ومنقولات وحقوق شخصية وغير ذلك إلى المشتري . ويدخل في ذلك جميع الثمرات الريع $ 245 $ والمنتجات التي نشأت عن هذه الأموال من وقت افتتاح التركة إلى وقت التسليم سواء كان البائع قد قبضها أو لم يقبضها ، فإن كان قد قبضها وجب عليه ردها للمشتري . ويدخل أيضاً – ما لم يوجد اتفاق صريح مخالف – ما عسى أن يكون الوارث قد استوفاه من الديون التي للتركة ( [431] ) ، وثمن ما عسى أن يكون قد باعه من مشتملات التركة للغير قبل أن يبيع حصته ( [432] ) ، وما عسى أن يكون قد استهلكه من هذه المشتملات لاستعماله الشخصي ( [433] ) . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 475 مدني ، فهي تقول كما رأينا : " إذا كان البائع قد استوفى بعض ما للتركة من الديون أو باع شيئاً مما اشتملت عليه ، وجب أن يرد للمشتري ما استولى عليهن ما لم يكن عند البيع قد اشترط صراحة عدم الرد " . أما إذا كان قبل بيع حصته قد تبرع بشيء من مشتملاتها ، فالأصل أن يرد قيمتها للمشتري ( [434] ) ما لم يتفق معه على ألا يرد شيئاً .

ويلتزم الوارث أن يسلم المشتري حصته في الحالة التي تكون عليها وقت بيع الحصة ، لا وقت موت المورث أي وقت افتتاح التركة . وإذا كانت قيمة هذه المشتملات قد زادت بسبب تحسينات أنفق عليها الوارث ، كترميمات وإصلاحات وتعمير ونحو ذلك ، فهذه كلها تكون للمشتري ، إذ هي قد دخلت $ 246 $ في الحساب عن تقدير الثمن . وقد يكون الوارث قد حصل بعد موت المورث على تأمين لدين للتركة كرهن أو كفالة ، فهذا التأمين يكون للمشتري ، فقد اعتد به عند حساب الثمن ( [435] ) . كذلك إذا كانت مشتملات الحصة المبيعة قد أصابها تلف أو هلك بعضها ، فهذا كله يتحمله المشتري ، لأن هذا الهلاك أو التلف لا بد أن يكون قد حسب حسابه عندما حدد الثمن . ويستوي أن يكون التلف أو الهلاك قد حدث بسبب أجني أو بخطأ من الوارث ، ففي الحالتين قد دخل في الحساب ( [436] ) .

وإذا كان حق من حقوق التركة قد انقضى باتحاد الذمة بسبب الميراثن فإن هذا الحق ، بعد أن باع الوارث حصته ، يعود إلى الوجود وينتقل إلى المشتري سواء كان الحق شخصياً أو عينياً . مثل الحق الشخصي أن يكون الوارث مديناً للمورث ثم يرثه فينقضي الدين باتحاد الذمة ، ثم يبيع حصته ، فيعود الدين في ذمته للمشتري ( [437] ) . وكن الكفالة الشخصية أو العينية التي انقضت باتحاد الذمة لا تعود ، حتى لا يضار الكفيل وهو من الغير . وهذا بخلاف الرهن الذي يكون الوارث المدين نفسه قد قدمه ، فإنه يعود مع الدين ، مع الاحتفاظ بحقوق الغير التي ترتبت لهم على العين المرهونة . و مثل الحق العيني أن يكون على عقار للوارث حق إرتفاق لمصلحة عقار مملوك للمورث ، فينقضي حق الارتفاق هذا باتحاد الذمة عند الميراث ، فإذا باع الوارث حصته عاد حق الارتفاق إلى الوجود لمصلحة العقار المرتفق الذي انتقل إلى المشتري . وهذا ما لم يكن الوارث قد $ 247 $ باع عقاره المرتفق به غير مثقل بحق الارتفاق قبل بيع الحصة ، ففي هذه الحالة لا يعود حق الارتفاق حتى لا يضار المشتري لهذا العقار ، ويغلب أن يكون هذا قد دخل في حساب ثمن الحصة ( [438] ) .

ولا يدخل في مشتملات التركة ما ليست له قيمة مالية مقصودة ، إذ المفروض أن المشتري إنما اشترى القيمة المالية لحصة الوارث . فلا يدخل ما يصيب الوارث من أوراق المورث الشخصية وأوسمته وبراءات الرتب والأوراق المثبتة للنسب والشهادات المدرسية والصور العائلية وما إلى ذلك ، هذا ما لم يكن لهذه الأشياء قيمة مادية أدخلها المشتري في حسابه باتفاق خاص مع الوارث ( [439] ) . كما لا يوجد ما يمنع من أن يتفق الوارث مع المشتري على استثناء بعض مشتملات التركة من البيع وإن كان لهذه المشتملات المستثناة قيمة مالية ، فيستبقى الوارث مثلاً بعض منقولات التركة أو داراً كان يسكن فيها وما إلى ذلك . ولابد أن يكون الاتفاق على هذا الاستثناء اتفاقاً صريحاً ، ويفسر تفسيراً ضيقاً ، فلا يتناول إلا الأشياء التي ذكرت دون توسع .

 $ 248 $

133 - الضمان : رأينا أن المادة 473 مدني تنص على أن " من باع تركة دن أن يفصل مشتملاتها لا يضمن إلا ثبوت وراثته ، ما لم يتفق على غير ذلك " . فالوارث عندما يبيع حصته في التركة لايبيع أموالاً معينة بالذات ، وكنه يبيع حصته في مجموع من المال أياً كانت قيمة هذا المجموع . وهذا هو الذي يميز بيع التركة عن غيره من البيوع . فالوارث إذن لا يضمن للمشتري أن يدخل في حصته أي مال معين ، أو أن تكون لهذه الحصة قيمة معينة . فإذا كان المشتري قد حسب وقت شرائه للحصة أن مالاً معيناً سيدخل في هذه الحصة ولم يدخل ، إما لأنه دخل في حصة غير بائعة من الورثة وإما لأنه لم يدخل في التركة أصلاً إذ استرده المستحق له ، فإنه لا يرجع على الوارث بضمان الاستحقاق . وإذا دخلت العين في الحصة المبيعة ، وتبين أن بها عيباً خفياً ، لم يضمن الوارث للمشتري هذا العيب . وإذا تبين أن قيمة الحصة أقل مما قدره المشتري ، بل إذا تبين أن التركة مستغرقة بالديون فليست لحصة الوارث أية قيمة ، أو أن حصة الوارث هي الربع لا الثلث ما لم يكن هناك غلط جوهري في قيمة البيع ، لم يرجع المشتري بالضمان على الوارث ، لأن البيع هنا عقد احتمالي كما قدمنا ، وقد أقدم المشتري عليه بعد البحث والتمحيص ، فهو الذي يجني الكسب ويحمل الخسارة ( [440] ) .

فلا يضمن الوارث إذن للمشتري إلا شيئاً واحداً ، هو أنه وارث ، أي ثبوت وراثته في التركة ( [441] ) . فيضمن أولاً أن التركة قد فتحت فعلاً ، لأنه إذا تبين أن الوارث قد باع تركة مستقبلة فالبيع باطل كما قدمنا . ويضمن بعد ذلك أنه يرث في هذه التركة ، فإذا تبين أنه ليسم ، الورثة فإنه يكون قد باع ما لا يملك ، ويكون البيع قابلاً للإبطال وفقاً للقواعد المقررة في بيع ملك الغير ، ويجوز للمشتري قبل أن يسترد الوارث الحقيقي أن يبادر إلى المطالبة بإبطال البيع واسترداد الثمن الذي دفعه مع التعويض إن كان وقت أن اشترى الحصة يجهل أن البائع ليس بوارث . ويضمن الوارث البائع أخيراً أي عمل من أعماله الشخصية $ 249 $ التي تتعارض مع كونه وارثاً باع حصته ، كأن يبيع هذه الحصة مرة أخرى ، أن أن يبيع شيئاً من مشتملاتها ، أو أن يستوفى ديناً لها .

على أنه يجوز الاتفاق على تشديد هذا الضمان ، فيشترط المشتري على الوارث أن يضمن له قيمة معينة للحصة إذا نزلت دفع الوارث الفرق للمشتري ( [442] ) ، أو أن يضمن له دخول مال معين بالذات في الحصة المبيعة . وقد يكون هذا الاتفاق ضمنياًن كا ، يفصل المشتري مشتملات الحصة التي يشتريها ، فيذكر أنها تشتمل على كذا وكذا من العقارات والمنقولات والحقوقو الأموال الأخرى . فكل ما ذكر يكون الوارث ضامناً لدخوله في الحصة المبيعة ، وإذا لم يدخل لأي سبب رجع المشتري على الوارث بضمان الاستحقاق ( [443] ) . بل قد يرجع أيضاً بضمان العيب ؛ إذا اشترط ذلك صراحة أو ضمناً .

ويجوز الاتفاق على تخفيف الضمان فيشترط الوارث على المشتري مثلاً أنه لا يضمن وجود ورثة آخرين معه ، أياً كان عددهم ومهما بلغ مقدار حصصهم . بل يجوز الاتفاق على عدم ضمان الوارث لثبوت وراثته أصلاً ، فيكون ما يبيعه الوارث في هذه الحالة هو مجرد احتمال أن يكون وارثاً . ويظهر ذلك بوجه خاص في تحديد الثمن ، فإن العقد في هذه الحالة يصبح عقداً احتمالياً محضاً ، ويكون الثمن مخفضاً تخفيضاً يواجه هذا الاحتمال ( [444] ) .

 $ 250 $

134 - التزامات المشتري : يلتزم المشتري أن يدفع للوارث الثمن المتفق عليه والمصروفات والفوائد ، شأنه في ذلك شأن كل مشتر آخر ( [445] ) . ويلتزم فوق ذلك أن يرد للوارث ما عسى أن يكون هذا قد دفعه من تكاليف التركة . فما دفعه الوارث في تجهيز الميت – المورث – وفي ضريبة التركات التي تقع على حصته المبيعة وما إلى ذلك من تكاليف يسترده من المشتري ، لأن هذه هي العناصر السلبية لمجموع المال الذي اشتراه المشتري من الوارث .

أما ديون التركة فهذه لا يلتزم بها المشتري ، لأن الوارث نفسه لا يلتزم بها ، وذلك وفقاً للمبدأ المقرر في الشريعة الإسلامية وهو يقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين ( [446] ) . فالتركة هي التي تقوم بسداد ديونها أولاً ، وما بقى بعد ذلك فهو ميراث ، والوارث إنما باع حصته في هذا الميراث بعد استنزال الديون . ولكن يجوز أن يكون الوارث قد دفع من ماله حصته في دين على التركة ، فيرجع بما دفعه على المشتري ، لأن هذا قد استفاد بما دفعه الوارث ، إذ خلصت له الحصة دون أن يستنزل منها هذا الدين . كذلك قد يكون الوارث دفع ما يصيب حصته في وصية تركها المورث ، فهنا أيضاً ولنفس السبب يرجع الوارث على المشتري بما دفع . وهناك رسم يدفع على انتقال التركة للوارث ، وهو رسم على انتقال الملكية من المورث إلى الوارث ويسمى رسم الأيلولة . فهذا يدفعه الوارث في مقابل انتقال حصته في التركة إليه ، ولا يرجع به على المشتري ، لأنه هو $ 251 $ الذي استفاد منه فقد انتقلت إليه ملكية الحصة واستطاع بذلك أن يبيعها ( [447] ) . أما المشتري فيدفع رسم البيع الذي انتقلت بموجبه ملكية الحصة إليه من الوارث ، وهذا الرسم يدخل في مصروفات البيع التي يلتزم بها المشتري ( [448] ) .

وقد يكون للوارث دين في ذمة المورث ، فهذا الدين تلتزم به التركة ولا ينقضي باتحاد الذمة لأن ديون المورث لا تنتقل إلى ذمة الوارث . فيكون للوارث أن يطالب التركة بماله من الدين ، ويتحمل المشتري نصيب الحصة المبيعة في هذا الدين ، أي أنه يحسب للبائع كل ما يكون دائناً به للتركة ويتحمل المشتري نصيبه في ذلك باعتباره مالكاً للحصة المبيعة . وإلى هذا كله تشير المادة 476 مدني ، كما رأينا ، إذ تقول : " يرد المشتري للبائع ما وفاه هذا من ديون التركة ، ويحسب للبائع كل ما يكون دائناً به للتركة ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك " .

فيجوز إذن الاتفاق على تشديد هذه الالتزامات أو على تخفيفها . يجوز مثلاً الاتفاق على أن يدفع المشتري رسم الأيلولة ، فهذا تشديد في التزامات المشتري . كما يجوز الاتفاق على ألا يرد المشتري للبائع ما وفاه هذا من ديون التركة أو الوصايا ، أو على ألا يحسب للوارث البائع ما كان دائناً به للتركة ، وهذا تخفيف في التزامات المشتري .

 $ 252 $

ثانياً : حكم هذا البيع بالنسبة إلى الغير :

135 - الغير هنا طوائف ثلاث : يمكن تمييز طوائف ثلاث من الغير في بيع التركة . الطائفة الأولى هم الورثة الآخرون غير الوارث البائع . والطائفة الثانية هم دائنو التركة ومدينوها . والطائفة الثالثة هم الخلف الخاص للوارث البائع أي كل شخص تلقى من الوارث البائع حقاً على عين أو دين من مشتملات الحصة المبيعة . ولما كان الحكم يختلف بالنسبة إلى كل طائفة من هؤلاء ، فنستعرضهم متعاقبين طائفة بعد الأخرى .

136 - الورثة الآخرون : هؤلاء ليس طرفاً في البيع الذي تم بين الوارث البائع والمشتري ، فلا يكسبون من هذا البيع حقاً ولا يترتب في ذمتهم التزام . ولكن البيع الذي تم جعل المشتري شريكاً لهم في الشيوع في جميع مشتملات التركة ، من عقارات ومنقولات وديون ، بمقدار حصة الوارث البائع وقد حل المشتري محله بموجب البيع . فمن حقهم الاعتداد بهذا البيع ولو لم يعلن لهم ، ويتقاسمون التركة مع المشتري باعتباره شريكاً لهم ، وتكون هذه القسمة نافذة في حق الوارث البائع فقد خرج بالبيع عن أن يكون هو الشريك .

ومن حق الورثة ، قبل صدور البيع من الوارث ، أن يتقاسموا مع هذا الوارث ، فتفرز حصته . ويقع البيع عليها مفرزة لا شائعة ، وتكون هذه القسمة نافذة في حق المشتري من الوارث كخلف خاص ينصرف إليه أثر العقد الصادر من سلفه متعلقاً بالشيء المبيع . أما بعد البيع ، فإذا كان الورثة الآخرون لم يخطروا به ، كان من حقهم أن يتقاسموا مع الوارث البائع ، لأن المفروض أنهم لا يعلمون بالبيع ( [449] ) . فإذا بدأت إجراءات القسمة ، واستطاع المشتري أن يخطرهم ( [450] ) $ 253 $ بالبيع قبل أن تتم ، كان للمشتري أن يتدخل في القسمة ( [451] ) ، بل له أن يطلب إخراج الوارث من الإجراءات وأن يحل محلها فيها فيكون هو المتقاسم مع سائر الورثة . وإذا كان الورثة قد أخطروا بالبيع قبل إجراءات القسمة فليس لهم أن يتقاسموا مع الوارث البائع فقد باع حصته للمشتري ، ويكون التقاسم معه غير نفاذ في حق المشتري . ولا يجوز للورثة أن يتقاسموا إلا مع المشتري ، فهو الذي أصبح شريكاً لهم في الشيوع مكان الوارث البائع وقد أحيطوا علماً بذلك عن طريق الإخطار ( [452] ) .

137 - دائنو التركة ومدينوها : أما دائنوا التركة فيبقون ، بالرغم من بيع الوارث لحصته ، دائنين للتركة ذاتها ، لا للوارث ولا للمشتري منه كما سبق القول ، إذ لا تركة إلا بعد سداد الديون ، فيستوفون ديونهم من أموال التركة ( [453] ) مقدمين على الورثة وعلى غيرهم من موصي لهم أو ممن يتلقى حقاً من $ 254 $ الورثة كالمشتري من الوارث البائع . وإذا تسلم المشتري مشتملات الحصة المبيعة ، فإن ما تسلمه يبقى مسئولاً عن ديون التركة ، ولدائنيها أن يتتبعوا هذا المال في يد المشتري وينفذوا بحقوقهم عليه ، على النحو الذي سنبينه عند الكلام في تصرف الوارث في أموال التركة المدينة قبل سداد الدين ( [454] ) .

أما مدينو التركة فهؤلاء يكونون بالبيع مدينين للمشتري من الوارث لأن الوارث تنتقل إليه حقوق التركة بخلاف ديونها ، فيحول بالبيع هذه الحقوق للمشتري منه ، وتسري القواعد العامة المتعلقة بحوالة الحق . ومن أهم هذه القواعد أن الحوالة لا تكون نافذة في حق مديني التركة إلا إذا قبلوها أو أعلنوا بها ( م 474 مدني ) ( [455] ) . فإذا لم يقبلوا الحوالة ولم يعلنوا بها ، ووفوا الوارث البائع حصته من الديون التي في ذمتهم للتركة ، كان هذا الوفاء نفاذاً في حق المشتري . ولا يبقى للمشتري إلا الرجوع بالضمان على الوارث البائع ، فقد قدمنا أنه ضامن لأعماله الشخصية ، واستيفاؤه لديون التركة بعد بيع حصته يعتبر عملاً شخصياً من جانبه يستوجب الضمان .

138 - الخلف الخاص للوارث البائع : يمكن أن نتصور أن الوارث قد باع – بعد البيع الصادر أو قبل هذا البيع – لشخص آخر شيئاً من مشتملاته حصته ، عقاراً أو منقولاً أو ديناً للتركة . فيكون هذا الخلف الخاص للوارث معتبراً من الغير في البيع الصادر قبل ذلك أو بعد ذلك للمشتري لحصة الوارث . ويجوز أيضاً ، بدلاً من أن يبيع الوارث من مشتملات حصته عيناً بالذات ، أن يبيع نفس الحصة كمجموع من المال لمشتر آخر ، فيكون هذا المشتري الآخر من الغير أيضاً .

فهؤلاء الأغيار – مشتري العقار المعين أو المنقول المعين أو الدين الذي للتركة أو حصة الوارث في مجموعها – لا يسري في حقهم البيع الصادر من الوارث للمشتري ، إلا إذا استوفى المشتري الإجراءات الواجبة لنقل كل حق اشتملت $ 255 $ عليه التركة . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 474 مدني كما رأينا ، إذ تقول ، " إذا بيعت تركة ، فلا يسري البيع في حق الغير إلا إذا استوفى المشتري الإجراءات الواجبة لنقل كل حق اشتملت عليه التركة ( [456] ) " . وقد حسم هذا النص خلافاً لا يزال قائماً في الفقه الفرنسي في هذه المسألة وأخذ بالرأي الراجح في هذا الفقه ( [457] ) ، وكان هذا أيضاً الرأي الراجح في عهد التقنين المدني السابق ولم يكن هذا التقنين يشتمل على نص مماثل للمادة 474 مدني ( [458] ) .

فإذا كان الغير مشترياً لعقار بالذات من مشتملات الحصة المبيعة ، فسواء اشتراه قبل بيع الحصة أو بعدها ، فإن المشتري لا يقدم عليه إلا إذا سجل البيع في خصوص هذا العقار قبل أن يسجل مشتري العقار البيع الصادر إليه ، وأيهما سبق الآخر في التسجيل كان هو المقدم ( [459] ) . ذلك أن المشتري لحصة $ 256 $ الوارث كما يعتبر مشترياً لهذه الحصة في مجموعها ، يعتبر كذلك مشترياً لكل عقار بالذات ولكل منقول بالذات ولكل دين بالذات تشتمل عليه هذه الحصة ، فوجب استيفاء الإجراءات الواجبة لنقل كل حق من هذه الحقوق .

وكذلك الحكم في المنقول ، تنتقل ملكيته بمجرد البيع ، فإذا كان بيع الحصة سابقاً على بيع منقول بالذات انتقلت ملكية المنقول إلى مشتري الحصة دون مشتري المنقول ، وإذا كان العكس انتقلت الملكية إلى مشتري المنقول دون مشتري الحصة . على أياً منهم يتسلم المنقول بحسن نية قبل الآخر تنتقل إليه الملكية بموجب الحيازة ، فيفضل على صاحبه .

وكذلك الحكم في دين للتركة ، لا تنتقل ملكيته لمشتري الحصة بالنسبة إلى مشتر لهذا الدين بالذات إلا إذا قبل مدين التركة بيع الحصة أو أعلن به قبل أن يقبل شراء الدين أو قبل أن يعلن به ، وذلك وفقاً للقواعد المقررة في حوالة الحق . ويقدم مشتري الدين على مشتري الحصة ، إذا تمكن مشتري الدين من الحصول على قبول المدين قبولاً ثابت التاريخ أو أعلنه بالحوالة قبل قبول ثابت التاريخ لبيع الحصة أو إعلان لهذا البيع ( [460] ) .

وكذلك الحكم أخيراً في حالة ما إذا باع الوارث حصته كمجموع لشخصين على التعاقب ، فأي المشترين لحصة الوارث سبق الآخر في التسجيل بالنسبة للعقارات ، أو الحيازة بالنسبة إلى المنقولات ، أو إعلان الحوالة أو التاريخ الثابت لقبولها بالنسبة إلى الديون ، كان هو المقدم . وقد يتقدم في العقارات ويتأخر في المنقولات أو في الديون ، كما يجوز أن يتقدم في بعض العقارات دون بعض أو في بعض المنقولات أو الديون دون بعض ، حسبما يتفق أن يسبق إليه في الإجراءات الواجبة بالنسبة إلى كل حق .

 $ 257 $

ب - بيع الوارث حصته في التركة لوارث آخر

( التخارج )

139 – التمييز بين حالتين : إذا باع الوارث حصته في التركة لوارث آخر ، كان هذا هو التخارج المعروف في الفقه الإسلامي ( [461] ) . ويجب أن نميز بين حالتين : حالة ما إذا اشترى الوارث الآخر أو الورثة الآخرون حصة الوارث البائع بثمن دفعوه من مالهم الخاص ، وحالة ما إذا اشتروا الحصة بمال دفعوه من أموال التركة ذاتها .

ففي الحالة الأولى يكون شأن الوارث المشتري أو الورثة المشترين شأن المشتري الأجنبي ، فيكون لهم حقوق المشتري الأجنبي والتزاماته ، ويسري البيع الصادر لهم في حق الغير وفقاً للأحكام التي سبق أن قررناها . فإن كان المشتري وارثاً واحداً ودفع الثمن من ماله الخاص ، استحق حصة الوارث البائع وحل محله في التركة . وإن كان المشتري كل الورثة أو ورثة متعددين ودفعوا الثمن من $ 258 $ ما لهم الخاص ، ولم ينص في عقد التخارج على طريقة قسمة حصة الخارج بين الورثة المتعددين ، قسمت هذه الحصة عليهم بالسوية بينهم . وتنص المادة 48 من قانون الميراث رقم 77 لسنة 1943 على هذا الحكم إذ تقول : " التخارج هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث على شيء معلوم . فإذا تخارج أحد الورثة مع آخر منهم استحق نصيبه وحل محله في التركة ، وإذا تخارج أحد الورثة مع باقيهم ، فإن كان المدفوع له من التركة قسم نصيبه بينهم بنسبة أنصبائهم فيها ، وإن كان المدفوع من مالهم ، ولم ينص في عقد التخارج على طريقة قسمة نصيب الخارج ، قسم عليهم بالسوية بينهم " .

أما في الحالة الثانية فإن التخارج يكون بمثابة القسمة أو الصلح لا البيع ، ذلك أن الورثة الآخرين دفعوا للوارث مالاً من أموال التركة ، وتخارجوا بهذا المال على حصة هذا الوارث . وبذلك اختص الوارث المتخارج بمال معين في التركة يقابل حصته ؛ واختص سائر الورثة بباقي التركة ، فيكون هذا الاتفاق صلحاً أو قسمة وأفرزت بها حصة الوارث المتخارج . ويغلب أن يكون المقصود بالتخارج الصلح ، إذ يقع نزاع على استحقاق أحد الورثة ، فيتفق باقي الورثة معه على أن يأخذ مالاً معيناً من التركة وينزل عن إدعائه في الميراث في باقي التركة ( [462] ) . فإذا لم يكن هناك نزاع على ميراث الوارث الخارج ، كان التخارج قسمة ( [463] ) . وهناك قواعد مشتركة في التخارج صلحاً كان أو قسمة ، كما $ 259 $ أن هناك فروقاً في الأحكام فيما إذا كان التخارج صلحاً أو قسمة ، فنستعرض الأمرين .

140 - أحكام مشتركة في التخارج : سواء كان التخارج صلحاً أو قسمة ، فهو كاشف عن الحق لا منشئ له ، لأن هذه هي طبيعة كل من الصلح والقسمة ، ويترتب على ذلك ما يأتي :

أولا – من حيث نقل الملكية : لا ينقل التخارج ملكية مال التركة إلى الوارث الخارج ، بل يتكشف الأمر عن أن الوارث الخارج يملك هذا المال مفرزاً منذ البداية عن طريق الميراث . ولما كان هذا الأثر الكاشف لا حاجة فيه إلى التسجيل فيما بين الطريفين ، فإن التخارج لا يسجل لإنتاج أثره فيما بين الورثة ، وإن كان التسجيل ضروريا لإنتاج أثره بالنسبة إلى الغير ( [464] ) . ويترتب على الأثر الكاشف أيضاً أن جميع الحقوق العينية التي يكون الوارث الخراج قد رتبها على الأموال الأخرى للتركة تسقط ، حتى لو كانت قد سجلت أو قيدت قبل إجراء التخارج . إذ يعتبر الوارث لم يملك شيئاً من هذه الأعيان منذ البداية ، فيكون تصرفه تصرفاً صادراً من غير مالك ، فلا ينفذ إلا بإجازة باقي الورثة ( [465] ) .

ثانياً - من حيث التزامات الطرفين : لا تكون التزامات المتبايعين ، بل هي التزامات المتصالحين أو المتقاسمين . فلا يلتزم الوارث بنقل ملكية الأعيان إلى الورثة ، إذا يعتبرون مالكين لها منذ البداية . ولا يلتزم الورثة بنقل ملكية $ 260 $ المال الذي أخذه الوارث الخارج من التركة ، إذ يعتبر مالكاً له هو أيضاً منذ البداية كما قدنا .

ثالثاً – بالنسبة إلى الغير : لا يعتبر باقي الورثة هنا من الغير ، إذ هم الذين تعاقدوا مع الوارث الخارج صلحاً أو قسمة ( [466] ) . أما دائنو التركة فيبقون دائنين لها ، ولهم أن يرجعوا بديونهم على الوارث الخارج بقدر ما أخذ من أموال التركة ، ولكن يكون للوارث الخارج في هذه الحالة الرجوع على بقية الورثة بما دفعه من ديون التركة ، لأنهم تصالحوا معه أو تقاسموا على أساس أن حصته الصافية من التركة بعد استنزال الديون هي ما أخذه من المال . أما مدينو التركة فيكونون مدينين لبقية الورثة ، كل بقدر حصته في الميراث ، ولا شيء من هذه الديون للوارث الخراج فهو قد أخذ نصيبه من التركة ولميدخل فيه شيء من هذه الديون ( [467] ) . وأما الخلف الخاص ، ممن ترتب لهم حق عيني على الأموال الأخرى للتركة من عقار أو منقول أو دين من جهة الوارث الخارج أو تصرف لهم الوارث الخارج في حصته كمجموع من المال ، فهؤلاء تسقط حقوقهم بموجب الأثر الكاشف على النحو الذي قدمناه ، حتى لو كانوا قد سجلوا أو قيدوا عقود التصرفات الصادرة إليهم قبل التخارج .

141 - الفرق بين التخارج كصلح والتخارج كقسمة : ويختلف حكم التخارج إذا كان صلحاً عن حكمه إذا كان قسمه من وجهين :

( الوجه الأول ) في الضمان : ففي الصلح لا يضمن الوارث الخارج حتى صفته كوارث ، إذ هو يدعي الوراثة وينازعه الورثة في ذلك ، ثم يتصالحون $ 261 $ على التخارج . فالتخارج هنا صلح لحسم النزاع ، فلا يجوز أن يتجدد النزاع بعد ذلك . أما في القسمة ، فالوارث الخارج يضمن صفته كوارث على النحو الذي بيناه في بيع التركة . ويضمن الوارث الخارج أعماله الشخصية ، سواء كان التخارج صلحاً أو قسمة .

( الوجه الثاني ) في الغبن : ففي الصلح لا يرجع الوارث الخارج بدعوى الغبن على الورثة بدعوى أن المقابل الذي أخذه من مال التركة قليل ، فإن التخارج صلح ولا يستحق الوارث الخارج إلا هذا المقابل قل أو كثر ( [468] ) . أما القسمة ، فيجوز نقضها إذا لحق أحد المتقاسمين غبن يزيد على الخمس ( [469] ) ، على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة التركة وقت القسمة . فإذا أخذ الخارج أو غيره من الورثة مالاً أقل من قيمة حصته بما يزيد على الخمس ، كان له نقض القسمة ، ولبقية الورثة منع نقض القسمة بإكمال الحصة الناقصة ، ويجب رفع عوى نقض القسمة في خلال السنة التالية لوقوع التخارج ( م 845 مدني ) .

الطلب الثالث

صلاحية المبيع للتعامل فيه

142 - متى يكون الشيء صالحاً للتعامل فيه : يكون الشيء صالحاً للتعامل فيه فيصح أن يكون محلاً للبيع ، إذا كانت طبيعته أو الغرض الذي خصص له لا يأبى ذلك ، وكان التعامل فيه مشروعاً أو غير ممنوع لا بنص في القانون ولا لمخالفته للنظام العام أو الآداب . وقد نصت المادة 81 مدني على أن

 $ 262 $

 " 1 - كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية . 2 - والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها ، وأما الخارجة بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلاً للحقوق المالية " . ونصت المادة 135 مدني على أنه " إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب ، كان العقد باطلاً " .

ويمكن أن نستخلص من هذه النصوص أن الشيء لا يكون صالحاً للتعامل فيه ، فلا يصح أن يكون محلاً للبيع ، إذا أبت طبيعته ذلك أو كان التعامل فيه غير مشروع .

1 - عدم الصلاحية للتعامل راجع إلى طبيعة الشيء

143 - التوسع في فهم معنى طبيعة الشيء : يجب أن نتوسع في فهم معنى " بيعة الشيء " . فقد يكون عدم الصلاحية للتعامل راجعاً إلى طبيعة الشيء المادية ، أو لأن الشيء متصل بالشخص بحكم طبيعته القانونية أو الاتفاقية ، أو بالنظر إلى الغرض الذي خصص له الشيء .

144 - عدم الصلاحية للتعامل راجع لطبيعة الشيء المادية : فالشيء لا يصلح للبيع إذا كان بحكم طبيعته المادية يستعصى على التعامل فيه . وقد قدمنا في الجزء الأول من الوسيط ( [470] ) أن الشيء لا يكون قابلاً للتعامل فيه بطبيعته إذا كان لا يصلح أني كون محلاً للتعاقد ، كالشمس والهواء والبحر . فإذا أصبح التعامل ممكناً في بعض النواحي جاز ، فأشعة الشمس يحصرها " الفوتوغرافي " ، والأهواء يستعمله الكيميائي ، والبحر يؤخذ من مائه ما يصح أن يكون محلاً للامتلاك . أما إذا كان الشيء يمكن التعامل فيه ولكن لا مالك له ، فهو مال مباح ، كالطير في الهواء والسمك في البحر ، ويملكه من يستولى عليه وعندئذ يستطيع أن يتعامل فيه .

145 - عدم الصلاحية للتعامل راجع لاتصال الشيء بالشخص : وقد لايصلح الشيء للبيع لأنه متصل بشخص صاحبه بحكم طبيعته القانونية اتصالاً لا يمكن معه الفكاك . مثل ذلك حق الاستعمال وحق السكنى ، فقد نصت المادة 997 مدني على أنه " لا يجوز النزول عن حق الاستعمال أو عن حق السكنى إلا بناء على شرط صريح أو مبرر قوي " .

وقد يكون اتصال الشيء بالشخص بحكم طبيعته الاتفاقية ، بأن يقع اتفاق يجعل الشيء متصلاً بشخص صاحبه لا يجوز له التصرف فيه . فإذا تلقى شخص هبة أو وصية ، واشترط الواهب أو الموصي ألا يتصرف الموهوب له أو الموصي له في الشيء ، فقد جعل الشرط الشيء متصلاً بالشخص بحيث لا يجوز له النزول عنه إلى شخص آخر . ويكون هذا الشرط صحيحاً إذا كان مبنياً على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة . فقد نصت المادة 823 مدني على أنه " 1 - إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضي بمنع التصرف في مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة . 2 - ويكون الباعث مشروعاً متى كان المارد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير . 3 - والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير " . ونصت المادة 824 مدني على أنه " إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحاً طبقاً لأحكام المادة السابقة ، فكل تصرف مخالف له يقع باطلاً " ( [471] ) .

146 - عدم الصلاحية للتعامل راجع للغرض الذي خصص لـ الشيء : وقد قدمنا في الجزء الأول من الوسيط ( [472] ) أن الشيء قد يكون غير قابل للتعامل فيه بالنظر إلى الغرض الذي خصص له . فالأملاك العامة لا يصح بيعها لأنها $ 264 $ مخصصة لمنفعة عامة ، فلا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم ( م 87  /  2 مدني ) . والمال الموقوف يقتضي الغرض الذي خصص له عدم جواز التصرف فيه . وعدم الصلاحية للتعامل هنا نسبي ، فالملك العام والمال الموقوف إذا كانا لا يصلحان للتصرف فيهما ، فهما يصلحان للإيجار . والمرجع في هذا إلى الغرض الذي خصص الشيء له ، فكل تعامل يتنافى مع هذا الغرض لا يجوز ، أما التعامل الذي لا يتنافى معه فهو جائز .

2 - عدم الصلاحية للتعامل راجع إلى عدم المشروعية

147 - المبدأ العام : قد يكون الشيء غير صالح للبيع لأن التعامل فيه غير مشروع . وقد قدمنا في الجزء الأول من الوسيط ( [473] ) أن عدم المشروعية يرجع إما إلى نص في القانون أو إلى مخالفة التعامل للنظام العام أو الآداب ، وأن نص القانون الذي يمنع من التعامل يكون مبنياً على اعتبارات ترجع هي أيضاً إلى النظام العام أو الآداب . ويكون الغرض من إيارد النص إما لتوضيح حكم غامض كما في تحريم التعامل في تركة مستقبلة ، وإما لتحديد حكم غير محدد كما في تحديد الربا الفاحش ، وغما لتحريم تقتضيه ظروف البلد الخصاة كما في تحريم بيع الوفاء وكما في الاتجار في الحشيش والمخدرات ، وهو على كل حال دليل على عناية المشرع بالأمر فآثر أن يورد له نصاً . فيمكن القول إذن إن البيع يكون غير مشروع إذا كان مخالفاً للنظام العام أو للآداب ، سواء ورد نص في القانون بتحريمه أو لم يرد ( م 135 مدني ) .

وقد عرفنا ما هو النظام العام وما هي الآداب ( [474] ) ، فلا نعود إلى ذلك .

148 - تطبيقات مختلفة : ونكتفي هنا بأن نشير إلى بعض أمثلة لبيوع تخالف النظام العام أو الآداب ، وقد سبق أن استعرضناها تفصيلاً ( [475] ) . فلا $ 265 $ يجوز لأحد النزول عن حريته الشخصية ، ولايجوز لناخب أن يبيع صوته لمرشح ، ولا يجوز لموظف عام أنيبيع وظيفته أو أن ينزل عنها لأحد ، ولا يجوز النزول عن الجنسية أو الاسم أو البنوة أو الأبوة أو الأ÷لية أو الولاية . ولايجوز بيع بيت يدار للعهارة أو القمار ، أو شراء مفروشات له . ولا يجوز بيع الرتب والأوسمة والعملة الزائفة . ولا يجوز بيع الإنسان على أنه رقيق .

 

وكثيراً ما تنص القوانين واللوائح على عدم جواز بيع أشياء معينة أو على تقييد بيعها لاعتبارات تتصل بالمصلحة العامة ، كالصحة والدفاع الوطني ، كما في بيع الحشيش والمخدرات والجواهر السامة والحيوانات الموبوءة والأسلحة ( [476] ) .

149 - بيع الشركة المستقبلة وبيع الحقوق المتنازع فيها لعمال القضا – إحالة : وقد عرضنا لمسألتين من هذه المسائل بالتفصيل ، إحداهما في الجزء الأول من الوسيط ( [477] ) وهي بيع التركة المستقبلة ، والأخرى في هذا الجزء الرابع ( [478] ) وهي بيع الحقوق المتنازع فيها إلى عمال القضاء . فنقتصر هنا على الإحالة إلى ما قدمناه في هذا الشأن .

150 - بيع العلماء : بقى أن نبحث صورة أخيرة من صور البيع غير المشروع في حاجة إلى شيء من البيان ، وهي صورة بيع العملاء ( Clientele ) . فللشخص في حرفته أو في تجارته أو في مهنته الحرة عملاء ألفوا التعامل معه ، فهل يجوز له أن ينزل عن هؤلاء العملاء لغيره من أصحاب حرفته أو تجارته أو مهنته ، فيكون هذا النزول إذا كان بمقابل بمثابة بيع للعملاء؟ .

 $ 266 $

لا يوجد نص تشريعي في هذه المسألة ، إلا النص الوارد في القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع الماحال التجارية ورهنها . فقد نصت المادة الأولى من هذا القانون على أنه " يجب أن يحدد في عقد البيع ثمن مقومات المحل التجاري غير المادية والمهمات والبضائع كل منها على حدة " . ومقومات المحل التجاري غير المادية – كما تقول المذكرة الإ]ضاحية لهذا القانون – هي عنوان المحل ( enseigne ) ، واسمه التجاري ( nom commercial ) ، والحق في إجارة المحل ( droite au bail ) ، والاتصال بالعملاء ( clientele ) ، والسمعة التجارية ( achalandage ) ، والرخص وبراءات الاختراع والعلامات التجارية ( propriete industrielle ) . ونرى من ذلك أن الاتصال بالعلماء يدخل في مقومات المحل التجاري ، ويكون أحد عناصره التي تدخل في البيع . ولكن يلاحظ أن صاحب المحل التجاري آل يبيع حق الاتصال بالعملاء على سبيل الاستقلال ، بل تبعاً للمحل التجاري ذاته . أ  /  ا بيع حق الاتصال بالعلماء على سبيل الاستقلال فلا يجوز ، وإن جاز أن يتعهد بائع المحل التجاري استقلالا ألا ينافس المشتري في هؤلاء العملاء وألا يفتح متجراً في مكان يكون من شأنه جذب هؤلاء العملاء إليه ، وذلك بالقدر الضروري لحماية المتجر المبيع .

وكذلك بيع عملاء الحرفة كعملاء النجار والحداد والخراط والمقاول ، وعملاء المهنة الحرة كعملاء الطبيب والمحامي والمهندس والمحاسب ، على سبيل الاستقلال ، لا يجوز . ولكن قياساً على بيع عملاء المتجر ، يجوز بيع عملاء الحرفة وعملاء المهنة الحرة تبعاً لبيع محل الحرفة ذاته أو المكان التي تباشر فيه المهنة الحرة . فيجوز للطبيب مثلاً أن يبيع عيادته بما فيها من أجهزة ومهمات وأدوات ، وبما تشتمل عليه من حق في إجارة المكان ، وبمن يتصل بها من العملاء . وللمحامي أو المهندس أن يبيع مكتبه على هذا النحو . بل إن مجرد بيع المتجر أو العيادة أو المكتب يفترض فيه أن حق الاتصال بالعملاء يدخل عنصراً في البيع .

وقد تردد القضاء الفرنسي في الأخذ بذلك ، وكان قبلاً يميز بين المتاجر والمهن الحرة ، على أساس أن عملاء المهن الحرة – كعملاء الطبيب والمحامي والمهندس – إنما يختارون من يعاملونه على مقتضى اعتبارات تقوم على الثقة $ 267 $ الشخصية ، فلا يجوز أن يشملهم بيع العيادة أو المكتب ( [479] ) . ولكن هذا القضاء استقر أخيراً على عدم التمييز بين المتاجر والمهنة الحرة ، فإن الثقة الشخصية تقوم في الحالتين ما بين العملاء وما يعاملونه . على أن الطبيب أو المحامي إذا أدخل العلماء محل اعتبار في بيع عيادته أو مكتبه ، فإنه لا يبيع هؤلاء العملاء ويتصرف فيهم كما يتصرف في السلع والمهمات . ولكنه يدخلهم في حساب قيمة العيادة أو المكتب ، فكثرتهم أو قلتهم والاحتمال في أن كثيراً أو قليلاً منهم يبقون عملاء للعيادة أ والمكتب بعد بيعه ، كل هاذ من شأنه أن يزيد أو ينقص من قيمة المبيع . والطبيب أو المحامي إنما يقدم في الواقع من الأمر خلفه لهؤلاء العملاء ويوصيهم بالتعامل معه ، ويتعهد من جانبه ألا ينافس هاذ الخف منافسة غير مشروعة بأن يمتنع عن فتح عيادة أو مكتب جديد يجذب إليه فيه هؤلاء العملاء . وليس في شيء من هذا – تقديم الخلف للعلماء والتعهد بعدم المنافسة – أمر غير مشروع ( [480] ) .

ويخلص مما قدمناه أن بيع العملاء على سبيل الاستقلال لا يجوز ( [481] ) ، والجائز أن يدخل حق الاتصال بالعملاء عنصراً تابعاً من عناصر المتجر أو العيادة أو المكتب عند بيعه ( [482] ) .

 $ 268 $

المطلب الرابع

ملكية البائع للشيء المبيع

151 - يجب أن يكون الشيء المبيع مملوكاً للبائع : لما كان البائع ينقل ملكية المبيع إلى المشتري ، فقد وجب أن يكون مالكاً له حتى ينقل ملكيته ، لأنه إذا لم يكن مالكاً لم يستطع نقل الملكية ، وفاقد الشيء لا يعطيه ( [483] ) .

ولا يمنع البائع من أن يكون مالكاً للشيء أن يكون قبل البيع قد أجره أو رهنه ، فبيع الشيء المؤجر والشيء المرهون جائز ، وإنما ينتقل الشيء إلى المشتري وينتقل معه حق المستأجر أو حق الدائن المرتهن .

أما إذا صدر البيع من غير المالك ، فهذا هو بيع ملك الغير ، وهو بيع قابل للإبطال ، وقد يكون البائع مالكاً ولكن يخالط ملكيته حق الشركاء وذلك في بيع المال الشائع ، أو حق الورثة وذلك في بيع المريض مرض الموت ، أو حق الدائنين وذلك في بيع الوارث لعين في التركة قبل سداد ديونها وفي بيع المحجور عليه والمعسر ، أو حق الدولة وذلك في بيع الأراضي الزراعية وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي .

فنبحث إذن : ( 1 ) بيع ملك الغير ( 2 ) بيع المال الشائع ( 3 ) بيع المريض مرض الموت . ( 4 ) بيع الوارث لعين التركة قبل سداد ديونها ( 5 ) بيع المحجوز عليه والمعسر ( 6 ) بيع الأراضي الزراعية في قانون الإصلاح الزراعي .

1 - بيع ملك الغير

( la vente de la chose d'autrui )

152 - النصوص القانونية : تنص المادة 466 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه ، جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع . ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار ، سجل العقد أو لم يسجل " .

 " 2 - وفي كل حال لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد " .

وتنص المادة 476 على ما يأتي :

 " 1 - إذا أقر المالك البيع ، سرى العقد في حقه ، وانقلب صحيحاً في حق المشتري " .

 " 2 - وكذلك ينقلب العقد صحيحاً في حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد " .

وتنص المادة 468 على ما يأتي :

 " إذا حكم للمشتري بإبطال البيع ، وكان يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع ، فله أن يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية " ( [484] ) .

 $ 270 $

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 264  /  333 و 265  /  334 و 335 مختلط ( [485] ) .

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المواد 434 – 436 – وفي التقنين المدني الليبي المواد 455 – 457 – وفي التقنين المدني العراقي المادتين 135 – 136 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 385 ( [486] ) .

 $ 271 $

153 - تحديد منطقة بيع ملك الغير : ويخلص من النصوص المتقدمة أن بيع شخص لشيء معين بالذات وهو لا يملكه – وهذا ما يسمى ببيع ملك $ 272 $ الغير - عقد قابل للإبطال لمصلحة المشتري . وقبل أن نؤصل هذا البطلان ونبين أحكام البيع على هذا الوجه ، نحدد أولاً المنطقة التي ينحصر فيها بيع ملك الغير .

154 - ما يخرج من منطقة بيع ملك الغير : فبيع ملك للغير لا بد أن يكون بيعاً لعين معينة بالذات ليست مملوكة للبائع . فيخرج إذن من منطقة بيع الغير العقود الآتية :

أولا - بيع الشيء غير المعين بالذات وبيع الشيء المستقبل : فإذا باع شخص مائة أردب من القمح ، وكذلك إذا باع شخص شيئاً لم يوجد بعد ولكنه سيوجد في المستقبل ، لم يكن هذا بيعاً لملك الغير ، ولو أن البائع وقت أن باع لم يكن مالكاً للمبيع . ذلك أن المبيع لميعين بذاته ، فلا يمكن أن يقال إن البائع مالك له أو غير مالك ، ولا يقال لك إلا عندما يتعين بالذات . أما في هذه المرحلة ، والمبيع لميتعين بالذات ، فإن البائع يقتصر على الالتزام بنقل ملكية المبيع وهو قابل للتعيين . وعلى البائع تعيينه إذا كان موجوداً ، أو إيجاده إذا كان لم يوجد ، ثم ينقل ملكيته للمشتري ( [487] ) .

ثانياً – تعهد الشخص عن مالك الشيء بأن المالك يبيع الشيء لشخص آخر : فهذا ليس بيع ملك الغير لأن المتعاقد لا يبيع ملك غيره ، وإنما هو تعهد عن المالك في أن يبيع ، فيكون تعهداً عن الغير ( [488] ) . وقد بسطنا أحكام هذا الضرب من التعاقد في الجزء الأول من الوسيط .

ثالثاً – بيع الشيء المعين بالذات غير المملوك للبائع إذا علق البائع البيع على شرط أن يملك المبيع ( [489] ) : فالبائع هنا لم يلتزم بنقل ملكية المبيع التزاماً باتاً ، بل $ 273 $ علق التزامه على شرط واقف هو أن يملك المبيع . وليس هذا بيع ملك الغير ، فالبائع والمشتري متفقان على أن البيع ليس ببات ، بل هو معلق على شرط . فإذا تحقق هذا الشرط ، وأصبح البائع مالكاً للمبيع ، انتقلت الملكية إلى المشتري وإذا لم يتحقق الشرط سقط البيع ( [490] ) .

رابعاً – بيع الشيء المعين بالذات المملوك للبائع تحت شرط : فهنا البائع لم يبع ملك غيره ، بل باع ملك نفسه وغن كان هذا الملك غير بات ، فهو إما ملك معلق على شرط واقف فيتوقف وجوده على تحقق الشرط ، وغما ملك معلق على شرط فاسخ فيزول إذا تحقق الشرط . وفي كلتا الحالتين ينتقل الملك بوصفه إلى المشتري ، فيكون هذا مالكاً للمبيع تحت شرط واقف أو تحت شرط فاسخ ، $ 274 $ فإذا تحقق الشرط الواقف أو لم يتحقق الشرط الفاسخ أصبحت ملكية المشتري باتة ( [491] ) . وتختلف هذه الصورة عن الصورة السابقة في أن البيع هنا بات وملكية المبيع هي المعلقة على شرط ، أما في الصورة السابقة فالبيع هو المعلق على شرط وملكية المبيع باتة .

خامساً – بيع الشيء الشائع : فهنا يبيع الشخص شيئاً يملكه على الشيوع مع شركاء آخرين ، فلا يظهر في البداية أنه يبيع ملك غيره . ولكن يتوقف الأمر على نتيجة القسمة ، فإن وقع هذا الشيء كله في حصة البائع اعتبر أنه قد باع ملكه ، وإن لميقع في حصته اعتبر بائعاً لملك الغي .

سادساً – بيع الوارث الظاهر ، وهذا إذا كان في حقيقته بيعاً لملك الغير لأن الوارث الظاهر لا يملك المبيع ، إلا أن هناك اعتبارات ترجع إلى الاستقرار الواجب للتعامل تجعل بيع الوارث الظاهر صحيحاً نافذاً في حق الوارث الحقيقي . ومن ثم يتملك المشتري المبيع ، فلا يعود في حاجة إلى الحماية التي أولاها القانون للمشتري في بيع ملك الغير ( [492] ) .

 $ 275 $

فيبقى بعد كل ذلك ، في منطقة بيع ملك الغير ، بيع الشخص لعين معينة بالذات غير مملوكة له إذا قصد بالبيع نقل الملكية في الحال ( [493] ) . ويستوي أن يكون البائع عالماً بأنه لا يملك المبيع أو يعتقد أنه يملكه ، كما يستوي أن يكون البيع مساومة أو بيعاً قضائياً ، ويستوي في البيع القضائي أن يكون بيعاً جبرياً أو بيعاً اختيارياً ( [494] ) .

وبيع ملك الغير ، على هذا التحديد ، يقع كثيراً في العمل . فالأب قد يبيع ملك ولده ، لا باعتباره نائباً عنه ، بل باعتباره أصيلاً عن نفسه . والزوج قد يبيع ملك زوجته ( [495] ) . والوارث قد يبيع عيناً ليست في التركة ، أو في التركة ولكنها لم تقع في حصته . والشريك في الشيوع قد يبيع كل العين الشائعة وهو لا يملك إلا حصته فيها . وواضع اليد على ملك غيره قد يبيع هذا الملك . وكثيراً ما يبيع الناس أموال الغائبين أو أموال الدولة الخاصة . فهذه كلها تعتبر بيوعاً لملك الغير ( [496] ) .

وبيع ملك الغير قابل للإبطال كما قدمنا . فنؤصل هذا البطلان ، ثم نبين أحكام البيع ذاته .

 $ 276 $

1 - تأصيل البطلان في بيع ملك الغير

155 - النظريات التقليدية : تقضي المادة 1599 من التقنين المدني الفرنسي بأن بيع ملك الغير باطل ، وبأن للمشتري الحق في التعويض إذا كان يجهل أن المبيع ليس مملوكاً للبائع . وقد تضاربت الآراء في الفقه الفرنسي في تأصيل بطلان بيع ملك الغير ، إذ أن النص المتقدم لا يخلو من الغموض .

فهناك رأي يذهب إلى أن هذا البيع إنما هو قابل للفسخ وليس باطلاً ، وترجع قابليته للفسخ إلى أن البائع لم يقم بالتزامه من نقل ملكية المبيع إلى المشتري ، فللمشتري أن يطلب فسخ البيع ( [497] ) . وعيب هذا الرأي واضح ، إذا هو يتعارض تعارضاً صريحاً مع نص التقنين الفرنسي ومع نص التقنين المصري أيضاً ، فالنص في التقنينين على البطلان والبطلان شيء غير الفسخ . هذا إلى أنه لو كان بيع ملك الغير جزاؤه الفسخ فحسب ، لكان للقاضي سلطة تقديرية في إجابة المشتري إليه ، ولما استطاع أن يقضي به لو تمكن البائع من نقل الملكية إلى المشتري بعد رفع الدعوى ( [498] ) .

وهناك رأي ثان يذهب إلى أن البيع باطل بطلاناً مطلقاً ( [499] ) ، إما لانعدام السبب إذ التزام المشتري لا يقابل شيء ما دام البائع لا يستطيع أن ينقل إليه الملكية ، وإما لاستحالة المحل استحالة مطلقة فالبائع وهو غير مالك لا يستطيع أن ينقل الملك $ 277 $ إلى المشتري . وعيب هذا الرأي أنه يتعارض هو أيضاً معارضة صريحة مع الآثار الكثيرة والتي ينتجها بيع ملك الغير وسنفصلها فيما يلي ، ولو كان هذا البيع باطلاً بطلاناً مطلقاً لما أنتج أثراً . هذا إلى أن البائع يستطيع أن يلتزم بنقل ملكية شيء غير مملوك له ثم يحصل على ملكيته فينفذ التزامه ، فالسبب إذن معدوم ، والمحل غير مستحيل استحالة مطلقة ، وإذا لم يقم البائع بتنفيذ التزامه ولم ينقل ملكية المبيع إلى المشتري فالجزاء إنما هو الفسخ لا البطلان المطلق ( [500] ) .

وهناك رأي ثالث يذهب إلى أن بيع ملك الغير باطل بطلاناً نسياً ، إما لغلط فيشخص البائع فقد توهم المشتري أنه مالك للمبيع ، وإما لغلط في المبيع فقد توهم المشتري أنه مملوك للبائع ( [501] ) . وعيب هذا الرأي واضح ، فهو يقتضي ألا يكون بيع ملك الغير قابلاً للإبطال إلا إذا كان المشتري حسن النية فيكون قد وقع في غلط في البائع أو في المبيع . وهذا يتعارض مع عموم النص في التقنين الفرنسي ، ومع صريح النص في التقنين المصري فإن المادة 468 من هذا التقنين تصرح بوجوب التعويض للمشتري إذا كان حسن النية فإذا كان سيء النية بقى البيع قابلاً للإبطال وإن كان المشتري لا يستحق التعويض ( [502] ) .

 $ 278 $

على أن الفقه الفرنسي الحديث أخذ يعدل عن هذه النظريات التقليدية ، ويذهب إلى أن دعوى بطلان بيع ملك الغير ليست إلا دعوى ضمان الاستحقاق يسبق المشتري إلى رفعها قبل أن ترفع عليه هو دعوى الاستحقاق من المالك الحقيق . فهو في دعوى ضمان الاستحقاق العادية يجب أن يتربص حتى يتعرض له المستحق ، وعند ذلك يرفع على البائع دعوى ضمان التعرض والاستحقاق . أما في بيع ملك الغير فقد أجاز المشرع للمشتري ألا ينتظر حتى يتعرض له المالك الحقيقي ، بل يبادر إلى رفع دعوى بطلان البيع ضد البائع ، فدعوى البطلان هذه ليست إلا دعوى ضمان استحقاق تعجل المشتري رفعها garantie d'evic - tion anticpee ( [503] ) . ولكن القول بأن دعوى البطلان هي دعوى ضمان استحقاق استبق إليها المشتري يقتضي أن تكون مدة التقادم ، لا عشر سنوات كما هو الأمر في القانون الفرنسي ، بل ثلاثين سنة وهذه هي مدة التقادم $ 279 $ في القانون الفرنسي في دعوى الضمان . فلا بد إذن أن يختلط ، في دعوى بطلان بيع ملك الغي ، معنى الضمان بمعنى البطلان ( [504] ) .

156 - رأي يستند إلى نظرية تحول العقد الباطل : والتقنين المدني المصري الجديد صريح في أنه يجوز للمشتري إبطال بيع ملك الغير ( م 466  /  1 ) ، وفي أنه إذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه وانقلب صحيحاً في حق المشتري ( م 467  /  1 ) ، وفي أن البيع ينقلب صحيحاً في حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد ( م 467  /  2 ) . فهذه كلها نصوص صريحة قاطعة في أن بيع ملك الغير قابل للإبطال ، وقد قنن المشرع المصري بهذه النصوص الرأي الذي ساد فعلاً في كل من الفقه المصري والفقه الفرنسي .

بقى أن نؤصل هذا البطلان . وهناك رأي ذهب إليه الأستاذ سليمان مرقس ( [505] ) في عهد التقنين المدني الجديد ، يقول بأن بيع ملك الغير باطل بطلاناً مطلقاً لاستحالة المحل استحالة مطلقة في الظروف الخارجية المحيطة بالبائع . ثم يكمل نظرية البطلان المطلق بنظرية تحول العقد الإبطال ( conversion ) المنصوص عليها في المادة 144 مدني . فيتحول بيع ملك الغير طبقاً لهذه النظرية من بيع ناقل للملكية فوراً إلى بيع منشئ لالتزامات فحسب ، متى ثبت أن نية الطرفين المحتملة كانت تنصرف إلى ذلك لو علماً أن العقد الأول لا يمكن انعقاده بسبب عدم ملكية البائع . وقد فرض المشرع فرضاً غير قابل لإثبات العكس أن البائع انصرفت نيته المحتملة إلى تحول عقد البيع على هذا النحو ، أما انصرف نية المشتري إلى ذلك فمفروض إلى أن يثبت العكس ، فإذا تمسك المشتري بإبطال البيع فقد ثبت العكس وأنه لم تنصرف نيته إلى التحول . ويختتم الأستاذ سليمان مرقس رأيه بالعبارة الآتية : " وعلى ذلك يمكن القول بأن المشرع قد جعل من تنظيم بعي ملك الغير في المواد 466 وما بعدها تطبيقاً تشريعياً لنظرية تحول العقد الباطل ، تجاوز فيها بعض الشيء عما تقتضيه نظرية التحول العامة من انصراف نية العاقدين المحتملة إلى التحول ، إذ فرض فيه انصراف نية البائع . $ 280 $ المحتملة إلى التحول فرضاً غير قابل لإثبات العكس ، دون أن يفرض مثل ذلك في نية المشتري " ( [506] ) .

ونأخذ على هذا الرأي أمرين :

أولاً – القول بأن بيع ملك الغير هو في أصله باطل بطلاناً مطلقاً يتعارض تعارضاً واضحاً مع صريح نصوص التقنين المدني المصري ، فقد بينا أن هذه النصوص قاطعة في أن يبع ملك الغير قابل للإبطال لا باطل بطلاناً مطلقاً ( [507] ) .

ثانياً - والقول بأن العقد الباطل قد تحول إلى عقد منشئ للالتزامات يتعارض مع نظرية التحول المعروفة . فهذه تقتضي أن تكون نية كل من المتعاقدين المحتملة تنصرف وقت العقد – لا بعد ذلك –إلى العقد الجديد بدلاً من العقد الباطل . ونية المشتري المحتملة تستعصى على هذا التأويل . فأما أن تكون هذه النية قد انصرفت احتمالاً إلى العقد الجديد منذ البداية ، فلا يجوز إثبات العكس ، وينبغي ألا يجوز تبعاً لذلك للمشتري أن يطلب إبطال البيع . وإما ألا تكون قد انصرفت إلى العقد الجديد ، فلا يكون هناك تحول ، وينبغي أن يبقى البيع باطلاً بطلاناً مطلقاً ، وهذا ما يتعارض مع النص الصريح .

157 - رأي آخر يذهب إلى أن بيع ملك الغير عقد موقوف : وهناك رأي آخر يذهب إلى أن بيع ملك الغير هو عقد موقوف على النحو المعروف في الفقه الإسلامي . قال بهذا الرأي الأستاذ شفيق شحاتة في كتابه " النظرية العامة للتأمين العيني ( [508] ) " إذ كتب ما يأتي : " وقد تضاربت آراء الشراح في طبيعة البطلان الذي يلحق ببيع ملك الغير . على أن الرأي الصحيح هو أن بيع ملك الغير هو بيع غير نافذ في حق المالك . وعدم نفاذ العقد الناقل $ 281 $ للملكية يجعله كذلك عديم الأثر فيما بين المتعاقدين . وليس ذلك معناه أن العقد باطل بطلاناً مطلقاً أو نسبياً ، فالعقد يعتبر في هذه الصورة عقداً موقوفاً . والعقد الموقوف يتوقف أثره على الإقرار الصادر من المالك ، فإذا أقره المالك أنتج أثره فيما ين المتعاقدين وبالنسبة إلى المالك ، وإذا لم يقره المالك فالعقد يظل معدوم الأثر كما كان ( [509] ) " .

ويؤخذ على هذا الرأي ما يأتي :

أولاً – لو كان بيع ملك الغير عقداً موقوفاً ، لما أنتج أي أثر قبل أن يجيزه المالك الحقيقي ، كما تقضي بذلك أحكام الفقه الإسلامي . ولكن بيع ملك الغير ينتج أثره في الحال ، شأنه شأن أي عقد قابل للإبطال ، ولا يبطل إلا إذا طلب المشتري إبطاله . ثم إن المشتري يملك الإجازة ، والعقد الموقوف في الفقه الإسلامي لا يجيزه إلا المالك الحقيقي .

ثانياً – نظرية العقد الموقوف إذا أمكن الأخذ بها في القانون المصري عن الفقه الإسلامي باعتباره مصدراً من مصادر هذا القانون ( م 1  /  2 مدني ) ، فذلك لا يكون إلا حيث لا يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه . ولذلك قد يصح الأخذ بها مجاوزة الوكيل لحدود الوكالة ، فيكون تعاقده موقوفاً على إجازة الموكل ، إذ لا نص يمنع من الأخذ بها . أما هنا فيوجد كما رأينا نص تشريعي صريح يجعل بعي ملك الغير عقداً قابلاً للإبطال لا عقداً موقوفاً ، فيجب في هذه الحالة إعمال النص الصريح ( [510] ) .

 $ 282 $

158 - الرأي الذي تقف عنده – بيع ملك الغير قابل للإبطال بموجب نص خاص في القانون أنشأ البطلان : لذلك لا نرى بداً من القول بأن بيع ملك الغير ليس بعقد باطل ولا بعقد موقوف ، بل هو عقد قابل للإبطال كما يقطع بذلك صريح النص فيما قدمناه . ونعيد هنا ما كنا نقوله في هذا الصدد في عهد التقنين المدني السابق ( [511] ) ، فإن التقنين المدني الجديد لم يدخل أي تعديل في تأصيل بطلان بيع ملك الغير :

لا يسعنا ، إزاء تضارب الآراء في تأصيل بطلان بيع ملك الغير ، إلا أن نرجع إلى الأصل التاريخي لهذا البطلان . كان بيع ملك الغير في القانون الروماني صحيحاً ، لأن البيع في هذا القانون لم يكن من طبيعته نقل الملكية ، بل كل ما كان يلتزم به البائع هو أن ينقل حيازة المبيع إلى المشتري وأن يضمن له دوام هذه الحيازة دون تعرض من أحد ( [512] ) . وغير المالك قد يستطيع أن يقوم بذلك ، ومن ثم كان بيعه صحيحاً . وكان يترتب على ذلك أن المشتري لشيء غير مملوك للبائع لا يستطيع أن يرفع دعوى ضمان على البائع إلا إذا تعرض له المالك الحقيقي ، فيبقى قبل هذا التعرض مهدداً دون أن يستطيع شيئاً قبل البائع . واستمرت الحال على ذلك في القانون الفرنسي القديم ، رغماً من أن البيع أخذ يتدرج في طبيعته إلى عقد ناقل للملكية . ثم لما قرر التقنين المدني الفرنسي ، ومن بعده التقنين المدني المصري القديم والجديد ، بعبارة حاسمة أن البيع ينقل الملكية ، أصبح للإبطال لحماية المشتري ، فيستطيع هذا ، قبل أن يتعرض له المالك الحقيقي ، أن يبادئ البائع بطلب إبطال البيع ، فلا يبقى مكتوف اليدين ينتظر تعرض المالك الحقيقي حتى يتمكن من تصحيح موقفه ( [513] ) .

فالعلة إذن في كون بيع ملك الغير قابلاً للإبطال هي منافاة هذا العقد لطبيعة $ 283 $ البيع . ولكن العلة وحدها لا تكفي . فمنافاة بيع ملك الغير لطبيعة البيع قد تكون علة معقولة للبطلان ، ولكن ليس في القواعد العامة ما يجعل منها سبباً لإبطال العقد . فسبب إبطال العقد ، وفقاً للقواعد العامة ، ليس إلا نقص الأهلية أو عيباً من عيوب الرضاء . لذلك كان لا بد من نص خاص ينشئ بطلان بعي ملك الغير ، ويستند إلى العلة المعقولة التي قدمناها ، وقد وجد هذا النص . فهو نص منشئ للبطلان لا كاشف عنه ( [514] ) ، ولو لم يوجد لما أمكن القول بأن بيع ملك الغير قابل للإبطال ، بل لوجب القول بأنه صحيح ولكنه قابل للفسخ لعدم استطاعة البائع تنفيذه التزامه بنقل الملكية ( [515] ) .

وأكثر الفقهاء يفترضون أن النص ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، ثم يبحثون في نطاق هذه القواعد عن سبب البطلان ، فيحتدم الخلاف ينهم ويتضاربون . والواقع من الأمر أن البطلان هنا خاص بالبيع ، أنشأه نص تشريعي خاص ، لعلة معقولة هي منافاة بيع ملك الغير لطبيعة البيع . ومن ثم كانت قواعد هذا البطلان تختلف في بعض النواحي عن القواعد العامة في البطلان . من ذلك أن بيع ملك الغير يجيزه المالك الحقيقي ، وينقلب صحيحاً إذا أصبح البائع مالكاً للمبيع ، مع أن العقد القابل للإبطال لا ينقلب صحيحاً إلا إذا أجازه العاقد الذي تقرر البطلان لمصلحته وهو هنا المشتري ( [516] ) . فلا بد إذن من القول $ 284 $ بأن بطلان بيع ملك الغير بطلان خاص بعقد البيع لا يستمد من القواعد العامة ، وقد أنشأه نص تشريعي صريح واستند في إنشائه إلى علة معقولة ( [517] ) .

 $ 285 $

159 – بيع عقار الغير قابل للإبطال بعد التسجيل وقبله : ويلاحظ $ 286 $ أن بيع العقار لا يزال من طبيعته نقل الملكية ، سواء سجل أو لم يسجل . فلم يغير قانون التسجيل ، ولا قانون الشهر بعده ، من طبيعة عقد البيع . ونصوص هذين القانونين صريحة في هذا المعنى . فتنص المادة الأولى من قانون التسجيل على أن " جميع العقود الصادرة بين الأحياء بعوض أو بغير عوض التي من شأنها إنشاء ملكية . . . يجب شهرها بواسطة تسجيلها " . وتنص المادة التاسعة من قانون الشهر على أن " جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية . . يجب شهرها بطريق التسجيل " . فبيع العقار قبل أن يسجل لا يزال من شأنه – أو من طبيعته – نقل الملكية ، إذ ينشئ التزاماً بنقلها في جانب البائع . فبيع عقار الغير إذن لا يزال منافياً لطبيعة عقد البيع ، ومن ثم فعلة البطلان في البيع غير المسجل موجودة ، والنص على البطلان عام شامل لا يميز بين البيع المسجل والبيع غير المسجل . بل إن التقنين المدني الجديد جاء حاسماً في هذا الصدد ، فنص صراحة على جواز أن يطلب المشتري إبطال بيع عقار الغير ولو لم يسجل البيع ، إذ يقول في نهاية الفقرة الأولى من المادة 466 : " ويكون الأمر كذلك ( أي يجوز للمشتري طلب إبطال البيع ) ولو وقع البيع على عقار ، سجل العقد أو لم يسجل " . وما دامت علة البطلان موجدة ، وما دام النص المنشئ للبطلان عاماً يشمل العقد المسجل والعقد غير المسجل ، وجب القول إن بيع عقار الغير يكون قابلاً للإبطال قبل تسجيله ، ويبقى بطبيعة الحال قابلاً للإبطال بعد التسجيل .

ولا يمكن القول بأن بعي عقار الغير صحيح قبل التسجيل ، قابل للإبطال بعده ( [518] ) . فإن التسجيل لا يبطل عقداً صحيحاً ولا يصح عقداً صحيحاً ولا يصح عقداً باطلاً ، فلو كان بيع عقار الغير صحيحاً قبل التسجيل فإنه ينبغي أن يستمر صحيحاً بعده ( [519] ) . ولما كان بيع عقار الغير قابلاً للإبطال قبل التسجيل ، فإنه يجب أن يستمر قابلاً للإبطال بعد التسجيل .

 $ 287 $

كذلك لا يمكن القول بأن بيع ملك الغير حتى يكون باطلاً يجب أن يكون المقصود بالبيع نقل الملكية في الحال ، والبيع غير المسجل لا ينقل الملكية في الحال ، فبيع عقار الغير صحيح قبل التسجيل ، ويبقى صحيحاً بعد التسجيل لأن التسجيل آل يبطل عقداً صحيحاً ( [520] ) . ذلك أنه يجوز أن يقصد المتعاقدان نقل الملكية في الحال ، ولكنها لا تنتقل فعلاً لسبب لا يرجع إلى إرادتهما . ففي حالة البيع غير المسجل لا يزال المتعاقدان يقصدان نقل الملكية في الحال ، ولكن يحول دون ذلك ضرورة التسجيل وهو وضع اقتضاه القانون لا إرادة المتعاقدين . فتبقى علة البطلان - وهي قصد نقل الملكية في الحال – متوافرة في بيع عقار الغير قبل التسجيل ، فيكون هذا البيع باطلاً للإبطال ، وقد ورد نص التقنين المدني الجديد ( م 466  /  1 ) صريحاً في هذا المعنى كما سبق القول ( [521] ) .

 $ 288 $

ب - أحكام بيع ملك الغير

160 - فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى المالك الحقيقي : بعد أن أصلنا بطلان بعي ملك الغير على النحو المتقدم ، ننتقل إلى بيان أحكام هذا البيع : ( أولا ) فيما بين المتعاقدين ( ثانياً ) بالنسبة إلى المالك الحقيقي .

أولاً – فيما بين المتعاقدين :

161 - المشتري وحده هو الذي يجوز له طلب إبطال البيع : لما كان بيع ملك الغير قابلاً للإبطال لمصلحة المشتري ، فالمشتري وحده هو الذي يجوز له طلب إبطال البيع ( م 466  /  1 مدني ) . وله أن يتمسك بإبطال البيع ، إما في صورة دعوى إبطال يرفعها على البائع ليسترد منه الثمن أو ليستبق ضمان الاستحقاق ، وإما في صورة دفع يدفع به دعوى البائع إذا طالبه هذا بالثمن ( [522] ) .

وللمشتري أن يتمسك بإبطال البيع حتى قبل أن يتعرض له المالك الحقيقي ( [523] ) ، وحتى لو كان يعرف وقت البيع أن البائع لا يملك المبيع . فهو إنما رضى بالبيع معتقداً أن البائع يستطيع أني حصل على ملكية المبيع فينقلها إليه ، فإذا تبين له أن البائع لا يستطيع ذلك ، فليس عليه أن ينتظر حتى يتعرض هل المالك الحقيق ، بل له أن يبادر إلى المطالبة بإبطال البيع . وهذه هي المزية الجوهرية في أن المشرع قد نص على جعل بيع ملك الغير قابلاً للإبطال لمصلحة المشتري ، كما سبق القول .

وإذا رفع المشتري دعوى الإبطال ( [524] ) ، فقد ثبت حقه في إبطال البيع . ويتحتم على القاضي أن يحكم له بذلك ، حتى لو أقر المالك الحقيقي البيع أو أصبح البائع مالكاً قبل صدور الحكم ، ما دام المشتري قد رفع دعوى الإبطال قبل $ 289 $ إقرار المالك الحقيقي أو قبل صيرورة البائع مالكاً . ذلك أن القاضي إنما يرجع في حكمه إلى وقت رفع الدعوى ، وفي هذا الوقت كان البيع قابلاً للإبطال ولم يكن المالك الحقيقي قد أقره أو أصبح البائع مالكاً للمبيع ( [525] ) .

وتسقط دعوى الإبطال بانقضاء ثلاث سنوات من وقت علم المشتري بأن البائع لا يملك المبيع ، وتسقط على كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت $ 290 $ البيع ، وهذا قياساً على سائر دعاوى الإبطال ( [526] ) .

أما البائع فلا يملك طلب إبطال البيع ، لأن الإبطال لم يتقرر لمصلحته بل لمصلحة المشتري ( [527] ) . وهناك رأي وجيه يذهب إلى أن للبائع طلب إبطال البيع للغلط ، إذا كان يجهل وقت البيع أن المبيع غير مملوك له ( [528] ) .

 $ 291 $

162 - وللمشتري أن يطلب التعويض : ولا يقتصر المشتري على طلب إبطال البيع ، بل له أيضاً أن يطالب بتعويض ما أصبه من ضرر ، من خسارة لحقت به أو كسب فاته ، بسبب إبطال البيع ( [529] ) . ولكن يشترط في ذلك أن يكون حسن النية ( [530] ) ، على ألا يكون وقت البيع عالماً بأن البائع لا يملك المبيع ( [531] ) . أما إذا كان يعلم ذلك ، فإنه يستطيع أن يطالب بإبطال البيع ، ولكنه لا يسترد إلا الثمن دون أي تعويض ، بل دون مصروفات البيع التي أنفقها ، $ 292 $ ذلك أنه قدم على البيع وهو عالم بأن المبيع غير مملوك للبائع ، فهو الذي يحمل تبعة ذلك ( [532] ) .

ولا يشترط في جواز المطالبة بالتعويض أن يكون البائع سيء النية ، أي أن يكون عالماً وقت البيع أن المبيع غير مملوك له . فحتى لو كان البائع حسن النية ، يعتقد وقت البيع أنه مالك للمبيع ، لم يمنع ذلك من جواز أن يطالب المشتري بتعويض على النحو المتقدم ( [533] ) . وهاذ ما تنص عليه صراحة المادة 468 مدني إذ تقول : " إذا حكم للمشتري بإبطال البيع ، وكان يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع ، فله أن يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية ( [534] ) " .

ومصدر التعويض ، بعد إبطال البيع ، لا يمكن أن يكون عقد البيع نفسه ، فقد زال بالإبطال . وإنما يصح أن يرد مصدر التعويض في حال سوء نية البائع إلى الخطأ التقصيري ، وفي حالة حسن نيته إلى نظرية الخطأ في تكوين العقد $ 293 $ ( culpa in contrahendo ) ( [535] ) . كما يجوز القول هنا بتحول العقد ، فيتحول بيع ملك الغير بعد إبطاله إلى عقد ملزم للبائع بالتعويض ، على أساس أن النية المحتملة للمتعاقدين قد انصرفت إلى هذا الإلزام لو أنهما كانا يعلمان أن البيع سيبطل ( [536] ) .

163 – وللمشتري أن يجيز البيع – دعوى الفسخ وضمان الاستحقاق : على أن المشتري قد لا يطلب إبطال البيع ، بل يجيزه صراحة أو ضمناً ( [537] ) ، فينقلب البيع صحيحاً ، ويبقى منشئاً لالتزامات في جانب البائع والتزامات في جانب المشتري . ولكن البيع على هذا النحو لا ينقل ملكية المبيع إلى المشتري ، لأن المالك الحقيقي وهو أنبي عن العقد لا تنتقل منه الملكية إلا برضائه . وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 466 مدني إذ تقول : " وفي كل حال لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ، ولو أجاز المشتري العقد " .

وإجازة المشتري للعقد تزيل قابليته للإبطال ، وتقلبه صحيحاً فيما بين المتعاقدين كما قدمنا . فيكون البائع ملتزماً بنقل ملكية المبيع وبتسليمه ( [538] ) وبضمان $ 295 $ إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد . وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة 467 مدني ، إذ تقول : " وكذلك ينقلب العقد صحيحاً في حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد " .

ذلك أنه إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع – كأن ورث البائع المالك الحقيقي أو اشترى المبيع منه أو تلقاه وصية أو نحو ذلك – وهو يزال ملتزماً بنقل الملكية لأن المشتري لم يتمسك بعد بإبطال البيع ( [539] ) ، فإن هذا الالتزام ينفذ فوراً ما دام العائق الذي كان يحول دون تنفيذه ، وهو انعدام الملكية عند البائع ، قد زال وأصبح البائع مالكاً . ومن ثم تنتقل الملكية إلى المشتري - بعد التسجيل في العقار – بمجرد أيلولتها للبائع ( [540] ) . ومتى أصبح المشتري مالكاً للمبيع ، لم يعد هناك محل لإبطال البيع ، لأن الإبطال تقرر لحماية المشتري وقد أصبح الآن في غير حاجة لهذه الحماية . فينقلب البيع صحيحاً ، وذلك بحكم القانون لا بحكم الإجازة . ويكون البائع ، بعد أن انتقلت ملكية المبيع إلى المشتري ، ملتزماً $ 296 $ بتسليمه إياه وبضمان الاستحقاق لسبب آخر وبضمان العيوب الخفية . ويكون المشتري من جهته ملتزماً بدفع الثمن والمصروفات وبتسلم المبيع ( [541] ) .

ثانياً – بالنسبة إلى المالك الحقيقي :

165 - إذا لم يقر المالك الحقيقي بالبيع : وسواء أجاز المشتري البيع أو لم يجزه ، فإن المالك الحقيقي أجنبي عن هذا البيع ، فلا يسري في حقه كما قدمنا . ومن ثم يبقى المالك الحقيقي مالكاً للمبيع إذا لم يقر البيع ، ولا تنتقل منه الملكية على المشتري ولو أجاز المشتري البيع فانقلب صحيحاً . ويترتب على ذلك أنه إذا سلم البائع المبيع إلى المشتري ، فإن المالك الحقيقي يستطيع أن يرجع على المشتري بدعوى الاستحقاق ، وأن يرجع على البائع بدعوى التعويض .

يرجع على المشتري بدعوى الاستحقاق لأنه لا يزال مالكاً للمبيع كما قدمنا ، فيسترده من تحت يده . بل له فوق ذلك أن يطالبه بالتعويض إذا كان سيء النية . أما إذا كان حسن النية ، فلا يرجع عليه بتعويض ، بل لا يرجع عليه بالثمار فإن المشتري وهو حسن النية يملك الثمار بالحيازة . ويرجع المشتري من جانبه على البائع بضمان الاستحقاق أو بدعوى الفسخ أو بدعوى الإبطال على النحول الذي بسطناه فيما تقدم . على أن المشتري قد يتملك المبيع ، لا بعقد البيع ، ولكن بسبب آخر من أسباب كسب الملكية . فهو إذا كان حسن النية ، يكسب المنقول بالحيازة ، ويكسب العقار بالتقادم القصير . وإذا كان سيء النية ، $ 297 $ يكسب كلاً من المنقول والعقار بالتقادم الطويل . فإذا ما كسب المشتري ملكية المبيع بالحيازة أو بالتقادم ، لم يستطع المالك الحقيقي أن يسترده منه ( [542] ) .

ومن أجل ذلك كان للمالك الحقيقي أن يرجع على البائع بالتعويض . يرجع عليه بالتعويض إذا ملك المشتري المبيع بالحيازة أو بالتقادم كما قدمنا ، فيتقاضى منه ما أصابه من ضرر بسبب فقده للمبيع . وكذلك يرجع عليه بالتعويض حتى لو لم يكسب المشتري ملكية المبيع ، ولكن ملك الثمار وهو حسن النية بموجب الحيازة ، فيتقاضى المالك الحقيقي من البائع قيمة هذه الثمار ( [543] ) . ويرجع عليه بالتعويض أخيراً حتى لو لم يملك المشتري المبيع ولا الثمار ، يطالبه بتعويض ما أصابه من ضرر بسبب خروج المبيع من يده . ومصدر التعويض هنا هو خطأ البائع ، فقد تسبب في الإضرار بالمالك الحقيقي ببيعه شيئاً مملوكاً لهذا الأخير ، لا سيما إذا كان البائع سيء النية فإنه يكون في هذه الحالة مغتصباً . ويجوز الرجوع على البائع بالتعويض حتى لو كان حسن النية ، فإن حسن النية لا ينفي أن يكون هناك خطأ في جانبه لعدم تحرزه في بيع ما لا يملكه ( [544] ) . ولكن إذا ثبت أن البائع كان حسن النية ولم يرتكب أي خطأ ، كأ ، وجد المبيع مثلاً في تركة مورثه واعتقد بحسن نية أنه قد ورثه فباعه ، لم يكن هناك محل للرجوع عليه بالتعويض .

166 - إذا أقر المالك الحقيقي البيع : وقد يقر المالك الحقيقي البيع بالرغم من أنه أجنبي عنه ، وهذه خصوصية في بيع ملك الغير كما قدمنا . وهذا الإقرار من شأنه أن ينقل من المالك الحقيقي إلى المشتري ، إذ زال العائق $ 298 $ الذي كان يحول دون نقل الملكية برضاء المالك الحقيقي بالبيع . ولذلك يجب تسجيل هذا الإقرار في بيع عقار الغير . ومتى انتقلت الملكية إلى المشتري ، فقد زال السبب الذي من أجله جعل المشرع البيع قابلاً للإبطال ، فينقلب صحيحاً بإقرار المالك الحقيقي ( ratification ) كما رأيناه ينقلب صحيحاً بإجازة المشتري ( confirmation ) . بل إن الإقرار أبعد أثراً من الإجازة ، إذ هو لا يقتصر على تصحيح العقد فيما بين المتعاقدين ، بل يجعل العقد فوق ذلك سارياً في حق المالك الحقيقي وينقل الملكية إلى المشتري ( [545] ) . وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الأولى من المادة 467 مدني ، إذ تقول : " إذا أقر المالك البيع ، سرى العقد في حقه ، وانقلب صحيحاً في حق المشتري " ( [546] ) .

وينقلب العقد صحيحاً في حق المشتري من وقت صدوره ، أي أن لإقرار المالك الحقيقي كما لإجازة المشتري في هذا الشأن أثراً رجعياً . ويسري العقد في حق المالك الحقيقي من وقت الإقرار ، فلا تنتقل الملكية منه إلى المشتري إلا من هذا الوقت وهذا فيما يتعلق بحقوق الغير . ويترتب على ذلك أنه إذا كان المالك الحقيقي قد رتب حقاً عينياً على المبيع قبل إقراره للبيع ، انتقلت ملكية المبيع إلى المشتري مثقلة بهذا الحق ، وجاز للمشتري أن يرجع على البائع بضمان الاستحقاق الجزئي ( [547] ) .

 $ 299 $

وإذا ما انقلب العقد صحيحاً بإقرار المالك الحقيقي ، بقى مرتباً لالتزاماته . فيكون البائع متلزماً بنقل الملكية وقد انتقلت فعلاً بإقرار المالك . ويكون ملتزماً كذلك بضمان الاستحقاق كما إذا كان المالك قد رتب حقاً عينياً على البيع قبل إقراره للبيع ، وملتزماً بضمان العيوب الخفية . أما المشتري فيكون ملتزماً بدفع الثمن والمصروفات وبتسلم المبيع ( [548] ) .

2 - بيع المال الشائع

167 – صور مختلفة : إذا ملك اثنان أو أكثر مالاً بحصص معينة من غير أن تفرز حصة كل منهم ، فالمال مشاع ، وهم شركاء في الشيوع ( م 825 مدني ) . ويملك كل شريك في الشيوع حصته الشائعة ملكاً تاماً ، وله أن يتصرف فيها بجميع التصرفات الجائزة . ويتخذ التصرف في المال المشاع صوراً متعددة ، نقف عند ثلاث منها :

 $ 300 $

1 - فتارة يتصرف الشريك في حصته كما هي شائعة ، فيبيعها مثلاً من شخص آخر ، شريك أو غير شريك ، وهذه الصورة لا تثير إشكالاً ، وهي الصورة الغالبة في التصرف في المال المشاع ( [549] ) . ونرجئ الكلام في تفصيلاتها ، فمكانه الملكية الشائعة . ويلاحظ أن صاحب الحصة الشائعة المنقولة إذا باعها من أجنبي بطريقة الممارسة ، كان لشركائه في هذا المنقول الشائع أن يستردوا الحصة المبيعة في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمهم بالبيع أو من تاريخ إعلانهم به ( م 833 مدني ) . أما في العقار فللشركاء الأخذ بالشفعة ، وفقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن .

2 - وتارة يتصرف الشريك قبل القسمة في جزء مفرز من مال الشائع أو في كل المال الشائع إلا حصة فيه . ونبحث هذه الصورة هنا في إيجاز . مرجئين التفصيل إلى حين الكلام في الملكية الشائعة في الجزء الخاص بحق الملكية .

3 - وأخيراً قد يتصرف الشريك قبل القسمة في جزء مفرز من المال الشائع أو في كل المال الشائع الذي لا يملك إلا حصة فيه . ونبحث هذه الصورة هنا في إيجاز ، مرجئين التفصيل إلى حين الكلام في الملكية الشائعة في الجزء الخاص بحق الملكية .

3 - وأخيراً قد يتصرف الشركاء جميعاً في المال الشائع عن طريق بيع التصفية ( licitation ) لعدم إمكان قسمة المال عيناً ، ونبحث هذه الصورة أيضاً في إيجاز .

أ - بيع الشريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع أو كل المال الشائع .

168 - بيع الشريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع : إذا باع الشريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع قبل قسمة هذا المال ، فإنه يكون قد باع ما يملك وما لا يملك . ما يملك هو حصته في الشيوع في هذا الجزء المفرز ، وما لا يملك هو حصص سائر الشركاء في هذا الجزء . ويجب لبيان الحكم في هذا الفرض أن نميز بين حالتين : فأما أن يكون المشتري عالماً بأن البائع لا يملك الجزء المفرز الذي يبيعه وإنما يملك حصة فيه على الشيوع ، وإما أن يكون غير عالم بذلك ويعتقد بحسن نية أن البائع يملك دون شريك الحصة المفرزة التي باعها .

 $ 301 $

ففي الحالة الأولى يكون المفروض أن المشتري قد اشترى من البائع الجزء المفرز أو ما يحل مما يقع في نصيب البائع عند القسمة . فإن وقع الجزء المفرز عند القسمة في نصيب البائع فقد خلص للمشتري ، وإن لم يقع تحول حق المشتري بحكم الحلول العيني من الجزء المفرز المبيع إلى الجزء المفرز الذي وقع فعلاً في نصيب البائع ( [550] ) . وهذا الحكم منصوص عليه صراحة في التقنين المدني الجديد في الفقرة الثانية من المادة 826 ، إذ تقول : " وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ، ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف ، انتقل حق المتصرف إليه إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة " . ومن ثم لا يجوز للمشتري في هذه الحالة أن يطلب إبطال البيع ، حتى بالنسبة إلى حصص الشركاء الآخرين غير الشريك البائع باعتبار أن البيع الواقع على هذه الحصص هو بيع ملك الغير ( [551] ) . بل يجب أن يتربص حتى يرى هل يقع عند القسمة الجزء المفرز المبيع في نصيب البائع ، فإن وقع فقد أصبح مالكاً له خلفاً عن البائع ، ومنذ البيع بفضل الأثر الكاشف للقسمة ، وإلا فقد ملك الجزء المفرز الذي وقع فعلاً في نصيب البائع بفضل الحلول العيني الذي نصت عليه المادة 826 مدني ( [552] ) .

 $ 302 $

وفي الحالة الثانية ، إذا كان المشتري يجهل أن البائع لا يملك في الشيوع ، فقد وقع في غلط جوهري متعلق بالعين المبيعة ، إذا كان يعتقد أنها مملوكة للبائع دون شريك . فيكون البيع في حصة الشريك البائع بيعاً مشوباً بغلط جوهري ، وفي حصص سائر الشركاء بيع ملك الغير ، ومن ثم يكون قابلاً للإبطال في كل المبيع . ويجوز إذن للمشتري ، قبل القسمة ، طلب إبطال البيع ، لا في حصص الشركاء الآخرين فحسب ، بل أيضاً في حصة الشريك البائع . وهذا ما تنص عليه صراحة العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 826 مدني ، إذ تقول : " وللمتصرف إليه ، إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة ، الحق في إبطال التصرف " ( [553] ) . ولكن إذا حصلت القسمة قبل أن $ 303 $ يطلب المشتري إبطال البيع ، فوقع الجزء المفرز المبيع في نصيب البائع ، اعتبر أنه مالك له وقت البيع بفضل الأثر الكاشف للقسمة ، فخلصت ملكيته للمشتري ، وانقلب البيع صحيحاً ، فلم يعد للمشتري الحق في طلب إبطال البيع . وإذا كان بيع ملك الغير ينقلب صحيحاً بصيرورة البائع مالكاً للمبيع بعد البيع ، فأولى أن ينقلب البيع في الحالة التي نحن بصددها صحيحاً وقد اعتبر البائع مالكاً للمبيع وقت البيع . أما إذا لم يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب البائع ، فإن المشتري يستبقى حقه في طلب إبطال البيع ، ولا يجبر على أخذ الجزء المفرز الذي وقع فعلاً في نصيب البائع ، لأن الحلول العيني وفقاً للمادة 826 مدني لا يكون إلا حيث يعلم المشتري وقت البيع أن البائع لا يملك في الجزء المفرز إلا حصة في الشيوع ( [554] ) .

169 - بيع الشريك كل المال الشائع : وإذا باع الشريك كل المال الشائع ، وكان المشتري وقت البيع يعتقد أن المال مملوك للبائع وحده ، فإن البيع يكون قابلاً للإبطال في حصة الشريك البائع للغلط الجوهري ، وفي حصص سائر الشركاء لأن بيع الشريك لها هو بيع لملك الغير ( [555] ) .

فإذا كان المشتري يعلم وقت البيع أن للبائع شركاء في المال المبيع ، ولم يستطع البائع أن يستخلص ملكية كل هذا المال ، كان للمشتري الحق في طلب فسخ البيع . فإن وقع جزء مفرز من المال المبيع في نصيب البائع عند القسمة ، $ 304 $ كان للمشتري الحق إما في أخذه مع دفع ما يناسبه من الثمن ، وإما في فسخ البيع لتفرق الصفقة . وإذا استطاع البائع استخلاص ملكية المبيع ، كأن حصل على إقرار الشركاء للبيع أو اشترى حصصهم أو انتقلت إليهم هذه الحصص بأي سبب آخر من أسباب انتقال الملكية ، لم يعد للمشتري الحق في طلب فسخ البيع ، إذ تنتقل إليه من البائع ملكية كل المال المبيع ولا تتفرق عليه الصفقة .

170 – أثر البيع في حقوق باقي الشركاء : وسواء وقع البيع على جزء مفرز من المال الشائع أو على كل المال الشائع ، فإن الشركاء الآخرين – غير الشريك البائع – يعتبرون من الغير في هذا البيع بالنسبة إلى حصصهم الشائعة في الجزء المفرز أو حصصهم الشائعة في كل المال الشائع . وينفذ البيع في حقهم بالنسبة إلى حصة الشريك الشائعة ، فيحل المشتري محل الشريك البائع في هذه الحصة ، ويصبح شريكاً في الشيوع مع سائر الشركاء . فليس لشريك من هؤلاء أن يتعرض للمشتري في حصته الشائعة ، ولا أن يطلب إبطال البيع في هذه الحصة ، ولا أن يدعي الاستحقاق فيها . وإنما يستحق الشريك الجزء المفرز أو المال الشائع إذا وقع في نصيبه عند القسمة ، بفضل الأثر الكاشف لها ( [556] ) . وعلى العكس من ذلك $ 305 $ يخلص للمشتري الجزء المفرز أو المال الشائع إذا وقع في نصيب البائع عند القسمة ، أو إذا أقر سائر الشركاء البيع قبل القسمة ( [557] ) .

ب - بيع التصفية

( licitation )

171 - متى يكون بيع التصفية : إذا كان هناك شركاء على الشيوع في مال شائع ، وأراد أحد الشركاء القسمة ، ولم تمكن قسمة المال عيناً ، بيع $ 306 $ المال ليقتسم الشركاء الثمن بنسبة حصصهم وذلك لتصفية الشيوع ، ومن أجل هذا سمى هذا البيع بيع التصفية . وقد يشتري المال الشائع أجنبي فيدفع كل الثمن ، وقد يشتريه أحد الشركاء فيدفع الثمن بعد استنزال نصيبه فيه بقدر حصته . ونرى من ذلك أن بيع التصفية لا يكون إلا إذا توافر شرطان :

( الشرط الأول ) أن يكون هناك في الشيوع ، كحق ملكية شائع أو حق انتفاع شائع ، فإذا ملك الشيء الواحد أو حق الانتفاع فيه عدة ملاك أو عدة منتفعين على الشيوع ، جاز بيع التصفية ( [558] ) . ولا عبرة بسبب الشيوع ، فقد يكون الميراث كما هو الغالب ، وقد يكون سبباً آخر كما إذا اشترى عدة أشخاص داراً على الشيوع فيما بينهم أو كان الشيوع سببه في الأصل عقد شركة مدنية أو تجارية . ويجب أن تكون حقوق المشتاعين من طبيعة واحدة ، كأن يكونوا شركاء في حق ملكية أو شركاء في حق انتفاع . أما إذا وجد من يملك الرقبة ومعه من يملك حق الانتفاع ، فهذان لا يجوز بينهما القسمة ولا بيع التصفية ، لأن الرقبة غير حق الانتفاع . فإذا وجد ملاك شائعون للرقبة ، وكان حق الانتفاع منفصلاً عن الرقبة في يد أحد ملاك الرقبة أو في يد أجنبي . جاز بيع التصفية في الرقبة لأنها شائعة ، ولا يجوز في حق الانتفاع لأنه غير شائع ( [559] ) . وكذلك إذا كانت الرقبة في يد مالك واحد ، وكان حق الانتفاع لعدة منتفعين على الشيوع ، جاز بيع التصفية في حق الانتفاع دون الرقبة . أما إذا كانت الرقبة $ 307 $ مملوكة لملاك متعددين في الشيوع ، وكذلك حق الانتفاع ثابت لمنتفعين متعددين في الشيوع ، جاز بيع التصفية في الرقبة منفصلة عن حق الانتفاع ، وبيع التصفية في حق الانتفاع منفصلاً عن الرقبة ، فلا يتلازم الحقان في بيع التصفية .

( الشرط الثاني ) أن يكون المال الشائع لا تمكن قسمته عيناً بغير ضرر . وتنص المادة 841 مدني في هذا الصدد على أنه " إذا لم تمكن القسمة عيناً ، أو كان من شأنها إحداث نقص كير في قيمة المال المراد قسمته ، بيع هذا المال بالطريق المبينة في قانون المرافعات ، وتقتصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا هذا بالإجماع " . وتنص المادة 718 من تقنين المرافعات على أن " العقار المملوك على الشيوع ، إذا أمرت المحكمة ببيعه لعدم إمكان القسمة بغير ضرر ، يجري بيعه بطريق المزايدة . . . " . فإذا أمكنت قسمة المال عيناً دون ضرر ، لم يكن هناك محل لبيع التصفية ، بل يقسم المال أجزاء مفرزة طبقاً للإجراءات المقررة في قسمة المال الشائع . أما إذا لم تمكن قسمة المال عيناً لأن طبيعته تستعصى على هذه القسمة كالسيارة والفرس ، أو أمكنت القسمة ولكن بضرر يعود على المال المقسوم إذا تنقص قيمته نقصاً كبيراً كالمصنع والمبنى ، جاز الالتجاء إلى بيع التصفية ( [560] ) .

172 – إجراءات بيع التصفية : إذا اتفق الشركاء جميعاً ، ولم يكن بينهم من هو ناقص الأهلية ، على إجراء بيع التصفية بالممارسة أو بالمزاد بطريقة يرسمون إجراءاتها ، جاز ذلك ووجب إتباع ما اتفقوا عليه . وتقول المادة 835 مدني في هذا الصدد " للشركاء ، إذا انعقد إجماعهم ، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها . فإذا كان بينهم من هو ناقص الأهلية ، وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون " .

 $ 308 $

أما إذا لم يتفق الشركاء جميعاً على طريقة معينة ، أو كان بينهم من هو ناقص الأهلية ، فإنه لا يمكن إجراء بيع التصفية إلا طبقاً للإجراءات المقررة في تقنين المرافعات . وقد رأينا أن المادة 718 من تقنين المرافعات تنص على أن " العقار المملوك على الشيوع ، إذا أمرت المحكمة ببيعه لعدم إمكان القسمة بغير ضرر ، يجري بيعه بطريق المزايدة بناء على قائمة بشروط البيع يودعها قلم كتاب المحكمة المختصة من يعنيه التعجيل من الشركاء " ( [561] ) .

ويخلص مما قدمناه أنه إذا لم يكن بين الشركاء من هو ناقص الأهلية ، جاز لهم أن يتفقوا جميعاً على أن تقتصر المزايدة على الشركاء ، فلا يدخل أجنبي في المزاد ، ويرسو المال على الشريك الذي يقدم أكبر عطاء ( [562] ) .

173 – الآثار التي تترتب على بيع التصفية : تختلف هذه الآثار اختلافاً جوهرياً بحسب ما إذاك أن مشتري المال الشائع أو من رسا عليه المزاد فيه هو أحد الشركاء ، أو كان أجنبياً . ففي الحالة الأولى يعتبر بيع التصفية قسمة محضة ، وقد وقع المال الشائع كله في نصيب الشريك الذي اشتراه . فإن زادت حصته في جميع الأموال الشائعة على الثمن الذي اشترى به ، أخذ الباقي من أموال $ 309 $ أخرى شائعة بعد قسمتها ، أو من طريق معدل ( soulte ) للقسمة . وإن زاد الثمن على حصة الشريك ، دفع هذا للشركاء الآخرين معدلاً للقسمة . أما في الحالة الثانية فيعتبر بيع التصفية بيعاً عادياً صادراً من جميع الشركاء للمشتري ، وتجري أحكام البيع ي العلاقة ما بينهم وبين المشتري ( [563] ) .

ومما يترتب على هذا الاختلاف في الحكم ما يأتي : ( 1 ) يتقاضى على التسجيل رسم البيع ، ويكون ضرورياً لنقل الملكية حتى فيما المتعاقدين ، إذا كان المشتري أجنبياً . ويتقاضى عليه رسم القسمة ، ولا يكون ضرورياً لنقل الملكية إلا بالنسبة إلى الغير ، إذا كان المشتري أحد الشركاء . ( 2 ) التصرفات التي صدرت من الشركاء في المال الشائع تبقى إذا كان المشتري أجنبياً ، وتزول إذا كان المشتري أحد الشركاء وذلك فيما عدا التصرفات التي صدرت من هذا الشريك . ( 3 ) الثمن يكون مضموناً بامتياز البائع إذا كان المشتري أجنبياً ، وبامتياز المتقاسم إذا كان المشتري أحد الشركاء . ( 4 ) تسري أحكام الغبن في البيع أو في القسمة ، بحسب ما يكون المشتري أجنبياً أو أحد الشركاء . ( 5 ) تسري أحكام ضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية في البيع أو في القسمة ، بحسب ما يكون المشتري أجنبياً أو أحد الشركاء ( [564] ) .

3 - بيع المريض مرض الموت

174 – النصوص القانونية : تنص المادة 477 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا باع المريض مرض الموت لوارث أو لغير وارث بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت ، فإن البيع يسري في حق الورثة إذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تجاوز ثلث التركة ، داخلاً فيها المبيع ذاته " .

 $ 310 $

 " 2 - أما إذا كانت هذه الزيادة تجاوز ثلث التركة ، فإن المبيع فيما يجاوز الثلث لا يسري في حق الورثة إلا إذا أقروه أو رد المشتري للتركة ما يفي بتكملة الثلثين " .

 " 3 - ويسري على بيع المريض مرض الموت أحكام المادة 916 " .

وتنص المادة 478 على ما يأتي :

 " لا تسري أحكام المادة السابقة إضراراً بالغير حسن النية إذا كان هذا الغير قد كسب بعوض حقاً عينياً على العين المبيعة ( [565] ) " .

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 254 - 256 مكررة  /  320 – 323 ( [566] ) .

 $ 311 $

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري $ 312 $ المادتين 445 – 446 – وفي التقنين المدني الليبي المادتين 466 – 467 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 1109  /  1 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني لا مقابل ( [567] ) .

ونبين : ( أ ) ما هو مرض الموت وتقييده لتصرفات المريض ( ب ) أحكام البيع في مرض الموت .

 $ 313 $

أ - ما هو مرض الموت وتقييده لتصرفات المريض

175 - ما هو مرض الموت : يجب في تحديد مرض الموت الرجوع إلى الفقه الإسلامي مفسراً بقضاء المحاكم . وقد جاء في الفتاوى الهندسية : " المريض مرض الموت من لا يخرج لحوائج نفسه وهو الأصح ، كذا في خزانة المفتين . حد مرض الموت تكملوا فيه ، والمختار للفتوى أنه إذا كان الغالب منه الموت كان مرض الموت ، سواء كان صاحب فراش أم لم يكن ، كذا في المضمرات " ( [568] ) . وجاء في ابن عابدين : " في الهندية المريض مرض الموت من لا يخرج لحوائجه خارج البيت وهو الأصح اهـ . وفي الإسماعيلية من به مرض يشتكي منه وفي كثير من الأوقات . يخرج إلى السوق ويقضي مصالحه لا يكون به مريضاً مرض الموت ( [569] ) " . ونصت المادة 1595 من مجلة الأحكام العدلية – وهي تقنين للفقه الحنفي – على ما يأتي : " مرض الموت هو الذي يغلب فيه خوف الموت ، ويعجز معه المريض عن رؤية مصالحه خارجاً عن داره إن كان من الذكور وعن رؤية مصالحه داخل داره إن كان من الإناث ، ويموت على ذلك الحال قبل مرور سنة ، سواء كان صاحب فراش أو لم يكن . وإن امتد مرضه ومضت عليه سنة وهو على حال واحدة ، كان في حكم الصحيح ، وتكون تصرفاته كتصرفات الصحيح ما لم يشتد مرضه ويتغير حاله . ولكن لو اشتد مرضه وتغير حاله ومات قبل مضي سنة ، يعد حاله اعتباراً من وقت التغير إلى الوفاة مرض موت ( [570] ) " .

 $ 314 $

ويؤخذ مما تقدم أن هناك شروطاً ثلاثة ليكون المرض مرض موت : ( 1 ) أن يقعد المرض المريض عن قضاء مصالحه . ( 2 ) وأن يغلب فيه الموت . ( 3 ) وأن ينتهي بالموت فعلاً . فهذه العلامات مجتمعة – وكلها أمور موضوعية – من شأنها أن تقيم في نفس المرض حالة نفسية هي أنه مشرف على الموت . ولما كان الفقه الإسلامي يقف عند الضوابط الموضوعية ، ويستدل بها على الأمور الذاتية ، فإنه يكتفي بهذه العلامات المادية ليستخلص منها أن المريض وهو يتصرف كانت تقوم به حالة نفسية هي أن أجله قد دنا ، فيسر تصرفه في ضوء هذه الحالة ، ويفترض أنه إما يوصي ، فيجعل لتصرفه حكم الوصية . ولا حاجة بعد ذلك إلى التفتيش عن خفايا نفس المريض واستكناه ما يضمره ، فهذا بحث عسير إن لم يكن متعذراً ، ويكفي أن تقوم هذه العلامات المادية أمارات على حالته النفسية ، فنقلب عندها ، ولا نذهب في البحث إلى مدى أبعد من ذلك . على أنه إذا وجد شخص في هذه الحالة النفسية لسبب غير المرض ، كالمحكوم عليه بالإعدام ومن حوصر في حرب ، فإنه يعتبر في حكم المريض ، متى كان هذا السبب هو أيضاً خاضعاً للضوابط المادية .

فنستعرض شروط مرض الموت الثلاثة ، ثم نستعرض حالة الأصحاء الذين تقوم بهم حالة نفسية تجعلهم في حكم المرضى .

176 – المرضى يقعد المريض عن قضاء مصالحه : يجب أن يجعل المرض المريض عاجزاً عن قضاء مصالحه العادية المألوفة التي يستطيع الأصحاء عادة مباشرتها ، كالذهاب إلى السوق وممارسة أعمال المهنة إذا لم تكن شاقة وقضاء الحوائج المنزلية إذا كان المريض من الإناث ( [571] ) . وليس واجباً ، ليكون المريض مرض الموت ، أن يلزم المريض الفراش ، فقد لا يلزمه ويبقى مع ذلك عاجزاً عن قضاء مصالحه ( [572] ) .

 $ 315 $

وعلى العكس من ذلك قد يكون الإنسان عاجزاً عن قضاء مصالحه ، ولكن لا بسبب المرض ، فلا يعتبر في مرض الموت . فقد يصل الإنسان إلى سن عالية ف شيخوخته تجعله غير قادرة على مباشرة الأعمال المألوفة ، ويكون في حاجة إلى من يعاونه عليها ، وليس به من مرض وإنما هي الشيخوخة أوهنته ، فهذا لا يكون مريضاً مرض الموت ، ويكون لتصرفاته حكم تصرفات الأصحاء ( [573] ) . أو يكون عاجزاً عن مباشرة الشاق من أعمال مهنته بسبب المرض ، كما إذا كان محترفاً حرفة شاقة لا يستطيع مباشرتها إلا وهو في كالم عافيته ، فيقعده مرضه عن ذلك دون أن يعجزه عن مباشرة المألوف من الأعمال بين الناس ، فلا يكون في هذه الحالة مريضاً مرض الموت .

177 - ويغلب في المرض خوف الموت : ولا يكفي أن يقعد المرض المريض عن قضاء مصالحه ، بل يجب أيضاً أن يغلب فيه خوف الموت ، فيكون مرضاً خطيراً من الأمراض التي تنتهي عادة بالموت ، أو يكون مرضاً بدأ بسيطاً ثم تطور حتى أصبحت حالة المريض سيئة يخشى عليه فيها الموت . أما إذا كان المرض لم يصل إلى هذا الحد من الخطورة ، فإنه لا يعتبر مرض موت ولو أعجز المريض عن قضاء مصالحه . مثل ذلك أن يصاب الإنسان برمد في عينيه فيعجزه عن الرؤية ، أو بمرض في قديمه فيعجزه عن المشي ، فلا يستطيع قضاء مصالحه ، ولكن المرض يكون من الأمراض التي يشفى منها المريض عادة ولا يغلب فيها خوف الموت . فهنا لا يعتبر المريض في مرض الموت وإن عجز $ 316 $ عن قضاء مصالحه ، لأن المرض لا يغلب فيه الهلاك ، فتكون تصرفات المريض في هذه الحالة حكمها حكم تصرفات الأصحاء ( [574] ) . وكذلك الأمراض المزمنة ، إذا طالب بحيث يطمئن المريض إلى ابتعاد خطر الموت العاجل ، لا تكون في هذا الوقت مرض موت ، وسنعود إلى بيان ذلك .

وقد ظهر مما قدمناه أن الشرط الأول وهو قعود المريض عن قضاء مصالحه ، لا يغني عن الشرط الثاني وهو أن يغلب في المرض خوف الموت . ولكن هل يغني الشرط الثاني عن الشرط الأول؟ هناك رأي يذهب إلى أنه يغني ، فيكفي أن يغلب في المرض خوف الموت دون حاجة إلى قعود المريض عن قضاء مصالحه ( [575] ) . وهنا رأي آخر يستبقي الشرطين معاً ، ويجعل الأصل $ 317 $ فيها هو أن يغلب في المرض خوف الموت ، أما قعود المريض عن قضاء مصالحه فهذه هي العلامة المادية التي تشعر المريض بأن المرض يتهدده بالموت . ويغني عن هذه العلامة المادية أية علامة أخرى تنبئ عن هذا الشعور ، فمتى ثبت قيام هذا الشعور بنفس المريض كان هذا كافياً ولو لم يقعد المريض عن قضاء مصالحه . ومقتضى هذا الرأي الآخر أنه لا يكفي أن يغلب في المرض خوف الموت ، بل يجب أيضاً أن يشعر المريض بذلك ، وقعوده عن قضاء مصالحه ليس إلا وضعاً مادياً يدل على شعوره بذلك ( [576] ) .

178 - وينتهي المرض بالموت فعلاً : ويجب أخيراً أن ينتهي المرض بالموت فعلاً ( [577] ) ، فإذا أصيب شخص بمرض أقعده عن قضاء مصالحه ، وغلب فيه خوف الموت ، ولكنه مع ذلك برئ منه ، وكان قد تصرف في ماله أثناء المرض ، كان حكم تصرفه هذا هو حكم تصرف الأصحاب . ونرى من ذلك أن المريض بمرض يقعد عن قضاء المصالح ويغلب فيه خوف الموت إذا تصرف في ماله أثناء هذا المرض ، كان تصرفه معتداً به حال حياته ، ولا يجوز للورثة الاعتراض عليه ما دام المريض حياً . فإذا انتهى المرض $ 318 $ بالموت ( [578] ) ، تبين عند ذلك أن التصرف وقع في مرض الموت ، وجاز الطعن فيه على هذا الأساس . وإذا شفى المريض ، تبين أن التصرف الذي صدر منه لم يقع في مرض الموت ، فلا يجوز الطعن فيه بذلك من الورثة ( [579] ) . ولكن يجوز لمن صدر منه التصرف نفسه أن يطعن في تصرفه بالغلط في الباعث ، بأن يثبت أنه إنما تصرف وهو معتقد أنه في مرض الموت ولو اعتقد أنه سيشفى ما كان ليتصرف ، ففي هذه الحالة يكون التصرف قابلاً للإبطال للغلط ويجوز للمتصرف أن يبطله لهذا العيب .

وقد يطول المرض ، بأن يكون من الأمراض المزمنة كالشلل والسل ، ثم ينتهي بالموت ولكن بعد مدة طويلة . والقاعدة في هذه الأمراض المزمنة أنها لا تعتبر للوهلة الأولى مرض موت إذا طالت دون أن تشتد ، بحيث يطمئن المريض إلى أن المرض قد وقف سيره ، ولم يعد هناك منه خطر داهم . وهذا حتى لو كان المرض قد أقعد المريض عن قضاء مصالحه وألزمه الفراش ، ما دام لم يعد يغلب فيه خطر الموت العاجل . لكن إذا اشتد المرض بعد ذلك ، وساءت حالة المريض حتى أصبحت تنذر بدنو الأجل ، واستمر المرض في الاشتداد حتى انتهى بالموت فعلاًن فإنه يعتبر مرض موت من الوقت الذي اشتد فيه ( [580] ) . وهناك رأي في الفقه الإسلامي – أخذت به المجلة – يقدر المدة التي يطول فيها المرض ويستقر فلا يعود يخشى منه خطر عاجل بسنة ، فإذا طال المرض المزمن سنة دون أن يشتد لم يعتبر مرض موت . وإذا اشتد المرض بعد $ 319 $ ذلك حتى انتهى بالموت فعلاً قبل انقضاء سنة من اشتداده ، اعتبر في هذه الفترة مرض موت ( [581] ) . وقد أخذ القضاء المصري بهذا الرأي في أكثر أحكامه ( [582] ) ، $ 320 $ واكتفى في بعض آخر بأن يطول المرض مدة كافية ليتولد في نفس المريض السكون إلى حالته والشعور بأنه لم يعد معروضاً لخطر الموت العاجل ، سواء طال المرض سنة أو أكثر أو أقل . وكذلك يكفي أن يشتد المرض ويطرد في الشدة حتى يتولد في نفس المريض أنه عاد مهدداً بالموت في أي وقت ، ليكون المرض مرض موت من وقت اشتداده ، حتى لو بقى مشتداً مدة أطول من سنة ولم يمت المريض إلا بعد انقضائها ( [583] ) .

179 – الأصحاء الذين تقوم بهم حالة نفيسة تجعلهم في حكم المرضى مرض الموت : وقد قدمنا أن الشروط الثلاثة المتقدمة ليست إلا إمارة مادية على قيام حالة نفسية بالمريض تجعله يعتقد بدنو أجله . فأية حالة أخرى مادية غير المريض تجعل الإنسان يعتقد بدنو أجله يكون من شأنها أن تثير في نفسه هذه $ 321 $ الحالة بالذات ، وتكون لتصرفاته حكم تصرفات المريض مرض الموت ولو أنه لم يكن مريضاً أصلاً . فالمحكم عليه بالإعدام وينتظر التنفيذ ، ومن كان في سفينة على وشك الغرق ولم تتهيأ له وسائل الإنفاذ ، ومن داهمته حريق لا سبيل للنجاة منها ، ومن حوصر في حرب وأيقن أنه مقتول ، ومن عقد نيته على الانتحار ، كل هؤلاء أصحاء ليس بهم مرض ، ولكنهم يعتبرون في حكم المرضى ، ويكون لتصرفاتهم وهم في هذه الحالة حكم التصرفات الصادرة في مرض الموت ( [584] ) .

180 - إثبات مرض الموت : ومرض الموت بالشروط المتقدمة الذكر واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات ، ومنها البينة والقرائن ( [585] ) . وأكثر $ 322 $ ما يثبت بالشهادات الطبية الدالة على حالة المريض في أواخر أيامه . كذلك يثبت بشهادة الشهود ، وبتقصي حياة المريض في أيامه الأخيرة . وعلى الورثة الذين يطعنون في تصرف مورثهم بأنه صدر في مرض الموت يقع عبء إثبات المرض . ولما كانوا يعتبرون خلفاً لمورثهم وليسوا غيراً من حيث ثبوت التاريخ ، فإن تاريخ التصرف العرفي يكون حجة عليهم كما هو حجة على مورثهم . فإذا كان التصرف مؤرخاً تاريخاً عرفياً في وقت ثبت أن المورث لم يكن فيه مرضاً ، كان هذا التاريخ العرفي حجة عليهم . ولكن لهم أن يثبتوا أن هذا التاريخ بقد قدم عمداً لإخفاء أن التصرف قد صدر في مرض الموت ، وأن التاريخ الذي صدر فيه التصرف متأخر عن التاريخ الصوري المذكور في التصرف ويقع في وقت كان فيه المورث في مرض موته . فإذا أثبتوا ذلك – ولهم أن يثبتوه بجميع طرق الإثبات لأنهم يثبتون غشاً وواقعة مادية – أصبحوا من الغير من حيث سريان التصرف ( [586] ) ، ولم يعد التصرف الصادر من المورث يسري في حقهم إلا في الحدود التي سنبينها فيما يلي .

 $ 323 $

181 - سبب تقييد التصرف في مرض الموت : وإذا كان التصرف الذي يصدر في مرض الموت مقيداً ، فسبب التقييد لا يرجع إلى أهلية المريض ولا إلى عيب في إرادته . فالمريض مرض الموت لا يفقد أهليته ، بل ولا تنتقص هذه الأهلية ، فما دام حياً حافظاً لقواه العقلية فإنه يبقى متمتعاً بأ÷ليته الكاملة إلى آخر لحظة من حياته . ولو وقع أن المرض أفقده التمييز ، فإن التصرف الذي يصدر منه وهو في هذه الحالة يكون باطلاً لانعدام التمييز ، ولا يقتصر الأمر فيه على أن يكون تصرفاً غير نفاذ في حق الورثة لصدوره في مرض الموت .

وإنما يرجع تقييد التصرف في مرض الموت إلى تعلق حق الورثة بأموال المريض من وقت المرض ( [587] ) . فإنه من المقرر في الفقه الإسلامي أن حق الورثة يتعلق بأموال مورثهم ، لا من وقت موته فحسب ، بل من وقت المرض الذي $ 324 $ يموت فيه . فإذا صدرت منه تصرفات تنطوي على تبرع منذ هذا المرض ، كان لهذه التصرفات حكم الوصية . ذلك أن المريض وهو على شفا الموت إذا تبرع بماله ، فإنما يقصد أن ينقل هذا المال إلى غيره بعد موته ، لا في المدة المحدودة القصيرة التي تقدر له الحياة فيها . ولا يستطيع إنسان أن ينقل ماله بعد موته بتصرف إرادي ، وإلا كان ذلك عن طريق الوصية بقيودها المعروفة . فكل تبرع يصدر في مرض الموت يتقيد إذن بقيود الوصية ، وحتى المعاوضات إذا انطوت على تبرع ، كأن يبيع بثمن أقل من قيمة المبيع ، يكون لها هي أيضاً في القدر المحابي به حكم الوصية . ومؤدى ذلك أن التصرف الصادر في موت الموت إذا انطوى على تبرع فيما يجاوز ثلث التركة لا يكون باطلاً ولا يكون قابلاً للإبطال ( [588] ) . بل يكون فيما جاوز ثلث التركة غير نافذ في حق الورثة ( [589] ) . فهو تصرف صحيح ، ولكنه لا ينفذ في حق الورثة إلا بإجازتهم ، فإذا لم توجد ورثة نفذ التصرف في كل المال .

وقد اختلف فقهاء الإسلام في تكييف حق الورثة الذي يتعلق بأموال مورثهم وقت مرض الموت . فذهب بعضهم إلى أنه حق ملكية كامل يثبت بمجرد المرض ، وذهب آخرون إلى أن حق الملكية إنما يكون عند الموت ولكنه يستند إلى وقت بدء المرض ، وذهب فريق ثالث إلى أن حق الورثة وقت المرض ليس حق ملكية بل هو حق خلافة أو إرث ( [590] ) . وأياً كانت طبيعة حق الورثة ، $ 325 $ فإنه حق يقيد من تصرف المريض على النحو الذي أسلفناه .

 $ 326 $ ولما كان تقييد تصرف المريض في مرض الموت يرجع إلى حق الورثة في ماله وفقاً لمبادئ الفقه الإسلامي ، فإن هذا التقييد لا يسري إلا في حق من تجري في ميراثه أحكام الشريعة الإسلامية ، وهؤلاء هم كل المصريين مسلمين كانوا أو غير مسلمين . أما الأجنبي الذي لا تجري فيه ميراثه أحكام الشريعة الإسلامية فلا يسري هذا التقييد في حقه ( [591] ) .

182 - الحكم العام في تصرفات المريض مرض الموت : وقد أورد التقنين المدني نصاً يقرر الحكم العام في تصرفات المريض مرض الموت ، أياً كان هذا التصرف بيعاً أو غير بيع فنصت المادة 916 مدني على ما يأتي : " 1 - كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ويكون مقصوداً به التبرع ، يعتبر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت ، وتسري عليه أحكام الوصية أياً كانت التسمية التي تعطي لهذا التصرف . 2 - وعلى ورثة من تصرف أن يثبتوا أن العمل القانوني قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت ، ولهم إثبات ذلك بجميع الطرق ، ولا يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا لم يكن هذا التاريخ ثابتاً . 3 - وإذا أثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت ، اعتبر التصرف صادراً على سبيل التبرع ، ما لم يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك . كل هذا ما لم توجد أحكام خاصة تخالفه " .

ولسنا هنا في مقام شرح هذا النص ، ونقتصر فيه على القدر الذي يتعلق $ 327 $ بالبيع ( [592] ) ، فقد رأينا أن الفقرة الثالثة من المادة 477 مدني تنص على ما يأتي : " ويسري على بيع المريض مرض الموت أحكام المادة 916 ) . فإذا صدر بيع من المورث ، وبعد موته طعن الورثة في هذا التصرف ، فأول شيء يجب على الورثة عمله في هذا الطعن هو أن يثبتوا أن البيع قد صدر من مورثهم وهو في مرض موته . ولهم إثبات ذلك بجميع الطرق ، ويكون التاريخ العرفي للبيع حجة عليهم إلى أن يثبتوا بجميع طريق الإثبات أن هذا التاريخ قد قدم وأن التاريخ الحقيقي للبيع يقع في مرض الموت ، وقد سبق بيان كل ذلك . فإذا أثبت الورثة أن البيع قد صدر في مرض الموت ، فإن النص يفترض أن البيع حقيقته هبة وأن المريض لم يقبض ثمناً من المشتري وأن الثمن المذكور في العقد إنما هو ثمن صوري . ولكن هذا الفرض قابل لإثبات العكس ( [593] ) ، وعلى المشتري لينقض هذه القرينة أن يثبت أنه دفع فعلاً ثمناً للمبيع لا يقل عن قيمته ( [594] ) . فإذا $ 328 $ لم يستطع إثبات ذلك ، أو ثبت أن الثمن الذي دفعه أقل من قيمة المبيع ، اعتبر البيع –في المبيع كله في الصورة الأولى وفي حدود زيادة قيمة المبيع على الثمن في الصورة الثانية – تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت ، وتسري عليه أحكام الوصية . وهذا ما نتكفل الآن ببيانه .

ب - أحكام البيع في مرض الموت

183 - فروض مختلفة : البيع في مرض الموت إما أن يكون بثمن لا يقل عن قيمة المبيع ، أو بثمن يقل بما لا يجاوز ثلث التركة ، أو بثمن يقل بما يجاوز هذا الثلث ، أو بغير ثمن أصلاً وفي هذه الحالة يكون البيع هبة مستترة .

فهذه فروض مختلفة نستعرضها واحداً بعد الآخر ، ثم نتعقبها بما قرره القانون من حماية الغير حسن النية .

وقد قدمنا أن الورثة إذا اثبتوا أن البيع قد صدر في مرض الموت ، فإن البيع يعتبر صادراً على سبيل التبرع أي يكون هبة بغير ثمن ، ولا عبرة بالثمن المذكور في العقد . وعلى المشتري أن يثبت أنه دفع ثمناً ، وأن يثبت مقدار الذي دفعه من ذلك . فإذا لم يستطع إثبات أنه دفع ثمناً ، كان البيع هبة ، وإذا استطاع إثبات أنه دفع ثمناً ومقدار ما دفعه ، لم تخل الحال كما قدمنا من أن يكون هذا الثمن لا يقل عن قيمة المبيع أو يقل بما لا يجاوز الثلث أو بما يجاوزه ( [595] ) .

 $ 329 $

184 – البيع بما لا يقل عن القيمة : إذا أثبت المشتري أنه دفع ثمناً للبيع لا يقل عن قيمته ، كان البيع صحيحاً نافذاً في حق الورثة دون حاجة إلى إجازتهم ، ويستوي في ذلك أن يكون البيع لوارث أو لغير وارث .

والمراد بالوارث ، في جميع أحكام بيع المريض مرض الموت ، هو من يكون وارثاً وقت موت المورث ، ولو لم يكن وارثاً وقت البيع . أما من كان وارثاً وقت البيع وأصبح غير وارث وقت موته المورث ، فلا يعتبر وارثاً في هذه الأحكام . فلو لم يكن للمورث وقت البيع من الورثة غير بنت وزوجة وأخت ، ثم رزق بعد البيع مولوداً ذكراً ، اعتبر الابن وارثاً ولو أنه لم يكن موجوداً وقت البيع ، ولم تعتبر الأخت وارثة لأنها لا ترث وقت الموت وإن كانت تعتبر وارثة وقت المبيع ( [596] ) . كذلك تقدر قيمة المبيع ، لمعرفة نسبة الثمن إليها ، وقت الموت لا وقت البيع . فلو باع المريض داراً بألفين وكانت قيمتها وقت البيع معادلة لهذا الثمن ، ثم أصبحت قيمتها وقت الموت ألفين وخمسمائة ، فإن البيع هنا يكون بأقل من القيمة بمقدار خمسمائة ، وهذا بالرغم من أنه كان يمثل القيمة في وقت البيع . وعلى العكس من ذلك لو كانت قيمة الدار وقت البيع ألفاً وخمسمائة ، ثم أصبحت ألفين وقت الموت ، فإن البيع يكون بمثل القيمة .

 $ 330 $

وقد كان البيع بمثل القيمة في عهد التقنين المدني السابق يجري التمييز فيه بين البيع لغير وارث والبيع لوارث . ففي البيع لغير وارث يتفق التقنين السابق مع التقنين الجديد في الحكم الذي تقدم بيانه . أما في البيع لوارث فقد كان هناك ، في عهد التقنين المدني الأسبق ، رأيان . الرأي الأول ، وكان الرأي الراجح ، يجعل البيع نافذاً دون حاجة إلى إجازة الورثة كما في البيع لغير الوارث ، وهذا هو رأي الصاحبين في المذهب الحنفي . والرأي الثاني يذهب إلى أن البيع لا ينفذ في حق الورثة إلا بإجازتهم ، لأن المورث خص الوارث بعين المبيع ، وفي هذا ضرب من المحاباة والإيثار ، وهذا هو رأي الإمام أبي حنيفة ( [597] ) .

185 - البيع بأقل من القيمة بما لا يجاوز ثلث التركة : وإذا اثبت المشتري أنه دفع ثمناً للمبيع وأثبت مقدار ما دفع ، وكان هذا المقدار يقل عن قيمة المبيع وقت الموت بما لا يجاوز ثلث التركة ، فإن البيع يكون هنا أ]ضاً صحيحاً نافذاً في حق الورثة دون حاجة إلى إجازتهم ، ويستوي في ذلك أن يكون البيع لوارث أو لغير وارث .

والتركة تقدير بقيمة أموال المورث وقت الموت لا وقت البيع ، وتدخل فيها قيمة المبيع ذاته ( م 477  /  1 مدني ) . فلو أن المريض باع داراً قيمتها وقت البيع ألفان بألف ولم يكن له مال غير هذه الدار ، وقد أصبحت قيمتها وقت الموت ألفاً وخمسمائة ، كان البيع بأقل من قيمة المبيع بمقدار خمسمائة لا بمقدار ألف ، وكان نقص الثمن عن القيمة لا يجاوز ثلث التركة ، وقد أصبحت ألفاً وخمسمائة يوم الموت ودخل المبيع فيها عند تقدير قيمتها كما سبق القول .

وقد كان البيع بأقل من القيمة بما لا يجاوز ثلث التركة في عهد التقنين المدني الأسبق يجري التمييز فيه بين ما إذا كان البيع لغير وارث ويكون الحكم هو ما قدمناه ، وما إذا كان البيع لوارث ولا ينفذ إلا بإجازة الورثة ( [598] ) . ذلك $ 331 $ أن أية محاباة في الثمن تعتبر تبرعاً فتأخذ حكم الوصية ، وكانت الوصية في عهد التقنين المدني السابق لا تجوز لوارث إلا بإجازة الورثة إلى أن صدر قانون الوصية ( رقم 71 لسنة 1946 ) يجيز الوصية لوارث دون حاجة إلى إجازة الورثة ( [599] ) .

186 - البيع بأقل من القيمة بما يجاوز ثلث التركة : وإذا لم يستطع المشتري أن يثبت أنه دفع ثمناً إلا مبلغاً هو أقل من قيمة المبيع وقت الموت بما يجاوز ثلث قيمة التركة وقت الموت أيضا ، فإن البيع في هذه الحالة لا يكون نافذاً في حق الورثة فيما يجاوز ثلث التركة إلا بإجازتهم ( [600] ) . وهذا هو حكم $ 332 $ الوصية ، وقد قدمنا أن المقدار المحابي به يعتبر في حكم الوصية . ويستوي في ذلك أن يكون البيع لوارث أو لغير وارث ( [601] ) . فلو أن المريض باع داراً قيمتها وقت البيع ألفان بألف ، ولم يكن له مال غير هذه الدار ، وقد أصبحت قيمتها وقت الموت ألفاً وثمانمائة ، فإن المقدار الذي حوبى به المشتري يكون ثمانمائة . وهذا يزيد على ثلث التركة – وقدره ستمائة – بمائتين . فلا ينفذ البيع في حق الورثة في الدار بمقدار مائتين إلا بإجازة الورثة ، وينفذ في باقي الدار دون حاجة إلى إجازتهم . فإن لم تجز الورثة في المائتين ، كان على المشتري أن يؤدي إليهم هذا المبلغ ليضاف إلى الألف الذي دفعه ثمناً ، فيخلص للورثة ألف ومائتان ، وهذا المبلغ هو ثلثا التركة الواجب أن يخلص للورثة . وللمشتري أن يفسخ البيع ، فيرد الدار للتركة ، ويسترد منها الألف وهو الثمن الذي دفعه ( [602] ) .

 $ 333 $

وقد كان البيع بأقل من القيمة بما يجاوز ثلث التركة في عهد التقنين المدني السابق يجري التمييز فيه بينما إذا كان البيع لغير وارث ويكون الحكم هو ما قدمناه ( [603] ) ، وما إذا كان البيع لوارث فلا ينفذ في حق الورثة في جميع الدار – لا فيما يجاوز ثلث التركة فحسب – إلا بإجازتهم ( [604] ) .

187 – التصرف بغير ثمن أصلاً : وإذا لم يستطع المشتري أن يثبت أنه دفع ثمناً ما للمريض ، اعتبر التصرف هبة بغير ثمن ، وكان لها حكم الوصية لأنها وقعت في مرض الموت . فإذا كانت قيمة العين لا تزيد على ثلث التركة ، نفذ التصرف في حق الورثة دون حاجة إلى إجازتهم . وإذا زادت قيمة العين على ثلث التركة ، لم ينفذ التصرف فيما جاوز الثلث إلا بإجازة الورثة ، فإن لم يجيزوا وجب على المتصرف له أن يرد إلى التركة ما جاوز الثلث ، أي أن يرد إليها ما يفي بتكملة ثلثيها . ويستوي في ذلك كله أن يكون التصرف لوارث أو لغير وارث . فلو أن المريض تصرف في دار قيمتها وقت الموت ألفان ، ولم يستطع المتصرف له أن يثبت أنه دفع ثمناً ، وكانت قيمة التركة – ويدخل في ذلك قيمة الدار المتصرف فيها – ستة آلاف ، فإن التصرف ينفذ في حق الورثة دون حاجة إلى إجازتهم ، لأن قيمة الدار لا تجاوز ثلث التركة . أما إذا كانت قيمة التركة ثلاثة آلاف والمسألة بحالها ، فإن قيمة الدار تجاوز ثلث التركة بمقدار ألف ، فإذا لم تجز الورثة التصرف وجب على المتصرف له أن يرد إلى التركة ألفاً على النحو الذي قدمناه .

 $ 334 $

وقد كان التصرف بغير ثمن أصلاً في عهد التقنين المدني السابق يجري التمييز فيه بين ما إذا كان التصرف لغير وارث ويكون الحكم هو ما قدمناه ، وما إذا كان التصرف لوارث فلا ينفذ في حق الورثة في جميع الدار – سواء زادت قيمتها على ثلث التركة أو لم تزد – إلا بإجازة الورثة ، فإذا لم يجيزوا وجب على الوارث رد الدار إلى التركة ( [605] ) .

188 - حماية الغير حسن النية : ويتبين مما قدمناه أن هناك حالتين لا ينفذ فيهما تصرف المريض في حق الورثة إلا بإجازتهم ، وهما : ( 1 ) إذا تصرف بغير ثمن أصلاً وكانت قيمة العين تزيد على ثلث التركة . ( 2 ) أو باع بأقل من القيمة بما يجاوز ثلث التركة .

ففي هاتين الحالتين إذا لم تجز الورثة ، ولم يرد المتصرف إليه إلى التركة ما يفي بتكملة ثلثيها ، كان للورثة أن يستوفوا من العين التي تصرف فيها المريض ما يفي بتكملة ثلثي التركة . وإذا تبرع المتصرف له بالعين ، جاز للورثة أن يتتبعوا العين في يد المتبرع له وأن يستوفوا منها حقهم على النحو الذي قدمناه ( [606] ) . أما إذا كان المتصرف له قد تصرف في العين معاوضة لا تبرعاً بأن باعها مثلاً من شخص آخر ، فإن الورثة لا يستطيعون تتبع العين في يد المشتري إذا كان حسن النية ، أي إذا كان المشتري لا يعلم وقت أن اشترى العين أن للورثة حقاً فيها بل كان يعتقد أنها ملك خالص للبائع ( [607] ) . وتقول المادة 478 مدني ، كما رأينا ، في هذا الصدد ما يأتي : " لا تسري أحكام المادة السابقة إضراراً بالغير حسن النية وإذا كان هذا الغير قد كسب بعوض حقاً عينياً على العين المبيعة " . ولا يبقى للورثة في هذه الحالة إلا الرجوع بحقهم على من تصرف له المريض .

 $ 335 $

والحكم لا يتغير فيما إذا كان المتصرف له رهن العين أو رتب عليها حق إرتفاق أو حق انتفاع أو حق عيني آخر ، وكان من تلقى الحق العيني حسن النية . فيجب في هذه الحالة أن يحترم الورثة هذا الحق العيني ، ولا يستوفوا من العين حقهم إلا وهي محملة بهذا الحق ( [608] ) .

4 - بيع الوارث لعين في التركة قبل سداد الديون

189 – وضع المسألة – سريان مبادئ الفقه الإسلامي : قدمنا أن هناك صوراً مختلفة لبيع التركة ، وقد استبعدنا من هذه الصور بيع الحقوق الاحتمالية في تركة دون ضمان صفة الوارث وبيع التركة المستقبلة . وعالجنا صورة ثالثة هي بيع الوارث لحصته في التركة أي لنصيبه في مجموع من المال مع ضمان صفته كوارث ، سواء كان البيع لغير وارث أو كان لوارث وهو التخارج . ويبقى أن نعالج هنا الصورة الأخيرة وهي بيع الوارث لعين معينة بالذات من أعيان التركة قبل سداد الديون .

لو أننا كنا نطبق مبادئ القانون الفرنسي ، حيث تنتقل الديون إلى ذمة الورثة كما تنتقل الحقوق ، لكان الوارث يستطيع أن يبيع أعيان التركة قبل سداد الديون . فإن هذه الأعيان قد انتقلت إلى ملكيته بمجرد موت المورث وقبول الوارث للميراث ، كما أن الديون قد انتقلت إلى ذمته ، فله أن يبيع الأعيان ، ثم يسدد الديون بعد ذلك ولو من ماله الشخصي .

ولكن مبادئ الفقه الإسلامي تتعارض مع التصوير المتقدم ، فديون التركة وفقاً لهذه المبادئ تتعلق بأموالها ، فتجب معرفة متى تنتقل أموال التركة للورثة ، ومدى تعلق حقوق الدائنين بهذه الأموال ، ويستتبع ذلك أن نتساءل هل يستطيع الورثة أن يتصرفوا في أعيان التركة قبل سداد ديونها .

 $ 336 $

وقد كان هناك خلاف محتدم في عهد التقنين المدني الأسبق فيما إذا كانت مبادئ الفقه الإسلامي هي التي تسري في انتقال أموال التركة إلى الورثة أو هي مبادئ القانون الفرنسي ، فانقسم الفقهاء إلى فريقين ، فريق يقول بالرأي وكان هو الرأي الراجح ، وفريق يقول بالرأي الثاني ( [609] ) . وقد حسم التقنين $ 337 $ المدني الجديد هاذ الخلاف وأخذ صراحة بالرأي الأول ، فنصت الفقرة الأولى $ 338 $ من المادة 875 مدني على أن " تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال أموال التركة إليهم تسري في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها " فلم يقتصر سريان أحكام الشريعة الإسلامية على تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث ، بل امتد أيضاً إلى انتقال أموال التركة إلى الورثة وهذه هي المسألة التي كانت محل خلاف في الماضي ، وقد حسم الخلاف فيها نص صريح كما نرى . إذن لا بد من تطبيق مبادئ الفقه الإسلامي في انتقال أموال التركة إلى الوارث ، وفي حكم بيع الوارث لأعيان التركة قبل سداد ديونها . وقد أخذت فعلاً نصوص التقنين المدني الجديد في الميراث وسداد ديون التركة بهذه المبادئ ، سواء خضعت التركة لنظام التصفية أو لم تخضع .

فنبحث إذن مسائل خمساً : ( 1 ) انتقال أموال التركة إلى الورثة في الفقه الإسلامي ( 2 ) تصرف الورثة في أعيان التركة قبل سداد الديون في الفقه الإسلامي ( 3 ) انتقال أموال التركة إلى الورثة في التقنين المدني الجديد ( 4 ) تصرف الورثة في أعيان التركة التي مل تخضع لنظام التصفية في التقنين المدني الجديد ( 5 ) تصرف الورثة في أعيان التركة التي خضعت لنظام التصفية في التقنين المدني الجديد .

 $ 339 $

190 - انتقال أموال التركة إلى الورثة في الفقه الإسلامي : من المقرر في الفقه الإسلامي أن ديون الميت تتعلق بما يتركه من أموال ، فتصبح التركة هي المسئولة عن سداد هذه الديون . والدين يتعلق بمالية التركة لا بذوات أعيانها ، إذ حق الدائن هو أن يستوفى الدين من مالية التركة لا من عين بالذات .

وإذا بحث الفقهاء ، في الفقه الإسلامي ، متى تنتقل أعيان التركة إلى الورثة ، فليس الغرض من تحديد وقت انتقال الملكية القول بأن الورثة يستطيعون التصرف في هذه الأعيان من هذا الوقت . فإن ملكية الأعيان تنتقل إليهم والديون المتعلقة بماليتها كما قدمنا ، فيقيد هذا ومن حق الورثة في التصرف كما سنرى . ولكن هناك نتائج أخرى تتوقف على تحديد وقت انتقال ملكية التركة إلى الورثة ، وهل يكون وقت موت المورث أو تبقى التركة على ملك الميت حتى تسدد الديون . ونذكر من هذه النتائج اثنتين : ( 1 ) نماء أعيان التركة بالزيادة المتولدة – متصلة كانت أو منفصلة – كالثمرة والولد والريع والسمن ، إذا قلنا ببقاء التركة على ملك الميت يكون ملكاً للميت ، فيقضي من هذا النماء ديونه وتنفذ وصاياه . وإذا قلنا با ، الملكية تنتقل إلى الورثة بمجرد موت المورث ، فإن هذا النماء يكون ملكاً للورثة ، فلا تقضي منه ديون الميت ولا تنفذ منه وصاياه . ( 2 ) نفقات أعيان التركة ، كنفقة الحفظ والصيانة وكمصروفات الحمل والخزن وكطعام الحيوان ، تكون على التركة فيما إذا بقيت ملك الميت . أما إذا انتقلت إلى الورثة بمجرد موت المورث ، فإن هذه النفقات تكون على الورثة ، حتى إذا بيعت أعيان التركة في ديون الميت لم يكن للورثة الرجوع بما أنفقوا ، ويكون عليهم أن يتخلصوا من هذه النفقات بالمبادرة إلى بيع الأعيان لسداد الديون . وكما أن لهم نماء الأعيان يكون عليهم نفقتها ، والغرم بالغنم .

وقد اختلفت المذاهب الفقهية في تحديد وقت انتقال التركة إلى ملك الورثة ، فمنها ما ذهب إلى بقاء التركة على ملك الميت ، ومنها ما ذهب إلى انتقالها فوراً إلى ملك الورثة ، ومنها ما ميز بين حالة وحالة .

 $ 340 $

فعند المالكية تبقى أموال التركة على ملك الميت بعد موته إلى أن يسدد الدين ، مستغرقاً للتركة أو لم يكن مستغرقاً لها .

وعند الشافعية والحنابلة تنتقل أموال التركة إلى ملك الورثة فوراً بموت المورث ، مع تعلق الدين بها على النحو الذي قدمناه ، سواء كان الدين مستغرقاً للتركة أو غير مستغرق لها . وفي المذهب الحنبلي ، إلى جانب هذا القول ، قول آخ يذهب إلى بقاء التركة على ملك الميت إلى أن يسدد الدين ، وهو قول يتفق مع مذهب مالك .

وعند الحنفية يجب التمييز بين ما إذا كان الدين مستغرقاً للتركة أو كان غير مستغرق لها . فإن كان الدين مستغرقاً ، تبقى أموال التركة على ملك الميت ولا تنتقل إلى ملك الورثة . بل لا يستطيع الورثة أن يستخلصوا أموال التركة إلا إذا دفعوا كل الديون ، ولا يكفي أن يدفعوا قيمة التركة ، وهذا على الرأي المشهور في المذهب الحنفي . وفي قول آخر يكفي لاستخلاص أموال التركة أن يدفع الورثة للدائنين قيمة هذه الأموال لا جميع الديون . وأما إن كان الدين غير مستغرق للتركة ، فالرأي الراجح أن أموال التركة تنتقل إلى الورثة بمجرد موت المورث مع تعلق الدين بهذه الأموال . وهناك رأي ثان يذهب إلى أن الأموال لا تنتقل في هذه الحالة إلى الورثة إلا بعد سداد الدين ، وهذا الرأي يتفق مع مذهب المالكية . وهناك رأي ثالث يذهب إلى أنه يبقى على ملك الميت من الأموال ما يكفي لسداد الدين ، وتنتقل بقية الأموال إلى الورثة ( [610] ) .

191 – تصرف الورثة في أعيان التركة قبل سداد الديون في الفقه الإسلامي : اختلفت المذاهب الفقهية في صحة هذا التصرف ، ولكن اختلافها لا يتفرع حتماً على اختلافها في الوقت الذي تنتقل فيه التركة إلى ملك الورثة ، وإلا لوجب أن يقول من يذهب إلى انتقالها إلى ملك الوارث بمجرد موت $ 341 $ المورث بصحة تصرف الوارث قبل سداد الدين ، وأن يقول من يذهب إلى بقائها على ملك الميت بعدم صحة هذا التصرف وسنرى بعد عرض المذاهب في هذه المسألة أن هذا ليس مطرداً .

فعند المالكية ، وهم القائلون ببقاء أموال التركة على ملك الميت حتى يسدد الدين ، يقتضي منطق هذا القول أن يكون تصرف الوارث في أعيان التركة قبل سداد الدين باطلاً سواء كان الدين مستغرقاً أو غير مستغرق . ولكن هذا هو أحد رأيين في المذهب ، وليس مبنياً على انعدام ملك الورثة بل على حماية حق الدائن فهو مقدم على حق الورثة . والرأي الآخر يذهب إلى أن تصرف الوارث في التركة المدينة قبل أداء الدين صحيح إذا لم يمس حق الدائن ولم يتضرر هذا به ، كأن يأذن فيه قبل أن يباشره الوارث ، أو ينزل عن دينه ، أو يبقى من التركة بعد التصرف ما يكفي لسداد الدين . لا فرق في ذلك كله بين أن يكون الدين مستغرقاً للتركة أو غير مستغرق . وإذا لم يستطع الدائنون أخذ حقوقهم إلا من المبيع ، فلذلك حالتان . الأولى أن يكون الوارث عالماً بالدين وقت تصرفه أو أن يكون الميت مشهوراً بالدين ، وعند ذلك يفسخ البيع إلا إذا دفع المشتري قيمة المبيع يوم قبضه ، فإذا دفعها لزم البيع ورجع المشتري على بائعه من الورثة بما غرم من قيمته . والحالة الثانية أن يكون الوارث غير عالم بالدين ولا يكون الميت مشهوراً بأنه مدين ، وعند ذلك يسلم المبيع لمشتريه ، ويرجع الدائنون على الوارث بقدر الثمن الذي قبضه من المشتري سواء كان فيه وفاء بالدين أو لم يكن ، ولا رجوع لهم على المشتري بشيء إلا إذا حاباه الوارث في البيع فيرجع الدائنون بقدر المحاباة فقط ( [611] ) .

 $ 342 $

والحنابلة كالمالكية عندهم رأيان : أحدهما أن تصرف الوارث في التركة المدينة قبل أداء المدين بغير إذن الغرماء ، باطل ، والثاني أنه صحيح نافذ ما دام لم يمس حقوق الدائنين . ولكن الحنابلة يقفون عند وقت انتقال التركة للورثة ، فمن قال منهم إنها لا تنتقل إلا بعد سداد الدين ذهب إلى بطلان تصرف الوارث قبل السداد ، ومن قال إنها تنتقل فوراً بموت المورث ذهب إلى صحة هذا التصرف ( [612] ) .

وعند الشافعية ، وهم القائلون بانتقال أموال التركة إلى ملك الورثة فوراً بموت المورث ، لا يجوز مع ذلك للوارث أن يتصرف في أموال التركة المدينة ، ولو كان الدين غير مستغرق للتركة . ذلك أن التركة تنتقل إلى الوارث مثقلة بالدين ، فيتعلق الدين بها كما يتعلق الرهن ، والرهن عند الشافعية يمنع من بيع $ 343 $ العين المرهونة . وكان مقتضى ذلك أنه يجوز للوارث بيع مال التركة بإذن الدائن ، ولكنهم مع ذلك لا يجيزون التصرف ولو بإذن الدائن ، لأن الدين لا يزال معلقاً بنفس الميت ، بخلاف الرهن فإن إذن المرتهن يسقطه . فالشافعية إذن يذهبون إلى أن تصرف الوارث في التركة المدينة بأي دين ، ولو لم يكن مستغرقاً ، قبل سداده تصرف باطل . وللدائنين أن يتتبعوا أعيان التركة في يد المشتري ، وللمشتري الرجوع على الوارث بما أدى من الثمن . ويستثنى من ذلك تصرف الوارث في التركة لسداد الدين ، فهو صحيح إذا كان بإذن جميع الدائنين ، أو بإذن القاضي إذا لم يكن الثمن أقل من القيمة . وهناك رواية أخرى في مذهب الشافعي أنه يصح تصرف الوارث في التركة المدينة ، لأن الدين حق تعلق بالمال من غير رضا المالك فلم يمنع التصرف كمال المريض ، فإن قضى الوارث الدين لزم تصرفه ، وإن لم يقضه فسخ التصرف ( [613] ) .

وعند الحنفية ، وهم القائلون بانتقال أموال التركة إلى الورثة بمجرد موت المورث إذا كان الدين غير مستغرق وإلا فببقائها على ملك الميت ، لا يجوز مع ذلك للوارث حق التصرف لحسابه الشخصي ، وإلا كان التصرف باطلاً ، سواء كانت التركة مستغرقة بالدين أو غير مستغرقة . ويتبع الدائن العين في يد المشتري لبطلان التصرف ، ويرجع المشتري على الوارث بما أدى من الثمن . على أنه يجوز للوارث باعتباره خليفة عن الميت أن يتصرف في أموال التركة المدينة لسداد الدين ، ويصح تصرفه في هذه الحالة . وهناك من فقهاء الحنفية من لا يقول ببطلان التصرف ، إلا إذا كانت التركة مستغرقة بالدين وكان الوارث $ 344 $ يتصرف لحسابه الشخصي . أما إذا لم تكن التركة مستغرقة بالدين ، وتصرف الوارث لحسابه الشخصي ، كان التصرف صحيحاً نافذاً ما بقى في التركة ما يفي بسداد الدين ، أو أجاز الدائن التصرف ( [614] ) .

ويخلص مما قدمناه عن اختلاف المذاهب في هذه المسألة أن الأساس الذي يقوم عليه تقييد حق الوارث في التصرف قبل سداد الدين هو حماية الدائن ، وليس هو انعدم الملكية أو وجودها عند الوارث . واختلاف الأقوال يرجع إلى اختلاف الطريقة التي يحمي بها حق الدائن . فمن الأقوال ما يمعن في حماية الدائن إلى حد أن يبطل تصرف الوارث قبل سداد الدين ، وهذا قول في كل من المذاهب الأربعة . ومنها يجعل تصرف الوارث صحيحاً بشرط ألا يمس $ 345 $ حق الدائن ، فينفذ التصرف بإجازة الدائن أو بنزوله عن دينه أو ببقاء مال في التركة يكفي لسداد الدين ، وهذا قول آخر في كل من المذاهب الأربعة كذلك .

192 – انتقال التركة المدينة إلى الورثة في التقنين المدني الجديد : وقد عنى التقنين المدني الجديد بتنظيم القاعدة الفقهية التي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، وهي القاعدة التي رأينا المذاهب الفقهية المختلفة قد تضاربت في تحديدها وفي استخلاص نتائجها . فأورد نظاماً مفصلاً لتصفية التركات المدينة ، بعد أن قرر إجمالاً وجوب إتباع الفقه الإسلامي في الميراث ، لا في تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم فحسب ، بل أيضاً في كيفية انتقال أموال التركة إلى الورثة كما سبق القول .

ونوجز هنا ما انطوت عليه نصوص التقنين المدني الجديد من مبادئ رئيسية في انتقال أموال التركات من المورث إلى الوارث ، وفي حقوق الدائنين المتعلقة بالتركة وكيفية سداد الديون . وقد انطوى التقنين المدني في هذا الصدد على مبادئ رئيسية ثلاثة ، استقيت كلها من مبادئ الفقه الإسلامي في مذاهبه المختلة :

أولاً – تنتقل أموال التركة إلى الورثة بمجرد موت المورث ، مع تعلق حقوق الدائنين بها . فتنتقل هذه الأموال مثقلة بحق عيني هو أقرب إلى أن يكون حق رهن ، ولكنه رهن مصدره القانون وليس الاتفاق مع الدائنين ، فهو رهن قانوني . ولابد من شهر هذا الحق ليكون نافذاً في حق الغير ممن عسى أن يتصرف له الوارث ( [615] ) .

 $ 346 $

ثانياً – ولما كانت أموال التركة تنتقل إلى الورثة بمجرد موت المورث ، فإنه يجوز للورثة منذ هذا الوقت أن يتصرفوا فيها ، ولكن تصرفهم يكون خاضعاً لحقوق الدائنين على النحو الذي أسلفناه .

ثالثاً – ويكون سداد الديون ، إذا لم تخضع التركة لنظام التصفية ، بموجب إجراءات فردية يتولاها كل دائن لنفسه ، فيتخذ من الإجراءات التحفظية والإجراءات التنفيذية لاستيفاء حقه من أموال التركة ما يقرره القانون لكل دائن ، وذلك إما عن طريق الحجز على هذه الأموال وهي في يد الورثة وإما عن طريق تتبعها والحجز عليها في يد الغير إذا تم الشهر الذي أسلفنا الإشارة إليه – ويترتب على ذلك أن حالة الدائنين بعد موت المورث ، من حيث الالتجاء إلى الإجراءات الفردية ، تماثل حالتهم قبل موته . فمن سبق منهم غيره إلى التنفيذ ظفر بحقه ، ومن تأخر فقد يضيع عليه حقه كله أو بعضه . على أنه لا يجوز لأي دائن بعد موت المدين أخذ اختصاص على عقار في التركة ( م 1085  /  2 مدني ) . أما إذا خضعت التركة لنظام التصفية ، فلا يكون سداد الديون إلا بإجراءات جماعية يتولاها المصفي نيابة عن التركة . ومن ثم لا يجوز لأي دائن أن يتخذ إجراءات فردية لاستيفاء حقه ، بل يقوم المصفي في التركة – كما يقوم السنديك في التفليسة - بجرد أموال التركة وحصر الديون التي عليها وسدادها وتزيع ما بقى بعد السداد على الموصي لهم والورثة . وإن ضاقت التركة بوفاء الديون ، تحاص الدائنون ، وأخذ كل منهم حصة بنسبة دنيه ، ولم يأخذ الموصي لهم والورثة شيئاً .

193 – تصرف الوارث في أعيان التركة المدينة التي لم تخضع لنظام التصفية : ونخصص القول هنا في حكم تصرف الوارث في أعيان التركة المدينة قبل سداد الدين إذا كانت هذه التركة لم تخضع لنظام التصفية . وقد قدمنا أن حقوق الدائنين تتعلق بأعيان التركة أشبه ما تكون بحق الرهن ، وأنه لا بد من شهر هاذ الحق ليكون نافذاً في حق من تصرف له الوارث ، ويكون الشهر بتأشير الدائن بدينه في خلال سنة من شهر حق الإرث ، ويجري التأشير $ 347 $ أمام اسم المورث في سجل عام تدون فيه أسماء المورثين بحسب الأوضاع المقررة للفهارس الأبجدية .

فإذا تم التأشير على هذا النحو ، استطاع الدائن أن ينفذ بحقه على عقارات التركة ولو كان الورثة قد تصرفوا فيها ، فيتتبعها في يد من وقع التصرف لهم . وقد ورد ها الحكم في المادة 914 مدني ، إذ تنص على ما يأتي ، " إذا لم تكن التركة قد صفيت وفقاً لأحكام النصوص السابقة : جاز لدائني التركة العاديين أن ينفذوا بحقوقهم أو بما أوصى به لهم على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها أو التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير ، إذا أشروا بديونهم وفقاً لأحكام القانون ( [616] ) " . وأحكام القانون هنا تبينها المادة 14 من قانون تنظيم الشهر العقاري ، وتجري على الوجه الآتي : " يجب التأشير بالمحررات المثبتة لدين من الديون العادية على المورث في هامش تسجيل الإشهادات أو الأحكام أو السندات وقوائم الجرد المتعلقة بها ويحتج بها التأشير من تاريخ حصوله ، ومع ذلك إذا تم التأشير خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً عقارياً وقام بشهره قبل هذا التأشير ( [617] ) " .

 $ 348 $

وتطبيقاً لما قدمناه نفرض أن الوارث قد باع عقاراً في التركة قبل أن يسدد ديونها . فإذا كان الدائن قد أشر بدينه على النحو الذي أسلفناه في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث ، ولم يستوف حقه من الوارث أو من أي طريق آخر ، كان له أن يتتبع العقار تحت يد المشتري ، كما كان يتتبعه لو أنه كان دائناً مرتهناً ، فيستوفي حقه منه ، حتى لو كان البيع مسجلاً قبل تأشير الدائن بدينه ما دام التأشير قد تم في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث كما سبق القول . ونرى من ذلك أن من يتعامل مع الوارث فيشتري منه عقارات للتركة ، يجب عليه أن يتحوط فلا يقدم على الشراء قبل انقضاء سنة من تاريخ شهر حق الإرث ( [618] ) . وعند ذلك يستطيع أن يتبين ما إذا كان هناك دائن للتركة أشر بدينه $ 349 $ حتى يتعامل مع الوارث على هذا الأساس . فأما أن يحتجز من الثمن مقدار الدين ليقوم هو بسداده للدائن ، وإما أن يجعل الوارث يفي بالدين ، فإن لم يفعل لا هذا ولا ذاك عرض نفسه لإجراءات التتبع التي يقوم بها دائن التركة ( [619] ) .

فإذا لم يقم الدائن بالتأشير بدينه في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث ، لم يعد حقه نافذاً في مواجهة المشتري إذا سجل المشتري البيع بقبل أن يقوم الدائن بالتأشير بعد انقضاء السنة . فإذا أشر الدائن بدينه بعد انقضاء سنتين مثلاً ، فإن كان المشتري قد سجل البيع قبل هذا التأشير لم يستطع الدائن تتبع العقار في يده ، ما لم يكن المشتري سيء النية متواطئاً مع الوارث بحيث يجوز للدائن أن يطعن في البيع بالدعوى البولصية . وإن كان المشتري قد سجل البيع بعد تأشير الدائن ، كان للدائن أن يتتبع العقار في يد المشتري وأن يستوفى منه حقه ( [620] ) . وفي جميع الأحوال يجوز للدائن ، إذا لم يستطع أو لم يرد تتبع العقار ، أن يستوفى حقه من أموال التركة الأخرى التي لا تزال باقية في يد الوارث ، كما له أن يرجع بالتعويض على الوارث في ماله الشخصي إذا كان هذا قد باع العقار غشاً وإضراراً بحقوق الدائن ولو لم تتوافر شروط الدعوى البولصية .

أما إذا كانت العين التي باعها الوارث قبل سداد الدين منقولاً ، فلا تأثير لتأشير الدائن بدينه في هذا البيع وينظر في هذه الحالة إلى المشتري ، فإن كان سيء النية ، أي يعلم أن المنقول الذي يشتريه هو من أموال تركة لم تسدد ديونها ، $ 350 $ جاز للدائن أن يتتبع هذا المنقول في يد المشتري وأن يستوفي حقه منه . أما إذا كان المشتري حسن النية ، فقد ملك المنقول بالحيازة ، ولا يستطيع الدائن أن يتتبعه في يده ، وليس له إلا الرجوع بحقه على بقية أموال التركة التي لا تزال في يد الوارث . فإن لم يجد شيئاً يستوفي منه حقه ، رجع بثمن المنقول على الوارث إذا كان حسن النية ، أو رجع عليه بالتعويض إذا كان سيء النية أي يعلم قبل أن يبيع المنقول أن على التركة ديناً لم يسدد .

194 – تصرف الوارث في أعيان التركة المدينة التي خضعت لنظام التصفية : وقد تخضع التركة المدينة لنظام التصفية . ونبادر إلى القول إن كل تركة لا تخضع حتماً لهذا النظام ، بل إ الكثرة الغالبة من التركات لا تخضع له ، لما فيه من إجراءات طويلة ومصروفات كثيرة ، مما يجعل النظام غير صالح إلا للتركات الكبيرة الكثيرة الديون . ومن ثم جعل طلب إخضاع التركة لنظام التصفية رخصة لأي من ذوي الشأن – الدائن أو الموصي له أو الوارث على أن يخضع هذا الطلب لتقدير القاضي ، فإن لم ير موجباً لذلك رفض إخضاع التركة لهذا النظام ( [621] ) . وهذا كله إذا لم يعين المورث نفسه وصياً لتركته . فإن عين وصياً للتركة ، وأقر القاضي هذا التعيين ، فإنه يسري على وصي التركة ما يسري على المصفي من أحكام ( م 878 مدني ) . وهذا ما تنص عليه المادة 876 مدني في خصوص جواز إخضاع التركة لنظام التصفية : " إذا لم يعين المورث وصياً لتركته ، وطلب أحد ذوي الشأن تعيين مصف لها ، عينت المحكمة ، إذا رأت موجباً لذلك ، من تجمع الورثة على اختياره . فإن لم تجمع الورثة على أحد ، تولى القاضي $ 351 $ اختيار المصفي ، على أن يكون بقدر المستطاع من بين الورثة ، وذلك بعد سماع أقوال هؤلاء " .

فإذا خضعت التركة للتصفية ، قام مقام تأشير الدائن بدينه على النحو الذي بيناه فيما تقدم قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي . وقد نصت المادة 879 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " 1 - على كاتب المحكمة أن يقيد يوماً فيوماً الأوامر الصادرة بتعيين المصفي وبتثبيت أوصياء التركة في سجل عام تدون فيه أسماء المورثة بحسب الأوضاع المقررة للفهارس الأبجدية . ويجب أن يؤشر في هامش السجل بكل أمر يصدر لعزل ، وبكل ما يقع من تنازل . 2 - ويكون لقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي من الأثر في حق الغير الذي يتعامل مع الورثة في شأن عقارات التركة ما للتأشير المنصوص عليه في المادة 914 " . فأي تصرف يصدر من الوارث ، إذا قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث ، لا يكون نافذاً في حق دائني التركة ، ولهؤلاء أن يتتبعوا العقار المبيع في يد المشتري على النحو الذي بيناه تفصيلاً في حالة تأشير الدائن بدينه في خلال السنة . أما إذا قيد الأمر المذكور بعد انقضاء سنة من تاريخ شهر حق الإرث ، فالعبرة بالأسبقية في الشهر كما سبق القول . وكذلك للدائنين تتبع منقولات التركة التي يبيعها الورثة قبل سداد الديون ، ما لم يكن المشتري حسن النية على التفصيل الذي أوردناه فيما تقدم . بل إن الوارث إذا تصرف غشاً في شيء من مال التركة الخاضعة لنظام التصفية ، عوقب بعقوبة التبديد كما سنرى .

على أن نظام التصفية ذاته يقضي بغل يد الورثة عن التصرف في أعيان التركة ، ويجعل سداد ديون التركة عن طريق إجراءات جماعية كما سبق القول . فيقوم المصفي ، كما قدمنا ، بجرد أموال التركة ، وحصر الديون التي عليها ، وسدادها وتوزيع ما بقى بعد السداد على الموصي لهم والورثة . ولا يجوز من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي أن يتخذ الدائنون أي إجراء ، كما لا يجوز لهم أن يستمروا في أي إجراء اتخذوه ، إلا في مواجهة المصفي ( م 883  /  1 مدني ) . ولا يجوز للوارث ، قبل أن تسلم إليه شهادة التوريث ، أن يتصرف في مال التركة ، كما لا يجوز له أن يستوفى ما للتركة من ديون أو أن يجعل ديناً عليه قصاصاً بدين للتركة ( م 884 منه ) . وعلى المصفي أن يكلف دائني التركة $ 352 $ ومدينيها أن يقدموا بياناً بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون ، وأن يودع قلم كتاب المحكمة خلال أربعة أشهر من يوم تعيينه قائمة تبين ما للتركة وما عليها وتشتمل على تقدير لقيمة هذه الأموال ( م 886 – 887 مدني ) . ويعاقب بعقوبة التبديد كل من استولى غشاً على شيء من مال التركة ، ولو كان وارثاً ( م 889 مدني ) . ثم تصفى المنازعات في صحة الجرد ، ولو عن طريق دعاوى أمام المحكمة المختصة ، ويقوم المصفي بعد ذلك بوفاء ديون التركة . ولكن عليه في حالة إعسار التركة أو احتمال إعسارها ، أن يقف تسوية أي دين حتى يفصل نهائياً في جميع المنازعات المتعلقة بديون التركة ( م 892 مدني ) . ويجوز للمحكمة بناء على طلب جميع الورثة أن تحكم بحلول الدين المؤجل الذي على التركة بشروط معينة ، فإذا لم يقض بحلول الأجل تتولى المحكمة توزيع الديون المؤجلة وتوزيع أموال التركة بحيث يختص كل وارث من جملة ديون التركة ومن جملة أموالها بما يكون في نتيجته معادلاً لصافي حصته في الإرث . وترتب المحكمة لكل دائن من دائني التركة تأميناً كافياً على عقار أو منقول ، على أن تحتفظ لمن كان له تأمين خاص بنفس هذا التأمين . فإن استحال تحقيق ذلك ، ولو بإضافة ضمان تكميلي يقدمه الورثة من مالهم الخاص أو بالاتفاق على أية تسوية أخرى ، رتبت المحكمة التأمين على أموال التركة جميعها ( م 895  /  1 و 2 مدني ) . وبعد تسوية الديون على هذا النحو ، إذا ظهر دائن للتركة لم يستوف حقه لعدم ذكره في قائمة الجرد ولم تكن له تأمينات على أموال التركة ، لم يجز لهذا الدائن أن يرجع على من كسب بحسن نية حقاً عينياً على أموال التركة ، وإنما له الرجوع على الورثة بسبب إثرائهم ( م 897 مدني ) .

وبعد أن يقوم المصفي بتنفيذ التزامات التركة من تجهيز الميت وسداد الديون والتكاليف والوصايا وغير ذلك ( [622] ) ، يخلص ما بقى من المال للورثة كل بحسب نصيبه الشرعي ، ويسلم المصفي لهم ما آل إليهم من هذه الأموال ( م 899 - $ 353 $ 900 مدني ) . و تسلم المحكمة إلى كل وارث يقدم إعلاماً شرعياً أو ما يقوم مقام هذا الإعلام شهادة تقرر حقه في الإرث ، وتبين مقدار نصيبه منه ، وتعين ما آل إليه من أموال التركة ( م 901 مدني ) . وهذه الشهادة هي التي يسجلها ، فيشهر بذلك انتقال المال الموروث إليه . وهي تبيح له من وقت تسلمها التصرف في هذه الأموال ، كما سبق القول . على أنه يجوز للورثة ، بمجرد انقضاء الميعاد المقرر للمنازعات المتعلقة بالجرد ، المطالبة بأن يستلموا بصفة مؤقتة الأشياء أو النقود التي يحتاج لها في تصفية التركة ، أو أن يتسلموا بعضاً منها ، وذلك مقابل كفالة أو بدون تقديمها ( م 900 مدني ) . وغني عن البيان أن الوارث الذي يتسلم شيئاً من ذلك يكون له حق التصرف فيه ، ولو قبل أن يتسلم شهادة التوريث .

5 - بيع المحجوز عليه والمعسر

195 - بيع المحجوز عليه : يبدأ التنفيذ على عقار المدين بإعلان التنبيه بنزع ملكية العقار إلى المدين ( م 610 مرافعات ) . ويجب تسجيل التنبيه قبل انقضاء ستين يوماً على إعلانه وإلا اعتبر كأن لم يكن ، ولا يجوز تسجيله قبل مضي خمسة عشر يوماً على إعلانه ( 613 مرافعات ) . ويترتب على تسجيل التنبيه اعتبار العقار محجوزاً ، ويسقط هذا التسجيل ويحصل شطبه بمجرد طلبه بعريضة تقدم إلى مكتب الشهر إذا لم يعقبه خلال المائتين والأربعين يوماً التالية له التأشير على هامشه بما يفيد الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع أو صدور أمر قاضي البيوع بمد هذا الميعاد ( 651 مرافعات ) .

فإذا ما تم تسجيل التنبيه على النحو المتقدم فاعتبر العقار محجوزاً ، لم يعد يجوز لمالك العقار المحجوز ، سواء كان هو المدين أو الحائز للعقار ، أن يبيعه . وبيع المالك العقار لا يكون نافذاً في حق الدائن الحاجز ولا في حق الراسي عليه المزاد ، إلا إذا كان البيع قد حصل تسجيله قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية . فإن سجل التنبيه قبل تسجيل البيع ، كان البيع غير نافذ في حق هؤلاء . وقد كان تقنين المرافعات الوطني السابق لا ينص صراحة على هذا الحكم ، وإن $ 354 $ نص عليه تقنين المرافعات المختلط ( [623] ) . فاختلف الرأي في تحديد الوقت الذي يمنع فيه المحجوز عليه من بيع عقاره أهو وقت تسجيل التنبيه أم هو وقت البيع بالمزاد ( [624] ) . ولكن تقنين المرافعات الجديد حسم هذا الخلاف ، ونص صراحة على منع المحجوز عليه من بيع العقار المحجوز من وقت تسجيل التنبيه ، إذ نصت المادة 616 مرافعات على أنه " لا ينفذ تصرف المدين أو الحائز في العقار ، ولا ما يترتب عليه من رهن أو اختصاص أو امتياز ، في حق الحاجزين ولو كانوا دائنين عاديين ولا في حق الدائنين المشار إليهم في المادة 637 ( الدائنين المقيدة حقوقهم قبل تسجيل التنبيه فأصبحوا طرفاً في الإجراءات ) ولا الراسي عليه المزاد ، إذاك أن التصرف أو الرهن أو الاختصاص أو الامتياز قد حصل شهره بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية . ومع ذلك ينفذ التصرف أو الرهن أو الاختصاص أو الامتياز المشار إليه إذا قام ذوو الشأن قبل اليوم المحدد للبيع ، بإيداع مبلغ يكفي للوفاء بأصل الديون والفوائد والمصاريف التي للحاجزين والدائنين المشار إليهم سواء حلت ديونهم أو لم تحل مع إعلانهم جميعاً بالإيداع ، وتكون هذه المبالغ مخصصة لوفاء ديون من ذكروا دون غيرهم من الدائنين . فإذا لم يحصل الإيداع قبل إيقاف البيع ، فلا يجوز لأي سبب منح ميعاد للقيام به " .

ويخلص من النص المتقدم أن بيع العقار المحجوز إذا لم يسجل قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية – فلا يكفي إذن أن يكون البيع ثابت التاريخ قبل تسجيل التنبيه – لا يكون نافذاّ في حق الدائنين الحاجزين والدائنين المقيدة حقوقهم قبل تسجيل التنبيه والراسي عليه المزاد ( [625] ) . فيستطيع هؤلاء أن يواصلوا إجراءات التنفيذ دون التفات لهذا البيع ، إذ هو غير سار في حقهم ، وللراسي عليه المزاد أن $ 355 $ يخلص بالعقار دون أن يحتج عليه بالبيع ( [626] ) . فإذا استوفى الدائنون حقوقهم من الثمن الذي رسا به المزاد ، وبقى فضل ، فهذا الفضل للمشتري ، لأن البيع لا يزال قائماً بينه وبين البائع . وللمشتري بعد ذلك أن يرجع على البائع بضمان الاستحقاق ، كما أن له أن يفسخ البيع ، وذلك كله وفقاً للقواعد العامة . ونرى من ذلك أن عدم نفاذ التصرف في حق الدائنين هنا هو تطبيق مبسط للدعوى البولصية ، فقد فرض القانون أن المشتري الذي سجل البيع بعد تسجيل التنبيه يعلم بالحجز وأنه متواطئ مع مالك العقار ، ومن ثم يكون البيع غير نافذ في حق الدائنين كما لا ينفذ تصرف المدين الذي وقع إضراراً بحقوق الدائنين في الدعوى البولصية .

ويترتب على ما قدمناه أن بيع العقار المحجوز ، إذا سجل بعد تسجيل التنبيه ، ينفذ مع ذلك في حق الدائنين ( [627] ) في الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا قام المشتري قبل اليوم المحدد للبيع في المزاد بإيداع مبلغ يكفي للوفاء أصل الدين والفوائد والمصروفات التي للدائنين الحاجزين والدائنين المقيدة حقوقهم على العقار ، وسواء حلت ديونهم أو لم تحل ، مع إعلانهم جميعاً بالإيداع . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 616 مرافعات السالفة الذكر . ( 2 ) إذا نزل الدائنون الحاجزون والدائنون المقيدة حقوقهم عن الإجراءات التي اتخذت ، بأن وجدوا مثلاً أن المشتري قد اشترى العقار بثمن لا يؤملون أن يحصلوا على أكثر منه لو بعي العقار في المزاد . وفي هذه الحالة يستوفون حقوقهم من هذا الثمن بالاتفاق مع المشتري والبائع ( [628] ) . ( 3 ) إذا سقط التسجيل بأن لم يعقبه خلال المائتين والأربعين يوماً التالية له التأشير على هامشه بما يفيد الإخبار بإيداع $ 356 $ قائمة شروط البيع أو صدور أمر قاضي البيوع بمد هذا الميعاد ( م 615 مرافعات السالفة الذكر ) .

196 - بيع المعسر : من أهم مزايا شهر إعسار المدين عدم نفاذ تصرفات المدين في ماله ( [629] ) . فالمبيع الذي يصدر من المدين المعسر بعد تاريخ تسجيل صحيفة دعوى الإعسار لا يسري في حق الدائنين ، وذلك دن حاجة إلى إثبات إعسار المدين فهو ثابت بحكم شهر الإعسار ، ودون حاجة إلى إثبات سوء نية المدين أو سوء نية المشتري . وقد نصت المادة 257 مدني صراحة على هاذ الحكم ، إذ تقول : " متى سجلت صحيفة دعوى الإعسار ، فلا يسري في حق الدائنين أي تصرف للمدين يكون من شأنه أن ينقص من حقوقه أو يزيد في التزاماته ، كما لا يسري في حقهم أي وفاء يقوم به المدين " . ويلاحظ أن النص هنا لم يشترط ، ليكون البيع نافذاً في حق الدائنين ، أن يكون مسجلاً قبل تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، فيكفي أن يكون البيع ثابت التاريخ قبل تسجيل صحيفة الدعوى لينفذ في حق الدائنين ، ولو سجل بعد تسجيل هذه الحصيفة . وهذا بخلف ما رأيناه في البيع الصادر من المحجوز عليه ، فإنه يجب أن يكون مسجلاً قبل تسجيل التنبيه ليكون نافذاً في حق الدائنين .

والبيع الصادر بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار لا يكون باطلاً أو قابلاً للإبطال ، بل هو بيع صحيح نافذ فيما بين البائع والمشتري ، ولكنه لا ينفذ في حق الدائنين ، شأنه شأن البيع الصادر من المحجوز عليه فيما قدمنا . فللدائنين أن ينفذوا على العين المبيعة ، فيرجع المشتري على المدين بضمان الاستحقاق أو بدعوى الفسخ ، وإن كان هذا الرجوع لأي جدي إذ المفروض أن المدين معسر . و إذا ترك الدائنون العين دون أن ينفذوا عليها ، بقتي في ملك المشتري ، لأن البيع لا يزال قائماً كما قدمنا . وإذا انتهت حالة الإعسار بسبب من أسباب انتهائه ، بقى التصرف غير نفاذ في حق الدائنين ، ولكنه يبقى أيضاً قائماً ما بين المدين والمشتري .

 $ 357 $

على أن البيع ينفذ في حق الدائنين إذا كان بثمن المثل أو أكمل إلى ثمن المثل ، وأودع الثمن كله بما في ذلك تكملة ثمن المثل في خزانة المحكمة على ذمة الدائنين . وقد نصت المادة 258 مدني على هذا الحكم ، إذ تقول " 1 - يجوز للمدين أن يتصرف في ماله ، ولو بغير رضاء الدائنين على أن يكون ذلك بثمن المثل ، وأن يقوم المشتري بإيداع الثمن خزانة المحكمة حتى يوزع وفقاً لإجراءات التوزيع . 2 - فإذا كان الثمن الذي بيع به المال أقل من ثم المثل ، كان التصرف غير سار في حق الدائنين ، إلا إذا أودع المشتري فوق الثمن الذي اشترى به ما نقص من ثمن المثل " ( [630] ) .

6 - بيع الأراضي الزراعي في قانون الإصلاح الزراعي

197 - المسائل التي يثيرها قانون الإصلاح الزراعي بالنسبة إلى بيع الأراضي الزراعية : لا نعرض هنا إلى قانون الإصلاح الزراعي ( [631] ) إلا فيبعض المسائل الهامة التي يثيرها هذا القانون بالنسبة إلى بيع الأراضي الزراعية ، لا سيما ما كان من هذه الأحكام ذا أثر دائم . فنترك الأحكام الخاصة باستيلاء الحكومة في خلال الخمس السنوات التالية لتاريخ العمل بهذا القانون على ملكية ما يجاوز مائتي الفدان التي يستبقيها المالك لنفسه وما يتجمع حولها من مسائل متعددة ، ونترك الأحكام الخاصة بالتعويض الذي تدفعه الحكومة ملاك الأراضي الزراعية في مقابل الإستيلاء على أراضيهم ، والأحكام الخاصة بتوزيع الأراضي المستولى عليها على صغرا الفلاحين وتقدير أثمانها وكيفية دفع الثمن ، والأحكام الخاصة بجمعيات التعاون الزراعي ، فكل هذه تخرج عن طاق البحث في عقد البيع فوق أنها أحكام تتسم كثيراً أو قليلاً بالوقتية ( [632] ) .

 $ 358 $

ونقتصر هنا على بحث المسألتين الآتيتين ، وهما ذاتا صفة دائمة وتدخلان في نطاق عقد البيع : ( 1 ) القاعدة الأساسية التي وضعها قانون الإصلاح الزراعي من عدم جواز امتلاك الشخص لأكثر من مائتي فدان ، وبطلان كل عقد يخالف هذا الحكم . ( 2 ) الحد من تجزئة الأراضي الزراعية ( [633] ) .

198 - عدم جواز تملك أكثر من مائتي فدان : تنص المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي على أنه " لا يجوز لأي شخص أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائتي فدان وكل عقد يترتب عليه مخالفة هذا الحكم يعتبر باطلاً ولا يجوز تسجيله ( [634] ) . وتنص المادة 17 من هذا القانون على أنه " يعاقب بالحبس كل من قام بعمل يكون من شأنه تعطيل أحكام المادة الأولى ، فضلاً $ 359 $ عن مصادرة ثمن الأراضي الواجب الإستيلاء عليها . و يعاقب أيضاً بالحبس كل من يتعمد من مالكي الأراضي التي يتناولها حكم القانون أن يحط من معدنها أو يضعف تربتها أو يفسد ملحقاتها ، بقصد تفويت تمام الانتفاع بها وقت الإستيلاء عليها . . . " ( [635] ) .

ويخلص من هذه النصوص أنه لا يجوز لشخص أن يمتلك من أراضي مصر الزراعية أكثر من مائتي فدان أياً كانت درجة جودتها ، فالعبرة بعدد الأطيان لا بتربتها . فإذا كان شخص يملك – يوم نفاذ القانون ، وهو يوم 9 سبتمبر سنة 1952 بل وقبل ذلك إلى يوم 23 يولية سنة 1952 إذ أنه لا يعتد بتصرفات المالك التي لم يثبت تاريخها قبل يوم 23 يوليه سنة 1952 ( م 3 ) – أكثر من مائتي فدان ، استولت الحكومة على ملكية ما يجاوز مائتي الفدان التي يستبقيها المالك لنفسه ( م 3 ) . وبعد ذلك لا يجوز للشخص ، وقد أصبح لا يملك أكثر من مائتي فدان ، أن يكسب بأي سبب من أسباب كسب الملكية أي أرض زراعية فوق مائتي الفدان إذاك أن يملك هذا المقدار ، أو أي أرض زراعية تجعل ما يملكه أكثر من مائتي فدان إذا كان يملك أقل من هذا المقدار .

وهو يكسب من الأراضي الزراعية ما يزيد على النصاب إما بسبب إرادي من جهته وذلك بالعقد أو بالشفعة ، وإما بسبب غير إرادي من جهته أو بواقعة مادية وذلك بالميراث والوصية والتقادم .

199 - التملك بالميراث والوصية والتقادم : فإذا كان الشخص يملك مائتي فدان أو أقل ، ثم كسب ملكية أرض زراعية بعد ذلك بطريق الميراث أو الوصية أو التقادم ، فأصبح مجموع ما يملكه أكثر من مائتي فدان ، صح التملك ، $ 360 $ لأنه تم إما بتصرف قانوني لا يتعلق بإرادة المالك وهذه هي الوصية ، وإما بواقعة مادية لا بتصرف قانوني وهذا هو الميراث أو التقادم . ولكن تستولى الحكومة ، بعد أن أصبح الشخص يمتلك أكثر من مائتي فدان ، على ما يزيد على هذا المقدار بالطرق والإجراءات التي نص عليها قانون الإصلاح الزراعي . وقد نصت المادة الثانية من اللائحة التنفيذية لهذا القانون على أن " كل شخص أصبحت مساحة الأطيان التي يملكها أو يضع اليد عليها تزيد على مائتي فدان بأي سبب ، كالميراث أو الوصية أو القسمة أو غير ذلك ، يلزم بتقديم الإقرار سالف الذكر ( وهو إقرار يمهد للاستيلاء على ما يجاوز مائتي الفدان ) خلال شهرين من علمه بقيام سبب الملكية " ( [636] ) .

200 – التملك بالعقد : أما إذا تملك الشخص بالعقد – والغالب أن يكون عقد بيع ولكن قد يكون عقداً آخر كالمقايضة ( [637] ) والهبة - وما يجعل الأراضي الزراعية التي يمتلكها أكثر من مائتي فدان ، فالعقد باطل بطلاناً مطلقاً ولا يجوز لمصلحة الشهر أن تسجله ، كما هو صريح نص المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي إذ تقول : " وكل عقد يترتب عليه مخالفة هذا الحكم يعتبر باطلاً ، ولا يجوز تسجيله " .

ولا عبرة في بطلان العقد بحسن نية البائع أو المشتري أو بسوء نيته ، فقد يكون أحدهما أو كلاهما حسن النية ويكون العقد مع ذلك باطلاً . على أن حسن نية المشتري هنا لا يمكن إلا أن يكون مقترناً بالإهمال ، فالمشتري مفروض فيه أنه يعرف مقدار ما يملك فإذا جهل ذلك كان هذا تقصير منه .

 $ 361 $

ويستوي في بطلان العقد أن يكون الشخص مالكاً قبل العقد مائتي فدان فيكون ما ملكه بالعقد مقداراً زائداً على النصاب الجائز تملكه ، كما لو اشترى عشرين فداناً وكان يملك قبل ذلك مائتي فدان ، أو أن يكون الشخص مالكاً قبل العقد أقل من مائتي فدان ولكنه كسب بالعقد ما جعل مجموع ما يملكه أكثر من مئاتي فدان ، كما لو اشترى أربعين فداناً وكان يملك قبل ذلك مائة وثمانين . وفي الحالة الثانية يكون البيع باطلاً في الأربعين فداناً كلها ، لا فيما يجاوز مائتي فدان فحسب وذلك لأن النص على البطلان عام لا يميز بين حالة وحالة ، فهو يقول : " كل عقد يترتب عليه مخالفة هذا الحكم يعتبر باطلاً " ، ولأ ، الصفقة لا تتجزأ فلا يمكن جعلها صحيحة في عشرين فداناً في الشيوع وباطلة في العشرين الأخرى وقد يتضرر من تجزئتها البائع أو المشتري .

والعقد الذي يعتبر باطلاً هو العقد الذي يصدر في تاريخ غير سابق على 9 من شهر سبتمبر سنة 1952 تاريخ نفاذ قانون الإصلاح الزراعي ، أو العقد غير الثابت التاريخ . أما العقود الثابتة التاريخ السابقة على 9 من شهر سبتمبر سنة 1952 فإنها تكون صحيحة ويجوز تسجيلها ، إذ ليس لقانون الإصلاح الزراعي في هذه المسألة أثر رجعي ( [638] ) . فإن كان من شأنها أن تجعل المالك يجوز حد النصاب الجائز تملكه ، استولت الحكومة على ما يجاوز هذا الحد .

201 - التملك بالشفعة : ويبدو أن الشفعة تقاس على البيع فلا يجوز لشخص أن يأخذ بالشفعة أرضاً زراعية من شأنها أن تجعل مجموع ما يملكه من الأراضي الراعية أكثر من مائتي فدان وهو لا يستطيع أن يجزئ الصفقة بحيث يقتصر على الأخذ بالشفعة فيما لا يجعله يجاوز مائتي الفدان ، لأن تجزئة الصفقة غير جائزة في الشفعة . والشفعة تنطوي على واقعة مادية وتصرف قانوني ، وهذا التصرف القانوني – وهو إرادة الأخذ بالشفعة – سبب يتعلق بإرادة المالك ، فشأنه شأن البيع في عدم جواز التملك به لما يجاوز النصاب ( [639] ) .

 $ 362 $

202 - الحد من تجزئة الأراضي الزراعية : تنص المادة 23 من قانون الإصلاح الزراعي على أنه " إذا وقع ما يؤدي إلى تجزئة الأراضي الزراعية إلى أقل من خمسة أفدنة ، سواء كان ذلك نتيجة للبيع أو المقايضة أو الميراث أو الوصية أو الهبة أو يغر ذلك من طرق كسب الملكية ، وجب على ذوي الشأن أن يتفقوا على من تؤول إليه ملكية الأرض منهم . فإذا تعذر الاتفاق ، رفع الأمر إلى المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها أكثر العقارات قيمة ، بناء على طلب أحد ذوي الشأن أو النيابة العامة ، للفصل فيمن تؤول إليه الأرض . فإذا لم يوجد من يستطيع الوفاء بباقي الأنصبة ، قررت المحكمة بيع الأرض بطريق المزاد . وتفصل المحكمة في الطلب بغير رسوم " . وتنص المادة 24 على أن " تفضل المحكمة الجزئية ، في أيلولة الأرض غير القابلة للتجزئة ، من يحترف الزراعة من ذوي الشأن ، فإن تساووا في هذه الصفة اقترع بينهم . على أنه إذا كان سبب كسب الملكية الميراث ، فضل من يشتغل بالزراعة من الورثة ، فإن تساووا في هذه الصفة قدم الزوج فالولد ، فإذا تعدد الأولاد اقترع بينهم " ( [640] ) .

والمفروض أن شخصاً يملك خمسة أفدنة أو أقل أو أكثر ، وباع جزءاً منها أو قايض عليه أو وهبه بحيث أصبح لا يملك إلا أقل من خمسة أفدنة ، وأصبح المشتري أو المقايض الآخر أو الموهوب له لا يملك هو أيضاً إلا أقل من خمسة أفدنة ، أو ورث المالك لسبعة أفدنة مثلاً عدد من الورثة بحيث أصبح نصيب كل منهم أقل من خمسة أفدنة ، أو أوصى المالك لسبعة أفدنة مثلاً بفدانين لشخص $ 363 $ وترك الباقي لعدد من الورثة بحيث أصبح كل من الموصي له والورثة لا يملك إلا أقل من خمسة أفدنة ، ففي كل هذه الصور تجزأت الأرض الزراعية إلى أجزاء يقل كل منها عن خمسة أفدنة .

فيجب في هذه الحالة أن تتركز الأرض في أيد أحد هؤلاء الملاك ممن يقدر على دفع ثمن ما لا يملكه ، ويكون الاختيار باتفاق الجميع . فإذا لم يتفقوا ، جاز لأحد هؤلاء الملاك أو للنيابة العامة رفع الأمر إلى المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها أكثر العقارات قيمة ، لتختار من بين الملاك من تؤول إليه الأرض ويكون قادراً على دفع ثمن ما لا يملك . فإذا لم يوجد من يستطيع الوفاء بثمن باقي الأنصبة ، بيعت الأرض كلها بالمزاد لتكون في يد واحدة ولا تتجزأ ملكية الأرض الزراعية إلى أقل من خمسة أفدنة ، ويقسم الثمن على الملاك كل بقدر حصته .

وعند اختيار المحكمة للمالك الذي تؤول إليه ملكية الأرض على النحو الذي أسلفناه ويتعدد الراغبون ، تفضل المحكمة من يحترف الزارعة فإن تعدد هؤلاء اقترعت بينهم . و إذا كان سبب التجزئة الميراث ، فضلت المحكمة من الورثة من يحترف الزراعة ، فإن تساووا كلهم أو بعضهم في هذه الحصة ، فضل الزوج ، ثم الولد ، فإن تعدد الأولاد اقترعت بينهم .

وغني عن البيان أن من يملك أرضاً زراعية قبل يوم 9 من سبتمبر سنة 1952 ، أي 4 قبل نفاذ قانون الإصلاح الزراعي ، وكان ما يملك أقل من خمسة أفدنة ، يبقى مالكاً للأرض بهذا المقدار . فإذا جد سبب للتجزئة ، ابتداء من يوم 9 من سبتمبر سنة 1952 ، وجب إعمال القواعد المتقدمة الذكر .

المبحث الثاني

الثمن

203 – الشروط الواجب توافرها في الثمن : يجب أن يتوافر في الثمن الشروط الآتية :

أولاً – أن يكون نقوداً .

ثانياً – أن يكون مقدراً أو قابلاً للتقدير .

ثالثاً - أن يكون جدياً .

 $ 364 $

المطلب الأول

يجب أن يكون الثمن نقوداً

204 - تمييز البيع عن المقايضة بالثمن النقدي : يتميز البيع عن المقايضة بأن أحد المحلين المتبادلين في البيع يجب أن يكون نقوداً وهو الثمن ، فإذا كان الثمن غير نقود فالعقد مقايضة .

وقد كانت الفقرة الأولى من المادة 563 من المشروع التمهيدي تنص صراحة على هذا الشرط في البيع ، فكانت تقضي بأنه " يجب أن يكون الثمن مقدر بالنقد " . وقد حذفت هذه الفقرة في لجنة المراجعة ، لأنه المستفادة من تعريف البيع ( [641] ) . وقد عرف البيع فعلاً ، في المادة 418 مدني كما رأينا ، بأنه " عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر فيم قابل ثمن نقدي " .

ولا يغني عن النقود شيء آخر في الثمن ( [642] ) ، حتى لو كان هذا الشيء الآخر من المثليات ، وحتى لو كان له سعر نقدي معروف في البورصة أو في الأسواق ، فتعيين الثمن غلالاً أو أقطاناً مسعرة في البورصة لا يجعل العقد بيعاً ، لأن الغلال وإن سهلت معرفة ما يعادلها من النقود بالرجوع إلى سعرها في البورصة لا تزال غير نقود ، فالعقد يكون مقايضة ( [643] ) . بل تعيين الثمن أسهما أو سندات ، وهي عادة معروفة السعر في البورصة ، أو تعيينه سبائك ذهبية ، لا يجعل العقد $ 365 $ بيعاً ، بل يكون العقد مقايضة كذلك ( [644] ) .

وإذا كان الثمن بعضه نقود وبعضه غير نقود ، نظر إلى العنصر الغالب . فإن كان هو النقود ، كان العقد بيعاً . وإن كان هو البدل غير النقود ، كان العقد مقايضة . وعن الشك يكون العقد مزدوجاً ، فهو بيع في حدود الثمن النقدي ، ومقايضة في حدود البدل غير النقدي . فإذا اشترى شخص سيارة جديدة بألف وخمسمائة ومع ذلك المبلغ سيارة قديمة كانت عند المشتري قومت بثلثمائة ، كان العنصر الغالب هنا هو الثمن النقدي ، فالعقد بيع . وإذا أعطى شخص داراً في مقابل عشرين فداناً ومعها ثلثمائة ، كان العنصر الغالب هو البدل غير النقدي ، فالعقد مقايضة والثلثمائة معدل لها ( soulte ) . أما إذا أعطى الشخص داراً في مقابل خمسة فدادين ومعها ألف ، فالعقد مزدوج ، بيع في حدود الألف ومقايضة في حدود خمسة الفدادين ( [645] ) .

 $ 366 $

205 - يصح أن يكون الثمن إيراداً مؤيداً أو مدى الحياة : ويكفي أن يكون الثمن نقوداً ، وليس من الضروري أن يكون رأس مال . فقد يكون الثمن إيراداً دائماً أو إيراداً مرتباً مدى الحياة ، ما دام هذا الإيراد نقوداً ( [646] ) .

فيصح أن يتفق البائع والمشتري على أن يكون الثمن مقداراً معيناً من النقود ، وأن يتفقا في الوقت ذاته وفي نفس عقد البيع على تحويل هذا المقدار إلى إيراد مؤبد ( rente prerpetuelle ) أو إلى إيراد مرتب للبائع مدى الحياة ( rente viagere ) . كما يصح أن يتفق البائع والمشتري على أن يكون الثمن رأساً إيراداً مؤبداً أو إيراداً مرتباً مدى حياة البائع . ففي الحالتين لا يكون الإيراد المؤبد أو الإيراد المرتب مدى الحياة عقداً مستقلاً ، وإنما يكون ركناً في عقد البيع هو الثمن ( [647] ) . $ 367 $ وسنبحث الإيراد المؤبد والإيراد المرتب مدى الحياة في مكان آخر ، ويكفي أن ينشير هنا إلى أن المادة 743 مدني تقضي بأن عقد البيع الذي يكون الثمن فيه إيراداً مرتباً مدى الحياة لا يكون صحيحاً إلا إذا كان مكتوباً . فالكتابة هنا ركن شكلي في البيع .

ولا يعتبر إيراداً نقدياً مرتباً مدى الحياة ، ومن ثم لا يصح أن يكون ثمناً ، أن يتفق شخص مع آخر على أن يعطيه داراً مثلاً في مقابل أن الآخر يعول الأول فيقدم له المسكن والطعام والكسوة وما إلى ذلك من النفقة ( bail a nourriture ) . ذلك أن التزاما لآخر بأن يعول الأول ليس محله نقوداً وإن أمكن تقديره بمبلغ من النقود ، وإنما هو التزام بعمل . بل إن العقد لا يكون هنا مقايضة ، لأن التزام كل من المتقايضين يجب أن يكن التزاماً بنقل ملكية أو حق عيني ، والالتزام هنا كما قدمنا التزام بعمل . فالعقد إذن ليس بيعاً ولا مقايضة ، وإنما هو عقد معاوضة غير مسمى ، يلتزم به أحد المتعاقدين بأن يعول المتعاقد الآخر في مقابل عوض يأخذه منه ( [648] ) .

المطلب الثاني

يجب أن يكون الثمن مقدراً أو قابلاً للتقدير

206 - النصوص القانونية : تنص المادة 423 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - يجب أن يقتصر تقدير الثمن على بيان الأسس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد " .

 $ 368 $

 " 2 - وإذا اتفق على أن الثمن هو سعر السوق ، وجب ، عند الشك ، أن يكون الثمن سعر السوق في المكان والزمان اللذين يجب فيها تسليم المبيع للمشتري . فإذا لم يكن في مكان التسليم سوق ، وجب الرجوع إلى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره هي السارية " .

وتنص المادة 424 على ما يأتي :

 " إذا لم يحدد المتعاقدين ثمناً للمبيع ، فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى تبين من الظروف أن المتعاقدين قد نويا اعتماد السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما ( [649] ) " .

وليس لهذه النصوص مقابل في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام كان معمولاً بها دون نص لاتفاقها مع القواعد العامة ( [650] ) .

وتقابل هذه النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 391 – 392 – وفي التقنين المدني الليبي المادتين $ 369 $ 412 - 413 – وفي التقنين المدني العراقي المواد 526 – 529 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 386 ( [651] ) .

207 – تقدير الثمن أو قابلية للتقدير يجب أن يكون باتفاق بين المتبايعين : ولما كان الثمن هو أحد محلي البيع ، فيجب ، كما هو الأمر في كل محل للالتزام ، أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين ، وتعيين الثمن أو قابليته $ 370 $ للتعيين يجب أن يكون متفقاً عليه بين المتبايعين ، فلا يستقل به أحدهما دون الآخر . لا يستقل به البائع ، لأنه قد يشتط فيغبن المشتري . ولا يستقل به المشتري ، لأنه قد يبخس الثمن فيغبن البائع ( [652] ) . فلا بد إذن أن يكون تعيين الثمن أو قابليته للتعيين متفقاً عليه بين المتبايعين ( [653] ) . ولا يكفي في ذلك أن يبيع البائع الشيء بما يساويه من القيمة أو بثمن عادل ، لأن هذه القيمة أو هذا الثمن العادل هو الذي يجب أن يكون محل اتفاق بين المتبايعين ، والبيع على هاذ النحو يكون باطلاً لعدم تقدير الثمن ( [654] ) . ولكن ليس من الضروري أن تكون القيمة مقدرة فعلاً باتفاق المتعاقدين ، بل يكفي أن تكون قابلة للتقدير باتفاقهما ، كأن يتفقا على أجني لتقدير الثمن ( [655] ) وسيأتي بيان ذلك .

 $ 371 $

208 – قابلية الثمن للتقدير . الأسس التي يقوم عليها التقدير : وليس من الضروري أن يكون الثمن مقدراً ، بل يكفي كما قدمنا أن يكون قابلاً للتقدير ، ما دامت الأسس التي يقوم عليها تقديره متفقاً عليها بين المتبايعين ( [656] ) .

ويمكن تصور أسس مختلفة يقوم عليها تقدير الثمن ، ذكر منها المشرع اثنين في المادتين 423 و 424 مدني السالفتي الذكر ، ونضيف إليهما اثنين آخرين ، فنستعرض الأساس الأربعة الآتية : ( 1 ) أن يكون أساس تقدير الثمن هو الثمن الذي اشترى به البائع المبيع . ( 2 ) أن يكون الأساس هو سعر السوق . ( 3 ) أن يكون الأساس هو السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بين المتبايعين . ( 4 ) أن يترك التقدير لأجنبي يتفق عليه المتعاقدان .

209 - أساس التقدير الثمن الذي اشترى به البائع – المرابحة والتولية الاشتراك والوضيعة : قد يتفق المتبايعان على أن يكون الأساس الذي يقوم عليه تقدير الثمن هو الثمن الذي اشترى به البائع . فيشتري المشتري بمثل ما اشترى البائع أو بأكثر أو بأقل ( [657] ) . وفي هذه الحالة يكون الثمن الذي اشترى به البائع المبيع أمراً جوهرايً لا بد من التثبت منه حتى يقدر على أساسه الثمن الذي اشترى به المشتري المبيع من البائع . وعلى البائع أن يبين هذا الثمن ، وللمشتري $ 372 $ أن يثبت أن الثمن الذي بينه البائع يزيد على الثمن الحقيقي وله أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات ومن بينها البينة والقرائن ( [658] ) .

ولهذه الصورة من البيع مكان خاص في الفقه الإسلامي ، ويطلق عليها فيه " بياعات الأمانة " ، وتشتمل على صور أربع هي بيع المرابحة وبيع التولية وبيع الإشراك وبيع الوضيعة . وقد أخذها عن الفقه الإسلامي التقنين المدني العراقي ، فنصت المادة 530 من هذا التقنين على أنه " 1 - يجوز البيع مرابحة أو تولية أو إشراكاً أو وضيعة . 2 - والمرابحة بيع بمثل الثمن الأول الذي اشترى به البائع مع زيادة ربح معلوم ، والتولية بيع بمثل الثمن الأول دون زيادة أو نقص ، والإشراك تولية بعض المبيع ببعض الثمن ، والوضيعة بيع بمثل الثمن الأول مع نقصان مقدار معلوم منه . 3 - ويلزم في هذه البيوع أن يكون الثمن الأول معلوماً تحرزاً عن الخيانة والتهمة " .

وقد كتبنا عن هذه البياعات في الفقه الإسلامي ما يأتي ( [659] ) : " حدد الفقه الإسلامي منطقة حراماً يفرض فيها على الناس الأمانة في التعامل إلى أبعد مدى ، ولا يسمح فيها بأي غش ، حتى ليجعل مجرد الكذب فيها خيانة وتدليساً . وهذه هي ما تسمى ببياعات الأمانة . فيفسخ فهيا الفقه الإسلامي السبيل لمن قلت خبرته في التعامل ، أو في ضرب يقوم عليه من ضروبه ، أن يتوقى غش الناس إياه ، بأن يتبايع معهم على حدود مرسومة ، فتعتبر مجاوزة هذه الحدود خديعة وتغريراً وجملة القول في بياعات الأمانة هذه أن المبتاع ، وهو يحتكم إلى ضمير البائع ويطمئن إلى أمانته ، يبتاع منه السلعة على أساس الثمن الذي اشترى به البائع نفسه هذه السلعة . فأما أن يزيد فهيا قدراً معلوماً من الربح يضاف إلى الثمن الأصلي ، ويسمى البيع مرابحة . وإما أن ينقضه قدراً معلوماً من الربح يضاف إلى الثمن الأصلي ، ويسمى البيع مرابحة . وإما أن ينقصه قدراً معلوماً يطرح من الثمن الأصلي ويحمل البائع فيه الخسارة ، ويسمى البيع وضيعة . وإما ألا يزيد ولا ينقص ، بل يشتري السلعة بمثل ثمنها الأصلي ويسمى البيع تولية إذا أخذ المشتري كل السلعة ، أو $ 373 $ إشراكاً إذا أخذ جزءاً منها بما يقابله من الثمن . . . ولا يكتفي من البائع ببيان مجمل عن الثمن ، بل يجب عليه أن يبين ما أحاط الثمن من ملابسات وتما اقترن به من أوصاف . فيبين إن كان الثمن معجلاً أو نسيئة ، مؤجلاً أو مقسطاً ، ثم يبين إن كان قد دفع هذا الثمن نقداً أو بدين له على بائعه ، وإن كان بدين فهل دفعه عن طريق المماكسة والمساومة أو على سبيل الصلح . ثم يذكر إن كانت السلعة بقيت على حالها عنده بعد أن اشتراها أو هي تعيبت ، وما إذاك أن العيب حادثاً بفعل منه أو بفعل الغير أو قضاء وقدراً . كل هذه أوصاف وملابسات تؤثر في رضاء المشتري بالصفقة ، والكذب فيها أو الانتقاص منها يجعل البيع مشوباً بالغش والتدليس " .

وغني عن البيان أن الأمر في القانون المصري يتوقف على نية المتبايعين ، فإن قصدا التأسيس على الثمن الأول بكل ما أحاطه من ملابسات على النحو المتقدم الذكر ، وجب الاعتداد به الملابسات ، ويترتب على ذلك أن البائع إذا كتم شيئاً منها كان هذا تدليساً وجاز إبطال البيع ( [660] ) . وإن قصدا مجرد التأسيس على الثمن الأول دون نظر إلى هذه الملابسات ، وجب على المشتري قبول المبيع بحالته التي اشتراه بها وأن يدفع الثمن الأول أو أقل أو أكثر حسب الاتفاق . فإن دفع للبالغ ثمناً أكثر مما ارتضاه ، سواء كان ذلك بغش من البائع أو بدون غش منه ، كان له أن يرجع عليه بما دفعه زيادة على المقدار الذي ارتضاه ( [661] ) . ويجوز $ 374 $ للمشتري أن يرجع على البائع بتعويض إذا وقع من البائع غش أو تقصير في بيان الثمن الأول .

 $ 375 $

ويخلص مما قدمناه أن ما يسمى ببيع الأمانة في الفقه الإسلامي حكمه في القانون المصري هو ما يأتي : إذا كتم البائع عن المشتري بعض الملابسات الجوهرية للثمن ، كأن قال مثلاً إنه اشترى بمائة معجلة وكان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً ، كان هذا غشاً من البائع ، وجاز للمشتري إبطال البيع للتدليس وإذا لم يكتم البائع عن المشتري شيئاً من هذه الملابسات الجوهرية ، ولكن أثبت المشتري أن الثمن الأول الذي ذكره البائع أعلى من الحقيقة ، كان البيع صحيحا ، ولكن يحط من الثمن المقدار الزائد من رأس المال وما ينسبه من الربح إن كان البيع مرابحة ، أو المقدار الزائد من رأس المال فقط إن كان البيع تولية أو إشراكاً ، أو المقدار الزائد من المال وما يناسبه من الخفض إن كان البيع وضيعة . وهذا المقدار الزائد وما يتبعه يسترده المشتري من البائع إن كان قد دفعه ، ولا يلتزم بدفعه له إن لم يدفعه . وللمشتري في جميع الأحوال أن يرجع بتعويض على البائع إذا أثبت في جانبه غشاً أو تقصيراً ( [662] ) .

210 - أساس التقدير سعر السوق : وقد يتفق المتبايعان على أن يكون الثمن هو سعر السوق . فهنا الثمن غير مقدار ، ولكنه قابل للتقدير ، ويمكن تقديره بالرجوع إلى سعر السوق . فإن كان المتبايعان قد اتفقا على سوق في مكان معين وفي زمن معين ، كان سعر هذه السوق هو المعتبر . أما إذا اقتصرا على ذكر سعر السوق دون أن يبينا أية سوق ، فقد افترضت الفقرة الثانية من المادة $ 376 $ 433 مدني ، كما رأينا ، أنهما قصدا " سعر السوق في المكان والزمان اللذين يجب فيهما تسليم المبيع للمشتري " ( [663] ) . فإذا باع شخص غلالا بسعر السوق ، وكان التسليم في شهر أكتوبر ، فالمفروض أن املتبايعين قد قصدا أنيكون الثمن مطابقاً لسعر الغلال في بورصة الإسكندرية في شهر أكتوبر . فإذا كان التسليم ي كفر الزيات ، كانت السوق هي سوق كفر الزيات ، إذ لايشترط أنتكون السوق بورصة ( [664] ) . وإذا كان التسليم في قرية صغيرة ليس فيها سوق منظمة ، وجب الرجوع إلى المكان الذي يقضي العرف بأ ، تكون أسعاره هي السارية ، وقد يقضي العرف في هذه الحالة با ، تكون أسعار أقرب سوق هي الأسعار السارية . هذا كله قد نصت عليه صارحة الفقرة الثانية من المادة 423 مدني ، كما رأ]نا إذ تقول : " وإذا اتفق على أن الثمن هو سعر السوق ، وجب عند الشك أنيكون الثمن سعر السوق في المكان والزمان اللذين يجب فيهما تسليم المبيع للمشتري . فإذا لم يكن ي مكان التسليم سوق ، وجب الرجوع إلى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره هي السارية " . وهذا النص مأخوذ عن التقنين المدني الألماني ( م 453 ) وتقنين الالتزامات البولوني ( م 296 ) ، ويتضمن حكماً معقولاً يتفق مع القواعد العامة ( [665] ) .

211 - أساس التقدير السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بين المتبايعين : وقد لا يحدد المتبايعان ثمناً للمبيع ، وسنرى أنهما إذا لم يحددا الثمن أصلاً كان البيع باطلاً لانعدام ركن من أركانه . ولكن قد يكون سكوتهما عن تحديد الثمن ينطوي تبعاً للظروف والملابسات التي أحاطت $ 377 $ التعاقد ، على اتفاق ضمني على أن يترك تحديد الثمن إلى السعر المتداول في التجارة . فهنا أيضاً يكون الثمن قابلاً للتقدير ، بالرغم من أن المتبايعين لم يقدراه . ويرجع في تقديره إلى سعر السلعة المتداول بين التجار ، سواء كان هذا السعر هو سعر البورصة أو سعر الأسواق المحلية في مكان تسلم المبيع أو غيره من الأمكنة والعبرة هنا ليست بقيمة المبيع في ذاته ، بل بسعره المتداول في الأسواق ، سواء كان هذا السعر أقل أو أكثر من قيمة المبيع الحقيقية ( [666] ) . وإذا لم يتبين للقاضي ي وضوح السعر المتداول في الأسواق ، كان له أن يلجأ في تبينه إلى خبير من التجار .

وقد يظهر من الظروف والملابسات أن المتبايعين قد اتفقا اتفاقاً ضمنياً على أن يكون الثمن هو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما ، فيرع إلى هذا السعر في تحديد الثمن . فإذا كان بين المتبايعين سابق تعامل ، بأن كان أحدهما قد اعتاد أن يورد للآخر سلعة معينة بسعر معين أو بسعر يتغير بتغير أسعار السوق ، فاستمرار الأول في توريد السلعة للآخر دون ذكر الثمن يكون معناه أنهما متفقان ضمنا على أن يكون الثمن هو هذا السعر المعين أو السعر المتغير الذي جرى عليه التعامل بينهما .

وهذا كله قد نصت عليه صراحة المادة 424 مدني ، كما رأينا ، إذ تقول : " إذا لم يحدد المتعاقدان ثمناً للميبع ، فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى تبين $ 378 $ من الظروف أن المتعاقدين قد نويا اعتماد السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما " ( [667] ) .

212 - ترك التقدير لأجنبي يتفق عليه المتبايعان : وقد يترك المتبايعان تحديد الثمن لأجنبي يتفقان عليه عند البيع ( [668] ) . فيصح ذلك ، لأن الثمن هنا وإن لم يقدره المتبايعان إلا أنهما جعلاه قابلاً للتقدير . وما يقدره الأجنبي ثمناً للمبيع ملزم لكل من البائع والمشتري ويكون هو الثمن ، لأن الأجنبي مفوض من المتبايعين في تحديد الثمن ، فهو كيل عنهما في ذلك ويسري تقديره في $ 379 $ حقهما ( [669] ) . والبيع يعتبر قد تم ، لا من وقت تقدير المفوض للثمن فحسب ، بل من وقت اتفاق المتبايعين على المفوض ففي هذا الوقت كان البيع مستكملاً لجميع عناصره ومنها الثمن إذ كان قابلاً للتقدير كما سبق القول . ويعتبر تقدير $ 380 $ المفوض للثمن بمثابة شرط واقف لانعقاد البيع ( [670] ) ، فإذا تحقق الشرط بأن قدر المفوض الثمن ( [671] ) ، اعتبر البيع قد تم من وقت العقد . ومن ثم تنتقل الملكية في المنقول المعين بالذات من وقت البيع ، وفي العقار من وقت التسجيل ولو سجل العقد قبل تقدير المفوض للثمن ( [672] ) . وإذا لم يقم المفوض بتقدير الثمن لأي سبب ، كأن امتنع عن ذلك ولو بغير عذر أو مات قبل أن يقدر الثمن أو تعذر عليه تقديره لعدم خبرته أو لأي سبب آخر ، فإن الشرط الواقف لا يتحقق ، ويعتبر البيع كأن لم يكن ( [673] ) . ولا يستطيع القاضي إجبار المفوض على تقدير الثمن كما لا يستطيع أن يعين شخصاً مكانه ، أو أن يقوم بتقدير الثمن بنفسه ( [674] ) . $ 381 $ ولكن يستطيع المتبايعان الاتفاق على شخص آخر يحل محل الأول ، فإذا ما قدر المفوض الجديد الثمن اعتبر البيع قد تم من وقت تعيين هذا المفوض الجديد ولا يتأخر تمام البيع إلى وقت تقدير الثمن .

وقد يقتصر المتبايعان على أن يجعلا تقدير الثمن لمفوض يعينانه في المستقبل ، فما داما لم يعينا هذا المفوض فإن الثمن لا يكون قابلاً للتقدير . ومن ثم لا يتم البيع . فإذا ما عيناه ، تم البيع من وقت تعيينه معلقاً على شرط واقف هو تقديره للثمن ( [675] ) . وإذا امتنع ، في الحالة التي نحن بصددها ، أحد المتبايعين عن الاتفاق مع الآخر على تعيين المفوض ، كان هاذ إخلالاً بالتزامه من وجوب الاتفاق على تعيين مفوض ، وكان مسئولاً عن التعويض وفقاً للمبادئ العامة ، ولكن البيع لا يتم ما دام المفوض لم يعين ( [676] ) .

هذه هي القواعد العامة في ترك تعيين محل العقد لمفوض . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص اقتبس من المواد 315 و 317 و 319 من التقنين المدني الألماني ، ويخرج في بعض المسائل على هذه القواعد . فكانت $ 382 $ المادة 185 من المشروع التمهيدي تنص على أنه " كان إذا ترك تعيين الشيء لأحد المتعاقدين أو لأجنبي عن العقد ؛ فيجب أن يكون التعيين قائماً على أساس عادل . فإذا أبطأ التعيين أو قام على أساس غير عادل ، فيكون تعيين الشيء بحكم القضاء . 2 - ومع ذلك إذ ترك التعيين لأجنبي عن العقد ولمحض اختياره ، فإن هذا العقد يصبح باطلاً إذا لم يستطع هذا الأجنبي أن يقوم بالتعيين أو لم يرد القيام به أو لم يقم به في وقت معقول أو قام به وكان تقديره غير عادل " . وقد حذفت لجنة المراجعة هذا النص في المشروع النهائي ( [677] ) ، فلم يعد هناك مجال لإتباع أحكامه فيما خالف فيه القواعد العامة التي تقدم ذكرها ( [678] ) ، وبخاصة في جواز أن يحل القاضي محل الأجنبي إذا أبطأ هذا في تقدير الثمن أو كان تقديره غير عادل كما تقضي الفقرة الأولى من النص ، وفي وجوب أن يكون التقدير عادلاً ( [679] ) كما تقضي الفقرة الثانية ، فإن هذا وذاك لا يتفق مع القواعد العامة التي سبق بيانها .

213 - ترك التبايعين الثمن غير مقدر وغير قابل للتقدير : أما إذا ترك المتبايعان الثمن غير مقدر وغير قابل للتقدير ، فإن البيع لا يتم ، إذ $ 383 $ ينقصه ركن من أركانه وهو الثمن . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما إذا لم يتفق المتعاقدان ، لا صراحة ولا ضمناً ، على تحديد الثمن أو على جعله قابلاً للتحديد ببيان الأسس التي يحدد بمقتضاها ، فغن البيع يكون باطلاً لفقده ركناً من أركانه " ( [680] ) .

ويقرب من ذلك أني صرح المتبايعان أنهما تبايعا دون ثمن ، أي قصدا إيقاع البيع دون ثمن . فالعقد في هذه الحالة لا يتم باعتباره بيعاً ، لأن الثمن ركن في البيع لا يتم بدونه . ولكن قد يستخلص من الظروف أنهما قصدا بإيقاع البيع بدون ثمن أن يكون العقد هبة ، وعند ذلك لا تكون الهبة مستترة ، بل هبة مكشوفة يشترط لتمامها ورقة رسمية في الأحوال التي يوجب فيها القانون ذلك .

أما إذا قدر المتعاقدان الثمن أو جعلاه قابلاً للتقدير وكان الثمن تافهاً ، أو عيناً ثمناً مناسباً وذكر البائع أنه وهبه للمشتري ، فسنرى أن العقد يكون أيضاً هبة مكشوفة لا بد فيها من ورقة رسمية في الأحوال التي يجب فيها ذلك .

وإذا قدر المتعاقدان الثمن وكان صوريانً ، فسنرى أن العقد يكون هبة مستترة ، لا يشترط لتمامها ورقة رسمية .

المطلب الثالث

يجب أن يكون الثمن جدياً

214 - التمييز بين الثمن غير الجدي والثمن البخس : يجب أن يكون الثمن جدياً ( serieux ) ، ولا يكون جدياً إذا كان تافهاً ( derisoire ) ، أو كان صورياً ( fictif ) . ولكن ليس منا لضروري ليكون الثمن جدياً ألا يكون ثمناً بخساً ( vil ) ، فقد يكون بخساً يدخله الغبن الفاحش ، ومع ذلك يكون جدياً . وآية أن الثمن جدي أن يكون البائع قد أبرم العقد بقصد الحصول عليه مهما كان بخساً ، $ 384 $ وقد رضى بالثمن البخس مضطراً لحاجة ملحة أو جاهلاً لقيمة المبيع ، أو لغير ذلك من الأسباب . فيصح البيع ، وإن جاز الطعن فيه بالغبن في حالة استثنائية ( [681] ) سيأتي بيانها .

فنستعرض مسألتين : ( 1 ) الثمن الجدي . ( 2 ) الثمن البخس ودعوى الغبن الفاحش .

1 - الثمن الجدي

215 - الثمن الصوري : لا يكون الثمن جدياً إذا كان ثمناً صورياً لا يقصد البائع أن يتقضااه من المشتري ، بل ذكر مبلغاً من النقود ليكون ثمناً حتى يسلم للبيع مظهره الخارجي . ومتى يثبت أن الثمن صوري فإ ، العقد لا يكون بيعاً ( [682] ) ، ولكنه قد يكون هبة مستترة في صورة بيع فيصح كهبة دون حاجة إلى ورقة رسمية ( [683] ) ، وسنرى تفصيل ذلك عند الكلام في عقد الهبة . وقد سبق بحث إثبات الصورية فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير ( [684] ) .

 $ 385 $

ومما يقطع في صورية الثمن أن يبرئ البائع في عقد البيع نفسه المشتري من الثمن المذكور في العقد ، أو أن يهبه إياه ، فإن هذا معناه أن البائع ليس في نيته أن يتقاضى الثمن ، وإنما يريد أني سبغ على العقد صورة البيع . وفي هذه الحالة لا يكون العقد بيعاً ، و إذا اعتبر هبة فإنه يكون هبة مكشوفة لا مستترة ، فيجب انعقادها أن تكتب في ورقة رسمية في الأحوال التي تشترط فيها الرسمية في الهبة ( [685] ) .

ولكن إذا تم عقد البيع بذكر ثمن جدي فيه ، ثم بعد ذلك أبرأ البائع المشتري من الثمن أو وهبه إياه ، فإن البيع يبقى صحيحاً فقد سبق أن انعقد بثمن جدي ، وإبراء البائع المشتري من الثمن أو هبته له بعد ذلك ليس من أسباب البطلان ( [686] ) .

216 – الثمن التافه : ويلحق بالثمن الصوري الثمن التافه ، وكما لا يتم البيع بثمن صوري كذلك لا يتم بثمن تافه . والثمن التافه هو مبلغ من النقود يصل من التفاهة في عدم تناسبه مع قيمة المبيع إلى حد يبعث على الاعتقاد بأن $ 386 $ البائع لم يتعاقد للحصول على مثل هذا المقدار التافه ، وإن كان قد حصل عليه فعلاً ( [687] ) . فإذا باع شخص داراً قيمتها ألف بعشرين مثلاً ، كان الثمن تافهاً ، فلا يتم البيع . وإذا اعتبر العقد في هذه الحالة هبة ، فإن الهبة تكون مكشوفة لا مستترة ، وتجب فيها الرسمية في الأحوال التي يشترط القانون فيها ذلك ( [688] ) .

ويلحق بالثمن التافه ، فيكون كالثمن الصوري لا يتم به البيع ، أن يبيع شخص عيناً بثمن هو إيراد مرتب مدى حياة البائع ولكن هذا المرتب أقل من ريع العين . فإذا باع شخص داراً ريعها مائة بإيراد مرتب مدى حياته مقداره خمسون ، فقد وضح أن المشتري لا يدفع شيئاً من ماله فيم قابل الدار ، إذ هو يقبض ريعها ويعطي البائع منه الإيراد المرتب . وفي هذه الحالة يكون العقد هبة لا بيعاً ( [689] ) ، والهبة مكشوفة لا مستترة ( [690] ) ، يشترط فيها الرسمية في الأحوال التي يتوجب القانون فيها ذلك ( [691] ) . على أن البائع إذا باع الدار بإيراد يعادل الريع الحالي للمبيع ، وظهر من الظروف أن هذا الريع الحالي غير مستقر ، وأنه عرضة للنقصان إما لأسباب طبيعية وإما لسبب خاص كأن كانت الدار معرضة للتخريب من غزو أو سطو أو غير ذلك ، فأراد البائع أن يكفل لنفسه إيراداً ثابتاً وإن كان $ 387 $ لا يزيد على الريع الحالي للدار ، جاز اعتبار الثمن هنا ثمناً جدياً لا تافهاً ، وإن كان ثمناً بخساً ، وصح البيع ( [692] ) .

2 - الثمن البخس

( دعوى الغبن الفاحش )

217 - النصوص القانونية : تنص المادة 425 من التقنين المدني على ما يأتي :

 " 1 - إذا بيع عقار مملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية وكان في البيع غبن يزيد على الخمس ، فللبائع أن يطلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثقل " .

 " 2 - ويجب لتقدير ما إذا كان الغبن يزيد على الخمس أن يقوم العقار بحسب قيمته وقت البيع " .

وتنص المادة 426 على ما يأتي :

 " 1 - تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن ، إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي يموت فيه صاحب العقار المبيع " .

وتنص المادة 427 على ما يأتي :

 " لا يجوز الطعن بالغبن في بيع تم كنص القانون بطريق المزاد العلني ( [693] ) " .

 $ 388 $

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادتين 336 – 337  /  419 – 420 ( [694] ) .

 $ 389 $

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المواد 393 – 395 – وفي التقنين المدني الليبي المواد 414 – 416 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 124 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 213 – 214 ( [695] ) .

 $ 390 $

ونرى من ذلك أن الثمن البخس ، وهو الثمن الذي يقل عن قيمة المبيع كثيراً ولكنه ثمن جدي قصد البائع أن يتقاضاه ، لا يمنع تمام البيع كما قدمنا ، إذا توافر فيه شروط الثمن . فإذا باع شخص كامل الأهلية داراً قيمتها أربعة آلاف بألفين أو بألف ، كان البيع صحيحاً ( [696] ) ، ولا يدخل عليه البطلان من طريق بخس الثمن ، فهو ثمن جدي وإن كان ثمناً قليلاً ( [697] ) .

على أن بخص الثمن – كما يخلص من النصوص المتقدمة الذكر – يعيب البيع في حالة واحدة ، هي حالة بيع عقار مملوك لغير كامل الأهلية ولكن بشروط معينة إذا توافرت جاز الطعن في البيع بدعوى الغبن الفاحش ( [698] ) .

1 - الشروط الواجب توافرها لتحقق الغبن الفاحش

218 - شروط أربعة : يجب لتحقق الغبن الفاحش الذي يعيب البيع توافر شروط أربعة تستخلص من نصوص المواد 425 – 427 مدني : ( 1 ) أن يكون صاحب العين المبيعة غير كامل الأهلية . ( 2 ) وأن تكون العين المبيعة عقاراً ( 3 ) وألا يكون البيع في مزاد علني تم وفقاً لأحكام القانون ( 4 ) وأن يقل الثمن عن قيمة العقار وقت البيع بأكثر من الخمس .

 $ 391 $

 219 – الشرط الأول – صاحب العين المبيعة غير كامل الأهلية : يجب أولاً أن يكون صاحب العين المبيعة غير كامل الأهلية . فإن كان كامل الأهلية ، فهو حر في أن يبيع ماله بأي ثمن شاء . وإن باعه بثمن قليل ، لم يؤثر في سلامة البيع مقدار الغبن الذي لحق به مهما كان هذا الغبن فاحشاً ، ما دام الثمن جدياً قصد البائع أن يحصل عليه ( [699] ) . وليس يعيب بيع كامل الأهلية ، عن طريق الغبن ، إلا أن يستغل طيش بين أو هوى جامح وأن تتوافر سائر شروط الاستغلال ، ويختل معيار الاستغلال عن معيار الغبن في أن ذاك ذاتي وهذا موضوع ( [700] ) .

فالواجب إذن أن يكون صاحب العين المبيعة غير كاملة الأهلية ، سواء كان فاقد الأهلية أصلاً أو ناقصها فحسب ( [701] ) . فيجوز أن يكون صبياً غير مميز $ 292 $ أو مجنوناً أو معتوهاً ، وهؤلاء فاقدوا الأهلية أصلاً ، ويبيع بالنيابة عنهم الولي أو الوصي أو القيم . ويجوز أن يكون صبياً مميزاً أو محجوراً عليه لغفلة أو لسفه ، وهؤلاء ناقصوا الأهلية ، ويبيع بالنيابة عنهم الولي أو الوصي أو القيم ، وقد يباشرون البيع بأنفسهم . أما النائب والمحجور عليه لعقوبة جنائية ومن أقيم له مساعد قضائي ، فهؤلاء لا يعتبرون ناقصي الأهلية بسبب الغيبة أو العقوبة أو العاهة ، وحكمهم هو حكم كامل الأهلية .

220 - الشرط الثاني – العين المبيعة عقار : ويجب ثانياً أن تكون العين المبيعة عقاراً . فبيع المنقولات بأي ثمن جدي مهما قال لا يعيبه الغبن الفاحش ، ولو كانت هذه المنقولات مملوكة لغير كامل الأهلية ( [702] ) . ومن ثم إذا بيعت أسهم ( [703] ) أو سندات أو سيارة أو " عوامة " أو آلة ميكانيكية أو غير ذلك من المنقولات ذات القيمة الكبيرة بغبن فاحش ، لم يؤثر ذلك في سلامة البيع ، ولو كانت هذه المنقولات مملوكة لقاصر أو لمحجور عليه . وكذلك إذا بيع متجر ( fonds de commerce ) فالمتجر يعد منقولا ( [704] ) . فالمنقولات لا تحميها إذن دعوى الغبن الفاحش وإنما تحميها الإجراءات التي رسمها المشرع لحماية القصر والمحجور عليهم في قانون الولاية على المال ، وأهمها وجوب الحصول على إذن المحكمة .

أما إذا كان المبيع عقاراً ، فتحميه دعوى الغبن الفاحش . ويستوي أن يكون هذا العقار حق ملكية على عقار كدار أو أرض ( [705] ) ، أو يكون حقاً عينياً دون $ 393 $ حق الملكية ما دام واقعاً على عقار كحق الانتفاع بدار أو أرض وحق الرقبة وحق الارتفاق وحق الحكر ( [706] ) . ولكن حوالة الحق الشخصي غير العقاري ، ولو كان هذا الحق مكفولاً بتأمين عيني واقع على عقار كرهن أو اختصاص أو امتياز ، لا يعتبر بيع عقار . بل هو بيع منقول لا تحميه دعوى الغبن الفاحش ، لأن البيع وقاع على حق شخص غير عقاري . فإذا كان الحق الشخصي واقعاً على عقار ، كحوالة حق المشتري القاصر أو المحجور عليه لعقار اشتراه ولم يسجل عقد البيع ، اعتبر عقاراً وجازت حمايته بدعوى الغبن الفاحش .

وإذا كان المبيع عقاراً ومنقولا بيعا صفقة واحدة بثمن واحد ، وكانت الصفقة قابلة للتجزئة ، جزئت وقسم الثمن على العقار والمنقول ، وجاز الطعن بالغبن في العقار دون المنقول . وإذا لم تكن الصفقة قابلة للتجزئة ، جاز الطعن في البيع كله بالغبن ، على ألا يدخل في حساب الغبن إلا قيمة العقار وحده منسوبة إلى حصته في الثمن ( [707] ) .

221 - الشرط الثالث - لا يكون البيع في مزاد علني ثم وفقاً لأحكام القانون : ويجب ثالثاً ألا يكون البيع في مزاد علني . ونلاحظ بادئ ذي بدء أن الذي تحميه دعوى الغبن الفاحش هو البيع ( [708] ) لا الشراء . فإذا اشترى $ 394 $ القاصر أو المحجور عليه عقاراً ولو بغبن فاحش ، فليست دعوى الغبن هي التي تحميه ( [709] ) ، وإنما تحميه الإجراءات المرسومة لهذا الغرض في قانون الولاية على المال ، وأهمها وجوب الحصول على إذن المحكمة كما سبق القول .

فالبيع وحده هو الذي تحميه دعوى الغبن . ويجب ألا يكون البيع حاصلاً بالمزاد العلني ، لأن المزاد يفسخ السبيل للحصول على أكبر ثمن ممكن للعقار المبيع . فإذا رسا المزاد بثمن يقل عن قيمة العقار بأكثر من الخمس ، فهذا دليل على أن العقار لا يجد مشترياً باكثرم ، هاذ الثمنن فلا محل إذن للطعن في المبيع بالغبن . هذا إلى أن جعل البيع بالمزاد امهدداً با ، يطعن فيه بالغبن قد يكون سبباً لإحجام كثيرين من الدخول في المزاد ، فلا تتهيأ الأسباب كاملة للوصول بثمنه إلى أعلى مقدار ممكن ، وتنقلب الحماية ضرراً لا نفعاً .

وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 427 مدني تجري على الوجه الآتي : " لا يجوز الطعن بالغبن في بيع ينص القانون على أنه لا يتم إلا بطريق المزاد العلني " . فكان الطعن بالغبن ممتنعاً ، بموجب ها النص ، في بيع يحتم القانون أن يكون بالمزاد العلني ، وذلك كبيع عقار المدين للتنفيذ بالدين وبيع العقار لعدم إمكان قسمته عيناً . أما إذا كان البيع لا يتحتم قانوناً أن يكون بالمزاد العلني ، كبيع عقار غير كامل الأهلية والغائب ( [710] ) ، فإنه يجوز الطعن فيه بالغبن ولو حصل بالمزاد العلني . ولكن نص المشروع التمهيدي حور في لجنة المراجعة ، واستقر النص في المادة 427 من التقنين المدني الجديد على الوجه الآتي : " لا يجوز الطعن بالغبن $ 395 $ في بيع تم كنص القانون بطريق المزاد العلني " ( [711] ) . فأصبح ، بموجب هذا النص ، الطعن بالغبن ممتنعاً في بيع عقار غير كامل الأهلية إذا اشترطت المحكمة بيعه بالمزاد العلني ، وتم البيع فعلاً بالمزاد كنص القانون أي وفقاً للإجراءات التي رسمها تقنين المرافعات في بيع عقار غير كامل الأهلية والغائب ( م 712 – 717 مرافعات ) ( [712] ) .

ويخلص مما قدمناه أنه لا يجوز الطعن بالغبن في الأحوال الآتية : ( 1 ) بيع عقار غير كامل الأهلية في المزاد العلني تنفيذاً لدين ( [713] ) . ( 2 ) إذا بيع عقار غير كامل الأهلية في المزاد العلني لعدم قسمته عيناً . ( 3 ) إذا بيع عقار غير كامل الأهلية في المزاد العلني تنفيذاً لأمر المحكمة التي أذنت في البيع ( [714] ) .

ويجوز الطعن بالغبن في الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا باع ناقص الأهلية العقار بنفسه دون إذن أو إجازة ، فيكون البيع قابلاً الطعن فيه بدعوى الغبن وبدعوى الإبطال $ 396 $ معاً ( [715] ) . ( 2 ) إذا باع الأب مال ولده فيما لا تزيد قيمته على ثلثمائة جنيه ، إذ لا يحتاج في هذه الحالة إلى الحصول على إذن من المحكمة ( [716] ) . ( 3 ) إذا باع الولي أو الوصي أو القيم مال المحجور بعد الحصول على إذن من المحكمة وبعد أن أخذت المحكمة رأي الخبير ، ولكن دون أن يكون البيع حاصلاً بالمزاد العلني لعدم اشتراط $ 397 $ المحكمة ذلك . فقد يقع في هذه الحالة الأخيرة غبن يزيد على الخمس ، وذلك بالرغم من رأي الخبير الذي وافق على البيع ، وبالرغم من أن المحكمة كانت تملك رفض الإذن إذا كان الغبن يزيد على خمس القيمة .

ولا يمنع من الطعن في البيع بالغبن أن يكون البيع احتمالياً ، إذ يجوز أن يداخل الغبن البيع الاحتمالي . فإذا بيع عقار محجور عليه بإيراد مرتب مدى حياته وكان هذا الإيراد لا يزيد على ريع العقار ، فالثمن هنا جديو لكنه ثمن بخس ، وقد لحق البائع منه غبن فاحش ، فيجوز الطعن في البيع بالغبن ( [717] ) .

222 - الشرط الرابع – الثمن يقل عن قيمة العقار المبيع وقت البيع بأكثر من الخمس : والغبن لا يكون فاحشاً إلا إذا زادت قيمة العقار المبيع وقت البيع على ثمنه بأكثر من خمس القيمة . أما إذا بيع العقار بثمن هو أربعة أخماس قيمته وقت البيع أو بثمن أكثر من ذلك ، فلا محل للطعن في البيع بدعوى الغبن . ونقف هنا عند رقم محدود لا نتعداه ، وهذا الرقم مأخوذ من الفقه الإسلامي ففيه أن الغبن الفاحش هو ما يزيد على الخمس ، ومن ثم كان معيار الغبن موضوعياً بخلاف الاستغلال فإن معياره ذاتي ( [718] ) كما قدمنا .

 $ 398 $

والعبرة في تقوم العقار ، لحساب مقدار ما وقع من غبن ، بوقت البيع ( [719] ) ، لا بقوت الطعن بالغبن . فإذا كانت قيمة العقار ألفاً وبيع بسبعمائة ، كان هناك غبن يزيد على خمس قيمة العقار وقت البيع . ومن ثم يجوز الطعن في هذا البيع بالغبن ، واستكمال المائة التي يقل بها الثمن عن أربعة أخماس القيمة ، حتى لو نزلت قيمة العقار وقت الطعن بالغبن إلى سبعمائة فأصبح الثمن مساوياً لقيمة العقار وقت رفع الدعوى .

وكذلك العبرة بالثمن الذي يستحقه صاحب العقار المبيع ، ولا تدخل المصروفات فهي لا تعود على صاحب العقار بفائدة ( [720] ) .

ب - ما يترتب من الأثر على تحقق الغبن الفاحش

223 - دعوى تكملة الثمن : ليس الغبن سبباً من أسباب إبطال البيع وإنما هو سبب لتكملة الثمن ( [721] ) . ذلك أن المشرع لا يسمح بأن يباع عقار غير كامل الأهلية بأقل من أربعة أخماس قيمته ، فإذا بيع بأقل من ذلك $ 399 $ لم يبطل البيع ، ولكن يستكمل الثمن إلى أن يصل إلى أربعة أخماس القيمة ( [722] ) . وبذلك يتحقق غرض المشرع من أن غير كامل الأهلية لا يغبن في أكثر من الخمس ، وهو المقدار الذي يتغابن فيه الناس عادة . ولا يكون الغبن سبباً في إبطال البيع ، إلا إذا كان نتيجة غلط أو تدليس ( [723] ) .

والذي يرفع الدعوى هو صاحب العقار المبيع ، بنفسه أو بورثته من بعده أو بواسطة وليه . يرفعها بنفسه عند بلوغه سن الرشد وإجازته للبيع إذا كان هو الذي باشره . فإذا مات قبل بلوغ سن الرشد أو بعد بلوغه هذه السن وقبل تقادم دعوى الغبن ، رفعها ورثته من بعده ( [724] ) . ويرفعها وليه نيابة عنه إذا كان هو لا يزال قاصراً ، سواء باشر القاصر البيع بنفسه أو باشره عنه الولي بعد إذن المحكمة ( [725] ) . وترفع الدعوى على المشتري أو ورثته ، لأن تكملة الثمن التزام في ذمة المشتري ( [726] ) . وترفع أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المشترين لأنها دعوى بحق شخصي ( [727] ) . وعلى المدعى ، أي صاحب العقار $ 400 $ المبيع ، أن يثبت حقه في تكملة الثمن ، فيثبت أن قيمة العقار وقت البيع تزيد على الثمن بأكثر من خمس القيمة ، وله أن يطلب تعيين خبير لتقدير قيمة العقار وقت البيع . فإذا أثبت ذلك ، حكم القاضي على المشتري بتكملة الثمن إلى أن يبلغ أربعة أخماس قيمة العقار وقت البيع . ولصاحب العقار أن ينفذ بهذا الحكم على جميع أموال المشتري ، ويدخل في ذلك العقار المبيع ذاته ، لأن الحق شخصي في ذمة المشتري كما قدمنا فجميع أمواله ضامنة للوفاء به . بل إن تكملة الثمن – وهي جزء من الثمن – تكون مكفولة أيضاً بحق امتياز البائع على العقار المبيع ( [728] ) . فإذا بقى العقار في ملك المشتري ، فإن البائع بماله من حق امتياز يتقدم فيه على سائر دائني المشتري ويستوفي حقه قبلهم من ثمن هذا العقار . أما إذا تصرف فيه المشتري ، معاوضة أو تبرعاً ، فللبائع أن يتتبعه في يد الغير بحق امتيازه إذا كان قد قيده قبل شهر التصرف الصادر من المشتري .

وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 426 مدني ، كما رأينا ، على أن " تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي يموت فيه صاحب العقار المبيع " . وقد جعل التقنين المدني الجديد مدة التقادم ثلاث سنوات - وكان التقنين المدني السابق يجعلها سنتين ( [729] ) حتى يتسق التشريع في دعاوى الإبطال مع دعوى تكملة الثمن ( [730] ) طوال المدة التي يبقى فيها الصبي غير كامل الأهلية ، حتى إذا بلغ سن الرشد فله هو أن يرفع دعوى تكملة الثمن في خلال الثلاث السنوات التي تلى بلوغه هذه السن . فإن مات قبل انقضاء الثلاث السنوات ، كان لورثته رفع الدعوى في المدة الباقية . $ 401 $ وإن مات بلوغه سن الرشد ، فللورثة رفع الدعوى في خلال ثلاث سنوات من وقت موته . والمدة مدة تقادم لا مدة سقوط ، فيرد عليها من أسباب الانقطاع ما يرد على سائر مدد التقادم . ولكنها لا توقف ، لأن التقادم الذي لا تزيد مدته على خمس سنوات لا يرد عليه الوقف بسبب عدم توافر الأهلية ولو لم يكن للدائن نائب يمثله ( م 382  /  2 مدني ) . أما إذا كان صاحب العقار محجوراً عليه ، فإنه يكون للقيم أن يرفع دعوى تكملة الثمن طوال مدة الحجر . فإن مات صاحب العقار وهو لا يزال محجوراً عليه ، فلورثته رفع الدعوى في خلال ثلاث سنوات من وقت موته . وإذا رفع الحجر كان لصاحب العقار نفسه أو لورثته من بعده رفع الدعوى في خلال الثلاث سنوات التي تلي رفع الحجر على النحو الذي تقدم في شأن القاصر ( [731] ) .

وقد قدمنا أن دعوى تكملة الثمن قد يقترن بها دعوى إبطال البيع لنقص الأهلية ( [732] ) . ودعوى الإبطال هذه تسقط هي أيضاً بالتقادم إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من وقت موت البائع ، فمدة التقادم واحدة لكل من الدعويين .

224 – دعوى الفسخ : ولصاحب العقار المبيع إذا لم يدفع له المشتري تكملة الثمن بعد الحكم بها عليه ، أن يطلب أيضاً فسخ البيع ، شأنه في ذلك $ 402 $ شأن كل بائع لم يستوف الثمن بأكمله ( [733] ) . فإذا فسخ البيع ، استرد البائع العقار ورد ما قبضه من الثمن ، ولكن له أن يطلب الحكم على المشتري بتعويض ( [734] ) .

ويسترد البائع العقار بعد الفسخ من تحت يد المشتري . فإذا كان المشتري قد تصرف في العقار معاوضة أو تبرعاً ، فإن المتصرف إليه إذاك أن حسن النية – وحسن النية مفروض فيه ( [735] ) - لا يصيبه ضرر من دعوى الفسخ . ذلك أن دعوى تكملة الثمن وما ينتج عنها من دعوى الفسخ لا تلحق ضرراً بالغير حسن النية إذا كسب حقاً عينياً على العقار المبيع ( م 426  /  2 مدني ) ( [736] ) . ومن ثم لا يستطيع البائع أن يسترد العقار من تحت يد الغير حسن النية ، ولا يبقى له إلا الرجوع بالتعويض على المشتري ( [737] ) . فإذا استطاع البائع أن يثبت سوء نية الغير أي أن يثبت أن الغير كان يعلم وقت تعامله مع المشتري بقيام دعوى تكملة الثامن ، جاز له بعد فسخ البيع أن يسترد العقار من تحت يد الغير سيء النية .

 $ 403 $

وغني عن البيان أن دعوى الفسخ مستقلة عن دعوى تكملة اليمن ، وإن كانت تقوم نتيجة لها ( [738] ) . فلا تسقط دعوى الفسخ إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت قيام سبب الفسخ أي من وقت امتناع المشتري عن دفع تكملة الثمن ، وهذا بخلاف دعوى تكملة الثمن فإنها تسقط بثلاث سنوات على التفصيل الذي قدمناه .

 $ 404 $

الفصل الثاني

الآثار التي تترتب على البيع

225 - تطبيق القواعد العامة : البيع عقد ملزم للجانبين ، فالآثار التي تترتب عليه هي التزامات في جانب البائع والتزامات مقابلة في جانب المشتري ( [739] ) .

ونبحث هنا التزامات البائع ، ثم التزامات المشتري ( [740] ) .

 $ 405 $

الفرع الأول

التزامات البائع

226 – التزامات أربعة : يلتزم البائع بموجب عقد البيع ذاته دون حاجة إلى اتفاق خاص ، بالتزامات أربعة : ( 1 ) نقل ملكية المبيع إلى المشتري ( 2 ) تسليم المبيع له . ( 3 ) ضمان التعرض والاستحقاق . ( 4 ) ضمان العيوب الخفية ( [741] ) .

المبحث الأول

نقل ملكية المبيع

227 - المقصود بالمبيع – تفرق النصوص القانونية : قدمنا ( [742] ) أن المبيع قد يكون حق ملكية وهو الغالب ، وقد يكون حقاً عينياً آخر متفرعاً من حق الملكية كحق الانتفاع وحق الرقبة وحق الارتفاق وحق الحكر ، كما يكون حقاً شخصياً فيسمى البيع عندئذ بحوالة الحق ، بل قد يكون المبيع حقاً معنوياً كحقوق المؤلف والملكية الفنية والملكية الصناعية .

 $ 406 $

وفي جميع الأحوال ينقل البيع الحق كما هو ، بمقوماته وخصائصه ، من البائع إلى المشتري طبقاً للقواعد والإجراءات التي قررها القانون . فبيع الدار يترتب عليه نقل ملكية الدار إلى المشتري ، وبيع الحق الشخصي يترتب عليه نقل ملكية الحق الشخص ، وبيع حق المؤلف يترتب عليه نقل ملكية هذا الحق ، وهكذا . وهذا هو الذي نعنيه بنقل ملكية المبيع .

وقد نظم التقنين المدني نقل الملكية والحقوق العينية الأخرى في نصوص متفرقة ، هي المواد 204 إلى 207 مدني والمواد 428 إلى 430 مدني والمواد 932 إلى 934 مدن ، و سنعرض لهذه النصوص فيمايلي . أما نقل الحق الشخصي – وهذه هي حوالة الحق – فقد عرض له التقنين المدني في المواد 303 إلى 314 مدني ، وقد سبق بحث حوالة الحق في الجزء الثالث من الوسيط فنستبعدها من بحثنا هنا . وكذلك نستبعد نقل الملكية المعنوية كحقوق المؤلف فكأنها قوانين خاصة أشارت إليها المادة 86 مدني إذ تقول : " الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة " .

فيبقى إذن للبحث نقل حق الملكية والحقوق العينية الأخرى المتفرعة عن الملكية ، وذلك عن طريق عقد البيع . وهذه هي الحقوق التي نعنيها بلفظ " المبيع " ، فإذا قلنا نقل الملكية في المنقول أو في العقار ، قصدنا بذلك نقل حق الملكية في منقول أو عقار ، أو الحقوق المتفرعة عن حق الملكية وتكون واقعة على منقول أو عقار . وعلى هذا الوجه نبحث ما يأتي : ( 1 ) نقل الملكية بوجه عام . ( 2 ) نقل الملكية في المنقول . ( 3 ) نقل الملكية بالعقار .

المطلب الأول

نقل الملكية بوجه عام

228 - مسائل ثلاث : لم يكن البيع في القديم يولد التزاماً بنقل الملكية ، فلم يكن عقداً ناقلاً للملكية . ولكنه تطور بعد ذلك تدرجاً ، حتى أصبح ينقل الملكية فنبحث في هذا الصدد مسائل ثلاثا : ( 1 ) التطور التاريخي $ 407 $ للبيع كعقد ناقل للملكية ( 2 ) تحليل معنى نقل الملكية . ( 3 ) ما يتضمنه الالتزام بنقل الملكية وما يترتب على نقل الملكية فعلاً .

1 - التطور التاريخي للبيع كعقد ناقل للملكية

229 – البيع في القانون الروماني : كان البيع في القانون الروماني عقداً لا ينقل الملكية بذاته ، بل الذي كان ينقل الملكية هو وضع من الأوضاع المادية المعروفة في هذا القانون : الإشهاد ( mancipatio ) أو التنازل القضائي ( jure in cessio ) أو القبض ( traditio ) أو التقادم ( usucapio ) .

بل لم يكن البيع يرتب في ذمة البائع التزاماً بنقل الملكية ، وكان كل ما يلتزم به البائع بمجرد البيع – ما لم يوجد شرط صريح في العقد يلزمه بنقل الملكية – هو أن ينقل إلى المشتري حيازة هادئة بموجبها يضع يده على المبيع كمالك دون أن يتعرض له أحد ودون أن يتعرض له البائع نفسه . فكان البائع ، إلى جانب التزامه بنقل هذه الحيازة ، يلتزم أيضاً بضمان التعرض الصادر من جهته هو أو الصادر من أجنبي . وكان هذا يعتبر كافياً لتحقيق الغرض الذي يستهدفه البيع ، فما دام المشتري واضعاً يده على المبيع يجوزه حيازة هادئة ، وينتفع به بجميع الطرق المشروعة ، دون أن يتعرض له أحد في ذلك ، فما عليه ألا يكون مالكاً وقد حوى في يده جميع الميزات التي توخاها من كسب هذه الملكية . وكان يترتب على ذلك أن البائع في القانون الروماني يصح أن يستبقى الملكية عنده دون أن ينقلها إلى المشتري ، والضمان الذي يكفل للمشتري تحقيق بغيته هو التزام البائع بعدم التعرض له . بل كان يترتب على ذلك أن الشخص كان يستطيع بيع ملك غيره ، وكان بيع ملك الغير صحيحاً ما دام البائع ، دون أن يكون مالكاً ، قادراً على نقل حيازة المبيع إلى المشتري على النحو الذي أسلفناه ، وقادراً في الوقت ذاته على منع أي عمل يكدر على المشتري حيازته إذ هو ضامن له التعرض والاستحقاق كما سبق القول .

على أن البيع في القانون الروماني ، إذا كان لا يستلزم نقل الملكية ، كان من طبيعته نقلها . والدليل على ذلك أمران : ( أولهما ) أنه كان يجوز للمشتري $ 408 $ أن يشترط في عقد البيع على البائع أن ينقل له ملكية المبيع ، وكان هذا الشرط صحيحاً لأنه يتآلف مع طبيعة البيع ، وعند ذلك كان على البائع أن ينقل ملكية المبيع للمشتري ولا يقتصر على نقل الحيازة الهادئة . ( والأمر الثاني ) أنه كان لا يجوز للبائع أن يشترط على المشتري ألا ينقل له ملكية المبيع ، فهذا الشرط يتنافى مع طبيعة البيع ، ومن ثم كان غير جائز ( [743] ) .

230 - البيع في القانون الفرنسي القديم : وانتقلت أحكام القانون الروماني في هذا الصدد إلى القانون الفرنسي القديم ، فكان البيع لا ينقل الملكية ولا يرتب التزاماً بنقلها . وبقى من طرق نقل الملكية ، وهي الأوضاع المادية التي كانت سائدة في القانون الروماني ، القبض وحده ، بعد أن اختفى الإشهاد والتنازل القضائي . فكان البيع في القانون الفرنسي القديم ينقل إلى المشتري حيازة هادئة على أساس أنه مالك ، ولم تكن الملكية تنتقل إليه إلا بالقبض ، ومن ثم كان بيع ملك الغير صحيحاً في هذا القانون . وبقى القانون الفرنسي القديم على هذا النحو إلى آخر مراحله ، حتى أن بوتييه ، وهو الفقيه الذي ختم عهود القانون الفرنسي القديم ، لم يدخل في تعريف البيع أنه ينقل الملكية إلى المشتري ( [744] ) .

على أن تطور القانون الفرنسي القديم طوال مراحله أدى إلى أن يكون البيع $ 409 $ سبيلاً غير مباشر لنقل الملكية ، لا لأنه كان يرتب التزاماً بنقل الملكية ، بل لأن التعامل قد جرى على أن تنتقل الملكية إلى المشتري بالقبض . ثم ألف الناس أن يجعلوا هذا القبض أمراً صورياً ، فكانوا يكتبون في بياعاتهم أن القبض قد تم ( clause de dessaisine - saisine, vest et devest ) فكان من وراء هذا القبض الصوري أن تنتقل الملكية إلى المشتري ، والمفروض أنها انتقلت بالقبض ، والواقع أنها انتقلت بذكر حصول القبض في العقد . على أن ذكر حصول القبض ما لبث أن أصبح هو أيضاً شرطاً مألوفاً ( clause de style ) في عقد البيع .

231 - البيع في الفقه الإسلامي : وقد جاوز الفقه الإسلامي هذه المرحلة التي وصل إليها القانون الفرنسي القديم ، فجعل المالك ينتقل بالعقد مباشرة ، ويصبح المشتري للعقار أو للمنقول مالكاً للمبيع بمجرد العقد . وقد جاء في البدائع ( [745] ) : " وأما باين صفة الحكم فله صفتان . . . الثانية الحلول ، وهو ثبوت الملك في البدلين للمحال ، لأنه تمليك بتمليك ، وهو إيجاب الملك من الجانين للحال ، فيقتضي ثبوت الملك في البدلين للمحال . بخلاف البيع بشرط الخيار ، لأن الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم ، فيمنع وقوعه تمليكاً للحال . وبخلاف البيع الفاسد ، فإن ثبوت الملك فيه موقوف على القبض ، فيصير تمليكاً عنده " . ويبين من هذا النص أن العقد ذاته هو الذي ينقل الملك ، وفي ذلك يختلف التصور الفني في الفقه الإسلامي عنه في الفقه اللاتيني . ففي الفقه الإسلامي ينتقل الملك بالعقد ، أما في الفقه اللاتيني فالعقد ينشئ التزاماً بنقل الملك ويتم تنفيذ هذا الالتزام فوراً بمجرد نشوئه فينتقل الملك ولكن تنفيذاً للالتزام لا بحكم العقد .

وقد كان مقتضى انتقال الملك إلى المشتري بالبيع في الفقه الإسلامي أن يملك المشتري التصرف في المبيع بمجرد البيع ، حتى قبل القبض . وهذا هو مذهب مالك ( [746] ) ، أما عند الشافعية والحنابلة فلا يجوز للمشتري أن يتصرف في المبيع $ 410 $ قبل قبضه سواء كان منقولاً أو عقاراً ( [747] ) . وأما عند الحنفية فلا يجوز للمشتري التصرف في المنقول قبل قبضه إذ يجوز أن يتلف قبل القبض فيبطل البيع بذلك ويؤدي إلى الغرر بالمشتري الجديد ، ويجوز التصرف في العقار قبل قبضه عند أبي حنيفة وأبي يوسف لأن هلاك العقار غير محتمل ( [748] ) .

ويخلص مما تقدم أن الملك ينتقل بالبيع في الفقه الإسلامي ، ولكن القبض يزيد نقل الملكية تأكيداً ، فهو الذي يطلب يد المشتري في التصرف في أكثر المذاهب على ما رأينا .

232 – البيع في القانون الحديث – القانون الفرنسي والقانون المصري : ولما رأى واضعو تقنين نابليون إلى أين انتهى التطور في القانون الفرنسي القديم على النحو الذي أسلفناه ، خطوا آخر مرحلة من مراحل هذا التطور ، فجعلوا البيع ذاته ناقلاً للملكية إذ يرتب في ذمة البائع التزاماً بنقلها إلى المشتري . وغذا كانت الفقرة الأولى من المادة 1582 من التقنين المدني الفرنسي لا تزال تحمل أثر القانون الفرنسي القديم ( [749] ) ، إلا أن سائر النصوص في هذا التقنين قاطعة في أن البيع أصبح بذاته ناقلاً للملكية . من ذلك المادة 1583 مدني فرنسي وهي تقول : . . . . يكسب المشتري من البائع قانوناً ملكية المبيع ، بمجرد اتفاقهما $ 411 $ على المبيع والثمن ، ولو كان المبيع لميسلم والثمن لم يدفع ( [750] ) .

وجاءت نصوص التقنين المدني المصري – القديم والجديد – صريحة في أن البائع يلتزم بنقل ملكية المبيع إلى المشتري ( [751] ) .

ومن ثم صاحب السمو الملكي الأمير بيع ملك الغير لا يتلاءم مع طبيعة البيع بعد أن أصبح البيع ناقلاً الملكية ، فجاءت النصوص صريحة في بطلان بيع ملك الغير في كل من التقنين المدني الفرنسي والتقنين المدني المصري ، وقد سبق بيان بذلك تفصيلاً .

2 - تحليل معنى نقل الملكية

233 - الالتزام بنقل الملكية ونقل الملكية فعلاً : يجب التمييز بين ترتيب البيع لالتزام بنقل الملكية وبيع تنفيذ هذا الالتزام بنقل الملكية فعلاً ، وإن كان الالتزام بنقل الملكية يتم تنفيذه كقاعدة عامة فوراً بمجرد نشوئه . على أنه قد يسبق تنفيذ الالتزام بنقل الملكية أعمال تمهيدية يلتزم بها البائع ، ولابد على كل حال من توافر شوط معينة حتى يتم نقل الملكية فعلاً . فإذا قام البائع بما عسى أن يكون ضروريا من الأعمال التمهيدية لنقل الملكية ، وتوافرت الشروط الواجبة لنقلها ، انتقلت فعلاً من البائع إلى المشتري بحكم القانون وقد كسبها المشتري بعقد البيع .

 $ 412 $

فنتكلم إذن في القاعدة التي تقضي بأن الالتزام بنقل الملكية يتم تنفيذه فوراً بحكم القانون ، وفي التزام البائع بالأعمال التمهيدية الضرورية لنقل الملكية ، وفي الشروط الواجب توافرها لنقل الملكية فعلاً .

234 - الالتزام بنقل الملكية يتم تنفيذه فوراً بحكم القانون : جرى التقنين المدني المصري على تقاليد القوانين اللاتينية في الطريقة التي بموجبها ينقل البيع الملكية إلى المشتري . فالبيع ينشئ أولاً التزاماً في جانب البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري ، ثم يتم تنفيذ هذا الالتزام فوراً بحكم القانون ، إذا توافرت الشروط المطلوبة ، فتنتقل الملكية فعلاً إلى المشتري . فيبدو أن نقل الملكية كان أثراً مباشراً لعقد البيع ، ولكن نقل الملكية من ناحية الصناعة الفنية ليس إذا تنفيذاً للالتزم بنقلها ، والأثر المباشر لعقد البيع هو إنشاء هذا الالتزام .

فالقاعدة إذن أن الالتزام بنقل الملكية ينقل الملكية من تلقاء نفسه متى قام البائع بما عسى أن يكن ضروريا من الأعمال التمهيدية لنقلها ، ومتى توافرت الشروط الواجب لذلك . وهاذ ما قررته المادة 204 مدني إذ تقول : " الالتزام بنقل الملكية أو أي حق عيني آخر ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم ، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل " . ثم أكدته المادة 932 مدني وأحالت على النص السالف الذكر إذ تقول : " تنتقل الملكية وغيرها من الحقوق العينية في المنقول والعقار بالعقد ، متى ورد على محل مملوك للمتصرف طبقاً للمادة 204 ، وذلك مع مراعاة النصوص الآتية " ( [752] ) .

وقد سبق أن عالجنا هذه المسألة في الجزء الثاني من الوسيط ( [753] ) ؛ فكتبنا ما يأتي : " ويلاحظ أن التقنين الجديد سار على النظرية التقليدية من أن نقل $ 413 $ الملكية يسبقه التزم بنقلها ، وهذا الالتزام يتم تنفيذه من تلقاء نفسه فتنتقل الملكية إلى الدائن بحكم القانون ، وينقضي الالتزام بنقل الملكية بمجرد نشوئه . وهذا الوضع بقية تخلفت عن تقاليد القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم ، حيث كانت الملكية لا تنتقل بالعقد " . ثم كتبنا في الحاشية " ويذهب بنكاز bonnecase إلى أنه لا يوجد اليوم ما يمنع من القول بأن العقد ذاته ينقل الملكية دون افتراض التزام موهوم يسبق نقل الملكية ، وينقضي بمجرد أن ينشأ . ويكفي للوصول إلى هذه النتيجة القول بأن العقد حرك القانون فجعله ينقل الملكية ، وبذلك يكون القانون لا العقد هو الذي رتب الأثر : أنظر التصرف القانوني والواقعة القانونية دروس لقسم الدكتوراه للمؤلف ص 77 . على أنه في بلد تتبع نظام السجل العقاري livre foncier يبرز التمييز بين الالتزام بنقل الملكية ونقل الملكية بالفعل : فالعقد لا ينقل الملكية بنفسه بل يقتصر على إنشاء التزام بنقلها ، أما نقل الملكية بالفعل فلا يتم إلا بتسجيل العقد في السجل العقاري . وفي فترة الانتقال التي تجتازها مصر اليوم إلى نظام السجل العقاري يبرز أيضاً هذا الفرق بين الالتزام بنقل الملكية ونقل الملكية بالفعل ، فالعقد ينشئ التزاماً بنقل الملكية ، ولا تنتقل الملكية إلا بالتسجيل " .

قلنا إنه قد توجد أعمال ضرورية يلتزم البائع القيام بها تمهيداً لنقل الملكية ، وهناك شروط يجب توافرها حتى يتم تنفيذ الالتزام بنقل الملكية فوراً بحكم القانون فتنتقل الملكية فعلاً إلى المشتري ، فما هي هذه الأعمال؟ وما هي هذه الشروط؟ .

235 - التزام البائع بالأعمال التمهيدية الضرورية لنقل الملكية – نص قانوني : تنص المادة 428 من التقنين المدني على أنه " يلتزم البائع أن يقوم بما هو ضروري لنقل الحق المبيع إلى المشتري ، وأن $ 414 $ يكف عن أي عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق مستحيلاً أو عسيراً ( [754] ) " .

فقد تكون هناك أعمال ضرورية ، إيجابية أو سلبية ، لا بد أن يقوم بها البائع أو يكف عنها حتى يمكن أن ينتقل الحق المبيع ( [755] ) على المشتري . وتورد المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي أمثلة لهذه الأعمال فتقول : قد يطلب من البائع أن يقوم بأعمال مادية ، إيجابية أو سلبية ، من شأنها أن تجعل نقل الملكية متيسراً . من ذلك تقديم الشهادات اللازمة للتسجيل ، وتصديق البائع على إمضائه تمهيداً لتسجيل العقد ، وشطب التكاليف المقررة على العين قبل البيع ، وفرز المثليات ، والامتناع عن التصرف في العين تصرفاً يضر بالمشتري ( [756] ) " . وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص هو المادة 573 من هذا المشروع ، وكان يجري على الوجه الآتي : يلتزم البائع أن يزود المشتري بالبيانات الضرورية عن الشيء المبيع ، وأن يقدم له الأوراق والمستندات المتعلقة بهذا الشيء . وورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع $ 415 $ التمهيدي في صدد هذا النص : " وعلى البائع أن يزود المشتري بالبيانات الضرورية عن الشيء المبيع ، كأن يبين له حدود العين المبيعة وما عليها من حقوق وتكاليف ، وعليه أن يقدم له الأوراق والمستندات المتعلقة بالمبيع كمستندات الملكية والعقود المتعلقة بالمبيع ويكون من شأنها أن تسري في حق المشتري وصورة من المستندات التي يستبقيها لتضمنها حقوقاً أخرى غير حق المشتري ( [757] ) " . وقد حذفت هذه المادة في لجنة المراجعة " لأنها مستفادة من القواعد العامة ( [758] ) " .

ويتبين مما قدمناه أن هناك نوعين من الأعمال يلتزم البائع بهما ، أعمالاً إيجابية وأعمالاً سلبية ( [759] ) .

أما الأعمال الإيجابية التي من شأنها التمهيد لنقل الملكية ، فمثلها في العقار تصديق البائع على إمضائه حتى يتمكن المشتري من تسجيل العقد ( [760] ) ، وشهر $ 416 $ حق الإرث الواجب حصوله قبل تسجيل البيع ( [761] ) ، وتقديم الشهادات اللازمة للتسجيل كمستندات ملكية البائع وشهادة الضريبة العقارية وبيان بجدول العقار . ومثلها في المنقول إفراز المبيع إذا لم يكن معيناً إلا بجنسه ونوعه ، لأن الملكية في هذه الحالة لا تنتقل إلا بالإفراز . أما بيان ما على للعقار من حقوق وتكاليف ، وشطب هذه الحقوق والتكاليف ، فهذا لا يبدو ضرورياً لنقل الملكية ، ولكنه لا يزال عملاً يلتزم به البائع ويدخل في التزامه العام بضمان الاستحقاق ، وسيأتي بيان ذلك . كذلك تقديم العقود المتعلقة بالمبيع ويكون من شأنها أن تسري في حق المشتري : كعقد إيجار واقع على العين المبيعة وثابت التاريخ بحيث يسري في حق المشتري وبيان بما لا يزال باقياً في ذمة المستأجر من الأجرة ، وكعقد رهن ثقل به المبيع فأصبح للدائن المرتهن حق تتبع العين في يد المشتري ( [762] ) ، ليس ضرورياً لنقل ملكية المبيع إلى المشتري ، وإن كان لا يزال التزاماً في ذمة البائع تابعاً لالتزامه العام بضمان الاستحقاق .

وأما الأعمال السلبية التي يلزم البائع الكف عنها حتى يتيسر نقل الملكية إلى المشتري ، فمثلها أن يتصرف البائع في العقار بعد البيع بحيث يتمكن المشتري الثاني من التسجيل قبل المشتري الأول ، وأن يتصرف البائع في المنقول بعد البيع ويسلمه للمشتري الثاني إذا كان هذا حسن النية . فيجب أن يكف البائع عن هذه الأعمال ، إذ من شأنها أن تجعل نقل الملكية إلى المشتري مستحيلاً ، ويمكن أن يندرج هذا الالتزام أيضاً تحت الالتزام العام بضمان التعرض والاستحقاق كما سنرى . ومثل ذلك أيضاً يلحق البائع بالمبيع تلفاً أو تخريباً بحيث تهلك العين هلكاً كلياً أو جزئياً فيتعذر انتقال ملكيتها خالصة إلى المشتري ، وهذا أيضاً $ 417 $ يمكن إدخاله تحت التزام البائع بضمان التعرض ( [763] ) . وهناك من الأعمال ما لا يجعل نقل الملكية للمشتري مستحيلاً ولكن يجعله عسيراً . وهذه أيضاً يجب على البائع أن يكف عنها ، إذ النص كما رأينا يلزمه " أي يكف عن أي عمل من شأنه أن يجعل نقل الملكية مستحيلاً أو عسيراً " . مثل ذلك أن يخفى البائع مستندات ضرورية للتسجيل كشهادة الضريبة العقارية ، فهذه يجوز الحصول عليها ولكن بمشقة ، فإخفاؤها يجعل نقل الملكية شاقاً ، ومن ثم يلتزم البائع أن يكف عنه .

236 - الشروط الواجب توافرها لانتقال الملكية إلى المشتري : فإذا قام البائع بالأعمال التمهيدية لنقل الملكية انتقلت الملكية فعلاً إلى المشتري بحكم القانون ، و إذا توافرت الشروط المذكورة في المادة 204 مدني والمادة 932 مدني السالفتي الذكر . وهي شروط ثلاثة : ( 1 ) أن يكون المبيع عيناً معينة بالذات . ( 2 ) وأن يكون مملوكاً للبائع . ( 3 ) وألا يعلق القانون أو الاتفاق انتقال الملكية على القيام بعمل معين ( [764] ) .

أما أن يكون المبيع عيناً معينة بالذات فهذا شرط طبيعي ، فإن الملكية $ 418 $ لا تنتقل من شخص إلى آخر إلا في شيء معين بالذات . بل إن هذا الشرط لم يصبح ذكره ضرورياً بعد ما قررناه من أن البائع يلتزم بالأعمال الضرورية التي تمهد لنقل الملكية ، فمن يبين هذه الأعمال إفراز المبيع إذا لم يكن معيناً إلا بالنوع كم اسبق القول ، فمتى قام البائع بالتزامه وأفرز المبيع ، فقد أصبح المبيع عيناً معينة بالذات وتوافر الشرط . على أن المبيع قد يكون غير معين بالذات في حالتين آخريين : ( الحالة الأولى ) بيع شيء لم يصنع بعد ، كما إذا باع مصنع نسيج كميات من القماش لم يبدأ نسجها ، فيكون المبيع هنا شيئاً غير معين بالذات ، ولا يتصور أن تنتقل ملكيته إلى المشتري إلا بعد تمام نسجه . ولا يعتبر الغزل الذي يصنع منه النسيج ملكاً للمشتري ، بل يبقى ملكاً للمصنع إلى أن يتم نسجه ، ذلك أن المصنع لم يبع غزلاً وإنما باع نسيجاً ( [765] ) . ( الحالة الثانية ) بيع $ 419 $ يكون محله تخييرياً ( alternatif ) ، فلا يتعين المبيع في هذه الحالة إلا عندما يعمل صاحب الخيار خياره ، ولا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري إلا عندما يتم الاختيار . وقد رأينا عند الكلام في الالتزام التخييري أن إعمال الخيار له أثر رجعي فيستند إلى وقت البيع ، وتعتبر الملكية قد انتقلت من وقت البيع لا من وقت إعمال الخيار . أما لو كان المحل بديلاً ( facultatif ) ، فإن المبيع يكون معيناً بالذات من وقت البيع ويكون هو الشيء الأصلي لا البديل ، وإن كان يحق للبائع أن يبرئ ذمته من التزامه بإعطائه البديل دون الشيء الأصلي ( [766] ) .

وأما أن يكون المبيع مملوكاً للبائع فهذا أيضاً شرط طبيعي ، فالملكية لا تنتقل إلا عن مالك . وإذا لم يكن البائع مالكاً لم يستطع أن ينقل ملكية المبيع فإن فاقد الشيء لا يعطيه ، كما لا تنتقل الملية عن المالك الحقيقي فإن هذا أجنبي عن البيع فلا يسري في حقه . وقد بسطنا تفصيل القول في ذلك عند الكلام في بيع ملك الغير .

بقى الشرط الثالث ، وهو ألا يعلق القانون أو الاتفاق انتقال الملكية على القيام بعمل معين . أما القانون فيعلق نقل الملكية في العقار على التسجيل ، وفي المنقول غير المعين بالذات على الإفراز ، كما رأينا . وكل من التسجيل والإفراز يدخل في الأعمال التمهيدية التي يلتزم بها البائع حتى تنتقل الملكية إلى المشتري ، كما سبق القول . وأما الاتفاق فقد يتم بين المتعاقدين على تأخير نقل الملكية إلى حين استيفاء شرط معين . يتفق المتبايعان مثلاً على ألا ينتقل الملكية إلا عند تسليم المبيع إلى المشتري أو إلا عند القيام بإجراءات معينة ( [767] ) ، أو يكون البائع غير مالك للمبيع $ 420 $ وقت البيع فيتفق مع المشتري على تأخير نقل الملكية إلى أن يحصل هو عليها ، أو يتفق المتبايعان على ألا تنتقل الملكية إلى المشتري إلا بعد أن يوفى جميع أقساط الثمن وهذا هو البيع بالتقسيط . ونلاحظ فيما قدمناه أمرين : ( الأمر الأول ) مهما يكن شأن الاتفاق على تأخير نقل الملكية ، فإن هذا لا يمنع عقد البيع من أن يرتب في الحال التزاماً في جانب البائع بنقل الملكية ، والذي يتأخر ليس هو نشوء هذا الالتزام بل تنفيذه . ( والأمر الثاني ) أن الاتفاق على تأخير نقل الملكية ليس اتفاقاً على أجل تنتقل بعده الملكية ، بل هو اتفاق على شرط يعلق انتقال الملكية إلى حين تحققه . ذلك أن الملكية تستعصى طبيعتها على أن تقترن بأجل ، فالأجل يجعلها موقتة والملكية حق دائم لا يلحقه التوقيت ( [768] ) . فتأخير نقل الملكية إلى حين التسليم ومل وعين للتسليم مدة محددة ، هو تعليق لنقل الملكية على شرط التسليم ، وليس تأجيلاً لنقل الملكية إلى حين انقضاء هذه المدة المحددة . وتأخير نقل الملكية إلى أن يحصل البائع عليها من المالك الحقيقي هو تعليق لنقل الملكية على شرط حصول البائع عليها ، وكذلك تأخير نقل الملكية إلى تمام وفاء أقساط الثمن هو تعليق لنقل الملكية على شرط وفاء الأقساط .

237 - البيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية حتى استيفاء الثمن – إحالة : ومن أهم الصور العملية للاتفاق على تأخير نقل الملكية اتفاق المتبايعين على أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفاً على الوفاء بجميع أقساط الثمن . وهذا هو البيع بالتقسيط أو الإيجار الساتر للبيع لأن المتبايعين كثيراً ما يسميان $ 421 $ البيع في هذه الحالة إيجاراً . وقد وردت المادة 430 مدني ، كما رأينا ، في صدد هذا البيع إذ تقول : " 1 - إذا كان البيع مؤجل الثمن ، جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفاً على استيفاء الثمن كله ولو تم تسليم المبيع . 2 - فإذا كان الثمن يدفع أقساطاً ، جاز للمتعاقدين أن يتفقا على أن يستبقى البائع جزءاً منه تعويضاً عن فسخ البيع إذا لم توف جميع الأقساط ، ومع ذلك يجوز للقاضي تبعاً للظروف أن يخفض التعويض المتفق عليه وفاقً للفقرة الثانية من المادة 224 . 3 - فإذا وفيت الأقساط جميعاً ، فإن انتقال الملكية إلى المشتري يعتبر مستنداً إلى وقت البيع . 4 - وستري أحكام الفقرات الثلاث السابقة ولو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً " .

ونقتصر هنا على إيراد النص ، وقد سبق تفصيل القول فيه ، فنكتفي بالإحالة على ما قدمناه في ذلك ( [769] ) .

3 - ما الذي يتضمنه الالتزام بنقل الملكية

وما الذي يترتب على انتقالها فعلاً

238 - ما الذي يتضمنه الالتزام بنقل الملكية : يقرر التقنين المدني كقاعدة عامة أن كل التزام بنقل حق عيني – ويندرج تحت ذلك التزام البائع بنقل ملكية المبيع – يتضمن في الوقت ذاته التزاماً بتسليم الشيء الذي تعلق به الحق العيني وبالمحافظة على هذا الشيء حتى يتم التسليم . وقد رأينا ( [770] ) أن المادة 206 مدني تنص في هذا الصدد على أن " الالتزام بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم " .

ويبين من ذلك أن التزام البائع بنقل ملكية المبيع يتضمن التزامين تبعيين ، أحدهما التزام بتسليم المبيع إلى المشتري وهو التزام بتحقيق غاية ، والثاني التزام $ 422 $ بالمحافظة على المبيع إلى أن يتم تسليمه للمشتري وهو التزام ببذل عناية ( [771] ) .

وللصفة التبعية التي أثبتناها للالتزام بتسليم المبيع أهيمة كبيرة في تحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم . وذلك أن الالتزام بالتسليم إذا كان التزاماً تبعياً ، فإنه يكون التزاماً مكملاً للالتزام بنقل الملكية ، إذ لا يخلص المبيع مادياً للمشتري إلا بتسليمه من البائع . ومن ثم إذا هلك المبيع قبل التسليم هلك على البائع ، حتى لو كانت ملكية المبيع قد انتقلت قبل التسليم إلى المشتري ، فالهلاك لا يكون على المالك كما هو الأصل ، بل يكون على المدين بالتسليم .

وقد سبق أن كتبنا في هذا الصدد في الجزء الثاني من الوسيط ( [772] ) : " فإذا كان الالتزام بالتسليم التزاماً تبعياً يتضمنه التزام بنقل حق عيني ، فالأصل أن الهلاك يكون على المدين بالتسليم ، ولو أنه أصبح غير مالك إذ انتقلت الملكية إلى الدائن تنفيذاً للالتزام الأصلي بنقل الملكية . ويبرر هذه القاعدة أن الالتزام بالتسليم في هذه الحالة ليس في حقيقته إلا التزاماً مكملاً للالتزام بنقل الملكية ، إذ لا تخلص الملكية فعلاً للدائن إلا بالتسليم . ومن ثم كان الهلاك على المدين ، وهو مدين بنقل الملكية وبالتسليم معاً . وقد طبق التقنين المدني الجديد هذه القاعدة في كل من البيع والقسمة " ( [773] ) . وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في تحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم ( [774] ) .

 $ 423 $

239 – ما الذي يترتب على انتقال الملكية فعلاً للمشتري : فإذا توافرت الشروط الواجبة لانتقال ملكية المبيع إلى المشتري ، وهي الشروط السالفة الذكر ، فأصبح المشتري مالكاً للمبيع ، ترتبت على ذلك النتائج الآتية :

أولاً – يكون للمشتري حق التصرف في المبيع باعتباره مالكاً له ، ولو قبل أن يتسلمه من البائع . ويستوي في ذلك العقار والمنقول ( [775] ) . أما المنقول فظاهر ، فهو عين معينة بالذات انتقلت ملكيتها إلى المشترين فلهذا أن يتصرف في ملكه ولو قبل قبضه من البائع . وأما العقار فالمشتري لا يصبح مالكاً إلا إذا سجل عقد البيع ، فإذا سجل العقد أصبح مالكاً ولو قبل القبض ، واستطاع أن يتصرف في المبيع وهو لا يزال في يد البائع ( [776] ) .

ثانياً – يكون للمشتري ثمر البيع ونماؤه باعتباره مالكاً له ، وعليه تكاليفه من نفقات حفظ وصيانة وضرائب وغير ذلك من الأعباء . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 458 مدني صراحة على ذلك ، إذ تقول : " وللمشتري ثمر المبيع $ 424 $ ونماؤه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضاً . هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره " ( [777] ) .

ثالثاً – إذا أفلس البائع بعد قبض الثمن وقبل تسليم المبيع ، جاز للمشتري أن يأخذ عين المبيع باعتباره قد أصبح ملكاً له ، ولا يزاحمه في ذلك دائنو البائع ( [778] ) .

رابعاً – تنتقل ملكية المبيع من البائع إلى المشتري ، لا في حق المتبايعين وحدهما ، بل أيضاً في حق الورثة والدئانين . فوارث البائع لا يرث المبيع ، ولا يستطيع دائن البائع أن ينفذ على المبيع . وعلى العكس من ذلك يرث المبيع وارث المشتري ، ويستطيع دائن المشتري أن ينفذ على المبيع .

خامساً – كان من المقبول أن يكون هلاك المبيع قبل التسليم على المشتري باعتباره مالكاً ، وهذا هو بالفعل حكم التقنين المدني الفرنسي ( م 1138 وم 1624 ) وحكم تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 396 ) ، لولا أن التقنين المدني المصري - ومعه التقنين السوري والتقنين الليبي والتقنين العراقي – راعي أن الالتزام بالتسليم التزام تبعي كما قدمنا ، فإذا هلك المبيع بسبب أجنبي قبل التسليم انفسخ البيع ، فتحمل البائع تبعة الهلاك كما سيأتي .

 $ 425 $

المطلب الثاني

نقل الملكية في المنقول

240 - التمييز بين الشيء المعين بذاته والشيء المعين بنوعه : حتى نتبين كيف تنتقل الملكية إلى المشتري في المنقول ، يجب التمييز بين الشيء المعين بذاته والشيء المعين بنوعه ، فقد رأينا أن الملكية في الحالة الأولى تنتقل فوراً بمجرد تمام العقد ، ولا تنتقل في الحالة الثانية إلا بالإفراز .

وقبل أن نتناول في شيء من التفصيل كلاً من الحالتين ، نلاحظ أن هذا التمييز يسري أيضاً على العقار ، فهناك عقار لا يعين إلا بنوعه كما إذا بيع ألف متر تفرز من أرض مساحتها أكبر من ذلك ، فتسري في هذه الحالة الأحكام التي سنذكرها في المنقول ، ولا يتعين المبيع ، ومن ثم لا يمكن تسجيل البيع لنقل الملكية ، إلا بعد إفراز ألف متر بالذات وهي المساحة المبيعة ( [779] ) . ولكن لما كانت هذه الحالة نادرة ، ويغلب كثيراً أن يكون الشيء المعين بنوعه لا بالذات منقولاً لا عقاراً ، كما يغلب كثيراً أن يكون العقار شيئاً معيناً بالذات ، فقد عرضنا للتمييز بين الشيء المعين بالذات والشيء المعين بنوعه في صدد المنقول .

1 - الشيء المتعين بذاته

241 - انتقال الملكية فوراً بمجرد تمام العقد : فإذا كان البيع منقولاً معيناً بالذات ، وتوافرت الشروط الواجبة قانوناً التي أسلفنا ذكرها ، فإن الملكية تنتقل إلى المشتري وفراً بمجرد تمام العقد . وعقد البيع ذاته هو الذي ينقل الملكية ، بعد أن ينشئ التزاماً بنقلها يتم تنفيذه فوراً بمجرد نشوئه على الوجه الذي قدمناه . وقد رأينا أن التقنين المدني المصري قرر هذه القاعدة في المادة 204 مدني ، وأكدها في المادة 932 مدني ( [780] ) .

 $ 426 $

وتنتقل الملكية فوراً بمجرد تمام العقد في المنقول ، سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير .

242 - انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين : فتنتقل الملكية بمجرد تمام العقد أولاً فيما بين المتعاقدين . فول أن شخصاً باع سيارة معينة بالذات مملوكة له من شخص آخر ، فإن ملكية السيارة تنتقل من البائع إلى المشتري بمجرد تمام عقد البيع ( [781] ) . ويترتب على ذلك أن المشتري ، وقد أصبح مالكاً للسيارة ، يستطيع أن يتصرف فيها حتى قبل أن يتسليمها من البائع . فإذا باعها لمشتر ثان انتقلت ملكيتها من المشتري الأول إلى المشتري الثاني بمجرد تمام البيع الثاني ، ولو كانت السيارة لا تزال باقية في يد البائع الأول . ولا يعتبر المشتري الثاني " غيراً " ، فسنرى أن الغير هو شخص تلقى حقاً عينياً من البائع الأول على نفس المبيع ، والمشتري الثاني إنما تلقى حق الملكية من المشتري الأول لا من البائع الأول .

243 - انتقال الملكية بالنسبة إلى الغير : وتنتقل ملكية المنقول بمجرد تمام العقد أيضاً بالنسبة إلى الغير . فلو أن البائع الأول للسيارة في المثل المتقدم باع السيارة مرة أخرى لمشتر آخر ، فإنه يكون قد باع ما لا يملك إذ أن الملكية قد انتقلت منه إلى المشتري الأول بالبيع الأول ، لا فيما بينهما فحسب ، بل أيضاً بالنسبة إلى المشتري الآخر الذي تصرف له بالبيع مرة أخرى وهذا هو الغير .

فلو بقيت السيارة في يد البائع الأول ، فإن الذي يستردها منه هو المشتري الأول لأنه هو المالك ، ويرجع المشتري الآخر بتعويض على البائع الأول إذ أن هذا قد باع ما لا يملك كما سبق القول ، وذلك وفقاً للقواعد المقررة في بيع ملك الغير .

وإذا سلم البائع الأول السيارة للمشتري الأول ، فإنه يكون قد سلمها إلى $ 427 $ مالكها ، وليس للمشتري الآخر أن يرجع بشيء على المشتري الأول ، وإنما يكون رجوعه على البائع الأول كما قدمنا .

ولكن إذا سلم البائع الأول السيارة للمشتري الآخر ، وكان هذا المشتري الآخر حسن النية لا يعلم أن السيارة بيعت قبل ذلك للمشتري الأول ( [782] ) ، فإنه يملك السيارة . ولكنه لا يملكها بعقد البيع الصادر له من البائع الأول ، فقد قدمنا أن البائع الأول وقت أن باع السيارة للمشتري الآخر لم يكن مالكاً لها ، وبيع ملك الغير لا ينقل الملكية بذاته . ولكن المشتري الآخر يملك السيارة بسبب غير البيع ، وهذا السبب هو الحيازة بحسن نية . وتنتقل إليه الملكية لا من البائع الأول فهو غير مالك ، ولكن من المشتري الأول الذي أصبح مالكاً بالبيع الأول كما أسلفنا ( [783] ) . ويملك المشتري الآخر حسن النية السيارة بالحيازة ، حتى لو كان المشتري الأول قد باع قبل ذلك السيارة إلى مشتر ثان في المثل الذي قدمناه ، وإنما تنتقل الملكية في هذه الحالة إلى المشتري الآخر الحائز بحسن نية لا من المشتري الأول بل من المشتري الثاني الذي أصبح مالكاً بالبيع الصادر له من المشتري الأول .

244 - انتقال الملكية في البيع الجزاف : إحالة : وقد رأينا أن المادة 429 مدني تنص على أنه " إذا كان البيع جزافاً ، انتقلت الملكية إلى المشتري على النحو الذي تنتقل به في الشيء المعين بالذات ، ويكون البيع جزافاً ولو كان تحديد الثمن موقوفاً على تقدير المبيع " . وسبق أن حددنا متى يكون البيع جزافاً ، وبينا أن المبيع إذا كان مما يوزن أو يكال أو يقاس أو يعد ، ولكنه لا يحتاج في تعيينه إلى تقدير بل هو معين بالذات ، ولو كان تحديد الثمن موقوفاً $ 428 $ على تقديره ، فإن البيع يكون في هذه الحالة جزافاً ( [784] ) . وذكرنا أن بيع الجزاف ، من حيث انتقال الملكية ، حكمه هو حكم بيع الشيء المعين بالذات ، فتنتقل الملكية فيه بمجرد تمام العقد فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير ( [785] ) . ونكتفي هنا بالإحالة إلى ما قدمناه في ذلك .

2 - الشيء معين بنوعه

245 - انتقال الملكية بالإفراز : وإذا كان المنقول شيئاً غير معين بالذات بل معيناً بنوعه ( [786] ) ، وكان البيع بالتقدير ( [787] ) ، لم تنتقل الملكية بمجرد تمام عقد البيع على خلاف ما رأيناه في الشيء المعين بالذات ، وإنما تنتقل بإفراز المبيع وجعله بالإفراز معيناً بالذات ولو قبل التسليم . ذلك أن الشيء قبل إفرازه غير معروف بالذات ، فهناك إذن استحالة طبيعية في أن تنتقل ملكيته إلى المشتري قبل الإفراز ( [788] ) .

وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 205 مدني إذ تقول : 1 - إذا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شيء لم يعين إلا بنوعه ، فلا ينتقل الحق إلا بإفراز هذا الشيء . 2 - فإذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ، جاز للدائن أني حصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين بعد استئذان القاضي أو دون استئذانه في حالة الاستعجال ، كما يجوز له أن يطالب بقيمة الشيء من غير إخلال في الحالتين بحقه في التعويض ( [789] ) " . ثم أكدته المادة 533 مدني إذ تقول : " المنقول الذي لم يعين إلا بنوعه لا تنتقل ملكيته إلا بإفرازه طبقاً للمادة 205 " .

 $ 429 $

246 - كيف تنتقل الملكية بالإفراز – إحالة : وقد قدمنا في هذا الجزء من الوسيط ( [790] ) ، وفي الجزء الثاني منه ( [791] ) ، كيف يكون الإفراز ، وكيف تنتقل الملكية به ولو قبل التسليم ، وإن كان المألوف في التعامل أن يتم الإفراز وقت التسليم ، واستعرضنا حالة ما إذا كان الشيء غير المعين إلا بنوعه نقوداً ( [792] ) أو غير نقود ( [793] ) . وبينا أن البيع يرتب في ذمة البائع التزاماً بنقل الملكية ، حتى قبل التسليم وحتى قبل الإفراز ( [794] ) . وذكرنا كذلك ألا فرق في تحمل تبعة الهلاك أن يهلك الشيء قبل الإفراز أو بعده ( [795] ) . فنكتفي هنا بالإحالة إلى ما قدمناه هناك .

247 - الحكم فيما إذا امتنع البائع عن الإفراز – إحالة : وإذا لم يقم البائع بتنفيذ التزامه من إفراز المبيع ، جاز للمشتري أن يحصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين ، فيقوم بشرائه بنفسه ويرجع بالثمن والمصروفات على البائع ، بل ويرجع أيضاً بالتعويض عما قد يكون أصابه من خسارة بسبب تأخر البائع في تنفيذ التزامه . والأصل أن يستأذن المشتري القاضي في ذلك ، فإذا كانت الظروف لا تحتمل الإبطاء كان له دون استئذان ، ولكن بعد إعذار البائع ، أن يقوم بالشراء . وقد سبق أن بسطنا القول في ذلك في الجزء الثاني من الوسيط ( [796] ) ، فنكتفي هنا بالإحالة إلى ما قدمناه في ذلك .

248 - نقل الملكية في الأشياء المصدرة إلى المشتري : تنص المادة 94 من التقنين الجاري على أن " البضائع التي تخرج من مخزن البائع $ 430 $ أو المراسل يكون خطرها في الطريق على من يملكها ، ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك " . وانتقال الملكية هنا يكون بالإفراز طبقاً للقاعدة التي أسلفناها . ولكن الإفراز فيما نحن بصدده يتخذ صورة خاصة هي التسليم ( [797] ) ، فما لم يتفق المتبايعان على شيء آخر ، فإن المفروض أنهما اتفقا على أن يتم انتقال الملكية وقت التسليم فقبل التسليم تبقى الملكية للبائع ، وهو الذي يتحمل تبعة الهلاك ، وبالتسليم تنتقل الملكية إلى المشتري وتنتقل معها تبعة الهلاك . ونرى من ذلك أن البائع لا يزال يتحمل تبعة الهلاك قبل التسليم وفقاً للقاعدة العامة ، ولكنه قبل التسليم يبقى أيضاً مالكاً للمبيع إذ الملكية لا تنتقل إلا بالتسليم ، ومن ثم لم تتعارض القاعدة التي تقضي بأن الهلاك على البائع قبل التسليم مع القاعدة التي تقضي بأن الهالك على المالك ولو قبل التسليم ، لأن البائع هنا هو المالك .

ويبقى بعد كل ذلك أن نعرف متى يتم تسليم البضائع ، لنعرف متى تنتقل الملكية إلى المشتري فتنتقل إليه تبعة الهلاك ( [798] ) . ولا تخرج الحال عن أحد أمرين : ( 1 ) فأما أن يتم التسليم عند الشحن أي في محطة التصدير . فإذا تم الشحن انتقلت الملكية إلى المشتري ، وكانت تبعة هلاك البضائع في الطريق عليه . ( 2 ) وأما أن يتم التسليم عند التفريغ أي في محطة التوريد ، فلا تنتقل الملكية إلى المشتري بالشحن بل تتراخى إلى حين وصول البضائع ، وتكون تبعة هلاك البضائع في الطريق على البائع الذي يبقى مالكاً لها إلى حين وصولها إلى محطة التوريد .

يغلب أن يتفق المتعاقدان على أحد الأمرين . فأما أن يتفقا على أن يتم $ 431 $ التسليم عند الشحن ( [799] ) ، وهو ما يقع عادة في النقل البري عند اشتراط التسليم في محطة الشحن ( franco gare depart ) وفي النقل البحري عند اشتراط تسليم السفينة ( vente fob, franco bord ) . وفي هذه الحالة تنتقل ملكية البضائع وتبعة الهالك إلى المشتري بمجرد الشحن كما قدمنا ، وتكون مصروفات النقل عليه ، ومن ثم يلتزم البائع بشحن البضائع على السفينة التي يعينها له المشتري ، ويتكفل المشتري بدفع مصروفات النقل والتأمين الناولون . وقد يوكل المشتري البائع في اختيار السفينة وفي التأمين عليها اقتصاداً لأجر الوسيط ، فيتضمن الثمن المصروفات والتأمين والناولون : ( cout - assurance - fret caf - cost - insurance - freight : cif ) ، ( [800] ) ولا يعتبر تسليم البضائع $ 432 $ قد تم إلا إذا أرسل البائع للمشتري البيانات الدالة على ذلك ( [801] ) . وإما أن يتفق المتعاقدان على أن يتم التسليم عند التفريغ ، وفي هذه الحالة تبقى البضائع ملكاً للبائع ، وعليه تبعة الهلاك أثناء الطريق ، وعليه مصروفات النقل ، ولا تنتقل الملكية إلى المشتري وتنتقل معها تبعة الهلاك إلا إذا وصلت البضاعة سليمة إلى محطة التوريد .

فإذا لم يتفق المتعاقدان متى يتم التسليم ، وجب في المسائل المدنية تطبيق المادة 436 مدني وتنص على أن التسليم يكون عند التفريغ في محطة التوريد ، إذ تقول : " إذا وجب تصدير المبيع للمشتري ، فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك " ( [802] ) . أما في المسائل التجارية ، فيراعى مع هذا النص عرف التجارة ( [803] ) .

وهذا كله إذا كان المبيع بضائع ، أي منقولاً غير معين إلا بنوعه . أما إذا كان البيع منقولاً معيناً بالذات ، انتقلت ملكيته من وقت العقد ، ولكن التسليم لا يتم إلا في مكان التفريغ ، فتكون تبعة الهلاك قبل التسليم على البائع إلا على المالك ( المشتري ) ، لأننا نكون قد خرجنا عن نطاق التعامل التجاري إلى نطاق التعامل المدني ( [804] ) .

 $ 433 $

المطلب الثالث

نقل الملكية في العقار

249 - لا تنتقل الملكية إلا بالتسجيل : أما إذا كان المبيع عقاراً ، فإن الملكية ، سواء في حق الغير أو فيما بين المتعاقدين ، لا تنتقل إلا بتسجيل عقد البيع . وقد أشارت إلى هذا الحكم صراحة المادة 204 مدني عندما نصت ، كما رأينا ، على أن " الالتزام بنقل الملكية أو أي يحق عيني آخر ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق ، إذاك أن محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم ، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل " . ثم أكدت المادة 932 مدني هذا المعنى ، فقد رأيناها تقول : " تنتقل الملكية وغيرها من الحقوق العينية في المنقول والعقار بالعقد ، متى ورد على محل مملوك للمتصرف طباقً للمادة 402 ، وذلك مع مراعاة النصوص الآتية " . ونجد بين النصوص التي تشير إليها المادة 932 مدني النص الخاص بالعقار ، وهو نص المادة 934 مدني ويجري على الوجه الآتي : " 1 - في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى ، سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان في حق الغير ، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة في قانون تنظيم الشهر العقاري . 2 - ويبين قانون الشهر المتقدم الذكر التصرفات والأحكام والسندات التي يجب شهرها سواء أكانت ناقلة للملكية أم غير ناقلة ، ويقرر الأحكام المتعلقة بهذا الشهر " .

وإذا كان نظام الشهر العقاري لا تقتصر منطقته على عقد البيع ، إذ هو يمتد إلى جميع العقود الناقلة للملكية ، بل وإلى العقود غير الناقلة للملكية ، بل وإلى الأحكام والسندات كما رأينا في النص ، فإن عقد البيع مع ذلك هو أهم العقود التي يجري عليها التسجيل وأوسعها انتشاراً ، فيحسب الإلمام بنظام الشهر العقاري في مناسبة الكلام في تسجيل عقد البيع ، وقد جرى الفقه المصري على هذه السنة .

فتستعرض أولاً تطور نظام الشهر العقاري في مصر حتى قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، وذلك في كثير من الإيجاز وموضع التفصيل فيه $ 434 $ يكون عند الكلام في أسباب كسب الحقوق العينية ، ثم نعرض لتطبيق نظام التسجيل على عقد البيع خاصة .

1 - تطور نظام الشهر العقاري في مصر

250 - نظام الشهر بوجه عام : الحق العيني بطبيعته نافذ في حق الكافة ، فكان الواجب شهره أي إيجاد طريقة تيسر لذي المصلحة من المتعاملين العلم بوجوده ما دام هذا الحق نافذاً في حقه ، حتى يعتد به ويدخله فيف حسابه عند التعامل . فإذا اشترى عيناً ، سهل عليه قبل أن يقدم على شرائها أن يعرف الحقوق العينية المتعلقة بهذه العين والتي هي نافذة في حقه ، فلو كانت العين مرهونة مثلاً استنزل مقدار الدين المضمون بالرهن من الثمن ، أو كانت مملوكة لشخص آخر يغر البائع لم يقدم على الشراء أصلاً .

وشهر الحقوق العينية يكون بإثبات التصرفات القانونية التي هي مصدر لها في سجلات يمكن للناس كافة الإطلاع على ما جاء فيها من البيانات واخذ شهادات بها . ويكون إثبات هذه التصرفات إما بطريقة التسجيل ( transcription ) ، وهي إثبات حرفي للمحررات المشتملة على التصرفات حتى يتيسر لذي المصلحة معرفة جميع ما ورد في التصرف ، وهذه الطريقة ضرورية في الحقوق العينية الكاملة . وإما بطريقة القيد ( inscription ) ، وتقتصر على إثبات البيانات الجوهرية الواردة في التصرف ، وهي البيانات التي يهم ذا المصلحة العلم بها . وهذه الطريقة كافية في الحقوق العينية التبعية أي التأمينات العينية ، وهي الرهون وحق الاختصاص وحقوق الامتياز ، فيكفي إثبات مبلغ الدين والعقار المثقل بالتأمين واسمى الدائن والمدين وما إلى ذلك من البيانات الجوهرية .

ويخلص مما قدمناه أن نظام الشهر لا يتسع إلا للتصرفات القانونية الواقعة على عقار . لا يتسع نظام الشهر للوقائع المادية ، لأن هذه الوقائع لا تثبت عادة في محررات حتى يمكن شهرها ، هذا إلى أن أكثر الوقائع المادية لها علامات ظاهرة محسوسة تراها الناس فتعلم بها . ومع ذلك هناك واقعة مادية هي الموت وما يرتبه من حق الإرث يمكن أن تخضع لنظام الشهر – وقد أخضعت فعلاً لهذا $ 435 $ النظام في قانون تنظيم الشهر العقاري لسنة 1946 – لأهميتها ولسهولة إثباتها في محرر يكون صالحاً للشهر . ولا يتسع نظام الشهر للتصرفات الواقعة على منقول ، فالمنقول ليس له حيز ثابت مستقر كالعقار ، فلا يمكن تركيز الشهر في مكان معين . ومع ذلك فمن المنقولات ما يجري فيه نظام الشهر لاستقرار مكانه أو لإمكان تركيز شهره في مكان معين ، وذلك كالمتاجر والسفن . وتقوم الحيازة في المنقول مقام الشهر في حماية الغير حسن النية . على أن هناك حقوقاً شخصية تشبه الحقوق العينية من حيث صلاحيتها للشهر ، أهمها الحقوق الناشئة من عقد الإيجار الواقع على عقار ، فعقود الإيجار والمخالصات بالأجرة وحوالتها إذا زادت على مدة معينة تكون هي أيضاً خاضعة لنظام الشهر .

وفي الحدود التي تكون الحقوق فيها صالحة لنظام الشهر يبدو هذا النظام ضرورياً للتعامل في العقارات وللائتمان العقاري . فمن يريد التعامل في عقار يعنيه بطبيعة الحال أن يعرف ما يثقل هذا العقار من الحقوق حتى يكون على بصيرة من أمره ، فلا يقدم على التعامل إلا وهو عارف بحالته . ومن يقدم على إقراض الغير في مقابل رهن يأخذه على عقاره يعنيه أن يعرف إن كان هذا العقار مملوكاً فعلاً للمدين حتى يكون حق رهنه مأموناً ، ويعنيه أيضاً أن يعرف هل ثقل العقار قبل ذلك بحقوق عينية تسبق حقه حتى يعرف مرتبته بين الدائنين المقيدين .

لذلك لم يخل بلد متحضر من نظام الشهر ، بل إن نظم الشهر قديمة إلى حد أن المؤرخين يرجعونها إلى عهد الحضارة المصرية القديمة . وهناك نوعان لنظام الشهر : نوع متأخر وهو نظام الشهر الشخصي ، ونوع متقدم وهو نظام الشهر العيني أو السجل العقاري ( livre foncier ) . ذلك أن نظام الشهر ، حتى يكون نظاماً سديداً ، يجب أن يكون محكماً في ترتيبه وفي حجيته . أما في ترتيبه ، فينبغي أن يكون من شأن الترتيب الذي يضعه لتسجيل التصرفات وقيدها أن ييسر لذوي الشأن معرفة ما تهمهم معرفته من هذه التصرفات . وأما في حجيته ، فينبغي أن يكون لشهر التصرفات حجية قاطعة بحيث لا يشهر تصرف إلا بعد التحري من صحته فإذا ما أشهر كانت صحته مقطوعة بها ، فيكون للشهر هذه الحجية المطلقة .

ونظام الشهر الشخصي معيب من هاتين الناحيتين ، فهو معيب من ناحية $ 436 $ الترتيب ، إذ التسجيل فيه أو القيد يكون وفقاً لأسماء الأشخاص ، ومن هنا كان نظاماً شخصياً . فصاحب المصلحة لا يعرف من سجلاته إلا الشخص الذي تصرف في العقار ، ولا يفيد هذا حتماً كل ما وقع على عقار معين من تصرفات . فقد يتصرف في عقار غير مملوك له فيسجل التصرف باسمه ، ثم يتصرف المالك الحقيقي في العقار فيسجل التصرف باسم هذا المالك ، ويكون التصرفان متفرقين فيم وضعين متباعدين تحت اسمين مختلفين . ومن ثم كان من الممكن أن يتعامل الشخص مع المشتري من المالك ، إذ يجد التصرف الصادر للمشتري من المالك مسجلاً تحت اسم المالك ، فيكون التعامل سلمياً . كما أنه من الممكن أن يتعامل مع المشتري من غير المالك دون أن يعلم ، إذ يجد التصرف الصادر للمشتري من غير المالك مسجلاً تحت اسم هذا الأخير ، فيكون التعامل معيباً . ولهذا لا يحقق نظام الشهر الشخصي الغرض الذي وضع من أجله . ثم إن هذا النظام معيب من ناحية الحجية ، فإن التصرفات التي تشهر في هذا النظام لا يتحرى عادة عن صحتها ، بل تشهر كما هي ، فإن كانت صحيحة بقتي صحيحة ، وإن كانت معيبة لسبب من أسباب البطلان أو كانت مزورة بقتي علة حالتها معيبة أو مزورة . فالشهر في هذا النظام لا يبطل عقداً صحيحا ، ولا يصح عقداً باطلاً . بل هو طريق العلانية لمعرفة التصرف كما هو ، صحيحاً كان أو باطلاً ، سليماً أو معيباً . وهذا النظام الشخصي للشهر يسود العالم اللاتيني ، فهو النظام القائم في فرسنا ( [805] ) وفي بلجيكا ( [806] ) وفي إيطاليا ( [807] ) وفي كثير من البلاد $ 437 $ اللاتينية ، وهو النظام الذي لا يزال قائماً في مصر ، بعد أن تخفف من بعض عيوبه كما سنرى .

أما نظام الشهر العيني أو السجل العقاري ( livre foncier, grundbuch ) فهو نظام محكم من الناحيتين ، ناحية الترتيب وناحية الحجية . فمن ناحية الترتيب آل تشهر التصرفات وفقاً لأسماء الأشخاص ، بل وفاقً للعقار ذاته ومن هنا كان نظاماً عينياً . فلكل عقار مكان خاص في السجل العقاري ، ويثبت في هذا المكان كلما يقع على هذا العقار من التصرفات وما يثقله من الحقوق . فإذا أراد شخص أن يتعامل في عقار ، أمكنه بالرجوع إلى السجل العقاري أن يعرف حالة العقار على خير ما يمكن من الدقة ، يعرف مالك العقار ، والتصرفات التي وقعت منه في عقاره ، وما يثقل هذا العقار من الحقوق والتكاليف ، فيقدم على التعامل وهو مطمئن . ثم إن نظام الشهر العيني محكم من ناحية الحجية . فالتصرفات التي تشهر لا يتم شهرها إلا بعد التحري عن صحتها تحرياً بالغاً ، فيستقصى عن موقع العقار وحدوده ومساحته ، ثم عن أسماء من وقع منهم التصرف وعن أهليتهم ، ثم عن التصرف نفسه هل صدر من مالك ، وله هو صحيح فيشهر أو معيب فيمتنع شهره . ويشرف على هذا كله قاض ( grundbuchrichter ) ، هو الذي يأمر بعد الفحص الدقيق بإجراء التسجيل . والنتيجة المترتبة على هذا التحري أن التصرف الذي يشهر في السجل العقاري تكون له حجية كاملة ، فينتقل الحق العيني إلى المتصرف له لا بناء على التصرف الصادر بل بناء على شهر الحق . فالشهر لا التصرف هو الذي ينقل الحق ، ومهمة التسجيل في نظام الشهر العيني هو نقل الحق العيني لا مجرد إعلان التصرف . وقد يكون التصرف معيباً في الحالات القليلة التي لا يكشف فيها هذا العيب بعد التحري الدقيق الذي أسلفنا ذكرهن ومع ذلك إذا شهر هذا التصرف المعيب انتقل الحق بالشهر لا بالتصرف كما قدمنا ، وصحح الشهر عيوب التصرف . وهذه هي أهم ميزة للسجل العقاري . ويواجه هذا النظام التصرفات المعيبة التي يصححها الشهر ، وما يستتبع ذلك من الإضرار بأصحاب الحقوق الثابتة ، عن طريق تعويض أصحاب هذه الحقوق ، ويقتضي هذا التعويض ومن رسوم الشهر ذاتها ، فكأن في هذه الرسوم جزءاً هو بمثابة تأمين للمنتفعين بالسجل العقاري . والذي يمنع $ 438 $ من الأخذ بهذا النظام مع مزاياه الظاهرة هو ما يقتضيه من جهود ونفقات بالغة في مسح جميع الأراضي قبل إدخاله ، وتحقيق صحة الحقوق العينية المتعلقة بكل أرض منها ، تمهيداً لإثبات كل ذلك في السجل العقاري . وتزيد الصعوبات إذا كثرت الملكيات الصغيرة ، ولاشتبكت الحقوق القائمة عليها ، كم هي الحال في مصر حيث شرع في إدخال هذا النظام منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، وبذلت جهود كبيرة ونفقات جسيمة لا تزال متواصلة حتى اليوم ، وتلما يتم إدخال النظام . وإنما يسهل نسبياً إدخال نظام السجل العقاري في بلد بكر لم تتجزأ فيها الملكيات ولم تتفتت إلى حد أن تنتشر الملكيات الصغيرة وتكون هي الأصل الغالب . وهذا هو السبب في أن النظام طبق أولاً في استراليا حيث الظروف مواتية له على النحو المتقدم ، وضعه روبرت تورنس ( robber toreens ) . فسمى التشريع الذي أدخل النظام بتشريع تورنس ( acte torrens ) ثم أدخل الفرنسيون النظم في تونس في سنة 1885 ، وفي كثير من مستعمراتهم . وأخذت به ألمانيا وسويسرا . وأخذت الدولة العثمانية أيضاً بهذا النظام ، وعرف باسم " الطابو " ، وبقى النظام في البلاد العربية التي كانت جزءاً من الدولة العثمانية ، فلا يزال نظام الطابو قائماً في العراق ( [808] ) وفي سورية وفي لبنان . وقد $ 439 $ عدلته تشريعات كثيرة بعد أن استقلت هذه البلاد ، وبخاصة في سورية ولبنان حيث أصدر الفرنسيون في عهد الانتداب تشريعاً عقارياً شاملاً بهاذ النظام ( [809] ) .

والآن وقد ألممنا بنظام الشهر العقاري ، ننظر كيف تطور هذا النظام في مصر .

251 – عهود أربعة : قبل أن يصدر قانون تنظيم الشهر العقاري في سنة 1946 ليعمل به ابتداء من أول يناير سنة 1947 ، كان نظام الشهر العقاري قائماً بموجب نصوص قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 وقد عمل به ابتداء $ 440 $ من أول يناير سنة 1924 . وكان نظام الشهر قبل قانون التسجيل قائماً بموجب نصوص التقنين المدني القديم . أما قبل هذا التقنين ، فلم يكن في مصر نظام للشهرز

فنستعرض إذن عهوداً أربعة : ( 1 ) العهد الأسبق على التقنين المدني القديم ( 2 ) نظام الشهر في التقنين المدني القديم . ( 3 ) نظام الشهر في قانون التسجيل الصادر في 1923 . ( 4 ) نظام الشهر في قانون تنظيم الشهر العقاري الصادر في سنة 1946 وهو النظام القائم في الوقت الحاضر .

المرحلة الأولى – العهد السابق على التقنين المدني القديم

252 - لم يوجد نظام للشهر في ذلك العهد : قبل صدور التقنين المدني القديم – التقنين المدني المختلط في سنة 1875 والتقنين المدني الوطني في سنة 1883 – لم يكن هناك في مصر نظام معروف لشهر الحقوق العينية . وقد كانت الشريعة الإسلامية هي المعمول بها في ذلك العهد مع تشريعات خاصة أكثرها تجارية ، ولم يصدر أي تشريع يضع نظاماً للشهر ( [810] ) .

253 – نظام المكلفات الإدارية : على أنه مما خفف من عيوب تنظيم شهر الحقوق العينية نظام إداري وضع لجبي الضرائب العقارية عرف بنظام المكلفات . فقد كانت الأراضي في عهد محمد علي تملكها الدولة ، ولم يكن للأفراد إلا حق الانتفاع بها انتفاعاً مؤقتاً في نظير جعل سنوي يقابل الضريبة العقارية . وكان حق الانتفاع هذا ينتهي حتماً بالموت ، ولا يستطيع صاحبه أن ينزل عنه إلى آخر في حال حياته . ثم أبيح بعد ذلك للأفراد النزول عن حق الانتفاع ، وفي سنة 1858 أصدر سعيد باشا لائحته المعروفة وجعل $ 441 $ للزراع الحق في التصرف في أراضيهم بالبيع والرهن وغير ذلك من التصرفات ، كما جعل الأرض تنتقل بالميراث إلى ورثة صاحب الحق فيها . ويتم نقل الحقوق على الأرض في حال الحياة بحجة رسمية يحررها القاضي الشرعي ، بحضور شهود ، وبعد ترخيص من المديرية . وكان القاضي الشرعي قبل أني حرر الحجة بنقل الحق يتحقق من صحة الحجج السابقة التي صدرت للبائع ، ثم يحرر الحجة بعد ذلك في دفتر أعد لتقييد التصرفات . ثم يتلو بعد ذلك عملية تسجيل في سجل خاص بالمديرية ، والغرض من هذه العملية إثبات كل تغيير في شخص الملتزم بالضريبة العقارية في المكلفات . فكان هذا النظام ، الذي وضع في الأصل لتنظيم جبي الضريبة العقارية وباسطة المكلفات وإثبات الأشخاص المتعاقبين الذين يلتزم بدفع هذه الضريبة ، يستخدم في الوقت ذاته كطريق لشهر الحقوق العينية ، إذ كان السجل الخاص بكل مديرية علنياً يستطيع ذوو الشأن الإطلاع عليه لمعرفة الحقوق التي ترتبت على الأراضي .

ويخلص من ذلك أن التصرف كان شكلايً لا بد من تحريره في حجة رسمية بواسطة القاضي الشرعي . بل يبدو أن الحق كان لا ينتقل إلى المتصرف إليه بعد تسجيله في سجل المديرية ، فلو مات المتصرف له قبل هذا التسجيل لا ينتقل حقه إلى ورثته ، أما إذا تم التسجيل قبل وفاته فإن الحق ينتقل إلى الورثة ( [811] ) .

 $ 442 $

المرحلة الثانية – نظام الشهر في التقنين المدني السابق

254 - اقتباس نظام الشهر الفرنسي : وفي عهد الإصلاح القضائي ، عند صدور تقنينات المحاكم المختلطة والمحاكم الوطنية ، أدخل المشرع المصري نظاماً لشهر الحقوق العينية اقتبسه من النظام الفرنسي الذي كان قد أدخل في فرنسا قبل ذلك بقانون 23 مارس سنة 1855 ، وهو نظام شهر شخصي في العيوب التي قدمناها .

ولا تزال نصوص هذا التقنين المدني السابق معمولاً بها في حالة المحررات التي لها تاريخ ثابت قبل أول يناير سنة 1924 - و هذا هو تاريخ العمل بقانون التسجيل الذي سيأتي الكلام فيه – فتسري عليها أحكام القوانين التي كانت سارية عليها ، وهي بالذات نصوص التقنين المدني الأسبق . وتنص المادة 54 من قانون تنظيم الشهر العقاري المعمول به اليوم في هذا المعنى على أنه " لا يسري هذا القانون على المحررات التي ثبت تاريخها ثبوتاً رسمياً قبل أول يناير سنة 1924 ولا على الأحكام التي صدرت قبل هذا التاريخ ، بل تظل هذه المحررات والأحكام خاضعة من حيث الآثار التي تترتب عليها الأحكام القوانين التي كانت سارية عليها " ( [812] ) .

ومن أجل هاذ يكون من المهم أن نورد أهم نصوص التقنين المدني السابق الخاصة بنظام شهر الحقوق العينية ، ثم نبين بعد ذلك ما شاب هذا النظام من العيوب .

255 - نصوص التقنين المدني السابق الخاصة بنظام الشهر : النصوص الرئيسية التي تضع نظام الشهر العقاري في التقنين المدني السابق هي :

أولاً – نص يقرر بصفة عامة أن الملكية والحقوق العينية تنتقل فيما بين المتعاقدين بالعقد دون حاجة إلى تسجيل . وهذا نص المادة 606  /  732 ، وتجري على الوجه الآتي : " في جميع المواد تثبت الملكية أو الحقوق العينية $ 443 $ في حق مالكها السابق بعقد انتقال الملكية أو الحق العيني أو بأي شيء يترتب عليه هذا الانتقال قانوناً " .

ثانياً – نصوص أخرى كثيرة تقرر أن الملكية والحقوق العينية وبعض الحقوق الشخصية لا تنتقل بالنسبة إلى الغير إلا بتسجيل التصرفات القانونية التي هي مصدر لها ، دون الوقائع المادية كالميراث . فتنص المادة 619  /  735 على ما يأتي : " وفي مواد العقار تثبت الحقوق العينية بالنسبة لغير المتعاقدين على حسب القواعد الآتية " . وهذه القواعد منصوص عليها في المواد 610  /  736 - 613  /  740 ، وتحري هذه النصوص على الوجه الآتي : م 610  /  637 - " ملكية العقار والحقوق المتفرعة عنها إذا كانت آيلة بالإرث تثبت في حق كل إنسان بثبوت الوراثة " – م 611  /  737 – " الحقوق بين الأحياء الآيلة من عقود انتقال الملكية أو الحقوق العينية القابلة للرهن أو من العقود المثبتة لحقوق الارتفاق والاستعمال والسكنى والرهن العقاري أو المشتملة على تركة هذه الحقوق تثبت في حق غير المتعاقدين ممن يدعى حقاً عينياً بتسجيل تلك العقود في قلم كتاب المحكمة التابع لها مركز العقار أو في المحكمة الشرعية " . م 612  /  738 – 739 – " الأحكام المتضمنة لبيان الحقوق التي من هذا القبيل أو المؤسسة لها يلزم تسجيلها أيضاً ، وكذلك الأحكام الصادرة بالبيع الحاصل بالمزاد والعقود المشتملة على قسمة عين العقار " . م 613  /  740 - " وكذلك يلزم تسجيل عقود الإيجار الذي تزيد مدته على تسع سنين وسندات الأجرة المعجلة الزائدة عن ثلاث سنين لأجل أن تكون حجة على غير المتعاقدين " .

ثم تنص المادتان 615  /  742 – 616  /  743 على الجزاء المترتب على عدم التسجيل ، وتجريان على الوجه الآتي : م 615  /  742 – " في حالة عدم وجود التسجيل عند لزومه تكون الحقوق السالف ذكرها كأنها لم تكن بالنسبة للأشخاص الذين لهم حقوق عينية على العقار وحفظوها بموافقتهم للقانون " . م 616  /  743 - " ومع ذلك فلهؤلاء الأشخاص الحق فقط في أن يتحصلوا على تنزيل مدة الإيجار إلى تسع سنين إذا كانت مدته زائدة عليها ، وفي إرجاع ما دفع مقدماً زيادة عن أجر الثلاث سنين " .

وتتأيد النصوص المتقدمة الذكر بنصين آخرين ، أحدهما ورد في أسباب $ 444 $ الملكية والحقوق العينية ، هو نص المادة 47  /  69 وتجري على الوجه الآتي : " أما الأموال الثابتة فالملكية والحقوق العينية فيها لا تثبت بالنسبة لغير المتعاقدين إلا إذا صار تسجيلها على الوجه المبين في القانون " . والنص الثاني ورد في نصوص البيع ، وهو نص المادة 270  /  341 وتحري على الوجه الآتي : " لا تنتقل ملكية العقار بالنسبة لغير المتعاقدين من ذوي الفائدة فيه إلا بتسجيل عقد البيع كما سيذكر بعد ، متى كان حقوقهم مبنية على سبب صحيح محفوظة قانوناً وكانوا لا يعلمون ما يضر بها " .

ثالثاً – نصوص ترد استثناء من القاعدة المتقدمة التي تقضي بأن الحقوق العينية لا تنتقل بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل ، وهي المواد 617  /  744 - 619  /  746 ، وتجري على الوجه الآتي :

م 617  /  744 : " ويستثنى من الأصول السالف ذكرها الموهوب له والموصي له بشيء معين ، فإنهما لا يجوز لهما الاحتجاج بعدم التسجيل على من حاز بمقابل ملكية حق قابل للرهن أو حق انتفاع بالاستعمال أو السكنى بعقد ذي تاريخ صحيح سابق على تسجيلها " .

م 618  /  745 : " وإنما يجوز هذا الاحتجاج لمن حاز الحق بمقابل من الموهوب له أو الموصي له إذا سجل عقده أو حقه بالأولوية " .

م 619  /  746 : " في حالة تعدد عقود انتقال الملكية بين عدة ملاك متوالين يكتفي بتسجيل العقد الأخير منها " .

رابعاً – نصوص تقرر نظام القيد في الحقوق العينية التبعية الواقعة على عقار ليجوز الاحتجاج بها على الغير ، وذلك فيما عدا الرهن الحيازي العقاري فقد رأينا أنه كان خاضعاً لنظام التسجيل آل لنظام القيد وكتفي بالإشارة على هذه النصوص المتفرقة ، فهي في الرهن الرسمي المواد 565  /  689 – 566  /  690 ، وفي حق الاختصاص المواد 596  /  722 – 600  /  726 ، وفي حقوق الامتياز العقارية المادة 614  /  741 . وكان يكتفي في حفظ حق امتياز بائع العقار بتسجيل عقد البيع ذاته دون حاجة لقيد حق الامتياز ( م 601 سابعاً  /  727 سادساً ) .

 $ 445 $

خامساً – نصوص تنظم عملية التسجيل ودفاتره ، ونكتفي بالإشارة إليها وهي المواد 622  /  750 - 641  /  774 .

256 - ما يستخلص من النصوص المتقدمة : ويستخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن نظام الشهر في التقنين المدني السابق كان يخضع الحقوق العينية الأصلية لنظام التسجيل ، ويخضع الحقوق العينية التبعية لنظام القيد ، باستثناء الرهن الحيازي العقاري وحق امتياز بائع العقار ، فإن الحق الأول كان يخضع لنظام التسجيل والحق الثاني : أن يجوز حفظه بتسجيل عقد البيع . وغني عن البيان أن القيد في الحقوق العينية التبعية كان ضروريا لإمكان الاحتجاج بالحق على الغير . وفي التسجيل كان نظام الشهر يقرر تمييزاً جوهرياً : فالحقوق العينية الأصلية كانت تنتقل فيما بين المتعاقدين دون حاجة إلى التسجيل ، أما بالنسبة إلى الغير فكانت لا تنتقل إلا بالتسجيل .

257 - عيوب نظام الشهر في التقنين المدني السابق : قدمنا أن عيوب نظام الشهر في التقنين المدني السابق هي عيوب نظام الشهر الشخصي من ناحية الترتيب ومن ناحية الحجية . ونزيد هنا ناحية ثالثة هي ناحية الحصر ، فليست كل التصرفات التي ينبغي شهرها واجبة الشهر في هذا النظام .

ونجمل الكلام في هذه العيوب فيما يأتي :

أولاً – من ناحية الترتيب – تعدد جهات الشهر : الشهر في هذا النظام يتم وفقاً لأسماء الأشخاص ، ويزيد هذا العيب جسامة أن الشهر ليس مركزاً في جهة واحدة بل هو موزع على جهات ثلاث .

فأما أن الشهر يتم وفقاً لأسماء الأشخاص ، فهذا هو المقوم الرئيسي لنظام الشهر الشخص ، وهو العيب البارز فيه . وقد قدمنا أن صاحب المصلحة لا يستطيع أن يعرف في هذا النظام كل ما وقع على عقار معين بالذات من تصرفات وهذا هو الذي يعنيه ، بل إن ما يعرفه هو كل ما صدر من شخص $ 446 $ معين من التصرفات وهذا يفي بحاجته وقد لا يفي ( [813] ) .

وأما أن الشهر ليس مركزاً في جهة واحدة ، فذلك راجع إلى النظام القضائي الذي كان قائماً في ذلك العهد . فقد كانت جهات الشهر في ذلك الوقت ثلاثة : المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمحاكم الوطنية . وكان الشهر يصح قانوناً في أية جهة من هذه الجهات الثلاث ، ولكن لا يكون نافذاً في حق الأجانب إلا إذا تم في المحاكم المختلطة ( [814] ) . ولذلك كان الشهر أكثر ما يتم في قلم كتاب هذه المحاكم ، إذ يكون نافذاً في حق المصريين والأجانب جميعاً . ولكن بقيت المحاكم الشرعية جهة الشهر الطبيعية في التصرفات غير المعروفة في المحاكم المختلطة وهي الوقف . واستمرت أقلام الكتاب بالمحاكم الوطنية تقيد حقوق الاختصاص من تلقاء نفسها إذ القانون يوجب ذلك ، وكذلك أحكام الشفعة ونزع الملكية . $ 447 $ فكان ذو المصلحة إذا احتاط لأمره يبحث في كل من المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمحاكم الوطنية ، ليستوثق من أنه استقصى جميع ما شهر من التصرفات التي تعنيه .

ثانياً – من ناحية الحجية : ولم يكن لنظام الشهر في التقنين المدني السابق حجية كاملة كالحجية التي تقترن بنظام الشهر العيني أو السجل العقاري . فإن الشهر بموجب نظام التقنين السابق ليس إلا تسجيل التصرف أو قيده كما هو على علاته وبجميع ما ينطوي عليه من عيوب . فإذا كان التصرف صحيحاً قبل الشهر ظل صحيحاً بعده ، وإذا كان باطلاً أو قابلاً للإبطال أو مشوباً بأي عيب آخر ظل بعد الشهر مشوباً بهذا العيب . فالشهر لا يصحح عقداً باطلاً ولا يبطل عقداً صحيحا ، كما قدمنا . فإذا صدر بيع مثلاً من غير مالك ، وسجل عقد البيع ، ظل هذا البيع بعد التسجيل كما كان قبل التسجيل عقداً قابلاً للإبطال ، وهو على كل حال آل ينقل الملكية إلى المشتري ولو بعد أن يسجل . أما في نظام الشهر العيني فإن هذا البيع متى سجل ينقل الملكية إلى المشتري بحكم التسجيل ذاته لا بحكم البيع ، ويأخذ المالك الحقيقي الذي سلب ملكه على هذا الوجه تعويضاً عما أصابه من الضرر من خزانة الجهة القائمة على الشهر .

وزاد من جسامة هذا العيب أن المحررات التي كانت تقدم للشهر كانت تقبل كما هي ، دون فحص أو تحر للاستيثاق من صحتها . وكان الناس يلجأون في تحرير تصرفاتهم إلى الكتابة العرفية لتجنب نفقات التوثيق ، وكثيراً ما كانت تأتي هذه التصرفات غير محكمة التحرير ، سواء في تعيين شخصية المتعاقدين أو في وصف العقار وتحديده . بل إنه لم يكن هناك ضمان أن التوقيع على هذه المحررات ليس مزوراً ، إذ لم يكن يطلب التصديق على إمضاء المتعاقدين ، فكثر من أجل ذلك شهر التصرفات المزورة .

ثالثاً – من ناحية الحصر : ولم تكن كل التصرفات التي ينبغي شهرها واجبة الشهر طبقاً لنظام التقنين المدني السابق ، فلم يحصر هذا النظام التصرفات $ 448 $ حصراً دقيقاً حتى يشملها جميعاً . وقد شاع القصور في شهر التصرفات ، ويرجع ذلك إلى أسباب أربعة :

1 - لم يكن التسجيل ضرورياً لنقل الحقوق العينية فيما بين المتعاقدين ، بل كان العقد وحده كافياً لذلك ، وهذا مبدأ جوهري من مبادئ نظام الشهر في التقنين المدني الأسبق أخذه عن نظام الشهر الفرنسي كما قدمنا . وترتب على ذلك من الناحية العملية أن كثيراً من المتعاملين كانوا لا يلجأون إلى شهر تصرفاتهم ، ويقنعون بأن الحق قد انتقل إليهم بموجب التصرف غير المسجل فيما بينهم وين المتعاملين معهم . وهذا الاطمئنان الذي لا مبرر له كانت العادة تثبته ، وتشجع عليه الرغبة في تجنب إجراءات الشهر ونفقاته ، فكان من ذلك أن يبقى التصرف دون أن يتناوله الشهر ، فلا يكون حجة على الغير ، وكثيراً ما كان يلجأ المتصرف الأول إلى التصرف مرة أخرى في العقار غشاً منه . فكان كثير من المتعاملين يضارون أبلغ الضرر من جراء ذلك ، كما كان كثير من التصرفات الواجبة الشهر لا تشهر فعلاً مما زعزع أسس نظام الشهر ذاتها .

2 - وبفرض أن التسجيل تناول كل التصرفات الواجب شهرها ، فإن القانون نفسه كان يخرج بعض الوقائع الهامة من منطقة الشهر . فهو لا يدخل في هذه المنطقة إلا التصرفات فيما بين الأحياء . ويترتب على ذلك أنه لم يكن خاضعاً للشهر سبب هام من أسباب نقل الملكية ، وهو الميراث ، لأنه ينقل الملكية بالموت ، بل إنه ليس بتصرف قانوني . وقد نصت المادة 610  /  736 من التقنين المدني السابق على هاذ الحكم صراحة كما رأينا ، إذ تقول : " ملكية العقار والحقوق المتفرعة عنها إذا كانت آيلة بالإرث تثبت في حق كل إنسان بثبوت الوراثة " . فلا يخضع الميراث لنظام الشهر ، مع أنه سبب من أكثر الأسباب شيوعاً في نقل الحقوق . وكذلك الوصية لم تكن تخضع لنظام الشهر ، لأنها لا تدخل في نطاق التصرفات فيما بين الأحياء إذ هي تصرف لما بعد الموت . وقد نجم عن ذلك أن ثغرة واسعة قد انفرجت في بناء الشهر ، وأصبح من الصعب متابعة تسلسل انتقال الملكية في العقار ، وقامت مشاكل معقدة من جراء ذلك .

 $ 449 $

3 - وفوق ذلك قد ترك نظام الشهرة ثغرة أخرى في التصرفات ما بين الأحياء ذاتها . فالمشروع قد ذكر في المادة 611  /  737 الحقوق الخاضعة لنظام الشهر وهي " الحقوق بين الأحياء الآيلة من عقود انتقال الملكية أو الحقوق العينية القابلة للرهن أو من العقود المثبتة لحقوق الارتفاق والاستعمال والسكنى والرهن العقاري أو المشتملة على ترك هذه الحقوق " . فلم يذكر التصرفات الكاشفة عن الحقوق العينية ، فهذه تصرفات هامة لم تكن خاضعة لنظام الشهر كما وضعه التقنين المدني السابق ( [815] ) .

4 - وأخيراً لم يكن نظام الشهر في التقنين المدني السابق دقيقاً في فصل الحقوق العينية الأصلية التي تخضع لنظام التسجيل والحقوق العينية التبعية التي تخضع لنظام القيد . فقد أدخل بعض حالات الحقوق العينية التبعية في نظام التسجيل مع أن نظام القيد هو النظام الصالح لها ( [816] ) .

فعل ذلك في حالتين : ( الحالة الأولى ) هي الرهن الحيازي العقاري ، فقد أخضعه كما رأينا لنظام التسجيل دون نظام القيد في غير مبرر ( [817] ) . ( والحالة الثانية ) هي حالة امتياز بائع العقار ، فقد جاء في المادة 601 سابعاً  /  727 سادساً كما رأينا ما يأتي : " فإذا كان المبيع عقاراً ، كان ثمنه ممتازاً أيضاً إذا كان تسجيل البيع حصل على الوجه الصحيح " . وهذا النص يحفظ حق امتياز البائع $ 450 $ على العقار ، حتى لو اكتفى البائع بتسجيل البيع وذكر فيه أن الثمن أو جزءاً منه لا يزال مستحقاً في ذمة المشتري ، دون حاجة إلى قيد حق الامتياز ذاته . وكان المتعاملون فيه يكتفون فعلاً بذلك ، إذ كانت عقود البيع تسجل ، وفي تسجيلها شهر للعقد ذاته وفي الوقت نفسه حفظ لحق الامتياز .

المرحلة الثالثة – نظام الشهر في قانون التسجيل الصادر في سنة 1923

258 - محاولات الإصلاح السابقة على صدور قانون التسجيل : هذه العيوب التي بسطناها فيما تقدم جعلت نظام الشهر كما كان قائماً في التقنين المدني السابق نظاماً غير صالح ، واجتمعت الكلمة على ضرورة إدخال نظام الشهر العيني أو السجل العقاري في مصر ، سداً لهذه الثغرات وتلافياً لهذه العيوب .

وقد بدأت حركة الإصلاح هذه بمشروعين قدمتهما الحكومة في سنة 1902 إلى اللجنة التشريعية الدولية . وأول هذين المشروعين كان الغرض منه توحيد جهات الشهر وتركيزها جميعاً في جهة واحدة . وكان الغرض من المشروع الثاني إدخال نظام السجل العقاري في مصر . وقد فرغت اللجنة التشريعية الدولية من دراسة المشروعين . وأقرتهما معاً في سنة 1904 . ولكن هذه المحاولة لم يعقبها تنفيذ ، بل بقيت الأمور كما كانت من قبل ، وبقى المشروعان اللذان أقرتهما اللجنة التشريعية الدولية على حالتيهما إلى سنة 1920 ، إذ شكلت لجنة لبحث موضوع إدخال السجل العقاري في مصر ، فأعادت هذه اللجنة بحث المشروعين السالفي الذكر وانتهت إلى إقرارهما مرة أخرى . وقد وافق مجلس الوزراء في 25 أبريل سنة 1922 على تقرير هذه اللجنة الذي يقر المشروعين السابقين ، وشكل لجنة جديدة مهمتها دراسة الوسائل العملية وتعيين الطرق المناسبة للوصول إلى تحقيق الإصلاح المرجو . وقد رأت هذه اللجنة ، بعد دراسة عملية ، إجراء إدخال نظام السجل العقاري حتى يتم التمهيد له بإصلاحات ضرورية تجعل تنفيذه أمراً ميسوراً . واقترحت تحقيقاً لهذا الغرض مشروع قانون يدخل إصلاحات جوهرية في نظام الشهر ، تمهيداً لإدخال نظام السجل العقاري . وعرض $ 451 $ مشروع القانون على الجمعية التشريعية المختلطة ليكون نافذاً على الأجانب ، فوافقت عليه في 30 مارس سنة 1923 ( [818] ) .

فصدر بناء على كل ذلك قانون التسجيل في 23 يونيه سنة 1923 ، وهو قانونان يشتملان على نصوص واحدة ، أحدهما قانون رقم 18 لسنة 1932 ويسرى على المحاكم الوطنية ، والآخر قانون رقم 19 لسنة 1929 ويسري على المحاكم المختلطة . وقد جعل مبدأ سريان قانون التسجيل أول يناير سنة 1924 ، أما المحررات الثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1924 فتخضع في شهرها لنصوص التقنين المدني السابق كما قدمنا .

ولا تزال نصوص قانون التسجيل معمولا بها في شأن جميع المحررات التي تم شهرها قبل أول يناير سنة 1947 ، وهو تاريخ نفاذ قانون تنظيم الشهر العقاري الذي تلى قانون التسجيل ، فإن المادة 56 من القانون الأخير تنص على أن " جميع المحررات التي تم شهرها في جهة من الجهات المختصة وفقاً للقواعد السارية قبل العمل بأحكام هذا القانون تكون حجة على الكافة من وقت العمل بهذه الأحكام " . من أجل ذلك يكون متعيناً هنا أيضا أن نورد أهم النصوص التي اشتمل عليها $ 452 $ قانون التسجيل ، ونبين بعد ذلك ما عالجه هذا القانون من عيوب في نظام التقنين المدني السابق وما بقى قائماً من هذه العيوب .

259 – أهم نصوص قانون التسجيل : يتناول قانون التسجيل المحررات التي يجب شهرها ، ثم ينص على ما يجب القيام به لتحري الدقة في هذه المحررات .

أولا : المحررات التي يجب شهرها : أما المحررات التي يجب هشهرها فبعضها يخضع لنظام القيد ، وهي المحررات المتعلقة بالرهن الرسمي وحق الاختصاص وحقوق الامتياز ، وهذه تركها لنصوص التقنين المدني السابق وقد تقدم ذكرها . أما ما يخضع منها لنظام السجيل فيد تناولها على الوجه الآتي :

1 – تناولت المادتان الأولى والثانية العقود المنشئة بحقوق العينية العقارية أو الناقلة أو المغيرة أو المزيلة لها والأحكام المثبتة لهذه العقود ، وكذلك العقود والأحكام الكاشفة عن الحقوق العينية العقارية وعقود الإيجار والمخالصات بالأجرة . ورتبت على عدم التسجيل في الطائفة الأولى عدم إنتاج الأثر بالنسبة إلى الغير وفيما بين المتعاقدين ، وفي الطائفة الأخرى عدم إنتاج الأثر بالنسبة إلى الغير فقط .

فنصت المادة الأولى على أن " جميع العقود الصادرة بين الأحياء بعوض أو بغير عوض ، والتي من شأنها إنشاء حق ملكية أو حق عيني عقاري آخر أو نقله أو تغييره أو زواله ، وكذلك الأحكام النهائية التي يترتب عليها شيء من ذلك ، ويجب إشهارها بواسطة تسجيلها في قلم كتاب المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار أو في المحكمة الشرعية ، وذلك مع مراعاة النصوص المعمول بها الآن في مواد الامتياز والرهن العقاري والاختصاصات العقارية . ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول ، لا بين المتعاقدين ولا بالنسبة لغيرهم . ولا يكون للعقود غير المسجل من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين المتعاقدين . وتعتبر أحكام هذه المادة مقيدة للنصوص $ 453 $ الخاصة بانتقال الملكية والحقوق العينية العقارية الأخرى بمجرد الإيجاب والقبول بين المتعاقدين " .

ونصت المادة الثانية على أنه " يجب أيضاً تسجيل ما يأتي : أولا – العقود والأحكام النهائية المقررة الحقوق الملكية أو الحقوق العينية العقارية الأخرى المشار إليها في المادة السابقة بما فيها القسمة العقارية . ثانياً – الإجارات التي تزيد مدتها عن تسع سنوات والمخالصات بأكثر من أجرة ثلاث سنوات مقدماً ( [819] )

فإذا لم تسجل هذه الأحكام والسندات فلا تكون حجة على الغير ( [820] ) ، كما أنها لا تكون حجة كذلك ولو كانت مسجلة إذا داخلها التدليس . غير أنه فيما يتعلق بالعقود المشار إليها في الفقرة الثانية من هذه المادة ، لا يكون للغير سوى حق تخفيف الإجارة إلى تسع سنوات إذا زادت مدتها عن ذلك ، وعدا عدم اعتماد ما دفع مقدماً زائداً عن أجرة ثلاث سنين " .

2 – وتناولت المواد 7 و 10 و 12 دعاوي البطلان والفسخ والإلغاء والرجوع المقدمة ضد العقود واجبة التسجيل ، وهي العقود التي تقدم ذكرها في المادتين الأولى والثانية ، لأنها دعاوي من شأنها أن تزيل أثر هذه العقود ، فوجب شهرها إما بالتأشير على هامش تسجيل العقد إذا كان العقد قد سجيل ، وإما بتسجيل صحيفة الدعوى إذا كان العقد لم يسجل . وكذلك تناولت هذه المواد دعوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية ، لأنها دعوى قد تكون نتيجتها الكشف عن أن صاحب الحق العيني هو غير الشخص المعروف للناس ، فوجب شهرها هي أيضاً إما بالتأشير على هامش تسجيل المحرر الذي يثبت الحق للمدعى عليه $ 454 $ إذا كان هذا المحرر موجوداً وسبق تسجيله ، وإما بتسجيل صحيفة دعوى الاستحقاق إذا كان المحرر غير موجود كما في الحيازة أو كان موجوداً ولم يسبق تسجيله ( [821] ) . ونصت هذه المواد أيضا على وجوب التأشير بمنطوق الحكم الذي يصدر في دعاوى البطلان والفسخ والإلغاء والرجوع والاستحقاق ، إما في ذيل التأشير بالدعوى إذا كانت صحيفة الدعوى قد أشر بها على هامش تسجيل المحرر ، وإما في هامش تسجيلها إذا كانت صحيفة الدعوى قد سجلت على النحو الذي قدمناه . ونصت أخيراً على أثر تسجيل صحيفة الدعوى قد سجلت على النحو الذي قدمناه .

ونصت أخيراً على أثر تسجيل صحيفة الدعوى أو التأشير بها في الدعاوى المقدمة الذكر والتأشير بالحكم الصادر في هذه الدعاوى ، فجعلت الحق العيني حجة على الغير من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها لا من تاريخ التأشير بالحكم فحسب .

ونورد هذه النصوص : نصت المادة 7 من قانون التسجيل على أنه " يجب $ 455 $ التأشير على هامش سجل المحررات واجب التسجيل بما يقدم ضدها من دعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع فيها ، فإذا كان المحرر الأصلي لم يسجل فتسجل تلك الدعاوى . وذلك دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية يجب تسجيلها أو التأشير بها كما ذكر " . ونصت المادة 10 من قانون التسجيل على أن " يؤشر بمنطوق الحكم الصادر في الدعاوى المبينة بالمادة السابعة في ذيل التأشير بالدعوى أو في هامش تسجيلها " . ونصت المادة 12 على أنه " يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة السابعة أو التأشير بها أن حق المدعى ، إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون ، يكون حجة على من ترتب لهم حقوق وأصحاب الديون العقارية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها . وتبقى حقوق الغير المكتسبة قبل التسجيل أو التأشير المشار إليهما خاضعة للنصوص والمبادئ السارية وقت اكتسابها ( [822] ) " .

3 – ولم يقتصر قانون التسجيل على تنظيم شهر الحقوق العينية ومعها عقود الإيجار والمخالصات ، بل نظم أيضا شهر الحقوق الشخصية إذا كانت مضمونة بتأمينات عينية عقارية كرهن أو امتياز ، لأن انتقال الحق الشخصي في هذه الحالة من دائن إلى دائن يقتضي انتقال التأمين العينين معه ، فيجب شهر انتقال التأمين العيني حتى يمكن الاحتجاج به على الغير . ويتم الشهر عن طريق التأشير بهامش القيد الأصلي للتأمين .

 $ 456 $

وهذا ما تكلفت به المادة 13 من قانون التسجيل ، فنصت على أنه " لا يصح التمسك في وجه الغير بتحويل دين مضمون برهن عقاري أو بامتياز عقاري ، ولا التمسك بالحق الناشئ من حلول شخص محل الدائن في هذه الحقوق بحكم القانون أو بالاتفاق ، ولا التمسك كذلك بالتنازل عن ترتيب الرهن العقاري ، إلا إذا حصل التأشير بذلك بهامش التسجيل الأصلي . ويتم التأشير بناء على طلب المحول إليه أو الدائن المرتهن أو الذي حل محل الدائن السابق ، ويشتمل التأشير : أولا – على تاريخ السند وصفته . ثانيا : على أسماء الطرفين وألقابهم وصناعتهم ومحل إقامتهم . ثالثا : على بيان التسجيل الأصلي مع نمرته المسلسلة وتاريخه ورقم صفحة السجل " .

ثانيا : ما يجب القيام به لتحري الدقة في المحررات واجبة الشهر :

وقد توخي قانون التسجيل تحري الدقة في المحررات واجبة الشهر ، حتى تكون خالية من العيوب بقدر الإمكان قبل تسجيلها .

فنصت المادة 3 من قانون التسجيل على أنه " يجب أن تشمل المحررات المقدمة للتسجيل خلاف البيانات الخاصة بموضوعها جميع البيانات اللازمة أو المفيدة في الدلالة على شخصية الطرفين وتعيين العقار بالذات ، وعلى الأخص : ( أ ) أسماء الطرفين وأسماء آبائهم وأجدادهم لآبائهم وكذلك محل إقامة الطرفين . ( ب ) بيان الناحية واسم ونمرة الحوض ونمرة القطع إذا كانت ورادة في قوائم فك الزمام ، وكذلك حدود ومساحة القطعة بأدق بيان مستطاع . ويجب في عقود البيع والبدل ذكر أصل الملكية واسم المالك السابق وكذلك تاريخ ونمرة تسجيل عقده إذا كان مسجلا " .

ونصت المادة 4 من قانون التسجيل على أن " المحررات العرفية التي لا تشتمل على البيانات الموضحة بالمادة السابقة لا يمكن تسجيلها إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من قاضي الأمور الوقتية . وعلى كل حال تأخذ هذه المحررات في دفتر العرائض نمراً مسلسلة تحفظ لها دورها حتى يصدر أمر القاضي ، ويجب تقديم الطلب إليه في مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً ( [823] ) " .

 $ 457 $

ونصت المادة 5 من قانون التسجيل على أنه " تسهيلا لمراعاة ما ورد في المادة الثالثة تقدم الحكومة لأرباب الشأن نماذج مطبوعة لأهم العقود التي يقضي القانون بتسجيلها " .

ونصت المادة 6 من قانون التسجيل على أنه " يجب التصديق على إمضاءات وأختام الطرفين الموقع بها على المحررات العرفية المقدمة للتسجيل . ويكون التصديق بمعرفة أحد الموظفين أو المأمورين العموميين الذين يعينون بالقرارات المنصوص عنها في المادة السابعة عشرة " .

فيتلخص إذن ما يجب القيام به لتحري الدقة في المحررات واجبة الشهر في الأمور الآتية : ( 1 ) الدقة والتعريف بشخصية المتعاقدين . ( 2 ) الدقة في تحديد ذاتية العقار وأصل ملكية البائع له . ( 3 ) التصديق على إمضاءات وأختام المتعاقدين .

260 – ما عالجه قانون التسجيل من وجوه النقص في نظام الشهر السابق عليه : ونرى مما تقدم أن قانون التسجيل عالج بعض وجوه النقص التي كانت بارزة في نظام الشهر الذي وضعه التقنين السابق . وأهم وجوه النقص التي عالجها هي :

أولا : جعل التسجيل لازماً في نقل الحقوق العينية ، لا بالنسبة إلى الغير فحسب ، بل أيضا فيما بين المتعاقدين . فدفع الناس بذلك إلى أن يحرصوا على تسجيل العقود أكثر مما كانوا يفعلون في عهد التقنين المدني السابق ، حيث كان الحق العيني ينتقل دون تسجيل فيما بين المتعاقدين مما كان يغري بالاكتفاء بهذا الأثر . على أن ظاهرة الإهمال في تسجيل العقود لم تختف بالرغم من ذلك في عهد قانون التسجيل . وقد جعل هذا القانون تسجيل العقد بعوض ضروريًا حتى في التقنين المدني السابق يقم المشتري الذي لم يسجل عقده على الموهوب له الذي مسجل الهبة .

ثانيا : تناول قانون التسجيل في وضوح العقود والأحكام الكاشفة عن $ 458 $ الحقوق العينية ، كالقسمة والصلح ، فأوجب تسجيلها ليجوز الاحتجاج بها على الغير .

ثالثا : تناول قانون التسجيل دعاوى البطلان والفسخ والإلغاء والرجوع في العقد ودعوى الاستحقاق ، فأوجب شهرها ، وجعل الاحتجاج على الغير بالأحكام التي تصدر في هذه الدعاوى من تاريخ شهر صحيفة الدعوى لا من تاريخ شهر الحكم فحسب .

رابعا : تناول قانون التسجيل الحقوق الشخصية المضمونة بتأمين عيني عقاري ، فأوجب شهر حوالها أو رهنها أو حلول دائن جديد فيها محل الدائن الأصلي في الحق أو في المرتبة ، ليجو الاحتجاج بذلك كله على الغير .

خامساً : اتخذ قانون التسجيل إجراءات حاسمة أوجب القيام بها لتحري الدقة في تحرير العقود واجبة الشهر ، فخطا بذلك خطوة جدية نحو إدخال نظام السجل العقاري وما يتطلبه هذا النظام من الدقة التامة في ذلك . ففرض كما رأينا تحديد شخصية المتعاقدين وذاتية العقار وأصل ملكية البائع له ، وأوجب التصديق على الإمضاءات والأختام توقياً للتزوير .

261 – ما تركه قانون التسجيل دون علاج من عيوب نظام الشهر السابق عليه : وإذا كان قانون التسجيل قد قطع مرحلة في التمهيد لإدخال نظام السجل العقاري في مصر تحقيقاً للغرض الذي سن من أجله كما جاء في ديباجته ( [824] ) ، فنه لم يقطع الطريق إلى نهايته ، بل ترك دون علاج كثيراً من عيوب نظام الشهر الذي قرره التقنين المدني السابق . وأ÷م هذه العيوب التي بقيت لاصقة بنظام الشهر في عهد قانون التسجيل هي :

أولا : بقى نظام الشهر نظاماً شخصيا وفقا للأسماء لا تبعاً للعقار ، وقد $ 459 $ قدمنا أنه لا يحول إلى نظام عيني إل بإدخال نظام السجل العقاري .

ثانيا : بقى الشهر لا حجية له في ذاته ، فالعقد يشهر على علاته ، فإن كان باطلا يبقى باطلا ، وإن كان لا ينقل الحق العيني فهو لا ينقله حتى بعد الشهر . وقد قدمنا أن الحجية الكاملة المترتبة على الشهر في ذاته لا تكون إلا بإدخال نظام السجل العقاري .

ثالثا : بقيت جهات الشهر متعددة ، وبقى الشهر جائزاً في المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمحاكم الوطنية ، كما كان الأمر في عهد التقنين المدني السابق .

هذه هي العيوب الرئيسية الثلاثة التي لم يعالجها قانون التسجيل ، وكان من المتعذر عليه معالجتها قبل إلغاء الامتيازات الأجنبية أو التخفف منها بالنسبة إلى تعدد جهات الشهر ، وقبل إدخال نظام السجل العقاري بالنسبة إلى النظام الشخص وإلى الحجية غير الكاملة للشهر .

يضاف إلى هذه العيوب الرئيسية عيبا آخران ، كان في استطاعة المشرع أن يعالجهما في قانون التسجيل لو أنه توخى مزيداً من العناية ، وهذان العيبان هما :

أولا : لم يستقص قانون التسجيل استقصاء تاماً المحررات التي يجب شهرها . فهو قد اقتصر في التصرفات القانونية على العقود ما بين الأحياء ، فترك التصرفات الصادرة من جانب واحد كالوقف إذ بقى شهره مقصوراً على المحاكم الشرعية ، وترك كذلك التصرفات والوقائع التي تنقل الملك بسبب الموت وهي الوصية والإرث ، وعدم شهرهما ثغرة واسعة في نظام الشهر الذي قرره التقنين المدني السابق ، فبقى ثغرة واسعة في نظام الشهر الذي قرره قانون التسجيل . وترك أيضا دون شهر القرارات الإدارية التي تنقل الملك كمرسوم نزع الملكية وكاذن الحكومة في إحياء الأرض الموات وكقرار وزير المالية في توزيع طرح البحر . ولم ينص صراحة على شهر دعوى صحة التعاقد مع أهمية النص على ذلك ، وإن كانت محكمة النقض أدخلت هذه الدعوى في شيء من التجاوز ضمن دعاوى الاستحقاق .

 $ 460 $

ثانيا : لم يجمع قانون التسجيل نظام القيد إلى نظام التسجيل ، بل فرق بينهما ، فتكفل هو بنظام التسجيل وترك نظام القيد كما كان منصوصا عليه في التقنين المدني السابق . وهذا عيب استحداثه قانون التسجيل إذ لم يكن موجوداً في التقنين المدني السابق ، فقد كان هذا التقنين يشتمل على النظامين معاً وإن تناثرت النصوص في أماكن متفرقة متباعدة . وكان الخير أن يجتمع التسجيل والقيد في نظام واحد ، وأن يلتئم شتات النصوص المتفرقة التي تعرض لكل من الأمرين . ولو فعل قانون التسجيل ذلك ، لأمكن تدارك عيب وقع فيه التقنين المدني السابق ، وهو إبقاء بعض الحقوق العينية التبعية – رهن الحيازة العقارية وامتياز بائع العقار – خاضعة لنظام التسجيل دون نظام القيد الذي كان من الواجب أن تخضع له كل الحقوق العينية التبعية .

المرحلة الرابعة – في نظام الشهر في قانون تنظيم الشهر العقاري :

262 : الظروف الملابسة لصدور هذا التشريع : تهيأت الظروف للتقدم بنظام الشهر مرحلة رابعة . فقد كانت العيوب التي لم يعالجها قانون التسجيل ، والتي أشرنا إليها فيما تقدم ، عيوباً جدية تحول دون سرعة الأخذ بنظام السجل العقاري . ثم إن نظام الامتيازات الأجنبية ، عند ما كان متغلغلا في مصر ؛ منع من وحيد جهات الشهر كما رأينا . فعند ما لاحت بارقة في إلغاء هذا النظام ، ثم عند ما تقرر إلغاؤه فعلا ، ودخلت مصر في مرحلة انتقالية مدتها اثنتا عشرة من سنة 1937 إلى سنة 1949 تمهد لإلغائه إلغاء تاماً ، كانت الظروف مواتية للنظر في توحيد جهات الشهر حتى قبل إلغاء نظام الامتيازات وفي أثناء مرحلة الانتقال وقد أوشكت على الانقضاء .

هذه الظروف مجتمعة هيأت الجو لإصدار تشريع جديد يعالج العيوب التي تركها قانون التسجيل دون علاج في نظام الشهر ، وبوجه خاص يوجد جهات الشهر في جهة واحدة فتزول المساوئ الناجمة عن تعدد الجهات . وقد كان التقنين المدني الجديد في طريقه إلى الصدور وقت ذاك ، وكان من الممكن تضمينه هذا التشريع الجديد . وقد تضمنه المشروع النهائي للتقنين الجديد فعلا .

 $ 461 $

أولا : أن اللجنة التشريعية لمجلس النواب رأت جعل نظام الشهر العقاري في قانون خاص منفصل عن التقنين المدني ، لأنه على كل حال قانون مؤقت الغرض منه التمهيد لإدخال نظام السجل العقاري في مصر ، فمصيره حما إلى الزوال بمجرد إدخال هذا النظام .

فصدر قانون تنظيم الشهر العقاري – وهو قانون رقم 114 لسنة 1946 – في 11 من شهر أغسطس سنة 1946 ، ليكون معمولا به ابتداء من أول يناير سنة 1947 . وهذا هو التشريع المعمول به في الوقت الحاضر ، ويسري على جميع المحررات واجبة الشهر التي تصدر من تاريخ العمل به . أما المحررات الثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1947 فيسري عليها قانون التسجيل ، ويسري على المحررات الثابتة التاريخ قبل أو يناير سنة 1924 نصوص التقنين المدني السابق ، وقد تقدم ذكر ذلك .

فنستعرض أهم نصوص قانون تنظيم الشهر العقاري ، ثم نبين وجوه الإصلاح التي حققها ، والعيوب التي تركها دون علاج إلى أن يتم إدخال نظام السجل العقاري في مصر .

263 : أهم نصوص قانون تنظيم الشهر العقاري : تتناول نصوص قانون تنظيم الشهر العقاري توحيد جهات الشهر والمحررات الواجب شهرها وإجراءات الشهر .

أولا : توحيد جهات الشهر : وحد قانون تنظيم الشهر العقاري جهات الشهر في جهة واحدة هي مكاتب الشهر العقاري ، وألغى الجهات المتعددة التي كان الشهر يتم فيها بإلغاء أقلام التسجيل الملحقة بالمحاكم الوطنية والمختلطة والشرعية نرى ذلك في النصوص الآتية :

نصت المادة الأولى من هذا القانون على أن " ينشأ في المديريات والمحافظات مكاتب للشهر العقاري تتولى شهر المحررات التي تقضي القوانين بتسجيلها وبقيدها وتتبع هذه المكاتب وزارة العدل ، ويعين بمرسوم مقر كل منها ودائرة اختصاصه ، ويلحق بكل مكتب مأموريات يعين بقرار وزاري مقر كل منها ودائرة اختصاصه " .

 $ 462 $

ونصت المادة 2 على أن " ينشا مكتب رئيس مقره مدينة القاهرة يرأسه أمين عام يعين بمرسوم ، ويتولى هذا المكتب إدارة مكاتب الشهر العقاري ومراقبتها وحفظ صور لجميع المحررات التي شهرت فيها وصور من الفهارس الخاص بها " .

ونصت المادة 5  /  1 على أن " يختص كل مكتب من مكاتب الشهر دون غيره بشهر المحررات المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصه " .

ونصت المادة 4 على أن " تلغى أقلام التسجيل الملحقة بالمحاكم الوطنية والمختلطة والشرعية ، وتحل محلها مكاتب الشهر العقاري . ويحال ما بهذه الأقلام وما بمصلحة المساحة من السجلات والفهارس وغير ذلك من الوثائق الخاصة بشهر المحررات إلى هذه المكاتب " .

ثانيا : المحررات الواجب شهرها : وأما المحررات الواجب شهرها ، فقد جمع القانون في ذلك بين المحررات التي تخضع في شهرها لنظام التسجيل وتلك التي تخضع لنظام القيد .

1 – فالمحررات التي تخضع لنظام التسجيل استقصاها القانون في التصرفات سواء كانت منشئة أو كاشفة ، وفي واقعة الإرث ، وفي الدعاوى .

وقد تناولت المواد 9 إلى 11 التصرفات المنشئة والتصرفات الكاشفة . فورد النص عاما في التصرفات المنشئة ، وأدخلت جميع التصرفات سواء كانت صادرة من الجانبين كالعقود أو من جانب واحد كالوقف ، وسواء كانت بين الأحياء كالبيع أو بسبب الموت كالوصية . فدخل بذلك في التصرفات واجبة الشهر الوقف والوصية وقد نص القانون على ذلك صراحة ، وكان هذان التصرفان لا يتناولهما قانون التسجيل كما سبق القول . وجعل الجزاء على عدم التسجيل في التصرفات المنشئة أن الحق العيني لا ينتقل لا بالنسبة إلى الغير ولا فيما بين المتعاقدين ، أما في التصرفات الكاشفة فيترتب على عدم التسجيل أن الحق العيني لا يكون حجة على ا لغير فقط . وألحق بالتصرفات المنشئة والتصرفات الكاشفة الإيجارات والسندات التي ترد على منفعة العقار إذا زادت مدتها على $ 463 $ تسع سنوات والمخالصات والحوالات ( [825] ) بالأجرة مقدما لأكثر من ثلاث سنوات ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك . ونورد هذه النصوص :

نصت المادة 9 من قانون تنظيم الشهر العقاري على أن " جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها بطريق التسجيل ، ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية . ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول ، لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم . ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن " ( [826] )

#464#

الأصلية يجب كذلك تسجيلها ، ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير . ويسري هذا الحكم على القسمة العقارية ، ولو كان محلها أموالا موروثة " ( [827] ) . ونصت المادة 11 على أنه " يجب تسجيل الإجراءات والسندات التي ترد على منفعة العقار إذا زادت مدتها على تسع سنوات ، والمخالصات والحوالات بأكثر من أجرة ثلاث سنوات مقدما ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك . ويترتب على عدم تسجيلها أنها لا تكون نافذة في حق الغير فيما زاد على مدة تسع سنوات بالنسبة إلى الإيجارات والسندات ، وفيما زاد على أجر ثلاث سنوات بالنسبة إلى المخالصات والحوالة " .

وتناولت المادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقاري واقعة مادية لا تصرفا قانونيا ، وهي وقاعة الإرث ، فأخضعتها للشهر لما في شهرها من أهمية بالغة ، إذ هي من أكثر الأسباب شيوعا في نقل الملكية كما سبق القول . فنصت على أنه " يجب شهر حق الإرث بتسجيل إشهادات الوراثة الشرعية أو الأحكام النهائية أو غيرها من السندات المثبتة لحق الإرث ، مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عينية عقارية ، وذلك بدون رسم . وإلى أن يتم هذا لتسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من الوارث في حق من هذه $ 465 $ الحقوق ( [828] ) ويجوز أن يقصر شهر حق الإرث على جزء من عقارات التركة ، وفي هذه الحالة يعتبر هذا الجزء وحدة يبنى على أساسها تصرفات الورثة ( [829] ) " . وقد بينت المواد 48 إلى 53 الإجراءات التي تتبع في شهر حق الإرث .

وأخضعت المادة 14 الديون العادية لدائني التركة للشهر ، فنصت على أنه " يجب التأشير بالمحررات المثبتة لدين من الديون العادية على المورث في هامش تسجيل الإشهادات أو الأحكام أو السندات وقوائم الجرد المتعلقة بها . ويحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله ، ومع ذلك إذا تم التأشير في خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً عقارياً بشهره قبل هذا التأشير ( [830] ) " .

وتناولت المواد 15 إلى 17 الدعاوى الواجب شهرها ، وهي جميع الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف القانوني الذي يتضمنه المحرر واجب $ 466 $ الشهر وجوداً أو صحة أو نفاذا . فعمم النص عما كان عليه في قانون التسجيل ، وأصبحت دعاوى البطلان والفسخ والإلغاء والوجوع غير مذكورة على سبيل الحصر بل على سبيل المثيل ( [831] ) . فتدخل بذلك الدعوى البولصية ضمن الدعاوى الواجبة الشهر لتكون حجة على الغير الذي يتعامل مع من تصرف له المدين ، إذ هي دعوى عدم نفاذ وليست بدعوى إبطال ( [832] ) . وذكرت النصوص أيضا دعوى الاستحقاق ( [833] ) ، ولم تنقل دعوى صحة التعقاد بل أفردتها بالنص إذ هي في الواقع ليست بدعوى استحقاق بالرغم من أن محكمة النقض أدرجتها ضمن دعاوى الاستحقاق للتلافي عيب إغفالها في قانون التسجيل . ونورد الآن هذه النصوص :

نصت المادة 15 على أنه " يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف $ 467 $ الذي يتضمنه المحرر وجودا أو صحة أو نفاذا ، كدعاوي البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع ، فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر تسجل تلك الدعاوى . يوجب كذلك تسجيل دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية أو التأشير بها على حسب الأحوال ، كما يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية . وتحصل التأشيرات والتسجيلات المشار إليها بعد إعلان صحيفة الدعوى وقيدها بجدول المحكمة " . ونصت المادة 16 على أن " يؤشر بمنطوق الحكم النهائي في الدعاوى المبينة بالمادة السابقة في ذيل التأشير بالدعوى أو في هامش تسجيلها " . ونصت المادة 17 على أنه " يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعى ، إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون ، يكون حدة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها . ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما ( [834] ) " .

ب – والمحررات التي تخضع لنظام القيد جمعها قانون الشهر مع المحررات التي تخضع لنظام التسجيل ، فتناولتها المواد 12 و 19 و 58 ، فأخضعت $ 468 $ لنظام القيد الحقوق العينية العقارية التبعية وكذلك تغيير الدائن الأصلي في الديون المضمونة بتأمين عيني عقاري .

أوجبت المادة 12 شهر التصرفات المتعلقة بحق عيني عقاري تبعي ، أي لتأمين عيني عقاري ، وذلك عن طريق القيد . فنصت على أن " جميع التصرفات المنشئة لحق من الحقوق العينية العقارية التبعية أو المقررة لها ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك ، يجب شهرها بطريق القيد ، ويترتب على عدم القيد أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير " . فوجب إذن قيد حق الرهن الرسمي وحق رهن الحيازة العقاري ( [835] ) وحق الاختصاص وحق الامتياز ( [836] ) . ويدخل في حقوق الامتياز حق امتياز بائع العقار ، فهذا الحق لا يكون شهره إلا عن طريق القيد وكان قبلا يكتفي في شهره بتسجيل عقل البيع الذي يذكر فيه بقاء الثمن أو جزء منه في ذمة المشتري . وقد احتاط المشرع ، فيما يتعلق بحق رهن الحيازة العقاري وبحق امتياز بائع العقار السابق تسجيلهما طبقا للأحكام التي كان معمولا بها في الماضي على ما قدمنا ، فأوجب على أصحاب هذين الحقين أن يقوموا بقيد حقوقهم حتى يمكن العثور عليها ضمن الحقوق المقيدة عند البحث ، وحتى يجب تجديد القيد كل عشر سنوات كما هو الحاكم في القيود . فنصت المادة 58  /  1 على ما يأتي : " على أصحاب رهن الحياة العقاري وحقوق الامتيازات العقارية السابقة أن يقوموا بقيد حقوقهم في خلال عشر سنوات من تاريخ تسجيل العقود المرتبة لها أو في خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون ( [837] ) ، أي المدتين أطول . فإذا لم يتم القيد في خلال المدة المتقدمة ، لا يكون الحق بعد انقضائها نافذا بالنسبة إلى الغير . ويترتب على إجراء القيد المذكور حفظ مرتبة الحق من تاريخ تسجيل العقد المرتب له " . قد بينت المواد 30 و 41 إلى 47 الإجراءات الواجب اتباعها $ 469 $ لقيد الحقوق العقارية التبعية ، ولتجديد القيد ، ولمحوه ، ولإلغاء المحو .

أما فيما يتعلق بتغيير الدائن الأصل بدائن جديد في الديون المضمونة بتأمين عيني عقاري ، فقد نصت المادة 19 على أنه " لا يصح التمسك قبل الغير بتحويل حق مضمون بقيد أو برهنه ولا التمسك بالحق الناشئ من حلول شخص محل الدائن في هذا الحق بحكم القانون أو بالاتفاق ، ولا التمسك كذلك بمجرد القيد أو بالتنازل عن مرتبة القيد ، إلا إذا حصل التأشير بذلك في هامش القيد الأصلي " .

ثالثا : إجراءات الشهر : أما إجراءات الشهر التي رسمها قانون تنظيم الشهر العقاري فلا تقل في الدقة عن الإجراءات التي رسمها قانون التسجيل ، بل تزيد . فأوجب القانون في طلب الشهر أن يشتمل على بيانات نصت عليها المادة 22 على الوجه الآتي : ( أولا ) البيانات الدالة على شخصية كل طرف ، وعلى الأخص اسمه ولقبه وسنة وجنسيته ومحل إقامته واسم أبيه وجده لأبيه .

( ثانيا ) بيان صفات من يقومون مقام غيرهم ومدى سلطاتهم . ( ثالثا ) البيانات اللازمة والمفيدة في تعيين العقار ، وعلى الأخص بيان موقعه ومساحته وحدوده . فإن كان من الأراضي الزراعية وجب ذكر اسم الناحية والحوض ورقم القطعة ، وإن كان من أراضي البناء أو من العقارات المبنية وجب ذكر اسم القسم والشارع والحارة إن وجد . ( رابعاً ) موضوع المحرر المراد شهره وبيان المقابل أو مقدار الدين إن وجد . ( خامساً ) البيانات الخاصة بالتكليف إذا كان موضوع المحرر يقتضي تغييراً في دفاتر التكليف . ( سادساً ) البيانات الخاصة بأصل حق الملكية أو الحق العيني محل التصرف ، وذلك في العقود والإشهادات وأحكام صحة التعاقد . ويجب أن تشتمل هذه البيانات على اسم المالك السابق أو صاحب الحق العيني وطريق انتقال الملكية أو الحق العيني منه ورقم وتاريخ شهر عقد التملك إن كان قد شهر . ( سابعاً ) بيان الحقوق العينية المقررة على العقار المتصرف فيه ، وعلى الأخص ارتفاقات الري والصرف .

وتعيد مأمورية الشهر للطالب نسخة من الطب مؤشراً عليها برأيها في قبول إجراء الشهر أو بيان ما يجب أن يستوفي فيه . ويقدم صاحب الشأن بعد التأشير على الطلب بقبول إجراء الشهر مشروع المحرر المراد شهره للمأمورية المختصة $ 470 $ ومعه الصورة المؤشر عليها من هذا الطلب . وتؤشر المأمورية على مشروع المحرر بصلاحيته للشهر بعد التثبت من مطابقة البيانات الواردة فيه لبيانات الطلب الخاص به . وتقدم لمكتب الشهر المختص المحررات التي تم التأشير على مشروعاتها بصلاحيتها للشهر ، بعد توقيعها أو بعد التصديق على توقيعات ذوي الشأن فيها أن كانت عرفية . ويحصل التأشير على المحررات الواجب شهرها بطريق التسجيل ، وعلى قوائم القيد في حالة المحررات الواجب شهرها بطريق القيد ، ويتم التصوير والحفظ وغير ذلك من الإجراءات طبقاً للائحة التنفيذية لقانون تنظيم الشهر العقاري المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون ( المواد 22 و 26 و 28 و 29 ة 32 من قانون تنظيم الشهر العقاري ) .

264 – وجوه الإصلاح التي حققها قانون تنظيم الشهر العقاري :

حقق قانون تنظيم الشهر العقاري وجوه الإصلاح التي هيأتها الظروف فيما قدمناه . ففي مرحلة الانتقال إلى إلغاء الامتيازات الأجنبية تمكن من توحيد جهات الشهر ، ثم إدماج نظام القيد في نظام الشهر ، واستقصى المحررات الواجب إخضاعها للشهر فاستكمل ما نقص منها ولم يكن من قبل خاضعاً لهذا النظام . هذه وجوه إصلاح ثلاثة رئيسية حققها قانون تنظيم الشهر العقاري ، نقول كلمة موجزة عن كل منها .

أولا : وحد القانون جهات الشهر ، فبعد أن كانت جهات ثلاثاً في عهد التقنين والمدن السابق وفي عهد قانون التسجيل ، إذ كان يجوز الشهر في المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمحاكم الوطنية ، ألغى القانون هذه الجهات الثلاث وأنشأ مكاتب موحدة للشهر تحت إشراف مكتب رئيسي عام . وفي مكاتب الشهر هذه ومأمورياتها المنتشرة في المدن والأقاليم ، تتركز الإجراءات اللازمة لشهر المحررات الواجبة الشهر . وهذا هو أهم لإصلاح حققه القانون الجديد ، وبه بدأت نصوصه . ولا شك في أن توحيد جهات الشهر خطوة كبرى في طريق إدخال نظام السجل العقاري في مصر .

ويلاحظ في هذه المناسبة أن التقنين المدني الجديد لم ينسق مع قانون تنظيم الشهر العقاري ، من ناحية توحيد جهات الشهر ، في مسألتين : إجراءات $ 471 $ الإعسار وإجراءات تصفية التركة . وكان ينبغي أن يكون شهر صحيفة دعوى الإعسار والأمر بتعيين المصفي التركة في مكتب الشهر لا في قلم كتاب المحكمة ، كما هي الحال في التأشير بالديون العادية على التركات وكما هي الحال في شهر حق الإرث ، فإن كل هذا يتم شهره في مكاتب الشهر لا في أقلام كتاب المحاكم .

ثانياً : ضم القانون الجديد نظام التسجيل ونظام القيد في صعيد واحد ، فأصلح عيباً وقع فيه قانون التسجيل إذا فصل هذا القانون كما رأيناً نظام التسجيل عن نظام القيد الذي بقى خاضعاً لنظام التقنين المدني السابق .

وقد كان لهذا الإدماج أثر مباشر في إصلاح عيب آخر وقع فيه كل من التقنين المدني السابق وقانون التسجيل ، في شأن إخضاع الحقوق العينية العقارية التبعية لنظام واحد في الشهر . فقد كان بعض هذه الحقوق ، في التقنين المدني السابق وفي قانون التسجيل ، يخضع لنظام القيد كما ينبغي ، وبعضها – رهن الحيازة العقاري وحق امتياز بائع العقار يخضع دون مبرر لنظام التسجيل . فلما عالج القانون الجديد الموضوع علاجاً شاملا ، فعرض للتأمينات العينية العقارية في نصوص خاصة بها ولم يكتف بالإحالة فيها إلى نصوص التقنين المدنين ، كان من الطبيعي أن يتوجه لإصلاح هذا العيب . فنص على إخضاع جميع الحقوق العينية التبعية لنظام القيد ، ولم يكن معقولا أن يستثنى منها أي حق . بل إنه زاد على ذلك ، فأوجب قيد التأمينات السابقة على العمل به والتي كانت تخضع لنظام التسجيل ، فأصبحت هذه التأمينات خاضعة للقيد شأنها في ذلك شأن سائر التأمينات . وأصبح من الواجب تجديد قيدها كل عشر سنوات ، وبذلك يسر لأصحاب الشأن البحث عما يثقل العقار من تأمينات فلا يذهبون في ذلك إلى أبعد من عشر سنوات .

ثالثاً : استقصى القانون الجديد المحررات الواجب إخضاعها للشهر ، فلم يترك ثغرات كتلك التي تركها قانون التسجيل .

فالتصرف الصادر من جانب واحد كالوقف والتصرف الناقل للملك بسبب الموت وهو الوصية ، أخضعهما للشهر بعموم النص أولا ثم بالنص عليها خاصة .

 $ 472 $

وأضاف إليهما الإرث ، وهو وإن كان واقعة مادية من أوسع الأسباب انتشارا في نقل الملك وعدم شهره يحدث ثغرة كبيرة في نظام الشهر .

هذا إلى أن القرارات الإدارية الناقلة للملك أصبحت هي أيضا خاضعة للشهر لدخولها في عموم نص المادة التاسعة ، فهي تصرفات من شأنها نقل حق الملكية العقارية ، فوجب أن تكون خاضعة لنظام التسجيل . فمراسيم نزع الملكية للمنفعة العامة ، ومراسيم تقسيم الأراضي الصادرة بناء على القانون رقم 52 لسنة 1940 ، وقرارات توزيع طرح البحر ، وقرارات ردم البرك والمستنقعات ، والإذن بإحياء الأرض الموات ، كل هذه تصرفات إدارية يجب تسجيلها ( [838] ) .

وإلى جانب ذلك سد القانون الجديد نقصا ملحوظا في استقصاء المحررات الواجبة الشهر في محررات ثلاثة : دعوى صحة التعاقد والدعوى البولصية والحوالة بأكثر من أجرة ثلاثة سنوات مقدما ( [839] ) وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [840] ) .

 $ 473 $

وغني عن البيان أن القانون الجديد ، مع تحقيقه لوجوه الإصلاح المتقدمة الذكر ، احتفظ في الوقت ذاته بالمزايا التي حققها قانون التسجيل . ففرض إجراءات دقيقة للتحري عن صحة المحررات ، بل هو قد سار في هذا الطريق شوطا أبعد من قانون التسجيل وحسم الخلاف في شأن العقود الكاشفة ، وجعل التسجيل في التصرفات المنشئة ضروريا لنق الحق العيني لا في حق الغير فحسب بل أيضا فيما بين المتعاقدين ، وغير ذلك من المزايا التي سبق بيانها .

265 – ما بقى دون علاج من العيوب : على أن هناك عيبين جوهريين باقيين في نظام الشهر ، لم يستطع قانون تنظيم الشهر العقاري معالجتهما . فلا يزال النظام شخصيا بحسب الأسماء لا بحسب العقار ، ولا يزال الشهر ليست له حجية كاملة في ذاته .

وما كان قانون تنظيم الشهر العقاري يستطيع معالجة هذين العيبين ، فإن العلاج الوحيد لهما هو إدخال نظام السجل العقاري في مصر ، وإدخال هذا النظام لن يكون إلا على سبيل التدرج لتفتت الأراضي وانتشار الملكيات الصغيرة في أرجاء مصر منذ أمد بعيد ( [841] ) .

2 – تطبيق نظام التسجيل على عقد البيع خاصة

266 : عهدان : ونقصر الآن بحثنا عن تطبيق نظام التسجيل على عقد البيع خاصة ، وهو الموضوع الذي نعالجه في هذا الجزء من الوسيط . ونطبق أحكام $ 474 $ التسجيل على عقد البيع من الناحية الموضوعية دون ناحية الإجراءات ، فقد سبق أن تناولنا ناحية الإجراءات بوجه عام ودخل فيها عقد البيع كسائر التصرفات .

ويجب أن نميز بين عهدين : ( أولا ) عهد التقنين المدني السابق ( ثانيا ) عهد قانون التسجيل وقانون تنظيم الشهر العقاري ، فإن أحكام التسجيل بالنسبة إلى عقد البيع واحدة في هذين القانونين .

أولا : عهد التقنين المدني السابق

267 : التمييز بين انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين وانتقالها بالنسبة إلى الغير : التمييز الجوهري الذي يبرز في عهد التقنين المدني السابق ، من حيث أثار أحكام التسجيل في عقد البيع ، هو التمييز بين انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين حيث يتم ذلك دون حاجة إلى تسجيل عقد البيع ، وانتقالها بالنسبة إلى الغير لا يتم ذلك إلا بالتسجيل .

268 – انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين لا حاجة فيه إلى التسجيل – التنازع بين المشتري من المورث والمشتري من الوارث : تنتقل الملكية فيما بين البائع والمشتري بعقد البيع ولم لم يسجل ( [842] ) وكذلك تنتقل الملكية بالبيع غير المسجل في حق الدائنين العاديين لكل من البائع والمشتري ، فلا يستطع دائنو البائع التنفيذ على العقار المبيع وهذا مع الاحتفاظ بحق الطعن $ 475 $ في البيع بالدعوى البوليصة ، وعلى العكس من ذلك يستطيع دائنو المشتري التنفيذ على العقار الذي أصبح مالكا لمدينه . وتنتقل الملكية كذلك بالبيع غير لامسجل في حق ورثة كل من البائع والمشتري ، فإذا مات البائع قبل تسجيل العقد لم تنتقل ملكية العقار إلى ورثته بالميراث لأنه خرج عن ملكه ، وعلى العكس من ذلك تنتقل ملكية العقار إلى ورثة المشتري إذا مات ولو قبل تسجيل العقد لأن ملكية العقار قد انتقلت إليه بالبيع .

ويترتب على أن البائع إذا مات قبل تسجيل البيع لم تنتقل ملكية العقار إلى وارثه ، أن المشتري هو الذي يكون مالكا بالنسبة إلى هذا الوارث . فإذا باع الوارث العقار فإنه يكون قد باع مالا يملك ، فلا تنتقل الملكية إلى المشتري منه ولو سجل هذا عقد شرائه ( [843] ) . ونرى من ذلك أن المشتري من الوارث إذا نازع المشتري من المورث ، فإن المشتري من المورث هو الذي يفضل ولو سجل المشتري من الوارث عقده قبل أن يسجل المشتري من الموروث ( [844] ) . وكان هناك ، في عهد التقنين المدني السابق ، رأي آخر يذهب إلى أن المشتري من الوارث إذا سجل قبل المشتري من المورث يفضل عليه ، قياسا على ما جاء في المادة 618  /  745 من أن المشتري من الموصي له إذا سجل قبل المشتري من الموصي يفضل عليه وحق الوارث أقوى من حق الموصي له . وهذا الرأي قد أخذ به بعض المحاكم وكثير من الفقهاء ( [845] ) .

 $ 476 $

269 : انتقال الملكية بالنسبة إلى الغير لا يكون إلا بالتسجيل : ونبدأ أولا بتحديد من هو الغير . يخلص من النصوص التي وردت في التقنين المدني السابق أنه يشترط في الغير شروط ثلاثة :

( 1 ) أن يثبت له على العقار المبيع حق عيني بعوض فالمشتري الثاني لعقار سبق أن بيع لمشتر أول ثبت له حق عيني – وهو حق الملكية – على هذا العقار بعوض ، فيعتبر من الغير . وكذلك يعتبر من الغير الدائن المرتهن ، إذ ثبت له حق رهن على العقار المبيع في مقابل دينه ( [846] ) . ومثله من يثبت له حق انتفاع أو حق ارتفاق بعوض على العقار المبيع . أما من ثبت له حق عيني بغير عوض ، كالموهوب له والموصي له ، فلا يعتبر من الغير ، ويسري في حقه البيع ولو لم يسجل فإذا باع شخص عقاراً مملوكا له ، وقبل أن يسجل المشتري العقد ، $ 477 $ وهب البائع العقار لشخص آخر وسجل الموهوب له الهبة ، فإن المشتري هو الذي يقدم ولو لم يسجل . ذلك أن البيع غير المسجل نقل ملكية العقار إلى المشتري في حق الموهوب له ولو سجل عقد الهبة ، إذ الموهوب له ليس من الغير فيسري العقد غير المسجل في حقه . لكن إذا بادر الموهوب له وباع العقار إلى مشترى سجل البيع قبل أن يسجل المشتري الأول عقده ، فإن المشتري من الموهوب له يعتبر من الغير ويقدم على المشتري الذي سجل بعده . وهذا هو الحكم أيضا فيما إذا أوصى بائع العقار بالعقار ومات قبل أن يسجل المشتري عقده ، فإن المشتري يفضل على الموصي له ، ولكن إذا بادر الموصي له إلى بيع العقار وسجل المشتري من الموصي عقده قبل أن يسجل المشتري الأول ، اعتبر المشتري من الموصي ليه غيرا وفضل على المشتري من الموصي .

( 2 ) أن يكون هذا الحق العيني الثابت على العقار مبنيا على سبب صحيح محفوظ قانونا . . ويتوافر هذا الشرط بأن يكون لهذا الحق العيني مصدر هو تصرف قانوني ناقل للملكية ، ويكون لهذا التصرف إجراءات مقررة لحفظه قانون فيقوم صاحب الحق بهذه الإجراءات . فلا يكفي لاعتبار المشتري الثاني للعقار أو الدائن المرتهن غيرا أن يتم البيع أو الرهن ، بل يجب أيضا على المشتري الثاني أن يسجل عقد البيع الصادر له وعلى الدائن المرتهن أن يقيد عقد الرهن حتى يمكن اعتبارهما من الغير . فإذا حفظ كل منهما حقه على هذا الوجه المطلوب قانونا ، لم يجز للمشتري الأول أن يحتج عليهما بعقده إذا كان هذا العقد لم يسجل أو سجل بعد ذلك .

( 3 ) أن يكون صاحب الحق العيني المحفوظ قانونا حسن النية ( [847] ) . ومعنى أنه حسن النية هو أن يكون ، على الرأي الراجح ، غير عالم بالتصرف السابق صدوره من مالك العقار . فمجرد العلم بسبق هذا التصرف يجعل صاحب الحق العيني سيء النية ، فيفضل عليه من تصرف له المالك أولا ولو لم يكن قد سجل عقده ، بشرط أن يكون لهذا العقد الأول تاريخ ثابت سابق على تاريخ العقد $ 478 $ الثاني ( [848] ) . وهناك أي آخر يذهب إلى أنه حتى يكون المشتري سيء النية لا يكفي علمه بسبق التصرف ، بل يجب أيضا أن يكون هناك تواطؤ

بينه وبين البائع ( [849] ) .

 $ 479 $

ولكن هذا الرأي لا يتفق مع النصوص ، ففي النص العربي للمادة 270  /  341 يعتبر من الغير من كانت حقوقهم مبنية على سبب صحيح محفوظة قانونا " وكانوا لا يعلمون ما يضر بها " ، وترجمة هذه العبارة الأخيرة في النص الفرنسي للمادة هي " qui sont de bonne foi " . وكلتا العبارتين العربية والفرنسية لا تستلزم إلا حسن النية ، وحسن النية ينتفي قطعا بعلم المشتري الثاني بسبق صدور التصرف دون حاجة إلى التواطؤ .

فإذا فرضنا أن شخصا باع عقارا لمشتر أول ، ثم باعه مرة أخرى لمشتري ثان ، وتوافرت الشروط الثلاثة المتقدمة الذكر في المشتري الثاني ، لم يسر في حقه البيع الأول إلا إذا كان مسجلا قبل أن يسجل عقده . ولكن يجب أن يكون كل من المشتريين قد اشتر من المالك الحقيق ، فإذا اشترى أحدهما من غير المالك الحقيقي وسجل فضل عليه المشتري من المالك الحقيقي ولو لم يسجل . وقس على ذلك سائر أصحاب الحقوق العينية ( [850] ) . وإذا صدر عقدان متواليان من $ 480 $ مالك واحد ولم يسجل أيهما . العقد الأسبق هو الذي يفضل ( [851] ) .

ويتفق في بعض الأحيان أن مشتري العقار لا يسجل البيع ، ويبيع العقار لمشتر ثان ويسجل المشتري الثاني . فإذا باع البائع العقار مرة أخرى لمشتري سجل عقده ، فهل يفضل في هذه الحالة المشتري الأسبق تسجيلا ؟ لو أن المشتري من المشتري الأول سجل البيع الصادر للمشتري الأول من مالك العقار قبل أن يسجل المشتري الآخر من المالك عقده ، فلا شك أن المشتري من المشتري الأول يفضل . ولكن المفروض أن المشتري من المشتري الأول لم يسل إلا البيع الصادر له من المشتري الأول دون البيع الصادر من المالك إلى المشتري الأول . فلو طبقنا القواعد العامة في التسجيل لوجب القول بأن المشتري الآخر وقد سجل عقده يفضل على المشتري الأول من المالك الذي لم يسجل ، فيفضل من باب أولى على المشتري من المشتري الأولى ولو سجل عقده . ولكن المادة 619  /  746 من التقنين المدني السابق تنص على أنه " في حالة تعدد عقود انتقال الملكية بين عدة ملاك متوالين يكتفي بتسجيل العقد الأخير منها " ( [852] ) . ويؤخذ من هذا النص أنه في الفرض المتقدم يفضل المشتري من المشتري الأول إذا سجل عقده أولا ( [853] ) .

 $ 481 $

ثانيا : عهد قانون التسجيل وقانون تنظيم الشهر العقاري :

270 – التمييز بين حكم البيع قبل أن يسجل وحكم بعد التسجيل :

أما في عهد قانون التسجيل وقانون تنظيم الشهر العقاري ، فليس التمييز الجوهري هو التمييز بين انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين وانتقالها بالنسبة على الغير كما كان الأمر في عهد التقنين المدني السابق ، ففي كلتا الحالتين لا تنتقل الملكية إلا بالتسجيل ولكن التمييز الذي يبرز في العهد الذي نحن فيه هو التمييز بين حكم البيع قبل أن يسجل وحكمه بعد التسجيل .

1 – حكم البيع قبل أن يسجل :

271 - البيع غير المسجل لا ينقل الملكية بالنسبة إلى الغير ولا فيما بين المتعاقدين – التنازع بين المشتري من المورث والمشتري من الوارث : لا ينقل البيع غير المسجل الملكية بالنسبة إلى الغير ، وليس في هذا جديد فقد كان البيع غير المسجل في عهد التقنين المدني السابق لا ينقل هو أيضا الملكية بالنسبة إلى الغير . ولا ينقل البيع غير المسجل الملكية فيما بين المتعاقدين أيضا ، وهذا هو الجديد ، فقد كان البيع غير المسجل في عهد التقنين المدني السابق ينقل الملكية فيما بين المتعاقدين كما سبق القول ( [854] ) . فتجريد البيع غير المسجل من أثر نقل الملكية فيما بين المتعاقدين كان السياسة التشريعية المرسومة لكل من قانون التسجيل وقانون تنظيم الشهر العقاري ، بقصد تقوية أثر التسجيل وحمل الناس على المبادرة إلى تسجيل عقودهم .

ويترتب على ذلك أن المشتري لا يصبح مالكا للعين المبيعة مادام البيع لم يسجل ، ومن ثم لا يستطيع أن يرفع على البائع دعوى استحقاق يطالب فيها بتثبيت ملكيته $ 482 $ على العين المبيعة ، وإن كان يستطيع كما سنرى أن يرفع على البائع دعوى صحة التعاقد أو دعوى صحة التوقيع . وقد قضت محكمة النقض في عهد قانون التسجيل بأن هذا القانون قد عدل حكم المادة 266 من التقنين المدني السابق فيما يتعلق بنقل الملكية ، فبعد أن كان نقلها بمقتضى هذه المادة نتيجة لازمة للبيع الصحيح بمجرد عقده ، أصبح متراخيا إلى ما بعد حصول التسجيل . وإذن فلا يصح للمشتري – مادام لم يسجل عقده – أن يطلب الحكم بتثبيت ملكيته لما اشتراه ، وإنما له أن يطالب البائع أو ورثته من بعده بالالتزامات الشخصية التي يرتبها العقد كتسليم المبيع وريعه وغير ذلك . فإذا هو طالب قبل التسجيل بتثبيت الملكية وتسليم المبيع وريعه وقضى له بذلك ، تعين نقض الحكم فيما يتعلق بتثبيت الملك لرفع الدعوى قبل استيفاء شروطها ( [855] ) . ويبقى البائع مالكا للمبيع ( [856] ) . ولكنه مع ذلك يلتزم بتسليمه للمشتري ، وإذا سلمه لا يستطيع استرداده بالرغم من أنه لا يزال مالكا له ، لأنه ضامن لاستحقاقه ومن يضمن نقل ملك لغيره لا يجوز له أن يدعيه لنفسه . وكما يجري هذا الحكم على البائع يجري على وارثة ، فلا يجوز لوارث البائع أن يمتنع عن تسليم المبيع إلى المشتري أو أن يسترده منه بعد أن سلمه إياه ( [857] ) .

 $ 283 $

ويترتب على ذلك أيضا أن دائن المشتري لا يستطيع أن ينفذ على العقار المبيع قبل تسجيل عقد البيع ، ولا يستطيع أن يأخذ عليه حق اختصاص ( [858] ) ، لأن ملكية العقار لم تنتقل بعد إلى المشتري . أما دائن البائع فيستطيع التنفيذ على العقار ، ويستطيع أن يأخذ عليه حق اختصاص ( [859] ) ، بل ويستطيع أن يجعل البيع غير نافذ في حقه إذا هو سجل تنبيه نزع الملكية قبل أن يسجل المشتري البيع ( انظر م 616 مرافعات ) . وكذلك تنتقل ملكية العقار ، إذا مات البائع قبل تسجيل البيع ، إلى وارث البائع . أما إذا مات المشتري قبل التسجيل ، فإن الملكية لا تنتقل إلى وارثة ، ولكن يستطيع وارث المشتري أن يطالب البائع ا, وارثه بنقل ملكية المبيع وأن يرفع على أي منهما دعوى صحة التعاقد أو دعوى صحة التوقيع .

وإذا مات البائع فانتقلت ملكية العقار إلىوارثه ، وباع الوارث العقار إلى مشتري آخر ، فإن التنازع يقع بين المشتري من المورث والمشتري من الوارث وقد رأينا ان المشتري من المورث ، في عهد التقنين المدني السابق ، هو الذي يفضل ، لأن الملكية انتقلت إليه من المورث ولو لم يسجل العقد ولم تنتقل الملكية إلى الوارث ، فيكون المشتري من الوارث قد اشترى من غير مالك فلا تنتقل إليه الملكية ولو سجل عقده . أما في عهد قانون التسجيل وقانون تنظيم الشهر العقاري ، فالأمر يختلف . ذلك أن المشتري من المورث لم يسجل عقده فلم تنتقل إليه الملكية ، وانتقلت إلى وارث البائع ، ثم انتقلت من الوارث إلى المشتري منه إذا سجل الوارث شهادة الإرث وسجل المشتري من الوارث عقد برائة . ومن ثم يفضل المشتري من الوارث على المشتري من المورث إذا سبق الأول الثاني في السجيل ( [860] ) . غير أنه إذا أشر المشتري من المورث ، باعتباره

 $ 484 $

دائنا للتركة ، بدينه طبقا لأحكام المادة 14 من قانون تنظيم الشهر العقاري قبل أني سجل المشتري من الوارث عقده ، أو بعد هذا التسجيل ولكن في خلال سنة من تاريخ شهادة الإرث ، كان له أن يحتج بحقه كمشتري على المشتري من الوارث ، ولما كان حقه هو أن تنتقل إليه ملكية المبيع ، فإن له أن يطالب المشتري من الوارث بنقل ملكية المبيع ولا يقتصر على المطالبة بالتعويض ( [861] ) ، فإذا حصل على حكم بطلبه سجله فانتقلت إليه الملكية .

ونرى من ذلك أن المشتري من المورث يفضل على المشتري من الوارث في حالتين : ( 1 ) إذا سبق إلى تسجيل عقده ( 2 ) أو إذا أشر بحقه قبل تسجيل $ 485 $ المشتري من الوارث عقده أو بعد هذا التسجيل ولكن في خلال سنة من تسجيل شهادة الإرث ( [862] ) . فإذا لم يفعل هذا ولا ذاك ، فضل عليه المشتري من الوارث إذا سجل عقده ، لأن هذا قد اشترى من الوارث بعد أن انتقلت إليه الملكية بالميراث . وإذا تسلم المشتري من المورث العقار المبيع بالرغم من ذلك ، فإن عقد البيع الذي في يده لا يعتبر سببا صحيحا في التقادم الخمسي ، لأنه صدر من المورث وقت أن كان مالكا للمبيع والسبب الصحيح في التقادم الخمسي يجب أن يكون صادرا من غير مالك . لكن إذا استمر المشتري من المورث حائزا للعقار المبيع مدة التقادم الطويل ، انتقلت إليه الملكية بالتقادم لا بعقد البيع ( [863] ) .

272 – ولكن البيع غير المسجل لا يزال بيعا فينتج آثاره ع\ا نقل الملكية بالفعل : على أن البيع لم يصبح ، بعد قانون التسجيل وقانون تنظيم الشهر العقاري ، عقدا شكليا لا يتم إلا بالتسجيل . فهو لا يزال من عقود التراضي ، والبيع غير المسجل لا يزال عقد بيع له هذه الصفة ، وينتج جميع آثار البيع عدا نقل الملكية بالفعل . وقد كان هناك رأي يذهب إلى أن البيع غير المسجل لا يكون بيعا وإنما يكون عقدا غير مسمى وأن البيع لا يتم إلا بالتسجيل ، ولكن هذا الرأي بقى رأيا مرجوحا منذ ظهر ثم اختفى سريعا ، وأجمع الفقه والقضاء على أن عقد البيع يتم بالتراضي ولو لم يسجل ( [864] ) . فالبيع غير المسجل $ 486 $ ينتج جميع آثار البيع ، إذا استثنينا نقل الملكية بالفعل كما قدمنا .

ويترتب على ذلك أن البيع غير المسجل ينشئ جميع التزامات البائع ، فيلتزم بموجبه البائع بنقل الملكية إلى المشتري ( [865] ) وبتسليم المبيع وبضامن التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية . وينشئ البيع غير المسجل كذلك جميع التزامات المشتري ، فيلتزم بموجبه المشتري بأن يدفع الثمن والمصروفات وبأن يتسلم المبيع ( [866] ) . ويترتب على ذلك أيضا أن البيع غير المسجل يبقى محتفظا بالوصف $ 487 $ القانون للبيع ، فيجوز الأخذ فيه بالشفعة ، ويصلح أن يكون سببا صحيحا في التقادم الخمس قبل التقنين المدني الجديد ، ويكون بيع ملك الغير قابلا للإبطال ولو لم يسجل .

فنبحث إذن المسائل الثلاث الآتية : ( 1 ) البيع غير المسجل ينشئ التزاما في جانب البائع بنقل ملكية المبيع ، وما يتعلق بذلك من دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع . ( 2 ) وينشئ جميع الالتزامات الأخرى في جانب البائع وفي جانب المشتري . ( 3 ) وتترتب عليه جميع آثاره بوصفه عقد بيع .

158 – البيع غير المسجل ينشئ التزاما في جانب البائع بنقل الملكية – كيف ينفذ هذا الالتزام : قدمنا أن البيع غير المسجل لا ينقل الملكية إلى المشتري ، ولكنه ينشئ التزاما في جانب البائع بنقل الملكية ولما كان هذا الالتزام لا يمكن تنفيذه إلا بتسجيل عقد البيع ، ولما كان التسجيل يتطلب إجراءات لابد فيها من تدخل البائع الشخصي إذ لا بد أن يكون مقرا بصدور البيع منه وإن يكون توقيعه مصدقا عليه ، من أجل ذلك كان للمشتري $ 488 $ أن يطالب البائع ، تنفيذا للالتزام الذي في ذمته ، أن يقوم بالأعمال الواجبة لتسجيل العقد . فإذا قام البائع بهذه الأعمال وانبنى على ذلك تسجيل العقد ، فقد نفذ التزامه بنقل الملكية ، وانتقلت الملكية فعلا إلى المشتري بالتسجيل .

وإذا أنكر البائع صدور البيع منه ، أو امتنع عن الذهاب إلى الجهة المختصة للتصديق على إمضائه ، أو أخل بأية صورة أخرى بواجبه من القيام بالأعمال اللازمة لسجيل العقد ( [867] ) ، جاز للمشتري إجباره هو أو ورثته على القيام بذلك . ولا يكتفي المشتري بأن يطالب البائع بالتعويض عن الإخلال بالتزامه ، بل يجوز له أن يصل إلى إجبار البائع على تنفيذ التزامه عينا ونقل الملكية بالتسجيل ، وذلك عن طريق دعو بين ابتركهما العمل وإقرهما القضاء منذ صدور قانون التسجيل : دعوى صحة التعاقد ودعى صحة التوقيع .

274 – دعوى صحة التعاقد : هذه الدعوى لم يكن قانون التسجيل يشير إليها ، ولكن العمل ابتدعها ( [868] ) تحت اسم " دعوى صحة ونفاذ العقد " .

 $ 489 $

منذ صدور هذا القانون ، ليواجه بها امتناع البائع عن القيام بالأعمال الواجبة للتسجيل على النحو الذي قدمناه ، حتى لو كان معترفا بصدور البيع منه ( [869] ) . فسواء كان البائع منكرا للبيع أو معترفا به ، فهو ما دام ممتنعا عن القيام بالأعمال الواجبة لتسجيل العقد استطاع المشتري إجباره على ذلك ، بأن يرفع عليه دعوى يطلب فيها الحكم بثبوت البيع أو بصحته ونفاذه action en realization, enconstatation, de la vente ) ) . فإذا ما صدر هذا الحكم جعل منه المشتري سندا يغنيه عن عقد البيع الصالح للتسجيل ، فهو سند رسمي أقوى من السند العرفي المصدق فيه على التوقيع ، وهو في الوقت ذاته يثبت – أكثر مما تثبت الورقة المكتوبة ولو كانت ورقة رسمية – وقوع البيع صحيحا نافذا . فيجوز إذن $ 490 $ للمشتري أن يسجل هذا الحكم باعتبار سندا قاطعا على وقوع البيع ، ولا يحاج في تسجيله إلى تدخل البائع ( [870] ) ،

ومتى سجله انتقلت إليه ملكية المبيع ( [871] ) .

 $ 491 $

بل إن العمل سار مرحلة أبعد من ذلك ، وغل يد البائع عن التصرف في العقار المبيع من وقت رفع الدعوى بصحة التعاقد ، حتى لا يكون المشتري تحت رحمته أثناء المدة الطويلة التي قد يستغرقها نظر الدعوى ، فيبادر البائع إلى التصرف في العقار لشخص آخر ويبادر هذا إلى تسجيل عقده قبل تسجيل الحكم بصحة التعاقد فلا تكون هناك جدوى من هذا الحكم . وذلك بأن يسجل المشتري صحيفة دعوى صحة التعاقد ، ومن وقت تسجيلها لا يستطيع البائع أن يتصرف في العقار ( [872] ) ، حتى إذا صدر الحكم بصحة التعاقد بعد ذلك أشر المشتري به على هامش تسجيل صحيفة الدعوى ، فيصبح أي تصرف صادر من البائع من وقت تسجيل صحيفة الدعوى بحصة التعاقد غير نافذ في حق المشتري ( [873] ) . وقد أقرت محكمة النقض العمل فيما جرى عليه ، واعتبرت دعوى صحة التعاقد دعوى $ 492 $ استحقاق مآلا كما سبق القول ( [874] ) ، فأدخلتها ضمن دعاوى الاستحقاق التي تسجل صحيفتها ويكون لتسجيلها الحجية التي قدمناها طبقا للمادة السابعة من قانون التسجيل ( [875] ) . وجاء قانون تنظيم الشهر العقاري ميدا للعمل وللقضاء ، فنص صراحة على المادة 15  /  2 كما رأينا على أنه " يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية " ( [876] ) . ورتب على تسجيلها ، كما جاء في المادة $ 493 $ 17  /  21 " أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى " .

ولما كانت دعوى صحة التعقاد الغرض منها ثبوت أن عقد البيع قد صدر من البائع صحيحا نافذا وأن هذا العقد لا يزال صحيحا نافذا وقت صدور الحكم ( [877] ) ، فإنه يجوز للبائع أن يتقدم في هذه الدعوى بأي دفع يتعارض مع ذلك . فيجوز له إذن أن يدفع الدعوى بصورية البيع ، أو ببطلانه لانعدام التراضي أو لاستحالة المحل أو لعدم مشروعية السبب أو لغير ذلك من أسباب البطلان ( [878] ) . ويجوز له أن يرفع دعوى فرعية بإبطال البيع لغلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال ، أو لنقص في الأهلية . ويجوز له أن يدفع بانفساخ البيع أو عدم نفاذه ، لتحقق شرط فاسخ أو لعدم تحقق شرط واقف أو لاستحالة التنفيذ أو لغير ذلك من أسباب الانفساخ أو لعدم النفاذ ( [879] ) . ويجوز له أخيرا $ 494 $ أن يرفع دعوى فرعية بفسخ البيع لعدم قيام المشتري بتنفيذ التزاماته ( [880] ) .

 $ 495 $

وتقادم دعوى صحة التعاقد بخمس عشرة سنة من وقت صدور البيع ، شأنها في ذلك شأن سائر الدعوى ( [881] ) .

وكما يجوز للمشتري رفع هذه الدعوى على البائع ، يجوز له أيضا أن يرفعها على وارث البائع بعد موت البائع ، باعتبار أن الوارث يمثل التركة وأن التزام البائع بنقل الملكية باق بعد موت البائع في تركته . ومن ثم لا يجوز لوارث البائع أن يحتج على المشتري بعدم تسجيل العقد الصادر له من المورث ( [882] ) ، ويجوز $ 496 $ لوارث المشتري أن يرفع دعوى صحة البائع أو على وارثه . على الوجه الذي قدمناه ( [883] ) .

وإذا كان المشتري قد اشترى من بائع عقده لم يسجل ، فللمشتري أن يرفع باسم البائع له دعوى صحة التعاقد على البائع للبائع ، حتى يتمكن – بعد تسجيل الدعوى والتأشير بالحكم – أن يسجل عقد البيع الصادر له من البائع أو أن يحصل على حكم بصحة التعاقد الصادر له هو من البائع ( [884] ) .

 $ 497 $

275 – دعوى صحة التوقيع : على أن المشتري قد يكون في يده ورقة عرفية بالبيع موقعه من البائع بإمضائه أو ختمه أو بصمة أصبعه ، ويمتنع البائع مع ذلك من الذهاب إلى الجهة المختصة للتصديق على توقيعه تمهيدا للتسجيل . وقد قدمنا أن للمشتري ، حتى في هذه الحالة ، أن يرفع دعوى صحة التعاقد ، فيصل بها إلى الحكم بصحة ونفاذ البيع على النحو الذي قدمناه . إلا أنه قد يقنع في هذه الحالة بدعوى أكثر يسرا ، ولكنها أقل شأنا ، وهي دعوى صحة التوقيع . وقد استعار العمل هذه الدعوى من دعوى تحقيق الخطوط الأصلية المعروفة في تقنين المرافعات .

فيجوز للمشتري أن يختصم البائع ليقر أن الورقة العرفية هي بإمضائه أو بختهم أو ببصمة أصبعه ، ويكون ذلك بدعوى أصلية بالإجراءات المعادة للدعاوى . فإذا حضر البائع وأقر أو سكت أو لم ينكر توقيعه أو لم ينسبه على سواه ، اعتبرته المحكمة مقرا بتوقيعه على ورقة البيع ، وتكون جميع مصروفات دعوى صحة التوقيع ، ويجوز له أن يعارض في هذا الحكم في جميع الأحوال . وإذا حضر البائع وأنكر التوقيع أو نسبه إلى سواه ، اتخذت المحكمة الإجراءات التي رسمها تقنين المرافعات في المواد 262 – 276 لتحقيق التوقيع والحكم بصحته أو برد الورقة ( أنظر المواد 277 – 280 مرافعات ) . ومتى صدر الحكم بصحة التوقيع ، سواء بإقرار البائع أو بعد التحقيق ، اعتبرت ورقة البيع العرفية هي والحكم بصحة التوقيع بمثابة عقد بيع مصدق فيه على الإمضاء ، فإذا سجلا معا انتقلت الملكية إلي المشتري ( [885] ) .

 $ 498 $

ولما كان الغرض من دعوى صحة التوقيع هو مجرد ثبوت أن التوقيع الموضوع على ورقة البيع هو توقيع البائع ، فإنه لا جوز المناقشة في هذه الدعوى في أمر صحة التعاقد ونفاذه كما هو الأمر في دعوى صحة التعاقد فيما قدمنا . فلا يطلب من المشتري إلا إثبات صحة توقيع البائع على الورقة العرفية ، ولا يجوز للبائع بعد أن تثبت صحة توقيعه أن يطعن في البيع بأنه باطل أو قابل للإبطال أو أنه قد انفسخ أو أنه هناك محلا لفسخه أو أنه غير نافذ لأي سبب من الأسباب ( [886] ) ، فكل هذه مسائل لا شأن لدعوى صحة التوقيع بها ، ومحل $ 499 $ بحثها يكون في دعوى صحة التعاقد كما سبق القول . ذلك أن الحكم بصحة التوقيع لا يستفاد منه غير أن التوقيع الموضوع على ورقة البيع هو توقيع البائع ، فلا يفيد هذا الحكم أن البيع صحيحا نافذ ، ومن ثم كان تسجيل البيع مصحوبا بحكم صحة التوقيع غير مانع للبائع بعد ذلك من الطعن فيه بجميع الطعون المتقدمة الذكر في دعوى مستقلة يرفعها على المشتري ( [887] ) .

وتتقادم دعوى صحة التوقيع بخمس عشرة سنة من تاريخ توقيع الورثة ، شأنها في ذلك شأن سائر الدعاوى ، فيسقط حق المشتري في إثبات صحة التوقيع . يؤيد ذلك ما ورد في المادة 276 مرافعات من أنه " إذا قضت المحكمة بصحة الورقة أو بردها أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحتها ، أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة " .

وكما يجوز للمشتري رفع دعوى صحة التوقيع على البائع ، يجوز له أيضا رفعها على وارث البائع إذا كان البائع قد مات . غير أنه إذا أنكر وارث البائع توقيع مورثه على ورقة البيع وانكر خطر مورثه في الورقة كلها ، لم يعد المشتري يستطيع أن يقدم لإثبات صحة التوقيع من أوراق المضاهاة إلا خط البائع أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة أصبعه الموضوع على أوراق رسمية . ذلك أن المادة 269 مرافعات تنص على أنه " لا يقبل المضاهاة في حالة عدم اتفاق الخصوم إلا : ( 1 ) الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع الموضوع على أوراق رسمية . ( 2 ) الجزء الذي يعترف الخصم بصحته من الورقة المقتضي تحقيقها . ( 3 ) خطه أو إمضاؤه أو بصمة أصبعه الذي يكتب أمام القاضي " . وبعد موت البائع لم يعد ممكنا استكتابه ، ولم يعد ممكنا صدور اعتراف منه بجزء من ورقة البيع وقد أنكرها الوارث كلها ، فلا يبقى للمضاهاة إلا الأوراق الرسمية الموضوع فيها خط البائع أو توقيعه إذا وجدت هذه الأوراق . ويجوز لوارث المشتري أن يرفع دعوى صحة التوقيع على البائع أو على وارثه ، على الوجه الذي قدمناه .

 $ 500 $

وإذا كان المشتري قد اشترى من بائع لم يسجل عقده ، فالظاهر أن هذا الأمر يتعلق بصحة أصل ملكية البائع ، فلا يجوز للمشتري أن يكتفي برفع دعوى صحة التوقيع على البائع للبائع باسم البائع ، بل يجب أن يرفع عليه باسم البائع دعوى صحة التعقاد على الوجه الذي أسلفناه ( [888] ) .

ويخلص مما قدمناه أن هناك فروقا جوهرية بين دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع تتلخص فيما يأتي :

1 – المطلوب في دعوى صحة التعاقد هو إثبات صدور عقد البيع من البائع وأنه بيع صحيح نافذ وقت صدور الحكم ، أما المطلوب في دعوى صحة التوقيع فهو مجرد إثبات أن التوقيع الذي تحمله ورقة البيع العرفية هو توقيع البائع .

2 – ويترتب على ذلك أن البائع في دعوى صحة التعاقد يستطيع أن يطعن في البيع بالبطلان أو الإبطال أو الفسخ أو الإفساخ أو عدم النفاذ لأي سبب ، ولا يستطيع ذلك في دعوى صحة التوقيع .

3 – ويترتب على ذلك أيضا أن الحكم بصحة التعاقد يجعل البيع في مأمن من أن يطعن فيه فيما بعد بالطعون المتقدم ذكرها ، أما الحكم بصحة التوقيع فلا يمنع من الطعن في البيع بجميع أوجه الطعون المتقدمة الذكر .

4 – ويجوز للمشتري أن يرفع باسم البائع على البائع للبائع دعوى صحة التعاقد ، ولا يجوز أن يرفع دعوى صحة التوقيع .

5 – وهناك أخيرا فرق هام يتعلق بتسجيل صحيفة الدعوى . فقد رأينا أن دعوى صحيفة التعاقد تسجل صحيفتها ، ومن وقت تسجيلها لا يستطيع البائع أن يتصرف في العقار ، حتى إذا صدر الحكم بصحة التعاقد وأشر به المشتري على هامش تسجيل صحيفة الدعوى ، أصبح أي تصرف صادر من البائع من وقت تسجي صحيفة الدعوى غير نافذ في حق المشتري . أما دعوى صحة التوقيع فليست من الدعاوى التي تسجل صحفها ، وإذا سجلت فليس لتسجيلها أثر من ناحية عدم الاحتجاج بتصرف يصدر من البائع . والعبرة فيها بصدور $ 501 $ حكم بصحة التوقيع وتسجيل الورقة العرفية مع هذا الحكم ، ومن وقت هذا التسجيل فقد لا ينفذ في حق المشتري أي تصرف يصدر من البائع ويسجل بعد تسجيل المشتري لعقده مصحوبا بالحكم ( [889] ) ؟ فإذا تصرف البائع لمشتر $ 502 $ آخر بعد رفع دعوى صحة التوقيع ، بل بعد تسجيل صحيفة هذه الدعوى إذا أمكن ذلك ( [890] ) ، وسجل المشتري الآخر عقده قبل أن يسجل المشتري الأول عقد البيع الصادر له مصحوبا بالحكم بصحة التوقيع ، فإن المشتري الآخر هو الذي يفضل على المشتري الأول ( [891] ) .

من أجل هذه المزية الأخيرة في دعوى صحة التعاقد ، وهي إمكان الاحتجاج $ 503 $ بتسجيل صحيفة الدعوى فيها ، تضاف إليها أيضا مزية أن الحكم بصحة التعاقد بصفى جميع أوجه النزاع فى شأن عقد البيع ويكون الحكم حجة قاطعة على أن البيع صحيح نافذ ، غلبت دعوى صحة التعاقد فى التعامل على دعوى صحة التوقيع ( [892] ) ، بالرغم مما فى هذه الدعوى الأخيرة من يسر فى الإثبات وتجنب للدفوع التى رأيناها فى دعوى صحة التعاقد ، وبالرغم من أن الرسم المقرر على دعوى صحة التوقيع ( [893] ) أقل من الرسم النسبى على دعوى صحة التعاقد .

276 - البيع غير المسجل ينشئ جميع الالتزامات الأخرى فى جانب البائع وفى جانب المشترى : وإلى جانب الالتزام بنقل الملكية ينشئ البيع غير المسجل جميع الالتزامات الأخرى فى جانب كل من البائع والمشترى .

فينشئ فى جانب البائع التزاما بتسليم المبيع وبضمان التعرض والاستحقاق وبضمان العيوب الخفية .

فيلتزم البائع ، بموجب البيع غير المسجل ، بتسليم المبيع إلى المشترى . ويجوز للمشترى أن يجيزه على تسليم المبيع حتى قبل تسجيل عقد البيع . وإذا تسلم المشترى المبيع ، وهلك فى يده قبل تسجيل عقد البيع ، فإنه يهلك عليه مع أنه غير مالك ، ولا يهلك على البائع بالرغم من أنه لا يزال مالكا ( [894] ) . ذلك أن تبعة هلاك المبيع تدور مع التسليم إلى المشترى ولا تدور مع انتقال الملكية كما سنرى ، فإن المبيع يهلك على البائع قبل التسليم ولو كان البيع مسجلا فانتقلت الملكية إلى المشترى ، ويهلك على المشترى بعد التسليم ولو كان البيع غير مسجل فلم يصبح المشترى مالكا .

 $ 504 $ ويضمن البائع للمشترى ، بموجب البيع غير المسجل ، التعرض الصادر منه والتعرض الصادر من الغير والاستحقاق ، كما يضمن كل ذلك بالبيع المسجل ( [895] ) . فلا يجوز للبائع أن يبيع العقار مرة ثانية ، وإذا سجل المشترى الثانى قبل أن يسجل المشترى الأول ، ضمن البائع للمشترى الأول التعرض الصادر منه واستحقاق المشترى الثانى للعقار . وإذا نفذ دائن البائع على العقار المبيع وسجل تنبيه نزع الملكية قبل أن يسجل المشترى عقد شرائه ، ضمن البائع يستطيع أن يحتج بأن المشترى قد قصر فى عدم تسجيل البيع قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية ، وذلك أن سبب التعرض آت من جهة البائع إذ دائنه هو الذي ينفذ على العقــار ( [896] ) .

ويضمن البائع للمشترى أخيرا ، بموجب البيع غير المسجل ، العيوب الخفية فى المبيع . وللمشترى أن يرجع بدعوى العيب الخفى على البائع ، حتى قبل أن يتسلم المبيع ، وحتى قبل أن يسجل عقد البيع ، على التفصيل الذي سنبسطه عند الكلام فى ضمان العيوب الخفية .

وينشئ البيع غير المسجل فى جانب المشترى التزاما بدفع الثمن والمصروفات

 $ 505 $ والتزاما بتسلم المبيع . فيستطيع البائع ، ولو قبل تسجيل البيع ، أن يطالبه بتنفيذ كل هذه الالتزامات على النحو الذي سنبينه فى موضعه ( [897] ) .

277 - البيع غير المسجل تترتب عليه آثاره بوصفه بيعا : وإلى جانب الالتزامات إلى ينشأ البيع فى جانب كل من البائع المشترى ، فإن البيع بوصفه عقد بيع تترتب عليه آثار معينة ، من أهمها أنه يجوز الأخذ فيه بالشفعة ، وأنه يكون سبباً صحيحاً فى التقادم الخمسى قبل التقنين المدنى الجديد ، وأن البيع الصادر من غير المالك يكون بيعاً قابلا للإبطال لمصلحة المشترى . وهذه الآثار جميعاً ، كما تترتب على البيع المسجل ، تترتب كذلك على البيع غير المسجل ، فإن التسجيل لا يعتد به وجوداً أو عدماً فى ترتيب البيع لهذه الآثار .

فالبيع غير المسجل يؤخذ فيه بالشفعة . فإذا باع شخص عقاراً مملوكاً له من آخر ، ولم يسجل المشترى البيع ، فإن الشفيع يستطيع أن يأخذ العقار المبيع بالشفعة ولو أن البيع لم يسجل . وتسرى مواعيد الشفعة دون اعتداد بالتسجيل ، فإذا صدر إنذار رسمى من البائع أو من المشترى إلى الشفيع ( م 940 - 941 مدنى ) ، وجب على الشفيع إذا أراد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فى الأخذ بها فى خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمى ( م 940 مدنى ) ولو كان هذا البيع لم يسجل . وكذلك يجب على الشفيع ، فى خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ، ولو لم يسجل البيع ، إيداع كل الثمن الحقيقى الذي حصل به بيع العقار المشفوع فيه خزانة المحكمة ورفع دعوى الشفعة وقيدها بالجدول . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية فى دوائرها المجتمعة ، فى عهد قانون التسجيل ، بأن هذا القانون لم ينسخ البادئ القانونية العامة ولا شيئاً من أحكام الشفعة ، فعليه فإن حق الشفعة الذي ينشأ من يوم العلم بالبيع ( [898] ) لا يمكن تعليقه على حصول تسجيل العقد أو القول بتولده من يوم التسجيل فقط ، لما فى ذلك من الضرر على المشترى الذي يظل زمناً مهدداً بالشفعة ، وإذن يسقط $ 506 $ حق الشفيع بسكوته مدة خمس عشر يوماً من يوم العلم بالبيع ( [899] ) ، لا من يوم التسجيل ( [900] ) .

والبيع غير المسجل ، قبل التقنين المدنى الجديد ، يصلح سبباً صحيحاً فى التقادم الخمسى ( [901] ) . فإذا اشترى شخص عقاراً من غير المالك ، ولو كان حسن النية يعتقد وقت صدور البيع أنه اشترى من المالك ، وحاز العقار خمس سنوات ، $ 507 $ فإنه يملكه بالتقادم الخمسى ولو لم يكن البيع مسجلا ، وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأنه لا يشترط تسجيل السبب الصحيح لإمكان احتجاج واضع اليد على المالك الحقيقى لإفادة التملك بالتقادم الخمسى ، أما اشتراط ثبوت تاريخ السب بالصحيح للاحتجاج به فى تحديد مبدأ وضع اليد فلا نزاع فيه قانونا ( [902] ) .

ولكن هذا الحكم الذي يستخلص من القواعد العامة قد عدله التقنين المدنى الجديد بنص خاص ورد فى تحديد السبب الصحيح فى التقادم الخمسى ، إذا نصت الفقرة الثالثة من المادة 969 مدنى على ما يأتى : " والسبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشىء أو صاحباً للحق الذي يراد كسبه بالتقادم ، ويجب أن يكون مسجلا طبقا للقانون ( [903] ) .

 $ 508 $ والبيع غير المسجل لا يؤثر عدم تسجيله فى قابلية بيع ملك الغير للإبطال . فقد قدمنا عند الكلام فى بيع ملك الغير أن هذا البيع قابل للإبطال لمصلحة المشترى ، قبل أن يسجل وبعد التسجيل . فالبيع قبل أن يسجل هو بيع بهذا الوصف ، فإذا صدر من غير مالك كان بيع ملك الغير ، وأخذ حكم هذا البيع وهو القابلية للإبطال . وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 466 مدنى ، كما رأينا ، على هذا الحكم صراحة إذ تقول : " إذا باع شخص شيئا معيناً بالذات وهو لا يملكه ، جاز للمشترى أن يطلب إبطال البيع . ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار ، سجل العقد أو لم يسجل " ( [904] ) .

ب - حكم البيع بعد أن يسجل

278 - البيع المسجل يرتب جميع الآثار التى يرتبها البيع غير المسجل : وغنى عن البيان أن جميع الآثار التى يرتبها البيع قبل أن يسجل ، وهى الآثار $ 509 $ التى تقصينا أهمها فيما قدمناه ، تبقى قائمة بعد أن يسجل البيع .

فيبقى البيع بعد تسجيله ، كما كان قبل تسجيله ، منشئاً لالتزامات فى جانب المشترى هى دفع الثمن والمصروفات وتسلم المبيع . ويستطيع المشترى بعد تسجيل البيع ، كما كان يستطيع قبل تسجيل البيع ، أن يطالب البائع بتنفيذ هذه الالتزامات ، كما يستطيع البائع أن يطالب المشترى بتنفيذ التزاماته .

ويؤخذ فى البيع المسجل بطبيعة الحال بالشفعة ، ويصلح البيع المسجل سبباً صحيحاً فى التقادم الخمسى ، بل أصبح البيع المسجل وحده بعد التقنين المدنى الجديد هو الذي يصلح أن يكون سببا صحيحاً دون البيع غير المسجل فيما قدمناه ، وبيع ملك الغير يبقى قابلا للإبطال قبل التسجيل وبعده كما سبق القول .

279 - ويزيد البيع المسجل بأن ينقل الملكية فعلا فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير : ويزيد البيع المسجل فى آثاره على البيع غير المسجل فى أنه ينقل ملكية العقار فعلا من البائع إلى المشترى بمجرد التسجيل ( [905] ) ، متى كان العقار وقت البيع مملوكاً للبائع ، إذ أن بيع ملك الغير لا ينقل الملكية إلى المشترى ولو سجل .

وتنتقل الملكية بالبيع المسجل فيما بين المتعاقدين ( [906] ) وبالنسبة إلى الغير ( [907] ) ، $ 510 $ ويحدد الغير على النحو إلى كان يحدد به فى التقنين المدنى السابق فيما قدمناه .

ويترتب على انتقالها فيما بين المتعاقدين أن تحدث جميع الآثار التى تترتب على نقل الملكية ، وأهمها ثلاث : ( 1 ) يكون للمشترى حق التصرف فى العقار المبيع باعتباره مالكا له ، ولو قبل أن يتسلمه من البائع . ( 2 ) يكون للمشترى ثمر المبيع ونماؤه ، وعليه تكاليفه من نفقات حفظ وصيانة وضرائب وغير ذلك من الأعباء . وقد رأينا أن هذا الأثر يترتب من وقت البيع ، ولو قبل التسجيل ( [908] ) . ( 3 ) إذا أفلس البائع بعد قبض الثمن وقبل تسليم المبيع ، جاز للمشترى أن يأخذ عين العقار المبيع من تفليسه المشترى باعتباره قد أصبح مالكا له ، دون أن يزاحمه فيه دائنو البائع . أما تحمل تبعة هلاك المبيع فقد قدمنا أنها تنتقل مع تسليم المبيع إلى المشترى ، لا مع انتقال الملكية إليه ( [909] ) .

ويترتب على انتقالها بالنسبة إلى الغير بالتسجيل ومن وقت هذا التسجيل أنه إذا باع البائع العقار مرتين لمشتريين مختلفين ، فأيهما سبق إلى التسجيل كان هو المفضل لأنه إذا سبق إلى تسجيل عقده انتقلت الملكية إليه لا فيما بينه وبين البائع فحسب ، بل أيضا بالنسبة إلى الغير وهو المشترى الآخر الذي تأخر عنه فى التسجيل . وينبنى على ذلك أنه إذا باع المالك عقاره لمشتر لم يسجل ، وباع المشترى العقار لمشتر ثان وتمكن هذا من تسجيل عقده ( [910] ) ، فإن الملكية لا تنتقل من المشترى الأول إلى المشترى الثانى ، لأن المشترى الأول نفسه لم تنتقل إليه الملكية من البائع ما دام لم يسجل عقده . فإذا باع البائع العقار لمشتر آخر ، $ 511 $ وسجل هذا المشترى الآخر عقده ، فإن الملكية تنتقل من البائع ، وقد ظل مالكاً للعقار لعدم تسجيل البيع الصادر منه للمشترى الأول ، إلى المشترى الآخر ، فيفضل هذا المشترى الآخر على المشترى الثانى الذي سجل عقده أولا . وكان الحكم فى عهد التقنين المدنى السابق يختلف ، فقد كانت المادة 619  /  746 من هذا التقنين تنص ، كما رأينا ، على أنه " فى حالة تعدد عقود انتقال الملكية بين عدة ملاك متوالين يكتفى بتسجيل العقد الأخير منه " . فكان المشترى الثانى الذي سجل أولا تنتقل إليه الملكية إذ يكتفى بتسجيل عقده ، ومن ثم كان يفضل على المشترى الآخر الذي سجل عقده بعد تسجيل عقد المشترى الثانى ( [911] ) .

يبقى بعد ذلك أن نبحث : أولا – فى انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين ، متى تنتقل الملكية ، أتنتقل من وقت التسجيل أم تنتقل بأثر رجعى من وقت البيع؟ ثانياً – فى انتقال الملكية بالنسبة إلى الغير بالتسجيل ، هل يشترط حسن النية فى المشترى الذي سجل عقده قبل المشترى الآخر؟

280 - أولا - نقل الملكية فيما بين المتعاقدين – هل للتسجيل أثر رجعى : رأينا أن ملكية العقار المبيع فيما بين المتعاقدين لا تنتقل إلى بتسجيل البيع ، فإذا ما انتقلت بالتسجيل فهل هى تنتقل من وقت التسجيل ، أو يستند انتقالها بأثر رجعى إلى وقت البيع فيعتبر المشترى بعد تسجيل العقد مالكا فيما بينه وبين البائع من وقت البيع؟

الرأى الذي استقر عليه الفقه والقضاء هو أنها تنتقل من وقت التسجيل ، فليس لانتقالها أثر رجعى يستند إلى وقت البيع ، وهذا هو الرأى الذي يؤيده ظاهر النصوص . غير أن هذا الرأى يعارضه رأى آخر يذهب إلى أن لانتقال الملكية فيما بين المتعاقدين أثراً رجعياً إلى وقت البيع .

فنستعرض الرأى الذي استقر عليه الفقه والقضاء ، ثم نستعرض الرأى الذي يعارضه .

 $ 512 $

271 - الرأى الذي استقر عليه الفقه والقضاء - ليس للتسجيل أثر رجعى : يستند هذا الرأى ، وقد أخذت به الكثرة الغالبة من الفقهاء فى مصر ( [912] ) ، إلى نصوص القانون وإلى الغرض الذي توخاه المشرع من نظام التسجيل الجديد وإلى ما أستقر عليه قضاء محكمة النقض ، فيستخلص من كل ذلك الحجج الآتية :

أولا - نصوص القانون جاءت مطلقة ، فهى تقرر فى وضوح أن عقد البيع يجب شهره بطريق التسجيل ، وأنه يترتب على عدم التسجيل أن الملكية لا تنتقل لا فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى غيرهم . فهذا قانون التسجيل تنص المادة الأولى منه على أن " جميع العقود الصادرة بين الأحياء . . . والتى من شأنها إنشاء حق ملكية أو حق عينى عقارى آخر أو نقله . . . يجب إشهارها بواسطة تسجيلها . . . ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل . . . لا فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة لغيرهم " . وهذا قانون تنظيم الشهر العقارى تنص المادة التاسعة منه أن " جميع التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله . . . يجب شهرها بطريق التسجيل . . . ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل . . . لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم " . فالنصوص إذن صريحة فى جعل المتعاقدين والغير فى مركز واحد بالنسبة إلى انتقال الملكية . ولما كان الشكل لا يتطرق فى أن انتقال الملكية بالنسبة إلى الغير لا يكون إلا بالتسجيل من وقت هذا التسجيل ، كذلك يجب ألا يتطرق الشك فى أن الملكية فيما بين المتعاقدين لا تنتقل إلا بالتسجيل ومن وقت التسجيل . ولم يقل المشرع فى أى نص من نصوص قانون التسجيل ولا فى أى نص من نصوص قانون تنظيم الشهر العقارى إنه يفرق بين المتعاقدين والغير فى وقت انتقال الملكية . وأنه يجعل لانتقال الملكية فيما بين المتعاقدين أثراً رجعياً ، فلا تجوز مخالفة نصوص $ 513 $ التشريع الواضحة فى هذا الصدد . ولما أراد المشرع ، فى أحد المواطن ، أن يجعل للتسجيل أثراً رجعياً ، صرح بذلك فى غير لبس . فنص قانون التسجيل ، فى خصوص تسجيل الدعاوى ، فى المادة الثانية عشرة منه على أنه " يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة السابعة أو التأشير بها أن حق المدعى ، إذا تقرر بحكم مؤشر طبق القانون ، يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق وأصحاب الديون العقارية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها " . ونص قانون تنظيم الشهر العقارى فى هذا الصدد أيضا ، فى المادة السابعة عشرة منه ، على أنه " يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعى إذا تقرر حكم مؤشر طبق القانون ، يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها " . فلو أراد المشرع أن يجعل للتسجيل أثراً رجعياً فيما يتعلق بانتقال الملكية بين المتعاقدين ، لما سكت عن ذلك ، ولنص عليه فى الصراحة التى نص بها على الأثر الرجعى فى خصوص الدعاوى .

ثانياً – ومما يقطع فى أن نية المشروع فى قانون التسجيل وفى قانون تنظيم الشهر العقارى قد انصرفت إلى جعل أثر التسجيل واحداً فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير ، فيستوى الجميع فى كيفية انتقال الملكية وفى وقت انتقالها ، ما جاء فى المذكرة الإيضاحية لكل من التشريعين . فقد ورد فى المذكرة الإيضاحية لقانون التسجيل ما يأتى : " فيتعين مراعاة للمصلحة العامة ضمان شهر التصرفات العقارية بتقرير جزاء قانونى يكون أشد صرامة من مجرد عدم إمكان التمسك بهذه التصرفات فى وجه غير المتعاقدين . فيتحتم إذن جعل التسجيل شرطاً أساسياً لانتقال الملكية والحقوق العينية بالنسبة للمتعاقدين ولغير المتعاقدين على السواء " ( [913] ) وورد فى المذكرة الإيضاحية لقانون تنظيم الشهر العقارى : " أما الفقرتان الثانية والثالثة من هذه المادة ( التاسعة ) فهما مطابقتان للفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى من القانون الحالى ( قانون التسجيل ) .

ولم ير إجراء أى تعديل فى نصوصهما ، اكتفاء بما استقرت عليه أحكام محكمة $ 514 $ النقض والإبرام تفسيراً لهذه النصوص . وهذه الأحكام تقضى بأن الحقوق العينية المشار إليها فى هذه المادة لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول إلا بالتسجيل ومن تاريخ هذا التسجيل ، دون أن يكون لهذا التسجيل أثر رجعى ينسحب إلى تاريخ التصرف نفسه . كما أنها تقضى بأنه بمجرد انعقاد التصرف الواجب شهره يكون لمن عقد التصرف لمصلحته جميع الحقوق التى من شأن هذا التصرف أن يرتبها له ، عدا انتقال الحق العينى فيتراخى هذا الانتقال حتى حصول التسجيل ( [914] ) " .

 ثالثاً – إن القول بالأثر الرجعى للتسجيل فيما بين المتعاقدين يتعارض مع الغرض الأساسى الذي توخاه المشرع بالتعديل الجوهرى الذي أدخله على نظام الشهر كما كان مقررا فى التقنين المدنى السابق . فقد قصد المشرع فى قانون التسجيل وفى قانون تنظيم الشهر العقارى أن يكون انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين كانتقالها بالنسبة إلى الغير بالتسجيل ، توطيداً لدعائم الملكية العقارية بجعل انتقالها حتى فيما بين المتعاقدين خاضعا للشهر والعلانية ، فقبل ذلك لا تنتقل الملكية . وفى هذا استقرار لنظام انتقال هذه الملكية ، ودافع يحفز المتعاقدين إلى المبادرة بتسجيل عقودهم ما دامت هذه العقود لا تنتقل الملكية أصلا حتى فيما بينهم قبل أن تسجل ، ولا تنتقل الملكية إلا فى وقت التسجيل ، وذلك كله تمهيدا لإدخال نظام السجل العقارى فى مصر . ولو قلنا إن الملكية تنتقل فيما بين المتعاقدين بالتسجيل ولكن من وقت العقد ، لاتسعت أمام المشترى أسباب التراخى فى تسجيل عقده ، ما دام موقناً أنه مهما أبطأ فى هذا التسجيل فإن الملكية تنتقل إليه من وقت العقد بمجرد تسجيله ، فيستوى عنده إذن أن يسرع فى التسجيل أو أن يبطئ ما دامت النتيجة واحدة فى الحالتين .

 $ 515 $

رابعاً – إن القول بالأثر الرجعى للتسجيل فيما بين المتعاقدين يعود بنا إلى جعل الملكية تنتقل فى تاريخين مختلفين ، من وقت العقد فيما بين المتعاقدين ومن وقت التسجيل بالنسبة إلى الغير . وفى هذا شذوذ أراد المشرع فى كل من قانون التسجيل وقانون تنظيم الشهر العقارى تجنبه ، بالقضاء على التمييز بين المتعاقدين والغير وما يترتب على ذلك من وجوب تحديد من هو الغير تحديداً لا يخلو من الإشكال والتعقيد .

خامساً – قد استقر قضاء محكمة النقض على أن ليس للتسجيل أثر رجعى فى نقل الملكية فيما بين المتعاقدين ، فلا تنتقل الملكية فيما بينهما إلا من وقت التسجيل لا قبل ذلك .

فقد قضت محكمة النقض بأن الشارع إنما قصد فى قانون التسجيل تأخير نقل الملكية إلى أن يتم تسجيل العقد . فليس التسجيل بمثابة شرط توقيفى ينسحب بتحققه أثر العقد إلى يوم تاريخه ، ولذلك لا يعتبر المشترى مالكا إلا من يوم تسجيل عقد شرائه . فإذا حصل دائن على اختصاصه بعقار اشتراه مدينة بعقد ثابت التاريخ ولكنه لم يسجل ، فليس له أن يحتج بهذا الاختصاص على من اشترى العقار بعد ذلك من المدين وسجل عقده ، إذ أن الاختصاص يكون فى هذه الحالة قد أوقع والعقار غير مملوك للمدين . وقد جاء فى أسباب هذا الحكم ما يأتى : " وبما أن ما تقول به الطاعنة من أن تسجيل عقد البيع هو بمثابة شرط توقيفى لانتقال الملكية إذا ما تحقق انسحب أثره إلى الماضى هو قول خاطئ ، فإن حقيقة ما رمى إليه الشارع من قانون التسجيل هو تأخير نقل الملكية ريثما يتم تسجيل عقد التصرف ، من غير أن يجعل ذلك التسجيل بمثابة شرط توقيفى لو وقع يكون له أثر رجعى يجعل التصرف ناقلا للملكية من يوم تاريخه العرفى أو الثابت على صورة الالتزامات التوقيفية المنصوص عنها فى المواد 105 وما يليها من القانون المدنى ( القديم ) . لم يرم الشارع إلى غير ذلك ، وإلا لكان ذهب بحكمه تشريع قانون التسجيل من وجوب حماية الغير من العقود والالتزامات التى لم تشهر بواسطة التسجيل . ولعل من أحد الأمثلة التى تتكشف بها هذه الحكمة ما هو مسلم به طراً من أن عقد الرهن العقارى الذي يعقده المشترى لعين قبل تسجيل عقد شرائه إياها هو عقد باطل ، لأنه لم يصادف $ 516 $ عيناً فى ملك الراهن . وحق الاختصاص هو مثيل الرهن العقارى ، ويجب أن ينصب على ما هو فى ملك المدين ملكاً واقعياً على مقتضى أحكام قانون التسجيل " ( [915] ) .

وقضت محكمة النقض أيضاً بأن استناد أثر الشرط إلى الماضى على النحو المستفاد من نص المادة 105 من القانون المدنى ( القديم ) إنما يصح حيث يكون التعليق على الشرط ناشئاً عن إرادة المتعاقدين . أما حيث يكون القانون هو الذي قرر الشرط وعلق عليه حكما من الأحكام ، فإن الحكم المشروط لا يوجد ولا يثبت إلا عند تحقق شرطه ، أما قبله فلا ، لأن الأصل أن الأثر لا يسبق المؤثر . وعلى هذا لا محل لتطبيق المادة 105 المذكورة فى غير باب التعهدات والعقود ، وبصفة خاصة لا محل لتطبيقها على ما كان من الشروط جعليا مردودا إلى إرادة الشارع كشرط التسجيل لنقل الملكية ، لأن هذا النوع من الشروط باق على أصله فلا انسحاب لأثره على الماضى . على أن القول بالأثر الرجعى للتسجيل فيه منافاة لمقصود الشارع فى وضع قانون التسجيل .

فالحكم الذي يقضى برفض دعوى الشفعة ، بناء على أن الشفيع لم يكن مالكا للعين المشفوع بها يوم اشتراها بل من تاريخ تسجيل عقد الشراء ، لا يكون مخالفاً للقانون فى نفيه الأثر الرجعى للتسجيل . وقد جاء فى أسباب هذا الحكم ما يأتى : " وحيث أن استناد أثر الشرط إلى الماضى ، على النحو المستفاد من نص المادة 105 من القانون المدنى ( القديم ) إنما يصح حيث يكون التعليق على الشرط ناشئاً عن إرادة المتعاقدين . أما حيث يكون القانون هو الذي قرر الشرط وعلق عليه حكما من الأحكام ، فإن الحكم المشروط لا يوجد ولا يثبت إلا عند تحقق شرطه ، أما قبله فلا . ذلك لأن الأصل أن الأثر لا يسبق المؤثر . غير الشارع قد لاحظ أن العاقدين إذا يعلقان اتفاقهما على شرط – أى على أمر مستقبل قد يوجد وقد لا يوجد – يكونان جاهلين مآل الشرط فلا يعرفان هل يتحقق أو يتخلف ، فقدر أنهما لو كان على علم بهذا المآل لأقاما عليه اتفاقهما منذ البداية . وعلى هذا التقدير أو الفرض القانونى قامت نظرية الأثر الرجعى للشرط ، ولا مبرر لها $ 517 $ فى الشرائع التى أخذت بها إلا أنها تعبر عن إرادة العاقدين ، فقصر تطبيقها من أجل ذلك على دائرة الاتفاق . وقد التزم القانون نفسه هذه الدائرة ، فأورد نص المادة 105 التى قررت الأثر الرجعى للشرط فى باب التعهدات والعقود ، وعلى ذلك فلا محل لتطبيق هذا النص فى غير هذا الباب . وبصفة خاصة لا محل لتطبيقه على ما كان من الشروط جعلياً مردوداً إلى إرادة الشارع – كشرط التسجيل لنقل الملكية – لأن هذا النوع من الشروط باق على الأصل ، فلا انسحاب لأثره على الماضى . وحيث أنه فضلا عما تقدم فإن القول بالأثر الرجعى للتسجيل فيه منافاة لمقصود الشارع من وضع قانون التسجيل . ذلك لأن هذا القول يثير من جديد التمييز بين الغير وبين العاقدين ، والقضاء على هذا التمييز بالذات كان بعض ما أريد بوضع هذا القانون . ثم إن هذا القول أيضا من شانه أن يضعف جزاء عدم التسجيل ، فى حيث أن واضع القانون المذكور إنما أراد أن يكون هذا الجزاء صارماً رادعاً ليحمل المتعاملين على المبادرة إلى التسجيل قصد تمهيد الطريق لنظام السجلات العقارية المرجو إنشاؤه فى المستقبل " ( [916] ) .

 $ 518 $

282 - الرأى المعارض – للتسجيل أثر رجعى فيما بين المتعاقدين – ملاحظات مبدئية : ونحن نؤثر الرأى المعارض ، ونذهب إلى القول بأن الأثر الرجعى للتسجيل فيما بين المتعاقدين هو الذي يتفق مع طبيعة البيع وطبيعة نظام التسجيل ومقتضيات الصناعة القانونية ( [917] ) .

ونتقدم قبل إيراد الحجج التى نستند إليها بالملاحظات الآتية لجلاء الموقف :

الملاحظة الأولى – لا شك فى أن الملكية بالنسبة إلى الغير لا تنتقل إلا من وقت التسجيل ، وذلك يرجع إلى طبيعة التسجيل والمهمة التى يقوم بها . فهذه المهمة هى إعلام الناس بوقوع تصرف قانونى ، فبديهى ألا يسرى هذا التصرف فى حق الناس ممن يعنيهم الأمر – وهؤلاء هم الغير – إلا من وقت التمكن من العلم بالتصرف عن طريق التسجيل ، أى من وقت التسجيل ( [918] ) .

والملاحظة الثانية – إن الاستناد إلى القول بأن التسجيل شرط واقف فى نقل الملكية فيما بين المتعاقدين لتبرير الأثر الرجعى للتسجيل استناد خاطئ .

وقد كانت محكمة النقض موفقة كل التوفيق عندما استظهرت أن الشرط الواقف لا يكون إلا فى منطقة الإرادة ، أما حيث يكون القانون هو الذي قرر الشرط وعلق عليه حكما ، فإن هذا الحكم المشروط لا يوجد إلا عند تحقق $ 519 $ شرطه ومن وقت تحقق هذا الشرط ، لأن الأثر لا يسبق المؤثر ، وما كان من الشروط جعلياً مردوداً إلى إرداة الشارع كشرط التسجيل لنقل الملكية لا ينسحب أثره إلى الماضى ( [919] ) .

والملاحظة الثالثة – إن القول بالأثر الرجعى للتسجيل فيما بين المتعاقدين ليست له أهمية كبيرة من الناحية العملية ، إذا أن تقرير الأثر الرجعى وإنكار هذا الأثر لا يختلفان كثيرا من حيث الحلول العملية للمسائل التى تعرض لتطبيق كل من القولين . ولكن القول بالأثر الرجعى ، من ناحية الصناعة القانونية ، أكثر استساغة من إنكار هذا الأثر فى بعض المسائل ، وفى مسائل أخرى قليلة يكون دون غيره هو القول الحق وفى هذه المسائل وحدها تبرز أهميته العملية .

وبعد أن فرغنا من تجلية الموقف بهذه الملاحظات ، نأتى بأمثلة القول فيها بالأثر الرجعى هو أكثر استساغة من ناحية الصناعة القانونية ، ثم نأتى بأمثلة أخرى يكون فيها هذا القول هو وحده القول الحق .

283 - القول بالأثر الرجعى أكثر استساغة من ناحية الصناعة القانونية : نسوق هنا مسائل يبين فيها أن تقرير الأثر الرجعى وإنكاره يستويان من ناحية النتائج العملية ، ولكن القول بالأثر الرجعى يكون أكثر استساغة من ناحية الصناعة القانونية :

( 1 ) تنص الفقرة الثانية من المادة 458 مدنى على ما يأتى : " وللمشترى ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضاً . هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغيره " . فالقانون ينص هنا على أن ثمر المبيع ونماءه يكون من وقت تمام البيع – لا من وقت تمام التسجيل – للمشترى ، وعليه تكاليف المبيع من وقت تمام البيع أيضا . ويقول الفقه فى تفسير هذا الحكم أنه يرد إلى التزام البائع بالتسليم ، فهو ملزم بتسليم المبيع $ 520 $ ملحقاته ، والثمر هو ملحقات المبيع ، فيكون البائع ملزما بتسليمه مع المبيع . وفى هذا التعليل توسيع لفكرة " ملحقات المبيع " أكثر مما تحتمله طبيعة الملحقات . فملحقات الشىء ليست جزءا منه يتولد عنه كالثمر والنماء ، بل هو شىء مستقل عنه أعد بصفة دائمة لاستعماله فيكون ملحقا به . وقد حددت المادة 432 مدنى ملحقات المبيع على الوجه الآتى : " يشمل التسليم ملحقات الشىء المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشىء ، وذلك طبقا لما تقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين " . فتملك المشترى ثمر المبيع من وقت تمام البيع ، على أساس أن هذا الثمر ملحق بالشىء المبيع فيكون واجب التسليم للمشترى ، لا يستقيم من ناحية الصناعة القانونية ( [920] ) . وهو فى الوقت ذاته لا يفسر كيف يكون على المشترى تكاليف المبيع من وقت تمام البيع ، وفكرة التسليم هنا لا دخل لها . والذى يستقيم ويكون أكثر استساغة من ناحية الصناعة القانونية أن نقول إن المشترى يصبح مالكا للمبيع من وقت تمام البيع بالنسبة إلى البائع وباعتباره مالكا من هذا الوقت يملك ثمر ملكه ونماء هذا الملك ( [921] ) ويكون عليه تكاليف . وهذا التأصيل يقتضى القول بالأثر الرجعى للتسجيل ، فإذا سجل المشترى البيع انتقلت إليه ملكية المبيع بالتسجيل ، ولكن من وقت تمام العقد ، فيصبح مالكا للثمر والنماء ويكون عليه التكاليف من هذا الوقت أيضاً .

 $ 521 $ ( 2 ) إذا تصرف المشترى فى المبيع قبل أن يسجل عقد شرائه ، فمن ينكر الأثر الرجعى للتسجيل يعتبره قد تصرف فيما لا يملك ، حتى لو سجل عقد شرائه بعد التصرف . ومن يقر الأثر الرجعى يعتبره قد تصرف فيما يملك ، ما دام قد سجل عقد شرائه بعد التصرف . والرأى الثانى يصل فى نتيجته العملية إلى ما يصل إليه الرأى الأول ، وهو أكثر استساغة من الناحية القانونية . ويبين ذلك فى الفرض الآتى : اشترى عقاراً فى أول يناير ولم يسجل عقد شرائه . وفى 15 يناير باع العقار إلى ب وسجل ب عقد شرائه فى اليوم نفسه ( [922] ) . وفى 30 يناير سجل أ عقد شرائه . فعلينا فى هذا الفرض أن نوازن بين الرأى الذي ينكر الأثر الرجعى والرأى الذي يقر هذا الأثر . فعلى الرأى الأول يكون أ باع فى 15 يناير إلى ب عقاراً غير مملوك له ، إذ كان يومذاك لم يسجل عقد شرائه . ولما سجله فى 30 يناير ، أصبح مالكا من هذا التاريخ فقط لانعدام الأثر الرجعى . ولكنه ، بعد أن أصبح مالكا للعقار الذي باعه قبل أن يملكه ، يكون قد صحح البيع الذي صدر منه ، فأصبح ب مالكا للعقار ، ولكن من يوم 30 يناير قد أصبح مالكا للعقار بأثر رجعى يستند إلى أول يناير يوم تمام البيع ، ويكون فى 15 يناير عندما باع العقار إلى ب قد باع ما يملك فانتقلت الملكية إلى ب فى نفس اليوم بتسجيل ب لعقد شرائه . فعلى الرأيين إذن يصح عقد البيع الصادر من أ إلى ب ، وتنتقل به الملكية من الأول إلى الثانى . ولكن الملكية تنتقل إلى ب فى 30 يناير بحسب الرأى الذي ينكر الأثر الرجعى ، وتنتقل $ 522 $ فى 15 يناير أى فى اليوم نفسه الذي صدر فيه البيع إلى ب بحسب الرأى الذي يقر الأثر الرجعى ( [923] ) .

( 3 ) إذا أحدث البائع بناء فى الأرض المبيعة قبل أن يسجل المشترى عقد شرائه ، ثم سجل المشترى العقد ، فإذا أنكرنا الأثر الرجعى ولم تنتقل الملكية إلى المشترى إلا من وقت التسجيل ، كان البائع بانياً فى أرض يملكها وقت أن بنى . وإذا قلنا بالأثر الرجعى وانتقلت الملكية بالتسجيل من وقت البيع ، كان البائع بانياً فى أرض لا يملكها فيعامل معاملة البانى بسوء نية فى أرض غيره . وهذا الحل الثانى هو الذي اختاره القضاء لأنه هو الحل العادل ، ولكن القضاء مع ذلك لم يؤسسه على فكرة الأثر الرجعى للتسجيل وكان تأسيسه على هذه الفكرة أكثر استساغة من الناحية القانونية . فقد قالت محكمة استئناف مصر : " إنه إذا أحدث البائع بناء جديداً أو زيادة فى المبيع قبل التسليم فيعتبر كأنه أقامه فى غير ملكه ، حتى ولو كان ذلك قبل تسجيل العقد ، لأن بالتسجيل تنتقل الملكية من يوم حصوله ، غير أن باقى الالتزامات الأخرى الناشئة من البيع تكون واجبة الأداء من تاريخ التعهد بالبيع ، لأنها فى الحقيقة التزامات شخصية تأخذ حكمها القانونى من وقت التعهد . ومن حيث أنه من ضمن هذه الالتزامات امتناع البائع بمجرد التعهد عن كل ما يزيد أو ينقص فى المبيع – وهو التزام يقتضيه الالتزام بتسليم المبيع كما هو وقت التعهد المذكور . ومن حيث أن هذه الزيادة لا يمكن تسليمها للمشترى دون مقابل ، لأن فى ذلك إثراء من غير مقابل يحرمه القانون المدنى ، وعلى المشترى الذي يقبل المبيع بهذه الزيادة أن يتبع القواعد التى رسمها القانون فيما يختص بالغراس أو البناء فى أرض الغير " ( [924] ) . وقد أيدت محكمة النقض هذا الحكم ، فقضت بأن بائع ملزم بتسليم العقار المبيع بحالته التى هو عليها وقت تحرير العقد . فإذا هو أقدم قبل $ 523 $ نقل الملكية للمشترى بتسجيل العقد أو الحكم الصادر بصحة التعاقد ، فأحدث زيادة فى هذا العقار ( بناء ) بينما المشترى يطالبه ويقاضيه لتنفيذ تعهده ، فلا مخالفة لقانون التسجيل فى أن تعتبره المحكمة – بعد أن صدر الحكم بصحة التعاقد وسجل – كأنه أحدث تلك الزيادة فى أرض مملوكة لغيره ، يفصل فى أمرها قياساً على حالة من أحدث غراساً أو بناء فى ملك غيرها ( [925] ) . ولا شك فى أن القول بالأثر الرجعى هنا أفضل ، من ناحية الصناعة القانونية ، من إنكار هذا الأثر . فإننا إذا أنكرنا الأثر الرجعى ، كما فعل القضاء ، كان من الواجب التسليم بأن البائع قد بنى فى ملكه وقت أن بنى . ولا يمكن الوصول ، من طريق أن البائع ملزم بألا يحدث تغييرا فى العين المبيعة وهو الطريق الذي اختارته محكمة النقض ، إلا إلى شىء قريب مما وصلت إليه المحكمة ، ولكن ليس هو بالذات . وكل ما نصل إليه هو أن البائع قد أخل بالتزامه فى ألا يبنى فى الأرض المبيعة ، فيطلب إليه تنفيذ التزامه عينا ، فيهدم البناء ويأخذه أنقاضاً ، وقد يؤثر ذلك على أن يأخذ ثمن البناء مستحق الهدم ، فلا يستطيع المشترى إجباره على إبقاء البناء ( [926] ) . فواضح إذن أننا لو أخذنا بفكرة الأثر الرجعى للتسجيل ، لو صلنا عن طريق مأمون إلى النتيجة التى نشدتها محكمة النقض وهى اعتبار البائع بانيا بسوء نية فى أرض غيره ، وإجباره إذا شاء المشترى على إبقاء البناء $ 524 $ فى الأرض مقابل قيمة مستحق الهدم ( [927] ) .

والواقع من الأمر أننا نواجه فى الأمثلة التى قدمناها الموقف الآتى : المشترى لم يسجل عقد شرائه ، ولكنه قد حصل فعلا على المزايا التى كان يحصل عليها لو أن الملكية قد انتقلت إليه من وقت البيع . فهو يكسب ثمرة البيع من هذا الوقت ، ويستطيع أن يتصرف فى المبيع قبل أن يسجل ، ولا يستطيع البائع أن يبنى فى الأرض المبيعة وإلا اعتبر بانيا فى أرض غيره . ونريد أن نعلل هذه المزايا . فبدلا من تعليلها التعليل القريب المستساغ وذلك بالقول متى سجل المشترى العقد اعتبرت الملكية منتقلة إليه من وقت تمام العقد فساغ أن يحصل على المزايا المتقدمة الذكر ( [928] ) ، نلجأ إلى تعليلات مختلفة لكل حالة تعليلها الخاص ، وجانب الإغراب فى جميعها ظاهر .

على أن الأمر لا يقتصر على ذلك ، بل إن هناك أمثلة أخرى يكون فيها القول بالأثر الرجعى ، ليس فحسب القول الأكثر استساغة من ناحية الصناعة القانونية ، بل هو وحده القول الحق ، وننتقل إلى بيان ذلك .

284 - القول بالأثر الرجعى هو وحده القول الحق : ونسوق فى هذا الصدد الأمثلة الآتية :

( 1 ) نفرض أن شخصاً باع عقاراً مملوكا له ، ولم يسجل المشترى عقد $ 525 $ شرائه حتى شهر إفلاس البائع ، ثم سجل ( [929] ) . فإذا قلنا بالأثر الرجعى ، اعتبر المشترى مالكا من وقت البيع ، وجاز له أخذ العقار المبيع من التفليسة دون أن يزاحمه الدائنون . أما إذا أنكرنا الأثر الرجعى ، فإن التسجيل لا ينقل الملكية إلا من وقت إجرائه أى بعد شهر الإفلاس ، فلا تنتقل ، ويبقى المشترى دائنا شخصيا يزاحمه سائر دائنى البائع المفلس فى ثمن العقار المبيع . ولا نتردد فى إيثار الحل الأول ، إذا ثبت أن البيع الذي صدر قبل الإفلاس هو بيع صحيح لا شائبة فيه من تواطؤ أو غش .

ومثل الإفلاس الإعسار ، فإذا صدر البيع قبل تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ( [930] ) ، وسجل بعد تسجيلها ، كان للتسجيل أثر رجعى واعتبر المشترى مالكا قبل تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، فله أن يأخذ العقار المبيع ولا يزاحمه فيه الدائنون .

وكان الأمر كذلك ، قبل تقنين المرافعات الجديد ، فى مشترى العقار من المدين قبل تسجيل الدائن لتنبيه نزع الملكية . فإذا اشترى شخص العقار من مدين قبل أن يسجل الدائن تنبيه نزع الملكية على هذا العقار ، ثم سجل المشترى عقد شرائه ، اعتبر مالكا من وقت البيع أى قبل تنبيه نزع الملكية ، فيخلص العقار للمشترى ولا يجوز للدائن السير فى إجراءات التنفيذ ( [931] ) . ولكن تقنين المرافعات الجديد آتى بنص خاص فى هذه المسألة جعل الدائن العادى معتبراً من الغير منذ $ 526 $ تسجيل تنبيه نزع الملكية ، فلا يسرى عليه البيع الصادر من المدين إذا كان هذا البيع قد سجل بعد تسجيل التنبيه ( [932] ) .

( 2 ) نفرض أن شخصا باع عقاراً مملوكاً له ، ولم يسجل المشترى عقد شرائه حتى مات البائع ، ثم سجل ، وكانت تركة البائع معسرة . فإذا قلنا بالأثر الرجعى للتسجيل ، اعتبر المشترى مالكا من وقت البيع ، وخلص له العقار المبيع دون أن يزاحمه فيه دائنو التركة . أما إذا أنكرنا الأثر الرجعى ، فالتسجيل لا ينقل الملكية إلا من وقت إجرائه ، ولما كانت التركة معسرة امتنع انتقال ملكية العقار المبيع إلى المشترى وزاحمه فى ثمنه دائنو التركة ( [933] ) .

( 3 ) نفرض أن بيع العقار وقع فى أول يناير ، ورهن المشترى العقار رهناً رسمياً فى 15 يناير قبل أن يسجل عقد شرائه وقيد الدائن المرتهن الرهن فى اليوم ذاته ، ثم سجل المشترى البيع فى 30 يناير . فإذا أخذنا بالأثر الرجعى للتسجيل ، وجب القول بأن المشترى عندما سجل فى 30 يناير قد أصبح مالكا للعقار منذ أول يناير وقت تمام البيع . فيكون وقت أن رهن العقار فى 15 يناير قد رهن عقاراً مملوكاً له ، ويكون الرهن صحيحاً ويأخذ مرتبته من يوم قيده أى من يوم 15 يناير . أما إذا أنكرنا الأثر الرجعى للتسجيل ، فقد وجب القول بأن المشترى لم يصبح مالكاً للعقار إلا يوم 30 يناير وقت إجراء التسجيل ، فيكون وقت أن $ 527 $ رهن العقار فى 15 يناير غير مالك له . وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 1033 مدنى على أنه " إذ كان الراهن غير مالك للعقار المرهون ، فإن عقد الرهن يصبح صحيحاً إذا أقره المالك الحقيقى بورقة رسمية ، وإذا لم يصدر هذا الإقرار فإن حق الرهن لا يترتب على العقار إلا من والوقت الذي يصبح فيه هذا العقار مملوكاً للراهن " . ويترتب على ذلك أن الرهن فى المثل الذي قدمناه لا يترتب على العقار إلا يوم 30 يناير وهو اليوم الذي أصبح فيه العقار مملوكا للمشترى الراهن ، ويأخذ مرتبته يوم 30 يناير لا يوم 15 يناير كما هو الأمر لو أخذنا بالأثر الرجعى للتسجيل . ويترتب على هذا الفرق النتيجة العملية الآتية : لو أن المشترى قبل أن يسجل عقده رهن العقار مرة ثانية وقيد الدائن المرتهن عقده فى 20 يناير ، فإن اعتبرنا أن الرهن الأول يأخذ مرتبته فى 15 يناير وفقا للقول بالأثر الرجعى ، لأخذ الرهن الثانى مرتبته فى 20 يناير وتأخر عن الرهن الأول . أما لو أنكرنا الأثر الرجعى ، فإن الرهن الثانى يأخذ مرتبته فى 30 يناير كالرهن الأول ، ويتعادل الرهنان فلا يفضل أحدهما على الآخر . ونحن نؤثر الأخذ بالأثر الرجعى لأنه أكثر انطباقاً على طبائع العلاقات القانونية التى نحن بصددها ( [934] ) .

( 4 ) نفرض مشترياً لعقار لم يسجل عقده ، وبيع عقار مجاور لعقاره توافرت فيه شروط الأخذ بالشفعة ، فطلب الأخذ بالشفعة ثم سجل عقده . فلو أخذنا بالأثر الرجعى ، لاعتبر المشترى مالكا للعقار المشفوع به قبل بيع العقار المشفوع فيه ، ولأمكنه الأخذ بالشفعة . أما إذا أنكرنا الأثر الرجعى – وهذا ما فعلته محكمة النقض ( [935] ) – فإن المشترى لا يعتبر مالكا للعقار المشفوع به إلا بعد بيع $ 528 $ العقار المشفوع فيه ، فلا يمكنه الأخذ بالشفعة .

ونؤثر الأخذ بالأثر الرجعى ، وإعطاء المشترى الحق فى الأخذ بالشفعة . ولو قلنا بالرأى الذي ذهبت إليه محكمة النقض ، لترتب على ذلك أن الشفيع يكون فى هذه الحالة هو المال السابق الذي باع للمشترى العقار المشفوع به ، فقد كان مالكاً لهذا العقار وقت بيع العقار المشفوع فيه ( [936] ) . ولا شك فى أنه بين المالكين المتعاقدين – البائع للعقار المشفوع به والمشترى إياه – المشترى هو الباقى مجاوراً للعقار وهو الأولى بالأخذ بالشفعة ، إلا إذا قيل إن الشفعة فى هذه الحالة لا تكون لأحد منهما فيتعطل بذلك حق قرره القانون وتهيأت الأسباب لكسبه .

( 5 ) نفرض أن شخصاً باع داراً ، وقبل أن يسجل المشترى عقد شرائه أجر البائع الدار لشخص آخر ، ثم سجل المشترى . فإذا أخذنا بالأثر الرجعى للتسجيل لكانت ملكية الدار منتقلة إلى المشترى قبل صدور عقد الإيجار ، فلا يسرى الإيجار فى حق المشترى تطبيقا للفقرة الأولى من المادة 604 مدنى التى تجرى على الوجه الآتى : " إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة اختيارا أو جبراً إلى شخص آخر ، فلا يكون الإيجار نافذا فى حق هذا الشخص إذا لم يكن له تاريخ ثابت سابق على التصرف الذي نقل الملكية " . أما إذا أنكرنا الأثر الرجعى ، فإن ملكية الدار لا تنتقل إلى المشترى إلا وقت إجراء التسجيل أى فى وقت تال لصدور الإيجار ، فيسرى الإيجار فى حق المشترى .

ونؤثر الأخذ بالأثر الرجعى هنا ، فلا يكون الإيجار فى المثل المتقدم سارياً فى حق المشترى ، وهذا هو الرأى الذي أخذنا به فى عهد التقنين المدنى للسابق ( [937] ) .

 $ 529 $

285 - القول بالأثر الرجعى هو الذي يتفق مع القواعد العامة : والآن بعد أن استعرضنا أمثلة أخرى يبدو فيها أن القول بالأثر الرجعى هو وحده القول الحق ، يبقى أن نبين لماذا يستعصى إنكار الأثر الرجعى على كثير من المسائل ، ولماذا يفضله إقرار الأثر الرجعى فى مسائل أخرى .

قد يكون المشرع لم يفكر فى الأثر الرجعى للتسجيل بتاتاً ، بل قد يبدو أنه قصد المساواة بين الغير والمتعاقدين فى انعدام الأثر الرجعى ، ويتبين ذلك من المذكرة الإيضاحية لقانون تنظيم الشهر العقارى . ولكن المبادئ العامة للقانون تأبى إلا أن يكون للتسجيل فى نظام الشهر الشخصى أثر رجعى فيما بين المتعاقدين .

ذلك أن التسجيل له مهمة لا يجوز أن يتخطاها ، فهذا تقضى عليه طبيعته ، ومهمته فى نظام الشهر الشخصى تختلف عن مهمته فى نظام الشهر العينى . مهمته فى نظام الشهر الشخصى هى إعلام الناس بوقوع التصرف وليست نقل الحق ، فالعقد فى هذا النظام هو الذي ينقل الحق . أما مهمته فى نظام الشهر العينى فهى نقل الحق ، إذ التسجيل فى نظام السجل العقارى وليس العقد هو الذي ينقل الحق ( [938] ) .

 $ 530 $ فيجب إذن ، فى نظام الشهر الشخصى ، أن يؤدى كل من العقد والتسجيل مهمته فى حدودها المرسومة . فينقل العقد الملكية ، إذ هو السبب فى نقلها . ولا يتراخى المسبب عن السبب إلا لمانع . ولا يوجد فيما بين المتعاقدين مانع من إعمال السبب فى الحال ، والتسجيل ليس بمانع ، فمهمته كما قدمنا إعلام الناس بوقوع التصرف والمتعاقدان يعلمان بوقوع التصرف قبل التسجيل فهما اللذان باشراه . أما بالنسبة إلى الغير ، فهناك مانع من إعمال السبب فى الحال ، فوجب أن يتراخى المسبب حتى يقوم التسجيل بمهمته وهى إعلام هذا الغير بوقوع التصرف . ومن ثم لا يجوز ، كأصل عام ، فى نظام شهر شخصى أن يتراخى انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين إلى وقت إجراء التسجيل ، وإلا انتقلنا إلى نظام الشهر العينى فى ناحية منه دون أن نحتاط للنواحى الأخرى .

ولكن المشرع ، فى قانون التسجيل وفى قانون تنظيم الشهر العقارى ، نص صراحة على أن الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل حتى فيما بين المتعاقدين . يقال عادة إن هذه خطوة أراد بها المشرع أن يحث المتعاقدين على المبادرة إلى تسجيل عقودهم ، فأرجأ نقل الملكية فيما بين المتعاقدين حتى يتم التسجيل . ولكن حتى يصل المشرع إلى تحقيق هذه الغاية ، يتحتم عليه أن يجعل التسجيل ذاته لا العقد هو الذي ينقل الملكية . أما إذا جعل البيع هو الذي ينقل الملكية ، وأرجأ مع ذلك نقل الملكية فيما بين المتعاقدين إلى وقت إجراء التسجيل ، فمعنى ذلك أن التسجيل هو الذي ينقل الملكية فيما بين المتعاقدين لا البيع ( [939] ) ، ومعنى ذلك أيضا أن المشرع يخلط بين نظامين متعارضين نظام الشهر الشخصى ونظام الشهر العينى ( [940] ) .

 $ 531 $

أما ونحن لا نزال فى نظام الشهر الشخصى ، ولا نزال نعتبر البيع عقداً رضائيا هو السبب القانونى فى نقل الملكية ( [941] ) ، فلا بد من إعمال البيع وإنتاج أثره فى الحال حيث لا يحول دون ذلك مانع . وأثره هو نقل الملكية ، فينبغى أن ينقلها فى الحال . ولكن لما كان نقلها بالنسبة إلى الغير يقتضى إعلام الغير بالبيع وهذه هى مهمة التسجيل ، فقد وجب القول بأن انتقال الملكية لا ينفذ $ 532 $ وهذا أدق من القول بأن الملكية لا تنتقل – فى حق الغير إلا من وقت إجراء التسجيل . ولما كان نقلها فيما بين المتعاقدين لا يكون إلا بالتسجيل إذ جاء النص صريحاً فى ذلك ، فقد وجب القول بأن انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين يجب لتحقيقه إجراء التسجيل مطاوعة للنص . ووجب القول فى الوقت ذاته بأن الملكية بعد تسجيل البيع تنتقل فيما بين المتعاقدين من وقت تمام البيع لا من وقت التسجيل ، مطاوعة للمبادئ العامة ، ولطبيعة البيع الذي لا يزال هو السبب فى نقل الملكية ، ولمهمة التسجيل فى نظام الشهر الشخصى التى لا تزيد على إعلام الغير بوقوع التصرف ولا شأن لها فى العلاقة ما بين المتعاقدين ( [942] ) . مثل ذلك مثل البيع مع خيار التعيين ، ففى هذا البيع التزم البائع أن ينقل ملكية أحد شيئين يختاره المشترى ، فوجب $ 533 $ التربص حتى يتم إجراء الاختيار ، وهو إجراء يقابل إجراء التسجيل فى بيع العقار ، فإذا ما تم انتقلت الملكية إلى المشترى ولكن من وقت البيع لا من وقت إعمال الخيار ( [943] ) .

وإذا كان المشرع قد قصد أن يحث الناس على المبادرة إلى تسجيل عقودهم ، $ 534 $ فنص على وجوب التسجيل لانتقال الملكية حتى فيما بين المتعاقدين ، فإن الواجب إعمال النص ، ولكن يجب فى الوقت ذاته التوفيق بينه وبين النظام القانونى فى مجموعه . ولا يتم للمشروع قصده كاملا إلا إذا انتقل إلى نظام الشهر العينى ، فأدخل السجل العقارى . وعندئذ يكون التسجيل لا البيع هو الذي ينقل الملكية ، ولا تنتقل إلا من وقت إجراء التسجيل ، سواء بالنسبة إلى الغير أو فيما بين المتعاقدين .

كل هذه الاعتبارات قد واجهت الفقه والقضاء فى مصر ، فأحسا وجوب العمل بالنص ، وهذا حق . ولكنهما كانا مدركين أن البيع ظل على طبيعته من عقود التراضى ، ولم يصبح عقداً شكلياً يتم بالتسجيل ( [944] ) . واقتضى هذا أن يترتب على البيع جميع آثاره ومنها نقل الملكية ، ما لم يحل دون ذلك طبيعة التسجيل ومهمته . فواجه الفقه والقضاء المسائل التى لا يقوم فيها هذا الحائل ، والتى يتعين فيها القول بأن الملكية تنتقل فيما بين المتعاقدين من وقت البيع لا من وقت التسجيل ، ففى بعضها وصلا إلى هذه النتيجة ، ولكنهما التمسا للوصول إليها طرقا أخرى استمداها من طبيعة البيع ذاتها ، وكان من وسعهما ما دام قد سايرا طبيعة البيع أن يلتزماها إلى النهاية ، وأن يقولا بأن البيع هو الذي نقل الملكية فيما بين المتعاقدين فوجب أن ينقلها من وقت تمامه لا من وقت إجراء التسجيل . وفى مسائل أخرى اضطراب الأمر ، وغلب ظاهر النص على طبيعة الروابط القانونية ، فاتجه الفقه والقضاء اتجاهاً يتعارض مع طبيعة البيع ومع مهمة التسجيل فى نظام الشهر الشخصى .

286 - القول بالأثر الرجعى لا يتعارض مع نصوص القانون : ولا يقتصر القول بالأثر الرجعى على أنه هو القول الذي يتفق مع القواعد العامة $ 535 $ على النحو الذي بسطناه ، بل هو لا يتعارض مع نصوص القانون ، فليس فى هذه النصوص نص يمنع من الأخذ به .

فلمادة الأولى من قانون التسجيل تنص على أن جميع العقود الصادرة بين الأحياء . . . والتى من شأنها إنشاء حق ملكية أو حق عينى آخر أو نقله أو تغييره أو زواله . . . يجب إشهارها بواسطة تسجيلها . . . ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين المتعاقدين ولا بالنسبة لغيرهم " . فالنص يوجب تسجيل عقد البيع ، ويرتب على عدم تسجيله أن الملكية لا تنتقل لا بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير . ويؤخذ من ذلك أن البيع إذا سجل ، انتقلت الملكية به فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير . هذا كل ما ورد فى النص صراحة أو دلالة . ولم يعرض النص لتحديد الوقت الذي تنتقل فيه الملكية إذا ما سجل البيع . فوجب أن نرجع فى ذلك إلى مهمة التسجيل فى نظام الشهر الشخصى ، وإلى طبيعة البيع بعد صدور قانون التسجيل . فهمة التسجيل تحدد الوقت الذي تنتقل فيه الملكية بالنسبة إلى الغير ، ولا يمكن أن يكون إلا وقت إجراء التسجيل . وطبيعة البيع تحدد الوقت الذي تنتقل فيه الملكية فيما بين المتعاقدين ، فما دامت الملكية تنتقل بالبيع وجب أن تنتقل عند تمامه ، ولا تحول مهمة التسجيل دون ذلك .

وبالرغم من أن الرأى الذي نقول به كان قائما فى الفقه وقت صدور قانون تنظيم الشهر العقارى ، فإن هذا القانون قد صدر وهو لا يكاد يختلف فى صياغته عن قانون التسجيل ، وليس فى نصوصه ما يتعارض مع القول بالأثر الرجعى . فقد نصت المادة التاسعة منه على أن " جميع التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله . . . يجب شهرها بطريق التسجيل . . . ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول ، لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم " .

ثم صدر التقنين المدنى الجديد بعد صدور قانون تنظيم الشهر العقارى ، فنصت الفقرة الأولى من المادة 934 من هذا التقنين على أنه " فى المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى ، سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان فى حق الغير ، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة فى قانون تنظيم الشهر $ 536 $ العقارى " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية لمشروع التقنين المدنى فى هذا الصدد ما يأتى : " أما فى العقار فلا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى ، حتى فيما بين المتعاقدين ، إلا بالتسجيل . ولكن متى تم التسجيل تعتبر الملكية منتقلة ، فيما بين المتعاقدين ، من وقت العقد لا من وقت التسجيل ، لأن سبب نقل الملكية هو العقد " ( [945] ) .

287 - ثانياً – نقل الملكية بالنسبة إلى الغير – هل يشترط حسن النية فى المشترى الذي سجل عقده أولا – نظرة عامة : قدمنا أن انتقال الملكية بالنسبة إلى الغير يكون بالتسجيل ومن وقت إجراء التسجيل . فلو أن شخصاً باع عقاراً مملوكا له لمشتر ثم باع نفس العقار لمشتر ثان ، وسجل المشترى الثانى قبل أن يسجل المشترى الأول ، فإن المشترى الثانى يعتبر المشترى الأول من الغير ( [946] ) ومن ثم لا تنتقل إليه الملكية إلا من وقت تسجيل عقده . ولما كان المشترى الثانى قد سجل عقده أولا فقد انتقلت إليه الملكية ، فلا يمكن بعد ذلك أن تنتقل إلى المشترى الأول حتى لو سجل عقده بعد ذلك ، ولهذا يفضل المشترى الثانى فى هذه الحالة على المشترى الأول . ونرى من ذلك أنه إذا اشترى شخصان متعاقبان عقاراً واحداً من مالكه ، كان أسبقهما تسجيلا هو المفضل ، فلا يسرى فى حقه البيع المتأخر فى التسجيل ولو كان هذا البيع أسبق فى التاريخ الثابت ( [947] ) .

ويخلص من ذلك أن المشترى لعقار إذا بادر إلى تسجيل عقد شرائه فلم $ 537 $ يسبقه أحد ، تنتقل إليه الملكية ، حتى بالنسبة إلى شخص اشترى نفس العقار قبله . فهل هذه القاعدة مطلقة ، أو هى مقيدة بحسن نية المشترى الذي سجل أولا؟ يمكن أن نتصور فى هذه المسألة حلولا ثلاثة :

( الحل الأول ) أن يشترط فى صحة التسجيل أن يكون المشترى حسن النية ، فلا يكون وقت أن اشترى عالما بالتصرف السابق . فإذا كان عالماً به لم يكن حسن النية ، ومن ثم لا يستطيع التمسك بتسجيل سنده أولا .

( والحل الثانى ) ألا يشترط حسن النية فى التسجيل ، ويكفى اشتراط عدم التواطؤ . فيفضل المشترى الذي سبق إلى تسجيل سنده حتى لو كان وقت أن اشترى عالما بالتصرف السابق ، ما دام غير متواطئ مع البائع على الإضرار بالمشترى الأول الذي تأخر فى تسجيل عقده . أما إذا كان متواطئاً مع البائع ، فإنه لا يستطيع التمسك بتسجيل سنده . وهذا الحل يجعل للتسجيل قوة أكبر من القوة التى يجعلها له الحل الأول .

( والحل الثالث ) ألا يشترط فى صحة التسجيل لا حسن النية ولا عدم التواطؤ . فيفضل المشترى الذي سبق إلى تسجيل عقده ، حتى لو كان وقت أن اشترى عالماً بالتصرف السابق ، وحتى لو كان متواطئا مع البائع على الإضرار بالمشترى الأولى . ويرجع المشترى الأول الذي فاتته ملكية العقار بالتعويض على البائع ، ويرجع على المشترى الثانى أيضا بالتعويض إذا كان متواطئا مع البائع . ولكنه لا يستطيع أن يستخلص لنفسه ملكية العقار ، فقد خلصت ملكيته للمشترى الثانى بالتسجيل . وهذا الحل يجعل التسجيل فى أعلى مراتبه من القوة ، فيكاد يدانى فى قوته التسجيل فى نظام الشهر العينى . ولا يجوز فى هذا الحل الأخير للمشترى الأول أن يطعن فى البيع المسجل إلا بالدعوى البولصية ، إذا توافرت شروطها . فيجب إذن أن يكون البائع معسراً ، ونفرض لتصور ذلك أنه كان لا يملك إلا العقار الذي باعه ، فلم يعد عند . مال للوفاء بتعويض المشترى الأول . فى هذه الحالة يستطيع المشترى الأول ، وهو دائن للبائع بالتعويض ، أن يطعن فى البيع المسجل بالدعوى البولصية ، فيجعله غير نافذ فى حقه . ولكن العقار لا تخلص ملكيته للمشترى الأول ، ولا يستطيع إلا أن ينفذ عليه بالتعويض الذي له ، فيأخذ التعويض من ثمنه بعد بيعه فى المزاد $ 538 $ الجبرى ، ويزاحمه فى هذا الثمن دائنو البائع الآخرون وفقاً للقواعد المقررة فى الدعوى البولصية ، وهذا نرى أن للتسجيل فى هذا الحل الثالث أكبر مراتب القوة ، فهو حتى إذا طعن فيه بالدعوى البولصية وأصبح غير نافذ فى حق المشترى الأول ، لم تخلص لهذا المشترى ملكية العقار ، بل لا يكون له عليه إلا حق التنفيذ بالتعويض على الوجه الذي قدمناه .

ويخلص من ذلك أن هناك تدرجا فى قوة التسجيل بحسب الحل الذي يؤخذ به . فأضعف ما يكون التسجيل عندما يشترط فى صحته حسن نية المشترى . ثم يتدرج فى القوة إذا لم يشترط حسن النية ، ولكن اشترط عدم التواطؤ . وأقوى ما يكون التسجيل إذا لم يشترط لا حسن النية ولا عدم التواطؤ ، فلا يبقى إلا الطعن فيه بالدعوى البولصية إذا كان البائع معسراً ، ولا تخلص للدائن ملكية العقار فى هذه الحالة ، بل لا يكون له إلا حق التنفيذ .

فأى رأى فى هذه الآراء الثلاثة هو الواجب الأخذ به؟ يختلف ذلك باختلاف العهود الثلاثة : عهد التقنين المدنى السابق وعهد قانون التسجيل وعهد قانون تنظيم الشهر العقارى .

288 - شرط حسن النية فى عهد التقنين المدنى السابق – إحالة : وقد قدمنا أن الرأى الراجح فى عهد التقنين المدنى السابق هو اشتراط حسن النية فى المشترى لصحة التسجيل ، وبينا أسانيد هذا الرأى ، وأنه يعتمد على نص صريح فى التقنين المدنى السابق هو نص المادة 270  /  341 من هذا التقنين وتجرى على الوجه الآتى : " لا تنتقل ملكية العقار بالنسبة لغير المتعاقدين من ذوى الفائدة فيه إلا بتسجيل عقد البيع كم سيذكر بعد ، متى كانت حقوقهم مبنية على سبب صحيح محفوظة قانوناً ، وكانوا لا يعلمون ما يضر بها " ( [948] ) . وذكرنا أن هذا الرأى كان ينازعه رأى آخر يذهب إلى عدم اشتراط حسن النية ، والاكتفاء باشتراط عدم التواطؤ . بل كان هناك رأى متطرف ، ما لبت أن $ 539 $ هجر ، يعتد بالتسجيل إلى أقصى حد ، فلا يهدره ولو كان المشترى سيئ النية ، بل ولو كان متواطئا ، ما دام عقد شرائه عقداً جدياً ، فإن كان عقدا صوريا لم يكن له وجود ولا يعتد به حتى لو سجل . ونكتفى هنا بالإحالة إلى ما سبق أن بسطناه فى كل ذلك ( [949] ) .

والرأى الراجح فى هذه الآراء الثلاثة ، وهو الرأى الذي يذهب على اشتراط حسن النية لصحة التسجيل ، ينزل بالتسجيل إلى أضعف درجة من القوة كما سبق القول .

289 - شرط حسن النية فى عهد قانون التسجيل : أما فى عهد قانون التسجيل ، فقد استبعد لأول وهلة الرأى الأول الذي يشترط حسن النية لصحة التسجيل ، حتى يرتفع التسجيل إلى درجة أقوى مما كان عليه فى عهد التقنين المدنى السابق . وأمكن استبعاد هذا الرأى الأول بحجة من ظاهر النص ، فقد كانت المادة الأولى من قانون التسجيل لا تذكر شرط حسن النية كما كانت المادة 270  /  341 من التقنين المدنى السابق لا تذكر هذا الشرط . ثم تأتى المادة الثانية من قانون التسجيل ، وهى التى تعرض للحقوق والأحكام الكاشفة عن الحقوق العينية فتشترط فى التسجيل ألا يداخله التدليس ، إذ تقول فى الفقرة الثانية منها : " فإذا لم تسجل هذه الأحكام والسندات ، فلا تكون حجة على الغير ، كما أنها لا تكون حجة كذلك ولو كانت مسجلة إذا داخلها التدليس " . فاستخلص من عدم اشتراط حسن النية فى العقود المنشئة واشتراطه فى العقود الكاشفة ، أن حسن النية غير مشترط لصحة تسجيل البيع ( [950] ) .

 $ 540 $ ولكن بقى الرأيان الآخران يتنازعان القضاء والفقه . فرأى يذهب إلى أنه إذا كان لا يشترط حسن النية لصحة التسجيل ، فإنه يشترط عدم التواطؤ ( [951] ) .

ورأى آخر يذهب إلى أن قانون التسجيل قد قضى على نظرية التواطؤ ، فيجب تفضيل المشترى الثانى الذي سجل أولا ، حتى لو كان سيئ النية ، وحتى لو كان متواطئاً مع البائع ( [952] ) .

 $ 541 $ وقد أخذت محكمة النقض بهذا الرأى الآخر ، وقضت بأنه لا يشترط لصحة التسجيل لا حسن النية ولا انعدام التواطؤ ، فإذا تصرف المالك ، بعد تصرف سابق صدر نه دون أن يسجل ، لشخص آخر ، " فإنه يتصرف فيما يملكه ملكا تاماً . فإذا أدرك هذا الشخص الآخر وسجل عقده قبل تسجيل عقد المنصرف إليه الأول ، فقد خلصت له – بمجرد تسجيله – تلك الملكية العينية التى لم يتعلق بها حق ما للأول ، حتى ولو كان المتصرف والمتصرف إليه الثانى سيئ النية متواطئين كل التواطؤ على حرمان المتصرف إليه الأول من الصفقة . وإذن فلا يقبل من أى إنسان لم يكن عقده مسجلا ناقلا الملك فعلا إليه أن ينازع من آل إليه نفس العقار وسجل عقده من قبله مدعيا أن له حقاً عينياً على العقار يحتج به عليه ، كما أنه لا يقبل مطلقاً الاحتجاج على صاحب العقد المسجل الذي انتقلت إليه الملكية فعلا بتسجيله لا بسوء نية المتصرف ولا بالتواطؤ " ( [953] ) . فارتفعت محكمة النقض ، بهذا $ 542 $ الرأى الذي اعتنقته ، بالتسجيل إلى أعلى مرتبة من القوة . ولكن لا يفهم من قضائها هذا أن المشترى الأول ، الذي تواطأ البائع والمشترى الثانى على الإضرار بحقه ، يصبح محروما من الحماية . لا يستطيع هذا المشترى حقا أن يتعرض للتسجيل فيبطله للتواطؤ . ولكن يستطيع أن يطالب البائع بتعويض ويتقاضاه مما عنده من مال ، إن كان البائع موسرا . فإذا كان معسرا وكان البيع المسجل هو الذي سبب الإعسار أو زاد فيه ، جاز للمشترى الأول أن يطعن فى البيع المسجل بالدعوى البولصية ولكن لا لتثبيت ملكيته فى العقار المبيع ، بل للتنفيذ عليه بالتعويض المستحق ( [954] ) ، ويزاحمه فى ثمن العقار دائنو البائع الآخرون على النحو الذي قدمناه ( [955] ) .

 $ 543 $ ولم تهدر محكمة النقض العقد الذي سجل أولا إلا فى حالة ما يكون عقداً صورياً ، فهو عند ذلك لا وجود له ولا يعتد به ( [956] ) .

 $ 544 $ وإذا كانت محكمة النقض ، بقضائها هذا ، مدفوعة إلى تحصين التسجيل من كل طعن وتقويته إلى حد يجعله يقرب من قوة التسجيل فى نظام السجل العقارى ، فقد تكون بذلك قد سارت إلى مدى أبعد مما يحتمله نظام الشهر الشخصى الذي لا نزال فيه حتى اليوم . ففى نظام السجل العقارى يصل التسجيل إلى هذه المرتبة من القوة ، لأن هناك ضمانات قوية لصيقة بهذا النظام يأمن بها المتعاملون من أن تضيع عليهم حقوقهم . فلا يسجل عقد قبل أن تتحرى صحته إلى أبعد حدود التحرى ، وقبل أن تفحص التصرفات السابقة عليه فحصاً دقيقاً ، ثم يعوض من يضار بهذا النظام تعويضاً تكلفه خزانة السجل العقارى ذاتها . أما وهذه الضمانات لا تزال تعوز النظام الشخصى القائم ، فلا نرى بدا من الاعتداد بالتواطؤ إذا داخل التسجيل ، فيبطل التسجيل إذا أثبت المشترى الأول أن المشترى الثانى الذي سبقه إلى التسجيل كان متواطئا مع البائع ( [957] ) .

وفى رأينا أن خير طريق للحصول على هذه النتيجة هو الطعن فى البيع المسجل الدعوى البولصية ، ولكن لا على النحو الذي تذهب إليه محكمة النقض ، بل على نحو خاص سنعود إليه فيما يلى ( [958] ) .

290 - شرط حسن النية فى قانون تنظيم الشهر العقارى : كانت اللجنة التى قامت بوضع مشروع قانون تنظيم الشهر العقارى تواجه $ 545 $ الرأيين اللذين يتنازعان الفقه والقضاء فى هذه المساألة : الرأى الذي يذهب إلى أنه يشترط لصحة التسجيل عدم التواطؤ ، والرأى الذي يذهب إلى أن التسجيل يكون صحيحا ولو مع التواطؤ مع الاحتفاظ بالدعوى البولصية ودعوى الصورية وهو الرأى الذي ساد فى العمل أخيراً بعد أن أخذت به محكمة النقض كما رأينا . وقد وصف أحد أعضاء هذه اللجنة الخلاف الذي قام بين الأعضاء فى هذا الصدد فى العبارات الآتية : " وفى أثناء مناقشة هذا الموضوع انقسم أعضاء اللجنة إلى فريقين . يرى الفريق الأول أن يطبق المبادئ العامة على اعتبار أن التدليس يفسد كل شىء . بينما يرى الفريق الآخر الأخذ بالحكم الذي أصدرته محكمة النقض من أن التدليس لا يفسد المحررات المنشئة للحقوق العينية العقارية الأصلية مع تعميه حتى يشمل جميع أنواع التصرفات الأخرى ، خصوصا وأن قانون الشهر قد أخذ بكافة إجراءات نظام السجل العينى فيما عدا إمساك السجل ، والسجل العينى لا يعترف بالتدليس كعيب يترتب عليه إلغاء التسجيل . وأضاف الفريق الثانى إلى ذلك أننا يجب أن نتخذ إجراء حاسما يعطى للتسجيل قوته وحجيته ، ولا داعى للتردد الذي كان سببا فيما شاب قانون سنة 1923 من عيوب جعلته غير صالح لاعتباره الخطوة التمهيدية لنظام السجل العينى . أضف إلى ذلك أن حكم محكمة النقض صريح فى هذا المعنى . وقد استمرت مناقشات اللجنة طويلا ، إلى أن أنتهى الرأى إلى أن حكم محكمة النقض صدر بالمعنى الوارد به نظرا للحرج الذي كانت ( المحكمة ) أمامه من وجود نص صريح على التدليس فى المادة الثانية وعدم وجود هذا النص فى المادة الأولى . ولذلك فلا يمكن أن يعتبر هذا الحكم معبراً عن وجهة نظر القضاء كمصدر من مصادر التشريع ، فيقال إن محكمة النقض ترى فى أى الأحوال ألا يكون للتدليس أثر على تسجيل المحررات . ولذلك رأت اللجنة أن تزيل هذا الحرج ، فلا تنص على التدليس فى المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقارى التى تقابل المادة الأولى من قانون سنة 1923 ، كما تزيل النص على التدليس فيما يلى ذلك من المواد التى تقابل المادة الثانية من القانون القديم . وعلى هذا الأساس صدر قانون الشهر العقارى غفلا من النص على التدليس فى أى مادة من مواده ، أى أن المشرع ترك ذلك للمبادئ العامة عند عرض $ 546 $ الأمر على القضاء ( [959] ) .

ويبدو أن اللجنة –عن قصد أو عن غير قصد - قد رجحت الرأى القائل بأن التواطؤ يفسد التسجيل على خلاف الرأى الذى أخذت به محكمة النقض . فقد انتزعت من النصوص أقوى حجة لهذه المحكمة تسند إليها من ناحية النص فى أن التواطؤ لا يعتد به فى العقود المنشئة . ذلك أن قانون التسجيل كان يحمل فى نصوصه هذه الحجة القوية ، إذا كانت المادة الثانية تنص صراحة على أن التدليس يفسد التسجيل فى العقود الكاشفة ، وتسكت المادة الأولى عن هذا النص فى العقود المنشئة ، فيسهل استخلاص أن التدليس لا يفسد التسجيل فى العقود المنشئة عن طريق الدلالة العكسية . فأغفل قانون تنظيم الشهر العقارى النص فى المادة العاشرة منه على أن التدليس يفسد التسجيل فى العقود الكاشفة ، المستطاع استخلاص فساد التسجيل بالتدليس عن طريق الدلالة العكسية فى طائفة من العقود دون الأخرى ، وأصبح أثر التدليس فى التسجيل واحداً فى الطائفتين معاً ، وموكولا أمره للمبادئ العامة على النحو الذى قصدت إليه اللجنة . ويقوى الظن بأن اللجنة ترجح أن يكون التواطؤ مفسداً للتسجيل عندما نرى أن قانون الشهر العقارى لم يلتزم السكوت عن هذه المسألة ، ولم يصدر كما قبل غفلا من النص على التدليس فى أية مادة من مواده . فقد نص ، فى صدد تسجيل الدعاوى ، فى المادة 17 منه على أنه " يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشر أو التأشير بها أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها . ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذى كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما " . ولما كانت المادة 51 من قانون الشهر تنص على الدعاوى الواجب تسجيلها وتدخل فيها $ 547 $ دعوى صحة التعاقد ، فقد خلص من ذلك أن التسجيل السابق على تسجيل دعوى صحة التعاقد لا يكون حجة على رافع هذه الدعوى بعد أن سجل صحيفة دعواه إلا إذا كان صاحب التسجيل السابق حسن النية . فإذا سجل المشترى الثانى عقده ، ولم يجد المشترى الأول مناصاً من رفع دعوى صحة التعاقد على البائع ، وسجل صحيفة الدعوى بعد تسجيل عقد المشترى الثانى ، فله أن يحتج على المشترى الثانى بأنه لم يكن حسن النية عندما اشترى . والمفهوم أن حسن النية هنا معناه أن المشترى الثانى كان يعلم وقت أن اشترى بصدور تصرف سابق من البائع فى نفس العقار . ويخلص من كل ذلك أنه يمكن أن يستنتج من الجمع بين المادتين 15 و 17 من قانون الشهر أن حسن النية ، بالمعنى الذى كان مفهوماً فى التقنين المدنى السابق ، مشترط لصحة التسجيل .

ولعل واضعى قانون الشهر العقارى لم يقصدوا إلى تقرير هذا الحكم ، فهم إنما قصدوا ترك المسألة إلى المبادئ العامة بعد انتزعوا من أصحاب الرأى القائل بأن التواطؤ لا يفسد التسجيل أقوى حجة لهم من ناحية النصوص . وقد كان من الخير ، فى مسالة هامة كهذه المسألة اضطربت فيها الآراء وقررت فيها محكمة النقض حكماً خطيراً قد يكون محلا للنظر ، أن يحسم قانون الشهر الخلاف فيها ، فيبين الحكم الذى ينتهى إليه تطبيق المبادئ العامة بدلا من ترك الأمر للفقه والقضاء ليعود الخلاف والاضطراب .

وقد وقع هذا فعلا ، فعاد الخلاف بعد صدور قانون الشهر . وتنازع الفقه الرأيان اللذان كانا يتنازعانه قبل قانون الشهر ، فرأى يذهب إلى أن التواطؤ يفسد التسجيل ، ورأى آخر يذهب إلى أنه لا يفسد . بل إن الخلاف قد زاد برجوع رأى ثالث كان قانون التسجيل قد قضى عليه ، وهو الرأى الذى يذهب إلى أن سوء النية وحده يكفى لإفساد التسجيل إذ حسن النية مشترط لصحته ، وقد رأينا كيف يستطيع هذا الرأى أن يستند إلى نصوص قانون الشهر فى مادتيه الخامسة عشرة والسابعة عشر .

وأمام هذا الخلاف لا يسعنا إلا أن نتخذ الموقف الذى نعتقد أنه هو المتفق مع المبادئ العامة ، كما قصد إلى ذلك واضعو قانون الشهر . ومن ثم يتعين استبعاد الرأى الذى يذهب إلى اشتراط حسن النية فى التسجيل واستبعاد الرأى $ 548 $ الذى يذهب إلى أن التواطؤ لا يفسد التسجيل ، والوقوف عند الرأى الذى يذهب إلى أن حسن النية ليس مشترطاً لصحة التسجيل ولكن التواطؤ يفسده .

أما أن حسن النية لا يشترط لصحة التسجيل فلأنه لا يمكن أن يكون واضعو قانون الشهر العقارى قد قصدوا إلى ذلك ، فكل ما قصدوه هو ترك المسألة للمبادئ العامة ( [960] ) . وليس من المصلحة الرجوع فى خطوة خطاها قانون التسجيل عندما قضى على شرط حسن النية فدعم نظام التسجيل وقواه بإزالته عاملا $ 549 $ من عوامل الاضطراب والزعزعة فى الثقة العقارية . إذا أن حسن النية مسألة نفسية ، والعلم بسبق التصرف أمر دقيق يصعب فى كثير من الأحيان إثباته ، ولكنه يبقى سيفاً معلقاً يهدد سلامة التسجيل ، بخلاف التواطؤ فإن أماراته الخارجية تكون عادة كثيرة فيسهل إثباته ويكون واجب الردع والجزء . فقانون الشهر العقارى ، وهو خطوة إلى الأمام بالنسبة إلى قانون التسجيل ، لا يصح أن يتخلف عن هذا القانون فى مسألة على هذا القدر من الأهمية . وليست الحجة المستمدة من الجمع بين نص المادة 15 ونص المادة 17 من قانون الشهر بالحجة الحاسمة ، ومن البعيد أن يكون هذا القانون قد قصدوا ما يراد استخلاصه من هذين النصين . فمن بادر إلى تسجيل سنده ، وسبق فى ذلك رافع الدعوى فى تسجيل صحيفة دعواه ، يجب أن يكون حسن النية حتى يستطيع أن يحتج بتسجيله السابق على رافع دعوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع أو الاستحقاق أو صحة التعاقد . أما حسن نية المشترى بالنسبة إلى هذه الدعاوى دون دعوى صحة التعاقد ( [961] ) ، فيجب أن يكون عدم العلم بعيب سند البائع وقت تعاقد المشترى فى دعاوى البطلان والفسخ والإلغاء والرجوع ، أو عدم العلم بانعدام هذا السند بتاتاً فى دعوى الاستحقاق . وتبقى دعوى صحة التعاقد ، ويجب بالنسبة إلى هذه الدعوى ألا يكون مجرد علم المشترى بسبق التصرف فى الذى اشتراه نافياً لحسن النية . فالتصرف السابق غير مسجل ولا يزال البائع مالكاً لما يبيع ، ومن حق المشترى أن يشترى من المالك ولو سبق للمالك التصرف ، فقد يكون هذا التصرف معيباً ، والمالك على كل حال لم يتجرد عن ملكيته ، وقد قطعت محكمة النقض ، بعد صدور قانون الشهر العقارى ، فى هذه المسألة ، فقضت بأن " الغير سيء النية فى معنى الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون تنظيم للشهر العقارى رقم 114 سنة 1946 هو الذى كان يعلم بعيب سند المتصرف وقت تعاقده معه ، بأن كان يعلم أن البائع له غير مالك أو أن سند ملكيته مشوب بعيب يبطله أو بما يوجب فسخه . أما من يتعامل $ 550 $ مع بائع لم يثبت أنه سبق أن تصرف فى العقار المبيع تصرفاً انتقلت به الملكية ، فلا يعتبر سيء النية فى معنى المادة المذكورة ، لأنه فى هذه الحالة قد تعامل مع مالك حقيقى لا تشوب ملكيته شائبة ، ولو كان يعلم وقت تعاقده معه أنه سبق أن باع نفس العقار لمشتر سابق لم يسجل عقده . ذلك أنه وفقاً للمادة التاسعة من القانون السالف الذكر يجب شهر جميع التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله ، ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم ، ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوى الشأن . فمن يتعامل مع بائع على أساس هذا القانون لا يصح إهدار سبق تسجيل عقده أو عريضة دعواه استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة 77 من القانون المشار إليه ، وإنما يجوز الطعن فى عقده بدعوى الصورية أو بالدعوى البولصية متى توافرت شروطهما ( [962] ) " .

ونرى من الحكم السالف الذكر أن محكمة النقض ، حتى بعد صدور قانون تنظيم الشهر العقارى ، لا تزال مصرة على المبدأ الذى قررته فى عهد قانون التسجيل من أن التواطؤ لا يفسد العقد المسجل ، وأنه لا يجوز الطعن فى هذا العقد إلا بدعوى الصورية أو بالدعوى البولصية على النحو الذى بسطناه . وقد قضت فى هذا المعنى أيضاً بأنه وفقاً لنص المادة 9 من قانون الشهر العقارى لا تنتقل الملكية من البائع إلى المشترى إلا بتسجيل عقد شرائه ، ولا يحول دون انتقالها الملكية من البائع إلى المشترى إلا بتسجيل عقد شرائه ، ولا يحول دون انتقالها إليه أن يكون عالما بأن البائع له أو مورثه سبق أن تصرف فى المبيع ذاته لمشتر آخر لم يسجل عقده . ولا يحول دون انتقال الملكية للمشترى الثانى الذى سبق فى التسجيل إلا كون عقده صورياً . وأنه لا ينتج فى إثبات تلك الصورية مجرد علم المشترى وقت شرائه بالتصرف السابق غير المسجل ( [963] ) .

 $ 551 $

وهذا الرأى يجب أيضاً استبعاده لتطرفه فى الناحية الأخرى ، كما استبعدنا الرأى الأول الذى يتطرف فى اشتراط حسن النية لصحة التسجيل ( [964] ) . ومهما يكن $ 552 $ من شفيع للرأى الذى تصر عليه محكمة النقض من وجوب دعم نظام التسجيل تمهيداً لإدخال نظام السجل العقارى فى مصر ، فإنه رأى تناهضه الاعتبارات العلمية ، ولا تنهض به الاعتبارات العملية .

أما الاعتبارات العلمية فترجع إلى نصوص قانون الشهر العقارى ذاته ، ثم إلى المبادئ العامة التى وكل هذا القانون الحكم فى المسألة إليها ، فنصوص قانون الشهر العقارى قد انتزعت منه الحجة القوية التى كانت محكمة النقض تستند إليها فى قانون التسجيل ، عندما كان هذا القانون الأخير يشترط عدم التدليس فى العقود الكاشفة ويسكت عن هذا الشرط فى العقود المنشئة . فجاءت نصوص قانون الشهر خلوا من هذا التمييز ، فلم يعد من المستطاع أن يستخلص من هذه $ 553 $ النصوص عن طريق الدلالة العكسية ، كما استخلص قبل ذلك من نصوص قانون التسجيل ، أن التدليس لا يفسد التسجيل ، وقد سبق بيان ذلك . هذا إلى أن نصوص قانون الشهر لم تقتصر على انتزاع الحجة للرأى الذى ذهبت إليه محكمة النقض ، بل هى أيضاً قد جعلت مكانها حجة على هذا الرأى . فقد رأينا أن هذه النصوص تشترط فى الفقرة الثانية من المادة 17 حسن النية للاحتجاج بالتسجيل السابق على تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد . وإذا كانت محكمة النقض استطاعت أن تقرر أن مجرد العلم بالتصرف السابق لا ينفى حسن النية ، فمن البديهى أن المشترى الثانى الذى تواطأ مع البائع ، والذى سبق بفضل هذا التواطؤ إلى تسجيل سنده ، لا يمكن أن يوصف بأنه حسن النية مهما تأولنا لهذه العبارة من معان بعيدة عن الخاطر . فهو إذن سيء النية ، ومن ثم لا يستطيع أن يحتج على المشترى الأول الذى سجل دعوى صحة التعاقد بسبق تسجيله لسنده . ثم إن المبادئ العامة ، وقد وكل قانون الشهر إلى تطبيقها الحكم فى هذه المسألة ، تستعصى على التسليم بسلامة التسجيل فى عقد هو ثمرة للتدليس والتواطؤ ، فالتواطؤ بطبيعته يفسد أى تصرف .

والاعتبارات العملية هى أيضاً لا تنهض بالرأى الذى تذهب إليه محكمة النقض . فنحن لا نزال فى نظام الشهر الشخصى ، ولم ننتقل بعد إلى نظام الشهر العينى . فمن المجازفة أن نستعير فمن نظام الشهر العينى أحد مقوماته الجوهرية ، وهو الحجية المطلقة للسند المسجل ولو طعن فيه بالتواطؤ ، لنظام شهر شخصى لا تزال الدقة فى تحرى صحة السندات المسجلة تعوزه ، ولا يقوم على أمر التسجيل فيه قضاة نظاميون ، ولا يكفل تعويض من يضار به ، كما هو الأمر فى نظام الشهر العينى . ويشهد بذلك من خبروا نظام الشهر القائم فى ناحيته العملية ( [965] ) .

 $ 554 $

ونستطيع أن نوجه هذا الرأى ، من الناحية الفنية ، بأحد طريقين . الطريق الأول ، وهو الطريق المألوف ، يكون بالقول بأن الغش يفسد التصرف ( Fraus omnia corrumpit ) ، فالعقد المسجل إذا كان ثمرة الغش والتواطؤ وجب أن يكون باطلا ، والتسجيل لا يصححه ( [966] ) . والطريق الثانى هو الطعن فى العقد المسجل بالدعوى البولصية . ونساير فى هذا الطريق محكمة النقض ، ولكن على أن يؤخذ 1 بتطبيق خاص للدعوى البولصية عندما يتركز حق الدائن فى عين مملوكة للمدين . وقد قلنا فى الجزء الثانى من الوسيط ( [967] ) فى هذا الصدد ما يأتى : " وإذا فرض أن حق الدائن يتركز فى عين مملوكة للمدين ، كما إذا كان موعوداً ببيع عين أو كان دائناً فى وعد برهن إلى شخص آخر إضراراً بحق الدائن ، أو باع العين المرهونة قبل أن يشهر الدائن الرهن بحيث لا يتمكن من تتبع العين أو بعد شهر الرهن ولكن الدائن لا يريد تتبع العين حتى لا يضطر إلى تحمل $ 555 $ إجراءات التطهير ، ففى مثل هذه الأحول يعتبر المدين فى حالة إعسار بالمعنى المقصود فى الدعوى البولصية ما دام الدائن لا يستطيع أن يصل إلى العين ذاتها التى تركز فيها حقه ، حتى لو كان عند المدين أموال كافية تفى بتعويض الدائن بعد فوات العين . ومن ثم يجوز للدائن الطعن بالدعوى البولصية فى تصرف المدين فى العين الموعود ببيعها أو برهنها أو تصرفه فى العين المرهونة ، فيتمكن بذلك من رد العين إلى ملك المدين بالنسبة إلى حقه وينفذ بهذا الحق عليها " ( [968] ) . وفى الحالة التى نحن بصددها قد تركز حق المشترى الأول فى العقار المبيع ، فيعتبر البائع فى حالة إعسار بالمعنى المقصود فى الدعوى البولصية ما دام المشترى الأول لا يستطيع أن يصل إلى العقار ذاته . ومن حق الدائن أن يطالب ، بدلا من التعويض ، بالتنفيذ العينى . فيطالب المشترى الأول إذن بالتنفيذ العينى وهو تملك العقار ، ويعتبر البائع فى هذا الخصوص معسراً حتى لو كانت عنده أموال كافية تفى بتعويض المشترى الأول عن فوات تملكه للعقار . ومن ثم يجوز للمشترى الأول الطعن فى البيع المسجل بالدعوى البولصية ، فيجعله غير نافذ فى حقه ، ويتمكن بذلك منن رد العقار إلى ملك البائع ، ويتملكه بعد ذلك بتسجيل سنده ( [969] ) .

 $ 556 $

المبحث الثانى

تسليم المبيع

291 - تسليم المبيع والمحافظة عليه حق التسليم فرع عن التزام البائع بنقل ملكية المبيع : إذا كان البائع ملتزماً بتسليم البيع إلى المشترى ، فإن هذا الالتزام فرع عن التزامه بنقل ملكية المبيع . ويتفرع أيضاً عن الالتزام بنقل الملكية التزام البائع بالمحافظة على المبيع إلى أن يسلمه إلى المشترى . ذلك أن المادة 206 مدنى تنص على أن " الالتزام بنقل حق عينى يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم " .

فبتفرع إذن عن التزام البائع بنقل الملكية التزامان ، التزام بالمحافظة على المبيع والتزام بتسليمه إلى المشترى . وإذا اتفق الالتزامان فى أن كلا منهما فرع عن التزام أصلى ، فأنهما يختلفان فى أن الالتزام بالمحافظة على المبيع التزام ببذل عناية ( Obligation de moyen ) ، أما الالتزام بتسليم المبيع فهو التزام بتحقيق غاية ( Obligation de resultat ) ( [970] ) . وسنرى أنه يترتب على أن الالتزام بتسليم المبيع هو التزام متفرع عن التزام بنقل الملكية أن المبيع قانون الموجبات والعقود اللبنانى تسليمه $ 557 $ يهلك على البائع ، ومن هنا يجئ أن تبعة الهلاك تدور مع التسليم لا مع نقل الملكية فى القانون المصرى .

أما التزام البائع بالمحافظة على المبيع حتى التسليم ، فهو التزام ببذل عناية كما قدمنا . ومن ثم يكون التزاماً بعمل ، وتسرى عليه المادة 211 مدنى وهى تنص على أنه " فى الالتزام بعمل ، إذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشىء . . فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل فى تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخصى العادى ولو لم يتحقق الغرض المقصود " . فإذا بذل البائع فى المحافظة على المبيع إلى وقت تسليمه للمشترى عناية الشخص العادى ، دون أن ينزل عن ذلك حتى لو كان هو نفسه فى عنايته بماله أقل حرصاً من الشخص العادى ، ودون أن يرتفع عن ذلك حتى لو كان هو نفسه فى عنايته بماله أكثر حرصاً من الشخص العادى ، فإنه يكون قد وفى بالتزامه . فإذا هلك المبيع أو أصابه تلف بالرغم من أن البائع قد بذل فى المحافظة عليه العناية الواجبة على النحو السالف الذكر ، لم يكن البائع مسئولا بموجب التزامه بالتسليم كما سنرى . وإذا لم يبذل البائع فى المحافظة على المبيع هذا القدر من العناية كان مقصراً ، فإذا هلك المبيع أو تلف من جراء هذا التقصير كان ذلك بخطأه . وكان مسئولا ، بموجب التزامه بالمحافظة على المبيع ، عن الضرر الذى أحدثه للمشترى وفقاً للقواعد العامة المقررة فى المسئولية التعاقدية ، ولا يقتصر الأمر على تحمله تبعة الهلاك بموجب التزامه بالتسليم ، ولا مسئولية عليه بطبيعة الحال لو أن الهلاك أو التلف كان بخطأ المشترى ، وتنتفى مسئوليته فى هذه الحالة على أساس الالتزامين معاً التزامه بالمحافظة على المبيع والتزامه بتسليمه ، ويكون المشترى ملزماً بتسلم المبيع على حالته مع دفع ثمنه كاملا للبائع ( [971] ) .

 $ 558 $

يبقى التزام البائع بتسليم المبيع ، وهو التزام متفرع عن الالتزام بنقل الملكية وفى الوقت ذاته التزام بتحقيق غاية كما قدمنا . فنحتفظ له بهذه السمة ( [972] ) ، ونتناول بحثه تفصيلا ، لنحدد المحل الذى يقع عليه التسليم ، ولنرى كيف يتم التسليم . ولنعين الجزاء الذى يترتب على إخلال البائع بالتزام التسليم ويدخل فى ذلك تبعة هلاك المبيع أو تلفه قبل التسليم ( [973] ) .

المطلب الأول

محل التسليم

292 - تسليم المبيع بحالته وبمقداره وبملحقاته : محل التسليم هو المبيع المتفق عليه فى عقد البيع . ويلتزم البائع بتسليمه إلى المشترى بالحالة التى كان عليها وقت المبيع ، وبالمقدار الذى عين له فى العقد ، وبالملحقات التى تتبعه . فنستعرض هذه المسائل الثلاث : حالة المبيع ومقداره وملحقاته .

 $ 559 $

1 - حالة المبيع

293 - النصوص القانونية : تنص المادة 431 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 " يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشترى بالحالة التى كان عليها وقت البيع " ( [974] ) .

ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 399 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 420 – ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى العراقى – ويقابل فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 414 ( [975] ) .

وغنى عن البيان أن الالتزام بتسليم المبيع فى الحالة التى كان عليها وقت البيع ليس من النظام العام ، فيجوز للمتبايعين أن يتفقا على تسليم المبيع فى حالة جيدة $ 560 $ أو فى حالة مطابقة للعينة أو غير ذلك ( [976] ) مما يتفقان عليه بموجب شرط خاص .

ومن ثم وجب أن نبين كيف تتعين حالة المبيع وقت المبيع ، وما الحكم إذا تغيرت هذه الحالة عند التسليم ، وما الذى يترتب على وجود اتفاق خاص بين المتبايعين يعين الحالة التى يكون عليها التسليم .

294 - كيف نتعين حالة المبيع وقت البيع : قدمنا أن المبيع يجب أن يكون معينا تعييناً كافياً ، وهذا التعيين الكافى ينطوى دون شك على وصف لحالة المبيع وقت البيع . والمفروض –كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( [977] ) - أن المشترى قد رأى المبيع أو علم به علما كافياً . وقد كان المشروع التمهيدى يشتمل على نص ، هو المادة 573 من هذا المشروع ، يقضى بأن " يلتزم البائع أن يزود المشترى بالبيانات الضرورية عن الشيء المبيع ، وأن يقدم له الأوراق والمستندات المتعلقة بهذا الشىء " . وقد حذفت لجنة المراجعة النص لأن أحكامه " مستفادة من القواعد العامة " ( [978] ) . فالبائع إذن يلتزم بتزويد المشترى بالبيانات اللازمة للكشف عن حالة الشيء وقت البيع ، كأن يعين له حدود العين المبيعة وما عليها من حقوق وتكاليف ، ومشتملات العين ، ودرجة جودتها ، ونحو ذلك من الأمور التى يكون من شأنها تعيين حالة المبيع . وهذه هى الحالة التى يلتزم البائع أن يسلم بها المبيع إلى المشترى ( [979] ) ، ما لم يوجد اتفاق $ 561 $ خاص على غير ذلك ( [980] ) .

وإذا كان المبيع من المثليات التى لم تعين إلا بالنوع ، لم يكن من المستطاع تعيين حالة المبيع وقت البيع ، لأنه غير معين بالذات فى هذا الوقت . وقد تكفلت الفقرة الثانية من المادة 133 مدنى ببيان الحكم فى هذا الفرض ، فنصت على ما يأتى : " ويكفى أن يكون المحل معيناً بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين مقداره . وإذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء من حيث جودته ، ولم يمكن استخلاص ذلك من العرف أو من أى ظرف آخر ؛ التزم المدين بأن يسلم شيئاً من صنف متوسط " . فالحالة التى يجب تسليم المبيع عليها فى هذا الفرض يعينها الاتفاق الخاص إن وجد ، فإذا لم يوجد اتفاق خاص عينها العرف أو أية ظروف أخرى ملابسة . فإذا لم توجد هذه ولا ذاك ، وجب تسليم المبيع من صنف متوسط ، لا من صنف جيد حتى لا يغبن البائع ، ولا من صنف رديء حتى لا يغبن المشترى ( [981] ) .

 $ 562 $

295 - تغير حالة المبيع : والتزام البائع بتسليم المبيع فى الحالة التى كان عليها وقت البيع معناه أنه لا يجوز له أن يغير من هذه الحالة ، بل يجب عليه أن يحافظ عليها حتى يسلم بها المبيع إلى المشترى .

والمفروض بقاء الشيء على أصله ، فالحالة التى يكون عليها المبيع وقت التسليم يفترض أن تكون هى نفس الحالة التى كان عليها وقت البيع . فإذا تسلم المشترى المبيع دون أن يعترض ، وسكت مدة كافية يفترض فيها أنه عاين الشيء فارتضاه ، فليس له بعد ذلك أن يحتج بأن المبيع لم يكن فى الحالة التى كان عليها وقت البيع ، إذ أن سكوته هذه المدة يدل إما على أن المبيع وقت التسليم كان فى نفس حالته وقت البيع ، وإما على أن هناك فرقاً بين الحالتين ولكن هذا الفرق قد تسامح فيه ونزل عن حقه فى التمسك به ( [982] ) .

أما إذا اعترض المشترى عند تسلمه المبيع ، أو عند معاينته له واختباره إياه بعد التسلم ، بأن المبيع قد تغيرت حالته عما كانت عليه وقت البيع ، فعلى البائع عبء إثبات أن المبيع لم تتغير حالته عما كان عليه وقت البيع ، لأنه هو المدين بالتزام التسليم وهو الذى يقوم بتنفيذه ، وعلى المدين إثبات براءته من الالتزام ( [983] ) .

 $ 563 $

فإن ثبت تغير فى حالة المبيع وكان هذا التغير ضاراً بالمشترى ، كان البائع مسئولا عن ذلك ، سواء كان التغير بخطئه أو بفعله أو بفعل الغير ، ويرجع البائع على الغير إذا كان هناك وجه للرجوع . ذلك أن البائع ملتزم بتسليم المبيع فى الحالة التى كان عليها وقت البيع ، وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية كما قدمنا ، وقد ثبت أن المبيع قد تغيرت حالته تغيراً ضاراً بالمشترى . فعلى البائع تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً إن أمكن ، بأن يعيد المبيع إلى الحالة التى كان عليها وقت البيع إذا كان هذا مستطاعاً ، وإلا كان للمشترى الحق فى الرجوع عليه بالتعويض ، بل له أن يطالب بفسخ البيع وبالتعويض معاً إذا كان هناك وجه لذلك كما سنرى . وغنى عن البيان أنه إذا كان التغير بخطأ المشترى أو بفعله ، فعليه هو مغبة ذلك ، وليس له الرجوع بشيء على البائع .

  وإذا كان التغير الضار بالمشترى قد وقع بقوة قاهرة أو بحادث فجائى ، لم يزل البائع هو المسئول عنه على النحو الذى قدمناه ، لأن التزامه بتسليم المبيع فى الحالة التى كان عليها وقت البيع هو التزام بتحقيق غاية كما سبق القول ، ويعتبر مخلا بهذا الالتزام إذا لم يسلمه بهذه الحالة ولو حال دون ذلك سبب أجنبى ( [984] ) . ويتفرع على ذلك أن المبيع إذا هلك هلاكاً كلياً أو هلاكاً جزئياً $ 564 $ قبل التسليم ، كانت تبعة الهلاك أو التلف على البائع كما سنرى .

وقد تتغير حالة المبيع وقت التسليم إلى حالة أفضل عما كانت عليه وقت البيع . فإن كان هذا التغير بسبب أجنبى ، كأن التحق طمى بأرض زراعية فزادت ، فإن الزيادة تكون من نصيب المشترى لا يدفع فى مقابلها شيئاً للبائع ، إذ أن للمشترى نماء المبيع من وقت البيع كما أن له ثمراته . وإن كان التغير بفعل البائع ، كأن أدخل على المبيع تحسينات أو أقام فيه بناء ، اعتبر أنه قد فعل ذلك فى ملك الغير وهو عالم بذلك ، وبهذا قضت محكمة النقض ( [985] ) كما سبق القول . فإن كان البائع قد أنفق على المبيع مصروفات نافعة أو أقام بناء ، جاز للمشترى أن يطلب من البائع الإزالة على نفقته مع التعويض إن كان له وجه ، أو أن يطلب استبقاء التحسينات أو البناء مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة ، أو دفع مبلغ يساوى ما زاد فى ثمن المبيع بسبب هذه الأعمال . ويجوز للبائع أن يطلب نزع ما استحدثه إن كان ذلك لا يلحق بالمبيع ضرراً ، إلا إذا اختار المشترى أن يستبقيه طبقاً للأحكام المتقدمة ( [986] ) . وإذا كانت التحسينات كمالية ، فليس للبائع أن يطالب بتعويض عنها ، ولكن له أن ينزع ما استحدثه على أن يعيد المبيع إلى حالته الأصلية وقت البيع ، ما لم يختر المشترى أن يستبقيه مقابل دفع قيمته مستحق الإزالة ( [987] ) . أما إذا كان البائع قد أنفق على المبيع مصروفات ضرورية لحفظه من الهلاك أو من التلف ، فإنه لا يرجع بشيء مما أنفقه على المشترى ، فقد قدمنا أن تبعه الهلاك أو التلف على البائع .

 $ 565 $

وغنى عن البيان أن البائع إذا كان يلتزم بتسليم المبيع بالحالة التى هو عليها وقت البيع ، فمن باب أولى يلتزم بتسليم نفس المبيع لا بشيء آخر ولو كان خيراً منه ، وبكل المبيع لا بجزء منه لأن الوفاء الجزئى لا يجوز إذا لم يرض به الدائن ، فإذا كان المبيع من المثليات وجب تسليمه كله دفعة واحدة لا جزءاً فجزءاً ( [988] ) .

  296 - وجود اتفاق خاص على حالة المبيع : وقد قدمنا أن التزام البائع بتسليم المبيع فى الحالة التى كان عليها وقت البيع على النحو الذى بسطناه إنما يقوم إذا لم يكن هناك اتفاق خاص بين المتبايعين . فإذا كان هناك هذا الاتفاق الخاص ، فإنه هو الذى يسرى والمشترى هو المكلف بإثبات وجود الاتفاق ، فإذا أثبته وجب على البائع أن يثبت أن المبيع وقت أن سلمه كان فعلا فى الحالة المتفق عليها ( [989] ) .

  وقد يتفق المتبايعان على أن يسلم البائع المبيع فى حالة جيدة . فيجب عندئذ أن يقوم البائع بهذا الالتزام فيسلم المبيع فى حالة جيدة ، ولو كانت حالته وقت البيع لم تكن جيدة بعلم المشترى ، بل كانت متوسطة أو رديئة ، ويكون على البائع إذن أن يحسن حالة المبيع حتى تنقلب إلى حالة جيدة وقت التسليم . فإذا لم يفعل ، وكانت الحالة التى عليها المبيع فعلا تفوت على المشترى غرضه من الشراء ، كان للمشترى مطالبة البائع بالتنفيذ العينى ، كما أن له أن يطالب بفسخ البيع مع التعويض إن كان مقتض . أما إذا كانت حالة المبيع لا تفوت على المشترى غرضه ، فإن البيع لا يفسخ ، بل يكون للمشترى المطالبة بالتعويض إن كان قد أصابه ضرر ( [990] ) .

  وقد يتفق المتابعيان على أن تكون حالة المبيع وقت التسليم مطابقة لعينة متفق عليها ، وعندئذ يجب أن يكون المبيع وقت التسليم مطابقاً لهذه العينة ، على النحو الذى بسطناه عند الكلام فى البيع بالعينة ( [991] ) .

   $ 566 $

2 - مقدار المبيع

297 - النصوص القانونية : تنص المادة 433 من التقنين المدنى على ما يأتى :

   " 1 - إذا عين فى العقد مقدار المبيع ، كان البائع مسئولا عن نقص هذا القدر بحسب ما يقضى به العرف ، ما لم يتفق على غير ذلك . على أنه لا يجوز للمشترى أن يطلب فسخ العقد لنقص فى المبيع ، إلا إذا أثبت أن هذا النقص من الجسامة بحيث أنه لو كان بعلمه لما أتم العقد " .

 " 2 - أما إذا تبين أن القدر الذى يشتمل عليه المبيع يزيد على ما ذكر فى العقد وكان الثمن مقدراً بحساب الوحدة ، وجب على المشترى ، إذا كان المبيع غير قابل للتبعيض ، أن يكمل الثمن ، إلا إذا كانت الزيادة جسيمة فيجوز له أن يطلب فسخ العقد ، وكل هذا ما لم يوجد اتفاق يخالفه " .

وتنص المادة 434 على ما يأتى :

 " إذا وجد فى المبيع عجز أو زيادة ، فإن حق المشترى فى طلب إنقاص الثمن أو فى طلب فسخ العقد ، وحق البائع فى طلب تكملة الثمن ، يسقط كل منهما بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليما فعلياً ( [992] ) " .

   $ 567 $

وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المواد 290  /  363 – 296  /  370 ( [993] ) .

 $ 568 $

  وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى $ 569 $ المادتين 401 - 402 - وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 422 - 423 - وفى التقنين المدنى العراقى المواد 543 - 546 - وفى تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى المواد 422 – 427 ( [994] ) .

 $ 570 $

وتعرض هذه النصوص لفرض ما إذا كان المبيع شيئاً معيناً بالذات ، وقد $ 571 $ عين مقداره فى عقد البيع ( [995] ) ، فأصبح البائع ضامناً للمشترى هذا المقدار المعين . مثل ذلك أن يكون المبيع أرض بناء معينة فذكر فى العقد أن مساحتها ألف متر ، أو أرضاً زراعية معينة فذكر أن مساحتها خمسون فداناً ، أو شيئاً معيناً مما يعد أو يوزن أو يكال أو يقاس فبيع جزافاً وذكر أن مقداره عشرون عداً أو رطلا أو أردباً أو ذراعاً . وفى هذه الأحوال إذا كان المبيع يشتمل على المقدار المعين ، الآخر بشيء . لكن قد يقع أن يكون مقدار المبيع أقل من المقدار المعين فى العقد ، وقد يقع أن يكون أكثر ، فتنشأ عن ذلك دعوى يرجع بها أحد المتبايعين على الآخر . فنبحث إذن :

( 1 ) حالة نقض المبيع .

( 2 ) وحالة زيادة المبيع .

( 3 ) والدعاوى التى تنشأ من هذا النقض أو الزيادة .

298 - حالة نقض المبيع : إذا وجد بالبيع نقص ، وكان هناك اتفاق خاص بين المتبايعين فى خصوص هذه الحالة ، وجب إعمال الاتفاق . فإذا لم يوجد اتفاق ، وجب العمل بالعرف الجارى فى التعامل ، وقد يكون النقص مما جرى العرف بالتسامح فيه وعندئذ لا يرجع المشترى على البائع بشيء من أجل هذا النقص ( [996] ) . فإذا كان النقص محسوساً لا يتسامح فيه ، كان $ 572 $ للمشترى أن يرجع على البائع بتعويض بسبب هذا النقص . وقد يكون هذا التعويض إنقاصاً للثمن بنسبة ما نقص من مقدار المبيع ، ولكن هذا لا يتحتم فالتعويض بقدر الضرر ، وقد يصيب المشترى ضرر أكبر من ذلك أو أقل فيتقاضى تعويضاً بقدر ما أصابه من الضرر . فإذا كان النقص جسيما بحيث لو كان يعلمه المشترى لما رضى أن يتعاقد ، جاز له أن يطلب فسخ العقد .

ويلاحظ أن المشرع ، عندما جعل جزاء النقص فى مقدار المبيع دعوى إنقاص الثمن أو دعوى الفسخ ، لم يميز بين ما إذا كان المبيع قابلا للتبعيض أو غير قابل له وبين ما إذا كان الثمن قدقدر بسعر الوحدة أو قدر جملة واحدة ، ففى جميع هذه الفروض يكون للمشترى دعوى إنقاص الثمن أو دعوى فسخ البيع . وقد كان التقنين المدنى السابق يميز بين ما إذا كان المبيع قابلا للتبعيض أو غير قابل له . ففى حالة ما إذا كان المبيع قابلا للتبعيض يكون للمشترى دعوى إنقاص الثمن أو دعوى الفسخ ( م 291  /  364 مدنى سابق ) ، سواء قدر الثمن بسعر الوحدة أو قدر جملة واحدة . وفى هذا يتفق أحكام التقنين السابق مع أحكام التقنين الجديد ، غير أن التقنين السابق كان يحتم إنقاص الثمن بنسبة النقص فى مقدار المبيع ( م 291  /  365 مدنى سابق ) ، وكان لا يجعل للمشترى دعوى الفسخ إلا إذا كان النقص فى مقدار المبيع يزيد على 20  /  1 ( م 293  /  367 مدنى سابق ) . وفى حالة ما إذا كان المبيع غير قابل للتبعيض ، وكان الثمن قد قدر بسعر الوحدة ، كان للمشترى دعوى إنقاص الثمن أو دعوى الفسخ على النحو المقدم ( م 292  /  366 مدنى سابق ) . أما إذا كان الثمن قد قدر جملة واحدة والمبيع غير قابل التبعيض ، فلم يكن للمشترى إلا دعوى للفسخ إذا كان النقص $ 573 $ يزيد على 20  /  1 ، أو إبقاء البيع بكل الثمن المتفق عليه ( م 292  /  366 مدنى سابق ) ، فلم يكن يجيز إنقاص الثمن على خلاف حكم التقنين الجديد ( [997] ) . وذلك أن التقنين السابق كان يعتبر القدر فى المبيع إذا بيع بثمن مقدر جملة واحدة وصفاً لا أصلا ، والوصف لا يقابل شيء من الثمن ، فإذا نقص القدر لم ينقص الثمن .

299 - حالة زيادة المبيع : وإذا وجد بالمبيع زيادة ، وكان هناك اتفاق خاص بين المتبايعين فى خصوص هذه الحالة ، وجب العمل بهذا الاتفاق . فإذا لم يوجد اتفاق ، وجب العمل بالعرف . فإن لم يوجد لا اتفاق ولا عرف ، وجب التمييز بين ما إذا كان الثمن مقدراً بحساب الوحدة ( [998] ) أو مقدراً جملة واحدة .

فإذا كان الثمن مقدراً بحساب الوحدة وكان المبيع قابلا للتبعيض ، فالزيادة للبائع . ذلك أن الزيادة لم تدخل فى البيع ، والمبيع لا يضره التبعيض ( [999] ) . وقد كان هذا هو الحكم أيضاً فى التقنين المدنى السابق ( م 291  /  365 مدنى سابق ) .

وإذا كان الثمن مقدراً بحساب الوحدة وكان المبيع غير قابل للتعيض ، فالنص صريح فى انه يجب على المشترى أن يكمل الثمن ، إلا إذا كانت الزيادة جسيمة فيجوز له أن يطلب فسخ العقد ( م 433  /  2 مدنى ) . ذلك أن القدر فى المبيع ، وإن كان المبيع غير قابل للتبعيض ، يعتبر أصلا لا وصفاً ما دام الثمن $ 574 $ قد قدر بحساب الوحدة ، والأصل مقابل بالثمن . فإذا زاد المبيع وجب على المشترى تكملة الثمن بما يناسب الزيادة ، وكان للبائع حق الرجوع على المشترى بدعوى تكملة الثمن على هذا النحو . لكن قد تكون الزيادة جسيمة بحيث تكون تكملة الثمن المناسبة لهذه الزيادة من شأنها أن تجعل المشترى يزهد فى المبيع ويود لو أنه لم يتعاقد ، ففى هذه الحالة يجوز للمشترى أن يطلب فسخ البيع ، فلا يعود ملزماً بتكملة الثمن . وقد كان هذا هو الحكم أيضاً فى التقنين المدنى السابق ، فكان المشترى بالخيار بين تكملة الثمن أو فسخ البيع ، إلا أنه كان لا يجوز له طلب الفسخ إلا إذا كانت الزيادة فى المبيع أكثر من 20  /  1 ( م 292  /  366 مدنى سابق ) .

وإذا كان الثمن مقدراً جملة واحدة ، فسواء كان المبيع قابلا للتبعيض أو غير قابل له ، فالظاهر ، بالرغم من سكوت النص ، أن قدر المبيع فى هذه الحالة يعتبر وصفاً لا أصلا على النحو الذى أشرنا إليه فيما تقدم ، والوصف لا يقابله شيء من الثمن . ومن ثم يكون للمشترى أن يأخذ المبيع بالثمن المتفق عليه ، ولا يدفع شيئا للبائع فى مقابل الزيادة . ويؤيد ذلك ما جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى من أنه " إذا زاد المبيع ، وكان الثمن مقدراً جملة واحدة ، فالغالب أن المتعاقدين قصدا أن يكون المبيع بهذا الثمن ولو زاد على القدر المعين –وهذا يتفق مع ما سبق ذكره من أن الوصف لا يقابله شيء من الثمن - ولذلك يبقى البيع ، ولا يطالب المشترى بزيادة فى الثمن ، إلا إذا كان هناك اتفاق على غير ذلك ( [1000] ) " . وقد كان هذا هو الحكم أيضاً فى التقنين المدنى السابق ( م 292  /  366 مدنى سابق ) .

300 - تقادم الدعاوى التى تنشأ عن نقص المبيع أو زيادته : ويخلص مما قدمناه أنه ينشأ عن نقص المبيع أو زيادته دعاوى ثلاث :

( 1 ) دعوى إنقاص الثمن ، تكون للمشترى إذا كان هناك نقص فى المبيع على النحو الذى $ 575 $ قدمناه .

( 2 ) دعوى فسخ البيع ، تكون للمشترى أيضاً إذا كان هناك نقص جسيم فى المبيع ، أو كانت هناك زيادة وكان لا يقبل التبعيض وقد قدر الثمن بحساب الوحدة .

( 3 ) دعوى تكملة الثمن ، تكون للبائع إذا كانت هناك زيادة فى المبيع وكان لا يقبل التبعيض وقد قدر الثمن بحساب الوحدة .

وقد راعى المشرع فى هذه الدعاوى الثلاث وجوب استقرار التعامل ، فيجعلها كلها تتقادم بمدة قصيرة هى سنة واحدة ( م 434 مدنى ) ، حتى لا يبقى البائع ( [1001] ) مهدداً مدة طويلة برجوع المشترى عليه بإنقاص الثمن أو بفسخ البيع ، وحتى لا يبقى المشترى كذلك مهدداً مدة طويلة برجوع البائع عليه بتكملة الثمن ( [1002] ) .

 $ 576 $

ويبدأ سريان التقادم من وقت تسليم المبيع تسليما فعلياً ، ففى هذا الوقت يستطيع المشترى أن يتبين ما إذا كان البيع فيه نقص يوجب إنقاص الثمن أو فسخ البيع ، أو فيه زيادة توجب عليه تكملة الثمن فيبادر إلى طلب الفسخ حتى يتوفى دفع هذه التكملة . ومن ثم اشترط القانون بأن يكون التسليم تسليماً فعلياً ، إذ التسليم الفعلى وحده دون التسليم الحكمى هو الذى يهيئ أسباب العلم بما تقدم . وانفسخ المجال للبائع نفسه إلى وقت تسليمه المبيع للمشترى تسليما فعلياً ، فلا يسرى تقادم دعواه بتكملة الثمن إلا من هذا الوقت ، لنه يتبين عادة فى هذا الوقت ما إذا كان بالبيع زيادة تجعل له الحق فى طلب تكملة الثمن ( [1003] ) .

 $ 577 $

وقد كان التقنين المدنى السابق هو أيضاً يجعل مدة التقادم لهذه الدعاوى الثلاث سنة واحدة ( [1004] ) ، ولكنه كان يجعل السنة تسرى من وقت البيع ( م 296  /  370 مدنى سابق ) ، أى فى وقت يصح ألا يكون المشترى أو البائع قد علم فيه بسبب نشوء دعواه ، ومن أجل ذلك كان هذا الحكم موضع انتقاد ( [1005] ) .

 $ 578 $

وغنى عن البيان أن مدة السنة لا توقف بسبب عدم توافر الأهلية ولو لم يكن للدائن نائب يمثله قانوناً ( م 382  /  2 مدنى ) ولكنها تكون قابلة للانقطاع ( [1006] ) .

3 - ملحقات المبيع

301 - النصوص القانونية : تنص المادة 432 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 " يشمل التسليم ملحقات الشيء المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشيء ، وذلك طبقاً لما تقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين ( [1007] ) " .

ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المواد 285 - 289 وطنى والمواد 258 - 362 مختلط ( [1008] ) .

 $ 579 $

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 400 – وفى التقنين المدنى الليبى 421 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 536 - 537 وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 418 – 421 ( [1009] ) .

 $ 580 $

فتسليم المبيع يشمل إذن تسليم ملحقاته . ونحدد أولا ما هو المقصود بالملحقات ، ونورد بعد ذلك تطبيقات مختلفة تحدد ما تشتمل عليه الملحقات فى حالات معينة .

302 - تحديد معنى ملحقات المبيع : تقول المادة 432 مدنى كما رأينا ، إن التسليم يشمل ملحقات الشيء المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشيء . ويوهم النص أن ما أعد بصفة دائمة لاستعمال الشيء المبيع غير ملحقاته ، والواقع غير ذلك فكل ما أعد لاستعمال الشيء المبيع بصفة دائمة يعد من ملحقاته ( [1010] ) . فيلزم إذن تحديد ما هو المقصود بملحقات الشيء .

يحسن لهذا الغرض التمييز بين ملحقات الشيء وبين ما يقرب منها وقد يختلط بها . فالشيء يشتمل على أجزائه ، وهذه ليست من الملحقات بل هى الأصل . فالدار مثلا تشتمل على الأرض التى تقوم عليها والبناء القائم بما يدخل فيه من طبقات ، وتشتمل كذلك على السلم والردهات والحديقة إن وجدت وسور الدار إن كانت لها سور قائم ونحو ذلك . فهذه كلها أجزاء الدار وليست ملحقاتها . ونماء الشيء ليس من ملحقاته ، بل هو يدخل فى أصل الشيء ، ويتميز بأنه أصل حادث وجد بعد البيع . فإذا بيع حيوان مثلا ، فنماء الحيوان أى كبره فى الفترة ما بين البيع والتسليم داخل فى أصله وليس ملحقاً به ، وإن كان قد حدث بعد البيع . والتحاق طمى بأرض زراعية يعتبر نماء للأرض ويدخل فى أصلها ، ولا يعتبر من ملحقاتها ( [1011] ) ، وقد حدث هذا أيضاً بعد البيع ( [1012] ) . ومنتجات ( Produits ) الشيء ليس من أصله ، بل هى تتولد منه ولكن بصفة عارضة لا بصفة دورية . فالمعادن التى تستخرج من باطن المنجم ، والأحجار التى تقطع من المحاجر ، وولد الحيوان الذى يولد بعد البيع لا قبله ( [1013] ) ، كل هذه منتجات $ 581 $ الشيء ، فلا تدخل فى أصله ، ولا تعتبر من ملحقاته . وثمرات ( Fruits ) الشيء هى أيضاً ليست من أصله ولا تعتبر من ملحقاته ، بل هى ما يتولد من الشيء بصفة دورية ، كمحصولات الأرض وثمار الأشجار وريع الدور وأرباح الأسهم والسندات .

أما ملحقات ( Accessoires ) الشيء فهى ليست من أصله ، ولا من نمائه ، ولا من منتجاته ، ولا من ثمراته . فهى شيء غير الأصل والنماء ، لأنها ملحقة بالأصل وليست الأصل ذاته ، وهذا ظافر . وهى ليست متولدة من الأصل ، لا بصفة عارضة كالمنتجات ، ولا بصفة دورية كالثمرات ، وهذا أيضاً ظاهر . بل هى شيء مستقل عن الأصل ، غير متولد منه ، ولكنه أعد بصفة دائمة –لا بصفة وقتية - ليكون تباعاً للأصل وملحقاً به ، وذلك حتى يتهيأ للأصل أن يستعمل فى الغرض المقصود منه أو حتى يستكمل هذا الاستعمال . فالملحقات هى إذن ما يتبع الأصل ويعد بصفة دائمة لخدمته ، أو كما تقول المادة 432 مدنى هى " كل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشىء " . فإذا كانت معدة بصفة وقتية لا بصفة دائمة ، كما إذا استأجر المالك مواشى وآلات لزراعة أرضه ، فأنها لا تعتبر من الملحقات .

واعتبار أن شيئاً ما يعتبر من ملحقات شيء آخر ، على الوجه الذى قدمناه ، أو لا يعتبر ، يرجع فيه إلى طبيعة الأشياء كما هو الأمر فى اعتبار حقوق الارتفاق من الملحقات ( [1014] ) ، أو إلى عرف الجهة كما هو الأمر فى عدم اعتبار المشاتل والشطأ من الملحقات ، وهذا كله ما لم يوجد اتفاق بين المتبايعين . فالأصل إذن أنه إذا وجد اتفاق على اعتبار شيء من الملحقات ، وجب اعتباره كذلك ووجب أن يشمله التسليم . وإذا لم يوجد اتفاق ، وجب إتباع العرف ومطاوعة طبائع الأشياء ، مع الاستهداء بالتطبيقات المختلفة التى سنوردها .

 $ 582 $

والمشترى يتملك أصل البيع ونماءه بعقد البيع ، لن الأصل والنماء –وهو جزء من الأصل - يدخلان مباشرة فى العقد . ويتملك المنتجات والثمرات لأنه مالك للأصل الذى تولدت منه المنتجات والثمرات ، ومن ملك الأصل ملك ما تولد منه . ويتملك الملحقات لأنها تدخل ضمناً فى عقد البيع ، ويشملها التزام التسليم . ونرى من هذا أن ملكية المشترى للثمرات ترجع إلى سبب غير السبب الذى يتملك به الملحقات ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [1015] ) .

303 - تطبيقات مختلفة فى ملحقات المبيع : ونورد بعض تطبيقات توضح ما هى الأشياء التى يمكن اعتبارها ملحقات للمبيع فى أحوال معينة .

فالمبيع بوجه عام ، أياً كان ، ملحق به الأوراق والمستندات المتعلقة به ، كمستندات الملكية ( [1016] ) ، وعقود الإيجار التى يكون من شأنها أن تسرى فى حق المشترى وصورة من المستندات التى يستبقيها البائع لتضمنها حقوقاً أخرى غير حق المشترى ( [1017] ) . ويلحق بالمبيع أيضاً حقوق الارتفاق التى قد تكون له ، وكذلك بوالص التأمين التى قد تكون معقودة لتأمينه ويكون المشترى بالنسبة إلى هذه البوالص خلفاً خاصاً ( [1018] ) .

 $ 583 $

وإذا كان البيع منزلا ، ألحق به الأشياء المثبتة فيه ، ولا تدخل فى الملحقات المنقولات التى يمكن فصلها دون تلف . ويترتب على ذلك أن الأفران المثبتة فى المطابخ والمغاسل ( بنوار ) المثبتة فى الحمامات تعتبر من ملحقات المنزل المبيع ، ولا تلحق به المرايا غير المثبتة ولا الثريات المعلقة ( [1019] ) .

وإذا كان المبيع أرضاً زراعية ، دخل فى الملحقات حقوق الارتفاق لما قدمنا ، والمزروعات غير الناضجة دون المزروعات الناضجة فهذه لا تدخل ( [1020] ) . ودخل فى الملحقات أيضاً الطرق الخاصة المتصلة بالطريق العام ( م 537 مدنى عراقى ) . فإذا كان المبيع " عزبة " ، دخل فى ملحقاتها المواشى والآلات الزراعية وغيرها مما يعد عقاراً بالتخصيص ، وكذلك المخازن وزرابى المواشى وبيوت الفلاحين $ 584 $ ونحو ذلك ( [1021] ) . وكذلك يدخل من هذه الملحقات بنسبة ما يباع من العزبة على الشيوع ، أما إذا بيعت العزبة أجزاء مفرزة لم تدخل هذه الملحقات تبعاً لأى جزء مفرز منها ، بل تبقى للبائع ( [1022] ) .

وإذا كان المبيع بستاناً ( أرض جناين ) ، دخل فى ملحقاته الأشجار المغروسة والثمار التى لم تنضج ، بل لعل هذه تعتبر أجزاء المبيع لا مجرد ملحقات . ولا يدخل فى الملحقات الأثمار الناضجة ، ولا الشجيرات المزروعة فى أوعية أو التى أعدت للنقل ( الشطأ أو المشتل ) ( [1023] ) .

وإذا كان المبيع مصنعاً ، دخل فى ملحقاته المخازن التى تودع فيها المصنوعات والمنازل التى أقيمت لعمال المصنع ومطاعمهم وملاعبهم ونحو ذلك . وإذا كان المبيع متجراً ، فإن البضائع وعقد إيجار المكان الذى أقيم فيه المتجر والاسم التجارى ( [1024] ) " وماركة الفابريكة " والعملاء وعقود المستخدمين والعمال والتزامات $ 585 $ المتجر وديونه ، كل هذا تعتبر عناصر المتجر ، فهى أجزاؤه وليست مجرد ملحقات له ( [1025] ) . أما ملحقاته فهى بوليصة التأمين إن وجدت ومستندات الملكية ودفاتر الحسابات وعناوين العملاء ونحو ذلك .

وإذا كان البيع حيواناً ، دخل فى ملحقاته الولد الرضيع ، لا الذى شب عن الرضاع إذا كان قد ولد قبل البيع ، أما إذا ولد بعد البيع فهو من منتجاته ويدخل فى البيع كما قدمنا . ودخل أيضاً الصوف الشعر ولو كان مهيأ للجز ( [1026] ) ، بل إن ذلك قد يعد من أجزاء المبيع .

وإذا كان المبيع سيارة ، فإن علاجتها وأدواتها الإدارة فيها تعتبر من أجزائها . أما الرخصة وبوليصة التأمين ومستندات الملكية ، فتعتبر من ملحقاتها ( [1027] ) .

وإذا كان المبيع مؤلفاً أو لوحة رسم أو تمثالا أو غير ذلك من الأعمال الأدبية والفنية ، فإن حق طبعه مرة أخرى –طبع الكتاب أو تصوير اللوحة أو علم نموذج من التمثال - يكون من ملحقات المبيع ( [1028] ) . ولكن إذا باع المؤلف عدداً محدوداً من النسخ من مؤلفه دون أن يبيع حقه كمؤلف ، لم يجز للمشترى أن يعيد طبع الكتاب . وإذا كان المبيع اختراعاً ( Brevet d'invention ) ، دخل فى ملحقاته المستندات التى تشتمل على سر الاختراع وكيفية الإفادة منه إفادة كاملة ( [1029] ) .

 $ 586 $

وإذا كان المبيع أسهماً وسندات ، فإن قسائم الأرباح ( الكوبونات ) المستحقة قبل البيع لا تدخل فى الملحقات إلا باتفاق خاص ، أما قسائم الأرباح التى تستحق بعد البيع ( [1030] ) فهى من الثمرات لا من الملحقات . وإذا ربح السند جائزة اعتبرت جزءاً من السند ، أو هى فى القليل من منتجاته .

وإذا كان المبيع منقولا آخر ، دخل فى ملحقاته الصندوق الذى يحتويه إن وجد ، ومستند ملكيته . ولكن لا يدخل فى الملحقات الأشياء الثمينة التى قد توجد ضمن المنقول ، كما إذا بيعت ساعة من فضة فلا يدخل فى ملحقاتها السلسلة الذهبية التى قد تكون أكبر قيمة من الساعة ذاتها ( [1031] ) .

المطلب الثانى

كيف يتم التسليم

304 - طريقة التسليم وزمانه ومكانه ونفقاته : يتم التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى فى الزمان والمكان المعينين . ونفقات التسليم تكون فى الأصل على البائع .

فنبحث إذن :

( 1 ) طريقة التسليم .

( 2 ) زمان التسليم ومكانه .

( 3 ) نفقات التسليم .

1 - طريقة التسليم

305 - النصوص القانونية : تنص المادة 435 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 " 1 - يكون التسليم بوضع المبين تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ، ولو لم يستولى عليه استيلاء مادياً ، ما دام البائع $ 587 $ قد أعلمه بذلك . ويحصل هذا التسليم على النحو الذى يتفق مع طبيعة الشيء المبيع " .

2 - ويجوز أن يتم التسليم بمجرد تراضى المتعاقدين إذا كان المبيع فى حيازة المشترى قبل البيع ، أو كان البائع قد استبقى المبيع فى حيازته بعد البيع لسبب آخر غير الملكية ( [1032] ) " .

ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المواد 271  /  342 - 273  /  344 ( [1033] ) .

ويتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى $ 588 $ المادة 403 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 424 – وفى التقنين المدنى العراقى المواد 538 – 540 وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 402 – 404 ( [1034] ) .

ويتبين من النص أن التسليم إما أن يكون تسليما فعلياً أو تسليما حكمياً .

 $ 589 $

306 التسليم الفعلى : يكون التسليم الفعلى ، كما تقول الفقرة الأولى من المادة 435 مدنى فيما قدمناه ، بوضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ، ولو لم يستول عليه استيلاء مادياً ، ما دام البائع قد أعلمه بذلك . فالتسليم الفعلى ينطوى إذن على عنصرين :

( 1 ) وضع المبيع تحت تصرف المشترى : ويشترط حتى يعتبر المبيع موضوعاً تحت تصرف المشترى أن يكون هذا متمكناً من حيازته حيازة يستطيع معها أن ينتفع به الانتفاع المقصود من غير أن يحول حائل دون ذلك ( [1035] ) . ولكن لا يشترط أن تنتقل الحيازة فعلا إلى المشترى بحيث يستولى على المبيع استيلاء مادياً ، وما دام المشترى متمكناً من هذا الاستيلاء فإن البائع يكون قد نفذ التزامه بالتسليم ، حتى قبل أن يستولى المشترى على المبيع ( [1036] ) ، وحتى لو لم يستول عليه أبداً ( [1037] ) . ذلك أنه –كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( [1038] ) - إذا كان التسليم التزاماً فى ذمة البائع ، فإن التسلم وهو حيازة المشترى بالفعل $ 590 $ للمبيع التزام فى ذمة المشترى ( [1039] ) .

( 2 ) أن يعلم البائع المشترى بوضع المبيع تحت تصرفه على النحو المتقدم الذكر . وقد كان المشروع التمهيدى للمادة 435 مدنى يقول فى ذلك عن المشترى : " مادام يعلم أن المبيع قد أصبح تحت تصرفه " ، وفى لجنة مجلس الشيوخ استبدلت بهذه العبارة عبارة " مادام البائع قد أعلمه بذلك " ، وقصد بهذا التعديل " ضبط الحكم " ( [1040] ) . ويظهر من ذلك أنه أريد ألا يكون علم المشترى بوضع المبيع تحت تصرفه أو جهله بذلك محل منازعة بينه وبين البائع ، فرؤى ضبطاً للحكم أن يكون علم المشترى مستمداً من البائع نفسه حسما لكل نزاع محتمل . فيجب إذن ، حتى يتم التسليم ، أن يخطر البائع المشترى أن المبيع قد وضع تحت تصرفه . ولا يوجد شكل معين لهذا الإخطار ، فقد يكون بإنذار رسمى إذا أراد البائع الاحتياط الشديد ، وقد يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، وقد يكون شفوياً ولكن يقع على البائع عبء إثبات أنه قام بهذا الواجب وأنه أخطر المشترى فعلا بوضع المبيع تحت تصرفه .

ومتى اجتمع هذان العنصران : فإن البائع يكون قد أتم تنفيذ التزامه بتسليم المبيع ( [1041] ) .

  307 - تطبيقات فى التسليم الفعلى : يبقى فى التسليم الفعلى أن نورد بعض تطبيقات تبين كيف يكون وضع المبيع تحت تصرف المشترى على النحو الذى قدمناه ، سواء كان فى العقار أو فى المنقول أو فى الحقوق المجردة .

 $ 591 $

فإذا كان المبيع عقاراً ، فإن وضعه تحت تصرف المشترى يكون أولا بتخلية البائع له . فإذا كان داراً يسكنها البائع ، وجب عليه أن يخليها وأن يخرج ماله من أثاث وأمتعة فيها . وإذا كانت أرضاً زراعية ، وجب عليه أن يتركها وأن يأخذ ماله فيها من مواش وآلات ونحو ذلك . فلابد إذن من إخلاء العقار أولا ، ثم يأتى بعد ذلك تمكين المشترى من الاستيلاء عليه . ويقع كثيراً أن يكون مجرد إخلاء العقار منطوياً فى الوقت ذاته على تمكين المشترى من الاستيلاء عليه ( [1042] ) ، ولكن قد يقتضى الأمر أن يسلم البائع المشترى مفاتيح الدار حتى يتمكن من دخولها ( [1043] ) ، أو مستندات ملكية البائع للدار أو الأرض حتى يتمكن المشترى من التصرف فيها ( [1044] ) ، أو عقود الإيجار الواقعة على الدار أو على الأرض حتى يتمكن المشترى من التعامل مع المستأجرين : أو بوالص التأمين حتى يتمكن المشترى من العامل مع شركة التأمين ، أو ذلك كله أو بعضه بحسب ما يكون فى يد البائع . وقد رأينا أن المادة 573 من المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد –وقد حذفت لأنها مستفادة من القواعد العامة كما قدمنا ( [1045] ) - كانت تنص على أن " يلتزم البائع أن يزود المشترى بالبيانات الضرورية عن الشيء المبيع ، وأن يقدم له الأوراق والمستندات المتعلقة بهذا الشيء " .

  وإذا كان المبيع منقولا ، فإن وضعه تحت تصرف المشترى يكون عادة بمناولته إياه يداً بيد ، ويتيسر ذلك فى المنقول فى أكثر الأحيان . ولكن قد يحصل ذلك أيضاً بتسليم المشترى مفاتيح منزل أو مخزن أو صندوق أو أى مكان $ 592 $ آخر يحتوى هذا المنقول ( [1046] ) ، أو بتحويل سند الشحن أو الإيداع أو التخزين للمشترى إن كان المنقول مشحوناً أو مودعاً أو مخزوناً فى جهة ما ( [1047] ) ، أو بتسليم هذا السند للمشترى إذا كان السند لحامله ( [1048] ) . وقد يحصل ذلك بمجرد التخلية ، كما إذا كان المبيع محصولات لا تزال قائمة فى الأرض أو ثماراً لا تزال فوق الأشجار ، فيخلى البائع ما بينها وبين المشترى حتى يستولى هذا عليها ( [1049] ) . وقد يحصل ذلك بإفراز الشيء المعين بنوعه فقط فى حضور المشترى ودعوته لتسلمه ، ويقع الإفراز بالعد أو الكيل أو الوزن أو المقاس .

وإذا كان المبيع حقاً مجرداً ، كحق المرور ، فإنه يوضع تحت تصرف المشترى بتسليم سنده إن كان له سند سابق ، أو بالترخيص للمشترى فى استعمال هذا الحق مع تمكينه من ذلك بإزالة ما قد يحول بينه وبين المرور ( [1050] ) . قد يكون المبيع حقاً شخصياً لا حقاً عينياً ، كما فى حوالة الحق ، وعندئذ يوضع الحق تحت تصرف المحال له بتسليمه سند الحق لتمكينه من استعماله فى مواجهة المحال عليه ( [1051] ) .

 $ 593 $

ويتبين من هذه التطبيقات –كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( [1052] ) - أن طريقة التسليم تتكيف حسب طبيعة المبيع ( [1053] ) .

308 - التسليم الحكمى : ويقوم مقام التسليم الفعلى على النحو الذى قدمناه التسليم الحكمى ، أو كما تدعوه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( [1054] ) ، التسليم المعنوى . والتسليم الحكمى يتم – كما تقول الفقرة الثانية من المادة 435 مدنى فيما رأينا – بمجرد تراضى المتعاقدين ، ويتراضيان على أن المبيع قد تم تسليمه من البائع إلى المشترى . ويتميز التسليم الحكمى بذلك عن التسليم الفعلى بأنه اتفاق ( Convention ) أو تصرف قانونى ( Acte juridique ) ، وليس بعمل مادى .

وللتسليم الحكمى صورتان : ( الصورة الأولى ) أن يكون المبيع فى حيازة المشترى قبل البيع ، بإجازة أو إعارة أو وديعة أو رهن حيازة أو نحو ذلك ، ثم يقع البيع . فيكون المشترى حائزاً فعلا للمبيع وقت صدور البيع ، ولا يحتاج إلى استيلاء مادى جديد ليتم التسليم . وإنما يحتاج إلى اتفاق مع البائع على أن يبقى المبيع فى حيازته ، ولكن لا كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده أو مرتهن ، بل كمالك له من طريق الشراء . فتتغير نية المشترى فى حيازته للمبيع ، وإن كانت الحيازة المادية تبقى كما كانت ( [1055] ) . وهذه الصورة هى التى كان التقنين المدنى السابق ( م 272  /  343 ) ينص عليها وحدها . ( الصورة الثانية ) أن يبقى المبيع فى حيازة البائع بعد البيع ، ولكن لا كمالك فقد خرج عن الملكية بعقد البيع ، بل كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده أو مرتهن رهن حيازة أو غير ذلك مما يترتب على عقد يتم بين المشترى والبائع بعد البيع ويستلزم نقل حيازة الشيء من المشترى إلى البائع . فبدلا من أن يسلم البائع المبيع للمشترى بموجب عقد البيع ، $ 594 $ ثم يعود إلى تسلمه من المشترى بموجب عقد الإيجار أو أى عقد آخر ، يبقى المبيع فى يد البائع بعد أن يتفق الطرفان ( [1056] ) على أن هذا يعد تسليما من البائع للمشترى ثم إعادة حيازته من المشترى للبائع بموجب العقد الجديد الذى تلى عقد البيع . ويصح أن يكون هذا العقد الجديد عقد بيع ثانى أو عقد هبة ، فيبيع المشترى الشيء للبائع بعد أن اشتراه منه أو يهبه إياه ، ومن ثم يبقى الشيء فى حيازة البائع كمالك له ، ولكن بعقد بيع جديد أو بعقد هبة لا على حكم الملك الأصلى ( [1057] ) . وهذه الصورة الثانية لم يعرض لها التقنين المدنى السابق ، وشملنا الفقرة الثانية من المادة 435 من التقنين المدنى الجديد فيما قدمناه .

وكلتا الصورتين الأولى والثانية ليست إلا تطبيقا لمبدأ عام فى انتقال الحيازة من شخص إلى آخر انتقالا حكمياً ، وقد ورد هذا المبدأ فى المادة 953 مدنى إذ تنص على أنه " يجوز أن يتم نقل الحيازة دون تسليم مادى إذا استمر الحائز واضعاً يده لحساب من يخلفه فى الحيازة ، أو استمر الخلف واضعاً يده ولكن لحساب نفسه " ( [1058] ) .

وقد أورد التقنين المدنى العراقى صورة ثالثة للتسليم الحكمى يمكن الأخذ بها فى مصر دون نص لأنها تتفق مع القواعد العامة ، فنصت الفقرة الثانية من المادة 540 من هذا التقنين على ما يأتى : " وإذا أجره ( المشترى ) قبل قبضه لغير البائع أو باعه أو وهبه أو رهنه أو تصرف فيه أى تصرف آخر يستلزم القبض ، وقبضه العاقد ، قام هذا القبض مقام قبض المشترى " ( [1059] ) . وتتميز هذه الصورة عن صورتى التسليم الحكمى المتقدمين ، بأن فيها انتقالا مادياً لحيازة المبيع . كما تتميز عن التسليم الفعلى ، بأن الحيازة لا تنتقل مادياً إلى المشترى نفسه ، بل إلى شخص آخر يعد نائباً عنه فى تسلم المبيع ، هو شخص تعاقد مع $ 595 $ المشترى واستلزم التعاقد أن يقبض المبيع هو أيضاً ، كمستأجر من المشترى أو مستعير أو مودع عنده أو مرتهن رهن حيازة أو مشتر أو موهوب له . فيعد قبض هذا الشخص الآخر قبضاً فعلياً بالنسبة إلى العقد الذى أبرمه مع المشترى ، وقبضاً حكمياً بالنسبة إلى عقد البيع ، ويقوم القبض الأول مقام القبض الثانى .

2 - زمان التسليم ومكانه

309 - زمان التسليم : كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يشتمل على نص يعين زمان تسليم المبيع ، فكانت المادة 578 من هذا المشروع تنص على ما يأتى : " يجب أن يتم التسليم فى الوقت الذى حدده العقد ، فإذا لم يحدد العقد وقتاً لذلك وجب تسليم المبيع فى الوقت الذى يتم فيه العقد ، مع مراعاة المواعيد التى تستلزمها طبيعة المبيع أو يقتضيها العرف " ( [1060] ) . وقد حذفت هذه المادة فى لجنة المراجعة " لأنها مستفادة من القواعد العامة " ( [1061] ) .

والواقع من الأمر أن هذه المادة المحذوفة يستفاد حكمها فى غير عناء من القواعد العامة المقررة فى الفصل المتعلق بالوفاء ، وتقررها المادة 346 مدنى على الوجه الآتى : " 1 - يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً فى ذمة المدين ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك . 2 - على أنه يجوز $ 596 $ للقاضى فى حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص فى القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم " .

فالأصل إذن أن يتم التسليم فوراً بمجرد انعقاد البيع ، وهذا إذا لم يتفق المتبايعان على ميعاد يتم فيه التسليم ، أو كان هناك عرف يقضى بتسليم المبيع فى ميعاد معين ، أو اقتضت طبيعة المبيع شيئا من الوقت فى تسليمه ، أو أمهل القاضى البائع فى تسليم المبيع إلى وقت معين لوجود أسباب تبرر هذا الإمهال ( [1062] ) .

والذى يقع عادة أن المتعاقدين يتفقان فى عقد البيع على ميعاد التسليم ، فيجب العمل بهذا الاتفاق . فإن لم يوجد اتفاق ، فقد يقضى العرف بالتسليم فى ميعاد معين ، ويقع ذلك كثيراً فى التعامل التجارى حيث يحدد العرف مهلة معينة لتسليم المبيع . فإن لم يكن هناك اتفاق ولا عرف ، واقتضت طبيعة المبيع تأخير التسليم إلى وقت معين ، كما إذا كان المبيع شيئاً غير معين إلا بنوعه وكان المفهوم أن البائع سيحصل على المقادير المبيعة من السوق ثم يسلمها بعد ذلك للمشترى ، فإن طبيعة المبيع هنا تقتضى أن يتأخر التسليم وقتاً معقولا يتيسر فيه للبائع الحصول على المقادير المبيعة من السوق ( [1063] ) . فإن لم يكن هناك اتفاق أو عرف ولم تقتض طبيعة المبيع تأخيراً فى التسليم ، وجب أن يكون التسليم فوراً بمجرد انعقاد البيع كما قدمنا ، إلا إذا وجدت ظروف تبرر منح القاضى $ 597 $ للبائع مهلة ف التسليم ، كما إذا كان المبيع بضاعة يستوردها البائع وقد تأخرت فى الطريق وكانت الظروف تشفع للبائع فى أن يمنحه القاضى هذه المهلة .

على أنه يلاحظ أن الثمن إذا كان مستحق الدفع ولم يدفعه المشترى ، فللبائع أن يمتنع عن تسليم المبيع حتى يستوفى الثمن ( [1064] ) ، حتى لو منح المشترى نظرة الميسرة . وهو فى ذلك يستعمل حق حبس المبيع المقرر له ، والذى سنعرض له تفصيلا فيما يلى .

310 - مكان التسليم : كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يشتمل أيضاً على نص يعين مكان تسليم المبيع ، فكانت المادة 579 من هذا المشروع تنص على ما يأتى : " 1 - يجب أن يتم التسليم فى المكان الذى يوجد فيه المبيع وقت تمام العقد ، ما لم يتفق على غير ذلك . 2 - فإذا كان المبيع منقولا ولم يعين محل وجوده ، اعتبر موجوداً فى موطن البائع " ( [1065] ) . وقد حذفت هذه $ 598 $ المادة أيضاً " لأنها مستفادة من القواعد العامة " ( [1066] ) .

والنص المحذوف يستفاد حكمه فعلا من القواعد العامة المقررة فى فصل لوفاء ، وتقررها المادة 347 مدنى على الوجه الآتى : 1 - إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات وجب تسليمه فى المكان الذى كان موجوداً فيه وقت نشوء الالتزام ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك . 2 - أما فى الالتزامات الأخرى فيكون الوفاء فى المكان الذى يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء ، أو فى المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال " .

فالأصل إذن ، إذا كان المبيع شيئاً معيناً بالذات ، أن يكون التسليم فى المكان الذى يكون هذا الشيء موجوداً فيه وقت انعقاد البيع ( [1067] ) . وقد يكون الشيء المعين بالذات منقولا لم يعين مكان وجوده وقت البيع ، فالمفروض عندئذ أن المنقول يصحب البائع حيث يقيم ، فيكون مكان تسليمه فى موطن البائع أو فى المكان الذى يوجد فيه مركز أعماله إذا كان البيع يتعلق بهذه الأعمال . أما إذا كان المبيع شيئاً غير معين بالذات بل معيناً بنوعه ، أو كان حقاً مجرداً $ 599 $ كحق شخصى حوله الدائن ، فإن التسليم يكون فى موطن البائع أو فى مركز أعماله إذا كان البيع يتعلق بهذه الأعمال ، وذلك تطبيقاً للقاعدة التى تقتضى بأن الدين يسعى إليه ( Portable ) ولا يسعى ( Querable ) . وهذا كله ما لم يتفق المتبايعان على مكان آخر يسلم فيه المبيع ، فيجب حينئذ العمل بهذا الاتفاق . فإذا عين للمبيع مكان وجود غير مكان وجوده الحقيقى ، كان هذا بمثابة اتفاق على أن يكون التسليم فى هذا المكان المعين ، وكان البائع ملزماً بنقل المبيع من مكانه الحقيقى إلى المكان المعين .

311 - زمان تسليم المبيع المصدر ومكانه – نص قانونى : وقد ينص القانون ، فى حالات خاصة ، على تعيين زمان التسليم ومكانه . من ذلك نصت عليه المادة 436 مدنى ، فى خصوص المبيع إذا وجب تصديره للمشترى ، من أنه " إذا وجب تصدير المبيع للمشترى ، فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك " ( [1068] ) .

فإذا كن المبيع يجب تصديره إلى المشترى فى مكان غير المكان الذى هو فيه ، $ 600 $ كبضائع يشحنها البائع للمشترى ، فإن القواعد العامة التى قدمناها كانت تقضى بأن يكون التسليم فى مكان محطة الشحن لأنها مركز أعمال البائع المدين بالتسليم ، فيتم التسليم فى هذا المكان وفى وقت الشحن . وفى هذا الوقت أيضاً يتم إفراز المبيع إذا كان فى الأصل شيئاً غير معين إلا بنوعه ، فتنتقل الملكية إلى المشترى وتكون تبعة الهلاك عليه فى الطريق . ونرى من ذلك أن واقعة الشحن هذه كانت ، طبقاً للقواعد العامة ، تحدد وقت إفراز المبيع ووقت نقل ملكيته ووقت التسليم ومكانه ومبدأ انتقال تبعة الهلاك إلى المشترى . ولكن المادة 436 مدنى المتقدمة الذكر جاءت استثناء من هذه القواعد العامة . فما لم يتفق المتبايعان على أن يكون التسليم عند الشحن أو عند التفريغ وفى هذه الحالة يعمل بهذا الاتفاق ، فإن النص يقضى بأن يكون التسليم عند وصول المبيع إلى المشترى أى عند التفريغ ، ويكون ذلك فى موطن المشترى الذى هو دائن بالتسليم ، لا عند الشحن الذى هو موطن البائع وهو المدين بالتسليم .

ومن ثم يجب التمييز فى هذا الصدد بين الشيء المعين بالذات والشيء المعين بنوعه . فإذا كان المبيع المصدر منقولا معيناً بالذات ، انتقلت ملكيته إلى المشترى بمجرد البيع ، وكان زمان التسليم ومكانه عند التفريغ وفى محطة الوصول ، وكانت تبعة هلاكه على البائع قبل التسليم ، فيكن خطر الهلاك فى الطريق على البائع لا على المشترى . أما إذا كان المبيع شيئاً معيناً بنوعه ، ويغلب أن تكون بضاعة يصدرها تاجر إلى تاجر آخر ، فإن ملكية البضاعة لا تنتقل إلا بالإفراز ، والإفراز يتم عند التسليم . وزمان التسليم يكون فى هذه الحالة أيضاً وقت التفريع ( [1069] ) ، ومكانه محطة الوصول . فتنتقل الملكية إذن عند التفريغ ، ولما كان $ 601 $ خطر هلاك البضائع التى تخرج من مخزن البائع فى الطريق على من يملكها ( 94 تجارى ) ، فإن تبعة الهلاك تكون على البائع إذ هو المالك إلى أن تصل البضائع محطة التفريغ ( [1070] ) .

3 - نفقات التسليم

312 - نفقات تسليم المبيع على البائع : وكان المشروع التمهيدى يشتمل كذلك على نص يعين من تكون عليه نفقات تسليم المبيع ، فكانت المادة 580 من هذا المشروع تنص على أن " نفقات التسليم على البائع إلا إذا وجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك ، ويدخل فى هذه النفقات ما صرف على المبيع فى نقله إلى مكان التنفيذ وفى مقاسه ووزنه وحزمه " ( [1071] ) وقد حذفت هذه المادة هى أيضاً " لأنها مستفادة من القواعد العامة " ( [1072] ) .

والنص المحذوف يستفاد حكمه فعلا من القواعد العامة ، وتقررها المادة 348 مدنى فى فصل الوفاء على الوجه الآتى : " تكون نفقات الوفاء على المدين ، إلا إذا وجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك " .

 $ 602 $

فالأصل إذن أن البائع –وهو المدين بالتسليم - هو الذى يتحمل نفقاته . ويدخل فى هذه النفقات مصروفات الوزن والمقاس والكيل والعد إذا كان المبيع لا يفرز إلا بأحد هذه الطرق ، فإن الإفراز عملية ضرورية للتسليم تسبقه وتمهد له . ويدخل أيضاً فى نفقات التسليم مصروفات حزم المبيع ونقله إلى مكان التسليم إذا لم يكن هذا المكان حيث يوجد المبيع فعلا ووجب نقله إلى مكان آخر . ويدخل كذلك فى نفقات التسليم مصروفات إرسال مفاتيح الدار المبيعة ، أومفاتيح المكان الذى يوجد فيه المبيع ، إلى المشترى . وإذا كان على المبيع تكاليف تحملها البائع كما إذا كان بضاعة مستوردة ويجب دفع الرسوم الجمركية عليها حتى يتسلمها البائع ليسلمها للمشترى ، فتكون الرسوم الجمركية على البائع ( [1073] ) . وكل مصروفات أخرى يستلزمها وضع المبيع تحت تصرف المشترى حتى يتم التسليم تكون على البائع .

وهذا إذا لم يكن هناك اتفاق أو عرف يجعل مصروفات التسليم على المشترى لا على البائع . فأجرة عداد النور أو المياه مثلا –وهى مصروفات لإفراز المبيع - تكون فى الأصل على البائع ، أى على شركة النور أو شركة المياه ( [1074] ) ، ولكن كثيراً ما يقضى الاتفاق بأن تكون أجرة العداد على المستهلك . كذلك قد يقضى العرف بأن يكون الوزن والكيل ونحو ذلك على المشترى لا على البائع ، أو مناصفة بين المشترى والبائع .

313 - نفقات تسليم المبيع على المشترى – إحالة : وسنرى أنه إذا كان تسليم المبيع التزاماً فى ذمة البائع ، فإن تسلمه التزام فى ذمة المشترى ( م 464 مدنى ) . ومن ثم تكون مصروفات التسلم –كمصروفات نقل المبيع من مكان التسليم إلى الجهة التى يريدها المشترى ورسوم المرور والترانزيت والدخولية وغير ذلك - $ 603 $ على المشترى لا على البائع ، إلا إذا وجد اتفاق أو عرف يجعل هذه المصروفات على البائع . وسنعود إلى ذلك عند الكلام فى تسلم المشترى للمبيع ( [1075] ) .

المطلب الثالث

الجزاء على الإخلال بالتزام التسليم

( تبعة هلاك المبيع أو تلفه قبل التسليم )

314 - التنفيذ العينى أو الفسخ مع التعويض فى الحالتين : وإذا أخل البائع بالتزام التسليم على النحو الذى قدمناه ، فامتنع عن التسليم ، أو سلم المبيع فى غير الحالة التى كان عليها وقت البيع ، أو تأخر فى التسليم عن زمانه ، أو أراد تسليم المبيع فى غير مكانه ، أو ارتكب أية مخالفة أخرى لأحكام التسليم التى سبق أن بسطناها ( [1076] ) ، فإن المشترى يستطيع أن يطالبه بالتنفيذ العينى $ 603 $ إذا كان ذلك ممكناً ، كما يستطيع أن يطلب فسخ البيع وللقاضى سلطة تقديرية فى إجابته إلى طلبه ، وله أن يطلب فى الحالتين تعويضاً عما عسى أن يكون قد أصابه من الضرر من جراء إخلال البائع بالتزامه ( [1077] ) . وكل هذا يكون طبقاً $ 605 $ للقواعد العامة التى قررناها فى نظرية العقد وفى نظرية تنفيذ الالتزام ( [1078] ) . فإذا تأخر البائع عن التسليم مثلا ، كان للمشترى أن يطالبه بالتعويض عما أصابه من ضرر بهذا التأخر ( [1079] ) ، كأن يكون المبيع بضائع رخص سعرها عند تسلم المشترى إياها متأخرة وكان يستطيع بيعها بثمن أعلى ولو أنه تسلمها فى الميعاد ( [1080] ) . بل يجوز للمشترى ، طبقاً للقواعد العامة ، أن يشترى البضائع التى امتنع البائع عن تسليمها ، ويكون ذلك على نفقة البائع . ويحصل البائع على إذن من المحكمة قبل الشراء ، وعند الاستعجال يجوز له دون إذن ، لكن بعد $ 606 $ إعذار البائع ، أن يشترى البضائع على نفقته ( [1081] ) .

ولما كان الالتزام بالتسليم التزاما بتحقيق غاية كما قدمنا ، فإن البائع إذا لم يسلم المبيع للمشترى ، حتى لو كان ذلك راجعاً إلى سبب أجنبى ، كما إذا هلك المبيع أو تلف بقوة قاهرة أو حادث فجائى ، فإن البائع يكون مع ذلك لم يقم بالتزامه بالتسليم فيصح مسئولا عن ذلك . ومن ثم تكون تبعة هلاك المبيع أو تلفه قبل التسليم على البائع لا على المشترى ، وهذا ما ننتقل الآن إليه ، فنستعرض حالة هلاك المبيع هلاكا كليا ، ثم حالة هلاكه هلاكا جزئياً أو نقص قيمته لتلف أصابه ( [1082] ) .

1 - تبعة الهلاك الكلى قبل التسليم

315 - النصوص القانونية : تنص المادة 437 من التقنين المدنى على ما يأتى :

إذا هلك المبيع قبل التسليم لسبب لابد للبائع فيه ، انفسخ البيع واسترد المشترى الثمن ، إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشترى لتسلم المبيع " ( [1083] ) .

ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 297  /  371 ( [1084] ) .

 $ 607 $

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 405 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 426 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 547–548 – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 396 – 400 ( [1085] ) .

 $ 608 $

316 - تحمل البائع تبعة الهلاك قبل التسليم مترتب على التزامه بالتسليم : قدمنا أن التزام البائع بتسليم المبيع هو التزام بتحقيق غاية ، لأنه التزام متفرع عن التزامه بنقل ملكية المبيع ، ويترتب على أن الالتزام بالتسليم التزام بتحقيق غاية أن تبعة هلاك المبيع قبل التسليم تكون على البائع ، ولو كان المشترى قد أصبح مالكاً للمبيع قبل هلاكه .

وقد قدمنا فى الجزء الثانى من الوسيط ( [1086] ) أن الالتزام بالتسليم قد يكون التزاما مستقلا ، أى غير متفرع عن التزام الملكية ، كالتزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة للمستأجر والتزام المستأجر بردها للمؤجر ، وفى هذه الحالة يكون هلاك الشيء الواجب التسليم على مالكه ولو هلك قبل التسليم . فإذا هلكت العين المؤجرة قبل أن يسلمها المؤجر للمستأجر ، فأنها تهلك على المؤجر باعتباره المالك . وكذلك إذا هلكت هذه العين قبل أن يردها المستأجر للمؤجر ، فأنها تهلك على المؤجر أيضاً باعتباره المالك . ذلك أن الأصل فى الهلاك أن يكون على المالك ( res perit domino ) ، فهو الذى يكسب الغنم ، وهو الذى يتحمل الغرم .

لكن إذا كان الالتزام بالتسليم التزاماً تبعياً متفرعاً عن الالتزام بنقل الملكية كالتزام البائع بتسليم المبيع إلى المشترى ، فالأصل أن الهلاك ( [1087] ) يكون على المدين $ 609 $ بالتسليم أى على البائع ، لا على المشترى وهو الدائن بالتسليم ولو أنه أصبح مالكاً للمبيع بانتقال ملكيته إليه قبل أن يتسلمه . ويبرر الانحراف هنا عن القاعدة التى تقضى بأن يكون الهلاك على المالك أن الالتزام بالتسليم ، وهو متفرع عن الالتزام بنقل الملكية ، ليس فى حقيقته إلا التزاماً مكملا للالتزام بنقل الملكية ، إذ لا تخلص الملكية فعلا للمشترى إلا بالتسليم . ومن ثم كان الهلاك على البائع ، وهو مدين بنقل الملكية وبالتسليم معاً . وقد طبق التقنين المدنى الجديد هذه القاعدة على العقود الناقلة للملكية كالبيع والشركة . وقد رأينا النص الوارد فى البيع ، أما فى الشركة فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 511 مدنى أنه " إذا كانت حصة الشريك حق ملكية أو حق منفعة أو أى حق عينى آخر ، فإن أحكام البيع هى التى تسرى فى ضمان الحصة إذا هلكت . . " ( [1088] ) .

 $ 610 $ هلاك المبيع بفعل البائع أو بفعل المشتري قبل التسليم : ونفرض فيما قدمناه أن المبيع هلك قبل التسليم بقوة قاهرة أو بحادث فجائى . أما إذا هلك بفعل البائع فإن هذا يبقي من باب أولي مسئولا عن الهلاك ، بل يكون أيضا مسئولا عن تعويض المشتري عما أصابه من الضرر ولا يقتصر علي رد الثمن ( [1089] ) وإن هلك المبيع قبل التسليم بفعل المشتري ، كان الهلاك في هذه الحالة علي المشتري لأنه هو الذب تسبب فيه ، ووجب عليه دفع الثمن كاملا إلي البائع إذا كان لم يدفعه ، ولا يسترده بطبيعة الحالة إذا كان قد دفعه ( [1090] ) .

  وليس في كل هذا إلا تطبيق للقواعد العامة ، ولا حاجة فيه إلي نص خاص . وقد كان هذا النص الخاص موجوداً في المشروع التمهيدي ، وهو نص المادة 583 من هذا المشروع ، وكان يجري على الوجه الآتي : " في الحالتين المنصوص عليهما في المادتين السابقتين ، إذا كان الهلاك أو نقص القيمة بفعل المشتري ، وجب دفع الثمن كاملا . أما إذا كان بعف البائع ، فإن طلب المشتري فسخ البيع ألزم البائع بالتعويض ، وإن طلب بقاء العقد وجب إنقاص الثمن ( [1091] ) .

 $ 611 $ وقد حذفت لجنة المراجعة هذه المادة " لأنها مستفادة من القواعد العامة " ( [1092] ) .

318 - هلاك المبيع بقوة قاهرة أو حادث فجائي قبل التسليم : فنقتصر هنا إذن علي الحالة التي يكون فيها هلاك البيع قبل التسليم قد حدث بقوة قاهرة أو بحادث فجائي ، أو كما تقول المادة 347 مدني السالفة الذكر قد حدث لسبب لا يد للبائع فيه ( [1093] ) ، وقد قدمنا أن الهلاك في هذه الحالة يكون علي البائع لا علي المشتري ولو أن المشتري قد أصبح مالكا قبل التسليم . وقد ذكرنا أن السبب في عدم تحميل المشتري تبعة الهلاك قبل التسليم بالرغم من أنه أصبح مالكا أن الملكية لا تخلص له فعلا إلا عند التسليم ، وأن التزام البائع بالتسليم هو جزء متمم لالتزامه بنقل الملكية ، فإذا كان التسليم لم يتم فأن التزامه بنقل الملكية يكون هو أيضا ناقص التنفيذ بالرغم من أن الملكية تكون قد انتقلت إلي المشتري . فإذا هلك المبيع قبل التسليم بقوة قاهرة أو بحادث فجائي ، فإن التزام البائع بالتسليم ، هو التزام بتحقيق غاية كما قدمنا ، يصبح مستحيل التنفيذ . ومتي أصبح التزام في عقد ملزم للجانبين كعقد البيع مستحيل التنفيذ . ومتي أصبح التزام في عقد ملزم للجانبين كعقد البيع مستحيل التنفيذ ، انفسخ العقد بحكم القانون طبقا للقواعد العامة ، وهي القواعد التي قررتها المادة 159 مدني علي الوجه الآتي : " في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضي التزام بسبب استحالة تنفيذه ، انقضت معه التزامات المقابلة له ، وينفسخ العقد من تلقاء نفسه " . ومتي انفسخ عقد البيع لاستحالة تسليم المبيع ، فقد سقط بانفساخه التزام المشتري بدفع الثمن ، وكان له أن يسترده من البائع إذا كان قد دفعه ، وأن يمتنع عن دفعه إذا كان لم يدفعه . فيخرج البائع ، بانفساخ البيع علي هذا الوجه ، وقد خسر المبيع وخسر الثمن ، فيكون هو الذي تحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم . وعلي هذا النحو يجب تأصيل المادة 437 مدني السالفة الذكر ، فهي ليست كما $ 612 $ رأينا إلا تطبيقا لنظرية انفساخ العقد الملزم للجانبين بسبب استحالة تنفيذ الالتزام .

  وهذا التأصيل ، وهو يتفق مع القواعد العامة كما قدمنا ، يتفق في الوقت ذاته مع أحكام الفقه الإسلامي وهي تجعل الهلاك علي البائع قبل التسليم ( [1094] ) . ولذلك اعتاد الفقه المصري أن ينسب القاعدة التي أخذ بها التقنين المصري إلي الفقه الإسلامي ، وذلك لما رأي أن هذا التقنين سار عليها مخالفا بذلك القاعدة التي أخذ بها التقنين الفرنسي كما سبق القول ( [1095] ) .

  ونري من ذلك أن المبيع إذا كان عينا معينة بالذات ، تنتقل تبعة هلاكه ، لا مع انتقال الملكية ، بل مع انتقال الحيازة ( [1096] ) . فلو كان المبيع عقاراً ، وهلك قبل التسليم وقبل تسجيل البيع ، كان هلاكه علي البائع ، أما إذا هلك بعد $ 613 $ التسليم وقبل تسجيل البيه فهلاكه علي المشتري ( [1097] ) . فالعبرة إذن بالتسليم الذي يتم به نقل الحيازة ، لا بالتسجيل الذي يتم به نقل الملكية ومتي انتقلت الحيازة إلي المشتري بالتسليم ، كان الهلاك عليه ولم تنتقل إليه الملكية بالتسجيل . أما إذا لم تنتقل إليه الحيازة بالتسليم ، كان الهلاك علي البائع ولو انتقلت الملكية إلي المشتري بالتسجيل ( [1098] ) .

  وإذا كان المبيع شيئا غير معين بالذات ثم عين بعد ذلك ، فإنه يبقي في ضمان البائع حتي وقت التسليم . فإن هلك قبل ذلك ، هلك علي البائع بالرغم من أنه قد تم تعيينه قبل الهلاك وبالرغم من أن ملكيته تكون قد انتقلت إلي المشتري بهذا التعيين . أما إذا هلك بعد التسليم ، فهلاكه علي المشتري ( [1099] ) ، لا لأنه تم تعيينه بالتسليم فانتقلت الملكية إلي المشتري ، بل لأنه قد سلم إلي المشتري فانتقلت حيازته إليه ، فأصبحت تبعة الهلاك عليه بموجب انتقال الحيازة لا بموجب انتقال الملكية .

   $ 614 $ أعذار البائع المشتري لتسلم المبيع : ولكن قد يحدث أن البائع يكون مستعداً لتنفيذ التزامه بتسليم ، المبيع إلي المشتري ، ويكون المشتري هو المتعنت فيأبي دون مبرر أن يتسلم المبيع . فتوقيا لتحميل البائع تبعة هلاك المبيع في هذه الحالة ، أعطي القانون سلاحاً للبائع يدراً به عنه هذا الخطر . فأجاز له أن يعذر المشتري ليتسلم المبيع ، ومن وقت الإعذار يعتبر المبيع في حكم الشيء المسلم للمشتري ، فإذا هلك حتي قبل التسليم الفعلي فإن هلاكه يكون علي المشتري لا علي البائع ( [1100] ) . وفي هذه تقول العبارة الأخيرة من المادة 437 مدني كما رأينا : " إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشتري لتسلم المبيع " أي أن الهلاك يكون استثناء علي المشتري إذا وقع بعد إعذاره لتسلم المبيع ( [1101] ) .

  وقد ينص عقد البيع ذاته علي أن المشتري ملزم بتسللم المبيع في يوم معين دون حاجة إلي إعذاره بذلك . ففي هذه الحالة يعتبر المشتري معذراً بمجرد حلول اليوم المعين للتسلم طبقا للقواعد العامة ، فإذا هلك المبيع بعد ذلك كان هلاكه علي المشتري ولو لم يكن قد تسلمه فعلا .

  320 - هلاك المبيع في يد البائع وهو حابس له : وهناك حالة أخري يهلك فيها المبيع علي المشتري قبل التسليم ، وهي حالة ما إذا كان البائع قد حبس المبيع في يده لعدم استيفاء الثمن ، وسنري أن للبائع حق حبس المبيع حتي يستوفي الثمن ، فإذا حبس البائع المبيع وأعذر المشتري أو أخطره بهذا الحبس ( [1102] ) ، وهلك المبيع أثناء الحبس ، كان الهلاك علي المشتري بالرغم من $ 615 $ عدم تسليم البائع المبيع له ، لأن عدم التسليم هنا راجع إلي خطأ المشتري فهو لم يدفع الثمن ودفع البائع بذلك إلي حبس المبيع . وقد نصت المادة 460 مدني علي هذا الحكم صراحة إذ تقول : " وإذا هلك المبيع في يد البائع وهو حابس له ، كان الهلاك علي المشتري ، ما لم يكن المبيع قد هلك بفعل البائع " ( [1103] ) . وسنعود إلي هذه المسألة فيما يلي ( [1104] ) .

 " 2 - تبعة الهلاك الجزئي أو نقص القيمة لتلف المبيع قبل التسليم .

321 - النصوص القانونية : تنص المادة 438 من التقنين المدني علي ما يأتي :

   " إذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه ، جاز للمشتري إما أن يطلب فسخ البيع إذا كان النقص جسيما بحيث لو طرأ قبل العقد لما تم البيع ، وإما أن يبقي البيع مع إنقاص الثمن " ( [1105] ) .

 $ 616 $ ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 298  /  372 ( [1106] ) .

  ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 406 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 427 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 547  /  1 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني لا مقابل له ( [1107] ) .

  322 - الهلاك الجزئي أو نقص القيمة بفعل البائع أو بفعل المشتري : وغني عن البيان أن المادة 438 مدني السالفة الذكر تفترض أن هلاك المبيع هلاكاً جزئيا أو نقص قيمته إنما وقع بقوة قاهرة أو بحادث فجائي ، وإذا كان النص لا يصرح بذلك فإنه مستخلص من سياق النصوص . أما إذا كان الهلاك الجزئي أو نفص القيمة راجعا إلي فعل البائع ، فالبائع يكون مسئولا عن ذلك بطبيعة الحال ، بل يكون مسئولا أيضا عن التعويض . وإن كان راجعا إلي فعل المشتري ، $ 617 $ كان هذا هو المسئول ، وعليه أن يدفع الثمن كاملا للبائع . وقد سبق بيان ذلك في الهلاك الكلي ( [1108] ) .

  323 - الهلاك الجزئي أو نقص القيمة بقوة قاهرة أو حادث فجائي : فنقتصر هنا أيضا علي حالة ما إذا كان الهلاك الجزئي أو نقص القيمة قد حدث بقوة قاهرة أو حادث فجائي . وتكون تبعة هذا الهلاك الجزئي أو نقص القيمة قبل تسليم المبيع علي البائع ، للأسباب نفسها التي ذكرناها في حالة الهلاك الكلي . فالبائع ملزم بتسليم المبيع كاملا دون نقص أو تلف ، وهذا الالتزام متفرع عن الالتزام بنقل الملكية ، وهو التزام بتحقيق غاية . فإذا لم يقم به البائع كان مسئولا ، حتي لو رجع ذلك إلي قوة قاهرة أو حادث فجائي ، فتكون التبعة عليه ، كما كانت التبعة عليه في الهلاك الكلي .

  وينبني علي ذلك أن المشتري ، في حالة الهلاك الجزئي ( [1109] ) أو نقص القيمة ، يكون بالخيار بين الفسخ أو إنقاص الثمن بما يتناسب مع ما هلك من المبيع أو نقص من قيمته ، دون أن يكون له حق في التعويض لأن الهلاك أو النقص قد حدث بقوة قاهرة أو حادث فجائي . ولكن إذا كان الهلاك أو نقص القيمة لم يبلغ $ 618 $ من الجسامة قدراً بحيث لو كان قد طرأ قبل العقد لما تم البيع ، لم يكن للمشتري حق الفسخ ، وإنما يكون له حق إنقاص الثمن فقط ( [1110] ) .

  ويلاحظ أنه يمتنع علي المشتري الفسخ ، حتي لو كان الهلاك أو النقص وصل إلي هذا القدر من الجسامة ، إذا كان قد رتب للغير حسن النية حقا عينياً علي المبيع ، فلا يملك المشتري عندئذ إلا إنقاص الثمن ( [1111] ) .

  324 - الهلاك الجزئي أو نقص القيمة بعد إعذار المشتري أو بعد حبس المبيع : وغني عن البيان أن البائع إذا أعذر المشتري لتسلم المبيع ، أو حبس المبيع لعدم استيفاء الثمن ، فإن الهلاك الجزئي أو نقص القيمة إذا طرأ بعد ذلك علي المبيع ، تحمل المشتري تبعته ( [1112] ) ، كما يتحملها في الهلاك الكلي ، للأسباب عينها .

المبحث الثالث

ضمان التعرض والاستحقاق

  325 - خصوصية ضمان التعرض والاستحقاق : إذا قلنا إن ضمان البائع للتعرض والاستحقاق فرع عن التزامه بنقل ملكية المبيع إلي المشتري ، لكانت النصوص المتعلقة بضمان التعرض والاستحقاق مجرد تطبيق للقواعد العامة ، ولصح التساؤل عما إذا لم يكن هناك تزيد في بعض هذه النصوص . ذلك أنه ما دام البائع ملزما بنقل ملكية المبيع إلي المشتري ملكية كاملة ، فهو إذا لم $ 619 $ يكن مالكا – وهذا هو موضع الاستحقاق الكلي - كان المبيع بيع ملك الغير ( [1113] ) ، وكان للمشتري دعوي الإبطال . وإذا كان البائع غير مالك لبعض المبيع أو كان مالكا لكل المبيع ولكن علي المبيع حقوق للغير - وهذا هو موضع الاستحقاق الجزئي - فإن الملكية التي تعهد البائع بنقلها لم تخلص للمشتري كاملة ، ومن ثم جاز للمشتري طلب فسخ البيع مع التعويض إذا كان له مبرر .

  ولكن القانون مع ذلك يجعل للمشتري في الحالتين المتقدمتي الذكر دعوي ضمان ، وهي غير دعوي الإبطال وغير دعوي الفسخ . هي غير دعوي الإبطال ، إذ الضمان فيها لا يقوم إلا إذا وقع فعلا تعرض من المالك الحقيقي للمشتري ، أما دعوي الإبطال فيستطيع المشتري رفعها قبل وقوع هذا التعرض . هذا إلي أن دعوي الضمان تتقادم بخمس عشرة سنة ، وتتقادم دعوي الإبطال عادة بثلاث سنوات . ودعوي الضمان غير دعوي الفسخ ، إذ دعوي الضمان سببها قيام عقد البيع ، والتعويض فيها تولت النصوص تقديره تقديراً تفصيليا فهو غير متروك لتقدير القاضي ، وإذا كانت تتقادم بخمس عشرة سنة فهذه المدة تسري من وقت وقوع التعرض . أما دعوي الفسخ فتفترض فسخ عقد البيع لا قيام هذا العقد ، والتعويض فيها متروك لتقدير القاضي ولم تتعرض لتقديره النصوص ، وإذا كانت تتقادم هي الأخري بخمس عشرة سنة فإن هذه المدة تسري من وقت تمام البيع لا من وقت وقوع التعرض .

  يخلص مما تقدم أن عدوي الضمان هي دعوي مستقلة عن كل من دعوي الإبطال ودعوي الفسخ ، ويؤكد ذلك نص المادة 443 مدني ، فقد عرض لذكر عناصر التعويض تفصيلا عند استحقاق كل المبيع بناء علي دعوي الضمان ، ثم أشار إلي استقلال هذه الدعوي عن الدعويين الأخريين ، فقالت العبارة الأخيرة من النص : " كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنيا علي المطالب بفسخ البيع أو إبطاله " .

  والسبب في خصوصية دعوي الضمان واستقلالها عن سائر الدعاوي التي تستمد مباشرة من القواعد العامة ، وتتفرع من التزام البائع بنقل ملكية المبيع $ 620 $ إلي المشتري ، يرجع إلي اعتبارات تاريخيه نمت إلي القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم . فقد كان البيع ، في العهد الأول للقانون الروماني ، عبارة عن نقل ملكية البيع إلي المشتري عن طريق رسوم وأوضاع معينة تسمي بالإشهاد ( mancipatio ) وكان لا يترتب علي هذه العملية أي التزام شخص في ذمة البائع ، فهي مقصورة علي نقل الملكية إلي المشتري . وإذا كان المبيع غير مملوك للبائع ، واستحق في يد المشتري ، فقد كان هذا يرجع علي البائع بدعوي جنائية ( action auctoritatis ) يتقاضي بموجبها ضعف الثمن الذي دفعه ، لا بدعوي مدنية مبنية علي التزام في ذمة البائع . أما إذا انتقلت ملكية المبيع بالتسليم ( tradition ) ، فقد كان المشتري يشترط علي البائع بعقد لفظي ( stipulation ) مستقل عن عملية نقل الملكية تعويضا فيما إذا استحق المبيع . ولما أصبح البيع في القانون الروماني عقداً رضائيا يرتب التزامات في ذمة البائع ، لم يكن من هذه الالتزامات نقل الملكية ، بل كان البائع يلتزم بنقل حياة المبيع إلي المشتري حيازة هادئة . وكذلك كان الأمر في القانون الفرنسي القديم ، فقد قدمنا أن البائع كان يلتزم في العهود الأولي بنقل الحيازة لا بنقل الملكية . وقد تلقي التقنين المدني الفرنسي هذه التقاليد عن القانون الروماني وعن القانون الفرنسي القديم : ضمان تعرض واستحقاق لا يرتبط بنقل الملكية وإنما يرتبط بنقل الحيازة ، فلا يقوم إلا إذا وقع تعرض يعكر من هدوء هذه الحيازة ، لا مجرد إخلال بالتزام نقل الملكية ، وإذا قام فله قواعده الخاصة التي يستقل بها عن الدعاوي المتفرعة عن الالتزام بنقل الملكية - كدعوي الفسخ ودعوي الإبطال - لاسيما فيما يتعلق بتقدير التعويض ( [1114] ) .

  وهناك خصوصية أخري في تقاليد هذا الضمان تتعلق بحقوق الارتفاق فقد كان البائع في القانون الروماني لا يضمن للمشتري خلو المبيع من حقوق ارتفاق عليه لا بموجب دعوي العقد اللفظي ( action ex stipulatu ) ولا بموجب دعوي البيع ذاتها ( action empti ) ويرجع ذلك إلي أن التنظيم الاقتصادي $ 621 $ للملكية العقارية عند الرومان كان من شأنه أن يجعل المشتري يتوقع دائما أن يكون علي المبيع حقوق ارتفاق ، فلم يكن البائع مكلفا أن يكاشف المشتري بها ، ولم يكن يضمن له خلو المبيع منها . فإذا أراد المشتري أن يضمن له البائع خلو المبيع من حقوق ارتفاق عليه ، فقد كان يضع في ذلك شرطا خاصا في عقد البيع ( vendu ut optimus maximus ) أما القانون الفرنسي القديم فقد كان يعتبر ظهور حق ارتفاق علي المبيع من قبيل العيوب الخفية ، فيضمن البائع حق الارتفاق علي هذا الأساس . ومن هنا أفرد التقنين المدني الفرنسي ( م 1626 ) بالذكر ضمان البائع لحقوق الارتفاق والتكاليف المترتبة علي المبيع إذا لم يعلن المشتري بها ، تمشيا مع تقاليد القانون الروماني . وانحرف في الوقت ذاته عن تقاليد القانون الفرنسي القديم ، فجعل هذا الضمان ضمان استحقاق لا ضمان عيب خفي ، بما يستتبع ذلك من نتائج أهمها أن يقوم الضمان ولو في البيوع القضائية وكان لا يقوم لو أن ضمان عيب خفي ، وأن يدفع البائع تعويضا بسبب هذا الضمان ولو كان حسن النية وكان لا يدفع تعويضا إلا إذا كان سييء النية لو أنه ضمان عيب خفي ( [1115] ) .

  هذه التقاليد التاريخية تركت طابعها ظاهراً في دعوي ضمان التعرض والاستحقاق في التقنين المدني الفرنسي ، فانفردت هذه الدعوي بالخصوصيات التي تقدم ذكرها مستقلة عن دعاوي الفسخ والإبطال المتفرعة عن التزام البائع بنقل الملكية . وانتقلت هذه الخصوصيات إلي التقنين المدني المصري ، إلا أن هذا التقنين لم يبرز حقوق الارتفاق والتكاليف كسبب مستقل للضمان كما فعل التقنين المدني القرنسي ، ولكنه أشار إلي التكاليف كحالة من حالات الاستحقاق الجزئي م 444 مدني ، ثم جعل من ظهور حق الارتفاق أو إعلان البائع إياه للمشتري شرطاً ضمنيا لعدم الضمان ( م 445  /  2 مدني ) .

  وليست التقنينات اللاتينية هي وحدها التي تحمل طابع التقاليد في ضمان التعرض والاستحقاق ، بل يحملها أيضا - وإن كان بدرجة أقل - التقنينات الجرمانية . وتقنين الالتزامات السويسري ( م 102 و م 197 ) متشبع بهذه $ 622 $ التقاليد . أما التقنين المدني الألماني ( م 434 و م 440 ) فقد تحرر منها في العقار فلا يشترط وقوع التعرض بل يكتفي باحتمال وقوعه ، ولكنه في المنقول بقي متأثراً بالتقاليد إذ يشترط وقوع التعرض . وقد تحرر تقنين الالتزامات البولوني ( م 306 و م 311 و م 336 ) من هذه التقاليد ، إلي حد أن مزج ما بين ضمان التعرض والاستحقاق وأسماه ضمان العيوب القانونية ، وبين ضمان العيوب الخفية وأسماه ضمان العيوب المادية ، وأرجع الضمانين إلي أصل واحد ، ولم يشترط وقوع التعرض بل اكتفي باحتمال وقوعه في كل من العقار والمنقول ( [1116] ) .

  326 - شمول ضمان التعرض والاستحقاق : والالتزام بضمان التعرض والاستحقاق ، كالالتزام بضمان العيوب الخفية والالتزام بالتسليم ، يجاوز نطاقه عقد البيع إلي كل عقد ناقل للملكية ، بل وإلي كل عقد ينقل الحيازة والانتفاع ، لاسيما إذا كان العقد من المعاوضات . فهو موجود في عقود المقايضة والشركة والصلح والقسمة والإيجار وغيرها ، وموجود إلي مدي أضيق في التبرعات كالهبة . ذلك أن من يكون ملتزما بنقل ملكية الشيء أو بنقل الشيء أو بنقل حيازته والانتفاع به يجب عليه بداهة أن ينقل إلي الشخص الآخر ملكية أو حيازة هادئة لا يعكر صفوها تعرض منه أو من أي شخص آخر . فإذا كان العقد معاوضة برز هذا الضمان في صورة أوضح ، إذ أن الشخص الآخر قد دفع مقابلا فيجب أن يخلص له الشيء الذي دفع فيه المقابل .

  فضمان التعرض والاستحقاق ، كضمان العيوب الخفية وكالتسليم ، كان من الممكن جعله نظرية عامة في العقد دون أن يقتصر علي عقد البيع ، وهذا ما فعله المشروع التمهيدي للتقنين المدني الألماني . ولكن لما كان عقد البيع هو العقد الذي يغلب فيه استعمال هذا الضمان ويكون تنظيم هذا العقد ناقصاً لو خلا منه ، فقد درجت التقنينات - وإلي هذا انتهي أيضا التقنين المدني الألماني نفسه في صورته النهائية - علي إدماج هذا الضمان في عقد البيع ، كما أدمجت ضمان العيوب الخفية والالتزام بالتسليم . وتجعل التقنينات القواعد التي أدمجت في عقد $ 623 $ البيع هي القواعد العامة في هذا الضمان ، ثم تشير بعد ذلك في غير البيع من العقود إلي ما يتميز به العقد من خصوصيات يفارق بها هذه القواعد العامة . وعلي هذا النهج سار التقنين المدني المصري ، فقد أشار في خصوص عقد الشركة إلي هذه القواعد العامة المندرجة في عقد البيع ( م 511  /  1 مدني ) ، وكذلك في خصوص عقد القرض ( م 540 مدني ) ، وأفاض في بسط هذه القواعد في خصوص عقد الإيجار ( م 571 - 575 مدني ) لأنه يفع علي الانتفاع دون الملكية ، وأبرز خصوصية الضمان في عقد الهبة ( م 494 مدني ) فهو بخلاف البيع تبرع لا معاوضة ، وكذلك فعل في عقد العارية ( م 638  /  1 مدني ) .

  327 - التعرض الصادر من البائع والتعرض الصادر من الغير : وفي ضمان التعرض والاستحقاق في عقد البيع ، يحسن التمييز بين التعرض الصادر من البائع والتعرض الصادر من الغير ، إذ لكل من هذين النوعين قواعد يختص بها .

المطلب الأول

التعرض الصادر من البائع

  328 - مسائل ثلاث : نبحث في ضمان البائع للتعرض الصادر منه مسائل ثلاثا :( أ ) متي يقوم هذا الضمان . ( ب ) ما يترتب علي قيام الضمان . ( جـ ) الاتفاق علي تعديل أحكام الضمان .

  329 - ( 1 ) متي يقوم ضمان التعرض الصادر من البائع :

  نصوص قانونية : تنص المادة 439 من التقنين المدني علي ما يأتي :

   " يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه ، سواء كان التعرض من فعله هو أو من فعل أجنبي يكون له وقت البيع حق $ 624 $ علي المبيع يحتج به علي المشتري . ويكون البائع ملزما بالضمان ولو كان الأجنبي قد ثبت حقه بعد البيع إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع نفسه " ( [1117] ) .

  ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادتين 300  /  374 و 310  /  384 ( [1118] ) .

   $ 625 $ ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادة 407 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 428 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 549 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 428 و 431 ( [1119] ) .

  والنص يتناول التعرض الصادر من البائع والتعرض الصادر من الغير في وقت واحد . ويخلص منه ، فيما يتعلق بالتعرض الصادر من البائع ، أن ضمان هذا $ 626 $ التعرض يقوم إذا صدر تعرض من البائع للمشتري بعد إبرام عقد البيع . فنبحث إذن : ( 1 ) أعمال التعرض الصادر من البائع . ( 2 ) المدين في الالتزام يضمان التعرض وهو البائع . ( 3 ) الدائن في هذا الالتزام وهو المشتري . ( 4 ) البيع الذي ينشي هذا الضمان .

  330 - ( 1 ) أعمال التعرض الصادر من البائع : لقيام ضمان التعرض ، يجب أن يصدر من البائع عمل من شأنه أن يحول ، كليا أو جزئيا ، دون انتفاع المشتري بملكية المبيع . فيجب إذن توافر شرطين :

  ( أولا ) وقوع التعرض فعلا ، أما مجرد احتمال وقوعه فلا يكفي ( [1120] ) فإذا هدد البائع المشتري بالتعرض له ، لم يكف هذا التهديد لقيام ضمان التعرض ما دام البائع لم ينفذ وعيده ويتعرض بالفعل ( [1121] ) . وإذ باع البائع العقار المبيع مرة ثانية وبادر المشتري الثاني إلي التسجيل قبل المشتري الأول ، فانتقلت الملكية إليه هو دون المشتري الأول ، ولكن المشتري الثاني لم يتخذ أي إجراء لنزع العقار من يد المشتري الأول ، فليس للمشتري الأول أن يحتج علي البائع بضمان تعرضه الناشيء من بيعه العقار مرة أخري ، بل ليس له أن يرفع دعوي إبطال بيع ملك الغير لأن البيع الذي صدر من البائع إلي المشتري الأول قد صدر من مالك ، ولكن له أن يرفع دعوي فسخ البيع لعدم قيام البائع بتنفيذ التزامه من نقل الملكية إليه . ويترتب علي أنه لا بد من وقوع التعرض أن البيع يبقي منشئا لالتزام البائع بضمان التعرض ، ولا يسري التقادم إلا من وقت وقوع التعرض فعلا ، ومدته خمس عشرة سنة من وقت وقوع التعرض ( [1122] ) .

  ( ثانياً ) أن يكون التعرض الذي وقع فعلا عملا من شأنه أن يحول ، كليا أو جزئيا ، دون انتفاع البائع بملكية المبيع ( [1123] ) . ويستوي في ذلك أن يكون $ 627 $ التعرض مبنيا علي سبب مادي ( trouble de fait ) ، أو يكون مبنيا علي سبب قانون ( trouble de droit ) ( [1124] ) .

  والتعرض المبني عليى سبب مادي قسمان : قسم يقوم علي أعمال مادية محضة تقع من البائع ، وقسم يقوم علي تصرفات قانونية تصدر من البائع - سواء قبل البيع أو بعده - يكون من شأنها أن تحول دون انتفاع البائع بملكية المبيع . ويلاحظ فيما يتعلق بهذا القسم الثاني الذي يقوم علي تصرفات قانونية أن التصرف القانوني الصادر من البائع إلي الغير يعد عملا ماديا بالنسبة إلي المشتري لأنه ليس طرفا في هذا التصرف .

  ومثل القسم الأول الذي يقوم علي أعمال مادية محضة أن يبيع شخص متجراً لآخر ، ثم يعمد إلي إنشاء متجر مجاور من نفس النوع فينافس المشتري في عملائه الأسبقين ويحتذ بهم إليه بحكم العادة ( [1125] ) . فهنا المنافسة غير مشروعة لأن البائع يضمن عدم تعرضه للمشتري في انتفاعه بالمبيع ( [1126] ) ، ولو أن أجنبيا هو الذي أنشأ المتجر المجاور فإن منافسته لا تكون غير مشروعة ما دامت في حدود المنافسة المألوفة بين التجار ، وذلك لأن الأجنبي غير ملتزم للمشتري بعدم التعرض ( [1127] ) . $ 628 $ أما إذا تعرض البائع للمشتري بعمل من أعمال التعدي أو العنف ، فإنه يكون مسئولا عن عمله كأي شخص آخر ارتكب عملا غير مشروع ، لا كبائع ملتزم بضمان التعرض ( [1128] ) .

  ومثل القسم الثاني الذي يقوم علي تصرفات قانونية أن يبيع البائع العقار مرة ثانية ، ويبادر المشتري الثاني إلي التسجيل قبل المشتري الأول ، فتنتقل الملكية إليه دون المشتري الأول ، فينتزع منه العقار . فهنا يقع تعرض من جانب المشتري الثاني وهو تعرض صادر من الغير ، وهو في الوقت ذاته تعرض صادر من البائع نفسه لأن المشتري الثاني وهو تعرض صادر من الغير ، وهو في الوقت ذاته تعرض صادر من البائع نفسه لأن المشتري الثاني في تعرضه قد استمد حقه من البائع . وكبيع العقار مرة ثانية بيع المنقول مرة ثانية وتسليم البائع المنقول للمشتري الثاني فتنتقل إليه الملكية بموجب الحيازة إذا كان حسن النية ، فهنا أيضا تعرض صادر من كل من المشتري الثاني والبائع في وقت واحد . وفي المثلين المتقدمين صدر التصرف الثاني من البائع – وهو تعرض مبني علي سبب مادي كما قدمنا - بعد صدور البيع الذي أنشأ الالتزام بضمان التعرض . وقد يصدر هذا التصرف القانوني من البائع قبل صدور البيع لا بعده فإذا باع شخص عقاراً أو منقولا إلي مشتر أول بادر إلي تسجيل البيع في العقار أو إلي تسلم المنقول ، ثم بعد ذلك باعه إلي مشتر ثان ، فالبيع الثاني يكون بيع ملك الغير ، وقد يجيزه المشتري الثاني فيرجع علي البائع بضمان التعرض الواقع منه عن طريق تصرف قانوني صدر قبل البيع .

  أما تعرض البائع المبني علي سبب قانوني ( tronble de droit ) فيقع إذا ادعي البائع حقا علي المبيع في مواجهة المشتري ، سواء كان الحق المدعي به سابقا $ 629 $ علي البيع أو لاحقا له . مثل الحق السابق علي البيع أن يبيع البائع عقاراً ، وقبل أن يسجل المشتري البيع أي قبل أن تنتقل إليه الملكية من البائع يرفع البائع علي المشتري دعوي استحقاق باعتبار أنه لا يزال مالكا للعقار ، فهذه الدعوي يدفعها المشتري بضمان البائع للتعرض الصادر منه ، إذ لا يجوز الاسترداد لمن وجب عليه الضمان ( [1129] ) . ومثل الحق اللاحق للبيع أن يبيع شخص عينا غير مملوكة له ، ثم يصبح مالكا لها بسبب من أسباب الملك كالإرث أو الوصية أو الشراء من المالك الحقيقي أو الشفعة ، فيحتج علي المشتري بهذا الملك الحادث بعد البيع ، ويريد أن ينتزع العين منه بموجبه ، فعند ذلك يجوز للمشتري أن يدفع دعوي البائع بالتزامه ضمان التعرض الصادر منه ، وقد علمنا أن القانون في هذه الحالة عمد إلي طريق أقصر ، إذ جعل الملكية في مثل هذا البيع - وهو بيع ملك الغير - تنتقل إلي المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلي البائع بعد صدور البيع ( م 467  /  2 مدني ) .

  هذا وقد رأينا أن الحق اللاحق للبيع ينتقل بسبب من أسباب الملك ، وذكرنا من أسباب الملك الإرث والوصية والعقد والشفعة . أما الاستيلاء فغير متصور في حالتنا هذه إذ الاستيلاء يفترض أن الشيء مباح غير مملوك لأحد ، وهنا المبيع شيء غير مباح إذ سبق للبائع بيعه . وكذلك الالتصاق لا يرد من الناحية العملية ، إذ يصعب افتراض أن المبيع مواد بناء باعها صاحبها ثم أقام المشتري بناء بهذه المواد علي أرض البائع فملكها البائع بالالتصاق ، ولو تحقق هذا الفرض فعلا فلا نري مانعا من أن يحتج البائع في مواجهة المشتري بأنه تملك مواد البناء بالالتصاق ويلتزم بدفع أحدي القيم المنصوص عليها في المادتين 924 و 925 مدني إلي المشتري تبعا لما إذا كان هذا سيء النية أو حسن النية .

  بقي من أسباب الملك التقادم ، وهذا ما ننتقل الآن إليه .

   $ 630 $ تملك البائع المبيع بالتقادم : يجب هنا أن نميز بين فرضين ، أولهما أن البائع باع عينا لا يملكها ولكنه كان حائزا لها ثم ملكها بعد ذلك بالتقادم ، والفرض الثاني أن البائع باع عينا مملوكة له ولم يسلمها للمشتري بل بقي حائزاً لها حتي ملكها بالتقادم .

  ففي الفرض الأول يكون البيع بيع ملك الغير ، إذ البائع لا يملك العين وقت أن باعها . ولما كان قد أصبح مالكا لها بعد ذلك ، فإن الفقرة الثانية من المادة 467 مدني تنطبق في هذه الحالة ، وقد آلت ملكية المبيع إلي البائع بعد صدور العقد ، فينقلب بيع ملك الغير صحيحا وتنتقل الملكية من البائع إلي المشتري بمجرد أن يتملك البائع العين بالتقادم . ويستوي في ذلك أن يكون البائع قد تملك العين بالتقادم الطويل أو بالتقادم القصير مع حسن النية . مثل التملك بالتقادم الطويل أن يكون البائع حائزاً للمبيع أربع عشرة سنة قبل البيع ، ثم يبيعها وتبقي في يده سنة يستكمل بها مدة التقادم خمس عشرة سنة ، فتنتقل إليه الملكية بالتقادم وتنتقل في الحال إلي المشتري ومثل التملك بالتقادم القصير أن يكون البائع قد اشتري العقار من غير المالك وهو حسن النية وبقي واضعا يده عليه أربع سنوات ، ثم باعه للمشتري مع استمرار وضع يده السنة الباقية لاستكمال المدة خمس سنوات ، فيملك العقار بالتقادم القصير ، وتنتقل منه الملكية إلي المشتري .

  أما في الفرض الثاني فإن البائع قد باع عينا يملكها ، وسواء انتقلت الملكية إلي المشتري أو لم تنتقل بأن كان المبيع عقاراً ولم يسجل المشتري البيع ، فإن البائع ملتزم بضمان التعرض . فإذا هو امتنع من تسليم العين للمشتري ، ووضع يده عليها باعتباره مالكا فكان بذلك مغتصبا لها ، فإنه يكون متعرضا للمشتري منذ أول عمل مادي من أعمال وضع اليد التي تدل علي نية التملك ، ومن ذلك الوقت يلتزم بالضمان ولكن إذا انقضت خمس عشرة سنة علي العمل دون أن يقطع المشتري التقادم ، تم أمران : ( أولا ) سقطت دعوي المشتري في ضمان التعرض بالتقادم المسقط . ( ثانيا ) تملك البائع العين المبيعة بالتقادم المكسب ، ولا يستطيع المشتري أن يحتج عليه بالتزام الضمان بعد أن سقط بالتقادم . ونري من ذلك أن البائع يستطيع أن يتملك المبيع علي المشتري بالتقادم إذا $ 631 $ بدأ سريان هذا التقادم بعد البيع ، ولا يحول دون ذلك التزامه بضمان التعرض . ذلك أن التقادم سبب قانوني للتملك لاعتبارات ترجع إلي وجوب استقرار التعامل ، ويستطيع غير المالك أن يتملك بهذا السبب حتي لو كان بائعا ( [1130] ) للشيء الذي يتملكه بالتقادم ( [1131] ) .

  وهذا هو الذي قضت به محكمة النقض إذ تقول : " متي كان الأساس التشريعي للتميك بالتقادم الطويل هو قيام قرينة قانونية قاطعة علي توافر سبب مشروع للتملك لدي واضع اليد ، كان القول بأن تمسك البائع باكتساب ملكية العقار بوضع اليد عليه في المدة الطويلة بعد بيعه وانتقال ملكيته إلي المشتري يعتبر من جانبه تعرضا لا يتفق وواجب الضمان المفروض عليه قانونا - كان هذا القول مخالفا للقانون . " ( [1132] ) وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية ( [1133] ) إلي عكس $ 632 $ هذا الرأي ، وقضت بأن البائع لا يستطيع في هذه الحالة أن يحتج بالتقادم علي المشتري لأنه ملتزم بالضمان وهذا الالتزام أبدي لا يسقط بالتقادم ( [1134] ) . ومن اليسير الرد علي هذه الحجة ، فإنه إذا كان التزام البائع بضمان التعرض الصادر منه التزاماً أبديا إلا أنه متي وقع منه تعرض فعلا فقد تحقق الضمان ، وكان للمشتري دعوي الرجوع به علي البائع وهذه الدعوي تسقط كسائر الدعاوي بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت نشوئها أي من وقت وقوع التعرض فعلا ( [1135] ) .

  332 - ( 2 ) المدين في الالتزام بضمان التعرض الصادر من البائع : عدم قابلية الالتزام للانقسام : الملزم بضمان التعرض هو البائع ، وهو الذي يقع منه التعرض الموجب للضمان ( [1136] ) . ولا ينتقل هذا الالتزام إلي الخلف $ 633 $ العام ، لأن الالتزام في القانون المصري لا ينتقل من المورق إلي الوراث ، بل يبقي في التركة فإذا باع شخص عينا مملوكة لوارثة ثم مات فإن الوارث يستطيع أن يسترد العين من المشتري ولا يجوز للمشتري أن يحتج عليه بأنه ملتزم بالضمان وراثة عن مورثه ، فإن هذا الالتزام لم ينتقل إليه ( [1137] ) . ولكن الالتزام بالضمان يبقي في التركة كما قدمنا ومن ثم يرجع المشتري علي التركة بالتعويض ولا يأخذ الوارث من التركة شيئا قبل استنزال هذا التعويض منها كذلك لا ينتقل الالتزام بالضمان إلي الخلف الخاص فلو باع شخص عقاراً ثم أوصي به لشخص آخر وبعد موته بادر الموصي له إلي تسجيل الوصية قبل أن يسجل المشتري البيع فإن المشتري لا يستطيع أن يحتج علي الموصي له بأن ملتزم بالضمان ليسترد منه العقار أو ليستبقيه إذا استرده الموصي له ، لأن الالتزام بالضمان لم ينتقل من الموصي إلي الموصي له بل بقي في التركة وللمشتري أن يرجع بالتعويض علي التركة ويقدم في رجوعه بهذا الحق علي الموصي له فلا يأخذ الموصي له العقار إلا إذا كان الباقي من أموال التركة يفي بالتعويض ويبقي من هذا الباقي ما لا يقل عن ضعف قيمة العقار حتي لا تزيد الوصية علي ثلث التركة بعد استنزال الديون ولا يتعدي الالتزام بالضمان البائع إلي دائنه فلو باع شخص عقاراً مملوكا له وقبل أن يسجل المشتري البيع بادر دائن البائع إلي التنفيذ علي العقار وسجل تنبيه نزع الملكية فمن حق الدائن أن يستمر في التنفيذ ول يحتج عليه المشتري بأنه ملتزم بالضمان عن مدينه ، فإن هذا الالتزام لا يتعدي إليه كما قدمنا .

  والتزام البائع بضمان تعرضه التزام بالامتناع عن عمل هو التعرض للمشتري في ملكيته وانتفاعه بالمبيع ، فهو إذن التزام غير قابل للانقسام ( indivisible ) ، حتي لو كان المبيع ذاته قابلا لأن ينقسم ويترتب علي ذلك أنه لو تعلق هذا الالتزام بذمة أكثر من شخص واحد ، لم ينقسم الالتزام علي المدينين المتعددين ، بل يكون كل منهم مدينا بالالتزام كله فلو كان شخصان يملكان داراً في الشيوع ، $ 634 $ وباعاها معا التزم كل منهما نحو المشتري بضمان التعرض الصادر منه في كل الدار وليس في النصيب الذي باعه فحسب ولو ظهور بعد ذلك أن أحد الشخصين البائعين هو الذي يملك الدار كلها وأن الشخص الآخر لا يملك فيها شيئا ، فإن الشخص الأول يبقي ملتزما بعدم التعرض في كل الدار ، ولا يستطيع أن يسترد من المشتري النصيب الشائع الذي لم يبعه لأن التزامه بعدم التعرض غير قابل للانقسام ويجوز للمشتري أن يدفع استرداده بأنه ملتزم بعدم التعرض فلا يبقي في هذه الحالة للشخص الأول إلا أن يرجع علي الشخص الآخر الذي ظهر أنه لا يملك شيئا في الدار وهذا هو الحكم لو أن شخصين ورثا داراً فباعاها معا ، ثم ظهر أن أحدهما هو الوارث وحده ، فلا يجوز له أن يسترد شيئا من المشتري إذ هو ضامن لتعرضه في كل الدار وهذا هو ما أجمع عليه القضاء والفقه في فرنسا ( [1138] ) ، وسار عليه الفقه في مصر ( [1139] ) .

  333 - ( 3 ) الدائن في الالتزام بضمان التعرض الصادر من البائع : الدائن في هذا الالتزام هو في الأصل المشتري ، فهو الذي يقع عليه التعرض $ 635 $ عادة وينتقل هذا الحق إلي الخلف العام ، لأن الحقوق بخلاف الديون تنتقل من المورث إلي الوارث فلو أن شخصا اشتري داراً وتركها لوارث ، وتعرض البائع لهذا الوارث في الدار كان للوارث أن يحتج عليه بالتزامه بضمان التعرض كما كان يحتج مورثه وينتقل هذا الحق أيضا إلي الخلف الخاص في العين المبيعة فلو أن شخصا باع داراً وباع المشتري الدار لمشتر ثان ، كان البائع ملزما بعدم التعرض لا للمشتري الأول فحسب بل أيضا للمشتري الثاني وهو الخلف الخاص للمشتري الأول في الدار المبيعة . وللمشتري الثاني أن يرجع علي البائع بدعوي مباشرة هي دعوي الضمان التي كانت للمشتري الأول وقد انتقلت إلي المشتري الثاني ( [1140] ) .

  ويستفيد دائن المشتري من ضمان البائع للتعرض . فلو أن شخصا باع عينا غير مملوكة له ثم ملكها فإنه لا يستطيع أن يستردها من المشتري كما سبق القول لالتزامه بعدم التعرض ، وكذلك لا يستطيع أن يمنع دائن المشتري من التنفيذ عليها لأن الدائن يستفيد من هذا الالتزام .

  334 - ( 4 ) البيع الذي ينشيء الضمان : وكل بيع ينشيء الضمان ، فيتولد منه التزام في ذمة البائع بعدم التعرض للمشتري يستوي في ذلك البيع المسجل والبيع غير المسجل ، ويستوي في ذلك أيضاً بيع المساومة وبيع المزاد ولو كان بيعا قضائيا أو إداريا .

  فإذا باع شخص عقاراً ثم باعه مرة أخري إلي مشتر ثان وبادر المشتري الثاني إلي التسجيل قبل المشتري الأول ، فإن البائع يكون ملتزما بضمان التعرض نحو المشتري الأول ولو أن البيع الصادر لهذا المشتري غير مسجل وكذلك يكون البائع ملتزما بضمان التعرض إذا صدر هذا التعرض من دائنه في بيع غير مسجل فإذا باع شخص عقاراً ، ولم يسجل المشتري البيع فبقي العقار مملوكا للبائع ، وبادر دائن البائع إلي التنفيذ علي العقار فسجل تنبيه نزع الملكية قبل أن يسجل $ 636 $ المشتري عقد البيع ، فقد قدمنا أن للدائن أن يستمر في التنفيذ ، ويبقي البائع ملتزما بالضمان نحو المشتري ولو أن البيع لم يسجل ( [1141] ) .

  وضمان التعرض واجب في بيع المزاد وجوبه في بيع المساومة ويستوي كما قدمنا أن يكون البيع بالمزاد قضائيا أو إداريا أو اختياريا وسنري أن ضمان العيوب الخفية لا يجب في البيوع الجبرية ، قضائية كانت أو إدارية ، فقد نصت المادة 454 مدني علي أنه " لا ضمان للعيب في البيوع القضائية ، ولا في البيوع الإدارية إذا كانت بالمزاد " ولكن ضمان التعرض واجب في كل هذه البيوع فإذا باع الدائنون علي المدين ما له في المزاد ، نشأ عن هذا البيع التزام بعدم التعرض ، وهذا الالتزام يتعلق بذمة البائع كما هو الأمر في كل بيع آخر والبائع هنا ليس هم الدائنين الذين باعوا علي المدين العين بالمزاد ولكنه هو المدين نفسه فهو صاحب العين وقد بيعت عليه فيكون ملتزما بعدم التعرض للمشتري الذي رسا عليه المزاد ( [1142] ) .

  335 - ( ب ) ما يترتب علي قيام ضمان التعرض الصادر من البائع : التزام البائع بعدم التعرض للمشتري التزام دائم ، فيجب علي البائع أن يمتنع عن التعرض للمشتري في أي وقت بعد البيع ، ولو كان قد انقضي علي البيع $ 637 $ أكثر من خمس عشرة سنة وهي مدة التقادم ( [1143] ) . فإذا أخل به البائع بأن تعرض فعلا للمشتري ، تولد عن الالتزام الأصلي بعدم التعرض التزام جزائي بالتعويض وهذا الالتزام الجزائي هو الذي يسقط بالتقادم ، فإذا لم يطالب به المشتري في خلال خمس عشرة سنة من وقت وقوع التعرض فعلا ، سقط بالتقادم كما قدما ، ولا يستطيع المشتري بعد ذلك أن يطالب به البائع .

  هذا الالتزام الجزائي هو الذي يترتب علي قيام ضمان التعرض . وتختلف طريقة تنفيذ هذا الالتزام باختلاف الأحوال التي يقوم فيها ضمان التعرض فإذا كان تعرض البائع للمشتري قائما علي أعمال مادية محضة ، كمنافسة المشتري في المتجر المبيع ، وجب علي البائع تعويض المشتري عنا أصابه من الضرر بسبب هذه المنافسة ووجب في الوقت ذاته أن يقفل البائع المتجر الذي أنشأه ويجوز أن يحكم عليه بتعدي مالي عن كل يوم أو أسبوع أو شهر يتأخر فيه عن إقفال المتجر ( [1144] ) .

  وإذا كان تعرض البائع قائما علي تصرف قانوني صادر منه بأن باع مثلا العقار مرة أخري لمشتر ثان وسبق المشتري الثاني المشتري الأول إلي التسجيل ، فلا مناص من تقديم المشتري الثاني علي المشتري الأول ، ويرجع المشتري الأول في هذه الحالة بالتعويض علي البائع إما بموجب استحقاق الغير للمبيع ، وإما بموجب ضمان البائع للتعرض الصادر منه لأن الغير استمد حقه من البائع نفسه .

  وإذا كان تعرض البائع قائما علي أنه يدعي لنفسه حقا علي المبيع بأن كان مثلا قد باع عينا غير مملوكة له ثم تملكها بعد ذلك ، فالجزاء هنا يتخذ صورة خاصة هي أن ترد دعوي البائع باسترداد المبيع من المشتري فلا يستطيع البائع أن يسترد العين ، لأن من وجب عليه الضمان لا يستطيع أن يطلب إبطال البيع $ 638 $ الصادر منه للمشتري ، لأن في طلب إبطال البيع ضربا من التعرض للمشتري والبائع ملزم بعدم التعرض ( [1145] ) .

  وفي أحكام بيع ملك الغير ما يتفق مع ما قدمناه من الأحكام فالبائع إذا باع عينا غير مملوكة له ثم ملكها بعد ذلك انقلب بيع ملك الغير صحيحا وانتقلت الملكية إلي المشتري من البائع ، وهذا يؤيد أن البائع لا يستطيع في هذه الحالة أن يسترد المبيع من المشتري إذ يواجه بالتزام الضمان كذلك لا يستطيع البائع أن يطالب بإبطال البيع الصادر منه لعين غير مملوكة له لأن قابلية بيع ملك الغير للإبطال إنما تقررت لصالح المشتري لا لصالح البائع وهذا يؤيد أن البائع لا يستطيع طلب إبطال البيع إذ يواجه كما قدمنا بالتزام الضمان ( [1146] ) .

  336 - ( جـ ) الاتفاق علي تعديل أحكام ضمان التعرض الصادر من البائع : تنص الفقرة الأولي من المادة 446 من التقنين المدني علي ما يأتي : " إذا اتفق علي عدم الضمان ، بقي البائع من ذلك مسئولا عن أي استحقاق ينشأ عن فعله ، ويقع باطلا كل اتفاق بقضي بغير ذلك " ( [1147] ) .

  ويعرض هذا النص لحالة واحدة من أحوال ثلاث في الاتفاق علي تعديل $ 639 $ حكام ضمان التعرض ، وهي حالة الاتفاق علي إسقاط الضمان ( [1148] ) . ويوجد إلي جانب هذه الحالة حالتان أخريان : حالة الاتفاق علي زيادة الضمان وحالة الاتفاق علي إنقاص الضمان .

  أما الاتفاق علي زيادة الضمان فجائز . ذلك أن البائع يلتزم إذا لم يقع اتفاق علي أي تعديل في أحكام الضمان ، بضمان التعرض الصادر منه المشتري في ملكيته للمبيع وفي انتفاعه به الانتفاع المألوف . فإذا أراد المشتري الانتفاع بالمبيع انتفاعاً خاصا يقضي ألا يقوم البائع بأعمال معينة تتعارض مع هذا الانتفاع الخاص ، جاز أن يتفق مع البائع علي ذلك . فإذا كان المبيع متجراً لسلعة معينة ، ويريد المشتري أن يضيف إلي هذه السلعة سلعة أخري لم يكن البائع يتجر فيها ، جاز أن يتفق مع البائع علي ألا ينشيء إلي جانبه متجراً تباع فيه السلعة الأصلية أو السلعة الأخري ، ويكون المشتري هنا قد اتفق مع البائع علي زيادة الضمان ( [1149] ) .

  وكذلك الاتفاق علي إنقاص الضمان جائز . مثل ذلك أن يشترط بائع المتجر علي المشتري عدم منعه من إنشاء متجرد يبيع فيه بعض السلع التي يتعامل فيها المتجر المبيع ، ففي هذا الاتفاق إنقاص من ضمان البائع للتعرض ( [1150] ) .

  ولكن الاتفاق علي إسقاط الضمان الناشيء عن فعل البائع إسقاطا تاما غير جائز ، ويكون الاتفاق في هذه الحالة باطلا . ففي المثل المتقدم لا يجوز للبائع أن ينشيء متجرأ ينافس به المتجر المبيع منافسة غير محدودة ، ولو اشترط البائع عدم الضمان . كذلك إذا صدر من البائع تصرف قانوني بعد البيع يتعارض مع حق المشتري ، كأن يبيع العقار مرة ثانية ويبادر المشتري الثاني إلي التسجيل قبل المشتري الأول ، كان البائع ضامنا لتصرفه هذا حتي لو اشترط عدم الضمان ( [1151] ) . $ 640 $ ولا يجوز أيضا أن يحتج البائع بحق له مستحدث علي المبيع ، ولو كان في عقد قد اشترط عدم الضمان . وقد روعي في هذا كله أن البائع لا يجوز له أن يشترط عدم مسئوليته عن فعله ، كما لا يستطيع أن يشترط عدم مسئوليته عن غشه أو عن تقصيره ( [1152] ) .

المطلب الثاني

التعرض الصادر من الغير

  337 - مسائل ثلاث : نبحث في التعرض الصادر من الغير نفس المسائل الثلاث التي بحثناها في التعرض الصادر من البائع : ( 1 ) متي يقوم هذا الضمان ( 2 ) ما يترتب علي قيام الضمان . ( 3 ) الاتفاق علي تعديل أحكام الضمان .

 " 1 - متي يقوم ضمان التعرض الصادر من الغير

  338 - خطة البحث : ونتبع هنا أيضا خطة البحث التي اتبعناها في التعرض الصادر من البائع ، فنبحث : ( أ ) أعمال التعرض . ( ب ) المدين في الالتزام بالتعرض . ( جـ ) الدائن في هذا الالتزام . ( د ) البيع الذي ينشيء هذا الضمان .

  339 - ( 1 ) أعمال التعرض الصادر من الغير : حتي يقوم ضمان التعرض الصادر من الغير ، يجب توافر شروط ثلاثة : ( أولا ) أن يقع التعرض $ 641 $ فعلا . ( ثانياً ) أن يكون التعرض هو إدعاء الغير حقا علي المبيع . ( ثالثاً ) أن يكون هذا الحق سابقا علي البيع ، فإذا كان تاليا له وجب أن يكون الغير قد استمده من البائع .

  340 - أولا - أن يقع التعرض فعلا : قدمنا أن المادة 493 مدني تقضي بأن " يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله هو أو من فعل أجنبي يكون له وقت البيع حق علي المبيع يحتج به علي المشتري " . فيجب إذن أن يقع التعرض فعلا من الغير ، والغير هنا هو أجنبي ليس طرفا في عقد البيع فيدعي الغير حقا علي المبيع ، ويرفع بهذا الحق دعوي علي المشتري ، وهذا هو في الأصل معني وقوع التعرض فعلا ( [1153] ) . وهذه الدعوي تختلف باختلاف الحق الذي يدعيه الغير ، $ 642 $ فقد تكون دعوي استحقاق كلي يطالب بموجبها الغير المشتري بملكية المبيع كله ، أو دعوي استحقاق جزئي يطالب بموجبها بملكية بعض المبيع ، أو دعوي رهن يطالب فيها بدين مضمون برهن علي المبيع ( [1154] ) ، أو دعوي ارتفاق يطالب فيها بحق ارتفاق علي المبيع ، أو دعوي إيجار يتمسك فيها الغير علي المشتري بعقد إيجار صدر له كمستأجر وقد لا يكون الغير هو المدعي في هذه الدعوي ، بل يكون مدعي عليه ويتصور ذلك بأن يكون المبيع في يد الغير ، فيرفع عليه المشتري بعد صدور البيع دعوي يطالب فيها به . فيتمسك الغير في هذه الدعوي بالحق الذي يدعيه علي المبيع بموجب دفع يدفع به دعوي الاسترداد التي رفعها المشتري . فالتعرض إذن يكون واقعا فعلا من الغير ، بدعوي ترفع أمام القضاء يكون فيها الغير إما مدعيا أو مدعي عليه ( [1155] ) .

   $ 643 $ علي أن رفع الدعوي أمام القضاء ، وإن كان التعرض من الغير يقع به في الغالب ، ليس ضروريا لوقوع التعرض فعلا ، فقد يقع التعرض من الغير دون أن ترفع به دعوي ويتحقق ذلك إذا اعتقد المشتري أن الغير علي حق فيما يدعيه ( [1156] ) ، فيسلم له ادعاءه أو يصالحه عليه أو يدفع له الدين المضمون برهن علي أن المبيع أو نحو ذلك ( [1157] ) . ولكن المشتري في هذه الحالة يخاطر بأحد أمرين : أولهما أن يثبت البائع أن الغير لم يكن علي حق فيما يدعيه علي خلاف ما اعتقده المشتري ، وعندئذ يفقد المشتري حقه في الرجوع علي البائع بالضمان . والثاني أنه حتي إذا لم يستطع البائع أن يثبت ذلك ، فإنه له ، طبقا للمادة 442 مدني . أن يتخلص من نتائج الضمان بأن يرد للمشتري المبلغ الذي دفعه للبائع أو قيمة ما أداه مع الفوائد القانونية والمصروفات ، وسيأتي بيان ذلك .

  كذلك يعتبر التعرض واقعا فعلا دون أن ترفع دعوي إذا كان البائع غير مالك للمبيع وبعد البيع ملكه المشتري بسبب آخر غير البيع الصادر له . مثل ذلك أن يبيع شخص عينا غير مملوكه له ، فلا تنتقل الملكية للمشتري بالبيع $ 644 $ ولكن المشتري يرث العين من المالك أو يشتريها منه أو يوصي المالك له بها فتنتقل إليه الملكية بسبب آخر غير البيع ، فتكون العين في الواقع من الأمر قد استحقت للمالك الحقيقي ثم انتقلت ملكيتها بعد ذلك من المالك الحقيقي إلي المشتري ( [1158] ) . ومن ثم تكون العين قد استحقت فعلا ، فوجب البائع ضمان الاستحقاق ( [1159] ) .

  ويترتب علي أن ضمان التعرض والاستحقاق لا يتحقق إلا من وقت وقوع أعمال التعرض أو ثبوت الاستحقاق ، أن التقادم لا يسري بالنسبة إلي ضمان التعرض إلا من وقت وقوع التعرض ، ولا يسري بالنسبة إلي ضمان الاستحقاق إلا من وقت ثبوت الاستحقاق ( 381  /  2 مدني ) ، ومدة التقادم في الحالتين خمس عشرة سنة . ويبقي البيع مرتبا لضماني التعرض والاستحقاق دائما كما سبق القول ، ولا يسري التقادم إلا من وقت وقوع التعرض أو ثبوت الاستحقاق ( [1160] ) .

  341 - ثانياً : أن يكون التعرض هو ادعاء الغير حقا علي البيع : هنا يجب التمييز بين التعرض المبني علي سبب مادي والتعرض المبني علي سبب $ 645 $ قانوني وقد رأينا في التعرض مبنيا علي سبب قانوني أو مبنيا علي سبب مادي أما في التعرض الصادر من الغير فيجب أن يكون هذا التعرض مبنيا علي سبب قانوني .

  فالتعرض المبني علي سبب مادي الصادر من الغير لا يتحقق به ضمان البائع لهذا التعرض ( [1161] ) ويكون التعرض مبنيا علي سبب مادي ، كما رأينا ، إذا لم يكن الغير يدعي في تعرضه حقا علي المبيع ، بل هو يلجأ في تعرضه للمشتري إلي أعمال مادية محضة ، بل وإلي تصرفات قانونية ولكنه لا يدعي في كل ذلك أن له حقا علي المبيع فإذا انتزع الغير المبيع من المشتري عنوة ، كان هذا عملا ماديا محضا ولا يكون البائع مسئولا عنه ويجزي المشتري في ذلك الحمالة العامة التي يوليها إياه القانون فهو يستطيع أن يواجه الغير بدعاوي منع التعرض واسترداد الحيازة ونحوها إذا توافرت شروطها وهو يستطيع أن يرفع شكواه إلي الجهات الإدارية وغيرها لمنع الغير من اغتصاب ملكه ويستطيع في جميع الأحوال أن يرجع علي الغير بالتعويض عن كل ما أصابه من ضرر بسبب هذا التعدي المادي وليس للبائع شأن في شيء من ذلك وإذا كان المبيع منقولا وسرقة الغير من المشتري كان الحكم هو ما قدمناه وإذا كان المبيع متجراً وأقام الغير إلي جواره متجراً مماثلا ونافس المشتري منافسة غير مشروعة فليس البائع مسئولا عن ذلك وعلي المشتري أن يرجع علي الغير بجميع الدعاوي التي يقررها القانون في مثل هذه الحالة وإذا كان المبيع داراً وأجرها الغير دون أن يدعي أن له حقا في إيجارها ، فهذا تصرف قانوني يعتبر في حكم الأعمال المادية ، ولا يكون للبائع شأن فيه وعلي المشتري أن يطرد المستأجر من داره وأن يقاضي الغير الذي أجر له بالوسائل التي يخولها إياه القانون فما دام الغير لا يدعي حقا ما علي المبيع يحتج به علي المشتري فالتعرض الصادر منه يعتبر مبنيا علي سببا مادي ، ولا يكون البائع $ 646 $ ضامنا له أو مسئولا عنه ( [1162] ) .

  وحتي يكون البائع ضامنا لتعرض الغير يب أن يكون هذا التعرض مبنيا علي سبب قانوني ، كما سبق القول وذلك بأن يدعي الغير حقا علي المبيع يحتج به علي المشتري في دعوي يرفعها عليه ( [1163] ) أو ترفع عليه من المشتري أو دون دعوي مع وقوع التعرض فعلا ( [1164] ) ، علي النحو الذي بسطناه فيما تقدم ولا يلزم أن يكون الحق الذي يدعيه الغير ثابتا ، بل يكفي مجرد الإدعاء به حتي لو كان هذا الإدعاء ظاهر البطلان ( [1165] ) .

  وهذا الحق الذي يدعيه الغير علي المبيع ويحتج به علي المشتري يجوز أن يكون حقا عينيا أو حقا شخصيا . وكان التقنين المدني السابق ( م 300  /  374 ) يشترط أن يكون حقا عينيا ( [1166] ) ، فصحح التقنين المدني الجديد هذا الخطأ $ 647 $ وأطلق ولم يشترط في الحق أن يكون عينيا ( [1167] ) .

  ومثل الحق العيني الذي يدعيه الغير علي المبيع حق الملكية علي المبيع كله أو علي جزء منه شائع أو غير شائع فيتقدم الغير إلي المشتري باعتباره المالك الحقيق للمبيع كله أو بعضه ويطالب برد ما يدعيه ، ويرفع عليه دعوي استحقاق كلي أو جزئي ( [1168] ) . وقد يكون الحق العيني حق رهن يدعيه الغير علي المبيع أو حق اختصاص ( [1169] ) أو حق امتياز وقد يكون حق انتفاع أو حق حكر ( [1170] ) أو حق ارتفاق ( [1171] ) ولم يميز التقنين المدني المصري بين حق الارتفاق وبين غيره من الحقوق العينية الأخري التي تقدم ذكرها ، $ 648 $ كما ميز التقنين المدني الفرنسي حق الارتفاق بإفراده بالذكر ( م 1626 مدني فرنسي ) لاعتبارات تاريخية ترجع إلي تقاليد القانون الروماني وقد سبق بيانها ( [1172] ) . بل إن التقنين المدني المصري جعل حق الارتفاق كسائر الحقوق العينية ، وشملها جميعا بالعبارة التي وردت في المادة 429 مدني : " فعل أجنبي يكون له . . حق علي المبيع " .

   ومثل الحق الشخصي الذي يدعيه الغير حق المستأجر . فإذا كان الغير يدعي أنه استأجر من البائع العين المبيعة بإيجار له تاريخ ثابت سابق علي المبيع ، واحتج بحقه علي المشتري طبقا للفقرة الأولي من المادة 604 مدني ، كان هذا الإدعاء من جانب الغير تعرضا مبنيا علي سبب قانوني يضمنه البائع . ويلتحق بذلك أن يدعي الغير ، وهو مستأجر للعين المبيعة ، أنه دفع الأجرة مقدما للبائع ، ويحتج بمخالصة صادرة من البائع ، مسجلة إذا كانت الأجرة المعجلة عن مدة تزيد علي ثلاث سنوات ، أو غير مسجلة إذا كانت المدة لا تزيد علي ذلك ، فيكون تمسك المستأجر بهذه المخالصة تعرضا مبنيا علي سبب قانوني يضمنه البائع .

  342 - ثالثاً : أن يكون الحق الذي يدعيه الغير سابقا علي البيع أو يكون تاليان ولكنه مستمد من البائع : ويجب أخيراً لتحقيق ضمان البائع للتعرض الصادر من الغير أن يكون الحق الذي يدعيه الغير علي المبيع ( [1173] ) حقا يدعي أنه موجود قبل البيع الصادر إلي المشتري .

   $ 649 $ وهذا ما تصرح به المادة 439 مدني ، كما رأينا إذ تقول : " فعل أجنبي يكون له وقت البيع حق علي المبيع . . " فإذا سلم الغير أن الحق الذي يدعيه علي المبيع لم يثبت له إلا بعد البيع ولم يستمده من البائع ، لم يكن البائع مسئولا عن الضمان ويرجع ذلك في كثير من الأحوال إلي أن الحق الذي يدعي الغير ثبوته بعد البيع لا يحتج به علي المشتري ويجب لتحقيق الضمان أن يكون الحق مما يحتج به علي المشتري كما قدمنا . فإذا ادعي الغير أنه اشتري المبيع بعد البيع ، فإذا كان اشتراه من غير البائع ولم يكن هذا مالكا لم يتحقق الضمان ليس فحسب لأن الحق الذي يدعيه الغير لا حق للبيع ، فإذا كان اشتراه من غير البائع ولم يكن هذا مالكا ، لم يتحقق الضمان ، ليس فحسب لأن الحق الذي يدعيه الغير لا حق للبيع ، بل أيضا لأن الحق لا يحتج به علي المشتري إذ هو مستمد من غير المالك وإن كان اشتراه من غير البائع وكان هذا هو المالك الحقيقي للمبيع ، تحقق الضمان بالرغم من أن حق الغير ثبت بعد البيع ، وذلك لأن المستحق في هذه الحالة ليس هو الغير بالذات بل هو المالك الحقيقي الذب باع للغير ، وهذا حقه ثابت قبل البيع وإذا ادعي الغير أنه مستأجر للعين المبيعة ولكن الإيجار صدر بعد البيع ، لم يكن البائع ضامنا ، ليس فحسب لأن حق المستأجر لا حق للبيع ، بل أيضا لأنه حق لا يستطيع المستأجر أن يحتج به علي المشتري . ولكن قد يتحقق في بعض الأحوال أن يكون الحق الذي يدعيه الغير لا حقا للبيع ولا يستطيع مع ذلك الاحتجاج به علي المشتري ، فلا يكون البائع عندئذ مسئولا عن الضمان . مثل ذلك أن يتمسك مستأجر العين المبيعة علي المشتري بمد مدة الإيجار بموجب قانون استثنائي صدر بعد البيع ، فهنا يتمسك المستأجر بحق لم يثبت له إلا بعد البيع ، فلا يكون البائع صامنا ، وهذا بخلاف ما إذا كان القانون الاستثنائي القاضي بمد مدة الإيجار قد صدر    $ 650 $ قبل البيع إذ يكون حق المستأجر في هذه الحالة قد ثبت قبل البيع فيجب الضمان علي البائع ( [1174] ) . ومثل ذلك أيضاً أن يبيع شخص عينا مملوكة له ولكنها في حيازة شخص آخر مدة بلغت اثنتي عشرة سنة مثل وتبقي العين بعد البيع في حيازة هذا الشخص إلي أن يستكمل مدة التقادم خمس عشرة سنة ( [1175] ) . فيمتلكها ففي هذه الحالة قد ثبت حق الغير علي العين ، ولكن البائع لا يكون مسئولا عن الضمان ، لأن هذا الحق لم يثبت للغير إلا بعد البيع ( [1176] ) . إما إذا كان الحائز قد استكمل مدة التقادم خمس عشرة سنة قبل البيع ، ثم بيعت العين بعد ذلك ، كان البائع مسئولا عن الضمان ، لأن الحق الذي يتمسك به الغير قد ثبت له قبل البيع ( [1177] ) . ويلحق بهذا الفرض ما إذا كان الحائز وقت البيع قد قارب استكمال مدة التقادم ، بحيث لم يبق إلا وقت قصير لا يتمكن فيه المشتري من اتخاذ إجراءات تقطع التقادم فإذا كان الحائز قد وضع يده علي العين مدة خمس عشرة سنة إلا شهراً مثلا ، ثم بيعت العين ، فإن المشتري لا يتيسر له في الشهر الباقي لتمام مدة التقادم أن يكشف عن هذا الوضع وأن يتخذ الإجراءات اللازمة لقطع التقادم ، فيكون الحق الذي يتمسك به الغير في هذه الحالة في حكم الثابت قبل البيع ، ومن ثم يكون البائع مسئولا عن الضمان ( [1178] ) .

  علي أن ضمان البائع لتعرض الغير يتحقق حتي لو كان الحق الذي يدعيه الغير لا حقا للبيع ، إذا كان المشتري قد استمد هذا الحق من البائع نفسه . وفي هذا تقول العبارة الأخيرة من المادة 349 مدني : " ويكون البائع ملزماً بالضمان ولو $ 651 $ كان الأجنبي قد ثبت حقه بعد البيع ، إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع نفسه " . فإذا باع شخص عقاراً مرتين ، وسجل المشتري الثاني قبل أن يسجل المشتري الأول ، فإن المشتري الثاني وقد ملك المبيع يكون حقه لا حقا للبيع الأول ، ومع ذلك يكون البائع مسئولا عن الضمان نحو المشتري الأول بموجب البيع الأول ، لأن حق المشتري الثاني وإن كان لا حقا للبيع الأول إلا أنه مستمد من البائع نفسه . وهذا هو الحكم أيضا فيما إذا باع المالك المنقول مرتين وسلمه للمشتري للثاني وكان هذا حسن النية ، وذلك لنفس الاعتبارات المتقدمة ( [1179] ) . وكذلك يكون الحكم فيما إذا رهن المالك العقار ثم باعه ، وقيد الدائن المرتهن رهنه قبل أن يسجل المشتري ( [1180] ) .

  وفي الأحوال التي يتحقق فيها ضمان البائع للتعرض لأن حق الغير وإن كان لا حقا للبيع إلا أنه مستمد من البائع نفسه ، يكون البائع مسئولا عن التعرض باعتباره صادراً من الغير وباعتباره صادراً منه هو في وقت واحد . ويترتب علي ذلك أنه لا يجوز الاتفاق في هذه الحالة علي إسقاط الضمان ، لا باعتبار أن التعرض صادر من الغير ، بل باعتبار أن التعرض صادر من البائع .

  ولا يشترط لضمان البائع للتعرض الصادر من الغير أن يكون المشتري وقت $ 652 $ البيع غير عالم بالحق الذي يدعيه الغير ، أو أن يكون البائع عالما بهذا الحق فحت لو كان المشتري عالما بالحق الذي يدعيه الغير وحتي لو كان البائع لا يعلم به فإن البائع يكون مع ذلك مسئولا عن الضمان إلا إذا اشترط عدم مسئوليته باتفاق خاص وفقا للفقرة الأولي من المادة 445 مدني ، وسيأتي بيان ذلك علي أن حق الارتفاق يكفي لعدم الضمان فيه أن يكون المشتري عالما به ، أو أن يكون ظاهراً بحيث يستطيع المشتري أن يعلم به وهذا حكم خاص بحق الارتفاق ، تأثر فيه التقنين المدني المصري بتقاليد التقنين المدني الفرنسي التي ترجع إلي عهد القانون الروماني وقد سبق أن بيناها ولكن التقنين المصري جعل عدم ضمان حق الارتفاق إذا كان ظاهراً أو كان المشتري يعلم به راجعا إلي اتفاق ضمني علي عدم الضمان ، إذ تقول الفقرة الثانية من المادة 445 مدني في هذا الصدد : " ويفترض في حق الارتفاق أن البائع قد اشترط عدم الضمان إذا كان هذا الحق ظاهراً أو كان البائع قد أبان عنه للمشتري " . أما التقنين الفرنسي فيجعل عدم علم المشتري بحق الارتفاق ( [1181] ) . وعدم ظهور هذا الحق شرطين يجب توافرهما حتي يكون البائع مسئولا عن الضمان .

  343 - ( ب ) المدين في الالتزام بضمان التعرض الصادر من الغير - عدم قابلية الالتزام وقابلية للانقسام - المدين في الالتزام بضمان التعرض الصادر من الغير هو البائع أيضا ، فهو ضامن للتعرض الصادر $ 653 $ منه وضامن في الوقت ذاته للتعرض الصادر من الغير ( [1182] ) . ولا ينتقل التزامه بضمان تعرض الغير إلي الخلف العام ، كما لا ينتقل التزامه بضمان تعرضه هو لنفس السبب وهو أن الالتزام في القانون المصري لا ينتقل من المورث إلي الوارث بل يبقي دينا في التركة فإذا باع شخص عينا مملوكة للغير ثم مات فإن المالك الحقيقي إما أن يسترد العين من المشتري ويرجع المشتري بالتعويض علي التركة لا علي الوارث ، وإما أنه لا يستطيع استرداد العين كأن كانت منقولا ملكه المشتري بالحيازة مع حسن النية ، وفي هذه الحالة يرجع بالتعويض علي التركة أيضا لا علي الوارث ( [1183] ) . وغني عن البيان أن الوارث لا يأخذ من التركة شيئا قبل استنزال ديونها ، ومنها هذا الدين بالتعويض الذي تلتزم به التركة إما للمشتري وإما للمالك الحقيقي . كذلك لا ينتقل التزام البائع بضمان التعرض الصادر من الغير ، كما لا ينتقل التزامه بضمان التعرض الصادر منه إلي الخلف الخاص فلو أن شخصا باع عينا لمشتر أول وانتقلت إليه الملكية ، ثم باع نفس العين لمشتر ثان فإن البائع يكون مسئولا عن الضمان نحو المشتري الثاني ولا يكون المشتري الأول وهو الخلف الخاص للبائع علي هذه العين مسئولا عن الضمان .

  ولا يتعدي التزام البائع بضمان تعرض الغير إلي دائنه كما لا يتعدي إلي الدائن التزامه بضمان تعرض نفسه فلو باع شخص عقاراً مملوكا له ولم $ 654 $ يسجل المشتري البيع وكان دائن البائع قد أخذ حق اختصاص علي العقار قبل البيع ثم أخذ في نزع ملكيته فإن التعرض المشتري هنا يعتبر صادراً من الغير من وجه كما سبق القول ، ولا يستطيع المشتري في هذه الحالة أن يحتج علي الدائن بالتزام البائع بضمان تعرض الغير لأن هذا الالتزام لا يتعدي إلي الدائن .

  ولكن كفيل البائع يكون ملزما مع البائع بضمان التعرض الصادر من الغير ، فإذا باع شخص عينا وكفله في البيع شخص آخر ثم ظهر أن العين المبيعة مملوكة للكفيل لا للبائع فإن الكفيل لا يستطيع أن يسترد العين ذلك أن استرداد الكفيل للعين هو بالنسبة إلي المشتري تعرض صادر من الغير ، والبائع يضمن هذا التعرض وكذلك يضمنه كفيله فالكفيل إذن ضامن لهذا التعرض ومن وجب عليه الضمان لا يجوز له الاسترداد .

  والتزام البائع ضمان التعرض الصادر من الغير ، كما سنري إما أن يطالب المشتري بتنفيذه عينا فيدعو البائع إلي جعل الغير يكف عن تعرضه ، وإما أن يطالب بتنفيذه عن طريق التعويض برجوعه علي البائع بضمان الاستحقاق إذا تعذر التنفيذ العيني وهذا الالتزام في صورته الأولي ، صورة المطالبة بالتنفيذ عينا يكون غير قابل للانقسام فلو باع شخصان داراً علي الشيوع وتعرض للمشتري أجنبي يدعي حقا علي الدار ، كان للمشتري أن يطلب من أي من البائعين تنفيذ الالتزام بضمان التعرض كاملا تنفيذا عينيا ، بأن يطلب منه أن يجعل الأجنبي يكف عن تعرضه في الدار كلها لا في نصيب هذا البائع فحسب ( [1184] ) . ولكن الالتزام في صورته الأخري صورة المطالبة بالتعويض $ 655 $ يكون قابلا للانقسام ، لأن محل الالتزام وهو دفع مبلغ من النقود يقبل الانقسام بطبيعته ( [1185] ) . ففي المثل المتقدم لو نجح الأجنبي في تعرضه واسترد الدار من تحت يد المشتري رجع المشتري بضمان الاستحقاق علي كل من البائعين بقدر نصيبه في الدار ، ومن ثم ينقسم التعويض بينهما ( [1186] ) .

  344 - ( جـ ) الدائن في الالتزام لضمان التعرض الصادر من الغير : الدائن هنا هو أيضا المشتري ، كالدائن في الالتزام بضمان التعرض الصادر من البائع ، فهو الذي يقع عليه التعرض في الحالتين . وينتقل هذا الحق إلي الخلف العام ، فلو أن شخصا اشتري داراً وتركها لوارث وتعرض أجنبي للوارث في الدار ، كان للوارث أن يرجع علي البائع كما كان مورثه يستطيع أن يرجع .

  وينتقل هذا الحق أيضا إلي الخلف الخاص في العين المبيعة ، فلو أن شخصا باع داراً وباع المشتري الدار لمشتر ثان فإن البائع يكون ملزما بضمان التعرض الصادر من الغير لا نحو المشتري الأول فحسب بل أيضا نحو المشتري الثاني وهو الخلف الخاص للمشتري الأول في الدار المبيعة فإذا استرد الغير الدار من يد المشتري الثاني بعد أن أثبت ملكيته لها ، فإن المشتري الثاني يستطيع أن يرجع بضمان الاستحقاق علي المشتري الأول وهو البائع له ، بموجب عقد $ 656 $ البيع الصادر له من هذا المشتري الأول ( [1187] ) . ويستطيع كذلك أن يرجع بضمان الاستحقاق علي البائع عن طريق الدعوي غير المباشرة ( [1188] ) . باستعمال دعوي المشتري الأول علي البائع ولكنه في هذه الدعوي غير المباشرة يتحمل مزاحمة دائني المشتري الأول ( [1189] ) ويستطيع أخيراً أن يرجع بضمان الاستحقاق علي البائع بدعوي مباشرة وهي نفس دعوي المشتري الأول علي البائع وقد انتقلت إليه من المشتري الأول كما قدمنا ( [1190] ) وهذه الدعوي المباشرة لها مزيتان : ( 1 ) لا يتحمل فيها المشتري الثاني مزاحمة دائني المشتري الأول ، وهو يتحمل هذه المزاحمة في الدعوي غير المباشرة كما قدمنا . ( 2 ) قد لا يكون للمشتري الثاني دعوي رجوع بضمان الاستحقاق علي المشتري الأول ، كأن $ 657 $ يكون المشتري الأول قد اشترط عدم الضمان ( [1191] ) ، فلا يستطيع المشتري الثاني في هذه الحالة أن يرجع بدعوي ضمان علي المشتري الأول بسبب شرط عدم الضمان بل هو لا يستطيع أن يرجع بالدعوي غير المباشرة علي البائع باعتباره دائنا للمشتري الأول يستعمل دعوي مدينه لأنه غير دائن بالضمان للمشتري الأول كما قدمنا فلا يبقي أمامه إلا الدعوي المباشرة يرفعها علي البائع ( [1192] ) ، وهي نفس دعوي الضمان التي للمشتري الأول علي البائع انتقلت من المشتري الأول إلي المشتري الثاني بالرغم من أن المشتري الأولي قد اشترط علي المشتري الثاني عدم الضمان في عقد البيع الذي تم بينهما .

  ويستفيد دائن المشتري من ضمان البائع للتعرض الصادر من الغير علي الوجه الآتي : إذا باع شخص عينا غير مملوكه له ، ثم استحقت العين في يد المشتري ، فإن دائن المشتري يستطيع أن يرفع باسم المشتري دعوي هذا الأخير علي البائع بالضمان ، ويستوفي حقه من التعويض الذي يلزم به البائع للمشتري ، ولكن يزاحمه في هذه الحالة سائر دائني المشتري وفقا للقواعد المقررة في الدعوي غير المباشرة .

   $ 658 $ 345 - ( د ) البيع الذي ينشيء الضمان – وكل بيع ينشيء ضمان البائع للتعرض الصادر من الغير ، كما أن كل بيع ينشيء ضمان البائع للتعرض الصادر منه هو فيما قدمنا . ويستوي في ذلك البيع المسجل والبيع غير المسجل ( [1193] ) ، ويستوي في ذلك أيضا بيع المساومة وبيع المزاد ولو كان بيعا قضائيا أو إداريا وقد قدمنا بيان ذلك عند الكلام في التعرض الصادر من البائع ( [1194] ) ، وما قلناه هناك ينطبق هنا ( [1195] ) .

  ويبين من ذلك أن ضمان البائع لتعرض الغير واجب في بيع المزاد ولو كان البيع قضائيا أو إداريا ( [1196] ) ، وذلك بخلاف ضمان العيوب الخفية ( م 454 مدني ) . فإذا باع الدائنون مال مدينهم في المزاد ، نشأت عن هذا البيع التزام بضمان التعرض الصادر من الغير ، وهذا الالتزام يتعلق بذمة البائع الذي بيع المال عليه ، لا بذمة الدائنين الذين طلبوا بيع المال ( [1197] ) . فلو فرض أن الدائنين باعوا عينا غير مملوكة لمدينهم باعتبار أنها مملوكة له ، ونزع المالك الحقيقي العين من المشتري الذي رسا عليه المزاد فإن المشتري يرجع بضمان الاستحقاق علي المدين لا علي الدائنين ( [1198] ) . ولكن يغلب أن يكون المدين معسراً في مثل هذه الظروف فيستطيع المشتري أن يرجع علي الدائنين الذين استوفوا حقوقهم من الثمن الذي دفعه في المزاد في حالتين : ( أولا ) إذا أثبت أن الدائنين كانوا $ 659 $ يعلمون أن العين التي باعوها في المزاد غير مملوكة لمدينهم ( [1199] ) أو كان ينبغي أن يعلموا ذلك جاز له أن يرجع عليهم بالمسئولية التقصيرية الناشئة عن غشهم أو عن تقصيرهم ( [1200] ) . ( ثانياً ) وإذا لم يستطع المشتري أن يثبت ذلك ، فأنه يستطيع علي كل حال أن يعتبر البيع الصادر له في المزاد بيعا لمالك الغير ، فيطلب إبطاله واسترداد الثمن ، ومن ثم يجوز له الرجوع علي الدائنين الذين استفادوا بهذا الثمن في استيفاء حقوقهم بدعوي الإثراء بلا سبب ( [1201] ) .

 " 2 - ما يترتب علي قيام ضمان التعرض الصادر من الغير

  346 - التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض : متي قام ضمان البائع للتعرض الصادر من الغير بتوافر الشروط التي تقدم ذكرها ، فإن البائع ، وقد تحقق التزامه بضمان التعرض ، يجب عليه أن ينفذ هذا الالتزام تنفيذا عينيا بأن يجعل الغير الذي تعرض للمشتري مدعيا بحق علي المبيع يكف عن تعرضه وينزل عن إدعائه بهذا الحق . فإذا عجز عن التنفيذ العيني ، بأن فاز الغير بإثبات ما يدعيه وقضي له بالحق المدعي به ، فقد وجب علي البائع أن ينفذ التزامه بالضمان عن طريق التعويض ، فيعوض المشتري مما أصابه من الضرر باستحقاق $ 660 $ المبيع في يده طبقا للقواعد التي قررها القانون ، وهذا هو ضمان الاستحقاق ( [1202] ) .

  فنتكلم إذا في مسألتين : ( أ ) التنفيذ العيني أو ضمان التعرض بطريق التدخل . ( ب ) التنفيذ بطريق التعويض أو ضمان الاستحقاق .

أ - التنفيذ العيني

( ضمان التعرض بطريق التدخل )

  347 - النصوص القانونية : تنص المادة 440 من التقنين المدني علي ما يأتي :

   " 1 - إذا رفعت علي المشتري دعوي باستحقاق المبيع وأخطر بها البائع كان علي البائع بحسب الأحوال ووفقا لقانون المرافعات أن يتدخل في الدعوي إلي جانب المشتري أو أن يحل فيها محل " .

   " 2 - فإذا تم الإخطار في الوقت الملائم ولم يتدخل البائع في الدعوي ، وجب عليه الضمان ، إلا إذا أثبت أن الحكم الصادر في الدعوي كان نتيجة لتدليس من المشتري أو لخطأ جسيم منه " .

   " 3 - وإذا لم يخطر المشتري البائع بالدعوي في الوقت الملائم وصدر عليه حكم حاز قوة الأمر المقضي ، فقد حقه في الرجوع بالضمان إذا أثبت البائع أن تدخله في الدعوي كان يؤدي إلي رفض دعوي الاستحقاق " .

  وتنص المادة 441 علي ما يأتي :

   " يثبت حق المشتري في الضمان ولو اعترف وهو حسن النية للأجنبي بحقه أو تصالح معه علي هذا الحق دون أن ينتظر في ذلك صدور حكم قضائي ، متي كان قد أخطر البائع بالدعوي في الوقت الملائم ودعاه أن يحل محله فيها $ 661 $ فلم يفعل كل ذلك ما لم يثبت البائع أن الأجنبي لم يكن علي حق في دعواه " ( [1203] ) .

  ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق ، ولكنها تطبيق للقواعد العامة ، فكان من الممكن العمل بهذه الأحكام في عهد التقنين المدني السابق دون حاجة إلي نص ( [1204] ) .

  وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري :

  في التقنين المدني السوري المادتين 408 - 409 - وفي التقنين المدني الليبي لمادتين 428 - 429 - وفي التقنين المدني العراقي المواد 550 - 551 و 553 - $ 662 $ وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 429 و 441 ( [1205] ) .

  ونفرض هذه النصوص أن الغير قد تعرض للمشتري فعلا ، وكان تعرضه $ 663 $ في صورة دعوي استحقاق يرفعها عليه كما هو الغالب . ودعوي الاستحقاق هذه يجب أن تفهم بمعني واسع ، فقد تكون دعوي استحقاق يدعي فيها الغير بأنه يملك البيع كله أو بعضه وقد تكون دعوي أخري يدعي فيها الغير حقا علي المبيع كحق رهن أو حق انتفاع أو حق ارتفاق أو حق إيجار أو غير ذلك من الحقوق التي أشرنا إليها فيما تقدم ، أو ينكر فيها حقا للمبيع كحق ارتفاق . فعند ذلك يتحقق التزام البائع بضمان تعرض الغير ( [1206] ) . ويبدأ بتنفيذ التزامه تنفيذا عينيا ، وذلك بأن يدخل في دعوي الاستحقاق إلي جانب المشتري أو ليحل محله في هذه الدعوي ، ويدفع إدعاء الغير بجميع الوسائل القانونية التي يملكها حتي يستصدر حكما برفض دعواه ، وعند ذلك يكون قد نفذ التزامه بضمان تعرض الغير تنفيذا عينيا فإن لم يتدخل أو تدخل ولم ينجح في استصدار حكم برفض الدعوي ، وجب عليه تنفيذ التزامه عن طريق التعويض علي وجه معين كما سبق القول . وتميز النصوص السالفة الذكر بين فرضين : فإما أن يتدخل البائع في دعوي الاستحقاق وإما ألا يتدخل فإذا لم يتدخل وجب التمييز أيضا بين فرضين : فأما أن يكون المشتري قد دعاه للتدخل في الوقت الملائم ، وإما ألا يكون قد فعل فعندنا إذن ثلاث حالات : ( 1 ) حالة تدخل $ 664 $ البائع في دعوي الاستحقاق . ( 2 ) حالة عدم تدخله في دعوي الاستحقاق مع دعوة المشتري إياه أن يتدخل . ( 3 ) حالة عدم تدخله والمشتري لم يدعه للتدخل .

  348 - تدخل البائع في دعوي الاستحقاق : إذا رفع الغير علي المشتري دعوي استحقاق علي النحو الذي أسلفنا بيانه ، وجب علي المشتري إخطار البائع في الوقت الملائم ودعوته ليتدخل في الدعوي ، حتي ينفذ التزامه بالضمان تنفيذا عينيا بأن يجعل الغير يكف عن إدعائه أو بأن يحصل علي حكم قضائي برفض دعواه . وليس للإخطار شكل خاص ، فيصح شفويا ولكن عب الإثبات يقع علي المشتري ( [1207] ) . والواجب علي المشتري هو إخطار البائع بدعوي الاستحقاق المرفوعة ضده ، وليس يجب عليه إدخاله في الدعوي .

  ولكن لا يوجد ما يمنع من أن المشتري يدخل البائع ضامنا في الدعوي ولا يكتفي بمجرد إخطاره ، بل أن هذا هو الأفضل ففيه قصد في الوقت والإجراءات وبه يكفي المشتري نفسه مؤنه دفع دعوي الغير وقد لا يعرف عنها شيئا ثم هو يأمن بعد ذلك عاقبة أن يتهمه البائع فيما بعد أنه دلس في الدفاع أو إنه ارتكب خطأ جسيما فيه . وقد رسم تقنين المرافعات الإجراءات اللازمة لإدخال ضامن في الدعوي فنصت المادة 143 من هذا التقنين علي أن " للخصم أن يدخل في الدعوي من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها ويتبع في اختصام الغير الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور " . ونصت المادة 146 من نفس التقنين علي أنه " يجب علي المحكمة في المواد المدنية إجابة الخصم إلي تأجيل الدعوي لإدخال ضامن فيها إذا كان الخصم قد كلف ضامنه الحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوي أو قيام السبب الموجب للضمان ، أو إذا كانت الثمانية الأيام المذكورة لم تنفض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوي . وفيما عدا هذه الحالة يكون التأجيل لإدخال الضامن جوازيا للمحكمة . ويراعي في تقدير الأجل المواعيد اللازمة لتكليف الضامن الحضور وفق الأوضاع العادية " فإذا كلف $ 665 $ المشتري البائع في خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوي عليه من الغير بالحضور ولم يتمكن أن يحدد له إلا جلسة متأخرة عن الجلسة المحدد لنظر دعوي الاستحقاق المرفوعة من الغير ، أو كان تاريخ الجلسة المحددة لنظر دعوي الاستحقاق سابق علي انقضاء هذه الثمانية الأيام ، وكانت الدعوي مدنية لأن الدعوي التجارية قد لا تحتمل التأخير ، وجب علي المحكمة أن تجيب المشتري إلي تأجيل نظر دعوي الاستحقاق إلي الجلسة المحددة لحضور البائع ضامنا . فإذا لم يكن المشتري قد تمكن من تكليف البائع بالحضور لعدم انقضاء الثمانية الأيام قبل تاريخ جلسة دعوي الاستحقاق ، راعت المحكمة في تقدير المدة التي تؤجل فيها دعوي الاستحقاق المواعيد اللازمة لتكليف البائع بالحضور وفق الأوضاع العادية ، وتحسب في ذلك مواعيد المسافة أما إذا كان المشتري هو الذي رفع الدعوي علي الغير يطالبه فيها برد المبيع ، أو رفع الدعوي علي جاره يطالبه فيها بتقريره حق ارتفاق للعقار المبيع داخلا في البيع ( [1208] ) . فإن ميعاد الثمانية الأيام يسري من وقت قيام السبب الموجب للضمان أي من وقت أن ينكر المدعي عليه دعوي المشتري . وفي غير ذلك من الأحوال يكون التأجيل لإدخال البائع ضامنا في الدعوي جوازيا للمحكمة . علي أنه إذا كان تحقيق دعوي الاستحقاق المرفوعة عن الغير علي المشتري ، أو تحقيق دعوي المشتري المرفوعة علي الغير ، يستلزم زمناً غير قصير كما هو الغالب ، لم يعد هناك داع يدفع المشتري إلي طلب التأجيل ، وكان له أن يدخل البائع ضامنا في أية جلسة من الجلسات التي تؤجل لها الدعوي الأصلية بتحديد تاريخ هذه الجلسة لحضور البائع ( [1209] ) .

  فإذا لم يدخل البائع المشتري ضامنا في الدعوي واكتفي بإخطاره بها في الوقت الملائم ، وجب علي البائع أن يتدخل ، ويكون التدخل بصحيفة تعلن للخصوم قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاها في الجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها ، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة ( م 154 مرافعات ) . $ 666 $ وحتي إذا لم يخطر المشتري البائع بالدعوي في الوقت الملائم ، وعلم بها البائع من طريق آخر فإنه يجدر به أن يتدخل في الدعوي من تلقاء نفسه حتي يتولي دفعها إذ هو أقدر من المشتري علي ذلك . وقد أجاز له تقنين المرافعات سلوك علي الطريق إذ نصت المادة 153 من هذا التقنين علي أنه " يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوي منضما لأحد الخصوم " ويجوز كذلك أن يكون الغير المتعرض للمشتري هو الذي يدخل البائع ضامنا في الدعوي ، ويتبع في ذلك الإجراءات التي سبق ذكرها في إدخال المشتري البائع ضامنا في الدعوي ( [1210] ) .

  ويلاحظ أنه إذا كانت دعوي الاستحقاق الأصلية مرفوعة أمام محكمة ابتدائية كانت هذه المحكمة مختصة بدعوي الضمان مهما كانت قيمتها . أما إذا كانت الدعوي الأصلية مرفوعة أمام محكمة جزئية ، فإن هذه المحكمة لا تختص بطلب الضمان إذا كانت قيمته تجاوز نصاب اختصاصها ، فتقتصر علي الفصل في الدعوي الأصلية وحدها . ولكن إذا ترتب علي ذلك ضرر بسير العدالة ، وجب علي المحكمة الجزئية أن تقضي من تلقاء نفسها بإحالة الدعوي الأصلية وطلب الضمان إلي المحكمة الابتدائية المختصة بطلب الضمان ، وحكم الإحالة يكون غير قابل للاستئناف ( م 50 مرافعات ) ( [1211] ) .

   $ 667 $ فإذا تدخل البائع ضامنا في دعوي الاستحقاق أو أدخل فيها من جهة المشتري أو الغير المتعرض علي النحو الذي بسطناه جاز للمشتري أن يبقي في الدعوي فينضم إليه البائع ، كما يجوز له أن يخرج منها فيحل البائع محله فيها ( م 440 مدني و م 148 مرافعات ) . وفي الحالتين يتولي البائع دفع إدعاء المتعرض حتي يحمله علي الكف عن تعرضه والنزول عن ادعائه أو يحصل علي حكم قضائي برفض هذا الإدعاء ( [1212] ) . وبذلك يكون قد نفذ التزامه بضمان التعرض الصادر من الغير تنفيذا عينيا ، كما سبق القول .

  أما إذا فشل البائع في ذلك ، فإن التزامه بضمان تعرض الغير يتحول إلي تعويض إذ يصبح ضامنا لاستحقاق المبيع ، وتقضي المحكمة باستحقاق الغير للمبيع وتقضي في الوقت ذاته بتعويض علي البائع للمشتري يقدر وفقا للقواعد التي سيأتي ذكرها في ضمان الاستحقاق . ويقضي في طلب الضمان والدعوي الأصلية بحكم واحد كلما أمكن ذلك ، وإلا فصلت المحكمة في طلب الضمان بعد الحكم في الدعوي الأصلية ( م 147 مرافعات ) وإذا أمرت المحكمة بضم طلب الضمان إلي الدعوي الأصلية كان الحكم الصادر علي البائع حجة للغير المتعرض ولو لم يكن هذا قد وجه طلبات إلي البائع ( م 148 مرافعات ) . وإذا خرج المشتري من الدعوي علي النحو الذي أسلفناه ، وحكم لمصلحة الغير المتعرض ، لم يتحمل المشتري مصروفات الدعوي ويتحملها البائع وحده . $ 668 $ ولكن خروج المشتري من الدعوي الأصلية لا يمنع من أن يكون الحكم الصادر فيها لمصلحة الغير المتعرض حجة عليه ، كما أنه يظل خصما في دعوي الضمان فيقضي له بالتعرض علي البائع ( [1213] ) .

  943 - عدم تدخل البائع في دعوي الاستحقاق بالرغم من إخطار المشتري إياه : وقد فرضنا فيما قدمناه أن البائع تدخل أو أدخل خصما في دعوي الاستحقاق الأصلية ولكنه قد لا يتدخل ولا يدخله أحد الخصوم ولا تدخله المحكمة فيبقي خارجا عن الخصومة في دعوي الاستحقاق الأصلية ، ويكون المشتري قد أخطره في الوقت الملائم ودعاه إلي التدخل فلم يفعل فهنا لا تخلو الحال من أمور ثلاثة : ( 1 ) إما أن يتولي المشتري وحده دفع دعوي المتعرض ، فينجح في دفعها ويقضي برفض طلبات المتعرض . ( 2 ) وإما أن يقر المشتري للمتعرض بالحق الذي يدعيه أو يتصالح معه علي هذا الحق . ( 3 ) وإما ألا يقر ولا يتصالح ولكنه يفشل في دفع دعوي المتعرض ، فيقضي للمتعرض بطلباته ويستحق المبيع استحقاقا كليا أو جزئيا .

  فإذا نجح المشتري وحده في دفع دعوي المتعرض وحصل علي حكم نهائي برفض طلباته ، فقد انتهي التعرض ، وانتهر معه التزام البائع بضمانه . ولا يبقي إلا أن يرجع المشتري علي البائع بما عسي أن يكون قد تجشم من نفقات وأضرار في دفع دعوي المتعرض ولم يحكم له بها علي المتعرض نفسه .

  وإذا أقر المشتري للمتعرض بما يدعيه أو تصالح معه عليه ، فأدي له مالا ليكف عن تعرضه فسنري أنه يجوز البائع باديء ذي بدء ، أن يتخلص من التزامه بالضمان بأن يرد للمشتري المبلغ أو قيمة ما أداه مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات ( م 442 مدني ) . فإذا لم يختر البائع هذا الطريق ، وأصر علي أن المتعرض لم يكن علي حق فيما ادعاه ، وجب افتراض أن المشتري قد أقر بحسن نية للمتعرض بحقه أو تصالح معه وهو حسن النية ، فإنه قد دعا البائع إلي التدخل $ 669 $ في دعوي الاستحقاق في الوقت الملائم فلم يفعل ( [1214] ) ، فاتخذ من هذا الامتناع قرينه علي أن المتعرض محق في تعرضه وفي هذه الحالة يرجع المشتري علي البائع بالتعويضات الواجبة له بموجب ضمان الاستحقاق علي النحو الذي سنبينه ، ولكن البائع يستطيع أن يدفع رجوع المشتري عليه بهذه التعويضات بأن يثبت بأدلة حاسمة ( [1215] ) أن المتعرض لم يكن علي حق في دعواه وأن المشتري قد تسرع في الإقرار أو المصالحة ( م 441 مدني ) ويستطيع البائع أيضا أن يثبت أن المشتري لم يكن حسن النية في إقراره أو مصالحته ، وعند ذلك لا يقتصر علي دفع رجوعه عليه بالتعويضات ، بل يرجع هو عليه بالتعويض إذا كان هناك مقتض ( [1216] ) .

  وإذا لم يقر المشتري للمتعرض بما يدعيه ولم يتصالح معه ، ولكنه فشل في دفع دعواه وقضي للمتعرض بما ادعاه بموجب حكم نهائي ، فقد بذل المشتري $ 670 $ كل ما في وسعه : اخطر البائع بدعوى الاستحقاق ، ولم يسلم بحق المتعرض ، بل دفع دعواه بما يملك من وسائل . فيكون من حقه بعد كل ذلك ، وقد استحق المبيع استحقاقاً كلياً أو جزئياً بحكم نهائي ، أن يرجع على البائع بالتعويضات بموجب ضمان الاستحقاق . ولا يكفي في دفع رجوع المشتري على البائع بهذه التعويضات أن يثبت البائع أن المعترض لم يكن على حق فيما ادعاه ، كما كان لك يكفي في حالة إقرار المشتري بحق المتعرض أو تصالحه معه . وفقد أمكن في هذه الحالة الأخيرة أن ينسب إلى المشتري تقصير هو تسرعه في الإقرار أو التصالح ولو كان ذلك بحسن نية ، أما هنا فالمشتري لم يرتكب حتى هذا التقصير اليسير ، بل ظل إلى النهاية يدفع دعوى المتعرض ، فإذا كان لم ينجح فليس من الممكن أن ينسب إليه أي تقصير في ذلك . ولا يستطيع البائع أن يدفع رجوع المشتري عليه بالتعويضات إلا إذا اثبت أن الحكم النهائي الصادر في دعوى الاستحقاق كان نتيجة لتدليس من المشتري أو الخطأ جسيم منه ( [1217] ) ، فلا يكفي إذن إثبات خطأ غير جسيم في جانب المشتري ( م 440  /  مدني ) ( [1218] ) .

 $ 671 $ 350 - عدم تدخل البائع في دعوي الاستحقاق من غير إخطار المشتري إياه : بقيت الحالة الأخيرة ، وهي ألا يتدخل البائع في دعوي الاستحقاق دون أن يكون المشتري قد أخطره في الوقت الملائم ( [1219] ) . ففي هذه الحالة إذا نجح المشتري في رد دعوي المتعرض انتهي التعرض وانتهي معه التزام البائع بضمانه كما في الحالة السابقة ( [1220] ) . أما إذا أقر المشتري بحق المتعرض أو تصالح معه أو قضي للمتعرض بطلباته بموجب حكم نهائي ، وأراد المشتري الرجوع علي البائع بالتعويضات بموجب ضمان الاستحقاق وجبت مراعاة أن المشتري قد قصر في عدم إخطار البائع بدعوي الاستحقاق في الوقت الملائم ، ولو فعل فقد يجوز أن يكون البائع قادراً علي التدخل وعلي رفع دعوي المتعرض من أجل ذلك لا يطلب من البائع لدفع رجوع المشتري عليه بالتعويضات ، أن يثبت تدليس المشتري أو خطأه الجسيم كما في الحالة السابقة ، بل يكفي أن يثبت أن تدخله في الدعوي لو مكنه المشتري من ذلك في الوقت الملائم ، كان يؤدي إلي رفض دعوي الاستحقاق ( م 440  /  3 مدني ) ( [1221] ) .

( ب ) التنفيذ بطريق التعويض

ضمان الاستحقاق

  315 - متي يرجع المشتري علي البائع بضمان الاستحقاق : يخلص مما قدمناه أن المشتري يرجع علي البائع بضمان الاستحقاق في أحدي الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا أخطر المشتري البائع بدعوي الاستحقاق ، فتدخل البائع في الدعوي ولم يفلح في دفع دعوي المتعرض . ( 2 ) إذا أخطر المشتري البائع بدعوي الاستحقاق ، فلم يتدخل البائع في الدعوي ، وحكم للمتعرض ، ولم يستطيع البائع إثبات تدليس المشتري أو خطأه الجسيم . ( 3 ) إذا أخطر المشتري البائع بدعوي الاستحقاق ، فلم يتدخل البائع في الدعوي : وأقر المشتري بحق المتعرض أو تصالح معه ، ولم يستطع البائع إثبات أن المتعرض لم يكن علي حق في دعواه . ( 4 ) إذا لم يخطر المشتري البائع بدعوي الاستحقاق ، وحكم للمتعرض ، ولم يثبت البائع أن تدخله في الدعوي كان يؤدي إلي رفضها . ( 5 ) إذا سلم المشتري للمتعرض بحقه دون دعوي يرفعها المتعرض ، ولم يثبت البائع أن المتعرض لم يكن علي حق في دعواه .

  فإذا وجب للمشتري علي البائع ضمان الاستحقاق في حالة من الأحوال المتقدمة الذكر ، لم تخل الحال من أحد فروض ثلاثة : ( أ ) فأما أن يكون الاستحقاق استحقاقاً كليا ، فيجب علي البائع أن يدفع للمشتري تعويضا كاملا طبقا للقواعد التي سنبينها . ( ب ) وإما أن يكون الاستحقاق استحقاقا جزئيا ، فيجب علي البائع أن يدفع للمشتري تعويضا بقدر الضرر الذي أصابه علي الوجه $ 673 $ الذي سنذكره . ( جـ ) وإما أن يكون المشتري قد دفع للمتعرض شيئا في مقابل حقه صلحا أو إقراراً بهذا الحق ، فيجب علي البائع ، إذا أراد أن يتخلص من ضمان الاستحقاق ، أن يرد للمشتري ما أداه للمتعرض .

  352 - الاستحقاق الكلي - النصوص القانونية : تنص المادة 443 من التقنين المدني علي ما يأتي :

   " إذا استحق كل المبيع ، كان للمشتري أن يطلب من البائع " .

   " 1 - قيمة المبيع وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت " .

   " 2 - قيمة الثمار التي ألزم المشتري بردها لمن استحق المبيع " .

   " 3 - المصروفات النافعة التي لا يستطيع المشتري أن يلزم بها المستحق ، وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع سيء النية " .

   " 4 - جميع مصروفات دعوي الضمان ودعوي الاستحقاق ، عدا ما كان المشتري يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر البائع بالدعوي طبقا للمادة 440 " .

   " 5 - وبوجه عام تعويض المشتري عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع " .

   " كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنيا علي المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله ( [1222] ) " .

   $ 674 $ والمفروض في النص المتقد أن المبيع استحق استحقاقاً كليا ، أي أن المبيع $ 675 $ كان مملوكا لغير البائع فانتزعه المالك الحقيقي من يد المشتري ، ويرجع المشتري لأن علي البائع بضمان الاستحقاق وظاهر أن المشتري يملك - غير دعوي ضمان الاستحقاق - دعويين أخريين ، هما دعوي الإبطال باعتبار أن البيع صادر من غير مالك فهو بيع ملك الغير ودعوي الفسخ علي أساس أن المشتري $ 676 $ يجيز البيع ثم يطلب فسخه لعدم تنفيذ البائع لالتزامه بنقل الملكية وهاتان الدعويان - الإبطال والفسخ - لا شأن لنا بهما هنا فالأولي قد تقدم ذكرها في بيع ملك الغير والأخري هي دعوي الفسخ المقررة في العقود الملزمة للجانبين وقد أشارت العبارة الأخيرة من النص المتقدم إشارة صريحة إلي هذا المعني إذ تقول : " كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنيا علي المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله " .

  والذي يعنينا هنا هو التعويض الواجب في دعوي ضمان الاستحقاق وقد وضع فيه التقنين المدني قواعد خاصة به جعلته يتميز عن التعويض في كل من دعوي الإبطال ودعوي الفسخ وقد سبقت الإشارة إلي ذلك وظاهر أن هناك فرقا فنيا واضحا بين دعوي ضمان الاستحقاق من جهة ودعوي الإبطال ودعوي الفسخ من جهة أخري هو الذي انبني عليه هذا التمييز فكل من دعوي الإبطال ودعوي الفسخ من جهة أخري هو الذي انبني عليه هذا التمييز فكل من دعوي الإبطال ودعوي الفسخ تفترض أن عقد البيع قد زال إما بالإبطال أو بالفسخ وأن التعويض الذي يعطيه البائع للمشتري ليس مبنيا علي العقد بعد أن زال أما دعوي ضمان الاستحقاق فنفترض أن عقد البيع باق لم يزل إذ التعويض فيها سببه هو عقد البيع ذاته وليس التعويض في ضمان الاستحقاق إلا تنفيذا بطريق التعويض لعقد البيع بعد أن تعذر تنفيذه تنفيذا عينيا وهذا قاطع في أن عقد البيع باق لم يزل ما دام التعويض ليس إلا تنفيذا له ومن ثم كان التعويض في ضمان الاستحقاق مقدراً علي أساس تعويض المشتري عن فقده للمبيع فيأخذ قيمته الاستحقاق لا علي أساس زوال البيع فيسترد المشتري الثمن ( [1223] ) .

   $ 676 $ ويعد النص المتقدم الذكر عناصر التعويض في ضمان الاستحقاق الكلي علي أساس تعويض المشتري عن فقده المبيع وحتي تتمثل هذه العناصر تمثلا واقعيا نفرض أن المبيع دار عندما تسلمها المشتري أجري فيها ترميمات ضرورية ثم أقام طبقة جديدة فوق طبقات الدارة وأنشأ مصعداً ، ودهن حيطان الدار لزخرفتها وقبض ريع الدار من وقت أن تسلمها وبعد ذلك رفع شخص علي المشتري دعوي استحقاق فأدخل المشتري البائع ضامنا في الدعوي وحكم باستحقاق الدار وبتعويض للمشتري علي البائع فهذا التعويض الذي يأخذه المشتري من البائع بسبب ضمان الاستحقاق يتكون من عنصرين جوهريين هما قيمة المبيع والتعويضات الأخري ولكن المشرع فصل هذه التعويضات فصار التعويض عن ضمان الاستحقاق يتكون من العناصر الآتية :

  أولا - قيمة المبيع والفوائد القانونية : فيدفع البائع للمشتري قيمة الدار في الوقت الذي رفعت فيه دعوي الاستحقاق لأن الحكم بالاستحقاق يستند إلي يوم رفع الدعوي ( [1224] ) ويلاحظ في تقدير قيمة الدار ألا يدخل في هذه القيمة المصروفات الضرورية والنافعة والكمالية –أي الترميمات والطبقة الجديدة والمصعد والدهان - فهذه لها حساب آخر سيأتي بعد وإنما يدفع البائع للمشتري قيمة الدار وقت الاستحقاق بدلا من رد الثمن لأن المشتري يطالب بالتعويض علي أساس المسئولية العقدية لا علي أساس فسخ العقد أو إبطاله كما سبق القول فالبيع إذن باق وهو مصدر التعويض ( [1225] ) ولا تأثير المقدار الثمن علي قيمة المبيع $ 678 $ وقت الاستحقاق فلو أن المشتري دفع ثمنا للدار ألفا وكانت قيمتها وقت الاستحقاق تقل عن الألف أو تزيد فإن الذي يأخذه المشتري من البائع هو قيمة الدار وقت الاستحقاق قلت عن الثمن أو زادت ( [1226] ) ويأخذ المشتري قيمة $ 679 $ المبيع وقت الاستحقاق دون تمييز بين ما إذا كان حسن النية أو سيء النية أي بين ما إذا كان لا يعلم وقت البيع الاستحقاق أو يعلم ، ودون تمييز بين ما إذا كان البائع نفسه حسن النية أو سيء النية فسواء كان يعلم سبب الاستحقاق وقت البيع أو لا يعلم ذلك فهو ملزم بدفع قيمة المبيع وقت الاستحقاق للمشتري ( [1227] ) . ولما كان المشتري ملزما كما نري برد ريع الدار للمستحق من يوم رفع دعوي الاستحقاق علي الأقل فإنه يأخذ من البائع تعويضا عن هذا الريع الفوائد بالسعر القانوني ( 4 %  في المسائل المدنية و 5 %  في المسائل التجارية ) لقيمة الدار وقت الاستحقاق فهذه الفوائد بالنسبة إلي هذه القيمة تقابل الريع بالنسبة إلي الدار ( [1228] ) ويأخذ المشتري الفوائد القانونية المتقدمة الذكر ولو كان يعلم وقت البيع بسبب الاستحقاق أو كان البائع وقت البيع لا يعلم بهذا السبب .

  ثانياً - الثمار وإذا فرض أن المشتري كان يعلم بسبب الاستحقاق قبل رفع دعوي الاستحقاق فإنه يكون ملزما بدر الريع الذي قبضه من الدار من اليوم الذي علم فيه بسبب الاستحقاق ( م 185  /  2 مدني ) وعند ذلك يرجع علي البائع بما رده للمستحق من ريع الدار إلي يوم رفع دعوي الاستحقاق ويقول البند الثاني من المادة 443 مدني إن المشتري يطلب من البائع " قيمة الثمار التي ألزم المشتري بردها لمن استحق المبيع " وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " والمفروض في ذلك أن المشتري قد علم بحق الغير قبل رفع دعوي الاستحقاق فوجب أن يرد الثمار المستحقة من وقت علمه بذلك ويرجع بها علي البائع استيفاء لحقه في التعويض أما ثمار المبيع من وقت رفع $ 680 $ الدعوي فهذه قد استعاض عنها بالفوائد القانونية لقيمة المبيع كما سبق بيانه فيما تقدم ( [1229] ) .

  ثالثاً - المصروفات : أما المصروفات التي أنفقها المشتري علي الترميمات الضرورية التي أجراها في الدار فهذه يأخذها من المستحق سواء كان المشتري لا يعلم وقت البيع بسبب الاستحقاق أو كان يعلم أي سواء كان النية أو سيئها وهذا تطبيقا للفقرة الأولي من المادة 980 مدني إذ تقول : " علي لذلك الذي يرد إليه ملكه أن يؤدي إلي الحائز جميع ما أنفقه من المصروفات الضرورية " ومن ثم لا يرجع المشتري علي البائع بشيء من هذه المصروفات الضرورية فقد استردها كلها من المستحق ( [1230] ) وأما المصروفات التي أنفقها في إقامة الطبقة الجديدة فوق طبقات الدار الأصلية فهذه مصروفات نافعة أوردت الفقرة الثانية من المادة 980 مدني والمادتان 924 و 925 مدني حكمها فإذا كان المشتري يعلم وقت أن أقام الطبقة الجديدة بسبب الاستحقاق كان للمستحق أن يطالب منه إزالة هذه الطبقة مع التعويض إن كان له وجه أو يطلب استبقاءها مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في قيمة الدار بسبب هذه الطبقة الجديدة ( م 924 مدني ) وإذا كان المشتري لا يعلم وقت أن أقام الطبقة الجديدة بسبب الاستحقاق خير المستحق بين دفع نفقات البناء أو دفع ما زاد في قيمة الدار ( م 925 مدني ) وفي الحالتين يتحمل المشتري ، بعد أن يسترد من المستحق المبلغ الذي يسمح به القانون علي النحو $ 681 $ المتقدم الذكر خسارة هي الفرق بين قيمة الطبقة الجديدة وقت الاستحقاق والمبلغ استرده من المستحق ويكون عادة أقل من قيمة الطبقة الجديدة فهذه الخسارة يرجع بها المشتري علي البائع كعنصر من عناصر التعويض في ضمان الاستحقاق ويستوي في هذا الرجوع أن يكون المشتري غير عالم بسبب الاستحقاق وقت البيع أو عالما بذلك ( [1231] ) وأما المصعد الذي أنشأه المشتري في الدار فيغلب أن تكون المصروفات التي أنفقت فيه مصروفات نافعة ويكون حكمها هو الحكم الذي قدمناه في المصروفات التي أنفقت علي إقامة الطبقة الجديدة وقد تكون مصروفات المصعد مصروفات كمالية ، فيما إذا كان المألوف في مثل الدار المبيعة حتي بعد بناء الطبقة الجديدة ألا يكون فيها مصعد وليست الدار في أية حاجة إليه وسنري حالا حكم المصروفات الكمالية وأما المصروفات التي أنفقها المشتري علي دهان حيطان الدار وزخرفتها فالغالب أن تكون مصروفات كمالية ( [1232] ) وحكمها وارد في الفقرة الثالثة من المادة 980 مدني وتقضي بأنه " إذا كانت المصروفات كمالية فليس للحائز أن يطالب بشيء منها ومع ذلك يجوز له أن ينزع ما استحدثه من منشآت علي أن يعيد الشيء إلي حالته الأولي إلا إذا اختار المالك أن يستبقيها مقابل دفع قيمته مستحقة الإزالة " وظاهر أن دهان الحيطان لا يتصور فيه أن يطلب المشتري إزالته فهو سيتركه للمستحق دون أن يأخذ منه أي تعويض فهل يرجع بهذه المصروفات الكمالية علي البائع كعنصر من عناصر التعويض في ضمان الاستحقاق؟ يجيب البند 3 من المادة 443 مدني كما رأينا بأن المشتري يسترد من البائع هذه المصروفات الكمالية إذا كان البائع سيء النية أي إذا كان البائع وقت البيع يعلم بسبب الاستحقاق وتعلل المذكرة الإيضاحية $ 682 $ للمشروع التمهيدي هذا الحكم بما يأتي : " أما المصروفات الكمالية فلا يرجع بها المشتري علي المستحق وكذلك لا يرجع بها علي البائع إذا كان حسن النية لأن المدين في المسئولية التعاقدية لا يسأل عن الضرر غير متوقع الحصول ويمكن اعتبار المصروفات الكمالية أمراً غير متوقع فإذا كان البائع سيء النية أي كان يعلم بحق الأجنبي فيسأل في هذه الحالة عن الضرر ولو كان غير متوقع ويحق إذن للمشتري أن يرجع بالمصروفات الكمالية " ( [1233] ) .

  رابعاً - مصروفات دعوي الاستحقاق ودعوي الضمان : يضاف إلي عناصر التعويض الذي يرجع به المشتري علي البائع في ضمان الاستحقاق ما عسي أن يكون قد ألزم به من مصروفات دعوي الاستحقاق التي رفعها المستحق عليه فقد يكون المشتري قد بقي خصما في هذه الدعوي ولما حكم للمستحق عليه فقد يكون المشتري قد بقي خصما في هذه الدعوي ولما حكم للمستحق بالاستحقاق ألزم هو بمصروفات الدعوي نحو المستحق فيرجع بما ألزم به من هذه المصروفات علي البائع كعنصر من عناصر التعويض ثم إن المشتري قد أدخل البائع ضامنا في الدعوي أو لعله رفع عليه دعوي ضمان أصلية بعد الحكم بالاستحقاق ففي الحالتين يكون قد تكبد مصروفات هي مصروفات إدخال البائع ضامنا أو مصروفات دعوي الضمان الأصلية فهذه المصروفات أيضا يلزم بها البائع نحو المشتري ويستثني من ذلك المصروفات التي كان المشتري يستطيع أن يتقيها لو أنه أخطر البائع بدعوي الاستحقاق في الوقت الملائم ( [1234] ) فقد يبطيء المشتري في إخطار البائع بدعوي الاستحقاق وقد لا يخطره أصلا ويتسبب عن ذلك أن تطول الإجراءات في غير مقتض فتزيد المصروفات فما زاد منها علي هذا النحو لا يرجع المشتري به علي البائع لأنه هو الذي تسبب فيه بخطأه ( [1235] ) وعلي البائع يقع عبء إثبات أن المشتري كان يستطيع اتقاء المصروفات علي النحو المتقدم ( [1236] ) .

   $ 683 $ خامسا - ما لحق المشتري من الخسارة وما فاته من الكسب : ويذكر البند الخامس من المادة 443 مدني كما رأينا ان البائع يلتزم " بوجه عام تعويض المشتري عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع " وتقول المذكرة الإيضاحية أن " ليس في ذلك إلا تذكير بالقواعد العامة " ( [1237] ) . فالقواعد العامة تقضي بأن التعويض في المسئولية التعاقدية يشمل كل ما لحق الدائن من خسارة متوقعة أو فاته من كسب متوقع وقد يكون هذا وتلك عنصرين جديدين في التعويض فوق العناصر التي قدمناها مثل ذلك فيما لقح المشتري من خسارة أن يكون وقت اشتري الدار قد اضطر لمعاينتها فانتقل إليها من بعيد برفقه البائع وتجشم في ذلك مصروفات السفر فهذه خسارة تحملها المشتري فيرجع بها علي البائع كعنصر من عناصر التعويض في ضمان الاستحقاق ( [1238] ) . ومثل ذلك فيما فات المشتري من كسب أ ، يكون الثمن الذي اشتري به المشتري الدار قد أعده لاستغلاه في ناحية تدر عليه ربحا معينا ثم تحول عن هذه الناحية إلي شراء الدار والبائع يعلم ذلك فاستحقاق الدار قد فوت علي المشتري هذا الربح المعين الذي كان يجنيه لو أنه استغل ثمن الدار في الناحية التي فكر فيها من قبل فيرجع علي البائع بهذا الربح كعنصر من عناصر التعويض في ضمان الاستحقاق ( [1239] ) .

  هذه هي العناصر المختلفة في التعويض المستحق بسبب ضمان الاستحقاق $ 684 $ وقد ذكرها القانون بالنص عنصراً عنصرا فأبرز بذلك دعوي ضمان الاستحقاق بمقوماتها الذاتية وفارق بينها وبين دعوي الفسخ ودعوي الإبطال كما سبق القول وأهم فرق في التعويض المستحق بموجب ضمان الاستحقاق وبين التعويض المستحق بدعوي الإبطال أو دعوي الفسخ يظهر عندما يكون المشتري عالما بسبب الاستحقاق وقت البيع ففي دعوي ضمان الاستحقاق لا يؤثر هذا العلم في مقدار التعويض ( [1240] ) أما في دعوي الإبطال أو دعوي الفسخ فالمشتري يكون سيء النية ، وقد علمنا في بيع ملك الغير أن المشتري إذا كان سيء النية فليس له أن يطالب البائع بتعويض ( م 468 مدني ) ومن ثم لا يستطيع المشتري أن يرجع علي البائع بغير الثمن الذي دفعه ولا يسترد العناصر الأخري من عناصر التعويض التي سبق ذكرها في ضمان الاستحقاق وهذا وحده كاف في جعل دعوي ضمان الاستحقاق بارزة إلي جانب دعوي الفسخ ودعوي الإبطال وجعل المشتري يؤثر عادة أن يلجأ إلي هذه الدعوي دون الدعويين الأخريين .

   $ 685 $ 353 - الاستحقاق الجزئي - النصوص القانونية - تنص المادة 444 من التقنين المدني علي ما يأتي :

   " 1 - إذا استحق بعض المبيع أو وجد مثقلا بتكليف وكانت خسارة المشتري من ذلك قد بلغت قدراً لو علمه لما أتم العقد كان له أن يطالب البائع بالمبالغ المبينة في المادة السابقة علي أن يرد لع المبيع وما أفاده منه " .

   " 2 - فإذا اختار المشتري استبقاء المبيع أو كانت الخسارة التي لحقته لم تبلغ القدر المبين في الفقرة السابقة لم يكن له إلا أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق ( [1241] ) " .

   $ 686 $ ويعرض النص للحالة التي لا يكون فيها استحقاق المبيع استحقاقاً كليا . $ 687 $ والاستحقاق الجزئي يتحقق بطرق مختلفة فقد يستحق جزء من المبيع شائع أو مفرز وقد يتبين أن المبيع مرهون أو مثقل بحق اختصاص أو حق امتياز ( [1242] ) أو أن حق ارتفاق للمبيع ليس موجوداً ففي هذا كله يمكن القول بأنه استحق بعض المبيع وقد يكون المبيع مثقلا بتكليف كحق ارتفاق عليه ليس ظاهراً ولم بين البائع عنه للمشتري أو حق انتفاع أو حق حكر ففي جميع الأحوال التي يستحق فيها بعض المبيع أو يكون مثقلا بتكليف يكون هنا استحقاق جزئي للمبيع .

  ويميز النص في الاستحقاق الجزئي بين فرضين : ( 1 ) إذا كانت خسارة المشتري بسبب الاستحقاق الجزئي قد بلغت من الجسامة قدراً لو علمه وقت البيع لما أتمه كما لو اشتري أرضا لإقامة مصنع أو مدرسة أو مستشفي فاستحق جزء منها فصار الباقي غير كاف للوفاء بالغرض المطلوب ( [1243] ) وليس من الضروري في هذا الفرض أن يكون المشتري غير عالم وقت البيع بالاستحقاق الجزئي فقد يكون عالما به ولكنه يعتقد أن البائع سيدرأه عنه كما إذا كان المبيع مرهونا في دين وأكد له البائع أنه سيقوم بوفاء هذا الدين ويشطب الرهن ( [1244] ) . ( 2 ) إذا لم تبلغ خسارة المشتري بسبب الاستحقاق الجزئي هذا $ 688 $ القدر من الجسامة المبين في الفرض الأول ( [1245] ) .

  فإذا كانت خسارة المشتري جسيمة بالقدر الذي بسطناه في الفرض الأول كان المشتري مخيرا بين رد ما بقي من المبيع بما أفاده منه إلي البائع ومطالبته بالتعويضات التي يستحقها في حالة الاستحقاق الكلي أو استبقاء المبيع مع المطالبة بالتعويض عما أصابه من الخسارة بسبب الاستحقاق الجزئي فإذا اختار رد ما بقي من المبيع والمطالبة بالتعويضات المقررة في حالة الاستحقاق الكلي فإن ذلك يبدو طبيعيا إذ المفروض أن المشتري ما كان ليتم البيع لو عرف الخسارة التي تلحقه بسبب الاستحقاق الجزئي ولكن حتي في هذا الفرض لا يزال ضمان الاستحقاق محتفظا بصفته الخاصة ذلك أن القواعد العامة كانت تقضي بأن المشتري في هذا الفرض كان يطلب فسخ البيع فيرد ما بقي من المبيع ويسترد الثمن مع التعويضات إن كان لها مقتض ولكن النص يقضي ببقاء البيع لا بفسخه ويقيم التعويضات التي يستحقها المشتري علي أساس هذا البيع فهو بعد أن رد بقية المبيع بما أفاده منه يعتبر في حكم من استحق منه المبيع استحقاقاً كليا فكان من الطبيعي أن يتقاضي من البائع كل التعويضات المقررة في الاستحقاق الكلي ومن ثم يسترد المشتري من البائع قيمة المبيع وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية والثمار التي ردها للمستحق والمصروفات النافعة والكمالية علي التفصيل الذي أسلفناه ومصروفات دعوي الاستحقاق ودعوي الضمان وكل ما لحقه من خسارة أو فاته من ربح علي الوجه الذي بيناه فيما تقدم ويبدو أن المشتري إذا كان يرد بقية المبيع وما أفاده منه إلي البائع في هذه الحالة فليس يرد ذلك بناء علي أن عقد البيع قد فسخ فقد قدمنا أن البيع باق وبموجبه استحق المشتري التعويضات المقررة في الاستحقاق الكلي ولكن علي أساس أن المشتري لا يستطيع أن يأخذ من البائع هذه $ 689 $ التعويضات إلا بعد أن يستنزل منها ما أفاده من المبيع فوجد المشرع أن الأوفق أن يأخذ المشتري التعويضات ويرد بقية المبيع وما أفاده منه فيصل بذلك من طريق سهل إلي نفس النتيجة ( [1246] ) . أما إذا اختار المشتري استبقاء المبيع في يده فإنه يرجع علي البائع بالتعويض عما أصابه من خسارة وعما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك متوقعا لأننا في صدد مسئولية عقدية لا مسئولية تقصيرية وهذا ما لم يكن الاستحقاق الجزئي قد وقع بغش من البائع أو خطأ جسيم منه فيأخذ المشتري تعويضا حتي عن الضرر غير المتوقع ( [1247] ) .

  وإذا كانت خسارة المشتري بسبب الاستحقاق الجزئي ليست جسيمة بالقدر الذي لو علمه لما أتم البيع لم كن أمامه في هذه الحالة إلا أن يرجع علي البائع بالتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب الاستحقاق الجزئي ( [1248] ) ذلك طبقا $ 690 $ للقواعد العامة علي النحو الذي أسلفناه فيما تقدم ولا يجوز في هذا الفرض للمشتري أن يرد بقية المبيع وما أفاده منه علي أن يأخذ التعويضات المقررة في الاستحقاق الكلي فإن هذه الرخصة مقصورة علي الفرض الأول .

  354 - رد البائع ما أداه المشتري للمعترض - النصوص القانونية - تنص المادة 442 من التقنين المدني علي ما يأتي :

   " إذا توقي المشتري استحقاق المبيع كله أو بعضه بدفع مبلغ من النقود أو بأداء شيء آخر كان للبائع أن يتخلص من نتائج الضمان بأن يرد للمشتري المبلغ الذي دفعه أو قيمة ما أداه مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات ( [1249] ) .

   $ 691 $ وهذا الفرض الذي يعرض له النص شامل لحالتي الاستحقاق الكلي والاستحقاق الجزئي وييسر علي البائع أمر ضمان الاستحقاق في الحالتين والمفروض هنا أن المشتري توقي الحكم باستحقاق المبيع استحقاقا كليا أو استحقاقا جزئيا وذلك بأن اتفق مع المتعرض علي ذلك في مقابل مبلغ من النقود أو في مقابل شيء آخر يؤديه له فيثبت القانون عندئذ للبائع نوعا من الاسترداد ( retrait ) يستطيع بموجبه أن يكفي نفسه نتائج الضمان ومؤونة التعويضات التي بيناها في حالتي الاستحقاق الكلي والاستحقاق الجزئي بأن يرد للمشتري ما أداه للمتعرض مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات فيتخلص بذلك من ضمان الاستحقاق وليس للمشتري أن يشكو فقد استطاع أن يستبقي المبيع سالما من الاستحقاق في مقابل أداة للمتعرض فإذا استرد من البائع قيمة هذا المال فإنه يكون بذلك قد استبقي المبيع واسترد خسارته فلم ينله أي ضرر وهذا الضرب من الاسترداد نادر وليس له نظير في التقنين المدني إلا في حالات ثلاث : الشفعة واسترداد الحصة الشائعة واسترداد الحق المتنازع فيه ( [1250] ) .

  ونري مما قدمناه أنه حتي يكون للبائع حق الاسترداد علي النحو الذي أسلفناه يجب أن يتفق المشتري مع المتعرض علي تفادي استحقاق المبيع استحقاقاً كليا أو جزئيا بأن يدفع المشتري للمتعرض مبلغا من المال في مقابل نزول المتعرض عن إدعائه وترك المبيع فيد يد المشتري سليما من أي استحقاق وهذا الاتفاق يقع غالبا عند رفع المتعرض دعوي الاستحقاق علي المشتري سواء تدخل البائع في الدعوي أو لم يتدخل وقد يقع دون أن ترفع دعوي الاستحقاق بأن يتبين المشتري جدية إدعاء المتعرض فيتفق معه علي الوجه المتقدم توقيا $ 692 $ للاستحقاق وتفاديا من رفع دعوي به وما يجر ذلك من إجراءات ومصروفات والاتفاق الذي يتم بين المشتري والمتعرض يكون في الغالب صلحا فيتصالحان علي أن يعطي المشتري مبلغا من النقود في نظير أن ينزل المتعرض عن ادعائه وعند ذلك يخلص المبيع للمشتري خالي من النزاع ولكن هذا الصلح يعتبر بالنسبة إلي البائع استحقاقا للمبيع فيجب عليه الضمان وإن كان يستطيع التخلص منه - أي استرداد ما كان يجب أن يدفعه للمشتري من تعويضات بسبب ضمان الاستحقاق - في مقابل أن يرد للمشتري المبلغ الذي دفعه المشتري للمتعرض وفوائده القانونية ( 4 %  في المسائل المدنية و 5 %  في المسائل التجارية ) من يوم أن دفع المشتري المبلغ للمتعرض وكذلك مصروفات الصلح الذي تم بين المشتري والمتعرض فيتفادي البائع بذلك أن يدفع للمشتري التعويضات المقررة في الاستحقاق الكلي أو الاستحقاق الجزئي وهذا هو معني الاسترداد وغني عن البيان أن البائع لا يختار استعمال حق الاسترداد إلا إذا وجد ان المبلغ الذي سيرده للمشتري أقل من التعويضات التي كان يدفعها له بسبب ضمان الاستحقاق وبفرض أن حق المتعرض لا يستطيع البائع أن يدفعه فالبائع إذن حر في أن يستعمل حق الاسترداد وفي ألا يستعمله وهو لا يستعمله في حالتين : ( 1 ) إذا كان يستطيع دفع ادعاء المتعرض ويعتقد أن المشتري قد تسرع في الصلح معه وقد قدمنا أنه في هذه الحالة لا يكون مسئولا عن الضمان إذا أثبت ان المتعرض لا حق له في دعواه . ( 2 ) إذا كانت التعويضات الواجبة عليه بسبب ضمان الاستحقاق لا تزيد علي المبلغ الواجب رده للمشتري بموجب استعمال حق الاسترداد .

  وقد يكون الاتفاق الذي يتم بين المشتري والمتعرض صلحا لا يدفع فيه المشتري للمتعرض مبلغا من النقود فقد يكون المستحق حق ارتفاق للمبيع ينكره المتعرض فيتفق معه المشتري علي أن يكف عن إنكاره في نظير ترتيب حق ارتفاق مقابل لعقار المتعرض علي المبيع وفي هذه الحالة لا يتخلص البائع من نتائج الضمان باستعمال حق الاسترداد إلا إذا دفع للمشتري قيمة حق الارتفاق الجديد الذي أنشيء علي المبيع العقار المتعرض والفوائد القانونية لهذه القيمة من وقت إنشاء حق الارتفاق ومصروفات الصلح .

   $ 693 $ وقد يكون الاتفاق الذي يتم بين المشتري والمتعرض وفاء بمقابل كأن يكون المبيع مرهونا في دين فيتفق المشتري مع الدائن المرتهن علي أن يدفع له مقابلا لهذا الدين سيادة مثلا وفي هذه الحالة لا يتخلص البائع من التزامه بالضمان باستعمال حق الاسترداد إلا إذا دفع للمشتري قيمة هذه السيارة وقت تسليمها للدائن والفوائد القانونية لهذه القيمة من وقت التسليم ومصروفات الاتفاق الذي تم بين المشتري والمتعرض ( [1251] ) .

  ويبدو أنه إذا تم للبائع التخلص من نتائج الضمان باستعمال حق الاسترداد علي الوجه السالف الذكر فإن عقد البيع الأصلي يبقي قائما بينه وبين المشتري وهذا العقد هو الذي يحدد العلاقة فيما بينهما إلا فيما يتعلق بضمان الاستحقاق فقد توقاه البائع باستعمال حق الاسترداد كما سبق القول ويترتب علي ذلك أن المشتري يعتبر متلقيا ملكية المبيع من البائع لا من المتعرض ويبقي البائع ملتزما نحو المشتري بسائر التزامات البائع فلو ظهر في المبيع مثلا عيب خفي رجع المشتري علي البائع بضمان هذا العيب .

  والمفروض في استعمال البائع لحق الاسترداد علي النحو الذي قدمناه أن يكون المشتري قد اتفق مع المتعرض وتوقي باتفاقه هذا استحقاق المبيع أما إذا ترك المشتري المتعرض يسير في دعوي الاستحقاق دون أن يتفق معه وحكم للمتعرض بالاستحقاق الكلي مثلا فاسترد المبيع من تحت يد المشتري ثم اتفق المشتري بعد $ 694 $ ذلك مع المستحق علي أن يعيد إليه المبيع بعقد جديد بيع أو مقايضة أو غير ذلك فإن ضمان الاستحقاق يكون واجبا علي البائع الأصلي ولا يستطيع هذا أن يتوقاه بأن يدفع للمشتري الثمن الذي دفعه هذا المستحق في البيع الجديد أو قيمة العين التي قايض بها المشتري المستحق علي المبيع فضمان الاستحقاق يبقي في ذمة البائع وتسري عليه الأحكام التي بسطناها فيما تقدم وعلاقة المشتري بالمستحق يحكمها العقد الجديد الذي تم بينهما والذي بموجبة أعاد المستحق للمشتري الشيء المبيع وليس في هذا إلا تطبيق للقواعد العامة ( [1252] ) .

 " 3 - الاتفاق علي تعديل أحكام ضمان التعرض الصادر من الغير

  335 - زيادة الضمان أو إنقاصه أو إسقاطه - النصوص القانونية : تنص المادة 445 من التقنين المدني علي ما يأتي :

   " 1 - يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيداً ضمان الاستحقاق أو أن ينقصا منه أو يسقطا هذا الضمان " .

   " 2 - ويفترض في حق الارتفاق أن البائع قد اشترط عدم الضمان إذا كان هذا الحق ظاهرا أو كان البائع قد أبان عنه للمشتري " .

   " 3 - ويقع باطلا كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الأجنبي " .

  وتنص المادة 446 علي ما يأتي :

   $ 695 $ " 1 - إذا اتفق علي عدم الضمان بقي البائع مع ذلك مسئولا عن أي استحقاق ينشأ من فعله ويقع باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك " .

   " 2 - أما إذا كان استحقاق المبيع قد نشأ من فعل الغير ، فان البائع يكون مسئولا عن رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق إلا إذا أثبت أن المشتري كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق أو أنه اشتري ساقط الخيار " ( [1253] ) .

  وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 301  /  375 – 303  /  377 ( [1254] ) .

   $ 696 $ وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في التقنين المدني السوري المادتين 413 - 414 وفي التقنين المدني الليبي المادتين 434 - 435 - وفي التقنين المدني العراقي المادتين 556 - 577 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 430 - 432 و 439 ( [1255] ) .

  ونري من هذه النصوص أن أحكام الضمان التي قدمناها ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق علي تعديلها والاتفاق علي تعديل أحكام ضمان التعرض الصادر من الغير - كالاتفاق علي تعديل أحكام ضمان التعرض الصادر من البائع - قد يكون اتفاقا علي زيادة هذا الضمان أو اتفاقا علي إنقاصه أو اتفاقا علي إسقاطه .

   $ 697 $ ويجب في جميع الأحوال أن يكون الاتفاق واضحا في ان إرادة المتبايعين قد انصرفت إلي تعديل أحكام الضمان ، فلا يساق في عبارات عامة غامضة يذكر فيها المتعاقدان أن البائع يضمن للمشتري جميع أنواع التعرض القانوني والفعلي أو ان البائع يضمن للمشتري جميع أنواع التعرض والاستحقاق والرهون والتصرفات السابقة علي البيع أو نحو ذلك فمثل هذه العبارات لا تعدل شيئا في أحكام الضمان التي سبق بسطها وإنما هي ترديد للقواعد العامة في هذا الشأن في وضع يريد المتعاقدان به إبراز التزام البائع بالضمان وتأكيد هذا الالتزام ولكن دون إدخال أي تعديل في أحكامه ( [1256] ) ويراعي أيضا أن الاتفاق علي إسقاط الضمان أو علي إنقاصه يجب عدم التوسع في تفسيره فإن المشتري بهذا الاتفاق ينزل عن حق له أو بضع حق والنزول عن الحق يفسر تفسيراً ضيقا طبقا للقواعد العامة .

  356 - الاتفاق علي زيادة الضمان : هذا الاتفاق لا يقع كثيراً في العمل فإن القواعد العامة في أحكام الضمان كما رأينا تضمن عادة للمشتري كل تعرض من الغير وتكفل له تعويضا كافيا يزيد في كثير من الأحيان علي التعويض الذي يخوله إياه دعوي الفسخ أو دعوي الإبطال علي النحو الذي قدمناه .

   $ 698 $ علي أن المشتري قد يزيد في الاحتياط فيشترط علي البائع ضمان أعمال هي في الأصل ليست داخلة في الأحكام العامة للضمان أو زيادة في التعويض الذي يستحقه بموجب هذه الأحكام مثل ضمان أعمال ليست داخلة في الأصل في الأحكام العامة للضمان أن يشترط المشتري علي البائع أن يرجع عليه بالضمان إذا نزعت ملكية المبيع بعد البيع للمنفعة العامة ( [1257] ) فنزع الملكية للمنفعة العامة بعد البيع لا يدخل في الأعمال التي يضمنها البائع طبقا للأحكام العامة في الضمان فزاد المشتري ضمان البائع بهذا الاتفاق وقد لا يزيد المشتري في الأعمال التي يضمنها البائع ولكنه يعدل في شروطها بما تترتب عليه زيادة الضمان كأن يشترط الرجوع بجميع المصروفات الكمالية ولو كان البائع حسن النية والأصل أنه لا يرجع بالمصروفات الكمالية إلا إذا كان البائع سيء النية ( [1258] ) . ومثل التعديل في الشروط أيضا أن يحتفظ المشتري لنفسه بالحق عند الاستحقاق الجزئي في رد المبيع وأخذ تعويضات كاملة ولو كان الاستحقاق الجزئي غير جسيم والأصل كما رأينا أنه لا يجوز ذلك إلا إذا كان الاستحقاق الجزئي جسيما بالقدر الذي لو علم به المشتري لما أتم البيع ومثل التعديل في الشروط أخيراً أن يشترط المشتري الرجوع علي البائع بضمان الاستحقاق ولو قبل وقوع التعرض فعلا متي علم المشتري بسبب الاستحقاق والأصل كما قدمنا أن ضمان الاستحقاق لا يقوم إلا إذا وقع التعرض فعلا ( [1259] ) ومثل زيادة الضمان عن طريق زيادة التعويض أن يشترط المشتري عند استحقاق المبيع استحقاقا كليا استرداد أعلي القيمتين قيمة المبيع وقت الاستحقاق أو الثمن والأصل كما قدمنا أنه لا يسترد إلا قيمة المبيع وقت الاستحقاق ولو نقصت هذه القيمة عن الثمن .

 $ 699 $

357 - الاتفاق على إنقاص الضمان : وهذا الاتفاق ، بخلاف الاتفاق على زيادة الضمان ، يقع كثيراً فى العمل . ويتناول هو أيضاً إما الأعمال الموجبة لضمان فيقلل منها ( [1260] ) ، أو مقدار التعويض المستحق فينقص منه . مثل التقليل من الأعمال الموجبة للضمان أن يشترط البائع على المشترى عدم ضمانه لما عسى أن يظهر على المبيع من حقوق ارتفاق خفية لا يعلم بها البائع ، أو عدم ضمان حقوق ارتفاق للمبيع إذا ظهر فيما بعد أنها غير موجودة ، أو عدم ضمان استحقاق المبيع فى حالة ما إذا كان هذا الاستحقاق مترتباً على إبطال سند ملكية البائع لعيب معين فيه . ومثل إنقاص مقدار التعويض أن يشترط البائع على المشترى ، عند الاستحقاق الكلى ، ألا يرجع عليه إلا بالثمن ولو نقص عن قيمة المبيع وقت الاستحقاق ( [1261] ) ، أو ألا يرجع عليه بالمصروفات أصلاً ولو كانت نافعة ولم يستدرها المشترى من المستحق كاملة ، أو ألا يرجع عليه بتعويض أصلا فلا يسترد إلا الثمن أو لا يسترد إلا قيمة المبيع وقت الاستحقاق .

وتقول الفقرة الثالثة من المادة 445 مدنى كما رأينا : " ويقع باطلاً كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الأجنبى " . فإذا كان البائع ، وهو يشترط إنقاص الضمان فى خصوص حق معين قد يظهر لأجنبى على العين المبيعة ، يعلم بوجود هذا الحق فعلاً وقت البيع ويكتمه عن المشترى ، فإنه يكون بذلك قد ارتكب غشاً واشترط عدم مسئوليته عنه ، ولا يجوز طبقاً للقواعد العامة اشتراط عدم المسئولية عن الغش حتى لو كانت المسئولية عقدية . فالنص المتقدم إذن ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، ويكون الاتفاق على إنقاص الضمان باطلاً إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الأجنبى .

على أنه لا يكفى مجرد علم البائع بحق الأجنبى وقت البيع حتى يقال إنه أخفاه عمداً من المشترى ثم اشترط عدم الضمان . فقد يكون البائع عالماً بحق الأجنبى دون $ 700 $ أن يخفيه عن المشترى ، بأن يكون المشترى نفسه عالماً بهذا الحق كالبائع ، ورضى باشتراط البائع عدم ضمان هذا الحق ، ففى هذه الحالة لا يكون الشرط باطلاً لأن البائع لم يخف عن المشترى شيئاً . بل قد يكون المشترى غير عالم بحق الأجنبى ، ولكن البائع لا يعتبر مع ذلك قد كتم عنه هذا الحق إذا كان يعتقد أن المشترى عالم به عندما اشترط عدم ضمانه إياه . فلا يكون البائع فى هذه الحالة أيضاً قد تعمد إخفاء حق الأجنبى عن المشترى حتى يبطل شرط عدم الضمان ، ويكون الشرط صحيحاً . أما إذا كان البائع يعم بحق الأجنبى ، ويعلم فى الوقت ذاته أن المشترى لا يعلم بهذا الحق ، ثم اشترط البائع عدم ضمانه للحق دون أن يخبر المشترى بوجوده ، فإنه يكون فى هذه الحالة قد تعمد إخفاء حق الأجنبى ، ويكون شرط عدم الضمان باطلاً ، ويضمن البائع للمشترى الاستحقاق الناشئ من ظهور حق الأجنبى بالرغم من هذا الشرط .

ويلاحظ أنه إذا كان كل من البائع والمشترى عالمين بحق الأجنبى وقت البيع ، لم يكن هذا وحده كافياً للقول بأن هناك شرطاً ضمنياً بعد ضمان البائع لهذا الحق ، فقد يكون الاثنان علامين به ومع ذلك أمل المشترى أن يدفع البائع عنه تعرض الأجنبى بوسيلة أو بأخرى عن طريق حمل الأجنبى على النزول عن حقه . فإذا لم يتحقق أمل المشترى فى هذه الحالة ، ولم يستطيع البائع أن يدفع تعرض الأجنبى ، فاستحق المبيع كله أو بعضه ، رجع المشترى بضمان الاستحقاق على البائع بالرغم من أن كلا ًمنهما كان عالماً وقت البيع بسبب الاستحقاق . وليس هذا معناه أنه لا يجوز أن يكون الاتفاق على إنقاص الضمان اتفاقاً ضمنياً ، فالاتفاق الضمنى يجوز كالاتفاق الصريح ، وقد يكون علم كل من البائع والمشترى بسبب الاستحقاق وقت البيع اتفاقاً ضمنياً على عدم ضمان هذه السبب ، ولكن يشترط فى ذلك أن يقترن هذا العلم بملابسات وظروف تكون قاطعة فى استخلاص شرط عدم الضمان ، كأن يراعى وجود حق الأجنبى فى تقدير الثمن أو فى شروط البيع الأخرى ( [1262] ) .

 $ 701 $

والاتفاق على إنقاص الضمان ، بخلاف الاتفاق على إسقاط الضمان كما سنرى ، يبقى صحيحاً حتى لو كان سبب الاستحقاق آتياً من جهة البائع فيجوز للبائع أن يشترط عدم ضمان الاستحقاق الناشئ من رهن هو الذى رتبه على المبيع قبل البيع ، أو عدم ضمان الاستحقاق الناشئ من إبطال سند ملكيته للمبيع لسبب هو مسئول عنه ( [1263] ) . ولكن يبطل هذا الاتفاق إذا كان سبب الاستحقاق راجعاً إلى غش البائع ، إذ لا يجوز للبائع اشتراط عدم مسئوليته عن غشه . فلا يجوز أن يشترط البائع عدم الضمان للاستحقاق الناشئ من بيعه المبيع مرة أخرى لمشتر ثان يتقدم على الأول بسبقه إلى التسجيل فى العقار أو إلى الحيازة فى المنقول ( [1264] ) .

358 - خصوصية فى حقوق الارتفاق : وكان مقتضى القواعد التى قررناها أن البائع إذا أراد إسقاط ضمانه لحق ارتفاق على المبيع ، أوجب أن يشترط عدم الضمان ولا يكفى أن يكون المشترى عالماً بوجود هذا الحق على $ 702 $ المبيع . ولكن الفقرة الثانية من المادة 455 مدنى أفردت حقوق الارتفاق ( [1265] ) بحكم خاص بها فى هذا الشأن ، فنصت كما رأينا على ما يأتى : " ويفترض فى حق الارتفاق أن البائع قد اشترط عدم الضمان إذا كان هذا الحق ظاهراً . أو كان البائع قد أبان عنه للمشترى " ( [1266] ) . فيكفى إذن أن يكون المشترى عالماً بحق ارتفاق قائم على المبيع ، ويكون علمه من طريق معين ، حتى يكون هذا العلم بمثابة اشتراط البائع عدم الضمان . وكان الأصل أن هذا العلم وحده لا يكفى ، بل يجب أن يشترط عدم الضمان . ونرى من ذلك أن حقوق الارتفاق تفارق غيرها من الحقوق فى هذه الخصوصية من حيث الضمان ، ففى حقوق الارتفاق يكون البائع غير ضامن إما باشتراطه عدم الضمان ( [1267] ) وإما بأن يثبت أن المشترى $ 703 $ قد علم بحق الارتفاق لأنه ظاهر أو أبان عنه البائع ، أما فى الحقوق الأخرى فإن البائع يكون غير ضامن باشتراطه عدم الضمان ولا يكفى إثبات علم المشترى بها عن أى طريق ( [1268] ) .

 $ 704 $

وليكون علم المشترى بحق الارتفاق كافياً لإسقاط ضمان البائع ، يجب كما قدمنا أن يكون المشترى قد حصل علمه عن أحد طريقين : ( أولاً ) من يكون حقوق الارتفاق على المبيع ظاهراً ، فيستطيع المشترى وقت البيع وهو يعاين المبيع أن يرى معالم حق الارتفاق ظاهرة أمامه ، أو كان يستطيع أن يراها ظاهرة ، فسكوته دليل على رضائه بعدم ضمان البائع ( [1269] ) . ويخلص من ذلك أن مجرد ظهور حق الارتفاق يكفى لإسقاط الضمان ، علم المشترى فعلاً بحق الارتفاق أو لم يعلم . ( ثانياً ) إذا لم يكن حق الارتفاق ظاهراً ، فيكفى أن يعلم المشترى بوجود هذا الحق ( [1270] ) . وليس هذا الإعلام معناه اشتراط عدم الضمان بل هو مجرد إعلام بوجود الحق ، فيصبح المشترى عالماً به ، وسكوته فى هذه $ 705 $ الحالة رضاء ضمنى بإسقاط ضمان البائع ( [1271] ) . ويبدو من صياغة نص الفقرة الثانية من المادة 445 مدنى السالفة الذكر ( [1272] ) أن المشترى يجب أن يحصل علمه من أحد هذين الطريقين أو من كليها ( [1273] ) ، فلا يكفى لإسقاط الضمان أن يكون المشترى عالماً بحق الارتفاق من طريق آخر غير هذين ، كأن يعلمه بحق الارتفاق شخص غير البائع أو نائبه ، أو يكون عالماً به من قبل دون أن يخبره أحد . ذلك أن علم المشترى بحق الارتفاق الذى يترتب عليه إسقاط ضمان البائع يجب أن يكون علماً ينطوى فيه معنى إسقاط الضمان . فكون حق الارتفاق ظاهر كاف فى جعل البائع يعتقد أن المشترى يعلم بحق الارتفاق ويرضى فيه بإسقاط الضمان . وكون البائع نفسه هو الذى تولى إعلام المشترى به كاف هو أيضاً فى افتراض أن هذا الإعلام بمثابة اتفاق ضمنى على عدم الضمان . أما علم المشترى بحب الارتفاق من طريق آخر ، فلا يتوافر فيه هذا المعنى . ويترتب على ذلك أن حق الارتفاق إذا كان مسجلاً ، ولكنه لم يكن ظاهراً ولم $ 706 $ يعلم به البائع المشترى . فإن مجرد تسليمه لا يستخلص منه علم المشترى به العلم الواجب لإسقاط ضمان البائع ، فما لم يشترط البائع عدم ضمانه لحق ارتفاق مسجل لزمه الضمان ( [1274] ) .

395 - الاتفاق على إسقاط الضمان : وقد يصل البائع إلى حد أن يشترط على المشترى إسقاط ضمان الاستحقاق إطلاقاً ( [1275] ) ، فلا يكون البائع $ 707 $ مسئولاً إذا استحق المبيع كله أو بعضه . وقد رأينا ( [1276] ) أنه إذا اشترط البائع عدم الضمان ( [1277] ) على هذا النحو ، فإنه يبقى مع ذلك مسئولاً عن أى استحقاق ينشأ من فعله ، ويقع باطلاً كل اتفاق يقضى بغير ذلك ( م 446  /  1 مدنى ) . ولكن هل يجوز الاتفاق على إسقاط الضمان فيما يتعلق بالتعرض الصادر من البائع نفسه؟ .

تجيب الفقرة الثالثة من المادة 445 مدنى على هذا السؤال ، أولاً ، بأن هذا الاتفاق يكون باطلاً إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق لأجنبى يعلم أنه موجود وقت البيع . فإذا كان البائع يعمل مثلاً أن المبيع عليه حق ارتفاق خفى لعقار مجاور ، فيكتمه عمداً عن المشترى ، ثم يشترط إسقاط الضمان إطلاقاً دون أن يذكر سبباً معيناً للاستحقاق ، ثم يتبين بعد البيع أن المبيع عليه حق ارتفاق لم يعلمه المشترى عندما قبل شرط إسقاط الضمان وعلمه البائع بل هو قد أخفاه عمداً عن المشترى ، فإن البائع يضمن للمشترى الاستحقاق الناشئ من ظهور هذا الحق رقم اشتراط البائع إسقاط الضمان .

وتجيب الفقرة الثانية من المادة 446 مدنى على هذا السؤال ، ثانياً ، بأنه إذا اشترط البائع إسقاط الضمان واستحق المبيع دون أن يتعمد البائع إخفاء سبب الاستحقاق عن المشترى ، فإن البائع يبقى مسئولاً عن رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق ( [1278] ) بالرغم من شرط إسقاط الضمان . فيكون هذا الشرط بمجرده ، لا يعفى البائع إلا من المسئولية عن التعويض ، أما المسئولية عن رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق فتبقى دون أن يؤثر فيها هذا الشرط ( [1279] ) .

 $ 708 $

وتجيب العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 446 مدنى على هذا السؤال ، ثالثاً ، بأنه إذا أراد البائع – الذى لم يتعمد بطبيعة الحال إخفاء سبب الاستحقاق عن المشترى – إعفاء نفسه ، لا فحسب من التعويض ، بل أيضاً من قيمة المبيع وقت الاستحقاق ، فلا يكفى أن يشترط إسقاط الضمان ، بل يجب أيضاً أن يثبت أن المشترى كان يعلم وقت البيع بسبب الاستحقاق ( [1280] ) ، أو يثبت أن المشترى عندما قبل شرط إسقاط الضمان قد اشترى ساقط الخيار أى عالماً بأن البيع احتمالى وقد أقدم عليه مخاطراً ( [1281] ) . ففى هاتين الحالتين – حالة شرط إسقاط الضمان مع علم المشترى بسبب الاستحقاق وحالة شرط إسقاط الضمان مع قبول المشترى محتملاً خطره ، وقد روعى ذلك بطبية الحال فى تقدير ثمن المبيع . وعند ذلك إذا استحق المبيع ، لم يكن البائع مسئولاً نحو المشترى عن شئ ( [1282] ) . ولا يشترط فى إعفاء البائع من الضمان على هذا النحو $ 709 $ ألفاظ خاصة ، أو أن يكون شرط إسقاط الضمان مقترناً بعبارة أن المشترى قد اشترى ساقط الخيار . بل يكفى فى ذلك أن يكون شرط إسقاط الضمان واضحاً فيه أن المقصود به هو جعل البيع عقداً احتمالياً ، وأنه فى حالة استحقاق المبيع لا يكون البائع مسئولاً عن شئ . فيجوز أن يصاغ شرط عدم الضمان بما يفيد هذا المعنى دون أن يذكر أن المشترى قد اشترى ساقط الخيار ، كأن يذكر المشترى أنه لا يرجع حتى بقيمة المبيع ، أو يذكر البائع أنه لا يرد شيئاً إطلاقاً ، أو نحو ذلك . بل يجوز أن يكتفى المتبايعان بذكر أن المشترى قد اشترى ساقط الخيار ، دون أن يذكر شرط إسقاط الضمان ( [1283] ) . ذلك أن شراء المشترى ساقط الخيار يفترض حتماً شرط إسقاط الضمان ، أما شرط إسقاط الضمان فلا يفترض حتماً أن المشترى قد اشترى ساقط الخيار ( [1284] ) .

 $ 710 $

المبحث الرابع

ضمان العيوب الخفية

وفوات الوصف

360 - خصوصية ضمان العيوب الخفية : وضمان العيوب الخفية ، كضمان التعرض والاستحقاق ، يتميز بمقومات ذاتية وخصوصية تجعله ليس تطبيقاً محضاً للقواعد العامة . فقد كان من الممكن الاستغناء عن كثير مما ورد من النصوص المتعلقة بهذا الضمان والاكتفاء بتطبيق القواعد العامة إذا ظهر عيب خفى مؤثر فى المبيع كان موجوداً وقت البيع ولم يكن المشترى عالماً به . فيقال عندئذ إن البائع لم يقم بتنفيذ التزاماته ، فمن المفروض أن البائع قد التزم بأن ينقل إلى المشترى لا ملكية المبيع فحسب ، بل أيضاً حيازة مفيدة تستجيب للغرض الذى أعد له المبيع . فظهور عيب خفى مؤثر فى المبيع ، من شأنه أن يجعل المبيع غير صالح للغرض الذى أعد له ، يكون إخلالاً بالتزام البائع ، ومن ثم يجوز للمشترى أن يطلب فسخ البيع . بل يمكن القول أيضاً إنه ما دام هذا العيب المؤثر كان موجوداً وقت البيع وكان المشترى لا يعلمه ولو علمه لما أقدم على الشراء ، فإن للمشترى أن يطلب إبطال للبيع لغلط جوهرى فى المبيع .

ولكن دعوى ضمان العيوب الخفية تتميز عن دعوى الفسخ وعن دعوى الإبطال للغلط ، كما تميزت دعوى ضمان التعرض والاستحقاق عن دعوى الفسخ وعن دعوى الإبطال لوقوع البيع على ملك الغير . وسنرى أن هذه الدعوى لها شروطها الخاصة بها ، وأنه يترتب عليها أحكام خاصة تستبعد فكرة الفسخ وفكرة الإبطال $ 711 $ وتجعل التعويض فيها بعيداً عن أن يكون محض تطبيق للقواعد العامة . وسنرى أن من أبرز ما يميز هذه الدعوى أنها لا تجوز فى البيوع القضائية ولا فى البيوع الإدارية إذا كانت بالمزاد ( م 454 مدنى ) ، وأنها تسقط بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ( م 452 مدنى ) . وسنعقد فى آخر هذا المبحث مؤازنة بينها وبين ما يقرب منها من النظم القانونية كالإبطال للغلط أو للتدليس والفسخ لعدم التنفيذ .

والسبب فى تميز دعوى ضمان العيوب الخفية بمقوماتها الخاصة يرجع ، كما رأيناه يرجع فى تميز دعوى ضمان التعرض والاستحقاق ، إلى تقاليد تاريخية تمت بأوثق الصلات إلى القانون الرومانى . فقد كان فى روما موظفون فى الدولة ( Ediles curules ) يعهد إليهم فى ضبط المعاملات التى تقع فى الأسواق العامة . فعنوا ، فيما عنوا به ، بالتعامل فى الحيوان وفى الرقيق . فقد كانت العيوب فيها شائعة يسهل إخفاؤها ، وكانت الأيادى تتداولها . فأوجبوا على البائع أن يعلن ما فى المبيع من عيوب ، وجعلوا للمشترى إذا عثر على عيب لم يكشف عنه البائع دعويين : ( 1 ) دعوى رد المبيع على البائع ( action redhibitoria - action redhibitoire - redhibere : reprendre ) ، وهى دعوى جنائية يرد بها المشترى المبيع على البائع ويسترد منه ضعف الثمن الذى دفعه له . ( 2 ) ودعوى إنقاص الثمن ( action aestimatoria, qunti minoris - action estimatoire ) ، وبها يسترد المشترى من البائع بعض الثمن الذى دفعه فى مقابل العيب الذى كشفه إذا أراد استبقاء المبيع ( [1285] ) . وكان المشترى بالخيار بين هاتين الدعويين ، على أن يختار بينهما فى مدة قصيرة بضع من شهور ، إذ كانت سرعة التداول فى الحيوان تجعله ينتقل من يد إلى يد فيعسر على البائعين المتعاقبين أن يكشفوا ما فى الحيوان من عيوب حتى يعلنوا بها المشترى ، هذا إلى الخشية من مزاعم المشترين لعيوب فى المبيع يدعون وودها بعد مدة طويلة فتتعذر معرفة مصدرها . ثم امتد هذا الجزاء من بيع الحيوان والرقيق إلى بيع السلع الأخرى ، حتى عمم فى عهد $ 712 $ جوستنيان ( [1286] ) . فأصبح بذلك ضمان العيوب الخفية مقومات خاصة انتقلت من القانون الرومانى إلى التشريعات الحديثة ( [1287] ) لمسايرتها لضرورات التعامل ، فالمدة القصيرة التى يجب أن ترفع فيها دعوى الضمان تستجيب لضرورة استقرار التعامل حتى لا يدعى المشترى العيب فى المبيع بعد انقضاء وقت طويل يتعذر معه التعرف على مصدر العيب ، والخيار الذى أعطى للمشترى يستجيب لحالة ما إذا أراد المشتى استبقاء المبيع بالرغم مما لحقه من العيب فيكون من حقه إنقاص الثمن ( [1288] ) .

361 - شمول ضمان العيوب الخفية : وضمان العيوب الخفية ، كضمان التعرض والاستحقاق ، يجاوز نطاقه عقد البيع إلى كل عقد ناقل للملكية ، بل وإلى كل عقد ينقل الانتفاع ، وبخاصة إذا كان من عقود المعاوضات . ذلك أن من ينقل الملكية أو الانتفاع إلى شخص آخر يجب عليه أن ينقل حيازة $ 713 $ مفيدة تمكن من انتقلت إليه من الانتفاع بالشئ فيما أعد له ، ومن ثم يجب أن يضمن العيوب الخفية التى تعوق هذا الانتفاع .

ولكن لما كان عقد البيع هو العقد الرئيسى الذى يلتزم فيه البائع بنقل الملكية والحيازة ، فقد وضعت فيه القواعد العامة لضمان العيوب الخفية ، وأشير إلى هذه القواعد فى العقود الأخرى مع ما تقتضيه طبيعة كل عقد من تعديلات خاصة به ، لا سيما فى عقود التبرع حيث نقل الملكية أو الانتفاع دون عوض يكون من شأنه التخفيف إلى حد كبير من أحكام ضمان العيوب الخفية .

ففى عقد المقايضة نص بوجه عام على أن تسرى على المقايضة أحكام البيع بالقدر الذى تسمح به طبيعة المقايضة ( م 485 مدنى ) . وفى عقد الشركة نص على أنه إذا كانت حصة الشريك حق ملكية أو حق منفعة أو أى حق عينى آخر ، فإن أحكام البيع هى التى تسرى فى ضمان الحصة إذا ظهر فيها عيب أو نقص ، أما إذا كانت الحصة مجرد الانتفاع بالمال فإن أحكام الإيجار هى التى تسرى ( م 511 مدنى ) . وفى عقد القرض نص على ضمان العيب الخفى ، فميز بين القرض بأجر والقرض بغير أجر ، وعدلت الأحكام بما تقتضيه طبيعة كل نوع من هذين النوعين ( م 541 مدنى ) . وفى عقد الإيجار تناولت النصوص العيوب الخفية على النحو الذى ابتع فى عقد البيع ، مع إدخال ما تقتضيه طبيعة عقد الإيجار من تعديلات على أحكام الضمان ( م 576 - 578 مدنى ) . وكذلك الأمر فى عقد المقاولة ( [1289] ) ( م 511 - 654 مدنى ) ، وفى عقد الهبة وهو عقد التبرع الرئيسى فانحصر ضمان العيوب الخفية فى نطاق محدود اقتضته صفة التبرع ( م 495 مدنى ) ، وفى عقد العارية ( [1290] ) ( م 638  /  2 مدنى ) .

 $ 714 $

362 - المسائل التى يتناولها البحث : ونجرى فى بحث ضمان العيوب الخفية كما جرينا فى بحث ضمان التعرض والاستحقاق ، فننظر متى يقوم الضمان ، وما يترتب على قيامه ، والاتفاق على تعديل أحكامه ، ونضيف إلى ذلك تمييز ضمان العيوب الخفية عما يقاربه من النظم القانونية الأخرى .

1 - متى يقوم ضمان العيوب الخفية

363 - مسائل أربع : ونجرى هنا أيضاً على النحو الذى جرينا عليه فى ضمان العرض والاستحقاق ، فنبحث : ( أ ) العيوب الموجبة للضمان ( ب ) المدين فى الضمان . ( ج ) الدائن فى الضمان . ( د ) البيع الذى ينشئ الضمان .

364 - أ - العيوب الموجبة للضمان – النصوص القانونية : تنص المادة 447 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 " 1 - يكون البائع ملزماً بالضمان إذا لم يتوافر فى المبيع وقت التسليم الصفات التى كفل للمشترى وجودها فيه ، أو إذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته ، أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة مستفادة مما هو مبين فى العقد أو مما هو ظاهر من طبية الشئ أو الغرض الذى أعد له ، ويضمن البائع هذا العيب ولو لم يكن عالاً بوجوده " .

 " 2 - ومع ذلك لا يضمن البائع العيوب التى كان المشترى يعرفها وقت البيع ، أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادى ، إلا إذا أثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب ، أو أثبت أن البائع قد تعمد إخفاء العيب غشاً منه " .

 $ 715 $

وتنص المادة 448 على ما يأتى :

 " لا يضمن البائع عيباً جرى العرف على التسامح فيه ( [1291] ) " .

وتقابل هذه النصوص فى التقنين المدنى السابق المواد 313  /  387 و 320 و 395 و 322  /  397 - 398 ( [1292] ) .

 $ 716 $

وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين 415 - 146 - وفى التقنين المدنى الليبى المادتين 436 - 437 - وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 558 - 559 - وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 442 - 445 و 460 ( [1293] ) .

 $ 717 $

ويخلص من هذه النصوص أن العيب فى المبيع حتى يوجب الضمان يجب أن تتوافر فيه شروط أربعة : ( 1 ) أن يكون مؤثراً ( 2 ) وأن يكون قديماً ( 3 ) وأن يكون خفياً ( 4 ) وأن يكون غير معلوم للمشترى ( [1294] ) .

365 - ( 1 ) يجب أن يكون العيب مؤثراً – والعيب المؤثر الموجب للضمان هو العيب الذى يقع فى مادة الشئ المبيع ، فمعيار العيب هنا موضوعى محض ( [1295] ) . وتزداد موضوعية المعيار وضوحاً بالرجوع إلى الضوابط التى وضعتها الفقرة الأولى من المادة 447 مدنى ، فإن النص يشترط كما رأينا أن يكون بالمبيع عيب " ينقص من قيمته ، أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة مستفادة مما هو $ 718 $ مبين فى العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشئ أو الغرض الذى أعد له " ( [1296] ) . فالعيب إذن قد يكون من شأنه أن ينقص من قيمة الشئ المادية ، أو من نفعه المادى ، وقيمة الشئ ونفعه أمران متميزان . فقد ينقص العيب من قيمة الشئ دون أن ينقص من نفعه ، كما إذا كان المبيع سيارة صالحة جميع الأغراض المقصودة ولكن بها عيب خفى فى المقاعد أو فى الغطاء أو فى غير ذلك من أجزائها مما لا يؤثر مطلقاً فى صلاحيتها للسير والوفاء بجميع الأغراض المقصودة منها ، فإذا كان هذا العيب مؤثراً بحيث ينقص من قيمة السيارة نقصاً محسوساً كان للمشترى الرجوع على البائع بضمان العيب الخفى . وقد ينقص العيب من نفع الشئ دون أن ينقص من قيمته ، كما إذا كان المبيع آله ميكانيكية فيها عيب خفى يجعلها غير صالحة لبعض المنافع ولكنها بالرغم من وجود هذا العيب فيها لا تزال محتفظة بقيمتها المادية ولو كان هذا العيب معروفاً لما قلل من هذه القيمة . فإذا كانت المنفعة التى تفوت المشترى بهذا العيب من المنافع المقصودة ( [1297] ) ، كان له أن يرجع بضمان العيب الخفى . وتحديد المنافع المقصودة من المبيع معياره أيضاً موضوعى محض ، ويستفاد من أمور ثلاثة بينتها الفقرة الأولى من المادة 447 مدنى : ما هو مبين فى العقد ، أو ما هو ظاهر من طبيعة الشئ ، أو الغرض الذى أعد له .

فقد يحتاط المشترى ويبين فى عقد البيع الأغراض المقصودة من المبيع ، فيجب عندئذ أن تعتبر هذه الأغراض جميعاً منافع مقصودة من المبيع ، فإذا كان بالمبيع عيب خفى يخل بأية منفعة منها إخلالاً محسوساً كان للمشترى الرجوع على البائع بضمان العيب الخفى . وليس من الضرورى أن تكون المنافع المذكورة فى العقد هى المنافع المألوفة ، فقد يشترط على البائع منافع أخرى قصد $ 719 $ إليها فكفلها له البائع فى عقد البيع ، كما إذا اشترط المشترى أن تكون السيارة المبيعة يسهل عليها السير فى الطرق غر الممهدة أو أنها تصل إلى سرعة أعلى من السرعة المألوفة أو أنها لا تستهلك من الوقود إلا قدراً معيناً ، فإذا لم يتوافر فى البيع وقت التسليم الصفات التى كفل البائع للمشترى وجودها فيه ، كان هذا عيباً مؤثراً موجباً للضمان ، ولو لم يكن خلو المبيع من هذه الصفات هو فى ذاته عيب بحسب المألوف فى التعامل بين الناس ، ما دام البائع قد كفل للمشترى هذه الصفات ( [1298] ) . وهذا ما يدعى فى الفقه الإسلامى بخيار فوات الوصف المرغوب فيه ، وقد نصت عليه صراحة الفقرة الأولى من المادة 447 مدنى حين قالت : " إذا لم يتوافر فى البيع وقت التسليم الصفات التى كفل البائع للمشترى وجودها فيه " . وليس من الضرورى أن تكون الصفات التى كفلها البائع للمشترى مذكورة صراحة فى عقد البيع ، بل يكفى ذكرها ضمناً ، فالبيع بالعينة ( echantillon ) أو البيع طبقاً لنموذج ( type ) مفروض فيه أن يكون المبيع مطابقاً للعينة أو للنموذج ، فإذا اختلت المطابقة كان هذا عيباً مؤثراً موجباً للضمان ، ويرجع العيب فى هذه الحالة إلى اختلال الصفات التى كفلها البائع للمشترى ضمناً بالبيع طبقاً لعينة أو لنموذج ( [1299] ) .

 $ 720 $

فإذا لم يذكر المتبايعان شيئاً – لا صراحة ولا ضمناً – عن المنافع المقصورة من المبيع ، وجب لتحديد هذه المنافع الرجوع إلى طبيعة الشئ . فإذا كان المبيع دار للسكنى ، أملت طبيعتها الأغراض المقصودة منها ، فإذا كان به عيب يخل بشئ من هذه الأغراض إخلالاً محسوساً رجع المشترى على البائع بالضمان . وإذا كان المبيع أرضاً زراعية ، فإن طبيعتها تحدد المنافع المقصود منها ، فلا يشترط أن تكون صالحة إلا للمحصولات العادية ، فإذا وجد بها عيب يخل بهذه المنافع وجب على البائع الضمان . وإذا كان المبيع متجراً ، فطبيعته أيضاً تحدد المنافع المقصودة منه ، ولا يكون المتجر صالحاً للغرض الذى أنشئ من أجله إلا إذا كان مستقراً فى مكانه ، فإذا تبين أن إيجار المكان الذى أقيم فيه المتجر مشوب بعيب وطلب المالك إبطاله ، كان هذا عيباً خفياً فى المتجر يوجب الضمان ( [1300] ) . وإذا كان المبيع حقاً شخصياً مكفولاً برهن ، وكشف المشترى المحال له عن أن الرهن غير مفيد أو عن أن قيده لم يجدد ، كان هذا عيباً خفياً فى المبيع يتلاءم مع طبيعته . فطبيعة الشئ إذن هى التى تملى المنافع المقصودة منه ، وهى التى تحدد العيوب التى تخل بهذه المنافع . فإذا كان المبيع شيئاً مادياً كانت العيوب مادية ترجع إلى طبيعة المبيع ، وإذا كان شيئاً معنوياً رجعت العيوب أيضاً إلى طبيعة المبيع وصارت شيئاً معنوياً ( [1301] ) .

 $ 721 $

وقد يخصص من طبيعة الشئ الغرض الذى أعد له هذا الشئ ، فيرجع إلى هذا الغرض لتحديد المنافع المقصودة من المبيع والعيوب التى تخل بهذه المنافع . فإذا كان المبيع فرساً حددت طبيعته كما سبق القول الأغراض المقصودة ، فإذا كان الفرس معداً للسباق واشتراه المشترى على هذا الاعتبار ، فإن الغرض الذى أعد له الفرس يخصص المنافع المقصودة منه وهى أن يكون صالحاً للسباق . فإذا تبين أنه غير صالح كان هذا عيباً خفياً موجباً للضمان ، ولو كان الفرس صالحاً لجميع الأغراض الأخرى . وإذا كان المبيع أرضاً زراعية أعدت لزراعة الفاكهة أو الزهور ، وجب الاعتداء ، لا بطبيعة المبيع فحسب ، بل أيضاً بالغرض الذى أعد له ، وهو هنا زراعة الفاكهة أو الزهور ، فإذا لم تكن الأرض صالحة لزراعة هذه الأصناف ، كان هذا عيباً ضمنياً موجباً للضمان ، ولو كانت الأرض صالحة للمحصولات الأخرى .

وتقرر المادة 448 مدنى ، كما رأينا ، أن البائع لا يضمن عيباً جرى العرف على التسامح فيه . فقد يكون العيب مؤثراً على النحو الذى سبق بيانه ، ولكن العرف فى التعامل جرى على عدم اعتباره عيباً ، فعند ذلك لا يكون عيباً موجباً للضمان . وقد جرى العرف على التسامح فى بعض عيوب القمح من ناحية اشتماله على كمية مألوفة من الأتربة ( [1302] ) ، وفى بعض عيوب القطن إذ للقطن مرتبات متدرجة كل مرتبة منها يحدها العرف فمتى استوفى القطن شروط المرتبة التى ينتمى إليها فوجود عيوب فيه لا تخل بشروط هذه المرتبة يكون متسامحاً فيه عرفاً ولا يجوب الضمان ( [1303] ) ) .

 $ 722 $

366 - ( 2 ) يجب أن يكون العيب قديماً : ولا يكفى العيب أن يكون مؤثراً ، بل يجب أيضاً أن يكون قديماً . والمقصود بقدم العيب أن يكون موجوداً فى المبيع وقت أن يتسلمه المشترى من البائع . ذلك أن العيب إما أن يكون موجوداً وقت البيع وبقى إلى وقت التسليم ، فيكون إذن موجوداً وقت التسليم ، ويكون البائع مسئولاً عن ضمانه . وإما أن يكون العيب قد حدث بعد البيع وقبل التسليم وبقى إلى وقت التسليم ، فيكون أيضاً موجوداً وقت التسليم ، ويكون البائع مسئولاً عن ضمانه ( [1304] ) .

وغنى عن البيان أن العيب الخفى يجب أن يكون موجوداً وقت التسليم حتى لو كان المبيع غير معين بالذات . ويرجع ذلك ، ليس فحسب لأن الوقت الذى يعتد به فى وجود العيب الخفى هو وقت التسليم كما سبق القول ، بل أيضاً لأن الشئ غير المعين بالذات وقت البيع لا يتصور أن يكون العيب لاحقاً به فى هذا الوقت ، وإنما يتصور لحقوق العيب به وقت أن تتعين ذاتيته ، ولا يكون ذلك إلا بالإفراز الذى يقع عادة وقت التسليم . على أنه إذا تراخى التسليم عن الإفراز ولم يكن بالمبيع عيب خفى وقت إفرازه ، ثم لحقه العيب فى الفترة ما بين الإفراز والتسليم ، فإن البائع مسئولاً فى هذه الحالة عن ضمان هذا العيب .

ويخلص مما تقدم أن العيب الخفى يجب أن يكون موجوداً دائماً وقت تسليم المبيع للمشترى ، ولو لم يكن موجوداً وقت البيع ( [1305] ) . أما إذا حدث العيب $ 723 $ بالمبيع بعد أن تسلمه المشترى ، فإن البائع لا يكون ضامناً له ، ويتحمل المشترى تبعته أو يرجع على من عسرى أن يكون مسئولاً عن إحداثه .

وقد يوجد سبب العيب أو جرثومته قبل التسليم ، ولكن العيب ذاته لا يحدث إلا بعد التسليم . فإذا كان المبيع حيواناً مثلاً ، فقد توجد فيه جرثومة مرض أو " ميكروب " المرض قبل أن يتسلمه المشترى ، ثم يحدث المرض بعد أن يتسلمه . فإذا أمكن المشترى أن يثبت ذلك ، فإن العيب الذى يرجع سببه المباشر إلى ما قبل التسليم يعتبر فى حكم الموجود وقت التسليم ، ومن ثم يضمنه البائع . وقد يوجد بالغلال أو بالخشب بدء تسوس قبل التسليم ، ثم ينتشر السوس بعد التسليم ، فهذا عيب قديم يضمنه البائع ( [1306] ) .

367 - ( 3 ) يجب أن يكون العيب خفياً : ولا يكفى أن يكون العيب مؤثراً وقديماً ، بل يجب أن يكون خفياً ( cache ) ، فإذا كان العيب $ 724 $ ظاهراً وقت أن تسلمه المشترى ولم يعترض بل رضى أن يتسلمه ، فإن البائع لا يضمنه ، لأن المشترى وقد رأى العيب ظاهراً دون أن يعترض يكون قد ارتضاه وأسقط حقه فى التمسك بالضمان .

وتكون العيوب خفية ، كما تقول الفقرة الثانية من المادة 447 مدنى ، إذا أثبت المشترى أنه كان لا يستطيع أن يتبينها بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادى ، ما لم يكن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب ، أو تعمد إخفاء العيب غشاً منه .

ونرى من ذلك أن العيب لا يكون خفياً ، فلا يضمنه البائع ، فى الحالتين الآتيتين

( أولاً ) إذا كان ظاهراً وقت أ ، تسلمه المشترى فرضى به ، فيكون قد نزل عن حقه كما سبق القول ( [1307] ) .

( ثانياً ) إذا لم يكن ظاهراً ، ولكن البائع أثبت أن المشترى كان يستطيع أن يتبين العيب بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادى ( [1308] ) ، فيكون من الفروض عندئذ أن المشترى قد فحصه فعلاً بهذه العناية المطلوبة فتبين وجوده ، وسكت ولم يعترض ، فيكون سكوته نزولاً عن حقه . ولا يقبل من المشترى فى هذه الحالة أن يثبت أنه لم يفحص المبيع فعلاً ولم يتبين وجود العيب ، فإن كل المطلوب منه هو أن يفحص المبيع وقت تسلمه بعناية الرجل العادى ، فإذا لم يفعل كان مقصراً ، وهو الذى يحمل تبعة تقصيره . ومن ثم يكون إمكان تبين العيب عند فحص المبيع بعناية الرجل العادى قرينة على أن المشترى قد تبين فعلاً وجود العيب عند التسليم ( [1309] ) ، وهى قرينة غير قابلة لإثبات العكس إلا $ 725 $ بطريقين معينين سيأتى ذكرهما فيما يلى .

ويكون العيب خفياً ، فيضمنه البائع ، فى الحالتين الآتيتين :

( أولاً ) إذا لم يكن العيب وقت تسلم المشترى للمبيع ظاهراً ولا يمكن للمشترى تبينه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادى . وهذا معناه أن العيب من الخفاء بحيث لا يمكن أن يتبينه إلا خبير متخصص ، كما إذا اقتضى تبين العيب الالتجاء إلى وسائل فنية ليست فى مقدور الشخص العادى ، أو احتاج إلى معرفة متخصصة ، أو اقتضى تحليلاً كيماوياً ، أو نحو ذلك ( [1310] ) من الأبحاث التى لا يلجأ إليها الناس عادة فى المألوف من التعامل ، ولا يستطيعها على كل حال الرجل العادى ( [1311] ) . أما إذا أمكن تبين العيب بعناية الرجل العادى ، لم يكن عيباً خفياً موجباً للضمان ( [1312] ) كما سبق القول ، حتى لو كان المشترى بالذات لم يستطع أن يتبين العيب لنقص فى خبرته ينزل بها عن مستوى الخبرة العادية ( [1313] ) . فإنه يحمل فى هذه الحالة مسئولية تقصيره فى الالتجاء إلى من يسترشد برأيه من الرجال العاديين ، وكان ذلك واجباً عليه نظراً لنقص خبرته ( [1314] ) .

 $ 726 $

( ثانياً ) إذا كان المشترى ، بعد أن أثبت البائع أن العيب كان يستطاع تبينه بالفحص المعتاد ، أثبت من جهته أحد أمرين : إما أن يكون البائع قد أكد له خلو المبيع من العيب المعين الذى وجد بعد ذلك بالمبيع ، وإما أن البائع قد تعمد إخفاء هذا العيب عشاً منه . ففى الأمر الأول ، وقد أكد البائع للمشترى خلو المبيع من العيب ، يكون هذا بمثابة اتفاق ضمنى بين المتبايعين على أن البائع يضمن هذا العيب بالذات للمشترى إذا ظهر بالمبيع . وعند ذلك لا يكلف المشترى نفسه مؤونة فحص المبيع ولو بعناية الرجل المعتاد ، مطمئناً إلى تأكيد البائع ، ومعتمداً فى كل حال على أن البائع قد ضمن له هذا العيب فلو ظهر فى المبيع رجع عليه بالضمان . ويبدو من ذلك أنه لا يكفى أن يؤكد البائع للمشترى خلو المبيع من العيوب بوجه عام ، بل يجب أن يؤكد خلو المبيع من عيب معين أو عيوب معينة بالذات . وفى الأمر الثانى ، وقد تعمد البائع إخفاء العيب غشاً منه ، يكون قد ارتكب خطأ يستغرق خطأ المشترى فى عدم فحص المبيع بالعناية المعتادة ، ويعتبر العيب فى هذا الفرض خفياً ولو أنه كان يستطاع تبينه بالفحص المعتاد ، فيضنه البائع ( [1315] ) .

بقى بعد ذلك أن نفرض أن العيب كان ظاهراً ، أو كان غير ظاهر ولكن يمكن تبينه ، أو كان لا يستطيع أن يحسب لو أنه فحص المبيع فتبينه أنه يخل بمنفعة من المنافع المقصودة من المبيع ، بل حسب أنه أمر غير ذى بال ، ثم ظهر $ 727 $ بعد ذلك أنه عيب مؤثر يخل بمنفعة من المنافع المقصودة ويجعل المبيع غير صالح صلاحية كاملة للغرض الذى اشتراه من أجله . فهل يكون علم المشترى بالعيب على هذا النحو ، أو استطاعته العلم به ، مسقطاً للضمان؟ يبدو أنه لا يكفى ظهور العيب أو إمكان ظهوره بالفحص المعتاد حتى يفترض أن المشترى قد رضى به ما دام لم يعترض ، بل يجب فوق ذلك أن يكون المشترى وقت أن سكت عن العيب كان يعتقد أنه عيب مؤثر يخل بالمنافع المقصودة من المبيع . ولكن المشترى هو الذى يحمل عبء الإثبات ، فإذا سكت عن العيب افترض رضاؤه به ، إلا إذا أثبت أنه كان يعتقد أن العيب غير مؤثر وأثبت فى الوقت ذاته أن الشخص العادى لا يستطيع أن يدرك أن العيب مؤثر بل يقتضى إدراك ذلك معرفة فنية متخصصة ( [1316] ) .

368 - ( 4 ) يجب أن يكون العيب غير معلوم للمشترى : وحتى لو كان العيب خفياً على النحو الذى بيناه ، فإنه لا يكون عيباً موجباً للضمان إذا ثبت أن المشترى كان يعلمه بالفعل وقت تسلم المبيع بالرغم من خفائه . فإن علم المشترى بالعيب وسكوته عليه يعد رضاء منه به ، ونزولاً عن حقه فى الرجوع بالضمان . وهذا ما ينص عليه صراحة صدر الفقرة الثانية من المادة 447 مدنى فيما رأينا : " ومع ذلك لا يضمن البائع العيوب التى كان المشترى يعرفها وقت البيع " .

وما دام العيب خفياً ، فالمفروض أن المشترى لا يعلم به ، فإذا أراد البائع التخلص من الضمان . فعليه هو عبء إثبات أن المشترى كان يعلم به وقت التسليم ( [1317] ) . والعلم واقعة مادية يستطيع البائع أن يثبتها بجميع طرق الإثبات ، ويدخل فى ذلك البينة والقرائن ( [1318] ) .

 $ 728 $

وقد يكون العيب موجوداً وقت البيع والمشترى لا يعلم به ، ولكنه إذا علم به وقت التسليم ولم يعترض ، سقط ضمان البائع . فالعيب الموجود فى المبيع وقت البيع يجب إذن ، حتى يضمنه البائع ، أن يكون المشترى لا يعلمه لا وقت البيع ولا وقت التسليم ، فإذا أثبت البائع أن المشترى كان يعلمه فى أى وقت من هذين الوقتين لم يكن ضامناً . أما العيب الذى حدث ما بين البيع والتسليم ، فيجب أن يثبت البائع حتى يسقط عنه الضمان أن المشترى كان عالماً به وقت التسليم ، فإذا لم يثبت ذلك افترض أن المشترى كان وقت أن تسلم المبيع غير عالم به ووجب الضمان ( [1319] ) .

 $ 729 $

ولما كان جعل المشترى للعيب وقت التسليم شرطاً للضما ، فإنه يغلب أن يكون المشترى ، وقد جهل العيب اللاحق بالمبيع ، قد وقع فى غلط جوهرى ، فتتلاقى دعوى ضمان العيب مع دعوى الغلط ، ويكون للمشترى أن يختار بين الدعويين . وسنعود إلى هذه المسألة بتفصيل أوفى عند تمييز دعوى ضمان العيب عن دعوى الغلط .

وإذا كان علم المشترى بالعيب يؤثر فى الضمان فيضمن البائع العيب إذا كان المشترى غير عالم به ولا يضمنه إذا جهله ، فإن علم البائع بالعيب لا أثر له فى مبدأ الضمان . فالبائع يضمن العيب ، سواء كان عالماً به أو غير عالم . وتنص العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 447 صراحة على هذا الحكم إذ تقول : " ويضمن البائع هذا العيب ولو لم يكن عالماً بوجوده " . ولكن علم البائع بالعيب أو جهله به يؤثر فى الاتفاق على تعديل أحكام الضمان بالتشديد أو بالتخفيف أو بالإسقاط على النحو الذى سنفصله فيما يلى . وقد يؤثر أيضاً فى مقدار التعويض الذى يستحقه المشترى بسبب العيب الخفى ، وفى إطالة مدة التقادم إلى خمس عشرة سنة إذا اقترن العلم بالغش .

369 - ( ب ) - المدين فى ضمان العيوب الخفية – قابلية الضمان للانقسام : المدين فى ضمان العيوب الخفية هو البائع . ولا ينتقل التزامه إلى وارثه ، بل يبقى هذا الالتزام ديناً فى التركة . فإذا مات البائع ، رجع المشترى بضمان العيب الخفى ، لا على الورثة ، بل على التركة ذاتها ، فإذا ما تقاضى منها التعويض المستحق ، أخذ الورثة ما بقى من التركة بعد سداد جميع الديون ومن بينها الدين الخاص بضمان العيب الخفى .

ولا يتصور انتقال ضمان العيوب الخفية إلى خلف البائع الخاص فى العين المبيعة .

ويتحمل دائن البائع التزام البائع بضمان العيوب الخفية على الوجه المقرر فى القواعد العامة ، ذلك أن المشترى يصبح هو أيضاً دائناً للبائع بضمان العيوب الخفية ، فيشارك سائر دائنى البائع مشاركة الغرماء .

ويكون كفيل البائع ملزماً مثله بضمان العيوب الخفية ، ويجوز للمشترى أن يرجع عليه بهذا الضمان طبقاً للقواعد المقررة فى الكفالة .

 $ 730 $

ودعوى ضمان العيوب الخفية ، وهى فى صورتيها تنتهى إلى تعويض كما سنرى ، قابلة للانقسام ( [1320] ) . فإذا باع شخصن عيناً شائعة بينهما ، كان للمشترى أن يرجع بضمان العيب على البائعين كل بقدر نصيبه فى المبيع ، ولا يجوز له أن يرجع على واحد منهما بالضمان كله ، لن ضمان العيب ينقسم عليهما كما سبق القول . ويستثنى من ذلك بطبيعة الحال ما إذا كان البائعان قد تضامنا فى التزامهما نحو المشترى ، فيرجع المشترى عندئذ على أى منهما بضمان العيوب طبقاً للقواعد المقررة فى التضامن .

370 - ( ج ) الدائن فى ضمان العيوب الخفية – قابلية الضمان للانقسام : الدائن فى ضمان العيوب الخفية هو المشترى . وينتقل حقه إلى الوارث ، فلو مات المشترى جاز لورثته الرجوع بضمان العيب على البائع كما كان يرجع مورثهم ، وينقسم الضمان بينهم كل بقدر نصيبه فى العين ، ولكن يجوز للبائع فى هذه الحالة أن يطالبهم بالاتفاق على رد العين المبيعة ، فلا يرد عليه بعض الورثة جزءاً من العين لا تتفرق عليه الصفقة ( [1321] ) .

وينتقل حق المشترى أيضاً إلى خلفه الخاص ، فلو أن المشترى باع العين المعيبة إلى مشتر ثان ، كان لهذا المشترى الثانى – وهو الخلف الخاص للمشترى الأول فى العين – أن يرجع بدعوى سلفه المشترى الأول على البائع ، ذلك أن هذه الدعوى قد انتقلت مع المبيع من المشترى الأول إلى المشترى الثانى ( [1322] ) . ومن ثم يكون للمشترى الثانى ، لضمان العيوب الخفية ، دعاوى ثلاث : ( 1 ) دعواه الشخصية ضد المشترى الأول بضمان العيب الخفى ، وهى الدعوى التى استمدها من عقد البيع الثانى الذى أبرم بينه وبين المشترى الأول ، ومدة التقادم فيها $ 731 $ تسرى من وقت أن تسلم المبيع من المشترى الأول . ( 2 ) الدعوى غير المباشرة التى يرفعها باسم المشترى الأول على البائع ، ويشترك معه فيها سائر دائنى المشترى الأول ، وتسرى مدة التقادم من وقت أن تسلم المشترى الأول المبيع من البائع . ( 3 ) الدعوى المباشرة وهى دعوى المشترى الأول نفسها ضد البائع بضمان العيب ، وقد نشأت من عقد البيع الأول الذى أبرم بين البائع والمشترى الأول ، وانتقلت بعقد البيع الثانى من المشترى الأول إلى المشترى الثانى ، وقد أشرنا إليها فيما تقدم . وهذه الدعوى تختلف عن الدعوى غير المباشرة فى أنه لا يزاحم فيها المشترى الثانى سائر دائنى المشترى الأول ، وتتفق معها فى أن مدة التقادم تسرى من وقت أن تسلم المشترى الأول المبيع من البائع . وتمتاز الدعوى المباشرة هذه أيضاً بأنها تبقى ثابتة للمشترى الثانى حتى لو لم يكن له حق الرجوع بضمان العيب على المشترى الأول ، كأن كان هذا المشترى قد اشترط عدم الضمان . ويلاحظ أن المشترى الثانى إذا رفع دعواه الشخصية فى الضمان على المشترى الأول - وهى الدعوى الأولى من هذه الدعاوى الثلاث – جاز للمشترى الأول أن يدخل البائع ضامناً فى هذه الدعوى . والمفروض طبعاً فى كل ما قدمناه أن العيب قد حدث بالمبيع قبل أن يتسلم المشترى الأول المبيع من البائع ، حتى يكون البائع ضامناً هذا العيب لكل من المشترى الأول والمشترى الثانى ( [1323] ) .

ويستفيد دائن المشترى من ضمان البائع للعيب عن طريق الدعوى غير المباشرة ، فيجوز لهذا الدائن أن يرفع باسم المشترى دعوى ضمان العيب على البائع طبقاً للقواعد المقررة فى الدعوى غير المباشرة .

371 - ( د ) البيع الذى يفضى ضمان العيوب الخفية : نص قانونى : تنص المادة 454 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 $ 732 $

 " لا ضمان للعيب فى البيع القضائية ولا فى البيوع الإدارية إذا كانت بالمزاد " ( [1324] ) .

والسبب فى ذلك ، كما تقو المذكرة الإيضاحية ، أن البيع بالمزاد ، سواء من جهة القضاء أو من جهة الإدارة ، " قد أعلن عنه ، وأتيحت الفرصة للمزايدين أن يفحصوا الشئ قبل الإقدام على المزايدة ، فيحسن بعد أن اتخذت كل هذه الإجراءات ألا يفسخ البيع لسبب كان يمكن توقيه ، فتعاد إجراءات طويلة بمصرفات جديدة يتحمل عبأها المدين " ( [1325] ) . ومن ثم لا ضمان للعيب فى البيوع التى يتحتم إجراءها قضاء عن طريق المزاد ، كبيع أموال المدين تنفيذاً للديون التى فى ذمته ، وكبيع أموال القاصر والمحجور فى المزاد . وكذلك لا ضمان للعيب فى البيوع التى تجريها الإدارة بالمزاد ، لاقتضاء الضرائب مثلاً . وقد رأينا أن ضمان التعرض والاستحقاق ، بخلاف ضمان العيب ، يقوم فى كل هذه البيوع . $ 733 $ أما البيوع الاختيارية ، حتى لو أجريت بطريق المزاد كبيع العين الشائعة بالمزاد لعدم إمكان قسمتها ( licitation ) ، فيقوم فيها العيب ( [1326] ) .

وفيما عد البيوع القضائية والبيوع الإدارية إذا كانت بالمزاد ، يقوم ضمان العيب فى أى بيع آخر ، يستوى فى ذلك البيع المسجل والبيع غير المسجل . ويستوى كذلك أن يكون محل البيع عقاراً ( [1327] ) أو منقولاً ( [1328] ) ، شيئاً مادياً أو شيئاً غير مادى ( [1329] ) . كما يجوز للشفيع – وقد حل محل المشترى – أن يرجع بضمان العيب على البائع . ويجوز أن يرجع بضمان العيب أيضاً المسترد لحصة شائعة فى منقول باعها شريك فى الشيوع لأجنبى ( م 833 مدنى ) ( [1330] ) .

2 - ما يترتب على قيام ضمان العيوب الخفية

372 - دعوى الضمان وما يسبقها من إخطار - إذا وجد بالمبيع عيب توافرت فيه الشروط المتقدمة الذكر ، وجب على المشتى المبادرة إلى إخطار البائع به ، ثم له بعد ذلك أن يرجع عليه بدعوى الضمان ويجب رفعها خلال مدة قصيرة وإلا سقطت بالتقادم .

 $ 734 $

فنبحث إذن مسائل ثلاثاً : ( 1 ) إخطار البائع بالعيب ( 2 ) دعوى الضمان ( 3 ) سقوطها بالتقادم .

373 - إخطار البائع بالعيب - النصوص القانونية – تنص المادة 449 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 " 1 - إذا تسلم المشترى المبيع ، وجب عليه التحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك ، وقفاً للمألوف فى التعامل . فإذا كشف عيباً يضمنه البائع ، وجب عليه أن يخطره به خلال مدة معقولة ، فإن لم يفعل اعتبر قابلاً للمبيع " .

 " 2 - أما إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد ثم كشفه المشترى ، وجب عليه أن يخطر به البائع بمجرد ظهوره ، وإلا اعتبر قابلاً للمبيع بما فيه من عيب " ( [1331] ) .

 $ 735 $

ويخلص من هذا النص أن المشترى تجب عليه المبادرة بإخطار البائع بالعيب عن كشفه . والسياسة التشريعية فى ضمان العيب الخفى قائمة على عدم التراخى فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإثبات العيب والمبادرة إلى رفع دعوى الضمان ، لأن الإبطاء فى شئ من ذلك قد يجعل إثبات العيب عسيراً ، وقد تتعذر معرفة منشأه وهل كان موجوداً عند التسليم أو حدث بعده ، فيفتح باب المنازعات ويتسع المجال لادعاءات من جهة كل من المتبايعين ، وبخاصة من المشترى فقد يدعى بعد مدة طويلة أن بالمبيع عيباً كان موجوداً عند التسليم ويتخذ هذا الادعاء تكئة للرجوع فى الصفقة . فحتى يستقر التعامل وتنحسم أوجه النزاع ، أوجب المشرع على المشترى أن يبادر إلى إخطار البائع بالعيب بمجرد كشفه ، ثم جعل مدة التقادم فى دعوى الضمان قصيرة ، فهى سنة واحدة من وقت تسلم المشترى للمبيع كما سنرى . وبهذه الإجراءات السريعة والمدد القصيرة تتميز $ 736 $ دعوى ضمان العيب الخفى عن غيرها من الدعاوى التى تتلافى معها كدعوى الإبطال للغلط ودعوى الفسخ لعدم التنفيذ .

على أنه إذا تسلم المشترى المبيع ، ولو كان به عيب ظاهر أو عيب فى حكم الظاهر مما يتمكن من تبينه بالفحص المعتاد ، لم يعتبر بمجرد التسلم قابلاً بالعيب . فقد أعطى مهلة ، له فيها ، بل يجب عليه فيها ، التحقق من حالة المبيع عن طريق الفحص المعتاد ، وهذه المهلة حددها المشرع بأنها المهلة المعتادة وفقاً للمألوف فى التعامل . فإذا اشترى شخص قماشاً من تاجر ، فالغالب أن يكون هذا القماش مطوياً ، فإذا كان فيه عيب ظاهر أو فى حكم الظاهر ، لم يعتبر المشترى راضياً به بمجرد تسلمه القماش المطوى ، وإنما يكون ذلك إذا ذهب بالقماش إلى منزله أو إلى متجره ، وفى خلال المدة المألوفة فى التعامل نشر القماش المطوى وفحصه فلم يجد به عيباً أو وجده عن طريق الفحص المعتاد ، فسكت ولم يخطر به البائع فى مدة معقولة ، هى أيضاً متروكة للمألوف فى التعامل . وإذا اشترى شخص سيارة ، فإنه لا يعتبر قابلاً بما فيها من عيب ظاهر أو فى حكم الظاهر بمجرد تسلمها ، بل لابد من مدة معقولة تمضى وفقاً للمألوف فى التعامل يتمكن فيها المشترى من تجربة السيارة وكشف ما فيها من عيوب عن طريق الفحص المعتاد ، فإذا وجد فيها عيباً ولم يخطر به البائع فى مدة معقولة من وقت كشف العيب وفقاً للمألوف فى التعامل ، اعتبر راضياً بالعيب .

أما إذا كان العيب الذى بالمبيع عيباً خفياً لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد ، فإن المشترى لا يعتبر راضياً به إلا إذا كشفه ، بطريق فحص فنى مألوف أو فحص فنى متخصص بحسب الأحوال على النحو الذى قدمناه عند الكلام فى خفاء العيب ، ولم يخطر به البائع بمجرد كشفه إياه . وهنا أوجب المشرع على المشترى أن يخطر البائع بالعيب بمجرد ظهوره فيجب عليه أن يبادر إلى هذا الإخطار دون إبطاء ، لأن العيب لم ينكشف إلا بعد فحص فنى ، فالوقت الذى كشفه فيه وقت محدد يمكن معه التثبت من عدم وقوع إبطاء فى الإخطار .

ونرى من ذلك أن المشترى ، حتى يستطيع الرجوع بضمان العيب على البائع ، يجب عليه إخطاره بهذا العيب عندما يكشفه على النحو الذى بيناه . ويجب أن $ 737 $ يكون الإخطار دون إبطاء أو فى مدة معقولة يحددها المألوف فى التعامل بحسب الأحوال ، وذلك من وقت تسلم المبيع تسليماً فعلياً لا حكمياً . ولا يشترط شكل خاص فى هذا الإخطار ، فيصح أن يكون بإنذار على يد محضر ، كما يصح أن يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، بل يصح أن يكون شفوياً ، ولكن على المشترى عبء إثبات حصول هذا الإنذار ، ويستطيع أن يثبته بجميع الطرق ومنها البينة والقرائن لأنه واقعة مادية .

فإذا لم يقع الإخطار فى الوقت الملائم ، اعتبر المبيع غير معيب أو اعتبر المشترى راضياً بالعيب الذى وجده فيه ( [1332] ) ، وسقط على البائع الالتزام بالضمان حتى لو لم تكن دعوى الضمان قد تقادمت بانقضاء سنة من وقت تسلم المشترى للمبيع على النحو الذى سنبينه فيما يلى . فدعوى الضمان إذن تسقط إما بعدم إخطار المشترى البائع بالعيب فى الوقت الملائم ولو قبل انقضاء سنة التقادم ، وإما بانقضاء سنة التقادم ولو وقع الإخطار بعد ذلك بل ولو لم يعلم المشترى بالعيب إلا بعد ذلك ( [1333] ) .

وكل ما يجب على المشترى هو إخطار البائع بالعيب على الوجه الذى $ 738 $ بيناه . فلا يجب عليه طلب معاينة المبيع بواسطة خبير لإثبات العيب ، وإن كان من حقه أن يفعل ذلك حتى بعد الدليل على العيب إذ هو المكلف بإثباته ( [1334] ) .

374 - دعوى ضمان العيوب الخفية – النصوص القانونية : تنص المادة 450 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 " إذا أخطر المشترى البائع بالعيب فى الوقت الملائم ، كان له أن يرجع بالضمان على النحو المبين فى المادة 444 " ( [1335] ) .

 $ 739 $

والآن نفرض أن المشترى قد أخطر البائع بالعيب فى الوقت الملائم على $ 740 $ الوجه الذى بيناه ، فهو بعد هذا الإخطار يكون له الحق فى الرجوع على البائع بدعوى ضمان العيب ، وهى دعوى صاغها التقنين المدنى على غرار دعوى ضمان الاستحقاق الجزئى كما هى مقررة فى المادة 444 مدنى . والشبه بين الدعويين واضح ، ففى كلتيهما لم تبلغ خسارة المشترى ، من جراء الاستحقاق الجزئى أو العيب ، أن يضيع المبيع كله ، بل هو قد ضاع جزء منه أو من قيمته ولكنه جزء قد يبلغ من الجسامة حداً لو كان يعلمه وقت البيع لما أقدم على الشراء .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذه الصدد : " أما المشروع ( التقنين الجديد ) فلم يرد داعياً لتعدد الأحكام فى ضمان الاستحقاق وفى ضمان العيب ، فإن الضمانين مردهما إلى أصول واحدة فى القواعد العامة . فالواجب إذن فى ضمان العيب تطبيق ما تقرر فى ضمان الاستحقاق . ومتقضى هذا التطبيق أن العيب الجسيم يكون المشترى مخيراً فيه بين الفسخ أو إبقاء البيع مع التعويض عن العيب طبقاً لما تقضى به القواعد العامة ، فيعوض المشترى ما أصابه من خسارة وما فاته من كسب بسبب العيب . وإذا لم يكن العيب جسيماً ، فلا يكون للمشترى إلا التعويض . ويزيد التعويض أو ينقص تبعاً لما إذا كان البائع سيئ النية أى يعلم بالعيب ، أو حسن النية أى لا يعلم به . ففى الحالة الأولى يعوض الضرر المباشر حتى لو لم يكن متوقعاً ، وفى الحالة الثانية لا يعوض إلا عن الضرر المباشر المتوقع " ( [1336] ) .

فيجب إذن التمييز بين فرضين : الفرض الأول أن يكون العيب جسيماً بحيث لو أن المشترى كان يعلمه وقت البيع لما أقدم على الشراء ، والفرض الثانى أن يكون العيب لم يبلغ من الجسامة هذا الحد بل كان لو علمه المشترى لأقدم على الشراء بالرغم من ذلك ولكن بثمن أقل .

 $ 741 $

ففى الفرض الأول ، إذا كان العيب جسيماً إلى الحد السالف الذكر ، كان المشترى مخيراً بين رد المبيع المعيب وما أفاده منه من البائع والمطالبة بالمبالغ التى كان يطالب بها فى حالة الاستحقاق الكلى ، وبين استبقاء المبيع مع المطالبة بتعويض عما أصابه من ضرر بسبب العيب ( [1337] ) . وفى الفرض الثانى ، إذا كان العيب لم يبلغ الجسامة المشار إليها ، لا يكون للمشترى إلا أن يطالب البائع بتعويض عما أصابه من ضرر بسبب العيب . فالمشترى إذن ، عند رجوعه على البائع بضمان العيب ، له أن يرد المبيع ويطالب بمبالغ معادلة للمبالغ التى يرجع بها فى حالة الاستحقاق الكلى إذا كان العيب جسيماً ولم يختر استبقاء المبيع . أما إذا كان العيب غير جسيم ، أو كان جسيماً واختار استبقاء المبيع ، فإنه يرجع على البائع بتعويض عما أصابه من ضرر بسبب العيب ( [1338] ) . ونذكر الآن فى إيجاز عناصر التعويض فى الحالتين ، وفقاً لما جاء فى المادة 444 مدنى وفى المادة 443 مدنى التى أحيل إليها .

ففى حالة رد المبيع إلى البائع ( [1339] ) ، يرد المشترى المبيع كما هو بالعيب اللاحق $ 742 $ به ، ويرد ما أفاده من ثمرات من وقت البيع . ويأخذ من البائع فى مقابل ذلك : ( 1 ) قيمة المبيع غير معيب وقت البيع ، مع الفوائد القانونية لهذه القيمة من وقت البيع على النحو الذى فصلناه فى ضمان الاستحقاق الكلى ، ولا يكون هناك محل للمطالبة بقيمة الثمار لأن الفوائد القانونية مقابل هذه الثمار ( [1340] ) . ( 2 ) المصروفات الضرورية ( [1341] ) والمصروفات النافعة التى يكون قد أنفقها على المبيع ، وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع سيئ النية أى يعلم بوجود العيب فى المبيع وقت تسلميه للمشترى ( [1342] ) . ( 3 ) جميع مصروفات دعوى ضمان العيب الخفى ، وذلك فى حالة ما إذا كان البائع قد اضطره إلى رفع هذه الدعوى ولم يسلم بالتزامه بالضمان عندما أخره المشترى بالعيب فى الوقت الملائم . ( 4 ) وبوجه عام التعويض عما لحق المشترى من خسارة أو فاته من كسب بسب بالعيب على النحو الذى بسطناه فى ضمان الاستحقاق الكلى . ويلاحظ أنه إذا كان البائع حسن النية أى لا يعلم العيب لا يكن مسئولاً إلا عن تعويض الضرر المتوقع الحصول وقت البيع ، أما إذا كان سيئ النية أى يعلم بالعيب كان مسئولاً حتى عن الضرر غير المتوقع ، وذلك طبقاً للقواعد العامة فى المسئولية .

وفى حالة استبقاء المشترى للمبيع ، يكون له أن يطالب البائع بالفرق بين قيمة المبيع سليماً وقيمته معيباً ، وبمصروفات دعوى الضمان إذا اضطره البائع إلى رفعها ، وبوجه عام ما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسب العيب مع $ 743 $ ملاحظة أن يكون البائع سيئ النية مسئولاً حتى عن تعويض الضرر غير المتوقع كما سبق القول . ويجوز أن يكون التعويض فى جعل البائع يصلح العيب إذا كان قابلاً للإصلاح ، أو أن يصلحه المشترى على نفقة البائع ( [1343] ) .

375 - هلاك المبيع المعيب – نصوص قانونية : وتنص المادة 451 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 " تبقى دعوى الضمان ولو هلك المبيع بأى سبب كان ( [1344] ) " .

 $ 744 $

ويفرض النص أن المبيع المعيب قد هلك بعد أن تسلمه المشترى ، لأنه لو كان قد هلك قبل التسليم فإن هلاكه يكون على البائع ولا محل إذن لقيام ضمان العيب . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى بأن التقنين الجديد " اكتفى بأن قرر أن دعوى الضمان تبقى حق لو هلك المبيع . . حتى تنتفى الشبهة فى أن هلاك المبيع قد يسقط دعوى الضمان ( [1345] ) " .

فهلاك المبيع المعيب إذن وهو فى يد المشترى لا يسقط دعوى الضمان . فيجوز للمشترى دائماً أن يطالب البائع ، بالرغم من هلاك المبيع ، بتعويض عما أصابه من الضرر بسب العيب على النحو الذى بيناه فى حالة استبقاء المشترى للمبيع . أما إذا كان العيب جسيماً إلى حد يسوغ للمشترى رد المبيع ، فلا يجوز للمشترى الرجوع على البائع بالتعويض الكامل عن كل المبيع إلا إذا كان هلال المبيع غير منسوب إلى فعله . فإذا كان الهلاك بسبب العيب أو كان بسبب أجنبى فإنه يكون غير منسوب إلى فعله ، ويكون له فى هذه الحالة أن يطالب البائع بالتعويض الكامل على النحو الذى يرجع به فى حالة الاستحقاق الكلى ، ولا يكون مطالباً برد المبيع ( [1346] ) لأن الرد استحال عليه لا بفعله بل بسبب $ 745 $ أجنبى ، وإنما يرد إلى البائع ما أفاده من المبيع ( [1347] ) . أما إذا كان الهلاك بفعله ، فإنه لا يستطيع الرجوع بتعويض كامل إذ قد تعذر عليه رد المبيع بسبب يرجع إلى فعله ، ومن ثم وجب عليه أن يكتفى بمطالبة البائع بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب العيب على النحو المبين فى حالة استبقائه للمبيع ( [1348] ) .

376 - بعض ظروف غير الهلاك تطرأ على المبيع المعيب : وقد يطرأ على المعيب ظروف أخرى غير الهلاك الذى سبق بيان حكمه ، وقد كان التقنين السابق يتناول هذه الظروف فى شئ من الإسهاب ، ناقلاً فى بعض الحالات أحكام الفقه الإسلامى . والفقه الإسلامى يعرف خيار العيب ، ويقرر فيه أحكاماً مفصلة معروفة ، لا يساير فى بعضها المبادئ العامة للقانون المصرى ، فلم ينقلها التقنين الجديد حتى يحتفظ لضمان العيب بالتناسق فى أحكامه ، فوجب الرجوع فى هذه المسائل إلى القواعد العامة ( [1349] ) .

 $ 746 $

ونذكر من الظروف التى قد تطرأ على المبيع المعيب ، غير الهلاك ، الظروف الآتية : ( 1 ) ظهور عيب جديد بالمبيع بعد التسليم ( 2 ) تصرف المشترى فى المبيع المعيب ( 3 ) تحول المبيع إلى شئ آخر ( 4 ) زوال العيب الذى كان لاحقاً بالمبيع ( [1350] ) . ونبين فى إيجاز ماذا يؤدى إليه تطبيق القواعد العامة فى كل من هذه الظروف .

 $ 747 $

فإذا ظهر عيب جديد بالمبيع بعد التسليم ، فظهور هذا العيب إذا كان بسبب أجنبى لا يمنع المشترى من رد المبيع وأخذ تعويض كامل ، لأن هلاك المبيع بسبب أجنبى لا يمنع من ذلك فأولى ألا يمنع منه تعيب المبيع بعيب جديد بسبب أجنبى . أما إذا كان العيب الجديد بفعل المشترى ، كان هذا مانعاً من الرد ، ويقتصر المشترى فى هذه الحالة على أخذ تعويض من البائع بسبب العيب الجديد مع استبقاء المبيع ( [1351] ) .

 $ 748 $

وإذا تصرف المشترى فى المبيع المعيب ، فإن كان تصرفه بعد اطلاعه على العيب ، اعتبر هذا نزولاً ضمنياً منه عن ضمان العيب ، إلا إذا احتفظ بحقه قبل التصرف وعند ذلك لا يرجع إلا بتعويض عن العيب لأنه استبقى المبيع وتصرفه فيه ( [1352] ) ، أو غلا إذا رجع عليه من اشترى منه بضمان هذا العيب وعند ذلك يصح له هو أيضاً الرجوع على بائعه . وقد أورد التقنين المدنى السابق نصاً فى هذه المسألة يتفق مع هذا الحكم ، فقضت المادة 325  /  403 من هذا التقنين بأن " تصرف المشترى فى المبيع بأى وجه كان بعد اطلاعه على العيب يوجب سقوط حقه فى طلب الضمان " ( [1353] ) . أما إذا كان تصرف المشترى فى المبيع المعيب قبل اطلاعه على العيب ، فإنه لا يستطيع فى هذه الحالة رد المبيع إلى بائعه بالعيب ، إذ يتعذر عليه أن يسترده ممن اشتراه وهو ضامن للتعرض ، والاسترداد والضمان لا يجتمعان كما سبق القول . فلا يبقى $ 749 $ أمام المشترى الأول إلا الرجوع على بائعه بتعويض عن الضرر الذى أصابه بسبب العيب على الوجه الذى بيناه ( [1354] ) . وهذا ما لم يرد المشترى الثانى المبيع بالعيب ، فعند ذلك يستطيع المشترى الأول هو أيضاً أن يرد المبيع على بائعه بنفس العيب ( [1355] ) . وكتصرف المشترى فى المبيع المعيب ترتيبه عليه حقاً للغير ، كحق ارتفاق أو حق انتفاع أو حق رهن ( [1356] ) .

وإذا تحو المبيع المعيب وهو فى يد المشترى إلى شئ آخر ، فإذا كان هذا التحول بفعله ، فإن كان بعد اطلاعه على العيب سقط على البائع الضمان ، وإن كان قبل اطلاعه على العيب امتنع الرد ولم يستطع المشترى الرجوع على البائع إلا بتعويض عن الضرر الذى أصابه بسبب العيب ( [1357] ) . وإذا كان هذا التحول بسبب أجنبى لم يمنع التحول الرد ، لأن الهلاك بسبب أجنبى لا يمنع الرد فأولى ألا يمنعه مجرد التحول ( [1358] ) .

وإذا زال العيب الذى كان لاحقاً بالمبيع ، وكان هذا العيب بطبيعته موقتاً إذا زال لا يرجع ، لم يعد للمشترى أن يرجع على البائع بضمان العيب ، لأن سبب $ 750 $ الضمان قد زال لا إلى رجعة فيزول الضمان بزوال سببه . وقد نص تقنين الموجبات والعقود اللبنانى على هذا الحم صراحة ، فقضت المادة 459 من هذا التقنين بأن " تسقط دعوى الرد إذا زال العيب قبل إقامة دعوى الفسخ أو دعوى تخفيض الثمن أو فى أثنائهما ، وكان هذا العيب بطبيعته موقتاً وغير قابل للظهور ثانية . ولا يجرى هذا الحكم إذا كان العيب قابلاً بطبيعته للرجوع " .

377 - تقادم دعوى ضمان العيب الخفى – نصوص قانونية : تنص المادة 452 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 " 1 - تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسلمي المبيع ولو لم يكشف المشترى العيب إلا بعد ذلك ، ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول " .

2 - على أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بالنسبة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشاً منه " ( [1359] ) .

$ 751 $

ونرى من ذلك أن مدة التقادم فى دعوى ضمان العيوب الخفية مدة قصيرة " ، $ 752 $ وذلك حتى يستقر التعامل ولا يكون البائع مهدداً بهذا الضمان أمداً طويلاً يتعذر بعده التعرف على منشأ العيب وهل هو قديم فيضمن أو حادث فلا يضمن . والمدة كما نرى سنة واحدة تسرى من وقت تسلم المشترى للمبيع ، ففى هذا الوقت يصبح من الممكن للمشترى أن يفحص المبيع ليتبين ما إذا كان فيه عيب موجب للضمان ( [1360] ) . ومتى انقضت السنة سقطت بالتقادم دعوى ضمان العيب الخفى ، حتى لو كان المشترى لم يعلم بالعيب إلا بعد انقضاء هذه السنة ، فقد أراد المشرع أن يستقر التعامل كما قدمنا ، فمتى سلم البائع المبيع للمشترى وانقضت سنة على هذا التسليم أمن البائع تبعة ضمان العيب الخفى واطمأن إلى استقرار الصفقة ، غير ملق بالاً إلى ما إذا كان المشترى سيطلع فيما بعد على عيب فى المبيع .

ومدة السنة يجوز قطعها وفقاً للقواعد المقرر فى قطع مدد التقادم ( [1361] ) ، ولكنها لا توقف فى حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو فى حق الغائب أو فى حق المحكوم عليه بعقوبة جنائية ، ولم لم يكن له نائب يمثله قانونياً ، لأن المدة لا تزيد على خمس سنوات ( م 382  /  2 مدنى ) . وتوقف المدة إذا وجد سبب للوقف غير الأسباب المتقدمة ( م 382  /  1 مدنى ) .

ولا يجوز الاتفاق على تقصير هذه المدة ، لأن الأصل أنه لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم فى مدة تختلف عن المدة التى عينها القانون ( [1362] ) . وإذا كان $ 753 $ يجوز الاتفاق على إطالة السنة ، فذلك لأنه ورد فى هذا الشأن نص صريح ، إذ تقول العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 452 مدنى : " ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان مدة أطول " . وإذا أضفنا إلى ذلك الفقرة الثانية من المادة 452 مدنى ، تبين أن مدة التقادم فى ضمان العيب الخفى تكون أطول من سنة فى حالتين : ( 1 ) إذا اتفق المتعاقدان على إطالة مدة السنة . كذلك يجوز بعد تمام السنة أن ينزل البائع ولو ضمناً عن التقادم بعد أن اكتمل ، وفقاً للقواعد العامة ( م 388  /  2 مدنى ) . ( 2 ) إذا أثبت المشترى أن البائع قد تعمد إخفاء العيب عنه غشاً ( [1363] ) ، فعند ذلك تكون مدة التقادم خمس عشرة سنة من وقت البيع لا من وقت التسليم ، رجوعاً إلى الأصل بعد أن خرجنا من نطاق الاستثناء . فإذا كشف المشترى العيب الذى أخفاه عنه البائع غشاً حتى بعد انقضاء السنة ، كان له أن يرفع دعوى ضمان العيب فى خلال خمس عشرة سنة من وقت البيع كما قدمنا ( [1364] ) .

3 - الاتفاق على تعديل أحكام ضمان العيب الخفى

378 - النصوص القانونية : تنص المادة 453 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 " يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا فى الضمان أو أن ينقصا منه أو أن يسقط هذا الضمان ، على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلاً إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب فى المبيع غشاً منه " .

 $ 754 $

وتنص المادة 445 على ما يأتى :

 " إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل فى المبيع ، فعلى المشترى أن يخطر البائع بهذا الخلل فى مدة شهر من ظهوره وأن يرفع الدعوى فى مدة ستة شهور من هذا الإخطار وإلا سقط حقه فى الضمان ، كل هذا ما لم يتفق على غيره " ( [1365] ) .

ويقابل النص الأول فى التقنين المدنى السابق المادة 321  /  396 ( [1366] ) ، ولا مقابل للنص الثانى ولكنه تطبيق للقواعد العامة إلا فيما يتعلق بالمواعيد المذكورة فيه .

$ 755 $

ويقابل النصان في التقنينات المدنية العربية : في التقنين المدني السوري المادتين 421 و 423 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 442 و 444 - وفي التقنين المدني العراقي المادتين 567 - 568 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني 460 - 461([1367])  ويتبين من هذه النصوص أنه قد يقع اتفاق بين المتبايعين على تعديل أحكام ضمان العيب الخفي كما أوردناها فيما تقدم ، وقد يتخذ هذا الاتفاق صورة خاصة هي ضمان البائع صلاحية المبيع للعمل . فنبحث كلا من المسألتين .

379 - تعديل أحكام ضمان العيب الخفي باتفاق خاص : أحكام ضمان العيب الخفي ، كأحكام ضمان التعرض والاستحقاق ، ليست من النظام $ 756 $ العام ([1368]) ، فيجوز للمتبايعين أن يتفق على تعديلها . والتعديل قد يكون – كما في ضمان التعرض والاستحقاق –بالزيادة أو بالإقساط .

فالاتفاق على زيادة ضمان العيوب الخفية قد يتعلق بأسباب الضمان أو بمدي التعويض المستحق عند تحقق الضمان . مثل الزيادة في أسباب الضمان أن يشترط المشتري على البائع أن يضمن له كل عيب في المبيع لم ينتبه وقت التسليم حتى لو أمكن تبينه من طريق الفحص بعناية الرجل العادي ، أو أن يتفق معه على إطالة مدة التقادم فتكون أكثر من سنة وقد سبق ذكر ذلك . وضمان البائع صلاحية المبيع للعمل إنما هو ضرب من الاتفاق على زيادة أسباب الضمان كما سنرى . ومثل زيادة مدى التعويض عند تحقق الضمان أن يشترط المشتري ، إذا ظهر عيب في المبيع يجيز رده على البائع حسن النية ، أو أن يسترد أعلى القيمتين قيمة المبيع سالماً أو الثمن ، فكل هذه الشروط التي من شأنها أن تزيد في ضمان البائع للعيب الخفي جائزة ، ويجب العمل بها .

والاتفاق على إنقاص الضمان قد يتعلق أيضاً إما بأسباب الضمان وإما بدعوى التعويض ، مثل إنقاص أسباب الضمان أن يشترط البائع على المشتري إلا يضمن له عيباً معيناً يذكره بالذات ، أو إلا يضمن له العيوب التي لا تظهر إلا بالفحص الفني المتخصص ([1369]) . وقد قدمنا أنه لا يجوز إنقاص الضمان من ناحية الاتفاق على تقصير مدة التقادم ، بالرغم مما جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد . ومثل إنقاص مدي التعويض أن يشترط البائع على المشتري ، إذا رد المبيع المعيب عليه ، إلا يرد للمشتري إلا أقل القيمتين قيمة المبيع سليماً أو الثمن ، أو ألا يرد إلا قيمة المبيع سليماً دون أن يدفع أي تعويض آخر . وقد يتفق بائع السيارة مع المشتري على أنه إذا ظهر عيب في بعض أجزاء $ 757 $ السيارة انحصر الضمان في استبدال أجزاء سليمة بهذه الأجزاء المعيبة في خلال مدة معينة ([1370]) فكل هذه الشروط جائزة ، ويجب العمل بها . إلا أنه يشترط في صحتها إلا يكون البائع عالماً بالعيب الذي اشترط عدم ضمان فتعمد إخفاءه عن المشتري عشاً منهم ، ذلك أنه لا يستطيع شخص أن يعفي نفسه باتفاق خاص من المسئولية عن غشه ([1371]) . ولا يكفي أن يكون البائع عالماً بالعيب ، بل يجب أيضاً أن يتعمد إخفاءه . فإذا كان البائع عالماً بالعيب ولم يتعمد إخفاءه عن المشتري واشترط عدم ضمانه لهذا العيب ، جاز شرط عدم الضمان . وفسر ذلك بأن البائع قد نبه المشتري باشتراطه عدم الضان إلى احتمال وجود العيب ، ولم يغشه بتعمد إخفاء العيب عنه ، فقبل المشتري تحمل هذه المخاطرة ، ولا بد أن يكون قد روعي ذلك في تقدير ثمن المبيع . ويقرب من هذا أن يكون العيب ظاهراً أو في حكم الظاهر أو معلوماً من المشتري ، فقد قدمنا أن البائع لا يضمنه . فكما أن خفاء العيب شرط في وجوب الضمان ، كذلك ظهور العيب أو علم المشتري به هو اتفاق ضمني على عدم الضمان .

والاتفاق على إسقاط الضمان يكون باشتراط البائع على المشتري عدم ضمانه لأي عيب يظهر في المبيع . ويصح هذا الشرط ، فلا يكون البائع ضامناً لأي عيب يظهر في المبيع ([1372]) ، حتى لو كان يعلم بوجود عيوب معينة ولكنه لم يتعمد $ 758 $إخفاءها عن المشتري ([1373]) ويكون المشتري في هذه الحالة بمثابة من اشتري ساقط الخيار كما رأينا في ضمان التعرض والاستحقاق ، ويراعي ذلك عادة في تقرير ثمن المبيع . ونرى من ذلك أن شرط إسقاط الضمان لا يصح إذا كان البائع عالماً بعيب في المبيع وتعمد إخفاءه عن المشتري غشاً منه ، لأنه يكون في هذه الحالة قد اشترط عدم مسئولية عن الغش وهذا لا يجوز ([1374]) .

380 - ضمان البائع صلاحية المبيع للعمل : في بعض الأشياء الدقيقة الصنع السريعة الخلل ، كالآلات المكانيكية والسيارات والساعات والثلاجات والدفايات والبطاريات الكهربائية وأجهزة الراديو يشترط المشتري على البائع أن يضمن له صلاحية المبيع للعمل مدة معينة ، سنة أو سنتين أو نحو ذلك فالمشتري في هذه الحالة يزيد من ضمان البائع ، لأنه لا يشترط خلو المبيع من العيوب $ 759 $ فحسب ، بل يشرط أيضاً صلاحية المبيع للعمل بقطع النظر عما إذا كان فيه عيب أو لم يكن ([1375]) . والذي يعنى المشتري في مثل هذه الحالات هو أن يكون المبيع صاحاً للعمل ولا يعنيه أن يكون عدم الصلاحية راجعاً إلى عيب معين . ذلك أن تركيب المبيع في هذه الحالات يقتضي عادة دقة فنية ، أي خلل فيها يجعل المبيع غير صالح للعمل ، دون أن يمكن إسناد ذلك إلى عيب بالذات ومن هنا يجئ احتياط المشتري ، فيحصل من البائع على ضمان صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ، ويطمئن بذلك إلى أنه اشتري شيئاً صالحاً للعمل هذه المدة على الأقل ، ويغلب أن المبيع إذا صلح العمل هذه المدة يكون صالحاً للعمل بعد انقضائها إلى المدى المألوف في التعامل . وهذا الشرط جائز ، ويجب العمل به .

ويتميز هذا الضمان الخاص عن زيادة الضمان بوجه عام فيما يأتي :

أولا –أنه يجعل الضمان شاملاً لأي نوع من الخلل في المبيع حتى لو لم يكن هذا عيباً ، فيكفي إلا يكون المبيع صالحاً للعمل حتى يتحقق الضمان ([1376]) . وغني عن البيان أن هذا الضمان لا يمنع ضمان للعيوب الخفية ، فيضمن ظهور عيب في المبيع ولو لم يكن من شأنه جعل المبيع غير صالح ([1377]) ، كالعيب في طلاء الساعة الخارجي ([1378]) ، فتسري القواعد المقررة في ضمان العيب الخفي ومن أهمها أن تكون مدة التقادم سنة لا ستة شهور وان يكون الإخطار في الوقت الملائم لا في مدة شهر ([1379]) .

$ 760 $

ثانياً –أن يقترن بمدة معينة يكون فيها البائع مسئولا عن الضمان ، وهي مدة يقدر المشتري أنها تكفي لتجربة صلاحية الشيء للعمل إذا كان المبيع ساعة أو سيارة ، أو أنها تكفي لاستهلاك المبيع ذاته كاشتراط سنة لصلاحية البطارية الكهربائية .

ثالثاً –أن المدة التي يجب فيها أن يخطر المشتري البائع بالخلل هي شهر من وقت ظهوره ، وإلا سقط الضمان . وفي الضمان العادي لم تحدد مدة للإخطار ، بل يكون ذلك في الوقت الملائم كما سبق القول . ولا يوجد ما يمنع من أن يتفق المتعاقدان في الحالة التي نحن بصددها على أن تكون مدة الإخطار أكثر من شهر أو أقل ، فليست أحكام هذا النص من النظام العام ، فيجوز الاتفاق على ما يخالفها كما ورد صراحة في النص ([1380]) .

رابعاً – أن المدة الواجب رفع الدعوى الضمان فيها هي ستة شهور من وقت الإخطار . وفي الضمان العادي المدة سنة من وقت تسليم المبيع كما قدمنا . ولا يوجد ما يمنع من الاتفاق على أن تكون المدة اقل من ستة شهور . فليست المدة هنا مدة تقادم بل هي مدة سقوط وهي ليست من النظام العام فتجوز إطالتها ويجوز تقصيرها باتفاق خاص . أما مدة السنة في الضمان العادي فهي مدة تقادم ، تجوز إطالتها ولا يجوز تقصيرها كما سبق القول .

خامساً – يكون التعويض عادة في هذا الضمان أن البائع يصلح المبيع حتى يعود صالحاً للعمل ، وإذا لم يكن قابلا للإصلاح أبدلته بمثيل له يكون صالحاً ([1381]) .

$ 761 $

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص النص الذي نحن بصدده ما يأتي : " هذا نص جديد

 نقل عن المشروع الفرنسي الإيطالي ( م 374 ) ، ولا نظير له في التقنين الحالي (السابق ) . ويقصد به ضمان صلاحية المبيع في الأشياء الدقيقة كالآلات المكانيكية والسيارات ونحو ذلك فإذا وجد شرط صريح بضمان البائع لصلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ، ثم ظهر خلل أثناء هذه المدة ، فالواجب أن يخطر المشتري البائع في مدة اشهر من ظهور الخلل وإلا سقط حقه في الضمان ، وأن يرفع الدعوى في مدة سنة ( سنة أشهر ) من هذا الإخطار . ويجوز رفع الدعوى مباشرة وتعتبر صحيفتها إخطاراً كافياً ، ولكن المشتري يعرض نفسه لتحمل مصروفات الدعوى إذا سلم البائع حقه . ويلاحظ أن ميعاد الإخطار في هذه الحالة الخاصة قد تحدد بشهر ، خلافاً لحالة ضمان العيب بوجه عام حيث نص على أن الإخطار يكون في الوقت الملائم . وغنى عن البيان أنه يجوز الاتفاق على تعديل ميعاد الشهر والسنة ( والستة الأشهر ) ([1382]) " .

4 - تمييز ضمان العيوب الخفية عما يقاربه من النظم القانونية

381 - بعض النظم القانونية التي تقارب ضمان العيوب الخفية : الآن وقد فرغنا من بسط أحكام ضمان العيوب الخفية فحددنا هذا الضمان ، نستكمل تحديده بتمييزه عن بعض النظم القانونية الأخرى التي تقاربه وقد تلتبس به في بعض الحالات . ونذكر من هذه النظم الغلط والتدليس والفسخ لعدم التنفيذ والعجز في المقدار وضمان الاستحقاق الجزئي .

$ 762 $

382 - التمييز بين ضمان العيوب الخفية والغلط : قد يقع الغلط في صفة جوهرية للمبيع ، فإذا كانت هذه الصفة تتصل بصلاحية المبيع للغرض الذي اعد له بحيث أن انتفاءها بجعله غير صالح لهذا الغرض ، فإن البيع يكون في هذه الحالة قابلا للإبطال للغلط ، ويكون في الوقت ذاته منشئاً لضمان العيوب الخفية ، فإذا اشتري شخص فرساً على أنه صالح للسباق فوجده غير صالح له ، أمكن القول إن المشتري وقع في غلط في صفة جوهرية في الشيء وأمكن القول في الوقت ذاته أن المبيع به عيب خفي . فيجوز للمشتري في هذه الحالة أن يرجع على البائع إما بدعوى الغلط وإما بدعوى ضمان العيوب الخفية ، فيختار إحداهما ولكنه لا يجمع بينهما . فإذا رجع بدعوى الغلط وجب أن يثبت أن البائع كان واقعاً في غلط مثله ، أو كان يعلم أو يستطيع أن يعلم بالغلط الذي وقع ليه ، ويستوي أن يكون قد اشتري الفرس مساومة أو اشتراه في مزاد قضائي أو إداري ، ويجب أن يرفع الدعوى في خلال سنوات من وقت عمله بالغلط أو في خلال خمس عشرة سنة من وقت البيع بحسب الأحوال وهذه هي مدة التقادم في دعوى الغلط . ويطلب في هذه الدعوى إبطال البيع ، فإذا حكم بالإبطال اعتبر البيع كأن لم يكن ، فاسترد المشتري الثمن مع التعويض إن كان له مقتض ورد المبيع ([1383]) . أما إذا رجع المشتري بضمان العيوب الخفية فالأمر يختلف عن كل ما تقدم : لا يطلب من المشتري إلا أن يثبت أن الغرض المقصود من الفرس هو أن يكون صالحاً للسباق وقد ظهر أنه غير صالح لهذا الغرض . ولا يطلب منه أن يثبت بعد ذلك أن البائع كان يجهل ذلك أو يعلمه ، فسواء $ 763 $ جهله أو علمه ، وسواء اشتراك مع المشتري في غلط مشترط أو لم يشترك ، وسواء علم بوقوع المشتري في غلط جوهري أو لم يعلم ، ففي جميع الأحوال قد ثبت أن بالمبيع عيباً خفياً يوجب الضمان . ومن هنا نرى أن العيب الخفي أمر موضوعي محض ، أما الغلط فأمر ذاتي محض ([1384]) ، وإن كان الأمران قد اجتمعا معا في المثل الذي نحن بصدده وإذا نحن بصدده وإذا كان المشتري قد اشتري الفرس في مزاد قضائي أو إداري امتنع عليه أن يرفع الدعوى ضمان بالعيب وقد رأينا أن لا يمتنع عليه في هذه الحالة رفع دعوى الغلط . ويجب على المشتري رفع دعوى ضمان العيب خلال سنة من وقت تسلمه الفرس بعد أن يخطر البائع بالعيب في الوقت الملائم ، وقد رأينا في دعوى الغلط أن المشتري لا يخطر البائع بشيء وله أن يرفع الدعوى في ثلاث سنوات أو في خمس عشرة سنة بحسب الأحوال . ويطلب المشتري في دعوى ضمان العيب إما رد الفرس إلى البائع وأخذ تعويض منه ليس هو الثمن ، وإما استبقاء الفرس وأخذ تعويض عما أصابه من الضرر بسبب العيب وقد رأينا في دعوى الغلط أن البيع يزول بأثر رجعي ويعتبر كأن لم يكن ، وسترد المشتري الثمن مع التعويض إن كان له منقض ، ويرد الفرس للبائع وليس له أن يستبقيه مع أخذ تعويض ([1385]) .

وهذه الفروض الكبيرة بين الدعويين تجعل من المهم أن نعرف متى يكون هناك محل لدعوى الغلط دون دعوى ضمان العيب ، ومتى يكون هناك محل لدعوى ضمان العيب دون دعوى الغلط ، فقد يقع أن يلتبس الغلط بالعيب الخفي فيصبح من الضروري التمييز بينهما . فالغلط أمر ذاتي كما قدمنا ، وهو يقع في صفة جوهرية في المبيع جعلها المشتري محل اعتباره ، ولكن دون أن تتصل هذه الصفة الجوهرية حتما بالغرض الذي اعد له المبيع . أما العيب . أما العيب الخفي فأمر موضوعي كما سبق القول ، وهو يقع في الغرض الذي اعد له المبيع فيجعله غير صالح لهذا الغرض ، سواء كان هذا محل اعتبار ذاتي عند المشتري أو لم يكن ([1386]) .

$ 764 $

ومن ثم قد يوجد الغلط دون أن يوجد العيب الخفي . فإذا اشتري شخص أثاثاً لغرفة استقبال معتقداً أنه من طراز معين تبين بعد ذلك أنه ليس من هذا الطراز ، أو اشتري سيارة أو آلة ميكانيكية معتقداً أنها من "ماركة "معينة فتبين أنها ليست من هذه "الماركة " كان هذا غلطاً في صفة جوهرية في المبيع وليس من الضروري أن يكون هذا عيباً خفياً ، فقد يكون الأثاث الذي اشتراه – أو السيارة أو الآلة المكانيكية – صالحاً كل الصلاحية للغرض المقصود ، بل قد يكون اكثر صلاحية من الطراز الذي أراده المشتري ، فلا يمكن القول في هذه الحالة أن المبيع به عيب خفي . عند ذلك لا يستطيع المشتري أن يرجع عل البائع بضان العيوب الخفية ، وليس أمامه إلا أن يرجع بدعوى الغلط فيراعي أحكام هذه الدعوى وبخاصة الأحكام التي سبق ذكرها .

أما أن العيب الخفي دون أن يوجد الغلط ، فهذا أمر نادر ، ذلك أن العيب الخفي معناه أن بالمبيع عيباً يجعله غير صالح للغرض المقصود فيغلب أن يكون واقعاً في صفة جوهرية اعتبرها المشتري ، ويكون المشتري غير عالم بالغيب ، وهذا هو عين الغلط ([1387]) . ومع ذلك قد يقع أن يكون العيب الخفي غير متصل بصفة جوهرية في المبيع كانت هي محل اعتبار المشتري . ففي المثل المتقدم إذا اشتري شخص أثاثاً لغرفة استقبال من طراز معين فوجدها من هذا $ 765 $ الطراز ، ولكن وجد بها عيباً خفياً ينقص من صلاحيتها للغرض المقصود ، فإن له في هذه الحالة أن يرفع دعوى ضمان العيب الخفي وليس له أن يرفع دعوى الغلط ، فلا يرد المبيع إلى المشتري بل يستبقيه مع أخذ التعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب العيب ([1388]) . فإذا كان العيب جسيماً بحيث لو كان المشتري قد علم به لما أقدم على الشراء ، وهذا هو العيب الذي يجيز رد المبيع ، فإن هذا معناه أن العيب قد اتصل بصفة جوهرية في المبيع ، وهنا تختلط دعوى ضمان العيب بدعوى الغلط ([1389]) . ويكون للمشتري أن يختار إحداهما على النحو الذي بسطناه .

383 - التمييز بين ضمان العيوب الخفية والتدليس : وقد يقوم ضمان العيب دون أن يكون هناك تدليس ، وذلك فيما إذا كان البائع لا يعلم بالعيب أو كان يعلمه ولكنه لم يدلس على المشتري بأن تعمد مثلا أن يخفي عنه العيب . وقد يقوم التدليس دون أن يقوم ضمان العيب ، وذلك فيما إذا كان الغلط الذي انساق إليه المشتري عن طريق التدليس لا يتصل بالغرض المقصود من المبيع ، ولكن بصفة جوهرية فيه كانت هي محل اعتبار المشتري ([1390]) . وقد يجتمع ضمان العيب مع التدليس ، وذلك فيما إذا كان بالمبيع عيب خفي تعمد $ 766 $ البائع إخفاءه عن المشتري غشاً معه فيجوز للمشتري عند ذلك رفع الدعوى ضمان العيب أو رفع دعوى التدليس ([1391]) .

والفروق بين الدعويين كبيرة كالفروق التي بين دعوى ضمان العيب ودعوى الغلط . ففي التدليس يجب أن يكون للبائع ، لا سيء النية فحسب ، بل أيضاً مدلسا أي أن يكون قد عمد إلى طريق احتيالية ليوقع المشتري في الغلط ، أما في ضمان العيب فيصبح أن يكون البائع حسن النية ([1392]) وفي التدليس يصح أن يكون البيع بالمزاد القضائي أو الإداري ، ويمتنع ذلك في ضمان العيب ، وفي التدليس يجب رفع الدعوى خلال ثلاث سنوات أو خمس عشرة سنة كما في الغلط ، أما في ضمان العيب فيجب رفع الدعوى بعد الإخطار بالعيب خلال ثلاث سنوات من وقت تسلم المبيع . وفي التدليس يحكم القاضي بإبطال البيع فيزول بأثر رجعي ويعتبر :أن لم يكن فيسترد المشتري الثمن من التعويض ويرد المبيع أما في العيب الخفي فيبقى البيع وقد يرد المشتري المبيع وقد لا يرده ويقتضي من البائع تعويضاً يشتمل على عناصر معينة غير عناصر التعويض في التدليس .

384 - التمييز بين الضمان العيوب الخفية والفسخ لعدم التنفيذ وقد يتلاقي ضمان العيب مع الفسخ لعدم التنفيذ ، فيتميزان تارة ويختلطان أخرى . يقوم الفسخ لعدم التنفيذ دون أن يقوم بضمان العيب إذا اشترط المشتري مثلا أن يكون المبيع في حالة جيدة ، فيتبين أنه ليس في هذه الحالة وإن كان في حالة صالحة تماماً للأغراض المقصودة منه ، فيجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد لعدم تنفيذ البائع لا لتزامه من تسليم المبيع في حالة جيدة ، ويكن لا يجوز له أن يرجع على البائع بضمان العيب لأن المبيع خال من كل عيب وهو صالح للغرض المقصود ([1393]) . ويقوم ضمان العيب دون أن يقوم الفسخ لعدم التنفيذ إذا $ 767 $ وجد المشتري المبيع بعد في الحالة التي اشترطها ، ولكن وجد به عيباً خفياً ينقص من صلاحيته للغرض المقصود . فعند ذلك يكون للمشتري الرجوع على البائع بضمان العيب ، ولكن لا يجوز له أن يطلب فسخ العقد لعدم التنفيذ ([1394]) . وإذا اشترط المشتري أن يكون المبيع في حالة صالحة للغرض المقصود ([1395]) ثم تبين أن المبيع ليس في هذه الحالة ، جاز للمشتري أما أن يرجع بالفسخ لعدم التنفيذ لأن البائع لم ينفذ التزامه من تسليم العين في حالة صالحة للغرض المقصود ، وإما أن يرجع بضان العيب لوجود عيب في المبيع يجعله غير صالح للغرض المقصود ، فيجتمع هنا الفسخ لعدم التنفيذ وضمان العيب ([1396]) .

والرجوع بالفسخ لعدم التنفيذ يختلف عن الرجوع بضمان العيب . ففي الرجوع بالفسخ لا يشترط أن يكون المشتري غير عالم بالعيب ، ويشترط ذلك في ضمان العيب . ويجوز الفسخ حتى لو كان البيع بمزاد قضائي أو مزاد إداري ، ولا يجوز ضمان العيب . ومدة التقادم في الفسخ عشرة سنة من وقت إخلال البائع بالتزامه ، وهي سنة واحدة من وقت تسليم في ضمان العيب ، والفسخ يزيل العقد بأثر رجعي فيعتبر كأن لم يكن ، ويرد المشتري المبيع ويسترد الثمن مع التعويض إن كان له مقتض . ما في ضمان العيب فالبيع قائم ، وعلى أساسه $ 768 $ إما أن يرد المشتري المبيع ويأخذ تعويضاً من المشتري ، وإما أن يستبقي المبيع مع اخذ تعويض ([1397]) .

385 - التمييز بين ضمان العيوب الخفية والعجز في مقدار المبيع : وقد يكون هناك عجز في مقدار المبيع ، فلا يلتبس ذلك بالعيب الخفي إذا العجز في مقدار المبيع هو نقص في كميته ، أما العيب الخفي في المبيع فنقص في صفته والنقص في الحكم غير النقص في الكيف .

وتختلف دعوى العجز عن دعوى العيب في أن الأولي لا تفترض حسن نية المشتري والثانية تفترض حسن نيته ، وفي أن الأولي تجوز في بيع بالمزاد القضائي أو الإداري والثانية لا تجوز . وتتفق الدعويان في أن مدة التقادم في كل منهما سنة واحدة من وقت التسليم الفعلي ، وفي أن المشتري يستطيع رد المبيع أو استبقاءه إذا كان العجز أو العيب جسيما وليس له رد المبيع إذا كان العجز أو العيب غير جسيم . ولكن في دعوى العجز إذا رد المشتري المبيع يكون ذلك عن طريق فسخ البيع فيزول بأثر رجعي ويعتبر كأن لم يكن ، أما في دعوى العيب فلا يكون عن طريق فسخ البيع بل يبقى كما سبق القول ([1398]) .

386 - التمييز بين ضمان العيوب الخفية وضمان الاستحقاق الجزئي : يتقارب الاستحقاق الجزئي من العيب من ناحية ما يعود على المشتري من الحيازة بسبب كل منهما ، إلى حد أن المشرع جعل الجزاء واحداً في الاثنين كما رأينا ولكن الاستحقاق الجزئي لا يفرض وجود عيب في المبيع بل يفرض حقاً للغير عليه ، فالمبيع سليم من ناحية مادته ومعيب من ناحية ملكيته ، أما العيب فيفرض وجود عيب فالمبيع لاحقاً للغير عليه ، فالمبيع معيب من ناحية مدته وسليم من ناحية ملكيته . وقد كان القانون الفرنسي القديم يخلط بين الاثنين في حالة ظهور حق ارتفاق على المبيع ، فيعتبر هذا عيباً خفياً ، والصحيح أنه $ 769 $ استحقاق جزئي ، لأن حق الارتفاق حق للغير على المبيع لا عيب في ذات المبيع . ويختلف ضمان الاستحقاق الجزئي عن ضمان العيب الخفي في أن المشتري في ضمان الاستحقاق لا يشترط أن يكون حسن النية ويشترط ذلك في ضمان العيب ، وفي أن ضمان الاستحقاق جائز في البيع بالمزاد القضائي أو الإداري وضمان العيب غير جائز ، وفي أن مدة التقادم في ضمان الاستحقاق خمس عشرة سنة من وقت الاستحقاق والمدة في ضمان العيب سنة واحدة من وقت التسليم . ويتفق الاثنان في الجزاء كما قدمنا ، فيجوز للمشتري في ضمان الاستحقاق وفي ضمان العيب رد المبيع أو استبقاءه إذا كان الاستحقاق أو العيب جسيماً ، ولا يجوز له الرد إذا كان الاستحقاق أو العيب غير جسيم ، وإذا رد المبيع فإن ذلك لا يكون عن طريق فسخ البيع بل يبقى البيع في الحالتين كما سب القول ([1399])

الفرع الثاني

التزامات المشتري

387 - التزامات ثلاثة : يلتزم المشتري ، بموجب عقد البيع ذاته ودون حاجة إلى ذكر خاص ، بالتزامات ثلاثة : ( 1 ) الوفاء بالثمن ( 2 ) تحمل مصروفات البيع .

( 3 ) تسليم المبيع ([1400]) .

$ 770 $

المبحث الأول

الوفاء بالثمن

388 - التزام الوفاء بالثمن وجزاء الإخلال بهذا الالتزام : المشتري ملتزم بأن يفي البائع بالثمن ، وقد رتب القانون للبائع ضمانات مختلفة تكفل له الوفاء بهذا الالتزام وتكون جزاء على الإخلال به .

فنبحث إذن : ( 1 ) التزام الوفاء بالثمن . ( 2 ) جزاء الإخلال بهذا الالتزام .

المطلب الأول

التزام الوفاء بالثمن

389 - المسائل التي نبحث في هذا الالتزام : نبحث في خصوص هذه الالتزام أمرين : أولاً –على أي شيء يقع التزام الوفاء بالثمن . ثانياً - الزمان والمكان اللذين يجب فيها الوفاء بهذا الالتزام .

1 - على أي شيء يقع التزام الوفاء بالثمن

390 - الثمن والفوائد : يشمل التزام الوفاء بالثمن : (1 ) دفع الثمن المتفق عليه

( 2 ) ودفع فوائد الثمن في بعض الأحوال .

391 - دفع الثمن –إحالة : دفع الثمن هو الالتزام الأساسي الواجب على المشتري ([1401]) ليقابل الالتزام الأساسي الواجب على البائع بنقل ملكية المبيع ، $ 771 $ إذا البيع إنما هو نقل ملكية المبيع في مقابل دفع الثمن .

والثمن هو مبلغ من النقود يتفق عليه المتبايعان ([1402]) . وقد قدمنا عند الكلام في الثمن ([1403]) أن الثمن يجب أن يكون نقوداً ، وان يكون مقدراً أو قابلا للتقدير وأن يكون جدياً أن لا يكون صورياً ولا تافهاً فإذا توافرت هذه الشروط في الثمن ، فقد صح ، وأصبح واجب الوفاء بالشروط التي يقررها العقد وفي الزمان والمكان اللذين سنبينهما فيما يلي . ومصروفات الوفاء بالثمن ، كنفقات إرساله عن طريق البريداو عن طريق مصرف أو عن أي طريق آخر ، تكون في الأصل على المدين به أي على المشتري طبقاً للمادة 348 مدني وهي تنص على أن تكون نفقات الوفاء على المدين ، إلا إذا وجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك " . وطرق الوفاء بالثمن وشروط صحة الوفاء تخضع للقواعد المقررة في الوفاء بالالتزام ، كما يجوز للمشتري عرض الثمن على البائع وإيداعه لحسابه إذا وجد سبب يدعو إلى ذلك ويكون هذا وفق للقواعد المقررة في العرض والإيداع .

وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص في هذا الخصوص هو المادة 602 من هذا المشروع وكانت تقضي بأن "تلتزم المشتري بدفع الثمن المتفق عليه بالشروط التي يقررها العقد ، وهو الذي يتحمل نفقات $ 772 $الوفاء ([1404]) وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : "هذه النصوص تقرر التزام المشتري بدفع الثمن ، وتبين ما الذي يجب أن يدفعه وفاء لهذا الالتزام فهو يدفع الثمن المتفق عليه بالشروط التي يقررها العقد فقد يتفق على أن يدفع الثمن أقساطاً أو جملة واحدة . ويتحمل نفقات الوفاء وفقاً للقواعد العامة لأنه هو المدين بالثمن ، فعليه نفقات البريد أو غير ذلك من وسائل النقل إذا حمل الثمن إلى مكان بعيد "([1405]) . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأنه مستفاد من القواعد العامة ([1406]) .

392 - دفع الفوائد –النصوص القانونية : وتنص المادة 458 من التقنين المدني على ما يأتي : "1 - لا حق للبائع في الفوائد القانونية عن الثمن إلا إذا أعذر المشتري أو إذا سلم الشيء المبيع وكان هذا الشيء قابلا أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى ، هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره" .

"2 - وللمشتري ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضاً . وهذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ([1407]) " .

$ 773 $

؟ ؟ ؟

$ 744 $

ويخلص من هذا النص أن الأصل هو أن يتملك المشتري ثمر المبيع ونماءه متحملا نفقاته من وقت تمام البيع ، ويقابل تملك المشتري للثمر والنماء أن يدفع للبائع الفوائد القانونية للثمن وقت تمام البيع أيضاً أن لم يكن قد دفع له الثمن فوراً عند البيع . فنعرض إذن لهاتين المسألتين : ( 1 ) تملك المشتري لثمر المبيع ونمائه من وقت البيع وتحمل نفقاته من هذا الوقت ( 2 ) دفع المشتري للبائع الفوائد القانونية للثمن .

393 - تملك المشتري لثمر المبيع ونمائه وتحمله لنفقاته : قدمنا أن من النتائج التي تترتب على أن البيع ينقل ملكية المبيع للمشتري أن يكون ثمر المبيع ونماؤه للمشتري باعتباره مالكاً له ([1408]) . وبينا أن استحقاق المشتري للثمرات والنماء لا يرجع إلى أن هذه تعتبر من ملحقات المبيع فتسلم إليه مع المبيع ، بل يرجع إلى أن المشتري قد أصبح مالكاً للمبيع وباعتباره مالكاً يملك ثمر ملكه ونماء هذا الملك ويكون عليه تكاليفه ([1409]) .

ويترتب على ذلك أن المشتري لا يتملك ثمر المبيع ونماءه إلا من وقت أن تنتقل إليه ملكية المبيع . والملكية في الشيء المعين بالذات تنتقل بالعقد أي من وقت تمامه ، إذا كان المبيع منقولا . وتنتقل كذلك بالعقد إذا كان المبيع عقاراً على أن يسجل العقد ، فإذا ما سجل اعتبرت الملكية منتقلة –فيما بينه وبين البائع –بأثر رجعي من وقت تمام العقد ([1410]) فيخلص من ذلك أن المشتري $ 775 $ يتملك الثمرات والنماء ، في المنقول والعقار على السواء ، ما دام المبيع شيئاً معيناً بالذات ، من وقت تمام العقد كما يقول النص ( م 458 / 2 مدني )([1411]) . ويستوي في بيع العقار أن يكون المبيع مسجلا أو غير مسجل ، ما دام للتسجيل أثر رجعي فيما بين المشتري والبائع كما قدمنا ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد :"والبيع غير المسجل كالبيع المسجل من حيث استحقاق المشتري للثمرات " ([1412]) أما إذا كان المبيع شيئاً معيناً بنوعه ، فقد رأينا أن ملكيته لا تنتقل إلا بالإفراز ، ومن وقت الإفراز أيضاً يتملك المشتري ثمرات المبيع ونماؤه سواء تم التسليم عند الإفراز أو بعده ، فإذا تراخي التسليم عن الإفراز ، كانت ثمرات المبيع ونماؤه الحاصلة من وقت الإفراز إلى وقت التسليم ملكاً للمشتري ، لأنه هو المالك للمبيع كما سبق القول ([1413]) .

وثمرات المبيع تشمل الطبيعية كالمحصولات ولبن الحيوان ، والثمرات $ 776 $ المدنية كالريع والأجرة ([1414]) ويدخل أيضاً المنتجات ( produits ) وهي التي لا تتجدد ، كما هو الأمر في المناجم والمحاجر ونحوها ([1415]) .

ونماء المبيع ، ككبر الحيوان وسمنه ونتاجه ([1416]) . يكون للمشتري من وقت تمام البيع كما في الثمرات .

ومتى ثبت للمشتري الحق في ثمرات المبيع ونمائه من وقت البيع ، فعليه من هذا الوقت أيضاً تكاليفه ، كالضرائب ونفقات حفظ المبيع وصيانته ونفقات الاستغلال ومصروفات تحصيل الثمرة ونحو ذلك ([1417]) ، لأن المبيع لم ينتج هذه الثمرات إلا بعد هذه التكاليف والغرم بالغنم ([1418]) .

وغنى عن البيان أن هذه الأحكام كلها ليست من النظام العام ، فيمكن الاتفاق على ما يخالفها ، كأن يشترط البائع أن تكون له ثمرات المبيع مدة معينة أو إلى وقت التسليم ، أو يشترط المشتري أن تكون تكاليف المبيع أو الضرائب على البائع إلى وقت التسليم ([1419]) .

$ 777 $

394 - متى تستحق الفوائد القانونية على الثمن –وإذا كان المشتري لم يدفع إلى البائع ، سواء كان الثمن حالا واجب الدفع فوراً أو كان مقسطاً أو كان مؤجلاًُ إلى وقت معين ، فإنه لا يكون مسئولا عن فوائد هذا الثمن إلا في حالات ثلاث وردت في الفقرة الأولي من المادة 458 مدني :

أولاً - إذا وجد اتفاق بين البائع والمشتري على أن المشتري يدفع فوائد عن الثمن المستحق في ذمته ، وتكون الفوائد في هذه الحالة فوائد اتفاقية لا فوائد قانونية ، وللمتعاقدين الاتفاق على سعرها بحيث لا يزيد هذا السعر على 7 % وفقا للقواعد المقررة في الفوائد الاتفاقية ، وتستوي في ذلك المسائل المدنية والمسائل التجارية . ويمكن بطبيعة الحالة أن يتفق المتعاقدان على فوائد بالسعر القانوني ، فيكون سعر الفائدة في هذا الحالة 4  %  في المسائل المدنية و 5  %  في المسائل التجارية ، ولكنها مع ذلك تبقى فوائد اتفاقية لأنها لا تستحق بموجب حكم القانون بل بموجب الاتفاق ([1420]) . والاتفاق هو الذي يحدد من أي وقت تسري الفوائد المتفق عليها ، فقد يتفق على سريانها من وقت البيع ، أو من وقت حلول الأجل المتفق عليه لدفع الثمن ، أو من وقت تسلم المشتري للمبيع ولو لم يكن قابلا أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى ([1421]) . ويغلب أن يتفق المتعاقدان على الفوائد إذا كان الثمن مؤجلا أو مقسطاً ، فيشترط البائع على المشتري $ 778 $ أن يدفع فوائد بسعر يتفق عليه من وقت ثبوت الثمن في ذمة المشتري ، أي من وقت تمام البيع ، إلى وقت الوفاء بالثمن أو بكل قسط من أقساطه ([1422]) . ولكن لا يوجد ما يمنع البائع من أن يشترط على المشتري دفع فوائد بسعر يتفق عليه حتى لو كان الثمن حالاً واجب الدفع بمجرد تمام البيع ، فيكون على المشتري في هذه الحالة أن يدفع الثمن فوراً فلا تجب عليه فوائد ، فإن تأخر في دفعه كان للبائع أن يتقاضى منه الثمن بالطرق القانونية مع الفوائد المتفق عليها إلى يوم دلع الثمن .

وقد لا يوجد اتفاق على الفوائد ، ولكن يوجد عرف يقضي بدفعها كما إذا كان الثمن يدخل في حساب جار بين المشتري والبائع ، ويقضى العرف بحساب الفوائد القانونية على الحساب الجاري .

ثانياً - فإذا لم يوجد اتفاق أو عرف ، تكون فوائد الثمن مستحقة من وقت تسلم المشتري المبيع إذا كان هذا المبيع قابلا أن ينتج ثمرات أو إيرادات $ 779 $ أخرى ([1423]) وليس ضرورياً أن ينتج المبيع فعلا ثمرات أو إيرادات ، بل يكفي أن يكون قابلا لإنتاج ذلك ([1424]) . فإذا كان المبيع منزلا يصلح للاستغلال أو أرضاً تصلح للزارعة وسلمها البائع للمشتري ، فإن الفوائد القانونية على الثمن تستحق على المشتري من وقت تسلم المبيع حتى لو لم يكن المنزل مؤجراً ولم تكن الأرض مزروعة أو مؤجرة . وبحسن التوسع في تفسير عبارة "ثمرات أو إيرادات أخرى " ، فإذا كان المبيع سيارة خاصة وسلمها البائع للمشتري وجبت الفوائد القانونية على المشتري من وقت تسلم السيارة ولو أنها غير معدة للأجرة بل هي للاستعمال الخاص ، ذلك أن السيارة حتى لو كانت غير معدة للأجرة بل هي للاستعمال الخاص ، ذلك أن السيارة حتى لو كانت غير معدة للأجرة قابلة أن تنتج ريعاً ([1425]) . أما إذا كان المبيع أرضاً فضاء للبناء ولا تصلح لغير ذلك ، فهي غير قابلة لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى ، فلو سلمها البائع للمشتري لم تستحق الفوائد من $ 780 $ وقت التسليم إلا إذا كان هناك اتفاق على ذلك ([1426]) .

ومتى سلم البائع القابل لإنتاج إيراد للمشتري ولو تسليماً حكمياً ([1427]) وسواء تسلم المشتري المبيع أو لم يتسلمه ([1428]) وجبت فوائد الثمن من غير حاجة إلى وجود اتفاق على ذلك ، ما دام لا يوجد اتفاق على العكس كأن يشترط المشتري في عقد البيع على البائع إلا يدفع فوائد عن الثمن حتى بعد تسليم المبيع وتجب الفوائد على الثمن بمجرد تسليم المبيع القابل لإنتاج الإيرادات ، سواء كان الثمن حالا أو مؤجلا أو مقسطاً ([1429]) والفوائد الواجبة هي الفوائد القانونية وسعرها 4  %  في المسائل المدنية و 5  %  في المسائل التجارية ، وتسري من وقت $ 781 $ تسليم المبيع وتبقى سارية إلى يوم الدفع . وظاهرة أن هذا الحكم استثناء نص عليه القانون من القاعدة التي تقضي بأن الفوائد القانونية لا تستحق إلا من وقت المطالبة القضائية . ويبرر هذا الاستثناء أن الثمن هو الذي يقابل المبيع ، فمتى سلم المشتري المبيع وهو قابل لإنتاج ثمرات ولم يكن قد دفع الثمن ، ففوائد الثمن هي التي تقابل ثمرات المبيع فتجب على المشتري إلى أن يدفع الثمن ([1430]) .

وقد ذكرنا فيما تقدم أن الثمرات والنماء مستحقة للمشتري من وقت تمام المبيع ، فكان الواجب أن تستحق الفوائد على المشتري –وهي التي تقابل الثمرات والنماء كما رأينا – من هذا الوقت أيضاً ، أي من وقت تمام البيع لا من وقت تسليم المبيع ، وهذا هو الذي يقع فعلا ([1431]) ، إلا أن ثمرات المبيع ونماؤه من وقت البيع إلى يوم التسليم إنقاص في فوائد الثمن ، فلا يأخذ المشتري شيئاً منها إلا من يوم $ 782 $ التسليم ، وفي نظير ذلك لا يكون مسئولا عن الفوائد إلا من هذا اليوم كما يقضي النص ([1432]) .

ثالثاً – فإذا لم يسلم المشتري المبيع أو تسلمه ولم يكن قابلا أن ينتج إيراداً ولم يكن هناك اتفاق على أن يدفع المشتري فوائد عن الثمن ، فإن الفوائد لا تستحق على الثمن إلا في حالة واحدة هي أن يكون الثمن مستحق الوفاء ([1433]) .

وأعذر البائع المشتري أن يدفعه ([1434]) . فمن وقت الإعذار تجب ، الفوائد القانونية –4  %  في المسائل المدنية و 5  %  في المسائل التجارية –على الثمن ، وتبقى هذه الفوائد سارية إلى يوم الدفع ، وهذا استثناء آخر من القاعدة التي تقضي بأن الفوائد القانونية لا تسري إلا من وقت المطالبة القضائية ، فقد سرت هنا من وقت الإعذار بموجب نص خاص في القانون ([1435]) .

$ 783 $

ويخلص مما قدمناه أن الفوائد لاتستحق على الثمن في الحالتين الآتيتين : (1 ) إذا كان هناك اتفاق على عدم دفع فوائد عن الثمن فلا يدفع المشتري فوائد في هذه الحالة حتى لو كان الثمن مؤجلاً ، وحتى لو سلم المبيع وكان قابلا لإنتاج إيراد ، وحتى لو أعذر البائع المشتري أن يدفع الثمن بعد أن أصبح حالا ولا تسري الفوائد في هذه الحالة إلا من وقت المطالبة القضائية بها وفقاً للقواعد العامة .

( 2 ) إذا لم يكن هناك أي اتفاق في شأن الفوائد ، ولم يسلم البائع المبيع للمشتري أو سلمه إياه ولم يكن قابلا لإنتاج إيراد ([1436]) وإنما تستحق الفوائد في هذه الحالة إذا لم سلم البائع المشتري المبيع وكان قابلا لإنتاج إيراد ، أو حل الثمن فأعذر البائع المشتري أن يدفعه .

2 - الزمان والمكان اللذان يجب فيهما الوفاء بالثمن

1 - الزمان الذي يجب فيه الوفاء بالثمن

395 - النصوص القانونية : تنص المادة 457 من التقنين المدني على ما يلي :

"1 - يكون الثمن مستحق الوفاء في الوقت الذي يسلم فيه المبيع ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك " .

"2 - فإذا تعرض أحد المشتري مستنداً إلى حق سابق على البيع أو آيل من البائع ، أو إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد المشتري ، جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول الخطر . ومع ذلك يجوز للبائع في هذه الحالة أن يطالب باستيفاء الثمن ، على أن يقدم كفيلاً " .

"3 - ويسري حكم الفقرة السابقة في حالة ما إذا كشف المشتري عيباً في المبيع " ([1437])

$ 784 $

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادتين 329 فقرة أولي  / 407 و 331 / 411 - 412 ([1438]) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 435 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 446 - وفي التقنين المدني العراقي المواد 574 - 576 وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 387 و 466 - 467 و 470 - 471 ([1439]) .

$ 785 $

ويخلص من هذا النص أن الثمن يكون واجب الدفع وقت التسليم المبيع ، وهذا حكم ليس من النظام العام فيجوز أن يخالفه اتفاق أو عرف ، وعندما يصبح الثمن مستحق الدفع يجوز للمشتري حبسه عن البائع في بعض الأحوال معينة وبشروط معينة . فنبحث إذن : ( 1 ) متى يكون الثمن مستحق الدفع . ( 2 ) حبس المشتري للثمن .

396 - متى يكون الثمن مستحق الدفع : تقضي القواعد العامة بأنه "يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً في ذمة المدين ، ما لم يوجد$ 786 $ اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك "( م 346 / 1 مدنس ) وكان مقتضى تطبيق هذه القواعد في حالة الالتزام بالثمن أن يكون الثمن مستحق الدفع فوراً بمجرد تمام البيع ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك .

وقد وجد هذا النص فعلا ، وهو النص الذي نحن بصدده أي المادة 457 مدني سالفة الذكر ، ويقضي بأن يكون الثمن مستحق الدفع في الوقت الذي يسلم فيه المبيع ، وذلك "حتى تنفذ الالتزامات المتقابلة في وقت وأحد"كما تقول المذكرة الإيضاحية للشروع التمهيدي ([1440]) .

فإذا لم يحدد لتسليم المبيع وقت ، فقد قدمنا أن المبيع يكون واجب التسليم فوراً بمجرد تمام البيع ([1441]) ، ومن ثم يكون الثمن أيضاً مستحق الدفع فوراً بمجرد تمام البيع ([1442]) وتكون بذلك قد رجعنا إلى تطبيق القواعد العامة التي سبق بيانها على أن أنه قد لا يحدد لتسليم المبيع وقت فيكون المبيع واجب التسليم بمجرد تمام البيع كما قدمنا ، ولكن يحدد لدفع الثمن وقت فيتفق المتعاقدان على أن يدفع في نهاية اجل معين أو أن يدفع أقساطاً كل قسط في ميعاد معين ، فيجب في هذه الحالة دفع الثمن أو أقساطه في الميعاد أو المواعيد المتفق عليها ([1443]) مع تسليم المبيع فوراً بمجرد تمام البيع ، فلا يرتبط في هذه الحالة وقت دفع الثمن بوقت التسليم المبيع . وقد يقضي العرف بأن يكون دفع الثمن في وقت معين ، كأن يكون دفعة بعد تسليم المبيع وقت معين أو كان التسليم واجباً فوراً بمجرد تمام البيع .

وإذا حدد التسليم المبيع وقت معين ، فعند ذلك يكون الثمن مستحق الدفع في هذا الوقت أيضاً ، ونكون بذلك قد خرجنا على القواعد العامة التي رأيناها $ 787 $تقضي بأن الالتزام يكون واجب الوفاء بمجرد ترتبه في ذمة المدين أي بمجرد تمام البيع ، والخروج على القواعد العامة كان بموجب نص القانون ([1444]) كما سبق القول . على أنه قد يحدد التسليم المبيع وقت ويحدد وقت أخر لدفع الثمن ، فلا يكون الثمن في هذه الحالة مستحق الدفع إلا في الوقت الذي حدد لدفعه ، فيدفع جملة واحدة عند انقضاء الأجل المعين أو يدفع على أقساط كل قسط في الميعاد الذي حدد له . وقد يتفق على تحديد وقت التسليم المبيع وعلى أن يكون دفع الثمن فوراً ، فعند ذلك يجب دفع الثمن بمجرد تمام البيع ، أما المبيع فيسلم في الوقت الذي حدد لتسليمه ([1445]) .

$ 788 $

397 - حبس المشتري للثمن : ومتى أصبح الثمن مستحق الدفع على النحو الذي بيناه ، كان من حق البائع أن يتقاضاه من المشتري ولو جبراً عنه . إلا أن المشتري ، وفقاً للفقرتين الثانية والثالثة من المادة 457 مدني سالفة الذكر ، يحق له أن يحبس الثمن ولو كان مستحق الدفع إذا وقع له تعرض في المبيع أو وجدت عنده أسباب جدية تجعله يخشي وقوع هذا التعرض أو وجد بالمبيع عيباً يوجب الضمان .

فوقوع تعرض بالفعل للمشتري في المبيع يوجب ضمان التعرض والاستحقاق كما سبق القول ، ويجيز في الوقت ذاته ، إذا كان المشتري لم يدفع الثمن ، أن يحبسه حتى لو كان مستحق الدفع كما قدمنا . ذلك أنه إذا تحقق الضمان كان على البائع أن يدفع قيمة المبيع ، ومن ثم جاز للمشتري أن يحبس الثمن ليكفل رجوعه بالقيمة على البائع . ولا يشترط أن يقع التعرض بالفعل للمشتري ، كما يشترط ذلك في تحقيق ضمان التعرض والاستحقاق ، بل يكفي أن يكون عند المشتري أسباب جدية يخشى معها من وقوع هذا التعرض ([1446]) . فلو كشف $ 789 $ أن ملكية البائع كانت ملكية معلقة على شرط فاسخ وخشي أن يكون هذا الشرط قد تحقق ، أو معلقه على شرط واقف وخشي أن يكون هذا الشرط لم يتحقق ، أو أن البائع اشتري المبيع ولم يدفع الثمن فأصبح البيع الصادر له مهدداً بالفسخ ([1447]) . أو أن المبيع مثقل بحق رهن ([1448]) أو حق اختصاص ([1449]) أو حق ارتفاق ولو لم يتعرض صاحب هذا الحق فعلا للمشتري في انتفاعه بالمبيع ، بل أو وجد أن هناك قيوداً (inscriptions) على المبيع لم تشطب حتى لو أكد له البائع أن هذه القيود قد زالت أسبابها ([1450]) إذ من حقه أن يطلب من البائع شطب هذه $ 790 $ القيود ([1451]) ففي كل هذه الأحوال تقوم عند المشتري أسباب جدية يخشى معها نزع المبيع من يده ، وإذا كان لا يستطيع أن يرفع على البائع دعوى ضمان التعرض والاستحقاق لعدم وقوع تعرض بالفعل ، فإنه يستطيع أن يحبس عنه $ 791 $ كذلك لو كشف المشتري عيباً في المبيع وكان من العيوب التي توجب الضمان على النحو الذي قدمناه في ضمان العيوب الخفية ، فإن المشتري في هذه الحالة أيضاً أن يحبس الثمن . على أنه يشترط لجواز حبس الثمن في جميع الأحوال المتقدمة إلا يكون هناك اتفاق بين البائع والمشتري يقضي بأنه لا يحق للمشتري حبس الثمن لسبب من هذه الأسباب . ذلك أن حق الحبس الثمن ليس من النظام العام ، بل هو قد تقرر لمصلحة المشتري ، فللمشتري أن ينزل عنه قبل قيام سببه أو بعد قيام هذا السبب ([1452]) . ويعدل ضمان البائع لاستحقاق المبيع أو للعيوب الخفية فيه ، فإن لا يكون هناك محل لحبس الثمن عنه إذ أن الثمن مستحق له حتى لو ثبت الاستحقاق أو ظهر العيب ([1453]) .

فإذا توافرت الشروط التي قدمناها ، كان للمشتري أن يحبس الثمن عن البائع ولو كان مستحق الدفع كما قدمنا ، ولكن يجب إلا يكون المشتري قد دفع $ 792 $ الثمن إلى البائع ، فإذا كان قد دفعه لم يحق له استرداده منه لحبسه ([1454]) ، ويكون حق الحبس قد سقط بالدفع حتى لو أن المشتري وقت أن دفع الثمن لم يكن عالماً بقيام سبب لحبسه ([1455]) فإذا كان لم يدفع الثمن كان له أن يحبسه كما سبق القول ، ولا يستطيع البائع أن يطلب منه دفعه ، بل لا يستطيع أن يطلب منه إيداعه خزانة المحكمة ([1456]) . فالمشتري حر إن شاء حبس الثمن في يده وبقى ديناً في ذمته ، وإن شاء أودعه خزانة المحكمة وبرثت ذمته منه ([1457]) . غير أن له مصلحة في إيداعه خزانة المحكمة بدلا من حبسه في يده ، ليس فحسب حتى تبرأ ذمته من الثمن ، بل أيضاً لقطع سريان الفوائد إن كانت مستحقة على الثمن فإن الفوائد لا تنقطع إذا بقى الثمن في ذمته ولو كان حابساً له ([1458]) ، كما قدمنا ، وتنقطع ([1459]) لهذا هو أودعه خزانة المحكمة ([1460]) . وإذا قام سبب الحبس في بعض المبيع لا في $ 793 $ كله بأن وقع تعرض في جزء من المبيع أو خشي المشتري وقوع هذا التعرض أو ظهر على المبيع حق رهن لا يستغرقه أو حق ارتفاق أو نحو ذلك ، فليس للمشتري أن يحبس كل الثمن ، بل يحبس جزءاً منه يتناسب مع الخطر الذي يتهدده ، فيحبس ، مثلا ما يساوي الدين المضمون بالرهن أو يعدل قيمة حق الارتفاق أو قيمة الجزء المهدد بالاستحقاق ([1461]) . وحق المشتري في حبس الثمن على النحو الذي قدمناه يحتج به المشتري ، ليس فحسب تجاه البائع ، بل أيضاً تجاه الغير كما إذا حول البائع الثمن فإن المشتري أن يحتج بحق الحبس تجاه المحال له حتى لو كان المشتري قد قبل الحوالة ما لم يستخلص من هذا القبول نزوله عن الحق في الحبس ([1462]) .

وحق المشتري في حبس الثمن ، وإن ورد فيه نص خاص ( م 457 / 3 و 2 مدني ) ليس إلا تطبيقاً للدفع بعدم التنفيذ exceptio non adimpleti contractus وللحق في الحبس بوجه عام droit de retention فالتزام المشتري يدفع الثمن للبائع يقابله التزام البائع بنقل ملكية هادئة نافعة للمشتري ، فإذا وجدت أسباب جدية يخشى معها إلا يقوم البائع بتنفيذ التزامه ، كأن يخشى المشتري تعرض الغير فلا تخلص له الملكية الهادئة أو يكشف عيباً في المبيع فلا تخلص له الملكية النافعة ، كان له أن يقف تنفيذ التزامه بدفع الثمن حتى يقوم البائع من جهته بتنفيذ التزامه ([1463]) .

$ 794 $ ويبقى حق المشتري في حبس الثمن قائماً ، ولا يسقط إلا بأحد أمرين ( 1 ) إذا زال سببه ، فانقطع التعرض بنزول المتعرض عما يدعيه ، أو زوال الخطر بأن دفع البائع مثلا لمن هو رهن على المبيع الدين المضمون بالرهن أو شطب القيد المأخوذ على المبيع ، أو أصلح البائع العيب الذي كشفه المشتري في المبيع أو عوضه عنه التعويض الكافي أو حسم النزاع في شأنه . ( 2 ) إذا قدم البائع للمشتري كفالة شخصية أو عينية تتضمن له ما عسى أن يترتب على ضمان التعرض والاستحقاق أو على ضمان العيب من تعويض ([1464]) .

$ 795 $

( ب ) المكان الذي يجب فيه الوفاء بالثمن

398 - النصوص القانونية : تنص المادة 456 من التقنين المدني على ما يأتي

"1 - يكون الثمن مستحق الوفاء في المكان الذي سلم فيه ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك "

"2 - فإذا لم يكن الثمن مستحقاً وقت التسليم المبيع ، وجب الوفاء به المكان الذي يوجد فيه موطن المشتري وقت استحقاق الثمن " ([1465])

$ 796 $

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادتين 328 / 496 و 329 فقرة 3 و 2 / 408 - 409 ([1466]) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :في التقنين المدني السوري المادة 424 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 445 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 573 - ولا مقابل لها في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ([1467]) .

ويخلص من هذا النص أنه لتحديد المكان الذي يجب فيه الوفاء بالثمن يتعين التمييز بين حالتين : ( 1 ) حالة ما إذا كان الثمن مستحق الدفع وقت تسليم المبيع . ( 2 ) وحالة ما إذا كان الثمن مستحق الدفع في وقت غير وقت تسليم المبيع .

$ 797 $

399 - الثمن مستحق الدفع وقت تسليم المبيع :يخلص مما قدمناه في تحديد الوقت الذي يجب فيه الوفاء بالثمن أن الثمن يكون مستحق الدفع وقت تسليم المبيع في القروض الآتية :

( 1 ) إذا لم يحدد وقت لا لتسليم المبيع ولا لدفع الثمن ، فعندئذ يكون تسليم المبيع واجباً وقت تمام البيع ، وفي هذا الوقت أيضاً يكون الثمن مستحق الدفع .

( 2 ) إذا حدد وقت وأحد لكل من تسليم المبيع ودفع الثمن .

( 3 ) إذا حدد وقت معين لتسليم المبيع دون تحديد وقت ما لدفع الثمن ، فعندئذ يكون الثمن مستحق الدفع في الوقت الذي يتم فيه تسليم المبيع .

ففي هذه الفروض جميعاً ، ما دام الثمن يدفع في الوقت الذي يسلم فيه المبيع ، فإنه يدفع أيضاً في المكان الذي يسلم فيه المبيع ، حتى يكون تنفيذ الالتزامين المتقابلين في وقت وأحد وفي مكان وأحد ([1468]) . وقد قدمنا أن تسليم المبيع يكون في المكان الذي يوجد فيه عند تمام البيع ، فإذا لم يكن للمبيع محل وجود ثابت وجب تسليمه في موطن البائع ([1469]) . ويترتب على ذلك أنه في القروض السالف ذكرها –حيث يكون الثمن مستحق الدفع وقت تسليم المبيع –يجب دفع الثمن إما في المكن الذي يوجد فيه المبيع وقت تمام البيع إذا كان له محل وجود ثابت ، وإما في موطن البائع إذا لم يكن للمبيع محل وجود ثابت ، وبذلك يتم تسليم المبيع ([1470]) . ودفع الثمن في وقت وأحد وفي مكان وأحد . وسواء دفع الثمن في المكان $ 798 $ الذي يوجد فيه المبيع أو دفع في موطن البائع ، ففي القرضين يكون الحكم استثناء من القواعد العامة ، وهي تقضي بأن يكون وفاء الالتزام –وهو هنا الثمن أي مبلغ من النقود - "في المكان الذي يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء أو في المكان الذي يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال (م 347 / مدني ) . فهنا قد دفع الثمن ، لا في موطن المدين وهو المشتري أو في مركز أعماله ، بل دفع إما في مكان وجود المبيع وإما في موطن الدائن وهو البائع .

كل هذا بطبيعة الحال ما لم يوجد اتفاق أو عرف يخالفه .

400 - الثمن مستحق الدفع في وقت غير وقت تسليم المبيع : ويكون الثمن مستحق الدفع في وقت غير وقت التسليم المبيع في الفرضين الآتيين :

( 1 ) إذا حدد وقت معين لدفع الثمن دون أن يحدد وقت ما لتسلم المبيع ففي هذا القرض يكون التسليم المبيع واجباً بمجرد تمام البيع ، ويكون دفع الثمن واجباً في الوقت الذي حدد له .

( 2 ) إذا حدد وقت معين لدفع الثمن وحدد وقت آخر لتسليم المبيع ، فيكون دفع الثمن وتسليم المبيع واجبين في وقتين مختلفين .

وعندئذ –في الفرضين المتقدمين –تنتفي الحكمة من جعل مكان دفع الثمن هو مكان تسليم المبيع ، فقد كانت وحدة المكان ملحوظة عندما كان الوقت واحداً أيضاً حتى لا يسلم المبيع ويدفع الثمن في وقت وأحد وفي مكانين مختلفين . أما الآن والثمن يدفع في وقت غير الوقت الذي يسلم فيه المبيع ، فلم تعد هناك ضرورة في أن يدفع في المكان الذي يسلم فيه المبيع ([1471]) . ومن ثم وجب الرجوع في هذين الفرضين إلى القواعد العامة ، وهي تقضي كما رأينا بأن دفع الثمن يكون $ 799 $ في موطن المشتري أو في مركز أعماله وقت استحقاق الثمن . وهذا ما نصت عليه فعلا الفقرة الثانية من المادة 456 مدني إذا تقول :"فإذا لم يكن الثمن مستحقاً وقت التسليم المبيع ، وجب الوفاء به في المكان الذي يوجد فيه موطن المشتري وقت استحقاق الثمن " . فليس هذا النص إلا تطبيقاً للقواعد العامة المتقدمة ذكرها ، ومن ثم وجب أن يكون مكان دفع الثمن ، إذا كان البيع متعلقاً بالأعمال التي يمارسها المشتري عادة وبخاصة إذا كان بيعاً تجارياً ، هو مركز أعمال المشتري ( م 347 / 2 مدني ) .

وكل هذا أيضاً ما لم يوجد اتفاق أو عرف يخالفه ([1472])

المطلب الثاني

جاء الإخلال بالتزام الوفاء بالثمن

401 - تطبيق القواعد العامة : إذا أخل المشتري بالتزام الوفاء بالثمن كفلت القواعد العامة تعيين الجزاء على هذا الإخلال . فالبيع عقد ملزم للجانبين ينشيء التزامات متقابلة ، والالتزامان المتقابلان الرئيسيان فيه هما التزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري والتزام المشتري بدفع الثمن للبائع . فإذا لم يف المشتري بالتزامه ، جاز للبائع بداهة أن يلزمه بالتنفيذ فينفذ جبراً على ماله بالثمن ويستطيع بوجه خاص أن ينفذ على المبيع ذاته بعد أن أصبح ملك المشتري وله عملية حق امتياز البائع فيتقدم فيه على سائر دائني المشتري . وجاز للبائع أن يطلب $ 800 $ فسخ البيع تطبيقاً لقواعد الفسخ المقررة في العقود الملزمة للجانبين ([1473]) . وجاز للبائع أخيراً ، إذا كان لم يسلم المبيع إلى المشتري ، أن يحبسه في يده حتى يستوفي الثمن ، تطبيقاً لقواعد الدفع بعدم تنفيذ العقد المقررة أيضاً في العقود الملزمة للجانبين . وهذه الجزاءات المختلفة –التنفيذ الجبري وحق الامتياز وحبس المبيع وفسخ البيع –لها أهمية عملية بالغة في البيع بوجه خاص ، لما لهذا العقد ذاته من أهمية عملية بالغة أشرنا إليها منذ البداية ([1474]) . وهي ضمانات قوية للبائع تيسر له الحصول على حقه من المشتري بطرق متعددة فتكفل بذلك مصلحته وتكفل في الوقت ذاته مصلحة المشتري نفسه إذ تهيئ له سبل الائتمان فيستطيع في يسر أن يجد البائع الذي يمهله في الوفاء بالتزامه مطمئنا لما وضع القانون بين يده من ضمانات قوية .

أما التنفيذ الجبري وحق الامتياز فلهما مكان آخر ، الأول مكانه قانون المرافعات والثاني عند الكلام في حقوق الامتياز . ويبقى للبحث هنا طريقان :

( 1 ) حبس المبيع ( 2 ) فسخ البيع ([1475]) .

$ 801 $

1 - حبس المبيع

402 - النصوص القانونية : تنص المادة 459 من التقنين المدني على ما يأتي :

"1 - إذا كان الثمن كله أو بعضه مستحق الدفع في الحال ، فللبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي ما هو مستحق له ولو قدم المشتري رهناً أو كفالة ، هذا ما لم يمنح البائع المشتري أجلا بعد البيع " .

""2 - وكذلك يجوز للبائع أن يحبس المبيع ولو لم يحل الأجل المشترط لدفع الثمن إذا سقط حق المشتري في الأجل طبقاً لأحكام المادة 273 " .

وتنص المادة 460 على ما يأتي :

"إذا هلك المبيع على يد البائع وهو حابس له ، كان الهلاك على المشتري ما لم يكن البيع قد هلك بفعل البائع " ([1476]) .

$ 802 $

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 247 / 345 و 279 / 350 و 280 / 351 و 281 / 353 و 352 مختلط ([1477]) .

$ 803 $

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 427 - 428 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 448 - 449 - وفي التقنين المدني العراقي المواد 577 - 580 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 407 - 411 ([1478]) .

$ 804 $

ونبحث في حبس المبيع مسائل ثلاثاً : ( 1 ) متى يثبت للبائع حق حبس المبيع ( 2 ) وما الذي يترتب على ثبوت هذا الحق (3 ) وكيف ينقضي .

403 - متى يثبت للبائع حق حبس المبيع : يخلص من نص المادة 459 مدني السالفة الذكر أن البائع يثبت له حق حبس المبيع حتى يستوفي الثمن إذا كان وقت دفع الثمن متقدماً أو معاصراً لوقت تسليم المبيع . ويتحقق ذلك في الحالتين الآتيتين :

أولاً –إذا كان الثمن مستحق الدفع ولم يكن البائع قد سلم المبيع للمشتري . مثل ذلك أن يكون البيع مطلقاً من حيث وقت دفع الثمن فيكون الثمن مستحق $ 805 $ مستحق الدفع بمجرد تمام البيع ، ويكون مطلقاً من حيث وقت تسليم المبيع فيكون المبيع واجب التسليم أيضاً بمجرد تمام البيع ، فيعاصر وقت دفع الثمن وقت تسليم المبيع ومثل ذلك أيضاً أن يحدد وقت تسليم المبيع دون أن يحدد وقت لدفع الثمن ، فيكون وقت دفع الثمن هو وقت تسليم البيع كما قدمنا ، فيتعاصر الوقتان . ومثل ذلك أخيراً أن يحدد وقت تسليم المبيع ، فإذا تأخر المشتري في دفع الثمن حتى حان وقت التسليم المبيع كان للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي الثمن .

ثانثا - إذا كان الثمن مؤجلا إلى وقت متأخر عن وقت التسليم المبيع ، فحان وقت تسليم المبيع قبل حلول أجل ، فحل دفع الثمن في الوقت الذي يجب فيه تسليم المبيع أو قبله ، وتعاصر الوقتان أو سبق الوقت الذي استحق فيه الثمن ، فيجوز للمشتري في هذه الحالة أيضاً أن يحبس المبيع حتى يستوفي الثمن . وأسباب سقوط الأجل قبل انقضائه مذكورة في المادة 273 مدني إذ تقول :"يسقط حق المدين في الأجل :1 - إذا شهر إفلاسه أو إعساره وفقاً لنصوص القانون . 2 - إذا أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطي الدائن من تأمين خاص ولو كان هذا التأمين قد أعطي بعقد لاحق أو بمقتضي القانون ، هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين . أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فإن الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضماناً كافياً . 3 - إذا لم يقدم للدائن ما وعد بتقديمه من التأمينات " . وقد سبق تفصيل القول في ذلك ([1479]) .

ويخلص مما تقدم أن البائع لا يحق له حبس المبيع إذا كان وقت دفع الثمن متأخراً عن وقت تسليم البيع ، ولم يسقط أجل الوفاء بالثمن بسبب من أسباب السقوط المتقدمة الذكر ([1480]) . ويتحقق ذلك مثلا إذا كان قد حدد وقت لدفع $ 806 $ الثمن المتأخر عن الوقت الذي حدد لتسليم المبيع ، أو يحدد وقت التسليم المبيع فيجب في هذا الحالة تسليم المبيع بمجرد تمام البيع . أما الثمن فيدفع في الوقت الذي حدد له ، ولا يجوز في هاتين الحالتين للبائع حبس المبيع حتى يستوفي الثمن ([1481]) . كذلك لا يكون البائع في حاجة إلى حبس المبيع إذا كان وقت تسليمه متأخراً عن وقت دفع الثمن ، فهو في هذه الحالة يستطيع أن يطالب المشتري بدفع الثمن دون أن يسلم له المبيع إلا في الوقت المحدد للتسليم ، ولكن إذا جاء هذا الوقت وكان المشتري لم يدفع الثمن بعد جاز للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي الثمن ([1482]) .

ونلاحظ بعد ذلك أمرين : ( 1 ) إذا كان الأجل الممنوح لوفاء الثمن هو أجل منحه القاضي –وهذه هي نظرية الميسرة –لم يحل قيام هذا الأجل دون حبس البائع للمبيع إلى أن ينقضي الأجل ويستوفي الثمن ، حتى لو كان وقت تسليم المبيع سابقاً على وقت انقضاء الأجل . ذلك أن الأجل الذي يعطي لدفع الثمن فيحول دون حق الحبس يجب أن يكون أجلا منحه البائع للمشتري كما تقول العبارة الأخيرة من الفقرة الأولي من المادة 459 مدني ، أما الأجل الذي يعطيه القاضي للمشتري فقد منحه القاضي لا البائع ، ولعله يكون قد منحه للمشتري رغم إرادة البائع نفسه ، وهو على كل حال أجل منظور فيه إلى التيسير على المشتري لا إلى إضاعة حق البائع في حبس المبيع حتى يستوفي الثمن ([1483]) . ( 2 ) إن حق البائع في حبس المبيع حتى يستوفي الثمن في الأحوال المتقدم ذكرها ليس إلا تطبيقاً لقاعدة الدفع بعدم تنفيذ العقد ولقاعدة الحق في الحبس بوجه عام ([1484]) ، فإن البيع عقد ملزم للجانبين وقد تأخر المشتري فيه عن الوفاء بالتزامه$ 807 $ هو دفع الثمن ، فجاز للبائع أن يقف هو أيضاً من جانبه تنفيذ التزامه وهو تسليم المبيع ، فيحسبه حتى يستوفي الثمن ([1485]) . وهذه القاعدة ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على ما يخالفها ، ومن ثم يجوز للمشتري أن يشترط على البائع في عقد البيع إلا يحبس المبيع حتى لو لم يستوف الثمن المستحق . وسنرى أن البائع يجوز له أيضاً ، بعد أن يثبت حقه في الحبس ، أن ينزل عن هذا الحق إما بمنحه أجلا للمشتري لدفع الثمن ، وإما بتلسليمه المبيع اختياراً للمشتري بدلا من حبسه ، وإما بأي طريق آخر يفيد النزول عن الحق .

404 - ما الذي يترتب على ثبوت حق حبس المبيع للبائع : يترتب على ثبوت حق البائع في حبس المبيع ما يترتب على الحق في الحبس بوجه عام ، وقد بحثنا ذلك تفصيلا عند الكلام في الحق في الحبس ([1486]) .

فالبائع يمتنع عن تسليم المبيع للمشتري حتى يستوفي الثمن كاملا وفوائده التي قد تكون مستحقة ، وهذا بالرغم من أن وقت تسليم المبيع يكون قد حل . ولا يتجزأ حق الحبس ، فلو دفع المشتري بعض الثمن بقى المشتري حابساً لكل المبيع حتى يستوفي الثمن والفوائد جميعاً . ولو كان المبيع جملة أشياء بيعت صفقة واحدة ، فللبائع أن يحبس كل المبيع حتى يستوفي كل الثمن ، سواء سمى لكل شيء من الأشياء المبيعة ثمن أو لم يسم ، ولا يحق للمشتري أن يطالب البائع بتسليم بعض المبيع إذا دفع من الثمن ما يقابل هذا البعض ([1487]) .

وثمرات المبيع أثناء مدة الحبس تبقى من حق المشتري ، فقد قدمنا أن للمشتري ثمرات المبيع من وقت تمام البيع ، ولا يوثر الحبس في هذا الحق . ولكن يكون للبائع الحق في حبس ثمرات المبيع مع ذاته حتى يستوفي الثمن $ 808 $وفوائده التي تستحق بالرغم من عدم تسلم المشتري للمبيع ، فإن عدم تسلم المشتري للمبيع يرجع إلى خطأه إذ لم يوف بالثمن المستحق في ذمته ([1488]) .

وعلى البائع أن يحافظ على المبيع أثناء حبسه إياه وفقاً لأحكام رهن الحيازة فيبذل في المحافظة عيه عناية الرجل المعتاد ( م 1103 مدني ) / وفي ذلك تقول الفقرة الثانية من المادة 247 مدني :" وعلى الحابس أن يحافظ على الشيء وفقاً لأحكام رهن الحيازة ، وعليه أن يقدم حساباً عن غلته " . فإذا بذل هذا القدر من العناية فقد برثت ذمته بالمحافظة على المبيع ، فإذا هلك المبيع بالرغم من ذلك بغير فعل البائع كان الهلاك على المشتري ، وقد نصت على ذلك صراحة المادة 460 مدني كما رأينا ، وهذا بالرغم من أن تبعة هلاك المبيع قبل التسليم تكون على البائع فهي هنا على المشتري لأن التسليم لم يتم بخطأه ، فهو الذي تأخر في دفع الثمن فاضطر البائع إلى حبس المبيع ، أما إذا كان الهلاك بفعل البائع ، تحمل هذه المسئولية الهلاك إذ وقع بخطأه وجاز للمشتري أن يطلب فسخ البيع مع التعويض وفقاً للقواعد العامة . ويترتب على وجوب أن يبذل البائع العناية المعتادة في المحافظة على المبيع أثناء الحبس أنه إذا كان يخشى على المييع الهلاك أو التلف ، فله أن يحصل على إذن من القضاء في بيعه ، وينتقل الحق في الحبس من الشيء إلى ثمنه ( 247 / 3 مدني ) .

ولا يجوز للمشتري ، أثناء مدة الحبس أن يأخذ المبيع من البائع دون إذنه فإن فعل جاز للبائع أن يطلب استرداده منه إذا هو قام بهذا الطلب خلال الثلاثين يوماً من الوقت الذي علم فيه بخروج المبيع من يده وقبل انقضاء سنة من خروجه كذلك يجوز للبائع أن يسترد المبيع من يد أي شخص آخر يأخذه منه $ 809 $ دون إذنه ولو كان غير المشتري ، بنفس الشروط التي يسترد بها المبيع من المشتري . وتقول المادة 248 مدني في هذا الصدد : "( 1 ) ينقضي الحق في الحبس بخروج الشيء من يد حائزه أو محرزه . ( 2 ) ومع ذلك يجوز لحابس الشيء إذا خرج الشيء من يده خفية أو بالرغم من معارضته ، أن يطلب استرداده ، إذا هو قام بهذا الطلب خلال ثلاثين يوماً من الوقت الذي علم فيه بخروج الشيء من يده وقبل انقضاء سنة من خروجه "([1489]) .

وحق البائع في حبس المبيع يحتج به البائع على الغير ، فلو أن المشتري باع المبيع ، ودفع المشتري من المشتري ثمنه للمشتري ، ولكن المشتري لم يدفع الثمن إلى البائع ، جاز للبائع أن يحبس المبيع عن المشتري من المشتري حتى يستوفي الثمن من المشتري .

405 كيف ينقضي حق البائع في حبس المبيع : ويبقى حق البائع في حبس المبيع قائماً إلى أن ينقضي هذا الحق ، إما بزوال سببه ، وإما بنزول البائع عنه .

فينقضي حق البائع في حبس بزوال سبب الحبس ، وذلك بأن يستوفي البائع الثمن والفوائد جميعاً ، وقد قدمنا أن الحبس لا يتجزأ ، فلو بقى في ذمة المشتري بعض الثمن أو الفوائد وحدها كان للبائع أن يحبس المبيع كله حتى يستوفي ما بقى في ذمة المشتري .

وينقضي الحق في حبس المبيع بنزول البائع عنه . وقد قدمنا أن هذا الحق ليس من النظام العام ، فيجوز للبائع أن ينزل عنه مقدماً في عقد البيع فلا يجوز أن يحبس المبيع حتى لو لم يستوف الثمن المستحق . وكذلك يجوز للبائع ، بعد أن $ 810 $ يثبت له الحق في حبس المبيع ، أن ينزل عنه صراحة أو ضمنا . فإذا سلم للمشتري المبيع اختياراً بعد ثبوت حقه في حبسه ، عد هذا نزولا منه عن حقه في حبس المبيع ([1490]) ، فلا يستطيع بعد ذلك أن يسترده من المشتري ([1491]) . وإنما يستطيع في هذه الحالة أن يطلب فسخ البيع لعدم وفاء المشتري بالثمن ، فإذا قضى له بالفسخ أمكنه عند ذلك استرداد المبيع ([1492]) . وإذا ثبت للبائع حق حبس المبيع لعدم استيفاء الثمن المستحق ، ولكن البائع منح بعد ذلك باختياره للمشتري أجلا لدفع الثمن ، فإن هذا يستخلص منه نزولا ضمني من البائع عن حقه في حبس المبيع ، فيجوز للمشتري في هذه الحالة مع انتفاعه بالأجل الذي منحه إياه البائع أن يطالب بتسليم المبيع بعد أن نزل هذا عن حقه في حبسه ([1493]) .

لكن حق البائع في حبس المبيع حتى يستوفي الثمن المستحق لا يزول حتى $ 811 $

أو قدم المشتري رهناً أو كفالة بالثمن . لأن البائع يطلب حقاً واجب الوفاء في الحال ، فلا يكفيه أن يقدم له المشتري رهناً أو كفالة ، وإذا كان الرهن أو الكفالة يضمن له الوفاء بحقه فعنده نظيرهما إذ له حق حبس المبيع وله حق امتياز عليه ، فليس هو في حاجة إلى تأمينات أخرى ولا يجبر على الاستعاضة عن التأمينات التي أعطاها له القانون بتأمينات جديدة يقدمهما له المشتري ([1494]) . وقد رأينا ([1495]) أن حق المشتري في حبس الثمن ، على النقيض من حق البائع في حبس المبيع ، يزول بتقديم كفالة أو رهن للمشتري ، وهذا لأن السبب في ثبوت حبس الثمن للمشتري هو خشيته من أن ينزع منه المبيع أو أن يجد البائع معسراً عند الرجوع بضمان العيب ، فتقدم كفالة أو رهن في هذه الحالة يكفي لملافاة سبب الحبس ، فينزل هذا الحق .

ويلاحظ أن هناك سببين لسقوط الأجل يزولان إذا قدم المشتري للبائع ضماناً فإذا ضعفت التأمينات التي تكفل الثمن لسبب لا دخل لإدارة المشتري فيه ، سقط الأجل ، وأصبح الثمن حالا ، فكان للبائع حبس المبيع حتى يستوفيه ، وهذا ما لم يقدم المشتري للبائع ضماناً كافياً ( م 273 ثانياً مدني ) . فهنا يمتنع على البائع حبس المبيع إذا قد له المشتري ضماناً كافياً للثمن ، لا لأن الضمان الكافي يحل محل الحبس بعد أن يحل الثمن بسقوط الأجل ، بل لأن الضمان الكافي يمنع من سقوط الأجل فلا يكون الثمن حالا ومن ثم لا يثبت حق البائع في حبس المبيع أصلا . وكذلك يسقط الأجل ، فيصبح الثمن حالا ويحبس البائع المبيع حتى يستوفيه ، إذا لم يقدم المشتري للبائع ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات . فإذا قدم المشتري بعد ذلك ما وعد بتقديمه من التأمينات ، عاد الأجل إلى الظهور ، ومن ثم لا يثبت للبائع حبس المبيع ، لا لأن التأمينات التي قدمها المشتري للبائع $ 812 $ قامت مقام الحبس ، بل لأن حق الحبس ذاته لم يعد موجوداً بعد أن رجع الأجل إلى الظهور بتقديم المشتري التأمينات التي وعد بتقديمها .

وإذا حول البائع الثمن الذي في ذمة المشتري إلى محال له ، انتقل الثمن بضماناته إلى المحال له ، ومن هذه الضمانات حق حبس المبيع ، فإذا كان المبيع لا يزال في يد البائع وسلمه للمحال له وحل الثمن ، كان للمحال له أن يحبس المبيع حتى يستوفي الثمن من المشتري ، فلا يزول حق الحبس بالحوالة ([1496]) .

$ 813 $

2 - فسخ البيع

406 - تطبيق القواعد العامة : إذا لم يف المشتري بالثمن المستحق فللبائع ، غير حبس المبيع ، ضمان آخر هو أن يطلب فسخ البيع ، وتسري القواعد العامة في طلب الفسخ ، وهذه القواعد مقررة في المادتين 157 و 158 من التقنين المدني . فتنص المادة 157 على أنه "1 - في العقود المزملة للجانبين ، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه ، جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه ، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض 2 - ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا إذا اقتضت الظروف ذلك ، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته" . وتنص المادة 158 على أنه "يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه ، وهذا الاتفاق لا يعفي من الإعذار إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه ([1497]) .

وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين الجديد يورد نصوصاً يطبق فيها الأحكام المتقدمة على عقد البيع بالذات ، فحذفت اكتفاء بالقواعد العامة ، وسيرد ذكرها فيما يلي ([1498]) .

ويخلص من النصوص التي قدمناها أن فسخ البيع لعدم دفع الثمن إما أن يكون فسخاً قضائياً ، وإما أن يكون فسخاً اتفاقاً .

$ 814 $

(1 ) الفسخ القضائي

407 - مسائل ثلاث : إذا أخل المشتري بالتزامه من دفع الثمن كاملا في ميعاده ، جاز للبائع كما قدمنا أن يطلب فسخ البيع ، وتسري القواعد العامة في صدد هذا الفسخ ، ويسمي بالفسخ القضائي لأنه متروك لتقدير القاضي ، لا لاتفاق المتبايعين كما هو الأمر في الفسخ الاتفاقي .

وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص في الفسخ القضائي كما سبق القول ، فكانت المادة 610 من هذا المشروع تجري على الوجه الآتي :" ( 1 ) في بيع العقار ، يتعين الحكم بالفسخ فوراً ، إذا طلب البائع ذلك وكان مهدداً أن يضيع عليه المبيع والثمن . ( 2 ) فإذا لم يكن مهدداً بذلك ، جاز للقاضي أن ينظر المشتري إلى أجل تقدر مدته تبعاً للظروف ، على أن يدفع المشتري الفوائد القانونية إذا لم يتفق على فوائد أخرى . ( 3 ) فإذا انقضي الأجل دون أن يدفع المشتري الثمن ، وجب الحكم بفسخ البيع دون إنظار المشتري إلى أجل آخر "([1499]) وقد حذفت هذه المادة في لجنة المراجعة "لأنها مستفادة من القواعد العامة "([1500]) .

فنستعرض إذن في إيجاز القواعد العامة في الفسخ القضائي ([1501]) مطبقين ياها على عقد البيع بالذات ، فنبحث مسائل ثلاثا : ( 1 ) متى يجوز الفسخ ( 2 ) وكيف يكون الفسخ . ( 3 ) والآثار التي تترتب على الفسخ .

$ 815 $

408 - متى يجوز فسخ البيع لعدم الوفاء بالثمن : إذا كان الثمن مستحق الأداء ، وتخلف المشتري عن الوفاء به ، وجب على البائع إعذاره فإذا لم يدفع المشتري الثمن بعد الإعذار ، جاز للبائع أن يرفع دعوى على المشتري يطلب فيها فسخ البيع مع التعويض إن كان له مقتض ([1502]) ويكفي لجواز طلب الفسخ أن يتخلف المشتري عن دفع الثمن كله أو بعضه ([1503]) ، أو أن يتخلف عن $ 816 $ دفع الفوائد وحدها كما إذا كان الثمن لم يحل أجله ولكن حلت الفوائد ولم يدفعها المشتري . فتخلف المشتري . فتخلف المشتري عن دفع أي جزء من الثمن حال الأداء ، أو خلفه عن دفع الفوائد المستحقة على الثمن ، ويكفي لجواز أن يدفع البائع دعوى يطلب فيها فسخ البيع ويستوي أن يكون الثمن الذي تخلف المشتري عن دفعه كله أو بعضه رأس مال أو إيراداً دائماً مرتباً مدى الحياة . فمتى تخلف المشتري عن دفع قسط من أقساط الدخل الدائم ، جاز للبائع رفع دعوى الفسخ ، ولا يشترط تأخر المشتري عن دفع قسط من أقساط الدخل الدائم ، جاز للبائع رفع دعوى الفسخ ، ولا يشترط تأخر المشتري عن دفع قسطين في سنتين متوالين ، فإن هذا الشرط ليس ضرورياً لفسخ البيع ، وإنما هو ضروري لاستبدال رأس المال بالدخل الدائم ( م 547 مدني ) ([1504]) كذلك متى تخلف المشتري عن دفع قسط من أقساط الإيراد المرتب مدي الحياة ، جاز للبائع رفع دعوى الفسخ ، ويطلب فسخ البيع ، وأن يرد ما سبق له قبضه من أقساط الإيراد مع فوائدها الاتفاقية أو القانونية من وقت القبض ، وإن يسترد المبيع وثمراته من وقت البيع . وتنص المادة 764 مدني على الحكم صراحة إذا تقول : "إذا لم يقم المدين ( بالإيراد ) بالتزامه ، كان للمستحق أن يطلب تنفيذ العقد ، فإن كان العقد بعوض جاز له أن يطلب فسخه مع التعويض أن كان له محل " ([1505]) . بل يكفي أن يتخلف المشتري عن رد $ 817 $ مصروفات البيع –إذا كان البائع قد دفعها ليرجع بها على المشتري – إلى البائع حتى يستطيع هذا أن يرفع دعوى الفسخ ، لأن مصروفات البيع ملحقة بالثمن وهي على كل حال التزام في ذمته المشتري في عقد بيع ملزم للجانبين ، فمتى تخلف المشتري عن القيام بهذا الالتزام جاز للبائع طلب الفسخ العقد ([1506]) .

ويجوز طالب الفسخ في كل بيع ، ويستوي في ذلك بيع العقار وبيع المنقول وإذا كان المادة لا يمنع 610 من المشروع التي أسلفا ذكرها تقتصر على ذكر بيع العقار فذلك لا يمنع من أن يحكمها يصح أيضاً في بيع المنقول . إلا أنه يغلب في بيع المنقول أحد أمرين : إما أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه أو لم يدفع المشتري الثمن في حالة التي تعرض لها المادة 461 مدني ([1507]) . وسيأتي بيانها ، وإما أن يمتنع الفسخ حتى لو لم يدفع المشتري الثمن لتغير حالة البيع عما كان عليه وقت البيع كما إذا كان غزلا فنسج أو خشباً فصنع أثاثاً أو بدوراً فوضع في الأرض ([1508]) . ولكن يجوز في هاتين الحالتين أن يباع منقول ويكون البيع غير مؤجل لا في دفع الثمن لا في تسليم المبيع أن يطلب فسخ البيع فسخاً قضائياً ، ويكون للقاضي حق التقدير فيما إذا كان يقتضي بفسخ البيع أو يعطي للمشتري مهلة لدفع الثمن ([1509]) .

$ 818 $

ويستوي كذلك في الفسخ القضائي أن يكون البيع بيعاً مدنياً أو بيعاً تجارياً . غير أنه في المبيع التجاري يدخل التقنين التجاري تعديلات على حق البائع في الفسخ القضائي في حالة إفلاس المشتري ، فيمتنع هذا الحق إذا سلمت البضائع المبيعة للمفلس ، ويصبح البائع دائناً بالثمن وهو أسوة الغرماء فيه ([1510]) .

ويستوي أخيراً في الفسخ القضائي أن يكون البيع بالممارسة أو أن يكون بيعاً قضائياً بالمزاد العلني جبرياً كان أو اختيارياً ([1511]) . وذا كان قانون المرافعات قد نظم إجراءات خاصة ، في حالة البيع القضائي بالمزاد ، لإعادة البيع على ما رسا $ 819 $ عليه المزاد وتخلف عن دفع الثمن ، فهذا الطريق الذي يقصد به إعادة البيع لمصلحة الدائنين لا يمنع من سلوك الطريق الآخر وهو المطالبة بفسخ البيع وإعادة المبيع إلى صاحبه . وقد يكون لصاحبه مصلحة في ذلك ، كما إذا كان قاصراً وبيع عقاره بالمزاد فلم يصل إلى ثمن مناسب ولا يتوقع وصوله إلى ثمن مناسب إذا أعيد بيعه على من رسا عليه الزاد فيفسخ البيع بدلا من إعادته ويرد البيع للقاصر ، وكما ذا كان صاحب البيع مديناً ينفذ عليه دائنوه فانصلحت حاله وأصبح قادراً على وفاء ديونه ومن ثم تكون له مصلحة في فسخ البيع واسترداد المبيع بدلا من إعادة البيع ([1512]) .

والذي يطلب الفسخ هو البائع ، وخلفه العام كالوارث ، ودائنوه باستعمالهم حق مدينهم في طلب الفسخ ، والمحال له بالثمن إذا حول البائع الثمن إلى شخص آخر ([1513]) ومن دفع الثمن للبائع وحل محله فيه عن طريق الوفاء مع الحلول .

وترفع دعوى الفسخ على المشتري ، وخلفه العام كالوارث . وإذا باع المشتري الذي لم يوف الثمن المبيع إلى مشتر ثان ، وكانت صحيفة دعوى الفسخ قد سجلت قبل تسجيل عقد البيع الصادر إلى المشتري الثاني ، فإن فسخ البيع يحتج به على المشتري الثاني . وإذا تعدد البائع أو تعدد المشتري ، كان طلب الفسخ قابلا للانقسام أو غير قابل له بحسب ما إذا كان المبيع قابلا لذلك أو غير قابل ([1514]) .

$ 820 $

ويجب حتى يجوز طلب الفسخ أن يكون البائع قد قام بالتزاماته الناشئة من عقد البيع أو مستعداً للقيام بها ، فيكون قد سلم المبيع للمشتري إذا كان وقت التسليم قد حان قبل وقت دفع الثمن ، أو يكون مستعداً لتسليم المبيع بمجرد حلول وقت التسليم ([1515]) . فإذا كان المبيع قد هلك فاستحال تسليمه ، فإن البيع يفسخ بحكم القانون ، ولا حاجة في هذه الحالة إلى طلب الفسخ ، ويتحمل البائع تبعة الهلاك كما سبق القول . وإذا كان البائع قد قبض جزءاً من الثمن وطلب الفسخ استيفاء الباقي ، وجب أن يكون مستعداً لرد ما قبضه من الثمن إلى المشتري ([1516]) .

$ 821 $

409 - كيف يكون فسخ البيع : رأينا أن الفقرة الأولي من المادة 157 مدني تقضي بوجوب أن يعذر البائع المشتري أن يدفع الثمن قبل أن يرفع دعوى الفسخ . وإذا لم يعذر البائع المشتري قبل رفع الدعوى ، فإن رفع الدعوى بالفسخ يعد إعذاراً ([1517]) ولكن الإعذار السابق على رفع الدعوى تظهر أهميته العملية في أنه يجعل القاضي أسرع استجابة إلى طلب الفسخ ، والى الحكم بمصروفات الدعوى على المشتري ، والى الحكم عليه أيضاً بتعويض فوق الحكم بالفسخ ([1518]) .

ولا يقع فسخ البيع من تلقاء نفسه كما قدمنا ، بل لا بد من رفع دعوى وصدور حكم بالفسخ . وهذا هو الفرق ما بين الفسخ القضائي والفسخ الاتفاقي . ففي الفسخ القضائي يكون الحكم منشئاً للفسخ ، ومن ثم تعتبر المطالبة بالفسخ $ 822 $ القضائي من أعمال التصرف فيجب أن تتوافر أهلية التصرف في البائع حتى يقوم بهذه المطالبة ، فإذا رفع الوصي دعوى بالفسخ بدون إذن المحكمة كانت الدعوى غير مقبولة . أما في الفسخ الاتفاقي فإن الحكم يكون مقرراً للفسخ لا منشئاً له ، وتعتبر المطالبة بالفسخ في هذه الحالة من أعمال الإدارة يستطيع الوصي أن يقوم بها دون إذن المحكمة .

وأبرز ما يميز الفسخ القضائي أن الحكم بفسخ البيع ليس محتماً على القاضي وقد رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 157 مدني تقول :"ويجوز للقاضي أن يمنح لمدين أجلا إذا اقتضت الظروف ذلك ، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته " . وكانت المادة 610 من المشروع التمهيدي ، كما رأينا ، تقضي بأنه يعين على القاضي الحكم بالفسخ إذا كان البائع مهدداً أن يضيع عليه المبيع والثمن ، فإذا لم يكن مهدداً بذلك جاز للقاضي أن ينظر المشتري إلى أجل تقدر مدته تبعاً للظروف ، على أن يدفع المشتري الفوائد القانونية إذا لم يتفق على فوائد أخرى انقضي الأجل دون أن يدفع المشتري الثمن وجب الحكم بفسخ البيع دون إنظار المشتري إلى أجل آخر فالحكم بالفسخ القضائي إذن لا يكون محتماً على القاضي كما قدمنا ، بل يكون هناك خيار بين الفسخ والتنفيذ ، وهذا الخيار يكون لكل من الدائن والمدين والقاضي .

فللدائن بعد رفع الفسخ أن يعدل قبل الحكم عن هذه الطلب إلى طلب التنفيذ ([1519]) ، كما أن له إذا رفع دعوى التنفيذ أن يعدل عن طلب التنفيذ إلى طلب الفسخ ([1520]) . ولكن لا يجوز له الجمع بين التنفيذ بين التنفيذ والفسخ في طلب وأحد $ 823 $وإذا كان قد نزل عن أحد الطلبين فلا يستطيع الرجوع إليه ، ولكن مجرد رفع الدعوى بطلب منهما لا يعتبر كما رأينا نزولا منه عن الطلب الآخر .

وللمدين هو أيضاً ، قبل الحكم النهائي بالفسخ ([1521]) ، أن يدفع الثمن فيمنع الحكم بالفسخ . وإنما يجوز للقاضي في هذه الحالة أن يحكم عليه بالتعويض إذا كان له مقتض ، وبخاصة إذا كان البائع قد أعذره قبل رفع الدعوى ([1522]) .

والقاضي أخيراً سلطة تقديرية في إجابة البائع إلى طلب الفسخ كما سبق القول . فقد يقضي بالفسخ إذا كانت الظروف تبرر ذلك ، وبوجه خاص إذا رأي البائع مهدداً أن يضيع عليه المبيع والثمن كما إذا كان المبيع دارً تسلمها المشتري وأخذ في هدمها ، أو كان المبيع منقولا وخشي أن يبيعه المشتري لمشتر ثان حسن النية فيتملكه بالحيازة . وقد يرى القاضي إلا مبرر لفسخ البيع ، لا سيما إذا كان المشتري قد دفع أكثر الثمن ولم يبق إلى القليل ، أو كان المشتري في ظروف سيئة منعته من دفع الثمن ولكن يتوقع تحسن هذه الظروف سريعة فيفي بالتزامه ([1523]) .

ففي مثل هذه الأحوال يرفض القاضي طلب الفسخ ، ويمنح المشتري مهلة لدفع الثمن أو الباقي منه ([1524]) وهذه المهلة يقدر القاضي مدتها بحسب الظروف ، وهي $ 824 $ نظرة الميسرة (delai de grace ) المنصوص عليها في المادة 346 / 2 مدني على الوجه الآتي : "على أنه يجوز للقاضي في حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص في القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استعدت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم" . وقد كانت المادة 610 من المشروع التمهيدي التي حذفت اكتفاء بالقواعد العامة تنص على أمرين L 1 ) أن المشتري يدفع ، في المهلة التي أنظر إليها ، الفوائد القانونية إذا كان لم يتفق على فوائد أخرى . وبعد حذف هذا النص يمكن القول بان الفوائد الاتفاقية تسري ، أما إذا لم يكن متفقاً على فوائد فيتعذر القول بأن الفوائد القانونية تسري إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فإذا طلب البائع في صحيفة دعوى الفسخ هذه الفوائد كطلب احتياطي في حالة رفض الفسخ كان له الحق فيها ، ( 2 ) إذا أمهل المشتري مدة ولم يدفع الثمن إثناء المهلة ، لم يجز إمهاله مدة أخرى بل يتعين الحكم بفسخ البيع . وبعد حذف النص لم يبقى أمامنا إلا تطبيق المادة 157 / 2 مدني فيما يتعلق بدعوى الفسخ وهذه تقضي بجواز أن يمنح القاضي المشتري أجلا معقولا أو آجالا ينفذ فيها التزامه بدفع الثمن . ومن ثم وجب القول إنه إذا أعطي القاضي أجلا للمشتري في دعوى الفسخ ، وجب على $ 825 $ المشتري دفع الثمن في غضون هذا الأجل ، وليس للقاضي أن يمنح المشتري أجلا آخر ويعتبر البيع مفتوحاً بعد انقضاء الأجل الممنوح دون أن يفي المشتري بالثمن وهذا بخلاف الأجل الذي يمنحه القاضي في دعوى التنفيذ ، فإنه يجوز أن يتكرر طبقاً للمادة 346 / 2 مدني ، كما يجوز إعطاء أجل آخر في دعوى الفسخ إذا كان الأجل الأول أعطي في دعوى التنفيذ ([1525]) .

وليس لدعوى الفسخ مدة خاصة تتقادم بها ، فتتقادم إذن بخمس عشرة سنة من قوت ثبوت الحق في الفسخ ويكون ذلك عادة عند الإعذار ([1526]) .

وتسقط دعوى الفسخ أيضاً بالنزول عنها صراحة أو ضمناً كما إذا وافق البائع على تصرف المشتري في البيع ، ويعتبر ذاتية المبيع كما إذا كان غزلا فنسج ([1527]) .

ودعوى الفسخ دعوى مختلطة إذا كان البيع المبيع لا يزال في يد المشتري ، فإن كان عقاراً أمكن رفع الدعوى أمام محكمة العقار . وهي دعوى شخصية محضة إذا خرج المبيع من يد المشتري ، فيجب رفع الدعوى في هذه الحالة أمام محكمة موطن المشتري ([1528]) .

$ 826 $

410 - الآثار التي تترتب على فسخ البيع : يترتب على فسخ البيع على النحو الذي قدمناه ما يترتب على فسخ أي عقد آخر ، وتقرر المادة 160 مدني القاعدة العامة من هذا الصدد فتقول : "إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بتعويض " : وهذا نص عام يبين ما يترتب على الفسخ من أثر ، سواء كان فسخاً قضائياً أو فسخاً اتفاقياً أو انفساخاً بحكم القانون>

والحكم بفسخ البيع يجعله ينحل بأثر رجعي ، لا من وقت النطق بالحكم فحسب ، بل من وقت نشوء العقد . وإذا كان هذا مفهوماً في الفسخ الاتفاقي والفسخ القانوني حيث يقتصر الحكم على تقرير أن العقد مفسوخ دون أن ينشئ الفسخ ، فِإنه أيضاً مفهوم في الفسخ القضائي ولو أن الحكم منشئ لا مقرر ، فلا يوجد ما يمنع من أن يكون الحكم منشئاً للفسخ ويكون له من ذلك أثر رجعي ، فالحكم بالشفعة هو حكم منشئ وينقل ملكية العقار المشفوع فيه من وقت البيع لا من وقت النطق بالحكم ([1529]) . وينحل البيع بأثر رجعي فيما بين المتبايعين وبالنسبة إلى الغير .

ويترتب على انحلال البيع بأثر رجعي فيما بين المتبايعين أن البيع يعتبر كأن لم يكن ، ويعاد كل شيء إلى ما كان عليه قبل البيع . فإذا كان المشتري قد تسلم المبيع ، رده هو وثمراته ([1530]) . وإذا كان البائع قد قبض جزءاً من الثمن أو أقساطاً من الإيرادات المرتب مدى الحياة ، رد ما قبضه مع الفوائد القانونية من يوم القبض ويجوز للبائع أن يحبس ما قبضه حتى يسترد المبيع وثمراته ([1531]) . كما يجوز للمشتري $ 827 $أن يحبس المبيع وثمراته حتى يسترد الجزء الذي دفعه من الثمن ([1532]) ، وذلك كله طبقاً للقواعد المقررة في حق الحبس ([1533]) . وإذا بني المشتري أو غرس ف العين المبيعة ، اعتبر نائياً أو غارساً بسوء النية لأن الفسخ ترتب بسبب آت من جهته ، وطبقت القواعد العامة المقررة في البناء أو الغراس في ارض الغير ([1534]) . وكذلك الحال في المصروفات الضرورية والنافعة والكمالية ، تطبق فيها القواعد المقررة في هذا الشأن مع اعتبار المشتري سيء النية . وإذا هلك المبيع في يد المشتري قبل أن يرده ، فإن كان الهلاك بخطأه حكم عليه بالتعويض ، وإن كان الهلاك بسبب أجنبي فللبائع إذا لم يكن قد صدر حكم بفسخ البيع أن يعدل عن طلب الفسخ إلى طلب التنفيذ فيكون تبعة هلاك المبيع على المشتري أما إذا كان قد صدر حكم نهائي بفسخ البيع ثم هلك المبيع بسبب أجنبي في يد المشتري ، لم يكن المشتري مسئولا عن هلاك المبيع إلا بقد ما عاد عليه من منفعة ، كما إذا كان المبيع قد $ 828 $ تلف فيرده المشتري في الصورة التي آل إليها ([1535]) . وإذا استبقى المشتري المبيع في يده بعد الحكم بالفسخ ولم يقبل رده فأصبح سيء النية ، ثم هلك المبيع بسبب أجنبي ، وجب على المشتري أن يرد اللبائع قيمة المبيع وقت الهلاك ، إلا أن يثبت أن المبيع كان يهلك حتى لو كان قد رده إلى البائع وقت الفسخ ( م 984 مدني ) ([1536]) و للبائع إذا أجيب إلى فسخ البيع أن يطالب المشتري –فوق رد المبيع – بتعويض عما أصابه من الضرر بسبب تخلف المشتري عن القيام بالتزامه ، كأن تكون صفقة قد فاتت عليه بسبب البيع الذي فسخ ، ويبني التعويض هنا على أساس المسئولية التقصيرية لأن البيع بعد أن فسخ لا يصلح أن يكون أساساً للتعويض ([1537]) .

ويترتب على انحلال البيع بأثر رجعي بالنسبة إلى الغير أنه إذا كان قد ترتب للغير حق على المبيع من جهة المشتري ، فإن هذا الحل يزول هو أيضاً بأثر رجعي تبعاً لزوال حق المشتري . ولكن يجب هنا التمييز بين المنقول والعقار . ففي المنقول تعترض هذا الحكم عادة عقبة ترجع إلى القاعدة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية . فإذا كان المبيع منقولا ، وباعه المشتري إلى مشتر ثان وسلمه إياه ثم فسخ البائع البيع ، ولم يستطع أن يسترد المبيع من تحت يد المشتري الثاني إذا كان حسن النية ، لأن هذا يكون قد ملكه بالحيازة ، فيرجع البائع على المشتري بالتعويض . أما إذا كان المشتري الثاني لم يتسلم المبيع أو كان سيء النية يعرف سبب الفسخ ، فإنه لا يمتلك المبيع الحيازة ، بل يرده إلى البائع ويرجع على المشتري بالضمان . وإذا كان المبيع بالحيازة ، بل يرده إلى البائع ويرجع المشتري بالتعويض . أما إذا كان المشتري الثاني لم يتسلم المبيع أو كان سيء النية يعرف سبب الفسخ ، فإنه لا يمتلك المبيع بالحيازة ، بل يرده إلى البائع ويرجع على المشتري بالضمان . وإذا كان المبيع عقاراً ، فإن فسخ البيع لا يضر بالحقوق التي كسبها الغير على هذا العقار إلا إذا سجلت صحيفة دعوى الفسخ قبل تسجيل التصرف الذي أكسب الغير هذه الحقوق ( انظر المادتين 15 و 17 من قانون $ 829 $ الشهر العقاري ) . فإذا باع المشتري العقار لمشتر ثان وسجل هذا المشتري الثاني البيع الصادر له قبل تسجيل البائع صحيفة دعوى الفسخ ، فإن الحكم يفسخ البيع لا يكون له أثر في حق المشتري الثاني إذا كان حسن النية ، وإذا كان حسن النية . وإذا كانت صحيفة دعوى الفسخ قد سجلت قبل تسجيل البيع الثاني ، كان لفسخ البيع الأول أثر في حق المشتري الثاني ولو كان حسن النية ، واستطاع البائع أن يسترد العقار من تحت يده كذلك إذا رتب المشتري على العقار رهناً ، وكان الدائن المرتهن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن ، فإن الرهن في هذه الحالة لا يتأثر بفسخ البيع . وقد ورد في هذه المسألة الأخيرة نص خاص إذا قضت المادة 1034 مدني بأنه "يبقى قائماً لمصلحة الدائن المرتهمن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو إلغاؤه أو زواله لأي سبب آخر ، إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن " . ويمكن اعتبار هذا النص تطبيقاً للمادة 17 من قانون الشهر العقاري ، فيفرض فرضاً غير قابل لإثبات العكس أن الدائن المرتهن سيء النية إذا كان قد قيد رهنه بعد تسجيل صحيفة هذه الدعوى ، وذلك للتوفيق ما بين النصين ([1538]) .

ب - الفسخ الاتفاقي

411 - اتفاق المتبايعين على الفسخ : رأينا أن المادة 158 مدني تقضي بأنه "يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه ، وهذا الاتفاق لا يعفي من الإعذار إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه " . وكان المشروع $ 830 $ التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص يطبق هذه القاعدة العامة في خصوص البيع ، فكانت المادة 611 من هذا المشروع تنص على أنه "في بيع العقار ، إذا اشترط البائع أن يفسخ البيع من تلقاء نفسه عند عدم قيام نفسه عند عدم قيام المشتري بدفع الثمن في الميعاد ما دام لم يعذر ، إلا إذا نص العقد على أن الفسخ يقع دون إعذار ، وفي كل حال لا يجوز للقاضي أن يمنح المشتري أي أجل "([1539]) وحذفت هذه المادة في لجنة المراجعة "لأنها مستفادة من القواعد العامة ([1540]) .

412 - التدرج في الارتفاق على الفسخ : ويتدرج في العمل الشرط الذي يرد في عقد البيع قاضياً بفسخه إذا يوف المشتري بالثمن (lex commissoria pacte commissoire ) . فأدني مراتب هذا الشرط هو أن يشترط البائع على المشتري أن يكون البيع مفسوخاً إذا لم يوف المشتري بالثمن وقد يصل الشرط إلى مرتبة أقوي ، فيشترط البائع على المشتري أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه أو أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم . ثمن يصل الشرط إلى أعلي مرتبة من القوة ، فيشترط البائع أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إعذار ، أو أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إعذار . فنستعرض هذه المراتب المتفاوتة $ 831 $ في خصوص عقد البيع ([1541]) كما استعرضنا في العقد بوجه عام في الجزء الأول من الوسيط ([1542]) .

413 - الاتفاق على أن يكون البيع مفسوخاً : يغلب أن يكون المتبايعان قد أرادا بهذا الشرط أن يرددا في ألفاظ صريحة القاعدة التي سبق أن بسطناها فيما يتعلق بالفسخ القضائي . ومن ثم ، لا يغني هذا الشرط عن إعذار البائع للمشتري ، ولا من الالتجاء إلى القضاء للحصول على حكم بفسخ البيع ويكون هذا الحكم منشئاً لا كاشفاً ، ولا يسلب القاضي سلطته التقديرية فيجوز بالرغم من وجود هذا الشرط أن يمنح المشتري أجلا لدفع الثمن ويرفض طلب الفسخ ([1543]) . بل أن هذا الشرط لا يمنع من توقي الحكم بالفسخ ، بأن يدفع الثمن قبل أن يصدر الحكم النهائي بالفسخ ، وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا تعهد المشتري بأداء باقي الثمن في ميعاد عينه ، فإن لم يؤده في هذا الميعاد كان البائع الحق في فسخ البيع ولو كان قد سجل ، فهذا ليس إلا ترديداً لقاعدة الفسخ القضائي ([1544]) .

$ 832 $

على أنه قد يتضح من الظروف أن المتبايعين أرادا بهذا الشرط أن يحتما فسخ البيع ، فيبقي وجوب الإعذار ووجوب الالتجاء إلى القضاء ، ولكن لا يملك القاضي في هذه الحالة إعطاء مهلة للمشتري لدفع الثمن ، ويتعين عليه الحكم بفسخ البيع وحكمه ويكون منشئاً لا كاشفاً .

414 - الاتفاق على أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه أو مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم : الشرط على هذا النحو لا يعفي من الإعذار . فإذا لم يعذر البائع المشتري أن يدفع الثمن ، ورفع دعوى الفسخ ، جاز للمشتري أن يتوقي الفسخ بدفع الثمن في بداية الدعوى دون إبطاء . فإذا أبطأ في ذلك ، اعتبر رفع الدعوى بمثابة إعذار ، وفسر الشرط في الغالب على أنه يسلب القاضي سلطته التقديرية فلا يستطيع إعطاء اجل المشتري لدفع الثمن ، ويتعين عليه الحكم بفسخ البيع ([1545]) . ولا تعارض بين الإعذار الواجب وطلب الفسخ ، فإن إعذار البائع المشتري أن يدفع الثمن لا يكون نزولا منه عن المطالبة بفسخ البيع ، بل هو شرط واجب لرفع الدعوى بالفسخ . وقد قضت محكمة $ 833 $النقض بأنه إذا اشترط فسخ البيع من تلقاء نفسه عند عدم دفع الثمن كان على القاضي إيقاع الفسخ على المشتري إذا لم يدفع الثمن بعد إعذاره ، ما لم يعف البائع بمقتضى العقد من هذا الإعذار ، ومفهوم هذا بلا شبهة أن البائع يجب عليه إذا اختار الفسخ أن يعذر المشتري بانذاره أي تكليفه بالوفاء فإذا لم يدفع البائع في حل من إعمال خياره في الفسخ . وإذن فباطل زعم المشتري أن الإنذار الموجه إليه من البائع بوفاء التزاماته في مدي أسبوع وإلا عد العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه يجب اعتباره تنازلا من البائع عن خيار الفسخ ، فإن هذا الإنذار واجب قانوناً لاستعمال الشرط الفاسخ الصريح ([1546]) .

فالثابت إذن أن هذا الشرط لا يعفي من الإعذار ([1547]) وهو أيضاً لا يعفي من رفع الدعوى بالفسخ من مطالبة المشتري بتنفيذ البيع ودفع الثمن بدلا من المطالبة بفسخ البيع ، فإن فسخ البيع لا يقع من تلقاء نفسه إلا إذا أراد البائع ذلك ويبقى هذا بالخيار بين الفسخ والتنفيذ .

ولكن إذا اقتصر البائع على اشتراط أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه ، فإن الحكم بالفسخ يكون منشئاً لا كاشفاً . أما إذا أضاف إلى هذا الشرط أن يكون الفسخ دون حاجة إلى حكم ، أو اشترط أن يكون البيع مفسوخاً دون حاجة إلى الحكم ، فإن الحكم بالفسخ يكون كاشفاً لا منشئالا كاشفاً . أما إذا أضاف إلى هذا الشرط أن يكون الفسخ دون حاجة إلى حكم ، أو اشتراط أن يكون البيع مفسوخاً دون حاجة إلى حكم ، فإن الحكم بالفسخ يكون كاشفاً لا منشئا .

$ 843$

ولا يوجد فرق عملي بين الحالتين ، فسواء كان الحكم منشئاً للفسخ أو كاشفاً عنه ، فقد قدمنا أن الفسخ يكون له أثر رجعي ويعتبر البيع كأن لم يكن .

415 - الاتفاق على أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسخ دون الحاجة إلى حكم أن اعذار ، أو مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى اعذار : والشرط على هذا النحو قد وصل إلى أعلي مراتب القوة ([1548]) .

فإذا لم يف المشتري بالثمن في الميعاد ، اعتبر العقد مفسوخاً دون حاجة إلى إعذار ([1549]) فإذا نازع المشتري في أعمال الشرط ، لم يجد البائع بدا من رفع دعوى بالفسخ ، ولكن لا يملك المشتري في هذه الحالة أن يتفادي الحكم بالفسخ بدفع الثمن ([1550]) ، ولا يملك القاضي أن يمنح المشتري أجلا لدفع الثمن ، ويكن الحكم الصادر بفسخ البيع كاشفاً عن الفسخ لا منشئاً له ([1551]) .

$ 835 $

ولكن يجب أن يكون الاتفاق على الإعفاء من شرط الإعذار صريحاً كما يقضي نص المادة 158 مدني المتقدم الذكر ، فلا يجوز أن يستخلص ضمناً من عبارات العقد . وتكون للمحكمة الرقابة التامة للتحقق من انطباق شرط الفسخ ووجوب إعماله ([1552]) .

ويلاحظ هنا أيضاً أن هذا الشرط لا يمنع البائع من المطالبة بتنفيذ البيع دون فسخه ([1553]) ، وإلا كان تحت رحمة المشتري إذا شاء هذا جعل البيع مفسوخاً بامتناعه عن دفع الثمن ، ويترتب على ذلك أن البيع لا يعتبر مفسوخاً إلا إذا أظهر البائع رغبته في ذلك ، أما برفع دعوى الفسخ ، وإما بمجرد إخطار المشتري $ 836 $بأن العقد قد أصبح مفسوخاً ([1554]) ، ولا يقبل من المشتري التمسك بفسخ البيع إذا كان البائع لم يتمسك بالفسخ ([1555]) .

416 - حكم خاص يبيع المنقول –نص قانوني : وقد ورد في هذا الصدد نص في البيع المنقول يورد حكماً خاصاً بهذا البيع دون بيع العقار . فنصت المادة 461 من التقنين المدني على أنه "في بيع العروض وغيرها من المنقولات ، إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع ، يكون البيع مفسوخاً دون حاجة إلى إعذار أن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد إذا اختار البائع ذلك ، وهذا ما لم يوجد اتفاق على غيره" ([1556])

$ 837 $

ويخلص من هذا النص أن في بيع المنقول يوجد اتفاق يكون بمثابة الشرط الفاسخ في أعلي مراتبه من القوة ، أي بمثابة الاتفاق على أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إعذار . وهذا الاتفاق هو الذي يقع بين البائع والمشتري يحدد ميعاداً لدفع الثمن وتسلم المبيع . فيفرض القانون في هذه الحالة أن بائع المنقول يريد تسليم المبيع في مقابل قبض الثمن ، وقد اتفق مع المشتري على ميعاد لذلك . ولما كانت المنقولات سريعة التداول ، ولا يتحمل ما تتحمله العقارات من الإبطاء في التعامل وطول الإجراءات ورفع دعاوى الفسخ ونحوها ، وبخاصة إذا كانت هذه المنقولات عروضاً للتجارة وسلعاً وبضائع يريد صاحبها أن يسلمها إلى مشتريها في ميعاد محدود يقبض ثمنها ، وإلا فهو في حل من بيعها إلى غيره اوعتبار البيع الأول مفسوخاً دون حاجة إلى حكم أو إعذار ، فقد فرض القانون أن اتفاق بائع المنقول مع مشتريه علي ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع ينطوي على هذا الشرط الفاسخ الذي بموجبه يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إعذار إذا جاء ميعاد $ 838 $تسليم المبيع ودفع الثمن ولم يتقدم لدفع الثمن ([1557]) . وهذا لفرض قابل للإثبات العكس ، فقد يذكر في البيع ما ينقض ذلك ، كأن يتفق مثلا على ألا يفسخ البيع إلا بعد إعذار أو أنه يجوز مد الأجل لدفع الثمن أو نحو ذلك . فإذا لم يقم اتفاق صريح أو ضمني مخالف ، وحل الميعاد المحدد لتسلم المبيع وقبض الثمن ، ولم يتقدم المشتري لدفع الثمن ، اعتبر البيع مفسوخاً دون حاجة إلى حكم أو إعذار ([1558]) ، وكان البائع في حل أن يعتبر المبيع لم ينتقل من ملكه ، أو له أن يتصرف فيه تصرف المالك فيبيعه مرة أخرى أو يفعل فيه ما يشاء ([1559]) . على أن انفساخ البيع على هذا الوجه لا يكون إلا باختيار البائع ، فله ألا يعتبر البيع مفسوخاً ، وان يطالب المشتري بتنفيذه بالرغم من تأخر هذا عن دفع الثمن ، وإلا لاستطاع المشتري أن يفسخ البيع إذا شاء بأن يتأخر عن دفع الثمن ([1560]) .

$ 839 $

ويلاحظ أن الحكم المتقدم الذكر لا يسري إلا في هذه الصورة الخاصة من بيع المنقول للاعتبارات التي تقدم ذكرها . فلا بد أن يكون المبيع منقولا سعلة أو بضاعة أو أسهماً أو سندات أو نحو ذلك ([1561]) ، وان يكون المتبايعان قد اتفقا على ميعاد لتسليم المبيع ودفع الثمن . فلا يسري هذا الحكم في بيع العقار . كذلك لا يسري في بيع المنقول إذا كان البيع غير مؤجل ، كما إذا كان المتبايعان لم يتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع فصار الثمن واجب الدفع في الحال والمبيع واجب التسليم فوراً ([1562]) . ولا يسري في بيع المنقول إذا حدد ميعاد لدفع الثمن غير الميعاد الذي حدد لتسلم المبيع ، أو حدد ميعاد لدفع الثمن دون أن يحدد ميعاد لتسلم المبيع فيكون التسلم واجباً في الحال ودفع الثمن واجباً في الميعاد المحدد . أما إذا حدد ميعاد لتسلم المبيع دون أن يحدد ميعاد لدفع الثمن ، فقد رأينا ([1563]) أن الثمن يكون واجباً الدفع في ميعاد تسليم المبيع فيسري الحكم الوارد في المادة 461 مدني ([1564]) .

وفي جميع الصور التي لا يسري فيها الحكم ، وهي الصور التي قدمنا بيانها ، تسري القواعد العامة التي سبق أن قررناها . فلا يكون فسخ البيع فيها لعدم الوفاء بالثمن إلا فسخاً قضائياً بمميزات هذا الفسخ التي سبق ذكرها ، أو فسخاً اتفاقياً إذا وجد شرط فاسخ صريح بالتدرج الذي بسطناه فيما تقدم .

$ 840 $

417 - الآثار التي تترتب على الفسخ الاتفاقي – إحالة : ويترتب على الفسخ الاتفاقي نفس الآثار التي تترتب على الفسخ القضائي وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ([1565]) فإذا فسخ البيع بحكم الاتفاق ، في أية صورة من الصور التي تقدم ذكرها ، سواء كان الفسخ بحكم منشئ أو بحكم كاشف أو بغير حكم أصلا ، أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، وإذا استحال ذلك جاز الحكم بتعويض ( م 160 مدني ) . وينحل البيع بأثر رجعي ، سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير ، وذلك على التفصيل الذي تقدم بيانه .

المبحث الثاني

تحمل مصروفات البيع

418 - النصوص القانونية : تنص المادة 426 من التقنين المدني على ما يأتي :

"نفقات عقد البيع ورسون "الدمغة " والتسجيل وغير ذلك من مصروفات تكون على المشتري ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك " ([1566]) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق 243 / 309 ([1567]) .

$ 841 $

ويقابل في التقنينات المدنية العربية : في التقنين المدني السوري المادة 430 - وفي التقنين المدني الليبي المادة 451 - وفي التقنين المدني العراقي المواد 583 - 585 وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 431 ([1568]) .

ومصروفات البيع يقوم المشتري عادة بها ، فلا يرجع على البائع بشيء منها لأنه هو الذي يتحملها كما يقول النص ، وذلك ما لم يوجد اتفاق مخالف يجعل البائع يتحمل بعض هذه المصروفات أو كلها ، أو ما لم يوجد عرف مخالف كما هي الحال في السمسرة فقد جري العرف أن يشترك فيها البائع والمشتري مناصفة ([1569]) .

وقد يقوم البائع في بعض الأحيان بمصروفات البيع أو ببعضها ، فما لم يوجد $ 842 $ اتفاق أو عرف مخالف يكون له الرجوع بما أنفقه على المشتري لأنه هو الذي يتحمل مصروفات البيع ([1570]) . كما سبق القول . فنستعرض إذن حالة ما يقوم المشتري بالمصروفات ، ثم حالة ما يقوم البائع بها أو بعضها ويرجع على المشتري بما أنفقه ([1571]) .

419 - المشتري قام بمصروفات البيع : وتشتمل هذه المصروفات عادة على نفقات كتابة عقد البيع ، سواء كتب في ورقة عرفية حيث يتحمل المشتري رسوم "الدمغة "أن كانت هناك رسوم ، أو في ورقة رسمية حيث يتحمل المشتري رسوم الورقة الرسمية . ويدخل في المصروفات أيضاً أتعاب المحامي الذي قام بإعداد عقد البيع وتسجليه . وتدخل أيضاً مصروفات الكشف عن العقار المبيع في جهات الشهر لتثبت مما عليه من الحقوق للغير . وتدخل المصروفات اللازمة لإعداد عقد البيع للتسجيل وما يقتضيه ذلك من نفقات ورسوم التصديق على التوقيعات ويدخل في ذلك توقيع البائع نفسه ([1572]) . وتدخل رسوم التسجيل ذاتها وهي عادة رسوم مرتفعة ، وقد كانت 3,5  %  من الثمن ثم $ 843$ ارتفعت إلى 5  %  ثم ارتفعت أخيراً إلى 7  %  ([1573]) . وإذا ثقل العقار المبيع امتياز البائع لتأخير دفع الثمن كله أو بعضه ، فإن مصروفات قيد هذا البيع التي يتحملها المشتري . لكن إذا كان على المبيع رهن أو حق عيني آخر ترتب من جهة البائع ، فإن مصروفات شطب القيود الشاهرة لهذه الحقوق العينية تكون على البائع لا على المشتري إلا إذا وجد اتفاق بخلاف ذلك . أما السمسرة فقد قدمنا أن العرف قد جري على أن تكون مناصفة فيما بين البائع والمشتري ، وقد جري العرف أيضاً على أن يأخذ السمسار 2 / 1 2 % من الثمن من كل من البائع والمشتري إلا إذا كان هناك اتفاق على غير ذلك ، فكل من المتبايعين يدفع نصيبه من السمسرة مباشرة إلى السمسار ([1574]) .

كل ما قدمناه وغيره من مصروفات البيع يتحمله المشتري ، وهو الذي يقوم به عادة كما سبق القول ، فلا يرجع بشيء منه على البائع ، إلا إذا وجد اتفاق أو عرف مخالف ([1575]) .

$ 844 $

أما مصروفات تطهير العقار إذا لجأ المشتري إلى تطهيره فتكون على البائع لا على المشتري ([1576]) ، لأن الرهن الذي يظهره المشتري آت من جهة البائع ، وهذا ما لم يوجد اتفاق مخالف . وكذلك يتحمل البائع أية مصروفات للبيع يكون هو الذي تسبب فيها بخطأه ، كما إذا أعطي المشتري بيانات خاطئة عن المبيع كان من شأنها أن زادت مصروفات البيع دون مبرر ، وكما إذا فسخ بخطأه البائع فقد تجعل مصروفات البيع على عاتق البائع على سبيل التعويض ([1577]) .

420 - البائع قام بمصروفات البيع أو ببعضها : وقد يقع كما قدمنا أن يقوم البائع بمصروفات البيع أو بعضها . مثل ذلك أن يقوم بكتابة عقد البيع فيدفع "الدمغة " ونحوها أو رسوم الورقة الرسمية . ومثل ذلك أيضاً أن يدفع أتعاب المحامي أو كل السمسرة أو مصروفات قيد امتياز على العقار المبيع أو نحو ذلك . ففي هذه الحالات يرجع البائع على المشتري بما دفعه من هذه المصروفات ، ما لم يوجد اتفاق اوعرف مخالف .

وللبائع ، في رجوعه على المشتري بما دفعه من مصروفات البيع ، كل الضمانات التي له في الرجوع عليه بالثمن . فيستطيع أن يحبس المبيع ، وان يطلب فسخ البيع ، إذا لم يسترد هذه المصروفات من المشتري . وله حق امتياز على المبيع يكلف له استرداد هذه المصروفات . والظاهر أيضاً أنه يرجع على المشتري بالفوائد القانونية لما دفعه من مصروفات البيع من وقت دفعها ، على أساس أنه وكيل عن المشتري في دفع هذه المصروفات ، والوكيل يرجع على الموكل بما أنفقه مع الفوائد من وقت الاتفاق ( م 710 مدني )([1578]) .

$ 845 $

المبحث الثالث

تسلم المبيع

421 - النصوص القانونية : تنص المادة 463 من التقنين المدني على ما يأتي :

إذا لم يعين الاتفاق أو العرف مكاناً أو زماناً لتسليم المبيع ، وجب على المشتري أن يتسلمه في المكان الذي يوجد فيه وقت البيع وأن ينقله دون إبطاء إلا ما يقتضيه النقل من زمن " .

وتنص المادة 464 على ما يأتي :

"نفقات تسلم المبيع على المشتري ، ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضي بغير ذلك " ([1579])

$ 846 $

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 284 / 356 ([1580]) .

تقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 431 - 432 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 452 - 453 - وفي التقنين المدني العراقي المادتين 586 - 587 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 472 ([1581])

$ 874 $

ونبحث في تسلم المبيع : ( 1 ) كيف يكون التسليم . ( 2) زمان التسليم ومكانه .

( 3 ) نفقات التسلم . ( 4 ) الجزاء على الإخلال بالتزام التسلم .

422 - كيف يكون تسلم المشتري للمبيع : التسلم في أغلب صوره هو العملية المتممة للتسليم ، فقد بينا ([1582]) أن البائع يلتزم بتسليم المبيع ، وذلك بأن يضعه تحت تصرف المشتري بحيث يكون هذا ممكناً من حيازة يستطيع معها أن ينتفع بع الانتفاع المقصود من غير أن يحول حائل دون ذلك ,وفي أكثر الأحوال يقع هذا بأن يقبض المشتري فعلا المبيع من البائع على هذا النحو . فيسلم البائع البيع إلى المشتري ويتسلمه المشتري من البائع ، ويتم التسليم والتسلم في وقت وأحد . ولكن يحدث أن البائع يضع المبيع تحت المشتري ، ويكون المشتري متمكناً من الاستيلاء عليه ، ولكنه لا يستولي عليه فعلا ، فيكون البائع قد قام بالتزامه من تسليم المبيع ، ولم يقم المشتري بالتزامه من تسلمه ، ولا يعتبر المشتري حائزاً للمبيع ([1583]) .

فيلتزم المشتري إذن بأن يتسلم المبيع ، وذلك بالاستيلاء عليه فعلا . وتظهر الأهمية العملية لوجوب تنفيذ المشتري بتسلم المبيع في حالة ما إذا كان التسلم واجباً في موطن البائع أو في موطن آخر غير موطن المشتري وكان البيع منقولا . ففي هذه الحالة إذا لم يتقدم المشتري في الميعاد المحدد للتسلم إلى موطن البائع أو إلى المكان الذي يجب فيه تسلم المبيع ليتسلمه ولينقله من مكانه ([1584]) إلى المكان الذي يريد أن يضعه فيه ، فيخلي بذلك المكان الذي كان شاغلا له عند البائع ، كان المشتري مخلا بالتزامه بتسلم المبيع ، وجاز للبائع وفقاً للقواعد العامة إعذاره وإلزامه بالتسليم أو طلب الفسخ على النحو الذي سنبينه .

$ 848 $

وتسلم المبيع كتسلمه يتم بالأعمال لتي تنفق مع طبيعة المبيع . فتسلم العقار يكون بحيازته بعد أن يخليه البائع على ما قدمناه . وتسلم المنقول يكون بقبضه من البائع أو بحيازته إذا كان المنقول في مكان لا ينقل منه . وتسلم الأوراق المالية يكون بقبضها أو بايداع البائع إياها لحساب المشتري في مصرف . وقد يتسلم المشتري المنقول بتسلم مفاتيح المنزل أو المخزن أو الصندوق أو أي مكان آخر يحتوي على هذا المنقول ، أو بتحويل البائع له سند الإيداع أو التخزين إذا كان المنقول مودعاً أو مخزناً في جهة ما أو يتسليمه هذا السند إذا كان لحامله وإذا كان المبيع حقاً مجرداً كحق المرور أو حق شخصي ، فقد يتم التسلم بأخذ المشتري السند الحق أو باستعماله للحق فعلا . والتسليم الحكمى من جانب البائع يتضمن تسلماً حكمياً من جانب المشتري ، فالمشتري الذي يشتر شيئاً كان في حيازته قبل البيع ويستبقيه في حيازته كمشتر يكون قد تسلم المبيع تسلماً حكمياً ، وترك المشتري المبيع للبائع يحوزه بسبب آخر كإيجار أو رهن أو وديعة يعد تسلما حكمياً من المشتري للمبيع ، وإذا آجر المشتري المبيع ، وقبضه المستأجر من البائع رأساً كان هذا تسلماً حكمياً للمبيع من المشتري . وقد سبق أن بسطنا القول في كل عند الكلام في طريقة تسليم المبيع ([1585]) .

423 - زمان تسلم المبيع ومكانه : زمان تسلم المبيع ومكانه يكونان عادة هما زمان تسليم المبيع ومكانه فالبائع يلتزم بتسليم المبيع إلى المشتري في زمان معين وفي مكن معين سبق بيانهما ([1586]) ، ويكون المشتري عادة ملتزماً بتسليم المبيع من البائع في نفس الزمان والمكان ، إذ يغلب كما قدمنا أن التسليم يعقبه التسليم دون إبطاء إلا ما يقتضيه التسليم من زمن . فعند ما يسلم البائع المبيع للمشتري ، يتسلمه المشتري فوراً في نفس الزمان وفي نفس المكان .

على أنه يتراخي تسلم المبيع من المشتري عن تسلمه من البائع . وذلك بأن يحدد الاتفاق أو العرف زماناً للتسلم يلي الزمان الذي يتم فيه التسليم ، كأن $ 849 $ يكون المبيع منقولا مودعاً في مكان معين فيتفق المتبايعان على أن يضع البائع تحت تصرف المشتري مفاتيح هذا المكان بإيداعها في جهة معينة يستطيع المشتري أن يأخذها منها في أي وقت شاء على إلا يتأخر عن تسلم المفاتيح أكثر من ثلاثة أيام من وقت إيداعها . أما أن يكون التسلم غير مكان التسليم فهذا مما لا يتصور فحيث يتم التسليم يقع التسليم .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : "كما أن البائع يلتزم بتسليم المبيع ، كذلك المشتري يلتزم بتسلمه . وزمان التسلم ومكانه يحددهما عقد البيع ، وهما يكونان عادة زمان ومكان التسليم . فإذا لم يوجد اتفاق أو عرف يحدد ذلك ، وجب أن يتم التسلم دون إبطاء بمجرد التسليم من البائع ، إلا ما يقتضيه التسلم من زمن ، ووجب أن يكون في مكان التسليم ([1587]) .

424 - نفقات تسلم المشتري للمبيع : قدمنا أن نفقات تسليم المبيع تكون عادة على البائع ، فيتحمل هذه مصروفات حزم المبيع ونقله إلى مكان التسليم ونفقات الوزن والمقاس والكيل والعد إذا كان المبيع يفرز بإحدى هذه الطرق ، ومصروفات إرسال مفاتيح الدار المبيعة أو المكان الذي يوجد فيه المبيع إلى المشتري ، والرسوم الجمركية المستحقة على البضائع المبيعة التي يستوردها البائع ، وغير ذلك من مصروفات مما سبق بيانه ([1588]) . أما نفقات تسلم المبيع فتكون على المشتري لا على البائع ، وقد نص على هذا الحكم صراحة كما رأينا في المادة 464 مدني ، وهي ليست إلا تطبيقاً محضاً للقواعد العامة المقررة في هذا الشان والتي تقضي بأن "تكون نفقات الوفاء على المدين ، إلا إذا يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك "( م  348 مدني ) ، والالتزام بالتسليم المدين فيه هو المشتري ومن ثم تكون نفقات عليه ، كما أن الالتزام بالتسليم المدين فيه هو البائع فكان هو الذي يتحمل النفقات .

ومن مصروفات تسلم المبيع مصروفات نقله من مكان التسليم والتسلم إلى المكان $ 850 $ الذي يريده المشتري ، فكما أن البائع يتحمل مصروفات نقل المبيع إلى مكان التسليم والتسلم يتحمل المشتري نفقات نفسه من هذا المكان . وإذا كان المبيع ثمراً على الشجر –كشجر المانجو والموالح والموز ونحوها –ويبيع على هذه الحالة ، فمصروفات قطعة من الشجر تكون على المشتري لا على البائع ، وكذلك الحال في كل محصول بيع في الأرض قائماً لا مقطوعاً . وإذا كان المبيع مما يجب تصديره وكان تسليمه عند الشحن في مكان التصدير ، فإن المصروفات شحنه وإرساله إلى أن يفرغ في محطة الوصول تكون على المشتري لأنها مصروفات أنفقت لتسلم المبيع أما إ         ذا كان تسليم المبيع عند التفريغ في محطة الوصول ، فإن مصروفات شحنه وإرساله إلى هذا المكان تكون مصروفات أنفقت لتسليم المبيع لا لتسلمه ، فتكون على البائع لا على المشتري . وكذلك الحال في الرسوم التي تجبي على المبيع وقت خروجه من محطة التصدير ورسوم "الترانزيت " أثناء العبور وللرسوم التي تجبي عند الوصول البضاعة إلى محطة التفريغ ، كل هذه الرسوم يتحملها المشتري إذا كان مكان التسلم هو محطة الشحن ، ويتحملها البائع إذا كان مكان التسلم هو محطة التصدير .

وهذا كله ما لم يقض الاتفاق أو العرف بغيره ، فعند ذلك يسري الاتفاق أو العرف . فقد يقضي العرف التجاري بأن مصروفات التفريغ تكون على المشتري ، فيتحملها ولو كان التسلم في مكان التفريغ . وقد يتفق المتبايعان على أن يكون التسليم خالصاً من أجر الشحن ومن الرسوم الجمركية ، وعند ذلك يتحمل البائع الرسوم التي تجبي في نقل المبيع وقت الخروج وأثناء العبور وعند الوصول ولو كان التسلم في مكان الشحن . ولكنه لا يتحمل الرسوم التي تجبي على استهلاك المبيع في هذه الحالة ، بل الذي يتحملها هو المشتري لأنه هو الذي يستهلكها ، وذلك ما لم يكن هناك اتفاق على غيره ([1589]) .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : "أما ما يقتضيه التسلم من نفقات –في النقل والشحن وغير ذلك –فهو $ 851 $ على المشتري ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك ونفقات نقل المبيع إلى مكان التسليم تدخل ضمن نفقات التسليم فهي على البائع ، ونفقات نقله من مكان التسليم إلى مكان التسلم ( إقرأ المكان الذي يريده المشتري فإن مكان التسلم هو نفس مكان التسليم كما سبق القول ) إذا كان المكانان مختلفين تكون على المشتري ، وإذا كان المشتري في مكان غير مكان البائع ، واشترط التسليم خالص الأجر ، وجب على البائع أن ينقل المبيع إلى مكان المشتري ونفقات النقل عليه . بل قد يشترط المشتري أن يكون التسليم خالصاً ، لا من أجر الشحن وحده ، بل كذلك من الرسوم الجمركية ، فيتحمل البائع هذه الرسوم سواء كانت تجبي وقت خروج البضاعة من بلد البائع ، أو أثناء عبورها في الطريق ، أو عند وصولها إلى بلد المشتري . أما رسوم الاستهلاك التي قد تجبي عند تسلم المبيع ، فهي على المشتري . وغني عن البيان أن هذه الأحكام ليست من النظام العام ، فيجوز الاتفاق على غيرها ([1590]) .

425 - الجزاء على إخلال المشتري بالتزام تسلم المبيع :فإذا أخل المشتري بالتزامه من تسلم المبيع ، بأن كان مكان التسلم في موطن البائع ولم يتقدم لتسلمه ، أو كان في جهة أخرى ولم يذهب إليها للتسلم ، أو كان في موطنه هو فأتي له البائع بالمبيع فرفض تسلمه ، أو تخلف المشتري عن تسليم المبيع في الميعاد المحدد للتسليم ، جاز للبائع أن يطلب إيداع المبيع على ذمة المشتري بمصروفات يتحملها المشتري ، أو يتم عن طريق الحكم على المشتري بغرامة تهديدية يدفعها عن كل يوم من أيام التأخر عن التسلم ، أو يتم بطريق آخر من الطرق المقررة للتنفيذ العيني ([1591]) . ويستبق ذلك كله إعذار البائع للمشتري أن ينفذ التزامه بتسليم المبيع .
كذلك يجوز للبائع بع إعذار المشتري ، أن يطلب فسخ البيع ، ويبقى $ 852 $ويبقى للقاضي سلطته التقديرية ، فإذا رأي مبرراً للفسخ قضي به وإلا أعطي المشتري مهلة لتسلم المبيع ، وفقاً للقواعد المقررة في الفسخ القضائي . وقد يوضع في البيع شرط فاسخ اتفاقي ، فيتبع في شأنه جميع القواعد التي سبق ذكرها في شان الفسخ الاتفاقي عند عدم دفع الثمن ([1592]) .

وسواء طلب البائع التنفيذ العيني أو الفسخ ، فله في الحالتين أن يطلب تعويضاً عما أصابه من الضرر بسبب تخلف المشتري عن تنفيذ التزامه بتسليم المبيع ، وذلك كأجرة المكان الذي بقى مشغولا بالمبيع بعد حلول وقت تسلمه ([1593]) .

 $ 853 $

الباب الثاني

عقد المقايضة

$ 855 $

نظرة عامة

في عقد المقايضة

426 - النصوص القانونية : تنص المادة 482 من التقنين المدني على ما يأتي :

" المقايضة عقد به يلتزم كل من المتعاقدين أن ينقل إلى الآخر ، على سبيل التبادل ، ملكية ما ليس من النقود" .

وتنص المادة 483 على ما يأتي :

"إذا كان للأشياء المتقايض فيها قيم مختلفة في تقدير المتعاقدين ، جاز تعويض الفرق بمبلغ من النقود يكون معدلا" ([1594]) .

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادتين 356 - 357 من التقنين المدني الوطني ([1595]) .

$ 856 $

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 450 - 451 - وفي التقنين المدني الليبي المادتين 471 - 472 - وفي التقنين المدني العراقي المادة 599 - وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 499 - 501 ([1596])

427 - تمييز عقد المقايضة عن عقد البيع : ويظهر من النصوص المتقدم ذكرها أن عقد المقايضة يتميز عن عقد البيع في أن عقد البيع مبادلة شئ بمبلغ من النقود وهو الثمن ، أما عقد المقايضة فهو مبادلة شيء بشيء لا يكون أيهما مبلغاً من النقود . ففي البيع يوجد مبيع وثمن ، أما في المقايضة فلا يوجد ثمن $ 857 $ ولكن يوجد مبيع إذ الشيئان المتقايض فيهما يكون كل منهما في حكم المبيع ([1597]) .

والمقايضة ليست فحسب مبادلة حق ملكية بحق ملكية آخر ، كمبادلة دار بأرض أو سيارة بآلة زراعية أو أرض بمواش أو نحو ذلك . بل هي تكون مبادلة حق عيني آخر أو حق شخصي بالملكية أو بأي حق عيني أو شخصي آخر كمبادلة رقبة دار بحق انتفاع في دار أخرى أو في أرض ، ومبادلة حق انتفاع بحق انتفاع أو بحق ارتفاف ، ومبادلة حق انتفاع أو حق ارتفاق بحق شخصي ([1598]) .

ولكن لا بد من أن تكون المقايضة مبادلة حق بحق ، فإذا بودل حق بعمل أو بامتناع عن عمل أو بودل عمل بعمل أو عمل بامتناع عن عمل ، كما إذا أعطي شخص أرضاً لآخر في نظير أن يقوم له بعمل معين أو في نظير أن يمتنع عن عمل معين ، فهذا العقد ليس مقايضة بل هو عقد غير مسمي .

ولا بد أن تكون المقايضة كما قدمنا مبادلة حق غير نقدي ، فلا تدخل النقود في عقد المقايضة ، وهذا هو الذي يميزها عن عقد البيع . ومع ذلك فقد يدخل المقايضة نقود تكون معدلا (soulte ) ، فيما إذا كانت الأشياء المتقايض فيها لها قيم مختلفة في تقدير المتعاقدين . فإنه يجوز ، طبقاً للمادة 483 مدني المتقدم ذكرها ، تعويض الفرق بمبلغ من النقود يكون معدلا . فإذا قايض شخص بدار مملوكة له على ارض مملوكة لأخر ، وكانت قيمة الدار ألفين وقيمة الأرض ألفاً وخمسمائة في نظر المتقايضين ، فإن صاحب الدار يأخذ في مقابل داره الأرض ومعها معدل من النقود مقداره خمسمائة ، ويبقى العقد مع ذلك عقد مقايضة . وقد اختلفت الآراء ، في هذا الصدد ، فيما يميز عقد المقايضة بمعدل عن عقد البيع . فذهب رأي إلى وجوب الرجوع إلى نية المتعاقدين ، فإن أرادا العقد بيعاً $ 858 $ فهو بيع مقايضة . وذهب رأي ثان إلى جعل العقد بيعاً إذا كان المعدل أكثر من قيمة الشيء الذي قرن به لتكميل قيمته ، فإن كان المعدل أقل فالعقد مقايضة . وذهب رأي ثالث ، وهو الرأي الصحيح ، إلى أن العقد يكون مقايضة إلا إذا كان المعدل يزيد بكثير على قيمة الشيء الذي قرن به لتكمل قيمته بحيث يعتبر هذا الشيء هو المكمل للمعدل لا المعدل هو المكمل للشيء . ففي المثل السالف الذكر إذا كانت الدار قيمتها ألفان والأرض قيمتها خمسمائة ، فبودلت الدار بالأرض ومعها ألف وخمسمائة ، كان العقد بيعاً لا مقايضة ([1599]) .

428 - تطبيق أحكام البيع على المقايضة بالقدر الذي تسمح به طبيعتها –نص قانوني –وتنص المادة 485 من التقنين المدني على ما يأتي : "تسري على المقايضة أحكام البيع بالقدر الذي تسمح به طبيعة المقايضة ، ويعتبر كل من المتقايضين بائعاً للشيء الذي قايض به ، ومشترياً للشيء الذي قايض عليه . "([1600]) .

$ 859 $

ويخلص من هذا النص أن المقايضة تسري عليها في الأصل أحكام البيع ، فيعتبر كل متقايض بائعاً للشيء الذي كان مملوكاً له وقابض به ، ومشترياً للشيء الذي كان مملوكاً للطرف الآخر وقابض هو عليه . غير أن طبيعة المقايضة –وترجع إلى أنه لا يوجد فيها مبيع وثمن بل مبيع ومبيع كما قدمنا –قد تقضي ببعض مفارقات عن أحكام البيع ، فنورد ما بين المقايضة والبيع من موافقات وما بينهما من مفارقات .

1 - الموافقات بين المقايضة والبيع

429 - الأركان الاثار –تسري أحكام البيع على النحو المتقدم الذكر بالنسبة إلى أركان المقايضة وبالنسبة إلى الآثار التي تترتب عليها .

430 - أركان المقايضة –المقايضة كالبيع عقد رضائي ، يتم بتوافقالإيجاب والقبول ([1601]) ولا يشترط فيها شكل خاص ، ويثبت طبقاً للقواعد العامة في الإثبات بقيمة أحد الشيئين المتقايض فيها إذا المفروض أنهما متساويان في القيمة ، وإلا فكل التزام تقدر قيمته بقيمة الشيء محل هذا الالتزام . وأركان المقايضة التراضي والمحل والسبب .

$ 860 $

ويشترط في التراضي أن يوجد ، وأن ينصب على المقايضة لا مجرد وعد بها .

على أن الوعد بالمقايضة يجوز كما يجوز الوعد بالبيع ، وتسري على الوعد بالمقايضة يجوز كما يجوز الوعد بالبيع ، وتسري على الوعد بالمقايضة الأحكام التي تسري على الوعد بالبيع ([1602]) . ولا يكفي وجود التراضي ، بل يجب أيضاً أن يكون صحيحاً والتراضي لا يكون صحيحاً إلا إذا كان خالياً من العيوب الرضاء : الغلط والتدليس ([1603]) والإكراه والاستغلال . وخيار الرؤية في المقايضة ، كخيار الرؤية في البيع ، ينتهي إلى وجوب تعيين الشيء المتقايض عليه وعيه وعلم المتقايض . وتدخل الأوصاف على المقايضة كما تدخل على البيع ، فتجوز مثلا المقايضة بشرط التجربة وبشرط المذاق ، وتسري نفس الأحكام التي تسري على بيع التجربة وبيع المذاق .

والركن الثاني للمقايضة هو الشيئان المتقايض فيهما . ويشترط في كل منهما ما يشترط في البيع ، إذ أن كلا منهما في حكم البيع كما قدمنا . فيجب أن يكون الشيء المتقايض فيه موجوداً ، والشيء المتنازع فيه لا يجوز أن يتعامل فيه عمال القضاء ولا المحامي بالمقايضة مع موكله على النحو الذي رأيناه في البيع ([1604]) . ويجب أن يكون الشيء المتقايض فيه معيناً تعييناً كافياً ، وتجوز المقايضة في شيء جزاف وفي شيء يعين بالتقدير كيلا أو مقاساً أو وزناً أو عداً ، فيجوز مقايضة عشرة أرادب من القمح بعشرين أردباً من الذرة مثلا . ويجوز تعيين الشيء المتقايض فيه عن طريق العينة كما يجوز تعيين المبيع ، ويصح أن يكون الشيء $ 861 $ المتقايض فيه حصة شائعة كما يصح ذلك في المبيع . ويجب أن يكون الشيء المتقايض فيه صالحاً للتعامل فيه ، وبخاصة يجب أن يكون مشروعاً . ويجب أخيراً أن يكون الشيء المتقايض فيه مملوكاً للمتقايض ، والمقايضة يملك الغير كبيع ملك الغير قابلة للإبطال لمصلحة المتقايض الآخر . كذلك المقايضة في مرض المورث كالبيع في مرض الموت ، ويفرض فيها أنها تستر تبرعاً فتأخذ حكم الوصية . وحكم مقايضة الوارث بمال التركة قبل سداد الدين هو حكم تصرفه بالبيع ، وكذلك يسري حكم البيع في المقايضة بالمال المحجوز عليه وفي مقايضة المعسر بماله .

والركن الثالث في المقايضة هو السبب ، وتسري فيه الأحكام العامة المقررة في نظرية السبب

431 - الآثار التي تترتب على المقايضة –والآثار التي تترتب على المقايضة هي نفس الآثار التي تترتب على البيع من حيث التزامات البائع لا من حيث التزامات المشتري . فيلتزم كل من المتقايضين بنقل ملكية الشيء الذي يقايض به إلى الطرف الآخر ، كما يلتزم بتسليمه إياه وبضمان التعرض والاستحقاق وبضمان العيوب الخفية .

وتنتقل ملكية الشيء المتقايض فيه من مالكه إلى المتقايض الآخر بمجرد تمام المقايضة في المنقول المعين بالذات ، وبالإفراز فيما عين بنوعه ، وبالتسجيل في العقار ([1605]) . ويترتب على انتقال الملكية في المقايضة ما يترتب على انتقال $ 862 $ الملكية في البيع . ويجوز أن تكون المقايضة سبباً صحيحاً في تملك العقار بالتقادم القصير ([1606]) وفي تملك المنقول بالحيازة .

ويلتزم كل متقايض بتسليم الشيء الذي قايض به إلى المتقايض الآخر في الحالة التي كان عليها وقت المقايضة . وحكم العجز والزيادة في مقدار الشيء المتقايض فيه هو نفس حكم العجز والزيادة في مقدار البيع ([1607]) . والطريقة التي يتم بها التسليم ، وزمان التسليم ومكانه ونفقاته ، وجزاء الإخلال بهذا الالتزام ([1608]) ، كل ذلك تسري عليه الأحكام التي تسري على الالتزام بالتسليم في البيع ويتحمل كل متقايض تبعة هلاك الشيء الذي قايض به إذا وقع الهلاك قبل التسليم ، بالتفصيلات التي قررناها في البيع .

ويلتزم كل متقايض بضمان التعرض والاستحقاق في الشيء الذي قايض به على النحو الذي رأيناه في البيع ([1609]) . ولكل منهما حبس الشيء الذي قايض به $ 863 $ أو فسخ المقايضة إذا استحق الشيء الذي قايض عليه أو ظهر فيه عيب يوجب الضمان ([1610]) .

$ 864 $

المفارقات بين المقايضة والبيع

432 - مبدأ عام : يمكن القول بوجه عام أن أحكام البيع المتعلقة بالثمن أو بالتزامات المشتري الراجعة إلى الثمن لا تسري في عقد المقايضة ، لتعارض هذه الأحكام مع طبيعة المقايضة . فالمقايضة ليس فيها ثمن كما قدمنا ، فأحكام البيع المتعلقة بالثمن ليس لها محل في عقد المقايضة ، ولا تسري في هذا العقد بداهة . فإذا دخل عنصر النقد في المقايضة –ويتحقق ذلك في المقايضة بمعدل من ا لنقود –سرت أحكام الثمن على هذا المعدل وحده بالمقدار الذي لا يتعارض مع عقد المقايضة ([1611]) ، فيثبت مثلا حق امتياز للمتقايض الدائن بالمعدل على الشيء الذي قايض به ([1612]) . والتزام المشتري الذي لا يتعلق بالثمن ، وهو التزام بتسليم المبيع ، تسري أحكامه في عقد المقايضة كما تسري في عقد البيع .

433 - تطبيقات لهذا المبدأ العام - نص قانوني :ومن أهم تطبيقات هذا المبدأ أن الأحكام التي تتعلق بوجوب أن يكون الثمن نقوداً $ 865 $ وأن يكون مقدراً أو قابلا للتقدير وأن يكون جدياً ، وما يتصل ببخس الثمن من أحكام الغبن الفاحش ([1613]) في البيع ، كل هذه الأحكام لا محل لتطبيقها في عقد المقايضة .

كذلك الأحكام المتعلقة بالتزامات المشتري فيما يرجع منها إلى الثمن ، كالتزامات الوفاء بالثمن ودفع الفوائد وزمان دفع الثمن ومكانه ، كل هذه الأحكام لا محل لسريانها في عق المقايضة . إلا أن الأحكام المتعلقة بتملك المشتري لثمر المبيع ونمائه وتحمل نفقاته ، وحبس المشتري للثمن ( ويقابله الشيء المقايض به ) حتى يستوفي المبيع غير مهدد بتعرض أو استحقاق وغير معيب ، وحبس البائع للمبيع حتى يستوفي الثمن ( ويقابله الشيء المقايض عليه ) ، وفسخ العقد لعدم الوفاء بالثمن ( ويقابله الشيء المقايض عليه ) أو لعدم تسليم المبيع أو لعدم نقل ملكيته ، كل هذه الأحكام تسري في عقد المقايضة كما تسري في عقد البيع ([1614]) .

ومما يترتب على أن المقايضة لا يوجد فيها ثمن ما يأتي : ( 1 ) لا يتصور في المقايضة عادة . ( 2 ) لا يقع عادة في المقايضة صورة تقابل البيع بالتقسيط أو تقابل لإيجار الساتر للمبيع . ( 3 ) لا يقع عادة في المقايضة صورة يقابل بيع الوفاء ([1615]) . $ 866 $ ( 4 ) لا يقع عادة في المقايضة صورة تقابل البيع مع حق التقرير بالشراء عن الغير . (5 ) لا تسري في المقايضة الأحكام المتعلقة باسترداد الحق المتنازع فيه ([1616]) ، ولا أحكام العجز في المقدار ([1617]) . ( 6 ) لا يوجد حق امتياز لأي حق المتقايضين على الشيء الذي قايض به ، لأن حق الامتياز إنما قرره القانون لضمان الثمن . ولكن إذا وجد في المقايضة معدل ، كان مضموناً بحق امتياز كما سبق القول . ( 7 ) لا شفعة في المقايضة ([1618]) .

ومما يترتب على أنه كما يعتبر كل من المتقايضين بائعاً لما قايض به يعتبر كذلك كل منهما مشترياً لما قايض عليه ، ما نصت عليه المادة 484 مدني من أن "مصروفات عقد المقايضة وغيرها من النفقات الأخرى يتحملها المتقايضان مناصفة ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك "( 1 ) . والأصل في عقد البيع أن مصروفات البيع يتحملها المشتري كما قدمنا ، فإذا أردنا تطبيق هذا الحكم على المقايضة وجب اعتبار كل من المتقايضين مشترياً لما قايض عليه ، ووجب $ 867 $ تبعاً لذلك تقسيم هذه المصروفات مناصفة بينهما ([1619]) . وبوجه خاص وجب تقسيم رسوم التسجيل ([1620]) بينهما مناصفة ، دون اعتداد بما عسي أن يوجد من فرق في القيمة بين البدلين . وهذا كله ما لم يوجد اتفاق ([1621]) . أو عرف يقضي بغيره ([1622]) .

 

 


 
([1]) والعقود الشكلية في القانون الروماني هي عقد الاستدانة ( nexum ) يتم بالسبيكة والميزان ، والعقد الكتابي ( litteris ) ، والعقد اللفظي ( verbis, stipulation ) .
([2]) أنظر في منشأ هذه العقود جيرار ص 598 وما بعدها . ولم تكن هذه الاتفاقات في الأصل عقوداً ، فكان إذا قام أحد الطرفين بما اتفق عليه الآخر لم يجز له أن يطالبه بتنفيذ ما عليه ، إذ لم يوجد عقد ينشئ هذا الالتزام . ولم يكن أمام الطرف الأول إلا أن يلجأ إلى دعوى الإثراء بلا سبب إذا توافرت شروطها ، فيسترد بها ما يكون قد أداه ولم يستوف مقابله . ثم إن لابيون ( labeon ) – الفقيه الروماني المعروف أدخل في القانون دعوى ( praescriptio verbis ) أعطاها للدائن إذا كان العقد يدور بين جملة من العقود المعترف بها . وانتقلت هذه الدعوى من منطقة العقود المعترف بها إلى منطقة الاتفاقات. فكانت تعطى في بعض اتفاقات يقوم فيها أحد الطرفين بتنفيذ ما اتفق عليه مع الآخر ، فيستطيع بموجب هذه الدعوى أن يطالب الطرف الآخر بتنفيذ ما اتفق عليه معه . فيكون له بذلك أن يطلب تنفيذ العقد ، ولا يقتصر على استرداد ما وفاه بدعوى الإثراء بلا سبب. على أن تعميم هذه الدعوى في جميع الاتفاقات التي يقوم فيها أحد الطرفين بتنفيذ ما عليه لم يأت إلا متأخراً في عهد جوستنيان ، كما ثبت ذلك من الأبحاث الأخيرة في القانون الروماني ( أنظر نظرية العقد للمؤلف ص 120 هامش رقم 3 ) . لا
([3]) جيرار ص 606 .
([4]) أنظر في كل ذلك نظرية العقد المؤلف فقرة 124 .
([5]) وأغفل في الوقت ذاته تنظيم عقد الغاروقة الذي كان التقنين المدني السابق ينظمه ، بعد أن ألغى نظام الأراضي الخراجية وهو النظام الذي كان عقد الغاروقة يقوم عليه .
([6]) وإن كان المشرع المصري قد تناول في القانون رقم 254 لسنة 1954 الخاص بحماية المؤلف بعض المسائل الذي ينظمها عقد النشر .
([7]) مثل ذلك تقنين الالتزامات السويسري فقد نظم عقد النشر .
([8]) مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 11 .
([9]) ويعرف هذا العقد في القانون الفرنسي بعقد الكشف عن الإرث ( contrat revelation de succession ) : بودرى وبارد 1 فقرة 20 ص 19 .
([10]) دوما في القوانين المدنية القسم الأول الكتاب الأول الباب الأول الفصل الأول فقرة 7 .
([11]) ديموج 2 فقرة 917 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان العقد مشتملا على التزامات متبادلة بين طرفيه ، إذ التزم أحدهما أن يملك الآخر ( مجلس مديرية المنيا ) قطعة أرض بشرط أن يقيم عليها مؤسسة خيرية ، فإنه لا يكون عقد تبرع ، كما أنه ليس ببيع ولا معاوضة . وإنما هو عقد غير مسمى ، فلا تجب له الرسمية ، ولا يجوز الرجوع فيه . وذلك على الرغم مما هو وارد في الاتفاق من ألفاظ التنازل والهبة والتبرع ، فإن كل هذه الألفاظ إنما سيقت لبيان الباعث الذي حدا بصاحب الأرض إلى تمليك المجلس إياها ، فهي لا تؤثر بحال على كيان العقد وحقيقته ( نقص مدني 11 أبريل سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 49 ص 153 ) .

وقد أورد الأستاذ والتون ( جزء أول ص 80 – ص 81 ) أمثلة على عقود غير مسماة منها :

1- اتفقت إدارة مستشفى مع مدرسة طبية على أن يضع المستشفى تحت تصرف المدرسة عدداً من الأسرة تستخدم لأغراض التعليم الطبي ، ولم يحدد أجل لذلك . فقضت المحاكم الفرنسية بأن العقد ليس إيجاراً ولا بيعاً ولا عقداً مقرراً لحق ارتفاق ، وإنما هو عقد غير مسمى ( دويه الاستئنافية 25 فبراير سنة 1903 داللوز 1904 – 2 – 173 ) .

2- اتفق تاجر مع مصرف على أن يقدم المصرف للتاجر معلومات عن الحالة المالية لتاجر آخر ، فهذا عقد ليس بوكالة ن ولا هو إيجار عمل لأنه لم يتفق فيه على أجر ، فهو عقد غير مسمى ( نظرية العقد للمؤلف ص 123 هامش رقم 4 ) .
([12]) والتكييف يسبقه تفسير إرادة المتعاقدين ، والتفسير مسألة واقع . فإذا استخلص قاضي الموضوع إرادة المتعاقدين ، أنزل عليها حكم القانون لتكييف العقد والكشف عن ماهيته . والتكييف مسألة قانون لا مسألة واقع ، فهي تخضع لرقابة محكمة النقض . ولا تتقيد المحكمة بتكييف المتعاقدين للعقد ، بل تصحح هذا التكييف من تلقاء نفسها ، شأن قواعد التكييف في ذلك شأن سائر القواعد القانونية تطبقها المحكمة تلقائياً ولا تطلب عليها دليلاً . وإذا تعمد المتعاقدان أن يكيفا العقد تكييفاً غير صحيح ، فإن التكييف غير الصحيح في هذه الحالة يلتبس بالصورية والفرق بينهما – كما ذكر الأستاذ إسماعيل غانم في مذكراته غير المطبوعة في البيع ص 7 – أن الصورية تنطوى على تصرف ظاهر يخفى وضعاً حقيقياً ، والأصل الأخذ بالتصرف الظاهر إلا إذ أثبت صاحب المصلحة الوضع الحقيقي ، فعلى هذا إذن يقع عبء الإثبات . أما التكييف غير الصحيح فلا ينطوى إلا على تصرف واحد كيفه المتعاقدان تكييفا خاطئاً ، وعلى المحكمة تصحيح هذا التكييف من تلقاء نفسها دون حاجة إلى أن تلقى عبء الإثبات على أحد المتعاقدين ، بل دون حاجة إلى طلب الإثبات من أحد .

       وقد يعتمد المتعاقدان أن يكيفا التصرف تكييفاً غير صحيح بقصد التحايل على القانون ، فالقاضي يصحح هذا التكييف ويرد على المتعاقدين قصدهما . ويذهب الأستاذ إسماعيل غانم ( مذكراته غير المطبوعة في البيع ص 7 – ص 10 ) إلى أن التحايل على القانون لا يقتضي حتما أن يكون تكييف العقد تكييفاً غير صحيح ، فقد يكيف المتعاقدان العقد تكييفاً صحيحاً وهما مع ذلك يريدان التحايل على القانون . فإذا أراد شخص أن يعطى آخر أكثر من ثلث تركته بعد موته مع وجود ورثة له ، فهو إذا عمد إلى الوصية لم يستطع بلوغ هذا الغرض إذ لا تجوز الوصية بأكثر من ثلث التركة . فيعمد إلى الهبة أو البيع ، ويتجرد عن الملك في الحال ، ولكنه يستبقى لنفسه فوائد هذا الملك عن طريق اشتراط حق المنفعة لنفسه طول حياته . ولا يقال إن المتصرف أراد الوصية وكيفها بأنها هبة ، بل هو أراد الهبة حقاً وتجرد عن ملك الرقبة في الحال مستبقياً لنفسه حق الانتفاع . فالتكييف هنا تكييف صحيح ، ولكن المتصرف قصد التحايل على القانون . فيبقى التصرف على تكييفه الصحيح هبة لا وصية ، ولكن يرد على المتصرف قصده فلا ينفذ التصرف إلا من ثلث التركة . ومن ثم يجعل للتصرف حكم الهبة من حيث عدم جواز الرجوع فيه دون قيد وذلك إعمالا للتكييف الحقيقي ، ويجعل له حكم الوصية من حيث عدم نفاذه إلا في ثلث التركة وذلك حتى يرد على المتصرف قصده المشوب بالتحايل على القانون .

        ولا يجري القضاء في مصر على هذا الرأي . فهو إذ تثبت من أن المتصرف أراد التجرد من ملك الرقبة في الحال واصفاً التصرف بأنه هبة أو بيع ، قضى بنفاذ التصرف ولو زاد على ثلث التركة . ولا ينقص التصرف إلى ثلث التركة إلا إذا كشف أن تكييف المتصرف لتصرفه غير صحيح ، وأنه أراد الوصية – أي عدم التجرد عن الملك إلا بعد الموت – وكيفها هبة أو بيعاً .

      هذا وانظر في أن التكييف يفترض العلم ابتداء بما هية العقود المختلفة ، ثم تفسير إرادة المتعقادين لمعرفة مضمونها وبالمقابلة بين ما اتجهت إليه إرادة المتعاقدين والماهية القانونية لكل عقد من العقود يمكن وصف الرابطة التعقادية =
= أي تكييفها ، إلى الأستاذ منصور مصطفى منصور في البيع والمقايضة والإيجار فقرة 6 – وأنظر في مسألة تكييف العقود رسالة الدكتور أحمد زكي الشيتي بالفرنسية سنة 1944 .

([13]) نظرية العقد للمؤلف ص 125 هامش رقم 1 .
([14]) مصر الكلية 3 أكتوبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 260 ص 361 .
([15]) نظرية العقد للمؤلف فقرة 130 .
([16]) هو نص المادة 127 من هذا المشروع : أنظر آنفاً فقرة 3 .
([17]) أنظر مقاله المنشور في المجلة الانتقادية سنة 1904 ص 470 وما بعدها .
([18]) نظرية العقد للمؤلف فقرة 629 .
([19]) وقد نعت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد هذا الاضطراب في العبارات الآتية : (( إن التقنين المدني الحالي ( السابق ) وضع العقود المسماة بعضها إلى جانب بعض ، دون أن ينتظمها ترتيب يتشمى فيه منطق سليم ، فحشر الكفالة بين الوديعة والوكالة ، وجمع ما بين عقود الإيجار والاستصناع والعمل في باب واحد مع ما يوجد بين هذه العقود من تباين ، وفصل ما بين رهن الحيازة والرهون الأخرى فصلا ينطوى على كثير من التحكم إذ وضع رهن الحيازة بين العقود المسماة ونقل سائر الرهون إلى الكتاب الذي خصصه لحقوق الدائنين )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 5 ) .
([20]) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 5 .
* مراجع في عقد البيع : لوران 24 في البيع والمقايضة الطبعة الخامسة بروكسل سنة 1893 – هيك 10 في البيع والإيجار باريس سنة 1897 – جيوار في البيع والمقايضة الطبعة الثالثة جزءان باريس 1902 – 1904 – أو بري ورو وإسمان 5 الطبعة السادسة باريس سنة 1947 – بودري وسينيا الطبعة الثالثة باريس سنة 1908 – بيدان وليريبور بيجونيير وبريت دي لاجريسي 11 باريس 1938 – بلانيول وريبير وهامل 10 الطبعة الثانية باريس سنة 1956 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 الطبعة الثالثة باريس سنة 1949 – كولان وكايبيتان ودي لامورانديير 2 الطبعة العاشرة باريس سنة 1948 – جوسران 2 الطبعة الثانية باريس سنة 1933 – أنسيكلوبيدى داللوز 5 باريس سنة 1955 .

        رسائل إيرو ( Eyraud ) في البيع والإيجار باريس سنة 1904 . ا . ألبير ( A. Albert ) في التمييز بين بيع المنقول وإيجار العقار أو المنقول بواتييه سنة 1906 – ديفي ( Defaye ) في الوعد بالبيع باريس سنة 1907 – فواسان ( Foissin ) في الوعد بالبيع تولوز سنة 1924 – ميريس ( Murisse ) في الوعد بالبيع باريس سنة 1925 – كورني ( Cornille ) في البيع وإيجار الأشياء ليل سنة 1926 – بوالار ( Boilard ) في الوعد بالبيع كان سنة 1929 – بريتيلار ( Bretillard ) في الوعد بالتفصيل باريس سنة 1929 – دوتريش  ( Dautriche ) باريس سنة 1930 – تيريون ( Thirion ) الإيجار مع الوعد بالبيع نانسى سنة 1930 – بوابيه ( Boyer ) في الوعد بالبيع تولوز سنة 1932 – ديلومز ( Delommez ) في الوعد بالبيع ليل سنة 1947 .

        مؤلفات في القانون المصري والقوانين العربية : الأستاذ أنور سلطان سنة 1951 – الأستاذان سليمان مرقس ومحمد علي إمام سنة 1952 وسنة 1954 – الأستاذ محمد كامل مرسي سنة 1953 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي سنة 1956 – الأستاذ جميل الشرقاوي سنة 1956 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي 1956 و 1957 – الأستاذ منصور مصطفى منصور 1956 – 1957 – الأستاذ إسماعيل غانم ( مذكرات غير مطبوعة سنة 1958 ) – الأستاذ مصطفى الزرقا في البيع في القانون المدني السوري دمشق سنة 1953 – الأستاذ حسن علي الزنون في البيع في القانون المدني العراقي بغداد سنة 1954 – الأستاذ عباس حسن الصراف في البيع والإيجار بغداد سنة 1956 – في القانون المدني المصري السابق : الأستاذ محمد حلمي عيسى في شرح البيع سنة 1916 – الأستاذ أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي سنة 1940 ( وأنظر طبعة سنة 1954 في القانون الجديد ) .

      وفي إشارتنا إلى هذه المراجع المختلفة نحيل إلى الطبعات المبينة فيما تقدم .
([21]) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 556 من المشروع التمهيدي على وجه مقارب لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة أدخلت تعديلات لفظية ، وأصبحت المادة رقمها 431 في المشروع النهائي . وفي مجلسي النواب والشيوخ أدخلت تعديلات لفظية ، وأصبحت المادة رقمها 431 في المشروع النهائي . وفي مجلسي النواب والشيوخ أدخلت تعديلات لفظية طفيفة أخرى فأصبح التطابق تاماً تحت رقم المادة 418 (مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 13 – ص 16 ) .
([22]) التقنين المدني السابق م 235 / 300 : البيع عقد يلتزم به أحد المتعاقدين نقل ملكية شيء للآخر في مقابل التزام ذلك الآخر بدفع ثمنه المتفق عليه بينهما .
([23]) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 386 ( مطابقة للمادة 418 من التقنين المدني المصري . وأنظر في التعليق على التعريف من وجهة نظر الفقه الإسلامي والتمييز بين حكم البيع وحقوقه الأستاذ مصطفى الزرقا في البيع في القانون المدني السوري فقرة 24 – فقرة 27 ) .

التقنين المدني الليبي م 407 ( مطابقة للمادة 418 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 506 : البيع مبادلة مال بمال .

م 507 : البيع باعتبار المبيع إما أن يكون بيع العين بالنقد وهو البيع المطلق ، أو بيع النقد بالنقد وهو الصرف ، أو بيع العين بالعين وهي المقايضة .

( ويلاحظ أن التقنين العراقي جرى في تعريف البيع على نهج الفقه الإسلامي ، فجعل البيع شاملا للبيع المطلق والصرف والمقايضة . ولم ير حاجة للإشارة إلى السلم ، إذ لم يعد هناك مقتض لإفراد السلم بالذكر بعد أن أصبح بيع الشيء المستقبل جائزاً بوجه عام ، لا بيع السلم فحسب ، فتحلل التقنين العراقي بذلك من قيود السلم المعروفة في الفقه الإسلامي : أنظر في هذا المعنى الأستاذ الذنون في البيع في القانون المدني العراقي فقرة 15 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 372 : البيع عقد يلتزم فيه البائع أن يتفرغ عن ملكية شيء ، ويلتزم فيه الشاري أن يدفع ثمنه .

( وتعريف التقنين اللبناني يقارب تعريف التقنين المصري السابق ، فهو لم يذكر في خصوص المبيع إلا ملكية الشيء ، ولم يبين وجوب أن يكون الثمن نقداً ) .
([24]) ومن ثم كان البيع بيعاً بالنسبة إلى البائع ، وشراء بالنسبة إلى المشتري . وكان الرومان يراعون هذا التركيب المزدوج ، فيسمون العقد (( الشراء والبيع )) ( emptio venditio ) ، فإذا اختصروها ففي لفظ الشراء ( emptio ) لا في لفظ البيع ( venditio ) ، لأن الدور الغالب في الإجراءات الشكلية وفي الإشهاد في القانون الروماني كان للمشتري لا للبائع ( رويز في عقد البيع في القانون الروماني : مجلة القانون والاقتصاد 7 ص 192 ) . ولا يزال التقنين المدني الألماني يطلق على البيع اسم الشراء ( Kauf ) ، لغلبة الدور الذي يقوم به المشتري ( الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 2 ص 5 ) . أما التسمية الغالبة في القوانين اللاتينية وفي الفقه الإسلامي فهي البيع ، لأن أحد البديلين وهو المبيع يكون عيناً معينة بالذات إما وقت العقد أو عند التسليم ، وتتغلب ذاتيتها على الثمن الذي هو دين في الذمة . كذلك يبرز في خصوص المبيع المدين بنقل ملكيته وهو البائع على الدائن بهذه الملكية وهو المشتري ، كما برز الالتزام على الحق الشخصي فاقتصرنا على لفظ (( الالتزام )) .
([25]) أنظر نص المادة 235 / 300 من التقنين المدني السابق في الحاشية .
([26]) وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : (( أخذ المشروع هذا التعريف عن التقنين المصري الحالي ( السابق ) وعن التقنين البولوني . ويمتاز عن تعريف التقنين المصري بأمرين : ( أولهما ) أنه لا يقصر البيع على نقل الملكية ، بل يجاوز ذلك إلى نقل أي حق مالي آخر . فالبيع قد يقع على حقوق عينية غير الملكية كحق انتفاع أو حق ارتفاق ، وقد يقع على حقوق شخصية كما في حوالة الحق إذا كانت في مقابل مبلغ من النقود . ( والأمر الثاني ) أنه يبين أن الثمن لا بد أن يكون من النقود ، وهذا وصف جوهري في الثمن يحسن أن يذكر في التعريف ، لأنه هو الذي يميز بين البيع والمقايضة . وهذا غير الشريعة الإسلامية ، ففيها أن البيع مبادلة مال بمال ، فيشمل غير البيع المقايضة والصرف . ولا يوجد في النصوص المقابلة تعريف لتقنين أجنبي جمع بين هذين الأمرين . فمن التقنينات ما يغفلهما جميعاً ، كما فعل التقنين المصري السابق ، ومثله الفرنسي ( م 1582) ، والإيطالي ( م 323 ) ، والهولندي ( م 1493 ) ، واللبناني ( م 372 ) ، والمشروع الفرنسي الإيطالي ( م 323 ) ، والسويسري ( م 184 ) ، والسوفييتي ( م 180 ) ، والياباني ( م 555 ) . ومنها ما يقتصر على ذكر أن المبيع قد يكون حقاً مالياص آخر غير الملكية ويغفل أن الثمن يجب أن يكون نقداً ، كما فعل التقنين التونسي ( م 564 ) ، والتقنين المراكشي ( م 478 ) ، والتقنين الألماني ( م 433 ) ، والتقنين البولوني ( م 294 ) ، والتقنين الصيني ( م 245 ) . ومنها ما يعكس الأمر ، فيقتصر على ذكر أن الثمن يجب أن يكون نقداً ويغفل النص على جواز بيع الحقوق المالية الأخرى غير الملكية ، كما فعل التقنين الأسباني ( م 1445 ) ، والتقنين البرتغالي ( م 1544 ) ، والتقنين الأرجنتيني ( م 1357 ) ، وتقنين كويبك ( م 1472 ) ، والتقنين النمساوي ( م 1053 ) ، والتقنين البرازيلي ( م 1122 ) )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 15 – ص 16 ) .

     ويأخذ الأستاذ سليمان مرقس ( عقد البيع فقرة 12 ص 23 ) على تعريف التقنين المدني الجديد أنه لا ينبئ (( عن أهم أثر يترتب على البيع في القانون الحديث وهو انتقال الملكية بمجرد العقد )) . ولكن يلاحظ أن انتقال الملكية ليس أثراً لعقد البيع ، بل هو أثر للالتزام بنقل الملكية الذي ينشئه البيع . وقد نصت المادة 204 مدني – كما لاحظ الأستاذ سليمان مرقس – على أن (( الالتزام بنقل الملكية أو أي حق عيني آخر ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق ، إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم ، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل )) . ولا شك في أن جعل الالتزام بنقل الملكية هو الذي ينقلها من تلقاء نفسه أدق من إسناد هذا الأثر إلى عقد البيع ، وبخاصة إذا أحيط هذا الأثر بقيوده فلا تنتقل الملكية إلا إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم دون إخلال بقواعد التسجيل . وهذه كلها قيود لا ترد على عقد البيع ذاته ، فلو لم يكن محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم فإن العقد يبقى بيعاً ، وهو مع ذلك لا ينقل الملكية وإنما ينشئ التزاماً بنقلها . وكذلك البيع المسجل يبقى  بيعاً ، مع أنه لا ينقل الملكية إلا بالتسجيل . وهذا ما جعل الأستاذ سليمان مرقس يستدرج     =
= فيقول : (( ولعل ما حدا المشرع إلى ذلك ملاحظته أن بعض البيوع لا يترتب عليها هذا الأثر ورغبته في وضع تعريف شامل لجميع أنواع البيع )) .

     وقد تولى الأستاذ منصور مصطفى منصور ( البيع والمقايضة والإيجار فقرة 9 ص 14 – ص 16 ) الرد بتفصيل على اعتراض الأستاذ سليمان مرقس . قارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي ( فقرة 23 ص 36 ) والأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ( فقرة 12 ص 14 – ص 16 ) والأستاذ جميل الشرقاوي ( فقرة 7) والأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ( فقرة 27 ) .

([27]) أنظر فقرة 229 – فقرة 232 فيما يلي .
([28]) أنظر فقرة 231 فيما يلي .
([29]) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن نقل الملكية في مقابل ثمن معين يكون بيعاً ، ولو لم يذكر لفظ البيع ( 17 يونيه سنة 1915 م 27 ص 412 ) .
([30]) وهناك فروق واضحة بين أحكام البيع وأحكام الهبة من وجوه مختلفة : من ناحية الشكل ، ومن ناحية الأحكام الموضوعية وبخاصة من ناحية الدعوى البولصية وصدور التصرف في مرض الموت وضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية والغلط في الشخص وغير ذلك من المسائل التي تعرف في مواضعها .
([31]) وقد يتخذ البيع ستاراً للهبة ، فيذكر فيه عوض على أنه الثمن ، ثم يهب البائع الثمن للمشتري . مثل هذا العقد لا شك في طبيعته فهو هبة ، بل هبة مكشوفة . وتسري عليه أحكام الهبة ، لا من حيث الموضوع فحسب بل أيضاً من حيث الشكل . فإذا أتقن الواهب ستر الهبة ولم يذكر أنه وهب الثمن للمشتري بل ذكر أنه قبضه ، فالعقد هبة مستورة ، تسري عليه أحكام الهبة من حيث الموضوع ، ولا تسري عليه أحكامها من حيث الشكل فلا تشترط فيه الرسمية .

بل إن الوصية – وهي تصرف من جانب واحد لا عقد ، وتبرع كالهبة لا معاوضة كالبيع – تلتبس كثيراً بالبيع وتتخذه ستاراً لها . وقد جاء في الجزء الأول من الوسيط في هذا الصدد : (( وكثيراً ما تستتر الوصية تحت اسم آخر كالبيع ، فعلى محكمة الموضوع أن تتبين إرادة المتصرف ، البائع والمشتري على بقاء العين المبيعة تحت يــد
البائع لينتفع بها طول حياته : بيع أو هبة مستترة ( 13 أبريل سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 179 ص 547) – نفذ العقد في حياة البائع برفع يده عن الأرض المبيعة واتخاذ كل التدابير اللازمة لتسجيل العقد : بيع (11 مارس سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 286 ص 564 ) – الاحتفاظ بحق الانتفاع مدة الحياة ومنع المشتري من التصرف لا يحول دون اعتبار التصرف بيعاً ( 8 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 218 ص 583 ) – ليس من الضروري وضع المشتري يده على العين لتكييف العقد بيعاً ( 19 مايو سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 422 ص 718 ) – نزل البائع للمشترين عن باقي الثمن واشترط ألا يتصرف المشترون في المبيع ما دام حياً ولكن صدر منه بعد ذلك إقرار يلغي هذا الشرط ويطلق للمشترين حرية التصرف ، فهذا بيع لا وصية ( 8 يونيه سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 188 ص 574 ) – لا يكفي لتكييف العقد وصية اشتراط موافقة البائع على تصرف المشتري ( 29 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 44 ص 152 ) – بيع مسجل من والد إلى ولده : بيع أو هبة مستترة ( 20 ديسمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 46 ص 256 ) – اشتراط البائع على المشتري عدم التصرف في العين المبيعة ما بقي البائع حياً لا يمنع من تكييف العقد بيعاً ( 24 يناير سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 69 ص 406 – وفي تكييف العقد وصية : لم يسجل البيع واستأجر البائع المبيع ورهن بعض الأطيان ( 2 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 76 ص 289 ) – وجود ورقة ضد تقضي بأن البيع لا يسري إلا بعد وفاة البائع ( 6 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 102 ص 597 ) ، استبقاء البائع حيازة المبيع وعدم دفع المشتري للثمن ومنعه من التصرف وعدم إلزامه بدفع الأموال ( 10 أبريل سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 130 ص 897 ) – تصرف من والد إلى ولده بثمن بخس مع احتفاظ البائع بحق الانتفاع ومنع المشتري من التصرف ( 22 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 172 ص 1120 ) – عقد صادر من مورث إلى وارث وقد ثبت أن المورث لم يكن في حاجة إلى بيع أملاكه ولم يقبض ثمناً وظل واضعاً يده على المبيع طول حياته واحتفظ بالعقد عنده حتى لا يسجل ( 28 أكتوبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 1 ص 32 ) – وقضت محكمة النقض بأنه إذا كان النزاع غير قائم حول صحة التصرف باعتباره وصية ، وإنما كان قائماً حول تعرف نية المتصرف هل هي البيع أو الهبة أو الوصية ، فلا شأن لجهة الأحوال الشخصية به ، بل الشأن فيه لجهة القضاء العادي ( 9 نوفمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 156 ص 437 ) .

    وأنظر أيضاً في تكييف العقد وهل هو وصية أو عقد تمليك منجز : نقض مدني 5 يناير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 2 ص 43 – 26 يناير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 15 ص 125 ( إيداع مبلغ في صندوق التوفير باسم شخص معين ) – 2 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 19 ص 148 – 9 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 26 ص 205 – 15 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 45 ص 306 .

([32]) جيوار 1 فقرة 70 .
([33]) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 8 .
([34]) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 3 ص 5 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 11 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت من أوراق الدعوى أن الطاعن قد تعاقد مع وزارة المالية على أن يقوم باستغلال النطرون الجاف بمستنقعات منطقتين رسا مزادهما عليه مقابل ثمن معين ، وعلى أن يدفع لوزارة المالية علاوة على هذا الثمن أتاوة كذا جنيهاً عن كل طن ، كما استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أو وزارة المالية لم تتفق مع الطاعن على حد أدنى لكمية النطرون الذي يقوم باستخراجه مقابل الثمن الذي رسا به المزاد عليه ، فهذا العقد موضوعه محصول طبيعي غير متجدد وليس ثمرة أو ريعاً للمستنقعات المذكورة ، لكونها جزءاً منه لا بد من نفاده يوماً ما . وحقيقته – مهما كان قد ورد فيه من ألفاظ المؤجرة والإيجار والمستأجر – أنه عقد بيع للنطرون لا عقد إيجار للمستنقعات . والمبيع بموجبه هو عين معينة هي كل النطرون الموجود بالمستنقعات بلا حاجة إلى وزن ، وثمنه قد حدد دون توقف على وزن فيما عدا مبلغ الإتاوة . وينبني على ذلك اعتباره بيعاً جزافاً ، فهو يقع لازماً مهما كان مقدار المبيع أقل مما أمله المشتري ( 6 ديسمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 31 ص 161 ) .
([35]) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 2 ص 5 – ص 6 .
([36]) أما التكييف القانوني للعقد بعد استخلاص نية المتعاقدين الواقعية فمسألة قانون تخضع لرقابة محكمة النقض ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 3 ) . ويراعي في التكييف أن البيع ينشئ التزاماً بنقل الملكية ، أما الإيجار فينشئ التزاماً بعمل هو تمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة .
([37]) وليس من الضروري ليكون العقد إيجاراً أن يكون للمستأجر الحق في جميع وجوه الانتفاع بالعين المؤجرة ، فقد يؤجر صاحب الأرض بعض منافع أرضه ، كأن يؤجر حق الصيد فيها ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 3 ص 6 ) .

     وقد يقال إن الإيجار عقد زمني فالزمن فيه عنصر جوهري ، أما البيع فعقد فوري . وهذا المعيار صحيح في جملته وإن كانت هناك بيوع الزمن فيها عنصر جوهري فتكون عقوداً زمنية وذلك كعقود التوريد .
([38]) أنظر فقرة 90 – فقرة 94 فيما يلي – وقد يشتبه البيع بالإيجار في التنازل عن الإيجار والإيجار من الباطن ، حيث ينزل المستأجر عن إيجاره لغيره وهذا هو البيع أو يؤجر حقه للغير وهذا هو الإيجار من الباطن . ويرجع في ذلك =
= إلى قصد المتعاقدين ، ولكن قد يخفى هذا القصد حتى يدق التمييز . بل يقع أن يتعمد المستأجر وصف العقد الصادر منه بأحد التصرفين وهو يقصد التصرف الآخر . فعمدت الفقرة الأولى من المادة 594 مدني إلى قطع السبيل على هذا التحايل ، ونصت على أن (( منع المستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتضي منعه من التنازل من الإيجار ، وكذلك العكس )) .

([39]) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 35 ص 35 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 135 ص 167 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 87 ص 136 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 134 ص 193 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 58 ص 92 – الأستاذ جمال الدين زكي في العقود المسماة فقرة 118 ص 232 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 15 – وأنظر ما يلي فقرة 205 .
([40]) الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 15 ص 28 – وأنظر ما يلي فقرة 204 وفقرة 427 .
([41]) فقرة 477 – فقرة 480 .
([42]) الوسيط 3 فقرة 480 .
([43]) قارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 52 . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن إعطاء المستأجر المحصول للمؤجر للوفاء بالأجرة لا يعتبر وفاء بمقابل ولا يعتبر بيعاً ما دام لم يحدد الثمن . ولكنه تسليم المحصول للمؤجر على سبيل الضمان ، مع توكيله في بيعه لحساب المستأجر بعد خصم الأجرة . فالمحصول في هذه الحالة لا يزال ملكاً للمستأجر ، ومن ثم إذا وقع أحد دائنيه الحجز عليه لم يكن للمؤجر أن يعترض على الحجز بأنه وقع على مال غير مملوك للمدين ( 6 يناير سنة 1915 م 27 ص 107 ) .
([44]) وتنص الفقرة الثانية من المادة 658 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : (( على أنه إذا كانت المواد التي يقدمها الصانع هي الموضوع الأصلي في العقد ولم يكن العمل إلى فرعا ، كان هناك بيع لا استصناع )) .
([45]) ويقرب من هذه الرأي الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 18 ص 30 .
([46]) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 5 .
([47]) قارن بلانيول وهامل 10 فقرة 4 – والأستاذ سليمان مرقس فقرة 25 – ومن أقضية محكمة النقض في اختلاط الوديعة بعقد البيع ما قضت به من أن التزام المودع لديه رد الشيء بعينه عند طلبه شرط أساسي في وجود عقد الوديعة ، فإذا انتفى هذا الشرط انتفى معه معنى الوديعة . فإذا سلم قطن لمحلج بموجب إيصالات ذكر فيها أنه لا يجوز لحاملها طلب القطن عيناً ، ثم تصرف صاحب المحلج في القطن بدون إذن صاحبه ن لم يعتبر ذلك تبديداً معاقباً عليه بالمادة 296 من قانون العقوبات ( م 341 جديد ) : نقض جنائي 21 مارس سنة 1932 مجموعة عمر الجنائية 2 رقم 337 ص 488 – وقضت محكمة النقض أيضاً بأنه إذا اشترط في عقد البيع أن الملكية في المبيع تبقى للبائع حتى يجريه المشتري ، فإن وجود المبيع عند المشتري في فترة التجربة إنما يكون على سبيل الوديعة ، فإن تصرف فيه إضراراً بصاحبه فإنه يكون خان الأمانة ويحق عقابه بمقتضى المادة 341 من قانون العقوبات ( نقض جنائي 25 نوفمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 247 ص 549 ) .

    وقضت كذلك بأنه إذا كان العقد يتضمن إقراراً بدين مصحوباً بتأمين كمية من القطن أودعها المدين لحساب دائنه لدى تاجر قطن كان اشترى فيما اشتراه من الدائن هذه الكمية ، وذلك على أن يكون لهذا التاجر حق بيع القطن بسعر الكونتراتات والاستداد بدينه على الدائن وفوائده من ثمنه إذا هبط سعره ، ولم يقم البائع بالتغطية بحسب العرف المقرر لبيع الأقطان ببورصة البضائع ، فإن هذا العقد ليس مجرد عقد بيع مدني عادي يكون فيه المودع لدين أو المشتري ملزما بنقل أسعار القطن شهراً فشهراً حتى يأذن له البائع في بيعه ن وإنما هو عقد يتضمن تكليف المشتري أو المودع لديه بيعه إذا لم يقم البائع بالتغطية الواجبة عرفا عند هبوط السعر ( نقض مدني 22 يونيه سنة 1928 مجموعة عمر 2 رقم 131 ص 401 ) .
([48]) وقد تختلط الوكالة بالبيع في البيع مع حق التقرير بالشراء عن الغير ( declaration de commande ) وقد قضت محكمة النقض بأن تكييف العلاقة القانونية بين المشتري الذي يحتفظ بخلق اختيار الغير وبين المشتري المستتر بأنها وكالة ، تجري أحكامها على الآثار التي تترتب على هذه العلاقة بين الطرفين وبالنسبة إلى الغير ، غير جار على إطلاقه . فإن بين أحكام الوكالة والأحكام التي يخضع لها شرط اختيار الغير والآثار التي تترتب عليه تنافراً ، فاستناد ملكية المشتري المستتر إلى عقد البيع الأول رغم عدم وجود تفويض أو توكيل منه إلى المشتري الظاهر قبل البيع ، وبقاء العين في ملكية المشتري الظاهر إذا لم يعمل حقه في الاختيار أو إذا أعمله بعد الميعاد المتفق عليه ، وهي أحكام مقررة في شرط اختيار الغير ، كلها تخالف أحكام الوكالة تماما . ولئن كان الفقه والقضاء في فرنسا قد ذهبا في تبرير إسناد ملكية المشتري المستتر إلى العقد الأول ، وهو أهم ما يقصد من شرط اختيار الغير ، إلى افتراض وكالة المشتري الظاهر عن الغير ، إلا أن ذلك ليس إلا مجازاً مقصوراً على حالة ما إذا أعمل المشتري حقه في اختيار الغير في الميعاد المتفق عليه مع البائع . أما قبل ذلك ، أو إذا لم يعمل هذا الحق ، أو إذا أعمله بعد الميعاد ، فالافتراض يزول وتزول معه كل الآثار المترتبة على الوكالة ( نقض مدني 9 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 81 ص 312 ) .
([49]) ويعرف القانون الفرنسي القديم هذا العقد ، ويسميه بوتيبه Mohatra ( بودري وسينيا فقرة 22 ) .
([50]) الأستاذ سليمان مرقس فقرة 36 .
([51]) وقد نشأت أغلب القواعد العامة لنظرية العقد في رحاب عقد البيع ( الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 3 ص 7 ) . وفي الفقه الإسلامي بوجه خاص ، أحكام عقد البيع هي المصدر الأول الذي يستخلص منه أحكام عامة لنظرية العقد .
([52]) وقد هجرت العملة المعدنية في العصر الحاضر ، وحل محلها العملة الورقية .
([53]) خص التقنين المدني السابق عقد البيع بمائة وإحدى وعشرين مادة وزعت على سبعة فروع ، فكان حظه من التنظيم أوفر من أي عقد أخر .
([54]) هذه مسألة فيها نظر . فقد عمدنا ، في شرحنا هذا للبيع ، إلى أن ندمج هذه المسائل في أركان البيع في الأماكن المناسبة . فالبيع لعمال القضاء هو بيع لحقوق متنازع فيها ، ويتصل هذا اتصالا وثيقاً بركن في البيع هو المبيع . وبيع المريض مرض الموت يتصل أيضاً بالمبيع ، من حيث تقييد تصرف المريض في شيء مملوك له رعاية لحق الورثة . وبيع النائب لنفسه يدخل في النيابة في التعاقد ، وهذه تتصل اتصالا وثيقاً بالتراضي كركن في البيع ، فيجوز صدور الرضاء من الأصيل أو من النائب .
([55]) وهذه أيضاً مسألة فيها نظر . فبيع ملك الغير يتصل بالمبيع ، من حيث إن الأصل أن يكون المبيع مملوكاً للبائع ، وهذا يجر إلى الكلام في بيع ملك الغير . وهذا ما فعلناه في شرحنا .
([56]) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص7 – ص 8 .
([57]) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 8 – ص9 – وتمثل لذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي فتقول : (( من ذلك تحديد الأعمال الضرورية لنقل الملكية ، ونقل الملكية =
= في الشيء المبيع جزافاً ، وبيان الطريقة في تسليم المبيع ، وتبعة هلاك المبيع قبل التسليم ، والاتفاق على تعديل الضمان ، وحبس الثمن ، وحبس المبيع ، وفسخ بيع المنقول لعدم الوفاء بالثمن )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 – ص 9 – ص 10 ) .

([58]) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 10 – ص12 .
([59]) وهناك حالات نص عليها القانون يباع فيها الشيء على صاحبه فلا يشترط رضاه ، مثل ذلك نزع ملكية الشيء وفاء لدين على صاحبه ونزع الملكية للمصلحة العامة ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 27 ) .
([60]) استئناف وطني 25 مارس سنة 1912 الحقوق 28 ص 338 – استئناف مختلط 3 يونيه سنة 1944م 56 ص 180 .
([61]) فيجوز التعبير عن البيع والشراء باللفظ والكتابة والإشارة والسكوت ، ويكون التعبير صريحاً أو ضمنياً . ويجوز العدول عن الإيجاب قبل أن يرتبط به القبول ، إلا إذا عين في الإيجاب ميعاد لقبوله فيلزم الموجب البقاء على إيجابه طول هذا الميعاد . وإذا مات من صدر منه القبول أو فقد أهليته قبل أن يصل القبول إلى الموجب ، فإن ذلك لا يمنع من أن يتم البيع إذا وصل القبول إلى علم الموجب . فهذه الأحكام جميعاً وغيرها من الأحكام التي سبق أن أوردناها في نظرية الالتزام بوجه عام في صدد العقد تسري على البيع كما تسري على العقود الأخرى ، فيرجع في ذلك إلى الجزء الأول من الوسيط حيث ذكرت هذه الأحكام تفصيلاً .
([62]) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 14 – ص 15 في الهامش . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص ما يأتي : (( النص مطابق للتقنين المصري الحالي ( السابق ) م 236 / 301 . وهو إن كان مجرد تطبيق للقواعد العامة ، إلا أنه يرمي إلى =
= غرضين : ( أولاً ) أن يمهد بذكر المبيع والثمن لإيراد النصوص الخاصة بكل من هذين الركنين . ( ثانياً ) أن يبين أن البيع عقد رضائي لا يشترط في تمامه تسجيل ولا كتابة )) .

    وقد نصت المادة 388 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أنه (( لا يكون البيع تاماً إلا إذا اتفق المتعاقدان على نوع العقد وعلى المبيع والثمن )) ونصت المادة 373 من نفس التقنين على أن (( صحة البيع تتوقف على اتفاق المتعاقدين على ماهية العقد وعلى المبيع والثمن والشرائط العامة لصحة الموجبات العقدية )) .

([63]) نقض مدني 9 يونيه سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 433 ص 797 – ويعرض الفقه الفرنسي مقتفيا أثر بوتييه لفرض بعيد الوقوع في العمل : يطلب البائع في الدار ألفاً ويقبل المشتري أن يشتريها بألف ومائتين ، فهل يكون هناك اتفاق على الثمن ؟ يذهب بوتييه إلى أن المشتري وقد رضي أن يشتري بألف ومائتين يكون راضياً دون شك أن يشتري بألف ، فيتم البيع على ألف ( بوتييه في البيع فقرة 36 – بودري وسينيا فقرة 21 ص 15 ) . وإذا قيل إن البائع وقد رضي أن يبيع بألف يكون راضياً دون شك أن يبيع بألف ومائتين فلم لا يتم البيع على ألف ومائتين ، أمكن رد هذا الاعتراض بأن الحل الأصلح للملتزم بالثمن – هو المشتري – هو الحل الذي يؤخذ به ، فيتم البيع على ألف لا على ألف ومائتين . وتنص المادة 178 من مجلة الأحكام العدلية على أنه (( تكفي موافقة القبول للإيجاب ضمناً ، فلو قال البائع للمشتري بعتك هذا المال بألف قرش ، وقال المشتري اشتريته منك بألف وخمسمائة ، انعقد البيع على الألف ، إلا أنه لو قبل البائع هذه الزيادة في المجلس لزم المشتري حينئذ أن يعطيه خمسمائة القرش التي زادها أيضاً وكذا لو قال المشتري للبائع اشتريت منك هذا المال بألف قرش ، فقال البائع بعته منك بثمانمائة ينعقد البيع ويلزم تنزيل المائتين من الألف )) .
    ونفرض فيما قدمناه أن المشتري وقت أن زاد في الثمن أو أن البائع وقت أن نقص فيه قد وقع في غلط . لكن قد يحدث أن المشتري يبدأ بعرض ثمن معين ، ويأبى ضمير البائع أن يسايره في هذا الثمن ، فيقبل البيع بثمن أقل هو الثمن العادل في نظره ، فهنا يكون إيجاب المشتري قد عارضه قبول البائع فيعتبر قبول البائع إيجاباً جديداً ( م 96 مدني ) ، ويعتبر سكوت المشتري والإيجاب الجديد نافع له نفعاً محضاً قبولاً لهذا الإيجاب الجديد ، فيتم البيع على الثمن الأقل . وإذا بدأ البائع بطلب ثمن معين ، فأبى ضمير المشتري إلا أن يزيد في الثمن ، فقبول المشتري الشراء بالثمن الأكبر إيجاب جديد يقبله البائع بسكوته ، فيتم البيع على الثمن الأكبر ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ سليمان مرقس فقرة 32 ) .

    والعبرة بنية المتعاقدين ، وتستخلص النية من القرائن في كل من الفقه الغربي والفقه الإسلامي . جاء في الفتاوى الخانية (( رجل ساوم رجلا بثوب ، فقال البائع أبيعه بخمسة عشر ، وقال المشتري لا آخذه إلا بعشرة ، فذهب به ، ولم يقل البائع شيئاً . فهو بخمسة عشر إن كان المبيع في يد المشتري حين ساومه ، وإن كان في يد البائع فأخذه منه المشتري ولم يمنعه البائع فهو بعشرة . ولو كان في يد المشتري وقال لا آخذه إلا بعشرة وقال البائع لا أبيعه إلا بخمسة عشر ، فرده عليه المشتري ، ثم تناوله من يد البائع فدفعه البائع إليه ولم يقل شيئاً ، فذهب به المشتري ، فهو بعشرة )) ( شرح المجلة لسليم باز م 178 ص 83 ).

([64]) استئناف وطني 3 نوفمبر سنة 1892 الحقوق 7 ص 285 – استئناف مختلط 11 يناير سنة 1905 م 17 ص 73 .

     وفي صدد توافق الإيجاب والقبول في البيع قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن البيع يتم بتوافق الإيجاب والقبول على المبيع والثمن ( 20 فبراير سنة 1890 م 2 ص 392 – 30 مايو سنة 1894 م 6ص 310 – 9 مايو سنة 1895 م 7 ص 268 ) ، فلا البيع يتم إذا امتنع أحد المتبايعين من قبول العقد كاملا ( 24 ديسمبر سنة 1890م 3 ص 92 – 4 فبراير سنة 1891 م 3 ص 194 – 2 نوفمبر سنة 1893 م 6 ص 5 – 13 مايو 1896 م 8 ص 292 – 10 مارس سنة 1898م 10 ص 198 – 9 يونيه سنة 1898 م 10 ص 319 ) ويجوز أن يغني عن توقيع فلشترى على عقد البيع طلبه التسجيل أو قبضه للعين المبيعة أو تصرفه في المبيع مستنداً إلى عقد البيع ( 4 ديسمبر سنة 1895م 8 ص 22 – 23 إبريل سنة 1896م 8 ص 151 – 21 فبراير سنة 1897 م 9 ص 310 – 19 مايو سنة 1897 م 9 ص 348 – أول نوفمبر سنة 1899م 11 ص 110 – 11 نوفمبر سنة 1903م 16 ص 6 – 27 يناير 1916م 28 ص 131 – 18 فبراير سنة 1930م 42 ص 290 – ولكن قارن 12 فبراير سنة 1890 م 2 ص 373 – 14 مايو سنة 1891 م 3 ص 334 – 31 يناير سنة 1894 م 6 ص 131 – عليه من البائع موحده يلزمه وبحوز للمشتري إجباره على تسليم المبيع ، ولكن هذا البيع لا يكون نافذاً في حق الغير حتى لو سجل ( 20 ديسمبر سنة 1894 م 7 ص 56 – 23 يناير
      سنة 1896 م 8 ص 99 – وفي حكم يكون نافذاً في حق الغير لو سجل : 5 مارس سنة 1896 م 8 ص 148 ) . ولا يجوز الاحتجاج بعدم توقيع المشتري على عقد البيع إلا ممن له مصلحة في ذلك كمشتر آخر من البائع أو دائن مرتهن ( 15 يناير سنة 1896 م 8 ص 74 – 19 مايو سنة 1897م 9 ص 348 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة أيضاً بأن مجرد إرسال كتاب من صاحب السلعة بعرض سلعته لا يكون إلا إيجاباً غير مقترن بقبول الطرف الآخر ( 24 أبريل سنة 1902م 14 ص 264 ) وبأن مداولات مجلس إدارة الشركة للترخيص لمدير الشركة في إيقاع البيع لا تعتبر إيجاباً ( 25 يونيه سنة 1918 م 30 ص 490 ) .

([65]) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا رأت المحكمة أن العبارة المحررة في مفكرة المدعي والموقع عليها من المدعي عليه ، المتضمنة التزام الموقع بأن يبيع للمدعي الصنف المبينة أنواعه وأوصافه فيها ومقدار كل نوع منه وثمنه وتشمل كل البيانات اللازمة لتوافر أركان عقد البيع ولو أنها مذيلة بعبارة (( وهذا لحين تحرير الشروط )) ، ثم عرضت لتنفيذ هذا الاتفاق فرأت أن نية المتعاقدين فيما يتعلق بباقي شروط البيع من تسليم المبيع ودفع ثمنه قد توضحت من الطريقة التي بينتها في حكمها وقالت إنهما إتباعها طوال مدة تنفيذ جزئياً ، وإذ استكملت شروط الاتفاق من العناصر الأخرى القائمة في الدعوى ، تكون قد استخلصت ذلك مما ينتجه ، فلا تصح مناقشتها فيه أمام محكمة النقض لتعلقه بسلطة محكمة الموضوع في تقرير الوقائع ( نقض مدني 13 مايو سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 57 ص 154 ) . وقضت من جهة أخرى بأن متى كان الإقرار المتنازع على تكييفه صريحاً في الإفصاح عن قبول المقر البيع بالشروط التي ارتضاها ، وكان المتمسك بهذا الإقرار ينازع في انعقاد البيع على أساس هذه الشروط ، فلا يمكن مع هذا القول بتلاقي الإيجاب والقبول اللازمين لانعقاد البيع ، واختلاف الطرفين على مساحة المبيع وحدوده يجعل البيع غير منعقد لعدم الاتفاق على العين المبيعة ( نقض مدني 19 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 56 ص 203 ) . وقضت بأنه إذا أودع عقد البيع والثمن أمانة عند أجنبي، وقرر الأجنبي أن السبب في الإيداع هو أن البالغ كان باع نفس المبيع لشخص آخر واشترط ألا يكون هذا البيع الثاني باتا إلا بعد التقايل من البيع الأول ، كيف البيع الثاني بأنه بيع معلق على شرط واقف هو التقايل من البيع الأول ( نقض مدني 31 ديسمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 36 ص 185) .
([66]) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الثابت من وقائع الدعوى التي أوردها الحكم أن راغب الشراء بعد أن قبل عرض البائع قد بادر إلى المطالبة بإتمام الصفقة ، ووجه في الوقت المناسب إنذاراً للبائع بتكليفه الحضور لتحرير العقد الرسمي ، وانتهى الحكم رغم ذلك إلى القول بأن المشتري عدل عن الصفقة ، ولم يدعم قضاءه بذلك بأدلة من شأنها أن تؤدي إليه ، بل كان كل ما قاله لا يبرر ما خلص إليه ، فإنه يكون معيباً متعيناً نقضه ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 267 ص 729 ) .
([67]) مثل ذلك الاحتفاظ بمسألة تعيين من يتحمل من المتبايعين مصروفات خزن المبيع المدة التي بقى فيها مخزوناً ، فعدم الاتفاق عليها بعد ذلك لا يمنع من تمام البيع ، وتعين المحكمة المتعاقد الذي يتحمل هذه المصروفات طبقاً لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة .
([68]) الوسيط 1 فقرة 111 .
([69]) م 92 مدني – الوسيط 1 فقرة 82 .
([70]) وقد جاء في الجزء الأول من الوسيط في هذا الصدد : (( ويكون التعبير الصريح أخيراً باتخاذ أي موقف آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود . فعرض التاجر لبضائعه على الجمهور مع بيان أثمانها يعتبر إيجابا صريحاً ، ووقوف عربات الركوب ونحوها في الأماكن المعدة لذلك عرض صريح على الجمهور ، ووضع آلة ميكانيكية لتأدية عمل معين كميزان أو آلة لبيع الحلوة أو لتوزيع طوابع البريد أو نحو ذلك ، كل هذا يعد تعبيراً صريحاً )) ( الوسيط 1 فقرة 76 ص 176 ) .
([71]) وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص في هذا المعنى حذف اكتفاء بتطبيق القواعد العامة ، فكانت المادة 136 من هذا المشروع تنص على أنه (( يجوز لمن وجه إليه الإيجاب أن يرفض ، ما لم يكن قد دعا إليه فلا يجوز له في هذه الحالة أن يرفض التعاقد إلا إذا استند إلى أسباب مشروعة )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 45 – ص 46 ) . وجاء في الجزء الأول من الوسيط في هذا الصدد : (( والتطبيقات العملية لهذا النص كثيرة متنوعة . فهناك طوائف من الناس تستحث غيرها على الإيجاب وتدعوهم إليه ، كالتجار في النشرات والإعلانات وقوائم الأسعار التي يوجهونها إلى الجمهور ، وكأصحاب الفنادق والمطاعم يفتحون أبوابهم للطارق ، وكأرباب الصناعات يدعون العمال إلى العمل في صناعاتهم . فإذا استجيبت هذه الدعوة إلى التعاقد ، كانت الاستجابة إيجاباً يمتاز عما عداه من ضروب الإيجاب لأن من وجه إليه لا يجوز له أن يرفضه لغير سبب مشروع . وقد عللت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي هذا الحكم العادل بما يأتي (( وليس هذا الأثر القانوني إلا نتيجة للحالة التي أنشأها صاحب الدعوة ، بل وتطبيقاً من تطبيقات مبدأ جامع هو مبدأ إساءة استعمال الحق ، أو التعسف في استعماله . على أن الإساءة في هذا الفرض ترد على مجرد رخصة من الرخص ، وهذه خصوصية تسترعى الانتباه . وقد تعمد المشرع إغفال تعيين الجزاء الذي يترتب على الرفض التعسفي . فمثل هذا الرفض يرتب مسئولية لا شك فيها . فيجوز أن يقتصر التعويض على مبلغ من المال ، إذا كان هذا الجزاء كافياً . ويجوز للقاضي في بعض الفروض أن يذهب إلى ما هو أبعد ، فيعتبر أن العقد قد تم على سبيل التعويض إذا كان في الظروف ما يوجب ذلك : مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 45 في الهامش )) ( الوسيط 1 ص 216 – 217 ) .
([72]) أو يقال إن الإيجاب يقوم ما دامت السلعة موجودة عند التاجر ، فإذا نفدت سقط الإيجاب من تلقاء نفسه .
([73]) أنظر في كل ما تقدم من القيود بودري وسينيا فقرة 46 – فقرة 55 .
([74]) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في الصدد : (( وقد تقدم في الفقرة الثانية من المادة 134 من المشروع أن النشرات والإعلانات وقوائم الأسعار التي يجري التعامل بها وغير ذلك من البيانات الموجهة للجمهور أو الأفراد تعتبر في الأصل دعوة لحث الناس على الإيجاب . فليس ينصرف حكم النص في الصورة التي يواجهها إلى الإيجاب النهائي الملزم الذي ينقلب إلى ارتباط تعاقدي متى اقترن به القبول ، وإنما ينصرف هذا الحكم إلى مجرد الدعوة للتقدم بالإيجاب . والاستجابة لهذه الدعوة هي التي تعتبر إيجاباً نهائياً ملزماً ، يمتاز عما عداه من ضروب الإيجاب بأن من وجه إليه لا يجوز له أن يرفضه لغير سبب مشروع )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 45 في الهامش ) .
([75]) مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 41 في الهامش – الوسيط 1 ص 176 هامش رقم 1 .
([76]) استئناف وطني 15 مايو سنة 1893 الحقوق 8 ص 197 – 4 مايو سنة 1905 الاستقلال 4 ص 526 – 21 فبراير سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 105 ص 201 – استئناف مختلط 2 يونيه سنة 1908 م 20 ص 262 .

     وتنص المادة 376 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أنه (( يجوز أن يكون البيع خطياً أو شفهياً مع مراعاة القواعد الموضوعة لبيع الأموال الثابتة )) . وكان التقنين المدني المصري السابق ينص صراحة على رضائية عقد البيع ، فكانت المادة 237 وطني على أنه (( يجوز أن يكون البيع بالكتابة أو بالمشافهة )) ، وتقابلها المادة 302 مختلط : (( البيع يجوز أن يكون بالكتابة بسند رسمي أو غير رسمي)) ، والمادة 303 مختلط : (( البيع يكون بالمشافهة أو بالإشارة )) .

     هذا ولم يغير قانون التسجيل في العقار من رضائية البيع ، فسنرى أن بيع العقار لا يزال عقداً رضائياً والتسجيل ليس ضرورياً إلا لنقل الملكية .
([77]) وقد نصت المادة 3 من تقنين التجارة البحري على أن (( بيع السفينة كلها أو بعضها اختيارياً يلزم أن يكون بسند رسمي ، سواء حصل قبل السفر أو في أثنائه ، وإلا كان البيع لاغياً )) .

    وإذا كان الثمن إيراداً مرتباً ، لم ينعقد البيع إلا بالكتابة فيكون عقداً شكلياً ، وقد نصت المادة 743 مدني على أن (( العقد الذي يقرر المرتب لا يكون صحيحاً إلا إذا كان مكتوباً )) .

    وتقضي المادة 37/2 من القانون رقم 354 لسنة 1954 بأن كل تصرف يرد على حق المؤلف في استغلال مصنفه لا ينعقد إلا بالكتابة ، وقد يكون التصرف في المصنف بيعاً فيكون البيع في هذه الحالة شكلياً .

    وتعتبر بيوعاً شكلية البيوع الجبرية وبيع عقار القاصر والغائب .
([78]) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 17 – وأنظر أيضاً لوران 24 فقرة 128 -* جيوار 1 فقرة 9 – بودري وسينيا فقرة 188-  وكان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يتضمن نصاً يقضي ، إذا اشترط المتعاقدان الكتابة ، بأن يفترض عند الشك أنهما قصدا ألا يتم العقد إلا بالكتابة ، فتكون الكتابة شكلا لا مجرد طريق للإثبات . ولكن لجنة المراجعة حذفت هذا النص لإمكان الاستغناء عنه ، فيرجع إذن في كل حالة إلى قصد المتعاقدين ، وهل أرادا الشكل أو طريق الإثبات ، وما هي قيمة الاتفاق الابتدائي الذي أبرماه هل هو بيع كامل أو وعد بالبيع أو مجرد مشروع غير ملزم .

    وتنص المادة 1582 من التقنين المدني الفرنسي على أن البيع (( يمكن حصوله بعقد رسمي أو بعقد عرفي )) . وكان أصل المادة : (( بيع العقارات يجب أن يحصل بالكتابة ، ويمكن حصوله بعقد رسمي أو عقد عرفي )) . ولكن حذف شرط الكتابة في بيع العقارات ، وبقيت المادة بعد حذف هذا الشرط ، فأصبحت توهم أن البيع تلزم فيه الكتابة . والتفسير الصحيح لهذا النص أن للمتبايعين كتابة ورقة رسمية أو ورقة عرفية إذا أرادا تحرير العقد ، أما البيع ذاته فيتم بمجرد التراضي ( لوران 5 فقرة 126 – فقرة 127 – جيوار 1 فقرة 7 – أوبري ورو 5 ص 28 هامش رقم 1 مكرر – بودري وسينيا 7 فقرة 18 وفقرة 185 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 17 ص 25 وهامش رقم 1 ) .
([79]) وهذا بخلاف حوالة الحق ، فقد يباع حق معروف المقدار بثمن أقل ، فيكون التزام المحيل قيمته أكبر من قيمة التزام المحال له ( الوسيط 3 فقرة 262 ) .
([80]) أو كان البيع تجارياً ، وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان طرفا النزاع تاجرين ، فلا جناح على المحكمة إن هي أحالت الدعوى على التحقيق ليثبت المدعي صدور بيع منه إلى المدعي عليه وقيمة الأشياء المبيعة ، وذلك لأن الإثبات في المواد التجارية جائز بكافة طرق الإثبات ( نقض مدني 28 يناير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 68 ص 458 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز إثبات البيع التجاري بالقرائن كتصدير البضاعة للمشتري وتسليمها إياه ( 28 مارس سنة 1917 م 29 ص 326 ) ، وقضت أيضاً بأنه يجوز إثبات البيع التجاري بفاتورة صادرة من البائع ومقبولة من سمسار المشتري ( 8 يناير سنة 1939 م 51 ص 121 ) .
([81]) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا قدم المشتري إيصالا بالثمن بتوقيع البائع ، عد الإيصال مبدأ ثبوت بالكتابة يبيح إثبات مساحة الأرض المبيعة وحدودها ووقوع البيع باتا بالبينة ( 15 يناير سنة 1903 م 15 ص 89 ) .
([82]) استئناف مختلط سنة 1896 م 8ص 252 – وقد كانت العبارة الأخيرة من المادة 237 / 303 من التقنين المدني السابق تنص صراحة على تطبيق القواعد العامة في الإثبات فتقول : (( إنما في حالة الإنكار تتبع القواعد المقررة في القانون بشأن الإثبات )) .
([83]) وقد أورد الفقه الفرنسي على هذا النص قيدين . أحدهما أنه لا يسري إلا إذا أعوز القاضي قواعد أخرى لتفسير عقد البيع ، والقيد الثاني أنه لا يسري إلا في تفسير الشروط الطبيعية المألوفة في عقد البيع فإذا وضع المشتري شروطاً استثنائية لمصلحته وجب الرجوع إلى القواعد العامة وتفسير هذه الشروط لمصلحة البائع ( أو بري ورو 5 فقرة 353 هامش رقم 3 – بودري وسينيا فقرة 284 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 18 ) . وسنعود إلى هذه المسألة فيما يلي ( أنظر فقرة 225 في الهامش ) .
([84]) أنظر في مسألة تفسير العقد الوسيط 1 فقرة 386 – فقرة 400 .
([85]) الوسيط 1 فقرة 131 – فقرة 142 .
([86]) ويغلب كما قدمنا أن تكون مدة الوعد بالبيع هي مدة الإيجار ، فإذا امتد الإيجار امتد الوعد بالبيع ، أما إذا انتهت مدة الإيجار فإن مدة الوعد تنتهي حتى لو تجدد الإيجار تجدداً ضمنياً فإن التجدد يعتبر إيجاراً جديداً ، وذلك ما لم يجدد الطرفان الوعد لمدة الإيجار الجديد . وإذا انفسخ الإيجار بسبب هلاك العين المؤجرة لم ينفسخ الوعد بالبيع ، بل يبقى على العين بعد إعادة بنائها . وفي حالة تأجير العين من الباطن ، يظل الوعد قائماً لمصلحة المستأجر الأصلي لا لمصلحة المستأجر من الباطن ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 180 – قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 74 ) .

     وقد يقع أن مستأجر العين يحصل على وعد ببيعها ، ويعطي لصاحب العين الأجرة مضاعفة ، فإذا أكمل الثمن كانت له العين ، وإلا استرد ما دفعه زيادة على الأجرة ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 176 ) .
([87]) فمن هذه الأمثلة العملية : شركات البناء العقارية تضمن عقود الإيجار الصادرة منها وعداً ببيع العين إلى المستأجر – تلجأ الشركات الصناعية إلى الحصول من الأراضي المجاورة لمصانعها على وعد ببيعها ضماناً لتوسيع المصانع – مستأجر لأرض زراعية يحصل على وعد ببيعها قبل أن ينفق في إصلاحها مصروفات كبيرة – شركة تبحث عن معادن في أرض فتحصل من صاحب الأرض على وعد ببيعها إذا عثرت على المعادن .

    وقد قضت محكمة مصر الاستئنافية بأنه إذا تعمد المشتري من الحكومة في عقد البيع بأن يرد إليها كل أو بعض ما اشتراه منها في نظير ما يقابله من الثمن المتعاقد عليه إذا لزم للمنفعة العامة ، فهذا الشرط إنما هو شرط شخصي يترتب عليه حق عيني ، وهو يعتبر بمثابة وعد بالبيع موقوف تنفيذه على إرادة أحد المتعاقدين ( 5 ديسمبر سنة 1928 المجموعة الرسمية 30 رقم 42 ص 101 ) .

    وقد يحول سبب دون تقدم شخص للمزايدة بنفسه ، فيتفق مع آخر على أن يتقدم هو للمزايدة بعد أن يحصل منه على وعد ببيع العين إذا رسا مزادها عليه . ويجب التمييز بين هذه الصورة وصورة الدخول في المزاد باسم مستعار . وقد قضت محكمة النقض بأن تحدي المدين بأن من استخدمه للدخول في المزايدة يعتبر في القانون نائباً عنه بطريق إعارة الاسم ، وأن المعار اسمه لا يتملك في حق الأصيل – هذا التحدي محله أن يكون الثابت في الدعوى أن من رسا عليه المزاد كان عند رسو المزاد عليه معيراً اسمه . أما إذا كان الثابت أن الراسي عليه المزاد إنما وعد المدين بأن يبيع له الأطيان عند رسو المزاد عليه إذا دفع له الثمن والمصروفات ، فذلك لا يصح التحدي به في إنكار الملكية على الراسي عليه المزاد ( نقض مدني 29 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 308 ص 613).

     وقد يعد مدين دائنه بأن يبيع منه عيناً إذا لم يوف الدين في الميعاد . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت الورقة المختلف على تكييفها – هل هي ورقة ضد عن العقد المتنازع على حقيقة المقصود منه أم هي وعد بالبيع – مذكوراً فيها أنه (( إذا مضى الميعاد المحدد ولم يدفع المبلغ فيكون البيع نافذ المفعول)) ، فهذا يدل على أن البيع لا يكون نافذ المفعول في مدة الوفاء . وليس هذا شأن بيع الوفاء الحقيقي الذي ينفذ مفعوله كبيع بمجرد التعاقد ، وإن تعلق على شرط فاسخ . وإذن فاعتبار تلك الورقة متضمنة شرط تمليك الدائن للأطيان مقابل الدين في نهاية الأجل المحدد للوفاء هو اعتبار تسوغه عباراتها ، وليس فيه مسخ لمدلولها ( نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 30 ص 103 ) . وفي هذه القضية كان من الممكن أن يتفق الطرفان على وعد بالبيع يبدأ أثره من وقت حلول الدين وعدم الوفاء به ، وهذا يقتضي أن يكون للدائن الحق في ألا يظهر رغبته في الشراء مؤثراً المطالبة بالدين . أما على اعتبار أن البيع معلق على شرط واقف هو عدم الوفاء بالدين في الميعاد المحدد ، فهذا يقتضي أن يتم البيع بأثر رجعي بمجرد تحقق الشرط .

   

 
([88]) فقرة 134 – فقرة 135 .
([89]) أنظر تاريخ هذا النص في الوسيط 1 فقرة 134 ص 251 هامش رقم 1 .
([90]) وإذا كان القبول صادراً من الموعود له ، كما هو الغالب ، فهو قبول لا ينشئ في ذمته التزاما ، ومن ثم قد يكون مجرد السكوت قبولا ، وبالأولى قد يكون القبول ضمنياً .
([91]) ويقول بودري وسينيا إن الوعد بالبيع قد يكون في مرحلة أولى مجرد إيجاب من البائع ، وهو إيجاب يستطيع صاحبه العدول عنه . وقد يقوى عن ذلك في مرحلة ثانية فيكون إيجاباً اقترن بقبول من الطرف الآخر دون أن يتقيد هذا الطرف الآخر بالشراء ، فيكون وعداً بالبيع ملزماً لجانب واحد ، ويلتزم الموجب بوعده ولا يجوز له العدول عنه ، ولكن القابل لا يلتزم بشيء . وقد يصل في القوة إلى المرتبة العليا في المرحلة الثالثة ، فيلتزم القابل من جانبه هو أيضاً أن يشتري ، فيكون وعداً بالبيع وبالشراء ملزماً للجانبين ، وهذا يعدل البيع الكامل ( بودري وسينيا فقرة 57 ) .
([92]) وكان بوتييه ( البيع فقرة 481 ) يذهب ، في القانون الفرنسي القديم ، إلى أن الاتفاق على الثمن ليس لازماً لصحة الوعد ، ويتولى الخبراء تقديره في البيع النهائي . ولكن هذا الرأي غير معمول به في القانون الفرنسي الحديث ( بودري وسينيا فقرة 68 ) .
([93]) وكما إذا كان العقد الموعود به لا يجدي تنفيذه بعد فوات وقت معين ، فهذا الوقت هو المدة التي يجب في خلالها إبرام هذا العقد . وإذا اتفق الطرفان على أن تكون المدة هي المدة المعقولة ، وكان في عناصر القضية ما ينهض لتحديد هذه المدة ، جاز الوعد بالبيع ، لأن المدة هنا تكون قابلة للتحديد ، وإذا اختلف الطرفان في تحديدها =
= تكفل القاضي بذلك ( الوسيط فقرة 134 ص 253 ) – أما في فرنسا فلا يوجد نص – كما يوجد في مصر – يوجب تحديد المدة فيجوز الوعد بالبيع دون تحديد مدة ، ويتولى القاضي تحديد المدة المدة المعقولة ( بودري وسينيا فقرة 70 - ) .

([94]) أنظر آنفاً فقرة 22 .
([95]) ولا يوجد ما يمنع من أن تكون ضمن شروط الوعد بالبيع الرضائي أنه في حاله ظهور رغبة الموعود له في الشراء يجب أن يفرغ البيع في ورقة رسمية . وفي هذه الحالة إذا أظهر الموعود له رغبته في الشراء ، وجب على الواعد أن يشترك مع الموعود له في إعداد الورقة الرسمية التي تبرم العقد النهائي . ويكون الوعد بالبيع هنا رضائياً مع أن للبيع النهائي شكل ، وذلك لأن الشكل هنا لم يشترطه القانون بل اتفق عليه المتعاقدان ( أنظر الوسيط 1 فقرة 135 ص 253 هامش رقم 2 ) . وإذا امتنع الواعد عن إمشاء الورقة الرسمية لإبرام العقد النهائي ، فمن رأينا أن يقوم الحكم في هذه الحالة مقام العقد مفرغاً في هذه الورقة الرسمية ، إذ الحكم هو نفسه ورقة رسمية . يؤيد ذلك ما جاء في المادة 102 مدني من أنه (( إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل ، وقاضاه المتعاقد الآخر طالباً تنفيذ الوعد ، وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد ، وبخاصة ما يتعلق منها بالشكل ، متوافرة ، قام الحكم متى حاز قوة الشيء المقضي به مقام العقد )) . وهذا بخلاف ما إذا كان العقد الموعود بإبرامه هو في الأصل وبحكم القانون عقداً  =
= شكلياً كالرهن الرسمي ، وكان الوعد به لم يفرغ في الشكل الرسمي ، فالحكم في هذه الحالة لا يقوم مقام العقد ، بل يقتصر القاضي على الحكم بالتعويض ( الوسيط 1 فقرة 139 ) . وعلة ذلك أن عقد الوعد في حالة الرهن الرسمي عقد شكلي لم يستوف الشكل ، والمادة 102 مدني تشترط كما رأينا أن يكون الوعد بالعقد متوافراً فيه الشكل الواجب قانوناً حتى يقوم الحكم مقام العقد . أما إذا لم يكن هناك شكل واجب قانوناً ، كما هو الأمر في الوعد بالبيع ، فليس هناك ما يخل بأحكام المادة 102 مدني إذا نحن جعلنا الحكم يقوم مقام العقد ، حتى لو اشترط اتفاقاً أن يكون العقد النهائي رسمياً ، لأن الشروط اللازمة لتمام الوعد بالبيع – وليس فيها شرط خاص بالشكل – متوافرة ، وهذا كاف لجعل الحكم يقوم مقام العقد .

([96]) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 177 .
([97]) ولكن الوعد بالبيع ذاته له محل هو إبرام العقد النهائي ، ولذلك يجب أن يكون إبرام هذا العقد ممكناً قانوناً ، فلا يجوز الوعد ببيع حق في تركة مستقبلة . كذلك يجب أن يكون الباعث على الوعد – وهذا هو السبب – مشروعاً ، فلا يصح الوعد ببيع سلاح يريده الموعود له لارتكاب جريمة ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 93 ) . لكن إذا وعد شخص ببيع عين سيريها ، ولم يبد الموعود له رغبته في الشراء إلا بعد أن ورث الواعد العين ، فإن هذا يكون جائزاً .
([98]) ولا يعترض على هذا بأن الالتزام يكون إراديا ، فإن الإرادة هنا هي إرادة الدائن لا إرادة المدين . هذا إلى أن إرادة الدائن نفسها محوطة بظروف لا تجعل الأمر يتعلق بمحض الإرادة ، فهو إذا أبدى رغبته في الشراء لابد أن يكون قادراً على دفع الثمن وعلى القيام بالتزاماته الأخرى ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 176 ص 203 )
([99]) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 178 .
([100]) وهذا كله ما لم يستطيع الموعود له أن يطعن في تصرف الواعد بالدعوى البولصية ، بأن أثبت تواطؤ الواعد مع المتصرف له على الإضرار بحقه ، أو كان التصرف تبرعاً حيث لا يحتاج الموعود له إلى إثبات التواطؤ ( الوسيط 2 فقرة 588 – قارن بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 179 ) . وغني عن البيان أنه لو تصرف المتصرف له سيء النية لمتصرف له ثان وكان هذا حسن النية ، لم يملك الموعود له الطعن في التصرف الأخير لأن المتصرف له الثاني حسن النية ، وذلك وفقاً لقواعد الدعوى البولصية ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 191 هامش رقم 5 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 79 ص 103 ) .

    ويذهب الأستاذ جميل الشرقاوي إلى اقتصار حق الموعود له على استحقاق التعويض من المتصرف إليه إذا كان سيء النية ، بجانب مسئولية الواعد القائمة على تعاقده ، فالحكم بالتعويض هو الجزاء الوحيد الجائز التطبيق . أما جعل عدم نفاذ التصرف من صور التعويض فيقوم في نظره على خلط بين نظام التصرف القانوني ونظام المسئولية ( الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 32 ص 75 – ص 76 ) . ويشك الأستاذ عبد المنعم البدراوي في إمكان جعل التصرف غير نافذ في حق الموعود له ، فإن المشتري إذا تمكن من تسجيل عقده قبل أن يسجل الموعود له البيع النهائي ، لم يستطع الموعود له أن يحتج على المشتري بأنه كان سيء النية وقت أن سجل عقده ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 99 ) .
([101]) وإذا تخلف عن هلاك الشيء أو نزع ملكيته شيء يقوم مقامه – التعويض عن الضرر أو مبلغ التأمين أو التعويض عن نزع الملكية – فهل يحل هذا الشيء حلولا عينياً محل الشيء الموعود ببيعه : يجيب الفقه الفرنسي بالنفي ويذهب إلى سقوط الوعد ( بلانيول وريبير وهامل ص 178 ) ، ولكن القصاء الفرنسي يقول بالحلول العيني ( نقض فرنسي 19 يونيه سنة 1924 سيريه 1927 – 1 – 58 – وأنظر أيضاً في هذا المعنى الأستاذ أنور سلطان فقرة 76 ص 99 والأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 101 ص 151 – ص 152 ) .                                                                                     
      أما إذا هلك الشيء هلاكاً جزئياً ، ومع ذلك أبدى الموعود له رغبته في شرائه ، فللواعد أن يلزمه بكل الثمن ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 76 ص 99 – ص 100 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 51 ص 84 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 41 ص 70 . وقارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 101 ص 151 والأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 90 ) .

([102]) بودري وسينيا فقرة 67 – فقرة 67 مكررة . وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يجوز بحال أن يحسب على الواعد نزع ملكية بعض العين للمنفعة العامة ، لأن نزع ملكية المبيع يجري عليه حكم هلاكه ، وهذا يكون حتما على المالك ، وبحكم اللزوم العقلي لا يضمن عنه الواعد بالبيع ( نقض مدني 13 يناير سنة 1938 مجموعة عمر رقم 84 ص 240 ) .

    هذا وإلى جانب الأمرين اللذين قدمناهما – استبقاء الواعد للملكية وتحمله تبعة الهلاك – يجوز أيضاً للموعود له أن يحول حقه الشخصي في ذمة الواعد إلى محال له وفقاً لقواعد حوالة الحق ( بودري وسينيا فقرة 69 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 178 – أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 7 ) . وإذا نزعت ملكية العين الموعود ببيعها للمنفعة العامة ، كان التعويض للواعد لا للموعود . وللموعود له أن يطالب بمنع الواعد من القيام بأعمال تحول دون إبرام البيع النهائي ، كمنعه من هدم الدار الموعود ببيعها . وللموعود له أن يستعمل الدعوى غير المباشرة باسم الواعد ، فيرفع دعاوي الحيازة ويقطع التقادم ، وله أن يطلب تعيين حارس على العين المبيعة إذا شرع الواعد في هدمها ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 51 ص 86 ) .
([103]) استئناف مختلط أو يناير سنة 1923 م 35 ص 412 – بودري وسينيا فقرة 70 مكررة .

    وإذا اشترط في الوعد أن الموعود له يجب أن يدفع الثمن فوراً عند ظهور رغبته ، فظهور الرغبة غير المصحوب بالثمن لا يعتد به ( أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 6 ) .

    وإذا ارتفعت قيمة الشيء عما كانت عليه وقت الوعد ، لم يلزم الموعود له أية زيادة في الثمن . فإذا كان ارتفاع القيمة راجعاً إلى زيادة في المبيع أجراها الواعد دون اتفاق مع الموعود له ، اعتبر الواعد في حكم من أحدث هذه الزيادة بسوء نية في ملك الغير ( قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 77 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 51 ص 84 – الأستاذ كامل مرسي فقرة 51 ص 70 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 94 هامش 3 – الأستاذ محمد *** عيسى فقرة 197 ) . ويكون للموعود له الحق في ثمرات المبيع من وقت ظهور رغبته في الشراء لا من وقت صدور الوعد بالبيع ( استئناف مختلط 18 نوفمبر سنة 4/19 م 27 ص 27 ) .
([104]) فقبول الواعد ليس إذن إلا تنفيذاً للالتزام الذي نشأ في ذمته بموجب الوعد بالبيع ، فقد التزم بعمل هو إبرام البيع النهائي ، أي قبول الرغبة التي يظهرها الموعود له في الشراء ، وإذا نازع الواعد في وقوع البيع ، حكم القاضي بوقوعه ، وقام حكمه مقام تنفيذ التزام الواعد ، لأن الالتزام هنا التزام بعمل تسمح طبيعته أن يقوم حكم القاضي فيه مقام التنفيذ ( م 210 مدني ) . وقد نصت المادة 102 مدني صراحة على هذا الحكم إذ تقول : (( إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل ، وقاضاه المتعاقد الآخر طالباً تنفيذ الوعد ، وكانت للشروط اللازمة لتمام العقد وبخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة ، قام الحكم متى حاز قوة الشيء المقضي به مقام العقد )) . وليس هذا النص إلا تطبيقاً لنص أعم هو المادة 210 مدني ، إذ تقول : (( في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ إذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام )) . أنظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 78 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 53 ص 87 – ص 88 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 46 ص 69 . وأنظر في الفقه الفرنسي أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش رقم 10 – بودري وسينيا فقرة 66 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 182 .
([105]) ويجب استبعاد أن يكون الوعد بالبيع بيعاً معلقاً على شرط ، إذ أن الموعود له لم يرتبط وقت الوعد أن يشتري ولو تحت شرط ، ومن ثم لا يكون لظهور رغبته في الشراء أثر رجعي ( بلانيول وويبير وهامل 10 فقرة 176 ص 203 – ص 204 ) . كذلك يجب استبعاد أن يستحيل التزام الواعد ، وهو التزام بعمل كما قدمنا ، إلى تعويض ، غذ هو التزام قابل للتنفيذ العيني عن طريق صدور حكم قضائي ( بودري وسينيا فقرة 64 – فقرة 66
     بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 182 – جوسران 2 نشرة 1073 ) .

     هذا ويجوز أن يقضي الحكم الصادر بوقوع البيع بتعويض للموعود له عن الضرر الذي لحقه من جراء عدم مبادرة الواعد إلى الاعتراف بالتزامه ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 182 ) .

([106]) وإذا كان الوعد بالبيع – كما يقول الأستاذ سليمان مرقس – (( مدوناً في محرر يحمل توقيع الواعد توقيعاً مصدقاً عليه ، جاز للموعود له أن يستغنى عن استصدار حكم يقوم مقام عقد البيع ، بأن يسجل عقد الوعد المصدق عليه وإقراراً منه مصدقاً عليه أيضاً بقبول الشراء بناء على الوعد ، فيقوم تسجيل هاتين الوثيقتين مقام تسجيل عقد البيع ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 53 ص 87 – ص 88 ) .
([107]) وذلك دون حاجة لأن يعذر الواعد الوعود له ( نقض مدني 6 مايو سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 124 ص 834 ) .
([108]) وقد يدفع الموعود له للواعد عربوناً يخسره إذا لم يبد رغبته في الشراء ، فإذا لم يبد هذه الرغبة خسر العربون وتحلل الواعد من وعده ، ولا يجوز للموعود له أن يحتج بعدم إعذاره وبأنه كان مستعداً لدفع باقي الثمن ( استئناف مختلط 26 أبريل سنة 1921 م 33 ص 288 ) .

    هذا وقد عالج تقنين الموجبات والعقود الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد في نصوص متصلة . فنصت المادة 493 من هذا التقنين على (( أن الوعد بالبيع عقد بمقتضاه يلتزم المرء ببيع شيء من شخص آخر لا يلتزم شراءه في الحال . ومن طبيعة هذا العقد أنه متبادل . وهو لا يولد موجباً على الموعود ، بل يلزم الواعد بوجه بات ، فلا يستطيع الرجوع عن عرضه بل يجب  عليه انتظار قرار الشخص الموعود)) . ونصت المادة 494 على أن (( مفاعيل العقد تنتقل إلى ورثة المتعاقدين بما توجبه لهم أو عليهم )) . ونصت المادة 495 على أنه (( إذا تفرغ الواعد لشخص عن شيء منقول بالرغم مما التزمه ، فهو يملك المتفرغ له ذلك الشيء ، لكنه يستهدف لأداء بدل العطل والضرر إلى الشخص الموعود لعدم قيامه بالموجب الذي التزمه )) . ونصت المادة 496 على أنه (( عند ما يصرح الشخص الموعود لعدم قيامه بالموجب الذي التزمه )) . ونصت المادة 496 على أنه (( عند ما يصرح الشخص الموعود بعزمه على الشراء ، يتحول الوعد إلى بيع دون أن يكون له مفعول رجعي ، ويتم انتقال الملكية في يوم القبول . على أنه يرجع في تعين مقدار العين إلى اليوم الذي وعد فيه البائع )) . ونصت المادة 498 على (( أن الوعد بالبيع فيما يختص بالأموال غير المنقولة خاضع للقوانين العقارية المرعية الإجراء )) .
([109]) ومن الأمثلة العملية للوعد بالتفضيل أن يكون لشخص دار في مدينة يتوقع أن يرحل عنها ، فيحصل منه شخص آخر على وعد بأنه إذا أراد بيع الدار عند رحيله فعليه أن يعرضها على الموعود له ، حتى إذا قبل هذا شراءها تم البيع النهائي . أما إذا حصل صاحب الدار من                                     =
= الشخص الآخر على وعد بالشراء ، فإن هذه الحالة تختلف عن حالة الوعد بالتفضيل المتقدمة من وجهين : ( أولاً ) في حالة الوعد بالشراء لا يكون صاحب الدار ملزماً ببيعها من الشخص الآخر بل يجوز له أن يبيعها من غيره ، بخلاف حالة الوعد بالتفضيل فإن صاحب الدار يكون فيها ملزماً بعرض الدار على الشخص الآخر إذا أراد بيعها . ( ثانياً ) في حالة الوعد بالشراء يكون الشخص الآخر ملزماً بالشراء إذا عرضت عليه الدار ، بخلاف حالة الوعد بالتفضيل فإنه لا يكون ملزماً بذلك .

     وهناك أمثلة عملية أخرى للوعد بالتفضيل : يحصل المستأجر من المؤجر على وعد بتفضيله إذا أراد هذا بيع العين المؤجرة – يحصل مشتري العقار من البائع على وعد بتفضيله في عقار آخر مملوك للبائع إذا أراد هذا بيعه – يبيع شخص عينا من آخر ويتفق مع المشتري على أنه إذا أراد هذا أن يبيع العين وجب عليه أن يعرضها على بائعها الأول ، وهذا ما يسمى بالوعد بإعادة البيع ( promesse de revente ) – أنظر بودري وسينيا فقرة 71 مكررة ثانيا – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 184 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 55 .

([110]) بودري وسينيا فقرة 71 مكررة – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 184 – ويذهب الأستاذ عبد المنعم البدراوي – مشيراً إلى رسالة Leduc ص 235 – إلى أن الوعد بالتفضيل هو في الحقيقة وعد بالبيع في طريق التكوين تعين فيه من الآن المستفيد الاحتمالي ، وهذا المستفيد لم يكسب من الوعد حقاً في الشراء ولو معلقاً على شرط ، ولكنه كسب حقاً يخوله منع الواعد من التعاقد مع الغير . وهو يتحول إلى وعد بالبيع إذا قرر الواعد بيع الشيء ، فعندئذ يصبح المستفيد في مركز الدائن بوعد بالبيع . ومتى نشأ هذا الحق في الشراء فهو لا ينشأ إلا من هذا الوقت وبدون أثر رجعي ، على عكس ما كان يجب أن يترتب منطقياً على اعتبار الوعد بالتفضيل وعدا بالبيع معلقاً على شرط واقف ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 103 – فقرة 104 ) .

    ويستخلص من هذا الرأي أن التزام الواعد بالتفضيل ليس التزاماً معلقاً على شرط واقف ، بل هو التزام احتمالي يتحقق إذا رغب الواعد في بيع الشيء . ومن ثم يوجد الالتزام كاملا من وقت الرغبة في البيع لا من وقت صدور الوعد ، والعبرة في توافر الأهلية عند الواعد هي بوقت وجود الرغبة في البيع لا بوقت صدور الوعد . وهاتان النتيجتان يمكن استخلاصهما ، كما نرى ، من أن التزام الواعد هو التزام احتمالي لا التزام معلق على شرط واقف . فلا حاجة بعد ذلك إلى القول ، كما يقول الأستاذ عبد المنعم البدراوي ، بأن الالتزام الناشئ من الوعد بالتفضيل ليس التزاما بعمل بل التزاما بامتناع عن عمل .
([111]) ويمكن وفقاً لمبدأ سلطان الإرادة ألا يحدد المتعاقدان لا الثمن ولا المدة ، فيقتصر الواعد على أن يلتزم بأنه في أي وقت يعتزم بيع الشيء يعرضه أولا على الموعود له ليشتريه بالثمن الذي يمكن به بيعه للغير ( بودري وسينيا فقرة 71 مكررة ) . أنظر في عدم لزوم تحديد المدة الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 103 ن وعلى العكس من ذلك في أن تحديد المدة واجب الأستاذ أنور سلطان فقرة 80 والأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 47 .

   ويغلب في الوعد بالتفضيل ألا يجوز للموعود له النزول عن حقه لأن شخصه محل اعتبار عند الواعد . ومع ذلك لا يوجد ما يمنع من أن يشترط الموعود له جواز النزول عن حقه ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 184 ص 218 ) . وإذا مات الواعد انتقل التزامه إلى ورثته ، فإذا كانت الورثة قصرا قامت صعوبة في تحديد الثمن إذ الغالب أن مال القاصر يباع بالمزاد العلني ، فإذا وضع شرط التفضيل في دفتر الشروط أحجم الناس عن المزايدة ( أنظر في أن الوعد بالتفضيل لا يكون إلا في البيع بالممارسة ولا يجوز في البيع بالمزاد أو بري ورو 5 فقرة 349 هامش رقم 13 مكرر 9 ) .
([112]) فإذا تصرف فيه لغير الموعود له نفذ تصرفه ، ولكن يرجع الموعود له بتعويض على الواعد . فإذا كان الواعد متواطئاً مع من تصرف له في الشيء ، وأمكن الموعود له الطعن في التصرف بالدعوى البولصية ، كان التصرف غير نافذ في حق الموعود له ( بودري وسينيا فقرة 71 – قارن بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 185 ) .

    ولكن إذا تصرف الواعد في الشيء بغير البيع ، بأن وهبه أو قايض عليه أو دفعه حصة في شركة ، لم يكن للموعود له حق في أخذه ، بل ولا في التعويض ، إذ التزام الواعد مقصور على حالة التصرف بالبيع ( بودري وسينيا فقرة 72 ) .
([113]) ويقع كثيراً أن يحصل السمسار من عملية على وعد بشراء الدار التي يتوسط السمسار في شرائها له ، بثمن معين في خلال مدة معينة ، وهذا ما يسمى بالتفويض . فإذا نجح السمسار في حمل صاحب الدار على بيعها بهذا الثمن في خلال هذه المدة ، رجع على الواعد وألزمه بوعده . ولكن الواعد هنا يلتزم بالشراء نحو السمسار لا نحو صاحب الدار ، فإذا أخل بوعده ولم يشتر الدار رجع السمسار عليه بالتعويض وهو مقدار السمسرة الذي فات عليه ، ولا شأن لصاحب الدار بالواعد .
([114]) بودري وسينيا فقرة 78 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا اتفق المدين مع آخر على شراء العقار المنزوع ملكيته اتقاء لخطر المجازفة ، وسعياً وراء الحصول على ثمن ثابت قدر أنه مناسب لقيمة العقار ويحقق مصلحة الدائنين الذين تعلق حقهم بالتنفيذ بضمان حصولهم على كامل حقوقهم ، والتزم المشتري بالتدخل في المزاد والمزايدة حتى يصل بالثمن إلى الحد المتفق عليه ، بحيث إذا اضطر إلى الزيادة في الثمن فوق هذا المبلغ تكون هذه الزيادة من حقه ولا شأن للمدين البائع بها ، فإن الدفع ببطلان هذا الاتفاق لمخالفته للنظام العام وانعدام سبب استحقاق المشتري للزيادة عن الثمن المتفق عليه يكون على غير أساس . ذلك أن هذا الاتفاق ليس من شأنه الإخلال بحرية المزايدة أو إبعاد المزايدين عن محيطها ، بدليل أن المتعاقدين قدرا احتمال رسو المزاد على غير المشتري من المدين بثمن يزيد على الثمن المسمى مما يدل على انتفاء فكرة المساس بحرية المزايدة ، فضلا عن تحقيقه مصلحة المدين ودائنيه . وأما الإدعاء بانعدام سبب الزيادة فمردود بأن المتعاقد مع المدين أصبح بمقتضى الاتفاق المشار إليه في مركز المشتري والمدين في مركز البائع ، ومن حق المشتري الحصول على الزيادة وسببها القانوني هو العقد المبرم بينهما ( نقض مدني 30 يناير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 63 ص 507 ) . ويبدو من وقائع هذه القضية أنه لو رسا المزاد بأقل من الثمن المتفق عليه فإن المتعهد بإرساء المزاد بهذا الثمن كان يدفع الفرق ، فكذلك تكون له الزيادة ، فالعقد احتمالي وهذا هو السبب القانوني .

    وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الوعد الصادر من شخص بدخول مزاد وإرساء المزاد عليه هو وعد بالشراء صحيح ، ويلتزم الواعد بالتعويض إذا أخل بالتزامه ( 16 أبريل سنة 1913 م 25 ص 309) . وقضت أيضاً في نفس الحكم بأن من وعد بالدخول في مزاد والمزيادة إلى حد مبلغ معين ، ينقضى وعده إذا أجل هذا المزاد . وقضت كذلك بأن الوعد بالشراء الصادر من مستأجر الأرض لمؤجرها يلزمه إلى مدة معقولة ، فلا يجوز للمؤجر أن يطيل هذه المدة قبل أن يبدى رغبته في البيع إلى حد أن يتقاضى من المستأجر أجرة تدانى ثمن الأرض ( 7 مايو سنة 1918 م 30 ص 409 ) .
([115]) أنظر آنفاً فقرة 28 .

 
([116]) وليس الالتزام هنا معلقاً على شرط إرادي محض ، وقد بينا هذا عند الكلام في الوعد بالبيع ( انظر آنفاً فقرة 29 في الهامش ) .
([117]) وقد خص تقنين الموجبات والعقود اللبناني الوعد بالشراء بنص واحد هو المادة 497 من هذا التقنين ، وتجري على الوجه الآتي : (( إن الوعد بالشراء الصادر من فريق واحد مباح أيضاً ، ويجب أن يفهم ويفسر كالوعد بالبيع مع التعديل المقتضى )) .
([118]) وإذا هلك الشيء هلاكاً جزئياً ، وأبدى الموعود له رغبته في البيع ، كان الواعد بالشراء مخيراً بين أن يشتري مع إنقاص الثمن أو أن يمتنع عن الشراء بتاتاً لتفرق الصفقة ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 81 ) .
([119]) ويمكن أن نتصور في الوعد بالشراء وعداً بالتفضيل كما في الوعد بالبيع . ويتحقق ذلك لو أن تاجر التجزئة مثلاً تعهد لتاجر الجملة أنه في حالة احتياجه لسلعة معينة يستوردها منه بالأفضلية على سواه . فيكون تاجر التجزئة ملتزماً ، في حالة احتياجه لشراء السلعة ، أن يعرض على تاجر الجملة شراءها منه أولاً ، فإن قبل هذا توريد السلعة تم البيع النهائي . وليس تاجر الجملة في هذه الحالة ملتزماً بتوريد السلعة ، فهو الموعود له ولم يلتزم بشيء ، والملتزم هو تاجر التجزئة إذا احتاج إلى شراء السلعة . فإذا لم يقم تاجر التجزئة بالتزامه ، كان مسئولا نحو تاجر الجملة عن تعويض يكون عادة هو الربح الذي كان يجنيه تاجر الجملة لو أنه ورد السلعة إلى تاجر التجزئة .

     وشبيه بذلك أن يتعهد المؤلف للناشر أن يكون للناشر الأفضلية في نشر مؤلفه ، أو في نشر طبعة تالية منه ، بالشروط المتفق عليها ، فيما إذا اعتزم إصدار المؤلف مؤلفه . فيكون المؤلف هو الملتزم إذا اعتزم إصدار مؤلفه ، أن يعرض التزام النشر على الناشر أولا ، فإذا قبل هذا تم عقد النشر النهائي .

     ومثل ذلك أيضاً أن تتعهد مدرسة أو مستشفى باستيراد ما عسى أن يلزم من أثاث أو طعام من تاجر معين بالأفضلية على غيره .
([120]) نظرية العقد للمؤلف ص 263 هامش 1 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 83 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 57 ص 92 ص 93 . وقارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 87 – ص 131 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 31 ص 70 – ص 71 .
([121]) ولو ضمنا ( استئناف مختلط 21 فبراير 1928 م 40 ص 210 ) .
([122]) استئناف مختلط 19 مارس سنة 1913 م 25 ص 235 .
([123]) ويلجأ المشتري عادة إلى الكشف عن حالة العقار في مصلحة الشهر العقاري ، كما يعمد إلى تحقيق مستندات ملكية البائع للمبيع حتى يتثبت من أنه مالك لما يبيع ( استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1925 م 37 ص 214 – 11 فبراير سنة 1930م 42 ص 268 – 14 يونيه سنة 1932 م 44 ص 365 – 4 أبريل سنة 1933م 45 ص 227 – 5 يناير سنة 1935م 48 ص 92 – 3 ديسمبر سنة 1935م 48 ص 45 – 14 يناير سنة 1936م 48 ص 76 ) .
([124])وإذا امتنع البائع عن تمكين المشتري من التسجيل ، جاز للمشتري إجباره على ذلك برفع دعوى صحة التعاقد ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1928 م 40 ص 186 ) .
([125])وهذا هو الأصل الفرنسي للنص : Art. 1589 C.C,F: La promesse de vente vaut vente lorsqu'il y a consentement reciproque des deux parites sur la chose et sur le prix.
([126]) لوران 24 فقرة 21 – جيوار 1 فقرة 77 – لارومبيير 1 م 1138 فقرة 11 – كولميه دي سانتير 7 فقرة 10 مكررة ثانياً – أوبرى ورو 4 فقرة 349 هامش رقم 7 – بودري وسينيا فقرة 60 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 175 – كولان وكابيتان 2 فقرة 834 .

    أنظر بلانيول ( فقرة 1400 ) حيث يذهب إلى أن المادة 1589 فرنسي إنما تعني الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد ، وأنه يتحول إلى بيع كامل إذا تم الاتفاق نهائياً على المبيع والثمن ورضي المشتري بالشراء فيتم الاتفاق عندئذ على جميع عناصر البيع .
([127]) ذلك أن البيع في القانون الفرنسي القديم كان لا ينقل الملكية بحكم العقد كما قدمنا ، والتسليم هو الذي كان ينقلها . ثم ألف الناس في التعامل أن يذكروا في عقود البيع أن التسليم قد تم (clause de dessaisne saisne) فتنتقل الملكية بهذا التسليم لا بالعقد . ثم صارت هذه العبارة من الشروط المألوفة في عقود البيع ، ولو لم يتم التسليم بالفعل ، فكانت الملكية تنتقل على أساس هذا التسليم الصوري . هذا كله كان يقع في عقد البيع . أما إذا استعمل المتبايعان عبارة الوعد ، فوعد البائع بالبيع ووعد المشتري بالشراء ، فلم يكن مألوفاً في التعامل أن يمتد شرط التسليم الصوري إلى هذا الوعد . فبقي الوعد بالبيع وبالشراء الملزم للجانبين لا ينقل الملكية ، لا بنفسه لأن العقد كان لا ينقل الملكية ، ولا بحكم شرط التسليم الصوري لأن هذا الشرط لم يكن مألوفاً إدراجه في هذه الصورة من البيع . فلما أصبح العقد ينقل الملكية بنفسه في التقنين المدني الفرنسي ، لم يعد هناك فرق بين البيع والوعد بالبيع وبالشراء الملزم للجانبين ، فالعقد في الحالتين ينقل الملكية دون حاجة إلى شرط التسليم . فأراد المشرع الفرنسي أن يبرز هذا المعنى ، فأورد نص المادة 1589 ليقرر فيه أن الوعد بالبيع يعدل البيع إذا تراضى الطرفان على المبيع والثمن ، ويقصد أن الوعد يعدل البيع من حيث إن كلا منهما ينقل الملك إلى المشتري ، خلافاً للقانون الفرنسي القديم حيث كان الوعد لا ينقل الملك ( أنظر في ذلك وفي الأعمال التحضيرية للتقنين المدني القرني بودري وسينيا فقرة 60 ) .
([128]) أنظر آنفاً فقرة 22 .
([129]) وقد اقتصرنا على هذه الصورة في الجزء الأول من الوسيط عند الكلام في الوعد بالتعاقد ن فجعلنا الوعد بالتعاقد الملزم للجانبين والعقد الابتدائي شيئاً واحداً ( الوسيط 1 فقرة 131 – فقرة 139 ) . ولم نشر هناك إلى الوعد بالتعاقد الصادر من كل الطرفين والملزم لجانب واحد ، وذلك لندرته في العمل . وقد اتسع له المقام عند الكلام في البيع ، لأنه إذا تحقق عملياً فإنما يتحقق في صورة وعد بالبيع وبالشراء ملزم لجانب واحد .
([130]) أما البيع الذي اشترط البائع لتمامه دفع الثمن كاملا أو دفع قسط منه فيغلب ألا يكون بيعاً ابتدائياً ، بل هو بيع معلق على شرط واقف ( قارن استئناف مختلط 19 مارس سنة 1913 م 25 ص 235 ) .
([131]) من بين هذه الاعتبارات توفير الوقت اللازم للمشتري للبحث عن حالة العقار المبيع ، أو التثبت من مستندات ملكية البائع ، أو تدبير الثمن ، أو الانتهاء من إجراءات التسجيل ( أنظر آنفاً فقرة 39 ) .
([132]) أنظر استئناف مختلط 6 مايو سنة 1909م 21 ص 338 – 18 مايو سنة 1909 م 21 ص 356 – 3 نوفمبر سنة 1910م 23 ص 4 – 31 يناير سنة 1912م 24 ص 123 .
([133]) ويغلب أن يصاغ البيع الابتدائي بحيث يلتزم فيه البائع أن يبيع والمشتري أن يشتري ، دون أن يذكر فيه لفظ (( الوعد )) ، شأن البيع الابتدائي في ذلك شأن البيع النهائي . وهذا يدل على أن المتبايعين قصدا بالبيع الابتدائي بيعاً كاملاً باتا منتجاً لجميع آثاره .
([134]) وقد قضت محكمة النقض بأن وصف العقد بأنه عقد ابتدائي ، أخذا بالعرف الذي جرى على إطلاق هذا الوصف على عقود البيع التي لم تراع في تحريرها الأوضاع التي تطلبها قانون التسجيل ، هذا الوصف لا يحول دون اعتبار البيع باتا لازما ، متى كانت صيغته دالة على أن كلا من طرفيه قد ألزم نفسه الوفاء بما التزم به عل وجه قطعي لا يقبل العدول ( نقض مدني 26 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 128 ص 282 ) .
([135]) استئناف مختلط 6 يناير سنة 1932 م 44 ص 104 .
([136]) وقد كان من الممكن أن يكيف البيع الابتدائي بأنه عقد يقتصر على إلزام كل من الطرفين أن يبرم البيع النهائي في ميعاد معين ، فهو ينشئ في ذمة كل منهما التزاما بعمل ( obligation de faire ) لا التزاما بإعطاء ( obligation de donner ) . فإذا امتنع أحدهما عن إبرام البيع النهائي ، استصدر الآخر حكما يقوم مقام هذا البيع ، على النحو الذي رأيناه في الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد ( أنظر بيدان 11 فقرة 32 ) . مقتضى هذا التكييف أنه لا تجوز الشفعة في المبيع الابتدائي ، ولكن القضاء المصري قد استقر على جواز الشفعة فيه ، ومن ثم يكون التكييف الذي نقول في المتن هو المتفق مع القضاء المصري .
([137]) استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1907 م 19 ص 217 - 25 أبريل سنة 1907م 19 ص 219 – 16 مايو سنة 1907 م 19 ص 264 .
([138]) ومن المبررات أن يجد المشتري العقار المبيع مثقلا بحق عيني لم ترد إشارة إليه في البيع الابتدائي ، فيحق للمشتري في هذه الحالة الامتناع عن إبرام البيع النهائي وفسخ البيع الابتدائي . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن للمشتري أن يمتنع عن تحرير العقد النهائي وعن دفع الثمن إذا تبين له أثناء الأجل أن المبيع مثقل بحقوق عينية لم يخطره بها البائع ( 4 أبريل سنة 1933 م 45 ص 227 – 5 فبراير سنة 1935 م 47 ص 143 – 3 ديسمبر سنة 1935 م 48 ص 45 ) . وقضت أيضاً بأن للمشتري فسخ البيع الابتدائي إذا امتنع البائع عن تنفيذ التزامه بتسليم مستندات الملكية ( 5 يناير سنة 1935م 47 ص 92 ) .
([139]) وليس هذا إلا تطبيقاً للمادة 210 مدني إذ تقول : (( في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ ، إذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام )) .
([140]) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه عند وجود بيع رسمي اتفق فيه الطرفان نهائياً على شروط البيع ، يجب أن تزول جميع الاتفاقات والعقود التي سبقت هذا البيع النهائي . فإذا استحدث البيع النهائي تعديلاً في الشروط التي كانت مذكورة في البيع الابتدائي أوفى دفتر العطاء ، فالعبرة بالشروط المعدلة  التي استقرت في البيع النهائي ( 12 أبريل سنة 1911م 23 ص 261 ) . ومع ذلك يمكن الاعتداد بالبيع الابتدائي في تفسير ما غمض من الشروط في البيع النهائي ، على أن يكون ذلك مجرد تفسير لا يستحدث جديداً في شروط البيع النهائي ولا يتعارض في شيء مع هذه الشروط ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1939 م 51 ص 116 ) فإذا كان العقد الابتدائي منصوصاً فيه على أن المبيع هو قطعة أرض مقام عليها منزل . ولم يذكر العقد النهائي هذا المنزل على وجه التعيين ، جاز استخلاص اشتمال المبيع على المنزل أيضاً من مراجعة العقد الابتدائي ( نقض مدني 30 أكتوبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 224 ص 472 ) .
([141]) أما إذا كانت شروط البيع النهائي هي نفس شروط البيع الابتدائي ، فإن البيع النهائي يكون بمثابة تثبيت للبيع الابتدائي ( قارب بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 175 ) .
([142]) وترتب على ذلك أن البيع إذا كان واقعاً على عقار مملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية ، فتقدير ما إذا كان الغبن يزيد على الخمس ( م 425 / 2 مدني ) يكون وقت صدور البيع النهائي لا وقت صدور البيع الابتدائي .
([143]) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم فيما حصله من وقائع الدعوى لتحديد التزامات كل من طرفي التعاقد توطئة لمعرفة المقصر منهما قد رجع إلى عقد البيع الابتدائي دون العقد النهائي الذي اختلفت شروطه عن العقد الابتدائي ، وبه استقرت العلاقة بين الطرفين ، فإنه يكون قد خالف القانون بعدم أخذه بهذا العقد الذي يكون هو قانون المتعاقدين ( نقض مدني 23 مارس سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 114 ص 302 . وأنظر أيضاً : نقض مدني 20 يوليه سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 292 ص 894 . استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1919 م 32 ص 7 : ذكرت ملحقات للأرض في البيع  الابتدائي ولكنها لم تذكر في البيع النهائي ) . أنظر أيضاً الأستاذ أنور سلطان فقرة 85 ص 109 – استئناف مختلط 18 مايو سنة 1933 م 45 ص 291 . وإذا خلا البيع النهائي من الشرط الجزائي الوارد في البيع الابتدائي ، دل ذلك على أن الطرفين قد تخليا عن هذا الشرط ( نقض مدني 9 يناير سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 5 ص 62 ) .
([144]) ومن وقت إبرام البيع النهائي ، يستطيع البائع أن يطالب المشتري بالثمن إذا كان معجلا ، بل وله أن يمتنع عن إبرام البيع النهائي إذا لم يقبض الثمن في مجلس العقد . وكذلك يستطيع المشتري من هذا الوقت أيضا أن يطالب البائع بتسليم المبيع وبريعه ، وهذا ما لم يكن هناك ميعاد آخر متفق عليه للتسليم ولاستحقاق الريع ، أو ما لم يوجد نص في القانون يقضي بغيره .
([145]) أنظر في تاريخ هذا النص الوسيط جزء أول فقرة 140 في الهامش .
([146]) الوسيط جزء أول فقرة 140 – فقرة 142 .
([147]) الوسيط جزء أول فقرة 141 – وقد قضت محكمة النقض بأن العربون ما يقدمه أحد العاقدين إلى الآخر عند إنشاء العقد . وقد يريد المتعاقدان بالاتفاق عليه أن يجعلا عقدهما مبرماً بينهما على وجه نهائي ، وقد يريدان أن يجعلا لكل منهما الحق في إمضاء العقد أو نقضه . ونية العاقدين هي وحدها التي يجب التعويل عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني . وعلى ذلك إذا استخلص الحكم من نصوص العقد أن نية عاقدية انعقدت على تمامه ، وأن المبلغ الذي وصف فيه بأنه عربون ما هو في الواقع إلا قيمة التعويض الذي اتفقا على استحقاقه عند الفسخ المسبب عن تقصير أحد المتعاقدين في الوفاء بما التزم به ، وكان ما استظهرته محكمة الموضوع من نية المتعاقدين على هذا النحو تفسيراً للعقد تحتمله عباراته ، فذلك يدخل في سلطتها التقديرية التي لا تخضع فيها رقابة محكمة النقض ( نقض مدني 21 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 52 ص 132 ) .

   وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن العربون في العقد الابتدائي دليل على جواز العدول ، وفي العقد النهائي دليل على البتات ( 30 أكتوبر سنة 1916 م 29 ص 22 – 7 فبراير سنة 1917 م 29 ص 204 – 11 أبريل سنة 1917م 29 ص 352 – 17 ديسمبر سنة 1919م 32 ص 74 – 4 نوفمبر سنة 1925م 38 ص 11 – 5 أبريل سنة 1938 م 50 ص 215 – وأنظر أيضاً في هذا المعنى : استئناف مصر 21 فبراير سنة 1924 المجموعة الرسمية 26 رقم 39 ص 65 – 21 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 90 ص 136 ) . وهناك أحكام تقضي بأن العربون في حالة الشك يدل على جواز العدول ( استئناف مصر 31 أكتوبر سنة 1939 المحاماة 21 رقم 26 ص 35 – القضاء المستعجل 28 مارس سنة 1940 المحاماة 21 رقم 26 ص 111 – استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1944 م 56 ص 103 – 31 مارس 1948م 60 ص64 ) ، وأحكام تقضي على العكس من ذلك بأن العربون في حالة الشك يكون دليلا على البتات ويكون بمثابة شرط جزائي ( استئناف مصر 28 فبراير سنة 1922 المحاماة ، رقم 122 / 3 ص 486 – 25 أبريل سنة 1932 المحاماة 13 رقم 132/7 ص 292 ) .

     وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن دلالة العربون ، وقد تكون لتأكيد العقد لا لجواز العدول عنه ، تترك لتفسير نية المتعاقدين ( 3 ديسمبر سنة 1935 م 48 ص 45 – 25 مايو سنة 1947م 59 ص 157 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كان العربون دليل العدول لوقت معين ، لم يجز العدول بعد انقضاء هذا الوقت . أما إذا لم يعين وقت لجواز العدول ، جاز العدول إلى وقت التنفيذ . ولا تجوز إساءة استعمال الحق في العدول ، فالبائع الذي أظهر نيته في أن يمضي في العقد دون استعمال حقه في العدول ، وأخذ يقوم بالإجراءات اللازمة لإتمام العقد حتى أوشك على إتمامها ، ثم عدل بعد ذلك فجأة ، لا يقتصر على خسارة العربون ، بل يجب أيضاً أن يدفع تعويضاً لإساءة استعمال حقه في العدول ( 5 أبريل سنة 1938م 50 ص 215 وقد سبقت الإشارة إليه ) . وقضت محكمة استئناف مصر الوطنية بأنه وإن كان لكل من الطرفين حق الخيار في الرجوع مع خسارة قيمة العربون ، إلا أنه لا يجوز التمادي في ذلك الحق إلى أجل غير محدود ، فإن كان المتعاقدان قد حددا ميعاداً لنقض البيع مقابل ترك العربون فلا دوام لهذا الحق إلا لغاية الأجل المضروب بحيث إذا انقضى الميعاد سقط حقهما في النقض . فإن لم يكن ثمة ميعاد فيدوم خيار النقض ، إما إلى حين تنفيذ العقد كما لو سلم البائع للمشتري أو دفع المشتري للبائع أقساطاً من الثمن ، وإما إلى أن يكلف أحد المتعاقدين الآخر تكليفاً رسمياً بتنفيذ الاتفاق أو إبداء رغبته في نقضه مقابل خسارة العربون ، حتى لا يبقى التعاقد معلقاً إلى أجل غير مسمى ( 8 فبراير سنة 1948 المجموعة الرسمية 50 رقم 114 ) .
([148]) وهذا على أن يكون رجوعه في المدة المتفق عليها إذا حددت مدة للرجوع ، فإذا انقضت هذه المدة سقط حق الرجوع وتأكد العقد ، وأصبح العربون جزءاً من الثمن . أما إذا لم تحدد مدة للرجوع ، فللمشتري الرجوع في أي وقت إلى يوم التنفيذ ، وجزاء رجوعه هو خسارة العربون كما قدمنا ( استئناف مختلط 5 أبريل سنة 1938 م 50 ص 215 – 8 يونيه سنة 1948 م 60 ص 139 ) . على أن المشتري ، حتى في خلال المدة التي يجوز له الرجوع فيها ، إذا أظهر نيته في إمضاء العقد وتنفيذه ، اعتبر أنه قد أساء استعمال حقه في الرجوع إذا رجع بعد ذلك ، وكان مسئولتا عن تعويض فوق خسارته للعربون ( استئناف مختلط 5 أبريل سنة 1938م 50 ص 215 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) .
([149]) ويعتبر دفع العربون تنفيذاً جزئياً يجب استكماله . ونجري على العقد الذي أبرم القواعد العامة التي تجري على سائر العقود من جواز المطالبة بالتنفيذ العيني أو بالتعويض أو بالفسخ . وإذا فسخ العقد وترتب على الفسخ تعويض فليس من الضروري أن يقدر التعويض بمقدار العربون ، فقد يكون أكثر أو أقل بحسب جسامه الضرر ( الوسيط جزء أول فقرة 142 ص 264 ) .

    هذا وقد كان المشرع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص هو المادة 153 من هذا  المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : (( 1 – إذا نفذ الالتزام الذي من أجله دفع العربون خصم العربون من قيمة هذا الالتزام ، فإذا استحال تنفيذ العقد لظروف لا يكون أحد من المتعاقدين مسئولا عنها ، أو إذا فسخ العقد بخطأ من المتعاقدين أو باتفاق بينهما )) . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة لإمكان الاستغناء عنه اكتفاء بتطبيق القواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 80 – ص 82 في الهامش ) . وبديهي أنه إذا تقرر تنفيذ البيع الذي دفع فيه العربون فأصبح العربون تنفيذاً جزئياً لهذا البيع ، ثم طرأ بعد ذلك ما جعل البيع يستحيل تنفيذه لسبب أجنبي ، فإن العقد ينفسخ ويجب رد العربون . وكذلك يكون الحكم لو فسخ العقد بخطأ من المتبايعين كليهما أو باتفاق بينهما ، فليس أحدهما أولى بالمسئولية من الآخر ، فيرد العربون لمن دفعه ( بودري وسينيا فقرة 83 ) .
([150]) وإذا كان العربون مقترناً بوعد بالبيع أو بالشراء ملزم لجانب ، فهذا هو الالتزام البدلى المحض . إذ الواعد ـ وهو الذى دفع العربون ـ يلتزم بإبرام العقد النهائى إذ ظهرت رغبة الآخر فى إبرامه ، وله بدلا من ذلك أن يترك العربون وهذا هو البدل ( قارن سينيا فقرة 88 ) .

       أنظر أيضاً محاضرات الأستاذ حسن الدنون فى نظرية العقد فى القانون المدنى العراقى فى معهد الدراسات العربية العالية فقرة 26 ص 33 ، وهو يتفق معنا فى هذا الرأى . ويعترض الأستاذ سليمان مرقس على تكييف العربون بأنه التزام بدلى بأن (( الالتزامات التى ينشئها البيع البات فى ذمة البائع متعددة ولكل منها محله الخاص ، ويجوز للبائع فى البيع بالعربون أن يبرأ منها جميعاً بمجرد عدوله عن البيع على على أن يحل محلها التزام آخر مغاير لها هو البيع بقيمة العربون ، فلا يستقيم إعتبار ذلك التزاماً بدلياً )) ( البيع فقرة 42 ص 62 ) . ولا نرى ما يمنع من أن يكون الحل الأصيل فى الالتزام البدلى محالا متعددة ، بينما يكون البديل محلا واحداً .

 
([151]) وفى الفقه الفرنسى يذهب بعض الفقهاء إلى أن البيع بالعربون بيع معلق على شرط فاسخ ، فينفذ البيع فى الحال ولكن يجوز لكل من المتباعين فسخ البيع فيخسر العربون ( كولميه دى سانتير 7 فقرة 11 كررة تاسعاً وعاشراً ـ جيوار 1 فقرة 23 ) . ويذهب بعض آخر إلى أنه بيع معلق على شرط واقف ، فلا ينفذ إلا إذا انقضت المدة المحددة ولم يرجع أحد المتبايعين فى البيع ، ومن ثم يقف انتقال الملكية إلى أن يتحقق الشرط الواقف ولكن إذا تحقق انتقلت بأثر رجعى ، وتكون تبعة هلاك المبيع قبل تحقق الشرط الواقف على البائع لا على المشتري ( بودرى وسينينا فقرة 80 ـ كولان وكابيتان 2 فقرة 828 ـ جوسران 2 فقرة 1068 ـ وقارن بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 209 ص 246 ) . وسواء اعتبر البيع معلقاً على شرط واقف أو على شرط فاسخ ، فأنه يصعب تعيين مصدر الالتزام بدفع العربون ما دام البيع يزول بأثر رجعى بتحقق الشرط الفاسخ أو بعدم تحقق الشرط الواقف .

       أنظر فى معنى الشرط الواقف فى الفقه المصرى الأستاذ أنور سلطان فقرة 90 الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 106 ص 160 .

       وانظر فى أن البيع بالعربون يتضمن اتفاقين متميزين ، أولهما الاتفاق على البيع مقترناً بشرط واقف أو فاسخ بحسب قصد المتعاقدين ، والثانى اتفاق على تعيين ثمن لاستعمال احلق فى العدول يلتزم بمقتضاه من يستعمل هذا الحق أن يدفع مبلغاً يوازى قيمة العربون ويعتبر هذا الاتفاق الأخير باتا الأستاذ سليمان مرقس فقرة 42 ص 63.
([152]) ويرجع فيما إذا كان ما اتفق عليه المتعاقدان هو شرط جزائى أو عربون إلى نيتهما مستظهرة من ظروف الدعوى ووقائعها ، مما يجخل فى سلطة قاضى الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض . وقد قضت محكمة النقض بأن لقاضى الموضوع أن يستخلص من نص عقد البيع ومن ظروف الدعوى وأحوالها أن العاقدين قصدا به أن يكون البيع بيعاً باتاً منجزاً بشرط جزائى ولم يقصدا أن يكون بيعاً بعربون أو بيعاً معلقاً على شرط فاسخ ( نقض مدنى 5 يناير سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 91 ص 163 ـ وانظر أيضاً نقض مدنى 21 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 52 ص 132 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) .

       وإذا كان ثابتاً أن كل ما دفعه المشترى ، سواء أكان للبائع أم لدائنيه المسجلين على العقار المبيع ، إنما هو من الثمن المتفق عليه لا مجرد عربون يضيع عند اختيار الفسخ ، وأن المتعاقدين أكدا نيتهما هذه بتصرفاتهما التالية للعقد ، كان البيع باتا خالياً من خيار الفسخ ، وأن المتعاقدين أكدا نيتهما هذه بتصرفاتهما التالية للعقد ، كان البيع باتا خالياً من خيار الفسخ ( نقض مدنى 20 أبريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 122 ص 230 ) .

       وإذا كانت المحكمة لم تبين فى أسباب حكمها فى خصوص المبلغ المدفوع للبائع بموجب عقد البيع إن كان عربوناً فيفقده المشترى كفدية يتحلل بها عند نكوله عن إتمام العقد سواء اعتبر المبلغ المدفوع عربوناً أو جزءاً من الثمن ، دون أن تمحص دفاع المشترى ومؤداه أن عدوله عن إتمام الصفقة كان بسبب عيب خفى فى المنزل المبيع سلم له به البائع ، وبسببه اتفق وإياه على التفاسخ وعرض المنزل على مشتر آخر ، وكان هذا الدفاع جوهرياً يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ، فإنه كان لزاماً على المحكمة أن تتعرض له وتفصل فيه ، وتبين ما إذا كان المبلغ المدفوع من المشترى هو فى حقيقته عربون أو جزء من الثمن لاختلاف الحكم فى الحالتين ، وإذ هى لم تفعل يكون حمها قد شابه فصور يبطله ويستوجب نقضه ( نقض مدنى 12 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 72 ص 495 ) .

       ولمحكمة الموضوع أن تستظهر نية المتعاقدين من ظروف الدعوى ووقائعها ومن نصوص العقد لتتبين ما إذا كان المبلغ المدفوع هو بعض الثمن الذى انعقد به البيع باتا ، أو أنه عربون فى بيع مصحوب بخيار العدول ، إذ أن ذلك مما فى سلطتها لاموضوعية متى كان مقاماً على أسباب سائغة ( نقض مدنى 22 مارس 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 55 ص 359 ) . سائغة (نقض مدنى 22 مارس 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 55 ص 369 ) .

       ومتى كان قد نص فى عقد البيع صراحة على أن المشترى دفع عربوناً وحدد مقداره والحالة التى تبيح للمشرى
([153]) الوسيط جزء أول فقرة 142 ص 263 و ص 264 هامش رقم 1 .
([154]) الوسيط جزء أول فقرة 83 ـ فقرة 97 .
([155]) الوسيط جزء أول فقرة 84 – فقرة 91 .
([156]) ونقصتر هنا على الإشارة إلى أن البيع والشراء بوجه عام من أعمال التصرفات لا من أعمال الإدارة ، فلا بد من وكالة الواردة فى ألفاظ عامة لا تخصيص فيها لنوع التصرف الحاصل فيه التوكيل ، فهذه الوكالة العامة إنما تكفى فى أعمال الإدراة لا فى أعمال التصرف (م 701 مدنى) . وقد نصت المادة 702 مدنى فى هذا الصدد على ما يأتى : (( 1 ـ لابد من وكالة خاصة فى كل عمل ليس من أعمال الإدراة ، وبوجه خاص فى البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحيم وتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء . 2 ـ والوكالة الخاصة فى نوع معين من أنواع الأعمال القانوينة تصح ولو لم يعين محل هذا العمل على وجه التخصيص ، إلا إذا كان العمل من التبرعات . 3 ـ والوكالة الخاصة لا تجعل للوكيل صفة إلا فى مباشرة الأمور المحددة فيها وما تقتضيه هذه الأمور من توابع ضرورية وفقاً لطبيعة كل أمر وللعرف الجارى )) .

       ويخلص من هذا النص أن التوكيل فى البيع أو الشراء يجب أن يكون توكيلا خاصاً ، أى توكيلا يذكر فيه هل التوكيل فى البيع أو فى الراء ، ولا يشترط فى هذا التوكيل الخاص تعين الشئ الذى يباع أو يشترى .

       هذا وقد جرى القضاء على اعتبار المرأة المتزوجة وكيلة عن زوجها فى شراء الحاجات المنزلية ( استئناف مختلط 2 مايو سنة 1935 م 47 ص 293 ) .
([157]) وقبل قانون الولاية على المال وقانون المحاكم الحسبية ، كان أحكام الشريعة الإسلامية هى المتبعة . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الحكم إذ قضى ببطلان عقد بيع الأطيان المملوكة للقاصر والصادر من أبيه بصفته ولياً عليه إلى ابن آخر من زوجة أخرى قبل صدور قانون المحاكم الحسبية رقم 99 لسنة 1947 قد أقام قضاءه على قوله : (( ... فالثابت من أقوال علماء الشرع وما جرت عليه أحكام المحاكم أن الأب إذا كان فاسد الرأى سيئ التدبير وباع مال ولده ، فلا يصح هذا البيع إلا إذ كان بالخيرية وهى بالنسبة للعقار لا تكون إلا بضعف قيمته ، فان باعه بأقل من الضعف لم يجز هذ البيع )) ، فهذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه لا مخالفة فيه للقانون ، وهو يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية التى كانت واجبة الاتباع قبل صدور قانون المحاكم الحسبية ( نقض مدنى 7 يونية سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 99 ص 714 ) .
([158]) وحيث لا يجوز التصرف الصادر من الولى أو الوصى أو القيم أو الوكيل عن الغائب إلا بإذن المحكمة ، فإن التصرف قبل إذن المحكمة يكون موقوفاً على شرط هو صدور إذن المحكمة ، فإن صدر الإذن نفذ التصرف من وقت إبرامه ، وإلا فإنه يقط ( الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 117 ص 167 ـ محكمة شبين الكوم الكلية 9 مارس سنة 1952 المحاماة 32 رقم 488 ص 1462 ) . ومع ذلك فقد ذهبت محكمة النقض إلى أن التصرف يكون باطلا بطلاناً نسبياً ويصححه إذن المحكمة ( نقض مدنى 16 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 59 ص 132 ) . وذهبت محكمة استئناف مصر إلى أن التصرف يكون باطلا بطلاناً مطلقاً فلا تصححه الإجازة ( 2 فبراير سنة 1924 المجموعة الرسمية 26 رقم 34 ـ 4 نوفمبر سنة 1944 المجموعة الرسمية 44 رقم 107 ) . ويذهب الأستاذ سليمان مرقس إلى أن التصرف يكون صحيحاً غير نافذ وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، ويستند فى ذلك إلى المذكرة الإيضاحية لقانون الولاية على المال فهى تجعل التصرف (( غير نافذ فى حق الصغير لانتفاء النيابة )) ( أنظر الأستاذ سليمان مرقس فى البيع فقرة 138 ص 192 ) . وعبارة المذكرة الإيضاحية غير صريحة فى إدخال نظام العقود الصحيحة غير النافذة وهو النظام المعروف فى الفقه الإسلامى فى قانون الولاية على المال ، ولعل المذكرة الإيضاحية تقصد أن التصرف لا يجوز الاحتجاج به (inopposable) على الصغير لمجاوزة النائب حدود الولاية .

                                                                                                        
([159]) الوسيط 1 فقرة 97 .
([160]) هذا عدا ما ورد في قانون الولاية على المال من عدم جواز تصرف الأب أو الجد في عقار الصغير لنفسه وعدم جواز تصرف الوصي والقيم والوكيل عن الغائب في مال المحجور لنفسه ، وذلك كله ما لم يصدر إذن من المحكمة يجيز التصرف ، وقد سبقت الإشارة على ذلك ( أنظر آنفاً فقرة 49 وفقرة 50 ) ، وسنعود إليه فيما يلي ( أنظر فقرة 54 ) .
([161]) تاريخ النصوص :

   م 479 : ورد هذا النص في المادة 646 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : (0 لا يجوز البيع في الأحوال الآتية ، حتى لو كان البيع بالمزاد ، وسواء عقد المشتري الصفقة باسمه أو باسم مستعار : ( أ ) إذا كان المشتري وصياً أو قيماً أو نائباً عن غيره بحكم القانون ، واشترى مال من هو نائب عنه . ( ب ) إذا كان المشتري وكيلا بالبيع ، واشترى المال الموكل ببيعه . ( جـ ) إذا كان المشتري منوطاً به إدارة عين أو كان موظفاً عاماً ، وأشترى المال المعهود غليه في بعيه أو المال الذي يجب أن يتم بيعه على يده . ( د ) إذا كان المشتري سنديكاً أو حارساً مصفياً ، واشترى مال التفليسة أو مال المدين المعسر . ( هـ ) إذا كان المشتري مصفياً لشركة أو لتركة ، واشترى المال الذي يصفيه . كل هذا ما لم يصدر إذن من القضاء في البيع ، وكل هذا دون إخلال بما ينص عليه قانون الأحوال الشخصية من أحكام . وفي لجنة المراجعة عدل النص بحيث أصبح متفقاً مع ما استقر عليه في التقنين المدين الجديد ، فيما عدا العبارة الأخيرة حيث كانت : (0 مع عدم الإخلال بما يكون منصوصاً عليه في القوانين الخاصة )) . وأصبحت المادة رقمها 506 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب . وعدلت لجنة الشيوخ عبارة (( القوانين الخاصة )) بعبارة (( قوانين أخرى )) ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها لجنته تحت رقم 479 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 فقرة 223 ص 225 ) .

م 480 : ورد هذا النص في المادة 647 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 507 من المشروع النهائي ، فمجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 480 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 226 – ص 227 ) .

    م 481 : ورد هذا النص في المادة 648 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : (( 1 – على أنه يجوز في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين ، أن يجيز العقد من تم البيع لحسابه ، إذا توافرت وقت الإجازة الأهلية الواجبة . 2 – فإذا رفض إجازة العقد ، وبيع المال من جديد ، تحمل المشتري الأول مصروفات البيع الثاني وما عسى أن يكون قد نقص من قيمة المبيع )) . وفي لجنة المراجعة حذفت الفقرة الثانية لأن حكمها مستفاد من القواعد العامة ، وعدلت الفقرة الأولى بحيث أصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 508 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 481 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 227 و  ص 231 ) .
([162]) التقنين المدني السابق م 258 / 325 : لا يجوز لمن يقوم مقام غيره بوجه شرعي كالأوصياء والأولياء ، ولا للوكلاء المقامين من موكليهم ، أن يشتروا الشيء المنوط بهم بيعه بالصفات المذكورة . فإذا حصل الشراء منهم ، جاز التصديق على البيع من مالك المبيع إذا كان فيه أهلية التصرف وقت  التصديق .

    وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في معرض الموازنة بين التقنين المدني الجديد والتقنين المدني السابق ما يأتي : (( زيد ( في التقنين الجديد ) على النواب السماسرة والخبراء في الأموال المعهود إليهم في بيعها أو تقدير قيمتها ، لأن حكمة المنع فيهم متوافرة : م 647 من المشروع وقد نقلت عن التقنين التونسي م 569 – نص المشرع صراحة على أن البيع ممنوع ولو كان بالمزاد أو كان باسم مستعار ، والنص على الحالة الأولى يزيل لبساً ، وعلى الحالة الثانية يواجه أمراً كثير الوقوع – أجاز المشروع تصحيح البيع . لا بإجازة من تم البيع لحسابه فحسب ، بل كذلك بإذن القضاء في البيع قبل حصوله ، كالوصي يستأذن المجلس الحسبي )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 229 –ص 230 ) .
([163]) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 447 – 449 ( مطابقة للمواد 479 – 481 من التقنين المدني المصري ) . وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 304 – فقرة 309 .

    التقنين المدني الليبي : م 468 – 470 ( مطابقة للمواد 479 – 481 من التقنين المدني المصري ) .

    التقنين المدني العراقي : م 588 : 1 – يجوز للأب الذي له ولاية على ولده أن يبيع ماله لولده وله أن يشتري مال ولده لنفسه ، يعتبر كل من الثمن والمبيع مقبوضين بمجرد العقد . 3 – والجد كالأب في الحكم .

     م 589 : لا يجوز للوصي المنصوب أو للقيم المقام من قبل المحكمة أن يبيع مال نفسه للمحجور ، ولا أن يشتري لنفسه شيئاً من مال المحجور مطلقاً ، سواء أكان في ذلك خير للمحجور أم لا .

    م 590 : 1 – لا يجوز للوصي المختار من قبل الأب أو الجد أن يبيع مال نفسه لليتيم ، ولا أن يشتري لنفسه شيئاًُ من مال اليتيم ، إلا إذا كان في ذلك خير لليتيم وبإذن من المحكمة . 2- والخيرية هي أن يبيع لليتيم بأقل من ثمن المثل أو أن يشتري منه بأكثر من ثمن المثل ، على وجه يكون فيه لليتيم مصلحة ظاهرة .

    م 591 : لا يجوز للقاضي أن يبيع ماله للمحجور ولا أن يشتري مال المحجور لنفسه .

    م 592 : 1 – ليس للوكلاء أن يشتروا الأموال الموكلين هم ببيعها وليس لمديري الشركات ومن في حكمهم ولا الموظفين أن يشتروا الأموال المكلفين هم ببيعها أو التي يكون بيعها على يدهم . وليس لولكاء التفاليس ولا للحراس المصفين أن يشتروا أموال التفليسة ولا أموال المدين المعسر . وليس لمصفى الشركات والتركات أن يشتروا الأموال التي يصفونها ، وليس للسماسرة ولا للخبراء أن يشتروا الأموال المعهود إليهم في بيعها أو في تقدير قيمتها . وليس لواحد من هؤلاء أن يشتري ، ولو بطريق المزاد العلني ، لا بنفسه ولا باسم مستعار ، ما هو محظور عليه شراؤه . 2- على أن الشراء في الأحوال المنصوص عليها في الفقرة السابقة يصح إذا أجازه من تم البيع لحسابه ، متى كان وقت الإجازة حائزاً للأهلية الواجبة . أما إذا لم يجزه وبيع المال من جديد ، تحمل المشتري الأول مصروفات البيع الثاني وما عسى أن يكون قد نقص من قيمة المبيع .

    ( وأحكام التقنين العراقي تقرب في مجموعها من أحكام التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين العراقي نقل أحكام الفقه في بيع الولي والوصي والقاضي ما لهم للمحجور وشرائهم لمال المحجور ، وفيما عدا أن التقنين العراقي في المادة 592 أفاض في تعداد الوكلاء ومن لهم صفة النيابة عن الغير على النحو الذي كان عليه المشروع التمهيدي للتقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون في البيع في القانون العراقي فقرة 340 – فقرة 353 ، وفي أن الجزاء على المنع في القانون العراقي أن يكون العقد موقوفاً فقرة 353 ) .

     تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 378 : إن الأشخاص المشار لهم الشراء لا بأنفسهم ولا بواسطة أشخاص مستعارين ولو كان الشراء بالمزايدة ، إلا إذا كان بأيديهم ترخيص من القضاء ، وإذا فعلوا كان عقد الشراء باطلا . أولاً – لا يجوز لوكلاء البيع شراء الأموال التي عهد إليهم في بيعها . ثانياً – لا يجوز لمتولي الإدارة العامة شراء أموال الدولة ولا أموال القرى ولا أموال المعاهد العامة التي فوض إليهم أمر الاعتناء بها . ثالثاً – لا يجوز للمأمورين الرسمين شراء الأموال المعهود إليهم في بيعها . رابعاً : لا يجوز للأب أو الأم ، ولا للوصي أو القيم أو المشرف القضائي أو الولي الموقت ، شراء أموال الأشخاص الذين يمثلونهم أو يشرفون عليهم .

    م 379 : لا يجوز للسماسرة ولا للخبراء أن يشتروا بأنفسهم  أو بواسطة غيرهم الأموال والحقوق والديون التي عهد إليهم في بيعها أو تخمينها ، ولا أن يقايضوا بها أو يرتهنوها .

    م 381 : إن زوجات الأشخاص المتقدم ذكرهم وألوادهم وإن كانوا راشدين يعدون أشخاصاً مستعارين في الأحوال المنصوص عليها في المواد السابقة .

    ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري ) .
([164]) أنظر في كون النائب اشترى باسم مستعار يعتبر من مسائل الواقع لا من مسائل القانون أو بري ورو 5 فقرة 351 هامش 17 – بودري وسينيا فقرة 252 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 58 .
([165]) وكانت هذه المسألة مختلفاً عليها في عهد التقنين المدني السابق ، فحسم التقنين المدني الجديد هذا الخلاف بنص صريح . أنظر في جواز دخول النائب في المزايدة في عهد التقنين المدني الجديد هذا الخلاف بنص صريح . أنظر في جواز دخل النائب في المزايدة في عهد التقنين المدني السابق الأستاذ عبد الحميد أبو هيف في طرق التنفيذ فقرة 855 -* فقرة 856 ، وفي عدم جواز ذلك جرانمولان فقرة 58 – دي هلتس 4 لفظ Vente فقرة 56 – الأستاذين أحمد قمحة وعبد الفتاح السيد في التنفيذ فقرة 661 – الأستاذ محمد حلمي عيسى فقرة 920 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 238 . وأنصار جواز دخول النائب في المزايدة كانوا يقصدون البيع بالمزاد الجبري دون المزاد الاختياري ، ففي البيع الجبري لا يعتبر الوكيل منوطا بالبيع ، وهو بيع يجب فيه إتباع إجراءات من شأنها أن تحفظ حق المالك المدين . وكان يوجد اتفاق على أن الوصي يجوز له أن يدخل مزايداً في شراء ملك إذا تحققت له مصلحة مشروعة في ذلك ، كأن يكون شريكاً على الشيوع مع القاصر وتباع العين المشتركة لعدم إمكان قسمتها عيناً ، فله أن يزايد ، وإذا رسا عليه المزاد لم يعتبر مشترياً من القاصر لأن القسمة كاشفة ، وكأن يكون الوصي دائناً مرتهناً ، فله أن يدخل مزايداً في بيع عقار القاصر ومصلحته هنا متفقة مع مصلحة القاصر في أن كلا منهما يريد أن يبلغ ثمن العقار أعلى حد ( بلانيول وريبير 2 فقرة 54 – كولان وكابيتان 2 ص 487 – الأستاذ محمد حلمي عيسى فقرة 921 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 237 ) .

    ويبدو أن النائب في البيع إذا باع العقار المنوط به بيعه لم يجز له ، إذا كان شفيعاً في هذا العقار ، أن يأخذه بالشفعة . فإن الشفيع يعتبر مشترياً إذ هو يحل محل المشتري ، لجواز أن يتساهل مع المشتري في شروط البيع حتى يشفع في العقار بنفس الشروط . يضاف إلى ذلك بالنسبة إلى النائب إذا كان وكيلاً ، أن قبوله للوكالة في بيع العقار ينطوي على نزول ضمني منه عن حقه في أخذ العقار بالشفعة . وقد كان هذا هو الرأي المعمول به في الفقه في عهد التقنين المدني السابق ( دي هلتس 4 لفظ Vente  فقرة 62 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 235 في الهامش ) .
([166]) أنظر المشروع التمهيدي للمادة 479 مدني ( آنفاً فقرة 53 في الهامش ) .
([167]) أنظر آنفاً فقرة 49 .
([168]) أنظر آنفاً فقرة 50 .
([169]) وكذلك من عهد إليه في بيع قطن وعجل جزءاً من الثمن لا يجوز له أني شتري القطن لنفسه ( استئناف مختلط 9 ديسمبر سنة 1925 م 38 ص 87 ) .
([170]) الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 133 .
([171]) وتنص المادة 667 من تقنين المرافعات على أنه (( لا يجوز للمدين ، ولا للقضاة الذين نظروا بأي وجه من الوجوه إجراءات التنفيذ أو المسائل المتفرعة عنها ، ولا للمحامين الوكلاء عن مباشر الإجراءات أو المدين ، وأن يتقدموا للمزايدة بأنفسهم أو بطريق تسخير غيرهم ، وإلا كان البيع باطلا )) .
([172]) الوسيط جزء أول فقرة 97 ص 204 – ص 205 .
([173]) مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 106 .
([174]) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 230 – وهذا هو أيضاً ما يذهب إليه الفقه الفرنسي بوجه عام ( أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 34 – بودري وسينيا فقرة 250 وفقرة 254 – بللانيول وريبير وهامل 60 فقرة 58 ) .
([175]) وقد سبق أن قلنا بهذا الرأي في الوسيط جزء أول فقرة 97 – والفقه في مصر قريب من هذا الرأي . فيذهب الأستاذ أنور سلطان ( فقرة 457 ) إلى أن جزاء المنع من الشراء يجب أن يتلمس في القواعد الخاصة بالنيابة ، لا القواعد الخاصة بالبطلان ، ومن مقتضى القواعد الخاصة بالنيابة أن عمل النائب لا ينفذ في حق الأصيل إلا إذا تم في حدود نيابته . ولكنه يقول بعد ذلك : (( فإذا منع المشرع النائب من مباشرة عمل ما ، وخالف النائب هذا المنع ، فيعتبر أنه قد تعاقد خارج نطاق نيابته ، ولذا لا ينفذ تعاقده في حق الأصيل إلا إذا أقره )) ( ص 434 ) .

    وهذا صحيح فيما يتعلق بالنيابة القانونية والنيابة القضائية . أما في النيابة الاتفاقية ، فالمشرع لم يتدخل لتحديد مدى النيابة ، بل الاتفاق هو الذي حدد هذا المدى . ولم يدخل فيه أن يشتري النائب لنفسه ، ومن هنا جاءت مجاوزة النائب لحدود النيابة ، فالمنع في النيابة الاتفاقية مؤسس على إرادة الأصيل لا على نص المشرع .

     وأنظر في هذا المعنى الذي يذهب إليه الأستاذ أنور سلطان الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 123 . ويذهب الأستاذ سليمان مرقس ( فقرة 137 ) إلى أن النائب جاوز حدود النيابة في أنه لم يبع بأعلى ثمن ممكن . أنظر أيضاً الأستاذ جميل الشرقاوي في نظرية بطلان التصرف فقرة 89 ، وفي عقد البيع فقرة 16 . وفي رأينا أن النائب جاوز حدود الوكالة في أنه اشترى لنفسه ، أياً كان الثمن الذي اشترى به .

    ويذهب الأستاذ منصور مصطفى منصور ( فقرة 134 ص 303 – ص 304 ) إلى ما ذهبنا إليه من أن النائب يجاوز حدود النيابة إذا اشترى لنفسه ، فلابد من إجازة الأصيل . ثم يقول إن الشراء قبل الإجازة يكون عقداً موقوفاً ، على غرار العقد الموقوف في الفقه الإسلامي ، وإجازة الأصيل تجعله ينفذ . وملاحظتنا على هذا الرأي أنه لما كان العقد الموقوف غير معروف في الفقه الغربي ، فقد لجأنا إلى تكييف آخر في الحالة التي يجاوز فيها الوكيل حدود الوكالة ، ويقتضي الأمر إقرار الموكل ، فقلنا في الجزء الأول من الوسيط ( فقرة 89 ص 198 هامش رقم 2 ) : (( فلو كان النائب وكيلاً وجاوز حدود الوكالة ، جاز القول إنه نصب نفسه وكيلاً بإرادته المنفردة فيما جاوز فيه حدود الوكالة ، على أن يقره الموكل بعد ذلك . ويكون مصدر النيابة في هذه الحالة هو القانون ، فقد جعل الوكيل – بناء على إرادته – نائباً فيما يجاوز حدود الوكالة . والنيابة هنا ليست منجزة ، بل هي معلقة على شرط موقف هو أن يصدر إقرار من الموكل )) . وليس من شك في أن نظرية العقد الموقوف في الفقه الإسلامي هي أكثر ملاءمة لتكييف الوضع الذي نحن بصدده ، لو أمكن إدخالها عن طريق الاجتهاد في الفقه المصري . وقد منع المشرع المصري إدخالها في أهم تطبيق من تطبيقاتها وهو بيع ملك الغير ، إذ أورد نصاً صريحاً في أن هذا البيع قابل للإبطال ، وكان الأولى أن يكون عقداً موقوفاً – وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في بيع ملك الغير ( أنظر ما يلي فقرة 164 ) .

 
([176]) وقد قدمنا أن الفقه في فرنسا ، وفي مصر في عهد التقنين المدني السابق ، يذهب إلى أن للوصي شراء مال القاصر إذ كانت له حقوق من قبل على هذا المال ، وكان القصد ن شرائها هو المحافظة على هذه الحقوق ، كما لو كان الوصي شريكاً في الشيوع مع القاصر أو دائناً مرتهناً له ، ويبعت العين بالمزاد العلني لعدم إمكان قسمتها عيناً أو للتنفيذ على العين المرهونة ( أنظر آنفاً فقرة 54 في الهامش . وأنظر أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 31 – ص 32 – بودري وسينيا فقرة 233 – فقرة 234 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 54 – بلانيول وريبير 2 فقرة 54 – كولان وكابيتان 2 ص 487 – الأستاذ محمد حلمي عيسى فقرة 921 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 237 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في عهد التنقين المدني السابق بأن تحريم شراء النائب للشيء الذي نيط به بيعه لا يسري في البيوع القضائية إذ هي محوطة بالضمانات الكافية ( 20 مايو سنة 1947 م  59 ص 223 ) . أما في عهد التقنين المدني الجديد حيث ورد نص صريح في تحريم شراء النائب لنفسه ولو كان ذلك بالمزاد العلني ، فيبدو أنه لا يجوز للوصي شراء مال القاصر ، حتى لو قصد المحافظة على حقوقه واشترى في مزاد علني ، من غير إذن المحكمة ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 456 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 122 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 132 ص 299 – ص 300 ) .

 
([177]) ويستثنى أيضاً ما تقضي به قواعد التجارة ( أنظر المادة 108 مدني ) ، وذلك كما في الوكيل بالعمولة . وقد قضت محكمة النقض بأنه يجوز للوكيل بالعمولة أن يتعاقد مع نفسه ( نقض مدني 28 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 108 ص 767 ) .
([178]) الوسيط جزء أول فقرة 147 .
([179]) وقد كان التقنين المدني السابق يشتمل على نصين في أهلية البائع المشتري ، هما تطبيق محض للقواعد العامة ، ولذلك أغفلهما التقنين المدني الجديد . فكانت المادة 246 / 312 مدني سابق تنص على أنه (( يجب أن يكون كل من البائع والمشتري متصفاً بالأهلية الشرعية للتعامل ( capacite legale de s'obliger ) . وكانت المادة 247 / 313 تنص على أنه يجب أن يكون البائع متصفاً بالأهلية الشرعية للتصرف ( capacite legale d'aliener ) .
([180]) ومن صور التدليس في البيع صورة تسمى باحتكار البيع ( vente a monopole ) فيعمد منتج السلعة إلى الاتفاق مع تاجر يبيع منه سلعته بيعاً باتاً ، ليقوم التاجر بعد ذلك ببيعها من العملاء لحسابه . ويزخرف المنتج للتاجر السلعة ، ويؤكد له أنها رائجة كل الرواج ، فيحمله بذلك على أن يقبل شراء كميات كبيرة منها على أن يحتنكر بيعها وحده . ثم يتبين التاجر أن السلعة ليست رائجة ، بعد أن يكون قد اشترى هذه الكميات الكبيرة اطمئناناً إلى تأكيدات المنتج ، فتصيبه من جراء ذلك خسارة جسيمة . وقد سار القضاء الفرنسي على اعتبار مجرد التأكيدات الكاذبة الصادرة من منتج السلعة عن رواج سلعته تدليسا يجعل البيع الصادر منه للتاجر قابلا للإبطال ( بيدان 11 فقرة 23 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 20 – وقد أشار بيدان في القضاء الفرنسي إلى الأحكام الآتية : محكمة السين التجارية 20 يوليه سنة 1926 مجلة القانون الفرنسي 1926 ص 155 -  محكمة مارسيليا التجارية أول ديسمبر سنة 1932 مجموعة مارسيليا 1933 – 1 – 1935 – محكمة الهافر 7 نوفمبر سنة 1934 جازيت دي باليه 1934 – 2 – 1016 – محكمة بيزانسون 16 ديسمبر 1935 جازيت دي باليه 26 فبراير سنة 1936 ) .
([181]) ومن قضاء محكمة النقض في عيوب الرضاء في البيع : نقض مدني 2 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 89 ص  296 ( التقدم في السن والأمراض المستعصية من شأنها أن تجعل الإرادة معيبة ) – نقض مدني 11 ديسمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 242 ص 503 ( عين معينة ذكر حد فيها مكان حد آخر : غلط مادي يصحح ( - نقض مدني 15 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 165 ص 1082 ( كتمان البائع عن المشتري أن المحل التجاري المبيع قد حكم بإغلاقه لعدم الرخصة يعتبر تدليساً ، ولو كان المشتري يعلم بأن المحل غير مرخص لأنه كان يرجو الحصول على الرخصة ) – نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 218 ص 1582 ( متى قضت المحكمة لأسباب سائغة في حدود سلطتها التقديرية وقوع إكراه مؤثر في إرادة البائع أو تدليس مفسد لرضائه ، فإنها لا تكون ملزمة بإجراء تحقيق لا ترى أنها في حاجة إليه ) .

  ومن قضاء محكمة الاستئناف المختلطة في عيوب الرضا في البيع : 19 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 53 ( اشترى أرضاً كان يعتقد أنها تجاور مسلكين يؤديان إلى الطريق العام فتبين عدم صحة ذلك : يعد غلطاً ) – 18 فبراير سنة 1909 م 21 ص 204 ( لا يعتد بالغلط في تعيين الحدود إذا كانت ذاتية الأرض محددة ومعروفة للمشتري ) – 17 نوفمبر سنة 1910 م 23 ص 26 ( الاكتتاب في أسهم شركة لم تحصل على فرمان خديوي دون أن يعلم المكتتبون ذلك يكون مشوباً بالغط ) – 29 ديسمبر سنة 1910م 23 ص 97 ( يعد غلطاً أن يقصد المشتري شراء نمرة كاملة lot في أرض مقسمة وأن يقصد البائع بيع جزء من نمرة وجزء من نمرة أخرى ، ولو تساوى الشيئان في المساحة والمنفعة ) – 19 يناير سنة 1911 م 23 ص 119 ( اشترى أرضاً قسمت في الخرط لا في الطبيعة وكان يعتقد أنها تجاوز طريقاً عاماً فظهر غير ذلك : يعد غلطاً ) – 9 فبراير سنة 1911 م 23 ص 170 ( لا يعد غلطاً أن يكون أحد حدود الأرض طريقاً خاصاً وكان المشتري يظنه طريقاً عاما ) – 19 مارس سنة 1913 م 25 ص 239 ( يعد غلطاً أن يقصد المشتري شراء شيء أثري فإذا هو مقلد ، ولو كان المشتري ذا خبرة بالآثار ، فلا يتقيد في رفع دعوى الغلط بمدة التقادم القصيرة المقررة في ضمان العيب الخفي ) – 21 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 120 ( لا يعد غلطاً الخطأ في تعيين الحدود ما دامت ذاتية الأرض معروفة ) – 24 يناير سنة 1939 م 51 ص 126 ( لابد من بيان ريع المبيع في العقد الابتدائي حتى يستطيع المشتري أن يتمسك بالغلط في قيمة المبيع لأن ريعه أقل مما قدر ) – 25 فبراير سنة 1941 م 53 ص 108 ( غلط المشتري في ذاتية الأرض التي اشتراها ) – وأنظر أيضا في الغلط والتدليس : 28 مايو 1931 م 43 ص 415 ( غلط ) – 22 يونيه سنة 1932 م 44 ص 389 ( غلط ) – 31 يناير سنة 1934 م 46 ص 147 ( تدليس ) – 9 أبريل سنة 1936 م 48 ص 221 ( تدليس ) – 18 يناير سنة 1939 م 51 ص 121 ( الغلط بأنواعه المختلفة ) .
([182]) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 559 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي :

(( 1 – يجب أن يكون المشتري عالماً بالشيء المبيع علماً كافياً . ويعتبر العلم كافياً إذا اشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بحيث يمكن التحقق منه . 2 – إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع ، سقط حقه في الطعن على البيع بدعوى عدم علمه بالمبيع ، إذا أثبت تدليس البائع )) . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويراً لفظياً ، وحدد في دقة الجزاء على عدم العلم وهو طلب الإبطال ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 432 في المشروع النهائي . ووافق على مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 419 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 18 و  ص 20 ) .
([183]) التقنين المدني السابق : م 249 / 315 : يجب أن يكون المشتري عالماً بالبيع علماً كافياً ، إما بنفسه أو بمن وكله عنه في معاينته . م 250 / 316 : إذا لم يشاهد المشتري جزافاً إلا بعض المبيع ، وتبين أنه لو رآه كله لامتنع عن شرائه ، فليس له ألا أن يتحصل على الحكم بفسخ البيع بدون أن يجوز له طلب تقسيم المبيع أو تنقيص ثمنه ، ويسقط حقه في طلب الفسخ إذ تصرف في الشيء المبيع بأي طريق كان .

     م 251 / 317 : إذا ذكر في عقد ا لمبيع أن المشتري عالم بالمبيع ، سقط حقه في طلب إبطال البيع بدعوى عدم علمه بالمبيع ، إذا أثبت تدليس البائع عليه .

      م 252 / 318 : بيع الأشياء التي لم يعاينها المشتري ولا وكيله في المعاينة لا يكون صحيحاً إلا إذا كان عقد البيع مشتملا على بيان المبيع وأوصافه الأصلية بحيث يمكنه الكشف عليه وتحقيق حالته .

      م 253 / 319 : البيع للأعمى يكون صحيحاً إذا أمكنه معرفة حقيقة المبيع بطريقة غير المعاينة ، أو حصلت معاينته ممن عينه معتمداً عليه في ذلك .

     وقد لخص التقنين المدني الجديد هذه النصوص الخمسة في نص واحد هو المادة 419 المتقدم ذكرها . وقد جاء في صددها في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ما يأتي : (( هذا النص يلخص خمسة نصوص في التقنين المصري الحالي ( ا لسابق ) هي المواد 249 – 253 / 315 – 319 ، على وجه يوفق بين خيار الرؤية المعروف في الشريعة الإسلامية وبين المبادئ العامة للقانون المدني وهذه لا تشترط رؤية المبيع ، بل تقتصر على اشتراط أن يكون معيناً تعييناً كافياً . فقرر المشروع وجوب أن يكون المشتري عالماً بالشيء المبيع علماً كافياً ، وحذفت عبارة (() إما بنفسه أو بمن يوكله عنه في معاينته )) من نص التقنين الحالي ( السابق ) لبداهتها . ثم أراد أن يوفق بين هذا العلم – والمقصود به خيار الرؤية – وبين الاكتفاء بتبين الشيء . فذكر أن العلم يعتبر كافيا إذا اشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بحيث يمكن التحقق منه ( أنظر م 252 / 318 مدني ) . فرؤية المبيع يغني عنه تعيينه بأوصافه الأساسية تعييناً من شأنه أن يمكن تمييزه عن الأشياء الأخرى . وبديهي أن هذا التعيين يختلف باختلاف الأشياء – ثم نقل المشروع المادة 251 / 318 من التقنين الحالي ( السابق 9 ، فقرر أنه إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع سقط حقه في الطعن على البيع بدعوى عدم علمه بالمبيع ، إلا إذا أثبت تدليس البائع . وقد أغفل المشروع نصين في التقنين الحالي ( السابق ) لا فائدة من إيرادهما ، أحدهما يقضي بأنه (( إذا لم يشاهد المشتري جزافا إلا بعض البيع ، وتبين له أنه لو رآه لامتنع عن شرائه ، فليس له إلا أن يتحصل على الحكم بفسخ البيع بدون أن يجوز له طلب تقسيم البيع أو تنقيص ثمنه ، ويسقط حقه في طلب الفسخ إذا تصرف في الشيء المبيع بأي طريق كان ( م 150 / 216 مصري ) )) ويقضي النص الثاني بأن البيع للأعمى يكون صحيحاً إذا أمكنه معرفة حقيقة  المبيع بطريقة غير المعاينة أو حصلت معاينته ممن عينه معتمداً عليه في ذلك ( م 253 / 319 ) . وواضح أن في القواعد العامة غنى عن ذكر هذين الحكمين )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 18 – ص 19 ) .
([184]) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

    التقنين المدني السوري م 387 ( مطابقة للمادة 419 من التقنين المدني المصري . وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 39 – فقرة 45 ) .

    التقنين المدني الليبي م 408 ( مطابقة للمادة 419 من التقنين المدني المصري ) .

    التقنين المدني العراقي م 517 : 1 – كل من اشترى شيئاً لم يره كان له الخيار حين يراه ، فإن شاء قبله وإن شاء فسخ البيع . ولا لأخيار للبائع فيما باعه ولم يره . 2 – والمراد بالرؤية الوقوف على خصائص الشيء ومزاياه بالنظر أو للمس أو الشم أو السمع أو المذاق .

    م 518 : الأشياء التي تباع على مقتضى نموذجها تكفي رؤية النموذج فيها . فإن ثبت أن المبيع دون النموذج الذي اشترى على مقتضاه ، كان المشتري مخيراً بين قبوله بالثمن المسمى أو رده بفسخ البيع . 2 – فإذا تعيب النموذج أو هلك في يد أحد المتعاقدين ولو دون خطأ منه ، كان على هذا المتعاقد بحسب ما يكون بائعاً أو مشترياً أن يثبت أن الأشياء مطابقة للنموذج أو غير مطابقة له .

     م 519 : 1 – إذا بيعت جملة أشياء متفاوتة صفقة واحدة ، فلا بد للزوم البيع من رؤية كل واحد منها على حدة . 2 – وإذا كان المشتري رأى بعضها ، فمتى رأى الباقي جاز له أخذ جميع الأشياء أو ردها جميعاً ، وليس له أن يأخذ ما رآه ويترك الباقي .

     م 520 : 1 – إذا وصف شيء للأعمى وعرف وصفه ثم اشتراه ، لا يكون مخيراً .

     2- ويسقط على كل حال خيار الأعمى بلمس الأشياء التي تعرف باللمس وشم المشمومات وذوق المذوقات .

      م 521 : الوكيل بشراء شيء والوكيل بقبضه رؤيتهما كرؤية الأصيل ، أما الرسول فلا تسقط رؤيته خيار المشتري .

    م 522 : من رأى شيئاً بتقصد الشراء ، ثم اشتراه بعد مدة وهو يعلم أنه الشيء الذي كان قد رآه ، فلا خيار له إذا وجد الشيء قد تغير عن الحال الذي رآه فيه .

   م 523 : 1 – يسقط خيار الرؤية بموت المشتري ، وبتصرفه في البيع قبل أن يراه ، وبإقراره في عقد البيع أنه قد رأى الشيء وقبله بحالته ، وبوصف الشيء في عقد البيع وصفاً يقوم مقام الرؤية وظهوره على الصفة التي وصفت ، وبتعيب المبيع أو هلاكه بعد القبض ، وبصدور ما يبطل الخيار قولا أو فعلا من المشتري قبل الرؤية أو بعدها ، وبمضي وقت كاف يمكن المشتري من رؤية الشيء دون أن يراه . 2 – وللبائع أن يحدد للمشتري أجلا مناسباً يسقط بانقضائه الخيار إذا لم يرد المبيع خلال هذه المدة .

     ( والتقنين العراقي أخذ بخيار الرؤية المعروف في الفقه الإسلامي ، ولكنه أقام مقام الرؤية وصف الشيء وصفاً يغني عن الرؤية . أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 67 – فقرة 76 – الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 208 – فقرة 215 ويميز بحق بين خيار الرؤية والغلط فيدافع بذلك عن وجود خيار الرؤية في القانون المدني العراقي على خلاف رأى الأستاذ حسن الذنون ) .

     تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم يرد شيء خاص بخيار الرؤية ، فتسري القواعد العامة المتعلقة بوجوب تعيين المبيع تعييناً كافياً .

 

 
([185]) فإذا كان المشتري لم ير المبيع وقت الشراء ولكن كان قد رآه قبل ذلك ، فإن كان المبيع وقت الشراء على حاله التي كان عليها لم يتغير ، فلا خيار له . وإن كان قد تغير عن حاله ، فله الخيار ، لأنه إذا تغير عن حاله فقد صار شيئاً آخر فكان مشتريا شيئا لم يرا فله الخيار إذا رآه ( أنظر م 522 مدني عراقي آنفا فقرة 61 في الهامش ) .
([186]) أنظر في تفصيلات رؤية الشيء – وهي مأخوذة من المذهب الحنفي – المواد 518 – 521 من التقنين المدني العراقي ، وقد سبق ذكرها ( آنفا فقرة 61 في الهامش ) .
([187]) وقد اختار التقنين المدني العراقي هذا القول ، فنص في الفقرة الأولى من المادة 523 على أن (( يسقط خيار الرؤية .. بصدور ما يبطل الخيار قولا أو فعلا من المشتري قبل الرؤية أو بعدها ، وبمضي وقت كاف يمكن المشتري من رؤية الشيء دون أن يرده )) . وتضييف الفقرة الثانية من المادة 523 ما يأتي : (( وللبائع أن يحدد للمشتري أجلا مناسباً يسقط بانقضائه الخيار إذا لم يرد المبيع في خلال هذه المدة )) ( أنظر آنفاً فقرة 61 في الهامش ) .
([188]) وقد جاءت هذه الأحكام نقلا عن المذهب الحنفي في التقنين المدني العراقي ، فنصت المادة 523 / 1 من هذا التقنين على ما يأتي : (( يسقط خيار الرؤية بموت المتشري ، وبتصرفه في البيع قبل أن يراه ، وبإقراره في عقد البيع أنه قد رأى الشيء وقبله بحالته ، وبوصف الشيء في عقد البيع وصفاً يقوم مقام الرؤية وظهوره على الصفة التي وصفت ، وبتعيب الشيء أو هلاكه بعد القبض ، وبصدور ما يبطل الخيار قولا أو فعلا من المشتري قبل الرؤية أو بعدها ، وبمضي وقت كاف يمكن المشتري من رؤية الشيء دون أن يراه )) ( أنظر آنفا فقرة 61 في الهامش ) . ويلاحظ أن التقنين العراقي أضاف سببين في إسقاط خيار الرؤية : وصف الشيء وصفاً يقوم مقام الرؤية وظهوره على الصفة التي وصفت ، وإقرار المشتري في عقد البيع أنه قد رأى الشيء وقبله وبحالته . وسنرى أن التقنين المصري هو أيضاً جعل هذين السببين مسقطين لخيار الرؤية : فوفق بذلك بين أحكام خيار الرؤية في الفقه الإسلامي والقواعد العامة المتعلقة بتعيين المبيع .

    وأنظر في خيار الرؤية في المذهب الحنفي مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 4 ص 248 – 258 ، حيث ذكرت المصادر والنصوص الفقيهة في خيار الرؤية .
([189]) والشافعي ، في اشتراطه في قوله الجديد رؤية المبيع وقت العقد لصحة البيع ، يضيق كثيراً في مجال التعامل . وهو يحتج لقوله هذا بنهي النبي عليه السلام عن بيع الغرر والغرر موجود فيما لم يره المشتري ، وبنهيه عليه السلام عن بيع ما ليس عند الإنسان والمراد ما ليس بحاضر مرئي للمشتري . ويذهب إلى أن المقصود في المبيع هو المالية ومقدار المالية لا يصير معلوماً إلا بالرؤية ، فالجهل بمقدار المالية قبل الرؤية بمنزلة انعدام المالية . ويقول إن البيع بيع دين وبيع عين . والطريق لمعرفة المبيع فيما هو دين الوصف ، وإذا تراخي الوصف عن حالة العقد لم يجز البيع . أما الطريق لمعرفة العين فهو الرؤية ، وإذا تراخت الرؤية عن حالة العقد لم يجز هنا أيضاً البيع ( مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف 4 ص 264 ) .
([190]) وهناك رواية ثانية في مذهب أحمد ، هي أنه يجوز بيع العين التي لم توصف ولم تتقدم رؤيتها ن ويكون للمشتري في هذه الحالة خيار الرؤية ، بل إن البائع يكون له هو أيضاً خيار الرؤية إذا لم تسبق له رؤية المبيع . وفي رواية ثالثة أن البيع على الصفة لا يجوز ، وأن البيع على رؤية سابقة لا يجوز ، فيشترط إذن في صحة البيع رؤية المبيع حال العقد . وتتفق هذه الرواية الثالثة في مذهب أحمد مع مذهب الشافعي في قوله الجديد .

     وأنظر في خيار الرؤية في المذاهب الثلاثة مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 4 ص 259 – ص 267 ، حيث ذكرت المصادر والنصوص الفقهية .
([191]) وفي القانون الفرنسي بيع قريب من البيع بخيار الرؤية يسمى البيع مع الاحتفاظ بحق العدول vente en disponible ، وهو بيع بضائع في مخازن البائع لم يرها المشتري ، وله الحق في قبولها أو رفضها عند رؤيتها ( أنظر في هذا البيع بودري وسينيا فقرة 183 رابعاً ) .
([192]) استئناف وطني 28 فبراير سنة 1922 المحاماة 2 رقم 122 / 2 ص 486 – استئناف مختلط أول يونيه سنة 1943 م 55 ص 171 .
([193]) استئناف وطني 28 مارس سنة 1908 الحقوق 23 ص 185 – استئناف مختلط 6 مايو سنة 1915 م 27 ص 325 – وتقول الفقرة الثانية من المادة 419 مدني : (( وإذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع ، سقط حقه في طلب إبطال المبيع بدعوى عدم علمه به ، إلا إذا أثبت تدليس البائع )) . ولما كان الإقرار بالعلم بالمبيع هو حجة على المشتري ، كما قدمنا ، فهو دليل على أن المشتري لم يقع في غلط في شأن وفاء المبيع بالغرض المقصود منه ، ومن ثم يكون البيع صحيحاً . ويكون من غير الدقيق أن بقول النص في هذا الصدد إن المشتري (( يسقط )) حقه في طلب إبطال البيع ، فالمشتري لا يستطيع الطعن في البيع ، لا لأن حقه في طلب إبطال البيع قد سقط ، بل لأن البيع صحيح وليست هناك دعوى إبطال أصلا حتى يقال عنها إنها قد سقطت ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 41 ص 71 – الأستاذ مصطفى الزرقا في البيع في القانون المدني السوري ص 71 هامش رقم 3 ) .
([194]) فإذا ثبت ، رغم عدم وصف المبيع الوصف المميز له ورغم عدم إقرار المشتري في عقد البيع أنه عالم بالمبيع ، أن المشتري لم يكن يجهل المبيع وأنه عاينه بنفسه وتحقق من أوصافه ، لم يكن له حق الطعن في البيع . وهذه مسألة موضوعية لا رقابة فيها لمحكمة النقض . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت أن المشتري لم يكن يجهل مساحة المنزل الذي اشتراه ، وأنه عاينه بنفسه وتحقق من أوصافه ، وكان هذا الاستخلاص سليماً مبنياً على ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها ، فلا يجوز بعد ذلك إثارة هذا الأمر أمام محكمة النقض لتعلقه بموضوع الدعوى ( نقض مدني 24 أكتوبر سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 72 ص 259 ) .
([195]) والذي يقطع في أن التقنين المدني قد خرج خيار الرؤية على نظرية الغلط أن المشروع التمهيدي للفقرة الثانية من المادة 419 كانت تجري على الوجه الآتي : (( إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع ، سقط حقه في الطعن على البيع بدعوى عدم علمه بالمبيع )) . وفي لجنة المراجعة حدد في دقة الجزاء على عدم العلم وهو طلب الإبطال ( أنظر تاريخ نص المادة 419 آنفا فقرة 61 في الهامش ) . ويخلص من أن الجزاء على عدم العلم بالمبيع – أي عدم الرؤية – هو إبطال البيع ، ولا يكون الإبطال في هذه الحالة إلا للغلط .

     وأنظر في أن المقصود بعدم العلم بالمبيع هو عدم الرؤية المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي 4 ص 19 ، وقد سبق ذكرها آنفاً ( فقرة 61 في الهامش ) .
([196]) وإذا فرضنا أن المشتري قد ثبت له خيار الرؤية على النحو الذي بيناه ، فهل يسقط هذا الخيار بما يسقط به في الفقه الإسلامي ما دام أنه مأخوذ ؟ نرى الأخذ بهذا الرأي ، فيسقط خيار الرؤية في التقنين المدني المصري بما يأتي : ( 1 ) برؤية المشتري للعين المبيعة ورضائه بها صراحة أو دلالة . فإذا رأى المشتري العين وسكت بحيث يفهم من سكوته رضاؤه بالمبيع ، فقد سقط خياره . أما إذا أعلن المبيع لا يفي بالغرض المقصود ، فإن له أن يطعن في البيع بالإبطال للغلط ، ولا تسقط الدعوى إلا بمضي ثلاث سنين من وقت رؤيته للعين ، كما هو الأمر في دعاوي الإبطال ، وذلك كله بشرط أن يعلن عدم رضائه بالمبيع عند رؤيته دون تأخر ، وإلا عد راضياً به وسقط خياره . ( 2 ) بموت المشتري قبل أن يختار ، لأن خيار الرؤية لا يورث . ( 3 ) بهلاك المبيع أو تعيبه أو تغيره قبل أن يختار المشتري . ( 4 ) بتصرف المشتري في المبيع قبل رؤيته تصرفاً يثبت حقاً للغير على العين المبيعة ، كما إذا باعها أو رهنها . أما تصرفه في المبيع بعد رؤيته فهذا يستخلص منه رضاء ضمي بالمبيع ، ومن ثم يسقط خياره . وفي هذا الصدد يحسن التمييز بين نزول المشتري عن خياره وبين رضائه بالمبيع . ففي الحالتين لا يكون له خيار . ولكنه في الحالة الأولى يكون قد ثبت له الخيار ونزل عنه ، أي أنه تبين أنه كان واقعاً في غلط في شأن المبيع ومع ذلك نزل عن دعوى الإبطال وأجاز البيع . أما في الحالة الثانية فإنه برضائه بالمبيع يكون قد أقر أنه لم يقع في غلط أصلا ، بل إن البيع قد نشأ صحيحاً منذ البداية .

     أنظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 40 وفقرة 57 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 41 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 42 – 43 – وقارب الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 80 – فقرة 81 – وقارن الأستاذ محمد حلمي عيسى فقرة 1065 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي هامش ص 78 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 114 – فقرة 115 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 78 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 29 .
([197]) فتكون خصوصية الغلط هنا من ناحيتين : أولا – أنه غلط خاص بوفاء العين المبيعة . بالغرض المقصود منها . ثانياً – أنه غلط يفترضه القانون ويعفي المشتري من إثباته ، فيصدق المشتري بقوله دون يمين .

(2) ونشير هنا في إيجاز إلى أثر تعليق البيع على الشرط في نقل الملكية . فإذا كان الشرط واقفاً ، فإن الملكية الباتة لا تنتقل إلى المشتري بل تنتقل إليه ملكية معلقة على شرط واقف ن وتبقى عند البائع ملكية معلقة على نفس الشرط ولكنه شرط فاسخ . ويترتب على ذلك النتائج الآتية : ( أ ) يمكن تسجيل البيع في العقار قبل تحقق الشرط الواقف ، بل إن التسجيل يبدو ضرورياً في حق الغير ، فإن المشتري إذا سجل البيع وتحقق الشرط استطاع أن يحتج بالبيع على أي شخص يكون قد كسب حقاً عينياً على المبيع بعد التسجيل وقبل تحقق الشرط . ( ب ) ويجب في هذه الحالة دفع رسوم التسجيل ، فإذا لم يتحقق الشرط وزوال البيع بأثر رجعي ، ردت هذه الرسوم إلى المشتري . وإذا لم يسجل المشتري البيع إلا بعد تحقق الشرط ، فإن رسوم التسجيل الواجبة في هذه الحالة هي الرسوم التي كانت نافذة وقت البيع ، لأن الملكية انتقلت إلى المشتري بأثر رجعي يستند إلى هذا الوقت ، لا الرسوم التي تكون نافذة وقت التسجيل بفرض أن هناك تعديلات أجرى في رسوم التسجيل فزاد فيها أو نقص منها . ( جـ ) يثبت للبائع في ذمة المشتري أثناء تعليق الشرط حق في الثمن ، وهو حق معلق على شرط واقف ، يجوز للبائع النزول عنه للغير خاضعاً لهذا ا لشرط . ( د ) ولكن تبعة هلاك المبيع قبل تحقق الشرط تكون على البائع ، تحقق الشرط بعد ذلك أو تخلف ، إذ لا يكون للشرط في هذه الحالة أثر رجعي ( م 270 / 2 مدني ) – وأما إذا كان الشرط فاسخا ، فالذي ينتقل إلى المشتري هو ملكية معلقة على شرط فاسخ ، وتبقى عند البائع ملكية معلقة على نفس الشرط ولكنه شرط واقف . ويترتب على ذلك النتائج الآتية :

( أ ) يجب على المشتري تسجيل البيع في العقار حتى تنتقل إليه الملكية المعلقة على شرط فاسخ حتى فيما بينه وبين البائع . ( ب ) رسوم التسجيل واجبة الدفع هي الرسوم النافذة وقت حصول التسجيل وإذا تحقق الشرط الفاسخ فزال البيع بأثر رجعي ، لم ترد رسوم التسجيل إلى المشتري ، وهذا خلاف ما يقتضيه الأثر الرجعي لتحقق الشرط الفاسخ . ولكن البائع لا يدفع رسوماً جديدة عندما يسترد الملكية بسبب تحقق الشرط الفاسخ ، ويقتصر على التأشير على هامش التسجيل السابق بتحقق الشرط . وإذا لم يسجل المشتري البيع ثم أصبح واضحاً أن الشرط الفاسخ قد تخلف ، فأصبحت ملكية المشتري ملكية باتة ، وسجل المشتري البيع عند ذلك ، فإنه يعتبر مالكاً من وقت البيع لا من وقت تحقق الشرط ، فيدفع رسوم التسجيل التي كانت نافذة وقت البيع لا تلك التي تكون نافذة وقت التسجيل . ( جـ ) يثبت للبائع في ذمة المشتري أثناء تعليق الشرط حق في الثمن ، وهو حق معلق على شرط فاسخ ، يجوز للبائع النزول عنه خاضعاً لهذا الشرط . ( د ) تبعة هلاك المبيع بعد تسليمه ، إذا هلك المبيع أثناء تعليق الشرط ، تكون على المشتري ولو تحقق الشرط الفاسخ ، إذ لا يكون لتحققه أثر رجعي ( م 270 / 2 مدني ) .

     أنظر في تعليق البيع على شرط واقف استئناف مختلط 2 مارس سنة 1911 م 23 ص 208 وفي خيار الشرط للبائع ( pactum additionis in diem ) وخيار الشرط لكل من المتبايعين ( pactum displicentiae ) ، فإذا لم يعدل من له الخيار عن البيع في الميعاد المتفق عليه أصبح البيع باتا : استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 51 – أوبري ورو 5 فقرة 352 ص 44 ) .

 (3) اقتران البيع بالأجل لا شأن له بالالتزام بنقل الملكية ، إذا الملكية لا تقترن بأجل . والذي يؤجل في البيع عادة هو تسليم المبيع إلى المشتري ودفع الثمن إلى البائع . وقد يشترط دفع الثمن على أقساط سنوية يشتمل كل قسط منها على الجزء المستحق من الثمن سنويا وأرباح هذا الجزء مع أرباح المبالغ الباقية من الثمن ، فيعتبر كل قسط جزءاً من الثمن فلا يسقط بخمس سنوات بل بخمس عشرة سنة ولو أنه يشمل في جزء منه الفوائد المستحقة ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 529 ) .

(4) فيقع البيع على أشياء متعددة ، يكون خيار التعيين فيها إما للمشتري وإما للبائع .
([198]) فيقع البيع على شيء معين ، ولكن يجوز للبائع أن يستبدل به شيئاً آخر فتبرأ ذمته .
([199]) أنظر في البيع بالعربون آنفاً فقرة 44 – فقرة 46 .
([200]) وتوجد بيوع موصوفة تقع كثيراً في التأمل التجاري ، منها : ( أ ) البيع بالغليارة ( vente par filiere ) ، وهو بيع ينتهي إلى دفع الفروق ( استئناف مختلط 5 مايو سنة 1920 م 32 ص 306 ) . ( ب ) بيع المحمول في سفينة معينة ( vente sur navire designe ) ، وتعين فيه السفينة التي تحمل المبيع ، فإذا لم يأت في السفينة المعينة كان لا بد من إعذار البائع لإمكان فسخ البيع ( استئناف مختلط 28 يناير سنة 1925 م 37 ص 196 ) ، وأنظر أيضاً في هذا الضرب من البيع : استئناف مختلط 12 أبريل سنة 1922 م 34 ص 312 – 10 مايو سنة 1922 م 34 ص 391 – 23 مايو سنة 1923 م 35 ص 460 – 12 مايو سنة 1926 م 38 ص 402 – 3 يناير سنة 1945 م 57 ص 73 – 16 مايو سنة 1945 م 57 ص 154 – (جـ) البيع بشرط سلامة الوصول ) ( vente a l'heureuse arrive du navire) ( أنظر بودري وسينيا ص 193 – ص 194 ) – ( د ) البيع بثمن شامل لمصروفات النقل والتأمين ( la clause cout, fret, assurance compris – Cif ) وسنعود إليه فيما يلي ( أنظر فقرة 248 ) .
([201]) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 561 من المشروع التمهيدي على وجه يكاد يكون مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وفي لجنة المراجعة أدخل على النص تعديل لفظي طفيف أصبح بعده مطابقاً ، وأصبحت المادة رقمها 434 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 421 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 25 – ص 27 ) .
([202]) التقنين المدني السابق م 242 / 308 : البيع على شرط التجربة يعتبر موقوفاً على تمام الشرط .

0 ولا فرق في الأحكام بين التقنينين السابق والجديد ، إلا أن نص التقنين السابق جاء مقتضباً واقتصر على تقرير أن البيع بشرط التجربة يعتبر بيعاً معلقاً على شرط واقف . أما التقنين الجديد فاعتبر أن هذا هو الأصل ، إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ . ثم يبين التقنين الجديد كيف تتم التجربة ، والمدة التي تتم فيها ، وما هو حكم سكوت المشتري عن القبول أو الرفض مع تمكنه من تجربة المبيع ، وهذه كلها مسائل لا تخلو من أهمية عملية : المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 25 – 26 ) .
([203]) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

    التقنين المدني السوري م 389 ( مطابقة للمادة 421 من التقنين المدني المصري – وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 56 – فقرة 62 ) .

    التقنين المدني الليبي م 410 ( مطابقة للمادة 421 من التقنين المدني المصري ) .

   التقنين المدني العراقي م 524 ( مطابقة للمادة 421 من التقنين المدني المصري – وانظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 81 – فقرة 87 والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 217 – فقرة 224 ) .

    تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 374 بند 3 : يكون البيع : 1 – إما ..  3 – وإما على شرط التجربة .

    م 391 : إن البيع على شرط التجربة يعد في جميع الأحوال منعقداً على شرط التعليق . ( ولا فرق بين التقنين اللبناني والتقنين المصري ، غير أن التقنين اللبناني لما جعل بيع التجربة منعقداً على شرط التعليق لم يبين هل الأصل في هذا الشرط أن يكون شرطاً واقفاً أو شرطاً فاسخاً ، أما التقنين المصري فقد بين كما رأينا أن الأصل في شرط التجربة أن يكون شرطاً واقفاً ) .
([204]) بودري وسينيا فقرة 164 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 248 .
([205]) وللمشتري مطالبة البائع بتسليم المبيع لتجربته ، حتى لو حجز عليه دائن البائع ، وحتى لو أفلس البائع بعد البيع وقبل التسليم . ولو كان بيع التجربة معلقاً على شرط واقف ، فإنه بتحقق الشرط ورضاء المشتري بالمبيع بعد تجربته يعتبر مالكاً إياه من وقت البيع أي من وقت سابق على الحجز والإفلاس ، ومن باب أولى لو كان بيع التجربة معلقاً على شرط فاسخ ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 211 ص 249 – كولان وكابيتان 2 فقرة 837 ) .
([206]) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 26 .
([207]) أنظر في أن التجربة يقصد منها ذلك غالباً بودري وسينيا فقرة 165 – وأنظر لوران 24 فقرة 148 – أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 13 . وأنظر في الفقه المصري : الأستاذ سليمان مرقس فقرة 38 ص 52 – ص 53 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 31 ص 51 – الأستاذ عبد المنعم البدرواي فقرة 112 ص 167 وهامش رقم 4 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 49 ص 85 – ص 86 . الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 220 ( في الفقه العراقي ) وقارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 42 ص – 57 – ص 58 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 84 ص 155 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 26 ص 59 – الأستاذ مصطفى  الزرقا فقرة 62 ( في الفقه السوري ) . الأستاذ حسن الذنون فقرة 82 ( في الفقه العراقي ) .
([208]) وإذا مات المشتري قبل التجربة ، انتقل حقه إلى ورثته ( تيسييه فقرة 171 – ترولون 1 فقرة 112 – جيوار 1 فقرة 46 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 38 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 84 ص 157 ) .
([209]) فإذا لم يتمكن المشتري من تجربة المبيع في المدة المحددة لسبب أجنبي لا يد له فيه ، فالظاهر أن يكون البائع بالخيار ، إما أن يمهل المشتري مدة أخرى لتجربة المبيع : وإما أن يفسخ البيع فيتحلل من التزاماته . ولمشتري أن يمنع البائع من الفسخ إذا هو قبل المبيع بالرغم من عدم تمكنه من تجربته ( أنظر في هذا المعنى في القانون السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 60 ص 93 ) .
([210]) وإذا سكت المشتري وقتاً طويلاص دون أن يعلن نتيجة التجربة ، فالمفروض أن بقاءه ساكتاً هذه المدة الطويلة يتضمن قبوله المبيع ( استئناف مختلط 7 يونية سنة 1900 م 12 ص 304 – 2 مايو سنة 1908 م 20 ص 239 ) .
([211]) وقد يتفق المتبايعان على أن في حالة رفض المشتري للشيء بعد تجربته يجب عليه شراء شيء آخر من نفس البائع ، فإن أمكن تخريج هذا الاتفاق على أنه وعد بالشراء من جانب المشتري – بأن ذكر ثمن الشيء الآخر على وجه التحديد أو قيل مثلا إن ثمن الشيء الآخر يعدل ثمن الشيء المفروض – التزام المشتري بالشراء . أما إذا لم يذكر الثمن ، لم يقم الوعد بالشراء ، ولم يلتزم المشتري عند رفضه المبيع أن يشتري شيئاً آخر مكانه ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 212 ص 250 ) .
([212]) وقد بينا الحكم فيما إذا لم يتمكن المشتري من التجربة لسبب أجنبي لا يد له فيه ( أنظر نفس الفقرة في الهامش ) .
([213]) جيوار 2 فقرة 45 - بودري وسينيا فقرة 169 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 212 – وقارن أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 13 – وأنظر مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 26 .
([214]) ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض ( الدائرة الجنائية ) بأن بقاء الشيء تحت يد المشتري على شرط التجربة يعتبر على سبيل الوديعة ، فإذا تصرف فيه يعد خائناً للأمانة ، وذلك لأنه ثبت لها أن الطرفين قد اتفقا على بقاء الملكية للبائع حتى يجرب المشتري المبيع ( نقض جنائي 25 نوفمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 247 ص 549 ) .
([215])ولا يقال إنه شرط إرادي متوقف على إرادة المشتري ، إذ المشتري ، هو الدائن بنقل الملكية ويجوز أن يكون الشرط متوقفاً على إرادة الدائن ، أما الشرط الإرادي المحض الذي يبطل العقد فهو الذي يتوقف على إرادة المدين . أما التزام المشتري بدفع الثمن ، فإنه إذا ألغاه بإرادته المحضة ألغى في مقابل ذلك حقه في انتقال الملكية إليه . هذا إلى إنه لو كان المقصود من التجربة تبين صلاحية الشيء في ذاته ، لم يكن الأمر موكولا إلى محض إرادة المشتري ، بل القول الحاسم عند النزاع للخبراء ( أنظر الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 84 ص 157 ) .
([216]) ولا يمنع من صحة هذا الحكم أن المشتري قد تسلم المبيع لتجربته وأن هلاك المبيع يكون على المشتري بعد التسليم ، فإن ذلك إنما يكون في البيع المنجز ، أما والبيع معلق على شرط واقف فالهلاك يكون على البائع ( الوسيط جزء 3 ص 73 هامش رقم 1 – الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 180 – وقارن الأستاذ مصطفى الزرقا في عقد البيع في القانون المدني السوري ص 90 – ص 92 ) .

   أما في القانون المدني العراقي ، حيث يجب التمييز بين يد الأمانة ويد الضمان ، فإن يد المشتري في بيع التجربة هي يد ضمان ، فيكون الهلاك عليه ولو كانت التجربة شرطاً واقفاً وهلك المبيع قبل أن يتحقق الشرط ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 224 ) ، ويؤيد ذلك أن هلاك المقبوض على سوم الشراء في القانون العراقي يكون على القابض ، وليس المشتري بشرط التجربة بأدنى حالا في أن تكون تبعة الهلاك عليه من القابض على سوم الشراء ، بل إن المشتري بشرط التجربة ، وقد انعقد البيع وانتقلت الملكية معلقة على شرط واقف ، أولى يتحمل تبعة الهلاك من القابض على سوم الشراء ولم ينعقد له بيع ولم تنتقل إليه ملكية . وقد ورد نص صريح في التقنين المدني العراقي يجعل تبعة الهلاك على القابض على سوم الشراء ، إذ تنص الفقرة الأولى من المادة 548 من هذا التقنين على أن (( ما يقبض على سوم الشراء مع تسمية الثمن إذا هلك أوضاع في يد القابض ، لزمه الضمان ، أما إذا لم يسلم له ثم ، كان أمانة في يده فلا يضمن إذا هلك أوضاع دون تعد أو تقصير منه )) .
([217]) وإذا كانت التجربة شرطاً فاسخاً ، فإن البيع بشرط التجربة يكون قريباً من صورة البيع مع ضمان البائع صلاحية المبيع لمدة معلومة . وقد نصت المادة 455 مدني في صدد هذه الصورة الأخيرة على ما يأتي : (( إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل في المبيع ، فعلى المشتري أن يخطر البائع بهذا الخلل في مدة شهر من ظهوره ، وأن يرفع الدعوى في مدة ستة شهور من هذا الإخطار ، وإلا سقط حقه في الضمان – كل هذا ما لم يتفق على غيره )) .

  ففي هذه الصورة الأخيرة تقتصر تجربة المبيع على التثبت من صلاحيته للعمل مدة معينة ، فإذا ظهر المبيع غير صالح للعمل – والحكم في ذلك للخبراء 0 كان على المشتري أن يخطر البائع بما في المبيع من خلل في مدة شهر من ظهور الخلل وأن يرفع دعوى ضمان في مدة ستة شهور من هذا الإخطار . فيختلف هذا البيع إذن عن بيع التجربة ، إذ هو لا ينطوي على شرط فاسخ إذا تحقق انفسخ البيع من تلقاء نفسه ، بل لابد من فسخ البيع بالتقاضي أو بالتراضي . وسنعود إلى هذا البيع عند الكلام في ضمان العيوب الخفية ( أنظر ما يلي فقرة 380 ) .
([218]) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 562 من المشروع التمهيدي على وجه يقارب ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وفي لجنة المراجعة عدل تعديلا لفظياً طفيفا فأصبح مطابقاً للتقنين الجديد ، وأصبحت المادة رقمها 435 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 422 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 27 – ص 29 ) .
([219]) أختلف الفقه المصري ، في عهد التقنين السابق ، في بيع المذاق لانعدام النص . فذهب فريق إلى أن المشتري حق المذاق في كل الأشياء التي اعتاد الناس مذاقها قبل شرائها ، وفقاً للعرف وتطبيقاً للمادة 245 / 311 مدني سابق ( جرانمولان فقرة 195 ) . وذهب فريق ثان إلى أن بيع المذاق اندمج حكمه في أحكام العلم بالمبيع ، لأن العلم بالمبيع علماً كافياً قد لا يتحقق إلا بالمذاق ( الأستاذ محمد حلمي عيسى فقرة 1067 ) . وذهب فريق ثالث إلى أن بيع المذاق اندمج في بيع التجربة المنصوص عليه في التقنين السابق ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 527 ) . والرأيان الأخيران لا يمكن الأخذ بهما ، لأن عدم العلم بالمبيع لا يمنع من انعقاد البيع أما شرط المذاق فيحول دون انعقاده ، ولأن بيع التجربة ينعقد معلقاً على شرط وبيع المذاق لا ينعقد قبل المذاق . والرأي الأول هو الرأي الذي اختاره التقنين المدني الجديد ، وقننه في المادة 422 سالفة الذكر ، فتعتبر هذه المادة مفسرة لأحكام التقنين المدني السابق ويسري حكمها حتى على العقود التي أبرمت قبل نفاذ التقنين المدني الجديد ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ أنور سلطان فقرة 43 ص 61 – ص 63 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 39 ص 54 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 51 ص 88 ) .
([220]) التقينات المدنية العربية الأخرى :

    التقنين المدني السوري م 390 ( مطابقة للمادة 422 من التقنين المدني المصري – أنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 63 – فقرة 65 ) .

    التقنين المدني الليبي م 411 ( مطابقة للمادة 422 من التقنين المدني المصري ) .

    التقنين المدني العراقي م 525 ( مطابقة للمادة 422 من التقنين المدني المصري ) .

   ( أنظر في القانون العراقي الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 225 – فقرة 227 – والأستاذ حسن الذنون فقرة 89 – فقرة 94 ويرى أن خيار الرؤية كان يغني عن بيع المذاق ) .

   تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 374 بند 4 : يكون البيع : 1 ) .. 4 ) وأما على شرط المذاق .

    م 392 : إن البيع على شرط المذاق لا يعد تاما ما دام المشتري لم يقبل المبيع – ( وأحكام التقنين اللبناني متفقة مع أحكام التقنين المصري ) .
([221]) أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 12 – بودري وسينيا فقرة 160 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 526 .
([222]) وقد يستأنس بذوق أجنبي وهذا نادر ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 304 ) .
([223]) وإذا رفض المشتري المبيع ، لم يستطع البائع إجباره على اختيار صنف ، كما لا يستطيع هو إجبار البائع على أن يسلمه صنفاً آخر يلائم ذوقه الشخصي . أما إذا كان المشتري قد نزل عن شرط المذاق ، ورضي أن يكون الشيء من الصنف المألوف في التجارة أو من صنف معين ، فإن البيع يكون قد تم ولا يكون مجرد وعد بالبيع ، فإذا لم يكن الشيء من الصنف المشترط استطاع المشتري إجبار البائع على تسليمه شيئاً من الصنف المشترط أو اشتراه على حسابه ( أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش رقم 13 – بودري وسينيا فقرة 163 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 43 ص 61 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 525 ص 531 هامش رقم 5 ) .
([224]) بودري وسينيا فقرة 159 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 85 ص 160 -  ص 161 وقارن الأستاذ سليمان مرقس فقرة 39 ص 56 .
([225]) أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 13 .
([226]) الأستاذ أنور سلطان فقرة 43 ص 60 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 114 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 51 ص 89 .
([227]) بودري وسينيا فقرة 160 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 85 ص 161 .
([228]) ولكنه قد التزم أن يذوق الشيء ، وهو بعد ذلك حر في رفضه ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 303 ص 378 هامش رقم 2 ) .
([229]) وفي هذا تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : (( يختلف بيع المذاق عن البيع بشرط التجربة ، لا في أن المشتري حر في القبول أو في الرفض في مدة يحددها الاتفاق أو العرف فالاثنان حكمهما واحد في ذلك ، ولكن في أن البيع لا يعتبر معلقاً على شرط واقف أو فاسخ ، بل هو لا يتم إلا من وقت إعلان المشتري للقبول دون أثر رجعي – فبيع المذاق ، قبل قبول المشتري ، إنما هو وعد بالبيع من جانب واحد : أنظر في هذا المعنى التقنين الفرنسي 1587 والتقنين الإيطالي م 1452 والمشروع الفرنسي الإيطالي م 326 والتقنين اللبناني م 392 – على أن هناك من التقنينات الأجنبية ما يعتبر بيع المذاق بيعاً معلقاً على شرط واقف : أنظر التقنين الأسباني م 1453 والتقنين البرتغالي م 1551 والتقنين الهولندي م 1499 والتقنين الأرجنتيني م 1370 )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 28 ) .

   أما الفقه في فرنسا فيميل إلى القول بأن بيع المذاق مجرد إيجاب ملزم للبائع ولكن لوحظ على هذا القول أن المشتري ملتزم هو أيضاً بمذاق الشيء ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 303 ص 378 – جوسران 2 فقرة 1064 ) .
([230]) بودري وسينيا فقرة 155 .
([231]) الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 33 – أنظر في انتقاد إيجاد بيع المذاق إلى جانب بيع التجربة ووجوب التسوية من ناحية التشريع بين البيعين فيكون كل منهما بيعاً معلقاً على شرط الأستاذ مصطفى الزرقا في البيع في القانون المدني السوري فقرة 65 .
([232]) والفقه الإسلامي يواجه كلا من بيع التجربة وبيع المذاق بالبيع مع خيار الشرط . وفي الفقه الإسلامي أيضاً البيع على سوم النظر المجلة م 299 ) والبيع على سوم الشراء ( المجلة م 298 ) ، وهذان ليسا بيعين كاملين ، والأول منهما أقرب إلى أن يكون مجرد إيجاب من البائع ، أما الثاني فأقرب إلى أن يكون وعداً بالبيع فهو من هذا الوجه يشبه بيع المذاق . وهناك أيضاً في مذهب مالك خيار الثلاثة الأيام وخيار العام .

     وقد سار التقنين المدني العراقي على هدى الفقه الإسلامي ، فأورد إلى جانب النصوص المتعلقة ببيع التجربة وبيع المذاق نصوصاً متعلقة بخيار الشرط على الوجه الآتي : م 509 عراقي : يصح أن يكون البيع بشرط الخيار مدة معلومة . ولا يمنع هذا الشرط من انتقال الملكية إلى المشتري ، سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري أولهما معاً أو لأجنبي . م 510 عراقي . إذا شرط الخيار للبائع والمشتري معاً ، فأيهما فسخ في أثناء المدة انفسخ البيع ، وأيهما أجاز سقط خيار المجيز وبقي الخيار للآخر إلى انتهاء المدة . م 511 عراقي . إذا مضت مدة الخيار ولم يفسخ من له الخيار ، لزم البيع . م 512 عراقي : خيار الشرط لا يورث ، فإذا مات من له الخيار سقط خياره . م 513 عراقي : في جميع حالات الخيار ، إذا تلف المبيع في يد المشتري قبل الفسخ ، هلك من ماله ولزمه الثمن المسمى .

     أنظر في شرح خيار الشرط في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 46 – فقرة 56 ، وهو ينتقد الجمع بين خيار الشرط وبين بيع التجربة وبيع المذاق . وأنظر في تفنيد هذا الانتقاد تفنيداً موفقاً الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 215 وفقرة 227 . وظاهر أن خيار الشرط أوسع من كل من بيع التجربة وبيع المذاق ، فلا ضير من هذا الجمع ، ويكون البيعان الأخيران صورتين خاصتين من صور خيار الشرط .
([233]) تاريخ النص : كان المشروع التمهيدي يشتمل على المواد من 617 إلى 631 ، وهي نصوص تقر بيع الوفاء وتنظمه تنظيماً مفصلا على الوجه الذي سار عليه التقنين المدني السابق ( أنظر نصوص هذه المواد وما يقابلها من نصوص التقنين المدني السابق والمذكرة الإيضاحية المتعلقة بها في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 164 – ص 190 في هوامش هذه الصفحات ) . وقد سار المشروع التمهيدي في مراحله أمام لجنة المراجعة ، فمجلس النواب ، حتى إذا وصل لجنة مجلس الشيوخ رأت هذه اللجنة إلغاء هذه النصوص والنص صراحة على أن بيع الوفاء يكون باطلا في المادة 465 التي نحن بصددها ، ووافق مجلس الشيوخ صراحة على أن بيع الوفاء يكون باطلا في المادة 465 التي نحن بصددها ، ووافق مجلس الشيوخ على هذه المادة كما وضعتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 164 – ص 180 ) .
([234]) التقنين المدني السابق م 338 / 421 ( معدل بالقانون رقم 49 / 50 لسنة 1923 )( : حق استرداد المبيع أو الشرط الوفائي هو شرط يحفظ به البائع لنفسه حق استرداد العين المبيعة في مقابلة المبالغ المنصوص عليها في المادة 344 في الميعاد المتفق عليه .

     م 339 / 422 – 423 ( معدلة بالقانون 49/50 لسنة 1923 ) : إذا كان الشرط الوفائي مقصوداً به إخفاء رهن عقاري ، فإن العقد يعتبر باطلا لا أثر له ، سواء بصفته بيعاً أو رهنا . ويعتبر العقد مقصوداً به إخفاء رهن إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات – ويجوز بكافة الطرق إثبات عكس ما في العقد بدون التفات إلى نصوصه .

     م 340 / 424 : بمجرد بيع الوفاء يصير المبيع ملكاً للمشتري على شرط الاسترداد ، بمعنى أنه إذا لم يوف البائع بالشروط المقررة لرد المبيع تبقى الملكية للمشتري – وإما إذا صار توفية الشروط المذكورة ، فيعتبر كأنه لم يخرج من ملكية البائع .

     م 425 مختلط ( مقابل لها في الأهلي ) : إذا لم يشترط حق الاسترداد في نفس عقد البيع ، فمن صار له ذلك الحق فيما بعد لا يعتبر مالكاً بالثاني إلا من اليوم الذي حصل فيه شرط الاسترداد .

    م 341 / 426 : لا يجوز للبائع أن يشترط لاسترداد المبيع ميعاد يزيد على خمس سنين من تاريخ البيع ، وكل ميعاد أزيد من ذلك يصير تنزيله إلى خمس سنين ( في المختلط سنتان بدلا من خمس ) .

    م 342 / 427 : الميعاد المذكور محتم بحيث يترتب على تجاوزه سقوط حق الاسترداد ، ولا يجوز للمحكمة أن تحكم بعدم سقوط الحق في أي حال من الأحوال ولو في حالة القوة القاهرة .

     م 428 مختلط ( لا مقابل لها في الأهلي ) : تطويل الميعاد المتفق عليه يقوم مقام بيع من المشتري للبائع الأصلي معلق على شرط ، إذ يعتبر المشتري المذكور مالكاً للمبع ملكاً باتا من يوم البيع الأول إلى يوم تطويل الميعاد .

     م 343 429 : يجوز للبائع بيع وفاء أن يطلب الاسترداد ممن انتقل إليه المبيع ، ولو لم يشترط الاسترداد في عقد الانتقال .

    م 344 / 430 : لا يجوز للبائع بيع وفاء أن يفسخ البيع إلا إذا عرض على المشتري في الميعاد المعين أن يؤدي له على الفور الأشياء الآتي بيانها : أولا – أصل الثمن . ثانياً – المصروفات المترتبة على البيع والتي تترتب على استرداد المبيع . ثالثاً – المصاريف اللازمة التي صرفها المشتري غير ما صرفه لصيانة المبيع ، ثم يؤدي أيضاً ما زاد في قيمة المبيع بسبب المصاريف الأخرى التي صرفها المشتري بشرط ألا تكون فاحشة .

     م 345 / 431 : عند رجوع المبيع بيع وفاء إلى البائع ، يأخذه خالياً عن كل حق ورهن وضعه عليه المشتري ، إنما يلتزم البائع بتنفيذ الإيجارات التي أجرها ذلك المشتري بدون غش بشرط أن تكون مدتها لا تتجاوز ثلاث سنين .

    م 346 / 432 الاسترداد لا يقع إلا على نفس المبيع ، سواء كان المبيع ملكاً كاملا أو مشاعاً أو مقسوماً إلى حصص ، إلا إذا كانت دعوى الاسترداد مقامة على ورثة المشتري بالنسبة للحصص المشاعة بينهم أو المفروزة التي يملكها كل منهم .

     م 347 433 : إذا كان المبيع بيع وفاء حصة شائعة في عقار ، واشترى مشتريها الحصة الباقية من مالكها بعد طلب هذا المالك مقاسمته ،فللمشتري المذكور عند مطالبة بائعه الأول باسترداد الحصة المبيعة بيع وفاء أن يلزمه بأخذ العين بتمامها .
([235]) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

   التقنين المدني السوري م 433 ( مطابقة للمادة 465 من التقنين المدني المصري – أنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 246 – فقرة 253 ) .

     التقنين المدني الليبي م 454 ( مطابقة للمادة 465 من التقنين المدني المصري ) .

    التقنين المدني العراقي م 1333 : بيع الوفاء يعتبر رهناً حيازياً . 

    ( والتقنين العراقي كان يشتمل في مشروعه التمهيدي على نصوص – المواد من 595 إلى 605 – تقر بيع الوفاء وتفصل أحكامه باعتبار أنه بيع معلق على شرط فاسخ على نمط الفقه الغربي . ولكن عند مراجعة هذا المشروع حذفت هذه النصوص ، وتوسط التقنين العراقي بين موقف الفقه الغربي من بيع الوفاء ويقره كما رأينا وبين موقف التقنين المصري وهو يبطله كما سبق القول ، فجعل بيع الوفاء لا بيعاً صحيحاً ولا بيعاً باطلا ، بل جعله رهناً حيازياً ، أي أنه وضع قرينة قانونية غير قابلة لإثبات العكس على أن بيع الوفاء رهن حيازي . وقد جرى التقنين العراقي في ذلك على تقاليد الفقه الإسلامي والمجلة ، فبيع الوفاء هناك إنما هو رهن حيازي . ويجب التمييز في القانون العراقي بين بيع الوفاء والبيع المقترن بخيار شرط للبائع . فبيع الوفاء بيع قصد به تأمين المشتري على ماله وتأمين البائع على استرداد العين المبيعة بعد وفاء المشتري حقه ، ويأخذ حكم الرهن الحيازي ، فلا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بل يبقى المبيع عنده تأميناً حتى يستوفي حقه من البائع ، أما البيع المقترن بخيار شرط للبائع ، فقد قصد به أن يكون للبائع فسحة من الوقت يتدبر أمره وينظر هل من مصلحته أن يجعل البيع باتا أو أن يفسخه . فهو بيع صحيح لا رهن ، ينقل ملك المبيع إلى المشتري تحت شرط فاسخ لأنه مقترن بخيار التروي أو خيار الشرط . وتكون المدة في خيار الشرط عادة مدة قصيرة ، إذ لا يحتاج البائع في التروي إلى وقت طويل . أما مدة الاسترداد في بيع الوفاء فتكون عادة مدة طويلة قد تصل إلى سنني عدة ، إذ هو قرض مضمون برهن حيازي كما سبق القول – قارن الأستاذ حسن الذنون في البيع في القانون المدني العراقي فقرة 418 – فقرة 419 ) .

    تقنين الموجبات والعقود اللبناني :

    م 473 : إن البيع مع اشتراط حق الاسترداد أو البيع الوفائي هو الذي يلتزم فيه المشتري بعد البيع التام أن يعيد المبيع إلى البائع مقابل رد الثمن . ويجوز أن يكون موضوع البيع الوفائي أشياء منقولة وغير منقولة .

    م 474 : لا يجوز أن يشترط لاسترداد المبيع ميعاد يتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ البيع وإذا اشترط ميعاد يزيد عليها أنزل إلى ثلاث سنوات .

    م 475 : إن الميعاد المذكور متحتم ، لا يجوز للقاضي أن يحكم بإطالته وإن لم يتمكن البائع من استعمال حقه في الاسترداد لسبب لم يكن فيه مختاراً . أما إذا كان عدم استعماله هذا الحق ناشئا عن خطأ من المشتري ، فانقضاء المهلة لا يحول دون استعماله .

    م 476 : إن المبيع وفاء يصبح بحكم البيع ملكاً للمشتري تحت شرط الوفاء ، بمعنى أن المشتري يبقى مالكاً له إذا لم يقم البائع بالشروط المتفق عليها لاسترداده . أما إذا قام بهذه الشروط ، فيعد المبيع كأنه لم يخرج قط عن ملكية البائع . وفي كل حال يتمتع المشتري بالمبيع كالمالك إلى أن تنتهي المهلة أو إلى أن يستعمل البائع حق الاسترداد مع مراعاة أحكام المادتين 482 و 485 ، فيحق له أن يجني ثمار المبيع وأن يقيم كل دعوى مختصة به على شرط ألا يرتكب احتيالا  .

     م 477 : يجري حق الاسترداد بأن يبلغ البائع إلى المشتري رغبته في استرداد المبيع ، ويجب عليه في الوقت نفسه أن يعرض رد الثمن .

     م 478 : إذا توفى البائع قبل أن يستعمل حقه في الاسترداد ، انتقل هذا الحق إلى ورثته ، فيتسعملونه في المدة الباقية لمورثهم من المهلة .

    م 479 ك لا يجوز للورثة أن يستعملوا حق الاسترداد إلا مجتمعين ، ولا أن يطلبوا سوى رد المبيع بجملته . ويسري هذا الحكم أيضاً فيما إذا باع عدة أشخاص بمقتضى عقد واحد شيئاً مشتركاً بينهم ولم يحفظوا لكل منهم حقه في استرداد حصته .

    م 480 : يجوز أن تقام دعوى استرداد المبيع على ورثة  المشتري مجتمعين . أما إذا جرى توزيع التركة ودخل المبيع في حصة أحد الورثة ، فتقام دعوى الاسترداد عليه وحده بالمبيع كله .

    م 481 : إذا أعلن إعسار البائع ، كان حق الاسترداد للدائنين .

    م 482 : يحق للبائع وفاء أن يقيم دعوى الاسترداد على المشتري الثاني .

    م 483 : إن البائع الذي يستعمل حق الاسترداد لا يمكنه أن يعود إلى وضع يده على المبيع إلا إذا رد : أولا – الثمن الذي قبضه – ثانياً – النفقات المفيدة بمقدار ما زادنه في قيمة المبيع . أما فيما يختص بالنفقات الكمالية ، فليس للمشتري سوى نزع ما أدخله على المبيع من التحسين إذا استطاع نزعه بلا ضرر . ولا يمكنه أن يطلب استرجاع المصاريف الضرورية ولا مصاريف الصيانة ولا نفقة جنى الثمار – ويجب على المشتري من جهة أخرى أن يرد : أولا – المبيع وما ازداد فيه منذ عقد البيع – ثالثاً – الثمار التي جناها منذ اليوم الذي دفع أو أودع فيه الثمن . وللمشتري أن يستعمل حق الحبس إذا لم يرد ما يجب له ، ذلك كله مع الاحتفاظ بالشروط المتفق عليها بين الفريقين .

     م 484 : إن المشتري مسئول من جهة أخرى عما يصيب المبيع من الضرر أو الهلاك بفعله أو بخطأه أو بخطأ الأشخاص الذين يكون مسئول عنهم . وكذلك هو مسئول عن التغييرات التي أدت إلى إحداث تبديل جوهري في المبيع مخالف لمصلحة البائع . غير أنه لا يسأل عما يصيب المبيع من جراء قوة قاهرة أو تغيير قليل الشأن ، ولا يحق للبائع في هذه الحال أن يطلب تخفيض الثمن .

     م 485 : إن البائع الذي يسترد ملكه بمقتضى حق الاسترداد يكتسب في الوقت نفسه الحق في محو قيود جميع الحقوق العينية والأعباء والرهون التي أنشأها عليه المشتري . غير أنه ملزم بتنفيذ عقود الإيجار التي عقدها المشتري بلا احتيال ، على شرط ألا تتجاوز مدة الإجارة المهلة المنصوص عليها للاسترداد وأن يكون عقد الإيجار ذا تاريخ صحيح .

     م 486 : إذا كان المبيع ملكاً زراعياً واستعمل البائع حق الاسترداد في أثناء السنة الزراعية حق للمشتري إذا كان قد ألقى البذار هو أو الذين آجرهم أن يبقى محتلا للأقسام المزروعة حتى انتهاء السنة الزراعية ، وإنما يلزمه أن يدفع ما يوجبه  عليه العرف المحلي عن المدة الباقية من يوم الاسترداد إلى آخر السنة الزراعية ( وتقرب أحكام التقنين اللبناني في بيع الوفاء من أحكام التقنين المصري السابق ) .
([236]) وبيع الوفاء في الفقه الإسلامي هو رهن لا بيع ، ولكنه يبيح للمشتري وفاء ثمرات المبيع وكان لا يتملكها في الرهن إلا على سبيل الرخصة التي يجوز الرجوع فيها ( أنظر ابن عابدين جزء 4 ص 281 – الأستاذ مصطفى الزرقا في البيع في القانون المدني السوري فقرة 247 – فقرة 250 وفقرة 253 ) .
([237]) وطبقاً لقانون رقم 49 / 50 لسنة 1923 – وسيأتي ذكره – يكون كل من بيع الوفاء والرهن باطلا ، ويصبح المشتري دائناً عادياً يستحق فوائد عن المبلغ الذي دفعه ثمناً ، والاتفاق على الأجرة هو في حقيقته  اتفاق على الفائدة ، فيجب إنزال الأجرة إلى الحد المسموح به قانوناً للفوائد الاتفاقية ( نقض مدني 26 فبراير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 275 ص 549 ) – وقد قضت محكمة استئناف أسيوط بأنه إذا باع شخص لآخر عقاراً بيعاً وفائياً ، ثم حكمت المحكمة ببطلانه سواء باعتباره عقد بيع أو باعتباره عقد رهن ، فإن حق المشتري في استرداد ما دفعه من الثمن لا يبتدئ حساب مدة سقوطه إلا من يوم صيرورة هذا الحكم نهائياً ( 13 فبراير سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 157 ) .
( [238] )          والقرائن المذكورة في تشريع سنة 1923 ليست واردة على سبيل الحصر . وقد صدرت أحكام كثيرة من القضاء الوطني والقضاء المختلط في عهد التقنين المدني السابق ، في شأن بيع الوفا الذي يستر رهناً وما يقوم من القرائن في هذا الصدد ، سواء قبل صدور قانون سنة 1923 أو بعد صدوره .

ونذكر من أحكام القضاء الوطني ما يأتي : استئناف وطني 3 يناير سنة 1 895 الحقوق 10 ص 66 – 11 مايو سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 111 ص 240 – 8 يونيه سنة 1905 الاستقلال 4 ص 464 – 14 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 ص 94 – 30 يناير سنة 1919 المجموعة الرسمية 21 رقم 6 ص 11 – 14 مارس سنة 1921 المحاماة 1 رقم 91 ص 465 – 27 مارس سنة 1923 المحاماة 4 رقم 177  /  1 ص 245 – استئناف مصر 14 ابريل سنة 1925 المحاماة رقم 505  /  1 ص 609 – 31 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 472 ص 774 – 30 ابريل سنة 1929 المحاماة 9 رقم 536 ص 992 – 9 مارس سنة 1933 المحاماة 13 رقم 633 ص 1243 – 30 مايو سنة 1940 المجموعة الرسمية 42 رقم 112 – استئناف أسيوط 10 يناير سنة 1945 المجموعة الرسمية 46 رقم 138 – استئناف أسيوط 17 مايو سنة 1948 المجموعة الرسمية 49 رقم 263 – استئناف أسيوط 3 يونيه سنة 1948 المجموعة الرسمية 49 رقم 545 .

ونذكر من أحكام القضاء المختلط ما يأتي : استئناف مختلط 11 يونية سنة 1890 م 2 ص 317 – 8 ابريل سنة 1891 م 3 ص 287 – 6 فبراير سنة 1895 م 7 ص 114 – 4 مايو سنة 1899 م 11 ص 203 – 24 يناير سنة 1900 م 12 ص 97 – 29 نوفمبر سنة 1900 م 13 ص 27 – 19 مارس سنة 1903 م 15 ص 209 – 7 ديسمبر سنة 1904 م 17 ص 31 – 27 فبراير سنة 1908 م 20 ص 106 – 9 ابريل سنة 1908 م 20 ص 175 – 2 فبراير سنة 1911 م 23 ص 153 – 7 مارس سنة 1912 م 24 ص 175 – 10 ديسمبر سنة 1918 م 31 ص 55 – 9 يناير سنة 1919 م 31 ص 110 – 5 فبراير سنة 1919 م 31 ص 154 – 22 ابريل سنة 1919 م 31 ص 255 – 5 فبراير سنة 1920 م 32 ص 150 – 16 مارس سنة 1920 م 32 ص 191 – 4 ابريل سنة 1922 م 34 ص 283 – 6 ديسمبر سنة 1928 م 41 ص 79 – 29 يناير سنة 1931 م 43 ص 196 – 10 فبراير سنة 1931 م 43 ص 223 – 19 نوفمبر سنة 1936 م 49 ص 18 – 18 مايو سنة 1937 م 49 ص 227 – 11 نوفمبر سنة 1937 م 50 ص 16 – 30 أكتوبر سنة 1945 م 58 ص 3 – 28 مايو سنة 1946 م 58 ص 205 .
( [239] )          وقد ورد ، كما رأينا ، في آخر المادة 339  /  432 – 433 من التقنين المدني السابق أنه يجوز بكافة الطرق إثبات عكس ما في العقد بدون التفات إلى نصوصه . وليس ذلك إلا تطبيقا للقواعد العامة التي تجيز في العقود المنطوية على غش الإثبات بجميع الطرق . وقد قضت محكمة النقض بان المادة 339 من القانون المدني ( السابق ) تجيز للبائع أن يثبت بكافة الطرق ، ومنها البينة والقرائن ، أن العقد لم يكن بيعاً باتاً ، وإنما هو – على خلاف نصوصه – يستر رهناً حيازياً . فإذا ادعى المستأنف أن العقد الذي صدر منه في صورة بيع لم يكن إلا استدانة بفائدة ربوية مضمونة برهن تأميني افرغ في قالب بيع بات اقترن به تأجير العين له ، وكذلك إقرار من العاقد معه برد العين إليه في الأجل المحدد وبالقيمة المتفق عليها في العقد ، ثم أخذت محكمة الدرجة الأولى بدعواه وبينت الأدلة والقرائن التي استندت إليها ، ولكن محكمة الاستئناف ، رغم تمسكه بدعواه هذه وطلبه إجراء التحقيق لإثباتها ، لم تأخذ بها ، متعللة في قضائها بأن محل ذلك أن يكون العقد قد أشتمل على شرط الاسترداد ، وإلا فلا يمكن إثبات عكس الوارد به بغير الكتابة ، فقضاؤها بذلك مخالف لحكم المادة 339 سابقة الذكر ( نقض مدني 4 مارس سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 37 ص 101 ) . وقضت أيضاً بأنه يجوز للبائع أن يثبت بأي طريق من طرق الإثبات أن العقد ، وإن كان بحسب نصوصه الظاهرة بيعاً باتاً ، فإنه في حقيقة الأمر يستر رهناً حيازياً . فإذا كان الحكم قد استخلص من شهادة الشهود الذين سمعتهم المحكمة أن الإقرار الصادر بعد العقد محل الدعوى بحوالي أربع سنوات إنما ينصب على هذا العقد ، واستنتج من عباراته أن الطرفين في ذلك العقد إنما قصدا به في الحقيقة أن يكون ساتراً لرهن حيازي ، فإنه لا يكون قد أخطأ . إذ يكفي في اعتبار الإقرار ورقة ضد توافر المعاصرة الذهنية التي تربطه بالعقد وإن اختلف تاريخها . وإذا كان الأوراق المختلف على تكييفها – هل هي ورقة ضد عن العقد المتنازع على حقيقة المقصود منه أم هي وعد بالبيع - مذكوراً فيها أنه " إذا مضى الميعاد المحدد ولم يدفع المبلغ فيكون البيع نافذ المفعول " ، فهذا يدل على أن البيع لا يكون نافذ المفعول في مدة الوفاء ، وليس هذا شأن بيع الوفاء الحقيقي الذي ينفذ مفعوله كبيع بمجرد التعاقد وإن تعلق على شرط فاسخ . واذن فاعتبار تلك الورقة متضمنة شرط تمليك الدائن للأطيان مقابل الدين في نهاية الأجل المحدد للوفاء هو اعتبار تسوغ عبارتها ، وليس فيه مسخ لمدلولها ( نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 30 ص 102 – وانظر أيضاً : نقض مدني 11 يناير سنة 1915 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 44 ص 229 ) . وبقاء حيازة العين في يد البائع ، إذا كانت تعد قرينة قانونية طبقاً لتشريع سنة 1923 – فإنها كانت تصلح قرينة قضائية قبل هذا التشريع ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 18 ص 93 ) . وكون الثمن المدفوع لا يتناسب مع الثمن الحقيقي يصلح قرينة على الرهن ( نقض مدني 8 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 153 ص 1027 – 10 يونيه سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 145 ص 942 ) . ولو فسخ الإيجار بناء على طلب المشتري واسترد المشتري العين كمالك ، فهذا لا يمنع من كون التصرف يستر رهناً باطلا ، ولا حجة فيما قاله المشتري من أنه وضع يده كمالك لا كمرتهن بعد الفسخ ( نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 2 ص 6 ) .

ويؤخذ من ظاهر عبارات محكمة النقض في حكم حديث لا إنها تعتبر القرائن الواردة في تشريع سنة 1923 قرائن قانونية قاطعة . فقد قضت بان بيع الوفاء ، قبل تعديل المادة 339 مدني ( قديم ) ، كان قد اتخذ لستر بعض التصرفات القانونية الممنوعة ، مما حدا بالمشرع لإصدار القانون رقم 49 لسنة 1923 معدلا للمادة 339 مدني قديم ، فكانت تنص على بطلان بيع الوفاء الذي يقصد به إخفاء رهن وأنه لا أثر له سواء بصفته بيعاً أو رهنا ، وأن العقد يعتبر مقصوداً به إخفاء رهن إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات . والذي يبين من الباعي على تعديل المادة 339 مدني ومن المذكرة التفسيرية الخاصة بهذا التعديل أن المشرع إنما أورد هذه القرينة كقرينة قانونية قاطعة للاستدلال بها على حقيقة المقصود بالعقد وأنه يستر رهناً . ويؤيد هذا النظر اتجاه المشرع إلى إلغاء البيع الوفائي نهائياً في القانون المدني الجديد اكتفاء بالنصوص الخاصة بالرهن . ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة اعتبرت القرينة ليست قاطعة وأحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن عقد البيع هو في الواقع عقد رهن فإنه يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 15 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 47 ص 316 ) . ولكن يبدو أن محكمة النقض إنما تأخذ على الحكم المطعون فيه أنه لم يعتد بقرينة بقاء العين في حيازة البائع ، وكان من شأن هذه القرينة أن تعفى البائع من عبء الإثبات ، وتلقيه على عاتق المشتري لثبت هو بالرغم من وجود هذه القرينة أن العقد حقيقته بيع وفاء لا رهن . فبدلا من ذلك ، ألقى الحكم المطعون فيه عبء الإثبات على البائع ، لثبت أن عقد البيع هو في الواقع عقد رهن . وهذا لا شك خطأ في الحكم المطعون فيه يبرر نقضه ، ولكن ليس هذا معناه أن القرينة القانونية إذا وجدت لم يجز إثبات عكسها . بل إن الواجب في القضية التي نحن بصددها أن تحال الدعوى إلى التحقيق ، ولكن لا ليثبت البائع أن العقد هو في حقيقته رهن ، بل ليثبت المشتري أن العقد بالرغم من وجود القرينة القانونية على أنه رهن هو في حقيقته بيع وفاء . فإذا خلا بيع الوفاء من القرائن القانونية ، كان على البائع الذي يدعى أن البيع الوفائي يخفى رهناً أن يقيم هو الدليل على ذلك ( نقض مدني 25 أكتوبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 121 ص 847 ) ، ومن حقه أن يجاب إلى طلبه إذا هو طلب إثبات أن بيع الوفاء يخفى رهناً ( نقض مدني 21 مارس سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 32 ص 259 ) .
( [240] )          استئناف وطني 3 يناير سنة 1905 الحقوق 20 ص 135 .
( [241] )          نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 30 ص 102 وهو الحكم السابق الإشارة إليه يكفي في اعتبار الإقرار ورقة ضد توافر المعاصرة الذنية التي تربطه بالعقد وإن اختلف تاريخهما ) – استئناف مصر 3 يناير سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 ( ورقة ضد تحررت في يوم العقد البات ) . ويخلص من ذلك أنه ليس من الضروري إني كون عقد البيع ذاته هو الذي يثبت شرط استرداد العين المبيعة . وقد قضت محكمة النقض أنه ليس صحيحا القول بأن اشتراط استرداد العين المبيعة يجب أن يثبت بعقد البيع نفسه وإلا اعتبر وعداً بالبيع ، فإن المادة 339 مدني ( سابق ) تجيز للبائع أن يثبت بكافة الطرق ومنها البينة والقرائن أن العقد لم يكن بيعاً باتا وإنما هو على خلاف نصوصه يستر رهناً حيازياً ( نقض مدني 22 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 17 ص 87 – وانظر أيضاً : نقض مدني 8 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 45 ص 318 – 16 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 34 ص 263 – استئناف مصر 3 يناير سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 ) . وقضت محكمة النقض كذلك بأن إثبات أن عقد البيع قصد به إخفاء رهن مقترن بفوائد ربوية يحرمها القانون مراعاة للنظام هو أمر جائز بكافة الطرق ، سواء صور عقد البيع الظاهر بأنه بات أم وفائي ( نقض مدني 22 ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 223 ص 1602 ) .
( [242] )          نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 15 ص 74 .
( [243] )          بودري وتيسييه فقرة 636 – الأستاذ انور سلطان ص 375 هامش رقم 1 .
( [244] )          استئناف مختلط 7 ديسمبر سنة 1899 م 12 ص 36 .
( [245] )          وقد قضت محكمة النقض بأنه يجوز عرض ثمن المبيع وفائياً على المشتري من أحد الورثة من مال الورثة جميعاً ، ويكون الوارث الذي قام بالعرض قد باشره نيابة عنهم . ولما كان حق الاسترداد مخولا أصلاً للبائع ولورثته ، فإنه يجوز استعماله لمن يقوم مقام الورثة وهو الدائن لهم والملتزمون قبله بنقل ملكية العين محل الاسترداد إليه . وإذن فمتى كان ورثة البائع وفائياً قد باعوا العين إلى شخص ورفعوا الدعوى بطلب استرداد هذه العين من المشتري وفائياً ، ثم تنازل بعض الورثة عن طلب الاسترداد محتفظين بحقهم في الثمن المودع ، فإن الحكم إذ قبل تدخل المشتري من الورثة منضما إلى باقي المدعين في طلب الاسترداد لا يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 2 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 26 ص 199 ) .
( [246] )          وفي القانون الفرنسي للمشتري إلزام الدائنين بتجريد البائع من أمواله الأخرى قبل استعمال حق الاسترداد ( - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 194 – قارن الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 488 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 258 ) .
( [247] )          وقد قضت محكمة النقض بأنه وإن كان الاسترداد لا يقع – بحسب الأصل – إلا على المبيع كما هو ، فإن الفقرة الثانية من المادة 346 من القانون المدني ( السابق ) قد استثنت الحالة التي تكون فيها دعوى الاسترداد " مقامة على ورثة المشتري بالنسبة إلى الحصص المشاعة بينهم أو المفروزة التي يملكها كل منهم " . وهذا لا يصح معه القول بأن توجيه العرض أو الدعوى إلى بعض الورثة يعتبر توجيها إلى الباقين . وإذا كان البائع عند وفاة المشتري أن يجزئ دعوى الاسترداد بمطالبة بعض الورثة دون الآخرين ، فإن القول بأنه عند تجزئة الدعوى تعتبر الإجراءات موجهة إلى جميع الورثة يكون قولا غير سديد ( نقض مدني 8 فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 204 ص 557 ) .
( [248] )          بودري وسينيا فقرة 657 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 196 – قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 378 .
( [249] )          وفي التقنين المختلط سنتان ، وفي التقنين المدني الفرنسي خمس سنوات .
( [250] )          وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن العقد الذي يظهر من روايته أنه بيع وفائي باستكماله أوضاع البيع الوفائي تسري عليه الأحكام المختصة بذلك ، ولا يصح اعتباره بيعاً تحت شرط أحقية البائع في الفسخ في أي وقت أراد . فإذا عين في العقد المذكور ميعاد لاسترداد البائع العين المبيعة أكثر من خمس سنوات ، وجب تنزيل الميعاد إلى خمس سنوات . وحق الرجوع في البيع إما أن يكون مطلقاً بلا قيد وإما أن يكون مقيداً بشرط فاسخ ، وفي جميع هذه الأحوال لا يعرف إلا بيع وفائي ، ولا يمكن أن تتجاوز مدة الرجوع خمس سنوات ( 4 مايو سنة 1905 الحقوق 20 ص 170 ) .
( [251] )          أوبرى ورو 5 فقرة 357 ص 166 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 319 .
( [252] )          أو من وقت تحقق الشرط الواقف إذا كان بيع الوفاء معلقاً أيضاً على شرط واقف .
( [253] )          الأستاذ أنور سلطان فقرة 319 .
( [254] )          استئناف مصر 14 ديسمبر سنة 1937 المجموعة الرسمية 39 رقم 41 – فإذا كان بيع الوفاء لم يسجل ، ثم أصبح باتاً على النحو المشار إليه ، جاز للمشتري رفع دعوى صحة التعاقد . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان البائع بيعاً وفائياً لم يستعمل حقه في استرداد المبيع في الميعاد المتفق عليه ، فرفع المشتري – بعد فوات مدة الاسترداد – دعوى صحة تعاقد على اعتبار أن هذا البيع بات ، وتبينت المحكمة من بحثها واقعة تخلف شرط الاسترداد أن المهلة المحددة للاسترداد قد انقضت بغير أن ينفذ هذا الشرط ، فإنه يكون لها أن تقضي بصحة التعاقد على اعتبار أن العقد أصبح بيعاً باتاً ، إذ هذا التحول في طبيعة العقد يتم حتما بحكم القانون بمجرد تخلف الشرط ( نقض مدني أول فبراير سنة 1945 مجموعة عمر رقم 203 ص 556 ) . هذا ولا يوجد ما يمنع ، حتى قبل إني صبح بيع الوفاء باتاً ، من أن يطلب المشتري تسجيله على اعتبار أنه لا يزال بيع وفاء ، فيرفع دعوى صحة التعاقد على هذا الأساس .
( [255] )          كولان وكابيتان 2 ص 554 – ويذهب رأي إلى أن شرط المد يعتبر وعداً من جانب المشتري بإعادة بيع المبيع للبائع ، ومن ثم لا يكون له أثر رجعي ، ولا يضر بحقوق الغير المسكوبة في الفترة بين المد والاسترداد ( الأستاذ أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 487 ص 495 ) .

وقد قررت محكمة النقض جواز مد المتبايعين للأجل في عبارات يؤخذ عليها إغراقها في الإطلاق ، وكانت في حاجة إلى شيء من التقييد . فقضت بان المادة 342 مدني ( قديم ) وإن منعت المحاكم من مد الأجل المحدد للاسترداد . والاتفاق على ذلك جائز قبل فوات الأجل المحدد أولاً للاسترداد ، كما هو جائز بعد فواته ، دون أن يؤثر ذلك في طبيعة العقد وكونه قصد به أن يكون عقد بيع وفائي ( نقض مدني 4 نوفمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 333 ص 655 – وانظر في انتقاد هذا الحكم الأستاذ سليمان مرقس ص 436 ) .
( [256] )          ويجب تسجيله حتى يحتج به على الغير الذي كسب حقا بعد الاتفاق على المد ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 319 ص 369 ) .
( [257] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 487 ص 496 – ص 497 .
( [258] )          استئناف مختلط 17 يناير سنة 1889 م 1 ص 343 – 19 ابريل سنة 1894 م 6 ص 237 – قنا الإستئنافية 19 سبتمبر سنة 1903 المجموعة الرسمية 5 رقم 45  /  1 ص 92 – السنطة 18 سبتمبر سنة 1899 المجموعة الرسمية 1 ص 206 – جرانمولان فقرة 212 – دي هلتس 4 لفظ VENTE فقرة 299 – الأستاذ محمد حملي عيسى فقرة 781 – ومع ذلك فقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه يجب إلى جانب إبداء الرغبة دفع الثمن فعلا في الميعاد لوضوح نص المادة 238 مدني المعدلة بالقانون رقم 49 لسنة 1923 ، ولا محل بعد هذا التعديل للاستناد على عبارة المادة 344 مدني للقول بغير ذلك ، لأن المادة الأخيرة في الواقع إنما وضعت خاصة لبيان ما يجب على البائع دفعه فوراً ( 26 أكتوبر سنة 1937 المجموعة الرسمية رقم 20 ) . وانظر أيضاً في هذا المعنى الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 500 .

واسترداد البائع المبيع إذا كان عقاراً يكفي فيه التأشير في هامش تسجيل عقد بيع الوفاء ، ولا تحصل رسوم نسبية على هذا التأشير بل يسترد البائع نصف الرسوم النسبية التي دفعت عند تسجيل بيع الوفاء ويردها البائع للمشتري . أما إذا أصبح بيع الوفاء باتا ، ثم اتفق المتبايعان على شرط جديد للاسترداد ، فلا بد عند الاسترداد من تسجيل جديد ، ويستوى في ذلك أن يكون الاتفاق على شرط الاسترداد الجديد قد اعتبر بيعاً معلقا ًعلى واقف أو وعداً بالبيع ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 256 ص 434 ) .
( [259] )          الأستاذ سليمان مرقس فقرة 261 ص 440 – وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد – وهو يقر بيع الوفاء وينظمه كما قدمنا – يتضمن نصاً ( م 622  /  2 من المشروع ) يقول : " ويجوز للمشتري أن يحدد للبائع ميعاداً يلزمه فيه أن يعرض المبالغ المنصوص عليها في الفقرة السابقة عرضاً حقيقياً ، فإذا انقضى الميعاد ولم يقم البائع بذلك اعتبر فسخ البيع الذي ترتب على استعمال حق الاسترداد كأن لم يكن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 173 – ص 174 في الهامش ) .
( [260] )          وذلك فيما عدا التطهير والأخذ بالشفعة والإيجار على النحو الذي قدمناه ( أنظر آنفاً فقرة 81 ) .
( [261] )          وقد قضت محكمة النقض بان البائع وفائياً لا يلزم إلا برد المصروفات الضرورية التي صرفها المشتري لحفظ المبيع من التلف أو الهلاك ، وكذلك بالمصروفات التي تزيد قيمة المبيع بقدر ما زاد من قيمته بشرط إلا تكون فاحشة ، وأما المصروفات التي ينفقها المشتري لاستغلال المبيع وفائياً فلا يلزم بها البائع متى كان إنفاقها في مقابل استغلالها لهذا المبيع وقبض ثمراته ( نقض مدني 2 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 26 ص 199 ) .

وإذا وقع نزاع بين البائع والمشتري على المبالغ الواجب ردها ولم يكن المشتري محقاً فيه ، كان للبائع أن يعرض المبالغ التي يرى نفسه ملزماً بردها عرضاً حقيقياً ويودعها خزانة المحكمة ، وله أن يخصم رسم الإيداع . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان المشتري وفائياً قد رفض قبول عرض الثمن والملحقات بغير مسوغ قانونين ، فإن قيام ورثة البائع بخصم رسم الإيداع من المبلغ المعروض لا يؤثر في صحة العرض والإيداع ( نقض مدني 2 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 26 ص 199 ) .
( [262] )          ولا يشترط جنيه بالفعل .
( [263] )          أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 168 – 176 .
( [264] )          أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 178 – ص 179 .
( [265] )          على أن القول بأن بطلان بيع الوفاء قاعدة من النظام العام قد يقتضي أن يكون للنص القاضي بالبطلان أثر رجعي ، فيسري على بيوع الوفاء التي أبرمت قبل 14 أكتوبر سنة 1949 . فالأولى إذن أن يقال بأن قاعدة البطلان ، وإن كانت تمت للمصالحة العامة ، لا تعتبر من النظام العام ، وبأن البطلان هنا مؤسس على نص خاص في القانون ( أنظر ما يلي فقرة 89 ) .
( [266] )          ولا يمكن حمل بيع الوفاء على أنه يستر في الحقيقة رهناً فتجري أحكام الرهن ، فالعقد الساتر هنا عقد باطل بحكم القانون فلا يصلح أن يستر أي تصرف آخر ، وقد قصد المشرع إبطال بيع الوفاء أصلاً سواء باعتباره بيعاً أو رهنا ( أنظر الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 56 ) .
( [267] )          وقد يبقى المشتري واضعاً يده على المبيع ، كمالك ملكا باتا ، بعد انقضاء مدة الاسترداد ، ويستطيع في هذه الحالة أن يتملك المبيع بالتقادم الطويل ، دون التقادم القصير كما سيأتي .
( [268] )          أما البيع بشرط التجربة ، فقد يكون بيعاً معلقاً على شرط فاسخ كما سبق القول ، ولكن الشرط هنا لا يتعلق بإرادة البائع بل بإرادة المشتري ، والقول فيه على كل حال للخبراء لا للمشتري في إحدى صورتيه .
( [269] )          وهناك وسيلتان أخريان لا يستطيع المتعاملان أن يلجآ إليهما ، إذ تقعان مباشرة تحت حظر القانون . الوسيلة الأولى أن يرهن المالك العين عند الدائن ، ويشترط الدائن أن يتملك العين إذا لم يستوف الدين في الميعاد ، فيصل بذلك إلى النتيجة التي كان يصل إليها ببيع الوفاء . وهذه الطريقة حرمها القانون بنص صريح ، هو المادة 1052 مدني في الرهن الرسمي والمادة 1108 مدني في الرهن الحيازي . والوسيلة الثانية أن يعتمد المتعاملان إلى إخفاء بيع الوفاء تحت ستار بيع بات لا يوجد فيه شرط وفائي ، ويحرران بالشرط الوفائي ورقة ضد فيما بينهما وقد يؤخران تاريخها عن تاريخ البيع البات . وقد كشف القضاء منذ عهد التقنين المدني السابق عن هذا التحايل ، وأوردنا أحكاماً كثيرة تقضي بأن البيع في هذه الحالة يعتبر بيعاً وفائياً ، عاصر فيه الشرط الوقائي البيع ولو معاصرة ذهنية .
( [270] )          وهناك صورة يسهل تمييزها عن صورة بيع الوفاء ، وإن كانت بيعاً معلقاً على شرط فاسخ ويتحقق الشرط بإرادة البائع : يشترط البائع على المشتري أن يكون البيع معلقاً على شرط فاسخ هو عدم الوفاء بالثمن أو يسقط منه في الميعاد المتفق عليه . وتتميز هذه الصورة عن بيع الوفاء بأن الثمن فيها مؤجل ، أما الثمن في بيع الوفاء فيكون عادة معجلاً أو قريب الأجل . ويكون الفسخ في هذه الصورة راجعاً إلى أن البائع لم يستوف الثمن ، أما الفسخ في بيع الوفاء فيرجع إلى أن البائع قد استوفى الثمن ثم رده إلى المشتري .

وقد يبيع شخص عينا لآخر ، ويعلق البيع على شرط واقف هو ألا يوفي البائع ديناً على المشتري . فهذا ليس بيع وفاء ، ولكنه بيع قد يخلى رهناً اشترط فيه انتقال الملك في الرهن إلى المرتهن إذا لم يستوف الدين في الميعاد ، فيكون هذا الشرط باطلاً ( استئناف مختلط أول ديسمبر سنة 1897 م 10 ص 26 ) .
( [271] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 190 في الهامش .
( [272] )          وقد يعد المشتري البائع بإعادة بيع المبيع له إذا أبدى البائع رغبته في الشراء مدة معينة ، فمثل هذا العقد جائز . وهو يختلف اختلافاً جوهرياً عن بيع الوفاء ، إذ البائع فيه قد تجرد من ملكية المبيع تجرداً نهائياً ، وليس له إلا حق شخصي قد لا يستطيع بموجبه أن يسترد المبيع وذلك إذا تصرف المشتري فيه قبل أن يبدي البائع رغبته في الشراء . أما في بيع الوفاء فقد استبقى البائع على المبيع حق ملكية معلقاً على شرط واقف ، وهو واثق من استرداد المبيع إذا هو استعمل حقه في الاسترداد .
( [273] )          وآخر بيع وفاء يمكن تصوره خاضعاً لأحكام التقنين المدني السابق هو بيع وفاء أبرم في يوم 14 من شهر أكتوبر سنة 1949 واتفق على أن تكون مدة الاسترداد فيه خمس سنوات . فيجوز في مثل هذا البيع للبائع أن يسترد المبيع حتى يوم 14 من شهر أكتوبر سنة 1954 ، وبعد هذا اليوم لا يمكن تصور استرداد صحيح يقع من البائع ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 254 ) . ولكن يمكن تصور نزاع يقوم بعد هذا التاريخ حول استرداد استعمل في حدود هذا التاريخ ، وقد يبقى النزاع سنين طويلة منظوراً أمام المحاكم ويلزمها فيه تطبيق أحكام التقنين المدني السابق .
( [274] )          أنظر في هذا المعنى الأستاذ أنور سلطان فقرة 336 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 254 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 109 .

* بعض رسائل حديثة في الموضوع : هابير ( habert ) رسالة من باريس سنة 1931 – فيدور ( fedor ) رسالة من باريس سنة 1931 – مانيو ( magniaux ) رسالة من رون سنة 1933 – ميشليه ( michelet ) رسالة من باريس سنة 1933 - سجانيك ( sganek ) رسالة من باريس سنة 1933 – يونج ( yung ) رسالة من باريس سنة 1933 - ليمستر ( le mestre ) رسالة من باريس سنة 1936 – روسو ( rousseau ) رسالة من باريس سنة 1936 – فيلوتريكس ( villoutreix ) دراسة اقتصادية وقانونية لبيع السيارات بالتقسيط رسالة من باريس سنة 1936 .

( أنظر في هذا بلانيول وريبير وهامل 10 ص 256 هامش 1 ) .
( [275] )          تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 570 من المشروع التمهيدي . وكانت الفقرة الأولى من الماد ة 570 المذكورة تجري على الوجه الآتي : " إذا كان البيع مؤجل الثمن ، جاز للبائع أن يحتفظ بالملكية إلى أن يستوفى الثمن كله ، حتى لو تم تسليم المبيع " ، أما الفقرات الثلاث الأخيرة فلا تختلف عما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد إلا في بعض فروق لفظية . وأقرب لجنة المراجعة نص المشروع التمهيدي ، وأصبح رقمه المادة 443 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية مجلس النواب عدلت الفقرة الأولى إلى النص الذي استقر في التقنين المدني الجديد ، لأن نص المشروع يوهم أن الملكية لم تنتقل بتاتاً من البائع إلى المشتري ، مع أن الواقع أن الملكية تنتقل إلى المشتري معلقة على شرط واقف هو استيفاء الثمن كله ، فعدلت اللجنة النص حتى يؤدي هذا المعنى بوضوح . وحذفت اللجنة من الفقرة الثالثة عبارة " عند الشك " حتى يكون العقد قاطعاً في أن انتقال الملكية يستند دائماً إلى وقت البيع . ووافق مجلس النواب على النص كما عدلته لجنته . ووافق مجلس الشيوخ عليه تحت رقم 430 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 47 – ص 48 و ص 50 - 51 ) .
( [276] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 398 ( مطابقة للمادة 430 من التقنين المدني المصري – أنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 91 – فقرة 93 ) .

التقنين المدني الليبي م 419 ( مطابقة للمادة 430 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 534 ( متفقة مع نص المشروع التمهيدي للمادة 430 من التقنين المدني المصري والأحكام واحدة في التقنين - أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 141 - فقرة 143 – والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 52 – فقرة 59 وفقرة 302 – وفقرة 304 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : ليس فيه نص مقابل ، ولكن نص التقنين المصري ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ بأحكامه في لبنان .
( [277] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " تجيز المادة أن يشترط البائع ، إذا كان الثمن مؤجلاً ، أن يحتفظ بالملكية إلى أن يستوفى كل الثمن ، حتى لو سلم المبيع قبل ذلك . وهذا ضمان لت<أ إليه عادة الشركات التي تبيع سلعها بالتقسيط – كالآلات وعربات النقل وكالأراضي التي تباع بأثمان مقسطة – فاحتفاظ البائع بملكية المبيع حتى يستوفى الثمن أبلغ في الضمان من فسخ البيع بعد أن تكون الملكية قد انتقلت " . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 ) .

وأنظر في الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية لهذا البيع ، وفي انتشاره في أمريكا ، وفي أنه يهيء السبيل لذوي الموارد المحدودة إلى الحصول على سلع ما كانوا يحصلون عليها لو كان الثمن واجب الدفع فوراً ، ولكنه يخلص في الوقت ذاته حاجات جديدة للناس ، ويدفع التاجر إلى رفع سعر السلعة حتى يواجه احتمال إعسار المشتري وبخاصة في أوقات الانكماش الاقتصادي : جوسران 2 فقرة 1022 – فقرة 1023 .
( [278] )          وقد احتفظ بها بموجب الشرط ( clause de reservati domini – pactum reservati domini ) : أنظر استئناف مختلط 27 يونيه سنة 1916 م 28 ص 445 - 6 فبراير سنة 1917 م ص 200 – 5 يونيه سنة 1917 م 29 ص 482 – وقد يشترط البائع – دون أن يحتفظ بملكية المبيع – ألا يتصرف المشتري في البيع قبل الوفاء بثمنه ، ما لم يوفي المشتري من المشتري بالثمن ( استئناف مختلط 2 مارس سنة 1911 م 23 ص 208 ) .
( [279] )          ويلاحظ أن البيع لو كان باتاً غير معلق على شرط واقف ، وتأخر المشتري عن دافع الثمن ، جاز للبائع أن يطلب فسخ البيع ، ولكن هذه الصورة تختلف عن الصورة التي نحن بصددها في أمرين : ( أ ) الملكية في البيع البات تنتقل إلى المشتري ملكية باتة ، أما في البيع المعلق شرط واقف فلا تنتقل إلا معلقة على هذا الشرط . ( ب ) ثم إن الملكية الباتة التي انتقلت إلى المشتري في البيع البات لا تنفسخ من تلقاء نفسها بمجرد عدم وفاء المشتري بالثمن ، بل لا بد من حكم بالفسخ ، والقضي غير مجبر على فسخ البيع بل يجوز أن يمنح المشتري مهلة لدفع الثمن وفقاً للقواعد المقررة في فسخ العقد . أما في البيع المعلق على شرط واقف فمجرد تأخر المشتري في الوفاء بالثمن يعتبر تخلفاً للشرط ، يعتبر البيع كأن لم يكن دون حاجة إلى حكم وفقاً للقواعد المقررة في الشرط .

ولا يوجد ما يمنع من أن البيع ، بدلاً من تعليقه على شرط واقف ، يكون معلقاً على شرط فاسخ هو عدم الوفاء بالثمن . فتنتقل الملكية إلى المشتري معلقة على شرط فاسخ ، وإذا لم يف بالثمن يتحقق الشرط الفاسخ فيزول البيع بأثر رجعي دون حاجة إلى حكم . وهذه الصورة الأخيرة – وهي التي قلنا إنها تشتبه ببيع الوفاء فيما قدمناه ( أنظر آنفاً فقرة 88 في الهامش ) – تختلف عن البيع البات القابل للفسخ في أن إنفساخ البيع فيها يكون من تلقاء نفسه بمجرد تحقق الشرط الفاسخ وفي البيع البات يكون الفسخ بحكم ، وفي أن الذي ينتقل إلى المشتري فيها ملكية معلقة على شرط فاسخ وفي البيع تنتقل إلى المشتري ملكية باتة .
( [280] )          استئناف مختلط 12 أبريل سنة 194 م 57 ص 122 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 217 ص 257 .
( [281] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 217 ص 257 – نقض فرنسي جنائي 18 أكتوبر سنة 1934 سيريه 1936 – 1 – 39 – أول يونيه سنة 1935 جازيت دي باليه 1935 – 2 – 315 – 4 ديسمبر سنة 1936 جازيت دي باليه 1937 - 1 – 136 .

ويلاحظ أن المادة 42 من القانون رقم 100 لسنة 1957 ، في مصر ، قضت بأنه يحظر على المشتري ، بدون إذن سابق م البائع ، أن يتصرف بأي نوع من أنواع التصرفات في السلعة موضوع التقسيط قبل الوفاء بثمنها . ونصت المادة 45 من نفس القانون على العقوبة ، وهي الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة شهور والغرامة التي لا تجاوز مائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين . فهذا القانون قد خلق إذن جريمة جديدة هي جريمة التصرف في الشيء المبيع قبل الوفاء بكامل الثمن ، ولكن هذه الجريمة لا تكون إلا في البيوع التجارية ويشترط فيها أن تكون حرفة البائع هي البيع بالتقسيط ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم ص 74 - ص 75 ) .
( [282] )          أنظر المادة 354 من التقنين التجاري – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 61 – 62 وفقرة 181 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 217 ص 257 – ص 258 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ location – vente فقرة 28 – فقرة 30 .
( [283] )          زوال ملكية المشتري لعدم تحقق الشرط الواقف هو التعبير الصحيح ، والتعبير في هذا المقام بلفظ " الزوال " أدق من التعبير بلفظ " الفسخ " الذي ورد في الفقرة الثانية من المادة 430 مدني .
( [284] )          على أنه من الممكن القول بأن البائع بالخيار ، فإما أن يعتبر أن الشرط الواقف قد تخلف فزال البيع كما قدمنا ، وإما أن ينفذ على أموال المشتري بالباقي من الثمن ويكون له على المبيع بالذات حق امتياز البائع . وإمكان اختياره للتنفيذ بباقي الثمن يؤسس على أنه قد نزل عن الشرط وهو مقرر لمصلحته فيجوز له النزول عنه . وقد ياقل أيضاً إن للبائع أن يعتبر تخلف الشرط الواقف راجعاً إلى تعمد المشتري فقد امتنع عن الوفاء بالثمن ، فيكون الشرط حكم المتحقق ويصبح البيع باتاً ويجوز للبائع أن ينفذ الباقي من الثمن .

وتصرح المذكرة الإيضاحية بجواز أن يطالب البائع بتنفيذ البيع بدلاً من المطالبة بفسخه ( الأدق : بدلاً من المطالبة بزواله ) فتقول : " وغني عن البيان أن البائع يستطيع ، بدلاً من المطالبة بفسخ البيع ، أن يطالب بتنفيذ العقد ، فيقتضي من المشتري ما بقى في ذمته من الأقساط " . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 ) . والفقه المصري أيضاً يقول بذلك : أنظر الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 124 ص 220 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 85 ص 130 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 61 ص 89 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 11 ص 21 - الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 247 .

وعلى هذا الرأي أيضاً سار القضاء . فقد قضت محكمة الاستنئاف المختلطة بأن للبائع أن يطالب بتنفيذ البيع مع احتفاظه بشرط استبقاء الملكية ( 23 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 46 – ولكن قارن 7 ديسمبر سنة 1944 م 57 ص 22 ) . وإذا طلب الفسخ لم يحتفظ بما قبض من أقساط ولكن له أن يطلب تعويضاً يراعى فيه قيمة الشيء وقت استرداده ( استئناف مختلط 7 ديسمبر سنة 1944 م 57 ص 22 وقد سبقت الإشارة إليه ) ، فإذا حجز على المبيع للتنفيذ بالثمن فقد نزل عن حقه في استبقاء الملكية ( استئناف مختلط 16 يناير سنة 1947 م 59 ص 46 ) على أن مجرد حصول البائع على حكم بالباقي من الثمن لا يفيد حتماً نزوله عن شرط استبقاء الملكية ( استئناف مختلط 27 مايو سنة 1930 م 42 ص 521 - 27 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 92 – 6 يونيه سنة 1934 م 46 ص 315 ) . فإذا اختار تنفيذ الحكم بالباقي من الثمن لم يجز له الرجوع إلى المطالبة بفسخ البيع ( استئناف مختلط 6 فبراير 1934 م 46 ص 156 ) . ولا يجوز له اتخاذ إجراءات التنفيذ وإجراءات الفسخ في وقت واحد ( استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1934 م 47 ص 30 ) . ولكن التنبيه لا يعتبر حتماً نزولاً عن طلب الفسخ ، فللبائع العدول عن التنبيه بالدفع إلى طلب الفسخ ( استئناف مختلط 23 أبريل سنة 1936 م 28 ص 240 ) أما توقيع الحجز فيعتبر نزولاً عن المطالبة بالفسخ ( استئناف 23 أبريل سنة 1936 م 48 ص 240 وقد سبقت الإشارة إليه ) .

أما في فرنسا فيجيز القضاء والفقه ، في الإيجار الساتر للبائع ، أن يعدل المستأجر عن الصفقة ، فيرد الشيء إلى المؤجر ، ويعتبر الأقساط التي دفعها أجرة في مقابل انتفاعه بالشيء ، ولا يستطيع المؤجر إجباره على المضي في الصفقة ودفع بقية الأقساط ليتحول الإيجار بيعاً ( نقض مدني فرنسي أول يوليه سنة 1925 سيريه 1926 – 1 - 261 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ lovation –vente فقرة 17 ) .
( [285] )          ويبدو أنه ما دام التخفيض جائزاً تبعاً لجسامة الضرر ، فإن وجود الضرر نفسه يكون شرطاً لاستحقا البائع أي جزء من الأقساط المرفوعة ، فإن لم يصبه أي ضرر وجب عليه رد كل الأقساط ( قارن الأستاذ سليمان مرقس فقرة 44 ص 69 – ص 70 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 179 ص 259 – ص 260 ) .
( [286] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وتجيز المادة أن يشترط البائع ، في حالة عدم سداد الأقساط وفسخ البيع تبعاً لذلكن أن يستبقى الأقساط المدفوعة ( وهي جزء من الثمن ) على سبيل التعويض . إلا أن المشروع كيف هذا الاتفاق بأنه شرط جزائي ، وأجاز تخفيضه تطبيقاً للقواعد التي قررت في هذا الشأن ( م 302 فقرة ثانية من المشروع ) ، حتى يمنع التعسف الذي يقع في هذه الأحوال . فقد يحدث أن البائع يكون قد استوفى أكثر الأقساط ، ثم يفسخ البيع لعدم استيفاء ما بقى منها ، ويحتفظ بكل الأقساط التي استوفاها وفي هذا عنت على المشتري يستطيع القاضي أن يدفعه إذا خفض الشرط الجزائي وقضى أن يرد للبائع بعض هذه الأقساط . وغني عن البيان أن البائع يستطيع ، بدلاً من المطالبة بفسخ البيع ، أن يطالب بتنفيذ العقد ، فيقتضي من المشتري ما بقى في ذمته من الأقساط " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 ) .
( [287] )          أما إذا هلك الشيء بسبب أجنبي في يد المشتري ، فإنه يهلك من مال البائع ، ويستوي في ذلك أن يعتبر العقد إيجاراً إذ البائع يكون مؤجراً فهو المالك للشيء فيهلك عليه ، أو يعتبر بيعاً معلقاً على شرط واقف إذ الهالك في هذه الحالة يكون على البائع ولا يكون لتحقق الشرط الواقف أثر رجعي وفقاً للقواعد المقررة في الشرط ( قانون الأستاذ أنو سلطان فقرة 154 ص 173 – الأستاذ مصطفى الزرقا في البيع في القانون المدني السوري فقرة 91 ص 129 ) .

ويلاحظ أنه إذا كان البيع معلقاً على شرط واقف وهلك المبيع ، فإنه يهلك على البائع ، حتى لو كان قد سلم المبيع إلى المشتري فهلك بعد التسليم ، ويتحقق ذلك في صورتين عمليتين : البيع بالتجربة والبيع بالتقسيط .
( [288] )          الأستاذ سليمان مرقس فقرة 44 ص 68 وص 70 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 85 ص 129 وفقرة 17 ص 27 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 50 ص 131 – ص 132 الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 64 ص 96 – ص 97 وفقرة 65 – فقرة 66 .
( [289] )          وقد حسن التقنين المدني الجديد كما نرى الخلاف في هذه المسألة بنص صريح ، فقد كانت مسألة خلافية في عهد التقنين المدني السابق . فذهب رأي إلى أن العقد إيجار مقترن بشرط فاسخ ومصحوب ببيع معلق على شرط واقف ( استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1913 م 25 ص 350 - 26 أبريل سنة 1916 م 28 ص 278 – وأنظر في انتقاد هذا الرأي الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 11 ص 22 – ص 23 ) . وذهب رأي إلى اعتبار العقد مركباً يهدف إلى غرضين مختلفين في وقت واحد ، نقل الملكية إلى المشتري وتأمين البائع من إعسارهن ولا يمكن الفصل ما بين الغرضين دون أن تشوه إرادة المتعاقدين ، ومن ثم يكون العقد عقداً غير مسمى ( رسالة الأستاذ الشيتي فقرة 65 ص 86 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن حقيقة العقد بيع لا إيجار ( 11 ديسمبر سنة 1929 م 42 ص 89 – 18 ديسمبر سنة 1941 م 54 ص 27 ) ، ولكنه بيع احتفظ فيه البائع بالملكية حتى الوفاء بالثمن ( استنئاف مختلط 20 مايو سنة 1930 م 42 ص 510 – 25 يناير 1931 م 43 ص 182 - 19 يناير سنة 1932 م 44 ص 122 – 29 مارس سنة 1932 م 44 ص 252 – 20 نوفمبر سنة 1934 م 48 ص 30 - 2 أبريل سنة 1935 م 47 ص 224 – 14 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 54 ) . ويجب أن يكون العقد واضحاً في أنه بيع مع احتفاظ البائع بالملكية حتى الوفاء بالثمن ، فلا يتضمن شروطاً متعارضة ( استئناف مختلط 29 أبريل سنة 1930 م 2 ص 459 – 19 نوفمبر سنة 1935 م 48 ص 2 – 23 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 46 ) ، ولا يستخلص من مجرد أن البائع قد اشترط حلول الباقي من الأقساط إذا تأخر المشتري في دفع قسط ( استئناف مختلط 19 نوفمبر سنة 1935 م 48 ص 25 وقد سبق الإشارة إليه ) . ولا يجوز للبائع ، إذا تأخر المشتري في الدفع ، أن يبيع المبيع بدون ترخيص من القضاء ولو كان ذلك مشترطاً في العقد وأن يحتفظ في الوقت ذاته بالأقساط المدفوعة ( استئناف مختلط 22 ديسمبر سنة 1938 م 51 ص 82 ) . وإذا احتفظ البائع بملكية آلة زراعية ، منع ذلك من أن تصبح هذه الآلة عقاراً بالتخصيص في أرض المشتري ( استئناف مختلط 18 ديسمبر سنة 1941 م 54 ص 27 ) . وللبائع المحتفظ بملكية المبيع ، إذا تأخر المشتري في دفع الأقساط ، أن يحجر على المبيع حجزاً استحقاقياً ( saisie - revendication ) ( استئناف مختلط 25 يونيه سنة 1942 م 54 ص 256 ) .

وذهبت محكمة النقض إلى أن تكييف العقد هل هو بيع أو إيجار يتبع فيه قصد المتعاقدين ، وتستخلص محكمة الموضوع هذا القصد مستهدية بنصوص العقد . فقضت بأن التكييف القانوني للعقود المصطلح على تسميتها في فرنسا باسم location –vente لا يزال موضوع خلاف بين المحاكم والفقهاء ، فإذا اعتبر قاضي الموضوع عقداً من هذا القبيل عقد يع ، مستهدياً في ذلك بنصوص العقد ومستظهراً منها حقيقة قصد المتعاقدين وقت التعاقد بحيث لم يقع منه تحيف لأي نص من نصوصه ولا مسخ لحكم من أحكامه ، بل كان ما فعل إنما هو تغليب لمعنى من المعاني الواردة به على معنى آخر ، فإن محكمة النقض لا تستطيع سوى إقرار ما ذهبت إليه ( نقض جنائي 21 مايو سنة 1934 المجموعة الرسمية 35 رقم 206 ) .
( [290] )          لكن إذا حجز دائنو المشتري على العين ، فإن البائع يستطيع أن يفسخ البيع ، كما أن له حق امتياز على العين يتقدم به على دائني المشتري . أما إذا اعتبر البائع مؤجراً ، فإنه يبقى مالكاً للعين ، ويكون الحجز الموقع من دائني المستأجر حجزاً باطلاً ( أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ location –vente فقرة 33 – فقرة 34 ) . فإذا كان دائن المشتري هو مؤجر المكان الذي وضعت فيه العين ، فإن له امتيازاً يسبق امتياز البائع ولو اعتبر هذا البائع مؤجراً ، إذ القاعدة أن مؤجر المكان له امتياز على المنقولات في العين المؤجرة حتى لو كانت هذه المنقولات ملكاً للغير ما دام المؤجر حسن النية ( أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ 3 لفظ location –vente فقرة 35 ) .
( [291] )          وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وقد حسم المشروع إشكالاً بإيراده هذا النص ، فقد جرت العادة أن البيع الذي يبرم على هذا النحو يسميه المتعاقدان إيجاراً إمعاناً من البائع في ضمان حقه ، إذ هو بذلك يستوفي الأقساط أجرة لا ثمناً ، وإذا ما تصرف المشتري في المبيع عد هذا منه تبديداً . فأقر المشروع الأمور في نصابها ، وسمى الأشياء بأسمائها حتى لو سميت باسم آخر ، فهذا العقد بيع لا إيجار ، ويعتبر معلقاً على شرط واقف هو سداد الأقساط جميعها ، فإذا ما سددت انتقلت الملكية إلى المشتري منسحبة إلى وقت البيع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 – ص 50 ) .

أما في فرنسا – حيث لا يوجد نص مماثل للنص الذي أورده التقنين المدني المصري الجديد مقتبساً إياه من المادة 445 من التقنين المدني الألماني والمادة 331 من المشروع الفرنسي الإيطالي ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 ) - فيعتبر الإيجار الساتر للبيع فيما بين المتعاقدين فيكون المشتري مبدداً إذا تصرف في المبيع قبل الوفاء بالثمن ، ولكنه بالنسبة إلى دائني المشتري يعتبر بيعاً فلا يستطيع البائع أن يسترد المبيع من تفليسة المشتري ( أنظر بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 219 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2435 – فقرة 2436 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ location – vente فقرة 10 – فقرة 35 .
( [292] )          أنظر عكس ذلك في فرنسا بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 220 ص 261 . ولكن أنظر في أن العقد قد يكون بيعاً معلقاً على شرط فاسخ كولان وكابيتان 2 فقرة 835 ص 558 – وقد صدرت في فرنسا قوانين مختلفة تنظيم بعضاً من هذه البيوع : أنظر قانون 29 ديسمبر سنة 1934 في تنظيم بيع السيارات بالتقسيط ، وقد جعلت أحكامه تسري على بيع الجرارات الزراعية بموجب قانون 2 نوفمبر سنة 1941 . وأنظر قانون 12 مارس سنة 1900 في تنظيم بيع الأوراق المالية بالتقسيط ، وقانون 14 ديسمبر سنة 1926 في تحريم بعي الأوراق المالية ذات " اليانصيب " ( valeurs a lots ) بالتقسيط لما تنطوي عليه عادة من استغلال للمشتري ، وجعلت العقوبة في هذا القانون هي عقوبة النصب – وقارن في مصر القانون رقم 100 لسنة 1957 في شأن بعض البيوع التجارية ، وقد خلق جريمة جديدة هي جريمة التصرف في الشيء المبيع قبل الوفاء بكامل الثمن ( أنظر آنفاً فقرة 92 في الهامش ) .

أنظر في بيع قريب من البيع بالتقسيط هو البيع عن طريق الاشتراك ( vente par abonnement ) كالاشتراك في الجرائد والمجلات والمياه والغاز والنور ، بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2438 .
( [293] )          الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 124 ص 220 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 17 ص 26 – ص 28 .
( [294] )          فيقرر أنه يشتري لنفسه أو لغيره ، وقد يقرر أنه يشتري لنفسه ولغيره وهذا لا يلزمه بأن يستبقى لنفسه جزءاً من الصفقة ( بودري وسينيا فقرة 176 ص 170 ) .

ويستثنى من هذا الشرط الصورة الخاصة التي تنص عليها تقنين المرافعات كما سنرى .
( [295] )          بودري وسينيا فقرة 183 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 213 .
( [296] )          بل إن هذا الضرب من التعامل بدأ في العقود بالمزاد أما القضاء ، وانتقل منها بعد ذلك إلى العقود بالممارسة ( كولان وكابيتان 2 فقرة 836 ص 558 ) . وكانت محكمة الاستئناف المختلطة في حكم قديم لها قد قضت بأن التقرير بالشراء لا يجوز في البيوع القضائية ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1889 م 2 ص 25 ) . ولكنه يجوز في كل البيوع ، الاختيارية والجبرية ، غير القضائية ( الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 286 ص 547 – وأنظر في أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة المشار إليه إنما يمنع التقرير بالشراء عن الغير في البيوع غير القضائية إذا لم يوجد شرط بذلك في البيع الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 550 هامش رقم 3 ) .
( [297] )          ولكن هناك تشريعات فرنسية قديمة ، صدرت أثناء الثورة الفرنسية ، ذكرت هذا البيع . وكان معروفاً في القانون الفرنسي القديم ، وله تقاليد قديمة ، فنظمته تشريعات الثورة الفرنسية ، واستكمل تنظيمه الفقه والقضاء في فرنسا ( بودري وسينيا فقرة 173 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 213 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2328 – كولان وكابيتان 2 فقرة 836 ص 558 - جوسران 2 فقرة 1062 ) .
( [298] )          فيما عدا الصورة الخاصة التي عرض لها تقنين المرافعات في المادة 670 وسيأتي ذكرها - وأنظر في جواز التعامل بهذا البيع في مصر جرانمولان فقرة 222 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 500 ص 551 .
( [299] )          أنظر كولان وكابيتان 2 فقرة 836 ص 558 .
( [300] )          ومن أجل هذا لا يعتبر من تقدم للشراء وكيلاً عادياً ، لأن الوكيل لا يستطيع أن يحتفظ بالصفقة لنفسه ، إذ هي تقع مباشرة لموكله . بل ليس ضروريا لمن تقدم للشراء ، إذا أراد أن يكون وكيلاً ، أن تكون الوكالة قد صدرت إليه قبل الشراء كما هو شأن الوكيل العادي ( بودري وسينيا فقرة 175 ) .

وقد قضت محكمة النقض بأن تكييف العلاقة القانونية بين المشتري الذي يحتفظ بحق اختيار الغير وبين المشتري المستتر بأنها وكالة تجري أحكامها على الآثار التي تترتب على هذه العلاقة ين الطرفين وبالنسبة إلى الغير ، غير جار على إطلاقهز فإن بين أحكام الوكالة والأحكام التييخضع لها شرط اختيار الغير والآثار التي تترتب عليه تنافراً ، فاستناد ملكية المشتري المستتر إلى عقد البيع الأول رغم عدم وجود تفويض أو توكيل منه إلى المشتري الظاهر قبل البيع ، وبقاء العين في ملكية المشتري الظاهر إذا مل يعمل حقه في الاختيار أو إذا أعمله بعد الميعاد المتفق عليه ، وهي أحكام مقررة في شرط اختيار الغير ، كلها تخالف أحكام الوكالة تماماً . ولئن كان الفقه والقضاء في فرنسا قد ذهبا فيتبرير إسناد ملكية المشتري المستتر إلى العقد الأول ، وهو أهم ما يقصد من شرط اختيار الغير ، إلى افتراض وكالة المشتري الظاهر عن الغير ، إلا أن ذلك ليس إلا مجازاً مقصوراً على حالة ما إذا أعمل المشتري حقه في اختيار الغير في الميعاد المتفق عليه مع البائع . أما قبل ذلك ، أو إذا لم يعمل هذا الحق ، أو إذا أعمله بعد هذا الميعاد ، فالإفراض يزول وتزول معه كل الآثار المترتبة على الوكالة ( نقض مدني 9 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 81 ص 312 - وقد سبق ذكر هذا الحكم أيضاً آنفاً عند التمييز بين عقد البيع وعقد الوكالة أنظر فقرة 11 في الهامش ) .
( [301] )          بودري وسينيا فقرة 182 ص 173 – بلانيول وريبير وهامل 10 ص 252 هامش رقم 4 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 38 ص 546 .
( [302] )          بودري وسينيا فقرة 182 ص 173 - ص 174 – بلانيول وريبير وهامل 10 ص 254 هامش رقم 4 .
( [303] )          بودري وسينيا فقرة 177 .
( [304] )          وإذا صدر قبول من الغير وكان هذا الغير ناقص الأهلية ، ولم تلحق الإجازة قبوله فأبطل ، وقعت الصفقة للمشتري الظاهر ، وهناك رأي مرجوح يذهب إلى أن البيع نفسه يبطل ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 254 هامش رقم 2 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 286 ص 545 ) .
( [305] )          بودري وسينيا فقرة 179 ص 171 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 215 ص 254 .
( [306] )          ولكل من هؤلاء الأشخاص المتعددين الحصة التي أعلنها المشتري ، فإذا لم يعلن هذا حصة كل منهم فالمفروض أن حصصهم متساوية . ويشترط في ذلك ألا يختلف الثمن أو الشروط كما قدمنا ، فإذا أعلن المشتري أن كلاً من الأشخاص المتعددين يتحمل جزءاً معيناً من الثمن ، وجب أن يكون مجموع ما يدفعونه جميعاً معادلاً للثمن الأصلي دون زيادة أو نقصان ، وإلا اعتبر التقرير بيعاً جديداً كما سبق القول ( بودري وسينيا فقرة 179 ص 171 – ص 172 – بلانيول ص 172 ) .
( [307] )          فإذا أعلن المشتري مثلاً أنه اشترى المبيع نصفه لنفسه ونصفه لشخص آخر ، انقسم الثمن عليهما مناصفة ، واعتبر كل منهما مشترياً للنصف من البائع مباشرة ( بودري وسينيا فقرة 179 ص 172 ) .

ويجوز لمن تقدم للشراء أن يتقاضى ممن اشترى له أجرة على الخدمة التي أسداها إياه ، وللقاضي التثبت من أن هذه الأجرة ليست في حقيقتها زيادة في الثمن الأصلي ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 215 ص 254 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 286 ص 545 ) .
( [308] )          بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2330 .
( [309] )          بودري وسينيا فقرة 179 ص 172 وفقرة 181 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 214 ص 253 .
( [310] )          بودري وسينيا فقرة 182 ص 173 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 214 ص 252 .
( [311] )          وقد قضت محكمة النقض في الحكم السابق الإشارة إليه بأن الشفعة في العقار المبيع بشرط اختيار الغير تخضع لأحكام هذا النوع من البيوع ، تكملها وتجد منها أحكام الشفعة . وحاصل ما اتفق عليه الرأي في أحكام البيع على شرط اختيار الغير أن عقد البيع يظل قائماً نافذاً في حق المشتري الظاهر إلى أن يعمل حقه في اختيار الغير . وإذا كان إعمال هذا الاختيار يسند شراء من يختاره إلى عقد البيع الأول ومن تاريخ انعقاده فيرتب له قبل البائع نفس الحقوق المقررة في عقد البيع المذكور ، فإنه يكسبه أيضاً حقوقاً قبل المشتري الظاهر إذ يحل محله في جميع الحقوق والالتزامات المترتبة على عقد شرائه والتي كانت تظل متعلقة به لو أنه لم يعمل حقه في الاختيار . ولما كان مقرراً بالمادة 12 من قانون الشفعة ( السابق ) أن الشفيع لا يحاج بأي حق اكتسبه الغير ضد المشتري بعد ستجيل إنذار الشفعة ، فإنه إذا كان إنذار الشفعة قد سجل قبل الإنذار المعلن للشفيع الذي ثبت به تاريخ الاتفاق الذي عقد بين المشتري الأول وبين من أدخلهم معه في الشراء والذي قال فيه هذا المشتري أنه تنازل لهم عن بعض العقار المبيع له وهو ما يعتبرون إعمالاً لحق اختيار الغير ، كان الحكم الذي يقضي بعدم جواز الاحتجاج على الشفيع بما ترتب على هذا الاختيار من حقوق لمن أدخلوا في الشراء ، وبالتالي عدم سقوط حقه في الشفعة لإدخالهم في الدعوى بعد الميعاد المقرر في القانون حكماً قائماً على أساس قانوني صحيح لا يؤثر في صحته ما يكون قد اعتوره من تقريرات أخرى مخالفة للقانون . و المفاضلة في حق الشفعة بين المشترين الذين أدخلهم المشفوع منه بحق اختيار الغير وبين من شفع منه لا تجوز ، إذ الحقوق التي آلت إليهم بإعمال المشفوع منه لحق اختيار الغير بعد تسجيل إنذار الشفعة لا تسري على الشفيع . فلا يحاج الشفيع بشرائهم ، ولا يعتبرون بالنسبة إلى مشترين مشفوعاً منهم يحق لهم دفع دعواه بأنهم أولى منه بالشفعة ( نقض مدني 9 مارس سنة 195 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 81 ص 312 ) .
( [312] )          وقد كانت المادة 576  /  658 من تقنين المرافعات السابق تنص على أنه " يجوز للمشتري أن يقرر يفي قلم كتاب المحكمة ، في اليوم التالي ليوم البيع ( في التقنين المختلط في ثلاثة الأيام التالية ليوم البيع ) ، أنه اشترى بطريق التوكيل عن شخص معين ، إذا صدق على ذلك كل من الموكل والكفيل ، وبذلك يخلو سبيله وتعتبر الكفالة عن الموكل " .

هذا يشترط ألا يكون الموكل من الأشخاص الممنوعين من التقدم للمزايدة ، حتى لا يكون هناك تحايل على القانون ( الأستاذ رمزي سيف في التنفيذ فقرة 430 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 286 ص 547 ) .
( [313] )          وقد يكون محل التزامات المشتري غير الثمن ، فالمشتري ملتزم أيضاً بدفع مصروفات البيع وبتسلم المبيع ، فمحل الالتزام الأول هو المصروفات ، ومحل الالتزام الثاني هو المبيع .
( [314] )          المبيع ليس هو الشيء ذاته ، بل هو الحق فيه . فتباع الدار أو يباع حق الملكية في الدار ، وقد يباع حق إرتفاق على الدار أو حق انتفاع فيها ، على أن المألوف ، إذا كان المبيع هو حق الملكية في الدار ، أن يقال تباع الدار دون أن يذكر حق الملكية . فإذا كان المبيع حقاً دون حق الملكية ، كحق الانتفاع أو حق الارتفاق أو حق شخصي ، ذكر الحق المبيع بالذات . وقد يكون المبيع حقاً معنوياً ، كحق المؤلف ، وتنص المادة 86 مدني على أن " الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة " . وقد صدرت فعلاً قوانين خاصة تتعلق بحق المؤلف والبراءات والاسم التجاري ونحو ذلك .
( [315] )          الوسيط جزء أول فقرة 215 .
( [316] )          ومن ذلك بيع أسهم الشركات الباطلة ، فهي أسهم لا وجود لها ويكون بيعها باطلاً . وكذلك أسهم الشركات التي يحكم ببطلانها ، فهي يعد الحكم بالبطلان تعتبر غير موجودة منذ البداية ، فيبيعها باطل . وهناك رأي يذهب إلى أن الشركة الباطلة هي شركة واقعية ، فلأسهمها وجود فعلي ، وبيعها صحيح ، ولكن يرجع المشتري على البائع بضمان العيب الخفي ، وهذا ما لم يحكم ببطلان الشركة لانعدام محلها أو لعدم مشروعيته ( دي باج 4 فقرة 76 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 63 ) . وبهذا الرأي الأخير أخذ القضاء الفرنسي ( بيدان 11 فقرة 76 ) .
( [317] )          أنظر الوسيط جزء أول فقرة 216 .
( [318] )          وقد كان التقنين المدني المختلط ( م 330 ) يحرم بيع أثمار الشجر قبل انعقادها والزرع قبل نباته ، ولم يرد في التقنين المدني الوطني السابق نص مماثل فكان بيع المحصولات المستقبلة جائزاً ولو بثمن مقدر جزافاً . وجاء التقنين المدني الجديد ( م 131 ) مؤيداً للتقنين المدني الوطني الأسبق ، يجيز بيع المحصولات المستقبلة . وقد قضت محكمة النقض بأن بيع المحاصيل المستقبلة قبل نباتها في ظل القانون المدني القديم صحيح ، وذلك أنه لم يرد فيه نص بتحريمه كما جاء بالقانون المدني المختلط ( م 330 ) . وقد قضى القانون المدني الجديد في المادة 131 منه على ما كان من خلاف في هذا الشأن بين القانونين الوطني والمختلط ( نقض مدني 30 أبريل سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 146 ص 963 ) .
( [319] )          وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن بيع الأشياء المستقبلة نوعان . الأول يجازف فيه المشتري في وجود المبيع نفسه وهو ما يسمى بيع الغرر ، كبيع أوراق اليانصيب أو بيع الصياد ضربة شبكته . والثاني يجازف فيه المشتري في قدر المبيع وكميته فقط ، كشراء الفحم الذي ينتج من قاطرات السكك الحديدية في مدة مستقبلة ومنطقة معينة . وحكم النوع الأول أنه ينفذ منجزاً ، ويجب على المشتري أداء الثمن مهما كانت النتيجة وجد المبيع أو لم يوجد . وحكم النوع الثاني أن يكون معلقاً على شرط واقف هو وجود المبيع في المستقبل مهما كان مقداره . ويشترط في النوعين أن يكون وجود المبيع أو عدم وجوده متروكاً رهن ظروف لا دخل لأحد المتعاقدين فيها ( استئناف مصر 18 يناير سنة 1948 المجموعة الرسمية 50 رقم 81 ) . وقضت أيضاً بأن البيع بسعر الوحدة ليس احتمالياً ، لأن كلاً من البائع والمشتري يعلم وقت العقد ما أعطى كما يعلم ما أخذ ( استئناف مصر 18 أبريل سنة 1948 المجموعة الرسمية 50 رقم 117 ) .
( [320] )          أنظر الجزء الأول من الوسيط فقرة 217 . ويعتبر تعاملاً في تركة مستقبلة أن يعلن الوارث حوالة ما للتركة من ديون في يوم وفاة المورث بالذات ، إذا ثبت أن الحوالة كانت معدة وممضاة قبل وفاته ولا ينقصها إلا التاريخ ( أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ cession de droits successoraux فقرة 39 ) .
( [321] )          تاريخ النصوص :

م 469 : ورد هذا النص في المادة 635 من المشروع التمهيدي بفروق لفظية . وفي لجنة المراجعة زالت هذه الفروق ، وأضيف لفظ " بمقابل " بعد عبارة " قد نزل عنه صاحبه " لإخراج حالات التبرع من نطاق الحكم ، وأصبحت المادة رقمها 496 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 469 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 195 – 197 ) .

م 470 : ورد هذا النص في المادة 636 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، عدا فروقاً لفظية طفيفة زالت في لجنة المراجعة ، وأصبحت المادة رقمها 497 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 470 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 198 – 199 ) .
( [322] )          التقنين المدني السابق م 353 – 441 : إذا باع شخص مجرد دعوى بدين أو مجرد حق ، فلا يكون مسئولاً عن وجود الدين ولا عن وجود ذلك الحق .

م 354  /  442 : إذا بيع مجرد دعوى بدين أو بحق على الوجه المبين في المادة السابقة ، أو كان أصل الدين متنازعاً فيه ، جاز للمدين أن يتخلص من الدين المبيع بدفعة للمشتري الثمن الحقيقي الذي اشترى به وفوائد والمصاريف المنصرفة .

م 355  /  443 : ولا تتبع هذه القاعدة في حالة ما إذا باع أحد الورثة نصيبه في التركة إلى شريكه ، أو باع أحد الشركاء نصيبه في الدين إلى شريكه ، أو أسقط المدين لدائنه شيئاً في مقابلة دينه ، أو اشترى مشتر حقاً متنازعاً فيه منعاً لحصول دعوى .

وأحكام التقنين السابق مع أحكام التقنين الجديد ، إلا أن التقنين السابق كان على قدر من الغموض في إيراده الحالة الأخيرة من الحالات الاستثنائية ، ولم يورد أصلاً الحالة الأولى من هذه الحالات وهي حالة بيع الحق المتنازع فيه إذا كان داخلاً ضمن مجموعة أموال بيعت جزافاً بثمن واحد ، وهو بعد ذلك يوهم من سياق عبارته أن الحق المتنازع فيه لا يكون إلا حقاً شخصياً : أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 204 ) .
( [323] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 437 – 438 ( مطابقتان للمادتين 469 – 470 من التقنين المدني المصري ، فيما عدا أن المادة 438 سوري لم تورد الحالة الأخيرة من الحالات الاستثنائية : أنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 278 – فقرة 289 ) .

التقنين المدني الليبي م 458 - 459 ( مطابقتان للمادتين 469 – 470 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 593 – 594 ( مطابقتان للمادتين 469 – 470 من التقنين المدني المصري – أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 354 – فقرة 361 – الأستاذ عباس حسن الصواب ص 605 ص 625 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 281  /  2 : يصح التفرغ عن حق متنازع عليه أقيمت دعوى الأساس في شأنه بشرط أن يرضى المديون الذي تفرغ الدائن عن دينه . وتبقى مفاعيل هذا التفرغ خاضعة من حيث الصلاحية لأحكام المادة الثالثة من القانون الصادر في 17 شباط سنة 1928 . على أنه لا يمكن التخلص من التفرغ له حين يكون لديه سبب مشروع في إحرازه الحقوق المتنازع عليها ، كأن يكون وارثاً من المتفرغ أو شريكاً له في ملك أو دائناً له .

( والتقنين اللبناني أقرب إلى التقنين الفرنسي منه إلى التقنين المصري ) .
( [324] )          نقض مدني 15 يناير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 256 ص 517 .
( [325] )          ويذهب بودري وسينيا إلى أن فكرة المضاربة لا تكفي وحدها لتبرير حق الاسترداد من المضارب ، فالمضاربة ليست في ذاتها شراً محضاً حتى ينتصب القانون لمحاربتها . وإذا كانت المضاربة في بعض الحالات نطوي على استغلال وتعسف ، فهي في حالات أخرى ينتج عنها الخير ، إذ يقع أن صاحب الحق المتنازع فيه لا يكون عنده من الوسائل ما يحصل به على حقه فيبيعه لمن هو أقدر منه على ذلك ، فيصل إلى الكثير من حقه وكان يفقده كله لولا هذه المضاربة . وإنما يبرر حق الاسترداد مصلحة اجتماعية أعلى من الضرب على أيدي المرابين ، هي وضع حد للمنازعات والقضايا . فإن الحق المتنازع فيه إذا استرده المدين ممن اشتراه فقد وضع بذلك حداً للنزاع وحسم الخصومة ، ولم يخسر المشتري شيئاً فقد استرد ما دفعه ، والقانون ينشد دائماً فض المنازعات أو تقليلها بقدر الإمكان ( بودري وسينيا فقرة 914 ص 934 ) .

وإذا استرد المدين الحق المتنازع فيه بدفع ثمنه للمشتري ، فإن الأمر يؤول إلى وضع شبيه بما إذا تصالح صاحب الحق مع مدينه على أن يأخذ منه مبلغاً أقل من قيمة الحق ، وهذا المبلغ هو الذي ارتضاه صاحب الحق عندما باع به حقه . فكأن المدين دفع لصاحب الحق – يمثله المشتري خلفه - القيمة التي ارتضاها صاحب الحق نفسه ، وذلك لفض النزاع . فالأمر في صورته استرداد ، وفي حقيقته ضرب من الصلح .
( [326] )          وقد حسم هذا النص خلافاً كان قائماً في عهد التقنين المدني السابق ، إذ كان هناك رأي يذهب إلى أن الحق لا يكون متنازعاً فيه إلا إذا رفعت به دعوى ، وفي فرنسا نص التقنين المدني الفرنسي ( م 1700 ) يجعل هذا المعنى متعيناً . أما نص التقنين المدني المصري الجديد فصريح في المعنى العكسي ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 204 ) . أما من حيث تحريم شراء الحق المتنازع فيه على عمال القضاء ، ففي فرنسا ( م 1597 مدني فرنسي ) كما في مصر يكفي أن يقوم في الحق نزاع جدي ولو لم ترفع به دعوى ( بودري وسينيا فقرة 263 ) .

ولا يكون الحق متنازعاً فيه إذا لم يقم في موضوعه نزاع جدي ، حتى لو رفعت به بعد ذلك دعوى لم تكن منتظرة ( بودري وسينيا فقرة 265 ) – وصعوبة التنفيذ بالحق لا تجعله متنازعاً فيه . أما النزاع في مرتبة الحق فتجعل له هذا الوصف ( اوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً ص 175 – بودري وسينيا فقرة 264 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 325 ) – والنزاع في تأمينات الحق لا يجعله حقاً متنازعاً فيه إلا إذا كان هذا النزاع من شأنه أن يجعل الحق غير مستطاع التنفيذ ، وكذلك النزاع في براءة اختراع لا يجعل المتجر متنازعاً فيه إلا إذا كانت هذه البراءة هي العنصر الجوهري في المتجر ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 318 ص 403 ) .

ومعرفة ما إذا كان هناك نزاع جدي في موضوع الحق مسألة واقع يبت فيها قاضي الموضوع ، ولا معقب عليه في ذلك من محكمة النقض ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 203 ) .
( [327] )          وقد قضت محكمة النقض بأن شراء الدين من غير ضمان بأقل من قيمته لا يعتبر معه الدين متنازعاً فيه بالمعنى المقصود في المادة 354 مدني ( قديم ) ، إذ يجب لاعتبار الحق المبيع من الحقوق المتنازع فيها أن يكون قائماً بشأنه ، وقت التنازل عنه ، خصومة أمام القضاء وأن يكون النزاع فيها منصباً على أصل الحق ( le fond de droit ) ؛ أي متعلقاً بوجوده أو بطريقة التخلص منه كالسداد أو السقوط بمضي المدة . فكل العراقيل التي تعترض السداد بفعل المدين ، كالدفع بعدم الاختصاص أو بعدم وجود صفة للمدعى ، لا يعتبر معها الدين متنازعاً فيه ، لأنها غير متعلقة بأصله ( نقض مدني 7 أبريل سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 109 ص 317 ) .
( [328] )          استئناف مصر أول مايو سنة 1946 المجموعة الرسمية 47 رقم 231 – والنزاع يقوم في موضوع الحق إذا تعلق بوجوده أو بانقضائه أو بمداه أو بمقداره ، أو إذا دفع الحق بدفع موضوعي يرمي إلى رفضه نهائياً كالدفع بالتقادم ( أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً ص 178 – ص 179 - بودري وسينيا فقرة 922 ) .
( [329] )          محكمة مصر 27 أكتوبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 264  /  3 ص 371 – أوبري ورو 5 فقرة 359 مكررة رابعاً ص 180 – بودري وسينيا فقرة 260 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 319 ص 401 – كولان وكابيتان 2 فقرة 978 .
( [330] )          والعبرة في حوالة الحق المتنازع فيه بقيام النزاع وقت الاتفاق على الحوالة لا وقت إعلان المدين ( أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً هامش رقم 1 – بودري وسينيا فقرة 917 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 320 ) . وإذا قبل المدين حوالة حق ينازع فيه وكان قبوله دون تحفظ ، لم يجز له الاسترداد .
( [331] )          أنظر من الرأي الأول جيوار 2 فقرة 893 – أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً هامش رقم 15 – بلانيول وريبير هامل 10 فقرة 318 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 608 = وأنظر من الرأي الثاني بودري وسينيا فقرة 938 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 421 .

ويستوي في جواز حق الاسترداد أن يعلم المشتري بقيام النزاع في الحق أو لا يعلم ، إلا أنه إذا كان لا يعلم بقيام النزاع جاز له الرجوع أيضاً بالضمان على البائع ( قارن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 204 ) .
( [332] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 317 – هذا إلى أنه لا يوجد مقابل للحق يدفعه المدين إذا هو استعمل حق الاسترداد ، ولا يجوز أن يسترد بدون مقابل فإن صاحب الحق لم يقصد أن يتبرع له هو .
( [333] )          أوبرى ورو 5 فقرة 359 رابعاً هامش رقم 14 - بودري وسينيا فقرة 932 – بلانيول وريبير وهامل 10 قرة 317 ص 402 .
( [334] )          بودري وسينيا فقرة 933 – كولان وكابيتان 2 فقرة 980 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 406 – عكس ذلك الأستاذ أنور سلطان فقرة 420 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 118 ص 271 .
( [335] )          وإن كان هذا هو الغالب . ويجوز الاسترداد حتى لو كان البيع قضائياً في المزاد ( جيوار 2 فقرة 891 – أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً ص 177 وهامش رقم 14 – بودري وسينيا فقرة 936 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 317 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 430 - الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 118 ص 271 – وقارن كولان وكابيتان 2 فقرة 982 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 406 - وأنظر في عدم جواز الاسترداد إذا وكل صاحب الحق المتنازع فيه شخصاً آخر في قبض الحق من المدين في مقابل جزء من هذا الحق كولان وكابيتان 2 فقرة 980 ص 645 .
( [336] )          بودري وسينيا فقرة 934 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 317 – قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 420 – والأستاذ منصور مصطفى منصور ص 271 هامش 4 – والأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 620 هامش رقم 4 .

ويمكن إيراد مثل آخر للصلح على النحو الآتي : دائن بألف وله مدينان متضامنان ينازعانه في الدين ، فاصطلح مع أحدهما على ثمانمائة وتقاضاها منه . فإذا رجع المدين الذي وفى الدائن على المدين الآخر ، كان لهذا المدين الآخر أن يسترد حصته في الدين – وهي خمسمائة – بما يقابلها في مبلغ الصلح بأربعمائة . وقد وصل التقنين المدني الجديد إلى هذه النتيجة عن طريق آخر ، فجعل للمدين المتضامن الآخر أن يستفيد من الصلح ، إذ نص في المادة 294 منه على أنه " إذا تصالح الدائن مع أحد المدينين المتضامنين وتضمن الصلح الإبراء من الدين أو براءة الذمة منه بأية وسيلة أخرى ، استفاد منه الباقون " .
( [337] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 320 ص 407 .
( [338] )          وإذا كان هناك مدينون متضامنون متعددون ، جاز لكل منهم أن ستعمل حق الاسترداد ، ويرجع على الباقين كل بقدر حصته ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 318 ص 403 ) – ويجوز الخلف المدين ، كالوارث ، أن يستعمل حق الاسترداد ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 321 ) . ويجوز لدائن المدين أن يستعمل باسمه حق الاسترداد .
( [339] )          ولا يجوز أن يكون طلب الاسترداد طلباً احتياطياً ، بأن يطلب المدين طلباً أصلياً الحكم بعدم صحة الدين أو بانقضائه مثلاً وطلباً احتياطياً باسترداده من المشتري ، لأن الاسترداد على هذا النحو يكون استرداداً لحق غير متنازع فيه إذ هو لا يقوم إلا بعد تصفية النزاع وإقرار الدين قضاء . هذا إلى أن الطلب الاحتياطي ليس من شأنه أن يضع حداً للخصومة ، إذا هو لا يوجد إلا بعد القضاء فيها ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1935 م 49 ص 155 - أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً ص 180 - بودري وسينيا فقرة 940 – بالنيول وريبير وهامل 10 فقرة 321 ص 408 ) .

وقد قضت محكمة النقض بأن المادة 354 ( قديم ) لا تخول المدين الحق في استرداد الدين المبيع بعرض الثمن على المشتري إلا إذا كان ذلك حاصلاً بصفة أصلية وبغير منازعة في أصل الدين رغبة في إنهاء الخصومة صلحاً على هذا الأساس ( نقض مدني 7 أبريل سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 109 ص 317 ) .

ولو كان الحكم مما يجوز الطعن فيه بطريق عادي ، وقبل الحكم طلب المسترد الاسترداد بصفة احتياطية ، جاز له ذلك ، لأنه حتى بعد صدور الحكم يبقى الحق متنازعاً فيه ( الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 119 ص 272 ) .
( [340] )          وإذا نازع المشتري في صحة الاسترداد ، رفع الدين دعوى عليه يطلب فيها الحكم بصحة الاسترداد .
( [341] )          بودري وسينيا فقرة 950 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 424 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 407 ص 595 – قارن أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً ص 180 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 321 ص 408 – كولان وكابيتان 2 فقرة 983 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 610 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 291 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 240 ص 458 .
( [342] )          وإذا كان البائع قد منح المشتري أجلاً للوفاء بالثمن ، فللمسترد أن يستفيد من هذا الأجل ، ولكن للقضاء أن يلزمه بتقديم تأمين كاف يضمن السداد ( بودري وسينيا فقرة 944 – بلانيول وريبير وهالم 10 فقرة 321 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 423 ص 406 .

وإذا باع المشتري الحق قبل استعمال حق الاسترداد ، فالمتنازل ضده يستعمل حق الاسترداد ضد المشتري من المشتري لا ضد المشتري ، ويدفع له الثمن الذي اشترى به سواء كان أكثر من الثمن الأول الذي دفعه المشتري للبائع أو أقل . ذلك أن الاسترداد لست له مدة مقررة قانوناً يجب أن يستعمل في خلالها ، فيجوز استعمال هذا الحق في أي وقت إلى أن يحسم النزاع في شأن الحق . وعند استعماله يوجه لمن كان الحق منتقلاً إليه وقت الاستعمال ، سواء كان المشتري أو مشترياً منه أو مشترياً ثالثاً أو مشترياً بعد ذلك ( بودري وسينيا فقرة 945 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 320 ص 407 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 423 ص 406 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 240 ص 457 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 119 ص 273 – وأنظر عكس ذلك فيدفع المسترد للمشتري الثاني الثمن الذي دفعه المشتري الأول للبائع : ديمولومب 16 فقرة 110 – جيوار 2 فقرة 903 – أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً هامش 32 مكرر ثالثاً ) .
( [343] )          وإذا كان املشتري قد دفع رسوماً أكبر بسبب المبالغة في الثمن ، لم يكن له أن يرجع على المسترد بما زاد من هذه الرسوم ( الأٍتاذ أنور سلطان فقرة 423 ص 406 – 407 ) .
( [344] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 321 ص 408 .
( [345] )          وقد رأينا أنه إذا كان الحق المتنازع فيه حقاً شخصياً حول إلى آخر ، وقبل المدين الحوالة دون تحفظ ، سقط حقه في الاسترداد ( أنظر آنفاً فقرة 105 في الهامش ) . أما إذا احتفظ المدين بحقه في الطعن في الدين عند قبوله الحوالة ، جاز له بعد ذلك أن يسترده ( استئناف مصر 27 ديسمبر سنة 1928 المجموعة الرسمية 30 رقم 24  /  2 ص 61 ) .

وإذا حول المجني عليه في جريمة حقه في التعويض إلى آخر ، جاز للمتهم أن يسترد الحق مع بقائه منكراً ارتكاب الجريمة ومنكراً استحقاق المجني عليه بالتعويض ( هيك 2 فقرة 663 - بودري وسينيا فقرة 951 ) .
( [346] )          لكن إذا باع المشتري الحق من مشتر ثان ، فقد قدمنا أن الاسترداد يوجه إلى المشتري الثاني بالثمن الذي دفعه للمشتري الأول ، فلا يسقط تصرف المشتري الأول في الحق بالبيع ( أنظر آنفاً فقرة 106 في الهامش ) .
( [347] )          قارن الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 120 ص 276 – ص 277 .
( [348] )          قارن الأستاذ سليمان مرقس فقرة 292 – والأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 242 .
( [349] )          أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً ص 182 – بودري وسينيا فقرة 955 – عكس ذلك بلانيول ويبير وهامل 10 فقرة 322 ص 409 - وقارن الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 118 ص 270 – وأنظر آنفاً فقرة 105 في الهامش .
( [350] )          بودري وسينيا فقرة 958 – وما ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد في حاجة إلى التحرير ، فقد ورد ما يأتي : " وإذا كان الحق المتنازع فيه حقاً شخصياً ، فاسترداده يمكن تكييفه على أنه شراء للحق من الدائن ، ثم انقضاء الحق بعد ذلك باتحاد الذمة . وإذا كان الحق عينياً ، فاسترداده يكون شراء فيه معنى الصلح " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 205 ) . والصحيح ما قررناه . أنظر في معنى المذكرة الإيضاحية الأستاذ سليمان مرقس فقرة 289 ص 475 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 238 ص 455 .

وفقر الأستاذ عبد المنعم البدراوي فيما ذكره في هذا الصدد إذ يقول : " الاسترداد لا يعدو أن يكون وسيلة لإبراء ذمة المدين . . ليس من أثر الاسترداد إنشاء علاقة مباشرة بين البائع والمسترد ، فلا يستطيع البائع مطالة المسترد بالثمن بدعوى مباشرة ، وإنما يرجع عليه باستعمال دعوى مدينه أي المشتري المتنازل إليه . ثم إن المسترد لا يعتبر أنه تلقى حقاً من المشتري الذي استعمل خيار الاسترداد في مواجهته ، لأن كل ما يترتب على الاسترداد هو انتهاء الدين إذا كنا بصدد حوالة أو زوال النزاع الذي ثار حول الحق العيني محل التنازل . وهلذا إذا تعلق الاسترداد بحق عيني عقاري ، فليس من الواجب تسجيله . والخلاصة أنه نظراً للطبيعة الخاصة لخيار استرداد الحق المتنازع فيه ، فإن المسترد لا يعتبر خلفاً خاصاً للبائع ( المتنازل ) ولا المشتري ( المتنازل إليه ) لأننا بصدد حق متنازع فيه كان المسترد نفسه طرفاً فيه " ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 409 ص 597 – ص 598 ) .
( [351] )          بودري وسينيا فقرة 944 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 320 ص 407 .
( [352] )          ويستطيع البائع أن يرجع على المسترد بالثمن عن طريق الدعوى غير المباشرة باستعمال حق مدينه المشتري قبل مدين الدين وهو المسترد . ويذهب الفقه في فرنسا ، وفقاً لتقاليد القانون الفرنسي القديم ، إلى أن البائع يستطيع أن يرجع أيضاً بدعوى مباشرة على المسترد ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 322 ص 409 – كولان وكابيتان ، فقرة 984 – وأنظر في هذا المعنى : الأستاذ سليمان مرقس فقرة 292 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 242 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 627 هامش رقم 1 ) . ونرجح الرأي الذي ذهب إليه الأستاذ عبد المنعم البدراوي من أن البائع لا يستطيع مطالبة المسترد بالثمن بدعوى مباشرة ( فقرة 409 وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ) ، لأن الدعوى المباشرة لا تكون إلا بنص ، ولا يوجد نص هنا يجعل للبائع أن يرجع بدعوى مباشرة على المسترد .
( [353] )          وهي مذكورة على سبيل الحصر ، ففي غيرها يجوز الاسترداد دائماً ( لوران 24 فقرة 610 – جيوار 2 فقرة 897 – بودري وسيننا فقرة 960 ) .
( [354] )          أو شركة ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 3239 .
( [355] )          ومن ثم لا يجوز الاسترداد حتى لو كان الحق مملوكاً لأربعة أشخاص مثلاً ، وباع واحد منهم نصيبه لأحد الشركاء الثلاثة . فبالرغم من أن الحق لا يزال شائعاً بين الثلاثة ، إلا أن فكرة القسمة لا تنتفي ، وهذا البيع خطوة نحوها .

ويلاحظ أنه في الحالة نحن بصددها – بيع أحد الشركاء نصيبه لشريك آخر – يمنع الاسترداد ، فوق انتفاء فكرة المضاربة ، اعتبار آخر هو أن الاسترداد لا يمنع من استمرار المنازعة والخصومة ، إذ أنه لا يؤدي إلى أكثر من استرداد نصيب البائع ، ويبقى الشريك الآخر بنصيبه المتنازع فيه مستمراً في الخصومة .
( [356] )          بوردي وسينيا فقرة 962 .
( [357] )          ولكن قد يعمد الطرفان إلى التحايل ، فينشئان ديناً صورياً لأحدهما على الآخر ، ثم ينزل المدين للدائن عن حق له متنازع فيه وفاء لهذا الدين الصوري . فالاسترداد هنا يجوز ، لأن الصفقة أرديت بها المضاربة وقد أخفيت تحت ستار هذا الدين الصوري .
( [358] )          بودري وسينيا فقرة 965 .
( [359] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 323 ص 410 – جوسران 2 فقرة 815 ص 442 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 430 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 410 ص 599 – الأستاذ منصور مصطفى فقرة 118 ص 270 .

ويورد التقنين المدني الفرنسي ، وعلى غراره أورد التقنين المدني المصري السابق ، لتقرير هذه الحالة الرابعة ، عبارات غامضة لا يستبين منها في وضوح غرض المشرع : أنظر في نص التقنين المدني الفرنسي كولان وكابيتان 2 فقرة 981 ، وفي مثل مناسب لعبارة التقنين المدني المصري السابق وهي عبارة غامضة الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 616 .
( [360] )          أنظر في الحالات الاستثنائية الأربع المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 204 .
( [361] )          تاريخ النصوص :

م 471 : ورد هذا النص في المادة 637 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا فروقاً لفظية ، زالت في لجنة المراجعة ومجلس النواب ، وأصبح النص رقمه 498 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 471 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 200 - ص 202 ) .

م 472 : ورد هذا النص في المادة 638 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا فروقاً لفظية ، زالت في لجنة المراجعة ، وأصبح النص رقمه 499 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 472 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 202 – ص 203 وص 206 ) .
( [362] )          التقنين المدني السابق 257  /  324 : لا يجوز للقضاة أو وكلاء الحضرة الخديوية وكتبة المحاكم والمحضرين والأفوكاتية أن يشتروا ، بأنفسهم ولا بواسطة غيرهم ، لا كلا ولا بعضاً من الحقوق المتنازع فيها التي تكون رؤيتها من خصائص المحاكم التي يجرون فيها وظائفهم ، فإذا وقع ذلك كان البيع باطلاً . وفي هذه الحالة يكون البيع باطلاً أصلاً ، ويحكم ببطلانه بناء على طلب أي شخص له فائدة في ذلك ، ويجوز للمحكمة أن تحكم بالبطلان من تلقاء نفسها .

( والأحكام متفقة في التقنين . ولم يرد في التقنين السابق نص خاص يتعامل المحامي في الحق المتنازع فيه إذا كان وكيلاً عن صاحب الحق ، ولكن المادة 257  /  324 كانت تعتبر كافية لتحريم شراء المحامي للحق أو جزء منه ، ويدخل في البيع الوفاء بمقابل إذا كان المحامي يأخذ مقابل أتعابه جزءاً من الحق المتنازع فيه ) .
( [363] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 439 – 440 ( مطابقتان للمادتين 471 – 472 من التقنين المدني المصري ) .

( وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 278 – فقرة 289 ) .

التقنين المدني الليبي م 460 - 461 – ( مطابقتان للمادتين 471 – 472 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 595 – 596 ( مطابقتان للمادتين 471 – 472 من التقنين المدني المصري - وأنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 362 – فقرة 369 – والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 611 – فقرة 612 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 380 : إن القضاة والمحامين والكتبة القضائيين ومعاونيهم لا يجوز لهم أن يشتروا بأنفسهم ولا بواسطة غيرهم الحقوق المتنازع عليها والداخلة في حيز اختصاص المحاكم التي يقومون بوظائفهم في دائرتها .

م 381 : إن زوجات الأشخاص المتقدم ذكرهم وأولادهم وإن كانوا راشدين يعدون أشخاصاً مستعمرين في الأحوال المنصوص عليها في المواد السابقة .

( والتقنين اللبناني يتفق في مجموع أحكامه مع التقنين المصري ، إلا أنه أغفل النص على إعفاء أعضاء النيابة والمحضرين كما أغفل النص على تحريم تعامل المحامي في الحق المتنازع فيه الموكول إليه الدفاع عنه ، وأقام قرينة قانونية على أن الزوجة والولد يعتبران اسماً مستعاراً ) .
( [364] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وبيع الحقوق المتنازع فيها على هذا النحو خاصيتان : ( أ ) أنه لا يجوز إذا كان البيع لعمال القضاء الذين يقع في اختصاصهم الفصل في النزاع . ( ب ) أنه يجوز إذا كان البيع لغير عمال القضاء المتقدم ذكرهم ، ولكن يستطيع من عليه الحق أن يتخلص منه إذا هو رد للمشتري الثمن والمصروفات والفوائد . وقد ربط المشروع هاتين الخاصتين إحداهما بالأخرى لما بينهما من العلاقة الظاهرة ، بخلاف التقنين الحالي ( السابق ) فقد فصل موضوع استرداد الحق المتنازع فيه ( م 354 – 355  /  442 – 443 ) عن موضوع تحريم بيعه لعمال القضاء ( م 257  /  324 ) " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 203 ) .

وجاء في مكان آخر من المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وحكم بيع الحق المتنازع فيه من حيث جواز الاسترداد قد يتدخل في حكم هذا البيع من حيث تحريمه على عمال القضاء . فإذا باع الدائن حقاً متنازعاً فيه لأحد عمال القضاء ، كان البيع باطلاً بطلاناً مطلقاً كما تقدم ، ولا يكون للمدين في هذا البيع الباطل أن يتخلص من الدين بدفع الثمن والمصروفات والفوائد . أما العكس فجائز ، ويكون لعامل القضاء الذي ينازع في دين أن يتخلص منه إذا باعه الدائن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 205 ) .
( [365] )          أنظر في هذا المعنى الأستاذ أنور سلطان فقرة 436 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 106 – الأستاذ محمد كامل مرسي ص 467 وهامش 2 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 128 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 124 ص 283 – وأنظر عكس ذلك : أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً هامش 12 – جيوار فقرة 142 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 229 .
( [366] )          ولكن لا يمتنع على عمال القضاء بيع حق لهم متنازع فيه ، لأن البيع بعكس الشراء يقع صلتهم بالحق ويبعد عنهم الشبهات ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 103 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 124 ص 182 ) .
( [367] )          فالحق المتنازع فيه معناه واحد من حيث الاسترداد ومن حيث تحريم شراؤه على عمال القضاة ، ومن ثم يكفي ليكون الحق متنازعاً فيه في الحالتين أن يقم في شأن موضوعه نزاع جدي ولو لم ترفع دعوى به أمام القضاء ( قارن الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 123 ص 279 ) . وقد قضت محكمة النقض بأن المادة 257 مدني ( 471 جديد ) التي تحريم على القضاء وغيرهم شراء الحقوق المتنازع فيها تفيد عبارتها اشتراط أن يكون التنازع على الحق قائماً بالفعل وقت الشراء ومعروفاً للمشتري ، سواء أكان مطروحاً على القضاء أم لم يكن طرح بعد . وإذن فلا يكفي لإبطال البيع أن يكون الحق المبيع قابلاً للنزاع ومحتملاً أن ترفع بشأنه دعوى . ومحكمة الموضوع ، إذ تفصل في وصف كون الوقائع التي أثبتتها وقررتها مؤدية أو غير مؤدية إلى اعتبار الحق متنازعاً فيه ، إنما تفصل في مسألة القانونية هي توافر ركن من الأركان القانونية للمادة 257 مدني ( 471 جديد ) أو عدم توافره . وإذن فعملها في هذا خاضع لرقابة محكمة النقض ( نقض مدني 26 أبريل سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 178 ص 389 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأن النزاع في الحق المانع من البيع الذي نصت عليه المادة 257 مدني ( 471 جديد ) يجب أن يكون قائماً فعلاً أو محتملاً وقت التعاقد ، فكل نزاع يجد أو ينشأ بعد التعاقد الأسباب لم تكن ظاهرة ولا كانت في حساب المتعاقدين وقت التعاقد لا يصح أن يكون حائلاً دون البيع للأشخاص الذين ذكرهم القانون ( استئناف مصر 11 مايو سنة 1939 المجموعة الرسمية 41 رقم 82 ) .
( [368] )          لا يدخل الخبراء ولو كانوا مقيدين في الجدول ( استئناف مختلط 26 يناير سنة 1932 م 44 ص 141 ) .
( [369] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 205 .
( [370] )          ولا يدخل مستشارو الرأي والتشريع في مجلس الدولة والأعضاء الفنيون بهذين القسمين والموظفون الفنيون بوزارة العدل ، فكل هؤلاء ليست لهم ولاية القضاء . كذلك لا يدخل المحكمون ، فهؤلاء لا يسمون " قضاة " .
( [371] )          غير أن محكمة استئناف مصر قضت بأن وكلاء النيابة بالمحاكم الجزئية يعتبرون في حكم من يؤدون وظائفهم في دائرة المحكمة الكلية كلها ، لأن المحاكم الجزئية ليست محاكم مستقلة بذاتها ، بل هي محاكم متفرعة عن المحاكم الكلية الرئيسية ، ووكلاء النيابة والقضاة فيها معينون أصلاً في المحاكم الكلية ثم يندبون للعمل في الجزئيات ( استئناف مصر 13 يونيه سنة 1933 المحاماة 14 رقم 130 ص 241 ) .
( [372] )          أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً ص 184 – بودري وسينيا فقرة 260 - عكس ذلك ماركاديه م 1598 فقرة 1 .
( [373] )          ومع ذلك فقد ذهب رأي إلى قصر المنع على حالة ما إذا كان المشتري محامياً عن أحد المتنازعين ( الأستاذ فتحي زغلول ص 226 ) ، وذهب رأي آخر إلى قصر المنع على المحاكم التي يترافع فيها المحامي بصفة مستمرة ( الأستاذ حلمي عيسى فقرة 902 ) أو المحكمة التي يباشر عمله فعلاً في دائرتها ( الأستاذ إسماعيل غانم ص 42 – ص 43 ) ، غير أن هذه الآراء يعوزها سند من القانون ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 225 هامش 1 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 433 ص 413 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 105 ص 146 – ص 147 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 125 ص – 184 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 123 ص 281 ) .
( [374] )          وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا تبين وقت تحويل السند أن المحامي لم يكن يعلم بأنه موضوع نزاع ، جاز التحويل له ، ولا يمكن أن ينسب إليه أنه اشترى ديناً متنازعاً فيه ( 25 يونيه سنة 1924 المحاماة 5 رقم 26  /  2 ج 19 ) .
( [375] )          كأن يشتري باسم زوجه أو ولده أو قريب له أو صديق . ويجوز إثبات الشراء باسم مستعار بجميع الطرق ، ويدخل في ذلك البينة والقرائن ، وقد وضع تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 381 ) قرينة قانونية على أن الشراء باسم الزوجة أو باسم الأولاد ولو كانوا راشدين هو شراء باسم مستعار ( أنظر آنفاً فقرة 109 في الهامش ) .
( [376] )          ويسري التحريم والبطلان المطلق على الوفاء بمقابل والمقايضة كما يسري على البيع ، لأن كلاً من الوفاء بمقابل والمقايضة تسري عليه أحكام البيع ( أنظر الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 124 ص 282 ) .
( [377] )          ومن ثم فقد قيل إن عامل القضاء لا يسترد ما دفعه من الثمن في شراء الحق المتنازع فيه لأن الطرف الملوث ، ولكن هذه النظرية القديمة قد هجرت ، وما دام البيع باطلاً لا يترتب عليه أثر فإنه يسترد ما دفعه .

وفي فرنسا نص على عدم جواز شراء عامل القضاء للحق المتنازع فيه ، دون أن يصرح النص بالبطلان كما صرح نص التقنين المدني المصري ، فانقسم الفقه الفرنسي بين قائل ببطلان البيع وقائل بقابليته للإبطال . فمن القائلين بالبطلان : لوران 24 فقرة 63 – جيوار 1 فقرة 140 - هيك 10 فقرة 55 . ومن القائلين بالقابلية للإبطال : ديمولومب 29 فقرة 69 – أوبري ورو 5 فقرة 359 رابعاً ص 175 وهامش 9 – بودري وسينيا فقرة 266 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 327 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2337 – جوسران 2 فقرة 1031 .
( [378] )          أما تعامل المحامي الباطل في الحق المتنازع فيه فيكون محل مؤاخذة تأديبية ( أنظر الأستاذ سليمان مرقس فقرة 107 ص 149 ) .
( [379] )          استئناف مختلط 20 ديسمبر سنة 1905 م 18 ص 66 – وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " زاد المشروع بأن ذكر تطبيقاً خاصاً لبيع الحق المتنازع فيه لعمال القضاء ، هو التطبيق الكثير الوقوع في العمل ، وهو تعامل المحامي مع موكله في الحق المتنازع فيه إذاك أن هو الذي تولى الدفاع عنه – pacte de quota litis – سواء أكان التعامل بالبيع أم بغيره ، وسواء تعامل المحامي باسمه أو باسم مستعار : م 638 من المشروع وهي منقولة عن المشروع الفرنسي الإيطالي م 333  /  3 ، ولا نظير لها في التقنين الحالي ( السابق ) . ويلاحظ أنه يجوز ، بعد إنتهاء النزاع ، أن يتعامل الموكل مع المحامي في الحق الذي كان متنازعاً فيه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 205 ) .
( [380] )          استئناف مصر 29 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 242 ص 328 – استئناف مختلط 26 يونيه سنة 1917 م 29 ص 515 – 21 يناير سنة 1943 م 55 ص 34 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 232 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 437 ص 416 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 125 .

وإذا كان التقنين المدني الأسبق لم يشتمل على نص صريح في تحريم تعامل المحامي في الحق المتنازع فيه الموكل في النزاع بشأنه ، فقد أشتمل قانون المحاماة رقم 135 لسنة 1935 على هذا النص ، إذ تقضي المادة 43 من هذا القانون بما يأتي : " وليس له على كل حال أن يبتاع كل أو بعض الحقوق المتنازع عليها ، أو أن يتفق على أخذ جزء منها نظير أتعابه ، أو على أجر يتسبب إلى قيمة ما هو مطلوب في الدعوى أو ما يحكم به فيها . وعلى كل حال لا يجوز له أن يعقد اتفاقاً على الأتعاب من شأنه أن يجعل له مصلحة في الدعوى " .
( [381] )          ولا يوجد في التقنين المدني الفرنسي نص يماثل المادة 472 من التقنين المدني المصري ، ولكن الفقه الفرنسي يحرم تعامل المحامي في الحق المتنازع فيه تطبيقاً للمادة 1597 مدني فرنسي هي التي تماثل المادة 471 مدني مصري ( بودري وسينيا فقرة 268 ) .
( [382] )          البدائع للكاساني 5 ص 201 – ص 205 .
( [383] )          فلو أن السلم في الفقه الإسلامي تحلل من هذه القيود ، وأمكن تأجيل دفع الثمن إلى وقت تسلم المبيع ، ولم يشترط عدم انقطاع المبيع من وقت البيع إلى وقت حلول الأجل حتى يجوز بيع محصول بالذات ، لأمكن القول إن السلم هو الطريق الذي يؤدي إلى جواز بيع المعدوم في الحال في الفقه الإسلامي ما دام أنه محقق الوجود في المآل . وقد سارت المذاهب الأخرى غير المذهب الحنفي ، كما رأينا ، شوطاً في محو هذه القيود . فعند مالك لا يشترط قبض رأس المال في مجلس العقد إذا كان رأس المال عيناً لا ديناً . ولا يشترط عند مالك والشافعي عند انقطاع المسلم فيه من وقت العقد إلى وقت حلول الأجل ، بل يصح السلم في المعدوم إذا غلب على الظن وجوده وقت الوفاء .

ومع ذلك فالقيد الذي لا يزال مستعصياً ، في مختلف المذاهب ، هو شرط تعجيل الثمن إذا كان ديناً ، ويضاف إليه أن الأجل يسقط بموت البائع .
( [384] )          أنظر المادة 73 من التقنين التجاري – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 284 .
( [385] )          فهو ضرب من بيوع الائتمان ، خاصيته أن المبيع لا الثمن هو المؤجل .
( [386] )          الوسيط جزء أول فقرة 223 .
( [387] )          ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بألا ضرورة لذكر حدود الأطيان ما دام للمتعاقدين علم تام بموقع وحدود هذه الأطيان ( 18 فبراير سنة 1914 الشرائع 1 رقم 277 ص 149 ) . وقضت أيضاً بأنه يكفي لتعيين الأرض المبيعة ذكر الناحية والحوض ورقم القطعة دون بيان حدود الأرض ( 28 فبراير سنة 1922 المحاماة 2 رقم 122  /  1 ص 486 ) .
( [388] )          وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص يقرر كيفية تعيين المبيع المعين بالنوع فقط ، وهو المادة 558 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " إذا لم يتعين الشيء المبيع إلا بنوعه ، وجب أن يكون هذا الشيء معيناً تعييناً كافياً ، عدداً أو وزناً أو كيلاً أو مقاساً " . ويقابل هذا النص المادة 261  /  328 من التقنين المدني الأسبق ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " فإذا كان المبيع معيناً بالنوع فقط ، لا يكون البيع معتبراً إلا إذا كان التعيين يطلق على أشياء يقوم أحدها مقام الآخر ، وكان المبيع معرفاً بالوجه الكافي عدداً أو قياساً أو وزناً أو كيلاً بحيث يكون رضاء المتعاقدين المبني عليه صحيحاً " . ولا فرق في الحكم بين النصين وقد حذف نص المشروع التمهيدي في لجنة المراجعة لأن حكمه مستفاد من القواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 14 – ص 15 في الهامش ) .
( [389] )          بودري وسينيا فقرة 152 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 301 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 853 – فقرة 860 – ويصح تبعاً للعرف أن يكون إثبات إفراز المبيع بوضح علامة على أكياس القطن مثلاً . وتكون مصروفات الوزن والكيل والمقاس والعد عادة على البائع ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 301 ص 376 ) .

وقد يتم التقدير بغير محضر المشتري أو نائبه ، كما إذا تم الوزن بميزان معتمد ( القبان ) وجرى العرف بذلك ، أو سلم المبيع إلى عامل النقل فإن هذا التسليم يستخلص منه اتفاق ضمني بين البائع والمشتري على أن التقدير يتم بتسليم المبيع إلى عامل النقل ، وهذا ما لم يشترط المشتري أن التسليم لا يتم إلا بعد وصول البضاعة إليه وتسلمها من عامل النقل . أنظر في هذه المسألة : أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 41 ثانياً – بودري وسينيا فقرة 152 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 301 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 857 – فقرة 860 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 165 .
( [390] )          بودري وسينيا فقرة 153 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 299 ص 372 – ص 373 .
( [391] )          أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 43 – بودري وسينيا فقرة 153 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 157 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 49 ص 126 .
( [392] )          استئناف مصر 16 أبريل سنة 1930 المحاماة 11 رقم 22  /  3 ص 40 - شبين الكوم 22 أبريل سنة 1931 المحاماة 12 رقم 385  /  ب 1 ص 782 – استئناف مختلط 2 ديسمبر سنة 1903 م 16 ص 27 - 28 فبراير سنة 1912 م 24 ص 166 .
( [393] )          وإذا أخذنا بالرأي الأول في القانون الفرنسي ، فإن تبعة هلاك المبيع قبل تقدير الثمن تكون على البائع ولا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري إلا بعد تقدير الثمن . ومن القائلين بهذا الرأي : ماركاديه م 1585 – م 1586 فقرة 1 – فقرة 3 – هيك 10 فقرة 18 – بودري وسينيا فقرة 148 – فقرة 150 - أما إذا أخذ بالرأي الثاني ، فقبل تقدير الثمن يتحمل المشتري تبعة الهالك في القانون الفرنسي دون القانون المصري ، وتنتقل ملكية المبيع إلى المشتري في القانونين . ومن القائلين بهذا الرأي : أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 23 وهامش رقم 43 – جيوار 1 فقرة 30 – بيدان 11 فقرة 161 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 299 ص 372 – كولان وكابيتان 2 ص 560 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 157 – الأستاذان أحمد نجيت الهلالي وحامد زكي فقرة 533 . والقضاء الفرنسي أخذ بعد تردد بالرأي الثاني ( أنظر الأحكام في بلانيول وريبير هامل 10 ص 372 هامش 4 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 849 وفقرة 851 ) .

وهناك رأي في الفقه الفرنسي يذهب إلى أن المبيع إذا كان جزافاً والثمن هو الذي يحتاج إلى تقدير ، فملكية المبيع الجزاف تنتقل إلى المشتري بمجرد العقد ، ولكن تبعة الهلاك تكون على البائع وفقاً للمادة 1585 فرنسي فهي تجعل تبعة الهالك على البائع في المبيع بالتقدير ولا تعرض لانتقال الملكية ( ديرانتون 16 فقرة 92 – ديفرجيه 1 فقرة 83 وما بعدها – لوران 24 فقرة 139 – كولميه دي سانتير 7 فقرة 7 مكررة ثانياً ) .
( [394] )          تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 569 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - ينقل البيع من تلقاء نفسه ملكية الشيء المبيع وفقاً للمادة 280 إذا كان هذا الشيء معيناً بالذات . أما إذا كان الشيء لم يعين إلا بنوعه ، فلا تنتقل الملكية إلا بفرزه وفقاً للمادة 281 . 2 - إذا كان البيع جزافاً ، انتقلت الملكية إلى المشتري كما تنتقل في الشيء المعين بالذات . ويكون البيع جزافاً حتى لو كان واجباً في تحديد الثمن أن يقدر المبيع " . وفي لجنة المراجعة حذفت الفقرة الأولى لأنها مستفادة من القواعد العامة ، وأصبحت المادة رقمها 442 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب عليها ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 449 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 44 - ص 46 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 240  /  306 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : إذا كان البيع جزافاً فيعتبر تاماً ولو لم يحصل وزن ولا عدد ولا كيل ولا مقياس - والمادة 241  /  307 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : أما إذا كان البيع ليس جزافاً ، بل كان بالوزن أو بالعدد أو بالكيل أو بالمقاس ، فلا يعتبر البيع تاماً ، بمعنى أن المبيع يبقى في ضمان البائع إلى أن يوزن أو يكال أو يعد أو يقاس – والمادة 268  /  338 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : لا تنتقل ملكية المبيع المعين نوعه فقط إلا بتسليمه للمشتري . ويلاحظ أن التقنين المدني السابق وقع فيه خطآن : ( أولاً ) قرر أن المبيع المعين بالنوع لا يبقى في ضمان البائع إلا إلى وقت الفرز ، والصحيح أنه يبقى في ضمان البائع إلى وقت التسليم . ( ثانياً ) قرر أن المبيع المعين بالنوع لا تنتقل ملكيته إلا بالتسليم ، والصحيح أنها تنتقل بالعقد حتى لو تم التسليم . أنظر المذكرة الإيضاحية للمروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 46 .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 397 وهي مطابقة لنص المادة 429 من التقنين المدني المصري ( وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 85 - فقرة 87 ) – وفي التقنين المدني الليبي المادة 418 وهي مطابقة لنص المادة 429 من التقنين المدني المصري – وفي التقنين المدني العراقي المادة 531 ، وتجري على الوجه الآتي : إذا كان المبيع عيناً معينة بالذات أو كان قد بيع جزافاً ، نقل البيع من تلقاء نفسه ملكية المبيع ، وأما إذا كان المبيع لم يعين إلا بنوعه ، فلا تنتقل الملكية إلا بالإفراز ( والحكم واحد في التقنينين العراقي والمصري - أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 139 – فقرة 140 - والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 309 – فقرة 316 - ) وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد الآتية : م 374 – يكون البيع : 1 . إما جزافاً وهو الذي يكون موضوعه مجمل أشياء مقابل ثمن واحد مع قطع النظر عن العدد والوزن والقياس ، إلا إذا كان المراد منها تعيين مجموع الثمن . . م 389 – إن البيع جزافاً يعد تاماً منذ اتفاق المتعاقدين على المبيع والثمن ، وإن لم يحصل وزن أو عد أو قياس مما هو لازم لتعيين الثمن عند الاقتضاء - م 390 - إذا كان البيع بالوزن أو بالعد أو بالقياس ، فإن المبيع يبقى في ضمان البائع إلى أن يتم الوزن أو العد أو القياس . وأنظر أيضاً المادة 397 . ( والأحكام واحدة في التقنينين اللبناني والمصري ) .
( [395] )          فإذا وقع بين الجزاف على عقار ، كبيع قطعة أرض محددة تؤخذ من مجموع أكبر ، فإن الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل . وقد يباع العقار بالتقدير ، كما في بيع ألف متر مثلاً تفرز من قطعة أرض معينة ( استئناف مختلط 9 فبراير سنة 1905 م 17 ص 119 ) ، فلا تنقل الملكية إلا بعد الإفراز والتسجيل .
( [396] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 15 في الهامش .
( [397] )          فإذا باع شخص محصول أرضه جزافاً مرتين متعاقبتين لشخصين مختلفين ، فالبيع الأول هو الذي ينقل الملكية ، ويقدم على البيع الثاني ( استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1914 م 26 ص 230 ) .
( [398] )          فإذا باع شخص محصول أرضه بالتقدير لا جزافاً ، وبعد جني القطن ولكن قبل أن يوزن ليسلم للمشتري حجز عليه أحد دائني البائع ، فالحجز يقع صحيحاً ، لأن ملكية القطن لم تكن وقت توقيع الحجز قد انتقلت إلى المشتري ( استئناف وطني 30 يناير سنة 1917 الشرائع 4 رقم 142 ص 486 ) .
( [399] )          ويترتب أيضاً على أن البيع هو بيع بالتقدير أن المشتري إذا استولى على المبيع خفية بنية الإستيلاء عليه قبل التقدير يكون مرتكباً لجريمة السرقة ، وإذا أفلس البائع قبل التقدير دخل المبيع في التفليسة ، وإذا نزعت ملكية المبيع قبل التقدير للمنفعة العامة كان التعويض من حق البائع لا من حق المشتري ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 373 هامش رقم 4 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 86 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 165 ) . ويعتبر الاشتراك في المياه والغاز والنور وما إلى ذلك بيع جزاف آل بيع تقدير ، لأن الذي يحتاج إلى تقدير هو الثمن لا المبيع . ويترتب على ذلك أن المشتري يملك المياه والغاز والنور بمجرد التوريد ولا يتوقف ذلك على تقدير الكمية الموردة عن طريق العداد ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 851 ) .
( [400] )          وهذا بخلاف ما إذا باع عشرين أردباً وصفها بأوصاف مميزة ولم يقل إنها من القمح الموجود بالمخزن ، فإذا احترق المخزن بقى البائع ملتزماً بتسليم المشتري عشرين أردباً من القمح بالأوصاف المتفق عليها ، ولا يعد احتراق القمح في المخزن هلكاً للمبيع ( بودري وسينيا فقرة 149 ص 150 ) .
( [401] )          هيك 10 فقرة 16 – بودري وسينيا فقرة 149 - وتبقى الصعوبة العملية في تقدير الثمن ، وقد يكون متوقفاً على تقدير القمح وقد استحال لاحتراقه . وعلى البائع عبء إثبات مقدار القمح الذي احترق ليثبت مقدار الثمن المستحق في ذمة المشتري ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 300 ص 374 ) .
( [402] )          بودري وسينيا فقرة 151 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 300 ص 374 – ويعقد جوسران موازنة بين بيع المذاق وبيع التجربة وبيع التقدير . فبيع المذاق مجرد وعد بالبيع ، ينقلب بيعاً بارتضاء المبيع بعد المذاق . وبيع التجربة بيع معلق على شرط واقف أو شرط فاسخ ، ينقلب بيعاً باتاً بارتضاء المبيع بعد التجربة . وبيع التقدير بيع بات ، ولكن تنفيذه مرجأ إلى وقت تقدير المبيع ( جوسران 2 فقرة 1066 ) .
( [403] )          تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 560 من المشروع التمهيدي على وجه قريب مما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، بعض فروق لفظية . وقد أزيلت بعض هذه الفروق في لجنة المراجعة ، وأصبح النص رقمه 433 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 420 بعد إزالة بقية الفروق اللفظية ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 21 وص 23 – ص 24 ) .
( [404] )          التقنتينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 388 ( مطابقة للمادة 420 من التقنين المدني المصري - وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 46 – فقرة 54 ) .

التقنين المدني الليبي م 409 ( مطابقة للمادة 420 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 518 : 1 - الأشياء التي تباع على مقتضى نموذجها ، تكفي رؤية النموذج فيها . إن ثبت أن المبيع دون النموذج الذي اشترى على مقتضاه ، كان المشتري مخيراً بين قبوله بالثمن المسمى أو رده بفسخ البيع . 2 - فإذا تعيب النموذج أو هلك في يد أحد المتعاقدين ، ولو دون خطأ منه ، : أن على هذا المتعاقد بحسب ما يكون بائعاً أو مشترياً أن يثبت أن الأشياء مطابقة للنموذج أو غير مطابقة له .

( والأحكام واحدة في التقنينين العراقي والمصري ، فيما عدا أن جزاء عدم المطابقة للنموذج في القانون العراقي الفسخ أو الأخذ بالثمن المسمى ، أما في القانون المصري فالفسخ أو إنقاص الثمن أو إجبار البائع على تقديم شيء مطابق للعينة - أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 77 – 80 – الأستاذ عباس حسن الصراف ص 212 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : م 444 – إذا انعقد البيع بحسب نموذج فالبائع يضمن وجود صفات النموذج في البضاعة المبيعة . وإذا هلك أو ناله عيب ، فعلى المشتري أن يثبت عدم انطباق البضاعة عليه . ( والحكم يتفق مع حكم التقنين المصري ، فيما معدا أن عبء إثبات عدم المطابقة للنموذج في حالة هلاكه تقع دائماً ، في التقنين اللبناني ، على المشتري ولو كان النموذج في يد البائع وضاع أو تلف ، وفي التقنين المصري يكون عبء إثبات المطابقة في هذه الحالة على البائع ) .
( [405] )          أنظر البيع بالنموذج في الفقه الإسلامي ابن عابدين 4 ص 101 – الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 52 .
( [406] )          نقض مدني 9 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 349 ص 679 .
( [407] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 22 .
( [408] )          استئناف مختلط 23 يونيه سنة 1927 م 39 ص 571 .
( [409] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 305 .
( [410] )          نقض مدني 19 أبريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 116 ص 730 – استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1904 م 17 ص 44 .
( [411] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 305 .
( [412] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 305 ص 380 .
( [413] )          الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 108 ص 162 – ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المشتري إذا احتفظ بالعينة يكون هو المكلف بإثبات عدم مطابقة المبيع للعينة ( 12 أبريل سنة 1933 م 45 ص 235 ) . وقد فرقت محكمة الاستئناف المختلطة بين البيع على مقتضى عينة ( vente sur echantillon ) والبيع على أساس نموذج ( vente sur type ) ففي البيع الأول يجب أن يجئ المبيع مطابقاً كل المطابقة للعينة ، أما في البيع الثاني فيكفي أن يشتمل المبيع على العناصر الأساسية التي يقوم عليها النموذج حتى لو وجدت فروق بسيطة بين المبيع والنموذج ما دام المبيع صالحاً للغرض المخصص له ( استئناف مختلط 3 فبراير سنة 1909 م 21 ص 153 ) . وأنظر الأستاذ أنور سلطان ص 55 هامش 1 .
( [414] )          بلانيول وريبير هامل 10 فقرة 305 ص 380 .

هذا وليس المشتري ملزماً بمجرد تسلم البيع أن يضاهيه على العينة وأن يخطر البائع بعدم مطابقته لها في ظرف ثمان وأربعين ساعة من وقت تسلم المبيع ، فإن هذا الالتزام إنما يقوم فيما ين متسلم البضاعة أمين النقل والوكيل بالعمولة وفقاً لأحكام المادة 99 من التقنين التجاري ، وتقابل المادة 105 من التجاري الفرنسي ( كولان وكابيتان 2 فقرة 891 ص 596 ) .
( [415] )          ذلك إننا نعتبر العينة طريقاً من طرق تعيين المبيع كما سبق القول ، فالبيع بالعينة بيع بات ( أنظر الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 108 ) ، وليست مطابقة المبيع للعينة شرطاً واقفاً أو شرطاً فاسخاً يعلق عليه البيع حتى يقال إنه إذا لم تتحقق هذه المطابقة سقط البيع أو انفسخ . أنظر مع ذلك في أن البيع بالعينة بيع معلق على شرط فاسخ الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 28 ص 62 – ص 63 ، أو بيع معلق على شرط واقف محكمة الإسكندرية الوطنية 18 نوفمبر سنة 1942 المجموعة الرسمية 43 رقم 224 .
( [416] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " والبائع على كل حال مسئول عن مطابقة المبيع للنموذج . فإن اختلت هذه المطابقة ، جاز للمشتري أن يرفض تسلم المبيع ، وله أن يفسخ البيع لعدم قيام البائع بالتزامه . وتتفق التقنينات الأجنبية في هذا الحكم : أنظر التقنين اللبناني م 444 : والتقنين الألماني م 494 ، والتقنين البولوني م 321 ، والتقنين البرازيلي م 1135 ، والتقنين الصيني م 388 ، والتقنين السوفييتي م 201 " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 22 ) .
( [417] )          استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1944 م 46 ص 188 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 306 – ولكن المشتري ، وإن جاز له اختياراً قبول المبيع مع إنقاص الثمن ، لا يمكن إجباره على هذا القبول . وقد قضت محكمة النقض بأن البائع لا تبرأ ذمته إلا إذا قدم بضاعة تطابق العينة التي جرى التعاقد عليها ، فمن الخطأ القول بأنه إذا امتنع على البائع أن يحصل على بضاعة من العينة المتعاقد عليها كان عليه أن يورد ما يستطيع الحصول عليه فإن كان دون العينة جودة أو نقاوة التزم بفروق الثمن لمصلحة المشتري ( نقض مدني 9 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 349 ص 679 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا كان الفرق بين المبيع والعينة طفيفاً ولا يؤثر في جودة المبيع أو في صلاحيتهن لم يكن هناك وجه إلا لتنقيص الثمن ( استئناف مختلط أول مارس سنة 1933 م 45 ص 186 – أنظر أيضاً الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 30 ص 48 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 26 ) .
( [418] )          الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 109 ص 163 .
( [419] )          وقد أخذ تقنين الالتزامات السويسري بمبدأ أن من يؤتمن على العينة يصدق بقوله ، وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ويعني التقنين السويسري ( م 222 ) بتحديد من يكلف بإثبات ذاتية النموذج ، وعنده أن من يؤتمن على النموذج مصدق بقوله ، سواء أكان البائع أم المشتري ، وعلى الطرف الآخر أن يثبت العكس . وقد آثار المشروع ترك هذه المسألة خاضعة للقواعد العامة في الإثبات ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 23 ) .
( [420] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 22 - وقد يهلك المبيع – لا العينة – بسبب أجنبي وهو في يد المشتري ، فعلى المشتري إثبات أن هلاك المبيع كان بسبب أجنبي وأن المبيع غير مطابق للعينة ، وعند ذلك لا يكون البيع قد انعقد ، ويكون الهلاك على البائع ( استئناف مختلط 10 يناير سنة 1906 م 18 ص 92 ) .

وقد رأينا أن تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 444 ) يجعل عبء الإثبات على المشتري دائماً ، دون تمييز بين ما إذا كان النموذج قد هلك في يد المشتري أو في يد البائع ( أنظر آنفاً ص 123 في الهامش ) .
( [421] )          تاريخ النصوص :

م 473 : ورد هذا النص في المادة 639 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 500 في المشروع النهائي . ثم أقره مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 473 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 407 ) .

م 474 : ورد هذا النص في المادة 640 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 501 في المشروع النهائي . ثم أقره مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 474 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 209 – ص 210 ) .

م 475 : ورد هذا النص في المادة 641 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، مع العبارة الآتية في المشروع التمهيدي : " إذا كان البائع قد قبض غلة بعض أعيان التركة " . وقد حذفت هذه العبارة في لجنة المراجعة ، لا لنسخ حكمها ، بل اعتبر الحذف تعديلاً لفظياً ، وأصبحت المادة رقمها 502 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 475 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 211 - ص 212 ) .

م 476 : ورد هذا النص في المادة 642 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع ورد فيه : " يرد المشتري للبائع . . كلم ا يكون دائناً به للتركة " . فعدلت هذه العبارة في لجنة المراجعة إلى العبارة الآتية : " ويحسب للبائع كل ما يكون دائناً به للتركة " ، وهي أكثر دقة ، فإن البائع إنما يرجع بدينه على التركة ولا يسترده من المشتري . وأصبحت المادة رقمها 503 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب : فمجلس الشيوخ تحت رقم 476 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 212 - ص 214 ) .
( [422] )          التقنين المدني الأسبق م 350  /  438 : يدخل في بيع اتسحقاق التركة ما لها من الديون والفوائد المقبوضة والمصاريف والديون المدفوعة من وقت افتتاح التركة ، ما لم يكن هناك شرط يخالف ذلك .

( وأحكام التقنين السابق والجديد واحدة ) .
( [423] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 441 - 444 ( مطابقة للمواد 473 – 476 من التقنين المدني المصري – وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 290 فقرة 295 ) .

التقنين المدني الليبي م 462 – 465 ( مطابقة للمواد 473 – 476 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي : لا مقابل فيه ، ولكن يمكن الأخذ في العراق بالأحكام الواردة في التقنين المصري لاتفاقها مع القواعد العامة . أنظر في القانون المدني في العراق الأستاذ حسن الذنون ص 378 – ص 383 – وص 389 – ص 402 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل فيه . ويمكن الأخذ أيضاً في لبنان بالأحكام الواردة في التقنين المصري لاتفاقها مع القواعد العامة .
( [424] )          الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 126 ص 286 .
( [425] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " بيع الوارث نصيبه من التركة هو بيع لمجموع من المال ، بما يشتمل عليه من حقوق وديون . وهو أعم من التخارج المعروف في الشريعة الإسلامية " فإن التخارج مقصور على بيع الوارث نصيبه لباقي الورثة ، أما هذا البيع قد يكون لوارث أو غير وارث " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 208 ) .
( [426] )          وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن بيع الاستحقاق في تركة يجب أن ينصب على مجموع من الأموال المختلفة ، فإذا باع الوارث استحقاقه في شيء معين أو في أشياء معينة بحيث يمكن تسليم المبيع للمشتري بدون حاجة إلى قسمة التركة ، فلا يعتبر ذلك بيع استحقاق في تركة ، بل يعتبر بيعاً عادياً ( 19 فبراير سنة 1930 المجموعة الرسمية 31 رقم 40 ص 108 )
( [427] )          وذلك من وقت البيع دون أثر رجعي ( أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ cession des droits sue فقرة 85 ) . وإذا كان المشتري يحل محل الوارث في ملكية حصته ، فإنه لا يحل محله في صفته كوارث ، بل يبقى الوارث البائع محتفظاً بهذه الصفة . وقد تترتب آثار على احتفاظ الوارث البائع بصفة الوارث ، كما إذا كان المورث مؤمناً لمصلحة ورثته أو منشئاً لوقف جعل ورثته فيه مستحقين ، فيبقى الوارث البائع صاحب الحق في مبلغ التأمين أو يبقى مستحقاً في الوقف ، ولا تنتقل حقوقه هذه مع حصته التي باعها للمشتري الأجنبي ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 414 ص 604 – الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 393 ص 316 ) . ولا يصبح المشتري بشرائه حصة الوارث وارثاً ، فإن صفة الوارث لا تنتقل إليه كما قدمنا . ويترتب على ذلك أنه لو كان للمورث بنت باعت حصتها في الميراث لابنها ، فإن ابن البنت لا يصبح فرعاً وارثاً ولا يحجب ابن العم مثلاً .

أنظر في أن صفة الوارث لا تنتقل إلى المشتري المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 213 - وفي أن الوارث البائع يبقى محتفظاً بصفة الوارث جيوار 2 فقرة 859 – أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً ص 171 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 358 ص 455 .
( [428] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 213 – ويسبق ذلك تسجيل إشهاد الوراثة ( الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 252 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 412 ) .
( [429] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 210 .
( [430] )          وفي القانون الفرنسي أيضاً لا تنتقل الديون إلى المشتري ، بل يبقى الوارث مسئولاً عنها ويرجع بها على المشتري . ولكن ليس ذلك لأن ديون المورث لا تنتقل إلى الوارث ، فهي تنتقل إليه في القانون الفرنسي ، ولكن لا يمكن نقلها بعد ذلك فيما بين الأحياء من الوارث إلى المشتري لأن حوالة الدين غير معروفة في القانون الفرنسي ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 358 – كولان وكابيتان 2 فقرة 993 – أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ cession des droits success فقرة 62 ) .
( [431] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 213 .
( [432] )          أما بعد بيع حصته ، فإنه لا يستطيع أن يبيع من أجنبي شيئاً من مشتملات التركة . هذا ولا يرد إلا ثمن ما باعه ولو كان أقل من قيمته ، لأنه وقت أن باع كان يبيع ما يملك إذا لم يكن قد باع حصته من التركة ، فلا يكون مسئولاً إلا عما قد جناه من الكسب أي الثمن الذي قبضه ( بودري وسينيا فقرة 875 ص 904 ) .
( [433] )          أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ cession de droits success فقرة 73 – أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً ص 170 .
( [434] )          فقد استفاد منها ، إذا كان يتبرع من ماله الخاص لو لم يجد مال التركة تحت يده . وقد كان هذا هو الحكم في القانون الروماني وفي القانون الفرنسي القديم ( بودري وسينيا فقرة 876 – وأنظر أيضاً : أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً ص 170 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 359 ص 457 – أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ cession des droits success فقرة 74 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 619 ص 633 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 442 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 414 – الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 287 هامش رقم 1 ) .
( [435] )          بودري سينيا فقرة 877 وفقرة 882 .
( [436] )          أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً هامش رقم 9 – بودري وسينيا فقرة 878 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 359 ص 457 - أما إذا كان التلف قد حصل بغش من الوارث ، بأن يكون مثلاً قد أطلع المشتري على مشتملات التركة ثم أخفى بعضها أ أتلفه عمداً أو تعمد عدم قطع التقادم أو عدم قيد الرهن أو عدم تجديد القيد ، فإن كان ذلك قبل بيع الحصة اعتبر تدليساً من جانب الوارث يجعل البيع قابلاً للإبطال ، وإن كان بعد بيع الحصة اعتبر إخلالاً من جانب الوارث بالتزاماته كبائع فيستوجب مسئوليته العقدية ( أنظر بودري وسينيا فقرة 880 ) .
( [437] )          وسنرى أن الوارث إذا كان دائناً للمورث ثم ورثه ، ثم باع حصته في الميراث ، فإنه يستبقى حقه في الرجوع على التركة بالدين الذي له عليها ، ولا ينقضي هذا الدين باتحاد الذمة ( م 476 مدني ) : أنظر ما يلي فقرة 134 .
( [438] )          أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً ص 170 - بودري وسينيا فقرة 188 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 360 مكررة – بالنيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2365 . أما إذا كان لعقار الوارث حق إرتفاق على عقار في التركة وانقضى باتحاد الذمة ، ثم باع الوارث حصته ، فإن حق الارتفاق يعود لمصلحته وينقل العقار المرتفق به كما كان .

وقد يقع أن يبيع الوارث حصته في الميراث مع وجود وصية تركها المورث بثلث تركته مثلاً . فالمفروض في هذه الحالة أن الوارث باع حصته بعد استنزال الوصية ، أي باع حصته في ثلثي التركة لا في التركة كلها . فإذا تبين بعد ذلك أن الوصية باطلة ، وأن الوارث تتناول حصته كل التركة لا ثلثيها فقط ، فالظاهر أن الوارث يستبقى حصته فيثلث التركة إذ هي لم تدخل في البيع . على أن المسألة مرهونة بنية المتعاقدين . فإن كان الوارث قد أراد أن يبيع كل حصته في التركة على تقدير أن الوصية صحيح’ ، فإنه يجوز للمشتري في هذه الحالة أن يطالب الوارث بما زاد في حصته بسبب بطلان الوصية على أن يزيد له في الثمن بنسبة الزيادة . وإن كان الوارث عند بيعه لحصته قد دخل في تقديره احتمال بطلان الوصية وما يترتب على بطلانها من زيادة حصته ، وأدخل ذلك في حسابه عند تحديد الثمن ، فإن البيع يكون احتمالياً من هذه الناحية ، وإذا أبطلت الوصية كان للمشتري ما زاد في حصة الوارث دون أن يزيد في الثمن ( قارب بودري وسينيا فقرة 885 ) .
( [439] )          أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً هامش 4 مكرر – بودري وسينيا فقرة 884 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 359 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2363 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 622 .
( [440] )          كذلك لا يضمن للوارث ملاءة مدين التركة ( الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 246 ) .
( [441] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 208 .
( [442] )          وقد يؤخذ ذكر قيمة الحصة في عقد البيع قرينة على أن المشتري قد اتفق مع الوارث على ضمان هذه القيمة ( قارن الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 626 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 415 ) .
( [443] )          أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً ص 172 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 359 ص 458 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2396 .
( [444] )          أنظر في كل ذلك بودري وسينيا فقرة 886 – فقرة 891 – وإذا اشترط الوارث أنه لا يضمن حتى ثبوت وراثته ، وثبت بعد ذلك أنه ليس بوارث ، لم يضمن ، ولكن يجب عليه أن يرد الثمن الذي أخذه ، إلا إذا اشترط أيضاً عدم رده ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 359 ص 458 ) . ومع ذلك إذا ثبت غش الوارث وأنه كان يعلم وقت البيع أنه ليس بوارث ، وجب عليه رد الثمن والتعويض حتى لو اشترط عدم الضمان ( أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً ص 169 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 359 ص 459 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2366 ) .
( [445] )          والثمن مضمون بحق امتياز على الحصة المبيعة ، ويجب قيد هذا الامتياز بالنسبة إلى العقارات ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 360 ص 459 ) – وإذا كان الوارث البائع قاصراً واشتملت حصته على عقارات ، وكان في الثمن فيما يقابل العقارات غبن يزيد على الخمس ، جاز طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل . وتقوم العقارات بحسب قيمتها وقت البيع ، وتوازن هذه القيمة جزء من الثمن بنسبة قيمة العقارات إلى قيمة مجموع مشتملات الحصة المعرفة ما إذا كان هناك غبن يزيد على الخمس ( م 425 مدني ) : أنظر بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 357 – أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ cession des dr . succes فقرة 43 .
( [446] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 209 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحمد زكي فقرة 621 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 247 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 298 .
( [447] )          ولكن من ناحية قوانين الضرائب يكون المشتري مسئولاً بالتضامن مع الوارث البائع عن سداد هذه الضريبة ، إذا تم البيع قبل مضي عشر سنوات من وقت افتتاح التركة . فقد نصت المادة 45 من قانون ضريبة التركات الصادر في 31 أغسطس سنة 1944 على أنه " يجب على كل من يشتري عقاراً أو أي حق آخر من الحقوق العينية آيلاً إلى البائع من تركة أو من وصية ، ولم يكن قد مضى على وفاة المورث أو الموصى أكثر من عشر سنوات ، أن يتثبت قبل التعاقد من الوفاء بالرسوم المطلوبة للحكومة ، وإلا كان مسئولاً بالتضامن مع الوارث البائع عن وفاء الرسوم المتأخرة . وكل من يشتري منقولات مع علمه بعدم وفاء رسوم الأيلولة يكون مسئولاً بالتضامن عن دفعها مع الوارث البائع " ( أنظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 444 ص 421 ) .
( [448] )          أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً ص 170 – بودري وسينيا فقرة 894 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 360 .
( [449] )          بودري وسينيا فقرة 910 – ويعتبر المشتري من الوارث في هذه الحالة ، بالنسبة إلى سائر الورثة ، دائناً للوارث البائع . وقد تمت القسمة قبل أن يتدخل المشتري ، فليس له أن يطعن فيها إلا في حالة الغش ( م 842  /  2 مدني ) - وهذا لا يمنع ، كما قدمنا ، من أن تتقاسم الورثة التركة مع المشتري ، حتى قبل أن يخطروا بالبيع ، وتكون هذه القسمة نافذة في حق الوارث البائع .
( [450] )          والإخطار ليس له شكل خاص ، ولكن يجب إثباته إذا أنكرته الورثة وفقاً للقواعد العامة في الإثبات .
( [451] )          باعتباره دائناً لأحد الشركاء وهو الوارث البائع ( م 842  /  1 مدني ) .
( [452] )          ولما كان الوارث قد باع حصته لأجنبي غير وارث ، فإنه يجوز للورثة الآخرين قبل القسمة استرداد هذه الحصة ، وفقاً للمادة 833 مدني وهي تنص على أن " الشريك في المنقول الشائع أو في المجموع من المال أن يسترد قبلي القسمة الحصة الشائعة التي باعها شريك غيره لأجنبي بطريق الممارسة ، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمه بالبيع أو من تاريخ إعلانه به ويتم الاسترداد بإعلان يوجه إلى كل من البائع والمشتري ، ويحل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته إذا هو عوضه عن كل ما أنفقه . 2 - وإذا تعدد المستردون ، فلكل منهم أن يسترد بنسبة حصته " . أنظر أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً ص 172 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 360 مكررة ص 461 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2361 - كولان وكابيتان 2 فقرة 971 – أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ cession des dr . succes فقرة 145 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 441 ص 418 .

كذلك إذا كان الورثة الآخرون ينازعون في وراثة الوارث البائع ، فمن حقهم أن يستردوا الحصة المبيعة كما يسترد أي حق متنازع فيه ( الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 285 هامش رقم 1 ) .
( [453] )          ومن ثم لا يكون هناك محل لحوالة الدين من الوارث إلى المشتري ، فإن الوارث نفسه غير مدين ، بل التركة . ويترتب على ذلك أنه لا يلزم اتخاذ إجراءات حوالة الدين ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 412 ص 602 – قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 439 ص 463 ) ، وهذا بخلاف إجراءات حوالة الحق فيجب اتخاذها لأن حقوق التركة تنتقل إلى الوارث ويحولها إلى المشتري .
( [454] )          أنظر ما يلي فقرة 193 – فقرة 194 .
( [455] )          الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 412 .
( [456] )          وقد رأينا أن العبارة الأخيرة من المادة 474 مدني تنص على ما يأتي : " فإذا نص القانون على إجراءات لنقل الحق فيما بين المتعاقدين ، وجب أيضاً أن تستوفى هذه الإجراءات " . وقدمنا مثلاً لذلك التسجيل في العقار ، فهو واجب في نقل الملكية حتى فيما بين المتعاقدين ، فوجب التسجيل حتى تنتقل ملكية عقار بالذات حتى فيما بين الوارث البائع والمشتري لحصة هذا الوارث ( أنظر آنفاً فقرة 131 ) .
( [457] )          ففي الفقه الفرنسي آراء ثلاثة : رأي يذهب إلى صيرورة بيع الحصة نافذاً في حق الغير بإخطار باقي الورثة بهذا البيع . ورأي ثان يجعل هذا البيع نافذاً في حق الغير دون حاجة إلى أية إجراءات . ورأي ثالث لا يجعل هذا البيع نافذاً في حق الغير إلا باتخاذ الإجراءات اللازمة لصيرورة البيع نافذاً في حق الغير في العقار بالنسبة إلى عقارات الحصة المبيعة ، وفي المنقول بالنسبة إلى منقولات هذه الحصة ، وفي حوالة الحق بالنسبة إلى الديون التي لهذه الحصة . أنظر في هذه الآراء الثلاثة بودري وسينيا فقرة 903 - فقرة 910 - وأنظر في أن الرأي الثالث هو الرأي الراجح جيوار 2 فقرة 866 – لوارن 24 فقرة 478 – أوبري ورو 5 فقرة 359 ثالثاً هامش رقم 24 – بودري وسينيا فقرة 906 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 356 كولان وكابيتان 2 فقرة 972 - أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ cession des dr . succes فقرة 53 - فقرة 56 . وقارن هيك في حوالة الحق 1 فقرة 306 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2363 .
( [458] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 624 – فقرة 625 .
( [459] )          وقد يكون الغير تلقي من الوارث حقاً عينياً غير الملكية ، حق انتفاع أو حق إرتفاق أو حق رهن أو غير ذلك ، فالعبرة هنا أيضاً بالأسبقية في التسجيل أو في القيد . وقد يكون دائن الوارث حجز على عقار من مشتملات الحصة المبيعة ، فإذا كان قد سجل التنبيه قبل أن يسجل مشتري الحصة البيع قدم على هذا المشتري ( بودري وسينيا فقرة 907 ص 294 – ص 925 ) .
( [460] )          وقل مثل ذلك في حالة ما إذا حجز دائن الوارث تحت يد مدين التركة ، فإذا كان الحجز سابقاً على إعلان بيع الحصة أو التاريخ الثابت بقبول البيع من مدين التركة ، زاحم الدائن والحاجز مشتري الحصة ، وإذا كان العكس قدم مشتري الحصة على الدائن الحاجز ، وذلك وفقاً للقواعد المقررة في حوالة الحق .
( [461] )          وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن عقد التخارج الذي أجازته الشريعة الإسلامية في أحوال الميراث هو عقد يتنازل بموجبه أحد الورثة لشريكه أو لشركائه في الميراث عن نصيبه في التركة في مقابل شيء معلوم . وليس من الضروري لصحة هذا العقد أن تكون أعيان التركة معلومة للمتعاقدين ومعينة في العقد تعييناً تاماً ( 7 يناير سنة 1922 المجموعة الرسمية 24 رقم 30 ص 50 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأنه يصح التخارج حتى لو كانت التركة مدينة ، لأن بيع الوارث نصيبه في التركة يشمل الديون التي لها والتي عليها طبقاً للمادة 350 مدني ( سابق ) ( 13 نوفمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 140 ص 287 – وأنظر أيضاً نقض مدني 14 ديسمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 16 ص 35 ) . وقضت بأن عقد التخارج لا يحصل إلا من وارث لوارث ، فالبيع الصادر من وارث في حصته في التركة لغير وارث يعتبر بيع استحقاق في التركة ويجب تسجيله ( 5 يناير سنة 1932 المحاماة 12 رقم 496  /  2 ص 992 ) . وقضت محكمة أجا بأن عقد التخارج ينطوي بطبيعته على بيع الوارث لنصيبه في التركة جزافاً ، وبهذا الوصف لا يضمن البائع للمشتري سوى وجود التركة من غير بيان لمشتملاتها فلا يضمن المتخارج إذن استحقاق بعض الأعيان للغير ، إلا إذا نص في عقد التخارج على الأعيان المتخارج عليها بالذات ونصيب المتخارج فيها ( 19 أبريل سنة 1925 المحاماة 5 رقم 568  /  2 ص 694 ) .
( [462] )          جاء في الزيلعي : " إن أخرجت الورثة أحدهم عن عرض أو عقار بمال " ، أو عن ذهب بفضة ، أو عن فضة بذهب ، صح ، قل ما أعطوه أو كثر ، لأنه يحمل على المبادلة ، لأنه صلح عن عين . ولا يمكن حمله على الإبراء ، إذ لا يدن عليهم ولا يتصور الإبراء عن العين . وبيع العقار والعروض القليل والكثير جائز ، وكذا بيع الذهب بالفضلة لعدم الربا لاختلاف الجنس . وفي الأثر أن تماضر امرأة عبد الرحمن بن عوف صالحها ورثته عن ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار ، وقيل على ثلاثة وثمانين ألفاً ، بمحضر من الصحابة . وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال يتخارج أهل الميراث ، أي يخرج بعضهم بعضاً بطريق الصلح . ولا يشترط أن تكون أعيان التركة معلومة ، لأنه لا يحتاج فيها إلى التسليم ، وبيع ما لا يعلم قدره فيه جائز " ( الزيلعي 5 ص 9 : - ص 90 - وأنظر أيضاً تكملة فتح القدير 7 ص 52 ) .
( [463] )          وقد قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة بأنه إذا ظهر من ظروف الأحوال أن عقد التخارج لم يكن الغرض منه صلحاً لوضع حد للنزاع الموجود ، فلا يعتبر إلا نزولاً من أحد الورثة عن حصته الشائعة في الميراث في مقابل شيء معين بقصد الخروج من الشيوع ( 16 أبريل سنة 1921 جازيت 11 رقم 259 ص 183 ) . أنظر أيضاً بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 355 ص 453 ، ويشترطون حتى يكون التخارج قسمة طبقاً للقضاء الفرنسي أن يكون من شأنه إفراز حصة كل من الورثة لا حصص بعضهم دون بعض .
( [464] )          وتسجيل عقد التخارج ينتج أثره نحو الغير واجب ، سواء كان ذلك في عهد التقنين الجديد أو في عهد التقنين السابق . ويسبق هذا التسجيل تسجيل إشهاد الوراثة ( الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 252 ) . أما في فرنسا فالعقود الكاشفة – ومنها التخارج – لا تخضع للتسجيل حتى في إنتاج أثرها في حق الغير ( بودري وسينيا فقرة 911 ) .
( [465] )          وكذلك إذا تصرف الوارث في منقولات التركة ثم تخارج سقطت تصرفاته ، هذا ما لم يكن قد سلم المنقول لمشتر حسن النية فيملكه عندئذ بالحيازة ( بودري وسينيا فقرة 912 ) .
( [466] )          أما كيف يوزع باقي التركة على بقية الورثة ، وكيف تبين سهام كل وارث بما فيهم الوارث الخارج ، ثم تسقط سهام هذا الوارث في نظير ما تخارج عليه ويقسم الباقي من التركة على السهام الباقية ، فانظر في كل ذلك الأستاذ محمد أبو زهرة في أحكام التركات والمواريث ص 266 وما بعدها ، وليس هنا موضع بحثها .
( [467] )          لكن إذا دفع مدين للتركة للوارث الخارج شيئاً من الدين الذي عليه كان هذا الدفع مبرئاً للذمة إذا كان بحسن نية ، لأنه يكون قد دفع للدائن الظاهر ( بودري وسينيا فقرة 913 ) . أما إذا أعلن التخارج للمدين ، فلا يعود دفعه للوارث الخارج مبرئاً للذمة .
( [468] )          استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1889 م 2 ص 46 – 21 يونيه سنة 1903 م 15 ص 350 - 25 مارس سنة 1922 م 34 ص 261 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 250 ص 475 .
( [469] )          أنظر أيضاً في جواز إبطال التخارج للغلط أو التدليس أو الإكراه ، قسمة كان أو صلحاً : استئناف مختلط 11 يونيه سنة 1903 م 15 ص 350 - 25 مارس سنة 1922 م 34 ص 261 ( وهما الحكمان السابق الإشارة إليهما ) .
( [470] )          الوسيط جزء أول فقرة 227 .
( [471] )          وتذاكر الأياب ، وتذاكر المجاملة للمسارح والملاهي ونحوها ، وعينات الأدوية التي ترسل للأطباء ، المفروض فيها اتفاق ضمني على أنها شخصية لا يجوز لصاحبها أن يبيعها ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 75 ) .
( [472] )          الوسيط جزء أول فقرة 227 .
( [473] )          الوسيط جزء أول فقرة 227 ص 398 .
( [474] )          الوسيط جزء أول فقرة 228 .
( [475] )          الوسيط جزء أول فقرة 229 – فقرة 241 .
( [476] )          أنظر في هذه المسألة الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 134 - ص 136 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 149 – فقرة 150 - الأستاذ محمد كامل مرسي ص 124 – ص 125 .
( [477] )          الوسيط جزء أول فقرة 217 .
( [478] )          أنظر آنفاً فقرة 109 – فقرة 113 .
( [479] )          أنظر أحكام القضاء الفرنسي في بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 331 ص 423 هامش رقم 3 .
( [480] )          نقض فرنسي 13 مايو سنة 1861 داللوز 61 - 1 - 326 . وأنظر أحكاماً أخرى في بلانيول وريبير وهامل 10 ص 424 هامش رقم 1 – وأنظر سافاتييه savatier في انتقال عملاء المهن الحرة سنة 1933 – روبييه roubier في الحقوق المعنوية والحقوق المتعلقة بالعلماء في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1939 ص 251 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة با ، البائع يعتبر أنه قد وفى بتعهده إذا هو قام بإعلان التنازل إلى عملائه ، ولا يحكم عليه بتعويض إذا رفض العملاء معاملة المشتري ، هذا ما لم يتعهد البائع بضمان استمرارهم على معاملته . وإذا اتضح أن سبب انقطاع العلماء على الشراء من المحل هو زيادة الأثمان عليهم ، فلا مسئولية على البائع ( 26 يناير سنة 1899 م 11 ص 291 ) . وقضت أيضاً بأنه لا يجوز للبائع انتزاع العملاء من المشتري بمنافسة غير مشروعة ( 7 ديسمبر سنة 1921 م 34 ص 42 ) .
( [481] )          بلانيول وريبير وهالم 10 فقرة 334 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2358 – كولان وكابيتان 2 فقرة 863 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 312 - فقرة 320 - وقارن بودري وسينيا فقرة 103 .
( [482] )          بودري وسينيا فقرة 103 – فقرة 104 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 333 – فقرة 334 ( سواء صدر البيع من صاحب المتجر أو العيادة أو المكتب أو صدر من ورثته ) بلانيول وريبير وبولانجيه فقرة 2358 – كولان وكابيتان 2 فقرة 863 – وأنظر في الفقه المصري : الأستاذ أنور سلطان فقرة 127 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 76 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 92 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 39 – في الفقه العراقي : الأستاذ حسن الزنون فقرة 109 – الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 237 – فقرة 243 .
( [483] )          ويتفرع على ذلك أنه إذا تبين أن يشتري ملكه ، وقد قضت محكمة مصر الوطنية بأنه إذا حكم بملكية شخص لعين متنازع عليها ، وكان المحكوم له مقد اشترى هذا العين من المحكوم ضده ، فالبيع باطل لوقوعه على عين هي ملك المشتري ( 4 يناير سنة 1923 المجموعة الرسمية 25 رقم 15  /  1 ص 19 ) .
( [484] )          تاريخ النصوص :

م 466 : ورد هذا النص في المادة 632 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية طفيفة . وأقرته لجنة المراجعة بعد إزالة بهذه الفروق ، وأصبحت المادة رقمها 493 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 466 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 183 – ص 184 وص 186 – ص 188 ) .

م 467 : ورد هذا النص في المادة 633 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 494 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 467 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 190 - ص 191 ) .

م 468 : ورد هذا النص في المادة 634 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 495 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 468 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 192 وص 194 ) .
( [485] )          التقنين المدني الأسبق م 264  /  333 : بيع الشيء المعين الذي لايملكه البائع باطل ، إنما يصح إذا أجازه المالك الحقيقي .

م 265  /  334 : إذا باع أحد شيئاً على أنه مملوك له ، ثم تبين بعد انعقاد البعي عدم ملكيته للمبيع ، جاز للمشتري أن يطلب منه تضمينات إذا كان معتقداً وقت البيع صحة ملكية البائع .

م 335 مختلط : إذا تعهد غير المالك بنقل ملكية شيء معين والانتفاع به لآخر بثمن معين ، يحكم في التعهد بالتطبيق للقواعد العامة المقررة للتعهدات الاتفاقية .

( والأحكام واحدة في التقنينين السابق والجديد ، غير أن نصوص التقنين الجديد أكثر إحاطة ، على أن نصوص التقنين السابق هي بدورها أكثر وضوحاً من نصوص التقنين المدني الفرنسي المقتضبة في هذه المسألة . ولمي نقل التقنين المدني الجديد المادة 335 مختلط لأنها مجرد تطبيق للقواعد العامة ، وقد أغفلها التقنين الوطني من قبل : المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 193 – ص 194 ) .
( [486] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 434 – 436 ( مطابقة للمواد 466 – 468 من التقنين المدني المصري ، وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 254 – فقرة 277 ) .

التقنين المدني الليبي م 455 – 457 ( مطابقة للمواد 466 – 468 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 135 : 1 - من تصرف في ملك غيره بدون إذنه ، انعقد تصرفه موقوفاً على إجازة المالك . 2 - فإذا أجاز المالك تعتبر الإجازة توكيلاً ، ويطالب الفضولي بالبدل إن كان قد قبضه من العاقد الآخر . 3 - وإذا لم يجز المالك تصرف الفضولي ، بطل التصرف ، وإذا كان العاقد الآخر قد أدى للفضولي البدل فله الرجوع عليه به . فإن هلك البدل في يد الفضولي بدون تعد منه ، وكان العاقد الآخر قد أداه عالماً أنه فضولي ، فلا رجوع له بشيء منه . 4 - وإذا سلم الفضولي العين المعقود علهيا لمن تعاقد معه ، فهلكت في يده بدون تعد منه ، فللمالك أن يضمن قيمتها أيهما شاء . فإذا اختار تضمين أحدهما سقط حقه في تضمين الآخر .

م 135 : 1 - إجازة العقد الموقوف تكون صراحة أو دلالة ، وتستند إلى الوقت الذي تم فيه العقد . ويشترط في صحتها وجود من يملكها وقت صدور العقد ، ولا يشترط قيام العاقدين أو المالك الأصلي أو المعقود عليه وقت الإجازة . 2 - ويجب أن يستعمل خيار الإجازة أو النقض خلال ثلاثة أشهر ، فإذا مل يصدر في هذه المدة ما يدل على الرغبة في نقض العقد اعتبر نافذاً . 3 - ويبدأ سريان المدة . . . وإذا كان سبب التوقف انعدام الولاية على المعقود عليه ، فمن اليوم الذي يعلم فيه المالك بصدور العقد .

( والتقنين المدني العراقي سار في هذه المسألة على قواعد الفقه الإسلامي : فبيع الفضولي – أي بيع ملك الغير – موقوف على إجازة المالك . وقد نقل التقنين العراقي أحكام العقد الموقوف في الفقه الإسلامي بعد إدخال تعديلات هامة جعلت هذه القواعد أكثر مسايرة لقواعد الفقه الغربي الحديث . ويختلف في ذلك عن التقنين المصري ، ففي هذا التقنين الأخير بيع ملك الغير قابل للإبطال . وقد ساعد التقنين العراقي على الأخذ بهذه الأحكام ، التي تفضل من بعض الوجوه أحكام التقنين المصري وبخاصة فيما يتعلق بأن العقد موقوف لا قابل للإبطال ، أن التقنين العراقي قد أخذ بنظرية البطلان كما هي في الفقه الإسلامي لا في الفقه الغربي الحديث ، وهي نظرية تفضل الفقه الغربي : أنظر في ذلك مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف الجزء الرابع في نظرية البطلان – وأنظر في بيع الفضولي في القانون المدني العراقي الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 642 – فقرة 648 ، وأنظر بوجه خاص فقرة 647 حيث ينتقد الأستاذ للصرف نقل المشروع العراقي لنظرية الفقه الإسلامي في بيع الفضولي ، وهذا بالرغم من أن هذه النظرية تفضل نظرية الفقه الغربي كما سبق القول ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 385 : بيع مال الغير باطل إلا في الأحوال الآتية : أولاً – إذا كان البيع معيناً بجنسه أو بنوعه فقط . ثانياً –إذا أجازه المالك . ثالثاً – إذا اكتسب فيما بعد حق الملكية على المبيع . أما إذا أبى المالك أن يجيز البيع ، فالبائع يضمن بدل العطل والضرر للمشتري إذا كان عالماً بأنه لا يملك المبيع وكان المشتري يجهل ذلك . ولا يجوز للبائع أن يدعي بطلان العقد بحجة أن البيع انعقد على ملك الغير . كل ذلك مع الاحتفاظ بتطبيق أحكام القرار رقم 188 الصادر من المفوض السامي بتاريخ 15 آذار سنة 1926 . ( وهذه الأحكام فيم جموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين اللبناني لا يجعل للمشتري الحق في التعويض إلا إذا كان حسن النية وكان البائع في الوقت ذاته سيء النية ، أما التقنين المصري فيشترط حسن نية المشتري دون سوء نية البائع ) .
( [487] )          استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1909 م 2 ص 169 – 30 مارس سنة 1915 م 27 ص 249 ( يتعهد بأ ، ينقل لملشتري ملكية شيء غير مملوك له عن طريق الاتفاق مع المالك بأية كيفية ) – أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 42 – بودري وسينيا فقرة 116 ص 105 – ص 106 – جوسران 2 فقرة 1042 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي ص 575 .
( [488] )          استئناف مختلط 7 يونيه سنة 1900 م 12 ص 313 – بودري وسينيا فقرة 122 .
( [489] )          أو على شرط أن تظهر ملكيته بعد فحص مستنداته ( استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1916 م 28 ص 259 ) .
( [490] )          فإذا باع شخص شيئاً ، وجعل البيع موقوفاً على شرط أن يرسو عليه مزاد هذا الشيء عند بيعه بالمزاد ، فإنه إذا رسا المزاد على البائع انتقلت الملكية إلى المشتري ، وإلا سقط البيع ( استئناف مختلط 23 ديسمبر سنة 1924 م 37 ص 89 ) .

وقد يتفق المتعاقدان ، لا على بيع معلق على شرط أن يملك البائع المبيع ، بل على بيع احتمالي . فالمبيع في هذه الحالة يكون مجرد احتمال ، قد يتحقق بأن يملك البائع المبيع فتنتقل ملكيته للمشتري ، وقد لا يتحقق فلا يملك البائع المبيع ولا ينتقل شيء إلى المشتري ، ويراعى ذلك بطبيعة الحال في تحديد الثمن ، فيكون الثمن منخفضاً حتى يقابل احتمال عدم تملك البائع للمبيع .

وقد يتفق المتعاقدان ، لا على بيع معلق على شرطن بل على أن يعمل أحدهما على أن يكسب ملكية شيء معين بالذات فينقلها للآخر ( أنظر 335 مختلط ) . وهنا أيضاً ليس العقد بيعاً لملك الغير ، بل هو ليس بيعاً أصلاً ، لأ ، المتعاقد لم يلتزم بنقل ملكية ، بل التزام أن يقوم بعمل هو كسب الملكية . فإذا ما كسبها ، تلى ذلك عقد بيع بنقل هذه الملكية للمشتري . وإذا لم يكسبها ، كان مسوئلاً عن التعويض . وتختلف هذه الصورة عن صورتها التعهد عن الغير في أن المتعهد عن الغير يلتزم بأن يجعل المتعاقد معه يكسب الملكية من الغير رأساً ، فلا تنتقل إليه أولاً ثم ينقلها هو إلى المشتري ( أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 42 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 46 ص 48 - كولان وكابيتان 2 فقرة 865 – جوسران 2 فقرة 1042 ص 545 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 400 ص 387 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 233 ) . وتختلف عن صورة بيع الشيء غير المعين بالذات بأن المتعاقد هنا يتعهد بكسب ملكية شيء معين بالذات ثم ينقلها إلى المتعاقد الآخر ، أما في بيع الشيء المعين بالذات فالبائع يتعد بنقل ملكية غير معين بالذات .

ولا يعتبر بيعاً لملك الغير الوعد بالبيع الصادر من غير المالك . بل يصح الوعد في هذه الحالة ، فإذا أظهر الموعود له رغبته في الشراء ، وكان الواعد قد أصبح مالكاً للشيء ، تم البيع . وإذا لم يكن الواعد قد أصبح مالكاً للشيء وقت ظهور رغبة الموعود له في الشراء ، انقلب الوعد بالبيع بيعاً لملك الغير وكان قابلاً للإبطال ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 390 ص 573 ) .
( [491] )          أما إذا لم يتحقق الشرط الواقف أو تحقق الشرط الفاسخ ، فقد أصبح المشتري غير مالك ، وليس له الرجوع على البائع إذا كان البيع احتمالياً ( بودري وسينيا فقرة 120 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 400 ص 386 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 389 – قارن الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 178 ) .
( [492] )          أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 43 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2320 . ونظير ذلك المشتري في بيع ملك إذا ملك المبيع بالحيازة في المنقول أو بالتقادم في المنقول والعقار ، أو إذا أصبح البائع مالكاً للمبيع ، أو أجاز المالك الحقيقي البيع ، فتنتقل في جميع هذه الأحوال الملكية إلى المشتري ( أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 42 – بودري وسينيا فقرة 124 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 46 ص 48 ) .

على أن المشتري في بيع ملك الغير ، إذا كسب ملكية المبيع بالحيازة في المنقول أو بالتقادم في المنقول والعقار ، يكون قد كسبها بالحيازة أو بالتقادم ، لا بالبيع الصادر من غير المالك . ويذهب رأي إلى أن المشتري في هذه الحالة لا يلزم بالتمسك بوضع اليد ، لأن التمسك بهذا الدفع قد لا يقره ضميره ( بيدان 11 فقرة 123 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 180 ص 172 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 411 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 114 ص 251 ) .

وإذا كسب المشتري في بيع ملك الغير ملكية المبيع من طريق آخر غير هذا البيع ، كأن اشترى المبيع من المالك الحقيقي أو ورثه عنه أو أخذه وصية منه ، فإن بيع ملك الغير لا ينقلب صحيحاً في هذه الحالة ، بل يبقى قابلاً للإبطال ويكون للمشتري الحق في طلب إبطاله ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 275 ) .
( [493] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 193 – ويتقدم البائع عادة في بيع ملك الغير يضيف البيع إلى نفسه فإن أضافه إلى المالك الحقيقي وكان نائباً عنه ، فإن البيع يعتبر صادراً من المالك الحقيقي وفقاً للقواعد المقررة في النيابة . أما إذا لم يكن نائباً عنه ، فإن البيع في هذه الحالة يكون بعي ملك الغير . ومع ذلك فقد قضت محكمة استئناف مصر بأن من المقرر شرعاً أن من يبيع ملك غيره على أنه ملك لنفسه فبيعه باطل ، ولا تلحقه الأجازة لعدم انعقاده أصلاً . إنما ينعقد موقوفاً على إجازة مالكه إذا باعه على أنه ملك لغيره . وولاية الأب على ولده الصغير وإن كانت تخول له حق بيع عقار قاصره ، إلا أنها لا تخرجه عن القاعدة العامة السابق ذكرها ، ويجب لانعقاد هذا البيع أن يقرر الولي أنه ملك ابنه ( 23 مايو سنة 1934 المجموعة الرسمية 36 رقم 44 ) .
( [494] )          بودري وسينيا فقرة 126 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 46 ص 49 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 365 .
( [495] )          استئناف مختلط 27 مايو سنة 1909 م 31 ص 370 .
( [496] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 46 ص 47 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2316 – جوسران 2 فقرة 1048 – أنسيكوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 367 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 157 ص 152 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 265 ص 445 .
( [497] )          كولميه دي سانتير 7 فقرة 28 مكررة . بفنوار في الملكية والعقد سنة 1924 ص 516 – جودمين في النظرية العامة للالتزامات باريس سنة 1937 ص 107 – ص 108 – الأستاذ جميل الشرقاوي رسالة في نظرية البطلان فقرة 103 ص 293 – ص 396 ( ويقول بهذا الرأي حتى في عهد التقنين المدني المصري الجديد ، البيع فقرة 41 ص 102 ) . وقد جعل التقنين المدني الإيطالي الجديد الصادر في سنة 1942 ( م 1479 ) بيع ملك الغير قابلاً للفسخ حتى لو كان المشتري يجهل أن البائع غير مالك .

ويذهب الأستاذان كولان وكابيتان ( 2 فقرة 869 ) إلى أن التقنين المدني الفرنسي جعل المشتري يجهل أن البائع غير مالك .

ويذهب الأستاذان كولان وكابيتان ( 2 فقرة 869 ) إلى أن التقنين المدني الفرنسي جعل الجزاء البطلان لا الفسخ ولكن الفسخ كان أوفق .
( [498] )          بودري وسينيا فقرة 117 ص 107 – ص 108 .
( [499] )          أوبري ورو 5 فقرة 35 هامش رقم 43 – استئناف 10 مارس سنة 1931 م 43 ص 276 – بيدان 11 فقرة 104 – استئناف مختلط 10 مارس سنة 1931 م 43 ص 276 .
( [500] )          بودري وسينيا فقرة 117 ص 108 – ص 109 – والذي يعتبر مستحيلاً استحالة مطلقة ليكون العقد معه باطلاً بطلاناً مطلقاً هو أن يبيع شخص لآخر شيئاً يتبين بعد ذلك أنه كان مملوكاً للمشتري وقت البيع ، كأن يكون هذا الشيء موصى به من المالك الحقيقي للمشتري دون أن يكون هذا عالماً بالوصية ، فهذا البيع يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لاستحالة المحل استحالة مطلقة ( كولان وكابيتان 2 فقرة 864 – أنسكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 379 – وأنظر آنفاً فقرة 151 في الهامش ) – ويقول الأستاذ إسماعيل غانم ؛ " أما استحالة محل البيع في بيع ملك الغير فهي استحالة نسبية ، إذ أن هناك شخصاً كان يستطيع أن ينقل ملكية المبيع وذلك هو المالك الحقيقي " مذكرات غير مطبوعة في البيع ص 15 ) .
( [501] )          جوسران 2 فقرة 1043 وفقرة 1045 ، ويذهب إلى أن بيع ملك الغير الباطل يفترض فيه دائماً أن المشتري حسن النية وأنه يجهل أن الشيء مملوك لغير البائع ( أنظر عكس ذلك كولان وكابيتان 2 فقرة 865 ص 577 ) . وأنظر م 334 من المشروع الفرنسي الإيطالي . وهي تبني بطلان بيع ملك الغير على الغلط .
( [502] )          بودري وسينيا فقرة 118 – والبطلان النسبي هو الذي وقف عنده التقنين المدني المصري السابق ، فقد نص صراحة على أن بيع ملك الغير يصح إذا أجازه المالك الحقيقي ( م 264  /  333 ) ، والعقد الباطل مطلقاً لا تلحقه الإجازة ، وإنما تلحقه الأجازة العقد الباطل بطلاناً نسبياً . وبالرغم من صراحة النص ، فقد اضطرب الفقه المصري في عهد التقنين المدني الأسبق ، وساير الفقه الفرنسي في اضطرابه ( أنظر في الفقه المصري في عهد التقنين السابق الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 163 – فقرة 168 – عقد الإيجارات للمؤلف فقرة 78 ص 108 هامش رقم 3 – الأستاذ حلمي بهجت بدوي في مقال في مجلة القانون وبالاقتصاد 1 ص 588 وما بعدها ) .
( [503] )          بيدان 11 فقرة 104 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 45 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2317 .

ويذهب بودري وسينيا إلى أن بيع ملك الغير مشوب بعيب أصلي هو استحالة تنفيذه ، وأن هذه الاستحالة تنطوي على خطأ في جانب البائع إذ التزم بما لا يستطيع تنفيذه . فالبطلان الذي يقوم على هذا الأساس إنما هو بطلان لمصلحة المشتري ، فهو بطلان نسبي وتقرب آثاره من آثار البطلان للغلط ( بودري وسينيا فقرة 118 ص 111 ) .

ويذهب بلانيول وريبير وهامل إلى أنه لما كان البيع في القانون الروماني لا يلزم البائع بنقل الملكية ومن ثم كان بيع ملك الغير صحيحاً ، فإن البيع في القانون الحديث وهو يلزم البائع بنقل الملكية يجب أن يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً ، وقد نص التقنين المدني الفرنسي ( م 1599 ) فعلاً على هذا البطلان . ولكن الفقه والقضاء في فرنسا لم يجدا من الضروري أن يسلبا بيع ملك الغير من أي أثر يترتب عليه ، فحولا البطلان لحماية مصلحة المشتري ، فيستطيع هذا طله إذا هو لم يظفر بعد البيع بملكية المبيع ، وصارت دعوى البطلان أقرب إلى أن تكون دعوى ضمان استحقاق مستبقة ( garantie d'eviction anticipee ) ( بلانيول وريبر رهامل 10 فقرة 45 ) .
( [504] )          أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 389 .
( [505] )          البيع فقرة 281 .
( [506] )          الأستاذ سليمان مرقس في البيع فقرة 281 ص 462 – وأنظر في رد مطول على هذا الرأي الأستاذ منصور مصطفى ص 254 - 258 .
( [507] )          ولا يقال إن هناك استحالة مطلقة في أن يلتزم البائع بنقل ملكية شيء لا يملكه ، فقد بينا أن البائع يمكنه أن يلتزم بذلك ، فإذا لم يقم بتنفيذ التزامه كان الجزاء هو الفسخ لا البطلان المطلق .
( [508] )          الجزء الأول فقرة 92 .
( [509] )          ويشير الأستاذ شفيق شحاتة في الحاشية إلى نظرية الفقه الإسلامي في البيع ، وإلى المادة 108 من التقنين المدني الألماني وتقضي بأن العقد الصادر من القاصر بدون إجازة الوصي هو عقد غير نافذ ، وإلى المادة 109 وتقضي بأن الطرف الآخر في التعاقد يستطيع الرجوع في العقد ما لم يجزه الوصي .
( [510] )          وهذا لا يمنع ، من ناحية السياسة التشريعية ، أن نظرية العقد الموقوف تفضل بكثير نظرية العقد القابل للإبطال في بيع ملك الغير . وقد بسطنا ذلك تفصيلاً في كتاب " مصادر الحق في الفقه الإسلامي " الجزء الرابع ص 305 – ص 307 .
( [511] )          مذكرات غير مطبوعة في البيع للمؤلف سنة 1927 – عقد الإيجار للمؤلف سنة 1929 ص 108 هامش رقم 3 نظرية العقد للمؤلف سنة 1934 ص 116 هامش رقم 2 .
( [512] )          بودري وسينيا فقرة 116 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 45 .
( [513] )          بودري وسينيا فقرة 119 مكررة .
( [514] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 193 .
( [515] )          وهذا هو المقرر فعلاً في التقنين المدني الألماني حيث لا يوجد نص على بطلان يع ملك الغير . فالبائع في هذا التقنين يلتزم بنقل ملكية المبيع إلى المشتري ( م 433 ) ، فإذا لم ينفذ التزامه جاز للمشتري طلب فسخ البيع 0 م 440 ) . وتنفيذ الالتزام بنقل الملكية يكون باتفاق تال مستقل عن عقد البيع مع قيده في السجلات العقارية بالنسبة إلى العقار ( م 873 ) ، أو مع التسليم بالنسبة إلى المنقول ( م 929 ) . ويستطيع المشتري في بيع ملك الغير في القانون الألماني أن يرفع دعوى الفسخ على البائع ، حتى قبل أن يتعرض له المالك الحقيقي ، وفي هذا يختلف القانون الألماني عن القانون الروماني اختلافاً بيناً ( سالي في الالتزامات فقرة 152 وفقرة 206 – بلانيول وريبير وهامل 10 ص 45 هامش رقم 3 ) . وأنظر أيضاً في تقنين الالتزامات السويسري المادة 184 في الالتزامات بنقل الملكية ، والمادة 656 في نقل ملكية العقار باتفاق تال يقيد في السجل العقاري ، والمادة 714 في نقل ملكية المنقول باتفاق تال يصحبه التسليم .
( [516] )          وسنرى أن المشتري إذا كان له أن يجيز بعي ملك الغير ، فإن المالك الحقيقي له أيضاً أن يجيزه ، بل إن إجازة المالك الحقيقي أبلغ أثراً من إجازة المشتري ، فهي تقلب العقد صحيحاً وتجعله في الوقت ذاته سارياً في حق المالك . وسنرى أيضاً أن العقد ينقلب صحيحاً بمجرد أن يصبح مالكاً للمبيع ، وهذه خصوصية لا تعرف في العقد القابل للإبطال طبقاً للقواعد العامة .
( [517] )          قارب بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 48 ص 49 – ص 50 - والأستاذ إسماعيل غانم ص 15 – وأنظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 404 ص 391 – ص 392 .

وقد قررنا هذا الرأي نفسه في كتاب الإيجار في العبارات الآتية : " بيع ملك الغير باطل بطلاناً نسبياًن ولكن هذا البطلان غير مستند من القواعد العامة ، لأنه خاضع في مصدره وفي أحكامه إلى مبادئ أخرى خاصة به . فمن البعث إذن أن نحاول البحث في القواعد العامة على ما يستند إليه بطلان بيع ملك الغير . أما العلة في البطلان فراجعة إلى أن البيع ناقل بطبيعته للملكية ، ولم يكن كذلك من قبل . فقد كان البائع في القانون الروماني لا يلتزم بنقل الملكية بل بنقل مجرد الحيازة ، ولذلك كان بيع ملك الغير صحيحاً . واستمر الحال كذلك في القانون الفرنسي القديم ، مع الالتجاء إلى بعض أوضاع تسهل نقل الملكية . أما في القانون الفرنسي الحديث فقد تقرر أن البائع يلتزم بنقل الملكة . ولذلك تغيرت طيعة البيع ، وأصبح بيع ملك الغير مناقضاً لها . ولاحظ واضعوا قانون نابليون هذا التغيير ، فرتبوا عليه نتيجته المنطقية وهي بطلان بيع ملك الغير . ولم تكن علة البطلان – وهي تناقض بيع ملك الغير مع طبيعة البيع – على وجاهتها بكافية وحدها في تقرير البطلان من الوجهة القانونية ، لأنها لا تستند إلى مبدأ عام يطبق على جميع العقود وكان لا بد من نص صريح ينشئ البطلان ويخلقه ، فالمواد 264  /  333  /  1599 تعتبر نصوصاً منشئة لا مقررة ، بحيث لو كانت غير موجودة لما جاز القول ببطلان بيع ملك الغير حتى مع بقاء علة البطلان المشار إليها ( وهذا هو الأمر في القانون الألماني ) – ونرى مما تقدم أنه حتى يكون إيجار ملك الغير باطلاً ، يجب وجود نص خاص بذلك ، ولا يصح القياس على البيع – وفي الوقت الذي كان بيع مالك الغير فيه يعتبر صحيحاً ، كان يترتب على ذلك أن المشتري لا يستطيع أن يحرك ساكناً قبل أن يتعرض له المالك الحقيقي . فلما أصبح البيع ناقلاً للملكية ، كان هذا كافياً لإخراج المشتري من هذا المأزق حتى ولو لم يتقرر بطلان بيع ملك الغير ، لأنه كان يستطيع طلب فسخ البيع ما دام البائع لم يقم بالتزامه من نقل الملكية . ولكن المشرع – مراعاة للاعتبار المتقدم وهو أن تغيير طبيعة عقد البيع وصيرورته عقداً ناقلاً للملكية يستلزم منطقياً بطلان بيع ملك الغير – قرر أيضاً هذا البطلان . فأصبح المشتري بالخيار بين أن يلجأ إلى الحماية الخاصة التي أعطاها له القانون بالنص الخاص بالبطلان ليطلب بطلان العقد ، والفرق واضح بين دعوى الفسخ ودعوى البطلان " ( عقد الإيجار للمؤلف سنة 1929 فقرة 78 ص 108 هامش رقم 3 ) .

ويتفق معنا الأستاذ حلمي بهجت بدوي في أن بطلان بيع ملك الغير غير مستمد من القواعد العامة ، وقد نشأ من نص تشريعي خاص . ولكنه يقول إن الاتفاق إذا كان من شأنه نقل الملكية في الحال ، فالبيع قابل للإبطال أما إذا كان الاتفاق لا ينقل الملكية في الحال بل يكتفي بتقرير التزام في ذمة البائع بنقلها ، فلا تناقض ، إذ يجوز أن يحصل البائع على الملكية وينقلها للمشتري وبذلك يفي بالتزامه ( أنظر مقالاً له في مجلة القانون والاقتصاد السنة الأولى ص 599 ) . وفي رأينا أن البيع الذي يقرر التزاماً بنقل الملكية في ذمة البائع لا يختلف في طبيعته عن البيع الذي ينقل الملكية في الحال ، فالبيع لا ينقل الملكية إلا لأنه أولاً ينشئ التزاماً ينقلها ، ثم ينفذ الالتزام فتنتقل الملكية فعلاً . ولذلك لا نفرق – من حيث طبيعة العقد – بين بيع العقار غير المسجل ويقرر التزاماً بنقل الملكية ، وبيع العقار المسجل وينقل الملكية فعلاً . فكلاهما عقد ناقل للملكية تتناقض طبيعته مع بيع ملك الغير ، وكلاهما قابل للإبطال . وقد اضطر الأستاذ حلمي بهجت بدوي ، وهو ينكر على يع العقار غير المسجل طبيعته كعقد ناقل للملكية ، أن ينكر هذه الطبيعة أيضاً على بعي العقار غير المسجل ، إذ التسجيل لا يغير من طبيعة العقد ، ولا يبطله إذا كان صحيحا . وقاده هذا المنطق إلى اعتبار بيع عقار الغير بعد تسجيله صحيحاً ، مخالفاً في ذلك البداهة والإجماع . وسنعود إلى هذه المسألة فيما يلي .

ويتفق معنا كذلك الأستاذ حامد زكي في أن بطلان بيع ملك الغير ليس تطبيقاً للقواعد العامة بل أنشأه الشارع بنص خاص . ولكن علة البطلان عنده ترجع " إلى أن المقصود من عقد البيع هو حصول المشتري على الملكية وانتقالها إليه ، سواء تم هذا الانتقال وقت الاتفاق أو كان متراخياً إلى حين حصول التسجيل ، فمن يبيع ملك غيره ليس في مقدوره أن يحقق المقصود من عقد البيع وهو انتقال الملكية ، ولذا أبطل المشرع تصرفه " ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 166 ) . ولا نرى فرقاً ، في استظهار علة البطلان ، بين القول بأن ذلك راجع إلى أن البيع ينشئ التزاماً بنقل الملكية فتتناقض طبيعته مع بيع ملك الغير ، والقول بأن ذلك راجع إلى أن المقصود من عقد البيع هو أن يحصل المشتري على الملكية ومن يبيع ملك غيره لا يحقق هذا المقصود ، فالتعبيران وإن كانا مختلفين ينطويان على فكرة جوهرية واحدة .

أنظر في استعراض هذه الآراء وانتقادها الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 115 ص 259 – ص 261 – وينتهي إلى القول : " ويبدو لنا ، بعد عرض هذه الآراء ، أن نص المشرع على قابلية بيع ملك الغير للإبطال دون النص على مثل هذا الحكم بالنسبة للعقود الأخرى كالإيجار مثلاً ، لا يستند إلى أي أساس فني . وإنما هو حكم اقتضته السياسة التشريعية ، وقد تأثر فيه المشرع المصري بمسلك القضاء الفرنسي الذي لم يلتزم حدود النص ، وخرج عما قصده واضعو قانون نابليون الذي يبدو أنهم كانوا يقصدون تقرير البطلان المطلق . . . . ولهذا ننتهي إلى أنه لا يوجد أساس فني يبرر إبطال بيع ملك الغير . وربما كان مسلك القضاء الفرنسي الذي تأثر به المشرع المصري قد جاء نتيجة الرغبة في تكملة أحكام ضمان الاستحقاق . . ولهذا نجد المحدثين من الشراع الفرنسيين يقولون إن دعوى إبطال ملك بيع الغير ليست إلا إعمالاً لضمان الاستحقاق قبل أن يتحقق التعرض الفعلي ، أو أنها تكملة لأحكام الضمان " ( الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 261 وص 263 وص 264 ) .
( [518] )          وهذا ما قال به الأستاذ أحمد نجيب الهلالي فقرة 170 – فقرة 171 .
( [519] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 193 – وهذا هو الأمر في القانون الألماني كما سبق القول .
( [520] )          وهذا ما ذهب إليه الأستاذ حلمي بهجت بدوي في المقال المشار إليه ( مجلة القانون والاقتصاد 1 ص 598 وما بعدها ) . فهو يرى – كما سبق القول ، أن علة بطلان بيع ملك الغير هي أن الملكية في البيع يجب أن تنتقل في الحال ، ومن بيع ملك غيره لا يترتب على بيعه هذا الأثر ولما كانت هذه العلة قد زالت بصدور قانون التسجيل ، فقد زال سبب البطلان ، ومن ثم يكون بيع عقار الغير في رأيه صحيحاً قبل أن يسجل ، ويبقى صحيحاً حتى بعد التسجيل . هذا وقد حسم التقنين المدني الجديد ( م 466  /  1 ) كل خلاف في هذه المسألة بنص صريح كما قدمنا .
( [521] )          أنظر في هذا المعنى الأستاذ أنور سلطان فقرة 401 – الأستاذان سليمان مرقس فقرة 282 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 391 – وهذا هو الرأي الذي قلنا به في عهد التقنين المدني السابق ، وأوجزناه في كتاب الإيجار في العبارات الآتية : " هذا ويلاحظ أن بيع ملك الغير في مصر لا يزال باطلاً حتى بعد صدور قانون التسجيل الحديث ، لأن البيع لا يزال من طبيعته نقل الملكية ، إذ هو يولد التزاماً في جانب البائع بنقل الملكية ، إن كانت لا تنتقل إلا بالتسجيل . وعلى ذلك فالتناقض بين بيع ملك الغير وطبيعة البيع لا يزال موجودا ، والنص المنشئ للبطلان ( م 264  /  333 ) لم يلغه قانون التسجيل . ومن ثم قلنا ببطلان بيع ملك الغير ، سواء قبل تسجيل العقد أو بعد التسجيل . ولا يصح في نظرنا للقول بأن بيع ملك الغير صحيح قبل تسجيل العقد باطل بعد التسجيل – أنظر الأستاذ الهلالي في البيع فقرة 346 – فقرة 348 – لأن التسجيل لازال حتى الآن لمجرد الإشهار ، وليس من شأنه أن يبطل عقداً صحيحاً أو يصحح عقداً باطلاً ( عقد الإيجار للمؤلف فقرة 78 ص 108 هامش رقم 3 – وأنظر أيضاً نظرية العقد للمؤلف ص 611 هامش رقم 2 ) .

وأنظر أيضاً في هذا المعنى في عهد التقنين المدني السابق الأستاذ حامد زكي ( البيع للأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 174 – فقرة 175 ) .
( [522] )          أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 40 – بودري وسينيا فقرة 149 ص 111 - بيدان 11 فقرة 105 – بلانيول وهامل 10 فقرة 48 ص 50 – ص 51 كولان وكابيتان 2 فقرة 867 .
( [523] )          استئناف مختلط 11 مايو سنة 1922 م 34 ص 398 .
( [524] )          وسنرى أن دعوى الإبطال هي غير دعوى الفسخ وغير دعوى ضمان الاستحقاق .
( [525] )          وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا أقر المالك الحقيقي البيع قبل أن يتمسك المشتري بالبطلان بإجراء صحيح ، فإن البيع ينقلب صحيحاً ( 11 نوفمبر سنة 1930 م 43 ص 17 – 25 فبراير سنة 1941 م 53 ص 108 ) . وقضت أيضاً بأن للبائع أن يحتج بإقرار المالك الحقيقي للبيع في دعوى الإبطال التي رفعها المشتري ( 27 أبريل سنة 1926 م 38 ص 365 ) . ويسير القضاء الفرنسي على هذا النحو ( أنظر بودري وسينيا فقرة 119 ص 114 – ص 115 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2321 وأحكام القضاء الفرنسي المشار إليها ) .

ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن مجرد رجوع المشتري عن البيع في بيع ملك الغير وإعلان البائع بهذا الرجوع ( أي ولو قبل رفع الدعوى ) قبل صدور الإقرار من المالك الحقيقي يكفي لسقوط البيع ، ولو أقر المالك بعد ذلك ( 25 مارس سنة 1914 م 26 ص 292 – وأنظر أيضاً في هذا المعنى بلانيول وريبير وهاملي 10 فقرة 50 ص 54 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 234 ص 446 ) .

وعلى العكس مما تقدم قضت محكمة استئناف مصر بأن إجازة بيع ملك الغير ، إذا تمت بعد رفع الدعوى وقبل الحكم ، تعتبر قياماً من جهة البائع لمالك الغير بنفاذ تعهده وهو نقل الملكية ، ويصح قبول الإجازة بعد رفع الدعوى متى لم يصب المشتري ضرر من هذا التأخير ، وذلك بناء على أن بيع ملك الغير قابل للفسخ ( 20 ديسمبر سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 39  /  2 ص 84 – وأنظر أيضاً في هذا المعنى جيوار فقرة 189 – دي هلتس 4 لفظ vente ص 14 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 179 ص 171 ) .

ولا شك في أن إبطال البيع بمجرد إعلان المشتري رجوع 8 ه فيه وقبل رفع دعوى الإبطال ، بالرغم من إقرار المالك الحقيقي للبيع أو صيرورة البائع مالكاً وذلك قبل رفع الدعوى ، يتعارض مع النص الصريح ( م 467 مدني ) . أما قبول إقرار المالك الحقيقي بعد رفع دعوى الإبطال وقبل صدور الحكم ، أو صيرورة البائع مالكاً ما بين هاتين الفقرتين ، فقد يتفق مع المبدأ القاضي بتحريم التعسف في استعمال حق الإبطال ، إذا ظهر أنه لم تعد للمشتري مصلحة بعد ذلك في التمسك بالإبطال . ونظير ذلك ما نصت عليه المادة 124 مدني من أنه " 1 - ليس لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية . 2 - ويبقى بالأخص ملزماً بالعقد الذي قصد إبرامه " إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذ هذا العقد " .
( [526] )          أنظر من هذا الرأي في الفقه المصري الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 396 ص 581 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 114 ص 250 - الأستاذ إسماعيل غانم ص 17 – ص 18 – وفي الفقه الفرنسي : أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 42 – بودري وسينيا فقرة 119 ص 112 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 48 ص 51 – ص 52 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2318 .

ومع ذلك فقد ذهب الأستاذ سليمان مرقس – ويوافقه الأستاذ محمد كامل مرسي ( فقرة 233 ص 444 ) – إلى أن " المادة 466 مل تتضمن حكماً للتقادم خاصاً بهذا الحق ، فتسري عليه الأحكام العامة . غير أن المادة 140 التي حددت مدة تقادم دعاوى الإبطال بثلاث سنوات قد عيت في كل حالة من حالات الإبطال مبدأ هذه المدة ، وهو تاريخ كشف الغلط أو التدليس أو انقطاع الإكراه أو زوال نقص الأهلية ، ولم تحدد مبدأ لمدة تقادم دعوى إبطال بعي ملك لغير ، فيتعين القول بأن هذه المدة تبدأ من وقت إبرام العقد ، وبأ ، الحق في رفع هذه الدعوى لا يتقادم بمضي ثلاث سنوات لأن المشرع لم يأخذ بالمدة الأخيرة إلا في الحالات التي حدد فيها مبدأ لهذه المدة تالياً لوقت إبرام العقد . أما حيث تبدأ المدة من وقت العقد ، فإن التقادم لا يتم إلا بخمس عشرة سنة " ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 269 ص 499 – ص 450 ) . ونخالف هذا الرأي ، فإن المواد 138 – 140 مدني جاءت العبارة فيها عامة تشمل جميع العقود القابلة للإبطال أياً كان سبب البطلان ، فيدخل فهيا يع ملك الغير ، ويسقط الحق في إبطال هذا البيع بثلاث سنوات ( م 140  /  1 مدني ) . ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 140 مدني لم تحدد مبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى بيع ملك الغير ، فقياساً على الأحوال التي حدد فيها النص مبدأ سريان التقادم – ويستخلص منها أن مبدأ السريان لا يكون إلا عند تمكين صاحب الحق في الإبطال من رفع الدعوى – يجب القول بأن التقادم في حالة بيع ملك الغير لا يبدأ سريانه إلا من وقت تمكين المشتري من رفع دعوى الإبطال أي من وقت علمه بأن البائع لا يملك المبيع . وقياساً أيضاً على الحالات المتقدمة – الغلط والتدليس والإكراه - تسقط دعوى الإبطال أيضاً بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت صدور بعي ملك الغير . وليس صحيحاً أن مدة الثلاث السنوات تبدأ دائماً من وقت تال لإبرام العقد ، فقد تبدأ من وقت إبرام العقد ، كما إذا انقطع الإكراه بمجرد تمام العقد فتتقادم دعوى الإكرآه بثلاث سنوات من هذا الوقت ، وكما إذا كان المشتري في بيع ملك الغير يعلم وقت البيع أن المبيع غير مملوك للبائع فتتقادم الدعوى بانقضاء ثلاث سنوات من وقت صدور البيع ( الأستاذ إسماعيل غانم ص 18 ) .
( [527] )          بيدان 11 فقرة 105 .
( [528] )          ديفرجيه 1 فقرة 220 - ماركاديه م 1599 فقرة 2 – كولان وكابيتان 2 فقرة 867 ص 579 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2318 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 185 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 114 ص 248 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 41 ص 100 - بل يذهب بعض الفقهاء إلى أن للبائع حتى لو كان سيء النية أن يدفع بعدم تسليم المبيع إذا كان لم يسلمه إلى المشتري ، لأن إجبار البائع على تسليم المبيع وهو ليس بمالكه فيه إكراه له على أن يعتدي على ملك الغير ( بيدان 11 فقرة 105 ) .

على أن طائفة من الفقهاء يذهبون إلى أنه لا يجوز للبائع طلب إبطال البيع ، سواء كان سيء النية أو حسن النية ، لأن طلب الإبطال لم يتقرر إلا لمصلحة المشتري ، ولأن التزام البائع بالضمان يتعارض مع إبطاله للبيع ، ولأن البائع حتى لو كان حسن النية مقصر في بيعه شيئاً غير مملوك له : بودري وسينيا فقرة 119 ص 111 - ص 112 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 48 ص 51 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 406 - الأستاذ سليمان مرقس فقرة 270 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 399 – وأنظر عرضاً لهذه الآراء المختلفة : الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 175 هامش رقم 3 .

ولا يجوز للمالك الحقيقي أن يطعن في البيع بالإبطال ، إذ أن البطلان لم يتقرر لحمايته هول بل لحماية المشتري ، وإنما يرفع دعوى استرداد المبيع من تحت يد حائزه ، ولا يحتج عليه بالبيع فالبيع غير نافذ في حقه ( أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 40 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 48 ص 51 ) .
( [529] )          ويميل الفقه الفرنسي إلى جعل مدى التعويض هنا كمداه في ضمان الاستحقاق ( بيدان 11 فقرة 108 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 49 ص 53 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 406 ) .
( [530] )          استئناف مختلط 16 مارس سنة 1899 م 11 ص 162 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 235 ص 449 .
( [531] )          ويكون حسن النية لو جهل ذلك ، حتى لو كان جهله راجعاً إلى خطأ جسيم في جانبه ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 49 – قارن أوبري ورو 5 فقرة 351 ص 41 – بيدان 11 فقرة 108 ) .
( [532] )          استئناف مختلط 12 فبراير سنة 1935 م 47 ص 150 - أوبري ورو 5 فقرة 351 هامش 48 – بودري وسينيا فقرة 119 ص 115 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 49 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 235 ص 449 .

ولكن يجوز للمشتري ، حتى لو كان عالماً وقت البيع بأن المبيع غير مملوك للبائع ، أن يشترط في عقد البيع الرجوع بالتعويض على البائع فوق استرداده للثمن إذا انتزع المالك الحقيقي المبيع من يده ( بلانيول وريبير هامل 10 فقرة 49 ص 53 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 404 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 405 ) – وعلى العكس من ذلك لا يستطيع البائع إخلاء نفسه من المسئولية عن التعويض إذا كان أساس هذه المسئولية هو الخطأ التقصيري إذ لا يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسئولية التقصيرية ( الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 114 ص 252 ) .
( [533] )          قارن جوسران 2 فقرة 1046 مكررة .
( [534] )          نقض مدني 19 نوفمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 4 ص 13 – استئناف مختلط 12 مارس سنة 1890 م 2 ص 221 - ولكن قارن في عهد التقنين المدني السابق رأياً يذهب إلى أن البائع حسن النية لا يكون مسئولاً عن التعويض ، استناداً إلى النص الفرنسي للمادة 365  /  333 وهو يشترط في التعويض سوء نية البائع ( استئناف مختلط 27 مايو سنة 1930 م 42 ص 518 – دي هلتس 4 لفظ vente فقرة 19 – والتون 1 ص 339 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 186 – فقرة 188 ) .
( [535] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 193 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 276 ص 455 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 114 ص 252 – الأستاذ إسماعيل غانم ص 18 .
( [536] )          ويقول بعض الفقهاء الفرنسيين إن مصدر المسئولية عن التعويض إذا كان البائع حسن النية هو أنه يعتبر مقصراً إذا باع ما لا يملك ، وإذا كان سيء النية فمصدر المسئولية هو اختلاسه لملك الغير ( stellionat ) ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2319 ) . ويقول فقهاء آخرون بأن مصدر التعويض هو خطأ البائع في أنه باع ما لا يملك ، ولكن مسئولية البائع ليست مسئولية تعاقدية لأن العقد قد أبطل ، ولا هي مسئولية تقصيرية لأن الخطأ وقع بمناسبة عدم تنفيذ العقد ، ولكنه خطأ يتقدم العقد ( precontractuelle ) ( بيدان 11 فقرة 98 ص 67 . ويشير إلى رسالة روبيه ليون سنة 1911 ) .
( [537] )          وتستخلص الإجازة الضمنية من تنفيذ المشتري للبيع مختاراً بعد علمه بأن المبيع غير مملوك للبائع ، كأن يتسلم المبيع أو أن يدفع الثمن ( بودري وسينيا فقرة 119 ص 112 ) .
( [538] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 48 ص 52 – وهناك خلاف في التزام البائع بتسليم المبيع ، فقد قدمنا أن هناك رأيا يذهب إلى أن للبائع أن يدفع دعوى المشتري بالتسليم ولو كان : البائع سيء النية حتى لا يجبر على الاعتداء على ملك الغير ( بيدان 11 فقرة 105 ) . وهناك رأي آخر يذهب إلى وجوب أن يكون البائع حسن النية ليكون له هذا الدفع ، إذ يستطيع عندئذ أن يطعن في البيع بالغلط ( كولان وكابيتان 2 فقرة 867 ص 579 ) . أنظر آنفاً فقرة 161 .

ولكن إذا سلم البائع المبيع إلى المشتري ، لم يستطع أن يسترده منه ليسلمه إلى المالك الحقيق ، ذلك أنه يضمن تعرضه الشخصي ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 268 ص - 447 ) .
( [539] )          وقد قدمنا أنه إذا رفع المشتري دعوى الإبطال قبل أيلولة ملكية المبيع إلى المشتري ، وجب الحكم بإبطال البيع ولو أصبح المبيع ملكاً للمشتري قبل صدور الحكم النهائي ( بودري وسينيا فقرة 119 ص 114 – ص 115 – بلانيول وريبير 2 فقرة 2321 ) . وبينا أن هناك رأياً يذهب إلى أنه يكفي أنيطلب المشتري إبطال البيع بأية طريقة ولو بمجرد كتاب ، دون حاجة إلى رفع دعوى الإبطال ، حتى يمتنع تصحيح العقد ولو آلت ملكية المبيع إلى البائع قبل رفع دعوى الإبطال ( بالنيول سوريبير وهامل 10 فقرة 50 ص 54 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 234 ص 446 ) . وقلنا إن هذا رأي يتعارض مع النص الصريح ( م 467 مدني ) . وذكرنا أن هناك رأياً آخر يذهب ، على العكس من الرأي المتقدم ، إلى أن البيع يصح بأيلولة ملكية المبيع إلى البائع ، حتى لو تم ذلك بعد رفع دعوى الإبطال ما دام قد تم قبل صدور الحكم النهائي ( جيوار فقرة 189 – دي هلتس 4 لفظ vente فقرة 14 ) ، وأسسنا هذا على المبدأ للقاضي بتحريم التعسف في استعمال حق الإبطال ، وأنظر أيضاً الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 179 ص 171 ، ولكنهما فيما يتعلق بإقرار المالك الحقيقي للبيع يذهبان إلى أن البيع لا يصح إلا إذا صدر الإقرار قبل رفع المشتري دعوى الإبطال ( أنظر فقرة 181 ) – أنظر في كل ذلك ما قدمناه آنفاً فقرة 161 في الهامش .
( [540] )          وينتقل المبيع إلى المشتري محملاً بالحقوق التي رتبها عليه المالك الحقيقي قبل أن تنتقل الملكية منه إلى البائع ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 410 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 234 ص 447 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 114 ص 249 – الأستاذان أحمد نجيب الهلال وحامد زكي فقرة 179 ) .
( [541] )          وقد قدمنا أن المشتري قد يكسب الملكية ، لا عن طريق أيلولتها إلى البائع ، بل عن طريق التقادم أو حيازة في المنقول ، فيصح البيع في هذه الحالة بعد زوال السبب الذي كان يدعو إلى إبطاله . وذكرنا أن هناك رأياً يذهب إلى أن المشتري في هذه الحالة لا يلزم بالتمسك بوضع اليد فقد لا يقره ضميره على ذلك ( أنظر آنفاً فقرة 154 في الهامش ) – وقد يكون البائع قد سبق له التصرف فيما باعه ثم استرد ملكيتهن فيصبح مالكاً ويصح البيع . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا تمسك المشتري بأن البائع له ، وإن كان قد سبق أن تصرف في القدر المبيع ، إلا أنه قد استرد ملكيته بعدوله عن العقد الذي كان تصرف به فيه وأن البيع الحاصل له هو قد أجازه من كان حصل هل التصرف أولاً ، فيجب على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه بناء على أدلة منتجة لحكمها ( نقض مدني 8 يونيه سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 147 ص 403 ) .
( [542] )          بودري وسينيا فقرة 125 – وأنظر آنفاً فقرة 154 في الهامش وفقرة 164 في الهامش .
( [543] )          استئناف مصر 23 أبريل سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 138 .
( [544] )          فيكون البائع بالرغم من حسن نيته معرضاً لدعوى تعويض يرفعها عليه البائع ، ودعوى تعويض أخرى يرفعها عليه المشتري كما سبق القول . ودعوى التعويض التي يرجع بها المالك الحقيقي على البائع لا يبدأ سريان التقادم بالنسبة إليها من وقت وضع البائع يده على المبيع ، بل من وقت البيع الذي صدر منه للمشتري فهو سبب التعويض . وتقدر قيمة الشيء وقت وجوب رده للمالك الحقيقي لا وقت البيع ( استئناف مختلط 31 مارس سنة 1942 م 54 ص 153 ) .
( [545] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 193 .
( [546] )          استئناف مختلط أول أبريل سنة 1915 م 27 ص 257 – وقد قضت محكمة النقض بأن توقعي المالك الحقيقي على عقد البيع الصادر من غيره ببيع ملكه هو باعتباره ضامناً متضامناً مع البائع يعتبر إقراراً للبيع ، وليس من الضروري أن يرد الإقرار في صيغة إقرار صريح ( نقض مدني 20 أبريل سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 111 ص 433 - أنظر أيضاً نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 31 ص 106 ) . ولا يكون إقرار المالك الحقيقي للبيع إقراراً ضمنياً بمجرد قبضه للثمن ، بل لا بد أيضاً أن يعرف أن هذا هو ثمن ماله المبيع ( استئناف مختلط 25 مارس سنة 1914 م 26 ص 292 ) ، وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن وكيل المسجون لا يجوز له أن يبيع ماله والموكل محجور عليه أثناء تنفيذ الحكم ، فإذا باعه كان البيع بيع ملك الغير ، ويقبل إقرار المسجون بعد تنفيذه مدة العقوبة وفك الحجر عنه ( 2 فبراير سنة 1943 م 55 ص 46 ) .
( [547] )          بودري وسينيا فقرة 125 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 55 ص 54 هامش 5 وص 55 - بيدان 11 فقرة 107 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 408 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 273 .
( [548] )          ويقول الأستاذ سليمان مرقس : " إن إقرار المالك يعد اعتماداً منه لما قام به البائع ، فيترتب عليه التزام المالك من وقت صدور هذا الإقرار منه بكل ما التزم به البائع ، أي أنه يحل في عقد البيع ابتداء من هذا التاريخ محل البائع ، وتقوم العلاقة بينه وبين المشتري مباشرة . فيجوز للمالك أن يطالب المشتري بالثمن وأن يعرض عليه تسلم المبيع ، ويجوز للمشتري أن يطالب المالك بالتسليم وأن يرجع عليه بضمان التعرض أو بضمان العيوب الخفية عند الاقتضاء . ويترتب على إقرار المالك أيضاً أن تبرأ ذمة البائع من الالتزامات التي أنشأها عقد البيع ، لأن هذه الالتزامات تنتقل كما تقدم إلى ذمة المالك . غير أنه إذا كان البائع قد حصل شيئاً من الثمن ، عليه أن يؤدي عنه إلى المالك حساباً ، وأن يدفع إليه رصيد هذا الحساب كما لو كان وكيلاً عنه في عقد البيع " ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 273 – وأنظر أيضاً الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 40 ص 97 ) ومقتضى هذا الرأي أن إقرار المالك للبيع يجعل البائع في حكم النائب عنه ، فينصرف أثر العقد إلى المالك بعد أن كان منصرفاً إلى البائع ، وذلك بأثر رجعي من وقت البيع – لا من وقت الإقرار إلا في حقوق الغير – ويصح القول هنا إن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ( دي باج 4 فقرة 32 ص 69 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 401 ص 586 ) ، أو يقال إن المشتري ، في حالة إقرار المالك ، يكون له مدينان بالتضامم ( in solidium ) ، البائع والمالك ، ويكون هذان كذلك دائنين بالتضمم للمشتري ( قارن الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 113 ص 246 ) .
( [549] )          ويخلف المشتري البائع في حصته الشائعة ، وتصبح له جميع الحقوق التي للبائع ، ويدخل في ذلك الحق في طلب القسمة وما يترتب على الأثر الكاشف ( بودري وسينيا فقرة 121 ص 117 ) .
( [550] )          استئناف مختلط 24 مايو سنة 1938 م 50 ص 321 ( بيع المزاد الجبري ) .
( [551] )          قارن الأستاذ سليمان مرقس فقرة 287 ص 471 – ص 472 – وذلك لأن البيع الواقع على حصص الشركاء يختلف عن بيع ملك الغير في أن هذه الحصص قد تقع في نصيب الشريك البائع عند القسمة ، فتعتبر بفضل الأثر الكاشف للقسمة أنها كانت مملوكة للشريك البائع وقت البيع ، فلا يكون قد باع ما لا يملك . هذا إلى أن المشتري ، وهو يعلم أن البائع لا يملك كل الجزء المفرز الذي يبيعه ، يكون قد أرتضى شراء ما ستتركز عليه حصة البائع الشائعة بعد القسمة .
( [552] )          الأستاذ أنور سلطان فقرة 414 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 386 – وأنظر في عهد التقنين المدني الأسبق : استئناف وطني 26 مايو سنة 1914 الشرائع 1 رقم 408 ص 249 – 7 أبريل سنة 1924 المجموعة الرسمية 26 رقم 87 – استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1931 م 43 ص 244 – 13 يناير سنة 1944 م 56 ص 34 ( البيع صحيح إذا أقره باقي الشركاء ) - 27 مايو سنة 1947 م 59 ص 230 - وأنظر عكس ذلك في أن البيع باطل بطلاناً مطلقاً : استئناف مصر 18 فبراير سنة 1932 المحاماة 13 رقم 34 ص 19 .

وقد قضت محكمة النقض بأنه ليس ثمة ما يمنع البائع ، وإن كان مالكاً على الشيوع ، أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً . وحالة التحديد هذه ، وإن ظلت موقوفة أو معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشريك على الشيوع ، إلا أن ذلك كله لا يبطل عقد البيع ( نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 27 ص 138 ) .
( [553] )          وقد قضت محكمة استئناف مصر في عهد التقنين المدني السابق بأن الشراح والمحاكم اختلفوا رأياً في حكم المبيع المفروز من مالك على الشيوع ، وترى المحكمة الأخذ بالرأي القائل ببطلان البيع طالما لم يثبت أن المشتري كان علاماً بحالة الشيوع . ذلك لأن المفروض فيمن يشتري عيناً محددة أن ينتفع بها فوراً بغير منازع ، فجعل البيع موقوفاً على نتيجة القسمة فيه تعليق للملكية على أمور احتمالية غير محققة قد يطول أمرها وتستلزم مصاريف كثيرة وجهوداً شاقة ، وليس من العدل تحميل المشتري بها ( 18 فبراير سنة 1932 المجموعة الرسمية 33 رقم 167 – وأنظر أيضاً استئناف مصر 29 ديسمبر سنة 1936 المجموعة الرسمية 38 رقم 91 ) .

ولا يوجد في التقنين المدني الفرنسي نص يقابل الفقرة الثانية من المادة 826 من التقنين المدني المصري . ومن ثم لا يميز القضاء الفرنسي بين المشتري الذي يعلم بأ ، البائع لا يملك إلا حصة شائعة والمشتري الذي يعتقد أن البائع يملك المبيع دون شريك ، ففي الحالتين يكون بيع الجزء المفرز قابلاً للإبطال ، لا موقوفاً على شرط هو نتيجة القسمة ، إذ لا يجوز الخلط بين الأثر الكاشف للقسمة والأثر الرجعي للشرط . ويستطيع المشتري أن يطلب إبطال البيع قبل القسمة ، ولا يستطيع البائع ذلك ، وفقاً لأحكام بعي ملك الغير . وكذلك يستطيع الشركي في الشيوع غير البائع استردادب حصته الشائعة فيما باعه شريكه . فإذا رفع المشتري دعوى الإبطال ، جاز له أن يطلب إبطال البعي في كل المبيع إذا أثبت أنه لم يكن ليشتري حصة البائع وحده ، وذلك كما في الاستحقاق الجزئي ( بيدان 11 فقرة 110 – فقرة 111 ) . وأنظر أيضاً في القانون الفرنسي بودري وسينيا فقرة 121 ( ويذهبان إلى أن البيع يكون موقفاً على نتيجة القسمة في الحالتين ) – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 51 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 370 – فقرة 376 .
( [554] )          وللمشتري بطبيعة الحال أن يجيز البيع ، فيأخذه الجزء المفرز الذي وقع في نصيب البائع بدلاً من الجزء المفرز المبيع . وليس هذا تحولاً لعقد باطل ، بل هو إجازة لعقد قابل للإبطال ( قارن الأستاذ سليمان مرقس فقرة 286 ص 467 ) .

وهذا كله مفروض فيه أن المبيع جزء مفرز . أما إذا باع الشريك جزءاً شائعاً مجاوزاً فيه نصيبه في الشيوع ، فالبيع غير نافذ منذ البداية فيما جاوز نصيبه . وقد قضت محكمة النقض بأن القول بأ ، الشريك الذي يملك مشاعاً القدر الذي باعه مفرزاً لا يقبل منه ولا من شركائه الإدعاء بعدم نفاذ البيع في حصصهم ما دامت القسمة لم تقع ولم يقع البيع في نصيبهم – هذا القول محله أن يكون المبيع جزءاً مفرزاً معيناً من الأموال الشائعة . أما إذا كا المبيع غير مفرز ، وتجاوز البائع مقدار نصيبه للشائع ، فلا يقبل هذا القول ( نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 27 ص 92 ) . وأنظر في حالة ما إذا كان الجزء المبيع المفرز أقل أو أكثر من قيمة الحصة الشائعة ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 286 ص 468 – ص 469 ) .
( [555] )          الأستاذ أنور سلطان فقرة 415 .
( [556] )          وقد قضت محكمة النقض في عهد التقنين المدني السابق بأنه إن اختلف الفقهاء والقضاة في حكم بيع الشريك جزءاً مفروزاً من مال مشاع هل يقع صحيحاً في حصة البائع منه وباطلاً في حصر شركائه أم يقع موقوفاً على نتيجة القسمة بين جميع الشركاء ، فإنما وقع اختلافهم هذا في تقرير حكم العقد بين عاقديه . فمن ذهب إلى اعتباره باطلاً جعل للمشتري حق إبطاله من يوم العقد لما فيه من تفريق الصفقة عليه ، ومن رأي أنه بيع موقوف لم يجعل للمشتري سبيلاً على البائع إلا عند خروج المبيع من حصة بائعه بالقسمة . أما في تقرير حكم العقد في علاقة المشتري مع من يدعى استحقاق المبيع لنفسه – سواء أكان هذا المدعى شريكاً في المال المشاع أم متلقياً ملكه عن شريك فيه على المشاع – فلا خلاف في أنه ليس للمستحق أن يدعي الاستحقاق في البيع إلا بعد قسمة المال الشائع ووقوع المبيع في نصيبه هو لا في نصيب البائع لذلك المشتري . وإذن فكل ادعاء منه قبل ذلك يكون سابقاً لأوانه ، خليقاً بأن نحكم المحكمة فيه بعدم قبوله أو برفضه ( نقض مدني 16 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 58 ص 131 – 2 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 54 ص 189 ) . وقضت أيضاً بأن للشريك في الشيوع في التركة أن يبيع حصته محددة ، ولا يستطيع أحد الشركاء الاعتراض على هذا البيع والإدعاء بأنه يستحق المبيع ما دام أن التركة لم تقسم قسمة إفراز ( نقض مدني 30 يونيه سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 180 ص 1341 ) . وقضت كذلك بأنه ليس ثمة ما يمنع البائع ، وإن كان مالكاً على الشيوع ، أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً ، وأن حالة التحديد هذه وإن ظلت موقوفة أو معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشريك على الشيوع ، إلا أن هذا كله لا يبطل عقد البيع . وبتسجيل المشتري لعقده تنتقل الملكية إليه ، ويصبح شريكاً لباقي الشركاء تجب مخاصمته في دعوى القسمة إن لم يجز هؤلاء الباقون من الشركاء عقده . وعلى ذلك فإنه ليس للمستحق – سواء أكان شريكاً على الشيوع أم متلقياً ملكه من شريك على الشيوع – أن يدعى الاستحقاق في المبيع إلا بعد القسمة ووقوع المبيع في نصيبه هو لا في نصيب البائع لذلك المشتري . وهذا الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة في ظل القانون المدني القديم هو ما أخذ به القانون المدني الحالي في المادة 628 منه ( نقض مدني 28 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 107 ص 760 . وأنظر أيضاً استئناف مصر 24 أبريل سنة 1940 المجموعة الرسمية 42 رقم 81 - استئناف أسيوط 13 أكتوبر سنة 1947 المجموعة الرسمية 49 رقم 73 – ولكن قارن استئناف مصر 5 يناير سنة 1932 المجموعة الرسمية 33 رقم 194 ) .
( [557] )          نقض مدني 31 ديسمبر سنة 1944 المحاماة 77 رقم 362 ص 866 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 416 ص 399 – وإذا كان المشتري حسن النية يعتقد أن الشريك البائع يملك وحده المبيع دون شريك ، فإن البيع الصادر إليه يعتبر سبباً صحيحاً ؛ فإذا حاز المبيع خمس سنوات ملكه بالتقادم القصير حتى فيما يتعلق بحصص الشركاء الآخرين ، ولم يعد لهؤلاء الحق في استرداد حصصهم من تحت يده ( نقض مدني 23 أبريل سنة 1943 مجموعة عمر 3 رقم 152 ص 423 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 416 ص 399 هامش رقم 1 – الأستاذ سليمان مرقس رقم 288 ص 473 ) .

وقبل القسمة يملك بقية الشركاء مطالبة المشتري بالاتفاق معهم على طريقة الانتفاع بالمال المبيع بعد أن أصبح مملوكاً لهم وللمشتري على الشيوع ( استئناف مصر 24 أبريل سنة 1940 المحاماة 41 رقم 31 ص 469 . ولهم أن يطالبوه بالقسمة ، فإذا تمت القسمة اختص كل منهم بما يقع في نصيبه ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 288 ص 473 ) .
( [558] )          ويصح أن يكون الشيء المملوك على الشيوع حقاً شخصياً ، كحق المستأجر وحق المدعو له بالبيع ، فإذا تعدد أصحاب هذه الحقوق وكانوا في الشيوع ، أو تركوا ورثة متعددين ، جاز بيع الحق الشخصي بيع تصفية . كما يجوز بيع الديون التي للتركة يع تصفية ، ويقع ذلك غالباً إذا كانت هذه الديون مشكوكاً في صحتها أو مشكوكاً في ملاءة مدينيها ( بوري وسينيا فقرة 732 ص 766 – ص 767 ) .
( [559] )          فيبقى حق الانتفاع قائماً على العين كلها إذا بيعت بيع تصفية ، أو قائماً على الأجزاء المفرزة إذا حصلت القسمة عيناً . وهناك رأي يذهب إلى جواز بيع العين كلها - رقبة ومنفعة – بيع تصفية ، ويكون للمنتفع حق انتفاع على الثمن . ولكن هذا الرأي غير سليم ، لأن المنتفع لا يجبر على التحول من الانتفاع بالعين إلى الانتفاع بالثمن ما دام حقه غير شائع وليس هناك محل لقسمة هذا الحق ولا لبيع التصفية فيه ( ديمولومب 15 فقرة 490 . جيوار 2 فقرة 731 – لوبري ورو 2 فقرة 226 – بودري وسينيا فقرة 728 ص 761 ) .
( [560] )          فمن قبيل بيع التصفية ما جاء في المادة 906 مدني من أنه " إذا كان بين أموال التركة مستغل زراعي أو صناعي أو تجاري مما يعتبر وحدة اقتصادية قائمة بذاتها ، وجب تخصيصه برمته لمن يطلبه من الورثة إذا كان أقدرهم على الاضطلاع به . وثمن هذا المستغل يقوم بحسب قيمته ، ويستنزل من نصي الوارث في التركة . فإذا تساوت قدرة الورثة على الاضطلاع بالمستغل ، خصص لمن يعطى من بينهم أعلى قيمة بحيث لا تقل عن ثمن المثل " .
( [561] )          وتنص المادة 719 مرافعات على أن " تشتمل قائمة شروط البيع فضلاً عن البيانات المذكورة في المادة 713 على بيان جميع الشركاء وموطن كل منهم ، كما يرفق بها فضلاً عن الأوراق المذكورة في المادة 714 صورة من الحكم الصادر بإجراء البيع " . وتنص المادة 720 مرافعات على أن " يخبر قلم الكتاب بإيداع قائمة شروط البيع الدائنين المذكورين في المادة 715 وجميع الشركاء " . وتنص المادة 721 مرافعات على أن " لكل من الشركاء أن يبدي ما لديه من أوجه البطلان والملاحظات على شروط البيع ، بطريق الاعتراض على القائمة " . وتنص المادة 723 مرافعات على أن " تطبق على بيع العقار لعدم إمكان قسمته وعلى بيعه اختياراً الأحكام المقررة لبيع عقار المفلس وعديم الأهلية والغائب ، فيما عدا إخبار النيابة العامة بإيداع قائمة شروط البيع " . والأحكام المشار إليها في النص تقضي بأن تكون إجراءات البيع هي نفس إجراءات بيع العقار بناء على طلب الدائنين ( م 717 مرافعات ) .
( [562] )          وتقضي المادة 1687 من التقنين المدني الفرنسي بأن الأصل ألا يدخل في المزايدة غير الشركاء ، فلا يدخل أجنبي ، ما لم يطلب ذلك أحد الشركاء أو ما لم يكن بين الشركاء من هو ناقص الأهلية ( أنظر في هذه المسألة بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 224 ) .
( [563] )          أما في اقتسام الثمن ما بين الشركاء ، فتجري أحكام القسمة ، وأنظر في حقوق الغير المكسوبة على المال الشائع بالنسبة إلى هذا الثمن بودري وسينيا فقرة 747 .
( [564] )          أنظر في فروق أخرى تترتب على هذا الاختلاف في الحكم بودري وسينيا فقرة 743 – فقرة 746 .
( [565] )          تاريخ النصوص :

م 477 : ورد هذا النص في المادتين 643 و 644 من المشروع التمهيدي على وجه يميز بين التصرف للوارث والتصرف لغير الوارث ، حيث كانت الوصية للوارث غير جائزة في ذلك الوقت ، ثم أجيزت بعد ذلك . وفي لجنة المراجعة عدل النص بحيثأصبح لا يميز بين التصرف لوارث والتصرف لغير وارث ، وصار – مع عبارة أضافتها لجنة مجلس الشيوخ – مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 504 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيفت عبارة " فيما يجاوز الثلث " حتى لا تقوم شبهة في أن بيع المريض إذا جاوز ثلث التركة لا يسري في كل المبيع مع أن الواجب ألا يقف سريانه إلا بالنسبة إلى الزيادة فقط . ولوحظ في هذه اللجنة أن المشرع لم يضع لمرض الموت تعريفاً وضوابط ، فرد على ذلك بأن هذا الموضوع خاص بالأحوال الشخصية ومرده ظهور حق آخر ورثه عند قرب أفول حياة المريض وليس انعدام رضائه . ثم وافقت اللجنة على النص تحت رقم 477 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 216 – ص 219 ) .

م 478 : ورد هذا النص في المادة 645 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ولكن بغير اشتراط العوض في الكسب بحسب نية . واشتراط العوض في لجنة المراجعة ، وأصبح النص رقمه 505 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 478 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 219 وص 221 – ص 222 ) .
( [566] )          التقنين المدني السابق : م 254  /  320 : لا ينفذ البيع الحاصل من المورث وهو في حالة مرض الموت لأحد ورثته ، إلا إذا أجازه باقي الورثة . م 255  /  321 : يجوز للطعن في البيع الحاصل في مرض الموت لغير وارث إذا كانت قيمة المبيع زائدة على ثلث مال البائع . م 256  /  322 : فإذا زادت قيمة المبيع على ثلث مال البائع وقت البيع ، ألزم المشتري ، بناء على طلب الورثة ، إما بفسخ البيع ، أو بأن يدفع للتركة ما نقص من ثلثي مال المتوفي وقت البيع ، وللمشتري المذكور الخيار بين الوجهين المذكورين . م 256 مكررة أهلي : أحكام المادتين السابقتين لا تضر في جميع الأحوال بحقوق أرباب الرهن على المبيع ، ولا بحقوق من انتقلت إليهم ملكية المبيع من المشتري بعوض متى كانوا حسني النية .

م 323 مختلط : أحكام المادتين السابقتين لا تكون مرعية إلا في حق البائع الذي يحكم في أهليته الشخصية بمقتضى قواعد الشريعة المحلية . وفي جميع الأحوال لا تضر أحكام المادتين المذكورتين بحقوق أرباب الرهون على المبيع ، ولا بحقوق من انتقلت إليهم ملكية المبيع من المشتري بعوض متى كانوا حسني النية .

[ويلاحظ على نصوص التقنين المدني السابق ما يأتي : ( 1 ) أنها كانت تميز بين التصرف لوارث والتصرف لغير وارث ، إذ كانت الوصية لوارث وقت ذاك لا تجوز . أما التقنين الجديد ، فلا محل فيه لهذا التمييز منذ أصبحت الوصية لوارث جائزة ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 221 ) – ( 2 ) أنها تصرح بعدم سريانها على أجنبي حيث يجب تطبيق قانون أحواله الشخصية ، وذلك لأن أحكام المريض مأخوذة من الشريعة الإسلامية وتتعلق بانتقال أموال المورث إلى الوارث وحقوق الوارث على هذه الأموال في مرض الموت ، فإذا كان هناك أجنبي لا تسري في شأن ميراثه الشريعة الإسلامية وجب ألا تسري أيضاً هذه النصوص في شأنه : قارن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 220 - وقد يؤخذ مما جاء فيها أن أحكام البيع في مرض الموت تسري على الجميع مصريين أو أجانب . ولكن الظاهر أن المذكرة الإيضاحية أرادت القول بأن هذه الأحكام تسري على جميع المصريين مسلمين أو غير مسلمين ، بدليل إشارتها إلى المادة 1438 من المشروع التمهيدي التي أصبحت المادة 915 من التقنين الجديد والتي جاء فيها : تسري على الوصية أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها " ، وقد جاء في مذكرة المشروع التمهيدي : " تسري الشريعة الإسلامية وما استمد منها من تقنينات وتشريعات على الوصية من ناحية الموضوع . ويستوي في ذلك وصايا المسلمين وغير المسلمين من المصريين " . أما الأجانب فإن وصاياهم تبقى خاضعة من حيث الموضوع لقانون الموصي ( م 17 مدني ) : أنظر الأستاذ سليمان مرقس فقرة 303 . الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 264 ص 501 – ص 502 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 424 – ( 3 ) وردت أخطاء مادية وقانونية في هذه النصوص صححها القضاء في عهد التقنين المدني الأسبق . وهذه الأخطاء هي : أولاً – خطأ مادي عندما عرضت المادة 256 مكررة  /  323 لأحكام النصوص السابقة عليها لتقيد من أثرها ، فاقتصرت على ذكر " المادتين السابقتين " ، وكان الواجب أن تقول " المواد الثلاث السابقة " . ثانياً – ذكرت النصوص قيمة المبيع ، والصحيح شرعاً المقدار المحابي به فقط . ثالثاً – ذكرت النصوص أنه ينظر في تقدير التركة إلى وقت البيع : والصحيح شرعاً أن ينظر في تقديرها إلى وقت الموت لا إلى وقت البيع ، وإن كان الوقتان في كثير من الأحوال يتقاربان . أنظر في التوفيق ما بين أحكام الفقه الإسلامي وأحكام التقنين المدني الأسبق مذكراتنا في البيع فقرة 115 . وأنظر في بيع المريض في عهد التقنين السابق : الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 216 – فقرة 217 وفقرة 220 – فقرة 222 – الأستاذ محمد كالم مرسي فقرة 260 - فقرة 261 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 299 ص 482 – المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 220 - استئناف أسيوط 17 أبريل سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 84  /  2 ص 200 – استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 430  /  2 ص 828 – 18 يونيه سنة 1931 المحاماة 12 رقم 263 ص 531] .
( [567] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 445 – 446 ( مطابقتان للمادتين 477 – 478 من التقنين المدني المصري – وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 296 – فقرة 303 ، وبوجه خاص فقرة 299 حيث يذكر أنه صدر في سورية بعد التقنين المدني قانون الأحوال الشخصية وجاءت المادة 238 منه منع الوصية لوارث ، فوجب أن يراعى ذلك في أحكام بيع المريض مرض الموت ) .

التقنين المدني الليبي م 466 - 467 ( مطابقتان للمادتين 477 – 478 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 1109  /  1 : كل تصرف ناقل للملكية يصدر من شخص في مرض الموت مقصود به التبرع أو المحاباة يعتبر كله أو بقدر ما فيه من محاباة تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت ، وتسري عليه أحكام الوصية ( أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 403 – فقرة 414 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا يوجد في تقنين الموجبات والعقود اللبناني نصوص مقابلة لنصوص التقنين المدني المصري . وقد ورد فيه – على غرار التقنين المدني الفرنسي – نص ( هو المادة 516 ) يحرم على الطبيب قبول هبة من مريض في مرض الموت ليس من أقرباء الطبيب . وقد قضت المادة 909 من التقنين المدني الفرنسي ببطلان التصرفات الحاصلة في مرض الموت للأطباء والصيادلة ورجال الدين .
( [568] )          الفتاوى الهندسية 4 ص 176 .
( [569] )          ابن عابدين 4 ص 707 – ص 708 .
( [570] )          وهذه هي نصوص مرشد الحيران في البيع في مرض الموت : م 358 - بيع المريض في مرض موته لوارثه موقوف على إجازة بقية الورثة ولو كان بثمن المثل فإن أجازوه جاز ، وإن لم يجيزه بطل – م 359 – يجوز بيع المريض في مرض موته لغير وارثه بثمن المثل أو بغبن يسير ، ولا يعد الغبن اليسير محاباة عند عدم استغراق الدين – م 360 - إذا باع المريض في مرض موته لغير الوارث بغبن فاحش نقصاً في الثمن ، فهو محاباة تعتبر من ثلث ماله . فإن خرجت من ثلث ماله بعد الدين ، بأن كان الثلث يفي بها لزم البيع ، وإن كان الثلث لا يفي بها بأن زادت عليه يخير المشتري بين أن يدفع للورثة الزائد لإكمال ما نقص من الثلثين أو يفسخ البيع .
( [571] )          استئناف مصر 10 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 486  /  1 ص 796 – استئناف مختلط 23 مارس سنة 1911 م 22 ص 135 .
( [572] )          ولا عبرة بانتقال المريض مرض الموت بنفسه إلى المحكمة للتصديق على العقد الصادر منه ، لأن الكاتب المختص بالتصديق غير مقيد بإثبات حالة البائع ( استئناف مصر 6 مايو سنة 1931 المحاماة 12 رقم 420  /  4 – ص 440 - قارن مع ذلك حكم المحكمة العليا الشرعية في 26 فبراير سنة 1934 المحاماة الشرعية 5 ص 403 ) . وقد يجازف المريض مرض الموت بالخروج من بيته للقيام ببعض أعمال فردية ، كالحضور أمام محكمة الجنح للدفاع عن نفسه في تهمة تبديد ( محكمة مصر 29 مايو سنة 1937 المحاماة 9 رقم 539  /  6 ص 996 ) .
( [573] )          وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن الشيخوخة ليست مرض الموت ، وإنما هي دور من الأدوار الطبيعية لحياة الإنسان . أما مرض الموت فهو المرض الذي يعتري الإنسان شيخاً أم شاباً ، وينتهي بالموت ، بحيث يشعر المصاب معه بقرب انتهاء أجله ( 20 فبراير سنة 1918 المجموعة الرسمية 19 رقم 42 ص 61 – وأنظر أيضاً استئناف وطني 23 فبراير سنة 1905 الاستقلال 4 ص 448 – استئناف مصر 7 ديسمبر سنة 1936 المحاماة 17 ص 546 – بني سويف 26 فبراير سنة 1929 الجريدة القضائية 112 ص 18 ) .
( [574] )          وقد جاء في شرح الأستاذ سليم باز للمادة 1595 من المجلة في خصوص شرطي القعود عن قضاء المصالح وغلبة الموت ما يأتي : " مرض الموت هو الذي يغلب فيه خوف الموت ، ويعجز معه المريض عن رؤية مصالحه خارجاً عن داره إن كان من المذكور ، كعجز الفقيه عن الإتيان إلى المسجد وعجز السوقي عن الإتيان إلى دكانه . قال في رد المحتار ينبغي أن يكون المراد العجز عن نحول ذلك من الإتيان إلى المسجد أو الدكان لإقامة المصالح القريبة في حق الكل ، إذ لو كان محترفاً بحرفة شاقة ، كما لو كان مكارياً أو حمالاً على ظهره أو دقاقاً أو نجاراً أو نحو ذلك مما لا يمكن إقامته مع أدنى مرض ، وعجز عنه مع قدرته على الخرج إلى المسجد والسوق ، لا يكون مريضاً وإن كانت هذه مصالحه . وإلا لزم أن يكون عدم القدرة على الخروج إلى الدكان للبيع والشراء مثلاً مرضاً وغير مرض بحسب اختلاف المصالح ، فتأمل . ثم هذا إنما يظهر في حق من كان له قدرة على الخروج قبل المرض ، أما لو كان غير قادر عليه قبل المرض للكبر أو علة في رجليه فلا يظهر ، فينبغي اعتبار غلبة الهلاك في حقه . وهو ما قاله أبو الليث من أن كونه صاحب فراش ليس بشرط لكونه مريضاً مرض الموت ، بل العبرة لغلبة الهلاك ، لو الغالب من هذا المرض الموت ، فهو مرض موت وإن كان يخرج من البيت ، وينبغي اعتماده لما علمت من أنه كان يفتي به الصدر الشهيد ، وأن كلام محمد يدل عليه ، ولاطراده فيما كان عاجزاً قبل المرض . ويؤيد أن من ألحق بالمريض ، كمن بارز رجالً ونحوه ، إنما يعتبر فيه غلبة الهلاك دون العجز عن الخروج . . . قال في الدر المختار وفي حق المرأة أن تعجز عن مصالحها داخل البيت كما في البزازية ، ومفاده أنها لو قدرت على نحو الطبخ دون صعود السطح لم تكن مريضة ، قال في النهر وهو الظاهر 1 هـ . " ( شرح سليم باز ص 887 – ص 888 ) .
( [575] )          أنظر في هذا المعنى ما نقلناه في الحاشية السابقة من شرح الأستاذ سليم باز ( ص 887 – ص 888 ) . وأنظر أيضاً الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 253 ص 480 . وأنظر استئناف وطني 2 أبريل سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 40 ص 174 – محكمة مصر 14 يوليه سنة 1891 الحقوق 6 ص 153 .
( [576] )          والأستاذ سليم باز ينقل ما يوفق بين الشرطين على هذا النحو : " ولأن بعض من يكون مطعوناً أو به استسقاء قبل غلبة المرض عليه قد يخرج لقضاء مصالحه مع كونه أقرب إلى الهلاك من مريض ضعف عن الخروج لصداع و هزال مثلاً . لكن مقتضى قول بعضهم أنه لو كان مريضاً مرضاً يغلب منه الهلاك ، لكنه لم يعجزه عن مصالح ، كما يكون في ابتداء المرض لا يكون مريضاً . وقد يوفق بين القولين بأنه إن علم أن به مرضاً مهلكاً غالباً وهو يزداد إلى الموت فهو المعتبر ، وغن لم يعلم أنه مهلك يعتبر العجز عن الخروج للمصالح ، هذا ما ظهر لي اهـ ملخصاً " شرح المجلة ص 887 – ص 888 ) – وقد قضى بأن المصاب بالبول السكري إصابة غير خطرة لا يعتبر مريضاً مرض الموت ، إذا ثبت أنه لم يكن عنده وقت صدور التصرف منه شعور بدنو أجله ، وإن كان يباشر أثناء مرضه أعماله الخصوصية وهو في منزله ( استئناف وطني 12 يناير سنة 1916 الشرائع 3 رقم 107 – استئناف مصر 21 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 ص 314 ) .
( [577] )          ولو لم يكن الموت بسبب المرض ، كأن قتل المريض أو غرق . ذلك أن المريض وقت أن تصرف كان يشعر بدنو أجله ، ولو لم يمت بهذا السبب العارض لمات بسبب المرض ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 417 ص 607 - الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 129 ص 291 – الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 297 ) .
( [578] )          على أن يمتد المرض من وقت صدور التصرف إلى وقت الموت ( استئناف وطني 21 ديسمبر سنة 1905 الحقوق 25 ص 5 ) . فإذا انتهى بمرض آخر ( دوسنطاريا حادة ) هو الذي انتهى بالموت ، لم يكن المرض الأول مرض موت ( استئناف مختلط 28 مارس سنة 1918 م 30 ص 316 ) .
( [579] )          فجميع تصرفات المريض نافذة حال حياته ، ولا يجوز للورثة أن يطعنوا فيها إلا بعد الوفاة ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 208 – الأستاذ محمد كامل مرسي ص 493 هامش رقم 2 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 418 ) .
( [580] )          وقد قضت محكمة الإسكندرية الوطنية بأن السل ، وإن كان من الأمراض التي تطول مدتها ، إذا دخل في دور جديد واشتدت وطأته ، يجعل تصرفات المريض في ذلك الوقت قابلة للبطلان ( 13 أبريل سنة 1912 الحقوق 33 ص 59 ) – وقضت محكمة مصر الوطنية بأنه لا يعتبر مرض موت تصلب الشرايين وإصابة القلب والكلى ، فهي من الأمراض المزمنة التي لا يصح اعتبارها في الأصل مرض موت لبطء سيرها وعدم إحساس المريض بخطورتها ، ولكن إذا اشتدت فجأة وشعر المريض بتفاقم خطورتها اعتبرت مرض موت ( 29 مايو سنة 1927 المحاماة 9 رقم 539 ص 996 ) – وقضت محكمة مصر بأنه لا يعتبر مرض موت احتباس البول وتضخم البروستاتا ما لم يثبت أن هذا المرض المزمن قد تزايد فجأة وانتهى بالموت ( 4 مايو سنة 1937 المحاماة 18 رقم 74 ص 155 ) . وقضت أيضاً بأنه لا يعتبر مرض موت الالتهاب الشعبي المزمن ما لم يتزايد ( 20 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 20 رقم 111 ص 304 ) . وقضت أيضاً بأن الربو المصحوب بنزلة شعبية ، ولو توفى به شخص فجأة في سن يندر في الجيل الحاضر تجاوزها ، لا يعتبر مرض موت ، لأن هذا المرض ذاته قابل للشفاء وغير مانع للمريض من مباشرة أعماله في الفترات التي تتخلل النوبات ( 24 أبريل سنة 1928 المحاماة 9 رقم 38 ص 58 – المحكمة العليا الشرعية 7 مايو سنة 1935 المحاماة الشرعية 6 رقم 147 ص 560 ) . وقضت أيضاً بأن مرض الموت يجب أن يكون هو المرض الذي أحدث الوفاة ، أو هو المرض الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمرض المباشر الذي أحدثها بحيث تصعب التفرقة بينهما . ويجب أن يكون المرض مستمراً وحالة المريض تسوء تدريجياً دون أن يتخللها فترات تحسين واضحة ، فإذا كان هناك مثل هذه الفترات اعتبر بدء المرض متفقاً مع تاريخ بدء الانتكاس الأخير . وحينما يكون الشخص مرياَ بمرض غير مميت حتماً ، ولكن نشأ من هاذ المرض مرض آخر مميت ، فهذا المرض الأخير لا المرض الأول من الذي يعتبر مرض موت ( 7 مايو سنة 1932 المحاماة 14 رقم 11 ص 17 ) . وقضت أيضاً بأن الإصابة بمرض السكر إصابة غير خطيرة لا تعتبر مرض موت ( 12 يناير سنة 1916 الشرائع 3 رقم 107 ص 362 ) .
( [581] )          وقد جاء في شرح المجلة على المادة 1595 للأستاذ سليم باز : " وإن امتد مرضه ومضت عليه سنة وهو على حال واحدة ، كان في حكم الصحيح ، وتكون تصرفاته كتصرفات الصحيح ، ما لم يشتد مرضه ويتغير حاله . فظهر من هذا أن مرض الموت مقيد بغير الأمراض المزمنة التي طالت ولم يخف منها الموت ، كالفالج ونحوه ، وإن صيرته ذا فراش ومنعته عن الذهاب في حوائجه . فلو أصاب رجلاً فالج فذهب لسانه ، أو مرض فلم يقدر على الكلام . ثم أشار إلى شيء أو كتب شيئاً ، وقد تقادم ذلك وطال سنة ، فهو بمنزلة الأخرس الصحيح . وكذا صاحب السل إذا أتى عليه سنة ، فهو بمنزلة الصحيح . ولكن لو اشتد مرضه ، وتغير حاله ، ومات قبل مضي سنة ، يعد حالة اعتباراً من وقت التغير إلى الوفاة مرض موت ( شرح المجلة للأستاذ سليم باز ص 888 ) .
( [582] )          وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه لا يعتبر مرض موت السرطان أو السل إذا أنه يظل أكثر من سنة قبلي أن يأتي على حياة المصاب به ، وعلى الوارث أن يثبت أن المورث الذي مات بمرض السرطان أو السل لم يمكث مرضه أكثر من سنة ( 18 يونيه سنة 1917 المجموعة الرسمية 19 رقم 100 ص 229 – وأنظر أيضاً : استئناف وطني 8 مايو سنة 1907 المجموعة الرسمية 9 رقم 99 ص 227 – 4 يونيه سنة 1907 الحقوق 22 ص 185 - 23 يونية سنة 1907 الحقوق 23 ص 331 – 17 يناير سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 36 ص 70 – 29 يناير سنة 1924 المجموعة الرسمية 26 رقم 33 ص 56 – 21 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 234  /  2 ص 2314 – 19 مارس سنة 1930 المحاماة 11 رقم 84  /  1 ص 143 – 28 مايو سنة 1920 المحاماة 11 رقم 91 ص 150 - استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1910 م 22 ص 375 - 23 مارس سنة 1911 م 23 ص 253 .

ويحسب حساب السنة من وقت اشتداد المرض إلى وقت الموت ( استئناف مختلط 22 مايو سنة 1913 م 35 ص 545 – 9 يونيه سنة 1913 م 25 ص 431 – 25 فبراير سنة 1915 م 27 ص 182 – 25 مارس سنة 1922 م 34 ص 248 – 3 يونيه سنة 1922 م 34 ص 453 – أول مايو سنة 1928 م 40 ص 330 - 25 فبراير سنة 1930 م 42 ص 315 ) .
( [583] )          وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن المرض يعتبر مرض موت ولو وقع منذ أكثر من سنة قبل الوفاة إذا كان قد أخذ دائماً في الازدياد لغاية الوفاة ، ولم يثبت أنه تحسن تحسناً محسوساً في خلال هذه المدة . أما التفسير القاضي بتحديد المدة القانونية لمرض الموت الذي يقع في السنة السابقة على الوفاة فليس تحديداً حتمياً ، ولكنه ينطبق فقط على الأحوال التي يكون فيها المرض طويلاً فيشتد طوراً إلى درجة الخطورة وتارة يعود المريض إلى صحته . أما المرض الذي يأخذ سيراً مستمراً بغير تحسن محسوس في مدته ، بل يتمشى نحو الازدياد وينتهي بالموت ، فهو مرض الموت مهما كانت مدته ( 6 فبراير سنة 1912 المجموعة الرسمية 14 رقم 86 ص 173 ) .
( [584] )          وقد جاء في شرح المجلة على المادة 1595 للأستاذ سليم باز : " ومن بارز رجلاً ، أو قدم ليقتل في قصاص أو رجم ، أو بقى على لوح من السفينة ، أو افترسه سبع وبقى في فيه ، فهو كمريض مرض الموت اهـ . وفي الهندية ومن كان محبوساً في السجن ليقتل قصاصاً أو رجعاً لا يكون حكمه حكم المريض . وإذا أخرج ليقتل ، فحكمه في تلك الحال حكم المريض ، ولو كان في صف القتال فحكمه حكم الصحيح ، وإذا بارز فحكمه في تلك الحال حكم المريض ، ولو كان في السفينة فحكمه حكم الصحيح ، وإذا هاج الموج فحكمه في تلك الحال حكم المريض . ولو أعيد إلى السجن ولم يقتل ، أو أرجع بعد المبارزة إلى الصف ، أو سكن الموج ، صار حكمه كحكم المريض الذي برئ من مرضه تنفذ تصرفاته من جميع ماله . والمرأة إذا أخذها الطلق ، فما فعلته في تلك الحالة يعتبر من ثلث مالها ، وإذا سلمت من ذلك جاز ما فعلته من ذلك كله اهـ " . ( شرح المجلة للأستاذ سليم باز ص 888 ) - أنظر أيضاً الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 207 ص 201 – الأستاذين محمد كامل مرسي فقرة 254 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 445 ص 423 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 300 ص 486 .

وغني عن البيان أن العبرة بحالة الإنسان النفسية ، فمن كان محكوماً عليه بالإعدام وهو في نفس السجن ينتظر التنفيذ ، يبدو ، بالرغم مما جاء في شرح المجلة نقلاً عن الهندية ، أن حالته النفسية تكون كحالة المريض مر ض الموت . فإذا صدر عفو عنه ، أو نجا من كان على وشك الغرق أو من كان في حكمه ، فإنه يعتبر في حكم المريض مرضاً يغلب فيه الهلاك ولم ينته بالموت بل برئ منه المريض ، فلا يكون للورثة حق الطعن في التصرف ، ولكن يجوز للمتصرف نفسه أن يطعن في التصرف بالغلط كما سبق القول .
( [585] )          وقد قضت محكمة النقض بأنه ما دامت محكمة الموضوع قد استخلصت من التحقيقات التي أجريت في الدعوى ومن الشهادتين الطبيتين المقدمتين فيها عن مرض الموت أنه كان مريضاً قبل وفاته بأربعة شهور بالسل الرئوي ، وأن هذا المرض اشتد به وقت تحرير العقد المطعون عليه ، ثم فندت للطعون الموجهة إلى الشهادة المقدمة من الصادر له العقد ، فإنها تكون قد أوردت في حكمها من الأسباب ما يكفي لحمل قضائها ( نقض 23 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 92 ص 365 ) . وقضت أيضاً بأن محكمة الموضوع قد استخلصت من أقوال الشهود أن البائعة أصيبت بمرض يغلب فيه الهلاك وانتهى فعلاً بوفاتها ، وهذا يكفي ( نقض مدني 8 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 158 ص 1048 ) . وقضت كذلك بأنه متى كان الحكم إذا نفى حصول البيع في مرض موت البائع قد قرر للأسباب السائغة التي أوردها أنه في الوقت الذي تصرف فيه كان حال صحته وأنه سابق على فترة مرض عادي لا يغلب فيه الهلاك ، فإن هذا الذي قرره لا يعب فيه ( نقض مدني 10 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 35 ص 237 ) .

ويستخلص من قضاء محكمة النقض المتقدم أنه إذا كانت شروط مرض الموت مسألة قانون ، فإن حصول هذا المرض متوافرة فيه شروطه مسألة واقع تستخلصه محكمة الموضوع ، ولا رقابة عليها لمحكمة النقض في ذلك متى بنت محكمة الموضوع قضاءها على أسباب سائغة .
( [586] )          وقد سبق أن بينا في الجزء الثاني من الوسيط ( فقرة 119 ص 204 – ص 212 ) أن الوارث لا يعتبر غيراً بالنسبة إلى تاريخ الورقة الصادرة من مورثه في مرض الموت ، ويعتبر غيراً بالنسبة إلى سريان التصرف الصادر في مرض الموت . وقلنا في هذا الصدد : " والذي أوقع اللبس في هذه المسألة هو الخلط ما بين الغيرية في سريان التصرف والغيرية في ثبوت التاريخ . فالوارث . في تصرفات مورثه الصادرة في مرض الموت ، يعتبر غيراً من ناحية سريان هذه التصرفات في حقه ، فهي لا تسري عليه فيما يجاوز ثلث التركة ، ولا يعتبر غيراً من ناحية ثبوت التاريخ فيحتج عليه بالتاريخ العرفي للتصرف الصادر مورثه إلى أن يثبت أن هذا التاريخ غير صحيح " ( الوسيط جزء 2 فقرة 119 ص 206 – 207 ) . وأنظر مقال الأستاذ سليمان مرقس في قوة المحررات العرفية في الإثبات وحجية تاريخها على الوارث الذي يطعن فيها بصدورها في مرض الموت في مجلة القانون والاقتصاد 14 ص 287 – ص 304 ، وإلى هذا المقال يرجع الفضل في تحول الفقه المصري إلى الرأي الصحيح في هذه المسألة كما سبق أن بينا ( الوسيط 2 ص 206 هامش رقم 1 ) . وأنظر أيضاً الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة في الإثبات ص 143 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 130 ص 293 – ص 294 – وقارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 448 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 419 .

ومن القرائن على صدور التصرف في مرض الموت أن يكون البيع محرراً بخط المشتري ولم يسجل إلا قبل وفاة البائع بيومين ( استئناف وطني أول فبراير سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 108  /  1 ص 296 ) . ومنها تسجيل العقد تسجيل تاريخ الوفاة بمدة قليلة ثم تسجيله بعد الوفاة تسجيلاً تاماً ( استئناف وطني 24 ديسمبر سنة 1913 الشرائع 1 رقم 204 ص 95 ) . ومنها أن يكون العقد قد تحرر قبل الوفاة بأيام قليلة ما لم يكن البائع قد مات فجأة ( استئناف وطني 25 نوفمبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 118 ص 116 ) . ولا مانع من الطعن في التصرف بأنه صادر في مرض الموت بعد الطعن فيه بالتزوير ( محكمة مصر الوطنية 29 مايو سنة 1927 المحاماة 9 رقم 539  /  1 ص 996 ) .
( [587] )          وعلى هذا انعقد إجماع الفقه المصري : الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحمد زكي فقرة 206 وفقرة 210 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 447 - الأستاذ سليمان مرقس فقرة 299 ص 483 – ص 484 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 258 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 418 .
( [588] )          قارن الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 212 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 260 .
( [589] )          وتسقط دعوى عدم نفاذ التصرف بخمس عشرة سنة من وقت موت المريض ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي يودعانها بدعوى بطلان ) ، فلا يكفي إذن سكوت الورثة ولو مدة طويلة إذ كانت دون مدة السقوط ( استئناف مختلط 15 يونيه سنة 1926 م 38 ص 472 ) ، ما لم يستخلص من هذا السكوت إجازة ضمنية للتصرف من الورثة ، وقد قضت محكمة الاستئناف أسيوط بأن سكوت الوارث بعد وفاة المورث مع ظهور العقد ونقل التكليف للمشتري دون أن يطعن الوارث ، بل سكت مدة ثلاث سنوات أو أربع حتى وفاته يعتبر إجارة للعقد الصادر في مرض الموت ( 18 مارس سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 242 ) .
( [590] )          فعند الشافعي لا يثبت الإرث إلا عند الموت ، وفي المسألة خلاف عند الحنفية . ويظهر أثر ذلك ي المطلقة دون رضاها طلاقاً بائناً في مرض الموت ومات مطلقها وهي في العدة ، هل ترث أو لا ترث؟ عند الحنفية ترث ، وعند الشافعية لا ترث . ويورد صاحب البدائع حجج الفريقين على الوجه الآتي : " وإن كان ( الطلق ) بغير رضاها فإنها ترث من زوجها عندنا ، وعند الشافعي لا ترث . ويورد صاحب البدائع حجيج الفريقين على الوجه الآتي : " وإن كان ( الطلاق ) بغير رضاها فإنها ترث من زوجها عندنا ، وعند الشافعي لا ترث . ومعرفة هذه المسألة مبنية على معرفة سبب استحقاق الإرث وشرط الاستحقاق ووقته . أما السبب فنقول لا خلاف أن سبب استحقاق الإرث في حقها النكاح . . . واختلف في الوقت الذي يصير النكاح سبباً لاستحقاق الإرث . وعند الشافعي هو وقت الموت ، فإن كان النكاح قائماً وقت الموت ثبت الإرث ، وإلا فلا . واختلف مشايخنا . قال بعضهم هو وقت مرض الموت ، والنكاح كان قائماً من كل وجه من أول مرض الموت ، ولا يحتاج إلى إبقائه من وجه إلى وقت الموت ليصير سبباً . وتفسير الاستحقاق عندهم هو ثبوت الملك من كل وجه للوارث من وقت المرض بطريق الظهور ، ومن وجه وقت الموت مقصوراً عليه وهو طريق الاستناد ، وهما طريقتا مشايخنا المتقدمين . وقال بعضهم : وهو طريق المتأخرين منهم ، إن النكاح القائم وقت مرض الموت سبب لاستحقاق الإرث وهو ثبوت حق الإرث من غير ثبوت الملك للوارث أصلا لا من كل وجه ولا من وجه . وجه قول الشافعي أن الإرث لا يثبت إلا عند الموت ، لأ ، المال قبل الموت ملك المورث بدليل نفاذ تصرفاته ، فلا بد من وجود السبب عند الموت . ولا سبب ههنا إلا النكاح ، وقد زال بالإبانة والثلاث ، فلا يثبت الإرث ، ولهذا لا يثبت بعد انقضاء العدة ولا يرث الزوج منها بلا خلاف ولو كان النكاح قائماً في حق الإرث لورث لأن الزوجية لا تقوم بأحد الطرفين فدل أنها زائلة . ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم والمعقول . إما لإجماع . . . وأما المعقول فهو أن سبب الاستحقاق الإرث وجد مع شرائط الاستحقاق فيستحق الإرث ، كما إذا طلقت طلاقاً رجعياً . ولا كلام في سبب الاستحقاق وشرائطه ، وإنما الكامل في وقت الاستحقاق . فنقول وقت الاستحقاق هو مرض الموت . أما على التفسير الأول والثاني وهو ثبوت الملك من كل وجه أو من وجه ، فالدليل عليه النص وإجماع الصحابة رضي الله عنهم ودلالة الإجماع والمعقول . أما النص فما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم زيادة على أعمالكم ، أي تصدق باستبقاء ملككم عليكم في ثلث أموالكم زيادة على أعمالكم . أخبر عن سنة الله تعالى على عباده أنه استبقى لهم الملك في ثلث أموالهم ليكون الوسيلة إلى الزيادة في أعمالهم بالصرف إلى وجوه الخير ، لأن مثل هذا الكلام يخرج مخرج الإخبار عن المنة . وآخر أعمارهم مرض الموت ، فدل على زوال ملكهم عن الثلثين إذ لو لم يزل لم يكن ليمن عليهم بالتصدق بالثلث بل بالثلثين ، إذ الحكيم في موضوع بيان المنة لا يترك أعلى المتنين ويذكر أدناهما . وإذا زال ملكه عن الثلثين يؤول إلى ورثته ، لأنهم أقرب الناس إليهم . . . أما إجماع الصحابة رضي الله عنهم . . . وأما دلالة الإجماع فهي أنه لا ينفذ تبرعه فيما زاد على الثلث من يد الموهوب له من غير رضاه إذا لم يدفع القيمة ولو نفذ لما كان لهم الأخذ من غير رضاه . فدل عدم النفاذ على زوال الملك ، وإذا زال يزول إلى الورثة لما بينا . وأما المعقول فهو أن المال الفاضل عن حاجة الميت يصرف إلى الورثة بلا خلاف ، والكلام فيما إذا فضل ووقع من وقت المرض الفراغ عن حوائج الميت . فهذه الدلائل تدل على ثبوت الملك من كل وجه للوارث في المال الفاضل عن حوائج الميت ، فيدل على ثبوت الملك من وجه لا محالة . وأما على التفسير الثالث ، وهو ثبوت حق الإرث فدلالة الإجماع والمعقول . أما دلالة الإجماع فهو أن ينقض تبرعه بعد الموت ، ولولا تعلق حق الوارث بماله في مرض موته لكان التبرع تصرفاً من أهل في محل مملوك له لا حق للغير فيه فينبغي ألا ينقض ، فدل حق النقض على تعلق الحق . وأما المعقول فهو أن النكاح حال مرض الموت صار وسيلة إلى الإرث ، ووسيلة حق الإنسان حقه لأنه ينتفع به ، والطلاق البائن والثلاث إبطال لهذه الوسيلة فيكون إبطالاً لحقها ، وذلك إضرار بها فيرد عليه " ( البدائع 3 ص 218 – ص 220 ) . وأنظر أيضاً في هذه المسألة الأستاذ محمد أبو زهيرة في أحكام التركات والمواريث ص 10 – ص 13 .
( [591] )          ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن أحكام بيع المريض مرض الموت تسري ولو كان البائع أجنبياً : 25 مارس سنة 1922 م 34 ص 247 – 3 يونيه سنة 1922 م 34 ص 247 – 3 يونيه سنة 1922 م 34 ص 452 – 15 يونيه سنة 1926 م 38 ص 472 - 25 فبراير سنة 1930 م 42 ص 315 .
( [592] )          ولم يكن التقنين المدني السابق يشتمل على نص يماثل نص المادة 916 من التقنين المدني الجديد ، ولذلك تضارب القضاء في مد أحكام بيع المريض مرض الموت إلى تصرفاته الأخرى غير البيع . فقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن شراء المريض من الوارث لا تسري عليه أحكام البيع ( 25 فبراير سنة 1930 م 42 ص 314 ) . ولكن إقرار المريض لوارثه يسري عليه حكم البيع ( استئناف مصر 29 أكتوبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 534  /  2 ص 856 – 6 مايو سنة 1931 المحاماة 12 رقم 220  /  2 ص 440 - المنصورة 25 يناير سنة 1927 المحاماة 8 رقم 344 ص 524 – طنطا 28 يناير سنة 1930 المحاماة 11 رقم 37  /  3 ص 67 – الزقازيق 28 يونيه سنة 1930 المحاماة 11 رقم 438 ص 848 – الزقازيق 4 ديسمبر سنة 1930 المجموعة الرسمية 33 رقم 49 ص 87 – أسيوط 29 يناير سنة 1931 المحاماة 12 رقم 80 ص 134 = - استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1928 م 41 ص 93 – أنظر عكس ذلك أي عدم جواز الطعن في الإقرار الصادر في مرض الموت : استئناف مصر 30 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 470 – ص 771 - الزقازيق 22 ديسمبر سنة 1928 المجموعة الرسمية 30 رقم 56 ص 135 – مصر 18 يناير سنة 1933 المحاماة 13 رقم 645  /  2 ص 1275 ) . أما الإيجار فلا يتأثر بصدوره في مرض الموت ( مصر 19 يناير سنة 1924 المحاماة 4 رقم 636 ص 850 ) .
( [593] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 207 هامش رقم 1 – الأستاذ محمد كامل مرسي ص 486 – قارن استئناف مصر 6 مايو سنة 1931 المحاماة 12 ص 44 .
( [594] )          ولا يجوز للمشتري التمسك بإقرار البائع أنه قبض ثمناً وذكر ذلك في عقد البيع ، لأن هذا إقرار من مريض في مرض موته فلا يعتد به ، ولأن الشبهة قائمة في أن البائع والمشتري متواطئان على تصوير أن هناك ثمناً دفع ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 301 ص 489 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 421 ص 612 هامش رقم 1 ) .
( [595] )          أما بالنسبة إلى الدائنين ، فكل محاباة أو تبرع في مرض الموت يعتبر في حكم الوصية ، فتتقدم عليها الديون ، ولا تنفذ إذا كانت التركة مستغرقة . وقد جاء في المادة 361 من مرشد الحيران في هذا المعنى : " إذا باع المريض لأجنبي ( أو لغير أجنبي من باب أولى ) شيئاً من ماله بمحاباة فاحشة أو يسيرة ، وكان مديوناً بدين مستغرق لماله ، فلا تصح المحاباة سواء أجازته الورثة أم لم يجيزه . ويخير المشتري من قبل أصحاب الديون ، فإن شاء بلغ المبيع تمام القيمة ، وإلا فسخ البيع . فإن كان قد تصرف في المبيع قبل الفسخ ، تلزمه قيمته بالغة ما بلغت " – وإذا برئ المريض من مرضه ، جاز للدائنين الطعن بالدعوى البولصية في تصرفه باعتباره تبرعاً ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي فقرة 218 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 300 ص 486 – ص 487 ) ، وهذا فوق دعوى الإبطال للغلط التي تكون للمريض نفسه بعد أن يبرأ من مرضه كما سبق القول ، وهي دعوى يجوز لدائنيه أن يرفعوها باسمه .
( [596] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 211 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 263 – وبيت المال لا يعتبر وارثاً " فالبيع في مرض الموت للزوجة صحيح إذا لم يكن للزوج وارث آخر . ولذلك لا يصح لبيت المال ( الحكومة ) أن يطعن في العقد بحجة أن له ثلاثة أرباع التركة ، لأن بيت المال ليس بوارث . بل الحكومة تستحق التركة إذا دخلت من الورثة أو وجد منهم فقط من لا يمكن الرد عليه ، لا من طريق الإرث ، بل لاعتبارها مالاً لا مالك له ( محكمة اللبنان 24 ديسمبر سنة 1914 الرائع 2 رقم 142 ص 127 – وانظر المنيا 18 مارس سنة 1930 المحاماة 10 رقم 377 ص 757 – وقارن مع ذلك استئناف مختلط 25 مارس سنة 1895 م 7 ص 192 ) . وهذا الحكم يتفق مع ما جاء في الفقه الإسلامي من أن بيت المال يأخذ المال من جهة أنه لا مالك له ( أحكام القرآن للجصاص 2 ص 100 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 266 ) – وقد جاء في قانون الوصية نص صريح في هذا المعنى ، فقضت المادة 37 من هذا القانون بأن " تنفذ وصية من لا دين عليه ولا وارث له بكل ماله أو بعضه ، من غير توقف على إجازة الخزانة العامة " .
( [597] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 215 .
( [598] )          استئناف مصر 25 فبراير سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 19 – 4 مايو سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 17 .
( [599] )          والعبرة في معرفة أي حكم يسري تكون بتاريخ موت المورث . فإن كان هذا التاريخ قبل نفاذ التشريع الذي يجيز الوصية لوارث ( قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 ) ، فحكم التقنين القديم هو الذي يسري ، وإلا فحكم التقنين الجديد .

وكان القضاء في العهد الأسبق يكشف عن تحايل المريض إذا باع لغير وارث ثم يحول المشتري البيع إلى وارث ، فصدور البيع لولد الزوجة وهو غير وارث ثم تحويل العقد من الولد إلى أمه فيه تحايل ، ويعتبر بيعاً صادراً لوارث في مرض الموت ( استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 430  /  3 ص 828 ) .
( [600] )          نقض مدني 26 أبريل سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 177 ص 380 - استئناف وطني 25 أبريل سنة 1899 الحقوق 14 ص 138 .

هذا والإجازة يجب أن تصدر من أهل للتبرع ، فلا يصح أن يكون الوارث المجيز صبياً أو مجنوناً أو محجوراً عليه ، أو أن يكون هو نفسه مريضاً مرض الموت . والمجيز إذا كان مريضاً مرض الموت لا تنفذ إجازته إلا في حدود ثلث تركته بغير إجازة ورثته ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 206 هامش رقم 2 ) . ويجب أن يكون المجيز عالماً بالعيب وراغباً في تصحيحه ، فاشتراك الوارث في تحرير محضر جرد التركة وإشارته في المحضر إلى التصرف لا يكون إجازة إلا إذا أراد بذلك الموافقة على التصرف ( نقض مدني 20 مايو سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 57 ص 164 استئناف وطني أول فبراير سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 108  /  2 ص 296 – استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1897 م 9 ص 171 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 301 ص 490 ) .

ويجب أن تقع الإجازة بعد الموت ، فالإجازة الحاصلة وقت العقد أو اشتراك الورثة في نفس العقد لا يعتبر إجازة ، ويجب صدور الإجازة مرة ثانية بعد الموت . وإجازة بعض الورثة دون بعض لا تنفذ إلا في حصص من أجاز من الورثة ( نقض مدني 20 مايو سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 57 ص 164 وهو الحكم السابق الإشارة إليه ) . ويجوز للمشتري أن ينذر الورثة ليعلونا ما إذا كانوا يجيزون التصرف أو لا يجيزونه ، وأن يلتجئ إلى القضاء لتحديد ميعاد لذلك ، لكن إذا انقضى الميعاد عد هذا عدم إجازة منهم للتصرف ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 214 – الأستاذان محمد كامل مرسي فقرة 262 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 450 - الأستاذ سليمان مرقس فقرة 301 ص 490 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 422 ) . و سكوت الوارث بعد وفاة المورث مع ظهور العقد ونقل التكليف للمشتري دون أن يطعن الوارث ، بل سكت مدة ثلاث سنوات أو أربع حتى وفاته ، يعتبر إجازة ضمنية للعقد الصادر في مرض الموت ( استئناف أسيوط 18 مارس سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 242 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) .

وإذا تعددت العقود الصادرة من المورث في مرض الموت ، اعتبر المشترون في حكم الموصي لهم ، واقتسموا الثلث بنسبة ما أوصى به لكل منهم ، ولا محل للرجوع إلى تواريخ العقود لتقديم أقدمها تاريخاً أو تسجيلاً ( استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 430  /  5 ص 828 ) . ويبدو أنه بالنسبة إلى الموصي له يعتبر بيع الموصي في مرض موته هو أيضاً في حكم الوصية ، فيكون البيع في مرض الموت إما ناقضاً للوصية الأولى وإما نافذاً معها في حدود ثلث التركة ( قارن استئناف وطني 15 أبريل سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 106 وتعليق الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 208 هامش رقم 1 ) .
( [601] )          فإذا لم يكن للمريض ورثة نفذ البيع أياً كان المقدار المحابي به ولو كان البيع في حقيقته هبة ، ولا يعتبر بيت المال وارثاً كما سبق القول ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 219 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 266 ) .
( [602] )          كذلك للورثة أن يستبقوا الدار شائعة بينهم وبين المشتري ، وتكون حصتهم فيها بمقدار المائتين اللتين اعتبر فيهما غير نافذ . وقد أجازت محكمة استئناف أسيوط للوارث أن يأخذ حقه وهو الثلثان عيناً إذا كانت العين المبيعة قابلة للتجزئة ( 17 أبريل سنة 1929 المحاماة 9 ص 645 – وأنظر أيضاً استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 11 ص 828 ) .
( [603] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 219 – فقرة 222 ومراجع الفقه والقضاء المشار إليها .
( [604] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 215 . والعبرة فيم عرفة أي حكم يسري تكون هنا أيضاً بتاريخ موت المورث ، فإن كان هذا التاريخ قبل نفاذ قانون الوصية ( رقم 17 لسنة 1946 ) الذي يجيز الوصية لوارث فحكم التقنين القديم هو الذي يسري ، وإلا فحكم التقنين الجديد .
( [605] )          والعبرة هنا أيضاً بتاريخ موت المورث ، فإن كان قبل نفاذ قانون الوصية ( رقم 71 لسنة 1946 ) الذي يجيز الوصية للوارث سرى حكم التقنين السابق ، وإلا فيسري حكم التقنين الجديد .
( [606] )          وذلك ما لم تكن العين منقولاً وقد حازه المتبرع بحسن نية .
( [607] )          أما إذا كان المشتري سيء النية ، كأن أعلنه الورثة قبل أن يقدم على الشراء بعدم إجازتهم لتصرف المريض ، لم يجز له أن يطلب الحماية ( استئناف مختلط 10 يناير سنة 1922 م 34 ص 107 ) .
( [608] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 224 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 265 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 451 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 302 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 423 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 131 .
( [609] )          وأصحاب الرأي الأول يستندون إلى أن المشرع في عهد التقنين المدني الأسبق قد أحال الميراث على الشريعة الإسلامية ، لا فحسب من حيث تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم في الميراث ، بل أيضاً باعتبار الميراث طريقاً لانتقال الملكية من المورث إلى الوارث . والوارث في الشريعة الإسلامية لا يستمر شخص مورثه ولا يحل محله في التزاماته ، بل إن ديون المورث تتعلق بالتركة ، وتبقى التركة ضامنة لديونه بعد موته كما كان ماله ضامناً لها حال حياته . ولا يرث الوارث إلا ما يتبقى بعد سداد الديون ، إذ لا تركة إلا بعد سداد الدين . أما حق الدائنين في الشريعة الإسلامية فهو أشبه بحق الاختصاص أو الرهن على جميع التركة ، فإذا باع الوارث عيناً من أعيان التركة قبل سداد الدين ، كان للدائن أن يتتبعها في يد المشتري ويستوفي منها حقه . هذا إذا كانت التركة مستغرقة بالدين ، أما إذا كانت غير مستغرقة فللدائنين كذلك رهن عام بمقدار ديونهم لأن أموال التركة مثقلة بحقوقهم ، ولكن الفقهاء أباحوا للورثة التصرف في أعيان التركة لأن ضمان الدائنين هي التركة جميعها لا عين بالذات . على أن حق الورثة في التصرف يقف حين لا يبقى في التركة إلا ما يكفي للوفاء بالديون ، وكل تصرف زاد على هذا الحد فهو غير نفاذ في حق الدائنين ، وللدائنين أخذ حقهم من أعيان التركة حيث توجد إذا لم يكن الباقي منها كافياً ( الأستاذ عبد الحميد بدوي في مجلة مصر العصرية 1914 ص 14 وما بعدها – وملاحظات الأساتذة عزيز كحيل وعبد الخالق ثروت وعبد الحميد مصطفى ومحمد حلمي عيسى في ص 40 ) . وأنظر من أحكام القضاء في هذا الرأي : استئناف وطني 15 فبراير سنة 1894 الحقوق 9 ص 17 – 29 ديسمبر سنة 1913 الشرائع 1 رقم 424 ص 277 – استئناف مصر 18 يونيه سنة 1927 المجموعة الرسمية 31 رقم 142  /  1 ص 364 – 30 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 428 ص 826 – 8 مارس سنة 1932 المحاماة 13 رقم 70 ص 168 – 10 ديسمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 429  /  6 ص 871 – 5 ديسمبر سنة 1944 م 57 ص 17 – محكمة مصر 28 يناير سنة 1896 القضاء 3 ص 196 – 22 مارس سنة 1904 الاستقلال 3 ص 107 – 20 فبراير سنة 1906 الحقوق 21 ص 112 - محكمة طنطا 21 أكتوبر سنة 1919 المحاماة 1 رقم 32  /  1 ص 199 – الإسكندرية 3 أبريل 1924 المجموعة الرسمية 28 رقم 130 ص 250 - استئناف مختلط 22 ديسمبر سنة 1898 م 11 ص 62 – 13 يونيه 1900 م 12 ص 335 – 16 ديسمبر سنة 1903 م 16 ص 69 – 20 أبريل 1905 م 17 ص 221 - 3 يونيه سنة 1911 م 23 ص 354 – 11 مارس سنة 1914 م 26 ص 270 – 9 يناير سنة 1917 م 29 ص 146 – 29 مارس سنة 1917 م 29 ص 234 – 30 أكتوبر سنة 1917 م 30 ص 13 – 8 فبراير سنة 1940 م 52 ص 124 ومن أصحاب هذا الرأي الأول من يذهب إلى حد القول بحلول الديون المؤجلة بموت المدين وفقاً لمبادئ الفقه الإسلامي ( الأستاذ علي زكي العرابي في مركز الوارث في الشريعة الإسلامية سنة 1913 ومقال له في المحاماة السنة الأولى العدد الخامس ) .

أما أصحاب الرأي الثاني فيذهبون إلى أن الشريعة الإسلامية أنما تسري في تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم ، أما في كيفية انتقال المال إلى الورثة فليس هذا متصلاً بالأحوال الشخصية ، بل هو داخل في أسباب كسب الملكية ، فتسري فيه القواعد العامة في القانون المدني . ومن ثم يجب أن تفصل أموال التركة عن أموال الوارث الخاصة ، ويقدم دائنوا المورث على دائني الوارث في اقتضاء حقوقهم من أموال التركة ، لأن حق الضمان العام الذي كان لهم في حياة المورث لا يزال باقياً كما كان ما دام المالان منفصلين . ولكن طبيعة هذا الحق لا تتغير فلا يصير عينياً بالموت ، ولا يكون للدائن حق تتبع العقار إذا خرج من يد الوارث بالبيع إلا إذا كان المشتري سيء النية . وشأن الدائن أمام تصرف الوارث هو شأنه أمام تصرف المورث بلا فرق ، له أن يطعن في تصرف الوارث بالدعوى البولصية إذا توافرت شروطها كما كان له ذلك بالنسبة إلى تصرف المورث . ولكن الوارث يلتزم في أمواله الخاصة بقيمة ما تصرف فيه من أموال التركة ، وليس لدائنيه أن يتضرروا من ذلك لأن كل تصرفاته واقعة نتائجها على أمواله ، ولا سبيل إلى منعه عن التصرف إلا بالحجر ( الأستاذ أحمد عبد اللطيف المحاماة السنة الثانية العدد الثالث – الأستاذ عبد الوهاب محمد الشرائع السنة الأولى ص 57 ) . وأنظر من أحكام القضاء في هذا الرأي : استئناف وطني 9 ديسمبر سنة 1912 المجموعة الرسمية : 1 رقم 23 ص 42 – استئناف مصر 8 مارس سنة 1932 المجموعة الرسمية 33 رقم 214 – محكمة الإسكندرية 31 ديسمبر سنة 1896 القضاء 4 ص 18 .

وأنظر في هذه المسألة وما احتدم فيها من خلاف الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 199 – فقرة 204 ( وما أشير إليه من مراجع في الفقه والقضاء ) . وأنظر بحثاً للأستاذ أحمد إبراهيم فيم جلة القانون والاقتصاد 7 ص 357 - ص 398 .

وقد أخذت محكمة النقض في عهد التقنين المدني السابق ، بالرأي الأول . فقضت بأن التركة عند الحنفية ، مستغرقة كانت أو غير مستغرقة ، تنشغل بمجرد الوفاة بحق عيني لدائني المتوفي تخولهم تتبعها واستيفاء ديونهم منها بالتقدم على سواهم ممن تصرف لهم الوارث أو من دائنيه . وهذا ه والقانون الواجب على المحاكم المدنية تطبيقه إذا ما تعرضت للفصل فيم سائل المواريث بصفة فرعية . ولا يحول دون ثبوت هذا الحق العيني لدائني التركة التعلل بأن الحقوق العينية في القانون المدني وردت على سبيل الحصر ، وبأن حق الدائن هذا من نوع الرهن القانوني الذي لم يرد في التشريع الوضعي ، وذلك لأن عينية الحق مقررة في الشريعة الإسلامية ، وهي – على ما سبق القول – القانون في المواريث . وإذن فالحكم الذي ينفي حق الدائن في تتبع أعيان تركة مدينه تحت يد من اشتراها ، ولو كان المشتري حسن النية وكان عقده مسجلاً ، مخالف للقانون ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 159 ص 356 ) .

وقضت أيضاً بأن تصرف الورثة في التركة المستغرقة ببيع بعض أعيانها خاضع لحكم القانون المدني من حيث اعتباره من غير مالك ، وبالتالي سبباً صحيحاً لاكتساب الملكية بالتقادم الخمسي ، ومن حيث عدم اعتباره محلاً لدعوى إبطال التصرف إضراراً بدائن التركة . لكن الحكم الصادر على هذا الأساس بملكية المشتري للعين المبيعة له لا يكسبه هذه الملكية إلا محملة بحق الدائن العيني ، لأن التقادم قصير المدة المكسب للملكية لا يمكن أن يكون في الوقت نفسه تقادماً مسقطاً للحق العيني الذي يقلها ، إذ هذا الحق إنما هو حق بيع لا يسقط بالتقادم مستقلاً عن الدين الذي هو تابع له . وبقاء هذا الحق العيني على الأرض المبيعة هو سند الدائن في تتبعها بالتنفيذ تحت يد المتصرف إليه . وإذن فمن الخطأ أن يلغى بإلغاء إجراءات نزع الملكية التي يتخذها الدائن على تلك الأرض ، إذ هذا القضاء يكون فيه إهدار لحق الدائن في تتبع العين لاستيفاء دينه ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 160 ص 365 ) . ويؤخذ على هذا الحكم الأخير أنه متى قرر للدائن حقاً عينياً على العين الموروثة يمكنه من تتبع العقار تحت يد المشتري ، لم يعد في حاجة إلى إنكار ملكية الوارث للعقار وإلى ترتيب التقادم الخمسي على انعدام الملكية . ولو أن الوارث كان غير مالك حقاً ، وباع إلى مشتر حسن النية ، لملك هذا بالتقادم الخمسي المبيع خالصاً من حق التركة ودائنيها ، فهؤلاء لا يعدون أن يكونوا في مركز المالك الحقيقي ومركز من كسب حقاً من هذا المالك ، فيسري التقادم في حقهم .
( [610] )          أنظر عرضاً مفصلاً لهذه المذاهب وللأدلة التي يحتج بها كل مذهب في مقال للأستاذ على الخفيف في مدى تعلق الحقوق بالتركة في مجلة القانون والاقتصاد السنة الثانية عشرة ص 158 – ص 174 .
( [611] )          وقد جاء في المدونة الكبرى في هذا الصدد : " قلت أرأيت رجلاً هلك وترك مالاً وترك ديوناً للناس عليه ، وليس في مال هذا الذي ترك وفاء لحق واحد من الغرماء ، فأخذ الوصي المال أو أخذته الورثة فقضوه رجلاً واحداً وهم لا يعلمون بالذين لهم الدين ، أو كانوا يعلمون فقضوا واحداً من الغرماء دون بقيتهم . قال إذا لم يعلموا ببقية الغرماء ولم يكن الميت موصوفاً بالدين ، فلا شيء على الوصي ولا على الورثة . فإن علموا أو كان موصوفاً بالدين ، فعليهم ما يصيب هؤلاء إذا تحاصوا ، ويرجع الورثة أو الوصي الذي اقتضى المال بما غرموا لهؤلاء الغرماء . وإن كانوا لم يعلموا ، فإنما يتبع الغرماء الذين استوفوا المال ، ولا يكون على الوصي ولا على الورثة شيء . قلت وهذا قول مالك ، قال نعم هو قوله . . . قلت أرأيت إن باع الورثة تركة الميت فأكلوها واستهلكوها ، ثم قدم قم فأقاموا البينة على دين لهم على الميت ، قال قال مالك إن كان الرجل الميت معروفاً بالدين ، فبادر الورثة الغرماء فأخذوا ماله فباعوه واقتسموه وأكلوه ، كان للغرماء أن يأخذا مال الميت حيثما وجدوه ، ولا يجوز بيع الورثة ، واتبع الذين اشتروا الورثة . وإن كان الرجل الميت لا يعرف بالدين ، فباعوا على مثل ما يبيع الناس تركة ميتهم ، ابتع الغرماء الورثة ، ولم يكن لهم على من اشترى منهم سبيل ، ولا يأخذون من الذين اشتروا ما في أيديهم . قال ابن القاسم أخبرني بهذا عن مالك غير واحد من أصحابنا ، وهو رأيي . سحنون عن ابن وهب قال مالك في الرجل يهلك وهو مديان أو غير مديان معروف كلاهما في حاله ، ثم يبيع الورثة أمواله فيقتسمونها : ثم يأتي دين على هذا الميت ، فيوجد المال بأيدي الناس الذين اشتروا . قال أما الذي يعرف بالدين ولا يجهل أمره ، فإن الغرماء يأخذون ما وجدوا بأيدي الناس الذين اشتروا ، ويتبع الذين اشتروا الورثة بأموالهم . وأما الذين لا يعرف بالدين ولا يظن به الدين ، فإنما يتبع غرماؤه الورثة بثمن ما باعوا كان فيه وفاؤهم أو لم يكن " ( المدونة الكبرى جزء 13 ص 57 – ص 59 ) .
( [612] )          وقد جاء في المغني في هذا الصدد : " حكى بعض أصحابنا فيمن مات وعليه دين ، هل يمنع الدين نقل التركة إلى الورثة؟ روايتين : إحداهما لا يمنعه ، للخبر ولأن تعلق الدين بالمال لا يزيل الملك في حق الجاني والراهن والمفلس فلم يمنع نقله . فإن تصرف الورثة في التركة ببيع ونحوه ، صح تصرفهم ، ولزمهم أداء الدين ، فإن تعذر وفاؤه فسخ تصرفهم ، كما لو باع السيد عبده الجاني أو النصاب الذي وجبت فيه الزكاة . والرواية الثانية يمنع نقل التركة إليهم لقوله تعالى من بعد وصية يوصى بها أو دين ، فجعل التركة للوارث من بعد الدين والوصية ، فلا يثبت لهم الملك قبلهما . فعلى هذا لو تصرف الورثة ، لم يصح تصرفهم ، لأنهم تصرفوا في غير ملكهم ، إلا أن يأذن الغرماء لهم . وإن تصرف الغرماء ، لم يصح إلا بإذن الورثة " ( المغني جزء 4 ص 487 ) .
( [613] )          وقد جاء في المهذب في هذا الصدد : " ومن مات وعليه ديون ، تعلقت الديون بمال كما تتعلق بالحجر في حياته . . . فإن تصرف الورثة في التركة قبل مضي الدين ، ففيه وجهان : أحدهما لا يصح ، لأنه مال تعلق به دين ، فلا يصح التصرف من غير رضا من له الحق كالمرهون . والثاني يصح ، لأنه حق تعلق بالمال من غير رضا المالك ، فلم يمنع التصرف كمال المريض . وإن قلنا إنه يصح ، فإن قضى الوارث الدين نفذ تصرفه ، وإن لم يقض فسخنا . . . وإذا قسم مال المفلس أو مال الميت بين الغرماء ، ثم ظهر غريم آخر ، رجع على الغرماء وشاركهم فيما أخذوه على قدر دينه ، لأنا إنما قسمنا بينهم بحكم الظاهر أنه لا غريم له غيرهم ، فإذا بان بخلاف ذلك وجب نقض القسمة ، كالحاكم إذا حكم بحكم ثم وجد النص بخلافه " ( المهذب جزء أول ص 327 ) .
( [614] )          وقد جاء في المبسوط للسرخسي : " الدين إذا كان محيطاً بالتركة يمنع ملك الوارث في التركة ، وإن لم يكن محيطاً فكذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله الأول ، وفي قوله الآخر لا يمنع ملك الوارث بحال لأنه يخلف الموروث في المال ، والمال كان مملوكاً للميت في حال حياته مع اشتغاله بالدين كالمرهون ، فكذلك يكون ملكاً للوارث . وحجتنا في ذلك قوله تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين ، فقد جعل الله تعالى أداء الميراث بعد قضاء الدين ، والحكم لا يسبق أوانه . فيكون حال الدين كحاله في حياة المورث في المعنى ، ثم الوارث يخلفه فيما يفضل من حاجته ، فأما المشغول بحاجته لا يخلفه وارثه فيه . وإذا كان الدين محيطاً بتركته فالمال مشغول بحاجته ، وقيام الأصل يمنع ظهور حكم الخلف . ولا يقال يبقى مملوكاً بغير مالك ، تبقى مالكية المديون في ماله حكماً لبقاء حاجته " ( المبسوط جزء 29 ص 136 – ص 138 ) .

وجاء في الزيلعي : " إن الدين يجب في الذمة . . . ولا ينتقل بالموت من الذمة إلى التركة . ألا ترى أن التركة لو هلكت لا يسقط ، وأن الوارث أن يستخلص التركة بقضاء الدين من محل آخر . بخلاف الوصية فإن حق الموصي له يتعلق بعين التركة حتى لا يبقى بعد هلاك التركة ، وليس للوارث أن يستخلص التركة ويطلبه من محل آخر . . . ولأبي يوسف رحمه الله أن الدين بالموت يتعلق بالتركة لخراب الذمة ، ولهذا لا يثبت الملك فيها للوارث ولا ينفذ تصرفه فيها إذا كانت مستغرقة بالدين " ( الزيلعي جزء 6 ص 214 ) . وجاء في حاشية الشلبسي على الزيلعي ( جزء 6 ص 214 ) : " إذا كانت التركة مستغرقة بالدين ، فأراد الوارث استخلاص التركة ونقد المال ، يجبر رب الدين على القبول . لأن عند استغراق التركة بالدين ، وإن كان لا ملك لهم ، ولكن لهم حق استخلاص التركة . أما لو قالوا نحن نؤدي الدين ولم يكن المال نقداً ، كان للقاضي أن يبيع التركة ويقضي حق الغرماء . والأجنبي لو فقد الدين لا يجبر رب الدين على القبول ، لأنه ليس له ولاية استخلاص التركة بخلاف الورثة . والدين إذا كان زائداً على التركة ، فللورثة ولاية استخلاص التركة بأداء جميع الدين لا بقدر التركة ، كالعبد الجاني إذا فداه مولاه فداه بارشه " .
( [615] )          وقد قضت محكمة دمنهور الكلية بأن التركة ، مستغرقة كانت أو غير مستغرقة ، تنتقل بمجرد الوفاة مثقلة بحق عيني لدائني المتوفي ، يخول لهم تتبعها واستيفاء ديونهم بالتقدم على سواهم ممن تصرف هل الوارث أو من دائنيه . هذا الحق العيني يتوافر له خصيصة التتبع والتقدم لاستيفاء دائني المورث حقوقهم من التركة بلا تفرقة بين حائز حسن النية وآخر سيء النية ، وإنه متعلق بالتركة كلها تعلق دين الرهن بالمرهون ( دمنهور الكلية 21 ماس سنة 1954 المحاماة 36 رقم 575 ص 1570 ) .
( [616] )          أنظر في عهد التقنين المدني السابق : استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1928 م 40 ص 317 .
( [617] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون تنظيم الشهر العقاري في هذا الصدد : " ومؤدى هذا النص أن تأشير الدائن بدينه في الميعاد المشار إليه يحفظ له حق مطلقاً قبل الغير ، حتى لو كان هذا الحق قد تلقاه صاحبه وشهره قبل هذا التأشير . أما بعد هذا الميعاد ، فالعبرة بأسبقية الشهر بين الدائن وبين من تلقى الحق من الوارث . ولا يبدأ ميعاد السنة بالنسبة إل الدائن إلا من تاريخ شهر الإرث . أما إذا لم يشهر حق الإرث ، فللدائن أن ينفذ على أعيان التركة استيفاء لحقه ، والمفروض أنها تكون باقية على ملك الوارث إذ لا يجوز شهر أي تصرف صادر منه قبل شهر حق الإرث ذاته . وللدائن في جميع الأحوال ، ولو أغفل التأشير بدينه بعد استطاعته ذلك – أي بعد شهر حق الإرث – أي ينفذ على أعيان التركة التي تكون باقية على ملك الوارث . بمعنى أنه إذا باع الوارث بعض عقارات التركة وسجل عقد البيع ( بعد تسجيل حق الإرث ) ، ولم يؤشر الدائن بدينه ، كان لهذا الأخير الرجوع على عقارات التركة التي لم يتعلق بها حق الغير . وإذا رهن الوارث بعض عقارات التركة وقيد الرهن ، فللدائن الذي لم يؤشر بدينه أن يرجع على هذا العقار المرهون ، ولكن يكون للدائن المرتهن أن يحتج قبله بحق الرهن . ومما تقدم يرى أن المادة 14 مكملة للمادة 13 التي أوجبت شهر الإرث حتى يستطيع الوارث التصرف في عقارات التركة . وقد أخضت المادة 14 ديون الغرماء لنظام التأشير الهامشي ، ولم توجب شهرها استقلالاً بطريق التسجيل . فإذا أهمل الوارث شهر حقه ، لم يلتزم دائن التركة بشهر دينه ، مع بقائه محمياً بقاعدة لا تركة إلا بعد وفاء الديون ، فتظل ديون التركة رغم خفائها عالقة بأعيانها كما لو كانت مرهونة بها " . وانظر الأستاذ محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية جزء 5 فقرة 159 ص 196 – والأستاذ محمد علي عرفة في الاتجاهات الحديثة في الميراث وتصفية التركة في مجلة القانون والاقتصاد 18 ص 223 .

وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 18 من قانون تنظيم الشهر العقاري على أن " لكل ذي شأن أن يطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة محو التأشير المشار إليه في المادة الرابعة عشرة ، فيأمر به القاضي إذا كان سند الدين مطعوناً فيه طعناً جدياً " . فيجوز إذن أن يطلب المحو الوارث أو دائن آخر للتركة أو دائن شخصي للوارث أو مشتر من الوارث يضره التأشير فيطلب محوه .

والأفضلية المترتبة على أسبقية الشهر لا تكون فيما بين دائني التركة " فلا يتقدم أحدهم على الآخر لمجرد أنه أشر بحقه قبله . ولكن الدائن الذي أشر في خلال السنة له أن يتتبع العقار في يد الغير ، ولا يستطيع هذا التتبع الدائن الذي لم يؤشر في خلال هذه المدة ( الأستاذ محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية جزء 5 فقرة 162 – الأستاذ محمد علي عرفة المقال المشار إليه في مجلة القانون والاقتصاد 18 ص 227 ) .
( [618] )          أما قبل شهر حق الإرث ، فإن القانون لا يمكن الوارث من التصرف في عقارات التركة ، إذ يمنع شهر أي تصرف يصدر منه قبل أن يشهر حق أرثه . وتقول المادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقاري في هذا الصدد : " يجب شهر حق الإرث بتسجيل إشهادات الوراثة الشرعية أو الأحكام النهائية أو غيرها من السندات المثبتة لحق الإرث ، مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عينية عقارية ، وذلك بدون رسم . وإلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من الوارث في حق من هذه الحقوق " .
( [619] )          ويبدو أن المشتري من الوارث لا يستطيع تطهير العقار ، كما كان يستطيع لو أن العقار كان مرهوناً رهناً رسمياً ، فإن التطهير إجراء استثنائي لا يمتد من الرهن الرسمي إلى غيره من الحقوق المماثلة إلا بنص في القانون . ولذلك جاز التطهير في حق الاختصاص لوجود هذا النص ( م 1095 مدني ، ولم يجز في الرهن الحيازي لانعدامه ) .
( [620] )          الأستاذ محمد علي إمام فقرة 176 ص 95 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 199 ص 296 – وإذا باع المورث عقاراً ولم يسجل المشتري البيع قبل موت المورث ، ثم باع الوارث العقار ذاته ، فإن المشتري من المورث يفضل على المشتري من الوارث إذا سجل عقده في خلال السنة التي تلي شهر حق الإرث أو أشر بدينه باعتباره دائناً للتركة في خلال هذه المدة ، حتى لو سجل المشتري من الوارث عقده قبل ذلك . أما إذا سجل المشتري من المورث البيع أو أشر بالدين بعد انقضاء السنة ، فالعبرة في المفاضلة بينه وبين المشتري من الوارث بالأسبقية في التسجيل أو التأشير . وسنعود إلى هذه المسألة بتفصيل أو في فيما يلي ( أنظر فقرة 270 ) .
( [621] )          ونرى من ذلك أن ما يوجهه الأستاذ محمد أبو زهيرة ، في كتابه أحكام التركات والمواريث ( ص 64 - ص 74 ) ، من الانتقاد لنظام التصفية ، لما يتضمنه من مصروفات كثيرة وإجراءات طويلة ، لا محل له . فهو ليس بنظام إجباري ، بل هو ليس بنظام اختياري يجوز لذوي الشأن يطبقوه متى شاءوا . وإنما هو نظام وضع لتصفية التركات الكبيرة إذا أثقلتها الديون وتعقدت شؤونها ، فالنظام ملائم كل الملاءمة لمثل هذه التركات . والقاضي وحده هو الذي يقدر ما إذا كان يستجيب لطلب إخضاع التركة لنظام التصفية ، وهو لا يستجيب لهذا الطلب إلا إذا وجد من ظروف التركة ما يبرر ذلك ( أنظر من هذا الرأي الأستاذ محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية جزء ب 5 ص 159 هامش رقم 1 ) .
( [622] )          ويدخل ، لتنفيذ الديون والوصايا ، في مال التركة نماؤها . ويتفق هذا مع رأي الكثيرين من الحنابلة فهم يجعلون التركة ملكاً للورثة بمجرد موت المورث ويجعلون الديون مع ذلك متعلقة بنمائها لتعلها بأصل النماء ( الأستاذ علي الخفيف في المقال المشار إليه ص 220 - الأستاذ محمد أبو زهيرة في أحكام التركات والمواريث ص 27 ) .
( [623] )          فكانت المادة 608 من تقنين المرافعات المختلط تنص على أنه " لا يجوز للمدين من يوم تسجيل التنبيه أن يتصرف في العقارات المذكورة في التنبيه ، وإلا كان التصرف باطلاً من تلقاء نفسه وبلا حاجة إلى حكم بذلك " .
( [624] )          وكانت محكمة النقض تقضي بأن المدين يبقى على حقه في التصرف في العقار حتى يباع عليه بالمزاد ( نقض جنائي 19 مارس سنة 1934 ملحق مجلة القانون والاقتصاد 4 ص 115 – نقض مدني 19 ديسمبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 309 ص 988 ) .
( [625] )          ولكنه لا يكون باطلاً أو قابلاً للإبطال ، بل يكون بيعاً صحيحاً نافذاً فيما بين البائع والمشتري .
( [626] )          الأستاذ رمزي سيف في وقاعد تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية في قانون المرافعات الجديد سنة 1950 فقرة 341 وما بعدها – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 287 – فقرة 288 .
( [627] )          ويبقى بطبيعة الحال قائماً فيما بين المشتري والبائع ، دون أن يرجع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق أو بدعوى الفسخ .
( [628] )          ولا يجوز للمشتري أن يجبر الدائنين على قبول الثمن الذي اشترى به العقار ، ولو كان ثمن المثل أو أكمله إلى ثمن المثل – فهذا الإجبار لا يكون إلا بنص كنص المادة 258 مدني بالنسبة إلى المشتري من المدين المعسر كما سنرى – لجواز أن يحصل الدائنون على ثمن أكبر من ثمن المثل إذا بيع العقار في المزاد .
( [629] )          الوسيط جزء 2 فقرة 708 .
( [630] )          ونظير هذا ما نصت عليه المادة 241 مدني في الدعوى البولصية من أنه " إذا كان من تلقى حقاً من المدين المعسر لم يدفع ثمنه ، فإنه يتخلص من الدعوى متى كان هذا الثمن هو ثمن المثل ، وقام بإيداعه خزانة المحكمة " .
( [631] )          المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 الصادر في 9 سبتمبر سنة 1952 .
( [632] )          أنظر في ذلك أحكام الإصلاح الزراعي للأستاذ عثمان حسين عبد الله . وشرح قانون الإصلاح الزراعي للأستاذ محمد علي عرفة والبيع . للأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 290 - فقرة 304 .
( [633] )          أما تحديد علاقة مستأجر الأرض الزراعية بمالكها وحقوق العامل الزراعي ، فهذه أحكام دائمة هي أيضاً ، ولكنها لا تدخل في نطاق عقد البيع ، ومكان بحثها هو عقد الإيجار وعقد العمل .
( [634] )          وتنص المادة الثانية على ما يأتي : " استثناء من حكم المادة السابقة : ( أ ) يجوز للشركات والجمعيات أن تمتلك أكثر من مائتي فدان في الأراضي التي تستصلحها لبيعها ، وذلك على الوجه المبين في القوانين واللوائح . ( ب ) ويجوز للأفراد أن يمتلكوا أكثر من مائتي فدان من الأراضي البور والأراضي الصحراوية لاستصلاحها . ولا يسري على هذه الأراضي حكم المادة الأولى إلا بعد انقضاء خمس وعشرين سنة من وقت التملك ، هذا مع دم الإخلال بجواز التصرف فيها قبل انقضاء هذه المدة . ( ج ) ويجوز للشركات الصناعية الموجودة قبل صدور هاذ القانون أن تمتلك مقداراً من الأراضي الزراعية يكون ضروريا للاستغلال الصناعي ولو زاد على مائتي فدان . ( د ) ويجوز للجمعيات الزراعية العلمية الموجودة قبل صدور هاذ القانون أن تمتلك مقداراً من الأراضي الزراعية يكون ضرورياً لتحقيق أغراضها ولو زاد على مائتي فدان . ( هـ ) ويجوز للجمعيات الخيرية الموجودة قبل صدور هاذ القانون أن تمتلك من الأراضي الزراعية ما تزيد على مائتي فدان على ألا تتجاوز ما كانت تمتلكه قبل صدوره . ويجوز لها التصرف في القدر الزائد على مائتي فدان وفقاً لأحكام المادة 4 ، ويكون للحكومة الإستيلاء على المساحة الزائدة لدى الجمعية خلال عشر سنوات على أن يؤدي إليها التعويض نقداً على أساس حكم المادة 5 ( و ) ويجوز أيضاً للدائن أن يمتلك أكثر من مائتي فدان إذا كان سبب الزيادة هو نزع ملكية مدينه ورسو المزاد على الدائن طبقاً للمادة 664 من قانون المرافعات ، ويجوز للحكومة بعد مضي سنة من تاريخ رسو المزاد أن تستولى على الأطيان الزائدة على مائتي فدان بالثمن الذي رسا به المزاد أو نظير التعويض المحدد في المادة 5 أيهما أقل . وإلى أن تستولى الحكومة على الزيادة يجوز للدائن أن يتصرف فيها دون تقيد بشروط المادة 4 . وكذلك يستثنى الوقف " .
( [635] )          ومن أهم أمثلة التعطيل أن يخفى المالك ما يمتلكه من أطيان تزيد على القدر المسوح بامتلاكه : كأن يقدم إقراراً غير صحيح بما يملك ، أو كأن يصطنع عقوداً صورية يسعى من ورائها إلى التهرب من أحكام القانون . ومتى تكشف الحقيقة استولت الحكومة على ما كان يجب الإستيلاء عليه من الأراضي الزراعية مع مصادرة ثمن هذه الأطيان فلا يدفع شيء للمالك ، ويعاقب هذا فضلاً عن ذلك بالحبس . وقد يعمد بعض الملاك إلى إفساد الأرض التي تستولى عليها الحكومة ، فيخربها بالحط من معدنها أو يضاعف تربتها أو بإتلاف ملحقاتها من عزب ومبان وزرايب ونحو ذلك حتى يفوت على من يملكها من بعده كمال الانتفاع بها ، فهذا أيضاً يعاقب بالحبس .
( [636] )          وقد يقال إن الوصية لا تنفذ في حق الورثة فيما يجاوز مائتي الفدان ، قياساً على عدم نفاذها فيما يجاوز ثلث التركة . ولكن هذا الحل يخالف النص الصريح الوارد في المادة 2 من اللائحة التنفيذية كما رأينا ، فوق أنه ينقص الوصية المستحقة للموصي له دون سبب تقرره الشريعة الإسلامية . فيجب إذن أن يؤول إلى الموصي له جميع المقدار الموصي به ما دام لا يجاوز ثلث التركة ، وبعد ذلك تستولى الحكومة في مقابل تعويض يستحقه الموصي له على ما يزيد على مائتي الفدان . وبذلك يتحول الزائد من الوصية لمصلحة الموصي له كما هو الواجب ، لا لمصلحة الورثة .
( [637] )          فيقايض بدار مثلاً على أرض زراعية ، أو يقايض بقطعة أرض زراعية على قطعة أرض زراعية أكبر منها .
( [638] )          الأستاذ عثمان حسين عبد الله في أحكام الإصلاح الزراعي ص 11 .
( [639] )          أما الصلح فله شأن آخر ، فهو كاشف عن الملكية لا منشئ لها ، فإذا صالح شخص آخر ، وكان من نتيجة هذا الصلح مثلاً أنه أعطى للطرف الآخر داراً وأخذ منه خمسين فداناً فزاد بذلك مجموع ما يملكه على مائتي فدان ، فإن أثر الصلح الكاشف يجعله مالكاً للخمسين الفدان منذ البداية ثم تستولى الحكومة بعد ذلك على ما يجاوز النصاب .
( [640] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية ما يأتي : " إذا كانت الملكيات الكبيرة جداً غير مرغوب فيها ، فكذلك الملكيات الصغيرة جداً : فهي تهبط بإنتاج الأرض ، وتحرم أصحابها من مستوى المعيشة اللائق بالإنسان . ولذلك عالجت المادتان 23 و 24 ( الباب الثالث ) مسألة تفتيت الملكية درءاً لازدياد حصوله في المستقبل بسبب تزايد عدد السكان وتقسيم الأرض بالإرث وغيره من أسباب كسب الملكية . ولما كان قد رؤى أن أصغر ملكية لا ينبغي أن تقل في المستقبل عن خمسة أفدنة فقد نص على أنه إذا وقع ما يؤدي إلى تجزئة الملكية إلى أقل من هذا القدر ، وجبت أيلولة الأرض إلى واحد ممن لهم نصيب فيها ، مع تفضيل من يشتغل منهم بالزراعة ، فإذا لم يستطع أيهم الوفاء بثمنها بيعت بالمزاد العلني " .
( [641] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 30 – ص 31 – وأنظر ما يلي فقرة 206 في الهامش .
( [642] )          فلو أن شخصاً نقل إلى شخص آخر ملكية شيء لقاء خدمة يؤديها الشخص الآخر له ، لم يكن العقد بيعاً ، بل يكون عقداً غير مسمى ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 35 ) .
( [643] )          جيوار 1 فقرة 92 – هيك 10 فقرة 34 – بودري سوينيا فقرة 128 – بيدان 11 فقرة 112 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 131 – عكس ذلك : ديرانتون 16 فقرة 129 – ماركاديه م 1591 .
( [644] )          الأستاذ سليمان مرقس فقرة 86 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 96 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 58 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 110 - الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 15 .

ولكن إذا حدد الثمن نقوداً فالعقد بيع ، حتى لو اشترط أن يدفع الثمن أسهما أو أقطاناً أو نحو ذلك بسعرها في البورصة ، فيكون المشتري قد باع بالثمن الذي في ذمته الأسهم أو الأقطان المشترطة ( أبوري ورو 5 فقرة 349 هامش رقم 24 ) – كذلك يكن العقد بيعاً إذا حدد الثمن نقوداً ثم حول المشتري للبائع حقاً له من النقود في ذمة أجنبي ، أو استوفى المشتري حقاً له في ذمة البائع نفسه بمقابل هو الثمن الذي في ذمته ( أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 447 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 33 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 84 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 95 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 58 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 134 ) .

أما في الفقه الإسلامي فالبيع أوسع نطاقاً ، إذ أن له صوراً أربعاً : ( 1 ) مبادلة عين بدين وهذا هو البيع المطلق ( 2 ) مبادلة عين بعين وهذه هي المقايضة . ( 3 ) مبادلة دين بعين وهذا هو السلم . ( 4 ) مبادلة دين بدين وهذا هو الصرف .
( [645] )          أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 441 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 35 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 234 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 85 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 95 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 59 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 44 ص 18 – ص 109 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 51 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 15 ص 28 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 109 وانظر أيضاً المادة 483 مدني – وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للمادة 485 مدني ، وتشير المذكرة إلى المادة 483 مدني وهي تجيز أن يكون في المقايضة معدل من النقود كمعدل القسمة ، ثم تقول : " على أنه يجب ألا يكون هذا المعدل هو العنصر الغالب ، وإلا انقلبت المقايضة بيعاً " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 238 ) .
( [646] )          والصفة الاحتمالية ، فيما إذا كان الثمن إيراداً مرتباً مدى الحياة ، إنما تثبت لمقدار الثمن لا للثمن في ذاته ( دي باج 4 فقرة 35 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 95 ص 173 ) .
( [647] )          وإذا كان الثمن إيراداً مؤبداً وأريد استبداله . فإن كان هناك ثمن قدر في عقد البيع وحول في العقد نفسه إلى إيراد مؤبد ، كان رأس المال الواجب الرد هو مقدار الثمن الذي كان قد قدر أولاً في عقد البيع ، إلا إذا اتفق على مبلغ أقل ، أما إذا كان المتبايعان قد اتفقا على أن يكون الثمن رأسا إيراداً مؤبداًن فرأس المال الواجب الرد يكون مبلغاً من النقود فائدته محسوبة بالسعر القانونية مساوية للإيراد . وهذا الحكم مستفاد من المادة 548 مدني وتنص على ما يأتي : " 1 - إذا رتب الدخل مقابل مبلغ من النقود ، تم الاستبدال برد المبلغ بتمامه ، أو بدر مبلغ أقل منه إذا اتفق على ذلك . 21 - وفي الحالات الأخرى يتم الاستبدال بدفع مبلغ من النقود تكون فائدته محسوبة بالسعر القانوني مساوية للدخل " . وانظر في هذا المعنى بودري وسينيا فقرة 128 مكررة .

ويذهب بعض الفقهاء إلى أنه إذا كان الثمن رأساً إيراداً مؤبداً أو إيراداً مؤقتاً ، فإنه يتمثل لا في أقاسط الإيراد بل في حق الإيراد ذاته ، ومن ثم يكون العقد مقايضة ( بيدان 11 فقرة 113 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 87 ) . ولكن هذا الرأي لم يسد في الفقه ولا في القضاء ، ولم يأخذ به المشرع المصري ( أنظر المادتين 545 و 741 مدني – وانظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 135 . الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 110 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 15 ) .
( [648] )          لوران 24 فقرة 68 – جيوار 1 - فقرة 95 هيك 10 فقرة 34 – أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 23 – بودري وسينيا فقرة 128 ص 126 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 35 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 132 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 84 الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 95 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 58 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 110 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 134 .
( [649] )          تاريخ النصوص :

م 423 : ورد هذا النص في المادة 563 من المشروع التمهيدي ، وكان المشروع يتضمن فقرة تجري على الوجه الآتي : " يجب أن يكون الثمن مقدراً بالنقد " . فحذفت هذه الفقرة في لجنة المراجعة لأنها مستفادة من تعريف البيع الوارد في المادة 418 مدني ، وأدخلت تعديلات لفظية طفيفة على ما بقى من النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 436 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 423 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 30 – ص 31 ) .

م 424 : ورد هذا النص في المادة 564 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما ستقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 437 في المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 424 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 32 – ص 34 ) .
( [650] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المادتين 423 و 424 مدني : " هذان نصان لا نظير لهما في التقنين الحالي وهما وإن كان حكمهما تمكن استفادته من القواعد العامة ، يعالجان مسائل عملية يجرد أن تكون لها حلول تشريعية ، أنظر التقنين الألماني م 453 وتقنين الالتزامات السويسري م 212 فقرة أولى والتقنين البولوني م 296 والتقنين البرازيلي م 1124 " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 32 ) .
( [651] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 391 – 392 ( مطابقتان للمادتين 423 – 424 من التقنين المدني المصري – وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 67 – فقرة 76 ) .

التقنين المدني الليبي م 412 – 413 ( مطابقتان للمادتين 423 – 424 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 526 : 1 - الثمن ما يكون بدلاً للمبيع ويتعلق بالذمة . 2 - ويلزم أن يكون الثمن معلوماً بأن يكون معيناً تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة .

م 527 : 1 - في البيع المطلق يجب أن يكون الثمن مقدراً بالنقد ، ويجوز أن يقتصر التقدير على بيان الأسس التي يحدد الثمن بموجبها فيما بعد .

2 - ( هذه الفقرة مطابقة للفقرة الثانية من المادة 423 من التقنين المدني المصري ) .

م 528 ( مطابقة للمادة 424 من التقنين المدني المصري ) .

م 529 : 1 - زيادة المشتري في الثمن وتنزيل البائع من الثمن أو زيادته في المبيع بعد العقد يصح ، ولتلحق الزيادة والتنزيل بأصل العقد . 2 - وما زاده المشتري في الثمن يعتبر في حق العاقدين لا في حق الشفيع ، وما حطه البائع من الثمن يجعل الباقي بعد الحط مقابلاً لكل المبيع حتى في حق الشفيع ، وما زاده البائع في المبيع يكون له حصة من الثمن . 3 - وللبائع أن يحط جميع الثمن قبل القبض ، ولكن لا يلحق هاذ الحط بأصل العقد . فلو أبرأ البائع المشتري من جميع الثمن وأخذ الشفيع المبيع ، وجب أن يأخذه بالثمن المسمى . [وهذا النص لا نظير له في التقنين المدني المصري ، وهو مأخوذ من الفقه الإسلامي ، ويتفق مع القواعد العامة] .

[ويلاحظ أن التقنين المدني العراقي أخذ في البيع بالمعنى الواسع الذي أخذ به الفقه الإسلامي ، فأصبحت المقايضة فيه نوعاً من أنواع البيع ، أما البيع بثمن نقدي فسماه البيع المطلق : م 527 عراقي - أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 111 - فقرة 133 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 244 - فقرة 292] .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 386 : يجب أن يعين المتعاقدون ثمن البيع . ويجوز أن يفوض تعيين الثمن إلى شخص ثالث ، وفي هذه الحالة إذا امتنع أو عجز الشخص الثالث عن تقدير الثمن فلا ينعقد البيع . [ولا فرق في هذه الأحكام بين التقنينين اللبناني والمصري] .
( [652] )          وهناك رأي يذهب إلى أنه إذا ترك تحديد الثمن لأحد المتعاقدين بشرط أني كون الثمن عادلاً ، جاز أن يكون هذا ، تبعاً للظروف ، تحديداً كافياً . فإذا حدد المتعاقد ثمناً غير عادل ، أو امتنع عن التحديد ، أو أبطأ فيه ، جاز للمتعاقد الآخر رفع الأمر للقضاء لتحديد الثمن العادل ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 89 ص 128 ) . ولكن يؤخذ على هاذ الرأي أن ما اتفق عليه المتعاقدان ليس في الواقع من الأمر إلا أن يكون الثمن عادلاً ، ولا يكفي في تحديد الثمن ، كما سنرى ، بأن يقتصر المتعاقدان على التبايع بثمن عادل ( الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 29 – وقارب الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 67 ) .
( [653] )          على أن مقدار الثمن قد يكون مفروضاً على البائع ، كما في حالة التسعير الجبري وفي حالة تسعير المرافق العامة كالمياه والغاز والنور وفي حالة نزع الملكية للمنفعة العامة . وقد يشترط البائع بالجملة على البائع " بالقطاعي " سعراً معيناً يبيع به ولا يزيد عليه حتى تروج السلعة ، ويمكن النقل في هذه الحالة إن البائع بالجملة قد اشترط لمصلحة المستهلك ، ولهذا أن يطالب البائع " بالقطاعي " أن يكون الثمن هو هذا السعر المعين ( قارب : بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2379 – كولان وكابيتان 2 فقرة 885 – بيدان 11 فقرة 115 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 708 – فقرة 709 ) . وأنظر في أن السعر الإجباري للعملة له تأثير في فرض الثمن أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 674 – فقرة 696 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 149 – فقرة 151 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 33 .
( [654] )          أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 18 – بودري وسينيا فقرة 132 ص 132 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 36 ص 36 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 89 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 112 .
( [655] )          ولا يكون بيعاً العقد الذي جعل فيه الثمن هو المقدار الذي يعرضه أجني على صاحب السلعة ، بل يكون هذا شرط تفضيل pacte de preference يشترط فيه شخص على صاحب السلعة تفضيله على أجنبي يعرض في السلعة ثمناً يرتضيه صاحبها ، فيلتزم هذا الأخير بتفضيل الأول على الأجنبي في يع السلعة له بالثمن الذي يعرضه الأجنبي 0 بودري وسينيا فقرة 133 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 128 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 29 ) .

واشتراط تعديل الثمن تبعاً لطارئ معين جائز ، ولكن إذا اتفق المتعاقدان على تحديد الثمن في تاريخ تال لم ينعقد البيع إلا عند تحديد الثمن ( دي باج 4 فقرة 37 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 102 ص 177 – 178 ) .
( [656] )          بيدان 11 فقرة 115 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2389 – كولان وكابيتان 2 فقرة 871 – جوسران 2 فقرة 1024 .
( [657] )          أو يجوز أن يكون الثمن هو ثمن التكلفة مع إضافة ربح معين ، أو متوسط الأثمان التي باع بها التاجر في وقت معين ، أو على أساس التسعيرة الرسمية ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 89 ص 127 ) .
( [658] )          ذلك أنه يثبت واقعة مادية ، إذ شراء البائع للمبيع بثمن معين يعتبر بالنسبة إلى المشتري واقعة مادية لا تصرفاً قانونياً ، فضلاً عن أن البيان الصادر من البائع بثمن أعلى من الثمن الحقيقي ينطوي على غش والغش يثبت بجميع الطرق .
( [659] )          أنظر مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 2 ص 166 – ص 167 .
( [660] )          وقد نصت المادة 121  /  2 من التقنين المدني العراقي على أنه " يعتبر تغريراً عدم البيان في عقود الأمانة التي يجب التحرز فيها عن الشبهة بالبيان ، كالخيانة في المرابحة والتولية والإشراك والوضيعة " .
( [661] )          وهذا هو قول أي يوسف في المذهب الحنفي ، ويبدو أنه أكثر الأقوال انطباقاً على القواعد العامة في القانون المصري . وفي الفقه الإسلامي أقوال أخرى في المذهب الحنفي وفي غيره من المذاهب تتبين من النصوص الآتية :

جاء في الهداية ( فتح القدير 5 ص 256 ) وهي من كتب الفقه الحنفي : " فإن اطلع المشتري على خيانة في المرابحة ، فهو بالخيار عند أبي حنيفة إن شاء أخذه بجميع الثمن وغن شاء تركه ، وإن أطلع على خيانة في التولية أسقطها من الثمن . وقال أبو يوسف رحمه الله يحط فيهما . وقال محمد رحمه الله يخير فيهما . لمحمد رحمه الله أن الاعتبار للتسمية لكونه معلوماً . والتولية والمرابحة ترويح وترغيب فيكون وصفاً مرغوباً فيه كوصف السلامة ، فيتخير بفواته . ولأبي يوسف رحمه الله أن الأصل فيه كونه تولية مرابحة ، ولهذا ينعقد بقوله وليتك بالثمن الأول أو بعتك مرابحة على الثمن الأول إذا كان ذلك معلوماً ، فلا بد من البناء الأول وذلك بالحط ، غير أنه يحط في التوليد قد الخيانة من رأس المال وفي المرابحة منه ومن الربح . ولأبي حنيفة رحمه الله أنه لو لم يحط في التولية لا تبقى تولية لأنه يزيد على الثمن الأول فيتغير التصرف فتعين الحط ، وفي المرابحة لو لميحط تبقى مرابحة وإن كان يتفاوت الربح فلا يتغير التصرف فأمكن القول بالتخيير " .

وجاء في القوانين الفقهية لابن جزي ( ص 263 – ص 264 ) وهي من كتب الفقه المالكي : " لا يجوز الكذب في التعريف بالثمن . فإن كذب ثم اطلع المشتري على الزيادة في الثمن ، فالمشتري مخير بين أن يمسك بجميع الثمن أو يرده ، إلا أن يشاء البائع أن يحط نه الزيادة وما ينوبها من الربح فيلزمه الشراء " .

وجاء في المذهب ( جزء أول ص 288 – ص 290 ) وهو من كتب فقه الشافعي : " ومن اشترى سلعة جاز له بيعها براس المال وبأقل منه وبأثكر منه . . وإذا ظهر أن رأس المال مائة وباع على ربح درهم في كل عشرة ، ثم قال اخطأ أو قامت البينة أن الثمن كان تسعين ، فالبيع صحيح . . وأما الثمن الذي يأخذه به ففيه قولان : أحدهما أنه مائة وعشرة ، لأن المسمى في العقد مائة وعشرة ، فإذا بان تدليس من جهة البائع لميسقط من الثمن شيء كما لو باعه شيئاً بثمن فوجد به عيباً . والثاني أن الثمن تسعة وتسعون ، وهو الصحيح ، لأنه نقل ملك يعتبر فيه الثمن الأول ، فإذا أخبر زيادة وجب حط الزيادة كالشفعة والتوليد ، ويخالف العيب ، فإن هناك الثمن هو المسمى في العقد وههنا الثمن هو رأس المال وقدر الربح ، وقد بان أن رأس المال تسعون والربح تسعة . فإن قلنا إن الثمن مائة وعشرة ، فهو بالخيار بين أن يمسك المبيع ب الثمن وبين أن يفسخ ، لأنه دخل على أن يأخذ المبيع برأس المال وهذا أكثر من رأس المال فثبت هل الخيار " .

وجاء في الشرح الكبير على متن المقنع ( جزء 4 ص 100 – ص 103 ) وهو من كتب الفقه الحنبلي : " السادس خيار يثبت في التولية والشركة والمرابحة والمواضعة . . . فإن باعه السلعة مرابحة ، مثل أن يخبروه أن ثمنها مائة ويربح عشرة ، ثم علم بينة أو إقرار أن ثمنها تسعون ، فالبيع صحيح ، لأنه زيادة في الثمن فلم يمنع الصحة كالعيب . وللمشتري الرجوع على البائع بما زاد في الثمن وهو عشرة وحظها من الربح وهو درهم ، فيبقى على المشتري تسعة وتسعون درهماً . وبهذا قال الثوري وابن أبي ليلى وهو أحد قول الشافعي . وقال أبو حنيفة يخير بين الأخذ بكل الثمن أو يترك قياساً على العيب " .

ويخلص من هذه النصوص أن قول أبي يوسف في الفقه الحنفي والقول الصحيح في فقه الشافعي والمنصوص عليه في الفقه الحنبلي ، هذه كلها تذهب إلى أن المشتري يسترد من البائع ما دفعه زيادة على ما ارتضاه من الثمن ، وهذا هو المتفق مع القواعد العامة في الفقه الغربي كما قدمنا . وهناك أقوال أخرى في المذاهب المختلفة ، أبرزها أن المشتري يكون بالخيار بين أن يستبقى المبيع بكل الثمن أو أن يفسخ البيع . وإذا أخذنا بالقول الأول ، وكان البيع مرابحة ، كأن كان الثمن الأول مائة ويزيد عشرة مرابحة ، ثم يتبين أن الثمن الأول تسعون لا مائة ، وجب حط العشرة من رأس المال وما يناسب العشرة من الربح وهو واحد ، فيكون الثمن تسعة وتسعين . وإذا كان البيع تولية أو إشراكاً ، حططنا العشرة من رأس المال . و إذا كان البيع وضيعة ، كأن كان الثمن الأول مائة وينقص عشرة وضيعة ، ثم تبين أن الثمن الأول تسعون ، فما دام قد اشترى المائة بتسعين ، ثم ظهر أن الذي اشتراه هو تسعون فقط ، فإنه يشتري التسعين بواحد وثمانين .

أنظر في بياعات الأمانة مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 2 ص 166 – ص 174 ومراجع الفقه الإسلامي المذكورة فيه .
( [662] )          قارن الأستاذ حسن الذنون فقرة 130 – فقرة 133 .
( [663] )          ومكان تسليم المبيع هو المكان المتفق عليه ، فإن لم يوجد اتفاق فالمكان الذي يوجد فيه المبيع وقت البيع إذا كان المبيع عيناً معينة بالذات ، وإلا فموطن البائع أو مركز أعماله وقت وجوب التسليم ( 347 مدني ) . وزمان التسليم هو الوقت المتفق عليه ، فإذا لم يوجد اتفاق وجب التسليم وفراً بمجرد انعقاد البيع ( م 346  /  1 مدني ) .

وإذا وجب تصدير المبيع للمشتري ، كان مكان التسليم هو المكان الذي يصلي فيه المبيع إلى المشتري ( م 436 ) .
( [664] )          الأستاذ أنور سلطان فقرة 142 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 30 ص 55 ( وإذا تعددت أسعار اليوم في البورصة ، فالسعر المتوسط ) .
( [665] )          أنظر المذكرة الإيضاحية لمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 32 – ص 33 . وأنظر م 212  /  1 من تقنين الالتزامات السويسري .
( [666] )          ويعرف الفقه الإسلامي بيع الاسترسال ، وفيه يستأمن المشتري – ويكون عادة لا دراية له بالأسواق أو بالسلعة التي يشتريها – البائع فيشتري منه السلعة بما تبيع به الناس أي بالسعر المتداول في التجارة . وقد كتبنا عن هاذ البيع في الفقه الإسلامي ما يأتي : " وغذى جانب بياعات الأمانة - وفي نفس المنطقة التي تسود فيهما نزاهة التعامل – يعرف الفقه المالكي والفقه الحنبلي بيعاً آخر ه وبيع المسترسل أو المستأمن . وفيه يكشف العاقد عن خبيئة نفسه ، ويبين أنه لا دراية له فيما هو بسبيله من التعامل ، وأنه يستأمن المتعامل معه ويستنصحه ويسترسل إلى نصحه ، ويطلب إليه أن يبيع منه أو يشتري بما تبيع به الناس أو تشتري . فالأساس هنا ليس هو الثمن الأصلي كما في بياعات الأمانة ، بل هو سعر السوق . فإذا لمي صدقه المتعامل معه ، ولم يكشف له عن حقيقة سعر السوق ، بل كذب عليه في ذلك وغبنه ، فإن هاذ الكذب وحده يعتبر غشاً وتدليساً يوجب للعاقد خيار الرد " ( مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 2 ص 175 – وأنظر الخطاب جزء 4 ص 470 – والشرح الكبير للدردير هامش الدسوقي جزء 3 ص 141 ص 142 – والشرح الكبير على متن المقنع جزء 4 ص 79 ) .
( [667] )          وهذا النص هو الحل الذي أورده تقنين الالتزامات البولوني في المادة 298 منه ، وهو حل يتفق مع القواعد العامة ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 33 ) .

وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه قد جرت العادة في سوق القطن أن يباع القطن أو البذرة سعر يحدده البائع فيما بعد في ميعاد يعلن به المشتري ، فيقطع السعر يوم الإعلان بحسب أسعار الكونتراتات أو بحسب السعر الجاري المحلي ، ويخصم من الثمن الذي يحدد على هاذ النحو ما عسى أن يكون المشتري قد عجله يوم البيع ( 13 يناير سنة 1904 م 16 ص 101 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كان الثمن يحدد بسعر البورصة في اليوم الذي يعينه المشتري ، ثم أقفلت البورصة بقرار من الحكومة فأصبح متعذراً تحديد الثمن ، فإذا لم يتفق المتبايعان على طريقة أخرى لتحديد الثمن لم يجز للمحكمة أن تتولى هي نفسها هاذ التحديد ولو بطريق قريب من سعر البورصة ، ويسقط البيع لعدمت حديد الثمن ( 15 نوفمبر سنة 1918 م 30 ص 137 ) . وقضت بأن حق البائع في تحديد الثمن بعد الميعاد الأخير لتسليم آخر دفعة من القطن لا يجوز استعماله قبل أن يسلم البائع القطن المبيع للمشتري ( 9 يناير سنة 1918 م 30 ص 137 ) – وأنظر أيضاً في تحديد سعر القطن حسب سعر البورصة في يوم يحدده البائع أو المشتري : استئناف مصر 7 أبريل سنة 1924 المحاماة 4 رقم 704 ص 926 – استئناف مختلط 13 مارس سنة 1919 م 31 ص 207 – 8 ديسمبر سنة 1921 م 34 ص 46 – 19 يناير سنة 1922 م 34 ص 124 – 23 فبراير سنة 1922 م 34 ص 199 - 6 ديسمبر سنة 1922 م 35 ص 85 – 29 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 62 – 27 أبريل سنة 1925 م 37 ص 349 ( بذرة القطن ) – 12 مايو سنة 1927 م 39 ص 475 .
( [668] )          ويصح أن يتفق المتبايعان على أكثر من واحد يفوضان لهم أن يحددوا الثمن باتفاقهم جميعاً أو بأغلبيتهم ( بودري وينيا فقرة 134 ) .
( [669] )          كما يسري تصرف الوكيل في حق الموكل ، ويكون المتبايعان كأنهما هما اللذان قدرا الثمن ، وذلك كله طبقاً لأحكام الوكالة . فالثمن الذي يقدره المفوض ملزم للمتبايعين ، لا يستطيع البائع أن يحتج بأنه بخس ولا المشتري بأنه مبالغ فيه . ولكن يجوز الطعن في التقدير إذا وقع تدليس على المفوض من أحد المتبايعين أو من الغير . ونرى من ذلك أن الأجنبي الذي يكل إليه المتبايعان تحديد الثمن لا يعتبر خبيراً ( expert ) لأن رأي الخبير غير ملزم ، ولا يعتبر حكماً ( arbitre ) لأن الحكم يفترض قيام نزاع ولا نزاع بين المتبايعين فهما متفقان على أن يكلا تقدير الثمن لأجنبي . وإنما الأجنبي وكيل عن المتبايعين معاً ، مفوض منهما في تقدير الثمن ، فلأي منهما أن يحتج بما يقع فيه الوكيل من غلط أو تدليس أو إكراه ( بودري وسينيا فقرة 140 مكررة – بلانيول وريبير وهالم 10 فقرة 37 – فقرة 38 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2380 ) . وإذا عين المفوض باتفاق المتبايعين ، لم يجز لأحدهما أن ستقل أن يقدر الثمن ، لم يعد يجوز له أن يقدره . ويجوز للمتبايعين أن يتفقا على مفوض آخر لتقدير الثمن ، ويجوز لهما أن يتفقا مباشرة على الثمن ، ولكن البيع لا يعتبر تاماً إلا من وقت اتفاقهما على الثمن ، أو من وقت اتفاقهما على تعيين المفوض الآخر ويكون البيع في هذه الحالة موقوفاً على تقدير المفوض الجديد للثمن ( بودري وسينيا فقرة 136 ) .

وقد اعترض الأستاذ سليمان مرقس ( فقرة 91 – ص 131 ) على أن يكون المفوض وكيلاً مما يأتي : ( 1 ) لا يجوز أن يكون شخص واحد نائباً عن طرفي العقد . ويرد على هاذ الاعتراض بأن هذا يجوز بإجازة لاحقة ، وهنا يوجد ما هو أقوى من الإجازة اللاحقة فالمتبايعان أقرا معاً أن يقوم المفوض بتقدير الثمن . ( 2 ) الوكيل يجوز عزله وهنا المفوض لا يجوز أني ستقل أحد المتبايعين بعزله . ويرد على هاذ الاعتراض بان الوكيل الذي يعينه المتبايعان معاً لا يجوز عزله إلا باتفاقهما كما سبق القول . ( 3 ) تحديد الثمن عمل مادي ، والوكيل لا يقوم إلا بتصرف قانوني . ويدر على هذا الاعتراض أن تحديد الثمن هو جزء من عقد البيع وعنصر جوهري فيه ، فهو تصرف قانوني لا عمل مادي .

أنظر في الفقه المصري : الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 114 هامش رقم 1 ( ويذهبان إلى أن تعيين الأجنبي تفويض في تحديد الثمن ونيابة في قبوله ) – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 117 - 118 – وقارن الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 67 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 140 ( ويذهب إلى أن تحديد الثمن عمل مادي . ثم يقول إن المفروض في الوكالة بأن يكون الوكيل منفذاً لإرادة الموكل ، أما هنا فالمفوض يفوض إرادته على موكله . ويرد على ذلك بأن النائب يجري التصرف بإرادته هو لا بإرادة الأصيل وتنفذ هذه الإرادة في حق الموكل لأنه ارتضى ذلك مقدماً ) – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 31 ص 58 ( ويذهب إلى أن تحديد الثمن عمل مادي ، ومن ثم يقول إن التفويض عقد غير مسمى ) .
( [670] )          لوران 24 فقرة 74 – فقرة 76 – أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 17 – جيوار 1 فقرة 105 – بودري وسينيا فقرة 135 – بيدان 11 فقرة 117 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 147 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 92 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 105 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 141 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 31 – قارن بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 38 ص 39 .
( [671] )          ويقدر المفوض الثمن وفقاً للسعر الجاري وقت البيع لا وقت التقدير .
( [672] )          وهذا ما يجدر بالمشتري أن يفعله ، فلا يؤخر تسجيل العقد إلى أن يقوم المفوض بتحديد الثمن ، بل يبادر إلى التسجيل حتى يمتنع على البائع التصرف في المبيع ، أما هلاك المبيع قبل تقدير الثمن ، ولو كان في يد المشتري ، فهو على البائع . لأن الشرط ليس له أثر رجعي بالنسبة إلى تحمل تبعة الهلاك ( بودري وسينيا فقرة 135 ) .
( [673] )          أنظر المادة 386  /  2 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفاً فقرة 206 في الهامش ) .
( [674] )          كذلك لو كان المفوض شخصين ولم يتفقا على تقدر الثمن ، لا يتم البيع ، ولا يستطيعان الاتفاق على شخص ثالث يكون حكماً بينهما . ولو كان المفوض عدة أشخاص ويجب اتفاقهم جميعاً لتقدير الثمن ، فامتنع أحدهم ، لا يتم البيع ، ولا يستطيع الآخرون تعيين شخص يحل محل الشخص الممتنع ( بودري وسينيا فقرة 137 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 39 ) . ولا تستطيع المحكمة كذلك تعيين شخص يحل الشخص الممتنع ، بل لو اتفق المتبايعان على أن تعين المحكمة مرجحاً عند اختلاف المفوضين في تقدير الثمن ولكن أحد المفوضين امتنع عن إبداء رأيه فإن المحكمة لا تستطيع تعيين شخص يحل محله ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 40 هامش 1 ) . والقاضي لا يستطيع تقدير الثمن بنفسه ، حتى لو عهد إليه المتبايعان في ذلك وجعلاه هو المفوض ، لأن القاضي لست مهمته أن يكمل العقود التي لم تتم ، بل أن يحسم الخلاف في عقود تمت ( لوران 24 فقرة 75 – أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 27 مكرر – عكس ذلك : بودري وسينيا فقرة 139 بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 37 ص 37 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 145 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 105 ) .
( [675] )          بودري وسينيا فقرة 138 ص 136 - وقد يترك المتبايعان تعيين المفوض لأجنبي يقوم هذا الأجنبي بتعيينه ، فالبيع لا يتم في هذه الحالة بمجرد تعيين الأجنبي الذي وكل إليه تعيين المفوض ، بل يجب أن يعين الأجنبي المفوض فعلاً حتى يتم البيع موقوفاً على شرط واقف هو تقدير المفوض للثمن ( بودري وسينيا فقرة 139 مكررة أولاً ) . ويكون تقدير المفوض للثمن بحسب السعر الجاري وقت تعيين المفوض لأنه هو الوقت الذي يستند إليه قيام البيع ، ويصدق ذلك في حالة تعيين المفوض بواسطة أجنبي وفي حالة تعيين المتبايعين للمفوض في اتفاق لاحق .
( [676] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 39 ص 40 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2383 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 119 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 93 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 116 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 139 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 31 ص 56 – بل ولا يجوز الالتجاء إلى التهديد المالي : أنسيكلوبيدي داللوز لفظ vente فقرة 760 .

وهناك رأي يذهب إلى أن التعويض في هذه الحالة لا ينشأ عن التزام تعاقدي ، بل عن خطأ تقصيري ( بودري وسينيا فقرة 138 ) .
( [677] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 215 – ص 216 في الهامش .
( [678] )          أنظر الوسيط الجزء الأول ص 389 هامش رقم 1 .
( [679] )          وكان دوماً ( القوانين المدنية 1 فقرة 26 ) وبوتييه ( البيع فقرة 24 ) في القانون الفرنسي القديم يذهبان إلى وجوب أن يكون الثمن الذي يعينه المفوض ثمناً عادلاً . ولكن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به دون نص خاص يماثل النص الذي ورد في التقنين المدني الألماني فيما قدمناه ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 38 هامش 4 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 117 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 149 – الأستاذ عبد المنعم عبد البدراوي فقرة 142 – وقارن أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 16 – ص 17 ) .

ولكن يصح أن يتفق المتبايعان على وضع حدود لتقدير المفوض للثمن ، كأن يضعا حداً أدنى واحداً أعلى ، فلا يجوز للمفوض في هذه الحالة أن يجاوز في تقديره الحد الأعلى ولا أن ينزل عن الحد الأدنى ، وإلا كان تقديره باطلاً واعتبر البيع كأن لم يكن ( بودري وسينيا فقرة 140 مكررة ثانياً – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 38 ) . ولو أدخل المفوض ، دون تفويض خاص في ذلك ، احتمال ارتفاع الأسعار في المستقبل في حسابه عند تقدير الثمن ، يكون قد جاوز مهمته ( بودري وسينيا فقرة 140 مكررة ثانياً – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 38 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 149 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 92 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 105 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 67 ) .
( [680] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 33 .
( [681] )          كما قد يجوز الطعن فيه بالغلط أو التدليس أو الإكراه ، بحسب السبب الذي دفع البائع إلى قبول هذا الثمن البخس .
( [682] )          استئناف وطني 4 مايو سنة 1905 الاستقلال 4 ص 343 .
( [683] )          الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 147 .
( [684] )          الوسيط جزء 2 فقرة 628 – فقرة 630 – ومن القرائن القوية على الصورية أن يكون عجز المشتري عن دفع الثمن واضحاً كل الوضوح ، بحيث لا يعقل أن يكون البائع قد أخذ الأمر على محمل الجد ، وأن الثمن المذكور في العقد ليس إلا ثمناً صورياً والعقد ليس إلا تبرعاً ( نقض مدني 2 يونيه سنة 1932 المحاماة 13 رقم 61 ص 185 – جيوار 1 فقرة 95 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 35 ص 35 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 106 ) . على أنه لا يجوز أن يستفاد دائماً م مجرد إعسار المشتري وعلم البائع بهذا الإعسار أن الثمن صوري ليس في نية البائع تقاضيه ، فقد يؤمل البائع أن المشتري سيلقى بعد عسر يسراً ( بودري وسينيا فقرة 129 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 137 ص 195 ) – أما العكس فغير صحيح ، فقد يكون المشتري في حالة تمكنه من دفع الثمن ويكون مع ذلك الشراء الحاصل منه صورياً ، إذ لا تلازم بين حالة الإعسار وصورية العقد . فإذا اقتنعت المحكمة بأن تصرفاً ما كان صورياً ، فليس هناك ما يحتم عليها أن تعرض بالبحث للمستندات المقدمة من المشتري إثباتاً ليسره ومقدرته على دفع الثمن ، فإن هذا لا يقدم ولا يؤخر ( نقض مدني 2 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 88 ص 296 ) .
( [685] )          ولا يقال إن البيع يكون باطلاً ويتحول إلى هبة صحيحة ، بل العقد هبة مكشوفة رأساً ( الأستاذ جميل الشرقاوي ص 106 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا ذكر الثمن في عقد البيع مع إبراء المشتري منه أو هبته إياه ، فإن العقد في هذه الحالة لا يصح أن يكون ساتراً لهبة ، لأن القانون وإن أجاز أن يكون العقد المشتمل على الهبة موصوفاً بعقد آخر ، إلا أنه يشترط أن يكون هذا العقد مستوفياً الأركان والشرائط اللازمة لصحته ( نقض مدني 9 يونيه سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 130 ص 400 ) .
( [686] )          بودري وسينيا فقرة 129 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 137 ص 159 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 97 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 105 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 144 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 28 – ويترتب على ذلك أنه يجوز الأخذ بالشفعة في هذا البيع ، ويأخذ الشفيع العقار بالثمن المسمى الذي أبرئ منه المشتري أو وهب إياه ، ولو اعتبر العقد هبة لما جاء الأخذ بالشفعة . وفي التقنين المدني العراقي نص صريح في هذا المعنى ، فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 529 من هذا التقنين على ما يأتي : " وللبائع أن يحط جميع الثمن قبل القبض ، ولكن لا يلحق هذا الحط بأصل العقد . فلو أبرأ البائع المشتري من جميع الثمن وأخذ الشفيع المبيع ، وجب أن يأخذه بالثمن المسمى " ( أنظر آنفاً فقرة 206 في الهامش ) .
( [687] )          محكمة مصر 18 أبريل سنة 1914 الحقوق 29 ص 187 – وهذا ما يميز الثمن التافه من الثمن الصوري . فالثمن التافه مقدار قليل جداً من النقود لا يتناسب أصلاً مع قيمة المبيع ، ولكن البائع يحصل عليه فعلاً . أما الثمن الصوري فيكون عادة مقداراً من النقود مناسباً لقيمة المبيع ، ولكن البائع لا يحصل عليه ولا يقصد ذلك .
( [688] )          أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 16 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 138 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 107 هامش 3 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 147 ص 214 – أنظر عكس ذلك وأن الهبة تكون مستترة لا مكشوفة بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 41 .
( [689] )          بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2372 – قارن جوسران 2 فقرة 1025 .
( [690] )          قارن بيدان 11 فقرة 143 .
( [691] )          وقد قضت محكمة النقض بأنه على فرض أن الإيراد المقرر في العقد مدى حياة البائع هو دون ريع المنزل المبيع ، وأن هذا يجعل الثمن معدوماً فيعتبر العقد باطلاً كبيع ، فإن الحكم قد أقام قضاءه على أساس أن العقد يعتبر في هذه الحالة هبة صحيحة شكلاً لإفراغها في قالب بيع ( نقض مدني 5 أبريل سنة 1951 ، مجموعة أحكام النقض رقم 96 ص 573 ) .
( [692] )          أنظر لوران 24 فقرة 85 وما بعدها – جيوار 1 فقرة 97 – أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 26 – بيدان 11 فقرة 142 – كولان وكابيتان 2 فقرة 871 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 107 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 146 – وقارن ماركاديه م 1591 فقرة 3 – بودري وسينيا فقرة 130 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 41 ص 42 – ص 43 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 107 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 99 .

ويجوز الطعن في البيع بدعوى الغبن الفاحش إذا توافرت شروطها ، كما سنرى .
( [693] )          تاريخ النصوص :

م 425 ورد هذا النص في المادة 565 من المشروع التمهيدي على وجه يقارب ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة عدل تعديلاً طفيفاً فصار مطابقاً ، إلا في عبارة واحدة عدلتها لجنة الشئون التشريعية في مجلس النواب ، إذ كان نص المشروع كما يأتي : " فليس للبائع إلى أن يطلب تكملة الثمن " فاستبدلت بهذه العبارة عبارة " فللبائع أن يطلب تكملة الثمن " لأن العبارة الأولى توهم أن البائع ناقص الأهلية لا يملك في حالة الغبن إلا دعوى تكملة الثمن ، والواقع أنه يملك أيضاً دعوى إبطال العقد لنقص أهليته ، وقد يرى المصلحة في إحدى الدعويين دون الأخرى . وصار رقم النص 438 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 425 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 35 – ص 37 ) .

م 426 : ورد هذا النص في المادة 566 من المشروع التمهيدي على وجه يقارب ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة عدل تعديلاً طفيفاً فصار مطابقاً ، وأصبح رقمه 435 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 426 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 37 – ص 38 ) .

م 427 : ورد هذا النص في المادة 567 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " لا يجوز الطعن بالغبن في بيع ينص القانون على أنه لا يتم إلا بطريق المزاد العلني " . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويراً يجعل المعنى أدق ، فأصبح المعنى مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 440 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 427 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 39 وص 41 ) .
( [694] )          التقنين المدين السابق م 336  /  419 : الغبن الفاحش الزائد عن خمس ثمن العقار المبيع لا يترتب عليه حق إلا للبائع في طلب تكملة الثمن ، ويكون ذلك في حالة بيع عقار القصر فقط .

م 337  /  420 : يسقط حق إقامة الدعوى بالغبن الفاحش بعد بلوغ البائع سن الرشد أو وفاته بسنتين . ولا يترتب على ذلك الحق إخلال بحقوق أصحاب الرهون العقارية .

والفروق ما بين التقنينين الجديد والسابق بينتها المذكرة الإيضاحية فيما يأتي :

1 - التقنين السابق لم يذكر إلا القاصر ، وجرى القضاء المصري على أن ذلك يشمل غير القاصر أيضاً من غير كاملي الأهلية كالمحجوز عليه ، فسجل التقنين الجديد هاذ القضاء بأ ، نص على بيع العقار المملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية ( استئناف مختلط 10 أبريل سنة 1889 م 1 ص 115 – قارن 10 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 70 ) .

2 - نص التقنين الجديد على الطريقة التي يقدر بها الغبن ، فذكر أنه يجب لتقدير ما إذاك أن الغبن يزيد على الخمس أن يقوم العقار حسب قيمته وقت البيع . وهذا ما جرى عليه القضاء المصري ، فقننه التقنين الجديد ناقلاً في ذلك عن المشروع الفرنسي الإيطالي ( م 395 ) .

3 - جعل التقنين الجديد مدة التقادم ثلاث سنوات بدلاً من سنتين ، حتى يتسق التشريع في دعاوى الإبطال مع دعوى تكملة الثمن للغبن ( أنظر سريان التقنين الجديد بالنسبة إلى الزمان فيما يلي فقرة 223 ) .

4 - نص التقنين الجديد على عدم جواز الطعن بالغبن في بيع تم كنص القانون بطريق المزاد العلني ، كالبيع جبراً للتنفيذ على مال المدين وكبيع عقار القاصر في المزاد العلني ، لأن المفروض في هذه البيوع أن كل الإجراءات اللازمة للحصول على أعلى ثمن ممكن وقت البيع اتخذت ، فإذا رسا المزاد رغم ذلك بثمن فيه غبن ، فليس في الأمر حيلة . وفي هذا أيضاً تقنين لما جرى عليه القضاء في مصر .

أنظر فيما تقدم مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 39 – ص 40 .

وتمكن إضافة فرق خامس إلى هذه الفروق الأربعة ، هو الخاص بحماية الغير حسن النية ، فقد عم التقنين الجديد إذا شمل بالحماية كل من كسب حقاً عينياً على العقار المبيع ، وقصر التقنين السابق الحماية على أصحاب الرهون العقارية .
( [695] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 393 – 395 ( مطابقة للمواد 425 – 427 من التقنين المدني المصري – وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 77 – فقرة 83 ) .

التقنين المدني الليبي م 414 – 416 ( مطابقة للمواد 425 – 427 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 124 : 1 – مجرد الغبن لا يمنع من نفاذ العقد ما دام الغبن لم يصحبه تغرير . 2 - على أنه إذا كان الغبن فاحشاً وكان المغبون محجوراً أو كان المال الذي حصل فيه الغبن مال الدولة أو الوقف ، فإن العقد يكون باطلاً . 3 - لا يجوز الطعن بالغبن في عقد تم بطريق المزايدة العلنية .

( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري بوجه خاص في الجزاء المترتب على الغبن ، في التقنين المصري الجزاء هو تكملة الثمن ، أما في التقنين العراقي فالجزاء هو بطلان العقد أصلاً ) .

تقنين الوجبات والعقود اللبناني م 213 : الغبن هو التفاوت وانتفاء التوازن بين الموجبات التي توضع لمصلحة فريق والموجبات التي تفرض على الفريق الآخر في العقود ذات العوض .

م 214 : إن الغبن لا يفسد في الأساس رضا المغبون . ويكون الأمر على خلاف ذلك ويصبح العقد قابلاً للبطلان في الأحوال الآتية : أولاً –إذا كان المغبون قاصراً . ثانياً – إذا كان المغبون راشداً وكان للغبن خاصتان : الأولى أن يكون فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة ، والثانية أن يكون المستفيد قد أراد استثمار ضيق أو طيش أو عدم خبرة في المغبون . ويمكن إلى الدرجة المعينة فيما تقدم إبطال عقود الغرر نفسها بسبب الغبن .

( ويختلف التقنين اللبناني عن التقنين المصري فيما يأتي : ( 1 ) لم يحدد التقنين اللبناني رقماً ثابتاً للغبن ، وقد حدد التقنين المصري رقماً فجعله الخمس . ( 2 ) مزج بين الغبن والاستغلال . ( 3 ) قصر الغبن على القاصر دون غيره ممن لم تتوافر فيهم الأهلية . ( 4 ) جعل جزاء الغبن إبطال العقد لا تكملة الثمن ) .
( [696] )          استئناف مختلط 15 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 62 – 4 فبراير سنة 1932 م 44 ص 159 – 22 يونيه سنة 1932 م 44 ص 389 – 30 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 62 – 30 أبريل سنة 1935 م 47 ص 281 .
( [697] )          وقد يدخله البطلان من طريق عيب من عيوب الإرادة كالإكراه أو التدليس أو الغلط ( نقض مدني 8 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 59 ص 305 – وأنظر آنفاً فقرة 214 في الهامش ) .
( [698] )          أما الغبن ذو المعيار الذاتي الذي يعيب الرضا نفسه ولو كان المتعاقد كامل الأهلية – الاستغلال – فقد سبق بحثه ( أنظر الوسيط جزء أول فقرة 202 – فقرة 212 ) .
( [699] )          أما في القانون الفرنسي فيجوز الطعن في بيع العقار المملوك لكامل الأهلية إذا زاد الغبن على 7  /  12 من قيمة العقار وقت البيع ، ويجبر المشتري إما على رد العين واسترداد الثمن وإما على تكملة الثمن إلى تسعة أعشار القمية وقت البيع . فرد المبيع هو الالتزام الأصلي ، وتكملة الثمن التزام بدلي ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 246 ص 302 – ص 303 – جوسران 2 فقرة 1055 ص 551 ) أنظر في تاريخ دعوى الغبن في القانون الفرنسي وأصل هذه الدعوى في القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم بودري وسينيا فقرة 671 – فقرة 763 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 235 .

وفي الفقه الإسلامي يمنع الغبن إطلاقاً في الأموال الربوية ( وهي المطعومات والأثمان أو المكيلات والموزونات ) . وفيما عدا الأموال الربوية لا يؤثر الغبن إذا لم يصحبه تغرير ، ولكن مجرد الغبن إذا كان فاحشاً يؤثر في بيع أموال المحجور وبيت المال والوقف فيجعل العقد فاسداً .
( [700] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ويلاحظ أن معيار الغبن هنا معيار مادي . أم الغبن في العقد بصفة عامة ، وهو الاستغلال المنصوص عليه في الالتزامات بوجه عام ، معياره معيار نفسي : ولا يشترط فيه الوقوف عند رقم معلوم . . . . ويستخلص مما تقدم أن بيع عقار كامل الأهلية لا يطعن فيه بالغبن إلا إذا توافرت فيه شروط الاستغلال التي سبق بيانها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 41 ) .
( [701] )          ويندر أن يكون صاحب العقار المبيع فاقد الأهلية أصلاً ، لأنه إذا باشر العقد بنفسه كان العقد باطلاً ، وإذا باشره عنه وصية بغير إذن المحكمة كان العقد باطلاً أيضاً . فيبقى أن يباشر العقد الوصي بإذن المحكمة ، ولا يباع العقار في مزاد علني ، ويقع في البيع غبن فاحش . ويبقى أيضاً أن يباشر العقد الولي في الحدود التي لا يشترط فيها إذن المحكمة ، ويقع في البيع غبن فاحش أما إذا كان صاحب العقار المبيع ناقص الأهلية ، فيضاف إلى هذين الفرضين فرض ثالث ، هو أن يباشر ناقص الأهلية العقد بنفسه ويقع في البيع غبن فاحش ، فيكون البيع قابلاً للطعن فيه بدعوى الإبطال وبدعوى الغبن الفاحش . أنظر ما يلي فقرة 221 .
( [702] )          استنئاف مختلط 11 يناير سنة 1905 م 17 ص 73 .
( [703] )          غير أن بيع حصص في شركة عقارية يعتبر بيع عقار ، إذا أدى إلى تجميع الحصص كلها في يد شريك واحد ومن ثم انحلت الشركة ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 238 ص 285 ) .
( [704] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 238 ص 285 .
( [705] )          لو كان العقار عقاراً بالتخصيص فيدخل مع العقار الأصلي في حساب الغبن .
( [706] )          ويستوي أن يكون العقار مفرزاً أو شائعاً – ولا يعتبر عقاراً المنقول بحسب المآل كما في بيع البناء بقصد هدمه ، وبيع الأشجار بقصد قلعها ، وبيع حق استخراج المعادن والأحجار من المناجم والمحجر ( بودري وسينيا فقرة 680 ) .
( [707] )          أوبري ورو 5 فقرة 358 هامش 6 – بودري سوينيا فقرة 681 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 338 ص 285 – ص 286 ) .
( [708] )          على أنه لا يجوز الطعن ، في عهد التقنين المدني الأسبق ، في بيع الوفاء بالغبن ، وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه لا يجوز تطبيق قواعد الغبن الفاحش على عقد البيع والوفائي الصادر من ولي القاصر للغير عن جزء من أملاك القاصر ، وذلك سواء أكان العقد عقد بيع وفائي أم كان المقصود به إخفاء رهن عقاري . وذلك لأن للبائع في العقد الأول استرداد المبيع إذا رد الثمن في الميعاد ، ولأن المشتري في العقد الثاني ليس له أي حق عيني على العين وإنما له دين عادي ، وبذلك ينتفي حصول أي ضرر للقاصر من جراء تصرفات وليه في ماله لإمكان استرداد العين المبيعة في الحالتين ( 3 يناير سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 ) .
( [709] )          وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المشتري لا يستطيع الطعن في الشراء بدعوى الغبن ، ولو اشترى بأكثر من قيمة المبيع بما يزيد على الخمس ( 7 يناير سنة 1891 م 3 ص 121 ) .

كذلك لا يجوز الطعن بالغبن في المقايضة ، أو تقديم عقار كحصة في شركة ، ولا في الوفاء بدين مقابل هو عقار وإن كانت هذه الحالة الأخيرة محل شك ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 153 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 44 ) .
( [710] )          فهذا البيع يصح أن يقع بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات رسمها تقنين المرافعات ( أنظر المواد 712 – 717 ) ، وإن كان القانون لا يحتم ذلك . فقد يحصل الوصي على إذن المحكمة في بيع عقار القاصر ، وتقتصر المحكمة على أخذ رأي خبير في قيمة العقار ومناسبة الثمن لهذه القيمة دون أن تحتم أن يكون البيع بالمزاد العلني .
( [711] )          أنظر آنفاً فقرة 217 في الهامش .
( [712] )          أنظر عكس ذلك الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 112 والأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 35 ص 62 - ص 63 .

وفي معنى الرأي الذي نذهب إليه قضت محكمة النقض بأن المادة 614 مرافعات ( قديم ) لا توجب بيع عقار القاصر بطريق المزايدة ، ولا يترتب البطلان على عدم إتباع هذا الطريق ، كما أن قانون المجالس الحسبية الصادر في سنة 1925 لم يشر بإتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة المشار إليها . ولازم ذلك أن بيع عقار القاصر بالممارسة مع تصديق المجلس الحسبي لا مخالفة فيه للقانون ولا للمادة المشار إليها . ويكون حكم النص المذكور غير واجب الإتباع إلا في حالة بيع عقار القاصر المأذون في بيعه من الجهة المختصة بالمزايدة ( نقض مدني 25 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 134 ص 534 ) .
( [713] )          ويستوي أن يكون المزاد العلني قضائياً أو إدارياً ، فإذا بيع عقار محجوراً بيعاً إدارياً لاستيفاء الضريبة ، لم يجز الطعن في البيع بالغبن ، لأنه بيع تم بطريق المزاد العيني كنص القانون ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 112 ) .
( [714] )          كذلك لا يجوز الطعن بالغبن في نزع ملكية عقار مملوك لغير كامل الأهلية للمنفعة العامة ، بحجة أن التعويض غير كاف وأنه ينطوي على غبن فاحش : فالمفروض أن صاحب العقار المنزوع ملكيته قد طرق السبل القانونية التي فتحها له القانون لجعل التعويض عادلاً لا ينطوي على غبن ( كولان وكابيتان 2 فقرة 878 ص 586 – جوسران 2 فقرة 1052 ص 551 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 471 ) .
( [715] )          فإذا أجاز القاصر البيع بعد بلوغ سن الرشد ، زال سبب الإبطال وبقى سبب الغبن ، فيجوز له حينئذ أن يطعن في البيع بالغبن . وتتحقق مصلحته في ذلك إذا نزلت قيمة العقار المبيع وقت الطعن بالغبن عما كانت وقت البيع ، فإن هو طعن بالإبطال استرد عقاراً قد تكون قيمته أقل مما كانت وقت البيع بأكثر من الخمس . فتكون له إذن مصلحة في أن يطعن بالغبن دون الإبطال حتى يستكمل أربعة أخماس قيمة العقار وقت البيع ، فيكسب من دعوى الغبن أكثر مما يكسب من دعوى الإبطال ، مثل ذلك أن تكون قيمة العقار وقت البيع ستمائة ، فيبيعه القاصر بثلثمائة ، فإذا بلغ سن الرشد ، وقد نزلت قيمة العقار إلى أربعمائة ، كانت إجازة البيع واستكمال أربعة أخماس قيمة العقار وقت البيع بدعوى الغبن خيراً للبائع من إبطال البيع واسترداد العقار مع رد ثمنه . ذلك أنه في الحالة الأولى يكسب مائة وثمانين ، وهو المقدار الذي يستكمل به أربعة أخماس قيمة العقار . وأما في الحالة الثانية فيسترد عقاراً قيمته وقت استرداده أربعمائة ، ويرد الثمن وهو ثلثمائة ، فالفرق الذي يكسبه هو مائة فقط .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ، وكان نظام المجالس الحسبية إذ ذاك قائماً ، ما يأتي : " هذا ويلاحظ أن نظام المجالس الحسبية يمنع في أحوال كثيرة من تطبيق هذه الأحكام ، فإن بيع عقار القاصر والمحجور عليه يكون عادة بقرار من المجلس الحسبي بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الغبن ، على أن الغبن يتصور وقوعه بالرغم من ذلك ، كما إذا باع القاصر عقاره بثمن بخس دون الرجوع إلى المجلس الحسبي . فيكون البيع قابلاً للبطلان من جهة ، وقابلاً للطعن عليه بالغبن من جهة أخرى . وقد يجيز القاصر البيع بعد بلوغ سن الرشد ، ثم يطعن فيه بالغبن إذا كانت له مصلحة في ذلك . وتتحقق المصلحة إذا نزلت قيمة العقار المبيع وقت الطعن بالغبن عما كانت وقت البيع ، بحيث تكون تكملة الثمن التي يحصل عليها من وراء الطعن بالغين خيراً له من استرداد المبيع إذا هو طعن في البيع بالبطلان " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 40 – ص 41 ) .

وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن بيع الولي لمال القاصر بغبن فاحش يعطي الحق في طلب تكملة الثمن لا في طلب بطلان العقد ، أما إذا باشر القاصر البيع بنفسه فيكون له الحق عند وجود الغبن الفاحش في رفع إحدى دعويين ، هما دعوى بطلان التصرف لعدم الأهلية ودعوى تكملة الثمن ( 3 أكتوبر سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 ) .

ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه يجوز الطعن في عقد وقع ممن حل محل القاصر شرعاً في التعامل عنه ، أما إذا صدر البيع من القاصر نفسه فإن القاصر يجوز له طلب إبطال هذا البيع لنقص الأهلية ( 24 يناير سنة 1911 الحقوق 27 ص 67 ) .
( [716] )          الأستاذ سليمان مرقس فقرة 125 ص 175 – 176 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 153 ص 223 .
( [717] )          أنظر آنفاً فقرة 216 في الهامش - كذلك إذا كان العقار المبيع هو حق انتفاع مدى حياة المنتفع أو حق رقبة انفصل عن حق انتفاع مدى حياة المنتفع ، فإن هذا بيع احتمالي لكن يجوز أني دخله الغبن ( أنظر فيت طور ههذ المسألة في القضاء الفرنسي وانتهائه إلى إقرار هذا المبدأ بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 239 : وأنظر كولان وكابيتان 2 فقرة 1052 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 489 – فقرة 497 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 35 ص 61 – ص 62 – الأستاذ إسماعيل غانم ص 58 – الدكتور توفيق فرج في نظرية الاستغلال رسالة من الإسكندرية سنة 1957 ص 260 - ص 272 – وقارن الأستاذين نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 477 ) .
( [718] )          فلا يشترط في الغبن أن تكون إرادة المغبون معيبة ، بل يصح أن يكون على بينة من أمره غير مضغوط عليه وقد باع مختاراً بهذا الغبن الفاحش . أما في الاستغلال فلا بد أن يكون قد استغل في المغبون طيشه البين أو هواه الجامح .

ومن ذلك نرى أن دعوى الغبن ترجع في طبيعتها لا إلى عيب في الإرادة ولا إلى نقص في الأهلية ولا إلى تخلف السبب جزئياً ولا إلى مسئولية تقصيرية ، وإنما ترجع إلى فكرة التعادل ما بين المبيع والثمن ، ولذلك جاء الكلام فيها بعد الكلام في تقدير الثمن ، وهكذا فعل التقنين المدني الجديد . والقانون عندما يتطلب هاذ التعادل في حالة القاصر والمحجور لا يتسامح إلا في يسير لا يزيد على خمس القيمة ، ولذلك كان الغبن الفاحش عيباً في العقد ذاته أي في التعادل ما بين المبيع والثمن ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 152 – وقارن الأستاذ جميل الشرقاوي ص 47 – ص 49 ) .
( [719] )          كذلك إذا كان البيع إنما وقع تنفيذاً لوعد سابق بالبيع ذكر فيه الثمن ، فالعبرة بقيمة العقارات وقت ظهور رغبة الموعود له ، بالبيع في شراء العقار ، إذ في هذا الوقت يتم البيع . ولا يعتد بوقت الوعد بالبيع ، وقد ترتفع قيمة العقار أو تنخفض كما قد تتغير قيمة العملة ، والاعتبار في كل ذلك إنما يكون بالوقت الذي يتم فيه البيع أي عند ظهور رغبة الموعود له في الشراء ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 244 ) .
( [720] )          بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 243 ص 295 ) .
( [721] )          استئناف وطني 30 أبريل سنة 1923 المحاماة 4 رقم 181  /  1 ص 150 - استئناف مختلط 30 مايو سنة 1895 م 7 ص 309 .
( [722] )          فإذا كان الثمن إيراداً مرتباً مدى الحياة ، قدرت تكملة الثمن وفقاً للحساب المتبع في شركات التأمين ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 302 هامش 3 ) .

ولم ينص التقنين المدني المصري ، كما نص التقنين المدني الفرنسي ( م 1682 ) ، على أن للبائع المطالبة أيضاً بفوائد تكملة الثمن بالسعر القانوني من وقت المطالبة القاضية بتكملة الثمن . فالبد من إتباع القواعد العامة في مصر ، فلا تكفي المطالبة القضائية بتكملة الثمن لاستحقاق الفوائد بالسعر القانوني ، بل لا بد من المطالبة القضائية بالفوائد ذاتها .
( [723] )          استئناف مختلط 4 يناير سنة 1900 م 12 ص 68 – 27 يناير سنة 1921 م 33 ص 155 - 18 يناير سنة 1939 م 51 ص 121 .
( [724] )          والدعوى لا تتجزأ ، فإذا تعدد الورثة وجب أن يتفقوا جميعاً على رفعها ( بلانيول وهامل 10 فقرة 240 ص 291 ) .
( [725] )          استئناف مصر 3 أكتوبر سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 74 ص 115 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 36 ص 63 – وقارن الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 474 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 125 ص 174 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 111 .
( [726] )          وإذا أخذ شفيع العقار بالشفعة ، حل محل المشتري في الالتزام بتكملة الثمن ، ورفعت الدعوى عليه ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 65 ص 86 ) .
( [727] )          أما في فرنسا فهي دعوى فسخ يتفادها المشتري بتكملة الثمن ، ومن ثم فهي دعوى مختلطة ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 237 ص 484 ) .
( [728] )          ويجب شهر حق الامتياز عن طريق قيد تكميلي يأخذ مرتبته من وقت القيد ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 115 ) .
( [729] )          فإذا كانت دعوى الغبن قد تقادمت بسنتين قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ، وهو يوم تقادم التقنين الجديد ، فإنها تسقط . أما إذا كانت مدة السنتين لم تنقض في هذا اليوم ، طبقت أحكام التقنين الجديد وأكلت مدة التقادم إلى ثلاث سنوات .
( [730] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 39 – وأنظر آنفاً فقرة 217 في الهامش .
( [731] )          وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وتسقط الدعوى بثلاث سنوات من وقت الأهلية الكاملة أو من وقت وفاة غير كامل الأهلية ، وتنتقل الدعوى في هذه الحالة إلى الورثة ، ولا يوقف التقادم حتى لو كان بين الورثة من هو غير كامل الأهلية ولم يكن له نائب شرعي " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 40 ) .

ويلاحظ أنه إذا بلغ البائع سن الرشد أو انتهى الحجر فبدأ سريان مدة الثلاث السنوات ، فإن هذه المدة لا تقف ولو حجر في خلالها على البائع ، لأن الوقف لا يرد عليها كما سبق القول ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 476 ) .

ويجوز بعد أن يستكمل البائع أهليته أن ينزل عن دعوى تكملة الثمن وعن دعوى الإبطال . أما وهو لا يزال غير كامل الأهلية ، فلا يجوز له ذلك ، بل لا يجوز ذلك أيضاً للولي ولا للمحكمة ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 473 ) .
( [732] )          أما دعوى الاستغلال فتعطى لكامل الأهلية ، إذ أن غير كامل الأهلية ليس في حاجة إليها وعنده ما هو أقوى منها وهي دعوى الإبطال ( قارن الأستاذ جميل الشرقاوي ص 47 ) .
( [733] )          وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " فإذا حكم بالتكملة ، ولم يدفعها البائع ، جاز فسخ البيع – لا إبطاله – تطبيقاً للقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 40 ) . ولصاحب العقار المبيع كذلك أن يمتنع عن تسليم المبيع إلى المشتري ، إذا كان لم يسلمه إياه ، وذلك إلى أن يستوفى تكملة الثمن ، وهذا هو الدفع بعدم تنفيذ العقد .
( [734] )          فإذا كانت قيمة العقار قد نزلت إلى أقل من أربعة أخماسها ، واسترد البائع العقار ، كان له أن يطلب تعويضاً هو الفرق بين أربعة أخماس قيمة العقار وقت البيع وقيمته بعد النزول .
( [735] )          ولكنه يعتبر سيء النية من وقت أن يسجل البائع عريضة دعوى الفسخ ، فإذا لم يكن المتصرف إليه قد شهر حقه العيني – ملكية أو حق إرتفاق أو حق رهن أو حق اختصاص أو غير ذلك – قبل تسجيل عريضة دعوى الفسخ ، سرى الفسخ في حقه . أما إذا كان قد شهر حقه قبل تسجيل عريضة دعوى الفسخ ، فلا يسري في حقه الفسخ إذا كان حسن النية ، فإن كان سيء النية سري الفسخ في حقه .
( [736] )          المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 40 .
( [737] )          ولا يكفي في التعويض باستكمال الثمن إلى أربعة أخماس قيمة المبيع ، بل يطلب قيمة المبيع كاملة إذا كانت هذه القيمة لم تنزل . ذلك أن البائع بعد الحصول على حكم بفسخ البيع ، انتقل حقه من استكمال الثمن إلى استرداد المبيع ذاته ، فإن تعذر عليه الاسترداد بفعل المشتري وجب على هاذ تعويض كامل أي دفع قيمة المبيع ( قارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 155 ) .
( [738] )          وفي القانون الفرنسي ، كما رأينا ، يطلب البائع فسخ البيع ، فيستطيع المشتري أن يتفادى الفسخ بتكملة الثمن . فالبائع في القانون الفرنسي يبدأ بدعوى الفسخ ، وينتهي بتكملة الثمن . أما البائع في القانون المصري فيبدأ بدعوى تكملة الثمن ، وينتهي بالفسخ .
( [739] )          فإذا لم يقم المتبايعين بالتزاماته ، جاز للآخر وفقاً للقواعد العامة ، فسخ البيع . وجاز له أيضاً حبس المبيع إذا كان هو البائع ، أو حبس الثمن إذا كان هو المشتري . وللبائع حق امتياز على المبيع يكفل له استيفاء الثمن بأكمله ، ومحل بحثه عند الكلام في حقوق الامتياز .
( [740] )          ويلاحظ أنه في تفسير التزامات كل من البائع والمشتري تسري القاعدة التي تقضي بأن يكون التفسير لمصلحة الملتزم ، فيكون تفسير التزامات البائع لمصلحة البائع وتفسير التزامات المشتري لمصلحة المشتري ، وقد اعتبر القضاء الفرنسي هذا النص استثناء فلم يتوسع في تطبيقه ، وقصره على الشروط المألوفة في المبايعات ، أما الشروط غير المألوفة التي تعد بها البائع فتفسر لمصلحته ( بودري وسينيا فقرة 283 – فقرة 284 – وأنظر آنفاً فقرة 24 ) .

وقد كان القضاء المختلط يفسر البيع لمصلحة المشتري إذا تطرق الشك إلى بيان الشيء المبيع مع أن هذا داخل في التزامات البائع فكان ينبغي أن يفسر لمصلحته لا لمصلحة المشتري . وكان هذا القضاء يستند في ذلك إلى أن البائع أدرى بالشيء المبيع ، فإذا لم يبينه بياناً كافياً فهو المقصر وفسر الشك ضده ( استئناف مختلط 29 ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 95 – 19 يناير سنة 1911 م 23 ص 119 - 10 مايو سنة 1943 م 55 ص 148 - 29 مارس سنة 1944 م 56 ص 98 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة أيضاً بأنه إذا أخذ المشتري على عاتقه قيمة الرهن الذي يقل العين المبيعة ، فالفرق بين قيمة الرهن الحقيقية والقيمة المسماة في عقد البيع يفيد منها المشتري لأن الشرط يفسر لصالحه ( استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1901 م 13 ص 362 ) . وكان القضاء المختلط يجري بذلك على حكم نص التقنين المدني الفرنسي ، مع أن نص المادة 1602 من هذا التقنين لم تنقل في التقنين المدني المختلط . على أن محكمة الاستئناف المختلطة قضت مع ذلك في حكم لها بأن القواعد العامة هي التي تسري في تفسير التزامات كل من البائع والمشتري ، فالشك في الثمن يفسر لمصلحة المشتري والشك في المبيع يفسر لمصلحة البائع ( استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1914 م 26 ص 355 ) .

وقد قضت محكمة النقض أخيراً بأنه متى تبين أن محكمة الموضوع قد فسرت شروط البيع في خصوص تحديد كمية المبيع تفسيراً سائغاً لم يخرج به عن حد حمل عباراتها على ما يمكن أن تحتمله ، ودعمت حكمها في هاذ الخصوص بما يؤيده من اعتبارات معقولة ، فإن ذلك مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع لا رقابة لمحكمة النقض عليها ( نقض مدني 20 مارس سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 29 ص 223 ) .
( [741] )          وقد أورد تقنين الموجبات اللبناني النصوص المتعلقة بانتقال ملكية المبيع في فصل خاص ، ثم أورد بعد ذلك سائر التزامات البائع ، بعد أن جمع على غرار التقنين المدني الفرنسي بين ضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية تحت عبارة " ضمان المبيع " ، فنص في المادة 401 منه ( أنظر أيضاً المادة 1603 مدني فرنسي ) على ما يأتي : " على البائع واجبان أساسيان : أولاً . تسليم المبيع – ثانياً . ضمان المبيع " .
( [742] )          أنظر آنفاً فقرة 101 .
( [743] )          والسبب في أن القانون الروماني لم يكن يجعل البيع ناقلاً للملكية أن حق التملك كان مقصوراً على المواطن الروماني . ولما ألزمت ضرورات التطور التعامل مع غير المواطنين الرومانيين ، ووجب التوفيق بين هذه الضرورات وبين القواعد القانونية العتيقة ، جعل أثر البيع مقصوراً على تمكين المشتري من الانتفاع بالمبيع ، وبهذا تيسر التعامل مع غير المواطنين الرومانيين ( كولان وكابيتان 2 فقرة 508 ) .
( [744] )          فقد عرف بوتييه البيع على النحو الآتي : البيع عقد بموجبه يلتزم أحد المتعاقدين ، وهو البائع ، نحو المتعاقد الآخر أن ينقل إليه شيئاً يحوزه كمالك ( lui faire avoir librement a titre de propietaire une chose ) لقاء ثمن هو مبلغ معين من النقود ، ويلتزم المتعاقد الآخر ، وهو المشتري ، في مقابل ذلك أن يدفع الثمن ( بوتييه في عقد البيع فقرة 1 ) ، ويقول بوتييه ، في تعليقه على هذا التعريف ، إن البائع يلتزم بتسليم الشيء إلى المشتري وبضمان التعرض والاستحقاق ، ولكنه لا يلتزم بنقل الملكية فعلاً إلى المشتري ( بوتييه في البيع فقرة 1 – وأنظر بودري وسينيا فقرة 6 ص 5 ) .
( [745] )          جزء 5 ص 243 .
( [746] )          بداية المجتهد لابن رشد 2 ص 135 .
( [747] )          ويذكرون لتعليل ذلك أسباباً مختلفة : كنها أن انتقال ملك المبيع إلى المشتري لا يتأكد إلا بالقبض ، فإذا تأكد بالقبض استطاع المشتري أن يتصرف فيه . ومنها أن المبيع قبل القبض يكون في ضمان البائع لا في ضمان المشتري ، ولا يجوز للمشتري أن يبيع ما ليس في ضمانه . ومنها أن المشتري الذي يبيع ما لم يقبض لا يكون قادراً على التسليم ، فلا يجوز له أن يبيع المبيع حتى يقبضه ليكن قادراً على تسليمه . أنظر الأم الشافعي جزء 3 ص 60 - فتاوى ابن تيمية 4 ص 74 - ص 75 .
( [748] )          مختصر الطحاوي ص 84 – ص 85 .
( [749] )          إذ تعرف البيع على الوجه الآتي : " البيع اتفاق بموجبه يلتزم أحد المتعاقدين بتسليم المبيع ، ويلتزم المتعاقد الآخر بدفع ثمنه " . وهذا هو الأصل الفرنسي للنص :

Art . 1582 : la vente est une convention par laquelle l'un s'obnlige a liver une chose, et l'autre a la payer .
( [750] )          وهذا هو الأصل الفرنسي للنص :

Art . 1583 :… . . la propriete est acquise de droit a l'acheteure a l'egard du vendeur, des qu'on est conveuu de la chose et du prix, quoique la chose n'ait pas encore ete livree ni le prix paye .

وأنظر أيضاً المادتين 711 و 1138 من التقنين المدني الفرنسي ، وأنظر الأعمال التحضيرية التقنين المدني الفرنسي وهي تصرح بأن هذا التقنين جعل البيع ينقل ملكية المبيع من تلقاء نفسه ( بودري وسينيا فقرة 8 – فقرة 10 ) . وهذا لا يمنع من أن تكن هناك إجراءات تلابس عقد البيع لينقل الملكية ، إما بالنسبة إلى الغير ، أو حتى فيما بين المتعاقدين . فتسجيل عقد البيع في العقار ضروري في القانون المصري : لا فحسب لنقل الملكية في حق الغير ، بل أيضاً لنقلها فيما بين المتعاقدين .
( [751] )          فنصت المادة 235  /  300 من التقنين المدني السابق على أن " البيع عقد يلتزم به أحد المتعاقدين نقل ملكية شيء للآخر في مقابل التزام ذلك الآخر بدفع ثمنه المتفق عليه بينهما " . ونصت المادة 418 من التقنين المدني الجديد على أن " البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل المشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي " .
( [752] )          وقد نصت المادة 393 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : " إن بيع العقار أو الحقوق العينية المترتبة على أي عقار لا يكون له مفعول حتى بين المتعاقدين إلا من تاريخ قيده في السجل العقاري " ونصت المادة 394 من نفس التقنين ما يأتي : " إن المشتري يكتسب حتماً ملكية المبيع إذا كان عيناً معينة عندما يصبح للبيع تاماً باتفاق المتعاقدين ، ما لم يكن ثمة نص قانوني مخالف كالنص الوارد في المادة السابقة . ويكون الأمر كما تقدم حتى في الحالتين الآتيتين : أولاً – إذا كان التسليم أو دفع الثمن مربوطاً بأجل . ثانياً – إذا كان البيع منعقد على شرط الإلغاء " .
( [753] )          فقرة 416 .
( [754] )          تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 568 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 441 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 428 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 42 - ص 43 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني الأسبق ، ولكن حكمه كان معمولاً به دون نص لاتفاقه مع القواعد العامة .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 396 ( مطابقة ) ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 417 ( مطابقة ) ، وفي التقنين المدني العراقي المادة 353 ( مطابقة ) ، ولا مقابل لها في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ولكن الحكم متفق مع القواعد العامة في القانون اللبناني . أنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 89 – فقرة 90 ، وفي القانون المدني العراقي الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 298 – فقرة 299 .
( [755] )          وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في عبارة " الحق المبيع " : " وهذه عبارة عامة لا تقتصر على نقل الملكية ، بل تشمل أي حق عيني أو شخصي يقع عليه البيع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 43 ) . و بديهي أن التزام البائع بأن يقوم بما هو ضروري لنقل الحق يقصد به أن يقوم بما هو ضروري من جانبه ، ولا شأن له بما يجب على المشتري أن يقوم به لنقل الملك ( قارن الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 299 هامش 1 ) .
( [756] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 43 .
( [757] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 52 – ص 53 .
( [758] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 55 في الهامش .
( [759] )          استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 101 – 7 فبراير سنة 1928 م 40 ص 186 .
( [760] )          ولكن كتابة العقد وما يسبق ذلك من إجراءات في قسم المساحة وإعداد العقد بوجه عام للتسجيل يقع على المشتري لا على البائع ، وليس البائع ملزماً إلا بتقديم البيانات اللازمة لإعداد العقد للتسجيل . وقد قضت محكمة النقض بأن أحكام قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 والقرارات الصادرة بتنفيذه تحتم دفع رسوم التسجيل مع رسوم التصديق على الإمضاءات عند تقديم العقد للتوقيع عليه . ولما كان المشتري هو الملزم بداهة بدفع هذه الرسوم ، فإنه هو الذي يكون عليه تجهيز العقد بناء على البيانات التي يحصل عليها ، سواء من البائع أو من الأوراق ، وبعد ذلك يكون له أن يطالب البائع بالحضور إلى قلم كتاب المحكمة لإمضاء العقد . وإذن فمن الخطأ أن تعتبر المحكمة البائع ملزماً بتجهيز العقد وتقديمه للمشتري لإمضائه ، خصوصاً إذا كان العقد الابتدائي صريحاً في أن البائع غير ملزم إلا بإمضاء العقد النهائي وكان المشتري لم يطلب من البائع في الإنذار الذي وجهه إليه إلا الحضور إلى قسم المساحة لتحرير العقد النهائي ( نقض مدني 28 مايو سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 164 ص 468 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا استخلص من نص العقد أن المشتري هو الذي يحرر العقد النهائي وأن ما التزم به البائع هو أن يذهب مع المشتري في اليوم الذي يحدده إلى ديوان المساحة لمراجعة العقد والمصادقة عليه أمام رئيس القلم ، تعين على المشتري ، بدلاً من إنذار البائع بتحرير العقد النهائي في أجل معين وهو عمل لم يلتزم به ، أن يحدد في إنذاره يوماً للذهاب إلى ديوان المساحة ( نقض مدني 8 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 78 ص 423 ) – أنظر أيضاً الأستاذ أنور سلطان فقرة 152 .
( [761] )          الأستاذ محمد علي إمام فقرة 179 .
( [762] )          وقد يستبقى البائع مستند الدين والرهن في يده لأنه لا يزال ملزماً بالدين ، ويعطي صورة من هذا المستند للمشتري .
( [763] )          وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد استخلص عدم استحالة التنفيذ من أن التعاقد أبرم بعد صور قانون تقسيم الأراضي رقم 52 لسنة 1940 ، وأن امتناع المساحة عن تسجيل العقد كان متوقعاً كأثر من آثار هذا القانون ، فلا يمكن لبائع أن يستفيد من رفض التسجيل للتذرع بفسخ العقد لاستحالة التنفيذ ، فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً سائغاً لا رقابة لمحكمة النقض عليه ( نقض مدني 28 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 110 ص 789 ) .
( [764] )          هذه هي الشروط اللازمة لانتقال الملكية فعلاً إلى المشتري ، ولا يشترط غيرها . فتنتقل الملكية إلى المشتري إذا توافرت هذه الشروط ، حتى لو كان متفقاً بين المتبايعين تأجيل تسليم المبيع ، أو تأجيل دفع الثمن ، أو دفعه أقساطاً على تفصيل سنورده فيما بعد ، وحتى لو كان البيع معلقاً على شرط فاسخ . أما إذا كان البيع معلقاً على شرط واقف ، فإن نقل الملكية يقف حتى يتحقق الشرط . وقد نصت المادة 394 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني صراحة على هذا الحكم كما رأينا إذ تقول : " ويكون الأمر كما تقدم ( أي يكسب المشتري ملكية المبيع ) حتى في الحالتين الآتيتين : أولاً – إذا كان التسليم أو دفع الثمن مربوطاً بأجل . ثانياً – إذا كان البيع منعقداً على شرط الإلغاء " .
( [765] )          فإذا تم صنع الشيء أو تقدم صنعه لدرجة تكفي لتعيينه ، فإن ملكيته تنتقل إلى المشتري من هذا الوقت ولو قبل التسليم ، فيكون ضماناً لدائنيه ولا يجوز للبائع إتلافه ( بيدان 11 فقرة 167 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 11 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 160 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 175 ) . وكان الفقه في فرنسا يذهب إلى أن ملكية الشيء الموصي بصنعه ( chose a fabriquer ) لا تنتقل إلا بتسليمه للمشتري وقبوله منه ، فهو بيع على شرط التسليم ( vente a livrer ) ، وذلك كالأثاث الموصي بصنعه يبقى على ملك الصانع إلى أن يتم تسليمه للمشتري ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 622 – بلانيول وريبير ورواست 11 فقرة 925 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2895 ) . ثم اتجه القضاء الفرنسي إلى أن نقل الملكية يتم بمجرد الانتهاء من صنع الشيء أو التقدم في صنعه بحيث يكون ذلك كافياً في تعيينه كما سبق القول ، وتبع القضاء بعض الفقهاء كما رأينا ( أنظر الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 175 ) على أنه يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على أن الملكية لا تنتقل إلا عند قبول المشتري الشيء الموصي بصنعه وتسلمه إياه ، وقد يستخلص هذا الاتفاق ضمناً من أن البائع هو الذي يورد الخامات التي يصنع منها الشيء ( بيدان 11 فقرة 167 ) .

وفي الأشياء التي تصنع على نموذج واحد ( fabrication en serie ) يعتبر المبيع بعد الانتهاء من صنعه متعيناً بنوعه فقط ، ومن ثم يجب إفرازه بعد ذلك لتعيينه بذاته ، فتنتقل ملكيته من وقت الإفراز ( بيدان 11 فقرة 167 – ديموج 6 فقرة 65 – كولان وكابيتان 1 فقرة ؟ 1977 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 160 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 175 ) .

وفي بيع المحصولات المستقبلة إذا كان البيع جزافاً ، تنتقل الملكية بوجود المحصول : منذ بدء وجوده وانعقاده أو من وقت حصاه وجمعه بحسب قصد المتعاقدين ، وعند الشك يكون من وقت الحصاد والجمع . وإذا كان البيع بالتقدير ، لم تنتقل الملكية إلا بالإفراز كما في سائر بيوع التقدير ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 174 ) .

والإنتاج الفني لا تنتقل ملكيته إلى من اشتراه إلا إذا سلمه الفنان للمشتري أو وضعه تحت تصرفه ، لأن الفنان له وحده الحق في نشر إنتاجه متى أرضاه ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 176 ) .
( [766] )          أنظر في كل ذلك بودري وسينيا فقرة 11 – فقرة 13 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 10 فقرة 11 .
( [767] )          ولا يعتبر البيع هنا معلقاً على شرط بل هو بيع منجز ، والمعلق على الشرط هو تنفيذ البيع لا انعقاده ( لوران 24 فقرة 4 – أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 39 – بودري وسينيا فقرة 11 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 10 ) .
( [768] )          وقد درج الفقه في مصر وفي فرنسا على التحدث عن اقتران الملكية بأجل ، وفي رأينا أن هذه نظرة فقهية غير سليمة . فالملكية كما قدمنا حق دائم تستعصى طبيعته على التوقيت ، والأجل توقيت فلا يجوز أن تقترن به الملكية . وإذا اتفق البائع مع المشتري مثلاً على ألا تنتقل إليه ملكية الدار المبيعة إلا بعد سنة ينتفع فيها البائع بسكنى الدار ، وجب تفسير قصد المتبايعين بأن البائع اشترط الاحتفاظ بحق الانتفاع بالدار مدة السنة ، أما الرقبة فتنتقل إلى المشتري دون انتظار انقضاء السنة . هذا التفسير يفي بجميع الأغراض التي قصد إليها المتبايعان ، فقد احتفظ البائع بحقه في سكنى الدار سنة ، انتقلت الملكية في الرقبة دون المنفعة إلى المشتري قبل انقضاء السنة . وإذا قلنا بغير ذلك ، وقررنا أن البائع يحتفظ بالملكية كاملة ، انتفاعاً ورقبة ، مدة السنة ، فهل يزيد حقه بذلك شيئاً؟ الواقع أنه يكون في نفس الوضع الذي احتفظ فيه لنفسه بحق الانتفاع فقط ، فهذا الحق وحده هو الذي يستطيع أن يستغله وأن يتصرف فيه . أما ملكية الرقبة لمدة سنة فلا يفيده شيئاً ، ولا تجدي ملكية الرقبة إلا إذا كانت ملكية دائمة .
( [769] )          أنظر آنفاً فقرة 90 – فقرة 94 .
( [770] )          أنظر الوسيط جزء 2 فقرة 425 .
( [771] )          ويترتب على أن الالتزام بالتسليم التزام بتحقيق غاية أنه إذا لم يتم تسليم المبيع إلى المشتري ، ولو بغير خطأ البائع بل ولو بقوة قاهرة ، كان البائع مخلاً بالتزامه ، وينبني على ذلك فسخ البيع أو انفساخه وتحمل البائع تبعة هلاك المبيع قبل التسليم كما سنرى . ويمكن الوصول إلى هذه النتيجة من طريق آخر ، هو القول بتبعية الالتزام بتسليم المبيع على الوجه الذي سنذكره . ويترتب على أن الالتزام بالمحافظة على البيع التزام ببذل عناية أن البائع يعتبر قد قام بالتزامه إذا هو بذل عناية الرجل المعتاد في المحافظة على المبيع قبل تسليمه ، ولا يكون مسئولاً عن هلاك المبيع هلكاً كلياً أو جزئياً إلا بموجب التزامه بالتسليم على النحو الذي بيناه .
( [772] )          فقرة 431 .
( [773] )          وهذه هي أيضاً القاعدة في الفقه الإسلامي ، فالمبيع يهلك قبل التسليم على البائع ، ولو أن الملكية انتقلت إلى المشتري .
( [774] )          وسنرى هناك أثر الإعذار في تحمل الهلاك ( م 207 مدني – الوسيط 2 فقرة 432 ) . وأنظر في تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 396 – 400 ، وهو كالتقنين المدني الفرنسي يحمل المشتري باعتباره مالكاً تبعة هلاك المبيع قبل التسليم .
( [775] )          وقد رأينا أن المشتري في أكثر مذاهب الفقه الإسلامي ليس له أن يتصرف في المبيع قبل قبضه بالرغم من أنه أصبح مالكاً له ( أنظر آنفاً فقرة 231 ) . وقد فارق التقنين المدني العراقي الفقه الإسلامي في ذلك ، فنصت المادة 532 من هذا التقنين على أن " للمشتري أن يتصرف في المبيع ، عقاراً كان أو منقولاً ، بمجرد انتقال الملكية إليه ولو قبل القبض " . وهذا هو الحكم أيضاً في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ، إذ تنص المادة 295 من هذا التقنين على أنه " يحق للمشتري منذ إتمام العقد ، حتى قبل التسليم ، أن يتفرغ عن المبيع ، ما لم يكن ثمة اتفاق أو نص قانوني مخالف . ويحق للبائع أن يتفرغ عن حقه في الثمن قبل قبضه " . وكذلك هذا هو الحكم في كل من التقنين المدني السوري والتقنين المدني الليبي ، طبقاً للقواعد العامة في هذين التقنينين وهي نفس القواعد العامة في التقنين المدني المصري .
( [776] )          وهذا حكم صحيح حتى لو لم يسجل عقد البيع وكان المبيع لا يزال في يد البائع ، فإن المشتري يستطيع حتى هذه الحالة أن يتصرف في العقار ، وعند تسجيل البيع الأول يصبح مالكاً فيكون التصرف الذي صدر منه قد صدر من مالك ، إما بفضل الأثر الرجعي للتسجيل على الرأي الذي نقول به ، وإما باعتبار أن المشتري وقت أن باع كان لا يملك ثم ملك بالتسجيل فينقلب البيع صحيحاً طبقاً لقواعد بيع ملك الغير السالف ذكرها .

وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا كانت حدود الأرض المبيعة في عقد البيع تخالف الواقع ، فالذي انتقلت ملكيته بالبيع هو ما يتفق مع التحديد الوارد في عقد البيع لا التحديد الواقعي ( استئناف مختلط أول أبريل سنة 1915 م 27 ص 260 ) .
( [777] )          وهذا هو أيضاً ما تقضي به المادة 572  /  2 من التقنين المدني العراقي إذ تقول : " والزيادة الحاصلة في المبيع بعد العقد وقبل القبض ، كالثمرة والنتاج ، تكون حقاً للمشتري ، وعليه تكاليف المبيع ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك " . وتقضي بذلك أيضاً المادة 396 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ، فتنص على أنه " يجب على المشتري عند صيرورة العقد تاماً – ما لم يكن ثمة ص مخالف – أن يتحمل : أوالً – الضرائب والتكاليف وسائر الأعباء المترتبة على المبيع . ثانياً – نفقات حفظ المبيع ومصاريف تحصيلها . ثالثاً – مخاطر العين المبيعة " . ثم تنص المادة 417 من نفس التقنين على أن " جميع منتجات المبيع وجميع زياداته المدنية والطبيعية تصبح ملكاً للمشتري من تاريخ إتمام البيع . ويجب أن تسلم إليه مع المبيع ، ما لم يكن هناك نص مخالف " . أنظر أيضاً في هذا المعنى المادة 426  /  2 من التقنين المدني السوري والمادة 447  /  2 من التقنين المدني الليبي .

وأنظر في تملك المشتري لثمار المبيع ونمائه من وقت تمام البيع وتحمله تكاليف المبيع من هاذ الوقت أيضاً ما يلي فقرة 392 – فقرة 393 .
( [778] )          وقد نص التقنين المدني العراقي صراحة على هذا الحكم في المادة 533 ، وهي تقول : " إذا قبض البائع الثمن ثم أفلس قبل تسليم المبيع إلى المشتري ، أخذ المشتري المبيع من البائع أو من ورثته دون أن يزاحمه سائر الغرماء " .
( [779] )          الوسيط جزء 2 فقرة 422 ص 77 .
( [780] )          أنظر آنفاً فقرة 234 .
( [781] )          الوسيط ج 2 فقرة 417 .
( [782] )          أما إذا كان المشتري الآخر سيء النية ، فإنه لا يملك السيارة بالحيازة . وتبقى السيارة مملوكة للمشتري الأول ، وله أن يستردها من المشتري الآخر بدعوى الملكية ، ويرجع المشتري الآخر على البائع الأول كما قدمنا .
( [783] )          الوسيط جزء 2 فقرة 417 ص 177 - وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 514 – ص 515 ، وفي الوسيط جزء 2 ص 771 هامش رقم 1 .
( [784] )          أنظر آنفاً فقرة 119 .
( [785] )          أنظر آنفاً فقرة 120 .
( [786] )          أنظر آنفاً فقرة 117 .
( [787] )          أنظر آنفاً فقرة 118 .
( [788] )          أنظر الوسيط جزء 2 فقرة 420 .
( [789] )          أنظر في هذا النص الوسيط جزء 2 فقرة 419 .
( [790] )          أنظر آنفاً فقرة 120 .
( [791] )          الوسيط جزء 2 فقرة 421 – فقرة 422 .
( [792] )          الوسيط جزء 2 فقرة 421 .
( [793] )          الوسيط جزء 2 فقرة 422 .
( [794] )          أنظر آنفاً فقرة 122 .
( [795] )          أنظر آنفاً فقرة 121 .
( [796] )          الوسيط جزء 2 فقرة 423 .
( [797] )          فيتم الإفراز عند التسليم .
( [798] )          وكذلك إذا أفلس البائع والبضائع في الطريق ، جاز للمشتري أخذها إذا كانت الملكية انتقلت إليه عند الشحن ، ولا يجوز له ذلك إذا كانت ملكية البضائع في الطريق لا تزال للبائع ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 246 – ص 240 - الأستاذ محمد علي إمام فقرة 115 ص 216 – ص 217 ) .

وقضت محكمة النقض بأن القاعدة التي تقضي بأن الهلاك على المالك إنما تقوم إذا حصل الهلاك بقوة قاهرة ، أما إذا نسب إلى البائع تقصير فإنه يكون مسئولاً عن نتيجة تقصيره ( نقض مدني 27 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 108 ص 767 ) .
( [799] )          استئناف مختلط 10 مايو سنة 1900 م 12 ص 245 - 33 مارس سنة 1904 م 16 ص 167 .
( [800] )          أنظر في القضاء المختلط في البيع ( cif ) وفي أن المسئولية خطر الطريق على المشتري لا على البائع : استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 71 – 14 أبريل سنة 1920 م 32 ص 276 – 20 مايو سنة 1925 م 37 ص 442 – 19 نوفمبر سنة 1927 م 39 ص 178 – 13 فبراير سنة 1929 م 41 ص 220 - 31 ديسمبر سنة 1930 م 43 ص 128 – 27 يناير سنة 1932 م 44 ص 148 – 8 مارس سنة 1933 م 45 ص 196 – 11 أبريل سنة 1934 م 46 ص 245 – 20 نوفمبر سنة 195 م 48 ص 31 – 12 يونيه سنة 1940 م 52 ص 309 – 12 نوفمبر سنة 1941 م 54 ص 8 – 18 نوفمبر سنة 1942 م 55 ص 9 – 6 يناير سنة 1943 م 55 ص 26 – 3 فبراير سنة 1943 م 55 ص 149 – 15 ديسمبر سنة 1943 م 56 ص 21 – 22 ديسمبر سنة 1943 م 56 ص 29 – 5 يناير سنة 1944 م 56 ص 42 – 8 مارس سنة 1944 م 56 ص 69 – 22 مارس سنة 1944 م 56 – ص 90 - 19 أبريل سنة 1944 م 56 ص 124 – 31 مايو سنة 1944 م 56 ص 178 – 3 يونيه سنة 1944 م 56 ص 56 ص 181 – 13 ديسمبر سنة 1944 م 5 ص 26 – 28 فبراير سنة 1945 م 57 ص 78 – 16 مايو سنة 1945 م 57 ص 154 – 30 مايو سنة 1945 م 57 ص 159 – 13 فبراير سنة 146 م 58 ص 54 – 5 مايو سنة 1948 م 60 ص 107 – 23 يونيه سنة 1948 م 61 ص 13 – 22 ديسمبر سنة 1948 م 61 ص 33 .

وقضت محكمة استئناف مصر بأن البيع cif معناه وفاء البائع ثمن البضاعة وأجرة التأمين وناولون الشحن وتحمل المشتري مسئولية العجز أو التلف الحاصل للبضاعة بعد الشحن ( استئناف مصر 15 يونيه سنة 1927 المحاماة 8 رقم 129  /  1 ص 173 ) .

وأنظر في البيع ( fob ) أي باشتراط تسليم السفينة ، استئناف مختلط 12 مايو سنة 1946 م 58 ص 189 – 11 ديسمبر سنة 1946 م 59 ص 55 – 19 مارس سنة 1947 م 59 ص 148 – 17 ديسمبر سنة 1947 م 60 ص 51 – 8 يونيه سنة 1949 م 61 ص 129 .
( [801] )          والبيانات هي في النقل البحري اسم السفينة والعلامات أو الأرقام التي تحملها البضائع . وفي النقل البري إذاك أن التسليم فيم حطة الشحن ، قد يلتزم البائع بحجز العربات اللازمة لشحن البضاعة ( franco sur wagon ) .

أنظر في كل ذلك بيدان 11 فقرة 165 .
( [802] )          وكان التقنين المدني السابق ينص في المادة 170  /  233 على أن الوفاء يكون فيم وطن المتعهد أي التسليم يتم فيم حطة الشحن لا في محطة التفريغ ( استئناف مختلط 18 مايو سنة 1899 م 11 ص 244 – 12 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 97 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 246 ص 241 ) . فيسري حكم التقنين السابق على كل العقود التي تمت قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 .
( [803] )          الأستاذان أنور سلطان فقرة 161 وص 181 هامش رقم 1 – الأستاذان محمد علي إمام فقرة 115 .
( [804] )          أنظر ما يلي فقرة 311 .
( [805] )          كان التقنين المدني الفرنسي يقرر أن الملكية في العقار تنتقل بالعقد ، فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير ، إلا أذا انتقلت بعقد تبرع كالهبة فلا يحتج به على الغير إلا بالتسجيل . ثم صدر تشريع 23 مارس سنة 1855 يوجب تسجيل عقود المعاوضة والتبرعات للاحتجاج بها على الغير . وفي 20 أكتوبر سنة 1935 صدر مرسوم بقانون ( داللوز الدوري 1935 – 4 – 419 ) أضاف إلى التصرفات الواجبة التسجيل التصرفات والأحكام الكاشفة . وفي 4 يناير سنة 1955 صدر مرسوم ، تسري أحكامه ابتداء من أول يناير سنة 1956 ( داللوز أنسيكلوبيدي 5 ص 389 وما بعدها ) ينظم الشهر في الحقوق العينية الأصلية والتبعية بصفة عامة ، وقد حل هذا التشريع محل تشريعي سنة 1855 وسنة 1935 .
( [806] )          قانون 16 ديسمبر سنة 1851 .
( [807] )          التقنين المدني الإيطالي م 2643 وما بعدها .
( [808] )          أنظر في نقل الملكية في العقار بالبيع في القانون العراقي الأستاذ حسن عباس الصراف فقرة 319 – فقرة 367 والأستاذ حسن علي الذنون فقرة 147 – فقرة 155 . وينتقد الأستاذ الذنون ما جاء في المادة 508 مدني عراقي من أن بيع العقار لا ينعقد إلا إذا سجل في الدائرة المختصة ، فأصبح البيع عقداً شكلياً لا يتم إلا بالتسجيل .

وقد قام خلاف في الفقه العراقي في قيمة العقد غير المسجل في دائرة الطابو . والنصوص القانونية الواجب النظر إليها في هذه المسألة هي : ( 1 ) م 508 مدني عراقي : " بيع العقار لا ينعقد إلا إذا سجل في الدائرة المختصة واستوفى الشكل الذي نص عليه القانون " . ( 2 ) م 1126 مدني عراقي : " 1 - تنتقل الملكية بالعقد في المنقول والعقار . 2 - والعقد الناقل لملكية عقار لا ينعقد إلا إذا روعيت فيه الطريقة المقررة قانوناً " . ( 3 ) م 1127 مدني عراقي : " التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على الالتزام بالتعويض إذا أخل أحد الطرفين بتعهده ، سواء اشترط التعويض في التعهد أو لم يشترط " .

ويؤخذ من هذه النصوص : أولاً – أن بيع العقار في القانون العراقي عقد شكلي لا يتم إلا بالتسجيل في دائرة الطابو . ومن ثم لا تنتقل الملكية إلى المشتري ، بالنسبة إلى الغير وفيما بين المتعاقدين ، إلا بالتسجيل في هذه الدائرة ومن وقت هذا التسجيل . ثانياً – التعهد السابق على البيع – وهو التعهد المنصوص عليه في المادة 1127 مدني عراقي – عقد غير مسمى ، فهو ليس إذن بعقد بيع . ولكنه عقد ملزم ، إذا به أخل المدين التزم بالتعويض . وهذا التعويض نشأ عن مسئولية عقدية لا مسئولية تقصيرية لأن مصدره هو هذا التعهد الملزم وهو عقد غير مسمى كما سبق القول . فإذا اتفق المتعاقدان في هذا التعهد على مقدار التعويض – وهذا ما يسمى بالشرط الجزائي – جاز للقاضي الحكم بما اتفق عليه المتعاقدان ، كما يجوز له الحاكم بتخفيض الشرط الجزائي إذا أثبت المدين أن التقدير كان فادحاً ، أو بعدم استحقاقه أصلاً إذا أثبت المدين أن عدائن لم يلحقه أي ضرر ، وكل هذا تطبيقاً للقواعد المقررة في الشرط الجزائي ( أنظر م 170 مدني ) وإذا لم يتفق المتعاقدان على شرط جزائي ، فإن هذا لا يمنع القاضي من تقدير التعويض عن الضرر الذي أصاب الدائن من جراء إخلال المدين بالتزامه ، طبقا للقواعد المقررة في هذا الصدد ( أنظر م 169 مدني عراقي ) ، ومصدر هذا التعويض الذي يقدره القاضي هو ، كمصدر الشرط الجزائي ، المسئولية العقدية دائماً وليس المسئولية التقصيرية . ويخلص من ذلك أن القول بأن مصدر التعويض عن الإخلال بالتعهد بنقل ملكية العقار المنصوص عليه في المادة 1127 مدني عراقي هو المسئولية التقصيرية ليس بالقول السليم ، إذ المصدر هو المسئولية العقدية ( قارن الأستاذ الذنون فقرة 418 ) . وكلك القول بأن هذا التعهد المنصوص عليه في المادة 1127 مدني الراقي يتحول من عقد بيع باطل إلى عقد غير مسمى ليس سليماً ، ولسنا هنا في حاجة إلى التحول ، فإن العقد ينشأ منذ البداية عقداً غير مسمى صحيحاً ملزماً ، وليس عقد بيع باطل يتحول بعد ذلك إلى عقد غير مسمى ( قارن الأستاذ الصراف فقرة 339 ) .

وقد كان من الخير أن يجعل هذا التعهد المنصوص عليه في المادة 1127 مدني عراقي ملزماً بنقل الملكية عيناً ، فلا يقتصر على الإلزام بالتعويض . وهذا ما يقرره القانونان الألماني والسويسري ، وكلاهما أخذ كالقانون العراقي بنظام السجل العقاري .
( [809] )          أنظر في نقل ملكية العقار بالبيع في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 88 وما بعدها . وفي القانون المدني السوري عقد البيع غير المسجل ينشئ التزاماً بنقل الملكية يجوز تنفيذه عيناً ولا يكتفي بالتعويض ( الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 88 – فقرة 89 ) .
( [810] )          وقد قضت المحاكم المختلطة بأن الشريعة الإسلامية هي التي تسري على عقود البيع فيما يبن الأهالي قبل صدور التقنينات الحديثة ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1892 م 4 ص 216 ) ، وبأنه كان يكفي لانعقاد البيع توافق الإيجاب والقبول على المبيع والثمن ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1888 م 1 ص 340 ) .
( [811] )          أنظر في هذا المعنى استئناف مختلط 27 مارس سنة 1889 م 1 ص 85 – 29 مايو سنة 1889 م 1 ص 166 - 20 نوفمبر سنة 1889 م 2 ص 13 – 26 ديسمبر سنة 1889 م 2 ص 69 – 12 فبراير سنة 1890 م 2 ص 73 – 9 نوفمبر سنة 1892 م 5 ص 2 – 23 يناير سنة 1902 م 14 ص 101 – 24 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 81 – ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه كان يكفي توافق الإيجاب والقبول لانعقاد البيع وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وأن حجة البيع ليست إلا للإثبات ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1888 م 1 ص 340 وقد سبقت الإشارة إليه – 18 يونيه سنة 1891 م 3 ص 405 – 18 فبراير سنة 1892 م 4 ص 149 – 24 مارس سنة 1892 م 4 ص 216 وقد سبقت الإشارة إليه ) .
( [812] )          وأنظر أيضاً في هذا المعنى المادة 14 من قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 .
( [813] )          وتزيد الصعوبة باختلاف أبجدية اللغة العربية عن أبجدية اللغة الأجنبية ، وبتعدد اللغات الأجنبية التي تكتب بها الأسماء . فقد يبحث ذو المصلحة عن اسم ويحسبه مكتوباً بحسب التهجية الفرنسية فلا يجده ، فيوقن أن الشخص الذي يحمل هذا الاسم لم يتصدر منه تصرفات . والواقع أن هاذ الشخص صدرت منه تصرفات لم تظهر بالبحث ، لأن اسمه يكون مكتوباً بحسب التهجية الإيطالية وهذه تختلف عن التهجية الفرنسية . والأمثلة على ذلك كثيرة . وقد أورد الدكتور محمد شوقي في كتابه " الشهر العقاري علماً وعملاً " ( ص 52 ) مثلاً فيما كتبه بصدد قانون التسجيل لسنة 1923 ويصدق على ما قبله ، حيث يقول : " فثمة صعوبات ومساوئ كبيرة نشأت من اختلاف الأبجدية العربية عن أبجدية اللغات الأجنبية . بل إن هذه اللغات ذاتها تختلف من حيث نطق حروفها الهجائية بعضها عن البعض ، كالحرف u الذي يلفظ بالإيطالية ou . فإذا فرضنا أن طالباً تقدم للبحث عن تصرفات باسم مراد mourad أو جندي guindi ، وأن الكاتب المكلف وهو إيطالي مثلاً كتب الكلمة من العربية للإيطالية murad, ghindi ، فالشهادة التي تعطي على أساس ذلك البحث لن تكون عن الاسم الصحيح ، وبالتالي قد تكون سلبية ، في حين أنها لو عملت عن الاسم الصحيح لكانت إيجابية " .
( [814] )          استئناف مختلط 20 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 72 – وأنظر في تبادل الإحاطة بالتصرفات بين الجهات الثلاث الدكتور محمد شوقي " الشهر العقاري علماً وعلماً " ص 10 وص 17 – وتقضي المادة 372 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في سنة 1910 بتكليف هذه المحاكم بأن توافي المحاكم المختلطة بملخصات العقود الناقلة للملكية ، وذلك بواسطة المحاكم الشرعية المكلفة بهذه المهمة . وهذا الإجراء هو في الواقع نتيجة لإلغاء وظيفة الموظف المختلط الذي كان ينتدب بأقلام المحاكم الشرعية . وتقضي المادة 373 من اللائحة ذاتها بتكليف المكاتب المختلطة بدورها بأن توافي المحاكم الشرعية بملخصات مماثلة عن كل ما تتسلمه من المحررات المشار إليها لكي تسجل لديها في سجلات خاصة معدة لذلك .
( [815] )          وأغفل التقنين المدني السابق أيضاً النص على تسجيل الوقف . وقد ذهبت أحكام كثيرة ( استئناف وطني 15 أبريل سنة 196 المحاماة 1 رقم 1 ص 9 – استئناف مختلط 28 ديسمبر سنة 1905 م 18 ص 60 - 10 نوفمبر سنة 910 م 23 ص 7 – 18 يناير سنة 196 م 28 ص 108 ) إلى أن القانون لا يستلزم تسجيل إشهاد الوقف ليكون حجة على الغير . ولم تعدل المحاكم عن قضائها هذا إلا بعد صدور القانون رقم 23 لسنة 1920 ، الذي أوجب تسجيل إشهاد الوقف في سجلات المحاكم الشرعية . وقد عدل هذا القانون بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 193 الصادر بترتيب لائحة المحاكم الشرعية .
( [816] )          فالقيد يجب تجديده كل عشر سنوات ، فيغني التجديد ذا المصلحة عن البحث لمدة أكثر من عشر سنوات .
( [817] )          وإذا كان الرهن الرسمي وهو يخضع لنظام القيد يجب أن يكتب في ورقة رسمية ، فليس ذلك مبرراً لا ، يكون الرهن الحيازي وهو يكتب في ورقة عرفية خاضعاً لنظام التسجيل ، إذ من السهل الحصول على البيانات اللازمة للقيد حتى من الأوراق العرفية .
( [818] ) نصح المستشار القضائي منذ سنة 1890 بإصلاح نظام الشهر ، فتم في سنة 1902 إعداد مشروعين ، يرمي أولهما إلى توحيد أقلام التسجيل ، ويهدف ثانيهما إلى إحلال نظام السجل العقاري محل نظام الشهر الشخصي وهما المشروعان المشار إليهما في المتن . وقد عرض هذان المشروعان في سنة 1904 على لجنة دولية فنية لبحثهما ، فأقرتهما في سنة 1908 ، ولكن الدول صاحبات الامتياز لم توافق عليهما . وفي سنة 1917 عهدت لجنة الامتيازات إلى لجنة فرعية ، عرفت باسم لجنة دوسن نسبة إلى رئيسها مستر دوسن الذي كان مديراً لمصلحة المساحة ، ببحث موضوع إدخال نظام السجل العقاري في مصر . وقد استمرت اللجنة الفرعية في علمها بعد انقطاع لجنة الامتيازات ، وقد أعاد مجلس الوزراء في أول مايو سنة 1920 تشكيلها كلجنة مستقلة ، وانتهت اللجنة من عملها في أواخر تلك السنة . وألف مجلس الوزراء في 25 أبريل سنة 1923 لجنة خاصة للبحث عن أفضل الطرق لتنفيذ اقتراحات لجنة دوسن على المصريين والأجانب جميعاً ، ولوضع مشروع قانون يتضمن اقتراحات اللجنتين معاً ، وهي اللجنة المشار إليها في المتن ، فوضعت المشروع الذي صدر به قانون التسجيل سنة 1923 ( انظر الأستاذ محمد كامل مرسي في شهر التصرفات العقارية فقرة 37 وما بعدها – الأستاذ أنور سلطان ص 188 هامش رقم 1 – مقالا للأستاذ محمد على عرفة في مجلة القانون والاقتصاد 18 العدد الثالث ) .
( [819] ) وأغفل النص الحوالة بالأجرة مقدماً كما أغفار التقنين المدني السابق ( م 613  /  74 ) . وتدارك الأمر قانون تنظيم الشهر العقاري ، فذكرها في المادة 11 منه .
( [820] ) وقد بينت المذكرة الإيضاحية لقانون التسجيل علة التفرقة بقولها : " هناك عقود وأحكام لا يمكن اعتبارها كأن لم تكن لمجرد عدم تسجيلها ، فالأحكام المقررة لحقوق الطرفين والعقود التي من هذا القبيل يجوز اشتراط تسجيلها حتى يعلم بها الغير من النصوص على أنها لا تكون حجة على الغير إذا لم تسجل . إلا أنه لا يمكن تجريد هذه الأحكام وهذه العقود من قيمتا الجوهرية وهي الإقرار بحق سابق الوجود ، وهذا الاختلاف في النوع الذي ينجم عنه الاختلاف في الأثر المترتب على تسجيل هذا أو ذاك النوع من العقود والأحكام يبرر وضع مادتين مختلفتين " .
( [821] ) وقد أدخلت محكمة النقض دعوى صحة التعاقد ضمن دعاوي الاستحقاق ، باعتبارها دعوى استحقاق بحسب المآل ، وقالت في أسباب حكمها : " بما أن المادة السابعة من قانون التسجيل نصت على أنه يجب التأشير على هامش سجل المحررات واجبة التسجيل بما يقدم ضدها من دعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع فيها ، فإذا كان المحرر الأصلي لم يسجل فتسجل تلك الدعاوى ، وكذلك دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية يجب تسجيلها أو التأشير بها كما ذكر . ويستفاد من الشطر الأخير للمادة أن دعوى الاستحقاق قد تكون مبنية على عقد مسجل ، وقد تكون مبنية على وضع يد أو ميراث أو عقد غير مسجل أو عقد شفوي ، إذ عموم النص يسع ذلك . لهذا يجب لجعل عموم النص مفيداً أن تفسر دعاوى الاستحقاق الواردة في المادة السابعة بالدعاوى التي يكون غرض رافعها منها الوصول إلى الاستحقاق حالا أو مآلا ، كدعاوى صحة التعاقد العرفي ودعاوى إثبات البيع الشفوي ، لأنها تؤول بعد تسجيل الأحكام الصادرة فيها إلى استحقاق رافعها لملكية العقار موضوع الدعوى . ولا غرابة أن يكون المشرع وضع عبارة دعاوى الاستحقاق وقصد منها دعاوى الاستحقاق ولو مآلا ، فقد جرى على ذلك المادة الأولى من قانون التسجيل إذ عبر عن العقود الواجبة تسجيلها بأنها من شأنها إنشاء حق ملكية العقار أو حق عيني مع أنها لا تنشئ ذلك الحق إلا بعد تسجيلها ، فعبارة " من شأنها إنشاء حق الملكية ، وضعت المنشئة مآلا " ( نقض مدني 5 يناير سنة 1933 مجموعة عمر 2 رقم 167 ص 512 – 23 فبراير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 168 ص 522 – 23 فبراير سنة 1950 المحاماة 31 رقم 49 ص 92 – 29 يناير سنة 1953 مجموعة عمر 4 رقم 58 ص 404 . وسنعود إلى هذه المسألة : أنظر ما يلي فقرة 273 .
( [822] ) وبالرجوع إلى النصوص والمبادئ السارية وقت اكتساب هذه الحقوق ، وهي مبادئ التقنين المدني السابق ، يتبين أن القاعدة هو أن البلطان والفسخ والإلغاء والرجوع لها عادة أثر رجعي ، فتزول حقوق الغير بحكم هذا الأثر ، وذلك إلا في حالات استثنائية إذا كان الغير دائناً مرتهنا رهنا رسميا وكان حسن النية فإن حقه لا يتأثر بما يصيب ملكية الراهن من زوال بسبب البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع . وسنرى أن المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري وسعت هذه الحماية للغير حسن النية ، فلم تقصرها على الدائن المرتهن حسن النية ، بل أو شملت كل من تلقى حقا عينيا على العقار بحسب نية وقام بشهره قبل تسجيل دعوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع أو التأشير بها ( أنظر الاستاذ عبد المنعم البدراوي ص 303 – ص 304 ) .

وقد وسعت محكمة الاستئناف المختلطة في أحد أحكامها هذه الحماية قبل العمل بقانون تنظيم الشهر العقاري ، فقضت بأن دعوى الفسخ التي سجلت صحيفتها بعد تسجيل عقد بيع صادر من المشتري إلى مشتر ثان لا يسرى حكم الفسخ الصادر فيها في حق المشتري الثاني ( استئناف مختلط 25 يناير سنة 1944 م 56 ص 48 ) .
( [823] ) أي من تاريخ أخذ المحرر النمرة المسلسلة .
( [824] ) فقد جاء في ديباجة هذا القانون : " وبعد الاطلاع على ما قرره مجلس الوزراء بتاريخ 25 أبريل سنة 1922 من الموافقة مبدئياً على إدخال نظام السجلات العقارية في القطر المصري . وحيث أنه يجب قبل إدخال هذا النظام في البلاد إجراء بعض تعديلات في النظام الحالي الخاص بالحقوق العينية العقارية " .
( [825] ) وقد رأينا أن كلا من التقنين المدني السابق وقانون التسجيل لم يذكر الحوالة بالأجرة إلى جانب المخالصة .
( [826] ) وتقول المذكورة الإيضاحية تعليقاً على هذا النص إنه مقتبس من المادة الأولى من قانون التسجيل مع إدخال تعديلات عليها . وأهم هذه التعديلات استبدال كلمة " التصرفات " بكلمة " العقود " لأنها أشمل في مدلولها ، فهي تتناول إلى جانب العقود والاتفاقات الأعمال القانونية التي تصدر من جانب واحد ، فيقع في حكم النص الوقف والتصرفات الإدارية التي تتناول حقوقاً عينية عقارية كمراسيم نزع الملكية للمنفعة العامة والإذن الذي تعطيه الحكومة في إحياء الأرض الموات وقرارات وزير المالية بتوزيع البحر عملا بأحكام القانون رقم 48 لسنة 1933 . كذلك حذف من النص عبارة " الصادرة بين الأحياء " حتى يشمل مدلوله التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت كالوصية .

هذا وقد قدمنا أن قانون التسجيل كان لا يوجب تسجيل التصرفات الإدارية التي تتناول حقوقاً عينية عقارية . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن الحكم لا يكون قد أخطأ إذ قضى بتثبيت ملكية المشتري لأطيان من طرح البحر بعقود غير مسجلة في ظل القانون رقمي 18 و 19 لسنة 1923 ، وذلك أن هذين القانونين لم يوجبا تسجيل القرارات الإدارية لتوزيع طرح البحر . ولا يغير من هذا النظر أن تكون المادة التاسعة من القانون رقم 114 لسنة 1946 يشمل نصها إلى جانب العقود والاتفاقات الواجب شهرها التصرفات الإدارية التي تتناول حقوقاً عينية عقارية كقرارات وزير المالية بتوزيع طرح البحر ، أو أن تكون المادة العاشرة من القانون رقم 73 لسنة 1953 الخاص بطرح البحر وأكله قد نصت على أن يوزع طرح البحر بقرار من وزير المالية ويكون سنداً له قوة العقد الرسمي وأن يسجل بدون رسم ، إذ ليس لهذين القانونين أثر رجعي فلا يسريان على القرارات السابقة عليهما ( نقض مدني 25 نوفمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 20 ص 154 ) .

 
( [827] ) وقد ورد النص صراحة على قسمة الأموال المورثة لأنها كانت محل لبس في وجوب تسجيلها في عهد قانون التسجيل . ويرجع السبب في ذلك إلى أن الأثر الكاشف لقسمة الأموال الموروثة يجعل انتقال الملكية بسبب الوفاة ، وانتقال الملكية بسبب الوفاة لم يكن خاضعاً للشهر في عهد قانون التسجيل . ولكن الراجح في الفقه والقضاء في ذلك العهد هو تسجيل قسمة الأموال ولو كانت موروثة ، لأن القسمة جعلت المال الموروث مفرزاً بعد أن كان شائعا ( الأستاذ محمد على إمام فقرة 162 ص 249 ) .

هذا وإذا تعارض تصرف منشئ مع تصرف كاشف ، فالعبرة بالأسبقية في التسجيل ، لأن كلا التصرفين لا ينفذ في حق الغير إلا بالتسجيل . وقد قضت محكمة النقض بأن الشريك في ملك شائع الذي يتصرف في حصته الشائعة بعد رفع دعوى القسمة لا يعتبر ممثلا للمشتري منه غذا سجل هذا الأخير عقد شرائه وانتقلت إليه بذلك ملكة الحصة المبيعة قبل انتهاء إجراءات القسمة ، ففضلت محكمة النقض عقد البيع على الحكم بالقسمة لأن عقد البيع سجل أولا ( نقض مدني 22 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 54 ص 370 – وانظر أيضا نقض مدني 20 أكتوبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 185 ص 1775 ) .
( [828] ) وقد قضت محكمة دمنهور الكلية بأن القانون لا يمس مبدأ أيلولة العقارات إلى الوارثة بمجرد تحقق وفاة المورث وقيام سبب الإرث ، دون أن يعتبر حق الإرث تصرفا من التصرفات القانونية . لذلك لم يعد هناك وجه لجعل انتقال حق الملكية إلى الوارث متوقفا على شهره . لكن إذا أراد الوارث أن يجري على عقار تلقاه بالميراث أي تصرف ، واحتاج الأمر إلى شهر هذا التصرف الأخير ، فإنه على الوارث أن يقوم أولا بشهر حق الإرث . وهذه القواعد هي التي يتعين الأخذ بها بمناسبة حل الوقف على غير جهات البر ( دمنهور الكلية 28 مارس سنة 1955 المحاماة 36 رقم 576 ص 1754 ) .
( [829] ) ومن ثم إذا أراد الوارث التصرف في عقار معين في التركة ، لم يلزمه أن يشهر حق الإرث عن عقارات التركة جميعها ، بل يقتصر على شهر حق الإرث في هذا العقار وحدة . ولكن يفترض في هذه الحالة أن هذا العقار وحدة يبنى على أساسها تصرفات الورثة ، فلا يستطيع الوارث أن يتصرف في العقار إلا بقد حصته في التركة ( الاستاذ محمد على امام فقرة 176 ص 294 ) .
( [830] ) وإذا لم يشهر الوارث حق الإرث لعدم صدور تصرف منه يقتضي هذا الشهر ، كان لدائن التركة أن ينفذ على أعيان التركة وهي في يد الوارث . وإذا لم يستطع الدائن أن يؤثر بدينه بحيث يكون تأشيره نافذا في حق المشتري لعقار من الوارث ، كان للدائن أن ينف بدينه على أموال التركة الأخرى التي تبقى في يد الوارث ( الأستاذ محمد على إمام فقرة 176 ص 295 – ص 296 ) .

وهذا وتأشير الدائن بحقه ليس لازما إذا عين للتركة مصف ، إذ يكفي قيد الأمر بتعيين المصفي في السجل المعد لذلك في المحكمة ( م 879  /  2 و 914 مدني ) .

 
( [831] ) ويوجد فرق آخر بين قانون التسجيل وقانون الشهر في حجية تسجيل الدعوى . ففي قانون التسجيل لا يحمى الغير الذي سجل حقه قبل تسجيل الدعوى إلا إذا كان دائنا مرتهنا حسن النية ، أما في قانون الشهر فيحمى صاحب أي حق عيني حسن النية كالمشتري وصاحب حق الانتفاع ، ولا تقتصر الحماية على الدائن المرتهن ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( أنظر فقرة 259 في الهامش ) .
( [832] ) وقد استبدل المشرع عبارة " الواجبة الشهر " بعبارة " الواجبة التسجيل " الواردة في المادة 7 من قانون التسجيل ، فأصبح نص قانون الشهر يتسع لدعاوى الطعن في المحررات التي تشهر بطريق القيد كدعوى شطب الرهن ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 174 ص 197 ص 198 ) .
( [833] ) ولا تؤخذ عبارة " عدوى الاستحقاق " على إطلاقها ، ولا يقصد بها الدعوى التي يرفعها المالك الحقيق على واضع اليد لاسترداد عقاره ، فإذا هذه الدعوى إذا سجلت وحكم للمالك الحقيقي بملكيته للعقار كان هذا الحكم حجة للمشتري من واضع اليد ولو كان حسن النية وسجل عقد شرائه قبل تسجيل صحيفة دعوى الاستحقاق . وإنما يقصد بدعوى الاستحقاق الدعوى التي يرفعها المالك على واضع اليد في الأحوال التي يكون فيها تصرف واضع اليد في العقار نافذا في حق المالك كدعوى الاستحقاق التي يرفعها المالك ضد الوارث الظاهر ودعوى الصورية التي يرفعها البائع بعقد صوري ضد المشتري . فإذا باع الوارث الظاهر العقار لمشتري حن النية وسجل المشتري عقد شرائه قبل تسجيل دعوى الاستحقاق ، لم يسر الحكم بالاستحقاق في حق المشتري . وإذا باع المشتري بعقد صوري العقار لمشتري آخر حسن النية وسجل هذا المشتري الآخر عقد شرائه قبل تسجيل دعوى الصورية ، لم يسر الحكم بالصورية في حق المشتري الآخر . ( قارب الأستاذ أنور سلطان فقرة 174 ص 198 – الأستاذ عبد المنعم البداري فقرة 203 ص 305 – استئناف مختلط 24 يناير سنة 1933 م 45 ص 139 ) .
( [834] ) كانت المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري تنص في فقرة ثالثة على ما يأتي : " ويعتبر الغير حسن النية إذا كان لا يعلم ولا يستطيع أن يعلم بالسبب الذي تستند إليه الدعوى " . وقد تبين أن ذكر هذه الفقرة جاء على سبيل الخطأ المادي ، ولذا صدر مرسوم في 29 سبتمبر سنة 1947 يحذفها تصحيحا للنص ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 125 ص 199 هامش رقم 3 ) .

والغير الذي كسب حقه وسجل قبل تسجيل صحيفة الدعوى يجب أن يكون قد كسب الحق بعقد جدي لا بعقد صوري ولا بعقد باطل بطلانا مطلقا ، لأن التسجيل لا يمكن أن يرتب للعقد الصوري ولا للعقد الباطل آثارا قانونية لم تكنه ، فيقف في مضمار المفاضلة مع عقد جدي ولو كان غير مسجل ( نقض مدني 12 يناير سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 34 ص 59 – 9 ديسمبر سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 96 ص 206 – 20 أكتوبر سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 135 ص 405 – 3 يونيه سنة 1943 المحاماة 26 رقم 87 ص 23 – 25 نوفمبر سنة 1943 المحاماة 26 رقم 184 ص 473 – 29 ديسمبر سنة 1949 المحاماة 30 رقم 433 ص 970 – استئناف مختلط 24 يناير سنة 1933 م 45 ص 139 وقد سبقت الإشارة إليه – الأستاذ أنور سلطان فقرة 175 ص 201 الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 203 ص 304 – ص 305 ) .
( [835] ) وكان هذا الحق قبل ذلك خاضعا دون مبرر لنظام التسجيل ، كما سبق القول .
( [836] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون تنظيم الشهر العقاري : " لم تتناول المادة 12 غير التصرفات المنشئة أو المقررة للحقوق العينية العقارية التبعية ، أما التصرفات التي تتناول نقل هذه الحقوق أو تغييرها أو زوالها فطريق شهرها هو التأشير في هامش قيدها الأصلي " .
( [837] ) صدر القانون رقم 147 لسنة 1947 بمد المدة المحددة في هذا النص سنة أخرى تنتهي في آخر ديسمبر سنة 1948 .
( [838] ) أنظر المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الشهر بند 18 – وأنظر الدكتور محمود شوقي " الشهر العقاري علماً وعملا " ص 398 ص 399 – ولم تكن هذه التصرفات الإدارية واجبة التسجيل قبل قانون سنة 1946 م فمن ملك بتصرف إداري صدر قبل العمل بقانون الشهر يستطيع دون أن يسجل هذا التصرف ، أن يشفع بما ملك ( نقض مدني 10 أبريل سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 131 ص 902 ) .
( [839] ) وكان إجماع الفق والقضاء في عهد قانون التسجيل وجوب تسجيل الحوالة بأكثر من أجرة ثلاث سنوات مقدما ، وإن لم يرد بها النص كما ورد في قانون الشهر العقاري ، وذلك قياسا على المخالصة بأكثر من أجرة ثلاث سنوات مقدما .
( [840] ) أما في دعوى الشفعة ، فليس واجبا شهر الإنذار الرسمي الذي يوجه البائع أو المشتري إلى الشفيع . ولكن يجب تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ( م 942  /  مدني ) ، فلا يسري في حق الشفيع أي رهن رسمي أو أي حق اختصاص أخذ ضد المشتري ولا أي بيع صدر من المشتري ، ولا أي حق عيني رتبه أو ترتب ضده إذا كان ذلك قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، ويبقى مع ذلك للدائنين المقيدين ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل للمشتري من ثمن العقار ( م 947 مدني ) . ولا تخضع عريضة دعوى الشفعة للشهر ، والحكم بالشفعة يجب تسجيله ( م 944 مدني ) ويؤشر به على هامش تسجيل إعلان الرغبة وعلى هامش تسجيل البيع الأصلي إذا كان هذا البيع قد سجل .
( [841] ) وتقول المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون تنظيم الشهر العقاري : " غير مستطاع إدخال نظام السجلات العينية وتطبيقه إلا على سبيل التدرج ، إذ من جانب لم تتم إعادة مساحة البلاد جمعيها . وحتى في المناطق التي تمت فيها المساحة الحديثة وهي تبلغ نصف مساحة البلاد تقريبا ، لن يستطاع إدخال هذا النظام عليها دفعة واحدة بسبب عدم دقة البيانات الخاصة بالملكية والحقوق العينية . ولذلك فالمفروض البدء بتطبيق هذا النظام في مناطق محصورة الواحدة تلو الأخرى ، ومؤدي هذا أن بقية المناطق يظل يعمل فيها بنظام التسجيل الشخصي . ولذلك وجبت المبادرة إلى معالجة العيوب التي أسفر عنها العمل واستكمال وجوه النقص ، ليتيسر تطبيق النظام الجديد عليها " ( المذكرة الإيضاحية بند 9 ) .

 
( [842] ) استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1915 م 8 ص 210 – 21 ديسمبر سنة 1915 م 28 ص 68 – وغني عن البيان أنه يشترط الانتقال الملكية إلى المشتري أن يكون البائع مالكا للعقار ، فإذا لم يكن مالكا له وكان المشتري حسن النية ، فإن هذا الأخير يملك العقار بالتقادم الخمسي ولو كان عقد البيع غير مسجل في المدة الذي نحن بصدده . وإذا اشترى شخصان من بائعين مختلفين ، فالذي اشتر من المالك هو الذي يفضل ولو لم يسجل عقده ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1911 م 23 ص 235 ) .
( [843] ) وقد رأينا – انظر الحاشية مسابقة – أنه إذا اشترى شخص عقاراً من المالك الحقيقي ، فضل على المشتري من غير المالك ، ولو لم يسجل الأول عقده وسجل الثاني .
( [844] ) وهذا الحكم يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تقضي بأن الوارث لا يستمر شخصية مورثه ( الأستاذ محمد حلمي عيسى فقرة 1185 – الأستاذ محمد كامل مرسى في شهر التصرفات معينية ص 205 والأحكام التي أشار إليها في هامش رقم 5 – وانظر استئناف مصر 18 يونيه سنة 1927 المجموعة الرسمية 33 رقم 124  /  2 ص 364 – محكمة الإسكندرية الوطنية 27 يوليه سنة 1918 المجموعة الرسمية 19 رقم 92 ) .
( [845] ) استئناف وطني 10 مارس 1914 الشرائع 1 رقم 234 – 10 مايو سنة 1921 المجموعة الرسمية 24 رقم 17 – الأستاذ لامبير في مجلة مصر المعاصرة سنة 1913 ص 208 – ص 212 – الأستاذ شلدون إيموس في مجلة مصر المعاصرة سنة 1913 ص 212 ص 218 الأستاذ مونييه في مجلة مصر المعاصرة سنة 1913 ص 219 – ص 234 – الأستاذ على زكي العرابي في مركز الوارث في الشريعة الإسلامية ونتائجه في القانون ص 37 – ص 44 الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 261 – وأصحاب هذا الرأي لا يذهبون إلى أن الوارث يستمر شخصية المورث فإن هذا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية ، ولكنهم يستندون إلى أحكام التسجيل كما هي مقررة في التقنين المدني السابق ، فالوارث انتقلت إليه الملكية بالإرث والملكية الآيلة بالإرث تثبت في حق كل إنسان بثبوت الوراثة ، فيفضل المشتري من الوارث إذا كان أسبق تسجيل من المشتري من المورث .

وهناك رأي ثالث يفضل كذلك المشتري من الوارث الأسبق في التسجيل ، ولكن هذا الرأي يستند في ذلك إلى أن الوارث يستمر شخصية المورث ، وإلى أن القاعدة التي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الديون في الشريعة الإسلامية لا يقصد بها أن تظل التركة معلقة حتى الوفاء بديون المورث ، بل المقصود هو جعل كل وارث مسئولا عن ديون التركة بنسبة ما آل إليه منها ( الأستاذ أحمد عبد اللطيف والأستاذ عزيز كحيل المحاماة 3 عدد 3 – استئناف مختلط 2 مارس سنة 1916 م 28 ص 186 ) .

انظر في عرض هذه الآراء الثلاثة الأستاذ أنور سلطان فقرة 184 ص 221 – ص 222 الأستاذ محمد على إمام فقرة 159 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 220 .
( [846] ) ومثل الدائن المرتهن الدائن الذي له حق اختصاص ، فإذا قيد الاختصاص تقدم صاحبه على مشتر من المدين لم يسجل عقد شرائه حتى لو كان عقد المدين نفسه غير مسجل ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1915 م 37 ص 235 ) . ويقدم دائن البائع الذي قد دينه قبل تجيل البيع وقبل قيد حق اختصاص لدائن المشتري ( استئناف مختلط 2 ديسمبر سنة 1919 م 32 ص 38 – 30 ديسمبر سنة 1924 م 37 ص 118 ) ,
( [847] ) استئناف مختلط 5 مارس سنة 1952 م 14 ص 168 .
( [848] ) ويستند هذا الرأي إلى صريح نص المادة 270  /  341 مدني ، وإلى أن المشتري الثاني الذي يعلم بالتصرف السابق يكون قد علم أن البائع يتصرف في عقار مملوك للغير فيكون عقد البيع الصادر إليه سببا معيبا والمادة 270  /  431 تشترط في الغير أن يكون حقه مبنيا على سبب صحيح ، وإلى أن هذا هو الرأي هو الرأي السائد في بلجيكا مع أن القانون البلجيكي اختصر على اشتراط عدم الغش ولم يذهب إلى حد اشتراط حسن النية ، ولأنه لا يمكن الاحتجاج بالرأي السائد في فرنسا الذي يشترط التواطؤ لأن نص القانون الفرنسي لا يشترط حسن النية في المشتري الثاني بل يكتفي بأسبقيته في تسجيل عقده ، وإلى أن القومسيون الدولي الذي عقد في سنة 1904 لإدخال نظام السجل العقاري في مصر اقترح أن ينص على أن مجرد علم المشتري الثاني بالتصرف الأول لا يكفي لاعتباره سيئ النية ولكن هذا الاقتراح قد رفض ( انظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 181 ص 29 – 210 – والتون ، ص 42 – تقرير لجنة القومسيون الدولي ص 17 وتقرير اللجنة الفرعية ص 14 ) .

وانظر من هذا الرأي : دي هلتس 4 بيع فقر 129 – والتون 2 ص 43 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 256 – استئناف وطني 4 مايو سنة 1905 الاستقلال 4 ص 526 – 14 مايو سنة 1923 المحاماة 4 رقم 26 – استئناف مختلط 28 ديسمبر سنة 1899 م 12 ص 57 – 19 مارس سنة 1903 م 15 ص 103 – 24 نوفمبر سنة 1904 م 17 ص 25 – 26 ديسمبر سنة 1906 م 19 ص 25 – 13 يناير سنة 1920 م 32 ص 121 .
( [849] ) انظر إلى أسانيد هذا الرأي منقولة في كتاب البيع للأستاذين ؛مد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 249 هامس 1 – ويستند هذا الرأي إلى الرأي السائد في فرنسا وقد سبقت الإشارة إليه ، وإلى أن مسألة العلم بالبيع الأول مسألة نفسية يصعب التأكد منها فالأخذ بها يزعزع الثقة في المعاملات العقارية ، وإلى أن التسجيل حتى يكون نظاما مفيذا يجب أن يكون في ذاته قرينة على العلم وأن يكون انتفاؤه قرينة على عدم العلم فلا يجوز إثبات علم المشتري الثاني بتصرف سابق لم يسجل إلا إذا أريد إثبات تواطئه مع البائع .

وانظر من هذا الرأي كاديمينوس في مجلسة مصر المعاصرة 1919 ص 403 – تستو ص 63 – جرانمولان في التأمينات فقرة 886 – الأستاذ محمد حلمي عيسى فقرة 1173 – محكمة مصر الوطنية 21 يناير سنة 1899 المجموعة الرسمية 2 ص 24 – استئناف مختلط 12 يناير سنة 1908 م 20 ص 89 – 5 يناير سنة 1912 م 24 ص 254 – 6 مايو سنة 1913 م 25 ص 365 – 29 يناير سنة 1914 م 26 ص 194 – 23 أريل سنة 1914 م 26 ص 343 – 2 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 42 – 17 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 68 – 8 فبراير سنة 1917 م 29 ص 205 – 4 يناير سنة 1918 م 30 ص 458 – 18 ديسمبر سنة 1919 م 32 ص 77 – 10 فبراير سنة 1925 م 374 – ص 21 – 24 مايو سنة 1927 م 39 ص 509 . = وهناك رأي ثالث لا يكتفي بالعلم بالتصرف السابق ، بل ولا بالتواطؤ ، فيصح تسجيل المشتري الثاني إذا تم أولا مهما كان هذا المشتري الثاني سيء النية ومهما كان متواطئا ، ما لم يكن عقد البيع الصادر إليه عقدا صوريا ، فعندئذ لا يكون للعقد وجود ولو سجل ( استئناف مختلط 30 ابريل سنة 1890 م 2 ص 106 – 19 فبراير سنة 1896 م 8 ص 121 – 12 يناير سنة 1898 م 10 ص 95 ) . ولكن هذا الرأي ما لبث أن هجر ، إذ أن المشرع لم يكن في حاجة إلى النص على عدم الاعتداد بالعقد الصوري ( نقض مدني 25 نوفمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 80 ص 220 – 30 ديسمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 88 ص 234 – 29 ديسمبر سنة 1949 المحاماة 30 رقم 433 ص 970 – استئناف مختلط 24 يناير سنة 1933 م 45 ص 135 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 249 هامش 1 – الأستاذ محمد على إمام فقرة 157 ص 236 – ص 237 ) .
( [850] ) استئناف مختلط 13 مايو سنة 1890 م 2 ص 126 – 6 مايو سنة 1891 م 3 ص 332 – 31 يناير سنة 1894 م 6 ص 130 – 28 فبراير سنة 1895 م 7 ص 169 – 30 مايو سنة 1895 م 7 ص 309 – 26 يناير سنة 1989 م 10 ص 113 – ويلاحظ أن المشتري من غير مالك قد يكسب الملكية بالتقادم الخمسي إذا كان حسن النية ولو لم يسجل عقده ، وبذلك يفل على المشتري من المالك الحقيق ولو سجل هذا عقده . أما إذا اشترى كل منهما من المالك الحقيقي ، فالعبرة بالتسجيل في تفضيل أحدهما على الآخر ، فمن سجل أولا فضل ولو كان الآخر حسن النية وحاز العقار خمس سنوات ، إذ أن محل تطبيق التقادم الخمسي أن يكون الحاز قد اشترى من غير مالك .

= ولو باع شخص عقاراً ، وقبل أن يسجل المشتري باع البائع العقار مرة أخرى لمشتري ثان : كانت المفاضلة بين المشترين بالتسجيل . أما إذا صدر البيع الثاني بعد تسجيل البيع الأول ، كان البيع الثاني صادر من غير مالك ولو بالنسبة إلى الغير ، فلو حاز المشتري الثاني العقار وحسن النية خمس سنوات تملكه بالتقادم الخمسي ولو لم يسجل عقده ، وفضل على المشتري الأول الذي سجل عقده .
( [851] ) استئناف مختلط 12 مايو سنة 1192 م 24 ص 354 .
( [852] ) على أن المادة 635  /  765 – 766 من التقنين المدني السابق توجب على كاتب المحكمة أن يؤشر من تلقاء نفسه بأسماء المتعاقدين السابقين الذين لم تسجل عقودهم ، وذلك حتى يمكن للغير أن يعلم بتصرفهم في العقار .
( [853] ) هالتون ص 341 – جرانمولان في التأمينات فقرة 881 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 262 ( وانظر بوجه خاص ص 260 هامش 1 حيث يبينان وجوه انتقاد الحل الذي أخذ به النص ) .
( [854] ) ومن ثم إذا كان عقد البيع له تاريخ ثابت سابق على تاريخ العمل بقانون التسجيل ، فإنه ينقل من غير تسجيل الملكية فيما المتعاقدين ( نقض مدني 11 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 122 ص 484 ) .
( [855] ) نقض مدني 22 ديسمبر سنة 1923 مجموعة عمر 1 رقم 83 ص 154 – وانظر تعليقا على الحكم للأستاذ حلمي بهجت بدوي في مجلة القانون والاقتصاد السنة الثالثة ص 727 وما بعدها .
( [856] ) فإذا نزعت ملكية المبيع للمنفعة العامة قبل تسجيل عقد البيع ، نزعت على البائع لا على المشتري ، وانفسخ عقد البيع ، ولا يكون للمشتري حق في التعويض المعطى للبائع عن نزع الملكية ( استئناف مختلط 28 أبريل سنة 1942 م 54 ص 182 ) .
( [857] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه ليس للبائع ، لعدم تسجيل عقد البيع وتراخي انتقال الملكية بسببه ، أن يطلب الحكم على المشتري بتثبيت ملكيته هو للمبيع . وكما يجري هذا الحكم على البائع فهو يجري على من يخلفه في تركته ، فإن على الوارث أن يقوم للمشتري كمورثه بالإجراءات القانونية اللازمة للتسجيل من الاعتراف بصدور العقد بالأوضاع المعتادة أو بإنشاء العقد من جديد بتلك الأوضاع . ومتى وجب هذا على الوارث فلن يقبل منه أن يدعى لنفسه ملك المبيع على المشتري ، لأن من يضمن نقل الملك لغيره لا يجوز له أن يدعيه لنفسه ( نقض مدني 17 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 73 ص 143 . وانظر أيضا المنصورة الكلية 11 مارس منذ 1934 المجموعة الرسمية 35 رقم 72 ) . ويسري التزام ورثة البائع في حق دائنيهم ( استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1943 م 55 ص 200 ) .
( [858] ) ويبقى حق الاختصاص غير صحيح حتى بعد تسجيل البيع ، لأنه أخذ على عقار كان غير مملوك وقت أخذه ، وقد قضت محكمة النقض بذلك ورفضت الأخذ بالأثر الرجعي للتسجيل فيما بين ؟؟ ودائنيهم ( نقض مدني 9 فبراير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 153 ص 497 ) .
( [859] ) استئناف مختلط 27 مارس سنة 194 م 53 ص 143 – 16 نوفمبر سنة 1944 ص 9 .
( [860] ) وقد قضت محكمة النقض بأن البيع الصادر من المورث لا ينقل ملكية المبيع إلى المشتري إلا بالتسجيل . فإذا لم يسجل عقده شرائه ، بقى العقار على ملك البائع وانتقل إلى ورثته = من بعده بالإرث . وإذا هم باعوه وسجل المشتري منهم عقد شرائه ، انتقلت إليه ملكيته . أما الاحتجاج بقاعدة ألا تركة إلا بعد سداد الديون وأن شخص الوارث يغاير شخص مورثه فلا محل لإجراء حكم التفاضل بين البيعين على اعتبار أنهما صادران من متصرف واحد في حين أنهما صادران من شخصين مختلفين – هذا الاحتجاج لا تأثير له على حكم انتقال الملكية بالتسجيل ، وفقا للمادة الأولى من القانون رمق 18 لسنة 1923 الواجبة التطبيق على واقعة الدعوى ، والتي مقتضاها ألا تنتقل الملكية حتى فيما بين المتعاقدين إلا بالتسجيل ، وأن ليس للمشتري بعقد غير مسجل إلا حقوق شخصية قبل البائع له . فكما أن البائع بعقد غير مسجل يستطيع أن يبيع مرة ثانية لمشتري آخر تنتقل إليه الملكية بتسجيل عقده ، فكذلك الوارث الذي حل محل مورثه فيما كان له من حقوق وما عليه من التزامات في حدود التركة يملك أن يتصرف في العين التي يتلقاها بالميراث من مورثه لمشتر آخر إذا لم يسجل المشتري من مورثه عقد شرائه ، وتنتقل الملكية إلى هذا المشتري الآخر بالتسجيل لبقائها حكما على ملك المورث . أما كون تصرف الوارث نافذا أو غير نافذ في حق دائني التركة فهو بحث آخر ، ويظل حق الدائن قائما في الطعن في هذا التصرف بما يخولهم القانون من حقوق في هذا الخصوص ، كما يبقى لهم حق تتبع أعيان التركة استيفاء لديونهم وفقا لأحكام الشريعة الغراء الواجب تطبيقها في هذا الخصوص عملا بالمادة 54 من القانون المدني القديم ( نقض مدني 5 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقص 4 رقم 67 ص 467 – وانظر أيضا : نقض مدني أول يونيه سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 141 ص 569 – 4 يونيه سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 176 ص 1113 – وقارن : نقض مدني 3 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 13 ص 24 – 28 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 111 ص 794 ) . ص 296 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 184 – الأستاذ محمد على إمام فقرة 170 وفقرة 176 ص 296 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 108 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 182 – ص 183 – الأستاذ عبد المنعم البداروي فقرة 221 – 222 – الأستاذ منصور فقرة 73 .
( [861] ) انظر آنفا فقرة 193 في الهامش .
( [862] ) الأستاذ أنور سلطان فقرة 184 – 224 .
( [863] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا عولت محكمة الموضوع على ما ثبت لديها من أن المشترين بعقود عرفية ثابتة التاريخ من المورث قد ملكوا ما اشتروه بوضع اليد المكسب للملكية بالمدة الطويلة ، واستغلت بهذا عن البحث في أمر تسجيل الاختصاص الذي أخذ ضد المورث والمفاضلة بينه وبين العقود العرفية وفقا لمواد التسجيل القديمة ، فلا مخالفة للقانون في ذلك : لأن واضع اليد المدة الطويلة مع العقد العرفي الثابت التاريخ يفضل قانونا على صاحب التسجيل ( نقض مدني 3 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 13 ص 24 ) .
( [864] ) وقد قضت محكمة النقض بأن قانون التسجيل الصادر في 26 يونيه سنة 1923 لم يغير من طبيعة عقد البيع من حيث هو عقد من عقود التراضي التي تم وتنتج آثارها بمجرد توافق الطرفين . وإنما هو فقط قد عدل آثاره بالنسبة للعاقدين وغيرهم ، فجعل نقل الملكية غير مترتب = على مجرد العقد بل أرجأه إلى حين حصل التسجيل ، وترك لعقد البيع معناه وباقي آثاره ( نقض مدني 5 يناير سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 91 ص 163 – 4 يونيه سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 374 ص 1150 – أول يونيه سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 187 ص 567 – 6 نوفمبر سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 125 ص 385 – أنظر أيضا استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1928 م 20 ص 168 – 9 مايو سنة 1939 م 51 ص 310 ) .

هذا وقد قدمنا أن بيع العقار في التقنين المدني العراقي عقد شكلي لا يتم إلا بالتسجيل في دائرة الطابو ، وأن العقد غير المسجل في دائرة الطابو ليس ببيع بل هو عقد غير مسمى يقتصر على إنشاء التزام بالتعويض دون أن ينشئ التزاما بنقل الملكية ( انظر آنفا فقرة 250 في الهامش ) .
( [865] ) ويترتب على أن البائع يلتزم بنقل ملكية المبيع ما يأتي : ( أ ) ما قدمناه من أن البائع لا يستطيع أن يطالب المشتري بتثبيت ملكيته على المبيع ولو أنه لا يزال مالكا لأن البيع لم يسجل ، ذلك أنه ملتزم بنقل الملكية من كان ملتزما بنقل الملكية لا يستطيع أن يطالب بها ( أنظر آنفا فقرة 271 في الهامش ) . ( ب ) يجوز للمشتري الي لم يسجل عقد شرائه ، وقد أصبح دائنا للبائع بنقل الملكية ، أن يحول حقه هذا المحال له ، وتكون الحوالة صحيحة ولا يمنع من صحتها عدم تسجيل البيع ( نقض مدني 3 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 76 ص 594 ) . ( ج ) إذا اشترط البائع على المشتري ألا يسجل العقد قبل الوفاء بالثمن ، فإن المبيع يتم قبل الوفاء بالثمن وقبل التسجيل ، ويكون التسجيل وحده هو الموقوف على دفع الثمن فإذا لم يدفع المشتري الثمن ، جاز للبائع إما مطالبته بالثمن وإما فسخ البيع طبقا للقواعد العامة وهذا الحكم صحيح حتى في عهد التقنين المدني السابق قبل قانون التسجيل ( استئناف مختلط 29 يناير سنة 1903 م 15 ص 119 ) .
( [866] ) وقد قضت محكمة النقض بأن عقد البيع هو من عقود التراضي التي تم وتنتج آثارها بمجرد توافق الطرفين ، وكل ما استحدثه قانون التسجيل من الأثر هو أن نقل الملكية بعد أن كان ، بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 266 من التقنين المدني السابق ، نتيجة لازمة للبيع الصحيح بمجرد عقده ، أصبح متراخيا إلى بعد حصول التسجيل . أما أحكام البيع الأخرى فلا تزال قائمة لم ينسخها قانون التسجيل ، فالبائع يبقى ملزما بموجب العقد بتسليم المبيع وبنقل الملكية للمشتري ، كما يبقى المشتري ملما بأداء الثمن ، إلى غير ذلك من الالتزامات التي تترتب = بينهما على التقابل بمجرد انعقاد البيع ( نقض مدني 17 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 73 ص 143 ) . وقضت أيضا بأن عقد البيع ، سواء كان مسجل أو غير مسجل ، يلزم البائع بأن يمكن المشتري من الانتفاع بالمبيع وحيازة هادئة . فإذا لم يقم البائع بتنفيذ هذا التعهد أو لم يتمكن من القيام به ، واستحقت العين المبيعة أن نزعت ملكيتها بسبب ترتب حق عيني عليها وقت البيع أو لنشوء هذا الحق بفعل البائع بعد تاريخ العقد ، فإنه يجب عليه رد الثمن مع ؟؟ طبقا لما تقضي به المادتان 300 و 304 من القانون المدني ( السابق ) . ولا يسقط حق الضمان عن البائع ، إلا إذا اشترط عدم الضمان وكان المشتري عالما وقت الشراء بسبب الاستحقاق أو اعتراف أنه اشترى ساقط الخيار ، أما عدم تسجيل المشتري عقد شرائه فلا يترتب عليه سقوط حق الضمان . وإذن فالحكم الذي يرفض دعوى الضمان تأسيسا على أن نزع ملكية العين من المشتري لم يكن إلا نتيجة إهماله في تسجيل عقد شرائه ، مما مكن دائن البائع الشخص من نزع ملكية العين المبيعة ، يكون حكما مخالفا للقانون متعينا نقضه ( نقض مدني 20 فبراير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 326 ص 1049 – انظر أيضا نقض مدني 5 يناير السنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 91 ص 163 وسائر الأحكام المشار غليها في هذا المعنى في الحاشية قبل السابقة – وكان هذا الرأي قد استقر على القضاء المصري قبل إنشاء محكمة النقض لحكم من محكمة استئناف مصر في دوائرها المجتمعة في 3 ديسمبر سنة 1927 8 ص 299 ) .
( [867] ) كان يكون البيع قد صدر شفويا وامتنع البائع عن تحرير ورقة به تكون صالحة للتسجيل ، أو يكون البيع قد كتب على ورقة عادية وامتنع البائع عن كتابته على النموذج المطبوع المخصص للتسجيل ، أو يكون البائع قد امتنع عن تقديم المستندات والشهادات اللازمة للتسجيل ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 178 ص 203 ) .
( [868] ) ولم يتخلف القضاء المختلط عن القضاء الوطني في إقرار دعوى صحة التعاقد ، فمن أحكام محكمة الاستئناف المختلطة في هذا المعنى : استئناف مختصر 5 فبراير سنة 1929 م 41 ص 196 – 11 فبراير سنة 1930 م 42 ص 267 – 10 فبراير سنة 1931 م 43 ص 216 – 17 مايو سنة 1923 م 44 ص 326 – 13 ديسمبر 1932 م 45 ص 96 – 28 مارس سنة 1933 م 45 ص 215 – 3 ديسمبر سنة 1935 م 48 ص 45 – 21 أبريل سنة 1936 م 48 ص 236 – 13 ديسمبر سنة 1938 م 51 ص 53 – 9 مارس سنة 1939 م 51 ص 199 – 21 مارس سنة 1939 م 51 ص 208 – 19 مارس سنة 1940 م 52 ص 196 .

وتقوم دعوى صحة التعاقد على الأساس القانوني الآتي : يتضمن التزام البائع بنقل الملكية التزاما بتمكين المشتري من تسجيل عقد البيع ، وهذا الالتزام الأخير يمكن تنفيذه عينا وتسمح طبيعته أن يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني ، وقد نصت المادة 210 مدني على أنه " في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ إذا سمحت بذلك طبيعة الالتزام " . فدعوى صحة التعاقد إذن هي دعوى يطلب فيها المشتري من البائع تنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع تنفيذا عينيا في عقد = بيع صحيح نافذ . ويترتب على ذلك أنه إذا كان التنفيذ العيني غير ممكن ، لم تقبل دعوى صحة التعاقد . فإذا باع البائع العقار مرة ثانية لمشتر ثان وسجل هذا التعاقد قبل أن يتمكن المشتري الأول من التسجيل ، أصبح تنفيذ التزام البائع بنقل الملكية إلى المشتري الأول غير ممكن عينا ، ومن ثم ترفض دعوى المشتري الأولى على البائع بصحة التعاقد ( محمد على إمام فقرة 166 ص 267 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 221 . قانون الأستاذ جميل الشرقاوي ص 159 هامش رقم 3 ) . ويرفض القضاء الحكم بصحة التعاقد إذا تبين من وقائع الدعوى أن تسجيل الحكم لن يجدى المشتري في نقل الملكية ، كما لو كان هناك من كسب هذه الملكية بسند يحتج به في مواجهته رغم صدور الحكم لمصلحته ، كمشتري ثان سجل عقده قبل تسجيل صحيفة الدعوى بصحة التعاقد ، إذ أن الحكم لمصلحة المشتري الأولى وتسجيل هذا الحكم يصبح عديم الفائدة ( نقض مدني 29 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 58 – 17 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقص 5 رقم 39 ص 257 ) . كذلك يجب رفض دعوى صحة التعاقد إذا اتضح أن المتدخل فيها هو المالك الحقيقي للعقار ، لأن المشتري من غير المالك لا يجديه أن يصدر حكم بصحة تعاقده ( نقض مدني 17 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 39 ومما يقطع أن دعوى صحة التعاقد ليست في حقيقتها إلى مطالبة المشتري للبائع بتنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع تنفيذا عينيا أن هذه الدعوى لا يرفعها البائع على المشتري ، وإنما يرفعها المشتري على البائع . أما الدعوى التي يرفعها البائع على المشتري فهي دعوى المطالبة بدفع الثمن ، لا دعوى صحة التعاقد .
( [869] ) والمفروض طبعا أن البيع غير مكتوب أصلا أو مكتوب في ورقة عرفيه . أما إذا كان مكتوبا في ورقة رسمية ، فلا حاجة للمشتري برفع دعوى صحة التعاقد ، لأن الورقة الرسمية قابلة للتسجيل دون حاجة إلى تدخل البائع ، وذلك ما لم يمتنع البائع عن تقديم المستندات التي تثبت أصل ملكيته .
( [870] ) وذلك بشرط أن يرفق المشتري بالحكم عند شهره المستندات والأوراق المثبتة لأصل ملكية البائع ، لأن الحكم الصادر بصحة التعاقد لا يتعرض لأصل هذه الملكية . وقد قضت محكمة دمنهور الكلية بأن صدور الحكم بصحة التعاقد لا يعفي المشتري من تقديم كافة المستندات الدالة على ملكية البائع ( 28 مارس سنة 1955 المحاماة 36 رقم 576 ص 1754 ) .

ويقول الدكتور محمد شوقي في هذا الصدد : " سبق أن بينا أن كثيرا من المتعاملين كان يلجأ إلى دعوى صحة التعاقد للتهرب من إثبات ملكية المتصرف . فإذا ما طالبت الهيئة التي كانت تشرف على أعمال الشهر بما يفيد ملكية البائع ، رفع المشتري دعوى بصحة التعاقد واستصدر حكما بذلك يقدم لأفلام الرهون ويسجل آليا باعتباره حكما واجب التنفيذ ، فتنتقل بذلك ملكية العقار إليه دون بحث . صحيح أنه كان للمحكمة حق بحث هذه الملكية ، إنما كثيرا ما كان يحدث أن يغيب المدعى عليه وهو البائع أو يحضر ويقر بصدور التعاقد منه ، فيصدر الحكم هذا الأساس ، وتنتفي الحكمة من قانون سنة 1923 الذي كان يتطلب دقة في البحث قبل تمكين أي شخص من التصرف . . وقد فطن المشرع ( قانون تنظيم الشهر العقاري ) عندما قضى بشهر دعوى صحة التعاقد إلى سوء استعمال هذا الحق في الماضي ، فنص على أن صدور حكم بصحة التعاقد لا يعفى المشتري من تقديم كافة المستندات الدالة على ملكية البائع . . وقد كانت الأسباب التي سردناها داعية إلى ألا يقر قانون الشهر العقاري دعاوى صحة التوقيع ، فاستبعد هذه الدعاوى من المحررات الواجب شهرها ، فاستتبع ذلك عدم شهر الأحكام الصادرة فيها " ( الشهر العقاري علما وعملا ص 191 – ص 193 ) . ويقول الأستاذ محمد أبو شادي : " وإذا تعذر على المحكوم لصالحه في دعوى صحة التعاقد تقديم المستندات المثبتة لأصل الملكية نظرا لكونها في حوزة الصادر ضدهم الحكم ، فيجب التحقق من صحة هذه الملكية بسؤال الملاك السابقين والمجاورين ورجال الحكومة وأصحاب التكليف المدرج به العقار ثم يعمل إقرار بنتيجة هذا التحقيق ويحرر على ورق التسجيل المتموغ ويوضح به أصل الملكية ، على أن يوقع على هذا الإقرار من الصادر لصالحه الحكم ويصدق على توقيعه ويرفق بالحكم عند تسجيله ( شهر الحقوق العقارية ص 123 ) .
( [871] ) وقد قضت محكمة النقض بأن للمشتري أن يطلب تنفيذ ما تعهد به البائع من نقل الملكية إليه ، وذلك عن طريق طلب الحكم بصحة عقد البيع توصلا إلى تسجيل الحكم الذي يصدر له بما طلب ، والذي يحل في هذه الحالة محل العقد في التسجيل . فإذا ما تمت هذه الإجراءات أصبح مالكا قانونا للعقار المبيع ، وصار له حق طلب تثبيت ملكيته إذا وجدت منازعة من البائع أو ورثته ( نقض مدني 22 ديسمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 83 ص 154 – 19 أبريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 117 ص 734 ) – والذي يسجل هو الحكم وحده ، ولا حاجة إلى تسجيل العقد معه ، إلا إذا كان الحكم قد أحال عليه فيسجل الحكم ومعه العقد باعتباره من ملحقات الحكم ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 95 ص 151 ) ، وهذا بخلاف = دعوى صحة التوقيع ففيها يسجل العقد وهو الأصل ومعه الحكم باعتباره من ملحقاته .

ودعوى صحة التعاقد دعوى شخصية عقارية ، فتكون من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها العقار كالدعاوى العينية ، أو المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه كالدعاوى الشخصية ( م 56  /  2 مرافعات – استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1945 م 58 ص 8 ) .
( [872] ) ويستطيع المشتري إلى جانب ذلك أن يطلب وضع العقار المبيع تحت الحراسة أثناء النزاع . وقد قضت محكمة النقض بأن من حق المشتري أن يطالب البائع بالتسليم على اعتبار أنه التزام شخصي وأثر من آثار البيع الذي لا يحول دونه عدم حصول التسجيل ، ومن شأنه هذه الآثار أيضا أن يكون للمشتري – إذا ما خشى على العين من بقائها تحت يد البائع طيلة النزاع ، أن يطلب إلى المحكمة وضعها تحت الحراسة ، إذ النزاع على كل حال منصوب على العقار المطلوب وضعه تحت الحراسة ( نقض مدين 17 يونيه سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 71 ص 198 ) .
( [873] ) ليس هذا فحسب ، بل إن البيع الصادر من البائع إلى مشتري آخر إذا سجل قبل تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد ، لم ينفذ مع ذلك في حق المشتري الأولى الذي رفع هذه الدعوى إلا إذا كان المشتري الآخر حسن النية ، ذلك أن حق المشتري الأول الذي سجل صحيفة دعوى صحة التعاقد لا تنعدم حجيته إلا في مواجهة الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل تسجيل صحيفة الدعوى ( م 17  /  2 قانون الشهر ) . كذلك لا يحتج على المشتري الأول بتسجيل سابق لعقد صوري ، سواء كان هذا العقد الصور لا وجود له أصلا ( نقض مدني 20 أكتوبر سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 135 ص 405 – 3 يونيه سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 67 ص 183 ) ، أو كان عقد ضمان في صورة عقد بيع ( نقض مدني 25 نوفمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 80 ص 220 – 30 ديسمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 88 ص 234 ) .

ويجوز للمشتري أن يحتج بتسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد من وقت حصول التسجيل ، حتى لو كان عقد البائع له لم يسجل إلا بعد صحيفة دعوى صحة التعاقد ( نقض مدني 13 أبريل سنة 1950 مجموعة عمر 1 رقم 105 ص 411 ) .
( [874] ) انظر آنفا فقرة 259 .
( [875] ) نقض مدني 5 يناير سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 91 ص 163 – 23 فبراير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 167 ص 512 – 29 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 58 ص 404 – 27 مارس سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 32 ص 243 – 15 مارس سنة 958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 59 ص 494 – 19 يونيه سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 73 ص 587 .
( [876] ) ولا يجوز تسجيل عريضة دعوى صحة التعاقد إلا بعد إعلانها وقيدها بجدول المحكمة ( م 15 قانون الشهر ) ، ولا يكفي التأشير من مصلحة المساحة على صحيفة الدعوى ( نقد مدني 8 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 156 ص 1042 ) . والعبرة في تحديد الأراضي المحكوم بإثبات صحة التعاقد فيها هي بما ورد من ذلك في العقد الذي بيعت بموجبه ، لا بما يكون قد ورد صحيفة دعوى صحة التعاقد ( نقض مدني 30 ديسمبر 1943 مجموعة عمر 4 رقم 86 ص 233 ) .

على أن مجرد تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد لا ينقل الملكية قبل التأشير بالحكم الصادر فيها ( نقض مدني 27 أبريل سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 117 ص 460 – 13 يونيه سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 64 ص 576 ) . ولما كانت محكمة النقض لا تأخذ بالأثر الرجعي للتسجيل ، فقد رتبت على أن مجرد تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد لا ينقل الملكية فيما يأتي : ( أ ) رفض دعوى شفعة رفعها مشتر لم يسجل عقد مشتراه للعقار المشفوع به وإن كان قد سجل صحيفة دعوى صحة التعاقد ( 8 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 6 ص 32 ) . ( ب ) سقوط الحق في الأخذ بالشفعة بمضي أربعة أشهر من يوم تسجيل البيع لا من يوم تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد ( 20 أبريل سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 109 ص 425 – 8 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 44 ص 309 ) . ( ج ) في صدد المفاضلة بين أي الملكيين ، أرض الشفيع بها على أساس مجرد تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد ( 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 15 ص 74 – فانسحاب أثر الحكم إلى تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد مقصورة على حماية رافع الدعوى من الحقوق التي تقرر على العقار بعد تسجيل صحيفة الدعوى ( استئناف مصر 29 ابريل سنة 1932 المجموعة الرسمية 33 قم 213 – الأستاذ محمد كامل مرسي شهر التصرفات فقرة 159 ص 230 ) .
( [877] ) لذلك يقع على المشتري عبء إثبات صدور عقد البيع من البائع . ولما كان تصرفا قانونيا ، فلا يجوز إثباته بالبينة أو بالقرائن إلا إذا كان الثمن لا يزيد على عشر جنيهات . والغالب أن يقدم المشتري ورقة عرفية بالبيع عليها توقيع من البائع غير مصدق عليه ، فيتسع المجال عندئذ للبائع في أن يطعن في هذه الورقة بالتزوير أو بالبطلان أو بالإبطال أو بالفسخ أو بالانفساخ أو بغير ذلك من أوجه الطعن .
( [878] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الثمن ركن من أركان البيع التي يجب التثبت من توافرها قبل الحكم بانعقاده ، وما يجريه قاضي الموضوع من هذا التثبت في دعوى صحة التعاقد يجب عليه أن يورده في أسباب حكمه ليقوم هذا الإيراد شاهدا على أنه لم يغفل أمر هذا الركن من أركان العقد المتنازع فيه ، وليمكن به محكمة النقض من أن تأخذ بحقها في الإشراف على مراعاة أحكام القانون . فإذا كان الحكم الصادر بثبوت حصول البيع بين طرفيه وبالترخيص بتسجيل الحكم ليقوم مقام العقد في نقل الملكية مجهلا فيه ركن الثمن المقول بان البيع تم على أساسه ، فإنه يكون مشوبا أسبابه متعينا نقضه ( نقض مدني 28 فبراير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 42 ص 113 ) .
( [879] ) ومن أسباب عدم نفاذ البيع الدفع بعدم تنفيذ العقد ، فإذا لم يقم المشتري بالتزامه من دفع الثمن ورفع مع ذلك على البائع دعوى بصحة التعاقد ، جاز للبائع أن يدفع هذه الدعوى بعدم تنفيذ المشتري لالتزامه بدفع الثمن فيتوقف عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية ، وفقا للقواعد المقررة في الدفع بعدم للتنفيذ ( نقض مدني 22 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 82 ص 444 – 25 أبريل سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 47 ص 451 – 14 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 87 ص 789 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 95 ص 150 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 69 ص 109 ) .

ومن أسباب إبطال البيع صدوره من محجور عليه دون أن تلحقه الإجازة ، فلا بد أن تثبت المحكمة مما إذا كان البيع في هذه الحالة قد أجيز أو بقى دون إجازة . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا تمسك المشتري رافع دعوى صحة التعاقد ونفاذه بأن ورثة البائع المحجوز عليه قد أجازوا البيع بعد وفاته مما يترتب عليه نفاذ العقد الصادر من القيم ولو لم يأذن به المجلس الحسبي ، فلا يعرض الحكم لهذا الدفاع ، ويقضي برفع الدعوى بناء على أن المحجوز عليه كان قد توفى في الوقت الذي صدر فيه إذن المجلس الحسبي ، فإن الحكم يكون قاصر التسبيب متعينا نقضه ( نقض مدني 14 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 49 ص 125 ) .
( [880] ) أما إذا كان البيع منفسخا فلا حاجة لرفع دعوى فرعية ، ويكفي دفع الدعوى الأصلية بأن البيع منفسخ . كذلك يكفي الدفع بعدم تنفيذ المشتري لالتزاماته ، فيتعين عندئذ على المحكمة أن تبحث أمر قيام المشتري بالتزاماته حتى يكون له الحق في طلب الحكم بصحة البيع ونفاذه . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان أساس دعوى صحة التعاقد حصول البيع وامتناع البائع عند تنفيذ التزاماته التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري ، وكان المطلوب فيها هو الحكم بإنفاذ هذه الالتزامات جبرا على البائع ، وذلك بالحكم بأن البيع الذي صدر فيه صحيح وبأنه واجب النفاذ عليه وبالإذن في تسجيل الحكم توسلا لانتقال الملكية ، فهي بحكم هذا الأساس وتلك الطلبات تستلزم قانونا من القاضي أن يفصل في أمر صحة البيع ، ثم يفصل أيضا في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته وهل كان له عذر في هذا الامتناع . وإذا كان من الأعذار الشرعية لعدم وفاء المتعاقد بالتزامه في العقود التبادلية أن يكون المتعاقد الآخر لم يوف بالتزامه ، فإن هذا يستجر النظر في أمر قيام المشتري بتنفيذ التزاماته هو ، حتى يكون أو لا يكون له الحق في مطالبة البائع بتنفيذ التزاماته . وإذا كان محل هذه الأمور يتحتم أن يتعرض لها القاضي للفصل في الدعوى ، فلا يحص القول بأن ننظر المحكمة فيها يكون مقيدا بذات صحة التعاقد فحسب . وكذلك لا يصح القول بأنه على البائع رفع دعوى بطلب الفسخ مستقلة عن الدعوى المرفوعة عليه بصحة التعاقد ، إذا استعمال الحق كما يكون في صورة دعوى به يرفعها صاحبه يكون في صورة دفع في دعوى مرفوعة عليه ، ( نقض مدني 8 مايو سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 199 ص 434 ) .

وإذا اشترى شخص عقارا من غير مالكه ، ورفع على البائع دعوى صحة التعاقد ونفاذه ، وجب رفض الدعوى ، لا لأن بيع ملك الغير هنا قابل للإبطال إذ الإبطال من حق المشتري وحده وهو الذي يرفع الدعوى بصحة التعاقد فيكون رفعه للدعوى إجازة للعقد ، ولكن لأن هذا البيع غير نافذ في نقل الملكية للمشتري ، وهو صحة التعاقد لا تقبل إلا إذا كان من شأن البيع المتمسك به فيها نقل الملكية ، ويستوي في ذلك أن يتدخل المالك الحقيق في الدعوى أو لا يتدخل ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 95 ص 150 – ص 151 – وانظر في حالة تدخل المالك الحقيقي : نقض مدني 8 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 157 ص 1046 ) .

فيجوز إذن للمالك الحقيق أن يتدخل في دعوى صحة التعاقد ويدفع الدعوى بأن البائع ليس هو المالك ، فلا يسوغ وقف الدعوى حتى يفصل في الملكية ، بل يجب الفصل في الملكية = في الدعوى ذاتها ( نقض مدني 8 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 157 ص 1046 ) . وإذا تمسك أحد الخصوم في دعوى صحة التعاقد بأنه يملك العقار بالتقادم الطويل ، وجب رفض دعوى صحة التعاقد ( نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 3 ص 11 ) . وإذا تمسك أحد الخصوم في دعوى صحة التعاقد بملكيته هو للعقار المبيع ، تعين على المحكمة المنظر أمامها الدعوى الفصل في ذلك ، إذ أن الحكم بصحة التعاقد يتوقف على التحقق من عدم سلامة هذا الدفاع ( نقض مدني 29 ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 226 ص 1624 ) . وقد يكون المالك الحقيق شخصا صدر له عقد من البائع وسجل قبل أن يسجل المشتري صحيفة دعوى صحة التعاقد ، فيجب في هذه الحالة رفض دعوى صحة التعاقد متى كان المشتري الذي سجل أولا حسن النية ( نقض مدني 17 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 39 ص 257 ) .
( [881] ) غير أنه إذا تسلم المشتري العقار من البائع ، فمن الجائز أن يكون قد تملكه بالتقادم الطويل مدة خمس عشرة سنة . وإذا فرض أن هذه المدة لم تنقض منذ تسلم المشتري العقاري ، ولكنها انقضت منذ صدور البيع ، فهل تسقط دعوى صحة التعاقد بالتقادم وذلك بالرغم من تسلم المشتري للعقار ؟ الظاهر أنه يمكن اعتبار تسلم المشتري للعقار قاطعا لمدة التقادم المسقط ، فلا تسقط دعوى صحة التعاقد إذا كان المشتري قد تسلم العقار قبل انقضاء خمس عشرة من وقت صدور البيع ( انظر في هذا المعنى الدكتور محمود شوقي في الشهر العقاري علما وعملا ص 200 ) .
( [882] ) نقض مدني 23 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 95 ص 306 – كذلك لا يجوز لدائني تركة البائع أن يتمسكوا ضد المشتري بعدم تسجيل البيع . فإذا مات البائع قبل الوفاة بتعهده بنقل الملكية ، لم يكن لدائنه العادي أن يدعى في مواجهة المشتري أي حق على العقار المبيع يتنافي مع تعهد البائع ، ولا يجوز لهذا الدائن إجراء التنفيذ على العقار باعتبار أنه كان مملوكا للورث وقت وفاته ، خصوصا إذا كان المشتري قد سجل حكما صدر له على الورثة بصحة التعاقد قبل اتخاذ إجراءات التنفيذ ( نقض مدني 2 مارس سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 105 ص 269 ) .

ويجوز رفع دعوى صحة التعاقد على المتقاسمين مع البائع قسمة أفرزت المبيع ( نقض مدني 5 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 64 ص 449 ) .
( [883] ) نقض مدني 23 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 95 ص 306 وقد سبقت الإشارة إليه . وقضت أيضا محكمة النقض بأن طلب ورثة المشتري لعقار صحة ونفاذ البيع الذي عقده مورثهم لا يجعل موضوع الدعوى في جميع الأحوال غير قابل للتجزئة ، إذ مثل هذه الدعوى التي يقصد منها أن تكون دعوى استحقاق مآلا يعتبر في الأصل قابلا للتجزئة لكل وارث أن يطالب بحصته في المبيع مساوية لحصته الميراثية ، وذلك لما لم يكن محل العقد غير قابل للتجزئة لطبيعة أو لمفهوم قصد المتعاقدين ( نقض مدني أول مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 73 ص 394 ) . ولكن يبدو أن للبائع في هذه الحالة أن يدفع دعوى أحد الورثة بعدم جواز تفرق الصفقة ، فيطلب تنفيذ البيع بأكمله ويتقاضي كل الثمن من التركة . وقضت محكمة النقض أيضا بأنه يجوز تقرر عدم التجزئة بإرادة المتبايعين ، فإذا اشترى شخص قطعتي أرض متفصلتين الواحدة عن الأخرى بعقد بيع واحد ، وتعهد بوفاء دين قطعة مما يتبقى من ثمن الثانية ، واتضحت رغبة البائع في التخلص من ديون دفعة واحدة ببيع قطعتي الأرض على السواء لمشتر واحد يكمل من باقي ثمن إحداهما ما على الأخرى لنفس الدائن ، وجب رفض الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع بالنسبة إلى إحدى القطعتين لعدم القابلية للتجزئة ( نقض مدني 22 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 82 ص 444 ) .

هذا ويجوز لدائني المشتري رفع دعوى صحة التعاقد باسم المشتري مدينهم إذا أهمل هذا في رفعها ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 221 ص 760 ) .
( [884] ) نقص مدني 6 أبريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 119 ص 317 – 20 أبريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 122 ص 330 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 97 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 221 ص 360 – ص 361 ) . وقضت محكمة النقض بأن المشتري من مشتر لم يسجل عقده لا يستطيع أن يكلف البائع الأصلي بالتوقيع له على عقد بيع صالح للتسجيل إذ هو لم يتعاقد معه ، بل كل ماله – حتى لو قيل بوجود حتى مباشر له قبله – هو أن يطلب منه التوقيع على عقد بيع صالح للتسجيل لمن اشترى منه ( نقض مدني 16 أبريل سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 129 ص 880 ) – وإذا رفع المشتري الدعوى على كل من البائع والبائع للبائع ، فصل في هذه الدعوى في صحة العقدين ، العقد الصادر من بائع البائع للبائع والعقد الصادر من البائع للمشتري ، كما أن كل الحقوق التي كسبها البائع من بائعه تنتقل إلى المشتري منه ( نقض مدني 27 ديسمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 ص 301 ) .
( [885] ) مع ملاحظة أن يرفع المشتري هذين السندين بالمستندات والأوراق المثبتة لأصل ملكية البائع ، كما هو الأمر في تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد .

وقد جرى المتعاملون على رفع دعوى صحة التوقيع في عهد قانون التسجيل ، وكثيرا ما كانت تستعمل هذه الدعوى للاغتصاب ، فيتواطأ شخصان على كتابة ورقة عرفية يبيع فيها أحدهما الآخر .

= ويقول الدكتور محمد شوقي في هذا الصدد : " وقد كانت الأسباب التي سبق أن سردناها داعية إلى ألا يقر قانون الشهر العقاري دعاوى صحة التوقيع ، فاستبعد هذه الدعاوى من المحررات الواجب شهرها ، فاستتبع ذلك عدم شهر الأحكام الصادرة فيها . وعلى ذلك فقد امتنعت مكاتب الشهر عن شهر أي حكم بصحة التوقيع صدر بعد أول يناير سنة 1947 ، حتى ولو كانت الدعوى قد أقيمت قبل ذلك التاريخ إذ كان من الميسور للمدعي فيها تعديل طلبه إلى صحة التعاقد الصادر إليه إن كان جادا في دعواه " ( الشهر العقاري علما وعملا ص 193 ) .

وجاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الشهر العقاري : " كما أن النص ( م 15 ) قد استبعد من المحررات الواجب شهرها دعاوى صحة التوقيع " . أنظر أيضا الأستاذ محمد على إمام صد 291 – 292 .

ومهما يكن من أمر فإن دعوى صحة التوقيع كانت مألوفة في عهد قانون التسجيل كما قدمنا ولا يوجد في القواعد العامة ما يمنع من رفعها حتى الآن ، ولكنها إذا رفعت لم يجز تسجيل صحيفتها ، ويعارض مكتب الشهر في تسجيل الحكم الصادر فيها . ولكن إذا سجل هذا الحكم مع ورقة البيع العرفية ، كان هذا بمثابة تسجيل عقد البيع ، وانتقلت الملكية للمشتري . وقد قضت محكمة النقض بأنه لما كان الغرض من دعوى صحة التوقيع إنما هو الحصول على حكم يقوم مقام تصديق الموظف المختص على توقيع البائع أمامه على عقد البيع ، فإن هذه الدعى لا يفيد تسجيلها شيئا ، بل لابد فيها من تسجيل الحكم بصحة توقيع البائع على البيع حتى ينتج التسجيل أثره في نقل الملكية وحتى يمكن الاحتجاج به من تاريخ التسجيل ( نقض مدني 21 أبريل سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 134 ص 1032 – انظر أيضا : نقض مدني 6 أبريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 117 ص 307 ) . وقضت محكمة النقض أيضا بأي دعوى صحة التوقيع ودعوى صحة التعاقد حكمهما سواء من حيث أثر تسجيل الحكم الصادر في كل منهما ، وإذن فالعقد المحكوم بصحة التوقيع عليه يعتبر من تاريخ التسجيل بمثابة العقد المسجل ( نقض مدني 17 مارس سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 395 ص 733 – وانظر أيضا استئناف مصر 23 فبراير سنة 1932 المجموعة الرسمية 33 رقم 246 – 2 مارس سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 136 – 23 مارس سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 170 ) .
( [886] ) قارن محكمة استئناف أسيوط 14 مايو سنة 1938 المجموعة الرسمية 39 رقم 195 ( حيث أجازت في دعوى صحة التوقيع أن يمنعها البائع بأن المشتري لم يدفع الثمن المستحق ) .
( [887] ) نقض مدني 24 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 136 ص 849 – 13 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض رقم 110 ص 640 .
( [888] ) انظر آنفا فقرة 274
( [889] ) وقد قضت النقض في عهد التسجيل بأن دعوى صحة التعاقد هي دعوى موضوعية تنصب على حقيقة التعاقد ، فتتناول محله ومداه ونفاذه . والحكم الذي يصدر فيها يكون مقررا لكافة ما انعقد عليه الرضاء بين المتعاقدين بغير حاجة معه إلى الرجوع إلى الورقة التي أثبت فيها التعاقد أولا . وهي بماهيتها هذه تعتبر دعوى استحقاق مآلا ، وتدخل ضمن الدعاوى الوارد ذكرها في المادة السابقة من قانون التسجيل . أما دعوى صحة التوقيع فهي دعوى تحفظية شرعت لتطمين من بيده سند عرفي على آخر إلى أن الموقع على هذا السند لن يستطيع ، بعد صدور الحكم بصحة توقيعه ، أن ينازع في صحته . وهي بالغرض الذي شرعت له وبالإجراءات المرسومة لها في قانون المرافعات ، يمتنع على القاضي فيها أن يتعرض للتصرف المدون في الورقة من جهة صحته أو بطلانه أو نفاذه أو توقفه وتقرير الحقوق المترتبة عليه . فالحكم الصادر فيها لا ينصب إلا على التوقيع المتوقع به على الورقة . ولئن كان يجوز تسجيل هذا الحكم على اعتبار أنه من الملحقات المكملة لعقد البيع بشرط أن يكون هذا العقد مستوفيا للبيانات المطلوبة في المادة الثانية من قانون التسجيل ، وبشرط أن تراعى المحكمة عند الحكم بصحة التوقيع أحكام القانون رقم 28 لسنة 1928 ، إلا أن هذا التسجيل لا يعدو أثره الأثر لسجيل العقد العرفي المصدق من أحد الموظفين أو المأمورين العموميين طبقا للمادة السادة من قانون التسجيل على الإمضاءات الموقع بها عليه . ولذلك فإنه ليس لصاحبه به وجه أفضلية إلا من تاريخ التسجيل من غير أن يكون له أثر رجعي مبتدئ من تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التوقيع . وإذن فدعوى صحة التوقيع ، وهذه ماهيتها ، لا تدخل ضمن الدعاوى المشار إليها في المادة السابعة المذكورة ، وبالتالي فتسجيل صحيفتها لا يترتب عليه ما يترتب على تسجيل عرائض تلك الدعاوى ( نقض مدني 23 فبراير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 167 ص 512 ) .

وقضت محكمة النقض أيضا بأن دعوى صحة التعاقد دون دعوى صحة التوقيع هي التي تعتبر من دعاوى الاستحقاق المنصوص في المادة السابعة من قانون التسجيل على أن التسجيل صحيفتها يحفظ لرافعها حقوقه ، حتى إذا حكم له فيها بطلباته وتأشر بهذا الحكم وفقا للقانون ، فإن الحكم بسحب أثره إلى يوم تسجيل صحيفة الدعوى ، ويكون هذا التسجيل مفضلا على تسجيل لا حق له أما دعوى صحة التوقيع فلا تعدو أن تكون دعوى تحفظيه الغرض منها تطمين من يكون له سند عرفي إلى أن صاحب التوقيع عليه لا يستطيع بعد الحكم فيه بصحة توقيعه أن ينازع التوقيع . وهي بهذا الغرض الي شرعت له وبالإجراءات المرسومة لها ممتنع على القاضي فيها أن يتعرض للتصرف المدون في السند من جهة صحته وعدم صحته ، فالحكم الصادر فيها لا ينصب إلا على التوقيع فقط ، ولذلك فهي لا تدخل ضمن دعاوى الاستحقاق السابقة الذكر . والمناط تكييف الدعوى هل هي تدخل في دعاوى الاستحقاق مآلا أم هي إجراء تحفظي بحث هو بجوهر ؟؟ القائمة بين الطرفين بناء على تشخيص غرض المدعى من دعواه . فإذا كانت الدعوى التي = رفعها المشتري وسجل صحيفتها قد أثبت رافعها في صلب صحيفتها جوهر النزاع القائم بينه وبين البائع ، وأن له حق طلب الحكم بصحة التعاقد والتوقيع ، وفي أثناء نظرها قام النزاع على المفاضلة بين تسجيل صحيفتها وتسجيل عقد المشتري الثاني ، وفصلت المحكمة في الدعوى بأن فضلت بين هذين التسجيلين وانتهت بالحكم لمصلحة المدعى بما لا يتفق وما كان يرمي إليه المشتري الثاني من تدخله في الدعوى – إذا كان ذلك ، فإن جريان الحكم في منطوقة بالقضاء بصحة التوقيع لا يتعارض مع اعتبار الدعوى دعوى صحة تعاقد ، فإن أسبابه في الظروف والملابسات التي صدر فيها تدل على أن الغرض الحقيق من الدعوى لم يكن صحة التوقيع بل صحة التعاقد . وما جرى به المنطوق على تلك الصورة لا يمكن أن يكون له تأثير في هذه الحقيقة ، إذ العبرة هي بما رمى إليه الخصوم في دعواهم وبالطريق الذي سيروها فيه واتجه إليه قضاء المحكمة عند الفصل فيها ( نقض مدني 29 أكتوبر سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 183 ص 489 ) .

وقضت أيضا بأنه إذا كانت دعوى صحة التوقيع – سواء كان سندها قانون المرافعات أو قانون التسجيل – لا تعدو أن تكون وسيلة لاعتبار التوقيع على العقد مصدقا عليه تمهيدا لتسجيله ، فهي تلك طبيعتها دعوى شخصية لا تندرج ضمن الدعاوى العينية العقارية التي نصت عليها المادة السابقة من القانون المذكور ولا تأخذ حكمها . فالقول بوحدة الأساس القانوني لهذه الدعوى ودعوى صحة التعاقد التي تعتبر دعوى استحقاق مآلا ، وإن صلح مبررا للتسوية بينهما في جعل الحكم الصادر فيهما أداة صالحة لتسجيل العقد وما يترتب عليه من أثر أصيل ، لا يبرر التسوية بينهما في أثر استثنائي منوط بطبيعة دعوى صحة التعاقد دون دعوى صحة التوقيع ( نقض مدني 13 مايو سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 312 ص 616 ) .
( [890] ) كان هذا ممكنا في عهد قانون التسجيل ، وإليه أشارت محكمة النقض في الحكم الملخص في الحاشية السابقة ( نقض مدني 23 فبراير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 167 ص 512 ) ، إذ تقول المحكمة في صدد تسجيل الحكم بصحة التوقيع أن ليس لهذا التسجيل " أثر رجعي مبتدئ من تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التوقيع " .
( [891] ) لكن إذا سجل المشتري عقد البيع الصادر له مصحوبا بالحكم بصحة التوقيع ، ثم باع العقار إلى مشتر ثان سجل عقد شرائه قبل أن يسجل البائع صحيفة دعوى الفسخ التي رفعها على المشتري الأول ، فإن المشتري الثاني وقد سبق إلى التسجيل لا يحتج عليه بالحكم الصادر في دعوى الفسخ ما دامت صحيفة هذه الدعوى قد سجلت بعد أن سجل المشتري الثاني عقده ( نقض مدني 6 أبريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 177 ص 307 ) .
( [892] ) وهذا فى عهد قانون التسجيل ، أما قانون الشهر العقارى فقد قدمنا أنه استبعد صحيفة هذه الدعوى من بين المحررات الواجب شهرها ، وقد امتنعت مكاتب الشهر عن شهر أى حكم بصحة التوقيع صدر بعد أول يناير سنة 1947 ( أنظر آنفاً نفس هذه الفقرة فى الحاشية ) .
( [893] )          الرسم المقرر فى دعوى صحة التوقيع هو خمسة جنيهات فى القضايا الكلية وجنيهان فى القضايا الجزئية .
( [894] ) الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 227 ص 351 .       
( [895] )          نقض مدنى 20 نوفمبر سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 326 ص 1049 .

ولكن البائع إذا امتنع عن تسليم العقار للمشترى ، وأظهر نيته فى وضوح أن يضع يده عليه بنية تملكه ، وسكت المشترى عن المطالبة بالتسليم ، فلا يعتبر تعرضاً من البائع مضموناً عليه أن يبقى حائزاً للعقار بنية تملكه بالتقادم الطويل . فإذا بقى البائع حائزاً للعقار بنية تملكه خمس عشرة سنة ملكه بالتقادم ، ولا يتعارض ذلك مع ضمان البائع للتعرض فإنه يملك العقار بسبب آخر مشروع . وسنبين ذلك تفصيلا عند الكلام فى ضمان التعرض ، ونكتفى هنا بملاحظة أن هذا الحكم صحيح حتى لو بقى البائع واضعاً يده على العقار المبيع والبيع لم يسجل . ولا يعترض على ذلك بأن البائع إنما يكون حائزاً لملكه إذ البيع لم يسجل فلا يتصور أن يتملكه بالتقادم ، ذلك أن المشترى إذا سجل البيع بعد ذلك اعتبر مملوكا له – فيما نرى – منذ صدور البيع لا من وقت التسجيل ، فيكون البائع قد حاز عقاراً غير مملوك له منذ البداية .
( [896] )          ولكن يجوز للبائع بعقد غير مسجل أن يطلب تثبيت ملكيته فى العقار المبيع ضد من ينازعه فيه عدا المشترى ، الذى يلتزم البائع بعدم التعرض له بموجب الضمان الذى يتولد من عقد البيع ولو لم يكن مسجلا ( نقض مدنى 18 ديسمبر سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 102 ص 776 ) .
( [897] ) نقض مدنى 17 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 73 ص 143 - 20 نوفمبر سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 326 ص 1049 .         
( [898] )          فى التقنين المدنى الجديد من يوم الإنذار الرسمى بالبيع .
( [899] )          من يوم الإنذار الرسمى بالبيع فى التقنين المدنى الجديد .
( [900] )          استئناف مصر الدوائر المجتمعة 3 ديسمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 227 ص 229 - المجموعة الرسمية 29 رقم 21 ص 46 - وانظر أيضا : نقض مدنى 15 فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 209 ص 568 - 18 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 128 ص 508 - 18 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 82 ص 530 - 4 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 93 ص 853 - استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1929 م 41 ص 196 .

وغنى عن البيان أنه إذا وجد نص يجعل الميعاد يسرى من وقت التسجيل ، كما فى سقوط الحق فى الأخذ بالشفعة بأربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع ( م 948 مدنى ) ، فإن النص يكون واجب التطبيق فى الحالة التى ورد فيها بالذات .

ومما يؤكد أن البيع غير المسجل يكون بيعاً بهذا الوصف فى الشفعة ، أن الشفيع إذا لم يسجل الرغبة فى الأخذ بالشفعة قبل أن يبيع المشترى العقار لمشتر ثان ، فلا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من استشرى الثانى وبالشروط التى اشترى بها ، حتى لو لم يسجل أى من المشترى الأول أو المشترى الثانى عقده . فالعبرة فى الشفعة بالبيع ، ولا ضرورة لتسجيله ، فهذا بيع أول غير مسجل لم يأخذ فيه الشفيع بالشفعة ، ثم تلاه بيع ثان غير مسجل أيضا هو الذى يأخذ فيه الشفيع بالشفعة .

وليس للشفيع أن يعترض بعدم تسجيل البيع الأول وبأن حقه فى الأخذ بالشفعة لا يزال باقياً فى هذا البيع ما دام لم يسجل ، فإن هذا البيع الأول قد نسخه البيع الثانى ولو لم يسجل البيعان ( أنظر المادة 938 مدنى وتقول : إذا اشترى شخص عينا تجوز الشفعة فيها ، ثم باعها قبل أن تعلن أية رغبة فى الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة طبقا للمادة 942 ، فلا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشترى الثانى وبالشروط التى اشترى بها " .

هذا وإذا كان غير ضرورى أن يسجل بيع العقار المشفوع فيه للأخذ بالشفعة ، فمن الضرورى تسجيل بيع العقار المشفوع به ، فإن الشفيع لابد أن يكون مالكاً للعقار المشفوع به حتى يستطيع الأخذ بالشفعة ، وهو لا يملك هذا العقار إذا كان قد اشتراه إلا بتسجيل عقد شرائه . وسنرى فيما بعد – انظر فقرة 284 – أن الشفيع إذا كان يشفع بعقار ولم يكن قد سجل سنده قبل الأخذ بالشفعة ثم سجله بعد ذلك ، فإن الأثر الرجعى للتسجيل يجعل الأخذ بالشفعة صحيحا .

ولكن القضاء والفقه لا يأخذان بالأثر الرجعى للتسجيل على ما سنبينه ، ومن ثم فالأخذ فالشفعة عندهما لا يجوز فى هذه الحالة ( أنظر الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 240 ) .
( [901] )          قارن استئناف مختلط 8 يونيه سنة 1939 م 51 ص 372 .
( [902] )          نقض مدنى 28 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 157 ص 292 . وتقول محكمة النقض فى هذا الحكم : " قبل قانون التسجيل يكاد يكون من المجمع عليه فقها وقضاء أنه لا يجب تسجيل السبب الصحيح لجواز احتجاج واضع اليد به على المالك الحقيقى ، اعتباراً بأن المالك الحقيقى لا يمكن اعتباره غيرا بالمعنى المفهوم لهذا النص فى باب تسجيل العقود الناقلة للملكية . ولم يأت قانون التسجيل بما يخالف هذا المبدأ ، لأن البيع لا يزال معتبراً فيه أنه من العقود الرضائية التى تتم بالإيجاب والقبول وأن تسجيلها لا يزال غير معتبر أنه ركن ضرورى فى وجودها القانونى ، ولأن قانون التسجيل هو قانون خاص بأحكام انتقال الملكية العقارية بالعقود ، ولذلك لم يلغ من أحكام القانون المدنى إلا ما كان من مواده خاصا بذلك . ومن جهة أخرى فلا يمكن اعتبار المالك الحقيقى عاقداً لواضع اليد ولا غيراً ممن لهم حقوق عينية على العقار الموضوع اليد عليه ، فلا هو تلقى من البائع حقا عينياً على العقار كان لا يتلقاه عنه إذا علم بالسبب الصحيح فى حينه ، ولا هو فى حاجة إلى العلم بالسبب الصحيح الصادر من غيره عن طريق التسجيل ، لأن انتزاع العين منه ووضع الغير يده عليها واستمراره على ذلك خمس سنوات أبلغ فى الأعذار إليه من العلم بالتصرف من طريق الكشف من دفاتر التسجيل " . انظر عكس ذلك : استئناف مصر 11 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 17 رقم 53 ص 103 - استئناف مختلط 20 مارس سنة 1934 م 46 ص 216 - 21 نوفمبر سنة 1934 م 47 ص 35 - 7 فبراير سنة 1935 م 47 ص 150 - 16 أبريل سنة 1935 م 47 ص 255 – 14 فبراير سنة 1945 م 52 ص 150 – وانظر عكسى ذلك أيضا الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 242 ص 376 - ص 377 .
( [903] )          وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد أن المشروع آثر هذا الحل حتى يمكن للتسجيل تمهيدا لإدخال السجل العقارى ( مجموعة الأعمال التحضيرية جزء 6 ص 498 ) . فيجب إذن اعتبار هذا الحكم حكما استثنائيا ثبت بالنص على خلاف القواعد العامة الوفاء بغرض معين ( أنظر عكس ذلك الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 242 ص 377 ) .
( [904] ) وقد نصت المادة 336 من تقنين العقوبات على عقوبة النصب لكل من توصل إلى الاستيلاء على نقود إلخ . . . إما باستعمال طرق احتياليه وإما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكاً له ولا له حق التصرف فيه . فإذا باع شخص عقاراً مملوكاً له وسجل البيع ، ثم باعه مرة أخرى ، اعتبر مرتكباً لجريمة النصب ولو أن البيع الثانى لم يسجل ، لأن البيع غير المسجل فى يعتبر مع ذلك تصرفاً ، فيكون البائع قد تصرف بالبيع الثانى غير المسجل فى عقار خرج عن ملكيته بتسجيل البيع الأول . أما إذا كان البيع الأول لم يسجل قبل صدور البيع الثانى ، فإن البائع يكون قد تصرف فى عقار مملوك له ، إذ وقت صدور البيع الثانى لم يكن البيع الأول قد سجل فلم يخرج البائع عن ملكية العقار . ولكن إذا أوهم البائع المشترى الثانى بطرق احتيالية أنه لم يتصرف فى العقار ، ثم سجل المشترى الأول قبل أن يسجل المشترى الثانى ، كان هذا نصبا بطرق احتيالية وكان المجنى عليه فيه هو المشترى الثانى ( أنظر فى كل ذلك نقض جنائى 11 أبريل سنة 1929 مجموعة عمر الجنائية 1 رقم 225 ص 267 – 5 فبراير سنة 1932 مجموعة عمر الجنائية 1 رقم 174 ص 225 – 20 نوفمبر سنة 1933 مجموعة عمر الجنائية 3 رقم 160 ص 209 ) .

وقبل قانون التسجيل كان البائع إذا تصرف فى العقار مرة ثانية ، حتى لو لم يسجل المشترى لأول عقده ، اعتبر متصرفا فيما لا يملك ، وكان هذا نصباً المجنى عليه فيه هو المشترى الثانى ( نقض جنائى 15 مارس سنة 1918 المجموعة الرسمية 20 رقم 37 ص 45 ) . أنظر أيضا الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 243 – فقرة 244 .
( [905] ) فإذا صححت حدود العقار المبيع ، وجب تسجيل عقد التصحيح ، ولا تترتب آثاره القانونية إلا وقت تسجيله فلا ينسحب إلى وقت تسجيل العقد الأول الذى لم تصحح فيه الحدود . وقد قضت محكمة النقض بأن التعاقد على تصحيح حدود العقار المبيع ورقمه هو تعديل للمبيع فى جوهره ، حكمه حكم العقد الأصلى نفسه من حيث إنه يجب أن يسجل لتترتب عليه آثاره القانونية ، فالحكم الذى يسحب تسجيل عقد البيع على عقد التصحيح المحرر بعده ويجعل أساس الأسبقية فى التسجيل تاريخ تسجيل ذلك العقد يكون مخطئا فى تطبيق القانون ( نقض مدنى 3 فبراير سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 381 ص 712 ) .  
( [906] )          وكذلك الخلف العام وللدائن إذا لم يسجل تنبيه نزع الملكية قبل تسجيل المشترى للبيع ( نقض مدنى 10 يونيه سنة 1954 مجموعة عمر 5 رقم 144 ص 936 ) .
( [907] )          وقد لا تظهر لأول وهلة أهمية عملية من تحديد الغير ، ما دام لا يوجد محل للتمييز بين المتعاقدين والغير إذ الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل فى جميع الأحوال ، وهذا على خلاف عهد التقنين المدنى السابق حيث كانت الملكية تنتقل دون تسجيل فيما بين المتعاقدين وبالتسجيل بالنسبة إلى الغير . ولكن الأهمية العملية للتمييز ، عهد قانون التسجيل وقانون الشهر ، تعود إلى الظهور لو قلنا إن انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين يستند بأثر رجعى إلى وقت البيع ، أما بالنسبة إلى الغير فلا تنتقل الملكية إلا وقت التسجيل . وسنعود فيما يلى إلى هذه المسألة .
( [908] )          أنظر آنفاً فقرة 239 .
( [909] )          أنظر فى كل ذلك آنفاً فقرة 239
( [910] )          نفرض جدلا أن المشترى الثانى يتمكن من تسجيل عقده ، لأنه فى الواقع لا يستطيع . إذ هو مكلف حتى يستطيع تسجيل عقده أن يقدم سند ملكية البائع له ( أى المشترى الأول ) مسجلا ، وقد قدمنا أن المشترى الأول لم يسجل عقد شرائه . وفى هذا الصدد تنص المادة 23 من قانون الشهر على أنه " لا يقبل من المحررات فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية أو الحق العينى وفقا لأحكام المادة السابقة إلا : ( 1 ) المحررات التى سبق شهرها . . . "
( [911] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 275 ص 277 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 185 - الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 223 – الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 128 هامش 1 .
( [912] )          الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 270 - فقرة 272 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 186 - الأستاذ محمد على إمام فقرة 168 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 99 - الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 209 - الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 71 - الأستاذ إسماعيل غانم ص 89 – ص 90 .
( [913] )          المذكرة الإيضاحية لقانون التسجيل فقرة 4 . ( م 33 – الوسيط جـ 4 ) .
( [914] )          المذكرة الإيضاحية لقانون تنظيم الشهر العقارى فقرة 17 - وتستمر المذكرة الإيضاحية فى نفس الفقرة فتقول : " ففى عقد البيع مثلا لمشترى العقار الحق فى تسلمه وفى الحصول على ريعه وثمراته طبقا لأحكام هذا العقد قبل التسجيل . وكذلك لهذا المشترى الحق فى مطالبة البائع بتنفيذ التزامه بنقل الملكية تنفيذا عينياً ، فإذا امتنع أو تأخر جاز للمشترى أن يحصل فى مواجهته على حكم بإثبات عقد البيع ، فيقوم هذا الحكم مقام العقد المصدق على التوقيع فيه ويكون قابلا للتسجيل " .
( [915] )          نقض مدنى 9 فبراير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 164 ص 497 .
( [916] )          نقض مدنى 21 نوفمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 112 ص 255 .

وقد قضت محكمة النقض أيضا بأن التسجيل إنما يترتب أثره من تاريخ حصوله ، ولا يرتد إلى تاريخ سابق عليه . فاستناد الحكم إلى أن عقد البيع غير المسجل يعتبر معلقاً على شرط التسجيل بالنسبة إلى نقل الملكية ، حتى إذا ما تحقق الشرط ارتد أثره إلى تاريخ التسجيل – ذلك غير صحيح ، لأن ارتداد أثر الشرط إلى الماضى إنما يصح حيث يكون التعليق على الشرط ناشئا عن إرادة المتعاقدين . أما حيث يكون القانون قد أوجب إجراء معيناً ورتب عليه أثراً قانونياً ، فهذا الأثر لا يتحقق إلا بتمام الإجراء ولا ينسحب إلى الماضى . فإذا قضى الحكم بالشفعة بناء على مجاورة أرض الشفيع للأرض المشفوع فيها من حدين ( القبلى والشرقى مثلا ) ، بمقولة أن تسجيل الشفيع عقد شرائه الأرض الواقعة فى الحد الشرقى يرتد أثره إلى تاريخ العقد ، فإنه يكون قد أخطأ ( نقض مدنى 22 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 35 ص 118 ) .

وقضت محكمة النقض كذلك بأن الأصل أن أثره التسجيل فى نقل الملكية لا يترتب إلا على تسجيل العقد أو الحكم الذى من شأنه إنشاء حق الملكية أو أى حق عينى آخر ، وأن هذا الأثر لا ينسحب إلى الماضى . ولا يحتج على ذلك بالمواد 7 و 10 و 12 من قانون التسجيل ، لأنها إذا أجازت تسجيل صحائف الدعوى ورتبت على التأشير بمنطوق الحكم انسحاب أثر التأشير إلى تاريخ تسجيل الصحيفة ، فإنما أجازته على سبيل الاستثناء حماية لأصحاب تلك الدعاوى قبل من ترتبت لهم حقوق عينية على ذات العقار . وهو استثناء لا يصح التوسع فيه أو القياس عليه . وإذن إذا كان الحكم ، وهو فى صدد المفاضلة بين أى الملكين أرض الشفيع أو أرض المشترى تعود عليه منفعة أكثر ، أسقط اعتبار الشفيع مالكا لجزء من الأطيان التى يشفع بها على أساس أن تسجيل الحكم الصادر بصحة التعاقد عنها لا حق لعقد المشترى الذى تولد عنه حق الشفعة ، فإنه لم يخطئ فى تطبيق القانون ( نقض مدنى 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 15 ص 74 - أنظر أيضا : نقض مدنى 8 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 44 ص 309 – استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1945 م 58 ص 8 – عكس ذلك : محكمة الاسكندرية الوطنية استئنافى 14 يناير سنة 1930 الجريدة القضائية 69 ص 18 ) .
( [917] )          وقد أشرنا إلى تأييدنا لهذا الرأى فى كتابنا عقد الإيجار فقرة 480 . وأول من قال بهذا الرأى الأستاذ عبد السلام ذهنى ( الأموال جزء 2 فقرة 627 – مقاله فى المحاماة 6 ص 606 - 607 ) .
( [918] )          ويمكن القول إن الملكية تنتقل بالتسجيل من وقت العقد ، ولكن انتقال الملكية لا يسرى فى حق الغير إلا من وقت التسجيل . فانتقال الملكية يقع من وقت العقد إطلاقا ، وتراخيا إلى وقت التسجيل فى حق الغير هو عدم نفاذ لا عدم انتقال .
( [919] )          أنظر فى أن الشرط أمر عارض ، وفى أن الأثر الرجعى لتحقق الشرط إنما يرجع إلى النية المحتملة للمتعاقدين ، ولو أنهما كانا عند التعاقد يعرفان مآل الشرط لما علقا العقد عليه ولجعلاه عقداً بسيطا منجزاً الوسيط جزء 3 فقرة 15 – فقرة 16 وفقرة 42 ص 65 .
( [920] )          ولا يستقيم كذلك القول بأن ملكية النماء لا تتبع بالضرورة ملكية العقار الذى يغلها ، كما هو الأمر فى عقد الإيجار فإن المستأجر يملك الثمار دون العين ذاتها ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 99 ص 159 ) . ذلك أن الثمار فى عقد الإيجار تملك بصفة أصلية والعقد واقع عليها بالذات لتمليكها ، بخلاف ثمر المبيع فملكيته تنتقل تبعا لانتقال ملكية المبيع إلى المشترى ولا يقع البيع عليه بالذات .
( [921] )          ويبدو أن محكمة النقض تربط كسب ثمار المبيع بانتقال الملكية إلى المشترى ، لا بأن الثمار من ملحقات المبيع . فقد قضت بأن عقد البيع لم يزل بعد قانون التسجيل من عقود التراضى ، ولذلك يبقى البائع ملزما بموجب العقد بتسليم المبيع ونقل الملكية للمشترى ، كما يبقى المشترى ملزما بأداء الثمن إلى غير ذلك من الالتزامات التى ترتبت بينهما على التقابل بمجرد حصول البيع . كما أنه ليس للبائع ، لعدم تسجيل العقد وتراخى نقل الملكية بسببه ، أن يدعى لنفسه ملك المبيع على المشترى لأن من يضمن نقل الملك لغيره لا يجوز له أن يدعيه لنفسه . ومقتضى ذلك أن يكون البائع ملزما للمشترى بتسليم المبيع وبغلته إن لم يقم بتسديدها فالحكم الذى لا يعطى المشترى الحق فى ريع الشىء المبيع عن المدة السابقة على تاريخ تسجيل عقد البيع يكون حكما خاطئاً متعيناً نقضه ( نقض مدنى 4 يونيه سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 354 ص 1150 ) .
( [922] )          كان ب يتمكن من تسجيل عقد شرائه قبل أن يسجل أ عقده . ثم صدر قرار وزارى فى 26 مايو سنة 1926 يقضى بعدم جواز تسجيل العقد إلا بعد تسجيل العقود الأصلية السابقة التى تكون مؤرخة منذ أول يناير سنة 1924 والتى تكون واجبة التسجيل وفقا لأحكام قانون التسجيل . وجاء قانون تنظيم الشهر العقارى مؤكداً لهذا الحكم ، فنصت المادة 23 منه على أنه " لا يقبل من المحررات فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية أو الحق العينى وفقا لأحكام المادة السابقة إلا : ( 1 ) المحررات التى سبق شهرها . ( 2 ) المحررات التى تتضمن تصرفا مضافاً إلى ما بعد الموت ثم قبل العمل بأحكام هذا القانون . ( 3 ) المحررات التى ثبت تاريخها قبل سنة 1924 من غير طريق وجود توقيع أو ختم لإنسان توفى . ( 4 ) المحررات التى تحمل تاريخا سابقا على سنة 1924 إذا كان قد أخذ بها قبل العمل بأحكام هذا القانون فى محررات تم شهرها أو نقل التكليف بمقتضاها لمن صدرت لصالحه " .
( [923] )          والأخذ بالأثر الرجعى هنا أكثر استساغة ، إذ هو يموت بالنفع على ب ومن يتعامل معه دون أن يضر أحدا . فإذا فرض أن ب رهن العقار فى المدة ما بين 15 يناير و 30 يناير ، كان رهنه صحيحاً لأنه صادر من المالك بحسب الرأى الذى يقر الأثر الرجعى ، وكان باطلا وفقاً للتقنين المدنى السابق لأنه صادر من غير مالك بحسب الرأى الذى ينكر الأثر الرجعى .
( [924] ) استئناف مصر 23 فبراير سنة 1923 المحاماة 13 رقم 38 ص 96 .     
( [925] )          نقض مدنى 8 ديسمبر سنة 1932 مجموعة 1 رقم 81 ص 152 – وأنظر أيضاً : نقض مدنى 29 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 228 ص 601 .
( [926] )          ويخطو الأستاذ حلمى بهجت بدوى خطوة أقرب إلى النتيجة التى وصلت إليها محكمة النقض ، ولكنه مع ذلك يسلم بأن هناك فرقا بين ما وصلت إليه محكمة النقض وبين ما يؤدى إليه التطبيق السليم للقواعد العامة ، فيقول : إن البائع ملزم بمقتضى عقد البيع بالا يحدث تغييرات فى العين . فإذا أحدث هذه التغييرات ، بأن أقام بناء فى العقار المبيع ، فللمشترى الحق فى أن يطلب منه إزالته على مصاريفه ، لا تطبيقا للمادة 65 مدنى ( قديم ) ، وإنما تطبيقا لأحكام عقد البيع . وليست هذه الإزالة فى مصلحة البائع لأنه سوف يتسلم البناء أنقاضاً ، وقد يكون من مصلحة المشترى استبقاء البناء على أن يتفق مع البائع على مقدار التعويض الواجب دفعه ، وهو فى أى صورة لا يقل عن قيمة البناء مستحق الهدم . فإذا امتنع البائع رغم ذلك أصر على هدم البناء ، وقد يعتبر هذا الإصرار من جانبه تعنتا وتعسفا فى استعمال حقه فى إزالة البناء .

وفرق بين هذه النتيجة وبين الحكم بتثبيت ملكية المشترى على أساس الالتصاق على أن يقدر التعويض الواجب دفعه بعد ذلك " ( مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 751 ) .
( [927] ) وإذا فرضنا أن المشترى هو الذى أقام البناء على الأرض المبيعة بعد أن تسلمها وقبل أن يسجل ، وسبقه إلى التسجيل مشتر ثان انتقلت إليه ملكية الأرض بالتسجيل ، فالواجب ، فى هذه الحالة معاملة المشترى الأول معاملة البانى فى أرض غيره وهو حسن النية ، لأنه وقت أن بنى كان يعتقد أنه لا يعتدى على حق لأحد وإن كان يعلم أن الأرض لم تصبح بعد مملوكة له . فهو فى الواقع من الأمر – وإن كان قبل التسجيل لم يصبح مالكا – يحق له أن يتصرف فى المبيع ، بالنسبة إلى البائع ، كما لو كان مالكا .        
( [928] )          ولعل هذا يعين على توضيح القاعدة التى تقضى بتحميل تبعة الهلاك للمشترى بعد القبض ولو قبل التسجيل ، فإن المشترى لا يكون مالكا للمبيع فى هذه الحالة لأنه لم يسجل عقده ، ومع ذلك يتحمل تبعه هلاكه لأنه يكون بالنسبة إلى البائع فى حكم المالك .
( [929] )          ليس فى التقنين التجارى ما يمنع المشترى من التسجيل بعد شهر إفلاس البائع ، والممنوع وقيد حقوق الامتياز والرهن ( م 231 تجارى ) . ومع ذلك قانون نقض مدنى 20 سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 292 ص 894 .
( [930] ) أنظر م 257 مدنى .      
( [931] )          وقد قضت محكمة النقض بأن تسجيل التنبيه بنزع الملكية لا ينشئ للدائن العادى نازع الملكية ؟؟ عينيا على العقار يجيز له التمسك بعد تسجيل التصرفات الصادرة من المدين قبل تسجيل التنبيه ، كل ما فى الأمر أن يصبح فى هذه من الغير الذين لا يحتج عليهم بالعقود العرفية إلا إذا كان تاريخها ثابتاً قبل تاريخ تسجيل التنبيه : أنظر نقض مدنى 19 يناير سنة 1933 مجموعة عمر 1 93 ص 165 – 19 ديسمبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 309 ص 388 – الأستاذ الحميد أبو هيف فى التنفيذ فقرة 702 - أنظر عكس ذلك الأستاذ محمد حامد فهمى التنفيذ فقرة 346 - وقارن الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 209 ص 324 - 325 .
( [932] )          وهذا النص هو المادة 616 مرافعات ، وتجرى الفقرة الأولى منها على الوجه الآتى : " لا ينفذ تصرف المدين أو الحائز فى العقار ، ولا ما يترتب عليه من رهن أو اختصاص أو امتياز ، فى حق الحاجزين ولو كانوا دائنين عاديين ، ولا فى حقا لدائنين المشار إليهم فى المادة 637 ولا الراسى عليه المزاد ، إذا كان التصرف أو الرهن أو الاختصاص أو الامتياز قد حصل شهره بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية " . أنظر الأستاذ رمزى سيف فى التنفيذ طبعة ثالثة فقرة 383 ص 333 .
( [933] )          وفى الفرض الذى يموت فيه البائع عن تركة موسرة قبل أن يسجل المشترى ، ثم يسجل نؤثر القول بأن الملكية تنتقل إلى المشترى فى مواجهة الورثة – وليسو من الغير – من وقت تمام البيع لا من وقت التسجيل . وهذا القول أكثر استساغة من القول بأن الالتزام بنقل الملكية يبقى فى التركة أو ينتقل إلى الورثة . فبقاء الالتزام بنقل الملكية فى التركة تفضله فكرة الأثر الرجعى ، وانتقال الالتزام إلى الورثة لا ينفق مع مبادئ الفقه الإسلامى التى تقضى بأن الورثة لا تنتقل إليهم الديون .
( [934] )          قارن محكمة النقض فى 9 فبراير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 164 ص 497 ، حيث لم تأخذ بهذا الرأى ، وأبطلت حق اختصاص قيد على عقار لمشتر قبل أن يسجل المشترى عقد شرائه ، ثم سجل المشترى العقد بعد ذلك وتصرف فى العقار ، فاعتدت المحكمة بهذا التصرف الأخير ولم تعتد بحق الاختصاص ، مع أن المشترى من المشترى كان يستطيع أن يكون على علم بحق الاختصاص المقيد لولا خطأ قلم الكتاب – أنظر أيضا فى المعنى الذى قضت به محكمة النقض محكمة الاستئناف المختلطة فى 5 مايو سنة 1936 م 48 ص 254 .
( [935] ) فى حكمها الصادر فى 21 نوفمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 112 ص 255 - وأنظر أيضا : نقض مدنى 7 ديسمبر سنة 1944 مجموعة 4 رقم 166 ص 465 - 4 أبريل سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 85 ص 145 – 8 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 6 ص 32 – 18 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 82 ص 530 .    
( [936] )          وقد قيل بهذا فعلا ( أنظر الأستاذ عمر أبو شادى فى شهر الحقوق العقارية ص 146 ) .
( [937] )          عقد الإيجار للمؤلف فقرة 480 – وكانت المادة 389  /  474 من التقنين المدنى تجعل البيع السابق – لا نقل الملكية – هو الذى يفسخ عقد الإيجار . وقد كتبنا إذ ذاك ما يأتى : " ولا نرى أن قانون التسجيل الحديث . . . أثر فى الأحكام المتقدمة ، فلا يزال البيع غير المسجل يفسخ الإيجار إذا لم يكن عقد الإيجار سابقا عليه فى التاريخ ، فإن البيع غير المسجل بيع صحيح ينتج كل آثاره عدا نقل الملكية . وعلى ذلك يجوز للمشترى قبل أن يسجل عقده أن يطلب من المستأجر إخلاء العين بعد التنبيه عليه بذلك فى الميعاد القانونى . وعلى كل حال فإن المشترى إذا قام بتسجيل عقده ، انتقلت إليه ملكية العين بأثر رجعى من تاريخ العقد لا من تاريخ التسجيل بالنسبة للبائع ودائنيه الشخصيين ومنهم المستأجر ، فيعتبر المشترى مالكا من وقت البيع أى من وقت لم يثبت أن تاريخ الإيجار سابق عليه ، فينفسخ الإيجار حتى مع التسليم بأن نقل ملكية العين المؤجرة لا البيع ذاته هو الذى يفسخ عقد الإيجار " ( عقد الإيجار للمؤلف فقرة 480 ) . والآن بعد أن جعل التقنين المدنى الجديد نقل ملكية العين المؤجرة هو الذى يفسخ الإيجار اللاحق ، فلا يزال ما قلناه فى هذا الصدد صحيحا .

ويمكن القول أيضا ، فى عهد قانون الإصلاح الزراعى ، إنه لو باع شخص لآخر أرضا زراعية بعقد ثابت التاريخ ، قبل نفاذ قانون الإصلاح الزراعى ، ثم سجل العقد بعد نفاذ هذا القانون ، فإن ملكية الأرض تنتقل فيما بين البائع والمشترى من تاريخ العقد لا من تاريخ التسجيل ، أى قبل نفاذ قانون الإصلاح الزراعى لا بعد نفاذه . وقد يترتب على ذلك بعض النتائج الهامة ، يضيق المقام هنا عن بحثها .
( [938] )          والتسجيل فى نظام السجل العقارى يتم بموجب عقد مجرد ( act abstrait ) ، غير عقد البيع عقد البيع ينشئ التزاما بنقل الملكية ، والعقد المجرد أى التسجيل هو الذي ينقلها تنفيذا لهذا الالتزام . ( م 34 – الوسيط جـ 4 ) .
( [939] ) أو إذا نقل البيع الملكية فلا بد أن يكون مسجلا ، ومن ثم يصبح البيع عقداً شكليا لا يتم إلا بالتسجيل ، وهذه نظرية قد هجرت منذ عهد بعيد كما سبق القول .
( [940] )          والواقع أننا نشك كثيرا فى فائدة استحداث قانون التسجيل وقانون الشهر لقاعدة انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين بالتسجيل مع البقاء فى نظام الشهر الشخصى . فما دمنا فى هذا النظام مضطرين إلى التسليم بأن البيع لا التسجيل هو سبب كسب الملكية ، فإن هذه القاعدة المستحدثة لا تترتب عليها أهمية كبيرة . وأكبر خطر يتعرض له المشترى المتقاعد عن التسجيل لا يزال هو خطر تصرف البائع إلى مشتر آخر وسبق هذا إلى تسجيل عقده ، وهذا الخطر كما نرى لا يرجع إلى قاعدة انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين ، بل إلى قاعدة انتقالها بالتسجيل فى حق الغير أما انتقال الملكية بالتسجيل فيما بين المتعاقدين ، فلا تظهر أهميته العملية حقا إلا فى نظام الشهر العينى حيث التسجيل ذاته هو الذى ينقل الملكية ، فيجب أن يكون نقلها من وقت إجراء التسجيل سواء بالنسبة إلى الغير أو فيما بين المتعاقدين .

ويؤيد ما نقول أن الناس لم تبادر إلى تسجيل عقودهم بعد صدور قانون التسجيل بأكثر مما كانوا يفعلون قبل صدوره . ويقول الأستاذ أنور سلطان ( ص 191 ) : " وعلاجاً لهذه الحالة أصدر المشرع عدة تشريعات لجأ فيها إلى طرق مختلفة لحمل الناس على تسجيل عقودهم " .

ويقول الدكتور محمود شوقى فى كتاب الشهر العقارى علماً وعملا ( ص 39 –ص 40 ) : " ولقد حاول الشارع منذ سنة 1942 أن يعالج كل نقص بعد قانون سنة 1923 ، وذلك بقوانين وقرارات مختلفة أهمها : ( 1 ) المرسوم بقانون الصادر فى أول نوفمبر سنة 1925 بتخفيض الرسم النسبى المخصص على تسجيل بعض العقود ، وذلك بجعله 3 ونصف فى المائة بدلا من 5 %  . وقد قصد المشرع بذلك إلى تشجيع جمهور المتعاملين على إجراء الشهر نظرا لما لاحظه من قلة الإقبال عليه رغم شدة الجزاء المترتب على ذلك الإهمال . ( 2 ) القرار الصادر فى 26 مايو سنة 1926 والذى يقضى بتسجيل العقود المتتالية . . . ( 3 ) القرار الصادر فى 26 مايو سنة 1926 المنفذ بالقرار الصادر فى 13 يوليه سنة 1928 والمتمم بالقانون رقم 28 لسنة 1928 وكلها تتضمن : ( أولا ) وجوب تحصيل رسم التسجيل عند التوثيق أو التصديق على التوقيع . ( ثانيا ) منع المحاكم من إثبات تاريخ المحررات التى أوجب القانون شهرها . . . ( ثالثا ) تنظيم الرقابة المفروضة على البيان التى يجب أن تشتمل عليها العقود واجبة الشهر . ( 4 ) القانون رقم 30 لسنة 1942 الذى حرم ابتداء من أول يناير سنة 1943 قبول تسجيل العقود التى تستند إلى ثبوت تاريخها قبل أول يناير سنة 1924 على وجود إمضاء أو ختم لإنسان توفى ، نظرا لما لوحظ من شيوع التزوير . ( 5 ) القرار الصادر فى 15 أبريل سنة 1944 الذى يقضى بعدم قبول العقود العرفية التى لم يثبت تاريخها قبل أول يناير سنة 1924 كأصل للملكية فى المحررات الرضائية المقدمة للشهر إلا إذا كانت هذه العقود قد سبق أن تقدمت فى محررات تم شهرها " .
( [941] )          وتقول محكمة النقض إن " الملكية لا تنتقل بالتسجيل وحده ، وإنما تنتقل بأمرين : أحدهما أصلى أساسى وهو العقد الصحيح الناقل للملكية ، وثانيهما تبعى وهو التسجيل . وإذن فالعقود الصورية المبنية على الغش والتدليس لا يصححها التسجيل " ( نقض مدنى 3 يونيه سنة 1943 مجموعة عمر رقم 68 ص 183 ) .
( [942] )          ويتقرب الأستاذ جميل الشرقاوى كثيرا من هذا الرأى عندما يذهب إلى أن التسجيل فى البيع يتصل بالسند لا بالتصرف ذاته ، وأثره منحصر فى منح السند قوة إثبات الحق قبل الغير : وتخلفه يؤدى إلى سلب السند هذه القوة ، أما التصرف نفسه فلا يتأثر بعدم التسجيل من حيث إنتاجه لجميع آثاره فيما بين المتعاقدين ومنها نقل الملكية . ويقول فى هذا الصدد : " ومادمنا نسلم بتمام الاتفاق على البيع وصحة التصرفات المكونة له قبل إتمام التسجيل ، فمعنى هذا أن تترتب آثار التصرف التى يتم بها البيع ، بمعنى أنه ينشأ على عاتق المشترى التزام بالثمن وعلى البائع التزام بالتسليم والتزام بالضمان ، ضمان فعله وفعل الغير . ولذا فإن تنفيذ هذه الالتزامات من جانب المشترى بالوفاء بالثمن ومن جانب البائع بالتسليم وفاء صحيح لالتزامات قائمة ، ولا يستطيع البائع أن يطالب برد حيازة المبيع بحجة أن الملكية لم تنتقل لأن تسجيل العقد لم يتم . ومن هذا يبدو أنه لا مناص من التسليم بأن الملكية تنتقل بين البائع والمشترى بمجرد التراضى ، ذلك أن نص القانون على صورته الحالية لا يمكنه أن يمنع انتقال كل ميزات حق الملكية للمشترى فى مواجهة البائع . . . وأحكام محكمة النقض المصرية تفترض فى قضائها انتقال الملكية رغم عدم التسجيل ، ولعلها تعبر عن ذلك فى قولها . . . إن المشترى متصرف إليه ، أى مشتر وليس دائناً عادياً ، أى له أن يقتضى من البائع كل التزاماته . ويظهر هذا الاتجاه بصورة أكثر جدية – لأنه يتعلق بترتيب نتائج على هذا الافتراض – فى قضائها السابق على هذا الحكم بأن البائع إذا بنى فى عقار باعه بعقد غير مسجل فهو بان فى ملك غيره . . . ولذا فإننا نتساءل عن معنى عدم انتقال الملكية بين البائع والمشترى إلا بالتسجيل ، ما دام المشترى يحصل على كل ميزات حق الملكية فى مواجهة البائع . ويبدو أن واضعى هذا الحكم لم يفكروا كثيراً فى معناه من هذه الناحية ، وإنما كان قصدهم بوضعه على هذه الصورة إظهار قصد المشرع إلى التشدد فى طلب التسجيل ، لما لوحظ من إهمال المصريين القيام بإجراءات التسجيل " ( الأستاذ جميل الشرقاوى فى رسالته فى نظرية بطلان التصرف القانونى ص 158 هامش رقم 1 – وأنظر أيضا كتابه فى البيع ص 164 وهامش رقم 1 من هذه الصفحة ) .
( [943] ) ولا يعترض على هذا التمثيل بأن التسجيل إجراء قانونى وليس شرطا واقفا يرجع إلى الإرادة ، بينما خيار المشترى شرط واقف ، يرجع إلى الإرادة . فقد بينا فى الجزء الثالث من الوسيط أنه لا يجوز أن يكيف الخيار فى الالتزام التخييرى بأنه شرط واقف ، وقلنا فى هذا الصدد ما يأتى : " ولا يجوز أن يكيف الالتزام التخييرى بأن كلا من محاله المتعددة واجب الأداء معلقاً على شرط اختيار ، وقد كان بعض الفقهاء الفرنسيين يذهبون إلى ذلك . ذلك أن الالتزام المعلق على شرط واقف قد علق على أمر غير محقق الحصول ، أما الاختيار فى الالتزام التخييرى – اختيار محل ما – فهو أمر محقق لا بد من حصوله . وإذا هو لم يحصل ممن له حق الاختيار بالذات ، فإنه لا بد حاصل ممن أقامه القانون مقامه : القاضى فى حالة ما إذا كان الخيار للمدين ، والمدين فى حالة ما إذا كان الخيار للدائن "           ( الوسيط جزء 3 فقرة 89 ) . وقلنا فى مكان آخر " وأيا كان الشخص الذى يثبت له حق الخيار ، فإنه متى أعمل حقه واختار المحل الواجب الأداء على النحو الذى قدمناه ، صار هذا المحل وحده هو محل الالتزام . . . ويستند هذا التعيين بأثر رجعى إلى الماضى . . . وليس هذا الاستناد إلى الماضى يرجع إلى أن المحل المعين كان محلا للالتزام معلقا على شرط واقف هو أن يقع عليه الاختيار ، فقد قدمنا أن الالتزام التخييرى ليس بالتزام شرطى . وإنما يرجع الاستناد إلى أن المحل الذى عين كان منذ البداية محلا للالتزام ، إلا أن هذه المحلية كانت شائعة بينه وبين المحال الأولى ، فبتعيينه تركزت المحلية فيه . . . ويترتب على هذا الاثر الرجعى . . . ( 2 ) إذا كانت محال الالتزام التخييرى نقل ملكية أشياء متعددة ، ووقع الاختيار على شىء واحد من هذه الأشياء ، وكان نقل الملكية يتم بمجرد نشوء الالتزام كما فى المنقول المعين بالذات ، فإن ملكية الشىء الذى وقع عليه الاختيار تعتبر قد انتقلت منذ نشوء الالتزام لا منذ إعمال حق الخيار ، ويعتبر الدائن مالكاً للشىء منذ البداية " ( الوسيط جزء 3 فقرة 97 ) .

ولا يقاس دور التسجيل بدور الإفراز فى نقل ملكية الشىء غير المعين إلا بالنوع ، فيقال كما أن الإفراز ينقل الملكية من وقت تمامه لا من وقت البيع فكذلك التسجيل ( أنظر فى هذا المعنى الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 207 ص 314 – ص 315 ) . ذلك أن التسجيل إنما يكون فى عقار معين بالذات ، فلم تستعص طبيعته على أن يكون نقل الملكية فيه بين المتعاقدين من وقت العقد ، وهذا ما تقرر فى خيار التعيين حيث كل من الشيئين معين بالذات . أما فى الإفراز فالشىء غير معين بالنوع ، فطبيعته تستعصى على أن تنتقل ملكيته إلا من وقت التعيين ، إذ الملكية لا تنتقل إلا فى شىء معين بالذات .

ونرى من ذلك أن المشترى غير المسجل ليس مجرد دائن عادى ، بل تسميه محكمة النقض المشترى أو المتصرف إليه . ويصف القضاء المختلط حق هذا المشترى بأنه حق مضاف إلى العقار ( jus?? Rcm ) ، تمييزاً له عن محض الحق الشخصى ( jus in personam ) ، وتقريباً الحق العينى ( jus in rem ) .
( [944] ) أنظر مثلا ما يقول الأستاذ جميل الشرقاوى : " ونحن نعتقد أن مؤيدى فكرة الأثر الرجعى للتسجيل يعبرون بهذه الفكرة عن إحساس بمثل ما جعلنا نقول إن العقد غير المسجل ينقل فى الواقع الملكية إلى المشترى فى العلاقة بينه وبين البائع . والدليل على ذلك أنهم يربطون بها تفسير حق المشترى فى الثمار وتحريم البناء أو الغراس فى العقار المبيع على البائع ، وهى أحكام لا تبرر فى اعتقادنا إلا مع التسليم بالملكية للمشترى " ( الأستاذ جميل الشرقاوى فى البيع ص 169 هامش رقم 2 ) .       
( [945] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 341 .
( [946] ) وقد قدمنا عند الكلام فى التقنين المدنى السابق كيف يكون تحديد الغير فى التسجيل ( أنظر آنفاً فقرة 269 ) .  
( [947] )          ويشترط فى التفضيل بحسب أسبقية التسجيل أن تكون التصرفات المتعارضة صادرة من شخص واحد هو المالك ، وأنها جميعاً تصرفات صحيحة نافذة . فإذا صدر تصرف من المالك ، فضل ولو لم يسجل على تصرف من غير المالك ولو سجل ، ولكن المشترى من غير المالك يملك بالتقادم الخمسى إذا كان حسن النية . وإذا سبق إلى التسجيل تصرف باطل أو صورى ، فضل عليه التصرف الصحيح النافذ ولو سجل بعد ذلك .
( [948] )          والنص الفرنسى لعبارة " لا يعلمون ما يضربها " هو ، كما قدمنا : quisont de bonne foi .
( [949] )          أنظر آنفاً فقرة 269 .
( [950] )          استئناف مصر 12 فبراير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 474 ص 775 – 28 مايو سنة 1929 المحاماة 9 رقم 595 ص 1092 – استئناف مختلط 28 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 74 - 8 فبراير سنة 1938 م 50 ص 123 – 19 ديسمبر سنة 1933 م 52 ص 65 – 19 مارس سنة 1940 م 52 ص 196 – 18 يونيه سنة 1940 م 52 ص 314 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 273 – الأستاذ محمد كامل مرسى فقرة 165 - ومع ذلك انظر استئناف مختلط 12 يناير سنة 1932 م 44 ص 44 ص 110 ( اشترط هذا الحكم حسن النية لصحة التسجيل ) .
( [951] )          ويستند أصحاب هذا الرأى إلى أنه مما يجافى العدالة ألا يكون للتواطؤ جزاء ، وإلى أنه يجب الرجوع إلى القواعد العامة فيما غمض فيه قانون التسجيل وهذه القواعد لا تقر الأعمال المنطوية على التواطؤ ، وإلى أن المذكرة الإيضاحية لقانون التسجيل لم تقصد أن تقول إن هذا القانون قد أراد القضاء على نظرية التواطؤ وإنما قصدت أن تقول إنه قد حسم النزاع فيما يتعلق بحسن النية وسوء النية ، وإلى أنه لا تفق مع المنطق أن يكون حق المشترى بعقد غير مسجل سليما فى مواجهة البائع ثم يصبح بعد تواطؤ الغير مع البائع حقاً مسلوب القوة : حكم الدوائر المجتمعة لمحكمة استئناف مصر فى 3 ديسمبر سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 21 ص 46 – استئناف مصر 22 مايو سنة 1927 المحاماة 8 رقم 231 ص 308 – 25 ديسمبر سنة 1928 المحاماة رقم 50 ص 75 - 28 مايو سنة 1929 المحاماة 9 رقم 595 ص 1092 – 25 أبريل سنة 1932 المحاماة 13 رقم 132 ص 292 – 27 أبريل سنة 1932 المحاماة 13 - رقم 134 ص 302 – 15 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 263 ص 604 – 2 فبراير سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 133 – استئناف مختلط 24 مايو سنة 1927 م 39 ص 509 – 12 يناير سنة 1933 م 44 ص 110 – 28 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 74 – 23 نوفمبر سنة 1948 م 61 ص 15 .

وانظر الأستاذ عبد السلام ذهنى فى الغش والتواطؤ والتدليس فى التسجيل – الأستاذ أنور سلطان فقرة 182 ص 213 هامش رقم 3 وص 217 – ص 218 .
( [952] )          ويستند أصحاب هذا الرأى إلى أن قانون التسجيل قد أبقى على نظرية التواطؤ فى العقود الكاشفة وأغفلها فى العقود المنشئة ، وإلى أن المذكرة الإيضاحية لقانون التسجيل صرحت بأنه يراد حسم المنازعات العديدة فى الفصل فى مسائل حسن النية وسوء النية ، وإلى أن قانون التسجيل قد خطا خطوتين لإدخال نظام السجل العقارى فجعل انتقال الملكية بين المتعاقدين مرتبطا بالتسجيل وحده وقضى على نظرية سوء النية والتواطؤ ، وإلى أن المشترى الثانى يتعامل مع البائع ولا يزال مالكا للمبيع ، وإلى أنه لا محل للتمسك بالمادة 270  /  341 مدنى سابق لأن قانون التسجيل قد نص فى المادة 16 منه على إلغاء كل نص يخالف أحكامه . أنظر فى هذا الرأى : استئناف مصر 25 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 50 ص 75 – 27 مارس سنة 1929 المحاماة 9 رقم 399 ص 634 – 10 ديسمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 153 ص 305 – 19 فبراير سنة 1930 المحاماة 11 رقم 141 ص 254 – 12 نوفمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 330 ص 706 – استئناف أسيوط 17 ديسمبر سنة 1930 المجموعة الرسمية 32 رقم 14 .

وأنظر الأستاذين أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 469 – الأستاذ أحمد أمين فى شرح قانون العقوبات القسم الخاص ص 739 .

وأنظر فى عرض الرأيين : الأستاذ أنور سلطان فقرة 182 – الأستاذ محمد على إمام فقرة 169 ص 278 – ص 282 – الأستاذ محمد كامل مرسى فى شهر التصرفات فقرة 165 وما بعدها – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 103 ص 165 – ص 167 – الأستاذ جميل الشرقاوى ص 173 – ص 176 – الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 214 – فقرة 217 .
( [953] )          نقض مدنى 12 ديسمبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 308 ص 975 . ويقول نفس الحكم أيضا ما يأتى : " ولا يجوز التحدى بعبارة سوء النية أو حسنها أو العلم أو عدم العلم المشار إليهما بالمادة 270 وغيرها من مواد القانون المدنى ، لان هذه المادة مؤسسة على مبدأ القانون المدنى الذى كان يرتب نقل ملكية المبيع بين المتعاقدين على مجرد الإيجاب والقبول ، وهذا المبدأ قد قضت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون التسجيل قضاء نهائيا ، كما نصت المادة 16 من هذا القانون على إلغاء كل نص يخالفه ، وإذن فتلك المادة ( 270 ) قد نسخها قانون التسجيل ولم يعد حكمها باقيا ، والدعوى البولصية المشار إليها بالمادة 143 من القانون المدنى هى دعوى شخصية يرفعها دائن لإبطال تصرف مدينه الحاصل بطريق التواطؤ للإضرار به وحرمانه من إمكان التنفيذ بدينه على الملك المتصرف فيه والذى كان يعتمد عليه الدائن لضمان استداده بحقوقه ، وليس من نتائج هذه الدعوى تثبيت ملكية المدعى لما يطلب إبطال التصرف فيه " .

وانظر أيضاً : نقض مدنى 6 أبريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 117 ص 307 - 7 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 43 ص 113 – 27 يناير سنة 1930 المحاماة 11 رقم 141 ص 254 – 2 أبريل سنة 1930 المحاماة 10 رقم 354 ص 713 – استئناف إسكندرية 28 يناير سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 245 - وقارن : نقض مدنى 7 مايو سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 358 ص 1103 .
( [954] )          قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 182 ص 218 .
( [955] )          وقد قضت محكمة استئناف أسيوط فى هذا المعنى بانه يجوز للمتصرف إليه الأول بعقد غير مسجل ان يرفع دعوى عدم نفاذ العقد الثانى المسجل ، إذا توافرت شرائط الدعوى البولصية ، على اعتبار أنه دائن عادى من حقه أن يبطل التصرف المفقر لمدينة ليستطيع استرداد الثمن الذى دفعه والحصول على التعويضات التى يستحقها . على أنه يلاحظ أن الغرض من هذه الدعوى لا يمكن أن يكون بطلان التصرف الثانى ليحل محله التصرف الأول غير المسجل ، فإن الدعوى إذا كانت تهدف إلى هذا الغرض تعتبر تحايلا على مخالفة قانون التسجيل ، فضلا عن أن الدعوى البولصية فى الواقع لا تهدف إلى بطلان التصرف ، وإنما تهدف إلى الحد من سريانه فى حق الدائن الذى يتضرر من أثر التصرف فى مال مدينه . فإذا وجد فى هذا المال ما يفى بدينه زالت الحكمة فيها وأصبحت غير مقبولة ، وهى ليست خاصة بدائن واحد بل يستطيع جميع الدائنين العاديين أن يشتركوا فيها وأن يتقاسموا المال الذى يرجع إلى مدينهم ( 3 يونيه سنة 1948 المجموعة الرسمية 49 رقم 2 ص 47 ) . ثم قضت محكمة النقض أخيراً بأنه إذا تحققت الشروط المقررة للطعن بالدعوى البوليصية ، فإن مؤدى ذلك أن تعود ملكية العين المتصرف فيها إلى البائع ، ويكون من حق المشترى الذى يسجل عقده بوصفه دائنا بالثمن التنفيذ عليها جبرا استيفاء لدينه . وليس من شأن هذا التنفيذ أن يعود هذا المشترى إلى بعث عقده الابتدائى ومطالبته الحكم بصحته ونفاذه ، لأن الملكية تكون قد انتقلت بالتسجيل إلى المشترى الذى سجل عقده محمله بحق المشترى الذى لم يسجل بوصفه دائنا للبائع ، وليس للدائن فى مقام التنفيذ بدينه أن يطالب بملكية العقار الذى يجرى عليه التنفيذ ( نقض مدنى 2 يونيه سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 158 ص 1185 ) . وقضى نفس الحكم بأنه متى كان الواقع فى الدعوى هو أن طلبات المشترى الذى لم يسجل عقده أمام محكمة الموضوع قد تحددت بصفة أصلية واستقرت على التمسك بطلب إبطال التصرف الصادر من البائع إلى المشترى الذى سجل عقده تأسيسا على المادة 143 من القانون المدنى القديم ، فإن إضافته إلى ذلك طلبا آخر هو الحكم بصحة ونفاذ عقده ليس من شأنه إهدار الطلب الأصلى فى الدعوى وهو إبطال التصرف المؤسس على الدعوى البولصية ، وتكون المحكمة إذا اعتبرت الدعوى مفاضلة بين عقدين لمجرد هذه الإضافة ، وأعملت حكمها على ما بين الطلبين من تفاوت فى الأثر القانونى لكل منهما دون أن تعرض لبحث طلب إبطال التصرف استقلالا ، قد خالفت للقانون ( نفس الحكم السابق ) . وكانت محكمة النقض قد قضت قبل ذلك بأنه لا يجوز الجمع بين دعوى تثبيت الملكية فى العين المشتراة والدعوى البولصية ، لأن كلا من الدعويين تتنافى مع الأخرى ( نقض مدنى 9 ديسمبر 1937 مجموعة عمر 2 رقم 76 ص 206 ) .

وقد سارت محكمة النقض الإيطالية إلى مدى أبعد من هذا ، فلم تسمح حتى برفع الدعوى البولصية على النحو الذى بسطناه ، بدعوى أن المشترى ليس له حق شخصى محض ، بل هو حق شخصى يرمى إلى تملك المبيع ، فمآل هذا الحق هو أن يصير حقاً عينياً . والدعوى البولصية لم تشرع إلا لحماية الحقوق الشخصية التى لا يقصد بها الحصول على الملكية ، فلا يكون للمشترى إلا مطالبة البائع بالثمن المدفوع له من المشترى الثانى إذا وجده فى ماله ( أنظر الحكم منشورا فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1918 ص 408 – ص 409 – والحكم منتقد من بعض فقهاء القانون الإيطالى – أنظر مقالا للاستاذ كاديمينوس فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1918 ص 407 – برناردى فى مجلة مصر المعاصرة سنة 1922 ص 201 – وانظر الأستاذين أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 273 ص 274 هامش رقم 1 ) .

أما محكمة النقض الفرنسية فتقضى بأن التواطؤ يبطل التسجيل ، وتفضل المشترى الأول المتأخر فى التسجيل على المشترى الثانى الذى سجل أولا إذا كان هذا المشترى الثانى قد تواطأ مع البائع ، ولا يكفى أن يكون سيئ النية ( نقض فرنسى 24 أبريل سنة 1950 داللوز 13 يولية سنة 1950 ص 449 ) .
( [956] )          وقد قضت محكمة النقض بأنه لا تنتقل الملكية من البائع إلى المشترى إلا بتسجيل عقد شرائه ، ولا يحول دون نقل الملكية – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون المشترى عالما بأن البائع له أو مورثه سبق أن تصرف فى المبيع ذاته لمشتر آخر لم يسجل عقده ، ما لم يثبت أن عقد المشترى المسجل هو عقد صورى ، لا ينتج فى إثبات هذه الصورية مجرد علم هذا المشترى وقت شرائه بالتصرف السابق غير المسجل الوارد على ذات المبيع ( نقض مدنى 31 ديسمبر 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 54 ص 352 ) – وأنظر أيضا : نقض مدنى 20 أكتوبر سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 135 ص 405 - 3 يونيه سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 67 ص 183 – 25 نوفمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 80 ص 220 – 30 ديسمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 88 ص 234 – 6 يونية سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 91 ص 188 – 29 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 39 ص 133 - 13 مايو سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 128 ص 856 - أول ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 210 ص 1536 – 7 يونيه سنة 1956 مجموعة النقض 7 رقم 97 ص 701 ) .
( [957] )          الأستاذ عبد السلام ذهنى فى التسجيل ص 49 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 273 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 182 ص 217 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 103 – الأستاذ جميل الشرقاوى ص 176 – استئناف مختلط 28 ديمسبر سنة 1937 م 50 ص 74 – 8 فبراير سنة 1938 م 50 ص 123 .
( [958] )          أنظر ما يلى فقرة 290 فى آخر الفقرة . وأنظر الوسيط 2 فقرة 588 ص 1030 وهامش رقم 4 .
( [959] )          الدكتور محمود شوقى فى الشهر العقارى علماً وعملا ص 312 – ص 313 – وورد فى المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الشهر العقارى : " وفى صدد التدليس لم ير محل للنص عليه ، لا بالنسبة إلى التصرفات المقررة للحقوق العينية ولا بالنسبة إلى التصرفات المنشئة لهذه الحقوق ، اكتفاء بتطبيق أحكام القواعد العامة فى هذا الشأن " .
( [960] )          والواقع أن واضعى قانون الشهر العقارى قد جاوزوا الغرض الذى قصدوا إليه عند ما نقلوا المادة 17  /  2 من المادة 12  /  2 من قانون التسجيل . فقد كانت الفقرة الثانية من المادة 12 من قانون التسجيل تنص على ما يأتى : " وتبقى حقوق الغير المكتسبة قبل التسجيل أو التأشير المشار إليهما خاضعة للنصوص والمبادئ السارية وقت اكتسابها " . وكانت النصوص والمبادئ المشار إليها فى هذا النص نصوص التقنين المدنى السابق ومبادئه ، وهذه كانت تقتصر على حماية الدائن المرتهن حسن النية إذا استمد حقه من شخص زالت ملكيته بأثر رجعى ، فيبقى هذا الحق بالرغم من الأثر الرجعى ما دام مقيداً قبل تسجيل صحيفة الدعوى . أما غير الدائن المرتهن ، كمشتر ممن زالت ملكيته بأثر رجعى أو مشتر من غير مالك أصلا ، فلم يكن يحميه نص قانون التسجيل حتى لو كان قد سجل سنده قبل تسجيله صحيفة الدعوى وكان حسن النية . ونقل قانون الشهر هذا النص فى الفقرة الثانية من المادة 17 منه على الوجه الآتى : " ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذى كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما " . فشمل بحمايته ، لا الدائن المرتهن فحسب ، بل أيضاً المشترى وكل من كسب حقاً عينياً على العقار كان يهدده الأثر الرجعى لزوال الملكية ، وذلك إلى وقت تسجيل صحيفة الدعوى . واشترط لحماية هؤلاء أن يكونوا حسنى النية ، أى غير عالمين وقت أن كسبوا حقوقهم بما يهدد ملكية سلفهم من زوال بأثر رجعى .

        فلما أضاف النص إلى دعاوى زوال الملكية بأثر رجعى دعاوى الاستحقاق ودعاوى صحة التعاقد ، أدخل فى زمرة الأشخاص الذين تشملهم الحماية أشخاصاً من نوع آخر . فهؤلاء الأخيرون لا يستمدون حقوقهم من مالك يتهدد ملكيته الزوال بأثر رجعى ، بل يستمدونها من غير مالك أصلا فى حالة دعاوى الاستحقاق ، ومن مالك سبق له التصرف فى ملكه فى حالة دعاوى صحة التعاقد . فكان ينبغى أن يعامل كل بما يقتضيه مركزه . أما من يستمد حقه من غير مالك أصلا ، فلا يحمى ولو كان حسن النية ، إلا إذا استمد حقه من شخص يستطيع أن يملكه ولو كان هو نفسه غير مالك وذلك كالمشترى بعقد صورى وكالوارث الظاهر كما سبق القول ( أنظر آنفاً فقرة 263 فى الهامش ) . وأما من يستمد حقه من مالك سبق له التصرف فى ملكه فيحمى ولو كان سيء النية –أى يعلم بالتصرف السابق - لأنه استمد حقه من مالك لا يتهدد ملكيته الزوال ، ما لم يكن متواطئاً مع هذا المالك ( قارب فى هذا المعنى الأستاذ سليمان مرقس فى عقد الإيجار فقرة 122 ص 205 هامش رقم 3 – البيع والإيجار لنفس المؤلف فقرة 211 ص 286 هامش رقم 1 ) .
( [961] )          وقد كانت المادة 17 من قانون الشهر تتضمن فقرة ثالثة تعرف حسن النية بوجه عام ثم حذفت ، فأصبح القضاء حراً فى تحديد حسن النية فى الحالات المختلفة ، كل حالة بما يلائمها ( أنظر آنفاً فقرة 263 فى الهامش ) .
( [962] )          نقض مدنى 13 مايو سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 128 ص 856 .
( [963] )          نقض مدنى 31 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 54 ص 352 – وأنظر أيضاً : نقض مدنى 7 يونيه سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 149 ص 944 – 29 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 176 ص 1138 – 4 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 91 ص 572 – 3 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 75 ص 581 – أول ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 210 ص 1536 – 14 فبراير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض رقم 19 ص 153 .
( [964] )          والفقه المصرى ، بعد صدور قانون الشهر العقارى ، منقسم ، ولكن الكثرة الغالبة تقر محكمة النقض فيما ذهبت إليه .

ويرى الأستاذ أنور سلطان ( فقرة 183 ) وجوب حسن النية لصحة التسجيل ، فيكفى لاعتبار المشترى الثانى سيء النية أن يكون عالماً بالتصرف الأول ولا يشترط تواطؤه مع البائع ، ويستند فى ذلك إلى نص الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون الشهر .

ويرى الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى ( فقرة 105 - 107 ) أن حسن النية لا يشترط لصحة التسجيل ، ولكن يشترط عدم التواطؤ ، فتواطؤ المشترى الثانى مع البائع يفسد التسجيل ويجعله غير نافذ فى المشترى الأول .

وسائر الفقهاء بعد ذلك يقرون محكمة النقض ، من الناحية العملية على الأقل . فيذهب الأستاذ محمد على إمام ( فقرة 177 ص 298 – ص 299 ) إلى أن التسجيل إذا أفسده التواطؤ من الناحية القانونية ، فهو صحيح من الناحية العملية دعما لقوة التسجيل . وكذلك يذهب الأستاذ عبد المنعم البدراوى ( فقرة 218 – فقرة 219 ) إلى أن الاعتداد بالتواطؤ صحيح من الناحية النظرية ، وغير صحيح من الناحية العملية ، وعلى أساس الناحية العملية يؤيد قضاء محكمة النقض . ويرى الأستاذ جميل الشرقاوى ( البيع ص 180 – رسالة البطلان فقرة 54 وهامش ص 157 ) صحة التسجيل ولو مع التواطؤ ، باعتبار أن التسجيل عنصر فى إثبات الحق العقارى استلزمه القانون استلزاماً مطلقاً بحيث لا تحل محله وسيلة أخرى لتكميل دلالة السند المثبت للحق العقارى المراد الاحتجاج بوجوده . ويرى الأستاذ منصور مصطفى منصور ( فقرة 72 ص 125 – 126 ) أن اشتراط حسن النية وإن كان يتفق مع عبارة المادة 17 من قانون الشهر ، إلا أنه يتضح من مذكرة هذا القانون ومن مناقشات اللجنة التى وضعته أن المشرع لم يشأ أن يفصل فى هذه المسألة ، وأن القول بأن التواطؤ يفسد التسجيل لا يتفق مع الاتجاه الذى يسير نحوه المشرع المصرى من الأخذ بنظام التسجيل العينى . ويخلص إلى القول بأن اتجاه محكمة النقض هو الذى سوف يستقر ، ويكفى أن تكون محكمة النقض قد أخذت برأى فى مسألة محل للنظر حتى تسير معها المحاكم الأخرى ، وخصوصاً أن هذا هو الرأى الذى استقر قبل قانون الشهر العقارى . ويقر الأستاذ إسماعيل غانم ( مذكرات غير مطبوعة فى البيع ص 93 – ص 94 ) محكمة النقض على ما ذهبت إليه .

ويقول الأستاذ سليمان مرقس ( عقد الإيجار فقرة 122 ص 205 هامش رقم 3 – البيع والإيجار فقرة 211 ص 286 هامش 1– وأنظر أيضاً الأستاذ محمد على عرفه فى أسباب كسب الملكية سنة 1955 فقرة 194 ص 355 ) إن شرط حسن النية المذكورة فى الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون الشهر مقصور على دعاوى الطعن فى تصرفات مسجلة ، يترتب عليها فسخ أو بطلان أو إلغاء التصرف بأثر رجعى من وقت حصول التصرف ، فجاء شرط حسن النية للحد من هذا الأثر الرجعى بالنسبة إلى الغير حسن النية ، فلا يرجع الأثر إلا إلى وقت تسجيل صحيفة الدعوى . ويذهب إلى أن المشرع بإضافته إلى هذه الدعاوى دعوى الاستحقاق ودعوى صحة التعاقد تزيد دون مبرر . ففى دعوى الاستحقاق المرفوعة من المالك الحقيقى ضد الحائز للعقار يكون الحكم للمالك بالاستحقاق نافذاً فى حق من اشترى من الحائز ، ولو كان هذا الأخير حسن النية وسجل سنده قبل تسجيل صحيفة دعوى الاستحقاق . وفى دعوى صحة التعاقد وفاء هذا بالتزامه نحو المشترى الأول وفاء عينيا غير ممكن ، فيمتنع الحكم بصحة التعاقد ونفاذه ، ولا يبقى إلا الحكم بالتعويض .

وما يقوله الأستاذ سليمان مرقس من أن شرط حسن النية جاء ليحد من الأثر الرجعى لبطلان التصرف أو فسخه هو قول صحيح . وما يقوله من أن شرط حسن النية فى دعوى الاستحقاق لا محل له ، آت من أنه تصور دعوى الاستحقاق فى صورتها المألوفة . ولكن الصورة التى يتصور فيما شرط حسن النية فى دعوى الاستحقاق هى عندما يكون الحائز وهو غير مالك يستطيع أن يملك الغير ، كما هى الحال فى المشترى بعقد صورى وفى الوارث الظاهر ( أنظر آنفاً فقرة 263 فى الهامش ) . أما ما يقوله من أن شرط حسن النية لا محل له من الناحية العملية فى دعوى صحة التعاقد فقول فى حاجة إلى الاستقصاء . ذلك أن المثل الذى أتى به يمكن أن يثير شرط حسن النية على الوجه الآتى : يقيم المشترى الأول دعوى صحة التعاقد على البائع ، ويدخل فى الدعوى المشترى الثانى الذى سبق إلى تسجيل سنده قبل تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد . فإذا احتج المشترى الثانى " بسبقه إلى التسجيل حتى يحول دون الحكم بصحة التعاقد ، دفع المشترى الأول ببطلان التسجيل لتواطؤ المشترى الثانى مع البائع . فإذا استطاع إثبات التواطؤ ، وكانت المحكمة من رأيها أن التواطؤ يفسد التسجيل ، فلا مانع من الحكم للمشترى الأول بصحة التعاقد ، وتسجيل هذا الحكم ينقل إليه هو ملكية العقار .
( [965] )          ويقول الدكتور محمود شوقى ، وكان الأمين العام لمصلحة الشهر العقارى ، فى هذا الصدد ما يأتى : " ونرى أنه يجب الأخذ بالمبادئ العامة فى شأن كافة المحررات على اعتبار أن التدليس يفسد المحررات المسجلة كما يفسد أى محرر آخر ، تطبيقاً للمبدأ القائل بأن التدليس يفسد أى محرر . . . ولا عبرة القول بأن قانون تنظيم الشهر العقارى قد أخذ بجميع إجراءات نظام السجل العينى ، وعلى هذا يجب أن يكون لإجراء التسجيل حجية مطلقة قبل الكافة . إذ أن القانون رقم 114 لسنة 1946 ليس إلا خطوة تمهيدية اتخذت فى سبيل الإصلاح النهائى المرتقب والذى يجب فيه أن يمسك السجل العينى . وهذا السجل لا يدرج فيه محرر إلا بأمر من القائم على هذا السجل ، والقائم على أمر السجل يكون عادة قاضياً من القضاة النظامين . أما وهذا النظام العينى المحكم لم ينفذ بعد ، فلا موجب أن يقتبس منه جزء لا يتفق ونظام التسجيل الشخصى عموماً ، وعلى الأخص فى مصر حيث الملكية العقارية ما زالت فى حاجة إلى كثير من العناية والدقة لتضبط على أساس سليم " ( الشهر العقارى علما وعملا ص 313 – ص 314 ) .
( [966] )          أو يقال إن المشترى الثانى المتواطئ مع البائع قد أضر بالمشترى الأول ، فوجب عليه التعويض . وخير تعويض هو التعويض العينى ، فلا ينفذ البيع المسجل فى حق المشترى الأول ، فيستطيع هذا أن يثبت ملكيته فى العقار المبيع بتسجيل سنده .

ويلاحظ هنا أن المعيب ليس هو التسجيل ، بل هو التصرف الثانى ذاته الذى كان محل للتسجيل . وسبب العيب هو الغش أو التواطؤ ، فالغش يفسد التصرف القانونى ، ولا يستطيع التسجيل أن يصحح هذا الفساد .
( [967] )          الوسيط جزء 2 فقرة 588 ص 1030 .
( [968] )          وجاء فى الحاشية رقم 4 من ص 1030 من الجزء الثانى من الوسيط إشارة إلى بعض الفقهاء الذين يقرون هذا الرأى وهم : لوران 24 فقرة 16 – جروبييه فقرة 263 وما بعدها – ريبير فى القاعدة الخلفية فى الالتزام فقرة 170 – فقرة 171 – ديموج 7 فقرة 1080 وما بعدها – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 937 – فقرة 938 – دى هلتس جزء أول فى الدعوى البولصية Action Paulienne فقرة 48 .
( [969] )          وهذا ما قلناه فى الجزء الثانى من الوسيط ، فقد عقبنا على ما سبق أن أوردناه فى هذا الصدد بما يأتى : ويترتب على ما تقدم أنه إذا باع شخص عقاراً ولم يسجل المشترى ، ثم باعه ثانية من مشترى آخر ، وبادر المشترى الثانى إلى التسجيل متواطئاً مع البائع على الإضرار بالمشترى الأول ، أمكن لهذا الأخير أن يطعن فى البيع الثانى بالدعوى البولصية ، إذ أن حقه قد تركز فى العقار المبيع " ( الوسيط 2 ص 1030 حاشية رقم 4 ) .

ويقرب من هذا ما قضت به محكمة استئناف مصر فى صدد تفضيل بيع غير مسجل على وقف أنشأه البائع بعد ذلك فى العقار المبيع إضراراً بالمشترى . فقد قضت هذه المحكمة بأن عدم تسجيل عقد البيع لا يبطله ولا يعدم أثره ، بل يظل العقد قائماً نافذاً ويلتزم الطرفان بجميع الالتزامات القانونية ما عدا نقل الملكية الذى يتراخى إلى ما بعد وقوع التسجيل . والمشترى بالعقد غير المسجل إنما هو دائن بالتزامات شخصية تركز على العين المبيعة ، ويصح له إذن أن يستند إلى نص المادة 53 مدنى ويطلب بطلان الوقف الذى أنشأه البائع إضراراً به ، لأن التصرف يمنع المشترى من تنفيذ الالتزامات التى تعهد بها البائع بمقتضى عقد البيع من تسهيل الإجراءات الموصلة إلى نقل ملكية العين وتسليمها له ومنع تعرضه فيها . ولا محل للقول بالتفاضل بين عقد البيع غير المسجل وحجة الوقف المسجلة ، لأن المقام ليس مقام ترجيح عقد على آخر ، والمشترى بالعقد غير المسجل لا يطالب بحق عينى مثل تثبيت الملكية أو خلافه ، بل يدفع دعوى الوقف بالقول ببطلانه ، لوقوعه إضراراً بحقوقه بصفته دائناً بالتزامات تتركز على العين الموقوفة ( استئناف مصر 31 أكتوبر سنة 1945 المجموعة الرسمية 47 رقم 40 ) .
( [970] )          أما الالتزام بالتسليم فى القانون الفرنسى –وفى القانون اللبنانى تبعاً له - فليس التزاماً بتحقيق غاية ، بل هو التزام ببذل عناية يختلط بالالتزام بالمحافظة على المبيع . فإذا هلك الشيء أو تلف بسبب أجنبى قبل التسليم ، فعجز البائع عن تسليمه دون أن يكون ذلك بخطأ منه ، برئت ذمته من الالتزام بالتسليم ، وجاز له أن يطالب المشترى بالثمن : فيكون المشترى هو الذى يتحمل تبعة الهلاك ، وسنعود إلى ذلك فيما يلى .
( [971] )          وقد أورد تقنين الموجبات والعقود اللبنانى هذه الأحكام فى المادتين 415 و 416 منه . فنصت المادة 415 على أنه " إذا هلك الشيء المعين الذى انعقد عليه البيع ، أو أصيب بعيب قبل التسليم ، بسبب فعل أو خطأ ارتكبه البائع ، حق للمشترى أن يطلب قيمة ذلك الشيء أو عوضاً مقابلا لما نقص من قيمته ، على الشروط التى بمقتضاها يحق له أن يداعى أى شخص آخر . وإذا كان المبيع من المثليات ، فعلى البائع أن يسلم بما يماثله صفة ومقداراً ، مع الاحتفاظ بحق المشترى فى طلب زيادة بدل العطل والضرر عند الاقتضاء . " ونصت المادة 416 على أنه " إذا هلك المبيع أو ناله عيب قبل التسليم بفعل أو خطأ من المشترى ، كان ملزماً باستلامه على حالته ، وبدفع ثمنه كاملا " . وهذان النصان ليسا إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيؤخذ بما ورد فيهما من الأحكام دون حاجة إلى نص .
( [972] )          وسنرى أن لتفرع الالتزام بالتسليم عن الالتزام بنقل الملكية أهمية كبيرة ، فإن الالتزام بالتسليم يكون مكملا للالتزام بنقل الملكية ، ولا يعتبر تنفيذ الالتزام الثانى كاملا إلا إذا تم تنفيذ الالتزام الأول . وإذا كان التسليم فى القانون الرومانى وفى القانون الفرنسى القديم بلغ من الأهمية أن كان هو الذى ينقل الملكية ، فإنه لا تزال له أهميته حتى اليوم ، فهو إذا كان لا ينقل الملكية فإنه يستكمل نقلها من ناحية تحمل تبعة الهلاك على الأقل كما سنرى .
( [973] )          وقواعد التسليم فى البيع هى التى تسرى فى مجموعها على كل التزام بالتسليم ، سواء كان التزاماً متفرعاً على الالتزام بنقل الملكية كما فى المقايضة والهبة والشركة والقرض والصلح ، أو كان التزاماً مستقلا كما فى الإيجار والعارية . وقد نصت المادة 566 مدنى فى عقد الإيجار صراحة على أنه " يسرى على الالتزام العين المؤجرة ما يسرى على الالتزام بتسليم العين المبيعة من أحكام ، وعلى الأخص ما يتعلق منها بزمان التسليم ومكانه وتحديد مقدار العين المؤجرة وتحديد ملحقاتها " .
( [974] )          تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 571 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 444 من المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 431 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 52 – ص 53 ) .
( [975] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 399 ( مطابقة للمادة 431 من التقنين المدنى المصرى – أنظر فى القانون المدنى السورى الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 95 ) .

التقنين المدنى الليبى م 420 ( مطابقة للمادة 431 من التقنين المدنى المصرى ) .

التقنين المدنى العراقى : لا مقابل لنص التقنين المدنى المصرى ، ولكن هذا النص ليس لا تطبيقاً للقواعد العامة فيمكن الأخذ به فى القانون العراقى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 166 – فقرة 167 – الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 393 – فقرة 395 .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 414 : يجب تسليم المبيع بحالته التى كان عليها وقت البيع ، ولا يجوز للبائع بعد ذلك أن يغير حالته . ( وهذا يطابق الحكم الوارد فى نص التقنين المدنى المصرى ) .
( [976] )          مثل ذلك أن يكون المبيع عقاراً مرهوناً وقت البيع ، فيتفق المتبايعان على أن يسلم البائع المشترى العقار خالياً من الرهن بعد شطبه ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 86 هامش 4 ) .
( [977] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 52 .
( [978] )          مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 55 هامش رقم 1 .
( [979] )          فإذا كان المبيع أرضاً داخلة فى مشروع تقسيم ( Plan de lotissement ) ، وجب تسليمها فى الحالة التى هى عليها فى مشروع التقسيم بما يشتمل عليه من شوارع وميادين ، ولكن ليس من الضرورى إنشاء هذه الشوارع والميادين فى صورة نهائية ما دامت قد شقت وأصبحت ميسرة للاستعمال العام ( استئناف مختلط 30 مايو سنة 1894 م 6 ص 310 – 26 نوفمبر سنة 1914 م 27 ص 39 – 18 مايو سنة 1916 م 28 ص 343 – 7 مايو سنة 1918 م 30 ص 409 ) . وليس البائع فى هذه الحالة ملزماً بإنشاء الشوارع والميادين ، ولكن يجب أن يترك المسافات اللازمة لها ( استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1922 م 34 ص 195 ) ، وأن يجعل المشترى ينتفع بها ( استئناف مختلط 7 يونيه سنة 1934 م 46 ص 321 ) ، وللمشترى صفة فى طلب هدم المبانى التى تقام فى الشوارع المصممة ( استئناف مختلط 30 أكتوبر سنة 1945 م 58 ص 4 ) . أما إذا وقف البائع بقية الأرض المقسمة ولم يقسم بشق الشوارع والميادين ، جاز للمشترى فسخ البيع ( استئناف مختلط 12 مارس سنة 1914 م 26 ص 281 – 7 مايو سنة 1918 م 30 ص 407 ) .

وإذا كانت الأرض المبيعة ليس لها ممر يصلها بالطريق العام ، سلمها البائع للمشترى على هذه الحالة ، ولا يكون ملتزماً بإيجاد ممر لها إلى الطريق العام إلا بشرط خاص ( استئناف مختلط 7 يناير سنة 1897 م 9 ص 101 ) .
( [980] )          أو عرف متبع ، وذلك كالحالة التى يسلم بها البائع القطن المبيع ، فيرجع إلى العرف فى تحديد هذه الحالة وفى تعيين مرتبة القطن بحسب المتعارف فى بورصة مينا البصل ( استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1922 م 35 ص 117 ) .
( [981] )          الوسيط جزء أول فقرة 223 – بودرى وسينيا فقرة 312 .

وإذا كانت حالة المبيع غير الحالة الواجبة ، كان على المشترى وقت تسلم البضاعة أن يطلب من قاضى الأمور المستعجلة معاينة البضاعة أو تعيين خبير لمعاينتها ، وكذلك يجوز للبائع ، إذا ادعى أن الحالة هى الحالة الواجبة ، أن يطلب هذه المعاينة ( استئناف مختلط 3 مارس سنة 1909 م 21 ص 239 – 31 أكتوبر سنة 1916 م 29 ص 25 ) . أما إذا قبل المشترى المبيع واستعمله مدة طويلة ، فليس له بعد ذلك أن يشكو أن فيه عيباً أو أنه ليس على الحالة الواجبة ( استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1917 م 30 ص 54 – 26 يناير سنة 1919 م 31 ص 179 ) .
( [982] )          استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1917 م 30 ص 54 – 26 يناير سنة 1919 م 31 ص 179 ( وهما الحكمان المشار إليهما فى الحاشية السابقة ) . هذا وقد قضت المادة 99 من التقنين التجارى ، فى العلاقة بين صاحب الأشياء المنقولة وأمين النقل ، بأن " استلام الأشياء المنقولة ودفع أجرة النقل مبطلان لكل دعوى على أمين النقل وعلى الوكيل فى ذلك بالعمولة ، إذا كان العيب الذى حصل فيها ظاهراً من خارجها . وأما إذا كان غير ظاهر ، فيجوز إثباته بمعرفة محضر أو شيخ البلد . ولكن لا تقبل الدعوى بالعيب المذكور إلا إذا حصل الإخبار بها فى ظرف ثمان وأربعين ساعة من وقت الاستلام ، وقدم الطلب للمحكمة فى ظرف ثلاثين يوما ، ويضاف إلى هذين الميعادين ميعاد مسافة الطريق " . وغنى عن البيان أن هذه الإجراءات والمواعيد القصيرة لا تنطبق إلا فى العلاقة ما بين صاحب الأشياء المنقولة وأمين النقل ، ولا محل لتطبيقها فى العلاقة ما بين البائع والمشترى ، فلو سكت المشترى مدة أطول من المدة المنصوص عليها فى المادة 99 تجارى لا يسقط حقه لمجرد هذا السكوت ، إلا إذا تبين من الظروف أنه قصد النزول عن حقه ( أنظر بودرى وسينيا فقرة 312 مكررة ثانياً ويشيران إلى المادة 105 تجارى فرنسى ) .
( [983] )          بودرى وسينيا فقرة 312 مكررة رابعاً – دى باج 4 فقرة 99 – الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 252 – الأستاذ جميل الشرقاوى فقرة 60 ص 197 – ص 198 .

وإذا كان المبيع عيناً معينة بالذات ، فإذا كانت قد وصفت حالتها فى عقد البيع ، وأدعى المشترى أنها عند التسليم لا تطابق هذه الحالة ، فعلى البائع أن يثبت مطابقة المبيع للحالة الموصوفة فى عقد البيع ، لأنه هو المدين بتسليم المبيع فى هذه الحالة التى كان عليها وقت البيع ، فعليه عبء إثبات أنه وفى التزامه على هذا النحو كما سبق القول . وإن كان المبيع لم توصف حالته فى عقد البيع ، فالمفروض بقاء الشيء على أصله ، وأن المبيع لم تتغير حالته عند التسليم عما كان عليه وقت البيع ، وإذا أدعى المشترى غير ذلك فعليه عبء الإثبات . وقد قدمنا أن لكل من المشترى البائع أن يطلب من قاضى الأمور المستعجلة معاينة المبيع أو تعيين خبير لمعاينته ( أنظر آنفاً فقرة 294 فى الهامش ) ، وهذا مما ييسر الإثبات على كل منهما .
( [984] )          ويجب التمييز بين رجوع المشترى على البائع بالتنفيذ العينى أو التعويض أو الفسخ لعدم مطابقة حالة المبيع للحالة التى كان عليها وقت البيع ، وبين رجوع المشترى على البائع بالعيوب الخفية فى المبيع . فعدم المطابقة يفترض أن حالة المبيع تختلف وقت التسليم عنها وقت المبيع ، العيب الخفى فيفترض أن المبيع بحالته وقت البيع إلا أن فيه عيباً خفياً لم يكن المشترى يعرفه . دعوى الفسخ للعيب الخفى تسقط بسنة من تاريخ تسليم المبيع ، أما دعوى الفسخ لعدم المطابقة تسقط إلا بخمس عشرة سنة .

ويجب التمييز كذلك بين دعوى عدم المطابقة هذه ودعوى الغلط فى المبيع ، إذ الغلط يفترض أن إرادة المشترى معيبة فهو حالة نفسية ، أمام عدم المطابقة فهو حالة مادية . والغلط جزاؤه دعوى إبطال وتسقط بثلاث سنوات ، أما عدم المطابقة فالدعوى فيه لا تسقط إلا بخمس عشرة سنة كما قدمنا . وكالغلط عدم العلم الكافى بالمبيع أو خيار الرؤية ( أنظر عبد المنعم البدراوى فقرة 253 ويشير إلى تعليقات الأستاذ هيمار فى المجلة الفصلية للقانون التجارى 1948 ص 157 و ص 360 ) .
( [985] )          نقض مدن 8 ديسمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 81 ص 152 – 29 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 228 ص 601 .
( [986] )          أنظر فى كل ذلك المادتين 924 و 980  /  2 مدنى .
( [987] )          أنظر المادة 980  /  3 مدنى .
( [988] )          بودرى وسينيا فقرة 311 ص 313 وفقرة 325 .
( [989] )          بودرى وسينيا فقرة 312 مكررة رابعا .
( [990] )          بودرى وسينيا فقرة 312 مكررة أولا .
( [991] )          أنظر آنفاً فقرة 125 – وأنظر المادة 420 مدنى .
( [992] )          تاريخ النصوص : م 433 : ورد هذا النص فى المادة 574 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - إذا ضمن البائع للمشترى أن المبيع يشتمل على قدر معين ، كان مسئولا على هذا القدر حسب ما يقضى به العرف ، ما لم يتفق على غير ذلك . على أنه لا يجوز للمشترى أن يطلب فسخ العقد لنقص فى المبيع ، إلا ذا كان هذا النقص من الجسامة بحيث يصبح تنفيذ العقد عديم الجدوى بالنسبة للمشترى . 2 - أما إذا تبين أن القدر الذى يشتمل عليه المبيع يزيد على ما ذكر فى العقد ، وكان الثم مقدراً بحساب الوحدة ، وجب على المشترى أن يكمل الثمن ، إلا إذا كان الزيادة جسيمة فيجوز له أن يطلب فسخ العقد " . وقد أقرت لجنة المراجعة النص مع تعديلات لفظية طفيفة ، وأصبحت المادة رقمها 446 فى المشروع النهائى – وفى لجنة الشئون التشريعية لمجلس النواب استبدلت عبارة " إذا عين فى العقد مقدار المبيع ، كان المبيع مسئولا " بعبارة " إذا ضمن البائع للمشترى أن المبيع يشتمل على قدر معين ، كان مسئولا " فى صدر الفقرة الأولى . ووافق مجلس النواب على هذا التعديل . وفى لجنة الشيوخ اعترض على عبارة " عديم الجدوى " الواردة فى الفقرة الأولى ، إذ ما من عقد إلا وله جدوى . ورأت اللجنة أن تستبدل فى الفقرة الأولى بعبارة " إلا إذا كان هذا النقض من الجسامة بحيث يصبح تنفيذ العقد عديم الجدوى بالنسبة للمشترى " عبارة " إلا إذا أثبت أن هذا النص من الجسامة بحيث أنه لو كان يعلمه لما أتم العقد . وذكر فى تقرير اللجنة أنه " قد جعل أساس للفسخ عدم إتمام العاقد للعقد لو أنه كان يعلم بوجود النقص ، أخذاً بالمعيار العام الذى وضع فى شأن الغلط " . وأضافت اللجنة إلى الفقرة الثانية عبارة " إذا كان المبيع غير قابل للتبعيض " لزيادة الإيضاح . فأصبح النص بعد هذه التعديلات مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمه 433 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 59 وص 61 - 63 ) .

م 434 : ورد هذا النص فى المدة 575 من المشروع التمهيدى مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 447 من المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 434 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 64 – ص 66 ) .
( [993] )          التقنين المدنى السابق م 290  /  363 : على البائع أن يسلم المبيع بمقداره أو وزنه أو مقاسه المبين له فى عقد البيع .

        م 291  /  364 – 365 : الأشياء التى يقوم بعضها مقام بعض إذا بيعت جملة وتعين مقدارها مع تعيين الثمن باعتبار آحادها ، ووجد مقدارها الحقيقى أقل من المقدر فى العقد ، فللمشترى الخيار بين فسخ البيع وبين إبقائه مع تنقيص الثمن تنقيصاً نسبياً . وإذا زاد الموجود عن المقدار المعين ، فالزيادة للبائع .

        م 292  /  366 : إذا كان المبيع من الأشياء التى تقاس أو تكال أو توزن ولا يمكن انقسامه بغير ضرر ، وكان قد تعين فى عقد البيع مقدار المبيع وثمنه باعتبار آحاده ، ففى حالة وجود نقص أو زيادة فى المقدار المعين ، يكون للمشترى الخيار بين فسخ البيع وبين أخذ الموجود بالكامل مع دفع ثمنه بالنسبة لقدره الحقيقى . أما إذا كان الثمن تعين جملة ، فللمشترى الخيار بين فسخ البيع وبين أخذ المبيع بالثمن المتفق عليه .

        م 293  /  367 : لا يجوز للمشترى فسخ البيع فى الأحوال المذكورة فى المادة السابقة إلا إذا كان الغلط زائداً على نصف عشر الثمن المعين .

        م 294  /  368 : إذا كان هناك وجه لفسخ البيع ، فعلى البائع رد الثمن الذى قبضه مع رسوم العقد والمصاريف التى صرفها المشترى بموافقة القانون .

        م 295  /  369 : وضع المشترى يده على المبيع مع علمه بالغلط الواقع فيه يسقط حقه فى اختيار فسخ البيع ، إلا إذا حفظ حقوقه قبل وضع يده حفظاً صريحاً .

        م 296  /  370 : حق المشترى فى فسخ البيع أو فى تنقيص الثمن ، كذلك حق البائع فى طلب تكميل الثمن ، يسقطان بالسكوت عليهما سنة واحدة من تاريخ العقد . ( ملاحظة : كان هناك شك فيما إذا كانت هذه المدة مدة سقوط أو مدة تقادم ، فحسم التقنين الجديد بالنص صراحة على أن المدة مدة تقادم ) .

        وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى شأن نصوص التقنين المدنى السابق ما يأتى : " يتصل بتحديد المبيع أن يكون البائع قد ضمن للمشترى قدراً معيناً منه ، كما إذا كان المبيع قطعة أرض وبيعت على أنها كذا متراً أو كذا فدانا ، إذا كان المبيع بوجه عام شيئاً مما يعد أو يوزن أو يقاس أو يكال . وقد تضمن التقنين الحالى ( السابق ) نصوصاً كثيرة فى هذا الموضوع . . وهى نصوص مأخوذة من الشريعة الإسلامية ( مرشد الحيران م 448 – 453 – المجلة م 221 – 229 ) وتميز فى الأشياء التى يقوم بعضها مقام بعض بين ما لا يضره التبعيض وما يضره . ففى الحالة الأولى ، إذا تعين مقدار المبيع مع تعيين الثمن بسعر الوحدة ، فالزيادة للبائع ، لأن المبيع لا يضره التبعيض ولم تدخل فيه الزيادة . وإذا نقص المبيع ، فللمشترى أن يفسخ البيع أو يبقيه مع إنقاص الثمن ، ولا يجوز الفسخ إلا إذا كان النقص أكثر من واحد على عشرين . ولم تعرض مع إنقاص الثمن ، ولا يجوز الفسخ إلا إذا كان النقص أكثر من واحد على عشرين . ولم تعرض النصوص لحالة ما إذا تعين الثمن جملة واحدة ، ولكن الظاهر أن هذه الأحكام نفسها هى التى تنطبق . أما إذا كان المبيع يضره التبعيض ، وتعين ثمنه بسعر الوحدة ، فإن زاد أو نقص ، كان المشترى بالخيار بين الفسخ ( إذا كانت الزيادة أو النقص أكثر من واحد على عشرين ) أو إبقاء البيع مع دفع الثمن بنسبة القدر الحقيقى ، لأن تجزئة المبيع فى هذا الغرض لا تجوز إذا التبعيض يضر . فإذا تعين الثمن جملة واحدة ، وزاد المبيع أو نقص فللمشترى الخيار بين الفسخ إذا كان النقص أكثر من واحد على عشرين ، أو إبقاء المبيع بالثمن المتفق عليه ، ولا يزيد الثمن أو ينقص هنا . ويعللون ذلك بأن المبيع لا يقبل التبعيض وقد بيع بثمن مسمى جملة واحدة ، فبيان مقدار المبيع فى مثل هذه الظروف يكون على سبيل الوصف ، والوصف لا يقابله شيء من الثمن . وإنما أعطى للمشترى حق الفسخ فى صورة النقص ولم يعط للبائع هذا الحق فى صورة الزيادة ، لأن المبيع كان فى يد البائع لا فى يد المشترى ، وإذا عذر المشترى الذى يجهل حالة شيء لم يكن فى يده ، فلا عذر للبائع فى أمر كانت الحيطة تقضى عليه فيه أن يتبين قدر ما يبيع قبل الإقدام على بيعه – ولم ير المشروع أن يورد كل هذه التفضيلات ، وبعضها يكفى فى استخلاصه القواعد العامة ، وبعضها ينطوى على شيء من التحكم ويحسن تركه للظروف واتفاق المتعاقدين . فاقتصر على نص يعتبر تلخيصاً لما تقدم من الأحكام ، وهو منقول على التقنين البولونى والمشروع الفرنسى الإيطالى . ويقضى هذا النص بأن البائع يضمن للمشترى القدر الذى عينه للمبيع حسب ما يقضى به العرف ، وقد يقضى بالمجاوزة عن قدر مسموح به زيادة أو نقصاً . ومعنى الضمان أن المبيع إذا نقص عن القدر المعين ، كان للمشترى أن يفسخ إذا كان النقص جسيماً . . ( ولا يشترط أن يكون النقص واحداً على عشرين ) ، أو أن ينقص الثمن بقدر ما أصابه من الضرر ( وليس من الضرورى أن يكون إنقاص الثمن بنسبة ما نقص من المبيع ، فقد يكون الضرر أكثر أو أقل من ذلك ) . ولا فرق فى حالة نقص المبيع بين ما إذا كان المبيع يضره التبعيض أو لا يضره ، وبين ما إذا كان الثمن محدداً بسعر الوحدة أو مقدراً جملة واحدة . أما إذا زاد المبيع ، وكان الثمن مقدراً جملة واحدة ، فالغالب أن المتعاقدين قصدا أن يكون المبيع بهذا الثمن ولو زاد على المقدار المعين –وهذا يتفق مع ما سبق ذكره من أن الوصف لا يقابله شيء من الثمن - لذلك يبقى البيع ولا يطالب المشترى بزيادة الثمن ، إلا إذا كان هناك اتفاق على غير ذلك . فإذا عين الثمن بسعر الوحدة ، فلا تمييز بين ما يضره التبعيض وبين ما لا يضره ، بل يكمل المشترى الثمن فى الحالتين بقدر زيادة المبيع ، فإن كانت جسيمة جاز له أن يطلب فسخ العقد . وغنى عن البيان أن هذه الأحكام كلها ليست إلا تطبيقاً للقواعد العامة وتفسيراً لنية المتعاقدين ، ولا تعتبر من النظام العام ، فهى تطبق ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغيرها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 59 – ص 61 ) . ويلاحظ أنه أدخل على نصوص المشروع تعديل فى لجنة الشيوخ كما سبق القول ، يقضى بأنه فى حالة الزيادة ، إذا كان الثمن معيناً بسعر الوحدة ، وجب التمييز بين ما إذا كان المبيع يضره التبعيض أو لا يضره ، وقد أورد النص الحكم فى حالة ما إذا كان المبيع يضره التبعيض ، وسكت عن حالة ما إذا كان المبيع لا يضره التبعيض ، ويبدو أن الزيادة فى هذه الحالة تكون للبائع كما سيأتى .

        ثم جاء فى مكان آخر من المذكرة الإيضاحية فى خصوص المادتين 294  /  368 و 295  /  369 : " ولم ير المشروع محلا للكلام فى أثر الفسخ ( م 294  /  368 ) فهو خاضع للقواعد العامة ، ولا للنص على أن وضع المشترى يده على المبيع مع علمه بالغلط الواقع فيه يسقط حقه فى اختيار فسخ البيع إلا إذا حفظ حقوقه قبل وضع يده حفظاً صريحاً ( م 295  /  396 ) ، فإن هذا الحكم ظاهر لا حاجة للنص عليه ، بل إن حق المشترى فى طلب إنقاص الثمن –لا الفسخ وحده - يسقط إذا دلت الظروف على أن المشترى قد تنازل عنه ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 65 ) .

        وهذا وقد أخذت نصوص التقنين المدنى السابق –كما جاء فى المذكرة الإيضاحية - من مجموع أحكام الفقه الإسلامى ( أنظر فى الأحكام الفقه مصادر الحق فى الفقه الإسلامى للمؤلف جزء 3 ص 76 – ص 79 – وأنظر فى تفسير هذه النصوص الأستاذين أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 320 - 324 ) .
( [994] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى :

        التقنين المدنى السورى م 401 - 402 ( مطابقتان للمادتين 433 - 443 من التقنين المدنى المصرى – أنظر فى القانون المدنى السورى مصطفى الزرقا فقرة 106 - فقرة 113 ) .

        التقنين المدنى الليبى م 422 - 423 ( مطابقتان للمادتين 433 - 434 من التقنين المدنى المصرى ) .

        التقنين المدنى العراقى م 543 : إذا بيعت جملة من المكيلات أو جملة من الموزونات أو المذروعات التى ليس فى تبعيضها ضرر أو العدديات المتفاوتة مع بيان قدرها ، وسمى ثمنها جملة أو بسعر الوحدة ، ثم وجد المبيع عند التسليم ناقصاً ، كان المشترى مخيراً إن شاء فسخ البيع وإن شاء أخذ المقدار الموجود بحصته من الثمن . وإذا ظهر المبيع زائداً ، فالزيادة للبائع .

        م 544 : 1 - إذا بيعت جملة من الموزونات أو المذروعات التى فى تبعيضها ضرر أو من العدديات المتفاوتة مع بيان قدرها ، وسمى ثمنها جملة ، ثم وجد المبيع عند التسليم ناقصاً ، فللمشترى فسخ البيع أو أخذ المبيع بكل الثمن ، إلا إذا اتفق مع البائع وقت التعاقد على أخذ المقدار الموجود بحصته من الثمن .

        2 - وإذا وجد المبيع زائداً ، فالزيادة للمشترى ، على أنه يجوز الاتفاق وقت التعاقد على أن يعطى البائع عوضاً فى مقابل الزيادة .

        م 545 : إذا بيعت جملة من الموزونات أو المذروعات التى فى تبعيضها ضرر أو من العدديات المتفاوتة مع بيان قدرها ، وسمى ثمنها بسعر الوحدة ، ثم وجد المبيع زائداً أو ناقصا عند التسليم ، فللمشترى فخس البيع أن أخذ المبيع بحصته من الثمن .

        م 546 : 1 - فى الأحوال المنصوص عليها فى المواد الثلاث السابقة لا يكون للمشترى الحق فى الفسخ ، ولا يكون للبائع حق فيما يظهر من زيادة فى المبيع ، إلا إذا كان النقص أو الزيادة قد جاوز خمسة فى المائة من القدر المحدد للشيء المبيع .

        2 - وعلى كل حال لا تسمع دعوى المشترى أو البائع بمقتضى المواد الثلاث السابقة بعد انقضاء ثلاثة أشهر من وقت تسليم المبيع للمشترى تسليما فعليا .

        ( تتفق هذه الأحكام مع أحكام التقنين المصرى فيما عدا أمرين : ( 1 ) تحديد الزيادة أو النقص فى التقنين العراقى بخمسة فى المائة . ( 2 ) تحديد مدة عام سماع الدعوى فى التقنين العراقى بثلاثة أشهر ، وفى التقنين المصرى مدة التقادم سنة . أنظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 171 – فقرة 177 – الأستاذ عباس الصراف فقرة 396 – فقرة 402 ) .

        تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 422 : إن البائع ملزم بتسليم محتوى المبيع كما نص عليه فى العقد ، مع مراعاة التعديلات الآتى بيانها .

        م 423 : إذا بيع عقار مع تعيين محتواه وسعر الوحدة القياسية ، وجب على البائع أن يسلم المشترى ، عند تشبثه ، الكمية المعينة فى العقد ، وإذا لم يتمكن من ذلك أو يتشبث به المشترى ، تحتم على البائع قبول تخفيض نسبى فى الثمن . أما إذا وجد المحتوى زائداً عما هو معين فى العقد ، وكانت الزيادة جزءاً من عشرين على المحتوى المعين ، فللمشترى أن يختار إما أداء الزيادة فى الثمن وإما الرجوع فى العقد .

        م 424 : إذا كان عقد الشراء ، فى الأحوال المعينة فى المادة السابقة ، يقضى بالرجوع إلى مدرجات خرائط المساحة ، فلا وجه لرفع الثمن أو خفضه إلا إذا كان الفرق المتحقق بعد القياس يتجاوز القدر المتسامح به .

        م 425 : إذا عقد البيع على عين معينة محدودة أو على عقارات متميزة مستقلة ، سواء بدئ بتعيين القياس أو بتعيين المبيع ثم القياس بعده ، فإن بيان القياس لا يخول البائع حق استزادة الثمن إذا وجد القياس زائداً ، ولا المشترى حق تخفيضه إذا وجد ناقصاً .

        م 426 : وفى جميع الأحوال التى يستعمل فيها المشترى حق الرجوع عن العقد يجب على البائع أن يرد إليه الثمن إذا كان قد قبضه ونفقات العقد أيضاً .

        م 427 : إن دعوى البائع لاستزادة الثمن ودعوى الشارى لتخفيضه أو لفسخ العقد يجب أن تقاما فى خلال سنة من يوم التعاقد ، وإلا سقط الحق فى إقامتها .

        ( ونصوص التقنين اللبنانى مأخوذة من نصوص التقنين الفرنسى المواد 1616 - 1623 ) .
( [995] )          أما إذا لم يعين مقداره ، ثم ظهر أقل مما يعتقد المشترى أو أكثر مما يعتقده البائع ، فلا يطعن فى العقد إلا بالغلط إذا توافرت شروطه ( الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 75 ص 132 ) .
( [996] )          استئناف مختلط 19 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 59 – 5 أبريل سنة 1905 م 17 ص 196 – وفى بيع المحصول إذا قدر برقم معين ونقص عن هذا الرقم ، لم يكن البائع مسئولا عن هذا النقص إذا هو أثبت أنه بذل العناية المألوفة فى الزراعة ( استئناف مختلط 28 يناير سنة 1903 م 15 ص 108 ) . فإذا طرأ طارئ ، كنقص فى مياه الرى أو فيضان ، وجب عليه إخطار المشترى حتى يتمكن هذا من المعاينة والتحوط بقدر الإمكان ، وإلا كان البائع مسئولا ( استئناف مختلط أول مارس سنة 1905 م 17 ص 138 – 3 مارس سنة 1910 م 22 ص 211 – 12 يناير 1911 م 23 ص 111 – 13 يونيه سنة 1912 م 24 ص 407 – 14 مايو سنة 1913 م 25 ص 376 – أول ديسمبر سنة 1927 م 40 ص 60 – 27 مارس سنة 1930 م 42 ص 392 – 18 فبراير سنة 1932 م 44 ص 192 – 21 مارس سنة 1934 96 ص 219 – 24 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 48 – 17 ديسمبر سنة 1945 م 58 ص 16 ) . ويجب أن يكون البيع واقعاً على محصول الأرض لا على كمية معينة ( استئناف مختلط 10 مايو سنة 1905 ص 259 ) . وقد يشترط البائع عدم ضمان العجز فلا يضمن ضمان العجز فيضمن ( استئناف مختلط 24 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 48 – 23 مارس سنة 1944 م 56 ص 91 ) . وقد يكون تحديد الكمية فى ظروف تمكن البائع من التثبت من مقدار المحصول على وجه الدقة فيتقيد بهذه الكمية ( استئناف مختلط 19 يناير سنة 1922 م 34 ص 124 ) .
( [997] )          فإذا أبرم العقد قبل 15 أكتوبر سنة 1949 سرى التقنين السابق ، وإلا فيسرى التقنين الجديد .
( [998] )          ويكون الثمن مقدراً بحساب الوحدة ولو ذكر فى العقد إلى جانب سعر الوحدة مجموع الثمن ، فالمجموع فى هذه الحالة لا يعدو أن يكون عملية حسابية هى حاصل ضرب سعر الوحدة فى مجموع الوحدات ( استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1903 م 16 ص 20 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 323 – الأستاذ عبد المنعم البدراوى ص 396 هامش 1 – الأستاذ منصور مصطفى منصور . ص 134 هامش 2 ) .
( [999] )          أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ، فهى تجعل قدر المبيع وصفاً لا أصلا –فلا يقابله شيء من الثمن - إذا كان الثمن قد قدر جملة واحدة ، دون تمييز بين ما إذا كان المبيع قابلا للتبعيض أو غير قابل له . ويترتب على ذلك أن تكون الزيادة للبائع إذا كان الثمن مقدراً بحساب الوحدة ، وتكون للمشترى إذا كان الثمن مقدراً جملة واحدة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 61 ) .
( [1000] )         مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 61 – ويبرر هذا الحكم أن المبيع كان فى يد البائع وكان فى وسعه أن يعرف مقداره . فإذا قصر فى ذلك ، وباعه بثمن مقدر جملة واحدة ، فليس له أن يحتج بتقصيره بل دل ذلك على أنه ارتضى هذا الثمن فى كل المبيع .
( [1001] )         والبائع هو المسئول ولو كان قبل البيع شريكا فى الشيوع ثم أفرز نصيبه وباعه مفرزا ، فإن الشريك الآخر لا شأن له بالعجز الذى يظهر فى المبيع . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت حالة الشيوع بين الشريكين قد زالت بقسمة الأرض بينهما ، وأصبح كل منهما وقت أن تصرف فى حصته مالكاً لها ملكاً مفرزاً محدداً ، فإن أيهما لا يضمن فى هذه الحالة إلا المساحة التى يبيعها على التحديد فى عقد البيع ، ولا شأن للآخر بأى عجز يظهر فى المبيع . وذلك لأن تحميل كل منهما نصيباً من العجز لا يكون إلا مع بقاء حالة الشيوع بينهما ، أما بعد القسمة فإن كلا منهما يتحمل العجز الذى وقع فى الحصة التى اختص بها ( نقض مدنى 30 نوفمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 9 ص 72 ) .
( [1002] )         ويسرى هذا التقادم حتى لو كان البيع بالمزاد الجبرى ( استئناف مختلط 12 مارس سنة 1913 م 25 ص 223 – 12 أبريل سنة 1922 م 34 ص 300 – 3 أبريل سنة 1923 م 35 ص 335 ) – هذا ولا تسرى مدة التقادم هذه إلا لعجز أو زيادة فى مقدار المبيع الذى تعين فى العقد . أما إذا كانت الدعوى متعلقة بطلب المشترى لقطعة أرض أخرى يدعى أن المبيع يتناولها ضمن المبيع ، أو بطلب البائع استبعاد قطعة أرض يدعى أن البيع لا يتناولها ، أو كان البيع يتناول قطعاً مختلفة من الأرض وتبين أن قطعة منها لا يملكها البائع فرفع المشترى دعوى الضمان ، أو كان الثمن مقدراً تقديراً وقتياً على أن يقدر نهائياً بعد تقرير المبيع – ففى جميع هذه الأحوال لا تتقادم الدعوى –وهى ليست دعوى عجز أو زيادة - بسنة بل تتقادم بخمس عشرة سنة وهى المدة العادية للتقادم ( استئناف وطنى 30 أبريل سنة 1923 المحاماة 4 رقم 24 ص 31 – 26 ديسمبر سنة 1907 م 20 ص 41 – 24 نوفمبر سنة 1910 م 23 ص 47 – 18 أبريل سنة 1912 م 24 ص 295 – 11 فبراير سنة 1913 م 25 ص 168 – 8 يناير سنة 1914 م 26 ص 135 – 15 أبريل سنة 1915 م 27 ص 279 – 15 فبراير سنة 1916 م 28 ص 153 – 9 مايو سنة 1922 م 34 ص 386 – 24 أبريل سنة 1923 م 35 ص 392 14 ديسمبر 1926 م 49 ص 80 – 4 ديسمبر سنة 1930 م 43 ص 60 – 7 فبراير سنة 1933 م 45 ص 164 – 22 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 37 – أوبرى ورو 5 فقرة 354 ص 59 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 212 – الأستاذ محمد على إمام فقرة 190 ص 320 – ص 321 و ص 324 – الأستاذ محمد كامل مرسى فقرة 139 ص 250 – الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 257 وفقرة 259 – الأستاذ جميل الشرقاوى فقرة 60 ص 205 ) . ولا تسرى مدة السنة على الدعوى المبنية على تعهد خصوصى حصل بعد عقد البيع الأصلى وتعهد فيه المشترى بدفع ثمن الزيادة التى تظهر فى مساحة الأطيان المبيعة ( استئناف وطنى 18 أبريل سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 97 ص 193 ) .

ولا يجوز الاتفاق على زيادة السنة أو على إنقاصها ، لأن المادة 388 مدنى قد قضت بأنه لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم فى مدة تختلف على المدة التى عينها القانون ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 213 – الأستاذ محمد كامل مرسى فقرة 139 ص 250 – قارن الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 258 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن اتفاق الخصوم على ميعاد للمطالبة بقيمة العجز فى المبيع أو الزيادة فيه لا يمكن أن يترتب عليه تغيير فى المدة المقررة لسقوط هذا الحق ، وإنما يترتب عليه فقط عدم سريان مدة السنة إلا من تاريخ الميعاد المتفق عليه ( استئناف وطنى 24 أبريل سنة 1900 المجموعة الرسمية 1 ص 325 ) . ولكن يجوز أن يسقط حق المشترى فى الرجوع على البائع بسبب عجز المقدار قبل انقضاء السنة ، إذا وضع يده على المبيع وهو عالم بالعجز مما يفهم منه أنه نزل نزولا ضمنياً عن حقه ( أنظر م 215  /  296 مدنى سابق وقد تقدم ذكرها آنفاً فقرة 297 فى الهامش – الأستاذ أنور سلطان فقرة 215 – الأستاذ محمد على إمام فقرة 190 ص 324 – الأستاذ جميل الشرقاوى ص 200 هامش 1 ) .

ويجوز إبداء الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم لانقضاء سنة فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ( استئناف وطنى 20 نوفمبر سنة 1917 المجموعة الرسمية 19 رقم 26 ص 39 ) .
( [1003] )         وغنى عن البيان أنه إذا سقطت دعوى البائع بتكملة الثمن بانقضاء سنة من وقت التسليم الفعلى ، لم يعد هناك مقتض لدعوى المشترى بفسخ البيع ليتفادى دفع تكملة الثمن ، فإن هذه التكملة لن تطلب منه لسقوط دعواها بالتقادم ، هذا إلى أن دعوى الفسخ فى هذه الحالة تكون هى أيضاً قد سقطت بالتقادم مع سقوط دعوى تكملة الثمن .
( [1004] )         وقد قضت محكمة استئناف مصر فى عهد التقنين المدنى السابق بأن مدة السنة هى مدة سقوط لا مدة تقادم ( استئناف مصر 16 أبريل سنة 1930 المحاماة 10 رقم 436  /  2 ص 865 ) . ولكنها قضت بأنه إذا صادف اليوم الأخير من السنة عطلة رسمية ، امتد الأجل إلى اليوم التالى استئناف مصر 25 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 314  /  2 ص 619 ) .
( [1005] )         ولذلك كان القضاء فى بعض أحكامه يجعل مبدأ سريان السنة من وقت التسليم الفعلى ( استئناف مصر 25 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 314  /  1 ص 619 – استئناف مختلط 12 مارس سنة 1902 م 14 ص 181 – 14 نوفمبر سنة 1907 م 20 ص 7 ) . ولكنه فى أكثر الأحكام كان يجعل مبدأ السريان من وقت العقد تطبيقاً للنص الصريح ( استئناف مختلط 27 مايو سنة 1903 م 15 ص 322 – 30 مايو سنة 1906 م 18 ص 301 – 15 مايو سنة 1907 م 19 ص 249 – 9 يونيه سنة 1913 م 25 ص 422 – 28 أبريل سنة 1914 م 26 ص 354 – 11 أبريل سنة 1922 م 34 ص 200 – 7 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 14 – 5 يونيه سنة 1923 م 35 ص 487 – 14 يونيه سنة 1928 م 40 ص 430 ) . على أن محكمة الاستئناف المختلطة قد قضت بأن اتفاق المتبايعين على مقياس المبيع فى وقت معين لمعرفة العجز أن الزيادة يجعل مبدأ سريان التقادم هو وقت المقاس لا وقت العقد ( استئناف مختلط 6 مايو سنة 1915 م 27 ص 316 ) .

وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " يتبين مما تقدم فى المادة السابقة – أن هناك حالات يطلب فيها المشترى إنقاص الثمن إذا نقص المبيع نقصاً غير جسيم ، أو الفسخ إذا نقص المبيع أو زاد بقدر جسيم ، وهناك حالات يطلب فيها البائع تكملة الثمن إذا زاد المبيع زيادة غير جسيمة أو زيادة جسيمة لم تحمل المشترى على طلب الفسخ . ففى هذه الحالات جميعاً سقط الدعوى فى الفسخ أو فى إنقاص الثمن أو فى زيادته بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليماً حقيقياً . وهذا الحكم أصلح عيباً فى التقنين الحالى ( السابق ) ، إذ جعل التقادم يرى لا من وقت العقد ( م 296  /  370 ) ، بل من وقت التسليم الحقيقى للمبيع ، فلا يكفى التسليم السورى . وظاهر أن التسليم الحقيقى وحده هو الذى يهيئ للمشترى وللبائع كشف حقيقة النقص الزيادة فى المبيع ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 65 ) .

ويلاحظ أنه إذا أبرم عقد بيع قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ، ونشأ عن هذا العقد دعوى ص ثمن أو فسخ أو تكملة ثمن لوجود نقص أو زيادة فى المبيع ، فإن التقادم يسرى من وقت وفقاً لأحكام التقنين المدنى السابق . أما إذا كان البيع قد أبرم فى تاريخ غير سابق على أكتوبر سنة 1949 ، فإن أحكام التقنين الجديد هى التى تسرى ، ولا يبدأ التقادم إلا من وقت تسليم المبيع تسليماً فعلياً . وقد ورد نص صريح فى هذه المسألة ، إذ نصت المادة 7  /  2 مدنى على ما يأتى : " على أن النصوص القديمة هى التى تسرى على المسائل الخاصة ببدء التقادم ووفقه وانقطاعه ، وذلك على المدة السابقة على العمل بالنصوص الجديدة " .
( [1006] )         الأستاذ جميل الشرقاوى فقرة 60 ص 204 .
( [1007] )         تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 572 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - يشمل التسليم ملحقات الشيء المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشيء ، وذلك طبقاً لما تقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين . 2 - فإذا لم يوجد اتفاق ، وجب إتباع الأحكام الآتية ، ما لم يقض العرف بغير ذلك : ( أ ) بيع المنزل يشمل الأشياء المثبتة فيه الملحقة به ، ولا يشمل منقولا يمكن فصله دون تلف . ( ب ) بيع الأراضى الزراعية لا يشمل ما نضج من المحصول . ( جـ ) بيع البستان يشمل ما فيه من أشجار مغروسة ، ولا يشمل الثمار الناضجة ، ولا الشجيرات المزروعة فى أوعية أو التى أعدت للنقل . ( د ) بيع الحيوان يشمل صغاره التى يرضعها كما يشمل الصوف والشعر المهيأ للجز " . وفى لجنة المراجعة حذفت الفقرة الثانية " لأنها تتضمن تفصيلات لا ضرورة لها " ، وبقيت الفقرة الأولى وحدها مطابقة لما استقر عليه النص فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح النص رقمه 445 فى المشروع النهائى ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 432 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 54 – ص 55 و ص 57 ) .
( [1008] )         التقنين المدنى السابق م 285  /  357 : يجب أن يكون التسليم شاملا للمبيع ولجميع ما يعد من ملحقاته الضرورية له حسب جنس المبيع وقصد المتعاقدين .

م 286  /  358 : فى حالة عدم وجود شرط فى عقد البيع تتبع القواعد المقررة فى الأحوال الآتى بيانها ، إن لم يقض عرف الجهة بغير ذلك .

م 359 مختلط : بيع البقرة الحلوب يشمل ولدها الضيع .

م 287  /  360 : بيع البستان يشمل ما فيه من الأشجار المغروسة ، ولا يشمل الأثمار النضجة ولا الشحبرات الموضوعة فى الأوعية أو فى بقعة مخصوصة منه المعدة للنقل .

م 288  /  361 : بيع الأرض لا يشمل ما فيها من المزروعات .

م 289 وطنى : بيع المنزل يشمل الأشياء الثابتة فيه المرتبطة به ، ولا يشمل ما فيه من المنقولات التى يمكن نقلها بدون تلف .

م 362 مختلط : بيع المنزل يشمل الأشياء الثابتة فيه المرتبطة به ، ولا يشمل ما فيه من المنقولات التى يمكن نقلها بدون تلف . وفضلا عن ذلك يتبع فى هذه المادة عرف البلد .

( ولا فرق فى الأحكام ما بين التقنين الجديد والتقنين السابق ، لاسيما إذا رجعنا إلى ما حذف من نص المشروع التمهيدى فيما قدمناه باعتباره تطبيقات للقواعد العامة ) .
( [1009] )         التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 400 ( مطابقة للمادة 432 من التقنين المدنى المصرى وأنظر فى القانون المدنى السورى الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 97 – فقرة 105 ) .

التقنين المدنى الليبى م 421 ( مطابقة للمادة 432 من التقنين المدنى المصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 536 : على البائع أن يسلم المبيع وتوابعه إلى المشترى عند نقده الثمن . . .

م 537 : يدخل فى البيع من غير ذكر : ( أ ) ما كان فى حكم جزء من المبيع لا يقبل الانفكاك عنه نظراً إلى الغرض من الشراء ، فإذا بيعت بقرة حلوب لأجل اللبن دخل تبيعها الرضيع . ( ب ) توابع المبيع المتصلة المستقرة ، فإذا بيعت دار دخل البستان الواقع فى حدوده والطرق الخاصة الموصلة إلى الطريق العام وحقوق الارتفاق التى للدار ، وإذا بيعت عرضة دخلت الأشجار المغروسة على سبيل الاستقرار . ( جـ ) كل ما يجرى العرف على أنه من مشتملات المبيع .

( وأحكام التقنين العراقى متفقة مع أحكام التقنين المصرى – أنظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 168 – فقرة 170 – والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 385 – فقرة 392 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 418 : موجب تسليم الشيء يشمل ملحقاته .

م 419 : أن تسليم العقار يشمل أيضاً للثوابت الحكمية ، فهى تعد حتما من ملحقات المبيع .

م 420 : يشمل بيع الحيوان : أولا صغيره الرضيع .

ثانيا : الصوف أو الشعر الذى حل ميقات جزه .

م 421 : إن المقومات والأشياء الثمينة الموجودة ضمن شيء من المنقولات لا تحسب داخلة فى البيع ، ألا إذا نص على العكس .

( وأحكام التقنين تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .
( [1010] )         بودرى وسينيا فقرة 314 ص 317 .
( [1011] )         قارن بودرى وسينيا فقرة 316 .
( [1012] )         أنظر آنفاً فقرة 295 .
( [1013] )         أما قبله فقد يكون من الملحقات .
( [1014] )         وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم بإزالة البناء الذى أقامه المدعى عليه فى الأرض التى اشتراها مؤسساً على أن المشترى إذ قبل شراء الأرض مثقلة بحق ارتفاق مطل محكوم به فى مواجهة البائع ، فقد التزم –التزاماً شخصياً - بالامتناع عن التعرض لمن تقرر له حق الارتفاق ، فهذا الحكم يكون موافقاً للقانون ، ولا يصح الطعن فيه بمقولة إنه إذ اعتبر الحكم الذى قرر حق الارتفاق فى مواجهة البائع حجة على المشترى رغم عدم تسجيله قد خالف نص المادة الثانية من قانون التسجيل ( نقض مدنى 13 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 372 ص 703 ) .
( [1015] )         أنظر آنفاً فقرة 283 .
( [1016] )         استئناف مختلط 11 يونيه سنة 1914 م 26 ص 423 – أول ابريل سنة 1915 م 27 ص 257 – 29 يناير سنة 1918 م 30 ص 177 – 28 أكتوبر سنة 1919 م 32 ص 2 – 13 نوفمبر سنة 1923 م 26 ص 15 ( حتى لو اشترط البائع ضمان الاستحقاق ) .
( [1017] )         أنظر المادة 573 من المشروع التمهيدى المدنى الجديد وتنص على أن " يلتزم البائع أن يزود المشترى بالبيانات الضرورية عن الشيء المبيع ، وأن يقدم الأوراق والمستندات المتعلقة بهذا الشىء " . وقد سبق القول إن هذه المادة قد حذفت فى لجنة المراجعة لأنها مستفادة من القواعد العامة " : أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 52 – ص 53 – وأنظر ص 55 هامش رقم 1 .
( [1018] )         وكانت تنتقل الدعاوى التى تكون للبائع بالنسبة إلى الشيء المبيع ، كما لو كان المبيع أرضاً ونزعت ملكية جزء منها فينتقل التعويض إلى المشترى ، وكما إذا كان المبيع منزلا فتنتقل إلى المشترى دعوى البائع بالضمان قبل المهندس والمقاول اللذين قاما ببناء المنزل ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 87 ص 90 ) ، ولكن لا تنتقل الدعوى التى لا يحل فيها المشترى محل البائع كخلف خاص ، من ذلك دعاوى التعويض التى تكون للبائع عن إتلاف أو تخريب فى المبيع من الغير وقع قبل البيع ، ومن ذلك دعوى الغبن التى قد تكون للبائع قبل بائعه ( أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ Vente فقرة 1071 ) .

وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان عقد الإيجار منصوصاً فيه على أن كل ما يحدثه المستأجر فى الأعيان من إصلاحيات أو إنشاءات تكون ملكاً للمؤجر ، ثم باع المؤجر هذه الأعيان ، فكل الحقوق التى كسبها المؤجر قبل المستأجر من هذا العقد تعتبر من ملحقات المبيع ، فتنتقل بحكم القانون إلى المشترى ، وتبعا لذلك يكون للمشترى حق مطالبة المستأجر بتعويض الضرر الناتج عن فعله غير المشروع بتلك الأعيان ( نقض مدنى 22 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 16 ص 83 ) .
( [1019] )         أنظر المشروع التمهيدى والمذكرة الإيضاحية فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 56 .
( [1020] )         أنظر المشروع التمهيدى والمذكرة الإيضاحية فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 56 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلط بأن بيع الأرض الزراعية لا يشمل المحصول الذى حصده البائع وخزنه إلا إذا وجد اتفاق على العكس . والذى يدخل هو المحصول الذى لم ينضج باعتباره من ملحقات الأرض ، أما ما نضج منه ويمكن جنيه فى وقت قصير فلا يدخل ( استئناف مختلط 3 أبريل سنة 1945 م 57 ص 114 ) . ومع ذلك أنظر استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 42 ( لا يدخل المحصول القائم ولو كان غير ناضج دون اتفاق : أنظر منيا القمح 16 أكتوبر سنة 1918 المجموعة الرسمية 20 رقم 45 ص 54 – كفر صقر 8 يوليه سنة 1917 المجموعة الرسمية 19 رقم 45 ص 65 .
( [1021] )         وإذا بيعت أرض زراعية ، لم يدخل دون ذكر فى ملحقاتها بيوت ومبان تكون عزبة مستقلة ، وبخاصة إذا كان مساحة هذه العزبة تصل إلى فدان والأرض المبيعة كلها لا تزيد على 42 فداناً ( استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1909 م 22 ص 57 ) – ولا يدخل دون ذكر المواشى فى الأرض الزراعية التى امتنع على البائع نقلها بسبب إجراءات صحية ( استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1917 م 29 ص 208 ) . ويدخل تبعاً للأرض النخل المزروع فيها ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1917 م 29 ص 255 ) . ويقضى العرف بألا تدخل السواقى دون ذكر ( استئناف مختلط 14 ديسمبر سنة 1905 م 18 ص 45 ) . أما الدوار فبحسب قصد المتبايعين ( استئناف مختلط 28 ديسمبر سنة 1905 م 18 ص 61 ) .

ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه لا يدخل فى بيع الأرض ما هو عليها عند البيع من أبنية أو وابورات أو مواش أو ما أشبه ذلك إذا لم يذكر صراحة فى عقد البيع دخولها ضمن المبيع ، فإذا كانت الأرض مشغولة بالأبنية أو الوابورات وكان نص عقد البيع قاصراً على الأراضى اعتبر البيع عن الأرض فقط ( استئناف وطنى 3 يونيه سنة 1901 الحقوق 16 ص 221 ) ، ولا تدخل فى بيع الأراضى المخازن المعدة لحفظ الحصائد حتى المبنى منها فى الأراضى ولا الآلة البخارية لرى هذه الأراضى مع رى غيرها ، إذا لم يذكر شيء صريح فى عقد البيع ( استئناف وطنى 13 يونيه سنة 1901 المجموعة الرسمية 3 ص 168 ) .
( [1022] )         بودرى وسينيا فقرة 315 .
( [1023] )         المشروع التمهيدى والمذكرة الإيضاحية فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 56 .
( [1024] )         مع إضافة عبارة تفيد خلافة المشترى للبائع فى متجره إذا كان الاسم التجارى هو الاسم الشخصى البائع .
( [1025] )         قارن بودرى وسينيا فقرة 320 . وقد نصت المادة 4 من قانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها على أنه " لا يقع امتياز البائع إلا على أجزاء المحل المبينة فى العقد ، فإذا لم يعين على وجه الدقة ما يتناوله الامتياز ، لم يقع إلا على عنوان المحل التجارى واسمه والحق فى الإجارة والاتصال بالعملاء والسمعة التجارية " . وهذا التحديد خاص بما يتناوله امتياز البائع لا بعناصر المبيع ، لأن العناصر يدخل فيها دون شك البضائع والمهمات والسلع ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 208 ص 258 ) .
( [1026] )         المشروع التمهيدى والمذكرة الإيضاحية فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 56 – وأنظر المادة 420 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( أنظر آنفاً فقرة 301 فى الهامش ) .
( [1027] )         وإذا كان المبيع طيارة ، دخل فى ملحقاته الترخيص المجدد لها فى الطيران ، لاسيما إذا كان المشترى قد اشترط ذلك على البائع ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1938 م 50 ص 310 ) .
( [1028] )         بودرى وسينيا فقرة 323 . ومع ذلك فقد قضى قانون 9 أبريل سنة 1910 فى فرنسا بأن حق الطبع لا يدخل فى البيع إلا بشرط خاص ( كولان وكابيتان 2 فقرة 891 ص 597 ) .
( [1029] )         بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 87 ص 90 .
( [1030] )         استئناف مختلط 3 مايو سنة 1905 م 17 ص 235 .
( [1031] )         أنظر المادة 421 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( آنفاً فقرة 301 فى الهامش ) .
( [1032] )         تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 576 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى ، بحيث يتمكن هذا من حيازته والانتفاع به دون عائق ، حتى لو لم يستولى عليه استيلاء مادياً ، ما دام يعلم أن المبيع قد أصبح تحت تصرفه . 2 - ويكون تسليم المبيع على النحو الذى يتفق مع طبيعته . فيتم تسليم العقار بتسليم المفاتيح أو مستندات التمليك ، أو بتخلية البائع له . ويكون تسليم المنقول بالمناولة أو بتسليم مفاتيح المكان الذى يوجد فيه ، أو بتحويل سند الإيداع أو التخزين ، أو بتسليم هذا السند . ويتم تسليم الحق بتسليم سنده ، أو بالترخيص فى استعمال هذا الحق ، وإذا كان استعمال الحق يستلزم حيازة شيء وجب على البائع أن يمكن المشترى من وضع يده على هذا الشيء دون عاتق . 3 - ويجوز أن يتم التسليم بمجرد الاتفاق إذا كان المبيع فى حيازة المشترى قبل البيع ، أو كان البائع قد استبقى المبيع فى حيازته بعد البيع لسبب آخر غير الملكية " . وفى لجنة المراجعة حذفت الفقرة الثانية لعدم ضرورتها ، وأصبحت المادة رقمها 448 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة " ما دام البائع قد أعلمه بذلك " بعبارة " ما دام يعلم أن المبيع تحت تصرفه " ، وقد قصد بهذا التعديل ضبط الحكم ، وأصبحت المادة رقمها 435 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 67 وص 69 – ص 71 ) .
( [1033] )         التقنين المدنى السابق م 271  /  342 : تسليم المبيع هو عبارة عن وضعه تحت تصرف المشترى بحيث يمكنه وضع يده عليه والانتفاع به بدون مانع . ويحصل وفاء الالتزام بالتسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى وعلمه بذلك ولو لم يتسلمه بالفعل . م 272  /  343 : يكون تسليم الأشياء المبيعة بحسب جنسها ، فتسليم العقار إذا كان من المبانى يجوز أن يكون بتسليم مفاتيحه ، وإذا كان عقاراً آخر فبتسليم حججه ، وهذا وذاك إن لم يكن مانع لوضع يد المشترى بمليه . وتسليم المنقولات يكون بالمناولة من يد إلى يد ، أو بتسليم مفاتيح المخازن الموضوعة فيما تلك المنقولات . ويجوز حصول التسليم بمجرد إرادة المتعاقدين إذا كان المبيع موجود تحت يد المشترى قبل البيع لسبب آخر . م 373  /  344 : تسليم مجرد الحقوق يكون بتسليم سنداتها ، أو بتصريح البائع للمشترى بالانتفاع بها إن لم يوجد ما يمنع من الانتفاع المذكور . ( ولا تختلف أحكام التقنين السابق عن أحكام التقنين الجديد ) .
( [1034] )         التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 403 ( مطابقة للمادة 435 من التقنين المدنى المصرى – وأنظر فى القانون المدنى السورى الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 116 – فقرة 130 ) .

التقنين المدنى الليبى م 424 ( مطابقة للمادة 435 من التقنين المدنى المصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 538 : 1 - تسليم المبيع يحصل بالتخلية بين المبيع والمشترى على وجه يتمكن به المشترى من قبضه دونحائل . 2 - وإذا قبض المشترى المبيع ورآه البائع وهو يقبضه وسكت ، يعتبر إذناً من البائع له فى القبض .

م 539 : إذا كانت العين المبيعة موجودة تحت يد المشترى قبل البيع فاشتراها من المالك ، فلا حاجة إلى قبض جديد سواء كانت يد المشترى قبل البيع يد ضمانه أو يد أمانة .

م 540 : 1 - إذا أجر المشترى المبيع قبل قبضه إلى بائعه ، أو باعه منه ، أو وهبه إياه ، أو رهنه له ، أو تصرف له فيه أى تصرف آخر يستلزم القبض ، اعتبر المشترى قابضاً للمبيع . 2 - وإذا أجره قبض قبضه لغير البائع أو باعه أو وهبه أو تصرف فيه أى تصرف آخر يستلزم القبض ، وقبضه العاقد قام هذا القبض مقام قبض المشترى .

( والأحكام فى التقنين العراقى لا تختلف عن الأحكام فى التقنين المصرى . أنظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 158 – فقرة 164 – الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 372 – فقرة 384 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 402 : التسليم هو أن يضع البائع أو من يمثله الشيء المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يستطيع أن يضع يده عليه وأن ينتفع به بدون مانع .

م 403 : يتم التسليم على الأوجه الآتية : أولا - إذا كان المبيع عقاراً فبالتخلى عنه وبتسليم مفاتيحه عند الاقتضاء ، بشرط ألا يلاقى المشترى إذ ذاك ما يحول دون وضع يده على المبيع . وثانيا - إذا كان المبيع من المنقولات ، فبالتسليم الفعلى أو بتسليم مفاتيح المبانى أو الصناديق المحتوية على تلك المنقولات أو بأية وسيلة أخرى مقبولة عرفاً . ثالثا - يتم التسليم ، حتى بمجرد قبول المتعاقدين ، إذا كان إحضار المبيع غير ممكن فى ساعة البيع ، أو كان المبيع موجوداً تحت يد المشترى لسبب آخر . رابعاً - ويتم أيضاً بتحويل أو بتسليم شهادة الإيداع أو سند الشحن أو وثيقة النقل إذا كان المبيع أشياء مودعة فى المستودعات العامة .

م 404 : إن تسليم المبيعات غير المادية ، كحق المرور مثلا ، يكون بتسليم الإسناد التى تثبت وجود الحق ، أو بإجازة البائع للمشترى أن يستعمله بشرط ألا يحول حائل دون هذا الاستعمال – وإذا كان موضوع الحق غير مادى وكان استعماله يستوجب وضع اليد على شيء ما ، فعلى البائع حينئذ أن يمكن المشترى من وضع يده على هذا الشيء بدون مانع .

( والأحكام فى التقنين اللبنانى لا تختلف عن الأحكام فى التقنين المصرى ) .
( [1035] )         استئناف مختلط 12 أبريل سنة 1911 م 23 ص 255 .
( [1036] )         بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 70 ص 75 .
( [1037] )         ويخلص من ذلك أنه يجب التمييز بين تسليم المبيع وبين انتقال حيازته . فقد يعتبر المشترى متسلماً للمبيع دون أن تكون له حيازته ، وذلك إذا وضع تحت تصرفه دون أن يستولى عليه استيلاء مادياً . وفى هذه الحالة يعتبر المشترى مستوفياً لالتزام التسليم ، ولكنه لا يعتبر حائزاً للمبيع . فلا يستطيع أن يبدأ التقادم ، إذا كان قد اشترى من غير مالك ، ولم يستول بعد على المبيع . وإذا كان المبيع منقولا وكان المشترى حسن النية وقد اشترى من غير مالك ، فإنه لا يستطيع التمسك بالحيازة لتملك المنقول ما دام لم يستول عليه استيلاء مادياً . وإذا باع شخص وسبق المشترى الثانى المشترى الأول إلى الاستيلاء الفعلى على المنقول ، فإنه يستطيع التمسك الحيازة لتملك المبيع ، ولا يستطيع المشترى الأول أن يحتج عليه بأنه تسلم المنقول أولا بموجب إذن التسليم ( أوبرى ورو 5 فقرة 354 ص 49 – بودرى وسينيا فقرة 298 – بلانيول وريبير وهامل 19 ص 75 هامش 2 ) .

هذا ويسمى التسليم الذى لم يعقبه تسلم فى بعض الأحيان تسلماً قانونياً ، تمييزاً له عن التسليم على الذى يعقبه التسلم ( الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 76 ص 136 ) . ونؤثر أن الحفظ بعبارة التسليم الفعلى لكل تسليم مادى ، أعقبه التسلم أو لم يعقبه ، تمييزاً ل عن التسلم الكمى الذى سنعرض له فيما بعد .
( [1038] )         مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 69 .
( [1039] )         وقد يبادئ المشترى البيع فيقبض المبيع دون اعتراض من البائع ، فيكون هذا تسليماً صحيحاً يبرئ ذمة البائع من التزامه . ويقول التقنين المدنى العراقى فى المعنى فى الفقرة الثانية من المادة 538 : " وإذا قبض المشترى المبيع ورآه البائع وهو يقبضه وسكت ، يعتبر إذناً من البائع له فى القبض " ( أنظر آنفاً فقرة 305 فى الهامش ) .
( [1040] )         مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 70 – وأنظر آنفاً فقرة 305 فى الهامش .
( [1041] )         المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 18 – ص 69 – وفى بيع التجربة يتم بيع التسليم حتى قبل تجربة المشترى للمبيع ، فالتسليم غير التجربة وهو يسبقها عادة ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 193 ص 237 ) . ويجوز للبائع ، لإتمام التسليم أن يعرض المبيع على المشترى عرضاً حقيقياً ، وعرضه على المشترى أمام المحكمة البضاعة المبيعة عن عرض حقيقى ( نقض مدنى 8 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 60 ص 10 ) .
( [1042] )         فلا ضرورة لأى عمل رمزى يصحب وضع العقار تحت تصرف المشترى ( استئناف مختلط 7 يناير سنة 1897 م 9 ص 104 ) .
( [1043] )         استئناف مختلط 23 أبريل سنة 1903 م 15 ص 26 .
( [1044] )         وليس من الضرورى أن تكون مستندات الملكية كاملة قاطعة فى أن البائع هو المالك البيع ، فالبائع ملزم بتسليم المستندات التى معه للمشترى ، فإذا تبين بعد ذلك أن هذه المستندات انقطع فى ملكية البائع للمبيع ، وتعرض أحد للمشترى أو ظهر للمبيع مستحق ، فعند ذلك يرجع المشترى على البائع بضمان التعرض أو الاستحقاق ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 73 ) . مجرد التأخر فى تسليم البائع مستندات ملكيته للمشترى لا يبرر فسخ البيع ( استئناف مختلط ؟؟؟ مارس سنة 1941 م 53 ص 123 ) .
( [1045] )         أنظر آنفاً فقرة 330 فى الهامش .
( [1046] )         وقد قضت محكمة النقض بأن حيازة مفتاح هى حيازة رمزية لمنقول غير حاصل فعلا فى اليد ، وليست بذاتها دليلا قاطعاً على حيازة ما هو فى الخزانة . وكون الشيء حاصلا فعلا فى حوزة من يدعى حيازته أو غير حاصل فيها هو من الواقع الذى يحصله قاضى الموضوع فى كل دعوى بما يتوافر فيها من دلائل . وإذا كان القانون قد نص فى باب البيع أن تسليم المنقولات المبيعة يصح أن يتم بتسليم مفاتيح المخازن الموضوعة فيها ، فإن هذا النص لا يعنى أن كل من يحمل مفتاحاً لخزانة يكون ولابد حائزاً فعلا لمحتوياتها ، لأن حمل المفتاح لا يلزم عنه حتما أن حامله مسلط على الخزانة . . فحيث تدل الظروف على أن حامل مفتاح الخزانة كان متسلطاً فعلا على ما فيها جاز اعتباره وإلا فلا . وما يراه قاضى الموضوع فى هذا الشأن هو رأى فى مسألة واقعية يستقل هو بتقديرها ولا يخضع قضاؤه فيها لرقابة محكمة النقض ( نقض مدنى 30 يناير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 117 ص 327 ) .
( [1047] )         ويجوز للمشترى فى هذه الحالة أن يحول السند إلى آخر ، وللآخر حق قبض المبيع المودع أو المخزون ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1909 م 21 ص 264 ) .
( [1048] )         المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 69 .
( [1049] )         بودرى وسينيا فقرة 294 ص 295 .
( [1050] )         المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 69 .
( [1051] )         بيدان 11 فقرة 387 – بودرى وسينيا فقرة 297 ص 301 – وفى الأسهم والكمبيالات والشيكات لحاملها يكون التسليم بالمناولة ، وفى السندات والشيكات الإذنية يكون التسليم بالتظهير ، وفى السندات الاسمية لا يتم التسليم إلا بعد القيد فى دفاتر الشركة ( م 39 و 133 تجارى ) .
( [1052] )         مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 69 .
( [1053] )         استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1889 م 2 ص 69 .
( [1054] )         مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 69 .
( [1055] )         ويسمى هذا التسليم : Tradition Brevi Manu .
( [1056] )         ويسمى هذا الاتفاق : Contitut Possessoire ( بودرى وسينيا فقرة 294 ) .
( [1057] )         وتنص الفقرة الأولى من المادة 540 مدنى عراقى فى هذا المعنى على أنه " إذا أجر المشترى المبيع قبل قبضه إلى بائعه ، أو باعه منه ، أو وهبه إياه ، أو رهنه له ، أو تصرف له فيه أى تصرف آخر يستلزم القبض ، اعتبر المشترى قابضاً للمبيع " أنظر آنفاً فقرة 305 فى الهامش .
( [1058] )         أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 69 .
( [1059] )         أنظر آنفاً فقرة 305 فى الهامش .
( [1060] )         وكان هذا النص يقابل فى التقنين المدنى السابق المادة 277  /  348 ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " يجب أن يكون التسليم فى الوجه المعين له فى العقد ، فإذا لم يشترط فيه شيء بهذا الخصوص وجب التسليم وقت البيع مع مراعاة المواعيد المقررة بحسب العرف " . وهذا نص يورد نفس الأحكام التى أوردها المشروع التمهيدى فيما قدمناه ، وإن لم يذكر صراحة المواعيد التى تقتضيها طبيعة المبيع ، ولكن هذه يمكن استخلاصها من اتفاق ضمنى بين المتبايعين .

ولا يوجد فى التقنين السورى ولا التقنين الليبى ولا التقنين العراقى نص مقابل ، فالقواعد العامة هى التى تسرى كما فى مصر . وينص تقنين الموجبات والعقود اللبنانى فى المادة 407  /  1 على ما يأتى : " يجب أن يكون التسليم فى الوقت المعين له فى العقد ، وإذا لم يعين وقت وجب التسليم على أثر إنشاء العقد مع مراعاة المهل التى تقتضيها ماهية المبيع أو العرف " . وهذا النص يتفق فى حكمه مع حكم التقنين المصرى .
( [1061] )         مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 71 فى الهامش و ص 74 فى الهامش .
( [1062] )         نقض مدنى 3 فبراير سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 93 ص 273 .
( [1063] )         وإذا سكت المشترى عن دفعات من المبيع متأخرة بسبب أزمة طرأت ، ثم عاد بعد مدة طويلة عندما ارتفعت الأسعار يطالب بالمتأخر ، لم يحق له ذلك لأن سكوت دليل على نزوله عن حقه ( استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1911 م 23 ص 264 ) . ولا يستحق تعويض عن تأخر البائع فى تسليم المبيع إلا بعد الإعذار ( استئناف مختلط 4 مايو سنة 1911 م 23 ص 300 ) . ولا حاجة للإعذار إذا كان البائع قد أرسل البضائع فى وقت متأخر مما يتحتم معه تأخرها عن ميعاد التسليم ( استئناف مختلط 29 مايو سنة 1912 م 24 ص 368 ) . ولكن الأصل هو ضرورة إعذار البائع المتأخر فى التسليم ( استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1913 م 25 ص 170 – 3 أبريل سنة 1913 م 25 ص 287 – 10 مايو سنة 1916 م 28 ص 306 – 21 نوفمبر سنة 1917 م 30 ص 53 – 4 ديسمبر سنة 1917 م 30 ص 68 - 19 ديسمبر سنة 1917 م 30 ص 97 – 23 يناير سنة 1918 م 30 ص 169 ) .
( [1064] )         فلو تسلم المشترى المبيع دون إذن البائع وقبل أن يدفع الثمن الحال ، لم يكن ذلك التسلم صحيحاً ، وجاز للبائع استرداد المبيع . ولكن إذا هلك المبيع فى هذه الحالة وهو فى يد المشترى قبل أن يسترده البائع ، كان الهلاك على المشترى ( م 274  /  345 مدنى سابق ، وهى تطبيق للقواعد العامة فيسرى حكمها دون حاجة إلى نص ) .

وإذا اشترط ميعاد لدفع الثمن دون أن يشترط ميعاد لتسليم المبيع ، وجب تسليما للمبيع فوراً بمجرد البيع وتأخير الثمن إلى حلول أجله ( استئناف مختلط 6 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 14 ) . وإذا حان ميعاد التسليم ولم يتم ، كان البائع مسئولا عن التعويض إلا إذا منعه عن ذلك قوة قاهرة كتأخر طرود البريد بسبب الحرب ( استئناف مختلط 15 مارس سنة 1916 ) م 28 ص 202 – وعلى البائع إثبات القوة القاهرة ( استئناف مختلط 12 أبريل سنة 1916 ) م 28 ص 251 – أنظر أيضاً فى تأخر البائع فى التسليم بسبب القوة القاهرة أو بخطأ منه : استئناف مختلط 8 مايو سنة 1912 م 24 ص 323 – 10 مايو سنة 1926 م 28 ص 306 – 7 يونيه سنة 1916 م 28 ص 414 – 2 مايو سنة 1917 م 29 ص 396 – 30 يناير سنة 1918 م 30 ص 183 – 7 فبراير سنة 1918 م 30 ص 214 ) .
( [1065] )         وكان هذا النص يقابل فى التقنين المدنى السابق المادة 275  /  346 ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " يجب تسليم المبيع فى محل وجوده وقت البيع ، ما لم يشترط ما يخالف ذلك " . وهذا الحكم ويتفق مع الحكم المقرر فى المادة المحذوفة . وكانت المادة 276  /  347 من التقنين المدنى السابق تنص على ما يأتى : " إذا تعين فى عقد البيع محل لوجود المبيع فيه غير محل وجوده الحقيقى ، فيكون هذا التعيين ملزماً للبائع بنقل المبيع إلى المحل المعين إذا طلب المشترى ذلك . وفى حالة ما إذا لم يمكن النقل أو ترتب عليه تأخير مضر بالمشترى ، يكون له الحق فى فسخ البيع مع أخذ التضمينات إذا كان البائع حصل منه تدليس " . وهذا النص مجرد تطبيق للقواعد العامة فيسرى حكمه دون حاجة إلى نص ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 301 ) .

ولا يوجد فى التقنين السورى ولا فى التقنين الليبى نص مقابل ، فالقواعد العامة هى التى تسرى كما فى مصر . وتنص المادة 541 من التقنين المدنى العراقى على أن : 1 - مطلق العقد يقتضى تسليم المبيع فى المحل الذى هو موجود فيه وقت التعاقد . وإذا كان المبيع منقولا ولم يعين محل وجوده ، اعتبر مكانه محل إقامة البائع . 2 - أما إذا اشترط فى العقد على البائع تسليم المبيع فى محل معين ، لزمه تسليمه فى المحل المذكور " . والنص تطبيق للقواعد العامة ، ويتفق مع الأحكام التى تسرى فى مصر . وتنص المادة 405 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى على أنه " يجب تسليم المبيع فى محل وجوده وقت إنشاء العقد ، ما لم يشترط العكس – إذا عين فى عقد البيع محل لوجود المبيع غير المحل الذى يكون فيه حقيقة ، وجب على البائع أن ينقل المبيع إلى المحل المعين إذا طلب المشترى نقله " . وهذا النص أيضاً تطبيق للقواعد العامة ، ويتفق مع الأحكام التى تسرى فى مصر .
( [1066] )         مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 72 فى الهامش و ص 74 فى الهامش .
( [1067] )         استئناف مختلط 10 يناير سنة 1945 م 57 ص 73 .
( [1068] )         تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 577 من المشروع التمهيدى على الوجه الذى استقر عليه فى التقنين الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 449 من المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 436 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 71 و ص 73 – و ص 74 ) .

ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ومن ثم كانت القواعد العامة هى التى تسرى ، فيكون مكان التسليم هو موطن البائع –أى مكان التصدير لا مكان التوريد - لأن البائع هو المدين بالتسليم ، وكذلك زمان التسليم هو زمان الإرسال لا زمان الوصول ( أنظر آنفاً فقرة 248 ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السورى المادة 4 04 ( مطابقة للتقنين المصرى ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 425 ( مطابقة للتقنين المصرى ) – ولا مقابل له من التقنين المدنى العراقى ( فتسرى القواعد العامة وهذه تقضى بمكان التصدير وزمان الإرسال ) – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 406 وتجرى على الوجه الآتى : " إذا من الواجب إرسال المبيع من مكان إلى آخر ، فالتسليم لا يتم إلا ساعة وصول المبيع إلى المشترى أول إلى ممثله " . وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المدنى المصرى الجديد . ويتساند مع المادة 406 الآنفة الذكر المادة 399 من نفس التقنين اللبنانى ، وتجرى على الوجه الآتى : " يتحمل البائع مخاطر المبيع فى مدة سفره إلى أن يستلمه المشترى ، ما لم يكن هناك نص مخالف " .
( [1069] )         ويراعى المألوف والعرف فى تقدير الزمن الذى تصل فيه البضاعة المصدرة ( استئناف مختلط 28 مارس سنة 1906 م 18 ص 169 ) ، فتأخر نحو شهرين فى وصول البضاعة المصدرة من ميناء بعيد يكون مغتفراً ( استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1902 م 14 ص 131 ) . وتحديد زمن الوصول مع اقتران التحديد بتحفظ ، كأن يقول " إذا أمكن " ، لا يغتفر فيه أن يكون الزمن ثلاثة أضعاف المألوف ( استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1902 م 74 ص 264 ) . وإذا اشترط المشترى وصول البضاعة فى وقت معين وإلا كان البيع مفسوخاً ، كان للمشترى الحق فى رفض البضاعة التى وصلت بعد الميعاد ، وليس عليه إعذار البائع ( استئناف مختلط 14 فبراير سنة 1907 م 19 ص 124 ) .
( [1070] )         أنظر آنفاً فقرة 248 – وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 72 .
( [1071] )         ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 283  /  355 ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " على البائع مصاريف تسليم المبيع ، كأجرة نقله لمحل التسليم وأجرة كيله ومقاسه ووزنه وغير ذلك " . وهذا الحكم يتفق مع حكم النص المحذوف .

ولا مقابل للنص لا فى التقنين السورى ولا فى التقنين الليبى ، فتسرى القواعد العامة كما فى مصر ، وتكون مصروفات التسليم على البائع إذا لم يكن اتفاق أو عرف مخالف . وفى التقنين المدنى العراقى تنص المادة 542 على أن " تكاليف تسليم المبيع كأجرة الكيل والوزن تلزم البائع وحده ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك " . وهذا الحكم يتفق مع القواعد العامة . وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى تنص المادة 412 على أن " يتحمل البائع –إذا لم يكن نص أو عرف مخالف - : أولا - مصاريف التسليم كأجرة القياس أو الوزن أو العد أو تعيين الحجم . ثانيا - المصاريف اللازمة لإنشاء الحق أو نقله إذا كان المبيع غير مادى " . وهذه الأحكام تتفق مع أحكام القانون المصرى .
( [1072] )         مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 73 – ص 74 .
( [1073] )         فإذا زادت الرسوم الجمركية فى الفترة ما بين البيع ودفع هذه الرسوم ، لم يكن للبائع حق فى زيادة الثمن ، كما أنها إذا نقصت لم يكن للمشترى حق فى إنقاص الثمن ( قارب بلانيول وريبير وهامل 10 ص 79 هامش 1 ) .
( [1074] )         المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 73 .
( [1075] )         أنظر ما يلى فقرة 424 .
( [1076] )         كأن يكون البائع لم يف بالثمن إلى بائعه فلم يتمكن من أخذ المبيع وتسليمه للمشترى ( استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1903 م 16 ص 5 ) ، أو كأن يكون البائع قد تصرف فى المبيع ولا يمكنه الحصول على مثله ، وفى هذه الحالة إذا أخطر البائع المشترى بذلك لم تعد هناك حاجة لأن يعذر المشترى البائع ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1904 م 16 ص 167 ) ، أو كان يكون البائع لم يسلم ملحقات المبيع ( استئناف مختلط 14 نوفمبر سنة 1901 م 14 ص 14 ) .

ويستحق التعويض بمجرد ثبوت أن سعر البضاعة وقت وجوب التسليم أعلى من الثمن ( استئناف مختلط 2 فبراير سنة 1916 م 28 ص 135 ) . ويعتد بالسعر وقت وجوب التسليم لا وقت المطالبة التى قد تتأخر ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1913 م 25 ص 376 – 14 مارس سنة 1917 م 29 ص 295 – 9 يناير سنة 1918 م 30 ص 138 ) . وإذا وجب تسليم المبيع على دفعات ، نظر إلى وقت وجوب التسليم بالنسبة إلى كل دفعة ( استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1917 م 29 ص 309 ) . ويجب على البائع الحصول على المبيع ( التغطية ) وقت وجوب التسليم وإلا تحمل الفرق ( استئناف مختلط 2 يناير سنة 1918 م 30 ص 118 ) . والتعويض عن تأخر البائع فى تسليم المبيع هو ثمرات المبيع من وقت البيع إلى وقت التسليم بعد خصم فوائد ما تبقى من الثمن غير مدفوع ( استئناف مختلط 12 مايو سنة 1921 م 33 ص 327 ) . وفى بيع القطن إذا اشترط المشترى عند عدم التسليم مبلغاً معيناً أو دفع الفرق فى السعر ، لم يجز للمشترى أن تجمع بين التعويضين بل عليه أن يختار أحدهما ، وفى حساب الفرق فى السعر يجب الاعتداد باليوم الذى كان يجب تسليم القطن فيه ( استئناف مختلط 6 مايو سنة 1926 م 38 ص 359 – 31 مارس سنة 1927 م 39 ص 364 ) .
( [1077] )         وقد قضت محكمة النقض بأن للمشترى عند تأخر البائع فى التسليم الخيار بين التنفيذ العينى أو طلب الفسخ مع التضمينات فى الحالتين . وليس فى رفع الدعوى بأى من هذين الطلبين نزول عن الطلب الآخر . وليس للبائع أن يحتج بأن المشترى لم يدفع الثمن مع أن المتفق عليه دفع الثمن قبل التسليم إذا كان الثابت أن البائع لم يبد استعداده للتسليم حتى بعد إنذاره من المشترى أن المشترى على استعداد لدفع كامل الثمن عند تسلمه المبيع بالسعر المتفق عليه كما اشترط فى البيع ( نقض مدنى 18 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 38 ص 233 ) . وقضت أيضاً بأنه متى كانت المحكمة إذ قضت برفض الدعوى التى أقامها الطاعن بطلب فسخ البيع قد أقامت قضاءها على أن الدقيق موضوع البيع شحن سليماً غير مصاب بالتلف الذى وجد به عند تحليله ، وأن التأخير فى تفريغ شحنة السفينة وفى وصول وثائق الرسالة كان راجعاً إلى ظروف الحرب ، وأن البائعة بمجرد علمها بتفريغ الدقيق لم تأل جهداً فى سبيل الحصول على إذن تسليم يحل محل حافظة الشحن الذى تأخرت ، وأن هناك عوامل تجمعت ولم يكن للبائعة دخل فيها حالت دون وصول الدقيق إلى المشترى وسببت تأخير البدء فى علمية التخليص ، وأنه على فرض هطول أمطار غزيرة أثناء تخزين الدقيق فى العراء لدى شركة الاستيداع وكانت من عوامل زيادة تلفه فلا يصح أن تسأل عنه البائعة لأنه هكذا كان نظام التخزين فى العراء بحكم الضرورة فى ذلك الوقت ، فهذا تحصيل موضوعى سائغ ( نقض مدنى 22 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 167 ص 1088 ) .

ولا يجوز للمشترى فسخ البيع أو طلب تعويض لتأخر البائع فى التسليم إلا إذا أعذر البائع ( استئناف مصر 21 مارس سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 6 ص 140 – استئناف مختلط 16 مايو سنة 1889 م 1 ص 202 – 20 يونيه سنة 1894 م 6 ص 347 – 18 أبريل سنة 1895 م 7 ص 276 – 17 نوفمبر سنة 1897 م 10 ص 11 – 17 مارس سنة 1898 م 10 ص 203 – 11 أبريل سنة 1934 م 46 ص 245 – 13 ديسمبر سنة 1944 م 57 ص 24 ) . فإذا لم يعذر المشترى البائع ورفع عليه دعوى الفسخ والتعويض ، ولم يتمسك البائع بعدم الإعذار بل ناقش المشترى فى نتائج عدم تنفيذه لالتزامه ، لم يعد للبائع بعد ذلك الحق فى التمسك بعد الإعذار ( استئناف مختلط 26 مارس سنة 1896 م 8 ص 178 ) . وإذا رفع المشترى دعوى الفسخ وجب عليه أيضاً طلب التعويض ، فلا يستبقى دعوى التعويض إلى دعوى مستقلة يرفعها بعد دعوى الفسخ ( استئناف مختلط 20 يونيه سنة 1894 م 6 ص 348 ) . ولا يجوز للمشترى طلب الفسخ إذا كان إخلال البائع بالتزامه إخلالا غير جسيم ، كما إذا تأخر فى تسليم مستندات ملكية المبيع ( استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1909 م 21 ص 204 – 20 فبراير سنة 1913 م 52 ص 193 – أول أبريل سنة 1915 م 27 ص 258 ) ، أو سلم أكثر المبيع بعد انقضاء ميعاد التسليم ( استئناف مختلط 26 مايو سنة 1948 م 60 ص 126 ) . وإذا كان البائعون متعددين وكانوا متضامنين فى التزاماتهم نحو المشترى ، وحصل المشترى على فسخ البيع لإخلالهم بهذه الالتزامات ، كانوا متضامنين فى التعويض المستحق للمشترى ( استئناف مختلط 21 مايو سنة 1901 م 13 ص 319 ) .
( [1078] )         وقد يتفق المتبايعان فى عقد البيع على أنه إذا تأخر البائع فى تسليم المبيع كان للمشترى فسخ العقد ، ومثل هذا الاتفاق يجعل الفسخ من خيار المشترى ، فإذا اختاره أجابه القاضى إلى طلبه وفقاً للقواعد المقررة فى هذا الشأن ، ولكن يجوز ألا يختار المشترى الفسخ فى هذه الحالة ويعدل عنه إلى طلب التنفيذ ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 82 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 126 ص 200 – ص 201 ) . وقد يكون البيع عقد توريد ، فيورد البائع السلعة للمشترى بكميات معيبة فى أوقات دورية ، فلا يتناول الفسخ ما سبق توريده من الكميات إلا إذا كان العقد غير قابل للتجزئة ( أوبرى ورو 5 فقرة 354 ص 52 – دى باج 4 فقرة 104 – أنسيكلوبيدى داللوز Vente فقرة 1184 – الأستاذ محمد كامل مرسى فقرة 155 مكررة ص 269 ) . وإذا رفع المشترى دعوى الفسخ لتأخر البائع فى التسليم ، ثم عرض البائع أن يسلم المبيع ، فإن هذا العرض لا يتحتم معه رفض دعوى الفسخ ( استئناف مختلط 5 مايو سنة 1931 م 43 ص 371 ) .
( [1079] )         استئناف مختلط 31 يناير سنة 1901 م 13 ص 134 – 24 أبريل سنة 1902 م 14 ص 264 – 3 يونيه سنة 1903 م 15 ص 331 – 23 نوفمبر سنة 1904 م 17 ص 10 – 8 أبريل سنة 1908 م 20 ص 165 – 15 أبريل سنة 1908 م 20 ص 177 ) .
( [1080] )         وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن للمشترى الذى باع العين التى اشتراها بأزيد من الثمن الذى اشترى به أن يرجع على البائع فى حالة الحكم بفسخ البيع ، ليس فقط بالثمن الذى دفعه إليه ، بل بالتضمينات أيضاً . ومن ضم هذه التضمينات الفرق بين الثمن الذى اشترى به والثمن الذى باع به للغير ( استئناف وطنى 2 ديسمبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 120  /  2 ص 116 ) .
( [1081] )         على أنه لا يجوز للمشترى أن ينتظر مدة طويلة ، حتى إذا ما ارتفع السعر طالب بالتنفيذ العينى ، بل يعتبر انتظاره هذه المدة الطويلة بمثابة عدول منه عن طلب التنفيذ العينى إلى طلب الفسخ ( استئناف مختلط 10 مايو سنة 1905 م 17 ص 259 – أول أبريل سنة 1908 م 20 ص 147 ) .
( [1082] )         وينقضى بالتقادم التزام البائع بالتسليم ، ومدة التقادم خمس عشرة سنة من وقت نفاذ الالتزام بالتسليم ( استئناف مختلط أول يونيه سنة 1943 م 55 ص 172 – 3 يونيه 1944 م 56 ص 180 ) .
( [1083] )         تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 581 من المشروع المتهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 450 من المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 437 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 75 ص 76 ) .
( [1084] )         التقنين المدنى السابق : م 297  /  371 : إذا هلك المبيع قبل التسليم ولو بدون تقصير البائع أو إهماله ، وجب فسخ البيع ورد الثمن إن كان دفع ، إلا إذا كان المشترى قد دعى لاستلام المبيع بورقة رسمية أو بما يقوم مقامها أو بمقتضى نص العقد .

( والحكم يتفق مع حكم التقنين الجديد . ومع ذلك أنظر المادة 241  /  307 مدنى سابق ، وكانت تجعل تبعة الهلاك فى الشيء غير المعين إلا بنوعه على المشترى بعد الإفراز ، ولكن لما كان يغلب أن يتم الإفراز وقت التسليم ، فقد كانت تبعة الهلاك هنا أيضاً تنتقل للمشترى عند التسليم فى الغالب . الأستاذ محمد على إمام فقرة 187 ص 314 ) .
( [1085] )         التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 405 ( مطابقة للمادة 437 من التقنين المدنى المصرى – وأنظر فى القانون المدنى السورى الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 134 ) .

التقنين المدنى الليبى م 426 ( مطابقة للمادة 437 من التقنين المدنى المصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 547 : 1 - إذا هلك المبيع فى يد البائع قبل أن يقبضه المشترى يهلك على البائع ولا شيء على المشترى ، إلا إذا حدث الهلاك بعد إعذار المشترى لتسلم المبيع : وإذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه ، فالمشترى مخير بين فسخ البيع وبين بقائه مع إنقاص الثمن . 2 - على أنه إذا كان هلاك المبيع أو نقص قيمته قبل التسليم قد حدث بفعل المشترى أو بفعل البائع ، وجب دفع الثمن كاملا فى الحالة الأولى وإلزام البائع بالتعويض فى الحالة الثانية .

م 548 : 1 - ما يقبض على سوم الشراء مع تسمية الثمن إذا هلك أوضاع فى يد القابض ، لزمه الضمان . أما إذا لم يسم له ثمن كان أمانة فى يده ، فلا يضمن إذا هلك أوضاع دون تعد أو تقصير منه . 2 - وما يقتض على سوم النظر ، سواء بين ثمنه أو لم يبين ، يكون أمانة فى يد القابض ، فلا يضمن إذا هلك دون تعد .

( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصرى – ويزيد التقنين العراقى بأن يبين من يتحمل تبعة الهلاك فى القبض على سوم الشراء والقبض على سوم النظر ، مستمداً ذلك من أحكام الفقه الإسلامى . وأنظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 191 – فقرة 193 والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 409 فقرة 434 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 396 : يجب على المشترى منذ صيرورة العقد تاماً – ما لم يكن ثمة نص مخالف – أن يتحمل : أولا . . . ثالثاً - مخاطر العين المعينة .

م 397 : إذا انعقد البيع على شيء معين بنوعه فقط ، أو انعقد على شرط الوزن أو العد أو القياس أو التجربة أو الذوق ، أو انعقد بمجرد الوصف ، فالبائع يبقى متحملا مخاطر المبيع وإن كان قد أصبح بين يدى المشترى ، إلى أن يعين أو يوزن أو يعد أو يقاس أو إلى يقبله الشارى أو ممثله .

م 398 : إذا كان البيع تخييرياً وقد عينت مهلة للاختيار ، فالشارى لا يتحمل المخاطر إلا بعد وقوع الاختيار ما لم يكن ثمة نص مخالف .

م 399 : يتحمل البائع مخاطر المبيع فى مدة سفره إلى أن يتسلمه المشترى ، ما لم يكن هناك نص مخالف .

م 400 : إذا بيع ثمن على شجر أو منتجات بستان أو محصول لم يحن وقت اجتنائه ، فالثمر أو البقول تبقى ضمان البائع إلى أن يتم النضوج .

أنظر أيضاً المادتين 415 - 416 من التقنين اللبنانى وسيأتى ذكرهما . ( وأحكام التقنين اللبنانى تختلف عن أحكام التقنين المصرى ، وتتفق مع أحكام التقنين الفرنسى ، فى أنها تجعل تبعة الهلاك قبل التسليم على المشترى ، إلا إذا كان المبيع لم يتعين أو لم يقبله المشترى نهائياً ) .
( [1086] )         الوسيط جزء 2 فقرة 430 – فقرة 431 .
( [1087] )         ويراد بالهلاك زوال المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأن بيع البضاعة المتعاقد عليها بأمر من القضاء المستعجل خشية تلفها ، حتى يفصل فى النزاع القائم بين الطرفين بشأن الصادر بينها ، لا يؤدى إلى انفساخ هذا العقد ، ولا يسوغ فى ذاته الفسخ ، إذ بيع البضاعة على هذا الوجه لا يقاس بهلاك الشيء المبيع الموجب لانفساخ عقد البيع . ذلك أن الهلاك الذى نصت عليه المادة 297 من القانون المدنى القديم للمادة 437 من القانون الجديد هو زوال الشيء المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية بسبب آفة سماوية أو حادث مادى بفعل إنسان . أما بيع الشيء بأمر القضاء المستعجل خشية التلف ، فهو إجراء وقتى قصد به صيانة الشيء المبيع من الهلاك وحفظ قيمته لحساب من يقضى بالتسليم إليه ، ونقل النزاع الذى كان دائراً حول عين معينة إلى بديلها وهو الثمن المتحصل من بيعها وهو الذى ينصرف إليه أمر عقد البيع ( نقض مدنى 21 فبراير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 20 ص 158 ) .
( [1088] )         أما التقنين المدنى الفرنسى ( م 1138 و م 1164 ) فلم يميز بين التزام بالتسليم مستقل والتزام بالتسليم متفرع عن الالتزام بنقل الملكية ، ففى الحالتين جعل الهلاك قبل التسليم على المالك أى على المشترى ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 80 ) – أنظر فى تعليلات أخرى فى القانون الفرنسى لجعل الهلاك على المشترى ، فيقال تارة إن الهلاك على الدائن بالتسليم وهو المشترى ، ويقال تارة أخرى عن الغرم بالغنم فمادام المشترى يفيد من زيادة المبيع فكذلك يتحمل تبعة هلاكه : أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ Vente فقرة 67 – الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 143 هامش 1 ) . ويبدو أن التعليل المقبول فى القانون الفرنسى لجعل الهلاك على المشترى هو القاعدة التى تقضى بأن الهلاك على المالك ( res perit domino ) . ففى القانون الفرنسى التزام البائع الرئيسى التزام بنقل الملكية ، وقد انفصل عنه الالتزام بالتسليم وأصبح ثانوياً بالنسبة إليه ، فلا يصح ينفسخ العقد لعدم تنفيذ هذا الالتزام الثانوى ما دام الالتزام الأصلى بنقل الملكية قد نفذ فأصبح المشترى مالكاً للمبيع ، وباعتباره مالكاً له يتحمل تبعة هلاكه .
( [1089] ) لكن إذا أهمل البائع إهمالا يسيرا تسبب عنه نقص في المبيع فان ذلك لا يبرر فسخ البيع ولكن يستوجب إنقاص الثمن علي سبيل التعويض . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا أهمل          البائع فى جني القطن المبيع بحيث قلت كميته عن المقدار المتفق عليه دون أن تنزل درجة الجودة المشترطة فإن النقض القليل في الكمية لا يبرر الفسخ بل يسوغ إنقاص الثمن فقط ( استئناف مختلط 9 يونية سنة 1898 م 10 ص 320 ) .
( [1090] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 79 في الهامش .          
( [1091] ) وكان في التقنين المدني السابق نص مقابل هو نص المادة 299  /  373 : وكان يجري علي الوجه الآتي : " وفى الحالتين السابقتين إذا كان هلاك المبيع أو حدوث العيب الذي أوجب نقص قيمته منسوبا للمشتري ، فيكون الثمن مستحقا عليه بتمامه . أما إذا كان منسوبا للبائع ، فيكون ملزما بالتضمينات إذا فسخ المشتري البيع وبتنقيص الثمن إذا أبقاه " وقد نصت المادة 415 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني علي أنه " إذا هلك الشيء المعين الذي انعقد عليه البيع ، أو أصيب بعيب قبل التسليم بسبب فعل أو خطأ ارتكبه البائع ، حق للمشتري أن يطلب قيمة ذلك الشيء أو عوضا مقابلا لما نقص من قيمته ، علي الشروط التي بمقتضاها يحق له أن يدعي أي شخص آخر . وإذا كان المبيع من المثليات فعلي البائع أن يسلم ما يماثله صفة ومقداراً مع الاحتفاظ بحق المشتري في طلب وزيادة بدل العطل الضرر عند الاقتضاء " ونصت المادة 416 من نفس التقنين علي أنه " إذا هلك المبيع أو ناله عيب قبل التسليم بفعل أو خطأ من المشتري ، كان ملزما باستلامه علي حالته ويدفع ثمنه كاملا " .

انظر أيضا المادة 547  /  2 من التقنين المدني ( آنفا فقرة 314 في الهامش ) . وكل هذه النصوص لا تختلف في أحكامها عن أحكام القانون المصري .        
( [1092] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 77 في الهامس وص 79 في الهامش .        
( [1093] ) والبائع هو الذي يحمل عبء إثبات ذلك ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 81 هامش 5 ) .   
( [1094] ) وقد رأينا أنه إذا كان البيع في الفقه الإسلامي ينقل الملك إلي المشتري ، فأن القبض يزيد نقل الملك تأكيداً ، حتي أن المشتري قبل القبض لا يكون مطلق التصرف في المبيع ( انظر آنفا فقرة 231 ) ، وحتي أنه إذا هلك المبيع قبل القبض كان هلاكه علي البائع ، فيد البائع علي المبيع قبل القبض يد ضمان لا يد أمانة ، كذلك يد القابض علي سوم الشراء إذا سمي الثمن يد ضمان ( انظر المادة 548 عراقي آنفا فقرة 315 في الهامش ) . أما إذا لم يسم الثمن في سوم الشراء ، وسمي أو لم يسم في سوم النظر ، فأن يد القابض تكون يد أمانة ، فيهلك الشيء علي المالك لا علي القابض وغني عن البيان أن الشيء ، في سوم الشراء وفي سوم النظر ، سمي الثمن أن لو يسم ، يعتبر في القانون المصري وديعة في يد القابض ، فإذا هلك احمل المالك لا القابض تبعة الهلاك .       
( [1095] ) ونري أثر ذلك فيما جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " هذه النصوص ( م 581 - 583 ) تعرض لبيان تبعة هلاك المبيع قبل التسليم . وقد استبقي المشروع أحكام التقنين الحالة ( السابق ) فجعل التبعة علي البائع قبل التسليم ، خلافا للتقنينات اللاتينية ، وأخذاً بأحكام الشريعة الإسلامية ، وتطبيقا لقواعد الفسخ في العقد الملزم للجانبين " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 75 ) . انظر رسالة الدكتور محمد زكي عبد البر فى نظرية تحمل التبعة في الفقه الإسلامي ص 177 وما بعدها .    
( [1096] ) وليست هذه القاعدة من النظام العام ، فيجوز للمتابعين أن يتفقا علي أن يكون هلاك المبيع قبل التسليم علي المشتري . فإذا لم يتفقا علي ذلك ، كان الهلاك علي البائع ولو أن البائع تغطية لمسئوليته ، أمن علي الدار المبيعة من الحريق ، فليس له أن يتقاضي أقساط التأمين من المشتري لأنه أمن علي مسئوليته هؤلاء علي مسئولية المشتري ( استئناف مختلط 4 يناير سنة 1927 م 39 ص 123 ) .         
( [1097] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 75 - ص 76 - وهناك رأي يذهب إلي إذا كان عدم التسجيل بتقصير البائع ، فالهلاك عليه حتي لو تسلم المشتري المبيع . ولكن لما كانت تبعة الهلاك تنتقل بانتقال الحيازة ولو لم تنتقل الملكية ، فالرأي الصحيح هو أن الهلاك علي المشتري إذا تسلم المبيع ولو كان البيع لم يسجل ( نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1923 مجموعة عمر 1 رقم 81 ص 152 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 286 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 220 ) .  
( [1098] ) ولو كان البيع معلقا علي شرط فاسخ ، فالهلاك قبل التسليم علي البائع ولو لم يتحقق الشرط وأصبح البيع باتا . الهلاك بعد التسليم علي المشتري إذا لم يتحقق الشرط فأصبح البيع باتا ، أما إذا تحقق الشرط فانفسخ البيع ثم هلك المبيع ، فالظاهر أنه يهلك علي مالكه أي علي البائع ما دمنا لسنا بصدد التزام بالتسليم متفرع عن التزام بنقل الملكية ولو كان البيع معلقا علي شرط واقف ، فالهلاك قبل التسليم علي البائع ولو تحقق الشرط ونفذ البيع والهلاك بعد التسليم علي البائع أيضا ، ولو تحقق الشرط بعد الهلاك ، إذ لا يكون لتحقق الشرط في هذه الحالة أثر رجعي ( م 270  /  2 مدني ) . أما إذا تحقق الشرط قبل الهلاك فنفذ البيع ، فالهلاك بعد التسليم علي المشتري . انظر في ذلك الأستاذ أنور سلطان فقرة 221 - الأستاذ محمد علي إمام فقرة 188 ص 316 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 153 ص 272 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 282 .         
( [1099] ) استئناف مختلط 7 أبريل سنة 1898 م 10 ص 236 .         
( [1100] ) مصر الكلية 11 مايو سنة 1954 المحاماة 35 رقم 364 ص 950 .    
( [1101] ) والمفروض أن الإعذار الذي ينقل تبعة الهلاك إلي المشتري هو الذي يتم عندما يكون التزام المشتري بتسليم المبيع حالا ، فإذا أعذر البائع المشتري ليتسلم قبل الأجل المشروط لمصلحة المشتري لم يترتب علي هذا الإعذار نقل تبعة الهلاك ( الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 75 مكررة ص 145 ) .   
( [1102] ) أما إذا لم يتبين في وضوح بإعذار أو إخطار أو نحو ذلك أن البائع يحبس المبيع لعدم استيفاء الثمن ، بل سكت البائع عن مطالبة المشتري بالثمن وسكت المشتري عن مطالبة البائع بالمبيع ، فتراخي تنفيذ العقد علي هذا النحو دون أن يظهر البائع نيته في حبس المبيع حتي يستوفي الثمن ، ثم هلك المبيع في خلال ذلك ، فإن الهلاك في هذه الحالة يكون علي البائع ، ولا يجوز لهذا أن يدعي أنه كان حابسا للمبيع ( انظر في هذا المعني الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 280 ص 430 - الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 75 مكررة ص 145 - ص 146 ) .        
( [1103] ) كذلك يهلك المبيع علي المشتري إذا اتفق المتبايعان علي أن يكون الهلاك علي المشتري قبل التسليم ، أو وضع المشتري يده علي المبيع قبل دفعه الثمن بدون إذن البائع وهلك المبيع في يده ، وقد سبقت الإشارة إلي هاتين الحالتين أما ما جاء في المادة 94 تجاري من أن البضائع التي تخرج من مخزن البائع أو المرسل يكون خطرها في الطريق علي من يملكها فليس باستثناء حقيقي من القاعدة التي تقضي بأن الهلاك علي البائع قبل التسليم ، فقد قدمنا أن الملكية هنا تنتقل بالإفراز ، وهو لا يتم إلا عند التسليم إما في محطة الشحن أو في محطة التفريغ ، فإذا انتقلت تبعة الهلاك هنا بانتقال الملكية فلأن الملكية هي نفسها تنتقل بالتسليم .         
( [1104] ) انظر ما يلي فقرة 404 .
( [1105] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 582 من المشروع التمهيدي علي الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وقد أقرته لجنة المراجعة تحت رقم 451 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 438 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 77 - 79 ) .    
( [1106] ) التقنين الملغي السابق 298  /  372 : إذا نقصت قيمة المبيع بعيب حدث فيه قبل استلامه بحيث لو كان ذلك العيب موجوداً قبل العقد لامتنع المشتري عن الشراء ، كان المشتري مخيراً بين الفسخ وبين إبقاء المبيع بالثمن المتفق عليه ، إلا إذا سبق منه رهنه .

        ( ويخالف هذا الحكم ما ورد في التقنين المدني الجديد ، فإن المشتري في التقنين السابق لا يملك إنقاص الثمن ، فإما أن يفسخ وإما أن يستبقي المبيع بكل الثمن . فإذا لم يبلغ العيب الجسامة المطلوبة أو رهن المشتري المبيع ، فإنه لا يستطيع الفسخ ، فلا يبقي أمامه إلا استبقاء المبيع بكل الثمن ، فكان هو الذي يحمل تبعة الهلاك الجزئي قبل التسليم . وهذا العيب قد تداركه التقنين الجديد ، فجعل للمشتري حق إنقاص الثمن إذا لم يطلب الفسخ : أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 78 - فإذا أبرم بيع قبل 15 أكتوبر سنة 1949 سرت عليه . أحكام التقنين السابق ، وإذا أبرم بيع بعد ذلك سرت عليه أحكام التقنين الجديد ) .
( [1107] ) التقنينات المدنية العربية الأخري : التقنين المدني السوري م 406 ( مطابقة للمادة 438 من التقنين المدني المصري . وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 135 ) .

التقنين المدني الليبي م 427 ( مطابقة للمادة 438 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 547  /  1 وإذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه ، فالمشتري مخير بين فسخ البيع وبين بقائه مع إنقاص الثمن ، ( وتتفق هذه الأحكام مع أحكام التقنين المصري ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل ، ولكن أحكام التقنين المصري تطبيق للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ بها في لبنان دون نص .      
( [1108] ) وسبق أن قررنا أن المشروع التمهيدي كان يشتمل علي المادة 583 وقد حذفت ، وهي تتناول كلا من الهلاك الكلي والجزئي أو نقص القيمة ، إذا كان ذلك راجعا إلي فعل البائع أو إلي فعل المشتري ( انظر آنفا فقرة 317 - وانظر التقنين المدني العراقي م 547  /  2 آنفا فقرة 315 في الهامش ، وتقنين الموجبات والعقود اللبناني م 415 - 416 آنفا فقرة 317 في الهامش ) .      
( [1109] ) ويعتبر هلاكا جزئيا أن يكون المبيع أرضا عليها بناء فينهدم البناء ، فيكون المشتري مخيراً بين الفسخ وإنقاص الثمن . وكان التقنين المدني السابق كما قدمنا يجيز الفسخ دون إنقاص الثمن ، فقضت محكمة النقض في عهد هذا التقنين بأنه إذا كان العقار المبيع أرضا عليها بناء ، ثم هلك البناء لأي سبب ، فإن البيع لا ينفسخ ، ولكن يكون للمشتري الخيار بين طلب الفسخ وبين استبقاء المبيع ، ولا فرق في ذلك بين حالتي البيع الناقل للملكية والبيع الذي لا يترتب عليه بمقتضي قانون التسجيل الجديد إلا التزامات شخصية ( نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 81 ص 152 ) وقضت محكمة استئناف مصر بأن انهدام البناء وبقاء الأرض لا يعتبر هلاكا كليا بل هو هلاك جزئي ، فلا ينفسخ البيع من تلقاء نفسه ( استئناف مصر 23 فبراير سنة 1932     المحاماة 13 رقم 38  /  2 ص 96 ) .
( [1110] ) فإذا كان الهلاك أو نقص القيمة قد حدث قبل البيع دون أن يعلم به المشتري ، وكان قد بلغ قدراً من الجسامة بحيث لو علم به المشتري لما أبرم البيع ، كان هذا غلطاً جوهريا يجعل البيع قابلا للأبطال .
( [1111] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 78 .
( [1112] ) استئناف مختلط 19 يناير 1905 م 17 ص 84 .    
( [1113] ) نقض مدني 14 مارس سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 43 ص 133 .
( [1114] ) كولان وكابيتان 2 فقرة 893 - بودري وسينيا فقرة 349 مكررة - بيدان 11 فقرة 186 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 88 وفقرة 95 .
( [1115] ) كولان وكابيتان 2 فقرة 901 - بودري وسينيا فقرة 391 .        
( [1116] ) كولان وكابيتان 2 فقرة 893 - ص 598 - ص 599 .        
( [1117] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 584 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي انتهي بالعبارة الآتية : " ويثبت التزام البائع بالضمان ولو لم ينص عنه في العقد " . وفي لجنة المراجعة حذفت هذه العبارة لعدم الحاجة إليها ، وأقرت اللجنة النص بعد هذا الحذف تحت رقم 452 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 439 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 80 و ص 82 - ص 83 ) .
( [1118] ) التقنين المدني السابق م 300  /  374 : من باع شيئا يكون ضامنا للمشتري الانتفاع به بدون معارضة من شخص آخر له حق عيني علي المبيع وقت البيع ، وكذلك يكون البائع ضامنا إذا كان الحق العيني للآخر ناشئا عن فعله بعد تاريخ العقد . ووجوب الضمان لا يحتاج إلي شرط مخصوص به في العقد .

م 310  /  384 : نزع ملكية جزء معين من المبيع أو شائع فيه يعتبر قانونا كنزع ملكيته كله . وكذلك ثبوت حق ارتفاق موجود علي المبيع قبل العقد ، ولم يحصل الإعلام به أو لم يكن ظاهراً وقت البيع ، يعتبر كنزع الملكية بتمامها . هذا إذا كان الجزء المنتزعة ملكيته أو حق الارتفاق بحالة لو علمها المشتري لامتنع عن الشراء .

ولا يوجد فرق في الأحكام ما بين التقنين الجديد والتقنين السابق ، مع ملاحظة أمرين ذكرتهما المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : ( أ ) تجنب ( التقنين الجديد ) عيبا وقع فيه التقنين الحالي ( السابق ) في المادة 300  /  374 ، إذ قررت هذه المادة أن البائع يضمن للمشتري وجود حق عيني علي المبيع لشخص آخر وقت البيع . وينبني علي ذلك ألا ضمان إذا ظهر أن العين المبيعة مؤجرة بعقد ثابت التاريخ قبل البيع ، لأن ضمان البائع لا يشمل إلا الحقوق العينية . وقد قضت محكمة النقض بذلك ( 10 ديسمبر سنة 1931 ملحق مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 11 - و 3 مارس سنة 1932 ملحق مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 26 ) وعيب هذا الحكم أن العين المبيعة قد تكون مؤجرة لمدة طويلة وتكون الأجرة قد قبضت مقدما ، ويكون كل هذا نافذاً في حق المشتري طبقا لأحكام القانون ، فلا يستطيع أن يرجع بضمان الاستحقاق علي البائع . لذلك لم يشترط المشروع أن يكون للغير حق عيني علي المبيع ، بل كل ما اشترطه هو أن يكون له حق علي المبيع يحتج به علي المشتري ، فيدخل في ذلك حق المستأجر في الغرض المشار إليه ( ب ) وضع ( التقنين الجديد ) الحكم القاضي بعدم ضمان حقوق الارتفاق إذا حصل الإعلان بها أو كانت ظاهرة في مكانه الطبيعي عند الكلام في الارتفاق علي تعديل الضمان ، لا عند الكلام في حكم الاستحقاق الجزئي كما فعل التقنين الحالي ( السابق ) : م 310  /  384 ( والتقنين الجديد ) فيما عدا ذلك كالتقنين الحالي ( السابق ) يجعل البائع ضامنا للتعرض إذا لم تصل منازعة الغير للمشتري في المبيع إلي نزعه من يده ، وضامنا للاستحقاق إذا انتهي التعرض لاستحقاق المبيع . ويميز بين فعل البائع وفعل الغير ، فالبائع يضمن فعله مطلقا ، ويعتبر تعرضا منه أن يخول للغير علي المبيع حقا يحتج به علي المشتري . أما الغير ، فإذا كان تعرضه ماديا أي غير مبني علي سبب قانوني فلا شأن للبائع في ذلك ، وعلي المشتري أن يدفع هذا التعرض بما وضعه القانون في يده من وسائل . وإذا كان تعرضه مبنيا علي سبب قانوني ، فإن كان هذا السبب موجوداً وقت البيع أو بعد البيع ولكن بفعل البائع وجب الضمان ، وإلا فلا يجب . ويلاحظ أن ( التقنين الجديد ) كالتقنين الحالي ( السابق ) أيضا في أن الضمان لا يجب علي البائع إلا إذا حصل التعرض فعلا من الغير ، سواء حكم بالاستحقاق أو لم يحكم : نقض 27 أبريل سنة 1932 ملحق مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 31 أما إذا اقتصر الأمر علي ظهور حق للغير علي العقار دون أن يتعرض هذا الغير فعلا ، فلا ضمان علي البائع : انظر عكس ذلك التقنين البولوني م 313 ولكن هذا لا يمنع من تطبيق القواعد العامة ، فيستطيع المشتري أن يطالب بفسخ البيع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 81 - ص 82 ) .   
( [1119] ) التقنينات المدنية العربية الأخري : التقنين المدني السوري م 407 ( مطابقة للمادة 439 من التقنين المدني المصري . وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 140 - فقرة 154 ) .

التقنين المدني الليبي م 428 ( مطابقة للمادة 439 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 549 : 1 - يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه ، سواء كان التعرض من فعله أو من فعل أجنبي يدعي أن له حقا علي المبيع وقت البيع يحتج به علي المشتري . 2 - ويثبت ضمان التعرض ولو لم ينص عنه في العقد .

( وأحكام التقنين العراقي متفقة مع أحكام التقنين المصري - انظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 198 - فقرة 199 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 443 - فقرة 452 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 428 : إن الضمان الواجب علي البائع للمشتري يرمي إلي غرضين : أولهما ضمان وضع اليد علي المبيع بلا معارضة ، والثاني ضمان النقائص والعيوب الخفية في المبيع .

م 431 : إن البائع ، وان اشترط عدم إلزامه بضمان ما ، يبقي ملزما بضمان فعله الشخصي . وكل اتفاق مخالف يكون باطلا .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .       
( [1120] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 82 .
( [1121] ) بلانويل وريبير وهامل 10 فقرة 90 ص 94 .          
( [1122] ) الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 332 .      
( [1123] ) ويضاف عادة أن يكون العمل مما يتعارض مع التزامات البائع ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 137 - الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 80 ص 150 - قارن أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 76 ) .

وكون البائع قد حرم من الانتفاع بالمبيع مسألة واقع يترك تقديرها لقاضي الموضوع ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 90 ص 93 ) .          
( [1124] ) استئناف مختلط 2 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 53 .        
( [1125] ) أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 62 - بودري وسينيا فقرة 363 - فقرة 364 - كولان وكابيتان 2 فقرة 900 .    
( [1126] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا باع شخص لآخر محلا تجاريا بما فيه من بضائع ، وتعهد في عقد البيع بألا يتجر في البضائع التي يتجر فيها المشتري في الشارع الذي يقع فيه المحل المبيع ، ولكن البائع فتح محلا بنفس العمارة التي بها المحل المبيع واتجر في بعض أنواع البضائع التي شملها عقد البيع ، فقد أخل بواجب الضمان الذي يلزمه بوصفه بائعا ، كما أخل بالشرط المتفق عليه في عقد البيع . وإن هذا الإخلال إن هو إلا تعرض للمشتري في بعض المبيع من شأنه أن ينقض من قيمته ، ونقض قيمة المبيع علي هذه الصورة هو بذاته الضرر الذي أصاب المشتري من تعوض البائع ، فلا حاجة لأن يثبت المشتري أي ضرر غير ذلك ( نقض مدني 8 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 42 ص 291 ) .
( [1127] ) ومن أمثلة التعرض الصادرة من البائع ، ويقوم علي أعمال مادية محضة ، أن يبيع مؤلف طبعة من كتابة لناشر ، فلا يجوز للمؤلف - ما لم يوجد اتفاق علي غير ذلك - أن يعيد طبع الكتاب قبل نفاذ نسخ الطبعة التي باعها ( بودري وسينيا فقرة 365 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 223 ص 272 ) ومن أمثلته كذلك أن يبيع شخص مصنعا يعتمد في توليد الكهرباء علي مسقط مياه بقي في ملك البائع ، ثم يغير البائع مسقط المياه بحيث يمتنع توليد الكهرباء أو يقل ( بودري وسينيا فقرة 352 مكررة - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2415 ) . وقضت محكمة الاستئناف الوطنية بان البائع يكون مسئولا إذا هو باع قطعة أرض حددها بميدان مملوك له ، ثم ألغي الميدان بعد ذلك وقسمه أجزاء لبيعه ، لأن في ذلك حرمان المشتري من الانتفاع بمنظر الميدان ( استئناف وطني 28 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 ص 255 ) .
( [1128] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 90 ص 93 .          
( [1129] ) أو يقال الاسترداد والضمان لا يجتمعان . ومن أمثلة الحق السابق علي البيع أن يكون البائع قد أفرز المبيع بموجب قسمة قابلة للإبطال ، ثم باعه بعد ذلك ، فلا يجوز له أن يطالب بإبطال القسمة ، لئلا يبطل البيع فيكون هذا تعرضا منه مبنيا علي سبب قانوني ( أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 78 هامش رقم 5 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 223 ص 272 ) .         
( [1130] ) فلا مسئولية علي البائع ما دام يرتكن في عمله إلي حتي مقرر في القانون ، فله مثلا أن ينقذ علي المبيع بدين له في ذمة المشتري ، وله أن يأخذ المبيع بالشفعة إذا باعه المشتري إلي أجنبي فيكون له كذلك ان يتملك المبيع بالتقادم ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 137 - الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 80 ص 152 ) .        
( [1131] ) الأستاذ أنور سلطان فقرة 224 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 137 - الأستاذ جميل الشرقاوي ص 230 - ص 232 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 291 - الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 80 ص 152 - ص 154 .

وإذا كان المبيع عقاراً ولم يسجل المشتري عقد البيع ، فاستبقي البائع الملكية مع الحيازة خمس عشرة سنة ، فإنه يبقي مالكا كما كان دون حاجة إلي التمسك بالتقادم المكسب ، ولو فرض أن المشتري سجل البيع بعد انقضاء خمس عشرة سنة ، فإن البائع يستطيع أن يحتج بالتقادم ، إذ يعتبر أنه قد وضع يده علي عقار غير مملوك له منذ البيع ، وذلك بفضل الأثر الرجعي للتسجيل فيما بين المتعاقدين علي الرأي الذي نقول به . بقي أن يسجل المشتري عقد البيع بعد مضي مدة من صدوره ولكن قبل انقضاء خمس عشرة سنة ، ففي هذه الحالة يصبح المشتري مالكا للعقار المبيع من وقت البيع بالنسبة إلي البائع بفضل الأثر الرجعي للتسجيل ، فإذا أكمل البائع مدة التقادم كان واضعا يده علي ملك غيره منذ البيع ، فيملكه بالتقادم .
( [1132] ) نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 19 ص 69 - 10 يناير سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 62 ص 368 - وانظر أيضا : استئناف مختلط 29 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 53 - 25 نوفمبر سنة 1941 م 54 ص 14 - أول يونية سنة 1943 م 55 ص 172 .

وقد سلمت محكمة النقض في حكم آخر يجواز التمسك بالتقادم المكسب دون التقادم المسقط ، فقضت بأن من أحكام عقد البيع إلزام البائع بضمان عدم منازعة المشتري في المبيع ، فيمتنع عليه أبداً التعرض للمشتري ، وينتقل هذا الالتزام من البائع إلي ورثته فيمتنع عليهم أبدا التعرض للمشتري فيما كسب من حقوق بموجب العقد ، إلا إذا توافرت لديهم من بعد تاريخ عقد البيع شروط وضع اليد علي الأرض المبيعة المدة الطويلة المكسبة للملكية وفق ما جري به قضاء هذه المحكمة . ولما كان دفاع المطعون عليهم بسقوط حق الطاعنة لعقودها عن رفع دعواها أكثر من خمس عشرة عليهم بمقتضي إلزام القانون مورثهم بالضمان السالف الذكر ، وكان هذا الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوي الطاعنة استناداً إلي هذا الدفاع ، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون ( نقض مدني 4 مارس سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 90 ص 569 ) . ونري أنه يجوز للبائع أن يتمسك بالتقادم المسقط إذا انقضت خمس عشرة سنة ، لا من تاريخ صدور البيع ، بل من تاريخ وقوع التعرض منه فعلا فإذا رفع المشتري بعد انقضاء المدة دعوي الضمان جاز للبائع أن يدفعها بالتقادم المسقط بصرف النظر عما إذا كان قد كسب المبيع بالتقادم المكسب أو لم يكسبه ( انظر في هذا المعني الأستاذ إسماعيل غانم مذكرات غير مطبوعة في البيع ص 115 - ص 116 ) .          
( [1133] ) نقض فرنسي 13 مايو سنة 1912 داللوز 1913 - 1 - 143 .         
( [1134] ) ويؤيد رأي محكمة النقض الفرنسية أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 63 - بيدان 11 فقرة 201 - كولان وكابيتان 2 فقرة 904 .       
( [1135] ) قارب بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 89 ص 92 .   
( [1136] ) وفي البيع الجبري يعتبر المدين بائعا ، وهو الذي يقع عليه ضمان المبيع ، فلا يحق له أن يتعرض للراسي عليه المزاد بنفسه تعرضا ماديا أو تعرضا قانونيا ، كأن يدعي الملكية لنفسه بأي سبب من أسباب التمليك ( استئناف مصر 25 فبراير سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 249 ) .   
( [1137] ) الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 293 - الأستاذ جميل الشرقاوي ص 230 هامش 2 - الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 81 ص 156 – ص 157 - وقارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 223 ص 372 وفقرة 226 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 164 ص 286 - الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 347 .       
( [1138] ) نقض فرنسي 5 يناير سنة 1815 سيريه 15 - 1 - 231 - 11 أغسطس سنة 1830 سيريه 30 - 1 - 395 - نقض بلجيكي 5 يونية سنة 1856 داللوز 56 - 2 - 209 وباسيكريزي 56 - 1 - 308 - جيوار 1 فقرة 343 فقرة 344 - أوبري ورو 5 فقرة 355 هامش 8 و 12 - لوران 24 فقرة 215 - بودري وسينيا فقرة 362 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 93 - كولان وكابيتان ، فقرة 903 - ويعترض بولانجيه علي هذا الحكم ، ويميل إلي التمييز ما بين التعرض المبني علي سبب مادي وهذا غير قابل للانقسام والتعرض المبني علي سبب قانوني وهو قابل له ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2516 - وانظر أيضا جوسران 2 فقرة 1096 ) .       
( [1139] ) الأستاذ أنور سلطان فقرة 227 - الأستاذ محمد علي إمام فقرة 214 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 138 - الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 66 ص 230 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 293 - الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 81 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 347 – فقرة 348 وقارن الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 164 ص 287 .       
( [1140] ) كذلك لو كان الخلف الخاص موهوبا له فإنه يكون دائنا بضمان التعرض لمن باع للواهب ، وله أيضا دعوي مباشرة وهذه بخلاف الدعوي غير المباشرة التي يستطيع رفعها باسم الواهب ( بودري وسينيا فقرة 359 ص 364 ) .
( [1141] ) وقد قضت محكمة النقض بأن عدم تسجيل المشتري عقد شرائه لا يترتب عليه سقوط حق الضمان . وإذن فالحكم الذي يرفض دعوي الضمان تأسيسا علي أن نزع ملكية العين من المشتري لم يكن إلا نتيجة إهماله في تسجيل عقد شرائه ، مما مكن دائن البائع الشخصي من نزع ملكية العين المبيعة ، يكون حكما مخالفا للقانون متعينا نقضه ( نقض مدني 13 فبراير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 326 ص 1049 ) .

وضمان التعرض في ذلك كضمان الاستحقاق ، فالضمانان واجبان حتي في بيع غير مسجل وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " هذا وضمان الاستحقاق واجب حتي في بيع غير مسجل ، كما إذا باع البائع العقار مرة أخري قبل أن يسجل المشتري الأول وكما إذا نفذ الدائن الشخصي للبائع علي العقار المبيع قبل تسجيل البيع : نقض 13 فبراير سنة 1936 ملحق مجلة القانون والاقتصاد 6 ص 124 " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 82 ) .     
( [1142] ) ويلتزم البائع نحو الشفيع بضمان التعرض ، كما كان يلتزم نحو المشتري قبل الأخذ بالشفعة ويجوز أيضا لمسترد حصة شائعة في سنقول باعها أحد الشركاء لأجنبي ( م 833 مدني ) الرجوع علي الشريك البائع بضمان التعرض .
( [1143] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 89 ص 92 .          
( [1144] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 91 ص 95 عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 138 .
( [1145] ) وقد أورد كولان وكابيتان مثلا للتعرض الصادر من البائع أن يطالب بإبطال بيع صدر منه في عين غير مملوكة له فيعد هذا تعرضا منه للمشتري ولا تقبل دعواه ( كولان وكابيتان ، فقرة 904 ) .    
( [1146] ) وقد يقوم تعرض البائع علي تقدمه بطعن في سند ملكيته للمبيع ، فإذا قبل هذا الطعن تأثر حق المشتري . مثل ذلك أن يكون البائع قد تقاسم مع شركائه في الشيوع ، وباع حصته التي أفرزتها هذه القسمة ، فلا يجوز له بعد ذلك أن يطعن في القسمة بالإبطال ، لأن هذا الطعن من شأنه أن يؤثر في حق المشتري للحصة المفرزة ، فيعتبر الطعن تعرضا منه للمشتري ومن ثم لا يسري في حق هذا المشتري ( انظر في هذا المعني بلانيول وريبير وهامل 10 ص 95 هامش 2 ) .         
( [1147] ) انظر تاريخ هذا النص والنصوص المقابلة له في التقنين المدني السابق وفي التقنينات المدنية العربية الأخري ما يلي فقرة 355 - ولا فرق في الأحكام ما بين التقنين المدني الجديد وبين التقنين المدني السابق والتقنينات المدنية العربية الأخري .      
( [1148] ) والمقصود بعبارة " عدم الضمان " الواردة في الفقرة الأولي من المادة 446 مدني هو إسقاط الضمان لا إنقاصه ( انظر ما يلي فقرة 357 في الهامش وفقرة 359 في الهامش ) .
( [1149] ) انظر في أمثله أخري لتشديد الضمان أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 63 وهامش رقم 5 مكرر رابعا - بلانيول وريبير وهامل 10 ص 93 هامش رقم 1 .         
( [1150] ) انظر في أمثلة أخري لإنقاص الضمان بودري وسينيا فقرة 7 رقم 4 ص 415 - ص 416 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 94 .  
( [1151] ) وقد قضت محكمة النقض بأن شرط عدم الضمان الوارد في البند الحادي والعشرين من شروط قائمة مزاد استبدال الأموال الموقوفة ، ومؤداه أن المشتري يشتري ساقط الخيار ، لا يسقط عن البائع ( وزارة الأوقاف ) ضمان عدم تسليم المبيع بالحالة التي كان عليها وقت رسوم المزاد وتصرفه فيه بالهدم والبناء وبيع بعضه وقبض ثمنه ، ما دام كل ذلك كان من فعله وبعد رسو المزاد ( نقض مدني 17 فبراير سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 97 ص 291 ) .  
( [1152] ) بودري وسينيا فقرة 407 ص 414 - ص 415 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 94 .      
( [1153] ) نقض مدني 5 ديسمبر سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 79 ص 280 - أما إذا لم يقع التعرض فعلا بل خيف من وقوعه فإن هذا لا يكفي لتحقق الضمان ولكن المشتري في هذه الحالة ، إذا كان لم يدفع الثمن ، يجوز له حبسه لمجرد الخشية من وقوع التعرض ، ومع ذلك يجوز للبائع أن يطالب باستيفاء الثمن على أن يقدم كفيلاً ( م 457  /  2 مدنى ) . فإذا كان المشترى قد دفع الثمن ، وخشى من وقوع تعرض لما يقع ، فليس له أن يسترد الثمن لحبسه ، وليس له رفع دعوى ضمان التعرض ما دام التعرض لم يقع ، ولكن يكون له الحق فى طلب فسخ البيع ، ويكون له الحق أيضًا إذا كان المبيع غير مملوك للبائع أن يطلب إبطال البيع ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 99 هامش 1 ) .

ويترتب على ما قدمناه أن مجرد وجود حق رهن على المبيع لا يتحقق به الضمان ، ما دام الدائن المرتهن لم يتخذ أى إجراء على العين المبيعة ( نقض مدنى 30 مارس سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 40 ص 76 - استئناف مختلط 31 مايو سنة 1914 م 26 ص 403 ) ، وقد لا يتخذ هذا الإجراء إذا استوفى من البائع حقه ( بودرى وسينيا فقرة 351 مكررة أو لا ) . ولكن متى أنذر الدائن المرتهن المشترى بالدفع أو التخلية ، يكون التعرض قد وقع فعلاً ( استئناف مختلط 9 مارس 1916 م 28 ص 195 ) . على أن مجرد ظهور حق رهن أو حق اختصاص أو حق ارتفاق على العين يجيز للمشترى طلب فسخ البيع ، وإن لم يحصل التعرض فعلاً ( استئناف وطنى 26 يناير سنة 1909 الحقوق 24 ص 51 - 8 مارس سنة 1910 الحقوق 25 ص 89 - 27 دسيمبر سنة 1911 الحقوق 28 ص 123 - 2 ديسمبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 120  /  1 ص 116 - 20 فبراير سنة 1917 الشرائع 4 رقم 98 ص 343 ) .

كذلك إذا كان المبيع في حياة غير البائع ، فإن هذا لا يكفي لتحقق الضما ، وللمشتري أن يطلب من البائع تسليم المبيع ، كما يجوز له أن يرفع دعوي استرداد علي الحائز فإن لم يسلم بدعواه بل ادعي ان له حقا علي المبيع تحقق ضمان التعرض ( بودري وسينيا فقرة 351 مكررة ثانيا ) ومجرد الخشية من الاستحقاق لا يكفي ( استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 55 - 25 نوفمبر سنة 1915 م 28 ص 31 ) ، وكذلك لا يكفي عدم تسليم مستندات الملكية ما دام لم يتعرض أحد للمشتري ( استئناف مختلط 13 يناير سنة 1925 م 27 ص 158 ) ، ولا مجرد عدم إثبات ملكية البائع للمبيع ( استئناف مختلط 11 يونية سنة 1940 م 52 ص 306 ) ، ولا عدم شطب الرهن إذا كان الدين قد دفع ( استئناف مختلط 3 أبريل سنة 1913 م 25 ص 287 ) .

ولكن يكفي للرجوع بضمان التعرض أن يكون المشتري لم يستطع الانتفاع بالمبيع ، حتي لو لم ترفع عليه دعوي الاستحقاق من المستحق ( استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 38 ) . وإذا وقع التعرض للمشتري ونزعت حيازته ، فالمشتري هو الذي يرفع دعوي الاسترداد لا البائع ، إذ لا صفة للبائع بعد البيع في رفع هذه الدعوي ( استئناف مصر 15 يونية سنة 1926 المحاماة 7 رقم 155  /  1 ص 216 ) . وإذا رفعت دعوي ضمان الاستحقاق ، جاز للبائع دفعها بأن المالك قد أقر البيع ، وهذا بخلاف دعوي الإبطال في بيع ملك الغير ( استئناف مختلط 14 ديسمبر سنة 1915 م 28 ص 55 ) .         
( [1154] ) وذلك بأن يلجأ الدائن المرتهن إلي نزع ملكية العقار المبيع ، ويقع التعرض في هذه الحالة كما قدمنا بمجرد إنذار المشتري بالدفع أو التخلية ، فيجوز عندئذ للمشتري أن يطلب من البائع أن يدفع عنه هذا للتعرض بأن يوفي الدائن دينه أو يعمل علي شطب الرهن بأية وسيلة ويجوز الحكم علي البائع بغرامة تهديدية حتي يقوم بمنع التعرض ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 146 ويشير إلي حكمين في هذا المعني ) .
( [1155] ) وقد قضت محكمة النقض بأن ضمان المبيع المترتب علي البيع ينحصر في تسليم المبيع للمشتري دون منازعته فيه من الغير . فإذا عجز البائع عن التسليم أو عجز عن طف منازعة الغير للمشتري وجب عليه الضمان وهذا الضمان في الحالتين مرجعه بيع البائع ما لا يملك إلا أن المبيع كان في الحالة الأولي تحت يد الغير وقت البيع فتعذر التسليم ، وكان في الحالة الثانية تحت يد المشتري فاسترده مالكه الحقيقي ونزعت بذلك الملكية من المشتري وإنه يترتب علي هذا الضمان بطلان البيع في الحالة الأولي أو فسخه في الحالة الثانية وإلزام البائع برد الثمن مع التضمينات ( نقض مدني 14 ديسمبر سنة 1940 المحاماة 20 ص 1364 ) ولا يفهم من هذا الحكم أن الضمان في الحالة الأولي محصور في بطلان البيع باعتباره بيع ملك الغير ، ذلك أن ضمان الاستحقاق يقوم حتي في هذه الحالة ويكون للمشتري الخيار بين إبطال البيع باعتباره بيع ملك الغير ، وبين الرجوع بضمان الاستحقاق علي البائع ( انظر الأستاذ محمد علي إمام فقرة 205 ص 357 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 169 ص 292 - وانظر بودري وسينيا فقرة 351 مكررة ثانيا - دي باج 4 فقرة 138 ) .
( [1156] ) وقد يكون هذا الاعتقاد مبنيا علي أسباب قوية ، كما إذا كان المبيع مرهونا فيخليه للدائن المرتهن ( بيدان 11 فقرة 191 أولا ) ، أو كان سند ملكية البائع عقد هبة ورزق الواهب بعد الهبة ولداً أو كان للواهب ولد يظنه ميتا وقت الهبة فإذا هو حي ثم يرجع الواهب في هبته ( م 501 حرف جـ مدني ) انظر في هذا المعني بودري وسينيا فقرة 350 ص 347 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 1291 .
( [1157] ) انظر المادة 442 مدني وسيأتي بيانها - وانظر أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 67 - بيدان 11 فقرة 191 ص 145 .   
( [1158] ) أو يكون البيع مرهونا فيدخل المشتري في المزاد فيرسو عليه بتكاليف أكثر فيرجع بدعوي الاستحقاق علي البائع أو يدفع الدين للدائن المرتهن حتي لا تباع العين فيرجع علي البائع بما دفعه علي أساس ضمان الاستحقاق ( بودري وسينيا فقرة 350 ص 348 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 1295 ) .
( [1159] ) لوران 24 فقرة 216 - أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 67 - بودري وسينيا فقرة 350 - انظر أيضا بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 100 ص 106 ( ويميلون إلي القول بأن المشتري يكتفي في هذه الأحوال بدعوي الفسخ أو دعوي إبطال بيع ملك الغير ) .
( [1160] ) نقض مدني 28 أبريل سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 47 ص 99 - 5 ديسمبر سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 79 ص 280 - استئناف وطني 20 مارس سنة 1917 الحقوق 33 ص 41 - استئناف مصر 25 فبراير سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 رقم 120 ص 257 - 26 مايو سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 رقم 165  /  2 ص 342 - استئناف مختلط 22 ديسمبر سنة 1898 م 11 ص 67 - 30 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 113 - 22 أبريل سنة 1919 م 31 ص 258 – استئناف مختلط ( دوائر مجتمعة ) 23 مايو سنة 1925 م 37 ص 446 .   
( [1161] ) نقض مدني 18 نوفمبر سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 72 ص 194 ( ولو كان الضمان منصوصا عليه في العقد ) - استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1895 م 8 ص 210 - 20 مارس سنة 1896 م 8 ص 183 - 23 ديسمبر سنة 1897 م 10 ص 59 .
( [1162] ) استئناف مختلط 26 يناير سنة 1899 م 11 ص 146 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 96 - وإذا كان التعرض المادي الصادر من الغير قد وقع قبل تسليم المبيع ، وجب علي البائع دفعه ، ولكن لا بموجب التزامه بالضمان ، بل بموجب التزامه بالتسليم ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 139 – الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 159 ) .         
( [1163] ) أما إذا رفع الدعوي علي البائع ولم يدخل فيها المشتري فالحكم الصادر في الدعوي لا يكون حجة علي المشتري ومن ثم لا يكون هناك محل لرجوع المشتري علي البائع بضمان التعرض أو الاستحقاق ( نقض مدني 5 أبريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 98 ص 592 - 23 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 35 ص 251 ) .
( [1164] ) ويشترط ألا يكون المشتري قد تسبب بخطأه في هذا التعرض ، كأن قد تعهد بدفع الدين المضمون برهن علي المبيع ولم يدفعه فنزع الدائن المرتهن ملكية المبيع ( استئناف مصر 16 ديسمبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 300  /  3 ص 428 - المنيا 22 يوليه سنة 1932 المحاماة 13 رقم 295  /  1 ص 572 ) .  
( [1165] ) الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 139 .    
( [1166] ) وقد قضت محكمة النقض في عهد التقنين المدني السابق بأن المادة 300 مدني صريحة في أن ضمان البائع لا يشمل إلا الحقوق العينية ، وحق المستأجر علي العين المؤجرة ليس إلا حقا شخصيا ، فهو لا يدخل في حكم هذه المادة ( نقض مدني 10 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 16 ص 26 ) . وانظر أيضا : استئناف وطني 15 فبراير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 205 ص 274 ( لا تدخل في الإجارة في عبارة التكاليف ) استئناف مختلط 13 أبريل سنة 1922 م 34 ص 330 .  
( [1167] ) انظر آنفا فقرة 329 في الهامش والعبرة بتاريخ البيع ، فإذا كان قد تم قبل 15 أكتوبر سنة 1949 سري التقنين السابق ، وإلا فالتقنين الجديد .       
( [1168] ) فإذا كان الغير يطالب بشيء ليس جزءاً من المبيع ، لم يتحقق الضمان حتي لو ظنه المشتري خطأ جزءاً من المبيع ، كما إذا اشتري شخص أرضا ورأي أشجاراً مغروسة في حدودها فظنها تابعة للأرض ، وتبين بعد الشراء انها لا تتبع الأرض بل هي للجار ، فليس للمشتري أن يرجع علي البائع بالضمان في هذه الحالة ما دام البائع لم يدخل الأشجار في المبيع ( بودري وسينيا فقرة 351 مكررة ثالثة ) ولكن سنري أنه إذا وجد حق ارتفاق ظاهر للمبيع اطمأن المشتري إلي وجوده ، ضمنه البائع حتي لو لم يذكر في عقد البيع فلو تبين أنه غير موجود رجع المشتري علي البائع بالضمان ( انظر ما يلي فقرة 358 في الهامش – بودري وسينيا فقرة 390 ) وقد قدمنا أن ضمان الاستحقاق غير ضمان العجز في مقدار المبيع .  
( [1169] ) وقد قضت محكمة النقض بأن البائع يضمن المبيع من كل تعرض للمشتري يستند إلي حق ووجه قانون ، ويشمل ذلك وجود دين شخصي علي مورث البائع وحصول الدائن علي حكم بدينه ثم علي حق اختصاص علي المبيع ( نقض مدني 24 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 29 ص 71 ) .
( [1170] ) استئناف مختلط 10 مارس سنة 1909 م 21 ص 249 - 23 يونية سنة 1910 م 12 ص 383 - 26 يناير سنة 1911 م 23 ص 139 - 25 مايو سنة 1916 م 28 ص 365 - 31 يناير سنة 1918 م 30 ص 182 - 6 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 54 .
( [1171] ) وقد يكون التعرض راجعا إلي أن البائع قد باع المبيع ومعه حقوق ارتفاق تقررت لفائدته ، ثم ظهر أنها غير موجودة ، فيرجع المشتري علي البائع في هذه الحالة بضمان الاستحقاق الجزئي . ويجب لتحقق الضمان أن تكون حقوق الارتفاق هذه مذكورة في عقد البيع ، أو تكون ظاهرة بحيث يكون المشتري قد اطمأن إلي وجودها فتكون في حكم المذكورة ضمنا ( أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 87 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 97 ص 101 وهامش رقم 4 ) .
( [1172] ) انظر آنفا فقرة 325 .    
( [1173] ) ويجب أن يكون الحق المدعي به منصبا أصلا علي المبيع ، لا آتيا عرضا عن طريق قاعدة عدم تجزئة الرهن . فإذا كان الدائن المرتهن لم ينزع ملكية القدر المبيع ، بل إنه عند تسوية دينه ظهر أن له بقية منه أراد أن يضعها علي العين المبيعة بسبب قاعدة عدم تجزئة الرهن ، فرفع المشتري علي البائعين دعوي بطلب قيمة هذه البقية التي هي زائدة علي الثمن الذي سبق أن دفعه لهم وللبنك المرتهن ، فإن تكييف هذه الدعوي بأنها دعوي ضمان استحقاق أو نزع ملكية هو تكييف غير صحيح . والصحيح المعول عليه فقط عو عقد البيع وما قارنه من ظروف وحكم هذا العقد أن المشتري خلف البائعين في ملكية الأطيان التي اشتراها منهم مرهونة مع الأطيان الأخري ، وأن ضمان البائعين من ناحية مبلغ الرهن هو ألا يكون نصيب الأطيان المبيعة فيه وقت التعاقد أكثر مما ذكر في العقد . وأما باق الدين الذي يصيب الأطيان الأخري المرهونة مع الأطيان المبيعة فلا شأن للبائعين بضمانه ، ولا تنطبق علي بيعهم أحكام القانون المدني الواردة في باب ضمان المبيع عند استحقاقه للغير أو عند نزع ملكيته كله أو بعضه . ويرجع المشتري في هذه الحالة ، وقد حل محل الدائن المرتهن فيما دفعه بسبب قاعدة عدم تجزئة الرهن ، علي أصحاب الأطيان الأخري التي فك رهنها عن طريق هذا الدفع ( نقض مدني 20 فبراير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 328 ص 1054 ) ويمكن القول هنا إن سبب عدم ضمان البائع يرجع أيضا إلي أن الحق الذي يدعيه الغير ( الدائن المرتهن ) لم يثبت إلا بعد البيع ، أي عند تسوية الدين وظهور بقية منه وضعها الدائن المرتهن علي العين المبيعة . وسنري أن البائع لا يضمن حقا للغير يثبت علي المبيع بعد البيع .
( [1174] ) بودري وسينيا فقرة 352 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 101 ص 106 وهامش رقم 5 .
( [1175] ) ويجوز أن يكون الحائز قد اشتري العين من غير المالك وهو حسن النية ، فيتملكها بمدة التقادم الفصير وهي خمس سنوات ( استئناف مختلط 14 مارس 1906 م 18 ص 148 ) .  
( [1176] ) أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 68 - بودري وسينيا فقرة 354 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 101 ص 107 - بيدان 11 فقرة 193 - عكس ذلك لوران 24 فقرة 222 .
( [1177] ) نقض مدني 31 مارس سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 402 ص 744 .         
( [1178] ) أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 68 - بودري وسينيا فقرة 354 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 101 ص 107 - عكس ذلك بيدان 11 فقرة 193 .   
( [1179] ) ويلاحظ أنه في حالة بيع المنقول مرتين ، تنقل ملكية المنقول المبيع إلي المشتري الحائز لا من البائع ، بل من المشتري غير الحائز ، ومن ثم لا تنطبق حرفية النص وهو يقول : " إذا كان الحق قد آل إليه من البائع نفسه " . ولكن المقصود من النص هو أن يكون الحق قد آل إلي الغير نتيجة لفعل البائع ( الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 161 هامش رقم 1 ) .

ويجب الضمان إذا نزعت ملكية المبيع للمصلحة العامة في الفترة ما بين العقد الابتدائي والوقت المحدد لإمضاء العقد النهائي ، فإن المبيع تكون ملكيته قد نزعت علي البائع فأتي سبب الاستحقاق من جهته ( استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1935 م 48 ص 45 ) .

ومن الفقهاء من يجعل البائع مسئولا عن الضمان حتي لو كان سبب الاستحقاق أمراً من السلطة العامة صدر بعد البيع ، إذا ثبت أن هذا الأمر لم يصدر إلا بناء علي شكوي البائع ، كما لو تظلم البائع من نظام الري المقرر في منطقة الأرض المبيعة ، وترتب علي تظلمه تغيير هذا النظام تغييراً أضر بالأرض المبيعة ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 357 هامش 3 - الأستاذ أنوس سلطان فقرة 230 ص 280 ) .  
( [1180] ) بودري وسينيا فقرة 351 مكررة .   
( [1181] ) وكذلك بالتكاليف الأخري غير حق الارتفاق كحق الانتفاع وحق المستأجر فيجب في القانون الفرنسي أن يكون المشتري وقت البيع لا يعلم بهذه التكاليف فإن كان علاما بها لم يكن البائع مسئولا عن الضمان أما في التقنين المصري فالذي ذكر في الفقرة الثانية من المادة 455 مدني هو حق الارتفاق ولم يذكر غيره كحق الانتفاع وحق المستأجر ويترتب علي ذلك أن الضمان يتحقق في هذين الحقين الأخيرين ولو كان المشتري يعلم بهما وقت البيع ما لم يشترط البائع عدم الضمان وحق الرهن لا يعتبر تكليفا في القانون الفرنسي ومن ثم يكون الحكم واحداً بالنسبة إليه في القانون المصري والفرنسي ، ويكون البائع مسئولا عن الضمان في كل من القانونين حتي لو كان المشتري يعمل وقت البيع بهذا الحق ، ما لم يشترط البائع عدم الضمان ( انظر في هذه المسألة في القانون الفرنسي بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 98 فقرة – 99 وفقرة 102 ) .  
( [1182] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه ليس للمشتري في حالة استحقاق المبيع للغير إلا حق الرجوع علي البائع بالضمان . فإذا كانت الأطيان ملكا لوقف وباعها الناظر علي أسا أنه تبادل فيها مع الوقف ثم باعها المشتري إلي آخر ثم طالب الناظر الجديد المشتري الثاني بتثبيت ملكية الوقف لها فلا يحق لهذا المشتري إذا ما حكم بإلزامه برد أطيان الوقف أن يطلب تسليمه أطيان الناظر السابق الخاصة التي وضع الوقف يده عليها بطريق البدل ، لأنه لم يكن متبادلا مع الوقف وإنما هو مشتر من شخص آخر بعيد عنه ( نقض مدني 3 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 250 ص 668 ) .
( [1183] ) وقد قضت محكمة استئناف أسيوط بأن واجب الضمان في عقود البيع ينتقل إلي التركة في الشريعة الإسلامية بعد وفاة البائع ولا يلتزم الورثة إلا بقدر ما استفادوا من التركة ولا يلتزمون به في أموالهم الخاصة ، حتي لو شملت العين موضوع الضمان إذا خرجت من ملك المورث إلي أحد الورثة قبل وفاته ( استئناف أسيوط 9 مارس سنة 1946 المجموعة الرسمية 47 رقم 225 ) .   
( [1184] ) ويرفع الأجنبي عادة دعوي استحقاق الدار علي المشتري فيدخل المشتري أحد البائعين ضامنا في الدعوي وعلي هذا أن يثبت أن ادعاء الأجنبي لا أساس له في كل الدار لا في نصيبه فقط . ولهذا البائع أن يدخل البائع الآخر ضامنا معه في الدعوي ليعاونه في هذا الإثبات ، وليتحمل معه مصروفات الدعوي عند الاقتضاء والمصروفات قابلة للانقسام فتقسم عليهما بنسب نصيب كل منهما ، وليحكم عليه معه بالتعويض إذا ثبت استحقاق الأجنبي للدار والتعويض أيضا قابل للانقسام كما سنري فيحكم عليهما كل بنسبة نصيبه في الدار ( لوران 24 فقرة 213 - جيوار 1 فقرة 340 - أوبري ورو 5 فقرة 355 هامش 7 وهامش 10 - بلانيول وريبير وهامل 1 فقرة 110 - كولان وكابيتان 2 فقرة 903 ) .   
( [1185] ) استئناف مختلط 25 فبراير سنة 1909 م 21 ص 320 - وينقسم التعويض علي البائعين المتعددين ما لم يوجد شرط بتضامنهم ( استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1931 م 43 ص 220 ) .        
( [1186] ) لوران 24 فقرة 213 - جيوار 1 فقرة 340 - بودري وسينيا فقرة 367 - فقرة 368 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 120 ( وقارن ص 129 هامش رقم 4 ) - كولان وكابيتان 2 فقرة 903 .

ولكن لو مات البائع الملتزم بضمان الاستحقاق وترك ورثة متعددين فإن التركة تكون مسئولة عن ضمان الاستحقاق ولا ينقسم علي الورثة ( الأستاذ محمد حلمي عيسي فقرة 1424 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 347 - وقارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 227 ) .          
( [1187] ) وإذا رجع المشتري الثاني علي المشتري الأول كان للمشتري الأول أن يرجع علي البائع بما أداه هو للمشتري الثاني ، وقد يزيد علي الضمان الذي كان يرجع به علي البائع لو أن العين استحقت في يده ولم يبعها لمشتر ثان . فلو أن البائع باع العين للمشتري الأول بألف ، وباعها المشتري الأول للمشتري الثاني بألف ومائتين ثم استحقت العين في يد المشتري الثاني فرجع علي المشتري الأول بألف وخمسمائة قيمة المبيع والتعويضات الأخري ، فإن المشتري الأول يرجع علي البائع ، لا بالألف التي دفعها له ثمنا ، ولا بالألف والمائتين وهو الثمن الذي تقاضاه من المشتري الثاني ، بل يرجع بألف وخمسمائة وهو المبلغ الذي أداه للمشتري الثاني نتيجة لضمان الاستحقاق ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 120 ص 130 ) .
( [1188] ) استئناف مختلط 9 فبراير سنة 1944 م 56 ص 54 .
( [1189] ) ويطالب بما يستحقه المشتري الأول في ذمة البائع لا بما يستحقه هو في ذمة المشتري الأول لأنه يستعمل دعوي المشتري الأول لا دعواه هو وتتعادل الدعويان في أحد العناصر الرئيسية ففي كل منهما يكون الرجوع بقيمة المبيع وقت الاستحقاق مع تعويضات أخري سيأتي بيانها وقيمة المبيع وقت الاستحقاق واحدة في كل من الدعويين .  
( [1190] ) استئناف وطني 5 مارس سنة 1918 الشرائع 5 رقم 77 ص 257 - استئناف مصر 22 نوفمبر سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 51  /  1 ص 111 - 30 أبريل سنة 1930 المحاماة 11 رقم 87  /  1 ص 146 - 22 ديسمبر سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 114 ص 218 - استئناف مختلط 23 فبراير سنة 1899 م 11 ص 134 - 31 يناير سنة 1918 م 30 ص 187 - 9 مارس 1937 م 49 ص 136 .

وفي القانون الفرنسي يرجع المشتري علي البائع في ضمان الاستحقاق بالثمن الذي دفعه لا بقيمة المبيع وقت الاستحقاق كما هو الأمر في القانون المصري فإذا فرضنا في القانون الفرنسي ، أن الثمن الذي دفعه المشتري الثاني 1000 والثمن الذي دفعه المشتري الأول 1200 واستحقت العين في يد المشتري الثاني ، فإن المشتري الثاني كان يرجع علي المشتري الأول بمبلغ 1000 ، من ثم كان المشتري الأول يرجع علي البائع بهذه الألف فقط ، ففي الدعوي المباشرة إذن يرجع المشتري الثاني علي البائع بمبلغ 1000 فقط . ولو كان الثمن الذي دفعه المشتري الثاني 1200 والثمن الذي دفعه المشتري الأول 1000 فإن المشتري الثاني كان يرجع علي المشتري الأول بمبلغ 1200 ويرجع بهذا المبلغ المشتري الأول علي البائع علي سبيل التعويض فيرجع المشتري الثاني مباشرة علي البائع بمبلغ 1200 ويخلص من ذلك أن المشتري الثاني يرجع علي البائع دائما بالثمن الذي دفعه هو للمشتري الأول ( بودري وسينيا فقرة 371 ) .  
( [1191] ) أو يكون هناك واهب بدلا من المشتري الأول ، فيبيع شخص عينا لآخر ويهبها الآخر لثالث . والواهب لا يضمن في الأصل الاستحقاق علي الواهب ، ولكنه يستطع أن يرجع بهذا الضمان علي البائع للواهب ، وذلك لأن دعوي المشتري بضمان الاستحقاق علي البائع تكون قد انتقلت إلي الموهوب له بموجب عقد الهبة ( أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 70 - بودري وسينيا فقرة 359 ص 364 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2542 - جوسران 2 فقرة 1107 ) .     
( [1192] ) استئناف مختلط 26 مارس سنة 1906 م 18 ص 171 - 9 يونية سنة 1913 م 35 ص 434 .  
( [1193] ) الأستاذ أنور سلطان فقرة 232 – الأستاذ محمد علي إمام فقرة 202 .
( [1194] ) انظر آنفا فقرة 334 .
( [1195] ) ويلتزم البائع نحو الشفيع بضمان التعرض والاستحقاق كما كان يلتزم بذلك نحو المشتري قبل الأخذ بالشفعة ، وكذلك يجوز أن يرجع بضمان التعرض والاستحقاق مسترد الحصة الشائعة في منقول إذا باعها أحد الشركاء لأجنبي تطبيقا لأحكام المادة 833 مدني ( انظر آنفا فقرة 334 في الهامش ) .
( [1196] ) أو كان البيع بيع تصفيه ( licitation ) لإنهاء الشيوع ، فيلزم بضمان التعرض والاستحقاق الملاك في الشيوع الذين باعوا العين الشائعة في المزاد ( بودري وسينيا فقرة 355 مكررة ثانيا ) .
( [1197] ) استئناف مختلط 16 مايو سنة 1918 م 30 ص 434 - 16 مايو سنة 1939 م 51 ص 324 .

       
( [1198] ) بودري وسينيا فقرة 355 .          
( [1199] ) لاسيما إذا كان المدين قد نبههم إلي ذلك .   
( [1200] ) أوبر ورو 5 فقرة 355 ص 69 - بودري وسينيا فقرة 356 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 103 ص 111 .         
( [1201] ) الأستاذ أنور سلطان فقرة 233 - فقرة 234 - الأستاذ محمد علي إمام فقرة 202 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 168 الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 143 - الأستاذ جميل الشرقاوي ص 239 - ص 240 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 206 - الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 163 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكر فقرة 363 - 365 - وقارن بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 103 ص 111 - وانظر في جواز الرجوع بدعوي استرداد غير المستحق أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 70 - بودري وسينيا فقرة 357 ص 359 - ص 360 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2541 - جوسران 2 فقرة 1115 - ديميل كولان وكابيتان 2 إلي جعل الدائنين هم المسئولون مباشرة عن الضمان وإن كان يقرر أن الفقه علي غير ذلك ( كولان وكابيتان 2 فقرة 898 ) .       
( [1202] ) فليس البائع ملتزما بالتزامين ، التزام بضمان التعرض وآخر بضمان الاستحقاق بل هو التزام واد وهو ضمان التعرض ، فإما أن ينفذه عينا أو ينفذه بطريق التعويض ( الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 158 هامس رقم 1 ) .       
( [1203] ) تاريخ النصوص :

م 440 : وردت الفقرتان الأولي والثانية من هذا النص في المادة 585 من المشروع التمهيدي علي وجه يتفق ما استقر عليه في التقنين الجديد ، فيما عدا خلافات لفظية . ووردت الفقرة الثالثة في المادة 586 من المشروع التمهيدي علي وجه مماثل أيضا ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يجعل عبء الإثبات في العبارة الأخيرة من النص علي المشتري لا علي البائع . وفي لجنة المراجعة أدمجت المادتان في مادة واحدة ، وأصبح رقمها 453 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدلت الفقرة الثالثة ، واستعيض فيها عن عبارة " إلا إذا أثبت البائع ما كان ليستطيع دفع دعوي الاستحقاق ولو تدخل في هذه الدعوي " بعبارة " إذا أثبت البائع أن تدخله في الدعوي كان يؤدي إلي رفض دعوي الاستحقاق " . وقد رأت اللجنة أن تنقل عبء الإثبات إلي البائع ، لأنه أصبح ، بعد صدور الحكم مدعيا ببراءة ذمته من الالتزام بالضمان . وأصبح رقم المادة 440 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 84 و ص 86 - ص 88 ) .

م 441 : ورد هذا النص في المادة 587 من المشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : " يثبت حق المشتري في الضمان حتي لو اعترف وهو حسن النية للأجنبي بحقه أو تصالح معه علي هذا الحق دون أن ينتظر في ذلك صدور حكم قضائي ما دام قد أخطر البائع بالدعوي في الوقت الملائم ودعاه أن يحل محله فيها فلم يفعل وإذا رجع البائع علي الأجنبي ، كان عليه أن يثبت أن هذا الأجنبي لم يكن علي حق في دعواه " وفي لجنة المراجعة عدل النص بحيث يجعل دفع البائع بأن الأجنبي لم يكن علي حق في دعواه هو دفع في دعوي الضمان ذاتها وضد المشتري أيضا لا الأجنبي فحسب فأصبح النص مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد وأصبح رقمه 454 في المشروع النهائي ووافق مجلس النواب علي النص فمجلس الشيوخ تحت رقم 441 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 88 - ص 90 ) .       
( [1204] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 85 .
( [1205] ) التقنينات المدنية العربية الأخري : التقنين المدني السوري م 408 - 409 ( مطابقتان للمادتين 440 - 441 من التقنين المدني السوري - انظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 155 - فقرة 162 ) .

التقنين المدني الليبي م 428 - 429 ( مطابقتان للمادتين 440 - 441 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 550 :1 - إذا استحق المبيع للغير وكان الاستحقاق وارداً علي ملك البائع ، ضمن البائع ولو لم يشترط الضمان في العقد . 2 - أما إذا ورد الاستحقاق بأمر حادث في المبيع وهو في ملك المشتري كما لو أثبت المستحق أنها ملكه بتاريخ متأخر عن الشراء فلا حق للمشتري في الرجوع بالضمان علي البائع .

م 551 : 1 - لا يرجع المشتري بالضمان إذا لم يثبت الاستحقاق إلا بإقراره أو بنكوله . 2 - ومع ذلك يرجع بالضمان حتي ول لم يثبت إلا بإقراره أو بنكوله إذا كان حسن النية وكان قد أعذر البائع بدعوي الاستحقاق في الوقت الملائم ودعاه للدخول معه في الدعوي فلم يفعل هذا ما لم يثبت البائع أن المستحق لم يكن علي حق في دعواه بالاستحقاق .

م 553 : إذا استحق المبيع في يد المشتري الأخير وحكم به للمستحق كان هذا حكما علي جميع الباعة ولكل أن يرجع علي بائعه بالضمان لكن لا يرجع قبل أن يرجع المشتري منه .

( وهذه النصوص تأثرت بنصوص التقنين المدني المصري ولكنها في مجموعها مأخوذة من الفقه الإسلامي انظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 200 - فقرة 203 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 457 - فقرة 458 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 429 : إنه وأن لم يشترط وقت البيع شيء مختص بالضمان فالبائع ملزم بأن يضمن للمشتري ما يصيبه من استحقاق الغير للمبيع كله أو لقسم منه ومن الأعباء المدعي بها علي المبيع التي يصرح بها البائع عند البيع .

م 441 : إذا دعي المشتري إلي المحاكمة بناء علي طلب شخص ثالث يدعي حقوقاً علي المبيع وجب عليه أن يدعو بائعه إلي المحكمة فإن لم يفعل وصدر عليه حكم اكتسب قوة القضية المحكمة فقد حقه في الضمان إلا إذا أثبت ان البائع وإن تدخل في الدعوي لم يكن في طاقته استصدار حكم بردها .

( ويختلف التقنين اللبناني عن المصري في الحالة الواردةف ي المادة 441 لبناني في أن عبء الإثبات في التقنين اللبناني يقع علي المشتري ويقع علي البائع في التقنين المصريولم يعرض التقنين اللبناني للحالات الأخري التي عرض لها التقنين المصري ولكن الأحكام التي عرض لها التقنين المصري ولكن الأحكام التي أوردها التقنين المصري في هذه الحالات الأخري ليست إلا تطبيقا للقواعد العامة فيمكن القول بأنها تسري في لبنان دون حاجة إلي نص ) .      
( [1206] ) وقد يتحقق هذا الالتزام دون دعوي ، كما قدمنا إذا هدد الغير المشتري برفع الدعوي ورأي هذا أن حق الغير واضح فسلم له به ويجب قبل التسليم به أن يدعو البائع لمواجهة الغير المتعرض علي الوجه الذي سنبينه فيما بعد وقد تكون الدعوي مرفوعة من المشتري علي الغير إذا كان هذا هو الحائز للمبيع ، فيطالبه المشتري به فيرفع الغير الدعوي محتجا بحق يدعيه علي المبيع ، فعند ذلك يخطر المشتري البائع ليتدخل في الدعوي ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 105 ص 114 - كولان وكابيتان 3 فقرة 905 ) .

أما إذا كان الغير قد رفع دعوي الاستحقاق علي البائع وحده دون إدخال المشتري وصدر الحكم لصالحه ، لم يكن هذا الحكم حجة علي المشتري ، فليس لهذا كما قدمنا أن يرجع بضمان الاستحقاق علي البائع . وقد قضت محكمة النقض بأن البائع إذا كانت كل حقوقه في العقار المبيع تنتقل بالبيع إلي المشتري ، فلا وجه لاعتباره مثلا للمشتري في أي نزاع مع الغير بشأن العقار المبيع ، ولذلك فإن كل دعوي ترفع بشأن المبيع يجب أن توجه إلي المشتري وإذا هجوم البائع وحده فلا يكون الحكم الصادر عليه حجة علي المشتري ولو كان عالما بالخصومة لأن القانون لا يوجب عليه التدخل فيها ( نقض مدني 22 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 87 ص 294 ) .        
( [1207] ) الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 145 - الأستاذ جميل الشرقاوي ص 246 - الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 164 .
( [1208] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 105 ص 114 - الأستاذ أحمد أبو الوفا في المرافعات المدنية والتجارية ص 176 هامش رقم 1 .     
( [1209] ) الأستاذ عبد المنعم الشرقاوي في المرافعات المدنية والتجارية فقرة 259 ص 393 .  
( [1210] ) كذلك أجازت المادة 144 مرافعات للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال " من قد يضار من قيام الدعوي أو من الحكم فيها ، إذا بدت للمحكمة دلائل جدية علي التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب الخصوم وتعين المحكمة ميعادا لحضور من تأمر بإدخاله ، ومن يقوم من الخصوم بإعلانه " . ويؤخذ من هذا النص أنه إذا لم يدخل المشتري أو الغير البائع ضامنا في الدعوي ولم يتدخل البائع في الدعوي من تلقاء نفسه ، وبدت للمحكمة دلائل جدية علي التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب المشتري والغير المتعرض ، جاز لها من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال البائع ضامنا ، وتعين أي الخصمين يقوم بإعلانه فإذا لم يعلن هذا الخصم البائع في الميعاد الذي حدد له قضت عليه المحكمة بالغرامة أو بوقف الدعوي أو باعتبارها كأن لم تكن : م 109 و م 114 مرافعات ( الأستاذ أحمد أبو الوفا في المرافعات المدنية والتجارية فقرة 178 ) .         
( [1211] ) ونري من ذلك أن قواعد الاختصاص المحلي بالنسبة إلي دعوي الضمان الفرعية غير واجبة المراعاة فقد تكون محكمة دعوي الاستحقاق الأصلية التي تنظر دعوي الضمان الفرعية هي غير محكمة البائع ( الأستاذ أحمد أبو الوفا في المرافعات المدنية والتجارية فقرة 171 ص 175 ) ومع ذلك يجوز للبائع أن يتمسك بعدم اختصاص هذه المحكمة إذا أثبت أن الدعوي الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير مختصة ( م 67 مرافعات ) ما إذا تعمد الغير المتعرض أن يرفع دعواه علي المشتري في محكمته حتي يجلب البائع إلي هذه المحكمة وكان الأيسر له أن يرفع الدعوي مباشرة علي البائع في محكمته مع إدخال المشتري خصما في الدعوي .
( [1212] ) ومتي نفذ التزامه علي هذا النحو ، فإنه لا يكون مسئولا نحو المشتري عن مصروفات دعوي الضمان التي رفعها هذا عليه بإدخاله في الدعوي ، وتعتبر هذه المصروفات قد تسببت عن تعرض مادي من قبل الغير ما لم يكن هناك سبب جدي اقتضي رفع دعوي الاستحقاق علي المشتري كأن كان البائع مهدداً بهذه الدعوي قبل البيع لوجود نزاع جدي في المبيع فيرجع المشتري علي البائع في هذه الحالة بمصروفات دعوي الضمان ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 108 ص 118 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2528 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 247 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 308 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 349 هامس 1 ) . أما مصروفات دعوي الاستحقاق فيحكم بها علي مدعي الاستحقاق بعد أن خسر دعواه .          
( [1213] ) الأستاذ أحمد أبو الوفا في المرافعات المدنية والتجارية فقرة 174 ص 177 .        
( [1214] ) والنص صريح في هذه الحالة الخاص إذ أضيفت عبارة " ودعاه أن يحل محله فيها " ، فالمشتري إذا رأي وجوب الإقرار ، لا يصح أن يكتفي بمجرد إخطار البائع بدعوي الاستحقاق ، بل تجب دعوته إلي التدخل فيها ( الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 167 هامش 1 - قارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 309 ص 470 ) .
( [1215] ) فلا يكفي أن يثبت أن المشتري لم يحسن الدفاع ، أو أنه أغفل الدفع ببطلان صحيفة الدعوي ، أو أنه لم يظهر المبيع من الرهن ( أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 1315 وفقرة 1317 ) . وليس المقصود من إثبات أن المتعرض لم يكن علي حق في دعواه أن يثبت أنه كانت هناك دفوع لم يقدمها المشتري وكانت تكفي لرفض دعوي الاستحقاق ( أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 1318 ) ، حتي لو كانت هذه الدفوع خاصة بالمشتري كاستكماله مدة التقادم ( أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 1425 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا ملك المشتري المبيع بالتقادم ، لم يعد هناك محل للرجوع علي البائع بضمان الاستحقاق ( استئناف مختلط 3 فبراير سنة 1920 م 32 ص 370 - 27 مايو سنة 1924 م 36 ص 390 - 4 يونية سنة 1931 م 43 ص 433 ) ، وقضت أيضا بألا محل للضمان إذا قصر المشتري في التمسك بتملك المبيع بالتقادم القصير ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1938 م 50 ص 332 ) ، أنظر ما يلي فقرة 397 في الهامش . ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في حكم آخر بأنه لا يجوز للبائع أن ينعي علي المشتري أنه لم يعمل لتملك المبيع بالتقادم ( 21 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 121 ) . فقد تأبي إنه المشتري أن يتمسك بالتقادم بعد تمامه .          
( [1216] ) قارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 310 ص 474 - الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 167 .
( [1217] )         وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " والفرق بين الحالتين ظاهر ، ففي حالة ما إذا صدر الحكم دون إقرار أو صلح ، يصبح من المعقول إلا يؤخذ على المشتري إلا التدليس أو الخطأ الجسيم ، لأنه يكون قد قام بواجبه فأخطر البائع في الميعاد الملائم ، ويكون غير مسئول عن صدور الحكم بالاستحقاق فهو لم يقر بحق الأجنبي ولم يعمد إلى الصلح معه . أما في الحالة الأخرى فإن المشتري قد تحمل مسئولية الإقرار أو الصلح ، فلو ظهر أنه لم يكن على حق فيما فعل ، بأن اثبت البائع أن الأجنبي ليس على حق في دعواه ، كان طبيعيا أن يفقد حقه في الضمان " ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 89 – ص 90 ) .
( [1218] )         وإذا لم يتدخل البائع في الدعوى بالرغم من إخطاره ، ولم يدخله أحد من الخصوم ، كان الحكم باستحقاق المبيع حجة عليه بالنسبة إلى المشتري ، فيرجع هذا عليه بالضمان إلا إذا اثبت البائع تدليس المشتري أو خطأه الجسيم . ولكن الحكم باستحقاق المبيع لا يكون حجة على البائع بالنسبة إلى المستحق ، فإن هذا لم يدخل البائع في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته . ومن ثم إذا عجز البائع عن إثبات تدليس المشتري أو خطأه الجسيم فدفع له التعويضات التي يقررها القانون ، جاز للبائع أن يرجع على المستحق ليثبت أنه غير محق في دعواه باستحقاق المبيع ، فيسترده منه ، ولا يجوز للمستحق أن يحتج بالحكم الصادر لمصلحته ضد المشتري . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " وإذا أخل البائع بالتزامه ولم يتدخل في الدعوى ، فللمشتري أن يدخله فيها ، ولكنه ليس في حاجة إلى ذلك اكتفاء بالاخطار الذي سبقت الإشارة إليه . وإذا هو لم يرتكب تدليساً أو خطأ جسيماً في الدعوي المرفوعة عليه من الأجنبي ، وثبت استحقاق هذا فإن الحكم الذي يصدر بالاستحقاق يكون حجة علي البائع لمصلحة المشتري في دعوي ضمان الاستحقاق والبائع هو الذي يكلف بإثبات أن الحكم بالاستحقاق لا يكون حجة علي البائع المستحق ، ما دام هذا لم يدخل البائع في دعوي الاستحقاق " مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 85 - ص 86 ) .
( [1219] ) ولا نري أنه يكفي في هذه الحالة أن يثبت المشتري أن البائع يعلم فعلا بالتعرض ، ما دام لم يقم هو بإخطاره به في الوقت الملائم ، فقد يظن البائع أن المشتري مطمئن إلي مركزه ولا يحتاج إلي تدخل البائع ولذلك لم يخطره ( قارن الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 151 - الأستاذ جميل الشرقاوي ص 247 ) .          
( [1220] ) وقد لا ينجح في دفع التعرض ويحكم باستحقاق المبيع ، ومع ذلك يستخلص من وقائع الدعوي أن المشتري أراد بعدم إخطاره البائع بتعرض المستحق أن ينزل عن حقه في الرجوع بالضمان وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا نفت المحكمة في حكمها دعوي نفيا تاماً موضوعيا مفيداً أن المشترين تنازلوا فعلا عن دعوي الضمان قبل البائع لهم ، فذلك تقدير موضوعي في شأن ن الشئون التي تملكها محكمة الموضوع بلا رقابة من محكمة النقض ما دام هذا التقدير منتزعا من وقائع ثابتة والعقل يقبله ( نقض مدني 20 يونية سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 289 ص 881 ) .      
( [1221] ) مصر استئنافي 14 مايو سنة 1895 القضاء 2 ص 316 - استئناف وطني 7 ديسمبر سنة 1916 الحقوق 42 ص 132 - وكان المشروع التمهيدي يجعل عبء الإثبات علي المشتري لا علي البائع ، فيثبت المشتري " أن البائع ما كان ليستطيع دفع دعوي الاستحقاق حتي لو تدخل في هذه الدعوي ( م 586 مشروع تمهيدي ) فعدل النص في لجنة مجلس الشيوخ ، ونقل عبء الإثبات إلي البائع لأنه أصبح بعد صدور الحكم مدعيا ببراءة ذمته من الالتزام بالضمان " . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 84 و ص 88 - وانظر آنفا فقرة 347 في الهامش - وانظر عكس ذلك وأن القواعد العامة كانت تقضي بجعل عبء الإثبات علي المشتري ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 232 هامش 1 ) .    
( [1222] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 589 من المشروع التمهيدي علي وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا أمرين : ( 1 ) في المشروع التمهيدي كان البند 3 يذكر المصروفات الضرورية إلي جانب المصروفات النافعة . ( 2 ) لم يشتمل المشروع التمهيدي علي العبارة الأخيرة من النص وهي : " كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنيا علي المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله " وفي لجنة المراجعة حذفت كلمة " الضرورية " لأنه لا يتصور أن المشتري لا يستطيع أن يلزم بها المستحق ، وأضيفت العبارة الأخيرة التي سبق ذكرها حتي يبين أن النص مقصور علي تطبيق قواعد التنفيذ بطريق التعويض ولا يخل هذا بحق المشتري في الفسخ أو الإبطال . وأصبح النص رقمه 456 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 443 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 94 - ص 95 و ص 97 - 98 ) .

        ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق النصوص الآتية :

م 304  /  378 : إذا كان الضمان واجبا ، ونزعت الملكية من المشتري ، فعلي البائع رد الثمن مع التضمينات .

م 305  /  379 : التضمينات المذكورة عبارة عن رسوم العقد وما يتبعه من المصاريف وما صرفه المشتري علي المبيع والرسوم المنصرفة منه في دعوي الاستحقاق ودعوي الضمان وجميع الخسارات الحاصلة له والأرباح المقبولة قانونا التي حرم منها بسبب نزع الملكية .

م 306  /  380 : إذا نزعت ملكية المبيع من المشتري ، وجب رد الثمن إليه بتمامه ولو نقصت قيمة المبيع بعد البيع بأي سبب كان .

م 307  /  381 : أما إذا زادت بعد البيع قيمة المبيع عن ثمنه ، فتحتسب تلك الزيادة من ضمن التضمينات .

م 308  /  382 : المصاريف الواجب علي البائع دفعها في حالة عدم ملزومية مدعي الاستحقاق بها هي المصاريف المترتب عليها فائدة للمبيع .

م 309  /  393 : يلزم البائع المدلس بدفع كامل المصاريف ولو كانت منصرفة من المشتري في تزيين المبيع وزخرفته .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي فيما يتعلق بنصوص التقنين السابق : " يخلط التقنين الحالي ( السابق ) كما يخلط كثير من التقنينات الأجنبية ، في هذه المسألة بين الآثار التي تترتب علي فسخ البيع وتلك التي تترتب علي التنفيذ بطريق التعويض ، من ذلك أن المادتين 304  /  378 و 306  /  380 من التقنين الحالي ( السابق ) ترتبان أثر الفسخ ، ولكن المادتين 305  /  379 و 307  /  381 ترتبان أثر التنفيذ ، وكان الأولي عدم الخلط بين هذه الآثار وتلك علي أن يختار المشتري لنفسه الطريق الأصلح " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 97 ) . وهذا ما فعله التقنين المدني الجديد ، فقد ميز بين ضمان الاستحقاق ودعوي الفسخ ودعوي الإبطال ، واختص ضمان الاستحقاق بقواعد خاصة به لتقدير التعويض المستحق . والعبرة في تطبيق نصوص التقنين الجديد بتاريخ الواقعة التي اعتبرت تعوضا للمشتري ، فمن هذا التاريخ ينشأ الالتزام بضمان الاستحقاق ، فإن كان هذا التاريخ قبل 15 أكتوبر سنة 1949 سرت نصوص التقنين السابق ، وإلا فإن نصوص التقنين الجديد هي التي تسري .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخري : التقنين المدني السوري المادة 411 ( وهي مطابقة للمادة 344 مصري - وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 165 - فقرة 168 ) .

التقنين المدني الليبي المادة 432 ( وهي مطابقة للمادة 443 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 554 : إذا استحق المبيع علي المشتري وكان البائع لا يعلم وقت البيع باستحقاق المبيع ، فللمشتري استرداد الثمن بتمامه نقصت قيمة المبيع أو زادت . وله أن يسترد أيضا قيمة الثمار التي ألزم بردها للمستحق والمصروفات النافعة التي صرفها وجميع مصروفات دعوي الضمان ودعوي الاستحقاق ، عدا ما كان يستطيع المشتري أن يتقيه منها لو أخطر البائع بالدعوي . ( 2 ) أما إذا كان البائع يعلم وقت البيع باستحقاق المبيع ، فللمشتري أن يسترد فوق ذلك ما زادت به قيمة المبيع عن الثمن والمصروفات الكمالية التي أنفقها علي المبيع ، وأن يطلب تعويضا عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع .

( والظاهر أن التقنين العراقي يخلط بين دعوي الفسخ وضمان الاستحقاق ، ثم هو يميز بين البائع حسن النية والبائع سييء النية الذي يعلم وقت البيع باستحقاق المبيع فيجعل التعويض علي الثاني أوسع مدي منه علي الأول . والتقنين المصري يميز تمييزاً واضحا بين دعوي الفسخ وضمان الاستحقاق ، ولا يعرض للتمييز بين حسن نية البائع وسوء نيته إلا فيما يتعلق بالمصروفات الكمالية - انظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 206 - فقرة 209 وفقرة 226 - فقرة 240 - والأستاذ حسن الصراف فقرة 463 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 433 : إذا كان الدعوي بالضمان علي وجه مجرد أو لم يشترط شيء يختص بالضمان ، فالمشتري الذي نزع منه المبيع كله بحكم الاستحقاق يحق له أن يطالب البائع : أولا - برد الثمن . ثانيا - بقيمة الثمار إذا أجبر المشتري علي ردها إلي المالك المستحق . ثالثا - بالمصاريف التي صرفها المشتري في دعوي الضمان وبمصاريف المدعي الأصلي . رابعا - ببدل العطل والضرر مع النظر بعين الاعتبار إلي قيمة تحسين الملك عند الاقتضاء وبمصاريف العقد ورسومه القانونية - علي أنه لا يحق للمشتري أن يطالبه ببدل العطل والضرر إذا كان عالما وقت البيع بخطر الاستحقاق .

م 434 : إذا وجد المبيع وقت الاستحقاق مصابا بنقص في قيمته أو بعيب كبير لإهمال ارتكبه المشتري أو لحادث نشأ عن قوة قاهرة ، فالبائع يبقي ملزما برد الثمن . أما إذا كان المشتري قد جني نفعاً من التعيب الذي أحدثه في المبيع ، فللبائع أن يحسم من الثمن مبلغا يعادل قيمة ذلك النفع .

م 435 : علي البائع أن يرد بنفسه إلي المشتري أو يحمل المستحق علي أن يرد إليه جميع نفقات الترميم والتحسينات المفيدة التي أحدثها المشتري في المبيع .

م 436 : يجب علي بائع ملك الغير إذا كان سيء النية أن يدفع إلي المشتري جميع ما صرفه علي المبيع للكماليات والمستحسنات .

( وظاهر أن التقنين اللبناني ، علي غرار التقنين الفرنسي ، لا يميز تميزاً واضحا بين ضمان الاستحقاق من جهة ودعوي الفسخ ودعوي الإبطال من جهة أخري ) .
( [1223] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " آثر المشروع في بيان ما يترتب علي ضمان الاستحقاق أن يلتزم الحل الذي تمليه القواعد العامة فضمان الاستحقاق التزام في ذمة البائع قد نشأ من عقد البيع وإذا طالب المشتري به قامت مطالبته علي أساس هذا العقد ومعني ذلك أن ضمان الاستحقاق بمعناه الدقيق لا يتصور قيامه إلا من قيام عقد البيع والمشتري في رجوعه بالضمان علي البائع إنما يطلب منه تنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع ولما كان المبيع قد استحق واستحال بذلك التنفيذ العيني للالتزام فلم يبق أمام المشتري إلا أن يطالب بتنفيذ الالتزام عن طريق التعويض ، والتعويض في هذه الحالة هو ما ذكرته المادة 589 من المشروع وهي تقتصر علي تطبيق القواعد العامة في تقدير مدي التعويض " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 95 - وانظر أيضا ص 97 ) .        
( [1224] ) بودري وسينيا فقرة 378 مكررة – وإذا كان المبيع حق انتفاع في الدار ردت قيمة حق الانتفاع وقت رفع دعوي الاستحقاق وهذه القيمة قد نقصت بداهة عن القيمة وقت البيع ( قارب بودري وسينيا فقرة 374 مكررة ) وقد ترتفع قيمة المبيع وقت الاستحقاق عما كانت عليه وقت البيع ارتفاعا باهظا يرجع إلي ظروف غير متوقعة كفتح شارع أو استحداث تحسينات في المواصلات ونحو ذلك فمهما كان مقدار الارتفاع يرجع به المشتري علي البائع لأنه قد خسره فعلا المبيع باستحقاق ( قارب بودري وسينيا فقرة 378 ) .   
( [1225] ) أما إذا كان يطالب علي أساس فسخ العقد أو إبطاله فإنه يسترد الثمن لا قيمة المبيع وقت الاستحقاق إذ يزوال العقد يصبح الثمن غير مستحق فيسترده المشتري بدعوي استرداد غير المستحق وقد خلط التقنين المدني العراقي ( م 554 ) وتقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 433 ) بين ضمان الاستحقاق ودعوي الفسخ أو دعوي الإبطال فأوجبا علي البائع في ضمان الاستحقاق رد الثمن وهذا ما فعله أيضا التقنين المدني الفرنسي ( 1630 و م 1631 فرنسي - وانظر كولان وكابيتان 2 فقرة 908 – جوسران 2 فقرة 1111 ) .

ويبدو أنه ما دام المشتري في القانون المصري يسترد قيمة المبيع وقت الاستحقاق لا الثمن ، فإنه لا يسترد مصروفات البيع فهذه ملحقة بالثمن وهي والثمن معا تقابلهما قيمة المبيع ( قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 254 - الأستاذ محمد علي إمام فقرة 212 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 247 - الأستاذ جميل الشرقاوي ص 257 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 320 - الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 175 - ص 176 ) وفي عهد التقنين المدني السابق حيث كان المشتري يسترد الثمن كان يسترد أيضا مصروفات البيع ( استئناف مختلط 23 أبريل سنة 1896 م 8 ص 245 ) وفي فرنسا رأيان : رأي يذهب إلي ان المشتري لا يسترد مصروفات البيع إلا إذا كان حسن النية وهذا معناه أن مصروفات البيع تدخل ضمن التعويضات فلا تلحق بالثمن ( أوبري ورو 5 فقرة 355 هامش رقم 31 ثالثا - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 115 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2551 ) ورأي يذهب إلي أن المشتري يسترد المصروفات ولو كان سيء النية وهذا معناه أنها تلحق بالثمن ولذلك يستردها المشتري سيء النية إذ هو يسترد الثمن وملحقاته دون أن يأخذ تعويضا ( بودري        وسينيا فقرة 537 ص 569 - بيدان 11 فقرة 215 ) .

ويترتب علي أن المشتري في القانون المصري يسترد قيمة المبيع لا الثمن أنه لو كان الثمن إيراداً مرتبا مدي الحياة فإن المشتري يبقي ملزما بدفع الإيراد للبائع بعد أن يسترد منه قيمة المبيع ولا يكون للبائع حق امتياز علي قيمة المبيع لأن حلول هذه القيمة محل المبيع حلولا عينيا لم يرد فيه نص أما في القانون الفرنسي حيث يسترد المشتري الثمن لا قيمة المبيع فإنه يسترد ما دفعه من أقساط الإيراد فينقطع الإيراد ( أوبري ورو 5 فقرة 355 هامش 28 مكرر ثالثا - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 112 ص 121 ) .
( [1226] ) وقيمة المبيع وقت الاستحقاق قد تهبط عن قيمته وقت البيع إما بفعل المشتري ويكون ذلك عادة باستعمال المبيع أو هدم جزء منه وإما بانخفاض سعر المبيع في السوق وكذلك قد تزيد بفعل المشتري أو بارتفاع سعر المبيع في السوق أو بأعمال عامة كفتح شارع أو تحسين طرق المواصلات ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 250 ) .

ويلاحظ أنه إذا نقصت قيمة المبيع وقت الاستحقاق عن الثمن جاز للمشتري بدلا من الرجوع بضمان الاستحقاق أن يطلب فسخ البيع أو إبطاله فيسترد الثمن ( الأستاذ محمد علي إمام فقرة 308 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 156 ص 242 - الأستاذ جميل الشرقاوي ص 254 - الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 173 ) .       
( [1227] ) استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1909 م 22 ص 227 .       
( [1228] ) ويستحق المشتري الفوائد القانونية حتي لو كان المبيع ثمارا كما لو كان أرضا فضاء معدة للبناء وتكون في هذه الحالة علي سبيل استكمال التعويض فقد كان المشتري يستطيع أن يستغل قيمة المبيع لو أخذه من البائع فوراً بمجرد الاستحقاق ( انظر عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 156 ص 243 ) ويستحق المشتري الفوائد القانونية دون حاجة للمطالبة القضائية بها ويكفي في سريانها رفع دعوي ضمان الاستحقاق الأصلية أو إدخال البائع في دعوي الاستحقاق بصفة فرعية ( الأستاذ جميل الشرقاوي ص 254 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 316 - الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 173 ) .         
( [1229] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 96 - استئناف مختلط 23 أبريل سنة 1896 م 8 ص 245 - وإذا كان سبب الاستحقاق رهنا ونزع الدائن المرتهن ملكية المبيع فان الثمار تلحق بالعقار من وقت تسجيل التنبيه ( م 1037 مدني ) فيحرم منها المشتري ويرجع بها علي البائع ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 116 ) .  
( [1230] ) وقد كان المشروع التمهيدي يذكر استرداد المشتري من البائع المصروفات الضرورية التي لا يستطيع المشتري أن يلزم بها المستحق فصحح هذا الخطأ في لجنة المراجعة بحذف هذا الحكم لأن المصروفات الضرورية " لا يتصور أن المشتري لا يستطيع أن يلزم بها المستحق " ( مجمعة الأعمال التحضيرية 4 ص 94 و ص 97 ) هذا وللمشتري حق امتياز علي المبيع يكفل له رجوعه بالمصروفات الضرورية علي المستحق ( م 1140 و م 1148 مدني – الأستاذ محمد علي إمام فقرة 210 ) .        
( [1231] ) وقد كان القضاء المصري في عهد التقنين المدني السابق يقضي بذلك ( استئناف مختلط 23 أبريل سنة 1896 م 8 ص 245 - 16 مارس سنة 1899 م 11 ص 162 ) علي أنه لا يسترد المشتري من البائع هذا الفرق إلا إذا كان قد أنفق المصروفات قبل رفع دعوي الاستحقاق إما إذا أنفقها بعد رفع هذه الدعوي فليس له أن يرجع بفرق علي البائع ( استئناف مختلط 30 مايو سنة 1912 م 24 ص 380 - 9 يونية 1913 م 25 ص 427 ) .   
( [1232] ) وقد تكون في أحوال نادرة مصروفات نافعة وقد علمنا حكم هذه المصروفات .
( [1233] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 96 .   
( [1234] ) كما لو تكلف مصروفات للحصول علي صورة مستند كان موجوداً عند البائع وكان يستطيع أخذه منه لو أخطره ( الأستاذ منصور مصطفية منصور ص 175 ) .         
( [1235] ) انظر البند 4 من المادة 443 مدني وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ص 96 .   
( [1236] ) بيدان 11 فقرة 214 .    
( [1237] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 97 .   
( [1238] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 114 و ص 120 هامش 3 .   
( [1239] ) وفي عهد التقنين المدني السابق حيق كان البائع يرد الثمن للمشتري كان يجوز للقاضي أن يحسب علي سبيل التعويض عما لحق المشتري من خسارة وما فاته م كسب فوائد علي الثمن بسعر معين يدفعها البائع عند رد الثمن وليس من الضروري أن يكون هذا السعر هو السعر القانوني وقد قضت محكمة النقض بأن لقاضي الموضوع - عندما يجب علي البائع رد الثمن مع التضمينات بسبب استحقاق المبيع - أن يقدر هذه التضمينات بمبلغ معين يلزم به البائع علاوة علي الثمن أو أن يحتسب عليه الثمن بالفوائد التي يعوض بها علي المشتري ما خسره وما حرم منه من الأرباح المقبولة قانونا بسبب نزع الملكية وليس علي القاضي إذا أجري الفوائد التعويضية علي المشتري أن يتبع أحكام فوائد التأخير المشار إليها في المادة 124 مدني ( السابق ) ( نقض مدني 24 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 74 ص 144 ) .  
( [1240] ) والفقه في مصر منقسم في هذه المسألة فالقائلون باشتراط حسن نية المشتري حتي يكون له الحق في التعويضات الأخري يقيسون دعوي ضمان الاستحقاق علي دعوي إبطال بيع ملك الغير ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 255 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 315 ) والقائلون بأن للمشتري الحق في التعويضات الأخري ولو كان سيء النية يستندون إلي أن النصوص ميزت تمييزاً واضحا بين دعوي إبطال بيع ملك الغير ودعوي ضمان الاستحقاق فلا يجوز الخلط بينهما وقيا هذه علي تلك وإلي أن القواعد العامة في التنفيذ بطريق التعويض وهي القواعد التي تنطبق علي دعوي ضمان الاستحقاق لا تستبعد التعويض عن الضرر إلا إذا كان الدائن هو الذي تسبب في إحداث الضرر ولا يجوز التحفظ إلا في حالة ما إذا أمكن تفسير علم المشتري بسبب الاستحقاق اتفاقا ضمنيا علي عدم الضمان فيجب عندئذ رد قيمة المبيع دون التعويضات الأخري الأستاذ محمد علي إمام فقرة 207 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 157 - الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 177 - ص 179 - الأستاذ إسماعيل غانم ص 125 - ص 126 - وقارب الأستاذ جميل الشرقاوي ص 259 ) أما سوء نية البائع فلا يؤثر إلا في الضرر غير المتوقع كالمصروفات الكمالية فيعوض عنه البائع شيء النية دون البائع حسن النية وفي غير هذه الحالة تستحق كل التعويضات حتي لو كان البائع حسن النية وكان المشتري سيء النية .

وكان القضائي في عهد التقنين المدني السابق حيث كان ضمان الاستحقاق يختلط ببيع ملك الغير يشترط حسن النية المشتري حتي يستحق التعويضات الأخري ( نقض مدني أول فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 54 ص 281 - استئناف مصر 23 أبريل سنة 1931 المحاماة 12 رقم 255  /  1 ص 518 - 16 فبراير سنة 1941 المجموعة الرسمية 42 رقم 170 استئناف مختلط 13 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 48 - 11 مايو سنة 1897 م 9 ص 341 - 23 فبراير سنة 1899 م 11 ص 133 - أول يونية سنة 1889 م 11 ص 264 - 25 فبراير سنة 1909 م 21 ص 220 ) .

وفي القانون الفرنسي ، حيث تختلط دعوي ضمان الاستحقاق بدعوي إبطال بيع مالك الغير يشترط الفقه الفرنسي حسن نية المشتري حتي يستحق التعويضات الأخري قياسا علي القواعد المقررة في بيع ملك الغير حيث لا يستحق المشتري تعويضا إلا إذا كان حسن النية ( أوبري ورو 5 فقرة 355 ص 76 - بودري وسينيا فقرة 375 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 113 ص 123 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2552 - كولان وكابيتان 2 فقرة 911 وفقرة 919 ) ولكن محكمة النقض الفرنسية ( نقض فرنسي 9 مارس سنة 1937 داللوز الأسبوعي 1937 - 253 ) عدلت أخيراً عن قضائها السابق وذهبت إلي أن المشتري يستحق التعويضات الأخري ولو كان سيء النية ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vents فقرة 1320 ) .
( [1241] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 590 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين الجديد ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 457 من المشروع النهائي وأدخل عليه مجلس النواب تعديلا لم يأخذ به مجلس الشيوخ وأبقي النص علي حالة تحت رقم 444 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 100 - ص 102 ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المواد الآتية :

م 310  /  384 : نزع ملكية جزء معين من المبيع أو شائع فيه يعتبر قانونا كنزع ملكيته كله وكذلك ثبوت حق ارتفاق موجود علي المبيع قبل العقد ولم يحصل الإعلام به أو لم يكن ظاهراً وقت البيع يعتبر كنزع الملكية بتمامها هذا إذا كان الجزء المنتزعة ملكيته أو حق الارتفاق بحالة لو علمها المشتري لامتنع عن الشراء .

م 311  /  385 : ومع ذلك للمشتري في هذه الحالة إبقاء البيع أو فسخه ولكن ليس له أن يفسخه إضراراً بحقوق الدائنين برهن .

م 312  /  386 : إذا أبقي المشتري البيع أو كان الجزء المنتزع ملكيته منه أو حق الارتفاق علي البيع ليس بحالة تجوز فسخ العقد جاز للمشتري أن يطلب من البائع قيمة ذلك الجزء الذي انتزعت ملكيته منه بالنسبة للقيمة الحقيقية للمبيع في وقت النزاع أو تضمينات تقدرها المحكمة في حالة ثبوت حق الارتفاق .

( وتختلف أحكام التقنين السابق عن أحكام التقنين الجديد في أنها هنا أيضا - كما في الاستحقاق الكلي - تخلط ما بين الفسخ وضمان الاستحقاق ثم إنها في حالة استبقاء المشتري للمبيع عند الاستحقاق الجزئي تجعل التعويض مقدراً علي وجه خاص هو جزء من الثمن يعادل قيمة الجزء للمستحق بالنسبة إلي القيمة الحقيقية للمبيع وقت الاستحقاق فإذا كان المستحق حق ارتفاق قدر للتعويض طبق للقواعد العامة والعبرة في تطبيق نصوص التقنين الجديد - كما قدمنا في الاستحقاق الكلي - بتاريخ الواقعة التي اعتبرت تعرضا للمشتري فإن كان هذا التاريخ قبل 15 أكتوبر سنة 1949 سرت نصوص التقنين السابق وإلا فإن نصوص التقنين الجديد هي التي تسري .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخري :

التقنين المدني السوري م 412 ( مطابقة للمادة 444 مصري - وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 169 ) .

التقنين المدني الليبي م 433 ( مطابقة للمادة 444 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 555 : 1 - إذا استحق بعض المبيع أو كان مثقلا بتكليف لا علم للمشتري به وقت العقد كان له أن يفسخ العقد .

2 - وإذا اختار المشتري الباقي من المبيع فله أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق .

( وحكم التقنين العراقي يخالف حكم التقنين المصري في أمرين : ( 1 ) لا يميز التقنين العراقي في الاستحقاق الجزئي بين استحقاق جسيم لو علم به المشتري لما أتم العقد واستحقاق غير جسيم كما فعل التقنين المصري فالاستحقاق الجزئي في التقنين العراقي حكمه واحد في جميع حالاته . ( 2 ) وهذا الحكم هو الخيار بين الفسخ مع رد المبيع أو استبقاء المبيع مع التعويض عن الضرر بسبب الاستحقاق الجزئي والتقنين المصري لا يفسخ البيع حتي بعد رد المبيع بل يبقي البيع قائما ويكون سببا في التعويضات الكاملة المقررة في الاستحقاق الكلي – انظر في القانون المدني العراقي حسن الذنون فقرة 210 - فقرة 214 وفقرة 241 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 464 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 437 : إذا لم ينزع من المشتري إلا جزء من المبيع وكان هذا الجزء بالنسبة إلي المجموع كبير الشأن إلي حد ان المشتري لولا وجوده لامتنع عن الشراء حق له أن يفسخ العقد .

م 438 : إذا لم يفسخ البيع في حالة استحقاق جزء من المبيع يرد إلي المشتري قيمة الجزء المستحق بالنسبة إلي مجموع الثمن مع بدل العطل والضرر عند الاقتضاء .

م 439 : إذا كان علي المبيع حقوق عينية غير ظاهرة لم يصرح بها وكانت كبيرة الشأن إلي حد يمكن معه التقدير أن المشتري لو علم بها لما اشتري حق له أن يفسخ العقد إذا لم يفضل الاكتفاء بأخذ العوض .

( ويختلف التقنين اللبناني في أن الخيار للمشتري في ضمان الاستحقاق الجزئي بين فسخ البيع أو استرداد قيمة الجزء المستحق بالنسبة إلي مجموع الثمن مع التعويضات الأخري إن كان لها مقتض أما في التقنين المصري فالخيار بين رد المبيع وأخذ التعويضات المقررة في الاستحقاق الكلي دون فسخ البيع وبين استبقاء المبيع وأخذ تعويضات تقدر طبقا للقواعد العامة ) .
( [1242] ) أو مثقل بضريبة تحسين ترتبت علي أعمال المنافع العامة كان من شأنها زيادة قيمة المبيع أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 1152 .
( [1243] ) استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1913 م 25 ص 200 - 24 أبريل سنة 1913 م 25 ص 328 - 9 يونية سنة 1913 م 25 ص 427 - 25 نوفمبر سنة 1915 م 28 ص 31 .    
( [1244] ) فإذا لم يقم البائع بوفاء الدين وترتب علي ذلك أن نزع الدائن المرتهن ملكية جزء من المبيع في مقابل الدين وجب في هذه الحالة أن نتبين هل لو علم المشتري بأن هذا الجزء من المبيع ستنزع ملكيته أكان يقدم علي الشراء بالرغم من ذلك؟ فإن كان لا يقدم علي الشراء كنا في نطاق الفرض الأول .  
( [1245] ) فاستحقاق 21 قيراطا في أرض مساحتها 21 فداناً لا يعد استحقاقا جسيما ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1910 م 22 ص 212 ) وكذلك ظهور حق حكر علي الأرض المبيعة ليس من شأنه أن يمنع الشراء ( استئناف مختلط أول مارس سنة 1917 م 39 ص 184 ) . وكذلك شراء أرض لتقسيمها وبيعها مجزأة فاستحق جزء منها إذا لم يفت علي المشتري غرضه ( استئناف مختلط أول أبريل سنة 1915 م 27 ص 257 ) .
( [1246] ) قارن مع ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية في العبارة الآتية : أما إذا كان الاستحقاق غير جسيم ، فليس للمشتري أن يطلب الفسخ ولا يكون له إلا المطالبة بالتعويض طبقا لما تقدم ( مجوعة الأعمال التحضيرية 4 ص 101 ) فهذه العبارة تفرض أنه إذا كان الاستحقاق جسيما ، فالذي يفعله المشتري هو فسخ البيع ولكن يبدو أن الأفضل من الناحية الفنية عدم القول بفسخ البيع في حالة الاستحقاق الجسيم ، وإلا لم يكن مفهوما كيف يأخذ المشتري التعويضات المقررة في الاستحقاق الكلي – وهي تفترض حتما أن البيع باق - مع القول بفسخ البيع ( انظر الأستاذ محمد علي إمام فقرة 368 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي ص 486 - الأستاذ منصور مصطفي ص 181 - 182 ) .
( [1247] ) وقد كان التقنين المدني السابق ( م 312  /  389 ) يقضي إذا استبقي المشتري المبيع في حالة الاستحقاق الجزئي بأن يكون التعويض هو جزء من الثمن يتناسب مع قيمة الجزء المبيع الذي انتزعت ملكيته منسوبة إلي القيمة الحقيقية للمبيع وقت الاستحقاق فإذا كان المستحق حق ارتفاق قدرت التعويضات طبقا للقواعد العامة . ولم يساير التقنين المدني الجديد التقنين المدني السابق في ذلك ، بل جعل تقدير التعويض طبقا للقواعد العامة في جميع الأحوال وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد تجنب المشروع أن يجعل التعويض بسبب الاستحقاق الجزئي هو دائما قيمة الجزء الذي انتزعت ملكيته بالنسبة للقيمة الحقيقة للمبيع وقت الاستحقاق كما فعلت المادة 212  /  386 من التقنين الحالي ( السابق ) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 101 ) .
( [1248] ) فإذا كان الاستحقاق الجزئي من شأنه أن يزيد في قيمة الجزء الباقي من المبيع كان هذا محل اعتبار في تقدير التعويض عن الضرر الذي أصاب المشتري ، فينقص من التعويض بقدر هذه الزيادة وهذا بخلاف التقنين المدني السابق الذي كان يقضي برد جزء من الثمن يتناسب مع الجزء المستحق فلا تكون الزيادة في قيمة الباقي من المبيع محل اعتبار عند تقدير التعويض ( استئناف مختلط 32 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 38 : نزعت ملكية جزء من المبيع لشق شوارع حسنت من الباقي من المبيع ، فقضي برد جزء مناسب من الثمن ، أما التحسين فلم يمنع إلا من إعطاء تعويض آخر إذ لا ضرر يستحق من أجلة التعويض ) .  
( [1249] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 588 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 455 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 442 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 91 - ص 92 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولما كان نصا يقرر حق استرداد فإنه لم يكن من الجائز الأخذ بحكمه في عهد التقنين المدني السابق ومن ثم لا يجوز العمل بنص التقنين المدني الجديد إلا إذا كان الاتفاق الذي يبرمه المشتري مع المتعرض ليتوقي استحقاق المبيع - وهو السبب القانوني لاستعمال حق الاسترداد - غير سابق علي يوم 15 أكتوبر سنة 1949 .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخري . التقنين المدني السوري م 410 ( مطابقة للمداة 442 مصري وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 170 - فقرة 172 ) .

التقنين المدني الليبي م 431 ( مطابقة للمادة 442 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 552 : إذا أثبت المستحق الاستحقاق وحكم له ، ثم اتفق مع المشتري علي ترك المبيع بعوض يعتبر هذا شراء للمبيع من المستحق وللمشتري أن يرجع علي بائعه بالضمان .

( وهذا الحكم يتفق مع القواعد العامة المطبقة في القانون المدني المصري ولكنه لا يقرر حق الاسترداد كما قررته المادة 442 مصري ففي القانون العراقي المفروض أن المستحق ثبت حقه في البيع وحكم له به ثم اشتراه منه المشتري فيرجع المشتري في هذه الحالة علي البائع بضمان الاستحقاق كاملا أما في القانون المصري فالمفروض أن المشتري توقي أن يحكم للمستحق بحقه بأن أدي له شيئا في مقابل هذا الحق فيجوز في هذه الحالة للبائع أن يتخلص من ضمان الاستحقاق بأن يرد للمشتري ما أداه للمستحق ولا يجوز تطبيق هذا الحكم الأخير في العراق ما دام لا يوجد نص بهذا المعني في التقنين العراقي - قارن الأستاذ حسن الذنون فقرة 296 والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 457 ص 197 هامش 2 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 440 : إذ تخلص المشتري من الاستحقاق بدفعه مبلغا من المال فللبائع أن يتخلص من نتائج الضمان برده ذلك المبلغ إلي المشتري مع الفوائد وجميع النفقات .

( وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المصري ) .          
( [1250] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 92 .
( [1251] ) ونري من ذلك أن حق الاسترداد بالتفصيلات التي قدمناها قد أعطاه القانون للبائع تيسيراً علي للتخلص من ضمان الاستحقاق وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعني : " أما التيسير علي البائع فيتحقق في أنه لو ظهر أن الأجنبي علي حق في دعواه وكان المشتري قد توقي استحقاق المبيع كله أو بعضه باتفاق مع المستحق علي أن يدفع له بدل المبيع مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر صلحا كان ذلك أو وفاء بمقابل وسواء تم ذلك قبل رفع دعوي الاستحقاق أو بعد رفعها وسواء تدخل البائع في هذه الدعوي عند رفعها أو لم يتدخل فإن للبائع أن يتخلص من ضمان الاستحقاق بأن يرد للمشتري ما يعوضه تماما عما دفعه للمستحق : المبلغ الذي دفعه أو قيمة ما أداه مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات وهذا حكم وجه العدالة فيه ظاهر وهو مثل من الأمثلة النادرة في القانون علي حق الاسترداد : انظر مثلين آخرين في استرداد الحصة الشائعة وفي استرداد الحق المتنازع فيه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 91 - ص 92 ) .       
( [1252] ) وتقول المذكرة الإيضاحية في هذا الصدد : " ويلاحظ أن هذا الحكم لا يطبق إلا إذا كان للمشتري قد توقي استحقاق المبيع باتفاقه مع المستحق أما إذا لم يتوق هذا الاستحقاق وقضي للمستحق فإنه يجب الرجوع إلي القواعد العامة وهي تتفق مع ما نص عليه كتاب مرشد الحيران – م 506 - من أنه " لو اثبت المستحق الاستحقاق وقضي له ثم دفع المشتري إليه شيئا وأمسك المبيع يكون هذا شراء للمبيع من المستحق وله أن يرجع علي بائعه بالثمن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 94 - انظر المادة 552 من التقنين المدني العراقي آنفا في نفس الفقرة في الهامش ) .  
( [1253] ) تاريخ النصوص :

        م 445 : ورد هذا النص في المادة 591 من المشروع التمهيدي علي وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن نص المشروع التمهيدي كان يدمج الفقرات الثلاث في فقرتين اثنتين وفي لجنة المراجعة قسمت الفقرة الأولي إلي فقرتين لتمييز الحكمين كل منهما عن الآخر وأصبح النص يشتمل علي فقرات ثلاث مطابقا بذلك لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد وأصبح رقمه 458 في المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 445 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 103 - ص 104 ) .

م 446 : ورد هذا النص في المادة 592 من المشروع التمهيدي علي وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا ان نص المشروع التمهيدي كان لا يشتمل في الفقرة الثانية علي " عبارة الاستحقاق " فأضيفت هذه العبارة في لجنة المراجعة وأصبح النص رقمه 459 في المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 446 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 105 و ص 107 ) .
( [1254] ) التقنين المدني السابق م 301  /  375 : يجوز للبائع أن يشترط عدم ضمانه للبيع ، إنما إذا كان هذا الاشتراط حاصلا بألفاظ عامة وصار نزع الملكية من المشتري فلا يلزم البائع إلا برد الثمن دون التضمينات .

م 302  /  376 : لا تبطل ملزومية البائع المشترط عدم الضمان برد الثمن إلا ثبت علم المشتر وقت البيع بالسبب الموجب لنزع الملكية أو اعترافه بأنه اشتري المبيع ساقط الخيار ولا ضمان علي البائع في جميع الأحوال .

        م 303  /  377 : شرط عدم الضمان باطل إذا كان حق المدعي في استحقاق المبيع ناشئا عن فعل البائع .

        ( والأحكام واحدة في التقنين الجديد والسابق : ولكن نصوص التقنين الجديد أوفي وأكثر شمولا للحالات المختلفة : المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 107 ) .
( [1255] ) التقنينات المدنية العربية الأخري : التقنين المدني السوري م 413 ( متفقة مع المادة 445 مصري ، فيما عدا ان النص السوري قد أغفل الفقرة الثانية من نص التقنين المصري لا يكفي إذن في التقنين السوري أن يكون حق الارتفاق ظاهراً أو أن البائع قد أبان عنه للمشتري حتي لا يضمنه البائع بل يجب اشتراط عدم الضمان ) .

م 414 ( مطابقة للمادة 446 مصري ) .

وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 173 - فقرة 180 .

التقنين المدني الليبي م 434 - 435 ( مطابقتان للمادتين 445 - 446 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 556 ( مطابقة للمادة 445 مصري ) .

م 557 : 1 - إذا اتفق علي عدم الضمان بقي البائع مع ذلك مسئولا عن أي استحقاق ينشأ عن فعله ويقع باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك . 2 - أما إذا كان استحقاق المبيع قد نشأ من فعل الغير فإن البائع يكون مسئولا عن رد الثمن فقط . وهذا الحكم يخالف نص التقنين المصري في أن البائع - عند الاتفاق علي عدم ضمان تعرض الغير - يكون مسئولا في التقنين المصري عن قيمة المبيع وقت الاستحقاق وفي التقنين العراقي عن رد الثمن . ولم يرد في التقنين العراقي العبارة الأخيرة الواردة في نص التقنين المصري " إلا إذا أثبت ان المشتري كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق أو أنه اشتري ساقط الخيار " ويبدو أنه يمكن تطبيق هذا الحكم في العراق لاتفاقه مع القواعد العامة - انظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 219 - فقرة 225 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 430 : يحق للمتعاقدين بمقتضي اتفاق خاص أن يزيدوا أن ينقصوا مفعول هذا الموجب القانوني ، كما يحق لهم أن يتفقوا علي عدم إلزام البائع بضمان ما .

م 431 : إن البائع وإن اشترط عدم إلزامه بضمان ما يبقي ملزما عند تمام الاستحقاق برد الثمن إلا إذا كان المشتري قد عقد الشراء وأخذ علي نفسه ما يمكن وقوعه من المضار والمخاطر انظر أيضا المادة 439 آنا فقرة 353 في الهامش .

( والأحكام واحدة في التقنين اللبناني والمصري إلا أن التقنين المصري أكثر تفصيلا ) .
( [1256] ) أوبري ورو 5 فقرة 355 هامش 42 - بودري وسينيا فقرة 393 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 121 - وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا لم يذكر في عقد البيع التزامات صريحة خاصة بالضمان فإن القانون يفرض أن المتعاقدين أرادا ما بينه في مواده ولهذا يجب علي من يريد مخالفة ما فرضه القانون من الضمان - إذا هو أراد تشديد الضمان علي البائع - أن يبين في العقد الشرط الذي يفهم منه صراحة تشديد الضمان ومخالفة ما نص عليه القانون - أما اشتمال العقد علي ما قرره القانون بعبارات عامة فإنه لا يدل علي أن البائع تعهد بضمان أشد مما فرضه القانون ويكون من المتعين في هذه الحالة تطبيق الضمان القانوني دون زيادة عليه ، لأنه في حالة الاشتباه يكون التفسير بما فيه الفائدة للمتعهد ( نقض مدني 3 مارس سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 40 ص 76 ) وانظر أيضا استئناف مصر 16 فبراير سنة 1941 المجموعة الرسمية 42 رقم 170 - استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1909 م 21 ص 228 - 26 يناير سنة 1911 م 13 ص 139 .         
( [1257] ) بيدان 11 فقرة 226 - ويحسن أن تحدد المدة التي إذا نزعت ملكية المبيع للمنفعة العامة في خلالها وجب الضمان وذلك حتي يكون الضمان محدداً فيسهل إعماله ( بودري وسينيا فقرة 399 ) .      
( [1258] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 106 .        
( [1259] ) أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 1370 .
( [1260] ) ويعفى من الضمان إطلاقاً فيما يتعلق بالأعمال التى اتفق على استبعاده ( الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 184 هامض 1 ) .
( [1261] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 106 .
( [1262] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 122 ص 132 - وقد يشترط فى العقد ويكون المتبايعان عالمين وقت التعاقد بسبب الاستحقاق ، ففى هذه الحالة يدل شرط الضمان فى العقد – وهو أصلا لا حاجة إليه – على أن الغرض منه هو تأمين المشترى من الخطر الذى يهدده تأميناً لا يكون إلا بالتزام البائع عند الاستحقاق بالتضمينات علاوة على رد الثمن ( نقض مدنى أول فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 65 ص 281 ) . وقد يثبت أن المشترى كان يعلم وقت شرائه بالعيب اللاصق بسند البائع ، وأنه أقدم على الشراء مجازفاً وتحت مسئوليته ، فلا يكون له الحق فى طلب التضمينات ، ولكن يحق له استرداد الثمن إلا إذا اشترى ساقط الخيار ( نقض مدنى 21 يناير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 65 ص 437 - وانظر أيضاً استئناف مختلط 16 مارس سنة 1899 م 11 ص 162 - 10 يونيه سنة 1907 م 19 ص 78 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلط بأنه إذا كان المشترى عالماً بسبب الاستحقاق وقدر المبلغ الذى يسترده بمبلغ معين ، فلا يحق له استرداد هذا المبلغ فى حالة الاستحقاق ( استئناف مختلط 7 مايو سنة 1907 م 5 ص 271 ) .
( [1263] ) بودرى وسينيا فقرة 404 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 123 ص 133 .
( [1264] ) أوبرى ورو 5 فقرة 355 هامش 45 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 122 .

أما اشتراط إسقاط الضمان أصلا – لا مجرد إنقاصه – عن التعرض الصادر من البائع نفسه ، فقد رأينا أنه غير جائز ، ولو كان الضمان غير ناشئ من غش البائع بل عن فعله فقط ( بودرى وسينيا فقرة 405 ) .
( [1265] ) ويضيف القانون المدنى الفرنسى إلى حقوق الارتفاق التكاليف كحق الانتفاع وحق المستأجر وكل حق من شأنه أن ينقص الانتفاع بالعين وإنما يعرضها لخطر نزع الملكية ( بودرى وسينيا فقرة 388 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 98 ) . ولا يجوز فى القانون المصرى التوسع ، فقد قصر النص الاستثناء على حق الارتفاق ، فلا يلحق به فى الحكم أى تكليف آخر كحق انتفاع أو حق حكر ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 160 ص 255 - ص 256 - عكس ذلك الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 300 ) .
( [1266] ) وتحمل هذه الخصوصية طابع التقاليد القديمة فى حقوق الارتفاق ، عندما كان القانون الرومانى يجعل البائع لا يضمن حقوق الارتفاق لأن التنظيم الاقتصادى للملكية العقارية عند الرومان كان من شأنه أن يجعل المشترى يتوقع دائماً أن يكون على المبيع حقوق ارتفاق . ولم تنتقل هذه التقاليد كاملة ، بل تركت أثرها فى جعل حق الارتفاق الظاهر أو الذى أعلم به البائع المشترى لا يضمنه البائع ( انظر آنفاً فقرة 325 ) .
( [1267] ) وإذا اشترط البائع إسقاط الضمان إطلاقاً ، وكان هناك حقوق ارتفاق خفية لا يعلم بها المشترى وقت البيع ، فإن البائع يبقى ملتزماً بضمان ما كان منها ناشئاً عن فعله ، إلا إذا أبان عنه للمشترى . أما إذا أخفاها عنه ، وكذلك إذا كان يعلم بحقوق ارتفاق غير ناشئة عن فعله وأخفاها عن المشترى ( م 445  /  3 مدنى ) ، فإن الاتفاق على إسقاط الضمان يكون باطلاً ( بودرى وسينيا فقرة 413 ) . فلا يبقى إذن إلا حالة ما إذا كان البائع لا يعلم بحق ارتفاق على المبيع وكذلك لا يعلمه المشترى وقت البيع ، فإن اشتراط إسقاط الضمان فى هذه الحالة يعفى البائع من التعويضات ، ولكنه لا يعفيه من رد ما نقص من قيمة المبيع وقت الاستحقاق بسبب وجود حق الارتفاق .

أما إذا اشترط البائع عدم ضمان حقوق الارتفاق الخفية فهذا شرط فى إنقاص الضمان لا فى إسقاطه . ومن ثم يصح ، ويصل إلى مدى أبعد من شرط إسقاط الضمان . ذلك أن البائع ، إذا كان يضمن فى هذه الحالة حقوق الارتفاق الناشئة من فعله أو التى يعرفها وأخفاها عن المشترى ، فإنه لا يضمن حقوق ارتفاق لا يعلمها هو ، سواء علمها المشترى أو لم يعلمها . فلا يضمن إذن حق ارتفاق يجهله هو والمشترى ، ويعفى فى هذه الحالة من التعويضات ، وهو لا يعفى من التعويضات فى حالة اشتراط إسقاط الضمان ( قارب كولان وكابيتان 2 فقرة 918 ) .
( [1268] ) ويلاحظ أن قيود الملكية – كحقوق الشرب والمجرى والمسيل والمرور – ليست حقوق ارتفاق بالمعنى الصحيح ، فهذه يقررها القانون والمشترى يعرفها أو ينبغى أن يعرفها . فلا يلزم البائع ضمانها للمشترى ، سواء كانت ظاهرة أو غير ظاهرة ، وسواء أثبت البائع أن المشترى يعرفها أو لم يثبت ، وحتى لو ضمن البائع خلو المبيع من حقوق الارتفاق ( استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1909 م 21 ص 227 - بودرى وسينيا فقرة 387 - دى باج 4 فقرة 139 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2537 - كولان وكابيتان 2 فقرة 907 ص 604 - جوسران 2 فقرة 1109 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى رقم 358 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 241 - الأستاذ محمد على إمام ص 345 - الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 302 ( ولكنه لا يعتبر هذه الحقوق قيوداً بل ارتفاقات لأنها لا تنشأ إلا إذا طلبها من يريد تقريرها ) .

والعقود الناشئة من خط التنظيم تعتبر هى أيضاً قيوداً على الملكية لا يضمنها البائع . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن البائع لا يضمن ظهور حقوق ارتفاق طبيعية أو قانونية كحق الارتفاق الناشئ من خط التنظيم ، فهذه الحقوق ليست حقوق ارتفاق بالمعنى الدقيق ، بل هى قيود قانونية المفروض أن المشترى يعرفها ( استئناف مختلط 26 يناير سنة 1943 م 55 ص 37 . وانظر أيضاً استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1935 م 48 ص 45 - بودرى وسينيا ص 352 هامش رقم 2 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا اشترى شخص عيناً قد صدر مرسوم بنزع ملكيتها من قبل شرائه أو مرسوم بتعديل خط التنظيم قبل الشراء بحيث يدخل بعضها فى الشارع ، فليس له أن يدعى بأن ذلك من حقوق الارتفاق الموجبة لفسخ عقد الشراء ( استئناف مصر 12 مايو سنة 1935 المجموعة الرسمية 37 رقم 19 ) . لكن إذا تعمد البائع إخفاء خط التنظيم عن المشترى ليحصل على ثمن أعلى ، فإنه يكون قد غش المشترى ، ويرجع هذا بدعوى التدليس ( استئناف مختلط 26 يناير سنة 1943 م 55 ص 37 وهو الحكم السابق الذكر ) .

ومع ذلك فقد قضت أخيراً محكمة مصر الكلية بأن وقوع العقار المبيع فى خط التنظيم يعد عيباً خفياً فى حم المادة 477 مدنى ، لأنه ينقص من قيمة المبيع ونفعه بحسب الغاية التى تستخلصها المحكمة من وقائع الدعوى والعرف الجارى وما يستفاد مما هو مبين بالعقد وطبية العقار المبيع والغرض الذى أعد له وهو استعماله والانتفاع به بطريق الانتفاع كافة . وليس فى استطاعة المشترى إذا فحس المبيع وقت الشراء بعناية الرجل المعتاد أن يتبين أن العقار المبيع داخل خط التنظيم ، لن العيب لا يمكن ظهوره بمجرد فحص المبيع ذاته ، كما أنه لا يكفى مجرد نشر مرسوم خط التنظيم بالجريدة الرسمية للدلالة على علم المشترى أو استطاعته هذا العلم . والمادة 444 مدنى تنص على ضمان البائع إذا وجد المبيع مثقلاً بتكليف ( charge ) وكان خسارة المشترى من ذلك بلغت قدراً لو علمه لما أتم العقد . وعبارة " تكليف " تشمل بعمومها كافة حقوق الانتفاع اتفاقية كانت أو قانونية ، كما أنها تمتد إلى القيود القانونية التى تحد من نطاق حق الملكية ، والعقار الداخل فى خط التنظيم يكون مثقلاً بتكاليف لمصلحة النفع العام وينطبق عليه حكم المادة 444 ( مصر الكلية 19 أكتوبر سنة 1955 المحاماة 36 رقم 448 ص 916 ) .
( [1269] ) استئناف مختلط 9 مارس سنة 1899 م 11 ص 153 - لكن إذا كان حق الارتفاق ظاهراً ، ومع ذلك ضمن البائع أنه غير موجود أو أن المبيع خال من حقوق الارتفاق ، لزمه الضمان ( بودرى وسينيا فقرة 389 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى ص 255 - الأستاذ جميل الشرقاوى ص 265 هامش 1 - الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 185 ) . وإذا كان للمبيع حق ارتفاق ظاهر ، فإن البائع يضمنه ولو لم يفرد بالذكر فى عقد البيع . فإذا تبين أن هذا الحق غير موجود بعد أن اطمأن المشترى إلى وجوده الظاهر ، جاز للمشترى الرجوع على البائع بالضمان ( بودرى وسينيا فقرة 390 - دى باج 4 فقرة 139 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 259 - الأستاذ محمد على إمام فقرة 346 - الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 300 - استئناف مختلط 23 مايو سنة 1914 م 26 ص 394 - 9 أبريل سنة 1940 م 52 ص 228 - وانظر خلافاً فى هذه المسألة مع ترجيح هذا الرأى أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ vente فقرة 1363 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا ضمن البائع خلو المبيع من أى حق ارتفاق ، فظهور ارتفاق مطل على المبيع يوجب الضمان إذا كان المشترى قد اعتقد أنه موجود على سبيل التسامح ( 9 يناير سنة 1929 م 41 ص 239 ) .
( [1270] ) ويجب أن يعمله بوجود حق الارتفاق بالذات ، ولا يكفى التعميم والقول بأنه باع المبيع بما عليه من حقوق ارتفاق أو نحو ذلك ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 102 ص 109 وهامش رقم 1 ) - ولا يوجد شكل خاص للإعلام ، فيصح أن يكون شفوياً ، ولكن البائع يحمل عبء إثبات أنه أعلم المشترى بوجود حق الارتفاق .
( [1271] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وإعلام البائع للمشترى بوجود حق ارتفاق على المبيع يعتبر شرطاً من البائع بعدم ضمانه لهذا الحق مقترناً بعلم المشترى بسبب الاستحقاق فلا ترجع المشترى بشئ على البائع . ويقوم مقام إعلام البائع للمشترى بحق الارتفاق أن يكون هذا الحق ظاهراً للمشترى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 106 ) . ويلاحظ أن العبارات المتقدمة تجعل إعلام البائع للمشترى بوجود حق ارتفاق يقوم مقام أمرين ، شرط عدم الضمان وعلم المشترى بسبب الاستحقاق ، كما لو كان الاتفاق على إنقاص الضمان يقتضى الأمرين معاً . والصحيح أن الذى يقتضى الأمرين معاً هو الاتفاق على إسقاط الضمان إطلاقاً لا على مجرد إنقاصه ، وظاهر أن عدم ضمان حق ارتفاق معين هو اتفاق إنقاص الضمان لا على إسقاطه .
( [1272] ) وهى تختلف عن صياغة المادة 1638 مدنى فرنسى المقابلة ، ومن ثم جاز فى القانون المدنى الفرنسى – وهو أقرب إلى تقاليد القانون الرومانى السالفة الذكر – أن يحصل المشترى علماً بحق الارتفاق من أى طريق آخر ( بودرى وسينيا فقرة 386 ص 396 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 102 ص 109 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2538 ) . قارن دى باج 4 فقرة 143 .
( [1273] ) انظر من هذا الرأى الأستاذ عبد التفاح عبد الباقى ص 255 - الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 187 - الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 304 ( مع تحفظ فى أن العلم بحق الارتفاق يحرم من التعويضات ) . وانظر عكس ذلك : الأستاذ أنور سلطان فقرة 241 و 255 - 259 - الأستاذ جميل الشرقاوى ص 236 هامش رقم 2 .
( [1274] ) الأستاذ أنور سلطان فقرة 241 ص 292 - الأستاذ محمد على إمام ص 345 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى ص 254 - ص 255 - الأستاذ جميل الشرقاوى ص 236 هامش 2 – الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 303 - الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 186 - الأستاذ إسماعيل غانم ص 120 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 359 ص 358 - ومع ذلك إذا وجد شرط فى البيع يقضى باحترام المشترى لحقوق الارتفاق الخفية ، دخل ضمن هذه الحقوق حق ارتفاق مسجل ولو لم يعلم به المشترى . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان المدين المنزوع ملكيته قد رتب على عقاره حق ارتفاق لمصلحة عقار آخر ، وقد حافظ صاحب العقار المخدوم على هذا الحق بالتسجيل ليكون حجة على الكافة ، وفضلاً عن ذلك تضمنت قائمة شروط البيع النص على التزام الراسى عليه المزاد احترام حقوق الارتفاق الظاهرة والخفية ، فإن تحدى هذا الأخير بحسن نيته وادعاء عدم علمه بوجود هذا الحق يكون غير منتج ( نقضى مدنى 14 أبريل سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 126 ص 969 ) .

وفى القانون الفرنسى ، الذى هو أقرب إلى تقاليد القانون الرومانى كما قدمنا ، يذهب أكثر الفقهاء إلى أن مجرد تسجيل حق الارتفاق لا يستخلص منه علم المشترى به ولا يسقط حقه فى الرجوع بالضمان : لوران 24 فقرة 269 - جيوار 1 فقرة 410 - أوبرى ورو 5 فقرة 355 هامش 55 - بودرى وسينيا فقرة 386 ص 196 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2539 - جوسران 2 فقرة 1109 . وبهذا الرأى أخذت محكمة النقض الفرنسية ( 30 ديسمبر سنة 1940 داللوز الانتقادى 1941 - 107 ) ، ولكن يذهب بعض الفقهاء إلى أن مجرد تسجيل حق الارتفاق يفرض علم المشترى ويسقط حقه فى الضمان ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 604 - كولان وكابيتان 2 فقرة 901 ) . ويقول بعض آخر إنه مع التسليم جدلاً بأن حق الارتفاق المسجل يعتبر معلوماً من المشترى ولو لم يعلم به فعلاً ، فإنه يجب استثناء حالتين من هذه القاعدة : ( 1 ) حقوق الارتفاق الناشئة من تخصيص رب الأسرة ، فهذه لا تسجل . ( 2 ) حق ارتفاق لم يسجل إلا بعد البيع وإن كان قد سجل قبل تسجيل البيع ، فإنه لا يكون معلوماً من المشترى ومع ذلك يكون نافذاً فى حقه فيضمنه البائع بالرغم من تسجيله ( بيدان 11 فقرة 198 ) .
( [1275] ) ويعتبر شرط إسقاط لضمان التعرض الصادر من الغير أن يشترط البائع أنه غير مسئول إلا عن التعرض الصادر عن شخصه ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 113 ) .
( [1276] ) انظر آنفاً فقرة 336 .
( [1277] ) المراد بعدم الضمان هنا هو إسقاط الضمان . وهذا بخلاف عبارة " عدم الضمان " الواردة فى الفقرة الثانية من المادة 445 مدنى ، فإن المراد بها إنقاص الضمان لا إسقاطه ( الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 184 هامش 1 ) .
( [1278] ) ولم تذكر المادة 446  /  2 مدنى الفوائد القانونية من وقت الاستحقاق كما فعلت المادة 433 مدنى ، ويبدو أن الفوائد تدخل فى التعويضات فأغفلها النص عمداً ( انظر الأستاذ عبد المنعم البدراوى ص 195 هامش 1 ) .
( [1279] ) استئناف وطنى 2 فبراير سنة 1915 الشرائع 2 رقم 192 ص 180 - وإذا كان الاستحقاق جزئياً ، ولم يكن جسيماً أو كان جسيماً ولكن المشترى اختار استبقاء المبيع ، فلا يسترد المشترى قيمة المبيع وقت الاستحقاق ، بل يسترد ما نقص من قيمة المبيع وقت الاستحقاق بسبب هذا الاستحقاق الجزئى ( الأستاذ جميل الشرقاوى ص 267 هامش 1 ) .
( [1280] ) استئناف وطنى 17 مارس سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 79 ص 155 - 20 فبراير سنة 1915 الشرائع 2 رقم 192 ص 180 - 6 يناير سنة 1920 المجموعة الرسمية 21 رقم 66 ص 108 - استئناف مصر 16 ديسمبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 300  /  2 ص 428 - استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 113 - 10 مايو سنة 1917 م 29 ص 415 - 30 أكتوبر سنة 1917 م 30 ص 13 - 31 يناير سنة 1918 م 30 ص 187 - 10 فبراير سنة 1931 م 43 ص 220 - 14 مارس سنة 1932 م 44 ص 225 - 25 يونيه سنة 1935 م 47 ص 391 - 24 مارس سنة 1938 م 50 ص 190 - 17 مايو سنة 1938 م 50 ص 130 - 16 نوفمبر سنة 1938 م 51 ص 24 - 14 مارس سنة 1939 م 51 ص 207 .

ويستوى أن يكون البائع نفسه عالماً وقت البيع بسبب الاستحقاق أو غير عالم بذلك ( بودرى وسينيا فقرة 409 ص 417 ) .
( [1281] ) استئناف وطنى 12 مارس سنة 1923 المجموعة الرسمية 25 رقم 91 ص 167 .
( [1282] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى : " ويكون البائع غير مسئول عن رد شئ ما إذا صحب شرط عدم الضمان أحد أمرين : علم المشترى بسبب الاستحقاق أو شراؤه ساقط الخيار ، لأن البيع فى هذه الحالة يكون عقداً احتمالياً " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 106 ) - وقد كان هذا هو الحكم فى عهد التقنين المدنى السابق : استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1895 م 5 ص 149 - 23 أبريل سنة 1869 م 8 ص 245 - 5 مايو سنة 1897 م 9 ص 316 - 17 يونيه سنة 1920 م 32 ص 357 - 9 نوفمبر سنة 1920 م 33 ص 9 - 17 مايو سنة 1921 م 33 ص 343 . وقد قضت محكمة الاستئناف بأن من حق المشترى ، حتى فى هذه الحالة ، أن يدخل البائع خصماً فى دعوى الاستحقاق المرفوعة عليه من الأجنبى حتى يتعاون معه فى دفع الدعوى ، فإذا حكم للمستحق بالرغم من ذلك لم يكن للمشترى أن يرجع بضمان الاستحقاق على البائع ( 10 ديسمبر سنة 1903 م 16 ص 53 ) . ويجب على كل حال, فى حالتى شرط إسقاط الضمان مع علم المشترى بسبب الاستحقاق وشرط قبول المشترى الشراء ساقط الخيار ، أن يكون البائع حسن النية ، أى يكون قد أطلع المشترى على كل سببه يعلمه يحتمل أن يكون مصدراً للاستحقاق ( استئناف مختلط 12 مارس سنة 1914 م 26 ص 278 - 12 يناير سنة 1915 م 27 ص 113 ) .
( [1283] ) بودرى وسينيا فقرة 409 ص 417 - الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 190 - قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 264 .
( [1284] ) ولا يكفى لإسقاط الضمان أن يكون المشترى عالماً بسبب الاستحقاق وقت البيع ، دون أن يكون هناك شرط بعدم الضمان ( بودرى وسينيا فقرة 409 ص 417 - ص 418 ) .

هذا وقد نصت المادة 460 مرافعات على أن " كل شرط فى قائمة شروط البيع يقضى بعدم ضمان الاستحقاق أو بأن يكون المشترى ساقط الخيار لا يترتب عليه إلا الإعفاء من التضمينات لا من رد الثمن " . فهذا النص يفارق الأحكام التى قدمناها من ناحيتين : ( أولاً ) شرط عدم ضمان الاستحقاق وحده لا يعفى من رد الثمن ، وإنما يعفى من رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق . ( ثانياً ) شراء المشترى ساقط الخيار كان من الواجب أن يعفى أيضاً من التضمينات . وظاهر أن نص تقنين المرافعات لم ينسق مع نصوص التقنين المدنى . ولكننا مع ذلك لا نرى مانعاً من القول ، مع الأستاذ عبد المنعم البدراوى ( فقرة 331 ) ، بأن الأحكام الواردة فى تقنين المرافعات تسرى فى العلاقة فيما بين الراسى عليه المزاد والدائنين ( فيجوز للراسى عليه المزاد أن يرجع على الدائنين بالثمن على قاعدة الإثراء بلا سبب ، ولا يعفيهم شرط عدم الضمان أو إقرار المشترى أنه اشترى ساقط الخيار إلا من التضمينات ) ، أما أحكام التقنين المدنى فتبقى سارية فيما بين الراسى عليه المزاد والبائع ( قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 265 والأستاذ منصور مصطفى منصور ص 190 - ص 191 ) .
( [1285] ) بيدان 11 فقرة 247 - كولان وكابيتان 2 ص 614 .
( [1286] ) ويقابل هذا الذى حدث فى القانون الرومانى ما يعرف فى الفقه المالكى بالعهدة ، فيفترض أن العيب إذا حدث عند المشترى فى مدة معينة يكون كامناً فى المبيع وقت أن كان فى يد البائع ، فيحمل البائع عهدته ويكون مسئولاً عنه . قال ابن رشد فى بداية المجتهد ( جزء 2 ص 144 - ص 146 ) : " انفرد مالك بالقول بالعهدة دون سائر فقهاء الأمصار ، وسلفه فى ذلك أهل المدينة والفقهاء السبعة وغيرهم . ومعنى العهد أن كل عيب حدث فيها عند المشترى فهو من البائع . وهى عند القائلين بها عهدتان : عهدة الثلاثة الأيام وذلك من جميع العيوب الحادثة عند المشترى ، وعهدة السنة وهى عن العيوب الثلاثة الجزام والبرص والجنون فما حدث فى السنة من هذه الثلاثة بالمبيع فهو من البائع وما حدث من غيرها من العيوب كان من ضمان المشترى على الأصل . وعهدة الثلاثة عند المالكية بالجملة بمنزلة أيام الخيار وأيام الاستبراء ، والنفقة فيها والضمان من البائع . وأما عهدة السنة فالنفقة فيها والضمان من المشترى ، إلا من الدواء الثلاثة . وهذه العهدة عند مالك فى الرقيق ، وهى أيضاً واقعة فى أصناف البيوع فى كل ما القصد منه المماكسة والمماكرة وكان بيعاً لا فى الذمة . وهذا ما لا خلاف فيه فى المذهب " ( مصادر الحق فى الفقه الإسلامى للمؤلف 4 ص 273 هامش 2 ) .
( [1287] ) فانتقلت – عدا التقنين المصرى والفرنسى - إلى التقنين الإيطالى القديم ( م 151 وما بعدها ) ، وإلى التقنين الأسبانى ( م 1486 وما بعدها ) ، وإلى تقنين الالتزامات السويسرى ( م 197 وما بعدها ) ، وإلى التقنين الألمانى ( م 459 وما بعدها )
( [1288] ) بيدان 11 فقرة 247 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 125 - كولان وكابيتان 2 فقرة 920 وفقرة 893 ص 598 .
( [1289] ) انظر فى أن أحكام العيب الخفى الخاصة بالبيع لا تسرى فى عقد الاستصناع إلا إذا اختلط البيع بهذا العقد : نقض مدنى 14 ديسمبر سنة 1950 مجموعة الأحكام النقض 2 رقم 29 ص 153 .
( [1290] ) انظر تعليقاً لبلانيول فى دالوز 1912 - 1 - 113 ، حيث ينتقد حكمين صادرين من محكمة النقض الفرنسية فى 18 أكتوبر سنة 1911 رفضاً من تطبيق أحكام ضمان العيب الخفى الواردة فى عقد البيع فى حالة ظهور عيوب فى أبواب لمبنى تعهد بإقامته مقاولون ومهندسون معماريو بدعوى أن العقد عقد مقاولة فلا تسرى عليه أحكام عقد البيع فى العيوب الخفية . ويذهب بلانيول فى هذا التعليق إلى وجوب سريان هذه الأحكام لا فى عقد البيع فحسب ، بل أيضاً فى كل العقود الأخرى إذا كانت عقود معاوضة ناقلة للملكية ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 140 هامش 1 ) .
( [1291] ) تاريخ النصوص :

م 447 : ورد هذا النص فى الفقرتين الأولى والثانية من المادة 593 وفى المادة 594 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " م 593 : 1 - يكون البائع ملزماً بالضمان إذا لم يتوافر فى المبيع ، وقت التسليم, الصفات التى قرر البائع أنها موجودة فيه ، أو إذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته أو من نفعه ، حسب ما قصد إليه المشترى ، كما هو مبين فى العقد ، أو كما هو ظاهر من طبيعة الشئ أو من الغرض الذى أعد له هذا الشئ . 2 - ويضمن البائع هذا العيب حتى لو لم يكن عالماً بوجوده . م 594 : 1 - ومع ذلك لا يضمن البائع العيوب التى كان المشترى يعرفها وقت البيع ، أو التى عرفها عند الفرز إذا كان المبيع من المثليات . 2 - وكذلك لا يضمن البائع عيباً كان المشترى يستطيع أن يتبينه بنفسه لو أنه فحص المبيع بما ينبغى من العناية ، إلا إذا أثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب ، أو أثبت أن البائع قد تعمد إخفاء العيب عن عش منه " . وفى لجنة المراجعة أدمجت المادتان فى مادة واحدة لأن الثانية تكملة ضرورية للأولى ، وأجريت بعض تعديلات لفظية ، وصارت المادة رقمها 460 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب بعد تعديل لفظى . ووافقت عليها لجنة مجلس الشيوخ بعد تعديل لفظى آخر وبعد أن استبدل بعبارة " بما ينبغى من العناية " الواردة فى الفقرة الثانية عبارة " بعناية الرجل العادى " أخذاً بالمعيار العام فى العناية ، فصار النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد وأصبح رقمه 447 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 109 وص 111 - ص 113 ) .

م 448 : ورد هذا النص فى المادة 593 الفقرة الثالثة من المشروع التمهيدى على وجه يطابق ما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . واقترح فى لجنة المراجعة فصل هذه الفقرة الثالثة من المادة 593 لأنها تقرر حكماً مستقلاً ، فوافقت اللجنة على ذلك ، وأصبح رقم النص المستقل المادة 461 فى المشروع النهائى ، ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 448 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 113 - 114 ) .
( [1292] ) التقنين المدنى السابق م 313  /  387 : البائع ضامن للمشترى العيوب الخفية فى المبيع إذا كانت تنقص القيمة التى اعتبرها المشترى ، أو تجعل المبيع غير صالح لاستعماله فيما أعد له .

م 320  /  395 : لا وجه لضمان البائع إذا كان العيب ظاهراً أو علم به المشترى علماً حقيقياً .

م 322  /  397 - 398 : لا يكون العيب موجباً للضمان إلا إذا كان قديماً ، والمراد بالعيب القديم الموجود وقت البيع فى المبيع إذا كان عيناً معينة ، أو العيب الموجود فى المبيع وقت تسليمه إذا لم يكن عيناً معينة .

( ولا فرق فى الأحكام ما بين التقنينين السابق والجديد ، فيما عدا بعضاً من الفروق أهما ما بينته المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ( 1 ) اتخذ التقنين الجديد معياراً مادياً فى تحديد ما إذا كان العيب مؤثراً ، أما التقنين المدنى السابق فالمعيار فيه تارة مادى ( عدم صلاحية المبيع لما أعد له ) وطوراً ذاتى ( نقص القيمة التى اعتبرها المشترى ) . ( 2 ) ينقص التقنين السابق أن يحدد معنى خفاء العيب تحديداً كافياً ، أما التقنين الجديد فقد بين ذلك فى وضوح . ( 3 ) زاد التقنين الجديد بعض التفصيلات الهامة ، فذكر أنه يكفى لاعتبار العيب مؤثراً أن يخلو المبيع من صفة قرر البائع أنها موجودة فيه ، ونص على أن العيب لا يكون مؤثراً إذا كان قد جرى العرف على التسامح فيه ، وقرر أن تأكيد البائع بأن المبيع خال من العيب أو تعمده إخفاءه يجعله ضامناً للعيب حتى لو لم يكن خفياً ما دام المشترى لا يعلمه : مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 111 - يضاف إلى هذه الفروق الثلاثة فرق رابع هو أن التقنين السابق اعتد فى وجود العيب بوقت البيع فى العين المعينة بالذات ووقت التسليم فى العين غير المعينة إلا بالنوع ، وهذا لا يصح إلا فى قانون كالقانون الفرنسى يجعل تبعة تعيب المبيع قبل التسليم على المشترى لا على البائع ، أما حيث تكون تبعة التعيب قبل التسليم على البائع كما فى القانون المصرى فالواجب ضمان البائع للعيب متى وجد قبل التسليم ولو فى العين المعينة بالذات ، وهذا ما نص عليه صراحة التقنين الجديد ) .
( [1293] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 415 - 416 ( مطابقتان للمادتين 447 - 448 مصرى - وانظر فى القانون المدنى السورى الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 196 - فقرة 204 ) .

التقنين المدنى الليبى م 436 - 437 ( مطابقتان للمادتين 447 - 448 مصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 558 : 1 - إذا ظهر بالمبيع عيب قديم ، كان المشترى مخيراً إن شاء رده وإن شاء قبله بثمنه المسمى . 2 - والعيب هو ما يقص ثمن المبيع عند التجار وأرباب الخبرة أو ما يفوت به غرض صحيح إذا كان الغالب فى أمثال المبيع عدمه . ويكون قديماً إذا كان موجوداً فى المبيع وقت العقد أو حديث بعده وهو فى يد البائع قبل التسليم .

م 559 : لا يضمن البائع عيباً قديماً كان المشترى يعرفه ، أو كان يستطيع أن يتبينه بنفسه لو أنه فحص المبيع بما ينبغى من العناية ، غلا إذا أثبت أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب أو أخفى عنه العيب عشاً منه .

( وشروط العيب الموجب للضمان واحدة فى التقنين المصرى والعراقى – انظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 244 - فقرة 251 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 477 - فقرة 502 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 442 : يضمن البائع عيوب المبيع التى تنقص قيمته نقصاً محسوساً أو تجعله غير صالح للاستعمال فيما أعد له بحسب ماهيته أو بمقتضى عقد البيع . أما العيوب التى لا تنتقص من قيمة المبيع أو من الانتفاع به إلا نقصاً خفيفاً ، والعيوب المتسامح بها عرفاً ، فلا تستوجب الضمان . ويضمن البائع وجود الصفات التى ذكرها هو ، أو اشتراط الشارى وجودها .

م 443 : أما إذا كان المبيع أشياء لا تعرف حقيقة حالها إلا بإحداث تغيير فيها كالأثمار ذات الغلاف اليابس ، فالبائع لا يضمن عيوبها الخفية إلا إذا ضمنها صراحة أو كان العرف المحلى يوجب عليه هذا الضمان .

م 444 : إذا انعقد البيع بحسب نموذج ، فالبائع يضمن وجود صفات النموذج فى البضاعة البيع . وإذا هلك أو ناله عيب ، فعلى المشترى أن يثبت عدم انطباق البضاعة عليه .

م 445 : لا يضمن البائع إلا العيوب الموجودة وقت البيع إذا كان المبيع عيناً معينة بذاتها ، أو وقت التسليم إذا كان المبيع مثلياً وقد بيع بالوزن أو بالقياس أو بحسب الوصف .

م 460 : لا يكون البائع مسئولاً عن العيوب الظاهرة ولا عن العيوب التى سبق للمشترى أن عرفها أو كان من السهل عليه أن يعرفها . وإنما يكون مسئولاً حتى عن العيوب التى كان من السهل على المشترى أن يعرفها إذا صرح البائع بخلو المبيع منها .

( وشروط العيب الموجب للضمان واحدة فى التقنينين المصرى واللبنانى ) .
( [1294] ) استئناف مصر 14 أبريل سنة 1924 المحاماة 4 رقم 700 ص 921 والمشترى هو الذى يقع عليه عبء إثبات توافر هذه الشروط ، وهى كلها وقائع مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ويدخل فى ذلك البينة والقرائن ، وبخاصة رأى الخبراء الفنيين ( لوران 24 فقرة 286 - أوبرى ورو 5 فقرة 355 مكررة ص 83 - بانيول وريبير وهامل 10 فقرة 128 ص 142 - أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ vice Red فقرة 90 - فقرة 97 - الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 341 ) .
( [1295] ) جوسران 2 فقرة 1119 .
( [1296] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ويرجع فى تقدير ذلك إلى معيار مادى فينظر إلى قصد المتعاقدين كما هو مبين فى العقد - أى الإرادة الظاهرة - وإلى طبيعة الشئ ، وإلى الغرض الذى أعد له – فيعتبر أن هناك عيباً مؤثراً إذا خلا المبيع من صفة قرر البائع أنها موجودة فيه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 110 ) .
( [1297] ) وقد تكون المنافع كمالية ولكنها تكون مع ذلك مقصورة ( أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ Vice red فقرة 18 - وقارن أوبرى ورو 5 فقرة 355 مكررة ص 82 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2478 ) .
( [1298] ) انظر مع ذلك فى التمييز بين العيب بمعنى الآفة الطارئة على المبيع وبين تخلف شرط كفالة البائع ، وفى أن تخلف الشرط حالة مستقلة لا تعدو أن تكون إخلالاً بشرط فى العقد ولكن المشرع أجرى عليها أحكام العيب الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 215 - ص 219 .
( [1299] ) كولان وكابيتان 3 2 فقرة 923 - وقارن استئناف مختلط 13 مايو سنة 1914 م 26 ص 385 .

ونرى من ذلك أن العبرة فى العيب المؤثر بالغرض الذى أعد له المبيع ، ويستفاد هذا الغرض من اتفاق المتعاقدين . وليس المقصود أ ، يعتد ، فى تقدير العيب المؤثر ، بالصفات الجوهرية التى دخل فى اعتبار المتعاقد كما هى الحال فى الغلط ، فهذا معيار ذاتى ويتمشى مع فكرة الغلط . فلو أن الصفة الجوهرية التى كانت محل اعتبار أحد المتعاقدين لم تكن محل اعتبار المتعاقد الآخر ، بل كان هذا يعلم بالغلط الذى وقع فيه المتعاقد الأول ، فلا تزال هذه الصفة الجوهرية – وهى أمر نفسى – معتداً بها فى الغلط ويكون العقد قابلاً للإبطال . أما فى العيب المؤثر فالغرض الذى يستفاد من العقد يجب أن يكون متفقاً عليه بين المتعاقدين ولا يكفى أن يكون هو غرض المشترى وحده ولو علمه البائع ولكن لم يتفق معه عليه ، فالمعيار هنا موضوعى لا ذاتى ( قارن الأستاذ جميل الشرقاوى ص 275 هامش 1 ) .
( [1300] ) ولكن لا يعتبر عيباً مؤثراً ، فى بيع صيدلية ، أن يجد المشترى بعض الديون التى للصيدلية فى ذمة الغير مسددة دون أن تكون هذه الديون المسددة قد دخل فعلاً فى الخزانة ، لا سيما إذا ثبت أن البائع ، وهو وارث صاحب الصيدلية ، لا علم له بصورية هذا السداد وأنه عند حساب الثمن قد اقتطع نسبة معينة من إيراد الصيدلية فى نظير مصروفات التحصيل والخسائر ( استئناف مختلط 9 مارس سنة 1910 م 22 ص 183 ) .
( [1301] ) فالبذور التى يتبين أنها لم تنتج تكون مشوبة بعيب خفى ، وقد يتبين ذلك من مضاهاة الأراضى الزراعية المجاورة التى أنتجت فيها بذور من نوع آخر وقد غرست فى جميع الأراضى على نمط واحد ( بودرى وسينيا فقرة 425 مكررة رابعاً ) . ويعتبر عيباً خفياً فى السندات أن يتبين أنها استهلكت قبل شرائه ، أو أن الشركة التى أصدرتها باطلة أو صفيت ( بودرى وسينيا فقرة 426 وفقرة 439 مكررة ، وقارن الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 515 ) ، وفى المتجر أنه سحبت رخصته ( الأستاذ محمد إمام ص 380 ) أو ساءت سمعته ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى ص 397 هامش 1 ) . وإذا كان المبيع بضاعة يشوبها عيب فى الصفة ، وجب الضمان ( استئناف مختلط 10 أبريل سنة 1918 م 30 ص 347 ) . وإذا كان المبيع " ورق سجائر " لا يقبل الاحتراق بسهولة ، كان هذا عيباً خفياً موجباً للضمان ( استئناف مختلط 13 مايو سنة 1925 م 37 ص 434 ) .
( [1302] ) ووجود بعض مواد غريبة فى حب السمسم لا يكون عيباً مؤثراً إذا كان مما يتسامح فيه عرفاً ( استئناف مختلط 10 يناير سنة 1923 م 35 ص 146 ) .
( [1303] ) وقد أورد تقنين الموجبات والعقود اللبنانى مثلاً للعيب الذى يحدد العرف متى يكون عيباً موجباً للضمان ومتى يكون متسامحاً فيه ، فنصت المادة 443 من هذا التقنين على ما يأتى : " أما إذا كان المبيع أشياء لا تعرف حقيقة حالها إلا بإحداث تغيير فيها كالأثمار ذات القطف اليابس ، فالبائع لا يضمن عيوبها الخفية إلا إذا ضمنها صراحة أو كان العرف المحلى يوجب عليه هذا الضمان " ( انظر آنفاً 364 فى الهامش ) . فالبطيخ والشمام والجوز واللوز والبندق ونحو ذلك يحدد العرف متى يكون العيب فيها متسامحاً فيه ومتى يكون العيب موجباً للضمان .
( [1304] ) والمفروض فى هذه الحالة الأخيرة أن المبيع قد لحقه عيب خفى فى الفترة ما بين البيع والتسليم ، وأن المشترى حين تسلم المبيع لم يعلم بالعيب ، ومن ثم يكون العيب خفياً ويكون البائع مسئولاً عن ضمانة بهذا الاعتبار ( قارن الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 194 - ص 196 ) . أما إذا لحق المبيع بعد البيع وقبل التسليم عيب ظاهر ، فالبائع يضمنه كذلك ، ولكن ليس هذا ضمان العيوب الخفية الذى نحن بصدده إذ العيب ظاهر وليس بخفى ، وإنما هو تحمل لتعبة هلاك المبيع أو تعيبه قبل التسليم ، وهى تبعة يتحملها البائع كما سبق القول .
( [1305] ) قارن مع ذلك ما جاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " . . . أن يكون هذا العيب موجوداً وقت البيع : وهذا ما يعبر عنه عادة بالعيب القديم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 110 ) . وقارن أيضاً المادة 322  /  397 - 398 من التقنين المدنى السابق ، وهى تنص على أن " المراد بالعيب القديم العيب الموجود وقت البيع فى المبيع إذا كانت عيناً معينة " ( انظر آنفاً فقرة 364 فى الهامش ) .
( [1306] ) الأستاذ أنور سلطان فقرة 270 - الأستاذ محمد على إمام فقرة 224 - الأستاذ محمد كامل مرسى ص 338 - الأستاذ جميل الشرقاوى ص 272 - ص 273 - الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 339 - الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 198 .

وهذه المسألة فى الفقه الإسلامى ، فى مذهب الشافعى ، مختلف فيها . جاء فى التهذيب : " وإن حدث العيب بعد القبض نظرت ، فإن لم يستند إلى سبب قبل القبض لم يثبت له الرد ، لأنه دخل المبيع فى ضمانة فلم يرد بالعب الحادث . وإن استند إلى ما قبل القبض ، بأن كان عبداً فسرق أو قطع يداً قبل القبض فقطعت يده بعد القبض ، ففيه وجهان : أحدهما أنه يرد وهو قول أبى إسحق لأنه قطع بسبب كان قبل القبض . والثانى أنه لا يرد وهو قول أبى على بن أبى هريرة ، لأن القطع وجد فى يد المشترى فلم يرد كما لو لم يستند إلى سبب قبله " ( المهذب 1 ص 284 ) .

أما فى فرنسا فالفقه والقضاء متفقان على أنه يعتد بوقت وجود السبب المباشر للعيب وإن لم يحدث العيب إلا بعد ذلك ( نقض فرنسى 8 مارس سنة 1892 داللوز 92 - 1 - 204 - بودرى وسينيا فقرة 422 ص 430 - ص 431 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 131 ) .

وإذا كان سبب العيب موجوداً قبل التسليم ثم انتشر بعد التسليم ، وجب أن يكون انتشاره غير راجع إلى خطأ المشترى ، وإلا وزعت المسئولية بين البائع والمشترى وفقاً لقواعد الخطأ المشترك ( م 216 مدنى ) : انظر الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى ص 269 - ص 270 .
( [1307] ) وكون المبيع ليس له مسلك للطريق العام يعتبر عيباً ظاهراً ( استئناف مختلط 7 يناير سنة 1897 م 9 ص 104 ) . وإذا كان تلف الأرض المبيعة آتياً من فيضان ظاهر ، فالعيب لا يكون خفياً ( استئناف مختلط 16 مايو سنة 1918 م 30 ص 434 ) .
( [1308] ) استئناف مصر 31 مارس سنة 1946 المجموعة الرسمية 8 رقم 87 - استئناف مختلط 8 يناير سنة 1914 م 26 ص 138 .
( [1309] ) استئناف مختلط 2 مايو سنة 1901 م 13 ص 278 - 27 أبريل سنة 1904 م 16 ص 16 .
( [1310] ) كحفر الأساس لاختبار متانة البناء ( استئناف مختلط 21 يونيه سنة 1928 م 40 ص 456 ) .
( [1311] ) كعيوب فى السيارة أو فى الآلات الميكانيكية التى لا يمكن كشفها إلا بعد استعمال الشئ مدة غير قصيرة ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 130 ص 146 ) ، وككثرة الأملاح فى الأرض الزراعية أو ضعف قوة الحريق الناتج من الفحم ( الأستاذ محمد على إمام ص 379 ) ، وكضعف احتمال الحديد ( الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 205 ) .
( [1312] ) استئناف مختلط 24 أبريل سنة 1930 م 42 ص 457 - 6 فبراير سنة 1940 م 52 ص 135 .
( [1313] ) استئناف مصر 14 أبريل سنة 1924 المجموعة الرسمية 27 رقم 1 ص؟؟؟؟؟
( [1314] ) بودرى وسينيا فقرة 418 ص 426 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 130 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 272 - الأستاذ محمد على إمام ص 379 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى ص 271 - الأستاذان أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى ص 397 هامش 2 .

فإذا كان المبيع أرضاً زراعية ، لم يصح للمشترى أن يتمسك بعيوب فى الأرض يستطيع أن يتبينها الشخص الخبير خبرة مألوفة بالأراضى الزراعية ولم يتبينها هو لنقص خبرته . وإذا كان المبيع بناء ، لم يصح أن يتمسك بعيوب فى البناء يستطيع أن يتبينها المهندس المعمارى على طريق الفحص المعتاد المألوف ( بودرى وسينيا فقرة 418 ص 426 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 130 ) وقد قضت محكمة النقض بأن العيب يعتبر فى حم القانون ظاهراً متى كان يدركه النظر اليقظ ولو لم يكن فى متناول إدراك غيره . فليس معيار الظهور فى العيب معياراً شخصياً يتفاوت بتفاوت المستوى فى الأنظار المختلفة ، بل معياراً متعيناً بذاته مقدراً بمستوى نظر الشخص الفطن المتنبه للأمور . فإذا ما أثبت الحكم أن عدم إثبات البذور التى هى محل الدعوى إنما يرجع إلى تسوس بعضها ، وأثبت أن المشترى ، وهو عمدة ومن كبار المزارعين ، لا يصعب عليه كشف تسوس هذه البذور عند ورودها إليه ، ثم خلص من ذلك إلى القول بأن العيب كان ظاهراً ، وأسس على ذلك قضاءه برفض دعوى المشترى ، فإنه لا يكون قد خالف القانون ( نقض مدنى 4 ديسمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 239 ص 500 - انظر أيضاً استئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 70 - 20 مايو سنة 1897 م 9 ص 354 ) .
( [1315] ) مثل ذلك وضع نوع خاص من البنزين فى السيارة عند تجربتها بقصد إخفاء عيب فى محركها ، أو بيع آلة مكسورة بعد لحمها ودهانها بطلاء يخفى عيبها ( الأستاذ محمد على إمام ص 380 ) .
( [1316] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 130 ص 146 - ص 147 .
( [1317] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 130 .
( [1318] ) إذا كان العيب من الذيوع والانتشار بحيث يكون من العقول أن المشترى يتوقع أنه يلحق المبيع ، فالمفروض أن المشترى يعلم بمثل هذا العيب ، ويكون عليه هو عبء إثبات أنه كان يجهله . ويحسن إذن فى هذه الحالة أن يشترط على البائع ضمان مثل هذا العيب إذا أراد أن يتخلص من عبء الإثبات . ويفرض فى الأشياء المستعملة إذا بيعت أنها لا تخلو من العيوب المألوفة فى الأشياء القديمة ، فإذا ادعى المشترى أنه لم يكن يعلم بعيب من هذه العيوب المألوفة فعليه هو عبء إثبات ذلك ، إلا إذا اشترط على البائع ضمانها بالذات . على أن هذا مقصور على العيوب المألوفة فى الأشياء القديمة ، أما ما كان من العيوب غير مألوف فعبء الإثبات فيه يقع على البائع لا على المشترى ( بودرى وسينيا فقرة 420 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 132 ) .

ويترتب على ما تقدم أن المشترى مفروض فيه أن يعلم أن مستأجر الدار له الحق فى طلب إنقاص الأجرة إلى الحد القانونى الذى يسمح به قانون إيجار الأماكن ، فلا يستطيع أن يحتج بذلك على البائع إلا إذا أثبت أنه كان يجهل أن الأجرة تزيد على الحد القانونى أو إذا حصل على ضمان البائع لهذه الأجرة ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 148 هامش رقم 1 ) .
( [1319] ) قارن الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 202 هامش رقم 1 - والعلم الواجب إثباته يجب أن يكون علماً يقينياً لا علم على سبيل الحدس . وقد قضت محكمة النقض فى شأن العلم بالعيوب الخفية المسقط لدعوى الضمان فى عهد التقنين المدنى السابق ، بأن العلم المراد للشارع فى المادة 324 مدنى ( 452 مدنى جديد ) هو العلم الحقيقى دون العلم بالتشكيك . فإذا كانت محكمة الاستئناف قد رأت مما حصلته من فهم الواقع فى الدعوى أن المشترى ما كان يعلم حقاً ، عند تحريره خطاباً للبائع يخبره فيه بما ظهر من العيب فى البذور التى اشتراها ، أن هذه البذور معيبة بذلك العيب القديم الخفى الذى يستلزم فسخ البيع ورد الثمن وإلزام البائع بما قد يلزمه قانوناً من التضمينات ، وأنه لم يعلم به إلا من تقرير خبير دعوى إثبات الحالة ، ثم قبلت المحكمة دعوى الضمان التى رفعها المشترى بعد تقديم تقرير الخبير بثلاثة أيام ، ورفضت الدفع بسقوطها على اعتبار أن العلم بالعيب الذى ينم عنه خطابه الذى أرسله للبائع لم يكن علماً حقيقياً ، فإنها تكون قد أصابت فى قبول الدعوى ورفض الدفع بسقوطها ( نقض مدنى 28 مارس سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 242 ص 665 ) وقضت استئناف مصر بأن مجرد الظن أو العلم غير القاطع لا يعتبر علماً موجباً لسقوط الضمان ( استئناف مصر 23 فبراير سنة 1932 المحاماة 13 رقم 37 ص 94 ) .
( [1320] ) بودرى وسينيا فقرة 440 مكررة – أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ Vice Red فقرة 85 .
( [1321] ) بودرى وسينيا فقرة 440 مكررة – قارن أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ Vice Red فقرة 85 .
( [1322] ) أوبرى ورو 5 فقرة 355 مكررة ص 87 .
( [1323] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 138 - وكذلك المفروض أن العيب قد ظل خفياً على المشترى الثانى ، فلو أن المشترى الثانى قد كشفه قبل تسلم المبيع وسكت ، لم يكن له الرجوع بضمان العيب لا على المشترى الأول ولا على البائع ( بودرى وسينيا فقرة 432 - الأستاذ محمد على إمام ص 388 ) .
( [1324] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 600 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 467 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 454 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 128 - ص 129 ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المادة 327  /  405 ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " لا تسمع دعوى الضمان بسبب العيوب الخفية فيما بيع بمعرفة المحكمة أو جهات الإدارة بطريق المزاد " . والحكم متفق مع حكم التقنين الجديد .

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 422 ( مطابقة للمادة 454 مصرى . وانظر فى القانون المدنى السورى الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 207 ) .

التقنين المدنى الليبى م 443 ( مطابقة للمادة 454 مصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 569 : لا تسمع دعوى الضمان فيما بيع بمعرفة المحكمة أو الجهات الحكومية الأخرى بطريق المزايدة العلنية . ( ويتفق هذا الحكم مع حكم التقنين المصرى - وانظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 255 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 534 - فقرة 537 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 464 : لا وجه لإقامة دعوى الرد فى البيوع التى تجريها السلطة القضائية ( ولم يذكر التقنين اللبنانى البيوع الإدارية بالمزاد ) .
( [1325] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 129 .
( [1326] ) بودرى وسينيا فقرة 431 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 127 - بلانيول وريبير وبولانجيه ، فقرة 2479 - كولان وكابيتان 2 فقرة 924 - جوسران 2 فقرة 1123 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 282 - الأستاذ محمد على إمام فقرة 225 - الأستاذ محمد كامل مرسى فقرة 194 - الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 90 .
( [1327] ) فيقوم ضمان العيب فى البناء ، وفى الأرض الفضاء ، وفى الأرض الزراعية ، وفى غير ذلك من العقارات .
( [1328] ) فيقوم ضمان العيب فى الأغذية ، والحيوانات ، والحبوب والمحصولات المختلفة ، والمشروبات المتنوعة ، وفى غير ذلك من المنقولات .
( [1329] ) فيقوم ضمان العيب فى المتاجر ، والأسهم والسندات ، والحقوق الشخصية ، وفى غير ذلك من الأشياء غير المادية ( انظر بودرى وسينيا فقرة 326 - فقرة 430 ) .
( [1330] ) وقضت محكمة النقض بأن أحكام العيب الخفى فى باب البيع لا تنطبق فى عقد المقاولة غير المختلط بالبيع ، وهو العقد الذى يقوم فيه رب العلم بتقديم جميع الأدوات اللازمة ( نقض مدنى 14 ديسمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 29 ص 153 ) . انظر فى هذه المسألة تعليق بلانيول فى داللوز 1912 - 1 - 113 على حكمين صادرين من محكمة النقض الفرنسية فى 18 أكتوبر سنة 1911 قضياً بنفس المبدأ ( آنفاً فقرة 361 فى الهامش ) .
( [1331] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 5959 من المشروع التمهيدى ، وكان هذا المشروع يتضمن فقرة ثالثة هذا نصها : " على أنه إذا تعمد البائع تضليل المشترى ، فلا يجوز له أن يحتج بأنه لم يخطر بالعيب فى الوقت الملائم " . وفى لجنة المراجعة حذفت هذه الفقرة الثالثة ، لأن حكمها مستفاد من القواعد العامة ، واستبدل بعبارة " وجب عليه أن يبادر بإخطاره " فى الفقرة الأولى عبارة " وجب عليه أن يخطره به خلال مدة معقولة " ، وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد وصار رقمه 462 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 449 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 155 - ص 117 ) .

ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، وقد كان هذا التقنين بدلاً من الإخطار يجعل مدة تقادم دعوى الضمان قصيرة جداً ، فقد كانت ثمانية أيام من وقت علم المشترى بالعيب .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 417 ( مطابقة لنص المادة 449 مصرى ) .

التقنين المدنى الليبى م 438 ( مطابقة لنص المادة 449 مصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 560 ( مطابقة لنص المادة 449 مصرى - وانظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 256 - والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 532 - فقرة 533 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 446 : إذا كان المبيع من منقولات غير الحيوانات ، وجب على المشترى أن ينظر فى حالة المبيع على أثر استلامه ، وأن يخبر البائع بلا إبطاء فى خلال السبعة الأيام التى تلى الاستلام عن كل عيب يجب على البائع ضمانه ، وإلا فالمبيع يعد مقبولاً ما لم تكن العيوب مما لا يعرف بفحص عادى أو تكن هناك موانع لا علاقة لها بمشيئة المشترى حالت دون النظر فى حالة المبيع . وفى مثل هذا الموقف يجب إبلاغ عيوب المبيع إلى البائع على أثر اكتشافها ، وإلا عدد المبيع مقبولاً ، غير أنه لا يحق للبائع السيئ النية أن يتذرع بهذا الحكم الأخير .

م 447 : يجب على المشترى بلا إبطاء أن يطلب بعريضة معاينة المبيع بواسطة خبير يعينه رئيس المحكمة ذات الصلاحية . وإذا لم تجر المعاينة بمقتضى الأصول ، فعلى المشتى أن يثبت وجود العيب عند الاستلام . ولا تطلب المعاينة إذا كان البيع منعقداً بحسب نموذج لم يقم خلاف على ماهيته . وإذا كانت البضاعة واردة من بلد آخر لم يكن للبائع وكيل فى محل استلامها ، وجب على المشترى أن يتخذ الحيطة للمحافظة على البضاعة مؤقتاً . وإذا خيف من تلف سريع ، كان من حق المشترى أن يطلب بيع تلك البضاعة بناء على ترخيص يطلب بعريضة من رئيس محكمة المحل الذى تكون فيه البضاعة بعد إجراء المعاينة المتقدم ذكرها . وإذا كان مصلحة البائع تقتضى هذا البيع ، كان الواجب المحتم على المشترى أن يجربه على هذا المنوال . ويلزمه أن يخبر البائع بلا إبطاء عن كل ما تقدم ، وإلا كان ضامناً للعطل والضرر .

م 448 : فى الحالة المنصوص عليها فى المادة السابقة تكون مصاريف إرجاع البضاعة على البائع .

( والتقنين اللبنانى فيما يختص بالمنقول غير الحيوان يتفق مع التقنين المصرى فى الأحكام التى وردت فى التقنين المصرى ، ويزيد عليه أحكاماً أخرى يقصد بها إعداد الدليل على العيب قطعاً للنزاع ، واتخاذ إجراءات الضرورية للمحافظة على مصلحة البائع من نحو بيع البضاعة المعينة إذا خيف عليها التلف أو اقتضى البيع مصلحة البائع . وكل هذه الأحكام يمكن اعتبارها تطبيقاً للقواعد العامة ) .
( [1332] ) على أن المشترى لا يعتبر راضياً بالعيب الذى وجده المبيع عندما لا يتم الإخطار فى الوقت الملائم إذا كان البائع سيئ النية ، أى إذا كان يعلم بوجود العيب وأخفاه عمداً عن المشترى غشاً منه ، فإن الضمان يكون واجباً فى هذه الحالة على البائع حتى لو اشترط عدم الضمان ( م 453 مدنى ) كما سنرى, قد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد يشتمل على نص فى هذا المعنى يقضى بأنه " إذا تعند البائع تضليل المشترى ، فلا يجوز له أن يحتج بأنه لم يخطر بالعيب فى الوقت الملائم " ، فحذف لى لجنة المراجعة لأن حكمه مستفاد من القواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 116 - وانظر آنفاً نفس الفقرة فى الهامش ) . وقد جاء فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى نص فى هذه المعنى هو الفقرة الأخيرة من المادة 446 من هذا التقنين إذ تقول : " وفى مثل هذا الموقف يجب إبلاغ عيوب المبيع إلى البائع على أثر اكتشافها ، وإلا عد المبيع مقبولاً . غير أنه لا يحق للبائع السيئ النية أن يتذرع بهذا الحكم الأخير " ( انظر آنفاً نفس الفقرة فى الهامش ) .
( [1333] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 122 - ص 123 .
( [1334] ) ولم يبين للنص ماذا يفعل المشترى لو أن السلعة المبيعة التى اشتراها لم يتمكن من ردها فوراً إلى البائع وكانت مما يسرع إليها التلف ، وتقضى القواعد العامة فى هذه الحالة بأن المشترى يتخذ الاحتياطات اللازمة للمحافظة على السلعة ، ويستصدر عند الاقتضاء أمراً من القضاء ببيعها لحساب البائع إذا خشى عليها تلفاً سريعاً . وقد عرض تقنين الموجبات والعقود اللبنانى إلى هذه المسائل بنصوص خاصة ( م 447 وم 448 من هذا التقنين : انظر آنفاً نفس الفقرة فى الهامش ) .
( [1335] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 596 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 463 من المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 450 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 188 - ص 119 ) .

ويقابل فى التقنين المدنى السابق النصوص الآتية : م 313  /  387 : البائع ضامن للمشترى العيوب الخفية فى المبيع إذا كانت تنقص القيمة التى اعتبرها المشتى أو تجعل المبيع غير صالح لاستعماله فيما أعد له .

م 314  /  388 : فى الحالة الأخيرة من المادة السابقة وفى حالة ما إذا كان نقص القيمة بمقدار لو علمه المشترى لامتنع عن الشراء ، يكون المشترى مخيراً بين فسخ البيع بغير إضرار بحقوق الدائنين برهن وبين طلب نقصان الثمن ، مع التضمينات فى الحالتين إذا ثبت علم البائع بالعيب الخفى .

م 315  /  389 : إذا كان البائع لا يعلم بالعيب الخفى الموجود فى المبيع ، فالمشترى له الخيار فقط بين فسخ البيع مع طلب رد الثمن والمصاريف التى ترتبت على البيع ، وبين إبقاء المبيع بالثمن المتفق عليه .

م 318  /  393 : إذا كان العيب الخفى الذى ترتب عليه نقصان قيمة المبيع لا يوجب الامتناع عن الشراء لو اطلع عليه المشترى ، كان للمشترى الحق فى تنقيص الثمن حسب تقدير أهل الخبرة .

م 319  /  394 : وتنقيص الثمن يكون باعتبار قيمة المبيع الحقيقية فى حالة سلامته من العيب وقيمته الحقيقية فى الحالة التى هو عليها ، وبتطبيق نسبة هاتين القيمتين على الثمن المتفق عليه .

( وتخالف هذه الأحكام أحكام التقنين الجديد كما هو واضح ، والعبرة بوقت تمام البيع ، فإن تم قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فأحكام التقنين السابق هى التى تسرى ، وإلا فأحكام التقنين الجديد – انظر فى القانون المدنى السابق الأستاذين أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 401 - فقرة 407 ) .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 418 ( مطابقة للمادة 450 مصرى – وانظر فى القانون المدنى السورى الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 205 - فقرة 206 ) .

التقنين المدنى الليبى م 439 ( مطابقة للمادة 450 مصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 558  /  1 : إذا ظهر بالمبيع عيب قديم ، كان المشترى مخيراً إن شاء رده وإن شاء قبله بثمنه المسمى .

( والحكم يختلف عن حكم التقنين المصرى كما هو ظاهر . قد تأثر التقنين العراقى بالفقه الحنفى فى هذه المسألة ، فهو لا يجيز فى خيار العيب إلا الفسخ أو استبقاء المبيع بكل الثمن . فإذا تعذر الفسخ يتعذر رد المبيع ، جاز للمشترى فى هذه الحالة إنقاص الثمن . ويكون نقصان الثمن طبقاً لما قررته المادة 565 عراقى متفقة فى ذلك مع أحكام الفقه الإسلامى إذ تقول : " بقدر نقصان الثمن بمعرفة أرباب الخبرة ، بأن يقوم المبيع سالماً ثم يقوم معيباً ، وما كان بين القيمتين من التفاوت ينسب إلى الثمن المسى ، وبمقتضى تلك النسبة يرجع المشترى على البائع بالنقصان " - انظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 257 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 449 : إذا وجد ما يوجب رد المبيع إما لوجود عيوب فيه وإما لخلوه من بعض الصفات ، حق للمشترى أن يطلب فسخ البيع وإعادة الثمن . ويحق له علاوة على ما تقدم أن يأخذ بدل العطل والضرر فى الأحوال الآتية : أولاً - عندما يكون البائع عالماً بعيوب المبيع أو بعدم اتصافه بالصفات التى وعد بها ولم يصرح بأنه باع بدون ضمان . ويقدر أن البائع عالم بذلك إذا كان تاجراً أو صانعاً ببيع منتجات صناعته ، ثانياً - إذا صرح البائع بخلو المبيع من العيوب ، ما لم تكن هناك عيوب لم تظهر إلا بعد البيع أو كانت من العيوب التى يمكن أن يجهلها البائع عن حسن نية . ثالثاً - إذا كان وجود الصفات التى تبين خلو المبيع منها مشروطاً بصراحة أو كان العرف التجارى يوجب وجودها .

م 453 : يتم تخفيض الثمن بتقدير قيمة المبيع وهو فى حالة السلامة وقت العقد من جهة ، ثم بتقدير قيمته فى حالته الحاضرة من جهة أخرى . وعندما يكون البيع منعقداً على عدة أشياء مشتراة صفقة واحد ، فيبنى تقدير قيمتها على أساس قيمة جميع الأشياء التى تتألف منها الصفقة .

م 454 : يجب على المشترى فى حالة فسخ البيع أن يرد : أولاً - الشئ المصاب بالعيب الموجب للرد كما استلمه مع ما تبعه ما بعد جزءاً منه ما التحق به بعد إبرام العقد . ثانياً - ثمار المبيع من تاريخ فسخ البيع بالتراضى أو الحكم به وثماره السابقة لهذا التاريخ . أما إذا كانت الثمار غير منعقدة وقت البيع ، فيحق للمشترى أن يأخذها إذا جناها ولو قبل النضوج كما يحق له أن يأخذ أيضاً الثمار الناضجة وإن كان لم يجنها . ويلزم من جهة أخرى : أولاً - أن يدفع إلى المشترى نفقات الزرع والرى والصيانة ونفقات الثمار التى ردها المشترى إليه . ثانياً - أن يرد الثمن الذى قبضه مع نفقات العقد القانونية . ثالثاً - أن يعوض المشترى من الخسارة التى ألحقها المبيع ، إذا كان البائع محتالاً .

( وتختلف هذه الأحكام عن أحكام التقنين المصرى كما هو ظاهر ) .
( [1336] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 133 - ص 124 ) .
( [1337] ) وله الخيار بين الدعويين ولا يتقيد بالدعوى التى قد يرفعها عليه من اشترى منه الشئ المعيب وإذا رفع إحدى الدعويين ، فله أن يعدل عنها إلى الأخرى ما دام لم يصدر فى الدعوى الأولى حكم حاز قوة الأمر المقضى ( أوبرى ورو 5 فقرة 355 مكررة ص 85 - بودرى وسينيا فقرة 433 ص 451 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 133 ) . وله أن يرفع دعوى رد المبيع المعيب بصفة أصلية ودعوى التعويض بصفة أصلية ودعوى التعويض بصفة احتياطية ، أما إذا رفع دعوى رد المبيع المعيب وحدها ، ولم يعدل عنها إلى دعوى التعويض ولو بصفة احتياطية ، فإنه يتعذر على المحكمة أن تقضى بالتعويض إذ تكون قد حكمت بما لم يطلب منها ( أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Vice Red فقرة 79 ) . والواجب على كل حال ، فى مطالبة المشترى بضمان العيب ، أن يرفع على البائع دعوى أصلية أو فرعية ، ولا يكتفى بمجرد دفع يبديه عندما يطالبه البائع مثلاً بالثمن ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 133 ) .
( [1338] ) أما إذا لم يصب المشترى ضرر من العيب ، فإنه لا يرجع بشئ على البائع . فإذا اشترى صانع السفينة جهازاً من أجهزتها لتركيبه فى السفينة ، وكان هذا الجهاز معيباً ، ثم باع السفينة عندما تم صنعها ، ولم يرجع المشترى عليه بضمان عيب هذا الجهاز ، لم يكن لصانع السفينة أن يرجع على بائع الجهاز المعيب بشئ لانعدام الضرر ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 144 هامش 1 ) .
( [1339] ) ولا يكون هذا فسخاً للبيع بالرغم مما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 133 ، بل هو رجوع بضمان العيب على أساس بقاء البيع قائماً وهو مصدر الضمان كما هو الأمر فى ضمان الاستحقاق ، وقد سبق بيان ذلك .
( [1340] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 134 ص 154 .
( [1341] ) وفى ضمان الاستحقاق لا يرجع المشترى على البائع بالمصروفات الضرورية لأنه يرجع بها على المستحق . أما ضمان العيب فلا يوجد مستحق ، ومن ثم يرجع المشترى بالمصروفات الضرورية على البائع فهو الذى يسترد المبيع .
( [1342] ) والمفروض أن البائع حسن النية حتى يقيم المشترى الدليل على أنه سيئ النية . وإذا كان البائع تاجراً أو صانعاً ببيع السلعة المعيبة ، جاز القول بافتراض أنه عالم بالعيب ما لم يثبت هو حسن نيته ( انظر م 449 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى آنفاً نفس الفقرة فى الهامش ) . وانظر أيضاً فى هذا المعنى أوبرى ورو 5 فقرة 355 مكررة ص 84 - بودرى وسينيا فقرة 436 ص 455 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 134 ص 153 - جوسران 2 فقرة 1121 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 274 ص 322 .
( [1343] ) أوبرى ورو 5 فقرة 355 مكررة هامش رقم 14 - جيوار 1 فقرة 457 - بودرى وسينيا فقرة 434 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 135 - ويتشرط أن يكون الإصلاح ممكناً فى مدة معقولة ، أما إذا كان يقتضى مدة طويلة يحرم فى أثنائها المشترى من الانتفاع بالمبيع ، جاز له المطالبة بتعويض نقدى ( أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ Vice Red فقرة 19 ) .
( [1344] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 597 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " تبقى دعوى الضمان ، حتى لو هلك المبيع بسبب العيب أو هلك قضاء وقدراً " . وفى لجنة المراجعة عدل النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وذكر فى اللجنة أنه إذا هلك المبيع بفعل المشترى طبقت القواعد العامة غذ يمتنع على المشترى طلب الفسخ ( أى طلب رد المبيع ) ولا يرجع إلا بضمان العيب ( أى بتعويض عما أصابه من ضرر بسبب العيب ) . وصارت المادة رقمها 464 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 451 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 5 ص 120 - ص 121 ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق : م 323  /  400 : إذا هلك المبيع بسبب العيب القديم فيكون هلاكه على البائع ، ويلزم حينئذ برد الثمن والمصاريف ودفع التضمينات على الوجه الموضح آنفاً بحسب الأحوال .

م 401 مختلط : إذا كان فى المبيع عيب قديم وهلك بالكلية بسبب عيب جديد أو بحادث قهرى ، فهلاكه أيضاً على البائع متى كان وجود العيب القديم فيه ثابتاً أو كان تقدير نقصان الثمن ممكناً فى الأحوال الجائز فيها نقصانه .

( وتختلف هذه الأحكام عن أحكام التقنين الجديد كما هو ظاهر - والعبرة بتاريخ إبرام البيع فى سريان أحكام التقنين الجديد – وانظر فى أحكام التقنين السابق الأستاذين أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 412 ) .

ويقابل النص فى التقنينات المدينة العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 419 ( مطابقة للمادة 451 مصرى . وانظر فى القانون المدنى السورى الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 209 - فقرة 210 ) .

التقنين المدنى الليبى م 440 ( مطابقة للمادة 451 مصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 564 : إذا هلك المبيع المعيب فى يد المشترى ، فهلاكه عليه ، ويرجع على البائع بنقصان الثمن .

( وحكم التقنين العراقى يختلف عن حكم التقنين المصرى – انظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 262 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 507 - فقرة 529 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 455 : لا يحق للمشترى استرداد شئ ولا خفض الثمن إذا كان لم يستطع رد المبيع فى الأحوال الآتية : أولاً - إذا كان المبيع قد هلك بقوة قاهرة أو بخطأ من المشترى أو من أشخاص هو مسئول عنهم . ثانياً - إذا كان المبيع قد سرق أو انتزع من المشترى . ثالثاً - إذا حول المشترى المبيع إلى شكل لم يبق معه صالحاً لما أعد له فى الأصل .

م 456 : إذا هلك المبيع بسبب العيب الذى كان مصاباً به أو بقوة قاهرة ناشئة عن هذا العيب ، كان هلاكه على البائع ولزمه أن يرد الثمن . وإذا كان سيئ النية ، لزمه أيضاً أن يؤدى بدل العطل والضرر .

( وحكم التقنين اللبنانى يختلف بعض الاختلاف عن حكم التقنين المصرى )
( [1345] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 124 .
( [1346] ) إلا ما عسى أن يكون باقياً منه إذا كان الهلاك جزئياً .
( [1347] ) انظر فى هذا المعنى فى حالة هلاك المبيع بسب بالعيب المادة 456 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ( آنفاً فى نفس الفقرة فى الهامش ) . وفى التقنين الفرنسى ( 1647  /  1 ) الهلاك على المشترى ولو هلك الشئ معيباً ، إلا إذا كان العيب هو سبب الهلاك ، أما إذا كان الهلاك بسبب أجنبى تحمل تبعته المشترى . وهذا الحكم منتقد من الفقه الفرنسى ( جيوار 1 فقرة 479 - أوبرى ورو 5 فقرة 355 هامش رقم 22 - ولكن بودرى وسينيا فقرة 439 بدافعان عن هذا الحكم لاعتبارات عملية ) . والتقنين الألمانى ( م 462 ) يجعل هلالك المبيع المعيب بسبب أجنبى على البائع لا على المشترى ، كما كان يفعل القانون الرومانى ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 157 هامش 4 ) - وهذا هو أيضاً رأى بوتييه ( بوتييه فى البيع فقرة 219 ) . ويدافع كولان وكابيتان عن الحم الذى قرره التقنين الألمانى لاعتبارات عملية هى عكس الاعتبارات العملية التى دافع بها بودرى وسينيا عن الحكم الذى قرره التقنين الفرنسى : تعذر معرفة ما إذا كان المبيع قد هلك بسبب أجنبى أم بسبب العيب .
( [1348] ) انظر فى هذا المعنى ما دار فى لجنة المراجعة فى شأن النص : آنفاً نفس الفقرة فى الهامش . انظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 277 - الأستاذ محمد على إمام فقرة 228 - الأستاذ محمد كامل مرسى فقرة 191 - وقارن الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 172 والأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 354 والأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 93 .

ولكن إذا كان استعمال المبيع لا يكون إلا باستهلاكه ، كالبذور تغرس فى الأرض وكالسماد يختلط بها ، جاز للمشترى أن يرجع بتعويض كامل دون أن يرد المبيع وإن كان قد هلك بفعله .
( [1349] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ولم ير المشروع أن ينقل ما قرره التقنين الحالى ( السابق ) بشأن ظهور عيب بالمبيع قبل التسليم أو بعده ( م 316 - 317  /  390 - 392 ) ، وبشأن ظهور عيب جديد فى المبيع ( م 399 مختلط ) ، وبشان هلاك المبيع بسب بالعيب القديم أ, بسبب عيب جديد أو بحادث قهرى ( م 323  /  400 - 401 ) ، فهذه كلها تفصيلات يحسن الرجوع فيها إلى القواعد العامة ، واكتفى بأن قرر أن دعوى الضمان تبقى حتى لو هلك المبيع بسب العيب أو هلك قضاء وقدراً ( 597 من المشروع ) ، حتى تنتفى الشبهة فى أن هلاك المبيع قد يسقط دعوى الضمان " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 124 ) .
( [1350] ) وقد تناول التقنين المدنى السابق أيضاً تعيب بعض المبيع . فنصت المادة 316  /  390 على أنه " فى الأحوال التى يثبت فيها للمشترى حق الفسخ إذا كان البيع فى جملة أشياء معينة ، وظهر ببعضها عيب قبل السليم ، فليس له فسخ البيع إلا فى جميع المبيع " . نصت المادة 317  /  391 على أنه " إذا ظهر العيب بعد التسليم ، فللمشترى فسخ البيع فيما ظهر فيه العيب فقط إذا لم يترتب على قسمة المبيع ضرر " . ونصت المادة 392 من التقنين المدنى المختلط على أنه إذا كان المبيع فى الأحوال المذكورة من الأشياء التى يقوم بعضها مقام بعض ، جاز للمشترى ولو بعد التسليم فسخ البيع ولو فى جزء من المبيع " .

ولم ينقل التقنين الجديد هذه النصوص ، فتكون سارية على البيع الذى تم قبل 15 أكتوبر سنة 1940 . أما بعد ذلك فيجب تطبيق القاعد العامة ، وهذه تقضى بأن المبيع إذا تعيب فى بعضه ، كان للمشترى أن يرده كله يأخذ تعويضاً كاملاً إذا كان العيب بحيث لو كان يعلمه وقت البيع لما أقدم على الشراء . وله مع ذلك أن يرجع بتعويض عن الضرر الذى أصابه بسبب العيب إذا اختار استبقاء المبيع أو كان العيب لم يبلغ من الجسامة الحد المشار إليه . وهذا كله إذا كان المبيع غير قابل للتجزئة ، وإلا جاز رد البعض واستبقاء البعض الآخر . انظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 275 - الأستاذ محمد على إمام ص 387 - ص 388 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 171 - الأستاذ جميل الشرقاوى ص 281 - ص 282 - الأستاذ منصور مصطفى منصور ص 206 - 207 - ويكون المبيع قابلاً للتجزئة أو غير قابل لها بالنظر إلى الغرض المقصود منه ، وهذه مسألة واقع ( بودرى وسينيا فقرة 440 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 134 ) .

وقد أورد التقنين المدنى العراقى فى هذه المسألة نصاً تأثر فيه بالفقه الإسلامى ، إذ قضت المادة 561 من هذا التقنين بأن " ما بيع صفقة واحدة إذا ظهر بعضه معيباً ، فإذا لم يكن فى تفريقه ضرر كان للمشترى أن يرد المعيب مع مطالبة البائع بما يصيبه من الثمن ، وليس له أن يرد الجميع ما لم يرض البائع . أما إذا كان هناك فى تفريقه ضرر ، رد الجميع أو قبل الجميع بكل الثمن " .

وأورد تقنين الموجبات والعقود اللبنانى فى هذه المسألة النصوص الآتية : م 450 : إذا كان المبيع منعقداً على مجموع أشياء معينة ، وكان قسم منها متعيباً ، حق لمشترى أن يتذرع بالحق الممنوح له فى المادة السابقة . وإذا كان المبيع من المثليات : فلا يحق للمشترى أن يطلب إلا تسليم كمية أخرى من النوع نفسه خالية من تلك العيوب . غير أنه يبقى له حق المطالب بهدل العطل وللضرر عند الاقتضاء . م 451 : إذا كان المبيع عدة أشياء مختلفة مشتراة جملة بثمن واحد ، حق للمشترى ، حتى بعد الاستلام ، أن يفسخ البيع فيما يختص بالقسم المتعيب من تلك الأشياء ، وأن يسترد من الثمن جزءاً مناسباً له . أما إذا كانت الأشياء مما لا يمكن التفريق بينها بدون ضرر ، كأن تكون أزواجاً ، فلا يحق له إلا فسخ البيع كله . م 452 : إن الفسخ بسبب عيب فى أصل المبيع يتناول فروعة أيضاً ، وإن كان ثمن الفروع معيناً على حدة . وعيب الفرع لا يفسخ بيع الأصل .

( وقد خرج التقنين اللبنانى فى بعض هذه النصوص على قاعدة وحدة الصفقة ) .
( [1351] ) وكان التقنين المدنى المختلط ( م 399 ) يودر فى هذه المسألة الحكم الآتى : " إذا حدث المبيع بسبب حادث قهرى جديد . . أو كان المبيع بعد تسلميه تغيرت حالته بفعل المشترى أو بفعل أى شخص آخر ، فلا يكون للمشترى الحق فى فسخ البيع إلا إذا كان العيب الحادث قد زال أو كان البائع قد ارتضى أخذ المبيع مع وجود العيب الجديد فيه . إنما يسوغ للمشترى أن يطلب تنقيص الثمن بالكيفية المبينة آنفاً مع مراعاة العيب الجديد أو التغيير الذى حصل " . فهذا النص يمنع المشترى من رد المبيع حتى لو كان العيب الجديد يسبب حادث قهرى ، وهذا على خلاف مقتضى القواعد العامة كما بينا . ولما كان هذا النص فى التقنين المختلط ليس له نص مقابل فى التقنين الوطنى ، فلا يطبق إلا فى البيع الذى كان خاضعاً للتقنين المختلط وكان قد تم قبل 15 أكتوبر سنة 1949 .

وأورد التقنين المدنى العراقى ( مم 562 ) فى هذه المسألة الحكم الآتى وقد تأثر فيها بالفقه الإسلامى : " 1 - إذا ظهر بالمبيع عيب قديم قم حدث به عيب جديد عند المشترى ، فليس له أن يرده بالعيب القديم والعيب الجديد موجود فيه ، بل له أن يطالب بنقصان الثمن ، ما لم يرض البائع بأخذه على عيبه ولم يوجد مانع للرد . 2 - فإذا زال العيب الحادث ، عاد للمشترى حق رد المبيع بالعيب القديم على البائع " .

وأورد تقنين الموجبات والعقود اللبنانى فى هذه المسألة النصوص الآتية م 457 : لا سبيل لفسخ البيع ، ولا حق للمشترى إلى فى المطالبة بتخفيض الثمن : أولاً - إذا تعيب المبيع بخطأ منه أو من الأشخاص الذين يكون مسئولاً عنهم . ثانياً - إذا استعمل المشترى المبيع استعمالاً يؤدى إلى نقص كبير فى قيمته . ويسرى هذا الحكم إذا استعمل المبيع قبل علمه ، أما إذا كان الاستعمال بعد العلم بالعيب فتطبق أحكام المادة 462 . م 462 : يسقط حق المشترى فى دعوى الرد : أولاً - إذا عدل عنها صراحة بعد وقوفه على عيب المبيع . ثانياً - إذا كان بعد وقوفه على العيب قد باع الشئ أو تصرف فيه على وجه آخر بصفة كونه مالكاً . ثالثاً - إذا استعمل المبيع لمنفعته الخاصة واستمر على هذا الاستعمال بعد وقوفه على العيب . ولا يسرى حكم هذه القاعدة على البيوت والمسقفات الأخرى المماثلة ، فإنه يمكن الاستمرار فى سكناها أو استعمالها فى مدة المداعاة بفسخ البيع . وهذه النصوص تتفق مع القواعد العامة ، ويتفق أيضاً مع هذه القواعد نص المادة 458 من نفس التقنين ويقضى بأن " تنقيص الثمن الذى ناله المشترى من أجل عيب مسلم به لا يمنعه من طلب فسخ البيع أو تخفيض آخر فى الثمن إذا ظهر عيب آخر " .
( [1352] ) قارن الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 217 .
( [1353] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : ولم ير المشروع موجباً لإيراد ما تضمنته المادة 325  /  403 من التقنين الحالى ( السابق ) وهى تقضى بأن تصرف المشترى فى المبيع بأى وجه كان بعد اطلاعه على العيب الخفى يوجب سقوط حقه فى طلب الضمان ، فإن هذا حكم واضح يسهل استخلاصه من القواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 124 ) . وهذا هو أيضاً حكم التقنين المدنى العراقى ، فقد نصت المادة 566 من هذا التقنين على أنه " إذا اطلع المشترى على عيب قديم فى المبيع ، ثم تصرف فيه تصرف الملاك . سقط خياره " .

انظر أيضاً فى هذا المعنى المادة 462 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى وقد سبق ذكرها فى الهامش من نفس الفقرة .
( [1354] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 134 ص 154 .
( [1355] ) بودرى وسينيا فقرة 433 ص 451 - 452 - وقد ورد فى المادة 314  /  388 من التقنين المدنى السابق : " . . . يكون المشترى مخيراً بين فسخ البيع بغير إضرار بحقوق الدائنين برهن ، وبين طلب نقصان الثمن " ويهم هذا النص أن الفسخ جائز إذا ثبت للغير على المبيع حق غير الرهن . والظاهر أن الفسخ لا يجوز من باب أولى إذا أثبت للغير بدلاً من حق الرهن حق الملكية ذاته ، إنما خص الرهن بالذكر لأن التقنين المدنى السابق كان يعنى عناية خاصة بحماية الدائنين المرتهنين .
( [1356] ) أوبرى ورو 5 فقرة 355 مكررة ص 84 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 134 ص 150 وص 153 - كولان وكابيتان 2 فقرة 927 - وقارن بودرى وسينيا فقرة 435 - وذلك ما لم يقض المشترى هذا الحق الذى رتبه للغير ، كأن دفع الدين للدائن المرتهن وشطب الرهن . .
( [1357] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 127 ص 141 .
( [1358] ) انظر أيضاً فى هذا المعنى المادة 455 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ، وقد سبق ذكرها آنفاً فقرة 375 فى الهامش . وقد أورد التقنين المدنى العراقى ( م 563 ) فى هذه المسألة الحكم الآتى : " 1 - زيادة شئ من مال المشترى على المبيع تمنع الرد ، كصبغ الثوب المبيع أو البناء فى الأرض المبيعة أو ظهور الثمر فى الشجر المبيع " . 2 - فإذا حدث فى المبيع زيادة مانعة من الرد ، ثم اطلع المشترى على عيب قديم فيه ، فإنه يرجع على البائع بنقصان الثمن . ويمتنع الرد ولو قبله البائع بالعيب الحادث " .
( [1359] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 598 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 465 من المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 452 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 122 وص 225 ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المادة 324  /  402 وتجرى على الوجه الآتى : " يجب تقديم دعوى الضمان الناشئ عن وجود عيوب خفية فى ظروف ثمانية أيام من وقت العلم بها ، وإلا سقط الحق فيها " . ويخالف هذا النص نص التقنين الجديد فى أمور ثلاثة : أولاً - مدة التقادم فى التقنين الجديد سنة ، وهى ثمانية أيام فى التقنين السابق . ثانياً - وهى مدة تقادم فى التقنين الجديد ، ومدة سقوط لا مدة تقادم فى التقنين السابق ( الأستاذان أحمد نجيب الهلاك وحامد زكى فقرة 416 ) - ثالثاً - وتسرى المدة فى التقنين الجديد من وقت التسليم ، وفى التقنين السابق من وقت العلم اليقينى بالعيب ( نقض مدنى 24 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض ، رقم 47 ص 307 ) . وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : وعدل المشروع أحكام المادة 324  /  402 من التقنين المدنى الحالى ( السابق ) ، وهى تقضى بوجوب تقديم دعوى الضمان الناشئ عن عيوب خفية فى ظرف ثمانية أيام من وقت العلم بها وإلا سقط الحق فيها . فراعى أن هذه المدة قصيرة لا تكاد تتسع لرفع الدعوى ، وقرر أن التقادم لا يتم إلا بانقضاء سنة من وقت تسليم المبيع حتى لو لم يكشف المشترى العيب إلا بعد ذلك ( م 597 من المشروع ) ، فأطال المدة إلى سنة ، ولكنه جعلها تسرى من وقت التسليم لا من وقت العلم بالعيب وهذا أكثر تحقيقاً لاستقرار التعامل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 124 ) . وإذا كان التقنين السابق جعل المشترى يبادر إلى رفع الدعوى فى ثمانية أيام ، فإن التقنين الجديد جعله يبادر إلى إخطار البائع بالعيب فى خلال مدة معقولة ثم يرفع الدعوى خلال سنة من وقت تسلم المبيع .

ومدة السقوط فى التقنين السابق بوجه عام أقصر من مدة التقادم فى التقنين الجديد ، ولكنها قد تكون أطول إذا لم يعلم المشترى بالعيب إلا بعد نحو سنة من تسلميه للمبيع بحيث أنه لو ضم إلى هذه المدة ثمانية أيام كان لمجموع أطول من سنة .

ويبدو أنه لا محل لتطبيق المادة 8 مدنى فى تنازع التقنينين الجديد والسابق من حيث الزمان ، لأن المدة فى التقنين السابق مدة سقوط وهى مدة تقادم فى التقنين الجديد كما سبق القول . ومن ثم يسرى التقنين السابق فى عقود البيع التى أبرمت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، ويسرى التقنين الجديد فى عقود البيع التى أبرمت بعد ذلك .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 420 ( مطابقة للمادة 452 مصرى - وانظر فى القانون المدنى السورى الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 214 - فقرة 215 ) .

التقنين المدنى الليبى م 441 ( مطابقة للمادة 452 مصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 570 : 1 - لا تسمع دعوى ضمان العيب إذا انقضت ستة أشهر من وقت تسليم المبيع حتى لو لم يكشف المشترى العيب إلا بعد ذلك ، ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول . 2 - وليس للبائع أن يتمسك بهذه المدة لمرور الزمان إذا ثبت أن إخفاء العيب كان بعض منه . ( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصرى ، فيما عدا أن المدة فى التقنين العراقى ستة أشهر وهى فى التقنين المصرى سنة – انظر فى القانون المدنى العراقى الأستاذ حسن الذنون فقرة 268 والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 538 - فقرة 542 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م 463 : إن الدعوى الناشئة عن وجود عيوب موجبة لرد المبيع أو عن خلوه من الصفات الموعود بها يجب أن تقام على الوجه التالى وإلا سقط الحق فى إقامتها : ( 1 ) تقام من أجل الأموال الثابتة فى خلال 365 يوماً بعد التسليم . ( 2 ) وتقام من أجل المنقولات والحيوانات فى خلال ثلاثين يوماً بعد التسليم على شرط أن يرسل إلى البائع البلاغ المنصوص عليه فى المادة 446 . وهاتان المهلتان يمكن تمد يدهما أو تقصيرهما باتفاق المتعاقدين . ( وهناك فرقان بين أحكام التقنين اللبنانى وأحكام التقنين المصرى : ( 1 ) المدة فى التقنين اللبنانى 365 يوماً للعقار وثلاثون يوماً للمنقول ، وهى فى التقنين المصرى سنة لكل من العقار المنقول . ( 2 ) يمكن الاتفاق على تقصير المدة فى التقنين اللبنانى ، ولا يمكن ذلك فى التقنين المصرى ) .
( [1360] ) ولذلك يجب أن يكون التسليم فعلياً ، فلا يكفى التسليم الحكمى ، ولو أن المادة 452 مدنى فى حالتنا هذه لم تصرح بذلك ما صرحت المادة 434 مدنى فى خصوص العجز والزيادة فى مقدار المبيع ( انظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 280 ولكن قارن ص 327 هامش 1 - وانظر الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى ص 285 - الأستاذ جميل الشرقاوى ص 284 - ص 285 - الأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 351 - الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 94 ) .
( [1361] ) ولا يكفى إخطار البائع بالعيب لقطع التقادم ، بل يجب لقطعه عمل تتوافر فيه الشروط التى يتطلبها القانون .
( [1362] ) انظر مع ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 127 ) من أنه يجوز الاتفاق على إنقاص مدة السنة ، وهو غير صحيح – قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 285 والأستاذ محمد على إمام ص 391 والأستاذ عبد الفتاح عبد الباقى ص 286 وص 287 والأستاذ جميل الشرقاوى ص 288 والأستاذ عبد المنعم البدراوى فقرة 351 ص 521 وفقرة 357 والأستاذ منصور مصطفى منصور ص 210 ، ويذهبون مع المذكرة الإيضاحية إلى جواز الاتفاق على إنقاص مدة التقادم .
( [1363] ) ولا يكفى مجرد علم البائع بالعيب ، فلو علم بالعيب ولكن لم يتعمد إخفاءه غشاً كانت مدة التقادم سنة من وقت التسليم .
( [1364] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ثم أجاز ( المشروع ) أن تطول السنة فى حالتين : ( أولاً ) إذا قبل أن يلتزم بالضمان لمدة أطول ، وهذا اتفاق على تعديل الضمان بالزيادة فيه وسيأتى ذكر ذلك . ( ثانياً ) إذا تعمد البائع إخفاء العيب عن غش منه ، فلا تسقط دعوى الضمان فى هذه الحالة إلا بخمس عشرة سنة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 124 ) .
( [1365] ) تاريخ النصوص :

م 453 : ورد هذا النص فى المادة 599 من المشروع التمهيدى على وجه يتفق مع ما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن نص المشروع التمهيدى لم يكن يشتمل على عبارة " غشاً منه " الواردة فى آخر النص . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 466 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب . وأضافت لجنة مجلس الشيوخ عبارة " غشاً منه " فى آخر النص ، وقد أصبح رقمه 453 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 126 - 128 ) .

م 455 : ورد هذا النص فى المادة 601 من المشروع التمهيدى على وجه يتفق مع ما استقر عليه فى التقنين الجديد ، فيما عدا أن نص المشروع التمهيدى كان يجعل المدة التى ترفع فيها الدعوى سنة لا ستة شهور ، ولم يشتمل على عبارة " كل هذا ما لم يتفق على غيره " الواردة فى آخر النص . ووافقت لجنة المراجعة على النص بعد تعديل المدة التى ترفع فيها الدعوى من سنة إلى ستة شهور ، وأصبح رقمه 468 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب . وأضافت لجنة مجلس الشيوخ عبارة " كل هذا ما لم يتفق على غيره " فى آخر النص ، لأن الأحكام الواردة فى النص من قبيل القواعد المتممة التى يجوز الاتفاق على مخالفتها ، وأصبح رقم النص 455 . ووافق مجلس الشيوخ عليه كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 130 - ص 131 ) .
( [1366] ) التقنين المدنى السابق م 321  /  396 : وكذلك لا يكون وجه لضمان البائع إذا كان قد اشترط عدم ضمانه للعيوب الخفية إلا إذا ثبت علمه بها .

وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذا النص : " ويقتصر التقنين الحالى ( السابق ) فى نصوصه على صورة إسقاط الضمان ، فيقرر جواز ذلك ما لم يكن قد ثبت علم البائع بالعيب ( م 321  /  396 ) . أما المشروع فيشترط لبطلان شرط الإسقاط أن يكون البائع قد تعمد إخفاء العيب كما تقدم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 127 ) . انظر فى القانون المدنى السابق الأستاذين أحمد نجيب الهلالى وحامد زكى فقرة 413 - وانظر فى سريان نصوص التقنين الجديد من حيث الزمان ما يلى فقرة 379 فى الهامش .
( [1367] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 421 و 423 ( مطابقتان للمادتين 453 و 455 مصري –وانظر في القانون السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 211 - فقرة 213 ) .

التقنين المدني الليبي م 442 و 444 ( مطابقتان للمادتين 453 و 455 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 567 :1 - إذا ذكر البائع أن في المبيع عيباً فاشتراه المشتري بالعيب الذي سماه له ، فلا خيار له في رده بالعيب المسمي ، وله رده بعيب آخر .

2 - وإذا اشترط البائع براءته من كل عيب أو من كي عيب موجود بالمبيع ، صح البيع والشرط وإن لم يسم العيوب ولكن في الحالة الأولي يبرأ البائع من العيب الموجود وقت العقد ومن العيب الحادث بعده قبل القبض ، وفي هذه الحالة الثانية يبرأ من الموجود دون الحادث .

م 568 :1 - يجوز أيضاً للمتعاقدين باتفاق خاص أن يحدد مقدار الضمان . 2 - على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلا إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب .

( وأحكام التقنين العراقي في مجموعها كأحكام التقنين المصري ، وانظر ما سنذكره فيما يلي فقرة 379 في الهامش . ولم يذكر ضمان البائع صلاحية المبيع للعمل ، ولكن هذا الضمان إلا تطبيقاً للقواعد العامة –وانظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 264 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 460 :لا يكون البائع مسئولا عن العيوب الظاهرة ولا عن العيوب التي سبق للمشتري أن عرفها أو كان من السهل عليه أن يعرفها . وإنما يكون مسئولا حتى عن العيوب التي كان من السهل على المشتري أن يعرفها ، إذا صرح البائع بخلو المبيع منها

م 461 : لا يسأل البائع عن عيوب المبيع ولا عن خلوه من الصفات المطلوبة : أولا - إذا صرح بها . ثانياً – إذا كان قد اشترط أنه لا يتحمل ضماناً ما .

( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها لا تختلف عن أحكام التقنين المدني المصري ، ولم يذكر التقنين اللبناني ضمان البائع صلاحية المبيع العمل ، ولكن هذا الضمان تطبيق للقواعد العامة ) .
( [1368] ) استئناف مختلط 17 مايو سنة 1932 م 44 ص 325 .
( [1369] ) وكاشتراط البائع عدم ضمان لون المبيع وصبغته ( أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vice Red . ص 41 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 285 ) .
( [1370] ) بلانيول وربير وهامل 10 فقرة 139 ص 159 .
( [1371] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ما تقدم من أحكام الضمان ليس من النظام العام فيجوز الاتفاق على زيادة الضمان كما لو اشترطت مدة أطول من سنة لرفع الدعوى ، أو على إنقاصه كما لو اشترطت مدة أقل من سنة ( ؟ ) أو اشترط قصر الضمان على العيوب التي لاتظهر إلا بعد الفحص الفني ، أو على إسقاط الضمان أصلا . غير أن الاتفاق على الإنقاص أو الإسقاط باطل إذا اقترن بتعمد البائع لإخفاء العيب " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 127 ) .
( [1372] ) وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 567 من التقنين المدني العراقي على ما يأتي : " وإذا اشترط البائع براءته من كل عيب أو من كل عيب موجود في المبيع ، صح البيع والشرط وإن لم يسم العيوب ، ولكن في الحالة الأولي يبرأ البائع من العيب الموجود وقت العقد ومن العيب الحادث بعده قبل القبض ، وفي الحالة الثانية يبرأ من الموجود دون الحادث " ( أنظر آنفاً فقرة 378 في الهامش ) ، وظاهر من هذا النص أن شرط براءة البائع من كل عيب شرط مطلق يعم العيب الموجود بالمبيع وقت البيع والعيب بعده وقبل القبض ، أما شرط براءة البائع من كل عيب موجود بالمبيع فقد أريد به تخصيص العيوب الموجودة بالمبيع وقت البيع لأنها هي العيوب التي كانت موجودة في هذا الوقت فلا يتصرف الشرط إلى غيرها . وقد ساير التقنين العراقي في هذا الحكم الفقه الحنفي عل خلاف في هذا الفقه . والعبرة في القانون المصري بتفسير نية المتعاقدين ، فإن أراد الإطلاق برئ البائع من ضمان كل العيوب ويدخل العيب الحادث بعد البيع وقبل القبض ، حتى لو كان الشرط هو براءة البائع من كل عيب موجود بالمبيع . وان أراد التخصيص برئ البائع من ضمان العيوب الموجودة وقت العقد دون العيوب التي تحدث بعد ذلك ، حتى لو كان الشرط هو براءة البائع من كل عيب .
( [1373] ) وكان التقنين المدني السابق ( م 321  /  396 ) يقضي بغير ذلك ، فكان لا يصح شرط إسقاط الضمان إذا ثبت علم البائع بالعيب ( انظر آنفاً فقرة 378 في الهامش ) . والعبر بتاريخ تمام البيع ، فإن تم قبل 15 أكتوبر سنة 1949 كان شرط إسقاط الضمان مع علم المشتري بالعيب باطلا ، وإلا كان صحيحاً وفقا لأحكام التقنين الجديد .

في التقنين المدني الفرنسي ( م 1643 ) لا يجوز شرط إسقاط الضمان مع علم البائع بالعيب كما كان الأمر في التقنين المدني المصري السابق . وانقسم افقه الفرنسي في إسقاط الضمان مع علم البائع بالعيب إذا كان المشتري قد اشتري ساقط الخيار ( a scs risques et perils ) فرأي يذهب إلى إسقاط الضمان ( اوبري ورو 5 فقرة 355 مكررة ص 85 وهامش . 2 - بلانيول وربير وهامل 10 فقرة 139 ص 160 ) ، ورأي يذهب إلى عدم إسقاطه ( لوران 24 فقرة 305 - جيوار 1 فقرة 354 - بودري وسينيا فقرة 421 ) .
( [1374] ) ومثل ذلك أن يكون العيب ناشئاً من فعل البائع ، فيكون باطلا الاتفاق على عدم ضان هذا العيب أو الاتفاق المطلق على إسقاط الضمان ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 286 ) .
( [1375] ) قارن الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 96 - وقد يرجع عدم صلاحية المبيع للعمل إلى عيب ظاهر غير خفي ، فيضمنه البائع بالرغم من ظهوره وعدم خفائه ، ومن ثم كان هذا الشرط زيادة في الضمان المعتاد ( بودري وسينيا فقرة 424 ص 434 ) .
( [1376] ) وذلك ما لم يكن عدم الصلاحية للعمل راجعاً إلى المشتري ، كأن تسقط الساعة من يده فتكسر ( الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 211 ) .
( [1377] ) بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2489 .
( [1378] ) الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 211 .
( [1379] ) أنسيلكوبيدي داللوز 5 لفظVice Red . فقرة 75 - ويكون هذا بحسب إرادة المتعاقدين ، فإن كانا يريدان جعل هذا الضمان يحل محل ضمان العيوب الخفية لم يكن للضمان الأخير محل إلى جانبه ، وإن كانا يريدان هذا الضمان بالإضافة إلى ضمان العيوب الخفية دون أن يحل محله وجب العمل بهذه الإرادة . انظر في هذه المسألة وفي أنه يغلب أن يريد المتعاقدان إحلال هذا الضمان محل العيوب الخفية بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 140 ص 161 ويذهب اوبري ورو إلى أن المفروض في هذا الضمان أنه يمنع الضمان الخاص العادي ما لم يكن البائع يعلم بالعيب فيضمنه الضمان العادي إلى جانب الضمان الخاص ( أوبري ورو 5 فقرة 355 مكررة ص 88 ) .
( [1380] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموع الأعمال التحضيرية 4 ص 131 - ويجوز رفع دعوى الضمان مباشرة ويعتبر إعلان صحيفتها إخطاراً كافياً ، ولكن المشتري يعرض نفسه لتحمل مصروفات الدعوى إذا سلم البائع بحقه .
( [1381] ) بودري وسينيا فقرة 424 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 140 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 288 - الأستاذ جميل الشرفاوي ص 290 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 359 - الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 96 .

وهذا حتى لو ما يذكركيف يكون التعويض . فإذا كان إصلاح المبيع متعذراً ، رجع المشتري على البائع وفقاً للقواعد المقررة في ضمان العيب الخفي ، فيرد المبيع أو يستبقيه مع التعويض إذا كان العيب جسيماً ، وإذا كان العيب غير جسيم اكتفي بالتعويض ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 288 ) . ويجوز الاتفاق على تعديل مدى التعويض ، بأن يشترط المشتري رد المبيع ولو لم يكن العيب جسيماً أو يشترط البائع عدم رده ولو كان العيب جسيماً ( الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 212 ) .
( [1382] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 130 - ص 131 .
( [1383] ) وقد قضت الفقرة الثانية من المادة 419 مدني بأنه ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع ، سقط حقه في طلب إبطال البيع بدعوى علمه به ، إلا إذا أثبت تدليس البائع فغذا ذكر المشتري في عقد البيع أنه عالم بالمبيع ، سقط حقه إذن في طلب إبطال البيع بسب الغلط ، ولكن لا يسقط حقه في الطعن بسبب العيب الخفي . وقد قضت محكمة النقض بأن المادة 451 مدني ( 419  /  2 جديد ) خاصة بحوالة حصول الغلط في البيع لا بحالة ظهور العيوب الخفية وعلى ذلك فإن طلب الفسخ للعيب الخفي لا يمنع منه أن يكون المشتري قد اقر عند تسليم المبيع بأنه قد عاينه وفحصه بمعرفة أحد رجال الفن ( نقض مدني 2 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 69 ص 156 ) .
( [1384] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 116 ص 139 .
( [1385] ) استئناف مختلط 6 مايو سنة 1897 م 9 ص 327 - بودري وسينيا فقرة 414 .
( [1386] ) فمن وقع في غلط في المبيع يكون قد اشترى شيئاً غير الشيء الذي قصد شراءه ، أما من اشتري شيئاً معيناً فقد اشتري الشيء الذي قصد شراءه وان كان به عيب . فإذا اشتري شخص بذورا على أنها " تقاوي " قطن السكلاريدس ، فتبين أنها ليست " تقاوي " أصلا أو أنها " تقاوي " لقطن غير السكلاريدس ، فإنه يكون قد وقع في غلط جوهري . أما إذا كانت البذور هي تقاوي لقطن السكلاريدس ، ولكنها فقدت قوة الإنتاج ، فليس هذا بغلط وإنما هو عيب خفي ( استئناف مختلط 13 يناير سنة 1927 م 39 ص 161 ) .

ويقول بعض الفقهاء العيب أوسع من الغلط ، لأنه يقع في صفة غير جوهرية في الشيء ما دام يؤثر في صلاحيته للغرض الذي اعد له . وهو في الوقت ذاته أضيق من الغلط ، لأن أية صفة يعتبرها المتعاقدان جوهرية في الشيء يجوز أن يقع فيها غلط ، وقد لا يكون من شأنه هذا الغلط أن يؤثر في صلاحية المبيع للغرض الذي اعد له فلا يكون الغلط عيباً ( بيدان 11 فقرة 264 ) .
( [1387] ) ولكن إذا كان البائع عالماً بالعيب غير أنه يعتقد أن المشتري عالم به مثله ، لم يجز للمشتري أن يرفع دعوى الغلط لأن البائع غير مشترك معه فيه وغير عالم بوقوعه ، فلا يبقى أمامه إلا أن يرفع دعوى ضمان بالعيب الخفية إذا كان العيب الذي لحق بصفة جوهرية في المبيع حدث بعد البيع وقبل التسليم ، فلا يمكن أن يقال في هذه الحالة أن المشتري قد وقع في غلط عند البيع .
( [1388] ) وإذا اشتري شخص حلياً على أنها من ذهب ، فإن وجدها من فضة مذهبة رفع دعوى الغلط ، أما إن وجدها من ذهب خالص ولكن بالذهب عيب ينقص من قيمته رفع دعوى ضمان العيب وإذا اشتري شخص صورة زيتية على أنها من صنع رسام معروف ، فإن وجدها من غير صنعه رفع دعوى الغلط ، وإن وجدها من صنعه ولكن بالصورة عيوب تنقص من قيمتها رفع دعوى ضمان العيب ( بودري وسينيا فقرة 425 مكررة خامساً –كولان وكابتان 2 فقرة 830 - الأستاذ محمد على إمام فقرة 231 - الأستاذ محمد كامل مرسي ص 335 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 167 - الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 76 - الأستاذان احمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 420 - فقرة 421 ) .
( [1389] ) انظر الأستاذ محمد على إمام ص 394 - الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 97 - وقارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 247 .
( [1390] ) وقد رأينا أن العيب إذا كان مما يمكن تبينه بالفحص المعتاد ولم يتبينه المشتري لعدم خبرته ، لم يكن هناك محل لضمان العيب . ولكن يكون للمشتري أن يتمسك بالتدليس إذا تعمد البائع إخفاء العيب عن المشتري عشاً منه بالرغم من أن المشتري كان لا يتبينه حتى لو لم يخفيه عنه البائع . فهنا يقوم التدليس دون أن يقوم ضمان العيب ( انظر آنفاً فقرة 367 في الهامش ) . بيدان 11 فقرة 265 -

بلانيول وربير وهامل 10 فقرة 126 ص 128 .
( [1391] ) ؟

كولان وكابيتان 2 فقرة 930 .
( [1392] ) ؟

 ) ومثل ذلك أيضاَ أن يشترط أن يكون المبيع مصنوعاً من مادة معينة ، فإذا به مصنوع من مادة أخرى وإن كان صالحاً للغرض المقصود ، فيكون للمشتري دعوى للفسخ لعدم تنفيذ البائع لالتزامه دون دعوى ضمان العيوب الخفية . وقد قضت محكمة النقض بأن العيب الذي تترتب عليه دعوى ضمان العيوب هو الآفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السلمية للمبيع . فإذا كان ما يشكو منه المشتري هو أن المبيع وجد مصنوعاً من مادة غير المادة المتفق عليها فذلك لا يعتبر عيباً خفياً موجباً لضمانه فالحكم يؤسس قضاءه بالفسخ على القول بوجود عيب خفي في المبيع هو مخالفة المادة التي صنع منها للمادة التي دلت عبارات العقد صراحة على أنها كانت الموضوع المعتبر فيه يكون مخالفاً للقانون متعيناً نقضه ( نقض مدني 8 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 296 ص 587 ) - انظر أيضاًَ استئناف مختلط 5 يونيه سنة 1912 م 24 ص 388 - 19 ديسمبر سنة 1934 م 47 ص 69 - 15 مايو سنة 1935 م 47 ص 313 .
( [1393] ) ؟
( [1394] ) وكذلك لو وجد المشتري المبيع مطابقاً للعينة ، ولكن العينة ذاتها كأن بها عيب خفي ، فعند ذلك يكون للمشتري دعوى ضمان العيوب الخفية دون دعوى الفسخ لعدم التنفيذ ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 138 هامش 1 ) .
( [1395] ) أو كفل البائع للمشتري وجود صفات معينة في المبيع ثم تبين أن المبيع خال منها أو من بعضها ، جاز هنا للمشتري على البائع بضمان العيوب الخفية كما سبق القول ، وجاز أيضاً أن يرجع بالفسخ لعدم التنفيذ ، ولكل من الدعويين أحكامهما الخاصة بها كما سنرى ( قارن الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 218 - ص 219 ، ويذهب بعد تردد إلى عكس ما نذهب إليه ) .
( [1396] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 126 ص 137 .
( [1397] ) الأستاذ عبد المنعم البدرواي فقرة 346 .
( [1398] ) الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 344 .
( [1399] ) الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 345 .

وقد يكون المبيع غير مشروع فلا يعتبر هذا مجرد عيب في المبيع ، ويكون البيع باطلا ( أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Vice Red . فقرة 5 - وعدم المشروعية يرجع إلى اعتبار في القانون أما العيب فيرجع إلى اعتبار في طبيعة الشيء . وقد يعتبر القانون عيوباً في طبيعة الشيء – كما في الأغذية –فيحرمه ، فيجتمع الاعتباران ولكن اعتبار القانون يتغلب فيكون البيع باطلا ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ VICE Redفقرة 20 ) وقد يصل العيب من الجسامة إلى جعل المبيع في حكم المعدوم ، كبيض فاسد أو فاكهة معطوبة أو حق مؤلف سقط ودخل في الملك العام ، فعند ذلك يكون البيع محله معدوم وقت العقد ويكون باطلا لانعدام المحل ، لا يثار في هذه الحالة العيب الخفي ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 348 ) .
( [1400] ) يذكر تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 465 ) من هذه الالتزامات الثلاثة التزامين دفع الثمن وتسلم المبيع .
( [1401] ) وليس من الضروري أن يكون المشتري هو الملتزم بدفع الثمن ، فقد يلتزم الغير في نفس عقد البيع بدفع الثمن وتكون ملكية المبيع للمشتري ( جوسران 2 فقرة 1027 - وأنظر آنفاً فقرة 203 في الهامش وتكون العلاقة ما بين البائع والمشتري هي العلاقة ما بين المتبايعين فيلتزم البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري وتسليمه إياه وضمان التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية ، ويلتزم المشتري بتسلم المبيع ، ولكن الغير هو الذي يلتزم نحو البائع بدفع الثمن والمصروفات ، فتكون علاقته بالبائع علاقة معاوضة ، أما علاقته بالمشتري فتكون علاقة تبرع إذا كان متبرعاً له بالثمن ، أو بمقابل إذا كان يفي له ديناً أو يعطيه قرضاًُ أو نحو ذلك ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2493 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 1567 - فقرة 1569 ) .
( [1402] ) وقد يقل الثمن الذي يلتزم المشتري بدفعه عن الثمن المتفق عليه كما في حالة استغلال البائع للمشتري ، وقد يزيد كما في حالة الشراء لعقار قاصر بغبن فاحش ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 277 - الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 78 - الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 99 ص 221 ) .
( [1403] ) أنظر آنفاً فقرة 203 وما بعدها .
( [1404] ) وكان هذا النص يقابل في التقنين المدني السابق : م 228  /  406 - يجب على المشتري وفاء الثمن في الميعاد والمكان المعينين في عقد البيع وبالشروط المتفق عليها فيه . م 284 - 356 - ومصاريف المشال ومصاريف دفع الثمن تكون على المشتري ، وهذا إن لم يقض العرف التجاري بخلاف ذك في جميع الأحوال .

( والحكم وأحد في التقنين السابق والجديد - أنظر أيضاً م 571 عراقي وم 466 لبناني )
( [1405] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 140 .
( [1406] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 128 - ص 129 في الهامش .
( [1407] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادتين 603 و 604 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " م 603 :لا يتقاضى البائع فوائد قانونية عن الثمن إلا إذا أعذر المشتري أو إذا أسلمه الشيء المبيع وكان هذا الشيء قابلا أن ينتج ثمرات أو أية أرباح أخرى ، هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره - م 604 :للمشتري ثمر المبيع ونماؤه من وقت أن يصبح الثمن مستحقاً ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضاً ، هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي نيره " . وفي لجنة المراجعة أدمجت المادتان في مادة واحدة من فقرتين للارتباط
( [1408] ) انظر آنفاً فقرة 239 .
( [1409] ) انظر آنفاً فقرة 283 .
( [1410] ) أنظر ما قدمناه في هذه المسألة آنفاً فقرة 283 .
( [1411] ) وقد قضت محكمة النقض بأن من آثار عقد البيع نقل منفعة المبيع إلى المشتري وبذلك تكون له ثمرته من تاريخ إبرام العقد حتى لو كان الثمن مؤجلا ، وذلك ما لم يوجد اتفاق مخالف . وإذن فمتي كان الثابت في عقد البيع أن المشتري لم يدفع الثمن إلى البائع إنما التزام بدفعه رأسا إلى البنك المرتهن لأطيان البائع الشائعة فيها الأطيان المبيعة خصماً من دين الراهن ، فإن ريع الأطيان المبيعة يكون حق المشتري من يوم إبرام عقد البيع الصادر إليه ، حتى ولو لم يقم بتنفيذ التزامه بدفع الثمن إلى البنك المرتهن ( نقض مدني 15 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 67 ص 351 ) . وقضت محكمة استئناف أسيوط بأن للمشتري الراسي عليه المزاد ما للمشتري العادي من الحقوق ، ومن ضمن ذلك استحقاقه لثمرات العين من يوم مرسي المزاد عليه . فإذا لم يقم بدفع الثمن طبقاً لشروط قائمة المزاد ، فللدائنين أو المدين أو المدين في هذه الحالة إرغامه على الدفع بالطرق الجبرية واحتساب فائدة على الثمن من يوم مرسي المزاد في حالة ما إذا كانت العين مثمرة أو من يوم تكليفه بالوفاء تكليفاً رسمياً إذا لم يكن كذلك ( استئناف أسيوط 29 مايو سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 115 ص 217 ) .
( [1412] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 140 .
( [1413] ) ولكن يوجد ما يمنع ، أن يتفق المتعاقدان على أن يكون للمشتري ثمار المبيع من أي وقت آخر ، من تاريخ سابق على تسجيل العقد أو على البيع نفسه أو على تسليم ، فيجوز إذن أن يتفقا على أن يكون إيجار الأطيان المبيعة للمشتري من تاريخ العقد الابتدائي ، وقد يستخلص هذا الاتفاق ضمنا من الاتفاق على أن يكون تسليم الأطيان من تاريخ العقد الابتدائي ( نقض مدني 5 أبريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 106 ص 636 ) .
( [1414] ) وقد قضت محكمة النقض بأن وجود عقد إيجار ثابت التاريخ قبل البيع ليس من شأنه أن يمحو حق المشتري في الثمرة من تاريخ البيع ، فإذا كان المستأجر قد احتفظ بالأجرة فعليه أن يؤديها إلى المشتري من هذا الوقت ، أما إذا قد أداها إلى البائع ، فعلى البائع أن يردها إلى المشتري من هذا الوقت ، أما إذا كان قد أدها إلى البائع ، فعلى البائع أن يردها إلى المشتري ( نقض مدني 10 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 16 ص 26 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا جاء في عقد بيع حصة من منزل " أن المشتري ينتفع بإيجارات حصته التي اشتراها ، وأن الإيجار الحالي لهذه الحصة هو كذا ، وأنه لم يتيسر للمشتري قبض حصته بموجب عقود الإيجار يحق له أن يخصم الإيجار الذي يخصه من ثمن المبيع " ، واستدلت المحكمة بذلك على أن المراد هو جعل المشتري مستحقاً لثمرة الحصة المبيعة مقدرة في السنة الأولي بما كانت هذه الحصة مؤجرة به أي بمبلغ كذا ، ومقدرة فيما بعد في السنوات التالية بما تؤجر به في واقع الأمر وإن نقص عما كانت مؤجرة به في السنة الأولي ، ثم دعمت حكمها على مقتضى هذا التفسير بما يؤيده باعتبارات معقولة ، كان الحكم بعيداً عن رقابة محكمة النقض ( نقض مدني 21 مارس سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 238 ص 646 ) .
( [1415] ) انظر م 417 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني آنفاً فقرة 392 في الهامش .
( [1416] ) وقد يدخل إنتاج الحيوان أيضاً من المنتجات .
( [1417] ) انظر م 369 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( انظر آنفاً فقرة 392 في الهامش ) .
( [1418] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 140 .
( [1419] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 140 ص 141 - وقد يقضي العرف بأن يكون إنتاج الحيوان مثلا للبائع حتى وقت التسليم ، أو أن تكون الضرائب عليه إلى هذا الوقت .

 
( [1420] ) وكذلك إذا اتفق المتعاقدان على فوائد دون تحديد سعرها ، فيكون هو السعر القانوني وتبقى الفوائد فوائد اتفاقية ( بودري وسينيا فقرة 521 ص 557 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 147 ص 167 ) . وإذا اتفق المتعاقدان على سعر اقل من السعر القانوني ، سرت الفوائد بالسعر القانوني لا بالسعر المتفق عليه ( أوبري ورو 5 فقرة 356 هامش رقم 20 ثالثاً –بوردي وسينيا فقرة 529 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 147 ص 169 ) .
( [1421] ) فإذا لم يحدد الاتفاق وقتاً لسريان الفوائد ، سرت من وقت تمام البيع . ويكون ذلك بوجه خاص إذا سبق البيع وعد بالبيع وكان هناك اتفاق على دفع فوائد عن الثمن دون أن يعين موعد سريانها ، فلا تسري هذه الفوائد إلا من وقت أن ينقلب الوعد بالبيع بيعاً تاماً ( بودري وسينيا فقرة 530 - بلانيول وهامل 10 فقرة 147 وص 167 هامش 1 ) .
( [1422] ) وقد يتفق المتعاقدان على دفع الفوائد بسعر معين عن ثمن مؤجل على أن تسري هذه الفوائد من وقت البيع إلى وقت حلول الأجل لا إلى وقت الدفع بالفعل . فتنقطع في هذه الحالة الفوائد الاتفاقية عند حلول الأجل ، وللبائع بعد ذلك ، إذا أعذر المشتري أن يدفع الثمن أو سلمه المبيع وكان قابلا أن ينتج إيرادا ، حق في الفوائد القانونية من وقت الإعذار أو من وقت تسليم المبيع ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقة 147 ص 167 ، ويشيرون إلى حكم المحكمة النقض الفرنسية في أول ديسمبر سنة 1947 سيريه 1948 - 1 - 23 ) .

والأصل أن الفوائد متى سرت ، في أية حالة من الحالات الثلاث التي تسري فيها الفوائد ، فإنها لا تنقطع إلا عند الدفع الفعلي للثمن أو عند استحقاق المبيع ، ما لم يوجد اتفاق مخالف ويعدل الدفع الفعلي للثمن العرض الحقيقي والإيداع وفقاً للقواعد المقررة ، ولا يقف سريان الفوائد أمر آخر فلا تنقطع الفوائد بحجز تحفظي على الثمن يوقعه دائن البائع تحت يد المشتري ، ولا بحبس المشتري الثمن في الأحوال التي يجوز له فيها ذلك ( أوبري ورو 5 فقرة 356 ص 103 - بودري وسينيا فقرة 531 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 147 ص 169 هامش رقم 7 ) .

ويشترط لصحة العرض والإيداع ، حتى ينقطع سريان الفوائد أن يكون العرض خاليا من أي شرط لا يحل للمشتري فرضه ، فلا يجوز أن يشترط المشتري في العرض إمضاء البائع لعقد البيع النهائي في حين أن المشتري سبق له أن حصل على حكم بصحة إمضاء البائع وهو حكم يقوم مقام التصديق على الإمضاء ويمكنه من تسجيل العقد ( نقض مدني 9 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 350 ص 679 ) .
( [1423] ) استئناف مصر 5 ينونيه سنة 1940 المجموعة الرسمية 42 رقم 113 - بني سويف الكلية 15 أبريل سنة 1941 المجموعة الرسمية 43 رقم 81 - استئناف مختلط 31 يناير سنة 1907 م 19 ص 129 - 11 نوفمبر سنة 1919 م 32 ص 7 ( ولا تخضع الفوائد للتقادم الخمسي لأنها تعويض ) - أول مايو سنة 1932 م 35 ص 412 - 23 مايو سنة 1933 م 45 ص 295 - 12 يناير سنة 1937 م 49 ص 66 ( ولا تسقط الفوائد بالتقادم الخمسي ) .
( [1424] ) أما في التقنين السابق – فيجب وفقاً للمادة 339  /  410 أن يكون المبيع ينتج فعلا ثمرات أو أربا أخرى . والعبرة بتاريخ تمام البيع ، فإن قبل 25 أكتوبر سنة 1949 سرت أحكام التقنين السابق ، وإلا فأحكام التقنين الجديد .

 
( [1425] ) ونص التقنين المدني المصري ( م 458  /  1 ) يختلف عن نص التقنين المدني الفرنسي ( م 1652 ) ، فقد ورد في نص التقنين المصري : " وكان هذا الشيء قابلا أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى " وورد في التقنين الفرنسي : " إذا كان الشيء المبيع تم تسليمه ينتج ثماراً أو أي ريع آخر ( si la chose vendue et livree produit des ou autres ) ومن هنا يتسع النص المصري لما لا يتسع له النص الفرنسي . فحق المستأجر في الإيجار لا ينتج إيرادا في القانون الفرنسي ( بلانيول وربير وهامل 10 ص 168 هامش 3 ) ، وهو قابل لذلك إذا كن يمكن الإيجار من الباطن في القانون المصري . ويذهب الفقه في القانون الفرنسي إلى أنه يجب الوقوف عند وقت البيع لمعرفة ما إذا كان المبيع ينتج إيرادا ً ولو كان عقد الإيجار ينتهي بعد البيع ، وكذلك الأرض المزروعة وقت البيع تنتج إيراداً ولو لم يستمر المشتري في زراعتها ( بوردي وسينيا فقرة 524 ) .
( [1426] ) وكذلك إذا كان المبيع كتاباً أو صورة زيتية أو مصاغاً فهذه الأشياء غير قابلة لإنتاج أرباح ( الأستاذ محمد على إمام فقرة 234 ص 379 ) . وهذا الحكم محل النظر ، فإن الأرض الفضاء والكتاب والصورة والمصاغ يمكن الانتفاع بها باستعمالها وإن لم تكن قابلة لإنتاج إيراد وكان الأولي من ناحية السياسة التشريعية أن تستحق الفوائد من وقت تسليم المبيع سواء كان قابلا لإنتاج إيراد أو غير قابل لذلك ( انظر في هذا المعنى لوران 24 فقرة 333 - بودري وسينيا فقرة 522 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 147 ص 169 - كولان وكابيتان 2 فقرة 942 - وقارن بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2498 ص 775 ) .
( [1427] ) الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 301 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي ص 537 .
( [1428] ) ويكفي إعذار البائع المشتري أن يتسلم المبيع ( بودري وسينيا فقرة 525 ) .
( [1429] ) بودري وسينيا فقرة 526 - بلانيول وريبير 10 ص 167 هامش 6 - وقد قضت محكمة النقض بأن حق البائع في فوائد الثمن إذا كان المبيع الذي سلم ينتج منه ثمرات أو أرباح أخرى يقوم على أساس من العدل الذي يأبي أن يجمع المشتري بين يديه ثمرة البدلين ، المبيع والثمن ولذلك حق أن يكون على المشتري فوائد ثمن المبيع المثمر الذي تسلمه من يوم تسلمه ، ولا يقف جريان هذه الفوائد أن يكون الثمن أو أن يصبح غير مستحق الأداء حالا ، كأن يكون مؤجلاً أصلا أو لعلة طارئة أو يكون محجوزاً عليه أو محبوساً تحت يد المشتري . وإذن فالمشتري لا يستطيع أن يتمسك بأنه غير ملزم بفوائد عن باقي ثمن المبيع لو صح ما يدعيه من أن الثمن ما كان مستحق الأداء لعدم تسليم البائع إياه مستندات التمليك أو لتخلفه عن تحرير العقد النهائي متى كان قد وضع يده على الأطيان المبيعة ( نقض مدني 9 ديسمبر سنة 1940 مجموعة عمر 5 رقم 50 مص 679 ) ، أو حتى لو كان الثمن غير مستحق الأداء حالا لسبب يرجع إلى البائع نفسه كأن يكون تأجيل الثمن بسبب إمهال البائع ليستحق أوراقه التي تثبت ملكيته ليستطاع تحرير العقد النهائي ( نقض مدني 5 أبريل سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 106 ص 363 ) .

وانظر في أنه يجوز للمشتري أن يجمع بين ثمرات المبيع وفوائد الثمن : استئناف مختلط 26 فبراير سنة 1929 م 41 ص 265 - 3 نوفمبر سنة 1911 م 44 ص 4 .
( [1430] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ولما كان الثمن هو الذي يقابل المبيع ، وفوائد الثمن هي التي تقابل ثمرات المبيع ، فإنه إذا استحق الثمن وأعذر المشتري بالدفع ، كان الثمن وفوائده للبائع والمبيع وثمراته للمشتري ، وفي أية حال يتمكن فيها المشتري من الاستيلاء على ثمرات المبيع ، حتى لو لم يكن الثمن مستحقاً ، فإنه يلتزم بدفع الفوائد بالسعر القانوني ، كما إذا سلم البائع المبيع وكان قابلا أن ينتج ثمرات أو أية أرباح أخرى ولو لم ينتج ذلك بالفعل " ( مجموع الأعمال التحضيرية 4 ص 140 ) . وتسري هذه الأحكام حتى لو كان البيع بالمزاد ، فللمشتري الراسي عليه المزاد ثمرات العين من يوم رسو المزاد وعليه الفوائد طبقاً لشروط قائمة المزاد أو بعد الإعذار أو بعد تسليم العين إذا كانت قابلة لإنتاج ثمرات أو أرباح أخرى ( الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 200 ص 376 - ص 377 ) . أما في نزع الملكية للمنفعة العامة ، فقد نصت المادة 16 من قانون نزع الملكية ( رقم 577 لسنة 1954 ) على أنه " يكون لصاحب الشأن في العقار الحق في تعويض مقابل عدم الانتفاع به من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية … " ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 367 ) .
( [1431] ) فإذا كان المتبايعان قد اتفقا على ميعاد لتسليم المبيع ، فقد اتفقا ضمناً على أنه منذ هذا اليوم يبدأ سريان الفوائد ، أما قبل ذلك فتكون هناك مقاصة ما بين الفوائد والثمرات ، وإذا لم يتفق المتبايعان على ميعاد للتسليم ، فالتسليم واجب فوراً ، وما على البائع إلا أن يعذر المشتري أن يتسلم المبيع حتى تجب الفوائد من يوم البيع كما يتملك المشتري الثمرات والنماء من هذا اليوم أيضاً ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 147 ص 168 - ص 169 - وانظر بودري وسينيا فقرة 525 - وقارن الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 301 هامش 1 والأستاذ منصور ميعاد للتسليم ، فالتسليم واجب فوراً ، وما على البائع إلا أن يعذر المشتري أن يتسلم المبيع حتى تجب الفوائد من يوم البيع كما يتملك المشتري الثمرات والنماء من هذا اليوم أيضاً ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 147 ص 168 - ص 169 - وانظر بودري وسينيا فقرة 525 - وقارن الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 301 هامش 1 والأستاذ منصور مصطفي منصور ص 223 - ص 224 ) .
( [1432] ) ويقع هذا أيضاً عند فسخ البيع واسترداد الثمن واسترداد البائع للمبيع ، فتقاص الثمرات في الفوائد إلى يوم الاسترداد ( استئناف مختلط 19 فبراير سنة 1911 م 23 ص 119 - 31 مايو سنة 1914 م 26 ص 404 ) . انظر مع ذلك الأستاذ سليمان مرقس في موجز البيع والإيجار فقرة 274 ص 374 .
( [1433] ) سواء كان مستحق الوفاء منذ البداية أو كان مؤجلا فحل أجله . وهذه بخلاف التقنين المدني الفرنسي ، فإن المادة 1652 منه توجب على المشتري دفع الفوائد من يوم الإعذار دون أن تميز ما إذا كان الثمن لا يزال مؤجلاً أو أنه قد حل ( أوبري ورو 5 فقرة 356 هامش رقم 21 - بودري وسينيا فقرة 526 ) ولكن نص المادة 458  /  1 من التقنين المصري يذكر الفوائد القانونية للثمن ، والفوائد القانونية لا تجب إلا عند تأخر عن الوفاء بالثمن بعد حلول أجله ، فيجب إذن أن يكون إعذار المشتري بعد حلول أجل الدفع ( الوسيط 2 فقرة 510 ص 902 وهامش رقم 1 . وانظر في هذا المعنى الأستاذ عبد المنعم البدرواي فقرة 367 - الأستاذ منصور مصطفي منصور فقرة 99 ص 222 - وقارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 296 ص 358 ) فالبائع الذي يرضي بتأجيل الثمن دون أن يشترط فوائد يكون قد أدخل ذلك في حسابه عند تحديد الثمن ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 368 ص 542 ) . أما التقنين المدني السابق ( م 330  /  410 ) فالكالتقنين المدني الفرنسي لم يخصص الفوائد بأنها الفوائد القانونية ، لذلك أمكن تفسيره على أساس أن فوائد الثمن مستحقة بالإعذار دون تمييز بين ما إذا كان الثمن إلا أو مؤجلا ( الأستاذان احمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 437 ص 439 ) .
( [1434] ) والمطالبة القضائية من البائع باسترداد المبيع لعدم دفع الثمن تتضمن إعذاراً بدفع الثمن ، فإذا قضى الثمن على المشتري استحقت الفوائد من وقت هذه المطالبة ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1892 م 4 ص 216 ) .
( [1435] ) وغنى عن البيان أن يمكن الاتفاق على عكس ذلك ، فيشترط المشتري على البائع إلا يدفع فوائد حتى بعد الإعذار .
( [1436] ) نقض مدني 27 أبريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 126 ص 350 .
( [1437] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 606 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع أما استقر عليه في التقنين المدني الجديد : عدا بعض اختلاف لفظي ، وفي لجنة المراجعة أدخلت تعديلات لفظية جعلت النص مطابقاً ، وأصبح رقمه 470 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 457 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 135 وص 137 ) .
( [1438] ) التقنين المدني السابق م 329 فقرة أولي  /  407 :في حالة عدم وجود شرط صريح يكون الثمن واجب الدفع حالا في مكان تسليم المبيع .

م 331  /  411 - 412 : وإذا حصل تعرض المشتري في وضع يده على المبيع بدعوى حق سابق على البيع أو ناشئ من البائع ، أو ظهر سبب يخشى منه نزع الملكية من المشتري ، فله أن يحبس الثمن عنده إلى أن يزول التعرض أو السبب ، إلا إذا وجد شرط بخلاف ذلك ولكن يجوز للبائع في هذه الحالة أن يطلب الثمن مع أداء كفيل للمشتري .

( وتتفق أحكام التقنين السابق في مجموعها مع أحكام التقنين الجديد ) .
( [1439] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 425 ( مطابقة للمادة 457 مصري –وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 222 - 224 وفقرة 226 - فقرة 229 ) .

التقنين المدني الليبي م 446 ( مطابقة للمادة 457 مصري ) .

التقنين العراقي م 574 :1 - يصح البيع بثمن حال أو مؤجل إلى اجل معلوم . ويجوز اشترط تقسيط الثمن إلى أقساط معلومة تدفع في مواعيد معينة ، كما يجوز الاشتراط بأنه إن لم يوف القسط في ميعاد يتعجل كل الثمن . 2 - ويعتبر ابتداء مدة الأجل والقسط المذكورين في عقد البيع من وقت تسليم المبيع ، ما لم يتفق على غير ذلك .

م 575 : 1 - البيع المطلق الذي لم يذكر في عقده تأجيل الثمن أو تعجيله يجب فيه الثمن معجلا . 2 - ويجب على المشتري أن ينقد الثمن أولاً في بيع سلعة بنقد أن احضر البائع السلعة أما إذا بيعت سلعة بمثلها أو نقود بمثلها ، فيسلم المبيع والثمن معاً .

م 576 :1 - إذا تعرض أحد المشترين مستنداًَ إلى حق سابق على عقد البيع أو آيل من البائع ، أو إذا خيف لأسباب جدية على المبيع أن يستحق ، جاز للمشتري ما لم يمنعه شرط العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول خطر الاستحقاق . ولكن يجوز للبائع فيه هذه الحالة أن يطالب باستيفاء الثمن على أن يقدم كفيلا . 2 - ويسري حكم الفقرة السابقة في حالة ما إذا كشف المشتري عيباً في المبيع وطلب الفسخ أو نقصان الثمن . ( وأحكام ما إذا كشف المشتري عيباً في المبيع وطلب الفسخ أو نقصان الثمن .

( وأحكام التقنين العراقي في مجموعها لا تختلف عن أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين العراقي يضع مبدأ عاماً في البيع المطلق أن يكون الثمن مستحقاً بمجرد تمام البيع ، أما التقنين المصري فيجعل الثمن مستحقاً وقت تسليم المبيع ، ولكن النتيجة العملية واحدة ، فوقت تسليم المبيع في البيع المطلق هو وقت تمام البيع . ويوجب التقنين العراقي على المشتري نقد الثمن أولاً ، لثم يسلم البائع المبيع له بعد ذلك –وانظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الدنون فقرة 269 - فقرة 276 وفقرة 291 - والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 553 - فقرة 556 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 387 : إذا لم يذكر في عقد البيع مواعيد دفع الثمن ولا شروط هذا الدفع ، عد البيع نقداً بلا شرط .

م 466 ، يجب على المشتري أن يدفع الثمن في التاريخ وعلى الوجه المعينين في العقد وبعد البيع نقداً ، كما جاء في المادة 387 ، ويلنزم المشتري بدفع الثمن عند الاستلام ، ما لم يكن ثمة نص مخالف . وتكون مصاريف الدفع على المشتري .

م 467 ، إذا منحت مهلة لدفع الثمن ، فلا تبتدئ إلا من تاريخ إنشاء العقد إذا لم يعين الفريقان تاريخاً آخر .

م 470 :إن المشتري الذي تعرض له الغير أو كان مستهدفاً لخطر قريب هام من وقوع هذا التعرض بسبب سند سابق للبيع ، يحق له حبس الثمن ما دام البائع لم يزل عنه التعرض . على أنه يحق للبائع أن يجبره على الدفع بأن يقدم له كفالة أو ضماناً كافياً لرد الثمن ومصاريف العقد القانونية إذا نزعت يده عن المبيع . وإذا كان هذا التعرض مقصوراً على قسم من المبيع ، فلا يحق للمشتري أن يحبس من الثمن إلا ما يناسب ذلك القسم ، وتكون الكفالة مقصورة على القسم المعرض لنزع الملكية . ولا يحق للمشتري أن يستعمل حق الحبس إذا كان الدفع مشترطاً على الرغم من كل تعرض ، وإذا كان المشتري عالماً وقت البيع بخطر نزع الملكية منه .

م 471 : تطبق أحكام المادة السابقة في حالة اكتشاف المشتري لعيب في المعيب بوجوب رده . ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري ) .

 
( [1440] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 136 .
( [1441] ) انظر آنفاً فقرة 309 .
( [1442] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ويتبين من كل ما تقدم أنه إذا لم يوجد اتفاق خاص أو عرف ، يكون المبيع مستحق التسليم وقت تمام البيع ، والثمن ثمرات المبيع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 136 - ص 137 ) .
( [1443] ) استئناف مختلط 12 مايو سنة 1911 م 33 ص 327 .
( [1444] ) وهذا بخلاف ما إذا حدد المتعاقدان وقتاً لدفع الثمن ولم يحددا وقتاً لتسليم المبيع فلا يرتبط في هذه الحالة وقت تسليم المبيع بوقت دفع الثمن ، بل يجب المبيع فوراً ودفع الثمن في الوقت المحدد ( بودري وسينيا فقرة 494 ص 535 ) . أما إذا كان الأجل المعطي لدفع الثمن هو نظرة الميسرة أو كان أجلا تفضل به البائع ، عاد اقتران وقت التسليم المبيع بوقت دفع الثمن  /  ولا يسلم البائع المبيع إلا في الوقت الذي يقبض فيه الثمن ( أوبري ورو فقرة 356 ص 100 بلانيول وريبير وهامل 10 ص 165 هامش 2 ) .

وإذا كان المبيع متعدداً وذكر في العقد أن يسلم بعضه في وقت وبعضه في وقت آخر ، فإن الثمن يدفع عند تسليم كل جزء من المبيع بنسبة هذا الجزء . أما إذا لم يذكر في العقد وقتان مختلفان لتسليم كل جزء من المبيع بنسبة هذا الجزء . أما إذا لم يذكر في العقد وقتان مختلفان لتسليم المبيع ، فإن المشتري لا يدفع شيئاً إلا إذا تسلم كل المبيع فعند ذلك يدفع الثمن كاملا ( بودري وسينيا فقرة 500 ) .

ويلاحظ أن قاعدة الثمن وقت تسليم المبيع مفروض فيها أن الثمن يدفع للبائع أو نائبه ، أما إذا اشترط البائع على المشتري دفع الثمن لشخص آخر كدائنه ، فإن وقت دفع الثمن ينفصل في هذه الحالة عن وقت تسليم المبيع ، وما لم يتفق على ميعاد لدفع الثمن إلى الأجنبي ، فإن دفع الثمن له يجب أن يكون فوراً بمجرد تمام البيع حتى لو اشترط التسليم للمبيع ميعاد متأخر ( بودري وسينيا فقرة 501 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 146 ص 166 ) .

وإذا كان الثمن مستحق الدفع وقت التسليم ، وعرض البائع على المشتري المبيع عرضاً حقيقياً وتخلف المشتري عن دفع الثمن ، فالحكم الذي يسلم بأن البيع يصبح لاغياً ومفسوخاً من تلقاء نفسه طبقاً لشروط البيع المتفق عليها لا يجوز النعي عليه بأنه رتب على تقصير المشتري في الوفاء بالتزامه إعفاء البائع من الوفاء بالتزامه المقابل ، ولا يكون منتجاً النعي على هذا الحكم بأنه يجب الوفاء بالالتزامين في وقت وأحد ( نقض مدني 13 مارس سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 26 ص 204 ) .
( [1445] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد يتفق المتعاقدان على أن يدفع الثمن بعد أو قبل تسليم المبيع ، كأن يتفق على أن يدفع الثمن حالا بمجرد تمام البيع ولو كان تسليم المبيع مؤجلا ، أو على أن يدفع الثمن مؤجلا على أقساط أو جملة واحدة ولو كان المبيع قد سلم في الحال . وقد يقضي العرف بأحكام أخرى فيتعين اتباعها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 136 ) .

وقد ترتبط مواعيد دفع الثمن بميعاد التسليم فيحل القسط الأول من الثمن عند تسليم المبيع وتحل الأقساط الباقية في مواعيد معينة بعد التسليم ، فيكون مبدأ سريان مواعيد الأقساط الباقية هو الوقت الذي يتم فيه التسليم فعلا ولو تأخر عن الوقت المتفق عليه . وقد قضت محكمة النقض بان المفهوم من نصوص لائحة البيع أراضي بلدية الأسكندرية أن الميعاد الذي أعطى للبائع لتسليم المبيع ، فهما متماسكان تمام التماسك . فإذا كانت أرض البلدية التي رسا مزادها على المشتري ودفع الثلث الثمن في الخمسة الأيام التالية لرسو المزاد قد تأخر تسليمها إليه لخلاف بينه وبين المجلس في شأن هذا التسليم ، ثم سوى هذا لخلاف ببيع بعض أجزاء أخرى للمشتري مجاورة للأرض المبيعة أولاً ، وتم تسليم كل من من الأرض في تاريخ معين ، فإن ميعاد استحقاق القسط الأول من باقي الثمن يبدأ من هذا التاريخ الذي حصل فيه تسليم الأرض بمساحتها الأخيرة لا من اليوم الخامس من رسو المزاد ( نقض مدني 3 فبرايرسنة 1938 مجموعة عمر 3 رقم 93 ص 273 ) .
( [1446] ) ويجب أن تكون الأسباب جدية ، فالتوهم لا يكفي ( استئناف مختلط 15 مايو سنة 1915 م 27 ص 331 ) . ولا يكون طلب الشفعة سبباً كافياً لحبس المشتري الثمن ، فإذا لم يدفع من يطلب الأخذ بالشفعة الثمن إلى البائع ، وجب على المشتري نفسه دفعه إليه ( استئناف مختلط 22 يناير سنة 1914 م 26 ص 177 ) . ولا يكفي كذلك مجرد إعلان الراسي عليه المزاد بسبب الاستحقاق ( استئناف مختلط 11 أبريل سنة 1916 م 28 ص 247 ) . وأذا مضي وقت كاف لتملك المشتري المبيع بالتقادم ولم يعد يخشي التعرض ، فليس له أن يحبس الثمن ( استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1919 م 32 ص 7 ) ولا يكفي ظهور عجز المقدار لحبس كل الثمن ، ويكفي في هذه الحالة ما يقابل العجز من الثمن ( استئناف مختلط 5 مايو سنة 1927 م 39 ص 445 ) . وليس للمشتري أن يحبس الدفعة المستحقة من الثمن إذا كان لا يزال باقياً من الثمن دفعات لم تحل وتكفي لتغطية ما هو مهدد به من استحقاق جزئي ( استئناف مختلط 2 ينونيه سنة 1932 م 44 ص 356 ) . وإذا لم يحبس المشتري دفعة من الثمن ، فهذا لا يمنعه من حبس الدفع الأخرى التي تستحق بعد ذلك ( استئناف مختلط 5 مايو سنة 1931 م 43 ص 371 ) . وللمشتري حبس الثمن إذا كان البائع قد ملك المبيع برسو المزاد ولم يدفع الثمن ، فأصبح مهدداً بإعادة المزاد عليه ( استئناف مختلط 2 مارس سنة 1933 م 45 ص 163 ) . وللمشتري أن يحبس الثمن لمجرد رهن أو حق اختصاص أو أي حق آخر على المبيع يتهدده ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1939 م 51 ص 116 - 13 فبراير سنة 1940 م 52 ص 149 - استئناف مصر 4 مايو سنة 1925 المحاماة 5 رقم 662 ص 811 - 11 فبراير سنة 1931 الجريدة القضائية 139 ص 14 ) . وله أن يحبس الثمن حتى يقوم البائع بشطب التسجيلات التي تعهد بشطبها ( استئناف مختلط وطني 28 فبراير سنة 1923 المجموعة الرسمية 25 رقم 57 ص 98 ) .
( [1447] ) وبخاصة إذا كان الأول قد رفع دعوى فسخ وسجل صحيفتها قبل أن يسجل المشتري عقد شرائه .
( [1448] ) استئناف وطني 8 فبراير سنة 1892 الحقوق 6 ص 409 .
( [1449] ) استئناف مصر 24 يناير سنة 1943 المجموعة الرسمية 44 رقم 62 .
( [1450] ) بودري وسينيا فقرة 506 - ما لم يكن واضحاً وضوحاً كافياً أن هذه القيود لا قيمة لها إطلاقاً ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 172 هامش 4 ) ، وهذا إذا لم يكن المشتري قد اشترط في عقد البيع شطب القيود قبل دفع الثمن ، وإذا كان المشتري على غير بينة من أمر دين ثابت مسجل على العين المبيعة ، ولا أن صاحب هذا الدين قد شرع من أجله في إجراءات نزع الملكة التي أوشكت على التمام وذلك لأن إشارة البائع في العقد إلى حق الامتياز الثابت لهذا الدائن لم تكن لتفيد إلا أنه مجرد حق مزعوم ، فالمشتري محق في حبس باقي الثمن ، ولا يؤبه لما نص عليه العقد من أن وجود الحق الذي يدعيه ، فالمشتري محق في حبس باقي الثمن ، ولا يؤبه لما نص عليه العقد من أن وجود الحق الذي يدعيه الدائن لا يمنع من دفع باقي الثمن إذ يعتبر هذا شرطاًُ قائماً على الغش ( نقض مدني 26 أبريل سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 245 ص 645 ) .
( [1451] ) ولكن مجرد احتمال وجود تسجيلات على العين المبيعة لا يكفي لتحويل المشتري حق حبس الثمن وقد قضت محكمة النقض بأن مجرد احتمال وجود تسجيلات على العين المبيعة لا يخول المشتري حق حبس الثمن حتى يتحقق من خلوها من التسجيلات ، وبخاصة بعد أن يكون قد تسلم المبيع . فإن القانون ، إذ رسم الطريق لحماية حقوق المشتري من الخطر الجدي الذي يهددها ، قد ألزمه بدفع الثمن . ومتى كان المشتري هو الذي امتنع بعد إنذاره رسمياً عن دفع باقي من الثمن مقابل شطب التسجيل الذي كان يهدد ملكيته ، ثم لم يقم من جانبه بما هو ملزم به قانوناً وبحكم العقد ، فلا يصح اعتبار البائع مقصراً في الوفاء بالتزاماته قبله ( نقض مدني 28 مايو سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 164 ص 468 ) .

وقد قضت محكمة النقض أيضاً بأنه لو صح القول بأن دعوى الشفعة لا تهدد حق المشتري المشفوع منه لأن حقه في استرداد ما دفعه من الثمن إلى البائع مضمون قبل الشفيع مما لا يجيز له حبس الثمن ، فإن هذا القول لا يصدق على المشتري الثاني للعقار الذي لم يختصم في دعوى الشفعة ، إنما يكون في هذه الحالة مقطوع الصلة بالشفيع ولا يحق له الرجوع عليه بما عسى أن يكون قد دفعه إلى البائع له ، ومن ثم يستهدف حقه للضياع بعد أن يكون العقار المشفوع فيه قد نزعت ملكيته منه . وعلى ذلك يجوز لهذا المشتري الثاني حبس الثمن ، حتى يفصل في دعوى الشفعة ( نقض مدني 4 أبريل سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 34 ص 353 ) .

كذلك المشتري حبس الثمن إذا لم يقم البائع بتطهير العين في الميعاد المستخلص من شروط العقد ، وليس للبائع في هذه الحالة أن يطلب فسخ البيع لحبس المشتري للثمن . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا احتج البائع لعدم قيامه بتطهير العين من الدين عليها بأن تعهده بذلك لم يعين له في العقد وقت بجب إتمامه فيه ، فأجابت المحكمة على ذلك بأنها رأت من الأوراق أن نية المتعاقدين انصرفت إلى أن كلا الطرفين التزم بما تعهد به مقابل التزام الآخر بتعهده ، وان التطهير كان يجب أن يتم من جانب البائع في ميعاد غايته اليوم الذي حدد لاستحقاق القسط الأخير من باقي ثمن المبيع ، وكان ما أوردته المحكمة في هذا الصدد من شأنه أن يؤدي إلى ما انتهت إليه ، فلا معقب عليه في ذلك ( نقض مدني 26 أبريل سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 245 ص 645 ) .
( [1452] ) ولما كان المشتري ينزل بهذا الاتفاق عن حق له ، فإنه يجب أن يكون النزول واضحاً لا لبس فيه شأن النزول عن أي حق . فلا يكفي وعد المشتري بعد كشفه قيام سبب الحبس أن يدفع الثمن في ميعاد معين ، فقد يحمل هذا الوعد على المشتري أراد أن يفسخ الوقت أمام البائع لإزالة سبب الحبس . كذلك لا يكفي أن كيون المشتري قد تعهد بدفع الثمن لأجنبي لسقوط حق الحبس ، فإن المشتري يستطيع أن يحتج بحقه في الحبس تجاه الأجنبي كما يحتج به تجاه البائع . وسنرى أنه لا يكفي أن يقبل المشتري حوالة البائع للثمن ، فالقبول وحده لا يستخلص منه نزول المشتري عن حقه في الحبس ، فإذا اقترن بظروف تقيد هذا القبول سقط حق المشتري في الحبس ( بودري وسينيا فقرة 513 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 151 ) .

كذلك لا يكفي علم المشتري وقت البيع بخطر نزع الملكية منه حتى يحرم من حق الثمن وإن كان التقنين اللبناني ( م 470 ) ينص على أن ذلك يكفي . ذلك أن علم المشتري بسبب الاستحقاق في القانون المصري لا يكفي لسقوط ضمان الاستحقاق عن البائع فلا يكفي هنا أيضاً لسقوط حق حبس الثمن عن المشتري . وقد قضت محكمة النقض بأن جهل المشتري سبب نزع الملكية وقت الشراء ليس شرطاً في قيام حقه في الحبس ، أما علمه بهذا السبب فقد يصلح أو لا يصلح دلالة على تنازله عن الحبس ، وذلك على حسب ما ينبئ به واقع الدعوى ( نقض مدني 4 ديسمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 237 ص 498 . وانظر أيضاً بودري وسينيا فقرة 512 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 151 ) .
( [1453] ) استئناف مختلط 28 مارس سنة 1906 م 18 م 171 - ويجب أن يكون الضمان قد سقط كلية عن البائع ، أما إذا كان لا يزال ملزماً بدفع قيمة المبيع فإن للمشتري الحق في حبس الدائن ( بودري وسينيا فقرة 514 - بلانيول وربيير وهامل 10 فقرة 151 ) .
( [1454] ) وإذا سلم المشتري الثمن للمحامي الذي يتولي كتابة العقد أو للوسيط ، فإن كان سلمه له معتبراً إياه وكيلا عن البائع لم يستطيع استرداده ، أما إن كان سلمه له معتبراً إياه وكيلا عنه لتسلمه إلى البائع بعد الكشف عن العقار جاز له أن يسترده ( الأستاذان احمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 435 هامش 1 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 294 ص 337 - ص 338 ) .
 
( 89 ) بودري وسينيا فقرة 509 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 150 .
( 90 ) بودري وسينيا فقرة 508 بلانيول ورييبر وهامل 10 فقرة 152 - أوبري ورو 5 فقرة 356 ص 101 .
( 91 ) ويستطيع بعد إبداعه خزانة المحكمة وقبل قبول الإيداع أو الحكم بصحته ، أن يسترده ويحبسه في يده ( بودري وسينيا فقرة 511 ) .
( 92 ) نقض مدني 9 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 350 ص 679 - استئناف مصر 24 نوفمبر سنة 1944 المجموعة الرسمية 44 رقم 62 - استئناف مختلط 7 يونيه سنة 1945 م 57 ص 176 . بل لا يستطيع المشتري حبس الفوائد مع الثمن ما لم يكن قد حرم من الانتفاع بالمبيع فعند ذلك يحق له حبس الفوائد أيضاً ( بودري وسينيا فقرة 519 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 152 - قارن لوران 74 فقرة 327 - وانظر استئناف مختلط 26 فبراير سنة 1935 م 47 ص 168 ) .
( 93 ) ولكنها لا تنقطع إذا كان الإيداع غير صحيح ( نقض مدني 25 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 134 ص 534 ) ، أو كان قد أودع الثمن وحجز عليه دائنو البائع وبقى مودعاً بسبب معارضة منه في التوزيع الوقتي أو النهائي ويتبين أن المعارضة لا أساس لها ( استئناف مختلط 3 يناير سنة 1922 م 34 ص 98 ) .

( 94 ) أوبري ورو 5 فقرة 356 ص 101 - بوردي وسينيا فقرة 519 . وانظر آنفاً فقرة 394 في الهامش .
( [1461] ) بلانيول وريبير وهامل 109 فقرة 149 ص 173 - وإذا اختلف المشتري مع البائع على القدر الذي يحبسه من الثمن قدرت المحكمة هذا القدر وتستأنس في ذلك عند الحاجة برأي الخبراء ( بودري وسينيا فقرة 518 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 294 - الأستاذ محمد علي إمام فقرة 238 - وقارن الأستاذ جميل الشرقاوي ص 297 ) .

وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني نص ( م 470 ) يقضي بأنه " إذا كان التعرض مقصوراً على قسم من المبيع ، فلا يحق للمشتري أن يحبس من الثمن إلا ما يناسب ذلك القسم " . ( انظر آنفاً فقرة 395 في الهامش ) .
( [1462] ) بودري وسينيا فقرة 507 .
( [1463] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " وحق الحبس هذا ليس إلا تطبيقاً للحق في الحبس وللدفع بعدم تنفيذ العقد وهما مقرران في القواعد العامة "

( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 136 ) .

على أن هناك توسعاً في مبدأ الدفع لعدم التنفيذ إذا كان حق المشتري في حبس الثمن يرجع إلى تعرض فعلي أو عيب كشفه المشتري ، بل إلى مجرد خشية المشتري من أن ينزع المبيع من يده ، فهنا لا يمكن القول بأن البائع لم ينفذ التزامه ، بل كل ما هنالك أنه يخشي من عدم إمكان البائع من تنفيذ التزامه ، وهذه حالة لا تجيز الدفع بعدم التنفيذ في تطبيقاته العامة ، وتجيزه هنا في تطبيق الخاص ( بلانيول وهامل 10 فقرة 148 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 279 ص 294 - الأستاذ عبد المنعم البدراوي ص 549 ) . ومن ناحية أخرى فإن مبدأ الدفع بعدم التنفيذ أوسع من الحالات المذكورة في المادة 457  /  3 و 2 مدني ، فيصح للمشتري أن يحبس الثمن إا تعرض له البائع شخصياً أو إذا لم يقم بالإجراءات اللازمة لنقل الملكية أو إذا لم يسلم المبيع أو إذا لم يقم بأي التزام آخر نشأ في ذمته من عقد البيع ( الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 199 صص 370 - ص 371 - الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 279 - ص 296 - الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 228 ) .
( [1464] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 136 - استئناف مختلط 22 مايو سنة 1913 م 25 ص 393 - أول أبريل سنة 1314 م 26 ص 303 - 2 يونيه سنة 1932 م 44 ص 356 - 14 أبريل سنة 1937 م 49 ص 193 .

وتقدم الكفالة في حدود الثمن الجائز حبسه ، فإذا زاد التعويض عن ذلك لم تكن الكفالة واجبة إلا بمقدار الثمن فهو وحده الذي يحقق للمشتري أن يحصل على ضمان لاسترداده من البائع إذا كان للاسترداد محل . وتقديم الكفالة من حق البائع ، فإذا لم يشأ تقديمها لم يستطع المشتري إجباره على ذلك ، وليس له إلا حبس الثمن ( بودري وسينيا فقرة 515 ) . وإذا كان هناك اتفاق على أن المشتري لا يدفع الثمن إلا بعد أن يشطب القيود المتخذة على المبيع ، كان للمشتري إلا يدفع الثمن ولو قدم البائع له كفالة إلا بعد شطب القيود ( بودري وسينيا فقرة 516 ) كذلك يحق للمشتري حبس الثمن بالرغم من تقديم الكفالة إذا أراد تطهير المبيع من الرهن ووجب لذلك أن يستبقى الثمن في يده لعرضه على الدائن المرتهن ( بودري وسينيا فقرة 517 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 153 ) .

وإذا كان البيع ملحوظاً فيه وفاء الديون التي على العين المبيعة من الثمن ، أغنى عن تقديم الكفالة أن يطلب البائع من المشتري إيداع الثمن خزانة المحكمة على ذمة الدائنين للوفاء بديونهم وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الثابت من وقائع الدعوى أن المشترين تسلموا العين المبيعة ولم يدفعوا سوى جزء من الثمن حتى استحق عليهم القسط الثاني منه وكان هذا البيع ملحوظاً فيه وفاء الديون التي على العين المبيعة من الثمن ، ثم أنذرهم بإيداع الثمن خزانة المحكمة على أن يستحضر الدائنين المسجلين ويوفيهم مقابل تطهير العين المبيعة من حقوقهم عليها ، ومع ذلك لم يودعوا فطلب البائع فسخ البيع ، فقضت المحكمة برفض هذا الطلب ، مؤسسة حكمها على مجرد أن المشترين استخرجوا في نفس الشهر الذي حصل فيه البائع شهادة عقارية دالة على أن العين المبيعة كانت مثقلة باثنى عشر تسجيلا أربت على ألفي جنيه ، وأن جنيه ، وأن هذه الشهادة شملت جملة تنبيهات عن نزع ملكية العين ، وأن هذه الحالة تشفع للمشترين في حبس الثمن لمئول خطر نزع الملكية فهذا القضاء يكون مخالفاً للقانون . إذ الإيداع بالخزانة هو خير كفالة يمكن أن يطالب بها المشتري ، فعليه متى طلب ذلك أن يودع الثمن معم اشتراط تطهير العين المبيعة من التسجيلات قبل صرفه إلى البائع . ولا يعد عذراً في حبس الثمن أن تكون الديون زائدة عليه ما دام المشتري غير مطلوب منه أن يودع أكثر من الثمن وما دام هو ليس له أن يطلب أكثر من تطهير العين قبل صرف الثمن إلى البائع ( نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر رقم 175 ص 497 ) .
( [1465] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 605 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا عبارة " سلم فيه المبيع " الواردة في الفقرة الأولي فقد كانت في المشروع التمهيدي " يسلم فيه المبيع " وعدلت هذه العبارة في لجنة المراجعة ، فأصبح النص مطابقاً ، وصار رقمه 496 في المشروع النهائي ، ووافق عيه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت 456 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 132 - ص 134 ) .
( [1466] ) التقنين المدني السابق م 328  /  406 : يجب على المشتري وفاء الثمن في الميعاد وفي المكان المعينين في عقد البيع وبالشروط المتفق عليها فيه .

م 229 فقرة 2 و 3  /  408 - 499 :وإذا كان الثمن مؤجلا يكون دفعة في محل المشتري ومع ذلك يراعي في هذه المادة عرف البلد والعرف التجاري .

( ولم يذكر هذه النصوص أن مكان الوفاء بالثمن هو نفس مكان التسليم المبيع لو كان وقت دفع الثمن هو نفس وقت تسليم المبيع ، ولكن هذا الحكم كاهن يستخلص ضمناً من مقصود .
( [1467] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 242 ( مطابقة للمادة 456 مصري . وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ منصور الزرقا فقرة 225 ) .

التقنين المدني الليبي م 445 ( مطابقة للمادة 456 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 573 : إذا كان مكان وفاء الثمن معيناً في العقد لزم أداؤه في مكان المشترط أداءه فيه ، فإذا لم يعين المكان وجب أداؤه في المكان الذي يسلم فيه المبيع وإذا لم يكن الثمن مستحقاً عند تسليم المبيع ، وجب الوفاء به في موطن المشتري وقت الاستحقاق ، ما لم يوجد عرف أو قانون يقضي بغير ذلك

( وأحكام التقنين العراقي تتفق في مجموعها معم أحكام التقنين المصري - أنظر في القانون المدني العراقي الاستاذ 1 حسن الذنون فقرة 272 وفقرة 287 والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 550 - فقرة 552 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا يوجد نص مقابل ، فتسري القواعد العامة ، وهذه تقضي بأن يكون الوفاء بالثمن في موطن المشتري ( م 302 لبناني ) ، ما لم يوجد اتفاق بخلاف ذلك .
( [1468] ) فإذا كان المشتري هو الذي يطلب المبيع وجب عليه أولاً أن يدفع الثمن ، وإذا كان البائع هو الذي يطلب ثمن وجب عليه أولا أن يسلم المبيع ( أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ venteفقرة 1518 ) . وإذا أرسل البائع السلعة إلى المشتري في مقابل دفع ثمنها ( contre rembour sement ) فكان تسليم المبيع ودفع الثمن هو موطن المشتري ( أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ venteفقرة 1613 ) .
( [1469] ) أنظر آنفاً فقرة 310 .
( [1470] ) ولا بد أن يتم التسليم فعلا في المكان الذي يدفع فيه الثمن ، حتى يكون تنفيذ كل من الالتزامين المتقابلين في مكان وأحد . وهذا ما يعلل أن عبارة " يسلم فيه المبيع " التي كانت واردة في نص المشروع التمهيدي قد عدلت في لجنة المراجعة فأصبحت " سلم فيه المبيع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 133 - وانظر آنفاً فقرة 398 في الهامش ) .
( [1471] ) ولكن إذا كن الأجل الممنوح للمشتري لدفع الثمن هو نظرة الميسرة أو كان أجلا تفضل به عليه البائع ، بقى المشتري ملتزماً بدفع الثمن في مكان الذي تسلم فيه المبيع وإن كان يدفعه في وقت غير وقت تسليم المبيع ( جيوار 2 فقرة 560 - أوبري ورو 5 فقرة 356 ص 100 - بودري وسينيا فبة 496 - بلانيول وريبير وهامل 10 ص 165 هامش 2 ) .
( [1472] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المكان الذي يجب فيه الوفاء بالثمن : " أما المكان فقد كانت القواعد العامة تقضي بأن يكون موطن المشتري وقت الاستحقاق الثمن ، وهذا ما قرره المشروع فيما أذا لم يكن الثمن مستحقاً وقت تسليم المبيع . أما إذا كان مستحقاً في الوقت ، فإن البيع وهو عقد ملزم للجانبين يجب أن ينفذ جمله واحدة فيدفع الثمن وقت تسليم المبيع وفي مكان هذا التسليم . كل هذا لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 136 ) .
( [1473] ) وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص هو المادة 609 من هذا المشروع وكانت تجري على الوجه الآتي : " إذا لم يدفع المشتري عند استحقاقه ، أو لم يقم بالالتزامات الأخرى التي نشأت من عقد البيع ، فالبائع بالخيار بين أن يلزم المشتري التنفيذ أو أن يطلب فسخ البيع " . والنص مقتبس من المادة 332  /  413 من التقنين المدني السابق ، وتنص على أنه " إذا طلب إلزام المشتري بدفع الثمن " . وقج حذفت المادة 609 من المشروع التمهيدي في لجنة المراجعة " لأنها مستفادة من القواعد العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 146 في الهامش وص 149 في الهامش ) . وانظر أيضاً الفقرة الأولي من المادة 581 من التقنين المدني العراقي وانظر استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1944 م 56 ص 105 .
( [1474] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 151 - ص 152 وص 154 .
( [1475] ) وقد يشترط البائع إلا يتصرف المشتري في المبيع قبل وفائه بالثمن كاملا ، فهذا الشرط صحيح ، ومتى سجل البيع مقترناً بهذا الشرط جاز الاحتجاج به على من يتصرف له المشتري م 39 ص 124 : ولكن يجوز للمشتري أن يعتبر البيع الصادر له سبباً صحيحاً للتمسك بالتقادم القصير –17 فبراير سنة 1927 م 39 ص 146 - 17 أبريل سنة 1934 م 46 ص :25 ) . قد يحتفظ البائع بالملكية حتى وفاء الثمن ( استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1922 م 3 ص 91 - 4 مارس سنة 1924 م 36 ص 247 ) ، وقد يشترط أنه في حالة تأخر المشتري في دفع القسط تحل باقي الأقساط وتستحق عليها جميعاً فوائد تأخير دون حاجة إلى إعذار ، فيصح الشرط ( استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1983 م 50 ص 363 ) . وإذا اشترط البائع فسخ البيع عند تأخر المشتري في دفع قسط مع اعتبار الأقساط المدفوعة من قبل مستحقة للبائع على سبيل التعويض ، نظر القاضي في إعطاء البائع التعويض المناسب ، وإلا كان المبلغ المدفوع على سبيل التعويض أكبر كلما كانت الأقساط المدفوعة أكثر ( استئناف مختلط 19 مارس سنة 1929 م 41 ص 307 - 14 أبريل سنة 1931 م 43 ص 349 - أول مارس سنة 1938 م 50 ص 15 ) .
( [1476] ) تاريخ النصوص

م 459  /  ورد هذا النص في المادة 707 من المشروع التمهيدي ، والفقرة الأولي من نص المشروع التمهيدي تطابق ما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد . أما الفقرة الثانية من نص المشروع التمهيدي فكانت تجري على الوجه الآتي : " وكذلك يجوز للبائع أن يحبس المبيع ، حتى لو لم يحل الأجل المشترط لدفع الثمن ، إذا كان المشتري قد أضعف ما قدمه من تأمينات للوفاء بالثمن ، أو كان في حالة إعسار يوشك معها أن يضيع الثمن على البائع ، ما لم يقدم المشتري كفيلا " وفي لجنة المراجعة عدلت الفقرة الثانية بحذف الجزء الأخير منها وإحالة الحكم الوارد فيه على المادة 273 من التقنين المدني الجديد ، وأصبحت المادة رقمها 472 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 459 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 143 - ص 145 ) .

م 460 :ورد هذا النص في المادة 608 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : دون إذن من البائع ، وإلا جاز لهذا البائع أن يسترد المبيع . 2 - على أنه إذا هلك المبيع في يد المشتري ، كان الهلاك عليه . 3 - أما إا إذا سلم البائع المبيع طوعاً فليس له أن يسترده ، ولكنه يحتفظ بحقه في المطالبة بفسخ العقد " . وفي لجنة المراجعة حذفت الفقرة الثالثة لعدم ضرورتها وعدلت الفقرة الثانية بجعلها على حكم الحالة العكسية لأنها أكثر خفاء ، فأصبح النص على الوجه الآتي : " 1 - إذا استعمل البائع حقه في حبس المبيع حتى يستوفي الثمن ، فليس للمشتري أن يستولي على المبيع دون إذن البائع ، وإلا جاز للبائع أن يسترد المبيع . 2 - وفي جميع الأحوال إذا هلك المبيع في يد البائع وهو حابس له . كان الهلاك على المشتري " وصار رقم المادة 473 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب حذفت الفقرة الأولي لأنها " تطبيق واضح للقواعد العام لا للنص عليه " فأصبحت المادة مقصورة على الفقرة الثانية بعد أن أضافت إليها اللجنة حالة ما إذا كان المبيع قد هلك بفعل البائع وهو حابس له وقضت أن الهلاك في هذه الحالة يكون عليه لا على المشتري ، وهذه الحالة محتملة الوقوع فوجد من المفيد النص عليها . ,وأصبح نص المادة مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 460 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 146 وص 148 - ص 149 ) .
( [1477] ) التقنين المدني السابق م 274  /  345 :وضع اليد على المبيع بدون إذن البائع لا يكون معتبراً أن لم يدفع الثمن المستحق ، بل يكون للبائع الحق حينئذ في استرداد المبيع ، وإنما إذا هلك المبيع وهو في حيازة المشتري ، كان هلاكه عليه .

م 279  /  350 :للبائع الحق في حبس المبيع في يده لحين استيلائه على المستحق فوراً من الثمن كلا أو بعضاً على حسب الاتفاق ، ولو عرض المشتري عليه رهناً أو كفالة ، هذا إن لم يكن البائع المذكور قد أعطي المشتري بعد البيع أجلا لدفع الثمن لم يحل .

م 280  /  351 : ليس للبائع الذي لم يتحصل على الثمن المستحق دفعه إليه أن يسترد المبيع الذي سلمه باختياره للمشتري ، وإنما له الحق في الحصول على فسخ عقد البيع بسبب عدم الوفاء به .

م 281  /  353 :إذا قلت التأمينات المعطاة من المشتري لدفع الثمن أو صار في حالة إعسار يترتب عليه ضياع الثمن على البائع ، جاز للبائع المذكور حبس المبيع عنده ولو لم يحل الأجل المتفق عليه لدفع الثمن فيه ، إلا إذا إعطاء المشتري كفيلا .

م 352 مختلط : وليس للبائع أن يمتنع عن التسليم إذا حول المشتري بجميع الثمن أو بجزء منه ( وأحكام التقنين السابق تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين الجديد ، فيما عدا المادة 352 مختلط فهذه حذفت لأنها على غير مقتضى القواعد العامة المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 135 - ص 154 ) .
( [1478] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 427 – 428 ( مطابقتان للمادتين 459 - 460 مصري . وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 231 - فقرة 236 ) .

التقنين المدني الليبي م 448 – 449 ( مطابقتان للمادتين 459 - 460 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 577 : 1 - للبائع حبس إلى أن ستوفي ما هو حال من الثمن ولو كان المبيع جملة أشياء بيعت صفقة واحدة ، فله حبسه إلى أن يستوفي الثمن الحال ، سواء سمي لكل منهما ثمن أو لم يسم . 2 - حق إعطاء المشتري رهناً أو كفيلا بالثمن لا يسقط حق الحبس .

م 578 : 1 - إذا سلم البائع المبيع قبل قبض الثمن ، فقد أسقط حق حبسه ، وليس للبائع في هذه الحالة أن يسترد المبيع من يد المشتري ويحبسه إلى أن يستوفي الثمن . 2 - وقبض المشتري المبيع بدون إذن البائع قبل أداء الثمن لا يكون معتبراً ، وللبائع حق استرداده فإن هلك المبيع أو تعبب وهو في يد المشتري ، ينقلب القبض معتبراً ، ويلزم المشتري بأداء ما في ذمته من الثمن .

م 579 :1 - إذا كان الثمن مؤجلا في عقد البيع أو رضي البائع بتأجيله لعد البيع ، فلا يحق له في حبس المبيع ، بل يلزم بتسليمه إلى المشتري ولا يطالب بالثمن قبل حلول الأجل . 2 - على أنه يجوز للبائع أن يحبس المبيع حتى لو لم يحل الأجل المشترط لدفع الثمن ، إذا كان المشتري قد أضعف ما قدمته من تأمينات للوفاء بالثمن ، أو كان في حالة إعسار يوشك معها أن يضيع الثمن على البائع ، وهذا ما لم يقدم المشتري كفالة .

م 580 : إذا مات المشتري مفلساً قبل قبض المبيع ودفع الثمن ، فللبائع حق حبسه إلى أن يستوفي الثمن أو تبيعه المحكمة وتؤدي للبائع حقه من ثمنه . فإن زاد عن حق البائع يدفع الزائد لباقي الغرماء ، وإن نقص ولم يوف حق البائع بتمامه فيكون أسوة للغرماءؤ فيما بقى له .

( وأحكام التقنين العراقي تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري . أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 293 - فقرة 299 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 566 - فقرة 571 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 407 : يجب أن يكون التسليم في وقت المعين له في العقد ، وإذا لم يعين وقت وجب التسليم على أثر إنشاء العقد مع مراعاة المهل التي تقضيها طبيعة المبيع أو العرف . أن البائع الذي لم يمنح المشتري مهلة للدفع لا يلزم بتسليم المبيع ما دام المشتري لم يدفع الثمن . ولا يقوم مقام دفع الثمن كفالة أو غيرها من وجوه التأمين .

408 : إذا كان ثمن عدة أشياء جملة ، فيحق للبائع أن يحبسها كلها لديه إلى أن يقبض مجموع أثمانها ، وإن كان ثمن كل منها قد عين على حدة .

409 : ليس للبائع أن يمتنع عن تسليم المبيع : أولا –إذا أجاز لشخص آخر أن يقبض الثمن أو البقية الوجبة منه . ثانياً –إذا قبل حوالة على شخص آخر في دفع الثمن أو البقية الوجبة منه . ثالثاً –إذا منح المشتري بعد العقد مهلة الدفع .

م 410 : لا يلزم البائع بتسليم المبيع وان يكن قد منح الشاري مهلة للدفع : أولا - إذا أصبح المشتري بعد انعقاد البيع في حالة الإعسار . ثانياً –إذا كان في حالة الإفلاس أو التصفية القضائية عن البيع مع جهل البائع لحالته . ثالثاً –إذا نقصت التأمينات التي قدمها ضماناً للدفع حتى أصبح البائع مستهدفاً لخطر هلاك الثمن .

م 411 : إذا استعمل البائع حق حبس المبيع بمقتضى المواد المتقدم ذكرها ، كان ضماناً للمبيع على الشروط يضمن بها الدائن المرتهن الشيء المرهون عنده .

( وتتفق أحكام التقنين اللبناني اللبناني مع أحكام التقنين المصري ، فيما عدا : ( 1 ) أن قبول البائع لحوالة الثمن على شخص آخر يسقط حقه في الحبس في التقنين اللبناني ، كذلك إذا أجاز البائع أن يقبض الثمن شخص آخر . أما في القانون المصري فيبقى حق الحبس ضماناً للبائع . ( 2 ) حالات سقوط الأجل في القانون اللبناني تخلف في بعض تفصيلاتها عن حالات سقوط الأجل في القانون المصري ، أما في هلاك العين المبيعة وهي محبوسة في يد البائع بغير فعل البائع ، فإن الهلاك يكون على المشتري في القانون المصري ، وقد أحال التقنين المصري ، وقد أحال التقنين اللبناني في ذلك على أحكام الرهن وتقضي المادة 108 من قانون الملكية العقارية في لبنان بأن " يبقى العقار بإشراف واضع اليد ويبقى بعهدة المالك على مسئوليته إذا أثبت المرتهن حدوث ظروف قاهرة " . فالهلاك إذن يكون على المالك أي الراهن في حالة الرهن وعلى المشتري في حالة البيع ، ويكون حكم التقنين اللبناني متفقاً في مع حكم التقنين المصري ) .
( [1479] ) أنظر الوسيط جـ 3 فقرة 71 - فقرة 75 .
( [1480] ) ويجب أن يسقط الأجل فعلا ، فلا يكفي مجرد خشية البائع أن يكون المشتري معسراً عند حلول الأجل ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 180 وهامش رقم 3 ) . أما إذا كان البائع قد منح المشتري أجلا وهو يجهل أنه مفلس أو معسر فإن الأجل يمكن إسقاطه في هذه الحالة للغلط ، ويكون البائع حبس المبيع ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 180 هامش رقم 4 ) .
( [1481] ) ولكن قد يقع في هاتين الحالتين –وقت دفع الثمن متأخر عن وقت تسليم المبيع أو تحديد وقت لدفع الثمن دون تحديد وقت لتسليم المبيع –إلا يطالب المشتري بتسليم المبيع حتى يحين وقت دفع الثمن ، فللبائع عندئذ أن يحبس المبيع حتى يستوفي الثمن المستحق .
( [1482] ) بودري وسينيا فقرة 307 ص 308 .

 
( [1483] ) لوران 24 فقرة 170 - جيوار 2 فقرة 217 - أوبري ورو 5 فقرة 354 هامش رقم 12 - بودري وسينيا فقرة 306 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 157 ص 197 .
( [1484] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 152 .
( [1485] ) والظاهر من تطبيق القواعد العامة أن عبء الإثبات على المشتري ، فهو الذي عليه أن يثبت أنه وفي بالثمن الحال في ذمته حتى يطالب البائع تسليم المبيع والامتناع عن حبسه في يده ، ذلك لأن المشتري هو المدين بالثمن والمدين هو الذي يقع عليه عبء إثبات التخلص من دينه ( انظر مع ذلك بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 156 ص 179 ) .
( [1486] ) انظر الوسيط جزء 2 فقرة 668 - فقرة 678 .
( [1487] ) أنظر المادة 577  /  1 عراقي والمادة 408 لبناني ( آنفاً فقرة 402 في الهامش ) .
( [1488] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما ثمرات المبيع وقت الحبس فيهي للمشتري من وقت استحقاق الثمن . وعليه فوائد الثمن " مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 153 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه من المقرر قانوناً أن البائع له الحق في حبس العين المبيعة في فترة حبس العين . كذلك المشتري الذي يفسخ العقد البيع الصادر له ، له حق حبس العين المحكوم بفسخ البيع الصادر فيها حتى يوفي الثمن السابق له دفعه ، وهو في وضع يده حسن النية فلا يطالب بثمرات العين في فترة حبسها ( استئناف مصر 20 يناير سنة 1949 المجموعة 40 رقم 161 ) .
( [1489] ) أنظر المادة 274  /  345 من التقنين المدني السابق والمادة 588  /  2 عراقي ( آنفاً فقرة 402 في الهامش ) . ولكن إذا هلك المبيع في يد المشتري قبل أن يسترده البائع ، كان الهلاك على المشتري من باب أولي ما دام أنه يهلك على المشتري حتى لو كان في يد البائع ، ويجب على المشتري الوفاء بالثمن بالرغم من هلاك المبيع في يده ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 1253 ) .
( [1490] ) استئناف مختلط 6 أبريل سنة 1920 م 32 ص 251 - ولكن لا يعتبر تسليم المبيع إلى المشتري قرينه قانونية على أن الثمن قد دفع ، وقد يكون قرينة قضائية إذ سمحت ظروف الدعوى باستخلاص هذه القرينة ( كولان وكابيتان 2 فقرة 941 ص 625 - بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 2492 ) .
( [1491] ) ويزول حق البائع في حبس المبيع حتى لو رجع إليه بطريق آخر ، كبائع السيارة يسلمها للمشتري ، ثم يسترد جعلها لإصلاحها فلا يستطيع أن يحبسها بالثمن ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2460 ) . وكما يجوز للبائع النزول عن حق الحبس إطلاقاً ، ويجوز له أيضاً أن ينزل عنه بشرط أن يقدم له المشتري كفالة أو رهناً بالثمن ، فإذا قدم له هذا الضمان ، سلمه المبيع واستعاض بالضمان عن حق الحبس .
( [1492] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 153 - وانظر المادة 280  /  351 من التقنين المدني العراقي آنفاً فقرة 402 في الهامش .
( [1493] ) انظر العبارة الأخيرة من الفقرة الأولي من المادة 459 مدني ، والعبارة الأخيرة من المادة 279  /  350 من التقنين المدني السابق ، والمادة 579  /  1 من التقنين المدني العراقي والمادة 409 ثالثاً من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفاً فقرة 402 في الهامش ) - وهذا ما لم يتحفظ البائع عند منحه الأجل للمشتري ، فيمنحه الأجل مع الاحتفاظ بحقه في حبس البائع للمشتري أجلا جديداً للدفع ولم يتحفظ ، سقط حقه في الحبس ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 153 ) . وقد قدمنا أن الأجل ( نظرة الميسرة ) الذي يمنحه القاضي للمشتري للوفاء بالثمن لا يسقط حق البائع في حبس المبيع حتى يستوفي الثمن بعد انقضاء نظرة الميسرة ، لأن القاضي لا البائع هو الذي منح المشتري الأجل .
( [1494] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ، " فإذا كان الثمن كله أو بعضه يستحق الدفع ولم يدفع ، جاز للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي ما هو مستحق له ولا يسقط حقه في الحبس ( إلا أن يقدم له :اقرأ ولو قدم له ، وما ورد في المذكرة الإيضاحية وقع فيه خطأ مادي ) المشتري رهناً أو كفالة ، لأن البائع يطلب حقاً واجب الوفاء في الحال " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 153 - ص 154 ) .
( [1495] ) أنظر آنفاً فقرة 397 .
( [1496] ) بل وللمحال له أن يطلب فسخ البيع ، ويأخذ المبيع بدلا من الثمن –ومن أجل ذلك لم ينقل التقنين المدني الجديد الحكم الذي كان وارداً في المادة 352 مدني مختلط ، وكانت تنص على أنه " ليس للبائع أن يمتنع من التسليم إذا حول المشتري بجميع الثمن أو يجزء منه " ، فهذا الحكم لا يتفق مع القواعد العامة ، وقد رأينا مقتضى تطبيقها فيما قدمناه . وكان القضاء الوطني يقضي في عهد التقنين المدني السابق بأن البائع الذي حول الثمن يبقى محتفظاً بحق حبس المبيع ، لأن التقنين المدني الوطني أغفل ذكر المادة 352 من التقنين المدني المختلط . فقضت محكمة شبين الكوم الكلية بأنه إذا حول البائع الثمن إلى شخص آخر ، فمجرد هذا التحويل لا يفهم منه صراحة أو ضمناً سقوط حق البائع في حبس العين المبيعة في القانون الأهلي ، وذلك لأن الشارع قد أغفل في القانون المدني الأهلي ذكر المادة 352 من القانون المدني المختلط ، ويفهم من هذا الشارع الأهلي قصد ألا يسقط حق حبس العين إلا بالتسليم الحقيقي أو التنازل الصريح عن هذا الحق أو دفع الثمن بالفعل ( 18 يناير سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 94 ) .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد إغفال المشروع للمادة 352 مختلط : " ولم ينقل المشروع المادة 352 من التقنين المختلط . فقد تركت هذه المسألة يستخلص حكمها من القواعد العامة ، وهذه تقضي بأن البائع إذا حول حقه في الثمن انتقل إلى المحال له ما كان للبائع من ضمانات " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 154 ) . والمفروض في هذه الحالة الأخيرة أن المشتري هو الذي أجرى حوالة الدين بالثمن فقله من ذمته إلى ذمة المحال عليه ، وقبل البائع هذه الحوالة ، فلا يعد قبوله للحوالة نزولا منه عن حقه في حبس البيع ، بل له أن يحبس المبيع عن المشتري حتى يستوفي الثمن أما من المحال عليه وإما من المشتري نفسه .

ومن هنا نرى أن الأحكام الثلاثة التي أوردها تقنين الموجبات والعقود اللبناني في المادة 409 منه لا يتفق مع القواعد العامة في الحكمين الأولين ، وتتفق معها في الحكم الثالث وحده . وتنص هذه المادة كما رأينا ( أنظر فقرة 402 في الهامش ) ، على ما يأتي : " ليس للبائع أن يمتنع عن تسليم المبيع : أولاً –إذا أجاز لشخص آخر أن يقبض الثمن أو البقية الواجبة منه . ثانياً - إذا قبل حوالة على شخص آخر في دفع الثمن أو البقية الواجبة منه ، ثالثاً –إذا منح المشتري بعد العقد مهلة الدفع " .
( [1497] ) أنظر أيضاً في هذا المعنى المادتين 158 - 159 من التقنين المدني السوري والمادتين 159 - 160 من التقنين المدني الليبي ، والمادتين 177 - 178 من التقنين المدني العراقي ، والمادة 42 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني .
( [1498] ) انظر ما يلي فقرة 407 وفقرة 411 .
( [1499] ) وكان هذا النص يقابل في التقنين المدني السابق المادة 333  /  414 - 415 ، وهي تنص على أنه " يجوز للمحكمة أن تعطي لأسباب قوية ميعاداً للمشتري لدفع الثمن مع وضع المبيع تحت الحجز عند الاقتضاء . ولا يجوز أن يعطي إلا ميعاداً واحداً " ويقابل في التقنين المدني العراقي المادة 581 ، وهي تنص على ما يأتي : " 1 - إذا لم يدفع المشتري عند استحقاقه ، أو أخل بالإلتزامات الأخرى التي نشأت عن عقد البيع ، فالبائع بالخيار أما أن يلزم المشتري بالتنفيذ ، وإما أن يطلب فسخ البيع . 2 - ويتعين الحكم بالفسخ فوراً إذا طلب البائع ذلك وكان مهدداً أن يضيع عليه المبيع والثمن . فإذا لم يكن مهدداً بذلك ، جاز للمحكمة أن تنظر المشتري إلى أجل تقدر مدته تبعاً للظروف ، على أن يدفع المشتري الفوائد القانونية إذا لم يتفق على فوائد أخرى . فإذا انقضي الأجل دون أن يدفع المشتري الثمن ، وجب الحكم بفسخ البيع دون إنظار المشتري إلى أجل آخر " .
( [1500] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 147 في الهامش وص 149 في الهامش .
( [1501] ) أنظر في القواعد العامة في الفسخ القضائي الوسيط جزء أول فقرة 465 - فقرة 479 .
( [1502] ) ولمحكمة الموضوع أن تستخلص من المستندات المقدمة لها من أن المشتري قد نفذ لالتزامات التي ترتبت عليه بمقتضى عقد البيع ، وسلطتها في ذلك تامة لا رقابة عليها لمحكمة النقض ( نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 81 ص 152 ) . كما أن لها أن تستخلص أنه ينفذ هذه الالتزامات فتقضي بالفسخ ، سواء كانت هذه الالتزامات هي دفع الثمن أو التزامات أخرى أخذها المشتري على نفسه في عقد البيع . ففي قضية اشتري شخص أرضاً من مصلحة الأملاك ، وتعهد بإقامة معامل صناعية عليها في مدى ثلاث سنوات دون أن يقيم هذه المعامل ، ثم نشبت الحرب فادعي أن الحرب تمنعه من الوفاء بالتزاماته ، واستخلصت محكمة الموضوع من هذه الوقائع بان نيته في عدم إقامة البناء قد تبينت من قبل نشوب الحرب بمدة طويلة ( نقض مدني 31 مايو سنة 1945 مجموعة عمر رقم 262 ص 712 ) . فإذا ارتفع السبب الذي أسس عليه البائع طلب الفسخ ، وجب طلب الفسخ على أساس آخر هو تقصير لمشتري فيما التزام به وقد قضت محكمةالنقض بأنه إذا أسس البائع دعواه بطلب فسخ عقد البيع أن المشتري ، بعد أن التزم بسداد ما هو مطلوب للحكومة التي تلقي عنها البائع ملكية المبيع من أقساط الثمن ، لم يقم بدفع شيء ، وأن الحكومة نزعت ملكية أطيانه هو وفاء لمطلوبها وبيعت ورسا مزادها على المشتري ، فحكمت المحكمة بالفسخ على أساس إجراءات البيع الجبري دون أن تعير التفاتاً إلى ما جاء بمحاضر جلسة البيع من أن مندوب الحكومة قرر أنها تنازل عن دعوى الفسخ لحصول اتفاق جديد بينها وبين البائع وأنها رخصت للراسي عليه المزاد المتخلف بقبض ما كان دفعه من الثمن وان هذا التنازل أثبت وألزمت الحكومة بالمصاريف ، فإنها تكون مخطئة ، لأن الفسخ تأسيسا على إجراءات البيع الجبري غير جائز ما دام هذا السبب قد ارتفع ، وكان الواجب بحث طلب الفسخ على أساس التقصير المدعى به على المشتري فيما التزم به في العقد ( نقض مدني 21 ابريل سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 114 ص 330 ) .
( [1503] ) وإذا اشترط البائع حلول الأقساط الباقية إذا تأخر المشتري في دفع قسط ، فإن ذلك لا يمنعه عند تأخر المشتري في الدفع من طلب فسخ البيع ( استئناف مختلط 20 أبريل سنة 1943 م 55 ص 135 ) ، وإذا اختار البائع المطالبة بالأقساط المتأخرة فذلك لا يمنعه إذا استمر المشتري في عدم الدفع من طلب الفسخ ( نفس الحكم السابق ) . وإذا اشترط البائع على المشتري إلا يبيع العين المشتراة ولا يرهنها إلا بعد وفاة الثمن كاملا ، فهذا شرط فاسخ لا شرط واقف ، ويكون للمشتري أن يبيع أو يرهن ، ولكن تصرفه يكون مطلقاً على شرط فاسخ هو دفع الثمن كاملا . فإذا لم يدفع ، جاز للبائع أن يفسخ البيع الأصلي فينفسخ تبعاً لذلك تصرف المشتري بالبيع أو بالرهن ( استئناف مختلط 4 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 31 )
( [1504] ) جيوار 2 فقرة 527 - أوبري ورو 5 فقرة 356 ص 104 - بوردي وسينيا فقرة 538 - عكس ذلك بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 163 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2587 - كولان وكابيتان 2 فقرة 593 - جوسران 2 فقرة 1141 .
( [1505] ) أما في التقنين المدني الفرنسي فيوجد نص خاص ( م 1978 ) يمنع من فسخ العقد بسبب التأخر عن دفع قسط الإيراد المرتب مدى الحياة ( بودري وسينيا فقرة 539 - بلانيول وريبر وهامل 10 فقرة 164 ص 186 - جوسران 6 فقرة 1142 ) . أنظر أيضاً المادة 480 فقرة ثالثة  /  588 من التقنين المدني السابق وكانت تجري على الوجه الآتي : " ويجوز لصاحب الإيراد أن يتحصل فقط على بيع أموال هذه المدين وتخصيص مبلغ من أثمانها كاف لأداء المرتبات المتفق عليها " . فكان النص يمنع الفسخ ، ولا يجيز إلا التنفيذ على الوجه المذكور ولكن التقنين المدني الجديد - المادة 746 السالفة الذكر –عدلت هذا النص ، ورجعت فيه إلى مقتضى القواعد العامة . والعبرة بتاريخ البيع ، فإن كان قبل 15 أكتوبر سنة 1949 سرى التقنين السابق ، وإلا فالتقنين الجديد .
( [1506] ) بودري وسينيا فقرة 537 - بلانويل وريبير وهامل 10 فقرة 162 - وإذا كان المبيع ينتج ثمرات وتسلمه المشتري ، وأودع الثمن خزانة المحكمة دون الفوائد وهي مستحقة في هذه الحالة بمجرد تسلم البيع ، لم يكن عرض الثمن دون الفوائد صحيحاً ، وجاز للبائع طلب الفسخ ( نقض مدني 13 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 110 ص 640 ) .
( [1507] ) وهي حالة ما إذا اتفق المتبايعان على ميعاد لدفع الثمن وتسليم المبيع .
( [1508] ) ولا يعتبر تغيراً لحالة المبيع يمتنع معه الفسخ أن يصبح المنقول عقاراً بالتخصيص إذا كان المنقول لا يزال محتفظاً بذاتيته المادية ، كماشية ألحقت بأرض زراعية ، وكالآلات الزراعية والسواقي ونحوها تخصص لخدمة الأرض ، وكالمرايا والتماثيل توضع في منزل ( بودري وسينيا فقرة 535 ) .
( [1509] ) وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص ورد حكماً غير هذا الحكم ، فكانت المادة 613 من المشروع تنص على ما يأتي : " 1 - إذا كان البيع غير مؤجل ، جاز للبائع إذا لم يستوف الثمن ، أن يسترد ما باعه من منقول ما دام المبيع في حيازة المشتري ، على أن يكون الاسترداد في مدة خمسة عشر يوما ً من وقت تسليم المبيع ، وعلى أن يبقى المنقول حافظاً لحالته التي تم عليها التسليم . 2 - على أنه لا يجوز أن يضر الاسترداد بامتياز المؤجر ، إلا إلا إذا أثبت أن المؤجر كان يعلم أن المنقولات وغيرها مما هو موجود بالعين المؤجرة لم يدفع ثمنها 3 - ولا يجوز الإخلال فيما تقدم بالقوانين والعادات التجارية المتعلقة بالاسترداد " . فكان هذا النص يجعل بيع المقول غير المؤجل –أي الذي لم يتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسليم المبيع –مفسوخاً من تلقاء نفسه دون اتفاق في العقد على ذلك ، إذا لم يستوف الثمن ولهذا أن يسترد المبيع من تحت يد المشتري إذا كان قد سلمه له وذلك في مدة خمسة عشر يوماً من وقت التسليم ، بشرط أن يكون المبيع لا يزال في حيازة المشتري ولا يزال حافظاً لحالته التي كان عليه وقت التسليم ، ودون إخلال بامتياز المؤجر وبالقوانين والعادات التجارية ( انظر في هذا المعنى المادة 2102 رابعاً من التقنين المدني الفرنسي والمادة 469 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ) . ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفت هذه المادة " لأنها تتناول تفصيلات يحسن أن تترك للقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 150 - ص 152 في الهامش ) . وبمقتضى تطبيق القواعد العامة أن يكون الفسخ قضائياً ، ومن ثم يترك القاضي سلطة التقدير فيما إذا كان يقضي بالفسخ أو يعطي مهلة للمشتري لدفع الثمن ، ولا يعتبر البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون أن يكون هناك اتفاق على ذلك ، شان المنقول في ذلك شأن العقار .
( [1510] ) وقضت نصت المادة 383 تجاري على أنه " يجوز استرداد البضائع المرسلة للمفلس المباعة إليه ما دامت لم تسلم إلى مخازنه ولا مخازن الوكيل بالعمولة المأمور ببيعها على ذمته ، إذا كان المفلس المذكور لم يدفع ثمنها كله ولو تحررت به منه ورقة تجارية أو دخل في الحساب الجاري بينه وبين البائع له " . ونصت المادة 384 تجاري على ما يأتي : " ومع ذلك لا يقبل طلب رد البضائع إذا كان المفلس باعها قبل وصولها ، وكان البيع بدون تدليس بناء على قائمتها الدالة على ملكيتها لها وتذكرة إرساليتها أو بناء على القائمة المذكورة وتذكرة النقل بشرط أن يكون موضوعاً على كل منهما إمضاء المرسل " . ونصت المادة 387 تجاري على أنه " إذا كانت البضائع المباعة للمفلس لم تسلم إليه ولم ترسل له ولا لإنسان آخر على ذمته ، يجوز لبائعها الامتناع عن تسليمها " . أنظر أيضاً المواد 385 و 386 و 388 و 389 تجاري .
( [1511] ) استئناف مصر 28 مايو سنة 1930 المحاماة 11 رقم 93  /  2 ص 153 .
( [1512] ) بودري وسينيا فقرة 540 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 160 - كولان وكابيتان 2 فقرة 952 - الأستاذان احمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 444 .
( [1513] ) استئناف مختلط 15 مايو سنة 1913 م 25 ص 137 - ولا يجوز للبائع الذي حول الثمن أن يرفع هو نفسه دعوى الفسخ إلا بموافقة المحال له ( نفس الحكم السابق ) .
( [1514] ) استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1927 م 39 ص 389 - أوبري ورو 5 فقرة 356 ص 104 - بودري وسينيا فقرة 524 - فقرة 545 - بلانيول وريبيبر هامل 10 فقرة 161 وفقرة 171 - كولان وكابيتان 2 فقرة 956 .

ولكن يلاحظ أنه في حالة ما إذا كان المبيع قابلا للتجزئة ، وتجزأت دعوى الفسخ على البائعين المتعددين أو على الورثة المتعددين للبائع ، فأراد بعض منهم فسخ البيع دون الآخرين ، جاز للمشتري أن يطلب انضمام من لم يطلب الفسخ إلى من طلب حتى لا يتجزأ عليه الصفقة ، ولا يجوز أن يفسخ البعض في كل المبيع ( كولان وكابيتان 2 فقرة 956 - جوسران 2 فقرة 1 ذ 143 - ولكن قارن بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2593 ) .

وإذا مات المشتري عن ورثة متعددين ، نجاز للبائع أن يطلب الفسخ في نصيب أحدهم ، ولا يحتج هذا بتفرق الصفقة فقد تفرقت قبل ذلك بالميراث ( الأستاذان احمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 442 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 303 ص 353 ) .
( [1515] ) بودري وسينيا فقرة 546 - فلا يحتج البائع ، وهو لم يسلم المبيع في ميعاد التسليم ، بأن المشتري لم يدفع الثمن فلا داعي إلى التسليم ، فما دام هو نفسه قد تأخر في التسليم فلا يحق له طلب فسخ حتى يسلم المبيع أولاً للمشتري ثم يطلب منه بعد ذلك دفع الثمن أو الفسخ ( بودري وسنينا فقرة 546 - بلانيول وريبر وهامل 10 فقرة 161 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الواقع الذي أثبتته محكمة الموضوع أن البائع تخلف بغير عذر عن توقيع عقد البيع النهائي ، فإن قضاءها برفض دعواه التي طلب فيها الفسخ البيع لتأخر المشتري عن الوفاء بالثمن لا تكون فيه مخالفة القانون ( نقض مدني 21 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 52 ص 1321 ) . أما إذا طلب البائع الفسخ ، وفي أثناء نظر الدعوى باع جزءاً من المبيع لأنه يئس من دفع المشتري للثمن ، لم يجز للمشتري أن يحتج عليه بأنه خالف عقد البيع ، لأن البائع لم يلجأ إلى هذا العمل إلا بعد يأسه من قيام المشتري بدفع الثمن ( نقض مدني 13 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 110 ص 640 ) .
( [1516] ) ويجوز أن يشترط في عقد البيع ألا يكون للبائع حق الفسخ وليس له ألا حق التنفيذ . على أن يتنازل البائع عن حق الفسخ على هذا النحو يجب أن يكون واضحاً وأن يفسر تفسيراً ضيقاً شأن كل تنازل عن الحق . فإذا اشترط الفسخ عند عدم الدفع المشتري للقسط الأول من الثمن ، لم يجز أن يستخلص من هذا أنه قد نزل عن حقه في الفسخ عند تأخر المشتري في دفع الأقساط الباقية . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان عقد البيع مذكوراً فيه أن البائع قد اشترط لمصلحة نفسه أن عدم دفع القسط الأول يجعل البيع لاغياً ، ورأت محكمة الموضوع أن هذا الشرط ليس معناه أن القسط الأول إذا دفع ولم تدفع الأقساط الباقية يكون البائع محروماً مما يخوله له القانون من طلب فسخ البيع عند عدم دفع المتأخر من الثمن ، بل أن هذا الحق ثابت له بنص القانون وباقي له من غير أي اشتراط في العقد بخصوصه ، فإن تفسيرها هذا للشرط لا يصح الطعن عليه بأنه مخالف للعقد الذي هو قانون المتعاقدين ، لأنه تفسير يحتمله العقد ولا غبار عليه قانوناً . ولكن كان يصح هذا الطعن لو أن العقد كان مذكوراً فيه بصفة صريحة أن البائع لا يكون له حق طلب الفسخ إذا تأخر دفع ما بعد القسط الأول بل يكون له فقط حق تقاضي المتأخر مضموناً بماله من امتياز على العقار المبيع ( نقض مدني 2 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 259 ص 750 ) .
( [1517] ) استئناف مختلط 19 يناير سنة 1932 م 44 ص 122 .
( [1518] ) ولا يكفي لترتب الأثر القانوني للإعذار أن يكون المشتري قد قال في دعوى أخرى أن البائع أنذره ، ما دام ذلك القول قد صدر في وقت لم يكن النزاع على العقد المتنازع فيه مطروحاً بل يجب تقديم الإنذار حتى يمكن للمحكمة أن تتبين أن كان يترتب عليه الفسخ أم لا ، وذلك بالرجوع إلى تاريخه وما تضمنه لأنه قد يكون حاصلا قبل الميعاد المعين للوفاء أو قبل قيام البائع بتعهداته التي توقفت عليه تعهدات المشتري ( نقض مدني 16 مارس سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 112 ص 293 ) وقضت محكمة النقض بأنه وإن كان يتعين لكي تقضي المحكمة بفسخ العقد البيع تحقيقاً للشرط الفاسخ الضمني ينبه البائع على المشتري بالوفاء تنبيهاً رسمياً ، إلا أن محل ذلك إلا يكون المشتري قد صرح بعدم رغبه في القيام بالتزامه . فإذا كان المشتري قد عرض ثمناً أقل مما هو ملزم بسداده وصمم على ذلك الحين الفصل في الدعوى ، فلا يكون هناك حاجة – لكي يصح الحكم بالفسخ – إلى ضرورة التنبيه على المشتري بوفاء الثمن المستحق ( نقض مدني 31 مايو سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 86 ص 631021 فبراير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 20 ص 158 ) .

وإذا أعذر البائع المشتري وحدد له في الإعذار مدة لدفع الثمن ، فإن هذه المدة لا تسلب الإعذار أثره القانون ( استئناف مختلط 23 مايو سنة 1900 م 12 ص 268 ) . والإعذار واجب حتى لو جعل البيع موقوفاً على شرط دفع الثمن ( استئناف مختلط 13 أبريل سنة 1932 م 44 ص 270 ) . ورفع الدعوى يعتبر إعذار كما تقدم ، وهو لا يسلب القاضي حقه في إعطاء المشتري مهلة لدفع الثمن ( استئناف مختلط 19 يناير سنة 1905 م 17 ص 85 ) .
( [1519] ) استئناف مختلط 18 مايو سنة 1937 م 46 ص 226 .
( [1520] ) استئناف مختلط 13 ديسمبر سنة 1944 م 57 ص 26 ولكن إذا قضي بالتنفيذ ابتدائياً ، لم يجز للبائع في الاستئناف العدول عن التنفيذ إلى طلب الفسخ ( استئناف مختلط 3 يناير سنة 1906 م 18 ص 85 ) ولكن له طلب الفسخ احتياطياً مع استبقائه طلب التنفيذ طلباً أصلياً في الاستئناف ( استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1941 م 53 ص 96 ) . كذلك إذا رفعت دعوى الفسخ ، فقبل المشتري الفسخ وأعلن قبوله للبائع ، لم يعد يجوز للبائع أن يعدل عن طلب الفسخ إلى طلب التنفيذ ( استئناف مختلط 13 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 23 ) .

والذي له الحق في قبول الفسخ هو المشتري ، وليس المشتري من المشتري فهذا يبقى مصير شرائه معلقاً على فسخ البيع الأول أو بقائه ( استئناف مختلط 9 يناير سنة 1913 م 25 ص 127 ) .
( [1521] ) ولو أمام المحكمة الاستئنافية قبل صدور الحكم النهائي ( استئناف وطني 6 نوفمبر سنة 1906 الحقوق 22 ص 33 - 29 يناير سنة 1922 المجموعة الرسمية 24 رقم 42 ص 69 ) ولو بعد رفع التماس قبلت المحكمة النظر فيه لأن قبول الالتماس يعيد إلى الخصوم حقوقهم التي كانت لهم قبل صدور الحكم المقبول فيه الالتماس ( استئناف وطني 25 سنة 1905 المجموعة الرسمية 7 رقم 49 ص 103 ) . وللمشتري الحق في تنفيذ العقد ما دام الفسخ لم يصدر به حكم ، فإذا كان المشتري قد أبدي استعداده لذلك بالجلسة الابتدائية وعرض القسط المستحق من الثمن على البائع عرضاً حقيقياً فلا يكون ثمة موجب يقتضي فسخ العقد ( استئناف مصر 27 ديسمبر سنة 1942 المجموعة الرسمية 43 رقم 165 )
( [1522] ) ويجوز لدائني المدين ولمن كسب من المشتري حقاً عينياً على المبيع أن يستعملوا حق المشتري فيدفعوا الثمن ليتوقوا فسخ البيع ( بودري وسينيا فقرة 550 ) .
( [1523] ) وقد قضت محكمة مصر الكلية بأنه ينبغي في حالة الفسخ القضائي التفرقة بين ما إذا كان إخلال أحد الطرفين بالتزاماته التعاقدية مرده إلى الامتناع عن الوفاء بالتزام اصل أو الامتناع عن الوفاء بالتزام تبعي ، ومن المسلم به أن عدم تنفيذ الالتزامات التبعية لا يؤدي إلى فسخ العقد ( مصر الكلية 26 يونيه سنة 1954 المحاماة 35 رقم 38 ص 152 ) .
( [1524] ) وقد قضت محكمة النقض بأن إعطاء المشتري المتأخر في دفع الثمن ميعاداً للوفاء بدلا من الحكم بالفسخ إعمالا للمادة 333 مدني ( سابق ) من الرخص التي أطلق الشارع فيها لقاضي الموضوع الخيار في الأخذ بأحد وجهي الحكم في القانون حسبما يراه هو في ظروف كل دعوى بغير معقب عليه . فلا يقبل النعي على الحكم بقصور أسبابه عن بيان الاعتبارات التي اعتمد عليها في منح المهلة للوفاء بمتأخر الثمن ( نقض مدني 25 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 134 ص 534 - وانظر أيضاً 23 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 94 ص 373 ) . وفي بيع سيارة تأخرت البائعة عن نقل رخصة السيارة إلى المشتري ، فلم تقض المحكمة بفسخ لأن نقل الرخصة ليس بالتزام جوهري ( نقض مدني 10 أبريل سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 132 ص 910 ) . وفي قضية أجلت المحكمة النظر في القضية بقرار واعتبرت أن هذه مهلة للمشتري ، ولما لم يدفع حتى انقضي معياد التأجيل قضت بالفسخ ، فأقرت محكمة النقض هذا الحكم ( نقض مدني 23 مايو سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 54 ص 510 ) . وانظر أيضاً في أن الحكم بالفسخ غير واجب وأن على محكمة الموضوع أن تبين الاعتبارات التي دعتها للقضاء بالفسخ مع أن المشتري عرض الثمن قبل الحكم : نقض مدني 14 مايو سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 160 ص 1024 - 4 أبريل سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 34 ص 353 ) .
( [1525] ) الوسيط جزء أول فقرة 475 ص 707 وهامش رقم 3 .
( [1526] ) الوسيط جزء أول فقرة 476 - استئناف وطني 17 يونيه سنة 1890 الحقوق 5 ص 200 .
( [1527] ) وتسقط كذلك بنزع ملكية العقار المبيع للمنفعة العامة ( م 29 من قانون نزع الملكية وينتقل حق البائع من العقار إلى التعويض المدفوع لنزع الملكية ) ، وينزع ملكية العقار بواسطة دائني المشتري إذا لم يدون البائع ما يفيد رفع دعوى الفسخ في قائمة شروط البيع قبل الجلسة المحددة للنظر في الاعتراضات بثلاثة أيام على الأقل ( م 650 مرافعات ) وبتسليم البضاعة إلى مخازن المشتري ( م 321 تجاري ) ، وبعد قيد البائع لامتيازه حتى يوم صدور الحكم بافلاس المشتري ( م 231 تجاري ) إذ سقوط حق الامتياز يستتبع سقوط حق الفسخ ( الأستاذان احمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 458 - فقرة 465 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 309 ) .
( [1528] ) بودري وسينيا فقرة 563 . ولكن دعوى البائع على المشتري بدفع الثمن هي دعوى شخصية محضة ( استئناف مخلتط 19 مايو سنة 1892 م 4 ص 280 ) . وإذا حل المشتري من المشتري محل المشتري في التزاماته نحو البائع ، جاز للبائع رفع الدعوى الفسخ على المشتري من المشتري في موطنه دون حاجة إلى إدخال المشتري الأصلي في الدعوى ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1892 م 4 ص 216 ) .
( [1529] ) الوسيط جزء أول فقرة 477 .
( [1530] ) فلا يكون له حق في الثمار . قد قضت محكمة النقض بأنه وإن كان للمشتري حق حبس يقابله المحكوم بفسخ البيع فيها وذلك حتى يوفي الثمن السابق له دفعة تأسيساً على أن التزامه برد العين يقابله التزام البائع برد ما دفعه إليه من الثمن ، ولكن ذلك لا يرتب عليه الحق في تملك المشتري ثمار المبيع بعد أن أصبحت من حق مالك العين بحكم الفسخ ، ولا محل للاحتجاج بقاعدة تملك الثمار بالحيازة فإن المشتري يعلم أن العين ليست له وإنما هو حابس لها ( نقض مدني 4 يناير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 43 ص 224 ) .
( [1531] ) استئناف مختلط 13 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 23 .
( [1532] ) استئناف مختلط 4 مايو سنة 1916 م 18 ص 296 .
( [1533] ) ولم يكن في التقنين المدني السابق نص عام في الحبس ، ولكن القضاء كان يعطي المشتري حق حبس العين المبيعة حتى يسترد ما وفاة من الثمن إذا لم يكن قد ارتكب غشاً وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه لم يرد في القانون نص عن جواز العين المبيعة تحت يد المشتري إذا فسخ البيع إلى أن يرد البائع ما دفعه له من الثمن ، وإنما جاء النص بالمادة 279 من القانون المدني عن حق البائع في حبس المبيع تحت يده لحين استيلائه فوراً على المستحق من الثمن على أنه إذا جاز القياس على هذا النص وعلى نصوص أخرى في القانون من اعتبار أي دائن ذا حق في حبس العين الناتج عنها الدين تحت يده لحين الحصول على دينه ، ومن ثم جاز هذا الحق للمشتري الذي فسخ البيع الصادر إليه حتى يستوفي ما دفعه ، إلا أنه يشترط في هذه الحالة وجوب توفر ركنين أساسيين : الأول أن يكون الدائن حائزاً فعلا الشيء الذي يطلب حبسه وأن تكون هناك علاقة سببية بين الدين والشيء المراد حبسه ، أي أن يكون منشأ الدين وسببه العين التي للمدين تحت يد الدائن . والثاني أن يكون سبب ذلك تلك الحيازة وأساسها سلامة النية ، وعليه فإذا كان فسخ البيع ناتجاً عن أن الشراء قد حصل بغش وتدليس فلا تكون حيازة المشتري للعين المبيعة حينئذ بسلامة نية . وعليه فإذا كان فسخ البيع ناتجاً عن الشراء قد حصل بغش وتدليس فلا تكون حيازة المشتري للعين المبيعة حينئذ بسلامة نية وانتفي حق الحبس ( استئناف وطني 7 ديسمبر سنة 1916 الحقوق 33 ص 132 ) . انظر أيضاً استئناف وطني 20 مارس سنة 1916 المجموعة الرسمية 17 رقم 67 ص 110 .
( [1534] ) استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1922 م 35 ص 70 - بودري وسنيا فقرة 559 ص 590 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 166 .
( [1535] ) الوسيط جزء أول فقرة 478 ص 710 .
( [1536] ) الوسيط جزء أول ص 710 هامش رقم 3 .
( [1537] ) نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 14 ص 442 .
( [1538] ) أنظر الوسيط جزء أول فقرة 479 ص 713 - ويعتبر الإيجار الصادر من المشتري لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات من أعمال الإدارة ، فيبقى قائماً بالرغم من فسخ البيع ( أنظر ام 559 وم 701  /  2 مدني حيث يعتبر الإيجار لثلاث سنوات من أعمال الإدارة رغم تحقق الشرط الفاسخ - وانظر بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 170 - وقارن الأستاذ احمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 457 ) .
( [1539] ) وكان هذا النص يقابل في التقنين المدني السابق المادة 334  /  416 ، وهي تنص على أنه " إذا اشترط فسخ البيع عند عدم دفع الثمن ، فليس للمحكمة في هذه الحالة أن تعطي ميعاداً للمشتري ، بل ينفسخ البيع إذا لم يدفع المشتري الثمن بعد التنبيه عليه بذلك تنبيهاً رسمياً ، إلا إذا اشترط في العقد أن البيع يكون مفسوخاً بدون احتياج إلى التنبيه الرسمي " . ويقابل في التقنين المدني العراقي المادة 582 ، وهي تنص على أنه " إذا اشترط البائع أن يفسخ البيع من تلقاء نفسه عند عدم قيام المشتري بدفع الثمن في الميعاد المحدد ، كان المشتري مع ذلك أن يدفع الثمن بعد انقضاء الميعاد ما لم يعذر ، إلا إذا نص في العقد أن الفسخ يقع بدون إعذاره . وفي كل حال لا يجوز للمحكمة أن تمنح المشتري أي اجل " . ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 4468 وهي تنص على أنه " إذا اشترط فسخ البيع لعدم دفع الثمن ، فالعقد يفسخ حتما لمجرد عدم الدفع في الأجل المضروب " .
( [1540] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 147 - ص 149 في الهامش .
( [1541] ) وتردد هذه الشروط في بيع المنقول كما ترد في بيع العقار ، ومن ثمن يكون الحكم الوارد في المادة 611 من المشروع التمهيدي التي حذفت في لجنة المراجعة ، وكانت مقصورة على بيع العقار ، ينطبق أيضاً على بيع المنقول . وقد خلي بيع العقار بالذكر في هذا النص لأنه هو الذي يرد بشأنه في الغالب هذه الاتفاقات المتدرجة ، أما بيع المنقول فيتميز بحكم خاص به ورد في المادة 461 مدني وسيأتي بيانها فإذا خرجنا عن نطاق هذه الحالة التي عرضت لها المادة 481 مدني في بيع المنقول ، كان حكم بيع المنقول هو حكم بيع العقار في شأن هذه الاتفاقات وتدريجها ( بودري وسينيا فقرة 554 ) .
( [1542] ) الوسيط جزء أول فقرة 482 - فقرة 485 .
( [1543] ) استئناف مختلط 15 يونية سنة 1911 م 23 ص 372 .
( [1544] ) نقض مدني 17 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 25 ص 58 - وقضت أيضاً بأن النص ف العقد على أنه في حالة تأخير سداد القسط الأول يحق للبائع فسخ العقد ويكون ما دفعه المشتري حقاً مكتسباً للبائع المذكور ، ذلك ليس إلا ترديداً للشرط الفاسخ الضمني المقرر بحكم القانون في العقود الملزمة للجانبين ( نقض مدني 23 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 54 ص 373 ) . وقضت كذلك بأنه لا يكون الشرط الفاسخ مقتضياً الفسخ حتماً إلا إذا كانت صيغته صريحة دالة على وجوب الفسخ حتما عند تحقيقه بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار أما الشرط الضمني الفاسخ ( pacte commissoireفلا يلزم القاضي به ، بل هو يخضع لتقديره . فللقاضي إلا يحكم بالفسخ وأن يمكن الملتزم من الوفاء بما تعهد به حتى بعد رفع الدعوى عليه بطلب الفسخ . فإذا نص في عقد البيع على أنه إذا ظهر على العين المبيعة دعوى مسجلة خلاف ما ذكر بالعقد ، فغن البائع يلتزم بتعويض قدره كذا كما يجوز للمشتري أن يفسخ التعاقد بمجرد إنذار البائع ، فهذا الشرط ليس إلا ترديداً لما قرره فقه القانون من أن عدم قيام أحد طرفي العقد المتقابل الالتزام بما التزم به يسمح للطرف الآخر بطلب فسخ العقد ، فهو شرط ضمني فاسخ للقاضي أن يهدره إذا استبان له من ظروف الدعوى وخصوصياتها أنه لا مبرر له . ومتى أثبت القاضي في حكمه الاعتبارات المقبولة التي استند إليها في ذلك ، فلا تثريب عليه ( نقض مدني 2 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 343 ص 1086 ) . أنظر أيضاً :نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 81 ص 152 - 2 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 68 ص 155 - أو ل مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 146 ص 988 - 24 نوفمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 206 ص 1510 - 13 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 139 ص 975 - استئناف مصر 12 فبراير سنة 1928 المجموعة الرسمية 29 رقم 126  /  1 ص 297 .
( [1545] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 154 - ص 155 .
( [1546] ) نقض مدني 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 356 ص 688 - بل أن هذه الإعذار لا يعدو أن يكون تسجيلا لتأخر المشتري في دفع الثمن وإظهار لاختيار البائع فسخ البيع دون التنفيذ إذ هو بالخيار بين الأمرين ، ومن ثم ليس من الضروري أن يحدد البائع في هذا الإعذار أجلا للوفاء بالثمن ، ولكن من جهة أخرى يستطيع المشتري بمجرد وصول الإنذار إليه أن يبادر إلى دفع الثمن فيمنع الفسخ ( بودري وسينيا فقرة 552 ) . وفي العمل يحدد البائع للمشتري عادة أجلا قصيراً لدفع الثمن ، ويذكر أنه إذا انقضي الأجل دون أن يدفع المشتري الثمن فق أصبح البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه ( بودري وسينيا فقرة 552 ص 584 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 165 ص 188 - ص 189 ) .
( [1547] ) استئناف مختلط 27 يناير سنة 1931 م 43 ص 189 .
( [1548] ) وليس من الضروري أن يوضع الشرط بصيغة معينة ، بل أن أية صيغة تدل على المعنى تكفي من ذلك ما قضت به محكمة النقض من أن القانون لم يشترط ألفاظاً معينة للشط الفاسخ لدي أمين حتى يوفي المشتري الثمن في الميعاد المتفق عليه ، ونصا على أنه عند إخلال المشتري بشروط العقد يصرح الطرفان للمودع لديه بإعدام هذه العقد ، ثم قرر الحكم أن المستفاد من ذلك أن نية المتعاقدين اتجهت عند تحرير هذا العقد إلى الشرط الفاسخ الصريح ، أي اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند الإخلال بشروطه ، فإنه لا بكون قد فسخ مدلول نص العقد ، ، لأن عبارته تحتمل ما استخلصه الحكم منها ( نقض مدني 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 356 ص 688 ) .
( [1549] ) استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1919 م 31 ص 163 - 3 أبريل سنة 1923 م 35 ص 334 - 2 مايو سنة 1923 م 35 ص 420 - 18 ديسمبر سنة 1923 م 36 ص 86 - أول مارس سنة 1938 م 50 ص 150 بل ويجوز طرد المشتري من العين المبيعة أو نزعها منها بحكم من قاضي الأمور المستعجلة ( استئناف وطني 14 يونيه سنة 1906 النحقوق 21 ص 309 - 27 نوفمبر سنة 1923 المحاماة 4 رقم 270  /  1 ص 329 - استئناف مختلط 7 ديسمبر سنة 1938 م 51 ص 37 ) .
( [1550] ) استئناف مصر 31 أكتوبر سنة 1945 المجموعة الرسمية 47 رقم 40 - 13 يناير سنة 1946 المحاماة 30 رقم 156 ص 163 .
( [1551] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 155 - بل يكفي أن يدفع البائع في دعوى مرفوعة بفسخ البيع . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الطرفان قد اتفقا في عقد البيع على أن يقع الفسخ في حالة تأخر المشتري عن دفع باقي الثمن في الميعاد المتفق عليه بدون حاجة إلى تنبيه رسمي أو غير رسمي فإن العقد ينفسخ بمجرد التأخير ، ولا يلزم إذن أن يصدر بالفسخ حكم مستقل بناء على دعوى من البائع ، بل يجوز للمحكمة أن تقرر أن الفسخ حصل بالفعل بناء على دفع البائع أثناء نظر الدعوى المرفوعة من المشتري . ومتي وقع الفسخ بمقتضي شرط العقد ، فإن إيداع الثمن ليس من شأنه أن يعيد العقد بعد انفساخه ( نقض مدني 13 مايو سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 60 ص 157 ) .
( [1552] ) وقد استعملت محكمة الاستئناف المختلطة حق الرقابة هذا في قضية اشترط فيها الدائن أنه ِإذا امتنع المصرف من صرف الشيك المحول إليه كان العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون إنذار فامتنع المصرف من صرف الشيك المحول إليه كان العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون إنذار فامتنع المصرف من صرف الشيك لبعض إجراءات شكلية ، وفد ثبت أن مقابل الوفاء موجود في المصرف وأن المدين عرض على الدائن أن يدفع له قيمة الشيك أو أن يعطيه شيكاً آخر فرفض الدائن وأبي إلا اعتبار العقد مفسوخاً وقد قضت المحكمة بأن الدائن متعنت ، وأن العقد لم يفسخ بل لا يزال قائماً ( استئناف مختلط 22 ديسمبر سنة 1920 م 33 ص 94 ) . وفي قضية ثانية اتفق الطرفان على مد الأجل من شأنها أن تجعل الالتزام يتجدد ، فقضت للدائن أن يتمسك به بعد أن تم التجديد ( استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1902 م 51 ص 11 ) وفي قضية ثالثة قضت المحكمة بأنه إذا اشترط سقوط الأجل دون حاجة إلى حكم أو إنذار عنه تأخر المدين في دفع القسط ، وتقبل الدائن مع ذلك قبض أقساط تأخر فيها المدين عن الميعاد ، ثم تمسك فجأة بحقه في الفسخ عند ما تأخر المدين عن ميعاد دفع قسط ، فإن تساهله السابق يحمل على أنه غير متمسك بالشرط ، ولا يجوز له اعتبار العقد مفسوخاً ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1942 م 54 ص 11 ) . انظر الوسيط جزء أول ص 719 هامش 1 .
( [1553] ) استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 100 .
( [1554] ) على أنه إذا كان الوفاء بالثمن من موطن البائع ، وجب على البائع أن يذهب بنفسه أو بوكيله إلى مكان الوفاء ليتثبت من أن المشتري لم يذهب إلى هناك لدفع الثمن ، أو وجب إنذار المشتري فيعود إلى الإعذار الذي كان قد أعفي نفسه منه . فلا يبقى إذن إلا أن يشترط البائع أيضاً أن يكون الوفاء في موطنه هو ( بودري وسينيا فقرة 553 - بلانيول وريبير وهامل 10 ص 190 هامش 3 ) .
( [1555] ) وهذا ما لم يكن هناك عربون يفقده المشتري إذا انفسخ البيع لتأخره في دلع الثمن وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا نص في عقد البيع أنه إذا تأخر المشتري عن دفع مبلغ كذا يعتبر عقد البيع لاغياً بدون حاجة إلى إنذار أو حكم قضائي ويصبح المبلغ المدفوع حقاً مكتسباً للبائع لا يرد بحال من الأحوال ، كان للمشتري الاستفادة من هذا النص واعتبار البيع لاغياً مثل ما للبائع سواء بسواء ( استئناف مصر 27 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 4 رقم 270 ص 329 ) ، ففي هذه القضية دفع المشتري عربوناً للبائع ، فحق له الرجوع في البيع ، وأصبح العربون حقاً مكتسباً للبائع .

ونرى من ذلك أن هذا الشرط الفاسخ الاتفاقي ، وهو في أعلي مراتبه من القوة ، وسط بين الفسخ القضائي والانفساخ القانوني . فهو اعلي من الفسخ القضائي في أن الحكم بالفسخ فيه إذا قامت حاجة لصدوره يكون مقرراً للفسخ لا منشئاً بحيث لا يجوز للمشتري أن يتفادى الفسخ بدفع الثمن ، وبحيث لا يجوز للقاضي إعطاء مهلة للمشتري لدفع الثمن . وهو أدني من الانفساخ بحكم القانوني في أن البيع لا ينفسخ فيه إلا إذا أظهر البائع رغبته في ذلك ، أما في الإنفساخ القانوني فالعقد ينفسخ دون نظر إلى إرادة البائع كما إذا هلك المبيع في يده قبل التسليم ( الوسيط جزء أول فقرة 485 ص 720 ) .
( [1556] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 612 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي ، " في بيع العروض وغيرها من المنقولات ، إذا لم يتقدم المشتري لتسليم المبيع بعد انقضاء الأجل المتفق عليه ، أو تقدم ولكنه لم يعرض الثمن ، كان البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إعذار ، وذلك لمصلحة البائع ، إلا إذا كان المشتري في الحالة الأخيرة قد اتفق مع البائع على أجل أطول للوفاء بالثمن " . وفي لجنة المراجعة أقر النص بعد تحرير طفيف تحت رقم 474 من المشروع النهائي ، وأقره مجلس النواب ولكن لجنة المراجعة عدلته ، فاستعاضت عن عبارة " إذا لم يتقدم المشتري الخ " بعبارة " إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع الخ " ، وقد راعت اللجنة في ذلك أن تحتذي مثال النص الوارد في التقنين السابق وان تجعل الحكم أوضح ، وصارت المادة رقمها 461 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 150 وص 155 - ص 157 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 335  /  418 ، وهي تنص على ما يأتي : " وفي بيع البضائع الأمتعة المنقولة إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن ولاستلام المبيع ، يكون البيع مفسوخاً حتما إذا لم يدفع الثمن في الميعاد المحدد بدون احتياج للتنبيه " . ( والحكم يتفق مع حكم التقنين الجديد ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 429 ( مطابقة للمادة 461 مصري ) .

التقنين المدني الليبي م 450 ( مطابقة للمادة 461 مصري ) .

التقنين المدني العراقي : لا مقابل –فلا يسري الحكم لأن النص استثنائي .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل –فلا يسري الحكم لأن النص استثنائي .
( [1557] ) أما النص المقابل في التقنين المدني الفرنسي ( م 1657 ) فيجعل الفسخ جزاء على عدم تقدم المشتري لتسلم المبيع ، أي جزاء على التزام المشتري بتسليم المبيع لا التزامه بدفع الثمن ( بودري وسينيا فقرة 594 - فقرة 603 ) . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المصري الجديد يجعل الفسخ جزاء على كل من الالتزامين : الالتزام بدفع الثمن والالتزام بتسليم المبيع ( انظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) .
( [1558] ) استئناف مختلط 10 مايو سنة 1939 م 51 ص 321 - 26 مارس سنة 1941 م 53 ص 140 - 28 أبريل سنة 1945 م 57 ص 131 . وهذا بشرط أن يكون البائع مستعداً لتسليم المبيع ، فإذا كان التسليم في موطن المشتري مثلا ، وجب لإعمال المادة 461 مدني أن ينقل البائع إلى موطن المشتري حتى يظهر استعداده لتسليمه ( الأستاذ منصور مصطفي منصور ص 231 ) . وإذا ثبت أن البائع هو الذي تأخر في تسليم المبيع ، فللمشتري طلب فسخ البيع ، ولكن بعد إعذار وحكم بالفسخ يكون للقاضي فيه سلطة تقديرية وفقاً للقواعد العامة ( استئناف مصر 30 مايو سنة 1929 المحاماة 10 رقم 17  /  2 ص 65 - استئناف مختلط 28 مايو سنة 1941 م 53 ص 205 ) .
( [1559] ) وللبائع فوق ذلك أن يطالب المشتري بتعويض : بني سويف 28 مايو سنة 1923 المحاماة 3 رقم 422  /  2 ص 518 - أسيوط 15 فبراير سنة 1928 االمحاماة 9 رقم 420 ص 669 - الإسكندرية 5 مايو سنة 1930 المجموعة الرسمية 31 رقم 90 ص 236 .
( [1560] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموع الأعمال التحضيرية 4 ص 155 - وإذا اختار البائع الفسخ أو التنفيذ ، وأقره المشتري على ما أختاره ، لم يعد يستطيع الرجوع فيما اختار ( استئناف مختلط 16 أبريل سنة 1946 م 59 ص 177 ) .
( [1561] ) ولكن لا يجوز أن يكون منقولا معنويا ً لمجموع من المال أو متجر ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 229 ص 348 - ص 349 ) .
( [1562] ) استئناف وطني 29 مايو سنة 1921 المحاماة 2 رقم 17 ص 42 - استئناف مختلط 14 يناير سنة 1942 م 54 ص 43 .
( [1563] ) انظر آنفاً فقرة 396 .
( [1564] ) وقد قضت محكمة النقض في عهد التقنين المدني السابق بأن المادة 335 مدني ( 461 مدني جديد ) جاءت استثناء من القاعدة العامة القاضية بعدم إمكان فسخ العقود إلا بعد التنبيه الرسمي ، فلا يصح تطبيقها إلا في حدود نصها ، أي في حالة تحديد أجل ليدفع المشتري الثمن وتسلم المبيع . أما إذا كان الأجل محدداً لحصول البائع على المبيع وتسلمه للمشتري ، ففي الصورة لا يعفي البائع من واجب التنبيه رسمياً على المشتري بالتسليم والوفاء ( نقض مدني 13 يناير سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 92 ص 247 ) .
( [1565] ) أنظر آنفاً فقرة 410 .
( [1566] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 614 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح رقمه 476 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 462 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 158 - ص 159 ) .
( [1567] ) التقنين المدني السابق م 243  /  309 :رسوم عقد البيع ومصاريفه على المشتري وانظر أيضاً م 284  /  356 .

( والأحكام متفقة في التقنين الجديد والسابق ) .
( [1568] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 430 ( مطابقة للمادة 462 مصري - وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 242 - فقرة 243 ) .

التقنين المدني الليبي م 451 ( مطابقة للمادة 462 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 583 :نفقات عقد البيع ورسوم التسجيل وغيرها من الرسوم وأجرة كتابة السندات والصكوك وغيرها ذلك من المصروفات التي يقتضيها البيع تكون على المشتري ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك .

م 584 : الأشياء المبيعة جزافاً مؤونتها على المشتري . فلو بيعت ثمرة كرم جزافاً ، كانت أجرة قطع تلك الثمرة وجزها على المشتري ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك .

م 585 :ما يباع محمولا تكون أجرة نقله وإيصاله إلى بيت المشتري جارية على حسب الاتفاق والعرف .

( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري –وانظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 328 - فقرة 330 الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 574 - فقرة 577 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 413 : أن مصاريف أخذ البيع واستلامه ( كالتحريم والنقل والشحن ) ومصاريف أداء الثمن والقطع والتسجيل ونفقة الصكوك التي يضعها كاتب العدل والطوابع مما يلزم لصك الشراء ، كل ذلك يدفعه المشتري ، ما لم يكن نص أو عرف مخالف . وتشمل مصاريف الاستلام رسوم المرور ( الترانزيت ) والدخولية والجمرك التي تؤخذ في أثناء نقل المبيع وعند وصوله .

( أحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .
( [1569] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 158 .
( [1570] ) وهذا من الناحية القانونية . أما من الناحية الاقتصادية فالواقع من الأمر أن البائع هو الذي يتحمل مصروفات البيع في النهاية ، غذ أن المشتري يدخل هذه المصروفات في اعتباره عند تقديره لثمن المبيع ، فيدخل في الثمن هذه المصروفات . وقد كان المشتري يزيد الثمن بمقدار هذه المصروفات لو لم يكن هو الذي يتحملها قانوناً ، فيكون البائع هو الذي فاته هذه الزيادة ، وهو إذن يتحمل المصروفات على هذا الوجه ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 19 ) .
( [1571] ) أما علاقة كل من البائع والمشتري بالغير فيما يتعلق بمصروفات العقد فتحددها الرابطة القانونية بينها وبينه ، فأتعاب المحامي مثلا يرجع بها على كل من البائع والمشتري إذا وكلاء معاً وفقاً للمادة 721 مدني التي تجعل الموكلين المتعددين مسئولين بالتضامن نحو الوكيل ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 311 ) وإذا رجع المحامي على البائع بكل أتعابه رجع البائع بها كلها على المشتري ، أما إذا رجع المحامي على المشتري لم يرجع هذا بشيء على البائع ( الأستاذ محمد على إمام فقرة 250 ص 425 ) .
( [1572] ) أنظر في حساب مصروفات التصديق على التوقيعات ضمن مصروفات البيع الأستاذين احمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 429 ص 248 وهامش رقم 4 " وفي أن مصروفات إثبات البائع لملكيته للمبيع كمصروفات إعلام الوراثة تكون عليه لا على المشتري المصدر السابق ص 429 هامش رقم 2 . وإذا كان البائع في مكان بعيد وتكلف نفقات في الحضور للتوقيع والتصديق على توقيعه ، فهذه النفقات يتحملها هو ، لأنه ملتزم بالقيام بالإجراءات اللازمة للتسجيل وتقضي القواعد العامة بأن نفقات تنفيذ الالتزام على الملتزم .

 
( [1573] ) وإذا علم المشتري أن العقار الذي باعه إياه للوارث لا يزال مكلفاً باسم المورث ، فعلي المشتري دفع رسوم الأيلولة لنقل التكليف من المورث إلى الوارث ، لأن علم المشتري بعدم دفع الوارث لرسم الأيلولة وعدم اشتراطه شيئاً في خصوص ذلك يفيد رضاءه الضمني بتحملها ( استئناف مختلط 9 أبريل م 8 ص 225 - 2 فبراير سنة 1899 م 11 ص 118 ) . ولكن الأصل هو أن رسم الأيلولة يتحمله الورثة البائعون لا المشتري ، فإذا دفعه المشتري مضطراً رجع به على الوارث ( استئناف مختلط 11 يناير سنة 1900 م 12 ص 75 - 18 أبريل سنة 1901 م 13 ص 250 ) .
 ( 81 ) استئناف مختلط 27 مايو سنة 1930 م 42 ص 517 - 10 يونيه 1930 م 42 ص 542 .
( [1575] ) وإذا وجد اتفاق يحمل البائع مصروفات البيع ، قيل في هذه الحالة أن المشتري قد اشتري وعقده في يده ( contrat en main ) ، أي أنه يحصل على العقد دون أن يدفع شيئاً غير الثمن ( بودري وسينيا فقرة 191 ) .

فإذا أخذ المشتري على نفسه دفع الضريبة المتأخرة على المبيع ، وجب عليه دفعها ولو صدر قانون زاد الضريبة عما كانت عليه من قبل ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1896 م 8 ص 308 ) . وإذا تعهد المشتري بدفع الضريبة المتأخرة وديون البائع للحكومة ، ثم نزلت الحكومة للبائع عن هذه الضريبة والديون ، وجب على المشتري دفعها للبائع لأنها تعتبر جزءاً من الثمن ( استئناف مختلط 29 أبريل سنة 1897 م 9 ص 302 ) .
( [1576] ) جيوار 1 فقرة 197 - أوبري ورو 5 فقرة 353 هامش 2 - بودري وسينيا فقرة 190 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 22 - كولان وكابيتان 2 فقرة 939 ص 624 .
( [1577] ) بودري وسينيا فقرة 192 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 23 .
( [1578] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 19 - ولو اعتبر البائع فضولياً في دفع مصروفات البيع ، فإن له أيضاً الحق في الفوائد القانونية عنها من يوم دفعها : انظر المادة 195 مدني .
( [1579] ) تاريخ النصوص :

م 463 :ورد هذا النص في المادة 615 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - يلتزم المشتري بأن يتسلم المبيع في الزمان والمكان المحددين في العقد ، ما دام المبيع قد عرض عليه وفقاً للشروط المتفق عليها . 2 - فإذا لم يحدد الاتفاق أو العرف زماناً أو مكاناً لتسلم المبيع ، وجب على المشتري المبيع دون إبطاء ، إلا ما يقتضيه لتسليم من زمن ، ويتسلم في المكان الذي يجب أن يسلمه فيه البائع " . وفي لجنة المراجعة اكتفي بالفقرة الثانية لأنها تفيد المعنى المطلوب كاملا ، وحورت تحريراً لفظياً فأصبحت مطابقة لما استقر عليه النص في التقنين المدني الجديد ، وأصبح النص رقمه 477 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 463 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 260 - ص 161 ) .

م 464 :ورد هذا النص في المادة 616 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي :

 " 1 - نفقات تسلم المبيع على المشتري ، ما لم يوجد عقد أو اتفاق يقضي بغير ذلك .

2 - وكذلك الحال في نفقات النقل إذا وجب نقل المبيع إلى مكان غير الذي ينفذ فيه العقد .

ويعتبر البائع قد رضي أن يتحمل نفقات النقل إذا اشترط المشتري التسليم خالص الأجر وإذا اتفق على أن يكون التسليم خالصاً من أجر الشحن ومن الرسوم الجمركية ، اعتبر البائع راضياً أن يتحمل الرسوم التي تجبي في نقل البضاعة ، وقت الخروج وأثناء العبور وعند الوصول ، ولكنه لا يتحمل رسوم الاستهلاك التي تجبي عند تسلم المبيع " . وفي لجنة المراجعة حذفت الفقرة الثانية لأن مكانها القانون التجاري ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 478 في المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 464 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 5 ص 162 - ص 163 ) .
( [1580] ) التقنين المدني السابق م 284  /  356 :ومصاريف المشال ومصاريف دفع الثمن تكون على المشتري ، وكذلك رسوم عقد البيع ، وهذا أن لم يقض العرف التجاري بخلاف ذلك في جميع الأحوال . ( والأحكام متفقة في التقنين السابق والجديد ) .
( [1581] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 431 – 432 ( مطابقتان للمادتين 463 - 474 مصري - وانظر القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 240 - فقرة 241 وفقرة 244 . التقنين المدني الليبي م 452 – 453 ( مطابقتان للمادتين 463 - 464 مصري .

التقنين المدني العراقي م 586 :1 - يلتزم المشتري بأن يتسلم المبيع في الزمان والمكان المحددين في العقد ما دام المبيع قد عرض عليه وفقاً للشروط المتفق عليها . 2 - فإذا لم يحدد الاتفاق أو العرف زماناً أو مكاناً لتسلم المبيع ، وجب على المشتري أن يتسلمه في المكان الذي يجب أن يسلمه فيه البائع ، وأن ينقله دون إبطاء إلا ما يقتضيه النقل من زمن .

م 587 :نفقات تسليم المبيع على المشتري ، ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضي بغير ذلك . ( وأحكام التقنين العراقي متفقة مع أحكام التقنين المصري –أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 331 - فقرة 333 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 578 - فقرة 586 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 472 :يجب على المشتري أن يتسلم المبيع في المكان والزمان المعينين في العقد . وإذا لم يكن هناك نص مخالف ، وجب عليه أن يستلم المبيع بلا إبطاء ، مع مراعاة المهلة اللازمة للاستلام . وإذا لم يحضر لاستلام المبيع ، أو حضر بدون أن يعرض دفع الثمن في الوقت نفسه ، وكان البيع نقداً ، فتطبق القواعد المتعلقة بتأخر المدين . وإذا كان من والواجب تسليم الأشياء المبيعة دفعات متوالية ، فالتخلف عن استلام الدفعة الأولي ينتج المفاعيل التي ينتجها عدم استلام المجموع –ذلك كله ما لم يكن اتفاق مخالف بين الفريقين .

انظر أيضاً المادة 413 وقد سبق ذكرها آنفاً فقرة 418 في الهامش .

( وأحكام التقنين المدني اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .
( [1582] ) أنظر آنفاً فقرة 305 .
( [1583] ) أنظر آنفاً فقرة 305 في الهامش .
( [1584] ) بيدان 11 فقرة 274 .
( [1585] ) أنظر آنفاً فقرة 308 .
( [1586] ) أنظر آنفاٌ فقرة 308 - فقرة 311 .
( [1587] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 162 .
( [1588] ) أنظر آنفاً فقرة 312 .
( [1589] ) أنظر الفقرة الثانية من نص المشروع التمهيدي ، وهي الفقرة التي حذفت في لجنة المراجعة ، آنفاً فقرة 421 في الهامش .
( [1590] ) مجموعة الاعمال التحضيرية 4 ص 162 - ص 163 .
( [1591] ) وقد يكتفي البائع بتسليم المبيع إلى المشتري ، أي بوضعه تحت تصرفه ، وتمكينه من الاستيلاء عليه ، ولا يطالب المشتري بعد ذلك بتسلمه . فيكون البائع قد قام بالتزامه بالتسليم ، ومن ثم يحق له مطالبة المشتري بالثمن ، سواء تسلم المشتري المبيع أو لم يتسلمه .
( [1592] ) وإذا كان من الواجب تسليم المبيع على دفعات متوالية ، فالتخلف عن تسليم الدفعة الأولي يكون بمثابة التخلف عن تسلم كل المبيع ( أنظر م 472 لبناني فقرة 421 في الهامش ) ، ولكن التخلف عن تسلم الدفعات الأخيرة لا يمس ما تم تسليمه من الدفعات الأولي ( أوبري ورو 5 فقرة 356 ص 99 - أوبري وسينيا فقرة 599 ) .

وإذا أعذر المشتري البائع يطالبه بتسليم المبيع ثم لم يتم التسليم ، وجب على البائع ، حتى يسج على المشتري بعدم تسلمه للمبيع ، أن يعذره هو أيضاً بالتسليم حتى يثبت عليه التأخر في تنفيذ هذا الالتزام ( استئناف مختلط 21 أبريل سنة 1898 م 10 ص 257 ) .

ومن أشتري طيناً للسماد ملزم بتسلمه من الترعة التي يوجد فيها ، وليس له أن يبقيه ليأخذ منه بقدر حاجته لتسميد أرضه ، وللبائع إجباره على التسليم أو وضع الطين في مكان معين على ذمة المشتري ( استئناف مختلط 27 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 53 ) .
( [1593] ) أنظر في كل ذلك بودري وسينيا فقرة 594 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 144 .
( [1594] ) تاريخ النصوص :

م 482 :ورد هذا النص في المادة 653 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وفيما عدا عبارة " على سبيل التبادل " فقد أضيفت لجنة المراجعة بعد أن أقرت النص تحت رقم 509 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 284 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 233 ) . م 483 :ورد هذا النص في المادة 654 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 510 من المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 483 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 234 - ص 235 ) .
( [1595] ) التقنين المدني الوطني السابق م 356 :المعاوضة عقد به يلتزم كل من المتعاوضين المتعاقدين بأن يعطي للآخر شيئاً بدل ما أخذه منه .

م 357 :تحصل المعاوضة بمجرد رضاء المتعاقدين بها بالكيفية المقررة للبيع .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في شأن المقايضة في التقنين المدني السابق " لم يرد شيء عن عقد المقايضة في التقنين المختلط . أما التقنين الأهلي فقد أورد في شأنه خمسة نصوص ( م 356 - 360 ) اقتصرت على تطبيق القواعد العامة ، فيما عدا نصاً واحداً ( م 359 ) شذ عن هذه القواعد شذوذاً لا مبرر له . وقد أصلح المشروع هذا العيب ، وأورد نصوصاً تعرض لمميزات خاصة في عقد المقايضة : ثم نص بوجه عام على وجوب تطبيق أحكام البيع بالقدر الذي تسمح به طبيعة المقايضة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 232 . وأنظر أيضاً ص 238 ) .
( [1596] ) التقنينات العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 450 – 451 ( مطابقتان للمادتين 482 - 483 مصري . وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفي الزرقا فقرة 310 - فقرة 315 ) .

التقنين المدني الليبي م 471 – 472 ( مطابقتان للمادتين 482 - 483 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 599 ( مطابقة للمادة 483 مصري –وانظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 370 - فقرة 373 - الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 626 - فقرة 641 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 499 :المقايضة عقد يلتزم فيه كل من المتعاقدين أن يؤدي شيئاً للحصول على شيء آخر .

م 500 :تتم المقايضة بمجرد رضا الفريقين . أما إذا كان موضوع المقايضة عقارات أو حقوقاً عينية على عقارات ، فتطبق أحكام المادة 393 واحكام القوانين العقارية المعمول بها . م 501 :إذا عقدت المقايضة على أشياء تتفاوت فيمتها ، فللمتعاقدين أن يؤديا الفرق من النقود أو من أشياء أخرى .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .
( [1597] ) أنظر المادة 597 عراقي وتنص على ما يأتي : " 1 - لكل من البدلين في بيع المقايضة حكم البيع ، فتعتبر فيهما شروطه . وإن وقعت منازعة في أمر التسليم لزم أن يسلم ويتسلم كل من المتقايضين معاً . 2 - ويعتبر كل من المتقايضين بائعاً للشيء الذي قايض به ومشترياً للشيء الذي قايض عليه " .
( [1598] ) أوبري ورو 5 فقرة 360 هامش 1 - بودري وسينيا فقرة 973 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 393 .
( [1599] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " على أنه يجب إلا يكون هذا المعدل هو العنصر الغالب ، وإلا انقلبت المقايضة بيعاً " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 238 ) وانظر آنفاً فقرة 11 - وانظر نقض مدني 30 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 273 ص 814 - بودري وسينيا فقرة 975 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 393 ص 517 وفقرة 403 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2618 - جوسران 2 فقرة 1174 . ومبادلة رأس مال بإيراد مدي الحياة تكون مقايضة ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 ص 807 هامش 1 - جوسران 2 فقرة 1170 ) . ومبادلة نقد صرف في الفقه الإسلامي . قد يكون أحد البدلين أو كلاهما مجموعاً من المال كتخارج الوارث على حصته في الميراث في مقابل متجر يعطيه إياه الوارث الآخر ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 393 ص 506 ) .

والأصل في المعدل أن يكون نقوداً ، وقد يكون غير نقود ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 403 - م 501 لبناني آنفاً فقرة 426 في الهامش ) .
( [1600] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 658 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 512 من المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 485 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 238 وص 240 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني الوطني السابق م 360 :تتبع في المعاوضة القواعد المختصة بمشارطة البيع . ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 453 ( مطابقة للمادة 485 مصري ) .

التقنين المدني الليبي م 474 ( مطابقة للمادة 485 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 597 :1 - لكل من البدلين في المقايضة حكم المبيع فتعتبر فيهما شروطه . وإن وقعت منازعة في أمر التسليم ، لزم أن يسلم ويتسلم كل من المتقايضين معاً . 2 - ويعتبر :كل من المتقايضين بائعاً للشيء الذي قايض به ، ومشترياً للشيء الذي قايض عليه . ( والأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصري ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 503 :تطبق قواعد البيع على قدر ما تسمح به ماهية هذا العقد ، وخصوصاً ما يتعلق منها بضمان الاستحقاق وبالعيوب الخفية وببطلان التعاقد على ملك الغير .

( والأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصري ) .
( [1601] ) وكانت المقايضة في القانون الروماني عقداً غير مسمي يتم بتسليم أحد الشيئين .
( [1602] ) بودري وسينيا فقرة 997 ص 988 .
( [1603] ) وقد قضت محكمة النقض بأن استحالة رد الأطيان المتبادل عليها بسبب نزع ملكيتها من يد المتبادل الذي يتمسك ببطلان المبادلة ليست في حد ذاتها مانعاً من قبول دعوى البطلان ، أما إذا كانت الاستحالة ناشئة عن تصرف من طالب البطلان ينهض دليلا على إجازة المتبادل للعقد المشوب بالتدليس فعندئذ لا تقبل منه دعوى البطلان ( نقض مدني 18 مايو سنة 1933 المحاماة 13 رقم 618  /  4 ص 1213 ) .
( [1604] ) أنظر آنفاً فقرة 113 .
( [1605] ) ويجوز رفع دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع في المقايضة كما يجوز في البيع ، وتسري نفس القواعد .

وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان المورث قد تصرف في أطيان له للغير بمقتضى عقد بدل لم يسجل ، ثم تصرف في ذات الأطيان بالبيع لأحد أولاده بعقد بيع مسجل ، فأقام هذا الأخير دعوى على المتبادل معه بطلب تثبيت ملكيته إلى هذا القدر ، فقضي برفض دعواه اتباعاً لما هو مقرر في التشريع الفرنسي في شأن الوارث الذي يقبل التركة بغير تحفظ " فإن الحكم يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 26 ديسمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 108 ص 960 ) .

وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن العقد المقايضة غير المسجل يلزم كل مقايض بالأعمال اللازمة بالتسجيل كما في البيع ( استئناف مختلط 12 يناير سنة 1932 م 44 ص 110 ) . وقضت أيضاً بأنه لا يحتج بالمقايضة بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية كما لا يحت بأي تصرف آخر ( استئناف مختلط 31 مارس سنة 1036 م 48 ص 206 ) ، فإذا كانت المقايضة بمعدل حل المقايض محل الدائن المرتهن الذي دفع له المعدل ( نفس الحكمب السابق ) .
( [1606] ) استئناف مختلط 4 مارس سنة 1924 م 36 ص 247 - 26 ديسمبر سنة 1923 م 46 ص 95 .
 
( 114 ) بودري وسينيا فقرة 980 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 398 - الأستاذ أنور سلطان فقرة 463 .
115 ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه يجوز فسخ المقايضة إذا يسلم المقايض ما قايض به إلى المقايض الآخر ( استئناف وطني 22 فبراير سنة 1912 الحقوق 27 ص 129 - ومع ذلك قارن استئناف وطني 24 يناير سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 66  /  1 ص 184 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا لم يوف أحد المقايضين بما قايض به ، فللآخر الفسخ والمطالبة بتعويض يقابل المنفعة التي صلت للمتقايض المحكوم عيه بالفسخ ولو كان هذا الأخير حسن النية ( استئناف مصر 27 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 531 ص 1048 ) . وانظر في استحقال التعويض للتأخر في تسليم الأرض المقايض عليها بعد الإعذار ( نقض مدني 11 أبريل سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 243 ص 666 ) .

( 116 ) نقض مدني 7 يناير سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 25 ص 62 - 27 مارس سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 109 ص 337 - استئناف وطني 15 ديسمبر سنة 1913 المجموعة الرسمية 15 رقم 24 ص 50 - وفي انطباق قواعد فسخ البيع على فسخ المقايضة انظر : استئناف مختلط 4 يونيه سنة 1914 م 27 ص 412 :19 نوفمبر سنة 1935 م 48 ص 28 .
( [1610] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 239 - ص 240 . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يتضمن نصين في هذا الصدد هما مجرد تطبيق للقواعد العامة ، فحذفتا في لجنة المراجعة . فكانت المادة 656 من المشروع التمهيدي تنص على أنه أحد المتقايضين الشيء الذي قايض عليه ثمن أثبت بعد ذلك أن الطرف الآخر لا يملك هذا الشيء ، فلا يجوز أن يجبر على تسليم الشيء الذي قايض به ، وليس عليه إلا أن يرد ما تسلمه " . وكانت المادة 675 من المشروع التمهيدي تنص على أنه " إذا استحق الشيء المقايض عليه في يد المقايض ، أو رد بعيب ، جاز للمقايض أن يسترد الشيء الذي قايض به أو أن يطالب بقيمة الشيء الذي قايض به أو أن يطالب بقيم الشيء الذي قايض عليه وقت الاستحقاق أو وقت المقايضة خالياً من العيب ، وله في الحالتين أن يطالب بتعويض إذا كان هناك وجه لذلك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 235 - ص 237 في الهامش ) . وتنص المادة 598 من التقنين المدني العراقي على أنه " إذا استحق الشيء الذي تسلمه المقايض أو رد بعيب ، جاز لهذا المقايض أما أن يسترد الشيء الذي قايض به ، وإما أن يطالب بقيمة الشيء الذي قايض عليه وقت الاستحقاق أو قيمته وقت المقايضة خالياً من العيب . وله في الحالة أن يطالب بتعويض ، إذا كان هناك وجه لذلك " .

وكانت المادة 358 من التقنين المدني الوطني السابق تنص على أنه " إذا كان أحد المتعارضين استلم العوض قبل تسليم العوض الآخر ، ثم اثبت أن ما استلمه لم يكن للمتعاقد معه فلا يجوز إجباره على تسليم ما تعهد بإعطائه بدل ما أخذه ، وإنما يجبر على رد ما استلمه فقط " . ثم أوردت المادة 359 من التقنين المدني السابق نصاً يشتمل على حكم يتعارض مع القواعد العامة فقضت بأنه " إذا كن أحد المتعاوضين استلم عوض ما أعطاه ، ثم ظهر أنه ليس ملك العاقد وانتزعه منه مالكه الحقيقي ، فيكون المتسلم المذكور مخيراً بين طلب تضمينات وبين طلب رد عين ما أخذه منه ولو كان تحت يد غير المتعاقد معه إذا كان عقاراً إلا إذا مضت في هذه الحالة خمس سنين من يوم عقد مشارطة المعاوضة " . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وهذا حكم غير مفهوم ، إلا إذا قيل أن الأجنبي قد ملك العقار بالتقادم القصير . على أن هذا التعليل لا يصح في كل الأحوال ، فقد يكون الأجنبي سيء النية ، وقد تكون مدة حيازته للعقار أقل من خمس سنوات ويكفي لتحقق ذلك إلا تنتقل إليه حيازة العقار إلا بعد عقد المقايضة كما هو الغالب . وقد حذف المشروع هذا الحكم الغريب " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 239 ) . وقد قضت محكمة النقض بأن مدة الخمس سنوات المذكورة في الشق الأخير من المادة 359 مدني ليست من مدد التقادم يصبح المتقايض بمرورها ذا حق مكتسب ، بل هي من مدد السقوط يسقط بانقضائها حق المتقايض الذي استحق عنده القبض في رفع الدعوى استرداد القبض الذي أعطاه ( نقض مدني 7 يناير سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 25 ص 62 - وانظر أيضاً في صدد هذا النص : نقض مدني 26 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض رقم 107 ص 720 - استئناف مصر 4 مايو سنة 1926 المحاماة 7 رقم 9 ص 15 - محكمة قنا استئنافي في 20 فبراير سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 87  /  1 ص 210 - الأستاذين احمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 634 - فقرة 635 ) .

والعبرة بوقت تمام المقايضة ، فإن كانت قد تمت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فنص التقنين المدني السابق هو الذي يسري فيما بين الوطنيين دون الأجانب ، وإلا فالتقنين المدني الجديد هو الذي يسري .
( [1611] ) فيجوز للمقايض الذي له حق في المعدل أن يجبر المقايض الآخر على دفع المعدل مع التعويض فإن كان له مقتضن ، ويجوز لدائنه أن يستعمل حقه هذا ( استئناف مختلط 8 مايو سنة 1941 م 53 ص 188 ) . . وإذا كان المعدل في المقايضة ضريبة متأخرة ثم تنازلت عنها الحكومة ، المقايض الذي كان مسئولا عن هذه الضريبة وحولها على المقايض الآخر له حق الرجوع بقيمتها على هذا المقايض الآخر ( استئناف مختلط 18 مايو سنة 1899 م 11 ص 235 ) .
( [1612] ) أما في غير المعدل فلا امتياز للمتقايض على العين التي أعطاها ( نقض 16 مارس سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 110 ص 281 ) .
( [1613] ) أنظر في الغبن الفاحش آنفاً فقرة 221 ، حتى لو كانت المقايضة بمعدل ( بودري وسينيا فقرة 995 ) . إذ المعدل لا يحول المقايضة بيعأً ( أوبري ورو 5 فقرة 360 ص 185 ) _قارن الأستاذ منصور مصطفي منصور ( ص 310 ) ويذهب إلى أن علة حكم الغبن الفاحش تتوافر في المقايضة ، وإلى أن طبيعة المقايضة لا تتعارض مع أعمال هذا الحكم ، فتقدر قيمة العقار الذي قايض عليه القاصر وتنسب إلى قيمة العقار الذي قايض به . وغني عن البيان أننا لو أعملنا حكم الغبن الفاحش وتنسب إلى قيمة العقار الذي قايض به . وغنى عن البيان أننا لو أعملنا حكم الغبن الفاحش في المقايضة ، لاقتضى الأمر تقدير عقارين ، لا تقدير قيمة عقار وأحد كما في البيع ، ولكن هذه المشقة قد يعد لها استكمال حماية القاصر في المقايضة كما استكملت في البيع .

( 121 ) ويجوز فسخ المقايضة لعدم دفع المعدل ، كما يجوز فسخ البيع لعدم دفع الثمن . فالمعدل إذن ، كالثمن ، مضمون بحق الفسخ وحق الامتياز ، وهذا غير التنفيذ العيني ( أوبري ورو 5 فقرة 360 ص 184 - بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 404 - الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 363 ) .

( 122 ) قارن مع ذلك أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ echangeفقرة فقرة 15 - وقارن أيضاً الأستاذ منصور مصطفي منصور ( فقرة 126 ص 309 ) ، ويذهب إلى أن الحكم الخاص
( [1614] ) قارن مع ذلك أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ echangeفقرة 15 - وقارن أيضاً الأستاذ منصور مصطفي منصور ( فقرة 126 ص 309 ) ، ويذهب إلى أن الحكم الخاص ببطلان بيع الوفاء لا يسري على المقايضة لانتفاء علة البطلان ، فإذا اشترط في العقد احتفاظ أحد المتقايضين بحقه في استرداد ما قايض به إذا هو رد ما قايض عليه في مدة معينة كان العقد صحيحاً .
( [1615] ) أنظر آنفاً فقرة 105 .
( [1616] ) استئناف مختلط 16 فبراير سنة 1932 م 44 ص 169 .
( [1617] ) إلا إذا أخفي البيع تحت ستار المقايضة ( استئناف مختلط 19 فبراير سنة 1918 م 30 ص 227 ) .
( [1618] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 655 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 511 من المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 484 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 235 - ص 237 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ، ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 452 ( مطابقة للمادة 484 مصري )

التقنين المدني الليبي م 473 ( مطابقة للمادة 484 مصري ) .

التقنين المدني العراقي م 600 ( مطابقة للمادة 484 مصري ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 502 :تقسم حتما مصاريف العقد ونفقاته القانونية بين المتقايضين ، ما لم يكن هناك اتفاق آخر بينهما . ( والحكم يتفق مع حكم التقنين المصري ) .
( [1619] ) وذلك دون اعتداد بما قد يكون في المقايضة من معدل ، فنفقات المعدل تضم إلى مجموع النفقات ويكون المجموع مناصفة بين المتقايضين ، ويذهب أوبري ورو إلى جعل نفقات المعدل على الملتزم به ( أوبري ورو 5 فقرة 360 هامش 16 ) .
( [1620] ) وهي أقل في المقايضة منها في البيع ( وكانت من قبل 2 % ثم ارتفعت إلى 3 %  ) . وإذا تفاوت البدلان في القيمة ، كان العقار الأكبر قيمة هو المعتبر لتقدير رسوم التسجيل ( استئناف مختلط 11 يناير سنة 1900 م 12 ص 75 ) . وإذا كانت المقايضة حقيقتها بيع . كأن اشتري شخص مزرعة بمبلغ 1000000 دفع منه نقداً 94000 ومنزلا قيمة 6000 ، فهناك أحكام قضت بوجوب دفع رسوم التسجيل على كل من المزرعة والمنزل فكلاهما مبيع ( استئناف مختلط 12 يناير سنة 1922 م 24 ص 15 - 12 أبريل سنة 1928 م 40 ص 301 ) . وهناك أحكام أخرى ، وفيها حكم الدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف المختلطة ، قضت بجعل الرسوم على أعلى العقارين قيمة مهما كان مقدار المعدل ( استئناف مختلط 26 مايو سنة 1928 م 40 ص 163 - محكمة الاستئناف المختلطة في دوائرها المجتمعة 26 مايو سنة 1928 م 40 ص 387 - استئناف مختلط 7 مايو سنة 1931 م 43 ص 379 ) .
( [1621] ) ويعتبر الاتفاق على أن يتحمل أحد المتقايضين كل المصروفات من قبيل الاتفاق على معدل ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 403 ) .
( [1622] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وتجعل المادة 655 ( من المشروع التمهيدي ) مصروفات عقد المقايضة مناصفة بين المتقايضين ، وهذا طبيعي لأن كلا منهما يعتبر مشتريا لما قايض عليه . ويجوز الاتفاق على غير ذلك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 239 ) .

© جميع الحقوق محفوظة. 2024 بوابة القوانين فى دولة الكويت