أحصائية باعداد القوانين والتشريعات
قوانين : 313 (ق)
-
مواثيق واتفاقيات : 14 (ق)
-
لوائح وقرارات : 204 (ق)
الدراسات

وسيط السنهوري - الجزء 8 الثامن

admin منذ 4 أشهر 624
وسيط السنهوري - الجزء 8 الثامن

وسيط السنهوري - الجزء 8 الثامن
 
 

الوسيط

في شرح القانون المدني

( 8 )

 

حق الملكية

مع شرح مفصّل للأشياء والأموال

تأليف

عبد الرزاق أحمد السنهوري

دكتور في العلوم القانونية ودكتور في العلوم السياسية والاقتصادية

ودبلومية من معهد القانون الدولي بجامعة باريس

1967

 

بيان
أفردنا هذا الجزء الثامن من الوسيط للكلام في حق الملكية في ذاته ، دون أسباب كسبه . أما أسباب كسب الملكية ، وكذلك الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية ( حق الانتفاع وحق الارتفاق ) ، فمكانها الجزء التاسع .

وقد جعلنا هذا الجزء الثامن قسمين : بحثنا في القسم الأول منهما الأشياء المادية ، ثم الأشياء غير المادية أي ما يسمى عادة بالملكية الأدبية والفنية والصناعية . وبحثنا في القسم الثاني حق الملكية في ذاته .


القسم الأول
الأشياء المادية
والأشياء غير المادية

 $ 5 $ تمهيد ( $%&[1] ) مراجع عامة في القسمين معاً ( الأشياء وحق الملكية ) : بودري وشوفو الطبعة الثالثة سنة 1905 – أوبري ورو وبارتان جزء 2 الطبعة السادسة سنة 1935 وجزء 3 الطبعة السادسة سنة 1938 – بيدان وفواران جزء 4 الطبعة الثانية سنة 1938 – بلانيول وريبير وبيكار جزء 3 الطبعة الثانية سنة 1952 – دي باج ويكرز جزء 5 سنة 1952 وجزء 6 سنة 1953 – بلانيول وريبير وبلانجيه جزء أول الطبعة الرابعة سنة 1948 – كولان وكابيتان ودي لامور أنديير جزء أول الطبعة الحادية عشرة سنة 1947 – جوسران جزء أول الطبعة الثالثة سنة 1938 – هنري وليون وجان مازو دروس في القانون المدني جزء 2 الطبعة الثانية سنة 1962 – مارتي ورينو 2 مجلد 2 سنة 1965 – كاربونييه جزء 2 سنة 1959 – أنسيكلوبيدي داللوز جزء 1 سنة 1951 لفظ ( Biens ) وجزء 4 سنة 1954 لفظ ( Propiété ) وجزء 5 سنة 1955 ( لفظ Succession ) .
محمد كامل مرسي جزء أول في الأموال والحقوق وحق المكية بوجه عام الطبعة الثانية سنة 1951 وجزء 2 في الحقوق المتفرعة عن حق الملكية سنة 1949 – محمد علي عرفة في حق الملكية جزء أول الطبعة الثالثة سنة 1954 – شفيق شحاتة في النظرية العامة للحق العيني سنة 1951 – عبد الفتاح عبد الباقي في دروس في الأموال سنة 1956 – عبد المنعم البدراوي في الحقوق العينية الأصلية الطبعة الثانية سنة 1956 – حسن كيرة في الحقوق العينية الأصلية ( حق الملكية ) الطبعة الثانية سنة 1965 – إسماعيل غانم في الحقوق العينية الأصلية جزء أول الطبعة الثانية سنة 1961 – عبد المنعم فرج الصدة في حق الملكية الطبعة الثانية سنة 1964 – منصور مصطفى منصور في حق الملكية سنة 1965 .
وعند الإشارة إلى هذه المراجع يرجع إلى الطبعة المبينة أمام كل مرجع منها .
         هذا وقد صدرت مؤلفات عدة تبحث في الملكية في القانون المدني العراقي ، نذكر هنا ما وقع منها تحت يدنا ليرجع إليها من يشاء البحث في هذا القانون : حامد مصطفى في الملكية وأسبابها بغداد سنة 1953 والملكية العقارية في العراق ( معهد الدراسات العربية العالية سنة 1964 ) – حسن علي الزنون في الحقوق العينية الأصلية بغداد سنة 1954 – شاكر ناصر حيدر في الحقوق العينية الأصلية بغداد سنة 1959 – صلاح الدين الناهي في الحقوق العينية الأصلية بغداد سنة 1961 .
وانظر أيضاً : عبد المنعم فرج الصدة في الملكية في قوانين البلاد العربية ( معهد الدراسات العربية العالية سنة 1961 – 1964 ) – حسن كيرة في الحقوق العينية الأصلية في القانون المدني اللبناني المقارن ( مذكرات على الآلة الكاتبة سنة 1965 ) .&%$ )
1 - الأشياء وتقسيمها إلى مادية وغير مادية – الشيء والمال – نص قانوني : نمهد للكلام في حق الملكية والحقوق العينية المتفرعة عنه ببحث $ 6 $ في الأشياء ، إذ الشيء هو أكثر التصاقا وأشد ارتباطا بالحق العيني منه بالحق الشخصي . فالحق العيني سلطة قانونية مباشرة على الشيء محل الحق ، ومن ثم يتصل صاحب الحق بالشيء اتصالاً مباشراً دون وسيط . أما الحق الشخصي فعلاقة تقوم بين دائن ومدين ، قد يكون محلها شيئا ولكن الدائن لا يتصل بالشيء اتصالا مباشراً وإنما يتصل به بوساطة المدين . وهذا يجعل الحق العيني – بخلاف الحق الشخصي – يتركز في الشيء وينصب عليه انصبابا مباشراً ، ويستدعي أن نمهد كما قدمنا للكلام في الحق العيني بالكلام في الشيء .

والشيء ، في نظر القانون ، هو ما يصلح أن يكون محلا للحقوق المالية . فشرط الشيء إذن أن يكون غير خارج عن التعامل ، أي قابلا للتعامل فيه . وتنص المادة 81 مدني في هذا الصدد على ما يأتي :

 " 1 - كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلا للحقوق المالية " .

 " 2 - والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها ، وأما الخارجة بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلا للحقوق المالية " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 111 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا فروقا لفظية طفيفة . ووافقت عليه لجنة المراجعة ، تحت رقم 83 في المشروع النهائي ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 83 . ووافقت عليه لجنة مجلس الشيوخ بعد إدخال بعضد تعديلات لفظية ، وصار رقمه 81 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما أقرته لجنته تحت رقم 81 ، بعد أن جرت مناقشة طويلة في اقتراح تقوم به أحد أعضاء مجلس الشيوخ يرمي إلى إضافة فقرة للنص تقضي بجعل الكنائس والمعابد بمجرد بنائها والصلاة فيها مملوكة للهيئة الدينية العليا ، وقد رفض مجلس الشيوخ هذا الاقتراح ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 459 – ص 464 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن حكمه يتفق مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري : م 83 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي : م 81 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي : م 61 ( موافق ) .

قانون الملكية العقارية اللبناني : لا مقابل ( ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .&%$ ) .

 $ 7 $ ويمكن اعتبار قابلية الشيء للتعامل فيه شرطا في الشيء كما اعتبرناها هنا ، وهذا ما يبدون أن التقنين المدني الجديد قد ذهب إليه إذ تقوم المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المادة 81 مدني سالفة الذكر : " وضع المشروع بهذه المادة أساس التفرقة بين الأشياء والأموال ، فبين أن الشيء غير المال ، وأنه ( أي الشيء ) لا يعدو أن يكون محلا للحقوق المالية ، بشرط ألا يكون خارجا عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 460 – وانظر في هذا المعنى شفيق شحاتة فقرة 21 ص 39 – ص 40 .&%$ ) . كما يمكن اعتبار قابلية الشيء للتعامل فيه أساسا لتقسيم الأشياء إلى أياء قابلة للتعامل فيها وأشياء غير قابلة للتعامل فيها ، فتكون الأشياء غير القابلة للتعامل فيها أشياء في نظر القانون كسائر الأشياء ولكن لا يجوز أن يترتب عليها حقوق مالية .

وسواء أخذنا بالاعتبار الأول أو بالاعتبار الثاني ، فالمهم في كل من الاعتبارين أن نحدد الأشياء غير القابلة للتعامل فيها ، وهذه قسمان : ( القسم الأول ) أشياء تخرج عن التعامل بطبيعتها ، وهي كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " التي يمكن أن ينتفع بها كل الناس بغير أن يحول انتفاع بعضهم دون انتفاع البعض الآخر ، كالهواء والماء الجاري وأشعة الشمس الخ . ولذلك عرفها المشروع بأنها الأشياء التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 460 – وفي الاعتبار الثاني الذي يعترف بصفة " الشيء " للأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها ، لا يتدخل القانون – والقانون هنا هو القانون الإداري لا القانون المدني – إلا لتنظيم استعمال الناس لهذه الأشياء بحيث لا يضر بعضهم بعضا ، ولا يرتب القانون حقوقا للأفراد على هذه الأشياء لأنها غير قابلة لترتب حقوق عليها إذ هي خارجة عن التعامل ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 62 ) .

وإذا انقضى حق المؤلف في استغلال مصنفه بمضي خمسين سنة على وفاته ، وقع حق استغلال المؤلف في أيدي الناس كافة ، وكان لكل فرد الحق في نشر المؤلف واستغلاله . ولكن حق الاستغلال على هذا الوجه لا يدخل ضمن الأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها ، إذ أن الشيء هنا لا تستعصي طبيعته على الاستغلال ، بل هو أقرب إلى أن يكون شيئا مباحا يترتب عليه حق لأي فرد يتولى استغلاله .&%$ ) . ( والقسم الثاني ) أشياء تخرج عن التعامل بحكم القانون ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في شأنها : " والأشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون هي التي ينصف القانون على عدم جواز التعامل $ 8 $ فيها بوجه عام ، كالحشيش والأفيون والأشياء التي تدخل ضمن الأموال العامة . ولا يغير من هذا الوصف إجازة نوع معين من التعامل في هذه الأشياء ، كبيع الحشيش والأفيون لأغراض طبية ، وإعطاء رخص لاستعمال بعض الأموال العامة الخ " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 460 – وقد كتبنا في الجزء الأول من الوسيط ، في صدد الشيء غير القابل للتعامل فيه ، ما يأتي : " يكون الشيء غير قابل للتعامل فيه .. إذا كانت طبيعته أو الغرض الذي خصص له يأبى ذلك ، أو إذا كان التعامل فيه غير مشروع . فالشيء لا يكون قابلا للتعامل فيه بطبيعته إذا كان لا يصلح أن يكون محلا للتعاقد ، كالشمس والهواء والبحر ، ويرجع عدم القابلية للتعامل إلى استحالته ( أما إذا كان الشيء يمكن التعامل فيه ولكن لا مالك له فهو مال مباح ، كالطير في الهواء والسمك في البحر ، ويملكه من يستولى عليه ويستطيع أن يتعامل فيه ) . وقد يصبح التعامل ممكنا في هذه الأشياء من بعض النواحي ، فأشعة الشمس يحصرها المصور الفوتوغرافي ، والهواء يستعمله الكيميائي في أغراضه ، والبحر يؤخذ من مائه ما يصلح أن يكون محلا للامتلاك . فعند ذلك تصبح الشمس والهواء والبحر قابلة للتعامل فيها من هذه النواحي الخاصة ... وقد يكون الشيء غير قابل للتعامل فيه لأن ذلك غير مشروع ، وعدم المشروعية يرجع إما إلى نص في القانون ، أو إلى مخالفة هذا التعامل للنظام العام أو للآداب . على أن نص القانون الذي يمنع من التعامل في الشيء يكون مبنيا على اعتبارات ترجع هي ذاتها إلى النظام العام أو إلى الآداب أو إليهما معاً ، ووجود النص دليل على عناية المشرع بالأمر فآثر أن يورد له نصاً . أو هو إيضاح في مقام قد يكون عدم النص فيه مؤديا للغموض ، كالنص الذي يحرم التعامل في التركة المستقبلة . أو هو تحديد لأمر يرى المشرع تحديده ، كما حدد الربا الفاحش . أو هو تحريم لأمر تقضي ظروف البلاد الخاصة بتحريمه ، كما حظر المشرع المصري الاتجار في الحشيش والمخدرات وكما حرم بيع الوفاء " ( الوسط 1 فقرة 227 ) .

وفي الفقه الإسلامي تدعى الأشياء التي يحرم التعامل فيها ، كالخمر ولحم الخنزير ، بالمال غير المتقوم .&%$ ) .

والحقوق المالية التي يكون الشيء محلا لها كثيرة التنوع . فمنها الحقوق العينية الأصلية ، كحق الملكية وحق الانتفاع وحق الارتفاق . ومنها الحقوق العينية التبعية ، كحق الرهن وحق الامتياز . ومنها الحقوق الشخصية ، كحق المشتري في تسلم المبيع وفي انتقال ملكيته إليه وحق المستأجر في تسليم العين المؤجرة وفي تمكينه من الانتفاع بها وحق المؤجر في استردادها وحق المقرض في استرداد مبلغ القرض . ومنها الحقوق التي تقع على شيء غير مادي ، كحقوق المؤلف فيما يسمى بالملكية الأدبية والفنية والحقوق التي تسمى بالملكية الصناعية وبالملكية التجارية .

 $ 9 $ وظاهر مما تقدم أن الأشياء تنقسم انقساما مبدئيا إلى أشياء مادية وأشياء غير مادية . والأصل في الأشياء أن تكون مادية ، أي أن يكون لها حيز مادي محسوس ، كالأرض والمباني والمركبات والمواشي والمحصولات والمأكولات والمشروبات . ولم يكن القانون يعرف غير الأشياء المادية ، ولكن تقدم الفكر البشري مع اختراع الطباعة وازدهارها والتجارة والصناعة أخذ ينشئ بالتدريج أشياء غير مادية ، أي أشياء غير ذات حيز محسوس ، هي نتاج العقل البشري من تأليف أدبي وفني ومن مخترعات ومبتكرات في الصناعة والتجارة . وإلى الأشياء غير المادية هذه تشير المادة 86 مدني عندما تقول : " الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة " . وسنتناول الأشياء المادية والحقوق التي ترد عليها في الباب الأول من هذا القسم ، وفي الباب الثاني نبحث الأشياء غير المادية وما يرد عليها من حقوق .

وتمييزنا بين الشيء من جهة وبين ما يرد عليه من حقوق من جهة أخرى هو عين التمييز بين الشيء والمال . فالشيء غير المال : المال هو الحق المالي الذي يرد على الشيء ، والشيء هو محل هذا الحق ( $%&[1] ) وفي هذا المعنى تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " ورعي في هذا الفصل لتمييز بين الأشياء والأموال . فالمال في عرف القانون هو الحق ذو القيمة المالية أيا كان ذلك الحق ، سواء أكان عينيا أم شخصيا أم حقاً من حقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية إلخ . أما الشيء ، سواء أكان مادياً أم غير مادي ، فهو محل ذلك الحق . وقد أريد بذلك تحاشي ما وقع فيه التقنين الحالي ( السابق ) ومعظم التقنيات الأجنبية من خلط بين الشيء والمال ، مما جعل تلك التقنينات تعرف المال في بعض نصوصها بأنه شيء ... وفي بعض النصوص الأخرى أنه حق . فأدى ذلك إلى إطلاق التقسيمات الخاصة بالأشياء على الأموال أيضاً ، في حين أن بعض هذه التقسيمات لا يصدق إلا على الأشياء كتقسيم الأشياء إلى مثليه وقيمية وإلى قابلة وغير قابلة للاستهلاك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 457 ) .&%$ ) .

 $ 10 $ الباب الأول

الأشياء المادية والحقوق التي ترد عليها

2 - تقسيمات الأشياء المادية وما يرد على هذه الأشياء من حقوق :

قدمنا أن الأشياء المادية هي ما كان لها حيز مادي محسوس ، وهي كثيرة متنوعة ، بل هي الأصل الذي كان القانون لا يعرف غيره كما سبق القول . ولا يمكن حصرها إلا عن طريق تقسيماتها ، وهذا ما نخصص له الفصل الأول من هذا الباب . وفي الفصل الثاني نتناول الحقوق التي ترد على الأشياء المادية ، وهذه الحقوق هي الأموال ، فنقابل بذلك بين الشيء والمال .

ويلاحظ أن الحقوق التي ترد على الأشياء غير المادية لها هي أيضاً جانب مالي ، فيدخل هذا الجانب ضمن الأموال . ولكننا نفرد هذه الحقوق ببحث مستقل كما قدمنا ، لما لها من خصائص تميزها عن الحقوق المالية التي ترد على الأشياء المادية .

الفصل الأول

تقسيمات الأشياء المادية

3 - تقسيمات مختلفة : للأشياء المادية تقسيمات مختلفة . فالشيء إما أن يكون قابلا للاستهلاك أو غير قابل له ، وإما أن يكون مثليا أو قيميا ، وإما أن يكون عاما أو خاصا . ولكن هناك تقسيما للأشياء المادية يعتبر أهم تقسيماتها جميعا ، وهو تقسيم الشيء إلى عقار منقول ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، في صدد تقسيمات الأشياء المادية وغير المادية ، ما يأتي : " وقد بدأ المشروع بتعريف الشيء الذي يصلح محلا للحقوق المالية في المادة 111 ( م 81 مدني ) . وقسم الأشياء إلى عقار منقول في المادة 112 ( م 182 مدني ) ، ثم بين كيف تتعدى صفة العقار المنقول إلى المال ذاته ، أي الحق المترتب على الشيء ، في المادتين 113 و 114 ( م 82 / 2 و 82 مدني ) . ثم نظر إلى تقسيم الأشياء إلى قابلة للاستهلاك وغير قابلة له ، وإلى مثلية وقيمية ، مكتفيا بتعريف الشيء القابل للاستهلاك في المادة 115 ( م 84 مدني ) والشيء المثلي في المادة 116 ( م 85 مدني ) . ثم انتقل إلى بيان أنواع الأموال ، فعرف الأموال المعنوية في المادة 117 ( م 86 مدني ) والأموال العامة في المادتين 119 و 120 ( م 87 – 88 مدني ) – وقد أهمل المشرع في هذا الفصل بعض مواد التقنين الحالي ( السابق ) كالمادة 6 / 20 – 21 التي أشارت إلى تقسيم الأموال إلى ملك وخراجية لانعدام الفائدة منها ، والمادة 5 / 19 التي بينت الحقوق العينية المختلفة اكتفاء بتخصيص القسم الثاني من المشروع لتفصيل أحكام هذه الحقوق ، الأصلية منها في الكتاب الأول .. والتبعية في الكتاب الثاني .. ، والمادة 8 / 23 – 24 التي تعرف المال المباح وتنظم الاستيلاء عليه لتناول هذا الموضوع في مكانه الطبيعي بين أسباب كسب الملكية ... وقد راعى المشرع فيما استبقاه من مواد التقنين الحالي ( السابق ) إصلاح عباراتها لتلافي ما وجه إليها من نقد ، مع توخي الدقة في التعريف والقصد في التعبير ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 457 – ص 458 ) .&%$ ) . فنفرد لهذا التقسيم الفرع الأول $ 11 $ لأهميته ، وفي الفرع الثاني نتناول التقسيمات الأخرى التي سبقت الإشارة إليها .

الفرع الأول

تقسيم الأشياء المادية إلى عقار ومنقول

4 - نص قانوني : تنص المادة 82 مدني على ما يأتي :

 " 1 - كل شيء مستقر بحيزه ، ثابت فيه ، لا يمكن نقله منه دون تلف ، فهو عقار ، وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول " .

 " 2 - ومع ذلك يعتبر عقارا بالتخفيض المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه ، رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 112 وفي الفقرة الثانية من المادة 114 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " م 112 – 1 – يكون عقارا كل شيء له مستقر ثابت ، بحيث لا يمكن نقله دون تلف . 2 - وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول . م 114 / 2 : ومع ذلك يعتبر مالا عقاريا حق الملكية الواقع على المنقول الذي يضعه المالك في عقار يملكه ، رصدا على خدمة هذا العقار واستغلاله " . وفي لجنة المراجعة أدمجت فقرتا المادة 112 في فقرة واحدة ونقلت الفقرة الثانية من المادة 114 لتكون فقرة ثانية في المادة 112 ، وعدل النص فصار مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا كلمة " بالتخصيص " الواردة في الفقرة الثانية فقد أضافتها لجنة مجلس الشيوخ ، وأصبح رقم المادة 84 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على النص ، تحت رقم 84 . في لجنة مجلس الشيوخ تقدم اقتراح من بعض مستشاري محكمة النقض يرمي إلى إضافة العبارة الآتية إلى آخر الفقرة الثانية : " على أنه لا يسوغ الحجز عليه منفرداً عن العقار المخصص له " ، تمشيا مع المادة 4 من التقنين المدني السابق . ولكن اللجنة لم تر الأخذ بهذا الاقتراح " لأن التسليم بفكرة العقار بالتخصيص لا يستقيم مع قصر نطاق آثار هذه الفكرة على طائفة من النتائج دون طائفة أخرى ، ونتائج التخصيص قد تظهر في البيع والقسمة والوصية ، ولذلك آثرت اللجنة أن تبقي النص على حاله حتى يكون نطاق هذه النتائج أشمل من نطاقها الحالي " . ومن ثم وافقت لجنة مجلس الشيوخ كما أقرته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 465 – ص 469 ) .&%$ ) .

 $ 12 $ ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المواد 2 – 4 / 16 – 18( $%&[1] ) التقنين المدين السابق م 2 / 16 : الأموال الثابتة هي الحائزة لصفة الاستقرار ، سواء كان ذلك من أصل خلقتها أو بضع صانع ، بحيث لا يمكن نقلها بدون أن يعتريها خلل أو تلف ، وكذلك الحقوق العينية المتعلقة بتلك الأموال .

م 3 / 17 : ما عدا ذلك من الأموال يعد منقولا . والتعبير في القانون بلفظ أمتعة وأشياء منقولة وأموال منقولة يشمل بلا فرق جميع المنقولات .

م 4 / 18 : إلا أن آلات الزراعة والماشية اللازمة لها ، متى كانت ملكا لصاحب الأرض ، وكذلك آلات المعامل ومهماتها إذا كانت ملكا لمالك تلك المعامل ، تعتبر أموالا ثابتة ، بمعنى أنه لا يسوع الحجز عليها منفردة عن العقار المتعلقة به .

وفي المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي بيان واف لما أدخله التقنين المدني الجديد من تعديلات على نصوص التقنين المدني السابق ، إذ تقول : " قسمت المادة .. الأشياء التي يصح أن تكون محلا لحقوق مالية إلى أشياء ثابتة ( أو عقارات ) وأشياء منقولة .. ولم تتعرض لتقسيم الأموال من هذه الناحية ، فحذفت العبارة الأخيرة من المادة 2 / 16 من التقنين الحالي ( السابق ) التي نصت على الحقوق العينية المتعلقة بالأموال العقارية ، إذ أن هذه الحقوق تعتبر أمولا لا أشياء ، وقد نص عليها المشروع في المادة التالية . وعرف النص العقار بأنه كل شيء له مستقر ثابت بحيث لا يمكن نقله دون تلف ، وينطبق ذلك على كل شيء حائز لصفة الاستقرار سواء أكان ذلك من أصل خلقته أم بصنع صانع . ولما كان الحكم واحدا في كلتا الحالتين ، فقد رؤى حذف هذه العبارة ... وقد استثنى المشروع حقوق الملكية الواقعة على المنقولات التي يضعها المالك في عقار يملكه رصدا على خدمة العقار أو استغلاله ، فاعتبرها أموالا عقارية ، وهي المعروفة في الفقه بأنها العقارات بالتخصيص . وقد توسع المشروع فيها فلم يقصرها ، كما فعل التقنين الحالي ( السابق ) ، على الآلات اللازمة أي الضرورية للزراعة والمصانع ( م 4 / 18 ) ، بل نص عليها في صيغة عامة تجعلها تشمل كل منقول يضعه مالكه في عقار مملوك له ، ويخصصه إما لخدمة العقار كالتماثيل التي توضع على قواعد متينة ، وإما لاستغلاله كالآلات الزراعية والصناعية ومفروشات الفنادق والرفوف والخزائن والمقاعد المخصصة لاستغلال المحال التجارية الخ . ولا يشترط أن يكون المنقول لازما أي ضروريا لخدمة العقار أو استغلاله ، بل يكفي تخصيصه لهذه الخدمة أو الاستغلال ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك ... لوم ير المشروع أن يجعل أثر إلحاق صفة العقار بالتخصيص قاصراً على عدم جواز الحجز على المنقول الذي تلحق به هذه الصفة ، حتى يكون الحكم أكثر مرونة أوسع نطاقا " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 466 – ص 467 ) .&%$ ) .

 $ 13 $ ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنيني المدني السوري م 84 ، وفي التقنيني المدني الليبي م 82 ، وفي التقنين المدني العراقي م 62 – 63 ، وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 1 – 3( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 84 ( مطابق ) – وانظر أيضاً عام 86 .

التقنين المدني الليبي م 82 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 62 : 1 - العقار كل شيء له مستقر ثابت بحيث لا يمكن نقله أو تحويله دون تلف ، فيشمل الأرض والبناء والغراس والجسور والسدود والمناجم وغير ذلك من الأشياء العقارية . 2 - والمنقول كل شيء يمكن نقله وتحويله دون تلف ، فيشمل النقود والعروض والحيوانات والمكيلات والموزونات وغير ذلك من الأشياء المنقولة .

م 63 : يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه مالكه في عقار مملوك له ، رصدا على خدمة هذا العقار واستغلاله . ( وأحكام التقنين العراقي تطابق أحكام التقنين المصري ) .

قانون الملكية العقارية اللبناني م 1 : العقارات على ثلاث فئات ، العقارات بطبيعتها ، والعقارات بتخصيصها ، والعقارات غير المادية .

م 2 : العقارات بطبيعتها هي الأشياء المادية التي يكون لها ، بالنظر إلى جوهرها ، موقع ثابت غير متنقل ، كالأراضي والمناجم والنباتات المتأصلة في الأرض ( مادامت لاصقة بها ) والأبنية – ولا يقصد بلفظ " أبنية " المباني فقط ( كبيوت السكن ) والمخازن والمصانع والعنابر والأهراء الخ .. بل المنشآت الفنية أيضاً على أنواعها كالجسور والآبار والأفران والسدود ، والخزانات ، والأنفاق الخ .. وبصورة أعم كل ما جمع من مواد البناء ، فشد بعضه إلى بعض بصورة ثابتة ، سواء كان ذلك على ظاهر الأرض أو في باطنها – وجميع الأجهزة والقطع الخ .. اللاصقة بالبناء والمعدة لإتمامه ، كالشرفات والبلكونات والمزاريب وحراب الصواعق وقساطل جر المياه ، تعتبر عقارات بطبيعتها .

م 3 : العقارات بتخصيصها هي أشياء تعتبر بذاتها منقولات ، إنما هي من متممات عقار بطبيعته ، بشرط : ( 1 ) أن تكون والعقار بطبيعته لمالك واحد . ( 2 ) أن تكون مخصصة لاستثمار العقار أو بوجه أعم لخدمة العقار التي تكون هذه الأشياء من متمماته .

( انظر أيضاً المواد 5 – 9 في العقارات الملك والعقارات الأميرية والعقارات المتروكة المرفقة والعقارات المتروكة المحمية والعقارات الخالية المباحة ) .

( وأحكام القانون اللبناني تتفق في مجموعها مع أحكام القانون المصري ) .&%$ ) .

5 - فيصل التفرقة بين العقار والمنقول : ويؤخذ من النص سالف الذكر أن فيصل التفرقة بين العقار والمنقول يرجع إلى طبيعة الأشياء . فالعقار $ 14 $ هو الشيء الثابت المستقر بحيزه ، بحيث لا يمكن نقله من مكان إلى مكان آخر إلا إذا هدم أو اقتلع ، ومن ثم لا يمكن نقله دون تلف . والأرض هي خير مثل للعقار لأنها ثابتة مستقرة بحيزها ، وإذا جاز نقل أجزاء منها فإنما يكون ذلك بتفتيت سطحها وانتزاع بعض الأتربة أو الصخور . وكذلك البناء عقار لأنه ثابت مستقر بحيزه ، ولا يمكن نقله من مكان إلى مكان آخر إلا بهدمه أو بهدم أجزاء منه . والأشجار والغراس عقار ، ولا يمكن نقلها إلا باقتلاعها من الأرض التي هي مغروسة فيها( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ولا يعتبر الشيء ذا مستقر ثابت إلا إذا كان لا يمكن نقله دون تلف . فالأكشاك التي يمكن حلها وإقامتها في مكان آخر لا تعتبر أشياء ثابتة ، أما المباني التي لا يمكن نقلها دون تلف فتعتبر ثابتة حتى لو كانت معدة لتبقى مدة قصيرة .. " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 466 ) .&%$ ) .

ولم يعرف التقنين المدني المنقول تعريفا مباشراً كما فعل في تعريف العقار ، بل اقتصر على أن يقول : " كل ماعدا ذلك ( أي ماعدا العقار ) من شيء فهو منقول " ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد اكتفى المشروع كالتقنين الحالي ( السابق ) ، بتعريف الشيء الثابت ، واعتبار كل ما عداه منقولا . وقد كان في وسعه أن يعرف كلا من العقار والمنقول تعريفاً مباشراً .. ولكنه حشي أن يقصر كلا التعريفين عن شمول جميع الأشياء ... وكان في الوسع أن يعرف المشروع المنقول تعريفا مباشراً وأن يترك تعريف العقار يستنبط من طريق غير مباشر ... ولكنه آثر خطة التقنين الحالي ( السابق ) نظراً لما للعقارات من اعتبار خاص لا تزال آثاره باقية في جملة التشريع المصري " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 466 – ص 467 ) .&%$ ) . فالمنقول إذن ، بمفهوم المخالفة ، هو كل شيء يمكن نقله من مكان إلى آخر دون تلف ، لأنه شيء غير مستقر بحيزه وغير ثابت فيه . وتعرف المادة 62 مدني عراقي( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 4 في الهامش .&%$ ) المنقول بأنه " كل شيء يمكن نقله وتحويله دون تلف ، فيشمل النقود والعروض والحيوانات والمكيلات والموزونات وغير ذلك من الأشياء المنقولة " . ففيصل التفرقة إذن بين العقار والمنقول يرجع كما قلنا إلى طبيعة الشيء ذاته ، فإن كان بطبيعته لا يقبل النقل دون تلف فهو عقار ، وإن كان بطبيعته يقبل النقل دون تلف فهو منقول .

على أن هذا الفيصل الواضح المستمد من طبيعته الأشياء سنراه غير واضح $ 15 $ عندما يمتد التقسيم من الأشياء إلى الأموال فيما سيجيء . فالأموال هي الحقوق كما قدمنا ، والحق بطبيعته شيء معنوي لا شيء مادي ، وليس يتصور أن يكون الحق وهو الشيء المعنوي قابلا للتحرك دون تلف أو غير قابل لذلك ، ومع هذا سيأتي أن الأموال – أي الحقوق – تنقسم هي أيضاً بدورها إلى عقار ومنقول . وهنا نلجأ إلى فيصل آخر للتفرقة لا نستمده من طبيعة الأشياء بطريق مباشر ، بل نستمده من طبيعة الشيء الذي يكون محلا للحق . وإذا كان فيصل التفرقة لا يزال حتى هنا مستمداً من طبيعة الأشياء ولو بطريق غير مباشر ، فإنه ينفصل تماما عن طبيعة الأشياء ، بل يناقضها ، في حالتين استثنائيتين : في حالة منهما يعتبر المنقول بطبيعته عقاراً بالتخصيص( $%&[1] ) ويبدو أن المشروع التمهيدي للتقنين المدني لم يكن يعتبر العقار بالتخصيص من تقسيمات الأشياء ، بل من تقسيمات الأموال . فإن الفقرة الثانية من المادة 114 من هذا المشروع كانت تجري على الوجه الآتي : " ومع ذلك يعتبر مالا عقاريا حق الملكية الواقع على المنقول الذي يضعه المالك في عقار يملكه ، رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله " ( انظر آنفاً فقرة 4 في الهامش ) . فعدل هذا النص في لجنة المراجعة على الوجه الذي استقر عليه في التقنين المدني ، وبعد أن كان العقار بالتخصيص مقصوراً على الأموال امتد فأصبح يشمل الأشياء .&%$ ) ، وفي الأخرى على العكس من ذلك يعتبر العقار بطبيعته منقولا بحسب المآل . وسيأتي بيان ذلك تفصيلا فيما يلي .

ولم يكن فيصل التفرقة المستمد من طبيعة الأشياء بين العقار والمنقول مراعىً بدقة في القديم . فقد كان القانون الفرنسي القديم لا يعتبر عقارا إلا العقارات ذات القيمة التي تتميز بأنها تغل دخلا كبيراً ولها من الاستقرار والدوام ما يجعلها ذات شأن ، وتحقق ذلك بوجه خاص في الأرض وفي المباني القائمة في المدن الكبيرة . أما العقارات الأخرى الأقل أهمية ، كبعض المباني الريفية والأشجار التي لا تحمل ثمراً ، فكانت تعتبر منقولاً ويسري عليها حكم المنقولات ، وبخاصة في الميراث . فلم يكن إذن كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه يعتبر عقارا ، بل كانت هناك أشياء ثابتة لا يمكن نقلها دون تلف ومع ذلك كانت تعتبر منقولا لتفاهة قيمتها ، إذ كان المنقول في تلك الأزمان عنوانا لتفاهة القيمة( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار فقرة 64 ص 68 – ص 69 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2618 .&%$ ) . كذلك ، مع الزمن ، وجدت منقولات بطبيعتها ذات قيمة كبيرة ، $ 16 $ كبعض الوظائف ( offices ) والإيرادات المرتية ( rentes constituées ) ، فاعتبرت عقاراً تحوطها ضمانات العقار لعلو قيمتها .

6 - ما يترتب من النتائج على تقسيم الأشياء إلى عقار منقول :

وقبل أن ننتقل إلى الكلام تفصيلا في كل من العقار والمنقول ، نذكر أن هناك نتائج تترتب على تحديد ما إذا كان الشيء – أو المال أي الحق المترتب على الشيء – يعتبر عقاراً أو منقولا . وهذه النتائج كثيرة نكتفي بذكر أهمها ، ونرجعها إلى أمرين أساسيين :

( الأمر الأول ) يرجع إلى طبيعة الأشياء . ذلك أن العقار له مقر ثابت كما قدمنا ، والمنقول ليس له مقر ثابت بل ينتقل من مكان إلى آخر . وينبني على هذا الفرق الطبيعي نتائج متعددة ، نذكر منها ما يأتي :

1 - يمكن تنظيم إجراءات التسجيل والقيد بالنسبة إلى العقار لأن له مقراً ثابتاً ، ولا يمكن ذلك بالنسبة إلى المنقول فليس له مقر ثابت . ومن ثم تسري قواعد التسجيل والقيد على العقار ، أم المنقول فتسري عليه قواعد الحيازة لأنه لا يحتويه مكان ثابت ولا ينضبط التعالم في شأنه إلا بالحيازة . على أن هناك منقولات بلغت من الضخامة والأهمية ما يمكن معه تحديد مكان ثابت لها حتى إذا انتقلت ، كالسفن والمراكب النهرية والطائرات والسيارات والمتاجر ، فهذه تخضع لنوع من الشهر يضاهي التسجيل والقيد في العقارات ، إذ أن لها من ميزة التعيين الذاتي ما للعقار .

2 - دعاوى الحيازة تحمي العقار دون المنقول ، وذلك بفضل ما للعقار من مقر ثابت .

3 - هناك حقوق لا يمكن أن تقع على عقار بفضل مقره الثابت ، من ذلك حق الرهن الرسمي وحق الاختصاص وحقوق الارتفاق وحق السكنى وحق الحكر .

4 - الشفعة بسبب الجوار تفترض أن كلا من المشفوع فيه والمشفوع به ملاصق للآخر ، وهذا لا يكون إلا في العقار بفضل مقره الثابت .

5 - الوقف – ولا يوجد الآن منه إلا الوقف الخيري – مؤبد فيقتضي $ 17 $ أن يكون للشيء الموقوف استقرار وثبات . ومن ثم يجوز وقف العقار إطلاقا ، ولا يجوز وقف المنقول إلا إذا تعورف وقفه كالكتب .

6 - في القانون التجاري ، لا تعتبر بوجه عام أعمالا تجارية إلا الأعمال المتعلقة بالمنقولات ، أما الأعمال المتعلقة بالعقارات فإنها لا تعتبر أعمالا تجارية . ويقال عادة في تبرير ذلك إن الأعمال التجارية تقتضي سرعة تداول المال وتبسيط الإجراءات ، وهذا ما تستجيب له طبيعته المنقول إذ الحركة من خصائصه ، وما تستعصي عليه طبيعة العقار الثابت المستقر . ولكن هذا التبرير أخذ في الوقت الحاضر يفقد كثيراً من وزنه ، وهناك ميل واضح في الفقه التجاري إلى إدخال أعمال تتعلق بالعقار ضمن الأعمال التجارية .

7 - في قانون المرافعات ، تكون المحكمة المختصة بنظر الدعوى هي المحكمة التي يوجد في دائرتها العقار ، لأن للعقار مقراً ثابتا يتيسر معه تحديد المحكمة المختصة على هذا الوجه . أما المنقول فليس له مقر ثابت ، فيتعذر أن تكون المحكمة المختصة في شأنه المحكمة التي يوجد في دائرتها المنقول ، ولم يبق إلا أن تكون المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المدعى عليه .

8 - في القانون الدولي الخاص ، القانون الواجب التطبيق بالنسبة إلى العقار واحد لا يتغير ، إذ هو قانون موقعه ( lex rei sitae ) وموقع العقار ثابت في مكان واحد . أما بالنسبة إلى المنقول فإن القانون الواجب التطبيع يتغير بتغير الجهة التي وجد فيها المنقول ، وقد نصت المادة 18 مدني على أنه " .. يسري بالنسبة إلى المنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها " .

( والأمر الثاني ) يرجع إلى فكرة قديمة عن المنقول لم تعد صحيحة في الوقت الحاضر ، ولكنها خلفت آثاراً لا تزال قائمة إلى اليوم . فقد كان المنقول في القديم يعتبر شيئا تافه القيمة بالنسبة إلى العقار ، فالعقار وحده هو الشيء النفيس ، أما المنقول فهو الشيء الخسيس ( Res mobilis, res vilis – vilis mobilium possessio ) . وقد كان ذلك صحيحا في وقت كانت في الأرض هي دعامة الثروة ، ولم تكن الصناعة أو التجارة قد بلغت $ 18 $ تقدما محسوسا . أما اليوم ، مع وصول الصناعة والتجارة إلى الذروة من التقدم في كثير من البلاد المتقدمة اقتصاديا ، ومع نهضتها المشهودة حتى في البلاد التي بدأت تعالج ما يحيط بها من تخلف اقتصادي ، لم يعد الأمر صحيحا . فهناك منقولات كبيرة القيمة ، بل وتزيد في قيمتها على العقارات ، من ذلك الأسهم والسندات والأوراق التجارية والأوراق المالية بوجه عام والمتاجر . ولم تتطور القوانين بالسرعة التي تطورت بها الحياة الاقتصادية ، وقد تخلف عما كان يحيط العقار في الماضي من جلال والمنقول من مهانة آثار نذكر منها ما يأتي :

1 - الولاية على مال الصغير تضيق في العقار عما هي في المنقول . فلا يجوز للولي مثلا أن يتصرف في عقار القاصر لنفسه أو لزوجه أو لأقاربه أو لأقاربها إلى الدرجة الرابعة إلا بإذن المحكمة ، ولا يجوز له أن يرهن عقار القاصر لدين على نفسه ( م 6 قانون الولاية على المال ) ، أما المنقولات فيجوز له أن يتصرف فيها بما يدخل في أعمال الإدارية ( م 39 ثانيا قانون الولاية على المال ) . ولا يجوز للأب أن يتصرف في عقار ابنه القاصر إذا زادت قيمته على ثلاثمائة جنيه إلا بإذن المحكمة ، وهنا أضاف القانون إلى العقار تمشيا مع التطور الاقتصادي الحديث المتجر والأوراق المالية فنصت المادة 7 من قانون الولاية على المال على أنه " لا يجوز للأب أن يتصرف في العقار أو المحل التجاري أو الأوراق المالية إذا زادت قيمتها على ثلاثمائة جنيه إلا بإذن المحكمة " .

2 - دعوى نكملة الثمن بسبب الغبن الفاحش لا تكون إلا في بيع عقار من لم تتوافر فيه الأهلية ، أما إذا كان المبيع منقولا فلا يعتد بالغبن حتى لو كان فاحشا ( م 425 مدني ) .

3 - إذا كان الحائز حسن النية ولديه سبب صحيح ، فإنه يمتلك المنقول بمجرد الحيازة ، ولا يتملك العقار إلا بحيازة تدوم خمس سنوات .

4 - لا تجوز الشفعة إلا في العقار ، سواء كانت بسبب الجوار أو بسبب الشيوع . أما في المنقول فلا تجوز الشفعة ، ويحل محلها استرداد الحصة المبيعة في الشيوع .

5 - في تصفية التركة إذا وجب بيع أموالها لسداد ديونها ، يباع المنقول أولا ، فإذا لم يكف بيع العقار ( م 893 مدني ) . كذلك في بيع مال المفلس $ 19 $ يبيع السنديك المنقول دون حاجة إلى إذن ، ولا يبيع العقار إلا بعد إذن القاضي .

6 - في قانون المرافعات ، الحجز على العقار تحوطه ضمانات أكثر من الضمانات التي تحوط الحجز على المنقول ، والحجز العقاري أكثر تعقيداً وأطول إجراءات من حجز المنقول .

7 - في القانون الدولي الخاص ، من حيث حقوق الأجانب ، كثيراً ما يمنع القانون الأجانب من تملك العقارات دون المنقولات ، وبخاصة كثيراً ما يمنع القانون الأجانب من تملك الأراضي الزراعية كما هو الأمر في مصر . ونتكلم الآن بالتفصيل في العقار ، ثم في المنقول .

المبحث الأول

العقار

7 - العقار بطبيعته والعقار بالتخصيص : يعرف التقنين المدني المصري نوعين من العقار : العقار بطبيعته والعقار بالتخصيص .

والأصل هو العقار بطبيعته . أما العقار بالتخصيص فهو في حقيقته منقول بطبيعته ، ولكنه الحق بعقار معين رصداً كما كقدمنا على خدمة هذا العقار أو استغلاله ، فهو عقار لا بمادته وطبيعته ولكن بالتبعية والتخصيص .

المطلب الأول

العقار بطبيعته

( Immeuble par nature )

8 - أنواع العقار بطبيعته : قدمنا أن العقار بطبيعته هو الأصل في العقار ، فهو إذن " كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه ، لا يمكن نقله منه دون تلف " . وأول ما يصدق ذلك على الأرض ، وإذا كان العقار بطبيعته هو الأصل في العقار فالأصل في العقار بطبيعته هو الأرض ، فهي التي لا يمكن نقلها من مكان إلى مكان مع الاحتفاظ بذاتيتها . يمكن نقل أجزاء من الأرض ، بأن تقتلع بعض صخورها أو تحفر بعض أتربتها ، ولكن هذه الصخور والأتربة التي انتقلت من مكان إلى آخر ليست هي الأرض ذاتها ، $ 20 $ بل هي كانت أجزءا من الأرض وقد فقدت ذاتيتها وتحولت إلى منقول منذ انتزعت من الأرض ونقلت إلى مكان آخر ، وتبقى الأرض بعد كل ذلك وبعد أن تنتزع منها بعض أجزائها ثابتة في مكانها لا تتحول .

فالأرض إذن هي الأصل في كل عقار بطبيعته . ثم قد تنبت الأرض ثمراً أو تغرس فيها أشجار ، فهذا النبات الذي اندمج في الأرض وأصبح جزءاً منها هو أيضاً عقار بطبيعته مادام ثابتا في الأرض ، أما إذا اقتلع منها فإنه يصبح منقولا . وقد تقام منشآت فوق سطح الأرض أو في باطنها ، فهذه المنشآت تتصل بالأرض اتصال ثبات وقرار وقد اندمجت فيها ، ولا يمكن نقلها من مكانها إلى مكان آخر إلا إذا هدمت ، أي أنه لا يمكن نقلها دون تلف ، فهي أيضاً عقار بطبيعته .

فالعقار بطبيعته أنواع ثلاثة : الأرض والنبات والمنشآت .

9 - الأرض : أي أرض ، سواء كانت أرضا زراعية أو أرضا فضاء ، وسواء كانت في المدن أو في الريف ، وسواء كانت أرضا حجرية أو جيرية أو رملية ، هي عقار بطبيعته ، إذ أن لها مكانا ثابتا لا تتحول عنه على الوجه الذي أسلفناه . وتشمل الأرض ( fonds ) سطحها ( surface ) دون ما يقام فوق السطح ( superficie ) من مبان ومنشآت أو ينبت من زرع أو يغرس من شجر ، وكذلك تشمل باطنها ( tréfond ) بعناصره المختلفة من صخور وأحجار وأتربة ورمال وجص ومعادن وغير ذلك .

فالمناجم والمحاجر هي إذن جزء من الأرض ، ومن ثم تعتبر عقارا بطبيعته . فإذا استخرجت المعادن من المناجم ، كالحديد والنحاس والفحم والذهب والنفط ، أو اقتلعت الأحجار من المحاجر ، فإن هذه وتلك تصبح منقولا كما سبق القول . وكان القضاء في مصر يقضي ، قبل صدور القانون الخاص بالمناجم والمحاجر ، بأن المناجم ( mines, miniéres ) والمحاجر ( carriéres ) تعتبر عقارات بطبيعتها ، وذهب الفقه تبعا لذلك إلى أن لصاحب المنجم أن يبيعه أو يرهنه مستقلا عن سطح الأرض( $%&[1] ) استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1911 م 23 ص 363 – هالتون 1 ص 18 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 31 ص 42 .&%$ ) . ثم صدر في أول أغسطس $ 21 $ سنة 1948 القانون رقم 136 لسنة 1948 وهو أول تشريع خاص بالمناجم والمحاجر ، فأكد هذه الأحكام ، إذ نصت المادة 14 منه على أن " تعتبر المناجم أموالا ثابتة ، وكذلك تعتبر من الأموال الثابتة الآلات والآبار والمغارات ووسائل النقل والجر وغيرها المخصصة لاستغلال المناجم . على أن المعادن المستخرجة من المناجم تعتبر من المنقولات " ( $%&[1] ) وتعتبر آلات النقل والجر ووسائله المخصصة لاستغلال المناجم عقارا بالتخصيص لا عقارا بطبيعته ، وتعتبر المحاجر عقارات بطبيعتها وإن كان القانون رقم 136 لسنة 1948 لم ينص صراحة على ذلك كما فعل بالنسبة إلى المناجم ( محمد كامل مرسي 1 فقرة 31 ص 24 ) .&%$ ) . ثم صدر القانون رقم 86 لسنة 1956 ، وهو آخر تشريع خاص بالمناجم والمحاجر ، وقد فصل بين ملكية سطح الأرض ، وبين ملكية ما يوجد في باطنها من المواد المعدنية وخامات المحاجر فجعلها ملكاً للدولة ولو كانت في أرض مملوكة للأفراد . إذ نصت المادة الثالثة من هذا القانون على أن " يعتبر من أموال الدولة ما يوجد من مواد معدنية بالمناجم في الأراضي المصرية والمياه الإقليمية . وتعتبر كذلك من هذه الأموال خامات المحاجر عدا مواد البناء - الأحجار الجيرية والرملية والرمال - التي توجد في المحاجر التي تثبت ملكيتها للغير " . ولكن هذا القانون منح بعض المزايا لمالك السطح ، إذا هو أراد استغلال المواد المعدنية أو خامات المحاجر الموجودة في باطن أرضه . فنصت المادة 15 من هذا القانون على أن " يعفى مالك السطح الذي يبلغ عن وجود خامات معدنية في أرضه من قيد اسمه في سجل الكاشفين المشار إليه في المادة 7 . ويكون له حق الأولوية على الغير في البحث والاستغلال متى طلب ذلك ، ويمنح ترخيص البحث أو عقد الاستغلال بغير مزايدة . ويعفى في حالة البحث أو الاستغلال من الإيجار المنصوص عليه في المادتين 11 و 21 إذا قام بالبحث أو الاستغلال بنفسه ... وفي حالة الترخيص في الاستغلال للغير يكون لمالك السطح الحق في الحصول على نصف الإيجار من مصلحة المناجم والمحاجر " . وفيما يتعلق بالمزايا الممنوحة لمالك السطح إذا أراد استغلال خامات المحاجر ، نصت المادة 32 من نفس القانون على أنه " يجوز لمصلحة المناجم والمحاجر أن ترخص لمالك الأرض الموجود بها مواد البناء أن يستخرج هذه المواد يقصد استعماله الخاص دون استغلالها ، مع إعفائه من الإيجار والإتاوة . ويكون للمالك الأولوية على الغير في الحصول على الترخيص في الاستغلال عن الأرض $ 22 $ المملوكة له ، وفي هذه الحالة يعفى من الإيجار دون الإتاوة . ويسقط حقه .. وفي هذه الحالة يكون لصاحب الأرض الحق في الحصول على نصف الإيجار من مصلحة المناجم والمحاجر " . وسنعود لهذه المسائل تفصيلا عند الكلام في المناجم والمحاجر .

أما الكنوز المدفونة أو المخبوءة في باطن الأرض فهي منقولات بطبيعتها مدفونة أو مخبوءة ، فليست هي إذن جزءاً من الأرض حتى تكون عقارا ، وقد نصت المادة 872 مدني على أن " 1 - الكنز المدفون أو المخبوء الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له يكون لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز أو لمالك أحد أن يثبت ملكيته له يكون لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز أو لمالك رقبته . 2 - والكنز الذي يعثر عليه في عين موقوفة يكون ملكاً خاصا للواقف ولورثته " . والآثار تكون عقاراً بطبيعته إذا كانت بناء مثبتا في الأرض ( م 2 و 3 و 5 و 8 من القانون رقم 14 لسنة 1912 الخاص بالآثار ) ، وتعتبر آثارا عقارية الآثار المنقولة المثبتة في الأرض أو التي يصعب نقلها ( م 5 من قانون الآثار ) .

10 - النبات : وكل ما تنبته الأرض من ثمار ومحصول وزرع ، وكل ما يغرس فيها من أشجار ونخيل ، يكون عقارا بطبيعته مادامت جذوره ممتدة في باطن الأرض .

فما يغرس من شجر ونخيل يكون عقارا بطبيعته لاندماجه في الأرض . حتى لو كان الشجر من أشجار المشاتل ( arbres des pépinières ) التي تغرس في الأرض موقتا ثم تنّزع منها بعد وقت قصير لتنقل إلى أرض أخرى . فما دامت المشاتل مستقرة في الأرض لم تنزع ، في المدة القصيرة التي يراد لها فيها أن تبقى ، فإنها تحتفظ بصفتها العقارية إلى أن تنزع فعندئذ تصبح منقولا . وقد تنقل أشجار المشاتل من أرض إلى أخرى لتتقوى وتتغذى تغذية كاملة قبل بيعها ، فتكون عقارا بطبيعته حتى بعد نقلها إلى الأرض الأخرى ، وذلك إلى أن تنزع نهائيا من الأرض عند البيع( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 47 ص 42 - أو برى ورو 2 فقرة 164 ص 16 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 72 ص 76 . &%$ ) . ولكن النباتات التي توضع في الأوعية والقصاري تكون منقولا لأن جذورها لا تمتد إلى باطن الأرض بل تبقى محتواة في الأوعية والقصاري ، حتى لو كانت هذه الأوعية والقصاري $ 23 $ مدفونة في الأرض( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 72 ص 76 - محمد كامل مرسي 1 فقرة 34 ص 44 - كذلك لا تعتبر عقاراً بالتخصيص حتى لو كان مالك الأرض هو الذي وضعها ، لأنها ليست مخصصة لخدمة الأرض أو استغلالها ( بودري وشوفو فقرة 87 ص 80 هامش 3 - محمد كامل مرسي 1 فقرة 34 ص 44 ) . &%$ ) . وكذلك تعتبر منقولات النباتات التي توضع موقتا في الأرض حتى لا تجف ، انتظارا لبيعها أو لنقلها إلى مكان آخر لغرسها ، فإن هذه النباتات لا تمتد جذورها إلى باطن الأرض ولا تندمج فيها ، والأرض إنما تقيها لا تغذيها( $%&[1] ) دبرانتون 4 فقرة 44 - ديمولومب 9 فقرة 147 - أو برى ورو ، 2 فقرة 164 ص 16 - بودري وشوفو فقرة 47 ص 42 . &%$ ) .

وكل الثمار والمحصولات والمزروعات التي تنبت مباشرة في الأرض وتمتد جذورها فيها تعتبر عقارا بطبيعته لاندماجها في الأرض ، وكذلك تعتبر والتي هي بدورها عقار بطبيعته كما سبق القول . فإذا ما جنيت المحصولات وقطعت الثمار والفاكهة ، فإنها تصبح منقولا حتى لو بقيت في الأرض دون أن تنقل( $%&[1] ) وتنص المادة 520 مدني فرنسي في هذا المعنى على أن " المحصولات القائمة على جذورها وثمار الأشجار التي لم تقطف بعد تكون هي أيضاً عقاراً ، وبمجرد أن تقطع الحبوب وتفصل الثمار فإنها تصبح منقولا حتى لو مل تنقل من الأرض . وإذا لم ينتزع إلا جزء من المحصولات ، فإن هذا الجزء وحده هو الذي يصبح منقولا " . وتنص المادة 521 مدني فرنسي على أن " الأخشاب التي تقطع عادة من الأشجار المشذبة ( المقلمة ) أو من الأحراش التي أعدت للقطع لا تصبح منقولا إلا بقطعها واحدة بعد الأخرى " .&%$ ) .

وكل هذا النبات بأنواعه المختلفة ، من أشجار ونخيل وثمار ومحصولات وفاكهة وما إلى ذلك ، إنما يكون عقارا بفضل اندماجه في الأرض ، فالأرض هي التي تغذيه وهي التي تضفي عليه صفة العقار ( Fructus pendants pas funde esse vendintur ) .

فإذا زال اندماجه بالأرض ، بأن قطع أو فصل ، زالت عنه صفة العقار . ويستوي أن يكون الذي غرس النبات هو مالك الأرض أو المستأجر أو الغير ، ويستوي كذلك أن يكون قطع النبات أو فصله قد وقع بفعل فاعل $ 24 $ سواء كان المالك أو غيره . أو وقع بغير صنع الإنسان كما إذا أوقعته المواشي أو الهواء أو وقع من تلقاء نفسه بسبب نضجه( $%&[1] ) جوسران 1 فقرة 1348 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 34 – فقرة 35 .&%$ ) . ولا عبرة بقيمة النبات ، فالأحكام سالفة الذكر تنطبق على الأشجار الكبيرة والنخيل كما تنطبق على الأشجار الصغيرة وأقل المحصولات قيمة وأصغرها شأنا( $%&[1] ) جوسران 1 فقرة 1348 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 34 ص 44 .&%$ ) .

11 - المباني والمنشآت : والمباني والمنشآت هي أيضاً عقار بطبيعته لاندماجها في الأرض ، والاندماج ( incorporation ) هو الذي يضفي عليها صفة العقار ، فالأرض إذن هي مصدر الصفة العقارية للمباني والمنشآت كما هي مصدر هذه الصفة للنبات . وتختلف المباني والمنشآت عن النبات في أن الأولى إنما تندمج في الأرض بفعل الإنسان ، فلابد من تشييدها بصنع صانع . أما النبات فاندماجه في الأرض يضاف فيه إلى فعل الإنسان فعل الطبيعة ، فإذا وضعت البذور في الأرض أو غرست الأشجار بفعل الإنسان قامت الطبيعة بعد ذلك بدورها في إنبات البذور وفي تنمية الأشجار . ذلك بأن النبات كائن حي ينمو ويترعرع ، بخلاف المباني والمنشآت فهي جماد لا حياة فيها .

والمباني والمنشآت قبل تشييدها في الأرض كانت جملة من مواد البناء وأدواته . فكانت منقولا( $%&[1] ) استئناف مختلط 29 يونيه سنة 1918 م 30 ص 512 .&%$ ) . فهي كميات من الطوب والرمل والإسمنت والجير والجبس والخشب والحديد والأحواض والأدوات الصحية وغير ذلك من المواد التي تستعمل في البناء . ولا تصبح عقارا إلا إذ شيدت فاندمجت في الأرض وأصبحت ثابتة مستقرة ، فلا يمكن تحويلها أو نقلها إلا إذا هدمت( $%&[1] ) فإذا هدم البناء أو انهدم ، فإن الأنقاض تصبح منقولا كما كانت قبل أن يشيد البناء أول مرة ، وذلك حتى لو كان المالك قد أراد من الهدم إعادة البناء وأعاده فعلا ، فإن الأنقاض تبقى منقولا حتى يعاد بناؤها ، وقد نصت على ذلك صراحة المادة 532 مدني فرنسي إذ تقول : " الأنقاض الناتجة من هدم أحد الأبنية ، والمواد المتجمعة لتشييد بناء جديد ، تكون منقولا إلى أن يستخدمها العامل في تشييد البناء " . ( أوبري ورو 2 فقرة 164 مكررة ص 33 – بودري وشوفو فقرة 42 وفقرة 122 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 43 ) . على أنه إذا انتزع باب مثلا من البناء لإصلاحه وإعادته فور إصلاحه ، فإن الباب في مدة انفصاله الموقت عن البناء يبقى عقاراً ( أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 17 هامش 19 – محمد علي عرفة فقرة 48 – حسن كيرة فقرة 26 ص 76 – عكس ذلك شفيق شحاتة فقرة 39 ص 54 ) . وهناك رأي يذهب إلى أن الباب ، إذا انتزع من مكانه لإصلاحه ، يعتبر منقولا ملحقاً بالبناء ، فتسري عليه القاعدة التي تقضي بأن الفرع يتبع الأصل ( إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 92 ) .&%$ ) .

 $ 25 $ ويشمل ذلك المساكن والمكاتب والحوانيت والمصانع والمخازن والمحالج والجاراجات والزرائب والأفران والمطاحن وغير ذلك من الأماكن التي تشيد عادة فوق سطح الأرض . ويشمل ذلك أيضاً الجسور والكباري والسدود والخزانات والقناطر وغير ذلك من الأعمال الهندسية اللازمة للري ولغيره من الأغراض . وليس من الضروري أن تكون المنشآت مشيدة فوق سطح الأرض ، بل يصح أن تكون مشيدة في باطنها . فتعتبر منشآت ، ومن ثم تكون عقارا بطبيعته ، الأنفاق والمجاري والآبار التي تحفر لاستغلال المناجم والمواسير والأنابيب المدفونة في باطن الأرض . فالمنشآت إذن هي مجموعة من مواد البناء شيدت على سبيل القرار فاندمجت في الأرض ، سواء أقيمت فوق سطح الأرض أو أقيمت في باطنها .

واندماج المباني والمنشآت في الأرض هو الشرط الضروري لإضفاء صفة العقار عليها ، وهو في الوقت ذاته شرط كافٍ . فلا يشترط إذن أن يكون من شيد المنشآت هو مالك الأرض نفسه ، فقد يكون صاحب حق انتفاع أو مستأجرا أو دائنا مرتهنا أو جائزاً بحسن نية أو بسوء نية أو مغتصباً أو غير ذلك . وأيا كان من شيد المنشآت ، المالك أو غيره ، فإن المنشآت بمجرد تشييدها واندماجها في الأرض تصبح عقارا بطبيعته( $%&[1] ) استئناف مختلط 19 فبراير سنة 1925 م 37 ص 239 – 7 ديسمبر سنة 1926 م م 39 ص 52 – مصر المختلطة أول ديسمبر سنة 1925 جازيت 17 رقم 231 ص 154 – نقض فرنسي 26 يوليه سنة 1921 داللوز 1925 – 1 – 78 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 12 – بودري وشوفو فقرة 27 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 73 ص 76 – جوسران 1 فقرة 1348 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 37 ص 46 – حسن كيرة فقرة 26 ص 75 . وإذا شيد المنشآت غير المالك ، فإن هذا يثير مسألة أخرى غير مسألة طبيعة المنشآت وأنها عقار ، وهذه المسألة هي من يملك هذه المنشآت ، وستكون موضع البحث عند الكلام في الالتصاق كسبب لكسب الملكية .&%$ ) . كذلك لا يشترط أن تكون المنشآت مشيدة على سبيل الدوام ( â perpétuelle demeure ) ، فقد تكون منشآت موقتة ومع ذلك تصبح عقارا متى اندمجت في الأرض $ 26 $ على سبيل القرار ( â demeure ) . ففي المعارض تقام عادة منشآت موقتة من مبان وحوانيت وأعمال هندسية أخرى ، وقد لا يدون المعرض أكثر من بضعة شهور أو بضعة أسابيع ثم تهدم كل هذه المنشآت وقد شيدت على أن تكون موقتة لا تدوم إلا بدوام المعرض ، ومع ذلك تعتبر مادامت قائمة عقارا بطبيعته ، حتى إذا انتهى المعرض وهدمت فإن الأنقاض تصير منقولا( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 27 ص 25 – بلانيول وريبير وبيكار فقرة 73 ص 76 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2638 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 922 ص 737 – وقد يحصل شخص على رخصة موقتة بالبناء في ملك عام ، فالبناء الذي يقام يعتبر عقاراُ بطبيعته وإن كان موقتا بالرخصة ومصيره حتما الهدم ( نقض فرنسي 9 نوفمبر سنة 1898 داللوز 99 – 1 – 525 ) . كذلك يعتبر عقاراً البناء الذي يقيمه المستأجر في العين المؤجرة ، وإن كان مصيره الهدم بعد انتهاء مدة الإيجار ( نقض مدني 31 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 36 ص 39 – نقض فرنسي 13 فبراير سنة 1827 داللوز 72 – 1 – 236 – حسن كيرة فقرة 26 ص 75 – سليمان مرقس : في المدخل للعلوم القانونية فقرة 286 ) .&%$ ) . على أنه يشترط كما قدمنا ، لتكون المنشآت عقارا ، أن تكون مشيدة على سبيل القرار ، فيكون لها أساس ثابت في الأرض حتى تكون مندمجة فيها( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ولا يعتبر الشيء ذا مستقر ثابت إلا إذا كان لا يمكن نقله دون تلف ، فالأكشاك التي يمكن حلها وإقامتها في مكان آخر لا تعتبر أشياء ثابتة ، أما المباني التي لا يمكن نقلها دون تلف فتعتبر ثابتة حتى لو كانت معدة لتبقى مدة قصيرة " . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 466 ) .&%$ ) . ومن تكون أكشاك الاستحمام ( cabines de mer ) وهي مقامة من خشب دون أن يكون لها أساس ثابت في الأرض ويمكن نقلها من مكان إلى مكان آخر دون تلف ، منقولا لا عقارا( $%&[1] ) المنصورة الجزئية المختلطة 27 نوفمبر سنة 1911 جازيت 2 ص 43 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 37 ص 45 – ص 46 – عكس ذلك استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 55 .&%$ ) . كذلك يعتبر منقولا المنشآت المتنقلة ( constructions volantes ) فوق سطح الأرض تبقى مدة قصيرة ثم تنتقل إلى مكان آخر ، وتشد عادة إلى الأرض بحبال حتى تقاوم هبوب الريح ، وذلك مثل أكشاك الأسواق والمعارض ( baraques de foire ) وخيام البدو الرحل وخيام الكشافة وخيمة السرك المتنقل والأكشاك الخشبية التي تقام في الأعياد والموالد إذا لم تثبت في الأرض( $%&[1] ) نقض فرنسي 27 أكتوبر سنة 1931 داللوز الأسبوعي 1931 – 537 – بودري وشوفو فقرة 26 ص 24 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 73 . بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2638 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 922 ص 737 – أنسيكلو بيدي داللوز لفظ Biens فقرة 33 – شفيق شحاتة فقرة 44 ص 58 – حسن كيرة فقرة 26 ص 75 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 92 .

ويبدو أن مسرحا مثبتاً في الأرض كمسرح " البالون " يعتبر عقاراً لأنه قائم على سبيل القرار ، وإن أمكن فكه ونقله إلى مكان آخر .&%$ ) .

 $ 27 $ وأجزاء البناء المكلمة له فلا يكون البناء كاملا بدونها ، إذا اندمجت فيه اندماجا ثابتا لا يزول إلا بالفك أو بالهدم ، تكون كالبناء عقارا بطبيعته ، حتى لو أمكن فكها وفصلها عن البناء دون تلف . فالأبواب والشبابيك والأقفال( $%&[1] ) أما المفاتيح فإنها منفصلة عن البناء وعن الأقفال ، ولذلك تعتبر عقاراً بالتخصيص لا بطبيعته ، شأنها في ذلك شأن مضخات الحريق مثلا . انظر في اعتبارها عقاراً بطبيعته لأنها تكملة ضرورية للأقفال : أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 28 – ديمولومب 9 فقرة 291 – لوران 5 فقرة 404 – بودري وشوفو فقرة 93 ص 85 – شفيق شحاتة فقرة 46 ص 60 – حسن كيرة فقرة 26 ص 76 وهامش 1 - محمد كامل مرسي 1 فقرة 63 ص 72 – انظر في اعتبارها عقاراً بالتخصيص : بلانيول وريبير وبيكار فقرة 88 ص 99 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2657 – أنسيكلو بيدي داللوز 1 لفظ Biens فقرة 289 – محمد علي عرفة فقرة 47 ص 75 – نقض فرنسي 5 فبراير سنة 1878 سيريه 78 – 1 – 353 .&%$ ) . والميازيب والبلكونات والشرفات والمصاعد والأسواق الحديدية أو الخشبية أو المبنية بالطوب والبلاط وخشبية الغرف ( كالباركيه ) والأدوات الصحية من أحواض وحنفيات ودوشات وأجهزة التواليت وسخانات المياه المثبتة والأفران المثبتة وما إلى ذلك ، كل هذا يعتبر عقارا بطبيعته لأنه مثبت في البناء على سبيل القرار ومكمل له ، وإن أمكن في كثير من الأحوال نقله دون تلف( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 74 ص 77 – ولو اعتبرت هذه الأشياء عقاراً بالتخصيص لا عقارا ً بطبيعته ، لوجب أن يكون من يضعها هو نفس المالك كما سنرى عند الكلام في العقار بالتخصيص . ولكنها لما كانت عقاراً بطبيعته كما قدمنا فإنه يستوي أن يضعها المالك أو غير المالك ، فإذا كسا المستأجر خشبية بعض الغرف بالباركيه أو أقام سورا أو ثبت حوضا للغسيل ، لم يمنع من أن يكون هذا عقارا بطبيعته أن أقامه غير المالك ( بودري وشوفو فقرة 94 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 63 ص 72 – محمد علي غرفة فقرة 45 ) .&%$ ) . كذلك يعتبر عقارا بطبيعته أنابيب المياه والغاز والكهرباء ، والمواسير المدفونة في باطن الأرض حتى لو بعدت عن البناء بمسافة طويلة $ 28 $ وحتى لو عدت عقارا مستقلا عن البناء( $%&[1] ) والأنابيب المدفونة في الأرض إذا كانت تابعة لمبنى ، فإنها تعتبر جزءاً من هذا المبنى ولا تعتبر عقاراً مستقلا ، أما إذا كانت مملوكة لمالك آخر غير مالك المبنى فإنها تعتبر عقاراً مستقلا عن المبنى . أما أنابيب الغاز المدفونة تحت سطح الطريق العام فلا تعتبر لا عقاراً مستقلا ولا عقاراً تابعاً للطريق العام ، ولكنها جزء لا يتجزأ من المصنع الذي ينتج الغاز مهما بعدت عن هذا المصنع ( كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 922 ص 738 – أنسيكلو بيدي داللوز 1 لفظ Biens فقرة 61 – أوبري ورو 2 فقرة 164 هامش 5 مكرر – نقض فرنسي 17 مايو سنة 1905 داللوز 1908 – 1 – 329 ) .&%$ ) ، فيستوي إذن أن يضع هذه الأشياء المالك أو غير المالك( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 54 – ديمولومب 9 فقرة 149 – لوران 5 فقرة 409 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 63 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 74 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2639 – كولان كابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 922 – نقض فرنسي 5 ديسمبر سنة 1944 داللوز 1946 – 56 .&%$ ) .

ويعتبر عقارا بطبيعته الطواحين ، سواء كانت تدار بالهواء أو بالماء ، مادامت مثبتة أو قائمة على دعائم مثبتة ، فقد اندمجت في الأرض فأضفت الأرض عليها صفة العقار( $%&[1] ) انظر المادة 519 مدني فرنسي – وانظر في تفصيل ذلك القانون الفرنسي بودري وشوفو فقرة 44 .&%$ ) . وتعتبر آلات الري عقارا بطبيعته إذا ثبتت في الأرض بحث لا يمكن فصلها عنها إلا إذا فكت جميع أجزائها ، فإن اندماجها في الأرض على هذا النحو كسبها صفة العقار بطبيعته( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 42 ص 49 – أما القضاء في مصر فمضطرب في هذا المسألة ، فهناك أحكام قضت بأن ماكينة الري ، ثبتت في الأرض أو لم تثبت ، تعتبر عقارا بالتخصيص ، فيجب إذن أن يكون المالك هو الذي أقامها في أرضه ( استئناف مختلط 3 مايو سنة 1917 م 29 ص 399 – 17 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 29 – 28 فبراير سنة 1935 م 47 ص 174 – 18 يونيه سنة 1935 م 47 ص 378 – 7 مايو سنة 1936 م 48 ص 259 – 9 يونيه سنة 1936 م 48 ص 311 : حتى لو كانت تسقى أرضا مجاورة – سوهاج استئنافي 25 مايو سنة 1941 المحاماة 21 رقم 432 ص 1029 ) . وهناك أحكام قضت بأن ماكينة الري تعتبر عقاراً بطبيعته إذا ثبتت في الأرض ، وإلا فهي عقار بالتخصيص ( استئناف مصر 8 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 130 ص 175 . أسيوط استئنافي 18 أكتوبر سنة 1938 المحاماة 19 رقم 233 ص 565 ) . وهناك أحكام ذهبت إلى أن ماكينة الري تعتبر منقولا ، لا عقاراً بطبيعته ولا عقاراً بالتخصيص ، ولو كانت مثبتة بمسامير على قاعدة من الخشب القائم على الإسمنت ، مادام أنه يمكن نقلها دون تلف وتركيبها على قاعدة أخرى ( استئناف 7 أبريل سنة 1914 المجموعة الرسمية . 14 رقم 107 ص 213 – استئناف مختلط 27 مايو سنة 1930 م 42 ص 521 – 30 سبتمبر سنة 1934 م 46 ص 305 – طهطا 3 سبتمبر سنة 1939 المحاماة 21 رقم 280 ص 651 ) .&%$ ) . أما إذا لم تثبت $ 29 $ في الأرض ، فإنها تعتبر عقارا بالتخصيص إذا رصدها مالك الأرض الزراعية لخدمة الأرض واستغلالها ، وسيأتي بيان ذلك . وكآلات الري المطاحن والمحالج ، تعتبر عقارا بطبيعته إذا ثبتت في الأرض على سبيل القرار . وإذا كانت آلات الري والطواحين والمطاحن والمحالج ، بالرغم من تثبيتها في الأرض ، يمكن فصلها دون تلف ، فإن اندماجها في الأرض عندما كانت مثبتة فيها إذا أضيفت إليه تبعيتها للأرض ، أغنى ذلك عن اشتراط ألا يكون فصلها دون تلف . فما هو تابع للأرض إذا اندمج فيها وثبت على سبيل القرار يكون عقارا بطبيعته ، حتى لو أمكن فصله دون تلف( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 93 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 27 – ص 28 – وقد قضت محكمة النقض بأنه بودري وشوفو فقرة 93 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 27 – ص 28 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان عقد بيع حصة في ماكينة طحين قد نص فيه على أن البيع وقع على هذه الحصة في الآلة كما اشتريت ، كما نص على نصيب المشتري فيها بعد تثبيتها مقابل دفعة ما يوازي هذا النصيب في نفقات تثبيتها ، فإن البائع متى ثبت الآلة يكون قد فعل ذلك لنفسه ولشريكه معاً . وإذا كانت هذه الآلة قد صارت بعد تثبيتها عقاراً ، فهذا العقار يكون لهما كليهما لا لواحد منهما دون الآخر . وحق كل منهما لنصيبه في هذا العقار يستوي في ثبوته أن يكون العقد الذي تضمن اتفاقهما قد سجل أو لم يسجل ، إذ هذا العقد ليس هو للنشء لهذا الحق العقاري ، بل الذي أنشأه هو الفعل الذي صار به المنقول عقارا ( نقض مدني 11 مارس سنة 1948 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء 1 ص 301 ) .&%$ ) .

المطلب الثاني

العقار بالتخصيص ( $%&[1] ) انظر Piere Gulphe رسالة من باريس سنة 1943 .&%$ )

( Immeuble per destination )

12 - ما هو العقار بالتخصيص – مقابلة بين نصوص التقنين المدني الفرنسي ونصوص التقنين المدني المصري : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 82 مدني تقول : " ومع ذلك يعتبر عقارا بالتخصيص المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه ، رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله " . فالعقار بالتخصيص هو إذن منقول بطبيعته ، رصده مالكه لخدمة أو استغلال عقار بطبيعته هو أيضاً مملوك له ، كما إذا خصص صاحب الأرض الزراعية مواشي أو آلات زراعية يستعين بها على زراعة أرضه ، وكما إذا وضع $ 30 $ صاحب الفندق في فندقه الأثاث اللازم لتهيئة الفندق للاستغلال . ففي هذه الأحوال وأمثالها يأتي صاحب العقار بمنقولات يملكها ويضعها في العقار رصداً على خدمته أو استغلاله ، فترتبط المنقولات بالعقار ارتباطا لا انفكاك منه حتى ليصحب العقار والمنقولات جميعا وحدة اقتصادية لا تتجزأ ، ومن ثم يضفي العقار وهو الأصل على المنقولات وهي التبع صفة العقار ، بحكم هذا التخصيص ، فيعتبر القانون هذه المنقولات بطبيعتها عقارا بالتخصيص عن طريق الافتراض القانوني ( fiction légale ) .

وقد أفاض التقنين المدني الفرنسي ، وهو المصدر الذي أخذ عنه التقنين المدني المصري فكرة العقار بالتخصيص ، في النصوص وفي التطبيقات المتعلقة بهذا النوع من العقار . فوضعتع المادة 524 مدني فرنسي في فقرتها الأولى المبدأ العام في العقار بالتخصيص ، إذ تقول : " الأشياء التي ضعها مالك العقار في عقاره ، لخدمة هذا العقار واستغلاله ، تكون عقارا بالتخصيص " . ثم تأتي الفقرتان الثانية والثالثة عقب ذلك بتطبيقات متعددة للعقار بالتخصيص ، فتقولان : " وعلى ذلك تكون عقارات بالتخصيص ، إذا وضعها المالك لخدمة العقار واستغلاله : الحيوانات ( المواشي ) المخصصة للزراعة – آلات الحرث – البذور المعطاة للمستأجرين أو المزارعين – حمام الأبراج – أرانب الأوكار – خلايا النحل – أسماك البرك – المعاصر والمراجل والأنابيب والخوابي والدنان ( أوان لتقطير الخمور ) – الآلات الضرورية لاستغلال معامل الحديد ومعامل الورق والمعامل الأخرى – التبن والسماد . وتكون أيضاً عقارات بالتخصيص المنقولات التي يربطها الملاك بالعقار على سبيل الدوام " ( $%&[1] ) ويسبق هذا النص ، في التقنين المدني الفرنسي ، نص خاص بالمواشي التي يسلمها المالك المستأجر أو المزارع ، فتقول المادة 522 مدني فرنسي : " الحيوانات ( المواشي ) التي يسلمها مالك الأرض للمستأجر أو المزارع لأعمال الزراعة ، سواء قومت أو لم تقوم ، تعتبر عقاراً ما بقيت مرتبطة بالأرض بموجب الاتفاق . أما تلك التي يعطيها إيجاراً لغير المستأجر أو المزارع فتكون منقولا " .&%$ ) . ثم تبين المادة 525 مدني فرنسي ما هو المقصود بالمنقولات التي يربطها المالك بالعقار على سبيل الدوام ، الوارد ذكرها في آخر المادة السابقة ، فتقول : " يعتبر المالك أنه ربط منقولات بعقاره على سبيل الدوام ( â perpétulle demeure ) إذا $ 31 $ كانت هذه المنقولات قد ألصقت بالعقار بالجبس أو بالجير أو بالإسمنت ، أو كانت لا يمكن فصلها دون أن تتكسر وتتلف ، أو دون أن يتكسر أو يتلف الجزء من العقار الذي ألصقت بالمنقولات به . وتعتبر مرايا المسكن قد ربطت به على سبيل الدوام إذا كان الخشب الذي ألصقت به المرايا تتحد مع خشب الحائط ، وكذلك يكون حكم ألواح التصوير وسائر ما تزين به المساكن . أما بالنسبة إلى التماثيل ، فإنها تكون عقارا إذا هي وضعت في مخابئ حفرت في الحائط خصيصاً لوضعها فيها ، حتى لو أمكن نقلها دون أن تتكسر أو تتلف " .

ولم يخض التقنين المدني المصري السابق في التطبيقات الكثيرة التي أوردها التقنين المدني الفرنسي ، بل اقتصر على ذكر آلات الزراعة و الماشية وآلات المعامل ومهماتها ، كما اقتصر على ذكر أثر واحد للعقار بالتخصيص هو عدم جواز الحجز عليه منفرداً عن العقار الأصلي . فنصت المادة 4 / 18 من هذا التقنين على ما يأتي : " إلا أن آلات الزراعة والماشية اللازمة لها متى كانت ملكاً لصاحب الأرض ، وكذلك آلات المعامل ومهماتها إذا كانت ملكا لمالك تلك المعامل ، تعتبر أموالا ثابتة ، بمعنى أنه لا يسوغ الحجز عليها منفردة عن العقار المتعلقة به " .

أما التقنين المدني المصري الجديد فلم يورد أي تطبيق من تطبيقات العقار بالتخصيص اكتفاء بذكر شروطه ، كما أنه لم يحصر آثار العقار بالتخصيص في عدم جواز الحجز عليه منفرداً عن العقار الأصلي كما فعل التقنين المدني السابق ، بل سكت عن ذكر أي أثر حتى يترتب على العقار بالتخصيص جميع آثاره . فنصت المادة 82 / 2 من هذا التقنين ، كما رأينا ، على ما يأتي : " ومع ذلك يعتبر عقارا بالتخصيص المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه ، رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله " ( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 467 .&%$ ) .

فنتلكم إذن في شروط العقار بالتخصيص ، ثم في الآثار التي تترتب على التخصيص .

 $ 32 $ 1 - شروط العقار بالتخصيص

13 - شرطان : يتبين من نص المادة 82 / 2 مدني سالفة الذكر أن هناك شرطين يجب توافرهما حتى يكون المنقول بطبيعته عقارا بالتخصيص : ( 1 ) اتحاد المالك ، أي أن يكون مالك العقار بالتخصيص هو نفس مالك العقار الأصلي . ( 2 ) التخصيص ، أي أن يكون العقار قد ارتبط بالعقار الأصلي لخدمته أو استغلاله .

14 - الشرط الأول – اتحاد المالك : يتضح من صدر الفقرة الثانية من المادة 82 مدني ، ونصها كما رأيناه : " ومع ذلك يعتبر عقارا بالتخصيص المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه ... " ، أن مالك العقار بالتخصيص هو نفس مالك العقار الأصلي . والمفروض أن هناك منقولا بطبيعته والعقار بطبيعته( $%&[1] ) فأجزاء البناء المتممة له والملحقة به هيه عقار بطبيعته كما سبق القول ، فلا يجوز اعتبارها عقاراً بالتخصيص لأن العقار بالتخصيص يجب أن يكون منقولا لا عقارا . والمنقول المخصص لخدمة منقول آخر ، كالسيارة المخصصة لخدمة محل تجاري ، أو المخصص لخدمة عقار بالتخصيص كعلف الماشية ، لا يجوز اعتباره عقارا بالتخصيص لأنه لم يخصص لخدمة عقار بطبيعته ، والمفروض كما قدمنا أن العقار الأصلي يجب أن يكون عقاراً بطبيعته ، لا منقولا ولا عقارا بالتخصيص . انظر في هذا المعنى حسن كيرة فقرة 28 ص 81 – سليمان مرقس في المدخل للعلوم القانونية فقرة 287 ص 444 .&%$ ) . هذه الحقائق الثلاث – المنقول بطبيعته والعقار بطبيعته وواقعة الإلحاق – مفروضة ، فهي ليست بشروط ، بل هي واقع المسألة . فإذا تحقق هذا الواقع ، فمتى يعتبر المنقول الملحق بالعقار الأصلي عقارا بالتخصيص؟ قلنا إن الشرط الأول هو أن يكون شخص واحد هو المالك لكل من العقار الأصلي والمنقول الملحق( $%&[1] ) استئناف مختلط 26 مايو سنة 1915 م 27 ص 357 – 10 ديسمبر سنة 1917 م 30 ص 81 .&%$ ) . وعلى ذلك لا يكون عقارا بالتخصيص المنقول الذي يضعه المستأجر( $%&[1] ) استئناف مختلط 12 يونيه سنة 1902 م 14 ص 346 – حتى لو ثبت المنقول ( ماكينة الري مثلا ) في الأرض ( استئناف مختلط 4 أبريل سنة 1912 م 24 ص 255 ) .&%$ ) أو الدائن المرتهن رهن حيازة أو صاحب حق الانتفاع رصدا لخدمة العقار المؤجر أو المرهون أو المملوكة رقبته لشخص آخر ، لأن المنقول الملحق يملكه شخص غير الشخص الذي $ 33 $ يملك العقار الأصلي( $%&[1] ) ديمولومب 9 فقرة 210 – فقرة 211 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 21 .&%$ ) ، كذلك لا يكون عقارا بالتخصيص المنقول الذي يضعه مالك العقار في عقاره إذا كان هذا المنقول غير مملوك له ، كأن كان مرهوناً عنده أو معارا له أو مسلما إياه على سبيل الإيجار( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 59 ص 58 .&%$ ) .

ويعلل بعض الفقهاء شرط اتحاد المالك بالاعتبار الآتي : إن إضفاء صفة العقار بالتخصيص على المنقول الملحق بالعقار الأصلي إنما هو لمصلحة العقار الأصلي ، والمالك وحده هو الذي يمثل هذه المصلحة( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 59 ص 57&%$ ) ، وفي هذا التعليل غموض دعا هؤلاء الفقهاء توضيحه على النحو الآتي : لو أن مالك المنقول وضعه في خدمة عقار لا يملكه ، لوجب القول بأن صاحب المنقول لا يقصد إلحاقه بالعقار ، فإنه لابد منتزع منقوله بعد انتهاء مدة انتفاعه بالعقار ، ولا يجوز افتراض تبرعه بالمنقول لأن التبرع لا يفترض . فلابد إذن أن يكون مالك المنقول الملحق هو نفس مالك العقار الأصلي ، حتى يستساغ أن يفترض أنه قصد عدم انتزاع المنقول وإبقاءه رصدا على خدمة العقار( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 59 ص 57&%$ ) . ويقرب من هذا التعليل تعليل يقول به فقهاء آخرون ، مؤداه أن فكرة العقار بالتخصيص لا يمكن أن تثار إذا كان مالك المنقول شخصاً آخر غير مالك العقار ، إذ لا يمكن أن تثار إذا كان مالك المنقول شخصاً آخر غير مالك العقار ، إذ لا يمكن في هذه الحالة أن يقال إن مالك المنقول أراد إلحاقه بعقار لا يملكه . وإنما تثار الفكرة إذا كان مالك المنقول هو نفس مالك العقار ، إذ يمكن في هذه الحالة التساؤل عما إذا كان هذا المالك قد أراد أو لم يرد إلحاق منقوله بعقاره . فتكون وحدة المالك ، على مقتضى هذا التعليل ، داخلة في واقع المسألة ، وليست شرطا بالمعنى الصحيح . ويكون واقع المسألة هو أن شخصاً واحدا يملك كلا من العقار والمنقول ، وعندئذ يصح التساؤل متى يصبح المنقول عقاراً بالتخصيص . فلا يكون إذن هناك إلا شرط واحد ، هو رصد المنقول لخدمة العقار أو استغلاله حتى يصبح المنقول عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 80 – بيدان وفواران فقرة 114 – دي باج وديكرز 5 فقرة 645 – جولف فقرة 62 ص 144 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2647 – كاربونييه ص 68 – حسن كيرة فقرة 28 ص 89 .&%$ ) .

 $ 34 $ ومتى تقرر وجوب اتحاد المالك ، فإن الحق في إلحاق المنقول بالعقار يكون لهذا المالك أو لنائبه . ومن ثم يجوز لوكيل المالك استعمال هذا الحق ، كما يجوز ذلك للولي على المالك أو الوصي أو القيم ، فيصح لأحد من هؤلاء أن يرصد لخدمة عقار الأصيل أو المحجور منقولا يملكه هذا الأخير ، فيصبح المنقول عقارا بالتخصيص ، إذ أن هذا العمل يعتبر داخلا في أعمال الإدارة( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 59 ص 57 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 80 .&%$ ) . ويمكن اعتبار المستأجر نائبا عن المالك إذا هو وضع منقولا مملوكا له في خدمة العقار الذي استأجره ، وكان مشترطا في عقد الإيجار أن يترك المستأجر هذا المنقول لصاحب العقار عند نهاية الإيجار ، ففي هذه الحالة يكون مالك العقار هو أيضاً مالك المنقول بموجب عقد الإيجار ، ويكون المستأجر عند وضعه المنقول في خدمة العقار نائبا عن مالك العقار في ذلك ، فيصبح المنقول عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) ديمولومب 9 فقرة 209 – بودري وشوفو فقرة 59 ص 58 هامش 1 – نقض فرنسي 13 نوفمبر سنة 1878 داللوز 79 – 1 – 447 – عكس ذلك لوران 5 فقرة 438 .&%$ ) .

ويجوز لمالك العقار في الشيوع أن يلحق المنقول بالعقار ، ويصبح المنقول عقاراً بالتخصيص تحت شرط فاسخ . فإذا تمت القسمة ووقع العقار في نصيب هذا المالك ، لم يتحقق الشرط الفاسخ ، وبقي المنقول عقارا بالتخصيص على وجه بات . أما إذا وقع العقار في نصيب مالك آخر ، فإن الإلحاق ينفسخ بتحقق الشرط الفاسخ ، وينفصل المنقول عن العقار ليأخذه صاحبه( $%&[1] ) ديمولومب 9 فقرة 214 مكررة – لوران 5 فقرة 435 – بودري وشوفو فقرة 59 ص 58 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 80 – شفيق شحاتة فقرة 46 ص 63 – عبد المنعم البدراوي في المدخل للقانون الخاص فقرة 249 ص 435 – ص 346 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 104 – استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1912 م 24 ص 394 – عكس ذلك استئناف مختلط 18 مايو سنة 1938 م 50 ص 316 – نقض مدني 10 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 84 ص 639 ( متى كان أحد الشركاء في الشيوع في أرض يمتلك ماكينة ملكية خاصة ، وأقامها على هذه الأرض بماله ، واستغلها لنفسه ولحاسبه الخاص ، فإنها لا تصير عقاراً بالتخصيص ) .&%$ ) . ويكن تطبيق هذا الحكم على كل مالك تحت شرط فاسخ للعقار أو للمنقول . فإذا وضع مالك العقار تحت شرط فاسخ منقولا لخدمة العقار ، $ 35 $ أصبح هذا المنقول عقارا بالتخصيص تحت شرط فاسخ ، فإذا لم يتحقق الشرط صار الإلحاق باتا ، وإذا تحقق انفسخ الإلحاق وانفصل المنقول عن العقار ليأخذه صاحبه . كذلك إذا وضع مالك العقار منقولا يملكه تحت شرط فاسخ لخدمة العقار ، أصبح المنقول عقارا بالتخصيص تحت شرط فاسخ ، فإذا لم يتحقق الشرط صار الإلحاق باتا ، وإذا تحقق انفسخ الإلحاق وانفصل المنقول عن العقار وعاد إلى من له الحق فيه( $%&[1] ) أما إذا كان مالك المنقول مالكا تحت شرط واقف ، فإن المنقول لا يصبح عقارا بالتخصيص إلا عند تحقق الشرط . فإذا احتفظ البائع بملكية المنقول المبيع حتى يدفع إليه جميع الثمن ، ووضع المشتري المنقول في أرضه ، فلا يمكن أن يكسب صفة العقار بالتخصيص مادام الثمن لم يدفع جميعه ( مصر المختلطة 19 يناير سنة 1915 جازيت 5 رقم 206 ص 76 ) . فإذا تنازل البائع عن حقه في الملكية ، واكتفى بمطالبة المشتري بباقي الثمن ، وشرع في تنفيذ الحكم الذي صدر له ، فإن المنقول المبيع الذي وضع في أرض المشتري يصير عقارا بالتخصيص ( محمد كامل مرسي 1 فقرة 51 ص 59 – محمد علي عرفة فقرة 58 ص 86 – شفيق شحاتة فقرة 46 ص 62 – سليمان مرقس في المدخل للعلوم القانونية فقرة 287 ص 445 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 104 – استئناف وطني 7 أبريل سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 107 ص 213 – استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1913 م 35 ص 350 – 23 أبريل سنة 19363 م 48 ص 250 ) .

وإذا كانت الآلة الزراعية مملوكة لشخصين على الشيوع ، ووضعت في عقار أحدهما ، فإنها لا تصبح عقارا بالتخصيص ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1939 م 52 ص 33 ) .&%$ ) .

وقد يضع شخص غير المالك يده على عقار باعتبار أنه المالك ( animo domini ) ، بحسن نية أو بسوء نية ، فيجوز له بالرغم من أنه حائز غير مالك أن يرصد منقولا يملكه على خدمة هذا العقار ، ويصبح المنقول عقارا بالتخصيص . ولكن هذا الإلحاق ، وإن كان ينفذ في حق الغير ، لا يحتج به المالك الحقيقي للعقار . ومن ثم إذا استرد هذا الأخير عقاره ، فإنه يسترده وحده منفصلا عن المنقول الذي رصد لخدمته ، ويأخذ الحائز صاحب المنقول منقوله( $%&[1] ) ديمولومب 9 فقرة 208 – فقرة 209 – لوران 5 فقرة 435 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 21 – بودري وشوفو فقرة 59 ص 58 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 81 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2648 – أنسيكلو بيدي داللوز لفظ Biens فقرة 104 – فقرة 105 – شفيق شحاتة فقرة 46 ص 64 – عبد المنعم البدراوي في المدخل للقانون الخاص فقرة 249 ص 345 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 104 .&%$ ) .

 $ 36 $ وقد يتوافر شرط اتحاد المالك ، فيصبح المنقول عقارا بالتخصيص ، ولكن يقع بعد ذلك أن يبيع المالك العقار أو المنقول ، يختل شرط اتحاد المالك ، ومن ثم ينتهي إلحاق المنقول بالعقار وينفصل عنه ليأخذه من له الحق فيه( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 80 – نقض فرنسي أول مارس سنة 1931 جازيت دي باليه 1931 – 1 – 746 .&%$ ) .

15 - الشرط الثاني – التخصيص : ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المدني ما يأتي : " وقد توسع المشروع فيها ( العقارات بالتخصيص ) ، فلم يقصرها كما فعل التقنين الحالي ( السابق ) على الآلات اللازمة أي الضرورية للزراعة والمصانع .. ، بل نص عليها في صيغة عامة تجعلها تشمل كل منقول يضعه مالكه في عقار مملوك له ، ويخصصه لخدمة العقار كالتماثيل التي توضع على قواعد مثبتة ، وإما لاستغلاله كالآلات الزراعية والصناعية ومفروشات الفنادق والرفوف والخزائن والمقاعد المخصصة لاستغلال المحال التجارية الخ . ولا يشترط أن يكون المنقول لازما أي ضروريا لخدمة العقار أو استغلاله ، بل يكفي تخصيصه لهذه الخدمة أو الاستغلال ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك . أما إذا وضع المنقول لخدمة شخص مالكه لا لخدمة العقار ، فإن ذلك لا يجعله عقارا بالتخصيص . ولا يشترط أن يكون التخصيص بصفة دائمة بل يكفي ألا يكون عارضاً ، ومتى انقطع التخصيص زالت عن المنقول صفة العقار " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 467 .&%$ ) . ويستخلص من ذلك أمور ثلاثة : ( 1 ) يجب أن يكون المنقول ( العقار بالتخصيص ) مخصصاً لخدمة العقار ، لا لخدمة شخص المالك . ( 2 ) ولا يشترط أن يكون التخصيص بصفة دائمة ، بل يكفي ألا يكون عارضا . ( 3 ) ولا يشترط أن يكون التخصيص ضروريا لخدمة العقار ، بل يكفي التخصيص لخدمة العقار أو استغلاله ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك :

1 - المنقول المخصص لخدمة العقار إنما يعتبر عقارا بالتخصيص لأن العقار الذي خصص المنقول لخدمته هو الذي يضفي عليه صفة العقار ، فلابد $ 37 $ إذن من أن يكون المنقول قد خصص لخدمة العقار حتى تنتقل صفة العقار إلى المنقول . أما إذا كان المنقول قد خصص ، لا لخدمة العقار ، بل لخدمة شخص مالك العقار ، فإنه ينعدم التلازم ما بين المنقول والعقار ، ولا يعود ثمة محل لإضفاء صفة العقار على المنقول . فلو أن صاحب الفندق قد أعد لنفسه غرفة خاصة في الفندق لاستراحته عند الحاجة ، وأثث هذه الغرفة بأثاث خاص به بحيث لو انتقلت ملكية الفندق إلى غيره لكان من الطبيعي أن ينتزع هذا الأثاث الذي أعده لشخصه ، فإن الأثاث يكون في هذه الحالة قد خصص لخدمة صاحب الفندق شخصيا لا لخدمة الفندق ، ومن ثم يبقى منقولا على طبيعته ولا يصبح عقارا بالتخصيص . أما مفروشات الفندق وأثاثاته ، فهذه قد خصصت لاستغلال الفندق ذاته ، ومن ثم تصبح عقارا بالتخصيص . وكذلك لو أعد صاحب الفندق أو صاحب المصنع أو صاحب المزرعة سيارة لاستعماله الشخصي ، فإن هذه السيارة تبقى منقولا لأنها لم تخصص لاستغلال العقار ، بل خصصت لخدمة صاحب العقار شخصيا . أما إذا ألحق بالفندق أو المصنع أو المزرعة سيارة لنقل نزلاء الفندق أو منتجات المصنع أو محصولات المزرعة ، فإن السيارة تكون في هذه الحالة قد خصصت لاستغلال العقار ، ومن ثم تصبح عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 84 – بيدان وثواران فقرة 115 – جولف فقرة 72 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2651 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 53 – شفيق شحاتة فقرة 47 ص 64 – حسن كيرة فقرة 28 ص 83 .&%$ ) .

2 - ولا يشترط أن يكون التخصيص بصفة دائمة ( â perpétuelle demeure ) . أما في التقنين المدني الفرنسي ، فقد رأينا من نصوصه التي أوردناها( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 12 .&%$ ) أن هناك عقارا بالتخصيص يضعه المالك لخدمة العقار الأصلي واستغلاله ( م 524 / 1 و 2 مدني فرنسي ) ، وهذا لا يشترط فيه أن يكون تخصيصه بصفة دائمة لأن النص لم يشترط ذلك . وهناك عقار بالتخصيص وضعه المالك لتزيين العقار الأصلي ، ويشترط النص صراحة أن يكون تخصيصه بصفة دائمة ، وقد يكون لهذا التخصيص الدائم علامة مادية هي أن يكون العقار بالتخصيص ملصقاً بالعقار الأصلي بالجبس أو الإسمنت ، $ 38 $ وذلك كالمرايا وألواح التصوير والتماثيل ( م 524 / 3 وم 525 مدني فرنسي( $%&[1] ) انظر في تبرير هذا التمييز لوران 5 فقرة 434 وفقرة 441 – بودري وشوفو فقرة 61 . &%$ ) ) . ولكن التقنين المدني المصري لم يحذ حذو التقنين المدني الفرنسي في هذا التمييز بين التخصيص للخدمة والاستغلال والتخصيص على سبيل الدوام ، وهو تمييز ينتقده بعض الفقهاء الفرنسيين( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 91 ص 94 وهامش 2 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2662 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 928 – كاربونييه ص 68 – ص 69 .&%$ ) . وكل ما يطلبه التقنين المدني المصري هو تخصيص المنقول لخدمة العقار أو استغلاله ( م 82 / 2 مدني ) . ويستوي أن يكون التخصيص لاستغلال العقار استغلال زراعيا أو صناعيا أو تجاريا أو مدنيا ، أو أن يكون لخدمة العقار واستعماله ، أو حتى أن يكون لتزيين العقار فإن التزيين يدخل في عموم " خدمة " العقار ، وسنرى تفصيل ذلك فيما يلي . وإذا كان التخصيص لتزيين العقار ، فلا يشترط التقنين المصري كما اشترط التقنين الفرنسي أن يكون التخصيص على سبيل الدوام ، ومن باب أولى لا يشترط الدوام إذا كان التخصيص للخدمة أو للاستغلال .

وإذا كان لا يشترط أن يكون التخصيص على سبيل الدوام ، فإنه لا يجوز مع ذلك أن يكون تخصيصا عارضا لمدة موقوتة قصيرة ، بل يجب أن يكون على سبيل الثبات والاستقرار ، فإن هذا وحده هو الذي يبرر إضفاء صفة العقار على المنقول . ولا يمنع من أن يكون التخصيص ثابتا مستقراً أن ينقطع انقطاعا عارضا موقتا ، فقد تنقل المواشي من الأرض الزراعية نقلا عارضا لعلاجها مثلا ، وبالرغم من هذا النقل العارض تبقى المواشي مخصصة لاستغلال الأرض على سبيل الثبات والاستقرار فتبقى عقارا بالتخصيص ، حتى في المدة التي انتقلت فيها( $%&[1] ) جولف فقرة 71 ص 168 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 107 – حسن كيرة فقرة 28 ص 82 .&%$ ) .

3 - ولا يشترط أن يكون التخصيص ضروريا ، بل يكفي التخصيص لخدمة العقار أو استغلاله ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك . وهذا $ 39 $ بخلاف القانون المدني الفرنسي ، فإن الرأي السائد فيه هو أن يكون التخصيص ضرورياً( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 61 ص 60 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 84 ص 85 – جولف فقرة 75 – كاربونيه ص 73 – ص 74 – نقض فرنسي 31 يوليه سنة 1879 داللوز 80 – 1 – 273 – 9 ديسمبر سنة 1885 داللوز 86 – 1 – 125 – 8 فبراير سنة 1926 سيريه 1926 – 1 – 153 – 19 أكتوبر سنة 1938 جازيت دي باليه 1938 – 2 – 857 .&%$ ) . أما في التقنين المدني المصري ، فالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي صريحة في أنه لا يشترط أن يكون التخصيص ضروريا ، إذ تقول كما رأينا( $%&[1] ) انظر آنفا نفس الفقرة .&%$ ) : " ولا يشترط أن يكون المنقول لازما أي ضروريا لخدمة العقار أو استغلاله ، بل يكفي تخصيصه لهذه الخدمة أو الاستغلال ، ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك " .

ولا تكفي إرادة المالك وحدها ليكون المنقول عقارا بالتخصيص ، بل يجب أن يقوم إلى جانب الإرادة جانب الواقع . ومعنى ذلك أن المالك لا يستطيع بإرادته وحدها أن يلحق منقولا بعقار فيجعله بهذه الإرادة عقارا بالتخصيص ، بل يجب فوق ذلك أن يخصص هذا المنقول تخصيصاً فعليا لخدمة العقار أو استغلاله( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 62 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 82 وفقرة 90 – شفيق شحاتة فقرة 51 .

ويتبين من ذلك أن التخصيص عمل مختلط ( acte mixte ) ، فهو مزيج من الإرادة والعمل المادي ، ولكن عنصر العمل المادي فيه هو الغالب ، شأن التخصيص في ذلك شأن الاستيلاء . ومن ثم يمكن اعتباره ، تبعا لعنصره الغالب ، واقعة مادية لا تصرفا قانونيا . ولا يمنع ذلك من وجوب قيام إرادة التخصيص ، فهذه الإرادة ، إذا لم تكن كافية وحدها ، فإنها مع ذلك ضرورية ليتم التخصيص . وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن التخصيص لا يتحقق في منقولات وضعت في عقار أعطى مهراً ، إذا لم تتجه إرادة المالك إلى ذلك ( نقض فرنسي 21 أبريل سنة 1885 داللوز 85 – 1 – 292 ) – ويذهب بعض الفقهاء إلى أن التخصيص تصرف قانوني يصدر من جانب واحد ( شفيق شحاتة فقرة 46 ص 63 ) .&%$ ) .

وقد بينت المذكرة الإيضاحية ، فيما رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفاً نفس الفقرة . &%$ ) ، أنواع الخدمة والاستغلال ، فقالت في هذا الصدد : " وقد توسع المشروع فيها ( العقارات بالتخصيص ) ، فلم يقصرها كما فعل التقنين الحالي ( السابق ) على الآلات اللازمة أي الضرورية $ 40 $ للزراعة والمصانع ( م 4 / 18 ) بل نص عليها في صيغة عامة تجعلها تشمل كل منقول يضعه مالكه في عقار مملوك له ، ويخصص إما لخدمة العقار كالتماثيل التي توضع على قواعد مثبتة ، وإما لاستغلاله كالآلات الزراعية والصناعية ومفروشات الفنادق والرفوف والخزائن والمقاعد المخصصة لاستغلال المحال التجارية الخ " . ويتضح من ذلك أن التخصيص يهدف إلى أحد أغراض أربعة : ( 1 ) الاستغلال الزراعي ( 2 ) الاستغلال الصناعي ( 3 ) الاستغلال التجاري ( 4 ) خدمة العقار وتزيينه ( ويدخل في ذلك الاستغلال المدني ) .

16 - الاستغلال الزراعي ( exploitation agricole ) : هناك أمثلة كثيرة متنوعة على التخصيص بقصد الاستغلال الزراعي ، وقد أورد التقنين المدني الفرنسي منها ف بالمادتين 522 و 524 منه جملة وافرة كما رأينا( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 12 .&%$ ) حيث كانت الزراعة هي الغالبة وقت وضع هذا التقنين ، وكلها يصدق عليها أنها عقار بالتخصيص طبقاً لأحكام التقنين المدني المصري ، فيستعرضها في إيجاز ، وقد وردت كما قدمنا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر( $%&[1] ) فالقاضي إذن ، في الاستغلال الزراعي وفي غيره من أنواع الاستغلال والخدمة الأخرى ، هو الذي يبت فيما إذا كان المنقول قد أعد لاستغلال العقار أو لخدمته تبعا لظروف القضية ، والمسألة مسألة واقع ( بودري وشوفو فقرة 66 ص 65 ) . فإذا تبين مثلا أن أرضا زراعية لا تصلح إلا لتربية المواشي وبيعها بعد ذلك ، فإن المواشي تعتبر في هذه الحالة عقاراً بالتخصيص إذ هي موجودة لاستغلال الأرض ( إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 106 ) .&%$ ) :

1 - المواشي المخصصة للزراعة : وذلك كالبقر والجاموس والحمير والبغال والخيل والجمال وغيرها من الحيوانات التي تستعمل في الحرث والجر والحمل ، فهذه قد ألحقت بالأرض الزراعية لاستغلال الأرض ، ومن ثم تعتبر عقارا بالتخصيص . ولا يمنع من ذلك أن يكون في عزم المالك أن يبيع هذه المواشي أو أن يذبحها ، بعد أن تخدم الأرض المدة الكافية وبعد أن تصبح غير صالحة للاستغلال الزراعي( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 66 ص 66 .&%$ ) . ويكفي ، لتكون المواشي مخصصة للاستغلال الزراعي ، أن يضع المالك قطيعا من الغنم في الأرض الزراعية وغرضه الرئيسي من ذلك تسميد الأرض( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 22 – بودري وشوفو فقرة 66 ص 66 .&%$ ) . وقد يعمد المالك إلى تربية المواشي في أرضه ، $ 41 $ وغرضه الرئيسي من ذلك أن ينتفع بألبانها أو بلحمها ، ففي هذه الحالة لا تعتبر المواشي عقارا بالتخصيص حتى لو انتفع بها عرضا لتسميد الأرض ، لأن الغرض الرئيسي من وضعها في الأرض ليس هو خدمة الأرض واستغلالها ، بل تربيتها في الأرض حيث ترعى وتنمو ، فهي التي تنتفع بالأرض لا الأرض هي التي تنتفع بها( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 22 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 85 ص 85 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2652 ص 874 – محمد علي عرفة فقرة 61 ص 88 – نقض فرنسي 19 أكتوبر سنة 1938 جازيت دي باليه 1938 – 2 – 857 – عكس ذلك بودري وشوفو فقرة 66 ص 66 – ص 67 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 926 ص 741 – نقض فرنسي 24 فبراير سنة 1926 داللوز الأسبوعي 1926 – 206 .&%$ ) . وكذلك لا تعتبر عقارا بالتخصيص ، ومن باب أولى ، الدواجن والأرانب وغيرها مما يربيه المالك في أرضه لبيعه أو الانتفاع ببيضه ولحمه( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 22 – بودري وشوفو فقرة 66 ص 67 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 85 ص 85 .&%$ ) . والإجماع منعقد على أنه لا يعتبر عقارا بالتخصيص الحيوانات المخصصة لخدمة المالك لا الأرض ، كالخيل المعدة للصيد أو لجر المركبات التي يستعملها المالك في تنقلاته( $%&[1] ) ديمولومب 9 فقرة 240 – لوران 5 فقرة 444 – بودري وشوفو فقرة 66 ص 67 .&%$ ) .

وقد يؤجر المالك أرضه الزراعية ، ويؤجر معها مواشي يخصصها لزراعة هذه الأرض ، فيتسلم المستأجر أو المزارع الأرض ومعها المواشي وقد أصبحت هذه عقارا بالتخصيص بعد أن ألحقها المالك بالأرض للاستغلال الزراعي . فيستوي إذن أن يتولى المالك استغلال الأرض بنفسه ومعها المواشي التي خصصها لزراعة الأرض ، وأن يسلم الأرض والمواشي بعد أن أصبحت عقارا بالتخصيص لمستأجر أو مزارع يستغل الأرض والمواشي . وقد أفرد التقنين المدني الفرنسي لهذه الصورة الأخيرة نصاً خاصاً ، فقضت المادة 522 منه بأن " المواشي التي يسلمها مالك الأرض للمستأجر أو المزارع لأعمال الزراعة ، سواء قومت أو لم تقوم ، تعتبر عقارا مادامت مرتبطة بالأرض . بموجب الاتفاق – أما تلك التي يعطها إيجارا لغير المستأجر أو المزارع ، فتكون منقولا( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 12 في الهامش .&%$ ) " . وبديهي أن المواشي التي يؤجرها المالك إلى غير مستأجر $ 42 $ الأرض أو المزارع لا تعدو أن تكون منقولا أجره صاحبه ، لأنها لم تؤجر مع الأرض الزراعية حتى تضفي عليها الأرض صفة العقار بالتخصيص . فلابد إذن ، حتى تصبح المواشي أو أي شيء آخر يخصص لزراعة الأرض كالآلات الزراعية والتبن والسماد( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 65 .&%$ ) عقارا بالتخصيص ، أن تؤجر مع الأرض الزراعية حتى تكون مخصصة لزراعة هذه الأرض . ويستوي في ذلك أن تكون المواشي قد قومت أو لم تقوم ، فإنها إذا قومت فلا يعني ذلك أن ملكيتها قد انتقلت إلى المستأجر ، وإلا لأصبح مالك المواشي غير مالك الأرض واختل شرط اتحاد المالك . وإنما فائدة التقويم هي أن تنتقل تبعة هلاك المواشي إلى المستأجر أو المزارع ، ويصبح هذا ملزما برد مواش تعادل قيمتها قيمة المواشي الأصلية( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 64 ص 63 – ص 64 .&%$ ) . ومن ثم تبقى المواشي ، حتى لو قومت ، ملكا لصاحب الأرض ، فله أن يبيع الأرض وتتبعها المواشي التي أصبحت عقارا بالتخصيص ، ويلتزم المشتري باحترام حق المستأجر أو المزارع بالشروط التي قررها القانون . ولدائن صاحب الأرض أن يوقع الحجز على الأرض حجزاً عقارياً ، فيشمل الحجز المواشي بعد أن أصبحت عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 62 .&%$ ) . أما المستأجر أو المزارع فليس له إلا حق الانتفاع بالأرض وبالمواشي وحق إدارتها ، ويدخل في أعمال الإدارة بيع ما يكاد ينفق من المواشي أو ما أصبحت الاستفادة به غير كاملة لإحلال غيره محله . فلا يجوز له إذن بيع المواشي في غير حدود أعمال الإدارة ، ولا يجوز لدائنه الحجز عليها حجز المنقول( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 64 ص 64 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 85 ص 86 كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 926 ص 741 – نقض فرنسي 6 مايو سنة 1905 داللوز 1905 – 1 – 429 .&%$ ) .

2 - آلات الحرث والآلات الزراعية الأخرى : فآلات الحرث واضح تخصيصها للزراعة ، فتلحق بالأرض وتصبح عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 59 – 25 فبراير سنة 1914 م 26 ص 246 – 3 مايو سنة 1917 م 29 ص 399 .&%$ ) . وكآلات الحرث آلات الحصاد وآلات الري ، فإنها تصبح أيضاً عقارا $ 43 $ بالتخصيص إذا خصصت لزراعة الأرض . وقد تكون بعض هذه الآلات مندمجة في الأرض ، فتصبح جزءاً منها وتكون عقارا بطبيعته( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 11 في آخرها .&%$ ) . وكذلك حكم السواقي والشواديف والنوارج .

3 - البذور والتبن والسماد : فالبذور التي خصصها المالك لبذر الأرض ، أو التي أعطاها للمستأجر أو المزارع ليبذر بها الأرض ، تعتبر عقارا بالتخصيص . وقد يحتجز المالك في آخر السنة الزراعية جزءاً من المحصول يخصصه للبذر ، فيصبح هذا الجزء عقارا بالتخصيص ، أما بقية المحصول بعد فصله من الأرض فإنه يصبح منقولا . والبذور تكون عقارا بالتخصيص قبل دفنها في الأرض ، أما إذا دفنت فإنها تصبح عقارا بطبيعته( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 68 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 85 ص 87 .&%$ ) .

والتبن والسماد ، وهي مواد أعدت لتسميد الأرض ، تعتبر عقارا بالتخصيص إذا هي ألحقت بالأرض لتسميدها ، سواء كان المالك هو الذي فعل ذلك كما هو الغالب ، أو فعل ذلك المستأجر وفاء لما اشترطه عليه المالك من ترك التبن والسماد في الأرض عند انتهاء الإجارة فإن هذه المواد في هذه الحالة تؤول ملكيتها إلى مالك الأرض وقد ألحقت بالأرض لتسميدها فتصبح عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 72 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 85 ص 87 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 926 ص 742 .&%$ ) . ويكون التبن والسماد عقارا بالتخصيص ملحقاً بالأرض في مجموعها ، لا بجزء أو أجزاء معينة منها( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 85 ص 87 – ويترتب على ذلك ما يأتي : ( ا ) إذا باع المالك كل الأرض صفقة واحدة ، دخل التبن والسماد في البيع . ( ب ) إذا اقتطع المالك جزءاً من الأرض وباعه ، لم يكن للمشتري حق في جزء من التبن والسماد يناسب الجزء من الأرض الذي اشتراه . ( جـ ) إذا باع المالك كل الأرض أجزاء متفرقة لمشترين متعددين ، لم يجز لأحد من المشترين أن يختص بجزء من التبن والسماد ، ومن ثم يبقى التبن والسماد ملكا للبائع ويتحول إلى منقول بطبيعته . انظر كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 926 ص 742 – محمد علي عرفة فقرة 64 .&%$ ) . ولا يكون التبن عقارا بالتخصيص إلا إذا أعد لتسميد الأرض ، أما إذا أعد غذاء للماشية فإنه يكون منقولا لأنه ألحق بالماشية وهي ليست عقارا بطبيعته( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 23 هامش 43 – لوران 5 فقرة 458 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 85 ص 87 .&%$ ) .

4 - حمام الأبراج وأرانب الأوكار وخلايا النحل ودود القز وأسماك البرك : هذه كلها وغيرها حيوانات تربى عادة داخل الأراضي الزراعية ، وتخصص لخدمتها ، إذ هي تتغذى منها وفي الوقت ذاته تضيف إلى ما تغله الأرض من ريع فتزيد في الإنتاج . ومن هذه الناحية تكون هذه الحيوانات مخصصة لاستغلال الأرض الزراعية ، ومن ثم تكون عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) وتختلف عن التبن والسماد في أنها تعتبر مخصصة للجزء من الأرض الذي فيه البرج أو الوكر أو البركة الخ ، فإذا باع المالك شيئاً من ذلك تبعه كل الحيوانات ( كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 926 ص 743 ) .

وانظر في أن خلايا النحل عقار بالتخصيص : استئناف مختلط 22 مارس سنة 1893 م 5 ص 215 .

ولم يرد في التقنين المدني الفرنسي ( م 524 ) ذكر دود القز ، وكان قد اقترحت إضافته إلى خلايا النحل في مشروع التقنين فرفض الاقتراح ( فينيه 11 ص 30 ) . ومع ذلك فإن الفقه الفرنسي الحديث يدخل دود القز في عداد العقارات بالتخصيص ، متذرعا بأن التعداد الذي ورد للعقارات بالتخصيص في التقنين المدني الفرنسي لم يرد على سبيل الحصر ( بودري وشوفو فقرة 70 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 85 ص 86 – ص 87 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2652 ص 874 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 926 ص 743 – وانظر عكس ذلك أوبري ورو 2 فقرة 164 ص – أنسيكلو بيدي داللوز 1 لفظ Biens فقرة 169 ) .&%$ ) .

5 - المعاصر والمراجل والأنابيب والخوابي والدنان : وكل شيء آخر أعد لتخزين المحصول الزراعي وحفظه يعتبر ملحقاً بالأرض الزراعية ، ومن ثم يكون عقارا بالتخصيص . وقد عني التقنين المدني الفرنسي بذكر المعاصر والمراجل والدنان والخوابي ، وهي أوان لتقطير الخمور وحفظها ، لانتشار زراعة العنب في فرنسا من أجل تقطيره خمراً . وإذا كان المعد لحفظ المحصول لا يبقى في الأرض على سبيل الثبات والاستقرار بل يتبع المحصول ويباع معه ، كأكياس القطن وبراميل النبيذ ، فإنه لا يعتبر عقارا بالتخصيص بل يكون منقولا( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 85 ص 86 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2652 ص 874 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 926 – محمد علي عرفة فقرة 63 .&%$ ) .

 $ 45 $ 17 - الاستغلال الصناعي ( exploitation industrielle ) : وكل ما ورد في شأن الاستغلال الصناعي في التقنين المدني الفرنسي ( م 524 / 2 ) العبارة الموجزة الآتية : " الآلات الضرورية لاستغلال معامل الحديد ومعامل الورق والمعامل الأخرى " . وهذا طبيعي ، إذ لم تكن الصناعة في فرنسا وقت وضع التقنين المدني الفرنسي إلا في دور الطفولة . أما الآن ، بعد أن خطت الصناعة خطوات بعيدة حتى في الدول النامية ومنها مصر ، فإن من المتفق عليه أن يكون عقارا بالتخصيص جميع الآلات والمعدات والأجهزة التي توضع في المصنع لتشغيله ، أيا كان هذا المصنع وأيا كانت الآلات والمعدات والأجهزة . فسواء كان المصنع معداً للصناعات الثقيلة كالحديد والصلب والآلات والماكينات ، أو كان معدا للصناعات الخفيفة كالغزل والنسيج والأحذية والأثاث والصابون والورق والزجاج والروائح وتقطير الكحول وغير ذلك من المواد الاستهلاكية ، ومهما بلغ حجم الآلات والمعدات والأجهزة الموضوعة في المصنع لتشغيله ، كبر هذا الحجم أو صغر ، فإن هذه الآلات والمعدات والأجهزة تعتبر عقارا بالتخصيص مادامت قد خصصت لتشغيل المصنع ، وكان مالكها هو نفس مالك المصنع . ويعتبر كذلك عقاراً بالتخصيص العربات والمركبات والخيل المخصصة لأعمال المصنع ، وكذلك الآلات المولدة للكهرباء( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 81 – فقرة 82 – وقد قضى بأن أسلاك التليفون تعتبر عقاراً بالتخصيص بالنسبة إلى معمل توليد الكهرباء ، لا بالنسبة إلى منازل المشتركين ( مصر الكلية 3 3 أكتوبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 260 ص 361 ) . وقضى بأن آلات المطبعة المقامة في مكان أعد لها خصيصاً تعتبر عقاراً بالتخصيص ، ويحجز عليها حجزاً عقارياً ( استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1915 م 27 ص 167 ) .&%$ ) .

والمفروض بطبيعة الحال أن يكون المصنع عقارا بطبيعته ، ويكون عادة مبنى ضخماً بجميع توابعه وملحقاته . فعندما توضع في هذا العقار الآلات والمعدات الصناعية المخصصة لتشغيل المصنع ، يضفي العقار على هذه الآلات والمعدات صفة العقار بالتخصيص ، ما لم تكن الآلات والمعدات قد اندمجت في العقار وأصبحت جزءاً منه فتصبح عندئذ عقاراً بطبيعته . وعلى ذلك لا تكون الآلات والمعدات عقاراً بالتخصيص إذا لم يكن هناك عقار أصلي $ 46 $ يضفي عليها هذه الصفة ، فآلات النسيج التي يملكها نساج يعمل في منزله ، والأدوات الصناعية التي يملكها الصناع ويتنقل بها من مكان إلى آخر لمباشرة مهنته ، كل هذه غير ملحقة بعقار أصلي أعد للصناعة ، ومن ثم لا تكون عقاراً بالتخصيص بل منقولا بطبيعته( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 74 ص 73 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 26 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 86 ص 88 – محمد علي عرفة فقرة 69 .&%$ ) .

وتعتبر كذلك عقاراً بالتخصيص المواد الخام الموضوعة في المصنع والمعدة للصنع ، أما منتجات المصنع التي تم صنعها فهي منقول بطبيعته لا عقارا بالتخصيص ، شأنها في ذلك شأن المحصولات الزراعية بعد انفصالها عن الأرض ، وشأن البضائع التي توجد في المتجر وتكون معدة للتداول .

18 - الاستغلال التجاري ( exploitation commerciale ) : لما كان المفروض أن هناك عقارا بطبيعته هو الذي يضفي على العقار بالتخصيص صفة العقار ، فإنه يجب التمييز ، في الاستغلال التجاري ، بين المتجر ( fonds de commerce ) الذي هو منقول معنوي وبين العقار الذي تباشر فيه التجارة . وكثيراً ما يكون هذا العقار غير مملوك لصاحب المتجر ، بل يكون هذا قد استأجره فيدخل الحق في الإيجار ضمن عناصر المتجر ، ولا يكون هناك محل لاعتبار الأدوات والمعدات التجارية عقارا بالتخصيص إذ هي غير ملحقة بعقار يملكه صاحب المتجر . وحتى لو كان العقار الذي يباشر فيه صاحب المتجر تجارته مملوكا له ، فهو في أكثر الأحوال غير مهيأ تهيئة خاصة للتجارة ، إذ يكون عقارا صالحا – في الحال أو بعد إدخال تعديلات بسيطة فيه لا تغير من كيانه – للتجارة ولغيرها من الأغراض ، كأن يكون مكتبا أو مسكنا . وهذا بخلاف المصانع ، فإنها بحكم بنائها وتهيئتها لا تصلح غالبا إلا للصناعة . وحتى يكون هناك عقار تجاري يمكن أن يضفي على المنقولات المعدة لاستغلاله صفة العقار بالتخصيص ، يجب أن يكون هذا العقار مهيأ تهيئة خاصة للتجارة( $%&[1] ) فيكون هذا العقار وكذلك العقارات بالتخصيص الملحقة به جميعها داخلة ضمن عناصر المتجر ، الذي هو منقول معنوي كما قدمنا .&%$ ) . ويقع ذلك في بعض الأحوال ، فهناك متاجر كبرى تبيع بضائعها للمستهلكين $ 47 $ مباشرة أو تبيعها بالجملة ، وتشيد لمباشرة أعمالها عقارات ضخمة تهيئها تهيئة خاصة لنوع التجارة الذي تمارسه ، كمحلات شيكوريل وعمر أفندي وأوركو وجاتينيو وبونمارشيه ويعقوبيان وغيرها من المحلات المعروفة( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 76 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 87 ص 89 .&%$ ) . فمثل هذه المحال عقارات أعدت خصيصاً للتجارة ، ومن ثم تكون المنقولات التي وضعت فيها وخصصت للاستغلال التجاري عقارا بالتخصيص مادام مالك العقار هو المالك لهذه المنقولات( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن تعتبر المنقولات التي رصدها المالك لخدمة عقراه المستغل استغلالا تجاريا بمعرفته عقاراً بالتخصيص ، وليس بلازم لاعتبارها كذلك أن تكون مثبتة بالعقار على وجه القرار ( نقض مدني 14 يناير سنة 1954 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء 1 ص 301 ) .&%$ ) . وذلك كالأثاث والمفروشات التي أثثت بها هذه المحال لاستغلالها ، وكالمركبات والعربات والخيل التي خصصت لعمليات النقل المتعلقة بالتجارة ، وكالأجهزة الكهربائية والأدوات والمعدات الأخرى التي وضعت في هذه المحال للاستغلال التجاري . أما المتجر نفسه ، وهو منقول معنوي كما قدمنا ، فلا يكون عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 87 ص 89 .&%$ ) .

ومن العقارات التي تشيد مع تهيئتها تهيئة خاصة للتجارة الفنادق ، والبنسيونات والمطاعم والمقاهي ، فكثيراً ما يشيد العقار ليكون فندقا أو بنسيونا أو مطعماً أو مقهى منذ البداية . فيعد إعداداً خاصا لهذا الغرض ، بحيث يدرك من يلقي نظرة عليه لأول وهلة أنه لا يمكن إلا أن يكون ذلك . ففي هذه الحالة تكون المنقولات الموضوعة في هذا العقار لاستغلاله التجاري ، من أسرة وأبسطة وسجاجيد ومفروشات وأثاث وكراسي ومناضد وأجهزة كهربائية وأدوات للطبخ والأكل وغير ذلك ، عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 926 ص 743 – كاربونييه ص 68 – محمد علي عرفة فقرة 73 – شفيق شحاتة فقرة 46 ص 61 – عبد المنعم البدراوي في المدخل للقانون الخاص فقرة 250 ص 347 وفقرة 251 ص 349 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 106 – منصور مصطفى منصور في نظيرة الحق ص 256 – عكس ذلك أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 26 وص 30 – ديمولومب 9 فقرة 264 . وتقضي محكمة النقض الفرنسية بأن المسألة مسألة واقع بحسب النية وظروف كل حالة ( نقض فرنسي 321 يوليه سنة 1879 داللوز 80 – 1 – 125 – 9 ديسمبر سنة 1885 داللوز 86 – 1 – 125 – 2 أغسطس سنة 1886 داللوز 87 – 1 – 293 – وانظر بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2624 – أنسيكلو بيدي داللوز 1 لفظ Biens فقرة 254 – فقرة 265 .

وانظر فيما يتعلق بالبراسيري ( brasserie ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 87 ص 90 – نقض فرنسي 24 يناير سنة 1912 داللوز 1913 – 1 – 337 – 8 فبراير سنة 926 سيريه 1926 – 1 – 153 .&%$ ) .

 $ 48 $ كذلك الحال فيما يتعلق بقاعات السينما والمسارح ، فهذه تشيد تشييداً خاصا ، ولا تكاد القاعة تصلح إلا للسينما أو المسرح أو للاجتماعات والحفلات العامة . فكل ما يوضع فيها من منقولات لاستغلالها استغلالا تجاريا ، كالكراسي وأجهزة الإضاءة والستائر والديكور وما يوضع على خشبة المسرح من أبسطة وسجاجيد ومفروشات وأدوات إطفاء الحريق وغير ذلك يعتبر عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 80 وفقرة 81 ص 77 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 26 وص 30 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 87 ص 90 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2654 – محمد علي عرفة فقرة 71 .&%$ ) .

وكذلك الحال فيما يتعلق بالمصارف ، فإن العقار الذي يشيد ليستخدم مصرفاً يهيأ تهيئة خاصة لذلك بحيث يدرك من يراه لأول وهلة أنه مصرف . فالمنقولات التي توضع في هذا العقار لتسيير الأعمال المصرفية ، من أثاث وأوراق وكراسي ومكاتب وخزائن ، كل هذا يعتبر عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 30 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 87 ص 89 – ص 90 – أنسيكلو بيدي داللوز 1 لفظ Biens فقرة 269 .&%$ ) .

والكازينوهات في مدن المياه المعدنية والحمامات تشيد عقاراتها وتهيأ تهيئة خاصة للغرض المقصود ، فما تحويه من منقولات لاستغلالها ، كالمفروشات ومناضد اللعب والأواني والقوارير وأدوات الاستحمام وغير ذلك ، تعتبر عقارا بالتخصيص( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 79 ص 75 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 24 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 87 ص 89 .&%$ ) .

وتحديد أي المنقولات قد خصص للاستغلال التجاري ، حتى يعتبر عقاراً بالتخصيص ، يختلف باختلاف الظروف ، وقاضي الموضوع هو الذي يبت في ذلك متمشياً في كل حالة مع ما يناسبها( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 77 – فقرة 787 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 87 ص 89 – نقض فرنسي 8 فبراير سنة 1926 سيريه 1926 – 1 – 153 . &%$ ) .

 $ 49 $ أما البضائع التي يحتويها المتجر والتي تعد للبيع والتداول ، فإنها إذا نظر إليها على استقلال لا تكون عقارا بالتخصيص بل هي منقول بطبيعته ، وإذا نظر إليها كعنصر مادي من عناصر المتجر فإنها تتبع المتجر وتندمج في مجموعته وتعتبر منقولا معنويا . وذلك هو أيضاً حكم شارة المتجر ( enseigne ) ، ولكن الاسم التجاري ( non commercial ) لا يعتبر منقولا طبيعيا ولا عقارا بالتخصيص ، بل هو عنصر معنوي من عناصر المتجر( $%&[1] ) ديمولومب 9 فقرة 283 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 30 – بودري وشوفو فقرة 84 .&%$ ) .

19 - خدمة العقار وتزيينه والاستغلال المدني : وليس من الضروري ، ليكون المنقول عقارا بالتخصيص ، أن يكون مخصصاً للاستغلال أصلا ، زراعيا كان الاستغلال أو صناعيا أو تجاريا ، بل يكفي أن يكون مرصودا لخدمة العقار الأصلي . ومعنى ذلك أن يكون مالك العقار الأصلي لا يستغل هذا العقار إطلاقا بل يستعمله لحاجته الشخصية ، كمنزل يسكنه صاحبه أو طابق في مبنى يستعمله صاحبه مكتباً له . فما يوضع في هذا البناء من منقولات رصدا على خدمته ، كأبسطة السلم وأدوات النظافة وأجهزة الإضاءة ومضخات إطفاء الحريق وصندوق البريد واللافتة وغير ذلك من المنقولات المملوكة لصاحب البناء والتي يضعها فيه على سبيل الثبات والاستقرار لخدمته ، يعتبر عقاراً بالتخصيص( $%&[1] ) أما الأبواب والشبابيك والأقفال والمصاعد والأسوار والأدوات الصحية ، فقد رأينا أنها هي وغيرها تعتبر عقاراً بطبيعته لا عقاراً بالتخصيص ( انظر آنفا فقرة 11 ) .&%$ ) . أما الأثاث والمفروشات وغير ذلك من المنقولات المعدة للاستعمال الشخصي فلا تعتبر عقارا بالتخصيص ، وإنما هي منقول بطبيعته( $%&[1] ) كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 926 ص 744 .&%$ ) . وهذا بخلاف أثاث الفنادق والبنسيونات ومفروشاتها ، فإنها تعتبر عقارا بالتخصيص لأنها غير مرصودة لخدمة صاحب الفندق أو البنسيون ، بل هي مخصصة للاستغلال التجاري وقد سبقت الإشارة إلى ذلك( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 18 .&%$ ) .

وإذا كانت المباني محالا للعبادة ، كالمساجد والكنائس ، فما وضع فيها من منقولات خصص للعبادة أي لخدمة المسجد أو الكنيسة يكون عقارا بالتخصيص $ 50 $ مادام مملوكا لمن أنشأ محل العبادة ، ويكون في حالة المسجد موقوفا مثله . فيكون عقاراً بالتخصيص منبر المسجد وكرسي القارئ والسجاجيد والأبسطة والحصر ، كما يكون عقارا بالتخصيص نواقيس الكنيسة والأرغن والمقاعد الخشبية وألواح التصوير( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 83 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 88 ص 90 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2656 – أنسيكلو بيدي داللوز 1 لفظ Biens فقرة 273 .&%$ ) .

وقد يوضع المنقول في العقار لتزيينه ، وقد رأينا أن التقنين المدني الفرنسي ( م 525 ) يشترط في هذه الحالة أن يكون المنقول ملصقاً بالعقار بالجبس أو بالجير أو بالإسمنت( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 12 .&%$ ) حتى يكون من موضوعا على سبيل الدوام ( â perpétuelle demeure ) ، وذلك فيما عدا التماثيل . أما التقنين المدني المصري فلم يرد فيه لا شرط الإلصاق ولا شرط الوضع على سبيل الدوام ، ومن ثم يكون حكم المنقول المعد لتزيين العقار هو حكم المنقول المرصود لخدمته . فما وضع في المباني لتزيينها ، كالمرايا وألواح التصوير والتماثيل ، مادامت مملوكة لصاحب المبنى وموضوعة فيه على سبيل الثبات والاستقرار ، وليس ضروريا أن يكون على سبيل الدوام ، يكون عقارا بالتخصيص ، دون حاجة لأن يلصق بالمبنى كما يشترط التقنين المدني الفرنسي( $%&[1] ) عكس ذلك استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1948 م 60 ص 60 .&%$ ) .

وقد رأينا مما تقدم أن المنقول قد يوضع في عقار لخدمته أو لتزيينه ، فيعتر عقارا بالتخصيص . والمفروض في ذلك ، كما قدمنا ، أن مالك العقار هو الذي يستعمل العقار بنفسه يستغله بأن يؤجره مثلا للغير . ففي هذه الحالة يبقى المنقول عقارا بالتخصيص ، ويكون تخصيصه هنا لا للخدمة أو التزيين ، ولكن لما تمكن تسميته بالاستغلال المدني( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 84 ص 84 وفقرة 91 ص 95 .&%$ ) ( exploitation civile ) ، وهو يقابل الاستغلال الزراعي أو الصناعي أو التجاري فيما قدمناه .

 $ 51 $

2 - الآثار التي تترتب على التخصيص

20 - صيرورة المنقول بالطبيعة عقارا حكما : قدمنا أنه إذا وضع منقول في عقار لخدمته أو لاستغلاله واتحد المالك ، فإن المنقول يصبح عقاراً بالتخصيص ، ومعنى ذلك أن المنقول ، وإن ظل محتفظاً بطبيعته كمنقول ، يصير في حكم العقار ، فهو منقول طبيعة ، عقار حكما ، وصيرورته عقاراً حكماً إنما يكون عن طريق افتراض قانوني ( fiction légale ) ، ويريد القانون من إضفاء صفة العقار على المنقول أن يجعل هذا المنقول جزءاً من العقار لا ينفصل عنه ، ومن ثم يأخذ حكم العقار عن طريق افتراض أنه هو نفسه عقار . والغرض من جعل المنقول غير قابل للانفصال عن العقار توقي ما ينجم من ضرر عن هذا الانفصال ، فالمنقول قد ألحق بالعقار على سبيل الثبات والاستقرار لخدمته أو لاستغلاله ، فلو أمكن فصله عنه بالحجز عليه مثلا مستقلا حجز منقول ، عاد ذلك بالضرر على العقار إذ يفقد عنصرا هاما من عناصر خدمته أو استغلاله . أما إذا اعتبر المنقول عقاراً حكما غير قابل للانفصال عن العقار الأصلي ، فإنه لا يمكن الحجز على المنقول مستقلا وفصله عن العقار بهذا الحجز ، بل يجب الحجز على العقار الأصلي والمنقول معاً باعتبارهما وحدة لا تتجزأ ، ويكون الحجز حجز عقار لا حجز منقول ، وبذلك لا ينفصل المنقول عن العقار ويبقى دائما معه لخدمته أو لاستغلاله .

ويترتب على اعتبار المنقول بطبيعته عقارا حكما أن هذا المنقول يبقى مشاركا للمنقول في طبيعته مخالفا له في حكمه ، ويصبح في الوقت ذاته مشاركا للعقار في حكمه مخالفا له في طبيعته . فهو يتميز عن المنقول في الحكم ، ويتميز عن العقار في الطبيعة ، ومن ثم وجبت مقارنته بكل من المنقول والعقار لترى أين يختلف مع كل منهما .

21 - الفروق بين العقار بالتخصيص والمنقول بطبيعته : بمجرد أن يلحق منقول بعقار ويصبح عقاراً بالتخصيص ، فإن هذا المنقول تسرى عليه بوجه عام أحكام العقار ، ومن ثم تقوم فروق كثيرة بين حالته بعد أن أصبح عقاراً بالتخصيص وحالته عندما كان منقولا مستقلا . وقد كان التقنين المدني $ 52 $ السابق لا يذكر من هذه الفروق إلا الحجز ، فكانت المادة 4 / 18 من هذا التقنين تنص على ما يأتي : " إلا أن آلات الزراعة والماشية اللازمة لها متى كانت ملكا لصاحب الأرض ، وكذلك آلات المعامل ومهماتها إذا كانت ملكاً لمالك تلك المعامل ، تعتبر أموالا ثابتة بمعنى أنه لا يسوغ الحجز عليها منفردة عن العقار المتعلقة به " . وقد كان قصر النص لأثر العقار بالتخصيص على حالة الحجز منتقداً في عهد التقنين المدني السابق ، وكان ميل الفقه والقضاء إلى التوسع في النص وقياس حالات أخرى على حالة الحجز . وأكد التقنين المدني الجديد هذا الاتجاه ، فأغفل النص على قصر الأثر على الحجز حتى تكون آثار العقار بالتخصيص أوسع نطاقا( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 467 - ولما تقدم بعض مستشاري محكمة النقض إلى لجنة مجلس الشيوخ باقتراح يرى إلى إعادة النص الذي يقصر أثر العقار بالتخصيص على حالة الحجز رفضت اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح " لأن التسليم بفكرة العقار بالتخصيص لا يستقيم مع قصر نطاق آثار هذه الفكرة على طائفة من النتائج دون طائفة أخرى . ونتائج التخصيص قد تظهر في البيع والقسمة والوصية ، ولذلك آثرت اللجنة أن تبقى النص على حاله حتى يكون نطاق هذه النتائج أشمل من نطاقها الحالي " ( انظر آنفا فقرة 4 في الهامش ) . &%$ ) .

فالنتائج التي تترتب على فكرة العقار بالتخصيص تشمل إذن الحجز وغيره ، وهي بعينها الفروق التي توجد بين العقار بالتخصيص والمنقول بطبيعته ، ونذكر من هذه الفروق ما يأتي :

1 - عندما يصبح المنقول عقاراً بالتخصيص ، فإنه يأخذ حكم العقار لا حكم المنقول في صدد الحجز . فلا يجوز أولا الحجز على العقار بالتخصيص مستقلا عن العقار الأصلي ، حتى لا ينفصل عنه كما قدمنا . وإذا وقع الحجز فإنه يوقع على العقار الأصلي والعقار بالتخصيص معاً باعتبار لا حجز منقول . والذي يوقع الحجز هو دائن المالك ، والمفروض أن مالك العقار الأصلي هو نفس مالك العقار بالتخصيص . ولولا فكرة العقار بالتخصيص لكان من مصلحة الدائن ، إذا كانت قيمة العقار بالتخصيص تغطى حقه ، أن يقصر الحجز على هذا العقار الذي هو في حقيقته منقول ، ولكان يلجأ في ذلك إلى إجراءات حجز المنقول وهي أسرع وأقل تعقيداً وكلفة من إجراءات حجز العقار ، $ 53 $ ولكان ينجم عن ذلك أن يباع هذا المنقول مستقلا عن العقار الأصلي فينفصل عنه . وهذا ما أراد القانون توقيه عن طريق إضفاء صفة العقار على المنقول وجعله جزءاً لا يتجزأ من العقار الأصلي ، فيوجب الحجز عليهما معاً حجز عقار ، ويمنع بذلك انفصال المنقول عن العقار( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 96 ص 87 وفقرة 58 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 76 - والعبرة في معرفة ما إذا كان المال عقاراً بالتخصيص بوقت الحجز ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1939 م 52 ص 33 ) . &%$ ) .

2 - إذا أصبح المنقول عقارا بالتخصيص ، ورهن العقار الأصلي رهنا رسميا أو أخذ عليه حق اختصاص ، فإن الرهن الرسمي أو حق الاختصاص يمتد ليشمل العقار بالتخصيص حتى لا ينفصل هذا عن العقار الأصلي . ولو لم تضف علي المنقول صفة العقار بالتخصيص وبقى منقولا على طبيعته ، لما جاز أن يمتد إليه الرهن الرسمي أو الاختصاص لأن أيا من هذين لا يقع إلا على عقار ، ولا نفصل المنقول عن العقار الأصلي عند التنفيذ على هذا العقار . وهذا هو ما أكدته المادة 1036 مدني تطبيقاً لفكرة العقار بالتخصيص ، إذ نصت على ما يأتي : " يشمل الرهن ملحقات العقار المرهون التي تعتبر عقاراً ، ويشمل بوجه خاص حقوق الارتفاق والعقارات بالتخصيص والتحسينات والإنشاءات التي تعود بمنفعة على المالك ، ما لم يتفق على غير ذلك .. " .

3 - ويمكن القول بوجه عام إنه إذا أصبح المنقول عقارا بالتخصيص فإنه يصبح غير قابل للانفصال عن العقار الأصلي ، بحيث لو وقع تعامل على العقار الأصلي لتناول هذا التعامل العقار بالتخصيص مع العقار الأصلي في وقت واحد . ولو أن العقار بالتخصيص ظل منقولا على طبيعته ، ووقع تعامل على العقار الأصلي ، لاقتصر التعامل على هذا العقار وحده ، ولا نفصل عنه المنقول . فإذا بيع العقار الأصلي ، شمل البيع العقار بالتخصيص حتى لا ينفصل هذا عن ذاك ، وتقول المادة 433 مدني في هذا الصدد : " يشمل التسليم ملحقات الشيء المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشيء ، وذلك طبقاً لما تقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين " .( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 96 ص 87 . &%$ ) وإذا $ 54 $ كان هناك ملاك على الشيوع يملكون مع العقار الأصلي الشائع أموالا أخرى كلها شائعة بينهم ، وقد وضعوا في العقار منقولا رصدوه على خدمته أو استغلاله فأصبح عقاراً بالتخصيص ، واقتسموا بعد ذلك الأموال الشائعة ووقع العقار في نصيب أحدهم ، فإن العقار بالتخصيص يتبع العقار الأصلي ويقعان جميعا في نصيب هذا الشريك حتى لا ينفصل العقار بالتخصيص عن العقار الأصلي( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 76 . &%$ ) .

وإذا أوصى شخص بمنقولاته لشخص آخر ، فلا تشمل هذه المنقولات الموصى بها العقار بالتخصيص المرصود لخدمة عقار أصلى أو استغلاله ، حتى لا ينفصل هذا العقار بالتخصيص عن العقار الأصلي( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 58 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 76 . &%$ ) . ويمكن القول أيضاً بأنه إذا رتب حق انتفاع على العقار الأصلي أو جر هذا العقار ، شمل كل من حق الانتفاع والإيجار مع العقار الأصلي العقار بالتخصيص ، حتى لا ينفصل الثاني عن الأول( $%&[1] ) حسن كيرة فقرة 29 ص 94 .&%$ ) .

4 - إذا انتقلت ملكية العقار الأصلي وكان ملحقاً به عقار بالتخصيص ، فإن العقار بالتخصيص وحقيقته منقول يعامل معاملة العقار في رسوم التسجيل ، ويلحق من جراء ذلك غبن بمن يتعامل في العقار بالتخصيص( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 78 ص 80 .&%$ ) . وهنا جاوز القانون ، بإضفاء صفة العقار على المنقول ، الغرض الذي استهدفه ، وألحق بالمتعاملين غبناً لم يكن مقصوداً بهذه الصفة الافتراضية المحضة التي أضفاها على المنقول ، وهذا الحكم من أهم المآخذ على فكرة العقار بالتخصيص . وتتحايل الناس عادة لتوقي هذا الغبن ، فيبيع المالك للمشتري أولا العقار بالتخصيص مستقلا باعتباره منقولا بطبيعته ، ثم يبيعه العقار الأصلي منفصلا عن العقار بالتخصيص( $%&[1] ) ولكن إذا كشف القاضي التحايل رده ، واعتبر البيعين صفقة واحدة وقعت على عقار ( انظر في هذه المسألة بودري وشوفو فقرة 50 ص 47 - ص 48 وص 48 هامش 1 - أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 31 هامش 75 ) .&%$ ) .

22 - الفروق بين العقار بالتخصيص والعقار بطبيعته : على أن العقار $ 55 $ بالتخصيص ، إذا اعبر عقاراً حكما فطبقت عليه بوجه عام أحكام العقار على النحو الذي بيناه فيما تقدم ، لا يزال في طبيعته منقولا ولم يفقد هذه الطبيعة من جراء اعتباره عقاراً بالتخصيص . ومن ثم يختلف عن العقار بطبيعته من وجوه ، أهمها ما يأتي :

1 - يصبح المقول عقاراً بطبيعته إذا أدمج إدماجا ماديا في عقار أصل بطبيعته ، ويستوي في ذلك أن يكون من قام بعملية الإدماج المادي ( incorporation ) هو المالك للعقار الأصلي أو غير المالك كالمستأجر وصاحب حق الانتفاع . أما إذا لم يدمج المنقول إدماجا ماديا في العقار الأصلي واقتصر على جعله عقارا بالتخصيص ، فإنه من الضروري أن يكون من قام بعملية التخصيص هو نفس مالك العقار الأصلي ، إذ يشترط في العقار بالتخصيص اتحاد المالك ولا يشترط ذلك في العقار بطبيعته . يضاف إلى ذلك أن المنقول إذا أصبح عقاراً بطبيعته عن طريق الإدماج المادي ، فإنه يصبح ملكا لصاحب الأرض طبقاً لقواعد الالتصاق ، أما في العقار بالتخصيص فلا تطبق قواعد الاختصاص ولسنا في حاجة إلى تطبيقها إذ المفروض أن مالك العقار الأصلي هو مالك العقار بالتخصيص( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 94 – فقرة 95 .&%$ ) .

2 - إذا أصبح المنقول عقاراً بطبيعته عن طريق الإدماج المادي ، فإنه يفقد ذاتيته . وإذا كان بائع هذا المنقول لم يقبض ثمنه فأصبح له عليه حق امتياز بائع المنقول ، فإن حق الامتياز هذا يزول بفقد المنقول لذاتيته وصيرورته عقاراً بطبيعته . أما إذا لم يدمج المنقول إدماجا ماديا في العقار واقتصر على جعله عقاراً بالتخصيص ، فإنه لا يفقد ذاتيته كمنقول ، ويبقى البائع محتفظاً بحق امتيازه عليه . وتقول الفقرة الأولى من المادة 1145 مدني في هذا الصدد : " ما يستحق لبائع المنقول من الثمن وملحقاته يكون له امتياز على الشيء المبيع ، ويبقى الامتياز قائما مادام المبيع محتفظاً بذاتيته . وهذا دون إخلال بالحقوق التي كسبها الغير بحسن نية ، مع مراعاة الأحكام الخاصة بالمواد التجارية " ( $%&[1] ) انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 78 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2645 ص 871 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 924 ص 740 .&%$ ) .

 $ 56 $ وقد قدمنا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 21 .&%$ ) أن صاحب العقار الأصلي إذا رهنه رهنا رسميا ، امتد الرهن إلى ما يوجد بالعقار الأصلي من عقار بالتخصيص . فإذا فرضنا أن صاحب العقار الأصلي اشترى منقولا ولم يدفع ثمنه ، ورصده لخدمة العقار أو لاستغلاله فأصبح عقاراً بالتخصيص ، فإن بائع المنقول يظل محتفظا بحق امتيازه كما تقدم القول . فإذا رهن المالك العقار بعد ذلك رهنا رسميا ، فإن هذا الرهن يمتد إلى العقار بالتخصيص كما قدمنا ، ومن ثم يقوم حقان متعارضان على هذا العقار بالتخصيص ، حق امتياز بائع المنقول وحق الدائن المرتهن رهنا رسميا . ويبدو أن العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 1145 مدني سالفة الذكر " وهذا دون إخلال بالحقوق التي كسبها الغير بحسن نية " ، تسوغ القول بأن حق الدائن المرتهن رهنا رسميا لا يخضع لحق امتياز بائع المنقول ، مادام هذا الدائن حسن النية أي لا يعلم بوجود امتياز البائع . والرهن الرسمي ، في الفرض الذي نحن بصدده ، تال لبيع المنقول . فإذا كان الدائن المرتهن وقت الرهن لا يعلم بوجود امتياز البائع ، فإن حقه يتقدم على حق البائع ، وإلا فإن حق البائع هو الذي يتقدم لأن الدائن لا يكون حسن النية . أما إذا كان الرهن الرسمي سابقا على بيع المنقول ، فإن الدائن المرتهن يكون غالبا حسن النية إذ قل أن يعلم بوجود امتياز للبائع وقت وضع المنقول في العقار فليست هناك وسيلة لشهر الامتياز على المنقول ، ومن ثم يتقدم حقه على حق امتياز البائع . فإذا أثبت البائع أن الدائن المرتهن كان يعلم وقت وضع المنقول في العقار بوجود امتياز البائع ، بأن يكون البائع مثلا قد أخطر الدائن المرتهن بوجود حق الامتياز ، فإن الدائن المرتهن لا يكون حسن النية ، ويتقدم عليه بائع المنقول( $%&[1] ) انظر في هذه المسألة حسن كيرة فقرة 29 ص 94 – ص 97 والمراجع التي أشار إليها .&%$ ) .

3 - إذا نزعت ملكية العقار الأصلي للمنفعة العامة ، فإن نازع الملكية يعوض المنزوع ملكيته عن العقار الأصلي وكل ما أدمج فيه إدماجا ماديا من عقار بطبيعته . أما العقار بالتخصيص فإنه يفصل عن العقار الأصلي ويرد لصاحبه عينا بدلا من تعويضه عنه ، ما لم يكن فصل هذا العقار بالتخصيص $ 57 $ ينتقص من قيمته انتقاصا محسوما فعند ذلك يأخذه نازع الملكية ويعوض عنه المالك( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 95 ص 87 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 78 ص 81 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2645 .&%$ ) .

4 - ويمكن القول أيضاً إن العقار بالتخصيص ، باعتبار أنه لم يفقد ذاتيته كمنقول ، يجوز أن يكون محلا لجريمة السرقة . أما العقار بطبيعته فلا تتصور سرقته ، إلا إذا نزع جزء منه فأصبح هذا الجزء منقولا ، وعند ذلك يجوز أن يكون محلا للسرقة( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 78 ص 81 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2645 ص 872 .&%$ ) .

23 - متى ينتهي التخصيص فتعود للعقار بالتخصيص صفة الأصلية كمنقول بطبيعته : قدمنا( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 15 .&%$ ) أن التخصيص لا تكفي فيه إرادة المالك وحدها ، بل يجب فوق ذلك التخصيص الفعلي لخدمة العقار أو استغلاله . وقد كيفنا التخصيص تبعا لذلك بأنه عمل مختلط ولكن عنصر العمل المادي فيه هو الغالب ، شأن التخصيص في ذلك شأن الاستيلاء ، ومن ثم يمكن اعتباره تبعا لعنصره الغالب واقعة مادية لا تصرفا قانونيا( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 15 في الهامش .&%$ ) .

فالأصل إذن أن ينتهي التخصيص بانقطاع المنقول عن أن يكون مرصوداً لخدمة العقار أو لاستغلاله ، والعلامة المادية لذلك هو أن ينتزع المالك المنقول من العقار ويخصصه لأغراض أخرى ، فيزول بذلك التخصيص الفعلي وتزول معه إرادة المالك في التخصيص . وفي هذه الحالة الظاهرة تعود للمنقول صفته الأصلية ويرجع منقولا بطبيعته ، ما لم يخصص عقار آخر فيصير عقاراً بالتخصيص مرة أخرى( $%&[1] ) وقد يكون الذي يفصل المنقول عن العقار هو غير المالك ، كما إذا باع المستأجر للأرض المواشي المرصودة لاستغلالها بغير إذن المالك . فإذا تسلم المشتري المواشي وكان حسن النية ، فإنه يتملكها بالحيازة إذ تعود المواشي منقولا بطبيعته وتزول عنها صفة العقار بالتخصيص بفصلها عن العقار الأصلي . وللمالك أن يرجع على المستأجر بالضمان . أما إذا كان الذي اشترى المواشي هو المستأجر نفسه وقد اشتراها من المالك ، ولكنه أبقاها مرصودة لاستغلال الأرض ، فإنها تعود منقولا بطبيعته بالرغم من رصدها لاستغلال الأرض ، إذ يختل هنا شرط اتحاد المالك فقد أصبح مالك المواشي غير مالك الأرض . على أنه إذا وجد دائن مرتهن للأرض ، فإنه يحق له أن ينفذ على الأرض والمواشي معاً باعتبارها مرهونة له ، ولا يستطيع المستأجر التمسك بحيازته للمواشي ولو كان حسن النية ، إذ أن حيازته غامضة فهو لم يفصل المواشي عن الأرض بل أبقاها مرصودة لاستغلالها . انظر حسن كيرة فقرة 30 ص 99 – ص 100 .&%$ ) .

 $ 58 $ وليس من الضروري لانتهاء التخصيص بالفصل المادي للمنقول عن العقار ، بل يكفي أن يتصرف المالك في المنقول مستقلا عن العقار ، أو أن يتصرف في العقار مستقلا عن المنقول . فإذا باع المالك المواشي المرصودة لاستغلال الأرض ، فإنه يكون بهذا التصرف قد فصل المواشي عن الأرض ، فتصبح المواشي منقولا بطبيعته ، ويكون البيع هنا بيع منقول لا بيع عقار بما يستتبع ذلك من نتائج قانونية ومنها عدم وجوب الشهر ، وكل ذلك قبل انتزاع المواشي عن الأرض وتسليمها للمشتري( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 92 – وقرب كاربونييه ص 74 .&%$ ) . ولكن هذا إنما يكون في العلاقة ما بين المالك والمشتري للمواشي ، أما بالنسبة إلى الغير فيجب انتزاع المواشي من الأرض حتى يكون انقطاع التخصيص حجة عليه ، لأن انتزاع المواشي هو العلامة المادية الظاهرة بالنسبة إلى الغير . فلو أن الأرض كانت مرهونة رهنا رسميا ورصدت المواشي بعد الرهن لاستغلال الأرض ، فإنها تصبح عقاراً بالتخصيص وتصبح مرهونة كالأرض . فإذا باعها المالك دون أن ينتزعها من الأرض ، فلا يحتج بذلك على الدائن المرتهن ، ويستطيع هذا أن ينفذ على الأرض والمواشي جميعا باعتبارها مرهونة له . أما إذا انتزعت المواشي من الأرض وسلمت للمشتري ، فإن انقطاع صفة العقار عن المواشي يصير حجة على الدائن المرتهن ولا يكون له أن ينفذ على المواشي باعتبارها مرهونة له ، وذلك سواء كان المشتري يعلم بالرهن أو لا يعلم به( $%&[1] ) وذلك لأن الدائن المرتهن لم يكن يعتمد وقت الرهن على المواشي ، إذ هي لم تخصص لاستغلال الأرض إلا بعد الرهن .&%$ ) . وهذا بخلاف ما إذا كانت المواشي قد رصدت لاستغلال الأرض قبل الرهن ، فإن انتزاعها من الأرض وتسليمها للمشتري لا يكون حجة على الدائن المرتهن إلا إذا كان المشتري حسن النية أي لا يعلم بوجود الرهن ، فعند ذلك يستطيع $ 59 $ المشتري أن يتمسك بالحيازة فيما يتعلق بالرهن وتخلص له ملكية المواشي خالية من الرهن( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " إذا نزع الراهن شيئاً من العقار المرهون أو من ملحقاته ، كما إذا باع مواشي كانت قد خصصت لخدمة الأرض المرهونة فوقعت في حيازة مشتر حسن النية ، ملكها بالحيازة خالصة من الرهن ، ويكون للدائن حق الرجوع على الراهن بالضمان – أما إذا لم يتسلمها المشتري ، أو تسلمها وهو سيء النية ، فإنها تبقى مثقلة بحسن الرهن " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 7 ص 49 ) . هذا يكون للدائن المرتهن ، فيما إذا تسلم المشتري حسن النية المواشي ، أن يحجز على الثمن تحت يد المشتري ، وأن يستعمل حقه في التقدم على هذا الثمن ( شمس الدين الوكيل في نظرية التأمينات طبعة ثانية فقرة 83 ص 262 ) .&%$ ) . ويكون للدائن المرتهن في هذه الحالة المطالبة بإسقاط الأجل( $%&[1] ) بيدان وثواران فقرة 354 ص 264 – شمس الدين الوكيل في نظيرة التأمينات طبعة ثانية فقرة 83 ص 260 .&%$ ) إذا كان المدين قد أنقص التأمينات إنقاصاً كبيراً ، وقد نصت المادة 1047 مدني في هذا الصدد على أن " يلتزم الراهن بضمان سلامة الرهن ، وللدائن المرتهن أن يعترض على كل عمل أو تقصير يكون من شأنه إنقاص ضمانه إنقاصا كبيراً ، وله في حالة الاستعجال أن يتخذ ما يلزم من الوسائل التحفظية وأن يرجع على الراهن بما ينفق في ذلك " . ونصت الفقرة الأولى من المادة 1047 مدني على أنه " إذا تسبب الراهن بخطئه في هلاك العقار المرهون أو تلفه ، كان الدائن المرتهن مخيراً بين أن يقتضي تأمينا كافيا أو أن يستوفي حقه فوراً " .

وإذا باع المالك الأرض واستبقى المواشي مشترطا عدم دخولها في البيع ، فإن المواشي تصبح منقولا بطبيعته لانقطاعها عن أن تكون مرصودة لاستغلال الأرض ، وذلك في العلاقة ما بين المالك ومشتري الأرض فلا يجوز لهذا الأخير المطالبة بالمواشي باعتبارها عقاراً بالتخصيص بعد أن زالت عنها هذه الصفة . أما بالنسبة إل الغير كالدائن المرتهن ، فإنه يجب التمييز هنا أيضاً بين ما إذا كان تخصيص المواشي لاستغلال الأرض تاليا للرهن فلا يكون للدائن المرتهن حق على المواشي إذ هو لم يعتمد عليها وقت الرهن وتبقى الأرض وحدها مرهونة في يد المشتري ، وبين ما إذا كان تخصيص المواشي لاستغلال الأرض سابقاً على الرهن فيكون الدائن المرتهن قد اعتمد عليها ومن حقه $ 60 $ أن ينفذ عليها مع الأرض ، ولا يكون فصل المواشي عن الأرض حجة عليه إلا إذا انتقلت المواشي إلى حائز حسن النية فتخلص له ملكيتها خالية من الرهن ، ويرجع الدائن المرتهن في هذه الحالة على المدين بالضمان( $%&[1] ) وإذا انتزع أجنبي المواشي من الأرض فقدت صفتها كعقار بالتخصيص ، حتى إذا ما أعادها صاحبها إلى الأرض رجعت كما كانت عقارا بالتخصيص ( استئناف مختلط 24 فبراير سنة 1948 م 60 ص 60 ) .&%$ ) .

ومن ذلك نرى أن فكرة العقار بالتخصيص ، أي إضفاء صفة العقار على منقول بطبيعته عن طريق الافتراض القانوني ، فقرة قلقة غير مستقرة . فالمنقول يصير عقاراً بالتخصيص ثم يعود منقولا ثم يصبح عقاراً بالتخصيص في ظروف شتى ، وهكذا تثبت هذه الصفة ثم تزول ثم تعود ، وتضيع بين ثبوتها وزوالها وعودتها فكرة العقار ، وهي فكرة تفيد الثبات والاستقرار .

24 - إمكان الاستغناء عن فكرة العقار بالتخصيص بفكرة التبعية : وقد دعا ذلك بعض الفقهاء إلى استنكار تغير طبيعة المنقول فيصبح عقاراً عن طريق افتراض قانوني محض يتعارض مع طبيعة الأشياء ، وما ينشأ عن ذلك من صعوبات كثيرة . ويقول بلانيول وريبير وبيكار في هذا الصدد : " إن فكرة العقار بالتخصيص ، وهي مصدر لصعوبات مستمرة ، قد تكون ، من بين خلق القانون الحديث ، هي أبعد الأفكار في انعدام جدواها " ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 77 – وانظر كابونييه ص 71 .&%$ ) .

ولم تكن هذه الفكرة معروفة في القانون الروماني على نحو ما عرفت به في القانون الحديث ، وكان الرومان يشيرون إليها ، لا عند تقسيم الأموال إلى عقار ومنقول ، بل عند تحديد ما يدخل في المبيع أو الموصي به من توابع في بيع المنازل والأراضي أو في الوصية بها . والذي كانوا يقصدون إليه من ذلك ليس هو إضفاء صفة العقار على المنقول ، بل تحديد ما يتبع المبيع أو الموصي به من ملحقات ليشملها البيع أو الوصية( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 2 فقرة 75 ص 78 – وانظر أيضاً بودري وشوفو فقرة 86 ص 54 .&%$ ) . وانتقلت الفكرة إلى القانون الفرنسي القديم ، في العادات الفرنسية القديمة ، محورة ، حيث اعتبر عقاراً المنقول المرصود لخدمة العقار أو لاستغلاله . ولكنها بدأت محصورة $ 61 $ في جزئيات تفصيلية ، وأخذت تعم شيئاً فشيئاً ولكن دون أن تنتهي إلى قاعدة عامة ، حتى أن بوتييه نعى على القانون الفرنسي القديم في هذه المسألة انعدام التنسيق وعدم وضع قاعدة عامة تجعل عقاراً المنقولات المرصودة لخدمة الزراعة( $%&[1] ) بوتييه في نظام الاشتراك في الأموال في الزواج ( régime de communanté ) فقرة 44 – وانظر بودري وشوفو فقرة 56 ص 54 - ص 55 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 75 .&%$ ) . ومع ذلك فإن القانون الفرنسي القديم كان يقسم الأموال إلى عقار ومنقول ، وكان يجعل العقار بالتخصيص عقارا كالعقار بطبيعته دون تمييز بينهما ، فلم يكن يقسم العقار إلى عقار بطبيعته وعقار بالتخصيص ، وكان بوتييه يعدد أجزءا العقار وفيها عقار بطبيعته وعقار بالتخصيص مختلطة بعضها ببعض ، دون أن يميز بين هذا أو ذاك .

والذي ميز في العقار بين العقار بطبيعته والعقار بالتخصيص هو التقنين المدني الفرنسي ، فقد أفرد للعقار بالتخصيص أكثر من نص ، وسجل له اسم " العقار بالتخصيص " . ولما كان ينقل عن بوتييه ، وكان بوتييه كما قدمنا يودر العقار بالتخصيص إلى جانب العقار بطبيعته دون تمييز بينهما ، فقد أوقع ذلك واضعي التقنين المدني الفرنسي في الخطأ حيث اعتبروا ما هو عقار بطبيعته في بعض الحالات عقاراً بالتخصيص ، كما فعلوا في المادة 525 مدني فرنسي( $%&[1] ) انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 75 ص 79 .&%$ ) .

ويذهب كثير من الفقهاء المحدثين إلى أنه كان في الإمكان الاستغناء عن فكرة العقار بالتخصيص بفكرة التبعية ، وبدلا من إضفاء صفة العقار على المنقول يبقى المنقول على طبيعته ويعتبر تابعا للعقار الذي رصد المنقول لخدمته أو لاستغلاله ، فلا يجوز الفصل بينهما مادا مملوكين لمالك واحد إلا بإرادة هذا المالك( $%&[1] ) جوسران 1 فقرة 1352 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 77 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2644 – مارثي ورينو فقرة 315 – دي باج وديكرز 5 فقرة 647 – شفيق شحاتة فقرة 45 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 102 – وقارن كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 923 – حسن كيرة فقرة 27 .

وتأخذ بعض التقنيات الحديثة صراحة بفكرة التبعية ، كالتقنين المدني الألماني والتقنين المدني السويسري والتقنين المدني الإيطالي .&%$ ) .

 $ 62 $ وتفضل فكرة التبعية فكرة العقار بالتخصيص في أنها لأولا لا تتعارض مع طبيعة الأشياء فتجعل من المنقول طبيعته عقاراً ، وفي أنها ثانيا تستبقي من النتائج العملية لفكرة العقار بالتخصيص ما هو حق وتستبعد منها ما هو غير حق .

ولتوضيح هذه النقطة الأخيرة ، نذكر أن أهم النتائج العملية لفكرة العقار بالتخصيص مسائل أربع( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 21 .&%$ ) . وأولى هذه المسائل هي أنه لا يجوز الحجز على العقار بالتخصيص مستقلا عن العقار الأصلي ، بل يجب توقيع الحجز على العقار الأصلي والعقار بالتخصيص ، ويكون الحجز حجز عقار لا حجز منقول . ويمكن الوصول إلى هذه النتيجة عن طريق فكرة التبعية دون حاجة إلى فكرة العقار بالتخصيص ، فيقال إن المنقول قد أصبح تابعا للعقار تبعية لا تجيز الفصل فيما بينهما ، ويستتبع ذلك أنه لا يجوز الحجز على أحدهما دون الحجز على الآخر ، فإذا ما حجز عليهما معاً تغلبت صفة الأصل على صفة التبع وكان الحجز حجز عقارا لا حجز منقول . والمسألة الثانية أن الرهن الرسمي ( وحق الاختصاص ) يمتد ليشمل العقار بالتخصيص . وظاهر أن هذه النتيجة يمكن الوصول إليها في كثير من اليسر عن طريق فكرة التبعة دون حاجة إلى فكرة العقار بالتخصيص ، فيقال إن الرهن الرسمي يشمل ملحقات العقار المرهون ومنها المنقولات التي رصدت لخدمة هذا العقار واستغلاله ، دون أن تتغير طبيعة هذ المنقولات فتصبح عقاراً . والمسألة الثالثة أن العقار بالتخصيص يبع العقار الأصلي عند التعامل في هذا العقار بالبيع أو القسمة أو الوصية أو غير ذلك . وهنا أيضاً يمكن في كثير من اليسر الاستغناء عن فكرة العقار بالتخصيص بفكرة التبعية ، فيقال إن المنقولات التي رصدت لخدمة عقار أو لاستغلاله تتبع هذا العقار عند التعامل فيه ، دون أن تتغير طبيعة المنقول فتصبح عقارا . هذه المسائل الثلاث هي النتائج الحقة من فكرة العقار بالتخصيص ، وقد رأينا أنه يمكن فيها الاستغناء عن فكرة العقار بالتخصيص بفكرة التبعية . بقيت المسألة الرابعة ، وهي مسألة شمول رسوم التسجيل العقار بالتخصيص ، فقد رأينا هنا أنه قد دفع الافتراض القانوني إلى حد غير مقصود . فهذه النتيجة من نتائج فكرة العقار بالتخصيص $ 63 $ نتيجة غير حقة ، ويمكن توقيها بإحلال فكرة التبعية محل فكرة العقار بالتخصيص . ففكرة التبعية لا تقتضي تغيير طبيعة المنقول كما قدمنا ، فيبقى المنقول المرصود لخدمة العقار أو استغلاله منقولا على طبيعته ، وإذا انتقلت ملكيته مع العقار الأصلي بقي منقولا ، ولم تشمله رسوم تسجيل العقار .

ويقول أنصار فكرة التبعية إنه ليس من الضروري أن يشارك المنقول التابع العقار المتبوع في صفته العقارية ، وإنه يستساغ أن يكون المنقول تابعا للعقار مع بقائه منقولا على حاله . وهذا متحقق في الفرض العكسي ، وهو ما إذا كان العقار هو التابع للمنقول ، فإنه يبقى محتفظا بطبيعته كعقار ، ولا تقلب تبعيته للمنقول طبيعته فتصيره منقولا . مثل ذلك أن يخصص عقار لخدمة متجر ، فيبقى عقاراً مع أنه تابع لمنقول وهو المتجر( $%&[1] ) نقض فرنسي 20 يناير سنة 1913 سيريه 1920 – 1 – 33 .&%$ ) . ومثل ذلك أيضاً الرهن الرسمي فهو عقار لأنه حق عيني مترتب على عقار ، وهو مع ذلك تابع للدين المضمون بالرهن ، فهو إذن تابع لمنقول ولم متخل هذه التبعية بطبيعته إذ بقي على حاله عقاراً( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 77 – شفيق شحاتة فقرة 45 .

هذا وإذا كان المنقول بحسب المآل هو الذي يقابل العقار بالتخصيص ، من ناحية أن عقارا بطبيعته اعتبر منقولا حكما في المنقول بحسب المآل ، وأن منقولا بطبيعته اعتبر عقاراً حكما في العقار بالتخصيص ، فليس للمنقول بحسب المآل ما يقابله من عقار بحسب المآل ، ولا للعقار بالتخصيص ما يقابله من منقول بالتخصيص . أما أن المنقول بالتخصيص لا يوجد ، فذلك واضح مما قدمناه من أن العقار قد يرصد لخدمة المنقول ومع ذلك لا يصبح منقولا بالتخصيص . كذلك لا يوجد عقار بحسب المآل ، فقد قضت محكمة النقض ، في عقد بيع حصة في ماكينة طحين ورد ثمنها على أساس الثمن الذي اشترى به البائع الماكينة مع إضافة المصروفات التي ستنفق لإقامة مبنى وتثبيت الماكينة فيه ، بأن البيع هنا بيع منقول لا بيع عقار ( بحسب المآل ) ، فتثبت الملكية للمشتري بمجرد العقد دون تسجيل ( نقض مدني 11 مارس سنة 1948 مجلة التشريع والقضاء 1 رقم 103 ص 187 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 110 ) .&%$ ) .

المبحث الثاني

المنقول

25 - المنقول بطبيعته والمنقول بحسب المآل : كما يعرف التقنين المدني $ 64 $ نوعين من العقار ، العقار بطبيعته والعقار بالتخصيص ، كذلك يعرف نوعين من المنقول : المنقول بطبيعته والمنقول بحسب المآل . والعقار بطبيعته يقابله المنقول بطبيعته ، أما العقار بالتخصيص فلا يقابله منقول بالتخصيص . ذلك أنه رصد عقار لخدمة منقول ، كالرهن الرسمي يؤمن دينا ، فقد قدمنا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 24 في آخرها .&%$ ) أن العقار يبقى محتفظاً بطبيعته كعقار ، ولا تقلبه تبعيته للمنقول فيصير منقولا بالتخصيص . ولكن إذا كان لا يوجد منقول بالتخصيص يقابل العقار بالتخصيص ، فقد ذكرنا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 5 في آخرها وفقرة 24 في آخرها في الهامش .&%$ ) أن هناك في المنقول ما يقابل العقار بالتخصيص وهو المنقول بحسب المآل . فالعقار بالتخصيص هو منقول بطبيعته اعتبره القانون بسبب تخصيصه عقاراً كما سبق القول ، والمنقول بحسب المآل هو عقار بطبيعته اعتبره القانون بحسب مآله منقولا إذ هو موشك أن يصبح منقولا ، ولذلك سمي منقولا بحسب المآل .

والأصل في المنقول – كالأصل في العقار – أن يكون منقولا بطبيعته . وهناك حالات خاصة استثنائية يصبح فيها العقار بطبيعته منقولا بحسب المآل كما سنرى ، ويصبح فيها المنقول بطبيعته عقارا التخصيص كما رأينا .

فعندنا إذن نوعان من المنقول : المنقول بطبيعته وهو الأصل ، والمنقول بحسب المآل وهو الاستثناء .

المطلب الأول

المنقول بطبيعته

( Meuble par nature )

26 - تعريف المنقول بطبيعته : قدمنا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 5 .&%$ ) أن التقنين المدني لم يعرف المنقول بطبيعته تعريفا مباشراً كما فعل في تعريف العقار ، بل اقتصر على أن يقول في آخر الفقرة الأولى من المادة 82 مدني : " كل ماعدا ذلك ( أي ما عدا العقار ) من شيء فهو منقول " . فكل ما ليس عقاراً بطبيعته أو عقاراً $ 65 $ بالتخصيص يكون منقولا بطبيعته . وتعرفه المادة 62 مدني عراقي تعريفاً مباشراً بأنه " كل شيء يمكن نقله وتحويله دون تلف ، فيشمل النقود ، والعروض الحيوانات والمكيلات والموزونات وغير ذلك من الأشياء المنقولة " . كما تعرفه المادة 528 مدني فرنسي على الوجه الآتي : " تكون منقولات بطبيعتها الأشياء التي يمكن أن تنتقل من مكان إلى آخر ، سواء لأنها تتحرك بذاتها كالحيوانات ، أو لأنها لا تستطيع تغيير مكانها إلا بتأثير قوة أجنبية كالأشياء غير الحية " .

فالمنقول بطبيعته هو إذن كل شيء يمكن أن ينتقل من مكان إلى آخر دون تلف ، فهو بخلاف العقار بطبيعته غير مستقر بحيزه وغير ثابت فيه . فالحيوانات كلها منقول ، وكذلك العروض ، والمكيلات والموزونات ، والمأكولات والمشروبات ، وأثاث المنزل ، والبضائع ، والكتب والورق والأفلام ، والسيارات والمركبات ، والسفن والمراكب والطيارات ، وأكشاك الاستحمام المقامة من خشب دون أن يكون لها أساس ثابت في الأرض ، وأكشاك الأسواق والمعارض ، وخيام البدو الرحل وخيام الكشافة ، والأكشاك الخشبية والمباني التي تقام مدة الأعياد والموالد إذا لم تثبت في الأرض( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 11 .&%$ ) .

ولا يمنع صفة المنقول أن يكون الشيء قد وضع في مكان معين لا ينتقل منه ، مادام يمكن نقله إلى مكان آخر دون تلف إذا أريد ذلك . فالعبرة ليست إذن بانتقال الشيء فعلا من مكان إلى آخر ، بل بإمكان انتقاله حتى لو كان ثابتا في مكان واحد . فالعوامات مثلا منقول( $%&[1] ) مصر مستعجل 30 يوليه سنة 1948 المحاماة 21 رقم 57 ص 99 .&%$ ) ، وهي عادة تستقر في مكان لا تغادره ، ولكن يمكن نقلها إلى مكان آخر دون أن تتلف . والمعديات وهي مراكب صغيرة تنقل النسا من أحد شاطئي النهر إلى الشاطئ الآخر في مكان معين من النهر لا تغيره عادة ، هي منقولات بطبيعتها لأنها تتحرك دون أن تتلف ، وإن كانت تلزم مكانا معينا . وفي بعض البلاد كفرنسا تقام الحمامات ( bains ) والمغاسل ( lavoirs ) والمطاحن ( moulins ) على ضفة النهر فوق المراكب ، دون أن يكون لها أساس ثابت بل تشد $ 66 $ عادة بحبال ، فهذه أيضاً تكون منقولاً بطبيعته وإن كانت تلزم مكانا معينا دون أن تتحرك ، لأنه يمكن تحريكها ونقلها إلى مكان آخر دون أن تتلف( $%&[1] ) ديمولومب 9 فقرة 397 – لوران 5 فقرة 498 – بودري وشوفو فقرة 121 – أوبري ورو 2 فقرة 164 مكررة ص 32 – ص 34 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 100 ص 102 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2676 .&%$ ) .

27 - التيار الكهربائي والغاز ومواد البناء وأجزاء البناء المتهدمة : والرأي السائد ، في مصر في فرنسا ، أن التيار الكهربائي والغاز ، متى أصبحا مملوكين بسبب الاستحواذ عليهما ، يعتبران من المنقولات بطبيعتها ، ويجوز أن يكونا محلا للسرقة( $%&[1] ) نقض جنائي 6 يناير سنة 1948 مجلة التشريع والقضاء – 1 – 20 – 20 – نقض فرنسي جنائي 3 أغسطس سنة 1912 سيريه 1913 – 1 – 337 – 12 يونيه سنة 1929 جازيت دي باليه 1941 – 2 – 65 – إكس 12 يوليه سنة 1937 جازيت دي باليه 1937 – 2 – 745 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 100 ص 102 – بيدان وفواران فقرة 141 – محمد علي عرفة فقرة 99 – حسن كيرة فقرة 32 ص 103 .&%$ ) . وهذا بخلاف الأمواج الكهربائية المولدة للراديو ، فهي لا تصلح في حالتها الحاضرة للتملك( $%&[1] ) Sundemont رسالة من باريس سنة 1927 – Dugant رسالة من مونبلييه سنة 1930 – Casals رسالة من باريس سنة 1932 – وانظر أوبري ورو 2 فقرة 164 مكررة ص 32 هامش 1 مكرر – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2678 .&%$ ) .

ومواد البناء المتجمعة والمعدة لتشييد البناء تعتبر منقولا بطبيعته مادامت لم تشيد ، فإذا شيدت أصبحت عقارا بطبيعته . وفي أثناء التشييد ، ما شيد منها يكون عقارا ، وما لم يشيد يبقى منقولا . وإذا تهدم جزء من البناء ، سواء بقوة قاهرة أو بصنع صانع ، فإن الأنقاض المتهدمة تصبح منقولا ، حتى لو كان المالك هو الذي قام بالهدم وقصد إعادة البناء وأعاده فعلا . وتنص المادة 532 مدني فرنسي صراحة على هذا الحكم فتقول : " الأنقاض الناتجة من هدم أحد الأبنية ، والمواد المتجمعة لتشييد بناء جديد ، تكون منقولا إلى أن يستخدمها في تشييد البناء " ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 11 في الهامش .&%$ ) . ولكن يلاحظ أن المالك قد ينزع جزءاً $ 67 $ من البناء لإصلاحه وإعادته بعد ذلك إلى مكانه ، كأن ينزع الشبابيك أو الأبواب أو المواسير أو نحو ذلك لإصلاحها ثم إعادتها ، ففي الفترة التي يبقى فيها هذا الجزء منتزعا يبقى عقاراً كما كان قبل انتزاعه ولا يصير منقولا ، لأن هذه الفترة عارضة موقتة وسيعود الجزء إلى مكانه الأول كما كان . وهناك فرق واضح بين هدم البناء لإعادته حيث تصبح الأنقاض في فترة هدمها منقولا كما سبق القول ، وبين انتزاع ( لا هدم ) جزء من البناء محدود المعالم وإصلاحه ثم إعادته إلى مكانه حيث يبقى هذا الجزء عقاراً حتى في فترة انتزاعه كما قدمنا( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 17 هامش 19 – بودري وشوفو فقرة 122 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 100 ص 103 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2677 – محمد علي عرفة فقرة 48 – حسن كيرة فقرة 26 ص 76 – نقض فرنسي 5 فبراير سنة 1878 داللوز 78 – 1 – 353 – عكس ذلك شفيق شحاتة فقرة 39 ص 54 – إسماعيل غانم في النظرية ، العامة في الحق ص 92 ( يعتبر الجزء المنتزع من البناء منقولا ولكنه يكون ملحقا بالبناء ) – وانظر آنفا فقرة 11 في الهامش .&%$ ) .

28 - المنقولات الخاضعة للقيد أو المنقولات ذات الطبيعة الخاصة ( $%&[1] ) انظر في هذه المسألة بحثا ممتعا شاعت فيه روح الفكاهة للأستاذ علي محمد البارودي تحت عنوان " حول المنقولات ذات الطبيعة الخاصة " ، وهو منشور في مجلة كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية السنة العاشرة العددين الثالث والرابع .&%$ ) : أهم هذه المنقولات هي السفن والطائرات ، فهي وإن كانت منقولات تتحرك من مكان إلى مكان دون تلف ، إلا أنها أضخم وأعلى قيمة من كثير من العقارات ، والمهم فيها أنه يمكن تعيين مكان ثابت لها لا يتغير ، تقيد فيه السفينة أو الطائرة كما تقيد التصرفات الواردة على أي منهما . والقيد ( immatriculation ) هنا يعدل التسجيل ( transcription ) أو القيد ( inscription ) في العقارات .

وقد وردت نصوص في التقنين البحري صريحة في أن السفن وغيرها من المراكب البحرية ، كبيرة كانت أو صغيرة ، تعتبر منقولا بطبيعته . فنصت المادة 4 من هذا التقنين على أن " السفن التجارية وغيرها من المراكب البحرية ، وإن كانت من المنقولات ، إلا أنه يبقى حق الدائن عليها مثل العقارات إذا انتقلت إلى يد غير مالكها .. " . وقد صدر القانون رقم 84 لسنة 1949 بشأن $ 68 $ تسجيل السفن التجارية ، وينص في مادته الأولى على أنه " لا يجوز لأي سفينة أن تسير في البحر تحت العلم المصري ، إلا إذا كانت مسجلة وفقاً لأحكام هذا القانون " . ثم تبين المواد التالية كيف يكون التسجيل ، فيجب على مالك السفينة أن يقدم طلبا لتسجيل سفينته يتضمن بيانات معينة أهمها بيان الرهن والحجوز التي وقعت على السفينة إن وجدت ، وتدون هذه البيانات في سجل خاص معد في مكاتب التسجيل يسمى " سجل السفن " . وتسلم مصلحة النقل لمالك السفينة بعد ستجيلها شهادة تسجيل مصرية ، وبموجب هذه الشهادة يجوز تسيير السفينة . ثم صدر القانون رقم 35 لسنة 1951 بشأن حقوق الامتياز والرهون البحرية . وقد أعد أخيراً مشروع نهائي للتقنين البحري ، جاء في المادة 2 منه : " تعتبر السفينة منقولا تسري عليه القواعد القانونية العامة والقواعد الواردة في هذا القانون " . وبالرغم من اعتبار السفينة منقولا إلا أنها أخضعت لنظام من التسجيل يشبه إلى حد بعيد نظام التسجيل في العقار ، بل ويزيد عليه في أنه تسجيل عيني باسم السفينة ذاتها لا تسجيل شخصي باسم مالك السفينة . وتنص المادة 8 من هذا المشروع على أن " التصرفات التي يكون موضوعها إنشاء أو نقل أو انقضاء حق الملكية على السفينة أو غيره من الحقوق العينية يجب أن تتم بورقة رسمية أو بمقتضى حكم نهائي . فإذا وقعت هذه التصرفات في بلد أجنبي وجب تحريرها أما قنصل الجمهورية العربية المتحدة أو أمام الموظف المحلي المختص عند عدم وجوده . ولا تكون التصرفات والأحكام المذكورة نافذة بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير ، ما لم تشهر طبقا للأوضاع المقررة في القانون " . وقد نظم الرهن البحري على غرار الرهن الرسمي الذي لا يكون إلا في العقار . وهنا أيضاً نجد السفينة تشارك العقار لا المنقول في خصائصه .

وقد صدر في شأن الطيارات وتنظيم الملاحة الجوية المرسوم بقانون رقم 57 لسنة 1935 ، تنص المادة الأولى منه على أن " للدولة كامل السيادة المطلقة على الفضاء الجوي الذي يعلو أراضيها ، وتشمل كلمة أراضي المياه الإقليمية " . وتنص المادة 2 على أن " تنظم الملاحة الجوية بمراسيم " . وقضى المرسوم الصادر في 23 مايو سنة 1935 ، وهو يوم صدور المرسوم بقانون سالف الذكر ، $ 69 $ بأنه لا يجوز لأية طائرة أن تطير فوق الأراضي المصرية أو أن تهبط عليها دون أن تحصل مقدما على ترخيص بذلك من وزير المواصلات . ولا يوجد في مصر تشرعي عام للطيران على غررا القانون الفرنسي الصادر في 31 مايو سنة 1924 ، ولكن مصر ارتبطت باتفاقية شيكاجو المبرمة في 7 ديسمبر سنة 1944 ، فأصبحت أحكام هذه الاتفاقية سارية المفعول فيها ، ومن هذه الأحكام إخضاع الطائرات الخاصة لإجراء التسجيل في سجل خاص على النحو المقرر بالنسبة إلى السفن( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 96 ص 114 – وانظر في اتفاقية شيكاجو الدولية ضياء الدين صالح : محاضرات في قانون الطيران على الآلة الكاتبة ص 94 وما بعدها .&%$ ) .

ونرى مما تقدم أن السفن والطائرات ، وإن كان لا شك في أنها منقولات ، تخضع ، نظراً لأهميتها ولإمكان إيجاد مقر ثابت لها تسجل فيه ، لكثير من أحكام العقار( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 101 ص 103 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3381 – 3384 .

ويقول الأستاذ علي محمد البارودي في صدد المنقولات ذات الطبيعة الخاصة في بحثه السابق الإشارة إليه : " هذه المنقولات يجمعها أنها لا تخضع لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ، وهي القاعدة التي تنطبق على سائر المنقولات . وقد كان المشروع الفرنسي أسبق من المشروع المصري في الاستفادة من هذه الطبيعة الخاصة ، إذ سارع بتنظيم الرهن عليها دون نقل حيازة . فبدأ بالسفينة في 19 ديسمبر سنة 1874 ، ثم المحال التجارية في أول مارس سنة 1898 ، ثم المراكب النهرية في 5 يوليه سنة 1917 ، فالطائرات في 31 مايو سنة 1924 ، والسيارات في 29 ديسمبر سنة 1934 ، والأفلام السينمائية في قانون 12 يونيه سنة 1944 . أما في القانون المصري ، فإن هناك مثلين رئيسيين للمنقولات ذات الطبيعة الخاصة ، هما السفينة التي لا تخضع لقاعدة الحيازة والتي نظم القانون رقم 35 لسنة 1951 رهنها على غرار الرهن الرسمي على العقار ، والمحل التجاري وهو بدوره لا يخضع لقاعدة الحيازة وقد نظم المشرع المصري بيعه ورهنه بالقانون رقم 11 لسنة 1940 " ( ص 35 من البحث المشار إليه ) .

ثم يقول " وكنه الطبيعة الخاصة .... التعيين الذاتي ، فهذه المنقولات تتميز بأنها تحمل في داخلها ، في كيانها ذاته ، دون حاجة إلى أي عنصر خارجي ، وسائل التعيين التي تكفي لتمييزها عن غيرها من المنقولات .... صفة التعيين الذاتي تمهد للمشروع سبيل تنظيم شهر الحقوق العينية عليه بغض النظر عن واقع الحيازة . والحقوق العينية التي نقصدها هنا لا تقتصر على حق الملكية ، وإنما تمتد إلى الحقوق الأخرى أصلية أو تبعية ، كالانتفاع أو الرهن ( وشهر الرهن بصفة خاصة بالغ الأهمية في العمل ) ، إذ يستطيع المشروع أن يوجب قيد هذه الحقوق في سجل تبين فيه عناصر التعيين التي تميز المنقول ، حتى تسري على الغير .. ويشتد الشبه حينذاك بين نظام الشهر في العقار ونظامه في المقولات المعينة تعيينا ذاتيا . وهذا ما فعله المشرع المصري بالنسبة للسفينة ، وبالنسبة للمحل التجاري " ( ص 53 – ص 60 من البحث المشار إليه ) .

ويخرج الأستاذ البارودي من ذلك إلى انتقاد تقسيم الأشياء إلى عقار ومنقول ، ثم يقترح تقسيما آخر أساه التعيين الذاتي .

أما عن انتقاد تقسيم الأشياء إلى عقار منقول ، فهو يستظهر ما في فكرة العقار بالتخصيص وفكرة المنقول بحسب المآل من تعارض مع أساس التقسيم . ففي العقار بالتخصيص نرى منقولا يعتبر عقارا ، وفي المنقول بحسب المآل نرى على العكس من ذلك عقاراً يعتبر منقولا . وحتى في العقار بطبيعته ، كالأبواب والشبابيك والنباتات ، يمكن نقل هذه العقارات دون تلف ، ويقول فيه هذا الصدد : " لسنا في حاجة إلى التخصص في فن النجارة لكي ندرك مدى السهولة التي ينفصل بها الباب أو النافذة عن البناء بدون تلف أو حتى شبهة في تلف . فنحن نعلم – في غير زهو – أن الأبواب والنوافذ لا تتصل بالبناء إلا عن طريق مفاصل تدور حولها هذه الأبواب والنوافذ في حركتها بين الفتح والإغلاق ، وينخلع عنها جسم الباب أو النافذة إذا رفعنا هذا الجسم قليلا إلى أعلى .. أما النباتات ، فهي تنقل بالفعل بغير تلف . ولا تقتصر هذه الصفة على نباتات المشتل الصغيرة ، بل إن غالبية الأشجار ، حتى الضخمة منها ، لا تموت إذا اقتلعت عن الأرض لفترة معينة بحيث يمكن غرسها في مكان آخر بدون تلف أو حتى شبهة في تلف .. ومن حسن الطالع أن الفقهاء يتحفظون فيقررون أن هذه النباتات والأبواب والشبابيك والنوافذ والميازيب تظل كلها عقارات بالطبيعة مادامت متصلة بالأرض أو بالبناء ، فإذا انفصلت عن أصلها اعتبرت منقولات . هذا التحفظ ضروري إلى أبعد حد ، ولولاه لأمكن أن نرى في الطريق نجارا أو مزارعاً يحمل تحت إبطه أو بين كفيه عقاراً بالطبيعة ، فلا ينوء بما يحمل " ( ص 87 – ص 88 من البحث المشار إليه ) .

أما التقسيم الآخر الذي يقترحه الأستاذ البارودي ليحل محل تقسيم المال إلى عقار منقول ، فيقوم أساً على فكرة التعيين الذاتي . فعنده أن " الأموال تنقسم إلى قسمين كبيرين : ( أ ) أموال تحتفظ لنفسها ، في كيانها ، بعناصر التعيين الذاتية التي تكفل تمييزها عن غيرها من الأموال الأخرى ، وذلك دون حاجة إلى الالتجاء إلى عنصر خارجي . ( ب ) أموال لا تحتفظ بعناصر تعيين كافية لتمييزها ، فتحتاج في سبيل ذلك إلى الالتجاء إلى عنصر خارجي عنها ، وهو بصفة عامة حيازة الإنسان " ( ص 107 ) . ثم يقول : " نستطيع أن نتبين حتى الآن أربع وسائل تؤدي إلى أن يكتسب المال صفة التعيين الذاتي : ( أولا ) الثبات الطبيعي ، وهو وسيلة العقارات إلى التعيين الذاتي . ( ثانيا ) كون المال مجموعة واقعية لا يتصور أن تتكرر عناصرها بغير اختلاف . وبهذه الوسيلة تدخل المحال التجارية والأفلام السينمائية وغيرها من المجموعات في نطاق الأموال المعينة تعيينا ذاتيا . ( ثالثا ) كون المال حقاً ثابتا في ذمة شخص معين ، إذ يتعين الحق بتعيين شخص المدين . وتلك وسيلة الحقوق – أو الأموال المعنوية – إلى الدخول في نطاق الأموال المعينة تعيينا ذاتيا . ( رابعا ) اكتساب المال صفة التعيين الذاتي بوسائل صناعية تستند أساساً إلى حماية المشرع وتنظيمه ، كالسفن والمراكب التي ينظم المشرع حالتها المدنية من اسم وجنسية وميناء تسجيل الخ ، وكالسيارات التي يحددها المشرع بنوعها ورقمها . وفي هذه الوسيلة الرابعة للتعيين الذاتي ، أي تلك الوسيلة الصناعية التي تستند إلى حماية المشرع وتنظيمه ، نجد مفتاح الحركة في هذا التقسيم الجديد وقابليته المستمرة للتطور ، واستعداده الدائم لأن يتلقى بين قسميه الكبيرين أي مال جديد ، وأن ينقل من أحد قسميه إلى القسم الآخر ، في غير جمود ، الأموال التي تفقد صفة التعيين الذاتي لسبب أو لآخر ، أو الأموال التي تكتسب بوسيلة صناعية مستحدثة صفة التعيين الذاتي التي لم تكن لها من قبل .. بهذا يخلص التقسيم الجديد من الجمود الذي وقع فيه التقسيم إلى عقار ومنقول ، حين ارتكز على وسيلة الثبات وحدها .. فكان هذا العجز الواضح الذي أصابه حين أظهر التطور وسائل أخرى للتعيين الذاتي . وهو عجز أثار وما يزال يثير مشكلة المنقولات ذات الطبيعة الخاصة ، تلك المشكلة التي نرجو مخلصين أن يضع بحثنا هذا حلها الأخير " ( ص 107 – 108 ) .

وقد يكون الأستاذ البارودي شديد التفاؤل وهو يحسب أن تقسيمه المقترح قد وضع لمشكلة " المنقولات ذات الطبيعة الخاصة " حلها الأخير . ولعله يكون قد بالغ في تصوير هذه المشكلة ، فقد يرد عليه أن هذه المشكلة ليست من الجسامة بحيث تهدم تقسيما جوهريا كتقسيم المال إلى عقار ومنقول ، درجت عليه كل النظم القانونية منذ القانون الروماني إلى الوقت الحاضر ، مع تطور في أهمية هذا التقسيم . فهو تارة يبدو تقسيما ثانويا كما هو الأمر في القانون الروماني ، وهو طورا يكسب أهمية خاصة لظروف اجتماعية واقتصادية كما هو الأمر في القانون الفرنسي القديم ، وهو أخيراً تدخله تعديلات هامة أو غير هامة ، كأن تلحق صفة العقار المنقول كما في العقار بالتخصيص ، أو صفة المنقول بالعقار كما في المنقول بحسب المآل ، وكأن تبرز أهمية بعض المنقولات كالسفينة والطائرة فيوضع لها تنظيم يماثل تنظيم العقار كما هو الأمر في العصور الحديثة . ولم يحن الوقت الذي ينهدم فيه تقسيم المال إلى عقار ومنقول ، بل سيبقى هذا التقسيم – وقد قاوم أعاصير الزمن – قائما زمنا طويلا . ولعل الأستاذ البارودي نفسه قد أحس ذلك عندما يقول : " ولا يؤثر في أهمية هذا الاعتبار الجوهري استمرار بقاء تقسيم العقار والمنقول في صدر القانون المدني المصري ، فأغلب الظن أنه سيبقى أمداً طويلا ( ص 125 ) " . ولكننا مع ذلك لا يسعنا إلا أن نسجل لبحث الأستاذ البارودي مزية الابتكار وجدة التفكير . وإذا كانت الفكرة التي تقدم بها ، فكرة " التعيين الذاتي " ، لا يهيأ لها في الوقت الحاضر أن تهدم تقسيما تقليديا صلبا ، فلا أقل من الاستعانة بها لتبرير إلحاق " المنقولات ذات الطبيعة الخاصة " بالعقار في نظم انفرد بها العقار ، فهذه المنقولات تشارك العقار في أنها مثله كسبت صفة التعيين الذاتي ، وفي هذا ما يبرر إخضاع هذه المنقولات لبعض النظم التي يخضع لها العقار .&%$ ) ، $ 71 $ وبخاصة في التسجيل والرهن( $%&[1] ) وهناك طائفة من المنقولات هي الأوراق لحاملها ( titres au porteur ) ، وتتميز بأن حيازتها المادة تقم قرينة قاطعة على ملكيتها . ومن ثم يتجسد الحق في السند ويصبح منقولا ماديا تسري عليه قواعد المنقولات المادية ، وبخاصة القاعدة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية ( بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2686 – فقرة 2687 ) .&%$ ) .

المطلب الثاني

المنقول بحسب المآل ( $%&[1] ) انظر Fréjaville في المنقولات بحسب المآل رسالة من باريس سنة 1927 .&%$ )

( Meuble par anticipation )

29 - نصوص متفرقة : لا يوجد في التقنين المدني المصري ، كما لا يوجد $ 72 $ في التقنين المدني الفرنسي ، نص عام يضع نظرية المنقول بحسب المآل ، كما وجد هذا النص في نظرية العقار بالتخصيص ، بل إن التعبير نفسه " المنقول بحسب المال " هو من صنع الفقه لا التشريع .

ولكن هناك نصوصا متفرقة ، في التقنين المدني وفي تقنين المرافعات ، تطبق النظرية في حالة خاصة هي حالة المحصول الزراعي ، فتعتبر هذا المحصول منقولا قبل أن يفصل عن الأرض لأغراض معينة . فيكون المحصول وهو عقار بطبيعته منقولا حكما ، لأن مآله الحتمي هو أن يفصل عن الأرض ، فهو إذن " منقول بحسب المآل " .

وأول هذه النصوص هو نص المادة 1142 / 1 مدني ، ويجري على الوجه الآتي : " المبالغ المنصرفة في البذور والسماد وغيره من مواد التخصيب والمواد المقاومة للحشرات ، والمبالغ المنصرفة في أعمال الزراعة والحصاد ، يكون لها امتياز على المحصول التي صرفت في إنتاجه ، وتكون لها جميعا مرتبة واحدة " . فهنا يحدد النص حقوقاً معينة هي ما صرف في أعمال الزراعة والحصاد بوجه عام ، وما صرف في البذر والسماد ومواد التخصيب الأخرى والمواد المقاومة للحشرات بوجه خاص ، ويجعل هذه الحقوق ممتازة على المحصول الزراعي الذي صرفت في إنتاجه . والامتياز هنا امتياز على منقول ، فقد اعتبر المحصول الزراعي وعاء الامتياز منقولا بحسب المآل لأنه حتما سيحصد ، فتكون الحقوق سالفة الذكر ممتازة وامتيازها قائم على منقول .

والنص الثاني هو نص المادة 1143 / 1 مدني ، ويجري على الوجه الآتي : " أجرة المباني والأراضي الزراعية لسنتين أو لمدة الإيجار إن قلت عن ذلك ، وكل حق آخر للمؤجر بمقتضى عقد الإيجار ، يكون لها جميعاً امتياز على ما يكون موجوداً بالعين المؤجرة ومملوكا للمستأجر من منقول قابل للحجز ومن محصول زراعي " . والذي يعنينا هنا هو إيجار الأراضي الزراعية ، فكل حق لمؤجر الأرض الزراعية ناشئ عن عقد الإيجار ، وبخاصة الأجرة لسنتين أو لمدة الإيجار إن قلت عن ذلك ، له امتياز على المحصول الزراعي . والامتياز امتياز على منقول ، فقد نظر هنا أيضاً على المحصول الزراعي باعتباره منقولا بحسب المآل إذ مآله الحصد حتما .

 $ 73 $ والنص الثالث هو نص المادة 499 مرافعات ، ويجري على الوجه الآتي : " لا يجوز حجز الثمار المتصلة ولا المزروعات القائمة قبل نضجها بأكثر من خمسة وخمسين يوما ، وإلا كان الحجز باطلا " . والحجز هنا حجز منقول ، بالرغم من أنه حجز ثمار متصلة بالأرض ومزروعات لا تزال قائمة ولم تحصد وإن كان الباقي على نضج الثمار والمحصولات مدة لا تزيد على خمسة وخمسين يوما . فالثمار والمزروعات لا تزال إذن عقاراً بطبيعته لاتصالها بالأرض ، ولكن حجزها هو حجز منقول لأنه نظر إليها باعتبارها منقولا بحسب المآل إذ لابد من حصدها في مدة لا تزيد على خمسة وخمسين يوما .

ويمكن أن يستخلص من هذه النصوص قاعدة عامة ، واعتبار هذه النصوص مجرد تطبيق لها . وهذه القاعدة هي : حيث ينظر القانون ( في حقوق الامتياز وفي حجز المنقول ) ، أو المتعاقدان ( في بيع المحصول والثمار وخشب الأشجار وأنقاض البناء ومنتجات المناجم والمحاجر ) ، إلى عقار بطبيعته على أنه موشك أن يؤول منقولا بحصده أو هدمه أو قطعه أو اقتلاعه ، ويجري التعامل على أساس أيلولة العقار منقولا ، فإن العقار بطبيعته يأخذ عندئذ حكم المنقول ، ويكون منقولا بحسب المآل .

ونبحث الشروط الواجب توافرها ليكون العقار بطبيعته منقولا بحسب المآل ، ثم نستعرض تطبيقات معينة للمنقول بحسب المآل في أربع حالات : المحصول والثمار ، بيع خشب الأشجار ، بيع أنقاض البناء ، بيع منتجات المناجم والمحاجر .

30 - شروط المنقول بحسب المال : يستخلص مما قدمناه أن هناك شرطين يجب توافرهما ليكون العقار طبيعته منقولا بحسب المآل . فيجب أولا أن يكون التعامل في العقار بطبيعته ، في نظير المتعاقدين أو في نظر القانون ، قد جرى لا على أساس حقيقة العقار في الحال ، بل على أساس ما يصير إليه في المآل . ويجب ثانيا أن يكون المصير المحقق القريب لهذا العقار هو أن يصبح بالفعل منقولا :

1 - فيجب أن يكون التعامل قد جرى لا على أساس حقيقة العقار في الحال بل على أساس ما يصير إليه في المآل : فإذا باع صاحب المحصول أو الثمار $ 74 $ محصوله أو ثماره لمشتر ، فكل منهما قد نظر في هذا التعامل إلى المحصول أو الثمار لا على أنه متصل بالأرض أو قائم على الشجر ، بل على أنه قد تم حصده أو قطفه فأصبح منقولا ، فهما يتبايعان في منقول لا في عقار . وكذلك إذا نظر القانون إلى المحصول أو الثمار من ناحية إمكان الحجز عليه حجز منقول ( saisie – brandon ) ، فإنه ينظر لا إلى محصول متصل بالأرض أو إلى ثمار قائمة على الشجر ، بل إلى محصول قد تم حصده أو إلى ثمار قد تم قطفها . والعقار بطبيعته الذي سيصبح منقولا هو عقار متصل بالأرض ، كالمحصول والثمار والشجر والبناء والمعادن والأحجار في بطون المناجم والمحاجر . وليس من الضروري أن يتعامل المالك في هذا العقار مستقلا عن الأرض ، فقد يبيع الأرض والبناء معاً على أن تنصرف إرادة المتعاقدين إلى هدم البناء ، فيكون المشتري في هذه الحالة قد اشترى البناء باعتباره منقولا بحسب المآل بالرغم من أنه اشتراه غير مستقل عن الأرض ، وعلى العكس من ذلك قد يبيع صاحب البناء البناء مستقلا عن الأرض دون أن تنصرف إرادة المتعاقدين إلى هدم البناء ، فيكون البناء في هذه الحالة عقاراً على أصله بالرغم من أنه بيع مستقلا عن البناء( $%&[1] ) Fréjaville ص 67 – ص 70 – حسن كيرة فقرة 34 ص 107 – ص 108 – عبد المنعم البدراوي في المدخل للقانون الخاص فقرة 258 ص 357 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 95 – ص 96 – منصور مصطفى منصور في نظيرة الحق ص 260 .&%$ ) .

2 - ولا يكفي أن يكون التعامل قد جرى على أساس ما يصير إليه العقار في المآل ، بل يجب فوق ذلك أن يكون المصير المحقق القريب للعقار هو أ ، يصبح منقولا . فالإرادة وحدها لا تكفي لإضفاء صفة المنقول على العقار ، كما أنها لم تكف لإضفاء صفة العقار على المنقول في العقار بالتخصيص . وكما وجب في العقار بالتخصيص أن يقوم الواقع إلى جانب الإرادة وأن يخصص المنقول بالفعل لخدمة العقار أو استغلاله ، كذلك يجب في المنقول بحسب المآل أن يقوم الواقع إلى جانب الإرادة وأن يكون العقار معداً بالفعل للانفصال عن الأرض في مستقبل قريب وأن يكون مصيره المحتوم هو هذا الانفصال . وقد يستخلص هذا المصير المحتوم من طبيعة الأشياء ، كما في المحصول والثمار ، $ 75 $ فهذه ليست معدة للبقاء في الأرض ، بل هي لا شك ستفصل عنها وتصبح منقولا عندما يتم نضجها . كما يجوز أن يستخلص المصير المحتوم من الإعداد الفعلي من جانب المالك للعقار الذي سيصبح منقولا . فصاحب الأشجار ، إذا باع خشبها بعد أن أعد الشجر للقطع ، يكون بهذا الإعداد قد جعل المصير المحتوم للخشب أن ينفصل عن الشجر ، بحيث لا يتصور تنفيذ البيع بدون هذا القطع . كذلك صاحب البناء ، إذا باعه أنقاضا ، يجب أن يكون قد أعد البناء للهدم فعلا ، إذ لا يتم تنفيذ البيع بغير هذا الهدم . وينبني على ذلك أن ميعاد تحويل العقار إلى منقول يجب أن يكون محدداً ، أو في القليل قابلا للتحديد ، وأن يكون هذا الميعاد قريبا ، فإذا لم يكن مصير العقار محققا على هذا النحو ، لم يجز اعتباره منقولا بحسب المآل( $%&[1] ( Fréjaville ص 79 – ص 89 – حسن كيرة فقرة 34 ص 107 – ص 108 – عبد المنعم البدراوي في المدخل للقانون الخاص فقرة 258 ص 357 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 96 – منصور مصطفى منصور في نظيرة الحق ص 260 .&%$ ) . ومن ثم إذا اشترط المالك على المستأجر أن يهدم عند نهاية الإيجار المباني التي يكون قد أنشاها ، محتفظاً لنفسه بحق استبقائها إذا أراد في مقابل دفع قيمته ، فإن هذه المباني تعتبر عقارا بطبيعته لا منقولا بحسب المال ، لأن مصيرها غير محقق ، فقد تهدم فتصبح منقولا ، وقد يسبقها المالك فتبقى عقارا( $%&[1] ) نقض مدني 31 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 36 ص 93 – حسن كيرة فقرة 34 ص 108 – 109 – بل إن البناء الذي أقامه المستأجر في العين المؤجرة لينتفع به مدة الإيجار ، محتفظا لنفسه بحق هدمه عند انتهاء المدة ، يعتبر عقاراً بطبيعته ، لأن المستأجر وقت أن أقامه اعتزم الانتفاع به كعقار ( ديمولومب 9 فقرة 104 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 130 ) .&%$ ) .

فإذا توافر الشرطان سالفا الذكر ، فإن العقار يكون منقولا بحسب المآل ، وتنطبق عليه أحكام المنقول كما سنرى في التطبيقات التي سنوردها . ويلاحظ أن العقار الذي يعتبر منقولا بحسب المآل ليس شيئاً مستقبلا ( chose future ) لم يوجد بعد ، بل هو شيء حاضر موجود فعلا . والأمر المستقبل فيه ليس هو وجوده بل هو صفته كمنقول ، فهو في حقيقته عقار في الحال ومنقول في الاستقبال( $%&[1] ) بيدان وفواران 4 فقرة 108 – دي باج وديكرز 5 فقرة 728 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 105 ص 107 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2684 ص 886 . حسن كيرة فقرة 33 ص 104 – ص 105 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 97 .&%$ ) .

 $ 76 $ وننتقل الآن إلى التطبيقات المختلفة للمنقول بحسب المآل .

31 - المحصول والثمار : المحصول وهو لا يزال متصلا بالأرض ، والثمار وهي لا تزال قائمة على الأشجار ، كل هذا يعتبر في الأصل عقارا بطبيعته كما سبق القول( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 10 .&%$ ) . ولكن قد يصبح المحصول والثمار منقولا بحسب المآل ، إذا نظر إليه القانون أو المتعاقدان باعتبار مصيره المحتوم ، فهو غير باق في الأرض ولابد أن يفصل عند نضجه .

ويتحقق أن يكون المحصول والثمار منقولا بحسب المال في حالة الحجز وفي حالة البيع( $%&[1] ) ومثل البيع عقود أخرى كالهبة والشركة والقسمة . ولكن البيع هو أهم هذه العقود وأكثرها وقوعا ( بودري وشوفو فقرة 50 ص 46 ) .&%$ ) .

أما في حالة الحجز فقد رأينا أن المادة 499 مرافعات تنص على أنه " لا يجوز حجز الثمار المتصلة ولا المزروعات القائمة قبل نضجها بأكثر من خمسة وخمسين يوما ، وإلا كان الحجز باطلا " . والمفروض هنا أن الحجز هو حجز المنقول . والأصل أن دائني المالك ، إذا أرادوا التنفيذ بطريق الحجز على ما للمالك من محصول وثمار لا تزال متصلة بالأرض أو بالشجر ، وجب أن يكون الحجز هو الحجز العقاري لا حجز المنقول ، لأن المحصول والثمار تعتبر عقاراً بطبيعته مادامت متصلة بالأرض والشجر . ولكن القانون ، رعاية لمصلحة الدائنين ، أجاز النظر إلى المحصول والثمار باعتبارها منقولا بحسب المآل ، فجعل الحجز عليها حجز منقول لا حجز عقار ، وهو حجز أقل كلفة وأبسط في الإجراءات ، بشرط أن يكون المحصول والثمار قد قاربت النضج ولم يبق أكثر من خمسة وخمسين يوما على تمام نضجها( $%&[1] ) وفي فرنسا تقضي المادة 626 مرافعات بجواز توقيع حجز المنقول على المحصول والثمار ، بشرط ألا يزيد الوقت الباقي على تمام نضجها ستة أسابيع . ويسمى الحجز في هذه الحالة saisie – brandon ، ولفظ brandon معناه ربطات من القش توضع فوق قوائم مثبتة في الأرض المحجوز على محصولها أو ثمارها علامة على الحجز ، وقد بطلت هذه العلامة وبقي الاسم ( بودري وشوفو فقرة 49 ص 44 ) .&%$ ) .

وقد يبيع صاحب الأرض المحصول وهو لا يزال متصلا بها والثمر وهي لا تزال قائمة على الشجر ، بل إن بيع الثمار وهي قائمة على الشجر هو المألوف في التعامل . فيكون البيع في هذه الحالة واقعا على المحصول والثمار منظوراً إليها ، لا بحسب حقيقتها في الحال وهي أنها عقار بطبيعته ، بل يحسب مصيرها في المآل بعد أن تحصد أو تقطف ، فيعتبر البيع هنا بيع منقول لا بيع عقار . ومن النتائج التي تترتب على ذلك ما يأتي : ( 1 ) يسري على هذا البيع أحكام بيع المنقول ، لا أحكام بيع العقار . من ذلك أن دعوى تكملة الثمن للغبن في بيع عقار شخص لا تتوافر فيه الأهلية ( م 425 – 427 مدني ) لا تقوم في هذا البيع ، فإذا كانت الأرض التي أنبتت المحصول أو الثمار مملوكة لقاصر وبيع المحصول أو الثمار بغبن فاحش يزيد على الخمس ، فلا رجوع للقاصر على المشتري بدعوى تكملة الثمن . ومن ذلك أيضاً أن المادة 461 مدني وهي خاصة ببيع المنقول تسري في هذا البيع ، وهي تقضي بأنه " في بيع العروض وغيرها من المنقولات إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع ، يكون البيع مفسوخا دون حاجة إلى إعذار إن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد إذا اختار البائع ذلك . وهذا ما لم يوجد اتفاق على غيره " ( $%&[1] ) نقض فرنسي 3 أبريل سنة 1922 داللوز 1924 – 1 – 12 – 12 يوليه سنة 922 داللوز 1923 – 1 – 61 .&%$ ) . ( 2 ) لا يكون لمشتري المحصول أو الثمار إلا حق عيني على منقول ، فيكون حقه منقولا ، ومن ثم لا يستطيع الالتجاء في حمايته إلى دعاوى الحيازة إذ هي لا تحمي إلا العقار( $%&[1] ) نقض فرنسي 14 فبراير سنة 1899 داللوز 99 – 1 – 246 .&%$ ) . ( 3 ) الدعوى التي يقيمها مشتري المحصول أو الثمار على البائع في شأن هذا البيع تكون دعوى منقولة لا دعوى عقارية ، فتدخل في اختصاص محكمة مواطن البائع ، لا المحكمة التي يوجد في دائرتها الأرض التي أنبتت المحصول أو الثمار( $%&( [1] ) نقض فرنسي 10 ديسمبر سنة 1924 جازيت دي باليه 23 يناير سنة 1925 .&%$ ) . ( 4 ) لما كان البيع يقع على منقول لا على عقار ، فهو غير واجب التسجيل لنقل الملكية ، ومن ثم لا محل دفع رسوم التسجيل . وتنتقل الملكية بمجرد العقد ، لأن البيع واقع على منقول معين بالذات( $%&[1] ) إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 98 .&%$ ) . ( 5 ) إذا حجز دائن على الأرض التي أنبتت المحصول والثمار ، فإن بيع المحصول والثمار $ 78 $ يسري في حق الدائن الحاجز ، ما لم يكن تاليا لتاريخ تسجيل التنبيه فقد نصت المادة 611 مرافعات على أن " تلحق بالعقار ثمراته وإيراداته من يوم تسجيل التنبيه ليوزع منها ما يخص المدة التي تلي التسجيل كما يوزع ثمن العقار " ( $%&[1] ) انظر هذه النتائج أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 18 – بودري وشوفو فقرة 51 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 103 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2682 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 921 .&%$ ) .

هذا ويلاحظ أن صاحب الأرض إذا كان قد أجرها ، فإن المستأجر يصبح دائناً للمؤجر بالمحصول والثمار التي تنتجها الأرض ، وحقه هذا هو حق شخصي يقع على منقول بحسب المآل ، ولا يصبح المستأجر مالكا للمحصول والثمار إلا بجنيها ، أما قبل الجني فالمستأجر لا يعدو أن يكون دائنا شخصيا للمستأجر( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 49 ص 45 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 921 ص 737 .&%$ ) كما سبق القول .

32 - خشب الأشجار : وقد يبيع مالك الأرض خشب الأشجار القائمة باعتبارها معدة للقطع ، ويكون البيع واقعا على الخشب المقطوع لا على الشجر القائم ، ويعتبر الخشب هنا منقولا بحسب المآل ، ويكون بيعه بيع منقول لا بيع عقار( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 19 – Fréjaville ص 63 – ص 65 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 104 ص 106 – شوفو في المنقول بحسب المآل ( بحث في المجلة الانتقادية سنة 1893 ص 573 وما بعدها ) – نقض فرنسي 3 أبريل سنة 1922 داللوز 1924 – 1 – 12 – 12 يوليه سنة 1922 داللوز 1923 – 1 – 61 – 17 ديسمبر سنة 1923 داللوز 1924 – 1 – 14 – 10 ديسمبر سنة 1924 جازيت دي باليه 23 يناير سنة 1925 .&%$ ) .

ويترتب على أن البيع هنا هو بيع منقولا بيع عقار نفس النتائج التي أسلفناها في بيع المحصول والثمار ، فتسري على البيع أحكام بيع المنقول لا أحكام بيع العقار ، ويمتنع الالتجاء إلى دعاوى الحيازة ، وتختص محكمة موطن البائع ، ولا يكون هناك تسجيل ، وتلحق الثمار بالعقار من وقت تسجيل تنبيه نزع الملكية( $%&[1] ) انظر في ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 104 .&%$ ) .

33 - أنقاض البناء : وقد يبيع صاحب البناء بناءه منفصلا عن الأرض ومنزوعا منها ، لا باعتباره بناء قائما ، بل باعتباره أنقاضا مهدومة ، ويقع $ 79 $ ذلك عندما ترتفع أسعار مواد البناء ، فتزداد الرغبة في شراء المباني القديمة لهدمها أنقاضا والاستفادة مما يصلح منها للبناء كالأبواب والشبابيك والبلاط والحديد ونحو ذلك . فيكون البيع هنا أيضاً بيع منقول بحسب المآل ، وتسري أحكام بيع المنقول لا أحكام بيع العقار ، وقد سبقت الإشارة إلى بعض النتائج التي تترتب على ذلك( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 31 – فقرة 32 .&%$ ) .

ويجب التمييز ، في عقد بيع أنقاض البناء ، بين تكوين عقد البيع في ذاته وبين الآثار التي تترتب عليه . فعقد البيع عند تكوينه لا يكن قد أحدث آثاره من جعل البناء منقولا بحسب المآل ، بل يكون البناء لا يزال معتبراً عقاراً ، ويقتضي البيع الوارد عليه أهلية التصرف . فلا تكفي أهلية الإدارة كما كانت تكفي لو أن البيع وقع على المحصول والثمار أو على خشب الأشجار فإن كلا من هذين البيعين الأخيرين يعتبر من أعمال الإدارة( $%&[1] ) ديمولومب 9 فقرة 180 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 19 .&%$ ) . وعلى ذلك يجب أن يكون البائع للبناء قد توافرت فيه أهلية التصرف ، بأن يكون قد بلغ سن الرشد غير محجور عليه أو أن يكون وليا يملك التصرف أو وصيا أو قيما قد حصل على الإذن الواجب من المحكمة . فإذا انعقد البيع صحيحاً على هذا النحو أنتج أثره ، فيصبح البناء منقولا بحسب المآل على الوجه الذي بيناه ، ويصبح البيع بيع منقول لا بيع عقار( $%&[1] ) انظر في هذه المسألة ديمولومب 9 فقرة 180 – ديرانتون 4 فقرة 37 – أوبري ورو 2 فقرة 164 ص 19 هامش 26 . بودري وشوفو فقرة 52 .&%$ ) كما سبق القول .

وإذا باع صاحب البناء الأرض والبناء معاً لمشترٍ ، وباع البناء وحده باعتباره منقولا بحسب المآل لمشتر آخر ، فالعبرة في تقديم أحد المشتريين على الآخر بالتاريخ الثابت للبيع الصادر له . فإن كان البيع الواقع على البناء وحده هو السابق ، تقدم مشتري البناء على المشتري الآخر فيما يتعلق بالبناء . وإن كان البيع الواقع على الأرض والبناء معاً هو السابق ، تقدم المشتري في هذا البيع ، إلا إذا كان مشتري البناء قد تمكن من هدم البناء واستولى على الأنقاض وهو حسن النية أي لا يعلم بسبق بيع الأرض والبناء ، فإنه يستطيع $ 80 $ عندئذ أن يتمسك بالحيازة( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 53 ص 51 – شوفو في المنقول بحسب المآل في المجلة الانتقادية سنة 1893 فقرة 37 – فقرة 40 .&%$ ) . ويسري الحكم نفسه في المفاضلة ما بين مشتريين متعاقبين للبناء وحده باعتباره منقولا بحسب المآل( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 53 – شوفو في المنقول بحسب المآل في المجلة الانتقادية سنة 1893 فقرة 40 - نقض فرنسي 3 أغسطس سنة 1831 سيريه 31 – 1 – 386 .&%$ ) .

ويسري بيع البناء باعتباره منقولا بحسب المآل في حق الدائنين الشخصيين للبائع ، إلا إذا استطاع هؤلاء أن يطعنوا فيه بالدعوى البولصية( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 53 ص 52 .&%$ ) . أما بالنسبة إلى الدائن المرتهن للأرض والبناء معاً ، فإن كان بيع البناء سابقا في تاريخ الثابت على ترتيب الرهن ، فإن المشتري للبناء يستطيع الاحتجاج بالبيع الصادر له على الدائن المرتهن دون حاجة إلى تسجيل البيع لأنه بيع منقول( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 53 ص 52 هامش 3 – شوفو في المجلة الانتقادية سنة 1893 فقرة 42 – نقض فرنسي 20 ديسمبر سنة 1875 داللوز 76 – 1 – 343 .&%$ ) . وإذا كان بيع البناء لاحقاً لترتيب الرهن ، فإنه لا يحتج بالبيع على الدائن المرتهن ، إلا إذا تمكن المشتري من الاستيلاء على الأنقاض وهو حسن النية فإنه يستطيع عندئذ أن يتمسك بالحيازة . ويجوز للدائن المرتهن في هذه الحالة الاحتفاظ بحقه في التقدم على ثمن البناء وهو في يد المشتري( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 53 ص 52 – شوفو في المجلة الانتقادية سنة 1893 فقرة 42 – فقرة 49 – نقض فرنسي 15 يوليه سنة 1867 سيريه 68 – 1 – 9 .&%$ ) .

34 - المعادن والأحجار في المناجم والمحاجر : حكم المعادن في المناجم هو حكم الأحجار في المحاجر ، فكل من المعادن والأحجار وهي في باطن الأرض أو في داخل الجبال تعتبر جزءاً من الأرض أو الجبل ، فهي إذن عقار بطبيعته . فإذا أعطي شخص الحق في استخراجها والاستيلاء عليها ، فإنه يكون عند ذلك يتعامل في عقار بطبيعته قد هيئ للانفصال عن المنجم أو المحجر ، فهو إذن منقول بحسب المآل . ولما كانت المناجم وما تحويه من معادن مختلفة تعتبر من أهم مصادر الثروة القومية ، لذلك فإنها تخضع عادة لنظام إداري مفصل ، يبدأ بترخيص في الكشف وينتهي بمنح امتياز لمدة معينة ، فالأحكام القانونية التي تخضع لها المعادن تحتويها النظم الإدارية ولا شأن $ 81 $ لنا بها في هذا المكان( $%&[1] ) انظر قانون المناجم والمحاجر فيما يلي فقرة 355 وما بعدها .&%$ ) . ونقتصر على الكلام في المحاجر ، وهي أيضاً تخضع لنظم إدارية ، ولكن هذه النظم أبسط من تلك التي تخضع لها المناجم .

والغالب أن العقد إذا وقع على منتجات الحجر ، فهو بيع لهذه المنتجات( $%&[1] ) انظر الوسيط 4 فقرة 11 ص 27 .&%$ ) . ومن ثم يكون بيعا لمنقول بحسب المآل ، فيكون بيع منقول لا بيع عقار بما يترتب على ذلك من نتائج( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 31 – فقرة 32 – وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 105 ص 107 – Dabin في الطبيعة القانونية لحق استخراج المنتجات من الأرض بروكسل سنة 1947 ص 63 – نقض فرنسي 24 مايو سنة 1909 داللوز 1910 – 1 – 489 .&%$ ) .

ومن أهم هذه النتائج أنه لا محل لتسجيل البيع ، لأنه بيع منقول . فإذا باع المالك العقار الذي فيه المحجر ، كان هذا بيع عقار ووجب تسجيله . وإذا باع لمشتر آخر الحق في استخراج الأحجار من المحجر ، كان هذا بيع منقول كما قدمنا ، ويكون حق مشتري الأحجار حجة على المشتري الأول إذا كان سابقا في التاريخ الثابت على بيع العقار ، وذلك دون حاجة إلى تسجيل البيع الصادر إلى مشتري الأحجار . ومع ذلك فإن القضاء الفرنسي يذهب إلى أن بيع الأحجار باعتبارها منقولا بحسب المآل ، وإن اعتبر بيع منقول فيما بين المتعاقدين ، يعتبر بيع عقار بالنسبة إلى الغير ، فيجب إذن تسجيل بيع الأحجار وأن يكون التسجيل سابقاً على تسجيل بيع العقار حتى يستطيع مشتري الأحجار أن يحتج بالبيع الصادر له على المشتري للعقار( $%&[1] ) نقض فرنسي 24 مايو سنة 1909 داللوز 1910 – 1 – 489 – 27 يناير سنة 1947 داللوز 1947 – 197 – 28 نوفمبر سنة 1949 سيريه 1950 – 1 – 100 .&%$ ) . وينتقد الفقه الفرنسي هذا القضاء( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 105 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2684 – بلانيول وريبير وبيكيه 13 فقرة 901 – دي باج وديكرز 5 فقرة 732 – وانظر أيضاً في انتقاد الفقه المصري لهذا القضاء إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 99 – ص 100 – شمس الدين الوكيل في التأمينات فقرة 79 ص 226 – حسن كيرة فقرة 35 ص 111 – ص 113

وانظر في تأييد القضاء الفرنسي Fréjaville ص 177 – ص 184 وص 193 – ص 208 – لوران 5 فقرة 429 – مارتي ورينو 1 فقرة 325 – كاربونييه ص 64 .&%$ ) ، فإن وصف الشيء يبقى واحدا فيما بين $ 82 $ المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير ، ولا يجوز أن يتغير في حالة عما هو عليه في الأخرى . فإذا كانت الأحجار منقولا بحسب المآل فيما بين المتعاقدين ، وجب أن تبقى كذلك بالنسبة إلى الغير . وإذا كان الحق في استخراج الأحجار من شأنه أن ينتقص كثيراً من قيمة العقار فوجب أن يعلم بوجوده المشتري للعقار حتى لا يفاجأ ، فإن طريق العلم بوجود هذا الحق ليس حتما أن يكون هو التسجيل . ويكفي ، حتى يعلم المشتري بوجود هذا الحق ليس حتما أن يكون هو التسجيل . ويكفي ، حتى يعلم المشتري بوجود هذا الحق عند الشراء ، العلامات المادية الظاهرة التي لابد من وجودها عندما يقوم صاحب الحق بأعمال الاستغلال لاستخراج الأحجار( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 105 ص 108 – ص 109 .&%$ ) .

ويكاد الإجماع ينعقد في الفقه الفرنسي على أن بيع المنقول بحسب المآل ، سواء كان بيع محصول وثمار أو بيع خشب الأشجار أو بيع أنقاض البناء أو بيع المعادن والأحجار ، هو بيع منقول لا بيع عقار ، ومن ثم لا يخضع للتسجيل ، وتسري عليه سائر أحكام بيع المنقول( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 105 ص 109 والمراجع المشار إليها فيه .&%$ ) .

الفرع الثاني

تقسيمات أخرى للأشياء المادية

35 - التقسيمات الأخرى محل البحث : قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 3 .&%$ ) أن هناك تقسيمات أخرى للأشياء المادية ، نبحث منها تقسيم الشيء إلى قابل للاستهلاك وغير قابل له وتقسيمه إلى مثلي وقيمي في مبحث أول ، وفي المبحث الثاني تقسيم الأشياء المملوكة للدولة إلى أشياء عامة وأشياء خاصة( $%&[1] ) وكان المشروع التمهيدي يشتمل على تقسيم آخر يتعلق بالأموال الموقوفة ، فكانت المادة 118 من هذا المشروع تنص على ما يأتي : " الأموال الموقوفة هي التي تزول عنها الملكية الخاصة وترصد منفعتها على الفقراء أو على جهة بر معينة ، أو على عمل متعلق بالصالح العام ، سواء كان ذلك في الحال أو بعد انقراض المستحقين المذكورين في إشهاد الوقف " . ولكن هذا النص حذف في لجنة المراجعة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 479 في الهامش ) .&%$ ) .

 $ 83 $ المبحث الأول

القابل للاستهلاك وغير القابل له – المثلي والقيمي

المطلب الأول

الشيء القابل للاستهلاك والشيء غير القابل له

( Chose consomptible et chose non consomptible )

36 - نص قانوني : تنص المادة 84 مدني على ما يأتي :

 " 1 - الأشياء القابلة للاستهلاك هي التي ينحصر استعمالها ، بحسب ما أعدت له ، في استهلاكها أو إنفاقها " .

 " 2 - فيعتبر قابلا للاستهلاك كل ما أعد في المتاجر للبيع " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 115 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 86 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 86 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 84 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 427 – ص 473 ) .&%$ ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن التقسيم كان معروفا في عهد هذا التقنين .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية : في التقنين المدني السوري المادة 87 – وفين التقنين المدني الليبي المادة 84 – ولا مقابل للنص لا في التقنين المدني العراقي ولا في قانون الملكية العقارية اللبناني( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 87 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 84 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .&%$ ) .

ونعرض أولا للتمييز بين الشيء القابل للاستهلاك والشيء غير القابل له ، ثم نبين الأهمية العملية لهذا التمييز .

 $ 84 $ 37 - التمييز بين الشيء القابل للاستهلاك والشيء غير القابل لـ : الشيء القابل للاستهلاك هو الشيء الذي أعد بطبيعته لأن يكون أول استعمال له هو في استهلاكه ، فهو غير قابل للاستعمال مرة بعد مرة مع بقائه دون أن يستهلك . والاستهلاك إما أن يكون ماديا ( matérielle ) كما هو الأمر في الطعام والشراب ، فالطعام لا يستعمل إلا عن طريق استهلاكه بالأكل وكذلك الشراب . وإما أن يكون الاستهلاك قانونيا ( juridique ) ، وذلك كالنقود فاستعمالها الأول يكون بالإنفاق ، والإنفاق لا يستهلك النقود استهلاكاً ماديا وإنما يستهلكها قانونيا فيضيع قيمتها على من أنفقها( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 56 .&%$ ) ( انظر م 84 / 1 مدني ) .

والشيء غير القابل للاستهلاك هو الشيء الذي يمكن استعماله مرة بعد مرة دون أن يستهلك . فالملابس غير قابلة للاستهلاك ، إذ يمكن استعمالها مرة بعد أخرى وقد أعدت لذلك حسب طبيعتها . وليس معنى ذلك أن الملابس لا تبلى ، بل هي تبلى بطول الاستعمال ، ولكنها مع ذلك قابلة لأن يتكرر استعمالها مدة طويلة أو قصيرة دون أن تبلى ، فهي بخلاف الشيء القابل للاستهلاك لا تبلى ، بل هي تبلى بطول الاستعمال ، ولكنها مع ذلك قابلة لأن يتكرر استعمالها مدة طويلة أو قصيرة دون أن تبلى ، فهي بخلاف الشيء القابل للاستهلاك لا تبلى بمجرد استعمالها مرة واحدة . ويصدق ذلك أيضاً على المنزل والمفروشات والأثاث والآلات والأدوات والسيارة والمكتب والكتاب والقلم ، فهذه كلها قابلة للاستعمال مرة بعد أخرى ، ولا تبلى إلا بعد استعمالها مدة من الزمن ، طالت هذه المدة أو قصرت .

والأصل في معرفة ما إذا كان الشيء قابلا للاستهلاك أو غير قابل له أن يرجع إلى طبيعته . فالطعام والشراب والنقود طبيعتها تقتضي أن تستهلك استهلاكا ماديا أو قانونيا بمجرد استعمالها أول مرة( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار فقرة 56 ص 62 – Humbert رسالة من باريس سنة 1940 .&%$ ) . بل هي تقبل الاستعمال مرة بعد أخرى .

ومع ذلك فالنية قد تتدخل وتتغلب على طبيعة الشيء ، فتجعل الشيء $ 85 $ الذي هو بطبيعته قابل للاستهلاك غير قابل له ، وذلك كالنقود إذا أعيرت لصراف لعرضها وإعادتها بعينها بعد ذلك ، فتنقلب من شيء قابل للاستهلاك بطبيعته على شيء غير قابل للاستهلاك بحسب نية المتعاقدين . وقد تتدخل النية فتجعل من الشيء غير القابل للاستهلاك بطبيعته شيئاً قابلا للاستهلاك ، وذلك كالأشياء التي أعدت في المتاجر للبيع . فهذه بعضها غير قابل للاستهلاك بطبيعته كالمفروشات والآلات والسيارة والملابس ، ولكنها أعدت للبيع ، فتعتبر بحسب ما أعدت له قابلة للاستهلاك استهلاكا قانونيا ، إذ أن استعمالها أول مرة يكون ببيعها أي باستهلاكها على هذا النحو ( انظر م 84 / 2 مدني( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 472 .&%$ ) ) .

38 - أهمية هذا التمييز : للتمييز بين الشيء القابل للاستهلاك والشيء غير القابل له أهمية عملية من نواح متعددة ، نذكر منها الناحيتين الآتيتين :

1 - هناك عقود لا ترد إلا على الشيء غير القابل للاستهلاك ، مثل ذلك عقد العارية . وقد عرفت المادة 635 مدني العارية بأنها " عقد يلتزم به المعير أن يسلم المستعير شيئاً غير قابل للاستهلاك ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو في غرض معين ، على أن يرده بعد الاستعمال " . فالشيء المعار إذن هو شيء يمكن استعماله مدة معينة دون أن يستهلك ، فهو شيء غير قابل للاستهلاك . كذلك عقد الإيجار يرد عادة على شيء غير قابل للاستهلاك ، إذ أن العين المؤجرة ترد بعد استعمالها ، ولا فرق بين العارية والإيجار إلا في أن العارية تكون بغير أجر والإيجار يكون بأجر . أما القرض فعقد " يلتزم به المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر ، على أن يرد إليه المقترض عند نهاية القرض شيئا مثله في مقداره ونوعه وصفته " ( م 538 مدني ) . ويخلص من هذا التعريف أن القرض يقع على شيء مثلي ، ولكن الشيء المثلي في القرض يكون عادة شيئاً قابلا للاستهلاك كالنقود والغلال ، وسنرى أنه يغلب أن يكون الشيء القابل للاستهلاك هو شيء مثلي والشيء غير القابل للاستهلاك هو شيء قيمي( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 57 .&%$ ) .

 $ 86 $ 2 - وحق الانتفاع حق عيني يخول صاحبه أن ينتفع بشيء مملوك لغيره ، على أن يرده إليه بعينه عند نهاية الانتفاع . فالشيء المنتفع به يكون إذن شيئا غير قابل للاستهلاك ، إذ هو يرد بعينه بعد أن يستعمل مدة معينة . وعلى ذلك لا يرد حق الانتفاع إلا على شيء غير قابل للاستهلاك ، وإذا ورد على شيء قابل للاستهلاك فلا يرده المنتفع عينا بل يرد مثله ، تغيرت طبيعة حق الانتفاع وسمى بشبه حق الانتفاع ( qussi - usufruit ) ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 57 ص 62 .&%$ ) .

المطلب الثاني

المثلي والقيمي

( Chose fongible et chose non fongible )

39 - نص قانوني : تنص المادة 85 مدني على ما يأتي :

 " الأشياء المثلية هي التي يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء ، والتي تقدر عادة عند التعامل بين الناس بالعد أو المقاس أو الكيل أو الوزن( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 116 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 87 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 87 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 85 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 473 – ص 474 ) .&%$ ) " .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن التقسيم كان معروفا في عهد هذا التقنين .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 88 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 85 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 64 – ولا مقابل له في قانون الملكية العقارية اللبناني( $%&[1] ) التقنيات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 88 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 85 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 64 : 1 – الأشياء المثلية هي التي يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء وتقدر عادة في التعامل ما بين الناس بالعدد أو المقياس أو الكيل أو الوزن .

2 - وما عدا ذلك من الأشياء فهو قيمي .&%$ ) .

 $ 87 $ ونعرض هنا أيضاً للتمييز بين الشيء المثلى والشيء القيمى ، ونقابل ما بين هذا التمييز والتمييز السابق الخاص بالشيء القابل للاستهلاك والشيء غير القابل له ، ثم نبين الأهمية العملية للتمييز بين الشيء المثلى والشيء القيمى .

40 - التمييز بين الشيء المثلى والشيء القيمى : يقال عن الشيء إنه مثلى إذا نسب إلى شيء آخر ، فكان كل منهما صالحا لأن يقوم مقام الآخر في الوفاء بالدين . فالشيء لا يكون مثليا في ذاته ، كما يكون قابلا للاستهلاك في ذاته ، ولكنه يكون مثليا بالقياس إلى مثيله ( $%&[1]  (Jambert في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1945 ص 75 وما بعدها – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 58 .&%$ ) . فلو أن شخصا كان مدينا لآخر بأن يسلمه مائة جنيه ، أو مائة أردب من القمح الهندي من صنف متوسط ، أو مائة قنطار من القطن الأشمونى من صنف معين ، أو مائة متر من الحرير الصناعي على وصف معين ، فإن محل الدين - النقود أو القمح أو القطن أو الحرير - يكون شيئا مثليا . ذلك أن المدين يستطيع أن يفي بدينه بأي ورق نقدي عدا دون أن يتقيد بأوراق نقدية معينة . ويستطيع المدين كذلك أن يسلم مدينه أية كمية من القمح الهندي ذي الصنف المتوسط بعد أن يكيل له من هذا القمح مائة أردب ، ولا يستطيع الدائن أن يلزمه بتسليم كمية معينه . وكذلك قل عن القطن فيزن المدين للدائن مائة قنطار من القطن الأشمونى من الصنف المعين ، وعن الحرير فيقيس المدين للدائن مائة متر من الحرير الصناعي على الوصف المتفق عليه . ويتبين من ذلك أن الشيء المثلى يتميز بخاصتين : ( 1 ) أنه لا يكون شيئاً مثليا في ذاته ، بل بالقياس إلى شيء آخر مثله . ( 1 ) أنه يقدر عادة عن طريق العد أو الكيل أو الوزن أو المقياس ، إذ لا تتفاوت أحاده تفاوتا يعتد به ، بل تتماثل فيقوم بعضها مقام بعض ( انظر م 85 مدني ) ( $%&[1] ) وانظر م 91 مدني ألماني – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 58 .&%$ ) .

أما الشيء القيمى فهو الشيء المعين بالذات الذي لا يقوم شيء آخر $ 88 $ مقامه في الوفاء . فبيع منزل معين بالذات أو ماكينة ري معينة بالذات أو قطعة أثرية معينة بالذات ، إنما هو بيع يرد على أشياء قيمية لا يقوم غيرها مقامها عند الوفاء . ولابد للبائع من أن يسلم للمشترى نفس المنزل المعين بالذات ولا تبرأ ذمته إذا هو سلم منزلا آخر ولو كان أكبر قيمة ، أو نفس ماكينة الرى أو نفس القطعة الأثرية ولا تبرأ ذمته إذا هو سلم ماكينة رى أخرى ولو كانت أقوى أو قطعة أثرية أخرى ولو كانت أنفس .

41 - المقابلة ما بين المثلى والقيمى وبين القابل للاستهلاك وغير القابل له : وترى مما تقدم أن التمييز بين المثلى والقيمى يرجع هو أيضاً إلى طبيعة الأشياء ، كما يرجع التمييز بين القابل للاستهلاك وغير القابل له فيما مر بنا ، وقد قيل خطأ إن التمييز بين المثلى والقيمى إنما يرجع إلى نية الطرفين ، في حين أن التمييز بين القابل للاستهلاك وغير القابل له يرجع إلى طبيعة الأشياء ( $%&[1] ) انظر مثلا بودري وشوفو فقرة 18 ص 19 – ويبدو أن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي تذهب هي الأخرى هذا المذهب ، إذ تقول : " على أن المعول عليه في وصف الشيء بأنه مثل أو قيمي هو جواز قيام شيء آخر من جلسه ونوعه مقامه عند الوفاء ، بحسب قصد العاقدين ، أو عدم جواز ذلك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 474 ) . وقد قضت محكمة النقض بأن الأشياء المثلية هي التي يعتبر المتعاقدان أن الوفاء بها يتم بتقديم ما يماثلها بدلا منها ، والأشياء القيمية هي التي يعتبر المتعاقدان أن الوفاء بها لا يتم إلا بتقديمها هي عينها . وقد يكون الشيء بعينه مثليا في أحوال وقيميا في أحوال أخرى ، والفصل في كونه هذا أو ذاك يرجع إلى طبيعة هذا الشيء ونية ذوي الشأن وظروف الأحوال ، فعلى أي وجه اعتبره قاضي الموضوع وبنى اعتباره على أسباب منتجة لوجهة رأيه فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1933 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء أول ص 300 ) .&%$ ) .

والصحيح أن المثلى إنما يكسب هذه الصفة من طبيعته ، وكذلك يكسب القيمى صفته من طبيعته ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 60 .&%$ ) . فالتمييز بين المثلى والقيمى يستوى إذن مع التمييز بين القابل للاستهلاك وغير القابل له ، في أن كلا منهما يرجع إلى طبيعة الأشياء ( $%&[1] ) وإذا كانت النية تتدخل في بعض الأحوال الاستثنائية فتجعل الشيء مثليا كنسخة من كتاب تستعيرها مكتبة من مكتبة أخرى لترد مثلها ، وتجعل الشيء قيميا كنسخ من كتب تعار لعرضها في أحد المعارض ( ad propem et ostentationem ) على أن ترد بينها ، فقد رأينا أن النية تتدخل كذلك في بعض الأحوال الاستثنائية فتجعل الشيء غير قابل للاستهلاك كالنقود إذا أعيرت لصراف لعرضها وإعادتها بعينها ، وتجعل الشيء قابلا للاستهلاك كالسلع غير القابلة للاستهلاك بطبيعتها إذا أعدت في المتاجر للبيع ( انظر آنفا فقرة 37 في آخرها – وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 60 ص 65 – نقض فرنسي 24 أبريل سنة 1929 داللوز الأسبوعي 1929 – 283 ) .&%$ ) . $ 89 $ وإذا أريد إيجاد فرق ما بين التمييزين ، فهذا الفرق هو أن المثلى إنما يكون مثليا لا في ذاته بل بالقباس إلى شيء مثله ، وأما الشيء القابل للاستهلاك فهو قابل لذلك في ذاته دون حاجة إلى قياسه على شيء مثله .

ومع ذلك فإن الغالب أن يكون الشيء المثلى شيئا قابلا للاستهلاك ، كالطعام والشراب والنقود فهي أشياء مثلية وهي في الوقت ذاته أشياء قابلة للاستهلاك . والغالب كذلك أن يكون الشيء القيمى غير قابل للاستهلاك ، كالمنزل والآلة المعينة بالذات فهذه أشياء قيمية وهي في الوقت ذاته غير قابلة للاستهلاك . وعلى هذا النحو يختلط التقسيمان أحدهما بالآخر ، فيكون التمييز بين المثلى والقيمى هو عين التمييز بين القابل للاستهلاك وغير القابل له ( $%&[1] ) وهذا الخلط يرد عند كثير من الفقهاء وفي بعض التقنينات المدنية كالتقنين المدني الهولندي ( م 561 ) والتقنين المدني الإسباني ( م 337 ) . انظر في ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 60 ص 64 ، وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 474 .&%$ ) . ولكن هذا النظر غير دقيق ، فلا يزال التمييز بين المثلى والقيمى غير التمييز بين القابل للاستهلاك غير القابل له ( $%&[1] ) انظر التقنين المدني الألماني م 91 – 92 – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " فالنقود المعدة للعرض مثلية ولكنها غير قابلة للاستهلاك ، والتحف الفنية الأصلية قيمية ولكنها تعتبر قابلة للاستهلاك إذا أعدت للبيع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 474 ) .&%$ ) . وإذا كان كل من التمييزين يرجع إلى طبيعة الأشياء كما قدمنا ، إلا أن المثلى يقوم على قيامه بشيء آخر نظيره ، والقابل للاستهلاك يرجع في صفته هذه إلى ذاته دون أن يقاس بشيء آخر .

يدل على ذلك أنه يمكن أن نتصور شيئا مثليا ويكون في الوقت ذاته غير قابل للاستهلاك ، وذلك مثل السيارة غير المعينة بالذات ونسخة من كتاب غير معينة بالذات ، فهذه وتلك شيئان مثليان ، وهما في الوقت ذاته غير قابلتين للاستهلاك . كذلك يمكن أن نتصور شيئا قيميا ويكون في الوقت ذاته قابلا للاستهلاك ، فكمية من الغلال معينة بالذات هي شيء قيمى بعد أن تعينت بذاتها ، وهي في الوقت ذاته شيء قابل للاستهلاك .

 $ 90 $ 42 - أهمية التمييز بين الشيء المثلي والشيء القيمي : وللتمييز بين الشيء المثلي والشيء القيمي أهمية كبيرة في العمل . وذلك أن الشيء المثلي ، كما رأينا ، هو شيء غير معين بالذات بل يعين بنوعه وصفاته ، ويقدر بالعد أو الوزن أو الكيل أو المقاس . والشيء القيمي هو شيء معين بالذات ، فليس هو في حاجة إلى تعيين بالنوع أو إلى تقدير بالعد أو الوزن أو الكيل أو المقاس .

فإذا كان هناك التزام بنقل الملكية ، وكان محل هذا الالتزام منقولا مثليا ، فإن الملكية لا تنتقل بمجرد العقد ، بل لابد من تعيين المحل وإفرازه ، ولابد في إفرازه من تقديره عدا أو كيلا أو وزنا أو مقاسا . فإذا تم الإفراز على هذا النحو ، أصبح الشيء المثلي قيميا ، وانتقلت ملكيته إلى الدائن بمجرد الإفراز . أما إذا كان محل الالتزام منقولا قيميا . أي شيئا معينا بالذات منذ البداية فلا يحتاج في تعيينه إلى إفراز ، فإن الملكية تنتقل في الحال بمجرد العقد( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 59 .&%$ ) .

المبحث الثاني

الأشياء العامة والأشياء الخاصة ( $%&[1] ) مراجع : Proudhon في الدومين العام الطبعة الثانية خمسة أجزاء سنة 1844 – De Récy في الدومين العام الطبعة الثانية سنة 1894 – Monteil رسالة من باريس سنة 1902 – Benard رسالة من باريس سنة 1910 – Otto - Mayer في القانون الإداري الألماني الطبعة الفرنسية الجزء الثالث – Waline رسالة من باريس سنة 1925 – Pelloux رسالة من جرينوبل سنة 1932 – Janse في المميزات لأموال الدومين العام سنة 1938 – Huet - Guyard رسالة من باريس سنة 1939 – Dementhon في دومين الدولة سنة 1939 – Duverger رسالة من بوردو سنة 1940 – Moroger في تخصيص الأموال الإدارية للاستعمال العام سنة 1942 .

وانظر في القانون المصري : محمد كامل مرسي بحث في مجلة القانون والاقتصاد والسنة التاسعة – محمد زهير جرانة في حق الدولة والأفراد على الأموال العامة سنة 1943 .&%$ )

( Domaine public et domaine privé )

43 - التمييز بين الأشياء العامة والأشياء الخاصة : للدولة وغيرها $ 91 $ من الأشخاص الاعتبارية العامة أشياء عامة تملكها ، وقد تملك أيضاً أشياء خاصة . ولكل من الأشياء العامة والأشياء الخاصة مقومات وخصائص وأحكام تنفرد بها . فنستعرض كلا من هذين النوعين في شيء من الإيجاز ، إذ أن التمييز بين الأشياء العامة والأشياء الخاصة هو أدخل في مباحث القانون الإداري ، ولكن التقنين المدني عرض لهذا التمييز فيما عرض له من تقسيمات الأشياء والأموال .

المطلب الأول

الأشياء العامة

( Domaine public )

44 - نص قانوني : تنص المادة 87 مدني ( المعدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954 ) على ما يأتي :

 " 1 - تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة ، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص " .

 " 2 - وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 119 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات المملوكة للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة ، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم . وتخرج هذه الأموال عن التعامل ، فلا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم " . وفي لجنة المراجعة جعلت المادة فقرتين ، وعدلت الفقرة الثانية حتى لا تتعارض مع المادة 111 من المشروع ( م 81 مدني ) ، وكذلك حذفت كلمة " المملوكة " من الفقرة الأولى تجنبا للأخذ برأي قاطع في هل الأموال العامة مملوكة للدولة أو أن الدولة حارسة على هذه الأموال . فأصبح النص بذلك مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 89 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 89 . وفي لجنة مجلس الشيوخ اقترح بعض مستشاري محكمة النقض تعديل النص بحيث يشمل الفقرات السبع الأولى من المادة 9 من التقنين المدني السابق ، لأن مثل هذا التعديل يجعل حكم النص ينسحب على البرك والمستنقعات المستصلحة المتصلة بالبحر والبحيرات المملوكة للميري ، والجوامع وكافة محلات الأوقاف الخيرية المخصصة للتعليم العام أو البر الإحسان سواء كانت الحكومة مكلفة بإدارتها أو بصرف ما يلزم لحفظها وبقائها . ولم تر اللجنة محلا للأخذ بهذا الاقتراح ، مادام المعيار العام الذي وضعه النص سليما ، والتزام هذا المعيار يغني عن إيراد هذه الأمثلة التي اضطر واضعو التقنين السابق إلى ذكرها في عهد لم يكن النظام الإداري فيه قد استكمل مقوماته . ويكفي أن يقرر التقنين المدني القاعدة العامة في هذا الشأن ، أما التفصيل فهو أدخل في نطاق القانون الإداري . وقد لاحظت اللجنة فضلا عن ذلك ، فيما يتعلق بالجوامع وهي وقف بطبيعته ، أن الوقف ولو كان خيريا نظام من النظم الخاصة يختلف تصويره عن تصوير الملك العام . وعلى ذلك وافقت لجنة مجلس الشيوخ على النص دون تعديل تحت رقم 87 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 478 – ص 483 ) .

ثم صدر القانون رقم 331 لسنة 1954 ، فعدل العبارة الأخيرة من النص على الوجه الآتي : " أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص " .&%$ ) .

 $ 92 $ ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادتين 9 – 10 / 25 – 26( $%&[1] ) التقنين المدني السابق م 9 وطني : الأملاك المبرمة المخصصة للمنافع العامة لا يجوز تملكها بوضع يد الغير عليها المدة المستطيلة ، ولا يجوز حجزها ولا بيعها . إنما للحكومة دون غيرها التصرف فيها بمقتضى قانون أو أمر . وتشمل الأملاك الأميرية : أولاد – الطرق والشوارع والقناطر والحواري التي ليست ملكا لبعض أفراد الناس . ثانيا – السكك الحديدية وخطوط التلغرافات الميرية . ثالثا – الحصون والقلاع والخنادق والأسوار والأراضي الداخلة في مناطق الاستحكامات ، ولو رخصت الحكومة في الانتفاع بها لمنفعة عمومية أو خصوصية . رابعا – الشواطئ والأراضي التي تتكون من طمي البحر ، والأراضي التي تتكشف عنها المياه ، والمين والمراسي والموارد والأرصفة والأحواض ، والبرك والمستنقعات المستملحة المتصلة بالبحر مباشرة ، والبحيرات المملوكة للميري . خامسا – الأنهار والنهيرات التي تمكن الملاحة فيها ، والترع التي على الحكومة إجراء ما يلم لحفظها وبقائها بمصاريف من طرفها . سادسا – المين والمرافئ والأرصفة والأراضي والمباني اللازمة للانتفاع بالأنهار والنهيرات والترع المذكورة ولمرورها . سابعا – الجوامع وكافة محلات الأوقاف الخيرية المخصصة للتعليم العام أو للبر والإحسان ، سواء كانت الحكومة قائمة بإدارتها أو بصرف ما يلزم لحفظها وبقائها . ثامنا – العقارات الميرية ، مثل السرايات والمنازل وملحقاتها المخصصة لإقامة ولي الأمر أو للنظارات أو المحافظات أو المديريات ، وعلى العموم كافة العقارات المعدة لمصلحة عمومية . تاسعا – الترسانات والقشلاقات والأسلحة والمهمات الحربية والمراكب الحربية ومراكب النقل أو البوستة . عاشراً – الدفترخانات العمومية والأنتيكخانات والكتبخانات الميرية والآثار العمومية وكافة ما يكون مملوكا للحكومة من مصنوعات الفنون أو الأشياء التاريخية . حادي عشر – نقود الميري ، وعلى وجه العموم كافة الأموال الميرية المنقولة أو الثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر .

م 10 وطني : يعد أيضاً من الأملاك الميرية المخصصة للمنافع العمومية حقوق التطرق المتعلقة بالشوارع ومجاري المياه والأشغال العمومية والأعمال الحربية ، وعلى العموم كافة ما تقتضيه حقوق الارتفاق التي تستلزمها ملكية الأملاك الميرية المذكورة أو توجبها القوانين والأوامر الصادرة لمنفعة عمومية .

م 25 مختلط : أملاك الميري ، كالاستحكامات والمين وغير ذلك ، لا تقبل أن تكون ملكا لأحد .

م 26 مختلط : كذلك الحال بالنسبة للأموال المعدة لمنفعة عمومية ، كالطرق والقناطر وشوارع المدن وغير ذلك .&%$ ) .

 $ 93 $ ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 90 – وفي التقنين المدني الليبي م 87 – وفي التقنين المدني العراقي م 71 – ولا مقابل للنص في قانون الملكية العقارية اللبناني( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 90 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 87 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 71 ( مطابق ، فيما عدا أن التقنين العراقي لا يشمل في الفقرة الأولى عبارة " أو مرسوم " ) .

قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .&%$ ) .

ويلاحظ أن النص يتحدث عن " الأموال العامة " ناظرا في ذلك لا إلى الأشياء التي هي محل حقوق الدولة ، بل إلى حقوق الدولة على هذه الأشياء ، فصح أن تكون هذه الحقوق " أموالا " لا أشياء . ويستوي في التقسيم الذي نحن بصدده أن يكون تقسيما للأشياء أو للأموال ، فكل شيء عام يكون حق الدولة عليه مالا عاما ( domaine public ) ، وكل شيء خاص يكون حق الدولة عليه مالا خاصا ( domaine privé ) . فنجري على أن التقسيم هو تقسيم للأشياء ، مع ملاحظة أنه في الوقت ذاته تقسيم للأموال على النحو الذي بيناه .

45 - كيف نبت التمييز بين الأشياء العامة والأشياء الخاصة : بدأ التمييز بين الأشياء العامة والأشياء الخاصة في القانون الروماني ، فقد كان هذا القانون يميز بين الأشياء العامة ( res publicae, loca publica ) وهذه تبع للناس كافة ، وبين الأشياء المملوكة للخزانة ( res fisci, res fiscales ) وهذه كانت تعتبر في عهدة الإمبراطورية مملوكة للإمبراطور . وكانت الأشياء العامة قسمين : قسما تتمثل فيه المصلحة العامة كطرق المواصلات الرئيسية وهذا تبع للشعب الروماني بأجمعه ، وقسما تتمثل فيه المصلحة المحلية كالمباني العامة $ 94 $ للبلديات وهذا يكوّن الدومين العام للإقليم ( communia civitatum ) . على أن الرومان كانوا يخلطون بين الأموال العامة والأموال الخاصة للوحدات الإقليمية ، وكانوا يعتبرون بعض الأموال العامة أموالا مباحة ( res communes omnium ) كساحل البحر ، وبعضها أموالا مقدسة ( res divini juris ) كالمعابد والمدافن . ولكنهم كانوا يرتبون النتائج القانونية على فكرة تخصيص الأموال العامة لمنفعة الجمهور ، فكانوا يمنعون التصرف في هذه الأموال ولا يجيزون تملكها بالتقادم . وكان بعض فقهاء القانون الروماني يذهبون إلى أن حق الدولة على الأموال العامة هو حق ملكية ، إذ كانت الدولة تتملك ثمار هذه الأموال ، وإذ كان المال مملوكا للدولة قبل صيرورته مالا عاما فيبقى على ملكية الدولة بعد أن كسب صفة المال العام( $%&[1] ) انظر في ذلك جيرار في القانون الروماني الطبعة الثانية باريس سنة 1929 ص 260 – ص 264 أرانجيورويز في نظم القانون الروماني الطبعة الثالثة نابولي سنة 1933 ص 162 – ص 166 .&%$ ) .

وبقي التمييز بين الأشياء العامة والأشياء الخاصة قائما في القانون الفرنسي القديم ، واستمر إلى عهد الثورة الفرنسية . فالأشياء العامة كانت تشمل طرق المواصلات البرية والنهرية وشواطئ البحار ، أما الأشياء الخاصة فكانت مملوكة للملك وكانت تدعى بالدومين الملكي ( domaine royal ) أو دومين التاج ( domaine de la couornne ) ، وتشمل الأراضي والغابات والقصور وغير ذلك من ضروب الأموال المختلفة ، وتمثل قسما هاما من موارد الدولة . ولم يكن دومين التاج ملكا خاصا لملك بالذات ، وإلا كان يستطيع التصرف فيه وكان يورث عنه ولو كان الوارث غير الملك الذي خلفه فيفقد دومين التاج بذلك مهمته الرئيسية من توطيد سلطان الملوك المتعاقبين . لذلك سرعان ما تقر في أول عهد الملكية أن دومين التاج لا يورث بل ينتقل إلى الجالس على العرش من ملوك فرنسا ، ولا يجوز التصرف فيه وتأيد ذلك بأمر صدر في 13 مايو سنة 1566 في عهد الملك شارل التاسع ويعرف بأمر دي مولان ( Ordonnance de Moulins ) ، ويسري حظر التصرف على جميع دومين التاج ما ورثه الملك منها وما اقتناه بعد ذلك . ثم عزز ذلك بعدم جواز تملك دومين التاج بالتقادم ، وتأيد هذا المبدأ بالمنشور الصادر في أبريل سنة 1667 . واعتبر $ 95 $ في مبدأ الأمر حق الملك على دومين التاج حق ملكية ، ومن ثم كان الملك يستطيع أن يفرض ما يشاء من الإتاوات والرسوم على استعمال الناس لهذا الدومين والانتفاع به ، وكانت هذه الإتاوات والرسوم عنصراً هاما من عناصر مالية الملك وميزانيته . ولكن ما لبث الفقهاء في أواخر القرن السابع عشر ، وبخاصة لوازو ( Loyseau ) ودوما ( Domat ) ، أن ميزوا في دومين التاج طائفة من الأموال اعتبروها مخصصة لمنفعة الناس جميعا ويقتصر سلطان الملك بالنسبة إلى هذه الأموال على ولاية الإشراف عليها وحفظها وصيانتها ، فليس له أن يحرم الجمهور من الانتفاع بها أو يقيد من استعمالها برسم أو إتاوة .

ثم نشبت الثورة الفرنسية ، وحلت سيادة الأمة محل سيادة الملك ، وأصبح دومين التاج هو دومين الأمة القومي ( domaine national ) ، وورد ذلك في الدكريتو الصادر فيما بين 22 نوفمبر وأول ديسمبر سنة 1790 . وقد بينت المادة الأولى من هذا الدكريتو الدومين القومي وهو ما كان يعرف قبلا بدومين التاج كما قدمنا ، ثم بينت المادة الثانية من الدكريتو الدومين العام ( domaine public ) وقد شمل الطرق العامة وشوارع المدن وميادينها والأنهار والترع الصالحة للملاحة وشواطئ البحر والأراضي التي تتكون من طمي البحر وتلك التي تنحسر عنها مياهه والمواني والمراسي والموارد وبوجه عام كل جزء من الأرض لا يقبل أن يكون محلا للملكية الخاصة . وأراد دكريتو سنة 1790 أن يقارب ما بين الدومين القومي والدومين العام ، بأن جعل كلا منهما مملوكا للأمة .

ولكن التقنين المدني الفرنسي خلط ما بين الدومين القومي والدومين العام وجعلهما شيئا واحداً ، فأورد في المواد 538 – 541 منه مشتملات الدومين القومي ( وهو الدومين الخاص ) إلى جانب مشتملات الدومين العام ، وجعلهما جميعا وحدة شاملة مملوكة للدولة . وهو لم يقصد في هذه النصوص أن يميز ما بين الدومين العام والدومين الخاص ، وإنما قصد أن يقرر أن كل أملاك الدومين ، عاما كان أو خاصا ، هي ملك الدولة .

وإنما كان التمييز بين الدومين العام والدومين الخاص هو من عمل الفقهاء ، وبخاصة الفقيه برودون ( Proudhon ) الذي كان أستاذ القانون المدني وعميد $ 96 $ كلية الحقوق بديجون . فقد وضع كتابه المعروف في الدومين العام في سنة 1833 ( الطبعة الثانية في سنة 1844 ) ، وميز فيه ما بين الدومين العام ( domaine public ) وهو ما خصص للمنفعة العامة وهو في جوهره دومين حماية ( domaine de protection ) ولا يعتبر مملوكا لأحد وإنما تحوزه الدولة باسم الجمهور ولمصلحته فهي وكيلة عن الجمهور في حفظه وصيانته ، وبين الدومين الخاص ( domaine privé ) أو دومين الملكية ( domaine de propriété ) وهو مملوك للدولة ، ملكية خاصة ولها أن تتصرف فيه وأن تنتفع به وهو قابل لأن يتملك بالتقادم ، وذلك بخلاف الدومين العام فهو غير قابل للتصرف فيه ولا يجوز تملكه بالتقادم( $%&[1] ) هذا هو أصل التمييز ما بين الأشياء العامة والأشياء الخاصة في القانون الروماني وفي القانون الفرنسي قديمه وحديثه .

أما في الشريعة الإسلامية ، فهناك أموال لا يجوز تمليكها ولا تملكها ، وتشمل المحال التي أعدت لحفظ الحدود والثغور من قلاع وحصون ومرافئ وما يتصل بها من المعدات اللازمة لها . وتشمل كذلك ما جعل للمنافع العامة ، كالطرق النافذة والشوارع والقناطر والجسور المعدة للانتفاع العام ، وذلك مادامت هذه الأشياء مخصصة للمنفعة التي أعدت لها ، فإذا تغير وصفها واسمها تبعا لتغير معناها بأن صارت شيئا آخر ، أو أخرجت عما كانت قد أعدت له ، تغير حكمها تبعا لذلك ( أحمد إبراهيم في المعاملات الشرعية ص 10 – على الخفيف ص 35 – محمد أبو زهرة ص 64 ) . أما المسجد فهو وقف بمجرد جعله مسجداً على قول أبي يوسف ، أو بمجرد الصلاة فيه على قول أبي حنيفة ومحمد . وكذلك يعتبر وقفاً السقاية والرباط والمغيرة والخان ، إذا رصدها أصحابتها لمنفعة الناس ( أحمد إبراهيم في المعاملات الشرعية ص 443 وما بعدها ) .

فهنا نرى الشريعة الإسلامية تميز بين الأشياء العامة كالطرق والشوارع والقناطر والجسور والقلاع والحصون والمرافئ ، وبين الأشياء الموقوفة كالمسجد والسقاية والرباط والمغيرة والخان . ثم تميز أيضاً الأموال المباحة كصيد البر والبحر وأشجار الغابات وما في معادن الأرض من الفلزات ، فمن استولى على شيء منها فهو ملكه ويورث عنه . ويعتبر مالا مباحا الماء والكلأ ( أي الحشيش الذي ينبت في الأرض بنفسه من غير أن ينبته أحد ) والنار ، وقد قال عليه الصلاة والسلام الناس شركاء في ثلاثة ، الماء والكلأ والنار . وشركة الناس في هذه الأشياء الثلاثة شركة إباحة لا شركة ملك . فالماء مال مباح ، ولكل أن ينتفع به مع اشتراط عدم الإضرار بغيره ، فإذا أحرز صار مملوكا . والكلأ مال مباح ، ومن أحرزه ملكه ، وليس لمالك الأرض الذي ينبت فيها الكلأ أن يمنع أي إنسان من إحرازه وإن كان له الحق في منع الناس من الدخول في أرضه . والنار مال مباح ، يستضاء بضوئها ، ويصطلي بها ، ويوقد من لهيبها ، وتخاط الثياب حولها . فمن أوقد نارا في مغارة فإنها تكون شركة بينه وبين الناس جميعا فيما تقدم ، وإن أوقدها في موضع مملوك له كان له أن يمنع الناس من الدخول في ملكه لا من الانتفاع بناره ( أحمد إبراهيم في المعاملات الشرعية ص 20 ) .&%$ ) .

 $ 97 $ وننتقل ، بعد هذه العجالة التاريخية ، إلى تفصيل الكلام في الأشياء العامة ، فنتكلم في المسائل الآتية : ( 1 ) التخصيص للمنفعة العامة هو معيار الأشياء العامة . ( 2 ) أمثلة للأشياء العامة أي الأشياء المخصصة للمنفعة العامة . ( 3 ) تكيف حق الدولة في الأشياء العامة . ( 4 ) الأحكام التي تخضع لها الأشياء العامة .

1 - التخصيص للمنفعة العامة هو معيار الأشياء العامة

46 - معيار الأشياء العامة الذي أخذ به التقنين المدني المصري هو معيار التخصيص للمنفعة العامة – نبذ المعايير الأخرى : لما صدر التقنين المدني المختلط ، كان الفقه الفرنسي لا يزال غير مستقر في المعيار الواجب الأخذ به لتمييز الأشياء العامة من الأشياء الخاصة . فاشتمل هذا التقنين على نصين ، أخذ في كل منهما بمعيار يختلف عن المعيار الآخر . فنص في المادة 25 منه على أن " أملاك الميري ، كالاستحكامات والمين وغير ذلك ، لا تقبل أن تكون ملكا لأحد " فأخذ هنا بمعيار عدم قابلية الشيء للتملك الخاص حتى يكون شيئاً عاما . ولكنه أخذ بعد ذلك بالمعيار الصحيح في المادة 26 منه ، إذ ينص على ما يأتي : " كذلك الحال بالنسبة للأموال المعدة لمنفعة عمومية ، كالطرق والقناطر وشوارع المدن وغير ذلك " ، فأخذ بمعيار التخصيص للنفعة العامة .

ثم صدر التقنين المدني الوطني السابق ، فاشتمل هو الآخر على مادتين في الأشياء العامة ، إذ نص في المادة 9 منه على أن " الأملاك الميرية المخصصة للمنافع العمومية لا يجوز تملكها بوضع يد الغير عليها المدة المستطيلة ولا يجوز حجزها ولا بيعها ، إنما للحكومة دون غيرها التصرف فيها بمقتضى قانون أو أمر ، وتشمل الأملاك الميرية : .... ( حادي عشر ) نقود الميري ، وعلى وجه العموم كافة الأموال الميرية المنقولة أو الثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر " . فأخذ التقنين المدني الوطني هنا صراحة بمعيار " التخصيص للمنفعة العامة " . وتكرر الأخذ بالمعيار نفسه في المادة 10 من هذا التقنين ، إذ تنص على أنه " يعد أيضا من الأملاك الميرية المخصصة للمنافع $ 98 $ العمومية ، حقوق التطرق ... وعلى وجه العموم كافة ما تقتضيه حقوق الارتفاق التي تستلزمها ملكية الأملاك الميرية المذكورة أو توجبها القوانين والأوامر الصادرة لمنفعة عمومية " . فنصوص التقنين المدني الوطني جاء أكثر شمولا وأشد إيضاحا وأبعد مدى من نصوص التقنين المدني المختلط ، وهي متأثرة بما وصل إليه الفقه الفرنسي من نتائج في خصوص الأشياء العامة( $%&[1] ) وقد كان برودون Proudhon كما قدمنا هو أبرز الفقهاء الفرنسيين الذين ميزوا بين دومين الدولة ( أي أموال الدولة الخاصة ) والدومين العام ، وقد قصر الدومين العام على الأشياء ذات النفع العام ، وبين خصائصه من عدم قابلة التصرف فيه وعدم جواز تملكه بالتقادم . وقد تأثر بآراء برودون أعلام الفقه المدني في ذلك الوقت ، وبخاصة أوبري ورو وديمولومب ولوران ، وهؤلاء استبدلوا بعبارة " دومين الدولة " عبارة " الدومين الخاص " ، وصاروا بذلك يميزون بين الدومين الخاص والدومين العام ( محمد زهير جرانة ص 44 هامش 2 ) .&%$ ) ، وبخاصة عندما صرحت هذه النصوص بأن الدومين العام لا يجوز تملكه بوضع اليد ولا يجوز حجزه ولا بيعه( $%&[1] ) وتنوه محكمة النقض بتقدم نصوص التقنين المدني الوطني في خصوص الأشياء العامة فتقول : " أما المشرع المصري فقد كان أمامه ، وقت وضع القانون المدني الأهلي ، القانون الفرنسي الذي اقتبس كثيراً من أحكامه ، وكذلك القانون المختلط . فتفادى الغموض والقصور اللذين لاحظهما ، وأفرد للأملاك العامة مواد خاصة أتى فيها ببيان شامل كامل للأموال المخصصة للمنفعة العامة لا يمكن أن يكون محلا للبس أو إبهام . فإنه بعد أن صدر المادة التاسعة من القانون المدني بنص قاطع في حصانة الأموال العامة ، بأن قرر صراحة أنه لا يجوز تملكها بوضع يد الغير عليها المدة المستطيلة ولا يجوز حجزها ولا بيعها ، وإنما للحكومة دون غيرها التصرف فيها بمقتضى قانون أو أمر ، عدد الأملاك الأميرية التي تسري عليها هذه الأحكام في إحدى عشرة فقرة تناولت كل منها نوعا من أنواع المنافع مستقلا ومنفصلا عما سبقه وما لحقه من الأنواع " ( نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 148 ) .&%$ ) .

وجاء بعد ذلك التقنين المدني الجديد ، فأخذ هو أيضاً بمعيار " التخصيص للمنفعة العامة " في عبارة واضحة صريحة ، إذ تقول الفقرة الأولى من المادة 87 مدني فيما رأينا : " تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات .. التي تكون مخصصة لمنفعة عامة .. " . ولم يغفل التقنين المدني الجديد شيئا من مزايا نصوص التقنين المدني الوطني ، بل جمعها كلها في عبارة موجزة واضحة ، وإنما تجنب تعداد الأشياء العامة الوارد في المادة 9 من التقنين المدني السابق اكتفاء بما وضعه من معيار التخصيص للمنفعة العامة ، وهو معيار يضع تعريفا عاما تتعين $ 99 $ بمقتضاه الأشياء العامة دون حاجة إلى تعدادها( $%&[1] ) وقد رأينا أن بعض مستشاري محكمة النقض اقترح على لجنة مجلس الشيوخ تعديل النص ، بحيث يشمل الفقرات السبع الأولى من المادة 9 من التقنين المدني السابق . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، مادام المعيار العام الذي وضعه النص سليما ، والتزام هذا المعيار يغني عن إيراد هذه الأمثلة التي اضطر واضعو التقنين السابق إلى ذكرها في عهد لم يكن النظام الإداري فيه قد استكمل مقوماته . ويكفي أن يقرر التقنين المدني القاعدة العامة في هذا الشأن ، أما التفصيل فهو أدخل في نطاق القانون الإداري ( انظر آنفا فقرة 44 في الهامش ) .&%$ ) . ومن ثم رأينا المادة 87 مدني تنص على ما يأتي : " 1 - تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة ، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص . 2 - وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم " . ويمكن ، من مراجعة هذا النص ، إجمال المزايا التي لم يغفلها التقنين المدني الجديد فيما يأتي : ( 1 ) صرح النص في عبارة واضحة بأن معيار الأشياء العامة هو التخصيص للمنفعة العامة . ( 2 ) وبني على معيار التخصيص للمنفعة العامة أن جعل الأشياء العامة تشمل العقارات والمنقولات على السواء ، فالمنقول كالعقار إذا خصص للمنفعة العامة كان شيئا عاما . ( 3 ) وبيَّن أن التخصيص للمنفعة العامة ، كما يكون بموجب قانون أو أمر ، يجوز أن يكون تخصيصاً فعليا . ( 4 ) وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 87 مدني يصرح بأن الأموال العامة هي مملوكة للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة ، فجاء صريحا في أن حق الدولة أو الشخص العام على الأموال العامة هو حق ملكية . ولكن لجنة المراجعة حذفت كلمة " المملوكة " ، وذلك " تجنبا للأخذ برأي قاطع في هل الأموال العامة مملوكة للدولة أو أن الدولة حارسة على هذه الأموال " ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 44 في الهامش .&%$ ) . ( 5 ) وبالرغم من حذف كلمة " المملوكة " ، فقد بقي النص يميز بين الأموال العامة التي للدولة وتلك التي للأشخاص المعنوية العامة . ومقتضى ذلك أن النص اتخذ موقفا صريحا ، فجعل الأموال العامة متعددة ، بعضها للدولة وبعضها للأشخاص المعنوية العامة الأخرى . وهذا التعدد يتعارض مع فكرة الحراسة ، إذ لو لم يكن للدولة إلا الحراسة والحفظ والصيانة على الأموال العامة دون الملكية ، لاقتضى ذلك $ 100 $ وحدة الأموال العامة لا تعددها ، ولاستلزم ذلك عدم التمييز بين أموال عامة للدولة وأخرى للأشخاص المعنوية العامة دون الدولة . ( 6 ) ولم يغفل النص أخيراً أن ينص صراحة على أهم ما يترتب من الأحكام في خصوص الأموال العامة ، فقال في الفقرة الثانية من المادة 87 مدني : " وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم " ( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 480 .&%$ ) .

ولم يكن معيار " التخصيص للمنفعة العامة " ، الذي أخذ به التقنين المدني كما رأينا ، هو المعيار الذي ساد في الفقه الفرنسي في بداية الأمر . بل سبق هذا المعيار معايير ثلاثة لم تستقر ، وعدل عنها الفقه الإداري الحديث إلى معيار التخصيص للمنفعة العامة . ولذلك يكون التقنين المدني المصري متمشيا مع أحدث تطورات الفقه الإداري الحديث كما سبق القول .

وأول معيار ساد في الفقه الفرنسي( $%&[1] ) وقبل ذلك كان بعض الفقهاء ، ومنهم برودون وتولييه وديرانتون ، يرددون عبارة التخصيص للنفع العام ، ولكنهم لم يقصدوا بذلك أن يضعوا معيارا دقيقاً للتمييز بين الدومين العام والدومين الخاص ، ولم يعنوا بالبحث عن هذا المعيار . وأول من عني بهذا البحث هو ديكروك .&%$ ) هو معيار عدم قابلية الشيء للملكية الخاصة ، قال به ديكورك ( Ducrocq ) في مؤلفه في القانون الإداري( $%&[1] ) الطبعة السابعة الجزء الرابع ص 95 .&%$ ) ، وتبعه فيه برتلمي ( Berthélemy )( $%&[1] ) مؤلفه في القانون الإداري الطبعة الثالثة عشرة ص 473 .&%$ ) .وهذا المعيار يرجع إلى طبيعة الأشياء ، فما كان منها غير قابل بطبيعته لأن يتملك تملكا خاصا فإنه يدخل ضمن الأشياء العامة ، وذلك كالطرق والأنهار والمواني . وفي نظر أصحاب هذا المعيار تكون استحالة تملك الشيء تملكا خاصا هي المبرر لجعله متميزا عن الأشياء التي تقبل التملك الخاص ، ومن ثم يكون شيئاً عاما وتسري عليه أحكام الأشياء العامة وبخاصة عدم جواز التصرف فيه وعدم قابليته للتملك بالتقادم . ولكن سرعان ما لوحظ أن هذا المعيار ضيق أكثر مما يجب ، فإن كثيراً من الأشياء العامة ، كالمباني والسكك الحديدية والأسلحة والمهمات الحربية والمنقولات الأثرية والكتب المخزونة في دور الكتب العامة وغير ذلك ، قابلة للتملك الخاص . وحتى هذه الأشياء التي يقال عنها إنها غير قابلة للتملك $ 101 $ الخاص ، كالطرق والمواني ، يمكن تصورها مملوكة للأفراد والشركات فكثير من الأفراد يملك طرقا يفتحا للجمهور ويحتفظ بملكيتها فلا تنتقل إلى الدومين العام وتعتبر طرقا خاصة ، كما يمكن أن نتصور أن شركة خاصة تستأثر بملكية إحدى المواني فلا تدخل هذه الميناء في الدومين العام( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 118 ص 125 – 126 .&%$ ) .

لذلك عدل عن هذا المعيار الضيق إلى معيار أوسع ، وهو تخصيص الشيء لاستعمال الجمهور ( affectation de la chose â l'usage de tous ) ، فيكون الشيء عاما إذا كان مخصصا لاستعمال الجمهور بطبيعته كما هي الحال في الأنهار ، أو بإرادة السلطة العامة كما هي الحال في الطرق . وممن يأخذ بهاذ المعيار كولان وكابيتان ودي لاموند انديير( $%&[1] ) كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 953 ص 764 – ويأخذ أوبري ورو بمعيار تخصيص الشيء لاستعمال الجمهور ، وكذلك بمعيار تخصيص الشيء لمرفق عام الذي سيأتي ذكره ، ويأخذان بهذين المعيارين معاً في وقت واحد ( أوبري ورو 2 فقرة 169 ص 53 – ص 54 ) .&%$ ) ، ويرتبون على الأخذ به إدخال بعض المباني المملوكة للدولة والأشخاص المعنوية العامة ضمن الدومين العام ، وهي المباني المخصصة لاستعمال الجمهور كالمدارس والجامعات ومباني الوزارات والمصحات والمستشفيات والسجون والمحاكم والبورصات والمتاحف والسلخانات والأسواق والمدافن والمعابد وما إلى ذلك . ولكن المعيار يضيق عن بع العقارات وكثير من المنقولات التي يجب اعتبارها داخلة في الدومين العام .

ومن أجل ذلك عدل عن هذا المعيار أيضاً ، واتخذ معيار آخر هو معيار تخصيص الشيء لمرفق عام ( affectation de la chose au service public ) ، وممن أخذوا بهذا المعيار ديجي( $%&[1] ) القانون الدستوري الجزء الثالث الطبعة الثالثة ص 348 .&%$ ) وجيز( $%&[1] ) مقاله المنشور في مجلة القانون العام سنة 1911 ص 310 وسنة 1921 ص 364 .&%$ ) . فيدخل ، بحسب هذا المعيار ، ضمن الدومين العام أشياء لا تكون مخصصة لاستعمال الجمهور المباشر ولكنها تكون مخصصة لخدمة مرفق عام ، ومن ذلك المنقولات التي ليست مخصصة لاستعمال الجمهور وعدد كبير من المباني التي لم تخصص لاستعمال الجمهور المباشر ولكنها خصصت لخدمة مرفق عام . ولكن المعيار مع ذلك يضيق عن أشياء يكون $ 102 $ الانتفاع بها عاما ولكن عن غير طريق المرفق العام ، وذلك كمحلات العبادة في فرنسا فهذه قد خصصت للمنفعة العامة دون أن تعتبر العبادة مرفقاً عاما بعد فصل الكنيسة عن الدولة في سنة 1905( $%&[1] ) كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 954 ص 765 .&%$ ) .

وانتهى الرأي أخيراً إلى اتخاذ معيار " تخصيص الشيء للمنفعة العامة " ( affectation de la chose â l'utiltié publeque ) ، وهو الرأي الذي استقر في آخر تطورات الفقه الإداري ، وأخذ به من فقهاء القانون الإداري هوريو ورولان وفالين( $%&[1] ) هوريو في القانون الإداري الطبعة الحادية عشرة ص 646 – رولان في موجز القانون الإداري الطبعة الثانية سنة 1928 فقرة 501 – فالين في القانون الإداري الطبعة السادسة ص 508 .

هذا وقد أخذت لجنة تنقيح التقنين المدني الفرنسي ، في جلسة 6 نوفمبر سنة 1947 ، بمعياري تخصيص الشيء لاستعمال الجمهور وتخصيص الشيء لمرفق عام في وقت واحد .&%$ ) . وبهذا المعيار أخذ التقنين المدني المصري كما رأينا ، فماشى بذلك أحدث تطورات الفقه الإداري كما سبق القول . وسنورد فيما يلي أمثلة كثيرة للأشياء التي تعتبر داخلة ضمن الدومين العام طبقا لهذا المعيار ، حتى نحدد المعيار تحديداً واضحا عن طريق تطبيقاته المتعددة . ونذكر الآن أن الدولة ( أو الأشخاص المعنوية العامة الأخرى ) تخصص الشيء للمنفعة العامة ، فتنقله من الدومين الخاص إلى الدومين العام ، عن طريق رسمي بموجب قانون أو ما يقوم مقامه ، أو عن طريق فعلي . كذلك يجوز للدولة ( وللأشخاص المعنوية العامة الأخرى ) أن تخصص شيئا مملوكا للأفراد للمنفعة العامة فتدخله ضمن الدومين العام ، ولكن يشترط في ذلك أن ينتقل الشيء المملوك للأفراد أولا إلى ملكية الشخص المعنوي العام بسبب من أسباب كسب الملكية فيدخل في الدومين الخاص ، ثم ينتقل بعد ذلك إلى الدومين العام بطريق رسمي أو بطريق فعلي . فنبحث إذن المسائل الثلاث الآتية : ( 1 ) تخصيص الشيء للمنفعة العامة بطريق رسمي . ( 2 ) تخصيص الشيء للمنفعة العامة بطريق فعلي . ( 3 ) تخصيص الشيء المملوك للأفراد للمنفعة العامة .

 $ 103 $ 47 - تخصيص الشيء للمنفعة العامة بطريق رسمي : يغلب أن يكون الطريق الرسمي هو الطريق الذي يختار في الأشياء التي تعد إعداداً خاصا للمنفعة العامة ، وذلك كالمباني العامة والاستحكامات( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن عبارة الدكريتو الصادر في 3 من أغسطس سنة 1901 ومذكرته التفسيرية تقطعان بأن الغرض منه هو أن تكون منطقة بحيرة مريوط هي وما تاخمها من الأراضي المبينة بالرسم الملحق به خزانا تنصب فيه مياه الصرف والأمطار ، حتى لا تطغي هذه المياه على الأراضي المجاورة ، فهي لذلك من الأموال العامة ( نقض مدني 18 أبريل سنة 1940 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء أول ص 303 – وقارن نقض مدني 20 يونيه سنة 1935 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء أول ص 305 ) .&%$ ) . أما الأشياء المهيأة بطبيعتها للمنفعة العامة ، كالطرق وشواطئ البحار والأنهار ، فلا تحتاج إلى الطريق الرسمي ، إذ هي بطبيعتها مخصصة فعلا للمنفعة العامة .

وإذا اختير الطريق الرسمي ، فهذا الطريق يتمثل في أن تستصدر الدولة أو الشخص المعنوي العام ( كالمحافظات والمدن والقرى والهيئات العامة ) قانونا أو مرسوما ( قراراً جمهوريا ) ، بحسب ما توجبه النظم المعمول بها من استصدار قانون أو قرار جمهوري ، يخصص بموجبه للمنفعة العامة شيء داخل في الدومين الخاص للدولة أو الشخص المعنوي العام ، فيصبح هذا الشيء الذي خصص للمنفعة العامة داخلا ضمن الدومين العام بموجب القانون أو القرار الجمهوري الذي صدر في هذا الشأن .

وليس يلزم أن تكون الأداة الرسمية التي تنقل الشيء من الدومين الخاص إلى الدومين العام قانونا أو قرار جمهوريا ، بل يجوز أن تكون الأداة دون ذلك بحسب ما تقضي به النظم المعمول بها ، فيجوز أن تكون قرارا من جلس الوزراء أو قرارا وزاريا . وقد كانت الفقرة الأولى من المادة 87 مدني في أصلها تقول : " تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة ، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم " ، فصدر القانون رقم 331 لسنة 1954 يضيف إلى آخر الفقرة العبارة الآتية : " أو قرار من الوزير المختص " . وهذه الإضافة ، كما نرى ، لا تزال قاصرة ، إذ يجوز أن تكون الأداة الرسمية قرارا من مجلس الوزراء . وقد قضت محكمة النقض بأن الأرض لا تعتبر أثرية إلا إذا تقرر $ 104 $ ذلك من قبل الحكومة ، أي صدر به قرار من مجلس الوزراء ، أو على الأقل من قبل وزير الأشغال المكلف بتنفيذ قانون الآثار فيما يخصه بمقتضى المادة الثانية والعشرين منه( $%&[1] ) نقض مدني 21 فبراير سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 231 ص 611 .&%$ ) . بل إن أي قرار إداري يكفي لإلحاق الشيء بالدومين العام ، إذا نص القانون على ذلك( $%&[1] ) انظر استئناف مختلط 24 مارس سنة 1910 م 22 ص 212 .&%$ ) . ومن هذا ما نصت عليه المادة الرابعة من القرار التنفيذي لدكريتو التنظيم الصادر في 8 سبتمبر سنة 1889 من أن لمجلس التنظيم إلحاق الطرق بالمنافع العامة ، ويعني ذلك أن قرار من مجلس التنظيم يكفي لنقل الطريق من الدومين الخاص إلى الدومين العام( $%&[1] ) محمد زهير جرانة ص 160 هامش 1 - وقد تكون الأداة الرسمية شيئاً آخر كاعتماد البرلمان : انظر م 137 من دستور سنة 1923 التي تتطلب اعتماد البرلمان مقدما في إنشاء أو إبطال الخطوط الحديدية والطرق العامة والترع والمصارف وسائر أعمال الري التي تهم أكثر من مديرية – أو أخذ رأي إحدى الهيئات : انظر م 8 و 11 و 12 و 13 من القانون رقم 24 لسنة 1934 الذي كان خاصا بمجالس المديريات ، وتوجب هذه النصوص أخذ رأي مجلس المديرية في إنشاء أو إبطال الترع والمصارف العمومية الخاصة بالمديرية دون سواها ، وفي إنشاء طرق المواصلات البرية أو المائية أو الحديدية متى كانت خاصة بالمديرية دون سواها ، وكذلك في إبطال تلك الطرق أو تعديل خطوطها ، وفي إنشاء المباني الداخلة في أملاك الحكومة أو تخصيصها أو تغيير استعمالها أو إزالتها . انظر محمد زهير جرانة ص 160 – ص 161 .&%$ ) .

48 - تخصيص الشيء للمنفعة العامة بطريق فعلي : وقد لا تلجأ الدولة أو الشخص المعنوي العام إلى الطريق الرسمي لنقل شيء من الدومين الخاص إلى الدومين العام ، بل تلجأ إلى الطريق الفعلي ، فتعتمد بذلك على الواقع فعلا دون حاجة إلى استصدار قانون أو أية أداة رسمية أخرى . وسبيلها إلى ذلك هو أن تهيئ الشيء الذي كان مملوكا لها ملكية خاصة ليكون صالحا للمنفعة العامة ، وترصده فعلا لهذه المنفعة ، فيصير الشيء بموجب هذا التخصيص الفعلي داخلا ضمن الدومين العام وقد انتقل إليه من الدومين الخاص . مثل ذلك أن تخصص زوائد التنظيم لمرور أصحاب المنازل الواقعة عليها ، وتكون لا تصلح إلا لذلك لوجود استحالة فنية في تجزئتها وإضافتها إلى الملاك المجاورين ، فتصبح هذه الزوائد بموجب هذا التخصيص الفعلي $ 105 $ طريقاً عام يدخل ضمن الدومين العام ولو لم يصدر بذلك قانون أو أمر( $%&[1] ) المنصورة الكلية الوطنية 4 يناير سنة 1938 المحاماة 19 رقم 494 ص 1272 .&%$ ) .

وواقعة التخصيص الفعلي للمنفعة العامة واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق وتدخل فيها القرائن . فإثبات أن أرضا قد أصبحت مقبرة عامة يكفي فيه إثبات أن هذه الأرض قد خصصت بالفعل للدفن وأن الدفن يجرى فيها ، وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في هذا الصدد بأن هناك قرينة على تبعية الأرض للمنافع العامة مرجعها استعمال الأرض فعلا في تلك المنفعة ، من القرائن التي تدل على تبعية الأرض للمنفعة العامة الإشارة إليها في خريطة المساحة باعتبارها جبانة للمسلمين ، وإن كانت المادة 4 من دكريتو 10 أغسطس سنة 1879 تنص على أن عمليات المساحة لا يمكن أن تؤثر في مسائل الملكية أو تضر بحقوق الأفراد فيستخلص من ذلك أن ليس لخرط المساحة قيمة سندات الملكية قانونا ، إلا أنه لا يمكن القول بعد جواز الاستئناس بها كعنصر من عناصر التقدير في دعوى تقبل فيها جميع طرق الإثبات( $%&[1] ) استئناف مختلط 24 مارس سنة 1910 م 22 ص 212 .&%$ ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة كذلك بأنه لا يشترط صدور مرسوم بعمومية ترعة لتتوافر لها هذه الصفة التي تدل على قيامها ظروف إنشائها والانتفاع العام بها( $%&[1] ) استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1892 م 5 ص 212 .&%$ ) ، وبأنه للمطالبة بمال باعتباره من الأملاك العامة للدولة كالأراضي المكونة لقاع البحيرات ، ليست الدولة في حاجة لتقديم مستند ، بل يكفيها أن تتمسك بطبيعة هذه الأشياء نفسها ، أو بواقعة تخصيصها للاستعمال العام أو لمرفق عام معين أو لحاجات ضرورية لحياة الدولة( $%&[1] ) استئناف مختلط 9 يونيه سنة 1931 م 43 ص 440 – انظر محمد زهير جرانة ص 162 هامش 2 .&%$ ) .

ولمحكمة النقض الرقابة على الوصف الذي تستخلصه محكمة الموضوع مما تحصله من الوقائع فيما يتعلق بأن الشيء قد دخل في الدومين العام لتخصيصه بالفعل للمنفعة العامة( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد بأن قاضي الموضوع حر في تقدير الوقائع الثابتة لديه ، ولكن لمحكمة النقض أن تتدخل في صورة ما إذا كانت النتيجة التي استخلصها من تلك الوقائع لا تتفق مع موجب هذه الوقائع قانونا ، فإن هو قضى بأن قطعة ما من الأرض تعتبر من أملاك الحكومة الخاصة ، ورأت محكمة النقض أن الوقائع التي اتخذها أساسا لحكمه توجب اعتبار هذه القطعة مخصصة للمنفعة العامة ، كان حكمه خاطئا في تطبيق القانون ( نقض مدني 23 يونيه سنة 1932 المجموعة الرسمية 33 رقم 211 ص 434 ) . وجاء في أسباب هذا الحكم : " حيث إنه يستخلص من تقرير الخبير ومن الرسم المرفق به المقدمين لهذه المحكمة أن أرض النزاع تدخل ضمن قطعة أرض خصصت بالفعل من زمن للمنفعة العامة ، وعملت عنها خريطة في سنة 1914 أجرى الخبير تطبيقاتها فانطبقت ، وأن الأرض جميعها مسورة تقريبا من جميع جهاتها بمعرفة مصلحة السكة الحديدية ، وأن القطعة المتنازع عليها واقعة بين شريط السكة الحديدية ومساكن عمال الدريسة . وحيث إن هذه البيانات .. تدل دلالة واضحة على أن أرض النزاع مخصصة بالفعل للمنفعة العامة وأنه لا حاجة لاستصدار مرسوم بقانون بإخراجها من الأملاك الخصوصية .. بينما أنه يكفي تخصيصها لها بالفعل " .&%$ ) .

 $ 106 $ 49 - تخصيص الشيء المملوك للأفراد للمنفعة العامة : وفي كل ما قدمناه كنا نفترض أن الدولة أو الشخص المعنوي العام إنما ينقل الشيء من الدومين الخاص المملوك له إلى الدومين العام ، ولم يكن هذا من شأنه أن ينقل الشيء من ذمة مالية إلى ذمة مالية أخرى ، فالشيء في الحالتين يبقى مملوكا للدولة أو للشخص المعنوي العام ، وإنما أصبح بدخوله في الدومين العام خاضعا لأحكام تختلف عن تلك التي كان يخضع لها عندما كان في الدومين الخاص( $%&[1] ) محمد زهير جرانة ص 165 .&%$ ) .

والآن نفترض أن الدولة أو الشخص المعنوي العام قصد أن يخصص للمنفعة العامة شيئا ليس في ملكه ( أي ليس في الدومين الخاص ) ، بل هو مملوك للأفراد ، مثل ذلك أن تقصد الدولة تحويل طريق خاص مملوك لأحد الأفراد إلى طريق عام . فهنا يجب أن تمر العملية بمرحلتين : ( المرحلة الأولى ) أن تنقل الدولة أولا الطريق الخاص إلى ملكيتها الخاصة فيصبح الطريق داخلا في الدومين الخاص . ( والمرحلة الثانية ) أن تخصص الدولة ، بعد أن يصبح الطريق في الدومين الخاص ، هذا الطريق للمنفعة العامة بطريق رسمي أو بطريق فعلي على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ، وعند ذلك يدخل الطريق في الدومين العام . فلا يجوز إذن أن تعمد الدولة إلى الطريق الخاص وتدخله مباشرة في الدومين العام ، قبل أن تنقل ملكيته إليها فيدخل أولا في الدومين الخاص ومنه ينتقل إلى الدومين العام . ولو فعلت الدولة ذلك ، وخصصت الطريق رأسا للمنفعة العامة قبل أن تنقل ملكيته إليها ، لكان هذا عصبا غير مشروع .

بقي أن نحدد كيف تنتقل ملكية الشيء المملوك لأحد الأفراد إلى دومين $ 107 $ الدولة الخاص ، تمهيداً لتخصيصه بعد ذلك للمنفعة العامة وإدخاله في الدومين العام . يكون ذلك عادة بالطرق المعروفة لكسب الملكية في القانون المدني ، والطرق التي يمكن تصورها هنا هي العقد والالتصاق والتقادم . فيجوز للدولة أن تشتري الشيء المملوك لأحد الأفراد من صاحبه ، فتنتقل ملكية الشيء إلى الدومين الخاص بموجب عقد الشراء ، ثم تخصصه الدولة بعد ذلك للمنفعة العامة فيدخل في الدومين العام . كذلك يجوز أن تتملك الدولة الشيء عن طريق الالتصاق ، فيصبح ملكا لها ويدخل في الدومين الخاص مع دفع التعويض الواجب قانونا للمالك الأصلي ، ثم تخصصه بعد ذلك للمنفعة العامة . ويجوز أخيراً أن تتملك الدولة الشيء المملوك لأحد الأفراد عن طريق التقادم ، وهذا يعق كثيراً ، فإذا تم التقادم وأصبحت الدولة مالكة للشيء فدخل في الدومين الخاص ، خصصته بعد ذلك للمنفعة العامة فيدخل في الدومين العام( $%&[1] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن مجرد استعمال قطعة أرض لمرور العامة لا يكفي لجعلها طريقاً عاما ، ويجب على الحكومة ، إذا دعت أن قطعة أرض صارت بمضي المدة طريقا عاما ودخلت ضمن الأملاك المخصصة للمنافع العامة ، أن تثبت وضع يدها عليها المدة القانونية بطريقة ظاهرة ومستمرة ، كأن تثبت مثلا أنها رصفت هذه الأرض أو جعلت فيها مماشي أو غرست أشجاراً أو مدت أنابيب غاز أو أقامت عليها المصابيح ( استئناف وطني أول ديسمبر سنة 1909 المجموعة الرسمية 11 رقم 30 ص 33 ) .&%$ ) .

على أنه يضاف إلى طرق كسب الملكية المقررة في القانون المدني ، بالنسبة إلى الدولة وإلى الأشخاص المعنوية العامة ، طريق نزع الملكية للمنفعة العامة . فيجوز للدولة وللمحافظات والمدن والقرى والهيئات العامة وغير ذلك من الأشخاص المعنوية العامة أن تنزع ملكية الأفراد بموجب إجراءات رسمها القانون ، لقاء تعويض رسم القانون أيضاً طريقة تحديده . فإذا لجأت الدولة أو الشخص المعنوي العام إلى طريق نزع الملكية ، فإنه ينقل بهذا الطريق الشيء المملوك لأحد الأفراد إلى ملكه الخاص ( الدومين الخاص ) أولا ، ثم يخصصه بعد ذلك للمنفعة العامة ، فيدخل ضمن الدومين العام( $%&[1] ) ويقول الأستاذ محمد زهير جرانة في هذا الصدد : " ويلاحظ ، خلافا لما يعتقده الكثيرون ، أن نزع ملكية العقار للمنفعة العامة لا يستتبع حتما اعتبار العقار من الأموال العامة ، فليس هناك تلازم حتمي بين دواعي المنفعة العامة التي تقتضي نزع الملك عن بعض الأفراد وبين اعتبار العقارات المنزوعة أموالا عامة . ذلك أن صفة العمومية في المال وليدة تخصيصه للانتفاع العام به . أما دواعي المنفعة العامة في نزع الملكية فقد تتحقق وتستوفي غايتها من غير حاجة إلى إسباغ صفة العمومية على العقارات المنزوعة ، وإن كان يغلب في العمل أن اللجوء إلى نزع الملكية يراد به إلحاق العقارات المذكورة بالأموال العامة .. وعلى هذا فيشترط لصيرورة العقار في هذه الصورة من الأموال العامة أن ينص في مرسوم نزع الملكية على تخصيصه للمنفعة العامة ، أو تخصيصه بالفعل باعتبار أنه أصبح من أموال الدولة لهذه المنفعة ، وإلا اعتبر من الأموال الخاصة " ( محمد زهير جرانة ص 174 ) – وانظر أيضاً هوريو في موجز القانون الإداري الطبعة الحادية عشرة ص 725 – أوتوماير في القانون الإداري الألماني الترجمة الفرنسية جزء 3 طبعة سنة 1905 ص 52 – جانس فقرة 244 – فقرة 245 – محمد كامل مرسي في مقاله عن الأموال الخاصة والعامة ص 782 وص 784 .&%$ ) .

 $ 108 $ فإذا لم يلجأ الشخص المعنوي العام إلى إجراءات نزع الملكية ، ولم يلجأ في الوقت ذاته إلى أي طريق آخر من طرق كسب الملكية التي سبق ذكرها حتى يضيف الشيء المملوك لأحد الأفراد إلى ملكه الخاص تمهيداً لتخصيصه بعد ذلك للمنفعة العامة فينتقل إلى الدومين العام ، إذا لم يلجأ إلى شيء من ذلك بل عمد رأسا إلى تخصيص الشيء للمنفعة العامة ، قاصداً بذلك نقله مباشرة من ملكية مالكه الأصلي إلى الدومين العام ، فهذا هو الغصب غير المشروع كما قدمنا . وبالرغم من أن هذا غصب غير مشروع ، فإن محكمة النقض مع ذلك لا تتعرض لعدم صحة دخول الشيء في الدومين العام ، وتكتفي بالحكم بتعويض للمالك الأصلي . وقد قضت في هذا المعنى بأن للمالك الذي اغتصب ملكه ، وأضيف إلى المنافع العامة بغير إتباع الإجراءات القانونية لنزع الملكية ، حق مطالبة الحكومة بفائدة تعويضية مقابل ريع الأرض الذي نزعت ملكيتها منه جبراً عنه( $%&[1] ) نقض مدني 8 يونيه سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 130 ص 234 – وانظر أيضا نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 153 ص 290 – 15 أبريل سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 51 ص 144 – 14 أبريل سنة 1938 المحاماة ة 19 رقم 27 ص 48 – 16 فبراير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 165 ص 505 .&%$ ) . ويؤخذ على هذا المبدأ الذي قررته محكمة النقض أن المحكمة لا تقيم وزنا لواقعة الغصب ، ويستوي طبقا لهذا المبدأ المالك الذي نزعت ملكيته طبقاً للإجراءات التي رسمها القانون والمالك الذي غصب الشيء المملوك له دون إتباع الإجراءات القانونية ، فكلاهما يقتصر حقه على التعويض ، الأول عند اتخاذ الإجراءات القانونية لنزع ملكيته ، والثاني عندما يقاضي $ 109 $ الشخص العام على أثر الغصب . وكان الواجب التمييز بين الحالتين ، ففي الحالة الأولى ، إذا اتبعت الإجراءات التي رمسها القانون ، كان انتقال الشيء إلى الدومين العام صحيحاً ، واقتصر حق المالك الأصلي على التعويض الذي يحصل عليه عند إتباع الإجراءات القانونية . أما في الحالة الثانية فالأمر يختلف ، إذ أن الشخص المعنوي العام قد غصب من المالك ملكه ولم يتبع الإجراءات التي رسمها القانون ، فالواجب إذن اعتبار هذا الغصب عملا غير مشروع وليس من شأنه أن يسلب المالك ملكه . ومن ثم يكون الشيء لا يزال باقيا على ملك صاحبه ، فلا يمكن إذن أن يكون قد انتقل إلى الدومين العام ، وتقضي المحكمة في هذه الحالة برد الشيء عينا إلى صاحبه مع التعويض إذا كان له محل . وعلى الشخص المعنوي العام ، إذا بقي مصراً على إلحاق الشيء بالدومين العام ، أن يبدأ أولا بإتباع الإجراءات القانونية لنقل ملكية الشيء إلى الدومين الخاص ، كأن يتخذ إجراءات نزع الملكية . فإذا تمت هذه الإجراءات وانتقل الشيء إلى الملكية الخاصة للشخص المعنوي العام ، عمد هذا إلى تخصيصه للمنفعة العامة فينتقل بذلك إلى الدومين العام( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى محمد زهير جرانة ص 183 – محمد كامل مرسي في مقاله عن الأموال الخاصة والعامة ص 781 – محمد علي عرفة فقرة 115 – عبد المنعم الشرقاوي في شرح قانون المرافعات فقرة 125 ص 191 – أسيوط الجزئية 6 مايو سنة 1930 المحاماة 14 رقم 330 ص 652 – الإسكندرية الكلية الوطنية 15 فبراير سنة 1940 المحاماة 20 ص 1008 – وانظر هوريو في القانون الإداري طبعة 11 ص 31 – أوتوماير 3 ص 146 .

وهناك رأي يذهب إلى التمييز بين ما إذا ترتب على تخصيص المال المغصوب للمنفعة العامة تغيير في معالمه فيصبح نهائيا من الأموال العامة ولا تزول عنه هذه الصفة ويقتصر حق المالك الأصلي على المطالبة بالتعويض ، وبين ما إذا لم تتغير معالم العين بتخصيصها للمنفعة العامة فلا تلحقها صفة المال العام ولا يسقط عنها حق صاحبها وترد إليه عينا ( محكمة استئناف أسيوط 14 مايو سنة 1932 المحاماة 13 رقم 360 ص 725 – وحيد رأفت في القانون الإداري ص 1012 ) . وانظر في الرد على هذا الرأي محمد زهير جرانة ص 184 وهامش رقم 1 .&%$ ) .

2 - أمثلة للأشياء العامة أي للأشياء المخصصة للمنفعة العامة

50 - تعداد للأشياء العامة : أوردت المادتان 9 و 10 من التقنين المدني $ 110 $ الوطني السابق ، كما رأينا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 44 في الهامش .&%$ ) ، تعدادا للأشياء العامة ، لا على سبيل الحصر بل على سبيل التمثيل . وقد أغفل التقنين المدني الجديد هذا التعداد اكتفاء بما وضعه من معيار التخصيص للمنفعة العامة ، وهو معيار يضع تعريفاً عاما تتعين بمقتضاه الأشياء العامة دون حاجة إلى تعدادها( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 46 .&%$ ) . ومع ذلك فإننا إذا أردنا إيراد أمثلة للأشياء العامة ، فإن هذا التعداد الذي أغفله التقنين المدني الجديد يشتمل على أمثلة كثيرة فيها كل الغناء . لذلك نعود إلى هذا التعداد على أن نحور في الترتيب الذي ورد في التقنين المدني السابق ، متوخين في هذا التحوير أن نرتب الأشياء العامة تبعا لموقعها ( أرضية ونهرية وبحرية ) ، وتعبا للأغراض التي أعدت لها ( أشياء عامة حربية وأشياء عامة ذات غرض ديني أو خيري ومبان أعدت لتكون مقراً للمصالح الحكومية ) ، وتبعا لطبيعة الشيء ( المنقولات وحقوق الارتفاق ) . وعلى هذا الأساس نورد التعداد على الوجه الآتي :

1 - أشياء عامة أرضية؛ الطرق والشوارع والقناطر والحواري ، والسكك الحديدية وخطوط التلغرافات ( والتلفونات ) .

2 - أشياء عامة نهرية : الأنهار والنهيرات التي تمكن الملاحة فيها ، والترع العامة ( والمصارف العامة ) ، والمين والمرافئ والأرصفة والأراضي والمباني اللازمة للانتفاع بالأنهار والنهيرات والترع ( والمصارف ) ولمرورها .

3 - أشياء عامة بحرية : الشواطئ ، والأراضي التي تتكون من طمي البحر ، والأراضي التي تنكشف عنها المياه ، والمين والمراسي والموارد والأرصفة والأحواض ، والبرك والمستنقعات المستملحة المتصلة بالبحر مباشرة ، والبحيرات المملوكة للميري .

4 - أشياء عامة حربية : الحصون والقلاع والخنادق والأسوار والأراضي في مناطق الاستحكامات ، ولو رخصت الحكومة في الانتفاع بها لمنفعة عمومية أو خصوصية ، والترسانات والقشلاقات والأسلحة والمهمات الحربية والمراكب الحربية .

 $ 111 $ 5 - أشياء عامة ذات غرض ديني أو خيري : الجوامع وكافة محلات الأوقاف الخيرية المخصصة للتعليم العام أو للبر والإحسان ، والمرافق .

6 - المباني الحكومية : العقارات الميرية ، مثل السرايات والمنزل وملحقاتها المخصصة لإقامة ولي الأمر أو للنظارات أو المحافظات أو المديريات ، وعلى العموم كافة العقارات المعدة لمصلحة عمومية .

7 - المنقولات : مراكب النقل أو البوستة ( أو الطيارات ) ، والدفترخانات العمومية والأنتيكخانات والكتبخانات الميرية والآثار العمومية وكافة ما يكون مملوكا للحكومة من مصنوعات الفنون أو الأشياء التاريخية ، ونقود الميري .

8 - حقوق الارتفاق : حقوق التطرق المتعلقة بالشوارع ومجاري المياه والأشغال العمومية والأعمال الحربية ، وعلى وجه العموم كافة ما تقتضيه حقوق الارتفاق التي تستلزمها ملكية الأملاك الميرية المذكورة ، أو توجبها القوانين والأوامر الصادرة لمنفعة عمومية .

ونستعرض هذه الأشياء تباعا .

51 - أشياء عامة أرضية : تعتبر الطرق والشوارع والقناطر والحواري المخصصة لمنفعة العامة ، أي المخصصة لمرور الجمهور ، أشياء عامة . وتكون هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة إما بموجب قانون أو ما يقوم مقامه وهذا هو التخصيص الرسمي ، أو بموجب التخصيص الفعلي ، بأن يكون الطريق أو الشارع مطروقا يمر فيه الجمهور من مدة طويلة ، أو أن تكون الإدارة قد تولت العناية بالطريق أو الشارع فعبدته للمرور ورصفته وأنارته وغرست فيه الأشجار مثلا . ولاعتبار طريق أو شارع مخصصا للمنفعة العامة ، لا يشترط أن توجد مصلحة تنظيم في الجهة التي يوجد فيها الطريق أو الشارع( $%&[1] ) استئناف وطني 7 أبريل سنة 1914 الشرائع 1 رقم 309 ص 160 .&%$ ) . ولا يشترط كذلك أن يكون الطريق أو الشارع على نفقة الحكومة كما تشترط ذلك المادة 538 مدني فرنسي ، وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن القانون المدني الأهلي قد أطلق النص الخاص بالطرق من كل قيد ومن كل شرط إلا عدم ملكية الأفراد لها ، فليس ثمة شرط الصرف على الطرق بمعرفة الحكومة $ 112 $ - كما جاء في القانون الفرنسي – من الشروط التي يمنع الإخلال بها من اعتبار هذه الطرق من المنافع العمومية ، ولا تحتاج إلى أوامر إدارية أخرى غير اعتبارها متروكة للتطرق( $%&[1] ) نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 48 ص 277 . وقد جاء في هذا الحكم بأن الفقرة الأولى من المادة التاسعة من القانون المدني ( السابق ) صريحة في اعتبار الطرق – بوصف أنها طرق مهما كانت حالتها ومهما كان موقعها ومبلغ العناية بها – هي من الأملاك العامة ، بشرط واحد هو ألا تكون ملكا لبعض أفراد الناس . فإذا ما اعتبرت الحكومة جزءاً من أرض طريقا ، وطرح الأمر على المحكمة ، وجب على المحكمة أن تقصر بحثها على معرفة ما إذا كان لهذا الجزء مالك أم أنه لا مالك له . ففي الحالة الأولى لا يمكن اعتباره من الأملاك العمومية ، إلا إذا أثبتت الحكومة أنها تملكته أو أنها قامت بجميع الإجراءات التي يفرضها عليها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة . وأما في الحالة الثانية فيجب اعتباره من أملاكها العمومية ، التي لا يجوز تملكها بوضع اليد مهما طالت مدته .&%$ ) . ويجوز للأفراد فتح طرق أو شوارع خاصة في ملكهم ، ويبقى الطريق أو الشارع ملكا خاص لصاحبه ، ويدل على ذلك بعلامة مادية هو أن يسد طرفي الطريق أو الشارع بباب أو درابزين أو جنزير لمنع مرور الجمهور فيه ( المادة 9 من الأمر العالي الصادر في 26 أغسطس ) سنة 1889 في خصوص أحكام مصلحة التنظيم ) . ويجوز أن ينتقل الطريق أو الشارع من ملك الفرد الخاص إلى الدومين العام ، وذلك بأن يتنازل المالك عن الطريق أو الشارع للحكومة وتخصصه هذه للمنفعة العامة ، وقد يكون التنازل ضمنيا كما لو أجرت الحكومة وضع النور أو الرصف وسكت المالك عن ذلك( $%&[1] ) نقض مدني 16 مايو سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 208 ص 508 – استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 127 – 27 ديسمبر سنة 1934 م 47 ص 80 – ويعتبر تنازل المالك عن الطريق أو الشارع الخاص للحكومة لتحويله إلى طريق أو شارع عام ، وكذلك تنازل المالك للحكومة عن قطعة أرض لإنشاء شارع نظير الفائدة المرجوة من إنشاء الشارع ، تنازلا بعوض ، فلا يلزم تحرير ورقة رسمية بل تكفي الورقة العرفية ( نقض مدني 28 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 157 ص 292 – استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1914 م 26 ص 237 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 122 ص 140 هامش 1 – محمد علي عرفة فقرة 128 ص 158 – وانظر عكس ذلك استئناف مصر 17 فبراير سنة 1924 المحاماة 4 رقم 411 ص 538 ) .&%$ ) . وللإدارة الحق في تعديل الطرق والشوارع العامة وفي إلغائها ، أما الملاك المجاورون للطريق العام فينحصر حقهم في تمكينهم من الوصول إلى $ 113 $ أملاكهم وفي تمتيعهم بما هو ضروري من النور والهواء( $%&[1] ) نقض مدين 16 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 263 ص 772 – استئناف مختلط 5 يناير سنة 1894 م 6 ص 94 ( إذا ترتب على تنفيذ أعمال مقررة لمصلحة عامة على طريق عام إضعاف متانة المنازل المجاورة أو تغيير المنافذ أو سد المناور ، فالإدارة ملزمة بالتعويض ) – استئناف مختلط 29 أبريل سنة 1908 م 20 ص 193 ( الملاك المجاورون للطريق العام لا يستطيعون المعارضة في تعديل الطريق أو إلغائه ، ولكن لهم أن يطالبوا الإدارة بالتعويض ) – استئناف مختلط 13 مايو سنة 1909 م 21 ص 346 ( إنشاء مرحاض عام في طريق عام لا يكون سبباً لمطالبة الملاك المجاورين بالتعويض إلا إذا أثبتوا أن الإدارة قد سببت لهم بإهمالها أضراراً تفوق الأضرار التي تلازم عادة مثل هذه المشروعات العامة ) .

وانظر محمد كامل مرسي 1 فقرة 123 ، والأحكام المشار إليها فيه .&%$ ) .

ويدخل في الأشياء العامة السكك الحديدية وخطوط التلغراف وخطوط التلفون ، وكل ما آل أو يؤول إلى الدولة أو إلى البلديات من وسائل النقل العام كالترام والأوتوبيسات والمطارات والطائرات وغيرها . وفيما يتعلق بالسكك الحديدية هناك منشور قديم ، كان له وقت صدوره قوة القانون ولا يزال معمولا به حتى الآن ، وهو منشور باشمعاون الخديوي الذي صدر في 20 المحرم سنة 1281 ( 25 يوليه سنة 1864 ) ، وينص على ما يأتي : " الأراضي المجاورة لجانبي السكة الحديد لا يجوز بيع شيء منها ، ما لم يكن من بعد كل خندق من الجهتين بخمس أقصاب . والغير جائز التصريح ببيعه إنما هو جسر السكة والجنابيتان المجاورتان له والجسران اللذان بجانبهما المعدان للمرور والعبور كما هو مرسوم ومقنن من ديوان الأشغال والسكة الحديد ، بما أن ذلك من الجسور والطرق العمومية التي لا يجوز فيها بيع ولا شراء ، وما عدا ذلك بالطبع يجري فيه البيع والشراء بخلافه . وأما أرض الخنادق عند جفافها من الماء إذا كانت تستعد للزراعة وتكون من المضاف بالمال أو بالعشور ، فيمكن للمضافة عليه الانتفاع بزراعتها ، بحيث أن الزراعة التي تجري بها لا تضر بسكة الحديد ولا يترتب عنها حرمان مرور المياه الصيفي أو الشتوي بالخنادق المذكورة " ( $%&[1] ) انظر محمد كامل مرسي 1 فقرة 128 ص 155 - ص 156 .&%$ ) . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن يعتبر جسر السكة الحديدية والجنابية من المنافع العامة بمقتض منشور الباشمعاون الصادر سنة 1281 هجرية ، والذي كان له قوة القانون قبل صدور قانون نزع الملكية ، وطبقاً لقائمة التالف التي $ 114 $ عملت بناء على منشور الباشمعاون وتضمنت بيان الأرض التي أخذت للسكة الحديدية وأدخلت في المنافع العامة( $%&[1] ) استئناف مصر 24 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 427 ص 825 – وانظر أيضاً استئناف وطني 30 ديسمبر سنة 1912 المجموعة الرسمية 14 رقم 33 ص 62 – 9 فبراير سنة 1916 المجموعة الرسمية 17 رقم 65 ص 107 .

وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن منشور باشمعاون خديوي الذي صدر في 20 المحرم سنة 1281 هو الأصل الذي يجب الرجوع إليه لمعرفة ما هي الحالة القانونية للأراضي التي تمر عليها السكك الحديدية والأراضي التي تجاور هذه السكك . وقد قسم المنشور المذكور هذه الأراضي إلى قسمين . وجعل الأول من المنافع العمومية التي لا يجوز بيعها ولا التصرف فيها ، وهي جسور السكك الحديدية والخندقان المجاوران لها يمنياً وشمالا والطريق المعد لمرور الناس بجانب كل خندق . وجعل على القسم الثاني منها حق الارتفاق لمصلحة السكك الحديدية ، وهذا القسم يشمل الأراضي التي لا تبعد عن الطريق المجاور للخندق أكثر من خمس أقصاب . وقد اعتبر هاذ المنشور أن كل جسر من جسور السكك الحديدية يجاوره خندق من كل جهة ، ولكن هذا الاعتبار القانوني لا يؤخذ منه أن هذه الخنادق جيب أن تكون موجودة فعلا وفيها مياه ، بدليل أن المنشور نفسه فرض عكس ذلك وسمح بزرع أرض الخنادق إذا جفت ، ولكن جفاف هذه الخنادق واستعمالها للزراعة هو شيء عارض ( استئناف وظني 28 ديسمبر سنة 1908 الاستقلال 6 ص 376 ) .

وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن النص العربي المنشور ص 1281 هجرية لملحق بلائحة الأطيان السعيدية تحت رقم 14 لو ترجم ترجمة صحيحة لظهر : أولا أن جسر السكك الحديدية والخندقين المجاورين له والجنابيتين المجاورتين للخندق والمعدتين للمرور هي ملك الدولة ملكا مطلقاً ولا يجوز التصرف فيها ولا امتلاكها بالتقادم – ثانيا أن الأرض الواقعة في المنطقة خمس أقصاب ( 17 متراً و 75 سنتيمتراً ) من بعد الجنابيتين المجاورتين للخندقين ليست ملكا لمصلحة السكك الحديدية ولا حق لها في تحصيل إيجارها ، ولكن إذا انتقلت ملكية هذه الأراضي كان للمصلحة الحق في التدخل والاتفاق مع المشتري على شروط الامتلاك وكيفيته ، منعا لما عساه أن يصيب المصلحة من الضرر وحتى لا يتعطل سير السكك الحديدية . فللمصلحة إذن حق ارتفاق من نوع خاص ( sui generis ) لطمئن إلى طريقة انتفاع المشتري بالأرض بحيث لا يتعارض انتفاعه مع مصلحتها أو يعطل طريق استغلالها ( استئناف مختلط 11 يناير سنة 1893 م 5 ص 177 – 10 مايو سنة 1902 م 14 ص 292 – 17 ديسمبر سنة 1902 م 15 ص 59 – 26 مايو سنة 1904 م 16 ص 281 – 16 أبريل سنة 1914 م 26 ص 235 – 27 نوفمبر سنة 1918 م 30 ص 250 – 9 نوفمبر سنة 1920 م 33 ص 7 ) . وانظر محمد كامل مرسي 1 فقرة 128 ص 127 .

ويتبين من ذلك أن الأرض الواقعة في منطقة خمس أقصاب من بعد الجنابيتين المجاورتين للخندقين هي ملك خاص للأفراد ولهم حق التصرف فيها بعد مراعاة حق مصلحة السكك الحديدية من الاتفاق مع المشتري على شروط التملك وكيفيته ، ويجوز تملكها بالتقادم ( محمد علي عرفة فقرة 129 ص 161 – محمد زهير جرانة ص 187 – ص 189 ) .&%$ ) .

 $ 115 $ 52 - أشياء عامة نهرية : ويعتبر من الأشياء العامة نهر النيل ، مياهه ومجراه وقاعه وجسوره( $%&[1] ) استئناف مختلط 10 أبريل سنة 1890 م 2 ص 137 – 21 مارس سنة 1895 م 7 ص 301 – 22 يناير سنة 1896 م 8 ص 79 – وقد قضى بأنه يدخل المنافع العامة مسطح النهر بما في ذلك المجرى بمعناه الواسع ويشمل الفروع المختلفة والقاع حتى الجسور ، فليس للملاك المجاورين حق القيام بأعمال تفيد كسب الملكية ولا بأعمال لاتقاء الفيضان بدون ترخيص من الحكومة ( استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1917 م 29 ص 365 ) . وقضى أيضاً بأن ما يتبع الأنهار الصالحة للملاحة ، أي الضفاف العالية والأراضي الواقعة على جسور النيل ، يعتبر من أملاك الحكومة العامة ، فلا تقبل التملك بالتقادم ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1933 م 45 ص 131 ) .&%$ ) وفروعه( $%&[1] ) استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1917 م 29 ص 365 .&%$ ) . فيجوز للأفراد ولملك الأراضي المجاورة للنيل الاستفادة من مياهه( $%&[1] ) استئناف مختلط 4 مايو سنة 1892 م 4 ص 278 – 29 فبراير سنة 1912 م 24 ص 170 – 17 أبريل سنة 1917 م 29 ص 365 .&%$ ) . أما المجرى فهو خط يتحدد بالمتوسط بين أعلى مياه يصل إليها النيل في أعلى فيضانه وأعلى مياه يصل إليها في أخفض فيضانه ، وذلك في خلال مدة طويلة من السنين فيما عدا السنين الذي يكون فيها العلو أو الانخفاض استثنائيا( $%&[1] ) وقد قضى بأن فراش ( lit ) النهر أو مرجاه يتحدد بالمنسوب الذي يصل إليه أعلى مياه النهر في وقت الفيضان العادي ، أي المتوسط في عدة سنين ، ماعدا التي يكون فيها لعلو أو الانخفاض استثنائيا ، فكل ما يدخل في هذه المنسوب يعتبر جزءا من مجرى النهر فيكون من الأملاك العامة ( مصر الكلية 23 مارس سنة 1935 المحاماة 16 رقم 176 ص 396 ) . وقضى بأن الأطيان التي أغرقتها المياه إذا كانت تعد بحسب طبيعة موقعها جزءاً من مجرى النهر ، ولما ارتفع منسوبها بتراكم الطمي أبيح تمليكها للأهالي ، فإن هذا التمليك لا يعني أنها لم تعد جزءاً من مجرى النهر ، لأن الواقع أنها جزء منه ، ولذلك فإن ملكية أصحابها تكون محملة بحق ارتفاق مقرر لمنفعة العامة من مقتضاه أن تغمرها مياه النهر عند الحاجة لتجري مياهه فيها هذه طليقة بين جسرين ، دون أن يكون لأصحابها حق في التعويض عن ذلك ، ولذلك تكون الحكومة غير ملزمة قانونا بالمحافظة عليها من الغرق ( مجلس الدولة 11 مايو سنة 1950 مجموعة مجلس الدولة 4 رقم 224 ص 737 ) . وانظر نقض مدني 14 مايو سنة 1936 المحاماة 17 رقم 81 ص 171 – استئناف مختلط 6 أبريل – سنة 1926 م 38 ص 326 – 9 أبريل سنة 1929 م 41 ص 346 – 17 يناير سنة 1933 م 45 ص 131 – 22 مارس سنة 1949 م 61 ص 89 – محمد كامل مرسي فقرة 137 – محمد علي عرفة فقرة 128 ص 159 – وحيد رأفت ص 1000 .&%$ ) . فكل الأراضي والجزر التي تدخل في هذا المنسوب تعتبر جزءاً من مجرى النيل . وتعتبر الأراضي الواقعة على جسور $ 116 $ النيل من الأشياء العامة التي لا يجوز تملكها بالتقادم( $%&[1] ) نقض مدني 14 مايو سنة 1936 المحاماة 17 رقم 81 ص 171 – استئناف مختلط 17 يناير سنة 1933 م 45 ص 131 .&%$ ) ، ولا إجراء أعمال لاتقاء الفيضان بغير ترخيص من جهة الإدارة( $%&[1] ) استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1917 م 29 ص 365 – محمد علي عرفة فقرة 128 ص 159 .&%$ ) .

كذلك يدخل ضمن الأشياء العامة الترع العامة والمصارف العامة . والترعة العامة هي كل مجرى معد للري تكون الدولة قائمة بنفقات صيانته ، ويكون مدرجا بسجلات وزارة الأشغال ( م 2 من قانون الري والصرف )( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن اتصاف ترعة بأنها عمومية أو غير عمومية أمر قانوني بينته لائحة الترع والجسور ، فمن واجب المحكمة إذن أن تراعي في قضائها ما جاءت به تلك اللائحة في هذا الصدد . فإذا هي لم نفعل ، واعتمدت فقط في قيام صفة الترعة على تقرير الخبير المؤسس على تطبيق خريطة فك الزمام المرسوم عليها ما يفيد أن الترعة بجسريها عمومية ، كان حكمها متعينا نقضه ( نقض مدني 14 أبريل سنة 1938 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء أول ص 303 ) .&%$ ) . والمصرف العام هو كل مجرى معد الصرف تكون الدولة قائمة بنفقات صيانته ، ويكون مدرجا بسجلات وزارة الأشغال ( م 3 من قانون الري والصرف ) . ومقتضى أن يكون المجرى ترعة عامة ومصرفا عاما أنه يجوز للجميع الانتفاع بالترعة واستعمال لمياهها لري أراضيهم ، والانتفاع بالصرف واستعماله لصرف المياه فيه . وقد وضعت قيود على هذا الاستعمال لضمان توزيع المياه توزيعا عادلا ، وتسهيل الملاحة ، والانتفاع بالجسور ، من ذلك قلع الأشجار المغروسة في جسور الترع ، إذا ثبت أنها تعوق سير مياه الترعة أو تعطل الملاحة فيها أو تعطل المرور على جسورها ( م 9 من قانون الري والصرف ) ، وحظر إنشاء مأخذ المياه في جسور النيل أو جسور الترع العامة إلا بترخيص ( م 36 من قانون الري والصرف ) ، ووجوب الحصول على ترخيص لإقامة أية آلة من الآلات الرافعة التي تدار بغير اليد كالساقية أو التابوت ( م 45 من قانون الري والصرف ) . وتعتبر جسور الترع والمصارف العامة من الأشياء العامة ، فلا يصح تملكها بالتقادم( $%&[1] ) استئناف وطني 24 مارس سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 92 ص 180 – استئناف مختلط 23 مارس سنة 1917 م 29 ص 287 – 9 أبريل سنة 1929 م 41 ص 346 – محمد علي عرفة فقرة 128 ص 159 – ومسطاح الترعة ( banquette du canal ) الواقع بين جسرها والماء يعتبر من الأشياء العامة ، ولا تزول عنه هذه الصفة إلا بحادث طبيعي أو بأمر إداري ينقله إلى الأشياء الخاصة ( استئناف مختلط 13 مارس سنة 1917 م 29 ص 287 – 19 فبراير سنة 1935 م 47 ص 155 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 142 – محمد علي عرفة فقرة 128 ص 160 هامش 2 ) .&%$ ) – ولكن يجوز الترخيص للأفراد في زراعة $ 117 $ جسور الترع ، ويصدر الترخيص من وزارة الري ، ولها أن تقيده بالشروط التي تراها لازمة لمنع الإضرار بصالح الري والصرف ( م 8 من قانون الري والصرف ) .أما المساقي والمصارف الخاصة فهي مملوكة للأفراد ، ولكن يجوز لهم التنازل عنها للحكومة لتصبح ترعا ومصارف عامة تتولى الحكومة صيانتها . كما يجوز بقرار جمهوري أن تعتبر أية مسقاة أو مصرف خاص ترعة أو مصرفا عاما إذا كانت المسقاة متصلة مباشرة بالنيل أو بترعة عامة تستمد المياه من أيهما ، أو كان المصرف الخاص متصلا مباشرة بالنيل أو بمصرف عام أو ببحيرة يصب في أي منها . ولا تدفع الحكومة أية تعويضات عن الأرض المشغولة بالمسقاة أو المصرف قبل اعتباره عاما ( م 4 من قانون الري والصرف ) . وبقاء ترعة أو مصرف ضمن الأشياء العامة منوط بكون الحكومة مستمرة على تولي حفظها وصيانتها وتطهيرها ، فإذا انقطعت الحكومة عن ذلك جاز أن يؤول انقطاعها نقلا للترعة أو المصرف من الأشياء العامة إلى الأشياء الخاصة ، وكذلك يكون الحكم بالنسبة إلى الجسور( $%&[1] ) نقض مدني 4 فبراير سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 34 ص 86 ( بالنسبة إلى الترعة أو المصرف ) – استئناف مختلط 17 مارس سنة 1902 م 14 ص 191 ( بالنسبة إلى الجسور ) .&%$ ) .

ويتبين من ذلك أن الأشياء العامة النهرية ( donaine public fluvial ) إما أن تكون طبيعية وهي نهر النيل ، أو صناعية وتشمل الترع والمصارف والمين والمرافئ والأرصفة والأراضي والمباني اللازمة للانتفاع بالنهر أو الترع( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 145 .&%$ ) .

53 - أشياء عامة بحرية : وشواطئ البحر ( ravages de la mer ) تعتبر من الأشياء العامة ، والشاطئ يشمل الأرض التي يغطيها أعلى أمواج $ 118 $ الشتاء ، ويرجع في تحديدها إلى الطبيعة( $%&[1] ) استئناف مختلط 10 يونيه سنة 1907 م 19 ص 87 – أول يونيه سنة 1920 م 32 ص 339 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 132 ص 159 – محمد علي عرفة فقرة 128 ص 158 – أما البحر ذاته فالدولة ليس لها فيه إلا حق السيادة على المياه الإقليمية ( la mer territoriale ) ، وتقدر بمدى مرمى المدفع . وكان هذا المدى يبلغ ثلاثة أميال بحرية ( أي 5556 متراً ) ، ولكنه زاد بعد ذلك كثيراً ، وهناك ميل إلى تحديد هذا المدى في الوقت الحاضر بمقدار 12 ميلا بحريا . انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 124 ص 134 هامش 1 والمراجع المشار إليها فيه .&%$ ) . فلا يجوز التصرف في شواطئ البحر على هذا التحديد ، كما لا يجوز تملكها بالتقادم( $%&[1] ) استئناف مختلط 3 مارس سنة 1904 م 16 ص 151 – وقد قضت محكمة النقض بأنه لما كان شاطئ البحر من الأملاك العامة ، كانت الأكشاك التي تقيمها البلدية عليه لفرض تنظيم الانتفاع والاستمتاع به وتيسيرهما من الأملاك العامة كذلك بالتبعية والتخصيص ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1944 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء أول ص 302 ) .&%$ ) . ولا يجوز أخذ رمال أو أحجار أو حصى أو مواد أخرى من شواطئ البحر ( وهي من الأملاك العامة كما رأينا ) ، أو من الأراضي التي تتكون من طمي البحر أو التي ينكشف عنها بالبحر ( وهي من أملاك الحكومة الخاصة كما سنرى ) ، في السواحل التي تعين بقرار يصدره المحافظ أو المدير ، وإلا كانت العقوبة غرامة مقدارها مائة قرش وضبط هذه المواد ومصادرتها ( قرار ناظر الداخلية الصادر في 6 مارس سنة 1912 ) .

وكذلك تعتبر من الأشياء العامة البرك والمستنقعات ( les marais et étangs ) المستملحة المتصلة بالبحر مباشرة والبحيرات المملوكة للدولة ، فلا يجوز التصرف فيها ولا تملكها بالتقادم( $%&[1] ) ولما كانت بحيرة مريوط مخصصة لمنفعة عامة ، فهي تتلقى مياه الصرف من محافظة البحيرة ، فإنها تعتبر داخلة في الدومين العام ( استئناف مختلط 9 يونيه سنة 1931 م 43 ص 440 ) .&%$ ) .

والأشياء العامة البحرية ( domaine publie maritime ) كالأشياء العامة النهرية ( domaine publie fluvial ) إما أن تكون طبيعية وتشمل شواطئ البحر والمراسي والموارد ( les havres et rades ) والبرك والمستنقعات المستملحة والبحيرات ، أو أن تكون صناعية وتشمل المين ( les ports ) $ 119 $ حربية كانت أو تجارية والأرصفة ( quais ) والأحواض ( docks )( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 135 .&%$ ) .

وقد ذكرت الفقرة الرابعة من المادة 9 من التقنين المدني الوطني السابق ضمن الأشياء العامة البحرية " الأراضي التي تتكون من طمي البحر والأراضي التي تنكشف عنها المياه " ( les lais et de la mer ) ، وذلك على نسق المادة 538 مدني فرنسي . والصحيح أن الأراضي التي تتكومن من طمي الحبر والأراضي التي تنكشف عنها المياه هي من أملاك الدولة الخاصة لا من أملاكها العامة ، فيجوز للدولة التصرف فيها( $%&[1] ) انظر م 1919 مدني – وانظر في القانون الفرنسي بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 133 ص 146 .&%$ ) . وإذا كان المشرع الفرنسي قد ذكر أنها تدخل ضمن الدومين العام ، فقد أراد بذلك أنها ملك الأمة أي تدخل ضمن الدومين القومي ، وقد رأينا أن التقنين المدني الفرنسي قد خلط ما بين الدومين القومي والدومين العام وجعلهما شيئا واحداً( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 45 .&%$ ) . فلم يتنبه المشرع المصري إلى هذا الخلط الذي وقع فيه المشرع الفرنسي ، وذكر مجاراة له أن الأراضي التي تتكون من طمي البحر والأراضي التي تنكشف عنها المياه هي من الأملاك العامة( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 133 – وقد كانت محكمة الاستئناف المختلط قد وقعت في هذا الخطأ فقضت بأن هذه الأراضي تعتبر من الأملاك العامة ( استئناف مختلط 3 مارس سنة 1904 م 16 ص 148 ) ، ثم رجعت عن خطأها فقضت بأنها تعتبر من الأملاك الخاصة ( استئناف مختلط 16 مارس سنة 1911 م 23 ص 226 ) .&%$ ) .

54 - أشياء عامة حربية : ولما كان مرفق الدفاع من أهم وظائف الدولة ، فكل ما يستخدم لهذا المرفق يعتبر من الأشياء العامة التي لا يجوز التصرف فيها ولا تملكها بالتقادم ، حتى لا يتعطل مرفق من أخطر المرافق ، ويدخل ضمن ما يستخدم لمرفق الدفاع الحصون والقلاع ، والخنادق ، والأسوار ، والأراضي الداخلة في مناطق الاستحكامات ، وميادين التدريب والمناورات ، والترسانات ، والقشلاقات ( الثكنات ) ، ومصانع الذخيرة والذخائر والأسلحة ، والأسطول الحربي ، والطيارات الحربية ، وجميع المهمات الحربية ما كان منها قديما وما استحدث .

 $ 120 $ فإذا زال تخصيص شيء من ذلك لمرفق الدفاع ، وأصبح من أموال الدولة الخاصة ، وجاز التصرف فيه . ومن ثم فالحصون والقلاع إذا أبطل استعمالها( $%&[1] ) استئناف مختلط 30 مايو سنة 1894 م 6 ص 238 .&%$ ) ، وأسوار المدن القديمة التي لم تعد بذات فائدة في الدفاع ، كل هذه تكون من أملاك الدولة الخاصة( $%&[1] ) نقض مدني 7 مارس سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 11 ص 106 ( سور مدينة القاهرة القديم ) . بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 129 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2565 – محمد علي عرفة فقرة 130 .&%$ ) .

55 - أشياء عامة ذات غرض ديني أو خيري : كانت الفقرة السابعة من المادة 9 من التقنين المدني السابق تنص على أن الأملاك العامة تشمل " الجوامع وكافة محلات الأوقاف الخيرية المخصصة للتعليم العام أو للبر والإحسان ، سواء كانت الحكومة قائمة بإدارتها أو بصرف ما يلزم لحفظها وبقائها " . ويلاحظ أن عبارة " كافة محلات الأوقاف الخيرية المخصصة للتعليم العام أو للبر والإحسان " هي ترجمة غير دقيقة لتعداد أتى في النص الفرنسي للمادة لم يرد فيه شيء عن " الأوقاف الخيرية " ، وإنما ذكر ( établessements pieux ) أي محال العبادة أو المؤسسات الدينية ( établissements d'instuction ) أي مؤسسات التعليم ، و( établissements de charité ) أي مؤسسات البر والإحسان( $%&[1] ) انظر استئناف مصر 28 أبريل سنة 1935 المحاماة 16 رقم 79 ص 170 .&%$ ) . وهناك فرق بين الأملاك العامة والأوقاف الخيرية ، وإن كانا يتفقان في عدم جواز التصرف فيهما ، فالأوقاف الخيرية تنتفع بها جهة البر التي عينها الواقف أما الأملاك العامة فينتفع بها جميع الناس ، ويصرف على صيانة الأوقاف الخيرية من ريعها أما الأملاك العامة فيكون الصرف على صيانتها من أموال الدولة( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن شرط اعتبار الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان من الأملاك العامة ، طبقا لنص الفقرة السابعة من المادة التاسعة من القانون المدني القديم ، هو أن تكون في رعاية الحكومة تدير شؤونها وتقوم بالصرف عليها من أموال الدولة فإذا كان الثابت أن وزارة الأوقاف لم تتول إدارة تلك الأعيان المتنازع عليها بصفتها الحكومية وإنما بوصفها ناظرة عليها ، شأنها في ذلك شأن أي فرد من الأفراد يعهد إليه بإدارة شؤون الوقف ، فإنه ليس من شأن هذا النظر أن يخلع على هذا المال صفة المال العام ( نقض مدني 15 مايو سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 ص 453 ) .&%$ ) .

 $ 121 $ وفي عهد التقنين المدني السابق كانت المساجد ( الجوامع ) ، وفقا للنص المتقدم الذكر ، تعتبر من الأملاك العامة إذا كانت الحكومة قائمة بإدارتها أو بصرف ما يلزم لحفظها وبقائها .

فإذا لم يتوافر هذا الشرط – شرط الإدارة أو الصرف – فإن المسجد يعتبر من الأملاك الخاصة( $%&[1] ) ومن ثم يمكن كسب حق المطل على كل مسجد لا تكون الحومة قائمة بإدارته أو صرف ما يلزم صيانته ( استئناف وطني 7 مايو سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 115 ص 241 – وهذا قبل أن تصبح الأملاك الخاصة غير قابلة للتملك بالتقادم ) – أما إذا كان المسجد معتبراً من الأملاك العامة ، فلا يجوز كسب حق المطل عليه ( استئناف وطني 6 نوفمبر سنة 1912 المجموعة الرسمية 14 رقم 24 ص 44 – 10 فبراير سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 رقم 9 ص 13 – 28 ديسمبر سنة 1922 المحاماة 3 رقم 409 ص 506 – 22 أكتوبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 486 ص 794 ) .&%$ ) ، ولكن المسجد الخاص يكون في هذه الحالة وقفاً طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية( $%&[1] ) وقد جاء في شرح الكنز للزيلعي : " ومن بنى مسجداً لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقة يأذن بالصلاة فيه ، وإذا صلى فيه واحد زال ملكه . وقد أجمعوا على أنه إذا صار مسجداً زال ملكه عنه وحرم بيعه فلا يورث ، وليس له الرجوع فيه لأنه صار لله بقوله تعالى وإن المساجد لله ، ولا رجوع فيما صار لله تعالى كالصدقة " ( شرح الكنز للزيلعي 3 ص 329 ) .&%$ ) .

أما الكنيسة فقد قضت محكمة النقض بأنها لا تعتبر من الأموال العامة المبينة في المادة 9 من القانون المدني القديم حتى إذا صح قياسها على الجوامع المنصوص عليها في هذه المادة ، ذلك أن عبارة الفقرة السابقة صريحة في أن الجوامع لا تعتبر من الأموال العامة إلا إذا كانت الحكومة قائمة بإدارتها أو بصرف ما يلزم لحفظها وبقائها ، فشرط اعتبارها من الأموال العامة هو أن تكون في رعاية الحكومة . ولا تعتبر كذلك من الأموال العامة استناداً إلى الأمر العالي الصادر بإنشائها ، لأنه لا يعدو كونه مجرد ترخيص في إنشاء كنيسة ، فليس من شأنه أن يخلع عليها صفة المال العام( $%&[1] ) نقض مدني 18 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 126 ص 500 – وانظر استئناف مصر 8 ديسمبر سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 117 ص 224 .&%$ ) .

وبعد صدور التقنين المدني الجديد لم تتغير الحال بالنسبة إلى الكنيسة ، وقد رأينا أنه عند نظر مشروع التقنين المدني أمام مجلس الشيوخ تقدم أحد الأعضاء باقتراح يرمي إلى إضافة فقرة للمادة 81 مدني تقضي يجعل الكنائس $ 122 $ والمعابد بمجرد بنائها والصلاة فيها خارجة عن التعامل ومملوكة للهيئة الدينية العليا التابعة لها ، فرفض مجلس الشيوخ هذا الاقتراح( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 461 – ص 464 . وانظر آنفا فقرة 1 في الهامش . وقد قال مندوب الحكومة أما مجلس الشيوخ : " المسألة من حيث مبدأ التنظيم أخلق بها أن تعالج في قانون خاص من أن تقحم على القانون المدني ، خصوصاً أن الكنائس تعتبر من الأملاك العامة في البلاد الأخرى . ولقد أوضحت .. في اللجنة أن من الخطر بمكان أن تعتبر الكنائس من الأملاك العامة في مصر ، لأن هذا لا يحل الإشكال .. إننا نتفق معاً فيما يتعلق بعدم جواز اعتبارها من الأملاك العامة ، ونتفق كذلك في أنه لا يجوز أن نخرجها من دائرة التعامل إخراجا مطلقا دون أن تنظم التفاصيل المتعلقة بإعادتها إلى هذه الدائرة ، ولهذا لا توافق الحكومة على هذه الإضافة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 463 ) .&%$ ) .

أما المسجد ، بعد صدور التقنين المدني الجديد ، فالفقه لا يزال يعتبره من الأملاك العامة إذا دخل تحت ولاية الدولة وتولت إدارته أو الصرف عليه( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 146 ص 175 – محمد علي عرفة فقرة 132 ص 165 .&%$ ) . فإذا أنشأ المسجد أحد الأفراد وتولى الصرف عليه من ماله الخاص ، فإن المسجد وإن أصبح وقفاً طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية كما قدمنا ، إلا أنه لا يعتبر من الأملاك العامة ، حتى يسلمه صاحبه لوزارة الأوقاف فتتولى إدارته والإنفاق عليه ولو من مال موقوف عليه فعندئذ يصبح من الأملاك العامة( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 132 ص 165 .&%$ ) .

ويقاس على ذلك جميع الجهات ذات الغرض الخيري أو التعليمي ، كالمستشفيات والمبرات ودور التعليم والملاجئ . فإن كانت الدولة هي التي تتولاها وتقوم بإدارتها وتتولى الصرف عليها فيه من الأملاك العامة ، أما إذا كانت مملوكة للأفراد فتبقى ملكا خاصا لهم .

أما المقابر ( tombeaux ) فتعد في فرنسا محلا لحق عيني خاص يمنح لصاحب الترخيص( $%&[1] ) نقض فرنسي 11 أبريل سنة 1938 جازيت دي باليه 1938 – 2 – 77 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 139 ص 152 .&%$ ) . وكان دخول الجبانات ( cimétière ) في الأملاك العامة في فرنسا محلا للمناقشة( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 139 ص 151 هامش 4 .&%$ ) ، ولكن تغلب الرأي الذي يدخلها في هذه $ 123 $ الأملاك( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 130 ص 143 .&%$ ) . وتعتبر الجبانات في مصر من الأملاك العامة ، مادامت معدة للدفن فيها وتخصصت بالفعل لهذه المنفعة العامة دون حاجة إلى إصدار قانون أو مرسوم باعتبار منطقة معينة جبانة لدفن الموتى( $%&[1] ) استئناف وطني 30 يناير سنة 1911 المجموعة الرسمية 12 رقم 58 ص 106 – 23 يناير سنة 1913 المجموعة الرسمية 59 ص 115 – 27 يناير سنة 1914 الحقوق 29 ص 360 – 15 مايو سنة 1918 المجموعة الرسمية 20 رقم ص 22 – 26 نوفمبر سنة 1919 المجموعة الرسمية 21 رقم ص 31 – استئناف مختلط 24 مارس سنة 1910 م 22 ص 212 – محمد كامل مرسي في مقاله فقرة 85 – محمد علي عرفة فقرة 132 ص 167 .

ويختص الأفراد بموجب تراخيص بأجزاء من أرض الجبانة يقيمون حيشان عليها ، ويعدون المقابر في هذه الحيشان . وقد قضى بأن أراضي الجبانات هي من الأراضي المخصصة للمنافع العامة ، فليس للأفراد طلب تثبيت ملكيتهم لها ، حتى لو اختصوا بأجزاء منها بواسطة إقامة حيشان عليها ، وبأن للحكومة بمالها من السلطة والولاية على الأملاك العامة أن ترفع دعوى على الأفراد إذا استعملوا أرض الجبانة في غير ما خصصت له وهو الدفن ، وبأن كل ما يرتبه القانون لأصحاب الحيشان على أرض الجبانة المقامة عليها مبانيها هو حق اختصاصهم وحدهم بالانتفاع بتلك الأراضي بحيث لا يحق للغير أن يتعرض لهم في هذا الحق ، فليس لهم أن يرفعوا دعوى تثبيت ملكيتهم للأراضي المذكورة لأنها من الأملاك العامة . ومما يشهد [أن حق أصحاب الحيشان على الأرض ليس حل ملكية أن أصحاب الحيشان يطلبون رخصا في إنشائها وتعطى لهم هذه الرخص بعد دفع الرسوم المقررة ، فإعطاء هذه الرخص دليل واضح على أن مقيمي الحيشان لا يشترون الأراضي المقامة عليها ، وإنما يختصون بالانتفاع بالدفن في الجهات التي تعين لهم بدع دفع رسوم خاصة عن ذلك ، وهذا التخصيص بالانتفاع لا ينقل إليهم ملكية تلك الأراضي لأنه ليس من العقود الناقلة للملكية ( أسيوط الجزئية 8 يوليه سنة 1930 المحاماة 11 رقم 319 ص 754 ) ، وقضى بألّا حق للحكومة في طلب هدم المباني التي تشاد على أرض جبانة لإقامة زائري المقابر ، بشرط ألا تحول هذه المباني إلى مساكن مستديمة ( استئناف وطني 15 مايو سنة 1918 المجموعة الرسمية 20 رقم 34 ص 133 ) .&%$ ) . فإذا كانت أرض مشغولة فعلا بالمقابر ويدفن فيها عادة ، فهذه قرينة كافية على أنها من الأملاك العامة( $%&[1] ) فالجبانة تدخل في الأموال العامة بحكم تخصيصها لمنفعة عامة وهي الدفن ، ويستوي في ذلك أن يكون من أنشأ الجبانة هي الحكومة أو أنشأها أحد الأفراد من ملكه الخاص ( محمد كامل مرسي 1 فقرة 173 ص 224 – ويشير إلى حكم من محكمة مصر الكلية الوطنية في 28 أبريل سنة 1936 في القضية رقم 557 سنة 1930 كلي مصر ) .&%$ ) ، ولا يجوز تملكها بالتقادم( $%&[1] ) قارن مع ذلك استئناف مختلط 21 يناير سنة 1919 م 31 ص 131 .

وإذا أبطل الدفن في الجبانة ، ولكن الجبانة بقيت حافظة لمعالمها ، فإنها تبقى في الأملاك العامة حتى يصدر مرسوم بإخراجها منها . انظر في نقل الجبانات إلى مناطق أخرى دكريتو 29 يناير سنة 1894 ، وفي تحديد جبانات المسلمين مرسوم 10 فبراير سنة 1924 ، وفي اختصاصات لجنة جبانات المسلمين القانون رقم 1 لسنة 1922 – وانظر لائحة الجبانات الصادرة في 4 مارس سنة 1926 .

فإذا اندرست معالم الجبانة التي أبطل الدفن فيها ، زالت صفته العامة . وقد قضت محكمة النقض بجواز تملك أرض لجبانة بالتقادم متى وقع ذلك بعد زوال تخصيص الجبانة للدفن واندثار معالمها وآثارها ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 5 ص 12 ) . وقضت أيضاً بأن الغرض الذي خصصت من أجله الجبانات للمنفعة العامة ليس بمقصور على الدفن وحده ، بل يشمل حفظ رفات الموتى بعد دفنهم ، وينبني على ذلك أنها لا تفقد صفتها العامة بمجرد إبطال الدفن فيها ، ولا يجوز تملكها بوضع اليد إلا بعد زوال تخصيصها واندثار معالمها وآثارها ( نقض مدني 27 يناير سنة 1955 مجموعة المكتب المفني في 25 عاما جزء أول ص 490 – وانظر أيضاً نقض مدني 10 يونيه سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 118 ص 748 ) . وقضت محكمة النقض كذلك بأن مفاد نصوص المادتين 1 و 2 من المرسوم الصادر في 10 فبراير سنة 1924 والمادة 6 من لائحة جبانات المسلمين المؤرخة في 4 مارس سنة 1926 أن المشرع قد أخرج الأرض التي تقع حول مسجد الشافعي والتي كانت مشغولة بمجموعات مساكن مما هو مخصص للدفن ، وإن كان قد أبقاها في نطاق الجبانات المعتبرة من الأموال العامة ، وذلك توصلا إمهال أصحاب تلك المباني ريثما تتلاشى مع الزمن بعد أن حرم تجديدها وترميمها ، فتخلو منها منطقة الجبانات التي لا يجوز صحياً أن تكتنفها مساكن الأحياء . وإذ استدل الحكم المطعون فيه على انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بزوال تخصيصها للدفن واندثار معالمها وآثارها كجبانة وانتشار العمران فيها مع أنها لم تكن مخصصة للدفن ولم يكن العمران طارئا ولا نتيجة لانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، فإن هذا الاستدلال يكون فاسدا ( نقض مدني 9 ديسمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 188 ص 1203 ) .

وانظر في أن الجبانة تبقى من الأملاك العامة ولو أبطل الدفن فيها واندثرت معالمها ، مادامت الحكومة لم تقرر بأمر رسمي إعادتها للأملاك الخاصة ، فلا يصح لأي إنسان أن يضع يده عليها حتى لو كان هو الذي أخرج الأرض من ملكه لجعلها مرفقاً عاما : استئناف وطني 20 يناير سنة 1911 المجموعة الرسمية 12 رقم 58 ص 106 – 21 فبراير سنة 1929 المحاماة 10 رقم 211 ص 431 .&%$ ) . أما ما ينشئه الأفراد من مبانٍ في أرض $ 124 $ الجبانات ، فإنها تعتبر ملكا خاصا ، وتكون مملوكة لهم( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 173 ص 224 – محمد علي عرفة فقرة 132 ص 167 .&%$ ) .

56 - المباني الحكومية : لما كان معيار الشيء العام في مصر هو كما قدمنا التخصيص للمنفعة العامة ، فكل ما كان مخصصا من مباني الحكومة لهذه المنفعة يكون شيئا عاما .

ومن ثم يدخل في الأشياء العامة ما كان معدا لاستعمال الجمهور متى كان $ 125 $ مخصصا لمنفعة عامة ، ومن ذلك المتاحف والمكتبات العامة والأسواق العامة والحدائق العامة والسلخانات والبورصات .

ويدخل أيضاً في الأشياء العامة ما كان لازما لسير المرافق العامة متى كان مخصصا لمنفعة عامة ، ومن ذلك المدارس والجامعات والمستشفيات والمصحات والمحاكم والسجون والإصلاحيات .

ويدخل أخيراً في الأشياء العامة ما كان مخصصا لمنفعة عامة دون حاجة لأن يكون معداً لاستعمال الجمهور أو لازما لسير المرافق العامة ، ومن ذلك ما ورد في الفقرة 8 من المادة 9 من التقنين المدني الوطني السابق من " العقارات الميرية مثل السرايات والمنازل وملحقاتها المخصصة لإقامة ولي الأمر أو للنظارات أو المحافظات أو المديريات ، وعلى وجه العموم كافة العقارات المعدة لمصلحة عمومية " . وهذه المباني مختلف عليها في فرنسا ، فبعض يرى أنها لا تدخل في الأموال العامة( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 130 ص 143 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2566 .&%$ ) ، وبعض يرى أنها تدخل( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 169 ص 56 هامش 6 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 688 .&%$ ) . أما في مصر ، فلا خلاف في أنها تدخل في الأشياء العامة( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 149 – محمد علي عرفة فقرة 131 ص 164 – وانظر بالنسبة إلى سراي عابدين : استئناف مصر 10 مارس سنة 1939 المحاماة 9 رقم 312 ص 517 .&%$ ) .

57 - المنقولات : هناك خلاف في فرنسا فيما إذا كان يمكن اعتبار المنقولات داخلة في الأملاك العامة ، فبعض يجيز ذلك( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 169 ص 56 – هوريو ص 643 – تعليق فالين في داللوز 46 ص 28 .&%$ ) ، وبعض لا يجيز( $%&[1] ) برتلمي ص 423 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 954 ص 765 .&%$ ) . أما في مصر ، فلا خلاف في جواز اعتبار المنقولات من الأملاك العامة ، سواء كان ذلك في عهد التقنين المدني السابق ( انظر م 9 فقرة 10 وفقرة 11 من التقنين المدني الوطني ) أو في عهد التقنين المدني الجديد حيث تصرح الفقرة الأولى من المادة 87 مدني بأن " تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات .. " .

 $ 126 $ وقد أدخلت الفقرة 10 من المادة 9 من التقنين المدني الوطني السابق ، بصريح النص ، في الأملاك العامة " الدفترخانات العمومية والأنتيكخانات والكتبخانات الميرية والآثار العمومية وكافة ما يكون مملوكا للحكومة من مصنوعات الفنون أو الأشياء التاريخية " . فيدخل إذن في الأملاك العامة المستندات والوثائق المحفوظة لدى الوزارات والمصالح المختلفة أو دار المحفوظات العامة ، والتحق والتماثيل والصور المعروضة بالمتاحف العامة( $%&[1] ) انظر القانون رقم 14 لسنة 1912 بشأن الآثار ( م 1 و 7 ) . وانظر القانون رقم 8 لسنة 1918 بشأن حماية آثار العصر العربي ( م 2 ) . وانظر المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1931 بإلحاق المتحف القبطي بأملاك الدولة العامة .

وقد قضت محكمة النقض بأن التمثال الأثري لا يجوز التبايع فيه ، وللحكومة أن تسترده من حائزه بغير تعويض تدفعه له أو ثمن ترده إليه ، ولا يقبل في شأنه الاحتجاج بأحكام امتلاك المنقول بالحيازة ( نقض مدني 16 ديسمبر سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 78 ص 215 – وانظر أيضاً استئناف مختلط أول مايو سنة 1948 م 60 ص 1 ) . وانظر محمد كامل مرسي 1 فقرة 151 – محمد علي عرفة فقرة 133 .

وفيما يتعلق بالأراضي الأثرية قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه لا تعد الأراضي الأثرية من أملاك الحكومة العامة إلا إذا صدر قرار من السلطة المختصة يقضي بأنها أثرية ، فإذا لم يصدر قرار بهذا المعنى تبقى تلك الأراضي من الأملاك الأميرية الخاصة ( استئناف وطني 14 ديسمبر سنة 1916 المجموعة الرسمية 18 رقم 34 ص 59 ) .&%$ ) ، والكتب والمخطوطات الموجودة بالمكتبات العامة ، وكل منقول آخر خصص للمنفعة العامة .

كذلك أدخلت الفقرة 11 من المادة 9 سالفة الذكر في الأملاك العامة " نقود الميري ، وعلى وجه العموم كافة الأموال الميرية المنقولة أو الثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر " ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن أموال الحكومة ، منقولة أو ثابتة ، غير قابلة للحجز ، خصوصاً النقود الموجودة داخل خزائنها أو المعدة لدخلوها فيها ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1878 بوريللي ) – وقضت أيضاً بأن يلغى كل حجز موقع على نقود الحكومة لو كانت تلك النقود تحت يد الغير ، لأن ذلك لا ينفي عنها صفتها العامة المكسوبة لها بموجب قانون أو بموجب تخصيصها الطبيعي ( استئناف مختلط 12 يونيه سنة 1879 بوريللي ) . وانظر محمد كامل مرسي 1 فقرة 152 – محمد علي عرفة فقرة 133 ص 168 .&%$ ) .

ومن المنقولات المخصصة للمنفعة العامة ، ومن ثم تدخل ضمن الأملاك العامة ، " مراكب النقل أو البوستة " المذكورة في الفقرة التاسعة من المادة 9 $ 127 $ سالفة الذكر ، ويقاس عليها الطيارات التي تملكها الحكومة وتخصصها للمنفعة العامة .

58 - حقوق الارتفاق : وقد نصت المادة 10 من التقنين المدني الوطني السابق على أن " يعد أيضاً من الأملاك الميرية المخصصة للمنافع العمومية حقوق التطرق المتعلقة بالشوارع ومجاري المياه والأشغال العمومية والأعمال الحيدة ، وعلى وجه العموم كافة ما تقتضيه حقوق الارتفاق التي تستلزمها ملكية الأملاك الميرية المذكورة أو توجبها القوانين والأوامر الصادرة لمنفعة عمومية " . وهذه هي حقوق الارتفاق الإدارية المقررة لمنفعة عامة ، فهي تعتبر أيضاً داخلة في الأموال العامة .

ويدخل ضمن حقوق الارتفاق الإدارية " حقوق التطرق المتعلقة بالشوارع " ( les servitndes de voirie ) . فمن كان ملكه يقع بجوار شارع عام تحمل بتكاليف تقررها القوانين اللوائح ، من ذلك ما يستوجبه تقرير خط التنظيم ، وعدم جواز البناء بغير إذن ، وإصلاح الأبنية الآيلة للسقوط أو هدمها .

ويدخل أيضاً ضمن حقوق الارتفاق الإدارية المذكورة الحقوق المتعلقة " بمجاري المياه " ( les cours d'eaux ) ، كحق الإدارة في قلع الأشجار المغروسة في الجسور أو في منحدرات الترع والمصارف العامة إذا كانت تعوق الملاحة أو سير المياه أو تمنع السير على الجسور .

وتدخل أيضاً الحقوق المتعلقة " بالأشغال العمومية " ( travaux publics ) ، كحق الإدارة في نزع الملكية للمنفعة العامة أو في الاستيلاء الموقت على عقارات الأفراد ، وكحقها في هدم بناء لإجراء الأعمال الواقية من الفيضان .

وتدخل أيضاً الحقوق المتعلقة " بالأعمال الحربية " ( servitudes militaries ) ، كمنع الملاك المجاورين للقلاع والحصون من إقامة مبان على مسافة معينة( $%&[1] ) انظر في كل ذلك محمد كامل مرسي 1 فقرة 223 .&%$ ) .

ويفرق الفقه الإداري في التكاليف المتقدمة الذكر ما بين الأعباء التي قد تفرضها لإدارة على بعض عقارات الأفراد لاعتبارات تتعلق بالنفع العام ولكنها لا ترمي إلى خدمة عقار معين من الأموال العامة ، وذلك كحق الحكومة $ 128 $ في قلع الأشجار المغروسة على الجسور وحقها في نزع الملكية للمنفعة العامة أو الاستيلاء الموقت ، وبين حقوق الارتفاق الإدارية بمعناها الصحيح التي هي تكاليف مقررة على عقارات مملوكة للأفراد لمنفعة عقارات داخلة في الأملاك العامة ، وذلك كقيود البناء التي يستوجبها تقرير خط التنظيم على أصحاب القارات الكائنة على حافة خط التنظيم ومنع الملاك المجاورين للحصون والقلاع من البناء على مسافة معينة وحق الإدارة في نزع أتربة من الأراضي المجاورة للجسور العامة لتقويتها وحمايتها من غوائل الفيضان( $%&[1] ) محمد زهير جرانة ص 217 – ص 218 – ويقول في هذا الصدد : " وقد ترتب على الخلط بين الارتفاق والأعباء الإدارية التي تفرض على عقارات الأفراد لدواعي النفع العام ، أن رأي فريق من الفقهاء في هذا فارقا بين الارتفاقات المدنية والارتفاقات الإدارية ، فذكورا أن مما تمتاز به الارتفاقات الإدارية التي تفرض على عقارات الأفراد عدم وجود عقار مخدوم كما هو الحال في الارتفاقات المدنية . وهذا الفرق ينعدم إذا قصرنا الارتفاقات الإدارية على تلك التي تصل بين العقارات العامة والأملاك العقارية الخاصة " ( محمد زهير جرانة ص 218 ) .&%$ ) .

3 - تكييف حق الدولة في الأشياء العامة

59 - الانقسام في فرنسا بين رأيين : كان الرأي السائد في فرنسا ، وهو الرأي الذي أخذ به برودون منذ ميز بين الدومين العام والدومين الخاص ( دومين الملكية ) ، أن حق الدولة في الأشياء العامة ليس حق ملكية ، بل هو ولاية إشراف وحفظ وصيانة لمصلحة لناس جميعا ( surintendence une function de garde et de surveillance ) . ولكن هذا الرأي لم يبق سائداً ، بل نبت إلى جانبه رأي آخر يقول بأن حق الدولة في الأشياء العامة هو حق ملكية حقيقية لا مجرد ولاية إشراف وحفظ وصيانة . وبقي الفقه في فرنسا منقسما بين هذين الرأيين ، ولو أن الرأي الثاني أخذ يتغلب شيئاً فشيئاً في خلال القرن التاسع عشر ، وأخذ حق الدولة يتطور بالتدريج من مجرد ولاية إشراف وحفظ وصيانة إلى أن يكون حق ملكية ، وإن كانت ملكية مقيدة بالمنفعة التي خصص لها الشيء العام( $%&[1] ) هوريو الطبعة العاشرة ص 634 هامش 1 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 120 ص 131 .&%$ ) .

نستعرض كلا من الرأيين :

 $ 129 $ 60 - الرأي الذي ينفي ملكية الدولة للشيء العام في فرنسا : رأينا أن برودون ، عندما وضع كتابه المعروف في الدومين العام في سنة 1832 ، ميز فيه ما بين الدومين العام وهو ما خصص للمنفعة العامة وهو في جوهره دومين حماية ولا يعتبر مملوكا لأحد وإنما تحوزه الدولة باسم الجمهور ولمصلحته فهي وكيلة عن الجمهور في حفظه وصيانته ، وبين الدومين الخاص أو دومين الملكية وهو مملوك للدولة ملكية خاصة( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 45 .&%$ ) .

وكان برودون أستاذاً للقانون المدني ، ولكن تبعه في نظريته في الدومين العام أقطاب من فقهاء القانون العام كان ديكروك من أوائلهم . وقد حلل ديكروك الملكية إلى عناصرها الثلاثة ، حق الاستعمال ( usus ) وحق الاستغلال ( fructus ) وحق التصرف ( abusus ) . وذكر أن هذه العناصر الثلاثة منعدمة فيما للدولة من حق على الأشياء العامة ، فحق الاستعمال في الشيء العام ليس للدولة بل لجميع الناس ، وليس للدولة أن تستغل الشيء العام ، ولا أن تتصرف فيه . ومتى انعدمت هذه العناصر الثلاثة لم يجز القول بأن للدولة حق ملكية في الشيء العام ، وغاية ما يثبت لها هي ولاية الإشراف والحفظ والصيانة . وهذه الولاية هي مظهر من مظاهر سلطان الدولة وسيادتها ، فالدولة تحوز الدومين العام باعتبارها صاحبة السلطان لا باعتبارها صاحبة الملكية . وأعقب ديكروك طائفة من أقطاب الفقه العام ، على رأسهم ديجيه وجيز وبرتلمي( $%&[1] ) وممن يقولون بولاية الإشراف والحفظ والصيانة دون الملكية ، من فقهاء القانون المدني ، أوبري ورو وبارتان 2 فقرة 169 ص 54 ( انظر تعليق بارتان ص 54 هامش 3 ) – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 955 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2552 – وانظر في هذا المعنى فقهاء آخرين في القانون الإداري : Récy في الدومين فقرة 199 – Moreau في القانون الإداري ص 567 – Sarrnt في تعليقه في داللوز 99 – 1 – 257 .&%$ ) .

فديجيه ، جريا على مذهبه ، ينكر على الدولة شخصيتها الاعتبارية ، كما ينكر عليها أنها مالكة للدومين العام ، بل ينكر عليها أنها مالكة لأي مال حتى الدومين الخاص .

كذلك ينكر جيز ملكية الدولة للشيء العام ، ويذهب إلى المنفعة العامة التي خص لها الشيء العام تتعارض مع القول بملكية الدولة ، لأن الملكية $ 130 $ تفترض أن يكون الانتفاع بالشيء مقصوراً على المالك ، لا شائعا بين جميع الناس كما هي الحال في الشيء العام( $%&[1] ) مقال جيز في مجلة القانون العام سنة 1910 ص 697 وسنة 1915 ص 468 .&%$ ) .

ويرجع برتلمي إلى الملكية عند الرومان ، وإلى العناصر الثلاثة التي تتكون منها من استعمال واستغلال وتصرف . ويرى ، كما رأى ديكروك ، أن هذه العناصر الثلاثة جميعا منعدمة في حق الدولة على الشيء العام ، فالدولة لا تستعمل الشيء العام إلا في حالات استثنائية بحتة ، ولا تملك التصرف في الشيء العام . فحق الدولة إذن ليس بحق ملكية ، مادامت عناصر الملكية معدومة( $%&[1] ) برتلمي في القانون الإداري طبعة 11 باريس سنة 1926 ص 481 .&%$ ) .

61 - الرأي الذي يثبت ملكية الدولة للشيء العام في فرنسا : كما كان برودن هو الفقيه الذي حمل لواء نفي ملكية الدولة للشيء العام وجعل حقها مجرد ولاية في الإشراف والحفظ والصيانة وقد تبعه بعد ذلك كثير من الفقهاء على ما قدمنا ، كذلك كان هوريو الفقيه الذي حمل لواء الرأي المعارض وأثبت للدولة حق ملكية في الشيء العام وقد تبعه بعد ذلك كثير من الفقهاء( $%&[1] ) انظر تعليقات هوريو على أحكام مجلس الدولة في 25 مايو سنة 1906 سيريه 1908 – 3 – 65 ، وفي 16 يوليه سنة 1909 مجموعة القضاء الإداري 3 ص 211 ، وفي 7 فبراير سنة 1913 مجموعة القضاء الإداري 3 ص 281 ، وانظر موجزه في القانون الإداري ص 630 وما بعدها – Bernard في حق ملكية الدولة لأموال الدومين العام رسالة من باريس سنة 1910 – ريجو في نظرية الحقوق العينية الإدارية سنة 1914 – تعليقات Mestre على حكم محكمة استئناف تولوز في 26 نوفمبر سنة 1908 سيريه 1910 – 2 – 209 ، وعلى حكم محكمة النقض الفرنسية في 8 نوفمبر سنة 1911 سيريه 1912 – 1 – 521 – فالين في مبادلات الأموال العامة رسالة من باريس سنة 1925 ص 93 – Rolland في الموجز في القانون الإداري سنة 1926 ص 288 – Boucard في الموجز في القانون الإداري سنة 1926 ص 289 – رسالة دي لوبادير ص 198 – رسالة جانس فقرة 307 ص 190 – تعليق Alibert على حكمي مجلس الدولة في 7 ديسمبر سنة 1928 وفي 19 يوليه سنة 1929 في سيريه 1930 – 3 – 1 – وانظر من فقهاء القانون المدني بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 120 .&%$ ) . وقد تأثر القائلون بملكية الدولة للشيء العام باعتبارات اقتصادية واجتماعية ، فقد تدخلت الدولة في كثير من المرافق تبعا لانتشار النزعات الاشتراكية ، واقتضى ذلك أن تبحث عن موارد للنهوض بمرافقها المتنوعة . فلم تعد تقنع $ 131 $ بالوقوف من الأشياء العامة موقفاً سلبيا ، بل نشطت في استعمال حقها في هذه الأشياء نشاطا لا يصدر إلا عن مالك ، ومن ثم بدأ حقها يتطور بالتدريج كما قدمنا من ولاية إشراف وحفظ وصيانة إلى حق ملكية ( $%&[1] ) هوريو ص 636 – جانس ص 37 وما بعدها – دي لوبادير ص 167 وما بعدها – محمد زهير جرانة ص 79 – ص 80 .&%$ ) .

ويذهب القائلون بأن حق الأشخاص الإدارية في الأشياء العامة هو حق ملكية إلى أن هذا الحق لا يفترق عن الملكية العادية التي يعرفها القانون المدني . والقول بأن عناصر الملكية هي الاستعمال والاستغلال والتصرف ليس بتحليل لحق الملكية ، بل هو مجرد استقراء للمنافع التي يجنيها المالك من ملكه . فإذا قلت هذه المنافع ، فإن ذلك لا يستتبع سقوط حق الملكية ، وكثيراً ما يتقيد المالك بعد التصرف في ملكه ، بل كثيراً ما يرتب حق الانتفاع على ملكه فلا يكون له لا حق الاستعمال ولا حق الاستغلال ومع ذلك يبقى حق الملكية قائما بالرغم من انعدام الاستعمال والاستغلال والتصرف . فالاستدلال على نفي ملكية الدولة للشيء العام بانعدام الاستعمال والاستغلال والتصرف لا يستقيم إذن ، والحجة فيه ليست حجة حاسمة . والصحيح أن الدولة تتمتع ، بالنسبة إلى الشيء العام ، بما يمتع به المالك في ملكه ، فللدولة أن تتملك الثمار والحاصلات الناتجة من الشيء العام وبما هو مدفون في باطنه من ركاز وكنوز ، ولها حق التعويض على من يتعدى على الشيء العام ، ولها أن ترفع دعوى الاستحقاق لتسترد ما يغتصبه الأفراد من الأشياء العامة ، وأن تحتمي بدعاوى الحيازة ، شأنها في ذلك شأن المالك تماما . بل إن ملكية الدولة للشيء العام أقوى من ملكية الفرد للشيء الخاص ، فالدولة لا تكتفي بما يقدمه لها القانون الخاص من وسائل لحماية ملكيتها ، بل هي إلى جانب ذلك تستعين بسلطانها وسيادتها فتنزع ملكية الأفراد جبرا عنهم لاستكمال ما ينقص الشيء العام ، وتعمد إلى أساليب القانون الإداري من اعتماد خطوط التنظيم وقسر الأفراد على مراعاة حدودها ، وتفرض عقوبات جنائية على من يعتدي على الشيء العام .

على أنه لما كان الشيء العام مخصصا للمنفعة العامة ، فإن هذا التخصيص من شأنه أن يحور من حق الملكية الذي للدولة على الشيء العام ، ومن أهم مظاهر هذا التحوير ما يقتضيه التخصيص للمنفعة العامة من عدم جواز $ 132 $ التصرف في الشيء العام ، ومن عدم قابليته للحجز ، ومن عدم جواز تملكه بالتقادم .

وينتهي أصحاب هذا الرأي إل القول بأن " حق الأشخاص الإدارية على مالها العام إن هو إلا حق المكية ، على أنه لما كانت هذه الملكية تبدو هنا وثيقة الصلة باعتبارات المنفعة العامة وأدخل لذلك في مجال القانون العام ، وشديدة التأثر بأحكامه ، فإنهم ينعتونها بالملكية الإدارية تمييزاً لها عن الملكية العادية ، وإظهاراً للخصائص التي تفرق بين نطاق كل منهما " ( $%&[1] ) محمد زهير جرانة ص 91 . وانظر هوريو في موجز القانون الإداري طبعة 11 ص 638 وما بعدها – رسالة ريجو في الحقوق العينية الإدارية ص 249 وما بعدها .&%$ ) .

62 - الانقسام في مصر في عهد التقنين المدني السابق بين الرأيين : وقد تأثر الفقه والقضاء في مصر بهذا الانقسام الذي شهدناه في فرنسا بين الرأيين ، فوقع هذا الانقسام أيضاً في مصر في عهد التقنين المدني السابق . ولكن الرأي الذي كان متغلبا ، في عهد هذا التقنين ، هو الرأي الذي ينفي ملكية الدولة للشيء العام ، ويقتصر على أن يثبت لها ولاية إشراف وحفظ وصيانة . ولكن وجد مع ذلك من يقول بالرأي المعارض ، ويثبت للدولة حق ملكية في الشيء العام . فنستعرض هنا كلا من الرأيين ، كما استعرضناهما في فرنسا .

63 - الرأي الذي ينفي ملكية الدولة للشيء العام في مصر : كان الرأي السائد في عهد التقنين المدني السابق هو ، كما قدمنا ، الرأي الذي ينفي ملكية الدولة للشيء العام ، ويكيف حق الدولة بأنه ولاية إشراف وحفظ وصيانة دون أن يكون حق ملكية .

فمن الفقهاء الذين ذهبوا إلى هذا الرأي الأستاذ أحمد فتحي زغلول ، فهو يقول إن الحكومة تضع يدها على الشيء العام بصفتها حارسة لا بصفتها مالكة( $%&[1] ) أحمد فتحي زغلول في شرح القانون المدني سنة 1913 ص 49 .&%$ ) . ويقول الأستاذ محمد كامل مرسي : " الأموال العامة هي الأموال المخصصة للمنافع العامة ، وهي في يد الحكومة بصفتها حارسة عليها ، لا بصفتها $ 133 $ مالكة لها ، أما ملكيتها فللأمة " ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي في الملكية والحقوق العينية طبعة ثالثة سنة 1933 الجزء الأول فقرة 101 ص 103 – وانظر أيضاً مقاله في الأموال الخاصة والعامة في القانون المصري في مجلة القانون ، والاقتصاد السنة التاسعة ص 675 فقرة 2 .&%$ ) . وبهذا الرأي أخذ أيضاً أكثر فقهاء القانون الإداري في مصر ، ومنهم الأستاذ Lamba( $%&[1] ) لامبا في القانون الإداري المصري ص 453 وص 456 .&%$ ) والأستاذ مصطفى الصادق( $%&[1] ) مصطفى الصادق في مبادئ القانون الإداري المصري والمقارن ص 208 .&%$ ) والأستاذ محمد عبد الله العربي( $%&[1] ) محمد عبد الله العربي في مبادئ علم المالية والتشريع المالي 2 سنة 1938 ص 19 ، ومذكراته في القانون الإداري سنة 1936 – سنة 1937 في تقسيم أموال الأشخاص الإدارية إلى أموال عامة وأموال خاصة .&%$ ) .

وتأثر القضاء بالفقه ، فقضى في كثير من أحكامه بأن حق الدولة في الشيء العام ليس بحق ملكية بل هو ولاية إشراف وحفظ وصيانة . وقررت محكمة المنصورة الكلية أن " طبيعة حقوق ملكية الحكومة للمنافع العامة تخالف طبيعة ملكية الأفراد ، إذ أن حق الملكية ، الذي يتكون من ثلاثة عناصر هي حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف ، لا تتوافر عناصره هذه في حق ملكية الحكومة للمنافع العامة . فأما حق الاستعمال فلا تملكه الدولة بل يملكه عموم الناس حتى الأجانب ، وحق الاستغلال غير موجود لأن هذه الأموال في الغالب لا تنتج ثمارا ، وحق التصرف ليس له محل لأن الاستعمال العام الذي تخضع له هذه الأموال يجعلها غير قابلة لأن تنقل إلى أياد أخرى ، حتى لقد ذهب بعض الشراح إلى مدى أبعد من هذا فقالوا بأن الدولة ليس لها على الأملاك العامة ملكية حقيقية ، بل لها عليها فرع من الولاية أو الإشراف وواجب الحفظ والمراقبة والإدارة " ( $%&[1] ) المنصور الكلية الوطنية 13 ديسمبر سنة 1937 المحاماة 20 رقم 46 ص 106 – وانظر أيضاً أسيوط الجزئية 8 يوليه سنة 1930 المحاماة 11 رقم 389 ص 754 .&%$ ) . وأكثر القضاء المختلط ينحو هذا النحو أيضاً ، فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة منذ البداية بأن أموال الدولة العامة لا يجوز وضعها تحت الحراسة ، لأنها أموال لا تستند إلى حق الملكية كأموال الدولة الخاصة ، ولكنها تستند إلى سلطان الدولة إذ هي مخصصة لسد حاجات الدولة وللمنفعة العامة( $%&[1] ) استئناف مختلط 15 فبراير سنة 1877 المجموعة الرسمية المختلطة 2 ص 125 .&%$ ) ، وقضت أيضاً بأن ليس لأحد ، ولا $ 134 $ للدولة ، على الدومين العام حق الملكية الذي عرفته المادة 27 مدني ، وليس للدولة على هذا الدومين سوى ضرب من الحيازة تباشره باسم الناس جميعا ولمصلحتهم( $%&[1] ) استئناف مختلط 25 مايو سنة 1910 م 22 ص 335 .&%$ ) . وقضت كذلك بأن ليس للدولة أن تنتفع بمالها العام حتى في حالة حيازة الغير له حيازة غير مشروعة ، فلا يجوز أن تطالب في دعوى استحقاق جزء من المال العام بتعويض عن حيازته غير المشروعة( $%&[1] ) استئناف مختلط 3 مارس سنة 1904 م 16 ص 151 – ومع ذلك انظر استئناف مختلط 16 مارس سنة 1911 م 23 ص 226 وقد أقرت مبدأ التعويض على عكس الحكم المتقدم ، ولكن المحكمة في حكم ثالث لم تقل إن التعويض هو مقابل ما فات الدولة من عدم الانتفاع ، بل إنه جزاء لابد منه لمنع اعتداءات الأفراد على الأموال العامة ، فهو أقرب إلى العقوبة الرادعة منه إلى التعويض الحقيقي ( استئناف مختلط أو يونيه سنة 1920 م 32 ص 339 ) .&%$ ) .

64 - الرأي الذي يثبت ملكية الدولة للشيء العام في مصر : على أنه بالرغم من أن الرأي الذي ينفي ملكية الدولة للشيء العام كان هو الرأي السائد في عهد التقنين المدني السابق ، إلا أن فريقا من الفقهاء وبعض المحاكم أخذت بالرأي المضاد ، وذهبت إلى إثبات حق الملكية للدولة في الشيء العام .

فالأستاذ وحيد رأفت يقول في مؤلفه في القانون الإداري : " إن حق الدولة على الدومين العام أكبر من أن يكون مجرد إشراف ورقابة .. إنه قد آن لمحاكمنا أن تعدل عن هذه النظرية العتيقة ، وتأخذ بفكرة حق الملكية المقيد بقيام التخصيص . قد لا يكون لهذا التحول كبير أثر من الوجهة العملية ، ولكن له أهميته من الناحية الفقهية . ثم أليس في تسمية الدومين العام في النص العربي للمادة 9 مدني أهلي باسم ( الأملاك الأميرية ) ما يفيد أن الدومين العام مملوك للحكومة كالدومين الخاص " ( $%&[1] ) وحيد رأفت في القانون الإداري جزء 2 ص 1022 .&%$ ) . ولكن الفقيه الذي برز في هذا الميدان ، وخصص بحثا قيما في " حق الدولة والأفراد على الأموال العامة " ، ألقاه دروسا في قسم الدكتوراه ثم نشره في كتاب مستقبل في سنة 1943 ، هو الأستاذ محمد زهير جرانة( $%&[1] ) وهذا الكتاب هو الذي نشير إليه في خلال هذا المبحث .&%$ ) . فقد عالج المسألة في استفاضة وتقصاها في نواحيها المختلفة في فرنسا وفي مصر ، وخلص إلى الجزم بأن حق الدولة والأشخاص $ 135 $ الإدارية الأخرى في الأشياء العامة إنما هو حق ملكية حقيقية ، لا مجرد ولاية إشراف وحفظ وصيانة . ويسوق لتأييد رأيه الحجج الآتية : ( 1 ) أن حق الملكية يقوم في الواقع على ركنين ، حيازة الشيء ومكنة صاحبه من تعيين المنتفعين به ، فإذا ما أراد الاحتفاظ بهذا النفع لشخصه كنا بصدد ملكية فردية ، وإذا ما جعل هذا الانتفاع لغيره مع الاحتفاظ بحيازته للشيء لم تزل بذلك عنه ملكيته له وإن استحالت في هذه الحالة إلى ملكية اجتماعية ، وهذا النوع من الملكية هو الذي للدولة على أموالها العامة( $%&[1] ) يشير الأستاذ جرانة في ذلك إلى رسالة دي لوبادير ص 216 وما بعدها .&%$ ) . ( 2 ) يعتمد منكرو حق ملكية الدولة للشيء العام على عدم توافر العناصر المألوفة في الملكية من استعمال المالك لماله واستثماره والتصرف فيه . وليس الملكية جماعا لازما لهذه العناصر الثلاثة . ومع ذلك فإنه عند التدقيق يتبين خلافا لما يقال ، أن الحكومة تلمك فعلا هذه العناصر الثلاثة في ملكيتها للشيء العام . ففيما يتعلق بحق التصرف تقول المادة 9 مدني أهلي إن " للحكومة دون غيرها التصرف فيها ( أي في الأموال العامة ) ، بمقتضى قانون أو أمر " ، وهذا النص صريح في أن المشرع لم يرد أن يسد المنافذ أمام الإدارة في التصرف في المال العام ، وإنما اشترط في ذلك شكلا خاصا تعين مراعاته ليصح حق التصرف . فللإدارة أن تتصرف في المال العام بأن تنقله من حظيرة المنافع العامة إلى دائرة الأموال الخاصة ، هذا إلى ضروب أخرى من التصرف يختص بها القانون الإداري . وفيما يتعلق بالاستثمار ليس ثمة تعارض بين الانتفاع بثمار المال العام وبين تخصيصه للمنفعة العامة ، فجني الثمار الطبيعية للأشجار القائمة على جوانب الطرق العامة مثلا لا يتنافى مع المنفعة العامة التي رصدت لها هذه الطرق ، وما يقال عن الثمار الطبيعية يقال عن الثمار المدنية ، والسكك الحديدية وخطوط التلغرافات والتلفونات تأتي للدولة بربح وفير . بقي حق الاستعمال ، ولا يجوز القول بأن الشخص الإداري لا يستعمل ماله العام ، وإذا كان تخصيص المال للمنفعة العامة يجعل استعماله مباحا للكافة فإن هذا لا يحرم الشخص الإداري استعماله هو الآخر لهذا المال ، بل هناك من الأموال العامة ما لا يقل نصيب الشخص الإداري في استعمالها عن نصيب سائر الأشخاص كدور الوزارات والمصالح العامة . ( 3 ) ولا يصح القول بأن عدم جواز التصرف في الشيء العام $ 136 $ وعدم جواز الحجز عليه وعد جواز تملكه بالتقادم من شأنه أن يسقط عن المال عام صفة المملوكية ، فمرتبات الموظفين مثلا لا يجوز التنازل عنها ولا الحجز عليها . وكذلك الملكية الزراعية الصغيرة لا يجوز الحجز عليها ، ولم يقل أحد إن المرتبات غير مملوكة للموظفين أو إن الأطيان الزراعية غير مملوكة لأصحابها . ( 4 ) ليس هناك ما يدل على أن المشرع المصري أراد أن ينفي صفة المملوكية عن الأموال العامة ، بل إن نعته الأموال العامة بعبارة " الأملاك الميرية المخصصة للمنفعة العمومية " أو " أملاك الحكومة العامة " أو " الأملاك العمومية " ليدل على أنه لا يرى نزع هذه الصفة عن الأموال العامة . ( 5 ) التسليم بأن الدولة إذا أحالت المال العام مالا خاصا تملكته معناه أن توافر الملك أو انتفاءه رهن بمشيئتها ، فإذا لوحظ أن أموال الدولة العامة وأموالها الخاصة تضمها جميعا حظيرة مشتركة ، تبين أن هذه القدرة التي للشخص الإداري على جعل ماله مالا عاما أو خاصا لا يفسرها إلا أنه مالك للمال في الحالتين( $%&[1] ) يشير الأستاذ جرانة في هذا الصدد إلى هوريو في القانون الإداري طبعة 11 ص 645 بالهامش ، وإلى جانس فقرة 265 ص 163 .&%$ ) .

وهناك أحكام أصدرها القضاء المصري تثبت للدولة حق الملكية في الشيء العام . فقد جاء في حكم لمحكمة استئناف مصر : " وحيث إنه فيما يختص بالملكية فإن الحكومة تملك تلك الطرق العامة ملكا صحيحا لأنها تمثل المصلحة العامة التي وجدت هذه الطرق لخدمتها ، ولأن الحكومة تملك المنفعة أيضاً لأن لها حق تأجير ما تريده من أفاريز الشارع . أما العنصر الثالث وهو التصرف في الملكية فقد نص في القانون على أن الحكومة لها أن تخرج أي طريق خصص لمنفعة العامة من هذه المنفعة إلى الملك الخاص " ( $%&[1] ) استئناف مصر 4 مارس سنة 1939 في القضية رقم 572 استئناف سنة 55 قضائية – ومشار إليه في محمد زهير جرانة ص 118 هامش 1 .&%$ ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن تجريد المال العام من صفته العامة إنما هو استعمال من الدولة لحق ملكيتها في الشيء العام إذ هي تتصرف فيه ، وليس لهذا التجريد من أثر قانوني إلا نقل المال العام إلى مال خاص للدولة ، فتستبقي الدولة بذلك ملكيتها له( $%&[1] ) استئناف مختلط 30 مايو سنة 1894 م 6 ص 238 .&%$ ) . وقضت أيضاً بملكية الحكومة للأراضي المكونة لساحل البحر( $%&[1] ) استئناف مختلط 8 يونيه سنة 1920 م 32 ص 338 .&%$ ) ، وأكدت هذا المعنى $ 137 $ في حكم آخر( $%&[1] ) استئناف مختلط 16 يناير سنة 1940 م 52 ص 126 .&%$ ) . وقضت بجواز أن ترفع الإدارة دعوى بتثبيت ملكيتها لعقار مخصص للمنفعة العامة( $%&[1] ) استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1918 م 30 ص 250 .&%$ ) .

65 - بعد صدور التقنين المدني الجديد – للدولة حق الملكية في الشيء العام : لا شك في أن مشروع التقنين المدني الجديد كان صريحا في أن للشخص المعنوي العام حق الملكية في الشيء العام ، فقد رأينا أن مشروع المادة 87 مدني كان يجري على الوجه الآتي : " تعتبر أموالا عامة العقارات المملوكة للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة .. " ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 44 في الهامش . &%$ ) . فكان هذا النص يحمل دليلين على مملوكية الشيء العام للدولة : ( 1 ) دليلا صريحا هو عبارة " المملكة للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة " التي وصفت بها الأموال العامة . ( 2 ) دليلا آخر يستخلص من تعدد الدومين العام ، فما دام الدومين العام يمكن أن يكون للدولة كما يمكن أن يكون للأشخاص المعنوية العامة الأخرى ، كما جاء صراحة في النص ، فمعنى ذلك أن الدومين العام مملوك للشخص الإداري الذي يتبعه ، إذ لو لم يكن مملوكا له لما تعدد الدومين العام ولما أمكن أن يكون لكل من الأشخاص المعنوية العامة المتعددة دومين عام يتبعه خاصة ، ولوجب إرجاع كل الدومين العام إلى إشراف الدولة وحدها دون غيرها من الأشخاص المعنوية الأخرى ، وسنعود إلى هذه المسألة فيما يلي ببيان أوفى( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 72 .&%$ ) . ولما عرض النص سالف الذكر على لجنة المراجعة ، لم تتنبه إلا إلى الدليل الأول الصريح ، فحذت كلمة " المملوكة " " تجنبا للأخذ برأي قاطع في هل الأموال العامة مملوكة للدولة أو أن الدولة حارسة على هذه الأموال " ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 44 في الهامش .&%$ ) . ونرى من ذلك أن لجنة المراجعة قصدت ألا تقطع برأي في مملوكية الشيء العام للشخص الإداري ، وآثرت أن تترك ذلك للفقه والقضاء .

 $ 138 $ وبعد صدور التقنين المدني الجديد لم يتناول المسألة إلا عدد قليل من الفقهاء ، فالأستاذ محمد كامل مرسي ، وكان رأيه في عهد التقنين المدني السابق هو كما رأينا أن الأشياء العامة " هي في يد الحكومة بصفتها حارسة عليها لا بصفتها مالكة لها ، أما ملكيتها فللأمة " ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 63 .&%$ ) ، نراه في عهد التقنين المدني الجديد يميل إلى الأخذ بالرأي الآخر . فهو بعد أن يستعرض الرأيين في فرنسا ينتهي إلى تأييد الرأي القائل بأن حق الدولة هو حق ملكية ، إذ يقول : " وهناك أمثلة كثيرة في القانون يؤخذ منها أن حق الدولة حق ملكية : ( أ ) فالمحاكم تقرر لمصلحة الدولة ( أو الأشخاص الاعتبارية العامة ) وجود دعوى استحقاق حقيقية . ( ب ) للدولة الحق في رفع دعاوى الحيازة لمنع التعدي الذي يحصل على متعلقات الملك العام . ( ج ) للدولة حق منح امتيازات في الأملاك العامة ، كإجارة الشواطئ لوضع أكواخ خشبية للاستحمام . ( د ) الحاصلات الطبيعية التي تنمو في الطرق والأشجار ملك خاص للدولة الخ . وكانت محكمة الاستئناف المختلطة قضت بأن ليس للحكومة أن تنتفع من ملكها العام ، حتى في حالة وضع اليد غير المرخص به ، بأن تطالب في دعوى الاستحقاق المرفوعة في شأن جزء من الملك العام بتعويض مقابل الحيازة غير المرخص بها . ولكن يظهر أنها عدلت عن ذلك ، إذ قضت بأن للحكومة طلب تعويض مقابل حيازة العقار ، فلمصلحة السكك الحديدية الحق في طلب تعويض ممن يزرع الخندق الممتد بجوار شريط السكة الحديدية " ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 طبعة ثانية فقرة 114 ص 132 – ص 134 .&%$ ) . ويلاحظ أن الأستاذ محمد كامل مرسي في الحجج التي استند إليها في القول بحق ملكية الدولة لم يورد حجة ترجع إلى التقنين المدني الجديد ، بل إن كل الحجج التي أوردها كانت حججا سائغة في عهد التقنين المدني الجديد ، بل إن كل الحجج التي أوردها كانت حججا سائغة في عهد التقنين المدني السابق ، فهو إذن ، بعد أن ترك التقنين المدني الجديد الباب مفتوحا فيما رأينا للقول برأي أو بآخر ، أعاد النظر في رأيه الأول وانتهى إلى تأييد الرأي القائل بملكية الدولة للشيء العام على النحو الذي رأيناه . أما الأستاذ سليمان مرقس فيرجح ملكية الدولة للشيء العام ، ويستند في ذلك إلى حجة يستمدها من التقنين المدني الجديد إذ سمي هذا التقنين الشيء العام بالمال العام ، ناظراً في ذلك إلى ما ترتب للدولة من حق ملكية في الشيء العام $ 139 $ فجازت تسميته مالا . وهو يقول في هذا الصدد : " وقد ثار الجدل في طبيعة حق الأشخاص المعنوية العامة على الأشياء المخصصة للمنفعة العامة ، أهو حق ملكية بمعنى الكلمة أو هو فقط ولاية إشراف وحفظ وصيانة؟ والراجح في هذا الشأن أن الأشخاص المعنوية العامة تملك الأشياء المخصصة للمنفعة العامة ملكية مقيدة بتخصيصها للمنفعة العامة ، كما يستفاد ذلك من عبارة المادة 87 مدني جديد ، ولذلك جازت تسمية هذه الأشياء أموالا عامة باعتبار حق الملكية المترتب عليها للأشخاص المعنوية العامة( $%&[1] ) سليمان مرقس في المدخل للعلوم القانونية طبعة ثانية سنة 1952 فقرة 291 ص 452 – ص 453 .&%$ ) " . فإذا أضفنا إلى هذين الفقيهين من كان يقول بملكية الدولة في عهد التقنين المدني السابق – الأستاذ وحيد رأفت والأستاذ محمد زهير جرانة – خلص لنا أن فكرة ملكية الدولة قد أخذت مكانها في الفقه المصري وبدأت تستقر فيه .

غير أن فقيها مصريا – الأستاذ محمد علي عرفة – وهو ممن كتبوا في عهد التقنين المدني الجديد ، لم يأخذ بهذه الفكرة ، بل أخذ بالفكرة الأخرى وهي قصر حق الدولة على ولاية الإشراف والحفظ والصيانة ، ويقول( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 123 .&%$ ) في تأييد فكرته إن عناصر الملكية كما وردت في المادة 802 مدني هي الاستعمال والاستغلال والتصرف ، فأيما حق ليس من طبيعته أن يستجمع هذه العناصر الثلاثة فإنه لا يعد من قبل الملكية . وإسقاط عناصر الملكية الثلاثة في مجال الأموال العامة هو الأصل الثابت لها بحكم تخصيصها للمنفعة العامة ، وهذا الأصل يتعارض مع جوهر حق الملكية وما ينبغي أن يتوافر له من مقومات . فالتخصيص للمنفعة العامة هو في ذاته الذي يتعارض مع جوهر الملكية ، ومن ثم يؤدي إلى إنكار ملكية الدولة للأموال العامة( $%&[1] ) ويقول الأستاذ محمد علي عرفة : " وأبلغ من ذلك في الدلالة على تأييد المشرع لوجهة نظرنا أن المادة 119 من المشروع التمهيدي كانت تنص على أن تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات المملوكة للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة ، فلما تليت المادة في لجنة المراجعة حذفت كلمة ( المملوكة ) منها تجنبا للأخذ برأي قاطع في هل الأموال العامة مملوكة للدولة أو أن الدولة حارسة على هذه الأموال . فلو أن المشرع أراد أن يقطع بملكية الدولة لهذه الأموال ، وهو الرأي الذي اتجه إليه الفقه الإداري الحديث ، لما أقدم على حذف هذه الكلمة ، وفي حذفه إياها دليل على عدم اقتناعه بوجاهة هذا الرأي " ( محمد علي عرفة فقرة 123 ص 151 ) .&%$ ) . والقول بأن الدولة حارسة $ 140 $ على الأموال العامة لا مالكة لها لا يحول دون امتداد الحماية التي أسبغت على الأموال العامة إلى الأموال التي تخصصها الأشخاص الاعتبارية العامة للنفع العام ، كما أنه لا يمنع من تملك الدولة لثمار تلك الأموال وحاصلاتها( $%&[1] ) ويقول الأستاذ محمد علي عرفة في هذا الصدد : " والحق أن تملك الدولة لثمار حصالات الأموال العامة ليس محل خلاف ، ولكننا لا نرى فيه أثراً من آثار ملكية الدولة للأموال العامة ذاتها ، بل إن إنكار مملوكية المال العام لا يستتبع حتما إنكار مملوكية الدولة لثماره وحاصلاته . فإنما دعا إلى نفي الملك عن المال العام تخصيصه للمنفعة العامة ، وهذه صفة لا تتوافر فيما قد ينتجه من ثمار وحاصلات . أما السبب في تملك الدولة بالذات لهذه الثمار الحاصلات فهو كونها صاحبة الولاية العامة على الأموال العامة ، وتأسيساً على ذلك تكون هي وحدها صاحبة الحق في تحصيل ثمار وحاصلات هذه الأموال " محمد علي عرفة فقرة 125 ص 154 ) .

والقول بأن تملك الدولة للثمار مؤسس على عدم تخصيصها للمنفعة العامة ، وعلى أن الدولة هي صاحبة الولاية على الأموال العامة ، غير مجد . فعدم تخصيص الثمار للمنفعة العامة لا يفيد إلا أنها تقبل التملك الخاص ، ولكن من يتملكها؟ ليس هو صاحب الولاية العامة ، بل هو مالك الأصل الذي أنتج الثمار ، فإذا تملكتها الدولة كانت هي مالكة الأصل أي مالكة للمال العام نفسه .&%$ ) ، ولا ينفي أخيراً عن الدولة حقها في الدفاع عن الأموال العامة بدعاوى وضع اليد أو بغيرها من الدعاوى( $%&[1] ) ويقول الأستاذ محمد علي عرفة في هذا الصدد : " وليس من العسير تبرير حق التجاء الدولة والأشخاص الإدارية الإقليمية إلى دعاوى وضع اليد ، فإن الالتجاء إلى هذه الدعاوى غير قاصر ، كما نعلم ، على الملاك ، بل إن الغاية منها هي حماية الحيازة لذاتها ، وحيازة الأموال العامة ثابتة للدولة . أما الالتجاء لدعاوى الاستحقاق في سبيل حماية الأموال العامة ، فهو الذي يعتمد عليه أنصار المملوكية لتدعيم وجهة نظرهم . والواقع أن الدعاوى التي ترفعها الجهة الإدارية على مغتصب المال العام فترتكز على إثبات التخصيص للمنفعة العامة وما يستتبعه من عدم جواز اكتساب ملكية هذا المال بالتقادم . وآية ذلك أنه في وسع المدعى عليه في دعوى الاستحقاق المدنية أن يحبط سعي رافعها إلى استرداد المال المغتصب بالاحتجاج بتملك هذا المال بالتقادم ، وهو دفاع غير مقبول من مغتصب المال العام " ( محمد علي عرفة فقرة 126 ص 155 ) .

وظاهر أن هذا القول لا يكفي لتفنيد حق ملكية الدولة ، إذ الدولة لا تحوز الأموال العامة إلا لأنها مالكة لها . ولو كانت حيازة الدولة فرعا عن سيادتها لا عن ملكيتها ، لكانت الحيازة حيازة سيادة لا حيازة ملكية ، وحيازة السيادة ليست في حاجة إلى دعاوى وضع اليد ولم توجد هذه الدعاوى لهاذ الضرب من الحيازة . ثم إن الدولة إذا رفعت دعوى الاستحقاق فإنما ترفعها باعتبارها مالكة ، ولا جدوى من القول بأنها ترفع دعوى الاستحقاق لأن المال لا يقبل التملك بالتقادم . فالدولة تستطيع أن ترفع دعوى الاستحقاق حتى قبل اكتمال مدة التقادم ، حيث لا تثار مسألة التقادم أصلا . وكل ما لعدم قابلية المال العام للتملك بالتقادم من أثر ، هو أن الدولة تستطيع رفع دعوى الاستحقاق قبل اكتمال مدة التقادم وبعد اكتمالها ، وهي في الحالتين إنما ترفع دعوى الاستحقاق ، مستندة إلى ملكيتها لا إلى سيادتها .&%$ ) .

 $ 141 $ وقد قدمنا أن التقنين المدني الجديد ترك الباب مفتوحا أمام الفقه والقضاء للأخذ بأحد الرأيين ، ولكن نص المادة 87 مدني يحمل مع ذلك أثر المشروع التمهيدي وما كان يذهب إليه هذا المشروع من حق الملكية للدولة ، وذلك في ناحيتين : ( 1 ) ما أشار إليه الأستاذ سليمان مرقس فيما قدمناه من تسمية النص للأشياء العامة " بالأموال العامة " باعتبار حق الملكية المترتب عليها للأشخاص المعنوية العامة( $%&[1] ) انظر آنفا نفس الفقرة .&%$ ) . ( 2 ) إيراد النص الدومين العام متعدداً ، إذ يقول " العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة " ، وما يحمله هذا التعدد من دلالة ملكية كل شخص إداري للدومين العام الذي يتبعه( $%&[1] ) انظر آنفا نفس الفقرة .&%$ ) .

وإذا قلنا إن هذا لا يكفي للتدليل على ملكية الدولة للشيء العام أمام ما ظهر بوضوح في لجنة المراجعة ، بعد حذف لفظ " المملوكة " ، من أن المقصود بهذا الحذف تجنب " الأخذ برأي قاطع في هل الأموال العامة مملوكة للدولة أن الدولة حارسة على هذه الأموال " ، فإن كل ما يفهم من حذف لفظ " المملوكة " هو تجنب المشرع لأن يكون الأخذ بأحد الرأيين أمراً يحتمه التشريع ذاته . وهذا لا يمنع من القول بملكية الدولة للأشياء العامة ، في ظل التقنين المدني الجديد ، لا استنادا إلى نص التشريع ، ولكن أخذاً بالاعتبارات القانونية السليمة . وفي نظرنا أن هذه الاعتبارات تقضي بأن الأصل أن يكون لكل شيء مالك ، ولا يستثنى من ذلك إلا الأشياء التي لا تقبل بطبيعتها التملك كالهواء والبحر ، وهذه الأشياء لا شأن لنا بها هنا . أما الأشياء التي تقبل التملك بطبيعتها ، فهي ما لم تكن أشياء متروكة أو منقولا لا مالك له ، وهذا وتلك غير الشيء العام ، لابد لها من مالك . صحيح أن الوقف لا مالك له ، ولكن الوقف نظام إسلامي خاص تنسب فيه ملكية المال الموقوف إلى الله تعالى ، وبديهي أنه لا يصح قياس المال العام على المال الموقوف . وحتى العقار المباح ، تنسب ملكيته في النهاية إلى الدولة . بقي بعد كل ذلك الشيء العام ، وهذا أيضاً لابد له من مالك . فإن قيل إن " الأمة " هي المالكة للشيء العام ، كما قيل ذلك فعلا ، " فالأمة " قد تكون تعبيراً اجتماعيا أو تعبيراً سياسيا ، ولكنها ليس بتعبير قانوني . والذي يمثل الأمة في القانون هو الدولة ، فلا مناص إذن ، إذا أريد $ 142 $ القول بأن الشيء العام مملوك للأمة ، من القول بأنه مملوك للدولة . ومن ثم تكون الدولة ، وهي المهيمنة على المصالح العامة للأمة ، وهي التي تتمثل فيها الأمة من الناحية القانونية ، هي المالكة للأشياء العامة . ولا ضير من القول بذلك ، مادمنا نقول إن ملكية الدولة للشيء العام هي ملكية مقيدة بتخصيص هذا الشيء للمنفعة العامة ، فيرد على هذه الملكية من القيود ما يقتضيه هذا التخصيص . فإذا زال تخصيص الشيء للمنفعة العامة ، عاد الشيء مملوكاً للدولة ملكية خاصة ، وزالت القيود التي كان التخصيص يقتضيها . وهذا التكييف في نظرنا هو الذي يستقيم في تحليل طبيعة حق الدولة على الشيء العام ، وهو وحده الذي يمليه المنطق القانوني السليم .

4 - الأحكام التي تخضع لها الأشياء العامة

66 - الأشخاص العامة تخضع للأحكام التي تتفق مع طبيعة حق الأشخاص الإدارية فيها : قدمنا أن حق الشخص الإداري في الشيء العام هو حق ملكية ، ولكنه حق مقيد بتخصيص الشيء للمنفعة العامة ، ولذلك سمي بحق ملكية إدارية . فالأحكام التي تخضع لها الأشياء العامة هي التي يقتضيها حق الملكية الإدارية هذا( $%&[1] ) ويترتب على ذلك مبدئيا أن للدولة حق التصرف في الشيء العام بما تقتضيه المنفعة العامة ، ومع مراعاة حقوق الأفراد . وقد قضت محكمة النقض بأن ليس للملاك من الحقوق المكتسبة إلا ما تقرره لهم القوانين ، فإن كان ملكهم واقعا على شوارع عامة ، فمدة حقهم منحصر في تمكينهم من الوصول إليه بمطلق الحرية وفي تمتيعهم بما هو ضروري من النور والهواء . أم الجهة الحكومية القوامة على الشوارع العامة ، فإن حقها في تعديلها وفي إلغائها هو حق أصيل ثابت لها ، تأخذ به كلما أرادت ، على شرط واحد هو أن تمكن أولئك الملاك من حقهم المنحصر فيما تقدم وهو الوصول إلى ملكهم بمطلق الحرية وتمتيعهم بما هو ضروري من النور والهواء . فإذا كان الثابت بالحكم أن ملك الطاعنة – الذي كان محوطا بثلاثة شوارع نافذة – باق على أصل وضعه وما يحيط به من الشوارع ، وكل ما في الأمر أن المجلس البلدي أتى للركن البحري الغربي من هذا الملك فسد الشارع الواقع غربيه بمحاذاة الحد البحري له ، فهذا الذي أثبته الحكم في الموضوع – مما لا رقابة فيه لمحكمة النقض – لا يمكن تكييفه إلا بأن المجلس البلدي أخذ بحقه الذي لا شبهة فيه ، ولم يكن لصاحب الملك أن حق قانوني يتعارض مع حقه في هذا الذي أخذ به . ومتى كان الأمر كذلك ، فحكم القانون هو عدم إجابة صاحب الملك إلى ما يطلبه من التعويض بدعوى أن تصرف المجلس قد ألحق به ضررا ( نقض مدني 16 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 263 ص 772 – وانظر آنفا فقرة 51 ) .&%$ ) ، ومن هذه الأحكام ما يترتب على أن $ 143 $ حق الشخص الإداري هو حق ملكية ، ومنها ما يترتب على أن حق الملكية هذا هو حق مقيد .

( أ ) حق الشخص الإداري هو حق ملكية :

67 - ما يترتب من الأحكام على أن حق الشخص الإداري هو حق ملكية : يترتب على أن حق الشخص الإداري هو حق ملكية ما يأتي : ( 1 ) يكون للشخص الإداري الحق في رفع دعوى الاستحقاق لحماة ملكيته ، وفي رفع دعاوى الحيازة لحماية حيازته . ( 2 ) ويكون للشخص الإداري باعتباره مالكا ، أن يتملك الثمار والحاصلات التي ينتجها الشيء العام . ( 3 ) ويكون له أيضاً ، باعتباره مالكا ، تلمك الطمي وتملك الركاز المدفون . ( 4 ) ويكون له أخيراً حق التعويض . ( 5 ) ومادام كل شخص إداري يملك الشيء العام الذي يتبعه ، فإن الدومين العام يتعدد بتعدد الأشخاص الإدارية التي تتبعها الأشياء العامة .

فهذه النتائج خمس تترتب على أن حق الشخص الإداري هو حق ملكية ، نبحثها على التعاقب .

68 - دعوى الاستحقاق ودعاوى الحيازة : جرى الفقه والقضاء في فرنسا على أن يكون للشخص الإداري ، حماية لحق ملكيته في الشيء العام وحماية لحيازته إياه ، دعوى الاستحقاق ودعاوى الحيازة ، شأن الشخص الإداري العام في ذلك شأن الأفراد . فالملكية الإدارية الثابتة للشخص الإداري في الشيء العام هي إذن كالملكية العادية ( الملكية المدنية ) تحميها دعوى الاستحقاق التي لا تعطى إلا للمالك ، وتحمي حيازتها دعاوى الحيازة ، وفي هذا دليل قاطع على أن حق الشخص الإداري في الشيء العام إنما هو حق ملكية صحيحة .

وقد قضت محكمة النقض الفرنسية ، غير مرة ، بأن للشخص الإداري أن يرفع دعوى الاستحقاق على مغتصب الشيء العام ، يسترد بها الشيء المغتصب( $%&[1] ) نقض فرنسي 11 يوليه سنة 1892 سيريه 93 – 1 – 39 – 2 فبراير سنة 1904 سيريه 1904 – 1 – 306 – وانظر أيضاً تعليقات Japiot في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1912 ص 259 وما بعدها وبخاصة ص 264 – ص 265 .&%$ ) . وقضت كذلك بأن للشخص الإداري أن يرفع دعاوى الحيازة ، $ 144 $ يرد بها الاعتداء الواقع من الأفراد على حيازته للشيء العام( $%&[1] ) نقض فرنسي 9 يناير سنة 1872 داللوز – 72 – 1 – 41 – وانظر أيضاً رسالة Viel من تولوز سنة 1908 .&%$ ) .

وفي مصر أثبتت محكمة الاستئناف المختلطة للدولة حق رفع دعوى الاستحقاق ، وإن أنكرت في بائد الأمر أن يكون للدولة حق التعويض عن الحيازة غير المشروعة . فقضت بأنه لا يحق للدولة أن تطالب ، في دعوى الاستحقاق المرفوعة بشأن جزء من المال العام ، بتعويض عن حيازته غير المشروعة( $%&[1] ) استئناف مختلط 3 مارس سنة 1904 م 16 ص 151 .&%$ ) .ولكن ما لبثت المحكمة أن صححت هذا الخطأ ، وأقرت مبدأ التعويض كما سنرى عند الكلام في حق التعويض( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 71 – وانظر آنفا فقرة 63 في آخرها .&%$ ) .

والشخص الإداري يجمع ، إلى دعوى الاستحقاق ودعاوى الحيازة وهي وسائل القانون الخاص في حماية الملكية والحيازة ، وسائل القانون العام . فيحق له رفع الدعوى الجنائية على من يعتدي على المال العام ، وله أن يزيل آثار الاعتداء بالطرق الإدارية( $%&[1] ) محمد زهير جرانة ص 105 .&%$ ) .

69 - تملك الثمار والحاصلات : لا خلاف في أن الشخص الإداري يملك ثمار الملك العام الذي يتبعه كما يملك حاصلاته( $%&[1] ) هوريو في موجز القانون الإداري طبعة 11 ص 640 وما بعدها – ريجو رسالته في الحقوق العينية الإدارية فقرة 4 ص 23 وما بعدها – مجلس الدولة الفرنسي 24 فبراير سنة 1911 سيريه 1912 – 3 – 73 – 17 يناير سنة 1923 سيريه 1925 – 3 – 17 وتعليق هوريو عليهما .&%$ ) . وتملكه لثمار الشيء العام وحاصلاته إنما هو فرع عن تملكه للشيء العام نفسه ، فمالك الأصل هو الذي ملك ما ينتج عن هذا الأصل من ثمار وحاصلات . وهذا هو التعليل الصحيح لتملك الثمار والحاصلات ، وغيره من التعليلات لا يجدي .

فقد قيل مثلا إن الثمار والحاصلات ليست مخصصة للمنفعة العامة ، ومن ثم $ 145 $ تكون قابلة للتملك الخاص ، فيملكها الشخص الإداري ملكية خاصة( $%&[1] ) ريسي في الدومين العام 2 ص 172 – برتلمي في القانون الإداري طبعة 11 ص 483 – محمد كامل مرسي في مقاله فقرة 80 .&%$ ) . ولكن هذا التعليل لا يستقيم ، إذ مع التسليم بأن الثمار والحاصلات غير مخصصة للمنفعة العامة يبقى أن نعرف لماذا يتملكها الشخص الإداري بالذات ، وبأي سند يتملكها . والثمار والحاصلات ليست شيئا مستقلا وإنما هي فرع عن أصل ، ولا يملكها إلا من يملك الأصل ، فإذا كان الشخص الإداري هو الذي ملكها فلابد أن يكون مالكا للأصل ، أي مالكا للشيء العام ذاته .

وقيل أيضاً إن تملك الشخص الإداري للثمار والحاصلات إنما هو مقابل التكاليف التي يتحملها في سبيل حفظ الشيء العام وصيانته وإدارته ( $%&[1] ) برودون في الدومين العام جزء أول ص 271 – برتلمي في القانون الإداري طبعة 11 ص 491 .&%$ ) . وهذا القول لا سند له من القانون ، فليست هناك قاعدة تقضي بأن من يقوم بحفظ الشيء وصيانته وإدارته بتملك في مقابل ذلك ثماره وحاصلاته . ولا تقوم هذه المقابلة إلا بموجب اتفاق أو نص تشريعي ، أما القواعد العامة فتقضي بأن من يقوم بحفظ الشيء وإدارته إذا استحق مقابلا أخذه ممن يكون ملزما به ، وتبقى الثمار والحاصلات ملكا لمن يملك الأصل .

وقيل أخيراً إن الشخص الإداري إنما يتملك الثمار والحاصلات بموجب حيازته للشيء العام( $%&[1] ) جانس فقرة 272 ص 169 .&%$ ) . وهذا القول أيضاً يتعارض مع ما يقضي به القانون ، فالحائز إنما يتملك الثمار إذا وضع يده على ملك غيره وهو حسن النية ، فيملك ما يجنيه من الثمار إلى أن يصبح سيء النية أو إلى أن يرفع المالك عليه الدعوى . ولا شيء من ذلك قائم في الحالة التي نحن بصددها ، فالشخص الإداري في حيازته للشيء العام لا يحوز ملك غيره ، ولن يتقدم مستحق للشيء العام يطالب باستحقاقه إياه حتى يحتج الشخص الإداري بحسن نيته لتملك الثمار التي قبضها . والصحيح أن الشخص الإداري هو المالك للشيء العام ، وأنه باعتباره مالكا – لا حائزاً – يتملك لا الثمار فحسب ، بل أيضاً المنتجات التي لا تجدي الحيازة في تملكها .

 $ 146 $ 70 - تملك الطمي والركاز المدفون : وقد استقر الفقه والقضاء في فرنسا على أن طمي النهر أو الترعة الذي يتصل بطريق عام ملاصق للنهر أو الترعة يكون مملوكا للشخص الإداري الذي يتبعه هذا الطريق العام ، وذلك بموجب المادة 556 مدني فرنسي التي تقضي بأن يؤول الطمي للمالك المجاور . فالشخص الإداري ، بحكم ملكيته للطريق العام ، يملك طمي النهر ( أو الترعة ) الملاصق لهذا الطريق( $%&[1] ) نقض فرنسي 12 ديسمبر سنة 1832 سيريه 33 – 1 – 35 – 16 فبراير سنة 1836 سيريه 36 – 1 – 405 – 9 ديسمبر سنة 1895 سيريه 97 – 1 – 405 – هوريو في موجز القانون الإداري طبعة 11 ص 640 وما بعدها – رسالة ريجو في الحقوق العينية الإدارية فقرة 4 ص 23 وما بعدها – برتلمي في القانون الإداري طبعة 11 ص 483 – جانس فقرة 120 ص 67 .&%$ ) .

كذلك يملك الشخص الإداري الركاز المدفون في الشيء العام المملوك له ، باعتبار أن الملكية تشمل الأرض وما فوقها وما تحتها . وقد قضى مجلس الدولة الفرنسي بأن الفحم ، الذي يعثر عليه في منطقة ميناء وهران الملتزمون بأشغال عامة في المنطقة المذكورة ، يكون ملكا للدولة( $%&[1] ) مجلس الدولة الفرنسي 17 يناير سنة 1923 سيريه 1925 – 3 – 17 .&%$ ) .

وتنص الفقرة الأولى من المادة 872 مدني مصري على أن " الكنز المدفون أو المخبوء ، الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له ، يكون لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز أو لمالك رقبته " . وتطبيقا لهذا الحكم يكون الشخص الإداري في مصر مالكا للكنز المدفون أو المخبوء في ماله العام ، وذلك بموجب ملكيته للمال العام ، هذا إلا إذا استطاع أحد أن يثبت ملكيته للكنز فيكون له( $%&[1] ) محمد زهير جرانة ص 213 .&%$ ) .

71 - حق التعويض : وإذا اعتدى أحد على المال العام ، كان للشخص الإداري الذي يملكه مطالبة المعتدي بالتعويض ، وذلك استنادا إلى ما للشخص الإداري من حق الملكية . وكانت محكمة الاستئناف المختلطة ، كما قدمنا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 68 وفقرة 63 في آخرها .&%$ ) ، تتردد في الحكم بالتعويض . فقضت في بادئ الأمر بأن الدولة لا يحق لها أن تطالب بتعويض عن الحيازة غير المشروعة( $%&[1] ) استئناف مختلط 3 مارس سنة 1904 م 16 ص 151 .&%$ ) . ثم ما لبثت أن قضت بتعويض $ 147 $ على من زرع الخندق الممتد بجوار شريط السكة الحديدية ، وهو عالم بحالته وبوجه الانتفاع الظاهر به( $%&[1] ) استئناف مختلط 26 مايو سنة 1904 م 16 ص 281 .&%$ ) . ثم انتهت إلى إقرار مبدأ التعويض( $%&[1] ) استئناف مختلط 16 مارس سنة 1911 م 23 ص 226 .&%$ ) ، ولكن لا كمقابل لما فات الدولة من منافع أموالها العامة ، بل كجزاء لابد منه لمنع اعتداء الأفراد على المال العام( $%&[1] ) استئناف مختلط أول يونيه سنة 1920 م 32 ص 339 .&%$ ) . ثم أطلقت حق الحكومة في أن تعرض عن حيازة الغير لمالها العام( $%&[1] ) استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 49 – وانظر في كل ذلك محمد زهير جرانة ص 121 – ص 122 .&%$ ) .

72 - تعدد الدومين العام : لما كان الشخص الإداري يملك ملكية صحيحة الشيء العام الذي يتبعه ، فإنه يترتب على ذلك أن الدومين العام يتعدد بتعدد الأشخاص الإدارية التي تملك أشياء عامة . فكل شخص إداري ملك أشياء عامة يكون له دومين عام يشتمل على هذه الأشياء ، فإذا تعدد الأشخاص الإدارية التي تملك أشياء عامة ، كالدولة والأشخاص الإدارية الإقليمية والأشخاص المعنوية العامة الأخرى ، كان لكل شخص إداري منها دومين عام مستقل عن الدومين العام المملوك للشخص الآخر . ويترتب على تعدد الدومين العام ( multiplicité du domaine public ) أنه إذا أريد نقل الشيء العام من ذمة شخص إداري إلى ذمة شخص إداري آخر ، كتحويل مستشفى تابع لإحدى البلديات إلى الدولة أو تحويل مدرسة تابعة للدولة ( وزارة التربية والتعليم ) إلى إحدى البلديات ، وجب أولا أن يتم التراضي بين الشخصين الإداريين صاحِبَيْ الشأن ، ثم يكون للشخص الإداري الذي تجرد من ماله الحق في التعويض يتقاضاه من الشخص الإداري الذي أضيف إليه هذا المال ، وهذا ما يسمى بمبادلات الأموال العامة ( mutations domaniales ) .

وفي الرأي الذي يقول بأن الشخص الإداري لا يملك المال العام ويقتصر حقه على ولاية إشراف وحفظ وصيانة ، تترتب نتائج هي عكس النتائج التي قدمناها . ذلك أن مجموعة الأموال العامة ، سواء ما كان منها تابعا للدولة $ 148 $ أو ما كان تابعا لأشخاص إدارية أخرى ، تعتبر في هذا الرأي الثاني وحدة شاملة تبسط عليها الدولة ولايتها ، ولا يكون للأشخاص الإدارية الأخرى حق ذاتي في هذه الأموال ، ويقتصر الأمر بالنسبة إليها على مباشرتها اختصاصات معينة يقررها التشريع الإداري . ومن ثم تكون مجموعة الأموال العامة خاضعة في حراستها وصيانتها لولاية الدولة واختصاصات الأشخاص الإدارية الأخرى ، ولا يكون هناك تعدد للدومين العام ، بل يحل محل هذا التعدد وحدة الدومين العام ( unite du domaine public ) . فإذا أريد نقل شيء عام من تبعية الدولة إلى تبعية شخص إداري آخر ، أو من تبعية شخص إداري إلى تبعية الدولة أو إلى تبعية شخص إداري آخر ، فإن هذا لا يقتضي التراضي بين الدولة والشخص الإداري الآخر أو بين الشخصين الإداريين ، بل يكفي صدور أمر إداري من الدولة لإجراء هذا النقل ، ولا محل لتعويض الشخص الإداري أو تعويض الدولة عن الحرمان من الانتفاع بالمال العام .

وفي قضية فرنسية مشهورة عرض الأمر على كل من محكمة النقض الفرنسية ومجلس الدولة الفرنسي ، فأخذت محكمة النقض بمبدأ وحدة الدومين العام ، في حين أن مجلس الدولة أخذ بمبدأ تعدد الدومين العام( $%&[1] ) انظر في نقض فرنسي 20 ديسمبر سنة 1897 داللوز 99 – 1 – 257 وتعليق Sarrut – مجلس الدولة الفرنسي 16 يوليه سنة 1909 داللوز 1911 – 3 – 75 تعليق هوريو على الحكم في مجموعة القضاء الإداري جزء 3 ص 211 وما بعدها – وانظر في تفاصيل القضية محمد زهير جرانة ص 96 – ص 101 .&%$ ) .

أما في مصر فالواجب القول بتعدد الدومين العام وبترتيب نتائج هذا التعدد على النحو الذي بسطناه ، وذلك بصريح نص المادة 87 مدني على ما بينا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 65 .&%$ ) ، واستناد إلى أن الشخص الإداري - الدولة أو غيرها من الأشخاص الإدارية الإقليمية أو المصلحية – في الأموال العامة التابعة له حق ملكية لا شك فيه( $%&[1] ) انظر في تعدد الدومين العام محمد زهير جرانة ص 199 – ص 212 .&%$ ) .

 $ 149 $ ( ب ) – حق الشخص الإداري هو حق مقيد :

73 - ما يترتب من الأحكام على أن حق الملكية الإدارية هو حق مقيد : قدمنا أن حق الملكية الذي للشخص الإداري في المال العام هو حق مقيد بتخصيص الشيء للمنفعة العامة ، ولذلك سمي بحق ملكية إدارية( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 66 .&%$ ) ويترتب على أن حق الملكية الإدارية هو حق مقيد ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 87 مدني ، فقد رأيناها تقول : " وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم " ، ومن ثم تترتب النتائج الآتية : ( 1 ) عدم جواز التصرف في الشيء العام ، لأن التصرف فيه يتنافى مع تخصيصه للمنفعة العامة . ( 2 ) عدم جواز الحجز على الشيء العام ، لأن الحجز يؤدي إلى بيع الشيء العام جبرا ، أي إلى التصرف فيه ، والتصرف ممنوع كما قدمنا . ( 3 ) عدم جواز تملك الشيء العام بالتقادم ، لأن التملك بالتقادم كالتصرف يتنافى مع تخصيص الشيء العام للمنفعة العامة . فهذه النتائج ثلاث نبحثها على التعاقب .

74 - عدم جواز التصرف في الشيء العام : الشيء العام مملوك ملكية صحيحة للشخص الإداري الذي يتبعه هذا الشيء كما قدمنا ، ولكن لما كان الشيء مخصصا لمنفعة عامة فإن مقتضى ذلك أنه لا يجوز للمالك – أي للشخص الإداري – أن يتصرف في الشيء العم بما يتعارض مع المنفعة العامة التي خصص لها . فلا يجوز للشخص الإداري أن يبيع الشيء العام ، أو أن يهبه ، أو أن يرهنه ، أو أن يجري فيه أي تصرف آخر يتعارض مع تخصيصه ، فإن هذه التصرفات من شأنها أن تزيل ملكية الشخص الإداري للشيء العام ، فلا يستطيع بعد ذلك متابعة تخصيصه للمنفعة العامة . وإذا أراد الشخص الإداري أن يجري مثل هذا التصرف ، وجب عليه أولا تحويل الشيء العام إلى شيء خاص بطريقة من طرق التحويل التي سنبينها فيما يلي( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 82 وما بعدها .&%$ ) ، وبعد تجريد الشيء من صفته العامة وصيرورته شيئاً خاصا يمكن للإدارة عندئذ أن تتصرف $ 150 $ فيه كما تتصرف في سائر أموالها الخاصة( $%&[1] ) مجلس الدولة الفرنسي 5 مايو سنة 1922 مجموعة أحكام مجلس الدولة سنة 1922 ص 390 .&%$ ) . أما إذا تصرفت الإدارة في الشيء العام مع احتفاظها بصفته العامة ، فإن التصرف يكون باطلا بطلانا مطلقا ، لا ترد عليه الإجازة ، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به . فيجوز إذن لمن تصرف إليه الشخص الإداري من الأفراد أن يتمسك بالبطلان ، فمن يشتري شيئاً عاما من الإدارة ويدفع ثمنه يجوز له أن يتمسك ببطلان البيع وأن يسترد الثمن( $%&[1] ) انظر مع ذلك رأيا يذهب إلى أنه ليس للمشتري أن يتمسك بالبطلان ، لأن البطلان إنما شرع لمصلحة الشخص الإداري : جيز في المبادئ العامة للقانون الإداري طبعة ثالثة جزء 4 ص 28 وما بعدها – محمد زهير جرانة ص 138 .&%$ ) . وأهم من ذلك أن الشخص الإداري نفسه الذي صدر منه التصرف يجوز له – بل يجب عليه – أن يتمسك بالبطلان ، دعوى أو دفعا . فيرفع دعوى البطلان إذا كان قد سلم الشيء العام للمشتري ، ويدفع بالبطلان إذا كان لم يسلم الشيء وطالبه المشتري بالتسليم( $%&[1] ) فإذا باعت الحكومة للملاك المجاورين للنهر أراضي تكونت من طمي هذا النهر ، وكانت هذه الأراضي بمقتضى موقعها ومستواها جزءاً من الأملاك العامة ، كان البيع باطلا ، ولم يجز للحكومة تسليم هذه الأراضي للمشترين وعليها أن تدفع ببطلان البيع ( استئناف مختلط 28 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 105 – محمد كامل مرسي في مقاله فقرة 88 ص 789 ) .&%$ ) . ويجوز كذلك للشخص الإداري أن يلجأ إلى دعوى الاستحقاق يسترد بها الشيء العام الذي سلمه للمشتري ، فإذا ما تمسك هذا الأخير بالبيع دفعت الإدارة ببطلانه . وفي جميع الأحوال تكون الإدارة مسئولة عن هذا البيع الباطل نحو المشتري مسئولية تقصيرية( $%&[1] ) نقض فرنسي 11 فبراير سنة 1878 سيريه 79 – 1 – 196 – وفي رأي تكون المسئولية تعاقدية ( جرينوبل 11 يناير سنة 1865 داللوز 76 – 2 – 18 ) .&%$ ) ، ويجب عليها أولا أن ترد للمشتري الثمن ، وأن تدفع له تعويضاً عما عسى أن يكو قد لحقه من الضرر .

على أنه يلاحظ أن عدم جواز التصرف إنما يكون في نطاق التصرفات التي تتنافى مع تخصيص الشيء للمنفعة العامة كما قدمنا ، كالبيع والهبة والرهن وغيرها من التصرفات المدنية . وهناك أنواع أخرى من التصرفات تلائم الأموال العامة ، وهذه غير ممنوعة لأنها لا تتعارض مع تخصيص الشيء للمنفعة العامة . من ذلك $ 151 $ منح التزام بمرفق عام ، فهذا تصرف يرد على شيء عام ، وهو جائز لملاءمته لطبيعة المرفق العام ، كذلك تجوز مبادلات الأموال العامة ( muatations domaniales ) لأنها لا تتعارض مع تخصيص المال للمنفعة العامة ، فيصح أن تنزل الدولة لأحد الأشخاص الإدارية الأخرى ( المحافظة أو المدينة أو الجامعة أو دار الكتب أو غير ذلك ) عن شيء عام في مقابل تعويض تتقاضاه من هذا الشخص الإداري ، كما يصح أن ينزل شخص إداري عن شيء عام يملكه للدولة في مقابل تعويض . فهذه تصرفات تجري في الأموال العامة ، ولكنها تصرفات إدارية لا تصرفات مدنية ، وهي تصرفات لا تتعارض مع تخصيص المال العام للمنفعة العامة ومن ثم يجوز إجراؤها( $%&[1] ) وكثيراً ما يستغل الشخص الإداري الشيء العام في صورة تراخيص يمنحها للأفراد في مقابل عوض يتقاضاه . والترخيص بطبيعته موقت وغير ملزم للسلطة المرخصة التي لها دائما ، لداعي المصلحة العامة ، الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1944 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء أول ص 307 ) . كذلك هناك أموال عامة مخصصة للمنفعة العامة؛ وهذا التخصيص في ذاته يقتضي استغلال الدولة لها ، وذلك كالسكك الحديدية وخطوط التلغراف والتلفون ، فإن تخصيص هذه الأشياء للمنفعة العامة يكون في صورة استغلال يعود عادة بربح وفير على الدولة .&%$ ) .

75 - عدم جواز الحجز على الشيء العام : وهذا الحكم هو نتيجة منطقة للحكم السابق ، فمتى تقرر أنه لا يجوز التصرف في الشيء العام بما يتعارض مع تخصيصه للمنفعة العامة ، وجب القول كذلك بأنه لا يجوز الحجز على الشيء العام . ذلك أن الحجز ينتهي إلى بيع إجباري ، فإذا كان البيع الاختيار ممنوعا فأولى أن يمنع البيع الإجباري( $%&[1] ) انظر في مبدأ عدم جواز الحجز على الشيء العام : استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1878 المجموعة الرسمية المختلطة 2 ص 108 – 12 يونيه سنة 1897 المجوعة الرسمية المختلطة 4 ص 401 – 11 ديسمبر سنة 1897 المجموعة الرسمية المختلطة 5 ص 68 .&%$ ) .

وإذا اتخذت إجراءات لنزع ملكية الشيء العام ، كانت هذه الإجراءات باطلة بطلانا مطلقاً لا تصححها الإجازة( $%&[1] ) نقض فرنسي 20 ديسمبر سنة 1897 داللوز 99 – 1 – 257 – 11 مايو سنة 1909 سيريه 1910 – 1 – 151 .&%$ ) .

وإذا كان الحجز على الشيء العام غير جائز ، فكل ما يؤدي إلى هذا $ 152 $ الحجز يكون غير جائز أيضاً ، كما لا يجوز أخذ حق اختصاص به ، ولا يجوز أن يترتب عليه حق امتياز( $%&[1] ) استئناف مختلط 7 مايو سنة 1897 المجموعة الرسمية المختلطة 4 ص 325 .&%$ ) .

76 - عدم جواز تملك الشيء العام بالتقادم : وهذا هو أهم القيود الثلاثة التي وضعت لحماية الشيء العام ، فهو أهم بكثير من قيد عدم جاز التصرف ومن قيد عدم جواز الحجز . ووجه ذلك واضح ، فإنه يصعب تصور أن الدولة أو الشخص الإداري يعمد إلى التصرف في الشيء العام إلا إذا كان غير عالم بصفته ، وكذلك يندر أن يقدم دائن للشخص الإداري على حجز أمواله العامة بل حتى على حجز أمواله الخاصة لأن الشخص الإداري يكون عادة موسراً فلا يكون دائنه في حاجة إلى التنفيذ الجبري على ماله . وإنما الخشية كل الخشية هي في أن تعتدي الأفراد على الشيء العام بوضع اليد عليه أملا في أن تكسب ملكيته بالتقادم ، ومن ثم سد القانون هذا الباب في أوجه المعتدين ، وحرم تملك الشيء العام بالتقادم( $%&[1] ) وقد قضى ، تطبيقا لعدم قابلية الشيء العام للتملك بالتقادم ، بأن جنابيات السكة الحديدية المخصصة للمنفعة العامة لا يمكن تملكها بالتقادم ، ولو لم تكن السكة الحديدية منتفعة بها حالا ( استئناف وطني 30 ديسمبر سنة 1912 المجموعة الرسمية 14 رقم 33 ص 62 ) .&%$ ) .

كذلك لا يجوز لشخص أن يكسب بالتقادم حق ارتفاق على الأموال العامة .

وإذا كان الشخص الإداري يستطيع رفع دعاوى الحيازة ليحمي حيازته ، فإن الأفراد لا يحمون في حيازتهم للشيء العام لأن هذه الحيازة لا يعتد بها . فلا يجوز لواضع اليد على شيء عام أن يرفع دعوى منع التعرض ، إذ أن هذه الدعوى تفترض أن يكون الشخص واضعا يده بصفته مالكا ، والشيء العام لا يقبل وضع اليد عليه بهذه الصفة . ومع ذلك إذا كانت صفة العمومية متنازعا عليها ، جاز لواضع اليد أن يرفع دعوى منع التعرض ، ويبقى واضعا يده حتى ترفع الإدارة دعوى تثبت فيها أن العين مخصصة للمنفعة العامة( $%&[1] ) محمد زهير جرانة ص 142 – ص 143 والأحكام المشار إليها في ص 143 هامش 1 .

ومتى تقرر أن الشيء العام لا يمكن تملكه بالتقادم ، فإنه يترتب على ذلك أن الشخص الإداري يستطيع أن يرفع دعوى الاستحقاق على واضع اليد في أي وقت ، حتى لو بقي واضع اليد حائزاً للشيء العام مدة التقادم .&%$ ) .

 $ 153 $ وكما لا يجوز تملك الشيء العام بالتقادم ، كذلك لا يجوز تملكه إذا كان منقولا بالحيازة . وعلى هذا يجوز للشخص الإداري أن يسترد الشيء العام المنقول من تحت يد حائزه ، ولو كان هذا الحائز حسن النية . وإذا كان الشيء العام المنقول قد سرق أوضاع ثم اشتراه شخص حسن النية ، فإن الشخص الإداري يستطيع أن يسترده منه ، ولا يلتزم برد الثمن إليه إذا كان المشتري قد اشترى المنقول المسروق أو الضائع في سوق عامة أو من تاجر يتعامل في مثل هذا المنقول . وقد قضت محكمة النقض بأن التمثال الأثري لا يجوز التبايع فيه ، بل بيعه وشراؤه باطلان ، وللحكومة أن تقاضي من يكون هذا التمثال في حيازته مهما كانت جنسيته لتسترده منه ، بغي تعويض تدفعه أو ثمن ترده إليه ، ولا يكون له أن يحتج عليها بحكم المادة 87 مدني ( قديم ) ، فإن من المقرر قانونا أن أحكام امتلاك المنقول بالحيازة لا ترد بحال على الأملاك العامة( $%&[1] ) نقض مدني 16 ديسمبر سنة 1937 المحاماة 18 رقم 299 ص 603 .&%$ ) .

ويمكن القول إنه لما كان الشيء العام لا يجوز أن تنتقل ملكيته إلى أحد مادام مخصصا للمنفعة العامة ، فإن أيا من أسباب كسب الملكية لا يرد عليه . وأسباب كسب الملكية هي الاستيلاء ولا يتصور أن يرد على الشيء العام ، والميراث والوصية وهما كذلك لا يتصورا ، والشفعة وهي لا تجوز لا في الشيء العام ولا بالشيء العام . ويبقى بعد ذلك من أسباب كسب الملكية العقد والتقادم والالتصاق . وقد قدمنا أن الشيء العام لا يجوز التصرف فيه بالعقد ولا تملكه بالتقادم ، والآن نقرر أنه لا يجوز تملكه بالالتصاق . فإذا أقامت الإدارة مبنى عاما على أرض غير مملوكة لها ، لم يجز لصاحب الأرض أن يتملك المبنى العام بالالتصاق ، بل الإدارة هي التي تنزع ملكية الأرض( $%&[1] ) نقض فرنسي 14 أبريل سنة 1892 داللوز 99 – 1 – 442 – 22 أبريل سنة 1908 سيريه 1909 – 1 – 485 .&%$ ) . ولكن قواعد الالتصاق تنطبق في الفرض العكسي ، فإذا بنى الغير أو غرس في أرض من $ 154 $ المنافع العامة ، جاز للإدارة أن تملك البناء أو الغراس بالالتصاق في مقابل دفع القيمة التي قررها القانون( $%&[1] ) استئناف مختلط 14 يناير سنة 1897 م 9 ص 123 – مجلس الدولة الفرنسي 10 مايو سنة 1927 مجموعة أحكام مجلس الدولة 1927 ص 581 .&%$ ) .

المطلب الثاني

الأشياء الخاصة

( Domaine privé )

77 - مسائل البحث : الأشياء الخاصة هي الأشياء المملوكة ملكية خاصة للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة الأخرى ، وهي الأشياء غير المخصصة للمنفعة العامة . وهناك أمثلة كثيرة لهذه الأشياء . بل إن الأشياء العامة ذاتها يمكن أن تنقلب إلى أشياء خاصة ، بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة على الوجه المقرر في القانون . وحق الدولة في الأشياء الخاصة هو حق ملكية خاصة ، لا حق ملكية إدارية . وتخضع هذه الأشياء بوجه عام لأحكام الملكية ، شأنها في ذلك شأن الأشياء المملوكة للأفراد .

فنبحث إذن المسائل الآتية : ( 1 ) أمثلة للأشياء الخاصة المملوكة للدولة . ( 2 ) تحول الأشياء المخصصة للمنفعة العامة ، إلى أشياء خاصة بزوال تخصيصها . ( 3 ) تكييف حق الدولة في الأشياء الخاصة والأحكام التي تخضع لها هذه الأشياء .

& 1 - أمثلة للأشياء الخاصة المملوكة للدولة

78 - الدومين الخاص : إلى جانب الدومين العام للدولة يوجد الدومين الخاص . وقد رأينا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 45 .&%$ ) كيف نبت التمييز بين الدومين العام والدومين الخاص في فرنسا ، وقد انتقل هذا التمييز إلى القانون المصري . فأصبح الدومين الخاص ، على خلاف الدومين العام ، هو ما لم يخصص للمنفعة العامة ، وتملكه الدولة أو الشخص المعنوي العام ملكية خاصة ، ويكون التصرف فيه كتصرف الأفراد في أموالهم الخاصة .

 $ 155 $ وأسباب كسب الدومين الخاص متعددة ، وهي نفس أسباب كسب الملكية الخاصة . فقد تملك الدولة المال بالاستيلاء إذا لم يكن له مالك ، فتضع يدها عليه بنية تملكه . وقد تملك الدولة المال ملكية خاصة بالالتصاق ، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 919 مدني على أن " الأراضي التي ينكشف عنها البحر تكون ملكا للدولة " ، والملكية هنا ملكية خاصة كما سبق القول( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 53 .&%$ ) . وقد تملك الدولة أو الشخص المعنوي العام المال ملكية خاصة بالعقد ( كالهبة والبيع ) وبالوصية ، ويقع ذلك في بعض الأحيان كما إذا وهب شخص أو أوصى لإحدى الجامعات بمال تستعين به الجامعة على تحقيق أغراضها العلمية . وقد تملك الدولة المال ملكية خاصة بالتقادم طبقا لقواعده ، ولكن متى أصبح المال ملكا خاصا للدولة فإنه يصبح غير قابل لتملك الأفراد له بالتقادم كما سيأتي( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 88 .&%$ ) . ونرى من ذلك أن الدولة أو الشخص المعنوي العام قد يملك ، بأٍسباب مختلفة ، أموالا متنوعة من عقارات ومنقولات ملكية خاصة ، وكثيراً ما يوقف على الجامعات والهيئات العمة أموال طائلة ، فجامعة القاهرة ودار الكتب وغيرهما من الهيئات موقوف عليها أطيان وأرض رصدها عليها رجال الخير . وتدير أموال الدولة الخاصة عادة مصلحة الأملاك الأميرية ، إن لم تدرها هيئة فنية متخصصة .

بقي من أسباب كسب الملكية الشفعة والميراث( $%&[1] ) ويضاف إلى أسباب كسب الملكية ، بالنسبة إلى الدولة ، القانون . فقد ينص القانون على أن تملك الدولة مالا معينا ملكية خاصة ، كم فعل قانون المناجم والمحاجر ( رقم 86 لسنة 1956 ) إذ نصت المادة 3 منه على أن " يعتبر من أموال الدولة ما يوجد من مواد معدنية بالمناجم في الأراضي المصرية والمياه الإقليمية ، وتعتبر كذلك من هذه الأموال خامات المحاجر عدا مواد البناء ... التي توجد في المحاجر التي تثبت ملكيتها للغير " ، وكما فعل قانون الإصلاح الزراعي فقد وضع حداً أقصى للملكية الزراعية وما يزيد على هذا الحد تنتقل ملكيته للدولة فيكون مملوكا لها ملكية خاصة إلى أن يوزع على صغار الفلاحين طبقا لأحكام هذا القانون .&%$ ) . أما الشفعة فيندر أن تشفع الدولة في عقار إلا إذا قامت ضرورة ملحة لذلك ، وعند ذلك لا نرى مانعا من أن تأخذ العقار بالشفعة . وسنبحث الميراث فيما يلي :

 $ 156 $ 79 - التركات التي لا وارث لها : إذا مات شخص ولم يترك وارثا في الشريعة الإسلامية تؤول تركته إلى بيت المال . وبيت المال تمثله الآن خزانة الدولة ، فيمكن القول إذن إن التركات التي لا وارث لها تكون ملكا للدولة ، وتكون من أملاكها الخاصة .

بقي أن نعرف هل أيلولة التركة إلى الدولة تكون بطريق الميراث ، أي أن الدولة تعتبر وارثا لمن لا وارث له؟ اختلف الرأي في ذلك . فمن قائل إن التركة تؤول إلى الدولة بطريق الميراث . ومن قائل بل هي تؤول إلى الدولة على أساس أنها مال لا مالك له ، والمال الذي لا مالك له يؤول إلى الدولة . ويقول الأستاذ أحمد إبراهيم في هذا الصدد : " والحق أنه مال فيه معنى الإرث والمصلحة معاً ، فهو ملك لجميع المسلمين على السواء ، يستوي في ذلك الموجودون وقت وفاة المتوفى ومن سيوجد بعد ذلك ، ويصرف في مصالح الجميع على السواء ، ويستوي فيه الذكور والإناث ، والقريب والبعيد ، وفي قول مالك رضي الله عنه أن مال من يتوفى من غير وارث يكون للفقراء لا لبيت المال ، نص على ذلك في شرح الدرة البيضاء وغيره . وعند الإمامية يكون هذا المال لإمام بحكم ولاء الإمامة " ( $%&[1] ) أحمد إبراهيم بحث مقارن في المواريث في الشريعة الإسلامية سنة 1933 – سنة 1934 ( المقال الثاني ص 52 ) .&%$ ) .

والصحيح في نظرنا أن التركة تؤول إلى الدولة مالا خاصا ، ولا باعتبارها تركة موروثة ، بل باعتبارها مالا لا مالك له ، فتملكه الدولة بمجرد وفاة المالك دون وارث وقبل أن تضع يدها عليه . فالدولة ليست وارثا لمن لا وارث له( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن بيت المال ، وإن عد مستحقا للتركات التي لا مستحق لها ، فإنه لا يعتبر وارثا في نظر الشرع ، ولذلك فهو لا يصلح خصما في دعوى الوراثة ( نقض مدني 26 مايو سنة 1932 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء 2 ص 1007 ) . وقضت ترتيبا على ذلك بأن البطريركية ليست جهة حكم ولا جهة لضبط مال من لم يظهر له وارث ، بل ذلك من خصائص وزارة المالية بصفتها بيت المال . فتصرف البطريركية بتناول النقود وتسليم أساه ، ولا يدخل إطلاقا في حدود سلطتها باعتبارها شخصا معنويا من أشخاص القانون . وإذن فهي مسئولة عن التصرف ، باعتبارها شخصا معنويا من أشخاص القانون الخاص ( نقض مدني 12 أبريل سنة 1936 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء 1 ص 1007 ) .&%$ ) ، $ 157 $ وهذا هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه والراجح من مذهب أحمد( $%&[1] ) هذا وقد صدر القانون رقم 71 لسنة 1962 بشا ، التركات الشاغرة التي تتخلف عن المتوفين من غير وارث ، نذكر من نصوصه المواد الآتية : م 1 / 1 – تؤول إلى الدولة ملكية التركات الشاغرة الكائنة بالجمهورية العربية المتحدة والتي يخلفها المتوفون من غير وارث ، أيا كانت جنسيتهم ، وذلك من تاريخ وفاتهم . م 2 / 1 – ينقضي كل حق يتعلق بالتركة ، ولو كان سببه الميراث ، بمضي 15 سنة تبدأ من تاريخ وفاة المورث ، أيا ك أن تاريخ علم ذوي الشأن بواقعة الوفاة ، ما لم يتخلل هذه المدة سبب من أسباب وقف التقادم أو انقطاعه . م 8 : 1 – تسلم الأراضي الزراعية للإدارة العامة للأملاك وطرح النهر ، أما العقارات المبنية والأراضي الفضاء المخصصة للبناء فتسلم لوزارة الإسكان والمرافق العامة لإدارتها لحساب التركة ، حتى تتم تصفيتها أو يتقرر تسليمها لصاحب الحق فيها . 2 - وتصفى من تاريخ الوفاة جميع أنواع النشاط التجاري أو المهني التي كان يزاولها المتوفى . م 9 - تصفى كافة عناصر التركة على وجه السرعة ، ويودع حاصل ثمنها بالخزانة العامة لحساب التركة ، حتى يتقرر حق ذوي الشأن فيها أو تنتهي المدة المنصوص عليها بالمادة الثانية . م 11 - في حالة ظهور مستحق للتركة ، يخصم من نصيبه رسم قدره 10% من إجمالي الإيراد نظير أعمال الإدارة و 5% من إجمالي الثمن نظير نفقات التصفية ، كما تخصم سائر المصروفات الفعلية الأخرى .&%$ ) .

وأهم نتيجة تترتب على أن الدولة لا تعتبر وارثا لمن لا وراث له ، أن صاحب التركة لو أوصى بكل تركته لأحد نفذت الوصية في كل التركة ، دون حاجة لإجازة الدولة فيما زاد على الثلث . ولو كانت الدولة وارثا ، لوجبت إجازتها فيما زاد على الثلث طبقا لأحكام الوصية . وفي هذا المعنى يقول الأستاذ أحمد إبراهيم : " وأما على مذهب أبي حنيفة وأصحابه والراجح من مذهب أحمد وبعض العلماء ، فإن الوصية بما زاد على الثلث عند عدم الورثة جميعا تنفذ بدون توقف على إجازة أحد ، ويقدم الموصى له بما زاد على الثلث على بيت المال حتى لو كانت الوصية بكل مال التركة . وذلك لأن بيت المال عند هؤلاء ليس وارثا ، وإنما هو محل توضع فيه التركات التي لا مستحق لها على أنها مال ضائع . وإذا كان مع الموصى له أحد الزوجين ، فإن لم يجز فله نصيبه من الباقي بعد الثلث فقط ، وتكمل وصية الموصى له من الباقي بعد ذلك ، ويقدم على بيت المال كما تقدم ، حتى لو استغرق ما بقي كله . وإذا أجاز كان للموصى له كل ما أوصى له ، وبالباقي لبيت المال إن بقي شيء ، وإلا فكل التركة للموصى له بمقتضى الوصية والإجازة جميعا( $%&[1] ) أحمد إبراهيم بحث مقارن في المواريث في الشريعة الإسلامية سنة 1933 – سنة 1934 ( المقال الثاني ص 51 – 52 ) .&%$ ) " .

 $ 158 $ ونتيجة ثانية تترتب على أن الدولة لا تعتبر وارثا ، أن مال أهل الذمة الذين يتوفون بدار الإسلام عن غير مستحق له هو أيضاً للدولة . ولو كانت الدولة وارثا ، لما ورثت من غير المسلم .

ونتيجة ثالثة تترتب أخيراً على ما تقدم ، أنه لو مات شخص عن غير وارث ، ووضع شخص آخر يده على ماله ، فإن حق الدولة لا يسقط بمضي ثلاث وثلاثين سنة ، لأن هذه المدة إنما تسقط دعوى الميراث والدولة ليس بوارث . كذلك لا يستطيع واضع اليد أن يتملك التركة بالتقادم ، لأنها مال الدولة الخاص ، ومال الدولة ولو كان خاصا لا يجوز تملكه بالتقادم كما سنرى( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 88 .&%$ ) .

80 - الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها : ويعتبر أيضاً ملكا خاصا للدولة الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها ، كأراضي الصحراء والجبال وما إلى ذلك . وقد نصت المادة 874 / 1 و 2 مدني في هذا الصدد على أن " 1 - الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكا للدولة . 2 - ولا يجوز تملك هذه الأراضي أو وضع اليد عليها إلا بترخيص من الدولة وفقا للوائح " .

والملكية هنا هي أيضاً ملكية خاصة ، وكانت تتميز بحكم خاص ، إذ كانت الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني تنص على ما يأتي : " إلا أنه إذا زرع مصري أرضا غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها ، تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبنى ولو بغير ترخيص من الدولة . ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس العشرة السنة التالية للتملك " . ولكن القانون رقم 100 لسنة 1964 ( م 86 ) ألغى هذه الفقرة فأصبحت هذه الأراضي شأنها شأن سائر أملاك الحكومة الخاصة تخضع لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 ، وسنعود إلى أحكام هذا القانون فيما يلي( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 89 – فقرة 92 .&%$ ) .

81 - أموال المشروع العام من مؤسسات عامة وشركات عامة :

دخل في القانون المصري أخيراً ما يعرف بالمشروع العام ( entreprise $ 159 $ publique ) ، وهو إما مؤسسة عامة أو شركة عامة . وكان ذلك أثراً من آثار التوسع الكبير في نشاط القطاع العام في توجيه الاقتصاد القومي والتنمية الاقتصادية ، وأخذ الدولة بزمام هذا النشاط بعد أن كان متروكا لنشاط الأفراد أو لنشاط ما يسمى بالقطاع الخاص . والأداة الرئيسية لكل ذلك هي التأميم ( nationalisation ) ، فيأخذ المشروع العام عادة شكل المؤسسة العامة أو الهيئة العامة عندما تقوم الدولة بنشاط صناعي أو تجاري أو زراعي أو مالي أو عندما تقوم بتأميم المرافق العامة كالكهرباء والغاز والمياه والمواصلات ووسائل النقل المختلفة ، ويأخذ شكل الشركة المساهمة العامة عندما تقوم الدولة بتأميم البنوك وشركات التأمين والشركات التي كانت تابعة من قبل للقطاع الخاص كشركات الملاحة والمصانع والمتاجر والفنادق وكذلك عندما تنشئ المؤسسات شركات عامة .

وقد صدر أخيراً القانون رقم 60 لسنة 1963 في شأن المؤسسات العامة ، والقانون رقم 61 لسنة 1963 في شأن الهيئات العامة . ويظهر من الرجوع إلى هذين القانونين أن المؤسسة العامة " تمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا أو زراعيا أو ماليا أو تعاونيا " ( م 1 من قانون المؤسسات العامة ) ، في حين أن الهيئة العامة تنشأ " لإدارة مرفق مما يقوم على مصلحة أو خدمة عامة " ( م 1 من قانون الهيئات العامة ) . على أن هذه التفرقة لم تلتزم بدقة كافية ، فهناك نشاط تمارسه المؤسسة العامة ويمكن أن يكون مرفقاً عاما ، كما أنه ليس ثمة ما يمنع الهيئة العامة من أن تزاول نشاطا اقتصاديا لا تتوافر له صفة المرفق العام( $%&[1] ) ويقول الأستاذ مصطفى كمال طه في هذا الصدد : " والواقع أن تحديد ما يعتبر مؤسسة عامة أو هيئة عامة لا يرجع إلى طبيعة النشاط ... وإنما المرجع إلى تحديد ذلك هو إلى القرار الجمهوري ... ومعنى ذلك أن ضابط التفرقة بين المؤسسة العامة والهيئة العامة هو في الحقيقة ضابط شكلي محض مرده إرادة المشرع وحدها . وبالرغم من صدور قانون للمؤسسات العامة وآخر للهيئات العامة ، فإن أغلبية الأحكام مشتركة بينهما " ( مصطفى كمال طه في الوجيز في القانون التجاري سنة 1965 فقرة 483 ) .&%$ ) .

والمؤسسات العامة والهيئات العامة تعتبر من أشخاص القانون العام . ولكن أموال المؤسسة العامة تعتبر في الأصل من الأموال الخاصة ، ما لم ينص على خلاف ذلك في القرار الجمهوري الصادر بإنشاء المؤسسة . أما أموال $ 160 $ الهيئات العامة فتعتبر في الأصل من الأموال العامة ، ما لم ينص على خلاف ذلك في القرار الجمهوري الصادر بإنشاء الهيئة( $%&[1] ) وهناك قوانين وقرارات منشئة لبعض المؤسسات والهيئات قد نصت صراحة على اعتبار أموالها أموالا خاصة : مثل ذلك م 12 من نظام هيئة قنال السويس ، و م 28 من نظام البنك المركزي المصري ، و م 13 من نظام البنك الأهلي المصري ، و م 8 من قانون مؤسسة بنك مصر . &%$ ) . والمؤسسات العامة لها ميزانية مستقلة ، وتوضع على مط ميزانيات المشروعات التجارية ، وأرباح المؤسسة العامة بحسب الأصل تؤول إليها ، كما تواجه المؤسسة العجز أو الخسارة أصلا عن طريق ما تعقده من قروض . أما الهيئات العامة ، وإن كانت لها ميزانية خاصة ، إلا أنها تلحق بميزانية الدولة وتجري عليه أحكامها ، وتتحمل الدولة عجزها ، ويؤول لميزانية الدولة ما قد تحققه من أرباح .

والشركات المساهمة العامة تعتبر من أشخاص القانون الخاص . وتعتبر أموالها أموالا خاصة ، شأنها في ذلك شأن المؤسسات العامة ، بل هي أولى من المؤسسات في اعتبار أموالها أموالا خاصة ، إذ هي كما قدمنا من أشخاص القانون الخاص في حين أن المؤسسات من أشخاص القانون العام كما سبق القول .

ويخلص من ذلك أن كلا من المؤسسات العامة وشركات المساهمة العامة تعتبر أموالها أموالا خاصة .

2 - تحول الأشياء العامة إلى أشياء خاصة

بزوال تخصيصها للمنفعة العامة

82 - نص قانوني : تنص المادة 88 مدني ( المعدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954 ) على ما يأتي :

 " تفقد الأموال العامة صفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة . وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص ، أو بالفعل ، أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 120 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن عبارة " أو بالفعل " لم تكن واردة في نص المشروع التمهيدي . وأقرت النص لجنة المراجعة تحت رقم 90 في المشروع النهائي . وأقره مجلس النواب تحت رقم 90 . وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيفت عبارة " أو بالفعل " بعد عبارة " أو مرسوم " " ليتمشى ذلك مع كيفية اكتساب الملك العام ، وقد أقر القضاء هذا المبدأ " ، فأصبح النص مطابقا لما استقر عليه التقنين الجديد ، وصار رقمه 88 . وأقره مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 483 – 488 ) .

ثم صدر القانون رقم 331 لسنة 1952 ، فعدل النص بعد عبارة " بمقتضى قانون " على الوجه الآتي : " أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص " .&%$ ) .

 $ 161 $ ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 9 من التقنين الوطني( $%&[1] ) التقنين المدني السابق م 9 / 1 ( وطني ) : الأملاك الأميرية المخصصة للمنافع العمومية لا يجوز تملكها بوضع يد الغير عليها المدة المستطيلة ، ولا يجوز حجزها ولا بيعها ، وإنما للحكومة دون غيرها التصرف فيها بمقتضى قانون أو أمر .&%$ ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 91 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 88 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 72 – ولا مقابل للنص في قانون الملكية العقارية اللبناني( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 91 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 88 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 72 ( مطابق فيما عدا إغفال عبارة " أو مرسوم " في التقنين العراقي ) .

قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .&%$ ) .

وتحلو الشيء العام إلى شيء خاص بانتهاء تخصيصه للمنفعة العامة هو من أهم المصادر التي تكسب بها الدولة أموالها الخاصة ، فكثير من الأشياء التي كانت مخصصة لمنفعة العامة ينتهي تخصيصها هذا ، فتنقلب من أشياء عامة إلى أشياء خاصة ، فيجوز للدولة التصرف فيها ، كما يجوز التنفيذ عليها بالحجز .

83 - كيف ينتهي تخصيص الشيء للمنفعة العامة فيصبح شيئا خاصا : وينتهي تخصيص الشيء للمنفعة العامة ، فيصبح شيئا خاصا ، بنفس الطريقة التي يخصص بها للمنفعة العامة . وقد رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 46 في آخرها .&%$ ) أن الشيء يخصص للمنفعة العامة بطريق رسمي ( قانون أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص ) ، أو بطريق فعلي بتخصيصه فعلا للمنفعة العامة . وكذلك ينتهي تخصيص الشيء للمنفعة العامة ، فيكون الانتهاء بطريق رسمي ( قانون أو قرار جمهوري أو قرار $ 162 $ من الوزير المختص ) ، أو بطريق فعلي وذلك بانتهاء الغرض الذي من أجله خصص الشيء للمنفعة العامة .

وقبل أن نستعرض كلا من الطريقين ، ندلي بملاحظتين :

( الملاحظة الأولى ) ورد في نص المادة 88 مدني : " وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص ، أو بالفعل ، أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة " . والصحيح أن الطريق الفعلي هو نفسه يكون بانتهاء الغرض الذي من أجله خصص الشيء للمنفعة العامة ، فلا يوجد إذن طريق ثالث ، ولا يوجد إلا طريقان كما قدمنا : الطريق الرسمي والطريق الفعلي . وتكون لفظة " أو " السابقة على عبارة " انتهاء الغرض الخ " زائدة لا محل لها ، ويجب أن تقرأ العبارة الأخيرة من النص على الوجه الآتي : " أو بالفعل بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة " ( $%&[1] ) ويؤكد ذلك الرجوع إلى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، فلم يرد في هذه المذكرة إلا طريقان لانتهاء التخصيص للمنفعة العامة هما الطريق الرسمي والطريق الفعلي ، إذ جاء في هذا الصدد ما يأتي : " كما أن تخصيص الأموال للمنفعة العامة يكون بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم ، كذلك ينتهي التخصيص للمنفعة العامة بمقتضى قانون أو مرسوم أو بانقطاع استعمالها بالفعل الاستعمال الذي من أجله اعتبرت مخصصة للمنفعة العامة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية أ ص 484 ) – والسبب في عدم دقة نص المادة 99 مدني يرجع إلى ما يأتي : كان نص المشروع التمهيدي دقيقا إذ جاء على الوجه الآتي : " ... وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة " . فكان واضحا أن طريق انتهاء التخصيص " بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة " هو الطريق الفعلي نفسه ولا شيء غيره . ولم تتنبه لجنة مجلس الشيوخ إلى ذلك ، وظنت أن النص لا يشتمل على الطريق الفعلي ، فقررت إضافة " عبارة أو بالفعل " ، فجاء ذكر الطريق الفعلي على هذا الوجه مكرراً ، ذكر في الأصل بعبارة " أو بانتهاء الغرض .. " ، ثم أعيد ذكره بإضافة عبارة ، " أو بالفعل " . وكانت إحدى العبارتين تغني عن الأخرى ، بل كان الأوْلى ألا تضيف لجنة مجلس الشيوخ عبارة " أو بالفعل " فإن معناها كان موجودا فعلا في نص المشروع . انظر آنفا فقرة 82 في الهامش ومجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 483 – ص 484 .&%$ ) .

( الملاحظة الثانية ) ليس من الضروري أن ينتهي تخصيص الشيء للمنفعة العامة بنفس الطريقة التي خصص بها من قبل للمنفعة العامة . فقد يخصص شيء للمنفعة العامة بطريق رسمي وينتهي بتخصيصه بطريق فعلي ، وكذلك قد يخصص شيء للمنفعة العامة بطريق فعلي وينتهي تخصيصه بطريق رسمي .

 $ 163 $ 84 - انتهاء التخصيص للمنفعة العامة بطريق رسمي : كما يخصص الشيء المملوك للدولة ملكية خاصة للمنفعة العامة بطريق رسمي ، أي بطريق قانون أو قرار جمهوري أو قرار من مجلسا لوزراء أو قرار من الوزير المختص أو قرار من الإدارة المختصة( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 47 .&%$ ) ، كذلك ينتهي تخصيصه للمنفعة العامة بطريق رسمي على النحو السالف الذكر . فيجوز إنهاء التخصيص ، وتجريد المال من صفته العامة ( déclassement, désaffectation ) ، بقانون أو قرار جمهوري أو قرار من مجلس الوزراء أو قرار من الوزير المختص أو قرار من الإدارة المختصة . ولا يشترط التماثل بين أداة التخصيص وأداة إنهاء التخصيص ، فقد يخصص شيء للمنفعة العامة بقانون وينتهي تخصيصه بقرار جمهوري إذا كان ذلك جائزاً طبقا للنظم المقررة . وقد يقع العكس فيخصص شيء بقرار جمهوري وينتهي تخصيصه بقانون ، أو بقرار من مجلس الوزراء أو من الوزير المختص أو من الإدارة المختصة ، مادام كل ذلك جائزاً طبقا للنظم المقررة . وقد قدمنا أنه يجوز تخصيص شيء للمنفعة العامة بطريق رسمي ، وإنهاء التخصيص بطريق فعلي( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 83 – وقد كان التقنين المدني الوطني السابق ( م 9 / 1 ) يقضي بأن الأملاك المخصصة للمنفعة العامة يجوز " للحكومة دون غيرها التصرف فيها بمقتضى قانون أو أمر " . وقد فسر هذا النص بأن للحكومة أن تنهي تخصيصها لهذه الأملاك بمقتضى قانون أو مرسوم فتتحول إلى أملاك خاصة ، ومن ثم يجوز التصرف فيها . وكان هناك من ذهب إلى أنه لا يجوز إنهاء التخصيص إلا بمقتضى قانون أو مرسوم كما ورد في النص ، فلا يجوز إنهاء التخصيص بقرار من مجلس الوزراء أو الوزير المختص أو الإدارة المختصة ، حتى لو أن التخصيص للمنفعة العامة في بداية الأمر كان تخصيصا فعليا لا تخصيصا رسميا ( استئناف مصر 20 يناير سنة 1911 المجموعة الرسمية 12 رقم 58 ص 106 – 21 فبراير سنة 1929 المحاماة 10 رقم 211 ص 431 – 24 يناير سنة 1934 المحاماة 14 رقم 255 ص 688 – 17 يناير سنة 1939 المحاماة 19 رقم 341 ص 835 – انظر عكس ذلك استئناف مختلط 16 مايو سنة 1877 المجموعة الرسمية المختلطة 2 ص 355 – 15 مايو سنة 1917 م 29 ص 424 ) .&%$ ) .

ولا شك في أن إنهاء التخصيص للمنفعة العامة أمر تقديري موكول إلى الحكومة ، فهي ترى ما إذا كان من الملائم أن تنهي التخصيص أو ألاَّ $ 164 $ تنهيه ، ولا معقب على تقديرها في ذلك من القضاء إلا إذا انطوى التقدير على التعسف في استعمال السلطة( $%&[1] ) مجلس الدولة الفرنسي 13 مارس سنة 1923 سيريه 1925 – 3 – 1 – محمد زهير جرانة ص 192 – محمد علي عرفة فقرة 134 ص 169 .&%$ ) .

85 - انتهاء التخصيص للمنفعة العامة بطريق فعلي : كانت هذه المسألة مثار خلاف كبير في عهد التقنين المدني السابق . فقد قدمنا أن هذا التقنين كان ينص على أن انتهاء التخصيص يكون " بقانون أو أمر " ، فكان هناك رأي يذهب إلى أنه لا يجوز انتهاء التخصيص إلا بطريق رسمي . ومن أنصار هذا الرأي من يقول بأن أداة انتهاء التخصيص يجب أن تكون قانونا أو مرسوما ولا شيء غيرهما ، ومنهم من يقول بأنه يجوز أن تكون أداة انتهاء التخصيص غير القانون أو المرسوم فتكون بقرار من مجلس الوزراء أو الوزير المختص أو الإدارة المختصة( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 84 في الهامش .&%$ ) . ولكنهم جميعا ، سواء منهم من يشترط القانون أو المرسوم ومن يجيز غيرهما ، متفقون على أن انتهاء التخصيص لا يكون إلا بأداة رسمية ، وأن انتهاء التخصيص بطريق فعلي لا يجوز( $%&[1] ) استئناف مصر 17 يناير سنة 1929 المحاماة 9 رقم 341 ص 835 – 24 يناير سنة 1934 المحاماة 14 رقم 255 ص 688 – استئناف مختلط 7 مايو سنة 1913 م 25 ص 367 – 15 مايو سنة 1917 م 29 ص 424 – سامي مازن في تعليقه على حكم محكمة استئناف مصر في 9 أبريل سنة 1930 مجلة القانون والاقتصاد 1 ص 699 وما بعدها .&%$ ) .

وكان هناك رأي ثان يذهب إلى التمييز بين المال العام بطبيعته كالجسور ، والطرق ومجاري الأنهار والترع فهذه يجوز انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بطريق فعلي بأن يتبين على وجه واضح أن تخصيصها للمنفعة العامة قد انتهى وزال ، وبيمن المال العام حكما كالحصون والقلاع والثكنات ودور الحكومة وهذه لا يجوز انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بطريق فعلي بلا لابد من صدور أداة رسمية كقانون أو قرار لإنهاء التخصيص . وقد قضى ، تطبيقا لهذا الرأي ، بوجوب التفريق بين الأملاك العامة الطبيعية والأملاك العامة حكما . فالنوع الأول ، كمجرى الأنهار والطرق والجسور ، يجوز أن تزول عنها صفتها أي $ 165 $ كونها من المنافع العامة بأسباب طبيعية ، كما لو تحول مجرى النهر فيصبح بذلك من الأملاك الخاصة دون حاجة إلى قانون أو رسوم باستغناء المنافع العامة عنها . والنوع الثاني ، كالحصون والقلاع ، لا يمكن بصفة عامة أن تخرج من أملاك المنفعة العامة وتلحق بالأملاك الخاصة إلا بمقتضى قانون أو أمر( $%&[1] ) استئناف مصر 9 أبريل سنة 1930 المحاماة 11 رقم 20 ص 38 . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يشترط لتجريد الحصون والقلاع من صفتها العامة صدور أمر إداري بذلك ، وذلك بخلاف الجسور والطرق ومجاري الأنهر والترع فهذه يكفي ثبوت زوال تخصيصها للمنفعة العامة بالفعل ( استئناف مختلط 19 مارس سنة 1902 م 14 ص 141 – 21 مارس سنة 1912 م 24 ص 210 ) .&%$ ) .

وكان هناك رأي ثالث ، وهو الرأي الذي رجح في القضاء والفقه وأخذت به محكمة النقض ، يذهب إلى أنه يجوز انتهاء التخصيص بالطريق الفعلي في جميع الأموال العامة ، لا فرق في ذلك بين الأموال العامة بطبيعتها والأموال العامة حكما . وقد قضت محكمة النقض بأن القاعدة التي يجب السير عليها في هذا الشأن هي أن الحصانة التي أسبغها القانون على الأملاك العامة ، فأخرجها عن دائرة المعاملات بما قضى به من عدم جواز بيعها والتصرف فيها إلا بقانون أو أمر ، مقيدة ببقاء تلك الأملاك مخصصة للمنفعة العامة ، فإذا ما زال عنها هذا التخصيص بسبب ما ، انفصلت هذه الأملاك عن الأملاك العامة ، ودخلت في عداد الأملاك الخاصة( $%&[1] ) نقض مدني 4 فبراير سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 304 ص 86 – وقضت أيضاً بأن سور مدنية القاهرة القديم لا يعتبر الآن من المنافع العمومية ، بعد أن تهدم اندثرت معالمه وفقد ما خصص له ، ثم وضع الناس أيديهم على أجزاء مختلفة منه وأدخلوها في منازلهم ( نقض مدني 7 مارس سنة 1940 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء أول ص 301 ) – وانظر أيضاً نقض مدين 4 فبراير سنة 1937 مجموعة المكتب الفني في 25 عاما جزء أول ص 302 – 23 نوفمبر سنة 1939 المحاماة 20 رقم 209 ص 598 – 17 مارس سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 61 ص 106 – استئناف وطني 17 يناير سنة 1907 المجموعة الرسمية 8 رقم 120 ص 234 – 25 مارس سنة 1915 الشرائع 2 رقم 251 ص 241 – استئناف مصر 12 فبراير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 536 ص 1054 – استئناف مختلط 21 مارس سنة 1912 م 24 ص 210 – 7 مايو سنة 1913 م 25 ص 367 – 12 نوفمبر سنة 1929 م 41 ص 27 – 17 يناير سنة 1933 م 45 ص 31 – 19 فبراير سنة 1935 م 47 ص 155 .

وانظر محمد كامل مرسي في مقاله عن الأملاك الخاصة والعامة ص 797 وما بعدها – محمد زهير جرانة ص 196 .&%$ ) .

 $ 166 $ ولما كان هذا الرأي الثالث هو الذي غلب في القضاء والفقه في عهد التقنين المدني السابق كما قدمنا ، فقد عمد التقنين المدني الجديد ، حسما للخلاف ، إلى أن يورد نصا صريحا يأخذ فيه بهذا الرأي . فنصت المادة 88 مدني ، كما رأينا ، على أن " ينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص ، أو بالفعل بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة " . فارتفع الآن كل شك في أنه يجوز انتهاء التخصيص للمنفعة العامة بطريق فعلي ، دون حاجة إلى استصدار أداة رسمية( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 136 ص 171 .&%$ ) .

على أن انتهاء التخصيص للمنفعة العامة بطريق فعلي يجب أن يكون واضحا كل الوضوح ، فسكون الإدارة عن عمل يقوم به الغير في المال العام بدون موافقتها لا يكفي لاستظهار أن التخصيص للمنفعة العامة قد زال فعلا بهذا العمل( $%&[1] ) استئناف مختلط 13 مارس سنة 1917 م 29 ص 287 - 6 أبريل سنة 1926 م 38 ص 326 - 9 يونيه سنة 1931 م 43 ص 440 . &%$ ) . وبوجه خاص لا يكون إبطال الدفن في جبانة قديمة كافياً وحده لإزالة صفتها العامة ، بل لابد من زوال معالم الجبانة( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرة 55 في آخرها في الهامش - وإذا جار أحد الأفراد على جزء من عرض طريق عام ، ولكن الباقي من عرض الطريق يتسع لمرور الجمهور ، لم يجز القول بانتهاء تخصيص هذا الجزء للمنفعة العامة ، وحمل ذلك على محمل التسامح من الإدارة أو الإهمال ، مادام الانتفاع بالطريق لم يتأثر تأثراً محسوسا ( محمد علي عرفة فقرة 136 ص 172 ) . &%$ ) .

3 - تكييف حق الدولة في الأشياء الخاصة والأحكام التي تخضع لها هذه الأشياء

86 - حق الدولة في الأشياء الخاصة هو حق ملكية مدنية محضة : قدمنا( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرة 66 وما بعدها . &%$ ) أن حق الدولة في الأشياء العامة هو حق ملكية إدارية ، وبينا ما هو المقصود من ذلك . أما حق الدولة في الأشياء الخاصة فهو حق ملكية مدنية $ 167 $ محضة ، وشأن الدولة في تملك الأشياء الخاصة شأن أي فرد في تملك المال الخاص وقد رأينا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 78 . &%$ ) أن الدولة تملك الأشياء الخاصة بنفس أسباب كسب الملكية الخاصة .

وينبني على أن حق الدولة في الأشياء الخاصة إنما هو حق ملكية مدنية أن يكون للدولة الحق في رفع دعوى الاستحقاق لحماية ملكيتها ، وفي رفع دعاوى الحيازة لحماية حيازتها ، وأن تتملك الثمار والحاصلات التي ينتجها الشيء الخاص ، شأنها في ذلك شأن أي مالك .

87 - الأحكام التي تخضع لها الأشياء الخاصة : وتخضع الأشياء الخاصة لنفس الأحكام التي تخضع لها الملكية المدنية ، مع شيء من التحوير اقتضته طبيعة الدولة .

فالمال المملوك للأفراد يكون عادة قابلا لتصرف فيه ، ويجوز الحجز عليه ، ويجوز تملكه بالتقادم .

أما قابلية الشيء الخاص المملوك للدولة للتصرف فيه فليست محلا للشك ، وللدولة أن تتصرف في الشيء كما يتصرف الفرد في ملكه الخاص . غير أن الدولة مقيدة بكثير من القوانين واللوائح التي تخضع لها في تصرفها في الأشياء الخاصة وفي استثمارها ، فلابد إذن من مراعاة أحكام هذه القوانين واللوائح ، وسنعرض فيما يلي لبعض هذه الأحكام( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 89 - 92 . &%$ ) . أما إذا لم يوجد قيد في قانون أو لائحة ، فقواعد القانون المدني هي التي تسرى في تصرف الدولة في الأشياء الخاصة المملوكة لها . كذلك تكون المحاكم القضائية ، لا المحاكم الإدارية ، هي المختصة بنظر ما ينشأ عن تصرف الدولة في الشيء الخاص من وجوه النزاع .

وأما قابلية الشيء الخاص للحجز عليه ، فالأصل أنه يجوز لدائني الدولة الحجز على الأشياء الخاصة المملوكة لها ، وتتبع في ذلك أحكام التنفيذ في قانون المرافعات . ولكن الذي يقع فعلا هو أن الدولة لا تمكن الأفراد من الحجز على أملاكها الخاصة ، ويمتنع قلم المحضرين عادة من إجراء هذا الحجز . ذلك أن المفروض هو أن الدولة مليئة ، غير معسرة ولا مماطلة ، $ 168 $ وأنه متى تبين لها أن الحق في جانب الدائن أوفته حقه طوعا واختيارا ، لا قسراً وإجباراً .

بقيت قابلية الشيء الخاص لتملكه بالتقادم ، وهذا ما كان مقررا إلى عهد قريب ، بل كان هذا هو أهم فرق بين الملك العام والملك الخاص ، فالأول لا يجوز تملكه بالتقادم أما الآخر فيجوز تملكه بهذا الطريق . وكثيراً ما كانت الأفراد تضع يدها على أملاك الدولة الخاصة ، وتنقضي المدة اللازمة للتملك بالتقادم ، فيتملكها واضع اليد . وقد رأت الحكومة أخيراً أن في ذلك خطراً على أملاكها الخاصة ، فهي مشتتة في أنحاء البلاد ، ولا تستطيع في كل حالة أن تدفع عنها اعتداء الأفراد في الوقت المناسب ، لذلك انحرفت عن هذه القاعدة الهامة, وقررت بتشريع خاص أن الأشياء الخاصة المملوكة لها لا يجوز تملكها بالتقادم . وهذا ما ننتقل الآن إليه .

88 - عدم جواز تملك الأشياء الخاصة المملوكة للدولة بالتقادم : صدر في هذا الشأن القانون رقم 147 لسنة 1957 يعدل من المادة 970 مدني . وكانت المادة 970 مدني قبل هذا التعديل تجرى على الوجه الآتي : " في جميع الأحوال لا تكسب الأموال الموقوفة ولا حقوق الإرث بالتقادم ، إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة " .

فعدل هذا النص ، بموجب القانون سالف الذكر ، على الوجه الآتي : " في جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم ، إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة . ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الأوقاف الخيرية ، أو كسب أي حق عيني عليها ، بالتقادم( $%&[1] ) وقيل تبريراً لهذا التعديل بأن الشارع أراد بهذا الحكم الجديد أن يحمي هذه الأموال حتى تكون في مأمن من تملكها بالتقادم ، لأنه مهما أحكمت الرقابة والإشراف عليها فإن ذلك أن يمنع من تملكها بهذا الطريق ( المذكرة التفسيرية للقانون رقم 147 لسنة 1957 ) . &%$ ) .

ويلاحظ أن أملاك الدولة الخاصة ، التي تم كسب الأفراد لها بالتقادم قبل نفاذ هذا التعديل ، تبقى مملوكة لمن كسبها بالتقادم ، إذ ليس للتعديل أثر رجعي . أما إذا كان هناك ملك خاص للدولة في حيازة أحد الأفراد ، ولم يكن $ 169 $ قد مضى على حيازته له وقت نفاذ التعديل خمس عشرة سنة كاملة ، فإن واضع اليد لا يستطيع كسب هذا الملك الخاص بالتقادم ، حتى لو أتم بعد نفاذ التعديل مدة خمس عشرة سنة وهو حائز للمال .

وإذا حاز شخص مالا وادعي أنه تملكه بالتقادم ، فعليه هو إذا كان مدعياً أن يثبت التملك بالتقادم بجميع شروطه . ومتى أثبت ذلك ، كان على الحكومة أن تثبت بجميع طرق الإثبات أن هذا المال ، بالرغم من توافر شروط التملك بالتقادم فيه ، هو من أملاكها الخاصة ، ومن ثم لا يجوز تملكها بالتقادم .

وكما لا يجوز تملك المال الخاص للدولة بالتقادم ، كذلك لا يجوز بالتقادم كسب أي حق عيني عليه ، كحق ارتفاق أو حق انتفاع ، شأن المال الخاص في ذلك شأن المال العام .

وقد صدر بعد قانون سنة 1957 القانون رقم 39 لسنة 1959 يجري تعديلا آخر في نص المادة 970 مدني . فصار النص ، بعد هذا التعديل الأخير ، يجرى على الوجه الآتي : " في جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم ، إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة . ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الأوقاف الخيرية ، أو كسب أي حق عيني عليها ، بالتقادم . كما لا يجوز التعدي عليها ، وفي حالة حصول التعدي يكون للجهة صاحبة الشأن حق إزالته إداريا بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة " . وهذه ميزة أخرى لأموال الحكومة الخاصة ، كسبتها بهذا التعديل الأخير . فالأصل أن الحكومة ليس لها أن تلجأ إلى الطرق الإدارية ، إلا لإزالة الاعتداء على الملك العام . أما الملك الخاص ، إذا اعتدى أحد عليه ، فإنه طبقا للقواعد العامة لا يجوز للحكومة أن تزيل الاعتداء بنفسها أي بالطرق الإدارية ، بل عليها أن تلجأ إلى القضاء . فالآن بعد التعديل الأخير ، أصبح للحكومة إزالة الاعتداء على الملك الخاص بالطرق الإدارية ، دون الالتجاء إلى القضاء . فإذا حاز شخص عينا ، وادعت الحكومة أن هذه العين هي من أملاكها الخاصة ، كان لها ، دون أن تلجأ إلى القضاء ، أن تنتزع العين من يد حائزها ، والحائز هو الذي يلجأ إلى القضاء بعد انتزاع العين من يده إذا رأى وجها لذلك .

 $ 170 $ 89 - التشريعات المنظمة لإدارة الحكومة لأملاكها الخاصة والتصرف فيها - قانون رقم 100 لسنة 1964 : وقد صدرت تشريعات كثيرة متفرقة تنظم إدارة الحكومة لأملاكها الخاصة ، والتصرف في هذه الأملاك . وصدرت أخيراً قانون شامل في هذا الموضوع ، هو القانون رقم 100 لسنة 1964 تنظيم تأخير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها . واستعرضت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون التشريعات المختلفة السابقة ، ثم عقبت على ذلك بما يأتي : " ويبين من استعراض التشريعات المتقدمة أنها على تعددها قد صدرت متفرقة في فترات زمنية متباعدة ، ولذلك فرغم وحدة الموضوع الذي تعالجه ، وهو إدارة العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة والتصرف فيها ، فإنها لم تصدر عن فكرة قانونية عامة مشتركة تؤلف بين أحكامها وتوائم بينها ، ولم يجمعها إطار قانوني واحد يحقق توافقها واتساقها . كما أن هذه التشريعات ، مع تشتتها وكثرتها ، قد صدر معظمها منذ عهد بعيد يمتد إلى مطلع القرن الحالي ، وتوالى إدخال التعديلات المتلاحقة على كل تشريع منها على استقلال عن التشريعات الأخرى ، الأمر الذي ضاعف من تنائيها وأوهن من ترابطها وزاد من عمق التنافر وعدم الاتساق بين أحكامها . ولذلك فإنه من الناحية الفنية لا يكفي مجرد إدخال التعديلات الجزئية على كل من التشريعات المشار إليها بل يتعين تجميع أحكامها في مجموعة قانونية واحدة تضم القواعد العامة المشتركة المنظمة لإدارة واستغلال العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة والتصرف فيها ، كما تتضمن ما تقتضي المصلحة العامة إقراره من نصوص وأحكام خاصة لبعض أنواع تلك الأراضي " .

وقد صدر القانون رقم 100 لسنة 1964 لتحقيق هذه الأغراض المبينة في المذكرة الإيضاحية . وبدأ هذا القانون باستبعاد أنواع من الأراضي من نطاق تطبيقه ، إذ هي تخضع لنظم خاصة . وهذه هي : ( 1 ) العقارات المستولى عليها تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي والمعدة لتوزيعها على صغار الفلاحين ، فيبقى قانون الإصلاح الزراعي مطبقا في هذا المجال . ( 2 ) العقارات التي تشرف عليها وزارة الإسكان والمرافق ، والعقارات المبنية والأراضي المخصصة للبناء التي تسلم لجهات إدارية معينة وفقا لقانون التركات الشاغرة رقم 71 لسنة 1962 ، $ 171 $ ( 3 ) المباني الاستغلالية والأراضي الفضاء والأراضي الزراعية التي تقع داخل نطاق المدن ، والتي تتولى المجالس المحلية إدارتها واستغلالها والتصرف فيها . ( 4 ) العقارات التي تديرها أو تشرف عليها الوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات والهيئات العامة ، وتقوم باستغلالها وفقاً لأحكام التشريعات المنظمة لشؤونها ، أو التي ندخل في ملكية أي منها .

وفيما عدا هذه العقارات ، فإن العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة تخضع لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 . وقد بين هذا القانون القواعد الواجب إتباعها في تأجير هذه العقارات وفي التصرف فيها ، بعد أن قسمها إلى أراض زراعية ، وأراض بور وأراض صحراوية ، وأراض فضاء وعقارات مبنية . ثم أورد طائفة من الأحكام العامة التي تسرى على هذه الأراضي جميعا . وبين بعد ذلك أثر الأحكام الواردة فيه بالنسبة إلى الوقائع التي سبقت صدوره ( $%&[1] ) وقد اشتمل القانون فيما اشتمل عليه الأحكام الخاصة يطرح النهر وأكله ، ولذلك ألغى في المادة 86 منه القانون رقم 192 لسنة 1958 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1385 لسنة 1958 وهي تشريعات سابقة كانت تنظم هذا الموضوع . ولما كان طرح النهر وأكله متصلا بموضوع أعم هو موضوع الالتصاق كسبب لكسب الملكية ، لذلك نرجئ الكلام فيه حتى نبحث الالتصاق في الجزء التاسع من الوسيط .

وقد نصت المادة 88 من القانون على أن " يصدر زير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي اللائحة التنفيذية والقرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون " . وقد صدرت فعلا لائحة تنفيذية مفصلة في السنة التالية لصدور القانون . &%$ ) . فنستعرض في إيجاز هذه المسائل تباعا .

90 - القواعد الواجب إتباعها في تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة وفي التصرف فيها : استعراض القانون كما قدمنا أقساما ثلاثة من العقارات : ( 1 ) الأراضي الزراعية ، وهي الأراضي الواقعة داخل الزمام والأراضي المتاخمة الممتدة خارج حد الزمام إلى مسافة كيلومترين وتكون مزروعة بالفعل . ( 2 ) الأراضي البور والأراضي الصحراوية . والأراضي البور هي الأراضي غير المزروعة الواقعة داخل الزمام والأراضي غير المزروعة المتاخمة الممتدة خارج حد الزمام إلى مسافة كيلومترين ، أما الأراضي الصحراوية فهي الأراضي الواقعة في المناطق المعتبرة خارج الزمام بعد مسافة الكيلومترين المشار إليهما ، $ 172 $ سواء كانت مزروعة بالفعل أو غير مزروعة أو كانت مشغولة بمباني أو منشآت ثابتة أو غير ثابتة( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون : " والمقصود بعبارة الأراضي الواقعة داخل الزمام .. الأراضي التي تمت مساحتها مساحة تفصيلية ، وحصرت في سجلات مصلحة المساحة وفي سجلات المكلفات بمصلحة الأموال المقررة ، والتي تخضع تبعا لذلك للضريبة العقارية على الأطيان . أما عبارة الأراضي الواقعة خارج الزمام فتشمل الأراضي التي لم تسمح مساحة تفصيلية ، ولم يتم حصرها في سجلات مصلحة المساحة ولا في سجلات المكلفات بمصلحة الأموال المقررة ، والتي لا تخضع للضريبة العقارية على الأطيان " . &%$ ) . ( 3 ) الأراضي الفضاء والعقارات المبنية ، وهي التي تدخل في ملكية الدولة الخاصة فيما عدا ما استبعد من نطاق تطبيق القانون على النحو السالف بيانه .

1 - الأراضي الزراعية : تؤجر هذه الأراضي إلى صغار الفلاحين الذين نتوافر فيهم شروط معينة ، في حدود خمسة أفدنة لكل منهم . وتؤجر في حدود سبعة أمثال الضريبة الأصلية المقدرة لها ، ويجوز أن تؤجر لمدة تقل عن ثلاث سنوات إذا استلزمت ذلك إجراءات التوزيع . ويلحق بها الأراضي البور التي تستصلح وتزرع خفية والأراضي الزراعية التي تزرع خفية ، فهذه وتلك تحصر سنويا على زارعيها ، ثم تؤجر في السنة الزراعية التالية إلى صغار الفلاحين وفقا للأحكام المتقدم ذكرها ، على أن تكون الأولوية في التأجير لمن قام باستصلاحها إذا توافرت فيه الشروط .

وفيما يتعلق بالتصرف في الأراضي الزراعية ، تؤول هذه الأراضي إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي للتصرف فيما بتوزيعها على صغار الفلاحين وفقا لأحكام قانون الإصلاح الزراعي . واستثناء من هذا الحكم يجوز التصرف في هذه الأراضي ، في حدود خمسة أفدنة لكل مشتر ، وذلك ببيعها بطريق الممارسة إلى : ( 1 ) الشركاء على الشيوع في الأرض محل البيع . ( 2 ) الملاك المجاورين ، مع تفضيل من يكون قد نزعت ملكيته كلها أو بعضها للمنفعة العامة . ( 3 ) أصحاب حقوق الارتفاق على الأرض محل البيع . ( 4 ) واضعي اليد على الأراضي المختلفة عن المنفعة العامة . ( 5 ) مالك الأرض التي نزعت ملكيتها لمنفعة عامة ، إذا عدل عن تخصيصها لذلك خلال خمس سنوات من تاريخ نزع الملكية . ( 6 ) مالك الأرض التي رسا مزاد شرائها على الحكومة لقاء $ 173 $ مطلوباتها ، إذا طلب المالك المنزوعة ملكيته شراءها هو أو ورثته خلال خمس سنوات من تاريخ رسو المزاد . ( 7 ) واضعي اليد على المساحات الصغيرة من الأراضي المتناثرة التي لا يمكن توزيعها مجمعة ولا تباع دورة زراعة منتظمة بها ، وذلك في الحالات التي تحددها اللائحة التنفيذية - وتحدد اللائحة التنفيذية مراتب الأولوية في الشراء في الحالات المتقدمة ، والشروط الواجب توافرها في المتصرف إليهم ، وقواعد تقدير ثمن الأراضي المتصرف فيها ، وشروط أداء هذا الثمن ومدته وفوائده وسائر أحكام البيع الأخرى .

2 - الأراضي البور والأراضي الصحراوية : وأول ما عرض له القانون في شأن هذه الأراضي هو وضع قواعد التصرف فيها لاستصلاحها . فجعل لوزير الإصلاح الزراعي أن يحدد بقرار منه المناطق التي يجوز أن تباع فيها هذه الأراضي لاستصلاحها ، وذلك بعد التحقق من إمكان انتفاعها بالري من المياه الجوفية أو غيرها من موارد المياه . وفي دائرة هذه المناطق يجوز لوزير الإصلاح الزراعي أن يرخص في البيع ممارسة لمساحات من الأراضي البور في حدود عشرين فدانا ، أو الأراضي الصحراوية غير المزروعة في حدود خمسين فدانا ، لمن يتعهد باستصلاح الأراضي المبيعة وزراعتها في خلال سبع سنوات بالنسبة إلى الأراضي البور ، وخلال عشر سنوات بالنسبة إلى الأراضي الصحراوية . وتحدد اللائحة التنفيذية قواعد البيع بالممارسة وتقدير الثمن وشروط أدائه ومدته وفوائده وسائر أحكام البيع الأخرى . وإذا لم يقم المشتري باستصلاح الأرض في خلال المدة المحددة ، اعتبر البيع مفسوخا من تلقاء ذاته ، وألزم المشتري الذي انفسخ عقده بأداء الأجرة المناسبة ويستنزل منها ما سبق أن أداه من ثمن وفوائد . أما إذا تم الاستصلاح وثبتت ملكية المشتري ، فإنه لا يجوز له التصرف فيما استصلح من أرض إلا إلى صغار الزراع بشروط معينة . واستثناء مما تقدم ، يجوز لوزير الإصلاح الزراعي أن يرخص في بيع مساحات تجاوز العشرين فدانا من الأراضي البور أو الخمسين فدانا من الأراضي الصحراوية إلى الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة ، بشرط أن يتم استصلاح هذه الأراضي خلال عشر سنوات . ومتى تم استصلاح الأراضي ، لم يجز للشخص الاعتباري أن يتصرف فيها إلا لصغار الزراع بشروط معينة .

 $ 174 $ ولم ينظم القانون تأجير الأراضي البور . " وعلة ذلك - كما تقول المذكرة الإيضاحية - أن الأراضي البور قد عهد باستصلاح جانب كبير منها إلى الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة المتخصصة في أعمال استصلاح الأراضي وتعميرها . وبعد إتمام استصلاح الأشخاص الاعتبارية لتلك الأراضي وتعميرها وزراعتها ، تكون طبيعة الأراضي المذكورة قد تغيرت من أرض بور إلى أرض توصف بأنها زراعية ، وتسرى عليها تبعا لذلك الأحكام المنصوص عليها في القانون المرافق والخاصة بالأراضي الزراعية " .

ولكن القانون نظم تأجير الأراضي الصحراوية ، وكذلك التصرف في الأراضي الصحراوية المستصلحة .

فيجوز أن تؤجر الأراضي الصحراوية إلى صغار الزراع الذين تتوافر فيهم شروط معينة في حدود عشرة أفدنة لكل منهم . وتكون الأولوية في التأجير لمن كان يضع العين على الأرض المؤجرة ويزرعها فعلا ، ثم لمن هو أكثر عائلة وأقل مالا من أهل المنطقة الأقرب إلى موقع الأرض المؤجرة ، ثم لغير هؤلاء وفقاً لمراتب الأولوية التي تحددها اللائحة التنفيذية . وتحدد اللائحة التنفيذية القواعد التي تتبع في تقدير القيمة الإيجارية للأراضي الصحراوية ومدة الإيجار وسائر شروطه ، ولا يجوز أن يؤجر الأراضي لمدة تزيد على تسع سنوات . على أنه يجوز لوزير الإصلاح الزراعي ، بعد أخذ رأى وزير الحربية ، أن يحدد مناطق صحراوية معينة لا يسرى عليها قيد مدة تسع السنوات ، وكذا مناطق صحراوية معينة يحظر فيها التأجير على إطلاقه .

أما التصرف في الأراضي الصحراوية التي يتم استصلاحها وتعميرها وزراعتها بواسطة الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة التي يعهد إليها بذلك ، وفقاً لبرامج التنمية ومخططاتها ، فيكون بتوزيعها على صغار الزراع وخريجي المعاهد الزراعية الذين تتوافر فيهم شروط معينة ، بحيث يختص كل منهم بملكية جديدة لا تقل عن أربعة أفدنة ونصف ولا تزيد على سبعة أفدنة ونصف تبعا لجودة الأرض والحالة الاجتماعية للمنتفع . وتكون الأولوية في التوزيع على الوجه الآتي : أولا - لمن أضير في مورد رزقه بسبب أعمال الاستصلاح من المقيمين في منطقتها . ثانيا - ما يتبقي من الأراضي المستصلحة بعد ذلك يخصص نصفه على أهل المناطق المزدحمة بالسكان التي يصدر بتحديدها قرار $ 175 $ من وزير الإصلاح الزراعي ، وذلك وفقا للترتيب الآتي : ( أ ) خريجي المعاهد الزراعية وعمال التراحيل الذين عملوا بصفة دائمة في استصلاح الأرض . ( ب ) جنود القوات المسلحة الذين تم تسريحهم حتى تاريخ التوزيع . ( جـ ) من يقبل الهجرة إلى منطقة الاستصلاح من أهالي المناطق المزدحمة المشار إليها . ثالثا - النصف الثاني من باقي الأرض المستصلحة يوزع على الترتيب الآتي : ( أ ) خريجي المعاهد الزراعية والعمال الزراعيين الذين عملوا في استصلاح الأراضي الموزعة بصفة دائمة من أهل المنطقة محل التوزيع أو من أهل المناطق الأخرى غير المزدحمة . ( ب ) جنود القوات المسلحة الذين تم تسريحهم حتى تاريخ التوزيع من أهل المناطق غير المزدحمة . ( جـ ) أهل المنطقة الواقعة بها الأرض محل التوزيع والمناطق المجاورة لها - وتحدد اللائحة التنفيذية قواعد تقدير ثمن الأراضي المستصلحة التي يتم التصرف فيها بطريق التوزيع ، وشروط الحربية ، بعد أخذ رأي وزير الإصلاح الزراعي ، أن يحدد بقرار منه المناطق التي يحظر فيها التملك لأغراض عسكرية ، وله أيضا اتخاذ إجراءات نزع ملكية الأراضي الصحراوية أو الاستيلاء عليها استيلاء موقتا إذا اقتضت ذلك دواعي المحافظة على سلامة الدولة وأمنها القومي الخارجي أو الداخلي . ويجوز عند الضرورة ، بقرار من وزير الإصلاح الزراعي ، تجنيب أصحاب الملكيات التي تتخلل مناطق الاستصلاح في مكان واحد ، وتعويضهم عنها عينا بأراض أخرى مما يتم استصلاحه ، أو تعويضهم نقداً طبقاً لأحكام قانون نزع الملكية للمنفعة العامة ( $%&[1] ) وقد نص القانون على تشكيل لجان قضائية تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بتأجير الأراضي الصحراوية والتصرف فيها وببعض منازعات أخرى . وتشكيل هذه اللجان بقرار من وزير الإصلاح الزراعي ، برياسة رئيس محكمة ابتدائية على الأقل وعضوية قاض يختارهما وزير العدل ونائب من مجلس الدولة يختاره المجلس . ونختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بتأجير الأراضي الصحراوية وتوزيعها والتصرف فيها ببيعها ، وفي الاعتراضات التي ترفع في شأن نزع الملكية والاستيلاء الموقت عدا ما يتعلق منها بتقدير التعويض ، وفي المنازعات المتعلقة بالملكية وبالحقوق العينية السابقة على تاريخ العمل بقانون تملك الأراضي الصحراوية . وتكون القرارات الصادرة من اللجان نهائية وغير قابلة لأي طعن بعد التصديق عليها من اللجنة العليا الموكول إليها تفسير نصوص القانون تفسيراً تشريعيا ( وسيأتي ببانها فيما يلي انظر فقرة 92 في الهامش ) ، وتنفذ القرارات بالطريق الإداري . &%$ ) .

 $ 176 $ 3 - الأراضي الفضاء والعقارات المبنية : فيما يتعلق بتأجير الأراضي الفضاء ، تؤجر هذه الأراضي إذا كانت مشغولة بمنشآت غير ثابتة ، إلى شاغليها لمدة لا تزيد على عشر سنوات بشرط ألا يقيموا عليها أية منشآت ثابتة ، ويجوز تجديد العقد لمدة أو مدد أخرى مماثلة بقرار من وزير الإصلاح الزراعي . كما يجوز بقرار من الوزير التأجير لمدة تزيد على عشر سنوات ولا تجاوز ثلاثين سنة ، إذا كان الغرض من التأجير هو إقامة منشآت ثابتة على الأرض المؤجرة ، بشرط أن يقبل المستأجر وصاحب المنشآت أيلولة الأرض بما عليها من منشآت ثابتة إلى الدولة في نهاية مدة التعاقد دون مقابل . وفيما يتعلق بتأجير العقارات المبنية ، يكون تأجيرها بالأجرة المقررة طبقا لأحكام القوانين السارية .

وفيما يتعلق بالتصرف ، يجوز التصرف في الأراضي المبنية أو المشغولة بمنشآت ثابتة أو غير ثابتة إلى شاغليها ، وذلك بطريق الممارسة وفقا للقواعد والشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية .

بقيت الأراضي الفضاء غير المشغولة بمنشآت ثابتة أو غير ثابتة ، فهذه يكون تأجيرها والتصرف فيها بطريق الممارسة أو المزاد العلني ، وفقا للقواعد والإجراءات والشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية .

91 - أحكام عامة تسري على جميع الأراضي : وبعد أن بين القانون القواعد الواجبة الأتباع في تأجير الأراضي بمختلف أنواعها وفي التصرف فيها على النحو سالف الذكر ، انتقل إلى تقرير أحكام عامة تسرى على جميع الأراضي نذكر منها ما يأتي :

1 - لا يجوز لأي شخص أن يضع يده على العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة ، ولا أن يحوزها بأية صفة كانت ، إلا وفقا لأحكام القانون ، وقد تقدم أنه لا يجوز أيضاً تملكها بالتقادم . وكل تصرف أو تقرير لأي حق عيني أو تأجير يتم بالمخالفة لأحكام القانون يقع باطلا ولا يجوز شهره ، ويجوز لكل ذي شأن طلب الحكم بهذا البطلان ، وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها .

2 - ما يستحق للدولة من ثمن أو أجرة عن العقارات الداخلة في ملكيتها $ 177 $ الخاصة له امتياز عام على أموال المدين في مرتبة المبالغ المستحقة للخزانة العامة وسابقة على أي امتياز آخر عدا المصروفات القضائية والضرائب والرسوم ، وللدولة أن تحصل هذه المبالغ بطريق الحجز الإداري . ولا يجوز لمن تؤول إليه ملكية أحد هذه العقارات أن يتصرف فيه إلا بعد أداء ثمنه كاملا ، وإلا كان التصرف باطلا ولا يجوز شهره .

3 - إذا تخلف المتصرف إليه عن الوفاء بأحد التزاماته ، لم تكن قد مضت خمس سنوات من تاريخ التصرف ، حقق الموضوع بواسطة لجنة تشكل برياسة مستشار مساعد بمجلس الدولة وعضوية نائب بمجلس الدولة وأحد مديري الإدارات بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي أو المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحاري بحسب الأحوال . وللجنة ، بعد سماع أقوال صاحب الشأن ، أن تصدر قرارا بإلغاء التوزيع أو فسخ البيع . ولصاحب الشأن أن يتظلم من هذا القرار إلى وزير الإصلاح الزراعي خلال ثلاثين يوما من تاريخ إبلاغه إليه . ولا يكون قرار اللجنة نهائيا إلا بعد تصديق الوزير عليه بعد انقضاء ميعاد التظلم ، وينفذ القرار بالطريق الإداري . ويترتب على إلغاء التوزيع أو الفسخ اعتبار المتصرف إليه مستأجرا للعقار من تاريخ تسليمه إليه ، وتستحق عليه أجرته حتى تاريخ تسلمه منه ، ويستنزل من قيمة هذه الأجرة ما أداه المتصرف إليه قبل إلغاء التوزيع أو الفسخ من ثمن وفوائد وكذلك ما يستحق له من تعويض عن الغراس والمنشآت التي يكون قد أقامها في العقار على نفقته .

4 - يجوز لوزير الإصلاح الزراعي أن يرخص في تأجير بعض العقارات أو في التصرف فيها دون التقيد بأحكام القانون ، وذلك إذا كان التأجير أو البيع إلى الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأفراد بالنسبة إلى ما يحتاجونه من تلك العقارات لتنفيذ مشروعات تفيد في تنمية الاقتصاد القومي ، أو لدعم مشروعات قائمة منها ، أو لإقامة منشآت ذات نفع عام عليها ، وذلك بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة . ويكون التأجير أو البيع في هذه الحالات بالأجرة أو الثمن وبالشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية .

5 - يجوز لوزير الإصلاح الزراعي عن الضرورة القصوى أ يقرر تجميع الأراضي الداخلة في ملكية الدولة الخاصة قبل التصرف فيها ، مع تعويض الغير من أصحاب الأراضي التي تتخللها أو تتداخل فيها على وجه يقلل من $ 178 $ إنتاجها أو من تمام الانتفاع بها ، إما عينا أو نقداً حسب اختيار صاحب الشأن – فإذا لم يبد صاحب الشأن خياره ، كان التعويض عينا ، وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات التجنيب ، وقواعد التعويض العيني والنقدي ، وشروطه .

6 - وأخيراً تنص المادة 69 من القانون علي أنه " مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يدلي ببيانات غير صحيحة يترتب عليها انتفاعه أو انتفاع غيره دون وجه حق بأحكام هذا القانون ، سواء كان ذلك باقتضاء تعويض لا يستحقه أو باستئجار أو تملك العقارات التي تسرى عليها أحكام هذا القانون ، وذلك فضلاً عن رد ما قبضه بغير حق وبطلان التصرف ومصادرة المبالغ التي يكون المخالف قد أداها إلي الحكومة – ويعفى من العقاب كل من بادر من تلقاء نفسه بإبلاغ الجهة الإدارية المختصة بأمر البيانات غير الصحيحة التي يكون قد أدلى بها أو اشترك في الإدلاء بها علي النحو المشار إليه في الفقرة السابقة " .

92 - أثر أحكام قانون سنة 1964 بالنسبة إلي الوقائع التي سبقت صدوره : وقد انتهى القانون في الباب السادس منه إلي أحكام انتقالية وختامية عرض فيها لوقائع سبقت صدوره وبين أثر أحكامه في هذه الوقائع . نذكر من ذلك :

1 - عقود إيجار العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة ، والتي كانت سارية في تاريخ العمل بالقانون ، تلغي فيما يخالف أحكامه .

2 - جميع التصرفات التي تمت قبل العمل بالقانون على عقارات كانت داخلة في ملكية الدولة الخاصة تبقى نافذة ، بذات الشروط والأحكام السارية وقت إقرارها . ويجوز للمجلس التنفيذي ( مجلس الوزراء ) تعديل هذه الشروط والأحكام أو إلغاؤها أو إضافة أحكام جديدة إليها ، إذا كان ذلك يقصد للتيسير علي المتصرف إليهم من صغار الفلاحين أو من خريجي المعاهد الزراعية .

3 - يمنح كل من اشترى أرضاً بورا أو أرضا صحراوية من الحكومة بقصد استصلاحها ، قبل العمل بالقانون ، مهلة يتم خلالها استصلاح الأراضي المبيعة إليه وزراعتها ، مدتها عشر سنوات من تاريخ تسليمها إليه أو سبع سنوات من $ 179 $ تاريخ العمل بالقانون أي المدتين أطول . فإذا لم يقم المشترى باستصلاح الأرض المبيعة إليه وزراعتها خلال المهلة المشار إليها ، اعتبر العقد مفسوخا من تلقاء ذاته ، دون حاجة إلي تنبيه أو إعذار أو حكم قضائي .

4 - يعتد بحقوق الملكية والحقوق العينية الأخرى الواردة على عقارات كائنة في إحدى المناطق المعتبرة خارج الزمام في تاريخ العمل بقانون تنظيم تملك الأراضي الصحراوية ( رقم 124 لسنة 1958 ) ، والمستندة إلي عقود تم شهرها أو أحكام نهائية سابقة على هذا التاريخ أو إلي عقود صدرت من النهائية الصادرة وفقا لأحكام قانون تنظيم تملك الأراضي الصحراوية ، والتي تضمنت تقرير التملك لبعض الأشخاص بالنسبة إلي ما كانوا يحوزونه من عقارات . ويعد مالكا بحكم القانون : ( 1 ) كل غارس أو زارع فعلي لحسابه لأرض صحراوية لمدة سنة كاملة علي الأقل سابقة على تاريخ العمل بقانون تنظيم تملك الأراضي الصحراوية ، وذلك بالنسبة إلي ما يقوم بزراعته بالفعل من تلك الأراضي في تاريخ العمل بهذا القانون ، وبما لا يجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية المقررة قانونا . ولا يسرى هذا الحكم على الأراضي التي تزرع جزءا من السنة علي مياه الأمطار فقط . فإذا كانت تلك الأراضي تروي من آبار طمست دون تعمد أو تقصير بعد تاريخ العمل بقانون تنظيم تملك الأراضي الصحراوية ، فيجوز أن يعوض ملاك تلك الأراضي عنها بمساحات مماثلة لها في مناطق الآبار الجديدة التي تنشئها الدولة . ( ب ) كل من أتم قبل العمل بقانون تنظيم تملك الأراضي الصحراوية إقامة بناء مستقر بحيزه ثابت فيه ولا يمكن نقله منه ، وذلك بالنسبة إلي الأرض المقام عليها البناء والمساحة المناسبة التي تلحق به وتعد مرفقا له ، بحيث لا تزيد علي المساحة المقام عليها البناء ذاته علي الأكثر ، وذلك بشرط بقاء البناء قائما حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1964 .

5 - العقارات التي تم التصرف فيها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1964 وكانت داخلة في ملكية الدولة الخاصة ، ولم يتم الوفاء بكامل ثمنها وملحقاتها حتى ذلك التاريخ ، وتغير وضع اليد الفعلي عليها نتيجة تصرفات تالية ، يجوز لوزير الإصلاح الزراعي أن يرخص في اتخاذ إجراءات نقل $ 180 $ ملكيتها إلي الحائزين الحاليين ، وتجزئة الديون المستحقة للحكومة من باقي الثمن وملحقاته بالنسبة إلي كل منهم بحسب مساحة العقار الذي يضع يده عليه . ويجوز التظلم من القرارات الإدارية الصادرة في شأن تحقيق الملكية ووضع اليد وتجزئة ديون الحكومة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذه القرارات . وتختص بالفصل في التظلم اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي ، ويكون قرارها في هذا الشأن نهائيا . وتبين اللائحة التنفيذية الإجراءات التي تتبع في تحقيق الملكية ووضع اليد وفي تجزئة ديون الحكومة وفي النشر عن القرارات الإدارية الصادرة في هذا الشأن وتحديد الأنموذج الذي يتم بموجبه نقل الملكية وتجزئة الديون الحكومة بالنسبة إلي كل من الحائزين المذكورين( $%&[1] ) وانتهي القانون رقم 100 لسنة 1964 بتأليف لجنة عليا لتفسير نصوصه تفسيرا تشريعيا ، فنصت المادة 87 منه على أن " تشكل لجنة عليا برياسة وزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي وعضوية كل من رئيس مجلس الدولة ورؤساء مجالس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمؤسسة المصرية العامة لتعمير الأراضي والمؤسسة المصرية العامة لاستصلاح الأراضي والمؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحاري ورئيس إدارة الفتوى والتشريع المختصة بمجلس الدولة ووكيلي وزارتي الخزانة والحربية . ويكون لهذه اللجنة تفسير أحكام هذا القانون ، وتعتبر قراراتها في هذا الشأن تفسيرا تشريعيا ملزما ، وتنشر في الجريدة الرسمية " .&%$ ) .

الفصل الثاني

الحقوق التي ترد على الأشياء المادية ( أو الأموال )

93 - الأموال والذمة المالية : قدمنا أن الحقوق التي ترد علي الأشياء المادية هي الأموال ، تمييزاً للمال عن الشيء . ومجموع هذه الأموال( $%&[1] ) ويدخل في ذلك الديون ، كما تدخل الحقوق المالية التي ترد علي الأشياء غير المادية وسنبسطها في الباب الثاني الذي أفردناه للأشياء غير المادية .&%$ ) هي الذمة المالية .

فنبحث إذن : ( 1 ) الأموال وتقسيمها إلي حقوق عينية وحقوق شخصية .

( 2 ) الذمة المالية وما يتصل بها من الحلول العيني .

 $ 181 $ الفرع الأول

الأموال وتقسيمها إلي حقوق عينية وحقوق شخصية

94 - تقسيم المال إلي حق عيني وحق شخصي : المال ، وهو الحق الذي يرد علي الشيء المادي ، ينقسم إنقساما أساسياً إلي حق عيني ( droit real ) وحق شخصي ( droit personnel )( $%&[1] ) وقد ورد في التقنين المدني العراقي سلسلة من النصوص في هذا الموضوع ، نوردها فيما يلي :

م 65 : المال هو كل حق له قيمة مادية .

م 66 : الحقوق المالية تكون إما عينية وإما شخصية .

م 67 : 1 - الحق العيني هو سلطة مباشرة علي شيء معين ، يعطيها القانون لشخص معين .

 2 - وهو إما أصلي أو تبعي .

م 68 : 1 - الحقوق العينية الأصلية هي حق الملكية وحق التصرف وحق العقر وحقوق المنفعة والاستعمال والسكني والمساطحة وحقوق الارتفاع وحق الوقف وحق الإجارة الطويلة .

 2 - والحقوق العينية التبعية هي حق الرهن التأميني وحق الرهن الحيازي وحقوق الامتياز .

م 69 : 1 - الحق الشخصي هو رابطة قانونية ما بين شخصين دائن ومدين ، يطالب بمقتضاه الدائن المدين بأن ينقل حقا عينيا أو أن يقوم بعمل أو أن يمتنع عن عمل .

2 - ويعتبر حقا شخصيا الالتزام بنقل الملكية أيا كان محلها ، نقداً أو مثليات أو قيميات ويعتبر كذلك حقا شخصيا الالتزام بتسليم شيء معين .

3 - ويؤدي التعبير بلفظ " الالتزام " وبلفظ " الدين " نفس المعنى الذي يؤديه التعبير بلفظ " الحق الشخصي " .&%$ ) .

فنتكلم أولا في الحق العيني والحق الشخصي وكيف يتميز أحدهما عن الآخر ، وكيف يمتد تقسيم الأشياء إلي عقار ومنقول من الأشياء إلي الأموال أي إلي الحقوق العينية والحقوق الشخصية .

ثم نقتصر على الحق العيني وحده . فهو محل البحث في الأجزاء الثلاثة الباقية من الوسيط كما كان الحق الشخصي هو محل البحث في الأجزاء السبعة الأولي . ونستعرض خصائص الحق العيني ، ثم نبين أن الحقوق العينية خلافا للحقوق الشخصية مذكورة علي سبيل الحصر فنذكر مفرداتها .

 $ 182 $ المبحث الأول

بماذا يتميز الحق العيني عن الحق الشخصي

وتقسيم الحقوق العينية والحقوق الشخصية إلي عقار ومنقول

المطلب الأول

بماذا يتميز الحق العيني عن الحق الشخصي

95 - تعريف كل من الحق العيني والحق الشخصي – إحالة إلي ما تقدم في نظرية الالتزام : قدمنا في الجزء الأول من الوسيط( $%&[1] ) فقرة 2 وما بعدها .&%$ ) ، عند الكلام في النظرية العامة للالتزام ، أن الحق العيني هو سلطة يعطيها القانون ما للشيء من فوائد اقتصادية . أما الحق الشخصي فهو رابطة قانونية ( juris vinculum ) ، ما بين شخصين دائن ومدين ، يخول الدائن بموجبها مطالبة المدين بإعطاء شيء أو بالقيام بعمل أو بالامتناع عن عمله .

وقد عرف القانون الروماني الفرق ما بين الحق العيني والحق الشخصي ، ولكنه كعادته كان يركز علي الدعوى لا على الحق . ففي الدعوى العينية ( ( action in rem ، كانت صيغة الدعوى ( formule ) لا تتضمن تعيين المدعى عليه ، وتقتصر على تعيين صاحب الحق والشيء محل الحق . وفي الدعوى الشخصية ( action in personam ) ، كانت صيغة الدعوى تتضمن تعيين المدعى عليه أي المدين ، لأنه هو الشخص الذي يرتبط بالدائن وبوساطته يقتضى الدائن حقه . ولكن القانون الروماني لم يصل إلي تعريف مجرد للحق العيني ، بل إن الاسم نفسه لم يكن مألوفا فيه ، ولم يظهر إلا أخيرا عند المحشين ( glossateurs ) . وهذا بخلاف الحق الشخصي أي الالتزام ، فله تعريف تقليدي مألوف في القانون الروماني( $%&[1] ) وهذا هو : obligation est juris vinculum que necessitate adstringrimur alcujus solvendrae rei, secundum nostrae civitatis jnre . &%$ ) $ 183 $ أما في العصور الوسطى ، فقد برزت الحقوق العينية ، وبخاصة الحقوق العينية الإقطاعية ( feodaux ) ، وتعددت ، في حين أن الحق الشخصي أخذ في الانزواء والضمور بل نزعت من الحقوق الشخصية بعض حقوق اقتربت من الحقوق العينية وسميت " jus ad rem " ، وهي الحقوق الشخصية التي تلزم المدين ينقل حق يميني إلي الدائن( $%&[1] ) انظر Brissaud ص 238وص 241 .&%$ ) .

96 - محاولة هدم التميز بين الحق العيني والحق الشخصي : وقد قدمنا( $%&[1] ) الوسيط 1 فقرة 2 - فقرة 4&%$ ) أن التميز ما بين الحق العيني والحق الشخصي هو الأساس الذي تقوم عليه تقسيمات القانون المدني فيما يتعلق بالأموال . وقد وقعت محاولات لهدم هذا التمييز ، إما بتقريب الحق العيني من الحق الشخصي ، أو بتقريب الحق الشخصي من الحق العيني .

97 - محاولة هدم التمييز بتقريب الحق العيني من الحق الشخصي : وعلي رأس من قال بتقريب الحق العيني من الحق الشخصي برز بلانيول( $%&[1] ) بلانيول جزء أول سنة 1896 فقرة 2158 - وغالي ديموج ، بعد بلانيول ، في تقريب الحق العيني من الحق الشخصي إلي حد التسوية بينهما ( ديموج في الأفكار الأساسية في القانون الخاص ص 405 – ص 443 ) .&%$ ) ، إن الحق العيني هو رابطة ما بين الشخص والشيء ، لأن الشيء إنما يكون محلا العيني يتفق أيضا مع الحق الشخصي في أنه يشتمل مثله علي عناصر ثلاثة : هو المالك ، والمدين هم الناس كافة فيما عدا الدائن إذ يجب عليهم جميعا احترام هذا الحق . فالحقان إذن يتماثلان من حيث الطبيعة والعناصر ، وإنما يختلفان في شيء غير جوهري ، كما يقول بلانيول ، هو جانب المدين ففي الحق العيني يكون المدين دائما هم جميع الناس عدا الدائن ، ولهذا يمكن اعتبار الحق $ 184 $ العيني حقا شخصيا عاما من حيث المدين ( Passivement universel ) أما في الحق الشخصي فالمدين هو شخص أو أشخاص معينون بالذات . والذي تستبقيه مما قاله بلانيول أنه من الخطأ أن يقال إن الحق العيني رابطة ما بين الشخص والشيء ، فالرابطة لا تقوم كما يقول بلانيول إلا بين الشخص والشخص . ولذلك قلنا في تعريف الحق العيني إنه " سلطة لشخص على شيء " ، ولم نقل إنه " رابطة ما بين شخص وشيء " . وأما القول بأن الحق العيني هو حق شخص عام من حيث المدين ، فليس هذا هو الذي يختلف فيه الحق العيني عن الحق الشخصي كما ذهب بلانيول ، إذ الحق الشخصي فيه أيضا هذا الجانب العام من حيث المدين ، وتلتزم الناس كافة باحترامه( $%&[1] ) واحترام الناس للحقوق ، عينية كانت أو شخصية ، ليس معناه أن هناك التزاما يقع على عاتق كل منهم بحيث يصح أن يكون هذا الالتزام دينا في الذمة يحسب بين عناصرها السلبية ( كاربونييه ص 40 )&%$ ) . فإذا أخل أحد بهذا الالتزام ، بأن حرض المدين مثلا على أن يمتنع عن القيام بما تعهد به ، كان مسئولا ووجب عليه التعويض . والذي يخالف فيه الحق الشخصي الحق العيني أن الحق الشخصي يزيد علي احلق العيني شيئا جوهريا هو الذي يميزه عنه ، وذلك هو الجانب الخاص من حيث المدين إلي هذا الجانب العام الذي تقدم ذكره . ففي كل حق شخصي يوجد مدين معين أو مدينون معينون هم الذين يباشر الدائن سلطته على الشيء محل الحق بوساطتهم ، ولا وجود لهؤلاء في الحق العيني . وهذا فرق جوهري ما بين الحقين تترتب عليه نتائج هامة سيأتي ذكرها .

وإذا تعين شخص بالذات يكون قد اعتدي علي الحق العيني ، فإن هذا الشخص يكون مسئولا لا بموجب الحق العيني ذاته ، بل بموجب التزام شخصي تولد عن الخطأ الذي ارتكبه ، ويكون إذن طرفا لا في الحق العيني الموجود من قبل ، بل في الحق الشخصي الذي تولد عن الخطأ( $%&[1] ) انظر في هذا المعني شفيق شحاته فقرة 13 ص 22 - ص 23 - وقارن بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 38 ص 43 - محمد على عرفة فقرة 6 ص 14 .&%$ ) .

على أن احترام الناس كافة للحق العيني إنما يكون بعد استكمال هذا الحق لجميع عناصره ، وقيامه حقا كاملا مستوفيا لجميع مقوماته . فهذا الاحترام إذن ليس عنصراً من عناصر الحق العيني ، إذ هو لا يوجد كما قدمنا إلا بعد $ 185 $ استيفاء الحق العيني لجميع عناصره . فلا يوجد إذن مدين بالحق العيني هو عنصر من عناصر هذا الحق كما يوجد مدين في الحق الشخصي هو أحد عناصره ، وحدهما ، وعندئذ يجب على الناس كافة احترام هذا الحق الذي تكاملت عناصره . أما الحق الشخصي فلا يتكون ولا تتكامل عناصره بوجود صاحب الحق والشيء محل الحق وحدهما ، بل لابد من عنصر ثالث ينضاف إليهما هو المدين بالحق الشخصي . فإذا وجد المدين إلي جانب صاحب الحق ( الدائن ) والشيء محل الحق ، فقد تكاملت عناصر الحق الشخصي ،ووجب هنا أيضاً ، كما في الحق العيني ، علي الناس كافة احترام هذا الحق ، دون أن يكون هذا الاحترام داخلا في تكوين الحق الشخصي إذ هو لم يوجد إلا بعد أن تكون الحق( $%&[1] ) قرب من هذا المعني كاربونييه ص 40 - أحمد حشمت أبو ستيت ( نقلا عن مذكرات عبد المعطي خيال غير المطبوعة فقرة 5 ) في نظرية الالتزام سنة 1945ص 10هامش 1 .&%$ ) .

98 - محاولة هدم التمييز بتقريب الحق الشخصي من الحق العيني : وقد حاول فريق آخر هدم التمييز ما بين الحق العيني والحق الشخصي ، عن طريف تقريب الحق الشخصي من الحق العيني ، وعلى رأس هذا الفريق سالي ( Saleilles ) ولامبير ( lambert ) . ويتلخص رأيهما ، كما قدمنا في الجزء الأول من الوسيط ( $%&[1] ) فقرة 4 .&%$ ) ، في أن الحق الشخصي هو كالحق العيني عنصر من عناصر الذمة المالية يتصرف فيه صاحبه ، فيبيعه ويهبه ورهنه ويجرى فيه سائر التصرفات . فالحق الشخصي يجب النظر إليه ، لا باعتبار أنه رابطة بين شخصين ، بل باعتبار أنه عنصر مالي ، فتتجرد القمة المالية للحق الشخصي عن شخص الدائن وعن شخص المدين . وبذلك يقرب الحق الشخصي من الحق العيني ، وهذا هو المذهب المادي للالتزام ( $%&[1] ) انظر أيضاً في هذا المعني jaller في فكرة استمرار الشخصية رسالة من باريس سنة 1902 - Gazin في فكرة الذمة المالية في النظرية التقليدية رسالة من ديجون سنة 1911 - Gaudemet في حوالة الدين لخلف خاص رسالة من ديجون سنة 1928 .&%$ ) .

وليس ينكر علي المذهب المادي للالتزام انتشاره مسايرته للتطور القانوني الحديث . فهو الذي يسر التسليم بحوالة الدين علي غرار حوالة الحق ، إذ لما $ 186 $ كانت العبرة في الحق الشخصي هي بقيمته المادية لا بالدين والدائن ، أمكن تصور أن تنتقل هذه القيمة المادية من مدين إلي مدين في حوالة الدين ، كما انتقلت من دائن إلي دائن في حوالة الحق . وأمكن كذلك ، بفضل المذهب المادي ،أن نتصور التزاما يقع عبئاً في مال المدين دون أن يكون هناك دائن يقتضي المدين هذا العبء وقت وجود الالتزام ، ويكفي أن يوجد الدائن وقت التنفيذ ، كما في الوعد بجائزة لغير دائن معين وكالسند لحامله وكالاشتراط لمصلحة شخص غير معين .

ولكننا مع ذلك لا نري المذهب المادي يترتب عليه حتما هدم التميز ما بين الحق العيني والحق الشخصي . " فمن الممكن - كما قلنا في الجزء الأول من الوسيط - أن ينظر إلي الالتزام نظرة مادية باعتبار موضوعه لا باعتبار أشخاصه ، ويكون في هذا تقريب بينه وبين الحق العيني . ولكن ذلك لا ينفي أن هناك فرقا جوهريا ما بين الحقين ، حتى إذا نظر إليهما معا من حيث موضوعهما ، فالدائن في الحق العيني يستعمل سلطته مباشرة علي موضوع الحق دون وسيط بينهما ، بخلاف الحق الشخصي فليس للدائن فيه إلا سلطة غير مباشرة علي الشيء موضوع الحقن ولا يستعمل هذه السلطة إلا بوساطة المدين " ( $%&[1] ) الوسيط 1 فقرة 4 – وانظر كاربونييه ص 40 - ص 41&%$ ) .

99 - بقاء التمييز قائما ما بين الحق العين والحق الشخصي : وبالرغم من المحاولات المتقدمة ، محاولة تقريب الحق العيني من الحق الشخصي من الحق العيني ، فإن التمييز ما بين الحقين بقي قائما قياما لا شبهة فيه ، وبقي هو المحور الذي تدور عليه تقسيمات القانون المدني في الأموال . فالقانون المدني لا يزال يقسم الأموال إلي حقوق عينية وحقوق شخصية ، ويميز تمييزاً دقيقا بين هذه وتلك ، ويعقد فصولا للأولي تنفصل تماما عن الفصول التي يعقدها للأخرى . وهكذا فعلت كل التقنيات المدنية القديمة والحديثة ، وهكذا فعل التقنين المدني المصري السابق والجديد . فصاحب الحق العيني يصل مباشرة إلي الشيء محل الحق ، ويستخلص منه فوائده دون وساطة أحد ، إذ هو ليس في حاجة إلي هذه الوساطة . أما صاحب الحق الشخصي فلا يصل مباشرة إلي الشيء محل الحق ، وإنما يصل $ 187 $ إليه بطريق غير مباشر وبوساطة المدين . ولا يستطيع أن يستعمل حقه على الشيء إلا إذا توسط المدين بينه وبين هذا الشيء ، فهو لا يستعمل سلطة مباشرة علي الشيء كما في الحق العيني ، بل يتقاضي حقا من المدين . ونأخذ مثلا لذلك المنتفع صاحب الحق العيني والمستأجر صاحب الحق الشخصي . فالمنتفع يباشر سلطته علي الشيء مباشرة على العين المؤجرة وإنما يطالب المؤجر بتمكينه من الانتفاع بالعين فلا يصل إليها إلا بوساطة المؤجر . والمهم في الحق العيني ليس هو تعين المدين إذ لا مدين في الحق العيني كما قدمنا ، بل هو تعين الشيء محل الحق إذ لا يمكن أن يترتب حق عيني إلا على شيء معين بالذات . أما المهم في الحق الشخصي فليس تعيين الشيء محل الحق إذ يجوز أن يتعلق الحق إذ لا يقوم حق شخصي إلا بمدين معين يترتب في ذمته الالتزام وقت نشوئه . فيبقي إذن التمييز ما بين الحق العيني والحق الشخصي - كما قلنا في الجزء الأول من الوسيط - " قائما ومحتفظا بأهميته . فالحق العيني سلطة مباشرة للشخص على الشيء ، والحق الشخصي رابطة ما بين شخصين . والظاهرة المهمة في الحق العيني هي تحديد الموضوع ، أما في الحق الشخصي فتحديد المدين . ويزيد الحق الشخصي عن الحق العيني عنصرا أساسيا ، هو وجود مدين معين يباشر بوساطته الدائن سلطته على الشيء موضوع الحق " ( $%&[1] ) الوسيط 1 فقرة 5&%$ ) . ومن أجل ذلك من عناصر ثلاثة هي الدائن والمدين ومحل الحق ، أما الحق العيني فيكفي في تكوينه عنصران هما صاحب الحق ومحل الحق( $%&[1] ) ولا يزال الحق الشخصي رابطة فيما بين شخصين ، " ولا يزال لشخصية الدين والدائن أثر كبير في تكوين الالتزام وتنفيذه . فقد رأينا أنه لابد من وجود طرفي الالتزام وقت التنفيذ على الأقل . وسنرى أن نية الطرفين - وهذا شيء نفسي - يؤثر تأثيرا كبيرا في وجو الالتزام صحيحا ، وفي تنفيذه على الوجه المطلوب والنية هي السبيل الذي تتسرب منه العوامل الخلقية إلي القواعد القانونية . ونضيف إلي ما تقدم أن شخصية المدين بنوع خاص ضرورية في الالتزام ، لا عند تنفيذه فحسب ، بل أيضا عند نشوئه ، وهذا ما يعترف به المذهب المادي ذاته " ( الوسيط 1 فقرة 11 ) . &%$ ) . $ 188 $ ومهما يكن من أمر ، فإن التمييز الذي قام بهذا الوضوح ما بين الحق العيني والحق الشخصي لم يمنع من اختلاط الحقين أحدهما بالآخر في حالات قليلة ، كما وقع ذلك فيما يسمى " بالالتزام العيني " ونورد عنه كلمة موجزة .

100 - الالتزام العيني ( $%&[1] ) مراجع: Michou رسالة من نانسي سنة 1891 – De Juglar رسالة من بوردو سنة 1937 – Balbi رسالة من تورينو سنة 1950 – Aberkane رسالة من الجزائر سنة 1955.&%$ ) : يحدث في بعض الأحوال أن شخصا يجد نفسه ملزما بأداء عمل معين نحو شخص آخر ، ولكن سبب هذا الالتزام ينحصر في أن المدين هو المالك لعينة معين . فهنا وجد الالتزام بسبب ملكية العين ، ومن ثم سمي بالالتزام العيني ( obligation reélle, obligation proper rem ) ونورد للإيضاح بعض الأمثلة :

1 - تنص المادة 813 مدني على أن " لكل مالك أن يجبر جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة ، وتكون نفقات التحديد شركة بينهما " . فهنا المالك لأرض تلاصق أرضا يملكها الجار ملتزم نحو هذا الجار ، إذا طلب أن يشارك في وضع حدود للأرضين المتلاصقتين بحيث يمكن التثبت من حدود كل أرض منهما في الجهة التي فيها يتلاصقان . ويتحمل مالك الأرض نصف نفقات وضع الحدود المذكورة ، ويتحمل جاره النصف الآخر . ويلاحظ أن الالتزام الذي في ذمة صاحب الأرض ، من المشاركة في وضع الحدود وفي تحمل النفقات ، لم يترتب إلا بسبب ملكية هذا الشخص للأرض الملاصقة . فما دام مالكا لهذه الأرض فهو ملتزم ، فإذا زالت ملكيته بأن تصرف في الأرض مثلا ، فإن الالتزام ينتقل من ذمته إلى ذمة المالك الجديد . حتى لو مات فآلت الأرض إلى وارث ، فإن الوارث يصبح ملتزما ، لا باعتباره وارثا ، بل باعتباره المالك الجديد للأرض . فالالتزام هنا إذن يدور مع ملكية الأرض وجودا وعدما ، فهو التزام مصاحب دائما لملكية العين ، ومن ثم فهو التزام عيني .

2 - تنص المادة 1021 مدني على أنه " لا يلزم مالك العقار المرتفق به أن يقوم بأي عمل لمصلحة العقار المترفق ، إلا أن يكون عملا إضافيا يقتضيه $ 189 $ استعمال الارتفاق على الوجه المألوف ، مالم يشترط غير ذلك " . وتنص المادة 1022 مدني علي أن " 1 - نفقة الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاع والمحافظة عليه تكون علي مالك العقار المرتفق ما لم يشترط غير ذلك . 2 - فإذا كان مالك العقار المرتفق به هو المكلف بأن يقوم بتلك الأعمال علي نفقته ، أو بعضه لمالك العقار المرتفق . 3 - وإذا كانت الأعمال نافعة أيضاً لمالك العقار المرتفق به ، كانت نفقة الصيانة علي الطرفين ، كل بنسبة ما يعود عليه من الفائدة " . ويستخلص من هذه النصوص أن مالك العقار المرتفق به لا يكون ملزما في الأصل بالقيام بأي عمل لمصلحة العقار المرتفق ، ولا بأية نفقة . ومع ذلك يجوز استثناء أن يكون ملزما : ( أولا ) بالقيام بعمل إضافي يقتضيه استعمال الارتفاق علي الوجه المألوف ما لم يشترط غير ذلك . ( ثانيا ) بنفقة الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة عليه ، إذا اشترط عليه مالك العقار المرتفق ذلك وقبل الشرط . ( ثالثا ) إذا كانت الأعمال نافعة للعقار المرتفق به ، التزم مالك هذا العقار ، دون شرط ، بالمساهمة في نفقة هذه الأعمال بنسبة ما يعود علي عقاره من الفائدة .

ففي جميع هذه الأحوال نري أن مالك العقار المرتفق به يلتزم نحو مالك العقار المرتفق بأداء عمل أو المساهمة في نفقة . وهو يلتزم بذلك على أساس ملكيته للعقار المرتفق به ، أي بسبب هذه الملكية . وما دام مالكا للعقار المرتفق به فهو ملتزم ، فإذا انتقلت ملكية هذا العقار إلي غيره أصبح من انتقلت إليه الملكية هو الملتزم . فالالتزام هنا أيضا مرتبط بملكية العقار المرتفق به ، ويدور مع هذه الملكية وجودا وعدما ، ومن ثم فهو التزام عيني .

3 - تنص المادة 814 / 2 مدني علي ما يأتي : " فإذا لم يعد الحائط المشترك صالحا للغرض الذي خصص له عادة ، فنفقة إصلاحه أو تجديده علي الشركاء كل بنسبة حصته فيه " . فهنا أيضا يلتزم الشريك في الحائط المشترك ، إذا احتاج الحائط إلي إصلاح أو تجديد ، بالمساهمة في النفقات بنسبة حصته في الحائط . وهو يلتزم بذلك علي أساس ملكيته الشائعة في الحائط المشترك ، وبسبب هذه الملكية . ومادام شريكا في الحائط فهو ملتزم ، فإذا انتقلت ملكيته إلي غيره أصبح من انتقلت إليه الملكية هو الملتزم . فالالتزام هنا إذن $ 190 $ مرتبط بملكية الحائط المشترك ، ويدور مع هذه الملكية وجودا وعدما ، ومن ثم فهو التزام عيني .

4 - تنص المادة 1060 / 1 مدني علي أنه " يجوز الدائن المرتهن ، عند حلول أجل الدين ، أن ينزع ملكية العقار المرهون في يد الحائز لهذا العقار ، إلا إذا اختار الحائز أن يقضي الدين أو يطهر العقار المرهون رهنا رسميا ملتزم بدفع الدين المضمون بالرهن ، لا على أساس أن التزاما شخصيا قد ترتب في ذمته ، بل على أساس ملكيته للعقار المرهون ، وبسبب هذه الملكية . ومادام مالكا للعقار المرهون فهو ملتزم ، فإذا انتقلت ملكية هذا العقار إلي غيره أصبح من انتقلت إليه الملكية هو الملتزم . فالالتزام هنا كذلك مرتبط بملكية العقار المرهون ، ويدون مع هذه الملكية وجودا وعدما ، ومن ثم فهو التزام عيني . "

وتكفي هذه الأمثلة لتوضيح ما هو الالتزام العيني . فهو التزام يوافق الالتزام الشخصي ، من حيث أنه يجبر مدينا معينا نحو دائن معين علي أداء عمل معين . ولكنه يفارق الالتزام الشخصي ، ويوافق الحق العيني ، في خصائص ثلاث هامة :

أولا - يتركز الالتزام العيني في عين معينة بالذات ، ولا يتناول غيرهما من أموال المدين . فهو ، علي خلاف الالتزام الشخصي ، لا يكفله ضمان عام ( gage commun ) على جميع أموال المدين ، ويقتصر في ضمانه على العين التي ترتب الالتزام بسببها .

ثانيا - ومادام الالتزام العيني لم يترتب إلا بسبب ملكية هذه العين ، فإنه يدور مع هذه الملكية وجودا وعدما كما قدمنا . فلا ينتقل إذن ، كما ينتقل الالتزام الشخصي ، إلي الخلف العام . بل ينتقل إلي من انتقلت إليه ملكية العين ، حتى لو انتقلت الملكية بالميراث ، فإن الوارث يصبح ملتزما ، لا باعتباره وارثا ، بل باعتباره مالكا للعين . ويتضح ذلك في الشريعة الإسلامية ، فإن الوارث باعتباره وارثا لا ينتقل إليه الالتزام الشخصي المترتب في ذمة مورثة ، بل يبقي هذا الالتزام في التركة ، إذ لا تركة إلا بعد سداد الديون . أما إذا كان الالتزام التزاما عينيا ، فإنه ينتقل إلي الوارث ، حتى لو كانت أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تسرى علي الميراث . $ 191 $ ذلك أن الالتزام العيني لا ينتقل إلي الوارث باعتباره وارثا حتى يمتنع انتقاله وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ، بل ينتقل إلي الوارث باعتباره مالكا للعين وقد انتقلت إليه الملكية فعلا بالميراث .

ثالثا - كذلك مادام الالتزام العيني لم يترتب إلا بسبب ملكية العين ، فإن المدين يستطيع أن يتخلص من التزامه بتركه العين أو التخلي عنها . ولو كان الالتزام التزاما شخصيا مترتبا في ذمته ، لما استطاع ذلك . وقد وردت نصوص صريحة تجيز الترك أو التخلي ( abandon, delaissement ) ، فيتخلص المدين من الالتزام العيني في حالة مالك العقار المرتفق به وفي حالة الحائز للعقار المرهون . ففي الحالة الأولي رأينا المادة 1022 / 2 مدني تنص على ما يأتي : " فإذا كان مالك العقار المرتفق به هو المكلف بأن يقوم بتلك الأعمال على نفقته ، كان له دائما أن يتخلص من هذا التكليف بالتخلي عن العقار المرتفق به كله أو بعضه لمالك العقار المرتفق " . وفي الحالة الثانية رأينا المادة 1060 مدني تنص على أنه " يجوز للدائن المرتهن عند حلول أجل الدين أن ينزع ملكية العقار المرهون في يد الحائز لهذا العقار ، إلا إذا اختار الحائز أن ... أو يتخلى عنه " .

بقي تكييف الالتزام العيني بخصائصه المتقدمة الذكر . هناك رأى يذهب إلي أنه التزام قائم بذاته ، وهو وسط ما بين الحق العيني والحق الشخصي ، وتجتمع فيه بعض خصائص هذا وبعض خصائص ذاك ( $%&[1] ) انظر في هذا المعني De jughrt رسالة من بوردو سنة 1937 .&%$ ) . ولكن الرأي الراجح هو أن الالتزام العيني ليس إلا امتدادا للحق العيني ، وليس التزاما قائما بذاته . فهو ينشأ بسبب حق عيني موجود ، ويستكمل به صاحب هذا حقه ، والتمتع بهذا الحق تمتعا كاملا ، فالالتزام العين إذن لا يعدو أن يكون استكمالا لحق عيني ، وليس له كيان مستقل لا كالتزام شخصي ولا كحق عيني ( $%&[1] ) انظر في هذا المعني Aberkane رسالة من الجزائر سنة 1955 - مارتي ورينو 62 مجلد 2 فقرة 7 ص 15 .&%$ ) .

 $ 192 $ المطلب الثاني

تقسيم الحقوق العينية والحقوق الشخصية إلى عقار منقول

101 - نص قانوني : تنص المادة 83 مدني على ما يأتي :

 " 1 - يعتبر مالا عقاريا كل حق عيني يقع على عقار ، بما في ذلك حق الملكية ، وكذلك كل دعوى تتعلق بحق عيني على عقار " .

 " 2 - ويعتبر مالا منقولا ما عدا ذلك من الحقوق المالية " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادتين 113 و 114 / 1 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " م 113 – يعتبر مالا عقاريا كل حق عيني يقع على عقار ، بما في ذلك حق الملكية ، وكذلك كل دعوى تتعلق بعقار – م 114 / 1 – يعتبر مالا منقولا كل ما عدا ذلك من الحقوق المالية " . وفي لجنة المراجعة أدمج النصان في مادة واحدة ، وعدلت عبارة " كل دعوى تتعلق بعقار " في المادة الأولى ، فأصبحت " كل دعوى تتعلق بحق عيني على عقار " . فصار النص مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 85 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 85 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 83 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 470 – ص 471 ) .&%$ ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادتين 2 / 16 و 3 / 17( $%&[1] ) التقنين المدني السابق م 2 / 16 : الأموال الثابتة هي الحائزة لصفة الاستقرار ، سواء كان ذلك من أصل خلقتها أو بصنع صانع ، بحيث لا يمكن نقلها بدون أن يعتريها خلل أو تلف ، وكذلك الحقوق العينية المتعلقة بتلك الأموال .

م 3 / 17 : ما عدا ذلك من الأموال يعد منقولا . والتعبير في القانون بلفظ أمتعة وأشياء منقولة وأموال منقولة يشمل بلا فرق جميع المنقولات .

( وأحكام التقنين المدني السابق تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .&%$ ) .

ويقابل في المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 85 / 1 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 83 ولا مقابل للنص في التقنين المدني العراقي – ويقابل في قانون الملكية العقارية اللبناني للمادة 4( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 85 / 1 ( موافق ) .

التقنين المدني الليبي م 83 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبناني م 4 : العقارات غير المادية هي الحقوق والتأمينات والارتفاقات العينية ، وكذلك الدعاوى التي تتناول عقارا ماديا .

( وتتفق أحكام التقنين اللبناني مع أحكام التقنين المصري ) .&%$ ) .

 $ 193 $ ويتبين من هذا النص أن القانون بمد تقسيم الأشياء إلى عقار ومنقول من الأشياء المادية إلى الحقوق . والحقوق أشياء معنوية لا مادية ، وهي بهذا الوصف لا تقبل أن تكون عقارا أو منقولا . فالعقار هو الشيء المادي ذو المستقر الثابت بطبيعته كما سبق القول ، ولا يصدق هذا على الحق ، ولو كان هذا الحق هو حق الملكية الذي جرت العادة بخلطة بالشيء المادي ذاته الذي يقع عليه . وكذلك الحقوق لا تكون منقولة ، ولو كانت حقوق ملكية على منقولات تختلط بها ، فلا يزال التمييز قائما بين حق الملكية وهو شيء معنوي ، والشيء الذي يقع عليه حق الملكية وهو شيء مادي . ولكن المشرع ، تبعا لتقاليد قديمة ، قسم الحقوق المعنوية ذاتها إلى عقار ومنقول ، لا تبعا لطبيعتها بل تبعا لطبيعة المحل الذي تقع عليه ، ورتب على هذا التقسيم نتائج قانونية هامة .

وكان المشرع الفرنسي أسبق إلى تقسيم الحقوق إلى عقار منقول ، مراعيا في ذلك تقاليد القانون الفرنسي القديم الذي كان لا يتقيد كما قدمنا في التقسيم ، إلى عقار ومنقول بطبيعة الشيء بل بأهميته . ومع أن المشروع الفرنسي أغفل كثيراً من التقاليد الإقطاعية التي ألغتها الثورة الفرنسية ، إلا أنه مع ذلك لم يصل بالتبسيط إلى نهايته ، فترك ثغرات بقي فيه الفقه والقضاء غير مستقرين مدة طويلة . فنص في المادة 526 مدني فرنسي على ما يأتي : " يعتبر عقارا بحسب المحل الذي يقع عليه : حق الانتفاع بالأشياء العقارية – حقوق الارتفاق – الدعاوى التي ترمي إلى استرداد عقار " . فجاء النص ناقصا مبتورا غامضا ، فهو لم يعدد كل الحقوق العقارية إذ أغفل حق الاستعمال وحق السكنى وحق الأمفتيوز ، ولم يبين ماذا يقصد بالدعاوى التي ترمي إلى استرداد عقار . ونص في المادة 529 مدني فرنسي على ما يأتي : " يعتبر منقولا بحكم تعيين القانون ( ولم يستعمل التعبير الذي استعمله في العقار " بحسب المحل الذي يقع عليه " لغي علة ظاهرة ) : الالتزامات والدعاوى التي محلها مبالغ من النقود مستحق أو منقولات ، والأسهم والحصص في الشركات المالية والتجارية والصناعية حتى لو كانت هناك عقارات تابعة لهذه المشروعات وتملكها هذه الشركات . وتعتبر الأسهم والحصص منقولات بالنسبة إلى الشريك وحده طالما كانت الشركة باقية – وتعتبر أيضاً منقولا بحكم تعيين القانون الإيرادات $ 194 $ الدائمة والإيرادات مدى الحياة ، سواء كانت مستحقة على الدولة أو على الأفراد " . ومهنا أيضا لم يكن تعداد الحقوق المنقولة كاملا ، فقد أغفل النص الحقوق الشخصية المتعلقة بعقار ، كما أغفل المتاجر وغيرها مما لم يكن قد وصل إلي تطوره الحالي وقت صدور التقنين الفرنسي . وإنما عني هذا التقنين بالتركيز على ما كان هاما وقت صدوره ، فتناول الإيرادات الدائمة والمؤقتة واعتبرها كلها منقولا على خلاف تقاليد القانون الفرنسي القديم ، وكذلك تناول الأسهم والحصص في الشركات التجارية وكانت وقت صدوره لا تزال في أول مراحل نشوئها .

أما التقنين المدني المصري ، وبخاصة التقنين الجديد ، فقد وصل في التبسيط إلي نهايته ، ووضع قاعدة منطقية واضحة ، إذ اعتبر الحقوق العينية التي تقع علي العقار عقارا ، ولم يرد بعد ذلك أن يخوض في تعداد المنقول خشية أن يفوته شيء منه ، فقال : " ويعتبر مالا منقولا ما عدا ذلك من الحقوق المالية " . ومن ثم يعتبر منقولا : ( 1 ) الحقوق العينية التي تقع على منقول ( 2 ) الحقوق الشخصية التي تتعلق بمنقول . ( 3 ) الحقوق الشخصية التي تتعلق بعقار . ( 4 ) أي حقوق شخصية أخرى يكون محلها عملا أو امتناعا عن عمل . وكذلك في الدعاوى اتبع نفس القاعدة البسيطة ، فالدعاوى بحقوق عقارية تكون عقارا ، والدعاوى بحقوق منقولة تكون منقولا ( $%&[1] ) ( 1 ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى في مجموعة الأعمال التحضيرية ص 470 - ص 471 .&%$ ) .

فنعرض لهذه القواعد المبسطة المنطقية التي أتى بها التقنين المصري ، ولا يحسن الاعتداد كثيراً في هذا الشأن بالمصادر الفرنسية فقد بينا أنها أتت بحكم تقاليد القانون الفرنسي القديم معقدة غامضة . ومن ثم نستعرض الحقوق والدعاوى العقارية ، ثم الحقوق والدعاوى المنقولة .

1 - الحقوق والدعاوى العقارية

102 - الحقوق العينية الأصلية التي تقع على عقار : وعلى رأس الحقوق العقارية تقوم الحقوق العينية الأصلية التي تقع على عقار . والعقار $ 195 $ الذي تقع عليه الحقوق العينية قد يكون عقاراً بطبيعته كما هو الغالب ، وقد يكون عقاراً بالتخصيص . فجميع الحقوق العينية الأصلية التي تقع على عقارات بالتخصيص تعتبر حقوقا عقارية ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 93 ص 95 .&%$ ) .

وأول الحقوق العينية الأصلية هو حق الملكية . والملكية حق ، أي شيء معنوي لا شيء مادي ، ولكن التقاليد التي ترجع إلي عهد القانون الروماني تخلط ما بين حق الملكية والشيء المادي الذي يقع عليه هذا الحق ، نظرا لأن الملكية هي أوسع حق عيني يمكن تصوره ، وهو يستغرق الشيء الذي هو محله استغراقا تاما ، ومن ثم يختلط به فيصبحان شيئا واحدا نتيجة لهذا الخلط ( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 470&%$ ) ويخيل في النظرة السطحية أن حق الملكية هو نفس الشيء المادي المملوك ، فيبدو أن حق الملكية نفسه هو شيء مادي أو هو ذات الشيء المادي الذي يقع عليه الحق . والصحيح أن حق الملكية ، كغيره من الحقوق العينية ، شيء معنوي كما قدمنا ، ويجب تمييزه عن الشيء المادي الذي يقع عليه . وقد نبهت الفقرة الأولى من المادة 83 مدني إلي ذلك ، فساوت بين حق الملكية وبين أي حق عيني آخر ، وقالت كما رأينا : " يعتبر مالا عقاريا كل حق عيني يقع علي عقار ، بما في ذلك حق المكلية .... " . فحق الملكية إذن يكون حقا عقاريا إذا وقع على عقار بطبيعته أو عقار بالتخصيص .

ثم تأتي الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن حق الملكية ، وهذه تكون أيضا حقوقاً عقارية إذا وقعت على عقار . ومن هذه الحقوق مالا يقع إلا على عقار فيكون حتما من الحقوق العقارية ، وهذه هي حقوق الارتفاق وحق السكني وحق الحكر . ومنها ما يقع على عقار أو منقول كما هو الأمر في حق الملكية ، فإذا وقع على عقار كان حقا عقاريا . وهذه هي حق الانتفاع وحق الاستعمال ، ما وقع منهما على عقار يكون حقا عقاريا .

103 - الحقوق العينية التبعية التي تقع على عقار : كذلك يعتبر حقا عقاريا كل حق عيني تبعى يقع على عقار بطبيعته أو عقار بالتخصيص ومن هذه الحقوق أيضاً ما لا يقع إلا على عقار فيكون حتما عقاريا ، وهذان هما $ 196 $ حق الرهن الرسمي ( $%&[1] ) ويلاحظ أن حق الرهن الرسمي قد يقع على السفينة وهي منقول ، فيكون حقا منقولا .&%$ ) وحق الاختصاص . ومنها ما يقع على عقار أو يقع على منقول ، فإذا وقع على عقار كان حقا عقاريا . وهذه هي حق رهن الحيازة وحقوق الامتياز .

ولا يعترض على أن الحق العيني التبعى يكون حقا عقاريا إذا وقع على عقار بمقولة إن هذا الحق ضامن لحق شخصي منقول فهو تابع له ، ومن ثم يكنون منقولا مثله . ذلك أن الفرع إذا كان يتبع الأصل ، فإنما يتبعه في نشوئه وانقضائه ، ولا يتبعه في طبيعته . فقد يكون الأصل عقاراً ويكون التابع عقارا . وينبني على أن الحق العيني الذي يقع على عقار يكون حقا عقاريا أن التنازل عن الرهن الرسمي يشترط لصحته أهلية التصرف في العقار ، ولا تكفي أهلية التصرف في المنقول ( $%&[1] ) أوبري ورو 2 ص 31 هامش 4 - محمد علي عرفة فقرة 82 .&%$ ) .

104 - الدعاوي المتعلقة بحق عيني على عقار : وتعتبر أيضا دعوى عقارية الدعوى المتعلقة بحق عيني على عقار ، وتقول العبارة الأخيرة من المادة 83 / 1 مدني ، كما رأينا ، في هذا الصدد : " يعتبر مالا عقاريا ..كل دعوي تتعلق بحق عيني على عقار " .

فالدعاوي المتعلقة بالحقوق العينية الأصلية الواقعة على عقار تكون دعاوي عقارية . وعلى ذلك تكون دعوي عقارية دعوي حق الملكية على عقار أي دعوى الاستحقاق للعقار ، ودعاوى حقوق الارتفاق إيجابا ونفيا ( ( actions confessoires, negatoires فكلها دعاوي عقارية لأن حقوق الارتفاق لا تقع إلا على عقار ، وكذلك دعوى السكني ودعوى الحكر دعويان عقاريتان إذ حق السكني وحق الحكر لا يقعان إلا على عقار . وتعتبر دعوى عقارية دعوى حق الانتفاع ودعوى حق الاستعمال ، إذا كان الحق يقع على عقار . والدعاوي المتعلقة بالحقوق العينية التبعية الواقعة على عقار تكون دعاوى عقارية . فدعوى الرهن الرسمي ودعوى حق الاختصاص المرفوعتان على حائز العقار دعويان عقاريتان ، إذ لا يقع الرهن الرسمي وحق الاختصاص $ 197 $ إلا على عقار . ودعوى رهن الحيازة ودعاوى حقوق الامتياز المرفوعة على حائز العقار تكون دعاوي عقارية ، إذا وقع حق الرهن الحيازي أو حق الامتياز على عقار .

وتعتبر دعاوى الحيازة – دعوى منع التعرض ودعوى استرداد الحيازة ودعوى وقف الأعمال الجديدة – دعاوى عقارية ، لأنها تحمي حيازة العقار . ولذلك جعل الاختصاص فيها ، كما في سائر الدعاوي العقارية ، للمحكمة الكائن في دائرتها العقار .

105 - دعوى النفعة : دعوى الشفعة هي الدعوى التي يطالب فيها الشفيع بملكية العقار المشفوع فيه . والمطالبة بحق الملكية مستنداً إلي حق الآخذ بالشفعة . ومن ثم كانت دعوى الشفعة ، في رأينا ، دعوى عقارية .

وهناك رأي يذهب إلي عكس ذلك ويعتبر دعوى الشفعة دعوى منقولة ، فيقول الأستاذ محمد علي عرفة في هذا المعني : " فالشفيع يستند في طلب الشفعة إلي حق خاص خوله إياه القانون . وهذا الحق وإن يكن من طبيعة خاصة ، إلا أنه لا يمكن أن يقال بأنه حق عيني ، إذ لا سلطان للشفيع على العقار المشفوع فيه حتى يقضي بحقه في أخذه بالشفعة . وبذلك تستبعد دعوى الشفعة بطريق الاستقصاء من نطاق العقارات ، فتكون منقولة طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 83 ( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 91 . &%$ ) " .

والذي نراه أن الشفيع إنما يطالب بملكية العقار المشفوع فيه ، فهو لا يطالب بالشفعة وإلا كانت الشفعة حقا مستقلا عن حق الملكية . وقد كان اعتبار الشفعة حقا هو الذي حير بعض الفقهاء ، ودفعهم إلي التساؤل هل الشفعة حق عيني أو حق شخصي . وقد بينا( $%&[1] ) انظر الوسيط 1 فقرة 33 في الهامش .&%$ ) أن الشفعة ليست بحق عيني ولا يحق شخصي ، وإنما هي – كالعقد – سبب من أسباب كسب الملكية . وإذا كانت المناقشة لا تجوز في اعتبار العقد حقا عينيا أو حقا شخصيا ، كذلك لا تجوز المناقشة $ 198 $ في اعتبار الشفعة هذا أو ذاك . ومتى وضعنا المسألة هذا الوضع الصحيح ، وقلنا إن الشفيع إنما يطالب بملكية العقار المشفوع فيه بسبب من أسباب كسب الملكية هو الشفعة ، تبين في وضوح أن الشفعة دعوى يطالب فيها المدعى بملكية عقار ، فهي إذن دعوى عقارية .

ومن ثم ترفع دعوى الشفعة أمام المحكمة الكائن في دائرتها العقار المشفوع فيه ، كما هو صريح نص المادة 943مدني . وقد قيل في لجنة مجلس الشيوخ ، دفاعا عن استبقاء هذا الحكم بالرغم من أنه من أحكام قانون المرافعات ، إنه أريد به دفع الشبهة فيما إذا كانت دعوى الشفعة تعتبر دعوى شخصية أو دعوى عقارية( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 429 .&%$ ) . فهي إذن كانت دعوى عقارية بصريح النص .

2 - الحقوق والدعاوى المنقولة

106 - كل الحقوق والدعاوى التي ليست عقارية تكون منقولة :

وكل الحقوق والدعاوى التي لا تكون عقارية علي الوجه الذي بسطناه فيما تقدم تكون منقولة . وفي هذا تقول الفقرة الثانية من المادة 83 مدني كما رأينا : " ويعتبر مالا منقولا ما عدا ذلك من الحقوق المالية " . فالأصل إذن ، في الحقوق والدعاوى ، أن تكون منقولة ، ما لم تكن حقوقا عينيه واقعة على عقار أو دعاوى تتعلق بحق عيني على عقار فتكون عقارية .

فتكون إذن منقولة الحقوق العينية التي تقع على منقول ، أما تلك التي تقع على عقار فتعتبر عقارية كما سبق القول . وتكون كذلك منقولة جميع الحقوق الشخصية ، أيا كان محلها ، منقولا كان أو عقارا أو عملا أو امتناعا عن عمل . ويعتبر منقولا بوجه خاص الإيرادات المؤبدة والمؤقتة ، والأسهم والحصص في الشركات ، والمتاجر ، والحقوق المالية التي ترد علي الأشياء غير المادية .

وتعتبر الدعوى منقولة إذا لم تكن دعوى عقارية على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ، فيدخل في الدعاوى المنقولة ، دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع ، ودعوى تكملة الثمن بسبب الغبن ، ودعاوى الفسخ والإبطال والرجوع . ونستعرض الحقوق والدعاوى المنقولة على الترتيب المتقدم بالذكر . $ 199 $

107 - الحقوق العينية التي تقعل علي منقول : تعتبر جميع الحقوق العينية التي تقع على منقول أموالا منقولة ، سواء كانت هذه الحقوق العينية أصلية أو تبعية ، وسواء كان المنقول منقولا بطبيعته أو منقولا بحسب المال . فالحقوق العينية الأصلية التي تقع على منقول ، فتعتبر منقولا ، هي أولا حق الملكية . وحق الملكية يختلط بالمنقول ، كما رأيناه يختلط بالعقار ، فيخيل في النظر السطحي أن حق الملكية على منقول هو المنقول ذاته . والصحيح أن حق الملكية غير الشيء المنقول ، فحق الملكية شيء معنوي في حين أن المنقول محل الحق شيء مادي ، ومن ثم يعتبر حق الملكية على منقول حقاً أو مالا منقولا ، لا شيئا منقولا . وبعد حق الملكية تأتي الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عنه والتي يمكن أن تقع على منقول ، وهي حق الانتفاع وحق الاستعمال إذا وقعا على منقول فيعتبران من الأموال المنقولة . أما حق السكني وحقوق الارتفاق وحق الحكر ، فقد رأينا أنها لا تقع إلا على عقار ، ومن ثم تكون هذه الحقوق دائما أموالا عقارية كما قدمنا .

بقيت الحقوق العينية التبعية ، وهذه أيضاً تكون أموالا منقولة إذا وقعت على منقول . فحق رهن الحيازة وحقوق الامتياز تكون أموالا منقولة إذا وقعت على منقول . أما حق الرهن الرسمي وحق الاختصاص فهذان لا يقعان إلا على عقار ، ومن ثم لا يكونان إلا أموالا عقارية كما سبق القول .

108 - الحقوق الشخصية أيا كان محلها : والحقوق الشخصية ، أيا كان محلها ، تعتبر أموالا منقولة . والحق الشخصي يكون محله إما إعطاء شيء منقول أو عقار ، أو عملا ويدخل فيه تسليم منقول أو عقار ، أو امتناعا عن عمل .

وظاهر أن الحق الشخصي إذا كان محله إعطاءه شيء منقول ، أي التزاما بنقل ملكية منقول أو بنقل حق عيني عليه ، كالالتزام بنقل ملكية عشرة قناطير من القطن مثلا ، فإنه يعتبر مالا منقولا .

فإذا كان محل الحق الشخصي عقارا ، كالالتزام بنقل ملكية عقار في بيع غير مسجل ، فإن الحق يكون حقا شخصيا متعلقا بعقار ، ويكون $ 200 $ مالا منقولا . والقانون الفرنسي على غير هذا الحكم ، فعنده أن الحق الشخصي المتعلق بعقار يكون مالا عقاريا . والسبب في ذلك عدم صراحة النصوص في التقنين المدني الفرنسي ،فالمادة 526 مدني فرنسي تجعل الحق العيني الواقع على عقار مالا عقاريا ، والمادة 529 مدني فرنسي تجعل الحق الشخصي المتعلق بمنقول مالا منقولا ، وقد أغفلت هذه النصوص الحق الشخصي المتعلق بعقار فاففتح باب الاجتهاد فيه ، والرأي السائد هناك أنه مال عقاري ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 109 – ديمولومب 9 فقرة 372 - فقرة 376 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 84 ص 96 . &%$ ) . أما التقنين المدني المصري فنصوصه أكثر صراحة ، إذ هو قد اعتبر في المادة 83 / 1 مدني الحق العيني الواقع على عقار مالا عقاريا ، واعتبر في المادة 83 / 2 مدني ما عدا ذلك من الحقوق – ويدخل فيها الحق الشخصي سواء تعلق بمنقول أو بعقار - مالا منقولا( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 86 - وكان مقتضي أن يكون الحق الشخصي المتعلق بعقار مالا منقولا أ ، تكون الدعوى المتعلقة بهذا الحق هي أيضا دعوى منقولة لا دعوى عقارية ، فتكون إذن من اختصاص محكمة المدعي عليه لا من اختصاص محكمة العقار . ومع ذلك فإن المادة 56 / 2 مرافعات تنص على ما يأتي : " وفي الدعاوى الشخصية العقارية يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو موطن المدعي عليه " . وكان الواجب أن تكون الدعوى ، وهي منقولة ، من اختصاص محكمة المدعي عليه وحدها ( انظر في هذا المعنى محمد علي عرفة فقرة 87 ) . ولكن نصوص تقنين المرافعات لم تنسق مع نصوص التقنين المدني ، فوقع هذا التناقض .&%$ ) . ويكثر في القانون المصري أن يوجد الحق الشخصي المتعلق بعقار ، وخير مثال له الالتزام بنقل ملكية العقار المتولد عن عقد البيع غير المسجل . ففي هذا المثال يكون الالتزام مالا منقولا دون شك ، وذلك بالرغم من أن الالتزام إذا نفذ بتسجيل عقد البيع فإن المشتري يؤول إليه حق ملكية على عقار أي حق عقاري( $%&[1] ) أما في فرنسا فيندر أن يوجد مثل لحق شخصي يتعلق بعقار ، لأن البيع غير المسجل هناك ينقل ملكية العقار المعين بالذات في الحال فيما بين المتعاقدين ، فلا تكون هناك فترة من الوقت يقوم فيها الحق الشخصي المتعلق بالعقار حتى يقال إن هذا الحق الشخصي يعتبر مالا عقاريا وذلك قبل انتقال الملكية . فلا يبقى إلا أن نفترض أن التزاما بنقل ملكية عقار نشأ دون أن تنتقل الملكية في الحال ، كما لو باع شخص ألف متر من أرض ذات مساحة أوسع . فلا تنتقل الملكية في هذه الحالة إلا بعد فرز الأرض المبيعة ، وقبل ذلك يقوم التزام بنقل ملكية عقار دون أن تنتقل الملكية . ويكون هذا الالتزام في فرنسا مالا عقاريا ، أما في مصر فقد رأينا أنه يعتبر مالا منقولا .&%$ ) .

 $ 201 $ والحق الشخصي إذا كان محله تسليم شيء فإنه يكون مالا منقولا ، حتى لو كان الشيء الواجب تسليم عقارا ، ومن باب أولى لو كان هذا الشيء منقولا . فالمستأجر لعقار أو لمنقول ، حقه الشخصي قبل المؤجر في تسلم العين المؤجرة يعتبر حقا منقولا .

وإذا كان محل الحق الشخصي عملا كان الحق منقولا ، حتى لو كان مال هذا العمل أن يخلص لصاحب الحق ملكية عقار . فالمقاول الذي يلتزم ببناء منزل قد التزم بعمل ، فيكون هذا الالتزام مالا منقولا ، ولو أن تنفيذ الالتزام يؤدي إلي قيام منزل وهو عقار تخلص ملكيته لرب العمل( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 94 ص 97 .&%$ ) .

وإذا كان محل الحق الشخصي امتناعا عن عمل ، كحق صاحب المتجر في عدم منافسة البائع له ، كان هذا الحق هو أيضاً منقولا .

109 - الإيرادات المؤبدة المؤقتة : تقدم بحث الإيرادات المؤبدة أو الدخل الدائم في الجزء الخامس من الوسيط( $%&[1] ) فقرة 319 وما بعدها .&%$ ) . ورأينا أن الصورة الغالبة في الدخل الدائم هي ما تعقده الدولة من قروض داخلية ، فتعقد الدولة قرضا في صورة سندات تصدرها متساوية في قيمها الاسمية . فيكتتب المقرض في السند ، ويقرض الدولة القيمة الاسمية لهذا السند على أن يتقاضى منها دخلا سنويا هو الفائدة التي تحدد الدولة سعرها .

وسبق أيضاً أن بحثنا الإيراد المؤقت أو المرتب مدى الحياة في الجزء السابع من الوسيط( $%&[1] ) فقرة 516 وما بعدها .&%$ ) . ورأينا أنه يجوز للشخص أن يلتزم بأن يؤدي إلي شخص آخر مرتبا دوريا مدى الحياة بعوض أو بغير عوض ، ويكون هذا الالتزام بعقد أو بوصية . ورأينا كذلك أن المرتب مدى الحياة ، على خلاف المرتب الدائم ، لا يبقى إلا مدى حياة من رتب الإيراد على حياته ، فإذا مات هذا انقضى المرتب . وفي جميع الأحوال يكون المستحق للمرتب دائنا للملتزم بالمرتب بحق شخصي ، محله عادة مبلغ من النقود .

وهذه المسائل قد سبق بحثها بالتفصيل ، فلا نعيد بحثها هنا . وإنما أشرنا . $ 202 $ إليها هذه الإشارة الموجزة لنقرر أن الحق الشخصي الثابت لصاحب الدخل الدائم ، أو الثابت المستحق للمرتب مدى الحياة ، إنما هو مال منقول ، شأنه في ذلك شأن سائر الحقوق الشخصية .

وهذه المسألة على وضوحها لم تكن على هذا القدر من البساطة في القانون الفرنسي القديم ، فقد كان هذا القانون يعتبر الدخل الدائم مالا عقاريا لأهميته ، إذ كنت صفة العقار أو المنقول تتوقف في بعض الحالات على أهمية المال( $%&[1] ) بلانيول وريبر وبيكار 3 فقرة 113 .&%$ ) . فأراد التقنين المدني الفرنسي أن يرد الأمور إلي وضعها الصحيح ، وأن يعتبر كل إيراد ، سواء كان دائما أو مرتبا مدى الحياة ، مالا منقولا . فنص صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 529 منه على أن " يعتبر أيضا منقولا ، حكم تعيين القانون ، الإيرادات الدائمة والإيرادات مدى الحياة ، سواء كانت مستحقة على الدولة أو على الأفراد " .

110 - الأسهم والحصص في الشركات : نصيب الشريك في شركات الأموال ( الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم ) يحسب بالأسهم ( actions ) ، أما نصيب الشريك في شركات الأشخاص ( شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة والشركات ذات المسئولية المحدودة والشركات المدنية ) فيحسب بالحصص ( interrets ) .

ولو لم تكن الشركة شخصا معنويا ، لكان مالها مملوكا مباشرة للشركاء ، ولكان للشريك حق ملكية في الشيوع على هذا المال بقدر نصيبه . ولكان يترتب على ذلك أن حق الملكية هذا وهو حق عيني إذا وقع على منقول للشركة يكون مالا منقولا ، أو وقع على عقار يكون مالا عقاريا . وتكون النتيجة المترتبة على ذلك أن الأسهم والحصص تكون أموالا منقولة أو أموالا عقارية بحسب طبيعة مال الشركة ، فما وقع منها على منقول يكون منقولا ، وما وقع منها على عقار يكون عقارا ( $%&[1] ) وهذا هو الحكم في شركات المحاصة ، إذ ليست لهذه الشركات شخصية معنوية ، فيعتبر مال الشركة ، عقارا كان أو منقولا ، مملوكا مباشرة للشركاء .&%$ ) .

ولكن الشركات جميعا ، التجارية والمدنية ، لها شخصية معنوية مستقلة . $ 203 $ عن شخصية الشركاء ، وهذه الشخصية من شأنها أن تغير من طبيعة الأسهم والحصص . ذلك أن مال الشركة لا يكون مملوكا للشركاء ، وإنما يملكه ذلك الشخص المعنوي الذي تتمثل فيه الشركة ، ويكون بالنسبة إلي الشركة عقارا أو منقولا بحسب طبيعته على التفصيل الذي بسطناه فيما تقدم . أما الشركاء فليس لهم حق ملكية على مال الشركة ، وإنما يملكون أسهما أو حصصا تمثل أنصبتهم في أرباح الشركة في خسائرها مادامت الشركة قائمة ، وتمثل أنصبتهم في مال الشركة بعد حلها وصيرورة هذا المال مملوكا مباشرة للشركاء . وهذه الأسهم والحصص ليست إلا حقوقا شخصية للشريك قبل الشركة ، ومادامت حقوقا شخصية فهي أموال منقولة ، حتى لو كانت أموال الشركة كلها أموالا عقارية .

ويترتب على أن السهم أو الحصة في الشركة هو حق شخصي منقول نتائج نذكر منها :

1 - أن صاحب السهم أو الحصة إذا تصرف فيه ، فإنما هو يتصرف في منقول لا في عقار . ويراعى ذلك في تحديد أهليته للتصرف ، أو في تحديد مدى ولايته إذا كان ولينا على صاحب السهم أو الحصة .

2 - تتم هبة الأسهم والحصص بالقبض ، دون حاجة إلي ورقة رسمية ، لأن الأسهم والحصص أموال منقولة لا أموال عقارية .

3 - يستطيع الولي أن يشترى أسهما أو حصصا من شركات يكون فيها محجوزة شريكا ، دون أن يعتبر متعاقدا مع محجوزة بما يستتبع ذلك من إجراءات قررها القانون ، لأنه إنما يتعاقد مع الشركة لا مع المحجور .

4 - الأسهم والحصص لا يحجز عليها حجز العقار ولو كانت أموال الشركة عقارا ، وإنما يحجز عليها حجز ما للمدين لدى الغير ، أو حجز المنقول إذا كانت لحاملها .

5 - إذا أوصى شخص لشخص آخر بمنقولاته ، دخل في هذه المنقولات ما عسى أن يكون للموصى من أسهم وحصص في الشركات .

6 - إذا كان في مال الشركة عقار ، لم يحجز للشريك أن يرهنه رهنا رسميا كما لا يجوز لدائنه أن يأخذ عليه حق اختصاص . والشركة وحدها هي التي تستطيع رهن العقار ويستطيع دائنها أن يأخذ على العقار حق اختصاص ، لأن $ 204 $ العقار مملوك للشركة لا للشريك . وليس للشريك إلا حق شخصي منقول ، لا يجوز رهنه رهنا رسميا ولا يجوز أخذ حق اختصاص عليه( $%&[1] ) انظر في هذه النتائج بودري وشوفو فقرة 137 – فقرة 138 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 115 .&%$ ) .

111 - المتاجر : يعتبر المتجر ( fonds de commerce ) مجموعة من المال ( universalité ) تشتمل على عناصر مختلفة ، منها المادي كالبضائع والأثاث والمهمات ، ومنه غير الماد كالحق في الإيجار وحق الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والاسم التجاري والعلامة التجارية وبراءات الاختراع . ومجموع هذا كله ، ويشمل ملكيات غير مادية من صناعية وأدبية وفنية ، يمكن أن يطلق عليه الملكية التجارية .

وقد اعتبر الفقه والقضاء في فرنسا ، قبل صدور قانوني أول مارس سنة 1898 و 17 مارس سنة 1909 ، أن المتجر وحدة قائمة بذاتها ، مستقلة عن عناصرها المادية وغير المادية ، وتفنى فيها هذه العناصر حتى ليصبح المتجر مالا ذا كيان مستقل ، وهو مال منقول غير مادي( $%&[1] ) ريبير في القانون التجاري فقرة 452 وما بعدها – إسكارا في القانون التجاري فقرة 249 وما بعدها – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 109 ص 111 – ص 112 – نقض فرنسي 13 مارس سنة 1888 داللوز 88 – 1 – 351 – باريس 7 أغسطس سنة 1897 داللوز 98 – 2 – 437 – 2 نوفمبر سنة 1898 داللوز 99 – 2 – 196 – 23 مايو سنة 1901 داللوز 1903 – 20 – 97 .&%$ ) . فأجازا بيع المتجر في مجموعه بما يشتمل عليه من عناصر ، كما أجازا رهنه على هذا النحو . ثم أتت تشريعات أول مارس سنة 1898 و 17مارس سنة 1909 تؤكد هذا المعنى .

وفي مصر صدر قانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها ، وهو يجيز كما في فرنسا بيع المتجر ورهنه ، تيسيراً للائتمان التجاري والصناعي . وقد جاء في المذكرة التفسيرية لهذا القانون : " ولئن ساغ أن يخضع المحل التجاري لنفس الأحكام التي تسري على الأموال المنقولة الأخرى قبل أن تبدو في البلاد بوادر نهضتها التجارية والصناعية ، فإن الظروف المتصلة بهذه النهضة قد اقتضت تغييراً كليا في الفكرة المعروفة عن المحل التجاري ، حيث أصبح يعتبر مجموعة قانونية تشمل عدا المقومات المادية مقومات غير $ 205 $ مادية لها المكان الأول في المعاملات ، وهي العنوان والاسم التجاري والحق في الإجارة والاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والرخص وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والرسوم والنماذج ، وما إلى ذلك من حقوق الملكية الصناعية والأدبية والفنية المرتبطة بالمحل . ولما كانت أحكام التشريع الحالي لا تساعد على نمو النهضة التجارية والصناعية ، وتقف حجر عثرة في سبيل التسليف الصناعي الذي يعتبر من أهم العوامل في نمو الصناعة ، بل هو من مقومات حياتها وازدهارها ، فقد رؤى ضرورة تعديل التشريع الحالي بما يكفل : ( 1 ) تنظيم حق امتياز البائع ودعوى الفسخ المترتبة على عدم دفع الثمن صيانة لحق البائع ، ومع المحافظة عل حقوق الدائنين الآخرين . ( 2 ) إباحة رهن المحل وما يشتمل عليه من مهمات وآلات رهنا تأمينيا تبقى معه في حيازة صاحبها ، اقتداء بما سارت عليه الشرائع الأجنبية الحديثة ( فرنسا – بلجيكا – اليونان ) . ويرمي المشروع المرافق إلى تحقيق هذين الغرضين " .

ونرى من ذلك أن المتجر في مصر ، كما هو في فرنسا ، يعتبر مجموعا يشتمل على عناصر مادية وعناصر غير مادية . ولما كان الحق هنا حقا عينيا يقع على مجموع من المال أي على شيء غير مادي ، فإنه يصبح مالا منقولا . ذلك أن المال العقاري يجب أن يكون حقا عينيا يقع على عقار مادي ، وما عدا ذلك فهو منقول كما سبق القول . فالمتجر إذن يعتبر مالا منقولا غير مادي .

وهو كمنقول غير مادي لا يخضع للقاعدة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية ، لأن هذه القاعدة لا تخضع لها إلا المنقولات المادية . وهو أيضاً ، خلافا للمنقولات المادية ، يمكن رهنه دون أن تنتقل حيازته من مالكه إلى الدائن المرتهن . وهذه الخاصية من أهم خصائصه ، ومن أجلها بوجه خاص وضع تشريع سنة 1940 في مصر تيسيرا للائتمان التجاري والصناعي كما ورد في المذكرة التفسيرية على ما رأينا . ولكن المتجر ، كمنقول ، لا يجوز أن يتقرر عليه حقوق ارتفاق ولا تقبل في شأنه دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن ، فكل هذا لا يجوز إلا في العقار ( $%&[1] ) محسن شفيق 1 فقرة 583 – محمد علي عرفة 106 ص 125 .&%$ ) .

هذا ومع أن المتجر مجموع من المال ، إلا أن هذا المجموع لا يتمتع $ 206 $ بالشخصية المعنوية . فهو في ملك صاحبه كمجموع منقول غير مادي ، ولكنه لا يكوّن ذمة مالية مستقلة ، بل يدخل في عموم الذمة المالية لصاحب المتجر . ومن ثم فلجميع الدائنين الشخصيين لصاحب المتجر التنفيذ على المتجر ، حتى لو لم يكونوا دائنين للمتجر بالذات ( $%&[1] ) انظر في هذا لمعنى ريبيز في القانون التجاري فقرة 452 – إسكارا في القانون التجاري فقرة 250 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 108 ص 112 – وانظر معنى ذلك في أن للمتجر شخصية معنوية Aaléry في حوليات القانون التجاري سنة 1902 ص 209 – ص 301 – Papp في الطبيعة القانونية للمتجر رسالة من باريس سنة 1935 – Crémieu في المتجر كمجوعة قانونية في جملة المتاجر سنة 1935 ص 311 – تعليق شوفو في المتجر كذمة مالية بالتخصيص داللوز الأسبوعي سنة 1939 Chr . ص 97 .&%$ ) .

112 - الحقوق المالية التي ترد على الأشياء غير المادية : سنعرض بالتفصيل للأشياء غير المادية والحقوق التي ترد عليها ، وعندئذ نكيف حق المؤلف والفنان والمخترع ونحو ذلك لنرى أي نوع من الحقوق هو .

وأيا كانت طبيعة هذا الحق ، فإنه في جميع الأحوال يقع على شيء غير مادي ، ومن ثم يكون مالا منقولا ، شأنه في ذلك شأن المتجر فيما قدمناه . ذلك أنه حتى يكن عقارا يجب أن يكون حقا عينينا واقعا على عقار ، وهو لا يقع على عقار بل على شيء غير مادي كما قدمنا ، ومادام ليس عقارا فهو إذن منقول ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 109 ص 113 – محمد علي عرفة : فقرة 104 ص 123 .&%$ ) .

ويؤيد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمادة 83 مدني ، فقد جاء فيها ما يأتي : " يعتبر مالا منقولا جميع الحقوق والدعاوى العينية والشخصية المتعلقة بشيء منقول بما في ذلك حق ملكية المنقول ، والحقوق الشخصية المتعلقة بعقار ، والحقوق المتعلقة بشيء غير مادي أي حقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية وما شابهها " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 470 – ص 471 .&%$ ) .

113 - الدعاوى المنقولة – دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع – دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن : أما الدعاوى المنقولة فهي الدعاوى غير المتعلقة بحق عيني على عقار ، ذلك أن الدعاوى المتعلقة بحق $ 207 $ عيني على عقار هي دعاوى عقارية كما قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 104&%$ ) ، فكل ما عداها تكون دعاوى منقولة .

فالدعوى المتعلقة بحق عيني على منقول ، بما في ذلك حق الملكية ، تكون دعوى منقولة . وعلى ذلك تكون دعوى منقولة دعوى الاستحقاق للمنقول ، ودعاوى حق الانتفاع وحق الاستعمال إذا كان الحق يعق على منقول . كذلك تكون دعاوى منقول دعوى رهن الحيازة على المنقول ، ودعوى حق الامتياز على المنقول .

والدعوى المتعلقة بحق شخصي ، سواء تعلق الحق بعقار أو بمنقول ، تكون دعوى منقولة . وعلى ذلك تكون دعوى مقولة دعوى الالتزام الشخصي بنقل ملكية أو بنقل حق عينين ، سواء تعلق ذلك بمنقول أو بعقار ، ودعوى الالتزام بتسليم منقول أو بتسليم عقار ، ودعوى الالتزام بعمل أو الالتزام بالامتناع عن عمل .

ومن أمثلة دعاوى الالتزام الشخصي بنقل ملكية عقار دعوى صحة التعاقد في بيع العقار ، فهذه تكون دعوى منقولة ولو أن البيع يقع على عقار . ذلك أن دعوى صحة التعاقد تقوم على الأساس القانوني الآتي : يتضمن التزام البائع بنقل الملكية التزاما بتمكين المشتري من تسجيل عقد البيع ، وهذا الالتزام الأخير يمكن تنفيذه عينا وتسمح طبيعته أن يقوم حكم القاضي فيه مقام التنفيذ العيني ( م 210مدني ) . فدعوى صحة التعاقد إذن هي دعوى يطلب فيها المشتري من البائع تنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع تنفيذا عينيا في عقد بيع صحيح نافذ ( $%&[1] ) الوسيط 4 فقرة 274ص 488 هامش 2 – وقد نص قانون تنظيم الشهر العقاري ( م 15 / 2 ) على أنه " يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية " . ويترتب على تسجيلها " أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى " .&%$ ) . وإذا كانت دعوى صحة التعاقد دعوى منقولة ، فمن باب أولى تكون دعوى صحة التوقيع دعوى منقولة . ذلك أن المشترى في دعوى التوقيع يقتصر على المطالبة بأن يقر البائع بأن ورقة البيع العرفية هي بإمضائه أو بختمه أو ببصمة أصبعة ( $%&[1] ) الوسيط 4 فقرة 275 ص 497 .&%$ ) ، فهي ليست بدعوى حق عيني على عقار ، $ 208 $ ومن ثم تكون دعوى منقولة . ويترتب على ذلك أن كلا من دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع تكون من اختصاص محكمة المدعى عليه ،لا من اختصاص محكمة العقار ( $%&[1] ) هذا وقد ورد في الوسيط 4 فقرة 274 ص 490 هامش 2 ما يأتي : " ودعوى صحة التعاقد دعوى شخصية عقارية ، فتكون من اختصاص المحكمة التي يقع فيها العقار كالدعاوى العينية ، أو المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه كالدعاوى الشخصية ( م 56 / 2 مرافعات – استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1945 م 58 ص 8 ) " . وقد جرينا في هذا القول على حكم تقنين المرافعات ( م 56 / 2 ) وعلى حكم القضاء قبل صدور التقنين المدني الجديد . والصحيح أنه بعد صدور التقنين المدني الجديد ، وهنو متعارض مع تقنين المرافعات كما قدمنا ، أصبحت دعوى صحة التعاقد من اختصاص محكمة المدعى عليه وحدها دون محكمة العقار ( انظر في هذا المعني محمد علي عرفة فقرة 88 ص 110 ) .&%$ ) .

وكذلك تعتبر دعوى منقولة دعوى تكملة الثمن بسبب الغين ، ولو أن المبيع يكون دائما في هذه الدعوى عقار مملوكا لغير كامل الأهلية . ذلك أن البائع في هذه الدعوى إنما يطالب بتكملة الثمن إلي أربعة أخماس القيمة الحقيقية للمبيع ، فهو يطالب بمبلغ من النقود ، ودعاوى المطالبة بمبالغ من النقود تكون دائما دعاوى منقولة ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 ص 92 – محمد على عرفة فقرة 89 .&%$ ) .

114 - دعاوى الفسخ والإبطال والرجوع : في هذه الدعاوى لا يطالب المدعى بحق شخصى ولا بحق عيني ، وإنما هو يطالب بفسخ عقد كبيع عقار لم يدفع فيه الثمن ، أو بإبطال عقد يقع على عقار بسبب نقص الأهلية أو عيب في الرضاء ، أو بالرجوع في عقد كالرجوع في عقد هبة عقار حين يمكن الرجوع . وقد ورد في شأن هذه الدعاوى نص غامض في التقنين المدني الفرنسي ، يقضي بأن " الدعاوى التي ترمى إلي استرداد عقار " ( les actions qui tendent a revendiquer un immeuble ) تكون دعاوى عقارية ( م 526 مدني فرنسي ) . ويفسر هذا النص في فرنسا بأن المقصود منه هو دعاوى الفسخ والإبطال والرجوع في عقود واقعة على عقار ( $%&[1] ) انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 95 ص 98 – ص 99 .&%$ ) .

أما في التقنين المدني المصري ، فهذه الدعاوى ليست دعاوى عقارية لأنها لا تتعلق بحق عيني واقع على عقار ، فلا مناص إذن من اعتبارها دعاوى $ 209 $ منقولة طبقا لنص المادة 83 / 2 مدني ( $%&[1] ) انظر فيس هذا المعني محمد علي عرفة فقرة 90 - وقارن محمد كامل مرسي 1 ص 91 وص 92 .&%$ ) . وإذا كان القضاء المصري قد تردد في عهد التقنين المدني القديم ( $%&[1] ) فقد قضت محكمة استئناف مصر ، في عهد التقنين المدني القديم ، بأن الدعوى التي يطلب فيها فسخ عقد بيع أو الحك بباقي الثمن هي دعوى عينية شخصية يجوز رفعها أمام المحكمة التي في دائرتها العقار المبيع ( استئناف . مصر 23 ابريل سنة 1923 المحاماة 4 رقم 92 ص 136 ) . وقضت محكمة استئناف أسيوط بأن الدعوى المقامة ببطلان عقد بيع عقار ما ومحو ما يترتب عليه من تسجيلات هي دعوى عينية يجب رفعها إلي المحكمة الكائن في دائرة اختصاصها محل العقار المذكور ( استئناف أسيوط 6 فبراير سنة 1940 المحاماة 20 رقم 433 ) . وقضت أيضا بأن الطلب ببطلان عقود البيع يستند إلي حقين ، أحدهما شخصي مستفاد من العقود المطلوب ببطلانها ، والثاني عيني أساسه الحق العيني الذي يسترده رافع الدعوى كنتيجة لانحلال تلك العقود ( استئناف أسيوط 26 مايو سنة 1949 المحاماة 28 رقم 305 ص 633 ) .&%$ ) . فلا مجال للتردد في ظل التقنين المدني الجديد ، ففيه نص صريح يقضي بأن جميع الدعاوى التي لا يطالب فيها بحق عيني على عقار تكون دعاوى منقولة ( م 83 / 2 مدني ) .

المبحث الثاني

الحق العيني

المطلب الأول

خصائص الحق العيني

115 - خصائص الحق العيني ترجع إلي أن هذا الحق هو سلطة مباشرة للشخص على شيء معين : قدمنا أن الحق العيني هو سلطة مباشرة للشخص على شيء معين ، ومن هذا الوضع نستمد أهم خصائص الحق العيني :

1 - فلأن الحق العيني هو سلطة مباشرة للشخص على شيء معين ، كان محل الحق العيني هو البارز في حين أن المدين بالحق العيني يختفي .

2 - ولأن الحق سلطة على الشيء ، أمكن لصاحبه التخلي عن الشيء وإذا أراد التخلص من الالتزامات العينية الواجبة عليه بحكم ملكيته للشيء .

 $ 210 $ 3 - ولأن الحق سلطة على الشيء ، أمكن أن تقوم الحيازة المادية في الحقوق العينية .

4 - وهذه السلطة على الشيء تمكن صاحب الحق العيني من تتبعه في أي يد كان الشيء .

5 - وكذلك تمكن هذه السلطة صاحب الحق العيني من التقدم على غيره في الشيء محل الحق .

ونستعرض تباعا هذه الخصائص الخمس ، وهي من أهم خصائص الحق العيني .

116 - محل الحق العيني هو البارز أما المدين بالحق فيختفي : سبق أن قررنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 99 .&%$ ) أن " المهم في الحق العيني ليس هو تعيين المدين ، إذ لا مدين في الحق العيني كما قدمنا ، بل هو تعيين الشيء محل الحق إذ لا يمكن أن يترتب حق عيني إلا على شيء معين بالذات . أما المهم في الحق الشخصي فليس تعيين الشيء محل الحق إذ يجوز أن يتعلق الحق الشخصي بشيء غير معين إذا كان قابلا للتعيين ، وإنما المهم في الحق الشخصي هو تعيين المدين إذ لا يقوم حق شخصي إلا بمدين يترتب على ذمته الالتزام " . ولما كان تعيين المحل هو أمر جوهري في الحق العيني ، فإنه لا يتصور قيام حق عيني دون أن يتعين محله ومن ثم لا يمكن أن نتصور مالكا لشيء مستقبل ، أو لشيء غير معين بالذات على أن يعين فيما بعد . وكل ما يمكن تصوره في هذا الصدد أن يكون الشخصي دائنا – لا مالكا – بشيء مستقبل أو بشيء غير معين بالذات وإنما المهم أن يكون المدين هو المعين بالذات ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 43 - كاربونييه ص 36 .&%$ ) ، وهذا على خلاف الحق العيني فيما قدمناه كذلك يختلط الحق العيني بمحله المعين بالذات ، ويشاركه في قيامه كيانا مستقلا واجب الاحترام على الناس كافة ، فهو حق مطلق يحتج به على الجميع ( erga omnes ) . وهذا بخلاف الحق الشخصي فهو حق نسبي إذ هو رابطة بين شخصين ، فلا يحتج به في الأصل إلا على هذين الشخصين ( $%&[1] ) كاربونييه ص 36 .&%$ ) . $ 211 $

117 - التخلي عن الشيء في الحق العيني : وإذا أصبح صاحب الحق العيني ملتزما بالتزامات عينية بسبب هذا الحق العيني ، فإنه يستطيع التخلي ( deguerpissement, delaissement ) عن حقه فيتخلص بذلك من هذه الالتزامات العينية ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 100 .&%$ ) ، في حين أن هذه الالتزامات العينية لو كانت التزامات شخصية لم يكن يستطيع أن يتخلص منها حتى بالتخلي . ذلك أن الالتزام الشخصي رابطة فيما بين شخصين ، فالمدين لا يستطيع أن يتخلص من هذه الرابطة إلا برضاء الدائن ولو تخلى عن الشيء الذي يتعلق به الالتزام الشخصي . أما الحق العيني فسلطة للشخص على الشيء ، فيجوز لصاحب هذه السلطة أن يتخلى عنها بإرادته وحده ، ومتى تخلى عنها فقد زال سبب وجوب الالتزامات العينية ، ومن ثم يتخلص منها( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 46 .&%$ ) كما سبق القول .

118 - الحيازة في الحق العيني : والحق العيني قابل للحيازة المادية ، وبخاصة حق الملكية ، إذ يحوز صاحب الحق الشيء محل الحق حيازة مادية على الشيء . ومن أجل ذلك أمكن أن يتملك الشخص الحق العيني بالتقادم ، فإن هذا الحق قابل للحيازة المادية ، فمتى انقضت المدة اللازمة للتقادم كسب أمكن تصورها ، فانها تتصور على نحو آخر غير النحو الذي تتصور عليه حيازة مادية حقيقية ، بل بموجب أن يظهر الشخص مظهر صاحب الحق الشخصي فيستعمله كما لو كان هو صاحبه حقيقة . ومن ثم لا يمتلك الحق الشخصي بالتقادم ، فإن التقادم يقتضى حيازة مادية( $%&[1] ) انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 47 - وقد سبق لنا تعليل عدم إمكان كسب الحق الشخصي بالتقادم تعليلا آخر في الجزء الأول من الوسيط ، فقلنا : " ويلاحظ كذلك أن الحق العيني يكسب بالتقادم ، أما الحق الشخصي فلا . والسبب في ذلك لا يرجع إلي أن الحيازة ، وهي التي يستند إليها التقادم المكسب ، ترد على الحق الشخصي ، فالحيازة ترد على كل من الحقين ( قارن نظرية العقد للمؤلف ص 7 وهامش رقم 1 ) . ونرى أنه لا يوجد سبب تمنع من كسب الحق الشخصي بالتقادم . ولكن لما كان ذلك لا تتحقق فائدته العملية إلا نادرا ، فقد أغلته الصناعة القانونية . وهي لم تغفل في الوقت ذاته ما ظهرت الحاجة اليه من ذلك ، كما نرى في نظرية الوارث الظاهر وفي الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين في حيازته " ( الوسيط 1 طبعة أولى فقرة 6 ص 106 هامش 1 ) .&%$ ) . $ 212 $

119 - التتبع في الحق العيني : صاحب الحق العيني يتتبعه ، ليس في يد المالك فحسب ، بل أيضا في يد أي شخص آخر انتقلت إليه الملكية من المالك ، وهذا ما يسمي بحق التتبع ( droit de suite ) .

ففيما يتعلق بالحقوق العينية الأصلية ، لا يتصور أن يتتبع حق الملكية في يد من انتقل إليه هذا الحق ، إلا إذا قيل إن حق التتبع يستعمل هنا إذا انتقلت حيازة الشيء ، لا ملكيته ، فعند ذلك يستعمل المالك حق تتبعه تحت يد من انتقلت إليه الحيازة ( $%&[1] ) انظر في هذا المعني كاربونييه ص 36 - ص 37 .&%$ ) . ولكن استرداد المالك الشيء من تحت يد الحائز ليس في الواقع من الأمر استعمالا لحق التتبع ، بل هو استعمال مباشر لحق المكية ذاته في صورة دعوى الاستحقاق المألوفة . وإنما يظهر حق التتبع فيما عدا حق الملكية من الحقوق العينية الأصلية ، كحق الانتفاع وحق الارتفاق . فإذا كان لشخص حق انتفاع أو حق ارتفاق ، فإنه يستطيع أن يستغل حقه العيني ، لا تحت يد مالك العين فحسب أي مالك الرقبة أو مالك العقار المرتفق به ، بل أيضا تحت يد من تنتقل إليه ملكية العين من هذين . فيتتبع صاحب حق الانتفاع أو حق الارتفاق حقه تحت يد مشتري العقار المرتفق به في حالة حق الارتفاق .

ويظهر حق التتبع في وضوح أكبر في الحقوق العينية التبعية كحق الرهن وحق الامتياز . فالدائن المرتهن أو ذو الحق الممتاز يستطيع أن ينفذ على العين المرهونة أو العين محل الامتياز ، ليس فحسب وهي تحت يد المالك الجديد . فهو يتتبع العين تحت يد أي شخص انتقلت إليها ملكيتها ، في حين أنه لو كان دائنا عاديا لا رهن له ولا امتياز لما أمكنه أن يتتبع العين إذا خرجت من ملكية صاحبها ، إذ تكون بذلك قد خرجت من ملكية المدين ، أي خرجت من الضمان العام للدائن .

 $ 213 $ 120 - التقدم في الحق العيني : وصاحب الحق العيني بتقدم بحقه على من عداه من أصحاب الحقوق العينية ممن هم أنزل منه مرتبة وعلى أصحاب الحقوق الشخصية إطلاقا ، وهذا ما يسمي بحق التقدم ( droit de preference ) . فإذا ما اشتري شخص من شخص آخر عينا وأعسر البائع ، فإن المشتري وهو مالك العين أي صاحب حق عيني عليها يستأثر بالعين وحده ويستردها ، متقدما في ذلك على دائني البائع الشخصين ممن ليس لهم حق عيني على العين المبيعة ، إذ خرجت العين بالبيع من ضمانهم العام( $%&[1] ) كاربونييه ص 37 - وقارن إسماعيل غانم في رسالته في الذمة المالية ص 96 - ص 97 ويورد المثل الآتي في استعمال المالك لحق التقدم : ببيع العين غير مالكها ، ويملكها المشتري إما بالتقادم القصير في العقار ، أو بالحيازة في المنقول ، أو يكون البائع هو الوارث الظاهر . فيتقدم المالك الحقيقي في هذه الأحوال على سائر دائني البائع في الثمن الذي يكون في ذمة المشتري ( إسماعيل غانم في الذمة المالية ص 97 ) . وقد رد على ذلك بأن المالك هنا لا يباشر حق التقدم ، وإنما الثمن قد حل محل العين حلولا عينيا ، وبدلا من أن يسترد المالك العين ذاتها يسترد الثمن الذي حل محلها .&%$ ) . وإذا ترتب لشخص حق انتفاع على عقار مملوك لغيره ، وبعد تسجيل هذا الحق رتب مالك العقار حق انتفاع آخر أو حق اراتفاع على العقار ، فإن صاحب حق الانتفاع الأول بتقدم على صاحب حق الانتفاع الثاني أو على صاحب حق الارتفاق لأنهما أنزل منه في المرتبة .

ويظهر حق التقدم ، كما يظهر حق التتبع ، في وضوح أكبر في الحقوق العينية التبعية . فالدائن المرتهن يتقدم ، في التنفيذ على العين المرهونة وهى في يد الراهن ، على أي دائن شخصي للراهن وعلى أي دائن ذي حق عيني تبعي ( دائن مرتهن آخر أو دائن له حق امتياز ) متأخر عنه في المرتبة . فإذا انتقلت العين المرهونة من ملكية راهنها إلي ملكية شخص آخر ، وعليها عدة رهون متوالية ، فإن الدائن المرتهن الأول يستعمل أولا حق التتبع للتنفيذ على العين وهي في يد المالك الجديد على النحو الذي قدمناه ، ثم يستعمل حق التقدم فيتقاضى حقه من العين المرهونة قبل الدائنين المرتهنين المتأخرين عنه في المرتبة . $ 214 $

المطلب الثاني

الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر

تقسيمها ومفردات كل قسم

121 - خلاف في فرنسا فيما إذا كانت الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر : هناك خلاف في الرأي في فرنسا ، فبعض الفقهاء يذهب إلي أن الحقوق العينية غير مذكورة على سبيل الحصر وأنه يمكن إنشاء حقوق عينية أخرى غير التي ذكرها القانون بموجب اتفاق خاص ، وبعض آخر يذهب إلي العكس من ذلك ويقول إن الحقوق العينية المبينة في القانون مذكورة على سبيل الحصر فلا يمكن إنشاء حقوق عينية أخرى غيرها باتفاق خاص . ويلاحظ أن القائلين بأن الحقوق العينية غير مذكورة على سبيل الحصر يوردون على رأيهم هذا من التحفظات ما يجعل النتيجة العملية لهذا الرأي جد محدودة ، فيقتربون كثيرا من الرأي القائل بأن الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر .

122 - الرأي الأول في فرنسا – الحقوق العينية غير مذكورة على سبيل الحصر : يذهب هذا الرأي إلي أن الحقوق العينية التي ذكرها القانون ليست هي كل الحقوق العينية الممكنة ، بل إنه يمكن إنشاء حقوق عينية أخرى باتفاقات خاصة ، كما يمكن باتفاقات خاصة كذلك إدخال تعديلات على الحقوق العينية التي ذكرها القانون( $%&[1] ) والفقه الايطالي يذهب إلي هذا الرأي ( franchetti : Archivio giuridico vol . VII P .P .201 - 232,369 - 408 )&%$ ) . وكل هذا إنما يكون في حدود النظام العام والآداب . فلا يجوز بوجه خاص إعادة الحقوق العينية التي كانت سائدة في العهود الإقطاعية ، فهذه قد قضت عليها الثورة الفرنسية إلي غير رجعة ، والاتفاق على إعادتها يعتبر مخالفا للنظام العام( $%&[1] ) ومن الفقهاء الذين يقولون بهذا الرأي بودري وشوفو فقرة 193 - بلانيول ويبير وبيكار 3 فقرة 48 – بنكاز 5 فقرة 97 ص 177 وما بعدها – مارتي ورينو فقرة 8 – جني في ؟ التعليم العالي البورجونية سنة 1897 ص 184 – ص 188 – ريبير في استعمال حق الملكية رسالة من إكس سنة 1902 ص 178 – برسيرو وتالير في الإفلاس 1 ص 114 .&%$ ) . $ 215 $ على أن القائلين بهذا الرأي يحددون كثيرا من إطلاق رأيهم بما يبدو من تحفظات . فيذكرون أنه يتعذر الاتفاق على إنشاء حق عيني جديد يكون مستحدثا استحداثا تاما ، ولا صلة له بحق عيني معروف من قبل . ذلك أن الحق العيني من شأنه أن يحتج به على الكافة ، فلابد من شهرة لتكون له هذه الحجية . فإذا كان الحق العيني مستحدثا استحداثا تاما ، تعذر شهره من الناحية العملية . لذلك لا يتوقع إنشاء حقوق عينية جديدة ، وكل ما يمكن وقوعه هو أن يدخل الاتفاق شيئا من التحوير على الحقوق العينية المعروفة ، فيتفق المتعاقدان على توسيع حق عيني معروف أو على تضييقه( $%&[1] ) انظر في هذا المعني بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 48 ص 55 – مارتي ورينو فقرة 8 .&%$ ) .

123 - الرأي الثاني في فرنسا – الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر :

ويذهب هذا الرأي إلي أن الحقوق العينية يعينها القانون ، ولا يمكن باتفاق خاص الزيادة عليها أو التعديل فيها( $%&[1] ) والفقه الألماني يذهب إلي هذا الرأي ( Endemann : lehrbnch des burgeriichm Rechts II, 1905 p .47 ) . وتنص المادة 2052 من التقنين المدني الأرجنتيني صراحة على أن الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر . ولعل المشروع الفرنسي الحديث قد أراد حسم هذا الخلاف ، عندما أصدر قانون أول يونيه سنة 1924 القاضي بسريان التشريع المدني الفرنسي على الألزاس واللورين ، إذ قرر أن الحقوق العينية العقارية هي وحدها التي ينص عليها القانون الفرنسي :

( les seuls droits reels immobiliers sont ceux que prevoit la francaise ) انظر السنهوري وحشمت أبو ستيت في أصول القانون سنة 1941 فقرة 384 ص 340 .&%$ ) . وذلك لسببين : أولهما أن الحق العيني بطبيعته حجة على الناس كافة ، فلا يجوز أن ينشئ الاتفاق ، وهو بطبيعته مقصور الحجية على طرفيه ، حقا عينيا يكون حجة على الكافة والسبب الثاني أن الحقوق العينية وعلى رأسها حق الملكية ، وكذلك تفريع حقوق عينية من حق الملكية ، سواء كانت حقوقا أصلية أو حقوقا تبعية ، كل هذا يعتبر من النظام العام إذ يقوم عليه الائتمان الاقتصادي القومي . فالقانون وحده هو الذي يحد ذلك ، ويحدد للملكية مداها ، ويضع لها قيودها ، ويفرع منها ما يري تفريعه من الحقوق العينية . ولا شأن لإرادة الأفراد في ذلك ، $ 216 $ وإذا سيطر سلطان الإرادة في منطقة العقود والحقوق الشخصية ، ففي الحقوق العينية لا سلطان للإرادة ، ولا مجال للاتفاقات الخاصة بين الأفراد( $%&[1] ) ومن الفقهاء الذين يقولون بهذا الرأي : أوبري ورو وبارتان 2 فقرة 172 ص 71 وهامش 1 ( رابعا ) – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2606 وفقرة 3788 – جوسران 1 فقرة 1337 – بيدان وفواران فقرة 70 – مازو 2 فقرة 1287 ص 1053 .&%$ ) .

124 - في مصر الإجماع منعقد على أن الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر : أما في مصر فالفقه مجمع على أن الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر ، فلا يجوز باتفاق خاص إنشاء حقوق أخرى غير التي ذكرها القانون( $%&[1] ) نقول إن الفقه في مصر قد انعقد إجماعه على أن الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر . إذ هو يذهب إلي أن الحقوق العينية كالحقوق الشخصية غير محصورة ، ويقول في هذا المعني : " والذي نراه هو أن الحقوق العينية ليست محصورة في القانون ، وأنه يجوز للعاقدين إنشاء حقوق عينية غير المذكورة فيه . وذلك أن الحق العيني سلطة تنصب مباشرة على مال . وقد تكون كاملة شاملة كحق الملكية ، وقد تكون محدودة أضيق من ذلك نطاقا . وليس ثمة ما يمنع من تجزئة تلك الآداب . أما القول بأن الحق العيني يفرض التزاما على الكافة باحترامه ، وأنه لا وجود لهذا الالتزام إلا في الصور التي ذكرها القانون ، فقول مردود لأنه يستند إلي التصور الشخصي للحق العيني وهو تصور غير سليم . ثم إن القانون قد أوجب حماية حق الملكية ، والحقوق العينية الأخرى التي يمكن أن ينشئها الأفراد تكون حتما متفرغة منه . والحماية المقررة للكل تنسحب بداهة على كل جزء من أجزاء هذا الكل ، وهكذا تكون الحقوق الفرعية واجبة الاحترام ... " ( عبد المعطي خيال في الأموال – لم يتم – رقم 95 ص 82 – ص 83 ) .&%$ ) . ويورد الفقه المصري الحجج الآتية للتدليل على صحة ما ذهب إليه :

أولا – لمس المشرع المصري ، في التقنين المدني القديم ، العيوب التي تشوب نص التقنين المدني الفرنسي ، فأراد تلافيها . ومن ثم أكمل تعداد الحقوق العينية في نص المادة 5 / 19 ، وصدر هذه المادة بعبارة توحي بأنه أراد أن يحسم الخلاف في هذا الشأن ، فقال : " تقبل الأموال أن يترتب عليها حقوق متنوعة بالنسبة للمنتفعين بها . وهذه الحقوق هي : أولا – حق الملكية . ثانيا – حق الانتفاع . ثالثا – حق الارتفاق بعقار الغير . رابعا – حق الامتياز وحق رهن العقار وحق اختصاص الدائن بعقار مدينه كله أو بعضه لحصوله $ 217 $ على دينه وحق الحبس " . ويقول الأستاذ محمد علي عرفة تعقيبا على ذلك : " ويكفي – في اعتقادنا – مجرد النظرة العابرة في صياغة النصوص ، لنخرج بنتيجة قاطعة هي أن الحقوق العينية قد وردت في تشريعنا على سبيل الحصر لا على سبيل المثال . وبالرغم من أن المشرع لم يورد في التقنين الجديد نصا مقابلا للمادتين 5 / 19 من القانون المدني القديم ، فليس ثمة ما يدعو إلي الاعتقاد بأنه أراد الخروج على الوضع القديم " ( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 18 ص 30 - ص 31 .&%$ ) .

ثانيا – أن الحق العيني ، خلافا للحق الشخصي ، يحتج به على الكافة ولا يقتصر أثره على طرفي التعاقد . ولا يمكن إخضاع الكافة لا تفاق ينشئ حقا عينيا لم ينص عليه القانون ، لأن هذا الاتفاق بطبيعته لا ينتج أثره لا بالنسبة إلي طرفيه( $%&[1] ) شفيق شحاتة فقرة 16 ص 30 - ويقول ردا على الأستاذ عبد المعطي خيال فيما سبق أن أوردناه عنه : " وقد قالوا أخيراً إن هذه الحقوق العينية يمكن الاحتجاج بها علي الغير لأنها متفرعة عن حق الملكية ، والغير مطالب أصلا باحترام حق الملكية ، فلأن يطالب باحترام الحقوق المتفرعة عنه أولى . وفي هذا الاستدلال مغالطة يجب الكشف عنها . إن الذي يطلب من الكافة هو احترام حق الملكية الذي يكون مقرراً لشخص معين على صورته الكاملة وإذا ما اقتطع جزء من هذا الحق لمصلحة شخص آخر ، وجب أن يتخذ هذا الاقتطاع صورة من الصور التي رسمها القانون . وذلك لأن الأجزاء المقتطعة ، متى أصبحت حقوقا مستقلة ، تكون هي الأخرى نافذة في حق الكافة ومقررة لأفراد معينين . ولن يطلب بعد ذلك من الكافة احترام حق الملكية إلا علي هذه الصورة المجزأة ، وباعتباره حقاً مبتوراً لاحقا كاملا . وإذا كان الأمر كذلك ، فكيف يقال إن الناس أجزاء من حق الملكية الواجب احترامه! إن احترام حق الملكية في هذه الصورة لا يقتضي منهم سوى عدم الاعتراف بالحقوق التي تولدت عنه ولم تكن نافذة في حقهم . هم مكلفون في هذه الصورة التي لم تصب في القالب القانوني الموضوع لها " ( شفيق شحاتة فقرة 16 ص 31 – ص 32 ) .&%$ ) .

ويأخذ بعض الفقهاء على هذه الحجة أن الحق الشخصي كالحق العيني فيما يتعلق بالاحتجاج به على الغير ، إذ يوجد في مقابل كل منهما واجب على الكافة باحترام الحق ، ولم يقل أحد إن إمكان الاحتجاج بالحق الشخصي على الكافة من شأنه أن يمنع الأفراد من الاتفاق على ما يشاؤون من حقوق شخصية( $%&[1] ) منصور مصطفي منصور في نظرية الحق ص 64 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 48 – جميل الشرقاوي في نظرية الحق ص 45 .&%$ ) . $ 218 $ ولكن هذا الاعتراض غير حاسم . فأصحاب الحجة المتقدمة لا يكتفون في إيراد حجتهم بالقول إن الحق العيني يحتج به على الكافة ، بل هم يضيفون إلي ذلك - وهذا هو الأهم - أن الاتفاق بطبيعته لا ينتج أثره إلا بالنسبة إلي طرفيه . فالاتفاق على إنشاء حق شخصي ، إذا اقتصر أثره على الدائن والمدين ، فلاضير من ذلك فإن الحق الشخصي رابطة شخصية مابين الطرفين ، فإذا لم تكن هذه الرابطة نافذة في حق الغير فليس على الغير احترامها . أما الاتفاق على إنشاء حق عيني جديد غير الحقوق التي ذكرها القانون ، فإنه اتفاق مقصور أثره على طرفي الاتفاق ، ومع ذلك يراد به أن ينشئ حقا يمتد أثره إلي الكافة سواء علمه الناس أو جهلوه . وإذا قيل إن الناس يفترض علمهم بالحق العيني إذ أن الاتفاق الذي أنشأ هذا الحق لا بد من تسجيله أو من قيده ، أمكنت الإجابة على ذلك بأن التسجيل أو القيد لا يرد إلا على الحقوق العينية الأصلية أو التبعية التي عرفها القانون وحددها .

ثالثا – أن ترتيب الحقوق العينية الأصلية والتبعية وتعيين آثارها أمر يتعلق بالنظام العام ، ومن ثم يكون الاتفاق على ترتيب حقوق عينية جديدة مخالفا للنظام العام فلا يجوز . ذلك أن بالنسبة إلي الحقوق الأصلية ، يعتبر الحق العيني المتفرع عن الملكية اقتطاعا لبعض سلطات المالك وتقريرها لشخص آخر ، وتجزئة السلطات على الشيء بين عدة أشخاص ليست من الأمور المرغوب فيها اقتصاديا إذ هي تؤدي إلي سوء استغلال الثروة . أما بالنسبة إلي الحقوق التبعية ، ويعنينا منها الرهن بنوعية فهو الذي ينشأ بالاتفاق ، فهذا قد وضع له المشرع قواعد للتوفيق بين مصلحة الدائن المرتهن ومصلحة الراهن ومصلحة الغير ، وكلها قيود تتعلق بالنظام العام ، إذ هي تمس الائتمان وهو دعامة النظام الاقتصادي( $%&[1] ) ويقول الأستاذ إسماعيل غانم في هذا الصدد : " فبالنسبة للحقوق الأصلية ، إن إنشاء حق عيني لم ينص عليه المشرع يعني اقتطاع بعض سلطات المالك وتقريرها لشخص آخر على وجه يختلف عما تتضمنه الحقوق العينية المتفرعة عن حق الملكية التي عني المشرع بالنص عليها . وتجزئة السلطات على الشيء بين عدة أشخاص ليست من الأمور المرغوب فيها اقتصاديا ، إذ هي تؤدي إلي إساءة استغلال الثروات . ولذلك نرى المشرع قد نظم الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية تنظيما من شأنه أن يقلل من هذا الخطر ... والاتفاق على إنشاء حق عيني جديد يؤدي إلي توزيع السلطات على الشيء على وجه يختلف عن الوجه الذي ارتضاه المشرع ، وهو بهذا الوصف اتفاق باطل لمخالفته للنظام العام – أما الحقوق العينية التبعية ، فلا يعنينا منها هنا ، ونحن بصدد بيان مدى حرية الأفراد في الاتفاق على إنشاء حقوق عينية لم ينص عليها القانون ، إلا حق الرهن بنوعية ، فهو وحده الذي ينشأ بالاتفاق . وقد رأينا أن المشرع قد وضع عدة قواعد لتنظيمه ترمى إلي التوفيق بين مصلحة الدائن المرتهن ومصلحة الراهن ومصلحة الغير وكلها تضع قيودا وشروطا متعلقة بالنظام العام ، إذ هي تمس الائتمان وهو دعامة النظام الاقتصادي القائم . ولذلك فإن الاتفاق على إنشاء حق عيني تبعى دون مراعاة هذه القيود أو الشروط اتفاق باطل ، لمخالفته للنظام العام " ( إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 48 – ص 49 ) .&%$ ) ، فيكون الاتفاق على إنشاء حق عيني تبعى دون مراعاة $ 219 $ هذه القيود اتفاقا باطلا لمخالفته للنظام العام( $%&[1] ) انظر في الفقه المصري وهو يقول بأن الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر : السنهوري وحشمت أبو ستيت في أصول القانون سنة 1941 فقرة 284 - محمد علي عرفة فقرة 16 - فقرة 21 - محمد كامل مرسي 1 فقرة 196 - شفيق شحاتة فقرة 16 - عبد المنعم البدراوي فقرة 4 - حسن كيرة فقرة 15ص 48 – ص 50 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 4– سليمان مرقس في المدخل للعلوم القانونية سنة 1952 فقرة 355 ص 495 - إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق سنة 1958 ص 47 – ص 50 – منصور مصطفي منصور في المدخل للعلوم القانونية سنة 1962 ص 63 – ص 66 – عبد الحي حجازي في نظرية الحق ص 69 – ص 70 – عبد الفتاح عبد الباقي ص 36 – أحمد سلامة في نظرية الحق ص 315 . &%$ ) .

والحق أن المشرع ، عندما نظم الحقوق العينية ، إنما نظمها حقا حقا ، وأحصاها إحصاء استقصاء لا إحصاء تمثيل . فهو قد اقتطع أولا من حق الملكية متفقا مع المصلحة العامة . فبدأ بحق الانتفاع ، وهو أوسع الحقوق العينية الأصلية بعد الملكية ، إذ جعل للمنتفع جميع حقوق المالك فيما عدا الرقبة ، ولكنه أراد تقييد هذا الحق حتى لا يختلط بالملكية ، فجعله موقوتا حتما بحياة المنتفع ، فإذا مات هذا رجع حق الانتفاع هذا ، فضيق فيه على إحدى صورتين . الصورة الأولى هي حق الاستعمال ، وهو حق الانتفاع منقوصا منه حق التصرف في الحق ، فلا يجوز لصاحب حق الاستعمال أن يستعمل الحق وجعله كحق الاستعمال لا يجوز النزول عنه ، وزاد في التضييق بأن جعل حق السكني مقصورا على عقار صالح للسكنى كما يستفاد من الاسم نفسه . ووقف المشرع عند ذلك فلم يجز أن يقتطع من حق الملكية ، باتفاق خاص بين $ 220 $ الأفراد ، حق انتفاع بالشيء دون أن يكون هذا الحق حق انتفاع أو حق استعمال أو حق سكني . ولو فعل ، لتعددت حقوق الانتفاع بالشيء إلي غير حصر ، وليس هذا في مصلحة نظام الملكية واستقرارها . ثم أورد المشرع حق الحكر ، وقد استقاه من الفقه الإسلامي ، وصاغة بحسب قواعده . وهو حق عيني معروف في مصر منذ القديم ، مارسته الناس في معاملاتهم فأصبح مألوفا . ومع ذلك فقد ضيق المشرع منه بقدر الاستطاعة ، وقصره من وقت العمل بالتقنين المدني الجديد على الأراضي الموقوفة ( م 1012 مدني ) . فلم يعد من الممكن ، باتفاق خاص ، بعد العمل بالتقنين الجديد ، إنشاء حق حكر على أرض غير موقوفة ، وهذا قاطع في أن الحقوق العينية إنما وردت على سبيل الحصر . وقد كان مشروع التقنين المدني الجديد ينظم حقا عينيا آخر قريبا من حق الحكر ، هو حق القرار( $%&[1] ) وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، تبريراً لاستحداث هذا الحق ، ما يأتي : " استحدث المشروع حق القرار لمواجهة حالة خاصة ، فقد يحتاج شخص للانتفاع بأ{ض مدة طويلة ، بيني فيها أو يغرس ، ولا يكفيه في ذلك أن يستأجر الأرض فإن حق المستأجر لا يكفل له القدر الكافي من الاستقرار . ولا يريد صاحب الأرض أن يحكرها ، فإن الحكر تصرف خطير لا يبرره إلا أن الأرض مخربة والحكر هو الوسيلة إلي استصلاحها . فيختار الطرفان عقد القرار ليكون وسطا بين الإيجار والحكر ، وليترتب للمنتفع بالأرض حق عيني لمدة طويلة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 560 هامش 1 ) .&%$ ) . وقد رأت لجنة مجلس الشيوخ ، وأقرها البرلمان على ما رأته ، أن تحذف حق القرار هذا( $%&[1] ) وجاء في محضر لجنة لمس الشيوخ في هذا الصدد ما يأتي : " تليت المواد الخاصة بحق القرار فاعترض عليها ، ورؤى أن حق القرار حق جديد على المصريين ، ولا يوجد ما يبرره في البيئة المصرية ، ويغني عنه حق الحكر والإيجار ... وبعد مناقشة رؤى حذف المواد الخاصة بحق القرار ، تفاديا من وضع أحكام مختلفة لصور متقاربة ، ولأن نظام الحكر في مصر يواجه بعض الحاجة والإجازة الطويلة بما تتضمنه من شروط تواجه الباقي . وإذا وجدت بعض مصلحة فهي يسيرة ، لا تتطلب استبقاء أحكام هذا الحق " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 560 هامش 1 ) .&%$ ) . أرأيت ، بعد أن حذف حق القرار من المشروع ، لو أن الأفراد أردوا أن ينشئوه باتفاقاتهم الخاصة ، أيجوز لهم ذلك؟ لا شك في أن هذا لا يجوز( $%&[1] ) قارن سليمان مرقس في المدخل للعلوم القانونية سنة 1952 فقرة 355 ص 495 هامش 1 .&%$ ) ، وهذا دليل آخر قاطع في أن الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر ، ولا يجوز باتفاق $ 221 $ خاص إنشاء حق عيني جديد . وتأتي بعد ذلك حقوق الارتفاق . وقد قضت المادة 1019 مدني بأن " تخضع حقوق الارتفاق للقواعد المقررة في سند إنشائها .. " ، فأعطى القانون للاتفاق مابين الأفراد هنا مجالا واسعا في تقرير حقوق الارتفاق وفي تحديد القواعد التي تخضع لها هذه الحقوق . ولعل هذا يستطاع إنشاء حقوق ارتفاق متنوعة غير محصورة بموجب اتفاق خاص .ومع ذلك فإن إنشاء حقوق ارتفاق ، ولا يجوز باتفاق خاص مخالفة هذه القواعد . وأول هذه القواعد أن حق الارتفاق حق يحد من منفعة عقار أن يتقرر حق ارتفاق لمصلحة شخص لا لمصلحة عقار ، وإلا كان هذا حق انتفاع ووجب خضوعه لقواعد حق الانتفاع ، وأهمها أن يكون حقا موقوتا حتما بحياة المنتفع . ومن القواعد الأساسية في حقوق الارتفاق أن " لمالك العقار المرتفق به أن يتحرر من الارتفاق كله أو بعضه إذا فقد الارتفاق كل منفعة للعقار المرتفق ، أو لم تبق له غير فائدة محددة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به " ( م 1029 مدني ) .

وكذلك فعل المشرع في الحقوق العينية التبعية ، فهذه أيضا نظمها وحصرها في حقوق معينة لا تجوز الزيادة عليها باتفاق خاص . فحق الاختصاص إنما يكون بحكم قضائي لا باتفاق ، وحقوق الامتياز إنما تنشئها نصوص قانونية ولا يجوز إنشاؤها باتفاق . بقي الرهن الرسمي ورهن الحيازة ، وهذان ينشآن باتفاق خاص ، ولكن على النحو الذي حدده القانون وبموجب القواعد التي وضعها لذلك . وكل هذا يعتبر من النظام العام ، لأنه ينظم الائتمان الاقتصادي ، فإذا حرم القانون مثلا أن يرد رهن الحيازة على عقار وقصر هذا الحق على المنقول ، لم يجز باتفاق خاص ترتيب رهن حيازة على العقار . وهذا دليل قاطع في أن الحقوق العينية التبعية إنما وردت على سبيل الحصر ، فلا يجوز باتفاق خاص إنشاء حق جديد . وقد حرم القانون فعلا بيع الوفاء ، لأنه كالعادة يستر رهنا ويخالف في الوقت ذاته أحكام الرهن ، فلا يجوز باتفاق $ 222 $ خاص العودة إلي بيع الوفاء ، وكل اتفاق على بيع وفائي يكون باطلا لمخالفته للنظام العام( $%&[1] ) وبعد أن جعل التقنين المدني الجديد الحق في الحبس دفعا ، وكان حقا عينيا في التقنين المدني القديم ، لا يجوز باتفاق خاص إعطاء صفة العينية لهذا الدفع .&%$ ) .

ومن ذلك يتبين في وضوح أن الحقوق العينية – أصلية كانت أو تبعية – قد ذكرها القانون على سبيل الحصر . فلا يجوز باتفاق خاص إنشاء حق عيني جديد ، ولا التعديل من أحكام الحقوق العينية الموجودة إذ أن هذه الأحكام تعتبر من النظام العام .

125 - تقسيم الحقوق العينية إلي أصلية وتبعية ومفردات كل قسم : ولما كانت الحقوق العينية مذكورة على سبيل الحصر على النحو الذي قدمناه ، لم يبق إذن إلا تعداد هذه الحقوق حقا حقا . وقبل ذلك تقسمها قسمين : حقوق عينية أصلية وحقوقا عينيا تبعية .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا التقسيم : " جمع المشروع في القسم الثاني منه الحقوق العينية الأصلية والتبعية ، ثم قسمها بين كتابين ، للأصلية كتاب وللتبعية كتاب آخر ، لأن لكل من هذين النوعين من الحقوق مميزات خاصة . فالحقوق الأصلية هو حق دائم لا يزول . أما الحقوق التبعية فلا تقوم بذاتها ، بل تستند في قيامها إلي حق شخصي تضمن وفاءه ، ومن أجل هذا دعيت بالتأمينات العينية . وهي حقوق مؤقتة تزول بزوال الدين الذي تكفله ، والديون لا يجوز تأييدها . وتتميز الحقوق التبعية أخيراً بأنها تخول صاحبها التقدم والتتبع ، وهذان لا يظهران في الحقوق الأصلية بالوضوح الذي نراه في الحقوق التبعية . على أن صفة العينية هي التي تجمع بين الحقوق الأصلية والحقوق التبعية . فهذه الحقوق جميعا تشترك في معنى واحد ، هو أن كل حق منها إذا حلل تكشف عن سلطة يعطيها القانون لشخص معين على شيء معين . وقد فصل التقنين الحالي ( القديم ) مابين الحقوق الأصلية ، فجعلها في الكتاب الأول بعد أن ضم لها تقسيم الأموال ، والحقوق $ 223 $ التبعية ، فجعلها في الكتاب الأخير بعنوان حقوق الدائنين بعد أن فصل عنها رهن الحيازة( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 3 .&%$ ) " .

ومفردات الحقوق العينية الأصلية هي أولا حق الملكية ، وهو الأصل وعنه تتفرع سائر الحقوق العينية الأصلية ، بل تتفرع عنه أيضا جميع الحقوق العينية التبعية . ويتفرع عن حق الملكية حقوق عينية أصلية خمسة : حق الانتفاع ، وحق الاستعمال ، وحق السكني ، وحق الارتفاق ، وحق الحكر( $%&[1] ) ويضاف إلي هذه الحقوق العينية الخمسة المذكورة في التقنين المدني الحقوق الثلاثة الآتية : 1 - حق المستحق في الوقف ، فهو حق عيني غير الحق الشخصي الذي له في تقاضي الغلة من الناظر ( انظر في هذا المعني استئناف مصر 29 فبراير سنة 1936 إلي المحاماة 16 رقم 337 ص 716 ) . وهو من مباحث الشريعة الإسلامية ، وقد ألغي على كل حال فيما عدا الوقف الخيري .

2 - الحق الذي يرد على الأشياء غير المادية ، كحق المؤلف وحق المخترع ، وقد تناولته تشريعات خاصة سنبحثها فيما يلي .

3 - حق استغلال المناجم والمحاجر ، وسنبحثه فيما يلي . وانظر في الحقوق العينية الأصلية وتبويبها في التقنين المدني القديم وعيوب هذا التبويب المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 4 .&%$ ) .

أما مفردات الحقوق العينية التبعية – أو التأمينات العينية – فهي حق الرهن الرسمي ، وحق الاختصاص ، وحق رهن الحيازة ، وحقوق الامتياز . فخصصنا الجزئين الثامن والتاسع للحقوق العينية الأصلية : أفردنا هذا الجزء الثامن لحق الملكية ، وسنفرد الجزء التاسع لأسباب كسب الملكية وللحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية . بقيت الحقوق العينية التبعية ومعها عقد الكفالة ، أي التأمينات الشخصية والعينية ، وسنخصص لها الجزء العاشر .

الفرع الثاني

الذمة المالية والحلول العيني

126 - معني الذمة المالية والحلول العيني : الذمة المالية هي ما للشخص وما عليه من أموال وديون منظورا إليها كلها كمجموع . وتشمل الأموال جميع الحقوق المالية ، ويدخل في ذلك الحقوق العينية والحقوق الشخصية التي $ 224 $ بسطناها فيما تقدم ، والحقوق المالية التي ترد على الأشياء غير المادية التي سنبسطها فيما يلي . فالذمة المالية تتصل إذن اتصالا وثيقا بالحقوق العينية والحقوق الشخصية التي سبق تفصيل القول فيها ، إذ هي تنتظم في مجموع واحد كل هذه الحقوق ، بل تنتظم أيضا كما قلنا الحقوق المالية التي ترد على الأشياء غير المادية وهي ما يدعى عادة بالملكية الأدبية والفنية والصناعية والتجارية .

وتتصل بالذمة المالية فكرة الحلول العيني . والحلول العيني معناه إجمالا أن يحل مال محل مال آخر في النظام القانوني الذي يخضع له هذا المال الآخر . الفكرتين اللتين تقوم عليهما الذمة المالية فيما سنرى ، وهما فكرة مجموع المال وفكرة تخصيص المال لغرض معين . ومن هنا أمكن أن تتصل نظرية الحلول العيني بنظرية الذمة المالية ، وقد عالج أو برى ورو النظريتين معا في مكان واحد ، وتبعهما الفقه الفرنسي في ذلك( $%&[1] ) ينتقد بعض الفقهاء ربط نظرية الحلول العيني بنظرية الذمة المالية ( حسن كيرة فقرة 41 ) ، ولكن أي مكان آخر لنظرية الحلول العيني هو أيضا محل للنظر . ومهما يكن من أمر فإن الاتصال ما بين نظرية الذمة المالية ونظرية الحلول العيني ، عن طريق فكرتي المجموع من المال والتخصيص ، يشفع في التمسك بالترتيب التقليدي .&%$ ) .

ونستعرض كلا من النظريتين .

المبحث الأول

الذمة المالية ( $%&[1] ) مراجع : أو برى ورو وإسمان 9 فقرة 573 – فقرة 583 – بيدان وفواران 4 ص 12 – ص 44 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 15 – فقرة 35 – كاربونييه ص 1 – ص 9 . رسائل وأبحاث : Jallu رسالة من باريس سنة 1902 – plastara رسالة من باريس سنة 1903 – Gazelles رسالة من باريس 1905 – Gazin رسالة من ديجون سنة 1910 – Rimpler رسالة من باريس سنة 1910 – Liborde - Lacoste رسالة من بوردو سنة 1916 – Gary رسالة من بوردو سنة 1931 – Merovach في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1936 ص 811 وما بعدها - إسماعيل غانم رسالة من باريس سنة 1951 ( طبعت في سنة 1957 ) .&%$ )

( Le patrimoine )

127 - النظرية التقليدية ونقدها : وضع النظرية التقليدية في الذمة $ 225 $ المالية الفقيهان المعروفان أوبرى ورو ، وقد وضعاها نظرية مجردة ( abstraite ) قامت على المنطق المحض . وكانت قوية في بنائها المنقي إلي درجة استرعت نظر الفقهاء في فرنسا ، وكسبت شهرة كبيرة في الفقه القانوني . ولكنها كانت ، وهي تقوم على المنطق المحض ، لا تبالي بما يعترض طريقها من قواعد قانونية وضعية تتعارض معها وتنقضها . لذلك كثر ناقدوها ، بل ووصل نقدها إلي حد محاولة هدمها من الأساس .

ونبدأ بعرض هذه النظرية التقليدية كما بسطها أوبرى ورو ، ثم تنتقل إلي ما قيل في نقدها .

المطلب الأول

النظرية التقليدية في الذمة المالية

128 - العناصر التي تتكون منها الذمة المالية : قدمنا أن الذمة المالية هي ما للشخص وما عليه من حقوق وديون منظورا إليها كمجموع . ويلاحظ أن الحقوق والديون التي تتكون منها الذمة المالية يجب أن تكون ذات قيمة مالية إذ نحن هنا في صدد المال ، ولا شأن للذمة المالية بالحقوق التي تتعلق بالشخص دون ماله .

وعلى ذلك يخرج من الذمة المالية الحقوق والواجبات ذات الصفة السياسية ، وهي التي تدخل في القانون العام لا في القانون الخاص . وهذه هي ما عرف بتسميته بحقوق الإنسان ( droits de l'homme ) : حق الإنسان في الحياة ، وحقوقه في الحريات العامة ، وما يستتبع هذه الحقوق من واجبات تقابلها( $%&[1] ) أوبرى ورو 9 فقرة 575 ص 308 .&%$ ) . وهذه الحقوق والواجبات ليست لها قيمة مالية ، وذلك ما لم يقع اعتداء عليها ، فعند ذلك يتمثل جزاء الاعتداء في عقوبة جنائية وهذه لا تدخل أيضاً في الذمة المالية لأن له قيمة مالية .

ويخرج كذلك من الذمة المالية الولاية على النفس ، فولاية الزوج وولاية $ 226 $ الأب وإن كانتا تدخلان في نطاق القانون الخاص ، إلا أنهما تخرجان من الذمة المالية إذ ليست لهما قيمة مالية .

ويخرج أيضا من الذمة المالية دعاوى الحالة المدنية ( actions d'état civil ) ، كدعوى الزوجية ودعوى البنوة ودعاوى النسب بوجه عام . وهذه الدعاوى في ذاتها ليست لها قيمة مالية ، فلا تدخل في الذمة المالية ، ولكن إذا تفرغ عنها حقوق مالية كالحق في الإرث والحق في النفقة فإن هذه الحقوق تدخل في الذمة المالية( $%&[1] ) أوبرى ورو 9 فقرة 575 ص 310 - ولكن يدخل في الذمة المالية الأشياء ذات القيمة التذكارية للأسرة ، كالصور الفوتوغرافية والمحفوظات والرسائل . ولكنها لا تكون محلا للقسمة بين الورثة ، ما لم تكن ذات قيمة مالية كبيرة كالمجوهرات والأثاث ذي القيمة الفنية ( بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2535 – نقض فرنسي 13 ديسمبر سنة 1937 سيريه 1938 - 1 - 84 ) . ويدخل في الذمة المالية أيضا الأشياء التي لا يجوز الحجز عليها ، لأنها تكون محلا للملكية . أما قدرة الإنسان على العمل في ذاتها ، أي بصرف النظر عما يمكن أن تغله من قيمة مالية ، فلا تدخل في الذمة المالية ( كاربونييه ص 2 – ص 3 ) .&%$ ) .

ويستخلص من ذلك أن العناصر التي تتكون منها الذمة المالية هي الحقوق والديون ذات القيمة المالية ، كما قدمنا . ومن ثم يدخل في الذمة المالية جميع الحقوق العينية الأصلية والتبعية ، كحق الملكية وحق الانتفاع وحق الارتفاق وحق الرهن( $%&[1] ) ويدخل في الذمة المالية أيضا مجرد الرخص أو الحيازات ، كخيار الشفعة وحق المالك في إقامة بناء على أرضه وحق الشريك في طلب القسمة ( نقض مدني 8 يونيه سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 189 ص 575 – شفيق شحاتة فقرة 4 ص 5 ) .&%$ ) . ويدخل في الذمة المالية أيضا الحقوق الشخصية أو الالتزامات فهي قيمة مالية إيجابية من حيث إنها حقوق ، وقيمة مالية سلبية من حيث أنها التزامات( $%&[1] ) أما الواجب العام الذي يتحمله كل شخص في احترام الحقوق العينية فلا يدخل في الذمة المالية ، لأن هذا الواجب ليس التزاما بالمعني الصحيح . فالناحية الإيجابية للذمة المالية تشمل إذن الحقوق العينية والشخصية جميعها ، أما الناحية السلبية فلا تشمل سوي الالتزامات الشخصية ( شفيق شحاتة فقرة 4 ص 4 ) .&%$ ) . ويدخل في الذمة المالية أخيرا الحقوق المالية الواقعة على الأشياء غير المادية ، كحق المؤلف وحق الفنان ، وسيأتي تفصيلها فيما يلي . أما الحق الأدبي للمؤلف فحق غير ذي قيمة مالية فلا يدخل في الذمة المالية ، فإذا $ 227 $ ما اعتدى عليه ووجب التعويض أصبح التعويض ذا قيمة مالية ودخل في الذمة المالية .

ولما كانت الذمة المالية تتكون من حقوق وديون ، فإن الحقوق هي التي تمثل القيمة الإيجابية ( actif ) للذمة المالية ، وتمثل الديون القيمة السلبية ( passif ) لها .

وهناك فكرتان رئيستان في الذمة المالية : ( 1 ) اندماج عناصر الذمة المالية في مجموع من المال . ( 2 ) اندماج الذمة المالية في شخصية صاحبها .

1 - الذمة المالية مجموع من المال

129 - اندماج عناصر الذمة المالية في مجموع من المال : وعناصر الذمة المالية ، من حقوق وديون مالية على النحو الذي بسطناه ، لا ينظر إليها ، عند تصور منها ذاتيته وكيانه الخاص به ، بل ينظر إليها على أنها جميعا مندمجة في كل لا يتجزأ . فتفنى ذاتية هذه العناصر في المجموع الذي تكونه ، وتصبح كلها مجموعا من المال ( universalité ) . ولا تدخل هذه العناصر في هذا المجموع ، بعد أن ذابت فيه ، إلا باعتبار أنها قيم مالية مثلية يحل بعضها محل بعض في المجموع الشامل . وبذلك ينفصل مجموع المال الذي هو الذمة المالية عن كل من العناصر المادية التي تكونه ، ويقوم بذاته وحدة مجردة ( entité abstraite ) لها كيانها المستقل عن كيان كل عنصر من عناصرها الذاتي عن كل عنصر من عناصره ، نرى في وضوح أن كل التغييرات التي تطرأ على هذه العناصر ، والتي يكون من شأنها أن نزيد أو تنقض في القيمة الإيجابية أو في القيمة السلبية ، لا أثر لها في كيان الذمة المالية ذاته الذي هو الديون وتجد مكانها ديون أخرى ، وقد تزيد القيمة الإيجابية ، وتبقى الذمة المالية هي هي ، على حالها لا تتغير . بل إنه قد لا توجد لا حقوق ولا ديون أصلا ، ومع ذلك تقوم الذمة المالية منفصلة عن وجود الحقوق والديون وعن انعدامها $ 228 $ فالطفل يوم يولد وليس له مال أصلا من ميراث ولا من وصية ، تكون له مع ذلك ذمة مالية( $%&[1] ) كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 128 ص 110 - والحمل المستكن له هو الآخر ذمة مالية ، فإنه يجوز أن يوصى له بمال معين فتكون له حقوق مالية ، وتوجد له بذلك ذمة مالية ( شفيق شحاتة فقرة 4 ص 5 ) .&%$ ) كما سيأتي .

وهذا الاندماج في مجموع من المال على النحو الذي بسطناه يفسر ثلاثا من المسائل الهامة : ( أولا ) هذا المجموع من المال الذي هو الذمة المالية هو الضمان العام للدائنين . ( ثانيا ) ينتقل هذا المجموع من المال ، حقوق وديونا ، بالموت من المورث إلي الوارث . ( ثالثا ) تصلح فكرة المجموع من المال أساسا لنظرية الحلول العيني .

ونتناول بالبحث كلا من هذه المسائل الثلاث :

130 - المسألة الأولى – الذمة المالية هي الضمان العام للدائنين : تفسر نظرية الذمة المالية أن أموال المدين جميعا ، الحاضر منها والمستقبل ، ما وجد منها وقت نشوء الدين وما يوجد بعد نشوئه ، ضامنة لجميع ديونه دون تمييز بين دين ودين . أو كما يقال عادة إن الذمة المالية هي الضمان العام لجميع الدائنين ( ) ، أو بعبارة أدق إن القيمة الإيجابية للذمة المالية هي ضمان للقيمة السلبية .

والذي ينفذ عليه الدائن ويبيعه علي مدينه لاستيفاء الدين ليس هو الذمة نفسها ، فإن هذه غير قابلة للحجز ولا للبيع كما سيأتي . وإنما ينفذ على عناصر الذمة الإيجابية ، مالا بعد آخر ، منظورا إلي هذا المال باعتباره عنصرا من عناصر الذمة المالية التي تضمن الدين . ويستوي في ذلك المال الذي وجد وقت نشوء الدين وبقي في الذمة المالية إلي وقت التنفيذ ، والمال الذي جد بعد نشوء الدين وبقي إلي وقت التنفيذ . ولا يقال إن هذا المال الأخير لم يكن موجودا وقت نشوء الدين فلا يضمه إذ لم يعتمد عليه الدائن ، ذلك أن الضامن للدين هو الذمة المالية أي هذا المجموع من المال الذي تفنى فيه عناصره كما قدمنا ، فسواء وجد المال وقت نشوء الدين أو جد بعده ، فهو في الحالين $ 229 $ عنصر من عناصر الذمة المالية وبهذا الوصف يعتبر ضامنا للدين . وعلى العكس من ذلك لا يضمن الدين المال الذي يكون قد خر من الذمة المالية وقت التنفيذ ، حتى لو كان موجودا وقت نشوء الدين . ذلك أن هذا المال ، وقت التنفيذ ، لم يكن عنصراً من عناصر الذمة المالية فلا يضمن الدين ، حتى لو كان الدائن قد اعتمد عليه وقت نشوء الدين ، إذ ضمان الدائن إنما هو الذمة المالية بما تشتمل عليه من عناصر وقت التنفيذ لا وقت نشوء الدين . وبذلك تكون عناصر الذمة المالية بمثابة الأشياء المثلية ( choses fongibles ) ما خرج منها يحل محله ما استجد .

على أن خروج المال من الذمة المالية ، ما كان منه موجودا وقت نشوء الدين وما جدَّ بعد ذلك ، مشروط بعدم تعمد المدين الإضرار بحقوق الدائن ، وإلا كان للدائن الدعوى البولصية يضعها القانون بين يديه فيجعل تصرف المدين في المال غشا غير نافذ في حقه ، ويعتبر المال باقيا في الذمة المالية فيستطيع الدائن التنفيذ عليه .

وكون الذمة المالية ضمانا عاما ( gage commum ) للدائنين لا يعني أن للدائن حقا عينيا على الأموال التي تشتمل عليها الذمة المالية ، فكلمة " الضمان " ( gage ) هنا ليست مستعملة بمعناها الفني ولا تعني أن للدائن العادي رهنا على أموال المدين ، بل معناها أن للدائن أن ينفذ على أموال مدينه لاستيفاء حقه . ويتساوى الدائنون جميعا في ذلك ، فلا يتقدم الدائن السابق على الدائن اللاحق ، حتى في الأموال التي وجدت في الذمة المالية وقت نشوء حق الدائن الأول وقبل نشوء حق الدائن الثاني . ولا يتقدم الدائن اللاحق على الدائن السابق ، حتى في الأموال التي لم تكن موجودة في الذمة المالية وقت نشوء حق الدائن السابق ولو جدّت قبل نشوء حق الدائن اللاحق . وإنما يتقدم دائن على آخر تبعا لما له من ضمان عيني على مال معين من أموال المدين ، كرهن أو اختصاص أو امتياز ، ويكون تقدمه في هذا المال وحده ( $%&[1] ) انظر في كل ما تقدم أوبري ورو وإسمان 9 فقرة 579 ص 338 – ص 339 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 129 .&%$ ) .

 $ 230 $ 131 - المسألة الثانية – انتقال حقوق المورث وديونه إلى الوارث : الأصل في القانون الفرنسي ، وهو القانون الذي ابتدعت فيه نظرية الذمة المالية ، أن الدين لا ينتقل من مدين إلى مدين آخر ، وإذا كانت حوالة الحق جائزة فإن حوالة الدين لا تجوز . ومع ذلك فإن الدين ينتقل ، بالوفاة لا فيما بين الأحياء ، من ذمة المورث إلى ذمة الوارث . ويفسر ذلك عادة بنظرية الذمة المالية . فالمورث تقوم ذمته المالية ، بما تشتمل عليه من حقوق وديون ، منفصلة عنه بعد أن مات . فلابد من إسناد هذه الذمة المالية إلى شخص غير المورث ، وهذا الشخص لا يمكن إلا أن يكون هو الوارث ، فهو الذي تستمر شخصية مورثه فيه ، وهو الذي يتملك تركته . وعلى ذلك تنتقل الذمة المالية للمورث بمجرد موته إلى الوارث ، فتنتقل إلى هذا حقوق المورث وديونه جميعا في وقت واحد . وبذلك أمكن تصور انتقال الدين في القانون الفرنسي من مدين إلى مدين آخر ، أي من المورث إلى الوارث ، بفضل نظرية الذمة المالية ( $%&[1] ) أما في مصر فقواعد الشريعة الإسلامية تقضي ، كما هو معروف ، بألا تركة إلا بعد سداد الديون . ويفسر ذلك عادة بأن ديون الميت لا تنتقل إلى ورثته ، بل تبقى في التاركة إلى أن تسدد ، والصافي من التركة بعد ذلك هو الذي يتملكه الورثة . ومع ذلك فهناك آراء في الفقه الإسلامي ، جديرة بالاعتبار ، تذهب إلى أنه بمجرد وفاة المورث تنتقل تركته من حقوق وديون إلى ورثته ، فتصبح أموال التركة مملوكة للورثة ، كما يصبح هؤلاء مسئولين عن ديون التركة ولكن في حدود الأموال التي آلت إليهم . فيكون وضع الورثة في الشريعة الإسلامية كوضع الورثة في القانون الفرنسي عندما يقبلون التركة بشرط الجرد ( sons bénéfice d'inventaire ) . انظر في هذا المعنى إسماعيل غانم رسالته في الذمة المالية فقرة 26 – فقرة 35 .&%$ ) . وهذا لا يمنع الوارث بطبيعة الحال ، وبخاصة عندما يرى أن ديون المورث تربى على حقوقه ، أن يرفض الإرث ، أو أن يقبله بشرط فصل التركة عن ذمته المالية الأصلية ( sous bénéfice d'inverntaire ) فيصبح بذلك غير مسئول عن ديون التركة إلا بمقدار ما تشتمل عليه من حقوق . وكالوارث ، وهو الذي تنتقل إليه حقوق المورث وديونه بموجب القانون ، الموصى له بمجموع التركة أو بجزء شائع في هذا المجموع ( ayant cause à titre univerel ) ، فإن هذا أيضاً في بعض الأحوال تنتقل إليه حقوق $ 231 $ الموصى وتنتقل إليه ديونه بنسبة هذه الحقوق ، بموجب الوصية أي بموجب إرادة الوصي ( $%&[1] ) انظر في كل ما تقدم أوبري ورو وإسمان 9 فقرة 582 ص 343 وص 345 – وفقرة 583 ص 345 – ص 348 .

ويترتب على استمرار شخصية المورث في شخصية الوارث أن تنتقل جميع الديون إلى الوارث ، ويصبح السند القابل للتنفيذ في حق المورث نافذاً في حق الوارث ، وتضاف حيازة المورث إلى حيازة الوارث .&%$ ) .

132 - المسألة الثالثة – صلاحية فكرة المجموع من المال أساس لنظرية الحلول العيني : يذهب بعض الفقهاء ( $%&[1] ) انظر بوجه خاص بلانيول وريبير وبيكار فقرة 15 ص 20 وفقرة 33 – فقرة 34 .&%$ ) إلى أن فكرة المجموع من المال تصلح أيضاً أساس لنظرية الحلول العيني في بعض تطبيقاتها ، فقد يجمع الشخص إلى جانب ذمته المالية الأصلية ذمة مالية أخرى ، وهذا على خلاف ما تقضي به النظرية التقليدية في الذمة المالية من أن الشخص لا تكون له إلا ذمة مالية واحدة لا تتعدد . ويأتون على ذلك بأمثلة مختلفة منها الذمة المالية للمفقود فهذه بعد مدة معينة تضاف إلى الورثة ، فإذا ما ظهر المفقود بعد ذلك استرد ذمته المالية منهم . ومنها التركة التي يستولي عليها الوارث الظاهر وتضاف إلى ذمته الأصلية ، ثم يظهر الوارث الحقيقي فيسترد التركة من الوارث الظاهر . ومنها التركة التي قبلها الورثة في القانون الفرنسي بشرط الجرد ، فهذه ذمة مالية تضاف إلى الذمة الأصلية للوارث وتبقى منفصلة عنها إلى أن تصفى من الديون .

ففي هذه الأحوال وأمثالها ، حيث يوجد مجموع من المال هو عبارة عن ذمة مالية أضيفت إلى الذمة المالية الأصلية ، تصبح الذمة المالية المضافة ذمة قائمة بذاتها منفصلة عن الذمة المالية الأصلية . وهذا يفسر بعض تطبيقات الحلول العيني ، فأي مال يخرج من إحدى الذمتين – الأصلية أو المضافة – ويدخل في مقابله مال آخر ، فإن المال الذي دخل يحل حلولا عينيا محل المال الذي خرج ، وذلك في نطاق الذمة المالية التي خرج المال منها ودخل المال إليها .

وسيأتي تفصيل ذلك عند الكلام في الحلول العيني .

 $ 232 $ 2 - الذمة المالية وشخصية صاحبها

133 - اندماج الذمة المالية في شخصية صاحبها : يقيم أوبري ورو الذمة المالية على الشخصية ذاتها . فعندهما أن هذا المجموع من الحقوق والديون الذي هو الذمة المالية لم يقم كوحدة فنيت فيها عناصرها فاستغرقتها جميعا ، إلا لأن الذمة المالية قد اندمجت في شخصية صاحبها ، وأصبحت امتدادا لهذه الشخصية وصورة منطبعة منها . فكما أن الشخصية واحدة لا تتعدد ، كذلك الذمة المالية وحدة لا تتجزأ . ويقول أوبري ورو في هذا الصدد : " فكرة الذمة المالية تستخلص منطقيا من فكرة الشخصية ... فالذمة المالية هي مظهر الشخصية ، وهي التعبير عن القدرة القانونية للشخص باعتباره شخصا " ( $%&[1] ) L'idée de patrimoine se déduit logiquement de celle de la personnalité… Le patrimoine est lémanation de la personnalité et l'expression de la puissance juridique don’t une est investie comme telle " .

( أوبري ورو 9 فقرة 374 ) .&%$ ) . ويقولان أيضاً : " الذمة المالية ، في أعلى معانيها ، هي شخصية الإنسان ذاتها ، منظورا إليها في علاقاتها بالأشياء الخارجية التي يباشر الشخص أو سيباشر حقوقا عليها " ( $%&[1] ) " … le patrimoine est, dans sa plus haute expression, la personnalité meme de l'homme, considérée dans ses repports avec les objets externs sur lesquels il peut ou pourra avoir des droits à exercer " .

( أوبري ورو 9 فقرة 573 هامش 6 ) .&%$ ) .

ولما كانت الذمة المالية هي مجموع من حقوق وديون ، ولما كان الحق لابد أن يستند إلى شخص يملكه وكذلك الدين لابد أن يستند إلى شخص يكون ملتزما به ، فالذمة المالية لابد إذن أن تستند إلى شخص يملك ما تشتمل عليه من حقوق ويلتزم بما تشتمل عليه من ديون . بل إن الذمة المالية تندمج اندماجا تاما في هذا الشخص فلا تنفصل عنه . وقد قدمنا أن الذمة المالية تكون قائمة حتى لو زادت الديون على الحقوق ، بل حتى لو لم تكن هناك في وقت ما لا حقوق ولا ديون ( $%&[1] ) قارن إسماعيل غانم رسالته في الذمة فقرة 62 ص 114 – ص 115 .&%$ ) . فمجرد الصلاحية لأن يكسب الشخص $ 233 $ حقوقا ولو لم يكسبها بالفعل ، ولأن يلتزم بديون ولو لم يلتزم بدين ما ، مجرد الصلاحية هذه هي الذمة المالية . وهذا مما يقرب الذمة المالية في الفقه الفرنسي من أهلية الوجوب في الفقه الإسلامي( $%&[1] ) انظر نظرية الذمة المالية في الفقه الإسلامي في الجزء الأول من مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف ص 16 – ص 17 .&%$ ) .

ويترتب على اندماج الذمة المالية في الشخصية نتائج ثلاث : ( 1 ) الشخص وحده هو الذي تكون له ذمة مالية ، وكل شخص له حتما ذمة مالية . ( 2 ) الذمة المالية لا تنفصل عن صاحبها . ( 3 ) لكل شخص ذمة مالية ، فلا تتجزأ الذمة المالية ولا تتعدد( $%&[1] ) أوبرى ورو 9 فقرة 573 هامش .&%$ ) .

134 - النتيجة الأولى – الشخص وحده هو الذي تكون له ذمة مالية وكل شخص له حتما ذمة مالية : والشخص هنا إما أن يكون شخصا طبيعيا ، أو شخصا معنويا . وسواء كان طبيعيا أو معنويا ، فهو وحده الذي تكون له ذمة مالية . ذلك أن الذمة المالية هي مجموع الحقوق والديون ، والحقوق والديون يجب أن تستند إلي شخص طبيعي أو معنوي يكون مالكا لها أو ملتزما بها كما سبق القول . ومن ثم لا يمكن أن تستند الذمة المالية إلا إلي الشخص ، فهو وحده الذي تكون له ذمة مالية .

ومادام الشخص يكون دائما صالحا لأن تكون له حقوق وعليه واجبات ، ومادامت الذمة المالية هي الصلاحية لكسب الحقوق والالتزام بالواجبات كما قدمنا ، فينتج من ذلك أن الشخص بموجب صلاحيته لأن تكون له حقوق وعليه واجبات ، تكون له حتما ذمة مالية . وليس يلزم لوجود الذمة المالية وجود الحقوق والواجبات فعلا ، فقد قدمنا أن الشخص في وقت معين قد لا تكون له حقوق أصلا وليست عليه ديون بتاتا ، وهذا لا يمنع من أن تكون له ذمة مالية في ذلك الوقت المعين بالذات( $%&[1] ) أوبرى ورو 9 فقرة 573 ص 307 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 16 - كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 128 ص 110 - وانظر آنفا فقرة 129 .&%$ ) . $ 234 $

135 - النتيجة الثانية - الذمة المالية لا تنفصل عن صاحبها : مادامت الذمة المالية مندمجة في الشخصية ، فهي لا تفارقها ولا تنفصل عنها . يجوز بطبيعة الحال للشخص أن يتصرف في حقوقه التي تشمل عليها ذمتها المالية ، ولكنه يتصرف في هذه الحقوق حقا حقا باعتبار أن كل حق قائم بذاته ، لا باعتباره عنصراً من العناصر التي فنيت في الذمة المالية . وهو إذا تصرف في حق من هذه الحقوق ، فليس معني هذا أنه تصرف في ذمته المالية ، بل إن هذه الذمة لا تنفصل عن صاحبها كما قدمنا ، وإن نقصت بعض الحقوق التي تشتمل عليها أو زالت كل هذه الحقوق( $%&[1] ) أوبرى ورو 9 فقرة 573 ص 307 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 16 ص 21 .&%$ ) . فلا يجوز إذن للشخص أن يتصرف في ذمته المالية كمجموع من المال ، بل ولا في جزء شائع فيها كأن يتصرف في نصفها أو في ربعها . ومن ثم فإن التعامل في تركه مستقبلة ، والتركة المستقبلة هي الذمة المالية منظوراً إليها بعد الوفاة ، غير جائز ، لأسباب ترجع إلي حماية المورث وترجع كذلك إلي عدم جواز التصرف في الذمة المالية كمجموع من المال( $%&[1] ) أوبرى ورو 9 فقرة 577 – 2 ص 350 .&%$ ) .

ونتيجة أخرى يستخلصها أوبرى ورو من عدم قابلية الذمة المالية للانفصال عن صاحبها أن الشخص إذا وهب جميع أمواله أو جزءا شائعا في جميع أمواله ، فإن ديون الواهب ، أو جزءاً منها مقابلا للجزء الشائع الموهوب ، لا تنتقل إلي الموهوب له . ذلك أن الواهب ، وهو يهب جميع أمواله أو جزءاً شائعا في جميع أمواله ، لا يهب ذمته المالية نفسها أو جزءا منها ، وإلا لا نتقلت إلي الموهوب له الديون مع الحقوق ، وهذا ما لا يستطيع أن يفعله لأن الذمة المالية لا تقبل الانفصال عن صاحبها . فهو إذن يهب أمواله مالا مالا باعتبار أن كل مال قائم بذاته لا عنصر قد فني في الذمة المالية ، والموهوب له يعتبر خلفا خاصا لكل مال معين بالذات من هذه الأموال ، ولا يعتبر خلفا عاما لمجموع من الأموال كما هو الأمر بالنسبة إلي الوارث الذي يرث الأموال والديون في وقت واحد( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 18 .&%$ ) . $ 235 $

136 - النتيجة الثالثة - لكل شخص ذمة مالية واحدة فلا تتجزأ الذمة المالية ولا تتعدد : ذلك أن الذمة المالية تندمج في الشخصية ، فتستعير منها خصائصها . والشخصية واحدة لا تتجزأ ولا تتعدد . وقد رأينا أن الذمة المالية تنصب فيها جميع الحقوق وجميع الديون ، فتصبح هذه جميعا كلالا يتجزأ( $%&[1] ) أوبرى ورو 9 فقرة 379 ص 367 وفقرة 583 ص 376 وما بعدها - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 20 ص 24 هامش 4 .&%$ ) . وقد سبق أن قررنا أن كل شخص له حتما ذمة مالية ، والآن نقرر أن الشخص الواحد لا تكون له إلا ذمة مالية واحدة . ولا يمكن للشخص أن يجزئ هذه الذمة إلا ذمم متفرقة ، كما لا يجوز له أن يضيف إلي ذمته المالية الأصلية ذمة مالية أخرى مع بقاء الذمتين منفصلتين إحداهما عن الأخرى فتتعدد بذلك الذمة المالية .

وبعد أورى ورو وجود ذمة مالية مضاف إلي جانب الذمة المالية الأصلية – وقد وردت نصوص تشريعية تقضي بذلك وأتينا ببعض الأمثلة على الذمة المالية المضافة( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 132 .&%$ ) – أمرا استثنائيا . وفي غير هذه الحالات الاستثنائية لا يجوز للشخص حال حياته ، أن يجزئ ذمته المالية ، فيجعل بعض الدائنين يختصون بجزء منها والدائنين الآخرين يختصون بالجزء الآخر( $%&[1] ) أوبرى ورو 9 فقرة 575 ص 311 - ص 312 .&%$ ) .

المطلب الثاني

فقد النظرية التقليدية في الذمة المالية

137 - نوعان من النقر : بقيت نظرية الذمة المالية أوبرى ورو التقليدية في الذمة المالية سائدة في الفقه الفرنسي مدة طويلة ، وقد أجمع هذا الفقه على أن هذه النظرية قد قامت على منطق محكم الحلقات ، وأنها من أقوى النظريات الفقهية بناء وحسن سبك .

ولكن الفقه أخذ بعد ذلك يعيد النظر فيما كان قد اعتاد أن يسلم به دون تمحيص ، لا سيما في المسائل التي يفرضها منطق النظرية ولكنها تخالف الأحكام . $ 236 $ التشريعية الصريحة . فأخذ فريق من الفقهاء في نقد النظرية في بعض جزئياتها والتحوير في هذه الجزئيات ، دون مساس بجوهر النظرية . ولكن فقهاء آخرين ذهبوا إلي أبعد من ذلك ، وهاجموا النظرية في جوهرها ، وذهبوا إلي أنها نظرية فاسدة في أساسها إذ تقوم على منطق يجافى الواقع ، دون أن يقوم مبرر يشفع في بقائها في ثوب من هذا المنطق المصطنع .

ونورد موجزا لآراء كل من الفريقين .

1 - الفريق الأول

138 - نقد النظرية في بعض جزئياتها : هذا الفريق يعمد بوجه خاص إلي النعى على النظرية التقليدية المبالغة في المنطق المجرد ، وإلصاق الذمة المالية بالشخص حتى اختلط به وكادا يصبحان شيئا واحدا . ثم يزحزح الذمة المالية عن الشخصية ليقيمها على فكرة التخصيص لغرض معين ( affectation à un but dêterminê ) ، وبذلك يتمكن من القول بجواز تعدد الذمة المالية وبجواز انفصالها عن صاحبها . ولكنه مع ذلك يبقى الذمة المالية مستندة إلي الشخص ، فلا يجوز أن تقوم دون صاحب تستند إليه فهذه مسائل متعددة ، نعرض لها واحدة بعد الأخرى .

139 - المبالغة في ربط الذمة المالية بالشخصية : يقول نقاد النظرية التقليدية إنها نظرية ذات صبغة مصطنعة ، تقوم على منطق مجرد مغرق في التجريد . فهي تبالغ في ربط الذمة المالية بالشخصية إلي حد أن تخلط بينهما ، وإلي حد أن تجعل من الذمة المالية مجرد الصلاحية لكسب الحقوق والالتزام بالواجبات وهذا هو عين الشخصية . وهذا الخلط ما بين الذمة المالية والشخصية يجب تجنبه ، فإنه من جهة يخلع على الذمة المالية خصائص لا تتفق مع الأحكام القانونية المسلم بها ، ومن جهة أخرى يؤدي إلي نتائج يحسن تفاديها وقد تفادتها فعلا كثير من الشرائع( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 17 .&%$ ) .

140 - والأولى إدخال فكرة التخصيص لغرض معين فيصبح الحق وظيفة اجتماعية أكثر منه سلطة في يد الشخص : وكان الأولى أن $ 237 $ تجعل الرابطة التي تجمع ما بين عناصر الذمة المالية ليست هي الشخص الذي تستند إليه هذه الذمة ، بل الغرض المشترك الذي خصصت له هذه العناصر . وإذا كان صحيحا أن النظرية التقليدية على حق فيما ذهبت إليها من أن الأموال إنما ينظر إليها القانون باعتبارها مرتبطة بالغايات التي يسعي إليها الشخص ، فتقوم صلة وثيقة ما بين الذمة المالية والشخص ، إلا أن هذه الغايات مختلفة متنوعة . فقسرها جميعا على غاية موحدة ، ترد إليها كل الغايات دون تمييز بين غاية وغاية ، ينطوي على كثير من العنت ويجافى الحقائق الواقعة( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 17 ص 22 .&%$ ) .

ومادامت الغايات متعددة ، فإنه من الممكن أن يتقطع مجموع من الأموال من الذمة المالية الأصلية ويخصص لغاية معينة ، فيكون هذا المجموع بما يشتمل عليه من حقوق والتزامات ذمة مالية منفصلة عن الذمة المالية الأصلية .

فالغاية إذن ، وليس الشخص ، هي التي تربط ما بين العناصر المختلفة للذمة المالية ، وهذا هو الاتجاه الحديث الذي يسير صوبه القانون في الوقت الحاضر( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 21 ص 25 – ص 26 .&%$ ) . ومن ثم تصبح الحقوق مرتبطة بالغايات التي أعطيت من أجلها ، ويصبح الحق وظيفة تحقق غاية اجتماعية ، أكثر منه سلطة يعطى زمامها ليد شخص معين( $%&[1] ) انظر كولان وكبيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 135 ص 117 - 118 .&%$ ) .

141 - جواز تعدد الذمة المالية : وأول ما يترتب على التراخي في ربط الذمة المالية بالشخصية ، وإدخال فكرة التخصيص لغاية معينة ، أن إحدى النتائج الهامة للنظرية التقليدية ، وهي أن الذمة المالية لا تتجزأ ولا تتعدد ، لا تصبح نتيجة سليمة . فهي لم تكن سليمة إلا لأننا أمجنا الذمة المالية في الشخصية ، فشاركت تلك خصائص هذه . ولما كانت الشخصية واحدة لا تتجزأ ولا تتعدد ، كذلك تكون الذمة المالية واحدة لا تتجزأ ولا تتعدد . ولكن ذلك يخالف الواقع ، ويتعارض مع المسلم به من تعدد الذمة المالية في كثير من الأحوال كما سنرى . لذلك كان في إدخال فكرة التخصيص لغاية معينة أكبر معين على القول . $ 238 $ يتعدد الذمة المالية ، إذ يقع كثيراً أن يتخصص مجموع من أموال الشخص لغاية معينة فيستقل هذا المجموع عن الذمة المالية الأصلية ، ويصبح هو نفسه ذمة مالية أخرى ، وبذلك تتعدد الذمة المالية .

ومن أمثلة تعدد الذمة المالية قبول الوارث للتركة بشرط الجرد أو طلب الدائنين فصل التركة عن الذمة المالية للوارث في القانون الفرنسي ، ففي هذه الحالة يكون للوارث ذمته المالية الأصلية ، وذمة مالية أخرى هي التركية التي إنتقلت إليه بما لها من حقوق ومعا عليها من ديون ، وقد انفصلت عن ذمته المالية الأصلية . وهذا وضع يضاهي وضع الوارث في الشريعة الإسلامية ، فالوارث تنتقل إليه ملكية أموال التركة كما تنتقل إليه الديون في بعض المذاهب الفقهية ، ومع ذلك تبقى التركة منفصلة عن ذمة الوارث الأصلية إلي أن تسدد ديونها كما سبق القول( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 131 في الهامش&%$ ) ، وبذلك تتعدد ذمة الوارث في الشريعة الإسلامية كما تعددت في القانون الفرنسي .

كذلك إذا وهب شخص شخصا آخر أو أوصى له بمال ، على أن يخصص هذا المال لغرض معين ، فإن المال الموهوب أو الموصى به ينفصل عن الذمة الأصلية للموهوب له أو الموصى له ، فتتعدد الذمة .

وإذا ترك مجهز السفينة والأجرة في مقابل ما ترتب عليه من التزامات بسبب تجهيز السفينة ، فإن ثروة البحر ( fortume de mer ) هذه تصبح ذمة مالية منفصلة عن ذمة المجهز الأصلية .

وفي النظام المالي للزواج في القانون الفرنسي ، يكون مهر الزوجة ( dot ) ذمة مالية منفصلة عن ذمتها الأصلية ، ويكون ما دخل من مالها في الأموال المشتركة بينها وبين الزوج ( communautê ) ذمة مالية منفصلة كذلك عن الذمة الأصلية . وليس لهذا نظير في الشريعة الإسلامية .

ففي هذه الأحوال وأمثالها( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 132 .&%$ ) ، تعدد الذمة المالية ، وتقوم ذمة مالية أخرى غير الذمة المالية الأصلية منفصلة عنها . ويكون لهذه الذمة المالية حقوقها . $ 239 $ التي تستقل بها وديونها التي ترتب عليها وحدها ، شأنها في ذلك شأن الذمة المالية الأصلية( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 20 .&%$ ) .

142 - جواز انتقال الذمة المالية من صاحبها إلي الغير حال الحياة : ونتيجة أخرى من النتائج الهامة في النظرية التقليدية ، لا تستقيم إلا إذا أدمجنا الذمة المالية في الشخصية إدماجا تاما ، فلا يجوز انتقال الذمة المالية وانفكاكها عن شخص صاحبها مادام حيا ، ومن ثم لا يجوز انتقال الذمة المالية إلي الغير حال الحياة . أما إذا جعلنا الصلة ما بين الذمة المالية والشخصية صلة متراخية ، وأقمنا الذمة المالية على فكرة التخصيص لغاية معينة ، فإنه يمكن انفكاك الذمة عن صاحبها في حال حياته ، ويمكن تبعا لذلك أن يتصرف الشخص في ذمته المالية ، كلها أو بعضها ، فينقلها في حال الحياة إلي شخص آخر .

والفرق بين الحالتين أنه إذا لم نجز نقل الذمة المالية في حال الحياة ، فإنه يترتب على ذلك أن الشخص لا يستطيع أن يتصرف في ماليه في حال الحياة إلا إلي خلف خاص ، فينقل الحققو دون الديون ، ولا يتصرف إلا في حققو معينة . فإذا وهب شخص جزءاً كبيراً من أمواله ، بل إذا وهبها كلها ، فإن الموهوب له لا تنتقل إليه ديون الواهب بغير اتفاق خاص ، ويأخذ أموال الواهب خالصة من الديون . أما إذا أجزنا نقل الذمة المالية في حال الحياة ، فإنه يجوز للشخص أن يتصرف في ذمته المالية ، كلها أو بعضها ، إلي خلف عام ، فتنتقل إلي هذا الخلف الحقوق والديون جميعا لأن المجموع من المال هو الذي انتقل .

ولا شك في أن إباحة التصرف في الذمة المالية ، بما تشتمل عليه من حقوق وديون ، حال الحياة ، من شأنه تيسير التعامل . وهذا لا يكون إلا إذا تراخت الصلة ما بين الذمة المالية والشخص ، وقامت فكرة التخصيص لغاية معينة كما سبق القول . على أنه بالرغم من أن النظرية التقليدية للذمة المالية لا تزال هي السائدة في فرنسا ، وكان من مقتضاها عدم جواز التصرف في الذمة المالية حال الحياة ، فإن هذا التصرف أجازة مع ذلك التقنين المدني الفرنسي وأجازة القضاء الفرنسي في بعض حالات استثنائية نذكرها فيما يلي : $ 240 $

1-   أجاز التقنين المدني الفرنسي ( م 1082 – 1086وم 1093 ) هبة الأموال الحاضرة والمستقبلة في عقد الزواج المالي ، ويترتب على هذه الهبة أن يكون الموهوب له مسئولا عن الديون . ولا شك في أن هذا تصرف حال الحياة يقع على الذمة المالية كمجموع من حقوق وديون .

2-   أجاز التقنين المدني الفرنسي ( م 1075 وما بعدها ) قسمة المورث لأمواله الحاضرة بين ورثته عن طريق الهبة . وفي هذه الحالة يحمل القضاء الفرنسي الورثة بالديون( $%&[1] ) نقضي فرنسي 25 مايو سنة 1892 سيريه 93 – 1 – 127 .&%$ ) . ولا شك في أن هذا أيضا تصر حال الحياة يقع على جزء من الذمة المالية كمجموع من حقوق وديون .

3-   يعتبر القضاء الفرنسي أنه إذا وهب الشخص كل أمواله أو جزءا كبيرا منها ، فالمفروض أن هناك اتفاقا ضمنيا على أن يتحمل الموهوب له ديون الواهب أو جزءاً منها يتناسب مع قيمة الأموال الموهوبة( $%&[1] ) نقضي فرنسي 13 نوفمبر سنة 1854 داللوز 55 – 2 – 211 – تولوز 29 يناير سنة 1872 داللوز 73 – 2 – 111 – جرينوبل 12 مايو سنة 1882 سيريه 82 – 2 – 240 .&%$ ) . ولا شك في أن القضاء في هذه الحالة أجاز التصرف في الذمة المالية أو في جزء منها حال الحياة ، بدليل أنه أوجب على الموهوب له دفع الديون .

4-   أجاز القانون الفرنسي الصادر في 19 إبريل سنة 1909 في شأن بيع المتجر ( fonds de commerce ) لدائني البائع استيفاء حقوقهم من الثمن المستحق في ذمة مشترى المتجر . فجعل القانون بذلك من المتجر شبه ذمة مالية قائمة بذاتها ، إذ جعل لدائنيه حقا مباشراً على ثمن المتجر وقد حل الثمن محل المتجر باعتباره مجموعا من المال ، وانتقل حق الدائنين من المتجر وقد حل الثمن محل المتجر باعتباره مجموعا من المال ، وانتقل حق الدائنين من المتجر إلي ثمنه . وفي مصر نصت المادة 25 من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها على ما يأتي : " للدائنين السابقين على قيد الرهن ، متى كان الغرض من ديونهم استغلال المحل التجاري ، أن يطلبوا سداد ديونهم قبل مواعيد استحقاقهم ، إذا أصابهم ضرر بسبب ذلك القيد " . وقد جاء في المذكرة التفسيرية للقانون : " وأجازت المادة 25 للدائنين السابقين على قيد الرهن أن يطلبوا سداد ديونهم قبل مواعيد استحقاقها . وهذا مبدأ جديد ، فإنه طبقا للقواعد العامة لا يترتب على ضعف التأمينات حلول أجل الدين إلا إذا كانت $ 241 $ محلا لوفائه " . ومعنى ذلك أنه ، من ناحية حلول الأجل ، اعتبر القانون المحل التجاري محلا لوفاء الديون الخاصة به ، وهذا ما يجعل ، من هذه الناحية وحدها ، المحل التجاري وحدة قائمة بذاتها تكون محلا للوفاء بديونها ، بحيث إذا ضعفت هذه الوحدة بقيد رهن عليها ، حلت الديون المؤجلة .

على أن الحالات المتقدمة هي حالات استثنائية ، ولا تزال القاعدة العامة في كل من القانون الفرنسي والقانون المصري أنه لا يجوز التصرف فيما بين الأحياء في الذمة المالية ، وذلك ترتيبا على اندماج الذمة المالية في الشخص( $%&[1] ) وفي القانون المصري لا يتحمل الموهوب له بدين الواهب ، إلا إذا اشترط الواهب عليه ذلك عوضا عن الهبة ( م 499 / 1مدني ) . هذا وقد تحررت التقنيات الجرمانية – التقنين المدني الألماني والتقنين المدني السويسري – من هذا الضيق الذي لا مبرر له ، وخرجا على النظرية التقلدية في الذمة المالية ، وأجازا تصرف الشخص في ذمته المالية حال حياته .&%$ ) .

143 - بقاء الذمة المالية مع ذلك مرتبطة بالشخص فلا تقوم ذمة مالية دون صاحب تستند إليه : ومع ذلك بحرص هذا الفريق الأول من النقاد ، وهم لا ينقدون النظرية التقليدية إلا في بعض جزئياتها ، على أن يستبقوا النظرية في أساسها ، من حيث مجموع المال ( patimoine universalite ) ومن حيث الارتباط بالشخصية ( partimoine personnalitê ) .

فلا تزال الذمة المالية في نظرهم مجموعا من المال تفنى فيه عناصره من حقوق وديون ، ويفسرون بهذا الأساس الضمان العام للدائنين وانتقال التركة بما تشمل عليه من حقوق وديون من المورث إلي الوارث .

ولا تزال الذمة المالية ، في نظرهم ، مرتبطة بشخص يكون هو صاحبها وتستند إليه . ولا يتصورون قيام ذمة مالية دون شخص ترتبط به ، ولا يذهبون إلي الحد الذي ذهب إليه القانون الألماني من جعل الذمة المالية تقوم دون أن تستند لا إلي شخص طبيعي ولا إلي شخص معنوي( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 21 ص 26 – ص 27 – كاربونييه ص 8 . ويشير كاربونييه إلي نواح أخرى جديدة يمكن أن تتفتح عنها نظرية الذمة المالية ، منها الضريبة على رأس المال وعدم إجبار المدين على الكشف عن عناصر ذمته المالية والتمييز بين رأس المال والريح والقدرة على العمل وهل هي عنصر من عناصر الذمة المالية ( كاربونييه ص 8 – ص 9 ) .&%$ ) . $ 242 $

2 - الفريق الثاني

144 - نقد النظرية في أساسها : أما الفريق الثاني من نقاد النظرية التقليدية ، فلا يكتفون بنقد النظرية في بعض جزئياتها ، بل هم يهدفون إلي هدم النظرية في أساسها . ويمثل هذا الفريق تمثيلا عادلا الأستاذ إسماعيل غانم في رسالته التي وضعها في الذمة المالية( $%&[1] ) باريس سنة 1901 ( وقد طبعت في القاهرة في سنة 1957 ) .&%$ ) . وقد سبقه إلي نقدها فقهاء آخرون في رسائل وضعوها لذلك( $%&[1] ) انظر مثلا jallu رسالة من باريس سنة 1902 ص 85 وما بعدها – plastara رسالة من باريس سنة 1903 – Gazelles رسالة من باريس سنة 1905 ص 367 وما بعدها – Gazin رسالة من ديجون سنة 1910 – Raynaud رسالة من تولوز سنة 1934 ص 174 وما بعدها .

انظر جني في طريقة التفسير طبعة ثانية سنة 1919 فقرة 67 ص 141 وما بعدها – percoru في تصفية ديون التركة في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1905 ص 543 – ص 547 – Msrovach في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1936 ص 811 وما بعدها .&%$ ) ، ولكن هؤلاء النقاد لا يزالون يتفقون مع النظرية التقليدية في أن الذمة المالية هي مجموع من المال مستقل عن العناصر التي يشتمل عليها .

ويتناول الأستاذ إسماعيل غانم النظرية التقليدية في الفكرتين اللتين تقوم عليهما ، المجموع من المال والاندماج في الشخصية ، وينكر على كل منهما فائدتها في استخلاص النتائج التي تستخلص منها عادة ، ويعلل هذه النتائج بأسباب أخرى بعيدة عن النظرية التقليدية . وعلى ذلك لا تعود للنظرية التقليدية أية فائدة في نظره ، فتهدم في أساسها .

ونتابعه في كل من الفكرتين .

145 - فكرة المجموع من المال : هذه الفكرة تستخلص منها النظرية التقليدية ، كما قدمنا ، نتائج ثلاثا : الضمان العام للدائنين وانتقال تركة المورث إلي الوارث بما عليها من ديون والحلول العيني .

أما الضمان العام للدائنين فيمكن تفسيره دون الالتجاء إلي فكرة المجموع من المال . ويكفي في ذلك أن نلجأ إلي تحليل الالتزام إلي عنصرية ، المديونية ( schuld ) والمسئولية ( Haftung ) ، وتمتد جذور هذا التحليل إلي القانون $ 243 $ الروماني ، لتركز في النظريات لاجرمانية ، دون أن يلقي رواجا في الفقه الفرنسي . والمديونية تتعلق بالعمل أو الامتناع عن العمل الواجب على المدين نحو الدائن ، فهي رابطة بين شخصين . والمسئولية تتعلق بقدرة الدائن على اقتضاء هذا الواجب من المدين جبرا عليه ، فهي أيضا رابطة بين شخصين . وبموجب عنصر المسئولية هذا يصل الدائن إلي أموال مدنية للتنفيذ عليها ، ولكن من خلال شخص المدين . فشخص المدين إذن هو الذي يتوسط بين ماله وبين الدائن . والدائن إنما ينفذ الدين على شخص المدين فعلا أي على جسمه ، فيقتله أو يسترقه أو يبيعه . ثم تهذب القانون شيئا فشيئا ، حتى صار الدائن ، وهو ينفذ الدين دائما على المدين ذاته ، لا ينفذه على شخص المدين ، وإنما ينفذه على ماله ولكن من خلال شخصه . ومن ثم تكون أموال المدين الموجودة وقت التنفيذ ، منظورا إليها على اعتبار أن كل مال منها قائم بذاته لا مندمج في مجموع من المال ، مسئولة عن ديونه . ولما كان الدائن يستطيع أن يصل إلي أن مال يكون مملوكا للمدين من خلال شخص هذا الأخير مادام المال مملوكا له وقت التنفيذ ، فالعبرة إذن بملكية المال للمدين وقت التنفيذ لا وقت نشوء الدين ، فللدائن سبيل على المال المملوك لدائنه وقت التنفيذ ، ولو لم يكن مملوكا له وقت نشوء الدين وإنما استجد بعد ذلك . ولا سبيل للدائن على المال الذي كان مملوكا لمدينه وقت نشوء الدين ، مادام قد خرج عن ملكه وقت التنفيذ . ذلك أن عنصر المسئولية لا يجعل للدائن حقا على مال معين للمدين ، ولكن يجعل له حقا على شخص المدين ، ومن خلال شخصه ينفذ على ماله الذي يكون مملوكا له وقت التنفيذ . وعلى هذا النحو نصل إلي نفس النتيجة التي يراد الوصل إليها عن طريق النظرية التقليدية في الذمة المالية باعتبارها مجموعا من المال ، ولا نكون في حاجة إلي تصوير أموال المدين مندمجة كلها في مجموع معنوي لا وجود له في الواقع . ويتيسر لنا بذلك أن نقرر القاعدة التي تقضي بأن أموال المدين ضامنة لديونه ، دون الالتجاء إلي فكرة المجموع من المال التي تقول بها النظرية التقليدية( $%&[1] ) إسماعيل غانم رسالته في الذمة المالية فقرة 17ص 29وفقرة 18 ص 35 – ص 36 .&%$ ) . $ 244 $ وأما انتقال تركة المورث إلي الوارث بما عليها من ديون ، فهذه النتيجة أيضا لا يحتاج فيها الأستاذ إسماعيل غانم إلي الالتجاء لفكرة المجموع من المال التي تقوم عليها النظرية التقليدية للذمة المالية . وعنده أنه يكفي لتبرير ذلك أن نقول إن ديون الميت لا يجوز أن تنقضي دون وفاء ، وإلا انهدم ركن الائتمان في التعامل وضاعت ثقة الدائنيني في مدينيهم . فيجب إذن أن تبقي هذه الديون قائمة عد موت المدين ، ولما كان لا بد لكل دين من مدين يتحمل به ، فمن ذا الذي يتحمل ديون الميت بعد موته؟ لا شك في أن العدالة تقضي بأن المدين في هذه الحالة يجب أن يكون هو الوارث ، لا لأنه هو الذي تلقى أموال مورثه دون مقابل ، فمن العدل إذن أن يتحمل أيضا ديونه . فانتقال دين الورث إلي الوارث إنما يرجع إلي اعتبارات تمت للعدالة وللثقة في التعامل ولفكرة الدين ذاته إذ لابد من أن يكون لكل دين مدين . ومن ثم لا نكون هنا أيضا في حاجة إلي فكرة المجموع من المال التي تقول بها نظرية الذمة المالية لتبرير أن الدين ينتقل من المورث إلي الوارث( $%&[1] ) إسماعيل غانم رسالته في الذمة المالية فقرة 36 .&%$ ) .

بقي الحلول العيني . ويقول أنصار النظرية التقليدية إن الحلول العين يعني على فكرة المجموع من المال ، فهذه الفكرة تؤدي إلي جعل العناصر التي يشتمل عليها المجموع بمثابة أشياء مثلية يحل بعضها محل بعض . فإذا خرج مال معين من هذا المجموع ودخل بدلا منه مال آخر ، حل هذا المال الآخر محل المال الأول حلولا عينيا . ويستعرض الأستاذ إسماعيل غانم الفروض التي قيل إن الحلو لالعيني فيها يتحقق في المجموعات من الأموال ، فلا يرى لها شأنا عمليا هاما ، والخلاف فيها جاد محتدم . ففي الدعوى التي يرفعها الوارث الحقيقي على الوارث الظاهر ليسترد منه التركة ، إذا كان الوارث الظاهر قد باع مالا للتركة واشترى بثمنه مالا آخر ، فهناك خلاف في الرأي ، إذ يذهب بعض الفقهاء إلي إن الوارث الظاهر لا يرد هذا المال الآخر بموجب فكرة الحلول العيني ، ولكن يرد ثمن المال الذي خرج من التركة بموجب مبدأ الإثراء بلا سبب( $%&[1] ) بودري وفال في الميراث 1 فقرة 925 ص 702 .&%$ ) . $ 245 $ ومهما يكن من أمر ، فقل أن يعرض في العمل هذا الفرض ، ولا توجد أحكام قضائية في هذه المسألة . وفي دعوى استرداد المفقود بعد ظهوره حيا لأمواله من حائزها ، فهناك رأي يذهب إلي أ ، الحائز إذا كان قد باع مالا منها واشترى به مالا آخر ، فإنما يفعل ذلك باعتباره نائبا نيابة قانونية عن المفقود ، فيسترد المفقود هذا المال الآخر بموجب أحكام النيابة لا بموجب أحكام الحلول العيني . وهذا الفرض أيضا قل أن يعرض في العمل ، فمن النادر جدا أن يظهر المفقود بعد أربعين عاما من غيابه ، ولا توجد هنا أيضا أحكام قضائية . وفي دعوى استرداد الواهب من تركة الموهب له ما وهبة إياه ، نرى نص التقنين المدني الفرنسي ( م 747 / 2 ) صريحا في أن الخاضع للاسترداد هو العين الموهوبة ذاتها وليس في هذا حلول عيني ، أو ثمنها الذي لا يزال مستحقا في ذمة المشترى وهذا يمكن تفسيره لا بالحلول العيني بل برغبة المشرع في تمكين الواهب عند المطالبة بالثمن من فسخ البيع إذا لم يدفعه المشتري . ويخلص الأستاذ إسماعيل غانم من هذا الاستعراض إلي القول بأن الحلول العيني لا يقوم أصلا على فكرة المجموع من المال ، وإنما يقوم على فكرة التخصيص لغرض معين . فإذا خصص مالِ ، سواء كان داخلا في مجموع أو كان منفردا ، لغرض معين ، فإن هذا المال يكون خاضعا لقواعد قانونية خاصة لتحقيق الغرض الذي خصص له المال . فإذا بيع هذا المال أو هلك ، وحل محله الثمن أو التعويض أو مبلغ التأمين أو مقابل نزع الملكية أو غير ذلك من البدل ، أو حل محله شيء آخر اشترى بالبدل ، فإن الذي حل محل المال يكون مخصصا لنفس الغرض الذي كان المال مخصصا له ، وتسرى عليه القواعد القانونية الخاصة التي كانت تسرى على المال الأول ، فالحلول العيني إذن يقوم على أساس الخضوع لنظام قانوني خاص وعلى أساس فكرة التخصيص لا على أساس المجموع من المال . ويرى الأستاذ إسماعيل غانم تقديم فكرة الخضوع لنظام قانوني ، في الحلول العيني ، على فكرة التخصيص ، فالمال أساسا يخضع لنظام قانوني خاص حتى يحقق الغرض الذي خصص له( $%&[1] ) إسماعيل غانم رسالته في الذمة المالية فقرة 58 .&%$ ) . فالحلول العيني إذن لا شأن له بفكرة المجموع من المال ، ومن ثم لا محل لإقحام هذه الفكرة عليه . $ 246 $

146 - فكرة الاندماج في الشخصية : ويهاجم الأستاذ إسماعيل غانم أهم نتيجتين تستخلصان من اندماج الذمة المالية في الشخصية : عدم قابلية الذمة المالية للانفصال عن الشخص وعدم جواز تجزئتها أو تعددها .

أما عدم قابلية الذمة المالية للانفصال عن الشخص ، أي عدم قابلية الذمة المالية للتصرف فيها فيما بين الأحياء ، فيستخلص منها أوبري ورو بطلان التصرف في التركة المستقبلة وعدم انتقال الديون إلي مشتري جميع الأموال الحاضرة المملوكة للبائع . والتصرف في التركة المستقبلة يصوره أوبري ورو أنه تصرف فيما بين الأحياء في الذمة المالية ، ولكن الأستاذ إسماعيل غانم يعارض هذا التصوير ، إذ أن هذا التصرف لا ينفذ ولا ينتج أثرا إلا بعد الموت فهو إذن ليس تصرفا فيما بين الأحياء ، وبطلانه يرجع إلي اعتبارات معروفة لا شأن لها بالتصرف في الذمة المالية . ومشترى الأموال الحاضرة المملوكة للبائع إنما اشترى أموالا معينة ولم يشتر ذمة مالية ، والأصل في هذه الحالة عدم انتقال الديون إلا إذا اشترط خلاف ذلك ، فلا علاقة إذن لهذه المسألة بمسألة التصرف في الذمة المالية . ويستخلص الأستاذ إسماعيل غانم من ذلك أنه لا تترتب نتائج عملية على القول بأن الذمة المالية لا يجوز التصرف فيها فيما بين الأحياء ، ومن ثم لا حاجة للقول باندماج الذمة المالية في الشخصية للتوصل بذلك إلي القول بأن الذمة المالية لا يجوز التصرف فيها في حال الحياة( $%&[1] ) إسماعيل غانم رسالته في الذمة المالية فقرة 70 .&%$ ) .

وأما عدم جواز تجزئة الذمة المالية أو تعددها ، فهذه هي أضعف نقطة في النظرية التقليدية ، لأن الذمة المالية قد تتجزأ وقد تتعدد بحسب ما يخضع له المال من نظام قانون خاص . ويعدد الأستاذ إسماعيل غانم الأمثلة ، ويبدأ بالقانون التجاري . ففي هذا القانون ، تتجزأ الذمة المالية إذا تخلى صاحب السفينة عنها للدائنين ، فعند ذلك تنفصل السفينة عن سائل أمواله ، وتتجزأ ذمته المالية إلي ذمتين . وتتعدد الذمة المالية إذا كسب المفلس ، قبل إقفال التفليسة ، مالا من عمله أو من تجارة جديدة يباشرها ، فيكون المال الذي كسبه ذمة مالية مستقلة عن ذمته المالية الأصلية التي خضعت للتفليسة . وفي القانون المدني ، تتعدد ذمة الوارث المالية ، إذ يضاف إلي ذمته الأصلية ذمة . $ 247 $ المورث ( أي تركته ) ، وذلك عند ما يقبل الوارث الميراث بشرط الجرد في القانون الفرنسي ، وعندما يعين مصف للتركة في القانون المصري . وتتعدد ذمة الموهب له إذا كانت الهبة مقترنة بشرط عدم التصرف في الأموال الموهوبة ، فهذه الأموال التي لا يجوز التصرف فيها تكون ذمة مالية منفصلة عن الذمة الأصلية للموهوب له . كذلك تتعدد ذمة الموهوب له أو الموصى ، في القانون الفرنسي ، إذا وهب أو أوصى له بمال بشرط نقل ملكيته إلي الغير ( م 1048 – 1050 مدني فرنسي : substitutions permises ) . وتتعدد الذمة معينة ( fondation ) . والنظام المالي للزواج ، في القانون الفرنسي ، قد يجزئ الذمة المالية . ففي نظام الاشتراك في الأموال ( regime de communautê ) ، تنفصل الأموال المشتركة ( biens communs ) عن الأموال الخاصة بكل زوج ( biens propres ) . وفي نظام الدوطة ( regime dotaux ) عن الأموال الخاصة بالزوجة ( biens paraphernaux ) . فالذمة المالية إذن تتجزأ وتتعدد ، وذلك عن طريق تخصيص القانون أموالا معينة لأغراض خاصة وإخضاع هذه الأموال لنظام قانوني خاص يحقق الغرض الذي خصص له المال . وليس الشخص حراً بإرادته وحده أن يجزئ ذمته المالية أو يعددها على النحو ، بل لابد من تدخل القانون في ذلك ، فهو الذي يضع النظام الخاص للأموال التي خصصت لأغراض معينة( $%&[1] ) إسماعيل غانم رسالته في الذمة المالية فقرة 100&%$ ) .

وإذ هدمت النتيجتان الرئيسيتان المستخلصتان من اندماج المالية في الشخصية – عدم جواز التصرف في الذمة المالية في حال الحياة وعدم جواز تجزئة الذمة المالية أو تعددها – فقد انهدم الأساس نفسه الذي قامت عليه النتيجتان ، وهو اندماج الذمة المالية في الشخصية( $%&[1] ) إسماعيل غانم رسالته في الذمة المالية فقرة 101 ص 175 .&%$ ) . وقد عارض الأستاذ . $ 248 $ إسماعيل غانم من قبل ، كما رأينا ، فكرة المجموع من المال ، فلا تقوم الذمة المالية إذن في رأيه على أي أساس( $%&[1] ) وهو يقول في هذا المعني : " والنتيجة التي يمكن استخلاصها من كل ذلك هي أن المذمة المالية ليست إلا مجرد لفظ تنحصر فائدته في اختصاره . فبدلا من أن نقول : مجموع ما للشخص وما عليه من حقوق وواجبات مالية في وقت معين ، يكفي أن نقول : الذمة المالية للشخص " ( إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق سنة 1958 ص 131 - ص 132 ) . انظر أيضا في تأييد هذا الرأي : منصور مصطفي منصور في الحلول العيني فقرة 23 ص 34 وفقرة 34 ص 36 هامش 2 – شمس الدين الوكيل في النظرية العامة للحق ص 156 وما بعدها وفي نظرية التأمينات سنة 1956 فقرة 8 .

وانظر في وجوب استبقاء نظرية الذمة المالية واستخلاص مبدأ الضمان العام للدائنين ومبدأ انتقال التركة بالوفاة من هذه النظرية : حسن كيرة فقرة 10 ص 26 – ص 32 .&%$ ) .

147 - إلي أي حد يمكن القول بهدم النظرية التقليدية في الذمة المالية : ومهما يكن من شأن الاعتراضات التي وجهت إلي النظرية التقليدية للذمة المالية ، فليس من اليسير القول بأن هذه النظرية قد هدمت نهائيا فهي ، في نظرنا ، لا تزال قائمة في أحد شقيها وهو الشق الخاص بفكرة المجموع من المال . أما الشق الآخر الخاص بفكرة الاندماج في الشخصية ، فهنا يمكن القول بأن النظرية التقليدية أصبحت غير قائمة .

148 - بقاء النظرية التقليدية فيما يتعلق فكرة المجموع من المال : لا تزال فكرة اندماج أموال المدين وديونه في مجموع معنوي مستقل عن الأموال التي يشتمل عليها فكرة منتجة ، ولا تزال هي الفكرة السائدة حتى اليوم . والمعلول الذي أريد هدمها به هو الالتجاء إلي فكرة أخرى ، فكرة تقسيم الالتزام إلي عنصرين عنصر المديونية وعنصر المسئولية . وليست هذه الفكرة الأخيرة بأبسط ولا أفضل من فكرة المجموع المعنوي . هذا إلي أن كلا من الفقه الفرنسي ولا في الفقه المصري ، حتى تمكن الاستعاضة بها عن فكرة استقرت وتمكنت في كل من الفقهين ، وكاد يكون التسليم بها من الأمور البديهية . ففكرة المديونية والمسئولية فكرة مصدرها . $ 249 $ الفقه الألماني ، وكان لها في كل من فرنسا ومصر طرافة الشيء الجديد . ولكن لم يقدر لها التمكن والاستقرار ، وقد سلم بذلك الأستاذ إسماعيل غانم نفسه( $%&[1] ) إسماعيل غانم رسالته في الذمة المالية فقرة 14 ص 23 .&%$ ) ، ويوجد ، إلي جانب ذلك ، سببان آخران يدعوان إلي التمسك بفكرة المجموع من المال وعدم الاستعاضة عنها بفكرة المديونية والمسئولية .

أما السبب الأول فيرجع إلي أن فكرة المجموع من المال هي الفكرة التي يقوم عليها تقسيم الخلف إلي خلف عام وخلف خاص ، وهو تقسيم بالغ الأهمية . فالخلف العام هو من انتقل إليه المجموع المعنوي من المال بما يشتمل عليه من حقوق وديون ، أو انتقلت إليه حصة من هذا المجموع . أما الخلف الخاص فهو من انتقل إليه مال معين بالذات لا مجموع معنوي من المال ، دون أن تنتقل إليه الديون إلا بشروط معينة . والفرق كبير بين الخلف العام والخلف الخاص كما هو معروف ، فإذا هدمت فكرة المجموع المعنوي فلي أي أساس يقوم إذن التمييز بين الخلف العام والخلف الخاص؟

وأما السبب الثاني فيرجع إلي أن فكرة المجموع المعنوي ، وهي الفكرة التي قامت عليها القاعدة التي تقضي بأن أموال المدين ضامنة لديونه ، لا تزال هي خير تفسير للدعوى غير المباشرة وللدعوى البولصية ولدعوى الصورية ، وهي دعاوى أهميتها لا تنكر . فالدائن يكون له حق ضمان عام على أموال مدينة ، وهذا الضمان العام هو الذي يسوغ أن ينوب الدائن عن مدينة نيابة على الغش أو على الصورىة غير نافذ في حقه ليرجع المال الذي تصرف فيه المدين إلي ضمانه العام( $%&[1] ) ولا يعير الأستاذ إسماعيل غانم أهمية لقيام الدعاوى الثلاث على مبدأ أن أموال المدين ضمان عام للدائنين ويقتصر في إحدى حواشي رسالته على أن يقول : " ونكاد نكون في غير حاجة إلي القول بأن الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية ودعوى الصورية وغيرها من الإجراءات التحفظية المختلفة لا تقتضي أصلا قيام فكرة المجموع من المال . ففي مباشرة هذه الدعاوى أو القيام بهذه الإجراءات لا يفعل الدائن أكثر من التمهيد لا ستعمال حقه في الحجز ، فتتصل هذه الدعاوى والإجراءات بعلاقة المسئولية " ( إسماعيل غانم رسالته في الذمة المالية فقرة 17 ص 30 هامش 1 ) .

وقد سبق لنا أن رددنا هذه الدعاوى الثلاث إلي فكرة الضمان العام للدائنين ، فقلنا في الجزء الثاني من الوسيط : " وهذه الطرق ترد جمعيها إل أصل واحد ، هو المبدأ العام الذي تقدم ذكره من أن جميع أموال المدين ضامنة لالتزاماته . فهذا الضمان العام يخول للدائن أن يرقب أموال المدين ، ما دخل منها في ذمة المدين وما خرج ، حتى يأمن على ضمانه من أن ينتقصه غشر المدين أو تقصيره ... أما الدعاوى الثلاث فهي الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية ودعوى الصورية . ففي الأولي يدفع الدائن عن نفسه نتائج تهاون المدين أو غشه إذا سكت هذا عن المطالبة بحقوقه لدى الغير ، فيباشر الدائن بنفسه حقوق مدنية نيابة عنه بالدعوى غير المباشرة ، وبذلك يحافظ على ضمانه العام تمهيدا للتنفيذ بحقه بعد ذلك . وفي الثانية – الدعوى البولصية – يدفع الدائن عن نفسه نتائج غش المدين إذا عمد هذا إلي التصرف في ماله إضرارا بحق الدائن ، فيطعن الدائن في هذا التصرف ليجعله غير نافذ في حقه ، فيعود المال إلي الضمان العام تمهيدا للتنفيذ عليه . وفي الثالثة – دعوى الصورية – يدفع الدائن عن نفسه نتائج غش المدين أيضا إذا عمد هذا إلي التظاهر بالتصرف في ماله فيخرجه من الضمان العام بتصرف صوري ، فيطعن الدائن في هذا التصرف بالصورية حتى يكشف عن حقيقته ، ويستبقي بذلك مال المدين في ضمانه العام تمهيدا للتنفيذ بحقه . فالدائن في هذه الدعاوى الثلاث إما أن يبقي في ضمانه العام ما كاد أن يخرج بالدعوى غير المباشرة ، وإما أن يعيد ما خرج بالدعوى البولصية ، وإما أن يستبقي مالم يخرج إلا ظاهرا بدعوى الصورية . ونرى من ذلك أن هذه الدعاوى الثلاث تتركز كلها في فكرة الضمان العام للدائنين " ( الوسيط 2 فقرة 526 ص 940 – ص 941 ) .&%$ ) . $ 250 $

149 - انهدام النظرية التقليدية فيما يتعلق بفكرة الاندماج في الشخصية : ولكن يمكن القول ، كما قدمنا ، إن النظرية التقليدية في الذمة المالية قد انهدمت فيما يتعلق بفكرة الاندماج في الشخصية . فهذا المجموع المعنوي من أموال المدين وديونه شيء مستقل عن شخصه ، وقد ينفصل عنه( $%&[1] ) ويقول الأستاذ شفيق شحاتة في هذا المعني : " فليست الذمة المالية صفة من صفات الشخص كما قال أوبري ورو ومن تبعهما من أنصار النظرية التقليدية . وعلى ذلك يجب استعباد جميع النتائج التي ترتبها المدرسة القديمة على ذلك التكييف القانوني الخاطئ . أما أن الذمة المالية ليست وصفا للشخص فمفهوم حتما من قولنا إنها مجموعة من الحقوق . والغريب أن فقهاء المدرية التقليدية يعرفونها كذلك ، ثمن ينحرفون عن هذا التعريف فيقولون إن الذمة مجرد معني في الذهن ( abstraction ) وإنها الوعاء الذي تستقر فيه الحقوق والالتزامات ، وإن الوعاء قد يوجد دون أن توجد حقوق أو التزامات ، وعلى ذلك تكون الذمة وصفا اعتباريا لاصقا بالشخص ... أما أنها الوعاء الذي ينتظم الحقوق والالتزامات لا هذه الحقوق والالتزامات بعينها ، فإن هذا الوصف يؤدي بنا إلي الخلط بين فكرة الذمة وفكرة الشخصية أو أهلية الوجوب . وقد خلط الفقهاء الإسلاميون فعلا بين هاتين الفكرتين . فهم يقولون إن الذمة ظرف يستقر فيه الوجوب . وقد عرفها العز بن عبد السلام ( من فقهاء الشافعية ) بأنها تقدير أن الإنسان يصلح للالتزام والإلزام من غير تحقق له . فالذمة وأهلية الوجوب عندهم شيء واحد ، ولذلك يقولون إن الإنسان يولد وله ذمة صالحة للوجوب له وعليه بخلاف سائر الحيوانات ، مما أدى بالبعض إلي القول بأن الذمة أمر لا معنى له ولا حاجة إلي في الشرع ، وأنه من اختراعات الفقهاء يعبرون به عن وجوب الحكم على المكلف بثبوته في ذمته ( من التلويح ) " ( شفيق شحاتة فقرة 6 ص 10 – ص 11 ) .&%$ ) . والنتيجتان الرئيسيتان اللتان أراد أوبري ورو استخلاصهما من $ 251 $ فكرة الاندماج في الشخصية ليستا صحيحتين كما تبين مما تقدم . فالذمة المالية قد تنفصل عن صاحبها في حال حياته ، كما أنها قد تتجزأ وقد تتعدد ، فلا محل إذن للقول باندماج الذمة المالية في شخص صاحبها .

بل إننا نرى ، بالرغم من الرأي السائد في الفقه الفرنسي ، أن الذمة المالية ، كما تنفصل عن صاحبها ، قد لا تستند إلي شخص ما . فيقوم مجموع من المال ذمة مالية ، لا لشخص طبيعي أو معنوي ، بل يكون مجموع المال هو ذاته الشخص المعنوي . ويتميز عن الأشخاص الطبيعية المألوفة بأنه ليس من المال أصبح هو نفسه شخصا معنويا . وخير الأمثلة لذلك نجدها في الوقف ، وفي المؤسسات ، وفي التركة قبل سداد الديون في رأي من يقول بأنها في ملك المورث حتى تسدد الديون( $%&[1] ) شفيق شحاتة فقرة 6 ص 12 - قارن مع ذلك حسن كيرة فقرة 9 ص 23 - 24 .&%$ ) .

المبحث الثاني

الحلول العيني ( $%&[1] ) مراجع : أوبرى ورو وإسمان 9 فقرة 576 - بلانيول وريبير وبيكار فقرة 26 - فقرة 35 - بيدان وفواران 4 - بنكاز تكملة بودري جزء 3 فقرة 345 وما بعدها .

رسائل : Masseron رسالة من بوردو سنة 1876 - paulmier رسالة من باريس سنة 1882 – stora رسالة من باريس سنة 1901 - Aurange رسالة من جرينوبل سنة 1910 - Magaillant رسالة من ليون سنة 1912 – Henry رسالة من نانسي سنة 1913 – Boruet رسالة من ليل سنة 1921 – منصور مصطفي منصور رسالة ( بالعربية ) من القاهرة سنة 1953 ( وطبعت في سنة 1956 ) .

أبحاث : ديموج في المجلة الانتقادية سنة 1901 ص 236 وما بعدها وص 295 وما بعدها وص 346 وما بعدها – والمجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1912 ص 183 وما بعدها – كابيتان في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1919 ص 385 – ص 416 – cerban في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1939 ص 47 – ص 64 .&%$ )

( La subrogation rêelle )

150 - ما هو الحلول العيني : الحلول العيني بوجه عام يكون بخروج $ 252 $ مال من ذمة شخص ودخول مال آخر في نفس الذمة بدلا من المال الذي خرج ، فيحل المال الجديد محل المال القديم ويسرى عليه نفس النظام القانوني الذي كان سارياً على المال القديم .

وقد وضع أوبري ورو نظرية تقليدية في الحلول العيني ألحقها بنظريته في الذمة المالية ، إذ أوجب أن يكون الحلول العيني دائما في مجموع معنوي من المال ، وبذلك تتلافي نظرية الذمة المالية بنظرية الحلول العيني . وقد أخذ الفقه أخيراً ينتقد النظرية التقليدية في الحلول العيني ، ويقول بنظرية حديثة . فنتناول بالبحث النظرية التقليدية ، ثم النظرية الحديثة .

المطلب الأول

النظرية التقليدية في الحلول العيني

1 - بسط النظرية التقليدية

151 - شروط الحلول العيني : يجب ، لتحقق الحلول العيني ، توافر شروط ثلاثة :

الشرط الأول - أن يكون هناك شخص واحد له مجموعان من المال أو أكثر . مثل ذلك الوارث الظاهر ، له مجموع المال الذي يملكه أصلا ومجموع المال أو التركة التي وضع يده عليها دون حق . ومثل ذلك أيضا الوارث بشرط الجرد . ومثل ذلك أخيرا المرأة المتزوجة في القانون الفرنسي ، قد يكون لها مجموع من المال يمثل الدوطة ( biens dotaux ) ومجموع آخر يمثل مالها الخاص ( biens paraphernaux ) ، كما قد يكون لها مجموع من المال يمثل المال المشترك بينها وبين زوجها ( biens communs ) ومجموع آخر يمثل مالها الخاص ( biens propres ) .

الشرط الثاني – أن يخرج مال معين ، في أحد هذين المجموعين أو هذه المجموعات ، من ذمة الشخص . ويكون خروج المال إما بتصرف قانوني كما إذا باع الشخص هذا المال أو قابض عليه أو نزعت منه ملكيته ، أو بعمل مادي $ 253 $ كما إذا هلك المال بتعد فيكون المتعدي مسئولا عن التعويض أو تكون شركة التأمين مسئولة عن دفع مبلغ التأمين .

الشرط الثالث - أن يدخل مال جديد في ذمة نفس الشخص بدلا من المال الأول . مثل ذلك أن يدخل ثمن المال القديم أو ما يشترى بهذا الثمن في ذمة الشخص ، أو يدخل عوض المقايضة ، أو يدخل التعويض عن نزع الملكية أو عن التعدي ، أو مبلغ التأمين ، أو ما يشترى بشيء من ذلك ، في ذمة الشخص .

152 - أثر الحلول العيني : يحل المال الجديد محل المال القديم في نفس المجموع الذي خرج منه المال القديم دون المجموع الآخر ، ويكسب المال الجديد الصفة القانونية التي كانت للمال القديم .

وتستعين النظرية التقليدية بقاعدتين تستعيرهما من أقوال المحشين ( glossateurs ) في القانون الروماني . بموجب القاعدة الأولى ، كل ما يدخل في مجموع قانون من الأموال يحل بحكم القانون محل المال الذي خرج ، وهذا بفضل تماثل عناصر الذمة المالية ( fongibilitê des elements du patrimoine ) ، فالمال الذي دخل مماثل للمال الذي خرج . وبموجب القاعدة الثانية ، لا يتحقق الحلول العيني بحكم القانون إلا في مجموع من المال ، أما بالنسبة إلي مال معين بالذات فيجب لتحقق الحلول العيني نص في القانون أو اتفاق ذوى الشأن .

2 - انتقاد النظرية التقليدية

153 - أسس ثلاثة قامت عليها النظرية التقليدية : يمكن القول بأن النظرية التقليدية تقوم على أسس ثلاثة : ( 1 ) الأصل التاريخي ، إذ هي تنسب إلي القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم ، وسنرى أن هذه النسبة غير صحيحة . ( 2 ) التمييز بين المجموع من المال حيث يتحقق الحلول العيني . بحكم القانون ، والمال المنفرد بذاته حيث لا يتحقق الحلول العيني إلا بموجب القانون أو الإرادة . وسنرى أن هذا التميي أيضا لا يقوم على أساس . ( 3 ) كسب المال الجديد الصفة القانونية التي كانت للمال القديم وذلك على سبيل المجاز القانوني ، وسنى ألا محل للقول بالمجاز القانوني في الحلول العيني .

154 - الأصل التاريخي – عدم صحة نسبة النظرية التقليدية إلي القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم : تتلخص النظرية التقليدية في قاعدتين أولاهما تقضي بأن الحلول العيني يتحقق بحكم القانون في المجموع من المال ، والأخرى تقضي بأن المال المنفرد بذاته لا يتحقق فيه الحلول العيني إلا بنص أو اتفاق . وتنسب القاعدة الأولى إلي القانون الرومانى ، أما القاعدة الأخرى فتنسب إلي القانون الفرنسي القديم .

فقد قيل إن القانون الروماني كان يقضي بتحقق الحلول العيني بحكم القانون في دعوى الإرث ( substitution fidêicommissaire ) . ففي دعوى الإرث ، قيل بأن ثمن الشيء المبيع من التركة يحل محله ، وكذلك يحل الشيء الذي اشترى بنقود من التركة محل هذه النقود . ثم قيل إن هذا الحكم الخاص بالتركة عمم بعد ذلك على كل مجموع آخر من المال ، استنادا إلي نص في الموسوعة . ولكن المتابع لأحكام القانون الروماني في هذه المسألة لا يلبث أن يتبين أن الرجوع إنما يكون بدعوى الإثراء بلا سبب أو بدعوى الفضالة ، لا بموجب الحلول العيني . أما الإحلال العهدى فصورته أ ، يكلف شخص شخصا آخر قد تلقى مالا من تركته ، ويسمي المكلف ( grevê ) ، بأن يرد هذا المال عند وفاته إلي شخص ثالث يسمي المستحق العهدى ( appelê ) . فإذا تصرف المكلف في بعض ما تلقاه من المال واشترى بثمنه مالا آخر ، وجب عليه أن يرد هذا المال الآخر عند وفاته إلي المستحق العهدي . وبذلك يكون الثمن قد حل محل المال الذي باعه المكلف ، وحل الشيء الذي اشتراه محل الثمن . وهذا لا شك حلول عيني ، ولكن لا شأن له مجموع المال ، فقد يكون الشيء المعهود برده شيئا منفردا بذاته لا مجموعا من المال ، فإذا بيع واشترى بثمنه شيء آخر حل هذا الشيء الآخر محل الشيء الأول . ويتبين من ذلك أن القانون الروماني كان لا يعرف الحلول العيني $ 255 $ في المجموع من المال ، فدعوى الإرث بعيدة عن أن تقرر هذه القاعدة ، والإحلال العهدي ، يقرر حلولا عينيا خاصا لا حلولا في مجموع من المال . وإنما هم المحشون ( glossateurs ) الذين نسبوا إلي القانون الروماني ما ليس منه .

أما القاعدة الثانية التي تقضي بأن في الشيء المنفرد بذاته لا يكون هناك حلول عيني إلا بنص أو اتفاق ، فقد خرج القانون الفرنسي القديم عليها ، وتوسع في الحلول العيني فأقره فيما لم يرد فيه نص ولا اتفاق – فليس إذن صحيحا ما قيل من أن هذه القاعدة قد التزمها القانون الفرنسي القديم .

155 - التمييز بين المجموع من المال والمال المنفرد بذاته لا يقوم على أساس : سمى الفقه الفرنسي التقليدي الحلول العيني في مجموع من المال بالحلول العام ، والحلو العيني في مال منفرد بذاته بالحلول الخاص . والتطبيقات التي توردها النظرية التقليدية للحلول العام ليست صحيحة ، فهي إما أن تكون تطبيقات خاطئة ، أو هي تطبيقات للحلول الخاص لا للحلول العام . فلا يوجد إذن تطبيق صحيح للحلول العام ، ومن ثم يصبح التمييز بين الحلول العام والحلول الخاص لا يقوم على أساس .

فمن التطبيقات الخاطئة للحلول العام حالة رجوع الوارث الحقيقي على الوارث الظاهر ، فيسترد الوارث الحقيقي من الوارث الظاهر ما حصل عليه هذا الأخير من مقابل لبعض أموال التركة . وقد قيل في هذه الحالة إن المقابل الذي دخل التركة قد حل حلولا عينيا محل المال الذي خرج منها . ولكن الصحيح أنه يجب التمييز بين فرضين . فإما أن يكون الوارث الظاهر قد كسب المقابل تعويضا عن عمل غير مشروع أو عن نزع الملكية ، فالمقابل يكون من حق الوارث الحقيقي ، لا بحكم الحلول العيني ، بل بحكم أن هذا الوارث هو المالك الحقيقي الذي اعتدى على ملكه أو نزعت ملكيته . وإما أن يكسب الوارث الظاهر المقابل بموجب تصرف قانوني ، فيكون أساس الرد إل الوارث الحقيقي الإثراء بلا سبب إذا كان الوارث الظاهر حسن النية ، أو العمل غير المشروع إذا كان سيئ النية ، وليس الأساس على كل حال الحلول العيني . ومن التطبيقات الخاطئة أيضا حالة بيع التركة . فقد قيل إن بائع . $ 256 $ التركة ، إذا كان قد باع من قبل شيئا مما اشتملت عليه ، يلتزم بأن يرد للمشتري ما حصل عليه من مقابل ، أي ثمن ما بيع من أموال التركة والأموال التي اشتريت بنقود متحصلة منها والأموال التي كسبت مقايضة على أموال التركة ومبالغ التعويض ومبالغ التأمين التي تستحق عن هلاك الأموال الموروثة ، وذلك كله على أساس الحلول العيني . والصحيح أن أساس الرد هنا هو إرادة المتعاقدين المقترضة لا الحلول العيني ، ذلك أنه إذا كانت بعض الأموال قد تبدلت في التركة المبيعة فالقانون يفترض أن المشتري يعلم بحدوث هذه التبدلات وأنه قبل شراء أموال البدل( $%&[1] ) ويقول الأستاذ منصور مصطفى منصور في هذا الصدد : " ومما يقطع بأن أساس الرد ليس الحلول أن البائع يلتزم برد ثمن ما باعه من أموال التركة ولو كان قد قبضه ، وبالتالي اختلط بباقي أمواله ، مع أن المسلم أنه يلزم لتحقق الحلول أن يكون المال المستبدل محتفظا بذاتيته المتميزة وهو شرط متخلف في هذا الفرض " ( منصور مصطفى منصور في الحلول العيني فقرة 37 ص 53 ) . &%$ ) . ومن التطبيقات الخاطئة أخيراً حالة التصرف في المجموعات المادية ، كمكتبة أو قطيع ، فلو باع شخص مكتبة أو قطيعا من الغم ، وقبل التسليم إلى المشتري تصرف في بعض الكتب أو في أفراد القطيع معاوضة ، فقد قيل إن المقابل يحل محل الأصل في المجموع المادي ويجب تسليمه للمشتري ، على أساس الحلول العيني . والصحيح أنه لا محل للحلول العيني ، ويجب القول بأن بائع المكتبة أو القطيع لا يحق له التصرف بعد أن باع ، وإذا تصرف فإن تصرفه يكون صادرا من غير مالك ، ولا ينفذ في حق المشتري .

بقيت التطبيقات التي هي في الواقع تطبيقات للحلول الخاص لا للحلول العام . فمنها حالة أموال المفقود في يد الوارث إذا تصرف الوارث في بعضها بمقابل ، فإن هذا المقابل يحل حلول عينيا محل المال المتصرف فيه ، ولكن لسنا في حاجة هنا إلى اشتراط أن يكون ذلك في مجموع من المال ، ولا يتغير الحكم لو نظرنا إلى المال المتصرف فيه منفرداً بذاته لا عنصرا في مجموع ، فإن المقابل يحل محله حلولا عينيا في جميع الأحوال . وبذلك يكون هذا التطبيق إنما هو تطبيق للحلول الخاص لا للحلول العام . وكذلك الأمر في حالة قبول التركة بشرط الجرد ، فما خرج من أموال هذه التركة يحل مقابله محله . ومناط تحقيق الحلول هنا هو خضوع الأموال لنظام قانوني خاص ، فلا أهمية لو صف $ 257 $ هذه الأموال بأنها مجموع . ويكون الحلول هنا أيضاً حلولا خاصا ، لا حلولا عاما .

156 - ولا محل للقول بالمجاز القانوني : وتصف النظرية التقليدية الحلول العيني بأنه مجاز قانوني ، وترتب على ذلك نتيجته المنطقية وهي عدم جواز التوسع في تفسير النصوص المقررة للحلول العيني .

والواقع أن الحلول العيني ليس مجازا ، ومعناه في جميع الأحوال إعطاء المال المستبدل حكما قانونيا ما كان ليأخذه يحسب القواعد العامة . وهذه المخالفة للقواعد العامة لا تكفي وحدها لوصف الحلول العيني بأنه مجاز قانوني . وإنما يكون الحلول العيني مجازا قانونيا إذا هو افترض للشيء طبيعة تخالف طبيعته ، فافترض المنقول عقارا مثلا . ولكن الحلول العيني لا يفترض المنقول عقارا ، وإنما يبقيه منقولا كما هو ، وإن كان يعطيه حكما يخالف القواعد العامة ، فأين هذا من المجاز؟

وإذا أمكن رد أحوال الحلول العيني إلى قاعدة عامة ، وانتفى عن الحلول ، لا وصف المجاز فحسب ، بل أيضاً وصف أنه استثناء لا يجوز التوسع فيه ، ورد أحوال الحلول العيني إلى قاعدة عامة هو ما تكفلت به النظرية الحديثة .

المطلب الثاني

النظرية الحديثة في الحلول العيني

1 - بسط النظرية الحديثة

157 - حالتان للحلول العيني – الحلول العيني ليس مجازا قانونيا : ترد النظرية الحديثة أحوال الحلول العيني يحكم القانون إلى حالتين : ( الحالة الأولى ) عندما يكون هناك مجموع من المال واجب الرد ، وتراد معرفة العناصر التي يشتمل عليها هذا المجموع لتكون محلا للرد . في هذه الحالة إذا خرج أحد هذه العناصر من المجموع قبل الرد ، وكان له مقابل ، فإن هذا المقابل يحل يحكم القانون محل المال الذي خرج ويجب رده ضمن سائر عناصر المجموع . ( الحالة الثانية ) إذا كان هناك شيء خصص لغرض معين ، ثم خرج من $ 258 $ ملك صاحبة بمقابل ، فإن هذا المقابل يحل بحكم القانون محل الشيء في نفس الغرض الذي كان الشيء مخصصا له من قبل . وفي غير هاتين الحالتين لا يتحقق الحلول العيني بحكم القانون ، وإنما يتحقق بموجب نص خاص أو بناء على اتفاق دون الشأن .

وليس الحلول العيني مجازا قانونيا ، فهو لا يخلع على الشيء المستبدل طبيعة أخرى غير طبيعته ولا يغير من تكييفه القانوني . وإنما يقتصر على جعل هذا الشيء خاضعا للرد ضمن عناصر المجموع في الحالة الأولى ، وعلى تخصيصه لنفس الغرض الذي كان الشيء المستبدل به مخصصا له من قبل في الحالة الثانية( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار فقرة 29 ص 34 .&%$ ) .

158 - الحالة الأولى - مجموع من المال واجب الرد : يكون هناك حلول عيني بحكم القانون في المجموع من المال واجب الرد . ويتحقق ذلك في فروض مختلفة ، منها التركة تحت يد الوارث الظاهر إذا وجب ردها إلي الوارث الحقيقي ، ومنها بيع الوارث للتركة عندما يجب تسليمها للمشترى ، ومنها أموال المفقود إذا وجب ردها إليه عند ظهوره حيا . فإذا أخرج المطلوب منه الرد من مجموع المال الذي تحت يده شيئا بمقابل ، فإن هذا المقابل يحل بحكم القانون محل هذا الشيء ويجب رده مع سائر الأشياء التي يشتمل عليها المجموع . مثل ذلك أن يبيع الوارث الظاهر من أعيان التركة التي تحت يده شيئا ، ويقبض الثمن ، ثم يشترى بالثمن شيئا آخر ، فإن الثمن في هذا الفرض يحل بحكم القانون محل الشيء المبيع ، ثم يحل الشيء المشترى الذي حل محل الثمن . ومثل ذلك أيضا أن يبيع الوارث التركة ، وقبل تسليمها للمشترى يهلك أحد أعيانها بخطأ الغير فيتقاضى الوارث تعويضاً ، أو يهلك بغير خطأ فيتقاضى الوارث مبلغ تأمين مستحقا بعقد تأمين ، فيحل بحكم القانون التعويض أو مبلغ التأمين محل العين التي هلكت . وعندما يطالب مشترى التركة البائع بتسليمها ، يجب على هذا الأخير أن يسلم فيما يسلم التعويض أو مبلغ التأمين ، أو الشيء الذي اشتراه بالتعويض أو مبلغ التأمين ، إلي المشترى . ومثل ذلك أخيراً . $ 259 $ إذا نزعت ملكية عين من أموال المفقود للمنفعة العامة ، واستولى الوارث واضع اليد على التعويض المستحق ، فإن هذا التعويض يحل بحكم القانون محل العين التي نزعت ملكيتها . وإذا ظهر المفقود ، فإنه يسترد من الوارث فيما يسترد هذا التعويض ، أو ما عسي أن يكون الوارث قد اشتراه بهذا التعويض .

ونرى من ذلك أن الشيء يخرج من مجموع المال واجب الرد بطرق مختلفة . فقد يخرج بتصرف قانوني ، كبيع أو مقايضة ، فيحل الثمن أو الشيء الذي اشترى بالثمن أو بدل المثايضة محل الشيء الأصلي . وقد يخرج بواقعة مادة كالهلاك ، فيحل التعويض أو مبلغ التأمين محله . وقد يخرج ينزع الملكية ، فيحل التعويض كذلك محله .

ويجب ، حتى يتحقق الحلول العيني بحكم القانون في هذه الحالة ، أن يكون الواجب الرد هو مجموع من المال ، لا شيء منفرد بذاته . فإذا كان الشيء الواجب الرد شيئا منفردا بذاته ، فإن المقابل لا يحل محله حلولا عينيا بحكم القانون ، ويجب حتى يكون هناك حلول عني أ ، يكون ذلك بموجب نص خاص( $%&[1] ) انظر أمثلة للنص الخاص : م 575 / 2 تجاري فرنسي ، وم 381تجاري مصري ، وم 37 من قانون 13 يوليه سنة 1930 في فرنسا الخاص بعقد التأمين .&%$ ) أو بناء على اتفاق ذوى الشأن .

159 - الحالة الثانية - شيء خصص لغرض معين : إذا خصص شيء لغرض معين ، فإنه ينظر إليه باعتباره قيمة مالية بصرف النظر عن ذاتيته المادية . ويترتب على ذلك أنه إذا وقع ما يستوجب استغلال هذه القيمة المادية في شيء آخر يستبدل بالشيء الأول ، أو ما يجعل هذا الاستغلال نافعا ، واستبدل بالشيء الأول صاحبة شيء آخر ، فإن هذا الشيء الآخر يحل قانونا محل الشيء الأول ، ويكون مخصصا لنفس الغرض الذي كان الشيء الأول مخصصا له . ذلك أن الغرض الذي خصص له الشيء الأول . ونرى من ذلك أن لذاتية المادية للشيء غير مقصودة لذاتها في التخصيص للغرض ، والعبرة بالقيمة المالية . فإذا تجسمت هذه القيمة في شيء مادي آخر ، كان من الطبيعي أن يبقى الغرض قائما ومتصلا بالشيء الجديد الذي تجسمت فيه القيمة المالية ، $ 260 $ ومن ثم يصبح هذا الشيء الجديد مخصصا لهذا الغرض( $%&[1] ) وفي هذا ضرب من التناسخ ، فإن القيمة المالية ، التي كانت حالة في شيء مادي معين بالذات ، حلت الآن في شيء مادي آخر ، كما قيل في تناسخ الأرواح من أنها تنتقل من جسم إل آخر .&%$ ) . والذي يعتد به في هذه الحالة هون فكرة التخصيص ( affection ) ، لا فكرة الأصل ( origine ) التي اعتد بها في الحالة الأولى .

والأمثلة على ذلك كثيرة متنوعة . منها أن يهب شخص شخصاً آخر مالا أو يوصى له به ، على أن يخصص هذا المال لعمل معين من أعمال البر والإحسان . فهذا المال قد خصص لغرض معين ، فإذا باعة الموهوب له أو الموصى له به واشترى بثمنه مالا آخر ، فإن هذا المال الآخر يحل بحكم القانون محل المال الأول ، ويصير مخصصا لعمل البر الذي كان المال الأول مخصصا له . ومن ذلك أيضا الوقف في الشريعة الإسلامية ، فالمال الموقوف قد رصد لجهة خيرية لا تنقطع ، فهو إذن مخصص لغرض معين . فإذا استبدلت بالعين الموقوفة عين آخري ، حلت العين الأخرى بحكم القانون محل العين الموقوفة ، وصارت وقفا على الجهة الخيرية نفسها دون حاجة إلي إشهاد جديد بالوقف . ومن ذلك أيضا ملكية الأسرة ، فإذا اتفق أعضاء الأسرة الواحدة على تخصيص أموال معينة لتكون ملكا للأسرة ( م 851 مدني ) ، فقد خصصت هذه الأموال لغرض معين . فإذا بيعت عين من هذه الأموال واشترى بثمنها عين أخرى ، فقد حلت هذه العين الأخرى بحكم القانون محل العين الأولى ، وأصبحت داخلة في ملك الأسرة . ومن ذلك أيضا المال الشائع المتفق على بقائه في الشيوع لمدة معينة ، فقد خصص هذا المال لغرض معين ومن أجل ذلك اتفق على بقائه في الشيوع . فإذا نزعت ملكية هذا المال للمنفعة العامة أو هلك ، واشترى بالتعويض مال آخر ، فإن هذا المال الآخر يحل قانونا محل المال الأول ، ويصبح مثله باقيا في الشيوع . ومن ذلك أخيراً المال المرهون ، فإنه يصبح يرهنه مخصصا لغرض معين هو تأمين الدين . فإذا هلك هذا المال بخطأ الغير أو نزعت ملكيته للمنفعة العامة ، فإن التعويض ( أو مبلغ التأمين إذا كان المال مؤمنا عليه ) يحل بحكم القانون محل المال المرهون ، ويصبح مثله محملا بنفس التأمين . $ 261 $ ويرى من ذلك أن الشيء في هذه الحالة الثانية يخرج ويحل محله شيء جديد ، على النحو الذي رأيناه في الحالة الأولى . فقد يخرج بتصرف قانوني كبيع أو مقايضة ، فيحل الثمن أو البدل محله . وقد يخرج بواقعة مادية كالهلاك ، فيحل التعويض أو مبلغ التأمين محله . وقد يخرج بنزع الملكية ، فيحل التعويض كذلك محله .

ومعنى أن يحل الشيء الجديد حلولا عينيا محل الشيء القديم ، أنه يخضع لنفس النظام القانوني الذي كان الشيء القديم خاضعا له بحكم تخصيصه للغرض المعين الذي كان مخصصا له . فيصبح الشيء الجديد مثلا خاضعا لنظام الوقف كما كان الشيء القديم ، أو يصبح جزءا من ملكية الأسرة ، أو يصبح باقيا في الشيوع ، أو يصبح محلا للتأمين العيني ، إلي غير ذلك من النظم القانونية المختلفة التي كانت الأشياء القديمة خاضعة لها . وقد قدمنا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 157&%$ ) . أن الحلول العيني ليس مجازا قانونيا ، فهو لا يغيره من طبيعة المال ولا يعدل من وضعه القانوني ، وإنما يجعل الشيء الجديد خاضعا لنفس النظام القانوني الذي كان الشيء القديم خاضعا له .

160 - رد حالتى الحلول العيني إلي حالة واحدة هي حالة الخضوع لنظام قانوني معين : ومن أجل ذلك أخذ بعض الفقهاء المحدثين( $%&[1] ) نظرا إسمان في الأسبوع القضائي 1928 ص 66 - دي باج 5 فقرة 394 وما بعدها - بيان وفوار أن 4 فقرة 42 وما بعدها - منصور مصطفي منصور في رسالته في الحلول العيني - إسماعيل غانم في رسالته في الذمة المالية فقرة 58 .&%$ ) في الحلول العيني تضمن الحالتين المتقدمتي الذكر . فحيث يخضع المال ، سواء كان مجموعا من المال أو كان مالا منفردا بذاته ، لنظام قانوني خاص بسبب تخصيصه لغرض معين ، فإن بدل هذا المال يحل بحكم القانون محله ، فيخصص لنسف الغرض ، ويخضع لنفس النظام القانوني الخاص . يستوي في ذلك المجموع من المال الواجب الرد فإن هذا المجموع مخصص للرد وخاضع لنظام قانوني خاص ، والمال المنفرد بذاته فهو أيضا مخصص لغرض معين وخاضع لنظام $ 262 $ قانوني خاص . فتتلاقي الحالتين إذن في حالة واحدة ، هي حالة الخضوع لنظام قانوني خاص بسبب التخصيص لغرض معين .

ويظهر التخصيص كما قدمنا منذ خضوع المال لنظام قانوني خاص ، أي لمركز قانوني يختلف عن المركز القانوني الذي تخضع له الأموال بصفة عامة . ويقول الأستاذ منصور مصطفي منصور في هذا الصدد : " ويظهر التخصيص إذا خضع المال لمركز قانوني يختلف عن المركز القانوني الذي تخضع له باقي أموال الذمة . فقد يكون المال غير جائز التصرف فيه ، أو غير جائز التصرف فيه إلا بقيود معينة كالحصول على إذن شخص آخر . وقد تكون منفعة المال لغير مالكه . وقد يكون المالك هو صاحب الحق في التصرف أو في الإدارة على خلاف الأصل ، كما هو الحال بالنسبة للقاصر الذي بلغ السادسة عشرة في القانون المصري والزوجة في القانون الفرنسي بالنسبة للأموال المكتسبة من العمل الخاص . وقد يكون لبعض الدائنين على المال حقوق تقتضى تمييزهم ، على خلاف الأصل ، عن باقي الدائنين ، وهو ما يتحقق بالنسبة للتأمينات العينية جميعا . بل إن الحق قد يكون لشخص لا يعتبر دائنا لمالك المال الذي يرد عليه ، كما هي الحال بالنسبة لحق الدائن المرتهن لعقار غير مملوك لمدينه . ففي هذه الأحوال نجد أن للمال مركزاً قانونيا خاصا ، وبذلك يعتبر مخصصا بالمعنى الذي يناط به الحلول العيني " ( $%&[1] ) منصور مصطفي منصور في رسالته في الحلول العيني ص 131 - وانظر في شروط الحللو العيني نفس المرجع ص 126 - ص 132 وص 141 - ص 154 - حسن كيرة فقرة 44 .&%$ ) .

·       2 - تطبيقات للحلول العيني في القانون المدني المصري

161 - عدم وضع قاعدة عامة للحلول العيني في القانون المدني المصري : لا يوجد في القانون المدين المصري قاعدة عامة للحلول العيني ، وقل أن توجد هذه القاعدة العامة في قوانين البلاد الأخرى( $%&[1] ) فلا توجد إلا تطبيقات متناثرة للحلول العيني في التقنين المدني الفرنسي ، وكذلك الحال في التقنين المدني الإيطالي والتقنين المدني الأسباني والتقنين المدني البرتغالي والتقنين المدني السويسري . ولا توجد قاعدة عامة في الحلول العيني إلا في التقنين المدني الألماني : انظر المواد 1370و 1473 و 1524و 2041و 2111و 2374 من هذا التقنين ( بلانيول وريبير وبيكا 3 فقرة 35 ) .&%$ ) . $ 263 $

ولم يحن الوقت بعد لوضع قاعدة تشريعية عامة في الحلول العيني ، والأولى أن تترك هذه المسألة للفقه والقضاء حتى يتم تطورها ، وتصبح قابلة لأن يحتويها تشريع مستقر ثابت .

ومع ذلك فإن التقنين المدني المصري قد اشتمل على طائفة من النصوص تقرر الحلول العيني في كثير من الحالات ، وهذا التقنين هو من أكثر التقنينات تعميما للقواعد التي تقرر الحلول العيني( $%&[1] ) ويقول الأستاذ منصور مصطفى منصور في هذا العدد : " وبالرغم من تقدم الدراسات نسبيا في هذا الصدد ، فنعتقد أن الوقت لم يحن يعد لتقرير نظرية الحلول العيني تقريراً تشريعياً . ولذلك نجد القانون المدني – وهو من أحدث القوانين – يسلك نفس السبيل في تجنب وضع نظرية عامة شاملة لكل صور الحلول العيني ، وهو مسلك موفق . كما وفق المشرع المصري أيضاً إذ ذهب أكثر من غيره إلى التعميم عند وضعه للقواعد التي تقرر الحلول العيني في بعض صور التخصيص . فنجده مثلا يقرر حلول ما يستبدل بالأموال المحملة بتأمينات عينية محلها ، أياً كان التأمين العيني ، وأيا كان المقابل . كما أنه يقرر حلول كل ما يستبدل بالأموال المحملة بحقوق انتفاع محلها . إلا أنه مع ذلك لم يذهب إلى هذا الحد من التعميم في صور أخرى . فنجده مثلا يقرر حلول الثمن محل المال المحبوس إذا بيع لخشية الهلاك أو التلف ( م 247 / 3 ) دون أن يتعرض للصور الأخرى التي يتحقق فيها استبدال مال بالمال المحبوس ، وتقتضي حماية من له الحق في الحبس انتقال حقه إلى المال المستبدل كما لو كنا بصدد تعويض عن هلال المال المحبوس . بل إنه سكت سكوتا تاما في بعض صور التخصيص ، فلم يتعرض لحكم الأموال التي تستبدل بالاموال التي اشترط عدم جواز التصرف فيها والأموال المكونة للمؤسسة مثلا " ( منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 175 – ص 176 ) . &%$ ) .

فنبدأ بعرض النصوص الواردة في التقنين المدني المصري مقررة للحلول العيني ، ثم نعرض لتطبقات أخرى للحلول العيني لم يرد في شأنها نص .

162 - نصوص في التقنين المدني المصري تقرر الحلول العيني : هناك طوائف ثلاث من النصوص في التقنين المدني المصري تقرر الحلول العيني : ( الطائفة الأولى ) وهي أهمها وأكثرها ، وتقرر انتقال التأمينات العينية من العين التي كانت مثقلة بهذه التأمينات إلي العوض الذي حل حلولا عينيا محل هذه العين . وهذا العوض قد يكون الثمن ، أو التعويض من التلف ، أو مبلغ التأمين ، أو التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة ، أو أي عوض آخر يحل محل العين . $ 264 $ ونبدأ بالمادة 1056 مدني ، وهي تقرر المبدأ العام في الرهن الرسمي فتنص على أن " يستوفي الدائنون المرتهنون حقوقهم قبل الدائنين العاديين من ثمن العقار المرهون ، أو من المال الذي حل محل هذا العقار ، بحسب مرتبه كل منهم ، ولو كانوا قد أجروا القيد في يوم واحد " . وتطبيقا لذلك تنص المادة 1049 مدني على أن " إذا هلك العقار المرهون أو تلف لأي سبب كان ، انتقل الرهن بمرتبته إلي الحق الذي يترتب على ذلك كالتعويض أو مبلغ التأمين أو الثمن الذي يقرر مقابل نزع الملكية للمنفعة العامة " . وتطبيقا لذلك أيضا تنص المادة 1039 / 2 مدني على ما يأتي : " وإذا رهن أحد الشركاء حصته الشائعة في العقار أو جزءاً مفرزا من هذا العقار ، ثم وقع في نصيبه عند القسمة أعيان غير التي رهنها ، انتقل الرهن بمرتبته إلي قدر من هذه الأعيان يعادل قيمة العقار الذي كان مرهونا في الأصل ، ويعين هذا القدر بأمر على عريضة ... " . وأورد التقنين المدني أيضا تطبيقا خاصا برهن المباني القائمة على أرض الغير رهنا رسميا ، فنصت المادة 1038 مدني على أنه " يجوز لمالك المباني القائمة على أرض الغير أن يرهنها ، وفي هذه الحالة يكون للدائن المرتهن حق التقدم في استيفاء الدين من ثمن الأنقاض إذا هدمت المباني ، ومن التعويض الذي يدفعه مالك الأرض إذا استبقي المباني وفقا للأحكام الخاصة بالالتصاق " .

هذا فيما يتعلق بالرهن الرسمي . وأما فيما يتعلق بحق الاختصاص ، فقد نصت المادة 1095 مدني على أن " يكون للدائن البذي حصل على حق الاختصاص نفس الحقوق التي للدائن الذي حصل على رهن رسمي ، ويسرى على الاختصاص ما يسرى على الرهن الرسمي من أحكام ، وبخاصة ما يتعلق بالقيد وتجديده ومحوه وعدم تجزئة الحق وأثره وانقضائه ، وذلك كله مع عد الإخلال بما ورد من أحكام خاصة " . ولم يرد في شأن حق الاختصاص أحكام خاصة تتعارض مع النصوص التي سبق أن ذكرناها في انتقال الرهن الرسمي إلي عوض العقار المرهون ، ومن ثم فإن هذه النصوص تنطبق على حق الاختصاص انطباقها على حق الرهن الرسمي .

وفيما يتعلق برهن الحيازة نصت المادة 1102 / 2 مدني على ما يأتي : " وتسري على الرهن الحيازى أ؛كام المادتين 1048و 1049 المتعلقة بهلاك $ 265 $ الشيء المرهون رهنا رسميا أو تلفه ، وبانتقال حق الدائن من الشيء المرهون إلي ما حل محله من حقوق " . وهذا نص عام ينقل أحكام الحاول العيني في الرهن الرسمي إلي رهن الحيازة . وتطبيقا لذلك نصت المادة 1119 مدني علي أنه " 1 - إذا كان الشيء المرهون مهدداً بالهلاك أو التلف أو نقص القيمة بحيث يخشي أن يصبح غير كاف لضمان حق الدائن ولم يطلب الراهن رده إليه مقابل شيء آخر يقوم بدله ، جاز للدائن أو للراهن أن يطلب من القاضي الترخيص له في بيعه بالمزاد العني أو بسعره في البورصة أو السوق . 2 - ويفصل القاضي في أمر إيداع الثمن عند الترخيص في البيع ، وينتقل حق الدائن في هذه الحالة من الشيء إلي ثمنه " . ثم ورد تطبيق خاص فيما يتعلق بالدين المرهون رهن حيازة ، فنصت المادة 1128 / 1 مدني على أنه " إذ حل الدين المرهون قبل حلول الدين المضمون بالرهن ، فلا يجوز للمدين أن يوفى الدين إلا للمرتهن والراهن معاً ، ولكل من هذه أن يطلب إلي المدين إيداع ما يؤديه ، وينتقل حق الرهن إلي ما تم إيداعه " .

وفيما يتعلق بحقوق الامتياز على عقار ، نصت المادة 1134 / 1 مدني على أن " تسري على حقوق الامتياز الواقعة على عقار أحكام الرهن الرسمي بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة هذه الحقوق .. " . ومن ثم تطبق النصوص الخاصة بالحلول العيني في الرهن الرسمي والتي سبق ذكرها ، على حقوق الامتياز على عقار . وقد أكدت ذلك المادة 1035 مدني حين نصت على أن " يسري الامتياز ما يسري على الرهن الرسمي من أحكام متعلقة بهلاك الشيء أو تلفه " .

وفي عقد التأمين من الحريق ، طبقت المادة 770 / 1 مدني الحلول العيني على مبلغ التأمين ، فنصت على أنه " إذا كان الشيء المؤمن عليه مثقلا برهن حيازي أو رهن تأميني أو غير ذلك من التأمينات العينية ، انتقلت هذه الحقوق إلي التعويض المستحق للمدين بمقتضي عقد التأمين " .

وفي الشفعة ، طبقت المادة 947 مدني الحلول العيني ، فنقلت التأمينات العينية من العقار المشفوع فيه إلي ما حل محله من الثمن ، إذ نصت على أنه " لا يسري في حق الشفيع أي رهن رسمي أو أي حق اختصاص أخذ ضد المشترى ولا أي بيع صدر من المشترى ولا أي حق عيني رتبة أو ترتب ضده ، $ 266 $ إذا كان كل ذلك قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة في الشفعة ويبقى مع ذلك للدائنين المقيدين ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل للمشترى من ثمن العقار " ( $%&[1] ) أنظر في هذه الطائفة الأولى من النصوص وما عرض له الفقه بشأنها : منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 211 – ص 235 – حسن كيرة ص 139 – ص 143 – وقارن إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق سنة 1958 ص 123 هامش 1 . &%$ ) .

( الطائفة الثانية ) وهي خاصة بالحق في الحبس ، فهو ينتقل من الشيء إلي ثمنه بحكم الحلول العيني . وقد نصت المادة 247 / 3 مدني في هذا المعني على ما يأتي : " وإذا كان الشيء المحبوس يخشى عليه الهلاك أو التلف ، فللحابس أن يحصل على إذن من القضاء في بيعه وفقا للأحكام المنصوص عليها في المادة 1119 ، وينتقل الحق في الحبس من الشيء إلي ثمنه " ( $%&[1] ) أنظر في هذه الطائفة الثانية من النصوص وما عرض له الفقه بشأنها : منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 245 – ص 253 . &%$ ) .

( الطائفة الثالثة ) وهي خاصة بحق الانتفاع ، فينتقل هذا الحق من الشيء إلي عوضه بحكم الحلول العيني . وقد نصت المادة 994 / 1 مدني في هذا المعني على ما يأتي : " ينتهي حق الانتفاع بهلاك الشيء ، إلا أنه ينتقل من هذا الشيء إلي ما قد يقوم مقامه من عوض " ( $%&[1] ) أنظر في هذه الطائفة الثالثة من النصوص وما عرض له الفقه بشأنها : منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 254 – ص 266 . &%$ ) .

163 - تطبيقات أخرى للحلول العيني في القانون المدني المصري لم يرد في شأنها نص :

وليست النصوص التي أوردناها فيما تقدم هي كل تطبيقات الحلول العيني في القانون المدني المصري ، فهناك تطبيقات أخرى لم يرد في شأنها نص ، ولكن تسرى عليها القاعدة العامة في الحلول العيني التي تقررها النظرية الحديثة فيما قدمنا . ونذكر من هذه التطبيقات ما يأتي :

1 - الأموال الموقوفة : لم يرد في هذا الشأن نص في التقنين المدني ، سوي أن المادة 52 / 3 نصت على اعتبار الوقف شخصا معنويا . أما قانون الوقف فقد نص صراحة في المادة 14 منه على أن العقار أو المنقول الذي يشترى بأموال بدل العين الموقوفة " يحل محل العين الموقوفة " ، وهذا هو الاستبدال $ 267 $ المعروف في نظام الوقف . وكلامنا هنا مقصور على الوقف الخيري ، بعد إلغاء الوقف الأهلي . فأموال البدل ، كالثمن والتعويض ومبلغ التأمين ومقابل نزع وما يشترى بأموال البدل من عقار أو منقول يحل هو أيضا بحكم القانون محل أموال البدل ، ويصبح موقوفا بمجرد الشراء . ذلك أن العين الموقوفة ابتداء غلتها لجهة معينة ، إذ أنها خصصت لغرض معين . ومن ثم فإن العين التي نشترى بدلا منها تحل محلها حلولا عينيا بحكم القانون ، فتصبح وقفا على نفس الجهة( $%&[1] ) أنظر في هذا المعنى منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 177 – ص 183 – وقد قيل إن مال البدل إنما يخضع للقواعد الخاصة التي كان يخضع لها المال المبدل لا لأنه حل محله ، بل لمجرد أنه مملوك للوقف إذ الوقف شخصي معنوي ( إسماعيل غانم في الذمة المالية ص 105 هامش 2 ) . ويقول الأستاذ منصور مصطفى منصور في الإجابة على هذا الاعتراض : " وهو قول مردود ، إذ لا يمكن قبوله إلا إذا كان الشخص المعنوي لا يمكن أن يتملك اموالا أخرى غير الأموال الموقوفة ، أو كان الأصل أن ما يملكه يعتبر موقوفا بحيث يثبت له هذا الوصف بمجرد تملك هذا الشخص له . ونرى أن كلا الأمرين غير صحيح . فالشخص المعنوي قد يملك اموالا غير الأموال الموقوفة ، كأموال الغلة قبل توزيعها على المستحقين ، والاموال التي تكتسب بفاضل الغلة سواء قدص استغلالها أو كانت لازمة لاستغلال الأموال الموقوفة كآلات الزراعة والمواشي .. إلخ . ومن ناحية أخرى فإن المال لا يعتبر وقفاً لمجرد أنه مملوك لجهة الوقف ، ذلك أن مناط اعتبار المال وقفاً هو حصول الأشهاد على ذلك وضبطه بالمحكمة الشرعية . فالأصل الذي تخضع له أموال الشخص المعنوي هو الحرية لا الحبس ، وهو ما يدعو إلى الحاجة إلى لاحلول العيني حتى يخضع مال البدل للمركز الخاص . وأخيراً فإن المراكز الخاصة قد تتعدد لتعدد الأغراض التي يراد تحقيقها من الأموال الموقوفة في يد نفس الشخص المعنوي ، بحيث يجب دائما الاحتفاظ بالفصل بين طوائف الأموال المخصصة لأغراض مختلفة ، فقد يقف شخص عدة أموال بعضها لتحقيق غرض معين والبعض الآخر لتحقيق اغراض أخرى " ( منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 179 – 180 ) . &%$ ) . ولا حاجة لإشهاد بوقف جديد حتى تصبح العين المشتراة موقوفة ، بل إن مجرد الشراء يجعلها وقفا كما سبق القول .

2 - أموال المؤسسة : أموال المؤسسة ، كالأموال الموقوفة مملوكة لشخص معنوي ، وهي مثلها خاضعة لمركز قانوني خاص لأنها مخصصة لغرض معين هو عمل من أعمال البر أو النفع العام . وقد نصت المادة 69 مدني في هذا المعنى على أن " المؤسسة شخص اعتباري ينشأ بتخصيص مال ، مدة غير $ 268 $ معينة ، لعمل ذي صفة إنسانية أو دينية أو علمية أو فنية أو رياضية أو لأي عمل آخر من أعمال البر أو النفع العام ، دون قصد إلي أي ربح مادي " . وليس الوقف في الواقع من الأمر إلا مؤسسة تخضع للأحكام المعروفة في الشريعة الإسلامية . ويجوز الاستبدال في أموال المؤسسة كما يجوز الاستبدال في الأموال الموقوفة ، ويتحقق الحلول العيني في المؤسسة كما يتحقق في الوقف . فإذا استبدل بمال للمؤسسة مال آخر ، فإن هذا المال الآخر يحل حلولا عينيا محل المال الأول ، ويخضع للمركز القانوني الخاص الذي تخضع له أموال المؤسسة ، ويصبح مخصصا للأغراض التي كان المال الأول مخصصا لها( $%&[1] ) ولا يعترض هنا ، كما لا يعترض في الوقف ، بأن المؤسسة شخص معنوي فالمال الذي يستبدل ويدخل في ملكها يصبح خاضعا لنظامها ، لا بحكم العيني ، بل بحكم أنه أصبح مالا مملوكا للمؤسسة . والرد على هذا الاعتراض هو نفس الرد على الاعتراض الذي رأيناه في الوقف ( أنظر منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 185 ) .  &%$ ) . وكالاستبدال الاختياري تبديل أموال المؤسسة جبرا ، كما لو نزعت ملكيتها للمنفعة العامة ، أو هلكت بتعد ووجب التعويض ، أو تلفت وكان مؤمنا عليها فاستحق مبلغ التأمين( $%&[1] ) أنظر في هذه المسألة منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 184 – ص 189 " . &%$ ) .

3 - ملكية الأسرة : تنص المادة 851 مدني على أن " لأعضاء الأسرة الواحدة ، الذين تجمعهم وحدة العمل أو المصلحة ، أ ، يتفقوا كتابة على إنشاء ملكية للأسرة . وتتكون هذه الملكية إما من تركة ورثوها واتفقوا على جعلها كلها أو بعضها ملكا للأسرة ، وإما من أي مال آخر مملوك لهم اتفقوا على إدخاله في هذه الملكية " . وتنص المادة 853 / 1 مدني على أنه " ليس للشركاء أن يطلبوا القسمة مادامت ملكية الأسرة قائمة ، ولا يجوز لأي شريك أن يتصرف في نصيبه لأجنبي عن الأسرة إلا بموافقة الشركاء جميعا " . وتنص المادة 854 / 1 مدني على أن " للشركاء أصحاب القدر الأكبر من قيمة الحصص أن يعينوا من بينهم للإدارة واحدا أو أكثر ، وللمدير أن يدخل على ملكية الأسرة من التغيير في الغرض الذي أعد له المال المشترك ما يحسن به طرق الانتفاع بهذا المال ، ما لم يكن هناك اتفاق على غير ذلك " . ونرى من هذه النصوص أن ملكية الأسرة مال شائع بين أفراد الأسرة ، وقد خصص لغرض معين يرجع إلي $ 269 $ وحدة العمل أو المصلحة التي تجمع ما بين أفراد الأسرة . وأخضع لمركز قانوني خاص يكفل تحقيق هذا الغرض . ويقضى هذا المركز القانون بأنه لا يجوز للشركاء أن يطلبوا القسمة مادامت ملكية الأسرة قائمة ، ولا يجوز لشريك أن يتصرف في نصيبه لأجنبي إلا بموافقة الشركاء ، جميعا ويعين من بين أفراد الأسرة مدير لهذا المال له سلطة واسعة في إدارته لتحسين طرق الانتفاع به . فهذه شروط الحلول العيني كلها متوافرة . ويترتب على ذلك أنه إذا أبدلت يعين من مال الأسرة عين أخرى ، بسبب تصرف قانون أو هلاك أو نزع ملكية أو عقد تأمين أو غير ذلك . فإن هذه العين الأخرى تحل محل العين الأولى حلولا عينيا بحكم القانون ، وتصبح مثلها جزءا من مال الأسرة . مخصصة لنفس الغرض ، وخاضعة للمركز القانوني الخاص الذي تخضع له سائر أموال الأسرة( $%&[1] ) أنظر في هذه المسألة منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 205 – ص 210 – ويقول في النهاية : " فإذا صح ما ذهبنا إليه بالنسبة لملكية الأسرة ، فإنه يسري أيضاً في الشيوع العادي إذا اتفق على البقاء في الشيوع مدة معينة ، وحيث لا يجوز طلب القسمة خلال هذه المدة . فإذا استبدل بمال من الأموال المملوكة على الشيوع والتي تلزم بطبيعتها لاستغلال الأموال الأخرى مال آخر ، فإن المال المستبدل يدخل بقوة القانون في الأموال الشائعة ، ويسري بالنسبة إليه الاتفاق على البقاء في الشيوع إلى أن تنتهي المدة المتفق عليه " ( منصور مصطفى منصور في الحلول العيني فقرة 122 ص 210 ) . &%$ ) .

4 - الأموال التي لا يجوز التصرف فيها : قد تكون هناك أموال لا يجوز التصرف فيها ، فتخضع لمركز قانوني خاص تحقيقا لغرض معين من ذلك ما نصت عليه المادة 823 مدني من أنه " 1 - إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضى بمنع التصرف في مال ، فلا يصح هذا الشرط مالم يكن مبنيا على باعث مشروع ، ومقصورا على مدة معقولة . 2 - ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير 3 - والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير " . ثم نصت المادة 824 مدنى على أنه " إذ كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحا طبقا لأحكام المادة السابقة ، فكل تصرف مخالف له يقع باطلا " . كذلك يكون المال غير جائز التصرف فيه بحكم القانون بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية ( م 616 مرافعات ) ، $ 270 $ إذ يصبح مخصصا لوفاء الدين وخاضعا لمركز قانوني خاص . ففي هذه الحالة وفي الحالة المتقدمة ، يكون المال غير الجائز التصرف فيه مستوفيا لشروط الحلول العيني ، فهو مال خاضع لمركز قانوني خاص إذ لا يجوز التصرف فيه ، وكل تصرف يقع باطلا لأن عدم التصرف يعتبر تكليفا عينيا يتصل بذات المال . ثم هو مخصص لتحقيق غرض معين ، قد يكون حماية مصلحة مشروعة لمشترط عدم التصرف أو لمن تصرف له هذا المشترط أو للغير ، وقد يكون وفاء دين ينفذ به على المال . فإذا أبدل بهذا المال مال آخر عن طريق التبديل الجبري ، كأن هلك هذا المال أو نزعت ملكيته للمنفعة العامة ، أو حتى عن طريق التصرف القانوني كأن أذن القاضي في التصرف فيه بالرغم من عدم جواز التصرف لضرورة أو مصلحة كأن كان آيلا للتهدم وأريد بيعه أنقاضا أو كان قليل المنفعة ويمكن استغلال قيمته بطريقة أفضل ، فإن المال الآخر يحل محل المال الممنوع التصرف فيه حلولا عينيا بحكم القانون ، ويصبح خاضعا لنفس المركز القانوني الخاص فيصير هو أيضا غير قابل للتصرف فيه ، تحقيقا لنفس الغرض الذي كان المال الأول مخصصا له( $%&[1] ) أنظر في هذه المسألة منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 190 – ص 201 .&%$ ) .

5 - أموال القاصر من كسبه الخاص : تنص المادة 63 / 1 من قانون الولاية على المال ( المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 ) على أن " يكون القاصر الذي بلغ السادسة عشرة أهلا للتصرف فيما يكسبه من عمله من أجر أو غيره ، ولا يجوز أن يتعدى أثر التزام القاصر حدود المال الذي يكسبه من مهنته أو صناعته " ( $%&[1] ) أنظر أيضاً المادة 61 من قانون الولاية على المال ، وتنص على أن " للقاصر أهلية التصرف فيما يسلم له أو يوضع تحت تصرفه عادة من مال لأغراض نفقته ، ويصح التزامه المتعلق بهذه الأغراض في حدود هذا المال فقط " . وكذلك تنص المادة 60 من نفس القانون على أنه " إذا أذنت المحكمة في زواج القاصر الذي له مال ، كان ذلك اذنا له في التصرف في المهر والنفقة ، ما لم تأمر المحكمة بغير ذلك عند الإذن أو في قرار لاحق " . وقد يؤذن للقاصر الذي بلغ الثامنة عشرة ف يتسلم بعض أمواله لادارتها على وجه معين ، وقد يؤذن له في الاتجار ببعض ماله ( أنظر المواد 54 – 59 من قانون الولاية على المال ) . &%$ ) . فكسب القاصر الذي بلغ السادة عشرة من عمله هو مال خاضع لمركز قانوني خاص ، يتميز به عن سائر أموال القاصر . ففي حين $ 271 $ لا يستطيع القاصر التصرف في سائر أمواله أو إدارتها إلا بإذن الولى أو الوصى وفي حدود مقررة ، إذا به يستطيع الإدارة والتصرف دون إذن من أحد في كسبه من عمله الخاص ، ويستطيع أن يلتزم التزاما صحيحا في حدود هذا المال . وهذا المركز القانوني الخاص الذي أخضع له كسب القاصر من عمله يراد به تحقيق غرض خصص له هذا الكسب ، هو تشجيع القاصر على الكسب ما أمكنه ذلك وتدريبه في الوقت ذاته على التعامل في مال لم يقتطعه من رأس ماله وإنما حصل عليه من عمله . ومن ثم تكون شروط الحلول العيني متوافرة ، ويترتب على ذلك أنه لو أبدل بمال من كسب القاصر الخاص مال آخر ، سواء كان ذلك بتصرف القاصر أو بهلاك المال أو ينزع ملكيته أو بغير ذلك من الأسباب ، فإن المال الآخر يحل بحكم القانون حلولا عينيا محل المال الأول ، ويخضع لنفس المركز القانوني الخاص . وعلى ذلك يعتبر المال الآخر في حكم المال الذي كسبه القاصر من عمله ، وتسرى عليه أحكامه ، فيستطيع إدارته والتصرف فيه دون إذن ، تحقيقا لنفس الغرض الذي خصص له كسب القاصر( $%&[1] ) انظر في هذه المسألة منصور مصطفي في الحلول العيني ص 202 – ص 204 .&%$ ) .

6 - أموال التركة : إذا كانت التركة غير مدينة ، فلا شك في أن ملكيتها تنتقل بموت المورث إلي الورثة ، وتختلط أموالها بأموالهم الشخصية ، فلا تتعدد ذممهم المالية ، ولا يكون هناك مجال لإ 7عمال الحلول العيني . أما إذا كانت التركة مدينة ، ولو بديون لا تستغرقها ، فهناك مبدآن يبدو في الظاهر أ ،هما متعارضان . المبدأ الأول يقضى بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، والمبدأ الثاني يقضى بانتقال ملكية أموال التركة إلي الورثة بمجرد موت المورث . ووجه التعارض هو أنه ما دمنا قد سلمنا بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، فكيف تنتقل ملكية أموال التركة إلي الورثة بمجرد موت المورث وقبل سداد الدين؟ هذا التعارض ظاهري كما قدمنا . فإن المعنى المقصود من المبدأ القائل بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، هو أن دائني التركة يستوفون حقوقهم أولا من أموال التركة ، مقدمين في ذلك على دائني الورثة ، ومقدمين على الورثة أنفسهم فلا يخلص لهؤلاء ملكية أموال التركة إلا بعد أن يستوفى دائنوها حقوقهم . ولكن ملكية هذه الأموال تنتقل – طبقا لبعض المذاهب في الفقه الإسلامي - $ 272 $ إلي الورثة بمجرد موت مورثهم ، على أن تكون محملة بديون التركة فيصبح الورثة مالكين لأعيان التركة بمجرد موت مورثهم ، ولكن هذه الأعيان تكون محملة بحق عيني – أقرب إلي أن يكون حق امتياز – لمصلحة دائني التركة ، يستطيعون بموجبه أن يتقدموا في استيفاء حقوقهم من أموال التركة على دائني الورثة ، ويستطيعون بموجبة أيضا أن يستوفوا حقوقهم بالرغم من أن ملكية أموال التركة قد انتقلت إلي الورثة ، كما يستوفى الدائن صاحب حق الامتياز حقه من المال المحمل بالضمان وهو في ملك المدين . وبذلك يتيسر التوفيق بين المبدأين المتعارضين ظاهراً ، وتنتقل أموال التركة إلي الورثة بمجرد موت المورث ، ومع ذلك لا تكون هناك تركة إلا بعد سداد الدين أي أن دائني التركة يتقدمون في استيفاء حقوقهم على دائني الورثة وعلى الورثة أنفسهم( $%&[1] ) أنظر في هذا المعنى شفيق شحاته ص 12 – ص 13 – إسماعيل غانم في الذمة المالية فقرة 26 – فقرة 35 – منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 240 . &%$ ) . ويترتب على ذلك أن الوارث ، بعد انتقال الشركة إلي ملكه ، يجمع بينها وبين ماله الخاص ، فتكون له ذمتان ماليتان منفصلتان ما دامت ديون التركة لم تستوف . ومن ثم يكون هناك مجال لإعمال الحلول العيني ، فهناك إلي جانب أموال الوارث الشخصية مال يخضع لمركز قانوني خاص هو مال التركة ، ويقضى هذا المركز القانوني الخاص بأن يكون مال التركة مخصصا لوفاء دائنيها ، وبأن يكون هؤلاء الدائنون مقدمين في ذلك على دائني الوارث . وبذلك تتوافر شروط الحلول العيني ، فإذا أبدل بعين من أعيان التركة عين أخرى ، بسبب تصرف قانوني أو هلاك أو تلف أو نزع ملكية للمنفعة العامة أو غير ذلك ، فإن العين الأخرى تحل بحكم القانون حلولا عينيا محل العين الأولى ، وتخضع لنفس النظام القانوني الخاص ، وتكون مخصصة لنفس الغرض أي لوفاء ديون التركة ، ويكون الوارث في الشريعة الإسلامية أشبه ما يكون بالوارث في القانون الفرنسي الذي قبل الميراث بشرط الجرد ، فهذا الوارث أيضا له ذمتان ماليتان ، ويتحقق الحلول العيني إذا أبدل بمال من التركة التي قبلها بشرط الجرد مال آخر ويستوى ، فيما قدمناه في الشريعة الإسلامية والقانون المصري ، أن تكون التركة قد خضعت لإجراءات التصفية أو لم تخضع لها( $%&[1] ) منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 241 – ص 243 – وانظر في المسألة نفس المرجع ص 236 – ص 244 – وقارن إسماعيل غانم فيما قدمناه من أنه يرى أن تعد الذمة لا يكون إلا إذا عين مصف للتركة ( أنظر آنفاً فقرة 146 ) . &%$ ) . ففي الحالتين يتحقق $ 273 $ الحلول العيني في أموال التركة على الوجه الذي بسطناه( $%&[1] ) وهناك تطبيقات أخرى للخلول العين أقل أهمية ، نجدها متناثرة في الفقه والقضاء ، ففي الفقه مثلا يستطيع الدائن رفع الدعوى البولصية ضد خلف الخلف إذا تلقى هذا حقه بعوض وكان حسن النية ، فيقصر الدائن دعواه على المدين والخلف وينفذ بحقه على المقابل الذي أخذه هذا الأخير . والمقابل الذي ينفذ عليه الدائن بحقه قد حل محل الحق الذي كان ضمانا للدائن ، وهذا نوع من الحلول العيني ( أنظر نظرية العقد للمؤلف فقرة 739 ص 813 هامش 1 – منصور مصطفى منصور في الحلول العيني ص 282 ) – وفي القضاء قضت  محكمة النقض بأن بيع البضاعة المتعاقد عليها بأمر من القضاء المستعجل خشية تلفها حتى يفصل في النزاع القائم بين الطرفين بشأن البيع الصادر بينهما لا يؤدي إلى انفسلخ هذا العقد ، ولا يسوغ في ذاته الفسخ ، إذ أن بيع البضاعة على هذا الوجه لا يقاس بهلاك الشيء المبيع الموجب لانفساخ عقد البيع . ذلك أن هلاك الشيء المبيع هو زواله من الوجود بمقوماته الطبيعية بسبب آفة سمادية أو حادث مادي بفعل إنسان . أما بيع الشيء بأمر القضاء المستعجل خشية التلف فهو إجراء وقتي قصد به صيانة الشيء المبيع من الهلاك ، وحفظ قيمته لحساب من يقضي بالتسليم إليه ، ونقل النزاع الذي كان دا ئراً حول عين معينة إلى بديلها وهو الثمن المتحصل من بيعها ، وهو الذي ينصرف إليه أثر البيع ( نقض مدني 21 فبراير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 20 ص 158 ) .

   وهناك تطبقات للحلول العيني خاصة بالقانون الفرنسي . منها أن المفقود يسترد عند ظهوره حيا ثمن الأموال التي تصرف فيها وارثه والاموال التي كسبت بالثمن الذي بيعت به أمواله ( م 132 مدني فرنسي – أما في مصر فأحكام الشريعة الإسلامية هي التي تطبق ، ولا يسترد المفقود إلا الأعيان بذاتها من ماله التي توجد بيد الوارث ) . ومنها ما يتحقق من حلول عيني في النظم المالية المختلفة للزواج : في أموال الدوطة ، وفي الأموال المشتركة بين الزوج والزوجة ، وفي الأموال الخاصة بكل من الزوجين ، وفي كسب الزوجة من عملها الخاص ( biens reserves ) . ومنها رجوع الواهب في تركة الميت بما وهبه إياه ( sucession anomaie, retour successoral ) . &%$ ) . $ 274 $

الباب الثاني

الأشياء غير المادية والحقوق التي ترد عليها

164 - الحق غير المادي والشيء غير المادي - نص قانوني : يقال في بعض الأحيان إن الحق يكون إما ماديا ( corporel ) ، أو غير مادي ( incorporel ) . وهذا القولا لا أساس له ، ذلك لأن الحق يكون دائما غير مادي . والمادي هو الشيء محل الحق ، أما الحق فهو معنوي أي يقوم في الفكر مجردا غير محسوس . وكل من الحق العيني والحق الشخصي - وهما الحقان اللذان يقعان على الشيء المادي - هو معنوي ، ولا يمكن أن يكون ماديا . فحق الملكية معنوي يقع على شيء مادي ، وكذلك الحقوق العينية الأخرى أصلية كانت أو تبعية ، كحق الانتفاع وحق الارتفاق وحق الرهن وحق الامتياز . والحقوق الشخصية جميعها ، سواء كانت محلها نقل حق عيني أو كان عملا أو امتناعا عن عمل ، معنوية لا مادية ، وإن كانت تتعلق بأشياء مادية .

ويرجع إلي القانون الرومان القول بالحق المادي ، أي الخلط بين الحق ومحله . فقد كان فقهاء الرومان يميزون حق الملكية يفارق سائر الحقوق بأنه يعطى صاحبه أوسع السلطات على الشيء الذي يقع عليه ، فيستغرق الحق الشيء في نظر هؤلاء الفقهاء . ومن ثم سهل عليهم أن يخلطوا ما بين حق الملكية وهو غير مادي كما قدمنا كسائر الحقوق ، وبين الشيء وهو مادي دائما . وترتب على هذا الخلط بين الحق ومحله أن كسب حق الملكية في نظرهم طبيعة الشيء ، فصار هو أيضا ماديا مثله . ومن هنا استطاع الفقه الروماني أن يقسم الحقوق إلي مادية وهذا هو حق الملكية على الوجه الذي بسطناه ، وإلي غير مادية وهذه هي الحقوق جميعا عن عينيه وشخصية ما عدا حق الملكية . والصحيح هو ما قدمنا $ 275 $ من أن جميع الحقوق ، ويدخل فيها حق الملكية ، غير مادية ، أي لا تدرك إلا بالفكر ، وليس لها جسم محسوس تتمثل فيه كما تتمثل الأشياء المادية في أجسام محسوسه .

وإذا كانت التقسيم ما بين مادي وغير مادي لا يرد على الحقوق لأنها كلها غير مادية ، فإنه يرد على الأشياء ، فمنها المادي ( corporel ) وهو الغالب ومنها غير المادي ( intellectuel ) . وقد كانت الأشياء المادية وتقسيماتها والحقوق التي ترد عليها محل البحث في الباب الأول . أما هنا في الباب الثاني ، فمحل البحث هو الأشياء غير المادية والحقوق التي ترد عليها . والحقوق التي ترد على الأشياء غير المادية هي من باب أولى غير مادية ، وعلى ذلك تكون كل الحقوق غير مادية ، سواء وقعت على شيء مادي أو على شيء غير مادي .

والشيء غير المادي هو شيء لا يدرك بالحس ، وإنما يدرك بالفكر ، وأكثر الأشياء غير المادية هي تنائج الذهن ، ولذلك أمكنت تسميتها بالأشياء الذهنية ( choses intellectuelles ) ، وأمكن أن تسمى الحقوق التي ترد عليها بالحقوق الذهنية ( droits intellectuels ) . وننظر الآن ما هي الحقوق التي ترد على الأشياء المادية ، وكثرتها الغالبة تنظمها تشريعات خاصة ، وقد نصت المادة 86 مدني على أن " الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 117 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " الأموال المعنوية هي التي ترد على شيء غير مادي " . وفي لجنة المراجعة عدل النص على الوجه الآتي " الأموال التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة " ، وأصبح رقمه 88 في المشروع النهائي . وأقره مجلس النواب تحت رقم 88 . وفي لجنة مجلس الشيوخ تقدم اقتراح من بعض مستشاري محكمة النقض بتعديل النص على الوجه الآتي : " الملكية الأدبية والفنية والصناعية تنظمها قوانين خاصة " ، ورأوا في الوقت ذاته أن المشروع هو الفرصة المناسبة لتنظيم هذه الملكية ذلك التنظيم المرتقب من سنة 1883 . فرد مندوب الحكومة بأن الحقوق التي ترد على شيء غير مادي لا تقتصر عى هذه الانواع الثلاثة من الملكية ، وإنما تجاوزها إلى أنواع أخرى كملكية المحل التجاري بوصفه مجموعا من الحقوق والديون التي صدرت تشريعات خاصة تنظم المعاملات المتعلقة بها ، ولو أخذ بالاقتراح لقصر النص عن الاعراب عن دلالته . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن أبعد جهة توضع فهيا أحكام الملكية الأدبية والفنية والصناعية هي القانون المدني ، ولم يسلك أي من القوانين الحديثة السبيل المقترح ، لأن تنظيم هذا النوع من الملكية ليس مجرد مسألة داخلية ، بل إن لهذا النظام جانبا دوليا هو الذي تحت نظر من ارتبط من الدول باتفاقية جنيف التي عقدت في هذا الشأن ولم تر مصر الانضمام إليها . وإزاء هذه الاعتبارات التي راعتها التقنينات المدنية بوجه عام في اغفال تنظيم هذه الملكية ، وإزاء ما هو معلوم من تشعب الأحكام الخاصة بهذا التنظيم ودقة المسائل التي تثيرها ولاسيما في المرحلة الراهنة من حياة الثقافة في مصر ، لا يسع الحكومة إلا أن ترجو اللجنة إقرار مسلك المشرع في مجرد الإحالة إلى تشريع خاص . وقد قررت لجنة مجلس الشيوخ عدم الأخذ بالاقتراح المقدم ، وبقاء المادة على أصلها مع استبدال كلمة " الحقوق " بكلمة " الأموال " لأن الأولى أدق في بيان المقصود . وأصبح رقم المادة 86 . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 475 – ص 477 ) .

  ويقابل النص في التقنين المدني الوطني السابق المادة 12 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " يكون الحكم فيما يتعلق بحقوق المؤلف في ملكية مؤلفاته وحقوق الصانع في ملكية مصنوعاته على حسب القانون المخصوص بذلك " . ولم يكن لهذا النص مقابل في التقنين المدني .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية : التقنين المدني السوري م 89 ( مطابق ) – التقنين المدني الليبي م 86 ( مطابق ) . التقنين المدني العراقي م 70 وتجري على الوجه الآتي : " 1 – الأموال المعنوية هي التي ترد على شيء غير مادي ، كحقوق المؤلف والمخترع والفنان . 2 – وتبع في حقوق المؤلفين والمخترعين والفنانين وعلامات التجارة ونحو ذلك من الأموال المعنوية أحكام القوانين الخاصة " – قانون الملكية العقارية اللبنانين لا مقابل . &%$ ) . $ 276 $

165 - الحقوق التي ترد على الأشياء غير المادية : أكثر هذه الحقوق كما قدمنا هي حقوق ذهنية ، والحقوق الذهنية هي حق المؤلف ( droit dàuteur ) وهو ما اصطلح على تسميته بالملكية الأدبية والفنية ( proptiêtê litêraire at artistique ) ، والحقوق المتعلقة بالرسالة ( droits sur les lattres missives ) وهي ما اصطلح على تسميتها بملكية الرسائل ( propriêtê des lettes missives ) ، وحق المخترع ( droit d'inventeur ) وهو ما اصطلح على تسميته بالملكية الصناعية ( propriêtê industrielle ) . ويجمع ما بين هذه الحقوق جميعا أنها حقوق ذهنية كما قدمنا ، فهي نتاج الذهن وخلقه وابتكاره ، ونتولى بحثها في هذا الباب .

ونترك حقوقا أخرى ترد على أشياء غير مادية هي الحقوق التي يتكون منها المتجر ( founds de commerce )( $%&[1] ) ويتكون المتحرر من عناصر مادية كالبضائع والمهمات ، وعناصر معنوية أهمها ما يأتي : الحق في العملاء ( droit à la clientêle ) ، والحق في الإيجار ( droit au bail ) ، والسمعة التجارية أو الصقع ( achalandage ) ، والاسم التجاري ( nom commercial ) والعنوان التجاري ( raison sociale ) ، والشارة أو السيماء ( enseigne ) .&%$ ) ، وقد اصطلح على تسميتها هي وسندات $ 277 $ التداول التجارية ( titres nêgociables )( $%&[1] ) وسندات التداول التجارية نوعان : النوع الأول هو الأوراق المالية ( valeurs mobiliêres ) ، وهي الأسهم والسندات وسندات قروض الدولة . والنوع الثاني هو الأوراق التجارية ( offets de commerce ) ، وهي الكمبيالات والسندات الإذنية والشيكات .&%$ ) بالملكية التجارية ( propriêtê commerciale ) ، لأن هذه الحقوق والمستندات هي من صميم مباحث القانون التجاي .

ونفرد الفصل الأول من هذا الباب لحق المؤلف لأهميته ، ونعرض في الفصل الثاني للحقوق المتعلقة بالرسالة ، ثم لحق المخترع في إيجاز إذ هو أدخل في مباحث القانون التجاري( $%&[1] ) ويوجد أخيراً ما اصطلح على تسميته بالملكية العلمية ( properiêtê acientifique ) ، وهي حق يقع على الفكر المجرد ، دون أو قبل أن يتخذ لبسا ماديا من كتاب أو تصوير أو صوت أو حركة ، إذ يصبح بعد اتخاذ هذا الثوب ملكية أدبية أو فنية أو صناعية – انظر في الملكية العلمية : vigneron رسالة من باريسة سنة 1925 - syzanne muncier رسالة من نانسي سنة 1925 - Nettre رسالة من باريس سنة 1925 - Robin رسالة من باريس سنة 1928 – vivante في حوليات القانون التجاري سنة 1924 ص 104 - Roubier في الأسبوع القضائي سنة 1925 ص 201 - Olagnier في حق العلماء سنة 1938 .&%$ ) .

وقبل ذلك نقول كلمة في طبيعة هذه الحقوق الذهنية التي ترد على الأشياء غير المادية ، وهل هي حقوق ملكية كما يطلق عليها عادة ، أو هي حقوق تختلف بطبيعتها عن حق الملكية .

166 - طبيعة الحقوق الذهنية التي ترد على الأشياء غير المادية : اشتد الجدل في تكييف طبيعة الحقوق الذهنية التي ترد على الأشياء غير المادية ، فقد بلغ التحمس بفريق أن عدوا حق المؤلف ، لا حق ملكية فحسب ، بل هو من أقدس حقوق الملكية( $%&[1] ) يؤثر عن لامارتين قوله عن حق المؤلف : ( la plus sainte des propriêtês )&%$ ) . وملكية الإنسان لنتاج ذهنه وتفكيره ولمبتكراته العقلية ، كما يقول هذا الفريق ، هي الملكية التي تتصل بالصميم من نفسه ، وتتجسم فيها شخصيته . وهي أولى كثيرا بالحماية من الملكية المادية ، التي تقتضى حتما أن يستحوذ الإنسان على أشياء مادية قد لا تكون من صنع يده ولا من نتاج عقله . وكان هذا التحسس ضروريا حتى يستقر في الأذهان أن $ 278 $ نتاج الفكر ، وهو شيء غير مادي يخرج عن العالم المحسوس فلا تحويه اليد ولا تتعلق به الحيازة ، يمكن أن يكون كالشيء المادي محلا للملكية . وترددت أصداء هذه الدعاية في جميع النواحي ، حتى نجحت في خلع وصف الملكية على حق المؤلف وحق المخترع ، فأصبح الفقه ، بل والتشريع نفسه ، يتحدث عن الملكية الأدبية والفنية والصناعية . وعندما أصدر المشرع الفرنسي قانون 11 مارس سنة 1957 ليحل محل التشريعات التي سبقته في حق المؤلف والمخترع ، وصف هذا الحق بأنه " حق ملكية معنوية مانع ونافذ بالنسبة إلي الناس كافة "

( droit de propriêtê incorporelle exculusif et opposable à tous )( $%&[1] ) أما في مصر ، فإن قانون حماية المؤلف ( رقم 354 لسنة 1954 ) قد تجنب عمداً أن يصف حق المؤلف بأنه حق ملكية ، مؤثراً عدم الخوض في هذه المسألة التي يجدر تركها للفقه والقضاء يساير أن فيها مقتضيات التطور ، وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور : " وقد رؤى في المشروع المطروح ... عدم التقيد بنظرية معينة ، وعدم إيراد نص لتعريف طبيعة حق المؤلف القانونية ، على أن يترك ذلك لاجتهاد القضاء ورجال الفقه ، وخاصة وأن مثل هذه النظريات تخضع لتطور دائم متصل بتطور الجماعة الإنسانية ذاتها " .&%$ ) .

ووقف في وجه هذا الفريق المتحمس فريق آخر ينكر على حق المؤلف والمخترع أن يكون حق ملكية ، ويتحمس هو أيضا في هذا الإنكار( $%&[1] ) انظر P .J .Proudhon, Ch . Reuouard وقد أشير إليهما في بلانيول وريبير وبيكار 3 ص 377 هامش 1 .&%$ ) .

وإذا كان المقصود بعبارة " الملكية الأدبية والفنية والصناعية " هو تأكيد أن حق المؤلف والمخترع يستحق الحماية كما يستحقها حق المالك ، فهذا صحيح . وهذا هو المعنى الذي قصد إليه أولا ، عندما استعملت هذه العبارة للدعاية والكفاح في سبيل حماية حق المؤلف . أما إذا كان المقصود أن حق المؤلف والمخترع هو حق ملكية حقيقي ، وأن الحق إذا وقع على شيء غير مادي لا يختلف في طبيعته عما إذا وقع على شيء مادي ، فهذا أمر في حاجة إلي إمعان في النظر .

ذلك أن الشيء غير المادي هو شيء لا يدخل في عالم الحس ولا يدرك إلا بالفكر المجرد ، فهو حتما يختلف في طبيعته عن الشيء المادي الذي يدرك الحس وله جسم يتمثل فيه . فإذا خطونا خطوة أخرى ، وتصورنا أن هذا $ 279 $ الشيء غير المادي هو الفكرة من خلق الذهن وابتكاره ، أدركنا المدى والواسع الذي يفصل ما بين عالم الفكر وعالم المادة . فالمادة تؤتي ثمارها بالاستحواذ عليها ، والاستئثار بها . أما الفكر فعلى النقيض من ذلك . يؤتي ثماره بالانتشار لا بالاستئثار ، وبالانتقال من شخص إلي آخر بحيث يمتد إلي أكبر مجموع ممكن من الناس يقتنعون به ويستقر في أذهانهم ، وعندئذ يمكن القول بأن الفكر قد أتى حقا ثماره . صحيح أن الفكر يحتاج إلي مجهود عقلي ، والمجهود العقلي لا شك في أنه عمل مضن شاق . ولكن جزاء المجهود ليس حتما هو الملكية ، بل إن جزاءه هو الأجر ، شأنه في ذلك شأن أي عمل آخر مادي أو فكري . ولا أحد ينكر على المؤلف أو على المخترع حقه في الجزاء المالي على عمله ، ولكن هذا الجزاء ليس هو الملكية التي تتنافى طبيعتها مع طبيعة الفكر ، بل هو الحق المالي للمؤلف أو المخترع في احتكاره استثمار فكره مادام حيا ولمدة معقولة بعد وفاته .

وتتنافى طبيعة الملكية مع طبيعة الفكر من ناحيتين : ( الناحية الأولى ) أن الفكر لصيق بالشخصية بل هو جزء منها ، ومن ثم فقد وجب تقييد نتاج الأدبي . وهذا الحق من شأنه أن يمكن المؤلف ، حتى بعد أن يبيع حقه المالي نشره ، بل وله أن يتلفه بعد أن يعوض الناشر ، وبذلك يستطيع أن يرجع بإرادته وحده فيما سبق له إجراؤه من التصرف . أما من يتصرف في شيء مادي تصرفا باتا ، فليس له بإرادته وحده أن يرجع في هذا التصرف ، ولو في مقابل تعويض( $%&[1] ) والحق الأدبي للمؤلف على النحو الذي بسطناه ، ليس حق ملكية ، أو حقا عينيا ، بل هو حق من حقوق الشخصية ، يجب تمييزه بدقة عن الحق المالي الذي نبحثه هنا وحده لنتبين طبيعته ( انظر ما يلي فقرة 233 ) .&%$ ) . ( الناحية الثانية ) أن الفكر كما قدمنا حياته في انتشاره لا في الاستئثار به ، وإذا كان صاحب الفكر هو الذي ابتدع نتاج فكره ، فالإنسانية شريكه له من وجهين . وجه تقضى به المصلحة العامة ، إذ لا تتقدم الإنسانية إلا بفضل انتشار الفكر . ووجه آخر يرجع إلي أن صاحب الفكر مدين على نحو ما للإنسانية ، ففكرة ليس إلا حلقة في سلسلة ، تسبقها $ 280 $ حلقات وتتلوها حلقات . فهو إذا كان قد أعان من لحقه ، فقد استعان بمن سبقه . ومقتضى ذلك ألاَّ يكون حق المؤلف أو المخترع حقا مؤبدا كما هو شأن الملكية المادية . وإذا كانت الملكية المادية لا تستعصي على التأبيد بل هي تقتضيه كما سنرى ، فإن الحق في نتاج الفكر لا يجوز أن يكو ن مؤبدا بل لابد فيه من التوقيت .

من أجل ذلك يجب أن ننفي عن حق المؤلف أو المخترع صفة الملكية ، فالملكية حق استئثار مؤبد ، في حين أن حق المؤلف أو المخترع حق استغلال موقت . وقد أحسنت محكمة النقض الفرنسية عندما نفت ، منذ عهد بعيد ، عن حق المؤلف صفة الملكية ، وكيفته بأن " حق امتياز احتكاري لاستثمار موقوت " ( privilàge exclusive d’une exploitation temporaire ) ( $%&[1] ) نقض فرنسي 25 يوليه سنة 1887 سيريه 88 – 1 – 17 – 25 يونيه سنة 1902 داللوز 1903 – 1 – 5 . وأكثر الفقهاء في فرنسا من هذا الرأي : ديبوا فقرة 232 – فقرة 233 وفقرة 259 وما بعدها – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 574 ص 578 ومع ذلك انظر فقرة 564 – روبييه في حق الملكية الصناعية 1 فقرة 21 ، ومقاله في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1935 ص 383 – بيدان فواران 4 فقرة 161 ص 172 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3450 وفقرة 3474 – جوليودي لامور انديير 1 فقرة 55 وفقرة 1476 – وقارب كاربونييه 2 ص 281 – 282 .

وهناك من الفقهاء الفرنسيين من يذهب إلى أن حق المؤلف أو المخترع هو حق ملكية حقيقية : جوسران 1 فقرة 1527 – بنكاز 5 فقرة 388 – مارتي ورينو 2 فقرة 429 – Moussarbon في حق المخترع رسالة من مونبلييه سنة 1961 .&%$ ) . وإذا اعترض على هذا القول بأنه أقرب إلى الوصف منه إلى التكييف ، وبأنه لا يحلل حق المؤلف ولا ينفذ إلى طبيعته ، أمكن أن يضاف إلى ما قالت محكمة النقض أن حق المؤلف هو أولا حق كسائر الحقوق . وخصيصته أن يقع على شيء غير مادي ، وهذا يقتضي مطاوعته لطبيعة الأشياء غير المادية ، ويبتعد به عن أن يكون حق ملكية . ولكن ذلك لا يمنع من أنه يشارك الحق العيني الأصلي في خصائصه ، فهو سلطة تنصب مباشرة على شيء معين ، وإن كان شيئا غير مادي ، وهذه السلطة نافذة في حق الناس كافة ( $%&[1] ) وحق المؤلف أو المخترع هو ، في الواقع من الأمر ، أقرب إلى حق الانتفاع منه إلى حق الملكية ، ولولا أنه يبقى بعد موت صاحبه لمدة موقوتة .

&%$ ) .

 $ 281 $ ويخلص من ذلك أن حق المؤلف أو المخترع ليس حق ملكية ، بل هو حق عيني أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته الخاصة ، وترجع هذه المقومات إلى أنه يقع على شيء غير مادي ( $%&[1] ) وقد انقسم الفقه في مصر في هذه المسألة . ففريق يذهب إلى أنحق المؤلف أو المخترع هو حق ملكية حقيقية إذ أن فيه مقومات حق الملكية ، وإذا نقصه التأبيد فلا يوجد ما يمنع في نظر هذا الفريق من أن يكون حق الملكية غير مؤبد : محمد كامل مرسي 2 فقرة 190 – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 73 – ص 75 – منصور مصطفى منصور في المدخل للعولم القانونية ص 100 – ص 101 – عبد المنعم فرج الصدة في حق الملكية فقرة 193 – وفريق آخر هذه إلى أن هذا الحق ليس بحق ملكية ، ولكنه احتكار للاستغلال في الجانب المالي وحق من حقوق الشخصية في الجانب الأدبي : محمد علي عرفة فقرة 376 – عبد المنعم البدراوي فقرة 189 والمدخل في القانون الخاص فقرة 270 – حسن كيرة في أصول القانون فقرة 256 – سليمان مرقس في المدخل للعلوم القانونية ص 493 – رسالة عبد المنعم الطناملي في الحق الأدبي للمؤلف ص 13 – ص 19 – وانظر أيضاً شفيق شحاته فقرة 157 – فقرة 163 ( ويبدو أنه يذهب إلى أنحق المؤلف ليس حق ملكية ، ولكنه حق عيني معنوي في جانبه المالي ، وحق من حقوق الشخصية في جانبه الأدبي ) .

انظر في القضاء المصري استئناف مختلط 3 ماوي سنة 1939 م 51 ص 294 ( ويذهب الحكم إلى أن حق المؤلف هو حق احتكار للاستغلال على مذهب محكمة النقض الفرنسية ) . ولكن الكثرة من الأحكان تستعمل عبارة " الملكية الأدبية والفنية " : استئناف مصر 11 مارس سنة 1937 المحاماة 17 رقم 597 ص 1195 – 11 يناير سنة 1942 المحاماة 22 رقم 231 ص 667 – مصر الكلية 2 يونيه سنة 1929 المحاماة 9 رقم 601 ص 1110 – مصر الكلية ( مستعجل ) 13 يناي سنة 1943 المحاماة 23 رقم 58 ص 113 – استئناف مختلط 8 مايو سنة 1889 م 1 ص 110 – 3 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 63 – 3 فبراير سنة 1932 م 44 ص 157 .

وقد كان التقنين المدني الوطني السابق ( م 12 ) يصرح بأن حق المؤلف أو المخترع حق ملكية ، فيقول : " يكون الحكم فيما يتعلق بحقوق المؤلف في ملكية مؤلفاته ، وحقوق الصانع في ملكية مصنوعاته ، على حسب القانون الخاص بذلك " . ولكن التقنين المدني الجديد تجنب وصف حق المؤلف أو المترع بأنه حق ملكية ، واقتصر في المادة 86 منه كما رأينا على أن يقول : " الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة " .&%$ ) .

 $ 282 $ الفصل الأول

حق المؤلف ( $%&[1] ) مراجع : Renouard في حقوق المؤلف في الآداب والعلوم والفنون ( جزءان ) سنة 1838 – سنة 1839 – Worms في الملكية الأدبية ( جزءان ) سنة 1878 – Delalande - في الملكية الأدبية والفنية 1880 – Lyon - Caen et Delalain في التشريعات الفرنسية والأجنبية المتعلقة بحق الملكية الأدبية والفنية ( جزءان ) سنة 1889 – سنة 1890 – Masse في الحق الأدبي للمؤلف على مصنفه رسالة من باريس سنة 1907 – Poulllet في الملكية الأدبية والفنية الطبعة الثالثة ( Maillard et Clars سنة 1908 ) وتكملته ( Taillefer et Claro سنة 1918 ) – Pérussau رسالة من باريس سنة 1912 – Benoit Joly في الحماية القانونية للملكية الفنية سنة 1914 – Bry في الملكية الصناعية والأدبية والفنية الطبعة الثالثة سنة 1914 – Stofli في الملكية الأدبية والفنية ( جزءان ) سنة 1916 وسنة 1925 – Chartier في حقوق الموسيقى على عمله رسالة من باريس سنة 1923 – Grente في الحماية القانونية للأعمال الدراماتيكية رسالة منباريس سنة 1925 – Hainneville في حقوق المؤلف على عمله رسالة من باريس سنة 1926 – Piola - Caselli في حق المؤلف سنة 1927 – Rault في عقد النشر في القانون الفرنسي سنة 1927 – Myres رسالة من باريس سنة 1932 – Olignier في حق المؤلف ( جزءان ) سنة 1934 – Michaelidis - Nuaros في الحق الأدبي للمؤلف سنة 1935 – Poirier في حق المؤلف سنة 1936 – Escarra, Raul et Napp في النظرية الفرنسية في حق المؤلف سنة 1937 – Christea رسالة من باريس سنة 1938 Cheorgiu .Veriu في الحق الأدبي رسالة من باريس سنة 1939 – عبد المنعم الطناملي في الحق الأدبي للمؤلف ( بالفرنسية ) رسالة من باريس سنة 1943 – Dezbois في حق المؤلف سنة 1950 وفي أنسيكلوبيدي داللوز جزء 4 لفظ Savatier - Prop . Lit Art . في الحق في الفن وفي الآداب سنة 1953 – Raynand في حق المؤلف وعقد تحوير مصنفه رسالة منبروكسل سنة 1955 .&%$ )

( الملكية الأدبية والفنية )

167 - التاريخ التشريعي لحماية حق المؤلف : لم يكن حق المؤلف $ 283 $ يحميه القانون القديم ، وإنما ظهر وجه الحاجة إلى الحماية بعد اختراع المطبعة التي أمكن بها طبع الآلاف من النسخ للمصنف الواحد ، مما جعل المؤلف يرجو من وراء عمله الفكري ربحا ماديا كبيراً . ولكن القانون ترك المؤلف دون حماية أحقابا طويلة ، فكانت الثمار المادية لجهوده الفكرية تتناهبها الناس . على أن المؤلف ، في عهد الملكية في فرنسا قبل الثورة ، كان يحصل على إذن ( letter de chancellerie ) في طبع كتابه ، فكانت حمايته تأتي عن طريق هذا الترخيص الملكي ( concession royale ) الذي كان يصدر به نسخ مصنفه أو يختتمها . ثم جاءت الثورة الفرنسيةن فعني رجالها بإصدار التشريعات التي تحمي حق المؤلف ( $%&[1] ) كانت فرنسا هي البادئة بحماية حق المؤلف ، ثم تلتها إنجلترا في عام 1810 ، ثم أمريكا في عام 1831 .&%$ ) . وكان أو تشريع صدر في هذا الشأن هو قانون 13 يناير سنة 1791 ، وقد اقتصر على حماية مؤلفي المسرحيات ، فجعل للمؤلف وحده الحق في نشر مسرحيته طول حياته ، ثم لورثته مدة خمس سنوات بعد موته . ثم صدر قانون 19 يوليه سنة 1792ن يمد الحماية إلى جميع المصنفات الأدبية والفنية ، ويطيل مدة الحماية بعد مؤت المؤلف إلى عشر سنوات . وقد أطيلت هذه المدة إلى عشرين سنة بدكريتو 5 فبراير سنة 1810 ، مع جعل أرملة المؤلف تتمتع بحقه طول حياتها غذا كان النظام المالي للزواج يعطيها هذا الحق . ثم جعل قانن 8 أبريل سنة 1854 هذا الحق للأرملة دون حاجة لشرط في النظام المالي للزواج ، وأطال في الوقت ذاته مدة الحماية بعد موت المؤلف إلى ثلاثين سنة . وحدد قانون 14 يوليه سنة 1866 حقوق ورثة المؤلف وخلفائه ، وأطال مدة الحماية إلى خمسين سنة . وتلى ذلك تشريعا تفصيلية : قانون 11 مارس سنة 1902 وقانون 9 أبريل سنة 1910 وقانون 20 مايو سنة 1920 وقانون 31 ديسمبر سنة 1924 وقانون 22 فبراير سنة 1944 . وقد صدر أخيراً قانون 11 مارس سنة 1957 ، وهو قانون جامع شامل في حق المؤل ، حل محل ما سبقه من التشريعات المتناثرة التي أسلفنا ذكرها .

وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر اشتدت الحركة الدولية التي تطالب بحماية حق المؤلف ، وانتهى الأمر إلى إنشاء الجمعية الأدبية والفنية في $ 284 $ شهر ديسمبر من سنة 1878 في باريس ( $%&[1] ) وكان للخطاب التاريخي الذي ألقاه فيكتور هيجو في الحفل الختامي لمؤتمر الكتاب الذي عقد في باريس عام 1878 أثره الفعال في إنشاء هذه الجمعية الدولية ، وقد أنشئت لرعاية حق المؤلف دوليا والدفاع عنه بجميع الطرق .&%$ ) .وقد تكنت هذه الجمعية من عد معاهدة برن في 19 سبتمبر سنة 1886 بين كثير من الدول لحماية حق المؤلف ( $%&[1] ) وقد أكملت معاهدة برن في باريس في 4 مايو سنة 1896 ، وعدلت في برلين في 13 نوفمبر سنة 1908 ، وفي روما في 2 يونيه سنة 1928 ، وفي روكسل في 26 يوينه سنة 1948 . ولم تنضم إليها مصر حتى الآن . وقد جاء في الفقرة الأولى من المادة 7 من هذه المعاهدة : " تشمل الحماية التي تكلها هذه المعاهدة مدة حياة المؤلف وخمسين سنة بعد وفاته " . وجاء في المادة 8 : " يتمتع مؤلفو المصنفات الأدبية والفنية الذي تحميهم هذه المعاهدة طوال حياتهم بحقوقهم على المصنف الأصلي ، وبحق مطلق في ترجمة أو إجازة ترجمة مصنفاتهم " .&%$ ) ، وأنشئ إتحاد بين الدول التي أبرمت المعاهدة للعمل على تحقيق أغراضها ، كما أنشئ مكتب دولي يتبع حكومة الإتحاد السويسري سمي بمكتب الإتحاد الدولي لحماية المؤلفات الأدبية والفنية . وتوالت المؤتمرات الدولية بعد ذلك لتوسيع نطاق حماية حق المؤلف ، فعقد مؤتمر في باريس سنة 1896 ، وثان في برلين سنة 1908 ، وثالث في روما سنة 1928 ، ورابع في بروكسل سنة 1948 . ثم تقدمت مؤسسة اليونسكو التابعة لهيئة الأمم المتحدة ، فنظمت عقد إتفاق عالمي وقعت عليه في جنيف في 6 سبتمبر سنة 1952 دول كثير ، لم تكن مصر بمن بينها . وقد نص في هذا الإتفاق على أنه لا يؤثر بأي وجه في إتفاقية برن ، ولا في انضمام أية دولة إلى الإتحاد الدولي الذي أنشأته هذه الإتفاقية . وفي خصوص مدة الحماية ، وضع إتفاق اليونسكو مبدأ هو أنه لا يجوز أن تقل مدة الحماية عن طول حياة المؤلف وخمس وعشرين سنة بعد موته . أما بالنسبة إلى الترجمة ، فقد نص الإتفاق على أنه إذا مضى سبع سنوات على تاريخ أول نشر للمصنف دون أن يقوم المؤلف بترجمته إلى اللغة القومية لإحدى دول الإتفاق ، جاز لأي شخص من رعايا تلك الدولة أن يقوم بتلك الترجمة بعد إتباع إجراءات معينة ، مع تعويض المؤلف تعويضاً عادلا ( $%&[1] ) وهذا ما جاء بالمادة 5 من إتفاقية اليونسكو لحماية حقوق المؤلفين في خصوص حق الترجمة : " 1 - يشمل حق المؤلف الحق المطلق في عمل أو نشر أو إجازة عمل أو نشر تراجم المصنف التي تنطبق عليه الحماية المقررة في هذه الإتفاقية . 2 - ومع ذلك فمن حق كل دولة متعاقدة أن تضع في قانونها الداخلي قيودا بالنسبة إلى ترجمة المصنفات وفقا للأحكام التالية : إذا انقضت سبع سنوات من تاريخ أول نشر لمصنف ولم تنشر ترجمة لهذا المصنف باللغة القومية أو بإحدى اللغات القومية السائدة في الدولة المتعاقدة بواسطة صاحب الحق في الترجمة أو من أجيز فيها ، فلكل شخص تابع لهذه الدولة أن يلجأ إلى الجهات المختصة في الدولة ويطلب منها رخصة – غير قاصرة عليه وحده – لترجمة المصنف إلى اللغة القومية التي لم يترجم إليها . ولا تمنح هذه الرخصة إلى الطالب إلا إذا أثبت بالطرق المتبعة في الدولة أنه طلب إلى صاحب الحق في الترجمة الإذن له في ترجمة المصنف ونشره ، وأنه لم يستطع الوصول إلى صاحب الحق أو أخذ إجازته بالرغم مما بذل من جهد ... يجب أن يقرر التشريع الداخلي الإجراءات الكفيلة بأن ينال صاحب الحق في الترجمة أجراً مناسبا مقابل ذلك مع ضمان دفعه وإرساله ، وكذلك وجوب إجراء الترجمة بدقة .. " .

ومن المؤتمرات التي عقدها اليونسكو من أجل حماية حق المؤلف مؤتمر روما الذي عقد في أكتوبر سنة 1961 ، وقد قرر حق المؤدي في الأداء ، بعد معارضة شديدة قامت على أساس أن المؤدي لم يبتدع شيءا . وقد قضت المادة 2 من الإتفاقية التي وضعت في هذا الشأن . يمنع تسجيل الأداء الشخصي للفنان وإذاعته مباشرة بدون الموافقة الصريحة أو الضمنية لمن يؤديه ، ويعتبر في حكم الأداء المباشر الأداء الذي يتم بواسطة الإذاعة اللاسلكية مباشرة ، ولا تنتهي هذه الحماية قب انتهاء السنة العاشرة التالية لتلك التي حصل فيها الأداء . وقررت المادة 3 من الإتفاقية المذكورة حق المسجل في الترخيص أو في حظر نقل التسجيل الصوتي الذي قام به ، ويشمل النقل أيضاً نقل التسجيل الصوتي عن طريق الإذاعة ، ومدة الحماية عشر سنوات تلي الستة التي حصل فيها التسجيل . ( انظر نصوص الإتفاقية في كتاب حق المؤلف العربي للأستاذ مصطفى عبد الرحمن ص 111 – ص 115 )&%$ ) .

 $ 285 $ أما في مصر ، فقد كان التقنين المدني الوطني السابق ينص ، كما رأينا في المادة 12 منه على أن " يكون الحق فيما يتعلق بحقوق المؤلف في ملكية مؤلفاته وقحقو الصانع في ملكية مصنوعاته على حسب القانون المخصوص بذلك " . ولم يكن لهذا النص مقابل في التقنين المدني المختلط . وردد التقنين المدين الجديد صدى التقنين المدني الوطني السابق ، فنص ، كما رأينا ، في المادة 86 منه على أن " الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة " . وورد في تقنين العقوبات نصوص لحماية هذه الحقوق ، تفرض عقوبات جنائية على من يعتدي عليها ، ولكن هذه النصوص ظلت معطلة لعدم صدور التشريعات الخاصة بحماية حق المؤلف . على أن القضاء المصري أخذ يحيم هذه الحقوق بموجب قواعد العدل ومبادئ القانون الطبيعي ( م 34 من لائحة ترتيب المحاكم المختلطة وم 11 من التقنين المدني المختلط وم 52 من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة )( $%&[1] ) استئناف مختلط أول مارس سنة 1905 م 17 ص 140 – 16 مايون سنة 1906 م 18 ص 266 – استئناف وطني 31 مايو سنة 1924 المحاماة 4 رقم 628 ص 833 – مصر الوطنية 2 يونيه سنة 1929 المحاماة 9 رقم 601 ص 1110 .

وقد قضت محكمة النقض بأنه إذ نص الشارع في المادة 12 من القانون المدني القديم على أن " يكون الحكم فيما يتعلق بحقوق المؤلف في ملكية مؤلفاته على حسب القانون المخصوص بذلك " ، وإذ جاء قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 بنصوص في المواد 348 و 349 و 350 لحماية هذه الحقوق عن طريق فرض عقوبات جنائية على من يعتدي عليها ، فإن ذلك يدل على أنه قد اعترف بحق المؤلف على مصنفاته ، ووصف هذا الحق بأنه حق ملكية مع ما في هذا الوصف من تجوز . وإذ كان التشريع الخاص بتنظيم حماية هذا الحق والذي أشارت إليه النصوص المتقدمة لم يصدر إلا في سنة 1954 بالقانون رقم 354 سنة 1954 ، مما أدى إلى تعطيل نصوص قانون العقوبات في هذا الشأن ، فإن هذا لا ينفي اعتراف الشارع بحق المؤلف – وللمؤلف وحده الحق في استغلال مصنفه ماليا بالطريقة التي يراها ، فلا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق بغير إذن منه ، وإلا كان عمله عدونا على الحق الذي اعترف به الشارع للمؤلف وإخلالا به ، وبالتالي عملا غير مشروع وخطأ يستوجب مسئولية فاعلة عن تعويض الضرر الناشئ عنه طبقا للمادة 151 من القانون المدني القديم ( نقض مدني 7 يوليه سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 141 ص 920 ) .

وقضت محكمة استئناف مصر بأنه بالرغم من قصور المادة 12 مدني ومن عدم وجود القانون الخاص الذي تحيل إليه هذه المادة ، فإنه نصها صريح في اعتراف الشارع بحقوق المؤلف في ملكية مؤلفاته . ولا ينقص من شأن هذا الاعتراف كونه مقرونا بالإحالة إلى القانون الخاص ، لأن هذا القانون كما يذكر النص العربي للمادة ليس إلا بشأن ما يتعلق بالحقوق أو كما يذكر النص الفرنسي ما هو إلا لتنظيم الحق ( la prop . Lit est réglée ) ، وبديهي أن تنظيم الحق لا يتعارض في شيء مع وجوده ، بل إن تنظيم الشيء فرع عن وجوده . وتقرير المادة المذكورة حق المؤلف صراحة ، فإنها تغني القضاء الأهلي عن الالتجاء إلى القانون الطبيعي أو مبادئ العدل توصلا إلى تقريره كما فعلت المحاكم المختلطة التي ليس لديها مقابل للمادة 12 . ومتى اعترف الشارع بحق وجبت له الحماية ، فالحماية والحق متلازمان ، ولا يستطيع القضاء أن يوقت حق المؤلف دون نص تشريعي ، فليس أمامه إلا أن يقرر أن حق المؤلف ينتقل بالإرث كغيره ويبقى الورثة أبد الآبدين ، فهذا هو الحل القانوني الوحيد الممكن الذي يحول بين القضاء وبين الافتيات على سلطة المشرع ( استئناف مصر 11 مارس سنة 1937 المحاماة 17 رقم 597 ص 1196 ) .&%$ ) . وفي الوقت ذاته أسهمت مصر – كما تقول $ 286 $ المذكرة الإيضاحية لقانون حماية المؤلف رقم 354 لسنة 1954 – " في المؤتمرات الدولية التي عقدت لتنظيم حقوق المؤلفين . ذلك أن لجنة التعاون الفكري في عصبة الأمم قررت في شهر ديسبمر سنة 1923 أن تدعو إلى الانضمام إلى $ 287 $ إتفاقية برن جميع الدول التي لم تنضم إليها بعد . وقد وافق مجلس عصبة الأمم على هذا القرار في 9 سبتمبر سنة 1924 . فوجهت الأمانة العامة للعصبة في 19 فبراير سنة 1925 دعوة إلى مصر للانضمام إلى هذه الإتفاقية . وقد لقيت هذه الدعوة عناية من الحكومة المصرية ، فألفت في شهر أغسطس من هذا العام لجنة لبحث هذا الموضوع وتقرير الشروط التي تجب مراعاتها عند انضمام مصر إلى هذه الإتفاقية . وقد أتمتت هذه اللجنة مهمتها ، وقدمت في 7 أكتوبر سنة 1925 تقريرا جاء به : إن المادة 25 من الإتفاقية تحتم وجود تشريع وطني في موضوع حماية حقوق المؤلفين ، ولما كان هذا التشريع غير موجود في مصر ، فقد اضطرت المحاكم المختلطة دفاعا عن الملكية الأدبية إلى الالتجاء إلى المادة 34 من لائحة ترتيبها ( القديمة ) وإلى المادة 11 من القانون المدني المختلط ( وتنص كلتا المادتين على تطبيق مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة عند عدم وجود نص في القانون أو عدم كفايته أو غموضه ) . غير أن تلك الحماية ، التي لا سند لها إلا أحكام القضاء ، لا تغني عن حماية تستند إلى تشريع خاص بقواعد ثابتة وحدود معينة . وانتهت في ختام تقريرها إلى القول بأن التأليف وإن لم يبلغ في مصر الدرجة المرجوة من الذيوع والانتشار ، إلا أن الاعتبارات الدولية تدعو وحدها لسن القوانين اللازمة لحماية المؤلفات . وأنفت لهذا الغرض لجنة في شهر فبراير سنة 1926 ، وقد انتهت من وضع المشروع في أول مارس سنة 1927 . ولكنها وقفت عند هذا الحد ، ولكنها وقفت عند هذا الحد ، فلم يستأنف المشروع خطواته التشريعية . وقد دعيت مصر بعد ذلك للاشتراك في مؤتمر روما .. الذي عقد في 7 مايو سنة 1928 لإعادة النظر في إتفاقية برن ، فلبت هذه الدعوة ، وأوفدت مندوبين عنها للاشتراك في هذا المؤتمر اشتراكا مقصورا على تتبع أعماله والاشتراك في مناقشاته ، دون الارتباط بشيء باسم الحكومة المصرية . وقد قدم الوفد تقريراً ضمنه التعديلات التي أدخلها المؤتمر على معاهدة برلين . كذلك دعيت للاشتراك في المؤتمر الذي عقدته الجمعية الأدبية والفنية الدولية في مدينة بلجراد في 27 سبتمبر سنة 1928 ، فلبت الدعوة واشتركت في أعمال هذا المؤتمر . وقد أعرب رئيسه وأعضاؤه عن أملهم في أن يصدر قريبا التشريع المصري الخاص بحماية حقوق المؤلفين ، وألاَّ يتأخر انضمام مصر إلى معاهدة $ 288 $ برن . كما أبدى الرئيس رغبته في انعقاد المؤتمر اللاحق للجمعية في مدينة القاهرة ، وقد تحققت هذه الرغبة فعقد هذا المؤتمر بالقاهرة في شهر ديسمبر سنة 1929 . وعرضت الحكومة المصرية على المؤتمر مشروع القانون سالف الذكر ، وقد وصفه رئيس المندوبين المصريين بأنه يأخذ المبادئ القانونية مع مراعاة تقدم العلوم واختراع الوسائل الحديثة لنشر الأخبار . فأجاب على ذلك رئيس المؤتمر قائلا إن المشروع مطابق لجميع المبادئ التي بنى عليها إتفاق برلين سنة 1908 فيما عدا نقطتين : ( الأولى ) مدة حفظ حقوق التأليف التي جعلت في المشروع طيلة حياة المؤلف وثلاثين سنة بعد وفاته ، في حين أنها في إتفاق برلين مدة حياة المؤلف وخمسون سنة بعد وفاته . ( والثانية ) مدة حفظ حق الترجمة حيث جعلت في المشروع عشر سنوات بعد نشر المؤلف ، بدلا من المدة التي تضمنها إتفاق برلين وهي مدى حياة المؤلف وخمسون سنة بعد وفاته أي مدة حماية المؤلف نفسه . وأضاف رئيس المؤتمر إلى ذلك قوله : إن المشروع المصري مطابق لمشروع القانون النموذجي الذي وضعته الجمعية الدولية الأدبية والفنية مع شيء من التوسع " ( $%&[1] ) ثم تقول المذكرة الإيضاحية لقانون حماية حق المؤلف بعد ذلك ما يأتي : " وفي أثناء مفاوضات مؤتمر مونتريه لإلغاء الامتيازات الأجنبية ، رغب مندوب إيطاليا إلى الدول المشتركة في المفاوضات أن تطلب إلى الحكومة المصرية : أولا – أن تسن قانونا يحمي حماية فعلية ما للرعايا الأجانب من حقوق التأليف . ثانيا – أن تكفل هذه الحماية بعقوبات جنائية تدخلها في القانون الجنائي المصري الجديد . ثالثا – أن تشترك في إتفاقية برن التي أعيد النظر فيها في مدينة روما . وقد انضم إليه في هذه الرغبة مندوب فرنسا . فأجاب المفاوض المصري على ذلك قائلا : إن الحكومة المصرية لم يفتها الاهتمام بتلك المسألة الخاصة بحقوق التأليف ، وذلك لمصلحة المؤلفين الأجانبي ولمصلحة المؤلفين المصريين معاً " .&%$ ) .

وبقي المشروع على حاله دون أن يسن قانونا مدة طويلة ، وضعت في أثنائها اللجنة القانونية لجامعة الدولة العربية في سنة 1948 مشروعا لحماية حق المؤلف ، أوصى مجلس الجامعة الحكومات العربية باتخاذه قانونا لكل منها ( $%&[1] ) وتقضي المادة 23 من مشروع جامعة الدولة العربية بأن ينقضي حق الورثة في استغلال مصنف موثهم بعد مرور ثلاثين سنة على وفاة المؤلف . وتقضي المادة 27 من هذا المشروع بأن الورثة الذي لهم حق الاستغلال هم : أولا - زوج المؤلف وفروعه . ثانيا - أصوله . ثالثا - إخوته ولا يجوز لأفراد فريق من هؤلاء مباشرة هذه الحقوق إلا بعد انقراض الفريق الذي يسبقه ، وتقسم الغلة بين المستحقين بالتساوي فيما بينهم . ولا ستري وصية المؤلف على زوجه وفروعه فيما زاد على الثلث . وتقضي المادة 11 من نفس المشروع بأن يسقط حق المؤلف في ترجمة مصنفه إلى اللغة العربية بعد مرور سنة من تاريخ طلب الترخيص في ترجمتها من المؤلف أو ممن آل إليه حق الترجمة دون قيامه بها ، وفي هذ الحالة يعوض المؤلف أو من آل إليه حق الترجمة تعويضا عادلا . ( انظر نصوص هذا المشروع كاملة في كتاب حق المؤلف العربي الأستاذ مصطفى عبد الرحمن ص 78 – ص 90 ) .&%$ ) .

 $ 289 $ وأخيراً في 34 يونيه سنة 1954 ، صدر بالمشروع قانون حماية حق المؤلف رقم 354 لسنة 1954 ، وهو قانون ، كما تقول مذكرته الإيضاحية ، " يكفل حقوق المؤلفين ، ويأخذ في هذا الصدد بأحدث المبادئ التي تضمنتها المعاهدات الدولية التي سلفت الإشارة إليها ، فضلا عن مبادئ التشريعات الحديثة في الدول الأوروبية . توفق أحكامه بين احقوق المؤلفين وحقوق الناشرين . وتبين مدى حق المؤلف ، وتظاهر هذا الحق ، كما تورد تفصيلا جامعا غيرمانع لأنواع المؤلفات والمصنفات التي تضفي عليها الحماية " . وهذا هو القانون المعمول به في الوقت الحاضر .

وقد أعد مشروع جديد لحماية حق المؤلف ، لا يزال مشروعا حتى اليوم . وقد جاء في مذكرته الإيضاحية ، بيانا لأسباب إعداده ولما يمض على القانون المعمول به وقت طويل ، ما يأتي : " ولقد كان من الطبيعي ، بمناسبة مراجعة التشريعات القائمة مراجعة شاملة بقصد الملاءمة بين أحكامها والتطورات الاشتراكية في مجتمعنا ، أن يعاد النظر في التشريع المنظم لحماية حق المؤلف في الجمهورية العربية المتحدة . ولذا فقد أعد هذا المشروع المرافق ، وهو يتضمن من المبادئ ما يتفق في جملته مع أحدث المبادئ التي انتهت المؤتمرات الدولية السالف الإشارة إليها إلى إقرارها ، وما تضمنه مشروع الجامعة العربية " . على أن هذا المشروع الجديد لا يتضمن جديدا ، إلا في مسائل قليلة أهمها : ( 1 ) جعل مدة الحماية بعد موت المؤلف خمسا وعشرين سنة بدلا من خمسين ( وخمس سنوات بدلا من خمس عشرة سنة فيما يتعلق بنقل الماظر نقلا آليا ) . ولعل هذا التعديل هو أهم ما جاء بالمشروع ، ولعله هو الغرض $ 290 $ الأساسي من وضع المشروع ، وإن كان تعديلا يتسم بالرجوع إلى الوراء في حماية حق المؤلف ، وهو على كل حال ليس من الاشتراكية في شيء . ( 2 ) حذف المشروع من قانون سنة 1954 النص الذي يسمح للمؤلف أن يوصي بحق استغلاله لمن يشاء من الورثة أو غير الورثة دون أن يتقيد في ذلك بنصاب الوصية . ( 3 ) شدد المشروع العقوبة الجنائية التي تحمي حق المؤلف ، فجعلها الغرامة من 20 جنيها إلى 500 ، وهي في القانون الحالي الغرامة من 10 جنيهات إلى 100 . ( 4 ) استحدث المشروع نصا موفقا لحماية المؤلف فيما يتعلق بالاتفاق الذي يبرمه مع الناشر ، فأجاز ، إذا اتضح أن هذا الاتفاق كان مجحفا بحقوق المؤلف أو أصبح كذلك لظروف طرأت بعد التعاقد ، أن يقضي للمؤلف زيادة على ما اتفق عليه بجزء من الربح الصافي الذي ينجم عن استغلال المصنف . ( 5 ) استحدث نصا فيما يتعلق بحق المؤلف في نشر رسائله ، ولكنه جاء نصا غير شامل للحقوق التي ترد على الرسالة . وتوجد في المشروع ، إلى جانب هذه التعديلات ، تعديلات أخرى تفصيلية غير هامة وتعديلات لفظية محضة . وسنتناول في أثناء شرحنا للقانون الحالي ، قانون سنة 1954 ، كل ما استحدث المشروع من التعديلات ، حتى يكون الشرح شاملا للمشروع فيما إذا قدر له أن يصبح قانونا .

168 – خطة البحث : وننتقل إلى شرح أحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 ، وهو القانون المعمول به الآن في حماية حق المؤلف . وبعد أن نحدد في الفرع الأول ما هي المصنفات المحمية ومن يعتبر مؤلفا لها ، نعرض في الفرع الثاني لحقوق المؤلف وطرق حمايتها .

الفرع الأول

المصنفات المحمية ومؤلفوها

169 – المصنف والمؤلف : نبين أولاً ما هو المصنف ( oeuvre ) الذي يضفي عليه القانون حمايته ، ثم نحدد من يعتبر مؤلفا ( auteur ) لهذا المصنف حتى يتمتع بهذه الحماية .

 $ 291 $

المبحث الأول

المصنف

170 - الأساس الذي تقدم عليه الحماية هو الابتكار بغض النظر عن قيمته : تنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون حماية المؤلف على ما يأتي : " يتمتع بحماية هذا القانون مؤلفو المصنفات المبتركة في الآداب والفنون والعلوم ، أياً كان نوع هذه المصنفات أو طريقة التعبير عنها أو أهميتها أو الغرض من تصنيفها " . وتنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من نفس القانون على ما يأتي : " وتشمل الحماية بوجه عام مؤلفي المصنفات التي يكون مظهر التعبير عنها الكتابة أو الصوت أو الرسم أو التصوير أو الحركة " ( $%&[1] ) وقد نقل المشروع الجديد المادة 1 / 1 كما هي ، وأغفل نص المادة 2 / 2 . &%$ ) .

ويتبين من هذه النصوص أن المصنف ، حتى يتمتع مؤلفه بحماية القانون ، يجب أن يستوفى ركنا شكليا وركنا موضوعيا .

أما الركن الشكلي فهو أن يكون المصنف قد افرغ في صورة مادية يبرز فيها إلى الوجود ويكون معداً للنشر ، لا أن يكون مجرد فكرة يعوزها الإطار الذي تتجسم فهي . فيجب إذن أن يكون مظهر التعبير عن الفكرة قد بلغ الغاية من الوضع المستقر ، فتكون أصول المصنف المكتوب مثلا ليست مجرد مشروع لا يزال قيد النظر والتنقيح والتغيير والتبديل ، بل يجب أن تكون هذه الأصول قد أخذت وضعها النهائي وأصبحت معدة للطبع والنشر . ولا يهم بعد ذلك نوع المصنف ، ولا طريقة التعبير عنه ، فإن طرق التعبير عن المصنفات تتعدد بحسب نوعها . فمنها ما يكون مظهر التعبير عنه هو الكتابة ، وهذا هو شأن المصنفات الأدبية والعلمية ، وهي تستوفي ركنها الشكلي بمجرد أن تصبح الأصول المعدة للطبع قد بلغت مرحلتها النهائية ولبست الثوب الذي تظهر فيه للجمهور . ومن المصنفات ما يكون مظهر التعبير عنه هو الصوت ، وهذا هو شأن المصنفات الموسيقية والمصنفات التي تلقى شفويا كالمحضرات والخطب $ 292 $ والمواعظ . ومنها ما يكون مظهر التعبير عن الرسم أو التصوير ، وهذا هو شأن المصنفات الداخلة في فنون الرسم والتصوير بالخطوط أو الألوان أو الحفر أو النحت أو العمارة والمصنفات المتعلقة بالفنون التطبيقية . ومنها ما يكون مظهر التعبير عنه هو الحركة ، وهذا هو شأن المصنفات التي تؤدي بحركات أو خطوات كالتمثيل والرقص والألعاب وتكون معدة ماديا للإخراج . ومن هنا جاءت الفقرة الثانية من المادة 2 من قانون حماية حق المؤلف تجمل ما سبق تفصيله ، فتقول كما رأينا : " وتشمل الحماية بوجه عام المصنفات التي يكون مظهر التعبير عنها الكتابة أو الصوت أو الرسم أو التصوير أو الحركة " ( $%&[1] ) ولا مقابل لهذا النص في المشروع ا لجديد كما قدمنا ، ولكن جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في صدد المادة الأولى منه : " وتوضح المادة أن هذه الحماية تشمل كل مصنف أياً كان مظهر التعبير عنه ، أي سواء كانت الصورة المادية التي يبرز فيها إلى الوجود هي الكتابة أو الصوت أو الرسم أو التصوير أو الحفر أو النحت أو النقش أو العمارة أو الحركة " . &%$ ) . أما الفكرة التي لم تلبس ثوبها النهائي ، فهذه تبقي مجرد فكرة لا يتولى القانون حمايتها . ولكل شخص أن يتناولها ، مؤيدا أو مفندا ، على أن ينسبها لصاحبها .

وأما الركن الموضوعي فهو أن يكون المصنف قد انطوى على شيء من الابتكار ، بحيث يستبين أن المؤلف قد خلع عليه شيئا من شخصيته . فالابتكار هو الأساس الذي تقوم عليه حماية القانون ، وهو الثمن الذي تشري به هذه الحماية . والمصنف الذي يكون مجرد ترديد لمصنف سابق ، دون أن يكون فيه أثر للابتكار ودون أن يحمل طابع شخصية المؤلف ، لا يدخل في حماية القانون . وليس من الضروري أن يكون الابتكار ذا قيمة جدية ، فأي ابتكار مهما تكن قيمته يكفي ، وتقول المادة 1 / 1 من قانون حماية حق المؤلف كما رأينا : " أيا كان نوع هذه المصنفات ... أو أهميتها " .. وكذلك ليس من الضروري أن يستحدث الابتكار جديداً ، فالحدة لا تشترط في الابتكار ، ويكفي أن يضفي المؤلف على فكرة ولو كانت قديمة شخصيته ، وأن تتميز بطابعه ، حتى يكون هناك ابتكار يحميه القانون . وتقول المذكرة الإيضاحية لقانون حماية حق المؤلف : " والحكم في كون المصنف مبتركاً أو غير مبتكر يرجع لتقدير القضاء " ( $%&[1] ) وليس للقاضي ، في تقديره لتوافر شرط الابتكار ، أن يقدر القيمة العلمية أو الفنية للمصنف ، فقد ينطوي كتاب على الابتكار حتى لو كان هذا الكتاب من الكتب المدرسية ، أو حتى لو كان الكتاب لا يقرأه إلا العامة ( استئناف مختلط 3 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 157 ) – إسماعيل غانم في النظرية العامة للحق ص 57 – منصور مصطفى منصور في المدخل للعلوم القانونية ص 71 . &%$ ) .

 $ 293 $

وقد قدمنا أن نوع المصنفات أو طريقة التعبير عنها أو الغرض من تصنيفها لا يهم ، فيدخل في حماية القانون أي نوع من المصنفات ، أياً كانت طريقة التعبير عنه ، وايا كان الغرض من تصنيفه . ويمكن تقسيم المصنفات التي يحميها القانون إلى أنواع ثلاثة : المصنفات الأدبية والعلمية ( oeuvres litteraires et scientifiques والمصنفات الفنية ( oeuvres artistiques ) ، والمصنفات الموسيقية ( oevres musicales ) . ذلك أن المصنفات الأدبية والعلمية إنما يكون تأثيرها واقعا على العقل والتفكير ، في حين أن كلا من المصنفات الفنية والمصنفات الموسيقية في أن الأولى لا بد أن يقوم بتنفيذها المؤلف نفسه كالمصور يرسم اللوحة والنحات يصنع التماثل ، في حين أن المصنفات الموسيقية يجوز أن يقوم بتنفيذها المؤلف نفسه أو يقوم بها غير المؤلف . ونتناول بالبحث هذه الأنواع الثلاثة من المصنفات .

المطلب الأول

المصنفات الأدبية والعلمية

171 – أمثلة للمصنفات الأدبية والعلمية وردت في القانون : أوردت المادة 2 / 1 من قانون حماية حق المؤلف ، على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للقانون في هذا الصدد : " وأوردت المادة الثانية بيانا للمصنفات التي تشملها هذه الحماية ، وذلك على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر " .

والمادة 2 / 1 مطابقة للمادة 2 من المشروع الجديد . &%$ ) ، أمثلة للمصنفات المحمية على مختلف أنواعها . وذكر النص من أمثلة المصنفات الأدبية والعلمية ما يأتي :

1 - المصنفات المكتوبة ، وهذه تشمل جميع المصنفات التي تصل إلى الجمهور عن طريق الكتاب ، فيدخل فيها المصنفات الأدبية والتاريخية والجغرافية $ 294 $ والفلسفية والاجتماعية والقانونية والطبية والهندسية والزراعية والرياضية والكيمائية والفيزيائية والجيولوجية ودواوين الشعر والأزجال وجميع المصنفات المتعلقة بمختلف فروع الآداب والعلوم . ويدخل فيها أيضاً المصنفات في تاريخ الفنون المختلفة وفي تاريخ الموسيقى ، أما الفنون والموسيقى ذاتها فهذه هي المصنفات الفنية والموسيقية التي سيأتي ذكرها .

2 - المصنفات التي تلقى شفويا ، كالمحضرات والخطب والمواعظ وما يماثلها . ويراد بذلك ما لم يعد من قبل مكتوبا ، وإلا دخل في المصنفات المكتوبة ويكون إلقاؤها بعد كتابتها هو نقلها إلى الجمهور مباشرة بطريق التلاوة العلنية ، وسيأتي أن التلاوة العلنية هي طريق من طرق النشر . ويفهم من ذلك أن المصنفات التي تلقى شفويا ولا تدخل في المصنفات المكتوبة هي المحاضرات والخطب والمواعظ ودروس الأساتذة والندوات التي تدور فيها المناقشات المختلفة وما إلى ذلك ، بشرط أن يكون كل ذلك مرتجلا لم يكتب من قبل ، فيكون اللباس المادي الأول الذي ابرز فيه المصنف هو الكلام لا الكتابة ، ويكون الكلام هو الشكل الذي تجسم فيه المصنف وهو في الوقت ذاته طريق النشر الذي اختاره المؤلف . وعلى ذلك تشمل الحماية هذه المصنفات ، فلا يجوز مثلا جمع المحاضرات أو الدروس التي ألقاها أحد الأساتذة ، أو المواعظ التي ألقاها أحد الوعاظ ، ونشرها دون إذن المؤلف .

3 - المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية . وهذه مصنفات تكون في الأصل مكتوبة ، فتدخل في عموم المصنفات المكتوبة . وإنما خصها المشرع بالذكر ابرازاً لهميتها ، ولأنها كثيرة التداول في الحياة العملية . والمصنفات المسرحية تشمل كل أنواع المسرحيات ، من تراجيدي إلى دراما إلى كوميدي إلى فودفيل إلى غير ذلك من أنواع المسرحيات . وتتجسم في مصنفات مكتوبة كما قدمنا ، فتشملها الحرية . ومن ثم لا يجوز لا حد نشرها على الجمهور – والنشر هنا يكون بطريق التمثيل المسرحي كما سيأتي – إلا بإذن المؤلف . والمسرحيات الموسيقية تشمل الأوبرا والأوربار كوميك والأوربريت وغير ذلك من المسرحيات الموسيقية . وهي تتكون من عنصرين : أحدهما المسرحية نفسها ، أي الكلام الذي تشتمل عليه المسرحية ، وتدخل في نوع المصنفات $ 295 $ الأدبية التي نحن في صدد بحثها . والعنصر الثاني الموسيقي التي تقترن بالكلام ، وهذه أيضاً تحمي باعتبارها من المصنفات الموسيقية وسيأتي بيانها . والمصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية غير الروايات والقصص ، ولكنها جميعا تشملها الحماية متى تجسمت في الكتابة باعتبارها من المصنفات الأدبية ، فلا يجوز نشرها على الجمهور بغير إذن المؤلف . وقد نصت ، تطبيقا لذلك ، المادة 14 / 1 من قانون حماية حق المؤلف على أنه " لا يجوز للصحف أو النشرات الدورية أن تنقل ... الروايات المسلسلة والقصص الصغيرة التي تنشر في الصحف والنشرات الدورية الأخرى بدون موافقة مؤلفيها " .

4 - المصنفات السينمائية . وسنرى أن هذه المصنفات تتركب من عدة مصنفات داخلية ، وفق فيما بينها حتى أصبحت مصنفا سينمائياً . ففيها المصنف الأدبي الذي وضع في شكل يجعله ملائما للفن السينمائي ، وفيها السيناريو وهي الفكرة المكتوبة للإذاعة بطريقة السينما ، وفيها الحوار الذي وضع على ألسنة الممثلين السينمائيين ، وفيها الموسيقى إذا وضعت خصيصا للمصنف السينمائي ، وفيها الإخراج إذا قام بعمل إيجابي من الناحية الفكرية لتحقيق المصنف السينمائي ، وفيها غير ذلك مما سيأتي ذكره . وهذا كله مزيج من مصنفات أدبية ومصنفات فنية ومصنفات موسيقية ، ينتهي إلى أفلام سينمائية معدة للنشر عن طريق الإذاعة السينمائية . ولا يجوز نشرها إلا بإذن من مؤلفيها ، وسيأتي بيان من هم هؤلاء المؤلفون ( $%&[1] ) أنظر ما يلي فقرة 200 وما بعدها . &%$ ) .

5 - المصنفات التي تعد خصيصا أو تذاع بواسطة الإذاعة اللاسلكية أو التلفزيون . وهذه كلها مصنفات مكتوبة ، أعدت للإذاعة عن طريق الراديو ( الإذاعة اللاسلكية ) أو عن طريق التلفزيون . وهي مصنفات متنوعة ، فمنها الأحاديث والقصص والمسرحيات والموسيقى والأغاني والأخبار والتعليقات والخطاب والمحاضرات وغير ذلك مما نسمعه عادة عن طريق الراديو أو نراه عن طريق التلفزيون . فهي خليط من مصنفات وعلمية ومصنفات موسيقية ومصنفات فنية ، وكلها تشملها الحماية فلا يجوز نشرها أو إذاعتها إلا بإذن من المؤلف .

 $ 296 $

172 عنوان المصنف : وقد نصت المادة 2 / 3 – من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " وتشمل الحماية كذلك عنوان المصنف إذا كان متميزاً بطابع ابتكارى ، ولم يكن لفظا جاريا للدلالة على موضوع المصنف " ( $%&[1] ) لم يرد فى المشروع الجديد نص يقابل هذا النص . ولكن يمكن القول إن عنوان المصنف هو جزء منه لا يتجزأ ، فتنسحب الحماية التى تشمل المصنف إلى عنوانه إذا توافر فيه شرط الابتكار . على أن نظرية المزاحمة غير المشروعة تكفى لحماية عنوان المصنف ، بل هى أكثر ملاءمة لهذه الحماية ، وسنرى أن القضاء الفرنسى استند إلى هذه النظرية .&%$ ) .

وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر : " كما تضمنت ( المادة 2 ) النص على امتداد الحماية إلى عنوان المصنف ، إلا إذا كان العنوان عبارة تدل على موضوع المصنف وليست متميزة بطابع ابتكارى . وقد قصد بهذا النص أن يكون حائلا دون انتفاع مصنف من شهرة مصنف آخر بانتحال عنوانه " .

فيشترط إذن فى عنوان المصنف . حتى تشمله الحماية ، أن يكون متميزاً بطابع ابتكارى . وأكثر عناوين المصنفات فى العصور الحديثة ليست متميزة بهذا الطابع الابتكارى ، وليست إلا ألفاظا جارية للدلالة على موضوع المصنف ، فلا تشملها الحماية . فإذا وضع مؤلف مصنفا فى التاريخ مثلا ، وأسماه " تاريخ أوربا فى العصور الوسطى " ، أو مصنفا فى القانون وأسماه " النظرية العامة للالتزام " ، أو مصنفا فى الرياضيات وأسماه " حساب المثلثات " ، إلى غير ذلك من العناوين التى قصد بها أن تدل على موضوع المصنف دون أن يكون للعنوان طابع ابتكارى ، جاز لأى مؤلف آخر أن يكتب فى نفس الموضوع متخذا نفس العنوان ، ويتميز مصنفه عن المصنف السابق ، لا بالعنوان فهو واحد من المصنفين ، ولكن باسم المؤلف ، وقد يتميز أيضا باسم الناشر وتاريخ النشر ، ثم يتميز أخيرا بالطابع الابتكارى الذي أضفاه المؤلف على عرض المسائل التى يشتمل عليها المصنف . أما إذا اختار المؤلف لمصنف عنوانا يحمل طابع الابتكار ، كأن أسماه " مرشد الحيران " ، أو اختار صاحب المحلة لمحلته عنوان " مصر المعاصرة " أو " مجلة القانون والاقتصاد " أو " الرسالة " أو " الثقافة " ، أو صاحب الجريدة لجريدته عنوان " الأهرام " أو " الأخبار " ، أو حملت سلسلة من المصنفات عنوانا مبتكراً كسلسلة المصنفات المعروفة بعنوان " اقرأ " ، أو حملت أغنية عنوانا خاصا بها كعنوان " أنت $ 297 $ عمرى " أو " أمل حياتى " ، وأشتهر المصنف وحاز ذيوعا تحت هذا العنوان ، فإن هذا العنوان المبتكر يصبح جزءاً من المصنف نفسه . وتشمله الحماية التى تشمل المصنف ، فلا يجوز فى هذه الحالة يتخذ مؤلف آخر نفس العنوان لمصنفه ، إذ يخشى عندئذ أن يقع الالتباس بين المصنف السابق والمصنف السابق عن طريق انتحال عنوانه .

على أن القضاء الفرنسى يتشدد كثيراً فى الاعتراف لعنوان المصنف بطابع الابتكار ، وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن مصنفا يحمل عنوان ( Gueule damour ) لا يحمل عنوانا مبتكراً ، بل هو عنوان مأخوذ من ألفاظ اللغة الدارجة ، فلا تشمله حماية حق المؤلف ( $%&[1] ) نقض فرنسى 2 فبراير سنة 1937 داللوز 1938 –1 – 97 . &%$ ) . كذلك قضت المحاكم الفرنسية أن عناوين مثل " Louise " و " Le feu " و " Lamarche funebre " و Le chanson damour " و " Printems chante " ، عناوين خالية من الابتكار الذي يستوجب الحماية . إذ هى مأخوذة من الألفاظ الدارجة ( $%&[1] ) السين 14 مارس سنة 1932 جازيت دى تريبينو 1932 –1 - الاسبوع الثانى – 238 – 10 يناير سنة 1928 جازيت دى باليه 1928 - 1 - 325 – 13 أبريل سنة 1931 جازيت دى باليه 1931 - 1 - 713 - باريس 31 أكتوبر سنة 1933 جازيت دى باليه 1933 - 2 - 947 .&%$ ) . ولكن القضاء الفرنسى ، مع هذا التشدد ، يحمى هذه العناوين التى يعتبرها خالية من الابتكار عن طريق آخر ، فهو إذا كان لا يشملها بالحماية التى يشمل بها حق المؤلف ، إلا أنه يحميها عن طريق المزاحمة غير المشروعة . فإذا اتخذ مصنف عنوانا هو عنوان مصنف سابق ، حتى لو كان العنوان خاليا من الابتكار ، ووقع التباس بين المصنفين أفاد منه المصنف اللاحق بسبب ما حازه المصنف السابق من الشهرة ، فألحق المصنف اللاحق الضرر بالمصنف السابق . جاز الحم بتعويض عن هذه المزاحمة غير المشروعة ( $%&[1] ) باريس 9 يوليه سنة 1952 داللوز 1952 - 749 - السي التجارية 31 ديسمبر سنة 1951 داللوز 1952 - 156 .&%$ ) . ويترتب على الاستناد إلى نظرية المزاحمة غير المشروعة أن القضاء لا يكون مقيدا بمدة الحماية التى حددها $ 298 $ القانون فقد تبقى مجلة أو جريدة مدة أطول من خمسين سنة بعد موت صاحبها ، وتحمى مع ذلك من مزاحمة غير مشروعة تأتى من اتخاذ عنوانها عنوانا لمجلة أو جريدة أخرى . وعلى العكس من ذلك قد تختفى مجلة أو جريدة بعد مدة أقل من مدة الحماية القانونية ، فينساها الجمهور ولا يعود هناك ثمة التباس ينشأ من اتخاذ مجلة أو جريدة أخرى من نفس العنوان ، فلا محل إذن لتطبيق مبدأ المزاحمة غير المشروعة ( $%&[1] ) نقض فرنسى 20 يوليه سنة 1939 داللوز الأسبوعى 1939 - 450 .&%$ ) . ونرى من ذلك أن نظرية المزاحمة غير المشروعة التى استند إليها القضاء الفرنسى ، هى أكثر ملاءمة لحماية عناوين المصنفات ( $%&[1] ) ويثار الحق الأدبى للمؤلف إذا اتخذ عنوان مصنفه عنوانا لملهاة من الملاهى المسرحية أو لسلعة يراد ترويجها ( ديبوا فى حق المؤلف فقرة 35 – فقرة 48 ) .&%$ ) .

173 - المصنفات المشتقة من مصنفات سابقة : يقع كثيرا أن يعمد المؤلف إلى وضع مصنف لا يكون مصنفا أصيلا لم يسبقه إليه أحد ، بل يكون مشتقاً من مصنف سابق . ومع ذلك تشمله حماية حق المؤلف .

واشتقاق مصنف لاحق من مصنف سابق يتدرج من مجرد إعادة إظهار المصنف كما هو وفى لغته الأصلية ، إلى حد إظهار المصنف فى لغة أخرى غير لغته الأصلية عن طريق الترجمة ، فيقرب المصنف اللاحق من المصنف السابق أو يبعد على درجات متفاوته .

1 - فأقرب ما يكون المصنف اللاحق من المصنف السابق عندما يعاد إظهار المصنف السابق كما هو دون أى تعديل ، إما لأن هذا المصنف قد آل إلى الملك العام بعد انقضاء مدة حمايته فأصبح مباحاً لأى ناشر أن يعيد إظهاره دون أن يستأذن أحداً ودون أى مقابل ، أو أن المصنف اللاحق هو عبارة عن مجموعات لبعض الوثائق الرسمية كنصوص القوانين والأحكام القضائية حيث يجوز لأى ناشر أن يعيد إظهار هذه الوثائق دون أن يستأذن أحدا ودون أى مقابل ، أو أن المصنف اللاحق هو مختارات من مصنف أو مصنفات سابقة وفى هذه الحالة يجب على مؤلف هذه المختارات أن يستأذن فى النشر مؤلفى المصنفات التى اختار منها أو خلفاء هؤلاء المؤلفين .

 $ 299 $ 2 - ويبعد المصنف اللاحق قليلا عن المصنف السابق ، إذا أعاد مؤلف إظهار المصنف السابق ولكن بعد إضافة إليه من شرح أو تعليق أو تعريف ، أو بعد تحويره وتعديله عن طريق المراجعة والتنقيح ، أو بعد تحقيق دقيق ومقارنة ما بين مختلف مخطوطاته وهذا ما يعرف بنشر المخطوطات القديمة .

وفيما عدا نشر المخطوطات القديمة ، يجب على مؤلف المصنف اللاحق أن يستأذن مؤلف المصنف السابق أو خلفاءه قبل نشر المصنف السابق مشروحا أو معلقا عليه أو معرفا أو معدلا بعد المراجعة والتنقيح .

3 - ويبعد المصنف اللاحق عن المصنف السابق بدرجة أكبر ، إذا عمد مؤلف المصنف اللاحق ، لا إلى إظهار المصنف السابق كما هو ولو بعد الإضافة أو التنقيح أو التحقيق ، بل إلى الاقتباس منه عن طريق التلخيص أو عن طريق التحويل من لون من ألوان الآداب أو العلوم أو الفنون إلى لون آخر . وفى جميع هذه الأحوال يجب على مؤلف المصنف اللاحق أن يستأذن مؤلف المصنف السابق أو خلفاءه قبل نشر التلخيص أو التحويل من لون إلى لون آخر .

4 - ويزداد بعد المصنف اللاحق عن المصنف السابق ، إذا عمد مؤلف المصنف اللاحق إلى إظهار المصنف السابق كما هو ولكن فى لغة أخرى غير لغته الأصلية ، وذلك عن طريق الترجمة . وفى هذه الحالة يجب على المترجم أن يستأذن مؤلف المصنف الأصلى أو خلفاءه قبل أن ينشر ترجمة المصنف ( $%&[1] ) وإذا كانت الترجمة تجعل المصنف اللاحق أبعد ما يكون عن المصنف السابق ، فذلك فقط من حيث اللفظ ، فيبتعد المصنفان أحدهما عن الآخر بقدر ما تتباعد اللغتان . أما من حيث المعنى ، فالترجمة أقرب ما تكون إلى الأصل ، إذ المفروض أن الترجمة هى تأدية دقيقة لنفس المعانى التى وردت فى الأصل وإن اختلفت اللغة .&%$ ) .

هذه درجات متفاوته فى اشتقاق مصنف لاحق من مصنف سابق : إعادة إظهار المصنف الأصلى كما هو ، وإعادة إظهاره بعد الإضافة أو التنقيح أو التحقيق ، والاقتباس من المصنف السابق عن طريق التلخيص أو التحويل ، وترجمة المصنف السابق إلى لغة أخرى . ويجب حتى يتمتع مؤلف المصنف اللاحق ، فى جميع هذه الأحوال الأربع ، بالحماية الواجبة لحق المؤلف ، أن يكون هذا المؤلف قد بذل قدرا من الجهد فى الابتكار بحيث يضفى على المصنف اللاحق شيئا من شخصيته ، فيتميز المصنف اللاحق عن المصنف السابق بهذا $ 300 $ القدر من الابتكار والشخصية . ولا شك فى أن ذلك متحقق فى الحالات الثلاث الأخيرة ، بحكم الإضافة أو التنقيح أو التحقيق ، وبحكم التلخيص أو التحويل ، وبحكم الترجمة إلى لغة أخرى . أما فى الحالة الأولى ، وهى حالة إعادة إظهار المصنف الأصلى كما هو ، فيجب حتى يتمتع المؤلف بالحماية أن يتوافر شرط الابتكار والشخصية .

ونستعرض الآن تفصيلا هذه الحالات الأربع .

174 - الحالة الأولى – إعادة إظهار المصنف الأصلى كما هو : تنص المادة 4 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " مع عدم الإخلال بحكم المادة 19 لا تشمل الحماية : أولا – المجموعات التى تنتظم مصنفات عدة ، كمختارات الشعر والنثر والموسيقى وغيرها من المجموعات ، وذلك مع عدم المساس بحقوق مؤلف كل مصنف . ثانياً - مجموعات المصنفات التى آلت إلى الملك العام . ثالثاً – مجموعات الوثائق الرسمية كنصوص القوانين والمراسيم واللوائح والاتفاقات الدولية والأحكام القضائية وسائر الوثائق الرسمية – ومع ذلك تتمتع المجموعات سالفة الذكر بالحماية إذا كانت متميزة بسبب يرجع إلى الابتكار أو الترتيب أو أى مجهود شخصى آخر يستحق الحماية ( $%&[1] ) يطابق هذا النص نص المادة 4 من المشروع الجديد ، فيما عدا أن المشروع الجديد قد أغفل عبارة " مع عدم الإخلال بحكم المادة 19 " ، وفى أنه وضع لفظ " القرارات " بدلا من لفظ " المراسيم " .&%$ ) .

ويشير النص فى صدره إلى المادة 19 من قانون حماية حق المؤلف ، مشترطا عدم الإخلال بحكمها . والمادة 19 هذه تقضى بأنه إذا مات المؤلف قبل أن يقرر نشر مصنفه ، انتقل حق تقرير النشر إلى من يخلفونه ، فيباشرون هذا الحق وحقوق المؤلف الأخرى ، على أنه إذا كان المؤلف قد أوصى بمنع النشر أو بتعيين موعد له أو بأى أمر آخر وجب تنفيذ ما أوصى به . فيجب إذن ، قبل نشر المجموعات المشار إليها فى المادة 4 سالفة الذكر ، مراعاة ألا تؤخذ هذه المجموعات من مصنفات مات مؤلفوها قبل تقرير نشرها ، ولم يقرر $ 301 $ نشرها خلفاء هؤلاء المؤلفين لأسباب سائغة ، أو أوصى المؤلفون قبل موتهم ألا تنشر أو أن تنشر فى ميعاد معين لم يحن بعد .

ثم إن المادة 4 ، بعد هذا التحفظ ، تعرض لثلاث طوائف من المصنفات ليست إلا إعادة لإظهار مصنفات أصلية سابقة عليها . وهذه هى بالترتيب الذي اخترناه .

( الطائفة الأولى ) مجموعات المصنفات التى آلت إلى الملك العام : فهذه مصنفات قد انقضت مدة حمايتها فأصبحت من الأملاك العامة ، بما لا يجعل لأحد عليها حقا خاصا به دون سواه . فإذا عمد شخص إلى إعادة نشر هذه المصنفات كما هى ، فإن له هذا الحق ، ولا يطالبه أحد من خلفاء مؤلفى هذه المصنفات بمقابل لذلك . وهناك رأى يتجه إلى فرض مقابل زهيد على الناشر فى هذه الحالة ، ولكن هذا المقابل لا يتقاضاه خلفاء مؤلف المصنف الذي أعيد نشره ، فهؤلاء قد انقضى حقهم فى الحماية كما قدمنا . وإنما تتقاضاه الدولة ، وترصده لنشر مصنفات أخرى يكون نشرها غير مجز من الناحية لمادية ، أو ترصده لمساعدة من يحتاج إلى المساعدة من المؤلفين ( $%&[1] ) وهذا النظام هو ما اصطلح على تسمتيه " بالملك العام المعطى " ( domaine public payant ) . وقد انبرى للدفاع عنه أنصار متحمسون ، وقدم به فى فرنسا مشروع قانون أقرته الجمعية الوطنية فى 13 فبراير سنة 1948 . ولكن مجلس الجمهورية رفضه فى 15 مايو سنة 1948 ، مؤثرا عليه مشروعاً آخر أعدته لجنة التربية الوطنية ، ويقضى بفرض رسم زهيد ( 2 فى الألف ) على كل مصنف ينشر سواء آل إلى الملك العام أو لم يؤل . وهذا الرسم ، على ضآلته ، يعود بحصيلة هى ضعف الحصيلة التى تجنى من مشروع " الملك العام المعطى " . ولكن هذا المشروع الآخر لم يقر هو أيضاً ، ولم يقدر لأى من المشروعين أن يجد سبيلا إلى التشريع الفرنسى الأخير لحماية حق المؤلف الذي صدر فى 11 مارس سنة 1957 . أنظر أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 327 – فقرة 330 .&%$ ) . ولكن هذا الرأى لم يجد مكانا له فى التشريع المصرى ، لا فى التشريع القائم ولا فى المشروع الجديد .

فإذا ما نشر شخص مصنفا آل إلى الملك العام ، لم يدفع مقابلا لأحد ، وله أن يستغل هذا المصنف دون مقابل ويبيع النسخ التى طبعها منه لحسابه وحده . ولكن هذا المصنف الذي نشره لا يتمتع بالحماية ، فهو قد آل إلى $ 302 $ الملك العام كما قدمنا ، ومن حق أى شخص آخر أن ينشره هو أيضا ، ولو عن طريق نقله من نسخة من النسخ التى طبعها الشخص الأول . وليس لهذا الشخص الأول أن يعترض على ذلك ، فهو لا يعتبر مؤلفا للمصنف الذي نشره إذا هو قد اقتصر على إعادة إظهاره كما هو دون أى تغيير ، فلا نكون له عليه حقوق المؤلف . ويكون هذا هو الحكم أيضاً فيما إذا أعاد الشخص نشر مجموعات من المصنفات التى آلت إلى الملك العام ، لا مصنفا واحداً منها . ويجوز لغيره أن ينقل هذه المجموعات عنه دون إذنه ، إذ أن هذه المجموعات قد آلت كلها إلى الملك العام .

لكن إذا بذلك الشخص جهداً مبتكراً فى جمع هذه المصنفات التى آلت إلى الملك العام ، كأن رتبها ترتيبا مبتكراً متبعا فى ذلك خطة ابتدعها ، فوضع مثلا المصنفات التى ترجع إلى عهد واحد بعضها إلى جانب بعض ليدل بذلك على مميزات ذلك العهد ، أو وضع المصنفات التى وضعها مؤلف واحد مرتبة بحسب أدوار تاريخ هذا المؤلف ليدل بذلك على ما وقع من تطور فى أسلوب هذا المؤلف أو فى تفكيره ، فإن فى هذا قدرا كافيا من الابتكار يضفى على المجموعة شخصية جامعها ، ويكون لناشر هذه المجموعة حق المؤلف عليها ، فلا يجوز لأحد ، دون إذنه ، أن يعيد نشر المجموعة بالترتيب الذي توخاه فى جمعها ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه وإن كان الأصل أن مجموعات المصنفات القديمة التى آلت إلى الملك العام بانقضاء مدة حمايتها إذا أعيد طبعها ونشرها لا يكون لصاحب الطبعة الجديدة حق المؤلف عليها ، إلا أنه إذا تميزت هذه الطبعة عن الطبعة الأصلية المنقول عنها بسبب يرجع إلى الابتكار أو الترتيب فى التنسيق أو بأى مجهود آخر ذهنى يتسم بالطابع الشخصى ، فإن صاحب الطبعة الجديدة يكون له عليها حق المؤلف ويتمتع بالحماية المقررة لهذا الحق ، إذ لا يلزم الإضفاء هذه الحماية أن يكون المصنف من تأليف صاحبه ، وإنما يكفى أن يكون عمل واضعه حديثا فى نوعه متميزاً بطابع شخصى خاص بما يضفى عليه وصف الابتكار – وهذه القواعد التى قررها الفقه والقضاء من قبل صدور للقانون رقم 354 لسنة 10954 الخاص بحماية حق المؤلف قد قننها القانون بما نص عليه فى المادة الرابعة منه . فإذا كانت محكمة الموضوع قد سجلت – وفى حدود سلطتها التقديرية – أن المطعون ضده مهد لكتابة بمقدمة بقلمه تتضمن تراجم للمؤلف الأصلى للكتاب وللشارح له ، استقى عناصرها من أمهات الكتب القديمة ، ولم يكن لها نظير فى الطبعة الأصلية التى نقل عنها ، وأن كتاب المطعون ضده يتميز عن هذه الطبعة بترتيب خاص فريد فى نوعه ويفهرس منظم ، وأنه أدخل على الطبعة الأصلية تنقيحات أجراها أحد العلماء المختصين ، فإن هذا الذى سجلته محكمة الموضوع تتوافر به عناصر الابتكار الذى يتسم بالطابع الشخصى لصاحبه ، ولا يكون على المحكمة بعد ذلك معقب فيما انتهت إليه من اعتبار المطعون ضده مستأهلا للحماية المقررة لحق المؤلف ( نقض مدنى 7 يوليه سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 141 ص 920 ) .&%$ ) .

 $ 303 $ ( الطائفة الثانية ) مجموعات الوثائق الرسمية : فهذه الوثائق حق شائع للجميع ، إذ يراد بها أن تكون فى متناول كل فرد بحيث يمكنه الإطلاع عليها ومعرفة محتوياتها . من ذلك نصوص القوانين والمراسم والقرارات واللوائح والاتفاقات الدولية والأحكام القضائية . فلكل شخص أن ينشر مجموعات من هذه الوثائق دون أن يدفع مقابلا لذلك ، ودون أن يستأذن أحداً . ولكن لا يكون له على هذه المجموعات حق المؤلف ، لأنه لم يبتكر شيئا ، بل هو اقتصر على نقل الوثيقة الرسمية كما هى . ويجوز لأى شخص آخر أن يعيد نشر هذه المجموعات ، ولو بنقلها عن المجموعات التى سبق للشخص الأول أن نشرها ، وذلك دون دفع أى مقابل له ، بل ودون استئذانه .

لكن إذا بذل الشخص جهداً مبتكراً فى جمع هذه الوثائق الرسمية ، ونشرها فى مجموعات تحمل طابع هذا الجهد المبتكر ، فإنه يكون له عليها حق المؤلف ، ولا يجوز لأحد أن ينقل عنه دون استئذانه . مثل ذلك أن يجمع الشخص القوانين والمراسيم والقرارات واللوائح مرتبة بحسب موضوعاتها ، وأن يرتب هذه الموضوعات ترتيبا أبجديا ، بحيث يتيسر للباحث أن يجد الموضوع الذي يريده عن طريق الترتيب الأبجدى ، وأن يجد القوانين وغيرها من مراسيم وقرارات ولوائح مدونة تحت هذا الموضوع . ومثل ذلك أيضا أن يجمع الشخص الاتفاقات الدولية بعد أن يرتبها تبعا لخطة يبتكرها ، كأن يجمع الاتفاقات من كل دولة على حدة مع ترتيبها بحسب موضوعاتها أو بحسب تواريخها . ومثل ذلك أخيراً أن يجمع الشخص الأحكام القضائية التى صدرت فى السنة الواحدة ، مرتبة بحسب المحكمة التى صدرت منه ، وبحسب موضوعاتها أو بحسب تواريخها ، فإذا أضاف إلى ذلك موجزاً للحكم كان فى ذلك إضافة تنقلها إلى الحالة الثانية التى سيأتى ذكرها . وذلك مألوف فى مجموعات الأحكام القضائية التى ترتب على هذا النهج ، كمجموعات الأحكام التى تصدرها محكمة النقض ، أو التى تصدرها المجموعة الرسمية ، أو التى تصدرها مجلة المحاماة ، $ 304 $ أو التى تصدرها مجموعات داللوز وسيريه وغيرها من المجموعات الرسمية .

( الطائفة الثالثة ) مختارات الشعر والنثر وغيرها من المجموعات ، وهذه منقولة عن مصنفات سابقة فى الشعر والنثر وغيرهما من فنون الأدب أو من مصنفات علمية . فإذا كانت هذه المصنفات السابقة لا تزال تشملها الحماية ، فلا بد للمؤلف الذي جمع هذه المختارات من استئذان مؤلفى هذه المصنفات السابقة أو خلفائهم ، وتقول المادة 4 سالفة الذكر صراحة فى هذا المعنى : " وذلك مع عدم المساس بحقوق مؤلف كل مصنف " . أما إذا كانت المصنفات السابقة قد انقضت مدة حمايتها وآلت إلى الملك العام ، فإن المؤلف الذي جمع المختارات لا حاجة له فى استئذان أحد ، ونكون قد عدنا إلى الطائفة الأولى سالفة الذكر الخاصة بنشر مجموعات من المصنفات التى آلت إلى الملك العام .

وفى الحالتين لا يكون لجامع هذه المختارات فى الأصل حق المؤلف على مجموعة التى اختارها ، إذ هو قد اقتصر على جمع أقوال غيره دون أى ابتكار من جهته . ويجوز لأى شخص نقل المجموعة وإعادة نشرها دون أن يدفع أى مقابل ، ودون أن يستأذن الجامع الأول لهذه المختارات .

ولكن يقع فى المختارات أن نكون مجموعاتها تحمل طابع الابتكار والشخصية . مثل ذلك مختارات البارودى فى شعر المولدين ، فقد جمعها البارودى من دواوين مختلفة بعضها غير منشور ، ورتبها بحسب موضوعاتها من مدح ورثاء وغزل وما إلى ذلك . ثم اختار لكل شاعر من المولدين الجيد من شعره وأغفل ما لم يجده جيدا . وفى هذا كثير من الابتكار يجعل لجامع هذه المختارات حق المؤلف على مجموعته ، فلا يجوز لأحد أن ينقلها دون مختارات النثر والعلوم طابع الشخصية والابتكار على النحو الذي رأيناه فى مختارات الشعر ، فيكون للجامع حق المؤلف ولا يجوز نقل مجموعته دون استئذانه أو استئذان خلفائه ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية لقانون حماية حق المؤلف فيما نحن بصدده ما يأتى : " أما فيما يتصل بالمجموعات كالوثائق الرسمية ونصوص القوانين والاتفاقات الدولية والمراسيم واللوائح والأحكام القضائية وغيرها ، فإنها لا تدخل بطبيعتها فى نطاق المصنفات المحمية ، لأنها وثائق عامة تضعها الدولة ، فلا يستأثر بها فرد دون آخر ، بل هى حق شائع للجميع على أن الحكم يختلف فى شأن هذه الوثائق إذا جمعت فى مجموعة ، وروعى فى جمعها الاختيار والترتيب بحيث تبدو فى صورة مصنف جديد ، فإنها تدخل عندئذ فى نطاق المصنفات المحمية ( المادة الرابعة ) . وكذلك الحال بالنسبة لمجموعات الشعر والنثر والموسيقى وغيرها ، فإنه يجوز أن تشملها حماية هذا القانون إذا تميزت عن غيرها بسبب يرجع للاختيار والترتيب ، شأنها فى ذلك شأن مجموعات الوثائق الرسمية ومجموعات الوثائق التى آلت إلى الملك العام بانقضاء مدة حمايتها . فمناط الحكم هو التمييز بما يضفى عليها وصف الابتكار . أما المجموعات التى تنتظم عدة مصنفات سبق نشرها دون مراعاة الاختيار أو الترتيب فى وضعها ، فإنها تخرج عن نطاق الحماية ، ويلاحظ فى جميع هذه الأحوال أن حقوق أصحاب المصنفات التى تجمع تظل محفوظة " .

هذا ويستوى فى المجموعات التى تنطوى على شىء من الابتكار أن تكون ذات أغراض أدبية وعلمية ، أو أن تكون ذات أغراض عملية . فيكون مستأهلا للحماية الدليل العملى للمدن الكبرى ، وكتالوجات المعارض والدعاية ، والبيانات عن الأسواق التجارية ، ونحو ذلك ، انظر انسيكاوبيدى داللوز 4 لفظ Prot . Lit . et Art . فقرة 30 .&%$ ) .

 $ 305 $ 175 - الحالة الثانية – إعادة إظهار المصنف الأصلى بعد الإضافة أو التنقيح أو التحقيق : تنص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " يتمتع بالحماية من قام بترجمة المصنف إلى لغة أخرى ، أو بتحويله من لون من ألوان الآداب أو الفنون أو العلوم إلى لون آخر ، أو من قام بتلخيصه ، أو بتحويره أو بتعديله أو بشرحه أو بالتعليق عليه بأى صورة تظهره فى شكل جديد ، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق مؤلف المصنف الأصلى " ( $%&[1] ) ويطابق هذا النص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من المشروع الجديد ، فيما عدا أن المشروع الجديد فى صدر القنص جرى على الوجه الآتى : " يتمتع بالحماية من قام بتعريب المصنف أو ترجمته أو بتحويله إلخ إلخ " .&%$ )

ويعرض هذا النص لجميع الأحوال الثلاث الباقية ، والذى يعنينا منه هنا هو الحالة الثانية التى نحن بصددها ، فتقتصر من النص على العبارة الآتية : " يتمتع بالحماية من قام ... بتحويره ( تحوير المصنف ) أو بتعديله أو بشرحه أو بالتعليق عليه بأى صورة تظهره فى شكل جديد ، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق المؤلف الأصلى " . فهذه الحالة الثانية إذن تضم صوراً ثلاثا : ( 1 ) إعادة إظهار المصنف الأصلى ، ولكن بعد إضافة إليه من شرح أو تعليق . ( 2 ) إعادة إظهار المصنف الأصلى ، ولكن بعد تحويره وتعديله عن طريق المراجعة ، $ 306 $ والتنقيح ( 3 ) إعادة إظهار المصنف الأصلى ، عن طريق نشر المخطوطات القديمة 1 - إعادة إظهار المصنف الأصلى ، ولكن بعد إضافة إليه من شرح أو تعليق : فالمؤلف فى هذه الصورة يعيد إظهار المصنف الأصلى كما هو دون أى تعديل أو تحوير ، وذلك بعد استئذان مؤلف المصنف الأصلى أو خلفائه إذا كان المصنف الأصلى لم تنقض مدة حمايته ولم يؤل بعد إلى الملك العام . والابتكار الذي يضفيه المؤلف على المصنف الأصلى هو ما يضيف إلى هذا المصنف من شرح أو تعليق . فقد يقوم بشرحه عبارة عبارة ، أو بشرحه إجمالا . وقد يقوم بالتعليق على بعض عباراته ، والتنويه برأيه فيما جرى به المصنف الأصلى مؤيدا أو مفندا . وقد يقوم بتعريف المصنف الأصلي للقراء ، بأن يقدم له ويذكر فى المقدمة تاريخ المصنف وما انطوى عليه من معان وأفكار ، وقد يبين رأيه فى كل ذلك . وقد يقوم بهذه الأمور الثلاثة جميعا – الشرح والتعليق والتعريف – أو يقوم ببعضها . والمهم فى كل ذلك أن يضيف جديداً مبتكراً إلى المصنف الأصلى ، من شرح أو تعليق أو تعريف . فشرح الألفاظ القليلة ، أو كتابة مقدمة قصيرة لا تعرف المصنف الأصلى تعريفا كافيا ، كل ذلك لا يكون جديدا مبتكرا ، فلا يتمتع المؤلف بالحماية . أما إذا انطوت الإضافة على الجديد المبتكر ، فعند ذلك يستحق المؤلف صاحب الشرح أو التعليق أو التعريف الحماية . ومن ثم لا يجوز لأحد أن ينقل المصنف الأصلى بما يحمل من شرح أو تعليق أو تعريف ، إلا بعد أن يستأذن كلا من صاحب المصنف الأصلى ( أو خلفائه ) وصاحب الشرح أو التعليق أو التعريف ( أو خلفائه ) .

2 - إعادة إظهار المصنف الأصلى ، ولكن بعد تحويره وتعديله عن طريق المراجعة والتنقيح : فى هذه الصورة يعيد المؤلف إظهار المنصف الأصلى ، بعد استئذان مؤلفه أو خلفائه إذا كان هذا المصنف لم تنقض مدة حمايته ولم يؤل إلى الملك العام ، ولكن لا يعيد إظهاره كما هو على الوجه المبين فى الصورة السابقة . وإنما يحور فيه ويعدل ، بعد مراجعته وتنقيحه فقد يكون المصنف الأصلى فى حاجة إلى مراجعة وتنقيح ، حتى يجارى آخر مراحل العلم فى الموضوع الذي تصدى له . وقد يكون فى حاجة إلى مراجعة وتنقيح بعد $ 307 $ نشره أول مرة ، لإصلاح ما فيه من نقص بعد ما وجه إليه من نقد ، واعتراضات . وقد يكون المصنف الأصلى مصنفا فى التاريخ أو فى القانون ، فيراجع وينقح حتى يستوفى مرحلة التاريخ التى وقف دونها عند نشره أول مرة إذا كان مصنفا فى التاريخ ، أو حتى يستوفى ما استجد من قضاء وفقه إذا كان مصنفا فى القانون ، وهكذا تتنوع أسبابا الحاجة إلى المراجعة والتنقيح ، فيعمد مؤلف جديد ، وحده أو بالاشتراك مع المؤلف الأصلى ، إلى تعديل المصنف وتحويره بما تنتهى إليه نتيجة المراجعة والتنقيح . وفى جميع الأحوال يكون للمؤلف الجديد حق المؤلف بما راجع ونقح وحور وعدل ، على أن يتوافر للتحوير والتبديل صفة الابتكار والشخصية . ويكون المؤلف الجديد شريكا للمؤلف الأصلى بالنسبة التى يتفقان عليها إذا اشترك الثانى مع الأول فى المراجعة والتنقيح ، وهذا مع خلوص حق المؤلف الأصلى فى مصنفه قبل المراجعة والتنقيح . أما إذا انفرد المؤلف الجديد بالمراجعة ، فيكون هو وحده صاحب حق التأليف فى حدود ما أدخله على المصنف الأصلى من تحوير وتعديل .

3 - إظهار المصنف الأصلى عن طريق نشر المخطوطات القديمة : فى هذه الصورة الثالثة نفرض أن المصنف الأصلى لم يسبق نشره ، بل لا يزال مخطوطاً أيا كان عدد النسخ المخطوطة . وقد يكون المصنف الأصلى قد سبق نشره ، ولكن النشر جاء معيبا لعدم الدقة فى التحقيق ، فيعمد شخص إلى نشره نشراً علميا دقيقا . وهذا النشر العلمى الدقيق يكون عادة عملا شاقا مضنياً ، فالناشر فى حاجة على عدد من مخطوطات المصنف يجمعها من نواح متفرقة قد تكون بعيدة ، عن طريق النسخ أو عن طريق التصوير . ثم يعمد بعد ذلك إلى دراسة المصنف دارسة عميقة حتى يدرك مراميه ومعانيه ، ويعيش فى الجو الذي صنف فيه . ثم يقابل المخطوطات المتعددة بعضها ببعض ، فإذا وقع خلاف بين بعض المخطوطات على رواية المخطوطات الأخرى . كل ذلك يجريه فى تحقيق دقيق ، وعلى أساليب علمية صحيحة ، ثم يخرج المصنف بعد التدقيق والتحقيق على أقرب صورة من الحقيقة . ويغلب أن يقدم للمصنف المنشور ، ويعرف به ، ويعلق عليه ، وشرح الحطاب على سيدي خليل بعض معانيه ، فيكون قد جمع إلى نشر المخطوط التعريف والتعليق والشرح . كل هذه الجهود الشاقة تقتضى من الناشر $ 308 $ ابتكارا يضفى على المصنف المنشور شخصيته ، ومن ثم يستحق حماية المؤلف ، فلا يجوز لأحد أن ينقل هذا المصنف بعد نشره على الوجه المتقدم الذكر ، إلا بعد أن يستأذن الناشر أو خلفاءه . أما الناشر نفسه فيغلب ألا يستأذن أحدا فى نشر المخطوط ، إذ أن الكثرة الغالبة من المخطوطات القديمة قد انقضت مدة حمايتها وآلت إلى الملك العام ( $%&[1] ) وكانت محكمة مصر الكلية قد قضت بأن جمع الآراء المنسوبة إلى أحد كبار الثقات فى علم التفسير ، وهو العلامة القرطبى ، وترتيبها ، وإعادة طبع ما جمعه المؤلف من آراء مختلفة ، هذا المجهود لا يمكن مهما عظم أن ينقلب إلى حق تأليف الكتاب ( مصر الكلية 7 مايو سنة 1940 المجموعة الرسمية 1942 – 3 - 88 ) – وتتحصل وقائع الدعوى فى أن دار الكتب طبعت تفسير القرطبى ( الجامع لأحكام القرآن ) طبعة حديثة ، وقالت إن هذه الطبعة مستقاة من عشر نسخ خطية روجع بعضها على بعض ، وصحح ما فيها من تحريف وتصحيف بالاسترشاد بالكتب التى نقل عنها المؤلف ، وعنى بضبط الألفاظ ووضع الحواشى والهوامش ، وصدرت الطبعة بفهرس أعد خصيصا لها وبمقدمة من وضع السيد محمد الببلاوى نقيب الأشراف ومراقب إحياء الآداب العربية بدار الكتب . فاستغل المدعى عليه هذه الجهود لمصلحته الشخصية ، بأن أخذ صورة بالزنكوغراف من الجزء الأول حتى الفهرس والمقدمة ، وباعه للجمهور بعد أن وضع اسمه على الغلاف بدلا من اسم دار الكتب . وظاهر أن هذا المجهود يتضمن عناصر الابتكار فى التكوين الذى يكفى وحده للتمتع بالحماية ، فضلا عما تضمنته مقدمته من جدة فى التعبير . ولذلك ألغت محكمة استئناف مصر هذا الحكم ، مقررة أن إعادة طبع الكتب القديمة التى دخلت فى الملك العام ، إذا أدخلت عليها زيادات أو تعديلات أو ترتيبات أو تعليمات مهما كانت موجزة ، مهمة كانت أو غير مهمة ، تجعل الطبعة المعادة ملكا لصاحبها كطبعة جديد ، بل مجرد وضع فهرست لكتاب قديم يجعل هذا الفهرست ملكا لواضعه ( استئناف مصر 11 يناير سنة 1942 المحاماة 22 رقم 231 ص 667 ) . وبهذا المعنى : استئناف مختلط 26 مايو سنة 1910م 22 ص 338 – نقض فرنسى جنائى : 18 مايو سنة 1938 جازيت 1938 – 2 - 311 . وأنظر محمد على عرفة فقرة 385 ص 420 - ص 521 .&%$ ) .

176 - الحالة الثالثة – الاقتباس من المصنف السابق عن طريق التلخيص أو التحويل : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة الثالثة من قانون حماية حق المؤلف تنص على ما يأتى : " يتمتع بالحماية من قام ... بتحويله ( تحويل المصنف ) من لون من ألوان الآداب أو الفنون أو العلوم إلى لون آخر ، أو من قام بتلخيصه ... " فالمؤلف فى هاتين الصورتين يقتبس من مصنف سابق ، إما عن طريق التلخيص أو عن طريق التحويل .

 $ 309 $ 1 - فيأتى الاقتباس عن طريق التلخيص إذا عمد مؤلف إلى مصنف أدبى أو علمى ، ولخصه تلخيصا واضحا ينقل إلى القارئ صورة صحيحة من المصنف الأصلى . وهذا هو الابتكار الذي ساهم به الملخص ، فقد أضفى شخصيته على التلخيص ، وبذل جهداً محسوسا فيما قام به من عمل . ومن ثم تشمله الحماية ، ولا يجوز لأحد أن ينقل تلخيصه هذا دون أن يستأذنه هو أو خلفاءه من بعده . وغنى عن البيان أنه إذا كان المصنف الأصلى الذي عمد المؤلف إلى تلخيصه لا يزال يتمتع بالحماية ، فإنه يجب على الملخص قبل أن ينشر التلخيص أن يستأذن مؤلف هذا المصنف الأصلى أو خلفاءه . وإذا تم له الإذن ، فإنه يصبح مؤلفا للتلخيص وله عليه حقوق المؤلف ، ويبقى صاحب المصنف الأصلى هو مؤلف هذا المصنف وله عليه حقوق المؤلف . غير أن مؤلف المصنف الأصلى ، بموجب الأذن الذي يمنحه للملخص فى التلخيص ، قد يتفق معه على جعل معين يتقاضاه دفعة واحدة ، أو يتقاضاه على دفعات فى كل مرة ينشر فيها التلخيص .

2 - وأكثر ما يأتى الاقتباس عن طريق التحويل ، فيعمد المؤلف إلى مصنف فيحوله من لون إلى لون آخر . مثل ذلك أن يعمد المؤلف إلى زواية أو قصة ، فيحولها إلى مسرحية للتمثيل ، أو إلى فيلم سينمائى ، أو يعدها للإذاعة عن طريق التلفزيون أو عن طريق الراديو . ومثل ذلك أيضا أن يعمد المؤلف إلى مصنف علمى ، فيحوله إلى قصة شائقه يورد فيها الحقائق العلمية التى وردت فى المصنف على نحو مبسط جذاب . فإذا كان المصنف الأصلى الذي عمد المؤلف إلى تحويله لا يزال مشمولا بالحماية ، وجب على المؤلف قبل أن ينشر التحويل أن يستأذن مؤلف هذا المصنف الأصلى أو خلفاءه ( $%&[1] ) وليس لمؤلف المصنف الأصلى أن يعترض على ما يقتضيه تحويل منصفه من لون إلى لون آخر من تحوير وتغيير فى المصنف الأصل ، مما تستوجبه أصول الفن فى اللون الذى حول إليه المصنف . فالأصول الفنية للقصة غير الأصول الفنية للمسرحية ، وهذه غير الأصول الفنية للأفلام السينمائية . أنظر انسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 377 .&%$ ) . وكثيرا ما يقوم الخلاف ما بين المؤلفين ، فيتمسك مؤلف المصنف الأصلى بأن المصنف اللاحق ليس إلا تحويلا لمصنفه ، وينكر مؤلف المصنف اللاحق ذلك $ 310 $ عليه . وهذه مسألة واقع ، يفصل فيها قاض الموضوع ( $%&[1] ) نقض فرنسى 27 يونيه سنة 1910 داللوز 1910 –1 - 296 - 27 فبراير سنة 1918 . Ann . 1919 - 1 - 53 – وانظر نقداً لهذا القضاء وفى أن هناك مسائل قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض : ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 19 - فقرة 22 – ويقول ديبوا فى هذا الصدد إنه يجب التمييز بين الفكرة المجردة وهى حق شائع للجميع ، وبين الإنشاء والتعبير ( composition et expresaion ) وهذا يختص به المؤلف . فإذا كان المصنف اللاحق لم ينقل عن المصنف السابق إلا الفكرة المجردة فإن هذا لا يعد تحويلا ، أما إذا نقل عنه الإنشاء والتعبير فهذا هو التحويل ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 18 ) .&%$ ) . فإذا بت فى أن هناك تحويلا للمصنف الأصلى ، كان مؤلف المصنف اللاحق مسئولا ، ووجب عليه أن يدفع تعويضا لمؤلف المصنف الأصلى أو لخلفائه . ومهما يكن من أمر . فإنه متى حسم الخلاف وأصبح ثابتا أن هناك تحويلا ، أو أن التحويل كان مسلما به دون خلاف ، فإن صاحب التحويل يكون له حق المؤلف على تحويله ، ولا يجوز لأحد أن ينقل تحويله دون أن يستأذنه هو أو خلفاءه ، إذ أن حماية المؤلف تشمل التحويل كما تشمل المصنف الأصلى . وعلى ذلك يكون لصاحب التحويل الحق فى منع أى شخص آخر من تحويل تحويله – أى التحويل فى الدرجة الثانية – إلا بإذنه . فإذا حول شخص إحدى الروايات أو القصص إلى مسرحية ، فإنه يصبح صاحب المسرحية وله حقوق المؤلف عليها . ومن بين هذه الحقوق أنه لا يجوز لأحد أن يحول مسرحيته إلى فيلم سينمائى مثلا إلا بإذنه ( $%&[1] ) ويشترط بداهة أن يكون فى التحويل ابتكار وطابع شخصى مما يستأهل الحماية . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم إذ قضى بخلو العمل الذى قام به مورث الطاعنين – اقتباسا من الرواية الأصلية ( الأرملة الطروب ) – من الابتكار الذى يستأهل حماية القانون ويعدم وجود التماثل بين ذلك العمل وبين اقتباس المطعون عليهم ، قد أقام قضاءه بذلك على أسبابا سائغة ، فإنه لا يكون على المحكمة بعد ذلك إذا هى لم تستجب إلى طلب الطاعنين بإجراء المقارنة بين العملين عن طريق ندب خبير أو عن طريق انتقال المحكمة لسماع الأداء العلنى ، ما دامت قد وجدت فى أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفى لتكوين رأيها فيها بنفسها ( نقض مدنى 18 فبراير سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 28 ص 178 ) .&%$ ) . ويبقى بعد ذلك أن نحدد حق المؤلف الأصلى صاحب الرواية أو القصة : هل يستنفد حقه بمجرد أن يأذن لصاحب المسرحية فى تحويل روايته إلى مسرحية ، أو يحتفظ بحق له فيما يتعلق بتحويل لمسرحية إلى فيلم سينمائى . ويجب استئذانه فى ذلك أيضا؟ لا شك فى أنه لا يعتبر شريكا $ 311 $ ( coauteur, collaboratenr لصاحب المسرحية فى مسرحيته ، ولكنه مع ذلك يحتفظ بحق المؤلف – لا بحق الشريك – فيما يتعلق بتحويل المسرحية إلى فيلم سينمائى ، ويجب استئذانه ، هو وصاحب المسرحية معا ، فى هذا التحويل ، وله أن يتقاضى جعلا على هذا الإذن ( $%&[1] ) ويترتب على أن صاحب الرواية لا يعتبر شريكا لصاحب المسرحية ، وإنما هو يستعمل حق المؤلف الخاص به ، أن المسرحية لا تعتبر شركة بين صاحب الرواية وصاحب المسرحية إلى حد ألا تنقضى مدة حمايتها إلا بانقضاء خمسين سنة من موت آخر من بقى حيا من الشريكين ، حتى لو بقى صاحب المسرحية حيا بعد موت هذا المورث فطالت مدة حمايته عن مدة حماية المورث النظر ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 376 ) .&%$ ) .

177 - الحالة الرابعة – ترجمة المصنف إلى لغة أخرى : تنص الفقرة الأولى من المادة 3 من قانون حماية حق المؤلف ، كما رأينا ، على ما يأتى : " يتمتع بالحماية من قام بترجمة المصنف إلى لغة أخرى ... " . ولعل من ترجم المصنف قد عانى فى ترجمته إلى لغة أخرى من المشقة ما عاناه مؤلف هذا المصنف ، فليس يسيرا نقل كتاب من لغة إلى لغة أخرى . وتقتضى الترجمة إحاطة تامة بكل من اللغتين ، كما تقتضى جهدا شاقا فى اختيار العبارات فى اللغة المترجم إليها ووزنها والتثبت من أنها تعتبر عن نفس المعنى ، هذا إلى ذوق سليم وتمكن من اللغة المترجم إليها بحيث يستطيع المترجم أن يسموا فى هذه اللغة سموا المؤلف فى اللغة الأصلية . وهذا كله يكفل للترجمة قدراً كبيراً من الابتكار والشخصية ، مما يستوجب أن يكون للمترجم على ترجمته حق المؤلف ، فلا يجوز لأحد دون إذنه أن ينقل ترجمته أو يحولها إلى لون آخر من ألوان الآداب أو العلوم . وتقول المذكرة الإيضاحية لقانون حماية حق المؤلف فى هذا الصدد : " والمصنفات المبتكرة التى يحميها المشرع غير مقصورة على المصنفات الأصلية ، بل تشمل المؤلفات المترجمة كما تشمل كافة صور إعادة إظهار المصنفات الموجودة فى شكل جديد ، على ألا يخل ذلك بحماية حق المؤلف الأصلى " .

والمؤلف الأصلى للمصنف المترجم له حقوق لا يجوز إغفالها . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 7 من قانون حماية حق المؤلف على أن المؤلف المصنف وحده " الحق فى ترجمته إلى لغة أخرى " . ويستوى فى ذلك الحق مؤلف المصنف الأصلى إذا ترجم مصنف إلى لغة أخرى . ومترجم المصنف الأصلى إذا $ 312 $ ترجمت ترجمته إلى لغة ثالثة ، فلا بد أيضاً من استئذان المترجم فى ترجمة ترجمته ، وتنص المادة 8 من قانون حماية حق المؤلف على أن " تنتهى حماية حق المؤلف وحق من ترجم مصنفه إلى لغة أجنبية أخرى فى ترجمة ذلك المصنف إلى اللغة العربية إذا لم يباشر المؤلف أو المترجم هذا الحق بنفسه أو بواسطة غيره فى مدى خمس سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلى أو المترجم " . فإذا عمد شخص إلى ترجمة مصنف ، سواء كانت الترجمة مباشرة من المصنف أو كانت من ترجمة للمصنف إلى لغة يعرفها المترجم الثانى ، وكان المصنف أو ترجمته تشمله الحماية ( خمسين سنة بعد موت المؤلف أو المترجم ) ولم يؤل إلى الملك العام ، وجب على المترجم استئذان صاحب المصنف الأصلى ، أو استئذان كل من صاحب المصنف الأصلى والمترجم الأول ، قبل نشر ترجمته . ويستثنى من ذلك الترجمة إلى اللغة العربية . فقد أراد المشرع التيسير للمترجمين حتى يتمكنوا من ترجمة أعلام المصنفات الأجنبية إلى اللغة العربية فيتزود المكتبة العربية بما ينبغى لها أن تتزود به من عيون الأدب والعلم والفن فى اللغات الأجنبية مترجمة إلى اللغة العربية . فقضت المادة 8 سالفة الذكر بأن حق مؤلف المصنف الأصلى فى ترجمة كتابه إلى اللغة العربية ، وكذلك حق مترجم هذا المصنف فى ترجمة ترجمته إلى اللغة العربية ، وكذلك حق مترجم هذا المصنف فى ترجمة ترجمته إلى اللغة العربية ، يسقطان بانقضاء خمس سنوات ( وليس خمسين سنة ) من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلى أو الترجمة الأولى ( لامن تاريخ موتهما ) إذا لم يباشر المؤلف أو المترجم الأول هذا الحق بنفسه أو بواسطة غيره . ومؤدى ذلك أن المترجم العربى ، إذا تربص خمس سنوات من وقت نشر مصنف أجنبى أو من وقت نشر ترجمته إلى لغة أجنبية أخرى ، ولم يقم فى خلال هذه المدة المؤلف الأصلى أو المترجم الأول بترجمة المصنف أو ترجمة ترجمته إلى اللغة العربية بنفسه أو بواسطة غيره . جازت عندئذ ترجمة المصنف أو ترجمة ترجمته إلى اللغة العربية دون حاجة إلى استئذان أحد ودون أى مقابل ، لأن حق المؤلف أو المترجم الأول فى الترجمة إلى اللغة العربية يكون قد سقط وآل إلى الملك العام ( $%&[1] ) وتحمى هذه الترجمة العربية بالذات مدة حياة المترجم وخمسين سنة من موته ، ولكن هذا لا يمنع من أن يترجم شخص آخر المصنف الأصلى أو ترجمته مرة أخرى إلى اللغة العربية ترجمة مستقلة عن الترجمة العربية الأولى .&%$ ) ، أما إذا قام المؤلف أو المترجم الأول بترجمة مصنفه إلى اللغة $ 313 $ العربية فى خلال خمس سنوات من أول نشر له ، فإنه لا تجوز ترجمة المصنف إلى اللغة العربية مرة أخرى إلا بإذنه ، طول مدة حياته وخمسين سنة بعد موته .

المطلب الثانى

المصنفات الفنية

178 - أمثلة للمصنفات الفنية وردت فى القانون : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 2 من قانون حماية حق المؤلف قد أوردت ، على سبيل المثال التمثيل لا على سبيل الحصر ، أمثلة من المصنفات المحمية على مختلف أنواعها . وذكر النص من أمثلة المصنفات الفنية ما يأتى :

1 - المصنفات الداخلة فى فنون الرسم والتصوير بالخطوط أو الألوان أو الحفر أو النحت أو العمارة . وهذه المصنفات تتناول أكثر الفنون الجميلة ، فهى تتناول الرسم ، والتصوير بمختلف أنواعه ( الخطوط أو الألوان ) ، والحفر ، والنحت ، والعمارة ، ويضاف إلى ذلك النقش والزخرفة . فالرسام إذا كان فى رسمه ابتكار يكون له حق المؤلف على رسمه ، فلا يجوز لأحد أن ينقل رسمه دون إذنه ، ولا يجوز لأحد دون إذنه أيضا أن يحول رسمه إلى لون آخر من ألوان الفنون الجميلة كالتصوير والنحت . وكذلك المصور ، إذا كانت لوحته تنطوى على ابتكار ، يكون له حق المؤلف عليها . وكذلك الحكم فيما يتعلق بالحفار على ما يحفره ، والنقاش على ما ينقشه ، والمزخرف على ما يزخرفه ، والنحات ( المثال ) على ما يصنعه من تماثيل ، والمهندس المعمارى على ما يضعه من تصميمات معمارية ، ومناط الحماية فى كل هذه الأحوال هو الابتكار والشخصية .

2 - المصنفات الفوتوغرافية والسينمائية . وهذه أيضا مصنفات فنية ، وسنرى فيما يتعلق بالمصنفات الفوتوغرافية أنها محل لاختلاف فى الرأى ، وأنها على كل حال دون المصنفات الأخرى فى الحماية ، أما المصنفات السينمائية ، وتنتهى إلى الأفلام السينمائية ، فهى شىء مركب ومعقد ، وسنرى فيما يلى عندما نحلل هذه المصنفات كيف أن أكثر من واحد يعتبر مؤلفا لها . وبعضها تأليف أدبى ، وبعضها تأليف فنى ، وبعضها تأليف موسيقى ، ولذلك سبق أن أدخلناها $ 314 $ فى المصنفات الأدبية ، وندخلها الآن فى المصنفات الفنية ، وسندخلها فيما بعد فى المصنفات الموسيقية .

3 - الخرائط الجغرافية والمخطوطات ( الرسوم الكروكية ) . وهذه ضروب من الرسم تحتاج إلى مقدرة فنية . فالرسم الكروكى قد ينطوى على ابتكار يستحق معه الحماية ، كما أن لرسم الخرائط فنا خاصا يعرف بفن الخرائط الجغرافية ، وهو أيضا يدخله كثير من الابتكار مما يستوجب حمايته .

4 - المصنفات المجسمة المتعلقة بالجغرافيا أو الطبوغرافيا أو العلوم ، وهذه أيضا مصنفات فنية ، يختلط فيها الرسم بالحفر وبفن الخرائط ، وهى تحتاج إلى مقدرة فنية كبيرة ، وتنطوى على كثير من الابتكار ، مما يجعلها جديرة بالحماية .

5 - المصنفات التى تؤدى بحركات أو خطوات وتكون معدة للإخراج المادى . وأهم هذه المصنفات هى فنون الرقص المختلفة ، وكذلك الألعاب الفنية ، ويدخل فيها أيضا فن الإخراج فى أدوار التمثيل . وكل هذه فنون تحتاج إلى مقدرة خاصة ، كما تنطوى على شىء من الابتكار يجعلها مما تشمله الحماية .

6 - المصنفات المتعلقة بالفنون التطبيقية . ويشمل ذلك أعمال الخزف والأوانى المزخرفة والأدوات المنقوشة والزجاج الملون وما إلى ذلك من مختلف الفنون الجميلة مطبقة تطبيقا عمليا فى شىء مجسم . كآنية وحلية وصوان وأطباق وزجاج . وهذا كله يقتضى مهارة فنية خاصة ، وينطوى على كثير من الابتكار بما يجعله مستحقا للحماية .

179 - العبرة فى المصنفات الفنية بالتنفيذ لا بخطة العمل : وتختلف المصنفات الفنية عن المصنفات الأدبية والعملية والموسيقية بأن العبرة فى الأولى هى بالتنفيذ ( execution ) . فالمصنف الفنى لا يعتبر مصنفا ولا يستحق الحماية إلا إذا نفذ فعلا ، أما إذا وقف الفنان عند خطة العمل ( composition ) دون التنفيذ ، فإن عمله هذا لا يعتبر مصنفا فنيا . فخطة العمل تختلط بالتنفيذ اختلاطا تاما فى المصنفات الفنية ، ويستغرق التنفيذ الخطة ، ويصبح التنفيذ لا الخطة هو الواجب الحماية . فما دامت الخطة لم تخرج إلى حيز التنفيذ حتى يبرز العمل الفنى مجسما فى صورة أو فى تمثال أو فى غير ذلك ، فلا يعتد بالخطة $ 315 $ فى ذاتها ، ولا يشملها القانون بالحماية ، ولو أن تلميذ الفنان استوحى من الفنان خطة العمل كاملة ، وقام بتنفيذها تنفيذا حرفيا دون أية إضافة من عنده ، لكان العمل الذي نفذه التلميذ هو العمل الفنى الذي يشمله القانون بالحماية ، ولكان المؤلف الذي يحميه القانون هو التلميذ الذي نفذ الخطة ، لا الأستاذ الذي ابتكرها . أما فى المصنفات الأدبية والعلمية ، فيعتد بالخطة حتى لو لم تقترن بالتنفيذ : فلو أن كاتبا رسم خطة مفصلة لمؤلف أدبى أو لقصة أو مسرحية ، وتحدث إلى صديق له فى الخطة التى رسمها ، واستملاها منه الصديق واستوعبها كاملة ، لم يجز للصديق ، دون إذن الكاتب ، أن ينشر هذه الخطة ، إذ أن الخطة جزء من المصنف الأدبى يحميها القانون كما يحمى المصنف ذاته ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 42 - فقرة 43 .&%$ ) .

ويترتب على ذلك أن التنفيذ فى المصنفات الفنية يجب أن يتم بيد الفنان نفسه ، وأن يكون عمله الشخصى هو العنصر الغالب فى هذا التنفيذ . أما إذا تم التنفيذ ميكانيكيا بواسطة آلات معدة لذلك ، دون أن يكون للعمل الشخصى تأثير ذو بال ، فإن ما يتم نتيجة لهذا التنفيذ الميكانيكى لا يعتبر مصنفا فنيا مستحقاً للحماية ، فيتعين إذن التمييز بين التنفيذ الشخصى والتنفيذ الميكانيكى ، ويجب تبين ما إذا كان الدور الذي لعبه الفنان فى التنفيذ دوراً إيجابيا بحيث أن الآلة لم تكن فى يده إلا لمجرد المساعدة وضبط العمل وعند ذلك يكون التنفيذ شخصيا ، أو أن الدور الذي لعبه الفنان فى التنفيذ لم يكن إلا دورا سلبيا وأن الآله هى التى قامت بالأعمال الأساسية التى يتكون منها التنفيذ وعند ذلك يكون التنفيذ ميكانيكا لا يستحق الحماية . والبت فيما إذا كان التنفيذ شخصياً أو ميكانيكيا مسألة واقع ، على أن يسترشد قضاة الموضوع فى ذلك بمقاييس فنية صحيحة ( $%&[1] ) نقض فرنسى 16 مايو سنة 1862 Aun . 62 – 35 - ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ : Prop . Lit . et Art فقرة 43 – فقرة 44 .&%$ ) .

ويتبين من ذلك أن التنفيذ الميكانيكى لا ينتج عنه مصنف فنى يستحق الحماية . وهذا يدعو للنظر فى المصنفات الفوتوغرافية ، وهل هى مجرد تنفيذ ميكانيكى أو أن لعمل الفوتوغرافى الشخصى تأثيراً فى التنفيذ بحيث يصبح $ 316 $ المصنف الفوتوغرافى مستحقاً للحماية . ثم إن العبرة فى المصنفات الفنية بالتنفيذ لا بالخطة كما قدمنا ، فإذا لم يكن للفنان خطة شخصية بل أقتصر على مجرد المحاكاة للطبيعة أو المحاكاة لمصنف فنى سابق ، فإن التنفيذ الذي يقوم به بشخصه يكفى لصبغ العمل بطابع الابتكار وإضفاء الشخصية ، فيكون هذا العمل مصنفا فنيا مستحقاً للحماية .

فنبحث إذن فيما يلى المسائل الثلاث الآتية : ( 1 ) المصنفات الفوتوغرافية . ( 2 ) المصنفات الفنية التى هى مجرد محاكاة للطبيعة . ( 3 ) المصنفات الفنية التى هى مجرد محاكاة لمصنفات سابقة .

180 - المصنفات الفوتوغرافية : اختلف الرأى فيما إذا كانت المصنفات الفوتوغرافية – ويدخل فيها ما يلتقط فوتوغرافيا من الكتابة وما يصدر من المخطوطات والكتب بواسطة الميكروفيلم – تعتبر مصنفات فنية تستحق الحماية ، أو هى مجرد تنفيذ ميكانيكى بواسطة آلة التصوير فلا تعتبر مصنفات فنية ولا تستحق الحماية .

فهناك رأى يذهب إلى أن التنفيذ الميكانيكى فيها هو الغالب ، فلا تعتبر مصنفات فنية ، ولا تستحق الحماية التى تشمل حق المؤلف ، وإنما تحمى عن طريق مبدأ المزاحمة غير المشروعة ( $%&[1] ) أمبيان 6 مارس سنة 1901 drdauteur 1901 – 145 - نانسى 14 مارس سنة 1903 داللوز 1903 - 2 296 - تولوز 17 يوليه سنة 1911 داللوز 1912 - 2 - 161 .&%$ ) .

وهناك رأى عكسى يذهب إلى أن عمل الفوتوغرافى الشخصى فيها هو الغالب ، فتعتبر مصنفات فنية تستحق الحماية التى تشمل حق المؤلف ( $%&[1] ) السين دائرة الجنح 6 مايو سنة 1897 Ann . 97 - 147 - السين المدنية 20 يناير سنة 1899 واللوز 1902 – 2 - 73 - ليموج دائرة الجنح 9 يناير سنة 1914 Ann . 1919 - 2 - 18 .&%$ ) .

وهناك رأى متوسط يذهب إلى أنه يجب التمييز ما بين المصنف الفوتوغرافى الذي يحمل طابع المقدرة الفنية وحسن الذوق وطل المران فهذا هو الذي يعتبر مصنفا فنيا يستحق الحماية التى تشمل حق المؤلف ، وبين المصنف الفوتوغرافى الذي لا يحمل أثراً من ذلك وتغلب عليه الصنعة الميكانيكية $ 317 $ فلا يعتبر مصنفا فنيا ولا يستحق الحماية ( $%&[1] ) باريس 29 أبريل سنة 1864 Ann . 64 - 235 - 6 مايو سنة 1864 Ann . 64 - 232 - 6 مايو سنة 1897 Ann . 97 - 148 - نانسى 14 مارس سنة 1903 داللوز 1903 – 2 - 296 - أورليان 4 فبراير سنة 1925 داللوز الأسبوعى 1925 - 336 .&%$ ) . وتعتبر محكمة النقض الفرنسية أن هذه هى مسألة واقع لا تخضع لرقابة محكمة النقض ( $%&[1] ) نقض فرنسى جنائى 15 يناير سنة 1864 داللوز 65 – 5 – 317 .&%$ ) .

على أن المصنف الفوتوغرافى ليس هو مجرد التقاط المنظر ، بل هو يتناول أيضا ما يسبق ذلك من اختيار للمنظر والجانب الذي يصور منه والتحضير للعمل ، وما يتلو ذلك من إعداد للصورة والتهذيب الذي يجرى فيها . وكل هذه سلسلة من الأعمال لا تتجزأ من الناحية الفنية . ومن ثم يحمل المصنف الفوتوغرافى دائما طابعا شخصيا لصانعه ، فيستحق الحماية التى تشمل حق المؤلف . وعلى هذا جرى قانون حماية حق المؤلف فى مصر ، فقد رأينا أن المادة 2 من هذا القانون تدرج المصنفات الفوتوغرافية بين المصنفات التى يحميها القانون ويجعل مدة حمايتها فى الأصل خمسين سنة بعد موت صانع المصنف ، شأن المصنف الفوتوغرافى فى ذلك شأن سائر المصنفات التى يحميها القانون . غير أن المادة 3 / 2 من قانون حماية حق المؤلف تنص على ما يأتى : " على أن حقوق مؤلف المصنف الفوتوغرافى لا يترتب عليها منع الغير من التقاط صور جديدة للشىء المصور . ولو أخذت هذه الصور الجديدة من ذات المكان وبصفة عامة فى ذات الظروف التى أخذت فيها الصورة الأولى " ( $%&[1] ) ويطابق نص المادة 3 / 2 من قانون حماية حق المؤلف المادة 3 / 2 من المشروع الجديد .&%$ ) . وليس فى هذا النص ما ينتقض من حماية المنصف الفوتوغرافى ، فإن الحماية إنما تقتضى منع التقاط الصورة مباشرة من نفس المصنف الفوتوغرافى دون إذن من المؤلف ، ولكنها لا تمنع من التقاط صورة أخرى من ذات المكان ، ولو كان ذلك فى ذات الظروف التى أخذت فيها الصورة الأولى .

ولكن الذي ينتقص من حماية المصنفات الفوتوغرافية ، وكذلك من حماية المصنفات السينمائية ، أن قانون حماية حق المؤلف استثنى من هذه المصنفات مالا يكون مصطبغا بطابع إنشائى وقد اقتصر فيه على نقل المناظر نقلا آليا ، فأنقص من مدة حمايته إنقاصاً كبيراً ، إذ جعل هذه المدة خمس عشرة سنة $ 318 $ بدلا من خمسين ، وتبدأ من أول نشر للمصنف لا من وقت موت المؤلف فنصت المادة 20 / 1 من هذا القانون على ما يأتى : " على أنه بالنسبة للمصنفات الفوتوغرافية والسينمائية التى لا تكون مصطبغة بطابع إنشائى واقتصر فيها على مجرد نقل المناظر نقلا آليا ، فتنقضى هذه الحقوق ( حقوق الاستغلال المالى ) بمضى خمسة عشر عاما تبدأ من تاريخ أول نشر للمصنف " .

181 - المصنفات الفنية التى هى مجرد محاكاة للطبيعة : وفى هذا الفرض يحاكى الفنان المنظر الطبيعى الذي يصوره محاكاة تامة ، فيصور مثلا مشهدا من مشاهد الطبيعة ( paysage ) ، أو صورة إنسان ( Portrait ) ، أو صورة حيوان . ويتوخى فى ذلك أن ينقل الصورة التى يرسمها كما هى دون أى تغيير ، فتخرج وهى تكاد أن تكون نسخة طبق الأصل من الشىء المصور ، وحتى ليتوهم الرائى أنها صورة فوتوغرافية .

وقد ذهب رأى إلى أن هذه المحاكاة التامة تفقد المصنف الفنى عنصر الابتكار والشخصية ، فلا يستحق الحماية ( $%&[1] ) باريس 17 فبراير سنة 1912 Ann . 1914 – 1 - 28 - 22 يناير سنة 1924 Ann . 1924 – 97 - دويه 16 يونيه سنة 1931 مجموعة دويه 1931 – 1 - 27 .&%$ ) . ولكن الرأى الصحيح هو أن العبرة فى المصنفات الفنية بالتنفيذ لا بالخطة كما قدمنا ، وإذا كان عنصر الخطة غير قوى فى مجرد المحاكاة لشىء سابق ، فإن عنصر التنفيذ قائم قياما تاماً ، ولعله أشد مشقة من التنفيذ الذي يقوم به المصور فيما لو تصرف وأطلق العنان لخياله . ولم ينقل الفنان المنظر الذي صوره نقلا ميكانيكيا ، بل رسمه بيده فأضفى عليه شخصيته وكان فى هذا التنفيذ مبتكرا ، وهو أشد ابتكارا وأبرز شخصية كلما زادت المحاكاة ، ومن ثم يكون له على مصنف حق المؤلف ، ولا يجوز لأحد دون إذنه أن ينقل مباشرة الصورة التى رسمها ، وإن جاز لأى شخص دون إذن أن يصور نفس المنظر عن الطبيعة نفسها ، وعلى هذا الرأى الصحيح سار القضاء فى فرنسا ، قضاء محكمة النقض وقضاء المحاكم الأخرى ( $%&[1] ) نقض فرنسى جنائى 29 أبريل سنة 1932 داللوز الأسبوعى 1932 - 333 - باريس 16 نوفمبر سنة 1893 داللوز 94 - 2 - 64 - 7 مارس سنة 1902 جازيت دى تربينو 1902 - 2 - 12 - السين 25 فبراير سنة 1906 Ann . 1906 - 1 - 197 - وانظر ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop, Lit et Art . فقرة 46 .&%$ ) .

 $ 319 $ ويترتب على أن للفنان حق المؤلف على المصنف الفنى الذي حاكى فيه الطبيعة محاكاة تامة أنه لو نزل عن هذا الحق لناشر ، فإنه لا يجوز له بعد ذلك أن ينقل الصورة التى رسمها عن الصورة نفسها . ولكن يجوز له أن يصور مرة أخرى المشهد الطبيعى الذي سبق له تصويره ، لا عن الصورة نفسها ، بل عن الطبيعة ( $%&[1] ) باريس 3 مايو سنة 1878 داللوز 79 - 2 - 11 – دويه 13 مايو سنة 1891 داللوز 92 - 2 - 182 .&%$ ) . على أنه يجب عليه أن يحترز من الإخلال بالتزام الضمان ، فقد يكون فى تصويره مرة أخرى المشهد الطبيعى عن الطبيعة إخلال بالتزامه نحو الناشر ، الذي باع له حقه فى الصورة الأولى ، بضمان تمتع الناشر بالحق الذي اشتراه دون تعرض من جانب البائع ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit, et Art . فقرة 49 .&%$ ) .

182 - المصنفات الفنية التى هى مجرد محاكاة لمصنفات فنية سابقة : فى هذا الفرض ينقل الفنان عن صورة سابقة بحيث يحاكيها محاكاة تامة . ويعق ذلك عادة عندما يشتهر مصنف شهرة عظيمة فى عالم الفن بأن يكون من صنع مصور من المصورين العالميين ، ويؤول هذا المصنف الفنى إلى الملك العام بعد انقضاء مدة حمايته . فيعمد بعض الفنانين إلى محاكاة هذا المصنف محاكاة تامة ، حتى ليصعب التمييز بين الأصل والنسخة التى أخذت عنه ، فيظهر الفنان بذلك مقدرته الفنية ، وقد يكون المصنف الفنى المشهور لم يؤل بعد إلى الملك العام ولم تنقض مدة حمايته ، فيجب فى هذه الحالة على الفنان الذي يريد محاكاته أن يستأذن فى ذلك صاحب هذا المصنف الفنى أو خلفاءه . والمفروض الآن أن الفنان قد نقل ، بعد الحصول على الإذن الواجب أو دون إذن إذا لم يكن الإذن واجبا ، الصورة المشهورة وحاكاها محاكاة تامة ، فهل يكون له على عمله ، وهو الصورة التى رسمها هو وحاكى بها الصورة المشهورة ، حق المؤلف .

هنا أيضا قد يقال إن الفنان لم يبتكر شيئاً ، وقد اقتصر على أن ينقل نسخة طبق الأصل عن صورة موجودة من قبل ، بل إنه هنا لم ينقل عن الطبيعة كما فعل فى الفرض السابق ، بل نقل عن صورة نقلها غيره عن الطبيعة $ 320 $ أو نقلها عن خياله ، ومن ثم لا يكون للفنان ، فى نظر من يقول بذلك ، حق المؤلف على عمله ، ويجوز لغيره دون إذنه أن ينقل عن نفس الصورة التى رسمها كما نقلها هو عن غيره ، ولكن الرأى الصحيح ، فى هذا الفرض الثانى أيضا ، أن العبرة فى المصنف الفنى بالتنفيذ ، ومادام الفنان قد نقل بيده الصورة التى رسمها ، ولم ينقلها بطريقة ميكانيكية ، فإنه يكون قد بذل جهداً واضحاً فى التنفيذ ، بل إنه قد أظهر من الابتكار والمقدرة الفنية ما جعله يضفى شخصيته على العمل الذي قام به . ويزداد ابتكاره وطابعه الشخصى كلما كانت الصورة التى رسمها أكثر محاكاة للصورة الأصلية ، فإذا ما تعذر التمييز بين الصورتين فهنالك يكون الفنان قد بلغ الأوج من الابتكار والمقدرة الفنية ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit et Art . فقرة 50 .&%$ ) . ومن ثم يكون للفنان حق المؤلف على عمله ، ولا يجوز لغيره دون أن يستأذنه أن ينقل صورته ، كما أستأذن هو صاحب الصورة الأصلية التى نقل عنها إذا كان هذا لا يزال متمتعا بالحماية ( $%&[1] ) باريس 30 يوليه سنة 1888 Ann . 89 - 117 - السين أول ديسمبر سنة 1903 جازيت دى تربينو 1904 - 2 - 149 - بروكسل الابتدائية 27 يناير سنة 1904 Dr . dauteur 1904 – 71 .&%$ ) . ولكن يجوز لأى شخص أن ينقل عن الصورة الأصلية ، بعد استئذان صاحبها إذا كان لا يزال متمتعا بالحماية ، أو دون استئذان إذا انقضت مدة الحماية وآلت الصورة الأصلية إلى الملك العام .

وكما يجب استئذان صاحب المصنف الفنى الأصلى إذا كان لا يزال متمتعا بالحماية فى محاكاة مصنفه ، كذلك يجب استئذانه فى تحويل مصنفه من لون من ألوان الفن إلى لون آخر ، ومن ثم يجب استئذان المهندس المعمارى الذي شيد بناء بتصميم من وضعه فى نقل صورة مطابقة للأصل لهذا البناء على أغطية علب الجبن ( $%&[1] ) باييه ( Bayeux ) 20 يوليه سنة 1923 Ann . 1923 - 359 .&%$ ) ، واستئذان صاحب الصورة فى نقل صورة مطابقة لصورته على سجاد تنقش فيه الصورة باليد ( $%&[1] ) باريس 20 أبريل سنة 1843 Jur . Gen . eod No . 409 .&%$ ) ، أو على مجموعة من الصينى أو من البرونز ( $%&[1] ) باريس 16 فبراير سنة 1843 Jur . Gen . eod No . 409 .&%$ ) .

 $ 321 $

المطلب الثالث

المصنفات الموسيقية

183 - أمثلة للمصنفات الموسيقية : ذكرت الفقرة الأولى من المادة 2 من قانون حماية حق المؤلف ، فى إيرادها لأنواع المصنفات الفنية ، ما يأتى : 1 - المصنفات الموسيقية ، سواء اقترنت بالألفاظ أو لم تقترن بها : وهذه عبارة عامة شاملة ، تتناول جميع المصنفات الموسيقية . فإذا اقترن المصنف الموسيقى بالألفاظ ، كان مركبا من عنصرين : العنصر الموسيقى ، وعنصر الألفاظ التى اقترنت بالعنصر الموسيقى وهو معتبر من المصنفات الأدبية . ولكن العنصر الموسيقى هو الغالب ، ومن ثم يجب اعتبار المصنف وحدة لا تتجزأ ويكون مصنفا موسيقيا .

2 - المسرحيات الموسيقية : وهذه تشمل لونا خاصا من ألوان المصنفات الموسيقية ، أفرده القانون بالذكر تنويها بشأنها . وتتناول المسرحيات الموسيقية الأوبرا والأوبرا كوميك والأوبريت والفودفيل إذا اقترنت بها الموسيقى وأية مسرحية أخرى تقترن بالموسيقى . وهنا يجب التمييز بين المسرحية ذاتها وهى مصنف أدبى له مؤلفه ، وبين الموسيقى التى اقترنت بالمسرحية وهى مصنف موسيقى وله مؤلف آخر . وإذا كانت الموسيقى تابعة للمسرحية ، إلا أنها تنفرد بذاتية مستقلة بوصفها مصنفا موسيقيا ، ولصاحب الألحان الموسيقية حق المؤلف على ألحانه ، فلا يجوز لأحد دون إذنه أن ينقل ألحانه ، سواء صحبها بالمسرحية التى اقترنت بها أو نقلها مستقلة عن هذه المسرحية وقد نصت المادة 26 من قانون حماية حق المؤلف على أنه " إذا كان اشتراك كل من المؤلفين يندرج تحت نوع مختلف من الفن ، فلكل منهم الحق فى استغلال الجزء الذي ساهم به على حدة ، بشرط ألا يضر ذلك باستغلال المصنف المشترك ، ما لم يتفق على غير ذلك " ( $%&[1] ) وانظر أيضا المادة 29 من قانون حماية حق المؤلف فى شأن مصنفات الموسيقى الغنائية حيث يتغلب عنصر الموسيقى على عنصر الكلام ، وسيأتى تفصيل القول فى ذلك ( انظر ما يلى فقرة 198 ) .&%$ ) .

 $ 322 $ ويمكن أن يضاف إلى ما تقدم الأمثلة الآتية :

3 - المصنفات التى تنفذ بحركات مصحوبة بالموسيقى والاستعراضات المصحوبة بالموسيقى . ويتناول ذلك الرقص بأنواعه المختلفة والتمثيل والاستعراضات المسرحية والألعاب الرياضية إذا صحبتها الموسيقى ، وهنا يغلب عنصر الحركة على عنصر الموسيقى ( $%&[1] ) انظر المادة 30 من قانون حماية حق المؤلف ، وانظر فى صدد هذه المادة ما يلى فقرة 199 .&%$ ) .

4 - المصنف السينمائى . وتصحبه عادة الموسيقى ، ويعتبر واضع الموسيقى ، إذا قام بوضعها خصيصا للمصنف السينمائى ، شريكا فى هذا المصنف ( م 31 من قانون حماية حق المؤلف ) ( $%&[1] ) وانظر فيما يتعلق بالمصنف السينمائى والمصنف المعد للإذاعة بالراديو أو بالتليفزيون ما يلى فقرة 200 .&%$ ) .

184 - الفرق ما بين المصنفات الموسيقية وبين المصنفات الأدبية والمصنفات الفنية : يختلف المصنف الموسيقى عن المصنف الأدبى فى أن الموسيقى تخاطب الإحساس والشعور ، فى حين أن التصنيف الأدبى يخاطب العقل والتفكير ، فالفكرة فى التصنيف الأدبى تسبق الخطة ، وتسبق من باب أولى التعبير ، وهى غير قابلة لأن يترتب عليها حق المؤلف إذ هى حق مشاع للجميع . أما الميلودى ( اللحن ) فى الموسيقى ، ويقابل الفكرة فى التصنيف الأدبى ، فيحمل الطابع الشخصى للمؤلف ، ومن ثم يكون قابلا لأن تترتب عليه حقوق التأليف .

ويختلف المصنف الموسيقى عن المصنف الفنى فى أن الموسيقى تستلهم الخيال فى داخل النفس فيتجسم الخيال فى اللحن الموسيقى ( الميلودى ) ، ومن ثم يكون الميلودى قابلا لأن تترتب عليه حقوق المؤلف . أما الفن فيستلهم المرئيات فى العالم الخارجى ، وما دام باقيا فى دور الاستلهام فليس له قوام ذاتى تمكن حمايته ، ولا يحمى إلا إذا دخل دور التنفيذ أى التعبير ، وقد رأينا أن المصنف الموسيقى يحمى حتى قبل أن يؤدى ، وهو لا يزال نوتا ( notes ) موسيقية . على أن المصنف الموسيقى لا ينتهى إلى غايته إلا وهو فى دور الحركة $ 323 $ أى بعد أن يدخل فى دور التأدية والسماع ، فى حين أن المصنف الفنى ينتهى إلى غايته وهو باق فى دور السكون ولا يبرح هذا الدور حتى بعد تنفيذه .

185 - عناصر المصنف الموسيقى : ويشمل المصنف الموسيقى على عناصر ثلاثة : ( 1 ) اللحن الموسيقى ( الميلودى melodie ) . ( 2 ) التوافق الموسيقى ( الهارمونى harmonie ) . ( 3 ) الإيقاع الموسيقى أو الضرب الموسيقى أو الوزن الموسيقى ( الريتم rythme ) .

أما اللحن الموسيقى ( الميلودى ) فهو سلسلة من الأنغام ( الأصوات الموسيقية ) المتوالية ، تكون أساسا للمصنف الموسيقى . ويكون قابلا لأن تترتب عليه حقوق المؤلف ، مستقلا عن العنصرين الآخرين .

وأما التوافق الموسيقى ( الهارمونى ) فينتج من إصدار أنغام مختلفة فى آن واحد ، مع مراعاة الانسجام الموسيقى فيما بينها . وليس للتوافق الموسيقى قوام ذاتى ، وإنما هو يصحب اللحن الموسيقى ويقترن به ، إذ هو انسجام ما بين الأنغام المختلفة طبقا لقواعد موسيقية معروفة . ومن ثم لا يكون قابلا لأن تترتب عليه حقوق المؤلف ، إلا إذا صحب اللحن الموسيقى .

وأما الإيقاع الموسيقى ( الريتم ) فهو الأبعاد الزمنية ما بين الأنغام المختلفة المتوالية ، أو الأبعاد الزمنية ما بين نغم واحد يتكرر ، أو الاختلاف فى الضغط على النوت الموسيقية بعضها بالنسبة إلى بعض . ولا يكون قابلا بذاته لأن تترتب عليه حقوق المؤلف ، ولكنه يكون قابلا لذلك – كما هو شأن التوافق الموسيقى – إذا صحب اللحن الموسيقى واقترن به .

186 - المصنفات الموسيقية المشتقة من مصنفات سابقة : ويقع فى المصنفات الموسيقية ، كما رأينا فى المصنفات الأدبية والفنية ، أن يشتق مصنف من مصنف آخر سابق عليه ، والقاعدة واحدة فى جميع هذه الأحوال ، فإن مؤلف المصنف المشتق يجب عليه أن يستأذن مؤلف المصنف الأصلى أو خلفاءه إذا كان هذا المصنف لا تزال تشمله الحماية ولم يؤل إلى الملك العام ، فإن للمصنف الأصلى حقا أعلى ( droit eminennt ) على المصنف المشتق ولا حاجة لاستئذان أحد إذا كان المصنف الأصلى قد انقضت مدة حمايته وآل إلى الملك العام . فإذا اشتق مؤلف مصنفا موسيقيا من مصنف موسيقى $ 324 $ سابق ، فإنه له حقوق المؤلف على المصنف المشتق ، ولا يجوز لأحد بغير إذنه أو إذن خلفائه أن ينقل المصنف المشتق أو يحوله ما دامت مدة حمايته باقية .

واشتقاق مصنف موسيقى من مصنف موسيقى سابق يكون عادة بأحد طريقين : طريق التحويل ( arrangement ) ، وطريق التنويع ( variation ) أما طريق المحاكاة ( imitation ) ، وهو أن يبارى مؤلف موسيقى مؤلفا موسيقيا آخر فيأتى بمصنف يضاهى مصنفه ويسمو إلى مرتبته ، فليس بطريق اشتقاق ، ويعتبر المصنف اللاحق مصنفا أصليا لا مشتقا ، شأنه فى ذلك شأن المصنف السابق ، ويترتب على ذلك أن صاحب المصنف اللاحق لا يتعين عليه استئذان صاحب المصنف السابق حتى لو كانت مدة حماية هذا المصنف الأخير لم تنقض ، فإن المصنف اللاحق مصنف أصلى غير مشتق من المصنف السابق . ويبقى الآن أن نقول كلمة موجزة فى كل من طريقى الاشتقاق السابق الإشارة إليهما ، وهما التحويل والتنويع .

أما التحويل فيتحقق بنقل مصنف موسيقى من الصلاحية لآلة موسيقية معينة ( البيانو مثلا ) إلى الصلاحية لآلة موسيقية أخرى ( الكمنجة مثلا ) . وهذا أقرب ما يكون إلى الترجمة فى المصنفات الأدبية والعلمية ، إذ أن المؤلف يترجم مصنفا موسيقيا من لغة آلة موسيقية إلى لغة آلة موسيقية أخرى .

ولا يعتبر نقل المصنف الموسيقى من مفتاح إلى مفتاح آخر تحويلا ، إذ أن هذا النقل إنما يقتضى مهارة تكنولوجية لا مهارة فنية ، أما التحويل فيقتضى مهارة فنية وينطوى على قدر من الابتكار والشخصية يجعل المصنف المحول جديرا بالحماية .

وأما التنويع فيقتضى مهارة فنية أكبر وينطوى على قدر أعلى من الابتكار والشخصية ، فإن المؤلف الموسيقى فى حالة التنويع لا يلتزم مصنفا موسيقيا واحدا فيترجمه من لغة آلة موسيقية إلى لغة آلة موسيقية أخرى ، بل هو يقتبس مصنف المتنوع من مصنف أو مصنفات موسيقية متعددة يجمع بينها ، ويؤلف منها ومن عمله هو نفسه مصنفا يحمل طابع شخصيته وأثر ابتكاره ومن ثم يكون المصنف المتنوع جديرا بالحماية ، بل هو أولى بالحماية من المصنف .

 $ 325 $

المبحث الثانى

المؤلف

187 - القاعدة العامة : تنص الفقرتان الثانية والثالثة من المادة الأولى من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " ويعتبر مؤلفا الشخص الذي نشر المصنف منسوبا إليه ، سواء كان ذلك يذكر اسمه على المصنف أو بأى طريقة أخرى ، إلا إذا قام الدليل على عكس ذلك . ويسرى هذا الحكم على الاسم المستعار ، بشرط ألا يقوم أدنى شك فى حقيقة شخصية المؤلف " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون فى صدد هذا النص : " وقد عرفت هذه المادة المؤلف بأنه الشخص الذي ينشر المصنف منسوبا إليه بأية طريقة من الطرق المتبعة فى نسبة المصنفات لمؤلفيها ، سواء كان ذلك يذكر اسم المؤلف عليه أو يذكر اسم مستعار أو علامة خاصة لا تدع مجالا للشك فى التعرف على شخصية المؤلف ، وهذه القرينة غير قاطعة فهى تقبل الدليل العكسى " ( $%&[1] ) ويقابل النص فى المشروع الجديد الفقرة الثانية من المادة الأولى من هذا المشروع ، وتجرى على النحو الآتى : " ويعتبر مؤلفا الشخص الطبيعى أو الاعتبارى الذى نشر المصنف منسوبا إليه ، سواء كان ذلك يذكر اسمه الحقيقى أو اسم مستعار على المصنف أو بأية طريقة أخرى ، إلا إذا ثبت عكس ذلك " ولا فرق فى الأحكام ما بين نص القانون القائم ونص المشروع الجديد .&%$ ) .

والقاعدة العامة فى هذا الصدد أنه لما كان المصنف هو ابتكار الذهن كما قدمنا ، فالمؤلف بداهة هو المبتكر . ولم يعن النص سالف الذكر بذكر هذه القاعدة صراحة لبداهتها ، وإنما عنى بان يذكر كيف يقام الدليل على ذاتية هذا المبتكر ، فالأصل أن المصنف ينشر عادة منسوبا إلى شخص معين ، فيذكر اسم هذا الشخص ، فى غلاف المصنف وفى الصفحة الأولى من صفحاته وهى الصفحة التى تحمل العنوان ، على أنه هو المؤلف . وهذه قرينة قانونية على أن الشخص الذي ذكر اسمه هو المؤلف حقيقة ، وعلى من يدعى أن هذا غير صحيح وأنه هو ، لا الشخص الذي ذكر اسمه ، المؤلف الحقيقى أن يقيم الدليل على ذلك . وله أن يقيم الدليل بجميع طرق الإثبات ، لأنه إنما يثبت واقعة مادية . وقد يكتفى المؤلف بوضع علامة على مصنفه ، فإذا وقع نزاع فعليه $ 326 $ أن يثبت بجميع الطرق أن هذه العلامة خاصة به وأنها لا تدع مجالا للشك فى التعرف على شخصيته . وقد يضع المؤلف على مصنفه اسما مستعاراً ، أو ينشره غفلا من اسم المؤلف بتاتا ، فيكون على المؤلف عند النزاع إقامة الدليل بجميع الطرق على أن الاسم المستعار هو له بحيث لا يقوم أدنى شك فى حقيقة شخصية المؤلف ، أو أنه هو الذي ألف المصنف فى حالة نشره غفلا من اسم المؤلف ، وسنعود إلى هذه الحالة ببيان أوفى فيما يلى : ( $%&[1] ) أنظر فقرة 192 – فقرة 194 .&%$ ) . ويتبين من ذلك أن نسبه المصنف إلى شخص ، سواء يذكر اسمه على المصنف أو يذكر اسم مستعار أو بأية طريقة أخرى ، إنما هى قرينة قانونية غير قاطعة ، فهى تقبل دائما إثبات العكس ، ويكون الإثبات بجميع الطرق لأنه ينصب على واقعة مادية .

ولما كان المصنف إنما هو نتاج الفكر ، فإنه يترتب على ذلك النتيجتان الآتيتان .

أولا – أنه لا يجوز للمؤلف أن ينزل للغير عن صفته كمؤلف ، فهو المؤلف حتما لأن المصنف هو نتاج فكرة ، كالأب لا يستطيع أن ينزل عن أبوته . وكل ما يستطيع المؤلف أن ينزل عنه للغير ، ليس هو صفة المؤلف ولا الحق الأدبى الملتصق بهذه الصفة ، ولكن حق الاستغلال المالى الذي يثبت له باعتباره مؤلفا على النحو الذي سنفصله فيما يأتى :

ثانياً – لا يجوز فى الأصل أن يكون المؤلف شخصاً معنويا ، فالمصنف نتاج الفكر كما قدمنا ، والشخص المعنوى غير قادر على التفكير . والذين يفكرون هم أشخاص طبيعيون تابعون للشخص المعنوى ، فيجب أن يكونوا هم المؤلفين وليس الشخص المعنوى . ومع ذلك فإن قانون حماية حق المؤلف يصرح بأن المؤلف قد يكون شخصاً معنويا ، وقد أشار إلى ذلك عندما نص فى الفقرة الثالثة من المادة 20 منه على ما يأتى : " وتحسب هذه المدة ( مدة الحماية ) من تاريخ النشر إذا كان صاحب الحق شخصاً معنوياً أو خاصاً ( $%&[1] ) انظر أيضاً المادة 27 من نفس القانون فى المصنف الجماعى ( انظر ما يلى فقرة 195 ) – وقد صرح بذلك أيضا المشروع الجديد عندما نص ، كما رأينا ، فى الفقرة الثانية من المادة الأولى على ما يأتى : " ويعتبر مؤلفا الشخص الطبيعى أو الاعتبارى ... " .&%$ ) " . وكان الواجب أن تكون الحماية للشخص الطبيعى الذي ألف المصنف بتوجيه الشخص $ 327 $ المعنوى ، وأن تكون مدة الحماية خمسين سنة لا من وقت نشر المصنف كما جاء فى النص ، بل من وقت موت الشخص الطبيعى الذي ألف المصنف ، وسنعود إلى هذه المسألة فى مناسبة مختلفة .

188 - حالات خاصة : وإلى جانب هذه القاعدة العامة ، توجد حالات خاصة فى حاجة إلى شىء من التفصيل . وهذه الحالات ، التى سنتناولها فيما يلى ، هى : ( 1 ) المصنفات التى يكلف مؤلفوها بوضعها . ( 2 ) المصنفات التى تحمل اسما مستعارا أو التى لا تحمل أى اسم . ( 3 ) المصنفات التى يتعدد فيها المؤلف .

المطلب الأول

المصنفات التى يكلف مؤلفوها بوضعها

189 - قرضان : يكلف المؤلف بوضع مصنف إما بتكليف خاص بموجب عقد مقاولة ، أو بتكليف عام بأن يكون المؤلف فى خدمة رب العمل يؤجره على وضع المصنفات بموجب عقد عمل . وفى الفرضين يبقى للمؤلف صفته هذه لا تنتقل منه إلى رب العمل ، كما يبقى له حقه الأدبى على مصنفه إذ أن هذا الحق لصيق بشخصه ، وكل ما يكون محلا للنظر هو ما إذا كان المؤلف قد نزل لرب العمل عن حقه المالى فى استغلال المصنف بموجب عقد المقاولة أو عقد العمل .

ونبحث كلا من الفرضين .

190 - الفرض الأول – عقد المقاولة : نفرض أن شخصا قاول أحد المؤلفين على أن يقوم هذا الأخير بوضع مصنف معين : كتاب فى التاريخ أو فى الطبيعة أو رسم صورة أو عمل تمثال أو تأليف لحن موسيقى أو وضع أغنية أو كتابة مسرحية . ففى هذا الفرض يحدد عقد المقاولة حقوق كل من الطرفين ، المؤلف ورب العمل . ويستوى أن يكون رب العمل شخصاً طبيعيا أو شخصاً معنويا ، والشخص المعنوى قد يكون شخصاً معنويا عاماً كالدولة ممثلة فى وزارة التربية والتعليم مثلا ، أو شخصا معنويا خاصا كجمعية للفنون الجميلة $ 328 $ أو جمعية للتمثيل المسرحى أو شركة لبيع التماثيل أو الأغانى أو الألحان الموسيقية .

وهناك حدود لا يجوز أن يتخطاها عقد المقاولة . فالمؤلف لا يحوز له ، بعقد المقاولة ، أن ينزل لرب العمل عن صفته كمؤلف ، فلا يمكن أن يصبح رب العمل هو المؤلف للمصنف محل المقاولة ، بل تبقى للمؤلف صفته بالرغم من أى اتفاق على خلاف ذلك . كذلك لا يجوز للمؤلف ، بعقد المقاولة ، أن ينزل عن حقه الأدبى كمؤلف ، فهذا حق لصيق بشخصه غير قابل للتصرف فيه ويبقى المؤلف يمارس هذا الحق ولو وجد اتفاق فى عقد المقاولة على غير ذلك .

والذى يمكن الاتفاق عليه فى عقد المقاولة هو ما يتعلق بحق المؤلف المالى فى استغلال مصنفه . فقد ينزل المؤلف عن هذا الحق لرب العمل بموجب عقد المقاولة ، فيصبح رب العمل هو صاحب الحق فى استغلال المصنف ماليا طوال مدة الحماية ، أى طوال حياة المؤلف وخمسين سنة بعد موته . ومن هنا نرى أن رب العمل ، إذا كان شخصا معنويا عاما أو خاصا ، لا يستطيع أن يكون هو المؤلف للمصنف الذي أوصى بوضعه ، وكل ما يكون له من حق هو أن يستغل ماليا هذا المصنف إلى خمسين سنة بعد موت المؤلف ، لا إلى خمسين سنة من وقت نشر المصنف ( قارن م 20 / 3 من قانون حماية حق المؤلف ) .

وقد يقتصر المؤلف على ، ينزل لرب العمل ، بموجب عقد المقاولة ، عن حق الاستغلال المالى لمدة معينة ، عشر سنوات مثلا أو عشرين سنة . وقد لا ينزل المؤلف عن حقه المالى إلا بالنسبة إلى طبعة واحدة أو عدد معين من الطبعات ، أو عن عدد معين من النسخ مع الاحتفاظ بحقه فى طبع نسخ أخرى . وهكذا تتنوع صور الاتفاق ما بين المؤلف ورب العمل بموجب عقد المقاولة ، ولكن كل هذه الصور إنما تتناول حق المؤلف فى استغلال مصنفه استغلالا ماليا ، ولا تجاوز ذلك إلى صفته كمؤلف ولا إلى حقه الأدبى على مصنفه .

191 - الفرص الثانى – عقد العمل : وهنا نفرض أن شخصا صناعته التأليف استخدمه رب العمل بموجب عقد عمل ، فظل فى خدمته يضع المصنفات التى يوصى بها رب العمل ، فى مقابل أجر يحدد طبقا للطرق التى يحدد بها الأجر فى عقد العمل . مثل ذلك عقود العمل التى تبرمها الصحف والمجلات $ 329 $ مع محرريها ، على أن يقوم هؤلاء بتحرير الصحيفة أو المجلة فى نظير أجر شهرى ، أو فى نظير أجر عن كل مقال يحرره المؤلف .

وهنا أيضا فى هذا الفرض ، كما فى فرض عقد المقاولة ، لا يجوز للمؤلف بموجب عقد العمل أن ينزل عن صفته كمؤلف ، ولا أن ينزل عن حقه الأدبى على مصنفه . ولا يجوز أن يصبح رب العمل – شخصاً طبيعيا كان أو شخصا معنويا عاما كالدولة أو خاصا كالجمعية والشركة – هو المؤلف بموجب عقد العمل ، ولا أن يكون له حق أدبى على المصنف . ولكن المؤلف يكون بموجب عقد العمل قد تصرف فى حقه المالى فى استغلال مصنفه ، فلا ينشر هذا المصنف مثلا إلا فى الصحيفة أو المجلة التى تعاقد معها ( $%&[1] ) وقد تكون الدولة أو شخص عام هو رب العمل ، وهو الذى يكون له حق الاستغلال المالى للمصنف . وقد قضت محكمة استئناف مصر فى هذا الصدد بأنه ليس هناك ما يمنع الدولة من أن تملك أملاكا أدبية كما تملك أملاكا مادية ، وإن كان يبدو لأول وهلة أنه إن صح للدولة أن تملك أملاكا مادية فإنه لا يصح لها أن تملك أملاكا أدبية وأن تستغلها تجاريا ، إ لا يصح الاتجار بالثقافة العامة ونشرها من أول واجبات الدولة . فإنه يجب أن يلاحظ من جهة أخرى أن استغلال الدولة للأملاك الأدبية كاستغلالها للأملاك المادية ما هو إلا للمصلحة العامة ، لأن ما تكسبه الحكومة من مال من ذلك يؤول بمجرد أيلولته إليها إلى خزانة الدولة العامة ، أى يصبح من الأموال العامة التى لا تصرف إلا فى الشؤون العامة وفى سبيل المصلحة العامة ... فإن أجهدت الدولة نفسها بوساطة موظفيها الذين يأخذون مرتباتهم العامة فى تأليف كتاب جديد أو تصحيح كتاب قديم ، وزادت فيه وعلقت عليه من مصادر أخرى ، ورتبته ووضعت مقدمة وفهرسا له ، فإن كل ذلك يعتبر ملكية أدبية لا يصح معها لفرد أن يستغل هذا المجهود استغلالا تجاريا لنفسه خاصة بدون أى مقابل من جهته ( استئناف مصر 11 يناير سنة 1942 المحاماة 22 رقم 231 ص 667 : وهى قضية نشر كتاب القرطبى – وكانت محكمة مصر الكلية فى 7 مايو سنة 1940 المجموعة الرسمية 42 رقم 3 ص 88 ، قد قضت بأنه مع التسليم جدلا بأيلولة مثل هذه المؤلفات إلى وزارة المعارف ، فإنها متى آلت للدولة وطبعتها تسقط حالا فى الملك العام ، ويكون لكل إنسان حق إعادة طبعها ، لأن المؤلفات التى تنشرها الدولة تدل بطبيعتها على أنها وضعت لخدمة الجمهور ) .&%$ ) . وقد يحتفظ المؤلف بحقه فى جمع مصنفاته التى نشرها باسمه رب العمل فى مصنف شامل ، ويكون له فى هذه الحالة حق استغلال هذا المصنف ماليا . ويتحدد بوجه عام حقوق المؤلف المالية على مصنفاته بحسب ما ورد من الشروط فى عقد العمل .

وقد يوفق المؤلف ، فى أثناء خدمته لرب العمل وبسبب هذه الخدمة ، إلى وضع مصنف لم يتعاقد عليه بالذات مع رب العمل . فيستبقى المؤلف فى $ 330 $ هذه الحالة على المصنف الحق الأدبى والحق المالى جميعا ، ويكون له وحده حق استغلال المصنف أو النزول عن استغلاله لمن يشاء ، وذلك ما لم يرد شرط فى عقد العمل يقضى بغيره . وقد ورد فى التقنين المدنى نص خاص بما يوفق إليه العامل من اختراعات جديدة فى أثناء خدمته لرب العمل ، يمكن تطبيقه أيضا على مايضعه المؤلف من مصنفات . فقد نصت المادة 688 مدنى على أنه " 1 - إذا وفق العامل إلى اختراع جديد فى أثناء خدمة رب العمل ، فلا يكون لهذا أى حق فى ذلك الاختراع ، ولو كان العامل قد استنبطه بمناسبة ما قام به من أعمل فى خدمة رب العمل . 2 - على أن يستنبطه العامل من اختراعات فى أثناء عمله يكون من حق رب العمل ، إذا كانت طبيعة الأعمال التى تعهد بها العامل تقتضى منه إفراغ جهده فى الابتداع ، أو إذا كان رب العمل قد اشترط فى العقد صراحة بأن يكون له الحق فيما يهتدى إليه من المخترعات . 3 - وإذا كان الاختراع ذا أهمية اقتصادية ، جاز للعامل فى الحالات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة أن يطالب بمقابل خاص يقدر وفقا لمتقضيات العدالة . ويراعى فى تقدير هذا المقابل مقدار المعونة التى قدمها رب العمل وما استخدم فى هذا السبيل من منشآته " .

وهناك مصنفات يقوم بها موظفو الدولة بحكم وظائفهم ، كمشروعات القوانين والقرارات واللوائح ، وكالأحكام القضائية ، وكالتقارير الاقتصادية والمالية والعلمية والتعليمية والإحصاءات وما إلى ذلك من الوثائق الرسمية . فهذه كلها تقع فى الملك العام ، ولا يكون لا للدولة ولا لمن وضعوها ولا لأى أحد آخر حق المؤلف عليها ، إذ يراد بهذه الوثائق الرسمية أن تكون فى متناول كل فرد ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 174 .&%$ ) . ويلاحظ مع ذلك أن بعض هذه الوثائق قد تكون سرية ، فلا يجوز لأحد نشرها ، وقد يقتضى الأمر الاستئذان فى نشر بعضها من لجهة الحكومية المختصة ، كما يلاحظ أن المجموعات المنسقة تنسيقا مبتكراً يثبت عليها حق المؤلف لمن قام بجمعها قد تقدم بيان ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 174 .&%$ ) " .

 $ 331 $

المطلب الثانى
المصنفات التى تحمل اسما مستعارا أو لا تحمل أى اسم
192 - استيفاء المؤلف لصفته ولحقوقه : قدمنا أن الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون حماية حق المؤلف تقضى بأن المصنف الذي يحمل اسما مستعارا أو ينشر غفلا من اسم المؤلف يبقى منسوبا إلى مؤلفه الحقيقى ، ويحتفظ هذا بصفته وبجميع حقوقه الأدبية والمالية على مصنفه ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 187 .&%$ ) ، وإن كان ذلك يبقى مستورا ولا ينفذ إلا فيما بينه وبين من فوض له مباشرة حقوقه ، إلى أن يكشف المؤلف الحقيقى عن شخصيته فعند ذلك يباشر حقوقه بنفسه . والمؤلف يعمد إلى نشر مصنف تحت اسم مستعار أو غفلا من اسمه لأسباب مختلفة ترجع إلى حض تقديره ، فقد يرى إبقاء اسمه مستوراً لتتاح له الفرصة فى تقدير أثر مصنفه فى نفوس الجماهير ، وقد يفعل ذلك مراعاة لمصلحة الغير ، وقد يسير فى ذلك على نهج ألفه كبار الكتاب من نشر مصنفاتهم تحت اسم مستعار . والمهم أن ستر اسمه لا يحمره من صفته ولا من حقوقه ، ولكن ما دام اسمه مستوراً فإنه يخضع لأحكام خاصة يقتضيها هذا الستر ، حتى إذا أعلن عن شخصيته خضع للأحكام العامة . فيجب إذن أن تميز بين عهدين : العهد الذي يبقى فيه اسمه مستورا ، والعهد الذي يكشف فيه عن شخصيته .

193 - العهد الأول – المؤلف اسمه مستور : تنص المادة 28 من قانون حماية حق المؤلف على أنه " فى المصنفات التى تحمل اسما مستعارا أو التى لا تحمل اسم المؤلف ، يعتبر أن الناشر لها قد فوض من المؤلف فى مباشرة الحقوق المقررة فى هذا القانون ، ما لم ينصب المؤلف وكيلاً آخر أو يعلن شخصيته ويثبت صفته " ( $%&[1] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية فى خصوص هذا النص ما يأتى : " والمصنفات التى تنشر غفلا من اسم المؤلف أو بأسم مستعار تعتبر ملكا للناشر ، وأساس هذا الحكم قرينة مفترضة فى أن المؤلف قد فوض الناشر فى مباشرة حقوق استغلاله وذلك إلى أن يكشف المؤلف عن شخصيته . ولا شك أن فى هذا الحكم تيسيرا للمؤلف فى مباشرة حقوقه إذا ما رغب عدم الإعلان عن شخصه ، وحرص على أن يظل أمره مجهولا " .

ويقابل هذا النص نص المادة 28 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان .&%$ ) . ويخلص من هذا النص أنه ما دام اسم المؤلف $ 332 $ مستورا ، فلا بد من شخص ظاهر يباشر حقوق المؤلف الأدبية والمالية ، وهذه ضرورة تقتضيها طبائع الأشياء . وهذا الشخص الظاهر لا بد أن يكون مفوضا من المؤلف نفسه فى مباشرة حقوقه ، إذ بدون تفويض لا يكون الشخص الظاهر صفة فى مباشرة هذه الحقوق ، ويضع النص سالف الذكر قرينة قانون تيسيراً للتعامل ، وهذه القرينة تقتضى بأن ناشر المصنف يعتبر هو الشخص الظاهر الذي فوض له المؤلف مباشرة حقوقه ، ولكن هذا الحكم غير مفروض على المؤلف ، فله أن يفوض شخصاً آخر غير الناشر فى مباشرة حقوقه ويبقى الناشر مجرد ناشر ، أما الذي يباشر حقوق المؤلف فهو الشخص الذي فوضه المؤلف فى ذلك .

وسواء كان الشخص الظاهر هو الناشر أو غيره ، فإن له أن يباشر حقوق المؤلف الأدبية والمالية . يباشر حقوقه الأدبية كأن يطالب بمنع أى اعتداء على المصنف ، ويجب أن يلتزم فى ذلك التوجيهات التى تصدر له من المؤلف ويباشر حقوقه المؤلف المالية ، كأن يتعاقد على نشر المصنف إذا لم يكن قد نشر ، ويتعامل مع الناشر إذا لم يكن هو نفسه الناشر ، ويبيع نسخ المصنف ويقبض الثمن ، ويعيد نشر المصنف إلا إذا منعه المؤلف من ذلك ، ويأذن للغير فى تحويل المصنف أو فى تلخيصه أو فى ترجمته ، وبالجملة يباشر جميع حقوق المؤلف فى الاستغلال المالى إلا ما منعه منه المؤلف . ويجب عليه ، ككل وكيل مفوض ، أن يقدم حسابا عن كل ذلك إلى موكله ، فيؤدى له المبالغ التى قبضها ، وينقل له الحقوق التى كسبها ، ويعوضه عن الخسارة التى جشمها له بخطأه .

ويستثنى من ذلك الأمور الثلاثة الآتية : ( 1 ) ليس له أن يسحب المصنف إلا أن يفوضه المؤلف فى ذلك تفويضاً خاصاً ، فإن سحب المصنف من حقوق المؤلف الأدبية الموكولة إلى محض تقديره الشخصى . ( 2 ) وليس له أن يضع حدا لستر أمس المؤلف ، بأن يتنحى عن التفويض كاشفا اسم المؤلف الحقيقى ، إلا إذا أذنه المؤلف فى ذلك . فغن هذا أمر هو أيضا موكول لمحض تقدير المؤلف الشخصى ، فلا يجوز للشخص الظاهر أن يباشره دون إذنه . ومع ذلك يستطيع الشخص الظاهر أن يتنحى عن التفويض فى الحدود التى يستطيع فيها الوكيل أن يتنحى عن الوكالة ، ويكون ذلك بإرادته وحده دون حاجة إلى $ 333 $ الحصول على رضاء المؤلف ، ولكنه يبقى ساترا لاسم المؤلف لا يكشف عنه ، وللمؤلف بعد ذلك أن يختار بين الكشف عن شخصيته أو تفويض شخص ظاهر آخر يحل محل الشخص الظاهر الذي تنحى . ( 3 ) كان مقتضى أن يعتبر الشخص الظاهر هو المؤلف يباشر حقوقه ، أن مدة الحماية تقاس على حياة الشخص الظاهر لا على حياة المؤلف ما دام اسمه مستورا ، ولكن القانون لم يسر إلى هذا الحد فى اعتبار الشخص الظاهر هو المؤلف ، إذ نصت المادة 21 من قانون حماية حق المؤلف على أن " تبدأ مدة الحماية المبينة فى الفقرة الأولى من المادة السابقة بالنسبة للمصنفات التى تنشر غفلا من اسم المؤلف أو باسم مستعار من تاريخ نشرها ، ما لم يكشف المؤلف عن شخصيته خلالها فتبدأ مدة الحماية من تاريخ الوفاة " . وفى هذا الحكم وقاية من عدم استقرار مدة الحماية ، فلو حسبنا المدة من تاريخ موت الشخص الظاهر فمن المحتمل أن يحل محل الشخص الظاهر شخص ظاهر غيره كما رأينا ، فتتغير مدة الحماية إذ تبدأ من تاريخ موت الشخص الظاهر الثانى ثم الثالث وهكذا . ولكن بفضل الحكم الوارد فى المادة 21 سالفة الذكر تستقر مدة الحماية ، فهى تبدأ من تاريخ نشر المصنف وتبقى سارية من هذا التاريخ ما دام اسم المؤلف الحقيقى مستورا ولو تغير الشخص الظاهر . ولا تتغير مدة الحماية إلى فى حالة واحدة هى إذا كشف المؤلف الحقيقى عن شخصيته ، فعند ذلك تبدأ مدة الحماية من تاريخ موته .

194 - العهد الثانى – المؤلف كشف عن شخصيته : والمؤلف حر فى أن يكشف عن شخصيته فى أى وقت شاء ، فإن هذا الأمر موكول إلى محض تقديره الشخصى كما قدمنا . فإذا مات دون أن يكشف عن شخصيته ، لم يجز لورثته من بعده أن يتولوا هم من تلقاء أنفسهم الكشف عن شخصيته ما لم يكن قد أذن لهم فى ذلك قبل موته ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art, فقرة 113 .&%$ ) . فإن لم يكن قد أذن فى ذلك ، وجب بقاء اسمه مستورا ، ويقدم الشخص الظاهر الحساب للورثة الذين حلوا محل المؤلف ، وتنتهى مدة الحماية بانقضاء خمسين سنة من وقت نشر المصنف كما سبق القول . وإن كان المؤلف قد أذن لورثته فى الكشف عن شخصيته بعد $ 334 $ موته ، وجب عليهم الكشف عن هذه الشخصية ، فيختفى عندئذ الشخص الظاهر ويتولى الورثة حقوق المؤلف بأنفسهم مباشرة دون وسيط ، مع التزامهم باحترام حقوق الغير الذين تعاملوا مع الشخص الظاهر ، ولا تنتهى مدة الحماية إلا بانقضاء خمسين سنة من وقت موت المؤلف ، لا من وقت نشر المصنف ، ونفرض الآن أن المؤلف قد كشف عن شخصيته فى حال حياته ، فعند ذلك يختفى الشخص الظاهر ويصبح المؤلف الحقيقى معروفا ، فيتولى مباشرة جميع حقوقه الأدبية والمالية بنفسه ، ويجب عليه مع ذلك أن يحترم حقوق الغير الذين تعاملوا مع الشخص الظاهر قبل أن يكشف عن شخصيته ، ولا تنتهى مدة الحماية إلا بانقضاء خمسين سنة من وقت موته ، وكانت قبل أن يكشف عن شخصيته تنتهى بانقضاء خمسين سنة من وقت نشر المصنف كما سبق القول .

المطلب الثالث

المصنفات التى يتعدد فيها المؤلف

195 - المصنف الجماعى : تنص المادة 27 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " المصنف الجماعى هو المصنف الذي يشترك فى وضعه جماعة بتوجيه شخصى طبيعى أو معنوى يتكفل بنشره تحت إدارته وباسمه ، ويندمج عمل المشتركين فيه فى الهدف العام الذي قصد إليه هذا الشخص الطبيعى أو المعنوى ، بحيث لا يمكن فصل عمل كل من المشتركين وتمييزه على حدة . ويعتبر الشخص الطبيعى أو المعنوى الذي وجه ابتكار هذا المصنف ونظمه مؤلفا ، ويكون له وحده الحق فى مباشرة حقوق المؤلف ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى خصوص هذا النص : " المصنف الجماعى هو المصنف الذى يشترك فى وضعه جماعة من المؤلفين بتوجيه من شخص طبيعى أو معنوى ، ويندمج عمل المشتركين فيه فى فكرة صاحب التوجيه بحيث لا يمكن فصل عمل كل من المشتركين وتمييزه على حده وصاحب حق المؤلف فى هذه المصنفات هو الشخص الطبيعى أو المعنوى الذى وجه ونظم ابتكار المصنف ، قله وحده الحق فى مباشرة حقوق المؤلف " .

ويقابل هذا النص المدة 27 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان .&%$ ) .

 $ 335 $ ومثل المصنف الجماعى هو المعجم ودائرة المعارف فهذه أعمال واسعة النطاق ، لا يقوم بها عادة شخص واحد ، بل يشترك فى وضعها عدد كبير من المؤلفين . ويكونون جميعا تحت إدارة شخص واحد ، يضع خطة العمل ويشرف على تنفيذها . وليس من الضرورى أن يساهم فى التأليف ، فقد يقتصر على الإشراف والتنسيق والتصحيح والتوجيه . ويعتبر هو مؤلف المصنف الجماعى فى جميع الأحوال .

ويجب هنا أن نميز بين فرضين : فإما أن يكون عمل المشتركين فى التأليف قد اندمج فى الهدف العام بحيث لا يمكن فصل عمل كل منهم وتمييزه على حدة ويقع ذلك كثيرا فى المعاجم وقد يقع فى دوائر المعارف ، أو أن يكون عمل كل من المشتركين متميزاً عن عمل الآخر ويمكن فصله على حدة بل ويحمل فى بعض الأحيان توقيعه ويقع ذلك كثيراً فى دوائر المعارف ويقع غالبا فى المجلات والصحف .

ففى الفرض الأول – وهو الفرض الذي عرضت له المادة 27 سالفة الذكر – لا يكون لأحد من المشتركين حق ، ويعتبر الشخص الذي وجه العمل ونسفه ونظمه ووضع خطته هو المؤلف ، ويكون له وحدة الحق فى مباشرة حقوق المؤلف المالية والأدبية . ويصح أن يكون هذا الشخص شخصا معنويا ، كجمعية أو شركة أو دائرة من دوائر الحكومة كمجمع اللغة العربية فى وضع المعاجم وكدار الكتب والجمعيات فى نشر المخطوطات وكوزارة التربية والتعليم فى الكتب المدرسية وكالدوائر الثقافية المختلفة فى وضع دوائر المعارف وغيرها من المصنفات الأدبية والعملية . وكان الواجب فى هذه الحالة أن يكون المؤلف هو الشخص الطبيعى الذي أدار العمل ونسقه ونظمه ولو تعدد ، ويعتبر المؤلف قد نزل ، فى نظير الأجر أو المكافأة التى تقاضاها ، عن حقوقه المالية فى المصنف للشخص المعنوى الذي عمل لحسابه ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 187 فى آخرها .&%$ ) . ولكن نص المادة 27 سالفة الذكر صريح فى أن المؤلف هو الشخص المعنوى ذاته ، وأنه هو الذي يباشر جميع حقوق المؤلف المالية والأدبية . وهذه حالة يعتبر فيها الشخص المعنوى مؤلفا بنص صريح ، وعلى خلاف القياس . وعلى ذلك تحسب مدة $ 336 $ الحماية خمسين سنة من تاريخ النشر ، ما دام المؤلف هو شخص معنوى عام أو خاص ( م 20 / 3 من قانون حماية حق المؤلف ) .

وفى الفرض الثانى ، إذا كان عمل كل من المشتركين متميزاً عن عمل الآخر ويمكن فصله على حدة ، يبقى الشخص الطبيعى أو المعنوى الذي أدار العمل ، هنا أيضاً ، هو المؤلف للمصنف فى مجموعة . ولكن يثبت لكل من المشتركين ، ما دام عمله متميزاً ، حق المؤلف على عمله . فله إذن أن يباشر جميع الحقوق الأدبية والمالية على هذا العمل وحده بشرط ألا ينافس المصنف الجماعى ، ويعتبر أنه قد نزل لمن أدار العمل عن حقوقه المالية على عمله باعتباره جزءاً من المصنف الجماعى لا باعتباره منفصلا على حدة ، وذلك فى نظير الأجر أو المكافأة التى تقاضاها ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit, et Art, فقرة 124 .&%$ ) .

196 - المصنف المشترك – القاعدة العامة : تنص المادة 25 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " إذا اشترك عدة أشخاص فى تأليف مصنف بحيث لا يمكن فصل نصيب كل منهم فى العمل المشترك ، اعتبر لجميع أصحاب المصنف بالتساوى فيما بينهم ، إلا إذا اتفق على غير ذلك . وفى هذه الحالة لا يجوز لأحدهم مباشرة الحقوق المترتبة على حق المؤلف إلا باتفاق جميع المؤلفين المشتركين ، فإذا وقع خلاف بينهم يكون الفصل فيه من اختصاص المحكمة الابتدائية ، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المواد 27 و 29 و 30و 32و 33و 34 من هذا القانون . ولكل من المشتركين فى التأليف الحق فى رفع الدعاوى عند وقوع أى اعتداء على حق المؤلف " . وتنص المادة 26 من نفس القانون على ما يأتى : " إذا كان اشتراك كل من المؤلفين يندرج تحت نوع مختلف من الفن ، فلكل منهم الحق فى استغلال الجزء الذي ساهم به على حدة ، بشرط ألا يضر ذلك باستغلال المصنف المشترك ، ما لم يتفق على غير ذلك ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية ما يأتى : " المصنفات المشتركة هى المصنفات التى يشترط فى تأليفها عدة أشخاص ، وهى نوعان : نوع يجمع بين إنتاج جميع المشتركين فى التأليف على نحو يتعذر معه فصل نصب كل منهم فى العمل المشترك ، وفى هذه الحالة يعتبرون جميعا أصحاب حق المؤلف على التساوى إلا إذا اتفق على غير ذلك ، فلا يجوز مباشرة الحقوق المترتبة على حق المؤلف إلا باتفاقهم جميعا ، فإذا اختلفوا ، يرجع فى نفض هذا الخلاف إلى المحكمة الابتدائية ( م 25 ) . وقد ؟؟ بين جميع المشتركين فى التأليف بالنسبة لحق المؤلف لتعذر تحديد نصيب كل منهم فى استغلال المصنف ، يسبب استحالة فصله وتمييزه . وقد كفل الشق الأخير من المادة 25 لجميع المشتركين فى التأليف حق رفع الدعاوى ، عند وقوع أى تعد على حق المؤلف الذى يملكونه على الشيوع فيما بينهم - أما النوع الآخر من المصنفات المشتركة فهى المصنفات التى يتميز فيها نصيب كل مشترك فى التأليف بسبب اختلاف أنواع الحقوق التى يساهم بها كل منهم فى المؤلف المشترك ، وفى هذه الحالة يكون لكل منهم حق استغلال الجزء الذى انفرد بوضعه ، على ألا يضر ذلك باستغلال المصنف المشترك ، ما لم يتفق على غير ذلك ( م 26 ) " .

وتطابق المادة 25 من قانون حماية حق المؤلف المادة 25 فى المشروع الجديد . أما المادة 26 من المشروع الجديد فقد جاءت أكثر وضوحا من المادة 26 من قانون حماية حق المؤلف إذ جرت على الوجه الآتى : " إذا اشترك أكثر من شخص فى تأليف مصنف بحيث يمكن فصل نصيب كل منهم ، كان لكل منهم الحق فى استغلال الجزء الذى ساهم فيه على حدة بشرط ألا يضر ذلك باستغلال المصنف المشترك ، ما لم يتفق على غير ذلك " .&%$ ) .

 $ 337 $ ونرى من ذلك أنه يجب التمييز بين فرضين :

( الفرض الأول ) أن المصنف اشترك فيه أكثر من شخص ، ولا يمكن فصل نصيب كل منهم فى العمل المشترك . مثل ذلك شخصان يكتبان رواية واحدة أو كتابا أدبيا أو علميا ، أو يشتركان فى نحت تمثال أو رسم صورة أو وضع مسرحية أو لحن موسيقى ، ويكون اشتراكهما بحيث لا يتميز نصيب كل منهما فى العمل المشترك عن نصيب الآخر ( $%&[1] ) والمهم فى تعريف الاشتراك فى تأليف المصنف أن تكون هناك فكرة مشتركة للمؤلفين يهتدون بها ، وليس من الضرورى أن يكون كل جزء من المصنف من عمل المشتركين فيه . ولكن يجب أن يساهم كل شريك فى التأليف مساهمة فعلية ، أما مجرد مراجعة المصنف وتهذيب بعض عباراته وإبداء الرأى فيه فلا يكفى لتحقيق فكرة الاشتراك ( ديبوا فقرة 171 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 209 ) – وقد قضت محكمة النقض بأن تقدير المشاركة الذهنية فى التأليف من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع ما دام حكمه يقوم على أسباب سائغة ، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد نفى عن الطاعن اشتراكه فى تأليف الكتاب موضوع النزاع ، استناداً إلى أن الأدلة التى تقدم بها إنما هى تعليقات بخطة على أصل الكتاب أثبت الخبير المنتدب أنها لا تتجاوز استبدال كلمة بأخرى أو مثلا بآخر ، وهى فى مجموعها لا تدل على مشاركة ذهنية وتبادل فى الرأى جاء الكتاب نتيجة ، فإن هذا الذى أورده الحكم يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ( نقض مدنى 4 يناير سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 4 ص 34 ) .&%$ ) ، ففى هذا الفرض يكون حق المؤلف لهما على الشيوع ، وتكون حصة كل منهما فى هذا الحق بالقدر الذي يتفقان عليه إذ هما يعلمان ما بذلك كل منهما من جهد فى العمل المشترك ويستطيعان تقديره . فقد يتفقان $ 338 $ على أن يكون لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث ، أو أن يكون لكل منهما النصف ، أو أن يكون لأحدهما الربع وللآخر ثلاثة الأرباع ، وهكذا . فإذا لم يتفقا على شىء ، لم يبق إلا أن تحسب حصة كل منهما مساوية لحصة الآخر ، فيكون لكل منهما النصف . أما من حيث استعمال حقوق المؤلف الأدبية والمالية ، فهذا يترك لهما معا بالاتفاق فيما بينهما . فيتعاقدان معاً مع الناشر مثلا ، ويتصرفان معاً فى حقوق الاستغلال المالية للمصنف المشترك ، ويأذنان معاً لمن يشاءان فى ترجمة المصنف أو تحويله أو التعليق عليه وما إلى ذلك . وكذلك يتفقان معاً فى استعمال الحقوق الأدبية ، فيختاران معا الوقت الذي ينشر فيه المصنف ، ويتفقان معاً على نسبته إليهما ، وعلى سحبه أو تعديله إذا كان هناك مقتض لذلك ( $%&[1] ) وقد يفوض أحدهما الآخر فى مباشرة هذه الحقوق بالوكالة عنه ، وذلك تيسيراً لاستغلال المصنف ، وقد يكون هذا التفويض ضمنيا يستخلص من الظروف . فيتصرف الوكيل المفوض فى حدود التفويض ، إلا إذا عزله شريكه عن الوكالة وأعلن ذلك العزل للغير الذى يتعامل معه الوكيل . ويجب فى جميع الأحوال أن يكون تصر الوكيل متفقا مع المصلحة المشتركة للشريكين معاً ، وإلا خرج التصرف عن حدود التفويض ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art, فقرة 379 – فقرة 380 ) .&%$ ) . فإذا تعذر الاتفاق ، كان لأى منهما أن يرفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية التى يكون فيها موطن الآخر ، ويطلب من المحكمة البت فى النزاع القائم بينهما فى أى شأن من الشئون المتقدمة الذكر . وهناك حق من الحقوق الأدبية للمؤلف ، هو حق دفع الاعتداء عن المصنف ، يملكه كل منهما على انفراد دون حاجة لاشتراك الآخر معه ، إذ المصنف مشترك بينهما ولا يمكن لأحدهما أن يدفع الاعتداء عن حصته فى المصنف دون أن يدفع فى الوقت ذاته الاعتداء عن حصة الآخر . ويلاحظ ، مع كل ذلك ، الأحكام التى قدمناها فى شأن المصنف الجماعى ( م 27 ) ، وما سنورده من الأحكام فى شأن المصنفات الموسيقية الغنائية ( م 29 ) ، وفى شأن الحركات والاستعراضات المصحوبة بموسيقى ( م 30 ) ، وفى شأن المصنفات السينمائية والمصنفات المعدة للإذاعة اللاسلكية وللتليفزيون ( م 32 – 34 ) . ويلاحظ أخيرا أنه ليس لأحد من الشريكين أن ينفرد وحده – فيما عدا استعمال الحق فى دفع الاعتداء المتقدم الذكر – باستعمال أى حق من الحقوق المالية أو $ 339 $ الأدبية إلا إذا كان معه تفويض من الشريك الآخر . ولا محل لبحث ما إذا كان لكل شريك أن ينفرد باستغلال نصيبه فى المصنف المشترك ، إذ المفروض هنا أن نصيب كل منهما يتعذر فصله عن نصيب الآخر فلا يتسنى لصاحبه أن ينفرد باستغلاله .

( الفرض الثانى ) أن المصنف اشترك فيه أكثر من شخص ، ويمكن تمييز نصيب كل منهم فى العمل المشترك وفصله عن أنصبة الآخرين . مثل ذلك شخصان يشتركان فى وضع أغنية أحدهما يقوم بوضع كلماتها والآخر يقوم بتلحينها ، ومثل ذلك أيضا أن يكتب شخصان كتابا فى التاريخ أو فى القانون أو فى الكيمياء أو فى الحساب ويختص أحدهما بكتابة فصول معينة من هذا الكتاب ويختص الآخر بكتابة الفصول الأخرى . ونرى من ذلك أنه ليس من الضرورى ، حتى يتيسر فصل نصيب كل من الشريكين ، أن يندرج هذا النصيب تحت نوع مختلف من الفن كما توحى بذلك خطأ نص المادة 26 من قانون حماية حق المؤلف فيما قدمناه . بل يصح أن يكون نصيب كل من الشريكين متميزاً عن نصيب الآخر ويمكن فصله عنه ، مع اندراج كل من النصيبين تحت لون واحد من الفن ( $%&[1] ) وقد رأينا أن المادة 26 فى المشروع الجديد تقرر ذلك صراحة ، فجاءت أكثر وضوحا من نص المادة 26 من قانون حماية المؤلف ( انظر آنفاً نفس الفقرة فى الهامش ) .&%$ ) . سواء اندرج كل من النصيبين تحت لون مختلف من الفن أو اندرجا معاً تحت لون واحد ، فالمؤلف للمصنف المشترك هو الشريكان معاً ، ويكون لكل منهما حصته فى هذا المصنف بحسب الاتفاق أو بالتساوى إذا لم يوجد اتفاق بينهما . ويستعملان معاً حقوق المؤلف المالية والأدبية بالاتفاق فيما بينهما على النحو الذي بسطناه فى الفرض الأول . ولكل منهما منفرداً دفع الاعتداء عن المصنف ، كما هو الحكم فى الفرض الأول . ويلاحظ عدم الإخلال بأحكام المواد 27 و 29 و 30 و 32 و 33 و 34 من قانون حماية حق المؤلف ، وقد سبقت الإشارة إلى هذه الأحكام عند الكلام فى الفرض الأول . ويتميز الفرض الثانى عن الفرض الأول فيما يأتى : لما كان نصيب كل من الشريكين متميزاً عن نصيب الآخر ويمكن الفصل فيما بينهما ، فإنه يجوز لكل منهما منفرداً الحق فى استغلال نصيبه ، $ 340 $ بشرط ألا يضر ذلك باستغلال المصنف المشترك ، وذلك ما لم يتفق الطرفان على حرمان كل منهما من هذا الحق . وعلى ذلك يجوز ، ما لم يوجد اتفاق مخالف ، أن يستغل صاحب الكلمات فى الأغنية كلماته ، على ألا يعوق ذلك من انتشار الأغنية الملحنة ، ويجوز كذلك لكل من الشريكين أن ينشر فصلا أو أكثر من الفصول المعينة التى ساهم بها فى المصنف المشترك بشرط ألا يكون فى ذلك منافسة للمصنف المشترك ( $%&[1] ) ونرى من ذلك أن المصنف المشترك – فى كل من فرضية – له نظام خاص : فهو من جهة لا يجوز استغلاله ولا اتخاذ قرار فى شأنه إلا باتفاق جميع الشركاء أو قضاء المحكمة ، وهو من جهة أخرى كما سنرى تحسب مدة حمايته من تاريخ موت آخر من بقى حيا من المشتركين ( م 20 / 2 من قانون حماية حق المؤلف ) وفى ذلك تأكيد لمعنى الاشتراك .

ومن ثم يجب التمييز بين الاشتراك فى مصنف ( collaboration ) ، والاقتباس من مصنف سابق ( adapation ) بطريق الاشتقاق كالتحويل أو الترجمة ، إذ لكل من الحالتين نظامها الخاص . ففى الاقتباس من مصنف سابق يستقل مؤلف المصنف السابق بمصنفه ، وتكون له بالإضافة إلى ذلك حقوق على المصنف المقتبس سبق بيانها ( أنظر آنفاً فقرة 173 – فقرة 177 ) . وتحسب مدة حماية المصنف المقتبس من تاريخ موت مؤلفه ، لا من تاريخ موت من بقى حيا من المؤلفين . أنظر فى ذلك نقض فرنسى 4 فبراير سنة 1881 داللوز 81 - 1 - 329 – السين 28 نوفمبر سنة 1934 جازيت دى باليه 1935 - 1 - 161 - ديبوا فى انسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et . Art, فقرة 127 – فقرة 129 .&%$ ) .

197 - صور خاصة من الاشتراك : بعد أن قرر قانون حماية حق المؤلف فى مادتيه 25 و 26 القاعدة العامة فى المصنف المشترك ، أورد فى المواد 29 إلى 36 منه صوراً خاصة من الاشتراك وطبق عليها القاعدة العامة . وهذه الصور الخاصة هى : ( 1 ) مصنفات الموسيقى الغنائية . ( 2 ) الحركات والاستعراضات المصحوبة بموسيقى . ( 3 ) المصنفات السينمائية والمصنفات المعدة للإذاعة اللاسلكية أو للتلفزيون . ( 4 ) الصور ومن تمثلهم هذه الصور ، ولا يوجد هنا مصنف مشترك ولكن يوجد شخص غير المؤلف تثبت له حقوق معينة . أما المصنفات الجماعية ، فقد مر بحثها ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 195 .&%$ ) .

ونقول كلمة موجزة فى كل صورة من هذه الصور الخاصة .

 $ 341 $ 198 - 1 - مصنفات الموسيقى الغنائية : تنص المادة 29 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " فى حالة الاشتراك فى تأليف مصنفات الموسيقى الغنائية ، يكون لمؤلف الشطر الموسيقى وحده الحق فى الترخيص بالأداء العلنى للمصنف كله أو بتنفيذه أو بنشره أو بعمل نسخ منه ، مع عدم الإخلال بحق مؤلف الشطر الأدبى . ويكون لمؤلف الشطر الأدبى الحق فى نشر الشطر الخاص به وحده ، على أنه لا يجوز له التصرف فى هذا الشطر ليكون أساسا لمصنف موسيقى آخر ، ما لم يتفق على غير ذلك " ( $%&[1] ) ويقابل النص المادة 29 فى المشروع الجديد والنصان متطابقان .&%$ ) . وجاء فى المذكرة الإيضاحية فى صدد هذا النص ما يأتى : " المصنفات الموسيقية إما أن تكون موسيقى غنائية ، وإما أن تكون استعراضات أو مصنفات تنفذ بحركات مصحوبة بالموسيقى . وقد عالج المشروع مصنفات الموسيقى الغنائية فى المادة 29 ، والمقصود بها المصنفات التى يشترك فى تأليفها واضع الجزء الأدبى ( أى الرواية أو المقطوعة ) وواضع الموسيقى . ولما كان الشطر الموسيقى فى المصنفات هو الشطر الأهم ، فقد نص المشروع على أن واضع هذا الشطر هو صاحب الحق فى تقرير نشر المصنف المشترك أو عرضه أو تنفيذه أو عمل نسخ منه . ولم يغفل حق مؤلف الشطر الأدبى ، فحفظ له حقه فى الأرباح فضلا عن حقه الأصلى فى نشر أو عمل نسخ من الشطر الأدبى وحده . على أنه لا يجوز له أن يتصرف فى هذا الشطر الأدبى ليكون أساسا لمصنف موسيقى آخر ، حتى لا يضار شريكه فى التأليف وهو واضع الشطر الموسيقى ، ما لم يتفق على غير ذلك " .

ويبين من النص سالف الذكر أن مصنف الموسيقى الغنائية ، كالأوبرا والأوبرا كويك والأوبريت والأغانى الملحنة ، لها مؤلفان : مؤلف الشطر الموسيقى وهو الذي وضع ألحان الموسيقى ، ومؤلف الشطر الأدبى وهو الذي وضع الكلام الذي يغنى فى المسرحية أوفى الأغنية . أما المؤدى ، وهو الممثل الذي يغنى على المسرح أو المطرب الذي يؤدى الأغنية ، فليس مؤلفا ، ولا يعتبر شريكا لهذين المؤلفين فى المصنف الموسيقى الغنائى . وإنما يكون له حق أصيل مستقل فى تأديته للغناء ، فإذا أريد نشر المصنف الموسيقى الغنائى $ 342 $ بتأديته هو بالذات وجب استئذانه ، وبالأخص يجب استئذانه فى عمل اسطوانات تسجل تأديته وفى إذاعة تأديته بالراديو وبالتلفزيون . ولكن ليس هناك ما يمنع ، كما سنرى ، مؤلف الشطر الموسيقى من أن يأذن لشخص آخر غير المؤدى الأول فى تأدية المصنف ، ولا يلزم لذلك أن يأذن المؤدى الأول إذ ليس له حق فى ذات المصنف وإنما حقه فى تأديته هو على ما بينا .

فالمؤلف إذن للمصنف الموسيقى الغنائى ، كما قدمنا ، شخصان : مؤلف الشطر الموسيقى ومؤلف الشطر الأدبى . ومن بين هذين الشخصين ، مؤلف الشطر الموسيقى هو الذي يعتبر مؤلفا للشطر الأساسى من المصنف . ومن ثم لا تنطبق هنا القاعدة التى قدمناها فى المصنفات المشتركة من أنه يجب اتفاق المؤلفين معاً – مؤلف الشطر الموسيقى ومؤلف الشطر الأدبى – لاستعمال حقوق المؤلف الأدبية والمالية . بل يستقل مؤلف الشطر الأدبى – لاستعمال حقوق المؤلف الأدبية والمالية . بل يستقل مؤلف الشطر الموسيقى باستعمال هذه الحقوق ، فهو وحده الذي يقرر الوقت الذي ينشر فيه المصنف ، كما أنه هو الذي يقرر سحبه إذا كان هناك مقتض لذلك . وهو وحده الذي يرخص فى الأداء العلنى للمصنف كله ، لواحد أو أكثر ، إما عن طريق التأدية المباشرة أو عن طريق الإذاعة بالراديو أو التلفزيون ، كما يرخص فى تنفيذ أو فى نشره أو فى عمل نسخ منه ، كل هذا ما لم يكن قد نزل عن حقوقه فى ذلك لشخص آخر كالمؤدى مثلا .

أما حقوق مؤلف الشطر الأدبى فهى نوعان : حقه فى مجموع المصنف ذاته ، وحقه فى الشطر الأدبى وحده . فحقه فى مجموع المصنف ذاته هو حق الشريك ( coauteur, collaborateur ) ، وحصته فى المصنف هى الحصة التى يتفق عليها مع مؤلف الشطر الموسيقى . فإذا لم يكن هناك اتفاق ، لم يكن له النصف كما يكون له فى المصنفات المشتركة فى القاعدة العامة ، إذ أن الشطر الموسيقى هو الأساسى كما قدمناه . ويبدو أنه عند النزاع ، يقدر القاضى ( المحكمة الابتدائية ) حصته وحصة مؤلف الشطر الموسيقى . فإذا تقرر حصة مؤلف الشطر الأدبى فى المصنف ، كان له أن يأخذ بقدرها فى كل استغلال مالى . ويبقى بعد ذلك حقه الخاص فى الشطر الأدبى ، فإن هذا الشطر متميز عن الشطر الموسيقى ويمكن فصله عنه . فيكون $ 343 $ له وحده الحق فى استغلاله ، والإذن فى نشره منفصلا ، بشرط ألا يضر ذلك بمجموع المصنف أو يحد من انتشاره طبقا لما قررناه من القواعد فى المصنفات المشتركة . وله كذلك حق نسبة الشطر الأدبى إليه ، وحق دفع الاعتداء عنه . وهناك قيد على حقه أوردته العبارة الأخيرة من المادة 29 سالفة الذكر على النحو الآتى : " على أنه لا يجوز له التصرف فى هذا الشطر ليكون أساسا لمصنف موسيقى آخر ، ما لم يتفق على غير ذلك " . فما لم يكن هناك اتفاق على أنه يجوز لمؤلف الشطر الأدبى أن يدفع بالكلام الذي ألفه لملحن آخر ليجعله أساسا لمصنف موسيقى آخر ، فإنه لا يجوز لمؤلف الشطر الأدبى أن يفعل ذلك دون إذن من مؤلف الشطر الموسيقى ، حتى لا يضار هذا الأخير فإن تلحين الكلام مرة أخرى بواسطة موسيقى آخر ينافس دون شك التلحين الأول . ولكن هل يجوز لمؤلف الشطر الموسيقى ، دون إذن مؤلف الشطر الأدبى ، أن يجعل أساسا لألحانه الموسيقية التى سبق له أن ألفها كلاما آخر يؤلفه هو أو يؤلفه له أى شخص آخر؟ يبدو أنه يجوز له ذلك ، فإن الألحان الموسيقية هى الشطر الأساسى كما سبق القول ، فيكون لصاحبها أن يتخذ لها أساسا أى كلام يختاره .

199 - 2 - الحركات والاستعراضات المصحوبة بموسيقى : تنص المادة 30 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " فى المصنفات التى تنفذ بحركات مصحوبة بالموسيقى وفى الاستعراضات المصحوبة بموسيقى وفى جميع المصنفات المشابهة ، يكون لمؤلف الشطر غير الموسيقى الحق فى الترخيص بالأداء العلنى للمصنف المشترك كله أو بتنفيذه أو بعمل نسخ منه . ويكون لمؤلف الشطر الموسيقى حق التصرف فى الموسيقى وحدها ، بشرط ألا تستعمل فى مصنف يشابه المصنف المشترك ، ما لم يتفق على غير ذلك " ( $%&[1] ) ويقابل هذا النص المادة 30 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان فى المعنى .&%$ ) . وجاء فى المذكرة الإيضاحية فى صدد هذا النص : " وعرضت المادة 30 لحكم المصنفات التى تنفذ بحركات ، وبعبارة أخرى المصنفات التى تكون وسيلتها فى التعبير حركات أو خطوات وما يماثلها مصحوبة بالموسيقى . ولما كان الشطر غير الموسيقى هو الأهم هنا ، فقد نص المشروع على أن واضع هذا الشطر هو $ 344 $ صاحب الحق فى تقرير نشر المصنف المشترك إلى آخر ما جاء بالمادة ، مع الاحتفاظ لمؤلف الشطر الموسيقى بحق التصرف فى الموسيقى وحدها ، وذلك بنفس القيد الوارد فى المادة السابقة ، أى بشرط ألا تستعمل الموسيقى فى مصنف مشابه للمصنف المشترك ، ما لم يتفق على غير ذلك " .

ويبين من النص سالف الذكر أن الحركات والاستعراضات المصحوبة بموسيقى ، كالرقص والاستعراضات المسرحية وبعض الألعاب الرياضية ، لها مؤلفان : مؤلف الحركات أو الاستعراضات ومؤلف الموسيقى . ومن بين هذين الشخصين ، يعتبر مؤلف الحرات أو الاستعراضات هو المؤلف للشطر الأساسى من المصنف ، وذلك خلافا لما رأيناه فى الموسيقى الغنائية من أن الموسيقى هى الشطر الأساسى . ويبنى على ذلك أن مؤلف الحركات أو الاستعراضات هو الذي يتولى استعمال حقوق المؤلف الأدبية والمالية على النحو الذي بسطناه فيما يتعلق بمصنفات الموسيقى الغنائية ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 198 .&%$ ) .

أما حقوق مؤلف الموسيقى فهى هنا أيضا نوعان : حقه فى مجموع المصنف وحقه فى الموسيقى وحدها . فحقه فى مجموع المصنف هو حق الشريك ( coauteur, collaborateur ) ، وحصته هى الحصة التى يتفق عليها مع مؤلف الحركات أو الاستعراضات . فإن لم يكن هناك اتفاق ووقع نزاع ، حسمت المحكمة الابتدائية هذا النزاع على النحو الذي سبق أن قررناه فى شأن : مصنفات الموسيقى الغنائية ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 198 .&%$ ) . أما فيما يتعلق بحقه على الموسيقى وحدها ، فذلك حق ينفرد باستغلاله وباستعمال سائر حقوق المؤلف بالنسبة إليه ، بشرط ألا يضر ذلك بمجموع المصنف أو يحد من انتشاره . وله أيضا حق نسبة الموسيقى إليه ، ودفع الاعتداء عنها . وهناك قيد على حقه مماثل القيد الذي أوردناه فى شأن حق مؤلف الكلام فى الموسيقى الغنائية ، وهو ألا يستعمل موسيقاه فى مصنف يشابه المصنف المشترك ، إلا إذا اتفق مع مؤلف الحركات أو الاستعراضات على حقه فى هذا الاستعمال .

 $ 345 $ 200 - 3 - المصنفات السينمائية والمصنفات المعدة للإذاعة اللاسلكية أو للتلفزيون : تنص المادة 31 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " يعتبر شريكا فى تأليف المصنف السينمائى أو المصنف المعد للإذاعة اللاسلكية أو التلفزيونية : ( أولا ) مؤلف السيناريو أو صاحب الفكرة المكتوبة للبرنامج الإذاعى أو التلفزيون . ( ثانياً ) من قام بتحوير المصنف الأدبى الموجود بشكل يجعله ملائما للفن السينمائى . ( ثالثاً ) مؤلف الحوار . ( رابعاً ) واضع الموسيقى إذا قام بوضعها خصيصاً للمصنف السينمائى . ( خامسا ) المخرج إذا بسط رقابة فعليه وقام بعمل إيجابى من الناحية الفكرية لتحقيق المصنف السينمائى . وإذا كان المصنف السينمائى أو المصنف المعد للإذاعة اللاسلكية أو التلفزيون مبسطا أو مستخرجا من مصنف آخر سابق عليه ، يعتبر مؤلف هذا المصنف السابق مشتركا فى المصنف الجديد " . وتنص المادة 32 من نفس القانون على ما يأتى : " لمؤلف السيناريو ولمن قام بتحوير المصنف الأدبى ولمؤلف الحوار وللمخرج مجتمعين الحق فى عرض المصنف السينمائى أو المعد للإذاعة أو التلفزيون ، رغم معارضة واضع المصنف الأدبى الأصلى أو واضع الموسيقى ، وذلك مع عدم الإخلال بحقوق المعارض المدنية على الاشتراك فى التأليف . ولمؤلف الشطر الأدبى أو الشطر الموسيقى الحق فى نشر مصنفه بطريقة أخرى غير السينما أو الإذاعة اللاسلكية أو التلفزيون ، ما لم يتفق على غير ذلك " . وتنص المادة 34 من نفس القانون على ما يأتى : " يعتبر منتجا للمصنف السينمائى أو الإذاعى أو التلفزيونى الشخص الذي يتولى تحقيق الشريط أو يتحمل مسئولية هذا التحقيق ، ويضع فى متناول مؤلفى المصنف السينمائى أو الإذاعى أو التلفزيونى الوسائل المادية والمالية الكفيلة بإنتاج المصنف وتحقيق إخراجه . ويعتبر المنتج دائما ناشر المصنف السينمائى . وتكون له كافة حقوق الناشر على الشريط وعلى نشره . ويكون المنتج طول مدة استغلال الشريط المتفق عليها نائبا عن مؤلفى المصنف السينمائى وعن خلفهم فى الاتفاق على عرض الشريط واستغلاله ، دون الإخلال بحقوق مؤلفى المصنفات الأدبية أو الموسيقية المقتبسة ، كل ذلك ما لم يتفق على خلافه ( $%&[1] ) وجاء فى المذكرة الإيضاحية فى صدد هذه النصوص : " المصنفات السينمائية : عرض لها المشروع فى المواد من 31 إلى 34 . وقد حددت المادة 31 المشتركين فى تأليف المصنف السينمائى ، وحفظ المشروع حق عرض المصنف السينمائى للمخرج ولواضع السيناريو ولمؤلف الحوار ولمن قام بتحوير المصنف الأدبى مجتمعين ، وذلك رغم معارضة واضع المصنف الأدبى أو الأصلى أو واضع المصنف الموسيقى ، مع عدم الإخلال بحقوق المعارضين . وقد أثر المشروع الفريق الأول بحق عرضه المصنف السينمائى لأهمية دوره فى وضع المصنف ، إذ يرجع إليه الفضل فى تحقيق الفكرة الفنية فى عالم السينما . أما الفريق الآخر الذى يضم واضع الموسيقى وواضع القسم الأدبى الأصلى فى المصنف ، فإن دوره مقصورا على تحديد الخطوط الرئيسية العامة للمصنف ... ولما كان المنتج هو ناشر المصنف وهو الذى يحمل عبئه ومسئوليته من الناحية المالية ، فقد اعتبره المشروع نائبا عن مؤلفى المصنف فيما يتعلق باستغلال الفيلم " .

وتقابل هذه النصوص فى المشروع الجديد المواد 31و 32و 34 ، وهى مطابقة لنظيراتها فى المعنى وتكاد تكون مطابقة فى اللفظ&%$ ) " .

 $ 346 $ ويتبين من النصوص سالفة الذكر أن المصنفات السينمائية والمصنفات المعدة للراديو وللتلفزيون هى مصنفات مشتركة ، ساهم فى صنعها أكثر من مؤلف واحد . فنبحث إذن ( 1 ) من يعتبر شريكا فى تأليف المصنف السينمائى أو المصنف المعد للراديو أو للتلفزيون . ( 2 ) حقوق المؤلف الثابتة لهؤلاء الشركاء .

201 - من يعتبر شريكا فى تأليف المصنف السينمائى أو الإذاعى أو التلفزيونى : تعد المادة 31 سالفة الذكر ستة نعتبرهم بحم القانون شركاء ، فى تأليف المصنف السينمائى أو المصنف المعد للراديو أو للتلفزيون . وإعداد المصنف السينمائى يقارب كثيرا إعداد المصنف المعد للإذاعة بالراديو أو بالتلفزيون ، ففى جميع الأحوال يكون هناك مصنف أدبى ( كمسرحية أو قصة أو فكرة تعد للبرنامج الإذاعى أو التلفزيونى ) يعد لإذاعته عن طريق السينما أو الراديو أو التلفزيون ، وقد يكون هذا المصنف مستخرجا من مصنف أدبى آخر سابق عليه . ويبدأ الإعداد بتحوير المصنف الأدبى المراد إذاعته على نحو يجعله ملائما لأصول فن السينما أو الراديو أو التلفزيون . ثم يعد مؤلف السيناريو المناظر والفصول ويترب الحوادث من واقع المصنف الذي يراد عرضه عن طريق السينما ، أو يكتب أحد المؤلفين الفكرة التى تراد إذاعتها عن طريق الراديو أو التلفزيون . ويضع مؤلف آخر أو نفس مؤلف السيناريو الحوار ، أى الكلام الذي يضعه على ألسنة الممثلين ، ويضع أحد الموسيقيين الألحان الموسيقية التى تتمشى مع المصنف السينمائى . وبعد إعداد ذلك كله ، يأتى $ 347 $ المخرج ويوزع الأدوار على الممثلين ، ويحقق فى الأستوديو أو فى أى مكان آخر المناظر المختلفة والمشاهد الطبيعية وغير الطبيعية والديكور اللازم لإخراج المصنف . ويقوم الممثلون كل بدورة تحت رقابة فعلية من المخرج ، ويلتقط الفوتوغرافى صور الممثلين . وهم يقومون بأدوارهم وسط المناظر والمشاهد والديكورات التى حققها المخرج . وبعد أن يتم تصوير الفيلم على هذا النحو ، يأتى مركب الفيلم ( monteur ) ليقوم بعملية التركيب ( montage ) . فيستعرض أشرطة الفيلم ليقص منها المعيب وما كان منها طويلا أكثر من القدر المناسب وهذه هى عملية القص ( decoupage ) ، وبالجملة يحقق للفيلم تنسيقه وتوازن وطوله المناسب . وبعد أن يتم إنجاز الفيلم فى شكله النهائى ، تأتى عملية الترجمة أو الدوبلاج ( doublage ) ، فيقوم أحد المترجمين بترجمة المصنف من لغته الأصلية إلى لغة أو لغات أخرى حتى يصبح مفهوما من أبناء هذه اللغات حين عرضه عليهم .

ونستبعد ، بعد استعراض هذه العمليات العديدة المتعاقبة ، أشخاصا ثلاثة لا يعتبرون شركاء فى التأليف : ( 1 ) المصور الفوتوغرافى ، وكان يجوز اعتباره شريكا بمقدار ما يعترف للمصور الفوتوغرافى من حق المؤلف على الصور التى يلتقطها ، ولكن القانون هنا لا يعتبره شريكا ، فيقتصر إذن على تقاضى أجره . ( 2 ) مركب الفيلم ( monteur ) ، وهو يقوم بعمل فى إعداد الفيلم لا يخلو من الابتكار ، وكان من حقه أن يكون شريكا ، ولكن القانون لم يذكره بين الشركاء ، فيقتصر هو أيضا على تقاضى أجره ( $%&[1] ) وفى فرنسا يعتبر مركب الفيلم شريكا فى المصنف السينمائى ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art, فقرة 143 ) .&%$ ) . ( 3 ) المترجم أو القائم بعملية الدوبلاج ، وهذا لا يعتبر شريكا فى المصنف ، ووضعه هو وضع المقتبس عن طريق الترجمة ، فتكون له حقوق المترجم لا حقوق الشريك .

ويبقى بعد ذلك من يعتبرون شركاء فى المصنف السينمائى أو الإذاعى أو التلفزيون وهم : ( 1 ) من قام بتحوير المصنف الأدبى . ( 2 ) مؤلف السيناريو ، أو صاحب الفكرة المكتوبة للبرنامج الإذاعى أو التلفزيونى . ( 3 ) مؤلف الحوار . ( 4 ) واضع الموسيقى . ( 5 ) المخرج ، والمفروض أنه بسط رقابة فعلية وقام $ 348 $ بعمل إيجابى من الناحية الفكرية لتحقيق المصنف ، أما إذا اقتصر عمله على اختيار الممثلين وتوزيع أدوارهم وغير ذلك من الأعمال الروتينية فلا يعتبر شريكا . ( 6 ) مؤلف المصنف الأصلى الذي اقتبس منه المصنف الذي أعد للإخراج ، وكان ينبغى ألا يكون هذا شريكا فى المصنف السينمائى أو الإذاعى أو التلفزيونى ، بل إن وضعه هو وضع صاحب المصنف الأصلى الذى يقتبس منه مصنف آخر ، فيكون له حكم آخر غير حكم الشريك ، وتطبق قواعد الاشتقاق ( أى الاستئذان بمقابل ) لا قواعد الاشتراك . ولكن المادة 31 سالفة الذكر جعلته فى الفقرة الأخيرة منها شريكا إمعانا فى توثيق صلته بالمصنف إذ قالت كما رأينا : " وإذا كان الصنف السينمائى أو المصنف المعد للإذاعة اللاسلكية أو التلفزيون . مبسطا أو مستخرجا من مصنف آخر سابق عليه ، يعتبر مؤلف هذا المصنف السابق مشتركا فى المصنف الجديد ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى ديبوا فقرة 196 - محمد على عرفة فقرة 394 ص 553 - عبدالمنعم فرج الصدة فقرة 212 ص 308 .&%$ ) " .

وكان الواجب أن يضاف إلى هذه القائمة الممثلون ( interpretes ) ، ولكن القانون لم يذكرهم ضمن الشركاء فى المصنف . ولا شك فى أن الممثلين قاموا بدور هام جدا فى إخراج المصنف ، وكان يجب اعتبارهم شركاء فيه ، فلولاهم لم يكن ليوجد الفيلم السينمائى ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et . Art, فقرة 141 .&%$ ) . وما داموا قد استبعدوا من أن يكونوا شركاء ، فإنهم يقتصرون على قبض أجورهم ، وقد تكون أجورا عالية . ولهم ، وبخاصة البارزون منهم ، أن يشترطوا نسبة مئوية معينة من الأرباح التى يغلها الفيلم ، ولكنهم يتقاضون هذه الأرباح لا باعتبارهم شركاء فى الفيلم ، بل باعتبارهم متنازلا إليهم عن هذه النسبة المئوية .

ويتولى تهيئة الوسائل المادية اللازمة لإنتاج المصنف ، ويتكفل بنفقات ذلك ، المنتج ( Producteur ) . فهو ، على ما تقول الفقرة الأولى من المادة 34 سالفة الذكر ، " الذي يتولى تحقيق الشريط أو يتحمل مسئولية هذا التحقيق ، ويضع فى متناول مؤلفى المصنف السينمائى أو الإذاعى أو التلفزيونى الوسائل المادية والمالية الكفيلة بإنتاج المصنف وتحقيق إخراجه " .

 $ 349 $ ولكنه ، على هذا النحو ، لم يقم بأى عمل ابتكارى فى إخراج المصنف ، ومهمته مقصورة على تقديم الوسائل المادية والمالية اللازمة لإخراج المصنف . وأهم عمل له هو تمويل المصنف وتحمل مسئولية خسارته ، فمن العدل إذن أن يجنى أرباحه . ومن ثم لا يعتبر المنتج شريكا فى المصنف ( $%&[1] ) وفى فرنسا أيضا لا يعتبر المنتج شريكا فى المصنف السينمائى ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art, فقرة 135 ) .&%$ ) ، ولكن يعتبر أنه هو دائماً ناشر المصنف ، فتكون له جميع حقوق الناشر على الشريط وعلى نسخة ( م 34 / 2 سالفة الذكر ) . وسنرى أن الذي يقع عملا هو أن الشركاء فى المصنف ينزلون له عن حق الاستغلال المالى فى نظير مقابل يتقاضونه منه ، فيصبح هو وحده الذي له حق استغلال الفيلم . ولكن مدة الحماية تحسب من تاريخ موت آخر من بقى حيا من هؤلاء الشركاء ، ولا من تاريخ موت المنتج . ويترتب على أن يكون المنتج هو الناشر أنه يكون ، كما تقول الفقرة الأخيرة من المادة 34 سالفة الذكر ، " طول مدة استغلال الشريط المتفق عليها نائبا عن مؤلفى المصنف السينمائى وعن خلفهم فى الاتفاق على عرض الشريط واستغلاله ، دون إخلال بحقوق مؤلفى المصنفات الأدبية أو الموسيقية المقتبسة ، كل ذلك ما لم يتفق على خلافه " .

202 - حقوق المؤلف الثابتة للشركاء فى المصنف السينمائى أو الإذاعى أو التلفزيونى : ميزت الفقرة الأولى من المادة 32 سالفة الذكر ، فى الشركاء فى المصنف ، بين فريقين . الفريق الأول هم من قام بوضع المصنف الأدبى أو قام بتحويره ، ومؤلف السيناريو ، ومؤلف الحوار ، والمخرج وللأعمال التى قام بها هؤلاء فى وضع المصنف – كما تقول المذكرة الإيضاحية – أهمية خاصة ، إذ يرجع إليهم الفضل فى تحقيق الفكرة الفنية ، والفريق الآخر هم واضع المصنف الأدبى الأصلى الذي اقتبس منه المصنف المحور ، وواضع الموسيقى . وهذان – كما تقول المذكرة الإيضاحية أيضا – دورهما مقصور على تحديد الخطوط الرئيسية العامة للمصنف . لذلك قضت المادة 32 بأن يكون لأفراد الفريق الأول وحده ، مجتمعين ، الحق فى عرض المصنف السينمائى أو الإذاعى $ 350 $ أو التلفزيونى ، ولو عارض فى ذلك الفريق الثانى ، وذلك مع عدم الإخلال بحقوق المعارض فى نصيبه فى استغلال المصنف وغير ذلك من الحقوق .

أفراد الفريق الأول شركاء لا يمكن فصل نصيب كل منهم من أنصبة الآخرين ( فيما عدا مؤلف المصنف المحور ) ، ومن ثم يجب اتفاقهم جميعا على استعمال حقوق المؤلف على النحو الذي بسطناه فى المصنفات المشتركة التى لا يمكن فصل الأنصبة فيها ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 196 .&%$ ) . فإذا لم يتيسر الاتفاق ، حسمت المحكمة الابتدائية النزاع . وتحديد حصة كل منهم فى المصنف المشترك يكون بحسب الاتفاق ، والذى يقع أن المنتج يتولى هذا التحديد فى اتفاقه معهم على النزول له عن حق الاستغلال المالى . أما الفريق الآخر ، فمؤلف المصنف الأصلى وواضع الموسيقى شريكان فى مصنف مشترك يمكن فصل نصيب كل منهما فيه ، وكذلك من بين أفراد الفريق الأول نفرد مؤلف المصنف المحور فهذا أيضا نصيبه فى المصنف المشترك يمكن فصله عن أنصبه الباقين . فيشارك هؤلاء أولا فى المصنف المشترك بالحصص التى يتفق عليها ، ثم ينفرد كل منهم باستغلال مصنفه – المصنف الأصلى والمصنف المحور والموسيقى – بطريقة أخرى غير السينما أو الإذاعة اللاسلكية أو التلفزيون ، ما لم يشترط عليهم ألا حق لهم فى هذا الاستغلال ( م 32 / 2 سالفة الذكر ) ، وشأنهم فى ذلك شأن الشركاء فى مصنف مشترك يمكن فيه فصل نصيب كل منهم عن أنصبة الآخرين ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 196 .&%$ ) .

وفيما يتعلق بحق الاستغلال المالى بوجه خاص ، يقع عادة ، كما قدمنا ، أن يتفق كل هؤلاء الشركاء مع المنتج على النزول له عن هذا الحق فى نظير مقابل يعطيه لكل منهم ، وقد يتفق بعض منهم معه على نسبة مئوية من الأرباح يتقاضاها . وهذا الاتفاق بين الشركاء والمنتج هو الذي يحدد حصة كل شريك فى المصنف المشترك ، بحسب ما يتقاضاه من المقابل . ومن ثم يكون المنتج هو الناشر للمصنف المشترك كما قدمنا ، ويكون له حق الاستغلال المالى ، لا باعتباره شريكا فى المصنف ، بل باعتباره متنازلا له عن حق الاستغلال ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .

 $ 351 $ أما الحق الأدبى على المصنف المشترك فيبقى للشركاء ، ولكن يرد عليه قيود ثلاثة :

( القيد الأول ) الأصل أن كل شريك فى تأليف المصنف له الحق فى أن يطلب احترام ما قام به من عمل ، فلا تمتد إليه يد التغيير أو المسخ ، وله أن يعترض إذا وقع شىء من ذلك . غير أن أصول الفن ، وبخاصة الفن السينمائى ، لها مقتضيات . فتحويل رواية أو قصة أو مسرحية إلى فيلم سينمائى يقتضى تحويراً كبيراً يجب أن يراعيه كل شريك يساهم فى عمل الفيلم ، وهناك فروق فنية كثيرة بين أصول الفن المسرحى وأصول الفن السينمائى . والمفروض أن كل شريك قد رضى مقدما بأن يحور العمل الفنى الذي قام به تحويرا يجعله ملائما للاندماج فى مجموع العمل الفنى ، على النحو الذي تتطلبه أصول الفن السينمائى . وهذا قيد مفروض على الحق الأدبى لكل شريك فى إلا يمس عمله دون إذنه ، وحدود هذا القيد هى كما قدمنا ما تقتضيه أصول الفن والقدر المتعارف بين أهل المهنة . وليس هذا القيد إلا توفيقا بين مبدأين متعارضين ، فمن جهة لا يجوز أن يخضع الشريك لمحض تقدير المنتج فيغير هذا فى عمله كما يشاء ، ومن جهة أخرى لا يجوز للشريك أن يعطل بمحض تقديره هو إنجاز العمل الفنى المشترك ويجب عليه أن يقبل من التحوير فى عمله ما تقتضيه الأصول الفنية المتعارف عليها ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art, فقرة 384 - فقرة 385 .&%$ ) . أما بعد إتمام عمل الفيلم نهائيا ، فإنه يجب احترام الحق الأدبى للشريك احتراما تاما ، فلا يجوز إدخال أى تعديل على عمله أو أى تحوير فيما أداه ، وشأن المنتج مع الشركاء فى ذلك هو شأن الناشر مع المؤلفين . ومن ثم لا يجوز للمنتج ولا لصاحب صالة العرض أن يقص من الشريط ما يقدر أنه غير مناسب لأذواق الجماهير أو أنه أطول مما يجب ، دون إذن من الشريك الذي وقع مساس بعمله من جراء هذا التصرف . ولكن لا يجوز لأى شريك أن يعارض فى تقديم الفيلم للمسابقة بدعوى أن الحكم فى المسابقة لا يوثق به ، ما دامت المسابقة جدية ، وما دام الفيلم قد عرض فى المسابقة دون أى تغيير أو تحوير ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art, فقرة 392 وفقرة 394 .&%$ ) .

 $ 352 $ ( القيد الثانى ) تنص المادة 33 من قانون حماية المؤلف على ما يأتى : " إذا امتنع أحد المشتركين فى تأليف مصنف سينمائى أو مصنف معد للإذاعة أو التلفزيون عن القيام بإتمام ما يخصه من العمل ، فلا يترتب على ذلك منع باقى المشتركين من استعمال الجزء الذي أنجزه ، وذلك مع عدم الإخلال بما للممتنع من حقوق مترتبة على اشتراكه فى التأليف ( $%&[1] ) يطابق هذا النص المادة 33 فى المشروع الجديد .&%$ ) " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية فى خصوص هذا النص : " وقد جاءت المادة 33 بحكم تقتضيه أهمية المصنفات السينمائية وما يتفق فى سبيلها من نفقات باهظة ، قد تذهب هباء لمجرد عنت أحد المشتركين فى تأليف المصنف السينمائى عن إتمام ما يخصه فى العمل ، فلا يترتب على ذلك منع باقى المشتركين من استعمال الجزء الذي تم ، مع عدم الإخلال بما لمؤلف هذا الجزء من حقوق " . ونرى من ذلك أن هناك قيدا ثانياً على الحق الأدبى للشريك ، فإن هذا الحق يقتضى فى الأصل أن يكون للمؤلف حرية تقرير نشر مصنفه ، فإن اختار عدم نشره لم يجز نشره بالرغم من إرادته . وهنا نرى أن أحد الشركاء فى المصنف لم يتم العمل الذي وكل إليه ، كأن كان موسيقيا ووضع الموسيقى لبعض مناظر الفيلم دون الباقى ، وكأن كان مؤلف السيناريو وضع السيناريو لبعض أقسام المسرحية دون الأقسام الأخرى . والقواعد العامة تقضى ، فى مثل هذه الأحوال ، أن يكون من اشترك فى عمل الفيلم ولم ينجز عمله بخطأ منه مسئولا إما مسئولية عقدية أو مسئولية تقصيرية ، وعليه أن يدفع تعويضاً عن الضرر الذي أحدثه . ولكن هل يجوز له ، بدعوى استعمال حقه الأدبى ، أن يعارض فى استعمال الجزء الذي أنجزه؟ يقرر النص سالف الذكر ألا حق له فى المعارضة ، وعليه أن يسمح باستعمال الجزء الذي أنجزه فى نظير مقابل يتقاضاه مناسب لهذا الجزء ، وإلا كان مسيئا لاستعمال حقه الأدبى . ذلك أن العمل يكلف عادة نفقات باهظة ، فلا يجوز أن يعارض الشريك فى استعمال الجزء الذي أنجزه ، فيضيع على المنتج نفقات قد تكون باهظة دون جدوى ، ودون أن يوجد عند الشريك مبرر لذلك . فيأخذ المنتج إذن الجزء الذي تم – الموسيقى التى تم وضعها أو السيناريو الذي سبق عمله – ويكملها بوساطة شركاء آخرين يقومون بإتمام العمل الناقص $ 353 $ والقيد الموضوع على الحق الأدبى هنا ، وهو إجبار الشريك على السماح باستعمال الجزء الذي أنجزه ، إنما هو مجرد تطبيق لمبدأ التعسف فى استعمال الحق ، إذ المفروض أنه لا يوجد لدى الشريك مبرر فى المعارضة فى استعمال هذا الجزء ، وليس فى المعارضة إلا إلحاق الأذى بالمنتج . ويلاحظ أن استعمال الجزء الذي أنجز هو واجب على الشريك لاحق له ، فإذا رأى المنتج أن هذا الجزء لا فائدة فيه فله ألا يستعمله ولا يستطيع الشريك أن يجبره على ذلك ، بل يكون هذا الشريك مسئولا عن التعويض على النحو الذي أسلفناه .

( القيد الثالث ) تنص المادة 35 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " للهيئات الرسمية المنوط بها الإذاعة اللاسلكية الحق فى إذاعة المصنفات التى تعرض أو توقع فى المسارح أو فى أى مكان عام آخر ، وعلى مديرى هذه الأمكنة تمكين هذه الهيئات من ترتيب الوسائل الفنية اللازمة لهذه الإذاعة .

وعلى هذه الهيئات إذاعة اسم المؤلف وعنوان المصنف ، ودفع تعويض عادل للمؤلف أو لخلفه ولمستغل المكان الذي يذاع منه المصنف إذا كان لذلك مقتض " ( $%&[1] ) يطابق هذا النص المادة 35 فى المشروع الجديد ، فيما عدا أن نص المشروع الجديد قد أضاف لفظ " التلفزيون " .&%$ ) . وجاء لى المذكرة الإيضاحية فى خصوص هذا النص " وقد أباح المشروع للهيئات الرسمية المختصة إذاعة المصنفات عن طريق الإذاعة اللاسلكية ، وأوجب على مديرى المسارح أو أى مكان عام آخر تعرض فيه المصنفات تمكين هذه الهيئات من اتخاذ الوسائل التى تكفل إذاعتها . وليس المقصود من هذا النص إنكار حقوق التأليف ، بل تغليب الصالح العام ورعاية جانب الثقافة العامة . فقد حفظ للمؤلف حقه فى تعويض عادل نظير إذاعة مصنفاته بهذه الوسيلة ، كما أوجب النص على الهيئات الرسمية إذاعة اسم المؤلف وعنوان المصنف وتعويض مستغل المكان الذي يذاع منه المصنف إذا كان لذلك مقتض " . والقيد هنا وارد على الحق الأدبى للمؤلف فى ألا ينشر مصنفه إلا إذا أراد ذلك وفى المكان الذي يريده ، ووارد أيضا على الحق المالى للمؤلف أو للناشر من عدم جواز نشر المصنف إلا بعد استئذان المؤلف أو الناشر .

ويبرر وضع هذا القيد المصلحة العامة ، فقد تقتضى هذه المصلحة ، لأغراض التثقيف أو لغيرها من أغراض فنية ، إذاعة مصنف – فيلم سينمائى أو مسرحية $ 354 $ أو أغنية أو غير ذلك من المصنفات – على الجمهور فى الإذاعة اللاسلكية وقد يمتنع المؤلف أو الناشر عن السماح بذلك ، إما تعنتا أو شططا منه فى تقدير الأجر الذي يطلب تقاضيه . فالمصلحة العامة هنا تتغلب على المصلحة الخاصة للمؤلف أو الناشر ، وتبيح للهيئات الرسمية المنوط بها الإذاعة اللاسلكية أن تذيع المصنف دون إذن من المؤلف أو الناشر أو بالرغم من معارضتهما . ويجب على مديرى الأمكنة العامة التى يعرض فيها المصنف – مديرى المسارح وأصحاب صالات عرض الأفلام السينمائية ونحوهم – أن يمكنوا الهيئات الرسمية من ترتيب الوسائل الفنية اللازمة لهذه الإذاعة . وتوفيقا بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة للمؤلف أو الناشر ، يفرض القانون على الهيئات الرسمية عند استعمالها هذا الحق الاستثنائى التزامين : ( 1 ) دفع تعويض عادل ، يقدره القاضى عند الاختلاف ، للمؤلف أو خلفه أو الناشر ولمستغل المكان الذي يذاع منه المصنف ، إذا كان لذلك مقتض ولم يؤل المصنف إلى الملك العام . ( 2 ) إذاعة اسم المؤلف وعنوان المصنف ، وفى ذلك مراعاة لحق المؤلف الأدبى من وجوب نسبة مصنفه إليه .

203 - 4 - الصور والذين تمثلهم هذه الصور : وقد قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 197 .&%$ ) أنه لا يوجد هنا مصنف مشترك ، ولكن يوجد شخص غير المؤلف تثبت له على المصنف حقوق معينة . تنص المادة 36 من قانون حماية حق المؤلف فى هذا الصدد على ما يأتى : " لا يحق لمن قام بعمل صورة أن يعرض أو ينشر أو يوزع أصل الصورة أو نسخا منها دون إذن الأشخاص الذين قام بتصويرهم ، ما لم يتفق على غير ذلك . ولا يسرى هذا الحكم إذا كان نشر الصورة قد تم بمناسبة حوادث وقعت علنا ، أو كانت تتعلق برجال رسميين أو أشخاص يتمتعون بشهرة عامة ، أو سمحت بها السلطات العامة خدمة للصالح العام . ومع ذلك لا يجوز فى الحالة السابقة عرض صورة أو تداولها ، إذ ترتب على ذلك مساس بشرف الشخص الذي تمثله أو بسمعته أو بوقاره . وللشخص الذي تمثله الصورة أن يأذن بنشرها فى الصحف والمجلات وغيرها من النشرات المماثلة ، حتى ولو لم يسمح بذلك المصور ، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك $ 355 $ وتسرى هذه الأحكام على الصور أيا كانت الطريقة التى عملت بها ، من رسم أو حفر أو وسيلة أخرى " ( $%&[1] ) يطابق هذا النص المادة 36 فى المشروع الجديد .&%$ ) . وجاء فى المذكرة الإيضاحية فى خصوص هذا النص : " عرضت المادة 36 لبيان الحكم فى حالة النزاع بين من قام بعمل الصورة والشخص الذي تمثله هذه الصورة بشأن عرض أو نشر أو توزيع أصل الصورة أو نسخ منها ، فقضت بان صاحب الصورة هو وحده دون المصور صاحب الحق فى الإذن بنشرها فى الصحف والمجلات وغيرها ، وأن صاحب الصورة له الحق فى الإذن بالنشر حتى لو لم يأذن بذلك المصور ، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك . كما علقت حق المصور فى عرض ونشر وتوزيع الصورة أو نسخ منها على إذن الأشخاص الذين تمثلهم الصورة . واستثنت من هذا الحكم حالة نشر الصورة لمناسبة حوادث وقعت علانية ، أو إذا كانت لرجال رسميين أو ذوى شهرة عامة ، وكذلك إذا كانت السلطات علامة قد أذنت بنشر الصورة لغرض اقتضاه الصالح العام . على أنه لا يجوز فى هذه الأحوال عرض الصورة أو تداولها ، إذا ترتب على ذلك مساس بشرف الشخص الذي تمثله أو بسمعته أو بوقاره . وست الفقرة الأخيرة من هذه المادة فى الحكم بين جميع الصور مهما اختلفت وسائلها ، من رسم أو حفر أو نحت أو غيرها " .

والأصل أن المصور له حق المؤلف على الصورة التى عملها ، سواء كان عمل الصورة عن طريق الفوتوغرافيا أو التصوير أو الرسم أو النحت ( تمثال ) أو الحفر أو غير ذلك من الوسائل ، وقد تقدم بيان ذلك ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 178 – فقرة 182 .&%$ ) . ومقتضى أن له حق المؤلف أن يكون هو وحده الذي يحق له عرض الصورة أو نشرها أو توزيعها ، أصلا ونسخا . ولكن يقيد من هذا الحق ، إذا كانت الصورة لإنسان ، أن الصورة تمثل شخصا قد تكون عنده أسباب وجيهة فى عدم نشر الصورة ، وهذه الأسباب متروكة لمحض تقديره . لذلك لا يجوز للمصور أن ينشر الصورة أو نسخا منها دون ترخيص من صاحب الصورة ، إما باتفاق سابق أو إذن لاحق ( $%&[1] ) ويفرض فى الموديلات ( النساء العرايا ) الذين يجلسون للتصوير ويتقاضون أجرا على ذلك ، أنهم أذنوا مقدما فى نشر صورهم ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 211 – فقرة 214 ) .&%$ ) . على أنه يجوز للمصور أن ينشر الصورة دون ترخيص $ 356 $ من صاحبها ، إذا كان النشر قد تم بمناسبة حوادث وقعت علنا كما إذا نشر صاحب الجريدة أو المجلة صورة محاضر فى مناسبة أنه ألقى محاضرة علنية . أو كانت الصورة تتعلق برجال رسميين ، كما إذا نشرت صورة رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو أحد الوزراء أو أحد رجال البرلمان أو غيرهم من الرجال الرسميين فى الصحف والمجلات فى مناسبة حادث وقع لهم أو عمل صدر منهم أو فى مناسبة خلقها الصحفى بنفسه . أو كانت الصورة تتعلق بأشخاص يتمتعون بشهرة عامة ، كما إذا نشرت الصحف والمجلات صورة عالم مشهور فى مناسبة اختراع كشفه أو كتاب نشره . أو سمحت بنشر الصورة السلطات العامة خدمة للصالح العام ، كما إذا نشرت الصحف بإذن من السلطات العامة صورة متهم مختف يطلب البحث عنه والقبض عليه . ويلاحظ أنه ، فيما عدا الفرض الأخير ، حيث تتغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، لا يجوز نشر الصورة بغير إذن صاحبها إذا ترتب على النشر مساس بشرف الشخص الذي تمثله أو بسمعته أو بوقاره ، كما إذا نشرت الصحف خبر جريمة وقعت على العرض أو السمعة أو الوقار ونشرت فى الوقت ذاته صورة الشخص الذي وقعت عليه الجريمة .

أما صاحب الصورة نفسه فله أن يأذن فى نشرها فى الصحف والمجلات وغيرها من النشرات المماثلة ، حتى لو عارض المصور فى ذلك بحجة أنه هو وحده صاحب الحق فى النشر . ذلك أن هناك حقين على الصورة ، حق المصور ( أى المؤلف ) وحق صاحب الصورة . والحق الأخير يتغلب على الحق الأول ، ولذلك لا يجوز للمصور فى الأصل أن ينشر الصورة دون إذن صاحبها ، ويجوز لصاحب الصورة أن ينشرها دون إذن المصور . ومع ذلك يجوز للمصور أن يتفق مع صاحب الصورة على أنه لا يجوز نشر الصورة إلا بإذن من المصور ، أو على أنه يجوز لأى منهما نشر الصورة دون إذن الآخر .

 $ 357 $

الفرع الثانى

حقوق المؤلف وطرق حمايتها

المبحث الأول

حقوق المؤلف

204 - الحق المالى والحق الأدبى : تنص المدة 5 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " للمؤلف وحده الحق فى تقرير نشر مصنفه ، وفى تعيين طريقة هذا النشر . وله وحده الحق فى استغلال مصنفه ماليا بأية طريقة من طرق الاستغلال ، ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن كتابى سابق منه أو ممن يخلفه " ( $%&[1] ) يطابق هذا النص المادة 5 فى المشروع الجديد .&%$ ) . وجاء فى المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد : " لم يعن المشروع كما سبق القول بتعريف الطبيعة القانونية لحق المؤلف : إلا أنه لم يغفل استظهار حق المؤلف الأدبى وحقه المادى على مصنفه . فبين أن المؤلف دون سواه الحق فى تقرير نشر مصنفه وفى تحديد طريقة هذا النشر ... وحق المؤلف المادى أو المالى هو حقه فى استغلال مصنفاته على أية صورة من صور الاستغلال " ... وجاء فى صدر المذكرة الإيضاحية أيضاً ما يأتى : " ثم إن حق المؤلف يتناول ناحية أدبية بحته ، تخول للمؤلف وحده حق تقرير نشر مصنفه على الجمهور ونسبته إلى نفسه وسحبه من التداول وإلزام الغير باحترام مصنفه فلا يجوز للغير أن يجرى فيه بالإضافة أو الحذف أو التحوير ، وذلك كله رغم النزول عن المصنف ، وهذا ما يعبر عنه بالحق الأدبى ( droit moral ) ، كما أن حق المؤلف يتناول أيضا ناحية مادية إذا ما قرر المؤلف نشر مصنفه يجعل هذا الحق يدخل فى ذمته المالية ، وهو ما يعبر عنه بالحق المادة ( droit pecuniaire ) . لذلك قال البعض بأن للمؤلف حقين منفصلين مستقلين كلا منهما عن الآخر ، وتلك هى نظرية الازدواج ( system duliste ) . وقد لاقت هذه النظرية نجاحا ، لأنها تبدو وسيلة لتفسير المظاهر $ 358 $ المشتبكة لحق المؤلف . وقال البعض الآخر إن حق المؤلف أن ينقسم ، كما أنه لا يدخل فى ذمته المالية ، لأن مصدر الإيراد فى استغلال المصنف هو المصنف ذاته ، وهو مظهر شخصية المؤلف لا ينفصل عنها . وليس هذا الإيراد إلا كمثل أرباح السهم تدخل فى ذمة المؤلف المالية ، إلا أن حقه على الأرباح هو حقه على المصنف ذاته ، وتلك هى نظرية الوحدة ( system Unitaire ) . ولما كانت نظرية الوحدة تربط حق المؤلف بشخصيته ، وتنزع عن هذا الحق صفة الاحتكار المادى وتغلب ناحية الأدبية ، فإن الأخذ بهذه النظرية يفيد جمهرة المؤلفين ، ويضحى بمصلحة المتعاملين معهم وأحيانا بمصلحة الجماعة ، إذ يصبح من المتعذر إخضاع مثل هذا الحق وقد امتزج بشخصية صاحبه لاستيلاء الدولة مثلا . وقد رؤى فى المشروع المطروح لهذه الاعتبارات عدم التقيد بنظرية معينة ، وعدم إيراد نص لتعريف طبيعة حق المؤلف القانونية ، على أن يترك ذلك لاجتهاد القضاء ورجال الفقه ، وخاصة وإن مثل هذه النظريات تخضع لتطور دائم متصل بتطور الجماعة الإنسانية ذاتها ، فحيث تعلو النظرية الفردية أو تفتر أو تتخذ الإنسانية مبادئ مغايرة فى تأسيس نظمها الاجتماعية وتنظيم علاقة الفرد بالمجتمع وتقدير أثر كل منهما على الآخر ، يميل المشروع أو يصدف عن مشايعة نظرية دون أخرى . ومع ذلك فقد عنى المشروع بإيراد حق المؤلف فى صورة المعنوية والأدبية وكذلك فى صورة المادية ، مراعيا فى كل ذلك اعتبارين أساسيين لا يمكن إغفالهما ، وهما حماية النشاط الفكرى للإنسان وتأمين مصلحة الدولة " .

ونرى مما تقدم أن هناك مذهبين فقهيين ، مذهب وحدة حق المؤلف ومذهب ازدواج هذا الحق .

أما أنصار مذهب وحدة حق المؤلف ، فيقولون إن الحق الأدبى والحق المالى للمؤلف ليسا حقين مستقلين أحدهما عن الآخر ، بل هما جانبان مختلفان من حق واحد . فليس للمؤلف إلا حق واحد على مصنفه ، هو الحق المستمد من صنعه إياه . وهذا الحق الواحد له جانب أدبى ( moral ) وجانب مالى ( pecunisire, patrimoninl ) ، وكل من الجانبين يؤثر فى الجانب الآخر ويتأثر به . وليس هذا الحق الواحد هو من حقوق الشخصية المحضة ، إذ هو منفصل عن شخص المؤلف ، ولا يظهر إلا حيث يتجسد فى شكل $ 359 $ معين من كتابة أو كلام أو رسم أو لحن أو غير ذلك ، فينفصل عن شخص مؤلفه ويعد للنشر . فالمصنف إذن له ذاتية منفصلة عن ذاتية المؤلف ، وحق المؤلف محله هو هذا المصنف ذاته وليس ذاتية المؤلف . ولهذا الحق وجهان . فهو تارة تكون له قيمة مالية عند نشر المصنف ، فيكون للمؤلف وحده حق استغلاله والتعاقد مع أحد الناشرين على هذا الاستغلال أو استغلاله مباشرة بنفسه . وعند ذلك يصبح حق المؤلف حقوقا مالية ، ويصبح هذا الحق مع قيامه على محل غير مادى ذا قيمة مادية ( droit pecunitaire, partimonial ) . وهو طوراً يتمثل حقاً على المصنف الذي هو نتاج فكر المؤلف ، فيكون للمؤلف حق دفع الاعتداء عن نتاج فكره ، بل إن له حق تعديله وحق سحبه ، وعندئذ يصبح الحق حقا أدبيا ( droit Moral ) . فينتهى حق المؤلف إلى أن يكون حقا غير مادى وإن كان له جانب مالى ، نظيره فى ذلك حق ولاية الأب ، فإن هذا لاحق أيضا غير مادى وله جانب مالى هو حق الأب فى الانتفاع بمال ولده ( $%&[1] ) انظر من هذا الرأى بلانيول وريبير وبولانجية 1 فقرة 3476 – Nast فى تعليقه على حكم محكمة باريس فى 23 فبراير سنة 1938 داللوز الأسبوعى 1938 - 186 عبد المنعم فرج الصدة فقرة 214 ص 312 – ص 313 .&%$ ) .

والصحيح أن مذهب ازدواج حق المؤلف هو المذهب الذي يتلاءم مع طبيعة الحق وتكييفه القانونى . فالقول بأن حق المؤلف حق واحد له جانبان فيه إغفال لحقيقة واضحة ، هى أن هذين الجانبين يختلفان أحدهما عن الآخر اختلافا جوهريا فى طبيعة كل منهما وفى الأحكام التى تسرى على كل جانب . فالجانب المالى من حق المؤلف هو حق مستقل قائم بذاته ، له طبيعته الخاصة . فهو ، كما قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 166 .&%$ ) ، حق عينى أصلى ، وهو مال منقول . أما الجانب الأدبى من حق المؤلف ، فهو ليس بحق عينى ، وليس بمال أصلا . بل هو حق من حقوق الشخصية ، مثله فى ذلك مثل حق الأبوة ، وكما أن الأب له حق الأبوة على أبنه ، كذلك المؤلف له حق الأبوة على مصنفه . ثم إن الحق المالى للمؤلف يختلف عن حقه الأدبى فى الأحكام التى تسرى على كل من الحقين . فالحق المالى يجوز النزول عنه ، وهو حق موقت ينقضى بعد مدة معينة من موت $ 360 $ المؤلف . أما الحق الأدبى فعلى النقيض من ذلك حق لا يجوز النزول عنه ، وهو حق دائم ينتقل بالميرات ويبقى حتى بعد انقضاء مدة الحماية التى منحها القانون للحق المالى . ففيم إذن القول بأن هذين الحقين اللذين يختلفان إلى هذا الحد ، فى الطبيعة وفى الأحكام ، ليسا إلا جانبين لحق واحد! وإذا كان لا بد من التشبيه بحقوق مناظرة ، فالحق المناظر لحق المؤلف ليس هو حق ولاية الأب كما يقول أنصار الوحدة ، بل هو حق الأبوة ، فقد قدمنا أن للمؤلف حق أبوة على مصنفه ، والمصنف فى وضع يناظر تماما وضع الولد من أبيه . وكما أن حق الأبوة هو من الحقوق المتعلقة بالشخصية ويقترن به حق مادى يستقل عنه هو حق الإرث وحق النفقة ، كذلك الحق الأدبى للمؤلف هو من حقوق الشخصية ويقترن به حق مادى يستقل عنه هو حق الاستغلال المادى .

فنحن إذن ، للاعتبارات التى قدمناها ، من أنصار مذهب الازدواج واستقلال الحق المالى عن الحق الأدبى ( $%&[1] ) انظر من هذا الرأى : نقض فرنسى 16 أغسطس سنة 1880 سيريه 81 - 1 - 15 مع تعليق ليون كان – 25 يونيه سنة 1902 داللوز 1903 - 1 - 5 مع تعليق كولان – 14 مايو سنة 1945 داللوز 1945 – 285 مع تعليق ديبوا – ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 151 .

وانظر من هذا الرأى فى الفقه المصرى : شفيق شحاتة فقرة 162 - فقرة 163 – محمد على عرفة فقرة 375 – عبد المنعم البدراوى فقرة 190 ( والمدخل للقانون الخاص فقرة 266 ) - حسن كيرة فى أصول القانون فقرة 256 ص 649 وفقرة 259 - إسماعيل غانم فى النظرية العامة للحق ص 58 وص 73 – منصور مصطفى منصور فى المدخل للعلوم القانونية ص 76 .&%$ ) . ولما كان الحق المالى للمؤلف هو الحق البارز فى التعامل ، فنبدأ به . وهو حق يدوم طول حياة المؤلف ، ثم ينتقل إلى ورثته من بعده فيبقى فى ذمتهم المالية مدة أخرى حددها القانون . فنعالج إذن مسائل ثلاثا : ( 1 ) الحق المالى فى أثناء حياة المؤلف . ( 2 ) الحق المالى بعد موت المؤلف . ( 3 ) الحق الأدبى للمؤلف .

المطلب الأول

الحق المالى فى أثناء حياة المؤلف

205 - نطاق الحق المالى وجواز التصرف فيه : قدمنا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 204 .&%$ ) أن المادة $ 361 $ 5 / 2 من قانون حماية حق المؤلف تقضى بأن للمؤلف وحده الحق فى استغلال مصنفه ماليا بأية طريقة من طرق الاستغلال ، ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن كتابى سابق منه أو ممن يخلفه ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن حق استغلال المصنف ماليا هو للمؤلف وحده ، ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن سابق منه أو ممن يخلفه . وللمؤلف وحده أن ينقل إلى الغير الحق فى مباشرة الاستغلال المقررة له كلها أو بعضها ، وأن يحدد فى هذه الحالة مدة استغلال الغير لما تلقاه عنه من هذه الحقوق . ومقتضى ذلك أن المؤلف حر فى أن يجيز لمن يشاء نشر مؤلفه وأن يمنعه عمن يشاء ، وفى أن يسكت على الاعتداء على حقه إذا وقع من شخص ، ولا يسكت عليه إذا تكرر من نفس المعتدى أو وقع من غيره ، وذلك دون أن يعتبر سكوته فى المرة الأولى مانعا له من مباشرة حقه فى دفع الاعتداء فى المرة الثانية ما دام هذا لاحق قائما ولما ينقض ( نقض مدنى 7 يوليه سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 141 ص 920 – وانظر أيضاً نقض مدنى 26 أكتوبر سنة 1961 مجموعة أحكام النقض 12 ص 602 ) .&%$ ) . وتنص المادة 6 من نفس القانون على ما يأتى : " يتضمن حق المؤلف فى الاستغلال : ( أولا ) نقل المصنف إلى الجمهور مباشرة بأية صورة ، وخاصة بإحدى الصور الآتية : التلاوة العلنية أو التوقيع الموسيقى أو التمثيل المسرحى أو العرض العلنى أو الإذاعة اللاسلكية للكلام أو الصوت أو الصور ، أو العرض بواسطة الفانوس السحرى أو السينما ، أو نقل الإذاعة اللاسلكية بواسطة مكبر الصوت أو بواسطة لوحة التلفزيون بعد وضعها فى مكان عام . ( ثانياً ) نقل المصنف إلى الجمهور بطريقة غير مباشرة بنسخ صور منه تكون فى متناول الجمهور ، ويتم هذا بصفة خاصة عن طريق الطباعة أو الرسم أو الحفر أو التصوير الفوتوغرافى أو الصب فى قوالب أو بأية طريقة أخرى من طرق الفنون التخطيطية أو المجسمة أو عن طريق النشر الفوتوغرافى أو السينمائى ( $%&[1] ) يطابق هذا النص المادة 6 فى المشروع الجديد ، مطابقة تامة فى المعنى ومطابقة تكاد تكون تامة فى اللفظ .&%$ ) " . وتقضى المادة 37 من نفس القانون ، كما سنرى ، بأن للمؤلف أن ينقل إلى الغير الحق فى مباشرة حقوق الاستغلال المتقدمة الذكر .

ويتبين من ذلك أن نطاق الحق المالى للمؤلف يتناول نقل المصنف إلى الجمهور بطريق غير مباشر بنسخ صور منه ونشرها وهذا هو الغالب ، كما يتناول نقل المصنف إلى الجمهور بطريق مباشر بالأداء العلنى . وللمؤلف $ 362 $ أن يتصرف فى حقه المالى للغير ، ويكون ذلك عادة عن طريق عقد النشر . فهناك مسائل ثلاث : ( 1 ) النشر أو نسخ نماذج أو صور للمصنف ( النقل غير المباشر للجمهور ) . ( 2 ) الأداء العلنى ( النقل المباشر للجمهور ) . ( 3 ) تصرف المؤلف فى حقه المالى .

 

1-  النشر أو نسخ نماذج أو صور للمصنف

( النقل غير المباشر للجمهور )

206 - مضمون حق النشر : للمؤلف حق نشر مصنفه ، بنفسه أو بواسطة غيره ، وذلك عن طريق نقل المصنف إلى الجمهور بطريق غير مباشر ، ويكون ذلك بنسخ نماذج أو صور للمصنف تكون فى متناول الجمهور ، فيجوز لأى فرد أن يحصل على نسخة من المصنف ، بمقابل كما هى العادة أو بغير مقابل كما يقع أحيانا . ولا يجوز لغير المؤلف ، دون إذن كتابى من المؤلف – ويعطى الإذن عادة عن طريق عقد النشر – أن ينشر المصنف على هذا النحو .

وللنشر ، على الوجه الذي بسطناه ، وسائل مختلفة . وتتصل به رخص وإباحات لا تدخل فى مضمونه ، ومن ثم يجوز للغير ، ولو بدون إذن المؤلف ومن غير مقابل ، مباشرة هذا الرخص والإباحات . ويمتد حق النشر ، ليس فحسب إلى نسخ صور من المصنفات مطابقة للأصل ، بل أيضاً إلى الاشتقاق من المصنف عن طريق الشرح والتعليق والتحوير والتحويل والترجمة وغير ذلك من طرق الاشتقاق .

فهناك مسائل ثلاث تتعلق بحق النشر : ( 1 ) الوسائل المختلفة للنشر . ( 2 ) الرخص والإباحات التى لا تدخل فى مضمون حق النشر . ( 3 ) مشتقات المصنف الأصلى التى تدخل فى مضمون حق النشر .

207 - الوسائل المختلفة للنشر : تقول المادة 6 ( ثانياً ) سالفة الذكر بأن النشر يكون بنقل المصنف إلى الجمهور بطريقة غير مباشرة بنسخ صور منه تكون فى متناول الجمهور ، ويتم هذا بصفة خاصة عن طريق البضاعة أو الرسم أو الحفر أو التصوير الفوتوغرافى أو الصب فى قوالب أو بأية طريقة $ 363 $ أخرى من طرق الفنون التخطيطية أو المجسمة أو عن طريق النشر الفوتوغرافى أو السينمائى ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لقانون حماية حق المؤلف فى هذا الصدد : " وحق المؤلف المادى أو المالى هو حقه فى استغلال مصنفاته على أية صورة من صور الاستغلال ، ويتم هذا الاستغلال عن طريق نقل المصنف إلى الجمهور بطريق مباشر أو غير مباشر ... أما النقل غير المباشر ، فيتم عن طريق نسخ المصنف بواسطة الطباعة أو الرسم أو الحفر أو التصوير أو الصب فى قوالب أو بأية طريقة أخرى من طرق الفنون التخطيطية أو المجسمة أو عن طريق النشر الفوتوغرافى أو السينمائى . ويسمى حق النقل غير المباشر حق عمل نماذج من المصنف " .&%$ ) . وواضح من العبارات المتقدمة أن الوسائل التى وردت فى النص ليست مذكورة على سبيل الحصر ، بل هى على سبيل التمثيل .

وأول وسيلة للنشر وردت فى النص هى طريق الطباعة . ذلك أن الطباعة هى الطريق العادى للنشر فى المصنفات الأدبية والعلمية ، بل إن اختراع الطبعة هو الذي هيأ لحق المؤلف فى الظهور كما سبق القول ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 167 .&%$ ) . فبالطباعة يمكن إعداد عدد كبير من النسخ ، يصل إلى الألوف بل إلى مئات الألوف ، للمصنف الأدبى أو العلمى . ويستطيع المؤلف ، عن طريق بيع هذه النسخ للجمهور بنفسه أو بواسطة غيره ( كناشر ) ، أن يحصل على مبلغ من المال يمثل حقه المالى فى استغلال مصنفه . وإعداد نسخ من المصنف لا يشترط فيه حتما حتى يكون خاضعا لحق النشر أن يكون بطريق المطبعة ، بل يجوز أن يكون بطرق أخرى ، كالنسخ باليد والنسخ بالآلة الكاتبة ، والنسخ بطريق التصوير الفوتوغرافى والميكروفيلم ، والنسخ بطريق الاختزال ( stenographie ) ، والنسخ بطريق Braille لمكفوفى النظر .

وإعداد نسخ من المصنفات الفنية ، كالصور والتماثيل والرسوم والزخارف ، يكون عادة بالطرق الأخرى التى وردت فى النص ، وهى الرسم والحفر والتصوير الفوتوغرافى والميكروفيلم والصب فى قوالب وأية طريقة أخرى من طرق الفنون التخطيطية أو المجسمة .

بقى طريقان ذكرهما النص ، وهما النشر السينمائى والنشر الفوتوغرافى . وهذان الطريقان يصلحان لنشر المصنفات المسرحية والروايات والقصص بعد تحويلها إلى مسرحيات فيما يتعلق بالنشر السينمائى ولنشر المصنفات الموسيقية $ 364 $ والمسرحيات الغنائية فيما يتعلق بالنشر الفوتوغرافى . وتسجيل الصوت فى الاسطوانات الفوتوغرافية هو بمثابة طبع نسخ من المصنف ، فيعتبر من قبيل النشر عن طريق نسخ صور من المصنف أى من قبيل نقل المصنف إلى الجمهور بطريق غير مباشر ، لا من قبيل الأداء العلنى وهو نقل المصنف إلى الجمهور بطريق مباشر . ومثل التسجيل فى الاسطوانات الفوتوغرافية التقاط المناظر فى الأفلام السينمائية ، سواء كانت الأفلام صامتة أو ناطقة ، فكلا الطريقين هو من قبيل نقل المصنف إلى الجمهور بطريق غير مباشر .

يضاف إلى الطرق المتقدمة طريق لم يرد ذكره فى القانون بين طرق نقل المصنف إلى الجمهور بطريق غير مباشر ، وهذا الطريق هو طريق التسجيل اللاسلكى ( enregistremetn radiophonigue ) والتلفزيونى . وقد ذكر القانون ، كما رأينا ، الإذاعة اللاسلكية بين طرق الأداء العلنى المباشر ، ولكنه لم يذكر التسجيل اللاسلكى والتلفزيونى بين طرق النقل إلى الجمهور بطريق غير مباشر .

ويلاحظ أخيراً أنه يمكن القول بأن من حصل على نسخة من مصنف ، سواء حصل عليها من المؤلف أو من الناشر ، بمقابل أو بغير مقابل ، من غير أن تنتقل إليه حقوق النشر ، لا يجوز له استعمال هذه النسخة إلا لمنفعته الشخصية ولمنفعة من يلوذ به من ذويه . فله أن يقرأ نسخة الكتاب التى اشتراها وأن يشاهد الفيلم الذي استأجره وأن يسمع الأسطوانة التى حصل عليها ، وله أن يعير الكتاب أو الفيلم أو الاسطوانة لبعض أصدقائه ، وأن يبيعها فيكون للمشترى نفس الحقوق التى للبائع . ولكن ليس له أن يباشر على النسخة حقوق المؤلف أو الناشر لأن هذه الحقوق لم تنتقل إليه كما قدمنا ، فليس له أن يذيع الاسطوانة على الجمهور بطريق الأداء العلنى ( $%&[1] ) استئناف مختلط 9 فبراير سنة 1944م 56 ص 54 .&%$ ) ، ولا أن يعرض الفيل على الجمهور فى صالة من صالات العرض ( $%&[1] ) ولكن هذا الحكم مختلف فيه ، فهناك من يرى أنه حتى يحق للمؤلف أن يمنع مشترى الاسطوانة مثلا من إذاعتها على الجمهور ، يجب عليه أن يجعل للناشر – أى بائع الاسطوانة - يشترط ذلك صراحة على المشترى لمصلحة المؤلف ، فتجرى أحكام الاشتراط لمصلحة الغير . أما أن يكون للمؤلف هذا الحق دون اشتراط ، فهذا يقتضى أن يكون للمؤلف حق لم ينص عليه القانون وحقوق المؤلف محصورة فيما نص عليه القانون ( انظر فى هذه المسألة ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art فقرة 193 ، ديبوا فقرة 432 وما بعدها ) .&%$ ) .

208 - الرخص والإباحات التى لا تدخل فى مضمون النشر : وقد أورد قانون حماية المؤلف سلسلة من الرخص والإباحات لا تدخل فى مصمون حق النشر ، فتجوز مباشرتها دون إذن المؤلف ودون مقابل ، ونعرض لها على الترتيب الآتى : ( أولا ) النقل للاستعمال الشخصى . ( ثانياً ) النشر على سبيل الإخبار . ( ثالثاً ) النقل لتأييد ما هو منشور أو للمناقشة والنقد ( $%&[1] ) وجاء فى المذكرة الإيضاحية لقانون حماية حق المؤلف فى هذا الصدد : " جاء المشروع بقيود على حق المؤلف يمليها الصالح العام ، لأن للهيئة الاجتماعية حقا فى تيسير سبل الثقافة والتزود من ثمار العقل البشرى ، فلا تحول دون بلوغ هذه الغاية حقوق مطلقة للمؤلفين ، ذلك لأن الأجيال الإنسانية المتعاقبة تساهم عادة بما تخلفه من آثار فى تكوين المؤلفات " .&%$ ) .

209 - أولا – النقل للاستعمال الشخصى : تنص المادة 12 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " إذا قام شخص بعمل نسخة واحدة من مصنف تم نشره ، وذلك لاستعماله الشخصى ، فلا يجوز للمؤلف أن يمنعه من ذلك " ( $%&[1] ) يطابق النص المادة 12 فى المشروع الجديد ، مطابقة تامة فى المعنى ، ويكاد يكون مطابقا له فى اللفظ .&%$ ) . والمفروض هنا أن شخصاً استعار مثلا نسخة من مصنف أدبى أو علمى أو فنى أو موسيقى ، ولما كان لا يريد أو لا يستطيع الحصول على هذه النسخة ملكا له ، فقد لجأ إلى نسخ صورة منها بأية طريقة من طرق النسخ – خط اليد أو الآلة الكاتبة أو الفوتوغرافيا أو التسجيل بالنسبة إلى الاسطوانات والأفلام أو غير ذلك – دون أن يقصد نشر ما نسخه إذ ليس له حق النشر دون إذن المؤلف . وإنما قصد استعمال النسخة التى نقلها استعمالا شخصياً ، فتحل محل النسخة التى استعارها بعد أن يرد هذه لصاحبها . وهذه رخصة أباحها القانون بنص صريح كما نرى ، إذ الناقل هنا لم يعتد على حق النشر الثابت للمؤلف فهو لا يقصد نشر النسخة التى نقلها على الجمهور كما قدمنا ، وإنما قصد أن يقصر هذه النسخة على استعماله الشخصى . وهو بعمله هذا لم يضع على المؤلف أو الناشر إلى ثمن نسخة واحدة ، وهذه خسارة هينة إلى جنب ما للهيئة الاجتماعية من حق " فى تيسير سبل الثقافة والتزود من ثمار العقل البشرى ، فلا تحول $ 366 $ دون بلوغ هذه الغاية حقوق مطلقة للمؤلفين ، ذلك لأن الأجيال الإنسانية المتعاقبة تساهم عادة بما تخلفه من آثار فى تكوين المؤلفات " ( المذكرة الإيضاحية ) ويلاحظ أنه بالنسبة إلى المصنفات الفنية يكون مفهوم الاستعمال الشخصى أضيق منه فى المصنفات الأدبية والعلمية والموسيقية ، فغير مسموح دون إذن المؤلف أن ينقل الشخص نسخة من صورة أو تمثال إلا لغرض الدرس والبحث الفنى أما إذا كان النسخ لغرض الحصول على نسخة من المصنف الفنى للاستمتاع بها والاستحواذ عليها كمصنف فنى يستعيض به عن الأصل الذي نقل عنه ، فهذا لا يجوز ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art فقرة 184 .&%$ ) .

وتنص المادة 11 من قانون حماية المؤلف على ما يأتى : " ليس للمؤلف بعد نشر مصنفه أن يمنع إيقاعه أو تمثيله أو إلقاءه فى اجتماع عائلى أو فى جمعية أو منتدى خاص أو مدرسة ، ما دام لا يحصل فى نظير ذلك رسم أو مقابل مالى . ولموسيقى القوات العسكرية وغيرها من الفرق التابعة للدولة أو الأشخاص العامة الأخرى الحق فى إيقاع المصنفات من غير أن تلزم بدفع أى مقابل عن حق المؤلف ، ما دام لا يحصل فى نظير ذلك رسم أو مقابل مالى " ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ومن القيود الواردة على حق المؤلف ما نصت عليه المادة 11 فقرة أولى من حق الغير فى غيقاع المصنفات أو تمثيلها أو إلقائها فى اجتماعات خاصة ، كالاجتماعات العائلية واجتماعات الجمعيات او المنتديات أو المدارس ، دون تعويض للمؤلف . وكذلك ما نصت عليه المادة المذكورة فى فقرتها الثانية من حق فرق موسيقى القوات العسكرية ولما فى حكمها من الفرق النظامية التابعة للدولة أو الأشخاص العامة الأخرى فى إيقاع المصنفات الموسيقية ، دون تعويض للمؤلف أيضاً ، ما دام لا يحصل فى الحالتين رسم أو مقابل مالى من جمهور المستمعين " .

ويقابل النص المادة 11 فى المشروع الجديد . والنصان متطابقان فى المعنى ، ويكاد يكونوا متطابقين فى اللفظ . وذلك فيما عدا أن المشروع الجديد استثنى صراحة من فرق الموسيقى الرسمية " فرق الإذاعة اللاسلكية والتلفزيون " فهذه لها حكم خاص نصت عليه المادة 35 من قانون حماية حق المؤلف فيما قدمناه ( انظر آنفاً فقرة 202 ، وانظر كذلك المادة 25 من المشروع الجديد ) .&%$ ) . وظاهر أن استعمال المصنف فى اجتماعات خاصة كالتى أشار إليها النص ، أو فى الفرق الموسيقية التابعة للأشخاص العامة ، هو من قبيل الاستعمال الشخصى ، مع شىء من التوسع فى مفهوم هذا الاستعمال ، فلا يستطيع المؤلف $ 367 $ إذن ، بعد أن ينشر مصنفه ، أن يمنع من إيقاعه إذا كان مصنفا موسيقياً ، أو من تمثيله إذا كان مصنفاً مسرحياً ، أو من إلقائه إذا كان مصنفا أدبيا شعراً كان أو نثراً ، إذا كان ذلك يقع فى اجتماعات خاصة لا يتقاضى فيها رسم أو مقابل ، وذلك كالاجتماعات العائلية أو الجمعيات الأدبية أو الرياضية أو النوادى الخاصة أو الحفلات المدرسية . ذلك أن هذه الاجتماعات الخاصة تخدم فى العادة الآداب والفنون الموسيقى ، ولا تتقاضى أجراً عن خدماتها ، فوجب تشجيعها بمنحها الحق فى أداء مصنف قد سبق نشره ، وذلك عن طريق الأداء العلنى بالإيقاع أو التمثيل أو الإلقاء . ويلاحظ أن الرخصة هنا تتناول الأداء العلنى دون النشر ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بالا تلازم بين صفة المكان وصفة الاجتماع من حيث الخصوصية والعمومية ، إذ قد يقام حفل عام فى مكان خاص ، كما قد يحصل العكس فيؤجر مكان عام لعقد اجتماع خاص . وإذا كان ما سجله الحكم المطعون فيه من أن النادى كان يعلن عن حفلاته بنشرات عديدة فى الصحف اليومية ، ويذكر فيها أن الدخول مباح مقابل مبلغ يحدده كرسم دخول ، فإن هذه الوقائع تضفى على الحفلات صفة الاستغلال التجارى وتنأى به عن صفة الخصوصية . إذ يشترط لإضفاء هذا الوصف على الحفلات التى تحييها الجمعيات والمنتديات الخاصة أن يقتصر الحضور فيها على الأعضاء ومدعويهم ممن تربطهم بهم صلة وثيقة ، وأن تفرض رقابة على الدخول ، وأن تتجرد هذه الحفلات من قصد الكسب المادى مما يقتضى عدم تحصيل رسم أو مقابل مالى نظير مشاهدتها ( نقض مدنى 25 فبراير سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 36 ص 227 ) .&%$ ) .

ويلحق بالاجتماعات الخاصة ، وإن كان فى هذا أيضاً شىء من التوسع ، الفرق الموسيقية التابعة للقوات المسلحة ، والتابعة للدولة بوجه عام أو للأشخاص العامة الأخرى كالبلديات . فلهذه الفرق الموسيقية ، دون إذن المؤلف أو الناشر ودون مقابل ، إيقاع المصنفات الموسيقية المنشورة بشرط ألا تتقاضى رسما أو مقابلا عن ذلك . ويستثنى من هذه الفرق الموسيقية الهيئات الرسمية المنوط بها الإذاعة اللاسلكية والتلفزيونية ، فهذه هيئات تحترف فيما تحترف إذاعة الموسيقى . ولذلك وجب أن تدفع أجراً للمؤلف أو الناشر عما تذيعه منها ، وأن تحصل على الإذن فى الإذاعة . ولكن فيما يتعلق بالمصنفات التى توقع أو تعرض فى المسارح أو فى أى مكان آخر ، قدمنا أن المادة 35 من قانون حماية حق المؤلف تجعل الحق لهذه الهيئات فى إذاعة هذه المصنفات ، ولو بغير موافقة المؤلف أو الناشر ، بشرط أن تدفع تعويضاً عادلا للمؤلف أو الناشر ولمستغل $ 368 $ المكان الذي يذاع منه المصنف ، وبشرط أن تذيع اسم المؤلف وعنوان المصنف ، وقد سبق تفصيل القول فى ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 202 .&%$ ) .

210 - ثانياً – النشر على سبيل الإخبار : تنص المادة 15 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " يجوز ، دون إذن المؤلف ، أن ينشر ويذاع ، على سبيل الإخبار ، الخطب والمحاضرات والأحاديث التى تلقى فى الجلسات العلنية للهيئات التشريعية والإدارية والاجتماعات العلمية والأدبية الفنية والسياسية والاجتماعية والدينية ، ما دامت هذه الخطب والمحاضرات والأحاديث موجهة إلى العامة . ويجوز أيضاً ، دون إذن منه ، نشر ما يلقى من مرافعات قضائية علنية فى حدود القانون " ( $%&[1] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد : " وأخيراً فقد أجازت المادة 15 نشر وإذاعة ما يلقى فى الجلسات العلنية للهيئات التشريعية أو الإدارية أو فى الاجتماعات العلمية ، والأدبية والفنية والسياسية والدينية ، من خطب أو محاضرات أو أحاديث ، ما دامت موجهة إلى الكافة ، وكذلك المرافعات القضائية العلنية فى حدود القانون ، وذلك كله دون إذن من المؤلف " .

ويقابل النص فى المشروع الجديد المادة 15 . والنصان متطابقان تطابقا تاما فى المعنى ، وتطابقا يكاد يكون تاما فى اللفظ .&%$ ) . وهنا يكون النشر عادة عن طريق الصحف والمجلات والنشرات الدورية والإذاعة اللاسلكية والتلفزيون ، وما إلى ذلك من طرق النشر المختلفة . وظاهر أن النشر إنما هو على سبيل الإخبار ، فالمقصود أن يطلع الجمهور على خطب ومحاضرات وأحاديث ألقيت علنا ، وهى تهم الجمهور لأنها ألقيت فى هيئات تشريعية أو إدارية أو فى اجتماعات أدبية أو اجتماعية أو فنية أو دينية أو سياسية . والصحافة ووسائل الإعلام الأخرى لا تقوم بمهمتها كاملة إذا هى أغفلت نشر هذه الخطب والمحاضرات والأحاديث . ومن ثم وجب أن تمكن من ذلك ، بأن يباح لها النشر ، دون حاجة إلى إذن من ألقوا هذه الخطب والمحاضرات والأحاديث ، ودون أن يتقاضى هؤلاء أى مقابل على ذلك ، وبحسبهم أن النشر يساعد على انتشار أفكارهم بين الجمهور . ويسرى هذا الحكم ، وللاعتبارات نفسها ، على المرافعات القضائية العلنية ، ما دام نشرها لا يخالف القانون .

 $ 369 $ وتنص المادة 14 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " لا يجوز للصحف أو النشرات الدورية أن تنقل المقالات العلمية أو الأدبية أو الفنية أو الروايات المسلسلة والقصص الصغيرة التى تنشر فى الصحف والدوريات الأخرى ، دون موافقة مؤلفيها . ولكن يجوز للصحف أو النشرات الدورية أن تنشر مقتبسا أو مختصراً أو بياناً موجزاً عن المصنفات أو الكتب أو الروايات أو القصص ، بغير إذن من مؤلفيها ، وبغير انقضاء المدة المنصوص عليها بالمادة الثامنة من هذا القانون . ويجوز للصحف أو النشرات الدورية أن تنتقل المقالات الخاصة بالمناقشات السياسية أو الاقتصادية أو العلمية أو الدينية التى تشغل الرأى العام فى وقت معين ، ما دام لم يرد فى الصحيفة ما يحظر النقل صراحة . ولا تشمل الحماية المقررة فى هذا القانون الأخبار اليومية والحوادث المختلفة التى لها طبيعة الأخبار العادية . ويجب دائما ، فى حالة النقل أو نشر اقتباس أو غيره مما ذكر بالفقرات السابقة ، ذكر المصدر بصفة واضحة واسم المؤلف إن كان قد وقع مؤلفه " ( $%&[1] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد : " ومن هذه القيود أيضاً حق الجرائد والمجلات أو النشرات الدورية فى نقل المقالات الخاصة بالمناقشات السياسية أو الاقتصادية أو العلمية أو الدينية التى تشغل الرأى العام فى وقت معين ، ما دام لم ينص صراحة على حظر النقل ( م 14 / 3 ) .

ومن الطبيعى ألا تشمل الحماية أيضاً الأخبار اليومية والحوادث المختلفة التى لها طبيعة الأخبار العادية ( م 14 / 4 ) ... ولم يغفل المشروع فى كافة هذه الصور رعاية الحق الأدبى للمؤلف ، فأوجب ذكر اسمه والمصدر الذى ينقل عنه على صورة واضحة ، كما حفظ للمؤلف حقه الخالص فى نشر مجموعات خطبة أو مقالاته ( م 16 ) . وقد حرص المشروع ، رعاية لحق المؤلف ، على أن ينص على عدم جواز نقل المقالات العلمية أو الأدبية أو الفنية أو الروايات المسلسلة والقصص الصغيرة التى تنشر فى الصحف والنشرات الدورية الأخرى دون إذن المؤلف ( م 14 / 1 ) " .

ويقابل النص فى المشروع الجديد المادة 14 . والنصان متطابقان فى المعنى ويكادان يتطابقان فى اللفظ ، إلا أن المشروع الجديد قدم الفقرة الأخيرة من المادة 14 على الفقرة السابقة لها ، فجعل بذلك ذكر المصدر واسم المؤلف غير واجب فى نقل الأخبار اليومية والحوادث التى لها طبعة .&%$ ) . ويؤخذ من هذا النص أن هناك أشياء لا يجوز للصحيفة نقلها عن صحيفة أخرى إلا بإذن المؤلف ، وأشياء يجوز نقلها دون حاجة لإذن المؤلف . أما الأشياء التى لا يجوز نقلها إلا بإذن المؤلف ، فهى المقالات العلمية أو الأدبية أو الفنية أو الروايات المسلسلة والقصص الصغيرة . ذلك أن هذه الأشياء لا تحمل طابع الخبر اليومى وليست مما يشغل $ 370 $ الرأى العام فى وقت معين ، ويغلب أن تكون الصحيفة التى نشرتها قد دفعت للمؤلف مقابلا لها ، فلا يجوز لصحيفة أخرى أن تنقلها عنها دون استئذان ودون مقابل . وأما الأشياء التى يجوز نقلها دون إذن ودون مقابل ، فهى ما يأتى : ( 1 ) الأخبار اليومية والحوادث التى لها طبيعة الأخبار العادية ، فهذه أخبار تفقد أهميتها بمجرد نشرها فى أول صحيفة ، فإذا نقلتها صحيفة أخرى وذكرت المصدر الذي نقلت عنه ، لم يكن فى هذا ضرر يصيب الصحيفة الأولى ، بل فيه تنويه بشأنها ( $%&[1] ) قارن محمد على عرفة فقرة 387 – وانظر محمد كامل مرسى 2 فقرة 202 - شفيق شحاتة فقرة 166 ويقول : " وكذلك الأخبار والمعلومات العادية التى تنشرها الصحف لا تدخل فى عداد المؤلفات التى يحميها القانون ، فإنه لا يوجد هنا ابتكار أو خلق ، ولذلك تستطيع الجرائد الأخرى نقل هذه الأخبار بلا أدنى حرج . ولكن يلاحظ بالنسبة إلى البرقيات التى يبعث بها مراسلو الصحيفة فى عواصم البلاد أنه لا يجوز للصحف الأخرى نقلها إلا إذا مضى على نشرها فترة من الزمن بحيث تعتبر هذه البرقيات بعدها من المعلومات الشائعة " . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز لصحيفة مسائية أن تنشر البرقيات التى تلقتها صحيفة صباحية صدرت قبل الصحيفة المسائية . أما إذا نقلت جريدة صباحية عن جريدة مسائية صدرت قبلها فى اليوم السابق ، فإن الفترة التى تفصل بين صدور الجريدتين لا تعتبر كافية لذيوع الخبر ، والفترة يجب أن تكون أطول من ذلك إذا كانت الصحيفة التى تنقل الخبر تصدر بلغة أخرى غير اللغة التى نشر بها الخبر لأول مرة ( استئناف مختلط 3 أبريل سنة 1915 جازيت 5 رقم 364 ص 142 ) .&%$ ) . ( 2 ) المقالات الخاصة بالمناقشات السياسية أو الاقتصادية أو العلمية أو الدينية التى تشغل الرأى العام فى وقت معين ، ما لم يرد فى الصحيفة ما يحظر النقل صراحة . ذلك أن هذه المقالات تشغل الرأى العام ، فيهم الجمهور أن تنشر على أوسع نطاق يطلع عليها . فإذا نقلتها صحيفة عن أخرى وذكرت المصدر الذي نقلت عنه ، فلا ضير على الصحيفة الأخرى ، لا سيما أن القانون أعطى الصحيفة الأخرى الحق فى أن تحظر النقل صراحة إذا رأت ذلك فيتمتع عندئذ النقل . ( 3 ) مقتبسات أو بينات موجزة من المصنفات أو الكتب أو الروايات أو القصص ، سواء كانت منشورة فى صحف أو نشرات دورية أو كانت منشورة على حدة مستقلة بذاتها ، فهذه مجرد مقتبسات موجزة لا تغنى عن قراءة الأصل ، بل هى تحفز على قراءة الأصل إذا تعرف بهذه المصنفات فتروج ويتسع نطاق نشرها . ويسرى هذا الحكم أيضا على المصنفات الأجنبية ، إذا اقتبست الصحيفة منها بيانا موجزاً باللغة العربية ، $ 371 $ حتى لو لم تمض مدة الخمس سنوات التى يترجم فى خلالها المصنف إلى اللغة العربية طبقا للمادة 8 من قانون حماية حق المؤلف على ما سنرى . وفى هذه الصور الثلاث التى قدمناها والتى يجوز فيها النقل دون إذن المؤلف ، رأينا أن الحق الأدبى للمؤلف بقى مرعيا ، إذ يجب عند النقل ذكر اسم المؤلف والمصدر الذي ينقل عنه على وجه واضح .

وتنص المادة 16 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين السابقتين ( م 14 وم 15 ) ، يكون للمؤلف وحده الحق فى نشر مجموعات خطبه أو مقالاته " ( $%&[1] ) يقابل هذا النص فى المشروع الجديد المادة 16 . والنصان متطابقان معنى ، ويكادان يتطابقان لفظا .&%$ ) . وقد رأينا أن المادتين 14 و 15 المشار إليهما تبيحان ، بشروط معينة ، نقل الخطب والمحاضرات والأحاديث والأخبار والمقالات والمقتبسات . وهذه الإباحة لا تعنى بطبيعة الحال أن تنشر الصحيفة مجموعات خطب المؤلف أو مقالاته ، فهذا النشر من حق المؤلف وحده ، ليس فحسب بالنسبة إلى الصحيفة التى نقلت الخطب والمقالات من صحيفة أخرى ، بل أيضا بالنسبة إلى هذه الصحيفة الأخرى نفسها .

211 - ثالثاً – النقل لتأييد ما هو منشور أو للمناقشة والنقد : فى هذه الحالة الثالثة يختلف الغرض من النشر عنه فى الحالتين السابقتين . ففى الأولى كان النشر يستهدف استعمال المصنف استعمالا شخصياً أو استعمالا فى اجتماعات خاصة ، فكان المقصود بالنشر هو المصنف ذاته بغرض استعماله . وفى الحالة الثانية كان النشر يستهدف إعلام الناس بالمصنف ، فكان المقصود بالنشر هنا أيضا هو المصنف ذاته بغرض الإخبار عنه . أما فى الحالة الثالثة التى نحن بصددها ، فالمقصود بالنشر ليس هو المصنف ذاته لاستعمال أو للإخبار عنه ، بل المقصود هو تقييم المصنف ، فإذا كان الناقل مقراً بعلو قيمته احتج به لتأييد ما ينشره هو من قوله ، وإذا كان المصنف محلا للمناقشة نقده الناقل لإظهار مزاياه وعيوبه .

ففى صورة الاحتجاج بالمصنف لتأييد ما ينشره الناقل من قوله ، تنص $ 372 $ المادة 17 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " فى الكتب الدراسية وفى كتب الأدب والتاريخ والعلوم والفنون يباح : ( أ ) نقل مقتطفات قصيرة من المصنفات التى سبق نشرها . ( ب ) نقل المصنفات التى سبق نشرها فى الفنون التخطيطية أو المجسمة أو الفوتوغرافية ، بشرط أن يقصر النقل على ما يلزم لتوضيح المكتوب . ويجب فى جميع الأحوال أن يذكر بوضوح المصادر المنقول عنها وأسماء المؤلفين " ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد : " كما أباحت المادة 17 نقل مقتطفات قصيرة من بعض المصنفات إلى الكتب المعدة للتعليم ومؤلفات النقد والتاريخ والمصنفات العلمية ، على أن يلتزم حد الاعتدال فيما ينقل " .

ويقابل النص فى المشروع الجديد المادة 17 . والنصان متطابقان معنى ، ويكادان يتطابقان لفظا .&%$ ) . وأول ما يرد على البال من الكتب التى تنقل عن غيرها لتأييد ما ورد فيها هى الكتب المدرسية . فكثيراً ما يستمد واضعو هذه الكتب ما يكتبونه من المصنفات التى سبق نشرها فى الموضوعات التى تعرض لها هذه الكتب . ولا يجوز للناقل أن يورد مقتبسات طويلة من مصنف سبق نشره ، ولكن يجوز له ، تأييداً لما يذهب إليه فيما يكتبه ، نقل مقتطفات قصيرة يدعم بها ما يقول ، وذلك دون حاجة إلى الحصول على إذن المؤلف أو دفع مقابل له . وهذا هو الشأن أيضا فى غير الكتب المدرسية من كتب الأدب والتاريخ والعلوم والفنون والموسيقى وغير ذلك من ألوان المعرفة . فيجوز فى كل هذا ، دون حاجة إلى إذن المؤلف ودون مقابل ، نقل مقتطفات قصيرة من المصنفات التى سبق نشرها على الوجه الذي بيناه . وفيما يتعلق بالمصنفات الفنية التى سبق نشرها ، يقع الاقتباس عادة بنقل جزء من المصنف ذاته ، رسما تخطيطيا كان أو رسما مجسما أو رسما فوتوغرافيا ، ويشترط أن يقتصر النقل على ما هو ضرورى لتوضيح ما قصد الناقل أن يوضحه مستنداً فى ذلك إلى المصنف المنقول عنه ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art فقرة 197 - وفيما يتعلق بفن المعمار يجوز ، دون إذن ، رسم أو تصوير المشيدات العامة القائمة فى الطرق العامة على مشهد من الجمهور .&%$ ) . ولما كان المؤلف المنقول عنه فى الأحوال التى ذكرناها لا حاجة إلى استئذانه فى النقل ولا يتقاضى مقابلا كما قدمنا ، فلا أقل $ 373 $ من رعاية حقه الأدبى ، ولذلك أوجب النص أن يذكر الناقل فى وضوح عند النقل المصدر الذي نقل عنه واسم المؤلف .

وفى صورة مناقشة المصنف ونقده ، تنص المادة 13 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " لا يجوز للمؤلف ، بعد نشر المصنف ، حظر التحليلات والاقتباسات القصيرة ، إذا قصد بها النقد أو المناقشة أو الإخبار ، ما دامت تشير إلى المصنف واسم المؤلف إن كان معروفا " ( $%&[1] ) يقابل هذا النص فى المشروع الجديد المادة 13 . والنصان متطابقان معنى ، ويكادان يتطابقان لفظا .&%$ ) . وهنا يقتصر الناقل على تحليلات أو اقتباسات قصيرة من مصنف سبق نشره ، ويكون القصد من النقل هو تقييم المصنف عن طريق مناقشته ونقده وإظهار مزاياه وعيوبه . وقد يكون القصد أيضا الإخبار عن المصنف أو التثقيف ، ولكن هذا قد ورد فيما قدمناه ( $%&[1] ) أنظر م 14 / 2 وأنظر آنفاً فقرة 210 . وأنظر 15 من قانون حماية حق المؤلف وقد سبق شرحها فى الفقرة نفسها .&%$ ) . ومن أجل ذلك ، وتيسيراً للنقد الأدبى والعلمى وهو ضرورى لتوثيق الثقافة ودعمها على أسس مستقرة ، أجيز للناقد ، توضيحاً لنقده ، أن ينقل عن المصنف اقتباسات قصيرة بالقدر الذي يقتضيه التوضيح ، وذلك دون حاجة إلى استئذان المؤلف ودون مقابل . وبديهى أن الناقد ، وهو ينقل هذه الاقتباسات القصيرة ، سيشير حتما إلى المصنف المنقول عنه وإلى اسم المؤلف ، ما دام المصنف ومؤلفه هما موضوع النقد .

212 - مشتقات المصنف الأصلى التى تدخل فى مضمون حق النشر : تنص المادة 7 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " للمؤلف وحده إدخال ما يرى من التعديل أو التحوير على مصنفه . وله وحده الحق فى ترجمته إلى لغة أخرى . ولا يجوز لغيره أن يباشر شيئا من ذلك ، أو أن يباشر صورة أخرى من الصور المنصوص عليها فى المادة الثالثة ، إلا بإذن كتابى منه أو ممن يخلفه " . وتنص المادة 8 من نفس القانون على ما يأتى : " تنتهى حماية حق المؤلف وحق من ترجم مصنفه إلى لغة أجنبية أخرى فى ترجمة ذلك المصنف إلى اللغة العربية ، إذا لم يباشر المؤلف أو المترجم هذا الحق بنفسه $ 374 $ أو بواسطة غيره فى مدى خمس سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلى أو المترجم " ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى خصوص المادة 8 ما يأتى : " فقد نصت المادة الثامنة على انتهاء الحماية المقررة للمؤلف ولمن ترجم مصنفه إلى لغة أجنبية بالنسبة لحقهما فى ترجمة المصنف إلى اللغة العربية ، إذا مضت خمس سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلى أو المترجم دون أن يباشر المؤلف أو المترجم بنفسهما أو بواسطة غيرهما ترجمة المصنف إلى اللغة العربية . وفى هذا القيد الزمنى تغليب للصالح العام المصرى على المصلحة الفردية للمؤلف ، وحتى يمكن دفع هذا المؤلف وحثه على مباشرة هذه الترجمة فى أقرب وقت معقول رعاية لمصلحة البلاد كيلا تحرم من ثمار التفكير الإنسان فى مختلف الأمم المختلفة الأخرى لمدة طويلة " .

ويقابل المادتان 7 و 8 من قانون حماية حق المؤلف المادتين 7 و 8 فى المشروع الجديد ، ولا خلاف بين هذه النصوص فى المعنى ، وإن وقع الخلاف فى اللفظ . فقد جرت المادة 7 من المشروع الجديد على الوجه الآتى : " للمؤلف إدخال ما يرى من التعديل أو التحوير على مصنفه ، وله ولمن يخلفه أن يعهد إلى غيره بأن يباشر ذلك أو أية صورة من الصور المنصوص عليها فى المادة 3 . ويقع باطلا كل قيد على حقه فى التعديل أو التحوير " . وجرت المادة 8 من المشروع الجديد على الوجه الآتى : " للمؤلف الحق فى ترجمة مصنفه إلى لغة أخرى ، ولا يجوز لغيره أن يباشر ذلك إلا بإذن كتابى منه أو ممن يخلفه . ومع ذلك إذا كان المصنف موضوعا بلغة أجنبية ، فتنتهى حتما حماية حق المؤلف وحق من ترجم مصنف إلى لغة أجنبية أخرى فى ترجمة هذا المصنف إلى اللغة العربية بمضى خمس سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلى أو المترجم دون أن يباشر المؤلف أو المترجم خلال حقه فى الترجمة إلى اللغة العربية " .&%$ ) .

وقد قدمنا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 173 وما بعدها .&%$ ) أن هناك مصنفات مشتقة من المصنف الأصلى يحميها القانون كما يحمى المصنف الأصلى . ولكن القانون فى الوقت ذاته يحمى المصنف الأصلى من هذه المصنفات المشتقة إذا قام بعملها مؤلف آخر غير مؤلف المصنف الأصلى . ذلك أن اشتقاق مصنف من المصنف الأصلى هو من حق مؤلف المصنف الأصلى وحده ، ولا يجوز لغيره القيام به دون إذن كتابى منه . وصور الاشتقاق مذكورة فى المادتين 3 و 4 من قانون حماية حق المؤلف ، وقد سبق تفصيل ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 174 فى آخرها .&%$ ) . ونقتصر هنا على أن نذكر أن أهم صور الاشتقاق هى جمع مختارات من المصنف الأصلى متميزة بسبب يرجع إلى الابتكار أو الترتيب أو أى مجهود شخصى ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 175 .&%$ ) ، وإعادة إظهار المصنف الأصلى مع $ 375 $ شرحه أو التعليق عليه أو بعد مراجعته وتنقيحه ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 175 .&%$ ) ، وتلخيص المصنف الأصلى أو تحويله من لون من ألوان الآداب أو الفنون أو العلوم إلى لون آخر كتحويل الرواية أو القصة إلى مسرحية أو تحويل المسرحية إلى فيلم سينمائى ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 176 .&%$ ) ، وترجمة المصنف من لغته الأصلية إلى لغة أخرى ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 177 .&%$ ) .

فجميع هذه الصور من الاشتقاق هى من حق مؤلف المصنف الأصلى وحده كما قدمنا . وإذا أقدم عليها أحد غيره ، وجب على هذا أن يحصل على إذن كتابى من مؤلف المصنف الأصلى . ويقع ذلك عادة فى صورة اتفاق قريب من عقد النشر ، وفى نظير مقابل يتقاضاه المؤلف الأصلى . فإذا ما أصبح حق الاشتقاق ثابتا لشخص غير المؤلف الأصلى على النحو الذي ذكرناه ، فإن هذا الشخص بعد أن يقوم بوضع المصنف المشتق ، من مختارات أو شرح أو تعليق أو مراجعة أو تنقيح أو تلخيص أو تحويل أو ترجمة ، يكون له على هذا المصنف المشتق حقوق المؤلف بدوره ، فلا يجوز لأحد نقله أو الاشتقاق منه دون أن يستأذنه هو وصاحب المصنف الأصلى معاً ، وقد تقدم بيان ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 174 – 177 .&%$ ) . ولما كانت ترجمة المصنف الأصلى هى اشتقاق من هذا المصنف كما قدمنا ، فإن الاشتقاق من هذا الاشتقاق ، أى ترجمة الترجمة ، يخضع هو أيضا لإذن مؤلف المصنف الأصلى .

ونقف قليلا عند ترجمة المصنف الأصلى لأهميتها ، والترجمة نوع من أنواع الاشتقاق يحمى منها القانون ثم يحميها كما سبق القول . والذى يعنينا هنا هو حماية المصنف الأصلى من الترجمة ، فنقتصر على هذا الجانب . فإذا وضع مصنف باللغة العربية ، لم يجز لأحد ترجمته إلى لغة أجنبية دون إذن المؤلف طوال مدة الحماية . وكذلك إذا وضع مصنف بلغة أجنبية ، لم يجز لأحد ترجمته إلى لغة أجنبية أخرى دون إذن المؤلف طوال مدة الحماية . أما بترجمته إلى اللغة العربية ، أو بترجمته بطريق غير $ 376 $ مباشر إذا كان المصنف الأصلى قد ترجم إلى لغة أجنبية أخرى ، فيعمد المترجم العربى إلى ترجمة هذه الترجمة . ويقع ذلك عادة إذا كان المترجم العربى لا يعرف اللغة الأجنبية الأصلية التى كتب بها المصنف الأصلى ، ويعرف اللغة الأجنبية الأخرى التى ترجم إليها المصنف . وفى الحالتين يحمى القانون المصنف الأصلى من الترجمة : يحمى مؤلف المصنف . وفى الحالتين يحمى القانون المصنف الأصلى من الترجمة : يحمى مؤلف المصنف الأصلى كما يحمى من ترجم هذا المصنف الأصلى إلى لغة أجنبية أخرى . ولكن هذه الحماية لا تقوم طوال مدتها المقررة فى القانون إلا بعد استيفاء شرط هام ، هو أن يقوم المؤلف أو المترجم . أو شخص آخر يأذنان له فى ذلك ، بترجمة المصنف إلى اللغة العربية فى مدى خمس سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلى أو المترجم ( م 8 من قانون حماية حق المؤلف وقد سبق ذكرها ) . فعلى صاحب المصنف الأصلى ، وكذلك على مترجم المصنف الأصلى إلى لغة أجنبية أخرى ، إذا أراد أى منهما أن يحمى مصنفه أو يحمى ترجمته من الترجمة إلى اللغة العربية ، أن يقوم هو ، أو يقوم أحد غيره باتفاق معه ، بترجمة المصنف أو ترجمة الترجمة إلى اللغة العربية فى خلال المدة القصيرة التى سبق ذكرها ( خمس سنوات ) . فإذا فعل ذلك ، لم يجز لأحد أن يعيد ترجمة المصنف ، أو ترجمة الترجمة ، إلى اللغة العربية مرة أخرى إلا بعد استئذان كل من المؤلف الأصلى ومترجم المصنف إلى لغة أجنبية طوال مدة الحماية القانونية ، وهى خمسون سنة من وقت موت أى من المؤلف الأصلى والمترجم . ولا حاجة لاستئذان المترجم العربى الأول لأن ترجمته العربية لم تكن محل اعتبار المترجم العربى التالى له إلا إذا كان هذا قد انتحلها أو انتحل الكثير منها : أما إذا بقى المصنف الأصلى ، وكذلك ترجمته إلى اللغة الأجنبية الأخرى ، دون ترجمة إلى اللغة العربية مدة خمس السنوات السابق ذكرها ، فقد قدمنا أن ترجمة المصنف أو ترجمة ترجمته إلى اللغة العربية تصبح مباحة لأى مترجم عربى ، دون حاجة لاستئذان أحد ، ودون أى مقابل . وقد قصد بهذه الأحكام تيسير ترجمة المصنفات الأجنبية إلى اللغة العربية ، بل وحفز أصحاب هذه المصنفات الأجنبية إلى المبادة إلى ترجمتها إلى اللغة العربية حتى تحمى حماية كاملة . فكثير من المصنفات الأجنبية يحتاج إليها القارئ العربى الذي لا يعرف لغة المصنف الأجنبية كما تحتاج المكتبة العربية بوجه عام إلى التزود من ثمار العقل البشرى فى الأمم المختلفة . وعلى هذا النحو تغلب المشرع المصرى $ 377 $ على مشكلة ترجمة المصنفات الأجنبية . وهى المشكلة التى وقفت عقبة مدة طويلة تحول دون صدور قانون حماية المؤلف ( $%&[1] ) انظر فيما تقدم ما سبق بيانه آنفا فقرة 177 .&%$ ) .

2 - الأداء العلنى

( النقل المباشر للجمهور )

213 - ما هو الأداء العلنى : قدمنا أن نطاق الحق المالى للمؤلف ، كما يتناول نقل المصنف إلى الجمهور بطريق غير مباشر بعمل نماذج أو نسخ من المصنف ونشرها ، يتناول أيضا نقل المصنف إلى الجمهور بطريق مباشر بالأداء العلنى . وقد رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 205 .&%$ ) أن المادة 6 من قانون حماية حق المؤلف تنص على أن " يتضمن حق المؤلف فى الاستغلال : ( أولا ) نقل المصنف إلى الجمهور مباشرة بأية صورة ، خاصة بإحدى الصور الآتية : التلاوة العلنية أو التوقيع الموسيقى أو التمثيل المسرحى أو العرض العلنى أو الإذاعة اللاسلكية للكلام أو الصوت أو الصور ، أو العرض بواسطة الفانوس السحرى أو السينما ، أو نقل الإذاعة اللاسلكية بواسطة مكبر الصوت أو بواسطة لوحة التلفزيون بعد وضعهما فى مكان عام – ( ثانياً ) ... " . فنقل المصنف نقلا مباشراً إلى الجمهور عن طريق الأداء العلنى من حق المؤلف وحده ، ولا يجوز لأحد غيره مباشرته بغير إذن كتابى ( م 5 / 2 من قانون حماية حق المؤلف ) ، وفى نظير مقابل ما يتقاضاه المؤلف من الغير أو بغير مقابل . ويستوى فى ذلك أن يكون الأداء العلنى ذاته بمقابل يتقاضاه الغير من الجمهور ، أو بغير مقابل .

فنبحث إذن فى الأداء العلنى وسائل الأداء ونقف قليلا عند الأداء بطريق الراديو والتلفزيون ، والأداء بطريق السينما والفونوغراف ( $%&[1] ) والفونوغراف غير وارد فى النص ، ولكن ما ورد فى النص ليس مذكورا على سبيل الحصر كما قدمنا .&%$ ) . ثم نبحث علنية الأداء ، ومجانية الأداء بالنسبة إلى الجمهور .

214 - وسائل الأداء : هذه الوسائل مذكورة ، كما رأينا ، على سبيل $ 378 $ التمثيل لا على سبيل الحصر ، فى المادة السادسة سالفة الذكر ، فيكون نقل المصنف مباشرة إلى الجمهور عادة بطريق التلاوة العلنية للكلام ، إذا كان المصنف من المصنفات الأدبية أو العلمية ، شعراً كان أو نثراً . ويكون بطريق التمثيل المسرحى ، للمسرحيات على اختلاف أنواعها . ويكون بطريق التوقيع الموسيقى للصوت ، فى المصنفات الموسيقية ، ويكون بطريق العرض العلنى ، للصور وغيرها من المصنفات الفنية . ويكون بواسطة الفانوس السحرى ، للمشاهد المختلفة . ويكون بواسطة السينما ، للمسرحيات والموسيقى وغير ذلك مما يذاع بطريق السينما . ويكون بواسطة الإذاعة اللاسلكية والتلفزيون ، للكلام والموسيقى والمسرحيات وغير ذلك مما يذاع بهذين الطريقين ، حتى لو نقلت الإذاعة اللاسلكية بواسطة مكبر الصوت أو بواسطة لوحة التلفزيون بعد وضعهما فى مكان عام .

فنقل المصنف مباشرة إلى الجمهور يكون بالصوت البشرى أو بالآلة ، أما نقله إلى الجمهور بطريق غير مباشر فيكون بعمل نسخ منه ونشرها على الجمهور .

215 - الأداء بطريق الراديو والتلفزيون : يجوز أن يقع الأداء العلنى بطريق الراديو والتلفزيون ، ويجب عند ذلك استئذان المؤلف أو من انتقلت إليه حقوقه ، ولهذا أن يتقاضى أجراً فى مقابل ذلك .

ونحن هنا لا نعرض للأشرطة المسجلة وإذاعتها بطريق الراديو والتلفزيون ، فإن تسجيل هذه الأشرطة يدخل فى مضمون حق النشر أى نقل المصنف بطريق غير مباشر إلى الجمهور عن طريق نسخ صور منه ، وقد سبق الكلام فى ذلك ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 207 .&%$ ) . وإنما نعرض هنا للأداء مباشرة عن طريق الراديو أو التلفزيون ، أى أن المؤدى يوجه تأديته للجمهور مباشرة ( فى الهواء كما يقال ) ، فتنقل تأديته فى الحال عن طريق أجهزة الراديو أو التلفزيون إلى المستمعين للراديو أو المشاهدين للتلفزيون .

وهذا الأداء المباشر للجمهور له أحوال ثلاث :

( الحالة الأولى ) أن يقوم المؤدى بالتأدية فى الأستوديو ، وهو مكان $ 379 $ خاص مقفل لا علانية فيه . ولذلك لا يكون الأداء فى ذاته علنيا ، ولكنه بنقله إلى الجمهور عن طريق الأجهزة يصبح علنيا . وهذه الحالة هى الحالة الغالبة ، فحق المؤلف فى الأداء العلنى يتعلق هنا ، لا بالأداء نفسه ، بل بنقله إلى الجمهور . ومن ثم يجب استئذانه ، وله أن يتقاضى أجراً على ذلك .

( الحالة الثانية ) أن يقوم المؤدى بالتأدية ، لا فى أستوديو مقفل لا علانية فيه ، بل فى مكان عام يحتشد فيه الجمهور فيسمع ويرى . وفى الوقت نفسه ينتقل الأداء بطريق الأجهزة إلى جمهور آخر غير الجمهور الذي احتشد فى المكان العام الذي حصل فيه الأداء العنى ، وهذا الجمهور الآخر هو الذي ، فى أماكنه الخاصة من منازل ومكاتب ونحوها ، يستمع إلى جهاز الراديو أو يشاهد لوحة التلفزيون . ويقع ذلك عادة عندما يقوم أحد المغنيين بالغناء فى مكان عام يذهب إليه الجمهور لسماع الغناء ، أو عندما يقوم الممثلون بالتمثيل فى مسرح عام يذهب إليه الجمهور لمشاهدة التمثيل ، وفى الوقت الذي يقع فيه الغناء والتمثيل يذاع هذا وذاك عن طريق الراديو أو التلفزيون ، بحيث ينتقل الغناء إلى عدد كبير من الناس يبقون فى أماكنهم الخاصة وكل منهم يستمع إلى الراديو أو يشاهد التلفزيون . وللمؤلف فى هذه الحالة حقان : حقه فى الأداء العلنى بطريق الراديو أو لتلفزيون إلى عدد كبير آخر من الناس غير الجمهور الذي احتشد فى المكان العام . ومن ثم يكون للمؤلف أن يأخذ أجراً عن كل من الحقين ، وأن يجمع بين الأجرين .

( الحالة الثالثة ) وهى كالحالة الثانية من حيث إن المؤدى يؤدى فى مكان عام يحتشد فيه الجمهور ، ولكن هنا فى هذه الحالة الثالثة يوجد جمهور آخر احتشد فى مكان عام آخر ، قد يكون مقهى أو فندقا أو مطعما ، وضع فيه صاحبه مكبراً للصوت أو لوحة للتلفزيون لنقل الأداء وقت وقوعه فى المكان العام الأصلى إلى جمهور المحتشدين عنده فى مكانه هو ، وذلك اجتذابا منه للعملاء . وفى هذا المعنى تقول المادة 6 من قانون حماية حق المؤلف كما رأينا " ... أو نقل الإذاعة اللاسلكية بواسطة مكبر الصوت أو بواسطة لوحة التلفزيون بعد وضعهما فى مكان عام " . والفرق بين الحالة الثانية والحالة الثالثة ، هو أنه فى الحالة الثانية يوجد جمهور احتشد فى مكان عام $ 380 $ يسمع ويشاهد المؤدى ويوجد إلى جانب هذا الجمهور المحتشد أفراد من الناس متفرقون فى أماكنهم الخاصة كل منهم يسمع ويشاهد عن طريق جهازه الخاص ، أما فى الحالة الثالثة فيوجد جمهور احتشد فى مكان عام يسمع ويشاهد المؤدى ويوجد إلى جانب هذا الجمهور المحتشد جمهور آخر محتشد فى مكان عام آخر يسمع هو ايضاً ويشاهد المؤدى فى نفس الوقت . وعلى ذلك يكون للمؤلف فى الحالة الثالثة ، كما هو الأمر فى الحالة الثانية ، حقان : حق فى الأداء العلنى فى المكان العام الأصلى . وحق فى الأداء العلنى فى الأماكن العامة الأخرى التى ينتقل إليها الأداء عن طريق مكبر الصوت أو لوحة التلفزيون . وله أجر على كل من الحقين ، ويجمع بين الأجرين . بل يجوز أن تجتمع الحالة الثانية مع الحالة الثالثة ، فيقوم المؤدى بالأداء فى مكان عام ، وينقل أداؤه فى الأماكن الخاصة على النحو الذي رأيناه فى الحالة الثانية ، وينقل فى الوقت ذاته الأداء إلى أماكن عامة أخرى بطريق مكبر الصوت أو لوحة التلفزيون على النحو الذي رأيناه فى الحالة الثالثة . وعند ذلك يكون للمؤلف أجور ثلاثة يجمع بينها : أجر فى الأداء العلنى فى المكان العام الأصلى وأجر ثان فى الأداء العلنى المنقول إلى الأماكن الخاصة ، وأجر ثالث فى الأداء العلنى المنقول إلى الأماكن العامة الأخرى بطريق مكبر الصورة أو لوحة التلفزيون .

216 - الأداء بطريق السينما والفونوغراف : هنا أيضا لا نعرف لأفلام السينما وأسطوانات الفونوغراف ، فالتقاط المشاهد عن طريق الأفلام " وتعبئة " الاسطوانات كل هذا يدخل فى مضمون حق النشر أى نقل المصنف بطريق غير مباشر إلى الجمهور عن طريق نسخ صور منه ، وقد سبق الكلام فى ذلك ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 207 .&%$ ) . وإنما نعرض هنا للأداء العلنى المباشر عن طريق الأفلام السينمائية أو الاسطوانات الفوتوغرافية .

لا شك فى أن من يشترى أو يستأجر فيلما سينمائيا لعرضه على الجمهور فى صالحة العرض أى فى مكان عام ، يكون قد انتقل إليه حق الأداء العلنى فى المدة $ 381 $ وفى المكان المتفق عليهما ، وذلك فى نظير المقابل الذي دفعه . ولكن إذا استأجر شخص فيلما سينمائيا لعرضه فى مكان عام معين أى صالة عرض معينة ، وطوال وقت معين ، فليس له أن يعرض الفيلم فى مكان آخر ، وليس له أن يجاوز فى عرضه الفيلم الوقت المحدد ، وإلا كان معتديا على حق المؤلف فى الأداء العلنى بطريق السينما ، لأنه فيما جاوز فيه المكان أو الزمان لم ينتقل إليه حق الأداء العلنى .

كذلك إذا اشترى شخص أسطوانة ، فله أن يستمع إليها فى منزله أو فى مكانه الخاص ، بل له أن يجعل غيره يستمع إليها بشرط أن يكون ذلك فى اجتماعات خاصة ( الاجتماعات العائلية والجمعيات الخاصة والحفلات المدرسية : م 11 من قانون حماية حق المؤلف ) ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 209 .&%$ ) . ولكن لا يجوز له ، دون إذن كتابى من المؤلف ، أن يسمع الاسطوانة جمهورا من الناس فى مكان عام ، فإن فى هذا اعتداء على حق المؤلف فى الأداء العلنى . وللمؤلف ، إذا أذن صاحب الاسطوانة فى هذا الأداء العلنى ، أن يتقاضى أجراً على ذلك ( $%&[1] ) وقد قدمنا أن هناك رأيا يذهب إلى أنه حتى يحق للمؤلف أن يمنع مشترى الأسطوانة من إذاعتها على الجمهور ، يجب عليه أن يجعل الناشر – أى بائع الأسطوانة – يشترط ذلك صراحة على المشترى لمصلحة المؤلف ، فتجرى أحكام الاشتراط لمصلحة الغير ( انظر آنفاً فقرة 207 فى آخرها ) .&%$ ) .

217 - علانية الأداء : ولا يكفى أن يكون هناك أداء للمصنف ، بل يجب أن يكون هذا الأداء علنيا . أى فى مكان عام يستطيع الجمهور دخوله ولو لقاء أجر معين . أما الأداء فى اجتماع عائلى أو فى اجتماعات خاصة لجمعيات أو منتديات خاصة أو حفلات مدرسية ، فقد قضت المادة 11 من قانون حماية حق المؤلف ، كما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 209 .&%$ ) ، بأنه لا يجوز للمؤلف أن يمنعه ما دام صاحب الاجتماع لا يتقاضى فى نظير ذلك رسما أو مقابلا ماليا .

ولا عبرة بطبيعة المكان الذي يقع فيه الأداء . فقد ينقلب المكان الخاص إلى مكان عام إذا سمح للجمهور بالدخول فيه ، كما ينقلب المكان العام إلى $ 383 $ 37 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " للمؤلف أن ينقل إلى الغير الحق فى مباشرة حقوق الاستغلال المنصوص عليها فى المواد 5 ( فقرة ثانية ) و 6 و 7 ( فقرة ثانية ) من هذا القانون ، على أن نقل أحد الحقوق لا يترتب عليه مباشرة حق آخر . ويشترط لتمام التصرف أن يكون مكتوبا ، وأن يحدد فيه صراحة وبالتفصيل كل حق على حدة يكون محل التصرف ، مع بيان مداه والغرض منه ومدة الاستغلال ومكانه . وعلى المؤلف أن يمتنع عن أى عمل من شأنه تعطيل استعمال الحق المتصرف فيه ( $%&[1] ) وقع خطأ مطبعى فى نص الفقرة الأولى من هذه المادة ، إذ أشير فى المادة 5 إلى فقرة 6 والصحيح أنها الفقرة الثانية ، وأشير فى المادة 7 إلى فقرة أ والصحيح أنها الفقرة الثانية .

وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى خصوص المادة 37 : " نحا المشرع فى الفصل الثالث من الباب الثانى الذى عقده لبيان أحكام نقل حقوق المؤلفين نحوا يوفق بين مصالح المؤلفين والناشرين ، فأقام التوازن بين حقوق المؤلفين وحقوق من آل إليهم حق الاستغلال المالى للمؤلف . فبعد أن حفظت المادة الخامسة ( فقرة ثانية ) للمؤلف حقه الخالص فى استغلال مصنفه استغلالا ماليا بأية طريقة من طرق الاستغلال ، اعترفت له المادة 37 بالحق فى نقل الحقوق المالية المنصوص عليها فى المواد الخامسة والسادسة والسابعة . وهذا الحق الأخير مما يقتضيه استغلال المصنف ، وقد اشترطت الفقرة الثانية من المادة 37 لصحة التصرف فى الحق المالى أن يكون التعاقد بشأنه بالكتابة ، وأن يتضمن فى صراحة وبالتفصيل كل حق يكون محل التصرف على حدة ، مع بيان مداه والغرض منه وزمان الاستغلال ومكانه ، وذلك حتى يكون كل من الطرفين على بينه من أمره ، وخاصة لكى لا توضع فى العقد نصوص إجمالية غامضة ؟؟؟ للمؤلف ... إزاء هذه الحقوق التى أقرها المشروع للمؤلفين لم يغفل حقوق الناشرين ، فأوجبت الفقرة الأخيرة من المادة 37 على المؤلف أن يمتنع عن أى عمل يترتب عليه تعطيل مباشرة الحق محل التصرف ... "

ويطابق النص فى المشروع الجديد المادة 38 مطابقة تامة من حيث المعنى ، ومطابقة تكاد تكون تامة من حيث اللفظ .&%$ ) " .

فللمؤلف إذن أن ينزل عن حقه المالى فى استغلال مصنفه ، بما يشتمل عليه مضمون هذا الحق المالى من الحق فى النشر وفى الاشتقاق من المصنف الأصلى وفى الأداء العلنى على الوجه الذي بيناه تفصيلا فيما تقدم ، إلى الغير ، بمقابل أو بغير مقابل . فإذا نزل عنه بمقابل هو مبلغ من النقود كان هذا بيعا لحقه المالى ، وإذا نزل عنه بغير مقابل كان هذا هبة . وللغير الذي تلقى الحق من المؤلف أن ينزل عنه بدوره لمن يشاء ، بمقابل أو بغير مقابل .

ويشترط لانعقاد التصرف أن يكون مكتوبا ، والكتابة هنا ركن فى $ 384 $ الانعقاد لا مجرد وسيلة للإثبات . وذلك ما لم يكن التصرف هبة مباشرة ، فيجب أن تفرغ فى ورقة رسمية وفقا لأحكام الهبة . ويجب أن يحدد فى العقد ، فى صراحة وبالتفصيل ، كل حق نزل عنه المؤلف للغير ، مع بيان مدى الحق المنقول للغير ، والغرض منه . ومدة الاستغلال إذا كانت لا تستغرق مدة الحماية المقررة فى القانون ، ومكان الاستغلال إذا كان مقصوراً على بلد دون آخر . وكل ذلك حتى لا تجئ عبارات التصرف عامة مجملة ، فيقع فيها من الإيهام والغموض ما يضر بالمؤلف . والنزول عن حق لا يستتبع النزول عن حق آخر ، ولذلك وجب التفصيل الذي تقدم بيانه . فنزول المؤلف عن حقه فى النشر لا يستفاد منه نزوله عن حقه فى الاشتقاق ، أو عن حقه فى الأداء العلنى . ونزوله عن تحويل مصنفه إلى مسرحية لا يستفاد منه نزوله عن تحويله إلى فيلم سينمائى . ونزوله عن حق ترجمته إلى لغة معينة لا يستفاد منه نزوله عن ترجمته إلى لغة أخرى غير اللغة المتفق عليها . وهكذا .

ويلتزم المؤلف بضمان التعرض ، فلا يجوز له أن يأتى عملا يكون من شأنه تعطيل استعمال الحق المتصرف فيه . ومن ثم لا يجوز للمؤلف ، بعد أن تصرف فى حقه ، أن يقوم بعمل شخصى يتعارض مع حق المتصرف له فى استغلال المصنف ، بأن ينشره مثلا بنفسه أو بواسطة غيره ، وإلا جاز الحكم عليه بالكف عن التعرض وبالتعويض إن كان له محل ، ويشمل الالتزام بالضمان أن يرد المؤلف عن المتصرف له إدعاء الغير أن المصنف مسروق كله أو بعضه ، أو أنه يتضمن قذفا أو انتهاكا لحرمة أسرار الغير مما يوجب المسئولية . فإذا لم يستطع المؤلف دفع اعتداء الغير ، كان للمتصرف له أن يرجع عليه بالضمان وفقا للقواعد المقررة فى المسئولية العقدية .

وقد يستعمل المؤلف حقه فى نشر مصنفه أو حقه فى الأداء العلنى عن طريق عقد النشر أو عن طريق عقد العرض المسرحى . ونبين فى إيجاز ، فيما يلى ، الفرق بين كل من عقد النشر وعقد العرض المسرحى وبين ما نحن بصدده فى حق المؤلف المالى فى استغلال مصنفه .

220 - عقد النشر : عرضنا لعقد النشر فى الجزء السابع من الوسيط ، $ 385 $ كصورة خاصة من صور عقد المقاولة ( $%&[1] ) أنظر الوسيط 7 فقرة 182 - فقرة 193 .&%$ ) . ونقتصر هنا على بيان الفرق بين عقد النشر وبين تصرف المؤلف فى حقه المالى .

يلجأ المؤلف عادة ، بدلا من التصرف فى حقه المالى ، إلى عقد النشر ، إذ هو العقد الذي يستعمل بواسطته استعمالا مألوفا حقه فى نشر مصنفه . والناشر لا ينتقل إليه الحق المالى للمؤلف ، كما ينتقل هذا الحق إلى المتصرف له فى حالة التصرف . وكل ما ينتقل إلى الناشر ، فى أقصى صورة من صور عقد النشر ، هو حق استغلال المصنف لعدد من الطبعات غير معين ولمدة غير معينة .

فإذا لم يقم الناشر بإعادة طبع الكتاب فى مدة معقولة بعد نفاذ نسخ الطبعة السابقة ، استعاد المؤلف حقه فى استغلال الكتاب ، وله أن ينشره بنفسه أو عن طريق ناشر آخر ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 328 - الوسيط 7 ص 327 هامش 1 - أنظر عكس ذلك وأنه لا فرق بين هذه الصورة من صور عقد النشر وبين التصرف فى حق الاستغلال المالى Rault فى عقد النشر فى القانون الفرنسى رسالة من باريس سنة 1927 ص 55 ومابعدها .&%$ ) . وقد يقتصر المؤلف فى عقد النشر على أن يبيع للناشر طبعة معينة من المصنف ، ويحدد بالاتفاق معه عدد نسخ هذه الطبعة ، فيقوم الناشر بطبع هذا العدد من النسخ على نفقته ، وتصبح النسخ ملكاً له ويبيعها لحسابه ، ويدفع فى مقابل ذلك للمؤلف مبلغا معينا ، دفعة واحدة أو على عدة دفعات . وقد يحتفظ المؤلف ، فى عقد النشر ، بحقه فى استغلال مصنفه ، ويقوم بطبع الكتاب على نفقته ، فتكون النسخ بعد طبعها ملكا له ، ويقوم الناشر بعرض الكتاب على الجمهور للبيع . وفى هذه الحالة لا يكون هناك عقد بيع بل عقد مقاولة . والناشر هو المقاول ورب العمل هو المؤلف . ويتقاضى الناشر فى مقابل ذلك أجراً من المؤلف ، ويغلب أن يكون هذا الأجر هو نسبة معينة من ثمن كل نسخة يبيعها . وقد يقوم الناشر بطبع الكتاب ، على أن يسترد نفقات الطبع من ثمن النسخ التى يبيعها ، وبعد ذلك يستوى على أجره المتفق عليه ، ويرد الباقى للمؤلف ( $%&[1] ) أنظر فى كل ذلك الوسيط 7 فقرة 182 .&%$ ) .

ومهما اختلف صور عقد النشر ، فإن الناشر يكون دائما ملتزما بنشر الكتاب ، أى ببيع نسخه للجمهور ، فإن لم يفعل كان مخلا بالتزامه ، وكان $ 386 $ مسئولاً أمام المؤلف . ويستبقى المؤلف دائما ، فى عقد انشر ، حقه الأصلى فى استغلال مصنفه ، وعلى أساس هذا الحق يلزم الناشر بنشر الكتاب حتى يتمكن المؤلف من مباشرة حقه فى الاستغلال .

أما إذا تصرف المؤلف فى حقه المالى فى الاستغلال ، فإن هذا الحق نفسه ينتقل منه إلى التصرف له ، ويصبح هذا الأخير هو صاحب الحق فى الاستغلال . ويستطيع أن يباشر هذا الحق ، كما يستطيع ألا يباشره فلا ينشر الكتاب ، وفى هذه الحالة الأخيرة لا يستطيع المؤلف أن يلزمه بالنشر كما يستطيع إلزام الناشر فيما رأيناه . ونرى من ذلك أنه فى حالة التصرف يحل المتصرف له محل المؤلف فى جميع حقوقه المالية المتصرف فيها بصفة دائمة ، أى طول مدة الحماية غالبا ، ومن بين هذه الحقوق أن يبرم عقد نشر مع أحد الناشرين . أما فى حالة عقد النشر ، فلا يحل الناشر محل المؤلف فى حقوقه ، ويكون الناشر ملتزما بنشر الكتاب طبقا لشروط عقد النشر ، وللمدة المحددة فى هذا العقد ، والطبعة أو الطبعات المبينة فيه . ويمكن أن نتصور أن المؤلف يتصرف فى حقه المالى للناشر نفسه ، وفى هذه الحالة تنتقل إلى الناشر حقوق المؤلف بصفة دائمة أى طول مدة الحماية غالبا ، بموجب عقد بيع لا بموجب عقد نشر . وعند ذلك ينشر الناشر الكتاب ، لا باعتباره ناشراً ، بل باعتباره صاحب حقوق المؤلف . ويكون فى وضع المؤلف عندما ينشر هذا مصنفه بنفسه . بل يجوز أيضاً للناشر فى هذه الحالة أن يعهد إلى ناشر آخر ، بموجب عقد نشر ، أن ينشر المصنف الذي اشترى حقوق التأليف فيه( $%&[1] ) انظر فى ذلك الوسيط 7 ص 327 هامش 1 .&%$ ) .

221 - عقد العرض المسرحى : وقد عرضا أيضاً لعقد العرض المسرحى فى الجزء السابع من الوسيط ( $%&[1] ) أنظر الوسيط 7 فقرة 194 – فقرة 196 .&%$ ) . والفرق بينه وبين تصرف المؤلف فى حقه فى الأداء العلنى لمصنفه هو نفس الفرق بين عقد النشر وبين تصرف المؤلف فى حقه فى النشر . فالقائم بالعرض كالناشر يكون ملزما دائما بعرض المصنف على الجمهور ، فيما إذا لجأ مؤلف المسرحية أو منتج الفيلم السينمائى أو واضع القطعة الموسيقية أو ملحن القطعة الغنائية إلى عرض مصنفه $ 387 $ بواسطة الأداء العلنى عن طريق المسرح أو السينما أو الراديو أو التلفزيون .

أما المتصرف له فى حق الأداء العلنى فليس ملزما بالعرض ، ويحل محل المؤلف فى حقه ، إن شاء عرض المصنف وإن شاء لم يعرضه ، وفى حالة عدم العرض لا يستطيع المؤلف أن يلزمه بالعرض . ويكون له حق العرض بصفة دائما أى طول مدة الحماية غالبا ، بخلاف القائم بالعرض فليس له أن يعرض المصنف إلا فى المرة أو المرات أو المدة التى حددها عقد العرض المسرحى .

والذى يقع فى العمل هو أن يدفع المؤلف بمسرحيته أو بقطعته الموسيقية أو الغنائية لصاحب المسرح أو إدارة الإذاعة ، ويتقاضى أجراً معينا ، قد يكون مبلغا إجماليا وقد يكون نسبة مئوية من الإيراد . وقد يدق التمييز فى هذه الحالة بين ما إذا كان العقد هو تصرف فى حق الأداء العلنى أو هو مجرد عقد للقيام بالعرض ، لذلك جرى العمل على تسمية العقد فى كلا الفرضين بعقد العرض المسرحى دون تمييز بين فرض وآخر ( $%&[1] ) انظر الوسيط 7 فقرة 194 .&%$ ) .

222 - طرق تقدير المقابل لحق المؤلف المالى : وسواء كان العقد هو تصرف فى حق المؤلف المالى على النحو الذي قدمناه ، أو هو عقد نشر أو عرض مسرحى ، فإن المقابل الذي يتقاضاه المؤلف فى جميع هذه الفروض يجوز أن يكون مقدراً جزافاً بمبلغ إجمالى ، كما يجوز أن يكون نسبة مئوية من الإيراد . وتنص المادة 39 من قانون حماية حق المؤلف فى هذا الصدد على ما يأتى : " تصرف المؤلف فى حقوقه فى المصنف ، سواء كان كاملا أو جزئيا ، يجوز أن يكون على أساس مشاركة نسبية فى الإيراد الناتج من الاستغلال أو بطريقة جزافية " ( $%&[1] ) يقابل النص فى المشروع الجديد المادة 40 / 1 . والنصان متطابقان فى المعنى ، ويكادان يتطابقان فى اللفظ .&%$ ) .

فإذا نزل المؤلف للمتصرف له أو للناشر عن حقوقه فى التأليف نزولا غير محدد ، فإن العقد يكون بيعا كما قدمنا ، ويكون الأجر هو الثمن يدفعه الناشر للمؤلف . ويجوز أن يكون هذا الثمن مبلغا يحدد جزافا ويتقاضاه المؤلف دفعة واحدة أو على أقساط أو فى ميعاد كل طبعة من طبعات المصنف ، كما $ 388 $ يجوز أن يكون الثمن محدداً بنسبة عدد نسخ المصنف وثمن كل نسخة ، أو بنسبة ما يباع من النسخ . وإذا نزل المؤلف للناشر عن طبعة من طبعات المصنف ، فإنه يتفق معه عادة على عدد نسخ هذه الطبعة . ويتقاضى المؤلف من الناشر ثمنا قد يكون مبلغا محددا جزافا يدفع جملة واحدة أو على أقساط متعددة . وقد يكون نسبة مئوية من الثمن المقرر لبيع النسخ ، أو نسبة مئوية من الثمن الذي تباع به النسخ فعلا ( $%&[1] ) أنظر الوسيط 7 فقرة 186 .&%$ ) . وفى عقد العرض المسرحى يلتزم العارض بأن يؤدى للمؤلف جعلا متفقا عليه ، قد يكون مبلغا إجماليا يتقاضاه المؤلف من العارض جملة واحدة أو على أقساط ، وقد يكون نسبة مئوية من الإيراد وفى هذه الحالة يجب على العارض أن يقدم للمؤلف حسابا مفصلا عن إيراد الحفلة أو الحفلات التى أقامها تنفيذاً للاتفاق ( $%&[1] ) أنظر الوسيط 7 فقرة 196 .&%$ ) .

والأصل أن ما تم الاتفاق عليه من مقابل لا يجوز تعديله إلا باتفاق جديد ، ولا يجوز للمؤلف أن يطلب أكثر مما اتفق عليه مع الناشر أو العارض . ولكن المشروع الجديد أضاف للمادة 40 منه فقرة ثانية تجرى على الوجه الآتى : " ومع ذلك فإذا تبين أن الاتفاق كان مجحفا بحقوق المؤلف أو أصبح كذلك لظروف طرأت بعد التعاقد ، جاز للقاضى ، تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ، أن يقضى للمؤلف ، علاوة على ما اتفق عليه ، بجزء من الربح الصافى الذي ينجم عن استغلال المصنف " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع الجديد فى صدد هذا النص ما يأتى : " وقد أجازت المادة 40 من المشروع للمؤلف أن يتصرف فى حقوقه على المصنف على أساس مشاركة نسبية فى الإيراد الناتج من الاستغلال أو ببدل معلوم ، سواء كان التصرف كاملا أو جزئيا . وأضاف المشروع حكما جديداً أورده مشروع الجامعة العربية ، مؤداه أن يكون للمؤلف نصيب فى الأرباح الناتجة عن استغلال المصنف زيادة على ما تم الاتفاق عليه ، إذا كان الاتفاق مجحفا أو أصبح كذلك لظروف طرأت بعد التعاقد . وواضح أن فى هذا الحكم خروجا على القاعدة العامة فى التعاقد تمليه اعتبارات العدالة " . والحكم الذي استحدثه المشروع $ 389 $ الجديد فيه رعاية كبيرة لجانب المؤلف ، على افتراض أنه هو الجانب الذي يغبن عادة فى الاتفاقات التى تقع بينه وبين الناشر أو العارض ، وبخاصة إذا كان المؤلف من الناشئين أو كان غير معروف . فيجوز له ، إذا كان فى الاتفاق غبن من الأصل ، أن يطالب بجزء من الربح الصافى الناتج عن استغلال المصنف يراه القاضى كافيا لرفع هذا الغبن . وحتى لو لم يكن فى الاتفاق غبن من الأصل ، ولكن نجاح المصنف غير المنتظر لظروف طارئة جعلت الاتفاق مجحفا بالمؤلف ، فإنه يجوز لهذا الأخير أن يطالب هنا أيضاً بجزء من الربح الصافى على النحو الذي رأيناه فى الفرض الأول . وفى كلا الفرضين خروج على القواعد العامة ، ففى الفرض الأول خروج على قواعد الغبن إذ الأصل هو ألا يعتد بالغبن إلا فى حالات خاصة ليس هذا الفرض منها ، وفى الفرض الثانى خروج على قواعد نظرية الظروف الطارئة إذ أن هذه النظرية إنما تعالج حالة المدين الذي أصابته خسارة فادحة لا حالة الدائن الذي فاته ربح كبير . لذلك لا يجوز تطبيق هذا الحكم إلا بموجب نص صريح فى القانون ( $%&[1] ) وهناك رأى يذهب إلى أن الاتفاق الذى يحدد مقابلا أقل بكثير مما يستحقه المصنف يمكن إبطاله لغلط جوهرى فى قيمة المصنف ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art فقرة 155 ) .&%$ ) ، وهذا النص غير موجود فى قانون حماية حق المؤلف القائم . فإذا أصبح المشروع الجديد قانونا وبقى فيه هذا النص . وجب تطبيقه على الاتفاقات التى تبرم من وقت أن يصبح المشروع الجديد قانونا نافذ المفعول .

223 - بطلان التصرف فى مجموع الإنتاج الفكرى المستقبل : تنص المادة 40 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " يعتبر باطلا تصرف المؤلف فى مجموع إنتاجه الفكرى المستقبل " ( $%&[1] ) يقابل النص فى المشروع الجديد المادة 41 . والنصان متطابقان معنى ولفظا .&%$ ) .

وقد قدمنا فى عقد النشر ( $%&[1] ) الوسيط 7 فقرة 185 ص 333 .&%$ ) أنه " يجوز الاتفاق بين المؤلف والناشر على نشر عمل أدبى أو فنى لم ينجزه المؤلف بعد ، بل لما يبدأ فيه ، بشرط ألا يكون التزام المؤلف معلقا على شرط إرادى محض ، وبشرط أن يكون العمل معينا فى موضوعه وفى مداه ومبلغ أهميته وفى المدة التقريبية التى يتم فيها ، وإلا كان $ 390 $ باطلا لعدم تعيين المحل " . وقلنا أيضاً ( $%&[1] ) الوسيط 7 فقرة 185 ص 333 هامش 2 .&%$ ) : " يجوز للمؤلف أن ينزل للغير عن حقوقه المستقبلة قبل ناشر عن عمل اعتزم القيام به ولكنه لما يبدأه " . وما يجرى على عقد النشر يجرى أيضاً على تصرف المؤلف فى حقه المالى ، فيجوز له أن ينزل للغير عن حقه فى مصنف لما يبدأه ، بشرط أن يكون هذا المصنف معينا تعيينا كافيا ، وبشرط ألا يكون التزام المؤلف معلقا على شرط إرادى محض .

هذه هى حدود تصرف المؤلف فى مصنفاته المستقبلة التى لم يبدأها ، ونرى من ذلك أن تصرفه فى مصنف مستقبل هو تصرف صحيح لجواز التعامل فى الأشياء المستقبلة ، ولكن يجب أن يكون المصنف معينا تعيينا نافيا للجهالة ، وإلا كان التصرف باطلا لعدم تعيين المحل .

أما أن يتصرف المؤلف فى جميع مصنفاته المستقبلة دون تعيين لهذه المصنفات ، أى فى مجموع إنتاجه الفكرى فى المستقبل حتى يوم وفاته ، فهذا تصرف ظاهر البطلان . وبطلان يرجع أولا لعدم تعيين المحل ، ويرجع ثانياً إلى أنه يكون بمثابة اتفاق على تركة مستقبلة ( $%&[1] ) أنظر الوسيط 1 طبعة ثانية ص 414 هامش 1 .&%$ ) . ويرجع ثالثاً إلى أن مجموع إنتاجه الفكرى فى المستقبل أمر متصل بشخصه فهو أقرب على الحقوق المتعلقة بالشخصية التى لا يجوز التصرف فيها . وهو يرجع قبل ذلك كله إلى أن المؤلف بهذا الاتفاق يربط نفسه إلى آخر حياته فى مجموع إنتاجه الفكرى ، وهذا التزام أبدى قمين أن يلحق به الغبن الفادح ، فيكون الاتفاق باطلا لمخالفته للنظام العام ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة استئناف القاهرة بأن المقصود من عدم جواز التصرف فى مجموع الإنتاج الفكرى المستقبل الذى نصت عليه المادة 40 من القانون رقم 354 لسنة 1954 إنما هو تحريم تصرف المؤلف للغير فيما قد تنتجه قريحته الفنية أو الأدبية فى المستقبل ، لأن فى ذلك إهدارا لشخصيته ولحقوقه المعنوية البحته التى قد يتضاءل قبلها ما قد يجنيه من مزايا مالية ( استئناف مصر 14 أبريل سنة 1959 المحاماة 41 رقم 354 ص 683 ) .&%$ ) .

224 - التصرف فى النسخة الأصلية من المصنف : تنص المادة 41 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " لا يترتب على التصرف فى النسخة الأصلية من المؤلف ، أيا كان نوعه ، نقل حق المؤلف ، ولكن لا يجوز إلزام $ 391 $ من انتقلت إليه ملكية هذه النسخة بأن يمكن المؤلف من نسخها أو نقلها أو عرضها ، وذلك كله ما لم يتفق على غير ذلك ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى خصوص هذه المادة : " ونصت المادة 41 على أن التصرف فى النسخة الأصلية للمصنف لا يترتب عليه فى الأصل نقل حق المؤلف ، وهذا تطبيق لحكم الفقرة الثانية من المادة 37 ، ما لم يتفق على غير ذلك . كما أن عدم إلزام من انتقلت إليه ملكية هذه النسخة بوضعها تحت تصرف المؤلف لنسخها أو عرضها تطبيق للقواعد العامة فى خصائص الملكية " .

ويقابل النص فى المشروع الجديد المادة 42 . والنصان متطابقان معنى ، ويكادان يتطابقان لفظا .&%$ ) .

وقد قدمنا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 207 .&%$ ) أن من يشترى نسخة من مصنف ، أسطوانة مثلا ، ليس له أن يباشر على النسخة حقوق المؤلف لأن هذه الحقوق لم تنتقل إليه . فليس له أن يذيع الأسطوانة على الجمهور بطريق الأداء العلنى ، ولا أن يطبع من الاسطوانة نسخاً يعدها للبيع للجمهور . ولكننا هنا فى معرض شراء النسخة الأصلية للمصنف ، النسخة الأصلية بالذات لا أية نسخة عادية من نسخ المصنف . فهل يتغير الحكم . إذ أن المشترى قد حصل على النسخة الأصلية ( manuserit ) ذاتها فيكون هذا قرينة على انتقال حقوق المؤلف إليه مع انتقال ملكية النسخة الأصلية؟ تجيب المادة 41 سالفة الذكر أنه لا يترتب على انتقال ملكية النسخة الأصلية لشخص أن تنتقل إليه حقوق المؤلف . والسبب فى ذلك أنه لو أريد نقل حقوق المؤلف إلى من انتقلت إليه حقوق المؤلف إلى من انتقلت إليه ملكية النسخة الأصلية ، لوجب ، طبقا لنص المادة 37 / 2 التى تقدم ذكرها ، أن يكون الاتفاق على نقل حقوق المؤلف " مكتوبا وأن يحدد صراحة وبالتفصيل كل حق على حدة يكون محل التصرف ، مع بيان مداه والغرض منه ومدة الاستغلال ومكانه " ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 219 .&%$ ) . ومن ثم لا يكفى نقل ملكية النسخة الأصلية إلى شخص ليستفاد ضمنا من ذلك نقل حقوق المؤلف إليه ، فنقل حقوق المؤلف يقتضى اتفاقا صريحا مكتوبا محددا فيه كل حق أريد نقله ، مع تحديد نطاق هذا الحق ومدة الاستغلال ومكانه .

ولكن يكن من انتقلت إليه ملكية النسخة الأصلية حراً فى مباشرة $ 393 $ رأينا أن ما ورد فى المذكرة الإيضاحية فى هذا الشأن غير صحيح ، وأن المقصود بالحق الذي لا يجوز الحجز عليه هو الحق المالى للمؤلف . أما الحق الأدبى فبديهى أنه لا يجوز الحجز عليه ولا التصرف فيه لأنه من الحقوق المتعلقة بالشخصية كما قدمنا ، ولم يكن القانون فى حاجة إلى النص على ذلك لأنه حكم واضح يستخلص من طبيعة الحق الأدبى . وإنما نص القانون على عدم جواز الحجز على الحق المالى ، مع أنه حق بطبيعته يجوز التصرف فيه ، فخالف بذلك القواعد العامة . ولذلك لزم النص . والسبب فى عدم جواز الحجز على الحق المالى للمؤلف يرجع إلى الاعتبار الآتى : يفترض القانون أن المؤلف لم يقرر نشر مصنفه ، فلو أن القانون أجاز الحجز على حقه فى الاستغلال لأرغمه بذلك ، خلافا لما يقتضيه حقه الأدبى . على تقرير النشر عن طريق الحجز . إذ الدائنون إذا حجزوا على حقه المالى قبل أن يقرر نشر المصنف ، فإن النتيجة التى تترتب على ذلك أن هذا الحق المالى يرسو مزاده على مشتر يتولى نشر المصنف بنفسه ، بالرغم من إرادة المؤلف . فغلب القانون هنا الحق الأدبى على الحق المالى ، ولم يجز الحجز على الحق المالى . إذا قرر المؤلف طوعا نشر مصنفه ونشره ، فقد استنفد حقه الادبى بتقريره النشر ، ولم يبق إلا حقه المالى متمثلا فى النسخ التى تم نشرها وهى مملوكة له . ومن هنا جاز ، كما يقول النص صراحة ، للدائنين الحجز على هذه النسخ ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art فقرة 159 - فقرة 160 .&%$ ) . فإذا بيعت فى المزاد واستولى الدائنون على الثمن ، ولم يستكملوا استيفاء حقوقهم من هذا الثمن ، فإنهم لا يجوز لهم بعد ذلك أن يحجزوا بما بقى لهم من حقوق على حق المؤلف فى الاستغلال المالى ، وإلا كان فى ذلك إرغام له على إعادة تقرير نشر المصنف ، وفى هذا تعارض مع حقه الأدبى . كذلك لا يجوز للدائنين الحجز على حق المؤلف المالى فى المصنفات التى مات عنها قبل أن يقررها نشرها ، لنفس الاعتبارات التى تقدم ذكرها . لكن إذا ثبت بصفة قاطعة أن المؤلف كان قبل موته قد استهدف نشر هذه المصنفات ، جاز عندئذ للورثة أن ينشروها ، ومن تم جاز للدائنين الحجز على حق المؤلف إذ يتمحض فى هذه الحالة حقا ماليا لا يتعارض مع الحق الأدبى .

 $ 394 $ وإذا رسا المزاد على مشتر ، أصبح هذا المشترى هو صاحب الحق المالى وتولى بنفسه نشر المصنف ، والثمن الذي يرسو به المزاد يستوفى منه الدائنون حقوقهم وما بقى يكون من حق الورثة ( $%&[1] ) قارب فى هذه المسألة إسماعيل غانم فى نظرية الحق ص 65 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 228 - منصور مصطفى منصور فى المدخل للعلوم القانونية ص 90 – ص 91 – وانظر فى أن الحق المقصود بعدم جواز الحجز عليه هو الحق الأدبى للمؤلف دون الحق المالى : سليمان مرقس فى المدخل للعلوم القانونية فقرة 266 - عبد المنعم البدراوى فقرة 193 والمدخل للقانون الخاص فقرة 268 - حسن كيرة فى أصول القانون فقرة 259 ص 655 .&%$ ) .

وقد نظم المشروع الجديد الحجز على حق المؤلف تنظيما أدق . إذ نص فى المادة 10 منه على ما يأتى : " لا يجوز الحجز على حق المؤلف . ومع ذلك يجوز لدائنى المؤلف ، الذي تراخى فى استغلال مصنفه بعد نشره ، أن يحصلوا من رئيس المحكمة الابتدائية على أمر باستغلال هذا المصنف ، ويشمل الأمر بيانا بحدود هذا الاستغلال وبالمدة التى يتم فيها . فإذا كان المؤلف قد توفى قبل نشر المصنف ، فيشترط لاستصدار الأمر المذكور أن يكون المؤلف قد قصد قبل وفاته نشر مصنفه " . والنص هنا واضح فى أن المقصود بالحق الذي لا يجوز الحجز عليه هو الحق المالى . وقد جاءت المذكرة الإيضاحية للمشروع الجديد صريحة فى هذا المعنى ( $%&[1] ) إذ ورد فى هذه المذكرة ما يأتى : " وتنص المادة 10 من المشروع على خصيصة من خصائص الحق المالى للمؤلف ، فتقضى بعد جواز الحجز على حق المؤلف . وهو حكم واضح تمليه طبيعة حق المؤلف التى لا تجعل لدائنيه فائدة من الحجز على حقه فى الاستغلال ، بما يتضمنه من سلطة تقرير نشره ، باعتبار أن حق النشر للمؤلف وحده لا يجوز التنازل عنه ، وهذا ما يستتبع عدم جواز الحجز على هذا الحق . على أنه إذا استعمل المؤلف حقه فى النشر ثم تراخى بعد ذلك فى استغلال مصنفه بعد نشره ، فإنه فى هذه الحالة يجوز لدائنيه أن يحصلوا من رئيس المحكمة الابتدائية على أمر باستغلال المصنف ، ويشمل الأمر بيانا بحدود هذا الاستغلال وبالمدة التى يتم فيها . وقد نصت المادة 10 أيضا على حكم أجيز بمقتضاه لدائنى المؤلف أن يباشروا هذا الحق بعد وفاته ويستصدروا الأمر المذكور ، ولكن بشرط أن يثبت هؤلاء الدائنون أن المؤلف كان قد قصد قبل وفاته نشر مصنفه " .&%$ ) . وقد نظم طريقا عمليا للدائنين فى الالتجاء إلى القضاء . إذا ثبت أن المؤلف قد قرر نشر مصنفه ، ثم تراخى وهو حى فى استغلاله بعد نشره ، أو مات قبل أن ينشره . ولا يوجد ما يمنع من الالتجاء إلى القضاء على النحو المبين فى المشروع الجديد ، دون $ 395 $ حاجة إلى نص صريح فى هذا المعنى ، فإن هذا النحو من الإلتجاء إلى القضاء لا يتعارض مع القواعد العامة .

المطلب الثانى

الحق المالى بعد موت المؤلف

226 - انتقال الحق المالى إلى خلفاء المؤلف لمدة معينة : يبقى الحق المالى يتمتع به المؤلف طوال حياته . ثم إن هذا الحق لا ينقضى بموت المؤلف ، بل يبقى بعد موته وينتقل إلى خلفائه .

وإذا دام طوال حياة المؤلف ، فإنه لا يدوم بعد موته . فهو على خلاف الحق الأدبى حق مؤقت ، ولا يبقى بعد انتقاله إلى خلفاء المؤلف إلا لمدة معينة هى مدة الحماية التى أضفاها القانون على الحق .

فعندنا إذن مسألتان : ( 1 ) من هم خلفاء المؤلف . ( 2 ) مدة الحماية التى أضفاها القانون على الحق .

1-   خلفاء المؤلف

227 - الورثة : تنص المادة 18 / 1 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " بعد وفاة المؤلف يكون لورثته وحدهم الحق فى مباشرة حقوق الاستغلال المالى المنصوص عليها فى المواد 5 و 6 و 7 . فإذا كان المصنف عملا مشتركا وفقا لأحكام هذا القانون ، ومات أحد المؤلفين بلا وارث ، فإن نصيبه يؤول إلى المؤلفين المشتركين أو خلفهم ، ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك " ( $%&[1] ) يقابل النص فى المشروع الجديد المادة 19 ، وتجرى على الوجه الآتى : " لورثة المؤلف وحدهم الحق فى مباشرة حقوق الاستغلال المالى المشار إليها فى هذا القانون ، ولهم وحدهم الحق فى الإفادة من المادة 40 ( التصرف فى حق الاستغلال المالى ) . فإذا كان المصنف مشتركاً ، ومات أحد المؤلفين دون أن يترك وارثا أو موصى له ، آل نصيبه إلى شركائه فى التأليف أو خلفهم ، ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك " . والنص مطابق فى المعنى لنص المادة 18 / 1 من قانون حماية حق المؤلف سالف الذكر .&%$ ) .

ويتبين من هذا النص أنه إذا مات المؤلف ، انتقل حقه فى الاستغلال $ 396 $ المالى لمصنفه إلى ورثته الشرعيين ، كل بمقدار حصته فى الميراث فإذا ترك أولادا وزوجة وغيرهم ملن لأقارب ، لم ترث الزوجة فى حقه المالى إلا الثمن ، وباقى الحق للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولمن يرث مع الأولاد من الأقارب كالأب والأم . كل بقدر حصته فى الميراث . ويخلف كل وارث فى حصته ورثته من بعده . ما دامت مدة حماية المصنف لم تنقض . وهؤلاء جميعا – الورثة وورثة الورثة – يباشرون حقوق المؤلف المالية على الشيوع ، ويباشرون أيضا حقوقه الأدبية كما سيجىء . ولما كانت مدة الحماية فى الأصل خمسين عاما من وقت موت المؤلف كما سنرى ، فإن عدد الورثة يتزايد مع الزمن ، وقد تصبح مباشرة حقوق المؤلف أمراً مستعصياً لكثرة العدد ( $%&[1] ) وقد قدمنا ( انظر آنفا فقرة 167 ) أن اللجنة القانونية لجامعة الدول العربية أعدت ، فى سنة 1948 ، مشروعا لحماية حق المؤلف . وتقضى المادة 27 من هذا المشروع بأن الورثة الذين لهم حق الاستغلال المالى هم : أولا – زوج المؤلف وفروعه . ثانيا – أصوله . ثالثا – أخوته . ولا يجوز لأفراد فريق من هؤلاء مباشرة هذا الحق إلا بعد انقراض الفريق الذى يسبقه ، وتقسيم الغلة بين المستحقين بالتساوى فيما بينهم . ولا تسرى وصية المؤلف على زوجة وفروعه فيما زاد على الثلث ( أنظر آنفاً فقرة 167 فى الهامش ) .&%$ ) .

ويساعد على معالجة هذا العيب الأمور الآتية : ( 1 ) يصح تطبيق أحكام الشيوع فى إدارة الحقوق المالية للمؤلف ، فيكون رأى الأغلبية هو النافذ .

( 2 ) يصح عند قسمة التركة أن يؤول الحق المالى للمؤلف إلى أحد الورثة دون الباقين ، أو إلى عدد قليل من الورثة . ( 3 ) يجوز للمؤلف ، كما سنرى ، أن يوصى إلى شخص أو إلى عدد قليل من الأشخاص بحقه المالى ، دون أن يتقيد فى ذلك بالقدر الذي تجوز فيه الوصية . ( 4 ) وفى جميع الأحوال ينتهى حق المؤلف المالى على الأكثر بانقضاء خمسين عاما من موت المؤلف ، وبانتهاء هذا الحق يؤول المصنف إلى الملك العام ، وينقطع التنازع فى مباشرته بواسطة عدد كبير من الأشخاص .

228 - الموصى لهم : تنص المادة 18 / 2 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " ومع ذلك يجوز للمؤلف أن يعين أشخاصا بالذات من الورثة أو غيرهم ليكون لهم حقوق الاستغلال المالى المشار إليه فى الفقرة السابقة ، $ 397 $ ولو جاوز المؤلف فى ذلك القدر الذي تجوز فيه الوصية " ( $%&[1] ) وقد أضيف هذا النص إلى مشروع قانون حماية حق المؤلف بعد أن تم إعداده ، والذى أضافه هو مجلس الدولة ، ولذلك لم تعرض له المذكرة الإيضاحية التى كانت قد أعدت قبل إضافته . وليس للنص مقابل فى المشروع الجديد ، ومن ثم تجرى فى هذا المشروع أحكام الوصية ، فلا تجوز إلا فى ثلث التركة ، وتجوز لوارث .&%$ ) . والنص ، كما نرى ، يجيز للمؤلف أن يوصى بحقه فى الاستغلال المالى ، لوارث أو لغير وارث . فيصح أن يوصى بهذا الحق لأحد الورثة دون الباقين ، أو لبعض الورثة دون بعض ، أو لغير وارث أصلا انفرد أو تعدد ، أو لوارث وغير وارث فى وقت معاً . وإلى هنا لا مخالفة لأحكام الشرع الإسلامى فى الوصية . ولكن النص يخالف أحكام الشرع الإسلامى فى أنه يقرر أن المؤلف فى وصيته بحقه لا يتقيد بثلث التركة ، فقد تكون قيمة حقه المالى فى استغلال مصنفه أو مصنفاته أكثر من ثلث تركته ، بل قد تكون كل تركته ، ومع ذلك يجوز له أن يوصى بهذا الحق كله لوارث أو لغير وارث ، وتنفذ الوصية فى جميع الحق الموصى به . وكانت أحكام الشرع الإسلامى تقضى بأن الوصية لا تنفذ إلا فى ثلث التركة . والسبب فى أن المشرع قرر هذا الحكم دون أن يتقيد فيه بأحكام الشرع الإسلامى أن حق المؤلف فى الاستغلال المالى لمصنفاته هو حق معنوى يقع على شىء غير مادى ، فهو إذن ليس من قبيل الأموال التى تقع على الأشياء المادة والتى ينظر الشرع الإسلامى إليها وحدها فى تقرير أحكام الميراث والوصية . ولما كان المصنف هو نتاج فكر المؤلف ، فهو ألصق به من أمواله التى تقع على أشياء مادية ، ولذلك كان أكثر حرية فى التصرف فيه بالوصية . فقد يرى أن شخصا معينا ، وارثا كان أو غير وارث ، أولى بأن ينتقل إليه حقه المالى فى استغلال مصنفه ، إذ يكون أقدر من غيره على هذا الاستغلال وأكثر فهما لموضوع المصنف وأشد رعاية لحق المؤلف الأدبى إذا ما عهد إليه برعاية هذا الحق فى مقابل نقل الحق المالى إليه .

ولا شك فى أن هذا الحكم مفيد من ناحيتين . فهو من ناحية يمكن المؤلف من نقل حقه المالى إلى أولى الناس واصلحهم بانتقال هذا الحق إليه . ولا يصح القول فى هذا الصدد إنه كان يكفى أن يعهد إلى هذا الشخص برعاية حقه $ 398 $ الأدبى ( $%&[1] ) وقد ذهب الأستاذ إسماعيل غانم إلى ذلك إذ يقول : " وقد كان يكفى لتحقيق هذا الغرض أن ينص على حق المؤلف فى أن يعين من يشاء لمباشرة سلطاته الأدبية بعد وفاته ، على أني ظل الحق المالى للورثة لا يجوز الإيصاء به فيما زاد على ثلث التركة طبقا للقواعد العامة " ( إسماعيل غانم فى النظرية العامة للحق ص 66 – وانظر أيضا منصورمصطفى منصور فى المدخل للعلوم القانونية ص 92 ) .&%$ ) ، فالغرم بالغنم ، وكما ألقى المؤلف على اختاره عبء رعاية حقه الأدبى فمن حق هذا الشخص أن ينتقل إليه أيضاً الحق المالى ، فيكون أشد يقظة فى رعاية الحق الأدبى . والحكم من ناحية أخرى يمكن المؤلف ، إذا كان ورثته الشرعيون كثيرين وخشى أن يقع الخلاف فيما بينهم فى مباشرة استغلال المصنف ، أو كانوا غير صالحين لمباشرة هذا الاستغلال لبعدهم ثقافيا عن موضوع المصنف ، من تعيين شخص واحد أو عدد قليل من الأشخاص لمباشرة استغلال الحق عن طريق الإيصاء لهم به .

229 - باقى الشركاء فى المصنف : وهناك فرض خاص واجهه المشرع فى الشطر الثانى من الفقرة الأولى للمادة 18 من قانون حماية حق المؤلف ، إذ يقول كما رأينا : " فإذا كان المصنف عملا مشتركا وفقا لأحكام هذا القانون ، ومات أحد المؤلفين بلا وارث ، فإن نصيبه يؤول إلى المؤلفين المشتركين معه أو خلفهم ، ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك " .

والأصل أن المؤلف إذا مات دون أن يترك ورثة أو موصى لهم ينتقل إليهم حقه المالى فى استغلال المصنف ، فإن هذا الحق ينقضى بموته ، ويؤول المصنف إلى الملك العام ، ولا يؤول إلى الدولة باعتبارها مالكة للتركات التى لا وارث لها . ولكن إذا كان هذا المصنف مشتركا بين عدد من المؤلفين ، كما إذا كان مصنفا سينمائيا يشترك فيه مؤلف السيناريو ومؤلف الحوار ومن قام بتحوير المصنف الأدبى والمخرج وواضع الموسيقى وصاحب المصنف الأصلى ، ومات أحد من هؤلاء دون وراث أو موصى له ينتقل إليه حقه المالى ، فإن هذا الحق لا يؤول إلى الملك العام فى هذه الحالة ، بل ينتقل إلى باقى الشركاء ، أو لمن خلف هؤلاء الشركاء إذا كان الشركاء هم أيضا قد ماتوا أو مات بعضهم ، كل بنسبة حصته فى المصنف . وهذا حكم سديد ، فضلا عن $ 399 $ الصعوبات العملية التى تنجم من أن يكون بعض المصنف قد آل إلى الملك العام بعضه الآخر لا يزال متمتعا بالحماية ، فإن الشركاء أولى من الملك العام بانتقال حق شريكهم إليهم . وهذا ضرب من ضروب حق الاسترداد ( droit de retrait ) دون مقابل ، يتمكن به باقى الشركاء من مباشرة حقهم المالى على المصنف كله ، وذلك إلى أن تنقضى مدة الحماية ويؤول المصنف إلى الملك العام .

2-   مدة الحماية التى أضفاها القانون على الحق المالى

230 - مدة الحماية فى الأصل خمسون عاما بعد موت المؤلف : قدمنا أن الحق المالى للمؤلف حق مؤقت ، فهو يدوم فى الأصل طول حياة المؤلف وخمسين سنة أخرى بعد موته ، وعند انقضاء هذه المدة يؤول المصنف إلى الملك العام فيصبح من حق كل شخص أن ينشره وأن يباشر عليه حق الأداء العلنى دون إذن ودون مقابل . وتنص المادة 20 / 1 من قانون حماية حق المؤلف فى هذا الصدد على ما يأتى : " مع عدم الإخلال بحكم المادة الثامنة ، تنقضى حقوق الاستغلال المالى المنصوص عليها فى المواد 5 و 6 و 7 بمضى خمسين سنة على وفاة المؤلف . على أنه بالنسبة للمصنفات الفوتوغرافية والسينمائية التى لا تكون مصطبغة بطابع إنشائى ، واقتصر فيها على مجرد نقل المناظر نقلا آليا ، فتنقضى هذه الحقوق بمضى خمسة عشر عاما تبدأ من تاريخ أول نشر للمصنف " ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى صدد هذا النص : " وحق الاستغلال المالى للمؤلف موقوت محدود بأجل نصت عليه المادة 20 ، وهو طيلة حياة المؤلف وخمسون سنة بعد وفاته . وهذا الأجل هو الذى انتهت إليه المعاهدات الدولية التى أشير إليها فى صدر هذه المذكرة ، وأخذت به أكثر الدول الأوروبية . وإذا كان المصنف فوتوغرافيا أو خاصا بالانتاج السينمائى الذى يقتصر على نقل المناظر الطبيعية ، سقط الحق بعد انقضاء خمسة عشر عاما منذ تاريخ أول نشر للمصنف " .

ويشير النص فى صدره إلى عدم الإخلال بحكم المادة الثامنة ، وهى تنص على أن " تنتهى حماية حق المؤلف وحق من ترجم مصنفه إلى لغة أجنبية أخرى فى ترجمة ذلك المصنف إلى اللغة العربية ، إذا لم يباشر المؤلف أو المترجم هذا الحق بنفسه أو بواسطة غيره فى مدى خمس سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلى أو المترجم " . انظر فى شرح هذه المادة آنفاً فقرة 177 .&%$ ) .

والمدة التى يحمى فيها حق المؤلف المالى تستغرق كما قدمنا حياة المؤلف وخمسين عاما بعد وفاته ( $%&[1] ) وغنى عن البيان أنه إذا انقرضت ورثة المؤلف قبل انقضاء هذه المدة . ولم يوجد موصى له ، فإن المصنف يؤول إلى الملك العام بالرغم من أن مدة الحماية لم تنقض .&%$ ) ، ولم تصل التشريعات التى تحمى حقوق المؤلف إلى هذا المقدار من المدة إلا تدرجا . فقد كانت مدة الحماية فى أول تشريع صدر فى فرنسا لحماية حق المؤلف – قانون 13 يناير سنة 1791 – خمس سنوات بعد وفاة المؤلف . وزادت هذه المدة إلى عشر سنوات فى قانون 19 يوليه سنة 1793 ، ثم أطيلت إلى عشرين سنة بدكريتو 5 فبراير سنة 1810 ، ثم إلى ثلاثين سنة بقانون 8 أبريل سنة 1854 ، ثم إلى خمسين سنة بقانون 14 يوليه سنة 1866 . ووقفت مدة الحماية عند هذا القدر فى جميع القوانين التالية ومنها قانون 11 مارس سنة 1957 ، وهو القانون المعمول به الآن فى فرنسا لحماية حقوق المؤلف . وقد أقرت المؤتمرات والاتفاقيات الدولية ، ابتداء من معاهدة برن الدولية فى 9 سبتمبر سنة 1886 ، أن تكون مدة الحماية خمسين عاما من وقت وفاة المؤلف . وفى مصر كان مشروع أول مارس سنة 1927 يجعل مدة الحماية ثلاثين عاما من وقت وفاة المؤلف ، وعشر سنوات من أول نشر للمصنف لحفظ حق الترجمة إلى اللغة العربية . وظلت مدة الحماية ثلاثين عاما فى مشروع جامعة الدول العربية . ولكن قانون حماية حق المؤلف رقم 354 لسنة 1954 ، وهو القانون المعمول به الآن ، جعل مدة الحماية كما رأينا خمسين عاما من وقت وفاة المؤلف تمشيا مع التشريعات الأجنبية والاتفاقيات الدولية ، إلا أنه أنزل مدة حفظ الحق فى الترجمة إلى خمس سنوات من أول نشر للمصنف بدلا من عشر سنوات ( $%&[1] ) أنظر فى كل ذلك ما قدمناه آنفا فقرة 167 .&%$ ) . وقد وضعت هيئة اليونسكو ، بعد الحرب العالمية الثانية ، اتفاقية دولية لحماية حقوق المؤلفين فى جنيف فى 6 سبتمبر سنة 1952 ، جاء فى المادة 4 منها أنه لا يجوز أن تنقص مدة الحماية عن فترة تشمل حياة المؤلف وخمسا وعشرين سنة بعد وفاته ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 167 فى الهامش .&%$ ) .

وقد اتجه المشروع الجديد إلى إنقاص مدة الحماية ، ولعل هذا كان من أهم أسباب وضع هذا المشروع ، فنصت المادة 20 / 1 و 2 على ما يأتى : " مع $ 401 $ عدم الإخلال بحكم المادة 8 فقرة ثانية تنقضى حقوق الاستغلال المالى المنصوص عليها فى القانون بمضى خمس وعشرين سنة على وفاة المؤلف ، على ألا تقل مدة الحماية فى مجموعها عن خمسين سنة من تاريخ أو لنشر للمصنف . على أنه بالنسبة إلى المصنفات الفوتوغرافية والسينمائية التى يقتصر فيها على مجرد نقل المناظر نقلا آليا ، فتقضى هذه الحقوق بمضى خمس سنوات تبدأ من تاريخ أول نشر للمصنف " . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع الجديد هذا الصدد : " ولئن جعلت مدة الحماية فى معاهدة برن خمسين سنة بعد وفاة المؤلف ، إلا أن ثمة اتجاها عاما إلى الحد منها . وآية ذلك أن الاتفاقية الدولية لحماية حقوق المؤلفين المبرمة فى جنيف عام 1952 نصت فى مادتها الرابعة على أنه لا يجوز أن تقل مدة الحماية للمصنفات التى تنطبق عليها هذه الحماية عن فترة تشمل حياة المؤلف وخمسا وعشرين سنة بعد وفاته ، كما أن المشروع الذي وضعته الجامعة العربية ينقص مدة الحماية فى المادة 23 منه إلى ثلاثين سنة بعد وفاة المؤلف . وكانت اللجنة التشريعية بمجلس النواب المصرى قد أشارت وهى بصدد بحث قانونى حقوق المؤلف – إلى جعل الحماية خمسا وعشرين سنة ، بينما كانت المدة المحددة فى مشروع سنة 1927 ثلاثين سنة . ولا يمتد أجل الحماية فى إنجلترا إلا سبع سنوات بعد وفاة المؤلف ، على ألا تقل فى مجموعها عن اثنين وأربعين سنة من تاريخ أول نشر للمؤلف . ومن ثم فقد رأى المشروع أن يقف من شتى هذه الاتجاهات موقفا وسطا ، متوخيا فى الوقت ذاته حفظ حقوق المؤلفين وصيانة ثرواتهم . فجعل فى المادة 20 مدة الحماية مدى حياة المؤلف وخمسا وعشرين سنة بعد وفاته ، على ألا تقل الحماية فى مجموعها عن خمسين سنة " .

وقد تكون هذه الاعتبارات التى حدثت بالمشروع الجديد على إنقاص مدة الحماية من خمسين سنة إلى خمس وعشرين اعتبارات وجيهة ، إلا أنه بعد أن صدر قانون حماية حق المؤلف يجعل مدة الحماية خمسين سنة ، لم يعد مستساغا إنقاص هذه المدة فى المشروع الجديد ، إذ المألوف أن مدة الحماية تزيد متدرجة فى التشريعات المتعاقبة ، لا تتناقص .

 $ 402 $

وقد قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 180 فى آخرها . &%$ ) أن هناك مصنفات فوتوغرافية وسينمائية لا تكون مصطبغة بطابع إنشائى وتقتصر على نقل المناظر نقلا آليا ، فهذه يكون من الطبيعى أن تتمتع بحماية أقل ، وقد جعلت المادة 20 / 1 كما رأينا مدة حمايتها خمسة عشر عاما فقط ، وتبدأ لا من وقت وفاة المؤلف بل قبل ذلك من تاريخ أول نشر للمصنف . وقد أنزل المشروع الجديد فى المادة 20 / 1 منه كما رأينا مدة حماية هذه المصنفات من خمس عشرة سنة إلى خمس سنوات فقط ، تبدأ من تاريخ أول نشر للمصنف . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع الجديد فى هذا الصدد ما يأتى : " ولما كان مناط الحماية المقررة لحق المؤلف هو المجهود العقلى أو الابتكار ، وهو ما لا يتوافر فى التصوير الفوتوغرافى والسينمائى الذي يقتصر فيه على مجرد نقل المناظر نقلا آليا ، إذ يكون للآلة فيه الدور الرئيسى وتكون الغلبة للعنصر الآلى الذي لا يمت بصلة إلى المجهود الذهني ، فقد جعل المشروع مدة الحماية بالنسبة لهذه المصنفات خمس سنوات تبدأ من تاريخ أول نشر للمصنف ، مراعيا فى ذلك ما قد يتكبده المصور من جهد مادى في سبيل الحصول على الصورة " .

هذا ومدة الحماية أيا كان مقدارها ، يبدأ سريانها فى الأصل من وقت موت المؤلف ، ويبدأ السريان فى بعض الأحوال الاستثنائية من تاريخ أول نشر للمصنف ، فنبحث الأصل ، ثم ننتقل إلى الاستثناء .

231 - الأصل أن يبدأ سريان مدة الحماية من وقت موت المؤلف : قدمنا أن الأصل أن يبدأ سريان مدة الحماية من وقت موت المؤلف ، فالخمسون عاما التى يحمى فيها القانون الحق المالى للمؤلف وخمسين عاما أخرى تسرى من وقت موته . وهناك حالتان تدخلان فى هذا الأصل ، وهما فى حاجة إلى شىء من التفصيل .

( الحالة الأولى ) المصنفات المشتركة ، وتنص الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون حماية حق المؤلف فى شأنها على ما يأتى : " وتحسب المدة فى المصنفات المشتركة من تاريخ وفاة آخر من يفى حيا من المشتركين " ( $%&[1] ) تطابق المادة 20 / 3 فى المشروع الجديد ، معنى ولفظا .&%$ ) ، فإذا كان هناك $ 403 $ مصنف مشترك بين أكثر من شخص واحد ، كمصنفات الموسيقى الغنائية ، والمصنفات السينمائية والمصنفات المعدة للإذاعة اللاسلكية أو التليفزيون ، فإن سريان مدة الحماية لا تبدأ بمجرد موت أحد هؤلاء الشركاء ، بل يتراخى حتى يموت آخر من بقى حيا منهم ، ومن وقت موته يبدأ سريان مدة ا لحماية . وعلى ذلك يتمتع من مات أولا من الشركاء بمدة حماية أطول ، إذ تستغرق هذه المدة حياته هو ، ثم حياة جميع الشركاء الذين يموتون بعده ، ثم تستمر خمسين عاما بعد موت آخر من يموت منهم . وإذا كان هناك مصنف جماعى اشترك فى وضعه جماعة بتوجيه شخصى طبيعى تكفل بنشره تحت إدارته وباسمه ، فإن هذا الشخص الطبيعى يعتبر مؤلفا للمصنف ( 27 / 2 من قانون حماية حق المؤلف ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 195 .&%$ ) ) ، ويبدأ سريان مدة الخمسين عاما من وقت وفاة هذا الشخص الطبيعى . فإذا كان الذي وجه المصنف الجماعى وتكفل بنشره تحت إدارته وباسمه هو شخص معنوى ، اعتبر هذا الشخص المعنوى أيضا هو المؤلف ( م 27 / 2 من قانون حماية حق المؤلف ) ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 195 .&%$ ) ، ويبدأ سريان مدة الخمسين عاما من تاريخ أول نشر للمصنف الجماعى ، شأن الشخص المعنوى هنا شأن سائر الأشخاص المعنوية ( م 20 / 3 من قانون حماية حق المؤلف ) كما سنرى .

( الحالة الثانية ) المصنفات التى تنشر لأول مرة بعد وفاة المؤلف : تنص المادة 22 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " تحسب مدة الحماية بالنسبة إلى المصنفات التى تنشر لأول مرة بعد وفاة المؤلف من تاريخ وفاته ، وذلك مع عدم الإخلال بحكم الفقرة الثانية من المادة العشرين من هذا القانون ( $%&[1] ) تطابق المادة 22 فى المشروع الجديد فى المعنى ، وتكاد تطابقا فى اللفظ.&%$ ) " .

والمفروض هنا أن المصنف لم ينشر إلا بعد وفاة المؤلف ، وقد تولى نشره ، خلفه بعد موته بخمس سنين مثلا . ففى هذه الحالة يحمى المصنف مدة خمسين عاما ، ولكن هذه المدة يبدأ سريانها ، لا من وقت نشر المصنف كما قد يتبادر إلى الذهن ، بل من وقت وفاة المؤلف . فلا يحمى المصنف إذن فى الفرض الذي نحن بصدده إلا مدة خمسة وأربعين عاما من وقت نشره ، إذا هو قد نشر بعد موت المؤلف بخمسة أعوام . ولا يفهم هذا الحكم إلا على أساس $ 404 $ افتراض قاعدة تقضى بأن أى مصنف يجب أن يؤول إلى الملك العام بعد خمسين عاما من موت مؤلفه . أيا كان تاريخ نشر هذا المصنف . وعلى ذلك لو نشر المصنف بعد ثلاثين عاما من وقت وفاة المؤلف ، لم يحم هذا المصنف إلا مدة عشرين عاما من وقت نشره إذ يكون قد مضى خمسون عاما إذ ذاك على موت المؤلف . ولو بقى المصنف غير منشور مدة خمسين عاما بعد موت المؤلف ، فإنه يكون عندئذ قد آل إلى الملك العام ، وإذا نشره خلفاء المؤلف فإنه ينشر غير محمى ، ويجوز لأى شخص أن يعيد نشره دون أن يستأذن أحدا ودون أن يدفع أى مقابل( $%&[1] ) وفى فرنسا ، بموجب دكريتو 22 مارس سنة 1805 ودكريتو 8 يونيه سنة 1906 ، أعطى للشخص الذى ينشر مصنفا بعد موت المؤلف ، بشروط معينة أهمها أن يكون مالكا للنسخة التى اشتملت على نصوص المصنف ، حق مالى فى الاستغلال شبيه بحق المؤلف ( أنظر فى ذلك ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ prop . Lie . Et Art فقرة 331 ) .&%$ ) . ويخفف من أثر هذا الحكم ما ورد فى النص من وجوب عدم الإخلال بحكم الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون حماية حق المؤلف . وهذه الفقرة تقضى ، كما رأينا ، بأن تحسب مدة الحماية فى المصنفات المشتركة من تاريخ وفاة آخر من بقى حيا من المشتركين . فلو أن أحد الشركاء فى مصنف مات قبل أن ينشر المصنف ، ثم نشر فى حياة الشركاء الآخرين ، ومات آخر من بقى حيا من هؤلاء الشركاء بعد عشرين سنة من نشر المصنف ، فإن مدة الخمسين عاما يبدأ سريانها من وقت وفاة هذا الشريك الآخير ، أى بعد سبعين عاما من وقت نشر المصنف ، وأكثر من سبعين عاما من وقت وفاة الشريك الأول .

232 - والاستثناء أن يبدأ سريان مدة الحماية من وقت نشر المصنف : وهنا ثلاث أحوال استثنائية يبدأ سريان مدة الحماية فيها ، لا من وقت وفاة المؤلف ، بل من وقت نشر المصنف . وهذه الأحوال هى :

أولا – المصنفات الفوتوغرافية والسينمائية التى لا تكون مصطبغة بطابع إنشائى واقتصر فيها على مجرد نقل المناظر نقلا آليا ، فقد رأينا( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرة 230 .&%$ ) أن الفقرة الأولى من المادة 20 من قانون حماية حق المؤلف تقضى بأن مدة الحماية فى هذه $ 405 $ الحالة ، وهى خمسة عشر عاما ، تبدأ من تاريخ أول نشر للمصنف . فمن الممكن إذن أن تنتهى مدة الحماية هنا قبل وفاة المؤلف بمدة طويلة .

ثانياً – المصنفات التى يكون مؤلفوها أشخاصا معنوية عامة أو خاصة ، وتنص المــادة 20 / 3 من قانون حماية حق المؤلف فى هذا الصدد على ما يأتى : " وتحسب هذه المدة ( مدة الحماية ) من تاريخ النشر ، إذا كان صاحب الحق شخصا معنويا عاما أو خاصا " ( $%&[1] ) يطابق النص المادة 20 / 4 فى المشروع الجديد فى المعنى ، ويكاد يطابقه فى اللفظ .&%$ ) . والمثل الذي أورده القانون لمصنف يكون مؤلفه شخصا معنويا عاما أو خاصا هو المصنف الجماعى ، إذ تقول الفقرة الثانية من المادة 27 من قانون حماية حق المؤلف ، كما رأينا( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرة 195 .&%$ ) : " ويعتبر الشخص الطبيعى أو المعنوى الذي وجه ابتكار هذا المصنف ( المصنف الجماعى ) ونظمه مؤلفا ، ويكون له وحده الحق فى مباشرة حقوق المؤلف " .

فلو أن شخصا معنويا خاصا كجمعية أو شركة ، أو شخصا معنويا عاما كمجمع اللغة العربية يضع معجما أو هيئة من هيئات الحكومة الثقافية تضع دائرة معارف ، وجه جماعة فى وضع مصنف جماعى وتكفل بنشره تحت إدارته وباسمه ، فإن هذا الشخص المعنوى يعتبر هو المؤلف للمصنف الجماعى بنص القانون كما رأينا . ويحمى هذا المصنف مدة خمسين عاما ، لا من وقت وفاة المؤلف لأن المؤلف هنا هو شخص معنوى لا يموت كما يموت الشخص الطبيعى ، ولكن من وقت نشر المصنف الجماعى( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرة 195 وفقرة 231 .&%$ ) . وإذا كان عمل كل من المشتركين فى وضع المصنف الجماعى متميزا عن عمل غيره ، فإن كل مشترك فى وضع المصنف الجماعى متميزاً عن عمل غيره فإن كل مشترك فى وضع المصنف يبقى هو المؤلف لعمله وحده ، بحيث لا ينافس المصنف الجماعى ، وتكون مدة حماية هذا العمل المستقل خمسين عاما من وقت وفاة المؤلف لا من وقت نشر المصنف الجماعى( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 195 فى آخرها .&%$ ) .

ثالثاً – المصنفات التى تنشر غفلا من اسم المؤلف أو تنشر باسم مستعار ، وتنص المادة 21 من قانون حماية حق المؤلف من هذا الصدد على ما يأتى : " تبدأ مدة الحماية المبينة فى الفقرة الأولى من المادة السابقة ، بالنسبة للمصنفات $ 406 $ التى تنشر غفلا من اسم المؤلف أو باسم مستعار ، من تاريخ نشرها ، ما لم يكشف المؤلف عن شخصيته خلالها ، فتبدأ مدة الحماية من تاريخ الوفاة " ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد : " وعرض المشروع فى المادة 21 لبيان حكم حماية المصنفات التى تنشر غفلا من اسم المؤلف أو باسم مستعار ، فنص على أن مدة حماية هذه المصنفات تبدأ من تاريخ نشرها ، ذلك لأن المؤلف مجهول فى هذه الحالة ، فلا يمكن تطبيق حكم المادة 20 بشأنه . على أنه قد يكشف عن شخصيته بعد نشر المؤلف ، فتحتسب مدة الحماية فى هذه الحالة طبقا للقاعدة العامة سالفة الذكر ، أى من تاريخ الوفاة " .

ويطابق النص المادة 21 فى المشروع الجديد فى المعنى ، ويكاد يطابقه فى اللفظ .&%$ ) . وقد عرضنا تفصيلا فيما تقدم ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 192 - فقرة 194 .&%$ ) إلى أحكام المصنفات التى تنشر غفلا من اسم المؤلف أو تنشر باسم مستعار . وبينا أنه فى العهد الذي يبقى فيه اسم المؤلف الحقيقى مستورا ، يعتبر الناشر هو المفوض فى مباشرة حقوق المؤلف ، ولكن مدة الحماية لا تتصل بشخصه . ولما كان المؤلف مجهولا ، فإنه يتعذر أن يبدأ سريان مدة الخمسين عاما من وقت وفاته ، فلم يكن هناك مناص من جعل سريان هذه المدة يبدأ من وقت نشر المصنف . فإذا مات المؤلف ، وكان قد أذن لورثته فى الكشف عن شخصيته بعد موته ، وجب عليهم الكشف عن هذه الشخصية ، وتبدأ مدة الخمسين عاما من وقت وفاة المؤلف بعد أن عرف ، لا من وقت نشر المصنف ، وإذا كشف المؤلف عن شخصيته حال حياته ، فعندئذ يبقى مصنفه محميا طول حياته ، حتى لو انقضى الخمسون عاما من وقت نشر المصنف ، ويبقى محميا أيضاً خمسين عاما أخرى من وقت وفاته ( $%&[1] ) انظر فى ذلك ما قدمنا آنفا فقرة 194 ، وفى عدم الاستقرار الذى ينشأ من اتصال مدة الحماية بالشخص الظاهر الذى تفوض له مباشرة حقوق المؤلف ما قدمنا آنفا فقرة 193 .&%$ ) .

هذا وقد أوردت المادة 24 من قانون حماية حق المؤلف أحكاماً عامة تسرى فى جميع الأحوال التى تبدأ فيها مدة الحماية من وقت نشر المصنف ، فنصت على ما يأتى : " فى الأ؛وال التى تبدأ فيها مدة الحماية محسوبة من تاريخ نشر المصنف وفقا لأحكام هذا القانون ، يتخذ أول نشر للمصنف مبدأ لحساب المدة بغض النظر عن إعادة النشر ، إلا إذا أدخل المؤلف على مصنفه عند الإعادة تعديلات جوهرية بحيث يمكن اعتباره مصنفا جديداً . فإذا كان المصنف $ 407 $ يتكون من عدة أجزاء أو مجلدات نشرت منفصلة وعلى فترات ، فيعتبر كل جزء أو مجلد مصنفا مستقلا فى حساب المدد " ( $%&[1] ) يطابق النص المادة 23 فى المشروع الجديد فى المعنى ، ويكاد يطابقه فى اللفظ .&%$ ) .

ويفرض النص هنا فرضين :

( الفرض الأول ) أن يكون المصنف متعدد الأجزاء ، أى مكونا من عدة أجزاء أو مجلدات نشرت تباعا فى أوقات متعاقبة . فعند ذلك يعتبر كل جزء أو مجلد مصنفا قائما بذاته ، ويحمى مدة خمسين عاما ( أو خمسة عشر عاما ) من وقت نشره هو ، دون نظر إلى تاريخ نشر الأجزاء أو المجلدات التى سبقته أو التى لحقته ، وعلى ذلك يستقل كل جزء أو مجلد بمدة حمايته الخاصة به . أما إذا نشر المصنف بأجزائه أو مجلداته جميعا فى وقت واحد ، فالطبيعى أن تبدأ مدة الحماية من تاريخ هذا النشر بالنسبة إلى جميع الأجزاء أو المجلدات ، ولا يستقل كل جزء أو مجلد بمدة حماية خاصة .

( الفرض الثانى ) أن يكون المصنف متعدد الطبعات ، فالعبرة بتاريخ الطبعة الأولى ما دامت الطبعات التالية لم تدخل تعديلا جوهريا على المصنف بحيث تعتبر الطبعة الجديدة المعدلة مصنفا جديداً . وعلى ذلك تبدأ مدة الحماية من تاريخ الطبعة الأولى ، وإن تعددت الطبعات بعد ذلك على النحو الذي ذكرناه . فإذا كانت الطبعة الجديدة المعدلة قد دخلت عليها تعديلات جوهرية جعلتها بمثابة مصنف جديد ، وهذه مسألة واقع تترك لتقدير قاضى الموضوع مستعينا فى ذلك برأى الخبراء المتخصصين ، فإن هذه الطبعة الجديدة تقطع المدة التى كانت قد سرت من وقت نشر الطبعة الأولى ، وتسرى مدة حماية جديدة تحسب من وقت نشر الطبعة الجديدة . وقد تكون الطبعة الجديدة قد شارك فيها المؤلف الأصلي مؤلفون آخرون ، فتعتبر هذه الطبعة بمثابة مصنف جديد مشترك وتسرى بالنسبة إليها مدة حماية خاصة تبدأ من وقت نشرها . أما الطبعة الأخرى السابقة التى استقل بوضعها المؤلف الأصلى فتبقى مدة حمايتها على ما كانت ، يبدأ سريانها من وقت نشر هذه الطبعة السابقة . وعلى ذلك يكون للمصنف فى هذا الفرض مدتا حماية مستقلان إحداهما عن الأخرى ، مدة بالنسبة إلى الطبعة التى استقل بوضعها المؤلف الأصلى ، وتسرى من وقت نشر $ 408 $ هذه الطبعة ، ومدة أخرى بالنسبة إلى الطبعة التى اشترك فيها مع المؤلف الأصلى مؤلفون آخرون وتسرى من وقت نشر المصنف فى حالته الجديدة مصنفا مشتركا . وإذا تعددت الأجزاء أو المجلدات ، ونشرت تباعا فى أوقات متعاقبة ، وتعددت طبعات جزء منها أو أكثر ، فإن أحكام تعدد الطبعات التى قدمناها تسرى على كل جزء أو مجلد أعيد طبعه .

المطلب الثانى

الحق الأدبى للمؤلف

233 - خصائص الحق الأدبى للمؤلف ومضمون هذا الحق : قدمنا أن الحق الأدبى للمؤلف هو من الحقوق المتعلقة بالشخصية ، وليس كحق الاستغلال المالى بحق عينى ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 166 فى الهامش .&%$ ) . ويترتب على أن الحق الأدبى هو من الحقوق المتعلقة بالشخصية لا من الحقوق المالية خصيصتان لصيقتان بهذا الحق ، فهو أولا حق لا يجوز التصرف فيه ولا الحجز عليه ، وهو ثانياً حق دائم وليس بحق مؤقت كحق الاستغلال المالى ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 204 .&%$ ) .

أما أنه حق لا يجوز التصرف فيه ولا الحجز عليه ، فقد ورد فى ذلك نص صريح ، إذ تقول المادة 38 من قانون حماية حق المؤلف : " يقع باطلا كل تصرف فى الحقوق المنصوص عليها فى المواد 5 ( فقرة أولى ) و 7 ( فقرة أولى ) و 9 من هذا القانون " ( $%&[1] ) يطابق النص المادة 39 فى المشروع الجديد فى المعنى ، ويكاد يطابقه فى اللفظ .&%$ ) . والمواد المشار إليها فى هذا النص هى المواد التى تشتمل على مضمون الحق الأدبى للمؤلف ، ويجب أن يضاف إليها المادة 42 التى تعرض لحق المؤلف فى سحب مصنفه من التداول . وبديهى أنه لما كان لاحق الأدبى من الحقوق المتعلقة بالشخصية ، فإنه يكون لصيقا بشخص المؤلف ، ومن ثم لا يجوز التصرف فيه ولا الحجز عليه ، شأنه فى ذلك شأن سائر الحقوق المتعلقة بالشخصية كالأبوة والبنوة والنسب( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lite . Et Art . فقرة 343 .&%$ ) .

 $ 409 $ وأما أنه حق دائم ، فمعنى ذلك أنه يبقى طول حياة المؤلف ، ويبقى أيضا بعد موته غير مقيد بمدة معينة كما قيد حق الاستغلال المالى بخمسين سنة . فهو باق حتى بعد انقضاء الخمسين سنة ، ولا ينتهى إلا عندما يطرح المصنف نهائيا فى زوايا النسيان ، ويتولى مباشرة الحق الأدبى ، بعد موت المؤلف وإلى أن يزول هذا الحق على النحو الذي ذكرناه ، ورثة المؤلف وخلفاؤه ، جيلا بعد جيل . ويباشرون هذا الحق باسم المؤلف ، ويمثلونه فى مباشرته ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lite . Et Art . فقرة 343 وفقرة 345 .&%$ ) .

وللحق الأدبى مضمون واسع ، فهو يشتمل على الحقوق الآتية : ( 1 ) حق المؤلف فى تقرير نشر مصنفه . ( 2 ) حق المؤلف فى نسبة مصنفه إليه . ( 3 ) حق المؤلف فى دفع الاعتداء عن مصنفه . ( 4 ) حق المؤلف فى سحب مصنفه من التداول .

1-   حق المؤلف فى تقرير نشر مصنفه

234 - ( أ ) حق تقرير النشر فى حياة المؤلف : تنص الفقرة الأولى من المادة 5 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " للمؤلف وحده الحق فى تقرير نشر مصنفه ، وفى تعيين طريقة هذا النشر " ( $%&[1] ) ويطابق النص الفقرة الأولى من المادة 5 فى المشروع الجديد فى المعنى ، ويكاد يطابقه فى اللفظ .&%$ ) . وهذا من أهم مشتملات الحق الأدبى للمؤلف ، فالمؤلف وحده هو الذي يحدد ما إذا كان مصنفه قد تم وأصبح قابلا للنشر ، وهو الذي يختار الوقت الذي ينشره فيه ، ويعين طريقة هذا النشر . فالمصنف هو نتاج فكره ، ولصيق بشخصه ، وقد لا يرضى عنه فيؤثر ألا ينشره ، ومن ثم لا يجوز لأحد أن يجبره على نشره ( $%&[1] ) وقد قضى بأنه إذا مزق مصور صورة لم يرض عنها وألقى بها فى الطريق ، فالتقطها أحد المارة ، وتملكها بالاستيلاء ، لم يجز لهذا الأخير أن يعيد ترتيب الأجزاء الممزقة وينشر الصورة دون موافقة صاحبها ( السين 15 نوفمبر سنة 1927 داللوز 1928 - 2 - 89 ) .&%$ ) ، وإذا رضى عن عمله وقرر نشره ، فقد يختار أن ينشره فى وقت معين يكون فى نظره هو أنسب الأوقات لنشره . قد يرى مثلا أن ينشره فى معرض يقام فى وقت معين ويعرضه للبيع فى هذا المعرض ، أو يقدمه لنيل جائزة ، أو $ 410 $ يدمجه فى مجموعة عند ظهورها ، أو يبيعه من شخص معين أو يهبه إياه ، وهكذا يكون للمؤلف الحرية التامة فى اختيار وقت النشر ، ولا أحد يستطيع أن يجبره على تقديم الوقت الذي يختاره أو على تأخيره . وله كذلك أن يعين طريقة النشر ، فقد يختار أن تمثل مسرحيته دون أن تنشر فى كتاب ، أو يأذن فى تحويل رواية أو قصة قام بتأليفها إلى مسرحيته دون أن يأذن فى تحويلها إلى مصنف سينمائى أو دون أن يأذن فى إذاعتها بالراديو أو التلفزيون . وقد يختار أن يهدى مصنفه لصفوة مختارة من الناس ، دون أن يعرضه على الجمهور للبيع .

وقبل أن يقرر المؤلف نشر مصنفه ، لا سبيل لأحد على هذا المصنف لأنه لم يولد بعد كمصنف تام الخلقة . ولا يستطيع دائن المؤلف أن يحجز عليه ، إذ فى الحجز إرغام للمؤلف على النشر كما قدمنا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 225 – وقد يعرض فنان فى أحد المعارض صورة رسمها ليتعرف رأى الجمهور فيها ، ولكن دون أن يعرضها للبيع . ففى هذه الحالة لا يعتبر الفنان أنه قد قرر نشر الصورة ، ومن ثم لا يجوز الحجز عليها ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ prop . Lit . Et Art . فقرة 346 ) .&%$ ) . وتقرير النشر هو بمثابة شهادة الميلاد للمصنف ، فمن ذلك الوقت يوجد المصنف وتترتب عليه سائر الحقوق الأدبية وجميع الحقوق المالية .

235 - أثر إلزام العقد للمؤلف بالنشر : وقد يتعاقب المؤلف مع عميل أو ناشر بأن يرسم صورة أو ينحت تمثالا أو يضع لحنا موسيقيا أو يؤلف كتابا ، فما هو أثر هذا التعاقد فى إلزام المؤلف بالنشر؟ يلتزم المؤلف فى الأصل بإنجاز العمل الذي تعهد بالقيام به ونشره عن طريق تسليمه للمتعاقد معه ، ولكن إذا اصطدم التزامه هذا بحقه الأدبى فى تقرير نشر مصنفه وجب التوفيق بين الالتزام والحق ، ويجب التمييز هنا بين فروض ثلاثة :

( الفرض الأول ) أن تحول قوة قاهرة دون أن يبدأ المؤلف العمل أو دون أن يتمه ، وعلى المؤلف إثبات القوة القاهرة . وفى هذا الفرض يتحلل المؤلف من التزامه طبقا للقواعد العامة ، ولا يكون مسئولا حتى عن التعويض .

( الفرض الثانى ) أن يبدأ المؤلف العمل ولا يتمه ، أو يتمه ولكنه لا يرضى عنه ، دون أن تكون هناك قوة قاهرة . وفى هذا الفرض يكون للمؤلف الحق $ 411 $ فى ألا يسلم العمل للمتعاقد معه ، ولا يجبر على ذلك احتراما لحقه الأدبى فى تقرير النشر . بل هو غير مكلف فى أن يبدى الأسباب التى منعته من البدء فى العمل ، أو منعته من التسليم بعد أن أتم العمل . ويكفى أن يتذرع بحقه الأدبى ، وبأنه غير راض عن القيام بهذا العمل ، أو غير راض عن العمل بعد أن أتمه حتى لو كان المتعاقد معه يراه عملا مرضيا ويعلن أنه يقبل تسلمه كما هو دون أى تهذيب وأنه يستجيب لما يطلبه كل الاستجابة . ذلك أن المؤلف يستقل بتقديره الشخصى ، فهو وحده الذي يقرر ما إذا كان يبدأ العمل ، وإذا بدأه فهو وحده الذي يقرر إذا كان العمل قد أنجز على الوجه الذي يرضاه ويليق بسمعته ، وهذا هو معنى حقه الأدبى فى تقرير نشر مصنفه ( $%&[1] ) باريس 19 مارس سنة 1947 داللوز 1949 – 20 .&%$ ) . ولكنه فى هذه الحالة يكون مسئولا عن تعويض المتعاقد معه عن الضرر الذي أصاب هذا الأخير من جراء إخلال المؤلف بالتزامه طبقا للقواعد العامة ، ولا يكون المتعاقد معه مكلفا بإثبات أى خطأ فى جانب المؤلف حتى يكون مستحقا للتعويض ، إذ يكفى أن المؤلف لم يسلمه العمل دون أن تحول قوة قاهرة دون ذلك . فالتزام المؤلف إذن هو التزام بتحقيق غاية لا التزام ببذل عناية ، وعندما التزم نحو المتعاقد معه التزم التزاما أصليا بتسليم العمل والتزاما بدليل يدفع التعويض إذا اختار ذلك ( $%&[1] ) أنظر فى هذا المعنى ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ . Prop . Lit . et Art . فقرة 347 ( حيث يذهب إلى التزام المؤلف هو التزام تخييرى alternative ، ونؤثر كما قررنا فى المتن أن يكون الالتزام بدليا facultative ) .&%$ ) .

( الفرض الثالث ) أن يتم المؤلف العمل على وجه يرضيه ، ولكنه يتخذ من حقه الأدبى تكئة لعدم التسليم . ويثبت المتعاقد معه أن الذي دفع المؤلف إلى عدم التسليم هو أنه مثلا وجد صفقة أكثر ربحا فأثرها على الصفقة الأولى ، وتعاقد مع شخص آخر يعلم بسبق التزامه للشخص الأول . وفى هذا الفرض يكون المؤلف قد أساء استعمال حقه الأدبى ، فلا يكون مسئولا عن التعويض فحسب ، بل يمكن أيضا إجباره على التنفيذ العينى . ومن ثم يستطيع المتعاقد الأول أن ينتزع العمل من يد المتعاقد الآخر ، ويعتبر التنفيذ العينى هو خير $ 412 $ تعويض عن إساءة المؤلف لاستعماله حقه وتواطئه مع المتعاقدين الآخر( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظProp . Lit . et Art فقرة 348 .&%$ ) .

236 - ( ب ) حق تقرير النشر بعد موت المؤلف : تنص المادة 19 من قانون حماية المؤلف على ما يأتى : " إذا مات المؤلف قبل أن يقرر نشر مصنفه ، أنتقل حق تقرير النشر إلى من يخلفونه وفقا لأحكام المادة السابقة . ولهؤلاء وحدهم مباشرة حقوق المؤلف الأخرى المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 7 والمادة 9 . على أنه إذا كان المؤلف قد أوصى بمنع النشر أو بتعيين موعد له أو بأى أمر آخر ، وجب تنفيذ ما أوصى به " ( $%&[1] ) يطابق النص المادة 18 فى المشروع الجديد فى المعنى .&%$ ) . ويتضح من هذا النص أن الذين يباشرون حقوق المؤلف الأدبية بعد موته هم ورثته والموصى لهم ، أى خلفاؤه ، فيكون لهؤلاء حق الاستغلال المالى ومباشرة الحقوق الأدبية فى وقت واحد . ولا يوجد ما يمنع من أن يعين المؤلف شخصا أو أكثر بالذات ، من الورثة أو غير الورثة ، يعهد إليهم فى مباشرة حقوقه الأدبية بعد موته ، لاعتبارات يرى المؤلف أنها تجعلهم أصلح من غيرهم فى مباشرة هذه الحقوق .

وفيما يتعلق بحق تقرير النشر ، إذا مات المؤلف ولم يكن قد قرر بعد نشر مصنفه ، فإن خلفاءه هم الذين يقررون النشر ، ومتى يكون ، وعلى أية طريقة ، أى يباشرون نفس الحق الذي كان للمؤلف أن يباشره حال حياته . وهم هنا يستعملون الحق الأدبى إلى جانب حق الاستغلال المالى ، فإذا اختلفوا فيما بينهم فى شأن من شئون حق تقرير النشر ، جاز الالتجاء إلى المحكمة الكلية للبت فى هذا الشأن .

ويجب على خلفاء المؤلف أن يراعوا ما يعرفون من رغبة المؤلف فى صدد حق تقرير النشر ، وإذا هو ترك لهم تعليمات صريحة وجب عليهم أن يلتزموها بالدقة اللازمة . فإذا كان قد أوصى مثلا بمنع النشر وجب عليهم أن يمتنعوا ، وأن يغلبوا حق المؤلف الأدبى على حقهم فى الاستغلال المالى . وإذا هو أوصى بتعيين ميعاد للنشر ، أو بطريقة معينة للنشر ، أو بأى أمر آخر يتعلق بالنشر ، $ 413 $ وجب عليهم أن يلتزموا كل ذلك . ومن حق أى منهم ، بل من واجبة ، أن يلجأ إلى المحكمة الكلية لإلزام الباقين بمراعاة ما أوصى به المؤلف .

ويجب عليهم ، فى حالة تقرير النشر ، أن يراعوا المصلحة الأدبية للمؤلف قبل أن يراعوا مصالحهم المالية . كما يجب ، فى حالة عدم تقرير النشر ، أن يكون هناك مبرر جدى لذلك ، وقد بسطت عليهم رقابة حكومية فى هذا الشأن من جهة الوزير المختص كما سيلى .

237 - مباشرة الوزير المختص لنشر المصنف عند امتناع خلفاء المؤلف عن نشره : تنص المادة 23 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " إذا لم يباشر الورثة أو من يخلف المؤلف الحقوق المنصوص عليها فى المادتين 18 و 19 ، ورأى وزير المعارف العمومية أن الصالح العام يقتضى نشر المصنف ، فله أن يطلب إلى خلف المؤلف نشره بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول . فإذا انقضت ستة أشهر من تاريخ الطلب ولم يباشروا النشر ، فللوزير مباشرة الحقوق المذكورة بعد استصدار أمر بذلك من رئيس محكمة القاهرة الابتدائية ، ويعوض خلف المؤلف فى هذه الحالة تعويضا عادلاً ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد : " نصت المادة 23 على حق وزير المعارف فى الحلول محل هؤلاء ( ورثة المؤلف أو خلفه ) فى مباشرة الحقوق المنصوص عليها بالمادتين 18 و 19 ، إذا لم يباشروا هذه الحقوق لعجزهم أو عدم أهليتهم أو غير ذلك من الأسباب ، وكذلك إذا توفى المؤلف من غير وارث أو خلف . فيكون للوزير فى هذه الحالات حق تقرير نشر المصنف الذى لم ينشر فى حياة واضعه ، ما يكون له حق استغلال المؤلف استغلالا ماليا على النحو المبين فى المواد 5 و 6و 7 . وقد رسم المشروع طريقة استعمال هذه الحقوق ، فنص على صورة الحصول على أمر بذلك من رئيس محكمة القاهرة الوطنية ، ولم يغفل النص حق الورثة أو الخلف فى تعويض عادل . وحكمة هذا القيد ظاهرة ، فإن فى ترك المؤلفات القيمة مقبورة غير منشورة حرماناً لطلاب الثقافة من خيرها ونفعها " .

ويقابل النص المادة 24 فى المشروع الجديد ، وتجرى على الوجه الآتى : " إذا لم يباشر ورثة المؤلف أو من يخلفه الحقوق المنصوص عليها فى المادتين 18و 19 ، ورأى وزير الثقافة والإرشاد القومى أن المصلحة العامة تقتضى نشر المصنف ، فله أن يطلب إليهم نشره ، وذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول يبين فيه المدة التى يجب أن يتم خلالها النشر . فإذا انقضى ستون يوما من تاريخ الطلب ولم يفصح خلفاء المؤلف عن استعدادهم للنشر أو صرحوا بامتناعهم عنه ، كان له الاستيلاء على المصنف بالطرق الإدارية ونشره . ويكون له هذا الحق أيضا إذا استجابوا فى الميعاد إلى طلب النشر ولم يتموه فى المدة المحددة ، أو أتموا النشر على وجه يخل بقيمة المصنف وكل ذلك مع عدم الإخلال بحق الورثة أو الخلف فى التعويض " &%$ ) .

 $ 414 $

ويتضح من النص سالف الذكر أن لوزير المعارف ( وقد حل الآن محله وزير الثقافة ) رقابة على خلف المؤلف ، عندما يمتنعون عن نشر مصنف لم ينشر فى حياة المـؤلف ( م 19 ) ، أو عن إعادة نشر مصنف نشر فى حياته ( م 18 ) . فإذا رأى الوزير أن الصالح العام يقتضى نشر المصنف أو إعادة نشره ، لأن فى ذلك تعميما لخيره ونفعه بين طلاب الثقافة ، استطاع أن يصل إلى ذلك عن طريق إجراءات معينة . وتتلخص هذه الإجراءات فى أن الوزير يبدأ بطلب نشر المصنف ، ويوجه هذا الطلب إلى خلف المؤلف بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول . ويتربص بعد ذلك ستة أشهر ، فإذا انقضت هذه المدة ولم يباشر الخلف النشر أى لم يبدءوا فيه ، فللوزير أن يستصدر أمراً من رئيس محكمة القاهرة الابتدائية بالنشر ، ويتولى هو هذا العمل على حساب الحكومة . ويكون لخلف المؤلف فى هذه الحالة الحق فى تعويض عادل ، تقدره المحكمة عند الخلاف .

أما فى المشروع الجديد فإن المادة 24 منه تنص على أحكام نبرز الفروق بينها وبين أحكام القانون الحالى فيما يأتى : ( 1 ) الطريق الذي يلجأ إليه الوزير ( وهو فى المشروع الجديد وزير الثقافة والإرشاد القومى ) فى نشر المصنف هو الطريق الإدارى لا الطريق القضائى ، فلا يلجأ إلى رئيس محكمة القاهرة ، بل يستولى على المصنف بالطرق الإدارية بعد إجراءات معينة . ( 2 ) فى المشروع الجديد ، الكتاب الذي يرسله الوزير لخلف المؤلف يحدد فيه المدة التى يجب أن يتم فى خلالها النشر . ( 3 ) فى المشروع الجديد ، على خلف المؤلف أن يحددوا موقفهم فى خلال ستين يوما من تاريخ الطلب الموجه إليهم ، فإن لم يجيبوا ، أو أجابوا بالنفى ، أو استجابوا إلى طلب الوزير ولكنهم لم يتموا النشر فى الميعاد المحدد ، أو أتموا النشر على وجه يخل بقيمة المصنف ، كان للوزير أن يستولى على المصنف بالطرق الإدارية ويتولى نشره .

وإذا باشر الوزير نشر المصنف بعد الإجراءات المتقدم ذكرها ، سواء فى القانون الحالى أو فى المشروع الجديد ، كان له أن يعيد نشره كلما جدت الحاجة إلى ذلك بعد أن يتبع نفس الإجراءات .

 $ 415 $

2 - حق المؤلف فى نسبة مصنفة إليه
238 - ( أ ) الحق فى نسبة المصنف حال حياة المؤلف : تنص المادة 9 / 1 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " للمؤلف وحده الحق فى أن ينسب إليه مصنفه وفى أن يدفع أى اعتداء على هذا الحق ... " ( $%&[1] ) ويطابق النص المادة 9 / 1 فى المشروع الجديد ، معنى ولفظا .&%$ ) .

ويتضح من هذا النص أن للمؤلف الحق فى نسبة مصنفه إليه ، فيكتب اسمه ولقبه ومؤهلاته العلمية وغير ذلك بما يعرفه للناس على كل نسخة من نسخ المصنف الذي ينشره بنفسه أو بواسطة غيره ، وفى جميع الإعلانات عن المصنف ( $%&[1] ) ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art فقرة 366 .&%$ ) . ويستتبع ذلك أن من يقتبس شيئا من مصنفه ، فى الحدود المسموح بها ، يجب عليه أن يشير إلى اسمه وإلى المصنف . ويستوى فى كل ذلك أن يكون هو المؤلف الوحيد للمصنف ، أو أن يكون مشتركا مع آخرين فى تأليفه . وإذا كان المصنف عملا فنيا ، كتمثال أو صورة ، فللمؤلف أن ينقش اسمه على هذا العمل الفنى ( $%&[1] ) وإذا نقش المهندس المعمارى اسمه على البناء الذى وضع تصميمه ، جاز لمالك البناء أن يمحو الاسم من المكان الذى نقش فيه إذا رأى مقتضيا لذلك ، بشرط أن ينقش الاسم فى مكان آخر على نفقته ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 367 ) .&%$ ) . وإذا اختار المؤلف أن ينشر مصنفه باسم مستعار أو بغير أن يحمل اسمه ، فإن له الحق فى أى وقت فى أن يكشف عن شخصيته ، وأن يعلن بالطريقة المناسبة عن أنه هو المؤلف ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 194 .&%$ ) .

وحق المؤلف فى نسبة مصنفه إليه حق لا يجوز النزول عنه ، كسائر الحقوق الأدبية للمؤلف . وإذا تعهد المؤلف بألا يكشف عن شخصيته ، كان تعهده باطلا ، وجاز له فى أى وقت أن يكشف عن شخصيته بالرغم من هذا التعهد .

239 - ( ب ) الحق فى نسبة المصنف بعد موت المؤلف : وإذا مات المؤلف دون أن يكشف عن شخصيته ، فقد قدمنا( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 194 .&%$ ) أنه لا يجوز لخلفه من $ 416 $ بعده أن يكشفوا عن شخصيته ، ما لم يكن قد أذن لهم فى ذلك قبل موته . فإن لم يكن قد أذن لهم ، وجب عليهم أن يبقوا اسمه مستورا كما اختار هو فى حياته .

أما إذا نسب المؤلف المصنف إلى نفسه حال حياته ابتداء أو بعد أن كشف عن شخصيته ، فلخلفه أن يباشروا هذا الحق عند بعد موته ، فيكتبوا اسم المؤلف على كل نسخه من المصنف تنشر بعد موته ، سواء كان النشر بواسطتهم أو بواسطة غيرهم . وقد قضت المادة 19 / 2 من قانون حماية حق المؤلف صراحة بذلك ، إذ تقول كما رأينا : " ولهؤلاء ( الخلف ) وحدهم مباشرة حقوق المؤلف الأخرى المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 7 والمادة 9 " .

3 - حق المؤلف فى دفع الاعتداء عن مصنفه

240 – ( أ ) الحق فى دفع الاعتداء حال حياة المؤلف : تنص المادة 7 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " للمؤلف وحده إدخال ما يرى من التعديل أو التحوير على مصنفه ... ولا يجوز لغيره أن يباشر شيئا من ذلك ... إلا بإذن كتابى منه أو ممن يخلفه " ( $%&[1] ) يطابق النص المادة 7 فى المشروع الجديد ، وتجرى على الوجه الآتى : " للمؤلف إدخال ما يراه من التعديل أو التحوير على مصنفه ، وله ولمن يخلفه أن يعهد إلى غيره بان يباشر ذلك ... ويقع باطلا كل تصرف يرد على حقه فى التعديل أو التحوير " . والنصان متطابقان فى المعنى .&%$ ) . وتنص المادة 9 من نفس القانون على ما يأتى : " للمؤلف وحده الحق فى أن ينسب إليه مصنفه ، وفى أن يدفع أى اعتداء على هذا الحق ، وله كذلك أن يمنع أى حذف أو تغيير فى مصنفه . على أنه إذا حصل الحذف أو التغيير فى ترجمة المصنف مع ذكر ذلك ، فلا يكون للمؤلف الحق فى منعه ، إلا إذا أغفل المترجم الإشارة إلى مواطن الحذف أو التغيير ، أو ترتب على الترجمة مساس بسمعة المؤلف ومكانته الفنية " ( $%&[1] ) يطابق النص المادة 9 فى المشروع الجديد ، معنى ولفظا . &%$ ) .

ويتضح من هذه النصوص أن تعديل المصنف أو تحويره أو تغييره أو الحذف منه أو الإضافة إليه ، كل هذا من حق المؤلف ، يباشره بنفسه ، أو بواسطة من يأذن له فى ذلك . فإذا فعل أحد شيئا من ذلك دون إذنه ، كان فى هذا $ 417 $ اعتداء على حقه الأدبى ، وكان له أن يمنع هذا الاعتداء ، فيمنع أى حذف أو تغيير يقع بغير إذنه ( $%&[1] ) ويجب على الناشر إذا تولى طبع المصنف أن يطبعه دون أى تغيير فيه ، حتى لو اعتقد أن التغيير هو المصلحة المصنف ، إذ عليه فى هذه الحالة أن يستأذن المؤلف . ولا يجوز للناشر حذف أية عبارة من المصنف ، حتى لو كانت هذه العبارة قذفا يستوجب المسئولية ، إذ عليه فى هذه الحالة أن يستأذن المؤلف . ولا يجوز للناشر حذف أية عبارة من المصنف ، حتى لو كانت هذه العبارة قذفا يستوجب المسئولية ، إذ عليه فى هذه الحالة أن يستأذن المؤلف فى حذفها ، فإن لم يقبل طلب بطلان العقد لمخالفته للنظام العام ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 356 – فقرة 357 ) . وحق المؤلف هذا لا يجوز النزول عنه ، كما هو الأمر فى سائر حقوق المؤلف الأدبية . ومن ثم يكون ترخيص المؤلف مقدما للناشر فى إجراء أى تعديل يرى إدخاله على المصنف باطلا ، إذ يجب تحديد مواطن التعديل وماهيته بالدقة ( يدبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . 362 ) .&%$ ) .

ولكن سلطة المؤلف فى منع الحذف من مؤلفه والتغيير فيه – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع الجديد – " سلطة مقيدة فى حالة ترجمة المصنف . إذ فى هذه الحالة لا يجوز للمؤلف ، كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من المادة 9 ، أن يمنع ما قد يحدث عند ترجمة مصنفه من تغيير فيه وحذف منه ، إلا إذا أغفل المترجم الإشارة إلى مواطن الحذف أو التغيير ، أو ترتب على الترجمة مساس بسمعة المؤلف أو مكانته الفنية . وهذا حكم عادل من شأنه ألا يحول بين المترجم وما تقتضيه الترجمة من التصرف فى المصنف بنوع من الحذف أو التغيير فيه ، فأجيز ذلك بشرطين روعى فيهما مصلحة المؤلف ، وهما شرط ذكر موطن الحذف أو التغيير ، وشرط ألا يكون من شأنهما المساس بسمعة المؤلف أو مكانته الأدبية " .

وكالترجمة أى اشتقاق آخر من المصنف ، كتحويل القصة إلى مسرحية أو إلى فيلم سينمائى ، فإن هذا يقتضى شيئا من الحرية فى التعديل والتغيير والتحوير يجب أن يسمح به لمن يقوم بهذا العمل ، فى حدود ما تستوجبه أصول الفن المتعارف عليها ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 202 – ولكن المسموح به هو ما دخل فى حدود ما تستوجبه أصول الفن ، ويكون باطلا إذن ترخيص المؤلف مقال فى إدخال أى تعديل على مصنفه عند تحويله إلى فيلم سينمائى ( ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 363 - وانظر عكس ذلك وأن هذا الترخيص يكون صحيحا السين 26 يوليه سنة 1933 داللوز الأسبوعى 1933 - 533 ) .&%$ ) .

 $ 418 $

241 - ( ب ) الحق فى دفع الاعتداء بعد موت المؤلف : فإذا مات المؤلف ، تولى خلفاؤه ، عنه مباشرة حق دفع الاعتداء عن مصنفه . فإذا أدخل أحد تغييراً أو تحويراً أو حذفا أو إضافة على المصنف ، كان لهم بل عليهم أن يدفعوا هذا الاعتداء . وذلك فى غير ما تقتضيه الضرورة فيما قدمناه متعلقا بترجمة المصنف أو بتحويله أو بالاشتقاق منه . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 29 ، كما رأينا ، على حق خلفاء المؤلف فى مباشرة حقه فى دفع الاعتداء عن مصنفه بعد موته ، إذ تقول : " ولهؤلاء ( الخلف ) وحدهم مباشرة حقوق المؤلف الأخرى المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 7 والمادة 9 " .

ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 7 تنص ، كما رأينا على أن " للمؤلف وحده إدخال ما يرى من التعديل أو التحوير على مصنفه " ، فالظاهر أن خلفاء المؤلف لا يباشرون هذا الحق إلا فى حدود الإذن للغير فى الترجمة أو التحويل أو الاقتباس أو فيما تقتضيه الضرورة من جعل المصنف متمشيا مع أحدث ما استجد من تطور فى العلم . أما أن يقوموا هم بأنفسهم بتعديل المصنف أو تحويره فى غير ضرورة ، فيبدو أن هذا محرم عليهم كما هو محرم على غيرهم ، إذ أن ذلك هو حق شخصى للمؤلف وحده حال حياته ( $%&[1] ) قارن مع ذلك إسماعيل غانم فى النظرية العامة للحق ص 63 ( ويذهب إلى أن للورثة الحق فى إدخال التعديلات على مصنف مورثهم ) وقارن كذلك فى هذا المعنى حسن كيرة فى أصول القانون ص 663 – منصور مصطفى منصور فى المدخل للعلوم القانونية ص 86 .&%$ ) .

4 - حق المؤلف فى سحب مصنفه من التداول

242 – ( أ ) الحق فى سحب المصنف حال حياة المؤلف : تنص المادة 42 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " للمؤلف وحده ، إذا طرأت أسباب خطيرة ، أن يطلب من المحكمة الابتدائية الحكم بسحب مصنفه من التداول أو بإدخال تعديلات جوهرية عليه برغم تصرف فى حقوق الاستغلال المالى . ويلزم المؤلف فى هذه الحالة أن يعوض مقدما من آلت حقوق الاستغلال المالى إليه تعويضاً عادلاً ، يدفع فى غضون أجل تحدده المحكمة وإلا زال كل أثر للحكم " ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى هذه الصدد : " وللمؤلف فضلا عن ذلك حق سحب المصنف من التداول أو تعديله تعديلا جوهريا رغم تصرفه فى حقوق الاستغلال المالى ، وذلك إذا طرأت أسباب أدبية خطيرة تدعو إلى ذلك ( م 42 ) . فقد يضع الكاتب مؤلفه متأثراً برأى استحوذ عليه ، ثم يبدو له بعد البحث والتقصى والاطلاع أنه قد جانب الصواب فى رأيه هذا وقد يكون موضوع المصنف خطيراً هاماً . فى مثل هذه الحالة تنقطع الصلة بين المصنف وواضعه ، فلم يعد معبراً عن حقيقة آرائه ، بل لعل وجود المصنف على هذه الصورة يغض من شخصيته ويؤذى سمعته . ولمواجهة أمثال هذه الحالات قرر المشروع حق المؤلف فى سحب هذا المصنف من التداول ، ولم يغفل العقد المبرم بين المؤلف والناشر ، فنص إلى جانب حق المؤلف فى سحب المصنف من التداول على تعويض الناشر تعويضا عادلا ، وهو كل ما يبغيه من وراء هذا العقد " .

ويقابل النص المادة 43 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان فى المعنى ( غير أن المشروع الجديد ينص على جواز تقديم المؤلف كفيلا بالتعويض لمن آلت إليه حقوق الاستغلال المالى ) ، ويكادان يتطابقان فى اللفظ .&%$ ) .

 $ 419 $ ويتضح من هذا النص أنه ، كما أن للمؤلف حق تقرير نشر مصنفه ، كذلك يكون له حق سحبه من التداول بعد أن قرر نشره ( $%&[1] ) وهذا ما يسمى فى القانون الفرنسى بالحق فى الندم ( le droit de repentir ) &%$ ) . ويجب أن يستند فى سحب مصنفه إلى أسباب خطيرة ، أى أسباب جدية من شأنها أن تبرر السحب ، لا إلى أسباب وهمية أو أسباب ترجع إلى المزاج والملاءمة . ذلك أن المصنف ، بعد نشره ، تتعلق به عادة حقوق للغير كالناشر ، فسحب المصنف والإضرار بهذه الحقوق يجب أن يبرره حق أدبى للمؤلف أقوى من الحق المالى الذي للغير . وإذا وقع خلاف فى جدية الأسباب أوفى كفايتها ، تولى القضاء ( المحكمة الابتدائية ) حسم النزاع فى ذلك . وقد يكتفى المؤلف ، بدلا من سحب المصنف ، بإدخال التعديلات الجوهرية التى يرى ضرورة إدخالها عليه . وتضرب المذكرة الإيضاحية مثلا لسبب أدبى خطير يبرر سحب المصنف فتقول : " فقد يضع الكاتب مؤلفه متأثراً برأى استحوذ عليه ، ثم يبدو له بعد البحث والتقصى والإطلاع أنه قد جانب الصواب فى هذا وقد يكون موضوع المصنف خطيراً هاماً . فى مثل هذه الحالة تنقطع الصلة بين المصنف وواضعه ، فلم يعد معبراً عن حقيقة آرائه ، بل لعل وجود المصنف على هذه الصورة يغض من شخصيته ويؤذى سمعته " . وقد يرى المؤلف ، بعد نشر مصنفه والإطلاع على آراء النقاد فيه ، أن المصنف قد أحدث أثراً سيئاً أضر بسمعته أو بمكانته الأدبية ، من الناحية الدينية أو الناحية $ 420 $ الأدبية أو الناحية الفنية أو أية ناحية أخرى ، فيرى من الضرورى أن يسحب المصنف أو أن يدخل فيه تعديلات جوهرية .

ومتى أقر القضاء المؤلف على سحب المصنف ، قدر تعويضاً عادلا للناشر أو للغير الذي تعلق له حق مالى بالمصنف ، ويجب أن يدفع المؤلف هذا التعويض مقدما قبل سحب المصنف بالفعل . وقد يحدد القاضى أجلا للدفع ، وقد يطلب كفيلا يضمن المؤلف ، فإذا لم يدفع المؤلف التعويض فى الأجل المحدد ، زال أثر الحكم القاضى بالسحب ، ويعود المصنف مرة أخرى إلى التداول .

ويسرى حكم السحب على أى مصنف توجد أسباب مبررة لسحبه ، كما إذا كان تمثالا أو صورة فنية ولاحظ الفنان بعد أن باع عمله أن فيه عيبا فنيا يحط من منزلته ومكانته . فمن حقه أن يسترده من المشترى ويرد إليه الثمن الذي تقاضاه منه مع التعويض إن كان له مقتض ، كما أن من حقه دون أن يسترده أن يصلح العيب الذي لاحظه فيه دون أن يطلب مقابلا لذلك من المشترى ( $%&[1] ) انظر فى أن القضاء الفرنسى لا يجيز سحب المصنفات الفنية ما دام مؤلف المصنف الفنى قد سلمه لمن له الحق فيه ديبوا فى أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Prop . Lit . et Art . فقرة 353 .&%$ ) .

243 - _ ب ) الحق فى سحب المصنف بعد موت المؤلف : ويبدو أن الحق فى سحب المصنف حق شخصى محض للمؤلف نفسه ، لا ينتقل منه بعد موته إلى خلفائه . فالمؤلف وحده هو الذي يستطيع أن يقدر الأسباب التى تبرر السحب . فإذا مات لم يكن لخلفائه أن يطلبوا سحب المصنف بعد أن يكون قد نشر وتعلقت به حقوق الغير المالية ، ولو كان ذلك فى مقابل تعويض يدفعه الخلفاء لأصحاب الحقوق المالية . ويرجع ذلك إلى طبيعة الحق فى السحب بناء على الاعتبارات التى قدمناها . ولعل هذا هو السبب الذي دعا المشرع أن يقول كما رأينا فى صدر المادة 42 المتعلقة بحق السحب : " للمؤلف وحده ... أن يطلب من المحكمة ... " . كذلك لم تذكر الفقرة الثانية من المادة 9 ، وهى التى تشير إلى النصوص المتعلقة بحقوق المؤلف الأدبية التى يجوز للخلف مباشرتها $ 421 $ بعد موت المؤلف ، المادة 42 سالفة الذكر المتعلقة بحق السحب بين هذه النصوص .

المبحث الثانى

طرق حماية حقوق المؤلف

244 - نطاق حماية حقوق المؤلف من حيث المكان ومن حيث الزمان : تنص المادة 49 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى :

 " تسرى أحكام هذا القانون على مصنفات المصريين والأجانب التى تنشر أو تمثل أو تعرض لأول مرة فى مصر ، وكذلك على مصنفات المؤلفين المصريين التى تنشر أو تمثل أو تعرض لأول مرة فى بلد أجنبى . أما مصنفات المؤلفين الأجانب التى تنشر لأول مرة فى بلد أجنبى ، فلا يحميها هذا القانون إلا إذا كانت محمية فى البلد الأجنبى ، وبشرط أن يشمل هذا البلد الرعايا المصريين بحماية مماثلة لمصنفاتهم المنشورة أو الممثلة أو المعروضة لأول مرة فى مصر وأن تمتد هذه الحماية إلى البلاد التابعة لهذا البلد الأجنبى ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 50 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان فى المعنى ( فيما عدا أن المشروع الجديد لا يحمى مصنف المؤلف الأجنبى الذى نشر فى بلد أجنبى إلا لمدة لا تجاوز المدة المنصوص عليها فى المشروع الجديد ) ، ويكادان يتطابقان فى اللفظ . &%$ ) " .

ويتضح من هذا النص أن قانون حماية حق المؤلف يسرى : ( أولا ) على المصنفات التى تنشر أو تمثل أو تعرض لأول مرة فى مصر ، سواء كان المؤلف مصريا أو أجنبيا ، وقد أخذ هنا بالمعيار الإقليمى . ( ثانياً ) على المصنفات التى تنشر أو تمثل أو تعرض لأول مرة فى بلد أجنبى ، إذا كان المؤلف مصريا ، وقد أخذ هنا بالمعيار الشخصى . ( ثالثاً ) بقيت المصنفات التى تنشر أو تمثل أو تعرض لأول مرة فى بلد أجنبى لمؤلف أجنبى ، وهذه طائفة هامة من المصنفات ، وأكثر ما ينقل عنه فى مصر هى هذه المصنفات التى ألفها الأجانب ونشروها فى بلادهم . وهذه لا يحميها القانون المصرى إلا بالشروط الآتية :

( 1 ) أن يكون قانون البلد الأجنبى الذي نشر فيه المصنف يحمى هذا المصنف ، $ 422 $ حتى لا يقع أن المصنف لا يكون محميا فى بلده ومع ذلك يحمى فى مصر .

( 2 ) أن يحمى قانون هذا البلد الأجنبى فى بلده مصنفات المصريين التى تنشر فى مصر ، حتى تكون هناك معاملة بالمثل ، فلا يحمى القانون المصرى فى مصر مصنفاً لأجنبى ما لم يكن قانون هذا الأجنبى يحمى مصنف المصرى فى البلد الأجنبى . ( 3 ) أن تمتد هذه الحماية إلى البلاد التابعة لهذا البلد الأجنبى ، فقد يتبع البلد الأجنبى بلاد عربية فلا بد أن تمتد حماية مصنفات المصريين إلى هذه البلاد العربية ، وتقول المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد : " وأن تمتد هذه الحماية إلى البلاد التابعة لهذا البلد الأجنبى ، وذلك لأن المصنف العربى قد لا يكون معروفا فى دولة أجنبية ، إلا أنه معروف فى البلاد التابعة لها ، فرؤى حماية لمؤلفين المصريين فى الدول ذات الصبغة العربية التابعة للدولة الأجنبية التى تخضع لهذا السبب لتشريع هذا البلد الأجنبى " .

وتنص المادة 50 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " مع عدم الإخلال بأحكام المادة السابقة ، تسرى أحكام هذا القانون على كل المصنفات الموجودة وقت العمل به ، على أنه بالنسبة لحساب مدة حماية المصنفات الموجودة ، يدخل فى حساب هذه المدة الفترة التى انقضت من تاريخ الحادث المحدد لبدء سريان المدة إلى تاريخ العمل بهذا القانون . وتسرى أحكام هذا القانون على كل الحوادث والاتفاقات التالية لوقت العمل به ، ولو كانت متعلقة بمصنفات نشرت أو عرضت أو مثلت لأول مرة قبل ذلك . أما الاتفاقات التى تمت قبل العمل بهذا القانون ، فلا تسرى عليها أحكامه ، بل تظل خاضعة للأحكام القانونية التى كانت سارية المفعول وقت تمامها " ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية فى صدد الفقرة الأخيرة من المادة ما يأتى : " أما الاتفاقات التى تمت قبل العمل بالقانون ، فلا تسرى عليها أحكامه ، بل تظل خاضعة للأحكام القانونية التى كانت نافذة وقت عقدها ، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المادة 39 الخاصة بنصيب المؤلف فى الأرباح الناتجة عن استغلال المصنف زيادة على ما تم الاتفاق عليه إذا كان هذا الاتفاق غير عادل أو لم تراع فى تقديره ظروف لم تكن فى الحسبان " . والمادة 39 التى تشير إليها المذكرة الإيضاحية لا تعرض لما تنسبه إليها هذه المذكرة ، وهذا هو نصها : " تصرف المؤلف فى حقوقه فى المصنف ، سواء كان كاملا أو جزئيا ، يجوز أن يكون على أساس مشاركة نسبية فى الإيراد الناتج من الاستغلال أو بطريقه جزافية " . والنص الذى يورد الأحكام التى تنسها المذكرة الحالى ) ، ويقضى كما رأينا بما يأتى : " ومع ذلك فإذا تبين أن الاتفاق كان مجحفا بحقوق المؤلف أو أصبح كذلك لظروف طرأت بعد التعاقد ، جاز للقاضى تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ، أن يقضى للمؤلف ، علاوة على ما اتفق عليه ، بجزء من الربح الصافى الذى ينجم من استغلال المصنف " . فغير مفهوم إذن ما ورد فى المذكرة الإيضاحية للقانون الحالى ، إلا إذا فرضنا أن مشروع القانون الحالى كان قد تضمن نصا مماثلا للمادة 40 / 2 من المشروع الجديد ، وحذف قبل أن يصبح المشروع قانونا .

هذا وتطابق المادة 50 من القانون الحالى المادة 2 من قانون إصدار المشروع الجديد فى المعنى ، وتكاد تطابقه فى اللفظ .&%$ ) . ويتضح من هذا النص أن $ 423 $ تطبيق قانون حماية حق المؤلف ، من حيث الزمان ، تسرى عليه القواعد العامة . ونميز فى هذا التطبيق بين فرضين : ( الفرض الأول ) أن يكون المؤلف حيا وقت نفاذ قانون حماية حق المؤلف فى 24 يونيه سنة 1954 ( $%&[1] ) جاء فى قانون الإصدار لقانون حماية حق المؤلف : " ويعمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية " . وقد نشر فى الوقائع المصرية فى 24 يونيه سنة 1954 فى العدد 49 مكرر . &%$ ) :

وفى هذا الفرض تسرى على مصنفاته أحكام القانون ، سواء نشرت هذه المصنفات منذ 24 يونيه سنة 1954 أو نشرت قبل ذلك . ففى جميع الأحوال تحمى مصنفاته طول حياته ، وتبقى محمية بعد وفاته لمدة خمسين سنة على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم ، وكذلك تبقى محمية فيما يتعلق بالحق الأدبى إلى ما بعد خمسين سنة إلى أن تطرح المصنفات فى زوايا النسيان كما سبق القول . فالمؤلف الذي كان حيا فى يوم 24 يونيه سنة 1954 ، ومات فى سنة 1960 مثلا ، تكون مصنفاته التى نشرت قبل 24 يونيه سنة 1954 ، وكذلك تلك التى نشرت منذ هذا التاريخ إلى يوم وفاته فى سنة 1960 ، محمية طول حياته إلى سنة 1960 ، وتبقى محمية خمسين سنة بعد ذلك أى إلى سنة 2010 من ناحية الاستغلال المادى ، وإلى ما بعد ذلك من ناحية الحق الأدبى – ( الفرض الثانى ) أن يكون المؤلف قد مات قبل 24 يونيه سنة 1954 : وفى هذا الفرض تحمى جميع مصنفاته ، أيا كان تاريخ نشرها وكلها قد نشرت بداهة قبل 24 يونيه سنة 1954 ، إلى مدى خمسين سنة من وقت وفاته . فإذا فرضنا أنه توفى فى سنة 1940 فإن مصنفاته تبقى محمية إلى سنة 1990 ، أو توفى فى سنة 1932 فإن مصنفاته تبقى محمية إلى سنة 1982 ، أو توفى فى سنة 1900 فإن مصنفاته تكون قد آلت إلى الملك العام إذ يكون قد مضى فى 24 يونيه سنة 1954 أكثر من $ 424 $ خمسين سنة من وقت وفاة المؤلف ( $%&[1] ) وإذا قدر للمشروع الجديد أن يصير قانونا ، ومدة الحماية فيه هى كما رأينا خمس وعشرون سنة بدلا من خمسين من وقت وفاة المؤلف ، فنرى أن الانتقال من القانون الحالى إلى الاقنون الجديد يكون على الوجه الآتى : ( أولا ) إذا كان المؤلف حيا وقت نفاذ القانون الجديد ، فإنه يكون محميا فى جميع مصنفاته ، أيا كان تاريخ نشرها ، المدة الباقية من حياته وخمسا وعشرين سنة من يوم وفاته . ( ثانيا ) إذا كان قد مات وقت نفاذ القانون الجديد ، فإنه يكون محميا فى جميع مصنفاته لمدة خمسين سنة من وقت وفاته – وهى المدة التى كان محميا فيها بموجب القانون الذى كان نافذاً وقت وفاته - بشرط ألا تزيد مدة الحماية على خمس وعشرين سنة من وقت نفاذ القانون الجديد . فإذا فرضنا أن المشروع الجديد أصبح قانونا فى سنة 1970 ، فإن مدة حماية المؤلفين الذين يكونون قد ماتوا قبل هذا التاريخ لا يجوز أن تجاوز سنة 1995 . وعلى ذلك إذا كان المؤلف قد مات فى سنة 1960 أو فى سنة 1950 ، فإنه يبقى محميا إلى سنة 1982 أى إلى مدة خمسين سنة من وقت وفاته ، لأنه لا يكون قد جاوز بهذه المدة الحد الأقصى وهو سنة 1995 . ويلاحظ فى كل ذلك أنه لا يجوز ، فى المشروع الجديد أن يقل مجموع مدة الحماية فى جميع الأحوال عن خمسين سنة من وقت أول نشر للمصنف .

ونحن فى هذا إنما نقيس على حالة ما إذا قرر نص جديد مدة للتقادم أقصر من المدة التى كان النص القديم قد قررها ، فإن المدة 8 مدنى تنص فى هذا الصدد على ما يأتى : " 1 - إذا قرر النص الجديد مدة للتقادم أقصر مما قرره النص القديم ، سرت المدة الجديدة من وقت العمل بالنص الجديد ، ولو كانت المدة القديمة قد بدأت قبل ذلك . 2 - أما إذا كان الباقى من المدة التى نص عليها القانون &%$ ) . وهذا من ناحية الاستغلال المادى ، أما من ناحية الحق الأدبى فتبقى المصنفات محمية إلى أن تطرح فى زوايا النسيان كما قدمنا .

وجميع الاتفاقات كعقد النشر ، أو الحوادث كتحويل راوية إلى مسرحية أو إلى فيلم سينمائى ، التى تكون قد وقعت منذ 24 يونيه سنة 1952 تسرى عليها أحكام القانون ، حتى لو كانت متعلقة بمصنفات نشرت قبل 24 يونيه سنة 1954 . أما الاتفاقات والحوادث التى وقعت قبل 24 يونيه سنة 1954 عن مصنفات نشرت قبل هذا التاريخ طبعا ، فتسرى عليها الأحكام القانونية التى كانت سارية المفعول وقت وقوع الاتفاقات والحوادث ، وهذه الأحكام لم تكن أحكاما مسنونة ، بل هى الأحكام التى صدرت من القضائين الوطنى والمختلط فى حماية حق المؤلف .

 $ 425 $ وننتقل الآن إلى طرق حماية حق المؤلف . وهناك طريقان : الطريق المدنى والطريق الجنائى .

المطلب الأول

الطريق المدنى

245 - التغيير العينى والتعويض : عند الإحلال بحقوق المؤلف التى بسطناها فيما تقدم ، يكون للمؤلف ، إذا سلك الطريق المدنى ، حق طلب التنفيذ العينى وحق طلب التعويض .

التنفيذ العينى
246 - الإجراءات التحفظية السابقة على التنفيذ العينى : تنص المادة 43 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى :

 " لرئيس المحكمة الابتدائية ، بناء على طلب المؤلف أو من يخلفه ، وبمقتضى أمر يصدر على عرضة ، أن يأمر بالإجراءات التالية ، بالنسبة لكل مصنف نشر أو عرض بدون إذن كتابى من المؤلف أو ممن يخلفه بالمخالفة لأحكام المواد 6 و 7 ( فقرة أولى ) من القانون "

 " أولا – إجراء وصف تفصيلى للمصنف " .

 " ثانياً – وقف نشر المصنف أو عرضه أو صناعته " .

 " ثالثاً – توقيع الحجز على المصنف الأصلى أو نسخه ( كتبا كانت أو صورا أو رسومات أو فوتوغرافيات أو أسطوانات أو ألواحا أو تماثيل أو غير ذلك ) ، وكذلك على المواد التى تستعمل فى إعادة نشر هذا المصنف أو استخراج نسخ منه بشرط أن تكون تلك المواد غير صالحة إلا لإعادة نشر المصنف " .

 " رابعاً – إثبات الأداء العلنى بالنسبة لابقاع أو تمثيل أو إلقاء مصنف بين الجمهور ، ومنع استمرار العرض القائم أو حظره مستقبلا " .

 " خامسا – حصر الإيراد الناتج من النشر أو العرض بمعرفة خبير يندب لذلك إن اقتضى الحال ، وتوقيع الحجز على هذا الإيراد فى جميع الأحوال "

 $ 426 $ " ولرئيس المحكمة الابتدائية فى جميع الأحوال أن يأمر بندب خبير لمعاونة المحضر المكلف بالتنفيذ ، وأن يفرض على الطالب إيداع كفالة مناسبة " .

 " ويجب أن يرفع الطالب أصل النزاع إلى المحكمة المختصة فى خلال الخمسة عشر يوما لصدور الأمر ، فإذا لم يرفع فى هذا الميعاد زال كل أثر له " ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 44 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان معنى ، فيما عدا أن نص المشروع الجديد يقضى بألا تسرى على هذه الإجراءات أحكام قانون المرافعات فى المواد المدنية والتجارية الخاصة بساعات الإعلان وأيام العطلات .&%$ ) .

ويتضح من هذا النص المفصل أن المشرع وضع فى يد المؤلف سلاحا فعالا لحماية حقوقه ، فهو لا ينتظر حتى تفصل المحكمة فى أصل النزاع بينه وبين من أعتدى على هذه الحقوق ، وقد ينتظر طويلا ، وقد تضيع عليه الفرصة وهو فى هذا الانتظار . بل أجاز المشرع له أن يلجأ فى الحال - بمجرد وقوع الاعتداء على حقوقه بأن نشر مصنفه أو عرض بغير إذنه الكتابى مثلا ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الطبعة التى أخرجها الطاعن مقلدة من الطبعة التى أخرجها المطعون ضده تقليدا تاما وهو أمر لا يقره القانون . فإن من شأن نشر الطاعن لطبعته وطرحها للبيع فى السوق منافسة كتاب المطعون ضده وهى منافسة لا شك فى عدم شرعيتها . ولا ينفى قيام هذه المنافسة غير المشروعة أن يكون المطعون ضده قد اعتزل مهنة الطباعة والنشر وصفى أعماله فيهما ، ما دام كتابه مازال مطروحا للبيع فى السوق ( نقض مدنى 7 يوليه سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 142 ص 937 ) .&%$ ) ، أو بأن ترجم إلى لغة أخرى دون أن يأذن كتابيا فى ذلك ، أو بأن اعتدى أحد على حقوقه التى بسطناها فيما تقدم بأية صورة من صور الاعتداء – إلى رئيس المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها موطن المعتدى بعريضة يستصدر أمرا عليها بإجراءات تحفظية سريعة فعالة . وليس المؤلف وحده هو الذي يستطيع أن يفعل ذلك . بل يستطيعه كل من انتقلت إليه حقوق المؤلف من ناشر أو وارث أو موصى له .

وهذه الإجراءات التحفظية نوعان : ( 1 ) نوع يقصد منه وقف الضرر الذي أخذ ينجم من الاعتداء على حقوق المؤلف ، أى وقف الضرر مستقبلا . وهذا النوع يشتمل على الإجراءات الآتية : إجراء وصف تفصيلى للمصنف ، ووقف نشر المصنف أو عرضه ( إذا كان مسرحية مثلا أو فيلما سينمائيا أو تمثالا ) أو صناعته ( إذا كان اسطوانات مثلا ) ، وإثبات الأداء العلنى بالنسبة إلى $ 427 $ إيقاع أو تمثيل أو إلقاء مصنف بين الجمهور ومنع استمرار العرض القائم أو حظره مستقبلا . ( 2 ) ونوع يقصد منه حصر الضرر الذي وقع فعلا من جراء الاعتداء ، واتخاذ إجراءات من شأنها المحافظة على حقوق المؤلف فى محو هذا الضرر . وهذا النوع يشتمل على الإجراءات الآتية : توقيع الحجز على المصنف الأصلى أو نسخه ( كتبا كانت أو صورا أو رسومات أو فوتوغرافيات أو اسطوانات أو ألواحا أو تماثيل أو غير ذلك ) وكذلك على المواد التى تستعمل فى إعادة نشر هذا المصنف أو استخراج نسخ منه ( مثل الإكليشهات والحروف المجموعة والبروفات ونحو ذلك ) بشرط أن تكون تلك المواد غير صالحة إلا لإعادة نشر المصنف ( فلا يحجز على المطبعة ولا على الحروف غير المجموعة ولا على الورق ) ، وحصر الإيراد الناتج من النشر أو العرض بمعرفة خبير ينتدب لذلك إن اقتضى الحال وتوقيع الحجز على هذا الإيراد فى جميع الأحوال .

ويجوز لرئيس المحكمة الابتدائية ، فى جميع ما تقدم ذكره ، أن يندب خبيرا لمعاونة المحضر المكلف بتنفيذ الإجراءات التى أصدر بها رئيس المحكمة أمراً على العريضة المقدمة إليه . ويجوز له كذلك أن يفرض على المؤلف أو خلفه أن يودع كفالة مناسبة يقدرها رئيس المحكمة .

ومتى صدر أمر من رئيس المحكمة للمؤلف أو خلفه بالإجراءات المتقدم ذكرها ، كان على المؤلف أو الخلف ، فى خلال خمسة عشرة يوما من صدور أمر رئيس المحكمة ، أن يرفع أصل النزاع إلى المحكمة المختصة . فإذا لم يفعل ، أو تأخر عن الميعاد ، زال كل أثر للأمر ، وعاد كل شىء إلى أصله ، وبطل الحجز ، وعاد النشر والعرض إلى ما كان عليه قبل صدور الأمر .

247 - التظلم من الأمر الصادر بالإجراءات التحفظية : تنص المادة 44 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " يجوز لمن صدر ضده الأمر أن يتظلم منه أمام رئيس المحكمة الآمر ، وفى هذه الحالة لرئيس المحكمة ، بعد سماع أقوال طرفى النزاع ، أن يقضى بتأييد الأمر ، أو إلغائه كليا أو جزئيا ، أو بتعيين حارس تكون مهمته إعادة نشر أو عرض أو صناعة أو استخراج نسخ للمصنف محل النزاع على أن يودع الإيراد الناتج فى خزانة $ 428 $ المحكمة إلى أن يفصل فى أصل النزاع من المحكمة المختصة ( $%&[1] ) &%$ ) " .

ويتضح من هذا النص أن من نسب إليه المؤلف الاعتداء على مصنفه ولم يكن قد سمعت أقواله وقت أن استصدر المؤلف أمرا من رئيس المحكمة بالإجراءات التحفظية المتقدمة الذكر ، يجوز له أن يتظلم من هذا الأمر أمام رئيس المحكمة نفسه . وبعد أن يسمع رئيس المحكمة أقوال كل من الطرفين ، يصدر حكما فى التظلم المرفوع أمامه على أحد الوجوه الآتية : ( 1 ) تأييد الأمر السابق الصادر بالإجراءات التحفظية . ( 2 ) إلغاء الأمر السابق فى كل الإجراءات التحفظية التى صدر بها أو فى بعض هذه الإجراءات . ( 3 ) العدول عن الأمر السابق إلى طريقة وضع الحراسة على المصنف محل النزاع ، ويعين رئيس المحكمة فى هذه الحالة حارسا يقوم بإعادة نشر المصنف واستخراج نسخ منه أو إعادة عرضه . وما ينتج من الإيراد يودعه الحارس خزانة المحكمة ، إلى أن يفصل فى أصل النزاع من المحكمة المختصة . وفى جميع الأحوال يعتبر الحكم الصادر فى التظلم حكما قضائيا حل فيه رئيس المحكمة محل المحكمة الابتدائية ، ولذلك يجوز استئناف هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 45 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان معنى ، ويكادان يتطابقان لفظا .&%$ ) .

248 - الحكم فى أصل النزاع : وقد قدمنا ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الحكم الصادر فى الظلم المرفوع طبقا لحكم المادة 44 من القانون رقم 354 لسنة 1954 – وهو تقرير لحكم المادة 375 مرافعات – يعتبر حكما قضائيا حل به القاضى الآمر محل المحكمة الابتدائية ، وليس مجرد أمر ولائى ، ولذلك يكون رفع الاستئناف عن الحكم الصادر من رئيس المحكمة فى التظلم إلى محكمة الاستئناف . ولا يمنع من هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 354 لسنة 1954 من أن رئيس المحكمة الابتدائية يحكم فى التظلم بصفته قاضيا للأمور المستعجلة ، وذلك أن هذا الوصف لا يتفق ونصوص القانون المذكور التى تفيد بحكم مطابقتها لأصول الأحكام العامة للأوامر على العرائض أن ما عهد به المشرع إلى رئيس المحكمة هو من نوع ما عهد به إلى قاضى الأمور الوقتية . ولئن كان القاضى الآمر ( رئيس المحكمة ) ، وهو بصدد نظر التظلم فى أمر الحجز ، لا يستطيع أن يمس موضوع الحق ، إلا أن ذلك لا ينبغى أن يحجبه عن استظهار مبلغ الحد فى المنازعة المعروضة ، لا ليفصل فى الموضوع ، بل ليفصل فيما يبدو له أنه وجه الصواب فى الإجراء المطلوب ، دون أن يبنى حكمه على مجرد الشبهة ( نقض مدنى 6 ديسمبر سنة 1962 مجموعة الأحكام القضائية 13 رقم 172 ص 1902 )&%$ ) أن المؤلف أو خلفه ، $ 429 $ متى صدر له أمر بالإجراءات التحفظية السابق ذكرها ، يجب عليه فى خلال الخمسة عشر يوما التالية لصدور الأمر ، أن يرفع أصل النزاع أمام المحكمة الابتدائية التى يوجد فى دائرتها موطن المدعى عليه . فإذا ما طرح أصل النزاع أمام المحكمة المختصة ، فإن المادة 45 من قانون حماية حق المؤلف تنص على ما يأتى : " يجوز للمحكمة المطروح أمامها أصل النزاع ، بناء على طلب المؤلف أو من يقوم مقامه ، أن نأمر بإتلاف نسخ أو صور المصنف الذي نشر بوجه غير مشروع ، والمواد التى استعملت فى نشره بشرط ألا تكون صالحة لعمل آخر . ولها أن تأمر بتغيير معالم النسخ أو الصور أو المواد ، أو جعلها غير صالحة للعمل . وذلك كله على نفقة الطرف المسئول ... " ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 46 / 1 و 2 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان معنى ولفظا .&%$ ) .

ويتضح من هذا النص أن محكمة أصل النزاع ، إذا وجدت المؤلف أو خلفه على حق فيما ادعاه ، قضت له بالتنفيذ العينى . ومعنى التنفيذ العينى هنا هو تنفيذ التزام من اعتدى على حق المؤلف عينا ، فتزيل المحكمة كل أثر للاعتداء . ومن ذلك أن تأمر بإتلاف نسخ المصنف المعتدى عليه أو صورة التى نشرت بوجه غير مشروع حتى تخرجها عن التداول ، وأن تأمر بإتلاف المواد التى استعملت فى نشره بشرط ألا تكون صالحة لعمل آخر ، فتأمر بإتلاف الإكليشهات والحروف المجموعة والبروفات ونحو ذلك . ومن ذلك أن تأمر بتغيير معالم الصور أو النسخ أو المواد ، أو جعلها غير صالحة للعمل ، وذلك لمنعها من التداول بحالتها . وجميع ما تأمر به من ذلك يكون تنفيذه على نفقة الطرف المسئول ، لأنه هو المتسبب فيما وقع . هذا إلى أنه يجوز للمحكمة فوق ذلك ، أن تحكم بالتعويض على المعتدى إذا كان هناك مقتض للحكم بالتعويض .

وإذا وجدت المحكمة أن المؤلف أو خلفه ليس على حق فيما ادعاه ، قضت برفض الدعوى ، وبإلغاء الإجراءات التحفظية التى أمر بها رئيس المحكمة من قبل ، وحكمت بالمصروفات على المؤلف أو خلفه .

2 - التعويض

249 - حالات ثلاث : على أن هناك حالات ثلاثا يحكم فيها القاضى $ 430 $ بالتعويض بدلا من التنفيذ العينى ، وهذه الحالات هى : ( 1 ) إذا كان حق المؤلف ينقضى بعد مدة تقل عن سنتين . ( 2 ) إذا كان النزاع المطروح خاصا بترجمة مصنف إلى اللغة العربية . ( 3 ) إذا كان النزاع المطروح خاصا بحقوق المؤلف المعمارى .

250 - الحالة الأولى – حق المؤلف ينقضى بعد مدة تقل عن سنتين : ينص الجزء الأخير من الفقرة الأولى من المادة 45 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " على أنه يجوز للمحكمة ، إذا كان حق المؤلف ينقضى بعد فترة تقل عن سنتين ابتداء من تاريخ صدور الحكم ، وبشرط عدم الإخلال بحقوق المؤلف المنصوص عليها فى المواد 5 / 1 و 7 / 1 و 9 / 1 ، أن تستبدل الحكم بتثبيت الحجز التحفظى على هذه الأشياء ، وفاء لما تقضى به للمؤلف من تعويضات ، بالحكم بإتلاف أو تغيير المعالم " . وتنص المادة 45 / 3 على ما يأتى : " وفى كل الأحوال يكون للمؤلف بالنسبة لدينه الناشئ عن حقه فى التعويض امتياز على صافى ثمن بيع الأشياء وعلى النقود المحجوز عليها ، ولا يقدم على هذا الامتياز غير امتياز المصروفات القضائية والتى تتفق لحفظ وصيانة تلك الأشياء ولتحصيل تلك المبالغ " ( $%&[1] ) تقابل هذه النصوص المادة 46 / 2 أولا و 3 فى المشروع الجديد ، وتتطابق النصوص فى المعنى .&%$ ) .

ويتضح من هذه النصوص أنه يجوز للقاضى ، بدلا من الحكم بالتنفيذ العينى وبإتلاف الأشياء أو تغيير معالمها ، الاكتفاء بالحكم بتعويض للمؤلف أو خلفه عما أصابه من الضرر بسبب الاعتداء على حقه المالى فى استغلال مصنفه . فيقدر القاضى قيمة التعويض الواجب دفعه ، ويقضى فى الوقت ذاته بتثبيت الحجز التحفظى على الأشياء والنقود المحجوز عليها ، فيتقاضى المؤلف أو خلفه التعويض المحكوم به من النقود التى حكم بتثبيت الحجز عليها ( وهى الإيراد الناتج من النشر أو العرض والذى سبق الأمر بالحجز عليه ) ، ومن ثمن الأشياء التى حكم بتثبيت الحجز عليها ( نسخ المصنف والمواد التى تستعمل فى إعادة النشر ) . وحق المؤلف فى تقاضى التعويض من النقود وثمن الأشياء $ 431 $ حق ممتاز يتقدم على حقوق الدائنين الآخرين ، فيما عدا المصروفات القضائية ومصروفات الحفظ والصيانة والتحصيل .

ولكن يلاحظ فى ذلك أمور ثلاثة : ( 1 ) أنه يشترط للحكم بالتعويض بدلا من التنفيذ العينى أن يكون حق المؤلف المعتدى عليه لم يبق لانقضائه إلى مدة أقل من سنتين ، إذ تكون قلة المدة الباقية لحماية حق المؤلف فى هذه الحالة مبرراً للحكم بالتعويض دون التنفيذ العينى ، وهذا أجدى على كل من المؤلف والمعتدى . ( 2 ) أن الحكم بالتعويض دون التنفيذ العينى ، حتى إذا كان المدة الباقية للحماية أقل من سنتين ، جوازى لا وجوبى . فيجوز للقاضى إذن ، حتى فى هذه الحالة ، أن يحكم بالتنفيذ العينى وبإتلاف الأشياء أو تغيير معالمها ، إذا كان هناك فى ظروف القضية ما يبرر ذلك . ( $%&[1] ) &%$ ) أنه يجب الحكم بالتنفيذ العينى فيما إذا كان الاعتداء واقعا على الحق الأدبى للمؤلف ، من حق تقرير النشر وحق نسبة المصنف إلى المؤلف وحق المؤلف وحده فى إدخال ما يرى على مصنفه من تعديل أو تحوير ومنع أى حذف أو تغيير فى مصنفه .

251 - الحالة الثانية – النزاع المطروح خاص بترجمة مصنف إلى اللغة العربية : تنص الفقرة الثانية من المادة 45 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " وكذلك لا يجوز الحكم بالإتلاف أو تغيير المعالم ، إذا كان النزاع المطروح خاصا بترجمة مصنف إلى اللغة العربية ، بالمخالفة لحكم المادة 8 ، ويقتصر الحكم على تثبيت الحجز التحفظى على المصنف المترجم وفاء لما تقضى به المحكمة للمؤلف من تعويضات " ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 46 / 2 ثانيا فى المشروع الجديد ، ويتطابق النصان فى المعنى . &%$ ) .

ويتضح من هذا النص أنه إذا ترجم شخص مصنفا موضوعا بلغة أجنبية إلى اللغة العربية فى خلال خمس سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلى ، أو ترجمة من ترجمة إلى لغة أجنبية أخرى فى خلال خمس سنوات من تاريخ أول نشر للترجمة الأولى ، ولم يكن قد حصل على إذن المؤلف الأصلى والمترجم الأول ، فإنه يكون قد اعتدى على حق المؤلف أو على حق المترجم الأول $ 432 $ طبقا لأحكام المادة 8 من قانون حماية حق المؤلف . وكان مقتضى ذلك أن يقضى للمؤلف أو المترجم الأول بالتنفيذ العينى ، أى بإتلاف النسخ التى تحمل الترجمة العربية أو بتغيير معالمها . ولكن نص المادة 45 / 2 يقضى ، كما رأينا ، بالاكتفاء بالحكم للمؤلف والمترجم الأول بتعويض دون التنفيذ العينى ، فيحكم القاضى بتثبيت الحجز التحفظى على المصنف المترجم وعلى النقود المحصلة من ثمن بيعه ، ويستوفى المؤلف والمترجم الأول حقهما فى التعويض من هذه النقود ومن ثمن بيع النسخ المحجوز عليها . ويكون هذا الحق ممتازا طبقا لأحكام المادة 45 / 3 سالفة الذكر ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 250 .&%$ ) ، فيتقدم على جميع الحقوق الأخرى عدا المصروفات القضائية ومصروفات حفظ الأشياء وصيانتها وتحصيل المبالغ . وذلك كله رعاية لحق الترجمة إلى اللغة العربية ، وحفظها لهذه الترجمة من الإتلاف والضياع ، وتوفيقا بين كسب حققته الثقافة العربية وحق ثابت للمؤلف والمترجم الأول .

ويلاحظ هنا أمران : ( 1 ) أن الحكم سالف الذكر لا يسرى فى حالة ما إذا كان المؤلف أو المترجم الأول قد قام بترجمة مصنفه ، بنفسه أو بواسطة غيره ، إلى اللغة العربية ، إذ تكون هذه الترجمة الأولى اللغة العربية من شأنها أن تمنع ترجمة المصنف مرة أخرى إلى اللغة العربية دون إذن المؤلف .

فإذا ترجم المصنف ثانية إلى اللغة العربية دون إذن ، جاز الحكم بالتنفيذ العينى ، ولم تعد الثقافة العربية فى حاجة إلى هذه الترجمة الثانية بعد أن وجدت الترجمة الأولى . ويستثنى من ذلك حالة ما إذا كانت المدة الباقية للحماية أقل من سنتين ، فعند ذلك نعود إلى الحالة الأولى حيث يجوز الحكم بالتعويض دون التنفيذ العينى . ( 2 ) أن الحكم بالتعويض دون التنفيذ العينى ، فى هذه الحالة الثانية التى نحن بصددها ، وجوبى لا جوازى ، على خلاف الحالة الأولى فقد رأينا أن الحكم فيها بالتعويض جوازى لا وجوبى .

252 - الحالة الثالثة – النزاع المطروح خاص بحقوق المؤلف المعمارى : تنص المادة 46 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " لا يجوز بأى حال أن تكون المبانى محل حجز تطبيقا للمادة العاشرة من هذا القانون ، $ 433 $ ولا أن يقضى بإتلافها أو مصادرتها ، بقصد المحافظة على حقوق المؤلف المعمارى الذي تكون تصميماته ورسومه قد استعملت بوجه غير مشروع ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 47 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان فى المعنى .&%$ ) .

ويتضح من هذا النص أنه إذا اعتدى شخص على تصميمات أو رسوم مهندس معمارى ، واستعملها دون إذن فى إقامة مبنى ، فقد كان مقتضى تطبيق المادة 10 من قانون حماية حق المؤلف أنه يجوز الحجز على هذا المبنى ، ومقتضى تطبيق المادة 45 من نفس القانون الحكم بإتلاف أو مصادرة المبنى . ولكن نص المادة 46 الذي نحن بصدده يحرم هذا وذاك ، إذ المبنى يكون عادة كثير التكاليف بحيث يكون الحجز عليه أو إتلافه ومصادرته جزاء أشد بكثير من الاعتداء على تصميمات المهندس المعمارى ورسومه . لذلك يجب فى هذه الحالة الاكتفاء بالحكم بتعويض للمهندس المعمارى ، دون التنفيذ العينى . بل لا يجوز الحجز على المبنى لاستيفاء التعويض منه ، فليس للمهندس المعمارى فى هذه الحالة الثالثة – بخلاف الحالتين الأولى والثانية – حق ممتاز فى التعويض حتى يستوفيه متقدما على غيره من ثمن المبنى ... وإذا هو حجز على المبنى ، فإنما يحجز عليه كأى دائن عادى يحجز على مال مملوك لمدينة ، ويزاحمه فى ثمن المبنى سائر دائنى صاحب هذا المبنى .

المطلب الثانى

الطريق الجنائى

253 - الجرائم والعقوبات الأصلية : تنص الفقرة الأولى من المادة 47 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " يعتبر مرتبكا لجريمة التقليد ، ويعاقب عليه بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على مائة جنيه ، كل من ارتكب أحد الأفعال الآتية : ( أولا ) من اعتدى على حقوق المؤلف المنصوص عليها فى المواد 5 و 6و 7 / 1 و 3 من القانون . ( ثانياً ) من باع مصنفا مقلدا أو من أدخل فى القطر المصرى دون إذن المؤلف أو من يقوم مقامه مصنفات منشورة فى الخارج وتشملها الحماية التى يفرضها القانون . ( ثالثاً ) من قلد فى $ 434 $ مصر مصنفات منشورة بالخارج ، وكذا من باع هذه المصنفات أو صدرها أو تولى شحنها إلى الخارج ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 48 / 1 فى المشروع الجديد ، وتجرى على الوجه الآتى " يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد على خمسمائة جنيه كل من ارتكب أحد الأفعال الآتية : ( أولا ) من اعتدى على حقوق المؤلف المنصوص عليها فى المـواد 5و 6و 7و 8و 9 . ( ثانيا ) من باع أو عرض للبيع أو أذاع على الجمهور بأية طريقة كانت ، أو أدخل إلى أراضى الدولة أو أخرج منها ، مصنفا مقلدا مع علمه بالتقليد . ( ثالثا ) من قلد فى البلاد مصنفات منشورة فى الخارج وتشملها الحماية التى يقررها هذا القانون ، وكذلك من باعها أو صدرها أو تولى شحنها إلى الخارج " .&%$ ) " .

ويتضح من هذا النص أن المشرع لم يقتصر على الطريق المدنى فى حماية حق المؤلف ، بل فتح أيضا الطريق الجنائى . فجعل جريمة التقليد للمصنف ( contrefacon ) جنحة يعاقب عليها بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على مائة جنيه . وجريمة التقليد تتناول أحد الأفعال الآتية : ( 1 ) الاعتداء على حقوق المؤلف المالية والأدبية كما وردت فى المواد 5و 6و 7 / 1 و 3 . ( 2 ) بيع المصنفات التى يعتبر نشرها اعتداء على حق المؤلف فى مصر أو إدخال هذه المصنفات من الخارج إلى مصر ، وهذا وذاك دون أن يكون الشخص قد شارك فى تقليدها ، بل يكفى مجرد البيع أو الإدخال فى القطر المصرى مع العلم بالتقليد . ( 3 ) الاعتداء على حق المؤلف فى مصنفات منشورة بالخارج ، أو بيع هذه المصنفات فى مصر أو تصديرها إلى الخارج دون مشاركة فى تقليدها .

وتقول المذكرة الإيضاحية فى صدد القصد الجنائى ما يأتى : " ولم يشترط القانون قصداً جنائيا خاصا ، وإنما يجب توافر القصد الجنائى العام الذي يشمل بطبيعة الحال علم البائع بتقليد المصنف ، إذ أن ذلك العلم يدخل فى إدراك المتهم للوضع الإجرامى المشترط فى القصد الجنائى " .

254 - العقوبات التبيعة : وتنص المادة 47 / 3 و 4 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " ويجوز للمحكمة أن تقضى بمصادرة جميع الأدوات المخصصة للنشر غير المشروع الذي وقع بالمخالفة لأحكام المواد 5 و 6 و 7 / 1 و 3 التى لا تصلح إلا لهذا النشر ، وكذلك مصادرة جميع النسخ المقلدة . كما يجوز لها أن تأمر بنشر الحكم فى جريدة واحدة أو أكثر على نفقة المحكمة عليه ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 48 / 2 و 3 فى المشروع الجديد ، والنصان متطابقان معنى ولفظا .&%$ ) .

 $ 435 $ ويتضح من هذا النص أن القانون جعل إلى جانب العقوبة الأصلية ، وهى الغرامة من عشر جنيهات إلى مائة جنيه ، العقوبات التبعية الآتية : ( 1 ) مصادرة الأدوات المخصصة للنشر ولا تصلح إلا له . ( 2 ) مصادرة جميع النسخ المقلدة . ( 3 ) نشر الحكم فى جريدة أو أكثر تعينها المحكمة ، على نفقة المحكوم عليه .

255 - حالة العود : وتنص المادة 47 / 2 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : " وفى حالة العود يحكم على الجانى بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة شهور وبغرامة لا تزيد على ثلثمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين . كما يجوز للمحكمة فى حالة العود الحكم بغلق المؤسسة التى استغلها المقلدون أو شركاؤهم فى ارتكاب فعلهم لمدة معينة أو نهائيا ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 48 / 4 فى المشروع الجديد ، وتجرى على الوجه الآتى : " وتعتبر الجرائم المشار إليها فى هذه المادة متماثلة فى حالة العود " .&%$ ) " .

ويتضح من هذا النص أن القانون شدد العقوبة فى حالة العود ، فأجاز الحبس لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ، ورفع الحد الأقصى للغرامة إلى ثلثمائة جنيه ( مع بقاء الحد الأدنى بداهة عشرة جنيهات ) ، وأجاز الحكم بعقوبتى الحبس والغرامة معاً أو بإحدى هاتين العقوبتين دون الأخرى .

وأضاف ، فى حالة العود ، إلى هذه العقوبات الأصلية ، العقوبات التبعية السابق بيانها ، مع عقوبة تبعية جديدة هى إغلاق المؤسسة التى استغلها المقلدون أو شركاؤهم فى ارتكاب فعلهم لمدة معينة أو نهائيا ، فلو كانت هذه المؤسسة دار نشر مثلا قضى بإغلاقها نهائيا أو لمدة معينة .

256 - جريمة عدم الإبداع فى دار الكتب وعقوبتها : تنص المادة 48 من قانون حماية حق المؤلف على ما يأتى : يجب على ناشرى المصنفات التى تعد للنشر عن طريق عمل نسخ منها أن يودعوا خلال شهر من تاريخ النشر خمس نسخ من المصنف فى دار الكتب المصرية ، وفقا للنظام الذي يصدر به قرار من وزير المعارف العمومية . ويعاقب على عدم الإيداع بغرامة لا تزيد على خمسة وعشرين جنيها ، دون إخلال بوجوب إيداع النسخ . ولا يترتب $ 436 $ على عدم الإيداع الإخلال بحقوق المؤلف التى يقررها هذا القانون . ولا تسرى هذه الأحكام على المصنفات المنشورة فى الصحف والمجلات الدورية ، إلا إذا نشرت هذه المصنفات على انفراد " ( $%&[1] ) يقابل النص المادة 49 فى المشروع الجديد ، والنصاب متطابقان معنى ( وقد ورد فى المشروع الجديد : " وفقا للنظام الذى يضعه وزير الثقافة والإرشاد القومى " ) .&%$ ) .

ويتضح من هذا النص أن إيداع خمس نسخ من كل مصنف معد فى دار الكتب المصرية واجب على الناشر ، والإيداع يجب أن يتم فى خلال شهر من تاريخ النشر ، وفقاً للنظام الذي يضعه الوزير المختص . ولا يترتب على عدم الإيداع أى إخلال بحقوق المؤلف ، وإنما يعاقب الناشر بغرامة لا تزيد على خمسة وعشرين جنيها مع عدم الإخلال بوجوب إيداع النسخ المطلوبة . وإذا نشرت مصنفات فى صحف ومجلات دورية ، فيكتفى بإيداع الصحف والمجلات ذاتها ، إلا إذا نشرت هذه المصنفات بعد ذلك على انفراد فيجب عندئذ إيداع خمس نسخ منها على الوجه المتقدم الذكر .

وتقول المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد : " أوجبت المادة 48 على ناشرى المصنفات التى تعد للنشر عن طريق عمل نسخ منها أن يودعوا خلال شهر من تاريخ النشر خمس نسخ من المصنف بدار الكتب المصرية وفقا للنظام الذي يصدر به قرار من وزير المعارف العمومية ، وذلك بقصد تغذية المكتبة العامة وتمكين الدولة من مراقبة ما ينشر فى البلاد من مؤلفات أدبية أو فنية أو موسيقية . ويقتصر الإيداع على المصنفات التى تستخرج منها عدة نسخ عن طريق الطبع أو أية وسيلة أخرى مشابهة ، ومن ثم فمن غير المعقول تكليف من قام بصنع تمثال بأن يودع نموذجا منه . وقد أعفيت المصنفات المنشورة فى الجرائد والمجلات من واجب الإيداع ، فإذا نشرت هذه المصنفات مستقلة وجب الإيداع " .

 $ 437 $

الفصل الثانى

حقوق أخرى على أشياء غير مادية

الحقوق المتعلقة بالرسالة وبحق المخترع

الفرع الأول

الحقوق المتعلقة بالرسالة ( $%&[1] ) مراجع Rousseau فى الرسائل والبرقيان الطبعة الثانية سنة 1877 – Tissier فى ملكية الرسائل وحرمتها سنة 1885 – legris فى سرية الرسائل وملكيتها وتقديمها للقضاء الطبعة الثانية سنة 1894 – peret فى حرمة سرية الرسائل سنة 1895 - Montagnier فى الرسائل فى القانون الخاص طبعة ثانية سنة 1907 - person باريس سنة 1910 - Jardel فى الرسائل سنة 1911 - Geny فى الحقوق المترتبة على الرسائل جزءان سنة 1911 - Valery فى الرسائل سنة 1912 - Damoisy فى حقوق الورثة على الرسائل رسالة من مونبلية سنة 1926 - wurzburger فى حماية الرسائل فى القانون الألمانى رسالة من ستراسبورج سنة 1928 .&%$ )

( Droits sur les letters missives )

257 - ما هى الرسالة – الحقوق المتنوعة التى تتعلق بها : الرسالة ورقة مكتوبة يبعث بها شخص إلى آخر ، ينقل إليه فيها خبراً أو فكرة أو ينهى إليه أمراً . وقد يقوم بإيصالها رسول ، أو تقوم بذلك مصلحة البريد كما هو الغالب ، وقد يسلمها الشخص مباشرة إلى صاحبه كما لو كان هذا أصم فيجرى التفاهم معه بالكتابة . وليس من الضرورى أن تكون الرسالة ورقة مقفلة ، فقد تكون ورقة مفتوحة ، أو بطاقة بريد ، أو أصل برقية ، أو نحو ذلك . وتفترض الرسالة وجود مرسل ( expediteur ) ومرسل إليه ( destinataire ) . وخاصية الرسالة أنها ليست ورقة مكتوبة فحسب ، بل هى أيضا تنقل فكر المرسل إلى المرسل إليه ، فتسجل فكرة تتصل بشخص المرسل . ومن هنا تنوعت الحقوق التى تتعلق بالرسالة .

 $ 438 $ فمن جهة يتعلق بها حق المرسل إليه ، فإن ملكية الورقة المكتوبة تنتقل إليه بتسلمه للرسالة . ومن جهة أخرى يتعلق بالرسالة حقان للمرسل : حقه فى السرية إذا كانت الرسالة تتضمن سراً يخصه ، وحقه كمؤلف للرسالة إذ أن له عليها حق المؤلف . ثم إن الرسالة بعد ذلك قد تصلح دليلا للإثبات لمصلحة المرسل إليه ، أو لمصلحة المرسل ، أو لمصلحة الغير .

ومن هنا تتعلق بالرسالة حقوق أربعة نبحثها على التعاقب : ( 1 ) حق الملكية المادية . ( 2 ) الحق فى السرية . ( 3 ) حق المؤلف . ( 4 ) الحق فى الإثبات ( $%&[1] ) لم يتضمن قانون حماية حق المؤلف نصا فى شأن الرسالة ، ولكن المشروع الجديد تضمن نصا فى هذا الصدد ، فقضت المادة 37 من هذا المشروع بما يأتى : " للمؤلف وحده حق نشر رسائله ، ولكن لا تجوز مباشرة هذا الحق دون إذن المرسل إليه إذا كان من شأن النشر أن يلحق به ضرراً " . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع الجديد : " تعرض المشروع فى المادة 37 لبيان حق المرسل على رسائله باعتباره مؤلفا لها يتمتع بهذا الاعتبار بكل المزايا الأدبية والمادية التى يستتبعها حق المؤلف ، ومن أظهرها حقه فى نشر رسائله . ولما كانت الرسائل قد تتضمن من الأسرار الخاصة التى تتصل بحماية المرسل إليه أو تمس به ما يقتضى المحافظة على سريتها ، فإن حق المرسل فى نشرها فى مثل هذه الحالة يتقيد بضرورة الحصول على إذن من المرسل إليه متى كان من شأن النشر أن يضر به . وهذا ما عنى النص ببيانه فى شقه الأخير ، كقيد على ممارسة المرسل لحقه على الرسالة كمؤلف لها . وغنى عن البيان أن من حق الآخرين ممن قد تتصل الرسالة بهم أن يعترضوا على نشرها كذلك ، إذا كان من شأن النشر الإضرار بهم . وهذا الحق يخضع للقواعد العامة " .&%$ ) .

1-  حق الملكية المادية

( droit de propriete materielle )

258 - انتقال ملكية الرسالة إلى المرسل إليه بمجرد تسلمه إياها : والرسالة ، وهى فى الأصل ملك المرسل ، تنتقل ملكيتها إلى المرسل إليه بمجرد وصولها إلى هذا الأخير وتسلمه إياها من مصلحة البريد مثلا أو من رسول يحملها إليه . وتحديد من هو المرسل إليه مسألة واقع يبت فيها قاضى الموضوع بحسب ظروف كل دعوى ( $%&[1] ) نقض فرنسى 8 نوفمبر سنة 1892 سيريه 93 - 1 - 248 - 3 فبراير سنة 1909 داللوز 1910 –1 - 441 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 582 ص 591 .&%$ ) ، وبخاصة إذا كتب عنوان المرسل إليه فى غير دقة ، أو تغيير عنوانه ، أو كان المرسل إليه على رأس متجر باعه فأرسلت $ 439 $ الرسالة باسمه وكان قد قصد إرسالها إلى صاحب المتجر أى إلى المشترى ( $%&[1] ) ويستثنى من قاعدة انتقال الملكية إلى المرسل إليه الأحوال الآتية : ( أ ) إذا كانت الرسالة موجهة إلى دواوين الحكومة ، فإنها تكون ملكا للحكومة لا للموظف الذى أرسلت إليه .

( ب ) إذا كان من تلقى الرسالة قد تلقاها باعتباره نائبا عن المرسل إليه كولى أو وصى أو قيم ، فالمالك هو الأصيل لا من تلقى الرسالة . ( جـ ) إذا اشترط المرسل إعادة الرسالة إليه أو تمزيقها ، فعند ذلك لا تنتقل ملكيتها إلى المرسل إليه ، بل على هذا أن يردها إلى المرسل أو ان يمزقها .

وقد قضت محكمة طنطا الكلية ، بأن ملكية الرسالة للمرسل إليه ، إلا ما استثنى فى حالة ما إذا اشترط المرسل إليه أن يمزق الرسالة بمجرد قراءتها ، أو الرسائل التى يتسلمها الموظفون فإنها تكون ملكا للحكومة ، والرسائل التى يتسلمها الوكيل فإنها ملك للموكل ، وكذا الرسائل التى تتعلق بشخص تاريخى فإنها تكون ملكا لورثته من بعده ( طنطا الكلية 27 يونيه سنة 1939 المحاماة 21 رقم 39 ص 57 - وانظر أيضا مصر قاضى الأمور الوقتية 25 يناير سنة 1942 المحاماة 25 رقم 76 ص 207 ) .&%$ ) .

ويترتب على أن ملكية الرسالة لا تنتقل إلى المرسل إليه إلا عند تسلم هذا إياها النتائج الآتية : ( 1 ) أن الرسالة ، وهى فى الطريق ، تكون ملكا للمرسل لا للمرسل إليه . ( 2 ) أن الرسالة إذا حوت شيئا ذا قيمة كأوراق نقد أو أوراق مالية ، فإن تبعة ضياعها فى الطريق تكون على المرسل لا على المرسل إليه ، إذ أن هذا لم تنتقل إليه ملكية الأوراق قبل أن يتسلمها فتكون تبعة ضياعها على المرسل . ( 3 ) أنه إذا تمكن أجنبى من الإستيلاء على الرسالة وهى فى الطريق ، كان للمرسل لا للمرسل إليه حق الرجوع على الأجنبى ليسترد منه الرسالة أو يتقاضى منه تعويضا عنها .

259 - انتقال ملكية الرسالة إلى ورثة المرسل إليه : وعند موت المرسل إليه تنتقل ملكية الرسالة إلى ورثته ، شأنه فى ذلك شأن سائر أموال المرسل إليه ، وذلك ما لم يكن المرسل قد اشترط استرداد الرسالة عند موت المرسل إليه أو إعدامها دون انتقالها إلى ورثته . وقد يفهم هذا الشرط ضمنا من طبيعة الرسالة وسريتها ، أو عدم الجدوى من وجودها فى أيدى الورثة بعد موت مورثهم . كذلك قد يوصى المرسل إليه بأن تؤول الرسالة إلى أحد الورثة بالذات أو إلى أجنبى يراه أصلح من غيره بحفظ الرسالة ، فيجب فى هذه الحالة تنفيذ وصيته . وليس لدائنى المرسل إليه الاعتراض على الوصية ، $ 440 $ ولكن إذا ظهر فيما بعد أن نشر الرسالة يغل مالا تعلقت حقوق الدائنين بهذا المال إذا لم يكونوا قد استوفوها من التركة .

فإذا لم يكن شىء من ذلك ، انتقلت ملكية الرسالة إلى ورثة المرسل إليه كما سبق القول . وقد تستعصى على القسمة بين الورثة ، فتقع فى نصيب أجدرهم برعايتها ، وللآخرين الحق فى أخذ صور منها إذا شاءوا ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 583 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3489 .&%$ ) .

260 - سلطة المرسل إليه كمالك للرسالة : لما كان المرسل إليه يعتبر مالكا للرسالة كما قدمنا ، فإن له عليها سلطة المالك ، فمن حقه أن يحتفظ بالرسالة ، وأن يمتنع عن ردها إلى المرسل إذا طلب هذا إليه ذلك ما لم يكن قد اشترط الاسترداد ، وأن يستردها من يد أى شخص انتقلت إليه حيازة الرسالة دون رضاه . وله أن يتصرف فى الرسالة بالبيع والهبة والعارية وغير ذلك من أنواع التصرفات التى تصلح لها الرسالة ، وله أخيراً أن يعدم الرسالة إذا شاء ، ولا يكون مسئولا عن إعدامها إذ هى ملكه .

على أنه مقيد ، فى سلطته على الرسالة ، بقيدين لمصلحة المرسل : ( القيد الأول ) أن للمرسل كما سنرى ، الحق فى السرية ، فلا يجوز للمرسل إليه أن يفشى الرسالة أو يذيعها بالرغم من سريتها ، إلا إذا حصل على إذن بذلك من المرسل . ( القيد الثانى ) أن للمرسل حق المؤلف على الرسالة ، كما سنرى أيضا ، فلا يجوز للمرسل أن ينشر الرسالة أو جزءاً منها إلا بإذن المرسل ( $%&[1] ) انظر فى كل ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 584 .&%$ ) .

 

2-   الحق فى السرية

( droft au secret )

261 - الأساس الذي يقوم عليه الحق فى السرية : كان هناك رأى يذهب إلى أن الأساس الذي يقوم عليه الحق فى سرية الرسائل هو ميثاق ( pacte ) ضمنى يقوم بين المرسل والمرسل إليه ، بموجبه يتعهد المرسل إليه بالمحافظة على سرية الرسالة فلا يذيع مشتملاتها ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى Person فقرة 122 - ص 101 - ص 102 - Tissier ص 42 - Peret ص 69 وص 77 – ص 78 وص 83 - روان 23 مارس سنة 1864 سيريه 64 - 2 - 143 .&%$ ) . ولكن هذا الأساس لا يمكن $ 441 $ التسليم به ، فإن الميثاق المزعوم إذا سلمنا به من جانب المرسل ، فهو محض افتراض من جانب المرسل إليه الذي لا يعرف قبل أن يفتح الرسالة مضمونها حتى يتعهد بالمحافظة على سريتها . ثم إن الرسالة قد تقع فى يد الغير بمحض الصدفة أو باستيلاء الغير عليها ، فلا يمكن افتراض هذا الميثاق فى هذه الحالة ومع ذلك تحتفظ الرسالة بسريتها كاملة ( $%&[1] ) Jardel ص 203 وما بعدها – Geny 1 ص 197 .&%$ ) .

لذلك عدل عن فكرة الميثاق الضمنى أساسا يقوم عليه الحق فى السرية ، إلى فكرة أن سرية الرسالة جانب من جوانب شخصية المرسل ، فهى حق من حقوق الشخصية ( droit de personnalite ) . وكما يجب احترام شخصية المرسل ، كذلك يجب احترام سرية رسائله ، فليست السرية إلا جانبا من جوانب هذه الشخصية ( $%&[1] ) Geny 1 فقرة 266 - أوبرى ورو وبارتان 12 فقرة 760 ثالثاً هامش ، مكرر - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 585 ص 593 - بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 3492 .&%$ ) .

262 - الرسائل التى تتمتع بالحق فى السرية والأشخاص الذين يجوز لهم التمسك بهذا الحق : أما الرسائل التى تتمتع بالحق فى السرية فهى الرسائل التى تحمل طابع السرية ( letters confientielles ) . وقد كان القائلون بأن الميثاق الضمنى هو الأساس الذي يقوم عليه الحق فى سرية الرسائل يجعلون معيار " طابع السرية " معياراً شخصيا قائما على نية المتراسلين ، فإذا انصرفت نيتهم إلى جعل الرسائل سرية فهذه النية هى التى تخلع على الرسالة طابع السرية . ولما عدل عن فكرة الميثاق الضمنى ، عدل معها عن هذا المعيار الشخصى ، إلى معيار موضوعى يتخذ من ظروف المرسل وظروف المرسل إليه وظروف التراسل والحالة الاجتماعية التى يوجد فيها الأشخاص ما يخلع على الرسالة طابع السرية . فالرسائل التجارية تحمل غالبا طابع السرية ، وبخاصة إذا كانت الرسائل موجهة من التاجر إلى ممثله يبعث فيها بتعليمات نتناول خصوصيات تجارية ، أو كانت الرسالة موجهة إلى تاجر تحمل معلومات عن حالة تاجر آخر وملاءته ومقدرته المالية وما إلى ذلك . والرسالة التى يبعث $ 442 $ بها الموكل إلى محاميه قد تحمل طابع السرية ، وتحميها القواعد المتعلقة بسر المهنة وقد تحمل طابع السرية الرسالة التى تبعث بها الخطيبة لخطيبها تكشف له فيها عن بعض أسرارها العائلية ، أو التى يبعث بها الخطيب لخطيبته يكشف فيها عن حالته المالية مثلا أو عن بعض أسراره العائلية . فالرسالة إذن تحمل طابع السرية أولا تحمله حسب الظروف الموضوعية التى تحيط بالتراسل وبالمتراسلين ( $%&[1] ) أوبرى ورو وبارتان 12 فقرة 760 ثالثا ص 292 .&%$ ) . وقد تحمل الرسالة طابع السرية فى بداية الأمر ، ثم تذاع لسبب مشروع كأن تقدم مستنداً أمام القضاء ، فلا تعود تحمل طابع السرية ( $%&[1] ) أوبرى ورو وبارتان 12 فقرة 760 ثالثا ص 293 – ص 294 - أنسيكلوبيدى داللوز 3 لفظ Let . Mis . فقرة 50 .&%$ ) .

والأصل أن الشخص الذي يحق له التمسك بالسرية هو المرسل ، ويتمسك بها ضد المرسل إليه أو أى شخص آخر تقع فى يده الرسالة ، ولكن لما كانت السرية قائمة ، كما قدمنا ، على وجوب احترام حقوق الشخصية ، فأى شخص يذكر فى الرسالة ، سواء كان المرسل أو المرسل إليه أو أجنبيا ، بحيث يقترن ذكره بمعلومات من شأنها أن تستمد من حقوق شخصيته ما يضفى على الرسالة طابع السرية ، يجوز له أن يتمسك بالحق فى السرية ( $%&[1] ) نقض فرنسى 21 يوليه سنة 1862 سيريه 62 - 1 - 326 - Geny 1 ص 223 هامش 2 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 585 ص 595 .&%$ ) .

263 - جزاء انتهاك حرمة السرية : وطابع السرية الذي تحمله الرسالة يتضمن قيداً هاما على ما للمرسل إليه من حق ملكية الرسالة ، فهو كمالك من حقه أن يتصرف فى الرسالة كما يشاء ، ولكن بشرط أن يحترم واجب السرية فلا ينتهك حرمتها ، ولا يذيع الرسالة بحيث يكشف عن اسرار من له الحق فى التمسك بالسرية على النحو الذي ذكرناه ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة طنطا الكلية بأن حق الملكية فى الرسائل مقيد بقيود ، منها انتقال الملكية للمرسل إليه مجردة عن السر العائلى الذي يبقى ملكا للمرسل ، فلا يجوز للمرسل إليه نشرها ، وليس له أن يقدم رسالة للقضاء تتضمن سراً من أسرار المرسل ( طنطا الكلية 27 يونيه سنة 1939 المحاماة 21 رقم 39 ص 57 - وأنظر مصر قاضى الأمور الوقتية 25 يناير سنة 1942 المحاماة 250 رقم 76 ص 207 ) .&%$ ) .

 $ 443 $ ولصاحب الشأن أن يتوقى أولا انتهاك حرية السرية ، عندما يرى هذه الحرمة مهددة بالانتهاك . فله أن يطلب من القضاء المستعجل منع نشر الرسالة أو منع تقديمها إلى القضاء ، أو منع بيعها فى المزاد العلنى ( $%&[1] ) نقض فرنسى 5 فبراير سنة 1900 سيريه 1901 – 1 - 17 – 20 أكتوبر سنة 1908 داللوز 1909 - 1 - 46 - السين 27 نوفمبر سنة 1928 داللوز الأسبوعى 1928 - 616 .&%$ ) .

فإذا انتهكت حرمة السرية فعلا ، كان أمام صاحب الشأن أن يطلب تعويضا عن انتهاك هذه الحرمة ( $%&[1] ) كان 7 فبراير سنة 1898 داللوز 99 - 2 - 2 .&%$ ) . بل له فى حالات استثنائية ، يقوم فيها مبرر كاف ، أن يطلب إعدام الرسالة ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى Geny 1 ص 206 – عكس ذلك كان 7 فبراير سنة 1898 داللوز 99 - 2 - 2 ( وهو الحكم السابق الإشارة إليه ) .&%$ ) . ولكن ليس له أن يطلب استرداد الرسالة فقد خرجت من ملكه ودخلت فى ملك المرسل إليه ، وفى إجبار المرسل إليه على رد الرسالة انتهاك حرمة ملكه انتهاكا لا يبرره انتهاك حرمة السرية ( $%&[1] ) باريس 10 ديسمبر سنة 1850 سيريه 50 - 2 - 625 – Geny 1 ص 205 ولكن أنظر فى حالة موت المرسل إليه نقض فرنسى 28 مايو سنة 1900 سيريه 1901 - 1 - 263 - السين 18 يوليه سنة 1923 داللوز 1923 - 2 - 206 .&%$ ) .

3-   حق المؤلف

( droit dauteur )

264 – للمرسل حق المؤلف على الرسالة : وإذا كانت الرسالة تنطوى على جانب من الابتكار ، كان للمرسل حق المؤلف عليها ، فهو الذي أنشأها وقام بجانب الابتكار فيها ( $%&[1] ) Geny 1 فقرة 142 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 586 - السين 20 يوليه سنة 1888 جازيت دى باليه 88 - 2 - 213 ( رسائل Paul Baudry ) – السين 11 مارس سنة 1897 داللوز 98 - 2 - 358 ( رسائل George sand ) – باريس 15 يونيه سنة 1901 داللوز 1903 - 2 - 273 ( رسائل Merimee ) .&%$ ) .

فللمرسل إذن أن يقرر نشر الرسالة ، وله أن ينشرها . وله ، دون المرسل ، حق الاستغلال المالى ، فهو وحده الذي له حق المؤلف . وله دفع $ 444 $ الاعتداء عن حقه الأدبى فى الرسالة ، كما له أن يسحبها من التداول إذا هى نشرت ( $%&[1] ) السين 14 ديسمبر سنة 1899 وباريس 21 فبراير سنة 1901 داللوز 1902 - 2 - 17 .&%$ ) .

وينتقل حق المؤلف من المرسل إلى ورثته ( $%&[1] ) السين 11 مارس سنة 1897 داللوز 98 - 2 - 358 - Geny 1 ص 381 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 596 .&%$ ) . فينتقل إلى هؤلاء حق الاستغلال المالى ، كما ينتقل إليهم الحق الأدبى . وبموجب الحق الأدبى يكون للورثة الحق فى تقرير نشر الرسالة أو عدم نشرها ، متوخين فى ذلك بوجه خاص احترام إرادة المرسل صاحب الرسالة ( $%&[1] ) باريس 10 ديسمبر سنة 1850 سيريه 50 –2 - 625 - السين 20 مايو سنة 1904 Le Droit 21 مايو سنة 1904 .&%$ ) .

265 - تقييد حق المؤلف بملكية الرسالة المادية وبالحق فى السرية : على أن حق المؤلف الثابت للمرسل على الرسالة يتقيد بحق الملكية المادية للمرسل إليه ، وبحق السرية فى الرسالة .

فتقييد حق المؤلف بحق الملكية المادية للمرسل إليه يأتى من أن أصل الرسالة يكون عادة فى يد المرسل إليه ، ويملكه هذا ملكية مادية على النحو الذي ذكرناه . فلا يستطيع المرسل أن ينتزع أصل الرسالة من يد المرسل إليه لنشرها إذا شاء ، إذ يجوز للمرسل إليه كما قدمنا أن يمتنع من رد أصل الرسالة إلى المرسل . فلا يبقى أمام المرسل ، إذا شاء نشر الرسالة ، إلا أحد أمرين : إما أن يكون قد احتفظ عنده بصورة من أصل الرسالة ينشرها متى أراد ، أو أن يتفق مع المرسل إليه على تسليمه الأصل لنشره ورده إليه بعد ذلك وقد يكون هذا فى مقابل مبلغ من المال ( $%&[1] ) Geny 1 ص 365 وص 372 - Jardel ص 281 - ص 282 .&%$ ) . وقد يستخلص من الظروف أن المرسل أراد أن ينقل إلى المرسل إليه ، مع ملكية الرسالة المادية ، حق المؤلف على الرسالة . فيكون للمرسل إليه فى هذه الحالة حق نشر الرسالة لا باعتباره مالكا لها ملكية أدبية ، بل باعتباره متنازلا له عن حق المؤلف ( $%&[1] ) السين 30 يونيه سنة 1883 Ann . سنة 1887 ص 108 – ص 115 ( رسائل Sainte - Beuve ) – 14 ديسمبر سنة 1899 داللوز 1902 – 2 - 17 – ولقاضى الموضوع تقدير ما إذا كان المرسل قد نزل للمرسل إليه عن حق المؤلف . ولا يعتبر عدم احتفاظ المرسل بصورة من الرسالة إلا مجرد قرينة قضائية على نزوله عن حق المؤلف قد يأخذ بها القاضى فى بعض القضايا ولا يأخذ بها فى بعض آخر ( أنسيكلوبيدى داللوز 3 لفظ Let . Mis . فقرة 65 ) .&%$ ) . وقد يستخلص من الظروف كذلك أن المرسل قد أذن للمرسل إليه فى نشر $ 445 $ الرسالة ، دون أن ينزل له بذلك عن حق المؤلف ، فيكون لكل من المرسل والمرسل إليه حق النشر ، الأول بموجب حق المؤلف ، والآخر بموجب الإذن الصادر من المرسل ( $%&[1] ) السين 2 ديسمبر سنة 1864 داللوز 64 - 3 - 112 – Geny 1 ص 372 وهامـش 2 .&%$ ) .

ويتقيد حق المؤلف بالحق فى السرية ، إذا ثبت هذا الحق فى الرسالة للمرسل إليه أو لأجنبى على النحو الذي بيناه فيما تقدم ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 262 .&%$ ) . وعند ذلك يمتنع على المرسل نشر الرسالة إلا بإذن من له الحق فى السرية ، وإلا كان لهذا الأخير أن يمنعه من النشر ، وإذا تم النشر دون إذنه كان له الحق فى الرجوع بالتعويض ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 263 .&%$ ) . وإذا ثبت حق النشر للمرسل إليه ، كان على هذا ألا يخل بحرمة سرية الرسالة ، سواء تعلق حق السرية بالمرسل أو بأجنبى ( $%&[1] ) السين 11 مارس سنة 1897 داللوز 98 – 2 - 358 - السين دائرة الجنح 17 ديسمبر سنة 1900 داللوز 1903 – 2 - 273 - Geny 1 ص 371 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 596 ص 596 .&%$ ) .

4-  الحق فى الإثبات

( droit a la preuve )

266 - قيمة الرسالة فى الإثبات – إحالة : كان الفقه والقضاء فى مصر ، فى ظل التقنين المدنى السابق ، يذهبان إلى أن للمرسل إليه أن يستخدم الرسالة كدليل إثبات على حق يدعيه عند المرسل . ثم إن ما ورد فى الرسالة إذا كان بخط المدين أو كان موقعا عليه منه يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة أو دليلا كاملا ، على أن يترك ذلك لتقدير القاضى ، فإن الرسالة ليست فى الأصل معدة للإثبات وما يدونه المرسل فيها لا يلتزم فيه من الاحتياط ما يلتزمه فى الورقة العرفية التى تعد مقدما للإثبات فيجب أن يكون هذا محلا للاعتبار ( $%&[1] ) انظر فى تفصيل ذلك الوسيط 2 فقرة 132 .&%$ ) .

 $ 446 $ أما التقنين المدنى الجديد فلم يترك الأمر إلى تقدير القاضى ، بل نص فى المادة 396 / 1 منه على أن " تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الورقة العرفية فى الإثبات " . وقد سلب القاضى بهذا النص حريته فى التقدير ، فلم يعد يستطيع ، إذا رأى المرسل لم يحتط فى رسالته ، أن يرفع عن الرسالة حجيتها أو أن ينتقص من هذه الحجية كما كان يستطيع فى ظل التقنين المدنى السابق . فمتى كانت الرسالة موقعة من المرسل ، استوفت شرائط الورقة العرفية ، وثبتت لها قيمة الدليل الكامل . فهى حجة على المرسل من حيث صدورها منه ، إلا أن ينكر توقيعه أو خطه . وهى أيضاً حجة على المرسل بصحة المدون فيها ، إلا أن يثبت العكس بالطرق المقررة . وهى أخيرا حجة على المرسل من حيث قيام التصرف القانونى الذي تشهد به الرسالة ، على أن له أن يدفع هذا التصرف بجميع الدفوع الموضوعية والشكلية التى يسمح بها القانون ( $%&[1] ) " والذى لا يزال يفرق فى نظرنا بين الرسالة الموقعة والورقة العرفية المعدة للإثبات ، حتى فى ظل التقنين الجديد ، هو أن القاضى عند تفسيره للعبارات الواردة فى الرسالة الموقعة – إذا كانت هذه الرسالة لم تعد مقدما للإثبات ويندر أن تعد لهذا الغرض فى غير المسائل التجارية - لابد أن ملق بألا إلى أن كاتب هذه العبارة لم يصطنع الحيطة المألوفة عند من يقصد أن يرتبط بعباراته ارتباطا قانونيا ، فيفسر الرسالة بما يتلاءم مع الجو الذى كتبت فيه " ( الوسيط 2 فقرة 132 ص 260 ) .&%$ ) . أما إذا كان الرسالة غير موقعة ولكنها مكتوبة بخط المرسل ، فهى تصلح مبدأ ثبوت بالكتابة .

ونحيل فى تفصيل ذلك إلى ما قدمناه فى الجزء الثانى من الوسيط ( $%&[1] ) الوسيط 2 فقرة 132 ص 258 – ص 259 .&%$ ) .

267 - متى يجوز للمرسل إليه أن يجنح بالرسالة – إحالة : والأصل أن للمرسل إليه ، كما قدمنا ، أن يقدم الرسالة إلى القضاء ليستخلص منها دليلا لصالحه ضد المرسل ، متى كانت له مصلحة مشروعة فى ذلك . فإذا تضمنت الرسالة اتفاقا تم بينه وبين المرسل ، أو التزاما تعهد به المرسل ، أو مخالصة أو إبراء أو إقرارا أو نحو ذلك ، كان للمرسل إيه مصلحة مشروعة فى أن يقدم الرسالة دليلا للإثبات . وكذلك إذا تضمنت الرسالة جريمة فى حق المرسل إليه ، كتهديد أو احتيال أو قذف أو سب ( $%&[1] ) أوبرى ورو وبارتان 12 فقرة 760 ثالثا ص 288 .&%$ ) . على ألا يكون فى كل $ 447 $ هذا انتهاك لحرمة السرية ، وإلا لم يجز للمرسل إليه أن يقدم الرسالة إلى القضاء ، وجاز للمرسل أن يطلب استبعادها وأن يرجع بالتعويض . وينتقل حق المرسل إليه فى الرسالة كدليل إثبات إلى ورثته من بعده ، فلهم استعمالها كخلف له فى نفس الحدود التى يجوز فيها ذلك للمرسل إليه : لمصلحة مشروعة وبشرط عدم انتهاك حرمة السرية .

ونحيل فى تفصيل ذلك إلى ما قدمناه فى الجزء الثانى عن الوسيط ( $%&[1] ) الوسيط 2 فقرة 133 . &%$ ) .

 268 - متى يجوز للغير أن يحتج بالرسالة – إحالة : ويجوز كذلك للغير ، إذا كانت له مصلحة مشروعة ، أن يحتج بالرسالة ، كأن تتضمن الرسالة إقراراً من المرسل يفيد الغير ، أو تتضمن اشتراطا لمصلحة هذا الغير . ذلك أن حق الاحتجاج بالرسالة ليس مستمدا من أنها ملك للمرسل إليه ومن أنه فى الاحتجاج بها إنما يستعمل ملكه ، ولكنه مستمد من أن الرسالة تنطوى على دليل إثبات . ويتبين من ذلك أن حق الاحتجاج بالرسالة مستمد لا من حق الملك ، بل من الحق فى الإثبات ( $%&[1] ) أوبرى ورو وبارتان 12 فقرة 760 ثالثا هامش 4 مكرر – Geny 2 ص 88 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 587 .&%$ ) . وهو حق ضيق فى التشريع المصرى ، فإن المادة 253 مرافعات لا تجيز للخصم – وهو هنا الغير – أن يطلب إلزام خصمه – وهو هنا المرسل إليه إذا كانت الدعوى قائمة بينه وبين الغير – بتقديم أية ورقة منتجة فى الدعوى ، ومن ذلك الرسالة التى تتضمن دليلا لمصلحة الغير ، إلا إذا كانت الرسالة محررة لمصلحة الخصمين أو كانت مثبته لالتزاماتهما وحقوقهما المتبادلة أو استند إليها خصمه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى . ويجب فوق ذلك ألا يكون فى تقديم الرسالة انتهاك لحرمة السرية ، وإلا وجب أيضاً استئذان المرسل قبل تقديمها ، هذا ما لم يكن المرسل نفسه هو الخصم الذي طلب تقديم الرسالة .

وهذا كله لو كانت الرسالة فى يد المرسل إليه كما هو الغالب . ولكنها قد تقع فى يد الغير الذي له مصلحة مشروعة فى الاحتجاج بها . فإن وقعت فى يده بطريقة غير مشروعة ، كأن كان قد أخذها خلسة أو احتيالا ، لم يجز له تقديمها بتاتا ، وإذا قدمها وجب استبعادها . أما إذا وقعت فى يده بطريقة مشروعة ، $ 448 $ فلا يجوز له كذلك تقديمها إلا بإذن المرسل إليه مالك الرسالة ، ما لم يكن له فيها حق الإثبات فى الأحوال التى قدمناها فيجوز له تقديمها عندئذ بغير إذن المرسل إليه .

وفى جميع الأحوال لا يجوز تقديم الرسالة إذا كان فى تقديمها انتهاك لحرمة السرية إلا بعد استئذان المرسل ، ولا تعتبر الرسالة سرية لمجرد أنها موجهة لشخص غير الذي يحتج بها ، بل السرية ترجع إلى موضوع الرسالة نفسه كما قدمنا ، وقاضى الموضوع هو الذي بقدر ذلك .

ونحيل فى تفصيل ذلك إلى ما قدمناه فى الجزء الثانى من الوسيط ( $%&[1] ) الوسيط 2 فقرة 134 – وانظر فى قوة البرقية فى الإثبات الوسيط 2 فقرة 135 .&%$ ) .

الفرع الثانى

حق المخترع

أو الملكية الصناعية

( droit dinventeur - droit de propriete iudustrielle )

269 - الأنواع الرئيسية لحق المخترع أو الملكية الصناعية : يعد هذا الموضوع عادة من موضوعات القانون التجارى ، لذلك نوجز القول فيه هنا لنستتم به صورة الحقوق التى ترد على الأشياء غير المادية المتعلقة بالفكر ، تاركين الملكية التجارية فهى من أخص موضوعات القانون التجارى وهى فوق ذلك لا تتعلق بالفكر .

والأنواع الرئيسية لحق المخترع ، أو لما يسمى عادة بالملكية الصناعية ، ثلاثة : ( 1 ) براءات الاختراع ( brevets dinvention ) . ( 2 ) الرسوم والنماذج الصناعية ( dessins et modeles ) . ( 3 ) العلامات والبيانات التجارية ( marques de fabrique et mentions commerciales ) .

ونفرد براءات الاختراع لأهميتها بمبحث ، وفى المبحث الثانى نجمع سائر أنواع الملكية الصناعية من رسوم ونماذج صناعية ومن علامات وبيانات تجارية ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية – وهو القانون الذى أعقب القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية ومجموع القانونين ينتظم أهم التشريعات الخاصة بما يسمى بالملكية الصناعية – ما يأتى : " دعت ضرورات النهوض بالصناعة والتجارة إلى تنظيم حماية الملكية الصناعية . فأخذت الدول منذ قبيل القرن التاسع عشر تضع النظم وتسن القوانين التى تكفل تحقيق الحماية على الوجه الأكمل للعناصر الثلاثة الرئيسية للملكية الصناعية ، وهى العلامات التجارية وبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية . ولم يقتصر نشاط الدول فى هذه الناحية على التشريعات الداخلية ، بل أدى التطور الاقتصادى والتنافس التجارى إلى تنظيم دولى للملكية الصناعية ، فوضعت اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية فى 20 مارس سنة 1883 ، ثم عدلت فى مؤتمرات بروكسل فى 14 ديسمبر سنة 1900 وواشنطون فى 2 يونيه سنة 1911 ولاهاى فى 6 نوفمبر سنة 1925 ولندن فى 2 يونيه سنة 1934 ، كما أنشئ فى برن المكتب الدول لحماية الملكية الصناعية . وظلت مصر منذ بدء حركة التقنين الحديث فيها بمعزل عن تلك الحركة العالمية ، فخلا التشريع المصرى من النصوص المنظمة لهذا النوع من الملكية . وكل ما هنالك أن المجموعة المدنية الأهلية ( 1883 ) قد نصت فى المادة 12 منها على أن " يكون الحكم فيما يتعلق بحقوق الصانع فى ملكية مصنوعاته على حسب القانون المنصوص بذلك " . ولا مقابل لهذا النص فى المجموعة المدنية المختلطة ( سنة 1875 ) . وكذلك نص قانون العقوبات المصرى على الجزاءات الخاصة بهذا الشأن فى المواد 348 و 349 و 350 . ولما كان القانون المشار إليه فى المادة 12 لم يصدر بعد ، فقد ظلت النصوص الجنائية معطلة . وإزاء هذا النقص فى التشريع لم يكن بدء من أن يرجع القضاء المختلط إلى مبادئ العدالة والقانون الطبيعى لتقرير حق المخترع وتحديد نطاقه ، معتمداً على المبادئ المسلمة فى القانون المقارن والاتفاقات الدولية . ووضع فى المحاكم المختلطة نظام إدارى لتسجيل الاختراعات بطريق الإيداع فى قلم الكتاب ، بغية الوصول إلى نوع ولو يسير من الحماية القائمة على أساس من القانون الطبيعى . ولما كان هذا النظام يقصر عن تحقيق حماية الملكية الصناعية بالأوضاع المألوفة ، فقد أخذت مصر تساير الحركة العالمية ، وأصدرت القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية ، ولا يزال مع هذه الخطوة نقص فى التشريع المصرى فيما يختص بالملكية الصناعية ينبغى سده بحماية الاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية . ومتى تم لمصر ذلك أمكنها أن تنضم للاتفاقية الدولية لحماية الملكية الصناعية ، وأن تشترك تبعا لذلك فى المكتب الدولى ببرن " .

هذا وإلى جانب اتفاقية باريس لدولية المبرمة فى 20 مارس سنة 1883 والمشار إليها فى المذكرة الإيضاحية سالفة الذكر يوجد :

( 1 ) معاهدة مدريد ( ولائحتها التنفيذية ) الخاصة بالتسجيل الدولى للعلامات التجارية والصناعية والمبرمة فى 14 أبريل سنة 1891 ، وقد عدلت الاتفاقية فى بروكسل فى 14 ديسمبر سنة 1900 ، وواشنجتون فى 2 يونيه سنة 1911 ، ولاهاى فى 6 نوفمبر سنة 1925 ، ولندن فى 2 يونيه سنة 1934 - ( 2 ) معاهدى لاهاى ( ولائحتها التنفيذية ) الخاصة بالإيداع الدولى للرسوم والنماذج الصناعية والمبرمة فى 6 نوفمبر سنة 1925 ، والمعدلة فى لندن فى 2 يونيه سنة 1934 - ( 3 ) معاهدة مدريد الخاصة بقمع بيانات المصدر غير المطابقة للحقيقة الموضوعة على البضائع والمبرمة فى 14 أبريل سنة 1891 ، والمعدلة فى واشنجتون فى 2 يونيه سنة 1911 ، ولاهاى فى 6 نوفمبر سنة 1925 ، ولندن فى 2 يونيه سنة 1934 . وقد وافق مصر على هذه الاتفاقيات جميعا بالقانون رقم 65 لسنة 1950 . ثم صدر مرسوم فى 21 مايو سنة 1951 بإصدارها والعمل بها اعتبارا من أول يوليه سنة 1951 فيما يتعلق باتفاقية باريس ، واعتبارا من أول يوليه سنة 1952 فيما يتعلق بالاتفاقيات الأخرى .&%$ ) .

 $ 450 $

المبحث الأول

براءات الاختراع ( $%&[1] ) مراجع : Pouillet فى براءات الاختراع الطبعة السادسة – Claro, Taillefer سنة 1915 - Allart فى براءات الاختراع الطبعة الثالثة سنة 1931 - wienmann, Moureaux الطبعة الثانية سنة 1949 - Casalouga جزءان سنة 1949 .&%$ )

270 - حق المخترع ووجوب حمايته : قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 166 فى آخرها .&%$ ) أن حق المخترع ، كحق المؤلف ، ليس حق ملكية ، بل هو حق عينى أصلى يقع على شىء غير مادى ، فهو إذن حق عينى أصلى منقول .

وكما وجبت حماية حق المؤلف ، وجبت كذلك حماية حق المخترع ، فالحقان ثمرة من ثمرات الفكر والابتكار . بل إن حماية حق المخترع سبقت فى التشريع المصرى حماية حق المؤلف ، إذ صدر القانون رقم 132 لسنة 1949 خاصا ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية ، وقد عدل بالقانون رقم 650 لسنة 1955 . وصدرت اللائحة التنفيذية لهذا القانون بالقرار الوزارى رقم 230 لسنة 1951 ، وقد عدل هذا القرار بالقرارات رقم 271 لسنة 1953 ورقم 390 لسنة 1955 ورقم 49 لسنة 1958 ورقم 133 لسنة 1960 ( $%&[1] ) وسبق القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية صدور القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية ، وفى هذين القانونين تجمعت العناصر الثلاثة لما يسمى بالملكية الصناعية : العلامات والبيانات التجارية وبراءات الاختراع ، والرسوم والنماذج الصناعية :

وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لقانون براءات الاختراع فى هذا الصدد : " أما مصر فقد بدأت فى سنة 1939 بتشريع مستقل للعلامات والبيانات التجارية . وقد رؤى فى التشريع المرفق الجمع فى قانون واحد بين العنصرين الباقيين ، وهما الاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية لما بينهما من علاقة تسوغ هذا الجمع ، لأن كلا من العنصرين إن هو إلا إنتاج فكرى يستخدم فى الصناعة ، إذ تقوم براءات الاختراع لحماية الصناعة فى ذاتها ، كما يقوم تسجيل الرسوم والنماذج الصناعية لحماية الفن التطبيقى فى الصناعة ، ومناط الحماية بالنسبة إلى كل منهما هو عنصر الابتكار والجدة . وقد روعيت فى المشروع المرافق أحكام الاتفاقية الدولية للملكية الصناعية باعتبارها نظاماً نمطيا يحتذى وحدا ادنى يجب التزامه فى التشريع الداخلى ، حتى إذا ما انضمت مصر إلى الاتفاقية كان تشريعها متسقا وأحكام الاتفاقية المذكورة . كذلك أخذ المشرع بالمبادئ المقررة فى التشريعات الحديثة ، وخاصة التشريع السويسرى ( سنة 1907 ) والتشريع الإيطالى ( سنة 1934 ) والتشريع الألمانى ( سنة 1936 ) والتشريع الفنلندى ( سنة 1943 ) ، ولم يغفل مع ذلك مراعاة ظروف البيئة ومسايرة أحوال النهضة الصناعية " .&%$ ) .

 $ 451 $ ويتمثل حق المخترع فى براءة اختراع تمنح له متى استوفى حقه الشروط الواجبة ، وتسجل هذه البراءة فيضفى التسجيل عليها حماية تفرض واجبات وحقوقا لصاحب البراءة ، وقد نظم القانون فوق ذلك طرقا حاسمة لهذه الحماية . فنتكلم فى هذه المسائل الثلاث : ( 1 ) الشروط الواجب توافرها فى حق المخترع لمنح براءة الاختراع ، ( 2 ) واجبات صاحب البراءة وحقوقه . ( 3 ) طرق حماية براءة الاختراع .

1-   الشروط الواجب توافرها فى حق المخترع

لمنح براءة الاختراع

271 - شروط أربعة : تنص المادة الأولى من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية على ما يأتى :

 " تمنح براءة اختراع ، وفقا لأحكام هذا القانون ، عن كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعى ، سواء أكان متعلقا بمنتجات صناعية جديدة أم بطرق أو وسائل صناعية مستحدثة أم بتطبيق جديد لطرق أو وسائل صناعية معروفة " .

ويخلص من هذا النص أن الشروط الواجب توافرها فى الاختراع لمنح براءة تحميه هى : ( أولا ) أن ينطوى الاختراع على ابتكار . ( ثانياً ) أن يكون هذا الابتكار جديداً . ( ثالثاً ) أن يكون هذا الاختراع المبتكر الجديد قابلا للاستغلال الصناعى . ( رابعاً ) وهذا شرط سنراه فى المادة الثانية من نفس القانون ، ألا يكون فى الاختراع إخلال بالآداب أو بالنظام العام .

272 - الشرط الأول – أن ينطوى الاختراع على ابتكار : وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه حماية حق المخترع ، فلولا هذا الابتكار $ 452 $ الذي ينطوى عليه الاختراع لم استحق الحماية ، فحق المخترع إنما هو ثمرة من ثمار فكر الإنسان وابتكاراته . ولا يراد بالابتكار أن يكون ابتداعا رائعا ، بل يكفى أى قدر من الابتكار أيا كانت قيمته . والمهم أن يكون شيئا غير معهود من قبل ، وقد ابتدعه فكر الإنسان . فاختراع آلة جديدة ، أو مادة كيماوية جديدة للقضاء على مرض من أمراض الحاصلات الزراعية ، أو دواء جديد لعلاج مرض من أمراض الإنسان أو الحيوان ، أو وسيلة نقل جديدة لم تكن معروفة من قبل ، أو صبغة جديدة تلون بها الأقمشة أو الشعر ، أو أمواس حلاقة جديدة غير الأمواس المعروفة فى الأسواق ، ونحو ذلك ، كل هذه اختراعات تنطوى على ابتكار ، وهى كلها تتعلق بمنتجات جديدة أو وسائل مستحدثة . وقد لا يكون الاختراع متعلقا بمنتجات جديدة أو وسائل مستحدثة ، ولكن بتطبيق جديد لطرق معروفة من قبل ، كجعل جهاز التسخين صالحا كجهاز للتبريد فى وقت واحد ، واستخدام الكهرباء لنقل الصوت بطريق التلفون والراديو ، أو نقل الصورة والضوء بطريق التلفزيون .

كل هذه اختراعات تنطوى على قدر من الابتكار يتفاوت قوة وضعفا ، ولكنه ابتكار على كل حال ، ومن ثم يستحق الحماية .

273 - الشرط الثانى – أن يكون الابتكار جديدا : والغرض من أن يكون الابتكار جديداً ليس هو مجرد تكرار لشرط الابتكار ، فكل ابتكار يستحدث جديداً كما قدمنا . ولكن المقصود أن يكون هذا الابتكار الذي استحدث جديداً لم يكن معروفا من قبل ، بل يكون المخترع الذي يطلب براءة الاختراع قد سبق غيره فى التعريف بهذا الاختراع . وقد حددت المادة 3 من قانون براءات الاختراع المعنى المقصود بالجدة فى هذا الصدد ، فقالت : " لا يعتبر الاختراع جديداً كله أو جزء منه فى الحالتين الآتيتين : ( 1 ) إذا كان فى خلال الخمسين سنة السابقة لتاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق استعمال الاختراع بصفة علنية فى مصر ، أو كان قد شهر عن وصفه أو عن رسمه فى نشرات أذيعت فى مصر وكان الوصف أو الرسم الذي نشر من الوضوح بحيث يكون فى إمكان ذوى الخبرة استغلاله . ( 2 ) إذا كان فى خلال الخمسين سنة السابقة على تاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق إصدار براءة عن الاختراع أو عن $ 453 $ جزء منه لغير المخترع أو لغير من آلت إليه حقوقه ، أو كان قد سبق للغير أن طلب براءة عن الاختراع ذاته أو عن جزء منه فى المدة المذكورة " .

فالجدة هنا معناها إذن السبق إلى التعريف بالاختراع ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لقانون براءات الاختراع : " وقد اختلفت التشريعات فى تحديد معنى الحدة اللازمة للحصول على براءة الاختراع ، ويمكن تقسيمها فى هذا الصدد إلى ثلاث شعب : ( الشعبة الأولى ) تعتبر الاختراع فاقدا عنصر الجدة إذا كان قد نشر عنه قبل طلب البراءة نشراً كافيا لتنفيذه ، سواء أحصل هذا النشر داخل الدولة أم خارجها ( قوانين فرنسا وسوريا ولبنان وبوليفيا والبرازيل وشيلى ) . ( الشعبة الثانية ) لا تعتبر النشر أو الاستعمال السابق على تقديم طلب البراءة قاضيا على عنصر الجدة إلا إذا كان قد حصل النشر أو الاستعمال فى داخل الدولة ذاتها ( قوانين إنجلترا واليابان والنرويج وسويسرا ) . ( الشعبة الثالثة ) تميز بين النشر عن طريق المطبوعات وطرق النشر الأخرى كالاستغلال والعرف ... الخ ، وتعتبر مجرد النشر عن طريق الطباعة قاضيا على عنصر الجدة سواء أحصل فى الخارج أم فى الداخل ، أما النشر بالطرق الأخرى فلا يكون له ذلك الأثر إلا إذا تم فى داخل الدولة ( قوانين ألمانيا والنمسا ويوغسلافيا ) . وقد ساير المشروع المبدأ السائد فى قوانين دول الشعبة الثانية ، فأخذ نص المادة الثالثة من المادة السابعة من القانون الإنجليزى مع تعديلها بما يوافق وجهته فى عدم الأخذ بالنظام الإنجليزى الذى يتطلب الفحص السابق . فبمقتضى المشروع يعتبر عنصر الجدة متوافرا إذا لم يكن قد نشر عن الاختراع فى مصر ، وفى هذه الخطة تشجيع لطلب براءات فى مصر عن اختراعات جرى النشر عنها فى الخارج حتى تستفيد البلاد فى نهضتها الصناعية من الاختراعات الأجنبية " .&%$ ) .

274 - الشرط الثالث – أن يكون الاختراع قابلا للاستغلال الصناعى : والمقصود بالاستغلال الصناعى ليس هو المعنى الضيق من هذه العبارة ، بل كل استغلال اقتصادى ولو لم يكن صناعيا . فتدخل الاختراعات الصناعية والاختراعات فى ميادين الزراعة والتجارة والصناعة الاستخراجية كالمناجم والمحاجر ، ولكن لا يدخل استنبات محصول جديد فى الزراعة أو نوع جديد من البذور .

وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لقانون براءات الاختراع فى هذا الصدد ما يأتى : " ولا يقصد بعبارة الاستغلال الصناعى قصر استخدام الاختراع على الصناعة بالمعنى الضيق ، بل ذلك يتناول الصناعة بمعناها الأعم ، ومنها استخدام الاختراع ( آلة جديدة مثلا ) فى الزراعة والصناعات الاستخراجية كالمناجم والمحاجر . ولا يتناول النص المنتجات الزراعية فى ذاتها كاستنبات نوع جديد من البذور أو الحاصلات ، فإن هذا لا يعتبر اختراعا يشمله القانون $ 454 $ بالحماية . وذكر عبارة الاستغلال الصناعى مقصود به استبعاد الابتكارات النظرية البحتة ، ككشف قانون جديد للجاذبية أو الكثافة . وإذن فالعالم الذي يكشف عن نظرية علمية جديدة لا يجوز أن يطلب عنها براءة اختراع . وعلى الحملة فإن قصد المشروع هو حماية المنتجات والطرق الصناعية الجديدة ، وكذلك التطبيق الجديد لهذه الطرق " .

وقد سميت النظريات العلمية البحتة التى لم تعد للاستغلال الاقتصادى بالملكية العلمية ( propriete scientifique ) . وهذه لم يصل القانون إلى اليوم إلى الحد الذي يضفى فيه على هذه النظريات الحماية التى يضفيها على حق المؤلف أو حق المخترع .

275 - الشرط الرابع – ألا يكون فى الاختراع إخلال بالأدب أو بالنظام العام : وفى خصوص هذا الشرط تنص المادة 2 من قانون براءات الاختراع على ما يأتى : " لا تمنح براءة اختراع عما يأتى : ( 1 ) الاختراعات التى ينشأ عن استغلالها إخلال بالآداب أو بالنظام العام . ( ب ) الاختراعات الكيمائية المتعلقة بالأغذية أو العقاقير الطبية أو المركبات الصيدلية ، إلا إذا كانت هذه المنتجات تصنع بطرق أو عمليات كيمائية خاصة ، وفى هذه الحالة الأخيرة لا تنصرف البراءة إلى المنتجات ذاتها بل تنصرف إلى طريقة صنعها " .

ويخلص من هذا النص أن أى اختراع ينشأ عن استغلاله إخلال بالآداب أو بالنظام العام لا يجوز أن تمنح عنه براءة اختراع . فمن اخترع آلة للمقامرة ، ومن كشف عن عقاقير تصنع بعمليات كيمائية خاصة ويكون الغرض منها الإجهاض ، ومن صنع جهازا يكون الغرض منه منع فض البكارة فى أثناء الاتصال الجنسى ، ومن صنع أجهزة لتسلق الحيطان ونقبها خفية للتمكن من السرقة ، كل هؤلاء يكونون قد وصلوا إلى الكشف عن اختراعات فى استغلالها إخلال بالآداب أو بالنظام العام ، فلا يجوز أن تمنح لهم براءات عن هذه الاختراعات .

وكل اختراع كيمائى يتعلق بالأغذية ، وكل العقاقير الطبية أو المركبات الصيدلية ، لا يجوز أن يحتكرها مخترعوها ، فهى ملك شائع للجميع لضرورتها $ 455 $ لتغذية الجسم ولصحته . فلا يجوز أن يمنح عنها براءات اختراع ، لمخالفة ذلك للنظام العام ، والممنوع هنا هو منح براءة اختراع عن المنتجات ذاتها ، من منتجات كيمائية متعلقة بالأغذية ومن عقاقير طبية ومركبات صيدلية . أما إذا كانت هذه المنتجات تصنع بطرق أو عمليات كيمائية خاصة كشف عنها المخترع ، فإنه من الممكن أن يمنح براءة اختراع عن العمليات الكيمائية الخاصة التى كشفها . ولكن لا يمح براءة اختراع عن الأغذية والعقاقير والمركبات ، فهذه يجوز للجميع إنتاجها بأية طريقة ، بشرط ألا تكون الطريقة أو العملية الكيمائية الخاصة التى منحت لها براءة الاختراع ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لقانون براءات الاختراع فى هذا الصدد ما يأتى : " وقد أشارت المادة الثانية إلى أنواع معينة من الاختراعات لا تمنح عنها براءات لأسباب تتعلق بالآداب أو النظام العام أو الصحة العامة . وهذا تمش مع الاتجاه التشريعى العام ( القانون السويسرى م 2 - والقانون الفرنسى م 2 - والقانون الفنلندى م 14 ) . فلا تمنح براءات عن الاختراعات التى ينشأ عن استغلالها إخلال بالآداب أو بالنظام العام ، ولا عن الاختراعات التى تتعلق بالأغذية أو بالعقاقير الطبية أو بالمركبات الصيدلية ، لما فى احتكار إنتاج هذه المواد من إضرار بالصحة العامة . ومع ذلك فالمنع الخاص بهذه الاختراعات الكيمائية المنصوص عليها فى المادة 2 ( فقرة ب ) لا ينصرف إلا إلى المنتجات ذاتها ، لا إلى طريقة صنعها . وفى الأخذ بنظام منح البراءة عن طريقة صنع المواد الكيمائية ، لا عن المنتجات الكيمائية ذاتها ، تشجيع للصناعات الكيمائية ، مؤد لازدهارها ، وهذه هى الطريقة التى اتبعها المشرع الألمانى . وفى كل ذلك توفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة للمخترع . كذلك لا تعطى براءة الاختراع عن الخطط والوسائل الخاصة بالشئون المالية وشئون الائتمان " .&%$ ) .

2-   واجبات صاحب براءة الاختراع أو حقوقه

276 - الإجراءات الواجب إتباعها للحصول على براءة الاختراع وقيدها فى السجل الخاص : تنص المادة 15 من قانون براءات الاختراع على أن " يقدم طلب البراءة من المخترع أو ممن آلت إليه حقوقه إلى إدارة براءة الاختراع ، وفقا للأوضاع والشروط التى تحددها اللائحة التنفيذية . ولا يجوز أن يتضمن طلب البراءة أكثر من اختراع واحد " ( $%&[1] ) وتنص المادة 5 من قانون براءات الاختراع على ما يأتى : " للأشخاص الآتى ذكرهم حق طلب براءات الاختراع : ( 1 ) المصريين . ( 2 ) الأجانب الذين يقيمون فى مصر ، أو الذين لهم فيها مؤسسات صناعية أو تجارية . ( 3 ) الأجانب الذين ينتمون إلى بلاد تعامل مصر معاملة المثل ، أو يقيمون بتلك البلاد ، أو يكون لهم فيها محل حقيقى . ( 4 ) الشركات أو لجمعيات أو المؤسسات أو جماعات أرباب الصناعة أو المنتجين أو التجار أو العمال ، التى تؤسس فى مصر أو بلاد تعامل مصر معاملة المثل ، متى كانت متمتعة بالشخصية المعنوية ، ( 5 ) المصالح العامة " . &%$ ) . ويرفق $ 456 $ بطلب البراءة وصف تفصيلى للاختراع وطريقة استغلاله ، ويجب أن يشتمل الوصف بطريقة واضحة على العناصر الجديدة التى يطلب صاحب الشأن حمايتها ، ويرفق بالطلب رسم للاختراع عند الاقتضاء ، وذلك كله بالكيفية التى تحددها اللائحة التنفيذية ( م 16 قانون براءات الاختراع ) ( $%&[1] ) ويوجد وكلاء متخصصون فى النيابة عن الغير لاتخاذ إجراءات تسجيل براءات الاختراع يسمون " وكلاء البراءات " . وقد تدخل المشرع لتنظيم هذه المهنة بالقانون رقم 23 لسنة 1951 الخاص بمزاولة مهنة وكلاء البراءات .&%$ ) .

وتفحص إدارة براءات الاختراع طلب البراءة للتحقق من أن الطلب مقدم من المخترع أو ممن آلت إليه حقوقه ، ومن أن الوصف والرسم يصوران الاختراع بكيفية تسمح لأرباب الصناعة بتنفيذه ، ومن أن العناصر المبتكرة التى يطلب صاحب الشأن حمايتها واردة فى الطلب بطريقة محددة واضحة ( م 18 ) ( $%&[1] ) وتنص المادة 25 من قانون براءات الاختراع على أنه " إذا ظهر لإدارة براءات الاختراع أن الاختراع خاص بشؤون الدفاع ، أو أن له قيمة عسكرية ، فعليها أن تطلع وزارة الحربية والبحرية فورا على طلب البراءة والوثائق الملحقة به . ولوزير الحربية والبحرية أن يعارض فى إعلان طلب البراءة إذا رأى فيه مساس بشؤون الدفاع ، وله وللسبب نفسه أن يعارض فى نشر أو إعلان القرار الصادر بمنح البراءة لصاحب الاختراع ، وذلك فى ظرف شهر من تاريخ تقديم الطلب أو من تاريخ صدور القرار . ولوزير الحربية والبحرية فى ظرف ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم طلب البراءة المعارضة فى منح البراءة للطالب مقابل شراء الاختراع منه ، أو الاتفاق معه على استغلاله " .

وتنص المادة 33 من نفس القانون على أنه " يجوز بقرار من وزير التجارة والصناعة نزع ملكية الاختراعات لأسباب تتعلق بالمنفعة العامة أو بالدفاع الوطنى . ويصح أن يكون ذلك شاملا جميع الحقوق المترتبة على البراءة أو على الطلب المقدم عنها ، كما يصح أن يكون مقصورا على حق استغلال الاختراع لحاجات الدولة . وفى هذه الأحوال يكون لصاحب البراءة الحق فى تعوض عادل . ويكون تقدير التعويض بمعرفة اللجنة المنصوص عليها فى المادة 22 . ويكون التظلم من قرارها أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة ، وفى ظرف ثلاثين يوما من تاريخ إعلان قرار اللجنة للمتظلم " .&%$ ) . فإذا ما تحققت الإدارة من كل ذلك ، قامت بالإعلان عن الطلب ، وعندئذ يجوز لكل ذى شأن أن يقدم للإدارة إخطارا كتابيا بمعارضته فى إصدار البراءة ويشتمل الإخطار على أسباب المعارضة ( م 20 – 21 ) . وتفصل $ 457 $ فى المعارضة لجنة إدارية من ثلاثة أعضاء ، ولها أن تستعين برأى ذوى الخبرة ، والقرار الصادر منها بقبول المعارضة أو برفضها يجوز الطعن فيه أمام القضاء الإدارى بمجلس الدولة ( م 22 – 23 ) . فإذا ما بت نهائيا فى منح البراءة لطالبها ، منحت له بقرار من الوزير المختص . ويعد بالوزارة المختصة سجل يسمى " سجل براءات الاختراع " ( $%&[1] ) وهذا السجل يجوز للجمهور الاطلاع على البيانات المقيدة فيه وأخذ صور منها ، وقد نصت المادة 27 من قانون براءات الاختراع على أن " لكل شخص أن يحصل على صور من طلبات البراءات والمستندات الخاصة بها ، وعلى مستخرجات من سجل براءات الاختراع . وله كذلك أن يطلع على الطلبات والمستندات والسجل ، وذلك بالكيفية المبينة باللائحة التنفيذية " .&%$ ) ، تقيد فيه البراءات وجميع البيانات المتعلقة بها ( $%&[1] ) ولم يأخذ النظام المصرى بطريقة الفحص السابق التى أخذ بها النظام الإنجليزى ، وتقول المذكرة الإيضاحية لقانون براءات الاختراع فى هذا الصدد : " وهناك نظامان رئيسيان فيما يتعلق ببراءات الاختراع : أحدهما النظام الفرنسى وهو يقوم على حرية منح البراءة بمجرد الإيداع دون فحص أو معارضة ، والثانى النظام الإنجليزى وهو يقوم على منح البراءة بعد الفحص الدقيق للتحقق من توافر العناصر الموضوعية التى يستلزمها القانون فى الاختراع مع فتح باب المعارضة . وبين هذين النظامين نظم وسطى تتدرج من النظام الفرنسى إلى النظام الإنجليزى ، منها التشريع السويسرى والبولوندى اللذان أخذا بنظام الإيداع بشروط خاصة ، والتشريع المجرى والتشريع اليوغوسلافى اللذان زادا على التشريعين المشار إليهما فتح باب المعارضة للغير قبل منح براءة الاختراع ، وتشريع كندا وتشريع الولايات المتحدة الأمريكية وقد أخذا بنظام الفحص للتحقيق من توافر عنصر الجدة مع عدم جواز المعارضة وهما يقتربان من النظام الإنجليزى ، وأخيرا التشريع الألمانى الذى ساير النظام الإنجليزى فى الأخذ بنظام الفحص للتحقق ن توافر عنصر الجدة مع فتح باب المعارضة للغير قبل إصدار البراءة . وفى الأخذ بالنظام الفرنسى عيب جوهرى ، إذ أنه يمنح براءات الاختراع بمجرد الإيداع ، مما يؤدى إلى منح براءات عن أشياء لا تعتبر اختراعا بالمعنى الذى يستأهل من المشروع الحماية القانونية . ولا وجود لهذا العيب فى النظام الإنجليزى ، إذ هو يقتضى لمنح البراءة فحصاً سابقا وتحقيقا دقيقاً تقوم عليهما أداة حكومية تتوافر لديها الوسائل الفنية اللازمة ولها تقاليدها وخبرتها فى مختلف العلوم والفنون . لذلك أخذ الفكر التشريعى فى البلاد المختلفة يعدل عن نظام الإيداع البسيط ، وينزع نحو الأخذ بنظام الفحص السابق . وإذا كان من غير الملائم أن تأخذ مصر فى إبان نهضتها الصناعية بالنظام الفرنسى الذى بدأت الدول تعدل عنه ، كما أنه ليس من الميسور عملا أن تبدأ بالأخذ بالنظام الإنجليزى ( وهاهى إيطاليا بعد أن عدلت نظاماها فى سنة 1934 من الإيداع إلى الفحص السابق لم تتمكن من تطبيق النظام الأخير جملة ، واضطرت إلى تأجيل تنفيذه ) ، إذا كان ذلك كذلك فقد رؤى اتباع طريق وسط : لهذا آثر المشروع أن يحتذى المشرع السويسرى فى الأخذ بطريقة الإيداع المقيد بشروط خاصة ، ولكنه زاد عليها فتح باب المعارضة للغير كما هو الشأن فى قوانين المجر ويوغوسلافيا وجنوب إفريقية وبذلك . يمكن تحقيق بعض نتائج نظام الفحص الكامل . وقد توخى المشروع أن يكون بالأداة الحكومية القائمة على التنفيذ لجنة تفصل فى المنازعات المتعلقة ببراءة الاختراع ، مع إجازة الطعن أحيانا فى قراراتها أمام القضاء . والنظام المقترح يؤدى إلى تدريب الأداة الحكومية الجديدة ، وتكوين نواة من الفنيين تمكن فى المستقبل من الأخذ بالنظام الإنجليزى المعتبر فى المجال الدولى نظاما نموذجيا " .&%$ ) .

 $ 458 $

277 - واجبات صاحب براءة الاختراع : على صاحب براءة الاختراع ، متى قيدت البراءة فى السجل الخاص بذلك ، أن يدفع رسوما قدرها القانون . وعليه أيضاً أن يستغل الاختراع فى مصر فى خلال مدة معينة من تاريخ منح البراءة ، وإلا جاز لإدارة البراءات أن تكل استغلال الاختراع لشخص آخر بشروط معينة .

أما عن الرسوم الواجب على صاحب البراءة دفعها ، فقد نصت المادة 13 من قانون براءات الاختراع فى هذا الخصوص على أن " يدفع عند تقديم طلب البراءة أو طلب التجديد رسم قدره خمسة جنيهات . ويدفع رسم سنوى ابتداء من السنة الثانية لغاية انتهاء مدة البراءة ، ويكون هذا الرسم مائة قرش عن السنة الثانية ، ويزداد سنويا بإضافة خمسين قرشا على رسم السنة السابقة . ولا ترد هذه الرسوم بحال " .

وأما عن وجوب استغلال الاختراع فى مصر فى خلال مدة معينة ، فقد نصت المادة 30 من قانون براءات الاختراع على أنه " إذا لم يستغل الاختراع فى مصر خلال ثلاث سنين من تاريخ منح البراءة ، أو عجز صاحبه عن استغلاله استغلالا وافيا بحاجة البلاد ، وكذلك إذا أوقف استغلال الاختراع مدة سنتين متتاليتين على الأقل ، جاز لإدارة البراءات أن تمنح رخصة إجبارية باستغلال الاختراع لأى شخص رفض صاحب البراءة التنازل له عن حق الاستغلال أو علق تنازله على شروط مالية باهظة . ويشترط لمنح الرخصة الإجبارية أن يكون طالبها قادرا على استغلال الاختراع بصفة جدية ، ويكون لصاحب البراءة الحق فى تعويض مناسب . وعلى إدارة البراءات أن تعلن صاحب البراءة بصورة من الطلب المذكور ، وعليه أن يقدم لها فى الميعاد الذي تحدده اللائحة التنفيذية ردا كتابيا على هذا الطلب . وإذا لم يصل الرد فى الميعاد المحدد ، أصدرت الإدارة قراراً بقبول الطلب أو رفضه ، ولها أن تعلق القبول $ 459 $ على ما تراه من الشروط . وقرار الإدارة قابل للطعن أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة ، ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار صاحب الشأن به " ( $%&[1] ) وتنص المادة 36 من قانون براءات الاختراع على أنه " إذا لم يستغل الاختراع فى مصر فى السنتين التاليتين لمنح رخصة إجبارية ، جاز لكل ذى شأن أن يطلب إلى إدارة براءات الاختراع إلغاء البراءة الممنوحة عنه " .&%$ ) . ونصت المادة 31 من نفس القانون على أنه " إذا رأت إدارة براءات الاختراع ، برغم فوات المواعيد المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة السابقة ، أن عدم استغلال الاختراع يرجع إلى أسباب خارجة عن إرادة صاحب البراءة ، جاز لها أن تمنحه مهلة لا تتجاوز سنتين لاستغلال الاختراع على الوجه الأكمل " .

287 - حقوق صاحب براءة الاختراع : تخول البراءة مالكها ، دون غيره ( $%&[1] ) وقد نصت المادة 11 من قانون براءات الاختراع على أنه " لا يسرى حكم البراءة على من كان له حق استغلال الاختراع صناعياً أو قام بالأعمال اللازمة لاستغلاله بحسن نية قبل تقديم طلب البراءة ، فيكون له حق استغلال الاختراع لحاجات منشأته ، دون أن ينتقل هذا الحق مستقلاً عن المنشأة ذاتها " . وفى هذا النص حماية كافية لحائز الاختراع بحسن نية ، دون أن يكون هو المخترع الذى يمنح البراءة . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لقانون براءات الاختراع فى هذا الصدد : " ويترتب على منح البراءة الاعتراف للمالك دون غيره بحق استغلال الاختراع ، مع رعاية حق مستغل الاختراع أو من قام بالأعمال اللازمة للاستغلال بحسن نية فى مصر ، إذ له حق حيازة شخصى ولا يجوز التمسك بالبراءة ضدها . ولما كان هذا الحق الشخصى استثناء لا يجوز التوسع فيه ، فقد وجب قصره على استعمال الاختراع لحاجة منشأة صاحب حق الحيازة الشخصى ، ولم يجز له نقله إلى الغير إلى مع المنشأة ، وذلك وفقاً لما هو مقرر فى القانون السويسرى ( م 8 ) " .&%$ ) ، الحق فى استغلال الاختراع بجميع الطرق ( م 10 ) . ويجوز لطالب البراءة أن يقوم باستغلال اختراعه من تاريخ تقديم الطلب ( م 17 ) . ويكون له الحق ، من ذلك التاريخ ، فى استغلال اختراعه مدة خمس عشرة سنة . وله أن يطلب بعد ذلك تجديدها مرة واحدة لمدة لا تتجاوز خمس سنوات ، بشرط أن يطلب التجديد فى السنة الأخيرة وأن يثبت أن للاختراع أهمية خاصة ، وأنه لم يجن منه ثمرة تتناسب مع جهوده ونفقاته . أما البراءات التى تمنح عن الاختراعات الكيمائية المتعلقة بالأغذية أو العقاقير الطبية أو المركبات الصيدلية ، فتكون مدتها عشر سنوات غير قابلة للتجديد .

 $ 460 $

ولصاحب البراءة ، فى المدة التى تبقى فيها البراءة نافذة ، أن يتصرف فيها بعوض وبغير عوض ، وأن يرهنها ، ويجوز الحجز عليها من دائنيه ، وتنتقل منه إلى خلفه بالميراث وبالوصية .

وتنقضى حقوق صاحب براءة الاختراع بانقضاء مدة الحماية ، وبتنازل صاحب البراءة عنها قبل انقضاء مدة الحماية ، وبصدور حكم ببطلان البراءة ( $%&[1] ) تنص المادة 35 من قانون براءات الاختراع على أن " لإدارة براءات الاختراع ولكل ذى شأن أن يطلب إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة الحكم بإبطال البراءات التى تكون قد منحت مخالفة لأحكام المادتين 2 و 3 من هذا القانون ، وتقوم الإدارة المذكورة بإلغاء هذه البراءات متى تقدم له حكم بذلك حائز لقوة الشئ المقضى . ويجوز للمحكمة أن تحكم ، بناء على طلب إدارة براءات الاختراع أو بناء على طلب ذى الشأن ، بإضافة أى بيان للسجل قد أغفل تدوينه به ، أو بتعديل أى بيان وارد فيه غير مطابق للحقيقة ، أو بحذف أى بيان دوّن به بغير وجه حق " .&%$ ) ، وبعدم دفع الرسوم المستحقة فى مدة ستة شهور من تاريخ استحقاقها .

3 - طرق حماية براءة الاختراع

279 - الإجراءات التحفظية : تنص المادة 49 من قانون براءات الاختراع على أنه " يجوز لصاحب براءة الاختراع أو الرسم أو النموذج ، أثناء نظر الدعوى الإدارية أو الجنائية ، أن يستصدر من محكمة القضاء الإدارى أمراً باتخاذ الإجراءات التحفظية ، وخاصة بحجز المنتجات أو البضائع المقلدة والآلات والأدوات التى استخدمت أو قد تستخدم فى ارتكاب الجريمة ، والبضائع المستوردة من الخارج إثر ورودها . ويجوز لصاحب براءة الاختراع أو الرسم أو النموذج أن يستصدر الأمر باتخاذ ما تقدم من الإجراءات قبل رفع أية دعوى مدنية أو جنائية ، وإنما يجب عليه فى هذه الحالة أن يقوم برفع دعواه الإدارية أو المباشرة أو بتقديم شكواه للنيابة فى ظرف ثمانية أيام عدا أيام مواعيد المسافة من تاريخ تنفيذ الأمر ، وإلا بطلت هذه الإجراءات من تلقاء نفسها . ويرفع صاحب الشأن طلبه باتخاذ هذه الإجراءات بعريضة مشفوعة بشهادة رسمية دالة على تسجيل الاختراع أو الرسم أو النموذج الصناعى . ويجوز عند الاقتضاء أن يشمل الأمر الصادر باتخاذ هذه الإجراءات ندب خبير أو أكثر لمعاونة المحضر فى تنفيذه " .

 $ 461 $

280 - الجزاء المدنى : ويحكم على مت تعدى على حقوق صاحب البراءة بالتعويض ، كما يحكم بمصادرة الأشياء المحجوزة أو التى تحجز فيما بعد لاستنزال ثمنها من الغرامات أو التعويضات ، أو للتصرف فيها بأية طريقة يراها القضاء الإدارى أو المحكمة الجنائية مناسبة . كما للمحكمة أن تأمر بإتلاف هذه الأشياء عند الاقتضاء ، ولها أن تحكم بكل ما سبق حتى فى حالة الحكم بالبراءة لعدم توافر ركن القصد الجنائى . ويجوز للمحكمة أيضاً أن تأمر بنشر الحكم فى جريدة واحدة أو أكثر على نفقته المحكوم عليه .

281 - الجزاء الجنائى : تنص المادة 48 من قانون براءات الاختراع على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على ثلثمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين : ( 1 ) كل من قلد موضوع اختراع منحت عنه براءة وفقاً لهذا القانون . ( 2 ) كل من قلد موضوع رسم أو نموذج صناعى ثم تسجيله وفقاً لهذا القانون . ( 3 ) كل من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو استورد من الخارج أو حاز بقصد الاتجار ، منتجات مقلدة أو مواد عليها رسم أو نموذج صناعى مقلد مع علمه بذلك ، متى كان الاختراع أو الرسم أو النموذج مسجلاً فى مصر . ( 4 ) كل من وضع بغير حق ، على المنتجات أو الإعلانات أو العلامات التجارية أو أدوات التعبئة أو غير ذلك ، بيانات تؤدى إلى الاعتقاد بحصوله على براءة اختراع أو بتسجيله رسماً أو نموذجاً صناعيا " .

وتنص المادة 51 من نفس القانون على أن " تعتبر الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون هى والجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية ، وفى القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع الغش والتدليس ، جرائم متماثلة فى العود " .

 $ 462 $

المبحث الثانى

الرسوم والنماذج الصناعية والعلامات والبيانات التجارية ( $%&[1] ) مراجع : Pouillet فى العلامات التجارية والمنافسة غير المشروعة الطبعة السادسة سنة 1911 - Roubier فى النظرية العامة فى دعوى المنافسة غير المشروعة ( مجلة القانون التجارى سنة 1948 ص 541 - ص 591 ) .&%$ )

المطلب الأول

الرسوم والنماذج الصناعية

282 - ما هى الرسوم والنماذج الصناعية : يعتبر رسماً أو نموذجاً صناعياً كل ترتيب للخطوط ، أو كل شكل جسم بألوان أو بغير ألوان ، لاستخراجه فى الإنتاج الصناعى بوسيلة آلية أو يدوية أو كيمائية .

فالنموذج هو شكل مجسم أعد لاحتذائه عند الإنتاج ، فتأتى المنتجات مطابقة للنموذج . مثل ذلك نماذج الملابس والأحذية والقبعات والمعاطف وهياكل السيارات والأوعية والزخارف وما إلى ذلك .

والرسم الصناعى مثله الرسوم والنقوش الخاصة بالمنسوجات والسجاجيد والجلد والورق الخاص بتغطية الجدران وأشغال الإبرة ، وعلى المجوهرات وأوعية مواد الزينة وعلب الحلوى وما إلى ذلك . والرسم الصناعى يطبق على السلعة عند إنتاجها صناعياً ، فينقل الرسم على كل وحدة من الإنتاج بطريقة آلية أو يدوية أو كيمائية .

وكل من النموذج والرسم الصناعى ينطوى على قد من الابتكار ، ومن ثم يحميه القانون كما يحمى حق المخترع وحق المؤلف فيما قدمناه . فصاحب الرسم أو النموذج له الحق فى حماية رسمه أو نموذجه من التقليد ، ويجب أن يقوم للوصول إلى ذلك بإجراءات خاصة لقيد الرسم أو النموذج فى سجل الرسوم والنماذج الصناعية .

283 - إجراءات قيد الرسم أو النموذج فى سجل الرسوم والنماذج الصناعية : يوجد بوزارة التجارة سجل خاص ، على نمط سجل براءات $ 463 $ الاختراع ، يسمى بسجل الرسوم والنماذج الصناعية . ويقدم طلب تسيل الرسم أو النموذج إلى إدارة الرسوم والنماذج الصناعية ، بالأوضاع والشروط المنصوص عليها فى اللائحة التنفيذية لقانون براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية . ويجوز أن يشتمل الطلب على عدد من الرسوم أو النماذج لا يتجاوز الخمسين ، بشرط أن تكون فى مجموعها وحدة متجانسة . ومتى استوفى طلب التسجيل الشروط والأوضاع المقررة قانوناً ، وجب تسجيل الرسوم والنماذج المقدمة .

ويجوز لطالب التسجيل التظلم من قرار إدارة الرسوم والنماذج الصناعية برفض التسجيل أمام نفس اللجنة الإدارية التى يرفع لها التظلم فى خصوص براءات الاختراع ، ويجوز الطعن فى قرارات هذه اللجنة أمام القضاء الإدارى ، وهذا وذاك فى ظرف ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الطالب بقرار الإدارة أو اللجنة الإدارية .

284 - واجبات وحقوق صاحب الرسم أو النموذج : يدفع الطالب عند تقديم طلب تسجيل الرسم أو النموذج وكذلك عند تقديم طلب التجديد ، رسماً قدره مائتان وخمسون قرشاً .

وبمجرد تسجيل الرسم أو النموذج تعطى إدارة الرسوم والنماذج للطالب شهادة يبين فيها عدد الرسوم والنماذج التى يشتمل عليها الطلب والمنتجات الصناعية المخصصة لها ، واسم المالك ولقبه وجنسيته ومحل إقامته . وتبدأ آثار التسجيل من تاريخ تقديم الطلب إذا كان مستوفياً للاشتراطات القانونية ، ولكل شخص أن يطلب مستخرجات أو صوراً من السجل .

وتسجيل الرسم أو النموذج يجعل لصاحبه وحده حق استعماله فى منتجاته ، ولا يجوز لأحد غيره دون إذنه أن يستعمل الرسم أو النموذج . ومدة الحماية على هذا النحو خمس سنوات ، تبدأ من تاريخ طلب التسجيل . ويمكن أن تستمر الحماية مدتين جديدتين على التوالى ، إذا قدم مالك الرسم أو النموذج طلباً بالتجديد فى خلال السنة الأخيرة من كل مرة ، وذلك بالكيفية التى تبينها اللائحة التنفيذية . وتقوم إدارة الرسوم والنماذج الصناعية فى خلال الشهر الثانى لانتهاء مدة الحماية بإخطار المالك كتابة بانتهاء المدة ، فإذا انتقضت الثلاثة الأشهر $ 464 $ التالية لتاريخ انتهاء مدة الحماية دون أن يقدم المالك طلب التجديد ، قامت الإدارة من تلقاء نفسها بشطب التسجيل .

ولصاحب الرسم أو النموذج أن يتصرف فيه وأن ينقل ملكيته للغير ، ولا يكون نقل الملكية حجة على الغير إلا بعد التأشير به فى السجل ونشره بالكيفية التى تقررها اللائحة التنفيذية .

وقد يقضى بشطب التسجيل بناء على طلب كل ذى شأن إذا كان قد أجرى باسم شخص غير المالك الحقيقى للرسم أو النموذج ، فمتى تقدم حكم نهائى من القضاء الإدارى قاض بهذا الشطب تقوم إدارة الرسوم والنماذج الصناعية بشطب التسجيل الخاص باسم غير المالك الحقيقى للرسم أو النموذج . وتقوم الإدارة بهذا الشطب من تلقاء نفسها ، أو بناء على طلب ذوى الشأن .

وشطب التسجيل أو تجديه يجب النشر عنه وفقاً للأوضاع التى تقررها اللائحة التنفيذية .

285 - طرق حماية الرسوم والنماذج الصناعية - إحالة : قدمنا عند الكلام فى براءات الاختراع أن طرق حماية هذه البراءات هى نفس طرق حماية الرسوم والنماذج الصناعية ، وقد صدر بها جميعاً قانون واحد كما قدمنا هو القانون رقم 132 لسنة 1949 . وقد رأينا المادة 49 من هذا القانون تقضى بجواز أن يستصدر صاحب الرسم أو النموذج أمراً باتخاذ إجراءات تحفظية ، منها الحجز على المنتجات والبضائع المقلدة والأدوات التى استخدمت فى التقليد . ورأينا أنه يجب رفع الدعوى الموضوعية فى ظرف ثمانية أيام أمام القضاء الإدارى أو فى صورة دعوى مباشرة أمام محكمة الجنح ، أو تقديم شكوى للنيابة فى ظرف هذه المدة .

ورأينا أن هناك جزاء مدنياً هو التعويض ومصادرة الأشياء المحجوزة لاستنزال ثمناها من التعويض الغرامات ، وأن هناك جزاء جنائياً نصت عليه المادة 48 من القانون سالف الذكر يقضى بالعقوبة على كل من قلد موضوع رسم أو نموذج صناعى تم تسجيله وعلى كل من ارتكب مخالفات أخرى ذكرها النص .

 $ 465 $

فنحيل هنا فى كل هذا إلى ما قدمناه هناك ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 279 - فقرة 281 .&%$ ) .

المطلب الثانى

العلامات والبيانات التجارية

286 - ما هى العلامات التجارية : صدر القانون رقم 57 لسنة 1939 ( $%&[1] ) المعدل بالقوانين رقم 143 لسنة 1949 ورقم 351 و 453 لسنة 1953 ورقم 569 لسنة 1954 ورقم 205 لسنة 1956 ورقم 69 لسنة 1959 .&%$ ) - وهو أول قانون صدر لحماية ما يسمى بالملكية الصناعية – لتنظيم العلامات والبيانات التجارية ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة المرفوعة لمجلس الوزراء عن قانون العلامات والبيانات التجارية : " والعلامة التجارية هى التى يتخذها صاحب المصنع أو التاجر شعاراً لمنتجاته أو بضاعته تمييزاً لها عن غيرها من المنتجات والبضائع المماثلة ، وتمكيناً للمستهلك من تعرف حقيقة مصدرها أينما وجدت . وبذلك يحمى نفسه من أن يغزو منافسوه مناطق التصريف التى اختصت بها منتجاته أو بضائعه بتزويد علامته أو تقليدها . وقد استخدمت العلامات لتمييز منتجات الصناعة منذ زمن بعيد ، فكان الصانع يوقع باسمه على منتجاته أو يضع عليها شارة خاصة . ثم اتخذت تلك العلامات بعد ذلك أشكال الحيوانات أو النباتات أو الرسوم الخطية . أما العلامات التى استخدمت فى التجارة فقد ظهرت فى إيطاليا فى القرن الخامس عشر ، حيث كان التاجر يستخدم العلامة بقصد الشهرة . وفى فرنسا كان استخدام علامات الصناعة إلزامياً فى القرون الوسطى حيث كان يسودها نظام الطوائف ( les eorporations ) ، فكانت تختم المنتجات بختم الطائفة وإلا أعدمت ... وبإلغاء نظام الطوائف سنة 1789 ، اختفى نظام العلامات الإلزامية . وقد صدرت فى فرنسا بعد ذلك بعض القوانين المتعلقة بحماية علامات المصنع بالنسبة لصناعات معينة اشتهرت بها بعض المدن الصناعية ، كصناعة الصابون والأسلحة والخردوات . وفى سنة 1857 صدر فى فرنسا قانون العلامات ، وهو المعمول به الآن ، خاصا بعلامات الصناعة والتجارة على السواء . وقد أصبح ذلك النظام معمولاً به فى أغلب دول العالم ... وقد لعبت العلامات التجارية دوراً هاماً فى ميدان المنافسة حيث كانت لها من أقوى الدعامات وأقطع الأسلحة ، لأنها من أهم الوسائل التى يلجأ إليها التاجر والصانع لتعريف نفسه إلى مستهلكى سلعته ، وبها يضمن لنفسه عدم تضليل الجمهور وخديعته فى أمرها ، مما يدفعه إلى بذل أقصى جهده فى تحسين منتجاته وتخفيض تكاليف الإنتاج إلى أق حد ممكن ليتسنى تفوقها على مثيلاتها جودة ورخصاً ، مما يجعل سن نظام لحماية العلامات التجارية فرضاً محتوماً على الحكومات لضمان التقدم الاقتصادى فى ناحيتى الصناعة والتجارة ... لذلك أصدرت معظم الدول القوانين المتعلقة بحماية العلامات التجارية . ففى ألمانيا صدر قانون 12 مايو سنة 1894 و 21 مارس سنة 1912 و 5 مايو سنة 1926 . وفى إنجلترا قانون 11 أغسطس سنة 1905 و 28 أغسطس سنة 1907 و 18 أغسطس سنة 1911 و 7 أغسطس سنة 1914 و 23 ديسمبر سنة 1919 و 13 أبريل سنة 1938 . وفى بلجيكا قانون أول أبريل سنة 1879 و 31 مارس سنة 1898 و 30 أغسطس سنة 1913 . وفى أسبانيا قانون 11 مايو سنة 1902 و 26 يوليه سنة 1929 . وفى الولايات المتحدة قانون 20 فبراير سنة 1905 و 2 مارس سنة 1907 و 18 فبراير سنة 1909 و 8 يناير سنة 1913 . وفى إيطاليا قانون 30 أغسطس سنة 1868 و 20 مارس سنة 1913 و 13 سبتمبر سنة 1934 . وفى سويسرا قانون 26 سبتمبر سنة 1890 و 14 أبريل سنة 1910 و 21 ديسمبر سنة 1928 ... إلا أن عدم استطاعة المحاكم المصرية القضاء بالعقوبات المقررة التى أشرنا إليها لم يعجزها عن منح قسط وافر من الحماية للعلامات التجارية بتطبيق أحكام القانون العام والقانون الطبيعى وقواعد العدل والإنصاف ، ولم تتوان محكمة الاستئناف المختلطة فى تطبيق القواعد والمبادئ التى تضمنتها الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الملكية الصناعية ، وكانت تجيز الحجز على البضائع والمنتجات المقلدة ، كما أنها كانت تقضى بالتعويضات المناسبة وبنشر الحكم .. ( ثم ) رأت محكمة الاستئناف المختلطة فى جمعيتها العمومية المنعقدة فى 30 نوفمبر سنة 1928 أن المصلحة العامة تقضى بتوحيد التسجيل بحصره فى مكان واحد ... فى قلم كتاب محكمة الاستئناف المختلطة بالإسكندرية ، وقد بدئ بتنفيذ هذا النظام من أول نوفمبر سنة 1929 وهو معمول به لغاية الآن " .

وجاء فى المذكرة التفسيرية لمشروع قانون العلامات والبيانات التجارية : " ففى سنة 1918 أعدت إحدى اللجان الفرنسية للجنة إلغاء الامتيازات الأجنبية مشروع قانون فى هذا الموضوع يعد عملاً جليلاً ومفخرة لمن اشتركوا فى إعداده وهم : Carot وHouriet وPupikofer . وقد وضع مشروع القانون الحالى على ضوء المشروع الذى أعدته اللجنة المشار إليها ، ناقلاً أهم أحكامه ، مهملاً منها ما يجب تركه إلى اللائحة التنفيذية أو ما لا تقضيه الحالة فى مصر ، ومخالفاً له فى بعض النقط " .&%$ ) . والعلامات التجارية ( marques de fabrique ) $ 466 $ هى الأسماء المتخذة شكلاً مميزاً ( الجميل - الجمل ) ، والكلمات ( Arrow, Tonny, Bonsoir ) ، والإمضاءات ، والحروف ، والأرقام ، والرسوم ، والرموز, وعنوانات المحال ( Delice, Americaine, Groppi ) ، والدمغات ، والأختام ، والتصاوير ، والنقوش البارزة ، وأية علامة أخرى أو أى مجموع منها يستخدم ، أو يراد به أن يستخدم ، إما فى تمييز منتجات عمل صناعى أو استغلال زراعى أو استغلال للغابات أو لمستخرجات الأرض ( من فحم وحديد وحجز ومعادن ) ، أو أية بضاعة ، أو للدلالة على مصدر المنتجات أو البضائع أو نوعها أو مرتبتها أو ضمانها أو طريقة تحضيرها ( $%&[1] ) وتنص المادة 5 من قانون العلامات والبيانات التجارية على ما يأتى : " لا يسجل كعلامة تجارية أو كعنصر منها ما يأتى : ( أ ) العلامات الخالية من أية صفة مميزة أو المكونة من علامات أو بيانات ليست إلا التسمية التى يطلقها العرف على المنتجات أو الرسم أو الصورة العادية لها . ( ب ) كل تعبير أو رسم أو علامة مخلة بالآداب أو مخالفة للنظام العام . ( ج ) الشعارات العامة والأعلام وغيرها من الرموز الخاصة بالدولة أو بإحدى البلاد التى تعامل مصر معاملة المثل ، وكذلك أى تقليد للشعارات . ( د ) العلامات والدمغات الرسمية للبلاد سالفة الذكر الخاصة برقابته على البضائع أو ضمانها ، فى حالة مما إذا كانت العلامة التجارية التى تشتمل على تلك العلامات أو الدمغات يراد استخدامها فى بضائع ممن نفس الجنس أو من جنس مماثل . ( هـ ) العلامات المطابقة أو المشابهة للرموز ذات الصبغة الدينية المحضة . ( و ) رموز الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر وغيرها من الرموز الأخرى المشابهة ، وكذلك العلامات التى تكون تقليداً لها . ( ز ) الأسماء الجغرافية إذا كان استعمالها من شأنه أن يحدث لبساً أياً كان فيما يتعلق بمصدر المنتجات أو أصلها . ( ح ) صورة الغير أو شعاراته ، ما لم يوافق مقدماً على استعمالها . ( ط ) البيانات الخاصة بدرجات الشرف التى لا يثبت طالب التسجيل استحقاقه لها قانوناً . ( ى ) العلامات التى من شأنها أن تضلل الجمهور أو التى تتضمن بيانات كاذبة عن مصدر المنتجات أو عن صفاتها الأخرى ، وكذلك العلامات التى تحتوى على بيان اسم تجارى وهمى أو مقلد أو مزور " .

وتطبيقاً لما تقدم ، لا تعد علامة ، لانعدام الصفة المميزة ، صورة فلاح مصرى ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1940 م 52 ص 101 ) ، أو صورة رجل يركب حصاناً ( استئناف مختلط 17 ديسمبر سنة 1924 م 37 ص 77 ) ، أو صورة رأس امرأة فى صبغة للشعر ( استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1925 م 38 ص 18 ) ، أو رسم مثلث ( استئناف الإسكندرية 29 فبراير سنة 1941 م 53 ص 95 ) ، أو كلمة نباتين للسمن الصناعى ( استئناف الإسكندرية 29 يناير سنة 1950 مجلة التشريع والقضاء 3 - 212 ) ، أو الجبن الهولندى ، أو السجاير التوسكانى ، أو البن اليمنى ، وتصلح الشارات إذا اتخذت شكلاً مميزاً ( استئناف مختلط 11 مارس سنة 1936 م 48 ص 179 ) ، كأن تكتب بحروف خاصة أو بلون خاص أو فى دائرة أو فى مربع .

ومن أمثلة العلامات التجارية ، فيما يتعلق بالأسماء ، اسم التاجر أو الصانع بشرط أن يتخذ هذا الاسم شكلاً مميزاً ( نقض مدنى 20 ديسمبر سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 ص 763 ) ، كأن يكتب فى دائرة أو مربع أو بالخط الكوفى أو الفارسى أو الديوانى ( مثل ذلك فورد والشبراويشى وسنجر وياسين ) . ويجوز استعمال اسم الغير برضائه ، واستعمال الإمضاء بشرط أن يتخذ شكلاً مميزاً . وقد تتكون العلامة من تسمية مبتكرة ، مثل ذلك صابون بالموليف وسجاير بلمنت ومشروب كوكا كولا وثلاجة إيديال . ومن أمثلة العلامات التجارية ، فليما يتعلق بالحروف والأرقام ، الحروف الأولى لاسم تاجر ، أو حروف أخرى مثل L .M . لنوع من السجائر ، وسجاير 333 ، وصابون ج 11 . ومن أمثلة العلامات التجارية ، فيما يتعلق بالرسوم والتصاوير والرموز ، سفينة أو أهرام أو نجم أو أسد أو غزال أو نسر أو صورة بحار . ويجوز للتاجر أن يتخذ صورته كعلامة مثل جيليت ، أو صورة أحد مشاهير الرجال بشرط رضاء هذا الشخص أو رضاء ورثته .&%$ ) .

 $ 467 $

فالعلامة التجارية إذن تميز المنتجات والبضائع بحيث يكون معروفاً فى الأسواق أن البضاعة التى تحمل هذه العلامة هى بضاعة معينة ، فلا تختلط $ 468 $ بغيرها من البضائع ، ويستطيع طالب هذه البضاعة بالذات أن يطمئن إذا ما وجد العلامة موضوعة على البضاعة التى يتعامل فيها . وقد حدد القانون فئات المنتجات التى تسجل عنها العلامات ، وأهمها المنتجات الكيماوية والدهانات والمستحضرات الخاصة بتبييض الأقمشة والزيوت والشحوم ومواد الصيدلة والطب البيطرى والمعادن غير المشغولة ونصف المشغولة والآلات والأجهزة العلمية والبحرية الخاصة بمسح الأراضى والسدود والأجهزة التى تستخدم فى الجراحة والطب وأجهزة الإنارة والتدفئة وأجهزة النقل البرى والمائى والجوى والأسلحة النارية والمعادن النفيسة والآلات الموسيقية والورق والجلود المدبوغة ومواد البناء والأثاث والأدوات والأوعية المنزلية والغزل والخيوط والمنسوجات والملابس والأحذية والأبسطة واللعب واللحوم والأسماك والطيور والبن والشاى والسكر والأرز والحاصلات الزراعية والبيرة والأنبذة والمشروبات الروحية . وقد نصت المادة 7 من قانون العلامات على ألا تسجل العلامات إلا عن فئة واحدة أو أكثر من هذه الفئات التى تقدم ذكر أهمها .

وليست العلامة التجارية فى ذاتها تنطوى على ابتكار ، كما ينطوى الاختراع والرسوم والنماذج ، ولكن القانون مع ذلك يحميها لأنها تميز بضاعة تعتبر ذات خصائص مرغوب فيها . فالبضاعة ، لا العلامة التجارية ، هى التى تنطوى على الابتكار ، ومن أجل ذلك يحميها القانون عن طريق العلامة التجارية .

287 - إجراءات تسجيل العلامات التجارية : هناك سجل بوزارة التجارة يسمى سجل العلامات التجارية ، ويجوز لصاحب العلامة ( $%&[1] ) وتنص المادة 4 من قانون العلامات والبيانات التجارية على ما يأتى : " للأشخاص الآتى ذكرهم حق تسجيل علاماتهم : ( 1 ) كل صاحب مصنع أو منتج أو تاجر مصر الجنس . ( 2 ) كل صاحب مصنع أو منتج أو تاجر مقيم بمصر أو له فيها خل حقيقى . ( 3 ) كل صاحب مصنع أو منتج أو تاجر ينتمى لبلاد تعامل مصر معاملة المثل أو يقيم بها أو له فيها محل حقيقى . ( 4 ) الجمعيات أو جماعات أرباب الصناعة أو المنتجين أو التجار التى تكون مؤسسة فى مصر أو فى إحدى البلاد المذكورة آنفاً ، إذا كان يمكن اعتبراها متمتعة بالأهلية المدنية . ( 5 ) المصالح العامة " .&%$ ) أن يتقدم بطلب قيدها فى هذا السجل . ويقدم طلب التسجيل إلى إدارة تسجيل $ 469 $ العلامات التجارية ، ويجوز لهذه الإدارة أن تفرض من القيود والتعديلات ما ترى لزومه لتحديد العلامة . وللطالب أن يتظلم من قرار الإدارة فى ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره به ، أمام لجنة إدارية تشكل لهذا الغرض . وإذا أيدت اللجنة قرار الإدارة برفض تسجيل العلامة لمشابهتها علامة أخرى سبق تسجيلها ، فلا يجوز للطالب تسجيل علامته إلا بناء على حكم قضائى يصدر ضد صاحب التسجيل . وعلى الإدارة فى حالة قبول تسجيل العلامة الشهر عنها ، ولكل ذى شأن أن يقدم للإدارة إخطاراً كتابياً بمعارضته فى تسجيل العلامة ، وعلى طالب التسجيل الرد ، وتصدر الإدارة قراراً بقبول التسجيل أو رفضه ، وقرارها فى ذلك قابل للطعن فيه أمام المحكمة الابتدائية ( لم يكن مجلس الدولة قد أنشئ فى سنة 1939 ) فى ميعاد عشرة أيام من تاريخ إخطار صاحب الشأن به . ويعطى لمالك العلامة بمجرد إتمام تسجيلها شهادة يبين فيها تاريخ الطلب وتاريخ التسجيل والاسم التجارى ولقب مالك العلامة ومحل إقامته وجنسيته ، وصورة مطابقة للعلامة ، والمنتجات أو البضائع المخصصة لها العلامة ، ويكون للتسجيل أثره من تاريخ تقديم الطلب . ولكل شخص أن يطلب مستخرجات أو صوراً من السجل ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة التفسيرية لقانون العلامات والبيانات التجارية : " بالرجوع إلى القوانين الأجنبية نجد أنها تتبع إحدى النظريات الأربع المبينة فيما يلى : ( النظرية الأولى ) وقد اتبعها القانون الفرنسى الصادر فى سنة 1857 . وبمقتضاها يقبل طلب التسجيل بدون فحص سابق ، بمعنى أنه لا يجوز للموظف الذى يتسلم طلبات التسجيل أن يرفض إجراء التسجيل بحجة أن العلامة ليست جديدة أو لأى سبب آخر . ( النظرية الثانية ) وقد اتبعها قانون الاتحاد السويسرى الصادر فى 26 سبتمبر سنة 1890 المعدل بالقانون الصادر فى 31 ديسمبر سنة 1928 ، وبمقتضاها تسجل العلامة بدون فحص سابق على مسئولية الطالب ، مع رفض تسجيلها فى حالات نص عليها القانون ، وعلى الأخص عندما تكون العلامة منافية للآداب العامة . أما إذا وجد المكتب أن العلامة ليست جديدة فعليه إخطار الطالب ، وهذا له أن يتمسك بطلبه أو أن يسحبه . ( النظرية الثالثة ) وقد اتبعها القانون الألمانى الصادر فى 12 مايو سنة 1894 والمعدل فى 5 مايو سنة 1936 ، وبمقتضاها يمكن رفض التسجيل ، وعلى الأخص إذا اشتملت العلامة على شعارات أو علامات منافية للآداب العامة . وعندما يجد المكتب أن العلامة المطلوب تسجيلها تطابق تمام المطابقة علامة أخرى سبق تسجيلها فعليه أن يرفض التسجيل . وللطالب فى هذه الحالة فقط إثبات أحقيته للعلامة بطريق رفع الدعوى على صاحب التسجيل الأول . ( النظرية الرابعة ) وقد اتبعها القانون الإنجليزى الصادر فى 23 أغسطس سنة 1887 والمعدل فى 13 أبريل سنة 1938 ، وبمقتضاها لا يقبل التسجيل إلا بعد فحص سابق للعلامة ، يكون متضمناً إشهار طلب التسجيل وفتح باب المعارضة للغير ، وتقدم المعارضات لأمين السجل ، ويجوز التظلم من قراراته أمام المحكمة ... وقد رؤى تفادى الصعوبات التى يشتمل عليها التشريع الإنجليزى ، كما رؤى عدم الأخذ بالنظام الفرنسى المناقض له ، لما فى تطبيقهما من الإضرار بطالب التسجيل وبالغير على السواء .. لم يبق أمامنا إذن غير النظريتين الوسطيين, وقد رأينا أن نختار منهما نظرية القانون الألمانى ( م 8 و 9 من المشروع ) " . &%$ ) .

 $ 470 $

288 - واجبات وحقوق صاحب العلامة التجارية : يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها ، وله وحده دون سواه أن يستعملها على بضائعه ومنتجاته . وتصبح ملكيته للعلامة غير قابلة للمنازعة فيها ، إذا هو استعملها بعد تسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع عليه بشأنها دعوى حكم بصحتها ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة التفسيرية لقانون العلامات والبيانات التجارية فى هذا الصدد : " تبعاً للنظرية التى أخذ بها القانون الفرنسى الصادر فى سنة 1857 يعتبر التسجيل مقرراً حق الملكية لا منشئاً له . ومن مزايا هذه النظرية أن يكون مالك العلامة الذى يهمل تسجيلها بمأمن من أن يغتصب علامته منافس له بطريق تسجيلها باسمه . إلا أن هذه النظرية لا تخلو من المساوئ ، فمن جهة تشجع أصحاب العلامات على إهمال تسجيلها لأنه ليس هناك ما يضطرهم إلى ذلك التسجيل ... ومن جهة أخرى فإن هناك ما هو أشد خطورة ممام تقدم وذلك تعذر معرفة من له حق الأسبقية فى حالة حصول تنازع على ملكية علامة قديمة . كل هذه المساوئ لا يكون لها وجود إذا أخذنا بنظرية أن التسجيل منشئ حق الملكية . ولذلك أخذت بعض القوانين الأجنبية ، وعلى الأخص القانون الألمانى ، بالنظرية الأخيرة ، على أنها لا تخلو هى أيضاً من مساوئ كبيرة . ومع ذلك فليس من المتعذر العمل بالنظريتين معاً .. وهذا ما اتبعه القانون الإنجليزى حيث نص على عدم جواز الطعن فى التسجيل قرينة على أسبقية استعمال العلامة ، وهذه القرينة يمكن أن تدحض بإثبات وجود استعمال سابق على تاريخ التسجيل ، لأن ملكية العلامة تكون لم سبق أن استخدمها قبل غيره ، فالتسجيل ليس من شأنه أن ينشئ حق الملكية ، إنما هو يقرر فقط وجوده ... ومع ذلك فطبقاً للفقرة الثانية يصبح التسجيل منشئاً لحق الملكية إذا استخدمت العلامة بصفة ظاهرة ومستمرة خمس سنوات من تاريخ التسجيل ، على أن يبقى لمن تكون له الأسبقية فى استخدام ذات العلامة حق وضع اليد عليها ويكون ذلك الحق شخصياً فلا ينتقل منه إلى الغير كما لا يجوز التوسع فيه . وينبنى على ذلك أن العلامة لا يمكن أن تنتقل ملكيتها للورثة ولغيرهم ، ولا يمكن أن توضع على منتجات أخرى " .

وقد قضت محكمة النقض بأن التسجيل لا ينشئ الملكية بل يقررها ، وهو لا يصبح منشئاً للملكية إلا إذا استمرت العلامة بصفة ظاهرة مستمرة خمس سنوات من تاريخه ، على أن يبقى لمن له الأسبقية فى استخدام العلامة حق وضع اليد عليها ولا تجوز معاقبته ( نقض جنائى 3 مايو سنة 1949 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء 2 ص 1274 ) . وقضت محكمة النقض أيضاً بأنه متى كان النزاع قائماً بين شخصين لم يكسب أحدهما ملكية العلامة التجارية باستعمالها خمس سنوات على الأقل من وقت تسجيلها ، فإن الملكية تتقرر لمن يثبت منهما أسبقيته فى استعمال العلامة ولو كان الآخر قد سبقه إلى تسجيلها أو إلى تقديم طلب بهذا التسجيل ( نقض مدنى 15 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 341 ) . وقضت أخيراً بأن التسجيل لا ينشئ بذاته حقاً فى ملكية العلامة التجارية ، إذ أن هذا الحق وليد استعمال العلامة ، ولا يقوم التسجيل إلا قرينة على هذا الحق يجوز دحضها لمن يدعى أسبقيته فى استعمال العلامة ، إلا أن تكون قد استعملت بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها ( نقض مدنى 9 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 86 ص 535 ) .&%$ ) . وعلى صاحب $ 471 $ العلامة أن يدفع رسماً بينته اللائحة التنفيذية لقانون العلامات والبيانات التجارية . وعليه أن يستعمل العلامة ، ويجوز للمحكمة بناء على طلب أى ذى شأن أن تأمر بشطب التسجيل إذا بثت لديها أن العلامة لم تستعمل بصفة جدية خمس سنوات متتالية ، إلا إذا قدم مالك العلامة ما يسوغ به عدم استعمالها . وإذا شطب تسجيل العلامة ، فلا يجوز أن يعاد تسجيلها لصالح الغير عن نفس المنتجات إلا بعد ثلاث سنوات ممن تاريخ الشطب . ولكل ذى شأن حق طلب الحكم بشطب العلامات التى تكون قد سجلت بدون وجه حق ، وتقوم الإدارة بشطب هذه العلامات متى قدم لها حكم بذلك حائز لقوة الشئ المقضى . ويستثنى من ذلك حالة ما إذا كان قد مضى على استعمال العلامة بعد تسجيلها خمس سنوات على الأقل دون منازعة فيها ، فقد قدمنا أنه لا يجوز فى هذه الحالة المنازعة فى صحة التسجيل .

ومدة الحماية المترتبة على تسجيل العلامة عشر سنوات ، ولصاحب الحق فيها أن يضمن استمرار الحماية لمدة جديدة إذا قدم طلباً بالتجديد فى خلال السنة الأخيرة ، وهكذا فى كل مدة تالية ، فالعلامة التجارية ليست لها مدة قصوى لحمايتها ، بل هى تحمى دائماً ما دام صاحبها يقوم بطلب تجدي تسجيلها فى السنة الأخيرة من نهايات عشر السنوات ، فإن إدارة التسجيل تقوم فى خلال الشهر التالى لانتهاء عشر السنوات بإخطار صاحب العلامة بانتهاء مدة حمايتها ، فإذا انقضت الثلاثة الأشهر التالية لتاريخ انتهاء مدة عشر السنوات دون أن يقدم صاحب العلامة طلب التجديد ، قامت الإدارة من تلقاء نفسها بشطب العلامة من السجل .

 $ 472 $

ولصاحب العلامة التصرف فيها بعضو أو بغير عوض ، ومع ذلك لا يجوز نقل ملكية العلامة أو رهنها ، أو الحجز عليها إلا مع المحل التجارى أو مشروع الاستغلال الذى تستخدم العلامة فى تمييز منتجاته . ويشمل انتقال ملكية المتجر أو مشروع الاستغلال العلامات المسجلة باسم ناقل الملكية التى يمكن اعتبارها ذات ارتباط وثيق بالمتجر أو المشروع ، ما لم يتفق على غير ذلك ( $%&[1] ) فيجوز الاتفاق على نقل ملكية المتجر أو المشروع من غير العلامة التجارية ، إذ قد يرى المالك عند نقل الملكية الاحتفاظ بعلامته التجارية إما لإعادة استعمالها لنفسه ، أو حبسها عن التداول ، أو لأى غرض آخر ( نقض مدنى 23 يونيه سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 ص 1279 ) .&%$ ) . ولا يكون نقل ملكية العلامة أو رهنها حجة على الغير ، إلا بعد التأشير به فى السجل وشهره بالكيفية التى تقررها اللائحة التنفيذية ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الغير الذى لا يحتج عليه بنقل ملكية العلامة التجارية إلا بعد التأشير والشهر ، وفقاً لنص المادة 20 من القانون رقم 57 لسنة 1939 ، هو كل من يثبت له على العلامة المبيعة حق عينى بعوض ( نقض مدنى 24 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 23 ص 180 ) .&%$ ) .

289 - البيانات التجارية : وتوجد ، إلى جانب العلامات التجارية ، البيانات التجارية وهى أيضاً يحميها القانون . ويعتبر بياناً تجارياً كل إيضاح يتعلق بما يأتى : ( 1 ) عدد البضائع أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو طاقتها أو وزنها . ( 2 ) الجهة أو البلاد التى صنعت فيها البضائع أو أنتجت . ( 3 ) طريقة صنعها أو إنتاجها . ( 4 ) العناصر الداخلة فى تركيبها . ( 5 ) اسم أو صفات المنتج أو الصانع . ( 6 ) وجود براءات اختراع أو غيرها من حقوق الملكية الصناعية أو أية امتيازات أو جواز أو مميزات تجارية أو صناعية . ( 7 ) الاسم أو الشكل الذى تعرف به بعض البضائع أو تقوم عادة .

فالبيان التجارى إذن لا ينطوى على أى ابتكار ، وإنما هو بيان هام يعرّف الجمهور بالمنتجات أو البضائع التى وضع عليها . وليس المقصود حماية البيان ذاته ، بل حماية الناس الذين يتعاملون فى هذه المنتجات والبضائع ، ويطمئنون إلى صحة البيان الموضوع عليها . لذلك يجب أن يكون البيان التجارى مطابقاً للحقيقة من جميع الوجوه ، سواء كان موضوعاً على نفس المنتجات أو على المحال أو على عنواناتها أو الأغلفة أو الفواتير أو أوراق الخطابات $ 473 $ أو وسائل الإعلان أو غير ذلك مما يستعمل فى عرض البضائع على الجمهور .

وعلى ذلك إذا كانت المنتجات واردة من الخارج ، فلا يجوز وضع اسم البائع أو عنوانه على هذه المنتجات ما لم يكن مقترناً ببيان دقيق مكتوب بحروف ظاهرة عن البلاد أو الجهة التى صنعت أو أنتجت فيها هذه البضائع . ولا يجوز للأشخاص المقيمين فى جهة ذات شهرة خاصة فى إنتاج بعض المنتجات أو صنعها ( فيشى مثلاً للمياه المعدنية وبودو للنبيذ ) الذين يتجرون فى منتجات مشابهة واردة من جهة أخرى ، أن يضعوا عليها علاماتهم إذا كانت من شأنها أن تضلل الجمهور فيما يتعلق بمصدر تلك المنتجات ، حتى لو كانت العلامات لا تشتمل على أسماء هؤلاء الأشخاص أو عناوينهم ، ما لم تتخذ التدابير الكفيلة بمنع كل لبس . ولا يجوز للصانع أن يستعمل اسم الجهة التى يوجد له بها مصنع رئيسى فيما يصنع لحسابه من منتجات فى جهة أخرى ، ما لم يقترن هذا الاسم ببيان الجهة الأخيرة على وجه يمتنع معه كل لبس ( $%&[1] ) وتنص المادة 30 من قانون العلامات والبيانات التجارية على أنه " يجوز أن تطلق على بعض المنتجات أسماء جغرافية أصبحت ألفاظاً عامة تدل فى الاصطلاح التجارى على جنس الناتج لا على مصدره ، وتستثنى من ذلك الأسماء الإقليمية للمنتجات النبيذية " .&%$ ) . ولا يجوز ذكر ميداليات أو دبلومات أو جوائز أو درجات فخرية من أى نوع ، سواء أكانت كسبت فى معارض أم فى مباريات أم منحت من رؤساء الدول أو الحكومات أو المصالح العامة أو هيئات العلماء أو الجمعيات العلمية ، إلا بالنسبة إلى المنتجات التى تنطبق عليها هذه المميزات ، وبالنسبة إلى الأشخاص والأسماء التجارية الذين كسبوها أو لمن آلت إليهم حقوقهم ، ويجب أن يشتمل ذلك على بيان صحيح بتاريخها ونوعها والمعارض أو المباريات التى منحت فيها . ولا يجوز لمن اشترك مع آخرين فى عرض منتجات أن يستعمل لمنتجاته الخاصة المميزات التى منحت للمعروضات المشتركة ، ما لم يعين بطريقة واضحة مصدر تلك المميزات ونوعها .

وقد يكون وضع البيان التجارى لازماً بموجب القانون ، فقد نصت المادة 32 من قانون العلامات والبيانات التجارية على أنه " إذا كان مقدرا المنتجات أو مقاسها أو كيلها أو طاقتها أو وزنها أو مصدرها أو العناصر الداخلة $ 474 $ فى تركيبها من العوامل التى لها دخل فى تقدير قيمتها ، جاز بمرسوم منع استيراد تلك المنتجات أو بيعها أو عرضها للبيع ما لم تحمل بياناً أو أكثر من هذه البيانات . وتحدد بقرار وزارى الكيفية التى توضع بها البيانات على المنتجات ، والإجراءات التى يستعاض عنها بها عند عدم إمكان ذلك ، على أن تكتب هذه البيانات باللغة العربية " .

290 - طرق حماية العلامات والبيانات التجارية : هذه الطرق ، كطرق حماية براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية ، قد تكون إجراءات تحفظية ، وقد تكون جزاء مدنياً ، وقد تكون جزاء جنائياً .

ففيما يتعلق بالإجراءات التحفظية ، يجوز لمالك العلامة التجارية فى أى وقت ، ولو كان ذلك قبل رفع أية دعوى مدنية أو جنائية ، أن يستصدر ، بناء على عريضة مشفوعة بشهادة رسمية دالة على تسجيل العلامة ، أمراً من القاضى باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة ، وعلى الأخص حجز الآلات أو أية أدوات تستخدم أو تكون قد استخدمت فى ارتكاب الجريمة ، وكذلك المنتجات أو البضائع أو عنوانات المحال أو الأغلفة أو الأوراق أو غيرها مما تكون قد تكون قد وضعت عليها العلامة أو البيان موضوع الجريمة . ويجوز إجراء هذا الحجز عند استيراد البضائع من الخارج .. ويجوز أن يشمل الأمر الصادر من القاضى ندب خبير أو أكثر لمعاونة المحضر فى عمله ، وإلزام الطالب بتقديم كفالة . وتعتبر هذه الإجراءات بطالبة بحكم القانون ، ما لم تتبع فى خلال ثمانية أيام عدا مواعيد المسافة برفع دعوى مدنية أو جنائية على من اتخذت بشأنه تلك الإجراءات .

وفيما يتعلق بالجزاء المدنى يحكم بالتعويضات على من اعتدى على صاحب العلامة التجارية أو على من وضع بياناً تجارياً غير صحيح على المنتجات والبضائع ، ويجوز للمحكمة ، فى أية دعوى مدنية أو جنائية ، أن تحكم بمصادرة الأشياء المحجوزة أو التى تحجز فيا بعد ، لاستنزال ثمنها من التعويضات أو الغرامات ، أو للتصرف فيها بأية طريقة أخرى تراها المحكمة مناسبة . ويجوز للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم فى جريدة واحدة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه . ويجوز لها كذلك أن تأمر بإتلاف العلامات غير القانونية ، أو أن تأمر عند الاقتضاء $ 475 $ بإتلاف المنتجات والأغلفة ومعدات الحزم وعنوانات المحال والكتالوجات وغيرها من الأشياء التى تحمل تلك العلامة أو تحمل بيانات غير قانونية ، وكذلك إتلاف الآلات والأدوات التى استعملت بصفة خاصة فى عملية التزوير . ولها أن تأمر بكل ما سبق حتى فى حالة الحكم بالبراءة .

وفيما يتعلق بالجزاء الجنائى ، تنص المادة 33 من قانون العلامات والبيانات التجارية على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة من عشرة جنيهات إلى ثلثمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط : ( 1 ) كل من زور علامة تم تسجيلها طبقاً للقانون ، أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور ( $%&[1] ) تزوير العلامة هو اصطناع علامة تطابق تامة العلامة الأصلية ، أما التقليد فهو اصطناع علامة مشابهة فى مجموعها للعلامة الأصلية مشابهة من شأنها تضليل الجمهور . وتقدير وجود تشابه من شأنه أن يخدع الجمهور مسألة واقع ، متى كانت الأسباب سائغة ( نقض مدنى 4 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 ص 486 - نقض جنائى 24 أبريل سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 666 ) . وقد استقرت أحكام القضاء ( نقض مدنى 28 يناير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 ص 100 - 22نوفمبر سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 ص 1063 - 24 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 ص 180 ) على القواعد الآتية : ( أ ) يعتد بأوجه التشابه ، لا بأوجه الخلاف . ( ب ) العبرة فى التشابه هو التشابه فى المظهر العام لمجموع كل من العلامتين ، لا فى التفاصيل والجزئيات . ( ج ) التشابه الذى يعتبر تقليداً هو التشابه الذى من شأنه تضليل الجمهور ، أى المستهلك العادى ، لا المستهلك المهمل ولا المستهلك اليقظ .

وانظر أيضاً نقض جنائى 7 يونيه سنة 1943 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جز 2 ص 1274 - 11 ديسمبر سنة 1944 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جز 2 ص 1273 - 29 يناير سنة 1945 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء 2 ص 1274 .

وقضت محكمة استئناف مصر بأن تشابه العلامتين من ناحيتى الشكل والجرس السمعى لا يمكن أن يؤدى إلى الخلط واللبس فى مجال تجارة المسحوق المنظف اللازم لمصانع الطبع والصباغة ، لأن الذين يقتنون مثل هذه المنتجات هم من رجال الخبرة والفن ( استئناف مصر 29 فبراير سنة 1960 المحاماة 41 رقم 355 ص 685 ) .&%$ ) ، وكل من استعمل بسوء القصد علامة مزورة أو مقلدة . ( 2 ) كل من وضع بسوء القصد على منتجاته علامة مملوكة لغيرة . ( 3 ) كل من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق ، مع علمه بذلك " . وتنص المادة 34 من نفس القانون $ 476 $ على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة من خمسة جنيهات إلى مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط : ( 1 ) كل من خالف أحكام المواد من 27 إلى 32 من هذا القانون ( وهى الخاصة بمطابقة البيانات التجارية للحقيقة ) . ( 2 ) كل من استعمل علامة غير مسجلة فى الأحوال المنصوص عليها فى الفقرات ( ب ) و( ج ) و( د ) و( و ) و( ط ) و( ى ) من المادة الخامسة ( علامات غير جائز استعمالها ) . ( 3 ) كل من ذكر بغير حق على علاماته أو أوراقه التجارية بياناً يؤدى إلى الاعتقاد بحصول تسجيلها " .

 $ 477 $ $ 478 $

القسم الثانى

حق الملكية

 

 

 $ 479 $

تمهيد ( $%&[1] ) مراجع : انظر المراجع العامة المشار إليها فى القسم الأول .&%$ )

291 - الأساس الذى يقوم عليه حق الملكية ومشروعية هذا الحق : حق الملكية هو أوسع الحقوق العينية نطاقاً ، بل هو جماع هذه الحقوق العينية ، وعنه تتفرع جميعاً . فمن له حق الملكية على شئ كان له حق استعماله ( jus utendi ) ، وحق استغلاله ( jus fruendi ) ، وحق التصرف فيه ( jus abutendi ) ، وبذلك يستجمع كل السلطات التى يعطيها القانون للشخص على الشئ . فإذا اقتصر حق الشخص على استعمال الشئ واستغلاله ، كان هذا حق انتفاع متفرعاً عن حق الملكية . وإذا اقتصر حقه على استعمال الشئ لحاجاته الشخصية وحدها ، أو اقتصر حقه على السكنى دون أى وجه آخر من وجوه الاستعمال ، كان هذا حق استعمال أو حق سكنى ، وكلا الحقين متفرع عن حق الملكية . وإذا اقتصر حقه على استعمال الشئ على وجه معين أو الحصول منه على منافع معينة ، كان هذا حق ارتفاق ، هو أيضاً متفرع عن حق الملكية . وإذا اقتصر حق الشخص على التصرف فى الشئ جبراً على المالك لاستيفاء حقه متقدماً على غيره من الدائنين ، كان هذا حق رهن أو حق اختصاص أو حق امتياز ، وكلها حقوق تبعية إذ هى تكفل الدين فهى تابعة له ، وهى أيضاً متفرعة عن حق الملكية . فالمالك إذن يستطيع أن يفعل فى ملكه ما يشاء إلا ما ينهى عنه القانون ، أما صاحب أى حق عينى آخر فلا يستطيع أن يفعل فى الشئ إلا ما نص عليه القانون ولا يستطيع أن يفعل أى شئ آخر .

وقد استتبع اتساع نطاق حق الملكية إلى هذا المدى البحث عن مشروعيته والأساس الذى يقوم عليه ، فاختلفت المذاهب والأنظار فى ذلك ( $%&[1] ) فمنذ عهد أفلاطون والملكية الفردية محل للهجوم عليها وللدفاع عنها – انظر Landry فى الفائدة الاجتماعية للملكية الفردية سنة 1901 - Tanerede Rothe فى وجود الملكية سنة 1930 - Renard et Trotabas فى الوظيفة الاجتماعية للملكية الفردية سنة 1930 - Coste - Floret فى الطبيعة القانونية الحق لملكية بموجب التقنين المدنى ومنذ التقنين المدنى رسالة من مونبلييه سنة 1935 - Moranira من الملكية الرأسمالية إلى الملكية الإنسانية سنة 1936 - Gonnard فى الملكية فى الفقه وفى التاريخ سنة 1943 - Salleron ستة أبحاث فى الملكية الجماعية سنة 1947 - Jansse فى الملكية ونظام الأموال فى الحضارات الشرقية سنة 1953 - Ghalleye فى تاريخ الملكية الطبعة الخامسة سنة 1958 - Feretzane بحث فى فكرة الملكية الاجتماعية سنة 1963 .&%$ ) . فبعض $ 480 $ يذهب إلى أن الملكية الفردية تقوم على القانون الطبيعى ، ولكن لو كانت الملكية الفردية تقوم على القانون الطبيعى لوجدت فى كل الأزمان والعصور ، وسنرى أنها إنما كانت ثمرة تطور طويل ولم كن موجودة من قبل . وبعض يذهب إلى أنها تقوم بالاستيلاء ، فمن وضع يده على مال ملكه وبقى مالكاً له وانتقل منه إلى ورثته . ولكن الاستيلاء كسبب من أسباب كسب الملكية الفردية يفترض ضرورة أن الملكية الفردية كانت موجودة قبله ، حتى يصح أن يكون الاستيلاء سبباً فى كسبها . وهناك من يذهب إلى أن الملكية الفردية تقوم على النفع الاجتماعى لتفوقها على جميع نظم الملكية الأخرى ، إذ المجتمع الذى يمارس الملكية الفكرية أرق بكثير من الناحيتين الاقتصادى والاجتماعية من المجتمع الذى لا يمارسها . ولكن يفترض أن المجتمع كان بالخير بين الملكية الفردية والملكية غير الفردية ، فاختار الملكية الفردية لنفعها . والصحيح أن الملكية الفردية لم تكن نتيجة مقارنة واختيار ، بل كانت ثمرة تطور طويل ظل أحقاباً عديدة حتى انتهى إليها ، وسنرى فيما يلى كيف تطورت الملكية .

وإذا أريد للملكية الفردية أن تقوم على أساس مشروع ، فخير أساس لها هو العمل . فالعامل يكسب أجر عمله ، وهذا الكسب الحلال هو بذرة الملكية الفردية . ومتى سلمنا بأن الفرد له حق مشروع فى كسب عمله ، فقد سلمنا بمشروعية الملكية الفردية . هذا الكسب الذى جناه الفرد ثمرة لعمله هو ملك له ، وينبغى أن يستأثر به دون غيره ، فقد كسبه بعرض جبينه وبكده . ولا يوجد كسب حلال ككسب العمل ، ولا حافظ على العمل أفضل من الكسب الحلال . وإذا قلنا إن من حق الفرد أن يستأثر بكسب عمله ، فقد أثبتنا له حق ملكية فردية على هذا الكسب . ومن حقه إذن أن يستمتع بجميع عناصر حقه ، فينتفع به استعمالاً استغلالاً ، ويتصرف فيه وهو لا يزال حياً ، وينتقل عنه إلى ورثته بعد موته ، هذه هى عناصر الملكية الفردية ، لا مناص من التسليم بها $ 481 $ متى سلمنا بمبدأ الملكية الفردية فى ذاته . وإذا كان الملك ينتقل فى بعض الأحيان إلى ورثة لا يستحقونه ولم يكسبوه بعملهم هم ، فهذه ضرورة لا معدى منا ، ويعوض عنها ما تولده الملكية الفردية من حافز على العمل . على أن المال إذا انتقل إلى ورثة لا يستحقونه لا يلبث أن ينتقل من أيديهم ، وينتقل إلى أيد أصلح .

فالعمل إذن هو الأساس المشروع الذى تقوم عليه الملكية الفردية ، وما الملك إلا الأجر استحقه الأخير ، وينبغى أن يعطى إياه قبل أن يجف عرقه .

19 - التطور التاريخ لحق الملكية فى غرب أوربا : ذهب كثيرون من الباحثين إلى أن الملكية بدأت أولاً ملكية جماعية ( propriete collective ) ، تشترك فيها جميع أفراد القبيلة ولا يستأثر بها أحد منهم ، فكانت الأرض والأسلحة والعِدد بوجه خاص مملوكة ملكية جماعية للقبيلة فى الحضارة البدوية . ولما استقرت الجماعات على الأرض ، وتطورت الحضارة من حضارة يدوية تقوم على رعى المواشى إلى الحضارة زراعية تقوم على زراعة الأرض ، تطورت الملكية مع تطور الحضارة فأصبحت ملكية عائلية ( propriete familiale ) ، وانتهت الملكية بعد تطور طويل إلى أن تكون ملكية فردية ( propriete individuelle ) ، ولكن مع بقاء بعض آثار الملكية العائلية كالميراث والنصاب الذى يجب أن يستبقى للورثة دون أن تجوز الوصية فيه ( $%&[1] ) انظر فى ذلك Laveleye فى الملكية الفردية وصورها البدائية الطبعة الرابعة سنة 1891 - Cuvillier فى علم الاجتماع سنة 1950 جزء 2 فقرة 172 - مازو فقرة 1296 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2714 - وقارن مارتى ورينو فقرة 32 .&%$ ) .

وإذا تابعنا التطور التاريخى لحق الملكية فى غرب أوربا منذ عهد الرومان إلى نشوب الثورة الفرنسية وصدور التقنين المدنى الفرنسى ، وجدنا أن هذا الحق لم يبق على وتيرة واحدة ، بل إنه تطور تطوراً غير مطرد . فتبسط الملكية ، ثم تعقدت ، ثم عادة إلى التبسط ، لتعود بعد ذلك إلى التعقيد ، وتنتهى أخيراً إلى التبسط .

ففى العهود الرومانية القديمة ، كانت الملكية جماعية ( gens ) وعائلية ( familia ) ، وكانت فردية فى بعض الأشياء الاستثنائية المحددة ، $ 482 $ كالمنقولات والعبيد ، وكان معنى الملكية يختلط بالمعنى الدينى وبمعنى سيادة الدولة . ولما قوى سلطان الدولة قامت الملكية العامة ( ager publicus ) ، وبدأ معنى الملكية الفردية يظهر على الأراضى التى كانت الدولة تقطعها للأفراد فى صورة مختلفة . وانتهى الأمر فى العهد الكلاسيكى إلى ظهور الملكية الفردية ( dominium ex jure quiritium ) ظهوراً كاملاً مع دعمها على أسس قرية ( plena in re potestas ) . وإلى جانب هذه الملكية الفردية المبسطة ، ظهرت فى الأقاليم ملكية أخرى معقدة وهى الملكية البريطورية ( prop . Pretorienne ou bonitaire : in bonis ) أو الملكية غير الرومانية ( prop . peregrine ) ، حيث تقوم ملكية الدولة فوق ملكية الفرد فى الأرض الواحدة . وأخذت هذه الملكية الجديدة تبسط شيئاً فشيئاً ، وتختفى فيها ملكية الدولة ويغلب حق الفرد ، حتى أصبحت فى عهد جيستنيان ملكية فردية تامة على غرار الملكية الرومانية .

ولكن ما لبثت العصور الوسطى والعادات الجرمانية أن عقدت الملكية الفردية من جديد ، وكانت الملكية فى العادات الجرمانية ملكية فردية فى المنقولات وفى منزل السكنى ، جماعية فى الأراضى الزراعية . وفى عهود الإقطاع بعد أن هدأت الحروب وتوطدت السلطات المركزية ، سادت الملكية الإقطاعية فى الأرض ( feodalite fonciere ) ، وقامت الملكية الفعلية ( domaine utile ) إلى جانب الملكية الأصلية ( domaine eminent, direct ) . وتجردت الملكية الأصلية شيئاً فشيئاً عن معانى الملكية ، وأصبحت الملكية الحقيقية فى يد صاحب الملكية الفعلية . وتمثلت الملكية الأصلية فى بعض مزايا وخدمات وأعطيات ( redevances ) يؤديها التابع ( vassal ) أو الحائز ( tenancier ) وهو صاحب الملكية الفعلية إلى السيد ( seigneur ) وهو صاحب الملكية الأصلية . ولم تعد الملكية فى الواقع من الأمر إلا ملكية فردية واحدة ، هى ملكية التابع أو الحائز أى الملكية الفعلية ، وآلت الملكية الأصلية إلى أن تكون مجرد تكاليف تثقل الأرض ، وأقرب إلى أن تكون حقاً من حقوق الارتفاق ( $%&[1] ) انظر فى ذلك بلانيول وريبير وببكار 3 فقرة 3 - كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 960 ص 772 .&%$ ) .

 $ 483 $

ثم نشبت الثورة الفرنسية ، واكتسح الفلاحون فى الأقاليم قصور النبلاء ، وحرقوا السجلات التى تتضمن ما لهؤلاء النبلاء من حقوق وتكاليف على الأرض ، بل وحرقوا معها فى بعض الأحيان القصور ذاتها وقتلوا النبلاء أصحاب هذه القصور ، ونادوا بتحرير الأرض من كل التكاليف والحقوق الإقطاعية ، وفى ليلة 4 أغسطس سنة 1789 ، بعد هدم الباسيتل بأقل من شهر ، أقرت الجمعية الوطنية ( Assemblee Nationale ) قانوناً يقضى بإلغاء الإقطاع إلغاء تاماً ( $%&[1] ) وقد نفذ هذا القانون عن طريق إصدار سلسلة من الدكريتات انتهت بقانون 17 يوليه سنة 1793 ( انظر مارتى ورينو فقرة 35 ص 39 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2986 ) .&%$ ) ، وتخلصت ملكية الأرض من جميع أثقالها الإقطاعية ، وأصبحت ملكية خالصة لصاحبها ، بل أصبحت " حقاً مقدساً لا يجوز انتهاك حرمته ، ولا يجوز حرمان صاحبه منه ، إلا إذا قضت بذلك فى وضوح ضرورة من مصلحة عامة ثبتت قانوناً ، وبشرط تعويض عادل يدفع مقدماً " ( م 17 من إعلان حقوق الإنسان ) ( $%&[1] ) وهذا هو النص الفرنسى للمادة 17 من إعلان حقوق الإنسان : La propriete, etant un droit inviolable et secre, nul ne peut en etre prive, si ce n'est lorsque is necessite publique legalement constatee l'exige evidemment et sous la condition d'une juste et prealable indemnite .&%$ ) . وفى دستور سنة 1791 ، فى المادة 87 منه ، وصف حق الملكية بأنه حق مقدس لا يجوز انتهاك حرمته .

وسرت روح الثورة ، فيما يتعلق بحق الملكية ، إلى التقنين المدنى الفرنسى ، فعرفته المادة 544 من هذا التقنين بما يأتى : " الملكية هى الحق فى الانتفاع بالشئ وفى التصرف فيه على نحو أشد ما يكون إطلاقاً ، بشرط ألا يستعمل الشئ على وجه يحرمه القانون أو اللوائح " . وقال بورتاليس ( Portalis ) فى صدد هذه المادة : " لقد اعتبر دائماً مبدأ من المبادئ الحرة أن الملكية الفردية فى التقنين المدنى تدخل ضمن النظم الطبيعية ، بل النظم الإلهية ، وأن حقوق الملاك على أملاكهم هى حقوق مقدسة يجب أن تحترمها الدولة نفسها " . ( $%&[1] ) Locre جزء 8 ص 156 - على أنه يلاحظ أن الثورة الفرنسية لم تفعل إلا أن تسجل نهائياً تحرير الأرض من القيود الإقطاعية ، أما التحرير ذاته فقد تحقق تدريجياً على مدى قرون سبقت الثورة ، وكان أمراً قد تم فى الواقع قبل إعلانه فى القانون ( انظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 4 ص 6 - ص 7 ) .&%$ )

 $ 484 $

293 - التطور التاريخى لحق الملكية فى البلاد الإسلامية وفى مصر : حق الملكية فى المنقول اعترف به اعترافاً كاملاً فى جميع البلاد الإسلامية ومنها مصر ، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية .

أما الأراضى فكانت قسمين : ( 1 ) أرضاً عشورية ، وهى مملوكة ملكية تامة لأصحابها ، وتدفع العشر عيناً مما تغله للإمام ( أى للدولة ) . وتشمل جميع الأراضى الواقعة فى الجزيرة العربية إذ لا يقبل فيها إلا الإسلام ، والأراضى التى أسلم أهلها طوعاً فتبقى لم ويدفعون عنها العشر ، والأراضى التى فتحت عنوة وقهراً وقسمت بين الغانمين المسلمين فهؤلاء يملكون الأرض بقسمتها بينهم يدفعون عنها العشر . ( 2 ) أرضاً خراجية ، وهذه تدفع الخراج للإمام ويتراوح بين الخمس والنصف بحسب تقدير الإمام . وتشمل الأرض الخراجية الأراضى التى فتحت عنوة وقهراً ( فى غير الجزيرة العربية ) وتركها الإمام فى يد أصحابها وضرب عليه الخراج بحسب تقديره ( $%&[1] ) والخراج غير الجزية ، فالخراج ضريبة على الأرض أسلم صاحبها أو لم يسلم ، وأما الجزية فضريبة على الشخص الذى لم يسلم وتعتبر مقابلاً لإعفائه من التجنيد فى جيوش المسلمين .&%$ ) ، والأراضى التى لم تفتح عنوة وقهراً بل سلم أهلا صلحاً يضرب عليها الخراج بحسب عهد الصلح . والأرض الخراجية فى البلاد المفتوحة صلحاً تكون ملكيتها بحسب الوارد فى عهد الصلح ، فقد يرد فى هذا العهد أن تترك الملكية لأصحابها فتكون لهم عليها ملكية تامة ولا يلتزمون إلا بدفع الخراج للإمام ، وقد يرد فى عهد الصلح أن الأرض تكون وقفاً ولا يكون لأصحابها عليها إلا حق الانتفاع بها فى نظير دفع الخراج . أما فى البلاد المفتوحة عنوة وقهراً ، فللإمام الخيار بين جعل الأرض وقفاً وترك حق الانتفاع بها لأصحابها فى نظير دفع الخراج ، وبين ترك ملكية الأرض لأصحابها يملكونها ملكية تامة ولا يلتزمون إلا بدفع الخراج ( $%&[1] ) انظر محمد كامل مرسى 2 فقرة 29 والمراجع المشار إليها . وانظر رسالته بالفرنسية فى نطاق حق الملكية فى مصر ص 9 وما بعدها – ومؤلفه فى الملكية العقارية فى مصر وتطورها التاريخى ص 75 وما بعدها .&%$ ) .

ولما فتح العرب مصر ، أقروا المصريين على أراضيهم ولم تنزع منها ، $ 485 $ ,وأصبحت أراضى خراجية يلتزم أهلها بدفع خراجها ( $%&[1] ) وهناك خلاف فيما إذا كانت مصر قد فتحت صلحاً أو فتحت عنوة وقهراً ، ومهما يكن من شأن هذا الخلاف فإنه لا أثر له ما دام المصريون قد أقروا على أراضيهم ولم تنزع منهم ، فهذا الإقرار جائز فى حالتى الفتح صلحاً والفتح عنة وقهراً .&%$ ) . ولما كان المصريون لا يملكون رقبة الأرض منذ حكم الرومان ومن قبلهم من الفاتحين ، بل منذ عهود الفراعنة ( $%&[1] ) كانت مصر ، فى عهد الفراعنة ، مقسمة إلى مقاطعات ( ) ، ولم يكن سكان هذه المقاطعات ملاكاً للأراضى التى يؤدون عنها الضرائب ، بل كان لهم فيها حق الانتفاع فقط ، وكانت الرقبة ملكاً لفرعون . وفى عهد الأسرة السابعة عشرة ووزعت الأرض توزيعاً جديداً ، فاقتسمها الملك والكهنة . ثم ظهرت طائفة ثالثة من الملاك ، هى طائفة الجنود المحاربين . ولكن كلا من طائفتى الكهنة والمحاربين لم يكن مالكاً ملكية تامة للأرض ، بل كان له عليها حق انتفاع فقط . وفى عهد الأسرة الحادية والعشرين نودى بالإله آمون مالكاً للأرض بدلاً من الملك . أما الفلاحون فكانوا حائزين للأرض رد حيازة ، يزرعونها ويؤدون خراجها للدولة . ثم توسعت حقوقهم فى عهد الأسر المصرية الأخيرة ، الثامنة والعشرين والتاسعة والعشرين والثلاثين ، فكان للفرد أن يؤجر الأرض ويبيعها ، وله كذلك أن يهبها بقيود معينة . ولكن ملكية الأراضى لم تخلص كاملة للحائز ، كما خلصت فى عهد الرومان طبقاً لأحكام قانون الألواح الإثنى عشر .

وفى عهد البطالسة كان الملك مستأثراً برقبة الجزء الأكبر من الأراضى المصرية . ولم يكن فى ذلك العهد سوى الملك وله ملك الرقبة ، وطائفة الزراعة ولهم حيازة الأرض أو ملك المنفعة ، وكان عليهم أن يؤدوا للملك ضريبة إقراراً بحقه فى ملك الرقبة .

ولم يغير الرومان من هذه النظم ، ولكن مصر ضمت إلى أملاك الإمبراطور . فأثقل هذا كاهل المصريين بضروب شتى من السخرة والتكاليف المالية . وكانت الضرائب ترسل إلى روما ، ثم إلى القسطنطينية بعد أن أصبحت مصر جزءاً من الإمبراطورية البيزنطية .

وهكذا لم يتغير نظام ملكية الأراضى ، فظل الملك مالكاً للرقبة ، ويقطع الأرض للأفراد لزراعتها على أن يؤدوا ما يفرض عليهم من الضرائب .

انظر فى تفصيل ذلك محمد كامل مرسى 2 فقرة 3 - فقرة 12 .&%$ ) ، فإن العرب اعتبروا أن رقبة الأرض قد انتقلت إلى الدولة الجديدة وقد حلت فى ذلك محل الدولة البيزنطية ، وبقى لأصحاب الأراضى حق الانتفاع بها فى نظير دفع الخراج .

وبقى الأمر كذلك إلى عهد محمد على ، ففى سنة 1813 أمر محمد على بمسح الأراضى المصرية ، وقسم البلاد إلى مديريات ومراكز ونواح ، وربط الأراضى المصرية ، وقسم البلاد إلى مديريات ومراكز ونواح ، وربط الأراضى المزروعة أو القابلة للزارعة زماماً للنواحى . ووزع الأراضى بين أهالى الناحية للانتفاع بها ، وبقيت أراضى خراجية يدفع عنها الخراج أو المال .

 $ 486 $

ثم صدرت اللائحة السعيدية ، فى عهد محمد سعيد فى 15 أغسطس سنة 1858 ( 24 ذى الحجة سنة 1274 ) ، توسع كثيراً من حقوق أصحاب الأراضى على أراضيهم الخراجية . فأصبحت هذه الأراضى تورث عنهم الميراث الشرعى ، ويجوز لهم التصرف فيها ورهنا غاروقة وإيجارها ، حتى يمكن القول بأن أرضى مصر ، وإن بقيت أرضى خراجية ، أصبح لأصحابها عليها من الحقوق ما يقرب من حقوق الملاك . وهذه هى أهم الأحكام التى ودرت فى اللائحة السعيدية فى هذ الصدد : ( 1 ) إذا مات صاحب الأرض ، فلبيت المال أن يوجهها إلى من شاء ، ولكن متى كان للميت ورثة شرعيون ، فمراعاة لتعيشهم وعدم حرمانهم من انتفاعهم يكونون أحق وأولى من الغير ، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً . ويكون أخذهم لها بنسبة تقسيم الميراث الشرعى ، بشرط أن يكونوا مقتدرين على زراعتها وتأدية خراجها ولو بواسطة الوكلاء والأوصياء الذين يصير تنصيبهم عليهم بمعرفى القاضى عن يد الحكومة ( بند 1 ) . ( 2 ) يجوز لأصحاب الأطيان الخراجية أن يسقطوا حقوقهم ويفرغوها لغيرهم ، بموجب حجج شرعية من محكمة الجهة أو النواب المأذونين بسماع الدعاوى الشرعية وكتابة الحجج ، ويكون ذلك بعد الاستئذان من المديرية وصدور الإذن منها بتحرير الحجة . ويشترط فى الحجة على لمفرغ له أو المبيع له أن يكون ممتثلاً إلى القوانين واللوائح التى تصدر من الحكومة ، ويكون ملزماً بسداد الأموال ( بند 10 ) . ( 3 ) يجوز رهن الأطيان الخراجية بالغاروقة من صاحب الأثر إلى من يريد ، بشرط أن يكون ذلك باطلاع المديرية ( بند 8 ) . ( 4 ) يجوز لصاحب الأثر أن يؤجر لمن يريد بمعرفته ، إنما يكون عقد الإيجار عن سنة واحدة إلى ثلاث سنين فقط ، ويجوز تجديدها . ولأجل ضبط واعتماد تحرير شروط الإيجارات ، ينبغى ألا يكون عقد الإيجار أو المشاركة إلا بموجب سند ديوانى يحرر بواسطة المديرية ( بند 9 ) . ( 5 ) بما أن الأراضى الخراجية لا تملك للمزارعين فيها ، بل ليس لهم فيها إلا حق الانتفاع بها ما داموا يتعهدونها بالزراعة ، فإذا تركها المزارعون اختياراً مدة تبلغ ثلاث سنوات سقط حقهم فيها ، وذلك بحسب أصول الشريعة . ومع كون الحكم الشرعى قضى بتحديد الثلاث السنوات ، لكن بطريق العرف ، لما لوحظ من واقعات أحوال الأهالى ، جوز علاوة سنتين أخريين على ذلك الميعاد لتكون المدة $ 487 $ خمس سنوا . فمن كانت تحت يده أطيان خراجية ، ذكراً كان أو أنثى ، وواضع يده عليها خمس سنوات فأكثر ، وقائم بتأدية ما عليها من الخراج لجهة الميرى ، فلا تنزع من يديه ، ولا تسمح فيها دعوى ضده بوجه من الوجوه ( بند 5 ) . ( 6 ) يكون لمن يغرس أشجاراً أو يحفر سواقى أو ينشئ أبنية فى أراضيه الخراجية ، أو لورثته بعده ، التصرف فيها بجميع التصرفات الشرعية من بيع وهبة وغير ذلك ( بند 12 ) ( $%&[1] ) محمد كامل مرسى 2 فقرة 47 ص 90 - ص 92 .&%$ ) .

وفى عهد إسماعيل ، بموجب الأمر الكريم الصادر فى 10 يناير سنة 1866 ( 22 شعبان سنة 1282 ) ، أجيزت الوصية فى الأراضى الخراجية ، دون وقفها لأن وقف الأطيان الخراجية يتعلق بالإدارة الخديوية .

ثم صدرت لائحة المقابلة فى 30 أغسطس سنة 1871 تقضى بأن من يدفع خراج ست سنوات مقدماً على أطيانه . ويطلب استخراج حجة شرعية أو الشرح على حجته التى تكون بيده ، يثبت له الحق فى الهبة والتوارث والوصاية والإسقاط ( $%&[1] ) وقد ألغى الأمر العالى الصادر فى 6 يناير سنة 1880 أحكام قانون المقابلة ، ولكن نص فى بند ( 5 ) من هذا الأمر العالى على أن جميع أحكام القانون المذكور ( قانون المقابلة ) المتعلق بجعل حقوق ملكية الأطيان للذين دفعوا عنها المقابلة تبقى مرعية الإجراء والعمل ، ودفع جزء من المقابلة يكفى للاستحواذ على حقوق الملكية التامة . وانظر بند ( 87 ) من قانون التصفيقة الصادر فى 17 يونيه سنة 1880 .&%$ ) .

وقد صدر التقنين المدنى المختلط فى سنة 1876 ، مقنناً للأحكام المتقدمة الذكر على الوجه الآتى : م 21 - الأموال الخراجية هى التى فى ملك الميرى ، وأسقط حق منفعتها للناس بالشروط والأحوال المقررة فى اللوائح . م 35 - يجوز أن يكون حق الانتفاع مؤبداً متى قررته الحكومة على الأراضى الخراجية طبقاً للوائح . م 36 - وفى هذه الحالة يجوز إسقاطه كله أو بعضه أو رهنه . م 48 - إذا لم يقم المنتفع بأرض خراجية بدفع الخارج ، جاز حرمانه من الانتفاع بها ، بشرط مراعاة حقوق الدائنين المرتهنين . م 49 - عدم القيام بسداد أموال الأراضى المملوكة الرقبة للميرى يترتب عليه فقط أن يباع بالطريق الجبرى جزء من حق الانتفاع بالأرض بقدر ما يكفى لسداد تلك $ 488 $ الأموال م 50 / 2 – ومن له حق انتفاع في اراض خراجية أو ابعادية يسقط حقه في الانتفاع ، إذا ترك الأرض بدون زراعة مدة خمسة سنوات و يشهر حق الانتفاع في المزاد بالتطبيق للوائح . م 105 – يكتسب حق الانتفاع في الأراضي الخراجية بوضع اليد مدة خمس سنوات ، بشرط أن يكون واضع اليد قائماً بزراعتها .

ثم صدر التقنين المدني الأهلي في سنة 1883 ، وجاء في المادة 6 منه ما يأتي : " تسمي ملكا العقارات التي يكون للناس فيها حق الملك التام ، وتعتبر في حكم الملك الأطيان الخراجية التي دفعت عنها المقابلة إتباعا للمنصوص بلائحة المقابلة وبالأمر العالي الصادر بتاريخ 6 يناير سنة 1880 " .

وفي 15 ابريل سنة 1891 صدر أمر عال يجعل جميع الأطيان الخراجية ، حتى التي لم تدفع عنها المقابلة أو جزء منها ، مملوكة ملكية تامة لأصحابها ($%&[1]) وهذا هو نص الأمر العالي المشار إليه : " بعد الإطلاع على المادة الخامسة من امرنا الصادر في 6 يناير سنة 1880 بإلغاء المقابلة : بند 1 – اعتبارا من هذا التاريخ يكون لأرباب الأطيان الخراجية التي لم تدفع عنها المقابلة حقوق الملكية التامة في أطيانهم ، أسوة أرباب الأطيان التي دفعت عنها المقابلة بتمامها أو جزء منها . بند 2 – تلغى جميع الاوامر والقوانين السابقة المخالفة لأحكام هذا الأمر " .

ولما كان هذا الأمر العالي يعدل من أحكام المادة 6 من التقنين المدني الأهلي ، فقد صدر أمر عال في 3 سبتمبر سنة1 896 بتعديل المادة 6 المذكورة على الوجه الآتي : " بعد الإطلاع على المادة السادسة من القانون المتبع لدى المحاكم الأهلية المصدق عليه بالأمر العلاي الصادر في 26 ذي الحجة سنة 1300 ( 28 أكتوبر سنة 1883 ) " – وبعد الإطلاع على المادة الخامسة من الأمر العالي الصادر في 6 يناير سنة 1880 بإلغاء قانون المقابلة ، المصرح فيها بأن تبقى جميع أحكام القانون المذكور المتعلقة بجعل حقوق ملكية الأطيان للذين دفعوا عنها المقابلة مرعية الإجراء والعمل ، وبأن دفع جزء من المقابلة يخول حقوق الملكية التامة في الأطيان المذكورة – وبعد الإطلاع على الأمر العلاي الصادر في 15 ابريل سنة 1891 الذي جعل لأرباب الأطيان الخراجعية التي لم تدفع عنها المقابلة حقوق الملكية التامة في أطيانهم أسوة أرباب الأطيان التي دفعت عنها المقابلة بتمامها أو جزء منها : م1 – عدلت المادة السادسة من القانون المدني الأهلي بالكيفية الآتية : يسمى ملكا العقارات التي يكون للناص فيها حق الملك التام ، بما في ذلك الأطيان الخراجية " .

وبالرغم من أن التقنين المدني المختلط لم يعدل كما عدل التقنين المدني الأهلي ، إلا أن المحاكم المختلطة قضت باعتبار جميع الأطيان ملكا ، لا فرق في ذلك بين الأطيان الخراجية ، سواء أدفعت عنها المقابلة أم لم تدفع ، وبين الأطيان العشورية .

أنظر محمد كامل مرسي 2 فقرة 49 ص 97 والأحكام المشار إليها في هامش رقم 1 . &%$)  . ومن ذلك الوقت ألغى الفرق ما بين الأراضي المملوكة والأراضي الخراجية ، $ 489 $ وأصبحت جميع الأراضي في مصر مملوكة ملكية تامة لأصحابها . وتمت بذلك حلقات تطور طويل ، مرت عليها ملكية الأراضي في مصر .

294 – الاتجاهات الحديثة بالنسبة إلى حق الملكية : ويبدو أن الاتجاهات الحديثة بالنسبة إلى حق الملكية الفردية أخذت الآن تنعكس عما كانت عليه من قبل . ففي حين أن الملكية الفردية كانت تقوي وتتسع طوال القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين ، إذا بها في الوقت الحاضر ترجع القهقري تحت ضغط التيارات الاشتراكية والمذاهب الاقتصادية التي تناصر تدخل الدولة في تنظيم الملكية الفردية والحياة الاقتصادية بوجه عام .

ويمكن تلخيص هذه الاتجاهات الحديثة ، التي تسود الآن كثيراً من بلاد العالم ($%&[1])          وهذا غير البلاد ذات النظم الشيوعية ، فهذه النظم لا تعترف بالملكية الفردية إلا في حدود ضيقة ، أخصها المنقولات الشخصية ومنازل السكى . أما الأرض والالات وغيرها من وسائل الإنتاج ، فهي في هذه النظم لا يجوز أن تكون محلا للملكية الفردية . &%$)  ، فيما يأتي ($%&[1])   أنظر مازو فقرة 1303 . &%$)  .

1- استكثرت القوانين في مختلف بلاد العالم من القيود التي تحيط بالملكية الفردية ، وبخاصة بالملكية العقارية وملكية الأرض . وتغلبت في النهاية النزعة الحديثة التي تجعل للملكية وظيفة اجتماعية ، لا تقصرها على أن تكون حقا ذاتيا يستأثر به صاحبه ويتصرف فيه على مقتضى هواه .

2- لم تقتصر الدولة على الاستكثار من قيود الملكية ، بل سارت خطوات أسرع بكثير من ذلك . فأخذت تستولى على الملكيات الفردية في سبيل المصلحة العامة ، تارة باسم الإصلاح الزراعي ، وطورا تحت راية التأميم الذي اتسع نطاقه اتساعا كبيراً في الوقت الحاضر في كثير من بلاد العالم .

3- وتشجع الدولة في الوقت الحاضر الملكيات الصغيرة ، فتفتت الملكيات الكبيرة وتجزئها إلى ملكيات صغيرة توزعها على صغار الفلاحين ، وهذه هي مهمة قوانين الإصلاح الزراعية . وهذا بالنسبة إلى الأراضي الزراعية ، أما بالنسبة إلى المباني فإن الدولة تعمد عادة إلى تزويد الأسر بمساكن يختصون بها ، فتستكثر من تشييد المباني التي تخصصها لكسني العمال بل ولسكني $ 490 $ الطبقات المتوسطة ، وتنظم ملكية الطبقات حتى يتيسر للأسرة أن تلمك طبقة خاصة بها فى مبنى متعدد الطبقات .

4 - وفى الوقت الذى تنحسر فيه الملكية الفردية عن الأرض والعقار بوجه عام ، إذا بها تمتد وتتسع رقعتها فى المنقول . وقد تناولت الملكية الفردية كثيراً من المنقولات المستحدثة ، كالأسهم والحصص والأوراق المالية بوجه عام ، وما يسمى عادة بالملكية الأدبية والفنية والصناعية والتجارية ، وقد رأينا أن التكييف الصحيح لهذه الملكية الحديثة هو أنها حقوق عينية منقولة تقع على أشياء غير مادية ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 166 - وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 215 - كولان وكابيتان ودى لامور انديير 1 فقرة 962 .&%$ ) .

295 - التعديلات الجوهرية التى أدخلها التقنين المدنى الجديد فى حق الملكية : وإذا قارنا التقنين المدنى السابق فى حق الملكية بالتقنين المدنى الجديد ، نجد أن التقنين المدنى الجديد استحدث تعديلات جوهرية يمكن إجمالها – كما تقو المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى – فى أمرين :

 " أولاً - جاء التقنين المدنى الحال ( السابق ) مقتضياً كل الاقتضاب فى حق يعتبر من أهم الحقوق فى القانون . فهو لم يخصص لحق الملكية إلا نصاً يعرفه فيه ويذكر ما يعد من ملحقاته ، ونصاً آخر يشير إلى الملكية المعنوية . فإذا ضممنا إلى هذين النصين النصوص الأخرى التى وردت فى حق الارتفاق ، وهى نصوص تتعلق بالقيود القانونية الواردة على حق الملكية ، استنفدنا بذلك كل النصوص التى وردت فى التقنين الحالى ( السابق ) خاصة بهذا الحق . أما المشروع ( التقنين المدنى الجديد ) فقد عرف حق الملكية تعريفاً استجمع فيه عناصر هذا الحق وقيوده . وأعقب التعريف بنصوص تحدد نطاق الملكية تحديداً يتمشى مع أحدث التطورات العلمية . وعزز ذلك بتقرير حماية هذا الحق ، فلا يجوز أن يحرم أحد ملكه إلا فى الأحوال التى قررها القانون وبالطريقة التى رسمها . وانتقل المشروع ( التقنين المدنى الجديد ) بعد ذلك غلى ما يرد على الملكية من قيود ... وانتقل المشروع ( التقنين المدنى $ 491 $ الجديد ) بعد ذلك إلى أنواع خاصة من الملكية ، وذكر منها الملكية الشائعة وملكية الطبقات ... " .

 " ثانياً - لم يخلع المشروع ( التقنين المدنى الجديد ) على حق الملكية هذه الصفة المطلقة التى نص عليها التقنين الحالى ( السابق ) ، بل نبذها إلى فكرة أخرى هى الآن الفكرة المتغلبة فى التقنينات الجديدة ، وهى التى تمثل النزعة الحديثة فى تطور حق الملكية . فليس هذا الحق مطلقاً لا حد له ، بل هو وظيفة اجتماعية يطلب إلى المالك أن يقوم بها ، ويحميه القانون ما دام يفعل . أما إذا خرج على هذه الحدود ، فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته ... " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 6 - ص 10 - وانظر فى تنظيم الملكية فى التقنين المدنى الجديد ومقارنته بالتقنين المدنى القديم محمد على عرفة فقرة 153 : وقد فصل عيوب التقنين القديم ومزايا التقنين الجديد فى الشكل وفى الموضوع .&%$ ) .

296 - خطة البحث : نجعل كلامنا فى حق الملكية فى أبواب ثلاثة :

الباب الأول - حق الملكية بوجه عام ، نطاقه ووسائل حمايته .

الباب الثانى - القيوم التى ترد على حق الملكية .

الباب الثالث - الملكية فى الشيوع .

 $ 492 $

الباب الأول

حق الملكية بوجه عام

نظام ووسائل حمايته

الفصل الأول

حق الملكية بوجه عام

297 - تعريف حق الملكية : تنص المادة 802 مدنى على ما يأتى :

 " لمالك الشئ وحده ، فى حدود القانون ، حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1162 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى :

 " لمالك الشئ ، ما دام ملتزماً حدود القانون ، أن يستعمله ، وأن ينتفع به ، وأن يتصرف فيه ، دون أى تدخل من جانب الغير ، بشرط أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية " . وفى لجنة المراجعة عدل النص على الوجه الآتى : " لمالك الشئ وحده ، فى حدود القانون ، حق استعمال الشئ واستغلاله والتصرف فيه ، على أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية " ، وأصبح النص رقمه 870 فى المشروع النهائى . وفى مجلس النواب استبدلت عبارة " حق استعماله " بعبارة " حق استعمال الشئ " ، وأصحب رقم المادة 869 ، وفى لجنة مجلس الشيوخ اعترض رئيس اللجنة على المادة من ناحية التعبير فا بأن حق الملكية وظيفة اجتماعية ، وقال إن فى هذا التعبير تصويراً لمذهب فلسفى . فرد ممثل الحكومة على هذا الاعتراض بأن هذه الصفة هى المتغلبة فى التقنينات الجديدة ، وهى التى تمثل النزعة الحديثة فى تصور حق الملكية ، فليس هذا الحق مطلقاً لا خد له ، بل هو وظيفة اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها ، ويحميه القانون ما دام يفعل . أما إذا خرج على هذه الحدود ، فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته . ويترتب على ذلك نتيجتان : ( 1 ) حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة ، فالمصلحة العامة هى التى تقدم . ( 2 ) حيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هى أولى بالرعاية من حق المالك ، فإن هذه المصلحة هى التى تقدم بعد أن يعوض المالك تعويضاً عادلاً . فوافقت اللجنة على النص ، على أن تعود إليه للنظر فى هذا التعبير الجديد . وفى جلسة تالية حذفت اللجنة عبارة " على أن ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية ، لأنها أشكال بالإيضاحات الفقهية ، وإن فى التطبيقات التى أوردها المشروع ما يغنى عنها " . وأصبحت المادة بذلك مطابقة لما استقرت عليه التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمها 802 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 13 - ص 1 ) .

التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 768 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 811 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1048 : الملك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفاً مطلقاً فيما يملكه ، عيناً ومنفعة واستغلالاً ، فينتفع بالعين المملوكة وبغلتها وثمارها ونتاجها ويتصرف فى عينها جميع التصرفات الجائزة . ( ويتفق هذا مع التقنين المصرى ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى م 11 : الملكية العقارية هى حق استعمال عقار والتمتع والتصرف به ، ضمن حدود القوانين والقرارات والأنظمة . وهذا الحق لا يجرى إلى على العقارات الملك . ( وهذا يفق مع التقنين المصرى - وانظر فى حق الملكية بوجه عام فى القانون اللبنانى : حسن كيرة فى الحقوق العينية الأصلية فى القانون المدنى اللبنانى المقارن سنة 1965 مذكرات على الآلة الكاتبة ص 71 - ص 89 ) .&%$ ) .

 $ 493 $

ويمكن أن يستخلص تعريف حق الملكية من هذا النص ، فيقال إن حق ملكية الشئ هو حق الاستئثار باستعماله وباستغلاله وبالتصرف فيه على وجه دائم ، وكل ذلك فى حدود القانون .

وقد كان التقنين المدنى السابق يعرف حق الملكية ، فى المادة 11 / 27 منه ، على الوجه الآتى : " الملكية هى الحق للمالك فى الانتفاع بما يملكه والتصرف فيه بطريقة مطلقة ... " . فكان حق الملكية فى التقنين المدنى السابق ، على غرار حق الملكية فى التقنين المدنى الفرنسى ، حقاً مطلقاً ( absolu ) . ولم يشأ التقنين المدنى الجديد ، مسايراً فى ذلك الاتجاهات الحديثة ، أن يجارى التقنين المدنى السابق فى جعل حق الملكية حقاً مطلقاً . فتجنب فى النص أن يصفه بهذا الوصف ، وزاد على ذلك بأن صرح بأن الحق مقيد إذ المالك يجب أن يلتزم حدود القانون . بل إن المشروع التمهيدى لنص المادة 802 مدنى كان ينص صراحة على أن لحق الملكية وظيفة اجتماعية ، إذ كان يقول : " لمالك الشئ ، مادام ملتزماً حدود القانون ، أن يستعمله ، وأن ينتفع به ، وأن يتصرف فيه ، دون أى تدخل من جانب الغير ، بشرط أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية " . وبقى النص محتفظاً بمعنى الوظيفة $ 494 $ الاجتماعية فى المشروع النهائى وفى المشروع الذى أقره مجلس النواب ، حتى إذا قدم المشروع للجنة مجلس الشيوخ حذفت اللجنة عبارة " على أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية " " لأنها أشكل بالإيضاحات الفقهية ، وإن فى التطبيقات التى أوردها المشروع ما يغنى عنها " . وقد قال ممثل الحكومة أمام لجنة مجلس الشيوخ فى هذا الصدد ما يأتى : " إن هذه الصفة ( الصفة الاجتماعية لحق الملكية ) هى المتغلبة فى التقنينات الجديدة ، وهى التى تمثل النزعة الحديثة فى تصور حق الملكية . فليس هذا الحق مطلقاً لا حد له ، بل هو وظيفة اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها ، ويحميه القانون ما دام يفعل . أما إذا خرج على هذه الحدود ، فلا يعتبره القانون مستحقاً لحماته . ويترتب على ذلك نتيجتان : ( 1 ) حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة ، فالمصلحة العامة هى التى تقدم . ( 2 ) حيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هى أولى بالرعاية من حق المالك ، فإن هذه المصلحة هى التى تقدم بعد أن يعوض المالك تعويضاً عادلاً " . ولم يكن اعتراض لجنة مجلس الشيوخ على العبارة وحذفها إياها على أساس أن اللجنة لا تشارك فى الرأى القائل بأن لحق الملكية وظيفة اجتماعية ، بل لأن " فى هذا التعبير تصيراً لمذهب فلسفى " كما قال رئيس اللجنة ، ولأن العبارة " أشكل بالإيضاحات الفقهية ، وإن فى التطبيقات التى أوردها المشروع ما يغنى عنها " كما قالت اللجنة ذاتها ( $%&[1] ) انظر فى ذلك مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 13 وص 15 - ص 16 .&%$ ) . فيجب التسليم إذن بأن عبارة " بشرط أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية " ، وإن حذفت فى لفظها ، لا تزال باقية فى معناها .

ومن ثم نستخلص من نص المادة 802 مدنى سالفة الذكر أمرين : ( 1 ) أن لحق الملكية عناصر وخصائص أشار إلى أكثرها النص ( $%&[1] ) ولحق الملكية أوصاف ( modalites ) ، كما هو الأمر فى الالتزام . وأهم أنواع الملكية الموصوفة :

( أ ) المكية غير الجائز التصرف فيها ( propriete inalienable ) ، وهى الملكية المقترنة بالشرط المانع من التصرف ، وسيأتى بحثها ( انظر ما يلى فقرة 307 - فقرة 33 ) .

( ب ) الملكية فى الشيوع ( prpriete indivise ) ، وسنفرد لها باباً مستقلاً لأهميتها ( انظر الباب الثالث من هذا القسم ) .

( ج ) الملكية القابلة للفسخ ( propreite resoluble ) ، وأبرز صوفها الملكية المعلقة على شرط فاسخ . وقد سبق بحث الشروط فى الكلام فى نظرية الالتزام بوجه عام ، وبينا هناك أن الشرط كما يلحق الالتزام يلحق الملكية والحقوق العينية الأخرى ، فصلنا أحكام الشرط ، فنحيل هنا إلى ما للدمناه هناك ( الوسيط 3 فقرة 4 وما بعدها ) .

( د ) الملكية الظاهرة ( proprete apparente ) ، وهى ملكية قائمة على مجرد المظهر ، وقد سبق أن بحثنا تطبيقات مختلفة للحقوق التى يولدها المظهر . من ذلك الوكالة الظاهرة والاسم المستعار أو المسخر ( انظر الجزء السابع من الوسيط ) ، ومن ذلك الصورية ( انظر الجزء الثانى من الوسيط ) . ومن أهم هذه التطبيقات أيضاً المالك الظاهر ( proprietaire apparent ) ، ويتمثل غالباً فى الوارث الظاهر ( heritier apparent ) وتقوم تصرفاته على المبدأ القاضى بأن الغلط الشائع ينشئ الحق ( error communis facit jus ) . فمتى شاع بين الناس أن شخصاً يملك الشئ ولم يكن هو المالك الحقيقى – كغير الوارث يضع يده على التركة باعتبار أنه هو الوارث ثم يظهر الوارث الحقيقى ، وكموصى له يستولى على الشئ الموصى به ثم يبين أن الوصية باطلة أو أن وصية لاحقة قد ألغتها - فإن من يتعامل مع بحسن نية باعتبار أنه هو المالك يحميه القانون . ويشترط أن يكون الغلط عاماً شائعاً بين الناس ( erreur generale ) ، وأن يكون مما يتعذر كشفه ولو بفحص دقيق ( erreur invinicible ) : انظر نقض فرنسى 20 مايو سنة 1935 داللوز 1935 - 1 - 97 - 19 مارس سنة 1946 . J .C .P 1946 II 3125 - 2 نوفمبر سنة 1959 داللوز 1960 Som . 65 - 3 أبريل سنة 1963 داللوز 1964 - 306 . ولكن لا يشترط أن يكون المالك الظاهر نفسه حسن النية أى يعتقد أنه المالك ، وإن كان يشترط أن من يتعامل معه يكون حسن النية أى يعتقد أن المالك الظاهر هو المالك الحقيقى . وعند ذلك يعتبر تصرف المالك الظاهر للغير حسن النية تصرفاً صحيحاً نافذاً فى حق المالك الحقيقى . أما فى العلاقة فيما بين المالك الظاهر والمالك الحقيقى ، فإن المالك الحقيقى يرجع على المالك الظاهر بالشئ عيناً أو بثمنه ، وإذا كان المالك الظاهر سيئ النية فإن المالك الحقيقى يرجع عليه أيضاً بالتعويض . ويتملك المالك الظاهر الثمار بالقبض إذا كان حسن النية ، وذلك طبقاً للقواعد العامة .

ونكتفى ، فى كل من الملكية القابلة للفسخ والملكية الظاهرة ، بالإحالة إلى : بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 231 - فقرة 248 - بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2728 - فقرة 2741 - مازو فقرة 1395 - فقرة 1408 - مارتى ورينو فقرة 45 - فقرة 46 - كاربونييه ص 93 - ص 95 - وانظر فى أوصاف الحق العينى شفيق شحاتة فقرة 132 ( وهامش ص 151 - ص 152 ) .&%$ ) . ( 2 ) وأن لحق $ 495 $ الملكية وظيفة اجتماعية ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد المادة 802 مدنى : " جمع هذا التعريف عناصر الملكية الثلاثة ، وهى حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف ، وتوفى أن يصف الملكية بأنها حق مطلق كما فعل التقنين الحالى ( السابق ) ( م 11 فقرة أولى / 27 ) ، بل صريح بأن للملكية وظيفة اجتماعية ، كما فعل المشروع الإيطالى . على أن الملكية إذا لم تكن حقاً مطلقاً فإنها حق مقصور على المالك . وهذا ما عبر عنه فى التعريف بأن المالك يتمتع بملكه دون أى تدخل من الغير ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 14 ) .&%$ ) ونتناول بالبحث هذين الأمرين على التعاقب .

 $ 496 $

الفرع الأول

عناصر حق الملكية وخصائصه

المبحث الأول

عناصر حق الملكية

289 - الاستعمال والاستغلال والتصرف : رأينا أن المادة 802 مدنى تجعل عناصر حق الملكية ثلاثة : الاستعمال والاستغلال والتصرف . وقدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 291 .&%$ ) أن حق الملكية هو أوسع الحقوق العينية نطاقاً ، فمن له حق الملكية على شئ كان له حق استعماله ( ) وحق استغلاله ( ) وحق التصرف فيه ( ) ، وبذلك يستجمع كل السلطات التى يعطيها القانون للشخص على الشئ . فلا يكون الحق فى الشئ حق ملكية إذا منع صاحب الحق من استعمال هذا الشئ أو من استغلاله على نحو دائم ، كذلك لا يكون الحق حق ملكية إذا منع صاحبه من التصرف فى الشئ منعاً أبدياً وإنما يجوز أن يمنع من التصرف فيه لمدة معينة وسيأتى تفصيل ذلك .

ولما كان الاستعمال والاستغلال يقربنا أحدهما من الآخر ، فكلاهما استعمال للشئ ، فإذا استعمل المالك الشئ بشخصه سمى هذا استعمالاً ، وإذا استعمله بواسطة غيره فى مقابل أجر يتقاضاه من الغير سمى هذا استغلالاً ، وقد يستغل المالك الشئ مباشرة بنفسه ، لذلك نجمع بين الاستعمال والاستغلال فى مطلب واحد . وفى المطلب الثانى نتكلم فى التصرف وهو من أهم مميزات حق الملكية ، ونقرن به بحث الشروط الإرادية المانعة من التصرف .

المطلب الأول

الاستعمال والاستغلال

299 - الاستعمال : يخول حق الملكية صاحبه أن يستعمل الشئ $ 497 $ فى كل ما أعد له هذا الشئ ، وفى كل ما يمكن أن يستعمل فيه .

فيستطيع أن يستعمل الشئ استعمالاً شخصياً . فإذا كان الشئ منزلاً كان له أن يسكنه ، أو سيارة كان له أن يركبها ، أو ملابس كان له أن يرتديها ، أو مجوهرات كان له أن يحملها . وقد يصل فى الاستعمال إلى أبعد حد ، فيستهلك الشئ ، كما إذا كان طعاما ًفيأكله ، أو حديقة فيأكل ثمارها . واستهلك الشئ على هذا النحو قد يوصف بأنه تصرف مادى فيه ، ويطلق اصطلاح ( jus abutendi ) عادة على كل من التصرف المادة والتصرف القانونى ( $%&[1] ) وعلى ذلك فالشئ القابل للاستهلاك – واستعماله يكون باستهلاكه – يختلط فيه الاستعمال والتصرف ويعتبر أن شيئاً واحداً ( مارتى ورينو فقرة 40 ص 48 ) . وسواء جارينا هذا الرأى أو ميزناً بين التصرف المادى والتصرف القانونى ، فإن النقود يختلط فيها دائماً الاستعمال بالتصرف ويصبحان شيئاً واحداً ، لأن النقود إنما يكون استعمالها بصرفها أى بالتصرف فيها تصرفاً قانونياً .&%$ ) . ولكنا نفضل أن نقصر التصرف ، فيما سيأتى ، على التصرف القانونى الناقل للمكية أو للحقوق العينية . وقد لا يستعمل المالك الشئ بنفسه ، بل يدعو غيره إلى استعماله تبرعاً دون مقابل ، كما إذا داع الغير للصيد والقنص فى أرضه ، أو استضاف الغير مدة من الزمن ، أو أنشأ ملجأ أو مصحة أو مستشفى على وجه التبرع دون أن يقصد استغلال شئ من ذلك .

ويعتبر من قبيل الاستعمال أعمال الحفظ والصيانة التى يقوم بها المالك فى ملكه ، كما إذا رمم منزله ، أو أعاد بناءه بعد أن كاد ينهدم ، أو سوى الأرض الزراعية لجعلها صالحة للزراعة ، أو حفر الترع والصارف فى الأرض الزراعية ، أو سور الأرض أو أقام حوائط على جوانبها أو حفر خنادق على حدودها ، أو أصلح السيارة أو قام بتزيينها أو تشحيمها .

ويتميز استعمال المالك من استعمال غير المالك كالمنتفع والمستأجر والمرتهن رهن حيازة ، فى أن المالك قد يصل فى استعمال الشئ إلى حد إتلافه إذا أراد ذلك . له أن يقلع الأشجار ، ويهدم المبانى ، ويتلف السيارة ، ولا حد لسلطته فى ذلك إلا ما يفرضه القانون عليه من قيود وإلا أن يحجز عليه لسفه أو لمرض $ 498 $ عقلى . أما المنتفع والمستأجر والمرتهن حيازة فهؤلاء لا يجوز لهم فى استعمالهم للشئ أن يتلفوه ، بل يجب عليهم أن يحافظوا عليه حتى يردوه سليماً للمالك .

300 - قيود الاستعمال : ولكن المالك نفسه يتقيد نع ذلك ، فى استعماله للشئ ، بالقيود التى فرضها القانون كما سبق القول . مثل ذلك أنه لا يجوز للمالك أن يفتح مطلاً على جاره إلا على مسافة معينة حددها القانون ، وليس له أن يقيم بناء خارجاً عن خط التنظيم ، وليس له أن يستعمل ملكه استعمالاً من شأنه أن يضر بالجار ضرراً غير مألوف .

ولكن يبقى مع ذلك فرق بين المالك وغير المالك ، حتى فى القيود التى يفرضها القانون . فالأصل فى المالك أن كل استعمال ، أياً كان ، مباح له ، إلا استعمالاً يحرمه القانون ، أى أن الأصل هو الإباحة والتحريم هو الاستثناء . أما غير المالك كالمنتفع والمستأجر والمرتهن رحن حيازة ، فالأصل فى هؤلاء أن كل استعمال محرم عليهم إلا ما أباحه القانون ، أى أن الأصل هو التحريم والإباحة هى الاستثناء .

301 - عدم الاستعمال كالاستعمال حق الملكية : وكما أن للمالك أن يستعمل ملكه كما يشاء ، كذلك له ألا يستعمله . فإذا كان له منزل فإن له ألا يسكنه ، وأن يتركه خالياً دون أن يؤجره ، إلا إذا تدخل القانون وفرض على الملاك إسكان منازلهم إذا لم يسكنوها بأنفسهم ( $%&[1] ) وقد نصت المادة 11 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 على أنه " لا يجوز إبقاء المساكن المعدة للاستغلال خالية مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا تقدم لاستئجارها مستأجر بالأجرة القانونية " .&%$ ) . وإذا كان للمالك سيارة فإن له ألا يركبها ، ولا يدع غيره يستعملها بأجر أو بغير أجر ، وإذا كان له أن يتلف السيارة فأولى أن يتركها دون استعمال . وإذا كان له أرض زراعية فإن له ألا يزرعها ، وألا يسلمها لغيره لزراعتها بأجر أو بغير أجر ، إلا إذا فرض القانون عليه شيئاً من ذلك ( $%&[1] ) وقد صدرت فرنسا ، فى خلال الحرب العالمية الثانية ، سلسلة من القوانين تجبر المالك على استغلال أرضه : قانون 18 أغسطس سنة 1940 - قانون 27 أغسطس سنة 1940 - قانون 25 نوفمبر سنة 1940 - قانون 27 مايو سنة 1941 - قانون 9 مارس سنة 1941 قانون 18 سبتمبر سنة 1941 - قانون 19 فبراير سنة 1942 - قانون 23 مايو سنة 1943 - قانون 22 مايو سنة 1944 - انظر بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2709 وفقرة 3021 .&%$ ) . ذلك أن فى طبيعة الإنسان من حب $ 499 $ الكسب ما يكفى لدفعه إلى استغلال ملكه أو استعماله ، دون حاجة فى الكثرة الغالبة من الأحوال إلى تدخل المشرع .

وللمالك أن يترك ملكه ، وهذا ما يسمى بالترك ( abandon ) . فإذا كان الشئ منقولاً وتركه المالك ، فإنه يصبح مالاً لا مالك له ، ويستطيع أى شخص أن يستولى عليه فيتملكه بالاستيلاء . وإذا كان الشئ عقاراً فإن المالك أن يتركه ، وبخاصة إذا أراد التخلص بتركه من التزام عينى مفروض على العقار ، وذلك دون أن يفقد ملكيته إلى أن يتملكه شخص آخر . مثل ذلك أن يخلى الحائز للعقار العقار المرهون حتى يتخلص من دعوى الرهن ، وهذه التخلية ( delaissement ) تجعل إجراءات نزع الملكية لا توجه إلى الحائز ، بل إلى حارس يعين لهذا الغرض .

302 - 2 . الاستغلال : ويخول حق الملكية صاحبه ، إلى جانب استعمال الشئ ، استغلاله .

والاستغلال قد يكون استغلالاً مباشراً . مثل ذلك أن يزرع الأرض مالكها ، ويجنى ثمارها . والصيد والقنص ، وقد اعتبرناها استعمالاً للملك ، يمك أيضاً اعتبارهما استغلالاً مباشراً . ومالك السيارة يستغل سيارته استغلالاً مباشراً ، إذا خصصها لركوب الجمهور واستعملها كتاكسى . وقد يستغل مالك المحجر محجره باستخراج الأحجار منه بنفسه ، فيكون استغلالاً مباشراً .

وقد يكون الاستغلال استغلالاً غير مباشر . والاستغلال غير المباشر يكون عن طريق جعل الغير يجنى ثمار الشئ ويدفع مقابل الثمار للمالك . والمالك يقوم ، فى استغلاله للشئ استغلالاً غير مباشر ، بعمل قانونى من أعمال الإدارة . فمالك المنزل يؤجره للغير ، فيجنى ثماره المدنية فى صورة الأجرة . ومالك الأرض الزراعية يؤجرها لمن يزرعها ، ويقبض الأجرة هو أيضاً وهذه هى غلة الأرض . وقد يؤجر المالك الأرض الزراعية مزارعة ، فيحص على جزء من المحصول هو غلة الأرض بالنسبة إليه ، دون أن يقوم نفسه بالزراعة . وقد يستغل المالك المياه المعدنية الموجودة فى أرضه ، بأن يبيعها للناس ويقبض ثمنها ويعتبر هذا الثمن غلة ملكه . وقد يستغل صاحب السيارة سيارته بتأجيرها إلى سائق يستعملها لركوب الجمهور ، والمال الذى يقبضه من السائق هو غلة السيارة .

 $ 500 $

والاستغلال يمتد إلى جميع ما يمتد إليه نطاق حق الملكية . وسنرى أن هذا النطاق يشمل الثمار والمنتجات ، كما يشمل العلو والعمق . فالمالك له ثمار الأرض سواء كانت طبيعية أو صناعية أو مدنية ، والثمار المدنية هى التى يتمثل فيها الاستغلال . وللمالك أن يستغل العلو ، فيؤجره مثلاً لمن يبنى فيه ويتقاضى أجره من مالك هذا البناء ، كما له أن يستغل العمق ، كما فى حالة المناجم والمحاجر مع مراعاة التشريعات التى صدرت فى هذا الشأن .

303 - قيود الاستغلال : ويرد على الاستغلال ، كما يرد على الاستعمال ، قيود يفرضها القانون . من ذلك ما يفرضه قانون إيجار الأماكن من تعيين حد أقصى للأجرة التى يتقاضاها المالك من المستأجر ، ومن ضرورة استبقاء المستأجر فى العين حتى بعد انتهاء الإيجار ، فلا يستطيع طلب إخلاء العين إلا لأسباب معينة حددها القانون . ومن ذلك ما يفرضه قانون الإصلاح الزراعى من تحديد أجرة الأرض الزراعية بسبعة أمثال الضريبة ، ومن ضرورة استبقاء المستأجر للأرض فى جزء منها . وفى المزارعة لا يجوز للمالك أن يأخذ أكثر من نصف المحصول ، ويجب أن يبقى للمزارع نصف المحصول على الأقل . وقد يضع القانون قيوداً على زراعة الأرض ، فيحدد مثلاً المساحة التى يجب أن تزرع قطناً ، ويحظر زراعة الأرز إلا فى مناطق معينة . وإذا أراد المالك استغلال محل مقلق للراحة أو ضار بالصحة ، وجب عليه استيفاء شروط معينة والحصول على ترخيص إدارى . كذلك إذا أراد المالك استغلال صيدلية ، وجب عليه أن يقيم فيها صيدلياً مؤهلاً ، إلى غير ذلك من قيود متنوعة ترد على الاسغلال .

304 - عدم الاستغلال كالاستغلال حق للمالك - إحالة : وقد قدنا فى الاستعمال أن عدم الاستعمال يعدل الاستعمال ، كلاهما حق للمالك . كذلك عدم الاستغلال يعدل الاستغلال ، كلاهما حق للمالك . فيجوز للمالك أن يدع أرضه بوراً لا يزرعها ولا يؤجرها للغير ، كما يجوز له أن يبقى منزله خالياً لا يسكنه ولا يؤجره للغير ليسكنه ، وذلك كله ما لم يفرض عليه القانون أن يقوم باستغلال ملكه ، كأن يجبره على إيجار منزله الخالى ، أو يفرض عليه زراعة أرضه حتى يساهم فى تدبير الأقوات فى أثناء الحروب أو فى الأزمات $ 501 $ التموينية . وقد سبق أن بينا ذلك فيما يتعلق بالاستعمال ، فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 301 .&%$ ) .

­المطلب الثانى

التصرف

والشروط الإدارية المانعة من التصرف

306 - المقصود بالتصرف معناه الضيق : قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 299 .&%$ ) أن الرأى السائد هو استعمال تعبير " التصرف " بمعنى واسع ، فيشمل التصرف القانونى والتصرف المادى ، ويدخل فى التصرف المادة استهلاك الشئ وإتلافه . ولكننا أدخلنا التصرف المادى فى نطاق استعمال الشئ ، واستبقينا للتصرف معناه المألوف ، وهو التصرف القانونى الذى ينقل الملكية أو حقاً عينياً آخر . فأعمال التصرف هنا تقابل أعمال الإدارة فيما يتعلق بالاستغلال . ومن ثم يكون العنصر الثالث لحق الملكية هو التصرف ، فيجوز للمالك أن يتصرف فى ملكه بجميع أنواع التصرفات .

يجوز له أن ينقل ملكية الشئ الذى يملكه إلى غيره ، بالبيع أو الهبة أو الشركة أو القرض أو غير ذلك من التصرفات الناقلة للملكية . ونقل الملكية على هذا الوجه هو أوسع ضروب التصرف الذى يستطيع المالك أن يقوم بها ، فإنه إذا نقل الملكية لا يستبقى من ملكه شيئاً ، ويصبح غيره هو المالك ، وقد يتقاضى مقابلاً لذلك كما فى البيع والشركة والقرض ، وقد لا يتقاضى مقابلاً كما فى الهبة ، ويصح أن ينقل جزءاً من ملكية الشئ ، كأن يبيع نصف المنزل أو نصف الأرض ، فيصبح غير مالك للجزء الذى نقل ملكيته للغير .

كذلك يجوز للمالك ، دون أن ينقل الملكية كلها أو بعضها ، لأن ينقل عنصراً أو أكثر من عناصر الملكية مع استبقاء الملكية بعد استبعاد هذا العنصر . فله مثلاً أن يرتب على المنزل المملوك له حق انتفاع ( usufruit ) ، فينقل بذلك إلى المنتفع عنصرى الاستعمال والاستغلال ، ويستبقى الرقبة وحق $ 502 $ التصرف فيها . وله أن ينقل حق الاستعمال وحده ، فلا يجوز لصاحب الحق إلا استمال الشئ بنفسه . وله أن يخصص الاستعمال بالسكنى فينقل إلى الغير حق السكنى ، فلا يجوز لصاحب هذا الحق أن يستعمل المنزل إلا لسكناه هو وأسرته . وله أن يرتب على العقار المملوك له حق ارتفاق ، ويستبقى ملكية العين خالصة له ولكنها مقيدة بحق الارتفاق هذا . ويجوز للمالك كذلك أن يرتب على العقار المملوك له حق رهن رسمى ، فيستبقى ملكية العقار خالصة له ولكنها مقيدة بحق الرهن ، وهذا الحق يخول للدائن المرتهن عند حلول الدين أن يبيع العقار على مالكه جبراً ويستوفى حقه من الثمن الذى رسا به المزاد متقدماً فى ذلك على سائر الدائنين الذين هم دونه فى المرتبة . ويجوز للمالك أيضاً أن يرتب على العين المملوكة حق رهن حيازة ، فيستبقى ملكية العين ولكنه ينقل حيازتها إلى الدائن المرتهن الذى ينوب عنه فى الاستعمال والاستغلال . ويكون للدائن المرتهن رهن حيازة ، كما للدائن المرتهن رهناً رسمياً ، أن يبيع العين جبراً على مالكها عند حلول الدين ، وأن يستوفى حقه من الثمن الذى رسا به المزاد فى الترتيب الذى يخوله إياه القانون .

ويختلف التصرف فى الملكية نفسها عن التصرف فى عنصر من عناصرها فى أن التصرف فى الملكية ينقلها من المالك إلى غيره ، فلا تعود له إلا بسبب جديد من أسباب كسب الملكية . أما التصرف فى عنصر من عناصر الملكية ، فإن لا ينقل الملكية من المالك إلى غيره ، بل يستبقى المالك ملكه ، وهو فى الكثرة الغالبة يسترد العنصر الذى تصرف فيه ، بلا سبب جديد ، بل بمجرد انقضاء حق الغير . فالمالك ، إذا رتب على العين المملوكة له حق انتفاع أو حق استعمال أو حق سكنى أو حق رهن ، يسترد العنصر الذى نقله إلى المنتفع أو صاحب حق الاستعمال أو صاحب حق السكنى بموت هؤلاء أو بانقضاء أجل حقوقهم ، ويسترد العنصر الذى نقله إلى الدائن المرتهن بوفاء الدين . وهو فى غير حاجة لسبب جديد لاسترداد العنصر الذى نقله بالتصرف ( $%&[1] ) وهناك فرق بين تصرف المالك فى عنصر الانتفاع فيرتب لغيره حق الانتفاع فى ملكه ، وبين تصرف المنتفع فى حق انتفاعه بعد أن يترتب له هذا الحق . فالمالك يتربص بالمنتفع ، وهو خلفه الخاص ، حتى يموت أو حتى ينتهى حق انتفاعه ، فيعود المالك حق الانتفاع من تلقاء نفسه لا بسبب جديد كما قدمنا . أما المنتفع فإذا تصرف فى حق انتفاعه بالبيع مثلاً ، فإن المشترى لحق الانتفاع يكون خلفاً خاصاً للمنتفع لا للمالك ، ولا ينتهى حق الانتفاع بموت المشترى ولكنه ينتهى بموت المنتفع ( حسن كيرة فقرة 58 ص 182 هامش 3 ) .&%$ ) . أما حق الارتفاق $ 504 $ فقد يكون دائماً دوام الملكية فلا يسترده المالك ، وقد يكون موقتاً بأجل فيزول بانقضاء الأجل وتعود للمالك ملكيته كاملة .

ويلاحظ أن غير المالك من أصحاب الحقوق يستطيع هو أيضاً أن يتصرف فى حقه ، فيستطيع المنتفع أن يتصرف فى حق الانتفاع ( دون صاحب حق الاستعمال وصاحب حق السكنى فهذان لا يستطيعان التصرف فى حقيهما ) ، ويستطيع الدائن المرتهن أن يحول حقه المضمون بالرهن فينتقل الرهن بالحوالة إلى الدائن الجديد . ولكن تصرف المالك يختلف عن تصرف غيره من أصحاب الحقوق الأخرى فى أن المالك يستطيع أن يتصرف فى رقبة الشئ ذاتها ( $%&[1] ) حسن كيرة فقرة 58 ص 181 - ص 182 - إسماعيل غانم فقرة 36 .&%$ ) ، أما صاحب حق الانتفاع مثلاً فلا يستطيع أن يتصرف إلا فى حق انتفاعه ولا يستطيع أن يتصرف فى الرقبة .

وكما أن المالك يستطيع أن يتصرف فى الشئ على النحو الذى بسطناه فيما تقدم ، كذلك يستطيع ألا يتصرف . ولكن القانون قد يفرض قيوداً على التصرف كما سنرى ، وقد يفرض قيوداً على عدم التصرف كما فى نزع الملكية جبراً على صاحبها وفى التأميم .

306 - قيود يفرضها القانون على التصرف : قد يفرض القانون قيوداً مؤقتة على حق المالك فى التصرف فى ملكيته ، وما دام القيد مؤقتاً فهو لا ينزع نهائياً حقه فى التصرف ، ويبقى مالكاً . مثل ذلك ملكية الأسرة ، وتقضى المادة 853 مدنى بأنه لا يجوز لأى شريك فى ملكية الأسرة أن يتصرف فى نصيبه لأجنبى عن الأسرة إلا بموافقة الشركاء جميعاً . وهذا القيد موقت من عدة وجوه . فهو أولاً مقيد بالأجل الذى يتفق عليه لبقاء ملكية الأسرة ، ولا يجوز أن يزيد على خمس عشرة سنة ( م 852 / 1 مدنى ) . وهو ثانياً مقيدة بمدة ستة أشهر فقط إذا لم يكن هناك اتفاق على أجل معين ، إذ يستطيع الشريك بعد انقضاء هذه المدة إخراج نصيبه من ملكية الأسرة ، $ 504 $ والتصرف فيه بعد ذلك ( م 852 / 2 مدنى ) . وهو أخيراً مقيد بجواز أن يتصرف الشريك فى نصيبه لأجنبى بغير موافقة الشركاء ، على ألا يبقى هذا النصيب مندمجا فى ملكية الأسرة ( م 853 / 2 مدنى ) . ومثل ذلك أيضاً قانون الإصلاح الزراعى ، فهو يغل يد الفلاح عن التصرف فى الأرض التى وزعت عليه قبل يوفى جميع أقساط ثمنها ( م 16 من قانون الإصلاح الزراعى ) ، والقيد كما نرى قيد موقت . وفى الشفعة فرض القانون ضرباً من ضروب عدم التصرف إلا لشخص معين هو الشفيع ، إذا طلب الشفعة واستوفى شرائطها . وفى قانون خمسة الأفدنة لم يمنع القانون المالك من التصرف فى ملكه ، وإنما منع الدائنين من الحجز على هذا الملك ، فمنعهم بذلك من نزع الملكية جبراً على صاحبها ( $%&[1] ) انظر كذلك فى القانون الفرنسى المال الذى تقدمه الزوجة " دوطة " ، فهذا المال لا يجوز التصرف فيه ما دامت الزوجة قائمة . وكذلك هبة المال أو الوصية به لشخص على أن ينقله هذا بعد موته لأولاده ، فى نظام الاستبدال الوراثى المباح ( substitutions permises ) ، هو منع من التصرف فى المال طول حياة الموهوب له أو الموصى له ، حتى يتسنى انتقال المال للأولاد .&%$ ) .

أما إذا كان المنع من التصرف الذى فرضه القانون منعاً دائماً غير موقت ، كما فى الأموال الموقوفة ، فإن حق الملكية يفقد عنصراً أساسياً من عناصره ، ومن ثم لا يمكن وصفه بأنه حق ملكية . فحق المستحق فى الوقت ليس حق ملكية ، وإن كان حقاً عينياً ، وهذا غير حقه الشخصى فى تقاضى استحقاقه من الناظر .

307 - الشروط الإرادية المانعة من التصرف ( $%&[1] ) مراجع : Barin فى الشروط المستحيلة والشروط غير المشروعة سنة 1885 - Saignat فى الشرط المانع من التصرف رسالة من بوردو سنة 1896 - Bretanneau فى الشروط المانعة من التصرف رسالة من باريس سنة 1902 - Achard رسالة من جرينوبل سنة 1910 - Le Roux رسالة من رن سنة 1930 .&%$ ) : وهناك شروط إرادية تمنع من التصرف ( caluses d'inalienabilite ) . وهذا لا يفرضها القانون كما فى الأمثلة السابقة ، بل يفرضها الاتفاق وهو عقد صادر من الجانبين ، أو تفرضها الوصية وهى إرادة منفردة صادرة من جانب واحد ، ومن ثم سمينا هذه الشروط بالشروط الإرادية المانعة من التصرف . وهى أيضاً تمنع من التصرف منعاً موقتاً ، فتصح لأنها لا تسلب حق الملكية $ 505 $ عنصراً أساسياً من عناصره سلباً دائماً ( $%&[1] ) ويذهب مع ذلك بعض الفقهاء فى فرنسا إلى مخطئه القضاء الفرنسى فى إباحة الشرط المانع من التصرف ( لوران 6 فقرة 103 و 11 فقرة 460 - هيك 4 فقرة 76 و 6 فقرة 63 - ديفرجييه فى تعليقه على تولييه 7 فقرة 488 - بودرى وشوفو فقرة 506 ) . أما فى مصر فإن التشريع لا القضاء وحده ، قد تدخل وأباح الشرط المانع بشروط معينة ، فلم يعد هناك شك فى صحة الشرط المانع .&%$ ) . ومتى استوفت شرائط صحتها ، فإن يترتب على قيامها صحيحة أن يكون كل تصرف يصدر من المالك ، مخالفاً للشرط المانع من التصرف فى المدة التى يقوم فيها هذا الشرط ، تصرفاً باطلاً .

فنتكلم فى مسألتين : ( 1 ) متى يصح الشرط المانع من التصرف . ( 2 ) الجزاء الذى يترتب على قيام الشرط المانع من التصرف .

1 - متى يصح الشرط المانع من التصرف

308 - نص قانونى : تنص المادة 823 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبيناً على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة " .

 " 2 - ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف ، أو للمتصرف إليه ، أو للغير " .

 " 3 - والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف ، أو المتصرف إليه ، أو الغير " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1191 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى :

 " 1 - إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال أو يمنع الإيصاء به ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبيناً على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة . 2 - ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف ، أو للمتصرف إليه ، أو للغير . 3 - وقد تكون المدة المعقولة مدى حياة المتصرف ، أو المتصرف إليه ، أو الغير " . وفى لجنة المراجعة عدل النص ، فأصبح مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه 894 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 892 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 823 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 73 - ص 75 ) .&%$ ) .

 $ 506 $

ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن القضاء فى عهد هذا التقنين ، كان يجرى على أحكام النص ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " عرض المشروع للشرط المانع من التصرف فى نصين ... لا نظير لهما فى التقنين الحالى ( السابق ) . وقد قنن المشروع أحكام القضاء المصرى فى هذا الموضوع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 76 ) - انظر نقض مدنى 22 يونيه سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 132 ص 401 - 8 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 218 ص 583 - محكمة الاستئناف 13 أبريل سنة 1920 المحاماة 2 رقم 64 ص 210 - 7 مايو سنة 1921 المحاماة 2 رقم 25 ص 65 - 14 نوفمبر سنة 1921 المجموعة الرسمية 23 رقم 99 ص 153 - 21 نوفمبر سنة 1921 المحاماة 2 رقم 63 ص 207 - 20 يناير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 109 ص 162 - 10 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 486 ص 796 - استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 333 ص 711 - ومع ذلك قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الشرط المانع ، حتى لو كان مسجلاً لا يعوق الدائن من أخذ حق اختصاص على العقار الممنوع التصرف فيه ومن التنفيذ على هذا العقار ( استئناف مختلط 13 مايو سنة 1903 م 15 ص 292 ) .&%$ ) .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 778 - التقنين المدنى الليبى م 832 - ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى العراقى ، ولا فى قانون المليكة العقارية اللبنانى ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 778 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 832 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل ( ولكن أحكام النص تتفق مع القواعد العامة ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( ولكن أحكام النص تتفق مع القواعد العامة – انظر فى هذه المسألة فى القانون اللبنانى حسن كيرة فى الحقوق العينية الأصلية فى القانون المدنى اللبنانى المقارن مذكرات على الآلة الكاتبة سنة 1965 ص 139 - ص 156 ) .&%$ ) .

309 - التصرفات التى تتضمن الشرط المانع من التصرف : يفهم من النص سالف الذكر أن الأصل هو تحريم الشرط المانع من التصرف ، لسببين أحدهما قانونى والآخر اقتصادى . أما السبب القانونى فلأن من أخص عناصر الملكية هو أن يكون للمالك حق التصرف فى ملكه ، فإذا منع من ذلك حرم من أخص عناصر حقه ، فلا يكون حقه عند ذلك حق ملكية كما رأينا فى حق المستحق فى الوقف . أما السبب الاقتصادى فلأن تداول الأموال من $ 507 $ الأمور الهامة التى تجب ملاحظتها ، ومنع المال من التداول بتحريم التصرف فيه أمر خطير من الناحية الاقتصادية ، فلا يجوز هذا المنع إلا لمسوغ قوى . لذلك تعتبر القاعدة القاضية بجواز التصرف فى المال من النظام العام ، وكل شرط يخالفها يكون شرطاً مخالفاً للنظام العام . وقد سار القضاء الفرنسى قديماً على هذا النحو ، فحرم كل شرط يمنع التصرف فى المال ( $%&[1] ) ليون 7 أغسطس سنة 1835 داللوز 36 - 2 - 82 - باريس 11 مارس سنة 1836 داللوز 36 - 2 - 83 .&%$ ) . ولكنه منذ منتصف القرن التاسع عشر أخذ يميز بين شرط مانع من التصرف منعاً أبدياً وهذا أبقاه على حكم التحريم ، وشرط مانع من التصرف منعاً موقتاً لمسوغ مشروع وهذا حلله ، وتوالت أحكام القضاء الفرنسى فى هذا المعنى حتى أصبحت قضاء مستقراً لا يتزعزع ( $%&[1] ) وكان أول حكم صدر فى هذا المعنى فى القضاء الفرنسى حكم محكمة أنجيه فى 29 يونيه سنة 1842 ( سيريه 42 - 2 - 400 ) . ثم أخذت محكمة النقض الفرنسية بهذا المبدأ فى 20 أبريل سنة 1858 . ( داللوز 58 - 1 - 154 ) . وأخذت أحكام محكمة النقض الفرنسية بعد ذلك تتوالى فى هذا المعنى : نقض فرنسى 19 مارس سنة 1877 داللوز 79 - 1 - 455 - 20 مايو سنة 1879 داللوز 79 - 1 - 431 - 8 نوفمبر سنة 1897 داللوز 98 - 1 - 48 - 14 يناير سنة 1899 داللوز 1900 - 1 - 533 - 20 فبراير سنة 1941 - 22 - انظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 223 . وصدر أخيراً فى فرنسا قانون 4 يناير سنة 1955 خاصاً بالشهر العقارى يؤكد هذا المعنى ، إذ قضت المادة 28 من هذا القانون بوجوب تسجيل التصرفات فيما بين الأحياء التى تتضمن شروطاً مانعة موقتة ( انظر مارتى ورينو فقرة 56 ص 70 - كاربونييه ص 96 ) .&%$ ) . وسار القضاء المصرى فى عهد التقنين المدنى السابق على سنة القضاء الفرنسى حتى أصبحت القاعدة مستقرة هى أيضاً فى مصر ، ومن ثم قننها التقنين المدنى الجديد نصوص تشريعية هى التى تتولى الآن شرحها .

ويلاحظ بادئ ذى بدء أن الشرط المانع من التصرف فى المال يرد فى تصرف قانونى ، وهذا التصرف القانونى يكون إما عقداً أن وصية ، وتقول الفقرة الأولى من المادة 823 مدنى سالفة الذكر : " إذا تضمن العقد 3 أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال ... " . والوصية أمرها واضح ، فهى تصرف قانونى من جانب واحد على سبيل التبرع ، فيوصى الشخص بمال $ 508 $ للموصى له ويشترط عليه فى الوصية ألا يتصرف فى هذا المال لأحد ، لمصلحة مشروعة ولمدة موقته كما سيأتى . وأما العقد فالغالب أن يكون من عقود التبرع ، هبة صريحة أو هبة مستترة فى عقد بيع ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمروع التمهيدى فى هذا الصدد : " فالشرط المانع قد يرد فى وصية أو فى عقد ، ويكون العقد فى الغالب هبة أو هبة مستترة فى بيع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 76 ) .&%$ ) ، وقد يكون من عقود المعاوضة كأن يكون عقد بيع جدى . فيهب الشخص أو يبيع مالاً ، ويشترط على المتصرف له ألا يتصرف فى هذا المال ، لمصلحة مشروعة ولمدة موقتة . والغالب أن يكون التصرف المتضمن للشرط المانع تصرفا ينقل ملكية المال مع اشتراط عدم جواز التصرف فيه . ولكنه قد ينقل حق انتفاع لا حق ملكية ، مع اشتراط عدم جواز التصرف فى حق انتفاع ، والمثل البارز فى هذا الصدد أن يتعهد شخص لآخر بترتيب إيراد له مدى حياته ، ويكون قد قصد بذلك أن يوفر له أسباب المعيشة طول حياته فيشترط فى تعهده عدم جواز التصرف فى هذا الإيراد ( $%&[1] ) أوبرى ورو وبارتان 11 فقرة 692 هامش 36 ثالثاً - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 224 ص 233 .

وقد يأخذ الشرط المانع الصور الآتية : يتبرع المتصرف بملغ من المال للمتصرف له ، ويتشرط عليه أن يشترى بهذا المبلغ عقاراً ( remploi ) لا يجوز له التصرف فيه . وقد يتبرع المتصرف بعقار ، ويقتصر الشرط المانع على أن المتصرف له إذا باع العقار فعليه أن يشترى بالثمن عقاراً آخر ، يكون هو أيضاً غير جائز التصرف فيه إلا بشرط الاستبدال هذا .

وقد يرد الشرط المانع فى الوعد بالبيع ، فيشترط الموعود له بالبيع على الواعد ألا يتصرف فى العين الموعود ببيعها طوال مدة الوعد . فها شرط مانع صححي ، إذ جمع بين التوقيت وبين قيام مصلحة مشروعة للموعود له لأن هذا الأخير يطمئن ، بفضل هذا الشرط ، إلى بقاء العين فى ملك الواعد إذا أظهر الموعود له رغبته فى الشراء ( إسماعيل غانم فقرة 38 ص 80 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 107 ص 166 - حسن كيرة فقرة 86 ص 287 - عكس ذلك منصور مصطفى منصور فقرة 44 ص 104 ) . ويلاحظ أنه يجوز لدائنى الواعد ، فى هذا الفرض ، الطعن فى الشرط المانع بالدعوى البولصية إذا توافرت شروطها .

أما اشتراط الدائن المرتهن على الراهن ألا يتصرف فى العين المرهونة ما دام الرهن قائماً ، فيوجد خلاف فى صحته . انظر فى معنى عدم صحة الشرط المانع فى هذا الفرض : المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 7 ص 39 - إسماعيل غانم فقرة 38 ص 79 - ص 80 - عبد المنعم فرج اصدة فقرة 107 ص 166 - ص 167 - منصور مصطفى منصور فقرة 44 ص 102 - ص 103 وفى التأمينات العينية ص 75 . وانظر فى معنى صحة الشرط : محمد على عرفة فقرة 278 - محمد على إمام فى التأمينات فقرة 214 ص 318 - شمس الدين الوكيل فى التأمينات ص 249 هامش 2 - حسن كيرة فقرة 86 ص 287 - ونرى أن مصلحة الراهن فى استبقاء حريته فى التصرف فى العقار المرهون بالرغم من رهنه - وهذا أساس من الأسس التى يقوم عليها الرهن - ترجح مصلحة الدائن المرتهن فى أن يتجنب إجراءات التطهير . ومن ثم يكون الشرط المانع فى هذا الفرض غير صحيح ، إذ لا تقوم به مصلحة مشروعة راجحة .

ولا خالف فى أنه لا يجوز للمالك بإرادته المنفردة أن يمنع نفسه من التصرف فى ملكه ، لأن الشرط المانع يجب أن يتضمنه عقد أو وصية ، ولأن الإرادة المنفردة لا يكون لها أثر إلا بموجب نص تشريعى ، ولأنه لو صح الشرط المانع فى هذا الفرض لاستلزم أن يكون المال غير قابل للحجز عليه فيتحايل المالك عن هذا الطريق فى الانتقاص من حق الضمان العام للدائنين ( شفيق شحاتة فقرة 100 ص 124 - عبد المنعم البدراوى فقرة 68 - إسماعيل غانم فقرة 38 ص 78 - حسن كيرة فقرة 86 ص 287 - ص 288 - منصور مصطفى منصور فقرة 44 ص 101 - محمد كامل مرسى 1 فقرة 402 ص 516 ) .&%$ ) .

 $ 509 $

فالشرط المانع من التصرف الذى تتضمنه أمثال هذه التصرفات لا يصح ، طبقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة 823 مدنى سالفة الذكر ، إلا إذا كان " مبيناً على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة " . فهناك إذن أمران لابد من اجتماعهما حتى يصح الشرط المانع من التصرف : الباعث المشروع والمدة المعقولة . وكل منهما معيار مرن يساير الملابسات الخاصة بكل قضية من الأقضية التى تعرض على المحاكم ، فيكون القاضى أوسع حرية فى التقدير ، ويتسنى له أن يعطى لكل حالة حكمها المناسب .

( أ ) الباعث المشروع

310 - متى يكون الباعث مشروعاً : تقول الفقرة الثانية من المادة 823 مدنى سالفة الذكر : " ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير " . فالمفروض إذن ، حتى يكون الباعث مشروعاً ، والشرط المانع صحيحاً ، أن يكون المتصرف قد قصد بالشرط المانع الذى ضمنه العقد أو الوصية حماية $ 510 $ مصلحة مشروعة له هو ، أو مصلحة مشروعة لمن تصرف له ، أو مصلحة مشروعة لأجنبى أى للغير ( $%&[1] ) وكما تكون المصلحة المشروعة المقصود حمايتها مصلحة مادية ، كذلك يجوز أن تكون مصلحة أدبية ، كما إذا قصد المتصرف بالشرط المانع ألا يقتحم أجنبى نطاق أملاك أسرته ( نقض فرسنى 17 مارس سنة 1925 داللوز 1928 - 1 - 176 - مارتى ورينو فقرة 56 ص 69 ) .&%$ ) .

311 - مصلحة مشروعة للمنصرف : قد تكون هناك مصلحة مشروعة للمتصرف يريد حمايتها عن طريق الشرط المانع . مثل ذلك أن يكون المتصرف قد وهب منزلاً لأحد من ذويه ، واشترط لنفسه حق الانتفاع أو حق السكنى طول حياته ، ولا يريد أن تكون له علاقة فى شأن حقه هذا إلا مع من تصرف له . فيعمد إلى تضمين هبته شرطا ًمانعاً من التصرف فى المنزل ، حتى يطمئن إلى أنه فى استعمال حق انتفاعه بالمنزل أو حقه فى سكناه لن تكون له علاقة إلا بالموهوب له ، إذ يصبح غير جائز لهذا أن يتصرف فى المنزل طول حياة الواهب . ومثل ذلك أيضاً أن يهب شخص لآخر عقاراً ويشترط على الموهوب له أن يرتب له إيراداً مدى الحياة ، ولما كان يخشى أن يتصرف الموهوب له فى العقار فيفقد المصر الأصلى الذى يوفى منه الإيراد المرتب ، فإنه يعمد إلى تضمين الهبة شرطاً يمنع الموهوب له من التصرف فى العقار . ويصح أيضاً أن يبيع شخص لآخر عقاراً بثمن هو إيراد مرتب مدى الحياة ، ويشترط على المشترى عدم التصرف فى العقار مدى حياة البائع ، أو يبيع العقار بثمن مقسط لمدة خمس سنوات مثلاً ويشترط على المشترى إلا يتصرف فى العقار حتى ويفى جميع أقساط الثمن . وقد يبيع شخص جزءاً مفرزاً من عقاره لآخر ، ويتشرط على المشترى عدم وجواز التصرف حتى يقتصر الجوار على المشترى دون شخص أجنبى آخر ( $%&[1] ) أنسيكلوبيدى داللوز 2 لفظ inalienabilite فقرة 33 .&%$ ) . كذلك قد يهب شخص عقاراً لآخر ويرتهنه رهناً رسمياً فى الوقتذاته لحق له فى ذمة الموهوب له ، فيشترط على الموهوب له ألا يتصرف فى العقار المرهون حتى لا يتعرض الدائن المرتهن لخطر التطهير فيما إذا تصرف الموهوب له فى العقار لشخص آخر ، وهذا فى رأى من يقول بصحة الشرط المانع فى هذا الفرض ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 309 ص 508 هامش 2 .&%$ ) .

 $ 511 $

هذه وأمثالها ( $%&[1] ) انظر نقض فرنسى 20 أبريل سنة 1858 داللوز 58 - 1 - 154 - 29 أبريل سنة 1896 داللوز 98 - 1 - 17 - 17 مارس سنة 1925 داللوز 1928 - 1 - 176 .&%$ ) مصالح مشروعة للمتصرف ، يصح له أن يحميها بأن يضمن تصرفه شرطاً مانعاً من التصرف على النحو الذى بيناه ( $%&[1] ) انظر فى أن البيع المقترن بشرط عدم جواز التصرف يعتبر بيعاً جدياً لا وصية ، وأن الكشف عن نية المتعاقدين فى هذا الشأن مسألة موضوعية : نقض مدنى 22 يونيه سنة 1938 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء أول ص 349 - 8 مارس سنة 1945 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء أول ص 349 - 18 أبريل سنة 1946 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء أول ص 349 - 29 ديسمبر سنة 1949 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء أول ص 349 .

وانظر فى أن شرط عدم التصرف إذا تضمنته الهبة ووقّت بحياة الواهبة لمصلحة مشروعة لها يكون شرطاً صحيحاً : نقض مدنى 30 يناير سنة 1949 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء 2 ص 1191 ، وأن البيع بشرط عدم التصرف بيع صحيح : استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 333 ص 711 .&%$ ) .

312 - مصلحة مشروعة للمنصرف له : وكثيراً ما تتحقق هذه المصلحة للمتصرف له فيما إذا وهب شخص أو أوصى لآخر بعقار ، ولما كان يعرف أن المتبرع له سيئ التدبير ويخشى عليه أن يضيع سفها العقار المتبرع له به ، فيعمد إلى تضمين تبرعه شرطاً بعدم جواز التصرف فى هذا العقار ( $%&[1] ) نقض فرنسى 11 يوليه سنة 1877 داللوز 78 - 1 - 62 - 16 يناير سنة 1923 داللوز 1923 - 1 - 177 - 20 فبراير سنة 1939 داللوز 1941 - 22 - 4 مايو سنة 1943 جازيت دى باليه 1943 - 2 - 32 - أوبرى ورو وبارتان 11 فقرة 692 ص 194 - ص 195 .&%$ ) . وقد يهب المتصرف العقار لشخص صغير فى السن تنقصه الخبرة والتجارب ، فيشترط عليه عدم جواز التصرف فى العقار حتى يصل إلى سن معينة يكون عند بلوغها قد أنضجته التجارب وحصل على الخبرة اللازمة . وقد يهب المتصرف العقار لقاصر له ولى يخشى من إسرافه ، فيشترط عدم جواز التصرف فى العقار حتى يبلغ القاصر سن الرشد فيتسلم العقار ، ويعهد فى الوقت ذاته إلى أمين يتولى إدارة العقار وصرف ريعه على تعليم القاصر حتى يبلغ سن الرشد ( $%&[1] ) نقض فرنسى 30 مايو سنة 1881 سيريه 83 - 1 - 149 - أورليان 12 يوليه سنة 1895 سيريه 95 - 2 - 244 - أوبرى ورو وبارتان 11 فقرة 692 ص 199 .&%$ ) . وقد لا يمنع المتصرف المتصرف له من التصرف ، ولكن يشترط عليه $ 512 $ الاستبدال ( remploi ) . فإذا باع المتصرف له العقار الموهوب وجب عليه أن يشترى بثمنه عقاراً آخر ، ويبقى هذا العقار الآخر على هذا الشرط إذا باعه الموهوب له اشترى بثمنه عقاراً آخر ، وهكذا . والاشتراط على هذا النحو يجمع إلى مزية النظر لمصلحة الموهوب له حتى لا يضيع العين الموهوبة مزية إطلاق يده فى التصرف ، فقد يرى عقاراً أفضل فيبيع العقار الموهوب ليشتريه .

313 - مصلحة مشروعة للغير : وقد تكون المصلحة المشروعة خاصة بأجنبى ، فيهب شخص عقاراً لآخر ويشترط عليه أن يرتب إيراد الأجنبى طول حياته ، ويشترط فى الوقت ذاته ألا يتصرف فى العقار الموهوب ما دام صاحب الإيراد حياً حتى يكفل له ضماناً لإيراده ( $%&[1] ) نقض فرنسى 12 يوليه سنة 1865 داللوز 65 - 1 - 475 - 16 مارس سنة 1901 داللوز 1905 - 1 - 1256 .&%$ ) . كذلك قد يكون للأجنبى حق انتفاع أو حق سكنى فى العقار الموهوب ، فيشترط الواهب على الموهوب له عدم التصرف فى العقار . وقد لا يشترط الواهب عدم التصرف ، ويقتصر على أن يشترط على الموهوب له ، إذا أراد هذا بيع العقار ، أن يعرضه أولاً بالأفضلية على شص معين ، فإن قبل هذا الأخير شراءه تعين على الموهوب له أن يبيعه إياه . فهذا شرط ليس مانعاً من التصرف ، ولكنه على كل حال مقيد لحرية المتصرف له فى التصرف لمن يريد ( $%&[1] ) أوبرى ورو وبارتان 11 فقرة 692 ص 199 وهامش 40 خامساً .&%$ ) .

314 - حكم التصرف الذى يتضمن شرطاً مانعاً ليس له باعث مشروع : فإذا كان الشرط المانع ليس له باعث مشروع ، ولم تكن هناك مصلحة مشروعة تراد حمايتها به لا للمتصرف ولا للمتصرف له ولا للغير ، كان الشرط المانع باطلاً . فإذا وهب شخص عقاراً لآخر واشترط عليه عدم التصرف فيه ، ليمنعه بذلك من القيام بمشروع علمى أو بعمل من أعمال الخير يعلم الواهب أن الموهوب له يحرص على تحقيقه وقد يبيع العقار الموهوب فى سبيل ذلك ، كان الباعث هنا غير مشروع . فهو لا يحقق مصلحة مشروعة $ 513 $ لا للواهب ولا للموهوب له ولا للغير ، ومن ثم يكون الشرط باطلاً . والمفروض أن للشرط المانع باعثاً مشروعاً ، إلى أن يثبت المتصرف له أن الباعث غير مشروع .

ثم ينظر بعد ذلك فى مصير التبرع نفسه ، فإن كان هذا الشرط المانع هو الدافع إلى التبرع ، كان التبرع باطلاً هو أيضاً بطلان الشرط المانع . أما إذا لم يكن الشرط المانع هو الدافع إلى التبرع ، فإن التبرع يبقى قائماً مع بطلان الشرط المانع ، ومن ثم يجوز للموهوب له مخالفة الشرط المانع والتصرف فى العقار الموهوب . وليس فى هذا الأحكام إلا تطبيق للقواعد العامة . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ويكون التصرف الذى اشتمل على هذا الشرط ( الباطل ) باطلاً أيضاً إذا كان الشرط المانع هو الدافع إلى هذا التصرف . أما إذا كان التصرف تبرعا ، ولم يكن الشرط المانع هو الدافع ، صح التبرع ولغا الشرط " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 76 - وانظر شفيق شحاتة فقرة 99 - إسماعيل غانم فقرة 38 ص 81 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 112 - منصور مصطفى منصور فقرة 45 - عبد المنعم البدراوى فقرة 71 .

ومن الفقهاء من يذهب إلى بطلان التصرف المتضمن للشرط المانع غير المشروع فى جميع الأحوال ( محمد على عرفة فقرة 277 ) ، مستنداً فى ذلك إلى أن الشرط المانع غير مشروع وقد علق عليه التصرف ( م 266 مدنى ) . وواضح أن الشرط المانع فيما نحن بصدده ليس شرطاً ( endition ) ، وإنما هو تكليف ( charge ) يدخل فى بنية التصرف ذاته ، فيلغو وحده إذا لم يكن هو الدافع إلى التبرع ( انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 38 ص 81 هامش 1 ) .&%$ ) .

( ب ) المدة المعقولة

315 - المنع الدائم والمنع الموقت : يجب التمييز كما قدمنا بين المنع الدائم ( interdiction perpetuelle ) والمنع الموقت ( interdiction temporaire ) . فلكى يكون الشرط المانع صحيحاً ، يجب ألا يكون مانعاً من التصرف منعاً دائماً ، إذ تخرج العين بهذا المنع من دائرة التعامل بتاتاً ، وهذا أمر مخالف للنظام العام ، ولا يجوز إلا بنص فى القانون كما هى الحال فى الوقف . $ 514 $ ومن ثم يكون الشرط المانع منعاً دائماً شرطاً باطلاً ( $%&[1] ) نقض فرنسى 9 مارس سنة 1868 داللوز 68 - 1 - 309 - 10 نوفمبر سنة 1896 داللوز 97 - 1 - 51 - 8 نوفمبر سنة 1897 داللوز 98 - 1 - 47 - 16 مارس سنة 1903 داللوز 1905 - 1 - 126 - 5 يناير سنة 1909 داللوز 1913 - 5 - 53 - 29 يونيه سنة 1933 داللوز الأسبوعى 1933 - 477 - 4 مايو سنة 1943 جازيت دى باليه 1943 - 2 - 32 - 16 فبراير سنة 1953 داللوز 1953 - 282 .&%$ ) ، يلغو ويبقى التصرف الذى تضمن الشرط ما لم يكن الشرط هو الدافع إلى التصرف فيبطل كل من الشرط والتصرف .

ويتشرط إذن لصحة الشرط المانع أن يكون المنع موقتاً ، ولمدة معقولة . فإذا طالت مدة المنع ، وأصبحت بالنسبة إلى ظروف القضية وملابساتها مدة غير معقولة ، فإن المنع الموقت يكون فى هذه الحالة فى حكم المنع الدائم ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ولكن لا يصح تأييد الشرط ، ولا جعله لمدة طويلة تجاوز الحاجة التى دعت إليه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 76 ) .&%$ ) ، ومن ثم يكون الشرط المانع باطلاً بالرغم من توقيته . ومعرفة ما إذا كانت مدة المنع المحددة طويلة إلى حد أن تكون مدة غير معقولة فيبطل الشرط من مسائل الواقع ، يبت فيها القاضى الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 224 ص 232 .&%$ ) .

وتنص الفقرة الثالثة من المادة 853 مدنى سالفة الذكر على ما يأتى : " والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف ، أو المتصرف إليه ، أو الغير " .

316 - الشرط المانع مدى حياة المنصرف : فى أكثر الأمثلة التى قدمناها لتحقق مصلحة مشروعة للمتصرف تبرر الشرط المانع ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 311 .&%$ ) ، نرى أن الشرط المانع يجب أن تحدده له مدة تستغرق حياة المتصرف وتكون مع ذلك مدة معقولة . فإذا كان المتصرف قد اشترط لنفسه إيراد مدى الحياة ، أو حق انتفاع أو حق سكنى مدى الحياة ، أو الاستيثاق من أن يقتصر الجوار على $ 515 $ شخص المتصرف له ، فمن الطبيعى فى هذه الفروض أن يجعل الشرط المانع قائماً لمدة تستغرق حياته ، وتكون المدة فى هذه الحالة مدة معقولة ، ومن ثمن يكون الشرط صحيحاً . لكن هناك فروض أخرى – بيع عقار بثمن مقسط أو بيع عقار يرتهنه البائع – لا يكون فيها مبرر لأن تستغرق مدة المنع حياة المتصرف ، ويكفى فى حالة بيع عقار بثمن مقسط أن تكون مدة المنع هى المدة التى يوفى فيها المشترى بالإقساط جميعها ، وفى حالة بيع عقار يرتهنه البائع أن تكون مدة المنع هى المدة التى يوفى فيها المشترى بالدين بالمكفول بالرهن حتى يأمن البائع شر التطهير فيما إذا باع المشترى العقار قبل وفاء الدين .

وإذا حددت للشرط المانع مدة تستغرق حياة المتصرف أو مدة أخرى معقولة ، ومات المتصرف له قبل انقضاء هذه المدة ، فإن العين تنتقل إلى ورثته مثقلة بالشرط المانع ، فلا يجوز لهؤلاء أن يتصرفوا فيها حتى تنقضى المدة المحددة .

317 - الشرط المانع مدى حياة المتصرف إليه : وقد يقتضى الأمر أن يحدد للشرط المانع مدة تستغرق حياة المتصرف له كما إذا كان هذا معروفاً بسوء التدبير فيحرم عليه المتصرف أن يتصرف فى العين الموهوبة طول مدة حياته ، حتى إذا مات انتقلت العين إلى ورثته غير مثقلة بالشرط المانع ، ويجوز للورثة عندئذ التصرف فى العين . وتكون المدة فى هذه الحالة ، بالرغم من استغراقها لحياة المتصرف له ، مدة معقولة ، ومن ثم يكون الشرط المانع صحيحاً ( $%&[1] ) هذا فى مصر بنص صريح ، إذ تقول الفقرة الثالثة من المادة 823 مدنى كما رأينا : " والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق حياة ... المتصرف إليه ... " . أما فى فرنسا ، حيث أحكام الشرط المانع هى من عمل القضاء دون أن ترد فيها نصوص تشريعية ، فقد استقرت أحكام القضاء الفرنسى على أنه لا يجوز أن تستغرق المدة فى الشرط المانع حياة المتصرف إليه ( نقض فرنسى 19 مارس سنة 1877 داللوز 79 - 1 - 455 - 8 نوفمبر سنة 1897 سيريه 1900 - 1 - 499 - 24 يناير سنة 1899 داللوز 1900 - 1 - 533 - 16 مارس سنة 1903 داللوز 1905 - 1 - 126 - وانظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 224 ص 232 ) .

ويذهب بعض الفقهاء فى مصر إلى اعتبار الشرط المانع مدى حياة المتصرف له باطلاً ، ولكن يجوز تحديد مدة معقولة وإن ظهر فيما بعد أن هذه المدة قد استغرقت بالفعل حياة المتصرف إليه ( عبد المنعم البداروى

 فقرة 70 ص 91 ) . وظاهر أن هذا الرأى لا سند له أمام صراحة النص ، فنص التقنين المدنى المصرى صريح كما رأينا فى إباحة الشرط المانع حتى لو كانت مدته قد حددت ابتداء بحياة المتصرف له ( إسماعيل غانم فقرة 38 ص 77 هامش 1 - حسن كيرة فقرة 89 ص 29 هامش 3 ) .&%$ ) .

 $ 516 $

فإذا لم يكن هناك مقتض لأن تستغرق المدة حياة المتصرف له ، لم يجز الوصول بالمدة إلى هذا الحد . مثل ذلك أن يكون المتصرف له قليل الخبرة والتجربة نظراً لصغر سنه أو يكون قاصراً ، فيكفى فى هذه الحالة تحديد مدة معقولة يستوفى فى أثنائها الخبرة اللازمة ، أو تحديد مدة يبلغ سن الرشد عند انقضائها . فإذا طالت المدة عن هذا الحد ، كان الشرط باطلاً ، لأن المدة إذ ذاك تصبح مدة غير معقولة .

وإذا حدد للشرط المانع مدة معقولة على النحو الذى أسلفناه ، ومات المتصرف قبل انقضاء هذه المدة ، فإن الشرط المانع يبقى مع ذلك قائماً إلى أن تنقضى المدة . ويحل ورثة المتصرف محله بعد موته فى طلب بطلان التصرف المخالف للشرط المانع فيما إذا اقتضى الأمر ذلك .

318 - الشرط المانع مدى حياة الغير : وإذا كان الشرط المانع يحقق مصلحة مشروعة للغير ، فقد تحدد له مدة معقولة تستغرق حياة هذا الغير . وهذا واضح فيما قدمناه من الأمثلة ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 313 .&%$ ) . فإذا اشترط الواهب على الموهوب له إيراداً يرتبه للغير مدى حياته ، أو حق انتفاع أو حق سكنى يدوم ما دام الغير على قيد الحياة ، فإن المدة المعقولة للمنع من التصرف قد تستغرق فى هذه الحالة حياة الغير ( $%&[1] ) مارتى ورينو فقرة 56 ص 70 هامش 1 .&%$ ) .

وإذا مات المتصرف له قبل موت الغير أى قبل انتهاء المدة المعقولة ، انتقلت العين إلى ورثة المتصرف له مثقلة بالشرط المانع ، فلا يجوز لهؤلاء التصرف فيها ما دام الغير حياً .

319 - حكم التصرف الذى يتضمن شرطاً مانعاً مدته غير معقولة - إحالة : فإذا كان الشرط المانع مدته غير معقولة ، كان باطلاً كما قدمنا . ثم ينظر بعد ذلك إلى مصير التبرع نفسه ، فإن كان الشرط المانع هو الدافع إلى $ 517 $ التبرع ، بطل التبرع هو أيضاً . أما إذا لم يطن الشرط المانع هو الدافع إلى التبرع ، فإن التبرع يبقى قائماً مع بطلان الشرط المانع ( $%&[1] ) وقد قضى بأنه إذا حرم البائع على المشترى منه التصرف فى العين المبيعة تحريماً موقتاً ، كان الشرط جائزاً ، سواء كان التصرف بعوض أن بغير عوض . أما إذا كان تحريم التصرف بصفة مؤبدة ، كان الشرط باطلاً ، ولا يبقنى عليه بطلان العقد إلا إذا كان هذا الشرط فى مقابل الالتزامات التى التزم بها الطرف الآخر ( طنطا الكلية 6 يناير سنة 1936 المحاماة 6 رقم 539 ص 864 - وانظر أيضاً بنى سويف الكلية 26 يونيه سنة 1923 المجموعة الرسمية 24 رقم 109 ص 188 ) .

وإذا كان الشرط المانع مؤبداً أو لمدة غير معقولة ، فهل يجوز للقاضى إبقاء الشرط مع إنقاص مدته إلى ما يقدر أنه الحد المعقول ، مستنداً فى ذلك إلى المادة 143 مدنى التى تقضى بانتقاص العقد إذا كان باطلاً أو قابلاً للإبطال فى شق منه دون الشق الآخر؟ يصعب التسليم للقاضى بهذا المدى الواسع فى السلطة التقديرية ، فإنه فى الحالات الأخرى التى يجرى فيها إنقاصاً فى العقد يكون القانون قد رسم له حداً أقصى لا تجوز مجاوزته ، كما إذا أنقص الفوائد إلى 7% أو مدة البقاء فى الشيوع إلى خمس سنوات . أما هنا فليس أمام القاضى حد أقصى فرضه القانون حتى يلتزمه ، فالأسلم أن يبطل الشرط المانع بدلاً من أن يحدد له مدة يقدرها مدة معقولة ثم يقدر فى الوقت ذاته أن المتصرف كان يرضاها عند إبرام التصرف . انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 38 ص 81 - ص 82 وص 82 هامش 1 - وقارن عبد المنعم فرج الصدة فقرة 112 ص 171 .&%$ ) ، أو كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى " صح التبرع ولغا الشرط " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 76 .&%$ ) . وقد سبق أن بسطنا ذلك لى حكم التصرف الذى يتضمن شرطاً مانعاً ليس له باعث مشروع ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 314 .&%$ ) ، فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك .

2 - الجزء الذى يترتب على قيام الشرط المانع من التصرف

320 - ما يترتب على قيام الشرط المانع من أحكام : إذا قام الشرط المانع صحيحاً ، أى كان لباعث مشروع ولمدة معقولة على النحو الذى بسطناه ، ترتب على ذلك أن يمتنع التصرف فى العين المتبرع بها طول المدة التى حددت فى الشرط المانع .

فلا يجوز للمتصرف له أن يتصرف فى العين بأى نوع من أنواع التصرفات ( $%&[1] ) وهذا ما لم يقتصر الشرط على المنع من نقل الملكية دون غيره من التصرفات ( جوسران 1 فقرة 1864 - شفيق شحاتة فقرة 101 - حسن كيرة فقرة 91 ص 293 - إسماعيل غانم فقرة 41 ص 89 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 114 ص 174 - منصور مصطفى منصور فقرة 46 ص 104 - ص 105 ) . وانظر عكس ذلك وأن الشرط المانع فى نفسه لا يتناول إلا المنع من نقل الملكية أو مما يؤدى إلى ذلك كالرهن : دى باج 5 فقرة 909 - عبد المنعم البدراوى فقرة 73 .

والمنع من التصرف لا يقتضى المنع من هدم البناء أو التغيير المادى فى الشئ ، إلا إذا اشترط المتصرف ذلك صراحة فيكون هناك التزام فى ذمة المتصرف له بالامتناع عن عمل ، ولا يكون هذا حق ارتفاق لأن حق الارتفاق إنما يكون لمنفعة عقار لا لمنفعة شخص . انظر شفيق شحاتة فقرة 101 ص 124 هامش 1 .&%$ ) . $ 518 $ لا يجوز له أن يبيع العين ، أو أن يهبها ، أو أن يقدمها حصة فى شركة ، أو أن يقرر عليها حق انتفاع أو حق ارتفاق ، أو أن يرهنها رهناً رسمياً أو رهن حيازة ( $%&[1] ) كذلك لا يجوز للموهوب له أو الموصى له بإيراد مرتب مدة الحياة غير جائز التصرف فيه أن ينزل عن الرهن الذى يكفل له هذا الإيراد المرتب ( أوبرى ورو وبارتان 11 فقرة 692 ص 197 ) .&%$ ) . وإذا أخذ دائن للمتصرف له عليها حق اختصاص أو ترتب له حق امتياز ، فلا يجوز لهذا الدائن أن يحجز على العين فى أثناء المدة التى يبقى فيها الشرط المانع قائماً ، لأن العين تصبح غير قابلة للحجز عليها ما دامت غير قابلة للتصرف فيها كما سنرى .

ولكن يجوز لمتصرف له أن يوصى بالعين ، فإن الإيصاء ولو أنه تصرف إنما هو تصرف لما بعد الموت ، المقصود عدم التصرف فى حال الحياة ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 41 ص 89 - حسن كيرة فقرة 91 ص 294 - وقد كان المشروع التمهيدى للمادة 823 مدنى ينص صراحة على الشرط الذى " يقضى بمنع التصرف فى مال أو بمنع الإيصاء به " ، فحذفت عبارة " أو بمنع الإيصاء به " فى لجنة المراجعة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 74 - وانظر آنفاً فقرة 308 فى الهامش ) .

ولا يجوز الشرط المانع دون نزع ملكية العين للمنفعة العامة ( بيدان فقرة 274 - حسن كيرة فقرة 91 ص 294 ) ، ولا دون أعمال الإدارة ، ولا دون أعمال التصرف الكاشفة كالقسمة والصلح ( إسماعيل غانم فقرة 41 ص 89 ) ، ولا يمنع بداهة من انتقال العين بالميراث .&%$ ) . وذلك ما لم يكن الغرض الذى يراد تحقيقه من شرط المنع يقتضى منع الوصية ، كما إذا قصد المتصرف من الشرط المانع أن تؤول العين بعد موت المتصرف له إلى ورثة هذا الأخير ( $%&[1] ) منصور مصطفى منصور فقرة 46 ص 105 - ص 106 .&%$ ) .

وقد يكون الشرط المانع مقصوراً على وجوب استبدال عين أخرى بالعين المتصرف فيهان ففى هذه الحالة يجوز التصرف فى العين ، ولكن يلتزم المتصرف $ 519 $ له بأن يشتري بثمنها عينا أخرى ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 321 .&%$ ) . كما قد يكون الشرط المانع مقصوراً على وجوب عرض العين ، عند الرغبة في التصرف فيها ، على شخص معين بالأفضلية على غيره ، فيجب قبل التصرف في العين لشخص آخر أن تعرض العين على هذا الشخص المعين حتى إذا رغب في شرائها كانت له الأفضلية على غيره ، وقد تقدم بيان ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 323 .&%$ ) .

وحتى يكون الشرط المانع في العقار نافذاً في حق الغير ، أي في حق شخص تصرف له من تتلقي العين مثقلة بهذا الشرط ، يجب تسجيل الشرط المانع . ويقع عادة هذا التسجيل ضمن تسجيل التصرف الأصلي الذي نقل العين مثقلة بالشرط ، فيذكر في تسجيل التصرف الأصلي ما ورد في التصرف من نصوص متعلقة بالشرط المانع . ومن ثم يكون الشرط المانع حجة على الغير ، فإذا وقع تصرف للغير مخالف للشرط . كان التصرف باطلا كما سنرى وأمكن الاحتجاج على الغير بالبطلان .

ومتى كانت العين غير قابلة للتصرف فيها ( inalienable ) بحكم الشرط المانع ، أصبحت أيضاً غير قابله للحجز عليها ( inalienable ) ، فإن المنع من التصرف يقتضي المنع من الحجز . ولو أن الحجز كان جائزاً لأمكن التحايل على شرط المنع من التصرف ، بأن يقترض المالك مالا ويدع الدائن يحجز على العين ويقتضي حقه منها ، فيكون المالك قد تصرف في العين على هذا النحو بطريق غير مباشر ( $%&[1] ) نقض فرنسي 11 يونية سنة 1913 داللوز 1914 – 1 – 242 – 20 فبراير سنة 1939 D . C 1941 – 22 – أوبري ورو وبارتان 11 فقرة 692 ص 198 – بلانيول وريبير وبيكار 30 فقرة 230 .

هذا ويلا حظ أن اشتراط عدم وجود جواز الحجز بطريق أصلي يختلف عن عدم جواز الحجز المترتب على عدم جواز التصرف . ففي عدم جواز الحجز بطريق أصلي تنص المادة 487 مرافعات على أن " المبالغ والأشياء الموهوبة أو الموصي بها مع اشتراط عدم جواز الحجز عليها لا يجوز حجزها من دائني الموهوب له أو الموصي لبها مع اشتراط عدم جواز الحجز عليها لا يجوز حجزها من دائني الموهوب له أو الموصي له الذين نشأ دينهم قبل الهبة أو الوصية إلا لدين نفقة نقدي وبالنسبة المبينة في المادة السابقة ( الربع ) " . وخذ من ذلك أن عدم جواز الحجز لا يكون نافذاً إلا في حق الدائنين السابقين على الهبة أو الوصية ، لأن هؤلاء الدائنين لم يعتمدوا وقت أن نشأت حقوقهم على العين الموهوبة أو الموصي بها ، وقد دخلت هذه العين في ذمة المدين غير قابلة للحجز عليها . أما إذا كان عدم جواز الحجز مترتبا على عدم جواز التصرف ، فإنه يكون نافذاً في حق جميع الدائنين ، سواء كانوا سابقين على الهبة أو الوصية أو كانوا لا حقين لها ( نقض فرنسي 10 مارس سنة 1852 داللوز 52 – 1 112 27 يوليه سنة 1863 داللوز 64 – 1 494 – 20 ديسمبر سنة 1864 سيريه 65 – ا – 23 مارس سنة 1898 داللوز 98 - 1 – 414 – بلانيول ورييير وييكار 3 فقرى 230 ) . بل إن الدائنين اللاحقين للهبة أو الوصية ، إذا كانت حقوقهم قد نشأت في أثناء المدة المعقولة المحددة للشرط المانع ، لا يجوز لهم الحجز على العين حتى بعد انقضاء هذه المدة نقض فرنسي 11 يونيه سنة 1913 داللوز 1914 – 1 – 242 – 20 فبراير سنة 1939 D . C . 1914 – 22 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 230 – بلانيول وريير وبولانجيه 1 فقرة 2877 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرى 1031 ص 831 ) .&%$ ) .

 $ 520 $

ولكن العين غير القابلة للتصرف فيها تكون مع ذلك قابلة للتملك بالتقادم . فإذا كانت عقاراً ، كما هو الغالب ، كانت قابلة للتملك بالتقادم الطويل دون التقادم الحسمي يقتضي وجود السبب الصحيح وهو التصرف الناقل للملكية ، ومثل هذا التصرف في العين غير قابلة للتصرف فيها يكون باطلا كما سنرى ، فلا يصلح أن يكون سببا صحيحاً . وإذا كانت الغين منقولا ، وهذا نادر فإنها تقبل التملك بالتقادم الطويل ، ولكنها لا تقبل التملك بالحيازة لأن قاعدة الحيازة في المنقول تقضي السبب الصحيح أن تصرفا ناقلا لملكية المنقول ، ومثل هذا التصرف في المنقول غير القابل للتصرف فيه يكون باطلا ، فاليصلح أن يكون سببا صحيحا ( $%&[1] ) أنظر في هذا المعنى محمد على عرفه فقرة 280 ص 266 .&%$ ) . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " والمال الذي منع التصرف فيه قابل مع ذلك أن يتم تملكه بالتقادم " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 77 .&%$ ) .

321 – حكم التصرف المخالف للشرط المانع – القضاء الفرنسي : ذهب بعض الفقهاء في فرنسا إلى أن الشرط المانع الذي يتضمنه التصرف يكون الجزاء على مخالفته فسخ هذا التصرف تطبيقا للقواعد العامة في الفسخ . فقد تعهد المتصرف له بألا يتصرف في العين ، فترتب في ذمته التزام بالامتناع عن عمل ، وقد أخل بهذا الالتزام ، فيكون جزاء هذا الإخلال هو فسخ التصرف $ 521 $ الأصلي . ومن ثم تعود العين إلى ملك المتصرف ، ويسقط تبعا لذلك التصرف المخالف للشرط المانع والصادر من المتصرف إليه ( $%&[1] ) سافاتيية ا فقر 652 .&%$ ) .

ولكمن القضاء الفرنسي لم يقف عند تطبيق القواعد العامة في هذه المسألة ، فقد أجاز أن يطلب المتصرف ( أو ذو المصلحة المشروعة ) ، لا فسخ التصرف الصادر منه ، بل إبقاءه والاقتصار على إبطال التصرف الذي صدر مخالفا للشرط المانع ( $%&[1] ) نقض فرنسي 9 مارس سنة 1868 سيريه 86 – 1 – 204 – باريس 14 يونيه سنة 1883 سيريه 84 – 2 - 171 – 9 مارس سنة 1903 سيريه 1904 – 2 - 204 – تولوز 16 يناير سنة 1907 سيريه 1908 – 2 – 133 . &%$ ) . فيجوز إبطال كل تصرف مخالف للشرط المانع ( $%&[1] ) نقض فرنسي 11 يوليه سنة 1877 سيريه 77 – 1 – 443 – 20 مارس سنة 1907 سيريه 1911 – 1 – 150 .&%$ ) ، وكذلك إبطال كل رهن يصدر من المتصرف له إذ يكون هذا الرهن مخالفا للشرط المانع ( $%&[1] ) نقض فرنسي 16 يناير سنة 1923 داللوز 1923 – 1 – 177 – باريس ) مارس سنة 1903 سيريه 1904 – 2 – 204 – روان 5 أبريل سنة 1905 سيريه 1906 – 2 – 226 .&%$ ) ، وكذلك إبطال كل نزول من جانب المتصرف له عن الرهن الذي يكفل ما تلقاه بالهبة أو الوصية من إيراد مرتب ( $%&[1] ) يموج 23 فبراير سنة 1906 سيريه 1906 – 2 282 .&%$ ) . بل إن الإبطال يتناول ما ترتب على العين من رهن قانوني أو رهن قضائي ( $%&[1] ) دويه 2 يونيه سنة 1892 تحت حكم محكمة النقض الصادر في 24 أبريل سنة 1894 سيريه 95 – 1 – 267 .&%$ ) . ولا يكون المتصرف له الذي صجر منه التصرف المخالف للشرط المانع مسئولا عن هذا التصرف الأخير ، ومن ثم لا يجب عليه الضمان ( $%&[1] ) باريس 14 يونيه سنة 1883 سيريه 84 – 2 – 171 .&%$ ) .

والذي يطلب الإبطال هو من تقرر الشرط المانع لمصلحته . فإذا كان الشرط المانع قد تقرر لمصلحة الواهب ، فالواهب وحده دون الموهوب له هو الذي يطلب الإبطال ( $%&[1] ) نقض فرنسي 27 نوفمبر سنة 1893 داللوز 94 – 1 – 566 .&%$ ) . أما إذا كان الشرط المانع قد تقرر لمصلحة $ 522 $ الموهوب له أو لمصلحة أجنبي ، فإن الموهوب له أو الأجنبي ، دون الواهب ، هو الذي يطلب الإبطال ( $%&[1] ) نقض فرنسي 25 يونيه سنة 1920 داللوز 1904 – 1 – 356 – 22 مارس سنة 1903 داللوز 1903 – 1 – 337 – 16 يناير سنة 1923 داللوز 1923 – 1 – 177 – بيزانسون 14 مايو سنة 1807 داللوز 73 – 2 – 110 – باريس 14 يونيه سنة 1883 سيريه 84 – 2 – 181 .&%$ ) .

وينفذ الإبطال في حق من تلقي النصر المخالف للشرط المانع ، حتى لو كان هذا حسن النية لا يعلم بهذا الشرط ( $%&[1] ) باريس 25 مايو سنة 1902 جازيت دي تريبنينو 14 سبتمبر سنة 1902 .&%$ ) . وقد قدمن أنه يجب تسجيل الشرط المانع ، فمتى سجل كان نافداً في حق من تلقى التصرف .

322 – الاعتراضات الموجهة للقضاء الفرنسي في هذا الصدد : لو أن القضاء الفرنسي اقتصر على تطبيق القواعد العامة ، ما دام لا يوجد نص خاص ، لوجب أن يقضي بفسخ التصرف الأصلي الذي تضمن الشرط المانع على أساس أن المتصرف له يقيم بالتزامه من الامتناع عن التصرف في العين . ولكن هذا الجزاء يجاوز في كثير من الأحيان الغرض الذي قصد إليه المتصرف من الشرط المانع ، فهو لم يرد إذا خولف هذا الشرط أن يحرم المتصرف له من العين ، بل كل ما أراج هو أن تبقي العين له دون أن يتصرف فيها لأحد لذلك ترك القضاء الفرنسي التصرف الأصلي قائما ، واقتصر على إبطال التصرف الذي صدر مخالفا للشرط المانع . فعلى أي أساس يقوم هذا القضاء ؟

قيل إن الشرط المانع يرتب التزام ا في ذمة المتصرف له بالامتناع عن عمل ، أي بالامتناع عن التصرف في العين ؛ فإذا أخل الملتزم بهذا الالتزام وتصرف في العين ، جاز أن يكون الجزاء على الإخلال بالالتزام هو التعويض العيني ، أي إبطال التصرف الذي صدر مخالفا للشرط المانع . وهذا ماتقضي به المادة 1143 مدني فرنسي ، فهي تقرر أن الدائن في الالتزام بالامتناع عن عمل من حقه أن يطلب إزالة ما تم مخالفا لهذا الالتزام ( a la droit de demander que ce qui aurait ete fait par contravention a l'engagement soit detruit ) ( $%&[1] ) كولان وكاييتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1031 ص 803 – وانظر أيضاً في هذا المعنى شفيق شحاتة فقرة 103 ص 129 – عبد المنعم البدراوي فقرة 77 ص 99 .&%$ ) . ولكن هذا القول مردود بأن المقصود بعبارة " الإزالة " $ 523 $ ( soit detruit ) الواردة في آخر المادة 1143 مدني فرنسي هو الهدم المادي ، لا إبطال التصرف المخالف للالتزام بالامتناع ( $%&[1] ) أنظر في هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 228 ص 237 هامش 2 . &%$ ) .

وقيل إن الشرط المانع إنما يجعل المتصرف له ناقص الأهلية ، فلا يملك التصرف في العين تصرفا صحيحا ، بل يكون نصر فه فيها قابلا للإبطال ( $%&[1] ) أنظر في هذا المعنى جوسران 1 فقرة 1850 . &%$ ) . وهذا القول مردود أيضاً بأن نقص الأهلية إنما يحدده القانون ، ولا يجوز للشخص بإرادته أن يجعل نفسه ناقص الأهلية ( $%&[1] ) مارتي ورينو فقرة 56 ص 70 . &%$ ) . ولو سلمنا جدلا بأن المتصرف له يصبح بالشرط المانع ناقص الأهلية ، لكان هو وحده الذي يطلب إبطال التصرف الصادر منه مخالفا للشرط المانع ، ولما جاز أن يطلبه المتصرف أو الغير ، وقد رأينا أن القضاء الفرنسي يسلم بأن لأي من هذين طلب الإبطال متى كان الشرط المانع قد تقرر لمصلحته .

وقيل إن الشرط المانع إنما يقع على العين ذاتها فيجعلها غير قابلة للتصرف فيها ، في حدود المصلحة التي تقرر الشرط المانع لحمايتها ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 228 – مارتي ورينو فقرة 56 ص 70 . &%$ ) . ويرد على هذا القول بما يأتي : ( 1 ) إن القول بأن الشرط المانع يجعل العين غير قابلة للتصرف فيها لا يتفق مع القول بأن التصرف المخالف للشرط المانع إنما يكون قابلا للإبطال . فمتى كانت العين غير قابلة للتصرف فيها ، ترتب على ذلك في منطق القانون أن يكون كل تصرف فيها باطلا ، لا قابلا للإبطال . ( 2 ) وحتى مع التسليم جدلا بالقابلية للإبطال ( أي بالبطلان النسبي ) ، فإن أسباب القابلية للإبطال طبقا للقواعد العامة محددة على سبيل الحصر ، فهي ترجع إما لنقص في الأهلية أو لعيب في الرضاء ، فلا يستطيع إذن الطرفان باتفاق بينهما ، ودون نص خاص في القانون يجيز لهم ذلك ، أن يخلقا سببا آخر للقابلية للإبطال ( 3 ) ثم إن القول بالقابلية لإبطال لا يسيغ إلا للمتصرف له ، وهو من تقررت القابلية لإبطال لمصلحته ، أن يطلب الإبطال . وهذا يجعل الشرط المانع ليست له قيمة عملية ، فإن المتصرف له لن يطلب إبطال تصرف صادر منه هو ، فيعرض نفسه للرجوع عليه بالضمان ورد الثمن الذي قبضه وهو $ 524 $ حريص على أن يستبقى الثمن ( $%&[1] ) كولان وكايتان ودي 1 فقرى 1031 ص 831 .&%$ ) . ( 4 ) وإذا أراد القضاء الفرنسي أن يتحول من البطلان النسبي إلى البطلان المطلق ، فإنه يصادف نفس العقبة إذا أن البطلان المطلق يفترض أن العين غير قابلة للتصرف فيها كما قدمنا ، وعدم قابلية العين للتصرف فيها أمر لا يصح أن تنشئة إرادة الطرفين ، بل لا بد فيه من نص تشريعي ، وهذا النص التشريعي ، وهذا النص التشريعي غير موجود في القانون الفرنسي ( $%&[1] ) أوبري ورو وبارتان 11 فقرة 692 هامش 37 سابعاً . &%$ ) . والواقع أن القضاء الفرنسي قضاء لا يخلو من التناقض ، فهو يقيم دون نص الأساس للمبطلان المطلق ، ثم يستخلص منه ، دون نص كذلك ، البطلان النسبي . هذا من الناحية النظرية . ومن الناحية العلمية ، هو قضاء لا يفي بالحاجات العملية ، فهو لا يسمح للمتصرف أن يطلب إبطال التصرف الصادر من المتصرف له مخالفا للشرط المانع ، والمتصرف له لن يطلب إبطال التصرف الصادر منه كما قدمنا ، وبذلك يتجرد الشرط المانع من كل قيمة عملية .

ويتبين من كل ذلك أن المسألة في حاجة إلى نص تشريعي يضع الأمور في نصبها ، وهذا النص التشريعي قد وجد في التقنين المدين المصري .

323 – البطلان في التقنين المصري بطلاق مطلق ـ نص تشريعي : لم يشأ التقنين المدني المصري أن يسكت تحديد مصير التصرف الذي يقع مخالفا للشرط المانع ، ، فنصت المادة 824 مدني على ما يأتي :

 " إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحا طبقا لحكام المادة السابقة ، فكل تصرف مخالف له يقع باطلا " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1192 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 895 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه لمس النواب تحت رقم 894 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 824 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 75 – ص 77 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن بعض أحكام القضاء المصري ، فيعهد التقنين المدني السابق ، فكانت تقضي بالبطلان المطلق على الوجه النصوص عله في المادة 824 من التقنين المدني الجديد : استئناف مصر 13 أبريل سنة 1920 المحاماة 2 رقم 64 ص 210 – 20 يناير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 109 ص 162 – طنطا 6 يناير سنة 1926 المحاماة 6 رقم 539 ص 864 .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى

التقنين المدني السوري م 779 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 833 ( مطابق ) . التقنين المدني العراقي لا مقابر .

قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .&%$ ) .

 $ 525 $ ويحسن ، قبل تناول النص ، أن نبين أولا التكييف القانوني للشرط المانع . فهل هذا الشرط يقتصر على ترتيب التزام شخص في ذمة المتصرف له يمنعه من التصرف في العين ، أو هو شرط يجعل العين ذاتها غير قابلة للتصرف فيها ( $%&[1] ) أنظر مناقشة هذه المسألة في بلانيول ورييروبولانجيه 1 فقرة 2876 .&%$ ) ؟ اختار التقنين المدني المصري التكييف الثاني ، فجعل العين ذاتها غير قابلة للتصرف فيها . ويترتب على ذلك بطلان ، أي تصف يقع مخالفا للشرط المانع بطلانا مطلقا ، وهذه نتيجة منطقية ، بل هي نتيجة بديهة ، لجعل العين غير قابلة للتصرف فيها . ولما كان ذلك يحاج إلى نص تشريعي ، فقد أورد التقنين المدني هذا النص في المادة 824 مدني سالفة الذكر ، حيث صرح كما رأينا بأن كل تصرف مخالف للشرط المنع " يقع باطلا " . ولا شك في أن التصرف الباطل ، في لغة التقنين المدني المصري ، هو التصرف الباطل بطلانا مطلقا ولا شيء غير ذلك . أما إذا كان التقنين يريد البطلان النسبي ، فإنه يستعمل دائما لأداء هذا المعنى عبارة " قابل للإبطال .

فالتصرف المخالف للشرط المانع هو إذن ، في التقنين المدني المصري ، تصرف باطل بطلانا مطلقا بصريح النص . وهذا الحكم فيه مزيتان يتفوق بهما على القضاء الفرنسي :

( الميزة الأولى ) أنه يتفق مع جعل العين ذاتها غير قابلة للتصرف فيها ، فجزاء التصرف في عين غير قابلة للتصرف فيها هو البطلان المطلق لا البطلان النسبي . أما لو جعل الشرط المانع يقتصر على ترتيب التزام شخص في ذم المتصرف له بالامتناع علن التصرف ، لكان جزاء التصرف المخالف ليس هو $ 526 $ البطلان المطلق ، ولا هو البطلان النسبي ، بل هو فسخ التصرف الأصلي ولم يرد التقنين المدني المصري أن يجاوز ما قصد إليه المتصرف من إيراده للشرط المانع ، فهو لم يقصد عند مخالفة الشرط فسخ التصرف الأصلي ، بل إبقاء هذا التصرف قائما مع إلغاء ما صدر من المتصرف له من تصرف مخالف للشرط المانع ، وقد سبقت الإشارة على ذلك .

( المزية الثانية ) عالج التقنين المدني المصري بالحك الذي أورده – البطلان المطلق – عيبا وقع فيه القضاء الفرنسي عندما اتجه إلى البطلان النسبي . فالبطلان المطلق يسمح للمتصرف ، ولكل ذي شأن ، أن يطلب بطلان التصرف المخالف للشرط ، حتى لو كان الشرط قد تقرر لمصلحة المتصرف له وحده ( $%&[1] ) وحتى لو كان من تعامل مع المتصرف له في التصرف الخالف للشرط المانع حسن النية ، أي لا يعلم بالشرط المانع ، متى كان هذا الشرك قد تضمنه تسجيل التصرف الأصلي . وبهذا يقول القضاء والفقه في فرنسا ( باريس 25 ماير سنة جازيت دي تريبينو 14 سبتمبر سنة 1901 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1013 ص 830 – وانظر بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2875 – مارتي تووينو فقرة 56 ص 70 – ص 71 ) .&%$ ) . فأصبح للشرط المانع بذلك قيمة عملية تؤدي إلى إسقاط كل تصرف يصدر مخالفا لهذا الشرط ، سواء تقرر الشرط لمصلحة المتصرف أو لمصلحة المتصرف له أو لمصلحة الغير . فالبطلان المطلق يستطع أن يتمسك به كل ذي مصلحة ، بل ويتمسك به من تلقي النصر المخالف للشرط وهو الذي تعاقد مع المتصرف له . فمتى صدر من المتصرف له تصرف مخالف للشرط المانع إلى شخص معين .كان لكل من طرفي التصرف المخالف للشرط التمسك بالبطلان . وكان كذلك للمتصرف وله دائما مصلحة أدبية في عدم مخالفة الشرط المانع الذي فرضه ، وللغير إذا تقرر الشرط المانع لصلحته ، التمسك بالبطلان .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وإذا توافر الشرطان اللذان تقدم ذكرهما ، فالشرط المانع من التصرف صحيح . فإن خولف ، كان التصرف المخالف باطلا بطلانا مطلقا لعدم قابلية المال للتصرف . وقد حسم المشروع بهذا الحكم خلافا قام حول هذه المسألة ، إذ كان القضاء مترددا بين بطلان التصرف المخالف أو فسخ التصرف الأصلي . $ 527 $

والذي يطلب بطلان التصرف المخالف هو المتصرف ، إذ له دائما مصلحة في ذلك . ويطلبه كذلك المتصرف له أو الغير ، إذا كان الشرط المانع أريد به أن يحمي مصلحة لأحد منهما ( $%&[1] ) يلاحظ أنه فيما يتعلق بالمتصرف له يجوز له دائما طلب بطلان التصرف المخالف للشرط المانع ، حتى لو كان هذا الشرط هذا تقرر لمصلحة المتصرف أو لمصلحة الغير دون مصلحته هو ، لأنه أحد طرفي التصرف الباطل ، فالمتصرف له ، كالمتصرف ، يجوز له دائما طلب البطلان . وهذا بخلاف الغير ، فلا يجوز له طلب البطلان إلا إذا كان الشرط المانع قد تقرر لمصلحته ، وذلك حتى تكون له مصلحة تسوغ له وهو من الغير طلب بطلان التصرف . وعلى هذا الوجه يجب أن تفهم المذكرة الإيضاحية .

والمشتري من المتصرف له هو الطرف الآخر في التصرف الباطل ، ومن حقه كما قدمنا أن يطلب هو أيضاً البطلان . وليس هذا غريبا في منطق البطلان المطلق ، وهو بعد لا يخلو من فائدة للمشتري يستطيع أن يبادر إلى طلب البطلان ، فلا يطالب بالثمن إذا كان لم يدفعه ، أو يسترده إذا قد دفعه . قارن شفيق شحاتة فقره 102 .&%$ ) . وهذه هي القاعدة التي سبق تقريرها في الاشتراط لمصلحة الغير " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 77 – وقد تضاربت الآراء في الفقه المصري في هذه المسألة :

فقد ذهب الأستاذ شفيق شحاتة إلى أن " الاتفاق على المنع من التصرف يتولد عنه فقط التزام بالامتناع عن عمل هو التصرف ... فإذا تصرف الملتزم بعدم التصرف فإنه يكون قد أخل بالتزامه . ولذلك فإنا نرى أن المتصرف يستطيع أن يطلب إبطال التصرف كطريق من طرق التنفيذ العيني " . ( شفيق شحاتة فقرة 103 ص 128 – ص 129 – وانظر أيضاً في هذا المعنى عبد المنعم البدراوي فقرة 77 ص 99 ) .

ويقول الأستاذ إسماعيل غانم : " وتشور الصعوبة بصدد تحديد أحكام هذا البطلان . فقد جاء في المذكرة الإيضاحية أنه إذا خولف الشرط ، كان التصرف باطلا بطلانا مطلقا لعدم قابلية المال للتصرف . ولكن مقتضى البطلان المطلق أن يكون لكل ذي مصلحة التمسك به ، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ، ولا يزول بالأجازة ( م 141 ) . وتلك نتائج لا تستقيم مع الغرض المقصود من الشرك المانع ، وهو حماية مصلحة خاصة لشخص معين . فيجب على الأقل حيث يكون الشرط المانع مقررا لمصلحة شخص آخر غير المالك ( المشترط أو الغير ) – أن يكون هو صاحب الشأن الأول في الانتفاع بتلك الحماية ، فيجب أن يتوقف الحكم بالبطلان على مطالبته به ، ويكون له أن يتنازل ، حقه في الإبطال بإجازة التصرف المخالف . ولكن ليس معنى ذلك أن أحكام البطلان النسبي منطبقة انطباقا تاما . فالبطلان النسبي طبقا للقواعد العامة إنما يقرر لمصلحة أحد المتعاقدين ، في حين أن الشرط المانع قد يكون مقررا لحماية المشترط أو الغير وهو ليس طرفا في التصرف المخالف . وإذا كان الشرط المانع مقررا لحماية المشترط أو الغير وهو ليس طرفا في التصرف المخالف . وإذا كان الشرط المانع مقررا لحماية المالك نفسه من رعونته أو تبذيره ، فإن تطبيق أحكام البطلان النسبي تطبيقا كاملا يقتضي قصر طلب بطلان التصرف المخالف على المالك وتخويله حق الإجازة ، وذلك كفيل بتجريد الشرط من قيمته العملية . ولذلك يتعين في هذه الحالة تخويل المشترط حق طلب الإبطال بناء على ما له من مصلحة أدبية ، وبالتالي فلا تكفي إجازة المالك لكي يصبح التصرف المخالف في مأمن من الإبطال بل يجب أن تنقسم إلى إجازة المالك لكي يصبح التصرف المخالف في مأمن من الإبطال بل يجب أن تنقسم إلى إجازة المشترط " ( إسماعيل غانم فقرة 41 ص 90 ) – وانظر أيضاً قريبا من هذا المعنى : حسن كيرة فقرة 91 ص 301 و ص 304 – ص 305 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 113 ص 173 – ص 174 – منصور مصطفى منصور فقرى 49 ص 116 .

ويقول الأستاذ محمد على عرفة : " الواقع أن اشتراط المنع من المتصرف في ذاته لم يجر على حكم القواعد العامة ، فلا محل إذن لمحاولة إسناد الجزاء المترتب على مخالفته إلى أساس من المبادئ المقررة في القانون . وكل ما يمكن قوله في هذا الصدد هو أن القضاء قد أباح للأفراد الخروج على النظام القانوني للملكية ، فأباح اشتراط المنع من التصرف في الأموال ، وذلك من شأنه أن تصبح هذه الأموال مثقلة بتكليف عيني ( charge reelle ) ، فتخرج عن دائرة التعامل ، وهو ما يؤدي إلى بطلان كل تصرف فيها على خلاف مقتضى هذا التكليف " ( محمد على عرفة فقرة 281 ص 369 ) . ثم يقول في موضع آخر : " قرر المشرع في المادة 824 ... قد جاء بالمذكرة الإيضاحية ... والواقع أن المشرع لم يحسم بهذا الحكم ذلك الخلاف فحسب ، فقد انقضى ذلك الخلاف بما استقر عليه القضاء الفرنسي من تقرير بطلان التصرف المخالف ، ولكنه رد البطلان إلى أساسه القانوني السليم أيضاً ، بأن قرار بطلانا مطلقا ، لا نسبيا كما ذهب إليه القضاء الفرنسي " ( محمد على عرفة فقرة 282 ص 370 ) . ونحن نؤيد الأستاذ محمد علي عرفة فيما ذهب إليه تأييدا تاما ، ولا نتوقف إلا في شيء واحد هو قوله " فتخرج عن دائرة التعامل " . ففي رأينا أن المال الممنوع التصرف فيه لا يخرج عن دائرة التعامل ، إلا إذا أريد بالتعامل التصرف ، فهو مال خرج عن دائرة التصرف دون أن يخرج عن دائرة التعامل ، إذ هو لا يزال قابلا للتعامل فيه فيما لا يتعارض مع الغرض زمن الشرط المانع ، فيجوز إيجاره وتوارثه وتملكه بالتقادم ونزع ملكيته للمنفعة العامة وما إلى ذلك ( أنظر في هذا المعنى منصور مصطفى منصور فقرة 47 ص 111 – ص 112 ) .

أنظر أيضاً في معنى البطلان المطلق : محمد كامل مرسي 1 فقرة 414 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 811 ص 164 – ص 167 – جميل الشرقاوى في رسالته في البطلان فقرى 40 ص 133 - ص 144 .&%$ ) .

 $ 528 $

المبحث الثاني

خصائص حق الملكية

324 – خصائص ثلاث لحق الملكية : يقال عادة إن حق الملكية له خصائص ثلاث : ( 1 ) فهو حق جامع ( total ) . ( 2 ) وهو حق مانع $ 529 $ ( exclusof ) . ( 3 ) وهو حق دائم ( perpetual ) . وكان يقال قديما إن الملكية حق مطلق ( absolu ) ، وقد رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرة 297 .&%$ ) . أن الملكية على العكس من ذلك حق مقيد ، إذ يجب على المالك أن يلتزم حدود القانون ، وأن يقوم بما للملكية من وظيفة اجتماعية .

ونعالج الخاصيتين الوليين – الملكية حق جامع مانع – في مطلب ، وتفرد للخاصية الثالثة – الملكية حق دائم – مطلباً ثانياً لأهميتها .

المطلب الأول

الملكية حق جامع مانع

325 – الملكية حق جامع : قدمنا أن الملكية حق يشمل على أوسع السلطات التي يمكن أن يكون للشخص على الشيء ، فهي تخول المالك الانتفاع بالشيء ( ( jus utendi ، واستغلاله ( jus fruendi ) ، والتصرف فيه ( ( jus abutendi . وليس لصاحب أي حق عيني آخر على الشيء كل هذه السلطات جميعا ، بل لا يكون له إلى بعضها . ثم إن للمالك أن يصنع بملكه يشاء ، إلا ما منع منه القانون . فالأصل في الملكية الإباحة ، والتحريم هو الاستثناء . ولا بد في الاستثناء من نص . وهذا النص لا يجوز التوسع تفسيره ( $%&[1] ) أنسيكلوبيد 5 داللوز 4 لفظ proriete فقرة 36 .&%$ ) .. ومن ثم كانت الملكية حقا جامعا ( ( plena re potestes .

ويترتب على أن الملكية حق جامع أمران :

( الأمر الأول ) أن الأصل في حق المالك أن بطون جامعا لكل السلطات ، ولا يكلف المالك إلا بإثبات ملكه طبقا للطرق المقررة قانونا . ومن يدعى أن له حقا في ملك الغير ، كحق انتفاع أو حق ارتفاق أو حق رهن ، أو يدعى أن هناك قيدا تقرر لمصلحته على ملك الغير كقيام شرط مانع من التصرف ، فعليه هو ، لا على المالك ، يقع عبء الإثبات . ذلك أن المفروض هو أن المالك يجمع كل السلطات ، فما لم يثبت أحد أن القانون أو الاتفاق خول له بعضها بقينا على حكم الأصل ، واعتبرتا الملكية جامعة أي خالية من أي قيد ( $%&[1] ) أوبرى ورو وبارتان 2 فقرى 190 ص 248 – بودري وشوفو فقرة 202 .&%$ ) .

 $ 530 $

( والأمر الثاني ) أن أي حق يتفرع عن الملكية يكون عادة موقتا . فحق الانتفاع وما يلحقه من حق الاستعمال وحق السكني هي بالضرورة حقوق موقتة ، ولا يجوز أن تجاوز مدتها حياة أصحابها . وحقوق الارتفاق يمكن أن تكون حقوقا موقتة ، وإذا لم تحدد لها مده فإن هناك أسبابا معينة ذكرها القانون لا نقضائها سيأتي بيانها عند الكلام في حقوق الارتفاق ( أنظر المواد 1023 – 1092 مدني ) . وحقوق الرهن والاختصاص والامتياز تزول حتما بانقضاء الحقوق الشخصية التي تكفلها . ومتى تقرر أن الحقوق المتفرعة عن الملكية هي حقوق موقتة على النحو الذي رأيناه ، فإن أي حق منها متى استوفي مدته ، ارتدحتما وبحكم القانون إلى الملكية ، فيعود لحق الملكية ما كان قد انتقص منه بسب قيام الحق المتفرع عنه . ذلك أن الملكية حق جامع شامل كما قدمنا ، فإليه يعود جميع ما تفرع عنه من حقوق بعد أن تستنفد هذه الحقوق مدة بقائها . فإذا استنفد حق الانتفاع مثلا مدة بقائه ، ارتد إلى الرقبة ، وعادت الملكية كاملة وكانت قبل ذلك ناقصة بقيام حق الانتفاع منفصلا عنها .

326 – الملكية حق مانع : ومعنى أن الملكية حق مانع هو أنها حق مقصور على المالك دون غيره ، فلا يجوز لحد أن يشاركه في ملكه ، أو أن يتدخل في شؤون ملكيته . وقد رأينا أن المشروع التمهيدي للمادة 802 مدني كان يجري على الوجه الآتي : " لمالك الشيء ، ما دام ملتزما حدود القانون أن يستعمله ، وأن ينتفع به ، وأن يتصرف فيه ، دون أي تدخل من جانب الغير ... " . وقد عدل النص في لجنة المراجعة ، فأصبح يجري على الوجه الآتي : " لمالك الشيء وحده ... " ( $%&[1] ) آنفا فقرى 297 في الهامش .&%$ ) . فحل لفظ " وحده " محل عبارة " دون أي تدخل من الغير " ، دون تغيير في المعنى . وتأكيدا لمعنى أن الملكية حق مانع لا يجوز معه أن يتدخل الغير في انتفاع المالك بملكه ، حذفت لجنه مجلس الشيوخ من مشروع التقنين المدني عندما كانت تنظره نصا ( م 1170 من المشروع التمهيدي ) نصا يجري على الوجه الآتي : " إذا تدخل الغير في انتفاع $ 531 $ المالك بملكه ، وكان هذا التدخل ضروريا لتوقي خطر داهم هو أشد كثيراً من الضرر الذي يصيب المالك من التدخل ، فليس للمالك أن يمنع ذلك ،وإنما له أن يحصل على تعويض عما أصابه من الضرر " ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع لتمهيدي في هذا الصدد : " ( 1 ) يضع هذا النص مبدأ عاما يقيد من حق الملكية تقييداُ أساسيا ، سترد له تطبيقات كثيرة فيما بعد . والمبدأ مقتبس من التقنين الألماني ، وفيه وزن صحيح لجميع المصالح المشروعة . فإن الغير قد يجد نفسه مضطراً إلى التدخل في أنتفاع المالك بملكه ، حتى يتوقى ضرراً هو أشد بكثير من الضرر الذي يصيب المالك من هذا التدخل . لذلك وجب اختيار أهون الضررين ، فيتحمل المالك الضرر الأخف حتى يدرأ عن الغير الضرر الأشد . ولا يترك المالك بعد ذلك دون تعويض ، بل يعوض تعويضاً عالا عما أصابه من الضرر وما حققوق الشرب والمجرى والمسيل والمرور إلا تطبيقات لهذا المبدأ . ( 2 ) ويلاحظ أن التقنين الألماني عبر عن هذا المعنى بنص ذكر فيه أنه لا يجوز للمالك أن يمنع الغير من استعمال ملكه ، أما المشروع فقد استعمل تعبيراً أوسع فذكر " تدخل الغير في انتفاع المالك بملكه " . والتعبير بالتدخل في انتفاع المالك ينطوي تحته الدفاع الشرعي عن النفس أو المالك ، كما تنطوي تحته حالة الضرورة ، وقد سبق ذكر هاتين الحالتين في العمل غير المشروع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 29 ) .&%$ ) . وقات اللجنة في تقريرها : اقترح حذف المادة ... ، لما قد تؤدي إليه من انتهاك حرمة ملك الغير ، وما قد تخلقه من مشاكل لا ضابط لها ولا تجمد عقباها . وقد رأت الجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، ولكن على أساس أن النتيجة العملية من النص تتحقق في الكثرة الغالبة من الأحوال دون حاجة إلى نص من ناحية ، وأن في فكرة التعسف في استعمال الحق ما قد يغني عن أحكام هذه المادة في كثير من الفروض التي تقصر فيها المروءة عن قضاء حق الضرورة " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 29 – ص 30 في الهامش – وقد قضى بأن لمالك البناء ، في سبيل إصلاحه وترميمه ، أن يستعين بملك الجار ، كأن يضع فيه سلما أو نحو ذلك مما يستعان به في ترميم البناء ما دام تعديه على ملك الجار خفيفا وموقوتا ، على أن يكون للجار الحق في الحصول على تعويض عما يكون قد أصابه من ضرر بسبب هذا التعدي ( استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1912 م 24 ص 299 ) . وقد نصت المادة 168 مدني على أن " من سبب ضررا الغير ليتفاده ضرا أكبر محدقا به أو بغيره ، فلا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسبا " . ولكن من جهة أخرى قضى بأن ترخيص مصلحة التنظيم بإحداث بناء لا يقلل من حق الجار الملاصق في المعارضة في أن يقام هذا البناء مستنداً على عقاره هو ، ولو لم يكن مهدداً لسلامة مبانيه ( استئناف مختلط 31 مارس سنة 1913 المحاماة 12 رقم 339 ص 669 ) .

وقد حذفت لجنة مجلس الشيوخ أيضاً نصا ( م 1179 من المشروع التمهيدي ) كان يجرى على الوجه الآتي : " على كل مالك أن يأذن ، في نظير تعويض عادل إذا اقتضى الحال ، لكل شخص ذي مصلحة بأن يدخل ملكه أو يمر فيه . كلما تبينت ضرورة ذلك الإجراء للقيام بأعمال ترميمه أو إنشائية لذلك الشخص ، ، أو لاستعادة أشياء ضائعة ، أو لتحقيق أية مصلحة مشروعة أخرى ، بشرط ألا يصيب المالك من وراء ذلك ضرر بليغ " . كما حذفت لجنة المراجعة نصا ( م 1180 من المشروع التمهيدي ) كان يجري على لوجه الآتي : " على مالك الأرض الواقعة على الطريق العام ، إذا أصح المرور في الطريق متعذراً ، أن يسمح بمرور الجمهور في أرضه ، بشرط أن يكون المرور بالقدر المعقول ، فإذا نشأ عن ذلك ضرر وجب على الجهة الإدارية القائمة على شؤون الطرق العامة أن تعوض المالك إذا أقتضى الحال ذلك " . انظر مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 48 – ص 50 – وسنعود إلى هذين لنصين عند الكلام في قيود الملكية ( أنظر ما يلي فقرى 565 في الهامش ) . &%$ ) .

 $ 532 $

وليس قصر الملكية على المالك خاصا بحق الملكية وحده ، بل إن كل حق آخر ، عينيا كان الحق أو شخصياً ، مقصور على صاحبه . ولكن القصر في حق الملكية أكثر بروزا من القصر في غيره من الحقوق ، لأن حق الملكية هو أوسع الحقوق نطاقا فقصره على صاحبه يكون أبلغ أثراً .

ويترتب على أن الملكية حق مانع أن الشيء الواحد لا يمكن أن يكون مملوكا لشخصين في وقت واحد . يجوز أن يكون الشيء الواحد مملوكا لشخصين على الشيوع ، ولكن كلا من الشخصين لا يملك الشيء كله ، بل لشخصين على الشيوع ، ولكن كلا من الشخصين لا يملك الشيء كله ، بل يملك جزء منه شائعا . ويجوز أن يملك البناء أشخاص متعددون ، ولكن كلا من هؤلاء الأشخاص يملك طبقة أو أكثر من طبقات هذا البناء ، دون أن يملك كل منهم البناء كله . ولو أمكن تصور أن يملك شخصان كل الشيء بحيث يملك كل منهما كل الشيء في وقت واحد ، على نحو ما نراه في الحق الشخصي عندما يكون له دائنان متضامنان فيملك كل منهما الحق كله بالنسبة إلى المدين ، لما كانت الملكية حق مانعا ، إذ هي لم تمنع أن يوجد إلى جانب مالك الشيء مالك آخر يملك في وقت واحد نفس الشيء وكل الشيء ( $%&[1] ) أنظر بودري وشوفر فقرى 201 .&%$ ) .

327 - ما يرد من القيود على أن الملكية حق جامع مانع : وإذا قلنا إن الملكية حق جامع مانع ، فإن هذا هو الأصل . ولكن يرد على هذا الأصل استثناءات كثيرة ، من شأنها أن تقيد من شمول حق الملكية ومن قصرها على المالك .

فهناك قيود قانونية كثيرة تحد من سلطات المالك على الشيء ، بل وتبيح $ 533 $ بدخل الغير في ملكه . من ذلك ما يقرره القانون على الجيران من حقوق الشرب والمجرى والمسيل والمرور ، ومنا يفرضه على الجار في ألا يجاوز مطار الجوار المألوفة ، وفي مراعاة مسافة معينة ي فتح مطل على جاره . وسيأتي بيان ذلك تفصيلا عند الكلام في القيود التي ترد على حق الملكية .

ومن ذلك جواز نزع الملكية جبرا على صاحبها لمنفعة العامة ، بعد أن بدفع للمالك مقدما تعويض عادل .

ومن ذلك ما هو مقرر من أن للملكية وظيفة اجتماعية ، يفرض على المالك القيام بها .

ومن ذلك حق الشفعة وحق الاسترداد ، ففيهما يجبر المالك على بيع ملكه لشخص معين دون المشتري الأصلي .

ومن ذلك ما أعطى للمستأجر ، سواء كان مستأجر الأماكن أو مستأجر الأراضي الزراعية م ، من الحقوق واسعة تقيد من سلطات المالك وتلزمه ألا يجاوز في تحديد الأجرة حدا معينا ، وفي ألا يخرج المستأجر من ملكه بعد إنهاء الإيجار .

ومن ذلك التسعير الجبري ، وفيه يجبر المالك على لبيعة سلعته لثمن لا يجاوز حدا معينا .

ومن ذلك ما استحدث أخيراً من تأميم المشروعات الخاصة ، فتنزع ملكيتها جراً على أصحابها ، وبعد أن كانت جزءاً من القطاع الخاص تصبح تابعة للقطاع العام .

ومن ذلك ما يفرضه قانون الإصلاح الزراعي من ألا تجاوز الملكية الزراعية أو الحيازة حداً معينا . وسنعرض لهذه القيود تفصيلا عند الكلام في القيود التي ترد على حق الملكية .

 $ 534 $

المطلب الثاني

الملكية حق دائم ( $%&[1] ) مراجع : chauffardel في دوام حق الملكية رسالة من إكس سنة 1933 - aulagnon في دوام الملكية المجلة الانتقاديه منة 1933 .&%$ )

328 – الملكية حق دائم بالنسبة إلى الشيء المملوك لا بالنسبة إلى شخص المالك : وإذا قلنا إن الملكية حق دائم ، فإنما نقصد أيها حق دائم بالنسبة إلى الشيء المملوك ، لا بالنسبة إلى شخص المالك . ذلك أن الملكية نبقي ما دام الشيء المملوك باقيا ، ولا تزول غلا بزوال هذا الشيء أي بهلاكه . فهي إذن حق دائم بالنسبة إلى الشيء المملوك ، فما دام هذا الشيء باقيا لم يهلك فهي دائمة لا تزول .

ولكن شخص المالك لا يبقي واحد على الدوام ، فكثيراً ما تنقل الملكية من شخص إلى آخر . فيتغير شخص المالك حتى لو كان هذا المالك شخصا معنويا . فإذا كان شخصيا طبيعيا ، فالملكية لا شك منتقلة إلى شخص آخر بعد وقت محدود لا يجاوز عمر المالك ، وإذا مات هذا انتقلت الملكية إلى وارثه أو إلى من أوصى له بالملك . ولكن تغير شخص المالك لا يعني عدم دوام الملكية ، فالملكية باقية هي بعينها حتى لو انتقلت إلى شخص آخر ، وانتقال الملكية لا يعني زوالها . ويقال في هذا المعنى عادة إن الملكية تتأبد بانتقالها ( la propriete se perpetue en se transmetiant ) ( $%&[1] ) بيدان وفوران 4 فقرى 284 ص 304 – مازو فقرى 1348 . وانظر في دفع الاعتراضات الواردة على انتقال حق الملكية والقائلة بأن حق الملكية يزول عند انتقاله ، وينشأ حق ملكية جديد لمن خلف المالك الأصلي : مارتي ورينو فقرى 48 – يلانيول ورييير وبولانجيه فقرى 2726 وفقرة 2859 .&%$ ) .

ولدوام حق الملكية على النحو الذي بيناه معان ثلاثة ، المعنيان الأولان لا خلاف فيهما ، والمعن الثالث وحده هو محل الخلاف .

329 – المعنى الأول لدوام حق الملكية – الملكية بطبيعتها غير موقتة : وأول معنى يفيده دوام حق الملكية أن هذا الحق هو بطبيعته غير $ 535 $ موقت . وقد قدمنا أن الحقوق الأخرى غير حق الملكية تكون بطبيعتها موقتة ، أو يمكن أن تكون موقتة . فالحق الشخصي لا يمكن أن يكون دائما ، ولا بد من انقضائه في وقت ما ، تبعا لما يرد عليه من أسباب الانقضاء . والحقوق العينية غير حق الملكية ، كحق الانتفاع وحق الحكر وحقوق الرهن والاختصاص والامتياز ، كلها حقوق موقتة ، وحتى لو لم يحدد لها أجل هناك أسباب ذكرها القانون تنقضي بها . وقد سبق بيان كل ذلك ( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرة 325 .&%$ ) . فهذه الحقوق جميعا تزول قبل أن يزول الشيء الذي ترتبت عليه ،وليس من الضروري أن تبقى ببقاء هذا الشيء .

أما حق الملكية فيختلف عن كل هذه الحقوق في أنه يبقى ما دام الشيء المملوك باقيا ، وفي أن القانون لم يحدد له وقتا معينا لا نقضائه . فهو حق دائم ، وإذا انتقل إلى شخص آخر فإنه يتأبد بهذا الانتقال كما سبق القول ( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرى 328 – وقد أخذ على هذا المعنى أنه بقية من بقايا الخلط ما بين حق الملكية والشيء المملوك ، فحق الملكية يستغرق كل سلطة على الشيء حتى أتنه يمتزج به ويتجسد فيه ، ويصبح حق الملكية هو الشيء نفسه ، ومن ثم يدوم دوام الشيء ( إسماعيل غانم فقرى 26 – منصور ، مصطفى منصور فقرى 7 ص 17 ) . وفي رأينا أن هذا المعنى ي دوام الملكية لا يأتي من اختلاط الملكية بالشيء على النحو الذي كان الرومان يذهبون إليه ، وإنما يأتي من أن الملكية كحق متميز عن الشيء المملوك هو الأصل الذي تتفرع عنه سائر الحقوق العينينة وإذا كان الشيء له وجود قانوني فعنوان وجوده هو أن يقوم عليه حق الملكية ، ويبقي هذا الحق قائما على سبيل الدوام ، وإذا تفرعت عنه سائر الحقوق العينية . وإذا كان الشيء له وجود قانوني فعنوان وجوده هو أن يقوم عليه حق الملكية ، ويبقى هذا الحق قائما على سبيل الدوام ، وإذا تفرعت عنه حقوق أخرى فمصير هذه الحقوق إلى الزوال فإذا ما زالت عاد حق الملكية كاملا كما كان ، وبقى دائما جون أن ينتقص من دوامه تفرع بعد الحقوق عنه . فإذا ما زال الوجود القانوني للشيء ، بهلاكه في العقار والمنقول ، أو بالتخلي عنه في المنقول حيث ينقلب الوجود القانوني إلى وجود فعلى ، زال حق الملكية . فحق الملكية إذن مرتبط ، لا بالوجود الفعلي للشيء ، بل بوجوده القانوني . قرب من المعنى الذي نقول به حسن كيرة فقرى 52 ص 160 – ص 162 ، وقارن منصور مصطفى منصور فقرى 7 ص 17 – 19 .&%$ ) . وفي حين أن أسباب كسب الملكية ، كمصادر الالتزام ، أسباب متعددة يعني القانون بتنظيمها عناية تامة ، إذا بأسباب زوال حق الملكية ، على خلاف أسباب انقضاء الالتزام ، تنحصر في رأينا في هلاك الشيء المملوك . فالملكية إذن حق دائم ، ما دام الشيء المملوك قائما .

 $ 536 $

330 – المعنى الثاني لدوام حق الملكية – الملكية لا تزول بعدم الاستعمال : والمعنى الثاني لدوام حق الملكية هو أن هذا الحق لا يزول بعدم الاستعمال( non - usagae ) . حق الملكية ،دون الحقوق الأخرى ، هو الذي يتميز بهذه الخاصية . فالحقوق الشخصية تنقضي بالتقادم المسقط ، وتنقضي بانقضائها الحقوق العينية التبعية ( التأمينات ) التي تضمنها . وكذلك تزول الحقوق العينية الأصلية – فيما عدا حق الملكية – بعدم الاستعمال . فحق الانتفاع ( وكذلك حق الاستعمار وحق السكنية ) . تزول جميعا بعدم الاستعمال مده خمس عشرة سنة ، كما هو صريح النص ( مذكرة المشروع التمهيدي : 995 مدني و م 998 مدني ) . وحق الحكر ينتهي بعدم استعماله مدى خمس عشرة سنة " إلا إذا كان موقوفا فينتهي بعدم استعماله مده خمس عشرة سنة مدة ثلاث وثلاثين سنة ( م 1011 مدني ) . وتنتهي حقوق الارتفاق بعدم استعمالها مدة خمس عشرة سنة ، فإن كان الارتفاق مقرراً لمصلحة عين موقوفة كانت المدة ثلاثا وثلاثين سنة ( م 1027 / 1 مدني ) . أما حق الملكية ، فهو وحده الذي لم يرد في شأنه نص يفضي بزواله بعدم الاستعمال . وذلك أم رطبيعة ، إذ حق الملكية حق دائم يبقي ما بقى الشيء المملوك ، والمالك حر في أن يستعمل ملكه أو ألا يستعمله ، ومهما طالت مده عدم الاستعمال فإن حق الملكية باق لا يزول ( $%&[1] ) ويذهب بعض الفقهاء إلى أن بقاء الملكية مهما طالت مدة عدم الاستعمال ، وإن كان هذا هو القانون الوضعي ، لا يقوم على أساس من جوهر الملكية ، وأنه من المرغوب فيه أن يتقرر تشريعيا إسقاط حق المالك ، على الأقل فيما يتعلق بملكية وسائل الإنتاج ، إذا لم يستعمل ملكه مده معينة ، وأيلولة حق الملكية للدولة تمشيا مع ما للملكية من وظيفة اجتماعية ( إسماعيل غانم فقرى 27 ص 55 – ص 56 – عبد المنعم فرج الصدة فقرى 14 – منصور مصطفى منصور فقرى 7 ص 20 – ص 22 ) .

ونحن نرى ، على العكس من ذلك ، أن عدم سقوك الملكية بعدم الاستعمال يقوم على أساس من جوهر الملكية . فما دامت الملكية تدوم ما دام الوجود القانوني للشيء المملوك ، وما دام المالك له أن يستعمل الشيء أو ألا يستعمله ، وأن يستغله وألا يستغله ، فإن طبيعة الملكية تقضى إذن أن هذا الحق لا يزول بعدم الاستعمال . وإذا كانت الحقوق الشخصية تزول بالتقادم المسقط ، فذلك لأن هناك مدينا من حقه أن يطمئن إلى ما استقر عليه وضعه بعد تمام مدة التقادم . وإذا كانت الحقوق العينية الأخرى غير حق الملكية تسقط بعدم الاستعمال ، فذلك لأنها حقوق مقتطعة من حق الملكية مقيدة لهذا الحق ، وهناك مالك من حقه أن يطمئن إلى ما استقر عليه وضعه من تحرير ملكيته وزوال ما اقتطع منها بعد تمام مدة عدم الاستعمال . أما حق الملكية ذاته ، فإن عدم استعماله موكول إلى إرادة المالك ، ولا يوجد أحد من الأفراد بتأذى من عدم استعمال المالك لملكه ، إذ لا يوجد أحد يكون قد اطمأن إلى ما استقر عليه من وضع بسبب عدم استعمال المالك لملكه ، إلا إذا كان شخصا قد حاز الشيء المملوك ، فإنه عندئذ يكسبه بالتقادم المكسب . وإذا قيل إن المجتمع بتأذى من عدم استعمال المالك لملكه ، فهذه حجة لا يجوز تعميمها ، والأولى ترك أمرها إلى المشرع الذي ينوب عن المجتمع ، فهو الذي يقدر في حالات خاصة متى يتأذى المجتمع فيقضي بتشريع استثنائي أن الملكية تسقط من المالك بعدم الاستعمال ، وتؤول إلى الدولي . ولا يكون ذلك كما قدمنا إلا على سبيل الاستثناء وفي حالات خاصة ، منها ما كانت المادة 874 / 2 مدني تقضي به من رجوع الملكية إلى الدولي إذا كف المالك عن استعمال الأرض غير المزروعة مدة خمس سنوات متتابعة خلال السنوات الخمس العشرة التالية للتملك ( وقد ألغى هذا النص بالقانون رقم 100 لسنة 1964 ) ، ومنها ما تقضي به المادة 14 / 3 من قانون الإصلاح الزراعي من إسقاط الملكية عمن وزعت عليه الأرض إذا لم يعن بزراعتها في خلال خمس سنوات من تاريخ إبرام عقد التوزيع النهائي ( قارن منصور مصطفى منصور فقرى 7 ص 20 هامش 2 ) . ويقرب من هاتين الحالتين ما تقضي به المادة 11 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 من أنه لا يجوز إبقاء المساكن المعدة للاستغلال خالية مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا تقدم لاستئجارها مستأجر بالأجرة القانونية . فهنا لا يؤول الملك إلى الدولة ، ولكن المالك يجرب على إيجار ملكه ( الوسيط 6 فقرة 687 ) . أنظر في هذا المعنى حسن كيرة فقرة 52 ص 170 – ص 172 – محمد على عرفة فقرى 160 ص 200 ج ص 201 – عبد المنعم البدراوي فقرى 13 ص 223 – ص 24 – محمد كامل مرسي 1 فقرى 203 ص 272 .&%$ ) .

 $ 537 $

وما دام حق الملكية لا يسقط بعدم الاستعمال ، فغن الدعوة التي تحميه ، وهي دعوى الاستحقاق ، لا تسقط هي أيضاً بالتقادم ( $%&[1] ) نقض فرنسي 12 يوليه سنة 1905 داللوز 1907 – 1 – 141 – 10 مايو سنة 1937 داللوز الأسبوعي 1937 – 346 – السين أول يونيه سنة 1949 داللوز 1949 . J 3350 – مازو فقرى 1349 ص 1101 .&%$ ) . ولا يتصور أن يكون الحق نفسه غير قابل للسقوط بالتقادم ، وتسقط مع ذلك بالتقادم الدعوى التي يطلب بها هذا الحق ( $%&[1] ) يلانيول ورييير وييكار 3 فقرى 213 ص 222 – مارتي ورينو فقرة 49 – فقرة 50 .&%$ ) .

وإذا كان حق الملكية لا يسقط بالتقادم المسقط ، فإن هذا لا يمنع من كسبه بالتقادم المكسب ( $%&[1] ) استئناف مختلط 29 نوفمبر سنة 1894 م 7 ص 28 – 12 مارس سنة 1896 م 8 ص 165 – 11 يناير سنة 1898 م 10 ص 92 – 25 يناير سنة 1927 م 39 ص 191 – 15 يناير سنة 1938 م 50 ص 107 – 17 مايو سنة 1938 م 50 ص 310 .&%$ ) . فإذا وضع شخص يده على مال مملوك لغيره ، $ 538 $ وانقضت مدة التقادم الطويلة أو القصيرة بحسب الأحوال ، فإن ملكية المال تزول عن المالك وتنتقل إلى واضع اليد . ولكن ذلك لا يغني ، كما هو ظاهر ، أن الملكية زالت بالتقادم . ذلك أن زوال الملكية عن المالك الأصلي لم يأت عن طريق فقده للملكية بالتقادم المسقط ، بل أتى عن طريق التقادم المكسب ففقد المالك الأصلي حق ملكيته لأن غيره قد كسب هذا الحق . ولا يختلف المنقول عن العقار في شيء مما تقدم ، فكلاهما لا يزول بالتقادم المسقط ، وكلاهما يكسب بالتقادم المكسب ( $%&[1] ) ويكسب المنقول بالحيازة بموجل القاعدة التي تقضى بأن الحيازة في المنقول سند الملكية ، إذا كان الحائز حسن النية ومعه سبب صحيح . فإن لم تتوافر هذه الشروط ، ملك الحائز المنقول بالتقادم المكسب الطويل ومدته خمس عشرة سنة . أما إذا توافرت الشروط ، ولكن المنقول كان مسروقا أو ضائعا ، فإن المالك يستطيع أن يسترده من الحائز حسن النية في خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة ، بشرط أن يجعل للحائز الثمن الذي دفعه إذا كان قد اشترى المنقول بحسن نية في سوق أو مزاد علني أو اشتراه ممن يتجر في مثله ( م 977 مدني ) . ومدة ثلاث السنوات التي يجب أن يسترد المالك في خلالها المنقول من الحائز ليست مدة تقادم ، بل هي ميعاد إسقاط ( delai de deheance ) .&%$ ) . غير أن المنقول يختص بحكم في هذا الصدد ينفرد به عن العقار ، فقد نصب المادة 871 / 1 مدني على أن " يصبح المنقول لا مالك له ، إذا تخلى عنه مالكه بقصد النزول عن ملكيته " فالتخلي عن المنقول ( ( ABANDONيزيل ملكيته ، ويصبح المنقول لا مالك له إلى أن يتملكه شخص آخر بطريق الاستيلاء . ولم يرد مثل هذا النص في العقار ، فالتخلي إذن علن العقار ( DELAISSEMENT ) ، كما إذا تخلى الحائز للعقار المرهون عن العقار أو تخلي من يثقل عقاره حق عيني أو تكليف عين للتخلص من هذا الحق أو التكليف ، لا يفقد المالك ملكيته ، بل يبقي العقار على ملكه إلى أن يكسب الملكية أحد غيره بطريق من طرق كسب الملكية ( $%&[1] ) أنظر في هذا المعنى حسن كيرة فقرى 52 ص 168 – ص 170 – وانظر عكس ذلك وأنه إذا تخلى المالك عن العقار بقصد النزول عن ملكيته انتقلت الملكية إلى الدولي ، استنادا إلى المادة 874 / 1 ندني التي تقضي بأن الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكا للدولة : إسماعيل غانم فقرى 26 ص 53 هامش 4 – عبد المنعم فرج الصدة فقرى 13 – وانظر في نقد هذا الرأي الأخير ، وفي أن المادة 874 / 1 مدني تتكلم عن طائفة معينة من العقارات هي الأراضي غير المزروعة ، أي الأراضي الصحراوية الخارجة عن الزمام وهي أراض لم تكن في وقت ما مملوكة لأي فرد : منصور مصطفى منصور فقرى 7 ص 18 هامش 2 .&%$ ) ، $ 539 $ ومهما يكن من أمر ، فإن تخلي مالك المنقول عنه وفقده بذلك ملكيته لا يفيد أن حق الملكية في المنقول حق غير دائم . فهو حق دائم إلى أن ينزل عنه صاحبه ، والنزول عن الحق لا يصح أن يعتبر توقيتا له ( $%&[1] ) وقد قدمنا ( انظر آنفا فقرى 329 في الهامش ) أن يترك المنقول ، إذا أبقى وجوده الفعلي ، فإنه يزيل وجوده القانوني . فالملكية تزول بزوال الوجود القانوني للشيء المملوك ، وتبقى ببقاء وجوده القانوني . وعلى هذا المعنى ينبغي فهم دوام حق الملكية ، ويستوي في ذلك العقار والمنقول . أنظر عكس ذلك ، وأن ملكية المنقول تكون ملكية موقته بسبب جواز ترك المنقول : إسماعيل غانم فقرى 26 ص 53 – ص 54 – عبد المنعم فرج الصدة فقرى 13 ص 20 – حسن كيرة فقرى 52 ص 169 - ص 170 - منصور مصطفى منصور فقرى 7 ص 19 .&%$ ) .

أما في فرنسا ، فيقوم خلاف فيما إذا كانت دعوى الاستحقاق في المنقول تسقط بالتقادم ( $%&[1] ) يلانيول ورييير وييكار 3 فقرى 213 ص 222 – يلانيول ورييير وبولانجيه 1 فقرى 2851 – مارتيورينو فقرى 49 ص 60 .&%$ ) ، ولا شأن لنا بهذا الخلاف في مصر .

331 – المعنى الثالث لدوام حق الملكية – الملكية لا يجوز أن تقترف بأجل : وإذا كانت الملكية حقا دائما يبقى ما بقى الشيء المملوك على ما قدمنا ، فالنتيجة المنطقية لذلك هي أنه لا يجوز أن تقترن الملكية بأجل ، فاسخ أو واقف ، وإلا كانت الملكية موقتة ( $%&[1] ) الوسيط 3 فقرى 61 .&%$ ) . فإذا اشترى شخص مالا ، حدد في عقد الشراء أجلا فاسخا تنتهي ملكيته للشيء المبيع بانقضائه وتعود هذه الملكية للبائع بمجرد انقضاء الأجل ، فإن ذلك لا يجوز ، لأن ملكية المشترى تكون في هذه الحالة ملكية موقتة بالأجل الفاسخ . والذي يجوز هو أن يرتب المالك الأصلي على الشيء حق انتفاع لغيره مقترنا بأجل فاسخ ، فيبقى حق الانتفاع إلى أن ينقضي الأجل ، فإذا ما انقضى زال حق الانتفاع حق موقت بطبيعته ، ويجوز أن يحدد له أجل فاسخ ، وهو على كل حال لا بد منقض بموت صاحب حق الانتفاع . كذلك لا يجوز أن تقترن الملكية بأجل واقف ، فلا يجوز أن يشتر شخص من آخر شيئا على ألا تنتقل ملكية الشيء إلى المشترى غلا بعد انقضاء أجل معين ، لأنه إذا اقترنت ملكية المشترى بأجل $ 540 $ واقف كانت ملكية البائع في هذه الحالة ملكية موقتة تنتهي بانقضاء الأجل الواقف . والذي يجوز هو أن يلتزم البائع بنقل الملكية إلى المشتري عند حلول أجل معين ، فيكون الالتزام بنقل الملكية ،لاحق الملكية ذاته ، هو المؤجل .

ولا تكون ملكية البائع في هذه الحالة ملكية موقتة ، وإنما هي ملكية دائمة يستطيع أن يتصرف فيها على مشتر آخر لتنتقل إليه ، ويكون البائع عند ذلك قد أخل بالتزامة نحو المشترى ، ويلتزم بالتعويض لا بنقل الملكية إلا إذا أمكن الطعن التصرف الثاني بالدعوى البولصية .

وهذا المعنى الثالث لدوام حق الملكية ، بخلاف المعنيين السابقين ، ليس محل اتفاق لا في مصر ( $%&[1] ) أنظر فيمن يقول بأن الملكية لا يجوز أن تقترن بأجل : شفيق شحاته فقرى 132 ص 151 هامش 1 – عبد المنعم البدرواي فقرى 13 ص 25 – المؤلف في الوسيط 3 فقرة 61 ص 96 – وانظر فيمن يقول بأن الملكية يجوز أن تقترن بأجل : إسماعي غانم فقرى 28 – عبد المنعم فرج الصدة فقرى 15 – حسن كيرة فقرى 52 ص 164 – ص 186 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرى ص 76 – منصور مصطفى منصور فقرى 7 ص 22 – ص 25 .&%$ ) . ولا في فرنسا ( $%&[1] ) أنظر فيمن يقول بأن الملكية لا يجوز أن تقترن بأجل : يلانيول ورييير وبولانجيه 1 فقرى 2726 – فقرى 2727 – مازو فقرى 1348 – وانظر فيمن يقول بأن الملكي يجوز أن تقترن بأجل : بيدان وفواران 4 فقرى 284 ص 304 – يلانيول ورييير وييكار 3 فقرى 213 ص 222 .&%$ ) ، بل هناك من يقول بجواز أن تقترن الملكية بأجل فتكون ملكية موقتة

ولكن الذي يدعونا إلى تأكيد هذا المعنى الثالث – عدم جواز اقتران الملكية بأجل – هو أن هذا المعنى ليس إلا نتيجة حتمية للقول بأن الملكية حق دائم ، ويتنا في مع دوام حق الملكية أن تكون مقترنة بأجل ( $%&[1] ) والمقصود بالملكية المقترنة بأجل – وهي غير جائزة – أن تكون الملكية موقتة بمده معينة إذا انقضت عادت الملكية من بلقاء نفسها – لا بسبب جديد – إلى المالك الأصلي . ولا يقال هنا إن الملكية قد انتقلت بعودتها إلى المالك الأصلي فتأبدت بانتقالها ، لأن المراد من بأبيد الملكية بانتقالها أن تكون الملكية قد انتقلت على الغير بسب من الأسباب المعروفة لكسب الملكية ، وليس انقضاء الأجل من بينها ( قارن حسن كيرة فقر 52 ص 164 –ص 165 – منصور مصطفى منصور فقرة 7 ص 23 ) .&%$ ) . ثم أن اقتران الملكية بأجل يتنافر تنافراً تاما مع طبيعة الملكية ومع العناصر التي تشتمل عليها . ويكفي أن نفترض ملكية مقترنة بأجل لممدة سنة مثلا ، فهذه الملكية الموقتة لمدة $ 541 $ سنة تتنافر مع ما يشتمل عليه حق الملكية من عناصر . فمن أخص عناصر الملكية أنه يجوز للمالك أن يتصرف في ملكه ، بل وله أن يستهلكه وأن يتلفه ، ويتعين إذن أن نعطي هذه السلطات لمالك الشيء مدة سنة . فإذا تصرف هذا المالك في الشيء أو استهلكه أو أتلفه في خلال السنة التي يكون فيها مالكا ، فكيف يمكن إذن نصور رجوع الملكية إلى صاحبها الأصلي بعد انقضاء السنة ! ليس أمامنا هنا إلا أحد طريقين فإما أن نقول بعدم جواز التصرف أو الاستهلاك أو الإتلاف حتى يعود الشيء سليما إلى مالكه الأصلي بعد انقضاء السنة ، وفي هذه الحالة لا تكون الملكية الموقتة في حقيقتها إلا حق انتفاع لا يجوز لصاحبه أن يتصرف في الرقيبة أو أن يستهلك الشيء أو يتلفه ، ويعود الشيء إلى صاحبه الأصلي بعد زوال حق الانتفاع أي بعد انقضاء السنة ، وفي هذه الحالة لا تكون الملكية الموقتة في حقيقتها إلا حق انتفاع لا يجوز لصاحبه أن يتصرف في الرقبة أو أن يستهلك الشيء أو يتلفه ، ويعود الشيء إلى صاحبة الأصلي بعد زوال حق الانتفاع أي بعد انقضاء السنة . وإما أن نقول بجواز التصرف والاستهلاك والإتلاف ، وفي هذه الحالة لا تكون الملكية موقتة ، بل هي ملكية دائمة تصرف فيها صاحبها أو استهلك الشيء المملوك أو أتلفه ، ومن ثم لا يعود الشيء إلا صاحبة الأصلي بعد انقضاء السنة . ولو أننا حلنا هذه الحالة الأخيرة تحليلا دقيقاً ، لتبين أن المالك لمدة سن هو في الواقع من الأمر مالك ملكية دائمة ، وقد وعد بإعادة الملكية إلى صاحبها الأصلي بعد انقضاء سنة ، فإن قام بالوعد انتقلت الملكية إلى صاحبها الأصلي بعقد جديد ، وإن أخل بالوعد لم يكن مسئولا إلا عن التعويض .

يتبين مما تقدم أن الملكية لا يجوز أن تقترن بأجل القائلون بجواز اقتران الملكية بأجل يقدمون سندا لقولهم الحجج الآتية ( $%&[1] ) أنظر في بعض هذه الحجج يلانيول ورييير وييكار 3 فقرى 213 ص 222 – وفي تقنيد بعدها : يلانيول ورييير وبولانجيه ( فقرى 2726 – فقرى 2727 – ماوز فقرة 1348 .&%$ ) .

( 1 ) لا خلاف في أن الملكية قد تقترن بشرط فاسخ ، فإذا تحقق الشرط بعد مدة معينة انفسخت الملكية وزالت بعد هذه المدة ، فتكون قبل ذلك ملكية موقتة . ويظهر في وضوح ضعف هذه الحجة ، فالملكية المعلقة على شرط فاسخ ليست ملكية موقتة . ذلك أنه من الجائز إلا يتحقق الشرط الفاسخ – بخلاف الأجل الفاسخ فلا بد من حلوله – فتكون الملكية في هذه الحالة دائمة . أما إذا تحقق الشرط الفاسخ ، فإن الملكية تنفسخ بأثر رجعي ، وتعتبر كأنها $ 542 $ لم تقم أصلا ، فلا تكون ملكية موقتة ، والفرق واضح بين ملكية موقتة وملكية غير موجودة ( $%&[1] ) ويالحظ أن الملكية المعلقة على شرط فاسخ لا تعتبر ملكية موقتة ، لا لأن لتتحقق الشرط أو لتخلفه أثرا رجيعا ، بل لأن الشرط أمر غير محقق الوقوع . فحتى لو لم يكن للشرط أثر رجعي ، فإن المالك تحت شرط فاسخ لا يمكن اعتباره مالكا ملكية موقتة ، إذا يحتمل ألا يتحقق الشرط فتبقى ملكيتة دائمة . والممنوع في نظرنا هو أن تكون الملكية موقتة على وجه التحقيق ، أما إذا كانت موقتة على وجه الاحتمال فالمحظور في توقيت الملكية لا يقوم ، إذ يجب على المالك في هذه الحالة الأخيرة أن يحافظ على العين حتى يستطيع ردها إلى من يملكها فيما إذا انتهت ملكيته هو ( قارن شفيق شحاتة ص 152 – ص 153 في الهامش ) .&%$ ) .

( 2 ) ويقال أيضاً إن هناك نوعا من الملكية الموقتة ، هي الملكية الأدبية الفنية والصناعية ، فقد حدد لها القانون آجالا معينة ، لا تجاوز خمسين سنة بعد موت المالك . وظاهر أن هذه الحجة هي أيضاً لا تستقيم ، فقد قدمنا أن الحقوق الذهنية التي ترد على الأشياء غير المادية ليست بحقوق ملكية ، وقلنا في هذا الصدد " من أجل ذلك يجب أن ننفي عن حق المؤلف أو المخترع صفة الملكية ، فالملكية ، فالملكية حق استئثار مؤبد ، في حين أن حق المؤلف أو المخترع حق استغلال موقت " ( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرى 166 .&%$ ) . وانتهينا إلى " أن حق المؤلف أو المخترع ليس حق ملكية بل هو حق عينين أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته الخاصة ، وترجع هذه المقومات إلى أنه يقع على شيء غير مادي " ( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرى 166 في آخرها .&%$ ) .

( 3 ) ويقال كذلك إن هناك ملكية موقتة إذا حرر عقد بيع ابتدائي وحدد أجل معين لإمضاء العقد النهائي وتسجيله ، ومن ثم تكون ملكية موقتة . ويسهل الرد على هذه الحجة بأن عقد البيع الابتدائي غير المسجل لم يجرد البائع من ملكيته ، بل أبقاها ملكية دائمة مقترنة بالتزام بنقلها إلى المشتري عند حلول الأجل المعين ، فالمؤجل ليس هو الملكية ذاتها بل هو الالتزام بنقلها . ويقطع في صحة ذلك ، وفي أن البائع ملكيته دائمة لا موقتة في خلال الأجل المعين ، أنه يستطيع أن يتصرف في الشيء المبيع في خلال الأجل ببيعه مرة أخرى إلى مشتر ثان ، وإذا سجل هذا المشترى الثاني قبل أن يسجل المشترى الأول ، $ 543 $ انتقلت الملكية إلى المشترى الثاني دون المشترى الأول " . أما إذا لم يتصرف البائع مرة أخرى وأمضى عقد البيع النهائي وسجل هذا العقد ، سواء كان ذلك عند حلول الأجل المعين أو قبله أو بعده ، فإن الملكية تنتقل إلى المشترى . فليست العبرة إذن بحلول الأجل ، بل بإمضاء العقد النهائي وتسجيل هذا العقد . ولو كانت ملكية البائع موقتة بالأجل تبقى ببقائه وتزول بزواله ، لكان مجرد حلول الأجل سببا في نقل الملكية إلى المشترى ، دون حاجة إلى إمضاء العقد النهائي وتسجيله ( $%&[1] ) أنظر في هذا المعنى مازو فقرى 1394 – وانظر بودري وشوفو فقرى 229 ص 175 .&%$ ) .

( 4 ) ويقال أخيراً إن هناك ملكية موقتة في الصورة الآتية : يأذن المؤجر للمستأجر في إقامة مبان في العين المؤجرة ، على أن تكون هذه المباني عند نهاية الإيجار ملكا للمؤجرً ، في مقابل تعويض أو بال تعويض ، فتكون ملكية المستأجر للمباني ملكية المباني إلى المؤجر . وهذا تحليل غير سليم للوضع المفترض .

والصحيح أنه ما دام من المؤكد أن ملكية المباني تكون للمؤجر ، سواء كان ذلك في مقابل تعويض أو بال تعويض ، فإن المؤجر يعتبر منذ إقامة المباني مالكا لها في الحال ، وتبقى ملكيته دائمة في خلال مدة الإيجار وبعد انقضاء هذه المدة . أما المستأجر فليست له على المباني لا ملكية دائمة ولا ملكية موقنة ، بل هو غير مالك أصلا . وإنما يكون له حق الانتفاع بالمباني كما ينتفع بالعين المؤجرة ، وذلك بموجب عقد الإيجار . وما ورد فيه من الشروط في خصوص المباني . وعلى المؤجر ، وقد ملك المباني فور إقامتها ، أن يدفع تعويضا للمستأجر عند نهاية الإيجار إذا اشترط المستأجر عليه ذلك ، و إلا فلا تعويض . وقد سبق أن قررنا ذلك في الجزء السادس من الوسيط في خصوص عقد إلا يجار ، وما ورد فيه من الشروط في خصوص المباني . وعلى المؤجر ، وقد ملك المباني فور إقامتها ، أن يدفع تعويضا للمستأجر عند نهاية الإيجار إذا اشترط المستأجر عليه ذلك ، و إلا فلا تعوض . وقد سبق أن قررنا ذلك في الجزء السادس من الوسيط في خصوص عقد إلايجار ، فقلنا في هذا المعنى ما يأتي : " ففي الحالة الأولى – البناء أو الغراس يبقى حتما في الأرض ملكا للمؤجر – يكون هذا البناء أو الغراس ملكا للمؤجر من وقت إنشائه ، ولا يكون للمستأجر بالنسبة إليه إلا حق شخصي يخوله الانتفاع به انتفاعه بالعين المؤجرة نفسها . ويكون البناء أو الغراس عقارا واحدا مملوكا لشخص واحد هو المؤجر ، فله أن يرهنه رهنا رسميا ، وإذا باعة وجب $ 544 $ التسجيل ، وإذا توقع عليه حجز كان حجزاً عقاريا لا حجز منقول ، والمؤجر هو الذي يدفع الضريبة المفروضة عليه " ( $%&[1] ) الوسيط 6 فقرى 433 ص 627 – وانظر استئناف مختلط 28 مايو سنة 1927 م 39 ص 512 .&%$ ) . ويترتب على ما قدمناه أن المستأجر لا ينتفع بالمباني التي أقامها في العين المؤجرة إلا انتفاعه بالعين المؤجرة ذاتها ، ولا يكون له عليها حق ملكية كما قدمنا . فإذا لم يحافظ المستأجر على المباني ويبذل ف يذلك عناية الرجل المعتاد ، كان مسئولا عن تقصيره أو عمله غير المشروع تجاه المؤجر ومن عسى أن تنقل إليه الملكية من المؤجر من خلف خاص كمشتر أو خلف عام كوارث . وتأييداً لذلك قضت محكمة النقض بأنه متى كان عقد الإيجار منصوصا فيفيه على أن كل ما يحدثه المستأجر في الأعيان المؤجرة من إصلاحات أو إنشاءات يكون ملكا للمؤجر ، ثم باع المؤجر هذه العيان فكل الحقوق التي كسبها المؤجر قبل المستأجر من هذا العقد تعتبر من ملحقات المبيع ، فتنتقل بحكم القانون إلى المشترى ، وتبعا لذلك يكون للمشتري حق مطالبة المستأجر بتعويض الضرر الناتج عن فعله غير المشروع بتلك الأعيان ( $%&[1] ) نقض مدني 22 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 16 ص 83 .

وقد فرضنا في الحالة التي نحن بصددها أن البناء يكون مصيره حتما البقاء في الأرض ملكا للمؤجر . أما ما يفرضه أنصار جواز اقتران الملكية بالأجل ( أنظر إسماعيل غانم فقرى 28 ص 58 – عبد المنعم فرج الصدة فقرى 15 ص 23 – حسن كيرة فقرى 52 ص 166 – ص 168 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرى 56 ص 76 – منصور مصطفى منصور فقرى 7 ص 25 ) فحالة أخرى ، ليست الملكية فيها مقترنة بأجل ، بل هي معلقة على شرط . فهم يفرضون أن المؤجر اتفق مع المستأجر على أنه إذا ظل البناء قائما عند انتهاء الإيجار ، وإن شاء أبقاه إلى نهاية الإيجار . فإذا تحقق الشرط ولم يهدم المستأجر البناء ، اعتبر المؤجر مالكا له بأثر رجعي من وقت إقامته في العين المؤجرة ويدفع التعويض المتفق عليه . فلا توجد إذن ملكية موقتة في هذه الحالة ، بل هي ملكية معلقة عل شرط واقف بالنسبة إلى المؤجر ، ومعلقة على شرط فاسخ بالنسبة إلى المستأجر . والملكية المعلقة على شرط تجوز كما قدمنا ، وذلك بخلاف الملكية المقترنة بأجل فهي لا تجوز . أنظر الوسيط 6 فقرى 433 ص 628 – ص 629 .

ولما كان البناء يعد عقارا مدة استقراره في الأرض يملكه المستأجر ملكية معلقة على شرط فاسخ ، فقد قضت المادة 1083 مدني بأنه يجوز لمالك المباني القائمة على أرض الغير وهو المستأجر في حالتنا - أن يرهنها ، وفي هذه الحالي يكون للدائن المرتهن حق التقدم في استيفاء الدين من ثمن الأنقاض إذا هدما المباني ، ومن التعويض الذي يدفعه مالك الأرض إذا استبقى المباني . فالمستأجر هدم البناء إنما يرهن ملكية معلقة على شرط فاسخ ، لا ملكية مقترنة بأجل . وإذا أختار المستأجر هدم البناء صار للدائن المرتهن حق التهدم في استيفاء الدين من ثمن الأنقاض ، أما إذا اختار بقاء البناء فإن ملكيته تؤول إلى المؤجر في مقابل تعويض ، ويحل هذا التعويض محل البناء حلولا عينيا ومن ثم يستوفي الدائن المرتهن حقه منه متقدما على غيره من الدائنين . قارن في الرأي المخالف : عبد المنعم فرج الصدة فقرى 15 ص 23 – ص 24 – منصور مصطفى منصور فقرة 7 ص 25 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 56 ص 76 هامش 1 و 2 . وانظر أيضاً حسن كيرة فقرة 52 ص 166 – ص 168 ( وهو يسلم بأن ملكية المستأجر في الحالة التي نحن بصددها ملكية مقترنة بأجل ، ولكنه يذهب إلى أن هذا التوقيت " لا ينتقص في قليل أو كثير من صفى الدوام الملازمة لحق الملكية " ، ويجري على القاعدة التي يقول بها من أن الملكية المقترنة بأجل هي ملكية دائمة ) . وقارن شمس الدين الوكيل في نظرية التأمينات الطبعة الثانية فقرة 48 ( وهو ، في صدد الكلام في رهن المباني المقامة على أرض الغير وحكم المادة 1038 مدني ، يبدو أنه يعتبر أن ملكية المستأجر للمباني هي ملكية موقتة ، ولكنه لا يبين ما إذا كانت هذه الملكية مقترنة بأجل أو معلقة على شرط ) .&%$ ) .

 $ 545 $

الفرع الثاني

الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية ( $%&[1] ) مراجع : landry في القائدة سنة 1910 – duguit في الحق الاجتماعي والحق الفردي طبعة ثانية سنة 1911 ص 17 وما بعدها – في التغيرات العامة للقانون الخاص منذ تقنين نايليون سنة 1912 – trancred rothe في وجود الملكية سنة 1930 – renard et trotadas في الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة سنة 1930 – cornil في المسألة القانونية للملكية الخاصة سنة 1913 - coste – floret في الطبيعة القانونية لحق الملكية وفقا للتقنين المدنية ومنذ التقنين المدني رسالة من مونيلييه سنة 1935 – mounier من الملكية الرأسمالية إلى الملكية الإنسانية سنة 1936 – vizioz في الأشخاص والملكية سنة 1939 – josserand في تشكيل ( configuratoon ) حق الملكية في النظام القانوني الجديد ( ضمن دراسات sugyama سنة 1940 ص 95 وما بعدها ) – gonnard – في الملكية في الفقه وفي التاريخ سنة 1943 – rouast في تطور حق الملكية ( ضمن دراسات هنرى كايبتان سنة 1945 ص 45 وما بعدها ) – salleron ست درسات في الملكية الجامعية سنة 1947 سنة – savatier من القانون المدني إلى القانون العام سنة 1950 ص 40 وما بعدها – jansse وفي الملكية ونظام الأموال في الحضارات الغربية سنة 1953 – challeye في تاريخ الملكي سنة 1958 – ferretjans في فكرة الملكية الملكية الاجتماعية سنة 1963 .&%$ )

332 – ما ورد في الأعمال التحضيرية في شأن الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية : نذكر هنا أهم ما ورد في الأعمال التحضيرية دالا على أن التقنين $ 546 $ المدني الحالي ، في إيراده الأحكام الخاصة بحق الملكية ، أقام هذا الحق على أساس أن له وظيفة اجتماعية يجب على المالك أن يؤديها .

ففي المادة 802 مدني التي سبق إيرادها ( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرى 297 .&%$ ) ، كان المشروع التمهيدي لهذا النص يجري على الوجه الآتي : " لمالك الشيء ، ما دام ملتزما حدود القانون أنن يستعمله ، وأن ينتفع به ، وأن يتصرف فيه ، دون أي تدخل من جانب الغير ، بشرط أن يكون ذلك متفقا مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية " .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص هذه المادة ما يأتي : " جمع هذا التعريف عناصر الملكية الثلاثة ، وهي حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف ، وتوقي أن يصف الملكية بأنها حق مطلق كما فعل التقنين الحال ( السابق ) م 11 فقرى 1 / 27 بل صرح بأن للملكية وظيفة اجتماعية ، كما فعل المشروع الإبطال ( وقد أصبح منذ عهد قريب التقنين الإيطالي الجديد ... ) " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 14 .&%$ ) .

وجاء أيضاً في الذكرى الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، في النظرة العامة لحق الملكية ، ما يأتي :

 " لم يخلع المشروع على حق الملكية هذه الصفة المطلقة التي نص عليها التقنين الحالي ( السابق ) ، بل نبذها إلى فكرة أخرى هي الآن ، الفكرة المتغلبة في التقنينات الجديد ة ، وهي التي تمثل النزعة الحديثة في نطور حق الملكية . فليس هذا الحق مطلقا لا حد له ، بل هو وظيفة اجتماعي يطلب إلى المالك أن يقوم بها ، ويحميه القانون ما دام يفعل ، أما إذا خرج على هذه الحدود ، فلا يعتبره القانون مستحقا لحمايته . ويترتب على ذلك نتيجتان :

 " ا – حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة ، فالمصلحة العامة هي التي تقدم ، فما ينبغي أن يقف الملكية حجر عثرة في سبيل تحقيق المصلحة العامة ، ولا يدخل هذا في وظيفتها الاجتماعية . مثل ذلك ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد الذي يصلح للاستعمال علواً أو عمقا ، غير أنه ليس $ 547 $ للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو والعمق بحيث لا تكون له أية مصلحة فيمنعه . فلو اقتضت المصلحة العامة أن تقوم الدولة بأعمال فوق سطح الأرض أو تحتها لا تسبب للمالك ضررا ، فليس له أن يحول دو هذه الأعمال بدعوة أن حرمة ملكيته قد خرفت . مثل ذلك أيضاً أنه يجوز أن يحرم المالك من ملكه للمصلحة العامة في مقابل تعويض يدفع إيه مقدما . ومثل ذلك أخيراً أنه يجب عل المالك أن يراعي ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة " .

 " ب – حيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هي أولى بالرعاية من حق المالك ، فإن هذه المصلحة الخاصة هي التي تقدم ، بعد أن يعوض المالك تعويضاً عادلا . وهنا نحد القيد الذي يرد على حق الملكية قد تقرر ، لا للمصلحة العامة بل للمصلحة الخاصة . وهذه هي النزعة الحديثة التي جاراها المشروع ، ويظهر أثرها في أمرين :

 " 1 – يطلب من المالك أن يمتنع عن استعمال حقه فيما يضر الغير ضررا غير مشروع ، والذي يطلب هنا هو عمل سلبي . وتطبيقا لذلك يجب على المالك ألا يغلو في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الحار ، والحد المقصود هنا هو مضار الجوار غير المألوفة . وتطبيق ذلك أيضاً ما أوجبه القانون على صاحب الحائط وصاحب العلو من الالتزامات السلبية لمصلحة جاره " .

 " 2 – يجوز للغير أن يتدخل في انتفاع المالك بملكة لمصلحة خاصة ، هي أولى بالرعاية تمن مصلحة المالك . وهنا ننتقل من الدائرة السلبية ، وهي مجرد امتناع المالك عن القيام بعمل معين ، إلى الدائرة الإيجابية ، وهي قيام الغير بأعمال معين تتعارض مع حق المالك أو إجبار المالك على القيام بأعمال معينة . وتطبيقاً لذلك يجيز المشروع للملاك المجاورين أن يستعملوا المقساة أو المصرف المملوك لجارهم فيما تحتاج إليه أراضيهم من ري أو صرف ، ويعطي حق المجرى وحق المسيل ، كما يعطي حق المرور ويتوقع فيه ، .... وفي الملكية الشائعة يحمي المشروع الأغلبية من الشركاء ضد تعنت الأقلية ، ويذهب في ذلك إلى حد بعيد حتى ليجيز للأغلبية أن تتصرف في المال المشاع جميعه رغم معارضة الأقلية ، إذا استندت في ذلك إلى أسباب قوية وكانت قسمة وكانت قسمة المال الشائع ضارة $ 548 $ بمصالح الشركاء . وكذلك الحال إذا انهدم السفل ، فإن لصاحب العلو إجبار صاحب السفل على إعادة بنائه ، وعلى صاحب السفل أن يقوم بالأعمال اللازمة فحفظه . وفي هذه الحال الأخيرة نرى المالك يجبر على القيام بأعمال معينة ، وهذا هو أبلغ مظاهر التدخل في حق الملكية " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 10 – ص 12 .&%$ ) .

وجاء في محضر المجلسة السادس والثلاثين من لجنة مجلس الشيوخ في خصوص المادة 820 مدني ، ما يأتي : " فتليت المادة ... وقام عليها اعتراض من ... من ناحية التعبير فيها بأن حق الملكية وظيفة اجتماعية ، وقال .. إن في هذا التعبير تصويراً بأن حق الملكية وظيفة اجتماعية ، وقال .. إن في هذا التعبير تصويراً لمذهب فلسفي . فرد ... على هذا الاعتراض بأن هذه الصفة هي المتغلبة في التقنينات الجديدة ، وهي المتغلبة في التقنينات الجديدة ، وهي التي تمثل النزعة الحديثة في تصوير حق الملكية . فليمس هذا الحق مطلقا لا حد له ، بل هو وظيفى اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها ، ويحميه القانون ما دام يفعل . أما إذا خرج على هذه الحدود ، فل يعتبره القانون مستحقا لحمايته . ويترتب على ذلك نتيجتان :

( 1 ) حيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هي أولى بالرعاية من حق المالك ، فإن هذه المصلحة هي التي تقدم بعد أن يعوض المالك تعويضاً عادلا " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 15 .&%$ ) . وقد قررت اللجنة على أثر ذلك الموافقة على المادة ، على أن تعود إلها للنظر في هذا التعبير الجديد .

ثم جاء في محضر الجلسة الثانية والخمسين لنفس اللجنة ( لجنة مجلس لشيوخ ) ما يأتي : " تليت المادة ... ، ورأت اللجنة حذف عبارة " على أ يكون ذلك متفقا مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية ، لأنها أشكل بالإيضاحات الفقهية ، وإن في التطبيقات التي أورده المشرع ما يغني عنها " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 15 .&%$ ) .

ويتبين مما نقلناه عن مجموعة الأعمال التحضيرية أن التقنين المدني الحال يقد جعل للملكية وظيفة اجتماعية تقوم بها ، وقد ظهر ذلك ظهورا واضحا في كثير من الحكام والتطبيقات التي أوردها . بل هو قد صرح بالوظيفة $ 549 $ الاجتماعية التي لحق الملكية في المشروع التمهيدي ، وإذا كانت هذه العبارة الصريحة قد حذفت في لجنة مجلس الشيوخ ، فلم يكن ذلك عدولا عما قرره المشروع التمهيدي في هذا الشأن ، بل لأن اللجنة قد رأت هذا التعبير " أشكل بالإيضاحات الفقهية " ، ونوهت بأن " في التطبيقات التي أوردها المشروع ما يغني عنها " .

على أنه إذا كان قد ورد في المناقشات والعبارات التي أوردناها في هذا الصدد أن " الملكية وظيفة اجتماعية " ، فليس المقصود من ذلك تقرير أن الملكية ليست إلا وظيفة اجتماعية . فهي وظيفة اجتماعية ( fonction sociale ) ، وحق ذاتي أو فردي ( droit subjectif , indivlduel ) ، في وقت معاً . وإنما أريد إبراز الوظيفة الاجتماعية التي لحق الملكية ، لأنها هي الشيء الجديد الذي أتي به التقنين المدني الحالي مخالفا في ذلك التقنين المدني السابق ( $%&[1] ) وينبه كثير من الفقهاء إلى أن الملكية ليست وظيفة اجتماعية ، بل إن لها وظيفة اجتماعية ، فيقول كولان وكاييتان ودي لامورانديير في هذا المعنى : " ليست الملكية وظيفة اجتماعية تقول بها " ( جزء أول فقرى 961 ص 773 ) . وانظر أيضاً في هذا المعنة يلانيول ورييير وييكار 3 فقرة 11 – nerson في أنسيكولوييدي داللوز 4 لفظ proprtete فقرة 3 ص 281 – يلانيول ورييير وبولانجيه 1 فقرى 2705 – رييير في اضمحلال القانون سنة 1949 فقلى 62 . ويقول الأستاذ منصور مصطفى منصور : " إلا أنه يجب ألا نذهب إلى حد القول إن الملكية أصبحت الآن نظيفة اجتماعية ، كما يقول البعض . فإذا جاز هذا التعبير في لغة المصلحين الاجتماعيين ورجال السياسة ، فيحسن تجنبه في لغة القانون ، إذ يتضمن وصف الملكية بأنها وظيفة إنكارا لفكرة الحق ذاتها . إن مركز المالك يختلف اختلافا جوهريا عن مركز الظروف ، فالمالك يباشر سلطاته لحسابه ولتحقيق مصلحته الخاصة ، أما مصلحة الجماعة فتتحقق بطريق غير مباشر . أما الموظف ، فيباشر السلطات التي تدخل في اختصاصه لحساب الجماعة ولتحقيق مصلحة الجامعة بطريق مباشر . ولهذا فالتعبير الصحيح أن يقال إن للملكية وظيفة اجتماعية " ( منصور مصطفى منصور فقرة 6 ص 14 – ص 15 ) . &%$ ) .

فالملكية إذن حق ذاتي ، وله وظيفة اجتماعية ( $%&[1] ) ولذلك كان المشروع التمهيدي لا يذكر أن الملكية وظيفة اجتماعية ، بل يشير إلى " ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية " ( أنظر آنفا ص 546 ) . فالملكية إذن لها جانبان ، جانب فردي وجانب اجتماعي ، ولا يكتمل لنا فهم الملكية فهما صحيحا إلا إذا اعتبرنا كلا من الجانبين ( أنظر في هذا المعنى rouast في تطور حق الملكية ،ضمن دراسات جامعة هنري طاييتان جزء أول سنة 1945 ص 45 وما بعدها .&%$ ) . وهاذ ما نتولى بيانه في $ 550 $ مبحث أول ، وفي المبحث الثاني نميز بين مناطق مختلفة في حق الملكية فليست مناطق الملكية سواء فيما يقوم به هذا الحق من وظيفة اجتماعية .

المبحث الأول

الملكية حق ذاتي ولها وظيفة اجتماعية

1 – الملكية حق ذاتي

333 – الملكية حق ذاتي في عناصره وخصائصه : الملكية حق ذاتي كسائر الحقوق ، بل هي أكثر الحقوق عناصر ، وأشملها خصائص . فالملكية حق ذاتي في عناصره . وقد قدمنا في أن المالك له سلطة ذاتية على الشيء الذي يملكه ، وسلكته على الشيء هي أوسع السلطات . فله أن يستعمل الشيء في شؤونه الخاصة ، ويستعمله على الوجه الذي يقدر أنه نافع له . وله أن يستغل الشيء إرضاء لمصالحة الشخصية ، ووفاء بحاجاته الذاتية . وله أن يتصرف في الشيء بجميع أنواع التصرفات ، فله أن ينقل ملكيته إلى غيره بمقابل أو بغير مقابل ، وله أن يرتب حقوقا متنوعة على الشيء ، من حق انتفاع إلى حق إرتفاق إلى حق رهن إلى غير ذلك من الحقوق . وله أن يغير من معالم الشيء ، وأن يزيد عليه ، وأن ينتقص منه ، بل له أن يستهلكه وأن يتلفه وأن يعدمه . كل ذلك سعيا وراء مصالحه الشخصية ، ووفاء بحاجاته الخاصة . فالملكية إذن ، كسائر الحقوق ، حق ذاتي من حيث عناصره ، بل هو أكثر الحقوق الذاتية عناصر كما سبق القول .

والملكية حق ذاتي في خصائصه . وقد قدمنا أن الملكية حق جامع قيجمع المالك في يده جميع السلطات على الشيء على النحو الذي رأيناه . ومن المالك تستمد كل سلطة على الشيء ، وما لم يثبت أجنبي أنها استمد سلطة معينة بموجب إرادة المالك أو بموجب حكم القانون ، فهذه السلطة المالك لا لأحد غيره . وقدمنا أن الملكية حق مانع ، فيستأثر المالك بالشيء وحده ، وليس لأحد أن يشاركه فيه . وهذه الذاتية في حق المالكية تعتبر من مقوماته ، وخصائصه البارزة . فإذا كان الشيء المملوك أرضا فضاء ، كان للمالك أن $ 551 $ سيورها وأن يمنع دخول الغير فيها ، حتى لو لم يصبه من دخول الغير ضرر . ولا يجوز لأحد أن يشارك المالك بغير إذنه في استعمال الشيء ، أو في استغلاله ، أو في التصرف فيه ( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرى 191 ص 256 .&%$ ) . والملكية أخيراً قدائم . وتتميز الملكية بالدوام عن أي حق ذاتي آخر ، فكل حق – عينيا كان أو شخصيا – هو حق موقت أو يمكن أن يمكن أن يكون موقتا ، وذلك فيما عدا حق الملكية فإنه يدوم ما دام الشيء المملوك . وهذا وحده كاف لطبع الملكية بطابع ذاتي ، إذا يستطيع المالك ، ومن بعده خلفاؤه ، أن يستأثروا بالشيء المملوك . ويبقون مستأثرين به ، إلى أن يهلك الشيء أو يتلف . ومن ثم كانت دعوى الاستحقاق غير قابلة للسقوط بالتقادم ، وكذلك لا يجوز أن تقترن الملكية بأجل . وقد سبق بيان ذلك 334 – الملكية حق ذاتي في نطاقه : ونطاق الملكية يتسع ، حتى ليشمل سطح الأرض وما فوقها وما تحتها . وإذا كانت الملكية كما قدمنا أكثر الحقوق الذاتية عناصر وأشملها خصائص ، فهي أيضاً أو سعها نطاقا . ولا تقتصر على هذا القدرمن العلو والعمق ، بل هي أيضاً تتناول الشيء المملوك كل ما ينتجه هذا الشيء من ثمار ومنتجات كما سنرى . بل إن مالك الأرض يملك بالالتصاق كل ما اتصل بها من مبان وغراس ، ويستأثر إلى أوسع مدى بحقه الذاتي في ملكه .

وهكذا يمتد حق المالك ، فيتناول الأرض في سطحها طولا وعرضا ، وفي حيزها علوا وعمقا ، ويشمل كل ما ستصل بالأرض من ملحقات ، وما تخرجه من ثمار ومنتجات . وهذا أقصى ما يصل إليه الحق في اتساع نطاقه .

335 – الملكية حق ذاتي في حمايته : ويحمي القانون المالك حماية شاملة ، فيمنع الغير من الاعتداء على ملكه ، ويضع في يده سلاحا قويا في دعوى الاستحقاق يسترد بموجبها ملكه من تحت يد أي حائز لها ، غاصبا كان أو غير غاصب . ولا يجوز نزع الملكية جبراً على صاحبها إلا بشروط ، أهمها أن يقوم مبرر قانوني لذلك ، وأن يعوض المالك مقدما عن ملكه . وسنبسط كل ذلك تفصيلا فيما سيأتي .

 $ 552 $

336 – الملكية الذاتية ثمرة العمل وجزاؤه الحق : وإذا كان المالك يستأثر بما يملكه ، ويحوزه لمصلحته الخاصة وللوفاء بحاجاته الشخصية ، فما ذلك إلا لأنه في الأصل قد بذل جهودا في العمل ، وكانت الملكية هو ثمره هذه جهودا في العمل ، وكانت الملكية هي ثمرة هذه الجهود ، والأجر على هذا العمل . ومتى ثبتت الملكية لصاحبها ، وجب أن تثبت له بجميع عناصرها من استعمال واستغلال وتصرف ، وبجميع خصائصها فتكون جامعة مانعة دائمة .

فللمالك إذن أن يتصرف في الشيء حال حياته ، وينتقل الشيء إلى ورثته بعد وفاته . وإذا كان يبدو أن الوارث لم يبذل جهداً في تملكه للشيء الموروث ، فإن الميراث ينظر إليه لا على أنه جزاء للوارث ، بل هو جزاء للمورث ، ذلك أن المورث إذا كان لم يتصرف في الشيء وهو حي وهذا حقه ، فإنه أراد بذلك أن ينتقل الشيء إلى وارثه بعد وفاته وهذا حقه أيضاُ ، بل هذا هو جزاؤه على عمله, ولا ضير من أن ينتقل الشيء إلى وارث قد لا يستحقه ، فإن هذا الوارث إذا كان حسن التدبير فما ورثه يكون عونا له فلا يكون عالة على المجتمع ، وإذا كان يبدو أن الوارث لم يبذل جهداً في تملكه للشيء الموروث ، فإن الميراث ينظر إليه لا على أنه جزاء للوارث ، بل هو جزاء للمورث . ذلك أن المورث إذا كان لم يتصرف في الشيء وهو حي وهذا حقه ، فإنه أراد بذلك أن ينتقل الشيء إلى وارثه بعد وفاته وهذا حقه أيضاً ،بل هو جزاؤه على عمله . ولا ضير من أن ينتقل الشيء إلى وارث قد لا يستحقه ، فإن هذا الوارث إذا كان حسن التدبير فما ورثه يكون عونا له فلا يكون عالة على المجتمع ، وإذا كان سيء التدبير فإنه لا يلبث أن يضيع ما ورثه . وفي بعض الحالات تكون الورثة ، وبخاصة الزوجة والأولاد ، قد ساهموا في الجهود التي بذلها المورث في الحصول على ملكه .

فالملكية الذاتية إذن هي ثمرة العمل ، وهي جزاؤه الحق ( $%&[1] ) أنظر مازو فقرى 1304 ص 1064 .&%$ ) .

337 – الملكية الذاتية أقوى حافز على العمل وخير ضمان للاستقلال الشخصي : ولا يجوز الاقتصار في النظر إلى الملكية الذاتية على أنها جزاء ، فهي ، قبل أن تكون جزاء على العمل ، أوقى حافز عليه . ذلك أن الإنسان بطبعه قد ركب فيه من حب الذات ما يجعله أقوى ما يكون نشاطا وإقبالا على العمل عندما يعلم أن لعمله جزاء يستأثر به لنفسه ، ولا يشاركه فيه غيره . وليس الأمر هنا أمر سلوك يمدح أو يذم ، بل هو أمر الواقع المشاهد ، وليس لنا بد من استخلاص نتائجه . فالنشاط الفردي ، وهو من الأسس القوية التي $ 553 $ يقوم عليها المجتمع ، لا بد له من حافز ، وأقوى حافز له هي المصلحة المادية ، وأبرز صور المصلحة المادية هي الملكية الذاتية .

ثم إن الملكية الذاتية لا تقتصر على أن تكون أقوى حافز عل العمل ، بل هي أيضاً خير ضمان للاستقلال الشخصي . فمن لا يملك شيئا يفقد استقلاله ، ويكون عبدا لمن ملك . ومهمة الدولة ليست في أن تلغي الملكية الذاتية وتكون هي المالكة لكل شيء فيصبح الناس جميعا عبيداً لها ، بل مهمتها على العكس من ذلك هي أن تجعل الملكية الذاتي في متناول كل من يعمل . فتكون الملكية الذاتية أفضل جزاء على العمل ، وأقوى حافز عليه ، وخير ضمان للاستقلال والحرية ( $%&[1] ) وتقول الأساتذه مازو ، في هذا المعنى : " الملكية الذاتية هي التي يقوم عليها استقلال الإنسان وحريته . فمن لا يملك شيء لنفسه يكون تابعا تبعية تامة للآخرين ، ويصبح من " البروليتاريا " ، مستعبدا للدولة إذا كانت الدولة هي التي تملك كل شيء ، أو مستعبداً لمن يملكون إذا كان هؤلاء هم الذين يستحوذون على الضرورة . فمن الضرورة إذن أن يستطيع كل فرد الحصول على مال يكون له وحده ، وشيوعية المال ، إذ تحرم الإنسان من ذلك ، تحوله إلى عبد رقيق للدولة . ومن هنا ندرك أن ديباجة الدستور الصادر في 4 أكتوبر سنة 1958 ( الدستور الفرنسي تحيل على " إعلان حقوق الإنسان " الصادر في سنة 1789 ، وهذا الإعلان يقرر حرمة الملكية الذاتية وندرك كذلك أن : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر سنة 1948 يقول في المادة 17 منه : " كل شخص ، سواء كان وحده أو بين الجماعة ، له الحق في أن يتملك ، ولا يجوز حرمان أحد من ملكه تحكما واعتسافا " ... والملكية الذاتية هي الكفيل ، في ميدان النشاط الاقتصادي ، بأجود ما يكون من الإنتاج . ولا يهب الإنسان نشاطه كاملا للعمل إلا ليكفل لنفسه ، وليكفل بالأخص لأولاده من بعده ، قدراً من الثروة يكون من شأنه الارتفاع بمستوى معيشته . ولن تجد ، في أي نظام من نظم التسخير في العمل ، بديلا من هذا الحافز للنشاط الإنساني " ( مازو فقرى 1304 ص 1064 ) &%$ ) .

2 – للملكية وظيفة اجتماعية

338 – الأساس الذي تقوم عليه الوظيفة الاجتماعية للملكية : وإذا كان حق الملكية حقا ذاتيا على النحو الذي بسطناه ، فإن لهذا الحق وظيفة اجتماعية يجب أن يقوم بها . وقد وقف التقنين المدني الفرنسي في سنة 1804 عند ذاتية تحق الملكية ، وأغفل كثيراً من مظاهر الوظيفة الاجتماعية التي لهذا الحق . ولكن المذاهب الاشتراكية التي بدأت تنتشر طوال القرن التاسع عشر ، $ 554 $ وأخذت تنفذ إلى صميم النظم الاجتماعية والاقتصادية والقانونية ، ووصلت إلى الأوج من انتشارها في القرن العشرين ، ما لبث أن أبرزت جانب الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية ، وأن ذلك بطبيعة الحال على حساب جانب الذاتية في هذا الحق .

ولا شط في أن الملكي حق ذاتي وحق اجتماعي في وقت واحد . أما أنها حق ذاتي ، فقد تقدم القول في ذلك ، أما أنها حق اجتماعي فينهض أساسا لذلك أمران : ( 1 ) مبدأ التضامن الاجتماعي ، فإن هذا المبدأ يقضي بوجوب التعاون في المجتمع . والملكية من أهم الدعائم التي يقوم عليها هذا التعاون ، فالمالك يجب أن يعتبر نفسه ، كما هو الواقع ، عضواً في المجتمع الذي يعيش فيه ، يأخذ منه ويعطيه . ( 2 ) على أن المالك ، إذا كان قد كسب ملكه بعمله كما سبق القول ، مدين أيضاً للمجتمع بما كسب . فليس عمله وحده هو الذي أكسبه المالك ، بل إن المجتمع ساهم مساهمة ملحوظة في جهود المالك هي على نفس مستوى مساهمة الأسره أو لعلها تزيد ، فإذا كانت مساهمة الأسرة هي أحد مبررات الميراث ، فلا شك في أن مساهمة المجتمع تبرر هي الأخرى أن تكون للملكية وظيفة اجتماعية ( $%&[1] ) وقد كان الأستاذ duguit هو الذي صاع نظرية الملكية كوظيفى اجتماعية في وضعها الحديث ( كاربونييه ص 78 ) . ففي كتابه في الاتجهات العامة في القانون الخاص منذ تقنين نايليون ، قرر أن الملكية ليست حقا بل هي وظيفى اجتماعية ، على المالك أن يقوم بالوظيفى الاجتماعية التي لحق الملكية ، وإلا فإن القانون لا يحميه . وتشتمل وظيفى الملكية على عنصرين : العنصر الأول هو ما على المالك من واجب وما له من سلطته ، في استعمال مملكه للوفاء بحاجاته الخاصة ، فيوسع من الآلات نشاطه المادي والمعنوي . والعنصر الثاني هو ما على المالك من واجب وما له من سلطة في استعمال ملكه للوفاء بحاجات المجتمع ، فيساهم في تقدم الجامعة . أنظر أيضاً في هذا الصدد محمد على عرفه فقرة 150 ص 187 – ص 188 .

وتقول الأساتذه مازو في هذا المعنى : " إذا كان حق الملكية يجب أن يكون ذاتيا ، فإن استعماله يجب أن يكون اجتماعيا . ومعنى ذلك أن على المالك أن يقيم في اعتباره وزنا لمصالح الغير ، ويستطيع المشرع أن يرغمه على أن يفعل إذا كان قد نسى . وهذا هو الذي يبرر القيود التي تحد من إطلاق حق الملكية ، ويبرر فرض الضرائب على الإيراد وعلى رأس المال . والضرائب هي نصيب الجماعة يعود إليها ، وهي المساهمة الإجبارية في الأعمال التي تدخل في ذائرة المصلحة العام " ( مازو فقرى 1304 ص 1065 ) .&%$ )

 $ 555 $

ومقتضى أن تكون للملكية وظيفة اجتماعية هو أن يقيد حق الملكية ، لا للمصلحة العامة فحسب ، بل أيضاً للمصلحة الخاصة .

339 – تفييد حق الملكية للمصلحة العامة : جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي كما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرى 332 .&%$ ) : حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة ، فالمصلحة العامة هي التي تقدم ، فما ينبغي أن تقف الملكية حجرة عثرة في سبيل تحقيق المصلحة العامة ، ولا يدخل هذا في وظبفتها الاجتماعية " . وقد رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرى 334 .&%$ ) أن نطاق الملكية يتسع حتى يشمل سطح الأرض وما فوقها وما تحتها . وليس معنى ذلك أن مالك الأرض يسوغ له أن يمنع أي عمل يقام به للمصلحة العامة فوق سطح الأرض أو تحتها ، كمرور الأسلاك المعدة للواصلات التلغرافية أو التلفونية أو المعدة للإضاءة أو لنقل القوى الكهربائية ومواسير المياه والغاز ( أنظر القانون رقم 93 لسنة 1939 ) وبوجه عام ليس للماك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو أو العمق لا تضر بصاحب الأرض . وقد نصت الفقرة الثانية ، المادة 830 مدني على أن " ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها علوا أو عمقا " . أما المناجم التي توجد تحت الأرض فهي مملوكة للدولة لا لصاحب الأرض ، وقد نظم أحكامها قانون خاص سيأتي بيانه .

وقد تصل المصلحة العامة في التعارض مع حق المالك إلى حد أن تلغي هذا الحق . وقد أجاز القانون فعلا نزع الملكية للمنفع العامة بشوط وقيود سيأتي بيانها .

كذلك قد تقتضي المصلحة العامة تأميم الملك ونقله إلى الدولة ، كما وقع ذلك في شأن البنوك وشرطات التأمين والشرطات الصناعية ، فلا يجوز أن يقف حق الملكي حائلا دون ذلك .

ثم إن هناك كثيراً من القيود ترد على حق الملكية ، قررتها القوانين واللوائح لمصلحة عامة اقتضتها . وقد فرضت المادة 860 مدني " على المالك أن يراعي في استعمالي حقه ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة $ 556 $ العامة ... " . ومن أهم هذه القيود حقوق الارتفاق الإدارية ، كحقوق التطرق المتعلقة بالشوارع وهي الارتفاقات التي يتحمل بها الملاك الذين توجد أملاكهم على جانبي الطريق العام كتقرير خط التنظيم وعدم البناء من غير رخصة أو هدم الأبنية المختلة أو الآيلة للسقوط ، والحقوق المتعلقة بمجاري المياه كحق الحكومة في قلع الأشجار المغروسة في الجسور وميول الترع العامة إذا كانت هذه الأشجار تعوق سير المياه في الترع أو تعطل الملاحة فيها أو تمنع السير على جسورها . ومن هذه القيود أيضاً ما تقرر لمصلحة الأمن العام أو الصحة العامة ، كالقيود التي تجب مراعاتها في إنشاء العزب والزرائب ، أو المحال العامة ، أو المحال المقلقة ببراحة والضارة بالصحة والخطرة ، أو إقامة الآلات الرافعة ، أو تركيب الآلات البخارية ، أو إحداث الحفر أو البرك . ومن هذه القيود ما تقرر لمصلحة الزراعة ، كالقيود الخاصة بوقاية القطن والمحاصيل الأخرى ، ومنع زراعة القطن في أكثر من مساحة معينة . ومنها ما تقرر للمصلحة الحربية ، كإنشاء مناطق خطر حول القلاع . ومنها ما وضع لحفظ الثروة القومية إنمائها ، كالقيود الخاصة بالمناجم وحكاية الآثار التاريخية . وسيأتي بيان ذلك عند الكلام في القيود التي ترد على حق الملكية ( $%&[1] ) أنظر ما يلي فقرى 396 – فقرى 400 .&%$ ) .

 340 – تقييد حق الملكية للمصلحة الخاصة : تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، كما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفا فقرى 332 .&%$ ) ، في هذا الصدد : " حيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هي أولى بالرعاية من حق المالك ، فإن هذه المصلحة الخاصة هي التي تقدم ، بعد أن يعوذ المالك تعويضاً عادلا . وهنا نجد القيد الذي يرد على حق الملكية قد تقرر ، لا للمصلحة العامة ، بل للمصلحة الخاصة " . وهذا المظهر من تقييد حق الملكية للمصلحة الخاصة هو أبلغ مظهر لمبدأ التضامن الاجتماعي ، ولكون الملكية لها وظيفة اجتماعية يجب عليها أن تؤديها .

فالمبدأ الأساسي إذن هو أنه حيث تتعارض مصلحة المالك مع مصلحة خاصة لأجنبي ، فليس من الضرورة أن تقدم مصلحة الملك ، وقد كان من الضرورة تقديمها لو أن الملكية حق ذاتي فحسب . ولكن الملكية لها وظيفة $ 557 $ اجتماعية ، وهذه الوظيفة تقضي بأنه تجب الموازنة بين مصلحة المالك ومصلحة الأجنبي ، فإن كانت مصلحة الأجنبي أولى بالرعاية من مصلحة المالك ، وجب تقديم مصلحة الأجنبي مع تعويض المالك التعويض العادل . وبذلك تكون الملكية قد أدت وظيفتها الاجتماعية على خير وجه يقضي به التضامن الاجتماعي .

وإذا رجحت مصلحة الأجنبي على مصلحة المالك ، فأقل ما يطلب من المالك أعمال سلبية يمتنع بها عن الإضرار بالجار . وقد يجاوز الأمر الأعمال السلبية من المالك ، إلى أعمال إيجابية من الجار . بل قد يصل الأمر إلى حد أن يقتضي من الملك نفسه أن يقوم بأعمال إيجابية لمصلحة الغير ، وقده هي أبلغ ماهر الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية ، وبها يكون التضامن الاجتماعي قد بلغ الذروة في التقييد من سلطان المالك .

341 – أعمال سلبية من المالك : الأمثلة كثيرة على الأعمال السلبية التي تقضى من المالك حتى يقوم بما للملكية من وظيفة اجتماعية ، وسنعرض لها تفصيلا عند الكلام في القيود التي ترد على حق الملكية . ونجتزئ هنا بإيراد بعض الأمثلة :

1 – يجب على المالك أن يمتنع عن استعمال ملكه بحيث يضر بالجار ضررا فاحشا ، وإذا جاز للمالك أن يطلب من جاره أن يتحمل مضار الجوار المألوفة ، فليس له أن يحمله المضار غير المألوفة للجوار . وفي هذا المعنى تقول المادة 807 مدني : " 1 – على المالك ألا يلغو في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار . 2 – وليس للجار أن يرجع على جاره في مضار الجوار المألوفة التي لا يمكن تجنبها ، وإنما له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف ، على أن يراعي في ذلك العرف ، وطبيعة العقارات ، وموقع كل منها بالنسبة إلى الآخر ، والغرض الذي خصصت له . ولا يحول الترخص الصادر من الجهات المختصة دون استعمال هذا الحق " .

2 – لمالك الحائط أن يتصرف في حائطه كما يشاء ، فله أن يرممه إذا احتاج إلى الترميم ، وله أن يعدل في طريقه بنائه ، وله أن يهدمه ويعيد بنائه ، بل له أن يهدمه ويعيد بنائه ، بل له أن يهدمه ثم لا يعيد بناءه . ولا يجبر على النزول $ 558 $ عن جزء من حائطه لجاره الملاصق ، إلا في حالة خاصة نصت عليها المادة 816 مدني . ومع ذلك إذا كان الجار يستتر بالحائط ، امتنع على صاحب الحائط هدمه مختارا دون عذر إن كان الهدم يضر بالجار . وتنص المادة 818 مدني في هذا الصدد على أنه " 1 – ليس الجار أن يجبر جاره على تحويط ملكه ، ولا على النزول عن جزء من حائط أو من الأرض التي عليها الحائط إلا في الحالة المذكورة في المادة 816 . 2 – ومع ذلك فليس لمالك الحائط أن يهدمه مختارا دون عذر قوي ، إن كان هذا يضر الجار الذي يستتر ملكه بالحائط " .

3 – في ملكية الطبقات حيث يوجد علو وسفل ، يجوز لكل من مالك العلو و السفل أن يتصرف في ملكه كما يشاء ، فيعدل من بنائه ، ويزيد فيه أو ينتقص منه ، ويعليه إذا كان يحتمل الإعلاء . ومع ذلك يجب على صاحب العلو أن يمتنع عن إعلاء علوه ، إذا كان هذا الإعلاء يحمل السفل ثقلا جسميا بحيث يضر به . وتنص المادة 816 مدني على هذا الحكم فتقول : " لا يجوز لصاحب العلو أن يزيد في ارتفاع بنائه بحيث يضر بالسفل " .

342 – أعمال إيجابية من الغير : وقد تقتضي الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية أن يتدخل الغير تدخلا إيجابيا في انتفاع المالك بملكه ، ليتوقى ضررا أشد بكثير من الضرر الذي يصيب المالك من التدخل ، على أن يعوض المالك التعويض العادل . وقد طبق هذا المبدأ تطبيقات بعيدة المدة ، نذكر مها ما يأتي :

1 – لمالك المسقاة أو المصرف أن ينتفع بمسقاته أو مصرفه ، وأن يستقل بهذا الانتفاع فلا يشاركه فيه أحد . ومع ذلك يجوز للجار أن يأخذ ماء من المستقاة ( حق الشرب ) لري أرضه ، أو يصرف ماءه في المصرف ( حق الصرف ) ، بعد أن يكون المالك قد استوفى حاجته من مسقاته أو مصرفه . وتنص المادة 808 مدني على هذا الحكم على الوجه الآتي : " 1 – من أنشأ مسقاة أو مصرفا خصوصيا ، طبقا للوائح الخاصة بذلك ، كان له وحده حق استعمالها . 2 – ومع ذلك يجوز للملاك المجاورين أن يستعملوا المسقاة أو المصرف فيما تحتاجه أراضيهم من ري أو صرف ، بعد أن يكون مالك المسقاة أو الصرف $ 559 $ قد استوفى حاجته منها . وعلى الملاك المجاورين في هذه الحالة أن يشتركوا في نفقات إنشاء المسقاة أو المصرف وضيانتهما بنسبة مساحة أراضيهم التي تنتفع منها " .

2 – مالك الأرض حر في التصرف في ملكه كما يشاء ، وله أن يمنع غيره من الانتفاع بالأرض . ومع ذلك يجوز للجار أن يجبر المالك على أن تمر بأرضه المياه الكافية لري أرض الجار البعيدة عن مورد المياه ( حق المجرى ) ، أو أن تمر بأرضه مياه الصرف الآتية من أرض الجار لتصب في أقرب مصرف عام ( حق المسيل ) ، بشرط تعويض المالك تعويضاً عادلا . وتنص المادة 709مدني على هذا الحكم فيما يأتي : " يجب على مالك الأرض أن يسمح بأن تمر بأرضه المياه الكافية لدى الأراضي البعيدة عن مورد المياه ، وكذلك مياه الصرف الآتية من الأراضي المجاورة لتصب في أقرب مصرف عمومي ، بشرط أن يعوض عن ذلك تعويضاً عادلا " .

3 – لمالك الأرض أن يمنع جاره من المرور بأرضه . ومع ذلك إذا كانت أرض الجار محبوسة عن الطريق العام ، فإن للجار حق المرور في أرض جاره بالقدر اللازم لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف ، وذلك في نظير تعويض عادل . وهذا ما يسمى بحق المرور ، وقد نصت عليه الفقرة لأولى من المادة 812 مدني على الوجه الآتي : " مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام ، أو التي آل يصلها بهذا الطريق ممر كاف ، إذا كان لا يتيسر له الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة ، له حق المرور في الأراضي المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف ، ما دامت الأرض محبوسة عن الطريق العام ، وذلك في نظير تعويض عادل . ولا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضرراً ، وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك " .

343 – أعمال إيجابية من المالك : وهنا تصل الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية إلى أبعد غاياتها ، فيجر المالك على أن يقوم بأعمال إيجابية لمصلحة الغير . ونذكر على سبيل المثال ما يأتي :

1 – في ملكية الطبقات ، يجبر صاحب السفل على أن يقوم بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوك العلو . وتنص المادة 859 مدني في هذا الصدد $ 560 $ على ما يأتي : " 1 – على صاحب السفل أن يقوم بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو . 2 – فإذا امتنع عن القيام بهذه الترميمات ، جاز للقادي أن يأمر ببيع السف ل . ويجوز في كل حال لقاضي الأمور المستعجلة أن يأمر بإجراء الترميمات العاجلة " . بل يصل الأمر ، في اقتضاء أعمال إيجابية من المالك للوفاء بالوظيفة الاجتماعية لحق الملكية ، إلى حد أنه إذا انهدما الطبقتان – العلو و السفل معاً – أجبر صاحب السفل على إعادة بناء سفله ، حتى يتمكن صاحب العلو من بناء علوه هو أيضاً . وقد أوردت المادة 860 مدني هذا الحكم على الوجه الآتي : " 1 – إذا انهدم البناء ، وجب على صاحب السفل أن يعيد بناء سلفه ، فإذا امتنع ، جاز للقاضي أن يأمر ببيع السفل ، إلا إذا طلب صاحب العلو أ يعيد هو بناء السفل على نفقة صاحبه . 2 – وفي الحالة الأخيرة يجوز لصاحب العلو أن يمنع صاحب السفل من السكني والانتفاع حتى يؤدي ما في ذمته ، ويجوز له أيضاً أن يحصل على إذن في إيجار السفل أو سكناه استيفاء لحقه " .

2 – في الملكية على الشيوع ، بجبر أقلية الشركاء على الموافقة على ما تقرره الأغلبية في شأن إدارة المال الشائع . وتقل المادة 828 مدني في هذا المعنى : " 1 - ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة يكون ملزما للجميع ، وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الأنصباء . فإن لم تكن ثمة أغلبية ، فللمحكمة ، بناء على طلب أحد الشركاء ، أن تتخذ من التدابير ما تقضيه الضرورة ، ولها أن تعين عند الحاجة من يدير المال الشائع .

2 – وللأغلبية أيضاً أن تختار مديراً ، كنا أن لها أن تضع للإدارة ولحسن الانتفاع بالمال الشائع نظاما يسري حتى على خلفاء الشركاء جميعا ، سواء أكان الخلف عاما أم كان خاصا . 3 – وإذا تولى أحد الشركاء الإدارة ، دون اعتراض من الباقين ، عد وكيلا عنهم " .

وليس الأمر مقصوراً على أعمال الإدارة المعتادة ، بل يجاوز ذلك إلى ما يخرج عن حدود الغدارة المعتادة ، فتجبر أقلية الشركاء على الموافقة ، تحت رقابة المحكمة ، على ما تقرره الأغلبية من تغييرات أساسية وتعديل في الغرض الذي أعد له المال الشائع . وتورد المادة 829 مدني هذه الأحكام فيما يأتي :

 $ 561 $ " 1 - للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع ، أن يقرروا ، فى سبيل تحسين الانتفاع بهذا المال ، من التغييرات الأساسية والتعديل فى الغرض الذي أعد له / ا يخرج عن حدود الإدارة المعتادة ، على أن يعلنوا إقراراتهم إلى باقى الشركاء . ولمن خال فمن هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان . 3 - وللمحكمة عند الرجوع إليها ، إذا وافقت على قرار تلك الأغلبية ، أن تقرر مع هذا ما تراه مناسبا من التدابير . ولها بوجه خاص أن تأمر بإعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن الوفاء بما قد يستحق من التعويضات " .

بل إن الأمر يجاوز حدود الإدارة المعتادة وغير المعتادة ، ويصل إلى حد التصرف فى المال الشائع . فتجيز أقلية الشركاء على الموافقة ، تحت رقابة المحكمة ، على ما تقرره الأغلبية من التصرف فى المال الشائع ، إذا استندت هذه الأغلبية فى قرارها إلى أسباب قوية . وتنص المادة 832 مدنى على هذا الحكم على الوجه الآتى : " للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع ، أن يقرروا التصرف فيه إذا استندوا فى ذلك إلى أسباب قوية ، على أن يعلنوا قراراتهم إلى باقى الشركاء . ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان . وللمحكمة ، عندما تكون قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء ، أن تقرر تبعا للظروف ما إذا كان التصرف " واجبا " .

3 - وقد جعلت التشريعات الاستثنائية الخاصة بالإيجار ، نظراً لأزمة المساكن ، للمستأجر حقوقا واسعة إزاء المالك ، بحيث يكاد المستأجر يصبح شريكا للمالك فى ملكه . وأجبرت المالك على قبول أنواع شتى من تدخل المستأجر ، وبخاصة فى تعيين حد أقصى للأجرة ، وفى ترك المستأجر يبقى بالعين المؤجرة ، حتى بعد انقضاء مدة الإيجار ، المدة التى يراها . ويستوى فى ذلك إيجار الأمان وإيجار الأراضى الزراعية . وقد دعا ذلك الفقهاء فى فرنسا ، ويشتمل القانون الفرنسى على تشريعات مماثلة ، أن يروا أن المالك قد أصبح اليوم إزاء المستأجر غير خالص الملكية ، بل هو لا يملك على دارة أو أرضه إلا ما كان يسمى فى العصور الوسطى بالملكية المشرفة Domaine $ 562 $ eminent يتقاضى بموجبها أجراً زهيداً ، أما الملكية الحقيقية أو الملكية النافعة ( domaines utile ) فهى للمستأجر ( $%&[1] ) أنظر فى هذا المعنى مارتى ورينو فقرة 36 ص 41 – مازو فقرة 1303 ص 1063 - وقد عرف فى فرنسا ، ما عرف فى مصر ، ما يسمى " خلو الرجل " ، أى مبلغ من المال يأخذه المستأجر لقاء تركه المكان المؤجر لمن يخلفه فيه ويسمى فى فرنسا " " pas de porte " .

وهو عمل معاقب عليه جنائيا فى فرنسا وفى مصر ، ولكنه مع ذلك ، فى فرنسا وفى مصر ، واسع الشيوع فى التعامل . انظر فى فرنسا مازو فقرة 1303 ص 1063 .&%$ ) .

المبحث الثانى
التمييز بين مناطق مختلفة فى الوطنية الاجتماعية لحق الملكية .

344 - المناطق المختلفة فى الملكية وتفاوتها بالنسبة إلى الوظيفة الاجتماعية :

هنا تخرج قليلا عن دائرة القانون إلى دائرة الاجتماع والاقتصاد ، ولذلك نوجز القول .

ونبدأ بملاحظة هامة . فكثيراً ما يختلط عن البحث حق الملكية فى ذاته وسوء توزيع الثروة ، وهما أمران مستقلان أحدهما عن الآخر كل الاستقلال – وكثيراً ما يتخذ من سوء توزيع الثروة فى المجتمع ، واستثناء طبقة قليلة العدد بالقدر الأكبر من ثروة البلاد ، حجة للتدليل على عدم مشروعية حق الملكية ، وكأن إلغاء هذا الحق هو الذي يكفل حسن توزيع الثروة . وواضح أن إلغاء حق الملكية هو إلغاء للثروة نفسها ، فلا يعود هناك محل للنظر فى حسن توزيع الثروة أو فى سوء توزيعها . وواضح أن حق الملكية لا يمس من عدالته أن يكون توزيع الثروة غير عادل ، فإذا ما كان توزيع الثروة غير عادل وجب عندئذ إصلاح نظام توزيع الثروة دون المساس بحق الملكية .

وعند النظر فى الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية ، يحسن التمييز بين مناطق ثلاث : مناطق ثلاث : منطقة الاستهلاك ، ومنطقة الخدمات العامة ، ومنطقة الإنتاج .

ففى منطقة الاستهلاك تكاد الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية تختفى ، وتكاد ملكية الاستهلاك تتمحض حقاً ذاتيا ليس للمجتمع ولا للدولة شأن به ، والشأن كل الشأن هو للمالك المستهلك .

 $ 563 $ أما فى منطقة الخدمات العامة ، كالتعليم والصحة والمرافق العامة ، فالأمر على النقيض من ذلك . والملكية فى هذه المنطقة تتميز بطابعها الاجتماعى ، وتبرز الوظيفة الاجتماعية لملكية الخدمات العامة كل البروز ، ويكون للدولة فيها الشأن الأكبر ، وللتأمين المجال الأوسع .

بقيت منطقة الإنتاج وهذه هى المنطقة التى يطول فيها النقاش والجدل . ومهما يكن من اختلاف الرأى فى هذه المسألة الشائكة ، فلا بد من التسليم أن حق الملكية فى منطقة الإنتاج لها وظيفة اجتماعية بارزة ، بل إن الوظيفة الاجتماعية ترجع الصبغة الذاتية فى ملكية الإنتاج . وإذا وجب أن يكون للنشاط الفردى فى الإنتاج دور هام ، فإن لنشاط الدولة دورا رئيسيا كذلك .

ونتعقب هذه المناطق الثلاث ، فنقول كلمة فى منطقتى الاستهلاك والخدمات العامة وهما طرفا نقيض كما قدمنا ، ثم نعرض لمنطقة الإنتاج .

1-   منطقة الاستهلاك ومنطقة الخدمات العامة

345 - منطقة الاستهلاك : قدمنا أن الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية ، فى منطقة الاستهلاك ، لا تكاد تظهر . وتشمل هذه المنطقة جميع الأموال المملوكة للشخص للوفاء بحاجاته الخاصة . ويدخل فى ذلك نفقات المعيشة ، وما يحتاج إليه الفرد من مأكل ومشرب ، وكسوة وملبس ، وبيت السكنى ، والأثاث والمنقولات الأخرى التى يستخدمها لاستعماله الخاص ، وما يكسبه بعمله من دخل ، وما يدبره بحسن تبصره من ادخار . والملكية هنا هى حق ذاتى ، لا يكاد يكون للوظيفة الاجتماعية شأن بها ، ومن حق مالك هذه الأشياء أن يستأثر بها ، وأن يمنع عنها الاعتداء من أى جانب ، جانب الأفراد أو جانب الدولة . وله أن يتصرف فيها بجميع التصرفات ، وأن يستهلكها على الوجه الذي يريد ، فإن الغرض من هذه الأموال هو الاستهلاك ، وتنتقل منه بعد الموت إلى ورثته .

وهذه الحقائق مسلم بها من الجميع ، لا يكاد يخالف فيها أحد . وتقرها أشد المذاهب الاشتراكية تطرفا ، ويدخل فى ذلك المذهب الشيوعى نفسه ، ويسميها بالملكية الشخصية ( Propriete Personnelle ) . فقد نصت المادة $ 564 $ العاشرة من دستور الاتحاد السوفيتى الصادر فى 5 ديسمبر سنة 1936 على ما يأتى : " حق الملكية الشخصية للمواطنين ، فى دخلهم وادخارهم ، وفى منزل السكنى وما يتبعه من اقتصاد منزلى ، وفى الأشياء التى تفى بالحاجات المنزلية ، وفى الأشياء المخصصة للاستهلاك وللحاجات الشخصية ، وكذلك الحق فى انتقال الملكية الشخصية للمواطنين عن طريق الميراث ، كل هذا يحميه القانون " ( $%&[1] ) David et Hazard فى القانون السوفيتى سنة 1954 جزء 2 ص 5 وما بعدها Arminjon, Baron Nolde et M . Wolff فى القانون المقارن جزء 3 سنة 1952 فقرة 896 وفقرة 918 - أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Propriete فقرة 3 .

وأنظر مارتى ورينو فقرة 37 ص 44 .&%$ ) .

346 - منطقة الخدمات العامة : والملكية فى هذه المنطقة تتميز بأنها ليست ملكية استهلاك واستعمال شخصى كما هو الأمر فى منطقة الاستهلاك ، وليست ملكية استغلال كما هو الأمر فى منطقة الإنتاج ، بل هى ملكية أعدت لتوزيع الخدمات العامة على أفراد الشعب ، فلا يستأثر بها فرد دون آخر . ويدخل فى هذه المنطقة الصحة العامة ، والتعليم ونشر الثقافة ، والتأمينات الاجتماعية بمختلف أنواعها من تأمين من العجز والمرض والشيخوخة ، إلى تأمين من البطالة ، إلى تأمين من الإصابات ، وما إلى ذلك من أنواع التأمين . كما يدخل فى المرافق العامة من ماء ونور وغاز وطرق مواصلات وغير ذلك .

وتنظيم الخدمات العامة وتوزيعها على الأفراد يحسن أن يكون على أساس محل لا على أساس مركزى ، فيتولى كل إقليم الوفاء بحاجات سكانه ، وهو أبصر بها واقدر على تنظيمها .

والملكية التى تكفل هذه الخدمات ، على خلاف ملكية الاستهلاك ، وظيفتها الاجتماعية بارزة بروزاً واضحا كما سبق القول . بل إنه يحسن أن تتولى الدولة والأشخاص العامة الإقليمية أداء هذه الخدمات ، ويحل نشاطها فى هذه المنطقة محل النشاط الفردى . ذلك أن النشاط الفردى لا بد له من حافز ، وخير حافز له هو الربح المادى . وأكثر الخدمات العامة ، إذا توخى القائمون بها حسن أدائها وعدالة توزيعها ، لا تدر ربحا بل تعود على موزعها بالخسارة $ 565 $ فتعليم أفراد الشعب نفقاته باهظة ، دع أنه من المرغوب فيه أن يكون التعليم مجاناً ، فمن حق جميع أفراد الشعب ، الأغنياء والفقراء على السواء ، أن يتعلموا وأن يصلوا فى التعليم إلى أقصى مرحلة يستطيع أن يبلغها الفرد بمواهبة العقلية . وكذلك الخدمات الصحية العامة المستشفيات يجب أن تكون فى متناول أفراد الشعب ، مجانا أو بأجر زهي . وهذا هو أيضاً شأن التأمينات الاجتماعية والمرافق العامة ، يجب أن تؤدى لجميع أفراد الشعب بأقل ما يمكن من النفقات ، ومن أجل ذلك يكون من المرغوب فيه أن يحل محل النشاط الفردى فى منطقة الخدمات العامة نشاط الدولة ، فهى وحدها القادرة على بذل النشاط اللازم دون سعى وراء الكسب .

وقد يكون هناك مجال محدود للنشاط الفردى ، فى منطقة الخدمات العامة ، إلى جانب نشاط الدولة . فقد تؤسس مستشفيات ومدارس خاصة ، إلى جانب مستشفيات الدولة ومارسها . ولكن الملكية فى حدود هذا النشاط افردى تكاد تكون وظيفة اجتماعية محضة . ويجب أن تبسط الدولة رقابتها على هذا النشاط حتى لا يكون الربح المادى هو رائدة الأول ، بل يحسن أن يكون القائم بهذا النشاط جمعيات وهيئات خيرية تكرس جهودها لخدمة المجتمع .

2-   منطقة الإنتاج

347 - الإنتاج يسوده بوجه عام النشاط الفردى : وفى منطقة الإنتاج يحتدم الخلاف بين المذاهب الاشتراكية والمذاهب الفردية . ففى المذاهب الاشتراكية يجب أن تكون وسائل الإنتاج جميعها ملكا للدولة ، ويحل فى منطقة الإنتاج نشاط الدولة محل النشاط .

ولما كان الإنتاج خاضعا لقوانين اقتصادية صادقة لا يمكن الإفلات منها ، فليس بمجد إغفال هذه القوانين . ومن أهمها أن يكون للإنتاج حافز من الربح المادى ، ولا يتوافر ذلك إلا للنشاط الفردى .

لا شك فى أن لنشاط الدولة مجالا واسعا العمل فى منطقة الإنتاج ، ولكن هذا المجال إنما يكون فى الميادين التى لا يستطيع النشاط الفردى أن يقوم بأعبائها على وجه مرضى . فكثير من الصناعات الناشئة ، وبخاصة الصناعات الثقيلة ، $ 566 $ وكثير من المشروعات التى لا بد منها لقيام الاقتصاد القومى على أسس سليمة هى غير مجزية اقتصاديا ، يرجع فيها نشاط الدولة على النشاط الفردى ، ومن الخير أن يحل فيها القطاع العام محل القطاع الخاص . ولكن يجب السير بحذر وتبصر فى تأميم هذه المشروعات ، فلا يمتد التأميم إلى المشروعات التى نجحت واستقرت بفضل النشاط الفردى .

والزراعة هى أوسع المجالات وأفسح الميادين للنشاط الفردى ، وقد دلت التجارب على أن النشاط الفردى فى الزراعة يرجح كثيرا نشاط الدولة ، ولا شأن لنا هنا بحسن توزيع الأرض على العاملين فيها ، فهذه مسألة عدالة اجتماعية وليست مسألة اقتصادية . والمشروع كفيل بسن القوانين التى تكفل هذه العدالة ، فيعين حدا أقصى للملكية الزراعية على الوجه الذي يراه عادلا ، ولكن ذلك لا يمنع من أن يكون النشاط الفردى فى الزراعة ، فى أى نظام يختاره المشرع لتوزيع الأرض ، هو العامل الرئيسى فى قيام الزراعة على أسس اقتصادية سليمة .

والصناعة كذلك مجال واسع للنشاط الفردى ، وقد يختلط بالنشاط الفردى هنا نشاط الدولة على الوجه الذي بيناه .

والتجارة ، وهى الوسيلة لإيصال السلعة من المنتج إلى المستهلك ، فى أشد الحاجة إلى التنظيم ولابد لها من حافز من حافز الربح المادى . ولذلك يجب أن يسود فيها النشاط الفردى بوجه عام ، وقد يكمله فى بعض النواحى نشاط الدولة .

348 - مظاهر الوظيفة الاجتماعية للملكية فى منطقة الإنتاج : ومهما يقم من خلاف فى ضرورة النشاط الفردى فى منطقة الإنتاج ، فمن المسلم به أن الملكية الفردية فى هذه المنطقة لها وظيفة اجتماعية بارزة . فالمنتج المالك يجب أن يعتبر ملكيته وسيلة ، لا لخدمة منفعته الشخصية فحسب ، بل هى أيضاً وسيلة لخدمة المجتمع ، والمجتمع شريك له فى هذه الملكية . والدولة هى التى تمثل المجتمع ، فهى الشريكة فى ملكية الإنتاج .

وتتمثل هذه الشركة بوجه خاص فى أمرين : ( الأمر الأول ) أن يكون للدولة حق التوجيه والرقابة على النشاط الفردى فى منطقة الإنتاج . فجودة الإنتاج ، $ 567 $ وحسن خدمته للاقتصاد القومى . وتجنب الاستغلال وهو آفة الإنتاج الفردى ، كل هذا لا بد له من رقيب ، وخير رقيب هو الدولة . للدولة حق التخطيط للنشاط الفردى ، وقد تلجأ فى بعض الحالات إلى التأميم إذا اقتضى ذلك حسن نظام الاقتصاد القومى ، بشرط التعويض العادل مقدما لمن تنزع ملكيته . ( والأمر الثانى ) أن يكون للمجتمع حصة معلومة فى ملكية الإنتاج ، يتفق منها على الخدمات العامة . وهذه الحصة هى الضرائب المختلفة التى تتقاضاها الدولة من المنتجين والعاملين ، على أن يكون الممول ممثلا تمثيلا صحيحا فى حكومة ديمقراطية .

349 - العدالة الاجتماعية فى التوزيع بين رأس المال والعمل – الملكية الفردية وملكية المشروع : ويجب أن يقوم البناء الاقتصادى على أساس من العدالة فى التوزيع ، فالمشروع الإنتاجى ليس ملكا خالصا لصاحبه ، بل يشترك معه فيه العاملون فى المشروع . ويجب توزيع الربح بنسبة عادلة بين المالك والعاملين ، وهذا ما يسمى بملكية المشروع ، ويقابله الملكية الفردية .

فصاحب المصنع مثلا هو صاحب رأس المال ، وفى الوقت ذاته هو الذي يدير المشروع . وأرباح المصنع يجب أن توزع توزيعا عادلا بين رأس المال والعمل ، فيتقاضى صاحب المصنع من الأرباح حصة تمثل فوائد رأس المال . أما بقية الأرباح فيجب توزيعها بينه وبين سائر العاملين فى المشروع ، كل بقدر أهمية عمله . ومن ثم يكون للعاملين فى المشروع حصة فى أرباح المصنع توزع عليهم توزيعاً عادلا ، وهذا إلى جانب الأجور التى يتقاضونها . ذلك لأنهم ساهموا فى الإنتاج وفى تسيير المشروع ، ولأن الأرباح قد نتجت لا عن رأس المال فحسب ، بل أيضا عن العمل . فهى أرباح ، لا لملكية رأس المال ، بل لملكية المشروع ( $%&[1] ) انظر فى ملكية المشروع : Rouast فى تطور حق الملكية ، ضمن دراسات جماعة هنرى كليتبان جزء أول سنة 1945 ص 45 وما بعدها - جزء 2 سنة 1946 ص 118 - ص 119 - Durand فى الفكرة القانونية للمشروع ، ضمن دراسات جماعة هنرى كابيتان جزء 3 سنة 1947 ص 45 - Durand et Jaussaud فى القانون العمل جزء أول سنة 1947 فقرة 335 وما بعدها – Saint - Alary فى الفكرة القانونية للمشروع الزراعى فى المجلة الفصلية للقانون المدنى سنة 1950 ص 129 وما بعدها – كولان وكابيتان ودى لامور انديير 1 فقرة 961 – كاربونييه ص 88 – Nerson فى انسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Propriete فقرة 3 ص 281 .&%$ ) .

 $ 568 $ الفصل الثانى

نطاق حق الملكية ووسائل حمايته

الفرع الأول

نطاق حق الملكية

350 - مدى حق الملكية : يملك المالك الشىء أصلا وفرعا . يملكه المالك الشىء أصلا وفرعا . يملكه أصلا ، فتتناول الملكية الشىء ذاته أى عناصره الجوهرية ، فإذا كان الشىء أرضا شملت الملكية سطح الأرض وما فوقها وما تحتها . ويملكه فرعا ، فتتناول الملكية ما يلحق بالشىء وما يتفرع عنه من ثمار ومنتجات .

المبحث الأول

شمول الملكية الشىء ذاته – الأرض وما فوقها وما تحتها

351 - نص قانونى : تنص المادة 803 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - مالك الشىء يملك كل ما يعد من عناصره الجوهرية ، بحيث لا يمكن فصله عنه دون أن يهلك أو يتلف أو يتغير " .

 " 2 - وملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها ، إلى الحد المفيد فى التمتع بها علوا أو عمقاً " .

 " 3 - ويجوز بمقتضى القانون أو الاتفاق أن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها أو ما تحتها ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1163 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " 1 - من يملك الشىء يملك كل ما يعد بحكم العرف من عناصره الجوهرية . بحيث لا يمكن فصله عنه دون أن يهلك أو يتغير فصله عنه دون أن يهلك أو يتغير . 2 - ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد الذى يصلح للاستعمال علوا أو عمقا ، غير أنه ليس للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو أو العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة فى منعه . 3 - يجوز بناء على نص القانون أو الاتفاق أن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها أو ما تحتها " . وفى لجنة المراجعة أجريت بعض تعديلات لفظية ، وأصبح رقم المادة 871 فى المشروع النهائى . وفى لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب حذفت العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية وهى " غير أنه ليس للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو أو العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة فى منعه " ، وذلك " لأن هذا الإيضاح لا ضرورة له وهو مفهوم من صدر الفقرة " . ووافق مجلس النواب على هذا التعديل ، وأصبح رقم المادة 870 . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذف من الفقرة الأولى عبارة " بحكم العرف " لأن العرف ليس هو المرجع الأول فى تحديد العناصر الجوهرية ، بل يرجع فى ذلك أولا إلى طبيعة الأشياء ثم إلى العرف بعد ذلك . وقد أصبح النص مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمه 803 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية ص 16 - ص 19 ) .&%$ ) " .

 $ 569 $ ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الأحكام كانت معمولا بها دون نص ( $%&[1] ) نقص مدنى 23 يناير سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 63 ص 216 - بنى مزار 25 يناير سنة 1931 المحاماة 13 رقم 450 ص 921 .&%$ ) .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 769 – وفى التقنين المدنى الليبى م 812 - وفى التقنين المدنى العراقى م 1049 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 13 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 769 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 812 ( مطابق – فيما عدا أن الفقرة الثانية تنتهى بالعبارة الآتية : " وذلك دون الإخلال بأحكام القانون الخاص بالمحاجر والمناجم " ) .

التقنين المدنى العراقى م 1049 ( موافق ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى م 13 : تشمل ملكية الأرض ملكية ما فوق السطح وماتحته ، وعليه فإن لمالك الأرض أن يغرس فيها ما يشاء من الأغراس وأن يبنى ما يشاء من الأبنية ، وأن يجرى فيها حفريات إلى أى عمق شاء ، وأن يستخرج من هذه الحفريات كل ما يمكن أن تنتجه ، ضمن التقيدات الناتجة عن القوانين والقرارات والأنظمة . ( وأحكام التقنين اللبنانى تتفق مع أحكام التقنين المصرى – انظر فى نطاق حق الملكية فى القانون اللبنانى : حسن كيرة فى الحقوق العينية الأصلية فى القانون المدنى اللبنانى المقارن مذكرات على الآلة الكاتبة سنة 1965 ص 89 - ص 98 ) .&%$ ) .

 $ 570 $ ويتبين من النص المتقدم الذكر أن مالك الشىء يملك كل ما يعد من عناصره الجوهرية . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى : " فالشىء المملوك يشمل حق الملكية فيه جميع أجزائه المكونة له ، والجزئية آيتها أن يكون الجزء مندمجا فى الكل ، بحيث لو فصل منه لهلك الشىء أو تلف أو تغير " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 17 . &%$ ) . فإذا كان الشىء منقول سهل التعرف على ذاتيته وأجزائه ، فالسيارة أو الكتاب مثلا يمكن نقله من مكان إلى آخر ، وينتقل بطبيعة الحال بجميع أجزائه ، ومن ثم يمكن تحديد هذه الأجزاء ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 250 .&%$ ) . أما إذا كان عقار ( $%&[1] ) انظر فيما يعتبر أجزاء من العقار ( أى عناصره الجوهرية ) ، أرضا كان أو نباتا أو مبانى أو منشآت : آنفاً فقرة 9 فقرة 11 .&%$ ) ، فإن كان بناء فإن تماسك أجزاء البناء تحصر هذه الأجزاء . بقى ما إذا كان العقار أرضا ، وملكية الأرض – كما تقول المادة 803 / 2 مدنى سالفة الذكر – تشمل ما فوقها وما تحتها ، أى الأرض علوا وعمقا . وقد يوجد فى باطن الأرض ( أى العمق ) مناجم أو محاجر تحوى مواد معدنية أو خامات ، وهذه لا تكون مملوكة لصاحب الأرض بل هى ملك الدولة ، ولها أحكام خاصة تكفل ببيانها قانون المناجم والمحاجر .

فنبحث إذن مسألتين : ( 1 ) الأرض علوا وعمقاً . ( 2 ) المواد المعدنية والخامات فى المناجم والمحاجر .

الأرض علوا وعمقا

352 - مالك سطح الأرض يعتبر مالكا للعلو والعمق : الأصل أن من يملك سطح الأرض يعتبر مالكا لما فوقها ( dessus ) أى للعلو ( hanteur ) ، ولما تحتها ( dessous ) أى للعمق ( profondeur ) . وقد أكدت هذا المعنى المادة 922 / 1 مدنى إذ تقوله : " كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض ، إقامة على نفقته ، ويكون مملوكا له " .

 $ 571 $ ولكن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس . فيجوز أن يقابل الدليل ، فى مواجهة صاحب سطح الأرض ، على أن أجنبيا قد أقام هذه المنشآت على نفقته ، كما يجوز أن يقام الدليل على أن مالك الأرض قد خول أجنبيا ملكية منشآت كانت قائمة من قبل أو خوله الحق فى إقامة هذه المنشآت وتملكها ( م 922 / 2 مدنى ) . وقد تقرر المادة 803 / 3 مدنى كما رأينا أنه " يجوز بمقتضى القانون أو الاتفاق أن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها أو ما تحتها " . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وقد أشار المشروع إلى جواز فصل ملكية سطح الأرض عن ملكية ما فوقها وعن ملكية ما تحتها ، ويكون ذلك بناء على تشريعات خاصة أو بمقتضى الاتفاق . ومثل التشريعات الخاصة قانون المناجم يفصل ملكيتها عن ملكية الأرض ... ويجوز بالاتفاق تملك ما فوق السطح أو ما تحته مستقلا عن السطح نفسه ، ولا يعتبر هذا الاتفاق مخالفا للنظام العام . وما حق القرار وما حق الحكر وحق التعلى إلا ضروب مختلفة من ملكية ما فوق السطح " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 18 .&%$ ) .

وكما يجوز فصل العلو أو العمق عن السطح باتفاق ، يجوز هذا الفصل أيضا بوصية ، أى بإرادة منفردة . فالفصل يكون إما بقانون أو بتصرف قانونى ، سواء كان التصرف اتفاقا أو وصية ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن من المقرر قانونا أن كل من ملك أرضا صار مالكا ما فوقها وما تحتها أيضا ، إلا إذا ظهر من سند الملكية أنها لاتتضمن كل ذلك ( نقص مدنى 23 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 63 ص 216 ) . وقضت أيضا بأن ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها ، متى كان لا يوجد اتفاق على خلاف ذلك ( نقض مدنى 3 نوفمبر سنة 1955 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاما جزء 2 ص 990 ) .

وقضت محكمة النقض الفرنسية أن ما تحت الأرض يجوز أن يكون وحدة مستقلا محلا لنزع الملكية للمنفعة العامة ( نقض فرنسى أول أغسطس سنة 1866 داللوز 66 - 1 - 305 ) .

وعلى من يدعى أنه يملك العلو أو العمق منفصلا عن السطح عبء إثبات ذلك فى موجهة مالك السطح ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 253 ص 254 - مارتى ورينو فقرة 104 ) .&%$ ) .

والعكس غير صحيح . فملكية العلو أو العمق لا تقوم قرينة على ملكية السطح ، فمالك العلو أو العمق ، إذا ادعى ملكية السطح ، عليه هو أن يثبت ذلك ( $%&[1] ) أوبرى ورو 2 فقرة 192 ص 267 - بودرى وشوفو فقرة 331 ص 235 ص 236 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 253 ص 254 – نقض فرنسى 25 يونيه سنة 1941 جازيت دى باليه 1941 - 2 - 98 .&%$ ) .

 $ 572 $ 353 - العلو : وملكية العلو هى التى تسمح لصاحب السطح أن يقيم فوق الأرض منشآت أو بغرس فيها أو يزرعها ، كذلك تمكن له من النور والهواء ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " وتكون طبقة الهواء وهى فوق السطح مملوكة لصاحب الأرض بالقدر الذى يمكن به تملك الهواء ، وكذلك حق التعلى وهو حق البناء فوق الأرض طبقات بعضها فوق بعض " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 17 ) . وللمالك أن يعلو بالبناء العدد الذى يشاء من الطبقات ، فى حدود القوانين واللوائح الخاصة بالبناء .&%$ ) . وللمالك أن يمنع الغير من الاعتداء على علوه ، فإذا امتد الشجر أو الزرع فى الأرض المجاورة ، وتفرعت أعضائه حتى احتلت حيزاً من العلو المجاور ، كان لمالك هذا العلو أن يطلب من جاره قطع ما امتد من الشجر أو الزرع إلى علوه . وليس لصاحب الشجر أو الزرع أن يمتنع عن ذلك بدعوى أن هذا الامتداد لم يحدث ضرر للجار ، فمجرد الامتداد إلى العلو يكون ضررا كافيا ( $%&[1] ) وقد قضى بأنه يسوع للمالك الذى تمتد على أرضه أشجار جاره أن يلزم ذلك الجار بثقليم فروع هذه الأشجار التى تحجب عن أرضه الشمس فتسبب ضررا لزراعته . وإذا كان الضرر ناشئا عن امتداد جذور تلك الأشجار فغير ممكن ، لأن يحرم المالك من حرية التصرف فى ملكه بما يريد ، الأمر الذى يتنافى مع حق الملك ( طنطا الكلية 9 فبراير سنة 1926 المحاماة 6 رقم 304 ص 435 ) .&%$ ) . كذلك إذا صاد الجار وهو فى أرضه طيراً فى أرض جاره ، كان هذا اعتداء على علو الجار ( $%&[1] ) نقض فرنسى جنائى 24 ديمسبر سنة 1957 جازيت دى باليه 1958 - 1 - 1 99 - مازو فقرة 1358 – وإذا الجار حائطه بحيث أصبح الجزء المعلى مائلا يشغل جزءاً من علو جاره ، كان هذا اعتداء يبرر إزالة الجزء المائل من الحائط ( نقض فرنسى 15 يوليه سنة 1901 داللوز 1902 - 1 - 52 – بودرى وشوفو فقر 331 ص 235 ) .&%$ ) .

ولا يفهم من ذلك أنه لا يوجد حد لملكية العلو ، فقد صرحت المادة 803 / 2 مدنى كما رأينا بأن " ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد فى التمتع بها علواً وعمقاً " . وكان المشروع التمهيدى لهذا النص يجرى على الوجه الآتى : " ملكية الأرض نشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد الذي يصلح للاستعمال علو أو عمقا ، غير أنه ليس للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو أو العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة فى منعه " .

 $ 573 $ وقد حذفت اللجنة التشريعية لمجلس النواب العبارة الأخيرة " غير أنه ليس للمالك أن يعارض ... " ، وذلك " لأن هذا الإيضاح لا ضرورة له ، وهو مفهوم من صدر الفقرة " ( $%&[1] ) انظر آنفاً ص 568 هامش 1 .&%$ ) . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " على أن المادة 1163 ( من المشروع التمهيدى ) أوردت قيدا على حق المالك فى العلو والعمق ، فليس للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو أو العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة فى منعه . فإذا اضطرت مصلحة التلغرافات إلى إيصال أسلاكا فوق سطح الأرض أو شركة المياه على إيصال أنابيبها تحت السطح ، على مسافة من العلو أو العمق لا تضر بصاحب الأرض ، فليس للمالك أن يمنع هذه الأعمال ، وإلا كان المنع تعسفا فى استعمال حق الملكية " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 18 .&%$ ) .

ويستخلص من ذلك أمران بالغا الأهمية من الناحية العملية .

( الأمر الأول ) لا يجوز للمالك أن يمنع مرور الأسلاك الكهربائية أو التلغرافية أو التليفونية فوق أرضه ، إذا كان مرور هذه الأسلاك لا يحدث له ضررا . وقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 93 لسنة 1939 الخاص بإنشاء الخطوط الكهربائية وحمايتها ، تأكيدا لهذا الحكم ، على أن " كل مالك لعقار أو واضع اليد عليه ملزم بأن يتحمل فوق العقار إذا كان مبنيا ، وفوقه أو تحته إذا كان أرضا ، مرور الأسلاك المعدة للمواصلات التلغرافية أو التلفونية أو المعدة للإضاءة أو لنقل القوى الكهربائية ، سواء كانت هذه الأسلاك مملوكة للدولة أو لإحدى السلطات العامة أو لصاحب التزام باستغلال مرفق عام مرخص له بذلك قانونا . وهو كذلك ملزم بأن يقبل تنفيذ جميع الأعمال اللازمة لوضع هذه الأسلاك أو لصيانتها . وإذا كان بالأرض بناء ، فلا يجوز وضع الأسلاك إلا فى خارج الحوائط أو الواجهات أو فوق الأسقف أو الأسطح ، وبكيفية يمكن معها الوصول إليها من الخارج أو بطريق السلم دون اختراق أجزاء العقار المخصصة للسكنى ، وبطريقة لا تعرض سلامة للغير للخطر " . وجاء فى المادة 2 من نفس القانون أنه " إذا لم يقبل المالك كتابة $ 574 $ وضع الأسلاك ، لم يجز وضعها إلا بمقتضى قرار يصدر من الوزير المختص ، ويتضمن هذا القرار وصف الأعمال التى يراد إجراؤها ، وبيانا تفصيليا عن كل أرض أو بناء يراد تنفيذ الأعمال فيه " .

( والأمر الثانى ) لا يجوز للمالك أن يمنع تحليق الطائرات فى أثناء طيراتها فوق أرضه ، فهى تحلق على مسافة من العلو بحيث لا تحدث له ضررا ، وصوت أزيزها وهى طائرة فى الجو لا يعتبر ضررا كافيا لطلب منعها ، وإلا تعطلت الملاحة الجوية . ولما كان الفضاء الجوى تحت سيادة الدولة ، فقد صدر المرسوم بقانون رقم 57 لسنة 1935 بشأن الملاحة الجوية ينص فى تلاوة الأولى منه على أن " للدولة كامل السيادة المطلقة على الفضاء الجوى الذي يعلو أراضيها . وتشمل كلمة ( أراضى ) المياه الإقليمية " . وتنص المادة الثانية على أن " تنظم الملاحة الجوية بمراسيم " . وصدر فى يوم صدور هذا القانون ( 23 مايو سنة 1935 ) مرسوم بتنظيم الملاحة الجوية . وهو يقضى بأنه لا يجوز لأية طائرة أن تطير فوق الأراضى المصرية أو أن تهبط عليها دون أن تحصل مقدما على ترخيص بذلك من وزير المواصلات ، وتشمل كلمة " طائرة " كل البالونات المقيدة أو الطليقة والمناطيد والطيارات والمطيرات والملحقات ، وكذلك جميع الأجهزة التى تستطيع أن ترتفع أو تسير فى الهواء ( $%&[1] ) وذهب بعض الفقهاء إلى تقسيم الفضاء الجوى أقساما ثلاثة : القسم الأول وهو أقرب الأقسام إلى الأرض ويكون مملوكا ملكية خاصة لصاحب الأرض ، والقسم الثانى وهو الذى يلى القسم الأول ويكون خاضعا لسيادة الدولة ، والقسم الثالث وهو الذى يعلو القسم الثانى ويكون حراً لا يخضع لا لملكية خاصة ولا لسيادة الدولة Marignhac فى مجلة القانون الدولى العام سنة 1914 ص 205 – Fricotelle رسالة من باريس – عكس ذلك Hamel فى حوليات القانون التجارى سنة 1925 ص 8 ) . ويصعب التسليم بهذا التقسيم ، إذ أن حدود كل قسم وأين تنتهى فى الجو لا يمكن تبينها بالوضوح الذي نتبينه فى التقسيم المماثل بالنسبة إلى البحر وقد صدر فى فرنسا قانون 31 مارس سنة 1924 ينظم الملاحة الجوية ، وقد أصبح هذا القانون بعد ذلك فى 30 نوفمبر سنة 1955 تقنينا للملاحة الجوية المدنية والتجارية . ويطلب القانون حرية الملاحة فى الجو وتحليق الطائرات فوق أراضى الأفراد ، بشرط ألا يكون ذلك من شأنه تعطيل استعمال حق الملكية . ويمكن القول بأن هناك حق إرتفاق على أراضى الأفراد بموجبه يكون للطائرات حق التحليق فوق هذه الأراضى ( Jugiart فى القانون الجوى فقرة 153 وما بعدها بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 252 ) ، وإن كان حق الارتفاق يكون على عقار لمصلحة عقار آخر . ويجب أن يكون التحليق فوق أراضى الأفراد بطريقة لا ينجم عنها خطر . وفى مصر تنص المادة 24 من القرار الوزارى رقم 15 لسنة 1942 الصادر من وزير الحربية على أنه " لا يجوز لأية طائرة أن تطير طيرانا منخفضا أو بطريقة ينجم عنها خطر للأشخاص أو للحيوان أو للممتلكات ، أو ينجم عنها ذعر للإنسان أو ذعر أو نفور للحيوان أو الطيور فى المناطق المقررة للصيد " .&%$ ) .

 $ 575 $ ولا يجوز للمالك أن يقيم فى أرضه أسلاكا أو منشآت أخرى متعمدا بذلك الإضرار بالملاحة الجوية ، وإلا كان هذا تعسفا فى استعمال حق الملكية ( $%&[1] ) أنظر مازو فقرة 1360 - وانظر فى التشريعات الفرنسية المختلفة التى تفرض قيودا على ملاك الأراضى من نواح متعددة مارتى ورينو فقرة 101 ص 127 .&%$ ) .

354 - العمق : ولمكية العمق تسمح للمالك أن يحفر فى أرضه حتى يضع أساس البناء الذي يقيمه فوق الأرض ، وأن تمتد جذور أشجاره ، ومغروساته وزراعته إلى الأعماق التى تتطلبها . وله أن يقوم بحفريات فى أرضه ( $%&[1] ) الحفريات الأثرية نظمها القانون كما سنرى .&%$ ) ، وأن يحفر سراديب تحت الأرض كما يشاء ومن حقه أن يمنع اعتداءا لغير على باطن أرضه ، فإذا وجد غرس الجار قد امتد إلى باطن أرضه كان له أن يطلب من القضاء قطع الجذور الممتدة ( $%&[1] ) وفى فرنسا تقضى المادة 673 / 1 و 2 مدنى فرنسى بأن يكون للجار أن يقطع بنفسه الجذور الممتدة إلى باطن أرضه ، وهذا بخلاف ما إذا كانت أغصان الأشجار قد امتدت إلى علو الجار فلا يكون للجار فى هذه الحالة قطع هذه الأغصان بنفسه بل يجب عليه أن يلجأ إلى القضاء فى ذلك . والسبب فى هذا التمييز ، على ما يظهر ، أن الجار يكون عرضه ، فى حالة امتداد الجذور إلى باطن أرضه ، لأن يقطعها وهو يحفر فى أرضه دون أن يدرى ، فأراد المشرع الفرنسى أن يجنب الجار المسئولية دون أن يكلفه بإثبات عدم علمه ( كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 966 ص 776 ) . ولا محل لهذا التمييز فى مصر إذ لا يوجد نص يقابل المادة 673 / 1 و 2 مدنى فرنسى ، ففى الحالتين للجار أن يطالب بقطع الشجر ولا يقوم بقطعه بنفسه حتى لو امتدت الجذور إلى باطن الأرض ، إلا إذا كان ذلك دون قصد ( شفيق شحاتة فقرة 74 ص 99 – حسن كيرة ص 187 هامش 1 - ومع ذلك انظر طنطا الكلية 9 فبراير سنة 1926 المحاماة 6 رقم 304 ص 435 ، آنفا ص 572 هامش 2 ) .&%$ ) .

وهناك رأى يذهب إلى أنه يترتب على أن العمق مملوك لصاحب الأرض أن الكنز المدفون أو المخبوء تحت الأرض يكون ملكا له ، وقد نصت المادة 782 مدنى فى هذا الصدد على أن " 1 - الكنز المدفون أو المخبوء الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له ، يكون لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز $ 576 $ أو لمالك رقبته . 2 - والكنز الذي يعثر عليه فى عين موقوفة يكون ملكا خاصا للواقف ولورثته " . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وتكون الكنوز ... وهى تحت السطح مملوكة كذلك لصاحب الأرض . وتأسيسا على هذا المبدأ أورد المشروع نصين يقرر فى أولهما ... أن الكنز المدفون أو المخبوء الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له يكون لمالك العقار أو لمالك رقبته ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 17 – ص 18 – والصحيح أن ملكية الكنز تكون لصاحب الأرض بحكم القانون وحده ، كما سيجيء عند الكلام فى الاستيلاء فى الجزء التاسع من الوسيط .&%$ ) .

ولا يفهم هنا أيضا أنه لا يوجد حد لملكية العمق ، فالمالك له هذه الملكية إلى الحد المفيد فى التمتع بها . وليس له أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة فى منعه ، فإذا اضطرت مصلحة المياه إلى إيصال أنابيبها تحت السطح على مسافة من العمق لا تضر بصاحب الأرض ، فليس للمالك أن يمنع هذه الأعمال ، وإلا كان المنع تعسفا فى استعمال حق الملكية ( $%&[1] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 18 .&%$ ) .

وأهم قيد يرد على ملكية العمق هو القيد المستخلص من قانون المناجم والمحاجر ، وهو قانون يجعل المواد المعدنية بالمناجم وخامات المحاجر فى باطن الأرض ملكا للدولة ، لا لصاحب الأرض .

المواد المعدنية والخامات فى المناجم والمحاجر

355 - قانون المناجم والمحاجر رقم 86 لسنة 1956 : أول قانون صدر فى مصر فى شأن المناجم والمحاجر كان القانون رقم 136 لسنة 1948 ، ثم صدر القانون رقم 66 لسنة 1953 فى 19 فبراير سنة 1953 يلغى القانون رقم 136 لسنة 1948 ويحل محله . وأدخل بعد ذلك تعديل شامل على أحكام القانون رقم 66 لسنة 1953 ، فصدر القانون رقم 86 لسنة 1956 يلغيه ويحل محله ، فيا عدا مواد الوقود فقد فصلت عن المواد الخاصة بالمناجم ، والمحاجر وبقيت أحكام القانون رقم 66 لسنة 1953 سارية بالنسبة إلى مواد الوقود وحدها . واستثنيت الأملاح التبخرية من تطبيق أحكام القانون رقم 86 $ 577 $ لسنة 1956 ، إذ أن هذه الأملاح لا تعتبر من مواد الثروة المعدنية لدخول عنصر الصناعة فيها ، وهذا ما تضمنه فعلا القانون رقم 456 لسنة 1954 .

فالقانون المعمول به الآن فى شأن المناجم والمحاجر هو القانون رقم 86 لسنة 1956 ، وقد نشر فى الوقائع المصرية فى 15 مارس سنة 1956 وعمل به من هذا التاريخ . وسنبين فى إيجاز أحكام هذا القانون فيما يتعلق بحقوق الدولة وحقوق مالك الأرض فى المواد المعدنية بالمناجم وخامات المحاجر .

356 - المواد المعدنية بالمناجم وخامات المحاجر تعتبر من أموال الدولة : لما كانت المواد المعدنية بالمناجم وخامات المحاجر توجد فى باطن الأرض ، فقد كانت قبل صدور التشريعات المشار إليها ملكا لصاحب الأرض . ولكن لما كانت هذه المواد تعتبر من دعائم الثروة التى يقوم عليه الاقتصاد القومى فى البلاد ، فقد وجب تنظيمها بتشريعات خاصة توفق بقدر الإمكان ما بين حقوق مالك الأرض ومراعاة جانب الاقتصاد القومى . واستغلال المناجم والمحاجر ليس من الأمور الهينة ، ولا يستطيعه مالك الأرض منعزلا ، بل لا يستطيعه ملاك الأراضى المتلاصقة إذا نقصتهم رؤوس الأموال الضخمة التى يقتضيها هذا الاستغلال والخبرة الفنية العالية التى لا تتوافر عادة إلا لدى الشركات القوية المتخصصة .

لذلك كان من أهم نصوص قانون المناجم والمحاجر رقم 86 لسنة 1956 النص الذي يقضى باعتبار المواد المعدنية بالمناجم وخامات المحاجر ملكا للدولة ، فنزع بذلك عن أصحاب الأراضى التى يوجد فى باطنها هذه المواد ملكيتهم إياها . إذ نصت المواد 3 من قانون المناجم والمحاجر على أن " يعتبر من أموال الدولة ما يوجد من مواد معدنية بالمناجم فى الأراضى المصرية والمياه الإقليمية ، وتعتبر كذلك من هذه الأموال خامات المحاجر عدا مواد البناء – الأحجار الجيرية والرملية والرمال – التى توجد فى المحاجر التى تثبت ملكيتها للغير " ( $%&[1] ) أنظر فى فرنسا أن الدولة لا تملك المناجم إلا من وقت إعطاء التزام بها ، وأن المناجم إلى ذلك الوقت تبقى ملكا لصاحب الأرض : بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 531 – أما فى مصر فظاهر أن الدولة تملك المواد المعدنية وخامات المحاجر ، فهذه المواد والخامات تعتبر من أموال الدولة بصريح النص . ولذلك تكون عقود استغلالها هى عقود التزام ( concession ) كما هو الأمر فى سائر الأموال العامة . وتكون علاقة الدولة بالمستغل هى علاقتها بالملتزم . أما علاقة مالك الأرض بكل من الدولة والملتزم ، وطبيعة حقوقه وهل هى حقوق شخصية أو عينية ، وإذا كانت عينية فمن أى نوع هى ، فهذا هو محل البحث فيما يلى .&%$ ) .

 $ 578 $ والمواد المعدنية هى " المعادن وخاماتها ، والعناصر الكيماوية والأحجار الكريمة وما فى حكمها ، والصخور والطبقات والرواسب المعدنية التى توجد على سطح الأرض أو فى باطنها ، وكذلك المياه المعدنية الخارجية من باطن الأرض إذا كان استغلالها بقصد استخراج مواد معدنية منها . ولا تدخل فى ذلك الأملاح التبخرية التى تستخرج بطريق التبخير ، ويكون الترخيص باستغلالها بقرار من وزير التجارة والصناعة " ( م 1 / 1 قانون المناجم والمحاجر ) .

ويجب التمييز بين المواد المعدنية الموجودة بالمناجم ، والمناجم ذاتها وهى باطن الأرض الذي توجد فيه هذه المواد . فالذى أصبح ملكا للدولة هى المواد المعدنية ، أما المناجم أى باطن الأرض فتظل مملوكة لصاحب الأرض على حكم الأصل إن كان للأرض صاحب ، فله أن يستعملها ويستغلها فى أغراض أخرى غير استخراج المعادن .

وخامات المحاجر هى " مواد البناء والرصف ، والأحجار الزخرفية ، وخامات المون ، والملاط ، والأحجار الصناعية ، والدولوميت ، ورمال الزجاج ، وما يماثلها " ( م 1 / 3 قانون المناجم والمحاجر ) . ويجب التمييز هنا أيضا بين هذه الخامات وهى وحدها التى أصبحت ملكا للدولة ، وبين المحاجر أى باطن الأرض الذي يحتوى على هذه الخامات وهذا بقى على حالة مملوكا لصاحب الأرض إن كان لها صاحب . على أن من خامات المحاجر ما بقى هو أيضا على حاله مملوكا لصاحب الأرض ، وهذه هى مواد البناء من الأحجار الجيرية والرملية والرمال ، كما هو صريح نص المادة الثالثة من قانون المناجم والمحاجر فيما رأيناه .

357 - الكشف والبحث والاستغلال فيما يتعلق بالمواد المعدنية بالمناجم – حقوق مالك الأرض : ولما كانت المواد المعدنية بالمناجم هى ملك الدولة كما قدمنا . فقد أبيح – حتى سنة 1963 – لمن يملك الوسائل اللازمة من شركات وجمعيات ومؤسسات وهيئات وأفراد أن يكشفوا عن هذه $ 579 $ المعادن ، طبقا لإجراءات ووفقا لنظام رسمه قانون المناجم والمحاجر ، فقد جعل هذا القانون لهذه العملية مراحل ثلاثا : الكشف والبحث والاستغلال .

( فالمرحلة الأولى ) هى مرحة الكشف : " ويراد بالكشف عن المواد المعدنية اختبار سطح الأرض أو باطنها بجميع الوسائل ، وعلى الأخص الوسائل الجيولوجية والحيوفيزيكية التى تؤدى إلى التعرف على المعادن من خواصها الطبيعية والمغناطيسية أو الكهربية أو غيرها ، أو عمل حفر اختبار أو ثقوب التحقق من وجود أو احتمال وجود مواد معدنية " ( م 2 / 1 قانون المناجم والمحاجر ) . ولكل شركة أو هيئة أو فرد حرية الكشف عن المواد المعدنية ، وتعد مصلحة المناجم والمحاجر سجلات لقيد أسماء الكاشفين .

( والمرحلة الثانية ) هى مرحلة البحث : فمن كشف عن خام من خامات المواد المعدنية عليه أن يبلغ عنه مصلحة المناجم والمحاجر ، وعلى هذه المصلحة أن تسجل له حق الكشف . ويكون للكاشف حق الأولوية فى الحصول على ترخيص فى البحث عن هذا المعدن ، بشرط أن يتقدم بطلب الترخيص خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إعلانه المصلحة عن الكشف . فإذا انقضت هذه المدة ولم يتقدم الكاشف بطلب الحصول على ترخيص فى البحث ، كانت الأولوية وفقا لأسبقية القيد فى سجل أعد للطلبات التى ترد على مصلحة المناجم والمحاجر للترخيص فى البحث عن المواد المعدنية ( $%&[1] ) وتكون الأولوية للمصرى على الأجنبى فى الحصول على تراخيص للبحث ، إذا لم يتيسر تحديد الأولوية على هذا الوجه . كما تكون للمصرى الأولوية فى الحصول على عقود الاستغلال عن طريق المزايدة ، إذا تساوت العروض . وعلى الأجنبى الذى منح ترخيصا فى البحث ، أو أبرم معه عقد استغلال ، أن يتخذ له فى جمهورية مصر موطنا ، وأن يحتفظ فى هذا الموطن بالدفاتر والمستندات الخاصة بأعمال البحث والاستغلال .&%$ ) . ويشترط لمنح ترخيص فى البحث أن تتوافر لدى الطالب الكفاية الفنية اللازمة لهذا الغرض ، وأن يلتزم باتفاق ما تستلزمه أعمال البحث على الوجه الذي توافق عليه مصلحة المناجم والمحاجر . ويصدر الترخيص من وزير الصناعة ، طبقا لنموذج يصدر به قرار من مجلس الوزراء ، وللمدة التى يحددها الطالب ، ويجوز تجديدها بشرط ألا تزيد المدة أصلا وتجديداً على أربع سنوات . ويحصل من كل ترخيص فى البحث إيجار سنوى بواقع خمسة وعشرين جنيها عن كل كيلو مترين مربعين من مساحة البحث ، ويعتبر كل جزء من هذه الوحدات وحدة كاملة .

 $ 580 $ ( والمرحلة الثالثة ) هى مرحلة الاستغلال : ويكون للمرخص له فى البحث فى أثناء سريان مدة الترخيص حق الحصول على عقد استغلال عن كل المساحة المرخص له فى البحث فيها أو فى بعضها ، ويصدر عقد الاستغلال بقرار من وزير الصناعة . ويشترط لإصدار عقد استغلال معدن ما فى مساحة معينة أن يسبقه ترخيص فى البحث عن ذلك المعدن فى تلك المساحة وأن يثبت المرخص له فى البحث وجود الخام الممكن تشغيله ( $%&[1] ) واستثناء من هذه الأحكام يجوز إصدار عقد الاستغلال ، دون ترخيص سابق فى البحث ، فى المساحات التى يتبين لمصلحة المناجم والمحاجر وجود المعدن فيها بكميات تسمح باستغلاله . وتدرج مصلحة المناجم والمحاجر فى سجل خاص كل ما هو معروف لها من هذه المساحات ، ويباح الاطلاع على هذا السجل فى كل وقت . ويطرح فى مزايدة عامة ما ترى المصلحة طرحه منها وما يقدم عنه طلبات للاستغلال ، وفى هذه الحالة تحصل المزايدة خلال ستة أشهر من تاريخ الطلب ، فإذا لم يتقدم أحد للمزايدة منح عقد الاستغلال للأسبق من مقدمى الطلبات .&%$ ) . ويصدر عقد الاستغلال مطابقا للنموذج الموضع له والصادر به قرار من مجلس الوزراء ، وللمدة التى يحددها الطالب بحيث لا تجاوز ثلاثين عاما ، ويجدد العقد للمدة التى يحددها المستغل بشرط ألا تجاوز مدة ثلاثين عاما أخرى . ويجوز بالاتفاق بين الوزارة والمستغل تجديد العقد بعد ذلك بالشروط التى يتفق عليها ، وفى هذه الحالة يكون التجديد بقانون . ويجوز إلغاء العقد إذا أوقف الاستغلال لمدة ثلاث سنوات متتالية على الأقل ولم يقم المستغل من جانبه بالتغلب على الأسباب التى يحصل بمقتضاها على إعفائه من التزامات التشغيل ، أو إذا أوقف الاستغلال دون الحصول على هذا الإعفاء كتابة ، وذلك بناء على اقتراح مصلحة المناجم والمحاجر وموافقة وزير الصناعة ( $%&[1] ) وللمستغل أو لصاحب حق الاستغلال أن يطلب من وزير الصناعة ترخيصا أو أكثر ، على سبيل الحماية ، طبقا لأنموذج يصدر به قرار من مجلس الوزراء ، عن مساحة ملاصقة للمساحة التى يستغلها أو يطلب استغلالها ، بشرط ألا يزيد مجموع مساحة الحماية على مساحة الاستغلال وأن تكون مساحة الحماية المطلوبة خالية من أى حق للغير عليها . وتكون تراخيص الحماية للمدة التى يحددها الطالب ، بحيث لا تجاوز مدة الاستغلال ، ويؤدى المرخص له إيجارا سنويا عن مساحة الحماية بواقع عشر فئة الإيجار المقرر لمساحة الاستغلال . ويخول ترخيص الحماية المرخص له حق للقيام بأعمال البحث ، وله فى أثناء سريان مدة الترخيص حق الحصول على عقد استغلال فى مساحة الحماية كلها أو بعضها .&%$ ) ويؤدى المستغل ، علاوة على حصة الحكومة فى الاستغلال ، إلى مصلحة المناجم والمحاجر مقدما كل سنة $ 581 $ بصفة إيجار من كل هكتار أو جزء من الهكتار من مساحة الاستغلال مبلغ خمسة جنيهات على ألا يقل الإيجار عن أربعين جنيها فى السنة ( $%&[1] ) انظر فى أن حق المستغل فى فرنسا هو حق عينى قائم بذاته ، وليس حقا شخصيا أو حق ملكية : بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 534 ص 538 .&%$ ) .

وقد احتفظ قانون المناجم والمحاجر بحقوق لمالك الأرض التى توجد المناجم فى باطنها ، إن وجد . فنصت المادة 15 من هذا القانون على أن " يعفى مالك السطح الذي يبلغ عن وجود خامات معدنية فى أرضه من قيد اسمه فى سجل الكاشفين المشار إليه فى المادة 7 . ويكون له حق الأولوية على الغير فى البحث والاستغلال متى طلب ذلك ، ويمنح ترخيص البحث أو عقد الاستغلال بغير مزايدة . ويعفى فى حالة البحث أو الاستغلال من الإيجار المنصوص عليه فى المادتين 11 و 21 إذا قام بالبحث أو الاستغلال بنفسه . ويسقط حق مالك السطح فى البحث أو الاستغلال ، إذا أخطرته مصلحة المناجم والمحاجر بكتاب موصى عليه مع علم الوصول بوجوب طلب الترخيص فى البحث أو عقد الاستغلال خلال ثلاثة أشهر وانقضى هذا الميعاد دون أن يتقدم بالطلب . وفى حالة الترخيص فى الاستغلال للغير ، يكون لمالك السطح الحق فى نصف الإيجار من مصلحة المناجم والمحاجر " . ويتبين من ذلك أن مالك الأرض له الأولوية فى البحث عن المواد المعدنية فى أرضه وفى استغلالها ، ولا يؤدى إيجارا لا عن البحث ولا عن الاستغلال ، وله أن يستعمل حق الأولوية هذا فى خلال ثلاثة أشهر من وقت إخطاره باستعماله . وإذا منح الترخيص فى الاستغلال للغير ، كان لمالك الأرض الحصول على نصف الإيجار الذي يدفعه المستغل ( $%&[1] ) وفى فرنسا لمالك الأرض الحق فى جعل ( redevance trefonciere ) يحدده مرسوم الالتزام ( decret de concession ) . أنظر فى طبيعته وفى أنه إيراد دائم : بلانيول وريبير وبيكار فقرة 544 – وانظر آنفاً ص 577 هامش 1 .&%$ ) . وقضت كذلك المادة 23 من قانون المناجم والمحاجر بان على من يقوم بأعمال الكشف ، وعلى المرخص له فى البحث فى أرض الغير ، أن يمتنع عن أى عمل من شأنه الإضرار بسطح الأرض أو حرمان المالك من الانتفاع بملكه ، فإذا ترتب على عمله أى ضرر بسطح الأرض أو حرمان المالك من الانتفاع بملكه التزم بالتعويض . وتتولى تقدير التعويض ، بناء على طلب صاحب الشأن ، لجنة تشكل بقرار من وزير الصناعة ، وتمثل فيها مصلحة $ 582 $ المناجم والمحاجر وغرفة المناجم والمحاجر والبترول الصناعية والجهات الحكومية المختصة . وتجوز المعارضة فى قرار اللجنة ، طبقا للأوضاع المقررة فى القانون رقم 577 لسنة 1954 الخاص بنزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين " .

358 - تراخيص استغلال المحاجر – حقوق مالك الأرض : تكون الأولوية فى الحصول على تراخيص استغلال المحاجر لمن سبق إلى تقديم طلب بذلك ( $%&[1] ) وتكون الأولوية للمصرى على الأجنبى إذا لم يتيسر تحديد الأولوية على هذا النحو ، كما تكون للمصرى الأولوية فى الحصول على هذه التراخيص عن طريق المزايدة إذا تساوت العروض .&%$ ) ويصدر عقد الاستغلال بقرار من وزير الصناعة ، مطابقا للانموذج الموضوع له والصادر به قرار مجلس الوزراء ، وللمدة التى يحددها الطالب بشرط ألا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاثين . ويجوز تجديد العقد مرتين ، بحيث لا تجاوز المدة فى كل مرة خمس عشرة سنة . ويجوز بالاتفاق بين وزارة الصناعة والمستغل تجديد العقد بعد ذلك لمدة أخرى وبالشروط التى يتفق عليها ، وفى هذه الحالة يكون التجديد بقانون . ويجوز إلغاء العقد ، إذا أوقف العمل فى المحجر مدة تزيد على تسعين يوما دون إذن كتابى من مصلحة المناجم والمحاجر . وتؤدى إتاوة ، أدناها عشرون مليما وأقصاها ستمائة مليم عن كل متر مكعب من الأحجار ، فى نهاية كل ستة أشهر مباشرة ( أنظر م 27 من قانون المناجم والمحاجر ) ( $%&[1] ) وقد كانت هناك إتاوة مفروضة على استغلال المواد المستخرجة من المناجم ، ولكنها ألغيت بالقانون الأخير للمناجم والمحاجر ( رقم 86 لسنة 1956 ) إلا فيما يتعلق بخامات الوقود التى بقيت محكومة بالقانون رقم 66 لسنة 1953 ، " وذلك اكتفاء بالضريبة المقررة بالقانون رقم 114 لسنة 1939 والقوانين المعدلة له ، وقد تقرر هذا الإلغاء جريا على سياسة تشجيع صناعة التعدين فى مصر " ( المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 86 لسنة 1956 ) .&%$ ) . ويؤدى المرخص له مقدما إيجارا سنويا تحدده لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الصناعة ، وفى حالة عدم قبول المرخص له الإيجار المحدد بطرح استغلال المحجر فى مزايدة عامة على أساس الإيجار الذي حددته اللجنة . وللجنة أن تقرر الاكتفاء بالإيجار دون الإتاوة عن كل محجر ترى أن حالته تستوجب ذلك ، كما لها أن تخفض الإيجار إذا رأت ما يسوغ ذلك . أما المحاجر التى تقرر عليها إتاوة وإيجار ، فيحصل عنها أكبر القيمتين . ويجوز للجنة أن تعيد النظر فى تقدير الإيجار فى أثناء سريان مدة العقد بالنسبة إلى $ 583 $ العقود التى مدتها عشر سنوات على الأقل ، إذا رأت المصلحة ذلك أو بناء على طلب المرخص له ، وبشرط إبداء أسباب جدية ، وبعد انقضاء خمس سنوات على الأقل على تقدير اللجنة السابق ( $%&[1] ) انظر م 28 من قانون المناجم والمحاجر . وتنص المادة 30 من هذا القانون على أنه " فى عقود استغلال المحاجر التى تبرم لمدة سنة يجوز للمستغل ، قبل انتهاء هذه المدة وبعد انقضاء مدة لا تقل عن ستة شهور من تاريخ ابتداء العقد أو تجديده ، أن يستبدل بالمحجر محجرا آخر من نوعه فى المنطقة ذاتها ، بالشروط المنصوص عليها فى العقد وللمدة الباقية منه ، إذا ثبت للمصلحة ما يبرر هذا الاستبدال ، وبشرط أن يقوم طالب الاستبدال بأداء كل ما هو مستحق عليه من إتاوات عن المواد التى استخرجها من المحجر المراد استبداله قبل استلام المحجر الجديد . ويكون الاستبدال مرة واحدة فقط . ويجوز إيجار المحجر الجديد على الوجه المبين فى المادة 28 ، فإذا زاد هذا الإيجار على الإيجار القديم التزم المستغل بأداء الفرق بين القيمتين فى الأجل الذى تحدده المصلحة ، وإلا سقط حقه فى الاستبدال . وإذا قل الإيجار الجديد عن القديم ، فليس له المطالب بالفرق " .&%$ ) . وإذا لم يقم المرخص له بنقل الكميات التى استخرجها من المحجر حتى نهاية مدة العقد ، آلت ملكية المواد الباقية إلى الحكومة ، ما لم يقدم المرخص له خلال الخمسة عشر يوما السابقة على تاريخ انتهاء العقد طلبا لحفظ حقه فى نقل هذه المواد فى المدة التى تحددها له المصلحة ، وبشرط أداء مبلغ يوازى مثلى الإتاوة المقررة عن تلك المواد .

أما الحقوق التى احتفظ بها القانون ( م 32 قانون المناجم والمحاجر ) لمالك الأرض التى يوجد بها المحجر إن وجد ، فهى الترخيص لهذا المالك فى أن يستخرج من المحجر ما يحتاج إليه من مواد البناء بقصد استعماله الخاص دون استغلالها ، مع إعفائه من الإيجار والإتاوة ( $%&[1] ) يبدو أن المقصود بمواد البناء هنا المواد غير التى استثنيت فى المادة 3 من قانون المناجم والمحاجر ، أ غير الأحجار الجيرية والرملية والرمال ، إذ أن هذه المواد الأخيرة تعتبر ملكا لصاحب الأرض كما سبق القول ( انظر آنفاً فقرة 356 ) . فلا محل لإعفائه من الإيجار والإتاوة على شىء هو مملوك له ، وإنما يعنى من الإيجار والإتاوة فيما هو غير مملوك له من مواد البناء والرصف والأحجار الزخرفية وخامات المون إلخ إلخ . ( أنظر المادة 1 / 3 من قانون المناجم والمحاجر ) – قارن إسماعيل غانم فقرة 33 ص 67 هامش 1 .&%$ ) . ويكون للمالك الأولوية على الغير فى الحصول على الترخيص فى الاستغلال من الأرض المملوكة له ، وفى هذه الحالة يعفى من الإيجار دون الإتاوة . ويسقط حقه إذا بلغ بوجوب أن يطلب الترخيص خلال شهرين وانقضى الميعاد دون طلب ، وفى هذه الحالة يجوز $ 584 $ الترخيص للغير فى استغلال المحجر ، ويكون لصاحب الأرض الحق فى الحصول على نصف الإيجار .

359 - أحكام مشتركة للمناجم والمحاجر : تنص المادة 50 من قانون المناجم على أنه " يجوز أن يرخص بقانون لوزير التجارة والصناعة فى أن يعهد بالبحث عن المواد المعدنية واستغلال المناجم والمحاجر إلى شركة أو جمعية أو مؤسسة بشروط خاصة استثناء من أحكام هذا القانون ، وتحدد هذه الشروط فى القانون الصادر بالترخيص " .

وتنص المادة 36 على أن " ترخص مصلحة المناجم والمحاجر ، لأغراض تشغيل المناجم والمحاجر ، بإنشاء الطرق العامة ، أو مد خطوط السكك الحديدية أو خطوط الأسلاك الهوائية والكهربائية والتلفونات ، أو بإنشاء المطارات أو خطوط الأنابيب أو المراسى ما يتبعها كأحواض التشوين وغيرها ، وذلك بالاتفاق مع المصالح المختلفة . وما يلزم من الأراضى غير المملوكة للحكومة لهذه الأعمال تنزع ملكيته ، طبقا لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 المشار إليه ( قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة وللتحسين ) . وتعتبر الأراضى اللازمة لهذه الأغراض من الأموال العامة " .

وتنص المادة 5 على أنه " مع عدم الإخلال بأحكام المادة 1145 من القانون المدنى ( امتياز بائع المنقول ) لا يجوز الحجز على الآلات ووسائل النقل والجر وغيرها المخصصة لاستغلال المناجم والمحاجر ، ما دام هذا التخصيص قائماً " .

360 - القانون رقم 73 لسنة 1963 : وقد صدر أخيرا القانون رقم 73 لسنة 1963 ، ونشر فى الجريدة الرسمية فى العدد الصادر فى 18 أغسطس سنة 1963 ، ويقضى فى أهم أحكامه ما بما يأتى :

م 1 - تنتهى تراخيص البحث وعقود استغلال المناجم ، وكذلك عقود استغلال الحبس والرمال البيضاء ، الممنوحة للأفراد أو شركات القطاع الخاص .

م 2 – تؤمم الأصول المستخدمة فى الاستغلال ، وتؤول ملكيتها إلى الدولة .

م 2 – يرخص لوزير الصناعة فى إسناد استغلال المناجم والمحاجر المشار لها إلى شركات القطاع العام .

 $ 585 $

ويتبين من هذه الأحكام أنه فيما يتعلق بالمناجم لم يعد لشركات القطاع الخاص ، مصرية كانت أو أجنبية ، ولا للأفراد المصريين أو الأجانب ، الحق فى الحصول على ترخيص فى البحث أو فى عقد للاستغلال ، ولا يجوز لغير شركات القطاع العام الحصول على شيء من ذلك . وهذا هو الحكم أيضاً فيما يتعلق بالمحاجر فى شأن استغلال الجبس والرمال البيضاء ، أما فى شأن الخامات الأخرى للمحاجر غير الجبس الرمال البيضاء فلا يزال جائزاً منح عقود استغلال للأفراد ولشركات القطاع الخاص . ولكن يبدو أن المادة 50 من قانون المناجم والمحاجر ، وهى التى تقضى بجواز الترخيص بقانون لوزير الصناعة فى أن يعهد بالبحث عن المواد المعدنية واستغلال المناجم والمحاجر إلى شركة أو جمعية أو مؤسسة ، ولو كانت تابعة للقطاع الخاص أو كانت أجنبية ، بشروط خاصة ، لا يزال معمولا بها ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 359 – ويلاحظ أن الواجب صدور قانون فى الأحوال المذكورة فى المادة 50 المشار إليها ، فيعتبر هذا القانون استثناء من أحكام القانون رقم 73 لسنة 1963 .&%$ ) .

المبحث الثانى
امتداد الملكية إلى الملحقات والثمار والمنتجات
361 - نص قانونى : تنص المادة 804 مدنى على ما يأتى :

 " لمالك الشيء الحق فى كل ثماره ومنتجاته وملحقاته . ما لم يوجد نص أو إنفاق يخالف ذلك( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1164 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه التقنين المدنى الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 872 فى المشروع النهائى ، ثم مجلس النواب تحت رقم 871 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 804 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 20 – ص 21 ) .&%$ ) " .

ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 11 / 28( $%&[1] ) التقنين المدنى السابق م 11 / 28 : الملكية هى الحق للمالك فى الانتفاع بما يملكه ، والتصرف فيه بطريقة مطلقة ، ويكون بها للمالك الحق فى جميع ثمرات ما يملكه سواء كانت طبيعية أو عارضية ، وفى كافة ما هو تابع له . ( ولا فرق فى الأحكام ما بين التقنين المدنى الجديد والتقنين المدنى السابق ) .&%$ ) .

 $ 586 $

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 770 – وفى التقنين المدنى الليبى م 813 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1048 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 12( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 770 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 813 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1048 : الملك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفا مطلقا فيما يملكه عينا ومنفعة واستغلالا ، فينتفع بالعين المملوكة وبغلتها وثمارها ونتاجها ، ويتصرف فى عينها بجميع التصرفات الجائزة . ( وأحكام التقنين العراقى تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى م 12 : إن ملكية عقار ما تخول صاحبها الحق فى جميع ما ينتجه العقار ، وفيما يتحد به عرضا ، سواء أكان ذلك الاتحاد أو الإنتاج طبيعيا أو اصطناعيا . ( وأحكام القانون اللبنانى تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .&%$ ) .

ويتبين من النص سالف الذكر أن الملكية لا تقتصر فحسب على الشيء ذاته ، بل هى تمتد أيضاً إلى ما يلحق بالشيء وما يتفرغ عنه ، فتمتد إلى الملحقات ( Accessoires ) والثمار ( Fruits ) والمنتجات ( Produits ) .

362 - الملحقات : جاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " تشمل الملكية ، عدا الشيء المملوك نفسه بكامل أجزائه ، ما يتفرع عن الشيء وهو أنواع ثلاثة :

( أ ) الملحقات ( Accessoires ) ، وهى كل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال الشيء ، طبقا لما تقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين ، كحقوق الارتفاق والعقار بالتخصيص . ( ب ) .... ( جـ ) ... وهذا كله ما لم يوجد اتفاق مخالف ، فقد يتفق المتعاقدان على أن ملكية الشيء تنفصل عن ملكية ملحقاته أو منتجاته ، أو يوجد نص فى القانون يقضى بغير ما تقدم كالنص الذى يجعل الثمار للحائز حسن النية دون المالك " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 20 – ص 21 .&%$ ) .

وتوجد نصوص متناثرة فى التقنين المدنى تبين فى أماكن مختلفة ما هو المقصود بالملحقات ، نذكر منها النصين الآتيين :

( أولا ) نص المادة 1036 مدنى المتعلق بالرهن الرسمى ، ويقضى بأن " يشمل الرهن ملحقات العقار المرهون التى تعتبر عقارا ، وتشمل بوجه $ 587 $ خاص حقوق الارتفاق والعقارات بالتخصيص والتحسينات والإنشاءات التى تعود بمنفعة على المالك ... " .

( ثانيا ) نص المادة 432 مدنى المتعلق بالبيع ، ويقضى بأن " يشمل التسليم ملحقات الشيء المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشيء طبقا لما تقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين " .

وقد سبق أن بينا ، عند الكلام فى البيع ( $%&[1] ) الوسيط 4 فقرة 203 .&%$ ) ، الفرق بين أصل الشيء وملحقاته . فالشيء يشتمل على أجزائه ، وهذه ليست من الملحقات بل هى الأصل . وأجزاء الدار –التى هى الأصل - تشتمل على الأرض والبناء القائم والسلم والردهات والحديثة إن وجدت . ونماء الشيء يدخل فى أصله لا فى ملحقاته ، فنماء الحيوان أى كبره ما بين البيع والتسليم داخل فى أصله . أما ملحقات الشيء فهى شيء غير الأصل والنماء ، لأنها ملحقة بالأصل وليست الأصل ذاته . وهى ليست متولدة من الأصل كما تتولد الثمار والمنتجات ، بل هى شيء مستقل عن الأصل غير متولد عنه ، ولكنه أعد بصفة دائمة ليكون تابعا للأصل وملحقا به . فإذا كانت معدة بصفة وقتية لا بصفة دائمة ، كما إذا استأجر المالك مواشى وآلات لزراعة أرضه ، فإنها لا تعتبر من الملحقات . وكون الشيء يعتبر من محلقات شيء آخر أو لا يعتبر يرجع فيه إلى طبيعة الأشياء كما هو الأمر فى عدم اعتبار المشاغل والشطأ من المحلقات . وقد يوجد اتفاق –أو تصرف قانونى كوصية - باعتبار شيء من الملحقات ، فعندئذ يجب اعتباره كذلك .

وكذلك سبق أن أوردنا ، عند الكلام فى البيع ( $%&[1] ) الوسيط 4 فقرة 203 .&%$ ) ، تطبيقات مختلفة لما يعتبر من الملحقات . فإذا كان الشيء أرضا زراعية ، دخل فى الملحقات حقوق الارتفاق ، والمواشى والآلات الزراعية وغيرها مما يعد عقارا بالتخصيص ، وكذلك المخازن وزرابى المواشى وبيوت الفلاحين . وإذا كان الشيء دارا ، ألحقت بها الأفران المثبتة فى المطابخ والبنوارات المثبتة فى الحمامات $ 588 $ وأجهزة الإضاءة والتسخين وتكييف الهواء وما إلى ذلك . أما الأبواب والشبابيك والشرفات والمصاعد ، فهذه تعتبر أجزاء من الدار لا ملحقات لها ( $%&[1] ) أنظر فى أجزاء البناء المكملة له آنفاً فقرة 11 .&%$ ) . وإذا كان الشيء مصنعا ، دخل فى ملحقاته المخازن التى تودع فيها المصنوعات ، والمنازل التى أقيمت لعمال المصنع ومطاعمهم وملاعبهم ونحو ذلك . وإذا كان الشيء حيوانا ، دخل فى ملحقاته الصوف الشعر ولو كان مهيأ للجز ، أما نتائج الحيوان فيعد من المنتجات لا من الملحقات . وإذا كان الشيء سيارة ، فإن علاجتها وأجهزة الإدارة فيها تعتبر من أجزائها فهى أصل ، أما العدد والآلات المعدة لإصلاح السيارة ولتسييرها ، وكذلك الرخصة وبوليصة التامين ومستندات الملكية ، فتعتبر من ملحقاتها . وإذا كان الشيء أسهما وسندات ، فإن قسائم الأرباح ( الكوبونات ) تعتبر من التمرات لا من الملحقات ، وإذا ربح السند جائزة اعتبرت جزءاً من السند ، أو هى فى القليل من منتجاته . وإذا كان الشيء منقولا آخر ، دخل فى محلقاته الصندوق الذى يحتويه إن وجد ومستند ملكيته .

363 - الثمار : جاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ( جـ ) الثمرات ( Fruits ) وهى كل ما ينتجه الشيء من غلة متجددة . وقد تكون الغلة طبيعية ( naturel ) كالزرع الذى يخرج فى الأرض من تلقاء نفسه . أو صناعية ( industriel ) كالمحصول الذى يكون من عمل الطبيعة والإنسان ، أو مدنية ( Civil ) كأجرة الأراضى والمساكن " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 21 .&%$ ) .

والذى يميز الثمار أمران :

( 1 ) أنها غلة دورية متجددة ، أى أنها تتجدد عادة فى أوقات متعاقبة منتظمة دون انقطاع .

( 2 ) أنها مع تفرعها عن الشيء لا تمس أصله ولا تنتقص منه ، بل يبقى الأصل على حالة دون نقصان .

وهى ، كما تقو المذكرة الإيضاحية ، أنواع ثلاثة :

( 1 ) ثمار طبيعية ، وهى من عمل الطبيعة لا دخل للإنسان فيها ، كالكلا والأعشاب التى تنبت فى الأرض دون عمل الإنسان . ومن الفقهاء من يعتبر نتاج الحيوان ، لا من $ 589 $ المنتجات ، بل من الثمار الطبيعية ( $%&[1] ) أوبرى ورو 2 فقرة 192 ص 269 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 255 ص 255 – كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 976 ص 784 – إسماعيل غانم فقرة 35 ص 69 – شفيق شحاتة فقرة 78 ص 101 – محمد كامل مرسى 1 فقرة 215 ص 284 – وأنظر م 583 مدنى فرنسى .&%$ ) .

( 2 ) ثمار صناعية ، وهى التى ينتجها عمل الإنسان ، كالمزورعات وفواكه البساتين وخشب الأشجار إذا كانت معدة للقطع على وجه دورى منتظم وعسل النحل وحرير دودة القز . ( 3 ) ثمار مدنية ، وهى الريع الدورى المتجدد الذى يقبضه المالك من استثماره للشيء ، أى يقبضه من الغير لقاء نقل منفعة الشيء إلى هذا الغير ، وذلك كأجر المساكن والأراضى الزراعية ( $%&[1] ) أما نصيب صاحب الأرض فى المزارعة فيعتبر من أثار الصناعية ( ديرانتون 4 فقرة 532 – تولييه 3 فقرة 400 – ديمولومب 10 فقرة 386 – أوبرى ورو 2 فقرة 192 هامش 24 ) .&%$ ) ، وفوائد الأسهم والسندات ورؤوس الأموال بوجه عام ، وما تدفعه مصلحة المناجم والمحاجر لصاحب الأرض من الإيجار لقاء استغلال المنجم أو المحجر .

والأصل أن الثمار ملك لصاحب الشيء ، إلا إذا نص القانون على غير ذلك ، كما نص على جعل الثمار للحائز حسن النية .

364 - المنتجات : جاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ( ب ) المنتجات ( produits ) ، وهى كل ما يخرجه الشيء من ثمرات غير متجددة ، كما هو الأمر فى المناجم والمحاجر " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 21 .&%$ ) .

وتتميز المنتجات بعكس ما تتميز به الثمار :

( 1 ) فهى غير دورية ولا متجددة بل تخرج من الشيء فى أوقات متقطعة غير منتظمة .

( 2 ) وهى تمس أصل الشيء وتنتقص منه ، فالمعادن التى تخرج من المناجم ، والأحجار التى تخرج من المحاجر ، تنتهى بعد وقت طويل أو قصير إلى أن تنفد . ومن ثم كانت هذه المعادن والأحجار منتجات لا ثمار ( $%&[1] ) على أنه إذا أعد الشيء إعدادا خاصا من شأنه تمكين المالك من الحصول على إيراد دورى متجدد ، فإن ما ينتج من الشيء فى هذه المواعيد الدورية يعتبر ثمارا ، ولو كان من شأنه المساس إلى حد ما يجوهر الشيء ( أوبرى ورو 2 فقرة 192 ص 269 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 776 – بيدان 4 فقرة 320 كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 976 ص 784 ) . من ذلك إعداد الأرض لقطع ما فى جوفها من أحجار ، أو إعداد الغاية لقطع ما بها من أشجار ، بصفة دورية . فإذا تقرر لشخص حق انتفاع على الأرض أو الغابة بعد أن أعدت ذلك الإعداد ، كان للمنتفع أن يقتطع الأحجار أو الأشجار بوصفها ثمارا بموجب حقه فى الاستغلال . أما إذا لم تكن الأحجار أو الأشجار قد أعدت للقطع قبل نشوء حق الانتفاع ، فإنها تعتبر منتجات ، فيكون قطعها تصرفا لا استغلالا ، فلا يجوز لغير المالك القيام به ( إسماعيل غانم فقرة 35 ص 70 ) .&%$ ) . وتعتبر أقساط الإيراد $ 590 $ المرتب مدى الحياة من المنتجات لا من الثمار ، لأنها تنتقص من الأصل إلى أن ينفذ بموت صاحب الإيراد ، وذلك بالرغم من أن الأقساط دورية متجددة . أما أقساط الإيراد الدائم ، فهذه ثمار لا منتجات ، لأنها دورية متجددة ولا تنتقص من الأصل ، شأنها فى ذلك شأن فوائد رؤوس الأموال والأسهم والسندات . وفى رأينا أن إنتاج الحيوان من المنتجات لا من الثمار ، لأنها إذا كانت لا تنتقص من الأصل إلا أنها غير دورية ( $%&[1] ) قارن رأيا آخر فى أنها من الثمار الطبيعية لا من المنتجات آنفاً فقرة 363 .&%$ ) .

والتمييز بين الثمار والمنتجات على النحو الذى بيناه ليست لهم أهمية عملية بالنسبة إلى مالك الشيء نفسه ، فهذا يملك الثمار والمنتجات دون أى تمييز وإنما تظهر الأهمية العملية للتمييز إذا انتقل الشيء إلى يد غير المالك ، ويقع ذلك فى فرضين : ( أولا ) إذا انتقل الشيء إلى يد حائز ، فإن الحائز إذا كان حسن النية يكسب الثمار دون المنتجات ، وإذا كان سيء النية لم يكسب هذه ولا تلك . وتنص المادة 978 مدنى فى هذا المعنى على أن " 1 - يكسب الحائز ما يقبضه من ثمار ما دام حسن النية . 2 - والثمار الطبيعية أو المستحدثة تعتبر مقبوضة من يوم فصلها ، أما الثمار المدنية فتعتبر مقبوضة يوما فيوما " . ثم تنص المادة 979 مدنى على أن " يكون الحائز سيء النية مسئولا من وقت أن يصبح سيء النية عن جميع الثمار التى يقبضها والتى قصر فى قبضها ، غير أنه يجوز أن يسترد ما أنفقه فى إنتاج هذه الثمار " . ( ثانيا ) إذا انتقل الشيء إلى يد منتفع ( usufruitier ) ، فإن المنتفع يكون من حقه ثمار الشيء دون منتجاته . وقد نصت المادة 987 مدنى فى هذا المعنى على أن " تكون ثمار الشيء المنتفع به من حق المنتفع بنسبة مدة انتفاعه ، مع مراعاة أحكام الفقرة الثانية من المادة 993 " . وتنص الفقرة الثانية من المادة 993 مدنى على ما يأتى : " وإذا كانت الأرض المنتفع بها مشغولة عند انقضاء الأجل أو موت المنتفع $ 591 $ بزرع قائم ، تركت الأرض للمنتفع أو لورثته إلى حين إدراك الزرع ، على أن يدفعوا أجرة الأرض عن هذه الفترة إلى حين إدراك الزرع ، على أن يدفعوا أجرة الأرض عن هذه الفترة من الزمن " ( $%&[1] ) أنظر فى ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 3 فقرة 255 ص 256 .&%$ ) .

الفرع الثانى
وسائل حماية حق الملكية
365 - دعوى الاستحقاق وعدم جواز نزع الملكية جبرا على صاحبها إلا بشروط : تتمثل حماية الملكية فى أمرين :

( 1 ) تقترن بحق الملكية دعوى تحميه ، وهذه هى دعوى الاستحقاق .

( 2 ) لا يجوز أن يحرم أحد ملكه ولا يجوز نزع ملكيته جبراً عنه إلا بشروط .

المبحث الأول
دعوى الاستحقاق
( L'actlon en revendication )
366 - دعوى الاستحقاق بوجه عام ومسألة الإثبات : نلقى نظرة عامة على دعوى الاستحقاق ، ولما كان أبرز مسألة فى هذه الدعوى هى مسألة إثبات الملكية فنفرد هذه المسألة ببحث خاص .

1 - دعوى الاستحقاق بوجه عام
367 - محل دعوى الاستحقاق : دعوى الاستحقاق هى التى يكون محلها المطالبة بملكية الشيء ، عقارا كان أو منقولا . فهى إذن الدعوى التى تقوم لحماية الملكية ، وكل مالك يطالب بملكه تحت يد الغير يستطيع رفع هذه الدعوى على الغير ( $%&[1] ) وقد يطالب الشخص بإثبات ملكيته للشيء ، لا فى دعوى الاستحقاق فحسب ، بل فى أحوال أخرى ، كما إذا اصبا الشيء تلف وعند ذلك يكلف من يطلب التعويض بإثبات ملكيته لهذا الشيء ، وكما إذا نزعت ملكية عقار للمنفعة العامة فيكلف من يدعى ملكية هذا العقار ليتقاضى التعويض عنه بإثبات ملكيته له ( كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1307 ) .&%$ ) .

 $ 592 $

وهى لا تطلق إلا على الدعوى العينية التى يطالب فيها بالملك . فهى إذن لا تطلق على الدعاوى الشخصية التى يطلب فيها المدعى رد الشيء إليه . فالمؤجر إذا رفع دعوى على المستأجر برد العين المؤجرة ، والمعير إذا رفع دعوى على المستعير برد الشيء المعار ، والمودع إذا رفع دعوى على المودع عنده برد الشيء المودع ، والمشترى إذا رفع دعوى على البائع بتسليم الشيء المبيع ، والراهن حيازة إذا رفع دعوى على الدائن المرتهن برد العين المرهونة ، كل هؤلاء لا يرفعون دعاوى استحقاق ، وإنما يرفعون دعاوى شخصية قائمة على التزامات نشأت من عقود الإيجار والعارية والوديعة والبيع ورهن الحيازة . فليسوا إذن فى حاجة إلى إثبات الملكية ، بل كل ما يطلب منهم هو إثبات العقد الذى أنشأ التزاما برد الشيء( $%&[1] ) كذلك دعوى فسخ البيع واسترداد المبيع ، أو دعوى الرجوع فى الهبة واسترداد الشيء . الموهوب ، ليست بدعوى استحقاق ، لأنها دعوى شخصية لا دعوى عينية ، وكل من المشترى والموهوب له يرد الشيء ، بعد فسخ البيع أو الرجوع فى الهبة ، بناء على التزام شخصى فى ذمته هو رد غير المستحق .

وهناك فروق بين دعوى الاستحقاق ودعاوى الاسترداد ، منها : ( أ ) دعوى الاستحقاق ترفع ضد حائز الشيء ، أما دعاوى الاسترداد فترفع ضد مدين بالذات . ( ب ) دعوى الاستحقاق لا يكون محلها إلا شيئا ماديا معينا بالذات ، أما دعاوى الاسترداد فيمكن أن يكون لها نقودا أو شيئا غير معين بالذات . ( جـ ) يطلب فى دعوى الاستحقاق إثبات الملكية ، أما فى دعاوى الاسترداد فيطلب إثبات مصدر الالتزام بالرد . أنظر فى ذلك عبد المنعم البدراوى فقرة 206 ص 248 – ص 249 .&%$ ) . ولا تطلق دعوى الاستحقاق على الدعوى العينية التى يطالب فيها المدعى برد الحيازة لا الملك ، فهذه الدعوى الأخيرة هى دعوى حيازة لا دعوى استحقاق . ولا تطلق دعوى الاستحقاق على الدعوى العينية التى يطالب فيها المدعى بحق عينى آخر غير حق الملكية ، كحق انتفاع أو حق ارتفاق ، فهذه الدعوى الأخيرة هى دعوى الإقرار ، بحق عينى ( Action confessoire ) ، وإذا رفعها المالك على من يتمسك بحق عينى على ملكه تكون دعوى الإنكار لحق عينى ( Action negatoire ) وهى فى $ 593 $ الحالتين ليست بدعوى استحقاق لأن محل الدعوى هو حق عينى آخر غير الملكية .

فدعوى الاستحقاق إذن هى ، كما قدمنا ، الدعوى العينية التى يطالب فيها المدعى بالملكية .

368 - طرفا الدعوى : المدعى فى دعوى الاستحقاق هو من يطالب بملكية الشيء ، والمدعى عليه يكون عادة هو الحائز لهذا الشيء ( $%&[1] ) فإذا كان الحائز للشيء لم يستوف شروط الحيازة ، وبخاصة إذا كان يحوز الشيء بالنيابة عن غيره كالمستأجر والمستعير والمودع عنده والمرتهن رهن حيازة ، جاز له ، كما جاز للمدعى ، أن يدخل الحائز ( المؤجر أو المعير أو المودع أو الراهن رهن حيازة ) خصما ثالثا فى دعوى الاستحقاق . وللحائز حيازة عارضة عند ذلك أن يطلب إخراجه من الدعوى .

وليس من الضرورى أن يكون الحائز حسن النية ليكون مدعى عليه فى دعوى الاستحقاق ، فالحائز سيء النية يكون أيضاً مدعى عليه وإن كانت الحيازة بسوء نية لا تقوم فى هذه الحالة قرينة على الملكية . وترى أن الحيازة ، حتى تكون قرينة على الملكية ، يجب أن تكون بحسن نية ، ويستوى أن تكون الحيازة بحسن نية أو بسوء نية ليكون الحائز هو المدعى عليه فى دعوى الاستحقاق . ولكن من الناحية العملية يفرض فى الحائز ، بادئ ذى بدء ، أنه حسن النية ، فإذا أقام المدعى دعوى الاستحقاق وأثبت الملكية ، كان له أن يثبت أيضاً أن الحائز كان فى حيازته سيء النية ( أنظر مازو فقرة 1468 ) .&%$ ) . وهذا الوضع المألوف يرجع إلى أن المالك لا يطالب عادة بملكية شيء هو فى حيازته وتحت يده ، وإنما يطالب بملكيته عندما يخرج من حيازته وتحت يد ، وإنما يطالب بملكيته عندما يخرج من حيازته إلى حيازة شخص آخر ، فعندئذ يرفع على الحائز دعوى الاستحقاق مطالبا بالملكية ورد الشيء إليه . وقد كان فى المشروع التمهيدى للتقنين المدنى نص صريح بهذا المعنى يقضى بأن " لمالك الشيء أن يسترده ممن يكون قد حازه أو أحرزه دون حق ... " ، فحذف هذا النص فى لجنة المراجعة " اكتفاء بالقواعد العامة " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 22 - ص 23 .&%$ ) .

ويصح ، فى بعض الأحوال ، أن يكون المدعى هو نفسه الحائز للشيء ، ويرفع دعوى منع التعرض فى الملكية على من يتعرض له فيها . ولكن المألوف فى هذا الفرض ، إذا كانت حيازة المدعى للشيء قد توافرت فيها شرائط الحيازة ، أن يقتصر على التمسك بالحيازة ، فلا يرفع دعوى منع التعرض فى الملكية بل دعوى منع التعرض فى الحيازة . ومع ذلك قد يضطر إلى رفع دعوى منع $ 594 $ التعرض فى الملكية إذا لم تكن حيازته قد استوفت شرائطها أو لم تستكمل مدتها طبقاً للقواعد المقررة فى دعاوى الحيازة ، أو انقضت المدة التى يجوز فى خلالها رفع دعوى الحيازة . وقد يلجأ الحائز أيضاً ، وإن كان هذا نادرا ، إلى دعوى منع التعرض فى الملكية مع إمكانه رفع دعوى الحيازة ، إذا رغب أن يتعجل حسم النزاع بشأن الملكية مع من يتعرض له فيها ، إما لأن أدلة الملكية متوافرة تحت يده حالا ويخشى نم فقدها أو فقد بعضها فيما إذا اكتفى برفع دعوى الحيازة ، أو لأى سبب آخر يرى معه الخير فى التعجيل ومجابهة دعوى الملكية على الفور ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 355 .&%$ ) . ولكن المألوف كما قدمنا هو غير ذلك ، فدعوى الحيازة ، إذا توافرت شرائطها ومددها ، أيسر بكثير من دعوى الملكية ، فتكون عادة هى المقدمة الطبيعية لدعوى الملكية . ويكتفى الحائز برفع دعوى منع التعرض فى الحيازة أو دعوى استرداد الحيازة ، حتى إذا استقرت الحيازة فى يده أحرز الشيء وانتفع به انتفاع المالك . وتربص بعد ذلك حتى إذا رأى من ينازعه فى الملكية وقد رفع دعوى الاستحقاق عليه ، كان –وهو الحائز للشيء - المدعى عليه فى دعوى الاستحقاق ، فلا يكلف بإثبات ملكيته( $%&[1] ) استئناف مختلط 15 يناير سنة 1891 م 3 ص 163 – 12 مايو سنة 1898 م 10 ص 278 – 29 فبراير سنة 1912 م 24 ص 168 – 12 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 64 – 24 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 81 – 16 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 55 – 5 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 85 – 18 مايو سنة 1920 م 32 ص 329 – 9 نوفمبر سنة 1920 م 33 ص 6 – 23 مايو سنة 1922 م 34 ص 423 – 2 فبراير سنة 1934 م 46 ص 195 – 28 مايو سنة 1942 م 54 ص 215 – وإذا انتزعت الحيازة من الحائز ، ولم يستردها فى الميعاد القانونى ، لم يستطع أن يتمسك بهذه الحيازة السابقة لإعفائه من عبء إثبات الملكية ( استئناف مختلط 6 فبراير سنة 1896 م 8 ص 215 ) .&%$ ) . والذى يقع عليه عبء الإثبات هو المدعى ( $%&[1] ) ويكلف المدعى بإثبات ملكيته هو ، لا بإثبات عدم ملكية المدعى عليه . فإذا عجز المدعى عليه عن إثبات ملكيته ، لم يكن هذا سببا فى الحكم بالملكية لمدعى ما دام هذا لم يثبت ملكيته ، وقد قضت محكمة النقض بأن الخطأ أن تغفل المحكمة بحث سند ملكية المدعى ، فإن ثبتت له حق له طلب إبطال التصرف الحاصل من المدعى عليه ، أما مجرد عدم ثبوت ملكية المدعى عليه فلا يقتضى ثبوتها للمدعى ولا أحقيته فيما طلبه ( نقض مدنى 5 يناير سنة 1939 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاما 2 ص 993 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كان الحكم قد قضى برفض دعوى المدعى بتثبيت ملكيته للأرض محل النزاع تأسيسا على أن هذه الأرض لا تدخل فى مستندات تمليكه ولا هو تملكها بوضع اليد ، وكان هذا القضاء مقاما على أسباب مؤدية إليه ، فلا يجدى المدعى ما ينعاه على هذا الحكم فى خصوص تحدثه عن ملكية المدعى عليه ( نقض مدنى 25 ديسمبر سنة 1947 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاما 2 ص 993 ) . وقضت أيضاً بأن تقرير الحكم أن المدعى عليه لم يكسب ملكية الأطيان التى يطلب المدعيان ثبوت ملكيتهما لها بأى سبب من أسباب كسب الملك لا يفيد بذاته وبطريق اللزوم ثبوت ملكيتها للمدعيين . كذلك لا يكفى أن يقرر الحكم أن مستندات هذين الأخيرين تشمل الأطيان المتنازع عليها ، وأنها من ذلك تكون ملكا لهما ، من غير بيان هذه المستندات وكيفية إفادتها هذه الملكية . وإذن فمتى كان الحكم إذ قضى بثبوت ملكية المدعيين للأطيان قد أقام قضاءه على أن المدعى عليه لم يكسب ملكية هذه الأطيان بأى من عقدى شرائه أو بوضع اليد المدة الطويلة أو القصيرة ، كذلك لم يبين الحكم كيف آلت الأطيان إلى المدعيين من آخر كان قد اشتراها فى حين أنهما ليسا من ورثته ، ولم يتحدث عن عقد القسمة المبرم بين هذا المشترى وإخوته ، ولا عن كيفية إفادته ملكية المدعيين –متى كان الحكم قد أقام قضاءه على ذلك فإنه يكون قاصراً مستوجب النقض ( نقض مدنى 15 فبراير سنة 1951 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاما 2 ص 993 ) –وأنظر أيضاً نقض مدنى 14 يونيه سنة 1945 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاما 1 ص 28 - ف مارس سنة 1952 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاما 1 ص 28 .&%$ ) .

 $ 595 $

وما دام المألوف هو أن يكون الحائز للشيء هو المدعى عليه فى دعوى الاستحقاق ، فقد يرفع المطالب بالملكية هذه الدعوى على الحائز ( $%&[1] ) حتى لو كان الحائز يجوز لحساب غيره ، إذ عليه فى هذه الحالة أن يعلن اسم هذا الغير حتى يدخله المدعى خصما فى الدعوى ( بودرى وشوفو فقرة 233 – أوبرى ورو 2 فقرة 219 ص 527 – ص 528 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 355 ص 351 ) .&%$ ) ، فيعمد بعد إعلانه بالدعوى ، إلى التخلى عن الحيازة ، أو يتخلى عنها قبل الإعلان وهو سيء النية أى يعلم أن الإعلان بالدعوى وشيك الوصول إليه . ويكون غرض الحائز من تخليه عن الحيازة أن يربك المدعى ، وأن يدفع دعوى الاستحقاق بانعدام صفته كمدعى عليه فى هذه الدعوى إذ أنه لا يجوز الشيء المدعى بملكيته . فإذا أثبت المدعى أن المدعى عليه كان يحوز الشيء ، وأنه تخلى عن الحيازة بعد الإعلان أو قبل الإعلان وهو سيء النية ، حكم القاضى على المدعى عليه بإلزامه أن يستعيد الشيء على نفقته ليرده إلى المدعى إن كان له محل . وإذا استطاع المالك بعد ذلك أن يكشف عن الحائز الجديد للشيء المدعى بملكيته ، جاز له أن يرفع عليه دعوى الاستحقاق . فإذا ما أثبت ملكيته تجاه الحائز $ 596 $ الجديد واسترد الشيء ، كان عليه أن يرد للحائز الأول ما عسى أن يكون قد استوفاه منه مقابل الشيء ، بعد استنزال ما يكون قد طرأ على الشيء من نقص فى قيمته ، واستنزال التعويض الذى يستحقه عن الضرر الذى أصابه من حرمانه الانتفاع بالشيء( $%&[1] ) ومن ذلك أن يمتنع على المالك أن يسترد الثمار من حائز جديد حسن النية ( عبدالمنعم البدراوى فقرة 208 ) .&%$ ) . وليس فى كل ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة ، وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى يتضمن نصا يورد هذا الأحكام ، فكانت المادة 1167 من هذا المشروع تجرى على الوجه الآتى : " 1 - يجوز أن ترفع دعوى الاستحقاق على من تخلى من تلقاء نفسه عن حيازته للشيء وكان ذلك بعد إعلانه بالدعوى ، وعلى من تخلى قبل الإعلان إذا كان سيء النية . 2 - وعند ذلك يكون المدعى عليه فى دعوى الاستحقاق ملزما أن يستعيد الشيء على نفقته ليرده إلى المالك ، فإذا لم يستطع فعليه أن يوفيه قيمته مع التعويض إذا كان له محل . 3 - على أنه يجوز للمالك أن يسترد الشيء من الحائز الجديد . فإذا ما استرده كان ملزما أن يرد إلى الحائز الأول ما عسى أن يكون قد استوفاه منه مقابل الشيء ، بعد استنزال ما يكون قد طرأ على الشيء من نقص فى قيمته " . وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة " اكتفاء بالقواعد العامة " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 22 – ص 23 – وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذا النص : " والأصل فى دعوى الاستحقاق أن ترفع على الحائز ، فهو المدعى عليه دائما فى هذه الدعوى . على أنه قد يتحايل فيتخلى عن الحيازة ، سواء كان ذلك بعد إعلانه بدعوى الاستحقاق أو قبل إعلانه ، فلا يجوز له فى هذه الحالة أن يدفع الدعوى بأنه غير ذى صفة فيها لتخليه عن الحيازة ، بل يبقى مدعى عليه . وفى هذا توسع فى دعوى الاستحقاق ، نقل عن المشروع الإيطالى ( م 21 / 2 و 3 و 4 ) . على أن الدعوى فى هذا الفرض تكون أقرب إلى الدعوى الشخصية منها إلى الدعوى العينية . فإن المتخلى ن الحيازة يحكم بإلزامه أن يستعيد الشيء على نفقته ليرده إلى المالك فى ميعاد يحدده الحكم ، وإلا ألزم بدفع مبلغ يحدده الحكم أيضاً على سبيل التعويض . وظاهر أن هذا التزام مبنى على العمل غير المشروع الذى أتى به المتخلى عن الحيازة . وقد يتفق أن المالك بعد أن يستوفى التعويض يعرف الحائز ، فيرفع عليه دعوى الاستحقاق ويسترد منه ملكه ، وعليه فى هذه الحالة أن يرد للمتخلى عن الحيازة ما استوفاه من التعويض بعد استنزال ما يكون قد طرأ على الشيء من نقص فى قيمته ، وبعد استنزال التعويض الذى يستحقه عن الضرر الذى أصابه من حرمانه الانتفاع بالشيء . على أنه لا يوجد ما يمنع المتخلى من الحيازة ، إذا رفعت عليه دعوى الاستحقاق على الوجه الذى تقدم ، أن يدخل الحائز خصما ثالثا فى الدعوى ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 24 – ص 25 ) .&%$ ) .

 $ 597 $

369 - دعوى الاستحقاق المنقولة – إحالة : فإذا كان الشيء المدعى ملكيته منقولا ، ورفع المدعى دعوى الاستحقاق على حائز المنقول ، فإن الحائز يستطيع دفع هذه الدعوى بالقاعدة التى تقضى بأن الحيازة فى المنقول سند الملكية . فترفض دعوى المدعى حتى لو أثبت ملكيته للمنقول ، فإن الحيازة تكون فى هذه الحالة قد نقلت الملكية إلى المدعى عليه . والمفروض فى ذلك أن يكون الحائز حسن النية وقد تلقى المنقول من غير المدعى ، فيكون قد تعامل من غير المالك ، فتنقل الحيازة إليه ملكية المنقول . أما إذا كان الحائز قد تلقى المنقول من المدعى نفسه ، فإن قاعدة الحيازة لا مجال لها هنا ، والمدعى لا يرفع فى هذا الفرض دعوى الاستحقاق على الحائز ، بل يقتصر على الطعن فى السبب الذى تلقى به الحائز المنقول منه ، فيتمسك مثلا بأنه سبب ناقل للملكية ولكنه معيب بما يجعله معدوم الأثر ( $%&[1] ) مازو فقرة 1629 وفقرة 1632 ص 1300 .&%$ ) .

فدعوى الاستحقاق فى المنقول لا ترفع إذن إلا فى المنطقة التى تعمل فيها قاعدة الحيازة ، وعندئذ تحسم الحيازة النزاع فى الملكية ، فإنها إذا استوفت شرائطها وكانت مصحوبة بالسبب الصحيح وحسن النية نقلت ملكية المنقول إلى الحائز ، وانحسم النزاع فى دعوى الاستحقاق( $%&[1] ) أما إذا لم تستوف قاعدة الحيازة شرائطها ، بأن لم يكن هناك مثلا سبب صحيح أو كان الحائز سيء النية ، فإن الحيازة لا تنقل الملكية إلى المدعى عليه . ويجوز إذن للمدعى فى دعوى استحقاق المنقول أن يثبت ملكيته للمنقول ، ولو بحيازة سابقة مقرونة بحسن نية وسبب صحيح ، فيسترد المنقول من الحائز

وعلى ذلك ترفع دعوى الاستحقاق فى المنقول إذا كان الحائز سيء النية ، فعندئذ يستطيع المالك أن يسترد المنقول من الحائز ما لم يكن هذا الأخير قد تملكه بالتقادم المكسب بمضى خمس عشرة سنة . كذلك يمكن أن ترفع دعوى استحقاق المنقول على الحائز حسن النية إذا كان المنقول مسروقا أو ضائعا ، فعندئذ يكون للمالك رفع دعوى الاستحقاق فى خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع . ولا تعتبر مدة ثلاث السنوات مدة تقادم مسقط ، بل هى مدة إسقاط تشل فى خلالها قاعدة الحيازة حتى يتسنى للمالك العثور على الشيء الضائع أو الكشف عن الشيء المسروق .&%$ ) . فتحيل إذن فى عدوى الاستحقاق المنقولة إلى ماس يجئ عند الكلام فى قاعدة الحيازة .

 $ 598 $

ونقتصر هنا على الكلام فى دعوى استحقاق العقار ، وإذا أطلقنا عبارة " دعوى الاستحقاق " قصدنا بها دعوى الاستحقاق العقارية .

370 - دعاوى الملكية ودعاوى الحيازة : تحمى الحيازة دعاوى ثلاث تسمى بدعاوى الحيازة ( Actions possessoires ) ، وهى دعوى استرداد الحيازة إذا فقدنا الحائز ، ودعوى منع التعرض إذا بقيت الحيازة للحائز ولكن تعرض له فيها أحد ، ودعوى وقف الأعمال الجديدة إذا هدد الحائز فى حيازته بأعمال لو تمت كانت تعرضا لهذه الحيازة .

ويقابل دعاوى الحيازة الثلاث هذه دعاوى ملكية ( Actions petitoires ) ثلاث ، مهمتها حماية الملكية لا الحيازة ، فيقابل دعوى استرداد الحيازة دعوى استرداد الملكية وهذه هى دعوى الاستحقاق ، ويقابل دعوى منع التعرض فى الحيازة دعوى منع التعرض فى الملكية ، ويقابل دعوى وقف الأعمال الجديدة فى الحيازة دعوى وقف الأعمال الجديد فى الملكية .

ولما كانت دعاوى الحيازة لا تقتضى إلا أن يثبت المدعى حيازته مستوفية لشرائطها ، أما دعاوى الملكية فتقتضى أن يثبت المدى ملكيته للشيء وهو إثبات أشد مشقة بكثير من إثبات مجرد الحيازة ، لذلك يلجأ المالك عادة إلى دعاوى الحيازة ليحمى بها حيازته . ولا يتكلف مشقة الإثبات بعد ذلك كما قدمنا ، بل على من يدعى الملكية أن يرفع دعوى الاستحقاق على الحائز ، ويتحمل هو دون الحائز عبء إثبات الملكية ، وهو عبء شاق كما سبق القول . ومن ثم حلت دعاوى الحيازة فى العمل محل دعاوى الملكية ، وأغنت عنها فى كثير من الأحوال .

وقد كان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى يتضمن نصا يعدد دعاوى الملكية ، فكانت المادة 1165 من هذا المشروع تنص على أن " لمالك الشيء أن يسترده ممن يكون قد حازه أو أحرزه دون حق ، وأن يطالب من تعرض له فيه بالكف عن التعرض ، وإذا خشى تعرضا كان له أن يطالب بمنع وقوعه " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 22 .&%$ ) . وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " والوسيلة الثانية لحماية حق الملكية هى دعاوى الملكية التى وضعت على غرار $ 599 $ دعاوى الحيازة ، ولكن هذه أكثر استعمالا لسهولتها . فللمالك أن يسترد ملكه من أى يد كانت وهذا ما يسمى بدعوى الاستحقاق ، وله أن يطلب منع تعرض الغير لملكه ، وإيقاف كل عمل لو تم لكان تعرضا . ولكنه فى هذه انتشارا هى دعوى الاستحقاق . والأصل فى دعوى الاستحقاق أن ترفع على الحائز ، فهو المدعى عليه فى هذه الدعوى " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 24 .&%$ ) . هذا وقد حذف نص المادة 1165 من المشروع التمهيدى سالف الذكر فى لجنة المراجعة " اكتفاء بالقواعد العامة " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 23 .&%$ ) .

371 - عدم سقوط دعوى الاستحقاق بالتقادم – إحالة : ترفع دعوى الاستحقاق فى أى وقت يرى من يدعى ملكية الشيء رفعها فيه ، فليس لها أجل محدد تزول بانقضائه . وإذا كانت الحقوق العينية الأخرى تزول بعدم الاستعمال مدة معينة ، وكانت الحقوق الشخصية تزول هى أيضاً بالتقادم المسقط ، فإن حق الملكية ، دون غيره من الحقوق . لا يزول بعدم الاستعمال . ومن ثم لا تسقط دعوى الاستحقاق بالتقادم . ويستوى فى ذلك العقار والمنقول ، فدعوى الاستحقاق فى كل منهما لا تسقط بالتقادم ( $%&[1] ) وذلك صحيح فى مصر ، وكذلك فى فرنسا بالرغم من أن المادة 2262 منى فرنسى تقضى بأن كل الدعاوى ، عينية كانت أو شخصية ، تسقط بالتقادم بمضى ثلاثين سنة . وذلك راجع إلى أن حق الملكية حق دائم فلا يسقط بالتقادم ( أنظر فى هذا المعنى مازو فقرة 1628 ص 1297 – وأنظر فى سقوط دعوى استحقاق المنقول بالتقادم بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 354 ) .&%$ ) .

ومهما طالت المدة التى يخرج فيها الشيء من حيازة مالكه ، فإنه لا يفقد ملكيته بعدم الاستعمال ، ويستطيع أن يرفع دعوى الاستحقاق بعد خمس عشرة سنة أو ثلاثين أو أربعين أو أكثر . ولكن إذا كان الشيء الذى خرج من حيازته دخل فى حيازة شخص آخر . واستطاع هذا الشخص الآخر بموجب هذه الحيازة أن يكسب ملكية الشيء بالتقادم . فإن المالك الأصلى تزول عنه الملكية ولا يستطيع أن يرفع دعوى الاستحقاق على الحائز الذى ملك بالتقادم . ويرجع ذلك ، لا لأن المالك الأصلى قد فقد ملكيته بعدم الاستعمال أو سقطت $ 600 $ دعواه فى الاستحقاق بالتقادم المسقط ، ولكن لأن هناك شخصا آخر قد حاز الشيء وكسب ملكيته بالتقادم المكسب .

وقد فصلنا كل ذلك فيما تقدم عند الكلام فى دوام حق الملكية ، فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 330 .&%$ ) .

372 - ما يستتبع الحكم بالاستحقاق من حقوق فى الرد : فإذا حكم للمدعى فى دعوى الاستحقاق باستحقاقه للعقار المدعى بملكيته ، فإنه يحكم فى الوقت ذاته على المدعى عليه الحائز للعقار بإلزامه بتسليم العقار إلى المدعى – وقد يكون المدعى عليه هذا قد اشترى العقار من غير مالك ودفع له الثمن ، فلا يرجع بالثمن على المدعى الذى استحق العقار لأن هذا لم يكن طرفا فى عقد البيع ، وليس ملتزما بالضمان ( $%&[1] ) وذلك حتى لو كان المدعى عليه قد اشترى العقار فى المزاد العلنى تنفيذا لدين ( أوبرى ورد 2 فقرة 219 ص 539 ) .&%$ ) . وإنما يرجع المدعى عليه بالثمن وبضمان الاستحقاق على البائع الذى اشترى منه العقار ، وفقاً لما تقضى به القواعد العامة فى ضمان المبيع ( $%&[1] ) لكن إذا كان المدعى عليه قد استعمل جزءا من الثمن فى سداد تكاليف عينية كانت تثقل العقار ، فإنه يرجع بذلك على المدعى الذى استفاد من زوال هذه التكاليف ( أوبرى ورو 2 فقرة 219 ص 359 ) .&%$ ) .

ويفتح الحكم باستحقاق المدعى للعقار أبوابا لرجوع المالك على حائز العقار ، ولرجوع حائز العقار على المالك . فهناك من جهة الثمار والمنتجات وهلاك الشيء أو تلفه ، وقد يستوجب ذلك رجوع المالك على حائز العقار . وهناك من جهة أخرى المصروفات التى قد يكون حائز العقار أنفقها والمنشآت التى قد يكون قد أقامها ، وهذه تستوجب رجوع الحائز على المالك . وقد أورد التقنين المدنى أحكام كل ذلك فى مواضع مختلفة ، أهمها المكان الذى أورد فيه أحكام الحيازة والمكان الذى أورد فيه أحكام الالتصاق ، وسنبحث كل مسألة منها فى المكان الذى خصصه لها التقنين المدنى .

ونكتفى هنا بإيراد بعض النصوص التى عرضت لهذه المسائل ، ففيما يتعلق بالثمار تقتضى المادة 978 / 1 مدنى بأن " يكسب الحائز ما يقبضه من ثمار ما دام $ 601 $ حسن النية " ، وتقضى المادة 979 مدنى بأن " يكون الحائز سيء النية مسئولا من وقت أن يصبح سيء النية عن جميع الثمار التى يقبضها والتى تصر فى قبضها ، غير أنه يجوز أن يسترد ما أنفقه فى إنتاج هذه الثمار " . أما المنتجات ، وهى غير الثمار الدورية المتجددة ، فهذه يردها الحائز جميعا –هى أو قيمتها - للمالك . وفيما يتعلق بالهلاك أو التلف نصت المادة 983 مدنى على أنه " ذ - إذا كان الحائز حسن النية وانتفع بالشيء وفقا لما يحسبه من حقه ، فلا يكون مسئولا قبل من هو ملزم برد الشيء إليه من أى تعويض بسبب هذا الانتفاع . 2 - ولا يكون الحائز مسئولا عما يصيب الشيء من هلاك أو تلف ، إلا بقدر ما عاد عليه من فائدة ترتبت على هذا الهلاك أو التلف " . ونصت المادة 984 مدنى على أنه " إذا كان الحائز سيء النية ، فإنه يكون مسئولا عن هلاك الشيء أو تلفه ، ولو كان ذلك ناشئا عن حادث مفاجئ ، إلا إذا ثبت أن الشيء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقيا فى يد من يستحقه " .

وفيما يتعلق بالمصروفات قضت المادة 980 مدنى بأنه : " 1 - على المالك الذى يرد إليه ملكه أن يؤدى إلى الحائز جميع ما أنفقه من المصروفات الضرورية . 2 - أما المصروفات النافعة فيسرى فى شأنها أحكام المادتين 924 و 925 ( الخاصتين بالالتصاق ) . 3 - فإذا كانت المصروفات كمالية فليس للحائز أن يطالب بشيء منها ، ومع ذلك يجوز له أن ينزع ما استحدثه من منشآت على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولى ، إلا إذا اختار المالك أن يستبقها مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة " . وفيما يتعلق بالمنشآت فإنها تصبح ملكا للمالك بحكم الالتصاق ، ويعوض المالك من أقام المنشآت طبقا للقواعد المنصوص عليها فى المواد 923 - 930 مدنى ، وسيأتى تفصيل أحكامها عند الكلام فى الالتصاق كسبب من أسباب كسب الملكية .

373 - إثبات الملكية فى دعوى الاستحقاق : أشق مسألة فى دعوى الاستحقاق هى مسألة إثبات الملكية ، ويقع عبء الإثبات على عاتق المدعى ( $%&[1] ) فإذا لم يقم المدعى بإثبات ملكيته رفضت دعواه ، وليس على المحكمة أن تبحث فى ملكية المدعى عليه . وقد قضت محكمة النقض بأنه بحسب المحكمة لرفض دعوى الملكية أن تستند فى ذلك إلى عجز المدعى عن إثبات دعواه ، دون أن تكون بحاجة إلى بيان أساس ملكية المدعى عليه . ومن ثم فإن النعى على خطأ الحكم المطعون فيه فيما استطرد إليه تزيداً فى شأن التدليل على ملكية المدعى عليه فى دعوى الملكية يكون غير منتج ( نقض مدنى 14 مايو سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 108 ص 685 ) – وأنظر آنفاً ص 594 هامش 3 .&%$ ) $ 602 $ كما قدمنا . ووجه المشقة فى هذه المسألة هو أن الملكية حق شامل جامع مانع كما سبق القول ، وهو نافذ تجاه الناس كافة . ولا يعرف القانون سندا يثبت الملكية إثباتا مباشراً حاسما على هذا النحو ، إلا عن طريق السجل العينى ( Livre Foncier ) ، فمجرد تسجيل العقار باسم شخص معين فى هذا السجل دليل قاطع على ملكية هذا الشخص للعقار بالنسبة إلى الكافة .

وما دام السجل العينى لم يعمم فى مصر حتى الآن ، فإنه لا يتوافر فى الوقت الحاضر هذا الدليل المباشر الحاسم على الملكية . فلابد إذن من الالتجاء إلى طرق غير مباشرة وإلى القرائن فى إثبات الملكية ، كما هو الأمر فى فرنسا التى لم يوجد فيها السجل العينى حتى اليوم . وقد لجأ القضاء ، وسار على أثره الفقه ، فى فرنسا وفى مصر ، إلى سلسلة من القرائن والاحتمالات ليست هى فى ذاتها دليلا مباشراً حاسما على الملكية ، ولكنها على كل حال توحى ، بقدر من ما يستطاع فى الظروف الخاصة لكل قضية ، بأن الخصم الذى قدم هذه القرائن يغلب أن يكون هو المالك ، أو فى القليل يكون قد قدم احتمالات أرجح وقرائن أقوى من الاحتمالات والقرائن التى قدمها خصمه ( $%&[1] ) أنظر أوبرى ورو 2 فقرة 219 هامش 2 .&%$ ) .

وننتقل الآن إلى طرق الإثبات التى أقرها القضاء والفقه فى إثبات حق الملكية ، وقد كان للفقيهين المعروفين أوبرى ورو الفضل الأول فى دعم هذه الطرق فى الفقه وفى توجيه القضاء فى تنظيمها وترتيبها بحسب قوتها والمفاضلة فيما بينها ( $%&[1] ) مارتى ورينو فترة 222 ص 230 .&%$ ) .

2 - طرق إثبات الملكية فى دعوى الاستحقاق ( $%&[1] ) مراجع: E.Levy فى إثبات الملكية العقارية بسند التمليك رسالة من باريس سنة 1896 – Sandino فى إثبات الملكية العقارية فى القانون الفرنسى رسالة من إكس سنة 1908 – Grosser فى إثبات الملكية والحقوق المتفرعة عنها رسالة من باريس سنة 1913 – Bantkowski فى إثبات الملكية العقارية رسالة من مونبلييه سنة 1919 – Panline Mendelsshon فى إثبات الملكية العقارية رسالة من باريس سنة 1922.&%$ )
374 - طرق إثبات دلالتها يقينية : قدمنا أن إثبات الملكية على وجه $ 603 $ حاسم قاطع عن طريق سند تمليك يثبتها بطريق مباشر أمر متعذر . ولبيان ذلك نفرض أن المدعى فى دعوى الاستحقاق قدم عقد شراء سنداً لملكيته ، فذلك لا يكفى ، إذ يجب أن يثبت أيضاً أنه اشترى من مالك حتى تكون الملكية قد انتقلت إليه . فإذا هو قدم سند ملكية البائع له ، وهو أيضاً عقد شراء صادر له من سلفه ، فذلك لا يكفى ، إذ يجب أن يثبت أن البائع لبائعه كان مالكا وقت أن باع للبائع . ثم إن عقد الشراء الصادر لبائع البائع لا يكفى هو أيضاً ، إذ يجب أن يثبت أن البائع لبائع البائع كان مالكا وقت أن باع . وهكذا تتسلسل سندات التمليك إلى ما لا نهاية ، ويكون الدليل الذى يطالب به المدعى أمراً متعذرا ، بل هو كما يقال دليل شيطانى ( Probatio Diabolica ) . ومن ثم يتبين فى وضوح أنه لا يمكن السير فى هذا الطريق .

والذى يمكن الوقوف عنده ، طريقا لإثبات الملكية ذا دلالة يقينية ، طرق ثلاثة :

( الطريق الأول ) السجل العينى ( Liver Foncier ) ، فمهمة هذا السجل أن يجعل تسجيل ملكية العقار ذا دلالة يقينية قاطعة ، وهو حجة على الكافة ، فمتى سجل عقار فيه باسم شخص معين كان هذا الشخص هو المالك ، ما فى ذلك من ريب . ولكن السجل العينى لم يعمم بعد فى مصر ، بل هو لما يبدأ ، فوجب التماس طريق آخر .

( الطريق الثانى ) التقادم المكسب الطويل أو القصير : وهذا طريق آخر للإثبات ذو دلالة يقينية قاطعة فى ثبوت الملكية ، فمتى أثبت المدعى أنه حاز العقار ، هو وسلفه من قبله ، مدة خمس عشرة سنة متواليات دون انقطاع وأن حيازته هذه قد استوفت شرائطها ، فقد تملك العقار بالتقادم و كان هذا دليلا قاطعا على ملكيته ، وهو حجة على الكافة ما فى ذلك من ريب( $%&[1] ) ويجب التثبت ، حتى يستغنى بالتقادم عن أى سبب آخر ، من أن التقادم قد استوفى شرائطه ومدته . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الواقع فى الدعوى أن محكمة الموضوع أسست قضاءها برفض دعوى الطاعن بطلب تثبيت ملكيته للعين موضوع النزاع على ثبوت حيازة المطعون عليه لها دون انقطاع مدة تزيد على 15 سنة وأن هذه الحيازة ثبتت له خاصة منذ شرائه لتلك العين فى سنة 1929 وثبتت أيضاً للبائعة له من سنة 1923 . وقد استغنت محكمة الموضوع بثبوت الحيازة للمطعون عليهما الأول والثانية على النحو المتقدم ، وبضم مدة وضع يدها إلى مدة وضع يده ، عن بحث ما يدعيه الطاعن من ملكيته للعين المتنازع فيها بموجب عقوده المسجلة ، بما يتأدى منه أن هذا البحث غير مجد ما دام أن العقود المقدمة من كلا الطرفين ترجع ملكية العين إلى أصلين مختلفين . كما استغنت عن بحث ما ادعاه الطاعن من أن المطعون عليها الثانية شخصية وهمية لا وجود لها ، بمقولة إن هذا البحث أيضاً غير مجد لتعلق النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية . فإن هذا النظر ، الذى تأسس عليه قضاء الحكم المطعون فيه ، يكون مشوبا بالقصور . ذلك أن التفات الحكم المطعون فيه عن تحقيق ما تمسك به الطاعن من أن المطعون عليها الثانية شخصية وهمية لا وجود لها كان من نتيجته عدم الاعتداد بما تقدم به الطاعن من مستندات للتدليل على ملكيته ، كما كان من نتيجته القول بتوافر مدة التقادم مع ما هو واضح من ذات الحكم المطعون فيه من أن هذه المدة لا تكون مكتملة إذا ما تبين أن المطعون عليها لم تكن ذات وجود فعلى ، إذ يمتنع فى هذه الحالة إسناد أية حيازة لها ( نقض مدنى 14 يناير سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 ص 58 ) .&%$ ) . بل $ 604 $ يستطيع المدعى ، إذا كان حسن النية ومعه سبب صحيح ، أن يتملك العقار بحيازته مدة خمس سنوات متواليات ، ويكون التقادم القصير فى هذه الحالة دليلا قاطعا على الملكية . ولكن التقادم المكسب ، طويلا كان أو قصيراً ، غير متيسر فى أكثر الأحيان ، فمدة الخمس العشرة سنة مدة طويلة ، ومدة الخمس السنوات يجب أن يصحبها السبب الصحيح وحسن النية ، والمدتان قد يقف سريانهما أو ينقطع لأسباب مختلفة ، وعند ذلك لا تحسب مدة الوقف ، بل لا يحسب فى حالة الانقطاع ما سرى من المدة أصلا ويجب ابتداء مدة جديدة .

( الطريق الثالث ) الحيازة إذا استوفت شرائطها ، وبوجه خاص إذا لم تقترن بإكراه ولم تحصل خفية ولم يكن فيها لبس ( $%&[1] ) وحتى لو كانت الحيازة معيبة ، فإن الحائز يبقى مدعى عليه فى دعوى الاستحقاق ، وعلى المدعى أن يثبت ملكيته فى حالتى الحيازة الصحيحة والحيازة المعيبة ، فلا فرق إذن فى هذه الناحية بين الحيازتين ( مازو فقرة 1636 ) .&%$ ) . فعند ذلك تكون الحيازة قرينة قانونية على الملكية ، ولكنها قرينة غير قاطعة ، فهى دليل على الملكية إلى أن يقوم الدليل على العكس . وهناك نص صريح فى هذا المعنى ، فقد نصت المادة 964 مدنى على أن " من كان حائزاً للحق اعتبر صاحبه ، حتى يقوم الدليل على العكس " ( $%&[1] ) وقد جعل التقنين المدنى الحيازة المادية قرينة غير قاطعة على الحيازة القانونية ، فنصت المادة 963 مدنى على أنه " إذا تنازل أشخاص متعددون على حيازة حق واحد ، اعتبر بصفة مؤقتة أن حائزه هو من له الحيازة المادية ، إلا إذا ظهر أنه قد حصل على هذه الحيازة بطريقة معيبة " .&%$ ) . والحيازة على كل حال طريق لإثبات الملكية ذو دلالة يقينية ، $ 605 $ إذ هى تفرض فى الحائز أنه المالك ، وتنقل عبء إثبات الملكية من عاتقه إلى عاتق خصمه ، ولولا أنها دليل غير قاطع ، فيجوز للخصم غير الحائز أن يقيم الدليل على أنه ، دون الحائز ، هو المالك ( $%&[1] ) نقض مدنى 2 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 162 .&%$ ) .

375 - طرق إثبات دلالتها ظنية : ويوجد إلى جانب طرق الإثبات ذات الدلالة اليقينية التى قدمناها طرق إثبات ذات دلالة ظنية ، فهى قرائن قضائية تثبت احتمالات راجحة ( Probabilites ) ، ولكنها لا تثبت الملكية على وجه يقينى .

وأول هذه الطرق هو سند التمليك ( titre ) . ويقصد بسند التمليك سند صادر للخصم يفيد ثبوت الملك له ، دون اعتبار لما إذا كان هذا قد صدر من مالك أو من غير مالك . ولذلك تكون دلالة السند ظنية ، ويؤخذ على أنه مجرد قرينة قضائية تفيد احتمالا راجحاً ، ويترك ذلك لتقدير القاضى . ولما كان السند مجرد قرينة قضائية ، فلا يشترط فيه أن يكون مسجلا ، أو أن يكون ناقلا للملكية بل يصح أن يكون كاشفا عن الملكية لا ناقلا لها . فيستطيع الخصم إذن ، كما يتمسك بعقد بيع أو هبة قرينة على ملكيته ( $%&[1] ) استئناف مختلط 13 يناير سنة 1930 م 32 ص 123 .&%$ ) ، أن يتمسك أيضاً بعقد صلح أو قسمة أو حكم قضائى وكل ذلك كاشف عن الملكية لا ناقل لها ( $%&[1] ) نقض فرنسى 22 يونيه سنة 1864 داللوز 64 – 1 – 412 – 27 ديسمبر سنة 1865 داللوز 66 – 1 – 5 – 20 مارس سنة 1988 سيريه 89 – 1 – 62 – 3 يناير سنة 1905 داللوز 1908 – 1 – 441 . وأنظر بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 361 – بلانيول وريبير وجابولد 1 فقرة 3316 – وإذا قدم أحد الخصمين سندا ، جاز للقاضى أن يستخلص من هذا السند قرينة لصالح الخصم الآخر ( نقض فرنسى 22 مايو سنة 1865 داللوز 65 – 1 – 473 – 31 مارس سنة 1868 داللوز 68 – 1 – 418 – 20 مارس سنة 1888 سيريه 89 – 1 – 62 ) .&%$ ) . وإذا تمسك بحكم قضائى ، فليس من الضرورى أن تراعى فيه شروط حجية الأمر المقضى ، فقد يتمسك بالحكم على خصم دون أن يكون هذا طرفا فى الدعوى التى صدر فيها الحكم ، وإذا تمسك بعقد ، فليس من الضرورى أن يكون الخصم طرفا فى هذا العقد . وذلك لأن كلا من الحكم والعقد لا يعتد $ 606 $ به هنا إلا على أنه مجرد قرينة قضائية لا تفيد إلا مجرد احتمالا ، ويجوز دحض دلالته الظنية بقرينة أخرى أقوى منه ( $%&[1] ) نقض فرنسى 22 يونيه سنة 1864 داللوز 64 – 1 – 412 – 27 ديسمبر سنة 1865 داللوز 66 – 1 – 5 – 8 يوليه سنة 1874 داللوز 74 – 1 - 336 – 21 مارس سنة 1894 داللوز 94 – 1 – 240 - 22 أكتوبر سنة 1906 سيريه 1908 – 1 329 – 5 مارس سنة 1913 سيريه 1913 – 1 – 191 – 15 مايو سنة 1923 داللوز 1926 – 1 – 13 . ويعتبر الحكم أو العقد هنا واقعة مادية ( Fait Materiel ) ، تستخلص منه القرينة القضايئة دون مراعاة لشروط حجية الأمر المقضى أو حجية العقد ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 396 ) .

ولا يجوز أن يكون السند الذى يتمسك به الخصم صادرا منه هو ، فإنه لا يجوز لشخص أن يصنع بنفسه دليلا لنفسه ، فلا يجوز لبلدية أن تتمسك بخط التنظيم الذى أصدرته هى للتدليل على ملكيتها لعقار معين ( إكس 18 فبراير سنة 1892 داللوز 92 – 2 – 483 – أنسيكلوبيدى داللوز 4 لفظ Revendication فقرة 31 ) .&%$ ) .

ويأتى بعد سند التمليك قرائن أخرى قضائية أقل قوة من سند التمليك . وأهم هذه القرائن المكلفة ، فمن كلف العقار باسمه يستطيع أن يتخذ من ذلك قرينة قضائية على أنه هو المالك( $%&[1] ) استئناف مختلط 22 يونيه سنة 1948 م 61 ص 77 .&%$ ) ، إلى أن تدحض هذه القرينة بقرينة أقوى منها . كذلك يعتبر دفع الأموال ( ضرائب الأراضى الزراعية ) والعوايد ( ضرائب المبانى ) قرينة قضائية على أن من يدفع هذه الضرائب هو المالك ، ولكنها قرينة يجوز دحضها هى الأخرى بقرينة أقوى منها . وقد تكون حدود العقار وعلامات هذه الحدود القائمة ، أو خريطة فك الزمام ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بألا حجية لخرائط المساحة فى بيان الملكية ، وإنما تعبر فقط عن الواقع المادى ( نقض مدنى 22 ديسمبر سنة 1955 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاما 2 ص 993 ) – والمكلفة وحدها لا تكفى دليلا على الملكية ( استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1898 م 10 ص 226 – 29 أبريل سنة 1909 م 21 ص 328 – 25 أبريل سنة 1912 م 24 ص 308 – 7 مارس سنة 1916 م 28 ص 187 – 4 أبريل سنة 1916 م 28 ص 224 – 2 يناير سنة 1919 م 31 ص 93 – 7 يونيه سنة 1928 م 40 ص 410 – 10 مارس سنة 1942 م 54 ص 131 ) ، ولا الورد المستخلص من المكلفة ( استئناف مختلط 10 مايو سنة 1906 م 18 ص 254 – 14 يونيه سنة 1906 م 18 ص 836 – 9 أبريل سنة 1908 م 20 ص 168 – 13 مارس سنة 1913 م 25 – ص 224 – 17 أبريل سنة 1913 م 25 ص 310 – 17 أبريل سنة 1913 م 25 ص 315 – 11 فبراير سنة 1926 م 38 ص 238 – 14 فبراير سنة 1935 م 47 ص 154 ) . والإعلام الشرعى دليل على أنصبة الورثة ، ولكنه ليس دليلا على الملكية ( استئناف مختلط 17 فبراير سنة 1903 م 15 ص 147 – 23 أكتوبر سنة 1917 م 30 ص 7 ) . ولا تكفى الشهرة العامة دليلا على الملكية ( استئناف مختلط 8 يونيه سنة 1937 م 49 ص 253 ) .&%$ ) ، أو غير $ 607 $ ذلك ، قرائن قضائية على الملكية ، ولكنها كلها بطبيعة الحال يجوز دحضها بقرائن أقوى منها . كذلك يعتبر قرينة قضائية تسجيل سند التمليك ( $%&[1] ) مازو فقرة 1640 .&%$ ) ، وسندات الشركاء على الشيوع ( $%&[1] ) أوبرى ورو 2 فقرة 219 ص 532 .&%$ ) . وتعتبر الحيازة إذا كانت غير مستوفية لشرائطها هى أيضاً قرينة قضائية تدحض بقرينة أقوى ، فتنقلب من قرينة قانونية فيما إذا استوفت شرائطها إلى محض قرينة قضائية فيما إذا لم تستوف هذه الشرائط( $%&[1] ) أنظر كاربونييه ص 226 – ص 227 .&%$ ) .

376 - تعارض طرق الإثبات : فإذا قدم كل من الخصمين فى دعوى الاستحقاق طرق إثباته ، فتعارضت هذه الطرق ، فهناك طريقان قاطعا الدلالة فى الملكية ، هما كما قدمنا السجل العينى والتقادم المكسب . فمتى استطاع الخصم أن يثبت ملكيته عن طريق السجل العينى ، إذا كان هذا السجل ساريا فى المنطقة التى فيها العقار المتنازع عليه ، كان هو المالك . ووجب الحكم له بالملك إذا كان هو المدعى ، أو وجب رفض دعوى الاستحقاق إذا كان هو المدعى عليه . فإذا لم يكن السجل العينى ساريا ، واستطاع الخصم أن يثبت أنه تملك العقار المتنازع فيه بالتقادم الطويل أو القصير ، كان هو المالك ، ووجب الحكم له بالملكية أو رفض دعوى الاستحقاق بحسب الأحوال .

فإذا لم يكن السجل العينى ساريا ، ولم يستطع الخصم أن يثبت الملكية بالتقادم ، فالصورة المألوفة التى تبقى بعد ذلك أن يكون المدعى عليه فى دعوى الاستحقاق هو الحائز للعقار . فيتمسك بالحيازة قرينة قانونية على أنه هو المالك ، ويلقى على عاتق خصمه عبء دحض هذه القرينة ( $%&[1] ) استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1909 م 22 ص 57 – 18 مايو سنة 1911 م 23 – ص 230 .&%$ ) . فإذا لم يقدم المدعى قرينة أخرى تدحض قرينة الحيازة ، رفضت دعواه ، وبقى الحائز على حيازته . أما إذا قدم المدعى قرينة تعارض قرينة الحيازة ، من سند تمليك أو مكلفة أو دفع الضرائب أو غير ذلك ، وقدر القاضى أن القرينة التى قدمها المدعى تدحض قرينة الحيازة ، حكم للمدعى بالملكية ، ونزع العقار من يد الحائز وسلم للمدعى . فالقرينة التى تدحض قرينة الحيازة ينبغى أن يترك أمر $ 608 $ تقديرها إلى القاضى ، فهو الذى يقدر ما إذا كانت الاحتمالات المستمدة من الحيازة أقوى فيرفض دعوى الاستحقاق ، أو أن الاحتمالات المستخلصة من القرائن التى قدمها المدعى هى الأقوى فيقضى له بالملكية ( $%&[1] ) وقد أراد بعض الفقهاء أن يستخلص من ذلك أن الملكية حق نسبى ، فيكون الشخص مالكا بالنسبة إلى شخص معين ، وغير مالك بالنسبة إلى الأشخاص الآخرين ( Fm .Levy فى إثبات الملكية العقارية عن طريق السند رسالة من باريس سنة 1896 ) . ولكن ذلك لا يستخلص من القضاء الفرنسى ، وكل ما لجأ إليه هذا القضاء هو تحويل محل الإثبات ( Deplacement de l'object de preuve ) وهذا أمر مألوف فى نطاق قواعد الإثبات ( أنظر بارتان فى أوبرى ورو 2 فقرة 219 هامش 6 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 363 ص 359 – ص 390 ) .&%$ ) . وقد كان يحسن الوقوف عند هذا الحد ، إلا أن القضاء الفرنسى سارشوطا أبعد ، فوضع قواعد مستقرة فى هذا الصدد ، هى وإن كانت تتفق فى أكثرها مع منطق حق الملكية إلا أن بعضا منها تنقصه المرونة الكافية التى يواجه بها الظروف المختلفة .

ويلاحظ فى شأن هذه القواعد ما يأتى :

( 1 ) أنها قائمة على أساس تحويل الإثبات ، فهى أدلة غير مباشرة ، إذ لا يقع الإثبات فيها على الواقعة ذاتها مصدر الحق ، بل على واقعة أخرى إذا ثبتت أمكن أن تستخلص منها الواقعة المراد إثباتها . وهذا كما قدمنا ضرب من تحويل الإثبات ( Deplacement de prauve ) من محل إلى آخر ( $%&[1] ) أنظر الوسيط 2 فقرة 173 – ص 329 .&%$ ) ، أى نقل للإثبات من محله الأصلى إلى محل آخر . فالواقعة المراد إثباتها أى سبب كسب الملكية وهو المحل الأصلى ، يزحزح القضاء عنها الإثبات ، ويحوله إلى واقعة أخرى قريبة منها ، فإذا ثبتت هذه الواقعة الأخرى اعتبر القضاء واقعة سبب كسب الملكية ثابتة ( $%&[1] ) أنظر الوسيط 2 فقرة 325 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 363 ص 360 – ص 361 .&%$ ) .

( 2 ) لم يعرض التشريع –لا التقنين المدنى الفرنسى ولا التقنين المدنى المصرى - لشىء من هذه القواعد . وخيراً فعل . ذلك أنه إذا كان يعاب شيء على هذه القواعد ، فهو كما قدمنا فقدها المرونة الكافية فى بعض الحالات . فخير إذن أن تبقى قواعد قضائية يكون التحول عنها حين تضيق بالظروف الخاصة للقضية المختلفة أيسر $ 609 $ مما لو كانت قواعد تشريعية( $%&[1] ) ومع ذلك قارن الأستاذ محمد على عرفة وهو يقول : " ومن المؤسف حقاً أن يغفل المشرع وضع نظام خاص فثبات الحقوق العينية على غرار ما فعله بالنسبة إلى الحقوق الشخصية ، وألا يتدارك المشرع هذا النقض فى التقنين المدنى الجديد " ( محمد على عرفة فقرة 179 ) .&%$ ) . على أن التقنين المدنى المصرى أورد المبادئ الأساسية لهذه القواعد ، ولكن لا فى إثبات الملكية ، بل فى إثبات الحيازة وهو أهون شأنا وأيسر خطبا من الملكية ( $%&[1] ) فقد نصت المادة 959 مدنى ، فى خصوص دعوى استرداد الحيازة والمفاضلة بين حيازتى الخصمين ، على ما يأتى : " 1 - إذا لم يكن من فقد الحيازة قد انقضت على حيازته سنة وقت فقدها ، فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل . والحيازة الأحق بالتفضيل هى الحيازة التى تقوم على سند قانونى . فإذا لم يكن لدى أى من الحائزين سند ، أو تعادلت سنداتهم ، كانت الحيازة الحق هى الأسبق فى التاريخ . 2 - أما إذا كان فقد الحيازة بالقوة ، فللحائز فى جميع الأحوال أن يسترد خلال السنة التالية حيازته من المعتدى " .&%$ ) .

( 3 ) إن هذه القواعد القضائية ليست هى عين قواعد الدعوى الببليسية ( Avtion Publicienne ) المعروفة فى القانون الرومانى ، وهى الدعوى التى كان البريطور يعطيها بديلا من دعوى الاستحقاق ( Revendication )( $%&[1] ) وبالرغم من وجود بعض وجوه الشبه ، إلا أن القواعد التى أقرها القضاء الفرنسى تختلف عن الدعوى الببليسية فى أن هذه القواعد لا تشترط وجود سند فى يد الخصم فالحيازة تكفى ، ولا تشترط فى السند أن يكون ناقلا للملكية فيجوز أن يكون كاشفا عن الملكية ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 363 ص 359 – وأنظر أيضاً أوبرى ورو 2 فقرة 219 هامش 1 – بودرى وشوفو فقرة 238 – كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1310 ) . أنظر مع ذلك فيمن يقول إن القواعد التى أقرها القضاء الفرنسى استمدها من الدعوى الببليسية : ديرانتون 4 فقرة 273 وما بعدها و 16 فقرة 21 – ترولون فى التقادم 1 فقرة 230 وفى البيع 1 فقرة 235 – ديمولومب 9 فقرة 481 .&%$ ) .

وتعنى هذه القواعد القضائية عناية خاصة بسند التمليك ( Titre ) الذى سبق لنا أن عرفناه( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 375 .&%$ ) ، إذ هى تميز بين صور ثلاث : ( الصورة الأولى ) يوجد سند تمليك عند كل من الخصمين . ( الصورة الثانية ) لا يوجد سند تمليك عند أى من الخصمين . ( الصورة الثالثة ) يوجد سند تمليك عند أحد الخصمين دون الآخر .

377 - الصورة الأولى - يوجد سند تمليك عند كل من الخصمين : فى هذه الصورة الأولى يجب التمييز بين فرضين :

 $ 610 $

( الفرض الأول ) أن يكون سندا تمليك الخصمين صادرين من شخص واحد ، فيتمسك المدعى مثلا بسند بيع صادر من شخص معين ، ويتمسك المدعى عليه ( الحائز ) بسند بيع آخر صادر من نفس هذا الشخص . فى هذا الفرض تكون العبرة بالأسبقية فى التسجيل ، فإذا كان السندان مسجلين فأسبقهما تسجيلا هو الذى يعتد به ويقضى لصالح صاحبه ، وإن كان أحداهما دون الآخر هو المسجل فصاحب السند المسجل هو الذى يقضى لصالحه . أما إذا كان كلا السندين غير مسجل ، فأسبقهما فى التاريخ هو الذى يعتد به ويقضى لصالحه صاحبه( $%&[1] ) بودرى وشوفو فقرة 249 – مازو فقرة 1642 – ويلاحظ أنه لو كان السندان الصدران من شخص واحد هما وصيتان ، فإن صاحب الوصية اللاحقة يفضل على صاحب الوصية السابقة ، لأن الوصية اللاحقة تنسخ الوصية السابقة ( محمد على عرفة فقرة 183 ص 232 ) .&%$ ) .

( الفرض الثانى ) أن يكون السندان صادرين من شخصين مختلفين ، يتمسك المدعى مثلا بسند بيع صادر له من ( أ ) ، فى حين أن المدعى عليه ( الحائز ) يتمسك بسند بيع صادر له من ( ب ) . ويذهب القضاء الفرنسى فى هذا الفرض إلى التمييز بين حالتين : ( الحالة الأولى ) أن تكون حيازة المعدى عليه غير محققة ، بأن كانت غير واضحة وضوحا كافيا ( non suffisamment caracterisec ) أو كانت معيبة كأن تكون غامضة . ففى هذه الحالة لا يستطيع المدعى عليه أن يرجح المدعى عن طريق الحيازة ، ولا يبقى إلا المفاضلة بين سندى الخصمين . فالسند الذى تراه المحكمة أقوى دلالة فى الإثبات تقضى لصالح صاحبه . ولا نفضل المحكمة حتما السند الأسبق فى التاريخ ( le titre le plus ancient ) ، ولكن الأسبقية فى التاريخ يعتد بها عاملا من عوامل التفضيل إلى جانب العوامل الأخرى ( $%&[1] ) نقض فرنسى 6 يناير سنة 1896 داللوز 96 – 1 – 49 – أول يونيه سنة 1897 دالللوز 98 – 1 – 58 بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 359 ص 355 – ص 356 – وقرب استئناف مختلط 29 مارس سنة 1906 م 18 ص 177 – 26 مايو سنة 1908 م 20 ص 248 .&%$ ) . ( الحالة الثانية ) أن تكون حيازة المدعى عليه حيازة محققة مستوفية لشرائطه . وتقضى المحكمة فى هذه الحالة لصالح المدعى عليه وترفض دعوى الاستحقاق . لأن كلا $ 611 $ من الخصمين قد سندا يعادل السند الذى قدمه الخصم الآخر ، فيتهاتر السندان ، ويبقى المدعى عليه راجحا بحيازته المحققة . ويستوى فى ذلك أن يكون سند المدعى عليه سابقا فى التاريخ على سند المدعى أو متأخراً عنه ، كما يستوى أن تكون حيازة المدعى عليه سابقة فى التاريخ على سند المدعى أو متأخرة عنه ( $%&[1] ) نقض فرنسى 18 أكتوبر سنة 1893 سيريه 96 – 1 – 36 – 12 نوفمبر سنة 1907 داللوز 1908 – 1 - 313 – أوبرى ورو 2 فقرة 219 – ص 531 – ص 532 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 359 ص 356 .&%$ ) . على أن لهذه القاعدة استثناء واحدا . هو أن يثبت المدعى أن سلفه الذى تلقى منه السند كان يفوز على السلف الذى تلقى منه الحائز سنده لو أن دعوى استحقاق أقامها أحداهما على الآخر . فعندئذ يكون سلف المدعى ملكيته راجحة على ملكية سلف الحائز ، وقد تلقى المدعى هذه الملكية الراجحة بموجب سنده ، فيقضى له باستحقاق العقار( $%&[1] ) نقض فرنسى 6 فبراير سنة 1896 سيريه 96 – 1 – 119 – 21 ديسمبر سنة 1903 داللوز 1906 – 1 - 175 – أوبرى ورو 2 فقرة 219 ص 532 وهامش 10 – بودرى وشوفو فقرة 250 – كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1311 ص 1088 .&%$ ) .

378 - الصورة الثانية – لا يوجد سند تمليك عند أى من الخصمين : وهنا أيضاً يجب التمييز بين فرضين :

( الفرض الأول ) أن تكون حيازة المدعى عليه حيازة قانونية مستوفية لشرائطها ، فتقوم هذه الحيازة قرينة على الملكية لم يدحضها سند تمليك من المدعى ، فيقضى لصالح المدعى عليه وترفض دعوى الاستحقاق ( $%&[1] ) نقض فرنسى 10 يناير سنة 1860 داللوز 60 – 1 – 74 – 30 ديسمبر سنة 1872 سيريه 73 – 1 – 150 – 22 ديسمبر سنة 1885 سيريه 86 – 1 – 196 – 9 نوفمبر سنة 1886 داللوز 87 – 1 - 246 – 31 مايو سنة 1905 سيريه 1905 – 1 – 524 .&%$ ) . وقد يكون الحائز هو المدعى ، وقد رفع دعوى الاستحقاق على المتعرض له فى الملكية كما يقع ذلك فى بعض الأحيان ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 368 .&%$ ) . فإذا كانت حيازته حيازة قانونية مستوفية لشرائطها ، قامت كذلك قرينة على الملكية لم يدحضها سند تمليك من المدعى عليه ، فيقضى لصالح المدعى باستحقاق العقار ( $%&[1] ) نقض فرنسى 8 فبراير سنة 1893 سيريه 96 – 1 – 447 – 18 أكتوبر سنة 1893 سيريه 96 – 1 – 36 .&%$ ) .

 $ 612 $

( الفرض الثانى ) أن تكون حيازة المدعى عليه ( أو حيازة المدعى ) حيازة غير مستوفية لشرائطها ، فلا تكون الحيازة فى هذا الفرض قرينة على الملكية . ومن ثم يفاضل القاضى بين القرائن التى يقدمها كل من الخصمين ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المفاضلة بين سندات الملكية التى يعتمد عليها أحد طرفى النزاع وبين سندات ملكية الطرف الآخر والتى صدرت لإثبات تصرفات قانونية هى من المسائل القانونية التى يتعين على المحكمة أن تقول كلمتها فيها . فإذا كان الحكم قد أغفل التعرض لبحث هذه المستندات والمفاضلة بينها ، فإنه يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب . ولا يغنى عن ذلك اعتماد المحكمة فى هذا الخصوص على ما ورد بتقرير الخبير المنتدب لإثبات الواقع فى الدعوى وتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة ( نقض مدنى 24 يناير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 74 ) .

أما المفاضلة ذاتها وتقدير أى السندات هى الأفضل ، فهذه مسألة موضوعية لا رقابة عليها لمحكمة النقض كما سيأتى .&%$ ) . فإذا قدم كل منهما قرينة الحياة غير المستوفية لشرائطها ، بأن حاز كل منهما العقار على التوالى ، فاضل القاضى بين الحيازتين واختار الحيازة الأفضل وقضى لصاحبها ، فرفض دعوى الاستحقاق أو قضى بالملكية للمدعى بحسب الأحوال ( $%&[1] ) استئناف مختلط 22 مارس سنة 1932 م 44 ص 239 ( تقديم الحيازة الأسبق والأكثر وضوحا : Possession plus ancienne et mieux caracterisec )&%$ ) . وقد يقدم أحد الخصمين قرينة الحيازة غير المستوفية للشرائط ، ويقدم الخصم الآخر قرائن أخرى كالقيد فى سجل المكلفة ( Cadastre )( $%&[1] ) نقض فرنسى 5 مارس سنة 1894 سيريه 98 – 1 – 439 – 9 أغسطس سنة 900 سيريه 1901 – 1 – 397 – 14 أبريل سنة 1904 – 1 – 247 – 25 أكتوبر سنة 1911 داللوز 1913 – 1 – 119 .&%$ ) أو دفع الضرائب عن العقار المتنازع فيه ( $%&[1] ) أورليان 7 فبراير سنة 1884 داللوز 88 – 2 – 11 .&%$ ) أو وجود حد ظاهر المعالم للعقار المتنازع فيه ( $%&[1] ) نقض فرنسى 22 ديسمبر سنة 1891 داللوز 92 – 1 – 512 – 28 أكتوبر سنة 1901 سيريه 1903 – 1 - 179 .&%$ ) أو غير ذلك من القرائن ( $%&[1] ) نقض فرنسى 14 نوفمبر سنة 1888 سيريه 19 – 1 – 459 – 25 يونيه سنة 1901 سيريه 1902 – 1 – 214 – 12 نوفمبر سنة 1902 داللوز 1902 – 1 - 568 .&%$ ) . بل قدي قدم أحد الخصمين الحيازة وبعض هذه القرائن ، ويقدم الخصم الآخر الحيازة أيضاً بدون أو مع هذه القرائن كلها أو بعضها . ففى جميع هذه الأحوال يفاضل القاضى دائما بين قرائن المدعى وقرائن المدعى عليه ، ويقدر أى القرائن أرجح من الأخرى $ 613 $ فيحكم لصاحب القرائن الأرجح ( $%&[1] ) نقض مدنى 16 أبريل سنة 1860 داللوز 60 – 1 – 251 – 7 مارس سنة 1877 داللوز 78 – 1 – 216 – 18 أغسطس سنة 1880 داللوز 80 – 1 – 369 – 24 يناير سنة 1884 داللوز 84 – 1 – 314 – 22 ديسمبر سنة 1891 داللوز 92 – 1 – 512 – 20 نوفمبر سنة 1894 سيريه 96 – 1 – 212 – 14 أبريل سنة 1904 سيريه 1905 – 1 – 266 – 24 أكتوبر سنة 1911 داللوز 1913 – 1 – 119 – 26 ديسمبر سنة 1921 داللوز 1925 – 1 – 140 .&%$ ) ، وتقديره هذا تقدير موضوعى لا رقابة لمحكمة النقض عليه( $%&[1] ) نقض فرنسى 24 نوفمبر سنة 1869 سيريه 70 – 1 – 32 – 5 مارس سنة 1894 سيريه 98 – 1 – 439 – 12 نوفمبر سنة 1902 داللوز 1902 – 1 – 568 – مارتى ورينو فقرة 223 .&%$ ) .

وجملة القول فى هذه الصورة الثانية أن صاحب الحيازة القانونية المستوفية لشرائطها ، أو فى القليل صاحب الحيازة الأفضل إذا لم تكن الحيازة مستوفية لشرائطها أو صاحب القرائن الأرجح ، هو الذى يقضى لصالحه( $%&[1] ) نقض فرنسى 29 مارس سنة 1933 سيريه 1933 – 1 – 224 – 27 مايو سنة 1936 جازيت دى باليه 1936 – 1 – 353 – 10 أغسطس سنة 1937 سيريه 1937 – 1 – 368 – 17 يناير سنة 1938 جازيت دى باليه 1938 – 2 – 898 – 28 أبريل سنة 1941 سيريه 1941 – 1 – 128 .&%$ ) .

379 - الصورة الثالثة – يوجد سند تمليك عند أحد الخصمين دون الآخر : فإذا كان من عنده سند التمليك هو المدعى عليه الحائز للعقار ، قضى لصالحه ورفضت دعوى الاستحقاق ، لأن المدعى عليه يكون قد جمع فى هذه الحالة بين الحيازة وسند التمليك . أما إذا كان من عنده سند التمليك هو المدعى ، فإنه يقضى لصالحه بالملكية ( $%&[1] ) استئناف مختلط 2 يونيه سنة 1898 م 10 ص 306 .&%$ ) . بشرط أن يكون سند تمليكه سابقا على حيازة المدعى عليه ( $%&[1] ) وذلك لأنه توجد قرينة ، ما دام سند التمليك سابقا على الحيازة ، أن الحيازة وقت صدور سند التمليك كانت عند من صدر منه هذا السند ، ثم اغتصبت منه ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 3322 ) .&%$ ) . فإن لم يكن سند تمليك المدعى سابقا وكانت $ 614 $ حيازة المدعى عليه هى السابقة ، فاضل القاضى بين الخصمين تبعا لظروف كل قضية( $%&[1] ) نقض فرنسى 22 يونيه سنة 1864 داللوز 64 – 1 – 412 – 8 يوليه سنة 1874 داللوز 74 – 1 – 336 – 15 نوفمبر سنة 1897 داللوز 98 – 1 – 38 – 14 يونيه سنة 1904 داللوز 1905 – 1 – 8 – 27 أكتوبر سنة 1906 سيريه 1908 – 1 - 329 – 2 سنة 1907 داللوز 1907 – 1 – 125 – 24 أكتوبر سنة 1938 جازيت دى باليه 1938 – 2 – 898 – مازو فقرة 1643 – قارن بارتان فى أوبرى ورو 2 فقرة 219 هامش 7 ( سادسا ) – مارتى ورينو فقرة 224 .

وهذا وإذا قدم المدعى ، فى أية صورة من الصور الثلاث المتقدم ذكرها ، قرائن أقوى ، كان للمدعى عليه أن يدفع الاستحقاق بالدفوع السائغة ، كالدفع بالتملك بالتقادم أو الدفع بضمان الاستحقاق أو الدفع بقوة الأمر المقضى ( أوبرى ورو 2 فقرة 219 ص 536 – ص 537 – وأنظر أيضاً محمد على عرفة فقرة 186 ) .&%$ ) .

380 - نظرية تقديرية للقضاء الفرنسى : يمكن الأخذ بكثير من القواعد التى قررها القضاء الفرنسى فى إثبات حق الملكية ، فهذه القواعد تستجيب فى مجموعها لطبائع الأشياء ، وتوفق ما بين تعذر الإثبات المطلق لحق الملكية إذا لم يوجد نظام للسجل العينى وبين ضرورة إيجاد طرق للإثبات تقرب من الواقع بقدر المستطاع .

على أن القضاء الفرنسى فى القواعد التى قررها سارشوطا بعيداً فى التحديد والترتيب والتمييز الدقيق ما بين حالة وأخرى ، ففقد فى بعض هذه القواعد المرونة الكافية لمواجهة الحالات المختلفة بالظروف الخاصة لكل حالة منها . من ذلك مثلا القاعدة التى تقضى بأنه إذا وجد سند تمليك عند كل من الخصمين فإن السندين يتهاتران ، فهذه القاعدة قد تكون سليمة فى أكثر الأحوال ، ولكنها على إطلاقها قد لا تكون سليمة فى بعض الأحوال . وقد كان القضاء الفرنسى فعلا ، قبل أن ينتهى إلى هذه القاعدة ، يقرر أن السند الأسبق فى التاريخ هو الذى يرجح ، ثم عدل عن ذلك إلى القاعدة التى نحن بصددها . وكان الأولى ترك القاضى حراً فى تقدير أى السندين يرجح ، تبعا لما يستخلصه من ظروف كل قضية . ومن ذلك أيضاً الاستثناء الذى يقضى بأنه عند وجود سند عند كل من الخصمين ، يجب تفضيل المدعى إذا هو أثبتت أن سلفه الذى تلقى منه السند كان يفوز على السلف الذى تلقى منه الحائز سنده لو أن $ 615 $ دعوى استحقاق أقامها أحدهما على الآخر . فهذا أيضاً استثناء يقوم على محض افتراض ، إذ كيف نعرف أن سلف المدعى كان يفوز على سلف الحائز إذا لم تقم بينهما دعوى استحقاق بالفعل ، وكيف تضحى الحيازة القائمة فعلا وهى أمر محقق لمجرد افتراض يتعذر فيه الوقوف عند حقيقة ثابتة! ( $%&[1] ) أنظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 359 ص 356 – ص 357 .&%$ ) كذلك القاعدة التى تقضى بأنه إذا وجد سند عند المدعى وحده ، وكان سنده سابقا على حيازة المدعى عليه ، فإن المدعى هو الذى يفضل . فهى قاعدة لا تنطوى على مرونة كافية تجعلها قاعدة عادلة فى جميع الأحوال ( $%&[1] ) أنظر كاربونييه ص 232 .&%$ ) .

والأولى ، فى إثبات حق الملكية ، أن نقف فى بادئ الأمر عند الحيازة . فإذا استوفت هذه الحيازة شرائطها القانونية كان الحائز هو المالك ، ما لم يدحض خصمه قرينة الحيازة بقرينة أقوى ، ويترك ذلك لتقدير القاضى . فإذا لم تتوافر الحيازة المستوفية لشرائطها لأى من الخصمين ، جاز التمسك بالحيازة الفعلية ، على أن تكون محض قرينة قضائية تدحضها قرائن قضائية أقوى منها . فالواجب إذن الوقف عند الحيازة ، إلا أن ترجحها حيازة أفضل أو تدحضها قرائن قضائية أقوى ، وعند تعارض القرائن ، يترك الأمر لتقدير القاضى فى ترجيح قرينة على أخرى بحسب ظروف كل قضية ( $%&[1] ) أنظر مازو فقرة 1645 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 363 – ص 361 – وكان أوبرى ورو يقدمان صاحب الحق الأفضل أو الأرجح ( Droit meilleur ou plus probable ) ( أوبرى ورو 2 فقرة 219 هامش 6 ) ، والأولى أن يقال بتقديم صاحب الاحتمالات الأرجح ( Meilleures probabilities ) .&%$ ) .

المبحث الثانى
عدم جواز نزع الملكية جبراً على صاحبها إلا بشروط
381 - نص قانونى : تنص المادة 805 مدنى على ما يأتى :

 " لا يجوز أن يحرم أحد ملكه إلا فى الأحوال التى يقررها القانون ، $ 616 $ وبالطريقة التى يرسمها ، ويكون ذلك فى مقابل تعويض عادل " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1165 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن العبارة الأخيرة من نص المشروع التمهيدى كانت على الوجه الآتى : " أو يكون ذلك فى مقابل تعويض عادل يدفع إليه مقدما " . وأقرت لجنة المراجعة النص تحت رقم 873 فى المشروع النهائى . وحذفت اللجنة التشريعية بمجلس النواب عبارة " يدفع إليه مقدما " ، ووافق مجلس النواب على النص كما عدلته لجنته تحت رقم 872 . ووافق مجلس الشيوخ على النص تحت رقم 805 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 22 – ص 25 ) .&%$ ) .

ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق . ولكن الدستور المصرى الذى كان ساريا فى عهد هذا التقنين كان ينص فى المادة 9 منه على أن " للملكية حرمة ، فلا ينزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة فى الأحوال المبينة فى القانون ، وبالكيفية المنصوص عليها فيه ، وبشرط تعويضه عنه تعويضاً عادلا " .

ويقابل هذا النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 722 – وفى التقنين المدنى الليبى م 814 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1050 – ولا مقابل للنص فى قانون الملكية العقارية اللبنانى ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 722 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 814 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1050 ( موافق – وقد وردت فى التقنين العراقى عبارة " يدفع إليه مقدماً " ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( ولكن النص يتفق مع القواعد العامة ) .&%$ ) .

ويخلص من النص سالف الذكر أن لحق الملكية حصانة تدرأ عنه الاعتداء ، والمقصود بالاعتداء هنا هو الاعتداء الذى يصدر من جهة الأفراد مكفولا رده ، فى أكثر الأحيان ، بدعوى الاستحقاق التى تحمى حق الملكية وقد سبق الكلام فيها تفصيلا ، لذلك نقصر كلامنا على الاعتداء الصادر من جهة الإدارة ( $%&[1] ) على أنه يلاحظ أن النص ينطبق أيضاً فى العلاقات الفردية ، فلا يجوز لفرد أن يحرم المالك ملكه إلا بعد استيفاء الشروط الواردة فى النص ، كما هو الأمر فى حق الشرب ( م 808 مدنى ) ، وفى حق المجرى والمسيل ( م 809 مدنى ) ، وفى حق المرور ( م 812 مدنى ) . وفى هذه الحقوق تقيد الملكية لصالح الغير ، وفى هذا ضرب من الانتفاض من حق الملكية يتحمله المالك فى مقابل تعويض عادل ( قارن محمد على عرفة فقرة 171 ص 217 هامش 3 ) .&%$ ) .

 $ 617 $

ويتبين من النص أن هناك شروطا ثلاثة يجب توافرها حتى يجوز قانونا أن ينزع من المالك ملكه :

( 1 ) أن يكون هناك نص فى القانون يجيز نزع الملك ، فلا يكفى أن يصدر بجواز نزع الملك ، فلا يكفى أن يصدر بجواز نزع الملك قرار إدارى مهما علت مرتبته ، بل لابد من تدخل المشرع نفسه .

( 2 ) ويجب أن تتبع فى نزع الملك الإجراءات التى رسمها القانون لذلك ، فالانحراف عن هذه الإجراءات و عدم إتباعها بدقة يجعل نزع الملك باطلا .

( 3 ) ويجب أن يعوض المالك عن ملكه تعويضاً عادلا ، يستولى عليه مقدما فى حالة نزع الملكية للمنفعة العامة ( $%&[1] ) وقد جاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وأول وسيلة لحماية المالك هو ألا تنزع منه ملكيته بغير رضاه إلا فى الأحوال التى قررها القانون وبالطريقة التى رسمها ، وفى مقابل تعويض عادل يدفع إليه مقدما . فهنا إذن قيود ثلاثة لحرمان المالك من ملكه دون رضاه : ( أ ) لا يحرم المالك من ملكه إلا فى حالة نص عليها القانون ، كما هو الأمر فى نزع الملكية للمنفعة العامة ، وكما هو الأمر أيضاً فى حق المرور وحق الشرب وحق المجرى وحق المسيل وسيأتى ذكرها . ( ب ) وبالطريقة التى رسمها القانون ، أى بعد إتباع الإجراءات التى وضعت لضمان الحقوق المشروعة ، مثل ذلك إجراءات نزع الملكية . ( جـ ) وبعد دفع تعويض عادل للمالك يستولى عليه مقدما قبل أن يتخلى عن ملكه ، ويرسم القانون إجراءات تكفل للمالك تقدير هذا التعويض العادل فيما إذا اختلف فى تقديره مع نازع الملكية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 23 – ص 24 ) .&%$ ) .

فليس لجهة الإدارة إذن أن تمس حق الملكية ، وبخاصة لا يجوز لها أن تنزع الملكية للمنفعة العامة . إلا بعد استيفاء الشروط سالفة الذكر . ونتكلم هنا فى مسألتين :

( 1 ) مساس الإدارة بحق الملكية .

( 2 ) نزع الملكية للمنفعة العامة .

1 - مساس الإدارة بحق الملكية
382 - أعمال الإدارة الماسة بحق الملكية : لا يجوز للإدارة أن تعتدى على حق الملكية ، لا عن طريق عمل مادى أو عن طريق أمر إدارى . ولا يجوز لها أن تصادر الملك مصادرة عامة ، ولا أن تصادر ملكا معينا بالذات إلا إذا كان ذلك بناء على حكم قضائى كما هو الأمر فى التهريب ( Contrebaride ) وفى التزييف ( Contrefacon ) وفى الأدوات التى تستعمل فى ارتكاب الجرائم .

فالأصل إذن هو تحريم اعتداء الإدارة على الملك الخاص . ويجوز مع $ 618 $ ذلك بموجب القانون وطبقا لإجراءات معينة وفى مقابل تعويض عادل ، أن تلجأ الإدارة إلى الاستيلاء على الملك استيلاء مؤقتا ، وأن تضعه تحت الحراسة . وأن تؤممه فينتقل من القطاع الخاص إلى القطاع العام ، وأن ننزع الملك جبراً على صاحبه للمنفعة العامة ( $%&[1] ) ويورد قانون الإصلاح الزراعى سلسلة من القيود على حق التملك وعلى التصرف فى الملك ، وسنبحث ذلك تفصيلا عند الكلام فى القيود التى ترد على حق الملكية .

كذلك قد ينزع الملك جبراً على صاحبه فى التنفيذ على أموال المدين ، ولكن نزع الملكية هنا لا يرجع إلى جهة الإدارة ، بل هى مسألة مدنية محضة مكان البحث فيها قانون المرافعات .&%$ ) . ولما كنا سنفرد نزع الملكية للمنفعة العامة ببحث خاص لأهميته ، فنستعرض هنا فى إيجاز الحالات الأخرى .

ويلاحظ بوجه عام أن جميع هذه الحالات ، ويدخل فى ذلك نزع الملكية للمنفعة العامة ، هى من مباحث القانون الإدارى ، ولا يعنينا منها إلا القدر الذى يكون فيه مساس بحق الملكية . لذلك سيكون الكلام فى ذلك موجزاً ، ومقتصراً على هذه الناحية .

383 - اعتداء الإدارة على حق الملكية عن طريق أعمال مادية أو عن طريق أوامر إدارية : إذا اعتدت جهة الإدارة على ملك أحد الأفراد ، ولم تتقيد بالشروط سالفة الذكر ، فلم يوجد نص فى القانون يستند إليه عمل الإدارة ، أو وجد ولم تتبع الإدارة الإجراءات التى رسمها القانون ، أو اتبعت هذه الإجراءات ولكن دون أن تدفع للمالك تعويضاً عادلا ، فإن عملها هذا يكون غير مشروع . ويكون اعتداء على حق الملكية يرده القضاء ، ويقضى للمالك بتعويض عنه ، بل ويرد المالك إلى صاحبه ما دام لم يزل عنه بطريق قانونى ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن للمالك ، الذى اغتصب ملكه وأضيف إلى المنافع العامة بغير الإجراءات القانونية لنزع الملكية ، حق مطالبة الحكومة بالتعويض . ويكون قاضى التعويض فى هذه الحالة حراً فى تقدير التعويض والحكم به مبلغا متجمداً واحدا أو بقيمة العين المنزوعة ملكيتها وبفوائدها التعويضية ( نقض مدنى 8 يونيه سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 130 ص 234 – 21 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 153 ص 290 – 15 أبريل سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 51 ص 144 – 16 فبراير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 165 ص 505 – المنصورة الكلية 2 يناير سنة 1926 المحاماة 6 رقم 260 ص 343 ) .&%$ ) . ويجوز للقضاء المستعجل أن يمنع غصب الإدارة مؤقتا ، ويحول $ 619 $ دون تغيير معالم الشيء قبل القضاء نهائيا فى الملكية ( $%&[1] ) الإسكندرية الكلية ( مستعجل ) 15 فبراير سنة 1940 المحاماة 20 ص 1008 – وتقول المحكمة : " إن حق الملكية وحق الحرية الشخصية أهم حقوق الأفراد ، ولا يجوز الاعتداء عليهما بالطرق الإدارية ، بل يجب أن يرفع النزاع فيهما إلى المحاكم القضائية لأنها هى حامية حريات الأفراد وملكياتهم . ولا يصح أن تكون الأوامر الإدارية التى تعتدى على أحد هذين الحقين مانعة من هذه الحماية استنادا إلى مبدأ الفصل بين السلطات ، فإن هذا المبدأ ، وإن كان سليما فى ذاته ، إلا أن مدى تطبيقه وحدوده هى محل الاختلاف . ومن المتفق عليه عند أكثر الشرائح والمحاكم أن من بين هذه الحدود التى لا يجوز للأمر الإدارة أن يعتدى عليها ، ولو حاز شكله القانونى ، حرمان الإنسان من حيازة ما يملكه من عقار ، إذ يعتبر الأمر الإدارى فى هذه الحالة قد فقد الصفة الإدارية وأصبح عملا من أعمال الغصب والاعتداء " .&%$ ) .

وقد يكون اعتداء الإدارة على الملك الخاص عن طريق أعمال مادية ، كما إذا أهملت الجهة الإدارية المختصة تطهير ترعة عامة فتعذر وصول المياه لزراعة أحد الأفراد فتلفت الزراعة ، وكما إذا احترقت ممتلكات الأفراد نتيجة لتطاير الشرر من إحدى قاطرات السكك الحديدية ، وكما إذا أنشأت الإدارة جانبية بمحاذاة ترعة فترتب على إنشاء الجانبية رشح أضر بملك أحد الأفراد . وعلى من يتأذى من عمل الإدارة أن يثبت فى جانبها خطأ يقيم عليها مسئوليتها ، فإذا لم يثبت خطأ فلا مسئولية ( $%&[1] ) نقض مدنى 11 يناير سنة 1934 المجموعة الرسمية 35 رقم 67 ص 175 – 3 يونيه سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 61 ص 170 – 4 ديسمبر سنة 1941 المحاماة 22 ص 651 – مصر الكلية 20 ديسمبر سنة 1934 المحاماة 4 رقم 398 ص 340 .&%$ ) . وقد أخذت بعض المحاكم بنظرية الخطأ المفترض فى مسئولية الإدارة عن أعمال الاعتداء التى تقع منها على ملك الأفراد . فقضت بمسئولية الإدارة عن انكسار مواسير المياه وتسرب الماء منها إلى المنازل المجاورة وإتلافها( $%&[1] ) استئناف مصر 29 ديسمبر سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 128 ص 247 – 23 أبريل سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 رقم 168 ص 348 .&%$ ) ، وعن إنشاء محطة للمجارى بجوار منزل فأدى ذلك إلى نقض قيمته ( $%&[1] ) استئناف مصر 17 أكتوبر سنة 1940 المجموعة الرسمية 43 رقم 174 ص 443 .&%$ ) .

كما يكون اعتداء الإدارة على الملك الخاص عن طريق أوامر إدارية مخالفة للقانون . فإذا صدر أمر إدارى من جهة غير مختصة فأضر بملك أحد الأفراد ، كما إذا أصدر مفتش رى أمراً خارجاً عن حدود اختصاصه ، $ 620 $ حققت مسئولية الحكومة ( $%&[1] ) استئناف وطنى 2 فبراير سنة 1915 المجموعة الرسمية 16 رقم 37 ص 63 .&%$ ) . وإذا صدر أمر إدارى من وزير الداخلية أو المحافظ بإغلاق محلج أو مصنع مملوك لأحد الأفراد . كان الأمر الإدارى باطلا ، لأن المحلات المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة أو الخطرة لا تغلق إلا بحكم قضائى ( $%&[1] ) مصر الكلية 11 مايو سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 240 ص 602 .&%$ ) . وقد يصدر أمر إدارى من جهة مختصة ولكن لا يتبع الإجراءات والأوضاع التى نص عليها القانون ، فيكون باطلا ، ويحكم على الإدارة بالتعويض . وكذلك الأمر فيما إذا صدر الأمر الإدارى مخالفا لنصوص القوانين أو مشوبا بخطأ فى تطبيقها أو تفسيرها ( $%&[1] ) أنظر فى كل ذلك وحيد رأفت فى مجلة القانون والاقتصاد 9 ص 239 – ص 329 – محمد على عرفة فقرة 170 – فقرة 175 .&%$ ) . ومنذ إنشاء مجلس الدولة ، أصبحت الأوامر الإدارية المخالفة للقانون تعرض على القضاء الإدارى ، فيحكم بإلغائها ، ولا يكتفى بالتعويض كما كان يفعل القضاء العادى .

384 - الاستيلاء المؤقت : يجوز للإدارة أن تستولى استيلاء مؤقتا على العقارات المملوكة للأفراد ، و ذلك فى الحالات الطارئة أو المستعجلة ، بعد إتباع إجراءات معينة ، وفى مقابل تعويض عادل . وقد نص القانون رقم 577 لسنة 1954 الخاص بنزع الملكية العقارية للمنفعة العامة أو التحسين على حالتين للاستيلاء المؤقت ، الأولى منهما يكون الغرض منها فى الوقاع التمهيد لنزع الملكية وسنشير إلهيا عند الكلام فى نزع الملكية للمنفعة العامة ، والأخرى هى التى يراد بها مواجهة ظروف طارئة أو مستعجلة وهى التى نقصر الكلام عليها هنا .

فقد نصت المادة 17 من قانون نزع الملكية على أنه " يجوز للمدير أو المحافظ ، بناء على طلب المصلحة المختصة ، فى حالة حصول غرق أو قطع جسر أو تفشى وباء ، وفى سائر الأحوال الطارئة أو المستعجلة ، أن يأمر بالاستيلاء مؤقتا على العقارات اللازمة لإجراء أعمال الترميم أو الوقاية أو غيرها ، كما يجوز فى غير الأحوال المتقدمة الاستيلاء مؤقتا على العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذى منفعة عامة ، ويحصل هذا الاستيلاء بمجرد انتهاء $ 621 $ مندوبى المصلحة المختصة من إثبات صفة العقارات ومساحتها وحالتها ، بدون حاجة لاتخاذ إجراءات أخرى . وتعين المصلحة المختصة خلال أسبوع من تاريخ الاستيلاء قيمة التعويض المستحق لذوى الشأن مقابل عدم انتفاعهم بالعقار ، وفى حالة المعارضة يكون الفصل فيها طبقا للنصوص الخاصة بالمعارضة فى التعويض المستحق عن نزع الملكية " . ونصت المادة 18 من نفس القانون على أن " تحدد مدة الاستيلاء المؤقت على العقار بحيث لا تجاوز ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلى ، ويجب إعادته فى نهايتها بالحالة التى كان عليها وقت الاستيلاء مع تعويض كل تلف أو نقض فى قيمته . وإذا دعت الضرورة إلى مد مدة الثلاث سنوات المذكورة ، وتعذر الاتفاق مع ذوى الشأن على ذلك ، أو أصبح العقار غير صالح للاستعمال الذى كان مخصصا له ، وجب على المصلحة المختصة أن تتخذ قبل مضى الثلاث سنوات بوقت كاف إجراءات نزع ملكيته . وفى هذه الحالة تقدر قيمة العقار حسب الأوصاف التى كان عليها وقت الاستيلاء عليه ، وطبقا للأسعار السائدة وقت نزع ملكيته " ( $%&[1] ) وقد جاء المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون نزع الملكية : " وقد أجاز المشروع الاستيلاء المؤقت بموجب قرار من المدير أو المحافظ فى حالات الطوارئ المستعجلة ( م 17 ) ، وحدد المدة بما لا يتجاوز ثلاث سنوات ، بحيث إذا لم تعد العقارات إلى ملاكها بعد انتهائها ولم يتم الاتفاق على زيادتها وجب نزع ملكيتها ( م 18 ) . ووجب تعويض الملاك مقابل عدم الانتفاع بالعقارات المستولى عليها ، وعن أى نقص أو تلف يقع عليها " .&%$ ) .

ويتبين من النصوص سالفة الذكر ما يأتى :

أولا - أن الاستيلاء المؤقت يكون فى الحالات الطارئة المستعجلة ، كحصول غرق أو قطع جسر أو تفشى وباء . ويجوز أيضاً الاستيلاء المؤقت فى غير الأحوال المتقدمة ، لمجرد خدمة مشروع ذى منفعة عامة ، كما إذا احتيج إلى مكان لتخزين الأدوات المستعملة فى توسيع شارع فيستولى على العقار مؤقتا لهذا الغرض إذا لم يكن العثور على عقار غيره .

ثانيا - أن الإجراءات الواجبة الإتباع للاستيلاء المؤقت هى ما يأتى : تتقدم الجهة المختصة ( وزارة الصحة أو وزارة الرى مثلا ) إلى المحافظ فى المحافظة التى يوجد فيها العقار ، وتطلب منه إصدار أمر بالاستيلاء على العقار استيلاء مؤقتا ، وتبين الغرض الذى تهدف إليه من هذا الاستيلاء . فإذا رأى $ 622 $ المحافظ أن هناك ما يبرر إجابة هذا الطلب ، أصدر أمراً إداريا بالاستيلاء المؤقت على العقار . ويذهب مندوبو الجهة المختصة التى طلبت الاستيلاء لمعاينة العقار ، وعليهم أن يثبتوا صفته ومساحته وحالته . وبمجرد أن ينتهى المندوبون من ذلك ، ينفذ الأمر الإدارى ، ويستولى فعلا على العقار ولو بالقوة الجبرية ويحدد الأمر الإدارى الصادر بالاستيلاء المدة التى يبقى فيها العقار مستولى عليه ، ويجب ألا تزيد على ثلاث سنوات . ويجب تحويل الاستيلاء المؤقت إلى نزع ملكية نهائى فى الفرضين الآتين :

( 1 ) إذا احتاجت الجهة المختصة إلى العقار مدة أطول من ثلاث سنوات ، وتعذر عليها الاتفاق مع المالك على مد المدة .

( 2 ) إذا أصبح العقار غير صالح للاستعمال الذى كان مخصصا له ففى هذين الفرضين يجب اتخاذ إجراءات نزع الملكية ، وتقدر قيمة العقار بحسب الأوصاف التى كان عليها وقت الاستيلاء عليه ، وطبقا للأسعار السائدة وقت نزع الملكية .

ثالثا - أنه يجب تعويض المالك تعويضا عادلا عن الاستيلاء المؤقت . ويكون ذلك بأن تعين الجهة الإدارية التى طلبت الاستيلاء المؤقت ، فى خلال أسبوع من تاريخ استيلائها فعلا على العقار ، قيمة التعويض المستحق للمالك فى مقابل عدم انتفاعه بالعقار مدة الاستيلاء . فإن رضى المالك بهذا التقدير أخذ القيمة المعروضة عليه ، وإلا عارض فى التقدير أمام لجنة الفصل فى المعارضات طبقا للإجراءات المقررة فى المعارضة فى تقدير التعويض المستحق عن نزع الملكية ، وسيأتى بيان ذلك عند الكلام فى نزع الملكية للمنفعة العامة .

385 - الحراسة : لا نقصد بالحراسة هنا الحراسة القضائية أو الحراسة الاتفاقية ، وقد نظم كلا منهما التقنين المدنى . ولا نقصد الحرامة الإدارية ، وهى التى تفرضها جهة الإدارة على المرفق العام الذى يدار بطريق الالتزام فى حالة توقف المرفق أو عجز الملتزم عن إدارته أو ارتكابه مخالفات جسيمة تهدد سير المرفق . وإنما نقصد حراسة الطوارئ وهى نفرض استنادا إلى قانون الطوارئ ( أو قانون الأحكام العرفية )( $%&[1] ) أنظر فى هذا الموضوع إبراهيم الشربينى فى حراسات الطوارئ القاهرة سنة 1964 ، وفى تصفية الحراسات القاهرة سنة 1964 .&%$ ) . وهناك أيضاً حراسة التعبئة ، $ 623 $ وهى الحراسة التى تفرض فى حالة الحرب عقب إعلان التعبئة العامة على أموال الأعداء ، وهى تكاد تكون صورة من صور الحراسات التى تفرض استنادا إلى قانون الطوارئ . على أن حراسة التعبئة لا تفرض إلا على رعايا دولة العدو أو رعايا الدول التى قطعت معها العلاقات السياسية ، فى حين أن حراسة الطوارئ أعم من ذلك فهى قد تفرض على أى شخص يقتضى الصالح العام فرض الحراسة على أمواله حتى لو كان من المصريين . ويلاحظ أن المشرع لم يلجأ حتى الآن إلى حراسة التعبئة ، واستند دائما إلى حراسة الطوارئ ما دامت حالة الطوارئ قد أعلنت . وقد أغنت حراسة الطوارئ عن حراسة التعبئة ، وهذا هو ما وقع عقب حرب السويس إذ فرضت الحراسة على أموال الفرنسيين والبريطانيين استنادا إلى قانون الطوارئ ( $%&[1] ) ويقول الأستاذ إبراهيم الشربينى : " ولقد تطورت الأهداف التى تغياها المشرع من فرض حراسات الطوارئ المختلفة فى الجمهورية العربية المتحدة منذ الحرب الثانية حتى الآن إذ كان القصد من فرض الحراسات على أموال الألمان والإيطاليين والبلاد المحتلة منهما فى سنة 1939 وما بعدها من شيء الحرب العالمية حماية أمن البلاد تنفيذاً لأحكام المعاهدة المبرمة بين مصر وبريطانيا سنة 1936 . وكان ذلك أيضاً هو القصد من فرض الحراسة على أموال الفرنسيين والبريطانيين والمعتقلين والمراقبين عقب حرب السويس فى سنة 1956 . ثم تطور هذا القصد إلى غاية أخرى ، هى تمصير الاقتصاد عن طريق بيع المنشآت والمؤسسات الهامة التى كان يسيطر عليها البريطانيون والفرنسيون إلى المؤسسات العامة والشركات التابعة لها ، حتى يمكن بذلك تلاقى التهديد الدائم الذى كان يتمثل فى سيطرة الأجانب على الاقتصاد المصرى وتحكمهم عن طريقة فى أقدار البلاد . وبعد صدور قوانين يوليه سنة 1961 التى حققت التطبيق للاشتراكية ، استخدمت الحراسة المفروضة بالأمرين 138 و 140 سنة 1961 والحراسة المفروضة على الشركات والمنشآت بقرارات فردية منذ سنة 1959 ( والتى تسمى بحراسة الطوارئ ) ، استخدمت هذه الحراسات جميعها كوسيلة للمساعدة على تحقيق الاشتراكية التى تعتبر هدفا أساسيا من أهداف الدولة ، وذلك عن طريق نقل ملكية قطاعات معينة من الأموال التى يملكها الخاضعون للحراسة إلى الشعب ممثلا فى المؤسسات والشركات العامة ، وهو ما حدث بالنسبة إلى بيع العمارات السكنية والكثير من الأراضى الزراعية والشركات التجارية إلى المؤسسات العامة والشركات التابعة لها " ( إبراهيم الشربينى حراسات الطوارئ ص 36 ) .&%$ ) .

وقد توالت التشريعات التى تواجه حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية فى مصر منذ سنة 1923 . فصدر قانون الأحكام العرفية رقم 15 لسنة 1923 ، وقد ألغى وحل محله قانون الأحكام العرفية رقم 533 لسنة 1954 ، ثم ألغى هذا القانون الأخير وحل محله قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 الذى $ 624 $ لا يزال معمولا بها حتى الآن . واستنادا إلى قوانين الطوارئ الثلاثة سالفة الذكر أعلنت الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ فى مصر عدة مرات منذ إعلان الحرب العالمية الثانية فى أول سبتمبر سنة 1939 . فقد صدر فى هذا التاريخ مرسوم أول سبتمبر سنة 1939 معلنا الأحكام العرفية فى مصر استنادا إلى القانون رقم 15 لسنة 1923 ، واستمر إعلانها طوال مدة الحرب حتى ألغيت فى 7 أكتوبر سنة 1945 . ثم أعلنت الأحكام العرفية ثانية فى 13 مايو سنة 1948 بمناسبة قيام حرب فلسطين ، واستمرت حتى 28 أبريل سنة 1950 حيث ألغيت بالقانون رقم 50 لسنة 1950 . وأعيد إعلانها ثانية عقب حريق القاهرة فى 26 يناير سنة 1952 ، واستمرت إلى 26 يونيه سنة 1956 حيث صدر القانون رقم 270 لسنة 1956 بإلغائها . وما لبثت أن أعلنت ثانية عقب حرب السويس بالقرار الجمهورى رقم 329 لسنة 1956 الصادر فى أول نوفمبر سنة 1956 استنادا إلى القانون رقم 329 لسنة 1956 الصادر فى أول نوفمبر سنة 1956 استنادا إلى القانون رقم 533 لسنة 1954 ، واستمر إعلانها بالقرار الجمهورى الصادر فى سنة 1958 استناداً لأحكام قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 . ثم أنهيت بالقرار بالجمهورى رقم 1316 لسنة 1964 ، المنشور فى الجريدة الرسمية فى العدد الصادر فى 2 أبريل سنة 1964 .

وقد فرضت حراسات كثيرة متعاقبة على أموال الأفراد منذ الحرب العالمية الثانية ، وكذلك فرضت الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأِشخاص بالأمر رقم 138 الصادر فى 18 أكتوبر سنة 1961 والأوامر التالية له وعلى الأخص الأمر رقم 140 لسنة 1961 ، ويطلق عليها تجوزا " حراسة الأمن " ( $%&[1] ) أنظر فى بيان تفصيلى لذلك إبراهيم الشربينى فى حراسات الطوارئ ص 41 – ص 44 ، ويقول الأستاذ إبراهيم الشربينى : " يتخذ الأمر الصادر بفرض الحراسة إحدى صورتين : الأولى أن يصدر الأمر بفرض الحراسة على شخص معين بالذات أو على أشخاص معينين بذواتهم ، وعلى هذا النمط صدر الأمر رقم 138 لسنة 1961 الذى حدد أسماء الأشخاص الخاضعين له . الثانية أن يصدر الأمر بفرض الحراسة على الأشخاص الذين تتوافر فيهم صفة أو صفات معينة ، كفرضها على الأشخاص الذين يتمتعون بجنسية معينة أو الذين يقيمون فى بلاد معينة . وعلى هذا النمط صدر الأمر العسكرى رقم 5 لسنة 1956 الذى فرض الحراسة على أموال الأشخاص الذين ينتمون إلى الجنسية الفرنسية أو البريطانية ، أو الذين يقيمون فى الجمهورية الفرنسية أو المملكة المتحدة " ( حراسات الطوارئ ص 194 ) .&%$ ) .

وفرض الحراسة على أموال الفرد يترتب عليه غل يده عن أمواله ، فلا يملك $ 625 $ التصرف فيها ولا إدارتها . ويتولى الحارس ذلك نيابة عنه ، فهو الذى يدبر المال ويقبض الإيراد ويودعه لحساب الخاضع للحراسة ، ويصرف لهذا الأخير نفقة شهرية مقدره للإنفاق منها على شؤون العيش . ويتولى الحارس نيابة عنه الوفاء بالتزاماته وديونه ، فى حدود الأموال الموجودة تحت يده لحساب الخاضع .

ولما كنا نلم بالحراسة هنا من ناحية تعلقها بحق الملكية ، فلابد من الإشارة إلى القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 بشأن رفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعية . فقد نصت المادة الأولى من هذا القرار بقانون على أن " ترفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقا لأحكام قانون الطوارئ " . وكان مقتضى رفع الحراسة أن تعاد إلى الخاضعين أموالهم ، ولكن القرار بقانون سالف الذكر أمم هذه الأموال ، ولم يدفع عنها تعويضا إلا فى حدود ثلاثين ألف جنيه ، فنصت المادة الثانية فى هذا الصدد على أن " تؤول إلى الدولة ملكية الأموال والممتلكات المشار إليها فى المادة السابقة ، ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالى قدره ثلاثون ألف جنيه ، ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة ... ويؤدى التعويض بسندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنويا ، وتكون هذه السندات قابلة للتداول فى البورصة . ويجوز للحكومة بعد عشر سنوات أن تستهلك هذه السندات كليا أو جزئيا يعلن عن ذلك فى الجريدة الرسمية قبل الموعد المحدد له بشهرين على الأقل " .

وقد كانت الحراسة فى التشريع المصرى نظاما مقصودا به على الأخص حصر أموال رعايا الأعداء فى وقت الحرب ، وإخضاعها لنظام خاص تقتضيه حالة من انتقاص فى الأهلية ، وما تتضمنه من رفع الحصانة عن حق الملكية إلى حد تأميم ما زاد من المال على ثلاثين ألف جنيه دون تعويض ، ومد الحراسة حتى تشمل العدو وغير العدو ، والأجنبى والمصرى ، وحالة الحرب وحالة السلم ، لاشك فى أن كل ذلك شيء جديد على التشريع المصرى .

 $ 626 $

386 - التأميم ( $%&[1] ) مراجع : Vedel فى فن التأميمات Droit Social سنة 1946 ص 49 وما بعدها – Baudin ما هو التأميم سنة 1946 – Rivero فى إصلاح المشروعات المؤممة داللوز 1948 . Chr ص 181 – Bye, J . Morandiers فى التأميم فى فرنسا والخارج سنة 1948 – Laubadere فى العقود الإدارية جزء . 2 - Boulouis فى نظام المشروعات المؤممة . Juris . Classeur Adm . 100 - 109 ( Fasc ) – Jacquegnon فى التأميم . Savatier – Juris – Classeur Civ من القانون المدنى إلى القانون العام سنة 1950 ص 62 – Constantin Katzarov فى نظرية التأميم سنة 1960 – أنسيكلوبيدى داللوز فى القانون الإدارى جزء 2 – وفى القانون الاجتماعى وقانون العمل سنة 1960 .&%$ ) : والتأميم أيضاً قيد يرد على حق الملكية ، فتنزع الدولة ملك الشخص جبراً عنه ، ويؤول الملك للدولة فى مقابل تعويض يتقاضاه المالك . وينصب التأميم عادة على ملكية مشروع خاص باعتباره أداة من أدوات الإنتاج ، فينقل المشروع من نطاق الملكية الخاصة إلى نطاق الملكية العامة . ويتفق التأميم مع نزع الملكية للمنفعة العامة فى أن كلا منهما يؤدى إلى نزع الملكية الخاصة عن صاحبها مقبل تعويض عادل . ولكن التأميم يختلف عن نزع الملكية للمنفعة العامة فى أن التأميم ينصب على مشروع إنتاجى ، وإجراءاته سريعة ، أما نزع الملكية للمنفعة العامة فينصب على عقار مملوك لأحد الأفراد وفقا لإجراءات طويلة يؤول العقار بعدها إلى الدومين العام .

وللتأميم طرق ثلاث :

( الطريقة الأولى ) نقل ملكية المشروع مباشرة إلى الدولة فنزول شخصيته الاعتبارية ، ويتخذ شكلا قانونيا جديداً قد يكون مؤسسة أو هيئة عامة أو شركة مساهمة عامة أو شركة من شركاء الاقتصاد المختلط ، كما فعل المشرع فى تأميم تجارة الأدوية وتوزيعها وتأميم منشآت كبس القطن وتأميم الشركات بتصفيتها بحكم القانون . وينطوى تحت هذه الطريقة صورتان : صورة التصفية وصورة الاندماج . ففى صورة التصفية يترتب على تأميم الشركة المصفاة بحكم القانون إنشاء شخص معنوى جديد من أشخاص القانون العام ، سواء كان مؤسسة عامة أو شركة مساهمة عامة تملك الدولة كل أسهمها ، أو إنشاء شركة اقتصاد مختلط جديدة بدلا من الشركة المصفاة ، أو إسناد المشروع إلى مؤسسة عامة $ 627 $ إدارية موجودة من قبل . ومن أمثلة التأميم فى صورة التصفية تأميم تجارة الأدوية وتوزيعها ، وتأميم منشآت كبس القطن ، وتأميم شركتى السكر ، والتقطير المصرية ، وتأميم منشآت كبس القطن ، وتأميم شركتى السكر ، والتقطير المصرية ، وتأميم شركة سكك حديد مصر الكهربائية وواحات عين شمس ( مؤسسة ضاحية مصر الجديدة ) ، وتأميم الشركة المصرية للأراضى والمبانى . وفى صورة الاندماج يوجد الاندماج بطريق الضم ( Annexion ) ويتم باتفاق شركتين قائمتين على أن تنضم أحداهما إلى الأخرى ، والاندماج بطريق المزج ( Combinaison ) ويتم بطريق خلق شركة جديدة تفنى فيها الشركتان المندمجتان . ومن أمثلة الاندماج كصورة من صور التأميم ما قضى به القانون رقم 109 لسنة 1961 من نقل ملكية " شركة بواخر البوستة الخديوية " إلى المؤسسة العامة للنقل والمواصلات ، على أن تتخذ إجراءات إدماجها فى الشركة العامة للملاحة البحرية وضم الشركتين إلى المؤسسة العامة للنقل والمواصلات .

( الطريقة الثانية ) احتفاظ المشروع بكيانه كما كان قائما قبل التأميم ، ويقتصر الأمر على نقل ملكية الأسهم إلى الدولة كلها أو بعضها ، فتنتفع الدولة بما كان ينتفع به المساهمون ، مع بقاء شخصية المشروع الاعتبارية قائمة ، ومع احتفاظ الشركة بنظامها القانونى . وتمثل ذلك فى تأميم البنوك وشركات التأمين والتأميم الجزئى لبعض الشركات . فأمم البنك الأهلى بالقانون رقم 40 لسنة 1960 ، وانتقلت ملكية البنك إلى الدولة واعتبر مؤسسة عامة ، على أن تتحول أسهمه إلى سندات على الدولة تكون قابلة للتداول ، ومع بقائه البنك المركزى للدولة . ثم صدر القانون رقم 250 لسنة 1960 يفصل بين البنك الأهلى والبنك المركزى ، إذ نص على إنشاء مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تقوم بمباشرة سلطات البنك المركزى واختصاصاته المنصوص عليها فى القانون رقم 163 لسنة 1957 ، ومنها الإشراف على تنظيم السياسة الائتمانية والمصرفية وفقا للخطط العامة التى تضعها الدولة بما يسعد على دعم الاقتصاد القومى واستقرار النقد وإصداره ، على أن يزاول البنك الأهلى المصرى جميع العمليات المصرفية العامة بالشروط والحدود ذاتها التى تخضع لها البنوك التجارية وفقا لأحكام القانون رقم 163 لسنة 1957 . ويعتبر كل من البنك الأهلى والبنك المركزى مؤسسة عامة اقتصادية ، لأن كلا منهما يمارس نشاطا $ 628 $ تجاريا وماليا . وأمم بعد ذلك بنك مصر والبنك البلجيكى بالقانون رقم 688 لسنة 1960 . ثم أممت سائر البنوك ، وجميع شركات التأمين ، وبعض شركات القطاع الخاص وذلك كله بالقانون رقم 117 لسنة 1961( $%&[1] ) وتنص المادة من هذا القانون على أن " تؤمم جميع البنوك وشركات التأمين فى إقليمى الجمهورية ، كما تؤمم الشركات و المنشآت المبينة فى الجدول المرافق لهذا القانون ، وتؤول ملكيتها إلى الدولة " . وقد عدد الجدول المشار إليه جملة كبيرة من الشركات التى أممت بموجب هذا القانون ، منها شركات الأوتوبيس فى النواحى المختلفة وشركة المعادى وفنادق مصر الكبرى وفنادق الوجه القبلى والفنادق المصرية وبورصة مينا البصل والشركة المصرية المتحدة للملاحة البحرية والشركة العامة للملاحة البحرية وشركة وادى كوم أمبو وشركة مياه الإسكندرية وشركات تجارة الأخشاب المتعددة وشركة مصر للتجارة الخارجية وشركات الأسمنت وشركة مصانع النحاس المصرية وشركات الصناعات والمنتجات المعدنية وشركة ملاحات البحر الأبيض وشركة ملاحة المصرية وشركات الصناعات والمنتجات المعدنية وشركة ملاحات البحر الأبيض وشركة ملاحة رشيد . وتنص المادة الثانية من نفس القانون على أن " تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المشار إليها إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنويا ، وتكون السندات قابلة للتداول فى البورصة ، ويجوز للحكومة بعد عشر سنوات أن تستهلك هذه السندات كليا أو جزئيا بالقيمة الاسمية بطريق الاقتراح فى جلسة علنية . وفى حالة الاستهلاك الجزئى يعلن عن ذلك فى الجريدة الرسمية قبل الموعد المحدد له بشهرين على الأقل " . وتنص المادة الرابعة على أن " تظل الشركات والبنوك المشار غليها فى المادة الأولى محتفظة بشكلها القانونى عند صدور هذا القانون ، وتستمر الشركات والبنوك والمنشآت المشار إليها فى مزاولة نشاطها دون أن تسأل الدولة عن التزاماتها السابقة إلا فى حدود ما آل غليها من أموالها وحقوقها فى تاريخ التأميم . ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية إدماج أى شركة أو بنك أو منشأة منها فى شركة أو بنك أو منشأة أخرى " .

وصدر فى نفس اليوم ( 20 يوليه سنة 1961 ) القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 تنص المادة الولى منه على ما يأتى : " يجب أن تتخذ كل من الشركات والمنشآت المبينة فى الجدول المرافق لهذا القانون شكل شركة مساهمة عربية ، وأن تساهم فيها إحدى المؤسسات العامة التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بحصة لا تقل عن 50% من رأس المال " . وعدد القانون طائفة من الشركات تطبق عليها المادة سالفة الذكر ، منها شركة مصانع ياسن للزجاج وكثير من الشركات المقاولات و كثير من شركات التصدير والتوريد ومن شركات الخليج والمطاحن ومصانع الغزل والنسيج . وقد أممت هذه الشركات تأميما كاملا فيما بعد .

وفى نفس اليوم أيضاً ( 20 يوليه سنة 1961 ) صدر القرار بقانون رقم 119 لسنة 1961 ، وتنص المادة الأولى منه على أنه " لا يجوز لأى شخص طبيعى أو معنوى أن يمتلك فى تاريخ صدور هذا القانون من أسهم الشركات المبينة فى الجدول المرافق لهذا القانون ما تزيد قيمته السوقية عن عشرة آلاف جنيه ، وتؤول إلى الدولة ملكية الأسهم الزائدة . وتؤخذ هذه الزيادة من كل نوع من الأسهم بنسبة القيمة الزائدة إلى القيمة الكلية للأسهم ، وبحيث تعادل هذه القيمة عددا صحيحا من الأسهم . ولا تسرى أحكام هذه المادة على الأسهم التى تملكها الهيئات والمؤسسات العامة " .

وتنص المادة 3 من نفس القانون على أن " تسدد الحكومة قيمة الأسهم التى آلت ملكيتها إليها بموجب سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنويا .. " . ولكن صدر بعد ذلك قانون يقضى بأن الشخصى لا يتقاضى هذه الزيادة إلا فى حدود 15000 جنيه فقط ، وبذلك آلت ملكية ما زاد على هذه القيمة من الأسهم إلى الحكومة بدون أى مقابل أو أى تعويض . ويذكر ذلك بما وقع للخاضعين للحراسة ، فهؤلاء أيضاً لا يتقاضون تعويضا عن أموالهم إلا فى حدود 30000 جنيه ، فتكون الأموال الزائدة على هذا القدر قد آلت هى أيضاً إلى الحكومة دون أى مقابل أو أى تعويض . والشركات التى يسرى عليها هذا القانون هى أكبر الشركات التجارية والصناعية فى مصر ، وقد أتمت هذه الشركات بعد ذلك تأميما كاملا .&%$ ) .

 $ 629 $

( الطريقة الثالثة ) وتختص بها المرافق العامة ، وهى التأميم بسحب الالتزام وقد بدأ التأميم فى مصر ، أول ما بدأ ، فى صورة استيلاء الحكومة على المرافق العامة التى عهد بإدارتها إلى الملتزمين ، بعد نهاية مدة الالتزام أو فى أثناء هذه المدة . فاستولت الحكومة على شركة ترام الإسكندرية بالمرسوم الصادر فى 17 أكتوبر سنة 1948 بعد انتهاء مدة الالتزام ، وعلى مرفق الغاز والكهرباء بالقاهرة بالقانون رقم 145 لسنة 1948 بعد انتهاء مدة التزام كذلك ، وعلى شركة سكك حديد الدلتا فى سنة 1953 قبل نهاية مدة الالتزام . واتخذ التأميم مظهراً سياسيا بتأميم شركة قناة السويس بالقانون رقم 285 لسنة 1956 ، فى صورة استرداد الالتزام الممنوح للشركة قبل نهاية مدته . وسحب الالتزام كذلك من شركة مياه القاهرة ، وشركة ماركونى ، وشركات النقل العام للركاب ، وشركة ترام القاهرة ، وشركة ليبون بالإسكندرية .

وقد جعل المشرع لصاحب المشروع المؤمم الحق فى تعويض عادل فى مقابل التأميم ، ويعتبر التعويض عن التأميم مبدأ أساسيا ، وهو الذى يميز التأميم عن المصادرة . ويتخذ التعويض عن التأميم صورا شتى . فق يكون تعويضا نقديا ، كما فى حالة تأميم تجارة الأدوية وتوزيعها وكما فى حالة تأميم تجارة الأدوية وتوزيعها وكما فى حالة تأميم قنال السويس وشركة مياه القاهرة . وقد يكون التعويض بتحويل أسهم المشروع إلى سندات على الدولة لصالح المساهمين أو أصحاب المشروع المؤمم ، كما وقع فى تأميم الشركات والبنوك بالقوانين رقم 117 و 118 و 119 لسنة 1961 وتأميم منشآت كبس القطن بالقانون رقم 110 لسنة 1961 المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 1961 وتأميم بنك مصر والبنك الأهلى المصرى . وقد يكون التعويض ، فى حالة تأميم الشركات بتصفيتها بحكم القانون وإنشاء شركة جديدة من شركات الاقتصاد $ 630 $ المختلط ، بتقويم أموال الشركة المصفاة وتقسيمها على أسهم يكون بعضها للمساهمين والبعض الآخر للدولة ، كما وقع فى تصفية الشركة العامة لمصانع السكر والتكرير المصرية وشركة التقطير المصرية وإنشاء شركة مساهمة جديدة باسم شركة السكر والتقطير .

2 - نزع الملكية للمنفعة العامة
387 - قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين : كان القانون رقم 5 لسنة 1907 بشأن نزع ملكية العقارات للمنافع العمومية لدى المحاكم الأهلية والقوانين المعدلة له هى القوانين التى تسرى فى نزع ملكية العقار للمنفعة العامة أمام القضاء الوطنى . ثم صدر المرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931 بإدخال أحكام جديدة فيما يتعلق بنزع الملكية للمنافع العامة .

وأخيرا صدر فى 4 نوفمبر سنة 1954 لسنة 1931 ويلغيهما . وجاء فى صدر المذكرة الإيضاحية لقانون سنة 1954 : " تنظم إجراءات نزع ملكية العقارات اللازمة للمنافع العامة الأحكام الواردة بالقانون رقم 5 الصادر فى سنة 1907 ، وقد مضى على صدوره ما يقرب من نصف قرن تطورت خلاله أحوال البلاد تطورا ملحوظا فى شتى وسائل الإصلاح ، وزادت أعمال المشروعات الخاصة بالرى والصرف وإنشاء الطرق والمستشفيات ودور التعليم والمنشآت العامة . وقد أصبحت أحكام هذا القانون قاصرة عن مسايرة هذا التطور . لذلك كان من الضرورى وضع تشريع ينظم نزع ملكية العقارات التى تلزم لتنفيذ المشروعات ، بحيث يكفل إلى جانب حقوق ذوى الشأن سرعة القيام بهذه الإجراءات مبسطة حاسمة ، وتيسير الحاجة الملحة إلى تحقيق ثمرات المشروعات العامة للبلاد ، فى أسرع وقت ممكن . وقد أشتمل مشروع القانون المرافق على المبادئ التى تحقق الأهداف المذكورة ، مع توفير الضمانات الكافية لحماية حق الملكية وكافة حقوق ذوى الشأن ، وتعويضهم عنها تعويضا عادلا يقتضونه فى فترة وجيزة " .

ولما كان قانون نزع الملكية للمنفعة العامة هو من المباحث الرئيسية للقانون $ 631 $ الإدارى ، فإنه لا يعنينا منه هنا إلا الأحكام التى تقررت فيه لحماية الملكية الخاصة ، والإجراءات التى رسمت لضمان هذه الحماية ، وبخاصة التعويض المنزوع ملكيته تعويضاً عادلا عن ملكه .

388 - الضمانات التى تكفل حماية الملكية الخاصة فى قانون نزع الملكية للمنفعة العامة : رأينا أن المادة 805 مدنى تنص على أنه " لا يجوز أن يحرم أحد ملكه إلا فى الأحوال التى يقررها القانون ، وبالطريق التى يرسمها ، ويكون ذلك فى مقابل تعويض عادل " ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 381 .&%$ ) . ولما كان قانون نزع الملكية للمنفعة العامة هو التطبيق المباشر لهذا النص ، فقد روعى فيه أن يشتمل على نفس الضمانات الواردة فى النص لكفالة الحماية الواجبة للملكية الخاصة .

فهناك إذن ضمانات ثلاثة فى قانون نزع الملكية للمنفعة العامة لتأمين حصانة الملكية الخاصة :

(1)   عدم جواز نزع الملكية الخاصة إلا فى الأحوال التى يقررها قانون نزع الملكية .

(2)   وجوب إتباع الإجراءات التى رسمها قانون نزع الملكية إذا عمدت جهة الإدارة إلى نزع الملكية الخاصة .

(3)   وجوب تعويض المالك المنزوع ملكيته تعويضاً عادلا .

389 - الضمان الأول – عدم جواز نزع الملكية الخاصة إلا فى الأحوال التى يقررها قانون نزع الملكية : لا يجوز نزع الملكية إلا إذا كان ذلك تحقيقا لمنفعة عامة . ويكون تقرير المنفعة العامة بقرار من الوزير المختص ، وينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية ويلصق فى مقر العمدة أو البوليس وفى المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار وفى المحل المعد للإعلانات بالمحافظة .

واستثناء من الحكم السالف الذكر ، يجوز نزع الملكية ، لا تحقيقا لمنفعة عامة ، بل من أجل التحسين . فقد نصت المادة 22 من قانون نزع الملكية على أنه " إذا كان الغرض من نزع الملكية هو إنشاء أحد الشوارع أو الميادين أو توسيعه أو تعديله أو تحديده أو إنشاء حى جديد أو لشأن من شؤون الصحة أو التحسين أو التجميل ، اجز أن يشمل نزع الملكية ، فضلا عن العقارات $ 632 $ اللازمة للمشروع الأصلى ، أية عقارات أخرى ترى السلطة القائمة على أعمال التنظيم أنها لازمة لتحقيق الغرض المقصود من المشروع ، أو لأن بقاءها بحالتها من حيث الشكل أو المساحة لا يتفق مع التحسين أو التجميل المطلوب . كما يجوز نزع ملكية أية عقارات أخرى بقصد تحقيق الأغراض سالفة الذكر ، دون أن يكون ذلك مرتبطا بمشروع منفعة عامة " .

ويخلص من ذلك أن هناك حالتين يجوز فيهما نزع الملكية الخاصة :

( 1 ) الحالة التى تريد فيها جهة الإدارة تحقيق منفعة عامة ، لشأن من شؤون التنظيم ( إنشاء شارع أو ميدان أو توسعة أ, إنشاء حى جديد الخ ) ، أو الصحة أو الرى ، أو الأعراض العسكرية ، أو غير ذلك من شؤون المنفعة العامة .

( 2 ) الحالة التى تريد فيها جهة الإدارة ، لا تحقيق منفعة عامة ، بل التحسين والتجميل ، والتحسين الذى تنزع الملكية لتحقيقه إما أن يكون تابعا لمشروع من مشروعات المنفعة العامة فتنزع ملكية عقارات أخرى غير العقارات اللازمة لتحقيق المنفعة العامة ، أو أن يكون مستقلا غير مرتبط بأى مشروع للمنفعة العامة فيكون نزع الملكية بقصد تحقيق التحسين أن التجميل المطلوب .

390 - الضمان الثانى – وجوب إتباع الإجراءات التى رسمها قانون نزع الملكية : وهذه الإجراءات تتلخص فيما يأتى :

أولا - بيان المشروع المطلوب اعتباره من أعمال المنفعة العامة أو من أعمال التحسين : ويصدر بذلك قرار من الوزير المختص كما سبق القول ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 389 .&%$ ) ، ويرفق بهذا القرار مذكرة ببيان المشروع ورسم بتخطيطه الإجمالى . وينشر هذا القرار على الوجه المبين فيما سبق ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 389 .&%$ ) ، وبمجرد حصول النشر يكون لمندوب المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية الحق فى دخول العقار لإجراء العمليات الفنية والمساحية ووضع علامات التحديد والحصول على البيانات اللازمة بشأن العقار .

ثانيا - حصر العقارات المطلوب نزع ملكيتها وعرض البيانات الخاصة بها : ويكون ذلك بواسطة لجنة مؤلفة من مندوب عن المصلحة القائمة بنزع الملكية وأحد رجال الإدارة المحليين والصراف . وتحرر اللجنة ، بحضور ذوى $ 633 $ الشأن بعد إخطارهم بالحضور فى الموعد المعين ، محضراً تبين فيه هذه العقارات وأسماء الملاك وأصحاب الحقوق ( من ذوى الحقوق العينية والمستأجرين ) ويكون التحقق من صحة البيانات المذكورة بمراجعتها على دفاتر المكلفات والمراجع الأخرى . وتعد المصلحة القائمة بنزع الملكية كشوفا من واقع عملية الحصر سالفة الذكر تبين فيها العقارات التى تم حصرها ومساحتها ومواقعها وأسماء ملاكها وأصحاب الحقوق فيها ومحال إقامتهم والتعويضات التى تقدرها لهم ، وتعرض هذه الكشوف ومعها خرائط تبين مواقع هذه العقارات فى المقر الرئيسى للمصلحة وفى المكتب التابع لها بعاصمة المحافظة وفى مقر العمدة أو مقر البوليس لمدة شهر . ويخطر الملاك وأصحاب الشأن بهذا العرض ، بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول . ويخطر فى نفس الوقت الملاك والمستأجرون بالإخلاء ، على أن يتم الإخلاء فى مدة أقصاها خمسة شهور . وتقدم الاعتراضات من ذوى الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق خلال ثلاثين يوما من تاريخ انتهاء مدة العرض وهم شهر كما قدمنا ، وتتعلق هذه الاعتراضات إما بحق على العقار فترفق به جميع المستندات المؤيدة له ، أو بالتعويض الذى قدرته المصلحة وسيأتى تفصيل ذلك عند الكلام فى التعويض .

ثالثا - نقل ملكية العقار المنزوع ملكيته : فإذا لم تقدم اعتراضات أصبحت الكشوف نهائية ، ويكون أداء التعويض المقدر إلى أصحاب الحقوق مبرئا لذمة الجهة نازعة الملكية فى مواجهة الكافة ، ويوقع أصحاب هذه الحقوق نماذج خاصة بنقل ملكيتها للمنفعة العامة . أما إذا قدمت اعتراضات ، أو تعذر لأى سبب آخر الحصول على توقيع أصحاب الحقوق على النماذج الخاصة بنقل الملكية ، فإن الوزير المختص يصدر قرارا بنزع ملكية العقار . وتودع النماذج أن القرار الوزارى الصادر بنزع الملكية فى مكتب الشهر العقارى ، ويترتب على هذا الإيداع بالنسبة إلى العقارات الواردة بها جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع . وإذا لم تودع النماذج أو القرار الوزارة بنزع الملكية فى مكتب الشهر العقارى خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة فى الجريدة الرسمية ، سقط مفعول هذا القرار بالنسبة إلى العقارات التى لم تودع النماذج أو القرار الوزارى الخاص بها .

 $ 634 $

رابعا - الاستيلاء المؤقت على العقار : وفى حالة الاستعجال قد ترى الجهة نازعة الملكية ضرورة الاستيلاء المؤقت على العقار المطلوب نزع ملكيته حتى تتم الإجراءات اللازمة لنزع الملكية ، فيصدر بذلك قرار من الوزير المختص ينشر فى الجريدة الرسمية ويشمل بيانا إجماليا بالعقار واسم المالك الظاهر مع الإشارة إلى القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة . ويبلغ قرار الاستيلاء لأصحاب الشأن بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول ، يعطون فيه مهلة لا تقل عن أسبوعين لإخلاء العقار . ويترتب على نشر قرار الاستيلاء فى الجريدة الرسمية اعتبار العقار مخصصا للمنفعة العامة . ويكون لصاحب الشأن فى العقار المستولى عليه الحق فى تعويض مقابل عدم الانتفاع به من تاريخ الاستيلاء الفعلى لحين دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية . وله خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلانه بقيمة التعويض عن عدم الانتفاع حق المعارضة فى هذا التقدير ، ويكون الفصل فى المعارضة طبقا للنصوص الخاصة بالمعارضة فى تقدير التعويض المستحق عن نزع الملكية ( وسيأتى بيانها ) ، وتعين المصلحة المختصة خلال أسبوع من تاريخ الاستيلاء قيمة التعويض ويعلن صاحب الشأن بذلك . ولا تجوز إزالة المنشآت أو المبانى ذات القيمة ، فى أثناء مدة الاستيلاء ، إلا بعد انتهاء الإجراءات الخاصة بتقدير قيمة التعويضات المستحقة تقديراً نهائيا .

391 - الضمان الثالث – وجوب تعويض المالك المنزوع ملكيته تعويضا عادلا : قدمنا أن المصلحة القائمة بنزع الملكية تعد كشفا من واقع عملية الحصر تبين فيه التعويض الذى تقدره للعقار المطلوب نزع ملكيته ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن العبرة فى تقدير ثمن العين المنزوعة وملكيتها هى بوقت نزع الملكية ( نقض مدنى 27 يونيه سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 638 – 28 أبريل سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 ص 350 ) .&%$ ) ، فإن لم يعترض المالك على هذا التقدير تقاضى التعويض المقدر ، ووقع نموذجا خاصا بنقل ملكية العقار للمنفعة العامة ، وإيداع هذا النموذج فى مكتب الشهر العقارى يترتب عليه بالنسبة إلى العقار جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 390 .&%$ ) .

 $ 635 $

أما إذا اعترض المالك على تقدير المصلحة للتعويض ، فإن الاعتراض يقدم إلى المقر الرئيسى للمصلحة أو إلى المكتب التابع لها بعاصمة المحافظة الكائن فى دائرتها العقار ، ويجب أن يرفق به إذن بريد يساوى 2% من قيمة الزيادة التى يطلبها بحيث لا يقل هذا المبلغ عن خمسين قرشا ولا يجاوزه عشرة جنيهات ، ويعتبر الاعتراض كأن لم يكن إذا لم يرفق به هذا الرسم كاملا وذلك للاستيثاق من جدية الاعتراض . وقد قدمنا أنه فى حالة الاعتراض يصدر الوزير المختصة قرارا بنزع ملكية العقار ، ويودع القرار فى مكتب الشهر فيكون للإيداع جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 390 .&%$ ) .

وترسل المصلحة القائمة بنزع الملكية الاعتراض ، خلال خمسة عشر يوما المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار المطلوب نزع ملكيته ، ليحيله بدوره فى ظرف ثلاثة أيام إلى القاضى الذى يندبه لرياسة لجنة الفصل فى هذه المعارضات . ويقوم قلم كتاب المحكمة بإخطار المصلحة وجميع أصحاب الشأن ، بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول ، بالتاريخ المحدد لنظر المعارضة . وتشكل لجنة الفصل فى المعارضات الخاصة بالتعويضات برياسة هذا القاضى الذى ندبه رئيس المحكمة وعضوية اثنين من الموظفين الفنيين ، أحدهما عن مصلحة المساحة والثانى عن المصلحة القائمة بنزع الملكية ، يختارهما وزير الأشغال بالاتفاق مع الوزير المختص . وتفضل الجنة فى المعارضة خلال شهرين من تاريخ ورودها إليها .

وللمصلحة القائمة بنزع الملكية ولأصحاب الشأن الحق فى الطعن فى قرار لجنة المعارضات أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقار خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إعلانهم بالقرار المذكور ، وتنظر المحكمة فى الطعن على وجه الاستعجال ، ويكون حكمها فيه نهائيا .

والمعارضة فى التعويض لا تحول دون حصول ذوى الشأن على المبالغ المقدرة بمعرفة المصلحة ، وإذا تعذر الدفع لأى سبب كان ظلت المبالغ مودعة بأمانات المصلحة مع إخطار ذوى الشأن بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب $ 636 $ بعلم الوصول . ويكون دفع التعويض لذوى الشأن ، أو إخطارهم بتعذر الدفع ، مبرئا لذمة المصلحة من قيمة التعويض عن عدم الانتفاع فى حالة استيلاء المصلحة على العقار تمهيداً لنز ملكيته .

ويراعى ، فيما يتعلق بالتعويض ، تطبيق القواعد الآتية :

( 1 ) إذا كانت قيمة العقار الذى تقرر نزع ملكيته لأعمال التنظيم فى المدن قد زادت نتيجة تنفيذ مشروع سابق ذى منفعة عامة ، فلا تحسب هذه الزيادة فى تقدير التعويض إذا تم نزع الملكية خلال خمس سنوات من تاريخ بدء التنفيذ فى المشروع السابق . وإذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذى لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العامة فى غير مشروعات التنظيم داخل المدن ، وجبت مراعاة هذه الزيادة أو النقصان فى تقدير التعويض ، بحيث لا يزيد المبلغ الواجب إضافته أو إسقاطه عن نصف القيمة التى يستحقها المالك مقابل نزع الملكية .

( 2 ) العقارات التى يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة فى مشروعات التنظيم فى المدن دون أخذ جزء منها ، يلزم ملاكها بدفع مقابل هذا التحسين بحيث لا يجاوز ذلك نصف التكاليف الفعلية لإنشاء أو توسيع الشارع أو الميدان الذى نتج عنه هذا التحسين . ويسرى هذا الحكم إذا كان نزع الملكية لمشروعات التنظيم فى المدن قاصراً على جزء من العقار ، ورأت السلطة القائمة على أعمال التنظيم أن احتفاظ المالك بالجزء الباقى من العقار لا يتعارض مع الغاية من المشروع المراد تنفيذه .

( 3 ) العقارات اللازم نزع ملكية جزء منها تشترى بأكملها ، إذا كان الجزء الباقى منها يتعذر الانتفاع به ، ويكون ذلك بناء على طلب يقدمه صاحب الشأن .

( 4 ) لا يدخل فى تقدير التعويض المستحق عن نزع الملكية المبانى أو الغراس أو التحسينات أو عقود الإيجار أو غير ذلك ، إذا ثبت أنها أجريت بقصد الحصول على تعويض أزيد ، وذلك بغير إخلال بحق صاحب الشأن فى إزالة هذه التحسينات على نفقته الخاصة بشرط عدم الإضرار بالمشروع المراد تنفيذه . وكل ما يعمل أو يتخذ من هذا القبيل بعد نشر القرار المقرر للمنفعة العامة فى الجريدة الرسمية يعتبر أنه أجرى للغرض المذكور ، ولا يدخل فى تقدير التعويض .

( 5 ) دعاوى الفسخ ودعاوى الاستحقاق وسائر الدعاوى العينية لا توقف إجراءات نزع الملكية ولا تمنع نتائجها ، وينتقل حق الطالبين إلى التعويض .

( 6 ) يجوز للسلطة القائمة على $ 637 $ أعمال التنظيم ، فى حالة نزع الملكية للتحسين أو التجميل أو لإنشاء حى جديد ، تأجيل دفع الثمن أو التعويض المستحق عن كل عقار تجاوز قيمته ألف جنيه لمدة لا تزيد على خمس سنوات ، وبفائدة قدرها 4% من قيمة المبالغ المؤجلة ، وتدفع الفائدة فى نهاية كل سنة ( $%&[1] ) والتعويض عن نزع الملكية على النحو السالف الذكر غير التعويض عن استيلاء الحكومة على العقار جبرا عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات القانونية . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت الحكومة قد استولت على عقار جبراً عن صاحبه بدون إتباع إجراءات قانون نزع الملكية ، ورفع صاحب العقار دعوى يطالب بقيمته وقت رفع الدعوى ، فإن الحكم بتقدير ثمن العقار بقيمته وقت الاستيلاء دون وقت رفع الدعوى يكون غير صحيح فى القانون . ذلك أن استيلاء الحكومة على العقار جبراً عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التى يوجبها قانون نزع الملكية يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض ، ولسي من شأنه أن ينقل بذاته ملكية العقار للغاصب . ويستتبع هذا النظر أن صاحب هذا العقار يظل محتفظا بملكيته رغم هذا الاستيلاء ، ويكون له الحق فى استرداد هذه الملكية إلى أن يصدر مرسوم بنزع ملكية العقار المذكور أو يستحيل رده إليه أ, إذا اختار هو المطالبة بالتعويض عنه . وفى الحالتين الأخيرتين يكون شأن المالك عند مطالبته بالتعويض شأن المتضرر من أى عمل غير مشروع ، له أن يطالب بتعويض الضرر سواء فى ذلك ما كان قائما وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم ( نقض مدنى 14 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 783 ) .&%$ ) .

 $ 638 $

الباب الثانى
القيود التى ترد على حق الملكية
ــ

392 - تنوع القيود التى ترد على حق الملكية : لما كان حق الملكية ، كما قدمنا ، حقا غير مطلق ، فإن القيود التى ترد عليه من شأنها أن تؤكد هذا المعنى . وقد تعددت هذه القيود ، وتنوعت ، وتكاثرت بخاصة فى العهود الأخيرة عندما أخذت المذاهب الاشتراكية فى الانتشار . وكان الهدف الرئيسى لهذه المذاهب هو حق الملكية ، فطالبت بإلغائه فيما يتعلق بوسائل الإنتاج . ونجم عن ذلك أن أخذت النظم القانونية ، حتى غير الاشتراكية منها ، تقيد من حق الملكية ، وتكثر من القيود التى ترد عليه ، وقد بينا فيما تقدم ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 332 وما بعدها .&%$ ) مدى الوظيفة الاجتماعية التى لحق الملكية .

وسنرى فيما يلى كيف تنوعت هذه القيود ، فبعض منها يتقرر للمصلحة العامة ، وبعض آخر يتقرر للمصلحة الخاصة ، وبعضها يرد على حق الملكية بعد قيامه ، وبعضها يرد على الحق فى التمليك قبل قيام حق الملكية . وكثير من هذه القيود يرجع إلى الجوار ، سواء الجوار بوجه عام ، أو الرى والصرف بين الجيران من شرب ومجرى ومسيل ، أو التلاصق فى الجوار كوضع الحدود بين الجيران المتلاصقين وحق المرور فى أرض الجار وحق فتح المظلات والمناور على ملك الجار .

393 - طبيعة هذه القيود وهل هى حقوق ارتفاق؟ : حق الارتفاق كما سنرى ذلك فى موضعه ، هو حق يتقرر على عقار لمصلحة عقار آخر ، فيخرج بكل من العقار المرتفق به والعقار المرتفق عن النظام المألوف لحق الملكية ، إذ الأصل أن يكون حق الملكية خاليا من القيود إلا تلك التى فرضها $ 639 $ القانون . فما تقرر من قيد –غير القيود التى تعتبر هى التنظيم العام لحق الملكية - فخرج بالملكية عن حدود هذا التنظيم العام ، فهو حق ارتفاق . أما تلك القيود التى فرضها القانون ، ما تقرر منها للمصلحة العامة ، أ,ما تقرر للمصلحة الخاصة كقيود الجوار والرى والصرف بين الجيران من شرب ومجرى ومسيل ووضع الحدود بين الجيران المتلاصقين وحق المرور فى أرض الجار وحق فتح المطلات والمناور على ملك الجار ، هذه القيود التى فرضها القانون والتى تمثل التنظيم العام المألوف لحق الملكية ليست بحقوق ارتفاق بالمعنى الدقيق . فقد قدمنا أن هذا الارتفاق فى معناه الصحيح هو خروج عن التنظيم العام المألوف لحق الملكية ، فى حين أن هذه القيود القانونية ليست خروجا عن التنظيم العام المألوف ، بل هى ذاتها التنظيم العام المألوف لحق الملكية ( $%&[1] ) ديمولومب 11 فقرة 8 - أوبرى ورو 2 فقرة 194 ص 281 .&%$ ) .

وينبنى على أن هذه القيود القانونية ليست بحقوق ارتفاق ما يأتى :

1 - إذا باع شخص عقارا مملوكا له ، وضمن للمشترى خلوه من حقوق ارتفاق ، ثم تبين أن هناك قيودا قانونية ترد على العقار المبيع من نحو حق شرب أو مجرى أو مسيل أو من نحو حق مطل أو حق مرور ، فإن هذه القيود لا يضمنها البائع لأنها ليست بحقوق ارتفاق كما قدمنا ، بل هى التنظيم الطبيعى المألوف لحق الملكية . وكان على المشترى أن يدرك أن هذه القيود موجود دون أن يذكرها له البائع ، لأنها قيود قررها القانون لينظم تنظيما عاما حقوق الجيران بعضهم قبل بعض . ولم يقصد البائع ، من ضمانه خلو العقار من حقوق ارتفاق . أن يضمن خلو العقار من هذه القيود ، فهى قيود فرضها القانون وعلى المشترى أن يعرف ذلك . وإنما قصد البائع أن يضمن خلو العقار من حق ارتفاق فرضه الاتفاق لا القانون ، وخرج به عن حدود التنظيم العام لحق الملكية ( $%&[1] ) كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1005 ص 805 – الوسيط 4 فقرة 358 ص 703 هامش 1 والمراجع المشار إليها ، حسن كيرة فقرة 64 ص 202 – ص 203 .&%$ ) .

2 - فإذا ضمن البائع خلو المبيع من حق ارتفاق للمطل ، فهو لا يضمن بذلك خلو المبيع من حق المطل القانونى إذ أن هذا ليس بحق ارتفاق بل هو قيد قانونى على الملكية . وإنما يضمن للمشترى خلو المبيع من حق ارتفاع $ 640 $ للمطل فرضه الاتفاق أو كسب بالتقادم ، وهو أن يفتح الجار مطلا على مسافة اقل من المسافة القانونية ( $%&[1] ) كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1005 ص 805 .&%$ ) .

3 - لا تزول هذه القيود القانونية بعدم الاستعمال ، لأنها قيود دائمة ترد على حق الملكية وتدوم بدوام هذا الحق . ولو كانت هذه الحقوق حقوق ارتفاق حقيقية ، لزالت بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة . كذلك لا تكسب هذه القيود بالتقادم المكسب ، لأن الإفادة منها تعتبر رخصة من المباحات ، فلا تصلح مبدأ لحيازة مكسبه لارتفاق بالتقادم . فإذا زال انحباس الأرض بعد خمس شعرة سنة لم يكن لمالك هذه الأرض أن يدعى أنه كسب حق المرور القانونى بالتقادم . ولو كان حق المرور اتفاقيا ، لملكه بالتقادم المكسب ( $%&[1] ) حسن كيرة فقرة 64 ص 201 .&%$ ) .

وقد كان التقنين المدنى السابق يعتبر هذه القيود القانونية الواردة على حق الملكية حقوق ارتفاق قانونية ، فرجع التقنين المدنى الجديد عن هذا الاتجاه بيناه فيما تقدم وبين القيود القانونية التى ترد على حق الملكية . وأورد هذه القيود فى مكانها الصحيح عندما عرض لقيود الملكية . وأورد هذه القيود فى مكانها الصحيح عندما عرض لقيود الملكية ، ولم يضعها فى الفصل الذى عرض فيه لحق الارتفاق . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى : " وضع المشروع فى حق الارتفاق نصوصا تقرر القواعد العامة فى هذا الموضوع ، بعد أن فصل ما بين حق الارتفاق بمعناه الصحيح وبين القيود القانونية التى ترد على حق الملكية ، وكثيراً ما تسمى بحقوق الارتفاق القانونية ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 621 – وتقول أيضاً المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " وأنتقل المشروع بعد ذلك إلى ما يرد على الملكية من قيود ، وهى نوعان : قيود قانونية وقيد اتفاقية . فالقيود القانونية قد تتضمنها تشريعات خاصة تصدر لتقييد حق الملكية مراعاة لمصلحة عامة أو لمصلحة خاصة جديرة بالرعاية . وقد تكون قيودا اقتضتها التزامات الجوار ... وقد تكون ما يسميه التقنين الحالى ( السابق ) بحقوق الارتفاق ، وقد نقلاه المشروع من المكان المخصص لحقوق الارتفاق إلى المكان الذى ينبغى أن توضع فيه بين القيود القانونية التى ترد على حق الملكية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 6 ) .&%$ ) " .

 $ 641 $

على أن هذه المسألة قد اختلفت فيها الأنظار . فمن الفقهاء فى فرنسا من يذهب إلى أن هذه القيود هى حقوق ارتفاق قانونية ، وإن كان يسلم بأن الأصل فى حق الارتفاق أنه قيد برد استثناء على حق الملكية على خلاف الوضع المألوف ( $%&[1] ) بودرى وشوفو فقرة 818 ص 535 – ص 536 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 905 ص 884 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 3678 – كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1005 ص 805 – ص 806 .&%$ ) . ومن الفقهاء من يميز بين القيود المقررة للمصلحة العامة وهذه ليست حقوق ارتفاق وإنما هى قيود ترد على حق الملكية للمصلحة العامة ، وبين القيود المقررة للمصلحة الخاصة . وفى هذه يفرق بين القيود المتعلقة بالمياه وبوضع الحدود و التحويط وبالحائط المشترك وهذه قيود وليست حقوق ارتفاق ، وبين القيود الأخرى وبخاصة حق المرور وهى ذات طبيعة مختلطة تجمع بين معنى القيد ومعنى حق الارتفاق ( $%&[1] ) بودرى وفواران 4 فقرة 562 وما بعدها - مارتى ورينو فقرة 144 وفقرة 144 مكررة – كاربونييه ص 184 – ص 185 .&%$ ) . والغالبية من الفقهاء يذهبون صراحة إلى أن كل هذه القيود إنما هى قيود ترد على حق الملكية ، وليست بحقوق ارتفاق بالمعنى الصحيح ( $%&[1] ) ديمولومب 11 فقرة 8 أوبرى ورو 2 فقرة 194 ص 281 – جوسران 1 فقرة 1968 – دى باج 5 فقرة 942 – مازو فقرة 1706 وأنظر أيضاً فقرة 1382 – وقرب كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1005 – ص 805 .&%$ ) .

والفقه المصرى هو أيضاً منقسم . ففى حين أن القلة من الفقهاء تذهب إلى أن هذه القيود القانونية هى حقوق ارتفاق حقيقية ( $%&[1] ) شفيق شحاتة فقرة 330 – ومع ذلك أنظر فقرة 330 - ص 335 وهامش 3 حيث يورد حكم محكمة استئناف مصر فى 12 مايو سنة 1935 المحاماة 16 رقم 168 ص 376 فى المعنى العكسى .&%$ ) ، أو إلى أن بعض هذه القيود تعتبر حقوق ارتفاق حقيقية ( ارتفاقات المياه والمرور ) وبعضها ليس إلا مجرد قيود ترد على حق الملكية ( $%&[1] ) عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 91 – عبد المنعم البدراوى فقرة 78 – منصور مصطفى منصور فقرة 39 ص 96 – ص 97 ( ومع ذلك أنظر ص 97 ) .&%$ ) ، فإن الكثرة من الفقهاء تأخذ بالرأى الصحيح وهو الرأى الذى سار عليه التقنين المدنى الجديد ، فتعتبر أن هذه $ 642 $ القيود جميعا إنما هى قيود ترد على حق الملكية وليست حقوق ارتفاق حقيقية( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 189 ص 239 – ص 240 – إسماعيل غانم فقرة 44 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 52 – حسن كيرة فقرة 64 – محمد كامل مرسى 2 فقرة 373 ص 401 .&%$ ) .

394 - تقسيم قيود الملكية إلى قيود للمصلحة العامة وأخرى للمصلحة الخاصة – نص قانونى : تنص المادة 806 مدنى على ما يأتى :

 " على المالك أن يراعى فى استعمال حقه ما تقضى به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة ، وعليه أيضاً مراعاة الأحكام الآتية " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1168 من المشروع التمهيدى على وجه يكاد يكون مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، ولم يكن نص المشروع التمهيدى يشتمل على عبارة " فى استعمال حقه " ، فأصبح النص مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 873 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 806 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 26 – ص 27 ) .

وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذا النص : " تبدأ سلسلة القيود القانونية التى ترد على حق الملكية بنص يشير إلى القوانين الخاصة ، وما يلحق بها من مراسيم ولوائح تتعلق بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة ويكون من شأنها التقييد من حق الملكية ، وذلك كقانون نزع الملكية وقوانين الآثار وقانون المحلات المقلقة للراحة ولائحة الترع والجسور " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 26 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به .

ويقابل النص فى التقنين المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 773 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 815 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل ( ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .

القانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .&%$ ) .

والنص ، كما نرى ، يقسم القيود التى ترد على حق الملكية إلى قيود متعلقة بالمصلحة العامة وأخرى تتعلق بالمصلحة الخاصة . ولم يتفق الفقهاء على تقسيم واحد لقيود الملكية ، بل تنوعت طرائقهم فى هذا التقسيم . ونحن نؤثر أن نجارى التقنين المدنى فى التقسيم الذى أخذ به ، ونبحث فى فصلين متعاقبين القيود التى ترد على حق الملكية لحماية المصلحة العامة وتلك التى ترد لحماية $ 643 $ المصلحة الخاصة ، مع ملاحظة أن ما يرد من القيود لحماية المصلحة الخاصة قصد به أن ينتهى إلى حماية المصلحة العامة عن طريق حمايته للمصلحة الخاصة .

الفصل الأول
قيود ترد على حق الملكية للمصلحة العامة
395 - نوعان من القيود : ويمكن ، فى القيود التى تتعلق بالمصلحة العامة ، التمييز بين نوعين :

( النوع الأول ) قيود ترد على حق الملكية بعد قيامه .

( النوع الثانى ) قيود يقررها القانون قبل قيام حق الملكية ، فهى واردة على حق التملك فى ذاته . ونبحث منها القيود التى قررها قانون الإصلاح الزراعى والقيود التى ترد على حق الأجانب فى تملك العقار بمصر .

الفرع الأول
قيود ترد على حق الملكية بعد قيامه
396 - نص قانونى : تنص المادة 822 مدنى على ما يأتى :

 " المصانع والآبار والآلات البخارية وجميع المحال المضرة بالجيران يجب أن تنشأ على المسافات المبينة فى اللوائح ، وبالشروط التى تفرضها " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1190 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه التقنين المدنى الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 893 فى المشروع النهائى ، ثم مجلس النواب تحت رقم 891 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 822 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 72 – ص 73 ) .&%$ ) .

ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 41 / 63( $%&[1] ) التقنين المدنى السابق م 41 / 63 : محلات المعامل والآبار وآلات البخار والمحلات المضرة بالجيران يجب أن تبنى بالبعد عن المساكن بالمسافات المقررة باللوائح ، على مقتضى الشروط المبينة بها ( والتقنين المدنى السابق يتفق مع التقنين المدنى الجديد ) .&%$ ) .

ويقابل فى التقنين المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى $ 644 $ م 777 – وفى التقنين المدنى الليبى م 831 – ولا مقابل له فى التقنين المدنى العراقى ، ولا فى قانون الملكية العقارية اللبنانى ( $%&[1] ) التقنين المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 777 ( مطابق ) – وأنظر أيضاً م 967 .

التقنين المدنى الليبى م 831 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل ( ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .

القانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .&%$ ) .

وهذا لنص تطبيق مباشر لما سبق أن قررته المادة 806 مدنى فيما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 394 .&%$ ) من وجوب أن يراعى المالك فى استعمال حقه ما تقضى به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة( $%&[1] ) أما بقية القيود القانونية التى أوردها التقنين المدنى فتتعلق بالمصلحة الخاصة : وسنعرض لها تفصيلا فيما يأتى .&%$ ) . وقد خص النص بالذكر المصانع والآبار والآلات البخارية وجميع المحال المضرة بالجيران ، ويمكن إجمالها فيما يسمى بالمحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة .

وهناك قيود أخرى كثيرة ترد على حق الملكية للمصلحة العامة ، قررتها القوانين والمراسيم واللوائح . وليس هنا مقام حصر هذه القيود ، إذ هى تدخل فى مباحث القانون الإدارى .

وقد مر بنا بعض من هذه القيود فى مواطن متفرقة ، مناه حقوق الارتفاق الإدارية( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 58 .&%$ ) ، ونزع الملكية للمنفعة العامة ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 387 وما بعدها .&%$ ) ، والاستيلاء المؤقت ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 384 .&%$ ) ، والحراسة ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 385 .&%$ ) ، والتأميم ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 386 .&%$ ) .

ونقتصر هنا على استعراض بعض القيود الأخرى المقررة للمصلحة العامة ، فى إيجاز تام . فنتناول أولا ما عرضت له المادة 822 مدنى سالفة الذكر $ 645 $ من القيود المتعلقة بالمحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ، وتركيب الآلات البخارية . ثم نعرج على طائفة أخرى من القيود تتعلق بالزراعات الممنوعة ، وبحماية الآثار التاريخية .

ولا جدوى من محاولة ترتيب هذه القيود وتصنيفها ، فهى قيود متناثرة متشعبة( $%&[1] ) ويصنف الأستاذ محمد كامل مرسى أهم هذه القيود على الوجه الآتى : " أولا - القيود المقررة للمنفعة العامة كنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء المؤقت على العقارات للمنفعة العامة فى حالة حصول غرق مثلا أو قطع جسر الخ . ثانيا - القيود المقررة لمصلحة الأمن العام أو الصحة العامة ، مثل القيود المختصة بالتنظيم ، أو التى تجب مراعاتها فى إنشاء العزب والزرائب ، أو المحال العمومية ، أو المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ، أو إقامة الآلات الرافعة ، أو تركيب الآلات البخارية ، أو إحداث الحفر أو البرك ، أو جوار السكك الزراعية ، أو تسوير الأراضى الفضاء الخ . ثالثا - القيود المقررة لمصلحة الزراعة ، مثل القيود الملزم بإتباعها مالكو الأراضى المجاورة للترع والمصارف ونحوها ، والقيود الخاصة بوقاية القطن والمزروعات الأخرى . رابعا - القيود المقررة لتسهيل الملاحة الجوية . خامسا - القيود المقررة للمصلحة الحربية ، مثل إنشاء مناطق خطر حول القلاع . سادسا - القيود الموضوعة لحفظ الثروة الأهلية وإنمائها ، مثل القيود الخاصة بالمناجم ونحوها ، وحماية الآثار التاريخية . سابعا - القيود المقررة للمصلحة المالية ، كالزراعات الممنوعة " ( محمد كامل مرسى 1 فقرة 221 ) .&%$ ) ، ومحل دراستها التفصيلية هو كما قدمنا القانون الإدارى .

397 - المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة : يتقيد ملاك المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ( Etablissements incommodes, insalubres et dangereux ) ، فى إنشاء محل من هذه المحال أو تشغيله ، بوجوب الحصول على رخصة من جهة الإدارة تعطى للمالك مقدما . وتجب الرخصة أيضاً فيما إذا نقل المحل من مكان إلى مكان آخر ، أو أحدث فى المحل تغيير من شأنه تعديل كيفية التشغيل تعديلا كليا يتعلق بالراحة وبالصحة وبالأمن العام ( أنظر م 1 و م 4 من القانون رقم 13 الصادر فى 28 أغسطس سنة 1904 )( $%&[1] ) أنظر استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1911 م 23 ص 268 .&%$ ) . وقد وضع المشرع اشتراطات ومواصفات تتحتم مراعاتها فى إنشاء هذه المحال ، وهدف منها إلى المحافظة على صحة الجمهور ووقايته وسلامته وراحته . وقد قضت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة فى هذا الصدد بأن الأهداف التى يهدف إليها المشرع فى القانون رقم 13 لسنة $ 646 $ 1904 بشأن المحلات المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ، وفى اللائحة المرافقة لهذا القانون ، وفى الاشتراطات والمواصفات التى تتحتم مراعاته فى إنشاء هذه المحلات ، إنما تنحصر فى المحافظة على صحة الجمهور ووقايته وسلامته وراحته ، ويترتب على ذلك أن استعمال الحق المخول بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 13 لسنة 1904 لجهة الإدارة فى قبول أو رفض الترخيص فى إنشاء هذه المحلات تبعا لما تراه من ملاءمة أو عدم ملاءمة مواقعها يجب أن يكون منوطا بتوخى الأغراض التى منحت من أجلها هذا الحق . فإذا ما انحرفت جهة الإدارة فى استعماله عن هذه الأغراض ، وكان رائدها فى تصرفها تحقيق غاية أخرى لا تمت لهذه الأغراض ، وكان رائدها فى تصرفها تحقيق غاية أخرى لا تمت لهذه الأغراض بسبب ، فإن قرارها فى هذا الشأن يكون مخالفا للقانون ، مشويا بإساءة استعمال السلطة ، وبالتالى يكون واجب الإلغاء ( $%&[1] ) محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة 27 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام مجلس الدولة 4 رقم 33 ص 104 .&%$ ) .

وإلى جانب الرخصة سالفة الذكر ، يجب على كل مالك لأحد هذه المحال أن يتبع أوامر جهة الإدارة ، وللجهة المذكورة الحق فى أى وقت أن تقرر ما تراه ضروريا من الأحكام والإجراءات الخاصة فيما يتعلق بأوضاع المحل الداخلية ، والآلات المستعملة فيه ، وكيفية التشغيل ، والساعات التى يمكن العمل فيها ، حرصا على الذين يترددون إليها أو يشغلون فيها أو يقيمون بجوارها ( م 3 من اللائحة التنفيذية الصادرة فى 29 أغسطس سنة 1904 بتنفيذ القانون رقم 13 لسنة 1904( $%&[1] ) أنظر استئناف 22 مارس سنة 1911 م 23 ص 233 .&%$ ) ) . وتقضى المادة 6 من اللائحة التنفيذية المذكورة بألا دخل للحكومة مطلقا فيما يكون للغير من العلاقات مع المرخص له بإنشاء وتشغيل محل مقلق للراحة ومضر بالصحة وخطر ، بل يكون المرخص له هو المسئول عن كل عمل يحدث ضررا أو غير ذلك بسبب إنشاء المحل أو لى سبب آخر .

وقد صدر القانون رقم 28 لسنة 1949 بإجازة تحديد مناطق صناعية فى المدن ومجاوراتها ، وتقضى المادة الأولى منه بأنه يجوز فى المدن ومجاوراتها أن تحدد منطقة أو أكثر تخصص دون غيرها لما ينشأ أو يدار من المصانع والمعامل $ 647 $ والورش وغير ذلك من المحال المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة أو الخطرة التى تعين بقرار من وزير الصحة بالاتفاق مع وزير التجارة والصناعة . وتعين بمرسوم المدن ومجاوراتها التى يسرى عليها هذا القانون . ومع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 13 لسنة 1904 بشأن المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة والأمر العالى الصادر فى 5 نوفمبر سنة 1900 بشأن الآلات البخارية ، لا يجوز داخل المدن ومجاوراتها المخصص لها مناطق صناعية إنشاء أو إدارة محل من المحال المشار غليها فى المادة الأولى المتقدمة أو الترخيص فى شيء من ذلك فى غير هذه المناطق .

398 - تركيب الآلات البخارية : وهناك قيود على تركيب الآلات البخارية شبيهة بالقيود التى أسلفناها فيما يتعلق بالمحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة . فقد اشترط الأمر العالى الصادر فى 5 نوفمبر سنة 1900 والمعدل بالقانون رقم 89 لسنة 1937 الحصول على رخصة من جهة الإدارة لتركيب آلة بخارية أو مرجل ( قزان ) ، أو لإحداث تغيير كلى فى الآلة البخارية المرخص بها ، أو لترميمها ترميما هاما من شأنه تعديل كيفية تشغيلها ، أو لنقلها إلى اسم شخص آخر ، أو لنقلها إلى مكان آخر ، وذلك حرصا على الراحة والأمن العام والصحة .

ويفرق القرار الصادر من وزارة الأشغال فى 6 نوفمبر سنة 1900 بتنفيذ الأمر العام سالف الذكر بين الآلات البخارية التى تزيد قوة مراحلها على ستة خيول وتلك التى لا تزيد قوة مراحلها على ذلك . وتشترط شروطا تتعلق بالبعد عن المساكن والجسور والطرق العامة ، وبارتفاع المدخنة ، وبغير ذلك من القيود ، بالنسبة إلى كل من النوعين( $%&[1] ) وفيما يتعلق بآلات رفع المياه أنظر المواد 44 – 56 من القانون رقم 68 لسنة 1953 بشأن الرى والصرف ( المعدل بالقانون رقم 29 لسنة 1956 وبالقانون رقم 385 لسنة 1956 ) . وتقضى المادة 45 من هذا القانون بأنه لا يجوز بغير ترخيص من تفتيش الرى إقامة أية آلة من الآلات الرافعة التى تدار بالماشية كالساقية أو التابوت لرفع المياه من النيل أو من أحد المصارف العامة أو فى البحيرات . وتقضى المادة 46 بأنه لا يجوز بغير ترخيص من مفتش الرى إقامة أو إدارة آلة محركة أو طلمبة أو أى جهاز من الأجهزة التى تحركها إحدى الآلات الثابتة أو المتنقلة التي تدار بالبخار أو بالغاز أو بالكهرباء أو بالهواء أو بقوة الماء أو بأحد الطرق الآلية ( الميكانيكية ) الأخرى ، لرفع المياه من النيل أو أحد المجاري العامة أو الخاصة ، أو لتصريف مياه الصرف في النيل أو في أحد المصارف العامة أو الخاصة أو في إحدى البحيرات ، وتقضى المادة 53 بأنه يجوز لوزارة الأشغال العمومية ( وزارة الري ) أن تقرر أية آلة أو طلمبة أو جهاز أعطى عنه ترخيص ، أو نقل الأعمال التي أنشئت من أجلها ، إلى موقع آخر ، لمنع الخطر عن الجسور أو عن منشآت الري الأخرى ، أو بسبب إنشاء أعمال جديدة أو تعديل أعمال قائمة ذات منفعة عامة ، وذلك كله على نفقة الحكومة .&%$ ) .

 $ 648 $

399 - الزراعات الممنوعة : يقضى الأمر العالي الصادر في 25 يونيه سنة 1890 ، المعدل بالأمر العالي الصادر في 10 مايو 1892 ، بمنع زراعة الدخان والتنباك في جميع أنحاء مصر ، ومن يزرع دخاناً أو تنباكا يعاقب بغرامة قدرها 200جهيه عن كل فدان أو جزء من الفدان ، فضلا عن مصادرة الزراعة وإتلافها . والسبب في هذا المنع يرجع إلى أسباب تتعلق بالخزانة العامة ، إذ هي تعتمد كثيراً في إيراداتها على الرسوم الجمركية للوارد على مصر من الدخان والتنباك .

ويمضي القانون رقم 42 لسنة 1944بمنع زراعة الحشيش ، وذلك لأسباب صحية . ويعاقب من يزرع الحشيش بالحبس من 6 شهور إلى سنتين وبغرامة من 100 جنيه إلى 200جنيه عن كل فدان أو جزء من فدان .

ويقضي المرسوم بقانون الصادر في 21 مايو سنة 1926 والمعدل بالقانون رقم 64 لسنة 1940بمنع زراعة الحشائش ( أبو النوم ) ، وذلك لما تحقق من أن الأفيون الخام الناتج عن الزراعة المحلية يباع سراً كمادة مخدرة . ويعاقب المخالف بالحبس مدة لا تزيد على 6 شهور وبغرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين . وينزع المحصول ويعدم بواسطة رجال الإدارة بناء على طلب وزارة الزراعة .

400 - حماية الآثار التاريخية : كان القانون رقم 14 لسنة 1912 يتكفل بحماية الآثار ، والقانون رقم 215لسنة 1951 يلغي هذين القانونين ( في المادة 36 منه ) ويحل محلها ( $%&[1] ) في صفحة 126 هامش 1 من هذا الكتاب ، في مناسبة ذكر دخول التحف والتماثيل والصور المعروضة في المتاحف العامة ضمن الأملاك العامة ، اشر إلى القانون رقم 14 لسنة 1912 والقانون رقم 8 لسنة 1918 ، ولم نشر إلى القانون رقم 215 لسنة 1951 الذي الغي القانونين سالفي الذكر وحل محلها ،وهو القانون المعمول به الآن .&%$ ) .

 $ 649 $

ومن القيود التي فرضها قانون الآثار رقم 215 لسنة 1951 سالف الذكر على حق الملكية لحماية الآثار التاريخية . ما نص عليه في المادة 7 منه من أنه " لا يجوز للهيئات أو الأفراد الحفر بحثا عن الآثار ، ولو كانت الأرض مملوكة لهم ، إلا بترخيص يصدر بقرار من وزير المعارف العمومية بعد أخذ رأي المصلحة المختصة وبعد التحقق من توافر الضمانات العملية والفنية والمالية وغيرها فيهم " . فمنع صاحب الأرض من الحفر في أرضه بحثاً عن الآثار ، إلا بترخيص ، قيد الملكية الخاصة لحماية الآثار .

ولما كانت الآثار تعتبر في الأصل من الأموال العامة ، فكل من يعثر مصادفة ، ولو في ملكه الخاص ، على أثر منقول أو عقاري على سطح الأرض أو باطنها ، يجب عليه أن يبلغ عنه الحال وان يسلمه للسلطة المختصة ، وإلا اعتبر مستوليا على أثر بغير ترخيص ، ووقعت عليه العقوبة المقررة في المادة 30 من قانون الآثار .

وقد حددت المادة 22 من قانون الآثار ، على سبيل الحصر ، الآثار والتي تعتبر مملوكة خاصة . وهذه هي الآثار الموجودة وقت العمل بقانون الآثار في المجموعات الخاصة أو في حيازة تجار العاديات ، والآثار التي تعطي للمكتشف مكافأة طبقاً لأحكام القانون ، والآثار المنقولة المكررة التي تعطيها الحكومة بطريق البدل أو تتصرف فيها بالبيع أو التنازل ، والآثار المستوردة من الخارج ، وآثار العصر المسيحي وما تلاه من العصور إلى نهاية عصر إسماعيل التي توجد في ملك الأفراد ويكون قد تم تسجيلها دون أن تنزع الدولة ملكيتها ، والآثار التي تعرضها المتاحف للبيع مما تستغني عنه . وقد أورد قانون الآثار على هذه الملكية الخاصة للآثار قيوداً للمصلحة العامة التي تقتضي حماية الآثار ، ونذكر من هذه القيود ما يأتي :

1 - يجب على مالك الأثر العقاري المسجل أن يبلغ الوزارة المختصة عن كل تصرف فيه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ التصرف ( م 18 من قانون الآثار ) .

2 - لا يجوز نقل أي أثر إلى أية جهة داخل الدولة المصرية إلا بعد إخطار $ 650 $ المصلحة المختصة . ولا يجوز تصديرة إلى الخارج إلا بترخيص من الوزير المختص بعد موافقة المصلحة المختصة ( م 25 و م 25 من قانون الآثار ) .

3 - يجوز للوزير المختص أن يصدر فراراً بالاستيلاء على أي أثر منقول إذا رأت المصلحة المختصة أن للدولة مصلحة في اقتنائه ، وذلك في مقابل تعويض يمنح لمالك الأثر تقديره لجنة خاصة ، وللمالك المعارضة فيه أمام المحكمة الابتدائية المختصة خلال ثلاثين يوما من تاريخ إبلاغه إلى المالك بكتاب موصى عليه مع علم وصول ( م 27 من قانون الآثار ) .

الفرع الثاني

قيود ترد على الحق في التملك

المبحث الأول

قيود واردة في قانون الإصلاح الزراعي

401 - ما اشتمل عليه قانون الإصلاح الزراعي من القيود :اشتمل المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي ، الصادر في 9 سبتمبر سنة 1952 ، وما تلاه من قوانين معدلة له ، على كثير من القيود . أهمها الحد الأقصى الجائز تملكه من الأراضي الزراعية ، وتحديد العلاقة بين مستأجر الأرض الزراعية ومالكها وما تضمن ذلك من قيود متعلقة بالحد الأقصى للأجرة ، والحد الأدنى لمدة الإيجار ، وإيجاب الكتابة في انعقاد الإيجار وعدم جواز تأجير الأرض الزراعية إلا لمن يتولى زراعتها بنفسه ، وعدم جواز زيادة ما ينتفع به الشخص من الأراضي الزراعية على خمسين فداناً أو على القدر الجائز له تملكه أيهما أكثر ، وامتداد عقود إيجار الأرضي الزراعية بحكم القانون ، وكذلك النصوص التي تهدف إلى الحد من تجزئة $ 651 $ الأراضي الزراعية ومنع تفتت الملكية الزراعية . وقد سبق أن بحثنا المسائل الخاصة بتحديد العلاقة ما بين مستأجر الأرض الزراعية ومالكها وما تضمنه ذلك من قيود متعددة ، عند الكلام في عقد الإيجار ( $%&[1] ) انظر الوسيط 6 فقرة 730 وما بعدها .&%$ ) . وكذلك بحثنا مسألة الحد من تجزئة الأرض الزراعية والمسائل التي يثيرها قانون الإصلاح الزراعي بالنسبة إلى بيع الأراضي الزراعية ، عند الكلام في عقد البيع ( $%&[1] ) انظر الوسيط 4 فقرة 197 – فقرة 202 .&%$ ) .

 ولما كنا بصدد القيود التي أوردها قانون الإصلاح الزراعي فيما يتعلق بحق تملك الأراضي الزراعية ، فنقصر بحثنا على هذه المسألة ، ونبين الحد الأقصى الجائز تملكه من هذه الأراضي . والأصل أنه لا يجوز لشخص أن يتملك من الأراضي الزراعية أكثر من مائة فدان ، ويرد على هذا الأصل بعد الاستثناءات .

1 - الأصل العام

402 - الحد الأقصى لتملك الفرد الأرض الزراعية بحسب قانون سنة 1952 : أو ما صدر من قوانين الإصلاح الزراعي هو المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 ، وقد صدر في 9 سبتمبر سنة 1952 . ويعتبر هو الأصل ، وما جاء من القوانين بعده هي قوانين معدلة له ، مع بقائه على حالة في الأحكام التي لم تعدلها هذه القوانين .

وقد نصت المادة الأولي من ه ذا القانون على ما يأتي : " لا يجوز لأي شخص أن يتملك من الأراضي الزراعية أكثر من مائتي فدان . وكل عقد يترتب عليه مخالفة هذا الحكم يعتبر باطلاً ، ولا يجوز تسجيله " .

ونرى من ذلك أن الحد الأقصى لتملك الفرد للأرض الزراعية ، ( $%&[1] ) ولا يسرى قانون الإصلاح الزراعي إلا على الأراضي الزراعية ، فلا تسرى على أراضي البناء وهي الأراضي الداخلة في كردون البنادر والبلاد الخاضعة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بشروط معينة ، والأراضي المقام عليها بناء غير تابع لأرض زراعية أو لازم لخدمتها ، والأراضي الفضاء التابعة لبناء غير تابع لأرض زراعية أولا زم لخدمتها ( انظر التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1963 بتعديل المادة 3 من التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1953 المعدل بالمادة 3 من التفسير التشريعي رقم 4 لسنة 1953 ) .&%$ ) بحسب $ 652 $ قانون سنة 1952 ، هو 200 فدان . فإذا زادت ملكية الفرد وقت نفاذ هذا القانون على هذا الحد ، استولت الحكومة على المقدار الزائد ، وتنص المادة 3 / 1 و 2 من القانون في هذا الصدد على ما يأتي : " تستولي الحكومة في خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ العمل بهذا القانون على ملكية ما يجاوز مائتي الفدان التي يستبقيها المالك لنفسه ، على إلا يقل المستولي عليه كل سنة عن خمس مجموع الأراضي الواجب الاستيلاء عليها . ويبدأ الاستيلاء على أكبر الملكيات الزراعية ،وتبقى للمالك الزراعة القائمة على الأرض وثمار الأشجار حتى نهاية السنةالزراعية التي تم خلالها الاستيلاء " . وقد اتخذ القانون احتياطات وقائية ليمنع التحايل على أحكامه ، فنص في المادة 3 / 3 ( المعدلة بالقانون رقم 108 لسنة 1953 ) على ما يأت ي : " ولا يعتد في تطبيق أحكام هذه القانون :

( 1 ) بتصرفات المالك لا بالمرهون التي لم يثبت تاريخها قبل يوم 23 يوليه سنة 1952 . ( ب ) بتصرفات المالك إلى فروعه وزوجه وأزواج فروعه ، ولا بتصرفات هؤلاء إلى فروعهم وأزواجهم وأزواج فروعهم وإن نزلوا ، متى كانت تلك التصرفات غير ثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1944 ، وذلك دون إضرار بحقوق الغير التي تلقوها من المذكورين بتصرفات ثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 .

( جـ ) بما قد يحدث منذ العمل بهذا القانون من تجزئة بسبب الميراث أو الوصية للأراضي الزراعية المملوكة لشخص وأحد وتستولي الحكومة في هذه الحالة على ملكية ما يجاوز مائتي الفدان من هذه الأراضي في مواجهة الورثة والموصى لهم ، وذلك بعد استيفاء ضريبة التركات " . ونرى من ذلك أن القانون اتخذ احتياطات ثلاثة : " ( أولاً ) افترض أن المالك ، قبل استيلاء الحكومة على المقدار الزائد من أرضه ، قد مات وترك أكثر من وارث وقد يكون أوصى بجزء من أرضه ، وترتب على ذلك أن الورثة والموصى لهم اقتسموا تركة مورثهم وهي تزيد على مائتي فدان ، فلم يصب الواحد منهم أكثر من هذا المقدار فالعبرة في هذه الحالة بتاريخ نفاذ القانون لا بتاريخ موت المورث ، وتستولي الحكومة على ملكية ما يجاوز مائتي الفدان من تركة المورث – إذ يفترض بقاؤه حيا حتى يوم الاستيلاء – في مواجهة الورثة والموصي لهم ، وذلك بعد استيفاء ضريبة التركات . ( ثانياً ) افترض القانون أن المالك قد تصرف بعد أول يناير سنة 1944 ( تاريخ فرض رسم ) $ 653 $ الأيلولة على التركات ) في جزء من أرضه أو فيها كلها إلى زوجه وفروعه وأزواج فروعه . وذلك تهربا من قانون ضريبة التركات ، ويقضي هذه القانون بعدم الاعتداد بهذه التصرفات بالنسبة إلى الضريبة إذا مات المورث في خلال خمس سنوات من وقت التصرف . فلم يعتد قانون سنة 1952 هو أيضاً بهذه التصرفات بالرغم من بقاء المورث حيا حتى سنة 1952 ، وأدخل جملة ما تصرف فيه المالك ضمن الباقي عنده في حساب المائتي الفدان الحد الأقصى للملكية الزراعية . ولم يعتد إلا بالتصرفات الثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1944 ، ثم أضاف المشرع ، بالقانون رقم 108لسنة 1953 ، إلى التصرفات الصادرة إلى الزوج والفروع وازواج الفروع ، ما عسى أن يكون قد صدر من تصرفات من هؤلاء إلى أزواجهم وفروعهم وأزواج فروعهم وإن نزلوا ، إذ افترض التواطؤ في هذه التصرفات المتعاقبة . ومع ذلك نص القانون على عدم الإخلال بحقوق الغير التي تلقوها ممن سبق ذكرهم بتصرفات ثابتة التاريخ قبل 23يوليه سنة 1952 ، أما بعد هذا التاريخ فلا يعتد بهذه التصرفات . ( ثالثاً ) افترض القانون أن المالك بعد مرور 23 يوليه سنة 1952 ، وقد توقع صدور قانون الإصلاح الزراعي ، قد بادر إلى التصرف في أرضه أو إلى رهنها للغير متواطئاً معه ، فلم يعتد القانون بتصرفات المالك ولا بالرهون التي لم يثبت تاريخها قبل يوم 23 يوليه سنة 1952 ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد بأن المادة الثالثة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 تنص على أنه لا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات المالك التي لم يثبت تاريخها قبل 23 يوليه سنة 1952 ، وقد أراد بذلك القضاء على التصرفات الصورية التي تبرم بغير الفكاك من أحكام هذا القانون ، فاعتبر جهة الإصلاح الزراعي من طبقة " الغير " ، وشرط للاعتداد بهذه التصرفات في مواجهتها أن تكون ثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 ( نقض مدني 3 مايو سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 85 ص 565 ) . وانظر أيضاً في أن هذه التصرفات غير ثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 ، وإن كان لا يعتد بها في مواجهة الإصلاح الزراعي ، تظل صحيحة ونافذة فيما بين عاقديها ، بحيث إذا اختار المالك الأطيان موضوع هذه التصرفات فليس لجهة الإصلاح الزراعي أن تعترض على التصرفات حكم النقض السابق ونقض 3 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 3 ص 37 . والى جانب هذه الاحتياطات الثلاثة ، أضاف قانون سنة 1952 ما يأتي : ( 1 ) م 17 ( المعدلة بالقانون رقم 495 لسنة 1953 ) : يعاقب بالحبس كل من قام بعمل يكون من شأنه تعطيل أحكام المادة الأولي ، فضلا عن مصادرة ثمن الأرض الواجب الاستيلاء عليها . ويعاقب أيضاً بالحبس كل من يتعمد من مالكي الأراضي التي يتناولها حكم القانون أن يحط من معدنها أو يضعف تربتها أو يفسد ملحقاتها ،بقصد تفويت تمام الانتفاع بها وقت الاستيلاء عليها ، وكذلك يعاقب بالحبس كل من يتصرف تصرفا يخالف المادة الرابعة مكررة ثم أضيفت بالقانون رقم 495 لسنة 1953 المادة 17 مكررة وتجري بما يأتي : " يعفي من العقاب بما في ذلك المصادرة كل بائع أو شريك بادر من تلقاء نفسه بالرجوع عن التصرف المخالف للقانون ، أو بإبلاغ الجهات المختصة أمر هذه المخالفة " . ( 2 ) م 25 : ابتداء من أول يناير سنة 1953 تفرض ضريبة إضافية على ما يزيد على مائتي فدان بنسبة خمسة أمثال الضريبة الأصلية . وقد قصد بهذا النص المساواة ما بين الملاك الذين استولي على أراضيهم في السنوات الأولي ، وهؤلاء الذين استولي على أراضيهم فيما بعد إذ يدفعون ضريبة إضافية على المقدار الزائد على الحد الأقصى إلى يوم الاستيلاء على هذا المقدار .&%$ ) .

 $ 654 $

ونصت المادة 4 من قانون سنة 1952 ( المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 311 لسنة 1952وبالقانون رقم 108 لسنة 1953 وبالقانون رقم 300لسنة 1953 المعدل بقانون رقم 397 لسنة 1953 ) على ما يأتي : " يجوز مع ذلك للمالك ، خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون ، أن يتصرف بنقل ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزائدة على مائتي فدان على الوجه الآتي : ( 1 ) إلى أولاده بما لا يجاوز خمسين فداناً للوالد ، على إلا يزيد مجموع ما يتصرف فيه إلى أولاده على المائة فدان . فإذا توفي المالك قبل الاستيلاء على أرضه أنه قد تصرف إليهم في الحدود السابقة ، ويتم توزيع ما افترض التصرف فيه على أولاده طبقاً لقانون المواريث .

( ب ) إلى صغار الزراع بالشروط الآتية : … ( جـ ) إلى خريجي المعاهد الزراعية بالشروط الآتية : …ولا يجوز للمالك ، سواء كان تصرفه إلى صغار الزراع أو إلى خريجي المعاهد الزراعية ، أن يطعن في التصرف بالصورية بأي طريق كان ، ولو بطريق ورقة الضد . ولا يكون التصرف صحيحاً إلا بعد تصديق المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار " ( $%&[1] ) وقد صدر بعد ذلك القانون رقم 82 لسنة 1963 ، يقضي بأن تتولى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي واستغلال الأراضي المستولي عليها المخصصة للحدائق ، ويجوز لهيئة أن تتصرف في هذه الأراضي إلى شركات المساهمة التي تنشئها أو تساهم في رأس المال والى الجمعيات التعاونية التي تشرف عليها أو غيرها ، وذلك وفقا للقواعد والشروط التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية كما يجوز لها أن تعهد بإدارة هذه الأراضي إلى الشركات المساهمة والى الجمعيات التعاونية المذكورة .&%$ ) . وفي هذا النص توسعة على الملاك $ 655 $ الزراعيين ، فيجوز للمالك ، طبقا للنص ،أن يستبقى من أرضه مائتي فدان لنفسه ، ومائة فدان لأولاده . ومقداراً آخر غير محدد يتصرف فيه إلى صغار الزراع إلى خريجي المعاهد الزراعية بالشروط المنصوص عليها في القانون ( $%&[1] ) وهناك توسعة أخرى ، إذ نصت المادة 2 حرف ب من قانون سنة 1952 على ما يأي " ويجوز للأفراد أن يمتلكوا أكثر من مائتي فدان من الأراضي البور والأراضي الصحراوية لاستصلاحها ، ولا يسري على هذه الأراضي حكم المادة الأولي إلا بعد انقضاء خمس وعشرين سنة من وقت التملك ، هذا مع عدم الإخلال بجواز التصرف فيها قبل انقضاء هذه المدة " . وقد عدل النص بالقانون رقم 148لسنة 1957 الذي عدل بالقانون رقم 121 لسنة 1958 .&%$ ) . ونصت المادة 5 من قانون سنة 1952( المعدلة بالقانون رقم 108 لسنة 1953 ) على ما يأتي : " يكون لمن استولت الحكومة على أرضه ، وفقا لأحكام المادة الأولي ، الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض مضافاً إليه قيمة المنشآت الثابتة وغير الثابتة والأشجار وتقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية … وإذا كانت ملكية الأرض لشخص وحق الانتفاع لآخر ، استحق مالك الرقبة ثلتى التعويض والمنتفع الثلث " . ونصت المادة 6 ( المعدلة بالقانون رقم 270 لسنة 1953 ) على ما يأتي : " يؤدي التعويض سندات على الحكومة بفائدة سعرها 3 % نستهلك في خلال ثلاثين سنة ويكون هذه السندات اسمية ولا يجوز التصرف فيها إلا لمصري ، ويقبل أداؤها ممن استحق من الحكومة لأول مرة أو من ورثته في الوفاء بثمن الأراضي البور التي تشتري من الحكومة ، وفي أداء الضرائب على الأطيان التي لم يسبق ربط ضرائب عليها قبل العمل بهذا القانون ، وفي أداء ضريبة التركات والضريبة الإضافية على الأطيان المفروضة بموجب هذا القانون . ويصدر مرسوم ، بناء على طلب وزير المالية والاقتصاد ، بتعيين مواعيد وشروط استهلاك هذه السندات وشرط تداولها " . وقد عدلت هذه المادة بالقانون رقم 178 لسنة 1958 ، فأصبحت السندات الإسمية بفائدة سعرها 1,5% فقط ، وتستهلك هذه السندات في خلال أربعين سنة . ولكن $ 656 $ الحكومة فيما بعد ، ألغت التعويض المستحق للملاك المستولي على أراضيهم سواء بحكم قانون سنة 1952أو بحكم قانون سنة 1961 ، وأصبح الاستيلاء دون أي مقابل أو تعويض بموجب القانون رقم 104 لسنة 1964 .403 - الحد الأقصى للتملك الفرد للأرض الزراعية بحسب قانون سنة 1961 : وبقى الحد الأقصى لتملك الفرد للأرض الزراعية مائتي فدان إلى سنة 1961 . ثم صدر القانون رقم 127 لسنة 1961تنص المادة الأولي منه على ما يأتي : " لا يجوز لأي فرد أن يتملك من الأراضي أكثر من مائة فدان ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية ما يملكه الأفراد البور والأرضي الصحراوية ،ولك تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلا ولا يجوز تسجيله " . فأصبح الحد الأقصى لتملك الفرد للأراضي الزراعية مائة فدان فقط ، ويدخل فيها الأراضي البور والأراضي الصحراوية بعد أن كانت هذه الأراضي لا تدخل بحسب قانون سنة 1952 في حساب المائتى فدان إلى خمس وعشرين سنة من وقت تملكها .

ونصت المادة الثالثة من قانون سنة 1961على أن " تستولي الحكومة على ملكية ما يجاوز الحد الأقصى الذي يستبقيه المالك " . ولم يحدد القانون مهلة لإتمام الاستيلاء كما حدد قانون سنة 1952 مهلة مقدارها خمس سنوات على النحو الذي قدمناه . وجاء في المذكرة الإيضاحية لقانون سنة 1961 أن القانون يعطي " للهيئة العامة للإصلاح الزراعي الحق في الاستيلاء في تاريخ العمل به . فإذا تراخى صدور قرار الاستيلاء على الأطيان الزائدة لدى أحد الملاك ، فإن ريع الأرضي المستولي عليها لا يكون من حق الهيئة إلا من تاريخ صدور قرار الاستيلاء ، هو الوقت الذي يتحول فيه حق المستولي عليه في الريع إلى فائدة على السندات طبقاً لأحكام المادة 5 التي تقرر استحقاق الفائدة من تاريخ الاستيلاء . فإذا ظلت الأرض الزائدة تحت يده بعد صدور قرار فحينئذ تربط عليه حتى يتم للهيئة العامة للإصلاح الزراعي تسلمها منه " ( $%&[1] ) وقد صدر القانون رقم 185 لسنة 1961 ( يضيف فقرة ثانية إلى المادة السادسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 ) وينص على ما يأتي : " يتعين على واضع اليد على الأراضي المستولي عليها طبقاً لأحكام هذا القانون سواء كان هو المسئول لديه أو غيره ، أن يستمر في وضع يده عليها ويعتر مكلفا بزراعتها مقابل أمثال الضريبة يدفعها سنوياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي " .&%$ ) .

 $ 657 $

ولم يبح قانون سنة 1961 ، كما أباح قانون سنة 1952 ، للمالك أن يتصرف في المقدار الزائد على الحد الأقصى للأولاد بما لا يجاوز مائة فدان أو إلى صغار الزراع وخريجي المعاهد الزراعية بشروط خاصة على ما بينا فيما تقدم ، بل أن الحكومة تستولي على كل المقدار الزائد على المائة فدان ، والعبرة في تحديد هذا القدر الزائد مما يملكه الفرد وقت نفاذ قانون سنة 1961( $%&[1] ) وكان يوم 25 يوليه سنة 1961 هو تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية ، فلا يعتد في تطبيق حكم الاستيلاء بتصرفات المالك إذا لم تكن ثابتة التاريخ قبل 25 يوليه سنة 1961 . &%$ ) .

وفيما يتعلق بالتعويض الذي يعطي للمالك عما استولت عليه الحكومة من أرضه ، ننص المادة 4 من قانون سنة 1961 على أن " يكون لمن استولت الحكومة على أرضه ، تنفيذاً لأحكام هذا القانون ، الحق في تعويض يقدر وفقاً للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون رقم 178لسنة 1952 المشار إليه ، وبمراعاة الضريبة السارة في 9 سبتمبر سنة 1952 " . فيجب إذن الرجوع إلى المادة 5 من قانون سنة 1952 في تقدير التعويض ، وقد أوردنا نصها فيما تقدم ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 402 .&%$ ) فيكون للمالك الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية للأرض المستولي عليها ، مضافاً إليها قيمة المنشآت الثابتة وغير الثابتة والأشجار .وتقدير القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية ، وإذا كانت ملكية الرقبة لشخص وحق الانتفاع لآخر ، استحق مالك الرقبة ثلثي التعويض والمنتفع الثلث .

أما الطريقة أداء التعويض ، فقد نصت المادة 5 من قانون سنة 1061 بأن يؤدي التعويض سندات اسمية على الدولة لمدة 15 سنة ( بدلا من 40 سنة في قانون سنة 1952 ) , وبفائدة قدرها 4% ( بدلا من 1,5 % في قانون سنة 1952 ) محسوبة من تاريخ الاستيلاء . ويجوز للحكومة استهلاك هذه السندات كليا أو جزئيا بالقيمة الاسمية بعد عشر سنوات ( $%&[1] ) وتنص المادة 7 من قانون سنة 1952 ( المعدلة بالقانون رقم 168 لسنة 1958 ) على أنه " إذا كان الأرض التي استولت عليها الحكومة مثقلة بحق رهن أو اختصاص أو امتياز ، استنزل من قيمة المستحق لصاحب الأرض ما يعادل كامل الدين المضمون بهذا الحق . وللحكومة إذا لم تحل محل المدين في الدين ، أن تستبدل به سندات عليها بفائدة تعادل فائدة الدين ، على أن تستهلك هذه السندات في مدة لا تزيد على أربعين سنة . وإذا كان الدين ينتج فائدة سعرها يزيد على 3% ( أصبحت 1,5% ) تحملت الحكومة الزيادة في سعر الفائدة بعد خصم ما يوازي مصاريف التحصيل وتبعة الديون المعدومة " . ولم يرد في قانون سنة 1961 نص يخالف هذه الأحكام فيجب تطبيقها في ظل هذا القانون . فيعطي للدائنين أصحاب حق الرهن أو الاختصاص أو الامتياز سندات بفائدة تعادل فائدة الدين ، على أن نستهلك هذه السندات في مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة ( مدة استهلاك سندات التعويض ) وتستنزل هذه السندات من التعويض المستحق للمالك . انظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 12 ص 30 – ص 31 .

ولا تتحمل الحكومة بالدين إلا في حدود التعويض المستحق عن الأرض ( تفسير شرعي للجنة العليا بالقرار رقم 4 لسنة 1953 المادة 2 ) ،ويبقى مدينا بالمقدار الزائد من الدين ، وتكون أرضه الباقية له وسائر أمواله كافلة لهذا المقدار الزائد . ويجب على الدائنين اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لقانون الإصلاح الزراعي ، فإن لم يفعلوا يرئت ذمة الحكومة قبلهم في حدود ما يتم صرفه من تعويض للمالك ، ولا يبقى للدائنين إلا الرجوع على المالك في أمواله . وتتحمل الحكومة فوائد الدين من تاريخ الاستيلاء على الأرض حتى تاريخ قيام الحكومة بسداد الدين للدائن أو صرف السندات له ( انظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 12 ص 30هامش 2 ) .&%$ ) . وقد ألغى هذا التعويض $ 658 $ بموجب القانون رقم 104 لسنة 1964 كما سبق القول ( $%&[1] ) انظر أنفا فقرة 402 ص 655 - ص 656 .&%$ ) .

404 - التملك لما يزيد على الحد الأقصى : وبعد أن تمت تسوية الملكية الزراعية على أساس قانون سنة 10952 ، ثم على أساس قانون سنة 1961 ، أصبح المالك لأرض زراعية في الوقت الحاضر لا يجاوز ما يملكه مائة فدان وهو الحد الأقصى المقرر بقانون سنة 1961 . ولا يجوز بعد ذلك ، حتى لو استجد سبب في المستقبل لتلمك أرض زراعية ، أن يزيد ما يملكه الفرد على مائة فدان . وأسباب كسب الأرض الزراعية التي تستجد بعد فرض الحد الأقصى المتقدم ذكره أما أن نرجع لإدارة المالك ويتضمن ذلك العقد والأخذ بالشفعة والاستيلاء أو ترجع لواقعه مادية أو إدارة غر إدارة المالك ويتضمن ذلك الميراث والوصية والالتصاق والتقادم .

فالأسباب التي ترجع إلى إدارة المالك ، ويكون من شأنها أن تزيد في أرضه الزراعية بحيث تجاوز الحد الأقصى ، يجب تعطيل مفعولها ومثل إرادة المالك إذ هي مخالفة للقانون . ومن ثم نصت المادة الأولي من قانون الإصلاح $ 659 $ الزراعي ، منذ صدور قانون سنة 1952 وبعد تعديله بقانون سنة 1961 على أن " كل تعاقد ناقل لملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلاً ، ولا يجوز تسجيله " . والتعاقد الناقل للملكية يشمل البيع والمقايضة والهبة ، فإذا باع شخص إلى شخص آخر أرضاً زراعية أو هبة إياها فزادت الأرض الزراعية التي يملكها المشتري أو الموهوب له بسبب هذا البيع أو هذه الهبة على مائة فدان ، كان البيع أو الهبة عقداً باطلا ولا يجوز تسجيله . كذلك إذا قايض شخص شخصاً آخر فأعطاه أرضاً زراعية وأخذ منه داراً أو أعطاه أرضاً زراعية مساحتها أكبر من الأرض الزراعية التي أخذها منه ، فترتب على المقايضة أن زادت الأرض الزراعية التي يملكها الشخص الآخر على مائة فدان ، فإن المقايضة تكون باطلة ولا يجوز تسجيلها . ويستوي في بطلان العقد الناقل للملكية أن يكون المتصرف له مالكاً قبل العقد مائة فدان فيكون ما ملكه بالعقد مقدارا زائداً على الحد الأقصى كما لو اشتري عشرين فداناً وكان يملك قبل ذلك مائة فدان ، أو أن يكون مالكاً قبل العقد أقل من مائة فدان فكسب بالعقد ما يجعل مجموع ما يملكه أكثر من مائة فدان كما لو اشترى أربعين فداناً وكان يملك قبل العقد ثمانين فدانا . وفي الحالة الثانية يكون العقد باطلا في الأربعين فدانا كلها إلا فيما يجاوز مائة فدان فحسب ، وذلك لأن النص على البطلان عام لا يميز بين حالة وحالة ، ولأن الصفقة لا تتجزأ فلا يمكن جعلها صحيحة في عشرين فدانا على الشيوع وباطلة في العشرين الأخرى وقد يتضرر من تجزئتها البائع أو المشتري أو كلاهما . والعقد الذي يعتبر باطلا هو العقد الذي يصدر في تاريخ غير سابق على 25 يوليه سنة 1961 تاريخ نفاذ قانون سنة 1961 ، أو العقد غير الثابت التاريخ ، أما العقد الثابت التاريخ السابق . على 25 يوليه سنة 1961 فإنه يكون صحيحاً ويجوز تسجيله ، فإن كان من شأنه أن يجعل المتصرف له يجاوز حد النصاب الجائز تملكه ، استولت الحكومة على ما يجاوز هذا النصاب ( $%&[1] ) يجب التمييز في هذا الصدد بين حالتين : ( الحالة الأولي ) بيع ( و تصرف آخر ناقل للملكية ) يصدر ممن يملك اكثر من مائة فدان ولو ترتب على البيع أن يصبح البائع لا يملك اكثر من مائة فدان ، فهذا البيع إن صدر في 25 يوليه سنة 1961 أو بعد ذلك أو كان غير ثابت التاريخ فلا شك في بطلانه بصريح نص المادة 3 / 2 من قانون سنة 1961 . وإذا كان البيع ثابت التاريخ قبل 25 يوليه سنة 1961 فلا شك في صحته ووجوب الاعتداد به ، فإن قانون سنة 1961 صريح في عم الاعتداد بالتصرفات الصادرة من المالك ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل 25 يوليه سنة 1961 والمفهوم من ذلك أن هذه التصرفات الثابتة قبل 25 يوليه سنة 1961 يعتد بها سنة ويجوز تسجيلها . ( الحالة الثانية ) بيع ( أو تصرف آخر ناقل للملكية ) يصدر من شخص إلى شخص آخر فيجعل مجموع ما يملكه المشتري اكثر من مائة فدان ، وهذه الحالة الثانية هي التي يسري عليها نص المادة الأولي من قانون سنة 1961 ويقضي بأن " كل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلا ولا يجوز تسجيله " فإن كان البيع قد صدر في 25 يوليه سنة 1961 أو بعد ذلك أو كان غير ثابت التاريخ ، فنا أيضاً لا شك في بطلان البيع بصريح نص المادة الأولي سالفة الذكر . وإذا كان البيع ثابت التاريخ قبل 25 يوليه سنة 1961 ، فقد أجمعت الآراء على أن البيع صحيح ، ثم اختلف فيما بعد ذلك فرأي يذهب إلى أن البيع صحيح ولكن لا يجوز تسجيله ، فينفسخ لاستحالة الالتزام بنقل الملكية ( انظر من هذا الرأي إسماعيل غانم فقرة 13 ص 32 هامش 1 - حسن كيرة فقرة 79 ص 254هامش 1 ) ورأي آخر يذهب إلى أن البيع صحيح ويجوز تسجيله ، ومن ثم لا ينفسخ بل يكون نافذا ( انظر من هذا الرأي عثمان حسين عبد الله في شرح أحكام قانون الإصلاح الزراعي في مصر سنة 1953 ص 11 - ص 13 - والمؤلف في الوسيط 4 فقرة 200 ص 361 ) .

ويستند الرأي الثاني الذي تقول به على المادة الأولي من قانون سنة 1961 ، فهي تنص كما رأينا على أن " كل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلا ولا يجوز تسجيله " فالبطلان هنا مستمد من النص ، وهذا النص لا يعمل به إلا من يوم 25 يوليه سنة 1961 ، فكل تعاقد صحيح ثابت التاريخ قبل يوم 25يوليه لسنة 1961 لا يستجيب عليه النص فيجعله باطلا ، المراد معرفة حكمه هنا ليس هو التعاقد الذي يتم تسجيله فينتقل الملكية ، بل هو مجرد " التعاقد الناقل للملكية " . فليس لنا أن نقول – كما قال أصحاب الرأي الأول – إننا أمام كسب الملكية بالعقد " وهو وضع قانوني مركب ولا يتم تكوينه إلا بتوافر عنصرين ، انعقاد العقد صحيحاً من ناحية وتسجيله من ناحية أخرى " والصحيح في نظرنا أننا أمام وضع قانوني بسيط وهو " مجرد التعاقد الناقل للملكية " . والتسجيل يأتي بعد ذلك ، فإن هذا التعاقد صحيحاً وجب تسجيله إذا طلب صاحب الشأن ذلك . أما الذي لا يجوز تسجيله في أحكام قانون سنة 1961 فهو التعاقد الصادر في 25 يوليه سنة 1961 أو بعد ذلك أو التعاقد غير ثابت التاريخ ، إذ أن هذا هو التعاقد الباطل ، ومن ثم لا يجوز تسجيله .

ويترتب على ما قدمناه أنه لو أن شخصاً بملك 120 فدانا باع إلى شخص آخر يملك 100 فدان مقدار 20 فدان من أرضه بعقد بيع ثابت التاريخ قبل 25 يوليه سنة 1061 ، فإن البيع يكون صحيحاً ويجوز تسجيله . وتنتقل ملكية العشرين فداناً إلى المشتري فيصبح ما يملكه 120 فداناً ، وتستولي الحكومة على العشرين فداناً عنده هو لا عند البائع .&%$ ) . وكالتعاقد الناقل للملكية الأخذ بالشفعة $ 660 $ فلا يجوز لشخص أن يأخذ بالشفعة أرضاً زراعية من شأنها أن تجعل مجموع ما يملكه من الأرضي الزراعية أكثر من مائة فدان ( $%&[1] ) نقض مدني 14 نوفمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 88 ص 798 .&%$ ) . كذلك لا يجوز $ 661 $ للشخص أن يملك بالاستيلاء – عندما كان ذلك جائزاً – أرضاً مباحة بحيث يصبح مالكا لأكثر من مائة فدان ، إذ الاستيلاء يقوم على نية التملك أو على إرادة المستولي فلا يكون لهذه الإرادة الباطلة أثر .

والأسباب التي لا ترجع إلى إرادة المالك هي كما قدمنا الميراث والوصية والالتصاق والتقادم . فإذا كان الشخص يملك مائة فدان أو أقل ، ثم كسب ملكية أرض زراعية بعد ذلك بطريق الميراث أو الوصية أو التقادم ، فأصبح مجموع ما يملكه أكثر من مائة فدان ، صح التملك ، ولكن تستولي الحكومة على المقدار الزائد على المائة فدان ( $%&[1] ) انظر في كل ما تقدم الوسيط 4 فقرة 199 - فقرة 201 .&%$ ) . وقد منح المالك سنة يستطيع فيها أن يتصرف في المقدار الزائد على المائة فدان ، واشترطت المادة 2 من قانون سنة 1961 ( على خلاف قانون سنة 1952 ) أن يصدر التصرف إلى صغار الزراع الذين يصدر بتعريفهم وبشروط التصرف إليهم قرار من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي . فإذا انقضت السنة ، وبقى عند المالك ما يزيد على مائة فدان ، استولت الحكومة على المقدار الزائد ( $%&[1] ) وقد نصت في هذا المعنى المادة 2 من القانون رقم 127 لسنة 1961 ( المعدلة بالقانون رقم 132 لسنة 1961 ) على أنه " إذا زادت ملكية الفرد عن القدر الجائز تملكه قانونا بسبب الميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغر طريق التعاقد ، كان للمالك أن يتصرف في القدر الزائد خلال سنة من تاريخ تملكه ، على أن يتم التصرف في هذا القدر إلى صغار الزراع الذين يصدر بتعرفهم وبشروط التصرف إليهم قرار من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي . وتستولي الحكومة على الأطيان الزائدة نظير تعويض الذي يحدد طبقاً لأحكام هذا القانون ، إذا لم يتصرف المالك خلال المدة المذكورة أو تصرف على خلاف أحكام هذه المادة . وتسري أحكام هذه المادة بالنسبة للملكية التي تؤول إلى الشخص بالميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد بعد العمل بهذا القانون " .&%$ ) .

405 - الحد الأقصى لتملك الأسرة للأرض الزراعية : لم يضع قانون سنة 1952 حداً أقصى لتملك الأسرة للأرض الزراعية ، فكان يجوز أن تملك الأسرة الواحدة أكثر من مائتي فدان بشرط ألا يملك وأحد من أفرادها أكثر من مائتي فدان . والمقصود بالأسرة هنا الزوج والزوجة والأولاد القصر ، أما الأولاد البالغين سن الرشد فلا يحسبون ضمن أفراد الأسرة بهذه المعنى الضيق ، إذ أن من بلغ سن الرشد تصبح له شخصية مستقلة وله حق التصرف $ 662 $ في أمواله فلا تكون هذه الأموال تحت تصرف أبيه ، ويصلح هو بدوره أن يكون رب أسرة . وعلى ذلك كان يجوز لأسرة مكونة من زوج وزوجة وثلاثة أولاد قصر ، في ظل قانون سنة 1952 ، أن يملكوا ألف فدان ، إذ يجوز لكل من هؤلاء الخمسة أن يملك مائتي فدان . ومن أجل ذلك صدر القانون رقم 24 لسنة 1958 يضيف النص الآتي إلى المادة الأولي من قانون سنة 1952 : " لا يجوز أن تزيد على ثلثمائة فدان من تلك الأراضي جملة ما يمتلكه شخص هو وزوجه وأولاده القصر ، إذا آلت الزيادة إليهم أو إلى بعضهم بطريق التعاقد ، على ألا يسرى هذا الخطر على الحالات التي تمت قبل العمل بهذا القانون " .

والنص الجديد يميز بين حالتين :

( الحالة الأولي ) إذ زاد مجموع ما تملكه أفراد الأسرة على 300 فدان عن طريق التعاقد معهم أو مع بعضهم . مثل ذلك أن يبيع الزوج لزوجته أو لأحد أولاده بعض أرضه حتى يكون الباقي عنده أقل من 200 فدان ، ويشتري هو بعد ذلك ما يكمل أرضه إلى مائتي فدان ، فيزيد مجموع ما تملك الأسرة من الأرض الزراعية على ثلثمائة فدان بمقدار ما اشتراه الزوج أخيراً . فتكون الزيادة آلت في هذه الحالة عن طريق التعاقد ، وفيها مظنة التحايل . ومثل ذلك أيضاً أن يكون مجموع ما تملكه الأسرة وهي مكونة من زوج وزوجة وثلاثة أولاد قصر ستمائة فدان ، للزوج مائتان ولكل من الزوجة والأولاد الثلاثة مائة فدان ، فيشتري الزوج مائة فدان باسم كل من الزوجة والأولاد ، فلا يزيد ما يملك أي فرد من أفراد الأسرة على مائتي فدان ، ولكن مجموع ما تملكه الأسرة يصبح ألف فدان ، فإذا كانت عقود البيع تالية لنفاذ قانون سنة 1958 ( $%&[1] ) أصبح قانون سنة 1958 نافذاً في 29 أبريل سنة 1958 تاريخ نشره في الجريدة الرسمية .&%$ ) أو كانت غير ثابتة التاريخ ، فإنها تكون عقوداً باطلة ولا يجوز تسجيلها . أما إذا كانت هذه العقود ثابتة التاريخ قبل نفاذ سنة 1985 ، فإنها تكون عقوداً صحيحة ويجوز تسجيلها ، لأن قانون سنة 1958 ليس له أثر رجعي ، بل هو قد نص صراحة على عدم رجعيته إذ يقول كما رأينا : " على ألا يسري هذا الحظر على الحالات التي تمت قبل العمل بهذا القانون " .

 $ 663 $

وكالعقود الناقلة للملكية الأخذ بالشفعة إذا ترتب على الأخذ بها أن يزيد مجموع ما يملكه أفراد الأسرة على ثلثمائة فدان ، ولو لم يترتب على الأخذ بالشفعة أن يزيد ما يملك كل فرد على مائتي فدان .

( الحالة الثانية ) إذا زاد مجموع ما يملكه أفراد الأسرة 300 فدان عن غير طريق التعاقد . مثل ذلك أن يملك الزوج مائة فدان ، وكل من الزوجة والأولاد الثلاثة القصر خمسين فداناً ثم يرث الزوج أو الزوجة أو أحد الأولاد ،أو يوصي له ،أو يملك بالتقادم ، أرضاً زراعية أخرى ، فيزيد بذلك مجموع ما يملكه أفراد الأسرة على ثلثمائة فدان . في هذه الحالة يكون تملك الزيادة صحيحاً لأنه آت عن غير طريق التعاقد أو الشفعة ، بشرط ألا يملك أي فرد من أفراد الأسرة أكثر من مائتي فدان ، فإذا زاد ما يملكه أي فرد على هذا المقدار استولت الحكومة على الزيادة .

ويلاحظ أخيراً أن الحالات التي تمت قبل العمل بقانون سنة 1958 لا يسرى عليها هذا الخطر ، كما صرح بذلك قانون سنة 1985 فيما رأينا . فإذا كان مجموع ما يملكه أفراد الأسرة قبل العمل بقانون سنة 1958 يزيد على ثلثمائة فدان ، بأن كان الزوج يملك مثلاً مائتي فدان وكل من الزوجة والأولاد القصر الثلاثة مائتي فدان ، فإن مجموع ما تملكه الأسرة في هذا الفرض يكون ألف فدان ، وقد ثبتت هذه الملكية قبل العمل بقانون سنة 1958 ،فيقرون عليها ، ولا يستولي الحكومة على المقدار الزائد على ثلثمائة فدان .

وقد اقتصر القانون رقم 24 لسنة 1958 على إدماج حكمه في نص المادة الأولي من قانون سنة 1952 وصدر بعد ذلك قانون سنة 1961 ينص على أن يستبدل بنص المادة الأولي من قانون سنة 1952 نص جديد ،يقضي بجعل الحد الأقصى لملكية الفرد مائة فدان كما سبق القول ، وأغفل إدماج الحد الأقصى لمجموع ما تملكه الأسرة في أي نص من نصوص قانون سنة 1952 ، فأصبح كل من هذا القانون وقانون سنة 1961 خلواً من أي نص يقيد مجموع ما تملكه الأسرة من الأراضي الزراعية بحد أقصى . وعلى ذلك فلا يكون هناك حد أقصى لمجموع ما تملكه الأسرة من الأراضي الزراعية ، إذا كان ما يملكه كل فرد منها لا يزيد على مائة فدان . فلو أن الزوج يملك مائة فدان ، ويملك مائة فدان كل من الزوجة والأولاد القصر الثلاثة ، صح ذلك ، إذ ملكية كل فرد $ 664 $ من أفراد الأسرة لا تزيد على مائة فدان ، وإن كان مجموع ما يملكه أفراد الأسرة خمسمائة فدان ( $%&[1] ) كذلك يصح ، إذا كان كل من الزوج والزوجة والأولاد الثلاثة القصر لا يملك إلا خمسين فداناً ، أن يشتري أي منهم أو كلهم أراضي زراعية أخرى لا تجعل أحد منهم يزيد مجموع ما يملكه على مائة فدان ، وان زاد ما يملكه الجميع على ثلثمائة فدان .

انظر في أن عدم تعيين حد أقصى لمجموع ما تملكه الأسرة جاء سهوا لا عمدا إسماعيل غانم فقرة 9 ص 22 هامش 1 - وانظر أيضاً حسن كيرة فقرة 79 ص 262 ويقول : " ثم اختفى هذا الحكم من هذه المادة عند إعادة صياغتها بمقتضى القانون رقم 127 لسنة 1961 ، ورغم أن الغالب أن هذه الاختفاء كان وليد السهو البحت ، فإن الأصول القانونية السليمة تقضي باعتبار هذا الحكم منسوخا ومعنى ذلك أنه منذ نفاذ القانون رقم 127 لسنة 1961 لم يعد هناك حد أقصى لجملة ما يمتلكه الشخص وزوجه وأولاده القصر ، فيجوز أن تزيد على ثلثمائة فدان ولو تمت الزيادة عن طريق العقد ، طالما أن كلا منهم على حدة لا يتملك اكثر من النصاب المشروع للفرد وهو مائة فدان " . وانظر أيضاً في أن المشرع قد ألغي الحد الأقصى لما تملكه الأسرة : منصور مصطفي منصور فقرة 19 ص 45 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 31 ص 47 – ص 48 .

على انه قد قيل أن جعل نصاب الأسرة هو نفس نصاب الفرد ، أي مائة فدان ، أمر منتظر وقوعه " خلال مرحلة السنوات الثماني القادمة أي في سنة 1970 .&%$ ) .

406 - توزيع الأراضي المستولي عليها على صغار الفلاحين : لم يعرض قانون سنة 1961 لهذه المسألة ، وعلى هذا تبقى نصوص قانون سنة 1952 والقوانين التي عدلتها معمولا بها في هذا الصدد . وأهم هذه النصوص هي ما يأتي :

تنص المادة 9 من قانون سنة 1952 على أن " توزع الأرض المستولي عليها في كل قرية على صغار الفلاحين ، بحيث يكون لكل منهم ملكية صغيرة لا تقل على فدانين ولا تزيد على خمسة أفدنة تبعاً لجودة الأرض . ويشترط فيمن توزع عليه الأرض : ( أ ) أن يكون مصرياً بالغاً سن الرشد ، لم يصدر ضده حكم في جريمة مخلة بالشرف . ( ب ) أن تكون حرفته الزراعة . ( جـ ) أن يق ما يملكه من الأرض الزراعية عن خمسة أفدنة . وتكون الأولوية لمن كان يزرع الأرض فعلاً مستأجراً أو مزارعاً ، ثم لمن هو أكثر عائلة من أهل القرية ، ثم لمن هو أقل مالا منهم ، ثم لغي أهل القرية . ولا يجوز أخذ الأراضي الزراعية التي توزع بالشفعة " . وتنص المادة 10 على أنه " استثناء من حكم $ 665 $ المادة السابقة توزع الأرض المخصصة للحدائق على خريجي المعاهد الزراعية بعد تجزئتها على صورة لا تخل بحسن الاستغلال ، بحيث لا تزيد القطعة على عشرين فداناً . ويشترط في خريج المعهد الذي توزع عليه الحدائق إلا يزيد ما يملكه من الأرض الزراعية على عشرة أفدنة " ( $%&[1] ) وقد أضاف القانون رقم 108 لسنة 1953 إلى قانون سنة 1952 المادة 10 مكررة ( وعدلت بالقانون رقم 210 لسنة 1954 والقانون رقم 245 لسنة 1955 ) ، وتنص على أنه " يجوز للجنة العليا أن تحتفظ بجزء من الأرض المستولي عليها لتنفيذ مشروعات أو لإقامة منشآت ذات منفعة عامة ، وذلك بناء على طلب المصالح الحكومية أو غيرها من الهيئات العامة ، ويجوز تأجيل التوزيع في المناطق التي تحددها اللجنة العليا إذا اقتضت ذلك مصلحة الإنتاج القومي .ومع ذلك يجوز للجنة العليا أن تبيع للأفراد ، بالثمن وبالشروط التي تراها ، أجزاء من الأرض المستولي عليها إذا اقتضت ذلك ظروف التوزيع أو مصلحة الاقتصاد القومي أو أي نفع عام . كما يجوز للجنة العليا أن تستبدل أجزاء من الأراضي المستولي عليها بأراض أخرى ، ولو كان البدل في مقابل معدل نقدي أو عيني عند اختلاف قيمة البدلين " .&%$ ) .

أما عن الثمن الذي يدفعه صغار الفلاحين للأرض التي توزع عليهم ،فقد نصت المادة 11 ( المعدلة بالقانون رقم 168 لسنة 1958 ) على أن " يقدر ثمن الأرض الموزعة بمبلغ التعويض الذي أدته الحكومة في سبيل الاستيلاء عليها مضافاً إليه ما يأتي : 1 - فائدة سنوية سعرها 1,5 % . 2 - مبلغ إجمالي قدره 10 % من ثمنها في مقابل نفقات الاستيلاء والتوزيع والنفقات الأخرى ويؤدي مجموع الثمن أقساطاً سنوية متساوية في مدى أربعين عاماً " .وقد أضيفت إلى المادة 11 عدة فقرات بالقانون رقم 205 لسنة 1959 ، أجيز بها لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ، إذا رأي أن ثمن الأرض ،مقدرا بحسب التعويض المستحق للمالك ، لا يتناسب مع غلطتها الحقيقية ، أن يقدر الثمن على أساس الغلة . وقد صدر بعد ذلك القانون رقم 128 لسنة 1961 يقضى بأن يخفض إلى النصف ما لم يؤد من ثمن الأرض الموزعة أو التي توزع على صغار الفلاحين ، كما تخفض الفوائد المستحقة إلى النصف .

وأما عن كيفية التوزيع ، فتنص المادة 13 ( المعدلة بالقانون رقم 108 لسنة 1952 ) على أن " تشكل لجان فرعية تقوم بعمليات الاستيلاء ، وحصر الأراضي المستولي عليها ، وتجميعها عند الاقتضاء ، وتوزيعها على صغار الفلاحين . ويصدر مرسوم بناء على طلب وزير الزراعة بكيفية تشكيل هذه $ 666 $ اللجان ، وتنظيم العلاقات بينها وبين اللجنة العليا ، وبيان الإجراءات والأوضاع الواجب اتباعها في عمليات الاستيلاء ، وتقدير قيمة المنشآت والآلات الثابتة وغير الثابتة والأشجار ، والتوزيع ,وما يجب اتخاذه من التدابير لمواجهة فترة الانتقال ما بين الاستيلاء والتوزيع " . وتقضي المادة 13 مكررة ( والمضافة بالقانون رقم 131 لسنة 1953 والمعدلة بالقانون رقم 225 لسنة 1953 ) بأن " تعتبر الحكومة مالكة للأرض المستولي عليها بقرار الاستيلاء النهائي وذلك من تاريخ قرار الاستيلاء الأول ، ويصبح العقار خالصاً من جميع الحقوق العينية ، وكل منازعة من أولي الشأن تنتقل إلى التعويض المستحق عن الأطيان المستولي عليها ، وتفصل فيها جهات الاختصاص " . وتنص المادة 14 على أن " تسلم الأرض لمن آلت إليه من صغار الفلاحين خالية من الديون ومن حقوق المستأجرين ، وتسجيل باسم صاحبها دون رسوم .ويجب على صاحب الأرض أن يقوم على زراعتها ، وان يبذل في عمله العناية الواجبة " ( $%&[1] ) وقد أضاف القانون رقم 54 لسنة 1955 الفقرتين الثالثة والرابعة إلى الماة 14 فنص على ما يأتي : " وإذا تختلف من تسلم الأرض عن الوفاء بأحد التزاماته المنصوص عليها في الفقرة السابقة ، أو تسبب في تعطيل قيام الجمعية التعاونية بالأعمال المنصوص عليها في المادة ، أو أخل بأي التزام جوهري آخر يقضي به العقد أن القانون ، حقق الموضوع بواسطة لجنة تشكيل من نائب مجلس الدولة رئيسا ومن عضوين من مديري الإدارات بالهيئة التنفيذية للإصلاح الزراعي .ولها بعد سماع أقوال أصحاب الشأن ، أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء القرار الصادر بتوزيع الأرض عليه واستردادها منه ، واعتباره مستأجر لها من تاريخ تسليمها إليه ، وذلك كله إذا لم تكن قد مضت خمس سنوات على إبرام العقد النهائي . ويبلغ القرار إليه بالطريق الإداري قبل عرضه على اللجنة العليا بخمسة عشر يوما على الأقل ، ولا يصبح نهائياً إلا بعد تصديق اللجنة العليا عليه ، ولها تعديله أو إلغاؤه . ولها كذلك الإعفاء من أداء الفرق بين ما حل من أقساط أن وبين الأجرة المستحقة . وينفذ قراراها بالطريق الإداري . واستثناء من أحكام قانون مجلس الدولة وقانون نظام القضاء ، لا يجوز الطعن بإلغاء القرار سالف الذكر أو وقف تنفيذه أو التعويض عنه " .&%$ ) . وتنص الفقرة الأولي من المادة 16 على أنه " لا يجوز قبل هذا الوفاء نزع ملكيتها سدادا لدين ، إلا أن يكون دينا للحكومة أو دينا لبنك التسليف الزراعي والتعاوني أو للجمعية التعاونية " .

 $ 766 $

2 - الاستثناءات

407 - الاستثنات الواردة في قانون الإصلاح الزراعي رقم 178لسنة 1952 : نصت المادة 2 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 على استثناءات من أحكامه القاضية بالا يزيد ما يمتلكه الفرد من الأراضي الزراعية على مائتي فدان . وهذا هو نص المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 108 لسنة 1953 الذي أضاف الفقرات ( د ) و ( هـ ) و ( و ) إلى المادة :

 " استثناء من حكم المادة السابقة " .

 " ( أ ) يجوز للشركات والجمعيات أن تمتلك أكثر من مائتي فدان في الأراضي التي تستصلحها لبيعها وذلك على الوجه المبين في القوانين واللوائح . "

 " ( ب ) ويجوز للأفراد أن يمتلكوا أكثر من مائتي فدان من الأراضي البور والأرضي الصحراوية لاستصلاحها ، ولا يسر على هذه الأراضي حكم المادة الأولي إلا بعد انقضاء خمس وعشرين سنة من وقت التملك .هذا مع عدم الإخلال بجواز التصرف فيها قبل انقضاء هذه المدة " .

 " ( جـ ) ويجوز للشركات الصناعية الموجودة قبل صدور هذا القانون أن تمتلك مقدارا من الأراضي الزراعية يكون ضرورياً للاستغلال الصناعي ، ولو زاد على مائتي فدان "

 " ( د ) ويجوز للجمعيات الزراعية العملية الموجودة قبل صدور هذا القانون أن تمتلك مقداراً من الأراضي الزراعية يكون ضرورياً لتحقيق أغراضها ، ولو زاد على مائتي فدان " .

 " ( هـ ) ويجوز للجمعيات الخيرية الموجودة قبل صدور هذا القانون أن تمتلك من الأراضي الزراعية ما يزيد على مائتي فدان ، على إلا يجاوز ما كانت تمتلكه قبل صدروه . ويجوز لها التصرف في القدر الزائد على مائتي فدان وفقاً لأحكام المادة 4 ، ويكون للحكومة الاستيلاء على المساحة الزائدة لدى الجمعية خلال عشر سنوات على أن يؤدي إليها التعويض نقداً على أساس حكم المادة 5 "

 " ( و ) ويجوز أيضاً للدائن أن يمتلك أكثر من مائتي فدان إن كان سبب $ 668 $ الزيادة هو نزاع ملكية مدينه ورسو المزاد على الدائن طبقاً للمادة 664 من قانون المرافعات . ويجوز للحكومة بعد مضي سنة من تاريخ رسو المزاد أن تستولي على الأطيان الزائدة على مائتي فدان بالثمن الذي رسا به المزاد أو نظير التعويض المحدد في المادة 5 أيهما أقل . وإلى أن تستولي الحكومة على الزيادة ، يجوز للدائن أن يتصرف فيها دون تقيد بشروط المادة 4 " ( $%&[1] ) وقد أضاف القانون رقم 245فقرة أخيرة إلى البند ( و ) ونص فيها على ما يأتي : " على انه استثناء من هذا الحكم عند نزع الدائن لملكية الأطيان التي سبق له التصرف فيها وفقاً لحكم البند ( ب ) من المادة 4 من هذا القانون ، فإن مزاد شرائها يرسو على الحكومة بثمن رسو المزاد أو بعشرة أمثال القيمة الإيجارية أيهما أقل " .&%$ ) .

 " وكذلك يستثنى الوقف " .

وبصدور قانون سنة 1961 نزل الحد الأقصى لتملك الأرض الزراعية إلى مائة فدان ، فوجب تعديل النص السالف الذكر على هذا الأساس .ويجب أيضاً حذف الاستثناء .

( ب ) الخاص بالأراضي البور والأراضي الصحراوية ، فقد اعتبر قانون سنة 1961 هذه الأراضي أراضي زراعية تدخل في حساب المائة فدان الجائز تملكها ، ولا تستثنى منها .

ومن ثم يكون هناك ، بعد صدور قانون سنة 1961 ، ستة استثناءات لم يتعرض لها هذا القانون ، فتكون باقية ،ونبحثها على التوالي فيما يلي .

408 - الشركات والجمعيات المشتغلة باستصلاح الأراضي الزراعية :

رأينا أن المادة 2 ( أ ) من قانون الإصلاح الزراعي تجيز " للشركات والجمعيات أن تمتلك أكثر من مائتي فدان ( اقرأ مائة فدان بحسب قانون سنة 1961 ) في الأراضي الزراعية التي تستصلحها لبيعها وذلك على الوجه المبين في القوانين واللوائح " . وقد تقرر هذا الاستثناء لأن هذه الشركات والجمعيات تستصلح الأراضي البور ولا تستبقيها ، بل تقوم ببيعها للجمهور ، فهي بذلك توسع من رقعة الأرض المزروعة وفي الوقت ذاته تقوم بتوزيع الأراضي المستصلحة على القادرين على زراعتها . ولما كان النص عاماً ، فإنه يشمل من جهة ، جميع الشركات والجمعيات ما وجد منها قبل صدور قانون سنة 1952 وقانون سنة 1961 وما سيوجد في المستقبل ، ويشمل من جهة أخرى الملكيات الزراعية $ 669 $ الموجودة لدى الشركات وجمعيات الزائدة على مائة فدان وما يستجد في ملكيتها من أراض زراعية في المستقبل .

ولما كان استصلاح الأراضي وتوزيعها بعد ذلك يقتضي رقابة فعالة ، وقد ذكر النص السالف الذكر أن ذلك يكون " على الوجه المبين في القوانين واللوائح " , فقد صدر القانون رقم 84 لسنة 1975 يضيف أحكاماً إلى المادة 2 ( أ ) ففيما يتعلق باستصلاح الأراضي وتوزيعها ، أوجب القانون رقم 84 لسنة 1975 على الشركات والجمعيات " أن تخطر مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ، خلال شهر يناير من كل سنة ، ببيان يشمل مساحة الأراضي التي تم استصلاحها في السنة السابقة ، وأسماء المتصرف إليهم ، والمساحات المتصرف فيها إلى كل منهم ، وفق الشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من مجلس إدارة الهيئة سالفة الذكر " . ويجب إلا يزيد القدر المتصرف فيه إلى شخص وأحد على مائة فدان ، وألا يجعله مالكا لأكثر من ذلك .وفيما يتعلق بالمدة التي تم فيها التصرف ، يجب أن يكون ذلك في خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالقانون رقم 84 لسنة 1975 ، أو خمس وعشرين سنة من تاريخ فتحه الري ، أي المدتين أطول . وقد خصص القانون ربع الأراضي التي تستصلحها الشركة أو الجمعية لتوزيعها على صغار الفلاحين ، ممن يحترفون الزراعة ولا تزيد ملكيتهم على عشرة أفدنة ويوافق عليهم مجلس إدارة الهيئة العامة . وهؤلاء لا يجوز أن يتصرف إليهم بأرض تقل عن فدانين أو تزيد على خمسة . ولا يزيد ثمن الأرض على ما تحدده لجنة التقدير الخاصة بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساسا لتعديل ضرائب الأطيان .

وإذا خالفت الشركة أو الجمعية هذه الأحكام ، كأن انقضت المواعيد التي يجب فيها التصرف في الزيادة دون أن يقع هذا التصرف ، أو تصرفت إلى شخص وأحد بأكثر من الحد المقرر ، استولت الحكومة على الزيادة لدى الشركة أو الجمعية ، لا لدى المتصرف إليه فإن التصرف يكون باطلاً ، في نظير تعويض يتقرر طبقاً لأحكام المادتين 5و 6 من قانون الإصلاح الزراعي ( عشرة أمثال القيمة الإيجارية مع دفع التعويض عن طريق سندات على الحكومة ) .

 $ 670 $

409 - الشركات الصناعية :وهذه إما أن تكون موجودة قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي سنة 1952 ،أو وجدت بعده . فأما الشركات التي كانت موجودة قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي ، فيجوز لها أن تمتلك أراضي للاستغلال الصناعي الذي تقوم به الشركة ، كشركة السكر التي تحتاج إلى محصول الأرض من القصب وشركات مستخرجات الألبان التي تحتاج إلى الأرض لتربية الماشية ،ولها أن تزيد في الأراضي الزراعية التي كانت تملكها بما يجاوز الحد الأقصى ، فتحللها من الحد الأقصى لا يقتصر إذن على الأراضي التي تملكها فعلاً ، بل يمتد إلى الأراضي التي تملكها في المستقبل ، كل ذلك ما دامت هذه الأراضي ضرورية لاستغلالها الصناعي .

وأما الشركات التي وجدت أو توجد بعد العمل بقانون الإصلاح الزراعي سنة 1952 ، فقد صدر القانون رقم 84 لسنة 1957 ( أضاف فقرة ثانية إلى المادة ( جـ ) من قانون الإصلاح الزراعي ) يقضي بأنه لا يجوز لها أن تجاوز الحد الأقصى إلا بترخيص من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ، ويصدر بهذا الترخيص وبشروطه وأوضاعه قرار من المجلس في كل حالة على حدة .

410 - الجمعيات الزراعية العلمية : والاستثناء هنا مقصور على الجمعيات قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي سنة 1952 كالجمعية الزراعية ، أما الجمعيات التي تنشأ بعد ذلك فلا يشملها الاستثناء ، ولا يصح لها أن تجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية . فإذا كانت الجمعية الزراعية العملية قد أنشئت قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي ، جاز لها أن تجاوز الحد الأقصى ، سواء في ملكيتها الحالية أو فيما تملكه في المستقبل ، وذلك حتى تستمر في طريقها الذي بدأته من السعي في تحسين الإنتاج الزراعي والحيواني .

411 - الجمعيات الخيرية : والاستثناءات هنا أيضاً مقصور على الجمعيات الخيرية الموجودة قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي ، فهذه لها أن تمتلك ما يجاوز الحد الأقصى ، على إلا يزيد ذلك على ما كانت تمتلكه قبل صدور $ 671 $ قانون الإصلاح الزراعي . فالاستثناء إذن مقيد من ناحيتين : ناحية الجمعيات الموجودة وناحية المقدار المملوك ، ويتقيدان معاً بما كان موجوداً وقت صدور قانون الإصلاح الزراعي . ولما كان هذه الجمعيات تسعى إلى عمل الخير ، فقد أراد المشرع تجنبها أثر المفاجأة في تطبيق حكم الاستيلاء ، وأتاح لها الفرصة في تحويل أموالها إلى غير الأراضي الزراعية . وعلى هذا الجمعيات أن تتصرف في المقدار الزائد على الحد الأقصى – وقد أصبح هذا الحد مائة فذان – ويكون تصرفها وفقا لأحكام المادة 4 من قانون الإصلاح الزراعي ، أي أنها تتصرف لصغار الفلاحين ولخريجي المعاهد الزراعية بشروط معينة وردت في هذه المادة . وللحكومة ،خلال عشر سنوات ( بدلا من خمس وهي المدة التي تقررت لما عدا هذه الجمعيات ) أن تستولي على المقدار الزائد على الحد الأقصى ، في مقابل تعويض يقدر طبقاً لأحكام المادة 5 ( عشرة أمثال القيمة الإيجارية ) ، على أن يدفع هذا التعويض للجمعية الخيرية نقداً بدلا من دفعه سندات على الحكومة . ولما كانت مدة عشر السنوات قد انقضت في 8 سبتمبر سنة 1962 ( من 9 سبتمبر سنة 1952 ) ، فقد استنفد هذا الاستثناء مدته ، ولم يعد له تطبيق عملي في الوقت الحاضر .

412 - الدائن الراسي عليه المزاد : هناك أحوال يقضى فيها تقنين المرافعات ، في التنفيذ على العقار ، بإيقاع البيع على الدائن بما قرره من زيادة على الثمن الأساسي أو بالثمن الأساسي نفسه ، وذلك مراعاة لمصلحة المدين والدائنين والائتمان العقاري نفسه . فقد نصت المادة 664 مرافعات على أن " تبدأ المزايدة في جلسة البيع بمناداة المحضر على الثمن الأساسي والمصاريف . وإذا لم يتقدم أحد للمزايدة ، وكان أحد الدائنين قد قرر بالزيادة على الثمن الأساسي وفقاٌ للمادة 641 ولم يحصل تعديل في شروط البيع ، حكم القاضي بعد ثلاث دقائق من افتتاح المزايدة بإيقاع البيع لذلك الدائن بالثمن الذي قرره وعند تعدد المقررين بالزيادة يحكم بإيقاع البيع لصاحب أكبر عرض ، فإذا تساوت العروض حكم بإيقاع البيع لصاحب العرض الأسبق . وإذا لم يتقدم مشتر ولم يكن قد حصل تعديل في شروط البيع ، حكم القاضي بعد ثلاث دقائق من افتتاح المزايدة بإيقاع البيع على الحاجز بالثمن الأساسي . فإذا لم يتقدم $ 672 $ الحاجز بطلب البيع بالجلسة ،وطلبه غيره من الدائنين المنصوص عليهم في المادة 662 ، حكم القاضي بإيقاع البيع على طالبه بالثمن الأساسي . وفي غير الأحوال المتقدمة ، يؤجل البيع إذا لم يتقدم مشتر ، مع تنقيص عشر الثمن الأساسي مرة بعد مرة كلما اقتضت الحال ذلك " .

ونرى من النص سالف الذكر أن هناك أحوالا يوقع فيها البيع على الدائن ، أما بما قرره من زيادة على الثمن الأساسي ، أو بالثمن الأساسي نفسه . فإذا ما رسا المزاد على هذا الوجه على الدائن في أرض زراعية ، كان من المحتمل أن تزيد الأراضي الزراعية التي يملكها هذا الدائن ، بسبب رسو المزاد ، على مائة فدان . فيصح رسو المزاد بالرغم من هذا ، وذلك رعاية للائتمان العقاري ونظراً لحالة الاضطراب التي وجد فيها الدائن .

وللدائن في هذه الحالة مهلة سنة يبيع فيها المقدار الزائد على المائة فدان لمن يشاء وبالثمن الذي يتفق عليه مع المشتري ، دون تقيد بالبيع إلى صغار الفلاحين أو إلى خريجي المعاهد الزراعية طبقاً لأحكام المادة 4 من قانون الإصلاح الزراعي .

فإذا انقضت السنة ولم يبع الدائن كل المقدار الزائد أو بعضه ، استولت الحكومة على ما لم يبعه من المقدار الزائد . وتدفع له تعويضاً ، أما طبقاً لأحكام المادة 5 من قانون الإصلاح الزراعي ( عشرة أمثال القيمة الإيجارية ) ، أو الثمن الذي رسا به المزاد على الدائن ، أي القيمتين اقل ويكون التعويض نقداً ، لا بسندات على الحكومة ( $%&[1] ) انظر محمد علي عرفة فقرة 268ص 352 - وفي قانون الإصلاح الزراعي فقرة 36 ص 73 – حسن كيرة فقرة 80 ص 268 .

هذا وقد خشي المشرع أن يتحايل المالك ، عن طريق هذا الاستثناء ، على الوجه الآتي : يكون التصرف في الزائد من أرضه لصغار الفلاحين طبقاً لحكم البند ( ب ) من المادة 4 من قانون الإصلاح الزراعي ، ثم يطرح ما سبق له التصرف فيه في المزاد ، لعجز المشترين عن الوفاء بباقي أن أو لتواطؤه معهم أن كان البيع صوريا ، ويحكم بإيقاع البيع له . ومذ يرسو عليه مزاد الأرض ، تكون أمامه مهلة سنة كاملة يتصرف خلالها في الأرض لمن يشاء وبالثمن الذي يتفق عليه مع المشتري ، وذلك دون تقيد بيعها إلى صغار المزارعين طبقاً لأحكام المادة 4 من قانون الإصلاح الزراعي . فمنعا لهذا التحايل ، صدر القانون رقم 245لسنة 1955( يضيف فقرة أخيرة إلى البند ( و ) من المادة الثانية من قانون الإصلاح الزراعي ) ينص على ما يأتي : على أنه استثناء من هذا الحكم ، عند نزع الدائن لملكية الأطيان التي سبق له التصرف فيها وفقاً لحكم البند ( ب ) من المادة 4 من هذا القانون ، فإن مزاد شرائها يرسو على الحكومة بثمن رسو المزاد أو بعشرية أمثال القيمة الإيجارية أيهما أقل " .&%$ ) .

 $ 673 $

413 - الوقف : وقد أصبح هذا الاستثناء مقصوراً على الوقف الخيري ، بعد حل الوقف الأهلي بموجب المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 وترتب على حل الوقف الأهلي آلت إلى الواقف أو إلى المستحقين في الوقف بحسب الأحوال ملكية الأراضي الزراعية الموقوفة . فإذا كان من وراء ذلك أن زادت ملكية أحد ممن آلت إليه الأراضي الزراعية على الحد الأقصى ، جرى عليه حكم القانون ، واستولت الحكومة على المقدار الزائد طبقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن .

أما الوقف الخيري فقد بقى مستثنى ، ويجوز أن يشتمل على أكثر من مائة فدان دون أن تستولي الحكومة على الزيادة . على أن القانون رقم 152 لسنة 1957 . الخاص باستبدال الأراضي العامة للإصلاح الزراعي الموقوفة على جهات البر العامة ، قضى بأن تتسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي سنويا الأراضي الزراعية . وتؤدي لمن له حق النظر على الأوقاف سندات تساوي قيمة هذه الأراضي والمنشآت الثابتة وغير الثابتة مقدرة وفقاً لقانون الإصلاح الزراعي . ويجوز ، بقرار من رئيس الجمهورية ، وفيما لا يجاوز مائة فدان ، الاستثناء من هذه الأحكام في كل حالة على حدة ، وذلك بالنسبة إلى الأراضي الزراعية التي يكون النظر عليها لغير وزارة الأوقاف ( $%&[1] ) وهذه هي أهم نصوص القانون رقم 152 لسنة 1957 ، ويتعلق بالأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العامة : م – يستبدل خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات الأراضي الزراعية الموقوفة على جهاز البر العامة . م 2 - تتسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي سنويا الأراضي الزراعية التي يتقرر استبدالها ، وذلك لتوزيعها وفقا لأحكام قانون الإصلاح الزراعي . م 3 ( معدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1960 ) – تؤدي الهيئة لمن له الحق النظر على الأوقاف سندات تساوي قيمة هذه الأراضي والمنشآت الثابتة وغير الثابتة والأشجار مقدرة وفقاً لقانون الإصلاح الزراعي . وتؤدي قيمة ما يستهلك من السندات إلى المؤسسة الاقتصادية ،كما تؤدي فوائد السندات إلى من له حق النظر على الوقف بمقدار 3% سنوياً . ويكون استهلاك هذه السندات خلال ثلاثين سنة على الأكثر . م 6 – يجوز الاستثناء من هذه الأحكام بقرار من رئيس الجمهورية ، وذلك فيما لا يجاوز مائة فدان في كل حالة على حدة بالنسبة إلى الأراضي الزراعية التي يكون النظر فيها لغير وزارة الأوقاف .

وانظر فيما يتعلق بالأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر الخاصة القانون رقم 44لسنة 1962 .&%$ ) .

 $ 674 $

المبحث الثاني

قيود على حق الأجانب في التملك

414 - تسلسل القوانين التي تحد من حق الأجانب في التملك : لما كانت مصر جزءاً من الإمبراطورية العثمانية ، لم يكن للأجانب حق تملك العقارات فيها تبعاً لتحريم هذا التملك عليهم في جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية . ثم استقلت مصر استقلالا داخليا تحت حكم الأسر ة محمد على ، ولما كان محمد على قد درج على تشجيع الأجانب وحثهم على توسيع نشاطهم الحضاري والعمراني في داخل البلاد ، فقد منحهم حق تملك الأراضي المصرية منذ بداية القرن التاسع عشر . بل كان يمنح بعض الأجانب " أبعاديات " وهي أراض غير منزوعة ، ويعفي هذه الأراضي من الضريبة تشجيعاً على استصلاحها . وفي عهد سعيد صدر أمر عال في سنة 1858 ببيع الأراضي الخراجية التي تركها المنتفعون بها حتى لا يدفعوا الخراج ، وكان للأجانب حق شراء هذه الأراضي شانهم في ذلك شأن المصريين . ثم سمح سعيد في سنة 1861 للأجانب بوضع اليد على الأراضي الخراجية اللازمة لإقامة محالج الأقطان . ولذلك لما صدر قانون 7 صفر سنة 1284 هجرية ( سنة 1867 ميلادية ) ، وهو القانون العثماني الذي يبيح للأجانب تملك العقار في أراضي الدولة العثمانية ، كان الأجانب في مصر قد تمتعوا بهذا الحق منذ وقت طويل .

وبعد أن انتشر العمران في البلاد وأصبح المصري قادراً على استغلال الأرض على خير وجه ، وضاقت رقعة الإقليم عن أن تتسع للمصرين الذين يتزايدون كل يوم بسرعة تفوق المألوف ، بدأ النظر إلى المسألة من زاوية أخرى . فالأرض هي الإقليم الذي تبسط عليه الدولة سيادتها ، ومالك الأرض $ 675 $ يتمتع بحقوق واسعة ، فأصبح من المرغوب فيه أن تضيق حقوق الأجانب في تملك الأرض المصرية ، وانبنى على ذلك أن صدرت قوانين متلاحقة تحقق هذا الغرض .

وأول قانون صدر في هذا الشأن هو الأمر العسكري رقم 62 لسنة 1940 وتلاه القانون رقم 124 لسنة 1958 ، وهما خاصان يمنع تملك الأراضي الصحراوية .وصدر القانون رقم 37 لسنة 1951 ، يمنع الأجانب في المستقبل من تملك الأراضي الزراعية ، صحراوية كانت أو غير صحراوية . وصدر أخيراً القانون رقم 15 لسنة 1963 ، وقد حل محل القانون السابق ، ويمنع الأجانب بتاتاً من تملك الأراضي الزراعية ، سواء عن الماضي أو في المستقبل ( $%&[1] ) انظر في ذلك عز الدين عبد الله في القانون الدولي الخاص الطبعة السابعة فقرة 204 .&%$ ) . ونقول كلمة موجزة في كل من هذه القوانين ( $%&[1] ) ونقتصر هنا على الحد من حق الأجنبي في تملك العقار ، وقد ورد في المنقول ، في المادة الأولي من قانون التجارة البحري ، أنه " لا يجوز أن يكون مالكاً لجميع سفينة رافعة العلم المصري ولا لبعضها ،ولا لبعضها ، ولا أن يكون عضوا في أي شركة لتشغيل سفينة رافعة العلم المذكور ، إلا من كان من رعايا الدولة العثمانية " . فامتنع بذلك على الأجنبي أن يمتلك سفينة ترفع العلم المصري .&%$ ) .

415 - الأمر العسكري رقم 62 لسنة 1940 والقانون رقم 124 لسنة 1958 : كانت أغراض الأمر العسكري رقم 62 لسنة 1940 أغراضاً حربية بحتة ، وقد صدر في أوائل الحرب العالمية الثانية ، ولم يتناول إلا الأراضي الصحراوية ، وهي أرض خارج الزمام تقع في حدود البلاد المصرية . فمنع هذا الأمر العسكري الأجانب من تملك هذه الأراضي أو كسب حقوق عينية عليها . أما بالنسبة إلى المصريين ، فلا بد من إذن سابق من الحكومة ( $%&[1] ) تنص المادة الأولي من هذا الأمر العسكري على أن " يحظر " على كل شخص طبيعي أو معنوي أجنبي الجنسية أن يمتلك بأي طريق كان ، عدا الميراث ، عقاراً كائنا بأحد الأقسام التي تقوم على إدارتها مصلحة الحدود ، ويسري هذا الحظر كذلك على الوقف على أجنبي ، وتقرير حقوق عينية له . وتحديد بأمر في الأقسام المذكورة المناطق التي لا يمتد إليها الحظر المنصوص عليه في الفقرة الأولي . كذلك يكون تعديل المناطق المذكورة أو تعديل حدودها بأمر " وتنص المادة الثانية منه على أنه " في الجهات التي يسري عليها الحظر المشار إليه في المادة الأولي ، يجب ، في كل تملك لعقار بأي طريق عدا الميراث لمصلحة شخص طبيعي أو معنوي مصري الجنسية ، وفي الوقف عليه وتقرير حقوق عينية له ، أن يؤذن فيه مقدما من وزير الدفاع الوطني . ويجوز رفض هذا الإذن ، خصوصاً في حالة ما إذ 1 كان المشتري شخصاً معنوياً تحت إشراف سلطة أجنبية أو إذا وجدت أسباب جدية تدعو للاعتقاد بأنه يعمل لصالح غيره " .&%$ ) . ومد $ 676 $ العمل بأحكام هذا الأمر العسكري بموجب المرسوم بقانون رقم 111 لسنة 1945 .

ولما أخذت أهمية الأراضي الصحراوية تزداد يوما بعد يوم نتيجة للمشروعات العمرانية ، وكان للمناقض التي تقع فيها هذه الأراضي أهمية استراتيجية عسكرية ،وكان لتنظيم التملك في هذه المناطق أهمية أخرى من ناحية منع التهريب الذي يباشره كثيرون ويتخذون من هذه المناطق الواسعة مأوى لهم ، صدر القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية وقد حظرت المادة الأولي منه على أي شخص طبيعي أو اعتباري أن يتملك بأي طريق كان ، عدا الميراث ، عقارا كائنا بإحدى المناطق المعتبرة خارج الزمام ، كما حظرت تقرير أي حق من الحقوق العينية على هذه العقارات ، أو إبرام عقود إيجار في شأنها تزيد مدتها على تسع سنوات . ولوزير الحربية أن يحدد بقرار منه مناطق معينة لا يشملها هذا الخطر ، كما له أن يحدد بقرار منه مناطق معينة يحظر فيها التأجير إلا لمدة تزيد على تسع سنوات وبترخيص من لجنة نص عليها في المادة 12 من هذا القانون . وقضت المادىة الثانية من القانون بأنه استثناء من هذا الحظر ، يجوز لوزير الحربية الترخيص بالتملك أو بتقرير الحقوق العينية أو بالتأجير ولو لمدة تزيد من تسع سنوات ، بعد أخذ رأي اللجنة المنصوص عليها في المادة 12 . وللوزير الحق في رفض الترخيص دون إبداء الأسباب ،ويكون قراره في هذا الشأن نهائيا وغير قابل للطعن فيه أمام أية جهة . وتقضى المادة الثالثة بأن يعتبر باطلا كل تصرف يقع مخالفاً لهذه الأحكام .

ولم يكن لهذا القانون أثر رجعي ، فأمر الملاك السابقون على صدور القانون على حقوقهم المكتسبة ، وجعل لشاغلي الأراضي بالبناء أو الغراس الذين لا يعتبرون ملاكا الأفضلية على غيرهم في حالة الترخيص بالشراء أو الاستئجار . ثم صدر القانون رقم 100لسنة 1964 ، وكان بين القوانين التي ألغاها $ 677 $ وحل محلها القانون رقم 124 لسنة 1958 الذي نحن بصدده . وقد سبق الكلام تفصيلا في القانون رقم 100 لسنة 1964 ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 89 - فقرة 92 .&%$ ) .

416 - القانون رقم 37 لسنة 1951 : ولكن القانون الذي هدف بطريق مباشر إلى الحد من حق الأجانب في تملك الأراضي المصرية هو القانون رقم 37 لسنة 1951 ، بعد أن تبين بحسب إحصائية سنة 1946 أن لأجانب يملكون من الأراضي الزراعية ما يبلغ مقداره 357192 فداناً ، عدا مالهم من حقوق عقارية ( من رهن واختصاص وامتياز ) على جزء كبير من الأراضي المملوكة للوطنين وقد بلغ ، في هذا الإحصاء ، عدد الملاك ( عد الوقف ) الذين يملكون أكثر من ألفي فدان خمسة وثلاثين مالكاً ، منهم سبعة عشر ( أي نحو النصف ) من الأجانب فصدر القانون رقم 37 لسنة 1951 على أن يعمل به من يوم نشره في الجريدة الرسمية ، وقد نشر في 17 مارس سنة 1951 .

وقد نصت المادة الأولي منه على أنه " مع عدم الإخلال بأحكام المادتين الأولي والثانية من الأمر رقم 62 لسنة 1940 الذي استمر العمل به بمقتضى المرسوم بقانون رقم 111 لسنة 1945 بشأن تملك العقارات في أقسام الحدود ، يحظر على غير المصريين ، سواء أكانوا أشخاصا طبيعيين أم اعتباريين ، اكتساب ملكية الأراضي الزراعية والأراضي القابلة للزراعة والأراضي الصحراوية بالمملكة المصرية ،ويشمل هذا الخطر الملكية التامة كما يشمل ملكية الرقبة أو حق الانتفاع " . فالأشخاص المحرم عليهم التملك هم غير المصريين ، سواء كانت لهم جنسية أجنبية أو كانوا عديمي الجنسية وسواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو أشخاصا معنويين . والعقارات الممنوع تملكها هي الأراضي الزراعية والأراضي القابلة للزراعة والأراضي البور والأراضي الصحراوية ( $%&[1] ) فلم يعد للأجنبي إلا حق تملك العقارات المبنية والأراضي المعدة للبناء .&%$ ) ، وذلك كله سواء كان ملكية تامة أو حق رقبة أو حق انتفاع ويحرم التملك بأي سبب من أسباب كسب الملكية ، فيما عدا الميراث أو الوصية من أجنبي لأجنبي . فالعقد يكون باطلاً مطلقاً ، ويجوز لكل ذي شأن وللنيابة العامة طلب هذا البطلان ، وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء $ 678 $ نفسها . وكذلك تبطل الوصية الصادرة من مصري إلى أجنبي بطلانا مطلقاً ، ولا يجوز لأجنبي الميراث من المصري ،كما لا يجوز للأجنبي أن يتملك الأراضي البور والأراضي الصحراوية بالاستيلاء ، ولو بنى فيها أو غرس ، ولو رخصت له الحكومة في وضع اليد . ولا يجوز للأجنبي أن يأخذ بالشفعة ، ولا أن يتملك بالتقادم ولو بدأ سريان التقادم من قبل العمل بالقانون ما دام التقادم لم يتم .

وقد نصت المادة 2 من القانون السالف الذكر على أنه " استثناء من حكم المادة السابقة ، يجوز لغير المصري اكتساب ملكية الأراضي الزراعية في الأحوال الآتية :

( 1 ) آلت إليه بطريق الإرث أو الوصية من أجنبي .

( ب ) إذا كانت موقوفة ، وآلت إليه سبب انتهاء الوقف أو الرجوع فيه .

( جـ ) إذا كان غير المصري له حق امتياز البائع ، ورسا عليه مزاد الأرض التي له عليها هذا الحق بالتطبيق للمادة 664 من قانون المرافعات .

( د ) إذا كان غير المصري شركة مساهمة تقوم بالأعمال المصرفية ، وكانت مرتهنة ورسا عليها مزاد الأرض المرهونة بالتطبيق للمادة 664 من قانون المرافعات .

( هـ ) إذا كان غير مصري دائناً مرتهنا قبل العمل بهذا القانون ، ورسا عليه مزاد الأرض المرهونة بالتطبيق للمادة 664 من قانون المرافعات .

( و ) الأراضي الداخلة في نطاق المدن المحددة بمرسوم " .

ولما كان هذا القانون ليس له أثر رجعي ، فقد بقى للأجانب ما كانوا يملكون من أراض زراعية قبل العمل بالقانون ، وهي أراض واسعة كما رأينا . ومن أجل ذلك صدر القانون رقم 15 لسنة 1963 يلغي القانون الذي نحن بصدده ، ويحرم على الأجانب تملك الأراضي بتاتاً ،حتى بالنسبة إلى الماضي .

417 - القانون رقم 15 لسنة 1963 : صدر هذا القانون في 14 يناير سنة 1963 ، وعمل به من وقت نشره بالجريدة الرسمية في 19 يناير سنة 1963 . وجاء في مذكرته الإيضاحية : " صدر القانون رقم 37 لسنة 1951 بمنع تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي القابلة للزراعة والأراضي الصحراوية . ولا تسرى أحكام هذا القانون بالنسبة للأراضي التي تملكها الأجانب قبل العمل به . ومن جهة أخرى فقد استثنى هذا القانون $ 679 $ عدة حالات أجيز فيها للأجانب تملك الأراضي الزراعية ، حتى بعد العمل بأحكامه . وقد كان ذلك سبباً في إضعاف أثر هذا القانون ، وعدم تحقق الغرض منه كاملا . ورغبة في تلاقي النقص الوارد بالقانون رقم 37 لسنة 1951 ، واستكمالا لسيادة الدولة ، وتحقيقا لسياستها الاشتراكية في توزيع الأرضي على صغار الفلاحين لرفع مستوى معيشتهم ، اعد مشروع القانون المرافق … " .

وتنص المادة الأولي من القانون على أن " يخطر على الأجانب ، سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين ، تملك الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي القابلة للزراعة والبور والصحراوية في الجمهورية العربية المتحدة . ويشمل هذا الحظر الملكية التامة ، كما يشمل الرقبة أو حق الانتفاع ولا يعتبر أرضنا زراعية ،في تطبيق أحكام هذا القانون الأراضي الداخلة في نطاق المدن والبلاد التي تسري عليها أحكام القانون رقم 52لسنة 1940 ، إذا كان غير خاضعة لضريبة الأطيان . ويستثنى الفلسطينيون من تطبيق أحكام هذا القانون موقتاً " . ويخلص من هذا النص أن الأشخاص المحظور عليهم تملك الأرض الزراعية في مصر هم الأجانب ، أشخاصاً طبيعيين كانوا أو أشخاصا معنويين ، ويدخل في ذلك من له جنسية أجنبية معلومة ومن كان مجهول الجنسية ومن كان عديم الجنسية ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للقانون في هذا المعنى : " من المفهوم أن المقصود بالأجانب في تطبيق أحكام هذا القانون هم جميع من لا يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة " .&%$ ) . ولا يستثنى من الأجانب إلا الفلسطينيون ، والاستثناء موقت إلى أن يرجعوا إلى أراضيهم الأصلية التي سلبوا منها . أما الأراضي التي يتناولها الحظر ، فهي الأراضي الزراعية وما في حكمها من أراض قابلة للزراعة وأراض بور وأراض صحراوية ، وذلك كله ملكية تامة أو رقبة أو حق انتفاع . ولا تدخل الأراضي الداخلة في نطاق المدن والبلاد التي تسري عليها أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 ، وهو القانون الخاص بتقسيم الأراضي المعدة للبناء ، وذلك إذا كانت غير خاضعة لضريبة الأطيان . فهي إذن الأراضي المبنية والأراضي المعدة للبناء في داخل المدن والتي يسرى عليها القانون الخاص بتقسيم الأراضي ، أما الأراضي المقام $ 680 $ عليها مباني القرية وجعلت سكنا للفلاحين ومكانا لإيواء مواشيهم وحفظ حاصلاتهم فهذه تعتبر من ملحقات الأراضي الزراعية ونأخذ حكمها من حيث عدم جواز تملك الاجانب لها ( $%&[1] ) محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة 15 أبريل سنة 1958 مجموعة أحكام الدولة 12 و 13 ص 93 .&%$ ) . ويحرم على الأجنبي تملك الأرض الزراعية بأي سبب من أسباب التملك ، فيكون العقد باطلا بطلانا مطلقاً . وقد نصت المادة العاشرة من القانون على أن " يقع باطلا كل تعاقد يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولا يجوز تسجيله ، ويجوز لكل ذي شان وللنيابة العامة طلب الحكم بهذا البطلان ، وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها " . وكذلك لا يجوز للأجنبي أن يملك بالاستيلاء الأراضي الصحراوية ، ولو أخذ ترخيصا بوضع اليد عليها . ولا يجوز للأجنبي أن يرث أرضاً زراعية ، كما لا يجوز أن يوصى له بها وتكون الوصية باطلة . ولا يملك الأجنبي أرضاً زراعية بالتقادم إذا كانت مدة التقادم قد تمت بعد العمل بالقانون ولو بدأ سريانها قبل ذلك ولا يجوز إيقاع البيع في أرض زراعية لأجنبي بالتطبيق لأحكام المادة 664 مرافعات .ولكن يجوز للأجنبي أن يرتهن أرضاً زراعية ، وان يأخذ عليها حق اختصاص ، وان يكون له عليها حق امتياز ، بشرط عد إيقاع البيع عليه عند التنفيذ على الأرض .

وتنص المادة الثانية من القانون على ان " تؤول إلى الدولة ملكية الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي القابلة للزارعة والبور والصحراوية المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون ، بما عليها من المنشآت والآلات الثابتة وغير الثابتة والأشجار وغيرها من الملحقات الأخرى المخصصة لخدمتها ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ، ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23 من ديسمبر سنة 1961 " . وهذا النص جوهري في القانون ، فهو الذي يجعل القانون ذا أثر رجعي ، فيسري على الأراضي الزراعية التي كانت مملوكة للأجانب وقت العمل به ، أي في 19 يناير سنة 1963 فتؤول ملكية هذه الأراضي للدولة لتوزيعها على صغار الفلاحين ، ويجرد $ 681 $ كل أجنبي من ملكية أراضيه الزراعية وبذلك يكون قانون سنة 1963 قد أحدث انقلابا جوهريا في تملك الأجانب للأراضي الزراعية في مصر ، قصر عن تحقيقه قانون سنة 1951 ، ولم يعد الآن لأحد من الأجانب أرض زراعية يملكها في مصر . ولما كان تصريح رسمي قد صدر في يوم 23 ديسمبر سنة 1961 بعزم الحكومة على إصدار قانون سنة 1963 ، ومضى أكثر من سنة قبل أن يصدر هذا القانون ، فقد أخذ كثير من الأجانب في بيع أراضيهم الزراعية لمصريين توقعا لصدور القانون . ولهذا نصت المادة الثانية كما رأينا على أنه " لا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ، ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961 " . فالتصرفات الصادرة من المالك الأجنبي لا يعتد بها إذن إلا إذا توافر فيها شرطان : ( 1 ) أن تكون ثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961 ، إذا التصرفات التي صدرت بعد ذلك أو كانت غير ثابتة التاريخ يفترض القانون أنها صدرت تحايلا على قانون سنة 1963 .

( 2 ) أن يصدر التصرف المصري ، ومعنى ذلك أن التصرف إذا صدر لأجنبي لا يعتد به ، ولو كان ثابت التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961 . وهذا خطأ واضح ، فمثل هذا التصرف يعتد به لا محالة ، ويستولي على الأرض الزراعية المتصرف فيها عند الأجنبي المتصرف له .ومن ثم لا يكون هناك داع لهذا الشرط الثاني ، بل هو غير صحيح كما قدمنا ويكتفي بالشرط الأول .

وتقضي المادة 4 من القانون بأن يؤدي إلى المالك الأجنبي ، الذي أخذت منه أراضيه الزراعية وآلت إلى الدولة لتوزيعها على صغار الفلاحين طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي ،تعويض بقدر وفقاً لأحكام هذا القانون الأخير ، أي عشرة أمثال القيمة الإيجارية معتداً بالضريبة السارية في 9 ديسمبر سنة 1952 .

وتقضي المادة 5 من القانون بأن يؤدي التعويض سندات اسمية على الدولة لمدة 15 سنة بفائدة مقدارها 4% سنويا . وتكون السندات قابلة للتداول في البورصة ، ولا يجوز التصرف فيها لغير المصريين .

ونصت المادة 6 من القانون على أنه " إذا كانت الأرض مثقلة بحق رهن أو اختصاص أو امتياز ، استنزل من قيمة التعويض لمالكها ما يعادل جملة $ 682 $ الدين المضمون بهذا الحق في حدود التعويض ، وللحكومة إذا لم تحل محل المدين في الدين أن تستبدل به سندات عليها بفائدة تعادل الدين ، على أن تستهلك هذه السندات في مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة … "

وتوجب المادة 7 من القانون على كل مالك يخضع اله أو من يمثله قانونا تقديم إقرار بما يملكه أو يضع يده عليه . وتنص المادة 11 من القانون على أنه " يجب على الجهات الحكومية أن تبلغ الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بلك حالة تؤول فيها ملكية أراض زراعية أو ما في حكمها إلى أجنبي بسبب الميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد بعد العمل بهذا القانون . كما يلتزم من تلقى الملكية من الأجانب بتقديم الإقرار المنصوص عليه في المادة 7 خلال شهر من تاريخ علمه بقيام سبب الملكية . وتستولي الحكومة في هذه الحالة على تلك الأراضي ، مقابل التعويض المقرر وفقاً لأحكام القانون " .

ونرى من ذلك أن القانون رقم 15 لسنة 1963 قد جعل الحكومة تستولي على الأراضي الزراعية المملوكة للأجانب في مقابل تعويض ، وقد سلمت هذه الأراضي للهيئة العامة للإصلاح الزراعي لتوزيعها على صغار الفلاحين ، وأجرى كل ذلك وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي . ولم يعد الأجنبي صالحا لتملك ارض زراعية في مصر ، فقد جرد مما كان يملكه منها في الماضي وحرم عليه أن تملك غيرها في المستقبل .

الفرع الثاني

قيود ترد على حق الملكية للمصلحة الخاصة

418 - تصنيف هذه القيود : ترجع هذه القيود بوجه عام إلى الجوار ما بين الملاك . فهناك قيد عام يلزم الجار بألا يستعمل ملكه بحيث يضر بجاره $ 683 $ ضرراً غير مألوف ، وهذا ما نبحثه في الفرع الأول من هذا الفصل . ثم هناك حالات خاصة في الجوار ، وهذا ما نبحثه في الفرع الثاني .

هذه الحالات الخاصة هي ( أولاً ) حالات ترجع إلى الري والصرف ، من شرب ومجري ومسيل ، وهذه هي موضوع المبحث الأول من الفرع الثاني . ( ثانياً ) حالات ترجع إلى التلاصق في الجوار ، وتتعلق بوضع الحدود وحق المرور والمطلات ، وهذه هي موضوع المبحث الثاني من نفس الفرع ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي بياناً لهذه القيود : " فالقيود القانونية … قد تكون اقتضتها التزامات الجواز ، وهي التزامات قدرها القضاء المصري مستلهما فيها الشريعة الإسلامية ، وقتها المشروع على الوجه الذي قرره القضاء . وقد تكون ما يسميه التقنين الحالي ( السابق ) بحقوق الارتفاق ، وقد نقلها المشروع من المكان المخصص لحقوق الارتفاق إلى المكان الذي ينبغي أن توضع فيه بين القيود القانونية التي ترد على حق الملكية . وهي القيود متنوعة ، منها ما يرجع إلى الانتفاع بالمياه . وقد عنى المشروع بتنظيم هذه القيود العناية التي تنبغي لبلد زراعي … وقد أدمج المشروع أحكام التقنين المدني ( السابق ) والأحكام الأساسية للائحة الترع والجسور ، واستخلص من كل هذا نصوصاً موحدة . بدأت بتقرير حق المالك على المساقي والمصارف الخاصة ، ولكنها قيدت هذه الملكية تقييداً هاما في مصلحة الجار . فقررت حق الشرب للملاك المجاورين ، وأجازت لهم أن يستعملوا المسقاة أو المصرف المملوك للجار فيما تحتاج إليه أراضيهم من ري أو صرف بعد أن يستوفي المالك حاجته . ثم قرر المشروع حق المجري للمياه الكافية لري الأراضي البعيدة عن مورد المياه ، وكذلك حق المسيل لمياه الصرف الآتية من الأراضي المجاورة … ، وعالج ما ينجم عن هذه الحقوق من ضرر ، فقرر حق التعويض إذا أصاب الأرض ضرر من مسقاة أو مصرف يمر بها . ووحد جهة الاختصاص التي تفصل في هذه المسائل ، فجعلها الجهات الإدارية المبينة في لائحة الترع والجسور ،بعد أن كان الاختصاص مشتركا بينهما وبين المحاكم – ومن القيود القانونية ما يرجع إلى حق المرور ، ولا يقرر التقنين الحالي ( السابق ) هذا الحق إلا لأرض لا اتصال لها أصلا بالطريق العام ، أما المشروع فيقرره أيضاً إذا كان الحبس عن الطريق العام ناشئا عن تجزئة عقار تمت بناء على تصرف قانوني ، وكان من المستطاع إيجاد ممر كاف في أجزاء هذا العقار ، فلا يجوز المطالبة بحق المرور إلا في هذه الأجزاء … ومن القيود القانونية ما يرجع إلى التلاصق في الجوار . وقد رتب المشروع على هذا التلاصق أن يكون لكل مالك الحق في إجبار جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة … ومما يترتب أيضاً على التلاصق في الجوار إلا يكون للجار على جاره مطل على مسافة تقل عن متر ، وقد أخذ المشروع عن التقنين المدني الحالي ( السابق ) هذا الحكم . وزاد عليه أن منع المطل المنحرف علي مسافة نقل عن نصف متر ، ونص صراحة على أن المناور يباح فتحها على أية مسافة ، وحسم خلافا في كسب المطل بالتقادم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 6 – ص 8 ) .&%$ ) .

 $ 684 $

وقد سبق أن بحثنا ، في عقد الإيجار ، حقوق مستأجري الأماكن ومستأجري الأراضي الزراعية ، وليست هذه الحقوق إلا بمثابة قيود ترد على الملكية ، ويزداد عبؤها كل يوم .

الفرع الأول
القيود التي ترجع إلى الجوار بوجه عام ( $%&[1] ) مراجع Ihering في القيود المفروضة على ملاك العقارات لمصلحة الجيران : الأعمال المختارة ترجمة Meuleneare سنة 1893 جزء 2 ص 101 وما بعدها – Vercesco في دارسة عامة في القيود التي ترد على حق الملكية رسالة من باريس سنة 1901 - Ripert في استعمال حق الملكية فيما يتعلق بالملكيات المتجاورة رسالة من إكس سنة 1902 - Fargeفي الجوار في الأحياء الصناعية رسالة من جرينوبل سنة 1923 - Demogue في الالتزامات بوجه عام سنة 1924 الجزء الرابع ص 396 وما بعدها – Leyat في المسئولية في علاقات الجيران رسالة من تولوز سنة 1936 - مازو في المسئولية المدنية الطبعة الرابعة الجزء الأول فقرة 593 وما بعدها – Savatier في المسئولية المدنية الطبعة الثانية الجزء الأول سنة 1951 فقرة 70 وما بعدها . Capitant في التزامات الجوار في المجلة الانتقادية سنة 1900 فقرة 70 وما بعدها . Capitant في التزامات الجوار في المجلة الانتقادية سنة 1900ص 156 وما بعدها وص 228 وما بعدها – وتعليقه في داللوز 1908 –2 – 49 - Apert في حقوق المالك قبل جيرانه في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1906 ص 71 وما بعدها – وتعليقه في سيريه 1905 - 2 41 - Ripert تعليقه في داللوز 1907 - 1 - 385 - Crouzel في دراسات المسئولية المدنية في Rev .gen .dr . سنة 1919ص 20 وما بعدها وص 269 وما بعدها وسنة 1920 ص 140 وما بعدها .&%$ )
( مضار الجوار غير المألوفة )

419 - نص قانوني : تنص المادة 807 مدني على ما يأتي .

 " 1 - على المالك إلا يعلو ي استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار "

 " 2 - وليس للجار أن يرجع على جاره في مضار الجوار المألوف التي لا يمكن تجنبها ، وإنما له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف ، على أن يراعي في ذلك العرف ، وطبيعة العقارات ، وموقع كل منها بالنسبة $ 685 $ إلى الآخر ، والغرض الذي خصصت له . ولا يحول الترخيص الصادر من الجهات المختصة دون استعمال هذا الحق " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1169 على وجه مطابق لما استقر عليه من التقنين المدني الجديد فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يتضمن فقرة ثالثة تجري على الوجه الآتي : " للمالك المهدد بأن يصيب عقاره ضرر من جراء حفر أو أعمال أخرى تحدث في العين المجاورة ، أن يقاضي الحائز لهذه العين حتى يتخذ كل ما يلزم لاتقاء الخطر ، دون إخلال بحقه في التعويض . وللمالك أيضاً أن يطلب وقف الأعمال أو اتخاذ ما تدعو إليه الحاجة من احتياطات عاجلة ، ريثما تفصل المحكمة في النزاع " . ووافقت لجنة على النص ، بعد حذف هذه الفقرة الثالثة أكتفاء بالقواعد العامة ، وأصبح رقم النص 875 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 874 ، لمجلس الشيوخ تحت رقم 807 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 28 - ص 34 ) .&%$ ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن القضاء المصري كان يطبق هذه الأحكام ، مقتفياً في ذلك أثر القضاء الفرنسي ، ومهتديا بأحكام الشريعة الإسلامية ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " هذا نص جوهري في المشروع بقرار التزامات الجوار فيجعلها التزامات قانونية ، وهي الآن ( في التقنين المدني السابق ) التزامات لا مصدر لها إلا القضاء المصري ، قررها مهتدياً في تقريرها بالشريعة الإسلامية ، فقنها المشروع كما هي مقررة في القضاء المصري وفي الشريعة الإسلامية معاً فأصبحت التزامات مستقرة ثابتة لها مصدر معروف هو نص القانون " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 21 ) .

وانظر في أحكام القضاء المصري : محكمة استئناف مصر 26 أبريل سنة 1932 المحاماة 12 رقم 133 ص 301 – الإسكندرية الوطنية 2 أكتوبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 371ص 753 - استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1919م 31ص 252 - 23ديسمبر سنة 1924 جازيت 15 ص 26 - 20 مارس سنة 1926م 38ص 311 – 17 مارس سنة 1927م 39 ص 336 - 12 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 27 - 14 نوفمبر سنة 1929م 42 ص 34 - وانظر مناقضا لذلك : استئناف مختلط 8 مارس سنة 1900م 12 ص 153 – 10 يونيه سنة 1915 م 27 ص 403 – 22 فبراير سنة 1917م 29 ص 247 .

وانظر في الشريعة الإسلامية :م 57 - 63 مرشد الحيوان – و م 1195 - 1209 مجلة الأحكام العدلية .&%$ ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 776 - وفي التقنين المدني الليبي م 816 – وفي التقنين المدني $ 686 $ العراقي م 1051 – ولا مقابل للنص في قانون الملكية العقارية اللبنانية ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى

التقنين المدني السوري م 776 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 816 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1051 :1 - لا يجوز للمالك أن يتصرف في ملكه تصرفاً مضراً بالجار ضرراً فاحشاً يزال ، سواء كان حادثاً أو قديماً .

2 - وللمالك المهدد بأن يصيب عقاره ضرر من جراء حفر أو أعمال أخرى تحدث في العين المجاورة ، أن يطلب اتخاذ كل ما يلزم لاتقاء الضرر ، وله أيضاً أن يطلب وقف الأعمال أو اتخاذ ما تدعو إليه الحاجة من احتياطات عاجلة ريثما تفصل المحكمة في النزاع .

3 - وإذا كان أحد يتصرف في ملكه تصرفا مشروعاً ، فجاء أخر وأحدث في جانبه بناء وتضرر من فعله ، فيجب عليه أن يدفع ضرره بنفسه " .

( أحكام هذا النص تتفق في مجموعة من أحكام نص التقنين المصري )

قانون الملكية العقارية اللبنانية لا مقابل ( ولكن النص لا تتعارض أحكامه مع القواعد العامة ) . وقد ورد في المادة 65 من قانون الملكية العقارية اللبناني ما يأتي : " يتحتم على كل صاحب عقار يريد أن يباشر في أرضه أعمالا من شأنها أن تلحق ضرراً بالأراضي المجاورة ، كالنقب والسير والحفر وإقامة مشروعات خطرة أو مزعجة أو مضرة بالصحة ، أن يتقيد بالأنظمة المحلية التي تحدد المسافة الواجب حفظها بينه وبين تلك الأراضي ، أو تعين الحواجز الواجب إقامتها بينهما " .&%$ ) .

والنص كما نرى يعرض لمضار الجوار غير المألوفة ، ويوجب مسئولية المالك عنها . ومن هنا كان التزام المالك بالا يحدث ضرراً غير مألوف لجاره قيداً يرد على حق الملكية ، وهو أقرب إلى أن يكون التزاماً عينياً ( obligation reelle ) لأنه يرافق الملك وينتقل معه أين ذهب ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 100 .&%$ ) .

ونحدد أولاً حالة مضار الجوار غير المألوفة ، لتمييزها عن غيرها من الحالات التي تلتبس بها . ونبحث بعد ذلك تقدير الضرر غير المألوف والأساس القانوني الذي يقوم عليها الالتزام بالتعويض عنه ، وكيف يكون هذا التعويض .

المبحث الأول

تحديد حالة مضارب الجوار غير المألوفة

420 - وجوب التمييز بين حالات ثلاث :حتى نحدد حالة مضار $ 687 $ الجوار غير المألوف تحديداً دقيقاً ، فلا تلتبس بغيرها من الحالات التي تقرب منها ، يجب أن نميز بين حالات ثلاث : ( 1 ) حالة الخطأ في استعمال حق الملكية .

( 2 ) حالة التعسف في استعمال حق الملكية .

( 3 ) حالة مضار الجوار غير المألوف ( $%&[1] ) ويلاحظ أن هذه الحالات الثلاث ليست مقصورة على حق الملكية ، بل هي حالات عامة تشمل الملكية وغيرها فالخطأ يتناول المسئولية التقصيرية ، والتعسف في استعمال حق الملكية هو فرع عن التعسف في استعمال الحق بوجه عام ، ومضار الجوار غير المألوف تشمل المالك والمنتفع والمستأجر وغيرهم من الجيران ، ولكننا نقتصر هنا على تطبيق هذه الحالات على حق الملكية دون غيره .&%$ ) .

1 - الخطأ في استعمال حق الملكية

421 - مخالفة المالك للقوانين واللوائح : قدمنا أن حق الملكية ليس حقا مطلقاً ، وان المالك في استعمال إياه يجب أن يعمل في حدود القوانين واللوائح التي تقيد من حق الملكية . فإذا هو أخل بأي التزام فرضته عليه هذه القوانين واللوائح ، كان الإخلال بهذا الالتزام خطأ يستوجب مسئوليته التقصيرية .

فإذا أدار المالك مثلا محلا مقلقا للراحة أو مضراً بالصحة أو خطراً دون أن يحصل على رخصة في إدراته ، ودون أن يراعي الاشتراطات التي أوجبتها اللوائح في هذا الشأن ، فإنه يكون قد ارتكب خطأ . فإذا ترتب على هذا الخطأ ضرر يلحق جيرانه ، كان عليه أن يعوض هذا الضرر وفقا للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية . وكذلك إذا أدار محلا عاما دون أن يراعي الأحكام التي فرضتها اللوائح في هذا الشأن ، أو ركب آلة بخارية دون أن يحصل على رخصة إدارية مخالفاً بذلك أحكام اللوائح ، وتسبب عن المحل العام أو عن الآلة البخارية ضرر للجيران ، وجب عليه تعويض هذا الضرر طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية ، والى هنا لا يوجد جديد ، فنحن في نطاق القواعد العامة نطبقها تطبيقاً كاملاً على المالك إذا أضر جيرانه في استعمال ملكيته .

422 - ارتكاب المالك خطأ : وقد لا يرتكب المالك مخالفة للقوانين $ 688 $ واللوائح إذا وجدت ، ومع ذلك قد يرتكب خطأ تقصيرياً في استعمال لملكه ، وذلك بأن ينحرف في هذا الاستعمال عن سلوك الشخص المعتاد . فإذا تسبب عن هذا الانحراف أن أضر بجاره ، فإنه يكون مسئولا مسئولية تقصيرية في حدود القواعد العامة .

مثل ذلك أن يهمل في تجنيب جاره خطر الحريق ، فيشعل النار وهو في ملكه ، وقد تكون حرفته التي يمارسها في المكان الذي يملكه تقتضي إشعال النار . فينبعث منها شرر إلى الجار ، يكون سبباً في إحداث حريق عنده ( $%&[1] ) نقض فرنسي 16 ديسمبر سنة 1878 سيريه 79 – 153 – 7 مارس سنة 1892 داللوز 92 - 1 - 502 .&%$ ) . ومثل ذلك أيضاً أن يحدث ضجيجاً في الدار التي يملكها ، وكان في وسعه إلا يحدث هذا الضجيج ولا هو في حاجة إليه ، فيقلق راحة جاره بهذا الضجيج . ومثل ذلك أخيراً أن يستعمل المكان الذي يسكنه ،و هو دار للسكنى في حي هادئ ، مكانا للرقص والحفلات الصاخبة ، فينحرف بذلك عن سلوك الشخص المعتاد ، ويكون مسئولاً نحو جيرانه الذين أقلق راحتهم بهذا الصخب .وكذلك الحال في أي تصرف للمالك ينحرف فيه عن سلوك الشخص المعتاد ، فيصيب جاره بالضرر ،فإنه يكون مسئولاً عن تعويض هذه الضرر مهما كان ضئيلا ، وذلك طبقاً لقواعد العامة في المسئولية التقصيرية ( $%&[1] ) نقض فرنسي 19 يناير سنة 1876سيريه 76 - 1 - 145 - 7 فبراير سنة 1894داللوز 94 - 1 - 239 - 16يونيه سنة 1913داللوز 1914 –5 23 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 457 .

وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المالك يرتكب خطأ إذا استعمل في حي قديم متداعية مبانية طريقة حديثة في البناء ، من شأنها أن تحدث هزات شديدة تترتب عليها زعزعة المباني المجاورة ( استئناف مختلط 31 أكتوبر سنة 1929م 42 ص 65 ) .&%$ ) .

والى هنا أيضاً لا يوجد شيء جديد ، فالمالك قد ارتكب خطأ بانحرافه عن سلوك الشخص المعتاد ، فأضر بالجار . فيكون مسئولاً عن التعويض أي ضرر يصيب الجار ، مهما ضؤل هذا الضرر ، وليس في هذا إلا تطبيق للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية ( $%&[1] ) ولا جديد أيضاً فيما نصت عليه المادة 177 / 1 مدني من أن " حارس البناء ، ولو لم يكن مالكاً له ، مسئول عما يحدثه انهدام البناء من ضرر ، ولو كان انهداما جزئيا ، ما لم يثبت أن الحادث لا يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه " فالمسئولية هنا قائمة على خطأ ذي شقين ، أحدهما قابل لإثبات العكس والآخر غير قابل لذلك . فعلي المضرور أولاً أن يثبت أن الضرر الذي أصابه نجم ، تهدم البناء ، فإذا ما أثبت ذلك ، كان على حارس البناء حتى يدفع مسئوليته أن يثبت أن تهدم البناء ر يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه . وهو يستطيع ذلك بإثبات أن البناء لم يكن في حاجة إلى صيانة أو إلى تجديد أو إلى إصلاح ، وهذا هو الشق المفروض فرضاً قابلا لإثبات العكس كما نرى . فإذا لم يستطع أن ينفي هذا الشق ، بقى مفروضاً في جانبه ، وكذلك يبقى الشق الثاني مفروضاً ، ولكن الفرض هنا غير قابل لإثبات العكس ، ويعتبر الإهمال في الصيانة أو التجديد أو الإصلاح منسوب إلى خطأ الحارس ( انظر الوسيط 1 فقرة 721 ) والمسئولية هنا تقوم في جانب الحارس لا المالك ، ولكن الكثرة الغالبة من الأحوال أن يكون الحارس هو عين المالك ثم تنص المادة 177 / 2 مدني على مايأتي : " ويجوز لمن كان مهدداً بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير على حسابه " . وهنا المسئول عن اتخاذ التدابير على حسابه " . وهنا المسئول عن اتخاذ التدابير الضرورية لدرء الخطر هو المالك ( قرب الفقرة الثالثة التي حذفت من نص المشروع التمهيدي للمادة 807 مدني : انظر آنفا فقرة 419في الهامش ) .&%$ ) .

 $ 689 $

2 - التعسف في استعمال حق الملكية

423 - صور التعسف في استعمال حق الملكية : يتحقق التعسف في استعمال حق المكلية ، كالتعسف في استعمال أي حق آخر ، في صور ثلاث نصت عليها المادة 5 مدني إذ تقول : " يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية : ( أ ) إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير .

( ب ) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر يسببها .

( جـ ) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة ( $%&[1] ) انظر أنور سلطان في نظرية التعسف في استعمال حق الملكية مجلة القانون والاقتصاد 17ص 71وما بعدها .&%$ ) " .

424 - قصد الإضرار بالغير : هذه هي أول صورة من صور التعسف ، وهي أكثر الصور وضوحاً . فلو أن المالك ، وهو يستعمل حق الملكية ، كان الدافع له على ذلك هو إحداث ضرر للجار دون أن يصيب منفعة من ذلك ، كان استعمال الحق الملكية على هذا النحو تعسفاً يستوجب مسئولية .

 $ 690 $

مثل ذلك أن يغرس المالك أشجاراً في أرضه ، بقصد حجب النور عن جاره ، ويؤخذ قرينة على قصد المالك الإضرار بجاره ألا يكون له نفع ظاهر من استعمال حقه على النحو الذي اختاره مع علمه بالضرر الذي يلحق الجار ، فيعتبر متعسفاً المالك الذي يقيم حائطاً في حدود ملكه يستر النور ويمنع الهواء عن جاره دون نفع ظاهر له ( $%&[1] ) استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1919م 31 ص 252 - 12ديسمبر سنة 1924 جازيت 15 رقم 86 ص 126 – 12 نوفمبر سنة 1929م 42 ص 27 - استئناف مصر 12 يناير سنة 1936 المحاماة 16 رقم 339ص 723 – مصر الكلية 31 مايو سنة 1937 المحاماة 18 رقم 31 ص 74 .

وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المالك يكون قد أساء استعمال حقه إذا أقام على حدود ملكه بناء تصل قيمته إلى نصف ارتفاع الطبقة التالية من عقار الجار ، وكان ذلك لمجرد مضايقة هذا الجار ( استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1909م 31 ص 252 ) وقضى بأنه لا حق الجار في مطالبة جاره بتعويض ما يلحق زراعته من الضرر بسبب ظل أشجاره ، إلا إذا ثبت أن صاحب الشجر تعمد بغرسه الإضرار به أو أهمل في اتباع الأصول الزراعية ، وفي غير هاتين الحالتين يعتبر ما يحدثه الظل من الإضرار العادية التي لا مقر للجيران من التسامح فيها ( الزقازيق الجزئية 22 أكتوبر 1933الحاماة 14رقم 112 ص 224 ) .&%$ ) . أما إذا اقام الحائط ليستتر من أن يطل الجار على داره أو حديقته ، فلا تعسف ولا تعويض ( $%&[1] ) استئناف مختلط 10 يونيه سنة 1915 م 27ض 403 .&%$ ) . وإذا أقام المالك في ملكه مدخنة لا نفع له منها ، وإنما قصد بها إيذاء الجار ن فإنه يكون متعسفاً ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 222 ص 169 - Colmar 2 مايو سنة 1855 داللوز 56 - 2 - 9 .&%$ ) أما إذا أقامها لنفع منها يقصده ، ولكنه وضعها في مكان يؤذي به الجار وكان يمكن تجنب هذا الأذى لو أنه أقامها في مكان آخر ، فإنه لا يكون متعسفاً ولكنه يكون قد ارتكب خطأ في استعمال حق الملكية إذ انحرف في هذا الاستعمال عن سلوك الشخص المعتاد ( $%&[1] ) استئناف مختلط 25 نوفمبر سنة 1880 المجموعة الرسمية للمحاكم المختلطة 6ص 8 .&%$ ) .

425 - رجحان الضرر على المصلحة رجحاناً كبيراً : وهذه الصورة الثانية من صور تعسف المالك في استعمال حق ملكيته لا يتبين فيه على وجه قاطع أن المالك قد قصد الإضرار بالجار ، ولكن يثبت أن " المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر يسببها " . ومن يفعل ذلك " فهو إما عابث مستهتر لا يبالي بما يصيب الناس $ 691 $ من ضرر بليغ لقاء منفعة ضئيلة يصيبها لنفسه ، وأما منطو على نية خفية يضمر الإضرار بالغير تحت ستار من مصلحة غير جدية أو مصلحة محدودة الأهمية يتظاهر أنه يسعى لها . وفي الحالتين يكون قد انحرف عن السلوك المألوف للشخص العادي ، وارتكب خطأ يستوجب مسئوليته " ( $%&[1] ) الوسيط 1 فقرة 561 .&%$ ) .

مثل ذلك ما نصت عليه المادة 818 / 2 مدني إذ تقول : " ومع ذلك فليس لمالك الحائط أن يهدمه مختاراً دون عذر قوى ، أن كان هذا يضر الجار الذي يستر بالحائط " . فالمالك الذي يهدم حائطه إنما يستعمل حق ملكيته ولكن إذا كان الهدم دون عذر قوى ،أي لا يحقق إلا مصلحة محدودة الأهمية فإن مصلحة الجار الذي يستتر بالحائط في بقائه مستتراً به ترجح رجحانا كبيراً مصلحة المالك في هدم الحائط . ومن ثم يعتبر هدم الحائط تعسفا في استعمال حق الملكية ، ويستوجب مسئولية المالك .

ومثل ذلك أيضاً ما نصت عليه المادة 1029مدني من أن " لمالك العقار المرتفق به أن يتحرر من الارتفاق كله أو بعضه إذا فقد الارتفاق كل منعفة للعقار المرتفق ، أو لم تبق له غير فائدة محدودة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به " فهنا يكون استعمال المالك لحق الارتفاق لا نفع له منه ، أو ذا نفع محدود الأهمية لا يتناسب البتة مع أعباء حق الارتفاق الواقعة على الجار ويكون إضرار المالك على استعمال حق الارتفاق بالرغم من ذلك تعسفاً منه في استعمال هذا الحق ( واستعمال حق الارتفاق ضرب من استعمال حق الملكية ) ، ومن ثم نص القانون على جواز أن يطلب الجار التحرر من حق الارتفاق .

ونظير ما تقدم في المثل السابق ما نصت عليه المادة 1023 / 2 مدني إذ تقول : " ومع ذلك إذا كان الموضع الذي عين أصلا قد أصبح من شأنه أن يزيد في عبء الارتفاق ، أو أصبح الارتفاق مانعا من إحداث تحسينات في العقار المرتفق به ، فلمالك هذا العقار أن يطلب نقل الارتفاق إلى موضع آخر من العقار ، أو إلى عقار يملكه هو أو يملكه أجنبي إذ قبل الأجنبي ذلك . كل هذا متى كان استعمال الارتفاق في وضعه الجديد ميسوراً لمالك العقار المرتفق بالقدر الذي كان ميسوراً به في وضعه السابق " .

 $ 692 $

426 - عدم مشروعية المصالح التي يرمي المالك إلى تحقيقها : وفي هذه الصورة الثالثة من صور التعسف في استعمال حق الملكية ، لا يقصد المالك الإضرار بالجار كما في الصورة الأولي ، وليس للجار مصلحة ترجح رجحانا كبيراً مصلحة المالك كما في الصورة الثانية ، بل أن المالك في استعمال حق الملكية إنما يقصد إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة ، فيكون المالك في هذه الصورة متعسفاً في استعمال حق ملكيته ، وتتحقق مسئوليته قبل الجار الذي أضر به على هذا الوجه .

مثل ذلك المالك الذي يضع أسلاكا شائكة أو أعمدة مدببة في حدود ملكه ،حتى يفرض على شركة طيران تهبط طائراتها في أرض مجاورة أن تشتري منه أرضه بثمن مرتفع ، فيكون متعسفاً في استعمال حق ملكيته ويلزم بإزالة الأسلاك الشائكة أو الأعمدة المدببة ( $%&[1] ) نقض فرنسي 3 أغسطس سنة 1915 داللوز 17 - 1 – 79 - كاربونييه ص 196 قد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المالك يسئ استعمال حقه إذا هو أحاط أرضه بأسلاك شائكة ، وهو يقصد بذلك منع الانتفاع بالمطار المجاور له ،بان يجعل هبوط الطائرات فيه محفوقا بالمخاطر ( استئناف مختلط 30 مارس سنة 1926م 38 ص 311 ) .&%$ ) . ومثل ذلك أيضاً مالك العقار أجر عقاره لمن أقام عليه مصنعا ، واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع ، فيمتنع المالك من الترخيص للمستأجر ( بائع المصنع ) في الإيجار الباطن لمشتري المصنع ، وذلك لا توقيا الضرر ، بل سعيا وراء كسب غير مشروع يجهبه من المستأجر . وقد قضى القانون في هذه الحالة بإبقاء الإيجار للمشتري إذا قدم ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك الضرر محقق ، وذلك جزاء لتعسف المالك في استعمال لحق ملكيته وامتناعه عن الترخيص في الإيجار من الباطن .وتنص المادة 594 / 2 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " ومع ذلك إذا كان الأمر خاصا بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر ، واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر ، جاز للمحكمة ، بالرغم من وجود الشروط المانع ، أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق " . ومثل ذلك أخيراً المالك الذي يتخذ من داره ملتقى للمشتبه في سلوكهم ، أو منزلا للدعارة ، أو مأوى للصوص .

 $ 693 $

3 - مضار الجوار غير المألوفة
427 - وجوب تمييز حالة مضار الجوار غير المألوف عن الحالتين السابقتين : والآن نفرض أن المالك قد أضر بجاره وهو ستعمل حق ملكيته ولكنه في هذا الاستعمال لم يرتكب أي خطأ فلم يخالف القوانين واللوائح ، ولم ينحرف عن السلوك المألوف للشخص المعتاد ولم يفرض القانون خطأ في جانبه ، وبذلك نكون قد ابتعدنا عن الحالة الأولي من الحالتين السابقتين ، حالة الخطأ في استعمال حق الملكية . كذلك يثبت أن المالك ، وهو يستعمل حق ملكيته ، لم يتعسف في استعمال حقه ، فلا هو قصد الإضرار بالجار ، ولا كان للجار مصلحة ترجح رجحانا كبيراً على مصلحته ، ولم يهدف المالك في استعمال حق ملكيته إلى تحقيق غرض غير مشروع . وبذلك نكون قد ابتعدنا أيضاً عن الحالة الثانية من الحالتين السابقتين ، حالة التعسف في استعمال حق الملكية .

ومع ذلك فإن المالك ، وهو ستعمل حق ملكيته ، قد أضر بجاره فهل يكون مسئولا مع أنه لم يرتكب خطأ ولم يتعسف في استعمال حقه ؟ تجنيب الفقرة الثانية من المادة 807 مدني كما رأينا " ليس للجار أن يرجع على جاره في مضار الجوار المألوف التي لا يمكن تجنبها ، وإنما له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف " . ومن ثم نرى أن المالك لا يكون مسئولا إلا إذا كان الضرر الذي أصاب الجار قد تجاوز الحد المألوف ( $%&[1] ) انظر المادة 906 مدني ألماني والمادتين 684 – 685 مدني سويسر .&%$ ) ، أما إذا لم يتجاوز هذه الحد وبقى في نطاق الضرر المألوف الذي لا يمكن تجنبه ما بين الجيران فهو غير مسئول ( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 194ص 282 – ص 283 - وص 286 – ص 287 - بودرى وشوفر فقرة 318 - بلانيول وربير وبولانجيه 1 فقرة 3059 .&%$ ) . فمسئولية المالك إذن تكون عن الضرر غير المألوف للجوار ، أي عن الضرر الفاحش الذي يصيب الجار ( $%&[1] ) أما في فرنسا ، فلا يوجد نص تشريعي كنص المادة 807 مدني مصري ، وتقرير مسئولية المالك عن مضار الجوار غير المألوف كان من عمل القضاء الفرنسي ، وقد اقتضت ذلك منه التطورات الاقتصادية التي حدثت بعد صدور التقنين المدني الفرنسي في سنة في سنة 1804 ( انظر بلانيول وريبر وبيكار 3 فقرة 460 ) .&%$ ) . $ 694 $ ويتبين في وضوح الفرق ما بين حالة مضار الجوار غير المألوف وحالتي الخطأ في استعمال حق الملكية والتعسف في استعمال هذا الحق . ففي حالة الخطأ في استعمال حق الملكية يكون هناك خطأ ، ثابت أو مفترض ، في جانب المالك ، ولذلك يعوض المالك عن الضرر مهما كان ضئيلا . وفي حالة التعسف في استعمال حق الملكية ، يكون هناك إما قصد المالك الإضرار بالجار أو رجحان مصلحة الجار رجحانا كبيراً أو قصد المالك تحقيق مصلحة غير مشروعة ، ولذلك يعوض المالك هنا أيضاً عن الضرر مهما كان ضئيلا . أما في حالة مضار الجوار غير المألوفة وهي الحالة التي نحن بصددها ،فلا يكون هناك أي خطأ في جانب المالك ، ولا يكون المالك متعسفاً في استعمال حق ملكيته ، فهو لم ينحرف عن السلوك المألوف للشخص المعتاد لا خروجا عن حدود حق الملكية ولا تعسفا في استعمالها ، بل كل ما هنالك هو أن استعمال المالك لحق ملكيته أضر بالجار ، ولذلك لا يعوض المالك جاره عن الضرر إلا إذا كان ضرراً غير مألوف أي ضرراً فاحشاً ، ولا يعوض عن الضرر المألوف أي الضرر الذي لا يمكن تجنبه بين الجيران ( $%&[1] ) وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 5 مدني ، وهي المتعلقة بالتعسف في استعمال تدخل ضمن الصور المختلفة للتعسف في استعمال الحق صورة يمكن أن تشمل حالة مضار الجوار غير المألوفة فقد كان المشروع التمهيدي يجعل استعمال الحق غير جائز في صورة

ما إذا كان هذا الاستعمال " من شأنه أن يعطل استعمال حقوق تتعارض معه تعطيلاً يحول دون استعمالها على الوجه المألوف " . وكتبنا في الوسيط في هذا الصدد : " ويتبين من ذلك أن هذا المعيار الثاني ليس إلا المعيار الذي يطبق في حقوق الجوار ، وهو معيار الضرر الفاحش . وقد حذف في المشروع النهائي ، لأن مضار الجوار في القانون المدني الجديد تخرج عن نطاق نظرية التعسف في استعمال الحق ، فالنظر الفاحش فيما بين الجيران ليس تعسفاً في استعمال الحق ، بل هو خروج عن حدود الحق " ( الوسيط 1 فقرة 563 ) . وكتبنا أيضاً : " ويلاحظ أن المادة 708 من القانون المدني الجديد رسمت حدا لحق الملكية ، فقبضت إلا يغلو المالك في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار ، وان للجار أن يطلب إزالة مضار الجوار إذا تجاوزت الحد المألوف . فالخروج على هذا الحد الذي رسمه القانون لحق الملكية يعد خروجاً على حدود الحق ، لا تعسفا في استعماله " ( الوسيط 1 فقرة 551 ص 382 هامش 4 ) - قارن حسن كيرة فقرة 98ص 320 – ص 321 - استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1945 م 57ص 125 .&%$ ) .

428 - الشروط الواجب توافرها في حالة مضار الجوار غير المألوفة : تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " والمبدأ $ 695 $ الأساسي الذي وضعه النص هو نهي المالك عن أن يغلو في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار . فهناك إذن شرطان لمسئولية المالك ، ضرر يصيب الجار وغلو المالك في استعمال حقه . والمهم هو تحديد هذا الغلو ، فقد تبين أن العمل الضار بالجار لا يوجب المسئولية حتما بل لابد أن يكون في العمل غلو من المالك في استعمال حقه . وقد حددت الفقرة الثانية من النص معنى الغلو ، ورسمت له معياراً مرنا لا قاعدة جامدة . فالغلو يتصف به كل عمل يحدث ضرراً غير مألوف للجار ، فالمعيار إذن هو الضرر غير المألوف .

ويجب التسامح فيما يحدثه الجيران بعضهم لبعض من ضرر مألوف ، والا غلت أبدى الملاك عن استعمال حقوقهم . أما إذا أحدث عمل المالك ضرراً غير مألوف بالجار فإنه يصبح مسئولا عن تعويض هذا الضرر . وهذا ما تقضي به المادة 57 من كتاب مرشد الحيوان ، إذ تنص على أن " المالك أن يتصرف كيف يشاء في خالص ملكه الذي ليس للغير حق فيه ، فيعلى حائطه ، ويبنى ما يريده ، ما لم يكن تصرفه مضراً بالجار ضرراً فاحشاً " . فالضرر الفاحش هو الضرر غير المألوف . وقد عرفته المادة 59 من كتاب مرشد الحيوان بما يأتي : " الضرر الفاحش ما يكون سبباً لوهن البناء أو هدمه أو يمنع الحوائج الأصلية ، فليس بضرر فاحش " . ونصت المادة 60 على أنه " لا يزال الضرر الفاحش ، سواء كان قديماً أو حادثاً " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 31 - ص 32 .&%$ ) .

ويخلص من ذلك أنه يمكن إرجاع الشروط كلها إلى فكرة الغلو في استعمال المالك حق الملكية ، ومعنى الغلو هنا هو أن يصيب المالك ، في استعمال لحق ملكيته ، الجار بضرر غير مألوف ( $%&[1] ) ومن التطبيقات العملية لمضار الجوار غير المألوف المضار التي تنشأ من مجاورة المصانع ، وهي ناجمة من الروائح الكريهة التي تنبعث منها وعما تنشره من الدخان وما تحدثه من الجلبة ، والضوضاء ( نقض فرنسي 20 يناير سنة 1891 داللوز 91 - 1 - 153 - 23أكتوبر سنة 1894سيريه 95 - 1 –222 - 18 فبراير سنة 1907 - 1 - 385 - 18 يونيه سنة 1923 سيريه 1924 - 1 - 212 - 17نوفمبر سنة 1931 داللوز الأسبوعي 1932 - 1 ) . وكذلك المضار التي تنشأ من مجاورة المسارح ودور البغاء والمستشفيات والمدارس ( نقض فرنسي 24 أبريل سنة 1865 داللوز 66 - 1 - 35 : والمسارح والكازينوهات – نقض فرنسي 3 ديسمبر سنة 1860داللوز 61 - 1 331 - 8 يوليه سنة 1884 داللوز 85 - 1 - 231 : دور البغاء – تموج 5 فبراير سنة 1902 La loi 29 أبريل سنة 1902 المستشفيات – باريس 9 ديسمبر سنة 1904 داللوز 1905 –2 –32 : المدارس ) . والمضار التي تنشأ من مجاورة السكك الحديدية بما تنشره بما تنشره من دخان وتحدثه من ضوضاء وتسببه من حرائق ( نقض فرنسي 20 نوفمبر سنة 1866داللوز 66 - 1 - 439 - 28 أكتوبر سنة 1903سيريه 1904 - 1 - 93 ) .والمضار التي تنشأ من استغلال المناجم ومن القيام بتنفيذ الأشغال العامة : انظر في كل ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 461 – فقرة 464 - فقرة 467 - انظر أيضاً بودري وشوفو فقرة 219 .

وقضت محكمة استئناف مصر بان الجار ملزم بتعويض جاره عما يصيبه من الضرر ، ولو ما يخالف في عمله نصا من نصوص القانون واللوائح ، وذلك متى كان الضرر فاحشاً متجاوز الحد المألوف بين الجيران . فإذا أنشأت الحكومة محطة من محطات المجاري على قطعة من أملاكها أقلقت إدارتها راحة السكان في حي مخصص للسكنى ، كان لهؤلاء السكان الحق في الرجوع على الحكومة بالتعويض عما أصابهم وأصاب أملاكهم من أضرار ( استئناف مصر 17 أكتوبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 376ص 891 ) . وقضى بأن شركة الفنادق التي تقيم جهازاً لتوليد الكهرباء في ملحق فندق تملكه تكون مسئولة عن الأضرار التي تصيب الجيران نتيجة الاهتزازات المستمرة الناشئة عن تشغيل هذا الجهاز ( مصر المختلطة 5 مايو سنة 1914 جازيت 4 رقم 206ص 492 ) .

انظر أيضاً استئناف مصر 28 يناير سنة 1928 المحاماة 9 رقم 212ص 380 - استئناف مختلط 23 ديسمبر سنة 1924 جازيت 15 رقم 86ص 126 - 31أكتوبر سنة 1909 م 42 ص 9 - 7 فبراير سنة 1932م 42ص 258 - 4 نوفمبر سنة 1932 م 43ص 24 .&%$ ) .

 $ 696 $

المبحث الثاني

تقدير الضرر غير المألوف والأساس القانوني الذي يقوم عليه الالتزام بالتعويض عنه وكيف يكون هذا التعويض

1 - تقدير الضرر غير المألوف

د 429 - اعتبارات مختلفة في تقدير الضرر غير المألوف : الضرر غير المألوف هو كما قدمنا الضرر الذي يزيد على الحد المعهود فيما يتحمله الجيران عادة بعضهم من بعض بحكم الجوار . فإذا زاد الضرر على هذا الحد ، كان ضرراً غير مألوف ، ووجب التعويض عنه . وتقول الفقرة الثانية من المادة 807 مدني ، كما رأينا في هذا الشأن : " وإنما له ( الجار ) أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف ، على أن يراعي في ذلك العرف .

 $ 697 $

وطبيعة العقارات ، وموقع كل منها بالنسبة إلى الآخر ، والغرض الذي خصصت له " وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد " وقد قضت المادة …بأنه يراعي تحديد الضرر غير المألوف اعتبارات مختلفة : ( أ ) العرف ( ب ) وطبيعة العقارات . ( جـ ) وموقع كل منهما بالنسبة إلى الآخر . ( د ) والغرض الذي خصصت له . فمن ذلك يتبين أن ما يعتبر ضرراً مألوفاً في ناحية مكتظة بالمصانع والمقاهي والمحلات العامة ، يعتبر ضرراً غير مألوف من ناحية هادئة خصصت للمساكن دون غيرها وسكنى العلية من الناس . فإذا فتح محل مقلق للراحة في وسط المساكن الهادئة ، كان في هذا ضرر غير مألوف تجب إزالته " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 32 .&%$ ) .

فترى من ذلك أن معيار " الضرر غير مألوف " معيار مرن ، وليس بقاعدة جامدة . فيتكيف مع الظروف المختلفة ، ويواجه الحاجات المتغايرة ، ويستجيب لمقتضيات كل منهما ، وهو معيار موضوعي لا معيار ذاتي ، فلا اعتبار لحالة الجار الذاتية ، كأن يكون الجار مريضاً أو منشغلا بأعمال تقتضي الهدوء التام ، فينزعج لأية حركة ولو كانت مألوفة ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 272ص 466 - إسماعيل غانم فقرة 133 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 54 - منصور مصطفي فقرة 24ص 62 - وانظر في عدم الاعتداد بالظروف الشخصية للجار في تقديره مسئولية المالك محمد على عرفة فقرة 193ص 248 - عبد المنعم البدراوي فقرة 88 - حسن كيرة فقرة 99ص 327 ص 328 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 59ص 93 - ص 94( ويعتبر الغرض الذي اعد له العقار من الظروف الشخصية التي لا يعتد بها ) – منصور مصطفي منصور فقرة 23 ص 57 - ص 58 - وانظر في أن القضاء الفرنسي يعقد بالظروف الشخصية مازو فقرة 1343ص 1907 ( والأحكام التي أشار إليها ) .&%$ ) . وإنما العبرة بحالة الشخص المعتاد ، وهو شخص ما أوساط الناس يزعجه ما يزعج الناس عادة ويتحمل ما جرى العرف بتحمله فيما بين الجيران . فيقاس على هذا الشخص كل جار فيما يعد ضرراً غير مألوف بالنسبة إليه ، ولو كان هذا الجار يحتمل أكثر مما يحتمل الشخص المعتاد فيكون له الغنم ، أو كان يحتمل اقل مما يحتمل الشخص المعتاد فيكون عليه الغرم .

 $ 698 $ ومن ثم كانت الاعتبارات التي يعتد بها في تقدير الضرر غير المألوف كلها اعتبارات موضوعية ، وقد ذكر منها النص فيما رأينا ما يأتي ( $%&[1] ) وتقدير ما إذا كان الضرر يعد ضرراً غير مألوف على هذا النحو مسألة واقع يستقل لها قاضي الموضوع ، ولا معقب عليه من محكمة النقض ( أنسيكلوبيدي داللوز 4 PROPRIETE فقرة 164 – إسماعيل غانم فقرة 63 ص 132 – حسن كيرة فقرة 99 ص 325 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 59ص 93 - منصور مصطفي منصور فقرة 23ص 56 ) .&%$ ) .

( أ ) العرف : فما جرت به العادة بين الجيران أن يتحمله بعضهم من بعض كأن يخرج المالك من داره في وقت مبكر أو يرجع إليها في وقت متأخر ، فيحدث حركة محسوسة ، وبخاصة إذا كان يستخدم السيارة في رواحه وغدوه ، كل هذا جرى العرف باعتباره ضرراً مألوفا لا يمكن تجنبه ، فعلى الجيران أن يتحملوه ، وليس لها أن يرجعوا بشيء على المالك .كذلك جرى العرف ، في الأعياد والمواسم وفي مناسبات مختلفة ، أن تشتد الحركة ويكثر الجلب ، وبخاصة بين الصبية الصغار أو في مناسبات الأفراح أو المأتم أو الحفلات ، فكل هذه أضرار مألوفة لا يمكن تجنبها ، وعلى الجيران أن يتحملوها دون الرجوع على المالك ( $%&[1] ) مازن فقرة 1343ص 1097 .&%$ ) . ويعتبر أيضاً في العرف ظروف المكان ، فما يعتبر ضرراً مألوفاً في الريف قد يعتبر ضرراً مألوفاً في المدن ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 62ص 132 .&%$ ) . ( ب ) طبيعة العقارات : ولطبيعة العقار اعتبار في تقدير الضرر غر المألوف . فإذا كان العقار محلا عاما أو مقهى أو فندقا أو حانوتا للتجارة أو نحو ذلك ، تحمل من الضوضاء والجلبة أكثر مما يتحمل المسكن الهادئ . فما يعتبر ضرراً مألوفا بالنسبة إلى مصنع تدور فيه الآلات وتحتشد فيه العمال وتشتد الضوضاء ، قد يعتبر ضرراً غير مألوف بالنسبة إلى مدرسة أو إلى مستشفي .

( جـ ) موقع كل عقار بالنسبة إلى العقار الآخر . فصاحب السفل يجب ، بطبيعة موقعه من العلو ، أن يتحمل من العلو ما لا يتحمل العلو من السفل ، بهذا قضى موقع السفل من العلو . والعقار الذي يجاور الطريق العام أو السكك $ 699 $ الحديدية أو المصانع يتعود من الضوضاء ما يزعج العقار الموجود في مواقع نائية عن ذلك ، فما يكون ضرراً مألوفاً للأول قد يكون ضرراً غير مألوف للآخر والعقارات الواقعة في أحياء للعمال يتحمل بعضها من بعض مالا تحتمله الواقعة في الأحياء البورجوازية فما يكون ضرراً مألوفاً بالنسبة إلى أحياء العمال قد يكون ضرراً غير مألوف بالنسبة إلى الأحياء البورجوازية .

( د ) الغرض الذي خصص له العقار : فالعقار الذي خصص للسكنى الهادئة غير العقار الذي خصص لأغراض تقتضي دوام الحركة واختلاف الناس عليها ، فما يكون ضرراً غير مألوف بالنسبة إلى الأول قد يكون ضرراً مألوفاً بالنسبة إلى الآخر . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي كما رأينا : " فمن ذلك يتبين أن ما يعتبر ضرراً مألوفاً من ناحية مكتظة بالمصانع والمقاهي والمحلات العامة يعتبر ضرراً غير مألوف من ناحية هادئة خصصت للمساكن دون غيرها وسكنى العلية من الناس . فإذا فتح محل مقلق للراحة في وسط هذه المساكن الهادئة ، كان في هذا الضرر غير مألوف تجب إزالته " ( $%&[1] ) مجوعة الأعمال التحضيرية 6ص 32 - وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا أنشأت الحكومة محطة من محطات المجاري على قطعة عن أملاكها أقلقت إدارتها راحة السكان في حي مخصص للسكنى ، كان لهؤلاء السكان الحق في الرجوع على الحكومة بالتعويض عما أصابهم وأصاب أملاكهم من أضرار ( استئناف مصر 17 أكتوبر سنة 1940المحاماة 21 رقم 376ص 891 - وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم انظر آنفا فقرة 428في الهامش ) – وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الشركة التي تقيم مصانع وآلات في أحياء مسئولة عما يقع من أضرار غير مألوفة ( استئناف مختلط 23 يناير سنة 1941 م 22ص 246 ) .والعقار المخصص ليكون مصحة أو مستشفي قد يكون الضرر المألوف بالنسبة إليه ضرراً غير مألوف ، ويبقى المعيار مع ذلك معياراً موضوعياً ذاتيا ( انظر حسن كيرة فقرة 99ص 327 هامش 2 ) .&%$ ) .

430 - سبق الترخيص الإداري للمالك : ولا يمنع الضرر من أن يكون غير مألوف سبق الترخيص الإداري للمالك . فقد يحصل مالك المحل المقلق للراحة أو المضر بالصحة أو الخطر على رخصة إدارية محله ، ولكن هذه الرخصة لا تمنع من أن يعتبر الجار الضرر الذي يصيبه من جوار هذا المحل ضرراً غير مألوف ويطلب التعويض عنه . فالرخصة الإدارية إنما تبيح إدارة المحل دون أن تكون هناك مسئولية جنائية على صاحبه ، ولكنها لا شأن $ 700 $ لها بعلاقة الجيران بعضهم ببعض فإذا وقع ضرر غير مألوف من محل مرخص له إدارياً ، لم يمنع هذا الترخيص الجار المضرور مت الرجوع على مالك المحل وتقول العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 807 مدني كما رأينا : " ولا يحول الترخيص الصادر من الجهات المختصة دون استعمال هذا الحق " ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ولا يحول دون ذلك ( دون طلب إزالة غير المألوف ) الترخيص الإداري الذي يعطي لهذا المحل ، وقد جرى القضاء المصري على ذلك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 32 ) .نقض فرنسي 18 نوفمبر سنة 1884 دللوز 85 - 1 - 69 - 7 ديسمبر سنة 1909 داللوز 1910 –1 - 95 - أوبري ورو 2 فقرة 194 ص 285هامش 11 بودري وشوفو فقرة 225 – ديموج 4 فقرة 729 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 463 – كولان وكابيتان وجي لامور انديير 1 فقرة 1062 - مازو فقرة 1342 .&%$ ) .

431 - الجار مستجد على المالك أو أسبقية الاستغلال ( preoccupation ) " وهنا نفرض أن المالك كان يدير مصنعه دون أن يكون له جار ، فلم يكن يلح بأحد ضرراً غير مألوف . ثم جاء الجار فبنى داره بجوار المصنع فاستجد على المالك . ولحق الجار من جراء إدارة المصنع ضرر غير مألوف ، فهل لهذا الجار المستجد أن يتضرر من مجاورة المصتع وهو الذي سعى إلى مجاورته ؟ تجيب المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي على هذا بما يأتي : " أما إذا كان المحل المقلق للراحة هو القديم ، وقد وجد في ناحية مناسبة له ثم استحدث بعد ذلك بجواره بناء سكني الهادئة ، فليس لصاحب هذا البناء أن يتضرر من مجاورة المحل المقلق للراحة ، بل هو الذي يلزمه دفع الضرر عن نفسه … ونصت المادة 63 ( مرشد ) على أنه إن كان لأحد دار يتصرف فيها تصرفا مشروعا ، فأخذت غيره بجواره بناء مجدداً ، فليس للمحدث أن يتضرر من شبابيك الدار القديمة ولو كانت مطلة على مقر نسائه ، بل هو الذي يلزمه دفع الضرر عن نفسه " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 32 – ص 33 - انظر أوبري ورو 2 فقرة 194 ص 284 .

وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا أقدم شخص على بناء دار قريبة من معامل ، فلا يحق له التضرر من وجودها لدخان يتصاعد من مداخنها أو لقلق تحدثه آلاتها ، لأنه جار طارئ عليها ، ولأنه تخير في بناء داره نقطة ظاهرة العيب على ذلك فلا يحق له طلب التعويض من أصحاب هذه المعامل عن شيء من ذلك ( استئناف مصر 10 ديسمبر سنة 1927المحاماة 8 رقم 926ص 498 ) .

وتنص الفقرة 3 من المادة 1051 مدني عراقي ، كما رأينا ، على ما يأتي : " وإذا كان أحد ينصرف من ملكه تصرفا مشروعا ، فجاء آخر وأحدث في جانبه بناء وتضرر من فعله ، فيجب عليه أن يدفع ضرره بنفسه " ( انظر آنفاً فقرة 419 في الهامش ) .&%$ ) .

 $ 701 $

ونرى من ذلك أن الجار الذي يستجد على المالك ليس له أن يشكو من مضار جوار هذا المالك ولو كانت غير مألوفة ، لأنه هو الذي سعى إلى جوار المالك وهو عالم بما في هذا الجوار من مضار ، فيكون قد ارتضى به ضمناً .

ومع ذلك فإن القاعدة غير مطردة ، وكثير من أحكام القضاء الفرنسي تقضي بأن المالك القديم الذي يكون مصدر ضرر غير مألوف لجيرانه ، مها كان هؤلاء الجيران مستجدين ومهما كان هو الملاك القدامى ، لا يكتسب لمجرد قدمه حقاً في أن يعفي من التعويض عما يحدثه من ضرر غير مألوف للجيران ، بل يكون مسئولاً نحوهم ، أو في القليل يكون هناك خطأ مشترك ( faute commune ) بينه وبين الجار الحديث ، هو لأنه يتسبب في ضرر غير مألوف للجار ، والجار الحديث لأنه جاور المالك وهو على بينة من مضار هذا الجوار . أضيف إلى هذا أن الجار الحديث قد لا يكون عالما بما ينطوي عليه الجوار من ضرر غير مألوف ، أو قد يكون عالما به ولكن الضرر تفاقم واشتد بعد أن أتى الجار الحديث واستقر في جواره للمالك ، ولا يجوز على أي حال للمالك القديم أن يدعى أنه كسب لمجرد أسبقيته حقاً في أن يتحمل منه جيرانه ولو استجدوا ضرراً غير مألوف دون أن تعويض ( $%&[1] ) نقض فرنسي 10 فبراير سنة 1907 داللوز 1907 - 1 - 385 - 4 ديسمبر 1935 جازيت دي باليه 1935 - 2 950 - بودري وشوفو فقرة 321 - مازو فقرة 1344 - شفيق شحاته فقرة 68ص 88 – حسن كيرة فقرة 99 ص 328 - ص 330 - إسماعيل غانم فقرة 63 ص 134 - ص 135 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 60 - منصور مصطفي منصور فقرة 23 ص 59 .

وهناك رأي يذهب إلى أنه إذا جاور مصنع أرضاً فضاء ، فاشتري شخص هذه الأرض لم يكن له الرجوع على صاحب المصنع لأنه اشتري الأرض بثمن روعي في الضرر الناشئ من مجاورة المصنع ( مازو وتونك 1 فقرة 602 –عبد المنعم البدراوي فقرة 87 ) . ولكن هذا الرأي يؤدي إلى أن المالك الأصلي للأرض – وهو الذي باعها للمشتري – يكون هو الذي تحمل الخسارة دون أن يرجع على صاحب المصنع ، مع أن المصنع لاحق لوجود الأرض فكان الواجب أن يرجع المالك للأرض على صاحب المصنع بالتعويض عن الضرر غير المألوف ( انظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 62ص 134هامش 3 ) .&%$ ) .

 $ 702 $

والذي يمكن التسليم به إجماعا في هذا الصدد هو أن الجار الحديث أتى ووجد الحي كله مليئا بالمصانع والمحال المقلقة للراحة ، فأصبح الضرر غير المألوف مألوفا في هذا الحي على وجه جماعي ( proccupation collective ) ، فلا حق له بعد ذلك أن يتضرر من الجوار بعد أن أقدم عليه طائعا مختاراً ، ولا يكون الملاك الذين سعى هو لمجاورتهم مسئولين نحوه عن الضرر ، مهما كان هذا الضرر غير مألوف ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 472 - كاربونييه ص 191 - إسماعيل غانم فقرة 62ص 135هامش 1 - حسن كيرة فقرة 99ص 329هامش 2 - والى ذلك تشير المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي حين قالت فيما رأينا : " أما إذا كان المحل المقلق للراحة هو القديم وقد وجد من ناحية مناسبة له … " ( انظر آنفا نفس الفقرة )&%$ ) .

2 - الأساس القانوني الذي يقوم عليه الالتزام بالتعويض عن الضرر غير المألوف

432 - اختلاف الفقه في فرنسا : نلاحظ بادئ ذي بدء أن التقنين المدني الفرنسي لا يشتمل على نص يناظر المادة 807 مدني مصري ، فهو إذن لا يستطيع أن يجد سنداً تشريعيا لمسئولية المالك عن مضار الجوار غير المألوفة . أما في مصر فالمادة 807 مدني سند تشريعي قائم لا يجوز الخلاف فيه ، وكل ما يمكن أن تدور حوله المناقشة هو تأصيل هذا النص ورده إلى وجه معين من وجوه المسئولية .

ولما كانت مسئولية المالك عن مضار الجوار غير المألوفة في فرنسا هي من عمل القضاء دون سند تشريعي تقوم عليهم كما قدمنا ، فقد اختلف الفقهاء الفرنسيون في تحديد الأساس القانوني الذي تقوم عليه هذه المسئولية . وقد التزموا في ذلك ، ما دام السند التشريعي معدوما ، نطاق القواعد العامة . فمنهم من رد مسئولية المالك إلى التزام قانوني هو التزام الجوار ، ومنهم من $ 703 $ ردها إلى نظرية التعسف في استعمال حق الملكية ، ومنهم من جعل المسئولية مبنية على نظرية التبعة ، ومنهم من ذهب إلى أن الغلو في استعمال المالك لحق ملكيته هو في ذاته خطأ يستوجب التعويض . وهناك آراء أخرى ( $%&[1] ) ومن هذه الآراء ما يذهب إليه كاربونييه من أن مسئولية المالك تقوم على نظرية الإثراء بلا سبب فالمالك قد أثرى على حساب الجار ، والجار قد أصابه ضرر غير مألوف فافتقر ، فوجب على المالك المثري أن يرد للجار المفتقر اقل القيمتين ، والمقدار الذي أثرى به والمقدار الذي افتقر به الجار ( كاربونييه ص 195 - ص 196 ) . وظاهر أنه إذا كان من المحقق أن الجار الذي أصابه ضرر غير مألوف قد افتقر ، فليس من المحقق أن المالك الذي كان مصدر هذا الضرر قد أثرى . وليس من المحقق أيضاً ، حتى إذا كان المالك قد أثرى ، أن افتقار الجار كان هو بالذات السبب في هذا الإُثراء .

ومن الفقهاء من يذهب إلى أن المالك لا تتحقق مسئوليته عن الضرر المألوف إلا إذا تعدي ماديا على ملك الجار ، فنشر مثلا من مصنعه دخانا جاوز ملكه واخترق ملك الجار ( immissio ) أو بعث بروائح كريهة أو بأصوات مقلقة أو بأمواج الراديو أو نحو ذلك ، فيكون التعدي المادي على ملك الجار هو أساس المسئولية Leyat في المسئولية في علاقات الجوار رسالة من تولوز سنة 1936 - مازو فقرة 1341ص 1095 - ص 1096 ) .

ومن هذه الآراء أيضاً أن مسئولية المالك مبينة على حالة الضرورة فمضايقات الجوار ضرورة اجتماعية لا بد من تحملها ، ولكن تقدر الضرورة أن يتحمل الجار الجوار دون تعويض إذا كان الضرر لا يجاوز الحد المألوف ، فإنه وجب للضرورة أن يتحمل الجار الجوار دون تعويض إذا كان الضرر لا يجاوز الحد المألوف ، فإنه إذا جاوز الحد الغير المألوف وجب التعويض عنه . فمسئولية المالك هنا ترجع إلى مجاوزة الضرورة ، إذا الضرورة إنما تقضي بتحمل الضر المألوف فإذا جاوز المالك الحد وأصاب الجار بضرر غير مألوف وجب عليه التعويض ولو لم يوجد في جانبه ، إذ مجاوزة حد الضرورة هي بعينيها الخطأ الذي يستوجب التعويض ( سافاتييه في المسئولية 1 فقرة 71 ) .&%$ ) .

ولكننا نقف عند هذه الآراء فهي أهم الآراء الفقهية ، ونقول كلمة موجزة في كل منها ، ونوصل بعد ذلك مسئولية المالك في القانون المصري .

433 - مسئولية المالك تقوم علىالتزام قانوني هو التزام الجوار :

ذهب بعض الفقهاء إلى أن المسئولية المالك نحو جاره عن مضار الجوار غير المألوفة تقوم على التزام فرضه القانون على الجار بألا يلحق بجاره ضرراً غير مألوف ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى كابيتان في التزامات الجوار في المجلة الانتقادية سنة 1900ص 156وما بعدها وص 228وما بعدها – vercesco في دراسة عامة للقيود التي ترد على حق الملكية العقارية رسالة من باريس سنة 1901 .&%$ ) . ويقولون أن هذا الالتزام القانوني يستخلص من نصوص قانونية $ 704 $ وردت في التقنين المدني الفرنسي . فالمادة 651 من هذا التقنين تشير إلى هذا الالتزام إذا تقول : " يخضع القانون الملاك لالتزامات مختلفة ، بعضهم نحو بعض ، دون أن يكون هناك أي اتفاق فيما بينهم " . ثم تأتي المادة 1370 - 1و 2و 3 من نفس التقنين فتقول " تنشأ التزامات معينة دون أن يكون هناك سابق اتفاق عليها ، لا من جانب الملتزم ولا من جانب الملتزم نحوه . وبعض هذه الالتزامات تنشأ بحكم القانون وحده ، وبعض آخر ينشأ من عمل شخصي يصدر من الملتزم . فالأولي هي الالتزامات التي تنشأ دون إرادة الملتزم كالالتزامات التي تقوم فيما بين الجيران … ) .

والصحيح أن التقنين المدني الفرنسي لم يفرض في أي نص من نصوص التزام قانونيا على الجار بألا يحدث لجاره ضرراً غير مألوف ، فليس ثمة في هذا التقنين التزام قانوني تمكن تسميته بالتزام الجوار بهذا المعنى . والمادة 651 مدني فرنسي إنما تشير إلى التزامات معينة ما بين الجيران هي ، كما صرحت المادة التالية 652 مدني فرنسي ، ما اشتملت عليه القوانين الخاصة وكذلك الالتزامات المتعلقة بالحائط المشترك وبالمطلات وبالمسيل وبحق المرور .

من ثم ينهدم هذا الرأي من أساسه ، وقد عد ل عنه بعض من كانوا يقولون به ( $%&[1] ) انظر كولان وكابتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1024ص 824 - وانظر في انتقاد هذا الرأي أيضاً بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 469ص 861 - ص 862 .&%$ ) .

434 - مسئولية المالك تقدم على نظرية التعسف في استعمال الحق : وذهب فقهاء آخريون إلى أن مسئولية المالك عن مضار الجوار غير المألوفة إنما ترجع إلى نظرية التعسف في استعمال الحق ، فالمالك الذي يلحق بجاره ضرراً غير مألوف يكون متعسفاً في استعمال حق الملكية ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى كولان وكابيتان ودي لامور انديير فقرة 1025ص 825 .&%$ ) .

وخطأ هذا الرأي هو في أن للتعسف هي الصورة في استعمال صوراً محددة لا ينبغي أن يتعداها . فأول صورة للتعسف هي الصورة التي يتعمد فيها المالك الإضرار بجاره ، يضاف إليها صورتان أخريان هما رجحان مصلحة الجار رجحانا كبيراً ( مما يتمضن قصد الإضرار ) وقصد المالك تحقيق مصلحة غير مشروعة .

 $ 705 $

ولا شيء من هذه الصور الثلاث يتحقق في حالة مضار الجوار غير المألوفة ، فقد يلحق الجار بجاره ضرراً غير مألوف دون أن يتعمد الإضرار به ، ودون أن يهدف إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة ، ودون أن يكون للجار مصلحة ترجع رجحانا كبيراً على مصلحة المالك . فنحن إذن في نطاق آخر غير نطاق التعسف في استعمال الحق . وقد سبق التمييز بين حالة مضار الجوار غير المألوفة وحالة التعسف في استعمال الحق ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 427 - وانظر في انتقاد جعل أساس مسئولية المالك التعسف في استعمال حق الملكية : بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 470 - إسماعيل غانم فقرة 61ص 131 هامش 1 .&%$ ) .

435 - مسئولية المالك تقوم على نظرية تحمل التبعة : وهناك من الفقهاء من ذهب إلى أن المسئولية المالك تقوم على نظرية تحمل التبعة ، فالمالك قد ألحق ، بنشاطه وهو يستعمل حق ملكيته ، ضرراً غير مألوف بالجار ، والمفروض أنه لم يرتكب خطأ ولم يتعسف في استعمال حقه . فيبقى إذن أنه هو الذي يتحمل تبعة نشاطه في استعماله لحق ملكيته ، إذ هو الذي يستفيد من هذا الاستعمال ، وقد ألحق بجاره ضرراً غير مألوف من جراء هذا النشاط غير العادي ، فعليه الغرم كما كان له الغنم . وتقوم مسئولية المالك إذن ، لا على الخطأ ولا على التعسف في استعمال الحق ، بل على تحمل التبعة ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى جوسران في التعسف في استعمال الحق ص 82وتعلقه في داللوز 1923 - 2 –53 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 471ص 465 - وقرب ربيير في تعليقه في داللوز 1907 - 1 - 385 .&%$ ) .

وهذا الرأي ، على وجاهته وعدالته ، يتعذر الأخذ به في القانون الفرنسي فالمسئولية في هذا القانون يجب أن تقوم على الخطأ ، ثابتا كان أو مفترضاً . أما المسئولية التي تقوم على تحمل التبعة فلا بد فيها من نص قانوني ، والنص القانوني فيما يتعلق بالمسئولية عن مضار الجوار غير المألوف معدوم .

436 - مسئولية المالك تقوم على أن الغلو في استعمال حق الملكية يستلزم التعويض : ومعنى ذلك أن المالك إذا استعمل حق ملكيته دون أن يغلو في استعماله ، ودون أن يحدث لجاره إلا ضرراً مألوفاً من أضرار الجوار ، $ 706 $ فلا جناح عليه في ذلك ، ولا يستلزم عمله أن يعوض جاره عن هذا الضرر المألوف . أما إذا غلا المالك في استعمال حق ملكيته ، واستعمل هذا الحق استعمالا استثنائيا بحيث يلحق بجاره ضرراً غير مألوف ، فإن الغلو في استعمال حق الملكية يستلزم من المالك أن يعوض جاره عن الضرر غير المألوف الذي لحق الجار ، وليس هناك خطأ في أن يستعمل المالك حق ملكيته استعمالا استثنائيا ليحصل منه على أكبر فائدة ممكنة ، ولكنه في هذا الحالة يجب عليه أن يعوض الجار الذي أصابه هذا الاستعمال الاستثنائي بضرر غير مألوف . فعدم تعويض الجار ، لا الاستعمال الاستثنائي لحق الملكية ، هو الخطأ الذي يرتب مسئولية المالك ( $%&[1] ) انظر بلانيول وريبر وبيكار 3 فقرة 471ص 464 - ص 465 - وانظر الاعتبارات الاقتصادية التي تبرر التعويض عن الضرر غير المألوف كاربونييه ص 194 .&%$ ) .

وهذا الرأي ، حتى يستقيم ، يجب معه أولا إثبات أن استعمال حق الملكية استعمالا استثنائيا يستلزم التعويض . فمن أن أين أتي هذا الالتزام ( $%&[1] ) وإذا قلنا مع أصحاب هذا الرأي إنه أتي من عدم التعويض عن الضرر غير المألوف فإن ذلك معناه أن هناك التزاما بالتعويض عن الضرر غير المألوف . ولكن هذا الالتزام نفسه يقوم بحسب هذا الرأي على أساس الخطأ في عدم التعويض عن الضرر غير المألوف ، فنحن إذن ندور في حلقة مفرغة .&%$ ) . ولا يوجد نص قانوني يفرضه ، ولا من مبنى على الخطأ ، ولا على التعسف في استعمال الحق وما دمنا لا نستطيع أن نقول أن الاستعمال إلاستثنائي لحق الملكية خطأ أو تعسف ، فلا مناص من أن يوجد نص قانوني يفرض التزام قانوني على المالك بأن يعوض الجار عن الضرر غير المألوف ، أو يودر قيداً على حق الملكية هو ألا يلحق المالك بجاره ضرراً غير مألوف . ولم ا كان هذا النص القانوني غير موجود في التقنين المدني الفرنسي ، فيكون القضاء الفرنسي الذي يلزم المالك بتعويض الضرر غير المألوف هو الذي خلق هذا الالتزام ، وهو في خلقه إياه كان قضاء بريطوريا لا يستند إلى القواعد العامة ولا إلى نص تشريعي ( $%&[1] ) ويذهب كاربونييه الى ان المبدأ الذي ينطوي عليه هذا القضاء ن ليس هو التزام المالك بتعويض الجار عن الضرر غير المألوف ، بل هو التزام الجار بتحمل الضرر المألوف من المالك 0 اربونييه ص 195 ) .&%$ ) .

437 - تأصيل مسئولية المالك في القانون المصري : أما التقنين المدني $ 707 $ المصري فيختلف عن التقنين المدني الفرنسي في أن التقنين الأول فيه هذا النص الذي لا يوجد في التقنين الثاني . فقد نص الفقرة الأولي من المادة 807مدني مصري صراحة ، كما رأينا ، على ما يأتي : " على المالك إلا يغلو في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار " . فأوجد النص بذلك في جانب المالك التزاماً قانونياً هو عدم الغلو في استعمال حق الملكية ، أو هو أورد قيداً على حق الملكية هو ألا يغلو المالك في استعمال هذا الحق . ورتب التقنين المصري بعد ذلك النتيجة المنطقية على ما فرضه من التزام قانوني أو أورده من قيد على حق الملكية ، فنصت الفقرة الثانية من المادة 807 مدني ،كما رأينا على ما يأتي " وإنما له ( للجار ) أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف… " ،فالأمر إذن واضح في القانون المصري ، لا مجال فيه لاختلاف في الرأي على نحو الاختلاف الذي رأيناه في الفقه الفرنسي . يوجد نص صريح في التقنين المدني المصري يلزم المالك بالا يغلو في استعمال حقه ،أو يقيد حق الملكية بعدم جواز الغلو فيها . ويرتب النص على ذلك وجوب تعويض المالك جاره ، إذا لحق الجار من جراء استعمال المالك لحق ملكيته ضرر غير مألوف .

فإذا قلنا أن نص المادة 807 مدني ينشئ التزاما قانونيا في جانب المالك بعدم إصابة الجار بضرر غير مألوف ، قامت مسئولية المالك في هذا القول على إخلال المالك بهذا الالتزام القانوني ، فوجب عليه التعويض ويكون المالك الذي ألحق بجاره ضرراً غر مألوف قد خرق التزامه القانوني ، فخالف القانون ولكن هذه المخالفة القانونية ليست " خطأ " بالمعنى المعروف ، فإن الخطأ هو انحراف علو السلوك المألوف للشخص المعتاد ، وهنا لم ينحرف المالك عن هذا السلوك . فهو مسئول ، لا لأنه ارتكب خطأ ، بل لأنه يتحمل تبعة نشاطه ، فهو الذي يفيد من استعماله لملكه استعمالا استثنائيا ، فمن العدل أن يتحمل تبعة هذا الاستعمال ، والغرم بالغنم ،وقد قدمنا أن إقامة مسئولية المالك في القانون الفرنسي على نظرية تحمل التبعة لا يستقيم لانعدام نص قانوني ينشئ هذه المسئولية ، أما في القانون المصري فالأمر يختلف إذ أن هذا النص موجود . ,إذا قلنا أن نص المادة 807 مدني يورد قيداً على حق الملكية ، هو عدم الغلو في استعمال حتى لا يلحق الجار من جراء هذا الاستعمال ضرر غير مألوف ، فإن نطاق حق الملكية في القانون المصري ، بحكم هذا النص يضيق عن الغلو $ 708 $ في استعمال هذا الحق .ومن ثم يكون المالك ، الذي غلا في استعمال حقه أو ألحق بجاره ضرراً غير مألوف ، قد خرج عن حدود حق الملكية ، والخروج عن حدود الحق خطأ بالمعنى المعروف ، إذا هو انحراف عن السلوك المألوف للشخص المعتاد ، فتكون مسئولية المالك في هذا القول قائمة على الخطأ بمعناه المعروف ( $%&[1] ) والي هذا القول أشرنا عند ما كتبنا في الجزء الأول من الوسيط : " ويلاحظ أن المادة 807 من القانون المدني الجديد رسمت حدا لحق الملكية ، فقضت إلا يغلو المالك في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار ، وأن للجار أن يطلب إزالة مضار الجوار إذا تجاوزت الحد المألوف . فالخروج على هذا الحد الذي رسمه القانون لحق الملكية يعد خروجا على حدود الحق ، لا تعسفا في استعماله " ( الوسيط 1 طبعة أولي فقرة 551ص 832هامش 4 – وطبعة ثانية فقرة 551ص 944هامش 3 ) .

وقد اختلف الفقهاء في مصر في تأصيل مسئولية المالك عن الضرر غير المألوف في القانون المضر فمنهم من يذهب إلى أن المسئولية عن مضار الجوار غير المألوفة ليست إلا مجرد تطبيق لفكرة التعسف في استعمال الحق ( محمد على عرفة فقرة 192 - حسن كيرة فقرة 89 - منصور مصطفي منصور فقرة 25ص 63 - ص 64 ) . ومنهم من يذهب إلى ما ذهبنا إليه من أن حق الملكية قيدته المادة 807مدني بحدود يعتبر الخروج عليها خروجا على حدود هذا الحق كما رسمته هذه المادة ، ومن ثم يكون ذلك خطأ تقصيرياً ( شفيق شحاته فقرة 68ص 86 - ص 87 - عبد المنعم البدراوي فقرة 83ص 109وفقرة 84ص 112 - أحمد حشمت أبو ستيت في مصادر الالتزام فقرة 439 - إسماعيل غانم فقرة 61ص 131 - ص 132 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 58ص 91 ) .&%$ ) .

3 - كيف يكون التعويض عن الضرر غير المألوف

438 - التعويض النقدي والتعويض العيني : نطبق هنا القواعد العامة في التعويض ، فهو تارة يكون تعويضاً نقدياً ، وطوراً يكون تعويضاً عينياً .وللمحكمة أن تأمر بإزالة الضرر غير المألوف ، أو أن تقتصر على الحكم بتعويض نقدي إذا رأيت ما يبرر ذلك .

439 - التعويض النقدي : يحكم القاضي بتعويض الجار تعويضاً نقدياً كاملا عن الضرر غير المألوف الذي لحقه من استعمال المالك لحق ملكيته ، وذلك طبقاً للقواعد العامة ، فيعوض الجار عن الخسارة التي لحقته وعن الكسب الذي فاته .

 $ 709 $

وقد يدوم الضرر زمنا معينا ، فيجوز للقاضي أن يحكم بتعويض نقدي عن كل وحدة من الزمن يدوم فيها الضرر ، عن كل يوم أو أسبوع أو شهر أو أكثر من ذلك ( $%&[1] ) أوبر ورو 2 فقرة 194 ص 286 - بودري وشوفو فقرة 223 – بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 473ص 467 . كاربونييه ص 191 - ص 192 .&%$ ) .

ويجوز أيضاً للقاضي أن يحكم بتعويض نقدي أو بتعويض عيني( إزالة الضرر ) ،ويخير المالك بين تنفيذ أي من الجزائين يختاره ( $%&[1] ) باريس 9 ديسمبر سنة 1904 داللوز 1905 - 2 –32 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 473ص 467 . &%$ ) .

440 - التعويض العيني :وإذا كان التعويض العيني ممكناً ، جاز للقاضي أن يحكم به ، فإذا كان الضرر ناجما مثلا عن إقامة المالك لحائط ، جاز الحكم بهدم هذا الحائط . ويجوز كذلك الحكم باتخاذ تدابير معينة أو القيام بأعمال معينة من شأنها أن تمنع الضرر في المستقبل ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 224 - وتنص المادة 203 / 2 على ما يأتي : " على أنه إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين ، جاز له أن يقتصر على دفع تعويض نقدي إذا كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً " ويقاس التعويض العيني على التنفيذ العيني ، ومن ثم فلا يجوز الحكم بهدم مصنع مثلا لتجنيب الجار الضرر غير المألوف الناشئ عنه . ويكتفي بتعويض نقدي ، مصحوب إذا أمكن باتخاذ التدابير الممكنة لإنقاص الضرر إلى أقل حد مستطاع . انظر في هذا المعنى مازو فقرة 1345 - إسماعيل غانم فقرة 63ص - 136 - حسن كيرة فقرة 100ص 333هامش 2 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 61ص 96 - منصور مصطفي منصور فقرة 24ص 61 . ومن التدابير التي يمكن اتخاذها للحد من الضرر في المستقبل الأمر مثلا بتعديل طريقة الاستغلال ، أو تحديده بمنع الاستغلال في الليل مثلا ، أو تغيير موضع منحل الخلايا النحل ، أو وقف جزء من العمل أو نحو ذلك ( باريس 29مارس سنة 1879سيريه 79 - 2 - 269 - مونيلييه 24يونيه سنة 1933داللوز الأسبوعي 33 - 566 - حسن كيرة فقرة 100ص 332 ) .&%$ ) ، مع الحكم بتعويض نقدي عن الضرر الذي حدث في الماضي .

وإذا رأي القاضي أن يحكم بالتعويض العيني وبإزالة الضرر غير المألوف ، جاز له أن يلجأ إلى الغرامة التهديدية ، فيقضي بغرامة مالية على المالك عن كل يوم أو عن كل وحدة أخرى من الزمن لا يقوم فيها بإزالة الضرر أو بالقيام بالأعمال المحددة في الحكم ( $%&[1] ) نقض فرنسي 7 نوفمبر سنة 1876سيريه 77 - 1 - 8 - 7 ديسمبر سنة 1904 داللوز 1905 - 1 - 175 - باريس 9 ديسمبر سنة 1904داللوز 1905 - 2 - 32 - 24مارس سنة 1936جازيت دي باليه 1936 - 1 - 757 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 473 ص 466 .&%$ ) .

 $ 710 $

وفي فرنسا ، حيث لا يوجد نص يقابل نص المادة 807 مدني مصري ، برد قيد على التعويض العيني ، هو أنه لا يجوز للقاضي أن يحكم بإغلاق محل مقلق للراحة حاصل على رخصة إدارية . فإن الرخصة الإدارية هي أمر أداري صدر بالتسامح للمحل بالعمل ، والحكم بإغلاق المحل يتعارض مع الأمر الإداري ، وليس للقضاء العادي أن يلغي أو يعدل أمراً صادراً من جهة الإدارة ، وفي هذا الحالة يقتصر على الحكم بالتعويض النقدي ( $%&[1] ) نقض فرنسي 19 مايو سنة 1868 داللوز 68 - 1 - 486 - 11 يونيه سنة 1877سيريه 78 - 1 - 209 - 18 نوفمبر سنة 1884 داللوز 85 - 1 - 471 - 19 يناير سنة 1961 . Bull .civ . 1961 - 2فقرة 58ص 41 - أوبري ورو 2 فقرة 194ص 284 - بودري وشوفو فقرة 225 - بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 473ص 466 - كولان وكابتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1026ص 827 - مازو فقرة 1345 .&%$ ) . أما في مصر فنص المادة 807 / 2 مدني صريح في أن طلب إزالة الضرر غير المألوف حق للجار ، وأنه " لا يحول الترخيص الصادر من الجهات المختصة دون استعمال هذا الحق " . فيجوز إذن أن يطالب الجار بالتعويض العيني وبإزالة الضرر غير المألوف بالرغم من وجود ترخيص إداري ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى شفيق شحاته فقرة 68 ص 88هامش 2 - حسن كيرة فقرة 100ص 331 - ص 332 - إسماعيل غانم فقرة 63 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 62 - منصور مصطفي منصور فقرة 24ص 61 - ص 62 - عبد المنعم البدراوي فقرة 89 .

وانظر عكس ذلك وأنه لا يجوز التعويض العيني بل يكتفي بالتعويض النقد إذا وجد ترخيص اداري : محمد على عرفة فقرة 196ص 253 - محمد كامل مرسي 1 فقرة 280 .&%$ ) .

الفرع الثاني

القيود التي ترجع إلى حالات خاصة في الجوار

المبحث الأول

الري والصرف

441 - الشرب والمجري والمسيل : القيود التي تتعلق بالري والصرف $ 711 $ هي ما يقرره القانون للملاك المجاورين على جيرانهم من حقوق في الشرب ( irrigation ) والمجرى ( acqueduc ) والمسيل ( ecoulement ) .

والأصل أن يكون ري الأراضي الزراعية من مياه النيل ومن مياه الترع العامة ( $%&[1] ) وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصا في هذا الخصوص ( م 1171من المشروع ) يجري على الوجه الآتي : " يكون الحق في استعمال مياه الترع العامة بنسبة مساحة الأراضي التي تروى منها ، مع مراعاة ما تقتضيه القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بذلك " ( انظر أيضاً م 31 / 52 من التقنين المدني السابق ) وورد في المذكرة الإيضاحية في شأن هذا النص : " وقد قسم المشروع في حق الشرب الترع إلى قسمين : ( أ ) ترعة عامة مملوكة للدولة ، وهذه يكون الحق في استعمالها بنسبة مساحة الأراضي التي تروي منها ، مع مراعاة ما تقتضيه القوانين والمراسيم واللوائح المعلقة بذلك . وأهم هذه اللوائح هي لائحة الترع والجسور التي يتضمنها الأمر العالي الصادر في 22 فبراير سنة 1894 ، وهذه يبقى معمولا بها منفصلة عن التقنين المدني ، ويقتصر هذا التقنين على المبادئ الأساسية في الري التي يندر أن تتغير " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 44 ) . وحذفت لجنة المراجعة هذه المادة " لأنها تشمل حكما تفصيليا يمكن الاستغناء عنه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 30في الهامش ) .

ولائحة الترع والجسور الصادرة في 22 فبراير سنة 1894 والمشار إليها آنفا في المذكرة الإيضاحية قد ألغاها القانون رقم 68لسنة 1953 ( المعدل بالقوانين 29 و 385 لسنة 1956و 116لسنة 1959 ) بشان الري والصرف ، وحل هذا القانون محل لائحة الترع والجسور وسنشير إلى بعض نصوصه الهامة في المواضع المناسبة ،وقد ورد في مذكرته الإيضاحية " لما كانت المملكة المصرية بلداً زراعيا بطبيعته ، وجب أن يعطى نظام فيه أكبر قسط من العناية لما في ذلك من أثر بالغ في تربة الأرض وتأصيلها المختلفة . ونظراً لأن النيل والترع الهامة والمصارف العامة هي عماد الري في مصر وتدخل جميعها في الأملاك العامة ، فقد كان جديراً بالتشريع الإداري المصري أن يعنى بتنظيم استعمال الكافة لطرق الري والصرف استعمالا يتجلى فيه العدل وتصان به المصلحة العامة . وقد مضت حقبة طويلة على تشريعات الري والصرف القائمة ، أظهر العمل ما فيها من نقص يجب تداركه على ضوء التطورات التي استحدثت في نظام الري ، وقد وضع المشروع المرافق تحقيقاً لهذه الغاية ، إذا يجمع شتات التشريعات الخاصة بالري والصرف في قانون وأحد يكفل تنظيم استعمالها على وجه أوفي مما هو عليه الآن ، كما يتناول الشروط اللازمة لإقامة الآلات الرافعة وري الأراضي الشراقي والتدابير التي تتخذ لدفع أخطار الفيضان وغير ذلك من الشؤون المتصلة بالري … وقد شمل المشروع ستة أبواب . خصص الباب الأول لبيان الأملاك العامة والخاصة ذات الصلة بالري والصرف . وتناول الباب الثاني الأحكام الخاصة بتوزيع المياه ، سواء أكان ذلك عن طريق مأخذ المياه أن بالآلات الرافعة , ولما كان دفع أخطار الفيضان ذا صلة وثيقة بالري ، فضلا عما ينطوي عليه من ينطوي عليه من حفظ الأرواح والأملاك من الغرق ، لذلك لم يغفل المشروع تنظيم الإجراءات التي تتبع هذه الأخطار ، فخصص لها الباب الثالث الذي تضمن أيضاً الاحكام الخاصة بتعطيل الملاحة وارتطام السفن إذا أنها تعوق سير المياه . ثم خصص الباب الرابع للترخيص في رسو الزهبيات والعوامات ووضع المعادي وشحن المراكب وتفريغها والباب الخامس للعقوبات وإثبات الجراثيم ، والباب السادس للأحكام العامة والختامية "

وهناك مشروع جديد أعد ليحل محل قانون الري والصرف الحالي ( قانون رقم 86لسنة 1953 ) ، ولا يزال حتى اليوم مشروعا ولم يسن قانونا . ومن اهم ما استحدثه هذا المشروع من التعديلات : ( 1 ) تحويل مفتش الري سلطة إصدار قرار مؤقت بتمكين صاحب الشأن من حقه في الانتفاع بمسقاة أو مصرف في ارض الغير ، أو من حقه في دخول هذه الأرض لإجراء ما قد يلزم من ترميم وتطهير . ( 2 ) تنسيق الحكم الخاص بالتعويض مع الحكم المقابل في الفقرة الثانية من المادة 808 مدني ، فنص على أن يشمل التعويض نفقات إنشاء المسقاة أو المصرف بنسبة مساحة الأراضي التي تنتفع من أيهما . ( 3 ) اعتبار الكباري الخاصة التي تنشأ فوق ترعة عامة أو مصرف عام من الأملاك العامة بمجرد إنشائها ، فيعفي منشئوها من أعباء صيانتها . ( 4 ) النهي عن حفر الآبار الأرتوازية قبل الحصول على ترخيص من وزارة الري . ( 5 ) إسناد رياسة لجنة الفصل في الجراثيم إلى قاض توفيراً لضمانات الأفراد ، وإجازة الطعن في قرار لجنة تقدير التعويض أمام محكمة الابتدائية .&%$ ) ، وأن يكون صرف المياه بعد الري في المصارف العامة وفي البحيرات .

 $ 712 $

ولكن يجوز مع ذلك أن ترد قيود على الملكية الخاصة للأرض الزراعية لمصلحة الأراضي الزراعية المجاورة ، تتعلق بالري من حق في الشرب أو في المجرى أو تتعلق بالصرف من حق في المسيل .

وتعرف المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي الشرب فتقول " القاعدة أن من أنشأ مسقاة على نفقته الخاصة طبقاٌ للوائح المتعلقة بذلك كان مالكا لها ، وكان له وحده حق استعمالها . على أنه إذا استوفي حاجته منها وبقى بعد ذلك من الماء ما تحتاج إليه أراضي الملاك المجاورين ، فلهؤلاء أن يأخذوا ما هم في حاجة إليه ، على أن يشتركوا في نفقات إنشاء المسقاة وصيانتها بنسبة مساحة أراضيهم التي تنتفع منها . ويبين من ذلك أن ملكية المياه الفائضة عن الحاجة تنزع من مالكها لا لمصلحة عامة بل لمصلحة خاصة ، ويدفع للمالك التعويض المناسب عن ذلك ، وهذا قيد على حق الملكية خطير بقدر ما هو عادل ،ويلاحظ أن مالك المسقاة مفضل على الجيران ، فهو الذي يستوفي حاجته من المياه أولاً ، ويأتي الجيران بعد ذلك ، فإذا تزاحموا قدم من كانت حاجته أشد ، ويترك تقدير ذلك للجهة الإدارية المختصة " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 44 .&%$ ) .

 $ 713 $

وتقول المذكرة الإيضاحية عن المجرى : " أما حق المجرى فقد أعطاه المشروع لمالك الأرض البعيدة عن مأخذ المياه ، فتمر من أرض الجار المياه الكافية لري أرضه . وهي مياه يأخذها من ترعة عامة ، أو من ترعة خاصة مملوكة له ، أو من ترعة خاصة مملوكة للغير ولكن تقرر له عليها حق الشرب في تعويض عادل " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 44 .&%$ ) .

وتقول المذكرة الإيضاحية عن المسيل : " بقى حق المسيل ، وقد أعطاه المشروع لمالك الأرض البعيدة عن المصرف العام ، فيكون له الحق في أن يستعمل المصرف الخاص المملوك لجاره بعد أن يستوفي الجار حاجته ، أو في أن ينشئ مصرفاً خاصا على نفقته في أرض الجار ليصل إلى المصرف العام . وفي الحالة الأولي يشترك مالك الأرض في نفقة المصرف الخاص الذي أنشأه الجارة وفي صيانته ،وفي الحالة الثانية يعطي الجار مقدماً التعويض العادل عما اقتطعه من أرضه لإنشاء المصرف ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 44 - ص 45 .&%$ ) .

والآن وقد عرفنا إجمالا ما هي القيود المتعلقة بالشرب والمجرى والمسيل ، ونفصل ما أجملناه فنتكلم : ( أولاً ) في الشرب . ( ثانياً ) في المجرى والمسيل .

1 - الشرب

442 - نص قانوني : تنص المدة 808 مدني على مايأتي :

 " 1 - من أنشأ مسقاة أو مصرفاً خصوصيا طبقاً للوائح الخاصة بذلك كل له وحده حق استعمالها " .

 " 2 - ومع ذلك يجوز للملاك المجاورين أن يستعملوا المسقاة أو المصرف فيما يحتاجه أراضيهم من ري أو صرف ، بعد أن يكون المالك المسقاه أو المصرف قد استوفي حاجته منها . وعلى الملاك المجاورين في هذه الحالة أن يشتركوا في نفقات إنشاء المسقاة أو المصرف وصيانتهما ، بنسبة مساحة أراضيهم التي تنتفع منهما " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1172 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 877 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 876 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 808 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 34 - ص 37 ) .&%$ ) .

 $ 714 $

ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 32 / 53 ( $%&[1] ) التقنين المدني السابق م 32 / 53 : من أنشأ ترعة ،فله الحق في الانتفاع دون غيره بمائها أو بيعه . ( وهذا النص يخالف نص التقنين المدني الجديد في أنه لا يجعل للجار الحصول على حق الشرب من ترعة جراه الخاصة إلا برضائه ، دون جير عليه في ذلك في ذلك . ولكن المادة 8من لائحة الترع والجسور التي صدرت في سنة 1894 ، ا بعد صدور التقنين المدني السابق ، أعطت للجار أن يحصل على حق الشرب من ترعة جاره الخاصة بنفس الشروط المقررة في التقنين المدني الجديد .&%$ ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : لا مقابل في التقنين المدني السوري وفي التقنين المدني الليبي م 817 - وفي التقنين المدني العراقي المواد 1055 - 1057 - ولا مقابل في قانون الملكية العقارية اللبناني ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري لا مقابل ( وانظر فيما يتعلق بإعداد الإنشاءات الفنية على ضفة المجر المقابلة المادتين 882 - 893 ) .

التقنين المدني الليبي م 817 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1055 : لكل شخص أن يسقي أرضه من مياه الأنهر والترع العامة ، وله أن يشق جدولا لأخذ هذه المياه إلى أرضه ، وذلك كله وفقا للقوانين والأنظمة المتعلقة بذلك م 1056 : من أنشأ مسقاة أو مصرفا خصوصيا طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها كان له وحد حق استعمالها .

م 1057 : 1 - حريم الآبار والينابيع والترع الخاصة والمساقي والقنوات والمصارف ملك أصحابها ، ولا يجوز لغيرهم أن يتصرف فيها بوجع من الوجوه . فمن حفر بئرا في حريم بئر مملوك لشخص آخر أجبر على ردمه ، ولكن إذا حفر البئر خارج هذا الحريم فلا يجبر على الردم حتى لو أخذ بئره ما ء البئر الأول .

2 - ولا حريم لبئر حفره شخص في ملكه ، ولجاره أن يحفر للجار حق الحصول على الشرب من مسقاة جاره إلا باتفاق معه ) .

قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل ( انظر فيما يتعلق باسناد الإنشاءات الفنية على ضفة المجرى المقابلة المادتين 79و 80 - وانظر في هذه المسألة في القانون اللبناني حسن كيرة دروس ص 129 - ص 130 - وانظر بوجه عام في القيود المتعلقة بالمياه في القانون اللبناني حسن كيرة المرجح المشار إليه ص 125 - ص 138 ) .&%$ ) .

 $ 715 $

ويلاحظ أن النص سالف الذكر لا يقتصر على حق الشرب ، بل هو يشمل إلى جانب حق الشرب حق المسيل ( الصرف ) في إحدى صورتيه فقد تقدم أن حق المسيل إما أن يباشر في المصرف الخاص المملوك للجار بعد أن يستوفي في هذا حاجته منه وهذه هي الصورة التي يعرض لها النص ، أو من طريق إنشاء مصرف خاص في ارض الجار لتصل مياه الصرف بواسطته إلى المصرف العام وهذه صورة أخرى لا يعرض لها النص ويعرض لها نص آخر . وحتى لا يتجزأ حق المسيل ، نقتصر في معرض النص الذي نحن بصدده على حق الشرب دون حق المسيل ، ونستبقى صورة حق المسيل التي عرض لها النص لتنضم إلى الصورة الأخرى ، وبذلك نبحث حق المسيل في كل من صورتيه في مكان وأحد .

443 - شروط الحصول على حق الشرب ( تغليب مصلحة خاصة راجحة على مصلحة خاصة مرجوحة ) : تتلخص شروط الحصول على حق الشرب أن يكون للمالك مسقاة خاصة ، استوفي منها حاجته ، وله جار ، هو أيضاً في حاجة إلى ري أرضه ، فعندئذ يجوز للجار أن يحصل على حق الشرب من المياه الفائضة في هذا المسقاة ، على أن يدفع لمالك المسقاة مقابلا الشرب من المياه الفائضة في هذه المسقاة ، على أن يدفع لمالك المسقاة مقابلا لما انتفع به من مائها سيأتي بيانه . ولم يكن التقنين المدني السابق يجعل للجار حق الشرب على النحو المتقدم بيانه ، إذ كانت المادة 32 / 53 من هذا التقنين تنص ،كما رأينا ، على أن " من أنشأت ترعة ، فله الحق في الانتفاع دون غيره بمائها أو بيعه " ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 442 في الهامش .&%$ ) . ولكن لائحة الترع والجسور التي صدرت في سنة 1894 أعطت ، في المادة 8 منها ،للجار أن يحصل على حق الشرب من ترعة جاره الخاصة بنفس الشروط التي تقررت فيما بعد في التقنين المدني الجديد ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 442 في الهامش .&%$ ) .

وإعطاء الجار حق الشرب على هذا النحو فيه تغليب مصلحة خاصة راجحة على مصلحة خاصة مرجوحة . فمالك المسقاة مصلحته في أن يحتفظ بحق ملكيته كاملا دون شريك له في مسقاته ، حتى لو فاضت فيها مياه يرى أن يستأثر بها ولا يعطيها لجاره . ولكن هذه المصلحة لو فاضت فيها مياه يرى أن يستأثر بها ولا يعطيها لجاره . ولكن هذه المصلحة مصلحة ضعيفة مرجوحة ، تنطوي على أنانية لا مبرر لها . ويتغلب على هذه المصلحة المرجوحة لمصلحة راجحة $ 716 $ للجار في أن يحصل على حق الشرب من المياه الفائضة في المسقاة وهو في حاجة إليها ، في حين أن المالك قد استوفي حاجته ، على أن يعوض الجار المالك فيما أخذ من مائة .

فالشروط إذن للحصول على حق الشرب أربعة : ( 1 ) للمالك مسقاة خاصة . ( 2 ) استوفي منها حاجته . ( 3 ) وله جار . ( 4 ) هو في حاجة إلى ري أرضه .

444 - الشرط الأول – للمالك مسقاة خاصة : يجب هنا التمييز بين الترعة العامة والمسقاة الخاصة .

فالترعة العام ، كما تنص المادة 2 من قانون الري والصرف ، هي " كل مجري معد للري تكون الدولة قائمة بنفقات صيانته يوم العمل بهذا القانون ، ويكون مدرجا بسجلات وزارة الأشغال العمومية أو فروعها ، وكذلك المجاري التي تنشئها وزارة الأشغال العمومية بوصفها ترعا عامة وتدرجها في سجلاتها بهذا الوصف " . فالترع التي أنشأتها الحكومة أو تنشئها ، لري الأراضي الزراعية ، وتقوم بنفقات صيانتها ، وتدريجها بسجلاتها ، تعتبر ترعا عامة . ويجوز ، كما تنص المادة 4 من قانون الري والصرف ، بقرار من وزير الأشغال العمومية ( وزير الري ) أن تعتبر أية مسقاة أو مصرف خاص ترعة عامة تستمد المياه من أيهما ، أو إذا أي منهما . ولا تدفع الحكومة أية تعويضات عن الأرض المشغولة بالمسقاة أو المصرف قبل اعتباره عاما ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بان اتصاف ترعة بأنها عمومية أو غير عمومية أمر قانوني تبينه لائحة الترع والجسور ، فمن واجب المحكمة إذن أن تراعي في قضائها ما جاءت به تلك اللائحة في هذا الصدد . فإذا هي لم تفعل ، واعتمدت فقط في قيام صفة الترعة على تقرير الخبير المؤسس على تطبيق خريطة فك الزمام المرسوم عليها ما يفيد أن الترعة بجسريها عمومية ، كان حكمها متعينا نقض مدني 5 أبريل سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 62ص 423 ) .&%$ ) . ولوزارة الهيمنة على توزيع مياه الري بالمجاري العامة على اختلاف $ 717 $ أنواعها ، وتوزيع مياه كل مجري عام على المأخذ الخاصة التي تتغذى منه ولها إدخال ما ترى إدخاله من التغيير والتعديل في نظام الري والصرف ، وتطهير ما ترى ضرورة لتطهيره من الترع والمصارف العامة في الأوقات ، وبالكيفية التي تراها ( م 31ري وصرف )( $%&[1] ) والحكومة مسئولة عن ضمان وصول المياه للأراضي وتوزيعها عادلا ، فإذا نبت خطأ عمالها في تحقيق ذلك أمكن الرجوع عليها بالتعويض ( محكمة الاستئناف 16 مايو سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 43 - 17أبريل سنة 1927 المحاماة 7ص 877 - 14يناير سنة 1918المحاماة 9ص 368 - استئناف مختلط 2 يناير سنة 1919م 31ص 95 ) - وقد أصبح بموجب لائحة الترع والجسور ثم بموجب قانون الري والصرف ، اخذ الأتربة من الأراضي للأعمال اللازمة لوقاية الجسور ،و إلقاء ناتج تطهير الترع والمصارف العامة في الأراضي الزراعية ، كلا الأمرين في مقابل تعويض عادل ( م 6 ري وصرف ) . وأصبحت كذلك المعاونة السنوية من الأهالي في دفع أخطار الفيضان في مقابل أجور مناسبة تعطي للمكلفين بالمعاونة ( م 57ري وصرف ) .&%$ ) . ولا يجوز إنشاء مأخذ المياه في جسور النيل أو جسور الترع العامة قبل الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الري ، ويكون إجراء جميع الأعمال الواقعة تحت جسور النيل بواسطة وزارة الري وعلى نفقات الطالب ( م 36 ري وصرف ) ( $%&[1] ) وتنص المادة 33 من قانون الري والصرف على أن ( يعين وزير الأشغال العمومية ( وزير الري ) المناوبات على اختلاف أنواعها وتواريخ السدة الشتوية ، وتعليق هذه المواعيد بالجريدة الرسمية ، وتنشر على الأهالي بالطرق الإدارية . ويجوز المفتش الري في أي وقت أن يأمر ، ولو خلال أدوار العمالة بمنع أخذ المياه من ترعة أو من مجموعة من الترع العامة ، وذلك لضمان توزيع المياه توزيعا عادلا ، أو لمنع إعطاءه الأراضي مياها أكثر من حاجتها " . هذا لا يجوز للحكومة أن تتعسف في استعمال سلطتها هذه . وإلا كانت مسئولة نحو من أحاق به ضرر من جراء تعسفها ( محكمة الاستئناف 16مايو سنة 1905 المجموعة الرسمية 6رقم 43 ) . وتنص المادة 37 الموجودة في جسر إحدى الترع العامة والمعدة للري ، يزيد أو ينقص عن حاجة الأرض المخصصة لها ،بسبب زيادة عددها أو نقصه أو اتساعها أو اتساع مستوى فرشها أو انخفاضه ، فلتفتيش الري ، بعد التعرف على وجهات نظر أصحاب تلك الأراضي في جلسة يحددها ، أن يقوم بإنقاص عدد من المأخذ أو زيادته أو توسيعها أو تضييقها أو رفع مستوي فرشها أو خفضه بما يحقق الغرض ، وذلك على نفقة الحكومة … أما إذا طلب المالك من تفتيش الري إجراء تعديلات مماثلة ، جاز للتفتيش أن يقوم بذلك على نفقة الطالب " .

وتقض المادة 40 بأنه إذا تبين لتفتيش الري أنه يوجد أكثر من طريق لري الأرض ، جاز له أن يأمر بإبطال ما يراه زائداً من المأخذ على الحاجة ، ويكون هذا الإبطال على نفقة الحكومة وتقتضي المادة 41 بأنه إذا اتخذت الوسائل لتوصيل المياه من النيل أو من إحدى الترع العامة إلى أرض تروى من مآخذ المياه ، جاز لتفتيش الري إبطال المأخذ وإزالته على نفقة الحكومة .&%$ ) .

 $ 718 $

أما المسقاة الخاصة فهي مجزى ماء معد للري ، ينشئه المالك في أرضه لريها وتقضي المادة 808 / 1 مدني كمبدأ عام ، كما رأينا ، بأن من أنشأ مسقاة خاصة طبقا للوائح الخاصة بذلك ، كان له وحده حق استعمالها . وصاحب الأرض المنتفع بالمسقاة الخاصة مكلف ، على نفقته ، بتطهيرها وصيانتها وحفظ جسورها في حالة جيدة ( م 11 ري وصرف )( $%&[1] ) فإن هو قصر ، جاز لتفتيش الري تطهيرها على نفقته ( م 12ري وصرف ) ، أو إذا منع بغير حق من الانتفاع بمسقاة وكان حائزا لها مدة سنة ، صدر من مفتش الري قرار موقت بتمكينه من استعمال حقه ( م 15 ري وصرف ) وتنص المادة 14 من قانون الري والصرف على أن " تعتبر الأراضي التي تمر فيها مسقاة أو مصرف خاص محملة بحق ارتفاق لصالح الأراضي الأخرى التي تنتفع بتلك المسقاة أو بذلك المصرف ، ما لم يقم دليل على خلاف ذلك " وتنص المادة 21 من نفس القانون على أنه " إذا رأي مفتش الري ، بناء على تقرير الباشمهندس أو شكوى من ذوي الشان ، أن أحد المصارف أو المساقي الخاصة أصبح عديم الفائدة أو مضراً وأمكن الاستغناء عنه لوجود طريق آخر للري أو للصرف ، جاز له أن يصدر قرارا بسد أو إبطال تلك المسقاة أو المصرف ، أو منع الضرر إذا لم يمكن الاستغناء عن المسقاة أو المصرف ، وإلزام صاحبها للقرار في موعد معين ، وإلا جاز للتفتيش إجراء ذلك على نفقته " .

وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد استند في اعتباره المسقاة محل الدعوى مسقاة خصوصية إلى أدلة مؤدية إلى ذلك ، فإنه لا يعيبه كونه لا يرد على ما تمسك به القائلون بأنها ترعة عمومية مع أنها ثابتة في خرط المساحة ، أو أنها تروى أطيانا لأشخاص آخرين ومقام عليها كوبري إذ أن رد إثبات المسقاة في خرط المساحة لا يصلح دليلا على أنها مسقاة عمومية ، كما أن انتفاع ملاك آخرين بها بالري منها أو إقامة وزارة الأشغال كوبريا عليها –ذلك لا يمنع كونها مسقاة خصوصية محملة بحق ارتفاق للغير أو للمصلحة العامة ( نقض مدني 9 مارس سنة 1950مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزء أول ص 399 ) .&%$ ) .

445 - الشرط الثاني – استوفي المالك حاجته من المسقاة : ولما كان كسب الملكية ، وهو الذي يقوم بتطهيرها وصيانتها ، فإن له الأولوية في ري أرضه منها ، إذ هي ملكه ، والمالك أحق بما ملك .

له أن يستوفي حاجته كاملة من المسقاة ، فيروى أرضه منها ريا كافياً . وإذا كانت عنده وسائل أخرى ممكنة للري ، كأن كان بإمكانه حفر بئر توازية أو الحصول على حق مجري قريب من النيل أو من ترعة عامة ، لم يكلف الالتجاء إلى هذه الوسائل ما دامت عنده مسقاة خاصة تكفيه لري أرضه . فإذا روى $ 719 $ أرضه بأكملها ريا كافياً من هذه المسقاة ، وفاضت مياه بعد ذلك ، فحينئذ يكون لجاره الحصول على حق الشرب من هذه المياه الفائضة .

446 - الشرط الثالث – للمالك جار هو الذي له حق الشرب :يجب أن يكون من يطلب حق الشرب من المياه الفائضة في المسقاة جاراً للمالك صاحب المسقاة . والجوار هنا له صور ثلاث ، تدخل كلها في المعنى المقصود بالجوار :

أولا – أن تكون ارض الجار ملاصقة لضفة المسقاة ، فتكون المسقاة في هذه الصورة حدا فاصلا ما بين ارض الجار وأرض المالك ،وقد انعقد الإجماع على أن للجار في هذه الصورة أن يطلب حق الشرب ، غذ هو جار ملاصق للمسقاة ذاتها .

ثانياً - أن تكون أرض الجار فاصلا بين ارض المالك وبين مأخذ مياه المسقاة ، فتعبر مياه المسقاة في هذه الصورة أرض الجار في مجرى يحصل عليه المالك ، حتى تصل مياه المسقاة إلى أرض المالك ، وفي هذه الصورة لا شك أيضاً في أن أرض الجار تعتبر ملاصقة للمسقاة ، بحكم مرور مياه المسقاة فيها . فيكون للجار أن يحصل على حق الشرب من المسقاة .

ثالثاً – أن تكون المسقاة داخل ارض المالك ، غير ملاصقة لأرض الجار ، فلا هي تقع في حدود هذه الأرض ، ولا هي تعتبرها حتى تصل إلى أرض المالك .وفي هذه الصورة الأخيرة لا تكون أرض الجار ملاصقة للمسقاة ذاتها ، ولكنها ملاصقة لأرض المالك التي أنشئت في داخلها المسقاة .وهذه الصورة وحدها هي محل الخلاف ،دون الصورتين الأوليين .فبعض يذهب إلى أنه لا يكون للجار فيها أن يحصل على حق الشرب ، إذا يشترط للحصول على هذا الحق الجوار للمسقاة ذاتها ، ولا يكفي مجرد الجوار للأرض التي أنشئت فيها المسقاة ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي 1 فقرة 292 - محمد على عرفة فقرة 208 - شيرون بحث في نظام الري في القانون المصري مجلة القانون والاقتصاد 3ص 164 - حسن كيرة فقرة 67ص 206 - ويستند الأستاذ محمد على عرفة إلى المادة 13 من قانون الري والصرف وهذا النص لا شأن له بهذه المسألة فهو إنما يعرض للأرض الواقعة على جانبي مسقاة أو مصرف خاص ، وتكون مملوكة لملاك متعددين ، فيعتبر " بالنسبة إلى أعمال التطهير والصيانة وري المسقاة أو المصرف حدا فاصلا بين أملاكهم ، ما لم يثبت خلاف ذلك " &%$ ) . وبعض آخر يذهب إلى أنه يكفي الجوار للأرض التي أنشئت فيها $ 720 $ المسقاة ، ولا ضرورة لأن تكون المسقاة نفسها ملاصقة لأرض الجار ، وهذا هو الرأي الذي نأخذ به ، لأن عبارة " الملاك المجاورين " التي وردت في نص المادة 808 / 2 مدني جاءت مطلقة لا تميز بين جار ملاصق للمسقاة وجار ملاصق للأرض التي فيها المسقاة ، فكلاهما " للجار " في معنى النص ، ولأن الحكمة في الحالتين متوافرة ، فالجار في حالة ملاصقة للمسقاة وفي حالة ملاصقته للأرض التي فيها المسقاة في حاجة إلى ري أرضه ، وما ء المسقاة يفيض عن حاجة مالكها ، فواجب التضامن الاجتماعي يقضي في الحالتين بان يكون للجار الحصول على حق الشرب ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى شفيق شحاته فقرة 371 - عبد المنعم البدراوي فقرة 354ص 397 - إسماعيل غانم فقرة 51ص 109 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 66ص 102منصور مصطفي منصور فقرة 27ص 66 .&%$ ) . ولا شك في أن النجار ، في هذه الصورة الأخيرة لا يكتفي بالحصول على حق الشرب ، بل هو في حاجة أيضاًِ إلى حق المجرى ، إذ يجب أن تعبر مياه المسقاة غير الملاصقة لأرضه جزءاً من أرض المالك حتى تصل إلى أرض الجار . ومن ثم يكون للجار أن يحصل أيضاً ، إلى جانب حق الشرب ، على حق المجري في أرض المالك ، وشرط حق المجرى هنا متوافر إذ الجار في حاجة إلى المياه لري أرضه ، فيأخذها من المسقاة عن طريق الحصول على حق المجرى في أرض المالك .

وقد يتعدد الملاك المجاورون ، بعض يجاور المسقاة ذاتها وبعض يجاور الأرض التي في المسقاة ، أو كلهم يجاورون المسقاة ذاتها ، أو كلهم يجاورون الأرض التي فيها المسقاة ففي جميع هذه الأحوال ، لا تكون مجاورة المسقاة ذاتها سبباً لتفضيل جار على جار آخر ، بل العبرة بالحاجة إلى المياه الفائضة . فمن كان من هؤلاء الجيران اشد حاجة من الآخرين إلى هذه المياه قدم على الآخرين ، واستوفي حاجته منها قبل غيره .وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى كما رأينا : " ويلاحظ أن مالك المسقاة مفضل على الجيران ، فهو الذي يستوفي حاجته من المياه أولاً ، ويأتي الجيران بعد ذلك ، فإذا تزاحموا $ 721 $ قدم من كانت حاجته أشد ، ويترك تقدير ذلك للجهة الإدارية المختصة " ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 441 .&%$ ) والجهة الإدارية المختصة هنا هي تفتيش الري .

447 - الشرط الرابع – الجار في حاجة إلى ري أرضه : ويشترط أخيراً ، حتى يحصل الجار على حق الشرب ، أن يكون في حاجة إلى ري أرضه ريا كافياً . فإذا لم يكن عنده مورد من الماء أصلا لري أرضه ، قامت به هذه الحاجة ، حتى لو كان يستطيع أن يسدها بالالتجاء إلى طرق أخرى كحفر بئر إرتوازية أو يجلب المياه من طريق مجرى يطلبه من جار آخر . فالقانون لا يفرض عليه أن يلجأ إلى طريقة دون أخرى وما دام في حاجة إلى ري أرضه ويستطيع أن يسد هذه الحاجة بالحصول على حق الشرب كان له ذلك ويستطيع أيضاً أن يطلب حق الشرب ، حتى لو كان عنده مورد آخر للمياه ولكنه غير كاف لري أرضه بأكملها كمسقاة صغيرة أو بئر إرتوازي . فالقانون يعطيه الحق في الشرب لري أرضه ريا كافياً ، وتقول المادة 16 من قانون الري والصرف في هذا الصدد " إذ رأي أحد ملاك الأطيان انه يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه ريا كافيا … إلا باستعمال مسقاة … في أرض الغير .. " .

وكما قد يتعدد الملاك المجاورين ، قد يتعدد أيضاً الملاك الذين يملكون المساقي الخاصة . فإذا كان الجار محاطا بملاك متعددين كل منهم يملك مسقاة خاصة فالظاهر أن له أن يختار أيا من هؤلاء الملاك يطالبه بحق الشرب , وهو لا شك يحكم مصلحته في ذلك ، فيختار المالك الذي يكون الحصول على حق الشرب من مسقاته أيسر من الملاك الآخرين .و ليس له أن يعنت ، فإذا عدل عن هذا المالك إلى مالك آخر يكون الحصول على حق الشرب من مسقاته أشد مشقة وأكثر كلفة دون مصلحة ظاهرة ، رده تفتيش الري عن تعنته ، واختار له أيا من الملاك حق الشرب من عنده هو أيسر .

448 - الإجراءات الواجب اتباعها للحصول على حق الشرب _ التعويض الواجب دفعه : بنص المادة 16 من قانون الري والصرف ( المعدلة بالقانون رقم 29 لسنة 1956 ) على أنه " إذا رأي أحد ملاك الأطيان أنه يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه ريا كافيا أو صرفها صرفا كافيا إلا بإنشاء $ 722 $ مسقاة أو مصرف في ارض ليست ملكه ، أو باستعمال مسقاة أو مصرف موجود في أرض الغير ، وتعذر عليه التراضي مع أصحاب الأراضي ذوي الشأن أو وكلائهم الرسميين ، فيرفع شكواه لمفتش الري ليأمره بإجراء التحقيق فيها وعلى التفتيش أن يطلب جميع الخرائط والمستندات التي يستلزمها بحث الطلب ، في مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ وصول الطلب إليه . ويتولى الباشمهندس إجراء التحقيق في موقع المسقاة أو المصرف ، وعليه أن يعلن بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول كل ذي شان أو وكلاءهم الرسميين بالمكان والوقت الذين يحددهما قبل الانتقال إلى الموقع المذكور بأربعة عشرة يوماً على الأقل وترفع نتيجة هذا التحقيق إلى المفتش ، الذي يصدر قرارا مسببا بإحالة الطلب أو رفضه ، بعد استيفاء التحقيق إذا رأي ضرورة لذلك .ويجب أن يصدر القرار خلال شهرين من تاريخ استيفاء تلك الخرائط والمستندات ، ويعلن القرار المذكورة لكل ذي شان بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول .. " .

والنص سالف الذكر لا يتعلق فحسب بحق الشرب ،بل هو أيضاً كما نرى يتناول حق المجري وحق المسيل ، فإجراءات هذه الحقوق الثلاثة – الشرب ، والمجري والمسيل – واحدة ، ويلاحظ فيما يتعلق بحق الشرب ،أن النص لا يذكر حتى شرط الجوار ، فضلا عن شرط ملاصقة أرض الجار لمسقاة المالك ذاتها .

ويخلص من النص أن الجار ، إذا أراد الحصول على حق الشرب ، ولم يستطلع التراضي على ذلك مع مالك المسقاة ، رفع طلبه إلى مفتش الري . وهذا يحيل الطلب إلى الباشمهندس لينتقل إلى موقع النزاع ويعاين الأراضي المتجاورة على الطبيعة . ثم يرفع تقريره إلى مفتش الري بنتيجة المعاينة ,على مفتش الري أن يطلب جميع الخرائط والمستندات التي يستلزمها بحث الطلب ، وله أن يستوفي التحقيق إذا رأي ضرورة لذلك . وبعد كل هذا يصدر المفتش ، في خلال شهرين من تاريخ استيفائه للخرائط والمستندات ، قرار يسبباً بإجابة طلب الجار إلى حق الشرب أو رفض الطلب . وهذا القرار الإداري يجوز الطعن فيه أمام القضاء الإداري ( $%&[1] ) ويعاقب القانون الري والصرف مخالفة الأوامر والقرارات الصادرة وفقا للمادة 16 سالفة الذكر بغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تجاوز مائة جنيه ( م 72 / 2 ري وصرف ) .ويختص في الفص في الجريمة لجنة ادارية برياسة حافظ الإقليم أو السكرتير العام للمحافظة ووكيل تفتيش الري أو من ينيبه وعضو شياخات تعينه لجنة الشياخات . أما في المحافظات ، بحسب نظام المديريات والمحافظات القديم ، فتشكل اللجنة من المحافظ أو من ينوب عنه رئيسا ومن عضو من مصلحة الري يندبه وزير الأشغال العمومية وعضو يختاره المحافظ من الملاك الزراعيين في المحافظة ( م 75ري وصرف مضافة بالقانون رقم 29 لسنة 1956ومعدلة بالقانون رقم 385 لسنة 1956 ) .&%$ ) .

 $ 723 $

وإذا قضى القرار بإجابة الطلب ، وأجاز للجار الانتفاع بالمسقاة ، وجب تعويض مالك المسقاة ، و " يشمل التعويض أداء جزء مناسب من التكاليف الأصلية لتلك المسقاة ( أو المصرف ) " ( م 18 ري ومصرف ) وتقول المادة 808 / 2 مدني في هذا المعنى كما رأينا : " وعلى الملاك المجاورين في هذه الحالة أن يشتركوا في نفقات إنشاء المسقاة أو المصرف وصيانتهما ، بنسبة مساحة اراضيهم التي تنتفع منهما " والمفروض هنا أن الأراضي التي تنتفع من المسقاة ( أو المصرف ) يكون انتفاعها كاملاً ، ولذلك يكون التعويض بنسبة مساحة هذه الأراضي فإن كان الانتفاع جزئياً ، وجبت مراعاة ذلك أيضاً عند تقدير التعويض ، فيكون بنسبة مساحة الأراضي وبنسبة هذا الانتفاع الجزئي .

وتنص المادة 77 من قانون الري والصرف على أنه " في جميع الأحوال التي يقضي فيها هذا القانون بأداء تعويض ، تقرر قيمته ، عند عدم الاتفاق عليه وديا ، لجنة تشكل برياسة مفتش الري أو من ينيبه وعضوية مفتش المساحة وعمدة البلد ، ويصدر قرارها بأغلبية الآراء ويكون نهائياً .ومن ثم تكون هذه اللجنة هي المختصة بتقدير التعويض ، ويجوز الطعن في قرارها أمام القضاء الإداري وبذلك تكون المنازعات وتقدير التعويضات المتعلقة بالري والصرف من اختصاص الإدارة واللجان الإدارية ( $%&[1] ) ونرى من ذلك أن جميع مسائل الري والصرف ، ويدخل في ذلك الجرائم والعقوبات أصبحت الآن من اختصاص الجهة الإدارية . وهذه الجهة تفضل الجهة القضائية ، لأنها أقرب إلى تفهم طبيعة هذه المسائل وأسرع في البت فيها ، وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً يقضي باختصاص الجهات الإدارية في هذه المسائل ، فكانت المادة 1176من هذا المشروع تنص على أن " تتولى الجهات الإدارية المختصة الفصل في المنازعات المتعلقة بتطبيق المواد … وفقا للوائح الصادرة في هذا الشأن " . ولكن لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب حذفت هذه النص ، وتقدمت إلى الحكومة برغبة في أن تعدل اللوائح الإدارية الخاصة بهذا الموضوع بما يجعل الجهة الإدارية هي المختصة دون غيرها كدرجة أولي ، وان يكون استئناف قراراتها أمام الجهة القضائية ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 42 - ص 43 في الهامش ) وقد كان هناك اختلاف قديم ، في عهد التقنين المدني السابق حيث كانت المادة 33 / 54 من هذا التقنين تجعل المحاكم القضائية المختصة بوجه عام في المنازعات المتعلقة بحقوق الري والصرف ، في الجهة المختصة ، أتكون جهة القضاء وفقاً لحكم المادة 33 / 54 أم جهة الإدارة وفقا لأحكام لائحة الترع والجسور التي صدرت في سنة 1894 بعد صدور التقنين المدني السابق ؟ وكن الرأي السليم إذ ذاك هو أن تكون جهة الإدارة هي المختصة دون جهة القضاء ، إذا أن لائحة الترع والجسور قد أفردت جهات الإدارة بالاختصاص فنسخت أحكام التقنين المدني السابق في هذا الشان ولكن محكمة النقض قضت بأن تكون كل من الجهة الإدارية والجهة القضائية مختصة في دعاو وضع اليد ، أما دعاو الملك فتبقى من اختصاص الجهة القضائية وحدها ( نقض مدني 11 يناير سنة 1940 مجموعة عمر 2 رقم 20ص 42 - وانظر أيضاً نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1945 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزء أول ص 642 - وانظر بين صدور قانون الري والصرف في سنة 1953 والقانون المعدل له الصادر في سنة 1956نقض جنائي 24يناير سنة 1955المحاماة 36 رقم 233ص 479 - 4 أبريل سنة 1955المحاماة 36رقم 379ص 783 ) .

ولم يعد اليوم مجال لقيام هذا الخلاف القديم ، بعد صدور التقنين المدني الجديد ومن بعده قانون الري والصرف المعدل بالقانون رقم 29 لسنة 1956 ، فنصوص هذه التشريعات متضافرة على أن الاختصاص منعقد للجهة الإدارية دون الجهة القضائية . انظر هذه المسألة محمد على عرفة فقرة 223 - فقرة 226مكررة – محمد كامل مرسي 1 فقرة 319 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 72 .

ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض أخيراً بأنه لما كان القانون رقم 68 لسنة 1953 في الشأن الري والصرف قد ضمن نصوصه أحوالا خاصة لاستحقاق التعويض عما ينشأ من الأضرار بسبب تنفيذ بعض أحكامه ، ثم نص في المادة 77 على أنه " في جميع الأحوال التي يقضي فيها هذا القانون بأداء تعويض ولم يتم الاتفاق عليه وديا تقدر قيمته لجنة … " فإنه يبين من ذلك أن اختصاص اللجنة مقصور على نظر طلبات التعويض في الحالات المحددة في القانون رقم 68 لسنة 1953 . أما طلبات التعويض في غير هذه الأحوال فإن الاختصاص بنظرها يكون للمحاكم صاحبة الولاية العامة بنظر جميع الأنزعة إلا ما استثنى بنص خاص . لما كان ذلك ، وكان المدعى قد طلب بالدعوى التعويض عن الأضرار التي لحقت بأرضه نتيجة لما يدعيه من أن الحكومة لم تراع الأصول الفنية في إنشاء المصرفين ولم تتعهدهما بالصيانة والتطهير ، وكان التعويض لذلك السبب مما لم يرد عليه نص في القانون رقم 68 لسنة 1953 ، فإن اللجنة المنصوص عليها في المادة 77 من ذلك القانون لا تختص بنظره ، ويكون الاختصاص به للمحاكم ( نقض مدني 31 يناير سنة 1963 مجموعة أحكام النقض 14 رقم 27 ص 203 ) .&%$ ) .

 $ 724 $

ويلاحظ أن التعويض الذي يعطي لمالك المسقاة ، في مقابل حق الشرب الذي حصل عليه جاره ، يشمل جزءاً من مصروفات إنشاء المسقاة وجزءاً من تكاليف صيانتها على النحو المتقدم الذكر . ولا يشتمل جزءاً من ثمن الأرض $ 725 $ المحفورة فيها المسقاة . ذلك لأن المسقاة تبقى ملكاً خالصاً لصاحبها ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى شفيق شحاته فقرة 373 - محمد على عرفة فقرة 206 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 61 - حسن كيرة فقرة 67ص 207 - وانظر في أن الاشتراك في نفقات الإنشاء والصيانة كان يجب أن يترتب عليه الاشتراك في ملكية المسقاة محمد كامل مرسي 1 فقرة 293 .&%$ ) . ولا يكون للجار عليها إلا حق عيني ليس بحق ارتفاق ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 393 .&%$ ) . ولما كان الجار يتمتع بري أرضه من المسقاة ، فلا محل إذن لعدم اشتراكه في مصروفات إنشاء المسقاة ، بالرغم من أن بعض الفقهاء قد انتقد اشتراكه في هذه المصروفات ( $%&[1] ) ومن هؤلاء الفقهاء شيرون في بحثه في نظام الري في مصر في مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 174 - محمد على عرفة فقرة 209 - حسن كيرة فقرة 67ص 208 .

وفي حالة تعاقب طلبات الانتفاع بالمسقاة من الجيران ، وجب على كل جار يأتي لاحقا أن يتحمل ، فوق تكاليف الصيانة ، حصته في نفقات الإنشاء ، ويرد لمن سبقوه من الجيران والمالك نصيب كل منهم في هذه الحصة .&%$ ) . ولما كان لم يساهم في دفع قيمة الأرض التي حفرت فيها المسقاة ، فقد بقيت ملكية المسقاة خالصة لصاحبها كما سبق القول .

وسنرى فيما يلي أن التعويض يدفع مقدماً ( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 453 .&%$ ) .

449 - الإصلاحات الضرورية للمسقاة التي يتعدد المتفعون بها _ نص قانوني : تنص المادة 811 مدني على ما يأتي :

 " إذا لم يتفق المنتفعون بمسقاة أو مصرف على القيام بالإصلاحات الضرورية جاز إلزامهم بالاشتراك فيها بناء على طلب أي وأحد منهم " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1175 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عيه لجنة المراجعة تحت رقم 880 في المشروع النهائي ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 879 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 811 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 41 - ص 46 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق . ولكن المادة 18من لائحة الترع والجسور كانت تقضي بتكليف المنتفعين بإصلاح المسقاة أو المصرف ، فإذا تعذر عليهم ذلك أجرت الحكومة الإصلاح على نفقتها ورجعت على المنتفعين بحسب اقتدارهم ، فإذا تحقق عدم الاقتدار تجاوزت الحكومة عن الرجوع .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية .

التقنين المدني السوري لا مقابل .

التقنين المدني الليبي م 820 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .&%$ ) .

 $ 726 $

والنص يعرض للمسقاة الخاصة وللمصرف الخاص ، ونقتصر هنا على المسقاة الخاصة . فقد يتعدد المنتفعون بها ، وأكثر ما يقع هذا التعدد بأن يكون ملاك هذه المسقاة متعددين وقد اشتركوا جميعا في إنشاء المسقاة ، أو بأن يكون وأحد من المنتفعين هو وحده الذي أنشأ المسقاة في أرضه وحصل المنتفعون الآخرون على حق الشرب منها وفقا للأحكام التي قدمناها ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 443 وما بعدها .&%$ ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع في هذا الصدد : " وإذا انتفع بالمسقاة أو المصرف أشخاص متعددون ،سواء لأنهم اشتركوا جميعا في الإنشاء ، أو لأن واحدا منهم هو المنشئ وثبت للباقي حق الانتفاع وفقاً لما تقدم من الأحكام ، فإنهم يشتركون جميعاً في الإصلاحات الضرورية ، ويجيزون على ذلك بناء على طلب أي وأحد منهم " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 45 .&%$ ) .

فإذا كان المنتفعون كلهم ملاكا للمسقاة ، كان لكل منهم أخذ المياه منها بنسبة مساحة ما يملكه من الأرض ،وتنص المادة 10 من قانون الري والصرف على أن " لأصحاب الأراضي التي تنتفع بها بمسقاة واحدة مملوكة لهم أخذ المياه منها ، بنسبة مساحة ما يملكه كل منهم من الأراضي المذكورة . ويفصل مفتش الري بقرار نهائي في كل نزاع ينشأ في كيفية استعمالهم هذا الحق " ( $%&[1] ) وتنص المادة 13 من قانون الري والصرف على أنه " إذا كانت الأرض الواقعة على جانبي مسقاة أو مصرف خاص مملوك لملاك متعددين ، اعتبر ، بالنسبة لأعمال التطهير والصيانة ، محور المسقاة أو المصرف حدا فاصلا بين أملاكهم ، ما لم يثبت خلاف ذلك .&%$ ) .

وسواء كان المنتفعون كلهم ملاكا للمسقاة أو كان بعض منهم مالكا وبعض له حق الشرب ، فالجميع ملزمون ، كما رأينا ، بتطهير المسقاة وصيانتها بنسبة مساحة أراضيهم ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 448 .&%$ ) . وتنص المادة 11 من قانون الري والصرف في هذا الصدد $ 727 $ على أن أصحاب الأراضي المنتفعة بالمساقي والمصارف الخاصة مكلفون على نفقتهم بتطهيرها وصيانتها وحفظ جسورها في حالة جيدة " . ويجب فهم هذا النص على معنى واسع . فيدخل فيما يكلف به المنتفعون على نفقتهم جميع الإصلاحات الضرورية للمسقاة . فإذا قامت الحاجة إلى إصلاحات ضرورية للمسقاة ، وجب على الجميع القيام بها على نفقتهم ، كل بنسبة مساحة أرضه . ويجوز لأي منهم ،سواء كان هو المنشئ للمسقاة أو كان له عليها حق شرب فقط ، لا يجيز الآخرين على ذلك إذا امتنعوا عن القيام بهذا الالتزام .وهذا احكم هو ما تؤكده المادة 881 مدني فيما رأينا إذ تقول : " إذا لم يتفق المنتفعون بمسقاة أو مصرف على القيام بالإصلاحات الضرورية جاز إلزامهم بالاشتراك فيها بناء على طلب أي وأحد منهم "

وقد تكفلت المادة 12 من قانون الري والصرف ببيان الإجراءات التي تتبع لإلزام المنتفعين بالقيام بواجبهم من التطهير والصيانة وحفظ الجسور وجميع الإصلاحات الضرورية .هي تنص على أنه " إذا لم يقم أصحاب الأراضي بإجراء ما هو مبين في المادة السابقة ( التطهير والصيانة الخ ) ، جاز المفتش الري ، بناء على تقرير الباشمهندس أو على شكوى من ذي شان ، أن يكلفهم بتطهير المسقاة أو المصرف ، أو بإزالة ما قد يعترض سر المياه من عوائق أو أشجار أو خلافة ، أو بصيانتها أو بترميم جسورها ، أو بإعادة إنشاء هذه الجسور ، في موعد معين ، وإلا قام تفتيش الري بإجراء ذلك وتحصيل النفقات بالطرق الإدارية من أصحاب الأراضي كل بنسبة مساحة أرضه التي تنتفع بالمسقاة أو الصرف . ويحسب ضمن هذه النفقات قيمة التعويض عن كل أرض تكون قد شغلت بناتج التطهير " .ويتبين من ذلك أن إصلاح المساقي والمصارف الخاصة أمر لا يعني فحسب المنتفعين بها ، بل يعني أيضاً المصلحة العامة في الاقتصاد الزراعي ، إذ يقوم تفتيش الري ، إذا لم يتقدم أحد المنتفعين ، بتكليف هؤلاء بإجراء الأعمال اللازمة للإصلاح ، فإذا امتنعوا قام التفتيش نفسه بهذه الأعمال ورجع بالنفقات على المنتفعين .

2 - المجري والمسيل

450 نص قانوني : تنص المادة 809مدني على ما يأتي :

 $ 728 $

 " يجب على مالك الأرض أن يسمح بأن تمر بأرضه المياه الكافية لري الأراضي البعيدة عن مورد المياه ، وكذلك مياه الصرف الآتية من الأراضي المجاورة لتصب في أقرب مصرف عمومي ، بشرط أن يعوض عن ذلك تعويضاً عادلا " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1173 من المشروع التمهيدي مطابقا لما اسقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن العبارة الأخيرة من النص كانت في المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " بشرط أن يعوض عن ذلك مقدماً " وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 878 في المشروع النهائي ,واستبدل مجلس النواب عبارة " تعويضا عادلا " بكلمة " مقدما " ، ووافق على النص معدلا على هذا الوجه تحت رقم 877 . وأقره مجلس الشيوخ بهذا التعديل تحت رقم 809 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 37 - ص 38 ) .&%$ )

ويقابل النص المادة 33 / 54 من التقنين المدني السابق ( $%&[1] ) التقنين المدني السابق م 33 / 54 : يجب على كل صاحب أرض أن يجعل ممراً في أرضه للمياه اللازمة لري الأراضي البعيدة عن مأخذ المياه ، في نظير تعويض يعطى له مقدما بعد تقديره بمعرفة المحاكم . وعند التنازع تحكم بالكيفية التي كون بها إنشاء ذلك الممر ، وما يلزم من العمل بجالة يراعي فيها ما يمكن من تخفيف الضرر ، وليس لصاحب الأرض التي يسقيها بآلات أو ترع أن يجبر أصحاب الأراضي التي دونه على قبول مياهه بأراضيهم .

ويتبين من هذه النص أن هناك فروقا بين التقنين المدني السابق ، والتقنين المدني الجديد تتلخص فيما يأتي :( أ ) لم يكن التقنين االمدني السابق يقرر حق المسيل ، بل اقتصر على تقرير حق المجري لكن لائحة الترع والجسور التي أعقبت التقنين المدني السابق في سنة 1894 تلاقت هذا النقص ، المادة 15 من هذه اللائحة حق المسيل أسوة بحق الجري ، ولما كانت لائحة الترع والجسور تشريعاً لا يسر على الأجانب ( استئناف مختلط 12 فبراير سنة 1913م 35ص 177 ) فقد صدر القانون رقم 27لسنة 1912يعدل المادة 54 من التقنين المدني المختلط ويقرر حق المسيل . ( ب ) في حق المجر يختلف التقنين المدني السابق عن التقنين المدني الجديد في مسألتين : أولاهما أن التقنين المدني السابق لم يسمح بحق المجر إلا للمياه " اللازمة " لري الأرض ، لا للمياه " الكافية " التي يسمح بها التقنين الجديد . والمسألة الثانية أن التقنين السابق قد فرض اختصاص المحاكم القضائية في مسائل الصرف والري دون الجهة الإدارية ، أما في التقنين الجديد فهذا الاختصاص للجهة القضائية مقرر والذي تقرر على العكس من ذلك هو اختصاص الجهةالادارية ، كما بينا فيما تقدم ( انظر آنفا فقرة 448 في الهامش ) .&%$ ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري

م 963 – 964 و 968و 980 - 981و 984 - 986 - وفي التقنين المدني الليبي م 818 - وفي التقنين المدني العراقي م 1052 - 1054و 1058 - $ 729 $ وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 59 - 60 و 64و 77 - 78و 81 - 83 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخر : التقنين المدني السوري م 963 - 964( تقرران حق المسيل للمياه السائلة سيلا طبيعيا من الأراضي العالية والمياه والعيون النابعة ) م 986 : على كل مالك عقار أن يبني سطوحه بصورة تسيل معها مياه الأمطار في أرضه أو في الطريق العمومية ، مع مراعاة الأنظمة الخاصة المتعلقة بالطرقات ، ولا يجوز له إسالة هذه المياه في الأرض المجاورة .

م 980 : يمكن لكل مالك عقار يريد أن يستعمل لري أرضه المياه الطبيعية أو الاصطناعية التي يكون له حق التصرف بها ، أن يحصل على مرور هذه المياه في الأراضي المتوسطة بينها وبين أرضه ، بشرط أن يدفع عن ذلك تعويضاًَ معجلا .

م 981 : يمكن أيضاً لمالك العقار المذكور أن يحصل لقاء تعويض معجل ، على إجازة لإمرار المياه التي تسيل من أرضه بعد ريها على هذه الصورة ، في الأراضي التي تكون تحتها .

م 984 : 1 - لكل مالك عقار ، يريد إصلاح أرضه بإسالة مياهها أو بأية طريقة أخرى للتجفيف ، أن يمر هذه المياه مقابل تعويض عادل معجل الدفع ، تحت الأرض أو فوقعها ، غير الأراضي الفاصلة بين أرضه وبين مجرى ماء أو أي خندق آخر لمسيل المياه . 2 - ويستثني من هذا الارتفاق البيوت والباحات والحدائق الجنائن والعرضات والمسورة المجاورة للمساكن .

م 985 :يحقق لمالكي العقارات المجاورة أو التي تجتازها المياه أن يستعملوا المنشآت المحدثة ، عملا بالمادة السابقة ، لإسالة مياه أراضيهم . وفي هذه الحالة يلزمهم ، ( أ ) قسم من أكلاف المنشآت بنسبة استفادتهم منها . ( ب ) النفقات الناجمة عن التحويرات التي قد يترتب إحداثها لاستعمال هذا الحق . ( جـ ) الحصة التي تصيبهم فيما بعد من أكلاف صيانة هذه المنشآت التي تصبح مشتركة .

م 986 : إن المنازعات التي قد تسفر عن إحداث حق الإرتفاق هذه وعن استعماله ، وعن تحديد ممر المياه ، وعن القيام بالأشغال اللازمة لإسالة المياه أو للتجفيف ، أو عن التعويضات . وأكلاف الصيانة ، ترفع إلى قاضي الصلح المنطقة الذي يتوجب عليه ،عند إصدار حكمه ، أن يوفق بين مصالح المشروع وبين الاحترام الواجب لحق الملكية .

التقنين المدني الليبي م 818 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1052 - 1054 ( توافق المواد 963 - 964و 968 من التقنين السوري .

م 1058 : 1 - على صاحب الأرض أن يسمح بأن تمر بأرضه المياه الكافية لري أراضي غيره البعيدة عن مورد المياه ، وليس فيها ماء للزارعة ، ولا سبيل لمرور المياه فيها مباشرة ، وكذلك مياه الصرف الآتية من الأراضي المجاورة لتصب في أقرب مصرف عام ، بشرط أن يدفع صاحب الأرض مقدما أجراً سنوياً ، وعلى شرط إلا يخل ذلك بانتفاع صاحب الأرض إخلالا بينا ..

2 - وعلى صاحب الأرض أن يسمح كذلك بأن تقام على أرضه الإنشاءات الفنية الضرورية للمجري المسيل اللازمين للأراضي البعيدة ، بشرط أن يستوفي عن ذلك أجرا سنويا مقدما وله أن يستفيد من هذه الإنشاءات بشرط أن يتحمل من مصروفات إنشائها وصيانتها قدرا يتناسب مع استفادته ، 3 - إذا لم يتفق الطرفان على الأجر ، تولت تقديره المحكمة .

قانون الملكية العقارية اللبناني :

م 59 - 60و 64 ( توافق المواد 963 - 964و 968 من التقنين المدني السوري )

م 77 - 78و 81 - 83 ( توافق المواد 980 - 981و 984 - 986 من التقنين السوري ) .&%$ ) .

 $ 730 $

ويقرر النص حق المجري للأراضي البعيدة عن مورد المياه ، وحق المسيل للأراضي البعيدة عن المصارف العامة ، والمسيل يقابل المجري ، وقد يقابل الشرب كما سنرى . وكلاهما يجب للحصول عليه توافرت شروط معينة ، وله إجراءات ، وتدب أن يدفع عنه تعويض عادل . والمنتفعون بالمروى ( في حق المجري وكذلك في حق الشرب ) أو بالمصرف ( في حق المسيل ) يلتزمون بإجراء الإصلاحات الضرورية للمروى أو للمصرف . كذلك يكون المنتفع بالمروى أو بالمصرف مسئولا عن الضرر الذي يصيب الأرض التي يمر بها أي منهما ونبحث هذه المسائل على التعاقب .

451 - المسيل يقابل المجري وقد يقابل الشرب :يأخذ حق المسيل إحدى صورتين : ( 1 ) فهو في الأصل يقابل حق المجري ، فكما يكون للجار حق المجري لمرور مياه الري من أرض جاره حتى تصل إلى أرضه كذلك يكون له حق المسيل لمرور مياه الصرف بعد ري أرضه من أرض جاره حتى تصل إلى أقرب مصرف عام ( م 809 مدني ) ( 2 ) وقد يقابل حق المسيل حق الشرب ، وقد رأينا الفقرة الثانية من المادة 808 مدني تقضي بأنه يجوز للجار أن يستعمل المسقاة أو المصرف المملوك لجاره لأخذ مياه الري من المسقاة ولتصريف مياه الصرف في المصرف .

ومن ثم يكون هناك تقابل كامل بين الري والصرف فتارة يستعمل الجار مسقاة جارة للري وهذا هو حق الشرب الذي فصلناه فيما تقدم ،ويستعمل مصرف جاره للصرف وهذا هو حق المسيل في إحدى صورتيه المتقدمتي الذكر . وطوراًٍ لا يستعمل الجار مسقاة جاره ولا مصرفه ، وإنما يجري مياه الري في ارض جاره لتصل إلى أرضه وهذا هو حق المجري ، ويصرف مياه الصرف عبر أرض جاره في ممر هو الذي ينشئه على نفقته لتصل المياه بواسطة هذا الممر إلى المصرف العام وهذا هو حق المسيل في صورته الأخرى .

 $ 731 $

452 - الشروط الواجب توافرها لكل من حق المجري وحق المسيل : للحصول على حق المجري أو حق المسيل يجب توافر الشرطيين الآتيين :

( الشرط الأول ) يجب أن يكون من يطلب هذا الحق جاراً لمالك الأرض التي يراد استعمال الحق فيها .

ففيما يتعلق بحق المجري يجب أن يكون طالب هذا الحق مالكا للأرض المجاورة للأرض التي يطلب فيها إنشاء المجرى أو المروى .وهو ينشئ المروى في ارض جاره على نفقته ، حتى يجلب عن طريقها مياه الري الكافية لري أرضه ، فتمر هذه المياه عبر هذا المروى ومياه الري التي يجلبها قد يأخذها من النيل مباشرة بإنشاء مأخذ للمياه في جسر النيل ، أو يأخذها من مأخذ في جسر إحدى الترع العامة ، أو في جسر ترعة خاصة مملوكة له ، أو في جسر ترعة خاصة مملوكة للغير ولكن تقرر له عليها حق الشرب وفقا للقواعد التي أسلفناها أو بالاتفاق مع صاحب هذه الترعة . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : " أما حق المجري فقد أعطاه المشروع لمالك الأرض البعيدة عن مأخذ المياه ، فتمر من أرض الجار المياه الكافية لري أرضه ، وهي مياه يأخذها من ترعة عامة ،أو من ترعة خاصة مملوكة له ، أو من ترعة خاصة مملوكة للغير ولكن تقرر له عليها حق الشرب ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 44 .&%$ ) " . ويلاحظ أن الجار إذا جلب مياه الري من النيل مباشرة أو من ترعة عامة ،وجب عليه الحصول على ترخيص في ذلك من وزارة الري ( م 36ري وصرف ) . فيتعين عليه إذ 1 ، أن يحصل أولاً على هذا الترخيص من جهة الإدارة ، حتى يستطيع أن يطالب بعد ذلك بحق المجرى . ولما كانت الإدارة هي المختصة بالترخيص في مأخذ المياه وباتخاذ الإجراءات اللازمة للحصول على حق المجري ، فهي لن تتخذ هذه الإجراءات حتى تمنح الجار هذا الترخيص . فإذا ما رفضت إعطائه الترخيص لم تعد هناك فائدة من تقرير حق المجري في الأرض التي عينها الجار ، إذ قد يأخذ ترخيصاً بمأخذ للمياه في موضع آخر فتتغير الأرض التي يتقرر عليها حق المجرى ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي فقرة 303 - محمد على عرفة فقرة 213 - عبد المنعم البدراوي فقرة 357ص 400 - إسماعيل غانم فقرة 52ص 110 - حسن كيرة فقرة 68ص 209 - ص 210 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67ص 104 - منصور مصطفي منصور 28 – وقرب شفيق شحاتة فقرة 675ص 367 - وأنظر عكس ذلك استئناف مختلط 15فبراير سنة 1894م 6ص 153 .&%$ ) . هذا $ 732 $ وقد يكون مأخذ المياه الذي أنشأه الجار مفصولا عن أرض الجار ليس فحسب بأرض جاره المباشر ، بل أيضاً بأرض أو أراض أخرى تجاور ارض الجار المباشر ، فعندئذ يحصل الجار على تقرير حق المجري في جميع في هذه الأراضي أرضاً بعد أخرى ، حتى يستطيع جلب مياه الري إلى أرضه .

وفيما يتعلق بحق المسيل في صورته الأولي ، وهو المسيل المقابل للمجري يجب أيضاً أن تكون الأرض التي ينشئ فيها الجار المصرف على نفقته مجاورة لأرضه ، حتى يسيل ماء الصرف منها فتصل إلى أقرب مصرف عام . وقد يقتضي وصولها إلى أقرب مصرف عام أن يخترق المصرف الذي ينشئه الجار أراضي متعددة ، الأرض المجاورة والأراضي أخرى التي تجاورها ، فيتقرر حق المسيل على هذه الأراضي جميعها أرضا بعد أخرى ، ويختلف حق المسيل هنا عن حق المجري في أن حق المسيل يتقرر لتصل مياه الصرف إلى أقرب مصرف عام ، لا إلى مصرف خاص سواء كان مملوكا للجار أو مملوكا للغير كما هو الأمر في حق المجري كما بينا ( $%&[1] ) انظر في انتقاد ذلك محمد على عرفة فقرة 219ص 267 .&%$ ) . وفيما يتعلق بحق المسيل في صورته الأخرى ، وهو المسيل المقابل للشرب ، فقد رأينا أن المادة 809 / 2 مدني تنص على أنه " يجوز للملاك المجاورين أن يستعملوا المسقاة أو المصرف فيما تحتاجه أراضيهم من ري أو صرف ، بعد أن يكون مالك المسقاة أو المصرف قد استوفي حاجته منها ، وعلى الملاك المجاورين في هذه الحالة أن يشتركوا في نفقات إنشاء المسقاة أو المصرف وصيانتها بنسبة مساحة أراضيهم التي تنتفع منها " . فما قدمناه في المسقاة ينطبق أيضاً على المصرف ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 443 وما بعدها .&%$ ) . فيشترط أن يكون للمالك مصرف خاص وقد استوفي حاجته أولاً من هذا المصرف ،وان يكون طالب حق المسيل جاراً للأرض وليس من الضروري أن يكون ملاصقاً للمصرف ذاته ( $%&[1] ) انظر عكس ذلك الأستاذ منصور مصطفي منصور إذ يقول : " أما بالنسبة لحق الصرف في مصروف الجار الخاص ، فيجب أن تكون الأرض التي تحتاج إلى الصرف مجاورة للمصرف ذاته ، إذا لو كانت للأرض التي فيها المصرف دون أن تجاور المصرف ذاته ، لاقتضى الأمر إمرار مياه الصرف في ارض الجار لتصب في مصرفه الخاص ، والمشروع لم يجز إمرار مياه الصرف في الأرض المجاورة التي يملكها الغير إلا لكي تصب في مصرف عمومي " ( منصور مصطفي منصور فقرة 29ص 69 ) . وانظر في هذا المعنى شفيق شحاتة فقرة 379ص 370 - عبد المنعم البدراوي فقرة 361 - إسماعيل غانم فقرة 53ص 112 - عبد المنعم الصدة فقرة 68 .

وإذا استقامت هذه الحجة من ناحية التحليل اللفظي للنصوص ، فإن المفهوم بوجه عام من مجموع النصوص أن هناك صورتين للصرف : ( الصورة الأولي ) تتحقق حيث يعطي الجار حق المسيل على المصرف الخاص للمالك ، وفي هذه الصورة يكون المفهوم هو أن الجار يصل إلى المصرف الخاص بالوسيلة الممكنة ، ولو بشق ممر لمياه الصرف حتى تصب عن طريقه في المصرف الخاص للمالك . ولهذا نظير في حق الشرب ،فقد قدمنا أنه متى ثبت للجار حق الشرب من مسقاة المالك ، واقتضى الأمر شق مجر في أرض المالك لتوصيل مياه المسقاة إلى ارض الجار ، كان للجار أن يشق هذا المجري ( انظر آنفا فقرة 446 ) . ( والصورة الثانية ) تتحقق حيث يعطي للجار حق شق مصرف في أرض المالك ، وفي هذه الصورة وحدها اشترط القانون أن يصب المصرف الخاص الذي شقه الجار في أقرب مصرف عام ( م 809 مدني ) .وغنى عن البيان أن من يشترطون مجاورة المسقاة ذاتها في حق الشرب يشترطون كذلك مجاورة المصرف الخاص ذاته في حق المسيل ( انظر آنفا فقرة 446 في الهامش ) .&%$ ) . فعند ذلك $ 733 $ يجوز لهذا الجار أن يطلب الحق في صرف المياه بعد ري أرضه في المصرف الخاص الذي لجاره . ولا يمتد حق الجار في هذه الصورة إلى أبعد من أرض جاره المباشر الموجود فيها مصرفه الخاص ، فإن مياه الصرف تكون قد وصلت بوصولها لهذا المصرف إلى غايتها ، وتسيل بعد ذلك مع مياه صرف المالك إلى المصرف العام أو المصرف الخاص الذي تستقر فيه مياه هذا الصرف .

( الشرط الثاني ) يجب أن يكون الجار في حاجة إلى ري أرضه عن طريق المجري ، أو إلى صرف مياهه عن طريق المصرف .

ففيما يتعلق بحق المجري ، يجب أن تكون الوسيلة الوحيدة لدى أرض الجار هي إنشاء مروي في أرض جاره حتى تصل إليه مياه الري عن طريقها فإذا كانت لديه وسيلة أخرى للري ، كأن كان يستطيع ري أرضه ريا كافيا عن طريق آبار إرتوازية ، أو عن طريق مراو أخرى حصل عليها بالاتفاق مع جيرانه الآخرين ، فليس ثمة به حاجة إلى حق المجرى في أرض جاره ، إذا هو في غنى عنه بهذه الوسائل الأخرى .ويجب أن تكون هذه الوسائل الأخرى من شأنها أن يستطيع عن طريقها ري أرضه ريا كافيا ، فقد صرحت المادة 809 $ 734 $ مدني كما رأينا بأن المياه التي تمر بأرض الجار هي " المياه الكافية لري الأراضي البعيدة عن مورد المياه " ( $%&[1] ) وقد توسع القضاء المختلط في منح المجري بالرغم من ضيق نصوص التقنين المدني المختلط وعدم تطبيق لائحة الترع والجسور لأن اللائحة لم تكن سارية على الأجانب ، فكان يقضي بمنح حق المجري إذا ثبت أنه الوسيلة الوحيدة لاستغلال الأرض بطريقة عملية مقبولة ، حتى لو كان من غير المستحيل الحصول على الماء بوسيلة أخرى ، ويمنح هذا الحق أيضاً حتى لو كانت المياه تصل الأرض ولكنها لا تكفي إلا للزراعة الشتوية ، وبأن من حق الجار أن يحصل على المياه الكافية بإقامة آلة رافعة في المالك إذا ثبتت فائدة هذه الآلة ( استئناف مختلط 20مايو سنة 1892م 4ص 346 - 5 فبراير سنة 1913م 25ص 163 ) – فمن باب أولي تطبيق هذه الأحكام بعد أن توسع التقنين المدني الجديد وقانون الري والصرف في حق المجري .انظر محمد على عرفة فقرة 211ص 267 - ص 268 .&%$ ) . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إذا حصل الجار على حق المجري ، وجب أن تكون المروى من السعة بحيث يمكن أن تجلب " المياه الكافية " لري أرضه ، على ما صرح به النص فيما رأينا ، وقد كان التقنين المدني السابق ( م 33 / 54 ) يقتصر على السماح بإنشاء ممر في أرض المالك " للمياه اللازمة لري الأرض البعيدة عن مأخذ المياه " ، فكان يمكن تفسير ذلك بأن الجار إذا كان يصله الماء فعلا لم يستطيع أن يحصل على حق المجري في أرض جاره ، حتى لو كان الماء الذي يصله لا يسمح برى الأرض كلها ريا كافياً " ( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 211ص 267 .&%$ ) .

وفيما يتعلق بحق المسيل في صورتيه ، يجب أيضاً أن تكون الوسيلة الوحيدة لصرف مياه الجار هي حصوله على حق مسيل في أرض جاره . فإذا كانت لديه وسائل أخرى ، كان استطاع أن يصرف المياه من طريق آخر ولو كان بعيداً ، أو حصل بالاتفاق مع جيران آخرين على حق مسيل في أراضيهم ، لم يعد له بعد ذلك أن يطلب حق المسيل في ارض جاره ، وما قلناه في الري الكافي يقال أيضاً في الصرف الكافي ، فيجب أن يمكن الجار من صرف مياهه صرفاً كافياً ( $%&[1] ) فإذا كان يستطيع صرف مياه صرفا غير كاف ، لم يمنعه من ذلك من طلب حق المسيل ونص المادة 16 من قانون الري والصرف صريح في هذا المعنى إذ يقول : " إذا رأي أحد ملاك الأطيان انه يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه ريا كافيا أو صرفها صرفا كافيا إلا بإنشاء مسقاة أو مصرف في أرض ليست ملكه ، أو باستعماله مسقاة أو مصرف موجود في ارض الغير … " وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه لا يجوز أن يدفع ضد الجار الذي يطالب بحق المسيل بأن في إمكانه صرف مياهه بوسائل ميكانيكية ( استئناف مختلط 2 ديسمبر سنة 1915م 28ص 42 ) . وانظر محمد كامل مرسي 1 فقرة 314ص 416 .&%$ ) .

 $ 735 $

والمياه التي يطلب من أجلها حق المسيل هي المياه التي تتخلف بعد ري ارض الجار ، أما المياه التي تنحدر بفعل الطبيعة من الأراضي المرتفعة كمياه الأمطار فهذه لا يقرر القانون حق مسيل بالنسبة إليها .وقد كان المشرع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً يعطي حق المسيل لهذه المياه أيضاً ، فكانت المادة 1177من هذا المشروع تنص على ما يأتي : " على مالك الأرض المنخفضة أن يقيم جسراً يسد الماء ، كما أنه ليس لمالك الأرض المرتفعة أن تأتي ما من شأنه الزيادة فيما يجب أن تتحمله الأرض المنخفضة من ذلك ( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 45هذا وينظم صرف المياه المنزلية القانون رقم 96لسنة 1950الخاص بصرف المياه المباني والمواد المخلفة في المجاري المقامة . وكان القضاء المختلط يقضي بوجود حق مسيل للمياه التي تنحدر بفعل الطبيعة من أرض عالية إلى أرض منخفضة بالرغم من عدم وجود نص يقضي بذلك ( استئناف مختلط أول يونيه سنة 1922م 34ص 441 ) .&%$ ) " وكان حق المسيل الذي قرره المشروع التمهيدي في هذا الخصوص يتعارض مع التقنين المدني السابق ، إذا كانت المادة 42 / 64 من هذا التقنين تنص على أنه " يجب على كل مالك أن يصرف في أرضه أو في الطريق العام مياه الأمطار ومياهه المنزلية بالتطبيق على اللوائح الصحية " .ولما عرض نص المشروع التمهيدي سالف الذكر على لجنة المراجعة ، قررت حذفه لعدم الحاجة إليه في مصر ، حيث يقل نزول الأمطار ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 43في الهامش – وهذا لا يمنع من كسب حق ارتفاق بصرف مياه الأمطار ونحوها في ارض الجار بطريق الاتفاق وبطريق تخصيص المالك ، وكذلك بالتقادم إذا وجدت علامات ظاهرة لاستعمال هذا الحق " محمد على عرفة فقرة 217ص 274 - حسن كيرة فقرة 69ص 213هامش 1 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 68ص 106هامش 1 ) .&%$ ) .

453 - إجراء الحصول على حق المجري وحق المسيل والتعويض الواجب – إحالة : بينا فيما تقدم ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 448 .&%$ ) الإجراءات الواجب اتباعها للحصول على حق الشرب ، وهذه الإجراءات هي نفسها الإجراءات الواجب اتباعها للحصول على حق المجري وعلى حق المسيل في كل من صورتيه وقد رأينا المادة $ 736 $ 16 من قانون الري والصرف تقضي بأنه في حالة ما إذا رأي الجار أنه " يتعذر عليه ري أرضه ريا كافيا أو صرفها صرفاً كافيا إلا بإنشاء مسقاة ( وهذا هو حق المجرى ) أو مصرف ( وهذا هو حق المسيل في إحدى صورتيه ) في أرض ليست ملكه ، أو باستعمال مسقاة ( وهذا هو حق الشرب ) أو مصرف ( وهذا هو المسيل في الصورة الأخرى ) موجود في أرض الغير … " فإنه إذا لم يستطع التراضي مع أصحاب الأراضي ذوي الشأن ، يقدم طلباً إلى مفتش الري .ويتول الباشمهندس إجراء التحقيق في موقع المسقاة والمصرف ، ويسير بعد ذلك في إجراءات معينة سبق بيانها ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 448 - وإذا حصل الجار على حق المجري في ارض المالك ، وكان المالك نفسه أرضه بعيدة عن مورد المياه وتوافرت فيه شروط الحصول على حق الشرب ، فإنه يستطيع أن يحصل على حق الشرب من مروى الجار المشقوقة في أرضه ( انظر آنفا فقرة 446 - وانظر محمد كامل مرسي فقرة 309 - شفيق شحاتة فقرة 377ص 369 - عبد المنعم البدراوي فقرة 354ص 397وفقرة 359ص 401 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67ص 105 ) .وكذلك إذا حصل الجار على حق المسيل في أرض المالك فأنشأ مصرفا خاصا ، جاز للمالك إذا توافرت فيه هو أيضاً شروط الحصول على حق المسيل أن يحصل على هذا الحق ، ويصرف مياهه في المصرف الخاص المملوك لجاره والمشقوق في أرضه .&%$ ) .

ويجب أن يعوض المالك عن حق المجري وحق المسيل كما يعوض عن حق الشرب فيما رأينا ، فإذا كان المطلوب شق مروي أو مصرف في أرض المالك للمجري أو للمسيل ، تحمل الجار كل نفقات إنشاء المروري أو المصرف وجميع تكاليف صيانته ، وسنرى أنه إذا أصاب أرض المالك ضرر من المروي أو المصرف فالمالك أن يطلب تعويضاً عما أصابه من الضرر . وإذا كان المطلوب الانتفاع بمسقاة المالك أو بمصرفه ، فإن التعويض يكون باشتراك الجار " في نفقات إنشاء المسقاة أو المصرف وصيانتها ، بنسبة مساحة ( أرضه ) التي تنتفع منها " ( م 808 / 2 مدني ) وتقدر قيمة التعويض على النحو سالف الذكر ، عند عدم الاتفاق عليه وديا ، لجنة تشكل برياسة مفتش الري أو من ينيبه وعضوية مفتش المساحة وعمدة البلد ، ويصدر قراراها بأغلبية الآراء ويكون نهائياً .وكان المشروع التمهيدي لنص المادة 809 مدني يقضي بأن يدفع التعويض مقدما ، ولكن هذا الحكم الخاص بتعجيل التعويض حذفه مجلس النواب ، $ 737 $ واستبدل به أن يكون التعويض " تعويضاً عادلا " ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 450 في الهامش – كانت المادة 33 / 54 من التقنين المدني السابق تقضي ، فيما يتعلق بحق المجري ، بدفع التعويض مقدما . فكانت المحاكم تقضي بعدم جواز البدء بأعمال الإنشاء قبل دفع التعويض وبأن المالك الحق في رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة لمنح المضي في الأعمال التي بدأت قبل ذلك ( استئناف مختلط 12 فبراير سنة 1913م 25ص 177 ) .وبأن وجوب دفع التعويض مقدماً يتعارض مع جعله مرتبا سنويا ( استئناف مختلط 7 مايو سنة 1921م 33ص 305 ) .&%$ ) . ولكن المادة 18 / 1 من قانون الري والصرف . وقد صدر هذا القانون بعد صدور التقنين المدني الجديد ، تنص على ما يأتي : " لا ينفذ القرار الصادر بمقتضى المادتين السابقتين ( ويدخل القرار الذي يعطي الجار الشرب أو حق المجري أو حق المسيل ) إلا بعد أداء تعويض جميع الأشخاص الذين لحقهم ضرر من هذا القرار " . ومعنى ذلك أن يدفع التعويض مقدما ، فلا يجوز إذن تقسيطه ( $%&[1] ) انظر عكس ذلك محمد على عرفة فقرة 214ص 272 .&%$ ) ، بل يجب تعجيله جملة واحدة .ومن ثم لا يجوز البدء بأعمال الإنشاء قبل دفع التعويض الواجب ، أما فيما يتعلق بمصروفات الصيانة فيدفعها الجار على دفعات ، معجلة أيضاًِ في كل دفعة ، بحسب ما تقتضيه أعمال الصيانة ، كل هذا إلا إذا تم اتفاق بين أصحاب الشأن على غير ذلك ( $%&[1] ) ولا يكسب حق المجري أو حق المسيل إلا باتباع هذه الإجراءات . وقد قضت محكمة النقض بأن حق المجري لا يتقرر لمجرد ما أوجبه القانون على مالك الأرض من السماح بأن تمر في أرضه المياه الكافية لري الأطيان البعيدة عن مورد الماء ، بل يجب لذلك أن يتقدم صاحب الأرض الذي يرى أنه يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه ريا كافيا ، والذي تعذر عليه التراضي مع مالك الأرض التي يمر بها المجري ، وطلب إلى المحكمة أو جهة الإدارة المختصة لتقرير هذا الحق وبيان الكيفية التي يكون بها إنشاء المجري وتحديد التعويض الذي يدفعه مقابل تقرير هذا الحق له ، إذا أن تقرير هذا الحق لا يكون إلا مقابل تعويض عادل ( نقض مدني 11 نوفمبر سنة 1965مجموعة أحكام النقض رقم 162ص 1043 ) .

وهناك حالة خاصة لحق المجري نصت عليها المادة 53من قانون الري والصرف ، إذا تقول : " إذا تحول النيل عن مجراه حتى تكون بذلك جزيرة صغيرة أو طرح بحر تجاه أرض مقام عليها آلة رافعة مرخص بها ، ورأت الحكومة بيع الجزيرة أو الأرض أو إيجارهما ، فلصاحب الآلة الحق في حفر مسقي في الأرض الجديدة لإيصال المياه إلى تلك الآلة ، دون أداء أي تعويض " . انظر في هذه المسألة محمد على عرفة فقرة 215 .&%$ ) . $ 738 $

454 - تعدد المنتفعين بالمصرف – إحالة : بقى مما سبقت الإشارة إليه حالة ما إذا كان حق المسيل قد تقرر على مصرف خاص للمالك ، فأصبح المنتفع بهذا المصرف كل من المالك الذي أنشأه والجار الذي حصل على حق المسيل . وقد رأينا أن المادة 811مدني تنص على أنه " إذا لم يتفق المنتفعون مسقاة أو مصرف على القيام بالإصلاحات الضرورية ، جاز إلزامهم بالاشتراك فيها بناء على طلب أي وأحد منهم " .وقد سبق بيان ذلك فيما يتعلق بالمسقاة الخاصة ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 449 .&%$ ) ، وما ذكرناه في هذا الشأن ينطبق على المصرف الخاص . فقد يكون هذا المصرف ملكا لأشخاص متعددين اشتركوا جميعاً في إنشائه ، أو يكون ملكا لواحد منهم والباقي ينتفعون به بموجب حق المسيل ِ .وفي جميع الأحوال يلزم المنتفعون بالقيام بالإصلاحات الضرورية للمصرف وتطيره وصيانته وحفظ جسوره . نقول المادة 11 من قانون الري والصرف في هذا الصدد كما رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 449 .&%$ ) " : أصحاب الأراضي المنتفعة بالمساقي والمصارف الخاصة مكلفون على نفقتهم بتطهيرها وصيانتها وحفظ جسورها في حالة جيدة " . ويكون ذلك بنسبة ما يملكه كل منهم من الأراضي التي تنتفع بالمصرف . ويجوز لأي من المنتفعين ، سواء كان هو المنشئ للمصرف أو كان من المنتفعين بموجب حق المسيل ، أن يجير الآخرين على ذلك إذا امتنعوا عن القيام بهذا الالتزام .

وقد تكفلت المادة 12 من قانون الري والصرف ببيان الإجراءات التي تتبع لإلزام المنتفعين القيام بهذا الواجب , وقد سبق بيان ذلك فيما يتعلق بالمسقاة الخاصة ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 449 .&%$ ) ، وما ذكره هناك ينطبق هنا .

455 - مسئولية مالك المروي أو المصرف – نص قانوني : تنص المادة 810 مدني على ما يأتي :

 " إذا أصاب الأرض ضرر من مسقاة أو مصرف يمر بها ، سواء أكان ذلك ناشئا عن عدم التطهير أم عن سوء حالة الجسور ، فإن لمالك الأرض أن $ 739 $ يطلب تعويضاً كافيا عما أصابه من ضرر " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1174من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه لجنة المراجعة تحت رقم 879في المشروع النهائي .ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 87 ،فمجلس الشيوخ تحت رقم 810( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 40 - ص 41 ) . ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق . ولكن انظر المادة 16من لائحة الترع والجسور ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري لا مقابل .

التقنين المدني الليبي م 819 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1058 / 1 العبارة الأخيرة ( مطابق ) .

قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .&%$ ) .

والمفروض هنا أن الجار هو الذي أنشأ المروى في أرض المالك بموجب حق المجرى ، أو أنشأ المصرف بموجب حق المسيل فعليه أن يقوم على نفقته بتطهير المروى أو المصرف ، وصيانته ، وحفظ جسوره في حالة جيدة ( م 11 ري وصرف ) . فإذا قصر في ذلك ، وأصاب أرض المالك التي شق فيها المروى أو المصرف ضرر ، كأن تلقت زراعته من جراء انسياب المياه لسوء حالة الجسور أو امتنع عليه الزرع أو نحو ذلك ، كان على الجار صاحب المروى أو المصرف أن يعوض المالك عن الضرر الذي أصابه ، وفقاً للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " فالمادة ..تعطي الجار الذي ترتب على أرضه حق ري أو مسيل ، فأصابه ضرر من المسقاة أو المصرف الذي يمر بأرضه ، الحق في أن يطلب تعويضاً كاملا ممن ينتفع بهذه المسقاة أو المصرف ، سواء نشأ الضرر عن عدم التطهير ، أو عن سوء حالة الجسور ، أو عن أي سبب آخر ينسب إلى خطأ المالك المنتفع ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 45 ) .&%$ ) .

ويقترن بالتعويض النقدي التعويض عيني . فقد نصت المادة 12 من قانون الري والصرف كما رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 449 .&%$ ) على أنه " إذا لم يقم أصحاب الأراضي بإجراء ما هو مبين في المادة السابقة ( التطهير والصيانة وحفظ الجسور ) ، جاز لمفتش الري ، بناء على تقرير الباشمهندس أو على شكوى من ذي شأن ، أن يكلفهم بتطهير $ 740 $ المسقاة أو المصرف أو بإزالة ما قد يعترض سير المياه من عوائق أو أشجار أو خلافه أو بصيانتهما ، أو بترميم جسورهما ، أو بإعادة إنشاء الجسور ، في موعد معين ، والإقامة التفتيش بإجراء ذلك . وتحصل النفقات بالطرق الإدارية من أصحاب الأراضي ، كل بنسبة مساحة أرضه التي تنتفع بالمسقاة أو بالمصرف ، ويحسب ضمن هذه النفقات قيمة التعويض عن كل أرض تكون قد شغلت بناتج التطهير " ( $%&[1] ) ويكن أيضاً تطبيق المادة 21 من قانون الري والصرف ، فقد رأيناها ( انظر آنفا فقرة 444 في الهامش ) تقول : " إذا رأي مفتش الري ، بناء على تقرير الباشمهندس أو شكوى من ذوي الشأن ، أن أحد المصارف أو المساقي الخاصة أصبح عديم الفائدة أو مضراً ، وأمكن الاستغناء عنه لوجود طريق آخر للري أو للصرف ، جاز له أن يصدر قرارا بسد أو إبطال تلك المسقاة أو المصرف ، أو منع الضرر إذا لم يمكن الاستغناء عن المسقاة أو المصرف ، وألزم أصحابها بتنفيذ القرار في موعد معين ، وإلا جاز للتفتيش إجراء ذلك على نفقتهم " .&%$ ) .

المبحث الثاني

التلاصق في الجوار

1 - وضع الحدود

456 - نص قانوني :تنص المادة 813 مدني على ما يأتي :

 " لكل مالك أن يجبر جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة ، وتكون نفقات التحديد شركة بينهما " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1181 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد .ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 884 في المشروع النهائي .ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 882وفي لجنة مجلس الشيوخ قال أحد الأعضاء اللجنة إنه يخشى أن يكون هناك تعارض بين هذا النص وما يجري عليه العمل في مصلحة المساحة من حيث تحديد المالك . فرد عليه مندوب الحكومة بأنه ليس هناك تعارض ، لأن النص يقرر حق فصل الحدود ، أما فيما يختص بالتنفيذ فيرجع إلى الأوضاع التي يقررها القانون ، والى أن يوضع القانون الخاص بذلك فمرجع الأمر إلى القضاء . فوافقت اللجنة على النص تحت رقم 813 ، وأقر مجلس الشيوخ النص كما وافقت عليه لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 53 - ص 55 ) .&%$ ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق . ولكن تقنين المرفعات $ 741 $ السابق كان يفترض وجود دعوى تعيين حدود العقار ، فيجعلها من اختصاص القاضي الجزئي مهما بلغت قيمة العقارات المطلوبة تعيين الحدود بينها ( م 26 / 29 مرافعات )( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " لم يعرض التقنين الحالي ( السابق ) لالتزام الجيران بوضع حدود ما بين أملاكهم المتلاصقة . ولكن تقنين المرافعات ( م 26 / 29 ) جعل الدعاوى المتعلقة بوضع الحدود من اختصاص القاضي الجزئي ، فافترض وجودها ، وتنسيقا للتشريع نص المشروع على هذا الالتزام " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 54 ) . &%$ ) . ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : لا مقابل في التقنين المدني السوري – وفي التقنين المدني الليبي م ن 822 – وفي التقنين المدني العراقي من 1060 - ولا مقابل في قانون الملكية العقارية اللبناني ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري لا مقابل .

التقنين المدني الليبي م 822 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1060 : لكل مالك ان يسور ملكه ، على ألا يمنع ذلك من استعمال حق لعقار مجاور . وله ان يجبر جاره على وضع حدود لملاكهما المتلاصقة ، وتكون نفقات التجديد شركة بينهما . ( والتقنين العراقي يتفق مع التقنين المصري ) .

قانون الملكية العقارية اللبناني لا مقابل .

&%$ ) .

والمفروض هنا أن أرضين غير مبنيتين متلاصقتان ( $%&[1] ) أو أن هناك أرضين مبنيتين مع فناء لكل أرض ، والفناءان متلاصقان . ولا يمنع التلاصق أن يكون الأرضان مفصولتين بطريق خاص ، ولكن يمنعه أن تكونا مفصولتين بطريق عام أو مجري ماء عام ( أوبري ورو 2 فقرة 199ص 316 - بودري وشوفو فقرة 908 - عبد المنعم البدراوي فقرة 93ص 119 - محمد على عرفة فقرة 239 مكررة ص 305 - ص 306 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 88 ص 132 - منصور مصطفي منصور فقرة 11 ص 32 ) .&%$ ) ، وهما مملوكتان ملكية خاصة ( $%&[1] ) انظر في التلاصق مع الأملاك العامة ما يلي فقرة 460 .&%$ ) لمالكين مختلفين ( $%&[1] ) ويكون المالكان مختلفين حتى ولو كانت إحدى الأرضين مملوكة لهما على الشيوع وكانت الأرض الأخرى ملكا خاصاً لأحدهما ( انسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Bornage فقرة 36 ) .&%$ ) . ويريد أحد المالكين أو كلاهما وضع حدود فاصلة ما بين أرضيهما ، حتى تتميز كل أرض عن الأخرى . ووجه $ 742 $ أن وضع الحدود قيد على الملكية هو أن كل مالك من المالكين المتلاصقين يجير على المساهمة في هذا العمل ، فتتقيد بذلك حريته في ملكه بعد أن كان حراً في تحديد هذا الملك أو عدم تحديده ، وذلك ما لم يتراض المالكان ويتفقا وديا على وضع الحدود ، فهناك إذن اتفاق ودي على وضع الحدود ، فإن تعذر هذا الاتفاق ، أما لرغبة أحدهما في تجنب نفقات التحديد أو لخشية من ظهور زيادة في ملكه يكون قد أغتصها أو لغير ذلك من الأسباب ، جاز للمالك الآخر أن يرفع على المالك الأول دعوى تعيين الحدود .

457 - الاتفاق وديا على وضع الحدود : قد يتفق ،كما قدمنا ، المالكان المتلاصقان على وضع الحدود ما بين أراضيهما ، وديا لا عن طريق القضاء ، فيكونان متفقين أولاً على ملكية كل منهما لأرضه ، ومساحة الأرض التي يملكها ، ولكنهما غير مستوثقين من الحدود الفاصلة ما بين أرضيهما ، فيريدان الاستيثاق من ذلك ووضع علامات ظاهرة لتبين هذه الحدود . فيتفقان على خبير ، عند الاقتضاء يقوم بمسح أرض كل منهما من واقع مستندات الملك ، ويرسم الحدود الفاصلة ما بين الأرضين ، ويضع علامات ظاهرة لتبين هذه الحدود . ويحرر بذلك محضر تحديد ( proces - verbal d abornement ) يوقع عليه الملكان ويكون ملزما لهما ، ويرجعان إليه لإعادة علامات التحديد إذا انطمست هذه العلامات ( $%&[1] ) كذلك يقع وضع الحدود عندما يكون العقار بلا لنقل الملكية ، فعندئذ تتخذ الإجراءات التسجيل ، ويمهد لها انتقال عمال المساحة إلى العقار ومسحه ووضع حدوده عن طريق دق قطعة من الحديد في شكل وتد في نهاية كل حد من الحدود الأربعة .

&%$ ) .

ويعتبر محضر التحديد الذي وقعه المالكان عقداً فيما بينهما ، فهو ملزم أن يطعنا فيه بالإبطال ، لنقض في الأهلية . أو لعيب في الرضاء من غلط ( $%&[1] ) كما إذا كشفت حدود قديمة لم يكن يعرفها الطرفان ، وهي مخالفة للحدود الجديدة ( تولوز 22 نوفمبر سنة 1929جازيت باليه 1929 - 2 - 981 - أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Bornage فقرة 47 ) .&%$ ) أو تدليس أو إكراه .

458 - دعوى تعيين الحدود – خصائصها : دعوى تعيين الحدود $ 743 $ دعوى عينية عقارية ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 344ص 451 .&%$ ) ، إذا هي تتعلق بقيد أو بحق عيني على عقار ليس بحق ارتفاق ( $%&[1] ) وحتى الذين يعتبرون قيود الملكية حقوق ارتفاق يقفون هنا ، ويعتبرون الالتزام بوضع الحدود التزاماً قانونيا وليس بحق ارتفاق ، لأن حق الارتفاق لا يمكن أن ينطوي على عمل إيجابي ( شفيق شحاتة فقرة 393 ) .&%$ ) كما قدمنا . وهي دعوى غير قابلة للتقادم ، ما دام سببها قائما وهو التلاصق ما بين الأراضي المتجاورة ( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 199ص 319 - ص 320بودري وشوفو فقرة 917 .&%$ ) . ولكننا سنرى ( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 462 .&%$ ) أنه إذا انطمست الحدود التي تعينت ومضى على انطماسها خمس عشرة سنة ، تقادمت دعوى إعادة هذه الحدود إلى أصلها ووجب رفع دعوى من جديد بتعيين الحدود . كذلك إذا قامت حيازة متعارضة مع الحدود التي تعينت ، جاز كسب ما يتعارض مع هذه الحدود بالتقادم المكسب .وتختلف دعوى تعيين الحدود عن دعوى الاستحقاق وعن دعوى الحيازة .

تختلف عن دعوى الاستحقاق في أن ملكية الأراضي المتلاصقة محل النزاع بين أطراف الدعوى ، وكل ما يطلب فيها هو تعيين الحدود الفاصلة ما بين هذه الأراضي ، لا تثبت ملكية أرض أو جزء من الأرض لأحد المتخاصمين كما هو الأمر في دعوى الاستحقاق . فإذا ما تخلل دعوى تعيين الحدود نزاع جدي على ملكية الأراضي المتلاصقة أو على ملكية بعض أجزائها فإن الدعوى تتحول إلى دعوى استحقاق وتصبح من اختصاص محكمة أخرى كما سنرى . والحيازة تلعب دوراً كبيراً في دعوى تعيين الحدود ، في حين أنها تلعب دوراً بالغ الأهمية في دعوى الاستحقاق على ما رأينا فالحائز في دعوى الاستحقاق هو المدعي عليه ، وغير الحائز هو الذي يتحمل عبء الإثبات . أما في دعوى تعيين الحدود ، فكل من الطرفين مدع ومدعي عليه ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 903 .&%$ ) ، ومن ثم يكلف كل منهما بإثبات ملكيته . ويكون ذلك لا عن طريق مستندات التمليك والحيازة فحسب ، بل أيضاً عن طريق العلامات الظاهرة في الأرض ، وموقع الأرض ، وشكلها وتعرجاتها ، مما لا يعتد به في دعوى الاستحقاق $ 744 $ إذا تعارض مع الحيازة ، ودعوى تعيين الحدود من اختصاص القضاء الجزئي كما سنرى ، أما دعوى الاستحقاق فهي من اختصاص القضاء الكلي أو القضاء الجزئي بحسب قيمتها .

وتختلف دعوى تعيين الحدود عن دعوى الحيازة في أن المطلوب في دعوى الحيازة هو تثبيت الحيازة مؤقتا للحائز الذي توافرت فيه الشروط إلى أن ترفع دعوى الاستحقاق ، فهي دعوى تمهيدية لهذه الدعوى الأخيرة . وترفع دعوى الحيازة في مواعيد معينة لا بد من مراعاتها ، وإلا كان قبولها غير جائز . أما دعوى تعيين الحدود فلا شأن لها بالحيازة ، بل أن الحدود التي تعين قد تكون متعارضة مع الحيازة . وليست دعوى تعيين الحدود بدعوى تمهيدية لدعوى الاستحقاق . بل على النقيض من ذلك دعوى الاستحقاق هي التمهيد لدعوى تعيين الحدود ، فإذا ما استقرت الملكية لكل من المالكين المتلاصقين عينت الحدود الفاصلة ما بين أرضيهما طبقاً لما استقر عليه أمر الملكية . وليس هناك ميعاد لرفع دعوى تعيين الحدود ، فهي ترفع في أي وقت ، وقد قدمنا أنها غير قابلة للتقادم .

459 - المحكمة المختلطة بدعوى تعيين الحدود : تنص المادة 46من تقنين المرافعات على أن " تختص محكمة المواد الجزئية كذلك بالحكم ابتدائيا مهما تكن قيمة الدعوى ، وانتهائيا إذا لم تتجاوز قيمتها خمسين جنيها فيما يأتي : … ( د ) دعاوى تعيين الحدود وتقدير المسافات المقررة بالقوانين واللوائح أو العرف فيما يتعلق بالأبنية أو المنشآت الضارة أو الغرس ، إذا لم تكن الملكية أو الحق محل نزاع … "

وخلص من هذا النص أن دعوى تعيين الحدود ، إذا لم تكن الملكية فيها محل النزاع ، تكون من اختصاص القضاء الجزئي ، مهما تكن قيمة الأراضي المتلاصقة المطلوب تعيين الحدود الفاصلة فيما بينهما ، فقد تبلغ هذه القيمة مقداراً كبيراً ، ومع حكمه فيها نهائياً إذا لم تجاوز قيمة الأراضي – هذا نادر – خمسين جنيها ، فإذا جاوزت هذا المقدار كان حكم القاضي الجزئي ابتدائيا يستأنف أمام المحكمة الكلية . والسبب في النزول بالاختصاص إلى أدني مراتبه هو أن دعوى $ 745 $ تعيين الحدود لا تتعرض لنزاع في الملكية كما قدمنا ، إذا المفروض أن الملكية ثابتة ، وكل ما ثبت فيه المحكمة هي مسألة مادية يمكن في يسر بالالتجاء إلى خبرة مهندس المساحة التحقيق منها ، وهي التعرف على المعالم والحدود الفاصلة ما بين أرضين متلاصقتين ، ووضع علامات بارزة لهذه الحدود ، وتحرير محضر بالتحديد .وتكون المحكمة الجزئية المختصة هي المحكمة الكائن في دائرتها الأراضي المتلاصقة .

وقد استقر القضاء الفرنسي في دعوى تعيين الحدود ( $%&[1] ) انظر في ذلك بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 440 .&%$ ) على أن يشمل اختصاص قاضي الصلح ( $%&[1] ) وهو ما يقابل عندنا القاضي الجزئي – ويسمي الآن juge d instance .&%$ ) لا تعيين الحدود فحسب ، بل أيضاً فحص الحدود غير الثابتة وتثبيت ما يمكن تثبيته منها بالرجوع إلى مستندات التمليك ووثائق الدعوى ومسح الأراضي بل يمتد اختصاصه إلى أبعد من ذلك ، فيقسم ما يجده ، بعد مسح الأراضي ، من عجز أو زيادة في المساحة بين المالكين المتلاصقين بعد أن يرجع في ذلك إلى المساحات المبينة في مستندات التمليك ( $%&[1] ) نقض فرنسي 10 أبريل سنة 1866 سيريه 66 - 1 - 289 - 2 أغسطس سنة 1875سيريه 76 - 1 - 11 - بودري وشوفو فقرة 913 .

&%$ ) .

ويبقى للقاضي هذا الاختصاص حتى لو تمسك أحد طرفي الدعوى بالحيازة القائمة لتعيين الحدود ، فإن التمسك بهذه الحيازة لا يعتبر نزاعا في الملكية ( $%&[1] ) نقض فرنسي 12 فبراير سنة 1879سيريه 79 - 1 - 176 - 16مارس سنة 1880سيريه 80 - 1 - 367 .&%$ ) .

كما لا يعتبر نزاعا في الملكية مجرد الاختلاف على تطبيق مستندات التمليك دون أن يكون هناك نزاع على هذا المستندات ذاتها ( $%&[1] ) نقض فرنسي 12 يونيه سنة 1865سيريه 65 - 1 - 307 - أوبري ورو 2 فقرة 699ص 324 .&%$ ) . بل أن النزاع في الملكية ذاته لا يعتد به ، إذا لم يستند هذا النزاع إلى سند للتمليك أو إلى التقادم ( $%&[1] ) نقض فرنسي 20يونيه سنة 1908 - 1 - 448 - 26مايو سنة 1914 سيريه 1915 - 1 - 76 - 15مارس سنة 1921جازيت دي باليه 1921 - 1 - 532أوبري ورو 2 فقرة 199ص 325 - بودري وشوفو فقرة 915 - مارتي ورينو فقرة 25ص 272 - ص 273 .&%$ ) .

أما إذا نازع أحد الطرفين ، مستنداً في ذلك إلى سند أو إلى التقادم ، في ملكية $ 746 $ أجزاء معينة من الأراضي المتلاصقة ، فإن دعوى تعيين الحدود تنقلب إلى دعوى استحقاق لا يختص بنظرها قاضي الصلح ( القاضي الجزئي ) ( $%&[1] ) نقض فرنسي 26يونيه سنة 1888سيريه 90 - 1 - 303 - 4يناير سنة 1905داللوز 1905 - 1 - 112 - 26مايو سنة 1908داللوز 1908 - 1 - 304 - 13 يناير سنة 1909داللوز 1909 - 1 - 212 - 26 مايو سنة 1914سيريه 1915 - 1 - 76 .&%$ ) . وإذا أثير هذا النزاع في أية حالة كانت عليها الدعوى ( $%&[1] ) نقض فرنسي 18 يونيه سنة 1884داللوز 85 - 1 - 213 .&%$ ) . ويجب على القاضي ، ولو من تلقاء نفسه ، الحكم بعدم اختصاصه ، ولا يقتصر على وقف الدعوى حتى يبت في النزاع في الملكية ( $%&[1] ) نقض فرنسي 24فبراير سنة 1875سيريه 75 - 1 - 339 - 18 يونيه سنة 1884داللوز 85 - 1 - 213 - اوبري ورو 2 فقرة 199ص 327 - بودري وشوفو فقرة 916ص 644 - محمد على عرفة فقرة 239ص 305 - عكس ذلك عبد المنعم البدراوي فقرة 93 ص 119 - عبد المنعم فرج الصدة 89 .&%$ ) ، وذلك كله ما لم يكن النزاع على الملكية نزاعاً غير جدي ( $%&[1] ) نقض فرنسي 15ديسمبر سنة 1885سيريه 86 - 1 - 156 - 4يناير سنة 1905داللوز 1905 - 1 - 112 - 30يوليه سنة 1932جازيت دي باليه 1932 - 2 - 609 - 30نوفمبر سنة 1932جازيت دي باليه 1932 - 1 - 26 يناير سنة 1945داللوز 1945 - 225 - 14يونيه سنة 1954Bull . Civ . 1954 - 1163 - 18فبراير سنة 1960المجلة الفصلية للقانون المدني 1960 - 528 - أوبري ورو 2 فقرة 199ص 327 - بودري وشوفو فقرة 915 - مارتي ورينو فقرة 257ص 273 - محمد على عرفة فقرة 239 ص 304 - ص 305 .&%$ ) . وإذا رفع النزاع على الملكية أمام المحكمة المختصة ( $%&[1] ) المحكمة المختصة في فرنسا هي tribunal de grande instance .&%$ ) . فهذه المحكمة لا تقتصر على البت في هذا النزاع ، بل تعين أيضاً الحدود الفاصلة ما بين الأراضي المتلاصقة ( $%&[1] ) نقض فرنسي 18 يونيه سنة 1884داللوز 85 - 1 - 213 .&%$ ) ، وتحيل الدعوى بعد ذلك إلى قاضي الصلح ( juge d instance ) لمجرد تطبيق الحدود التي عينتها المحكمة تطبيقاً ماديا على الطبيعة ( $%&[1] ) نقض فرنسي 22 ديسمبر سنة 1886سيريه 87 - 1 - 112 - بودري وشوفو فقرة 916ص 644 .&%$ ) .

460 - محل دعوى تعيين الحدود وطرفاها : قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 456 .&%$ ) أن محل $ 747 $ دعوى تعيين الحدود هو إقامة حدود ثابتة بين أرضين غير مبنيتين متلاصقتين ، مملوكتين ملكية فردية لمالكين مختلفين ( $%&[1] ) نقض فرنسي 7 مارس سنة 1934جازيت دي باليه 1934 - 1 - 895 .&%$ ) ويغلب أن تكون الأرضان المتلاصقان من الأراضي الزراعية أو الأراضي الفضاء ، ولكن لا يوجد ما يمنع من أن توضع حدود فاصلة ما بين أرضين مبنيتين على أن تكونا منتهيتين بفنائين هما المتلاصقان أو بأرض عراء ( $%&[1] ) نقض فرنسي 4 مارس سنة 1879داللوز 79 - 1 - 183 - 28ديسمبر سنة 1957داللوز 1958 - 95 - أوبري ورو 2 فقرة 199ص 316 - بودري وشوفو فقرة 910 - مارتي ورينو فقرة 257ص 272 - محمد على عرفة فقرة 239مكررة ص 206 - محمد كامل مرسي 1 فقرة 344ص 451 - عبد المنعم البدراوي فقرة 93ص 120 .&%$ ) وقيام سور أو خندق أو أي حاجز آخر ما بين الأرض لا يمنع من بقائها متلاصقين ، فيجوز طلب وضع الحدود بينهما ، ما لم يكن هذه الحاجز قد أقيم بناء على تعيين سابق للحدود لا يزال حافظا أثره ، فعند ذلك لا تجوز إعادة التعيين ( $%&[1] ) نقض فرنسي 14يناير سنة 1914داللوز 1917 - 1 - 178 .&%$ ) . كذلك لا يمنع التلاصق ، فيجوز طلب وضع الحدود ، أن يتوسط الأرض طريق خاص مملوك لأحد المالكين أو مملوك لكليهما ملكية مفرزة ،أو أن يتوسط مروى ماء صغير من اليسير أن يتغير مجراه ( $%&[1] ) نقض فرنسي 20ديسمبر سنة 1899داللوز 1900 - 1 - 132 .&%$ ) . أما إذا توسط الأرض مجرى ماء كبير ثابت ، فإن هذا المجري يكون حدا فاصلا طبيعيا ، ولا حاجة بعد ذلك إلى تحديد آخر ( $%&[1] ) نقض فرنسي 11ديسمبر سنة 1901داللوز 1902 - 1 - 353 .&%$ ) . كذلك لا تكون هناك حاجة إلى تحديد آخر إذا فصل الأرضين طريق عام ، فإن هذا الطريق يكون هو الحد الفاصل ( $%&[1] ) نقض فرنسي 6 نوفمبر سنة 1866سيريه 66 - 1 - 427 .&%$ ) . وإذا كانت الأرض ملاصقة للأملاك العامة أو الدومين العام ، فإن جهة الإدارة هي التي تعين حدود الملك العام بقرار يصدر منها لا عن طريق دعوى تعيين الحدود ، ولصاحب الأرض الملاصقة أن يطعن في قرار الإدارة بالإلغاء أمام القضاء الإداري ، وله أن يطلب التعويض أمام المحاكم العادية ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 344ص 451 - محمد على عرفة فقرة 239مكررة ص 307 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 88ص 132 - وانظر في القانون الفرنسي والقضاء في فرنسا بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 435 .&%$ ) .

 $ 748 $ ولأي من المالكين المتلاصقين أن يكون طرفا في دعوى تعيين الحدود فيجوز لكل منهما أن يرفع هذه الدعوى على الأخر ( $%&[1] ) ويجوز للمالك على الشيوع أن يرفع دعوى تعيين الحدود ولو لم يشترك معه في رفع الدعوى شركاؤه في الشيوع ( بودري وشوفو فقرة 905 - أنسيكاوبيد داللوز 1 لفظ Bornage فقرة 52 ) .&%$ ) . وكما يجوز للمالك أن يكون طرفاً في الدعوى ، كذلك يجوز لصاحب حق الانتفاع وللمحتكر ولناظر الوقف أن يرفعوا دعوى تعيين الحدود ( $%&[1] ) وفي حالة صاحب حق الانتفاع والمحتكر ، يجب على الجار الملاصق إدخال صاحب الرقبة أو المحكر خصما في الدعوى حتى يكون الحكم حجة عليه ( بلانيول وربير ورولانجيه 1 فقرة 2938 - محمد على عرفة فقرة 239مكررة ص 306 - عبد المنعم الصدة فقرة 88ص 132 ) .

أما صاحب حق الارتفاق فلا صفة له في رفع دعوى تعيين الحدود ( نقض فرنسي 27أكتوبر سنة 1948سيريه 1949 - 1 - 14 - مارتي ورينو فقرة 257ص 271هامش 1 - أنسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Bornage فقرة 52 ) .

والدائن المرتهن رهن الحيازة له صفة في رفع دعوى تعيين الحدود على أساس أن له حقا عينيا في القانون المصري ، ويدخل المالك خصما في الدعوى حتى يكون الحكم في مواجهته ( ديموارمب 11 فقرة 257 - بودر وشوفو فقرة 905ص 635 - دي باج ودكرز فقرة 958ص 847 - أوبري ورو 2 فقرة 199هامش 13 - منصور مصطفي منصور فقرة 11ص 32 - عكس ذلك محمد على عرفة فقرة 319 مكررة ص 306 ) .&%$ ) . ولكن لا يجوز للمستأجر ولا للمزارع أن يرفع هذه الدعوى ولا أن يدخل طرفا فيها ، فإن حقه شخصي فليست له صفة في دعوى عينية كدعوى تعيين الحدود ( $%&[1] ) بودي وشوفو فقرة 905 .&%$ ) . ولما كانت هذه الدعوى من أعمال الإدارة ، فتكفي أهلية الإدارة في التقاضي ، ويجوز للولي أو القيم أو الوكيل وكالة عامة أو ناقص الأهلية إذا كان يملك أعمال الإدارة أن يرفعها أو ترفع عليه ، وذلك ما لم تختلط بنزاع في الملكية فعند ذلك تجب أهلية التصرف ( $%&[1] ) انظر في القانون الفرنسي بودري وشوفو فقرة 906 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 434 .&%$ ) .

461 - علميات التحديد : هناك عمليتان رئيسيتان ، يتلوهما عمليتان تنفيذيتان . فالعمليتان الرئيسيتان هما : ( أولاً ) فحص المستندات التملك للاستيثاق من مساحة الأراضي المتلاصقة المذكورة في هذه السندات ، وليس من الضروري $ 749 $ أن تكون هذه السندات مشتركة بين أطراف الدعوى . ويقترن بذلك معاينة الأرض على الطبيعة . للتعرف على أوضاعها وشكلها ومن هي تحت حيازته والعلامات المادية الموجودة فيها . ( ثانياً ) مسح الأراضي المتلاصقة للاستيثاق من مساحتها الحقيقية ، وما عسى أن يوجد فيها من زيادة أو نقص . وقد يستلزم الأمر ، بناء على طلب أطراف الدعوى أو بناء على امر القاضي من تلقاء نفسه ، مسح أراضي أخرى مجاورة إذا وجد عجز في مساحة الأراضي المتلاصقة ، فقد يتبين أن هذا العجز موجود فيها ، وبخاصة إذا كانت هذه الأراضي المجاورة هي والأراضي المتلاصقة مجموعا واحدا ثم قسم بعد ذلك وليس لأصحاب الأراضي المجاورة أن يحتجوا بعدم تلاصق أراضيهم بالأراضي المطلوب تحديدها ( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 199ص 315 - بودري وشوفو فقرة 909 - بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 437 .&%$ ) .

والمعليتان التنفيذيتان هما : ( أولاً ) رسم الحدود الفاصلة ما بين الأراضي المتلاصقة ، وإقامة معالم مادية ثابتة لهذه الحدود . وقد نضع قوال من الطوب ، ولكن الغالب أن تدق قطعة من الحديد في شكل وتد في نهاية كل حد من الحدود الأربعة ، بحيث إذا مد خط مستقيم بين كل وتدين متقابلين أحاطت الخطوط المستقيمة الأربعة بجميع أطراف الأرض ( $%&[1] ) وقد تبين أن الحدود الفاصلة هي خطوط متعرجة غير مستقيمة ، فيجوز في هذه الحالة تصحيح هذه الخطوط وجعلها مستقيمة عن طريق تبادل أصحاب الأراضي المتلاصقة أجزاء من الأرض كل منهم مع الآخرين . وهذا يقتضي أن يكون أطراف الدعوى قد توافروا على أهلية التصرف فلا تكفي أهلية الإدارة ، وان يكونوا راضين بهذا التبادل فلا يستقل به القاضي ، وان يدفعوا رسوم نقل الملكية طبقاً للقواعد المقررة ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 438 - كاربونييه ص 155 ) .&%$ ) . ( ثانياً ) تحرير محضر تحديد ( Proces - verbal d abornement ) يثبت فيه اتجاهات الحدود المرسومة بالدقة المستطاعة ، حتى يمكن الرجوع إليه لإعادة معالم الحدود إذا ما انطمست هذه المعالم .

462 - محضر التجديد وقوته في الإثبات : ومحضر التحديد يوقعه الطرفان وحتى إذا لم يوقعاه فلا بد من تصديق المحكمة عليه .والمحضر الموقع $ 750 $ عليه من الطرفين أو المصدق عليه من المحكمة يكون حجة بما جاء فيه على كل من الطرفين ، من حيث مساحة كل أرض ومن حيث الحدود الفاصلة ين الأرضين . وقد قدمنا ( $%&[1] ) انظر انفذا فقرة 461 . &%$ ) أنه إذا انطمست معالم الحدود الفاصلة ، أو تعمد طمسها أحد الطرفين ، فإنه يجوز لصاحب المصلحة أن يطلب إعادة معالم الحدود كما كانت ، وذلك من واقع محضر التحديد .ويجوز أيضاً لصاحب المصلحة أن يرفع دعوى الحيازة إذا توافرت شروطها لإعادة معالم الحدود ، وعلى من يعنيه الأمر أن يرفع دعوى الموضوع .

مع ذلك يفقد محضر التجديد قيمته إذا تغيرت معالم الحدود أو انطمست ومضي على تغيرها أو انطماسها خمس عشرة سنة ، إذا تسقط دعوى إعادة الحدود إلى ما كانت عليه بالتقادم المسقط . ويجب في هذا الحالة رفع دعوى من جديد بتعيين الحدود وقد تعين الحدود الجديدة على غير الصورة التي عينت بها الحدود القديمة ، فقد بتفق أن أحد الطرفين أو أجنبيا يكون قد وضع يده على جزء من الأراضي المتلاصقة وان يكون قد ملكه بالتقادم المكسب ، فتعين الحدود الجديدة عندئذ بما يتفق مع هذا الوضع الجديد ( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 199 ص 322 – ص 323 وهامش 30 و 31 – بودري وشوفو فقرة 921 – بلانيول ريبير وبيكار 3 فقرة 439 ص 439 – وانظر انفا فقرة 458 .&%$ ) .

ومحضر التحديد إذا وقع عليه الطرفان يكون عقداً ملزماً لكل منهما ، ولكن يجوز لأي من الطرفين أن يطعن في المحضر بما يطعن به في أي عقد ، وبخاصة بالإبطال للغلط ( $%&[1] ) انظر انفذا فقرة 457 . &%$ ) . أما الحكم القاضي بالتصديق على المحضر ، فيطعن فيه بوجوه الطعن في الأحكام ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 439 ص 439 . &%$ ) .

463 - نفقات التحديد : رأينا ( $%&[1] ) انظر انفا فقرة 456 . &%$ ) أن المادة 813مدني تنص في آخرها على ما يأتي : " وتكون نفقات التحديد شركة بينهما " أي بين المالكين المتلاصقين . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " وقد جعلت نفقات التحديد شركة ما بين الجيران على حسب الرؤوس ، $ 751 $ ولو اختلفت مساحات الأراضي ولكن نفقات مسح الأراضي ذاتها تكون على أصحابها ، كل بنسبة مساحة الأرض التي يملكها " ( $%&[1] ) مجموعة الاعمال التحضيرية 6 ص 54 .&%$ ) . ويجب التمييز بين أنواع ثلاثة من النفقات .

( النوع الأول ) نفقات التحديد ذاته ، من فحص سندات التمليك ، وتطبيقها على الطبيعة ورسم الحدود الفاصلة ووضع المعالم مادية ثابتة لها . فهذه النفقات تكون شركة ما بين المالكين المتلاصقين ، وتقسم بينهما مناصفة بحسب الرؤوس .

( النوع الثاني ) نفقات مسح الأراضي المتلاصقة ، وهذه تقسم بين المالكين المتلاصقين كل منهما بنسبة مساحة الأرض التي يملكها .

( النوع الثالث ) نفقات الدعاوى إذا وقع نزاع في الملكية ، فهذه تكون على من خسر الدعوى طبقا للقواعد العامة ( $%&[1] ) أنظر في كل ذلك : نقض فرنسي 13 يناير سنة 1909 داللوز 109 – 1 – 212 – 17 يونيه سنة 1911 جازيت دي باليه 1911 – 2 – 311 – اوبري ورو 2 فقرة 199 ص 321 – بودري وشوفو فقرة 918 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 441 – مارتي ورينو فقرة 257 ص 237 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 344 – محمد علي عرفة فقرة 420 – عبد المنعم البدراوي فقرة 93 ص 120 – حسن كيرة فقرة 75 ص 234 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 89 ص 134 – منصور مصطفى منصور فقرة 11 ص 32 . &%$ ) .

464 - تحويط الملك – إحالة : وإذا كان القانون قد جعل وضع الحدود بين الملاك المتلاصقة إجباريا بناء على طلب أي من الملاك ، فإن تحويط الملك من جميع جوانبه بسلك أو بسور أو بسياج أو بنحو ذلك ليس إجبارياً . ونص المادة 818 / 1مدني في صدرها صريح في هذا المعنى ، إذا يقول : " ليس للجار أن يجبر جاره على تحويطة ملكه ( $%&[1] ) يقضي المرسوم بقانون رقم 151 لسنة 1947 بأن على مالك الأرض الفضاء أو الحرية أن يقوم بتسويرها إذا قررت الإدارة الصحية هذا التسوير حماية للصحة العامة ، وإلا قامت الإدارة بهذا التسوير على نفقة المالك . &%$ ) … " وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في الحائط الفاصل ( $%&[1] ) أنظر ما يلي فقرة 610 . &%$ ) .

 $ 752 $

2 - حق المرور

465 - نص قانوني : تنص المادة 812مدني على ما يأتي :

1 - مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام ، أو التي لا يصلها بهذا الطريق ممر كاف إذا كان لا يتيسر له الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة ، له حق المرور في الأراضي المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف ، ما دامت هذه الأرض محبوسة عن الطريق العام ، وذلك في نظير تعويض عادل . ولا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضرراً ، وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك " .

 " 2 - على أنه إذا كان الحبس عن الطريق العام ناشئا عن تجزئة عقار تمت بناء على تصرف قانوني ، وكان من المستطاع إيجاد ممر كاف في أجزاء هذا العقار ، فلا تجوز المطالبة بحق المرور إلا في هذه الأجزاء " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ويرد هذا النص في المادة 1178 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن عبارة " وذلك في نظير تعويض عادل " الواردة في الفقرة الأولى كانت في المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " وذلك في نظير تعويض كامل يدفعه مقدماً " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 882 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب حلت عبارة " وذلك في نظيرة تعويض عادل " محل عبارة " وذلك ، في نظير تعويض كامل يدفعه مقدما " ، وأصبح رقم المادة 880 . ووافق عليها مجلس الشيوخ تحت رقم 812 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 47 – ص 53 ) . &%$ ) .

ويقابل هذا النص المادة 43 / 65من التقنين المدني السابق ( $%&[1] ) التقنين المدني السابق م 43 / 65 : لصاحب الأرض التي ليس لها اتصال بالطريق العمومي الحق في الاستحصال على مسلك من أرض الغير للوصول إلى الطريق المذكور ويكون الحكم بمعرفة المحاكم فيما يتعلق بتعيين ذلك المسلك ، وبتقرير ما يعطي مقدما من تعويض في مقابلة لمسلك المذكور .

ويختلف نص التقنين السابق عن نص التقنين الجديد في مسائل ثلاث : ( 1 ) التقنين الجديد أوسع من التقنين السابق في حق المرور من ناحية جواز منحه في التقنين الجديد حتى لو وجد ممر آخر للأرض المحبوسة ولكنه ممر غير كاف ، ومن ناحية أن التقنين الجديد يعطي حق المرور بالقدر اللازم لاستغلال الأرض المحبوسة واستعمالها على الوجه المألوف . ( 2 ) كان التقنين السابق ينص على أن يعطي التعويض مقدما ، أما التقنين الجديد فقد رأينا أن حكم تعجيله التعويض قد حذفته لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب . ( 3 ) نص التقنين الجديد على حالة تجزئة العقار بناء على تصرف قانونين وكان من المستطاع إيجاد ممر كاف في أجزاء هذا العقار فيكون حق المرور في هذه الأجزاء ، ولم يكن هذا الحكم واردا في التقنين السابق . &%$ ) .

 $ 753 $

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 977 - 979 - وفي التقنين المدني الليبي م 821 - وفي التقنين المدني العراقي م 1059 - وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 74 - 76 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 977 : 1 – لمالك العقار المحاط من كل جانب والذي لا منفذ له إلى الطريق العام أن يطلب ممراً في الأراضي المجاورة ، مقابل دفعه تعويضاً بنسبة الضرر الذي قد يسببه . 2 – ويعطي نفس الحق مالك العقار الذي ليس له إلا منفذ غير كاف لاستثماره استثمارا زراعيا أو صناعياً .

م 978 : 1 – يؤخذ الممر من الجهة التي تكون فيها مسافته من الأرض الخاصة إلى الطريق العام اقصر ما يمكن . 2 – إنما يجب أن يعين الممر في النقطة التي يسبب فتحه فيها أقل ضرر لمالك الأرض التي يمنح الممر فيها .

م 979 : 1 – إذا أصبحت الأرض محاطة من كل جانب بسبب تجزئتها أثر بيع أو مقايضة أو قسمة أو أي عقد آخر ، فلا يجوز طلب ممر إلا في الأراضي التي تكون هذه المعاملات قد جرت فيها . 2 – ولكن إذا تعذر فتح ممر كاف في الأراضي المقسومة ، فتطبق عندئذ المادة 977 .

 ( وأحكام التقنين السور تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري ) .

التقنين المدني الليبي م 821 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1059 ( موافق فيما عدا أن التعويض وهو أجر سنوي يدفع مقدما في التقنين العراقي ) .

قانون الملكية العقارية اللبناني م 74 – 76 ( مطابقة للمواد 977 – 979 من التقنين السوري ، وهي موافقة في أحكامها الأحكام التقنين المصري ) . وانظر في حق المرور في القانون اللبناني حسن كيرة في الحقوق العينية الأصلية في القانون المدني اللبناني المقارن مذكرات على الآلة الكاتبة سنة 1965 ص 106 – ص 119 . &%$ ) .

ويتبين من النص المتقدم أن هناك أمراً أساسيا لا بد من قيامه للحصول على حق المرور الذي يقرره القانون قيداً على الملكية ، وذلك هو أن تكون هناك أرض محبوسة عن الطريق العام . والحبس عن الطريق العام يقتضي أن يعطي للأرض المحبوسة ممر إلى هذا الطريق ، لاستغلال الأرض واستعمالها على الوجه المألوف . وضرورة إيجاد ممر للأرض المحبوسة يقتضي البحث أين يكون موضع هذا الممر ، فقد وضع القانون لذلك ضوابط معينة ، ومتى أعطى لصاحب الأرض المحبوسة ممر يؤدي إلى الطريق العام ، فقد وجب عليه أن يدفع تعويضاًِ . هذه هي جملة المسائل التي نبحثها فيما يلي ( $%&[1] ) وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصين اخرين يعطيان الشخص الحق في المرور بأرض الغير .

( النص الأول ) هو المادة 1179 من المشروع التمهيدي ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " على كل مالك أن يأذن ، في نظير تعويض عادل إذا اقتضى الحال ، لكل شخص ذي مصلحة بأن يدخل ملكه أو يمر فيه ، كلما تبينت ضرورة ذلك الإجراء للقيام بأعمال ترميمية أو إنشائية لذلك الشخص ، أو لاستعادة أشياء ضائعة ، أو لتحقيق أية مصلحة مشروعة أخرى ، بشرط إلا يصيب المالك من وراء ذلك ضرر بليغ " . وقد أقر النص في لجنة المراجعة وفي مجلس النواب ، ولما وصل إلى لجنة مجلس الشيوخ قررت اللجنة حذفه " تجنبا للتوسع في قيود الملكية ، واكتفاء بالقواعد العامة التي يقررها المشروع في النصوص الخاصة بسوء استعمال الحق " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 48 – 49 في الهامش ) . وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص هذه المادة " ويلاحظ أن تدخل الجار هنا في انتفاع المالك بملكه لم يشرع ليتوقى به الجار خطراً داهما فحسب ، بل شرع أيضاً لالتماس منفعة كبيرة تعود على الجار هي أعظم بكثير من الضرر الذي يصيب المالك من التدخل . ويجب في كل الأحوال تعويض المالك عما أصابه من الضرر تعويضاً عادل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 51 ) .

( النص الثاني ) هو المادة 1180 من المشروع التمهيدي ، وكانت تجري على الوجه الآتي : " على مالك الأرض الواقعة على الطريق العام ، إذا أصبح المرور في الطريق متعذراً ، أن يسمح بمرور الجمهور في أرضه ، بشرط أن يكون المرور بالقدر المعقول . فإذا نشأ من ذلك ضرر ، وجب على الجهة الإدارية القائمة على شؤون الطرق العامة أن تعوض المالك إذا اقتضى الحال ذلك " . وقد حذفت لجنة المراجعة هذه المادة " لعدم الحاجة إلى الحكم الذي أوردته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 49 – ص 50 في الهامش ) . وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص هذه المادة : " وواضح أن هذا القرض تقرر فيه حق المرور على أرض المالك لا لمصلحة عقار آخر ، بل لمصلحة الجمهور . فهو يختلف عن الفرضين السابقين ، ولكنه لا يزال تطبيقا للقاعدة الجوهرية التي تجيز التدخل في انتفاع المالك بملكه إذا حقق هذا التدخل مصلحة أكبر بكثير من الضرر الذي أحدثه . فهو ، وإن كان لا يمكن أن يوصف بأنه حق ارتفاق ، يعتبر على كل حال قيدا من القيود التي ترد على حق الملكية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 51 – ص 52 ) . &%$ ) .

 $ 754 $

466 - أو وجود أرض محبوسة عن الطريق العام : يجب ، حتى يفرض القانون على المالك أن يتحمل مرور الجار في أرضه ، أن تكون أرض الجار أرضاً محبوسة عن الطريق العام ، ومعنى كون الأرض محبوسة عن الطريق العام ألا يكون لها منفذ إلى هذا الطريق ، فتكون محاطة من جميع الجوانب بأراضي الجيران ولا سبيل للجار إلى الطريق العام إلا أن يمر في إحدى هذه الأراضي أو في بعض منها . فإن كان له حق ارتفاق بالمرور في ارض من هذه الأراضي المجاورة ، كسبه بتصرف قانوني ( عقد أو وصية ) أو بالميراث أو بالتقادم ( وحق المرور بكسب التقادم بصريح النص م 1016 / 2 مدني ) أو $ 755 $ بتخصيص رب الأسرة ، فإن أرض الجار في هذه الحالة لا تكون محبوسة عن الطريق العام إذا أن لها منفذا إلى هذا الطريق كسبه الجار بإحدى طرق كسب حقوق الارتفاق . كذلك لا يعتد بانحباس الأرض إذا كان المالك هو الذي حبسها عن الطريق العام بفعله ، كما إذا بنى على أرضه فسد بالبناء المنفذ الذي كان له ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 1056 ص 794 هامش 1 – بيدان وفوار أن 4 فقرة 534 – دي بلج فقرة 136 ص 483 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 927 – مارتي ورينو فقرة 288 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 327 – توفيق شحاته فقرة 360 ص 355 – عبد المنعم البدراوي فقرة 328 ص 384 – إسماعيل غانم فقرة 55 ص 116 – حسن كيرة فقرة 72 ص 222 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 77 ص 118 – منصور مصطفى منصور فقرة 32 ص 73 – ص 74 .

وتعتبر الأرض محبوسة عن الطريق العام ، حتى لو ترك المالك حق ارتفاق بالمرور كان ثابتا له يزلو بعدم الاستعمال ( نقض فرنسي 3 ديسمبر سنة 1935 جازيت دي باليه 1936 – 1 – 256 – بيدان وفوران 4 فقرة 534 ص 581 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1015 ص 816 هامش 1 – عكس ذلك إسماعيل غانم فقرة 55 ص 117 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 77 ص 119 – وقارن منصور مصطفى منصور فقرة 32 ص 74 – ص 75 ويرى أنه إذا تبين أن عدم الاستعمال كان بسبب تغيير المالك استغلال الأرض ، فلا يحرم المالك من حق المرور القانوني ) .

أما إذا نزل المالك عن حق ارتفاق بالمرور كان ثابتا له ، فإنه يفقد حقه في المطالبة بحق المرور القانوني ( إسماعيل غانم فقرة 55 ص 116 – ص 117 ) . &%$ ) . وسنرى تطبيقا هاما لذلك عندما نبحث الانحباس الذي ينشأ عن تجزئة الأرض بتصرف قانوني .

وقد لا يكون للجار إلا حق مرور متنازع فيه ( titre contestable ) أو حق مرور محمول على التسامح ( par suite de la simple tolerance ) فيصل الجار بفضل هذا الحق أو ذاك إلى الطريق العام . والرأي الغالب أن هذا يكفي لاعتبار الأرض غير محبوسة عن الطريق العام ، مادام الجار يصل فعلاً إلى هذه الطريق دون أن يعترضه أحد ( $%&[1] ) نقض فرنسي 27 فبراير سنة 1839 سيريه 39 – 1 – 193 – 15 – يوليه سنة 1875 سيريه 75 – 1 – 419 – اوبري ورو 3 فقرة 243 ص 37 – بلانيول ورببير وبيكار 3 فقرة 926 ص 902 وفقرة 927 – مارتي ورينو فقرة 288 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 323 ص 431 – توفيق شحاتة فقرة 360 ص 354 – ص 355 – محمد على عرفة فقرة 231 ص 292 – عبد المنعم البدراوي فقرة 338 ص 382 – إسماعيل غانم فقرة 55 ص 116 – حسن كبيرة فقرة 72 ص 221 ( فيما يتعلق بالحق المتنازع فيه ) – منصور مصطفى منصور فقرة 32 ( فيما يتعلق بالحق المتنازع فيه ) – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 75 ص 117 . &%$ ) . ولكن يصح الاعتراض على هذا الرأي بأن $ 756 $ حق المرور المتنازع فيه لا يستطيع أن يطمئن له الجار إذا قد يتضح أنه لا يملك هذا الحق فيبقي مركزه مزعزعا معلقاً على نتيجة البت في النزاع ، وبأن حق المرور المحمول على التسامح مكرمة قد يرجع فيها المالك المتسامح وقد لا يريد الجار حمل هذه المكرمة في عنقه مدة طويلة ، فيجب إذن عد الاعتداد بحق المرور المتنازع فيه أو المحمول على المتسامح ، والقول بأن الأرض تعتبر محبوسة على الطريق العام بالرغم من قيام هذا النوع من حق المرور ( $%&[1] ) أنظر في هذا المعنى بودري وشوفز فقرة 1047 – وفيما يتعلق بحق المرور المحمول على التسامح أنظر في هذا المعنى أيضاً حسن كيرة فقرة 72 ص 221 – ص 222 – منصور مصطفى منصور فقرة 32 ص 75 . &%$ ) . وفيما يتعلق بحق المرور المتنازع فيه ، ينبغي إلا ترفض دعوى الجار المطالب بحق المرور القانوني ، ولكنها توقف ويتوقف مصيرها على البت في النزاع ، فيكلف الجار برفع الأمر إلى القضاء في شأن حق المرور المتنازع فيه ، فإن كسب الدعوى خسر دعوى المطالبة بحق المرور القانوني ، ويكسب هذه الدعوى الأخيرة أن خسر الدعوى الأولي .

وتعتبر الأرض محبوسة عن الطريق العام ، حتى لو كان لها منفذ يؤدي إلى مرفاً للسفن لا يصلح إلا لهذا الغرض . فالمرفاً وإن كان ملكا عاما ، إلا أنه لا يعتبر طريقا عاماً ( $%&[1] ) أنظر اوبري ورو 3 فقرة 243 ص 35 – ص 36 – بودري وشوفو فقرة 1045 ص 783 – بلانيول ورببير وبيكار 3 فقرة 926 ص 903 – ص 904 . &%$ ) .

وليس من الضروري ، حتى تعتبر الأرض محبوسة عن الطريق العام ، إلا يكون لها أي منفذ يؤدي إلى الطريق . بل أنها تعتبر محبوسة حتى لو كان لها ممر ولكنه غير كاف . ويعتبر الممر غير كاف لأن يؤدي إلى الطريق العام ، كما تقول الفقرة الأولي من المادة 812مدني فيما رأينا ، إذا كان لا يتيسر لمالك الأرض " الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة " فإذا كانت الأرض قد شيد فوقها مصنع مثلا ، وكان الممر إلى الطريق العام لا يتسع إلا لمرور الراجلين فلا تستطيع العربات أن تمر فيه ، وكان المصنع في حاجة إلى عربات لقل منتجاته ، فإن الممر يعتبر غير كاف في هذه الحالة بل يعتبر أيضاً غير كاف حتى لو أمكن للعربات المرور فيه ولكن بمشقة كبيرة ، $ 757 $ وحتى لو أمكن توسيعه ولكن بنفقات باهظة . أما إذا كان الممر يكفي لمرور العربات فيه دون مشقة كبيرة أو نفقة باهظة ، فإن الأرض لا تعتبر محبوسة عن الطريق ، حتى لو كان الممر غير مريح أو كان طويلا أو كان يحتاج في تعبيده إلى نفقة غير باهظة ( $%&[1] ) استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 88 – 27 فبراير سنة 1905 م 17 ص 214 – منيا القمح 16 ديسمبر سنة 1903 الحقوق 19 ص 305 – ميت غمرة 21 أكتوبر سنة 1906 المجموعة الرسمية 8 رقم 64 ص 32 – البلينا 26 سبتمبر سنة 1934 المحاماة 13 رقم 454 ص 327 – نقض فرنسي 2 أغسطس سنة 1938 سيريه 1938 – 1 – 302 – 13 يناير سنة 1943 سيريه 1943 – 1 – 75 – بلانيول – وريبير وبيكار 3 فقرة 926 ص 902 – ص 903 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1015 ص 815 . &%$ ) .

وقاضي الموضوع هو الذي يبت فيما إذا كانت الأرض لا منفذ لها إلى الطريق العام أو لها منفذ غير كاف ، ومن ثم تعتبر أرضاً محبوسة ( $%&[1] ) نقض فرنسي 27 ابريل سنة 1881 سيريه 81 - 1 - 295 – 26 مايو سنة 1961 داللوز 1961 Som 81 – 3 ديسمبر سنة 1962 داللوز 1963 Som 54 . &%$ ) . ويلجأ في ذلك عادة إلى أهل الخبرة ، وقد يأمر بإجراء معاينة الأرض على الطبيعة .

ويستوي أن تكون الأرض المحبوسة على هذا النحو أرضاً زراعية كما هو الغالب ، أو أرضاً مقاما عليها بناء كمصنع أو متجر أو مسكن أو أرضاً فضاء ( $%&[1] ) نقض مدني 92 يناير سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 140 ص 411 – استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1909 م 21 ص 199 – 27 ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 88 . &%$ ) .

كما يستوي أن يكون من يطلب حق المرور هو المالك للأرض المحبوسة ، أو كان له حق انتفاع عليها ، أو كان محتكراً ، أو كان ناظر وقف . ولا يجوز للمستأجر أو للمزارع أن يطالب بحق المرور ، لأن حقه حق شخصي ، وليس له إلا أن يلجأ إلى المالك ليطالب بهذا الحق ( $%&[1] ) نقض فرنسي 16 يونيه سنة 1880 داللوز 80 – 1 – 429 – ليون 4 ابريل سنة 1925 داللوز الاسبوعي 1925 – 335 – أوبري ورو 3 فقرة 243 ص 75 – بودري وشوفو فقرة 1049 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 925 ص 901 . &%$ ) .

467 - انفكاك الحبس عن الأرض المحبوسة : وما دامت الأرض محبوسة عن الطريق العام على النحو الذي قدمناه ، فإن لصاحبها حق لمرور في $ 758 $ الأراضي المجاورة . ولكن الحبس قد ينفك ، فيصبح للأرض منفذ إلى الطريق العام لم يكن موجودا من قبل . مثل ذلك أن يستحدث طريق عام بجوار الأرض ، أو أن يكسب مالك الأرض المحبوسة ملكية ارض مجاورة لها منفذ إلى الطريق العام فينفتح هذا المنفذ للأرض المحبوسة فينفك عنها الحبس ، في هذا الحالة يجب التمييز بين فرضين :

( الفرض الأول ) أن يكون مالك الأرض التي كانت محبوسة لم يحصل بعد على حق المرور في أرض مجاورة ، فمتى أنفك الحبس عن الأرض لم يصبح للمالك حق في المطالبة بالمرور إذا أن أرضه أصبحت غير محبوسة ، وتخلف الشرط الجوهري للمطالبة بحق المرور .

( الفرض الثاني ) أن يكون مالك الأرض قد حصل على حق المرور في أرض مجاورة قبل أن ينفك الحبس عن الأرض ، وقد قام في هذا الفرض خلاف في الرأي . فقد ذهب بعض إلى أن المالك ، ما دام قد حصل على حق المرور في أرض مجاورة ، يستبقي هذا الحق حتى بعد انفكاك الحبس عن أرضه . ويستند أصحاب هذا الرأي إلى أنه متى حصل المالك على حق المرور في أرض مجاورة ، فقد أصبح له حق ارتفاق حقيقي على هذه الأرض في قوة حقوق الارتفاق الاتفاقية . ولا يزول هذا الحق إلا بسبب من أسباب زوال حق الارتفاق ، وليس منهما انفكاك الحبس ( $%&[1] ) نقض فرنسي 24 نوفمبر سنة 1880 سيريه 81 – 1 – 222 – 30 يونيه سنة 1903 سيريه 1904 – 1 – 10 – ديمولومب 12 فقرة 642 – فقرة 643 – ديرانتون 5 فقرة 435 – بودري وشوفو فقرة 1050 ص 787 . &%$ ) . وذهب بعض آخر إلى أن حق المرور الذي حصل عليه مالك الأرض المحبوسة مقيد في قيامه وفي بقائه بأن تكون الأرض محبوسة وبأن تبقى كذلك ، فمتى انفك الحبس عن الأرض ، فقد فقد حق المرور السبب في بقائه ، ومن ثم يزول ( $%&[1] ) لوران 8 فقرة 110 وما بعدها – اوبري ورو 3 فقرة 243 ص 44 – بيدان وفواران 4 فقرة 535 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 939 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 343 – شفيق شحاتة فقرة 366 – محمد علي عرفة فقرة 235 ص 297 – ص 298 – عبد المنعم البدراوي فقرة 346 – إسماعيل غانم فقرة 56 ص 119 – حسن كيرة فقرة 72 ص 225 – ص 226 – عبد المنعم الصدة فقرة 85 – منصور مصطفى منصور فقرة 32 ص 76 . &%$ ) .

 $ 759 $

على ذلك يستطيع صاحب الأرض المجاورة التي يباشر فيها حق المرور أن يطلب إنهاء هذا الحق بعد أن أصبح للأرض التي كانت محبوسة ممر إلى الطريق العام في غير أرضه . ونحن نختار هذا الرأي الأخير ، لأنه أكثر اتفاقا مع طبيعة حق المرور القانوني ، فقد قدمنا أن هذا الحق ليس بحق ارتفاق حقيقي ، بل هو قيد على ملكلة الأرض المجاورة .و هذا القيد منوط بانحباس الأرض التي يمارس صاحبها حق المرور . فإذا انفك الحبس لم يعد للقيد مبرر ، واصبح صاحب الأرض المجاورة غير ملتزم بتحمل هذا القيد بعد أن زال سبب قيامه . فإذا طالب بإنهاء حق المرور ، كان له ذلك ، بعد أن أصبح للأرض التي كانت محبوسة ممر آخر يؤدي إلى الطريق العام . وإذا رضي ببقاء حق المرور ، كان له ذلك أيضاً ، ولكن حق المرور ينقلب عندئذ إلى حق ارتفاق اتفاقي تسري عليه قواعد هذا الحق . ونص التقنين المدني المصري صريح في اشتراط بقاء الانحباس عن الطريق لبقاء حق المرور ، إذا تتكلم الفقرة الأولي من المادة 812مدني كما رأينا ، في معرض الحصول على حق المرور ، عن أرض محبوسة عن الطريق العام " ما دامت هذه الأرض محبوسة عن الطريق العام " ففي القانون المصري إذن ، على خلاف القانون الفرنسي الذي انقسم فيه الرأي ، لا شك في أنه إذا انفك الانحباس عن الأرض ، جاز لصاحب الأرض المجاورة أن يطلب إنهاء حق المرور . ولكنه يرد إلى المالك تعويض الذي قد يكون تقاضاه منه في مقابل هذا الحق ، بعد أن يستنزل منه جزءاً مناسباً للوقت الذي باشر فيه المالك فعلا حق المرور في أرضه ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 56 ص 118 – ويزول حق المرور بزوال الانحباس حتى لو بقى الانحباس خمس عشرة سنة باشر الجار في اثنائها حق المرور ، فإن استعماله لهذا الحق كان بسبب الانحباس مباشرة لقيد وارد على الملكية ، فلا يترتب عليه أن يملك الحق بالتقادم . وهو إنما ملكه بحكم القانون وبقى يملكه بحكم القانون مهما طالت المدة ، وليس المرور هنا حق ارتفاق حتى يكسب بالتقادم ( إسماعيل غانم فقرة 56 ص 119 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 343 ص 376 – ص 377 – محمد علي عرفة فقرة 225 ص 295 – ص 299 – حسن كيرة فقرة 72 ص 226 – منصور مصطفى منصور فقرة 32 ص 76 هامش 1 ) . وحتى من يرى من رجال الفقه في مصر أن حق المرور حق ارتفاق يسلم مع ذلك بأنه يزول بزوال الانحباس ، نزولا على صريح النص في المادة 812 مدني مصري ( شفيق شحاته فقرة 366 – عبد المنعم البدراوي فقرة 346 ) . أما في فرنسا فبعض الفقهاء يذهب إلى أن حق المرور يزول بزوال الانحباس ولو بقى ثلاثين سنة وبالرغم من أن حق المرور هناك هو حق ارتفاق ، لأنه حق ارتفاق غير مستمر ولا يكسب بالتقادم إلا حقوق الارتفاق المستمرة ( بيدان وفواران 4 فقرة 535 – اوبرى ورو 3 فقرة 243 هامش 34 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 817 ) ، ولكن القضاء الفرنسي ومعه بعض الفقهاء يذهب إلى عكس ذلك وإلى أن حق المرور لا يزول بزوال الانحباس ما دام استعماله بقى مستمراً ثلاثين سنة ( نقض فرنسي 24 نوفمبر سنة 1880 داللوز 81 – 1 – 71 – 30 يونيه ينة 1913 داللوز 1914 – 1 – 231 – 13 مايو سنة 1959 داللوز 1959 Somm 106 – 6 يونيه سنة 1959 داللوز 1960 Somm 26 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 939 ص 916 – مارتي ورينو فقرة 293 ) . &%$ ) . ويؤكد ما قدمناه ما ورد في المذكرة $ 760 $ الإيضاحية للمشروع التمهيدي إذا تقول : " وينتهي حق المرور إذا اتصلت الأرض بالطريق العام من ناحية أخرى ، فلم يعد حق المرور ضروريا ، ويسترد صاحبه الأرض من التعويض الذي كان قد دفعه في حق المرور القدر المناسب " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 50 . &%$ ) .

468 - ب . ممر ضروري لاستغلال الأرض واستعمالها على الوجه المألوف : والممر الذي يحصل عليه صاحب الأرض المحبوسة عن الطريق العام هو الممر اللازم " لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف " . وقد قدمنا أن الأرض المحبوسة قد تكون أرضا زراعية ، فالممر اللازم هو الممر الكافي لاستغلال هذه الأرض استغلالا زراعيا على الوجه الذي يستغل فيه مثل هذه الأرض . فإن اقتضي الأمر ، لاستغلال الأرض ممرا كافيا لمرور المواشي والدواب والعربات المحملة بالأسمدة اللازمة للأرض والعربات التي تحمل المحصول من الأرض إلى جهة التسويق ،كان لصاحب هذه الأرض الزراعية الحصول على هذا الممر . وقد تكون الأرض المحبوسة أرضاً مقاما عليها مصنع ، وقد يقتضي المصنع أن يكون له ممر كاف إلى الطريق العام يتسع لمرور العمال الذين يعملون بالمصنع ، ويتسع لمرور العربات التي تروح وتجئ بالمواد الخام ومنتجات المصنع ، ويتسع لغير ذلك من الأغراض المختلفة للمصنع ، وقد تكون الأرض المحبوسة أرضاً فضاء ، وهذه عادة تكون في حاجة إلى ممر محدود ، لأن حاجات الأرض الفضاء أقل من حاجات الأراضي الأخرى ( $%&[1] ) والعبرة بحاجات الأرض المحبوسة القائمة الفعلية ، دون نظر إلى ما يحتمل أن يتسع من هذه الحاجات في المستقبل ، فإذا ما اتسعت الحاجات فعلا أمكن طلب توسيع الممر ( استئناف مختلط 15 يناير سنة 1935 م 47 ص 113 ) . &%$ ) .

 $ 761 $

وقد تعتبر حاجات الأرض المحبوسة فتسع ، وبعد أن كان الممر المعطي فيها كافيا يصبح غير كاف . وعندئذ يجب توسيع الممر بما يتناسب مع الحاجات المستجدة ، بل قد يقتضي الأمر استبدال ممر أخر بالممر القديم يكون مناسبا لما استجد من حاجات الأرض المحبوسة ، وذلك كله نظير تعويض جديد فقد تقام أبنية على الأرض الفضاء للسكنى أو للاستغلال الزراعي أو للاستغلال الصناعي ، فتزيد حاجات الأرض باستحداث هذه الأبنية ، بشرط إلا تكون الأبنية هي التي سببت انحباس الأرض أو زادت في انحباسها . وقد ينمو المصنع ويتسع ، فتصبح حاجاته أكثر اتساعا عما كانت عليه في الماضي وقد يستحدث صاحب الأرض الزراعية من وسائل الاستغلال الزراعي جديداً كما إذا أضاف إلى زراعة المحصول تربية المواشي ، فيكون في حاجة إلى ممر أكبر لما استجد من الحاجات ولا يجوز الاعتراض على ذلك بأن صاحب الأرض المحبوسة قد زاد من أعباء حق المرور بإدارته وحده ، ذلك أنه يجب أن يكون حراً منطلقاً في نشاطه وفي تجديده لأنواع النشاط الذي يقوم به كما لو كانت أرضه غير محبوسة ، فهذا ما تقتضيه المصلحة العامة ، ولا يجوز تقييده في ذلك ما دام في نطاق الوجوه المألوفة لاستغلال أرضه ( $%&[1] ) كذلك لو غير الجار طريقة الاستغلال فضيق منها ، ولم يعد في حاجة إلى كل الممر الذي أعطى له ، جاز للمالك أن يطلب تضييق الممر بحيث يتناسب مع طريقة الاستغلال الجديدة . ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 76 ص 118 – منصور مصطفى منصور فقرة 32 ص 73 ) . &%$ ) . ويجب أن يخلي بينه وبين أي نشاط يجعله يحصل من أرضه على أكبر فائدة يستطيع الحصول عليها ، فمن أجل هذا أعطى القانون له حق المرور في ارض الجار . ولا يوجد حد لنشاط صاحب الأرض المحبوسة إلا أن يكون متعمداً الإضرار بصاحب الأرض المجاورة ، أو مجاوزا للنطاق المألوف من النشاط ، فيزيد من أعباء حق المرور وكان يستطيع ألا يفعل فعند ذلك يكون مسئولا ويصح للجار منعه ، أما لأنه متعسف في استعمال حقه ، أو لأنه قد جاوز المألوف في مضار الجوار فالحق بجاره ضرراً فاحشاً ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 1046 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 928 ص 905 – وحتى تمكن المطالبة بتوسع الممر ، يجب أن تقوم الحاجة إلى ذلك ، ولا يكفي أن يكون التوسيع أكثر ملاءمة ويسرا . فإذا استحدث طريق عام هو أقرب إلى الأرض المحبوسة ، لم يجز لصاحب هذه الأرض أن يطالب بتغيير الممر أو بنقله إلى أرض أخرى ، بدعوى أن الممر الجديد يؤدي إلى الطريق العام الجديد فيكون أقرب وأيسر ( نقض فرنسي 12 يناير سنة 1881 داللوز 81 – 1 – 323 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 935 ) . &%$ ) .

 $ 762 $

469 - أين يكون موضع الممر إلى الطريق العام " موضع الممر إلى الطريق العام يكون في الأراضي المجاورة ، وأول أرض يمر فيها مالك الأرض المحبوسة تكون بداهة أرضاً ملاصقة لأرضه . فإن كان المرور في هذه الأرض يؤدي به إلى الطريق العام ، كان هذا كافيا ، وإلا فإنه يمر أيضاً في الأرض أو الأراضي التي تكون مجاورة لأول أرض يمر فيها إلى أن يصل إلى الطريق العام .

ويستوي أن تكون الأرض أو الأراضي التي يمر فيها أراضي زراعية أو أراضي بناء أو أراضي فضاء ، حدائق أو أحواشا ، مسورة أو غير مسورة . فإن كانت مسورة كحديقة أو فناء ملحق بمنزل ، وجب على صاحبها أن يفتح فيها منفذاً للمرور منه ، ويجوز أن يبقيها مسورة ويفتح بها بابا يعطي مفتاحه لصاحب الأرض المحبوسة ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 931 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1015 ص 816 – مارتي ورينو فقرة 291 ص 300 – كاربونييه ص 171 – محمد علي عرفة فقرة 229 ص 287 – عبد المنعم البدراوي فقرة 339 – حسن كيرة فقرة 73 ص 227 . &%$ ) .ويجوز أن يكون الممر في ارض موقوفة ( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 229 ص 288 – ويكون ذلك بموجب حكم قضائي . &%$ ) ، ولا يعتبر إعطاء الممر هنا إخلالا بعدم قابلية الأرض الموقوفة للتصرف ، فأن قيد حق المرور يرد على جميع الأراضي المجاورة للأرض المحبوسة حتى لو لم تكن قابلة للتصرف فيها ، وفي فرنسا يجوز جعل الممر في أرض تدخل في دوطة الزوجة ( bien dotal ) ، والدوطة غير قابلة للتصرف فيها ( $%&[1] ) نقض فرنسي 17 يونيه سنة 1863 داللوز 64 – 1 – 140 – 6 يناير سنة 1891 داللوز 91 – 1 – 479 – بودري وشوفو فقرة 1052 ص 789 – بلانيول وريبير وبيكار .&%$ ) . كما يجوز أن يكون الممر في ارض تتبع الدومين الخاص للدولة ، بل هناك رأي يذهب إلى جواز أن يتقرر حق المرور على الدومين العام ذاته أن لم يكن هذا الدومين العام هو الطريق العام الذي يريد $ 763 $ صاحب الأرض المحبوسة الوصول إليه ( $%&[1] ) أنظر في هذا المعنى لوران 8 فقرة 92 – بودري وشوفو فقرة 1052 ص 789 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 931 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1015 ص 816 – محمد علي عرفة فقرة 229 ص 288 – عبد المنعم البدراوي فقرة 339 – حسن كيرة فقرة 73 ص 227 – ص 228 – وانظر عكسر ذلك اوبري ورو 3 فقرة 243 ص 38 هذا وقضاء المحاكم القضائية في فرنسا يجيز تقرير حق المرور على الدومين العام مادام تقرير هذا الحق لا يتعارض مع الغرض الذي اعد له هذا الدومين ( نقض فرنسي 11 نوفمبر سنة 1867 سيريه 68 – 1 – 30 – 30 مايو سنة 1932 جازيت دي باليه 1932 – 2 – 357 ) ، أما قضاء لمس الدولة الفرنسي فلا يجيز ذلك ( لمس الدولة الفرنسي 3 نوفمبر سنة 1933 داللوز الاسبوعي 1934 – ) – 10 ديسمبر سنة 1954 Lebon 658 – 15 يوليه سنة 1955 ؟؟؟ القانون العام 1956 – 649 – وانظر مارتي ورينو فقرة 291 ص 300 ) . &%$ ) ويعزز هذا الرأي في مصر أن حق الارتفاق يجوز أن يتقرر على الدومين العام بصريح النص ، فقد نصت العبارة الأخيرة من المادة 1015مدني على أنه يجوز أن يترتب الارتفاق على مال عام أن كان لا يتعارض مع الاستعمال الذي خصص له هذا المال " .,

فإذا كان يجوز أن يترتب حق الارتفاق على الدومين العام ، فأولي أن يترتب قيد المرور القانوني على هذا الدومين .

وكما يجوز أن يكون موضع الممر على سطح الأرض ، كذلك يجوز أن يكون تحتها ،كما تقرر حق المرور لمحجر أو لمنجم في باطن الأرض ( $%&[1] ) بودري وشوف فقرة 1052 . &%$ ) . وكذلك يجوز أن يكون الممر في موضع هو أعلى من سطح الأرض ، كما إذا أقام أحد الأفراد جسراً عاليا فوق سطح الأرض ، فيتقرر لجاره صاحب الأرض المحبوسة حق المرور فوق هذا الجسر ( $%&[1] ) نقض فرنسي 24 فبراير سنة 1930 داللوز 1932 – 1 – 9 – 14 أكتوبر سنة 1963 داللوز 1963 – 513 – اوبري ورو 3 فقرة 243 ص 40 هامش 21 ثالثاً – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 933 ص 909 – بيدان وفواران 4 فقرة 536 – مازو فقرة 1385 ص 1121 مارتي ورينو فقرة 291 ص 301 – ص 302 – وقد يمارس حق المرور في باطن الأرض عن طريق إنشاء نفق أو مد أنابيب للماء أو الغاز ، وقد يمارس في الفضاء بمد أسلاك تمد عليها القاطات ( Passage d'un telepherique ) : أنظر محمد كامل مرسي 1 فقرة 335 – محمد علي عرفة فقرة 229 ص 289 – شفيق شحاتة فقرة 365 ص 358 – عبد المنعم البدراوي فقرة 342 – حسن كيرة فقرة 73 ص 228 – عبدالمنعم فرج الصدة فقرة 81 ص 121 – ص 122 . &%$ ) .

 $ 764 $

وتقول العبارة الأخيرة من المادة 812 / 1 مدني : " ولا ستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون فيه المرور أخف ضرراً ، وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك " . وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الخصوص : " قرر المشروع أن حق المرور يختار له عقار مجاور يكون المرور فيه أخف ضرراً من المرور في العقارات المجاورة الأخرى ، وفي موضع من هذا العقار يتحقق فيه هذا الاعتبار كذلك . وفي هذا تقييد عادل لحق المرور يقابل التوسع السابق " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 50 . &%$ ) . فيجب إذن ، إذا تعددت العقارات المجاورة التي جوز أن يكون فيها الممر ، أن يختار من هذا العقارات العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضرراً وقد يكون الممر الأخف ضرراً هو الممر الأقصر ، ولكن ليس محتما أن يكون الأمر كذلك ، فقد يكون الممر الأقصر يتخلل بستاتين وأشجارا فيعدل عنه إلى ممر أطول في العقار المجاور أو في عقار مجاور آخر ، ويكون من شأنه إلا يلحق بصاحب هذا العقار مثل الضرر الذي يلحق الأرض ذات الممر الأقصر . فإذا تعين العقار الذي يكون فيه الممر على هذا النحو ، وجب أيضاً أن يكون الممر في موضع هذا العقار يكون أخف ضرراً من غيره ، سواء بالنسبة إلى صاحب هذا العقار أو بالنسبة إلى صاحب الأرض المحبوسة . ويراعي في ذلك الكيفية التي يكون عيها المرور ، فقد يكون مروراً مقصوراً على الراجلين ، أو شاملا للعربات والمواشي ، أو مقصوراً على أيام أو ساعات معينة ،ويغلب أن يقتضي الأمر لتحديد موضع الممر بالدقة أن تعين المحكمة خبيراً أو أن تأمر بإجراء معاينة على الطبيعة ،كما يغلب أن يدخل أحد طرفي الدعوى بعض الجيران الآخرين خصوما فيها إذا كانت عقاراتهم يمكن أن يعين فيها موضع الممر . وقد يراعي في تعيين الممر جانب صاحب الأرض المحبوسة نفسه كما قدمنا ، فيجوز أن يطلب هذا أن يكون الممر في موضع هو أطول من غيره لأن الموضع الأقصر مغروس بالأشجار وبالزهور فيكون أكثر كلفة عليه ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 1053 ص 791 . &%$ ) . كذلك قد يراعي جانب الجار الذي يتقرر حق المرور في ، فيطلب هذا تغيير موضع الممر إذا تبين أن حق المرور قد زاد عبؤه $ 765 $ في الموضع المقرر لسبب أو لآخر ، فينقل الممر إلى موضع آخر يكون أخف عبئاً ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 932 ص 908 . &%$ ) .

فإذا ما استقر موضع الممر ، لم يكن لصاحب الأرض المحبوسة إلا حق المرور فيه ليصل إلى الطريق العام . ولا يعتبر الممر مملوكاً له ، بل يبقي مملوكا لصاحبه ( $%&[1] ) ديمولب 12 فقرة 636 وما بعدها – لوران 8 فقرة 73 – بودري وشوفو فقرة 1044 ص 780 . &%$ ) . فليس لصاحب الأرض المحبوسة أن يستعمله إلا في المرور بالكيفية التي تقررت فيمر هو وحده أو هو وآخرون ، وقد تمر فيه المواشي والدواب والعربات ، وقد لا يستعمل الحق إلا في أيام أو ساعات معينة ، كل هذا رفقا لاحتياجات الأرض المحبوسة وبحسب ما يتقرر تبعاً لذلك ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 1060 ص 798 . &%$ ) .

470 - الحبس عن الطريق العام ناشئ عن تجزئة العقار بناء على تصرف قانون : وهناك حالة خاصة نص فيها القانون على أن يكون الممر في موضع معين دون غيره ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 812مدني كما رأينا على ما يأتي : " على أنه إذاكان الحبس عن الطريق العام ناشئا عن تجزئة عقار تمت بناء على تصرف قانوني . وكان من المستطاع إيجاد ممر كاف في أجزاء هذا العقار ، فلا تجوز المطالبة بحق المرور إلا في هذه الأجزاء " . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الخصوص : " وهذا حكم معقول ، فإن العقار الذي يكون متصلا اتصالا كافيا بالطريق العام ، ثم يجزئه مالكه تصرف يرضاه ويكون من شأنه أن يحبس جزءاً منه عن الطريق العام ، فحق المرور لهذا الجزء يجب أن يتقرر على الأجزاء الأخرى ، كما كن الأمر قبل تجزئة العقار . وفي هذه القاعدة توسع في مبدأ تخصيص المالك الأصلي الذي سيأتي ذكره فيما يلي ، وقد جاء التوسع من أنه لا يشترط في الحالة التي نحن بصدده أن يكون المالك الأصلي قد وضع علامات ظاهرة لتقرر حق المرور بتخصيص المالك الأصلي حتى $ 766 $ لو كان الجزء المرتفق لا تحبسه التجزئة عن الطريق العام ، بل كان له ممر كاف من ناحية أخرى " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 50 – ص 51 . &%$ )

والنص يفرض أن هناك أرضاً لها منفذ إلى الطريق العام ، ثم تصرف صاحب الأرض فيها تصرفا قانونيا أدى إلى جعل جزء منها محبوسا عن هذا الطريق .مثل ذلك أن يبيع جزءاً من الأرض لشخص آخر ، فيؤدي البيع إلى أحد أمرين : أما أن المشتري يشتري الجزء غير المجاور للطريق العام فيكون هذا الجزء محبوسا ، أو يشتري الجزء المجاور للطريق العام فيصير الجزء الآخر الذي استبقاه البائع هو المحبوس ( $%&[1] ) وكذلك لو باع المالك الأصلي جزءاً من الأرض إلى مشتر ، وجزءا آخر أصبح محبوساً بالبيع الأول إلى مشتر آخر ( ديمولومب 12 فقرة 602 – اوبري ورو 3 فقرة 243 ص 40 ) . &%$ ) وكالبيع المقايضة والهبة ، فيكون هناك مقايض أو موهوب له بدلا من المشتري . ويصح أن تكون الأرض شائعة بين اثنين فيقتسمانها وبذلك تفرز حصة كل منهما ، وقد تصبح إحدى الحصتين بعد إفرازها لا منفذ لهها إلى الطريق العام هذه صور عملية للحبس الذي ينشا عن تجزئة العقار بناء على تصرف قانون ، ومنها نرى أن جزءاً من هذا العقار قد أصبح محبوساً عن الطريق العام بحكم هذه التجزئة ، فإذا طالب هذا الجزء بحق المرور فأين يكون موضع الممر الذي يطلبه ؟ لو طبقنا القواعد العامة في هذه الحالة ، لوقع الممر في أي عقار مجاور يكون المرور فيه أخف ضرراً ولكن القانون هنا عدل عن هذه القاعدة ، وأوجب أن يكون الممر في الجزء الآخر من العقار المجزأ ولو لم يكن المرور فيه هو أخف ضرراً ففي حالة بيع جزء من العقار إذا كان المشتري هو المحبوس كان له حق المرور في الجزء الذي استبقاه البائع وإذا كان البائع هو المحبوس كان له حق المرور في الجزء الذي باع للمشتري . وفي حال القسمة ، يكون للمتقاسم الذي انحبس بعد إفراز حصته حق المرور في الحصة المفرزة التي وقعت في نصيب المتقاسم الآخر .

ويبرر هذا الحكم أن العقار كان في مبدأ الأمر غير محبوس عن الطريق العام ، وقد أصبح جزء منه محبوساً بفعل صاحب العقار ، فيكون من العدل أن حق المرور يتقرر للجزء المحبوس على الجزء الآخر .ولو تقرر المرور في عقار غير هذا الجزء الآخر ، لاستطاع المالك أن يفرض بفعله حق مرور على أرض $ 767 $ الجار لأن الحبس نشأ عن تصرف صدر منه هو ، وقد قدمنا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 466 . &%$ ) ، أنه لا يعتد بانحباس الأرض إذا كان المالك هو الذي حبسها عن الطريق العام بفعله ( $%&[1] ) ويخلص من ذلك أنه لو كانت تجزئة العقار بسبب نزع ملكية الجزء الذي يتصل بالطريق العام ، فليس لصاحب الجزء المحبوس عن الطريق العام أن يجعل حق المرور من هذا الجزء المنزوع ملكيته . وكذلك الحكم لو باع المالك الجزء الذي يتصل بالطريق العام مضطرا خشية عليه من نزع الملكية ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 934 ص 910 – محمد علي عرفة فقرة 236 ص 301 – عبدالمنعم البدراوي فقرة 343 ص 386 ) . &%$ ) .

ويمكن تأصيل الحكم أيضاً بتقريبه من قاعدة تخصيص المالك الأصلي في حقوق الارتفاق الاتفاقية . فقد نصت المادة 1107مدني في هذا الصدد :

 " 1 - يجوز في الارتفاقات الظاهرة أن ترتب أيضاً بتخصيص من المالك الأصلي .

 " 2 - ويكون هناك تخصيص من المالك الأصلي إذا تبين بأي طريق من طرق الإثبات أن مالك عقارين منفصلين قد أقام بينهما علاقة ظاهرة ، فأنشأ بذلك علاقة تبعية تبينهما من شأنها أن تدل على وجود ارتفاق لو أن العقارين كانا مملوكين لملاك مختلفين . ففي هذه الحالة إذا انتقل العقاران إلى أيدي ملاك مختلفين دون تغير حالتهما ، عد الارتفاق مرتباً بين العقارين لهما وعليهما ما لم يكن ثمة شرط صريح يخالف ذلك " . فتوسعا هنا في قاعدة تخصيص المالك الأصلي ، ولم نستوجب أن تكون هناك علامات ظاهرة ، استغناء عنها بأن العقار كان في مبدأ عقاراً واحداً ثم تجزأ . فكان المالك الأصلي وهو يجزئ العقار تجزئة اختيارية ، فحسب جزءاً منه عن الطريق العام ،خصص الجزء الآخر للممر الذي يجب أن يكون للجزء المحبوس . وشرط ذلك كما رأينا أن يكون هناك جزء قد حبس عن الطريق العام بفعل التجزئة . ولو أن المالك الأصلي قد وضع علامات ظاهرة لحق المرور على جزء من العقار ، قبل التجزئة ، لمصلحة الجزء الآخر ، لأصبحت قاعدة تخصيص المالك الأصلي ذاتها هي المنطقية .ولترتب على ذلك أنه عند تجزئة العقار يصبح لجزء منه حق مرور اتفاقي ، لا حق مرور قانوني ، على الجزء الآخر .وفي هذه الحالة ليس من الضروري ،كما هو ضروري في حالة المرور القانوني ، أن يكون الجزء صاحب الارتفاق محبوسا عن الطريق العام ، لأن هذا الجزء إنما كسب حق $ 768 $ مرور بتخصيص المالك الأصلي وهذا سبب من أسباب كسب حقوق الارتفاق الاتفاقية ، ولا يشترط فيه أن يكون العقار المرتفق محبوسا عن الطريق العام .

وهناك وجه آخر لتبرير الحكم الذي نحن بصدده ، وان كان لا ينطبق في جميع الصور .ففي الحالة التي يبيع فيها المالك الأصلي جزءاً من العقار فيصبح هذا الجزء محبوساً عن الطريق العام ، يمكن القول بأن البائع ،كما يضن للمشتري استحقاق الجزء المبيع بمثابة استحقاق جزئي ،أو قل أن حق المرور هنا يعتبر من توابع المبيع الضرورية . كذلك عندما يتقاسم الشريكان العقار الشائع ، فإن صاحب الحصة المفرزة التي لها منفذ إلى الطريق العام يكون ضامنا لصاحب الحصة المحبوسة عن الطريق العام حق مرور على حصته . ولكن إذا باع المالك الأصلي جزءاً من العقار هو الذي له منفذ إلى الطريق العام ، وبقى في الجزء الآخر المحبوس ، فإنه لا يمكن في هذه الصورة تبرير الحكم بحق الضمان ، إذ الضمان التزام في ذمة البائع للمشتري ، أما هنا فالمرور واجب على المشتري للبائع ( $%&[1] ) ولذلك ذهب الأستاذ إسماعيل غانم إلى " أن التصرف الذي نشأت عنه تجزئة العقار الأصلي على وجه نتج عنه أن أصبح أحد الأجزاء غير متصل بالطريق العام يعتبر متضمنا لالتزام بإنشاء حق ارتفاق بالمرور ، ولو لم يرد في التصرف نص صريح في هذا الصدد . ذلك أن العقد .. لا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ، ولكن يتناول أيضاً ما هو مستلزماته ، وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام ( م 148 / 2 مدني ) " ( إسماعيل غانم فقرة 59 ص 124 – وانظر أيضاً عبد المنعم فرج الصدة فقرة 84 ص 127 – منصور مصطفى منصور فقرة 35 ص 84 – ص 85 ) .

ويرد على هذا الرأي أنه إذا صح فيما إذا باع المالك الأصلي لأجنبي الجزء المحبوس مع مستلزماته من حق ارتفاق بالمرور ، فكيف نعلل الأمر فيما إذا باع الجزء النافذ إلى الطريق العام واستبقى الجزء المحبوس ، أنقول إنه اشترط على المشتري حق المرور ولو لم يشترطه فعلا ، لا صراحة ولا ضمنا ! ( أنظر حسن كيرة فقرة 72 ص 224 هامش 1 ) .

هذا وتأصيل الحكم في فرنسا بالرجوع إلى التصرف ؟؟؟ جزأ العقار إنما كان قبل أن يصدر قانون 20 أغسطس سنة 1881 ، وكان القضاء يسير على هذا الحكم دون نص ، مما اضطره إلى الالتجاء للقواعد العامة وتلمس الأساس في التصرف الذي جزأ العقار . وبعد أن صدر قانون 20 أغسطس سنة 1881 بقى القضاء والفقه في فرنسا على حالهما ، واعتبرا أن هذا القانون إنما هو تسجيل لما كانا يسيران عليه في الماضي . أما في التقنين المدني المصري ، فالنص الصريح هو الذي تضمن الحكم مباشرة ، وجعله استثناء من اختيار موضع المرور في العقارات المجاورة ، وبناء على فكرة العدالة ، ثم جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي أنه توسع في مبدأ تخصيص المالك الأصلي . قرب مما قدمناه محمد علي عرفة فقرة 236 ص 300 – عبدالمنعم البدراوي فقرة 344 . &%$ ) . ومن ثم وجب الرجوع إلى التبرير $ 769 $ الأصلي في إعطاء حق المرور للبائع على الجزء الذي أخذه المشتري ، والقول بأن هذا هو الذي يقتضيه العدل على الوجه الذي قدمناه .

وهناك فرق بين ما إذا كان حق المرور يرجع إلى فكرة الضمان ، أو يرجع إلى فكرة العدالة . ففي حالة ما إذا كان يرجع إلى الضمان ، يكون للمشتري حق المرور في الجزء الذي استبقاه البائع وذلك دون أن يدفع مقابلا لذلك ، فإن الضمان يتضمن هذا المقابل . كذلك إذا كان الجزء المحبوس الذي أخذه المشتري قد انفك حبسه عن طريق آخر فأصبح له منفذ إلى الطريق العام ، لم يزل بذلك حقه في المرور في أرض البائع ، لأن هذا الحق قد كسبه عن طريق الضمان ( $%&[1] ) شفيق شحاتة فقرة 360 ص 355 – عبدالمنعم البدراوي فقرة 343 ص 387 – أنظر عكس ذلك إسماعيل غانم فقرة 59 ص 127 ( وقد التزم في ذلك رأيه من استخلاص حق الارتفاق بالمرور من مضمون التصرف القانونين الذي يلزم المتصرف بما هو من مستلزمات التصرف وفقا للعدالة وطبيعة الالتزام ) . " والعدالة وطبيعة الالتزام تقتضي القول إن الالتزام بإنشاء حق الارتفاق ، والارتفاق الذي يتقرر تنفيذاً لهذا الالتزام ، مشروط بشرط فاسخ هو زوال حالة الانحباس ) . وانظر أيضاً في هذا المعنى العكسي عبد المنعم فرج الصدة فقرة 84 ص 128 – منصور مصطفى منصور فقرة 35 ص 88 . &%$ ) . وتختلف الأحكام فيما إذا كان حق المرور يقوم على فكرة العدالة . فليس هناك ضمان في هذه الحالة ، ويجب على من حصل على حق المرور أن يدفع مقابلا له ، وإذا انفك الحبس عن الجزء المحبوس زال حق المرور . وهذه هي الأحكام التي نرتضيها ، لأننا نبني حق المرور على فكرة العدالة ( $%&[1] ) وإذا اشترى الشخص جزءاً من الأرض انحبس بهذا الشراء عن الطريق العام ، فثبت له حق المرور على الجزء الآخر ، انتقل هذا الحق إلى المشتري من المشتري ، لا على أنه خلف خاص المشتري في التزام بالضمان ، بل على أن الجزء الذي اشتراه من المشتري محبوس عن الطريق العام يسبب تصرف قانوني ، فيثبت له حق . ؟؟؟؟ الجزء الآخر بحكم المادة 812 / 2 مدني .&%$ ) .

وغنى عن البيان أن العقار الذي جزئ ، إنما يثبت لجزء منه حق المرور على الجزء الآخر على الوجه الذي بسطناه إذا كان هذا مستطاعا . فإن لم يكن مستطاعا ، بأن كان العقار كله من مبدأ الأمر محبوسا عن الطريق العام ، فإى جزء منه يصبح هو أيضاً محبوساً عن الطريق العام ، ومن ثم لا يستطاع أن $ 770 $ يكون للجزء الآخر حق مرور فيه يؤدي إلى هذا الطريق . وعلى ذلك لا يكون هناك مناص في هذه الحالة من الرجوع إلى القواعد العامة التي سبق تقريرها ، والتماس ممر يؤدي إلى الطريق العام في أحد العقارات المجاورة على النحو الذي بيناه ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 934 ص 911 – محمد علي عرفة فقرة 236 – ص 301 – عبد المنعم البدراو فقرة 345 . &%$ ) .

471 - أثر التقادم في تعيين موضع الممر : يحسن ، في صدد التقادم أن نميز بين صور مختلفة :

1 - إذا توافرت شروط حبس الأرض عن الطريق العام ، وأصبح للأرض المحبوسة حق المرور في الأراضي المجاورة ، فإن هذا الحق لا يتقادم يعدم الاستعمال ، مهما طال الأمد على عدم استعماله ، ما دامت الأرض محبوسة ( $%&[1] ) بودري وشوف فقرة 1061 ص 798 – محمد كامل مرسي فقرة 338 ص 440 – على عرفة فقرة 234 ص 295 . &%$ ) ، فهو قيد يرد على الملكية ، ويبقي ما بقيت شروط هذا القيد قائمة فيستطيع صاحب الأرض المحبوسة أن يطالب بحق المرور في ارض الجار ، ولو بعد خمس عشرة سنة من حبس الأرض ، ما دام الحبس لا يزال قائما .

2 - إذا كان صاحب الأرض المحبوسة قد استعمل حق المرور القانوني فعلا في أرض مجاورة ، ولكن دون أن يراعي القواعد الخاصة بموضع الممر التي بسطناها فيما تقدم ، فمر في موضع من الأرض المجاورة ليس هو الأخف ضرراً مثلا ، أو اختار الطريق الأطول دون مبرر ، فإن لصاحب الأرض المجاورة أن يتعرض على ذلك ولكن إذا بقى صاحب الأرض المحبوسة يمر في الموضع الذي اختاره ، دون أن يعترض عليه الجار ، وبقى يمر في هذا الموضع مدة خمس عشرة سنة ، فإن حقه في المرور في هذا الموضع يتثبت بالتقادم ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 1061 ص 799 – بيدان وفواران 4 فقرة 537 – بلانيول يبير وبيكار 3 فقرة 936 ص 913 . &%$ ) . ولكن التقادم هنا لا يكون تقادما مكسباً ، إذا أن صاحب الأرض المحبوسة قد عنى أن يستعمل حق المرور القانوني ، لا حق مرور اتفاقي ، وإنما اختار موضعا له لا يتفق مع القواعد المقررة . فيكون التقادم $ 771 $ في هذه الصورة تقادما مسقطا ، إذا يتقادم حق الجار في الاعتراض على الموضع الذي اختاره صاحب الأرض المحبوسة ، ما دام قد بقى ساكتاً دون أن يعتبر مدة خمس عشرة سنة ( $%&[1] ) وتنص المادة 685 مدني فرنسي على أن " موضع ارتفاق المرور بسبب الانحباس وطريقته يتحددان بالاستعمال المستمر مدة ثلاثين سنة . ودعوى التعويض في الحالة المنصوص عليها في المادة 682 قابلة للتقادم ، ويجوز أن يستمر المرور ولو أصبحت دعوى التعويض غير مقبولة " ويذهب القضاء الفرنسي إلى أن التقادم هنا تقادم مكسب ، فيكون الجار قد كسب حق المرور في هذا الموضع بالتقادم ( نقض فرنسي 27 ديسمبر سنة 1904 داللوز 1905 – 1 – 74 – 20 فبراير سنة 1922 داللوز 1925 – 1 – 80 – 7 يوليه سنة 1960 داللوز 1961 Somm 30 – 17 يونيه سنة 1964 جازيت دي باليه 26 – 29 سبتمبر سنة 1946 ) . وينتقد الفقه في فرنسا القضاء في ذلك على أساس أن حق المرور لا يكسب بالتقادم لأنه غير مستمر ( كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1016 ص 178 ) .

أما في مصر فحق المرور يكسب التقادم بصريح النص ، ولكن مع ذلك يعتبر التقادم هنا تقادما مسقطا لا تقادما مكسبا ، كما قررنا في المتن . أنظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 57 ص 120 هامش 1 – حسن كيرة فقرة 73 ص 230 هامش 1 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 82 ص 122 – وهناك من يقول إن التقادم تقادم مكسب لا مسقط ، ويرد فحسب على موضع المرور وطريقته ( محمد علي عرفة فقرة 234 ص 296 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 338 ص 440 – ص 441 ) – وهناك من يميز بين ما إذا كان مالك الأرض المحبوسة قد باشر حقه في المرور في الحدود المقررة قانونا فلا محل للاعتراض ، أو جاوز الحدود فتكون بصدد حق ارتفاق بالمرور يكسب بالتقادم ( منصور مصطفى منصور فقرة 33 ص 80 ) والذين يرون من الفقهاء المصريين أن حق المرور القانوني إنما هو حق ارتفاق ، يذهبون تبعا لذلك إلى أن التقادم تقادم مكسب ( شفيق شحاته فقرة 364 ص 358 – عبد المنعم البدراوي فقرة 347 ) . &%$ ) .

3 - إذا كان صاحب الأرض المحبوسة قد أختار ممراً له ، لا في العقار المجاور بقصد استعمال حق المرور القانوني ، بل في عقار آخر بقصد استعمال حق مرور ليس هو حق المرور القانوني . أو كانت الأرض غير محبوسة عن الطريق العام ، ولكن صاحبها مر في أرض الجار لأن المسافة إلى الطريق العام أقصر وأيسر . فإذا بقى صاحب الأرض في الحالتين يمارس بشكل ظاهر حق المرور خمس عشرة سنة ، فإنه يكسب حق ارتفاق بالمرور في الأرض التي بقى يمر فيها طول هذه المدة ( $%&[1] ) وله الاحتماء بدعاوي الحيازة إذا توافرت شروطها . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت الدعوى قد رفعت بطلب منع التعرض للطاعن في المرور بالطريق الموصل إلى أرضه ، تأسيساً على استيفائه للشرائط القانونية التي تحمي يده على ارتفاق المرور ، ولم تؤسس على ثبوت حق الارتفاق على المرور وتملكه له ، فإن الحكم إذ قضى برفض الدعوى على أساس انتفاء ملكية الطاعن لحق المرور يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 28 ابريل سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 82 ص 551 – وانظر أيضاً نقض مدني 13 مارس سنة 1958 مجموعة أحكام النقض ) ص 212 ) . &%$ ) . وذلك بحكم التقادم المكسب ، وقد قدمنا أن $ 772 $ حق المرور يجوز كسبه بالتقادم إذا كان ظاهراً ( $%&[1] ) وذلك ما لم يثبت أن ترك صاحب الأرض يمر في الأرض المجاورة كان مبنيا على التسامح ( نقض مدني 22 ديسمبر سنة 1955 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزء أول ص 167 ) . &%$ ) .

4 - إذا كان صاحب الأرض المحبوسة قد حصل على حقه القانوني في المرور في أرض الجار في موضع يتفق مع القواعد المقررة بحيث لا يكون للجار حق في الاعتراض ، ولكن صاحب هذه الأرض لم يمارس حقه فعلا في المرور لهذا الموضع مدة خمس عشرة ، فإنه في هذه الصورة يفقد بعدم الاستعمال الحق الذي كان قد كسبه ، وإذا أراد المرور بعد ذلك وكانت أرضه لا تزال محبوسة ، له ذلك ولكن بموجب حق مرور بعد ذلك وكانت أرضه لا تزال محبوسة ، جار له ، ولكن بموجب حق مرور جديد وفي مقابل تعويض جديد ( $%&[1] ) شفيق شحاته فقرة 366 – محمد علي عرفة فقرة 234 ص 297 – إسماعيل غانم فقرة 56 ص 118 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 82 ص 123 – منصور مصطفى منصور فقرة 33 ص 77 . &%$ ) .

472 - . التعويض : وقد رأينا أن المادة 812 / 1مدني تقضي بوجوب أن يدفع صاحب الأرض المحبوسة تعويضاً عادلا للجار في نظير حق المرور في أرضه ، فيقول النص : " وذلك في نظير تعويض عادل " . فإذا الطرفان على مقدار هذا التعويض ، تولي القاضي تحديده . ويلجاء في إعادة إلى خبير لتقويم الضرر الذي أصاب الجار بتثقيل أرضه بحق مرور صاحب الأرض المحبوسة ، ولا يعتد بالفائدة التي كسبتها الأرض المحبوسة من وراء حق المرور . فلو أن هذا الفائدة كانت أكبر قيمة من الضرر ، فالعبرة بقيمة الضرر لا بقيمة الفائدة ( $%&[1] ) بودري وشوف فقرة 1059 ص 796 – بيدان وفواران 4 فقرة 542 – محمد كامل مرسي فقرة 330 – شفيق شحاتة فقرة 363 ص 357 – محمد علي عرفة فقرة 230 ص 292 – إسماعيل غانم فقرة 58 ص 122 – حسن كيرة فقرة 74 ص 232 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 83 ص 123 .

ويدخل في التعويض نفقات إنشاء الممر في أرض الجار ( جرينوبل 25 يونيه سنة 1924 داللوز 1926 – 2 – 41 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 929 ص 905 ) .

وإذا لم يوجد ضرر أصلاً ، فلا تعويض ( استئناف مختلط 15 يناير سنة 1935 م 47 ص 113 ) . &%$ ) . ومتى تحددت قيمة الضرر ، حكم القاضي $ 773 $ بها تعويضاً للجار . ولا يجوز الحكم بتعويض إضافي لو أن الضرر الذي أصاب الجار قد زاد بسبب تعديلات أدخلها الجار في أرضه . وإنما يجوز الحكم بتعويض إضافي لو أن صاحب الأرض المحبوسة هو الذي أدخل تعديلات في استغلاله لأرضه وترتيب عليها زيادة في عبء حق المرور وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك ( $%&[1] ) أنظر انفاً فقرة 468 . &%$ ) .

ولا يشترط حتما أن يعجل دفع تعويض . وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 812مدني يتضمن ، كما رأينا ، نصا يقضي بأن يكون حق المرور " في نظير تعويض كامل يدفع مقدماً " ، ولكن لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب عدلت هذا النص ، فأصبح " في نظير تعويض عادل " ، واستقر هذا التعديل في التقنين المدني ( $%&[1] ) أنظر انفاً فقرة 465 في الهامش . &%$ ) . وعلى ذلك لا يشترط ، عندما يرفع صاحب الأرض المحبوسة الدعوى على الجار ، أن يعرض عليه التعويض الواجب ( $%&[1] ) نقض فرنسي 15 يونيه سنة 1875 داللوز 76 – 1 – 502 – بودري وشوفو فقرة 1059 ص 797 . &%$ ) . وليست من الضروري أن يقدر القاضي التعويض مبلغاً إجماليا يدفعه صاحب الأرض المحبوسة للجار ( $%&[1] ) ولو أن تقدير مبلغ إجمالي ادعى لعدم تجدد النزاع في شأن مقدار التعويض ( استئناف مختلط 15 يناير سنة 1935 م 47 ص 113 ) . &%$ ) ، بل يصح أن يجعل التعويض على أقساط تدفع في أوقات معينة ، كما يصح أن يجعل التعويض ايرادا مرتبا يدفع في أول كل سنة ( $%&[1] ) استئناف مختلط 11 يونيه سنة 1936 م 48 ص 317 – نقض فرنسي 25 نوفمبر سنة 1845 داللوز 46 – 1 - 326 . &%$ ) .

ولكن يجوز للجار ، في جميع الأحوال ، أن يمنع صاحب الأرض المحبوسة من المرور قبل أن يدفع التعويض المستحق في ذمته واجب الأداء ، وذلك تطبيقاً $ 774 $ لقواعد الحق في الحبس ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 58 ص 122 . &%$ ) . ومع ذلك إذا مر صاحب الأرض المحبوسة فعلا في ارض الجار قبل أن يدفع التعويض ، فإنه يكون مستعملا لحقه ، ولا يكون مسئول مسئولية جنائية لدخوله في أرض الغير دون حق ( $%&[1] ) أنظر م 87 / 1 عقوبات ( المرور في أرض منزوعة أو مهيأة للزرع وكان ذلك بدون حق قانوني ) و م 373 عقوبات ( دخول ملك الغير بدون إذن ) . &%$ ) . وإنما يطالبه الجار بالتعويض المستحق ، وقد يطالبه بتعويض إضافي أن مر في موضع غير الذي حدد له ، وقد يحتمي الجار بدعوى منع التعويض ( $%&[1] ) نقض فرنسي 29 نوفمبر سنة 1860 سيريه 62 – 1 – 108 – 22 نوفمبر سنة 1879 سيريه 80 – 1 – 231 – 24 يناير سنة 1922 داللوز 25 – 1 – 68 – لوران 8 فقرة 97 – بودر وشوفو فقرة 1059 ص 797 – اوبري ورو 3 فقرة 243 ص 41 – بيدان وفوران 4 فقرة 534 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 930 – شفيق شحاته فقرة 363 – محمد علي عرفة فقرة 230 – عبدالمنعم البدراوي فقرة 341 – إسماعيل غانم فقرة 56 – ص 117 – ص 118 – عبدالمنعم الصدة فقرة 79 ص 120 .

وإذا استمر صاحب الأرض المحبوسة يستعمل حق المرور مدة سنة ، فله هو أيضاً أن يحتمي بعدوى منع التعرض ( بلانيول وريبير وبيكار فقرة 930 ) . &%$ ) .

ودعوى المطالبة بالتعويض تتقادم بخمس عشرة سنة ، شأنها في ذلك شأن سائر الدعاوى فإذا حصل صاحب الأرض المحبوسة على حق المرور في أرض الجار ، سواء بالاتفاق أو بموجب حكم قضائي ، أو مارس حق المرور فعلا دون اتفاق أو حكم ، فإن التعويض يصبح مستحقاً . فإذا سكت الجار عن المطالبة به مدة خمس سنة من وقت استحقاقه ، فإن دعواه تسقط بالتقادم ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 340 – محمد علي عرفة فقرة 230 – إسماعيل غانم فقرة 58 ص 122 – حسن كيرة فقرة 74 ص 232 – ص 233 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 83 ص 124 – مصنور مصطفى منصور فقرة 34 ص 81 – كذلك إذا بقى الجار يمر في أرض المالك مدة خمس عشرة سنة دون أن يدفع مقابلا لذلك ، فإن موضع المرور يثبت بالتقادم كما قدمن ، وكذلك تسقط دعوى التعويض بالتقادم ( نقض فرنسي 10 فبراير سنة 1941 جازيت دي باليه 1941 – 1 – 153 – اوبري ورو 3 فقرة 243 وهامش 26 – بيدان وفوران 4 فلقرة 542 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 973 ) . &%$ ) . وإذا حكم للجار بالتعويض ، أو تراضي عليه مع الطرف الآخر ، وكان التعويض مبلغاً إجمالياً ، ولم يطالب به الجار خمس عشرة سنة منذ استحقاق المبلغ أو منذ استحقاق أي قسط منه ، فإنه يسقط هنا أيضاً $ 775 $ بالتقادم ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 1067 ص 810 – اوبري ورو 3 فقرة 243 ص 41 – ص 42 – إسماعيل غانم فقرة 58 ص 123 – حسن كيرة فقرة 74 ص 232 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 83 ص 124 – منصور مصطفى منصور فقرة 34 ص 81 . &%$ ) بل إذا كان التعويض المحكوم به أو المتفق عليه إيرادا يتحدد كل سنة ، فإن هذا الإيراد يسقط بخمس سنوات شأنه في ذلك شأن كل دين دوري متجدد ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 58 ص 123 – ص 124 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 83 ص 124 – منصور مصطفى منصور فقرة 34 ص 81 . &%$ ) .

3 - المطلات والمناور

473 - المطل المواجه والمطل المنحرف والمنور : عند إقامة بناء يقتضي الأمر نقب فتحات في حيطانه ينفذ منها الضوء والهواء إلى داخل البناء ويمكن منها الإطلال للنظر إلى الخارج .

فإذا أعدت الفتحة لهذه الأغراض الثلاثة معاً – الضوء والهواء والنظر – سميت مطلا ( vue ) ، وذلك كالنوافذ والشبابيك والشرفات والبلكونات والخارجات بوجه عام . وإذا قصرت على الضوء والهواء دون النظر سميت منوراً ( jour . De souffrance,de tolerance ) أما في القانون الفرنسي فالمنور لا يكون إلا لنفاذ الضوء ، دون الهواء ، إذ يجب تجهيزه بشباك من حديد لا تزيد العين من عيونه على دسمتر وأحد ، وسده بزجاج غير شفاف ( verre dormant ) ، فلا يمر فيه الهواء ولا يمكن منه النظر ( $%&[1] ) نقض فرنسي 28 يناير سنة 1925 جازيت دي باليه 1925 – 1 – 650 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 914 . &%$ ) . ولا يشترط ذلك في القانون المصري فالمنور في هذا القانون يستعمل الهواء كما يستعمل لنفاذ الضوء ( $%&[1] ) وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 821 مدني كما سنرى ( أنظر ما يالي فقرة 479 ) بل إن هذا كان هو الحكم أيضاً في عهد التقنين المدني السابق ، بالرغم من أنه كان لا يشتمل على نص خاص بالمناور يقابل المادة 821 مدني ، ولكن القضاء المصري كان يطبق الحكم دون نص ( استئناف مصر 24 نوفمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 327 ص 742 – ابنوب 19 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 284 ص 397 – قارن مع ذلك الجيزة الجزئية 16 ابريل سنة 1929 المحاماة 10 رقم 388 ص 778 ) .&%$ ) .

 $ 776 $

ولا فرق إذن بين المطل والمنور في القانون المصري إلا من حيث إمكان الإطلال للنظر في الأول وعدم إمكان الإطلال في الثاني ، ولذلك يكون المنور فتحة في الحائط كالمطل ، ولكنها فتحة تعلو عل قامة الإنسان فلا يستطيع الإطلال منها في الوضع العادي ( $%&[1] ) وقد قضى بأنه لو أمكن الإطلال على الجار من الفتحة المعتبرة منورا ، وجب اعتبارها مطلا أياً كان ارتفاعها ( دمياط الجزئية 17 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 330 ص 666 ) .

ويوجد أيضاً ، إلى جانب المنور والمطل ، ارتفاق الرؤية ( scrvitude de prospect ) ، ويعطي الحق للمالك في الإطلال على ملك جاره والنظر إلى مدى بعيد ، بحيث لا يسمح للجار بالبناء في حدود هذا المدى حتى لا يعطل حق المالك في النظر ، وهو حق ارتفاق يكسب بما يكسب به سائر حقوق الارتفاق ( بودري وشوف فقرة 1033 ص 768 – ص 769 ) . &%$ ) .

والمطل إما أن يكون مطلا مواجها ( vue droite,de face ) يمكن الإطلال منه على ملك الجار مباشرة دون حاجة إلى الالتفات يمينا أو شمالا أو مطلا منحرفا ( vue oblique,de cote ) لا يمكن الإطلال على ملك الجار إلا بعد الالتفات يمينا وشمالا أو إلا بعد الانحناء إلى الخارج ( $%&[1] ) نقض مدني 3 نوفمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 154 ص 430 . &%$ ) .

ولما كان المطل المواجه هو أشد الفتحات مضايقة للجار ، ويليه المطل المنحرف ،ثم المنور ، فقد جعل القانون لكل حكمة ، وقيد المطل المواجه بقيد أشد من قيد المطل المنحرف ، وأطلق المنور من كل قيد .

( أ ) المطل المواجه والمطل المنحرف

474 - نصوص قانونية :تنص المادة 819مدني على ما يأتي :

 " 1 - لا يجوز للجار أن يكون له على جاره ممطل مواجه على مسافة تقل على متر ، وتقاس المسافة من ظهر الحائط الذي فيه المطل ، أو من حافة المشرية أو الخارجة "

 " 2 - وإذا كسب أحد بالتقادم الحق في مطل مواجه لملك الجار على مسافة تقل عن متر فلا يحق لهذا الجار أن يبني على اقل من متر يقاس بالطريقة السابق بيانها ، وذلك على طول البناء الذي فتح فيه المطل " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1187 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 890 في المشروع النهئاي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 888 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 819 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 67 – ص 69 ) . &%$ ) .

 $ 777 $

ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادتين 39 - 40 / 61 - 62 ( $%&[1] ) التقنين المدني السابق م 39 / 61 : لا يجوز للجار أن يكون له على جاره مطل على خط مستقيم بمسافة أقل من متر واحد .

م 40 / 62 : تقاس تلك المسافة إما من ظهر الحائط الذي فيه المطل المذكور ، أو من ظاهر الخرجة أو المشربة .

( و أحكام التقنين المدني السابق توافق أحكام التقنين المدني الجديد . وزاد التقنين المدني الجديد بأن حسم خلافا كان قائماً في القضاء المصري بشان كسب المطلب المواجه بالتقادم كما سيجئ ) . &%$ ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري من 970و 972 - 973 - وفي التقنين المدني الليبي ، 828 - ولا مقابل للنص في التقنين المدني العراقي – ويقابل في قانون الملكية العقارية اللبناني م 66و 68 - 69 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 970 : 1 – لا يجوز لمالك عقار أن يكون له مطل مستقيم أو نوافذ أو شرفات أو سوى ذلك من النتوءات ، على أرض مسورة أو غير مسورة للمالك المجاور ، ما لم يكن بين الحائط الذي يحدث فيه هذا المطل أو هذه الشرفات وبين تلك الأرض مسافة مترين . 2 – وإذا لم تكن هذه المسافة موجودة ، فلا يجوز فتح النوافذ أو الشبابيك إلا على علو مترين ونصف من أرض الغرفة المراد اضاءتها إذا كان الطابق ارضيا ، وعلى علو متر وتسعين سنتيمترا من أرض الغرفة إذا كان الطابق علويا .

م 972 : لا يسري المنع الوارد في المادتين 970 و 971 على الاسطحة وعلى النوافذ المفتوحة على الطرقات العامة .

م 973 : تحسب المسافة المعينة في المادتين 970 و 971 ابتداء من ظاهر الحائط الخارجي حيث يكون النوافذ ، وما سواها من النتوءات فابتداء من خطها الخارجي حتى الخط الفاصل بين العقارين .

( و أحكام التقنين السوري توافق أحكام التقنين المصري ، فيما عدا تحديد المسافة للمطل بمترين بدلا من متر واحد في التقنين المصري ) .

التقنين المدني الليبي م 828 ( مطابق .

التقنين المدني العراقي لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبناني .

م 66 ( مطابقة للمادة 970 سوري ) .

( وأحكام التقنين اللبناني توافق أحكام التقنين المصري ، فيما عدا تحديد المسافة للمطل بمترين ، بدلا من متر واحد في التقنين المصري – وانظر في القيود الخاصة بالمطلات في القانون اللبناني حسن كيرة في الحقوق العينية الأصلية في القانون المدني اللبناني المقارن مذكرات على الالة الكاتبة سنة 1965 ص 119 – ص 124 ) . &%$ ) .

 $ 778 $

وتنص المادة 820مدني على مايأتي :

 " لا يجوز أن يكون للجار على جاره مطل منحرف على مسافة تقل عن خمسين سنتيمترا من حرف المطل ، ولكن يرتفع هذا الحظر إذا كان المطل المنحرف على العقار المجاور هو في الوقت ذاته مطل مواجه للطريق العام " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1188 من المشروع التمهيد على وجه يكاد يكون مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة ، تحت رقم 891 في المشروع النهائي ، بعد تعديلات لفظية طفيفة أصبح بعدها مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 889 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 820 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 69 – ص 70 ) . &%$ ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، فلم يكن هناك في هذا التقنين قيد مسافة بالنسبة إلى المطل المنحرف .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 971 - 973 - وفي التقنين المدني الليبي م 829 - ولا مقابل للنص في التقنين المدني العراقي – ويقابل النص في القانون الملكية العقارية اللبناني م 67 - 69 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 971 : لا يجوز لصاحب عقار أن يكون له مطل جانبي أو منحرف على أرض مسورة أو غير مسورة للمالك المجاور ، ما لم يكن بين الحائط المحدث فيه المطل وبين الأرض المذكورة مسافة نصف المتر .

م 972 ( سبق ذكرها تجاه المادة 819 مصري ) .

م 793 ( سبق ذكرها تجاه المادة 819 مصري ) .

( وأحكام التقنين السوري توافق أحكام التقنين المصري ) .

التقنين المدني الليبي م 829 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبناني :

م 67 ( مطابقة للمادة 971 سوري ) .

م 68 ( مطابقة للمادة 972 سوري ) .

م 69 ( مطابقة للمادة 973 سوري ) .

( وأحكام التقنين اللبناني توافق أحكام التقنين المصري ) . &%$ ) .

 $ 779 $

ويخلص من هذه النصوص أن المطل ، مواجها كان أو منحرفاً ، يتقيد فتحه بأن يكون على مسافة معينة . ومجال تطبيق قيد المسافة عام ، فيسري على المباني في المدن والقرى ، ولكن هناك مطلات ، كما سنرى معفاة من قيد المسافة . فإذا وجب قيد المسافة ، فالمطلات المستوفية لهذا الشرط تترتب عليها أحكام غير تلك التي تترتب على المطلات غر المستوفية له . فهذه مسائل أربع نبحثها فيما يلي .

475 - قيد المسافة :هنا يجب التمييز بين المطل المواجهة والمطل المنحرف على النحو الذي قدمناه .

فإذا كان المطل مواجها ، فهو أكثر مضايقة للجار المفتوح عليه المطل كما سبق القول . لذلك تشترط المادة 819 / 1 مدني ، كما رأينا ألا يفتح " على مسافة تقل عن متر ، وتقاس المسافة من ظهر الحائط الذي فيه المطل ، أو من حافة المشربة أو الخارجة " . فإذا كان المطل نافذة أو شباكاً مفتوحاً في حائط من حوائط المبنى ، أخذ الخط الذي يتلاقى فيه الحائط مع الأرض المقام عليها الحائط كبداية ، وأخذ الخط الذي يفصل ما بين العقارين كنهاية ، فإن كانت المسافة ما بين خط البداية وخط النهاية متراً أو أكثر ، كان المطل المواجه مفتوحاً في حدود المسافة القانونية . وإن كانت هذه المسافة أقل من متر ، كان المطل المواجه مجاوزاً لحدود المسافة القانونية . وإذا كان المطل المواجه خارجة ( $%&[1] ) ويلاحظ أن الخارجة تعتبر مطلا مواجها ، ليس فحسب بالنسبة إلى ما هو أمامها ، بل أيضاً بالنسبة إلى ما هو على يمينها وما هو على شمالها ( نقض فرنسي 14 نوفمبر سنة 1906 سيريه 1911 – 1 – 270 – بودري وشوف فقرة 1031 ص 764 – وفقرة 1032 ص 765 ) . &%$ ) ، شرفة كان أو فيراندا ( veranda ) أو تيراسا ( terrasse ) أو بلكونا أو غير ذلك ( $%&[1] ) كأرض رفعت واستندت إلى حائط فأصبحت بمثابة تيراس ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 919 ص 896 هامش 2 ) ، أو تيراس خطط على سطح المنزل ( بودري وشوفو فقرة 1033 ص 766 ) . &%$ ) كانت نقطة البداية هي حافة المشربة أو الخارجة $ 780 $ ونقطة النهاية هي دائماً الخط الفاصل ما بين العقارين ، ويجب أن تكون المسافة ما بين هاتين النقطتين لا تقل عن متر . وإذا كان العقاران يفصل فيما بينهما حائط مشترك ، فالخط الفاصل هو منتصف سمك هذا الحائط ( $%&[1] ) ديمولب 12 فقرة 557 لوران 8 فقرة 58 – بودري وشوفو فقرة 1036 .&%$ ) . وعلى ذلك إذا كان حائط المبنى قائماً على مسافة تقل عن متر من الخط الفاصل ، أو كان من باب أولي قائما على مسافة تقل عن متر من الخط الفاصل ، أو كان من باب أولي قائما على الخط الفاصل ذاته وهذا جائز ، فإنه لا يصح في هاتين الحالتين أن تفتح في الحائط مطلات مواجهة .

أما إذا كان المطل منحرفاً فهو أقل مضايقة للجار ، ولذلك تقل المسافة فتصبح نصف متر بدلا من متر وتقول المادة 820مدني ، كما رأينا ، في هذا الصدد : " لا يجوز أن يكون للجار على جاره مطل منحرف على مسافة تقل عن خمسين سنتيمترا من حرف المطل " . فتقاس المسافة إن من حرف النافذة إلى الخط الفاصل ما بين العقارين ، فإن كانت نصف متر أو أكثر كانت المسافة قانونية ، وإلا فهي غير قانونية ( $%&[1] ) وغنى عن البيان أن مسافتي المتر ونصف المتر إنما تكونان حيث لا يوجد نص تشريعي آخر يعين مسافة أخرى ، وتوجد هذه النصوص التشريعية المخالفة كثيرا في قوانين تنظيم المباني ( أنظر محمد على عرفة فقرة 251 – حسن كيرة فقرة 76 ص 237 هامش 1 ) . &%$ ) .

وإذا كان الفاصل بين العقارين أرضاً فضاء مشتركة ، كطريق خاص أو فناء أو ممر للاستعمال المشترك ، دخلت هذه الأرض الفضاء كلها في حساب المسافة القانونية ، سواء للمطل المواجه أو للمطل المنحرف ، فيحسب المتر أو نصف المتر من المطل إلى الآخر الأرض المشتركة حيث تلاصق عقار الجار ، لا إلى نصف هذه الأرض فقط ( $%&[1] ) نقض فرنسي 28 أكتوبر سنة 1901 داللوز 1901 – 1 – 558 – 26 فبراير سنة 1912 داللوز 1913 – 1 – 244 – بودري وشوفو فقرة 1041 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 930 – حسن كيرة فقرة 76 ص 239 . &%$ ) .

476 - مجال تطبيق قيد المسافة : وما قدمناه من قيد المسافة ، في المطلات المواجهة والمطلات المنحرفة ، ينطبق على جميع العقارات المملوكة ملكية خاصة ، حتى لو كانت المالكة هي الدولة ما دامت ملكيتها ملكية خاصة .

 $ 781 $

أما الأملاك العامة ، فلا يسري قيد المسافة بالنسبة إليها كما سنرى ( $%&[1] ) أنظر ما يلي فقرة 477 . &%$ ) .

ولا يشترط أن تكون العقارات موجودة في المدن ، فالعقارات الموجودة في القرى يسرى بالنسبة إليها هي أيضاً قيد المسافة ( $%&[1] ) ابوري ورو 2 فقرة 196 ص 292 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 915 . &%$ ) .

ويستوي في العقار الذي يفتح فيه المطل أن يكون مسكوناً أو غير مسكون ، وان يكون مسوراً أو غير مسور ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 1032 ص 767 – اوبري ورو 2 فقرة 196 ص 292 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 915 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1010 ص 811 – ص 812 .

ويعتبر المطل المفتوح على أرض غير مبنية غالبة مفتوحا على سبيل التسامح ( نقض مدني 18 مارس سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 144 ص 131 – 14 يونيه سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 159 ص 1034 – الإسكندرية 26 نوفمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 296 ص 592 – طنطا 28 مايو سنة 1930 المحاماة 11 رقم 103 ص 169 – مصر 30 يونيه سنة 1930 المجموعة الرسمية 32 رقم 97 ص 215 ) .

ولا يشترط إثبات أن المطل المفتوح على أقل من المسافة القانونية قد أحدث ضررا للجار . وقد قضت محكمة النقض بأن قول الشارع في المادة 39 مدني ( قديم ) : لا يجوز للجار أن يكون له علىجاره مطل مقابل ، معناه التحريم ، والتحريم يوجب إزالة الفعل المحرم بلا نظر إلى كونه أحدث ضرراً بالفعل أو لم يحدث ، فإنه مع التحريم يكون الضرر مفترضا قانونا ، فعدم تحدث المحكمة في حكمها بالازالة على اعتساف الجار في طلب الإزالة لعدم أصابته بضرر من شأنه أن يستوجبها . لا يقدح في حكمها ، إذ هذا التحدث كان يكون له محل لو أن المحكمة كانت تملك النظر في قيام الضرر أو عدم قيامه ( نقض مدني 15 يناير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 258 ص 521 ) . &%$ )

477 - المطلات المعفاة من قيد المسافة : على أن هناك مطلات وأهمها ما يأتي :

أولا – الأبواب ومداخل العقار . فهذه لا تعتبر مطلات ، إذ هي لا تعد للإطلال منها على الجار ، بل هي موجودة أصلا للدخول إلى العقار والخروج منه ( $%&[1] ) نقض فرنسي 28 يونيه سنة 1865 داللوز 66 – 1 – 153 – 25 مارس سنة 1902 داللوز 1902 – 1 - 266 – بودري وشوفو فقرة 1032 ص 767 – اوبري ورو 2 فقرة 1960 ص 297 – بلانيول وريبير و بيكار 3 فقرة 921 ص 897 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير فقرة 1010 ص 812 – أنظر عكس ذلك محمد كامل مرسي 1 فقرة 366 ص 475 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 99 ص 145 – دمياط الجزئية 17 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 330 ص 666 . &%$ ) .

 $ 782 $

ثانياً – المطلات التي لا تكشف من العقار المجاور إلا حيطانا مسدودة ما لم تنهدم هذه الحيطان ، أو لا تكشف إلا السطح ، أو التي لا يبصر الناظر منها إلا السماء . فالحكمة من قيد المسافة هذه الحالات منعدمة ، ومن ثم يجوز فتحها على اية مسافة كانت ، بل يجوز فتحها في الحائط المقام على الخط الفاصل ما بين العقارين ( $%&[1] ) أوبرى ورو 2 فقرة 196 ص 299 – ص 300 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 921 ص 898 – ص 899 – مارتي ورينو فقرة 279 ص 293 – إسماعيل غانم فقرة 46 ص 101 – أنظر عكس ذلك عبد المنعم فرج الصدة فقرة المنعم فرج الصدة فقرة 99 ص 146 – منصور مصطفى منصور فقرة 38 ص 92 هامش 1 – وإذا انهدم الحائط الذي يكشفه المطل ، فأصبح المطل يكشف أجزاء العقار الداخلية ، جاز لصاحب هذا العقار أن يطلب سد المطل حتى لو بقى المطل مفتوحا على الحائط هذه المدة لا يكسب صاحبه حق ارتفاق بالتقادم ، إذ ليس في هذا العمل اعتداء يكسب قيامه حقا بالتقادم ( بودري وشوفو فقرة 1038 ) . &%$ ) .

ثالثاً - المطلات المواجهة للطريق العام ، ولو كانت مطلات منحرفة بالنسبة إلى العقار المجاور ، وقد نصت العبارة الأخيرة من المادة 820مدني ،كما رأينا ، صراحة على هذا الحكم ، إذا تقول : " ولكن يرتفع هذا الحظر إذا كان المطل المنحرف على العقار المجاور هو في الوقت ذاته مطل مواجه للطريق العام " . وقد ورد هذا النص في شأن المطل المنحرف الذي يكشف عقاراً مملوكاً ملكية خاصة ، ولا حاجة لمثل هذا النص في شأن المطل المواجه للطريق العام إذا لم يكن مطلا منحرفاً كاشفاً لعقار مملوك ملكية خاصة ، ذلك أن الطريق العام إنما تسري عليه القواعد والنظم التي تضعها السلطة العامة ، فليس في حاجة إلى قيد المسافة . وهذا ما استقر عليه القضاء والفقه في فرنسا ، دون أن يوجد في التقنين المدني الفرنسي نص صريح في هذا المعنى ( $%&[1] ) نقض فرنسي أول يوليه سنة 1861 داللوز 62 – 1 – 138 – 28 أكتوبر سنة 1891 – داللوز 92 – 1 – 285 – 28 أكتوبر سنة 1901 داللوز 1901 – 1 – 558 – ) يناير سنة 1934 داللوز الاسبوعي 1934 – 149 – اوبري ورو 2 فقرة 196 ص 297 – 298 – بودري وشوفو فقرة 1040 – بلانيول وربيير وبيكار 3 فقرة 921 ص 898 . &%$ ) .

 $ 783 $

478 - المطلات المستوفية لقيد المسافة والمطلات غير المستوفية لهذا القيد : فإذا وجب قيد المسافة ، وكان المطل مستوفيا له ، فإنه يعد استعمالا لرخصة في حدودها القانونية ( $%&[1] ) نقض مدني 18 مارس سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 44 ص 131 . &%$ ) ولا يعتبر المطل ،مواجها كان أو منحرفا في هذا الحالة حق ارتفاق على العقار المجاور ، بل هو كما قدمنا قيد من قيود الملكية لمصلحة العقار المجاور ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن كل ما قصده الشارع من المادة 39 من القانون المدني ( القديم ) إنما هو تقييد حرية صاحب الأرض المعدة للبناء في أن يقيم البناء على نهايتها إذا كان يريد فتح مطلات له على ملك جاره . وهو لم يقصد بحال أن يجعل العقار المجاور خادما للعقار الذي فتح فيه المطل على المسافة القانونية من يوم فتحه ، بحيث يكون محملا بحق ارتفاق سلبي لا يمكن معه لصاحب هذا العقار أن يقيم بناء على حدود ملكه ، أو أن يسوره ويتصرف في سوره بالهدم والبناء مرة بعد مرة وفي كل أن . وذلك لأن هذا الارتفاق السلبي ليس مما يكتسب بمضي المدة ، وإنما هو لا يكون إلا بالاتفاق عليه . فالمطل لا يعتبر ارتفاقا للعقار المطل على العقار المطل عليه متى كان مفتوحا على المسافة القانونية ( نقض في 18 مارس سنة 1937 مجموعة عرم 2 رقم 44 ص 131 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) – وانظر حسن كيرة فقرة 76 ص 237 – ص 238 . &%$ ) . فإذا أراد صاحب هذا العقار الأخير هو أيضاً البناء في ملكه ، كان بالخيار بين أن يبني في حدود ملكه فيقم حائطا على الخط الفاصل بين العقارين ولكنه في هذه الحالة لا يستطيع أن يفتح فيه مطلا لأنه لا يكون في حدود المسافة القانونية ، أو أن يبتعد عن الخط الفاصل بمسافة متر إذا أراد فتح مطل مواجه أو بمسافة نصف متر إذا أ راد فتح مطل منحرف ( $%&[1] ) اوبرى ورو 2 فقرة 196 ص 299 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 922 . &%$ ) .

أما إذا كان المطل غير مستوف لقيد المسافة ، بأن كان مفتوحاً على مسافة أقل من متر إذا كان مواجهاً ، أو على مسافة أقل من نصف متر إذا كان مطلا منحرفاً ، كان لصاحب العقار المجاور أن يطلب سده ( $%&[1] ) نقض مدني 2 نوفمبر سنة 1944 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزء أول ص 166 – وقد قضى بأنه يجوز ، بدلا من سد المطل سدا كاملا ، أن يكتفي بتحويله إلى منور ، وذلك بسد الجزء الأسفل منه بحيث تصير قاعدته أعلى من قامة الإنسان العادية ، إذا كان ذلك ممكنا ( استئناف مصر 22 أكتوبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 486 ص 794 – شفيق شحاتة فقرة 386 ص 377 – إسماعيل غانم فقرة 46 ص 100 ) .&%$ ) . وإذا فرضنا أن $ 784 $ المطل كان مواجهاً وكان مفتوحا في حائط قائم على الخط الفاصل بين العقارين ، كان لصاحب العقار المجاور أن يقيم حائطا في عقاره على نفس الخط الفاصل فيسد بذلك المطل المفتوح عليه ، بشرط إلا يفتح هو بدوره مطلا في الحائط الذي أقامه لأن هذا المطل لا يكون مستوفيا هو أيضاً لقيد المسافة .

وإذا بقى المطل غير المستوفي لقيد المسافة مفتوحاً مدة سنة ( $%&[1] ) أما إذا بقى المطل مفتوحا أقل من سنة ، فللجار أن يرفع دعوى منع التعرض ، لأن المالك بفتحه المطل في غير الحدود القانونية يكون قد تعرض له في حيازته ( محمد كامل مرسي 1 فقرة 373 – محمد علي عرفة فقرة 257 ص 333 – ص 334 – مصر الكلية 21 نوفمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 155 ص 254 – وقارن طنطا الكلية 28 يونيه سنة 1930 المحاماة 11 رقم 103 ص 169 ) . &%$ ) . واستوفي شروط دعوى منع التعرض أو دعوى وقف الأعمال الجديدة بأن كانت الحيازة صحيحة خالية من العيوب وليست على سبيل التسامح ، فإن صاحب المطل يستطيع أن يمنع الجار من التعرض له في المطل وذلك بدعوى منع التعرض ( $%&[1] ) نقض فرنسي 5 مايو سنة 1925 داللوز الاسبوعي 1925 – 140 – محمد علي عرفه فقرة 257 ص 333 . &%$ ) . أو من إقامة حائط على حدود ملكه بسد المطل وذلك بدعوى وقف الأعمال الجديدة وعلى الجار أن يرفع على صاحب المطل دعوى إنكار حق الارتفاق ( action negatoire ) فيكون على صاحب المطل ، وقد رفعت عليه الدعوى الموضوعية ، أن يثبت أنه كسب حق ارتفاق المطل بسبب من أسباب كسب الحقوق الارتفاق ومنها التقادم ( $%&[1] ) استئناف مختلط 14 فبراير سنة 1912 م 24 ص 136 – 12 نوفمبر سنة 1914 م 27 ص 19 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 374 – فقرة 375 – محمد علي عرفة فقرة 257 ص 334 . &%$ ) .

فإذا ظل المطل المفتوح على أقل من المسافة القانونية على هذا النحو مدة خمس عشرة سنة ، وكانت الحيازة مستوفية لشرائطها وليست على سبيل التسامح ، وكان المطل غير معفي من قيد المسافة على النحو الذي بيناه فيما تقدم ( $%&[1] ) أنظر انفاً فقرة 477 . &%$ ) ، فإن صاحب المطل يكسب حق ارتفاق بالمطل بالتقادم ، ويكون له الحق في استبقاء مطله مفتوحاً على أقل من المسافة القانونية كما هو ( $%&[1] ) نقض فنرسي 2 فبراير سنة 1963 داللوز 65 – 1 – 145 – 19 أكتوبر سنة 1886 داللوز 87 – 1 – 116 – 17 نوفمبر سنة 1902 داللوز 1903 – 1 – 88 – 28 يناير سنة 1925 داللوز الأسبوعي 1925 – 140 – 2 مارس سنة 1938 جازيت دي باليه 1938 – 11 – 813 – اوبري ورو 2 فقرة 196 ص 322 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 923 . &%$ ) وليس $ 785 $ لصاحب العقار أن يعترض ، حتى لو كان المطل مفتوحاً في حائط مقام على الخط الفاصل بين العقارين ، بل ليس له في هذه الحالة أن يقيم حائطا في ملكه إلا بعد أن يبتعد عن الخط الفاصل بمسافة متر أو بمسافة نصف متر بحسب الأحوال ، وذلك حتى لا يسد المطل المكسوب بالتقادم كليا أو جزئيا ( $%&[1] ) نقض فرنسي 2 يوليه سنة 1900 سيريه 1901 – 1 – 69 – 29 يوليه سنة 1907 داللوز 1910 – 1 – 78 – اوبري ورو 2 فقرة 196 هامش 36 – بودري وشوفو فقرة 1035 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 923 ص 900 . &%$ ) . وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المدة 819 مدني ، كما رأينا ، إذا تقول : " وإذا كسب أحد بالتقادم الحق في مطل مواجه لملك الجار على مسافة تقل عن متر ، فلا يجوز لهذا الجار أن يبني على اقل من متر يقاس بالطريقة السابق بيانها ، وذلك على طول البناء الذي فتح فيه المطل " ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " ... ثم حسم ( المشروع ) خلافا قائماً في القضاء المصري بشأن كسب المطل المواجه بالتقادم . فهناك أحكام تقضي بأنه إذا كسب المطل بالتقادم ، فلا يحق للجار أن يبني علىمسافة أقل من متر على طول البناء الذي فتح فيه المطل . وهناك أحكام أخرى تعطي الجار الحق في أن يبني على حدود ملكه ، ولو سد المطل المفتوح . وقد أخذ المشروع بالرأي الأول ، لأنه هو الذي يجعل لكسب المطب بالتقادم قيمة جدية ويجب أن يؤخذ بهذا الحل أيضاً في المطل المنحرف ، إذا كسب بالتقادم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 68 ) .

أما الأحكام التي تشير إليها المذكرة الإيضاحية فمنها ما يطابق النص : استئناف وطني 15 فبراير سنة 1 906 الاستقلال 5 ص 201 – الإسكندرية الوطنية 30 ابريل سنة 1928 المجموعة الرسمية 29 رقم 119 ص 279 – المنصورة الجزئية الوطنية 2 يناير سنة 1926 المحاماة 6 رقم 447 ص 736 – استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1890 م 3 ص 24 – 7 فبراير سنة 1894 م 6 ص 202 – 27 ابريل سنة 1914 م 26 ص 348 – 11 ديسمبر سنة 1924 م 37 ص 58 – ومنها ما يناقضه : استئناف وطني 18 ابريل سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 102 ص 219 – 8 ديسمبر سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 رقم 38 ص 69 – مصر الوطنية 8 ابريل سنة 1909 الحقوق 24 ص 146 – 4 أكتوبر سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 117 ص 227 . &%$ ) . وكان هناك شك في أن من كسب بالتقادم حق ارتفاق بالمطل يكون من حقه إلزام الجار بترك المسافة القانونية ، لا على طول فتحة المطل فقط ، $ 786 $ بل على طول البناء كله الذي فتح فيه المطل ( $%&[1] ) الإسكندرية الكلية 30 ابريل سنة 1928 المجموعة الرسمية 29 رقم 119 ص 279 – مونبلييه 15 نوفمبر سنة 1847 داللوز 48 – 2 – 65 . &%$ ) وقد جاء التقنين المدني المصري الجديد حاسماً في هذا المسألة بنص صريح ، إذا يقول كما رأينا : " وذلك طول البناء الذي فتح فيه المطل " ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 380 ص 491 – ص 492 . &%$ ) .

وإذا التزم الجار ترك المسافة القانونية من حد المطل وأقام بناء ، فليس لصاحب المطل أن يطالب بهدم البناء ، لأنه لم يكسب إلا حق ارتفاق بالمطل وقد سلم له ملطه بمسافته القانونية ، دون أن يكسب حق ارتفاق بعدم البناء أو بعدم التعليمي( non aedificande,de altius non tollendi ) ( $%&[1] ) استئناف مختلط 16 ابريل سنة 1896 م 8 ص 221 – 23 ابريل سنة 1914 م 26 ص 348 – 7 يونيه سنة 1917 م 29 ص 491 – الإسكندرية الجزئية المختلطة 15 سبتمبر سنة 1923 جازيت 14 رقم 182 ص 116 – نقض فرنسي 31 يوليه سنة 1855 سيريه 56 – 1 – 393 – 21 يونيه سنة 1921 جازيت دي باليه 24 أكتوبر سنة 1921 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة المنعم البدراوي فقرة 104 ص 132 . &%$ ) . فإذا أقام الجار حائطا في ملكه بعد ترك المسافة القانونية ، فإنه يجوز له أن يفتح في هذا الحائط مطلا بشرط أن يراعي هو أيضاً المسافة القانونية فإذا كان المطل الأول مفتوحا في حائط مقام على الخط الفاصل ، كان للجار أن يقيم حائطا يبعد عن المطل أي عن الخط الفاصل بمسافة متر ، وله في هذه الحالة أن يفتح مطلا في حائطه لأن هذا المطل يكون في هذه الحالة مفتوحا في حدود المسافة القانونية فهو يبعد عن الخط الفاصل بمسافة متر ( $%&[1] ) أنظر إسماعيل غانم فقرة 46 ص 102 هامش 2 . &%$ ) . وهناك رأي يذهب إلى أن الجار ليس له في هذا الحالة أن يفتح في حائطه مطلا ، وإذا أراد ذلك فعليه أن يبتع بحائطه متراً آخر فيكون على مسافة مترين من الخط الفاصل ( $%&[1] ) محمد علي عرفة فترة 258 ص 335 – حسن كيرة فقرة 76 ص 241 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 100 ص 149 – منصور مصطفى منصور فقرة 37 ص 93 . &%$ ) . ويكسب صاحب المطل بالتقادم حق ارتفاق بالمطل في نطاق الحيازة التي كانت أساساً للتقادم ، فمن كسب التقادم حق المطل من نافذة واحدة ، $ 787 $ لا يحق له أن يفتح نافذة أخرى ( $%&[1] ) مصر الكلية الوطنية أول مارس سنة 1927 المحاماة 7 رقم 438 ص 700 – استئناف مختلط 20 يناير سنة 1916 جازيت 6 رقم 240 ص 76 – نقض فرنسي 17 فبراير سنة 1902 داللوز 1903 – 1 – 88 – لوران 8 فقرة 63 – بودر وشوفو فقرة 1035 ص 772 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 381 . &%$ ) ، ومن كسب بالتقادم مطلا في الطابق العلوي لا يحق له أن يفتح مطلا في طابق أعلي أو في طابق أسفل ( $%&[1] ) مصر الكلية استئنافي 20 فبراير سنة 1906 المجموعة الرسمية 8 رقم 28 ص 54 محمد كامل مرسي 1 فقرة 381 ص 493 . &%$ ) ,ولكن من كسب بالتقادم حق ارتفاق بالمطل ، إذا كان لا يستطيع أن يضيف إليه مطلا آخر فإنه يستطيع أن يزيد في سعة المطل الذي كسبه بالتقادم ، لأن القانون لم يقيد سعة الفتحات ( $%&[1] ) بودري وشوفو فقرة 1035 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 381 ص 493 – عكس ذلك لوران 8 فقرة 63 . &%$ ) .

وإذا انهدم الحائط المفتوح فيه مطل كسب بالتقادم ، ثم أعيد بناؤه ، فإن حق المطل يرجع من جديد بنفس مداه دون زيادة ( $%&[1] ) استئناف مصر 17 ديسمبر سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 69 ص 124 – استئناف مختلط 14 يناير سنة 1897 م 9 ص 123 . &%$ ) . ويجوز إثبات مدى المطل الذي كسب بالتقادم عن طريق البينة ، لأن الأمر يتعلق بواقعة مادية ( $%&[1] ) نقض فرنسي 17 نوفمبر سنة 1902 داللوز 1903 – 1 – 88 – ديمولب 12 فقرة ؟؟؟ لوران 8 فقرة 64 – بودري وشوفو فقرة 1935 ص 772 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 382 . &%$ ) ولكن إذا بقى الحائط منهدما مدة خمس عشرة سنة ، ثم أعيد بناؤه ، فإن حق المطل لا يرجع من جديد ، لأنه يكون قد زال بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة ( $%&[1] ) أجا 22 ابريل سنة 1925 المحاماة 5 رقم 516 ص 630 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 382 ص 494 . &%$ ) .

ب - المنور

479 - نص قانوني : تنص المادة 821مدني على ما يأتي :

 " لا يشترط أية مسافة لفتح المناور ، وهي التي تعلو قاعدتها عن قامة $ 788 $ الإنسان المعتادة ، ولا يقصد بها إلا مرور الهواء ونفاذ النور ، دون أن يستطاع الإطلال منها على العقار المجاور " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1189 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 892 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 890 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 821 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 71 – ص 72 ) . &%$ ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن سكوت هذا التقنين عن تعيين مسافة المنور معناه أنه لم تكن تشترط فيه أية مسافة لها ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " وقد سكت التقنين الحالي ( السابق ) عن ذكر المناور ، ولكن الحكم فيه هو ما تقدم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 71 ) . &%$ ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 970 / 2 - وفي التقنين المدني الليبي م 830 - ولا مقابلا للنص في التقنين المدني العراقي – ويقابل النص في القانون الملكية العقارية اللبناني م 66 / 2 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 970 / 2 : وإذا لم تكن هذه المسافة ( مسافة مترين بالنسبة إلى المطل ) موجودة ، فلا يجوز فتح النوافذ أو الشبابيك إلا على علو مترين ونصف من أرض الغرفة المراد اضاءتها إذا كان الطابق ارضيا ، وعلى علو متر وتسعين سنتيمترا من ارضية الغرفة إذا كان الطابق علويا . ( وعلو المنور عن أرضية الغرفة في التقنين السوري هي كما نرى اثنين ونصف مترا في الطابق الارضي و 1 .9 متراً في الطوابق الأعلى . في حين إنها في التقنين المصري علو يزيد على قامة الإنسان في جميع الأحوال .

التقنين المدني الليبي م 830 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبناني م 66 / 2 ( مطابقة للمادة 970 / 2 سوري ، والخلاف بين التقنين المصري والتقنين اللبناني هو نفس الخلاف بين التقنين المصري والتقنين السوري ) . &%$ ) .

ويخلص من هذا النص أن المنور لا يشترط في فتحه أية مسافة كما تشترط مسافات معينة بالنسبة إلى فتح المطل سبق بيانها . وكل ما يشترط في المنور هو أن يكون على ارتفاع معين وألا يستعمل إلا لنفاذ النور ومرور الهواء ، فلا يجوز الإطلال منه على العقار المجاور . وللمنور الذي استوفي هذه الشروط حكم في القانون ، يختلف عن حكم المنور الذي لم يستوفها .

 $ 789 $ 480 - الغير في المناور هو في الارتفاع لا في المسافة : قدمنا أن القانون الفرنسي يميز تميزاً واضحاً بين المناور والمطلات ، فالمنور لا يكون إلا لنفاذ النور ، ولا يجوز مرور الهواء منه ولا الإطلال منه على العقار المجاور . ولذلك يجب ، إلى جانب أن يكون على ارتفاع معين ( 2,6متراً في الطابق الأرضي و 1,9متراً في الطبقات العلوية ) ، تجهيز بشباك من حديد لا تزيد أي عين من عيونه على ديسمتر وأحد وسده بزجاج غير شفاف ., أما المنور في القانون المصري فلا يختلف عن المطل إلا من حيث الارتفاع ، ومن حيث الغرض المقصود منه إذ المقصود من المنور نفاذ النور ومرور الهواء في وقت وأحد ، ولذلك ليس من الضروري أن يجهز بشباك من الحديد ولا أن يسد بزجاج غير شفاف ، ولا يجوز الإطلال من المنور ( $%&[1] ) أنظر انفاً فقرة 473 – بودري وشوف فقرة 1024 . &%$ ) .

ولا يقيد القانون المصري ، كما لا يقيد القانون الفرنسي ، المناور بمسافات معينة ، كما قيد كل من القانونين المطلات المواجهة والمطلات المنحرفة . فيجوز إذن فتح المناور في الحيطان على اية مسافة ،بل يجوز أن يقيم المالك حائطا على الخط الفاصل ما بين عقاره والعقار المجاور ويفتح فيه ما يشاء من المناور . والقيد الوحيد للمنور ، في القانون المصري ، هو أن يكون ارتفاعه فوق قامة الإنسان المعتادة ، حتى لا يستطاع الإطلال منه فيمكن أن يكون على ارتفاع مترين مثلا ، أو على ارتفاع 1,9متراً كما هو الأمر في القانون الفرنسي ، ولكن لا يجوز أن يكون على ارتفاع 1,75متراً فقط إذ أن قامة الإنسان المعتادة تصل إلى هذا الطول ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا كان ارتفاع الفتحة عن سطح الغرفة بمقدار يعلو عن قامة الرجل العادي بحيث لا يتسنى الإطلال منها على الجار ، فإنها تعتبر بمثابة منور لا مطل ( استئناف مصر 24 نوفمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 327 ص 742 ) – وإذا فتح منور في بئر السلم ، قيس الارتفاع من أقرب درجات السلم إلى المنور ( بودري وشوفو فقرة 1029 ص 762 – اوبري ورو 2 فقرة 196 ص 293 ) . &%$ ) .

ونرى من ذلك أن الفتحة في الحائط ، في القانون المصري ، إذا لم تكن مرتفعة فهي مطل معد لنفاذ النور ولمرور الهواء وللإطلال منه ، فيجب إذن $ 790 $ أن تراعي فيه المسافات القانونية التي تقدم بيانها . وإذا كانت الفتحة مرتفعة بحيث تعلو على قامة الإنسان المعتادة ، فهي منور معد لنفاذ النور ولمرور الهواء دون الإطلال منه ، فلا تراعي فيه مسافة ما ولو فتح في حائط مقام على الخط الفاصل بين العقارين ، ولكن يراعي فيه هذا القدر من الارتفاع .

481 - حكم المناور المستوفية لشرط الارتفاع : فمتى استوفي المنور شروطه ، بأن كان على هذا الارتفاع المعين وبأن كان معدا للنور والهواء دون الإطلال ، وكان لصاحبه أن يستبقيه ، ولا يجوز لصاحب العقار المجاور أن يعترض عليه أو أن يطلب سده ( $%&[1] ) ولكن لا يجوز لصاحب المنور أن يسيء استعماله ، كأن يقذف منه على الجار الملفات منزله ، أو أن يعتلى ما يمكنه من الإطلال من المنور على الجار ( الجيزة 16 ابريل سنة 1929 المحاماة 10 رقم 388 ص 778 – دمياط 17 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 330 ص 66 – محمد علي عرفة فقرة 254 ص 328 – إسماعيل غانم فقرة 46 ص 99 – ص 100 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 100 ص 150 – منصور مصطفى منصور فقرة 38 ص 94 . &%$ ) .

ولكن صاحب المنور لا يكسب حقاً قبل صاحب العقار المجاور فهو بفتحه المنور إنما أتيى رخصة من المباحات ولذلك يجوز لصاحب العقار المجاور أن يقيم حائطاً في ملكه على الخط الفاصل ما بين العقارين ، فيسد المنور الذي فتحه جاره ، ولا يصبح هذا المنور صالحا للإنارة ولا لمرور الهواء ( $%&[1] ) اوبرى ورو 2 فقرة 196 ص 293 – بودر وشوفو فقرة 1030 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 917 – نقض فرنسي 25 يناير سنة 1869 داللوز 70 – 1 – 72 – 24 يناير سنة 1893 داللوز 93 – 1 – 166 – 20 يناير سنة 1904 داللوز 1904 – 1 – 313 – 8 يناير سنة 1925 داللوز الأسبوعي 1925 – 140 . &%$ ) . وليس لصاحب المنور أن يعترض على ذلك ، أو أن يطلب هدم الحائط الذي أقامه الجار في ملكه ، إذ هو لم يكسب حقا قبل الجار بفتحه المنور كما قدمنا . ويكون هذا هو الحكم ، حتى لو أن المنور بقى مفتوحاً مدة خمس عشرة سنة أو أكثر ، فيجوز للجار ، حتى بعد انقضاء هذه المدة أن يقيم حائطاً في ملكه يسد به المنور ، ولا يجوز لصاحب المنور أن يتمسك بأنه كسب حق فتح المنور بالتقادم ، فهو إنما أتى رخصة من المباحات كما قدمنا ، وإتيان الرخصة لا يصلح أساسا للحيازة ولا للتملك بالتقادم المكسب ( $%&[1] ) استئناف مصر 24 نوفمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 327 ص 732 – طنطا الكلية 28 يونيه سنة 1 930 المحاماة 11 رقم 103 ص 169 – بنوب 19 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 284 ص 397 – بودري وشوف فقرة 1030 ص 763 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 386 – شفيق شحاتة فقرة 119 – محمد كامل مرسي 1 فقرة 254 ص 328 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 99 – إسماعيل غانم فقرة 46 ص 99 . &%$ ) .

 $ 791 $

ونرى من ذلك أن المالك ، إذا فتح منوراً في حائط أقامه ،يحسن به أن يبتعد بالحائط عن الخط الفاصل ما بين العقارين لمسافة كافية لبقاء المنور صالحاً للغرض المقصود منه ، ، وهو الإنارة والتهوية ،حتى لو بنى جاره حائطاً على الخط الفاصل فيما بعد ، فإن المنور يكون في الحالة بعيداً عن حائط الجار بعداً كافيا يبقى على صلاحيته كمنور .

482 - حكم المنور غير المستوفية لشرط الارتفاع : وإذا كان المنور غير مستوف لشرط الارتفاع الواجب ، بأن كان مفتوحا مثلا على ارتفاع 1,75 متراً أو على ارتفاع اقل من أرضية الحائط ، فإنه يعتبر في القانون المصري مطلا لا منوراً كما تقدم القول . ومن ثم يجب التمييز بين حالتين .

( الحالة الأولي ) أن يكون هذا المطل قد روعيت فيه المسافة القانونية التي سبق بيانها في المطل المواجه والمطل المنحرف . وفي هذا الحالة لا يجوز للجار الاعتراض عليه ، لا من حيث إنه منور ولا من حيث أنه مطل . وتسري الأحكام التي قدمناه في المطلات المفتوحة في حدود المسافة القانونية ( $%&[1] ) أنظر انفاً فقرة 478 . &%$ ) .

( الحالة الثانية ) أن يكون هذا المطل لم تراع فيه المسافة القانونية وفي هذه الحالة يجوز للجار أن يعترض عليه وان يطلب سده . ولا يجوز لصاحبه أن يدعي أنه إنما فتح منوراً لا مطلا ، وان شكل الفتحة وسعتها ووضعها بد كل ذلك على أن المقصود منها الإنارة والتهوية لا الإطلال ، وان الفتحة لا تستعمل فعلا للإطلال . فما دامت الفتحة ليست على الارتفاع الواجب قانونا ، فهي مطل لا منور كما تقدم ، وتسري عليها جميع الأحكام التي تسري على المطلات غير المستوفية لقيد المسافة وقد تقدم بيانها ( $%&[1] ) أنظر انفاً فقرة 478 . &%$ ) .

 $ 792 $

ومن هذه الأحكام أن الفتحة إذا بقيت على وضعها مدة خمس عشرة سنة ، فقد كسب صاحبها حق ارتفاق بالمطل . ولا يجوز بعد ذلك للجار أن يعترض على بقاء الفتحة ، ولا أن يطلب سدها ، سواء اعتبرت منوراً أو مطلاً ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 1 فقرة 386 – محمد على عرفة فقرة 254 ص 328 – ص 329 – عبد المنعم البدراوي فقرة 99 ص 127 – إسماعيل غانم فقرة 46 – عبدالمنعم فرج الصدة فقرة 66 – حسن كيرة فقرة 76 ص 242 . &%$ ) .

 $ 793 $

الباب الثالث

الملكية الشائعة

483 - تقسيم الموضوع : تجرى في تقسيم الموضوع على نهج التقنين المدني ، فتتكلم أولاً في الملكية الشائعة بوجه عام ، ثم نتكلم في وضع خاص للشيوع هو الشيوع الإجباري .

الفصل الأول

الملكية الشائعة بوجه عام ( $%&[1] ) مراجع : Lebret في فكرة الشيوع في القانون الفرنسي رسالة من Caen سنة 1922 – Siesse في الشيوع الوراثي في القانون المقارن رسالة من باريس سنة 1922 – Cembron في الشيوع وملكية الطبقات ( شرح للقانون البلجيكي الصادر في 8 يوليه سنة 1924 ) بروكل سنة 1925 – Jonasco في الشيوع في المال ورسالة من باريس سنة 1930 .

De Varellles – Sommieres في الملكية الشائعة في المجلة الانتقادية سنة 1907 ص 537 وما بعدها – كابيتان في الشيوع الوراثي في المجلة الانتقادية سنة 1924 ص 19 وما بعدها وص 84 وما بعدها – شكرى قرادحي في الملكية الشائعة في المجلة الانتقادية سنة 1930 ص 300 وما بعدها – Vincent في الملكية الجماعية والشيوع والأثر الكاشف للقسمة في المجلة الانتقادية سنة 1932 ص 284 وما بعدها – حامد زكي نحو تنظيم تشريعي للملكية الشائعة في مصر في مجلة جمعية التشريع المقارن سنة 1933 ص 376 وما بعدها وص 507 وما بعدها – Supervielle في فكرة الملكية الشائعة في مجلة جمعية التشريع المقارن سنة 1948 ص 1025 وما بعدها .&%$ )

( Coproprite - Indivision )

484 - الملكية الشائعة في التقنين المدني السابق والتقنين المدني الجديد : حذا التقنين المدني السابق حذو التقنين المدني الفرنسي ، فكان مقتضبا أشد $ 794 $ الاقتضاب ( $%&[1] ) وسبب اقتضاب التقنين المدني الفرنسي أن هذا التقنين وقف عند الملكية الرومانية ، وهي ملكية فردية يكون فيها مالك واحد له سلطة مطلقة على المال المملوك . فإذا تعدد المالك ، كان هذا أمراً استثنائيا وعابرا مصيره إلى الزوال ، فزوال الشيوع لا بقاؤه هو الأصل في الملكية الرومانية ، ومن ثم لم تكن هناك حاجة ملحة إلى تنظيم الشيوع في حالة البقاء . وهذا بخلاف الشيوع الجرماني ، أو ما يسمى بملكية اليد المشتركة ( Propriete en main commune, gesammte Hand ) ، حيث يكون المالك هو جماعة من الناس لا يتمتعون بالشخصية المعنوية . فتختلف الملكية الجماعية الجرمانية عن الملكية في الشيوع ، في أن المالك في الشيوع هو شخص واحد ولكنه لا يملك إلا حصة غير مفرزة في المال الشائع ، في حين أن المالك في الملكية الجماعية هو جماعة من الناس ويملكون مجتمعين كل المال . ولا تعتبر الملكية اجماعية الجرمانية أمراً استثنائيا عابراً ، بل هي أمر مستقر ، ولذلك كانت بلا لتنظيم مفصل . أما في فرنسا فهذه الملكية الجماعية المستقرة تتخذ صورة الشخص المعنوي ، فيخلع على الجماعة التي تملك المال شخصية معنوية تجعلهم شخصاً واحداً ، ومن ثم تنقلب الملكية الجماعية إلى ملكية فردية .

أنظر في الملكية الجماعية : Mougin في المركز القانون للشركات المجردة من الشخصية المعنوية في المجلة الانتقادية سنة 1890 ص 697 وما بعدها – Josserand في الملكية الجماعية في الكتاب المئوي للتقنين المدني جزء أول ص 357 وما بعدها – Ricol في الملكية الجماعية رسالة من تولوز سنة 1907 – Siesse في الشيوع الوراثي في القانوني المقارن رسالة من باريس سنة 1922 . &%$ ) في النصوص التي أوردها في شأن الملكية الشائعة ( coproriete indivision ) ( $%&[1] ) أنظر في وجوه مختلفة للتفرقة بين لفظ copropriete ( الملكية الشائعة ) للشيوع في حق الملكية دون غيره من الحقوق العينية الأخرى ، وإطلاق لفظ Indivision ( الشيوع ) على كل شيوع سواء كان في حق الملكية أو في غيره من الحقوق العينية الآخر ( Nerson في أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ Indivision فقرة 29 ) &%$ ) وذلك بالرغم من انتشار الملكية الشائعة في مصر بسبب الميراث وبقاء الورثة غالباً في الشيوع مدة طويلة . ولا يكاد التقنين المدني السابق يشتمل على نصوص في الشيوع ، فيما عدا بعض النصوص التي تبين إجراءات قسمة المال الشائع ، وضعت في الفصل الخاص بقسمة الشركات .واشتمل تقنين المرافعات السابق على المادة 621 ، وهي لا تجيز الاتفاق على البقاء في الشيوع مدة تزيد على خمس سنوات . وقد عمل القضاء المصري في عهد التقنين المدني السابق ، كما عمل القضاء الفرنسي على سد هذا النقص وفتن التقنين المدني الجديد أحكام القضاء المصري في هذا الشأن ، وزاد على هذه الأحكام كثيراً من القواعد التي تنظم الملكية الشائعة بما يتفق مع أهميتها $ 795 $ في مصر . ووقفت بوجه خاص عند إدارة المال الشائع حتى يمكن لأغلبية الشركاء أن يحدوا من تعنت الأقلية ، وعند التصرف في المال الشائع ، وعند انقضاء الشيوع بالقسمة ( $%&[1] ) وقد فصلت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيد كل ذلك فيما يأتي : " أما الماليكة الشائعة فلا يكاد التقنين الحالي ( السابق ) يذكر عنها شيئاً ، مع ما لهذا النوع من الملكية من الأهمية والانتشار في مصر . وقد تبسط المشروع في الملكية الشائعة بما يتفق مع أهميتها . فجعل حق المشتري لجزء مفرز من المال الشائع ينتقل – إذا لم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب البائع – إلى ما يؤول إلى البائع بطريق القسمة . ووقف بنوع خاص عند إدارة المال الشائع ، حتى يزيل ما يصيب أغلبية الشركاء من العنت بسبب تحكم الأقلية . فبعد أن قرر أن إدارة المال الشائع تكون من حق الشركاء مجتمعين ، فصل هذا المبدأ ، وبين أن ما يستقر عليه رأي من يملكون ثلاثة أرباع المال الشائع يكون ملزما للجميع . وعرض المشروع لحق استرداد الحصة الشائعة فقصره على المنقول ، حتى لا يتزاحم في العقار مع الشفعة . وانتقل بعد ذلك إلى انقضاء الشيوع بالقسمة ، ففصل إجراءاتها وهي تتفق في جملتها مع الإجراءات التي نص عليها التقنين الحالي ( السابق ) . ونص على الأثر الكاشف للقسمة ، فأزال بذلك التناقض الموجود ما بين التقنين الأهلي والتقنين المختلط . ونص على ضمان التعرض والاستحقاق في القسمة ، وعلى نقض القسمة للغبن فيما يزيد على الربع ، وهذه نصوص لا نظيرها في التقنين الحالي ( السابق ) . ثم اعقب ذلك بنصوص تتناول قسمة المهايأة ، وكلها نصوص جديدة تقنن المبادئ التي استقر عليها القضاء المصري وتزيد عليها بعض الأحكام الصالحة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 9 ) . &%$ ) .

485 - تعريف الملكية الشائعة وطبيعتها القانونية – نص قانوني : تنص المادة 825على ما يأتي :

 " إذا ملك اثنان أو أكثر شيئا غير مفرز حصة كل منهم فيه ، فهم شركاء على الشيوع . وتحسب الحصص متساوية ، إذا لم يقم دليل على غير ذلك ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1193 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا ملك اثنان أو أكثر شيئا دون أن تفرز حصة كل منهم فيه ، فهم شركاء فيه على الشيوع ، وتحسب الحصص متساوية عند الشك " . ووافقت لجنة المراجعة على النص بعد إدخال تعديلات لفظية جعلت النص مطابقا لما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد ، فأصبح رقم النص 896 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 894 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 825 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 78 – ص 79 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص . ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 780 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 834 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1061 / 1 : إذا ملك اثنان أو أكثر شيئاً فهم شركاء فيه على الشيوع ، وتحسب الحصص متساوية إذا لم يقم الدليل على غير ذلك .

( والتقنين العراقي يوافق التقنين المصري ، إلا أنه حذف عبارة " غير مفرزة حصة كل منهم فيه " ، وكان الأولى إبقاءها ) .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 824 : عندما يكون شيء أو حق ملكا شائعا ومشتركا بين عدة أشخاص ، ينشأ عن ذلك كيان قانونين يسمي شركة ملك أو شبه شركة ، وهي تكون اختيارية أو اضطرارية .

م 825 : إذا قام الشك ، عدت انصبة الشركاء متساوية .

( والتقنين اللبناني يتفق مع التقنين المصري – أنظر في الملكية الشائعة بوجه عام في القانون اللبناني حسن كيرة في الحقوق العينية الأصلية في القانون المدني اللبناني المقارن مذكرات على الالة الكاتبة سنة 1965 ص 172 – ص 235 ) . &%$ ) .

 $ 769 $

ويتبين من هذا النص أن الملكية الشائعة تقع على مالك معين بالذات ، يملكه أكثر من شخص وأحد ( $%&[1] ) وكما يكون الشيوع في حق الملكية ، يجوز كذلك أن يكون في الحقوق العينية الآخر كحق الانتفاع وحق الرقابة وحق الارتفاق . أما الحقوق الشخصية فالأصل فيها أن تنقسم إذا تعدد الدائنون ، ومع ذلك قد لا ينقسم الحق الشخصي في التضامن ما بين الدائنين وفي عدم قابلية الحق للانقسام ، وقد سبق شرح كل ذلك في نظرية الالتزام . &%$ ) وتتناول هذه الملكية المال الشائع كله غير منقسم ، أما حق كل شريك فيقع على حصة شائعة في هذا المال ، ومن ثم يكون محل حق الشريك هو هذه الحصة الشائعة . فحق الملكية على المال الشائع هو الذي ينقسم حصصيا ( quote - parts ) ، دون أن ينقسم المال ذاته ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 286 ص 280 – وقد صيغت الملكية الشائعة على غرار الملكية الشائعة في القانون الروماني ، وهذه بدورها اتخذت الملكية الفردية أساس لها فالملكية الشائعة ، في ثوبها الروماني ، لا تعدو أن تكون وصفا ( modalite ) من أوصاف الملكية الفردية ، فيكون للشريك في الشيوع حق ملكية كاملة شاملة على حصة معنوية ( qnote part abstraite ) من الشيء المملوك في الشيوع ، ويحتفظ بحريته في أن يتصرف في هذه الحصة ( كولان وكابيتان ودي لامور انديير 1 فقرة 1033 ص 832 ) . وتجتمع ملكية الشريك مع ملكيات شركائه الآخرين في كل ذرة من ذرات الشيء المملوك في الشيوع ( بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2744 ) . &%$ ) .

ولما كان ملاك المال الشائع ( coproprietaires - indivisaires - communistes ) $ 797 $ متعددين ، فلا بد من تعيين حصة كل منهم في هذا المال النصف أو الربع أو الخمس أو غير ذلك وتتعين حصص الملاك في الشيوع عادة عند بدء الشيوع تبعا لمصدره ، فإن كان ميراثا عين القانون حصة كل وارث ، وان كان وصية عين الموصي حصة كل موصى له وإن كان عقداً تكفل العقد بتعيين حصة كل شريك . وقد لا تتعين الحصص ،كأن يشتري عدة أشخاص مالا على الشيوع دون أن يبينوا حصة كل منهم فيما اشتروه ، فعند ذلك تكون الحصص متساوية ، ما دام لم يقم دليل على غير ذلك ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " وتحدد حصص الشركاء عند بدء الشيوع ، فإذا لم يكن هناك تحديد ، أو كان هناك شك في التحديد ، حسبت الحصص متساوية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 79 ) . &%$ ) .

بقى أن نحدد الطبيعة القانونية للملكية الشائعة . ويحسن في هذا الصدد أن نبين أن الملكية إما أن تكون ملكية فردية ( propriete individuelle ) ،أو ملكية جماعية ( propriete collective ) فالملكية الفردية هي التي يكون الملك فيها فرداً ، ولو كان هذا الفرد شخصا اعتباريا أي مجموعا من الناس متمتعا بالشخصية الإعتبارية . والملكية الجماعية ، وبوجه خاص ملكية اليد المشتركة 9propriete en main commune oesammte Hand ) .وهي الملكية الجرمانية ، فقد قدمنا ( $%&[1] ) أنظر انفاً فقرة 484 في الهامش . &%$ ) أن المالك فيها يكون جماعة من الناس دون أن تتمتع هذه الجماعة بالشخصية المعنوية . فهل الملكية الشائعة هي حق ملكية ، وإن كانت فهل هي حق ملكية فردية أو حق ملكية جماعية ؟

لا شك في أن الملكية الشائعة هي حق ملكية ، فهي تشتمل على جميع العناصر الملكية ، وللمالك في الشيوع حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف ونصوص التقنين المدني صريحة في هذا المعنى . فمن جهة رأينا أن المادة 825 مدني ، وهي في صدد التعريف بالملكية الشائعة ، وتقول : " إذا ملك اثنان أو أكثر شيئاً .. " فهي تصف صراحة أصحاب الملكية الشائعة بأنهم يملكون الشيء الشائع ، أي أن حقهم فيه هو حق الملكية ومن جهة أخرى سنرى أن المادة 826 / 1مدني تجمع بين يدي المالك في الشيوع جميع عناصر $ 798 $ الملكية من استعمال واستغلال وتصرف فتقول : : " كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاما ، وله أن يتصرف فيها وان يستولي على ثمارها وان يستعملها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء " ( $%&[1] ) ويذهب بعض الفقهاء إلى أن الملكية في الشيوع ليست بحق ملكية ، بل هي حق عيني من نوع خاص ( Sui generic ) أنظر في هذا المعنى Siesse في الشيوع الوراثي في القانون المقارن رسالة من باريس سنة 1922 – lonasce في الشيوع المال رسالة من باريس سنة 1930 – مارتي ورينو فقرة 59 .

ووجه الاعتراض الرئيسي على أن الملكية في الشيوع هي حق ملكية يتخلص في أن حق الشريك في الشيوع مقيد بحقوق الشركاء الآخرين ، وأن من طبيعة الملكية الاستئثار ، وهنا لا يستأثر الشريك في الشيوع بالشيء بل يشاركه فيه آخرون . ويمكن دفع هذا الاعتراض بأن الاستئنار هنا أيضاً واقع ، والذي يستأثر بالشيء الشائع هو كل شريك ، ولكن لا في وجه الشركاء الآخرين ، بل في وجه الغير ، أي في وجه كل شخص ليس شريكا في الشيء الشائع ( أنظر إسماعيل غانم فقرة 86 ص 198 ) . وليس حق الشريك في الشيوع إلا حق ملكية مقيداً بحقوق الشركاء الآخرين ( بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 748 2 ) .

وقد انعقد الإجماع في الفقه المصري على أن حق الشريك في الشيوع هو حق ملكية ( محمد كامل مرسي 1 فقرة 59 – شفيق شحاتة فقرة 133 وفقرة 135 – محمد علي عرفة فقرة 286 ص 378 – ص 379 – عبدالمنعم البدراوي فقرة 107 وفقرة 110 – إسماعيل غانم فقرة 86 – حسن كيرة فقرة 104 ص 341 – ص 342 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 124 ص 186 – ص 187 – منصور مصطفى منصور فقرة 54 ص 129 – ص 131 ولكن قارن مقالا له في تحليل أثر قسمة الأموال الشائعة في مجلة العلوم القانونية والاقتصادية 6 سنة 1964 ص 104 – ص 105 حيث يذهب إلى اعتبار حق الشريك في الشيوع حق ملكية من نوع خاص هو " ملكية شائعة " ) .

ويترتب على أن حق الشريك في الشيوخ هو حق ملكية ، أنه إذا خصص هذا الشريك منقولا مملوكا له لخدمة العقار الشائع ، فإن هذا المنقول يصبح عقارا بالتخصيص ، إذ أن الشريك في العقار الشائع هو مالك لهذا العقار ، فت؟؟ بذلك شرط اتحاد المالك ( أنظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 86 ص 201 هامش 1 ، وقد ناقش في هذا الصدد حكم محكمة النقض الصادر في 10 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 84 ص 639 – وانظر في أن المنقول يصبح في هذه الحالة عقارا بالتخصيص تحت شرط فاسخ آنفاً فقرة 14 ) . &%$ ) .

بقى أن نعرف هل الملكية الشائعة هي حق ملكية فردية أو حق ملكية جماعية ؟ تجيب المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي على هذا السؤال بما يأتي " عرفت المادة .. الملكية الشائعة ، ويتبين من التعريف أن هذه الملكية وسط بين الملكية المفرزة والملكية المشتركة ( الجماعية ) . فالحصة التي يملكها الشريك $ 799 $ في الشيوع شائعة في كل المال لا تتركز في جانب منه بالذات ، وهذا ما يميز الملكية الشائعة عن الملكية المفرزة . والشيء المملوك في الشيوع لا يملكه الشركاء مجتمعين بل يملك كل شريك حصته فيه ، وهذا ما يميز الملكية الشائعة عن الملكية المشتركة ( الجماعية ) " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 78 – ص 79 .&%$ ) .

وإذا كان صحيحاً أن الملكية الشائعة هي وسط بين الملكية المفرزة والملكية الجماعية ، فإنه يبقى أن نعرف هل طبيعة الملكية الشائعة هي من طبيعة الملكية المفرزة أو من طبيعة الملكية الجماعية ؟ يجب بادئ ذي بدء أن نبرز الفرق واضحاً بين طبيعة الملكية الشائعة وطبيعة الملكية الجماعية . فالملكية الجماعية ( proprietie collective ) هي ملكية مشتركة لا ملكية فردية ، لأن المالك فيها هو كما قدمنا جماعة من الناس لا يملك أي وأحد منهم بمفرده لا الشيء المملوك ولا أية حصة فيه ، بل الكل يملكون مجتمعين _ دون أن تكون لهم شخصية معنوية – كل الشيء المملوك . أما الملكية الشائعة فهي ملكية فردية لا ملكية مشتركة ، لأن كل شريك في الشيوع يملك ملكية فردية حصته في المال الشائع ، وينصب حقه مباشرة على هذه الحصة ( $%&[1] ) وإذا كانت الملكية الشائعة تنصب على كل المال الشائع ، فإن حق كل مالك في الشيوع ينصب على حصته الشائعة . فالصحة الشائعة ، لا كل المال الشائع ، هي محل حق الشريك في الشيوع ، وقد أبرزت محكمة النقض ما للحصة الشائعة من كيان ذاتي يجعلها تتميز عن مجموع المال الشائع ، فقالت : " أنه وإن كانت الملكية الشائعة تسر بقدها رالى كل أجزاء المال المشاع ، فإن ذلك لا يمحو ما لكل حصة فيه من كيان ذاتي ، فتكون في كل جزء منه متميزة بالقوة عن غيرها إلى حصول القسمة ، وحينئذ تصير متميزة بالفعل . ذلك أن الحصة الشائعة ، وإن لم تكن في العيان متميزة حالات ، فإنها متميزة بالقسمة مآلا ، وبموجب ما للقسمة من أثر رجعي كاشف تكون في نظر القانون متميزة عن غيرها من أول الأمر . فإذا قضى حكم برفض دعوى تثبيت ملكية أرض اشتراها المدعي ، مؤسسا ذلك على بطلان عقد البيع الصادر إليه نتيجة سبق الحكم ببطلان عقد تمليك البائع الأصلي ، في حين أن هذا البائع كان قد تملك بعد البيع الصادر منه حصة شائعة في جملة الاطيان يمكن أن تخرج منها الحصة المبيعة ، فلا مخالفة في ذلك القانون . إذ أن ما باعه البائع الأصلي وآل أخيراً إلى المدعى ، وإن كان قدراً شائعاً في جملة الاطيان ، فإنه قدر معين بذاته متميز عن غيره بكونه هو ما اشتراه هذا البائع من أحد الورثة ، وقضى بإبطال البيع الصادر له في خصوصه . فهو لذلك يختلف عن القدر الشائع الذي تملكه البائع المذكور فيما بعد بالشراء من مالك آخر مشتاع " ( نقض مدني 15 يناير سنة 1948 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزء 2 ص 991 ) . أنظر إسماعيل غانم فقرة 131 ص 302 هامش 2 ، وهو ينتقد الحكم لإعماله الأثر الرجعي في غير موضعه .

ونحن نذهب إلى أبعد مما ذهب إليه الحكم ، إذ يجب في نظرنا التمييز ، لا فحسب بين حصة شائعة وحصة شائعة أخرى ، بل أيضاً بين حصة شائعة والجزء المفرز الذي آلت إليه هذه الحصة الشائعة بالقسمة ، فيحل الجزء المفرز حلولا عينيا محل الحصة الشائعة في التصرفات التي وقعت من قبل على الحصة الشائعة ( أنظر ما يلي فقرة 513 وفقرة 514 في الهامش ، وانظر م 1039 / 2 مدني ) . &%$ ) .

 $ 800 $

فالملكية الشائعة لا تشترك إذن في طبيعتها مع الملكية الجماعية ، بل هي تشترك في الطبيعة مع الملكية المفرزة إذا أن كلا من الملكية الشائعة ( propriete indivise ) والملكية المفرزة ( propriete divise ) هي ملكية فردية ( propriete individuelle ) .

خلاصة ما قدمناه أن الملكية أما أن تكون ملكية فردية أو ملكية جماعية ، والملكية الفردية أما أن تكون ملكية مفرزة أو ملكية شائعة . ومن ثم تكون الملكية الشائعة هي حق ملكية حقيقية ، وهي أحد نوعي الملكية الفردية .

486 - مصادر الشيوع وأحكامه وأسباب انقضائه – نص قانوني تنص الفقرة الأولي من المادة 826مدني على ما يأتي :

 " كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً ، وله أن يتصرف فيها وأن ستولي على ثمارها وأن يستعملها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1194 / 1 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 897 / 1 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 895 / 1 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 826 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 80 – ص 83 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 781 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 835 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1061 / 2 و 3 : 2 – كل شريك في الشيوع يملك حصته الشائعة ملكا تاما ، وله حق الانتفاع بها واستغلالها بحيث لا يضر بشركائه والتصرف فيها بالبيع والرهن وغير ذلك من أنواع التصرف ولو بغير إنهم . 3 – ويجوز للشريك في الشيوع أن يؤجر حصته الشائعة لشريكه أو لغير شريكه . ( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري ) . &%$ ) " .

 $ 801 $

ويتبين من النص سالف الذكر أن المكية الشائعة هي حق ملك تام ، فهي ملكية فردية كما قدمنا ، شأنها في ذلك شأن الملكية المفرزة .

ومصادر الملكية الشائعة هي نفس أسباب كسب الملكية ، التي سنبحثها تفصيلاً في الجزء التاسع من الوسيط . وأهم هذه الأسباب ، بالنسبة إلى الملكية الشائعة ، هو الميراث ، فأكثر ما يكون الشيوع عند وفاة المورث وتركه ورثه متعددين ، فتنتقل إليهم أمواله شائعة . وقد يكون مصدر الشيوع الوصية ، كما إذا أوصى شخص لاثنين بمال على الشيوع .وقد يكون مصدر الشيوع العقد ، كما إذا اشترى شخصان مالا على الشيوع ، أو كما إذا باع مالك الدار نصف داره في الشيوع ( $%&انون الملكية العقارية اللبناني م 23 يتصرف كل شريك بملء الحرية بحقوقه في العقار ، وله أن يتفرغ عنه لشخص أخر أو ان يجري عليه تأمينا ، بدون إذن من شركائه بالشيوع . ولكن لا يحق له أن يرهن حصته . هذا وقد نسخ هذا النص بالمادة 837 من قانون الموجبات والعقود اللبناني ، وتجري على الوجه الآتي : لكي شريك حصة شائعة في ملكية الشيء المشترك وفي منتجاته ويجوز له أن يبيع تلك الحصة ويتفرغ عنها أو يرهنها ، وان ينيب غيره عنه في التمتع بها ،وان يتصرف فيها على وجه آخر ، سواء أكان ببدل أم بلا بدل ، إلا إذا كان لا يملك سوى حق مختص بشخصه . ( وأحكام القانون اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [1] ) وإذا كان عقد شركة تتمتع بالشخصية المعنوية ، فما دامت هذه الشخصية المعنوية قائمة فالمال غير شائع وهو مملوك ملكية مفرزة للشركة . فإذا انحلت الشركة وصفيت ، أصبحت أموالها مملوكة على الشيوع للشركاء .

ونر من ذلك أنه يجب تمييز الشيوع عن الشخصية المعنوية ، فإذا كان المال شائعاً بين اثنين فكل منهما يملك حصته شائعة في المال ، أما إذا كان المال مملوكا لشخص معنوي كشركة فالمال كله مملوك لهذا الشخص المعنوي ، وليس لأحد من الشركاء في الشركة حق عيني فيه . كذلك يجب تمييز الشيوع عن تقابل حقين لتلقين في الشيء في الشيء الواحد ، فقد تكون وفيه الشيء لشخص وحق الانتفاع بها لشخص آخر ، فلا يعتبر مالك الرقبة وصاحب حق الانتفاع في شيوع فيما بينهما ، لأن لكل منهما حقا يختلف عن الحق الذي للآخر .&%$ ) . وقد يكون مصدر الشيوع أي سبب آخر من أسباب كسب الملكية ، كالاستيلاء والالتصاق والشفعة والتقادم ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ومصدر الشيوع قد يكون العقد ، كما إذا اشتري شخصان مالا على الشيوع . وقد يكون الوصية ، كما إذا أوصى شخص لاثنين بمال على الشيوع . وقد يكون أي سبب آخر من أسباب كسب الملكية ، وأكثر الأسباب انتشاراً هو الميراث فإن الورثة تتوزع حصصهم شائعة في التركة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 79 ) وفيما يتعلق بكسب الملكية الشائعة بالتقادم ، قضت محكمة النقض بأن الحصة الشائعة في عقار كالنصيب المفرز فيه ، من حيث أن كليهما يصبح أن يكون محلا لأن يجوزه حائز على وجه التخصيص والانفراد ، ولا فارق بين الاثنين إلا من حيث أن حائز النصيب المفرز تكون يده بريئة من المخالطة ، أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط يد غيره من المشتاعين والمخالطة ليست عيباً في ذاتها ، وإنما ينشأ عنها من غموض وإبهام . فإذا اغتصب اثنان فأكثر عقاراً وحازوه شائعاً بينهم ، جاعلين لكل منهم حصته فيه ، جاز أن يتملكوه بالتقادم ، سواء اشتركوا في حيازته المادية أو ناب في هذه الحيازة بعضهم عن بعض ( نقض مدني 10 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 98 ص 193 ) - وانظر في إمكان استئثار أحد الشركاء في الشيوع بحيازة المال كله في مواجهة باقي الشركاء ، وتملكه إياه بالتقادم إذا لم يشب الغموض حيازة الشريك استئناف مصر 23أبريل المحاماة 9 رقم 534ص 988 – وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه ليس في القانون ما يحرم على وارث أن يتملك بالتقادم نصيب الوارثين معه ، فهو في ذلك شخص أجنبي عن التركة يتملك متى استوفي وضع يده الشرائط الواردة في القانون ( نقض مدني 24 أكتوبر سنة 1940 المحاماة 21رقم 197ص 445 ) . على أن حكما لمحكمة استئناف مصر ذهب إلى أن وضع يد الوارث على عين مشتركة بينه وبين بقية الورثة يحصل منه بصفته شريكاً في العين على الشيوع لا ممتلكاً لها ، بما أن المالك في الشيوع يملك في كل جزئية من جزئيات العين المشتركة ، أو هو على الأقل وضع يد غامض ومن أركان وضع اليد لتملك أن يكون غير غامض فوضع يد الوارث أو أي شريك على الشيوع ، مهما بلغت مدته ، غير مكسب للملكية ( استئناف مصر 16 يونيه سنة 1927 المجموعة الرسمية 39 رقم 17 ص 40 ) . وانظر في هذه المسالة محمد على عرفة فقرة 291 - إسماعيل غانم فقرة 66 .&%$ ) .

 $ 802 $

أما أحكام الشيوع ، فمنها ما يشترك فيه مع الملكية المفرزة ، وهذه قد سبق بيانها . وأهم هذه الأحكام المشتركة هو ما تقرر للمالك على ملكه من حق استعماله وحق استغلال وحق تصرف ، فالمالك على الشروع ، كما يقول النص سالف الذكر ، " يملك حصته ملكاً تاماً ،وله أن يتصرف فيها وان يستولي على ثمارها وان يستعملها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء " . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " الملكية في الشيوع كالملكية المفرزة تشتمل على عناصر ثلاثة :الاستعمال والتصرف . إلا أن الاستعمال والاستغلال يتقيدان بحقوق الشركاء الآخرين ، فالمالك في الشيوع له أن يستعمل حقه وان يستغله بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء . أما حق المالك المشتاع في التصرف فكحق المالك ملكية مفرزة ، على أن يقع تصرفه على حصته الشائعة ، فيستطيع أن يبيع هذه الحصة وان يهبها ، $ 903 $ وأن يرهناها رهناً رسمياً أو رهن حيازة " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 81 .&%$ ) .ومن ذلك نرى أن المالك الشائع ، وكالمال المفرز ، يباشر عليه المالك في الشيوع حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف ( $%&[1] ) والمادة 826 مدني تقول ، كما رأينا ،أن الشريك في الشيوع إنما يستعمل ويستغل ويتصرف في حصته الشائعة وقد أخذ على صياغة النص " أن الاستعمال والاستغلال يردان على الشيء الشائع ذاته ، لا على الحصة الشائعة فيه " ( إسماعيل غانم فقرة 69 ص 145هامش 1 ) . وإذا كان الاستعمال لا يرد على الحصة الشائعة إلا تجوزا ويكون معناه الانتفاع ، فإن الاستغلال يرد الحصة على الحصة الشائعة كما يرد على الشيء الشائع . وإنما أريد ، في نص المادة 826 مدني ، أن يبرز ما للشريك في الشيوع من حق ملكية تامة على حصته الشائعة ، يما تشتمل عليه هذه الملكية من عناصرها الثلاث ، التصرف والاستغلال والاستعمال .&%$ ) . ولكنه يختلف عن المال المفرز في أن حق المالك في الشيوع مقيد بحقوق سائر الشركاء . وهذا هو ما يجعل للمال الشائع أحكاماً خاصة به في إدارته لاستعماله واستغلاله ، وفي التصرف فيه .

بقيت أسباب انقضاء الشروع . والشيوع يكون عادة حالة مؤقتة مصيرها إلى الانقضاء والزوال ، وان كانت تدوم في بعض الأحوال مدة طويلة كما يقع ذلك كثيراً في مصر . وينقضي الشيوع بأسباب مختلفة .نذكر منها العقد المنهي للملكية ، فقد يبيع أحد المالكين في الشيوع حصته الشائعة للمالك الآخر ، أو يبيع المالكان معاً المال الشائع لمشتر وأحد ، فينقضي الشيوع ، وتصبح الملكية مفرزة في يد المالك الآخر في الحالة الأولي ، وفي يد المشتري للمالك الشائع في الحالة الثانية .وقد يكون الميراث سبباً لانقضاء الشيوع ، بأن يرث أحد المالكين في الشيوع المالك الآخر . والوصية كالميراث قد ينقضي بها الشيوع ، بان يوصى أحد المالكين في الشيوع للمالك الآخر بحصته الشائعة ( $%&[1] ) وقد ينقضي الشيوع بالتقادم المكسب ، بأن يجوز أحد الشريكين المال الشائع كله على أنه ملكه وحده فيكسب بالتقادم . وهنا يجب التحوز من العيب الغموض ، فإن الشريك إذا حاز المال الشائع قد يكون نائباً عن شريكه الآخر ، ولذلك يجب أن تظهر نية الاستئثار بالشيء عند الشريك واضع اليد ( نقض مدني 34 أكتوبر سنة 1940 المحاماة 21رقم 97 ص 445 - 4 أبريل سنة 1946 المحاماة 29 رقم 34 ،ص 988 - استئناف مصر 23 أبريل سنة 1929 المحاماة 9 رقم 534 ص 988 – 6 يناير سنة 1938المحاماة 19 رقم 107 ص 237 – 19 نوفمبر سنة 1939المحاماة 20رقم 300 ص 775 - شبين الكوم الكلية 27 نوفمبر سنة 1951 المحاماة 32رقيم 167 ص 701 – عكس ذلك استئناف مصر 16 يونيه سنة 1927 المجموعة الرسمية 139 رقم 17 ص 40 - وانظر آنفا نفس الفقرة في الهامش ) .&%$ ) . ولكن هذه الأسباب $ 804 $ كلها أسباب عارضة ، ولا يقصد منها في الأصل إنهاء الشيوع ، وان انقض الشيوع بها فعلاً . أما السبب الرئيسي لانقضاء الشيوع ، السبب الذي يقصد به أصلاً ومباشرة إنهاء هذه الحالة ، فهو القسمة ( $%&[1] ) وتنص المادة 839 من قانون الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : " أن شركة الملك أو شبه الشركة تنتهي : أولاً – بهلاك جميع الملك المشترك . ثانياً – يتفرع الشركاء عن حصصهم لأحدهم أو بتركها له . ثالثاً – بالقسمة " .&%$ ) .لذلك نقف من أسباب انقضاء الشيوع عند القسمة دون غيرها .

ومن ثم يخلص لنا ، كأحكام تختص بها الملكية الشائعة ، الموضوعات الآتية ( 1 ) إدارة المال الشائع . ( 2 ) التصرف في المال الشائع . ( 3 ) قسمة المال الشائع .

 الفرع الأول

إدارة المال الشائع

487 – الإدارة المعتادة والإدارة غير المعتادة : رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 484 .&%$ ) أن التقنين المدني وقف بوجه خاص عند إدارة المال الشائع ، حتى يزيل ما يصيب أغلبية الشركاء من العنت بسبب تحكم الأفلية . وقد ميز التقنين المدني ، في هذا الصدد ، بين أعمال الإدارة المعتادة والأعمال التي تخرج عن حدود الإدارة المعتادة .

المبحث الثاني

الإدارة المعتادة

488 - حفظ المال الشائع – نص قانوني : تنص المادة 830 مدني على ما يأتي :

 " لكل شريك في الشيوع الحق في أن يتخذ من الوسائل ما يلزم لحفظ $ 805 $ الشيء ، ولو كان ذلك بغير موافقة باقي الشركاء " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1198 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين الجديد ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 901 في المشروع النهائي . ووافق عليه لمس النواب تحت رقم 899 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 830 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 90 – ص 91 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ،ولكن الحكم كان معمولاً به دون النص ( انظر اسئناف مختلط 14 مارس سنة 1912م 24 ص 191 ) .

ويقابل النص السوري م 785 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 839 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1066 ( مطابق ) .

م 1068 : 1 - إذا احتاج الملك الشائع إلى مرمة أو عمارة ، يعمره أصحابه بالاشتراك على قدر حصصهم 2 - وإذا كان بعض الشركاء غائباً ،أو أبي بعضهم الترميم أو التعمير ورغب بعضهم فيه ، جاز للراغب أن يقوم بالترميم أو التعمير بإذن من محكمة ، ويرجع على شركائه بقدر حصصهم . م 1069 : إذا انهدمت العين الشائعة كليا وأراد بعض الشركاء عمارتها وأبى الآخرون ، فلا يجبر الآبى على العمارة .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 831 : يجب على كل شريك أن يسهر على صيانة المشترك ، كما يسهر على أشيائه الخاصة .

( التقنين اللبناني أورد في صورة التزام ما أورده التقنين المصري في صورة حق ) .&%$ ) .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما حفظ المال الشائع فهو من حق كل شريك ، وله أن يتخذ من الوسائل ما يلزم لذلك ، كالترميم والصيانة ورفع دعاوى الحيازة . والشريك في هذا فضولي يتصرف في حدود قواعد الفضالة إذا لم يوافق الشركاء الآخرون على عمله " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 95 .&%$ ) .

فأعمال الحفظ التي يصح أن يقوم بها كل شريك في الشيوع منفرداً دون حاجة إلى موافقة باقي الشركاء قد تكون أعمالاً مادية ] . مثل ذلك صيانة المال الشائع ، وترميمه إذا احتاج إلى ترميم ، وتحويطه بسياج أو بسور إذا كان حفظه يقتضي ذلك ، وتسجيل سند ملكيته إذا كان هذا السند في حاجة إلى التسجيل ، وحتى الثمار قبل أن تتلف .وقد تكون تصرفات قانونية أو اتخاذ إجراءات أو رفع دعاوى ، مثل ذلك قطع التقادم إذا كان المال الشائع في $ 806 $ حيازة أجنبي بنية تملكه بالتقادم المكسب ، ورفع دعاوى الحيازة إذا كان هناك وجه لذلك ، ورفع دعوى الاستحقاق إذا كان المال الشائع في يد مغتصب أو في يد حائز آخر ، ودعوى تعيين الحدود إذا قامت الحاجة إلى تعيين حدود المال الشائع ، ودفع الضرائب والرسوم المستحقة للدولة حتى لا يتعرض المال الشائع للحجز عليه ، وتسديد أقساط الديون المضمونة برهن أو باختصاص أو بامتياز ودفع فوائد هذه الديون حتى لا يكون المال الشائع عرضة للتنفيذ عليه تنفيذاً جبرياً .

والشريك في الشيوع ، في قيامه بأعمال الحفظ على النحو المتقدم ، يعتبر أصيلاً عن نفسه . ثم هو وكيل عن سائر الشركاء ،إذا لم يعترض أحد منهم على عمله ، فيرجع عليهم بدعوى الوكالة . فإذا تمت أعمال الحفظ دون علم من سائر الشركاء اعتبر فضولياً بالنسبة إليهم ، لأن الفضالة تتحقق ولو كان الفضولي في أثناء توليه شأناً لنفسه قد تولي شأن غيره لما بين الشأنين من ارتباط لا يمكن معه القيام بأحدهما منفصلاًُ عن الآخر ( م 189 مدني ) من ارتباط فيرجع الشريك بدعوى الفضالة ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 2 فقرة 65 - محمد علي عرفة فقرة 297 .&%$ ) . أما إذا اعترض باقي الشركاء وقام الشريك بأعمال الحفظ بالرغم من اعتراضهم ، فإنه يرجع عليهم بدعوى الإثراء بلا سبب . وهناك رأي يقول بأن الشريك يعتبر في جميع هذه الأحوال نائباً عن شركائه نيابة قانونية في القيام بأعمال الحفظ ، فيرجع عليهم دائماً بدعوى النيابة ( $%&[1] ) شفيق شحاته فقرة 46 ص 168 وهاتمش 2 - عبد المنعم البدراوي فقرة 121 ص 151 هامش 1 - حسن كيرة فقرة 108 ص 357 هامش 1 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 129 – هامش 1 - حسن كيرة فقرة 108ص 357 هامش 1 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 129 - وقرب منصور مصطفي منصور فقرة 60 ص 145 هامش 2 .

ويؤخذ على هذا الرأي أنه يضيق بما إذا كانت أعمال الحفظ أعمالا مادية ، فإن النيابة لا تكون إلا في التصرفات القانونية ( انظر إسماعيل غانم فقرة 69ص 147 هامش 1 ) – وهناك رأى يذهب إلى تأسيس المادة 830مدني على مجرد أن للشريك حقا يرد على الشيء كله يخوله القيام بكل الأعمال التي لا تمس حقوق الشركاء الآخرين ( إسماعيل غانم فقرة 69 ص 147 هامش 1 - وانظر في الرد على هذا الرأي منصور مصطفي منصور فقرة 60 ص 145هامش 2 ) .

وقد جرى القضاء الفرنسي على افتراض وكالة ضمنية لأن الأعمال التي يقوم بها الشريك تتمحض لمصلحة جميع الشركاء ، أو على تطبيق قواعد الفضالة ( نقض فرنسي 10 أبريل سنة 1854 داللوز 54 - 1 - 183 - باريس أول فبراير سنة 1910 تحت حكم محكمة النقض في 20 ديسمبر سنة 1910 داللوز 1911 - 1 - 377 - وانظر بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 289ص 284 ) .&%$ ) .

 $ 807 $

489 - نفقات الحفظ والإدارة وسائر التكاليف – نص قانوني :

تنص المادة 831 مدني على ما يأتي :

 " نفقات إدارة المال الشائع وحفظه والضرائب المفروضة عليه وسائر التكاليف الناتجة عن الشيوع أو المقررة على المال ، يتحملها جميع الشركاء كل بقدر حصته ، ما لم يوجد نص يقضى بغير ذلك " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1199 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عد أن المشروع التمهيدي كان ينتهي بالعبارة الآتية : " ولكل شريك أن يتخلص من هذه النفقات إذا تخلى عن حصته في المال الشائع " . ووافقت اللجنة المراجعة على النص تحت رقم 902 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 900 في لجنة مجلس الشيوخ حبذ رئيس اللجنة فكرة التخلص أو التخلي بشرط تنظيمها وتعيين الجهة التي يذهب إليها هذا النصيب مخالفة أن يعتبر سائبة ، وخشية من أنه إذا حرم المالك على الشيوع من حق التخلي لجأ الشركاء إلى التنفيذ على ملك آخر له نظير النفقات المطلوبة منه وعورضت الفكرة برأي آخر ذهب إلى أن النفقات الإدارية لا يمكن أن تصل إلى أكثر من قيمة رأس المال حتى تجعل الشريك يتخلي عن ملكه . ورأت اللجنة بعد المناقشة حذف العبارة الأخيرة من النص ، على أساس أن فكرة التخلص من التزام متعلق بعين عن طريق التخلية فكرة عامة التطبيق ، ولكن إجراء حكمها من الناحية العملية يقتضي وضع تفاصيل يحسن تجنبها و ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته تحت رقم 831 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 92 – ص 94 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكنه مجرد تطبيق للقواعد العامة فكان معمولا به ( استئناف وطني 4 فبراير سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم ص 93 – استئناف مختلط 17 مايو سنة 1904م 16 ص 250 - 26 يناير سنة 1905م 17 ص 91 - 18 فبراير سنة 1915م 27ص 171 ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 786 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 840 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1067( مطابق فيما عدا خلو التقنين العراقي من العبارة الأخيرة في النص المصري ) .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 832 :يحق لكل شريك أن يجبر بقية الشركاء على تقديم ما يناسب حصصهم من النفقات الضرورية لصيانة الشيء المشترك وإبقائه صالحاً للاستعمال الذي أعد له – على أن كلا منهم يستطيع أن يكون في حق من هذا الواجب : أولاً – ببيع حصته مع الاحتفاظ بحق الأولوية المختص بالشيوع للشريك الذي قام بالنفقة أو عرض أن يقوم بها . ثانياً – بان يترك للشريك المشار إليه حق التمتع بالشيء المشترك مع منتجاته إلى أن يسترد ما دفعه لحساب الشركاء .

ثالثاً – بطلب القسمة إذ كانت مستطاعة – أما إذا كانت النفقة قد دفعت ، فيلزم الشركاء بها على نسب حصصهم .

م 833 : كل شريك ملزم تجاه الآخرين بتحمل أعباء الشيء المشترك ونفقات الإدارة والاستثمار – ويعين نصيب كل شريك من تلك الأعباء والنفقات بحسب حصته في ذلك الشيء .

م 834 : إن النفقات النافعة والنفقات الكمالية التي يقوم بها أحد الشركاء لا تخوله الحق في مطالبة شركائه بشيء منها ، إلا إذا كانوا قد أجازوا له إنفاقها صراحة أو ضمناً وانظر أيضاً المادة 22 من قانون الملكية العقارية اللبناني ، وقد نسخت بالمواد السابقة .&%$ ) .

 $ 808 $

وليس هذا النص إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فكل الشركاء في الشيوع ملاك للمال الشائع كما قدمنا ، فتنقسم تكاليف هذا المال عليهم جميعاً كل بقدر حصته فيه . ومن ثم تنقسم على الشركاء ، كل بقدر صيانته وترميمه ، أو تسجيل سنده ، أو تحويطة بسور ، أو جنى ثماره قبل التلف ، أو قطع التقادم ، أو تعيين الحدود ، أو مصروفات الدعاوى التي رفعت لحفظ المال الشائع ، أو غير ذلك من نفقات الحفظ التي سبق ذكرها . كذلك تنقسم على الشركاء ، كل بقدر حصته ، نفقات إدارة المال الشائع ، والضرائب المفروضة عليه ، وسائر التكاليف الناتجة عن الشيوع كنفقة إصلاح الحائط المشترك أو تجديده ( م 814 / 2 مدني ) ، أو المقررة على المال كفوائد الديون وأقساطها ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن دفع الشريك في الشيوع الدين لدائن له رهن عل العقار الشائع يشبه من جميع الوجوه قيام أحد الشركاء بالنفقات الضرورية لحفظ المال الشائع ، فيجب أن توزع النفقات قانوناً على الشركاء بنسبة حصصهم في العقار جميعه ( استئناف مصر أول مارس سنة 1933 المحاماة 14 رقم 171 ص 339 ) .&%$ ) . وكل ذلك ما لم يتفق الشركاء على نسبة أخرى ، فتقل مثلاً بالاتفاق حصة الشريك القائم بالإدارة في النفقات في نظير قيامه بالإدارة . وكل ذلك أيضاً ما لم يوجد نص يقضى بغيره ، ومن أمثلة ذلك ما قضت به المادة 815 / 1 مدني من تحميل الشريك الذي يقوم بتعلية الحائط المشترك بنفقات التعلية وصيانة الجزء المعلى وعمل ما يلزم لجعل الحائط يتحمل زيادة العبء الناشئ عن التعلية دون أن يفقد شيئاً من متانته .

والرجوع على الشركاء في الشيوع ، كل بقدر حصته ، يكون كما قدمنا $ 809 $ بدعوى الوكالة أو دعوى الفضالة أو دعوى الإثراء بلا سبب ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن تعتبر المبالغ التي يقترضها أحد الشركاء لدفع الضرائب المقررة على مال شائع مفترضة لتحقيق مصلحة الشركاء جميعاً ، فيتعين الحكم بصحة الحجز الذي يوقعه المقرض على المحصولات المشتركة قبل جنيها ( استئناف مختلك 20 يناير سنة 1910م 22 ص 101 ) وقضت محكمة الإسكندرية الوطنية بأن الشريك يقوم مقام شريكه الآخر بالنسبة إلى مخالفات اللوائح الصحية وغير الصحية التي تقع من أحدهما في إدارة العين المشتركة ، بشرط إلا يثبت أن الشريك المحكوم عليه في مثل هذه المخالفات قد تعمد ارتكابها أو أهمل عمداً في دفعها إضرارا بشريكه الآخر ( الإسكندرية الوطنية مستعجل 30 مايو سنة 1938 المحاماة رقم 474 ص 1093 ) .&%$ ) .

ويجوز لأي من الشركاء للتخلص من دفع حصته في النفقات والتكاليف ، أن يتخلى عن حصته في المال الشائع ( $%&[1] ) أوبري ورو 2 فقرة 221 ص 582 - بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 291 - وقارن منصور مصطفي منصور فقرة 61 ص 147 - ص 148 . &%$ ) ، وهذه قاعدة عامة مقررة للتخلص من أي التزام الذي يكون سببه ملكية العين ( obligation reelle obligation propter rem ) وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 831 يتضمن نصاً صريحاً في هذا المعنى ، ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفته اكتفاء بالقواعد العامة ( $%&[1] ) انظر آنفا نفس الفقرة ص 807 هامش 1 .&%$ ) . ويترتب على تخلي الشريك عن حصته ( abandon ) أن تصبح هذه الحصة ملكاً لباقي الشركاء ، كل بقدر نصيبه في المال الشائع . وفي هذه الحالة يتحمل باقي الشركاء النفقات ، كل بقدر حصته الجديدة أي بعد إضافة حصة الشريك المتخلي إلى حصصهم ( $%&[1] ) وهي نفس النسبة قبل إضافة حصة الشريك المتخلي ،هذا ويجب تسجيل سند التخلية إذا كان المال الشائع عقاراً ( شفيق شحاته فقرة 148ص 170 هامش 2 – محمد على عرفة فقرة 298ص 396 - عبد المنعم البدراوي فقرة 122ص 152 - إسماعيل غانم فقرة 73ص 160 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 130 ) ويتخلص المتخلي عن حصته من الالتزامات التي نشأت قبل التخلي أو بعده ( بنكاز ملحق بودر 5 فقرة 203 – إسماعيل غانم فقرة 73 ص 160 ) ، بشرط أن تكون ناشئة عن الشيوع . فإذا كانت مسئولية المتخلي قد نشأت عن خطأ أرتكبه ، كأن اتلف المال الشائع ، فالتخلي لا يعفيه من المسئولية ( إسماعيل غانم فقرة 73 ص 160 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 130 ) .&%$ ) .

490 - المبدأ العام في إدارة المال الشائع – نص قانوني : تنص المادة 827 مدني على ما يأتي :

 $ 810 $

 " تكون إدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين ، ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك " ( $%&[1] ) تاريخ النص :ورد هذا النص في المادة 1195 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين الجديد . ووافقت لجنة المراجعة تحت رقيم 898 في المشروع النهائي ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 896 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 827 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 83 - ص 84 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن حكمه يتفق مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين السوري م 782 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 836 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1064 / 1 ( مطابق )

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 826 : كل شريك يمكن أن يستعمل الشيء المشترك على نسبة ماله من الحق ، بشرط إلا يستعمله على وجه يخالف ماهية ذلك الشيء أو الغاية المعد لها أو بناقص مصلحة الشركة ، أو على وجه يحول دون استعمال الشركاء الآخرين لحقوقهم .

م 827 : لا يجوز لشريك أن يحدث تغييراً في الشيء المشترك بلا رضاء شركائه الصريح أو الضمنى – فإن لم تراع أحكام الفقرة السابقة تطبيق قواعد الآتية : أولاً : تجري القسمة عندما يكون الشيء قابلا للتجزئة . وإذا كان الجزء الذي حدث فيه التغيير واقعاً في حصة الشريك الذي أحدثه ، فلا سبيل لأي منهم إلى الاعتراض . أما إذا كان التغيير واقعاً في حصة شريك أخر ، فيمكن هذا الشريك أن يختار أما أداء يدل التغيير وإما إجبار شريكه على إرجاع الشيء إلى حالته الأصلية ثانياً – عندما يكون الشيء غير قابل للتجزئة ، يجوز للشركاء أن يجبروا محدث التغيير على إعادة الشيء إلى حالته الأصلية وعلى تحمل النفقة ، مع أداء بدل العطل والضرر عند الاقتضاء .

م 828 : عندما يكو ، الشيء بطبيعته غير قابل للتجزئة ، لا يحق للشريك أن يأخذ إلا ما يناسب حصته من منتجاته . ويجب أن يؤجر لحساب الشركاء جميعاً ، ولو عارض في ذلك أحدهم .

م 829 : يجب على كل شريك أن يقدم لشركائه حساباً عن كل ما استلمه زيادة على حصته في منتجات الشيء المشترك .

وانظر أيضاً المادة 21 من قانو الملكية العقارية اللبناني .&%$ ) .

ويخلص من هذا النص أن إدارة المال الشائع هو ،في الأصل ، من حق الشركاء في الشيوع مجتمعين ، لا ينفرد به أحد منهم . ذلك لأن لكل شريك حقاً في المال الشائع يماثل في طبيعته حقوق الشركاء الآخرين ، فإذا استقل أحدهم بإدارة المال الشائع كان في هذا اعتداء على حقوق باقي الشركاء . فلا بد إذن من إجماعهم ، لقرروا على أي وجه تكون إدارة المال الشائع ، $ 811 $ هذا هو الأصل ، ولكن ترد عليه استثناءات هامة ، ترجع إلى نعذر الإجماع في أغلب الأحوال . ومن ثم نظم التقنين المدني الجديد هذه المسألة تنظيماً مفصلاً ، واجه به العقبات العملية التي تحول عادة دون حسن استغلال المال الشائع ، مراعياً ما عسى أن يتفق عليه الشركاء في شأن إدارة هذا المال . وقد كان التقنين المدني السابق خلوا من هذا التنظيم ، فجهد القضاء في سد هذا النقص ولكن على وجه غير كامل أمام سكوت التشريع .

والغرض الذي يهدف إليه الشركاء من إدارة المال الشائع هو بطبيعة الحال الانتفاع بالمال واقتسام ثماره فيما بينهم . فهم ملاك لهذا المال ، ولكل مالك حق استعمال الشيء واستغلاله . فإذا أمكن لكل منهم الاستثمار باستعمال الشيء الشائع ، كان له ذلك فهذا كان هناك مثلاًُ ترعة خاصة مملوكة على الشيوع أو مصرف خاص شائع أو بئر شائع جاز لأي من الشركاء أن ينتفع بالمال الشائع ، فيأخذ من الترعة أو البئر الماء الذي يروي به أرضه ، ويرسل المال الذي يتبقى بعد الري إلى المصرف الخاص .كذلك يجوز لكل من الشركاء أن يصيد السمك في بركة شائعة أو يصيد الطير في أرض شائعة ، مع التنظيم يتفق عليه الشركاء يجعل حق كل منهم في الصيد لا يتعارض مع حقوق الآخرين ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 69 ص 146 .&%$ ) .

كذلك يجوز لكل من الشركاء ، كما قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 488 .&%$ ) ، أن يرفع دعاوى الحيازة إذا توافرت شروطها ، لمواجهة اعتداء من يتعدى على حيازته لحصته الشائعة ، دون حاجة إلى أن يشترك معه في ذلك سائر الشركاء المشتاعين ( $%&[1] ) وإذا وضع شريك يده على جزء مفرز من العقار الشائع ، وتوافرت في الحيازة شروطها ، كان الشريك منع الاعتداء على حيازته بدعاوى الحيازة ، حتى لو كان هذا الاعتداء صادراً من الشركاء الآخرين ( نقض مدني 11 مارس سنة 1937 المحاماة 17 رقم 523 ص 1017 - 25 فبراير سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 31 ص 60 – 4 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 132 ص 361 –24 نوفمبر سنة 1955 مجموعة عمر 6 رقم 208ص 1522 ) . وانظر محمد علي عرفة فقرة 294 - عبد المنعم البداوي فقرة 112 – إسماعيل غانم فقرة 69 ص 147 هامش 2 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 125 ص 188 .&%$ ) .

 $ 812 $

وله أن يرفع دعوى الاستحقاق يسترد بها حصته الشائعة من يد الغير ، ويقصر الدعوى في هذا الحالة على حصته الشائعة فلا يحتاج إلى أن يشترك معه باقي الشركاء ( $%&[1] ) نقض فرنسي 20 يونيه سنة 1925 داللوز الأسبوعي 1925 – 649 - بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 283 - محمد كامل مرسي فقرة 59 ص 106 .&%$ ) .

على أن كل ما قدمناه ليس في التصميم من أعمال الإدارة ، بل هي أعمال جانبية قل أن تعرض في العمل ، أما أعمال الإدارة الرئيسية التي تقع كثيراً في العمل ، وتهدف إلى الانتفاع بالمال الشائع واستثماره ، بإيجار الدار أو سكناها وإيجار الأرض الزراعية أو زراعتها ، فهذه تقتضي في الأصل إجماع الدار أو سكناها وإيجار الأرض الزراعية أو زراعتها ، فهذه تقتضي في الأصل إجماع الشركاء المشتاعين ، فيما عدا ما يقرره القانون من استثناء . فيمكن مثلاً أن يجمع الشركاء على إيجار الدار أو الأرض ، وان يتفقوا جميعاً على شروط الإيجار وعلى المستأجر فإن تم ذلك ، جرت إدارة المال الشائع على هذا الوجه بإجماع الشركاء ( $%&[1] ) فإذا أجرى جميع الشركاء في الشيوع المال الشائع لأجنبي أو لواحد منهم ،نفذت الإجازة في حقهم جميعاً لأية مدة ولو زادت على ثلاثة سنوات ، وكذلك الحكم لو أجرها وأحد أو أكثر أصلاً عن أنفسهم ووكلاء عن الباقين ، أو أجرها وكيل عنهم جميعاً ( الوسيط 6 فقرة 52 ص 59 ) .

وكان القضاء ، في عهد التقنين المدني السابق ، تيسيراً لإدارة المال الشائع ، يقضى بأنه إذا أجر الشريك حصته ، ووضع المستأجر يده على جزء من الأرض المشاعة معادل لها ، فلا يقبل من الشريك الآخر أن يدعى حصول تعرض له في وضع يده من المستأجر ، أو أن يطلب استرداد حيازته منه ، فإن النزاع في هذه الصورة لا يكون إلا على طريقة الانتفاع ، وهذا محله دعوى محاسبة أو قسمة ( نقض مدني 7 مارس سنة 1940 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاماً جزء 2 ص 992 ) . وقضى أيضاً بأنه إذا كان أحد الشركاء على الشيوع واضعاً يده على جزء معين تسهيلاً لطريقة الانتفاع ، فهو يمتلك في هذا الجزء ما يتناسب مع نصيبه في المجموع ، ويكون انتفاعه بالباقي مستمداً من حقوق شركائه الآخرين على أساس التبادل في المنفعة . وليس من حق أحد الشركاء أن ينزع منه الأرض بحجة أنه معادل له في الحقوق على الأرض ، بل كل ما له – إن لم يعامل هذه المعاملة بالذات أو أراد العدول عنها – أن يطلب قسمة الأرض أو يرجع على واضع اليد بما يقابل الانتفاع . فإذا كان الحكم قد أثبت أو وضع اليد بشروطه القانونية كان لأحد الشركاء على الشيوع ، فلهذا الشريك ، في سبيل حماية يده الفعلية على العقار من تعرض المشتري من أحد شركائه ، أن يرفع دعوى وضع اليد ضد المعترض ، والمشتري وشأنه في اتخاذ ما يراه كفيلاً بالمحافظة على حقوقه ( نقض مدني 25 يناير سنة 1943 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاماً جزء 2 ص 992 ) .

وقضت محكمة استئناف مصر بأنه متى كان للعين المشتركة ريع ، فلا محل مطلقاً لاستئثار أحد الشركاء بالانتفاع بالربع دون باقي الشركاء حتى يفصل في دعوى الحساب التي قد تستغرق زمناً طويلاً كذلك لا مبرر لإيداع الربع في خزائن الحكوم ة لما يترتب على ذلك من حرمان الناس من أموالهم ، إلا إذا وجد سبب مشروع يقتضي ذلك . ومن ثم فإن العدالة تقتضي صرف صافي ريع العين للشركاء بمجرد تحصيله ولا سبيل لتحقيق المساواة بين الشركاء في الانتفاع بأموالهم في هذه الحالة إلا بتحديد نفقة لكل شريك يقدرها القاضي حسب ظروف الدعوى ( استئناف مصر 18 أبريل سنة 1940 المحاماة 21رقم 198 ص 447 ) .&%$ ) .

 $ 813 $

ولكل قل أن يتيسر ذلك في العمل ، لاختلاف مشارب الشركاء ، وتفاوت أغراضهم ،وتنوع اتجاهاتهم فما يريده وأحد منهم قد لا يريده الآخرين ، وقد تريد أغلبيتهم شيئا وتقف الأفلية حائلاً دون ما تريد الأغلبية ( $%&[1] ) وقد ذلل التقنين المدني العراقي بعض هذه العقبات بنصه في المادة 1063 منه على ما يأتي : 1 - يجوز للشركاء أن ينتفعوا بالعين الشائعة جميعاً .

2 - ويجوز لكل منهم حق الانتفاع بحصته ، فإذا انتفع بالعين كلها في سكن أو مزارعة أو إيجار أو غير ذلك من وجوه الانتفاع بلا إذن شركائه ، وجب عليه لهم أجر المثل ، على أنه إذا أجر العين الشائعة بأكثر من أجر المثل وجب عليه أن يعطي كل شريك حصته من الأجرة المسماة " .&%$ ) .

لم يبق لمواجهة هذا الوضع الغالب إلا أحد أمرين : ( 1 ) أما أن يقسم الشركاء المال الشائع بينهم ، ما داموا في الشيوع ، قسمة مهايأة زمانية أو مكانية ، فيتيسر لكل منهم الانتفاع منفرداً بالمال الشائع مدة من الزمن ، أو بجزء مفرز منه كل الزمن . وهذا يقتضي البقاء على الأصل واشتراط الإجماع ، فلا تجوز قسمة المايأة إلا بإجماع الشركاء المشتاعين . ( 2 ) أو أن يدير الشركاء المال الشائع بطرق الإدارة المختلفة كالإيجار ، ولكن لما كان الإجماع متعذراً فإن الأغلبية تكفي خروجاً على الأصل . وفي هذه الحالة يكفل القانون للأقلية الضمانات الكافية ، حتى لا تتحكم فيها الأغلبية .

فنستعرض إذن فيما يأتي : ( أولاً ) قسمة المهايأة . ( ثانياً ) تولي أغلبية الشركاء إدارة المال الشائع .

491 - أولاً – قسمة المهايأة – نصوص قانونية : تنص المادة 846 مدني على ما يأتي :

 " 1 - في قسمة المهايأة يتفق الشركاء على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازي حصته في المال الشائع ، متنازلاً لشركائه في مقابل ذلك عن الانتفاع بباقي الأجزاء ، ولا يصح هذا الاتفاق لمدة تزيد عن خمس سنين $ 814 $ فإذا لم تشترط لها مدة ، أو انتهت المدة المتفق عليها ولم يحصل اتفاق جديد ، كانت مدتها سنة واحدة ، تتجدد إذا لم يعلن الشريك إلى شركائه قبل انتهاء السنةالجارية بثلاثة أشهر أنه لا يرغب في التجديد " .

 " 2 - وإذا دامت هذه القسمة خمس عشرة سنة ، انقلبت قسمة نهائية ، ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك . وإذا حاز الشريك على الشيوع جزءاً مفرزاً من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة ، افترض أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهايأة " .

وتنص المادة 847 مدني على ما يأتي :

 " وتكون قسمة المهايأة أيضاً بأن يتفق الشركاء على أن يتناوبوا الانتفاع بجميع المال المشترك ، كل منهم لمدة تتناسب مع حصته " .

وتنص المادة 848 مدني على ما يأتي :

 " تخضع قسمة المهايأة ، ومن حيث جواز الاحتجاج بها على الغير ومن حيث أهلية المتقاسمين وحقوقهم والتزاماتهم وطرق الإثبات ، لأحكام عقد الإيجار ما دامت هذه الأحكام لا تتعارض مع طبيعة هذه القسمة " .

وتنص المادة 849 مدني على ما يأتي :

 " 1 - للشركاء أن يتفقوا ، أثناء إجراءات القسمة النهائية ، على أن يقسم المال الشائع مهايأة بينهم ، وتظل هذه القسمة نافذة حتى تتم القسمة النهائية " .

 " 2 - فإذا تعذر اتفاق الشركاء على قسمة المهايأة ، جاز للقاضي الجزئي إذا طلب منه ذلك أحد الشركاء أن يأمر بها ، بعد الاستعانة بخبير إذا اقتضى الأمر ذلك " ( $%&[1] ) تاريخ النصوص :

م 846 : ورد هذا النص في المواد 1214 – 1216 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : م 1214 – في قسمة المهايأة يتفق الشركاء على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازي حصته في المال الشائع ، متنازلا لشركائه في مقابل ذلك عن الانتفاع بباقي الأجزاء . م 1215 - 1 - لا يصح الاتفاق على قسمة المهايأة لمدة تزيد على خمس سنين . 2 - فإذا لم تشترط لها مدة حسبت مدتها سنة واحدة ، تتجدد إذا لم يعلن الشريك شركاءه قبل السنة الجارية بثلاثة أشهر أنه لا يرغب في التجديد م 1216 - إذا دامت قسمة المهايأة خمس عشرة سنة ، انقلبت قسمة نهاية ، ما لم ينفق الشركاء على غير ذلك . وفي لجنة المراجعة أدمجت المواد الثلاثة في مادة واحدة من فقرتين ، مع تعديلات لفظية طفيفة ، تحت رقم 917 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب أضيفت العبارة الآتية في آخر الفقرة الثانية : " وإذا جاز الشريك على الشيوع جزءاً مفرزاً من المال الشائع مدة مس عشرة سنة ، اقترض أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهايأة " . ووافق مجلس النواب على المادة بهذا التعديل تحت رقم 915 . وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيفت عبارة " أو انتهت المدة المتفق عليها ولم يحصل اتفاق جديد " بعد عبارة " فإذا لم تشترط لها مدة " الواردة في الفقرة الأولي . وجاء في تقرير اللجنة ما يأتي : " أضافت اللجنة إلى الفقرة الأولي من هذه المادة عبارة " أو انتهت المدة المتفق عليها ولم يحصل على اتفاق جديد " بعد عبارة " فإذا لم يشترط لها مدة " لأن النص وضع حكما لحالة عدم اشتراط مدة ، ولا تختلف عن ذلك حالة انتهاء المدة المتفق عليها دون اتفاق جديد " . وقيل بالنسبة إلى الفقرة الثانية التي تقضي باعتبار قسمة المهايأة قسمة نهائية إذا دامت هذه القسمة خمس عشرة سنة " إن هذا الحكم جاء على خلاف القواعد العامة ، وتتحقق النتائج العملية له بالاتفاق أو هذا النزاع بحكم ، ويبتع في أيهما إجراءات الشهر العقاري " . وقد وافقت اللجنة على الفقرة الثانية المذكورة ، على أن يكون مفهوما أن الجزء الذي يتملك هو المقسوم قسمة مهايأة فقط ، أما الباقي من النصيب على الشيوع فيبقي في الشيوع . وانتهي النص بذلك إلى أن أصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 846 ، ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 130 - ص 133 ) .

م 847 : ورد هذا النص في المادة 1217 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 918 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 916 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 847 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 134 - ص 135 ) .

م 848 :ورد هذا النص في المادة 1218 من المشروع التمهيدي ، وكانت هذه المادة تنقسم إلى فقرتين ، خصصت الفقرة الثانية منهما للإثبات ، فجاءت على الوجه الآتي : " ويجوز إثباتها بكل الطرق ، إلا أنه لم تكن ثابتة بالكتابة أو ما يعادلها ، اعتبرت غير محددة المدة " . ووافقت عليها لجنة المراجعة تحت رقيم 919 في المشروع النهائي . ثم وافق عليها مجلس النواب تحت رقم 917 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الثانية لمخالفتها للقواعد العامة لإثبات في غير حاجة ،وأضيفت إلى الفقرة الأولي عبارة " وطرق الإثبات " ، وبهذا أصبح الأصل في هذه الطرق خضوعها للقواعد الخاصة بإثبات الإيجار إلا إذا تعارضت مع طبيعة قسمة المهايأة ، وقد روعي في هذا التعديل التمكين لاستقرار المعاملات . وصار النص ، ورقمه 848 ، مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 135 - ص 137 ) .

م 849 :ورد هذا النص في المادة 1219 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 920 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 918 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 849 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 137 - ص 140 ) .

ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق ، ولكن القضاء كان يجري على كثير من هذه الأحكام ( انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 138 وتقابل هذه النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 800 – 803 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي / 850 - 853 ( مطابق ،فيما عدا المادة 850 من التقين الليبي فهي مطابقة للفقرة الأولي من المادة 846 من التقنين المصري وقد حذفت الفقرة الثانية في التقنين الليبي ) .

التقنين المدني العراقي م 1078 - 1079 ( موافق ولم ينقل التقنين العراقي الفقرة الثانية من المادة 846 من التقنين المصري ) .

م 1080 : إذا لم يتفق الشركاء على المهايأة في المنقول ، ولم يطلب أحدهم إزالة الشيوع ، فللشريك الذي يطلب المهايأة مراجعة محكمة الصلح لإجراءاتها . ( وهنا يجعل التقنين العراقي ، خلافاً للتقنين المصري ، قسمة المهايأة في المنقول ، دون العقار ، قسمة قضائية يكفي أن يطلبه أحد الشركاء حتى تقوم محكمة الصلح بإجرائها ، دون حاجة إلى اتفاق جميع الشركاء ) .

قانون الموجبات والعقود اللبناني : م 830 : يجوز أن يتفق الشركاء على أن يتمتع كل منهم على انفراد بالشيء أو بالحق المشترك على طريقة المناوبة – وفي هذه الحالة يمكن كلا منهم أن يتصرف في حقه الخاص الذي يتمتع به صحابه المدة المعينة لهذا التمتع ، سواء أكان ببدل أم بلا بدل ، ولا يلزمه حينئذ أن يقدم لشركائه حساباً عما استوفاه – غير أنه لا يستطيع أن يأتي أمراً من شأنه أن ينقص أو يمنع حقوق بقية الشركاء عندما تأتي نوبتهم في التمتع .

( والقانون اللبناني يعرض للمهايأة الزمانية دون المهايأة المكانية ) .&%$ ) .

 $ 816 $

ويخلص من هذه النصوص أن قسمة المهايأة أما أن تكون مهايأة مكانية ، أو مهايأة زمانية . وسواء كانت مكانية أو زمانية ، فإن أحكام عقد الإيجار كقاعدة عامة تسرى عليها . وهناك مهايأة تسبق القسمة النهائية ، تختص ببعض الأحكام .

492 - المهايأة المكانية والمهايأة الزمانية : كثيراً ما يتفق الشركاء في الشيوع ، تخلصا من مشاكل إدارة المال الشائع وما يحيط بهذه الإدارة من صعوبات ، على قسمة المهايأة لمدة معينة . فيقسمون المال بينهم قسمة منفعة لا قسمة ملك ، ويختص كل منهم بجزء مفرز من المال يعادل حصته في المال الشائع . وبذلك يتهيأ لكل منهم أن يجوز ما لا مفرزاً يستقل بإدارته واستغلاله والانتفاع به ، فله أن يسكن الدار أو أن يؤجرها ، وان يزرع الأرض على ذمته أو أن يؤجرها بالنقد أو بطريق المزارعة ، وبوجه عام له أن يستغل ما اختص به مفرزاً من المال الشائع وأن ينتفع به بنفسه أو بواسطة غيره . ولا يحاسبه أحد من الشركاء على إدارته لنصيبه ولا لنصيبه ولا على الغلة والثمار التي حصل عليها ، في $ 817 $ مقابل أنه هو أيضاً لا يحاسب أحداً من الشركاء على ما يختص به هذا الشريك وهذه هي المهايأة المكانية . ولا يجوز الاتفاق على هذه الهايأة لمدة تزيد على خمس سنوات ، فإن زادت المدة المتفق عليها على ذلك انفضت إلى خمس . ذلك أن المهايأة المكانية ،وان كانت تفرز المال من حيث المنفعة ، تبقيه شائعاً من حيث الملكية . فيبقى الشيوع قائماً ما دامت المهايأة المكانية ، ولا يجبر شريك على البقاء في الشيوع في الملكية بموجب الاتفاق لمدة أطول من خمس سنوات كما سنرى ( $%&[1] ) انظر ما يلي فقرة 537 .&%$ ) . ومن ثم لم يجز الاتفاق على المهايأة المكانية لمدة تزيد عن خمس سنوات حتى لا يجبر الشريك على البقاء في الشيوع عن طريق الهايأة المكانية مدة أطول من ذلك . فإذا انقضت المدة المتفق عليها ، جاز تجديدها مدة ثانية فثالثة وهكذا ، بشرط إلا تزيد كل مدة على خمس سنوات . أما إذا لم يحصل اتفاق على المدة ، أو انقضت المدة المتفق عليها ولم يحصل الاتفاق على تجديدها مدة أخرى مع استبقاء المهايأة ، فإن المدة تكون سنة واحدة في الحالتين ، وتتجدد سنة ثانية فثالثة وهكذا إلا إذا أعلن أحد الشركاء الآخرين أنه لا يرغب في تجديد المهايأة ، ويجب أن يكون هذا الإعلان قبل انتهاء السنة الجارية بثلاثة أشهر على الأقل . ويلاحظ أن قانون الإصلاح الزراعي ( م 35 ) يحتم أن تكون مدة إيجار الأراضي الزراعية لا تقل عن ثلاث سنوات ، ولكن المهايأة لا تخضع لهذا الحكم . فيجوز أن تكون مدتها أقل من ثلاث سنوات . وقد تتجدد لسنة واحدة ، وذلك لانعدام حكمة النص إذا طبق على عقد المهايأة ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 71ص 155 هامش 3 .&%$ ) .

والذي يقع في العمل أن المهايأة المكانية تدوم مدة طويلة ، فتتجدد من مدة إلى أخرى ، وكثيراً ما تدوم خمس عشرة سنة أو أكثر . ومهايأة مكانية تدوم خمس عشرة سنة دون أن يرغب أحد في إنهائها ، لأكبر دليل على أن هذه المهايأة هي خير قسمة للمال الشائع ، ارتاح إليها الشركاء واطمأنوا إلى التعامل على أساسها . لذلك استحدث التقنين المدني الجديد حكماً في هذا الصدد فنصت الفقرة الثانية من المادة 846 مدني كما رأينا على ما يأتي : " وإذا دامت $ 818 $ هذه القسمة خمس عشرة سنة ، انقلبت قسمة نهائية ، ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك . وإذا حاز الشريك على الشيوع جزءاً مفرزاً من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة ، افترض أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهايأة " . فوضع النص بذلك قاعدتين هامتين : ( القاعدة الأولي ) أنه إذا حاز الشريك على الشيوع جزءاً مفرزاً من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة ، افترض قرضاً قابلاً لإثبات العكس ( $%&[1] ) وذلك تطبيقا للمادة 404 مدني التي تقضي بان القرينة القانونية تكون قابلة لإثبات العكس ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك ( انظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 92 ص 217 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 171 ص 258 - منصور مصطفي منصور فقرة 79ص 198 - وانظر عكس ذلك وان هذه القرينة القانونية لا تقبل إثبات العكس محمد علي عرفة فقرة 339ص 456 ) .&%$ ) أن حيازته لهذا الجزء قامت على أساس قسمة مهايأة سبق إبرامها بين الشركاء . وهذه القاعدة ذات طابع عملي واضع ، فكثيراً ما يصعب الاهتداء بعد أن يضع الشريك يده على جزء مفرز ، إلى ما يثبت سق حصول قسمة مهايأة . فذلك النص هذه الصعوبة العملية ، وفرض وجود هذه القسمة ، فأعفي الشريك بذلك من هذا الإثبات الشاق . وواضح أن هذه القرينة القانونية لا تتناول إلا الأجزاء المفرزة التي حازها الشركاء ، أما بقية المال الشائع فيبقي على الشيوع ( $%&[1] ) انظر ما دار في لجنة مجلس الشيوخ في هذا الصدد آنفا فقرة 491 ص 814 هامش 1 .&%$ ) . ( والقاعدة الثانية ) أنه متى حاز الشريك جزءاً مفرزاً يعادل حصته في المال الشائع مدة خمس عشرة ، وكان هناك ، أو افترض أن هناك ، قسمة مهايأة سابقة قامت الحيازة على أساسها ، فإن قسمة المهايأة تنقلب بمجرد تمام خمس العشرة سنة إلى قسمة نهائية ، ما لم يتفق الشركاء مقدماً على غير ذلك . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في تبرير هذا الحكم ما يأتي : " وتنقلب المهايأة المكانية إلى قسمة نهائية دون أثر رجعي إذا دامت خمس عشرة سنة ، ما لم يتفق الشركاء مقدماً على غير ذلك . وهذا تجديد خطير في المشروع ، ولكنه تجديد له ما يبرره . فإن المهايأة المكانية ، التي تدوم خمس عشرة سنة دون أن يرغب أحد في إنهائها ، هي خير قسمة نهائية يستطيع الشركاء أن يصلوا إليها . وقد وصلوا إليها فعلاً بالتجربة واطمأنوا إلى نتائجها ، فإن كانوا يريدون غير ذلك فما عليهم إلا أن يتفقوا مقدما ً على أن $ 819 $ قسمة المهايأة لا تنقلب إلى قسمة نهائية " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 139 .&%$ ) فإذا تمت خمس عشرة سنة والمهايأة المكانية لا تزال قائمة لم يرغب أحد في إنهائها ،ولم يتفق مقدماً على أنها تبقى دائماً مهايأة مكانية دون أن تنقلب إلى قسمة نهائية ، فإنه بنمام هذه المدة تصبح المهايأة المكانية قسمة نهائية بحكم القانون ( $%&[1] ) وبديهي أنه ليس من الضروري أن يضع الشريك يده على الجزء المفرز بنية أنه ملكه بموجب قسمة نهائية ، بل يكفي أن يضع يده كشريك متهابي مهايأة مكانية ، فلسنا هنا في صدد التملك بالتقادم المكسب ( محمد على عرفة فقرة 399 ص 456 )

وإذا كان أحد الشركاء غير كامل الأهلية ، وجب في إبرام عقد المهايأة المكانية أن ينوب عنه وليه أو وصيه أو القيم ، فإذا بقى غير كامل الأهلية عند انقضاء خمس العشرة سنة ، فلا تنقلب المهايأة إلى قسمة نهائية إلا بعد اتباع الإجراءات الواجب مراعاتها في حالة غير كامل الأهلية ( م 835 مدني ) . انظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي 2 فقرة 144 - محمد على عرفة فقرة ) 339 - وقارن إسماعيل غانم فقرة 92 ص 216 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 171 ص 258 - منصور مصطفي منصور فقرة 79 ص 199 .

هذا ولا تنقض هذه القسمة بسبب الغبن كما تنقض القسمة الحاصلة بطريق التراضي ، لأن الأولي قسمة تتم بحكم القانون ( إسماعيل غانم فقرة 92 ص 216 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 171 ص 258 – منصور مصطفي منصور فقرة 79ص 199 .&%$ ) . ولما كانت هذه القسمة النهائية لا بد من تسجيلها . شأنها في ذلك شأن أية قسمة أخرى ولو أنها تتم بحكم القانون ، فلا بد من كتابة ورقة مثبتة لها . فإن اتفق تاريخ هذه القسمة من وقت انتهاء خمس العشرة سنة ، لا من وقت ابتداء المهايأة المكانية . وهذا هو المعنى المقصود من العبارة الواردة في المذكرة الإيضاحية من أن المهايأة المكانية تنقلب إلى قسمة نهائية ، " دون أثر رجعي " ،فليس مقصوداً بطبيعة الحال من هذه العبارة أن تكون القسمة النهائية نفسها غير ذات أثر كاشف ( $%&[1] ) عبد المنعم الدراوي فقرة 114 ص 143هامش 1 - وقارن محمد على عرفة فقرة .&%$ ) . فهي ككل قسمة لها هذا الأثر . وإذا لم يتفق الشركاء على كتابة الورقة التي تعد للتسجيل ، جاز لأي شريك أن يرفع النزاع إلى المحكمة ، وتقضى المحكمة بثبوت القسمة النهائية ،ويكون تاريخ القسمة هنا أيضاً هو اليوم التالي لانقضاء خمس $ 820 $ العشرة سنة ، لا يوم ابتداء الهايأة المكانية ، ولا يوم رفع الدعوى أو يوم صدور الحكم ( $%&[1] ) عبد المنعم فرج الصدة فقرة 171 ص 258 – وقارن إسماعيل غانم فقرة 92ص 216 وهامش 2 - منصور مصطفي منصور فقرة 79ص 199 . وانظر ما دار في هذا الصدد في لجنة مجلس الشيوخ آنفاً فقرة 491 ص 814 هامش 1 . &%$ ) .

وقد تكون المهايأة مهايأة زمانية " بأن يتفق الشركاء على أن يتناوبوا الانتفاع بجميع المال المشترك ، كل منهم لمدة تتناسب مع حصته " ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة قد تبينت من وقائع الدعوى بان الشريكين في ماكينة للرى والطحن قد استغلاها مدة من الزمن بالطريقة المتفق عليها في عقد الشركة ، ثم عدلا من هذه الطريقة إلى طريقة أخرى . ثم اختلفا بعد ذلك على طريقة الاستغلال ولم يوفقا إلى طريقه فاضطر أحدهما إلى استغلالها بطريق المهايأة الزمنية ، إذ كانت هذه هي الطريقة الوحيدة الممكنة فإنه لا يكون هناك حرج في عدم التعويل على الطريقة الواردة في العقد بعد ثبوت العدول عنها . ويجوز إثبات حصول الانتفاع بطريقة أخرى معينة بجميع وسائل الإثبات ، إذ الأمر أصبح متعلقا بواقعة مادية ( نقض مدني 21 يناير سنة 1943 مجموعة المكتب الفني في خمس وعشرين عاماً جزء أول ص 689 - ص 690 ) .&%$ ) . فلو كانت هناك أرض زراعية أو دار أو سيارة شائعة بين شريكين لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث ، فإنه يجوز أن يتفقا على أن يختص الأول بالأرض الزراعية أو بالدار كلها يستغلها وحده لمدة سنتين ثم يختص بها الآخر لمدة سنة وهكذا ، أو أن يختص الأول بالسيارة لمدة شهرين والآخر لمدة شهر وأحد وهكذا ولم ينظم القانون مدة المهايأة الزمانية كما نظم مدة المهايأة المكانية ، فتسرى القواعد العامة . ومن ثم يجوز أن يتفق الشركاء على عدد من دورات التناوب في الانتفاع بالمال الشائع كما يشاءان ، بشرط ألا يؤدي هذا الاتفاق إلى إجبارهم على البقاء في الشيوع مدة تزيد على خمس سنين . وتنتهي المهايأة الزمانية بانتهاء مدتها ، ويعين الاتفاق هذه المدة وكيف تنقضي .

ولا تنقلب المهايأة الزمانية إلى قسمة نهائية مهما طالت مدتها ، ولم يورد القانون هذا الحكم الاستثنائي بالنسبة إليها ، لأنه لا يمكن تطبيقه هنا كما أمكن تطبيقه على المهايأة المكانية . فالمهايأة المكانية تقسم المال الشائع أجزاء مفرزة ، فيهي كالقسمة النهائية إلا أنها قسمة منفعة لا قسمة ملك . أما المهايأة الزمانية فتبقى المال الشائع على حالته دون إفراز وإنما تقسم زمن الانتفاع به ، فهي لا تهيئ للقسمة النهائية ، ومن ثم لا يمكن أن تنقلب إليها .

 $ 821 $

493 - تكييف قسمة المهايأة – تطبيق قواعدالإيجار : وكما يمكن تكييف المهايأة بأنها قسمة منفعة مكانية أو زمانية ، كذلك يمكن تكييفها بأنها إيجار ، ففي المهايأة المكانية " يتفق الشركاء على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازي حصته في المال الشائع ، متنازلاً لشركائه في مقابل ذلك عن الانتفاع بباقي الأجزاء " ( م 846 / 1 مدني ) . فهي إذن منفعة في مقابل منفعة ، ينتفع الشريك بجزء مفرز فيحصل على نصيب باقي الشركاء في منفعة هذا الجزء ، في مقابل حصول الشركاء على نصيبه هو في منفعة الأجزاء المفرزة الأخرى . وفي المهايأة الزمانية يتناوب الشركاء على نصيبه هو في منفعة الأجزاء المفرزة الأخرى . وفي المهايأة الزمانية يتناوب الشركاء الانتفاع بالمال الشائع كله ، فيحصل الشريك في نوبته على نصيب باقي الشركاء في منفعة المال الشائع في مقابل حصول شركائه ، كل في نوبته ، على نصيبه هو في منفعة هذا المال . فالمايأة إذن ، بنوعيها ، هي مقايضة انتفاع بانتفاع تكون إيجارا إذا ليس من الضروري أن تكون الأجرة في الإيجار ، كما يكون الثمن في البيع ، نقداً ( $%&[1] ) الوسيط 6 فقرة 124 .&%$ ) .

ومن أجل هذا قربت المهايأة من الإيجار ، فنصت المادة 848 مدني كما رأينا على أن " تخضع قسمة المهايأة ، من حيث جواز الاحتجاج بها على الغير ومن حيث أهلية المتقاسمين وحقوقهم والتزاماتهم وطرق الإثبات ، لأحكام عند الإيجار ما دامت هذه الأحكام لا تتعارض مع طبيعة هذه القسمة " . ولما كان كل شريك من الشركاء في الشيوع ، في التكييف الذي قدمناه ، يعتبر مؤجرا لمنفعة حصته ومستأجر لمنفعة حصص الباقي من الشركاء ، فيجب أن تكون أهلية الشريك في المهايأة بنوعيها أهلية كل من المؤجر والمستأجر ، وهي هنا أهلية الإدارة دون أهلية التصرف حتى في الاستئجار إذ هو يعتبر في المهايأة من أعمال الإدارة ( $%&[1] ) حسن كيرة فقرة 106 ص 347هامش 1 - إسماعيل غانم فقرة 71 ص 155 هامش 2 - منصور مصطفي منصور فقرة 57ص 136هامش 1 - وانظر في أهلية المؤجر وأهلية المستأجر والولاية في كل منها الوسيط 6 فقرة 75 - فقرة 96 . ومن ثم لا يجوز للوصي أو القيم أن يعقد مهايأة نيابة عن ناقص الأهلية لمدة تزيد على ثلاث سنوات إلا بترخيص من المحكمة ، وإذا عقد المهايأة لمدة أطول انقضت المدة إلى ثلاث سنوات ( محمد على عرفة فقبة 341ص 457 - إسماعيل غانم فقرة ص 156 ) .&%$ ) . كذلك جواز الاحتجاج بالمهايأة على الغير ، $ 822 $ كمشتر للمال الشائع ، تطبق فيه قواعد الإيجار ، فلا بد من أن تكون المهايأة ثابتة التاريخ قبل انعقاد البيع حتى تسرى في حق المشتري ( $%&[1] ) أما إذا لم تكن المهايأة ثابتة التاريخ قبل انعقاد البيع ، ولو كان تاريخها ثابتاً قبل التسجيل ، فلا تنفذ في حق المشتري ، ولكن يجوز لهذا الأخير أن يتمسك بعقد المهايأة ولو كان هذا العقد غير نافذ في حقه ( م 604 مدني ) . ولا يجبر المشتري الشريك المتهايئ على الإخلاء إلا بعد التنبيه عليه بذلك في مواعيد معينة ، ويلتزم الشريك الذي باع حصته الشائعة بأن يدفع تعويضاً للشريك المتهايئ ، ولا يجبر هذا الأخير على الإخلاء إلا بعد أن يتقاضى هذا التعويض من البائع أو من المشتري أو بعد أن يحصل على تأمين كاف للوفاء بهذا التعويض ( م 605 مدني ) - انظر إسماعيل غانم فقرة 71 ص 155 - حسن كيرة فقرة 106ص 346 هامش 1 - منصور مصطفي منصور فقرة 57 ص 136 .&%$ ) . وتطبق أيضاً قواعد الإيجار فيما يتعلق بحقوق المتهايئين والتزاماتهم ، فكل شريك متهايئ تكون له حقوق المستأجر من تسليم وتعهد بالصيانة وضمان للتعرض وضمان للعيوب الخفية ، وعليه التزاماته من دفع الأجرة ( وهي هنا منفعة حصته ) واستعمال العين بحسب ما أعدت له والمحافظة عليها وردها عند انتهاء المهايأة . ولكل شريك أن يؤجر من الباطن ، وتطبق في هذه الحالة قواعد الإيجار من الباطن . وتطبق أيضاً قواعد إثبات الإيجار ، وقد أصبحت في التقنين المدني الجديد هي القواعد العامة ، فتثبت المهايأة بالبينة والقرائن فيما لا يجاوز عشرة جنيهات ، وإلا وجبت الكتابة أو ما يعادل الكتابة ( $%&[1] ) وإذا وقعت المهايأة على أرض زراعية ، فإن القانون الإصلاح الزراعي ( م 36 ) الذي يقضي بوجوب أن يكون عقد إيجار الأراضي الزراعية ثابتاً بالكتابة لا مجال لتطبيقه هنا .ذلك أن الكتابة مطلوبة في قانون الإصلاح الزراعي للانعقاد لا للإثبات ( الوسيط 6 فقرة 733 ) ، فلا ينطبق هذا الحكم الاستئنافي على المهايأة لأنه لا يتعلق بالإثبات وعلى فرض أن الكتابة مطلوبة للإثبات لا للانعقاد – كما يذهب كثير من الفقهاء في مصر وكما تقرر أخيراً بالقانون رقم 17 لسنة 1963 - فإذا نؤيد رأي من يذهب منهم إلى أن هذا الحكم الاستئنافي لا ينطبق على إثبات المهايأة إذ هو يتعارض مع طبيعتها . ذلك أن هذا الحكم " خاص بإيجار الأراضي الزراعية ومقصود به حماية طائفة مستأجري الأراضي الزراعية من استغلال الملاك ، فلا يكون مفهوما ً تطبيقه على قسمة المهايأة حيث لا تقوم بين المتقاسمين مثل هذه المظنة من الاستغلال " ( حسن كيرة فقرة 106 ص 347هاش 2 ) . وانظر عكس ذلك منصور مصطفي منصور فقرة 57ص 138 هامش 1 ( وهو يرى بعد تعديل المادة 36 من قانون الإصلاح الزراعي بالقانون رقم 17 لسنة 1963 ، أصبحت الكتابة في إيجار الأرض الزراعية لازمة للإثبات لا للانعقاد ، ومن ثم يجب تطبيق حكمها على عقد المهايأة ولا تتعارض طبيعة هذا العقد مع هذا الحكم ) - وانظر عكس ذلك أيضاً إسماعيل غانم فقرة 71 ص 156 ( وهو مع ذلك لا يذهب إلى تطبيق المادة 36 من قانون الإصلاح الزراعي في شقها الأخير على عقد المهايأة لتعارض ذلك مع طبيعة المهايأة ، فإذا لم يكن هذا العقد ثابتاً بالكتابة لم تنقلب المهايأة إلى مزارعة مدتها ثلاث سنوات ونصيب المالك فيها النصف ) .&%$ ) .

 $ 223 $

494 - المهايأة التي تسبق القسمة النهائية : وهناك صورة خاصة من المهايأة تتميز بأنها إجراء يسبق القسمة النهائية . فقد تبدأ إجراءات القسمة النهائية للمال الشائع . وتطول أو يتوقع أن تطول هذه الإجراءات . فيعمد الشركاء إلى الاتفاق فيما بينهم على القسمة المال قسمة مهايأة . وفي الغالب تكون المهايأة مكانية ، على أن تبقى هذه المهايأة نافذة الىان تتم القسمة النهائية بل يصح ، حتى تعذر اتفاق الشركاء على المهايأة ، أن يطلبها أحدهم من القاضي الجزئي الذي تجري أمامه إجراءات القسمة النهائية ، فيأمر القاضي بها بالرغم من معارضة الشركاء الآخرين . وقد يستعين القاضي بخبير في إجراء هذه المهايأة ، ويغلب أن يكون هو نفس الخبير الذي يستعين به في إجراء القسمة النهائية ( $%&[1] ) انظر م 849 مدني آنفا فقرة 491 .&%$ ) . " وفي هذا وضع حد للمنازعات التي تسبق القسمة النهائية " ( $%&[1] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 139 .&%$ ) .

ونرى من ذلك أن المهايأة المكانية التي تسبق القسمة النهائية تختلف عن المهايأة المكانية العادية في أمرين جوهريين : ( 1 ) أن الأولي لا يشترط فيها اتفاق الشركاء جميعاً فهي ليست حتما قسمة اتفاقية ، بل قد تكون قسمة قضائية إذا طلبها شريك أو أكثر دون الباقي ، وعندئذ يتعين على القاضي الجزئي إجراؤها . أما المهايأة العادية ، فقد رأينا أنها تكون دائماً قسمة اتفاقية ، لا بد فيها من اتفاق جميع الشركاء . ( 2 ) أنه ليس للمهايأة التي تسبق القسمة النهائية مدة معينة ، فهي تدوم أو أكثر . أما المهايأة المكانية العادية ، فقد قدمنا أن مدتها لا يجوز أن تزيد على خمس سنوات . قد تجدد ، وأنه إذا لم تعين لها مدة كانت المدة سنة واحدة قابلة للتجديد على النحو الذي سبق أن بيناه ( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 342 - حسن كيرة فقرة 106ص 344هامش 1 .

وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص ينظم صورة خاصة أخرى من المهايأة ، تتم هي أيضاً بأمر من القاضي بناء على طلب أحد الشركاء . وذلك في حالة ما تكون القسمة النهائية ضارة بمصالح الشركاء ، فيرجئها القاضي ويستبدل بها قسمة مهايأة إلى أن يتيسر إجراء القسمة النهائية دون ضرر . فكانت المادة 1220 من المشروع التمهيدي تجري على الوجه الآتي : " إذا كانت القسمة النهائية ضارة بمصالح الشركاء على الوجه المبين بالفقرة من المادة 1202 ، ولم يكن ميسورا أن يدار المال الشائع إدارة مشتركة ، فللقاضي الجزئي ، بناء على طلب أحد الشركاء ، أن يأمر بقسمة المهايأة بعد الاستعانة بخبير أو دون استعانة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 138 في الهامش ) وكانت الفقرة الثانية من المادة 1202 من المشروع التمهيدي المشار إليها في النص تجري على الوجه الآتي " ومع هذا فللمحكمة ، بناء على طلب أحد الشركاء يأمر باستمرار الشيوع حتى إلى ما بعد الأجل المتفق عليه ، وحتى لو لم يوجد أي اتفاق على البقاء في الشيوع ، ذلك متى كان القسمة العاجلة تضر بمصالح الشركاء ، كما لها أن تأمر بالقسمة في الحال حتى قبل انقضاء الأجل المتفق عليه إذا وجد سبب قوى يبرر ذلك " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 100 ) . وقد حذفت هذه الفقرة الثانية في لجنة المراجعة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 102 ) ، فحذفت تبعا لها المادة 1220 سالفة الذكر في نفس اللجنة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 138 في الهامش ) .&%$ ) .

 $ 224 $

495 - ثانياً - تولي أغلبية الشركاء إدارة المال الشائع – نص قانوني : تنص المادة 828 مدني على ما يأتي :

 " 1 - ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة يكون ملزماً للجميع ، وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الأنصباء . فإن لم تكن ثمة أغلبية ، فللمحكمة بناء على طلب أحد الشركاء أن تتخذ من التدابير ما تقتضيه الضرورة ، ولها أن تعين عند الحاجة من يدير المال الشائع " .

 " 2 - وللأغلبية أيضاً أن تختار مديراً ، كما أن لها أن تضع للإدارة ولحسن الانتفاع بالمال الشائع نظاماً يسري حتى على خلفاء الشركاء جميعاً سواء أكان الخلف عاما أم كان خاصاً " .

 " 3 - وإذا تولي أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين ، عد وكيلا عنهم " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1196 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض فروق لفظية طفيفة . ووافقت عليه لجنة المراجعة بعد تعديل لفظي ، تحت رقم 899 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب بعد تعديل لفظي تحت رقم 897 ، وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد .ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 828 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 85 - ص 87 ) . ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، وهو نص جديد مستحدث .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 783 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 837 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1064 / 3,2 ( موافق ) .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 835 : أن الأقلية من الشركاء مجبرة على قبول القرارات التي تتخذها الغالبية فيما يختص بإدارة الشيء المشترك وكيفية الانتفاع به ،بشرط أن يكون للغالبية ثلاثة أرباع المصالح التي يتكون منها موضوع الشركة – وإذا لم يكن للغالبية ثلاثة أرباعها ، فللشركاء أن يلجأوا إلى القاضي فيقرر ما يراه أكثر انطباقاً على مصلحة الشركة العامة . ويمكنه أن يعين لها مديراً عند الاقتضاء ، أو يأمر بقسمتها .

( وقد نسخ هذا النص المادة 21 من قانون الملكية العقارية اللبناني ) .&%$ ) .

 $ 825 $

ويخلص من هذا النص أنه في إدارة المال الشائع إدارة معتادة ، لا تخلو الحال من أن نكون في أحد الفروض الثلاثة الآتية :

أولاً – أن يتولى أحد الشركاء الإدارة ولا يعترض عليه الباقون ، فيعد وكيلاً عنهم وكالة عامة بالإدارة .

ثانياً – فإذا لم يتول أحد الشركاء الإدارة ، أو تولاها واعترض عليه الباقون ، فالإدارة المعتادة تكون في هذا الحالة في يد أغلبية الشركاء على أساس قيمة الأنصباء . فما يستقر عليه رأي هذه الأغلبية في الإدارة المعتادة يكون ملزماً لجميع الشركاء ، من رضى منهم ومن لم يرض . ويجوز لهذه الأغلبية أن تعين مديراً لإدارة المال الشائع إدارة معتادة ، ولها أن تضع نظاماً لهذه الإدارة .

ثالثاً – فإذا تعذر وجود أغلبية من الشركاء ، فلأي منهم أن يطلب من القاضي الأمر باتخاذ ما يلزم من التدابير المستعجلة مما تقتضيه الضرورة ، وللقاضي أن يعين عند الحاجة مديراً للمال الشائع .

ونستعرض فيما يلي كلا من هذه الفروض الثلاثة ( $%&[1] ) انظر في إيجار المالك في الشيوع في هذه الفروض الثلاثة الوسيط 6 فقرة 2 .&%$ ) .

496 - تولي أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين :

في هذا الفرض ، وهو غير نادر الحصول ، يعتبر أن هناك وكالة ضمنية صدرت من باقي الشركاء إلى الشريك الذي تطوع لإدارة المال الشائع ،فيكون هذا الشريك أصيلاً عن نفسه وكيلاً عن باقي الشركاء في إدارة المال الشائع إدارة $ 826 $ معتادة .وتنفذ أعمال الإدارة المعتادة التي تصدر منه في حق الشركاء ، فيكون إيجاره مثلاً للمال الشائع نافذاً في حقهم ( $%&[1] ) وقد فرض القانون أن عدم اعتراض الشركاء على الإيجار الصادر من شريك منهم دليل على وجود وكالة سابقة منهم له بالتأجير . ومن ثم لا ينفذ الإيجار في حقهم إلا لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات ، شان أي إيجار يصدر من الوكيل أو النائب . وهذا بخلاف ما إذا قلنا أن عدم اعتراض الشركاء على الإيجار في حق الشركاء لأية مدة ولو زادت على ثلاث سنوات ، لأن الشركاء يكونون قد أقروا الإيجار بالمدة المحددة فيه ( الوسيط 6 فقرة 52ص 61 هامش 1 ) .&%$ ) وكذلك قبضه للأجرة ، وقيامه بأعمال الصيانة ، ودفعه الضرائب ، وغير ذلك من أعمال الحفظ التي تقدم ذكرها ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 488 .&%$ ) . وله أن يزرع الأرض الزراعية ، وان ينفق على الزراعة ما تقتضيه من مصروفات ، وان يستأجر عمال الزراعة للحرث والتسميد واليذر والحصد ، وان يشتري ما يلزم من سماد وبذور ، وان يستأجر المواشي والآلات الزراعية اللازمة ، وان يحفظ المحصولات بعد جمعها ، ثم يبيعها في الأسواق بأثمانها الجارية . وله كذلك ، بدلاً من زراعة الأرض على الذمة ، أن يؤجرها ، أو أن يعطيها مزارعة . كل هذه أعمال تدخل في حدود الإدارة المعتادة وتكون نافذة في حق سائر الشركاء ( $%&[1] ) ومن هذه الأعمال ما هو مادي لا تصرف قانوني ، كزراعة الأرض ، فلا ترد عليه الوكالة . فيمكن اعتبار الشريك في هذه الحالة فضولياً ،والى هذا المعنى تشير المذكرة الإيضاحية ، للمشروع التمهيدي عندما تقول : " أما إذا لم يختاروا مديراً ،وتولي أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين ، عد وكيلاً عنهم . وهو على كل حال يكون فضولياً فيما لا يكون فيه وكيلاً ، وذلك في حدود قواعد الفضالة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 86 ) .&%$ ) .

ويجوز ، بعد أن يتولى الشريك الإدارة دون اعتراض من الباقين ، أن يعترض على إدارته بعض الشركاء ، فيكون ذلك بمثابة عزل له عن الوكالة الضمنية . فإذا كان الباقي من الشركاء ممن لم يعترضوا على إدارته هم الأغلبية بحسب حصصهم في المال الشائع ، ويدخل في ذلك حصته هو ، بقى الشريك متوليا الإدارة ، ولكن باعتباره معينا من قبل الأغلبية ، فتسرى أعمال إدارته في حق المعترضين على أساس أنه يمثل الأغلبية كما سنرى . أما إذا اعترض على إدارته من الشركاء من تكون حصصهم في المال الشائع لا تقل عن النصف ، $ 827 $ فإنه لا يصبح ممثلاً للأغلبية ، ومن ثم لا يستطيع المضي في إدارته ، ويجب عليه أن يتنحى ( $%&[1] ) فإذا أجر العين الشائعة بالرغم من ذلك ، استطاع الشركاء الذين اعترضوا إخراج المستأجر من كل العين ، ولا يستطيع هذا الأخير أن يبقى في أي جزء منها مهما صغر . وقد كان المستأجر في عهد التقنين المدني القديم يجوز له ، كدائن للشريك المؤجر ، أن يتمسك بحقوق هذا الأخير في المشاركة في الانتفاع بالعين المؤجرة ، فلا يعتبر في شغله للعين متعرضاً لحيازة باقي الشركاء ، بل حالا محل الشريك المؤجر . فلا يجوز طرده ، ويتعين الاتفاق معه على طريقة الانتفاع أو على القسمة قسمة نهائية أو قسمة مهايأة أو تعيين حارس أو مدير يتولي الإدارة ( نقص مدني 7 مارس سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 37 ص 99 - الإسكندرية مستعجل 28 يناير سنة 1937 المحاماة 18 رقم 35ص 91 : لا يمكن اعتبار جائزا بغير سند . ويكون الفصل في بطلان الإيجار ماسا بحقوق الخصوم ومن اختصاص قاضي الموضوع ) . أما في التقنين المدني الجديد ، فإن أغلبية الشركاء هي التي تملك إيجار العين الشائعة إيجاراً نافذا في حق الجميع ، فلا يكون للكريك الذي آجر وحده حق شغل العين المؤجرة ، ويمتنع تبعاً لذلك على المستأجر منه أن يتمسك بحق ليس ثابتاً لمدينه ،فيجوز إذن طرده من العين وردها إلى أغلبية الشركاء والى المستأجر منهم ( الوسيط 6 فقرة 52 ص 62 وهامش 3 ) .&%$ ) .

497 - تولى أغلبية الشركاء للإدارة : فإذا كانت هناك أغلبية من الشركاء ، على أساس قيمة الأنصباء ، متفقة على الوجه الذي يدار به المال الشائع ، فهذه الأغلبية هي التي تدير هذا المال ، ولو كانت شخصاً واحداً من الشركاء يملك أكثر من نصف المال الشائع ( $%&[1] ) فإذا كان أحد الشركاء يملك أكثر من النصف ، كان له وحده حق الإيجار . وإذا كان لا يملك إلا الثلث مثلا وأجر المال الشائع كله لشريك آخر يملك هو أيضاً الثلث ، كان الشريكان المؤجر والمستأجر موافقين على الإيجار ، ولما كانا يملكان الثلثين فإن الإيجار يسرى في حق باقي الشركاء وكذلك يسري الإيجار في حق باقي الشركاء لو أجر الشريكان اللذان يملكان الثلثين العين الشائعة كلها لأجنبي ( الوسيط 6 فقرة 52 ص 60 ) .&%$ ) . وليس لباقي الشركاء ، مهما كان عددهم ، أن يعترضوا على إدارة الأغلبية ما دامت لم تخرج على حدود الإدارة المعتادة ، على الوجه الذي بيناه فيما تقدم .وليس للأقلية أن تعترض إلا إذا كانت الأغلبية قد تعسفت في استعمال حقها في الإدارة ، وراعت مصالحها وأهدرت مصالح الأقلية ، لا سيما إذا كانت الأغلبية عدداً قليلاً من الشركاء أو كانت شريكاً واحداً فقط ( $%&[1] ) حسن كيرة فقرة 107 ص 349 - إسماعيل غانم فقرة 69ص 151 وفقرة 72 ص 158 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 127 ص 193 - منصور مصطفي منصور فقرة 58 ص 141 .&%$ ) . وهناك ملجأ آخر تلوذ به الأقلية ، $ 828 $ بل يلوذ به أي شريك ، وهو طلب القسمة للخروج من الشيوع . وقد ترى الأغلبية ألا تدير المال الشائع بنفسها ، بل تقيم وكيلاً عنها ، من بين الشركاء أنفسهم أو من غيرهم ، في هذا الإدارة . فيكون هذا الوكيل نائباً عن الأغلبية في حدود الإدارة المعتادة . وأعمال الإدارة التي يقوم بها تكون نافذة في حق الجميع ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 496 .&%$ ) . وقد ترى الأغلبية عدم إطلاق يد هذا الوكيل . بل تضع نظاماً يكفل حسن الانتفاع بالمال الشائع وإدارته على وجه مرضي فيصبح هذا النظام ملزماً لجميع الشركاء ، وملزما ً للوكيل الذي اختارته الأغلبية ، وملزماً لمن يخلف الشركاء من خلف عام كالوارث ومن خلف خاص كالمشتري .وقد يتضمن هذا النظام قيوداً على سلطة الوكيل ، فلا يستطيع مثلاً أن يؤجر المال الشائع لأكثر من سنة ، أو يلزم بإيداع ريع المال في مصرف معين . وبديهي أن هذا النظام قابل للتعديل ، ويعدله من يملك وضعه ، فيجوز لأغلبية الشركاء – وليس من الضروري أن تكون هي نفس الأغلبية التي قامت بوضع النظام – تعديله أو إلغاؤه ووضع نظام جديد ، أو إلغاؤه أصلاً دون وضع أي نظام آخر .

498 - عدم توفر أغلبية من الشركاء لإدارة المال الشائع : فِإذا لم تتوافر أغلبية من الشركاء ، بحسب قيمة الأنصباء ، لإدارة المال الشائع بل تعارضت ميولهم واختلفت اتجاهاتهم دون أن تخلص منهم أغلبية ، لم يبق إلا الالتجاء إلى القضاء ( $%&[1] ) وإذا أجر أحد الشركاء جزءاً مفرزاً من العين الشائعة يعادل حصته ، فإنه ل ل لا يستطيع تسليم هذا الجزء المفرز إلى المستأجر إذا اعترض الشركاء الآخرون .ويكون الإيجار معلقاً على شرط حصول القسمة بين الشركاء ووقوع الجزء المفرز في نصيب الشريك المؤجر . فإذا وقع جزء مفرز آخر في نصيب الشريك المؤجر ، فالرأي الغالب في الفقه أن ينتقل الإيجار إليه بحكم الحلول العين المقرر في التصرف في جزء مفرز من المال الشائع وفقاً للمادة 826 / 2 مدني .

أما إذا آجر الشريك حصته الشائعة فقط ، لا كل العين ولا جزءاً مفرز منها ، ففي هذه الحالة يكون الإيجار صحيحاً ، ولكن يتعذر على المؤجر أن يسلم حصته الشائعة إلى المستأجر . إلى أن تتم القسمة لا يكون لمستأجر الحصة الشائعة أكثرها للشريك المؤجر ويترتب على ذلك أن أغلبية الشركاء يستطيعون إيجار العين كلها ويكون الإيجار نافذاً في حق الشريك المؤجر وفي حق المستأجر منه ، ولا يبقى للمستأجر إلا الرجوع على المؤجر . فإذا لم توجد أغلبية جاز للشريك المؤجر وللمستأجر منه عن طريق الدعوى غير المباشرة ، أن يطلب من المحكمة المختصة أن تتخذ من التدابير ما تقتضيه ضرورة استغلال المال الشائع ( م 828 مدني ) ، فتعين المحكمة مديراً يتولى إدارة العين الشائعة ، وإذا عينته فقد يقر الإيجار الصادر من الشريك المؤجر . أما إذا تمت القسمة ، فإن المستأجر يتسلم حصة المؤجر المفرزة وينحصر الإيجار فيها ( الوسيط 6 فقرة 52 ص 63 – ص 65 ) .&%$ ) . فيجوز لأي من الشركاء أن يرفع الأمر إلى المحكمة - $ 829 $ الكلية أو الجزئية بسبب النصاب ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " فإن لم تكن هناك أغلبية ، وشلت الإدارة بسبب ذلك ، كان لكل شريك أن يطلب من المحكمة المختصة ( ويحسن النص على أن تكون المحكمة الجزئية التي يدخل في دائرتها العقار ) أن تعين من يريد المال الشائع من بين الشركاء أو من غيرهم ، وتتخذ المحكمة من الإجراءات الوقتية ما تقتضيه ضرورة المحافظة على المال ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 86 ) . ولم يأخذ هذا النص بجعل المحكمة المختصة هي المحكمة الجزئية ، فوجب إذن أن تكون المحكمة الجزئية أو المحكمة الكلية بحسب النصاب .&%$ ) – وعلى المحكمة أن تأمر باتخاذ الإجراءات والتدابير التي تقتضيها الضرورة . فقد تأمر بإيجار الأرض الزراعية لمن يتقدم لاستئجارها بأجرة مناسبة خوفاً من فوات الصفقة ، وتندب لذلك أحد الشركاء لإبرام عقد الإيجار . وقد تعين المحكمة عند الحاجة مديراً للمال الشائع ، من الشركاء أو من غيرهم ، ويكون لهذا المدير سلطة الحارس القضائي ، فيقوم بأعمال الإدارة المعتادة ، ويقدم الحساب للشركاء . وذلك كله إلى أن يعود الشركاء أو أغلبيتهم إلى الاتفاق وعند ذلك يتنحى المدير الذي اختارته المحكمة ، أو إلى تتم إجراءات قسمة المال الشائع إذا طلب أحد الشركاء القسمة .

الفصل الثاني

الإدارة غير المعتادة

499 - نص قانوني : تنص المادة 829 مدني على ما يأتي :

 " 1 - للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع ، أن يقرروا في سبيل تحسين الانتفاع بهذا المال من التغيرات الأساسية والتعديل في الغرض الذي اعد له ما يخرج عن حدود الإدارة المعتادة ، على أن يعلنوا $ 830 $ قراراتهم إلى باقي الشركاء . ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان " .

 " 2 - وللمحكمة عند الرجوع إليها ، إذا وافقت على قرار تلك الأغلبية ، أن تقرر مع هذا ما تراه مناسباً من التدابير . ولها بوجه خاص أن تأمر بإعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن الوفاء بما قد يستحق من التعويضات ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1197 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " 1 - للشركاء أصحاب القدر الأكبر من قيمة الحصص أن يدخلوا ، في سبيل تحسين الانتفاع بالمال الشائع ، ومن التغييرات الأساسية والتعديل في الغرض الذي أعد له المال ما يخرج عن حدود الإدارة المعتادة ، ولمن خالف من الشركاء حق الرجوع إلى المحكمة . 2 - وللمحكمة عند الرجوع إليها ، إذا وافقت على قرار الأغلبية ، أن تقرر مع هذا ما تراه مناسبا من الإجراءات . ولها بوجه خاص أن تأمر بإعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن الوفاء بما قد يستحق من التعويضات " . وفي لجنة المراجعة اقترح تعديل النص بما يجعل الأغلبية هي ثلاثة أرباع المال الشائع ، وإضافة حكم يقضي بإخطار بقية الشركاء بقرارات الأغلبية على أن تكون معاوضة من لم يوافق على هذه القرارات في خلال شهر من وقت الإعلان , فوافقت اللجنة على ذلك ، وأصبح النص مع بعض تعديلات أخرى لفظية طفيفة مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن مدة المعاوضة في المشروع هي شهر بدلا من شهرين ، وأصبح رقم النص 900 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 898 واستبدلت لجنة مجلس الشيوخ كلمة " شهرين " بكلمة " شهر " فأصبح النص تحت رقم 892 مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 87 - ص 90 )&%$ ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، فهو نص مستحدث ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 784 - وفي التقنين المدني الليبي م 838 - وفي التقنين المدني العراقي م 1065 - وفي قانون الموجبات والعقود اللبناني م 836 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري / 784 ( مطابق فيما عدا اشتراط التقنين السوري أن يكون إعلان قرارات الأغلبية بكتاب مضمون أو بطريقة أخرى ) .

التقنين المدني الليبي م 838 ( مطابق )

التقنين المدني العراقي م 1065 : 1 - للشركاء أصحاب القدر الأكبر في الحصص أن يدخلوا ، بإذن المحكمة ، في سبيل الانتفاع بالمال الشائع ، من التغييرات الأساسية والتعديل في الغرض الذي أعد له المال ما يخرج عن حدوده الإدارة غير المعتادة . 2 - وللمحكمة أن تقرر ما تراه مناسباً من الإجراءات ولها بوجه خاص أن تأمر بإعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن له الوفاء بما قد ( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري في وجهين : ( 1 ) لا يشترط التقنين العراقي إلا الأغلبية العادية .

( 2 ) ولكن يشترط من جهة أخرى إذن المحكمة مقدماً قبل القيام بالعمل ) .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 836 : لا تجبر الأقلية على قبول قرارات الأغلبية إذا كانت تختص : أولاً – بأعمال التصرف وبالأعمال الإدارية أيضاً إذا كانت تمس الملكية مباشرة . ثانياً – بتعديلات جديدة في عقد الشركة أو الشيء المشترك .

 ثالثاً - بعقد موجبات جديدة – ففي الأحوال المتقدم ذكرها يجب أن يتغلب رأي المعارضين . على أنه يجوز للشركاء الآخرين أن يستعملوا عند الاقتضاء الحق المنصوص عليه في المادة 86 ( اتخاذ الشيء كله لحسابهم الخاص ) .&%$ ) .

 $ 831 $

يخلص من هذا النص أن هناك أعمال إدارة تخرج عن حدود الإدارة المعتادة ، فهذه تتولاها أغلبية أكبر من الأغلبية المعتادة ، ويكون للأقلية غير الموافقة حق الاعتراض عليها أمام المحكمة .

500 - الأعمال التي تخرج عن حدود الإدارة المعتادة : جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، في خصوص الأعمال التي تخرج عن حدود الإدارة المعتادة ، ما يأتي : " إذا كان الأمر متعلقاً بأعمال الإدارة الخارجة عن الأعمال المعتادة ، كإدخال تغييرات أساسية في الغرض الذي أعد له المال لتحسين الانتفاع به ، وذلك كتحويل مطعم إلى مقهي ، أو إعادة بناء منزل لجعله أصلح للاستغلال ، فللأغلبية أن تقرر ما تراه في ذلك … " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 88 .&%$ ) .

فالأعمال الخارجة عن حدود الإدارة المعتادة هي إذن التعديلات في الغرض الذي أعد له المال الشائع ، وذلك بقصد تحسين الانتفاع به . ففي الأراضي يعتبر إدارة غير معتادة تحويل الأرض من أرض للزراعة إلى أرض للبناء إذا كانت تصلح لذلك بالنسبة إلى موقعها ، أو إلى أرض تقام عليها مصانع للاستغلال الصناعي . كذلك يعتبر إدارة غير معتادة تحويل الأرض الزراعية من أرض للمحصولات العادية كالقطن والقمح والأرز إلى أرض مشجرة تغرس فيها أشجار الفواكه المختلفة أو أرض لزارعة الزهور . ولكن تعتبر إدارة عادية ، إذا ما حولت الأرض إلى زراعة الفواكه ، أن يغرس فيها صاحبها النخيل ، أو أن يزرع البقول والخضروات ما بين أشجار الفاكهة ، أو أن يربي الدواجن ، أو أن يبني أبراج الحمام ، أو أن يجلب خلايا النحل . أما تربية المواشي بما تقتضيه من نفقات كبيرة وخبرة فنية ومخاطر جدية ، فقد تخرج عن حدود الإدارة المعتادة .

 $ 832 $

في المباني ، يعتبر إدارة غير معتادة تحويل المطعم إلى مقهى أو المقهى إلى مطعم ، وإعادة بناء المنزل لجعله أصلح للاستغلال ، كما تقول المذكرة الإيضاحية فيما قدمنا . كذلك يعتبر إدارة غير معتادة تحويل منزل سكني إلى فندق ، أو إلى بنسيون ، أو إلى شقق مفروشة . وإقامة أحد الشركاء في الشيوع بناء على أرض فضاء شائعة تعتبر إدارة غير معتادة ، سنفردها بالبحث فيما يلي .

501 - الأغلبية اللازمة لتقرير الإدارة غير المعتادة : والذي يقوم بأعمال الإدارة غير المعتادة يكون عادة هو نفس المدير للمال الشائع ، يعين على الوجه الذي سبق بيانه ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 496 .&%$ ) . ولكنه في قيامه بهذه الأعمال ، وهي تخرج عن الحدود المألوفة للإدارة المعتادة ، في حاجة إلى موافقة أغلبية من الشركاء تختلف عن الأغلبية التي قدمناها في الإدارة المعتادة من وجهين :

( الوجه الأول ) الأغلبية المطلوبة لإدارة غير المعتادة ليست هي الأغلبية المطلقة ، أي ما يزيد على النصف على أساس قيمة الأنصباء ، بل هي أغلبية أكبر من ذلك تقتضيها خطورة أعمال الإدارة غير المعتادة . ويحددها صدر الفقرة الأولي من المادة 829مدني ، على ما رأينا ، بأنها أصوات " الشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع " فإذا كان المدير للمال الشائع هو نفسه أحد الشركاء ، ويملك ربع المال الشائع مثلاً فإنه يكون في حاجة إلى موافقة عدد من الشركاء يملكون نصف المال الشائع على الأقل ، هذا إذا كان هو نفسه موافقاً على العمل . وإذا لم يكن موافقاً ، فلا بد من أن سائر الشركاء ، وهم يملكون ثلاثة أرباع المال الشائع ، يتفق رأيهم على القيام بهذا العمل ، فيصبح المدير ملزماً بالقيام به بالرغم من عدم موافقته . ويصح أن يتنحى ، وتعين الأغلبية العادية مديراً آخر يكون موافقاً على العمل ، ليقوم به . وإذا كان أحد الشركاء يملك ثلاثة أرباع المال الشائع ، فإنه يستطيع وحده أن يقرر أعمال الإدارة المعتادة وأعمال الإدارة غير المعتادة على السواء . وليس لأقلية الشركاء وهي التي تملك الربع الباقي من المال الشائع المعارضة أمام المحكمة في أعمال الإدارة المعتادة ، ولكن لهم حق المعارضة في أعمال الإدارة غير المعتادة على ما سنرى .

 $ 833 $

( الوجه الثاني ) ومع اشتراط القانون هذه الأغلبية الكبيرة ، فإنه بالإضافة إلى ذلك يكفل للأقلية المعارضة حقها في الرجوع إلى المحكمة للتظلم من قرار الأغلبية . ويلزم القانون الأغلبية المذكورة بأن تعلن قراراتها في شأن الأعمال التي قررت القيام حقاً إلى كل شريك من الأقلية التي لم توافق . ولم يعين القانون طريقة خاصة للإعلان ، فيصح أن يكون على يد محضر ، كما يصح أن يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، وقد يكون شفوياً ولكن على الأغلبية إثبات حصول الإعلان .ولكل شريك من فريق الأقلية ، في خلال شهرين من يوم وصول الإعلان إليه ، أن يعارض في قرارات الأغلبية أمام المحكمة المختصة .

وتقول الفقرة الثانية من المادة 829 مدني كما رأينا : " وللمحكمة عند الرجوع إليها ، إذا وافقت على قرار تلك الأغلبية ، أن تقرر مع هذا ما تراه مناسباً من التدابير ،ولها بوجه خاص أن تأمر بإعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن الوفاء بما قد يستحق من التعويضات " . فالمحكمة إذن تبدأ بتقدير صواب القيام بالعمل الذي قررته الأغلبية ، وتسمع في ذلك حجج الأغلبية وحجج الأقلية . وقد نرى ، بعد سماع حجج الطرفين ، ألا توافق على العمل ، فيمتنع على الأغلبية أن تقوم به . أما إذا وافقت المحكمة على العمل ، فقد تضع له شروطاً وتحويطة بضمانات تكفل إنجاز على وجه مرضي ، وقد يبقى العمل ، بعد كل ذلك غير مأمون العاقبة ، فتحتاط المحكمة لكفالة حقوق الأقلية المخالفة ، وتأمر الأغلبية بإعطاء الأقلية كفالة شخصية أو عينية ، تطمئن إليها الأقلية فيما إذا تحققت مخاوفها ونتج عن العمل خسارة فتجد الأقلية في رجوعها بالتعويضات على الأغلبية هذه الكفالة أمامها تضمن هذا الرجوع . ويتبين من ذلك أن موافقة المحكمة على العمل لا يعفي الأغلبية من رجوع الأقلية عليها بالتعويض ، فيما إذا نتج عن هذا العمل خسارة للشركاء .

502 - إقامة أحد الشركاء بناء على جزء مفرز من الأرض الشائعة : وإذا أقام أحد الشركاء بناء على جزء مفرز من الأرض الشائعة قبل قسمتها ، فإن هذا الشريك يكون قد أتى بعمل من أعمال الإدارة غير المعتادة كما سبق القول ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 500 .&%$ ) . ويترتب على ذلك أن هذا العمل يقتضي موافقة الشركاء أصحاب ثلاثة أرباع الأرض الشائعة على النحو الذي قدمناه ، أو في القليل إفراز هذا الأغلبية الخاصة للعمل بعد تمامه .

فإذا لم توافق هذه الأغلبية على البناء ، ولم تقرره بعد إقامته ، جاز طبقاً لأحكام التقنين المدني الجديد أن يجبر الشريك الباني على إزالة البناء ودفع تعويض لسائر الشركاء عما عسى أن يكون هذا البناء قد ألحق بالأرض من ضرر ( $%&[1] ) وهذا ما يذهب إليه الفقه الفرنسي ( اوبري ورو 2 فقرة 221 ص 549 - بودري وشوفو 269 - بلانيون وربير وبيكار 3 فقرة 289 - كولان وكابيتان ودي لامور انديير ا فقرة 1036 .&%$ ) . أما في عهد التقنين المدني السابق ، حيث لم يكن هناك نظام تشريعي لإدارة المال الشائع إدارة معتادة وإدارة غير معتادة ، فقد أشفقت محكمة النقض على الشريك الذي بنى في جزء مفرز من الأرض الشائعة من هذه النتيجة القاسية ، ولم يكون القانون يهيئ له وسيلة يلجأ إليها إلا إجماع الشركاء وهو أمر متعذر . فقضت بأن لكل من الشركاء على الشيوع حق ملكية حقيقة في حصته الشائعة ، ولذلك فإنه إذا تمكن أحدهم من إقامة بناء علىجزء من العقار المشترك ، فإنه لا يعد بانياً في ملك غيره . ومن ثم فإن المادة 65 من القانون المدني ( السابق ) لا تكون منطقية على حالته لتعلقها بحكم البناء في ملك الغير . ولا يغير من ذلك ما للشريك الآخر من حق الملكية على الشيوع في الجزء الذي حصل فيه البناء ، فإن كل ما له هو أن يطالب من أقام البناء بقسمة العقار المملوك لهما على الشيوع ، ثم يرتب حقه على ما يظهر من نتيجة القسمة ( $%&[1] ) نقض مدني 11 يناير 1940 مجموعة عمر 3 رقم 24 ص 55 – انظر عكس ذلك وأن للشركاء أن يطلبوا إزالة البناء دون انتظار نتيجة القسمة : استئناف مصر 30 سبتمبر سنة 1936 المحاماة 17 رقم 317ص 660 - مصر الكلية 27 يناير سنة 1931 المحاماة 12 رقم 327 ص 642 - بني سويف الكلية 22 مايو سنة 1932 المحاماة 13 رقم 294 ص 571 - المنشية الجزئية 27 أكتوبر سنة 1931 المحاماة 13 رقم 572ص 148 المنيا الجزئية 2 يونيه سنة 1942 المحاماة 22 رقم 190ص 548 - استئناف مختلط 4 فبراير سنة 1936م 48 ص 95 .&%$ ) . ومعنى ذلك أن الشريك الباني لا يجبر على إزالة البناء ، وعلى الشركاء أن يطلبوا القسمة وينتظروا نتيجتها . فإن وقع الجزء المقام عليه البناء في نصيب $ 835 $ الشريك الباني ، فقد تبين أنه بنى في ملكه ، وتسلم له الأرض والبناء معاً وان لم يقع هذا الجزء في نصيبه ، فالشريك الذي وقع في نصيبه هذا الجزء يكون في حكم صاحب الأرض التي بنى عليها الغير وهو سيء النية ، فتجري الأحكام المتعلقة بذلك ويكون مخيراً بين طلب إزالة البناء أو اسبقائه بالشروط التي قررها القانون في هذا الصدد . ويصعب الآن التسليم بما قررته محكمة النقض في هذه المسألة ، بعد أن وضع القانون نظاماً تشريعياً يفتح الطريق أمام الشريك الذي يريد البناء في جزء مفرز من الأرض الشائعة ، فما عليه إلا أن يحصل على موافقة أصحاب ثلاثة أرباع الأرض ، وليس عليه إلا أن يحصل على موافقة أصحاب ثلاثة أرباع الأرض ، وليس عليه أن يحصل على موافقة الجميع . ولذلك يذهب أكثر الفقهاء في مصر بحق إلى أن الشريك الذي أقدم على البناء دون الحصول على موافقة الأغلبية المطلوبة يجوز إجباره على إزالة البناء والتعويض ، وذلك دون حاجة إلى طلب القسمة ودون انتظار لنتائجها ( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 296 – عبد المنعم البدراوي فقرة 119 - إسماعيل غانم فقرة 69ص 152 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 125 ص 188 - ص 189 - وص 191 - حسن كيرة فقرة 107 ص 354 - ص 356 - منصور مصطفي منصور فقرة 59 ص 144 - عكس ذلك شفيق شحاتة فقرة 137ص 158 .&%$ ) .

أما إذا وافقت الأغلبية المقررة قانوناً على البناء قبل إقامته ، أو أقرته بعد إقامته ( $%&[1] ) وتعتبر موافقة أو إقراراً ضمنياً علم الشركاء بإقامة البناء وسكوتهم على ذلك دون اعتراض ، أما إذا علموا فاعترضوا أو لم يعلموا أصلاً فيعتبرون غير موافقين ( محمد على علافة فقرة 296ص 293 - حسن كيرة فقرة 107 ص 354 ) .&%$ ) . فإن جميع الشركاء يساهمون في تكاليف البناء بنسبة حصة كل منهم في الأرض الشائعة ، ويكون البناء ملكاً شائعاً بينهم جميعاً . وبهذا قضت محكمة النقض ، إذا تقول أن الشريك الذي يقيم بناء على العين المشتركة لا يعتبر من الغير في معنى المادة 65 من القانون المدني ( السابق ) ، فإذا ما طالب الشريك الآخر بملكيته لحصة في هذا البناء ، وجب أن يكون ذلك في مقابل ما يناسبها في تكاليف البناء الفعلية وقت إقامته ، إذ أن مطالبته هذه تفيد أنه اعتمد فعل شريكه ، ومن ثم يكون الشريك الباني في هذه الحالة معتبراً في حكم الوكيل ( $%&[1] ) نقض مدني 30 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمره رقم 359ص 690 - وانظر عبد المنعم البدراوي فقرة 119 ص 149 حسن كيرة فقرة 107 ص 356 هامش 2 .&%$ ) .

 $ 836 $

الفرع الثاني

التصريف في المال الشائع

503 - تصرف الشركاء مجتمعين وتصرف الشريك منفرداً : رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 486 .&%$ ) أن المادة 826 / 1 مدني تنص على أن " كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً .وله أن يتصرف فيها .. " . وظاهر من هذا النص أن للشريك أن ينصرف منفرداً في حصته الشائعة . أما إذا تصرف في المال الشائع كله أو في جزء مفرز منه ( م 826 / 2مدني ) فإن لهذا التصرف حكماً آخر .وقد يتصرف الشركاء مجتمعين _ أو تنصرف أغلبية كبيرة منهم ( م 832 مدني ) – في المال الشائع كله ، ولهذا التصرف أيضاً حكمه الخاص .,

فالتصرف إذن قد يكون جماعيا فيصدر من الشركاء مجتمعين أو من أغلبية كبيرة منهم ، وقد يكون فردياً فيصدر من الشريك منفرداً .

المبحث الأول

تصريف الشركاء مجتمعين أو تصريف أغلبية كبيرة منهم

1 - تصرف الشركاء مجتمعين

504 - التصرف في المال الشائع كله أو في جزء مفرز منه : إذا أجمع الشركاء على التصرف في المال الشائع كله ، فهذا حقهم ، ويكون تصرفهم صحيحاً نافذاً في بالنسبة إليهم أجمعين . فإذا كانت الأرض شائعة بين شريكين وباعها الشريكان معاً . فإن هذا البيع إذا سجل ينقل ملكية الأرض إلى المشتري .ولا يمكن أن يكون لقسمة الأموال الشائعة الأخرى بين الشريكين أثر في ذلك . لأن الشريكين لما باعا الأرض الشائعة فقد خرجت من ملكيتها ، ولا يجوز أن تدخل في أية قسمة بينهما بعد ذلك . وإنما يثور البحث في أثر القسمة في التصرفات $ 837 $ التي تصدر من الشريكين وتقرر للغير حقاً عينياً غير الملكية ، كحق رهن أو حق انتفاع . فإذا رهن الشريكان معاً الدار الشائعة ، واقتسما بعد ذلك الدار والأرض فوقعت الدار في نصيب أحدهما ، فإنها تقع مثقلة بحق الرهن . ولا يستطيع هذا الشريك أن يحتج بأنه كان لا يملك من الدار وقت أن رهنها إلا جزءا شائعاً ، فلا يبقى الرهن على الدار إلا في حدود هذا الجزء أما الباقي فيعتبر مرهوناً من شريكه الآخر وقد تبين بعد القسمة أنه غير مالك له فيبطل الرهن الصادر منه . لا يستطيع الشريك أن يحتج بذلك ، بل يبق الرهن كله قائماً على الدار بعد القسمة . وقد طبق التقنين المدني تطبيقا تشريعياً هذا المبدأ في الرهن الرسمي ، فنصت المادة 1039 / 1 منه على أن " يبقى نافذاً الرهن الصادر من جميع الملاك لعقار شائع ، أيا كانت النتيجة التي تترتب على قسمة العقار فيما بعد أو على بيعه لعدم إمكانه قسمته " ( $%&[1] ) انظر هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 74 منصور مصطفي منصور فقرة 63ص 151 - حسن كيرة فقر 111 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 132ص 197 - شمس الدين الوكيل في نظرية التأمينات طبعة ثانية 1959 فقرة 44ص 107—ص 108 .

وانظر في أن المادة 1039 / 1مدني تتضمن حكما استثنائيا يسري على الرهن الرسمي دون رهن الحيازة : شفيق شحاتة في النظرية العامة للتأمين العيني طبعة ثالثة سنة 1955فقرة 110 - سليمان مرقص في التأمينات العينية ص 346هامش 1 - عبد الفتاح عبد الباقي في التأمينات فقرة 435 - عبد المنعم البدراوي فقرة 136 - محمد على إمام في التأمينات الشخصية والعينية فقرة 228ص 472 .&%$ ) . وسنبحث هذه المسألة تفصيلاً في الجزء الخاص بالتأمينات ، عند الكلام في الرهن الرسمي .

كذلك إذا تصرف جميع الشركاء في جزء مفرز من المال الشائع ، كان تصرفهم صحيحاً نافذا في حق الجميع ، أيا كانت القسمة فيما بعد . فلو أن أرضاً كانت شائعة بين ثلاثة بالتساوي ، ورهن الثلاثة من الأرض جزءاً مفرزاً يعادل ثلثها ، فإن هذا الرهن يلزمهم جميعاً . وإذا اقتسموا الأرض كلها بعد ذلك ، ووقع الثلث المفرز المرهون في نصيب أحدهم ، لزمه الرهن ، ولم يستطيع أن يحتج بالقسمة على الدائن المرتهن بدعوى أنه لم يرهن من الثلث المفرز إلا ثلثه .

505 - أنواع التصرف وما قدمناه لا يصدق على الرهن الرسمي وحده ، بل يصدق أيضاً على رهن الحيازة .كذلك ينطبق المبدأ في حالة تقرير $ 838 $ حق عيني أصلي على المال الشائع من جميع الشركاء ، كتقرير حق انتفاع أو حق ارتفاق ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 74 – حسن كيرة فقرة 111 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 132 شمس الدين الوكيل في التأمينات طبعة ثانية فقرة 44وفقرة 168ص 457 - ص 460 .&%$ ) .

2 - تصرف أغلبية كبيرة من الشركاء

506 - نص قانوني : تنص المادة 832مدني على ما يأتي :

 " للشركاء ، الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع ، أن يقرروا التصرف فيه إذا استندوا في ذلك إلى أسباب قوية ، على أن يعلنوا قراراتهم إلى باقي الشركاء . ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة ، خلال شهرين من وقت الإعلان . وللمحكمة ، عندها تكون قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء ، أن تقرر تبعاً للظروف ما إذا كان التصرف واجباً " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1200 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي " للشركاء ، الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع قيمة المال الشائع ، أن يقرروا وجوب التصرف فيه ، إذا استندوا في ذلك إلى أسباب قوية ولمن خالف من الشركاء حق الرجوع إلى المحكمة ، وللمحكمة أن تقدر ، تبعا للظروف ، ما إذا كان التصرف واجباً ، بعد أن نتبين أن قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء " وفي لجنة المراجعة عدل النص بعض التعديلات لفظية ، وأضيف إليه حكم يقضي بوجوب إعلان قرارات الأغلبية لبقية الشركاء ،ولمن خالف هذه القرارات حق الرجوع إلى المحكمة في خلال شهر من وقت الإعلان . فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن حق الرجوع إلى المحكمة في المشروع يكون في خلال شهر ، واصبح رقم النص 903 في المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 901 . وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت كلمة " شهرين " بكلمة " شهر " ، تمشيا مع ما سبق أن تقرر في مادة سابقة ، وأصبح رقم النص . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 94 - ص 97 ) .&%$ ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، وهو نص استحدثه التقنين المدني الجديد .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 787 - وفي التقنين المدني الليبي م 841 - وفي التقنين المدني العراقي م 1062 / 1 – وفي قانون الموجبات والعقود اللبناني م 836 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى

التقنين المدني السوري م 787 ( مطابق ، فيما عدا أن تبليغ القرارات إلى باقي الشركاء في التقنين السوري يكون بكتاب مضمون أو بطريقة رسمية أخرى ) .

التقنين المدني الليبي م 841 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1062 / 1كل وأحد من الشركاء أجنبي في حقه الآخر ،وليس له أن يتصرف فيها تصرفاً مضراً بأي وجه من غير رضاه .

( التقنين العراقي لا يجيز للأغلبية ، مهما بلغت ، التصرف في المال الشائع )

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 836 ( انظر آنفا فقرة 499 في الهامش ) .&%$ ) .

 $ 839 $

ويخلص من هذا النص أنه بالرغم من أن التصرف في المال الشائع يقتضي اتفاق جميع الشركاء ، إلا أنه قد تعرض ظروف هامة وتقول أسباب قوية تستدعي التصرف في هذا المال ، ومع ذلك يتعذر إجماع الشركاء على التصرف فتدخل المشروع في هذه الحالة الاستثنائية .وأجاز لأغلبية كبيرة من الشركاء أن تقرر التصرف في المال الشائع ، مع إعطاء الأقلية غير الموافقة الضمانات الكافية .

507 - الأسباب القوية التي تستدعي التصرف في المال الشائع :

قد يسوء استغلال المال الشائع وهو باق على الشيوع ولا توجد طريقة لتلاقي هذا النقص ، ويظهر من جهة أخرى أن قسمة المال بين الشركاء ضار بمصالحهم . فعندئذ يتبين أن الأجدى ، ليس هو بقاء الشيوع أو القسمة بل هو التصرف في المال الشائع . وقد تواني فرصة يستطاع معها التصرف في المال الشائع في صفقة رابحة ، يخشى من فواتها وألا تعود . وقد تتعذر إدارة المال الشائع بالرغم من جميع الوسائل التي هيأها القانون لإدارته ، وتكون القسمة العينية ضارة بالشركاء ، ويكون التصرف في المال لأجنبي هو خير وسيلة لقسمته . وقد تحتاج العين الشائعة إلى تعمير يستدعي نفقة ، ولا سبيل إلى الحصول على المال اللازم إلا عن طريق رهن العين . بل قد يتبين أن هناك طريقة أفضل لاستغلال المال الشائع ، كأن يكون أرضاً مثلاًَ وفي إقامة مبان عليها مضاعفة لغلتها ، والحصول على المال اللازم لإقامة المباني يقتضي رهن الأرض . هذه الأسباب وأمثالها تعتبر أسباباً قوية تستدعي التصرف في العين الشائعة ، تارة بالبيع وطورا بالرهن .

 $ 840 $

وكالتصرف في العين الشائعة كلها التصرف في جزء مفرز منها . فتقوم أسباب قوية تستدعي ، ليس التصرف في جميع العين الشائعة ، بل في جزء مفرز منها فقط ، ويتعذر إجماع الشركاء على هذا التصرف فيجوز للأغلبية سالفة الذكر ، من باب أولي ، التصرف في هذا الجزء المفرز .

508 - الأغلبية اللازمة لتقرير التصرف في المال الشائع : وما دام إجماعه الشركاء متعذراً ، والتصرف تقوم به أسباب قوية ، فلا بد إذن من الترخص في شرط الإجماع والاكتفاء بأغلبية كبيرة وذلك في مصالحة جميع الشركاء .

ويشترط القانون أن يكون هذه الأغلبية هي عدد من الشركاء يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع ، وهذه هي نفس الأغلبية المقررة في الإدارة غير المعتادة فيما قدمناه ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 501 .&%$ ) . والعدد الذي يملك هذا القدر من المال الشائع قد يكون كبيراً أو قليلاً ، بل قد يكون شريكاً واحداً . فإذا ملك شريك ثلاثة أرباع المال الشائع ، كان له أن يقرر وحده التصرف في هذا المال إذا قامت أسباب قوية تدعو إلى ذلك .

509 - الضمانات المعطاة للأقلية : ولم يترك القانون الأقلية دون حماية ، كما حماها في خصوص الإدارة غير المعتادة على ما قدمناه ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 501 .&%$ ) . فالقرار الذي يصدر من الأغلبية بالتصرف في المال الشائع لا يكون نافذاً فوراً بل يجب على الأغلبية إعلانه للأقلية . ويكون الإعلان بأية طريقة : ورقة على يد محضر ، أو كتاب مسجل أو غير مسجل ، أو إخطار شفوي ويقع عبء إثباته على الأغلبية . ولأي شريك من فريق الأقلية ، في خلال شهرين من وقت إعلانه بقرار الأغلبية ، أن يعارض في هذا القرار أمام المحكمة المختصة ( $%&[1] ) فإن لم يعارض أحد في خلال شهرين ، أصبح قرار الأغلبية نافذاً وملزما للأقلية ( شركاء يملكون على الأقل ثلاثة أرباع قيمة المال ) أن تتصرف في المال الشائع بالبيع أو المقايضة مثلا ، إذا كانت هناك أسباب قوية تدعو إلى ذلك ، كأن يكون هذا التصرف في مصلحة الجميع أو أن يكون استغلال المال الشائع في حالته التي هو عليها متعذراً . وقرار الأغلبية ملزم للأقلية ، إلا أن هؤلاء حق التظلم إلى المحكمة ولهذه أن تراجع قرار الأغلبية ، ولا تقره إلا إذا رأت أنه يحقق المصلحة ، وأن الالتجاء إلى إنهاء الشيوع عن طريق قسمة المال المشاع ضار بمصالح الشركاء ) .&%$ ) .

والمحكمة تستوثق أولاً من قيام أسباب قوية تستدعي التصرف في العين الشائعة ، فإن لم تقتنع بذلك ألغت قرار الأغلبية .

أما إذا اقتنعت بقيام هذه الأسباب القوية ، فإنها تنتقل بعد ذلك إلى النظر $ 841 $ فيما إذا كان من الممكن قسمة العين قسمة عينية لتخليص الشركاء من الشيوع وإطلاق يد كل وأحد منهم في نصيبه مفرزاً ، فلا يعود الأمر في حاجة إلى فرض قرار الأغلبية على الأقلية . والمشروع التمهيدي لنص المادة 832 صريح في هذا المعنى ، إذ يقول : " وللمحكمة أن تقرر ، تبعاً للظروف ، ما إذا كان التصرف واجباً ، بعد أن تتبين أن قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء " . فتقدير المحكمة ما إذا كان التصرف واجباً يأتي بعد تبينها أن قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء ، وإذا كان النص استقرت عليه المادة 832 مدني ، وهو يقول " وللمحكمة ، عندما تكون قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء أن تقدر .. " قد غير ترتيب العبارات ، فإنه لم يقصد تغييراً في المعنى ، بل أن هذا التغيير قد وصف بأنه مجرد تعديل لفظي ( $%&[1] ) انظر انفا فقرة 506 في الهامش – وانظر في هذا المعنى محمد كامل مرسي 2 فقرة 67 ص 114 – محمد علي عرفة فقرة 303 مكررة ص 407 – عبد المنعم البدراوي فقرة 137 ص 168 – حسن كيرة فقرة 112 ص 363 هامش 1 - منصور مصطفى فقرة 64 ص 152 . &%$ ) . فإذا رأت المحكمة أن القسمة العينية لا تضر بمصالح الشركاء ، أمرت بها ، ولو من تلقاء نفسها ، دون أن يطالبها أحد من الشركاء ( $%&[1] ) انظر عكس ذلك وأن المحكمة لا تقضي من تلقاء نفسها بالقسمة العينية ن بل يجب ان يطلب القسمة احد الشركاء : اسماعيل غانم فقرة 75 ص 163 – ص 164 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 133 . &%$ ) .

أما إذا تبينت المحكمة أن القسمة العينية ضارة بمصالح الشركاء ، فإنها تنتقل أخيراً إلى تقرير ما إذا كان التصرف الذي قررته الأغلبية تصرفاً حكيماً تبرره الظروف القائمة وليس فيه غبن فادح . فهي في النهاية تقدر ، تبعاً للظروف ، " ما إذا كان التصرف واجباً " . فإن رأته واجباً أمرت به ، ونفذته الأغلبية وفقاً للقرار الذي اتخذته في هذا الشأن ، بعد أن أعطيت الأقلية للضمانات المعقولة للاستيثاق من صواب هذا القرار . وان تره المحكمة واجباً ، ألغت قرار الأغلبية ، ولم يعد التصرف ممكناً بعد ذلك إلا بإجماع الشركاء ( $%&[1] ) وقد ورد في المذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي في المعاني التي قدمناها ما يأتي : ط سار المشروع في تغليب رأي الأغلبية إلى حد بعيد ، إذ أجاز لأغلبية أعلى من الأغلبية المعتادة ( شركاء يملكون على الأقل ثلاثة أرباع قيمة المال ) أن تنصرف في المال الشائع بالبيع أو المقايضة مثلا ، إذا كانت هناك أسباب قوية تدعو إلى ذلك ، كأن يكون هذا التصرف في مصلحة الجميع ، أو أن يكون استغلال المال الشائع في حالته التي هو عليها متعذراً . وقرار الأغلبية ملزم للأقلية ، إلا أن لهؤلاء حق التلظم إلى المحكمة ز ولهذه ا ، تراجع قرار الأغلبية ، ولا تقره الا إذا رأت أنه يحقق المصلحة ، وأن الالتجاء إلى إنهاء الشيوع عن طريق قسمة المال المشاع ضار بمصالح الشركاء " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 95 ) . &%$ ) .

 $ 842 $

المبحث الأول

تصرف الشريك منفرداً

510 - تصرف الشريك في حصة الشائعة وتصرفه في شئ مفرز : قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 503 .&%$ ) أن الشريك قد يتصرف منفرداً في حصته الشائعة وهذا هو الغالب ، وقد يتصرف منفرداً كذلك في شئ مفرز أما في جزء مفرز من المال الشائع أو في المال الشائع كله .

المطلب الأول

تصريف الشريك في حصته الشائعة

511 - حكم هذا التصرف وما يترتب عليه من جواز استرداد الشركاء للحصة الشائعة : نبين فيما يلي حكم تصرف الشريك في حصته الشائعة ، ثم نبين ما يترتب على هذا التصرف من جواز استرداد باقي الشركاء لهذه الحصة إذا كانت شائعة في منقول .

1 - حكم تصرف الشريك في حصته الشائعة

512 - صحة التصرف ونفاذه في حق باقي الشركاء : يجوز للشريك أن يتصرف في حصته الشائعة بجميع أنواع التصرف ، وقد رأينا أن المادة $ 843 $ 826 / 1 مدني تنص على أن " كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً ، وله أن يتصرف فيها .. " ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 486 .&%$ )

فيجوز للشريك أن يتصرف في حصته معاوضة كان يبيعها أو يقابض عليها ، أو تبرعا كأن يهبها .

ويجوز أن يصدر التصرف إلى أحد الشركاء الآخرين أو إليهم جمعاً ( $%&[1] ) وإذا صدر التصرف من شريك إلى شريك ، وترتب على ذلك أن زالت حالة الشيوع ، فإن هذا التصرف يعتبر في حكم القسمة بطريق التصفية ، كما لو بيع المال الشائع كله لأحد الشركاء فإن التصرف يعتبر في حكم القسمة بطريق التصفية ، كما لو بيع المال الشائع كله لأحد الشركاء انظر في ذلك إسماعيل غانم فقرة 80ص 181 - ص 182 وكذلك هامش 2 من ص 182 والمراجع المشار إليها .&%$ ) . كما يجوز أن يصدر إلى أجنبي من غير الشركاء ( $%&[1] ) ويكون هذا تصرفا في حصة شائعة ولو كان الشريك البائع واضعاً يده على قدر مفرز ( نفض مدني 16 أبريل سنة 1953مجمموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاماً جزء 2ص 991 ) . وإذا جاوز الشريك البائع مقدار نصيبه الشائع ، كان البيع غير ناقذ في حق باقي الشركاء فيما جاوز هذا النصيب ( نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1949 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزء أو ل ص 375 ) .

ولا يمنع الشريك من التصرف في حصته الشائعة اتفاقه مع شركائه الآخرين على البقاء في الشيوع مدة معينة ، فهذا الاتفاق إنما يمنعه من طلب القسمة قبل انقضاء المدة المتفق عليها ، ولا يمنعه من التصرف في حصته الشائعة . ويتقيد المشتري لهذه الحصة ، باعتباره خلفا خاصا ، بالاتفاق على البقاء في الشيوع المدة المعينة في الاتفاق . انظر إسماعيل غانم فقرة 80ص 178 - ص 179 .&%$ ) . وفي حالة التصرف إلى أجنبي ، يجوز لباقي الشركاء أن يستردوا الحصة المبيعة في المنقول كما سنرى .

ومتى تم هذا التصرف . كان صحيحاً نافذاً في حق باقي الشركاء ، دون حاجة إلى أي إجراء آخر فليس ضرورياً أن يعلن التصرف إلى باقي الشركاء أو أن يوافقوا على التصرف ، كما في حوالة الحق ، لأننا هنا في صدد حق عيني لا حق شخصي . ولكن إعلان باقي الشركاء بالتصرف يكون مفيداً ، إذ يجعل ميعاد الحق في الاسترداد في المنقول أو الحق في الأخذ بالشفعة في العقار يسري على هؤلاء الشركاء .

ويترتب على التصرف في الحصة الشائعة أن يحل المتصرف له – المشتري أو الموهوب له مثلاً – محل الشريك المتصرف في ملكية الحصة الشائعة ، ويصبح هو الشريك في المال الشائع بدلاً من الشريك المتصرف . ويلاحظ أنه $ 244 $ يجب تسجيل التصرف إذا كانت الحصة الشائعة عقاراً حتى تنتقل الملكية إلى المتصرف إليه ، ويستوي في ذلك أن يكون هذا العقار قائماً بذاته أو داخلاً في مجموع من المال كما لو تصرف الوارث في نصيبه الشائع في التركة وكانت التركة تشتمل على عقارات ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا اشتري شخص من أحد الشركاء نصيبه أو بعضه شائعاً وسجل عقده قبل القسمة ، اعتبر المشتري من الغير ، وبالتالي لا يحتج عليه بهذه القسمة . يستوي في ذلك أن يكون شراؤه سابقاً على إجراء القسمة أم لاحقا ً لها ويصبح في الحالتين شريكاً في العقار الشائع بقدر الحصة التي اشتراها . ويكون هو دون البائع له صاحب الشأن في القسمة التي تجري بخصوص هذا العقار قضاء أو اتفاقا . بل له أن يطلب إجراء قسمة جديدة إذا لم يرتض القسمة التي تمت دون أن يكون طرفا فيها ( نقض مدني 2 ديسمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 184ص 1172 ) . &%$ ) .

وكما يجوز للشريك التصرف في كل حصته الشائعة ، يجوز له كذلك أن يتصرف في بعضها شائعاً . فإذا كان مثلاً يملك في المال الشائع النصف ، جاز له أن يبيع نصف هذه الحصة ، فيبيع ربع كل المال الشائع . ويدخل المشتري شريكاً في المال الشائع بقدر الربع مع سائر الشركاء ، ومنهم الشريك البائع الذي يبقى شريكاً بقدر الربع بعد أن باع نصف حصته الشائعة .

وإذا كانت العين الشائعة داخلة في مجموع من المال الشائع . كما لو كانت داراً داخلة في تركة ، وباع الوارث حصته الشائعة في الدار وحدها دون سائر الأموال الشائعة ، جاز ذلك . وحل المشتري محل الوارث شريكاً في هذه الدار مع سائر الورثة . ولابد في هذه الحالة ، لإزالة الشيوع ، من إجراء قسمتين : القسمة الأولي بين المشتري وسائر الورثة في الدار التي أصبح المشتري شريكاً فيها ، والقسمة الأخرى بين الوارث الذي باع حصته في الدار وسائر الورثة في بقية أموال التركة . وتجنبا لهذا التعقيد قضت بعض التشريعات بأنه لا يجوز التصرف في حصة شائعة في مال داخل في مجموع إلا باتفاق الشركاء ( $%&[1] ) انظر المادة 2033 من التقنين المدني الألماني .&%$ ) . وذهب بعض الفقهاء في فرنسا إلى أن التصرف صحيح ولكن أثره يتوقف على نتيجة القسمة ، فإن وقعت العين التي تصرف الوارث في حصته الشائعة فيها في نصيب هذا الوارث صح تصرفه في حصته ، وإن وقعت في نصيب غيره من الورثة تبين أن الوارث لم يكن مالكاً للحصة التي باعها $ 845 $ وكان حكم بيعه لهذه الحصة هو حكم بيع ملك الغير ( $%&[1] ) Jonasco فقرة 102 - Vincent في المجلة الانتقادية سنة 1932ص 284وما بعدها .&%$ ) . ولكن المحكمة النقض في مصر ذهبت إلى عكس هذا الرأي ، وقضت بأن الشريك على الشيوع في عدة عقارات أن يبيع حصته شائعة في بعض عقارات ، وإذا سجل المشتري عقده انتقلت إليه حصة البائع في هذا البعض من العقارات شائعاً ، ويصبح المشتري دون الشريك هو صاحب الشأن في القسمة التي تجري بخصوص هذه الأعيان ( $%&[1] ) نقض مدني 20أكتوبر سنة 1955مجموعة أحكام النقض 6 رقم 185ص 1375 - وانظر إسماعيل غانم فقرة 80 ص 180وهامش 2 - حسن كيرة فقبرة 120ص 400 هامش 1 - منصور مصطفي منصور فقرة 66 ص 154هامش 1 . &%$ ) .

513 - ترتيب حق عيني أصلي على الحصة الشائعة :أهم الحقوق العينية الأصلية – عدا حق الملكية – هي حق الانتفاع وحق الاتفاق وحق الحكر . أما الحكر فتستعصي طبيعة الشيوع عليه ، ومن تم لا يجوز لصاحب الحصة أما الحكر فتستعصي طبيعة االشيوع عليه ، ومن ثم لا يجوز لصاحب الحصة الشائعة أن يرتب حق حكر على حصته لأن الحكر يقتضي البناء أو الغراس في أرض مفرزة . هذا إلى أن الحكر أصبح لا يجوز ترتيبه إلا على أرض موقوفة ، والأرض الموقوفة لا تكون شائعة ، بل هي مملوكة للوقف .

وكذلك حق الارتفاق لا يرد على حصة شائعة ، فلا يجوز للشريك في العقار الشائع أن يرتب على حصته الشائعة حق ارتفاق ، لأن حق الاتفاق يقتضي مباشرة صاحب هذا الحق أعمالاً لا تصح مباشرتها إلا على عقار مفرز ( $%&[1] ) عبد المنعم البدراوي فقرة 280 ص 318 - إسماعيل غانم فقرة 79 ص 176هامش 2 - حسن كيرة فقرة 120ص 399 - منصور مصطفي منصور فقرة 67ص 161هامش 1 .&%$ ) . وقد رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 505 .&%$ ) أنه يجوز لجميع الشركاء في العقار الشائع أن يرتبوا معاً حق ارتفاق على هذا العقار ، ويبقى حق الارتفاق على العقار كله أيا كانت نتيجة القسمة ( $%&[1] ) وكما لا يجوز ترتيب حق الاتفاق على حصة شائعة كذلك لا يجوز ترتيبه لمصلحة حصة شائعة ، لأن حق الارتفاق غير قابل للتجزئة ( بلانيول وربير وبيكار 3 فقرة 893 - عبد المنعم البدراوي فقرة 280ص 318 - إسماعيل غانم فقرة 79ص 176هامش 2 حسن كيرة فقرة 120 ص 399 - منصور مصطفي منصور فقرة 67ص 161هامش .&%$ ) .

 $ 846 $

بقى حق الانتفاع . وهذا يمكن دون شك لصاحب الحصة الشائعة أن يرتبه على حصته .ويكون لصاحب حق الانتفاع في الحصة الشائعةجميع الحقوق التي يحولها هذا الحق بما يتلاءم مع الشيوع ، فيجوز له أن يستغل الحصة الشائعة ويقوم بإدارتها إدارة معتادة مع سائر الشركاء في المال الشائع ( $%&[1] ) وعلى هذا الأساس يستطيع صاحب حق الانتفاع أن ينفق مع سائر الشركاء على مهايأة مكانية أو زمانية ، فإن هذا الضرب من القسمة يدخل في شؤون الإدارة المعتادة ، ولكن يلزم إجماع الشركاء عليه كما قدمنا ، ويدخل في هذا الإجماع صوت صاحب حق الانتفاع لا تنقلب بعد خمس عشرة سنة إلى قسمة نهائية ، لأن الشريك صاحب الرقبة ، وهو وحده الذي يملك القسمة النهائية ، لم يكن طرفاً في المهايأة المكانية .وإذا كانت المهايأة قد تمت من قبل أن يتقرر حق الانتفاع ، فإن صاحب هذا الحق يلتزم بها ، فإذا كانت مهايأة مكانية ودامت خمس عشرة سنة فإنها تنقلب الى قسمة نهائية إذ أن الشريك صاحب الرقبة قد كان طرفا فيها قبل أن يرتب حق الانتفاع – انظر حسن كيرة فقرة 120 ص 402هامش 2 .&%$ ) ، وتسري أحكام الإدارة المعتادة في المال الشائعة هنا ، وإذا اقتضى شأن من شؤون هذه الإدارة أغلبية الشركاء اعتد برأي صاحب حق الانتفاع لا برأي الشريك صاحب الرقبة . أما فيما يجاوز الإدارة المعتادة إلى الإدارة الغير المعتادة ، وكذلك في أعمال التصرف وفي طلب القسمة ، يكون الشريك صاحب الرقبة هو صاحب الشان في ذلك ، ولا شأن لصاحب حق الانتفاع ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 79 ص 176هامش 2 - حسن كيرة فقرة 120 ص 401 – ص 402 - منصور مصطفي فقرة 67ص 161 .&%$ ) .وإذا انقضى حق الانتفاع قبل انقضاء الشيوع ، آلت الملكية كاملة إلى الشريك صاحب الرقبة وعاد يمارس جميع الحقوق الشريك . أما إذا بقى حق الانتفاع قائماً بعد انقضاء الشيوع ، بأن قسمت العين الشائعة مثلاً ووقع منها جزء مفرز في نصيب الشريك صاحب الرقبة ، فإن حق الانتفاع ينتقل الىهذا الجزء المفرز بحكم الحلول العيني ( $%&[1] ) وهذا ما يصح الأخذ به طبقاً للنظرية الحديثة في الحلول العيني ( انظر آنفا فقرة 157وما بعدها ) . فقد قدمنا عند الكلام في هذه النظرية أن حق الانتفاع ينتقل إلى عوضه بحكم الحلول العيني ( م 994 / 1 ) وتقيس هنا على حالة الشيء المحمل بحق الانتفاع حلول ما يقوم مقامه من عوض مكانه بحكم الحلول العيني ( انظر آنفا فقرة 162 في آخرها ) حالة انقلاب المال المحمل بحق الانتفاع من حصة شائعة إلى مال مفرز .&%$ ) .

 $ 847 $

514 - ترتيب حق عيني تبعي على الحصة الشائعة : الحقوق العينية التبعية هي حق الرهن الرسمي وحق رهن الحيازة وحق الاختصاص وحق الامتياز . ويجوز أن تترتب كل هذه الحقوق على الحصة الشائعة .

فيجوز أن يترتب حق امتياز على الحصة الشائعة إذا باعها صاحبها ولم يقبض الثمن كله ، فيكون له حق امتياز على الحصة الشائعة التي باعها ، سواء كانت عقاراً أو منقولاً ، بما بتبقى له من الثمن .

ويجوز أن يترتب حق اختصاص على الحصة الشائعة ، فيحصل دائن صاحب الحصة الشائعة في عقار على اختصاص بهذه الحصة ، إذا كان قد استوفي الشروط المقررة قانوناً .

ويجوز كذلك أن يرهن صاحب الحصة الشائعة في عقار حصته رهناً رسمياً وقد نصت المادة 1039 / 1مدني صراحةعلى جواز ذلك فقالت : " وإذا رهن أحد الشركاء حصته الشائعة .. "

ويجوز أخيراً أن يرهن صاحب الحصة الشائعة حصته رهن حيازة ولا يحول دون ذلك أن رهن الحيازة يقتضي حيازة الشيء المرهون حتى يكون نافذاً في حق الغير ، فإن الحصة الشائعة قابلة لأن تكون محلاً للحيازة ،ويتحقق ذلك مثلاًِ فيما إذا وضع المال الشائع كله تحت يد الدائن المرتهن رهن الحيازة ، فيحوزه بصفته دائناً مرتهناً بالنسبة إلى الحصة الشائعة التي ارتهنها ، وبصفته مديراً للمال الشائع بالنسبة إلى باقي الحصص . كذلك قد يوضع المال الشائع كله تحت يد أحد الشركاء الآخرين أو تحت يد أجنبي ، فيجوزه بصفته عدلا بالنسبة إلى الحصة الشائعة المرهونة ، وبصفته مديراً بالنسبة إلى باقي الحصص . وقد يكون المال الشائع مقسوماً بين الشركاء قسمة مهايأة ، فيحل الدائن المرتهن محل الشريك الراهن في حيازة النصيب المفرز الذي خلص لهذا الأخير من قسمة المهايأة . وهكذا نرى أن هناك صوراً متعددة لحيازة الحصة الشائعة حيازة مادية . ويترتب على ذلك أن شيوع الحصة لا يمنع من إمكان رهنها رهن حيازة ( $%&[1] ) محمد عرفة فقرة 301 – عبد المنعم البدراوي فقرة 126 – إسماعيل غانم فقرة 81ص 182 - ص 183 - حسن كيرة فقرة 120ص 402 هامش 3 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 137ص 210 - منصور مصطفي منصور فقرة 67ص 162هامش 1 - عبد الفتاح عبد الباقي في التأمينات فقرة 435 - شمس الدين الوكيل في التأمينات طبعة ثانية فقرة 168ص 460 - ص 461 .&%$ ) . كما قدمنا .

 $ 848 $

وإذا بقى الشيوع حتى حل الدين المضمون بأحد هذه الحقوق العينية التبعية ، فحل المؤجل من الثمن في حق الامتياز ، أو اعتزام الدائن التنفيذ بحقه على الحصة الشائعة التي أخذ عليها حق اختصاص ، أو حل الدين المضمون برهن رسمي أو رهن حيازة حملت به الحصة الشائعة وهي لا تزال في الشيوع . فتباع هذه الحصة جبراً على صاحبها ، ويحل الراسي عليه المزاد محل الشريك صاحب الحصة ويصبح شريكاً مكانه مع سائر الشركاء في المال الشائع . ولا يوجد نص في القانون المصري ، كما وجد هذا النص في القانون الفرنسي ( م 2205 مدني فرنسي ) ، يمنع من التنفيذ على الحصة الشائعة ويوجب إفرازها قبل التنفيذ عليها .

أما إذا تمت القسمة قبل أن ينفذ الدائن بحقه ، فإن في التقنين المدني المصري نصاً في هذه المسألة في خصوص الرهن الرسمي . إذ تقول المادة 1039 / 2 مدني : " وإذا رهن أحد الشركاء حصته الشائعة في عقار .. ، ثم وقع في نصيبه عند القسمة أعيان غير التي رهنها ،انتقل الرهن بمرتبته إلى قدر من هذه الأعيان يعادل قيمة العقار الذي كان مرهوناً في الأصل " ..ونرى من هذا النص أن العقار المفرز الذي يقع بعد القسمة في نصيب الشريك الراهن لحصته الشائعة رهناً رسمياً في عقار وأحد من عقارات متعددة شائعة يحل حلولاً عينياً محل الحصة الشائعة المرهونة ، وينتقل الرهن الرسمي إليها ( $%&[1] ) ويعتبر من تطبيقات الحلول العيني ، ليست فحسب هذه الصورة ، بل أيضاً صورة ما إذا كان هناك عقار شائع وأحد رهن أحد الشركاء فيه حصته علىالشيوع ، ثم قسم العقار على الشركاء . فينتقل الرهن من حصة الشريك الشائعة إلى نصيبه المفرز ، ويكون ذلك بفضل الحلول العيني ، وقد سبق أن قررنا هذا الحكم في خصوص انتقال حق الانتفاع من الحصة الشائعة إلى الجزء المفرز الذي حل لها ( انظر آنفا فقرة 513في آخرها وقارن منصور مصطفي منصور فقرة 67ص 167 ) . ويذهب كثير من الفقهاء إلى أن ورود الرهن بعد القسمة على الجزء المفرز بدلا من الحصة الشائعة لا يعتبر من قبيل الحلول العيني ، بل هو مجرد اثر طبيعي للقسمة ( إسماعيل غانم فقرة 81ص 183 - حسن كيرة فقرة 120ص 403هامش 1 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 137ص 210 - شمس الدين الوكيل في التأمينات طبعة ثانية فقرة 45ص 112 هامش 1 – وانظر عكس ذلك وان المال المفرز يحل حلولا عينيا محل الحصة الشائعة منصور مصطفي منصور فقرة 67 ص 166 هامش 2 ) .

ونحن نفضل الأخذ بفكرة الحلول العيني وأن المال المفرز يحل حلولا عينيا محل الحصة الشائعة ذلك أن الحق الرهن لما وقع على الحصة الشائعة ، كان محله هذه الحصة ذاتها . ولا نقف عند الاعتراض القائل بأن الحق العيني لابد أن يتركز على شيء مادي ، فخاصية الشيوع هي بالذات هي الحصص الشائعة التي ينقسم إليها حق الملكية ، مع عدم انقسام المال الشائع . فإذا رهن الشريك حصته الشائعة . فإنه يكون بذلك قد رتب حق الرهن على هذه الحصة الشائعة لا على مال الشائع . فإذات قسم المال الشائع ، ووقع في نصيب الشريك الراهن جزء مفرز ، فإن الجزء المفرز يكون شيئا آخر غير الحصة الشائعة التي كانت للشريك من قبل ، ويحل محلها حلولا عينيا ، ومن ثم ينتقل الرهن من الحصة الشائعة إلى الجزء المفرز بموجب الحلول العيني ( انظر آنفا فقرة 485في هامشها الأخير ) .&%$ ) . وسنتناول هذا النص $ 849 $ بالشرح المفصل عند الكلام في الرهن الرسمي . وقد قدمنا أن كلا من حق الاختصاص وحق الامتياز وحق رهن الحيازة يسري عليه نفس الحكم المقرر في الرهن الرسمي ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 162 - ويشترط بطبيعة الحال أن يكون قد وقع في نصيب الشريك الراهن عين تقبل نوع الرهن الذي صدر منه ، فإن كان الرهن رهناً رسمياً ووقعت في نصيبه منقولات فلا يجوز أن ينتقل إليها الرهن الرسمي . وقد تتعذر القسمة عينا فيباع المال الشائع ، ويكون للشريك الراهن جزء من ثمنه ، أي مبلغ من النقود ، فلا يكون للدائن المرتهن في هذه الحالة إلا أن ينفذ على هذا المبلغ . وليس له تتبع العقار الذي الراسي عليه المزاد ، فإن العقار قد تظهر من الرهون بموجب حكم مرسى المزاد ( محمد عرفة فقرة 300 ص 397 - ص 398 - عبد المنعم البدراوي فقرة 125ص 154 - ص 155 وفقرة 130 - إسماعيل غانم فقرة 81ص 184 - ص 185 ) .&%$ ) .

وغنى عن البيان أنه إذا وقع العقار المرهون حصة شائعة فيه بعد القسمة في نصيب الشريك الراهن ، تركز الرهن ( أو الاختصاص أو الامتياز ) على هذا العقار في الحصة الشائعة التي رهنت ابتداء ( $%&[1] ) أوبري ورو 3 فقرة 266ص 446ص - بلانيول وريبير وبيكية فقرة 423ص 457 - عبد الفتاح عبد الباقي في التأمينات العينية والشخصية فقرة 224ص 336 - سليمان مرقس في التأمينات العينية فقرة 49ص 79 - محمد على إمام في التأمينات العينية والشخصية فقرة 157ص 250 - منصور مصطفي منصور فقرة 67ص 164 - محمد على عرفة فقرة 300ص 399 - انظر عكس ذلك أن العقار كله لا حصة منه فقط يصبح مرهوناً دي باج ودكرز فقرة 483 ص 406 - احمد سلامة في التأمينات العينية – الرهن الرسمي فقرة 50 ص 173 .

وانظر الأستاذ منصور مصطفي منصور ، ويقترح من الناحية التشريعية تعميم القاعدة الواردة في المادة 1039 / 1 مدني في خصوص رهن الحصة الشائعة ، فتسري على كل حق أو قيد عيني يرد على حصة الشريك في الشيوع ، فينتقل الحق أو القيد ، بحكم الحلول العيني ، من الحصة الشائعة إلى ما حصل محلها بموجب القسمة من مال مفرز ( منصور مصطفي فقرة 67ص 165 - ص 167 ) .&%$ ) .

 $ 850 $

2 - استرداد الحصة الشائعة

515 - نص قانوني : تنص المادة 833 مدني على ما يأتي :

 " 1 - للشريك في المنقول الشائع أو في المجموع من المال أن يسترد قبل القسمة الحصة الشائعة التي باعها شريك غيره لأجنبي بطريق الممارسة ، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ عمله بالبيع أو من تاريخ إعلانه به . ويتم الاسترداد بإعلانه يوجه إلى كل من البائع والمشتري ، ويحل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته إذا هو عوضه عن كل ما أنفقه " .

2 - وإذا تعدد المستردين ، فلكل منهم أن يسترد بنسبة حصته " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورج هذا النص في المادة 1201 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع كان يجعل ميعاد إعلان الرغبة في الاسترداد شهراً من يوم إعلان الشريك بالبيع . ووافقت لجنة المراجعة على النص ،تحت رقم 904في المشروع النهائي ، بعد عدلته فجعلت الميعاد ثلاثين يوما من يوم العلم أو الإعلان . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 902 ، مجلس الشيوخ تحت رقم 833( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 97 - ص 99 ) . &%$ ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 462 / 561 ( $%&[1] ) التقنين المدني السابق م 462 / 561 : يجوز للشركاء في الملك قبل قسمته بينهم أن يستردوا لأنفسهم الحصة الشائعة التي باعها أحدهم للغير ، ويقوموا بدفع ثمنها له والمصاريف الرسمية والمصاريف الضرورية أو النافعة . ( ويختلف التقنين السابق عن التقنين الجديد في أن الأول يجعل الاسترداد في المنقول والعقار ،فيتزاحم في العقار حق الاسترداد وحق الشفعة ) .&%$ ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :في التقنين المدني السوري لا مقابل – وفي التقنين المدني الليبي م 842 - وفي التقنين المدني العراقي لا مقابل – وفي قانون الموجبات والعقود اللبناني م 838 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري لا مقابل .

التقنين المدني الليبي م 842 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 838 : إذا باع أحد الشركاء حصته الشائعة من شخص آخر ، فلسائر الشركاء أن يتذرعوا بحق الشفعة وفاقا للأحكام القانونية المختصة . ( وقد عمر القانون اللبناني أحكام الشفعة فجعلها في العقار وفي المنقول ) .&%$ ) .

 $ 851 $

ويخلص من هذا النص أن القانون أعطى للشريك في الشيوع حق استرداد الحصة الشائعة التي باعها شريك آخر . وسنرى أن في الشفعة أيضاً يكون للشريك في الشيوع حق استرداد الحصة الشائعة التي باعها شريك آخر ، فحق الاسترداد ( retrait d indivfsion ) وحق الشفعة ( preemption ) متماثلان من هذا الوجه . وقد كان التقنين المدني السابق يطلق حق الاسترداد في المنقول والعقار ، فترتب على ذلك أن تزاحم في العقار حق الاسترداد مع حق الشفعة ، ولكل من الحقين إجراءاته الخاصة به . وقد أراد التقنين المدني الجديد تجنب هذا التزاحم فرسم لكل من الحقين نطاقه الخاص .فحق الشفعة ، ومصدره التاريخي هو الشريعة الإسلامية ،إنما يرد في بيع حصة شائعة في العقار ، وقد يرد في غير الشيوع ، ومن ثم لا يمكن قصره على الشيوع فوجبت معالجته ضمن أسباب كسب الملكية . أما حق الاسترداد ،ومصدره التاريخي هو القانون الفرنسي ( $%&[1] ) ومع ذلك فقد خالف التقنين المصري الفرنسي في حق الاسترداد من وجوه مختلفة منها أن هذا الحق مقصور في فرنسا على الشيوع الوراثي ، وهو جائز في مصر أيا كان سبب الشيوع . ثم هو في فرنسا لا يرد إلا في مجموع من المال هو التركة ،ويرد في مصر ، إلى جانب المجموع من المال ، في المنقول الشائع القائم بذاته . وفي فرنسا يصح استعمال الحق في أية معاوضة ولو لم تكن بيعا, أما في مصر فلا يصح استعمال الحق إلا في البيع .وليس لاستعمال الحق في أية معاوضة مواعيد معينة ، أما في مصر فيتعين استعماله في خلال مدة معينة .

انظر في حق الاسترداد في فرنسا : أوبر ورو 10 طبعة خامسة فقرة 621ثالثاً ص 125 - ص 150 - بيدان وليبال 5مكرر في المواريث طبعة ثانية سنة 1936فقرة 887 وما بعدها – بلانيول وربير وموري وفبالتون 4 في المواريث طبعة ثانية سنة 1955 فقرة 551وما بعدها – بلانيول وربير ورولانجيه 4 سنة 1959 فقرة 2816وما بعدها – بودر وفال في المواريث 3 طبعة ثالثة فقرة 2575وما بعدها – أنسيكلوبيد داللوز 5 سنة 1955 لفظ Siccessiou ص 196 - ص 204 .&%$ ) . إنما يرد في بيع حصة شائعة في المنقول أو في مجموع من المال ولو اشتمل هذا المجموع على عقار . فهذا الحق هو إذن ملازم للشيوع ، ولذلك نعالجه في هذا المكان ( $%&[1] ) وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، في خصوص الفصل ما بين نطاق حق الشفعة ونطاق حق الاسترداد ،ما يأتي : " قصر المشروع حق الاسترداد الحصة الشائعة على المنقول دون العقار ، وجعل الشفعة في العقار مغنية عن هذا الحق ، حتى لا تتضارب الحقوق في الميدان الواحد " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 98 ) .وهناك فروق كثيرة ما بين حق الشفعة وحق الاسترداد ، تبررها الأهمية العملية الواضحة لحق الشفعة وكثرة ممارسة هذا الحق في التعامل ، واختلاف مصدره التاريخي عن المصدر التاريخي الذي لحق الاسترداد . وقد كان واجبا أن يحتفظ التقنين المدني الجديد بحق الشفعة للأسباب المتقدمة ، وأن يعتد فيها بأحكام الشريعة الإسلامية وبما قرره القضاء والفقه من مبادئ كثيرة هامة في عهد التقنين المدني السابق . لم يكن سديدا إخضاع حق الاسترداد لجميع القواعد المعقدة المقررة في حق الشفعة ( انظر مع ذلك إسماعيل غانم فقرة 82ص 187 - حسن كيرة فقرة 121ص 406 - ص 407 ) مع ندرته في العمل ، لمجرد التماثل في الطبيعة ما بين حق الشفعة وحق الاسترداد . كذلك لم يكن سديداً حذف حق الاسترداد في المنقول والمجموع من المال ، فلا يزال هذا الحق مفيداً في هذه الدائرة . فاقتضى الأمر الجمع بين الحقين ، مع تحديد نطاق كل منهما على الوجه الذي بيناه .

وقد قضت محكمة النقض بأن الشفعة والاسترداد ، وإن كانا متفقين في أن كلا منهما يؤدي إلى نوع من الافتئات على حرية التبايع وإلى نزع الملك جبراً على مشتريه ، فإنهما مع ذلك حقان متغايران من حيث المصدر والحكمة والسبب والمحل . وذلك بأن الشفعة مصدرها القوانين الإسلامية ، وحكمتها دفع الضرر شريك جديد أو جار طارئ ، وسببها الموجب لها هو اتصال ملك الشفيع بالمبيع اتصال شركة أو جوار ، ومحلها أن يكون المبيع عقاراً فلا شفعة في منقول . أما الاسترداد فمصدره القانون الفرنسي ، وحكمته حفظ أسرار التركات وكف الأجانب عن النفاذ إليها وجعل الورثة في مأمن من دخيل يطرأ فيفسد عليه محيطهم العائلي ، وسببه الشركة في الإرث ، ومحله أن يكون المبيع حصة إلى من حصة التركة عامة متطورا كوحدة قانونية تنتظم كل ما يقوم بمال من حقوق والوجبات ( نقض مدني 21 نوفمبر سنة 1946 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزء أول ص 215 ) .&%$ ) .

 $ 852 $

ويتبين من النص الذي أسلفناه أن لحق لاسترداد شروطاً يجب توافرها وله إجراءات خاصة به ، وتترتب عليه آثار معينة .

( 1 ) شروط حق الاسترداد

516 - نطاق حق الاسترداد : نحدد أولاً نطاق حق الاسترداد ، فهذا النطاق هو الذي يهيمن على شروطه . وقد قدمنا أن حق الاسترداد لا يرد إلا في منقول شائع قائم بذاته ، وإلا في مجموع المال ولو اشتمل هذا المجموع على عقار .

فالعقار الشائع المعين بالذات لا يكون محلاً لحق الاسترداد ، وإنما هو محل لحق الشفعة الذي سنبسط أحكامه عند الكلام في أسباب كسب الملكية ، وحق الشفعة هو الذي يرد ، حتى لو كان سبب الشيوع في العقار هو الميراث ، وحتى لو كان العقار هو كل ما تركه المورث . فإذا باع أحد الورثة لأجنبي $ 853 $ حصته الشائعة في عقار معين بالذات ، ولو كان هذا العقار داخلاً في التركة ، بل لو كان هو كل التركة ، فإن أخذ باقي الورثة لهذه الحصة من الأجنبي إنما يكون عن طريق حق الشفعة لا عن طريق حق الاسترداد ( $%&[1] ) نقض مدني 29 مارس سنة 1951مجموعة أحكام النقض 2 رقم 94 ص 531 16 فبراير سنة 1956مجموعة أحكام النقض 7 رقم 30 ص 225 - إسماعيل غانم 83ص 189 - حسن كيرة فقرة 123ص 411 - منصور مصطفي منصور فقرة 66 ص 156 .&%$ ) .

وقد كان القضاء ، في عهد التقنين المدني السابق ، قد استقر بعد تردد على قصر حق الاسترداد على المجموع من المال ( $%&[1] ) كان القضاء في مبدأ الأمر يذهب إلى جواز استرداد الحصة الشائعة في المجموع من المال أو في عين معينة يصعب على المشتري تسلمها بدون أن يطلع على أسرار التركة ( استئناف وطني دوائر مجتمعة 30 نوفمبر سنة 1922 المحاماة 3رقم 40 ص 71 - نقض مدني 8 يونيه سنة 1944 . مجموعة عمر 4 رقم 150ص 414 – 24 مايو سنة 1945مجموعة عمر رقم 259ص 698 ) . ثم عدل عن ذلك ، واستقر على قصر حق الاسترداد على الحصة الشائعة في المجموع عن المال ، دون الحصة الشائعة في عين بالذات ، لأن حلول أجنبي محل أحد الشركاء في جزء شافع في مجموع التركة هو وحده الذي قدر فيه الشارع الفرنسي إذاعة أسرار التركة وإفساد محيطها ، ولهذا نيط ثبوت حق الاسترداد في فرنسا ببيع حصة شائعة في مجموع الملك كله ، لا يبيع حصة شائعة في عين معينة منه وإذا كان هذا هو مناط الاسترداد في فرنسا ، فهو بذاته مناطه في مصر ، إذ ليس في نص المادة 462 / 561 مدني ( قديم ) ما يفيد أن الشارع المصري أراد بوضعها استحداث قاعدة جديدة لها عنده حكمة غير الحكمة التي أملتها المادة 841 مدني فرنسي على الشارع الفرنسي .. وحيث أن الأخذ بمطلق لفظ الحصة الشائعة الذي ورد في نص المادة 462 / 561 مدني ( قديم )…يؤدي إلى جواز الاسترداد مع جواز الشفعة كلما كان المبيع حصة شائعة في عقار معين من الملك المشترك ، وهو مالا يمكن أن يكون الشارع المصري قد أراده لأنه لم يقيد حق الاسترداد بمثل ما قيد به حق الشفعة من مواعيد وإجراءات ، فإذا أجير الاسترداد مع جواز الشفعة لترتب على هذا الجواز الاستغناء بالاسترداد عن الشفعة خلاصاً من قيودها ، وفي ذلك تعطيل للأحكام التي لم تضع هذه القيود عبثاً ( نقض مدني 21 نوفمبر سنة 1946مجموعة عمر 5 رقم 110ص 248 - 13مارس سنة 1947مجموعة عمر 5رقم 170ص 380 - 22 مايو سنة 1947مجموعة عمر 5 رقم 208ص 447 - 19نوفمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 573ص 546 - 29 مارس سنة 1951مجموعة أحكام النقض 2 رقم 94ص 531 - 12 يونيه سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 188 ص 1194 - 4 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 26 ص 162 - 16 فبراير سنة 1956مجموعة أحكام النقض 7 رقم 30ص 225 ) .&%$ ) . دون المنقول المعين بالذات حيث لم يجعل فيه لا استردادا ولا شفعة ، ودون العقار المعين بالذات حيث جعل فيه حق الشفعة دون حق الاسترداد . أما التقنين المدني الجديد فهو $ 854 $ صريح ، كما رأينا ، في أن حق الاسترداد يرد في المجموع من المال وفي المنقول المعين بالذات ( م 833مدني ) .ومثل المجموع من المال هو التركة والمتجر . فإذا باع أحد الورثة حصته الشائعة في التركة لأجنبي ، كان لباقي الورثة أخذ هذه الحصة من الأجنبي عن طريق حق الاسترداد ، حتى لو كانت التركة تشتمل على عقارات كما سبق القول ، ما دامت هذه العقارات مندمجة في هذا المجموع من المال . وإذا باع أحد أصحاب المتجر حصته الشائعة في المتجر لأجنبي ، كان لباقي أصحاب المتجر أخذ هذه الحصة من الأجنبي عن طريق حق الاسترداد .

وكذلك يرد حق الاسترداد ، في التقنين المدني الجديد ، على المنقول الشائع المعين بالذات ، أي غير المندمج في مجموع من المال ، كالسيارات والحلي والجواهر والأواني وأثاث المنزل ( $%&[1] ) ويستوي أن يكون الشيوع ، في المجموع من المال أو المنقول العين بالذات ، ناشئا عن الإرث أو عن غيره . أما في فرنسا يرد حق الاسترداد ، كما قدمنا ، إلا في الشيوع الوراثي .&%$ ) .

وغذ تحدد نطاق حق الاسترداد على هذا النحو ، فإن الشروط الواجب توافرها لاستعمال هذا الحق أربعة : ( 1 ) أن يصدر بيع من أحد الشركاء في الشيوع . ( 2 ) أن يرد هذا البيع على حصة شائعة في منقول أو مجموع من المال . ( 3 ) أن يصدر البيع إلى أجنبي عن الشركاء . ( 4 ) أن يكون المسترد هو أحد الشركاء .

517 الشرط الأول – صدور بيع من أحد الشركاء في الشيوع :

يجب أن يصدر عقد بيع من أحد الشركاء في الشيوع ، ونص المادة 833 / 1 مدني صريح في هذا المعنى ، فقد رأيناه يتكلم عن " الحصة الشائعة التي باعها شريك .. " ولا يقوم مقام البيع أي عقد آخر من عقود التصرف . تبرعا كان أو معاوضة . فإذا وهب الشريك حصته الشائعة أو أوصى بها ، لم يجز استعمال حق الاسترداد لا في الهبة ولا في الوصية ، ذلك أن الشريك إنما وهب أو أوصى لاعتبارات شخصية يتعارض معها استعمال حق الاسترداد . كذلك إذا قايض الشريك على حصته الشائعة ، أو وفاها مقابلاً لدين عليه ، أو قدمها حصة في شركة ، لم يجز استعمال حق الاسترداد ، إذ يصعب $ 855 $ على الشريك المسترد أن يدفع للأجنبي ما أعطاه هذا في قابل الحصة الشائعة . أما في القانون الفرنسي ، فيجوز الاسترداد في جميع عقود المعاوضة ، ولو لم تكن بيعاً .

وقد اشترط القانون صراحة أن يكون البيع الصادر من الشريك بيعاً بالممارسة ( م 833 / 1 مدني ) ، فالبيع بالمزاد لا يجوز فيه استعمال حق الاسترداد كما لا تجوز الشفعة فيما سنرى ، إذ كان الشريك الذي يريد الاسترداد يستطيع أن يدخل في المزاد فلا يمكن الأجنبي من رسو المزاد عليها ، فتخلفه عن ذلك رضاء ضمني منه بأن يكون الأجنبي شريكاً . والبيع بالمزاد الذي يمنع من استعمال حق الاسترداد هو الذي يتم وفقاً لإجراءات رسمها القانون ، كما هو الأمر في الشفعة ( $%&[1] ) انظر المادة 939 / 1 ( أ ) مدني – وانظر إسماعيل غانم فقرة 83 ص 189 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 140 ص 215 - حسن كيرة فقرة 124ص 413هامش 1 .&%$ ) . فيدخل البيع بالمزاد الاختياري إذ أن الشريك كان يستطيع الدخول في المزاد ، ومن ثم لا يجوز فيه استعمال حق الاسترداد ، كما لا يجوز استعمال حق الشفعة .

ولا يجوز طلب الاسترداد إلا عند تمام البيع ، أما إذا كان البيع لا يزال في مرحلة الإيجاب ولم يتم قبوله ولو كان الإيجاب ملزماً ، أو كان من باب أولي في مرحلة تسبق مرحلة الإيجاب الملزم ، فإن الاسترداد يكون سابقاً لأوانه .

وقد أكدت محكمة النقض المبادئ المقتدمة ،إذ قضت بعدم جواز الاسترداد في أثناء إجراءات البيع بالمزاد لعدم إمكان القسمة عينا ، " لأن الحكمة في تحويل هذا الحق للشركاء هي منع تدخل الأجنبي في الملكية الشائعة ، وهذه الحكمة تتوافر بطبيعتها في البيع بالمزاد إذ لهم أن يشتركوا فيه ويشتروا الحصة المعروضة للبيع ويمنعوا الأجنبي من التدخل في الشركة . كما أن طلب المطعون عليه قسمة العين المشتركة وبيعها بالمزاد `إذ لهم أن يشتركوا فيه ويشتروا الحصة المعروضة لبيع ويمنعوا الأجنبي من التدخل في الشركة . كما أن طلب المطعون عليه قسمة العين المشترك ة وبيعها بالمزاد وتحديد ثمن أساسي لهذا البيع لا يعتبر عرضاً ملزماً له بالثمن الذي حدده .. لأن تحديد ثمن البيع عند عدم إمكان القسمة عينا إنما هو للمزايدة " ( $%&[1] ) نقض مدني 30 أكتوبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 9 ص 45 .&%$ ) .

 $ 856 $

518 - الشرط الثاني – ورود البيع على حصة شائعة في منقول أو مجموع من المال : ويجب ثانياً أن يبيع الشريك حصته الشائعة ، كلها أو بعضها ، في منقول أو مجموع من المال . وقد سبق بيان المقصود من المنقول والمجموع من المال ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 516 .&%$ ) . وإذا باع الشريك كل حصته الشائعة ، فإن الأجنبي المشتري يحل محله في هذه الحصة شريكاً مع الشركاء الآخرين ، وهذا ما أراد القانون منعه بتقريره حق الاسترداد حتى لا يقتحم أجنبي حرم الشركاء وإذا باع الشريك بعض حصته الشائعة ، نصفها أو بيعها مثلاً ، فقد تحققت الحكمة كذلك من تقرير حق الاسترداد ، إذ يدخل الأجنبي المشتري هنا أيضاً شريكاً مع نفس الشريك البائع ومع سائر الشركاء ، فإا كان الشريك البائع قد ارتضاه شريكاً معه ، فإن الشركاء الآخرين لم يرتضوه .

ولا بد أن يكون المبيع حصة شائعة ، أما إذا باع الشريك جزءاً مفرزاً ، فإن المشتري لا يدخل شريكاً بمجرد شرائه هذا الجزء المفرز . وسنرى أن المادة 826 / 2 تجعل حقه موقوفاً على نتيجة القسمة ، فإما أن يثبت على الجزء المفرز الذي اشتراه إذا وقع هذا الجزء في نصيب الشريك البائع ،أو ينتقل حقه إلى الجزء المفرز الذي آل إلى الشريك البائع بطريق القسمة . فهو في جميع الأحوال لا يحصل إلا على جزء مفرز من البيع بعد القسمة ، فلا يكون إذن شريكاً في الشيوع مع الشركاء الآخرين ، وتنعدم بذلك حكمة حق الاسترداد ، فلا يجوز إذن استعمال هذا الحق .

519 - الشرط الثالث – صدور البيع إلى أجنبي عن الشركاء : ويجب ثالثاً أن يصدر البيع إلى أجنبي عن الشركاء ، لأنه لو صدر إلى شريك آخر لما كان في ذلك ما يتضرر منه باقي الشركاء ، فالمشتري شريك معهم ، وهو لا يزال معهم بعد أن اشتري الحصة الشائعة ، ولم يستجد على الشركاء أجني يتضررون من دخوله بنيهم . والأمر في حق الاسترداد من هذه الناحية كالأمر في الشفعة ، ففي الشفعة إذا كان المشتري قد توافرت فيه الشروط التي تجعله شفيعاً فإنه يفضل على الشفعاء الذين هو من طبقته ( م 937 / 1 مدني ) ، وفي $ 857 $ الفرض الذي بصدده المشتري شريك أي له حق الاسترداد كسائر الشركاء ، فيفضل عليهم ولا ستطيع شريك آخر أن يسترد منه الحصة الشائعة التي اشتراها .

ويترتب على أن الحكمة من حق الاسترداد استبعاد الأجنبي من الدخول بين الشركاء ، أنه إذا اشترى أجنبي الحصة الشائعة أو عدة حصص شائعة ، وجب على الشريك أو الشركاء الذين يتقدمون للاسترداد أن يستردوا الحصة الشائعة كلها . فلا يكفي إذن أن الشريك المسترد أو الشركاء المستردين يستردون من الحصة أو الحصص الشائعة المبيعة بنسبة ما يملكون في المال الشائع ، وإلا بقى الأجنبي شريكاً بما يتبقى له من الحصة أو الحصص الشائعة التي اشتراها ، وهذا يتنافى مع الحكمة من حق الاسترداد ( $%&[1] ) محمد كامل مرسي 2 فقرة 82 – محمد على عرفة فقرة 314 - عبد المنعم البدراوي فقرة 148 - إسماعيل غانم فقرة 83ص 190 - حسن كيرة فقرة 124ص 415 - منصور مصطفي منصور فقرة 66ص 157 - ص 158 .

أما إذا كان أجنبيان قد اشتري كل منهما حصة شائعة لأحذ الشركاء ، فإنه يجوز لشريك ثالث أن يسترد من أحد الأجنبيين دون الآخر الحصة الشائعة التي اشتراها ، فقد يتضرر من دخول هذا الأجنبي شريكاً ولا يتضرر من دخول الآخر .&%$ ) .

520 - الشرط الرابع – المسترد هو أحد الشركاء : ويجب أخيراً أن يكون المسترد للحصة هو أحد الشركاء ، وهذا واضح فغن الشركاء هم الذين يتضررون من دخول أجنبي بينهم ، ولذلك يثبت لهم هم دون غيرهم الحق في الاسترداد .وكان الرأي السائد في عهد التقنين المدني السابق أن الشريك الذي يسترد يجب أن يكون شريكاً أصلياً أي شريكاً منذ بدء الشيوع ، فإذا خلف هذا الشريك الأصلي خلف عام الكوارث أو خلف خاص كمشتر لم يكن لهذا الخلف وهو شريك غير أصلي الحق في الاسترداد ( $%&[1] ) استئناف وطني دوائر مجتمعة 30نوفمبر سنة 1922 المحاماة 3 رقم 40ص 71 - نقض مدني 24مايو سنة 1945مجموعة عمر 4 رقم 259ص 698 .&%$ ) . ولكن التقنين المدني الجديد ، لما أطلق لفظ " الشريك " ، لم يميز بين شريك أصلي وشريك غير أصلي ،فيجوز إذن لخلف الشريك الأصلي من وارث $ 858 $ أو مشتر أو نحو ذلك أن يسترد الحصة الشائعة المبيعة ما دام شريكاً في الشيوع وقت البيع . وفي ذلك تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " ولم ير المشروع التمييز بين شريك أصلي وشريك عارض " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 98 – وانظر محمد علي فقرة 311 - عبد المنعم البدراوي فقرة 144 - إسماعيل غانم فقرة 83 ص 189 - حسن كيرة فقرة 125 - منصور مصطفي منصور فقرة 66 ص 157 .&%$ ) .

وغذا اشتري أجنبي حصة أو حصصاً شائعة ، وتقدم لاستردادها عدد من الشركاء ، فإن كل شريك منهم ، عند عدم الاتفاق ، يسترد من الحصة أو الحصص المبيعة بنسبة حصته . وهذا الحكم منصوص عليه صراحة في المادة 833 / 2 مدني إذ تقول كما رأينا : " وإذا تعدد المستردون ، فلكل منهم أن يسترد بنسبة حصته " .

والشريك وحده هو الذي يسترد ، فهذه رخصة له أو هي حق متصل بشخصية ، فلا يجوز لدائنيه أن يستعملوا هذا الحق باسمه وان ستردوا نيابة عنه ( $%&[1] ) الوسيط 2 فقرة 542 - محمد على عرفة فقرة 311 - عبد المنعم البدراوي فقرة 144 - حسن كيرة فقرة 125ص 416 - منصور مصطفي منصور فقرة 66ص 157 .

ويجب أن يكون الشريك المسترد شريكاً في الملك أو على الأقل في الرقبة ، أما الشريك في حق الانتفاع فلا يجوز له الاسترداد لأن النص مقصورعلى الشيوع في الملك ، وهو نص استثنائي لا يجوز التوسع فيه ( محمد كامل 2 فقرة 73 ) .&%$ ) .

( ب ) إجراءات الاسترداد

521 - ميعاد الاسترداد : يجب طلب الاسترداد قبل القسمة ، ويكون ذلك كما تقول المادة 833 / 1 مدني فيما رأينا " خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمه ( علم الشريك المسترد ) بالبيع أو من تاريخ إعلانه به " .

والذي يقع عملاً هو أن الشريك البائع لحصته الشائعة ، أو من اشتري منه هذه الحصة ، يبادر ( $%&[1] ) ولم يعين القانون ميعادا للإعلان ، بل ترك ذلك ليقظة صاحب الشأن ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 98 ) .&%$ ) إلى إعلان باقي الشركاء بالبيع . ولم يشترط القانون أن يكون هذا الإعلان رسمياً على يد محضر كما اشترط ذلك في الشفعة ، ومن $ 859 $ ثم يصح أن يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، ويصح أن يكون شفوياً ولكن يقع عبء الإثبات على الشريك البائع والمشتري .

ومتى تم الإعلان للشركاء ، فعلي الشريك الذي يريد أن يسترد أن يطلب الاسترداد من كل من الشريك البائع والمشتري ، وذلك في خلال ثلاثين يوما من يوم إعلانه بالبيع .

وليس إعلان البيع ضرورياً ، فقد لا يعلن الشركاء بالبيع ، ومع ذلك إذا ثبت علم شريك فعلاً بهذا البيع ، فإن هذا الشريك يجب إذا أراد الاسترداد أن يطالب به في خلال ثلاثين يوما من يوم علمه بالبيع . وعبء إثبات العلم بالبيع يقع على الشريك البائع وعلى المشتري ، والعلم واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق .

فإذا انقضى ميعاد الثلاثين يوما محسوباً من يوم إعلان بالبيع أو من يوم العلم به بحسب الأحوال ، ولم يطلب أي من الشركاء الاسترداد ( $%&[1] ) أو طلب أحد الشركاء الاسترداد بإعلان وجهه في الميعاد للبائع دون المشتري ، أو للمشتري دون البائع ،إذ أن طلب الاسترداد لا يعتد به إلا إذا وجه في الميعاد القانوني إلى كل من المشتري والبائع .&%$ ) . فقد سقط الحق فيه ، واصبح بيع الحصة الشائعة للأجنبي بيعاً باتاً لا يجوز الاسترداد فيه .

522 - كيف يحصل الاسترداد : كل ما قاله القانون في هذا الشأن هو أن الاسترداد يتم " بإعلان يوجه إلى كل من البائع والمشتري " ( م 833 / 1 مدني ) فمن يريد من الشركاء استرداد الحصة الشائعة المبيعة ، عليه أن يعلن ، في خلال ثلاثين يوما من يوم إعلانه بالبيع ،أو من يوم علمه به ، كلا من البائع والمشتري أنه يسترد الحصة المبيعة . ولم يحدد القانون هنا أيضاً ،كما حدد للشفعة ، شكلاً خاصاً للإعلان . فيجوز أن يكون الإعلان على يد محضر وهذا هو الأسلم ، كما يجوز أن يكون بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول أو غير مصحوب به ، أو بكتاب غير مسجل ، بل قد يكون الإعلان شفوياً على أن يكون عبء إثباته على الشريك المسترد .

ويجب على الشريك ، وهو يسترد الحصة الشائعة المبيعة ، أن يعرض استعداده ، في الإعلان الذي يطلب فيه الاسترداد ، لدفع الثمن والفوائد $ 860 $ والمصروفات . ولكن لا يشترط أن يعرض ذلك عرضاً حقيقياً ، بل ولا أن يودع الثمن خزانة المحكمة كما يجب الإيداع في الشفعة بل يكفي أن يظهر المسترد استعداده لأن يدفع الثمن وملحقاته للبائع ، أو للمشتري إذا كان قد دفع الثمن للبائع ( $%&[1] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 98 - وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن المادة 462 مدني ( قديم ) لم توجب على طالب الاسترداد أن يعرض الثمن خلافاً لما هو مقرر في قانون الشفعة ، وهذا يفيد أنه لا يجوز رفض طلب الاسترداد بمقولة أن الثمن الذي عرضه الطالب هو دون الثمن الذي ثبت لدى القضاء أنه الثمن الحقيقي ، إلا أن أعرض الطالب عن الاسترداد مقابل هذا الثمن بعد أن تتاح فرصة العلم به فإذا كان ثمن الحصة المبيعة بقى مختلفاً عليه إلى أن حسمت محكمة الاستئناف هذا الخلاف بحكمها مثبتة فيه الثمن الحصة المبيعة بقى مختلفاً عليه إلى أن حسمت محكمة الاستئناف هذا الخلاف بحكمها مثبتة فيه الثمن الحقيقي ، ثم حكمت المحكمة في ذات الوقت برفض طلب الاسترداد لكون الطالب لم يبد استعداده لدفع هذا الثمن ، فإنها تكون قد خالفت القانون ( نقض مدني 18 أبريل سنة 1946مجموعة عمر 5 رقم 65ص 152 ) .&%$ ) .

فإذا استرد الشريك الحصة الشائعة المبيعة على النحو الذي قدمناه ، بأن أعلن كلا من البائع والمشتري باسترداده لهذه الحصة وباستعداده لدفع المقابل ، فإنه لا يبقى بعد ذلك إلا أن يتسلم المسترد الحصة الشائعة وان يدفع المقابل أما للبائع إذا كان هذا لم يتسلم شيئاً من المشتري ، أو للمشتري نفسه إذا كان قد دفع الثمن للبائع .

وفي رأينا أنه لا حاجة إلى تنظيم دعوى قضائية بشيء من ذلك كما نظمت دعوى الشفعة ، وذلك على أساس أن الاسترداد يكون قد تم فعلاً بمجرد إعلانه لكل من البائع والمشتري عل الوجه الذي قدمناه ، ونستند في ذلك إلى التفصيل الذي سنورده فيها يلي متعلقاً بتحديد الوقت الذي يتم فيه الاسترداد .

523 - متى يتم الاسترداد : في رأينا ، كما قدمنا ، أن الاسترداد يتم بمجرد إعلان الشريك المسترد استرداده للحصة الشائعة المبيعة لكل من البائع والمشتري . فإذا تم الإعلان لكل من هذين الاثنين ، فقد تم الاسترداد ، وأصبح المسترد مالكاً للحصة الشائعة المبيعة ومديناً بالثمن وملحقاته ، ومع مراعاة وجوب التسجيل لنقل ملكية العقار إذا كانت الحصة الشائعة في مجموع من المال يشتمل على عقارات . فإذا امتنع من يجوز الحصة الشائعة ، البائع أو المشتري ، $ 861 $ من تسليمها إلى المسترد ، كان لهذا أن يرفع دعوى يطالب فيها بثبوت الاسترداد والتسليم . وإذا امتنع المسترد من دفع الثمن وملحقاته ، كان لصاحب الشأن البائع أو المشتري ، أن يرفع دعوى يطالب فيها المسترد بالدفع . وهذا هو السبب في رأينا ، في أن المشرع لم يعن بتنظيم الدعوى القضائية التي تلي الإعلان بالاسترداد أن كان لها مقتص ، كما نظم دعوى الشفعة ، إذ ترك الدعوى القضائية في الاسترداد خاضعة للقواعد العامة ، بعد أن قرر أن الاسترداد يتم بالإعلان الذي يوجهه المسترد إلى كل من البائع والمشتري . فقد نصت الفقرة الأولي من المادة 833 مدني صراحة على ذلك ، إذ تقول كما رأينا : " ويتم الاسترداد بإعلان يوجه إلى كل من البائع والمشتري " . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " فإن أعلن المسترد رغبته في الاسترداد واتفق الجميع ، حل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته كما في الشفعة ، وعوض المسترد المشتري كل ما أنفقه . وإذا لم يتم الاتفاق ، تولت المحكمة الفصل في الأمر " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 98 .&%$ ) . والذي تتولى المحكمة الفصل فيه هو إلزام المسترد بدفع الثمن وملحقاته إذا رفع البائع أو المشتري الدعوى بذلك على المسترد ، أو ثبوت حق المسترد في الاسترداد وإلزام البائع أو المشتري بتسليم الحصة الشائعة المبيعة إليه إذا رفع هذا الأخير الدعوى بذلك على البائع أو المشتري وتسري القواعد العامة في كل ذلك ( $%&[1] ) وقد صرحت محكمة النقض ، حتى في ظل التقنين المدني السابق ، بتطبيق القواعد العامة في الدعوى بطلب استرداد الحصة المبيعة . فقضت بأن القانون لم يأت بقواعد خاصة لرفع الدعوى بطلب استرداد الحصة المبيعة ، فيتعين أن تطبق في هذا الصدد القواعد العامة . ولكن لما كان هذا الاسترداد نوعا من الشفعة ، كانت الدعوى به خاضعة لما تقتضيه هذه النوعية من القواعد الموضوعية لدعوى الشفعة . أما ما جاء به قانون الشفعة من أحكام خاصة بدعوى الشفعة غير متصلة بهذه النوعية ، فإنه – إذا كان وارد على خلاف أحكام القانون العام ومن ثم لايصح القياس عليه – لا يطبق على دعوى الاسترداد . وإذ كان في الاسترداد ،كما في الشفعة ، يحل المسترد بالنسبة إلى البائع محل المشتري في جميع ما كان له من الحقوق وما عليه من الواجبات ، ويعتبر المبيع كأنه بيع مباشرة من البائع للمشتري ، فإنه يكون من اللازم إدخال البائع في دعوى الاسترداد ( لم يرد في التقنين السابق كما ورد في التقنين الجديد وجوب إدخال البائع والمشتري ) كما يلزم في دعوى الشفعة . أما الحكم الخاص بوجوب إعلان المشتري والبائع في الميعاد المعين لاستئناف دعوى الشفعة ، فلا يسري لأنه حكم استثنائي بل الذي يسري هنا هو حكم القانون العام ( نقض مدني 27 ديسمبر سنة 1945مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما ً جزء أول ص 215 ) .&%$ ) .

 $ 862 $

ولكن يلاحظ أن الاسترداد الذي تم على هذا الوجه استرداد معلق على شرط واقف ،هو دفع المسترد الثمن وملحقاته . فإن هو امتنع عن ذلك ، في الميعاد الذي تحدده المحكمة إذا طلب إليها تحديد ميعاد ، جاز لأي من البائع أو المشتري أن يرفع دعوى على المسترد باعتبار الاسترداد كأن لم يكن لتخلف الشرط الواقف . ويؤيد ذلك العبارة الأخيرة التي وردت في الفقرة الأولي من المادة 833 مدني ، فهي تجري كما رأينا على الوجه الأتي : " ويحل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته ، إذا هو عوضه عن كل ما أنفقه " . فحقوق المسترد محل المشتري في جميع الحقوق والالتزامات – وهذا هو عين الاسترداد – مشترط إذن بدفع الثمن وملحقاته ، وهذا هو المستفاد بوضوح من عبارة " إذا هو عوضه عن كل ما أنفقه " .

ونحن فيما قدمناه قد التزمنا نص التقنين المدني الجديد ، ولم يورد هذا التقنين شيئاً عن دعوى الاسترداد يقابل النصوص التي أوردها في دعوى الشفعة . وقد أثارت دعوى الشفعة كثيراً من النقاش سنعرض له في موضعه ، وقد كفانا التقنين المدني الجديد مؤونة ذلك فيما يتعلق بحق الاسترداد ، فلزم أن نخضع أي دعوى تتعلق بهذا الحق للقواعد العامة ( $%&[1] ) ومع ذلك يبدو أن اتجاه الفقه المصري هو في جعل دعوىالاسترداد مماثلة لدعوى الشفعة ، من حيث أن كلا من الاسترداد والشفعة إذا لم يتم رضاء وجب أن يتم قضاء ، فالحكم بالاسترداد يعتبر على ما يظهر منشئا لحق الاسترداد ( انظر عبد المنعم البدراوي فقرة 147 - عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 144ص 216 - محمد علي عرفة فقرة 315ص 421 - إسماعيل غانم فقرة 84 ص 191 - حسن كيرة فقرة 126ص 419 – محمد حامد فهمي في تعليقه في مجموعة عمر 5 ص 23 - ص 24هامش 1 ) .

وإذا سلمنا أن الدعوى الاسترداد مماثلة لدعوى الشفعة من هذا الوجه . فلا بد من القول بأن القانون لم يحدد لدعوى الاسترداد مواعيد كما حدد لدعوى الشفعة ، فيجوز رفعها إذن في أي وقت قبل تمام قسمة الشيء الشائع ، بشرط توجيه الإعلان بالاسترداد إلى كل من البائع والمشتري في ميعاد الثلاثين يوما المحدد في المادة 833 / 1مدني . ومع ذلك ذهبت محكمة النقض إلى اعتبار ميعاد الثلاثين يوماً المحدد للإعلان بالاسترداد ميعادا أيضاً لرفع دعوى الاسترداد ( نقض مدني 16 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 30ص 225 : انظر في نقد الحكم إسماعيل غانم فقرة 84ص 191عبد المنعم البدراوي فقرة 147ص 167 . حسن كيرة فقرة 126ص 419هامش 3 - منصور مصطفي منصور فقرة 66ص 158هامش 1 ، وانظر في تأييده عبد المنعم فرج الصدة فقرة 141 ص 216 ) .&%$ ) .

 $ 863 $

ويجب في الدعوى التي رفعها المسترد بثبوت حقه في الاسترداد اختصام البائع والمشتري معاً في جميع مراحلها حتى مرحلة الطعن بالنقض . ذلك أن الأثر الذي يترتب على الاسترداد ، كما سنرى ، هو حلول المشتري محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته قبل البائع . فالخصوم في الدعوى هم إذن من جهة المسترد الذي يطالب بثبوت حقه في الاسترداد ، ومن جهة أخرى المشتري الذي يطلب المسترد أن يحل محله والبائع الذي يطلب المسترد أن يحل هو محل المشتري قبله ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن دعوى استرداد الحصة المبيعة لأجنبي على الشيوع هي دعوى تحويل الحقوق والالتزامات فيما بين البائع والمشتري إلى ما بين البائع والمسترد فنزول صلة البائع بالمشتري وتحل محلها صلة البائع بالمسترد . ويعتبر المبيع كأنه بيع مباشرة إلى المسترد ، ومن ثم تكون هذه الدعوى غير قابلة للتجزئة ، ويجب اختصام البائع والمشتري فيها في كافة مراحل التقاضي ، بما فيها مرحلة الطعن بالنقض ( نقض مدني 18 ديسمبر سنة 1952مجموعة أحكام النقض 4 رقم 35ص 221 ) .&%$ ) .

( جـ ) الآثار التي تترتب على الاسترداد

524 - تكييف الاسترداد : ليس الاسترداد بإعادة بيع من المشتري إلى المسترد ، فيكون البائع باع حصته الشائعة إلى المشتري ، ثم باعها المشتري إلى المسترد كما ذهب بعض الفقهاء ( $%&[1] ) انظر بودري وفال في المواريث 3 فقرة 2674 - فال في تعليقه في سيريه 93 - 1 - 17 - &%$ ) . فإن هذا الرأي يتعارض مع الرأي الغالب في الفقه الفرنسي ، ويتعارض مع صريح النص في التقنين المدني المصري فإن المادة 833 / 1 من هذا التقنين تقول كما رأينا : " ويحل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته " . فالاسترداد إذن هو إحلال المسترد محل المشتري في الصفقة التي عقدها هذا الأخير مع الشريك البائع ، فهو حلول شخصي بموجبه أخذ المسترد مكان المشتري وأصبح هو المشتري مباشرة من البائع ، وأصبحت له جميع حقوق المشتري وعليه جميع التزاماته ، وذلك لا من وقت الاسترداد فحسب ، بل ينسحب هذا الحلول بأثر رجعي إلى وقت البيع $ 864 $ الصادر من الشريك البائع إلى المشتري .فيكون للأسترداد أثر رجعي ، ويعتبر بيع الحصة الشائعة كأنه صدر ابتداء إلى المسترد ، ويختفي شخص المشتري ، ولا يبقي إلا البائع والمسترد ، وكأن البائع كما قدمنا قد باع حصته الشائعة للمسترد منذ البداية ( $%&[1] ) وقد رأينا محكمة النقض تقضي بأن دعوى استرداد الحصة المبيعة لأجنبي على الشيوع هي دعوى بتحويل الحقوق من الالتزامات فيما بين البائع والمشتري إلى ما بين البائع والمسترد ، فنزول صلة البائع بالمشتري وتحل محلها صلة البائع بالمسترد ، ويعتبر المبيع كأنه بيع مباشرة إلى المسترد ( نقض مدني 18ديسمبر سنة 1952مجموعة أحكام النقض 4 رقم 35ص 221 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) .

وانظر في أن للاسترداد أثراً رجعياً : أوبري ورو 10فقرة 621ثالثاً ص 148 - بيدان وليبان 5 مكرر فقرة 894 - بلانيول وربير وموري وفيالتون 4 فقرة 562 – ريبير وبولانجية 4 سنة 1959فقرة 2834 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Succesion فقرة 1320 - فقرة 1325 - محمد كامل مرسي 2 فقرة 90 - عبد المنعم البدراوي فقرة 149ص 178 - إسماعيل غانم فقرة 85ص 193 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 136ص 183 – وانظر في نقد فكرة الأثر الرجعي وعدم ضرورتها وإمكان الاستغناء عنها بفكرة انتقاء الرابطة الاستخلافية بين المسترد والمشتري حسن كيرة فقرة 127 ص 425هامش 4,3 .ويلاحظ انتفاء الرابطة الاستخلافية بين المسترد والمشتري معناه أن المسترد قد حل محل المشتري وأصبح خلفاً للبائع لا للمشتري . ولا يأتي هذا إلا إذا قلنا أن المسترد قد حل حلولاً رجعيا محل المشتري . فالأثر الرجعي هو نفسه الذي ينفي فكرة الاستخلاف بين المسترد والمشتري .,&%$ ) .

وهذا التكييف ، الذي ينص عليه صراحة التقنين المدني المصري ( 833 / 1 ) كما سبق القول ، يقتضينا أن نبحث ، بعد أن تم الاسترداد ، علاقة المسترد بالمشتري ، ثم علاقة المسترد بالبائع ، ثم علاقة المشتري بالبائع .

525 - علاقة المسترد بالمشتري :يحل المسترد محل المشتري في الصفقة التي عقدها هذا الأخير مع البائع ، ويكون هذا الحلول بأثر رجعي كما قدمنا . فيعتبر المسترد هو المشتري مباشرة من البائع ، ويحل محل المشتري لا يمن وقت الاسترداد فحسب بل من وقت البيع ، وكأن المسترد هو الذي اشترى الحصة الشائعة من الشريك البائع منذ البداية . على ذلك تنتفي رابطة الاستخلاف بين المسترد والمشتري ، وتقوم هذه الرابطة بين المسترد والبائع . وتترتب على ذلك النتائج الآتية :

1 - أي تصرف يكون قد أجراه المشتري في الحصة الشائعة المبيعة يسقط $ 865 $ ولا يحتج به على المسترد ، فيتخلص للمسترد الحصة المبيعة خالة من أي حق رتبه عليها المشتري . فإذا كان المشتري قد رهن الحصة الشائعة مثلاً قبل استرداد أو رتب عليها حق انتفاع ، فبالاسترداد توؤل الحصة الشائعة للمسترد خالصة من حق الرهنو أو حق الانتفاع ( $%&[1] ) أوبري ورو 10فقرة 621ثالثاً ص 148 - بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 894 - بلانيول وربير وموري وفيالتون 4 فقرة 562 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Succession فقرة 1323 - عبد المنعم البدراوي فقرة 149 ص 179 - إسماعيل غانم فقرة 85ص 193 - حسن كيرة فقرة 127ص 429 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 136ص 183 .&%$ ) .

2 - وما دام المسترد يعتبر كأنه اشتري مباشرة من البائع ، فالمشتري لا يلتزم له بضمان الاستحقاق والذي يلتزم بهذا الضمان هو البائع . فإذا استحقت الحصة الشائعة ، رجع المسترد على البائع بالضمان . وإذا كان المسترد مهدداً بالاستحقاق ، فليس له أن يمتنع لهذا السبب عن الوفاء للمشتري بالثمن وملحقاته ، لأن المشتري ليس هو الملزم بالضمان . وعلى العكس من ذلك للمسترد أن يمتنع لهذا السبب عن الوفاء للبائع بالثمن إذا كان هذا الأخير لم يستوف الثمن من المشتري ، وذلك لأن البائع هو الملزم بالضمان كما قدمنا ( $%&[1] ) أوبري ورو 10 فقرة 621ثالثاً ص 149وهامش 67مكرر . بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 894 - بلانيول وربير وموري وفيالتون 4 فقرة 562 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Succession فقرة 1321 - محمد كامل مرسي 2 فقرة 90 - محمد على عرفة فقرة 315 - عبد المنعم البدراوي فقرة 149 ص 179 - إسماعيل غانم فقرة 85ص 194 - حسن كيرة فقرة 127ص 428 - ص 429 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 136ص 183 .&%$ ) .

3 - الأصل أن المسترد يلتزم بدفع الثمن إلى البائع ، ما دام المسترد معتبراً أنه اشتري مباشرة من هذا الأخير ، وإذا كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً انتفع المسترد بالتأجيل أو بالتقسيط وذلك على خلاف حكم الشفعة لورود نص خاص فيها ،ولكن إذا كان المشتري قد دفع الثمن إلى البائع قبل الاسترداد ، فعلى المسترد أن يرده إلى المشتري مع فوائده من يوم دفعه قياساً على استرداد الحق المتنازع فيه ( م 469 / 1 مدني ) ( $%&[1] ) أوبري ورو 10فقرة 621فقرة ثالثاً ص 146وهامش 57 - بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 894 - بلانيول وريبير وموري وفيالتون 4 فقرة 559 - انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Succession فقرة 1326 - إسماعيل غانم فقرة 85ص 192 - حسن كيرة فقرة 127ص 427 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 136ص 182 .&%$ ) . والى جانب ذلك يلتزم المسترد بأن $ 866 $ يدفع إلى المشتري ما تحمله من نفقات ، كرسوم التسجيل والسمسرة ومصروفات الحفظ والصيانة وسائر مصروفات الإدارة . وفي مقابل كل ذلك يلتزم المشتري بأن يرد إلى المسترد الثمار التي حصل عليها من يوم البيع إلى يوم الاسترداد ( $%&[1] ) أوبري ورو 10فقرة 621ثالثاً ص 146وهامش 57 - بلانيول وربير ومور وفياللتون 4 فقرة 559 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Succession فقرة 1338 - إسماعيل غانم فقرة 85ص 193 - حسن كيرة فقرة 127 - ص 428 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 136ص 182 .&%$ ) .

526 - علاقة المسترد بالبائع : قدمنا أن المسترد يحل محل المشتري قبل البائع ، فيصبح هو المدين بالتزامات المشتري نحو البائع وهو الدائن له بحقوق المشتري ، وقد رأينا أن المادة 833 / 1 مدني تقول " يحل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته " . ويترتب على ذلك النتيجتان الآتييتان :

1 - إذا لم يكن المشتري قد وفي الثمن للبائع ، فإن الملتزم بوفائه نحو البائع هو المسترد ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . وقدمنا أيضاً أن المسترد يحل محل المشتري في نفس العقد وشروطه ذاتها ، فإذا كان هناك أجل لدفع الثمن أفاد منه المسترد ، وإذا كان الثمن مقسطاً دفعه المسترد بالتقسيط ، وذلك على خلاف الشفعة حيث لا يفيد الشفيع لا من التأجيل ولا من التقسيط بل يجب عليه تعجيل الثمن ( $%&[1] ) أوبري ورو 10 فقرة 621ثالثاً ص 149 - 150 - بلانيول وربير ومروي وفيالتون 4 فقرة 559 - محمد كامل مرسي 2 فقرة 91 - محمد على عرفة فقرة 135 - عبد المنعم البدراوي فقرة 149 - إسماعيل غانم فقرة 85 ص 193 .&%$ ) . ويلاحظ أن الثمن إذا كان مؤجلاً أو مقسطاً ، وأراد المسترد أن يفيد من التأجيل أو التقسيط ، جاز للبائع أن يلزمه بتقديم تأمين كاف ( $%&[1] ) أوبري ورو 10 فقرة 621 ثالثاً ص 149 - ص 150 - بلانيول وريبير وموري وفيالتون 4 فقرة 559 .&%$ ) .

ولا يلتزم المسترد نحو نحو البائع إلا بدفع الثمن الحقيقي ، فإذا ثبت أن الثمن المذكور في عقد بيع الحصة الشائعة هو أكبر من الثمن الحقيقي فليس عليه أن يدفع إلا الثمن الحقيقي ، وله أن يثبت صورية الثمن بجميع طرق الإثبات ( $%&[1] ) أوبري ورو 10 فقرة 621ثالثاً ص 144 وهامش 5 – بيدان وليبال 5 فقرة 893 - لانيول وريبير وموري وفيالتون 4 فقرة 559 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Succession فقرة 1328 - محمد كامل مرسي 2 فقرة 87 – عبد المنعم البدراوي فقرة 149 - إسماعيل غانم فقرة 85ص 193 - حسن كيرة فقرة 127ص 430 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 136 .&%$ ) .

 $ 867 $

2 - ويلتزم البائع بنقل ملكية الحصة الشائعة المبيعة إلى المسترد ، فتنتقل هذه الملكية مباشرة إلى المسترد ، وتنتقل الملكية إلى المسترد من وقت إبرام عقد البيع لا من وقت الاسترداد ، في الحصة الشائعة في المنقول المعين بالذات . أما إذا كان المبيع حصة شائعة في مجموع من المال يشتمل على عقار ، فلا بد لانتقال الملكية في هذا العقار من التسجيل ، فإن كان المشتري قد سبق له أن سجل عقد البيع ،فيكفي أن يؤشر المسترد على هامش هذا التسجيل ، فإن كان المشتري قد سبق له أن سجل عقد البيع ، فيكفي أن يؤشر المسترد على هامش ذا التسجيل بالاسترداد أما إذا كان المشتري لم يسبق له التسجيل ، فعلى المسترد أن يقوم بتسجيل الاسترداد حتى تنتقل إليه الملكية ( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 316 - عبد المنعم البدراوي فقرة 149 - إسماعيل غانم فقرة 85 ص 194 - حسن كيرة فقرة 127ص 435 - ص 436 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 136 . وإذا سجل المسترد صحيفة دعوى الاسترداد ، فإن الحكم بالاسترداد يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية من المشتري بعد تسجيل صحيفة الدعوى ، سواء كان هؤلاء سيئ النية أو حسن النية ولا يكون الحكم بالاسترداد حجة على الغير إذا كسب حقه بحسن نية قبل هذا التسجيل . وذلك على طريق قياس دعوى الاسترداد على دعاوى إبطال التصرف أو فسخه أو إلغائه أو الرجوع فيه ، فيما يتعلق بقانون الشهر العقاري ( انظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 85ص 194 وهامش 1وقارن حسن كيرة فقرة 127ص 433هامش 1 ) .

وإذا تعاقبت البيوع حصل الاسترداد من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها إذا تم البيع الثاني قبل إعلان المسترد رغبته في الاسترداد ،وذلك قياسا على أحكام الشفعة ( م 938 مدني ) . انظر حسن كيرة فقرة 127ص 433هامش 1 .&%$ ) . وما دامت الملكية تنتقل مباشرة من البائع إلى المسترد ، فالبائع هو الملتزم بضمان الاستحقاق ، وقد سبق بيان ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 525 .&%$ ) .

527 - علاقة البائع بالمشتري : قدمنا أن المسترد بحل محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته نحو البائع ، ويعتبر البيع قد وقع مباشرة للمسترد وعلى ذلك نزول العلاقة التي كانت قائمة بين البائع والمشتري قبل الاسترداد ويكون زوالها بأثر رجعي فتعتبر كأن لم تكن ، وينبني على ذلك ما يأتي :

1 - زوال الحقوق التي كانت للمشتري قبل البائع ، إذ أن هذه الحقوق قد أصبحت بالاسترداد للمسترد دون المشتري . فلا يجوز للمشتري ، بعد الاسترداد ، أن يطالب البائع بأي حق من هذه الحقوق ، لا بنقل ملكية $ 868 $ الحصة الشائعة المبيعة ، ولا بضمان الاستحقاق . والذي يطالب بذلك هو المسترد كما سبق القول .

2 - زوال الالتزامات التي كانت في ذمة المشتري للبائع إذ أن هذه الالتزمات قد أصبحت بالاسترداد والتزامات في ذمة المسترد كما قدمنا . ومن م لا يجوز للبائع ، بعد الاسترداد ، أن يطالب المشتري بالثمن إذا لم يكن قد استوفاه منه قبل الاسترداد ، وان يطالب المشتري بالثمن إذا لم قد استوفاه منه قبل الاسترداد . والذي يطالبه البائع بالثمن هو المسترد ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .

3 - رجوع العلاقة ما بين البائع والمشتري إلى ما كانت عليه قبل البيع فإذا كان البيع قد ترتب عليه أن وقعت مقاصة ما بين البائع والمشتري بشأن الثمن ، أو اتحدت ذمة البائع والمشتري ، فإن كل هذا يزول بالاسترداد ،ويرجع الحق الذي كان للمشتري في ذمة البائع وسقط بالمقاصة إلى ما كان عليه ، كما يزول اتحاد الذمة ( $%&[1] ) أوبري ورو 10فقرة 621ثالثاً ص 148 - ص 149 - بلانيول وريبير وموري وفيالتون 562 - بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 894 - بلانيول وربير وبولاجيه 4 سنة 1959 فقرة 2834 - أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ Succession فقرة 1325 - حسن كيرة فقرة 127ص 438 .&%$ ) .

المطلب الثاني

تصريف الشريك في شيء مفرز

1 - تصرف الشريك في جزء مفرز من المال الشائع

528 - نص قانوني : تنص الفقرة الثانية من المادة 826 مدني على ما يأتي :

 " وإذا كان التصرف منصباً على جز مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف ، انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء آل إلى المتصرف بطريق القسمة .وللمتصرف إليه إذا يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة ، الحق في إبطال التصرف " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1194 / 2 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : " إذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ، فلا يكون التصرف أثر إلا إذا وقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب الشريك الذي صدر منه التصرف " . وفي لجنة المراجعة عدل النص بما يجعل حكمه متفقا مع حكم الرهن في المال الشائع من جهة ومع حكم بيع ملك الغير من جهة أخرى ، أي جعل حق المشتري يرد على العين المفرزة التي يختص بها البائع عند القسمة ، سواء كانت العين المبيعة أو غيرها . وجعل للمشتري الحق في إبطال البيع في حالة ما إذا كانت العين المفرزة هي غير العين المبيعة . وصار رقم النص 897 / 2 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 895 / 2 بعد استبدال لفظ " التصرف " بلفظ " البيع " ، فصار النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 826 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 80 - ص 83 ) .&%$ ) .

 $ 869 $

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ( $%&[1] ) وفي عهد التقنين المدني السابق ، كان تصرف الشريك في جزء مفرز من المال الشائع يعتبر تصرفا موقوفاً على نتيجة القسمة . فإذا وقع الجزء المفرز في نصيب الشريك المتصرف أصبح تصرفه باتا ، أما إذا لم يقع فإنه يتبين أن التصرف في الجزء الفرز قد صدر من غير مالك فيجوز للمتصرف إليه طلب إبطاله .ولا ينتقل التصرف كما ينتقل في التقنين المدني الجديد ، إلى الجزء المفرز الذي وقع في نصيب الشريك المتصرف انظر نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1950مجموعة أحكام النقض 2 رقم 27ص 135 - 30يونيه سنة 1955مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزئ أول ص 375 - 28يونيه سنة 1965مجموعة أحكام النقض 7رقم 807ص 760 - استئناف أسيوط 13أكتوبر سنة 1947المجموعة الرسمية 49رقم 3 ص 73 ) .&%$ ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية :في التقنين المدني السوري م 781 / 2 - وفي التقنين المدني الليبي م 835 / 2 - وفي التقنين المدني العراقي م 1062 / 2 – وفي قانون الملكية العقارية اللبناني م 2 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 781 / 2( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 835 / 2 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1062 / 2 : وإذا تصرف الشريك في جزء من المال الشائع ، فلا يكون للتصرف أثر إلا إذا وقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب هذا الشريك . ( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري في أنه إذا لم يقع الجزء المفرز في نصيب الشريك المتصرف عند القسمة ، لم يكن للتصرف أثر في التقنين العراقي ، ولم ينتقل إلى الجزء المفرز الذي وقع في نصيب الشريك المتصرف ) .

قانون الملكية العقارية اللبناني م 20 : لا يجوز لأي شريك كان في عقار شائع أن يستعمل حقوقه على كل العقار أو على جزء معين منه بدون رضاء سائر الشركاء الباقين . و( الظاهر أن حكم التصرف في الجزء المفرز من المال الشائع ، في القانون اللبناني ، لا يكون صحيحاً إلا بموافقة جميع الشركاء ) .&%$ ) .

 $ 870 $

ويحسن ، قبل بحث هذه المسألة ( $%&[1] ) انظر في هذا البحث حسن كيرة في تصرف الشريك في جزء مفرز من المال الشائع ، فصله من مجلة كلية الحقوق العددين الثالث والرابع لعام سنة 1962 - سنة 1963 . وسنرمز بهذا البحث ، عند الإشارة إليه ، بالعبارة الآتية : حسن كيرة – فصلة من مجلة كلية الحقوق .&%$ ) . أن نضعها وضعاً عملياً مبسطاً . فنفرض أن هناك ارضاً شائعة بين شريكين لكل منهما النصف في الشيوع ، وان أحد الشريكين حدد جزاً مفرزاً من هذه الأرض بمقدار النصف وباعه مفرزاً ، متوقعاً أن هذا الجزء الذي باعه هو الذي سيقع في نصيبه عند القسمة .وهنا يجب التمييز بين فرضين :

( الفرض الأول ) أن يكون المشتري للجزء المفرز قد اعتقد أن الشريك في حالة الشيوع ، وان الجزء المفرز الذي باعه هذا الشريك لا يزال شائعاً بينه وبين الشريك الآخر .

529 - الفرض الأول – المشتري يعتقد أن البائع يملك المبيع مفرزاً هنا يبين أن المشتري قد وقع في غلط في صفة جوهرية في الشيء المبيع ، إذ اعتقد أن المبيع يملكه البائع مفرزاً لا شائعاً .ومن ثم يكون البيع قابلاً للغلط ، ويجوز للمشتري طلب إبطاله وفقا للقواعد العامة إذا تقدم بالطلب قبل القسمة ، ولا يجبر على انتظار القسمة ونتيجتها ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بان الشراح والمحاكم اختلفوا رأيا في حكم المبيع المفرز من مالك علىالشيوع ، وترى المحكمة الأخذ بالرأي القائل ببطلان البيع طالما لم يثبت أن المشتري كان عالماً بحالة الشيوع . ذلك لأن المفروض فيمن يشتري عيناً محددة أن ينتفع بها فوراً بغير منازع ، فجعل البيع موقوفاً على نتيجة القسمة فيه تعليق للملكية على أمور احتمالية غير محققة وقد يطول أمرها ويستلزم مصاريف كثيرة وجهوداً شاقة ، وليس من العدل تحميل المشتري بها ( استئناف مصر 18فبراير سنة 1932المجموعة الرسمية 33 رقم 167 ) . وانظر أيضاً : استئناف مصر 29 ديسمبر سنة 1936المجموعة الرسمية 38رقم 91 - بني سويف 22 مايو سنة 1932 المحاماة 13 رقم 294ص 571 .&%$ ) .ويستطيع المشتري في هذه الحالة أن يجيز العقد ، فيصبح البيع صحيحاً غير قابل للإبطال ، $ 871 $ ويكون حكمه حكم البيع الذي صدر لمشتر غير واقع في الغلط أي مشتر يعلم أن الجزء المفرز الذي اشتراه مملوك للبائع على الشيوع ، وسنين هذا الحكم فيما يلي .

أما بعد القسمة ، أي بعد أن يقسم الشريك البائع الأرض الشائعة بينه وبين شريكه الآخر ، فلا تخلو الحال من أحد أمرين :

أولاً – يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع ، على ما توقع وعند ذلك تخلص ملكية هذا الجزء للمشتري بعد التسجيل ، ولا يعود يستطيع إبطال العقد للغلط حتى لو كان لم يجزه . ذلك أن البائع يكون قد نفذ العقد على الوجه الذي قصد إليه المشتري ، وتنص المادة 124 مدني على أنه " 1 - ليس لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضى به حسن النية .

2 - ويبقى بالأخص ملزماً بالعقد الذي قصد إبرامه ، إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذ هذا العقد " ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 77ص 168 - منصور مصطفي منصور فقرة 69ص 171 ص 172 .&%$ ) .

ثانياً – لا يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع ، خلافاً لما توقع .وعند ذلك يبقى البيع على حاله قابلاً للإبطال ،إذا كان المشتري لم يجزه من قبل .ويستطيع المشتري في هذه الحالة أن يطلب إبطال البيع للغلط وفقاً للقواعد العامة ، إذ أراد أن تخلص له ملكية جزء مفرز بالذات فلم تخلص له هذه الملكية . وهذا ما قصدت إليه العبارة الأخيرة من المادة 826 / 2 مدني ، فقد قالت كما رأينا : " وللمتصرف إليه ، إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة ، الحق في إبطال التصرف " . ويلاحظ أنه يجوز للمشتري ، حتى في هذه المرحلة ، أن يجيز البيع فينزل عن حقه في طلب إبطاله للغلط . وعند ذلك ينقلب البيع صحيحاً ملزماً لكل من البائع والمشتري ، ويتحول التصرف من الجزء المفرز الذي وقع عليه البيع إلى الجزء المفرز الذي وقع بالفعل في نصيب البائع ، فتنقل إلى المشتري ملكية هذا الجزء الأخير بعد التسجيل ( $%&[1] ) حسن كيرة فقرة 118 .

هذا ولما كان المفروض أن المشتري قد اشترى أرضا مفرزة من شريك لا يملك إلا في الشيوع ، فإنه يكون ، فيما يتعلق بالسبب الصحيح ، قد اشتري من شخص لا يملك إلا حصة شائعة ، فيعتبر في حكم المشتري من غير مالك بالنسبة إلى التملك بالتقادم القصير ولما كان حسن النية ، فإنه إذا جاز الأرض المفرزة التي اشتراها مدة خمس سنوات ، فإنه يتملكها بهذا التقادم . وعلى هذا المبدأ استقر قضاء محكمة النقض ،فقد قضت هذه المحكمة ، بأنه إذا كان المشتري حسن النية يعتقد أن الشريك البائع يملك المبيع دون شريك ، فإن البيع الصادر إليه يعتبر سبباً صحيحاً ، فإذا حاز المبيع خمس سنوات ملكه بالتقادم القصير ، حتى فيما يتعلق بحصص الشركاء الآخرين ولم يعد لهؤلاء الحق في استرداد حصصهم من تحت يده ( نقض مدني 23أبريل سنة 1942مجموعة عمر 3رقم 152ص 423 ) وقضت أيضاً بأنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه إذا باع الشريك المشتاع جزءاً مفرزاً محدوداً ، فإن بيعه يصلح أن يكون سببا صحيحاً يمتلك به المشتري ما بيع بوضع اليد عليه خمس سنوات متى توفر حسن النية . ذلك أن هذا البيع ينقل الملك بطبيعته ولذاته ، وبصرف النظر عن كون البائع مالكاً للمبيع كله أو بعضه ( نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1958مجموعة أحكام النقض 9 رقم 82ص 655 - وانظر أيضاً نقض مدني 16يونية سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 58ص 131 - 24مايو سنة 1945مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاماً جزء أول ص 453 ) .وانظر في هذا المعنى الوسيط 4 فقرة 170ص 305هامش 1 - أنور سلطان في البيع فقرة 416ص 399هامش 1 - سليمان مرقس ومحمد على إمام في البيع فقرة 288ص 473 - عبد المنعم البدراوي فقرة 133ص 164 - إسماعيل غانم فقرة 76ص 176 . وانظر عكس ذلك وان البيع لا يعتبر في هذه الحالة سبباً صحيحاً : محمد على عرفة 2فقرة 134ص 241 - حسن كيرة فقرة 118ص 388 - ص 391 - وفصله من كلية الحقوق ص 31 - ص 34 .

وإذا حاز المشتري جزءاً مفرزاً في منقول شائع ، وكان هذا الجزء المفرز قد يبيع له من أحد الشركاء في الشيوع دون الشركاء الآخرين ، فإن المشتري إذا كان حسن النية يملك الجزء المفرز الذي حازه ، لا بموجب عقد البيع ، بل بموجب الحيازة ، إذ الحيازة في المنقول سند الملكية ( إسماعيل غانم فقرة 76 ص 166 ) .&%$ ) .

 $ 872 $

وما قلنا في البيع يقال في كل تصرف آخر غير ناقل للملكية ، فنص المادة 826 / 2 مدني عام يشمل كل تصرف .

530 - الفرض الثاني – المشتري يعلم أن البائع لا يملك المبيع إلا شائعاً : هنا لا يكون المشتري واقعاً في غلط ، فهو يعلم عندما اشتري أن الجزء المفرز الذي اشتراه لا يملكه بائعه مفرزاً وإنما يملكه شائعاً مع شريكه الآخر . والمشتري قد توقع ، كما توقع البائع ، أن هذا الجزء المفرز سيقع في نصيب البائع عند القسمة ، فيتخلص للمشتري ملكيته بفضل الأثر الكاشف للقسمة . ويجب لمعرفة حكم هذا البيع – وكل تصرف آخر ناقل للملكية غير البيع لأن $ 873 $ النص العام يشمل التصرفات جميعها – التمييز بين حكم التصرف قبل أن تتم القسمة وحكمه بعد أن تتم .

531 - حكم التصرف قبل أن تتم القسمة : لم تبن المادة 826 / 2 مدني حكم التصرف قبل أن تتم القسمة ، واقتصرت على أن تبين هذا الحكم بعد أن تتم القسمة ، فوجب إذن أن تطبق القواعد العامة فيما يتعلق بحكم التصرف قبل أن تتم القسمة . وقد سبق أن قلنا بيانا لهذا الحكم ، عند الكلام في البيع ، ما يأتي : " إذا باع الشريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع قبل القسمة هذا المال ، فإنه يكون قد باع ما يملك ،ما يملك هو حصته في الشيوع في هذا الجزءالمفرز ، وما لا يملك هو حصص سائر الشركاء في هذا الجزء " ( $%&[1] ) الوسيط 4 فقرة 168 ص 300 .&%$ ) . ونضيف هنا أن البيع يعتبر صحيحاً فيما بين المتعاقدين في كل الجزء المفرز المبيع ، ولكنه غير نافذ في حق الشريك الآخر فيما يتعلق بحصته في الشيوع في هذا الجزء المفرز . ولا يستطيع المشتري إبطال البيع ، لا بالنسبة إلى حصة البائع الشائعة في الجزء المفرز المبيع لأن الشريك البائع قد باع ما يملك ولأن المشتري ليس واقعاً في غلط ، ولا بالنسبة إلى حصة الشريك الآخر الشائعة في الجزء المفرز المبيع بدعوى أن البيع في هذه الحصة هو بيع ملك الغير ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه ليس ثمة ما يمنع البائع ، وإن كان مالكاً على الشيوع ، أن يبيع ملكه محددا مفرزاً وحالة التحديد هذه وإن ظلت موقوفة أو معلقة على نتيجة القسمة ، إلا أن ذلك كله لا يبطل عقد البيع ( نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1950مجموعة أحكام النقض 2 رقم 27ص 138 ) .&%$ ) . وقد سبق قلنا في تعليل هذا الشق الأخير ما يأتي : " وذلك لأن البيع الواقع على حصص الشركاء يختلف عن بيع ملك الغير في أن هذه الحصص قد تقع في نصيب الشريك البائع عند القسمة ، فتعتبر بفضل الأثر الكاشف للقسمة أنها كانت مملوكة للشريك البائع وقت البيع ، فلا يكون قد باع ما لا يملك . هذا إلى أن المشتري ، وهو يعلم أن البائع لا يملك كل الجزء المفرز الذي يبيعه ، يكون قد أرتضى شراء ما ستتركز عليه حصة البائع الشائعة بعد القسمة " ( $%&[1] ) الوسيط 4 فقرة 168ص 301 هامش 2 . وانظر شفيق شحاتة فقرة 141 - عبد المنعم البدراوي فقرة 132ص 162 - شمس الدين الوكيل في التأمينات طبعة ثانية ص 113 و ص 461 - إسماعيل غانم فقرة 77ص 169( وقارن ص 173 هامش 2 ) - حسن كيرة فقرة 118( وقارن ص 376 هامش 1 ) . وانظر عكس ذلك وان للمشتري طلب الإبطال قبل القيمة على اعتبار أن البيع هو بيع ملك الغير فيما يتعلق بحصص الشركاء الآخرين : سليمان مرقص ومحمد على إمام في البيع سنة 1954فقرة 287 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 135ص 201 - ص 203 - منصور مصطفي منصور فقرة 69ص 172 - ص 173 .&%$ ) .وهذا $ 874 $ هو معنى أن البيع تعتبر صحيحاً فيما بين المتعاقدين في كل الجزء المفرز المبيع أما معنى أن البيع يكون غير نافذ في حق الشريك الآخر فيما يتعلق بحصته في الشيوع في هذا الجزء المفرز فيظهر في أن الشريك الآخر ، إذا أنكر عليه المشتري حقه في حصته الشائعة في الجزء المفرز المبيع ، يجوز له أن يرفع دعوى استحقاق على كل من المشتري والشريك البائع يطالب فيها باستحقاقه لهذه الحصة الشائعة ( $%&[1] ) انظر عكس ذلك نقض مدني 16يونية سنة 1932مجموعة عم ر 1 رقم 58ص 131 3 مايو سنة 1940مجموعة عمر 3 رقم 54ص 189 - 30يونية سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 180ص 1341 - 28يونية سنة 1956مجموعة أحكام النقض 7 رقم 107 ص 760 - وانظر في هذا المعنى حسن كيرة فصلة من كلية الحقوق ص 35 - ص 36 - ويفرع الأستاذ حسن كيرة على أن تصرف الشريك في جزء مفرز يكون غير نافذ في حق باقي الشركاء أن المتصرف إليه بنقل ملكية الجزء المفرز لا يدخل شريكاً مع باقي الشركاء ، حتى ولو بموجب حصة الشريك المتصرف الشائعة في الجزء المفرز الذي تصرف فيه ويستخلص من ذلك النتائج الآتية ( أ ) لا يكون من حق المتصرف إليه مشاركة باقي الشركاء في إدارة الشيء الشائع أو التصرف فيه إدارة أو تصرفاً يتقرر بالإجماع أو بالأغلبية ، بل يبقى ذلك من حق الشريك المتصرف وحده . ( ب ) الشريك المتصرف وحده هو الذي يثبت له حق طلب القسمة ، ويجب اختصامه في دعواها ( انظر عكس ذلك نقض مدني 28 يونة سنة 1956مجموعة أحكام النقض 7 رقم 107ص 760 - استئناف مصر 24أبريل سنة 1940المحاماة 21رقم 31ص 46 ) .ولا يكون للمتصرف إليه حق رفع دعوى القسمة على باقي الشركاء ، ولا يجب على الشركاء الذين يرفعون دعوى القسمة اختصامه فيها بوصفه متقاسماً ، ولا يقبل تدخله فيها من تلقاء نفسه بهذا الوصف . ( جـ ) إذا بيعت بعد ذلك حصة شائعة في المال الشائع ، فليس للمتصرف إليه في الجزء المفرز أن يطالب باستردادها أو بالشفعة فيها . انظر حسن كيرة فصلة من كلية الحقوق ص 37 - ص 42 .&%$ ) ولكن الشريك الآخر لا يستطيع أن يطالب باستحقاق أية قطعة مفرزة في الجزء المفرز المبيع ، لأنه لا يملك في هذا الجزء المفرز إلا حصة شائعة ( $%&[1] ) أنور سلطان في البيع فقرة 416 ص 414 - عبد المنعم البدراوي فقرة 133 - إسماعيل غانم فقرة 76 - حسن كيرة فقرة 119ص 391 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 136ص 206 - منصور مصطفي منصور فقرة 69ص 178 - وقارن نقض مدني 16 يونية سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 58ص 131 – 25 أبريل سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 54ص 189 . وهذا وقد رأينا أن المشتري لجزء مفرز من المال الشائع لا يعتبر شريكاً بحصة شائعة ، فلا يجوز له أن يسترد حصة شائعة لشريك آخر باعها هذا الأجنبي ، كما لا يجوز له أن يطلب بالشفعة هذه الحصة الشائعة في عقار معين بالذات ( نقض مدني 30نوفمبر سنة 1950مجموعة أحكام النقض 2 رقم 21ص 109 ) . وإذا اشتري هذا المشتري بعد ذلك حصة شائعة في العقار المعين بالذات وأراد أحد الشركاء الآخرين أخذ هذه الحصة بالشفعة ، جاز له ذلك ، إذ أن المشتري لم يكن قبل شرائه للحصة الشائعة شريكاً بموجب شرائه للجزء المفرز ، فلا يستطيع أن يحتج بأن الشفعة لا تجوز للشريك من شريك آخر مثله ( نقض مدني 25يونية سنة 1953مجموعة أحكام النقض 4 رقم 190ص 1187 ) وانظر إسماعيل غانم فقرة 80 ص 179هامش 4 - حسن كيرة فقرة 119ص 396 - ص 398 .&%$ ) .

 $ 875 $

وهذا يجوز قبل القسمة ، أن يقر الشريك الآخر البيع الصادر من الشريك الأول .وعند ذلك يصبح البيع نافذاً في حقه في حصته الشائعة ، وتخلص ملكية الجزء المفرز المبيع كله للمشتري بعد التسجيل . وقد يكون هذا الإقرار ضمناً ، بأن يرتضى الشريك الآخر الوضع الذي اختاره الشريك الأول ، ويعتبر الجزء المفرز الذي باعه الشريك الأول هو نصيب هذا الشريك في كل الأرض الشائعة ، ويتصرف هو في الجزء المفرز الآخر كما لو كان مالكاً له كله . فتكون الأرض الشائعة بذلك قد قسمت بين الشريكين قسمةفعلية واختص كل منهما بجزء مفرز فيها ( $%&[1] ) نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944مجموعةعمر 4 رقم 188ص 503 - إسماعيل غانم فقرة 76ص 167هامش 2 . كذلك لو تلقى الشريك البائع ملكية حصة الشريك الآخر ببيع أو هبة أو ميراث مثلاً ، فإنه هو المالك لكل الأرض ، وينفذ بيعه للجزء المفرز دون توقف على إقرار أحد ( إسماعيل غانم فقرة 76ص 167 ) .&%$ ) .

532 - حكم التصرف بعد أن تتم القسمة :فإذا قسمت الأرض الشائعة بين الشريكين ،فلا تخلو الحال من أحد أمرين :

( الأمر الأول ) أن يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع ، وحكم ذلك واضح ، ولذلك لم تعرض له المادة 826 / 2 مدني . ذلك أن ملكية الجزء المفرز المبيع تخلص للمشتري بالتسجيل ، بعد أن وقعت في نصيب $ 876 $ الشريك البائع ، فاستقر البيع بفضل الأثر الكاشف للقسمة ، ولم يعد للشريك الآخر أي حق في الجزء المفرز المبيع .

( الأمر الثاني ) ألا يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع بل يقع في نصيب الجزء المفرز الآخر ، وهذا هو الأمر الذي عرضت لها المادة 826 / 2 مدني ، لأن هذا النص أراد أن يقرر حكماً ينحرف به عن مجرد تطبيق القواعد العامة . فقد كان مقتضى تطبيق هذه القواعد أن المشتري ، وقد ضاع عليه الجزء المفرز الذي اشتراه بالذات ، لا يجبر على قبول الجزء الآخر الذي وقع في نصيب البائع فمن حقه إذن أن يطلب فسخ البيع ، أو إبطاله باعتباره صادراً من غير مالك ( $%&[1] ) وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 826 / 2 مدني يطبق القواعد العامة ولا ينحرف عنها كما بينا ( انظر آنفا فقرة 528 في الهامش ) . ولهذا جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : " أما إذا وقع التصرف على جزء مفرز من المال الشائع ، كما إذا باع مالك الحصة الشائعة جزءاً مفرزاً أو رهنه رهناً رسميا أو رهن حيازة ، فيكون البيع أو الرهن صحيحاً إذا وقعه هذا الجزء المفرز عند القسمة في نصيب المالك الذي صدر منه التصرف . فإذا لم يقع في نصيبه ، عد التصرف صادراً من غير مالك وأخذ حكمه ، إلا في الرهن الرسمي فقد وردت في شأنه أحكام خاصة لأهميته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 81 ) .&%$ ) . ولكن المادة 826 / 2 مدني تقول كما رأينا : " وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ، ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف ، انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل المتصرف بطريق القسمة " . فتنتقل إذن ، بعد التسجيل ، ملكية المفرز الآخر الذي وقع في نصيب الشريك البائع إلى المشتري ،ويحل هذا الجزء حلولاً عينياً محل الجزء المفرز المبيع .ومن ثم يعتبر البيع واقعاً ، لا على الجزء المفرز المبيع في الأصل ، بل على الجز المفرز الذي وقع بعد القسمة في نصيب الشريك البائع . وتعليل ذلك واضح ، فإن المشتري وهو يعلم أن البائع لا يملك كل الجزء المفرز الذي يبيعه الشائع بعد القسمة كما سبق القول .

وقد طبق التقنين المدني تطبيقاً عملياً هذا الحكم في الرهن الرسمي ، فنص في المادة 1039 / 2 مدني على ما يأتي : " وإذا رهن أحد الشركاء حصته $ 877 $ الشائعة في العقار أو جزءاً مفرزاً في هذا العقار ، ثم وقع في نصيبه عند القسمة أعيان غير التي رهنها ، انتقل الرهن بمرتبته إلى قدر من هذه الأعيان يعادل قيمة العقار الذي كان مرهوناً في الأصل ، ويعين هذا القدر بأمر على عريضة . ويقوم الدائن المرتهن بإجراء قيد جديد يبين فيه القدر الذي انتقل إليه الرهن خلال تسعين يوما ً من الوقت الذي يخطره فيه أي ذي شأن بتسجيل القسمة ولا يضر انتقال الرهن على هذا الوجه برهن صدر من جميع الشركاء ولا بامتياز المتقاسمين " . وسنبحث ذلك تفصيلاً عند الكلام في الرهن الرسمي ، ونجتزئ هنا بالقول أن هذا النص ليس إلا تصبيقاً ، فيما يتعلق بالرهن الرسمي ، لنص المادة 826 / 2 مدني سالفة الذكر ويمكن نقل الإجراءات الواردة فيه إلى جميع التصرفات ،سواء كان التصرف رهناً رسمياً أو رهن حيازة أو بيعاً أو غير ذلك ، باعتبار أن هذا النص مكمل لنص المادة 826 / 2 مدني ،ففي البيع الذي نحن بصدده ، ينتقل العقد إلى قدر من الجزء المفرز الذي وقع في نصيب الشريك البائع يعادل قيمة الجزء المفرز الذي وقع عليه البيع أصلاً . لما كان المفروض أن القسمة قد فرزت الأرض الشائعة إلى جزئين مفرزين متعادلين ، فليس للمشتري أن يتضرر من أن يقع البيع على الجزء المفرز الذي وقع في نصيب الشريك البائع ، على أنه إذا كان هناك فرق في القسمة ما بين الجزئين ، ولم يتفق المشتري والبائع .على شيء في هذا الأمر ، استطاع أي منهما أن يلجأ إلى القضاء للمطالبة بالفرق : البائع إذا كان الجزء الذي وقع في نصيبه أكبر أكبر قيمة من الجزء المبيع ، والمشتري إذا كان الجزء المبيع هو الأكبر قيمة وعلى كل حال يجب أن يؤشر المشتري على هامش تسجيل القسمة بالبيع الصادر له ، حتى يكون هذا البيع نافذاً في حق الغير منذ هذا التأشير ( $%&[1] ) فقد لا نستطيع هنا ،دون نص ، أن نعطي للمشتري مهلة التسعين يوماً التي أعطاها القانون في حالة الرهن الرسمي ( عبد المنعم البدراوي فقرة 129 - وقارن حسن كيرة فصلة من مجلة كلية الحقوق ص 72 ) . ومع ذلك يذهب كثير من الفقهاء ، ولا نرى مانعا من الأخذ برأيهم ، إلى أن كل الإجراءات الواردة في المادة 1039 / 2 مدني ، ويدخل في ذلك مهلة التسعين يوماً ، تطبيق في الرهن الرسمي وفي غيره من التصرفات كالبيع ( محمد على عرفة فقرة 302 - سليمان مرقس ومحمد على إمام في البيع فقرة 286ص 469 - إسماعيل غانم فقرة 77ص 170 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 135ص 204 - منصور مصطفي منصور فقرة 69ص 175 - ص 176 ) .&%$ ) .

 $ 878 $

2 - تصرف الشريك في كل المال الشائع : وقد يتصرف أحد الشركاء وحده في كل المال الشائع فيبيع ، في المثل الذي أسلفناه ، أحد الشريكين كل الأرض فإذا كان المشتري يعتقد وقت أن اشترى أن البائع يملك كل الأرض ولا شريك له فيها ، فإنه يكون قد وقع في غلط في صفة جوهرية في الشيء المبيع . ومن ثم يجوز له أن يطلب إبطال البيع للغلط وله كذلك أن يطلب إبطال البيع في الحصة الشائعة التي للشريك الآخر ، لأن الشريك الأول قد باعها وهو غير مالك لها ، فيكون هذا هو بيع ملك الغير .والفرق بين هذه الحالة والحالة التي يبيع فيها الشريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع حيث لا يجوز للمشتري أن يطلب إبطال البيع في الحصة الشائعة التي للشريك الآخر ، أنه في هذه الحالة الثانية قدمنا أن هناك احتمالاً أن يقع كل الجزء المفرز المبيع في نصيب البائع ، أما في الحالة التي نحن بصددها فهذا الاحتمال منتف لأن الشريك البائع قد باع كل المال الشائع وهو لا يملك فيه إلا النصف .ولذلك قررنا ، عند الكلام في البيع ، أنه " إذا باع الشريك كل المال الشائع ، وكان المشتري وقت البيع يعقتد أن المال مملوك للبائع وحده ، فإن البيع يكون قابلاً لإبطال في حصة الشريك البائع للغلط الجوهري ، وفي حصص سائر الشركاء لأن بيع الشريك لها هو بيع لملك الغير " ( $%&[1] ) الوسيط 4 فقرة 169 ص 303 .&%$ ) .

وإذا أجاز المشتري البيع ، لم يعد يستطيع الطعن فيه الإبطال ، لا للغلط ولا لأنه بيعه ملك الغير .وإنما يستطيع أن يرجع على البائع بضمان الاستحقاق ، لأن الشريك الآخر يستحق نصف المال الشائع ، وأيا كانت نتيجة القسمة فإن المال الشائع كله لن يخلص للشريك البائع .

ومع ذلك يجوز للشريك البائع أن يحصل على ملكية النصف الشائع الذي للشريك الآخر ، فتخلص له ملكية المال الشائع كله ، ومن ثم تنتقل هذه الملكية بالتسجيل إلى المشتري .

534 - المشتري يعلم أن للبائع شريكاً في المال الشائع : وإذا كان $ 879 $ المشتري يعلم وقت الشراء أن للبائع شريكاً في المال الشائع ، امتنع عليه الطعن في البيع للغلط .ويكون في هذه الحالة قد اعتمد على أن البائع سيستخلص ملكية المال الشائع كله ، لينقلها إليه .

فإذا استطاع البائع أن يستخلص ملكية المال الشائع كله ، فقد تحقق ما توقعه هو وما توقعه المشتري معه ، وانتقلت ملكية المال الشائع كله إلى المشتري بالتسجيل . أما إذا لم يستطيع البائع استخلاص ملكية المال الشائع كله ، فإنه يكون للمشتري الحق في طلب فسخ البيع .وقد سبق أن قررنا ، عند الكلام في البيع ، في هذا الصدد ما يأتي : " فإذا كان المشتري يعلم وقت البيع أن للبائع شركاء في المال المبيع ، ولم يستطيع البائع أن يستخلص ملكية كل هذا المال ، كان للمشتري الحق في طلب الفسخ البيع . فإن وقع جزء مفرز من المال المبيع في نصيب البائع عند القسمة ، كان للمشتري الحق أما في أخذه مع دفع ما يناسبه من الثمن ، وإما في فسخ البيع لتفرق الصفقة . وإذا استطاع البائع استخلاص ملكية المبيع ، كأن حصل على إقرار الشركاء للبيع أو اشترى حصصهم أو انتقلت إليه هذه الحصص بأي سبب من أسباب انتقال الملكية لم يعد للمشتري الحق في طلب فسخ البيع ، إذ تنتقل إليه من البائع ملكية كل المال المبيع ولا تتفرق عليه الصفقة " ( $%&[1] ) الوسيط 4 فقرة 169 - وانظر إسماعيل غانم فقرة 78 - شمس الدين الوكيل في التأمينات فقرة 43وفقرة 45 - وقارن محمد على عرفة فقرة 303 - عبد المنعم البدراوي فقرة 135 - شفيق شحاتة فقرة 143 - حسن كيرة فقرة 114ص 65هامش 1 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 134ص 199 .&%$ ) .

535 - أثر تصرف الشريك في حقوق باقي الشركاء : أما باقي الشركاء فإنهم يعتبرون من الغير في التصرف الذي يصدر من الشريك في كل المال الشائع ، وذلك بالنسبة إلى حصصهم الشائعة في هذا المال .ولكن التصرف ينفذ في حقهم بالنسبة إلى الحصة الشائعة التي للشريك البائع ( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 303ص 406 - عبد المنعم البدراوي فقرة 135 - حسن كيرة فقرة 114ص 367 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 134 . وانظر نقض مدني 30مايو سنة 1935 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزء 2 ص 991 .&%$ ) .

 $ 880 $

ومن ثم يحل المشتري محل الشريك البائع في هذه الحصة ، ويصبح شريكاً في الشيوع مع سائر الشركاء ( $%&[1] ) وقد رأينا أن الشريك إذا باع جزءاً مفرزاً في المال الشائع ، فإن المشتري لا يعتبر شريكاً بحصة شائعة مع الشركاء في المال الشائع ( انظر آنفا فقرة 531 في الهامش ) . أما هنا ،وقد باع الشريك كل المال الشائع ، فإنه يكون قد باع ضمنا حصته الشائعة في هذا المال وخرج من الشركاء في الشيوع ، فيحل محله المشتري في حصته الشائعة ، ويصبح شريكاً بدلا منه مع سائر الشركاء .&%$ ) . وليس لشريك من هؤلاء أن يتعرض للمشتري في حصته الشائعة ،ولا أن يطلب إبطال البيع في هذه الحصة ، ولا أن يدعى الاستحقاق فيها .

وقبل القسمة ، يملك بقية الشركاء مطالبة المشتري بالاتفاق معهم على طريقة الانتفاع بالمال ، بعد أن أصبح مملوكاً لهم وللمشتري على الشيوع ( $%&[1] ) استئناف مصر 24أبريل سنة 1940 المحاماة 41رقم 31ص 46 .&%$ ) . ولهم أن يطالبوه بالقسمة ، فإذا تمت القسمة اختص كل منهم بما يقع في نصيبه ورجع المشتري على الشريك البائع بدعوى الاستحقاق الجزئي بقدر حصص الشركاء الآخرين ( $%&[1] ) انظر في كل ذلك الوسيط 4 فقرة 170 وص 305هامش 1 . &%$ ) .

الفرع الثاني

قسمة المال الشائع

536 - الأصل عدم إجبار الشركاء على البقاء في الشيوع : بالرغم من أن التقنين المدني الجديد قد نظم الملكية الشائعة تنظيماً مفصلاً فوضع قواعد عملية لإدارتها إدارة معتادة وإدارة غير معتادة وللتصرف فيها ، مما يجعل البقاء في الشيوع ولو إلى حين أمراً غير شاق على عكس ما كانت عليه الحال في عهد التقنين المدني السابق حيث لم يكن الشيوع منظماً ، بالرغم من كل ذلك فإن البقاء في الشيوع لا يزال أمراً غير مرغوب فيه ، ولا يجبر الشركاء عليه ، فلا زال الشيوع مصدر متاعب ، وكثيراً ما يختلف الشركاء في الشيوع ويغلب أن يكونوا أعضاء أسرة واحدة فيتكدر صفو الأسرة من جراء هذا الاختلاف ثم أن استقلال الفرد باستغلال ملكه أمر لا شك في رجحانه على الاستغلال $ 881 $ الجماعي للشركاء في الشيوع ، وفيه حافز قوى على العمل والابتداع .و من ثم قضى القانون بأن لكل شريك أن يطالب بقسمة المال الشائع لإزالة الشيوع ( $%&[1] ) وإذا كانت القسمة هي السبب الرئيسي لإزالة الشيوع ، فإن هناك أسباباً أخرى غير القسمة تزيل الشيوع . من ذلك أن يكسب أحد الشركاء حصص باقي الشركاء جميعها ، أو يكسب أجنبي حصص جميع الشركاء ، بأي سبب من أسباب كسب الملكية كالعقد أو الميراث الو الوصية اوالشفعة أو التقادم . فتتجمع كل الحصص الشائعة في يد مالك وأحد ، ويترتب على ذلك أن يزول الشيوع . وكذلك قد يتحول الشيوع إلى شركة ذات شخصية معنوية ، فيملك الشخص المعنوي المال الذي كان شائعاً ويزول الشيوع ( بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3052 - حسن كيرة فقرة 128ص 439 ) – وفيما يتعلق بزوال الشيوع بالتقادم دون القسمة ، قضت محكمة النقض بأنه لا تلازم بين نفي القسمة وقيام الشيوع ، لأن وأحدا من الملاك المشتاعين أو بعضهم قد يستقل بوضع يده على جزء من الملك بنية تملكه لنفسه ، وقد يتم هذا التملك بانقضاء المدة الطويلة المكسبة للملكية ،وفي هذه الصورة لا يوجد شيوع مع أن قسمة لم تقع ( نقض مدني 4 أبريل سنة 1947 ملحق المحاماة 27رقم 116ص 281 ) . &%$ ) . ما لم يكن مجبراً على البقاء في الشيوع بموجب نص أو اتفاق .

ذلك أن الشريك في الشيوع قد يجبر على البقاء في الشيوع بموجب نص ، وهذا هو الشيوع الإجباري ( $%&[1] ) وهناك أيضاً نص في قانون الولاية على المال يمنع من إجراء القسمة لمدة لا تجاوز خمس سنين ، فقد نصت المادة 41من هذا القانون على أنه " إذا رفعت دعوى ( القسمة ) على القاصر أو المحجور عليه أو الغائب من وارث آخر ، فللمحكمة ، بناء على طلب من ينوب عنه أو بناء على طلب النيابة العامة ، أن توقف القسمة لمدة لا تجاوز خمس سنوات إذا ثبت لها أن في التعجيل بها ضرراً جسيماً " .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون الولاية على المال في هذا الصدد : " وقد استقى هذا الحكم من القانون المدني الإيطالي ، وأريد منه إلى دفع كل ضرر جسيم قد يلحق بمصالح المحجور عليه أو الغائب من جراء التعجيل بقسمة المال الشائع . ومن المفهوم أن وقف القسمة مدى السنوات الخمس يجب أن يقتصر على مدة القصر أو الحجر أو الغيبة ، أما إذا بلغ القاصر أو رفع الحجر أو حضر الغائب قبل انتهاء هذه المدة ، فلا شك في أن وقف الإجراءات يزول بزوال مقتضية . فمن المفروض ما تكون فيه قسمة المال الشائع ضارة كل الضرر بمصالح القاصر ، كما هو الشأن لو هبطت أثمان العقارات هبوطاً جسيماً في فترة من الفترات ، وكان مال هذا المال البيع لعدم إمكان القسمة أو البيع بثمن بخس بعد القسمة ، وكما هو الشأن في الحالات التي يكون فيها بقاء الشيوع ضماناً لحسن استغلال العين الشائعة بما في ذلك نصيب القاصر ،ويتحقق ذلك في الأراضي الزراعية مثلا عندما يكون شركاء القاصر من المتخصصين في الزراعة ويكون هو من قطان المدن ، كما يتحقق في حالة ما إذا كان القاصر شريكاً في متجر أو مصنع يتولى إدارته أحد الشركاء بيد أنه يلاحظ من ناحية أخرى أن النص الجديد لا يتناول إلا حالة الشيوع الناشئة من الميراث في أموال بخصوصها ، فهو لا يطبق على القسمة التي تكون نتيجة للتصفية كما هو الشأن في الشركات " . &%$ ) . وسنرى أن القانون يقضي في شأن هذا $ 882 $ الشيوع الإجباري بأن " ليس للشركاء في مال شائع أن يطلبوا قسمته ، إذا تبر من الغرض الذي أعد له هذا المال أنه يجب أن يبقى دائماً على الشيوع " ( م 850 مدني ) .وسنبحث فيما يلي بالتفصيل الشيوع الإجباري وأنوعه المختلفة . وقد يجبر الشريك على البقاء في الشيوع بموجب اتفاق بينه وبين سائر الشركاء ، وهذا ما تتولى الآن بحثه .

537 - جواز الاتفاق على البقاء في الشيوع لمدة معينة – نص قانوني : تنص المادة 834 مدني على ما يأتي :

 " لكل شريك أن يطالب بقسمة المال الشائع ، ما لم يكن مجبراً على البقاء في الشيوع بمقتضى نص أو اتفاق . ولا يجوز بمقتضى الاتفاق أن تمنع القسمة إلى أجل يجاوز خمس سنين ، فإذا كان الأجل لا يجاوز هذه المدة نفذ الاتفاق في حق الشريك وفي حق من يخلفه " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1202 من المشروع التمهيدي مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يشتمل على فقرة ثانية تجري على الوجه الآتي : " 2 - ومع هذا فللحكمة ، بناء على طلب أحد الشركاء ، أن تأمر باستمرار الشيوع ، حتى إلى ما بعد الأجل المتفق عليه ، وحتى لو لم يوجد أي اتفاق على البقاء في الشيوع ، وذلك متى كانت القسمة العاجلة ضارة بمصالح الشركاء ، كما لها أن تأمر بالقسمة في الحال ، حتى قبل انقضاء الأجل المتفق عليه ،إذا وجد سبب قوى يبرر ذلك " وقد وافقت لجنة المراجعة على النص بعد أن حذفت منه الفقرة الثانية ، وأصبح رقمه 905 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب أعيدت الفقرة الثانية التي كانت لجنة المراجعة قد حذفتها ، ووافق مجلس النواب على النص بعد هذا التعديل تحت رقم 903 . وفي لجنة مجلس الشيوخ ، اقترح مرة أخرى حذف الفقرة الثانية " بحجة أن القاعدة القانونية هي أن الاتفاق قانون المتعاقدين ، ولذا لا يصح الخروج عليه إلا لسبب بتلعق بالنظام العام ، ويجب احترام اتفاقات الشركاء في هذا الشأن لأنه قد تكون لهم ظروف قوية في البقاء أو عدم البقاء في الشيوع " وعارض أحد الأعضاء هذا الاقتراح " قائلاً " إن من المصلحة إعطاء للقاضي شيئا من السلطة ليتدخل في بعض حالات الشيوع الضارة ، فالرخصة المنصوص عليها في هذه الفقرة لها قيمتها ، والمفروض أن القاضي سيستعملها استعمالا معقولاً ، وسيخضع في ذلك لرقابة محكمة الاستئناف " . ولما أعادت اللجنة مناقشة الفقرة الثانية في جلسة تالية ، وافقت الأغلبية على حذفها " توخيا لاستقرار التعامل " . قد أصبح النص بعد حذف الفقرة الثانية لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 834 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 100 - ص 104 ) .ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن تقنين المرافعات السابق كان يشمل على نص هو المادة 621 / 711تجري على الوجه الآتي : " يجوز لكل شريك في عقار مشاع أن يطلب قسمته ، ولا يصح الاتفاق على خلاف ذلك إلا ممن يكون أهلاً للتصرف لمدة لا تزيد على خمس سنوات بالأكثر . وتتبع في القسمة القواعد المقررة في القانون المدني " . ونص تقنين المرافعات يتفق في حكمه مع نص التقنين المدني الجديد ، إلا أنه يشترط أهلية التصرف .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 788 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 843 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1070 ( موافق ) .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 840 : لا يجير أحد على البقاء في الشيوع ، فلكل شريك أن يطلب القسمة ، وكل نص مخالف يكون باطلاً .

م 841 : ومع ذلك يجوز الاتفاق على أن الشريك لا يمكنه أن يطلب القسمة إلا بعد انصرام مدة معينة من الزمن لا تتجاوز خمس سنوات على الأكثر . على أن المحكمة يجوز لها ، حتى في هذه الحالة ، أن تأمر بحل الشركة والقسمة في أثناء المدة المتفق عليها لاستمرار الشيوع – انظر أيضاً قانون 21 كانون الأول سنة 1954 .

( والقانون اللبناني يتفق مع القانون المصري ، فيما عدا أن القانون اللبناني يجيز للقاضي أن يأمر بالقسمة حتى قبل انقضاء المدة المتفق عليها للبقاء في الشيوع ) .&%$ ) .

 $ 883 $

يتبين من هذا النص أن كل شريك ، ما لم يكن في شيوع إجباري بموجب نص في القانون ، وما لم يكن قد اتفق مع سائر الشركاء على البقاء في الشيوع لمدة معينة ، من حقه في أي وقت ما دام الشيوع قائماً أن يطلب قسمة المال الشائع . فإذا كان الشيوع قد زال بالقسمة ، لم يجز طلب قسمة المال مرة أخرى بعد القسمة الأولي ، إذ ثبت أن القسمة الأولي باطلة أو أن بها عيباً يجيز إبطالها فأبطلت أو أنها فسخت أو زالت بأي وجه كذلك لا يثبت الحق في القسمة قبل ابتداء الشيوع ، فاتفاق الورثة قبل موت مورثهم على قسمة ما سيؤول إليهم من تركته يكون باطلاً باعتباره تعاملا في تركة مستقبلة ( $%&[1] ) بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 144 .&%$ ) . كذلك لا يجوز للشريك أن يطلب القسمة إذا كان قد تقيد باتفاق مع سائر الشركاء على البقاء في الشيوع لمدة معينة ، وطوال هذه المدة . والذي يدعو الشركاء إلى الانفاق على البقاء في الشيوع دواع متنوعة . فقد يكون بينهم من هو ناقص الأهلية تقتضي القسمة معه إجراءات معينة قد تطول ، ويكون ناقص $ 884 $ الأهلية ستستكمل أهليته بعد زمن غير طويل ، فيتفق الشركاء ، ويتفق معهم النائب عن ناقص الأهلية ، على أن يبقوا جميعاً في الشيوع إلى أن يستكمل ناقص الأهلية أهليته . وقد يكون بين الشركاء في الشيوع غائب يتوقعون قدومه بعد مدة معينة ، فيتفق باقي الشركاء على البقاء في الشيوع هذه المدة حتى يقدم الغائب . وقد يكون أمام الشركاء في الشيوع مشروع لاستغلال المال أو لإجراء إصلاحات فيه وهو في حالة الشيوع ، فيتفق الشركاء على البقاء في الشيوع المدة الللازمة للقيام بهذا المشروع أو لإنجاز الإصلاح المطلوب . وقد تقتضي القسمة بيع بعض أعيان شائع ة ، وبيعها فوراً يعود عليهم بخسارة ، فيستبقون بالاتفاق الشيوع لمدة معينة حتى تواني فرصة ملائمة ليبيع هذه الأعيان ( $%&[1] ) بودي وفال في المواريث 2 فقرة 2183ص 670 .&%$ ) .

وهكذا نرى أن هناك أسباباً متنوعة قد تقتضي من الشركاء أن يبقوا في الشيوع مدة معينة ، فيعمدون إلى الاتفاق فيما بينهم على البقاء في الشيوع طوال هذه المدة ( $%&[1] ) ولا يوجد ما يمنع من أن يكون الاتفاق على البقاء في الشيوع مقصوراً على بعض الأموال الشائعة دون البعض الآخر ( بودري وفال في المواريث 2 فقرة 2343ص 763 ) .&%$

والاتفاق على البقاء في الشيوع يقع عادة بين جميع الشركاء ، ولما كان البقاء في الشيوع عملاً من أعمال الإدارة فالاتفاق عليه لا يقتضي من الشريك إلا أن يكون متوافراً على أهلية الإدارة ، فلا تلزم أهلية التصرف ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى بودري وفال في المواريث 2 فقرة 2189مكررة .&%$ ) . وليس من الضروري أن يدخل في الاتفاق جميع الشركاء ، فقد يتفق بعض الشركاء على البقاء في الشيوع ، فيكون هذا الاتفاق ملزماً لهم دون غيرهم من الشركاء الذين يدخلوا في الاتفاق ( $%&[1] ) أنسيكلوبيدي داللوز 2 لفظ Indivision فقرة 212 - إسماعيل غانم فقرة 88 ص 205 – حسن كيرة فقرة 451ص 455 - منصور مصطفي منصور فقرة 75ص 188 .&%$ ) . وقد رأينا مثلاً لذلك فيما قدمناه من الاتفاق على البقاء في الشيوع بين الشركاء إذا كان بينهم غائبون ، فلا يدخل هؤلاء في الاتفاق ولا يكون ملزماً لهم ( $%&[1] ) والاتفاق على البقاء في الشيوع ملزم للشريك الذي دخل فيه ، وخلفه العام والخاص ، أي للوارث وللمشتري حصة الشريك . ونص المادة 834 مدني صريح ، كما رأينا ، في إلزام الخلف . ولما كان النص مطلقاً ، فإن الخلف الخاص ( المشتري ) يلتزم بالاتفاق سواء كان يعلم وقت الشراء بوجود الاتفاق أو لم يعلم وهذا على خلاف القاعدة العامة في الخلف الخاص ، الذي لا ينتقل إليه التزام سلفه إلا إذا كان عالماً به وقت التعاقد مع هذا السلف . انظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 88ص 203هامش 2 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 144ص 220 - منصور مصطفي منصور فقرة 75ص 188 - عكس ذلك حسن كيرة فقرة 137ص 456 هامش 2 .&%$ ) .

 $ 885 $

وقد رأينا أن المادة 834 مدني تعين للاتفاق على البقاء في الشيوع حداً أقصى للمدة هو خمس سنوات ، حتى لا يجير الشركاء على البقاء في الشيوع إلا مدة معقولة . فإذا حدد الشركاء المدة التي يبقون فيها علي الشيوع بسنة أو بأقل أو بأكثر ، جاز ذلك بشرط إلا تزيد المدة على خمس سنوات . فإن حدد الشركاء مدة أطول من خمس سنوات ، أو جعلوا الاتفاق مؤبداً ، أو حددوا مدة غير معينة ( $%&[1] ) ومثل تحديد مدة غير معينة أن يتفق الشركاء على البقاء في الشيوع حتى موت أحدهم ( الأم أو الأب مثلا ) ( بودري وفال في المواريث 2 فقرة 2185ص 617 ) . كذلك تكون المدة خمس سنين إذا لم يحدد الشركاء في الاتفاق على البقاء في الشيوع مدة أصلاً ( بودري وفال في المواريث 2 فقرة 2185ص 671 - ص 672 - بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 2796 - بلانيول وريبير وموري وفيالتون فقرة 488 ) .&%$ ) ، كانت المدة قفي جميع هذه الفروض خمس سنوات لا تزيد ( $%&[1] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " وقد يتفق الشركاء في الشيوع المعتاد على البقاء فيه إلى اجل يجب إلا يزيد على خمس سنين ، فإن زاد أنقص إلى المدة المنصوص عليها في هذه المادة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 101 ) .وجاء في المادة 1070مدني عراقي : " فإذا اتفق الشركاء على البقاء في الشيوع مدة أطول أو مدة غير معينة ، فلا يكون الاتفاق معتبراً إلا لمدة خمس سنين " .

أما إذا تبين أن الشركاء ، وقد تعاقدوا على مدة أطول من خمس سنوات ، ما كانوا ليتعاقدوا لو أن المدة كانت خمس سنوات فقط ، فعند ذلك يكون التعاقد كله باطلا تطبيقاً للمادة 143مدني ( إسماعيل غانم فقرة 88 ص 203 - ص 204 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 144ص 220 - حسن كيرة فقرة 136ص 457 - منصور مصطفي منصور فقرة 75ص 188 ) .&%$ ) .

على أنه من الجائز ، إذا اتفق الشركاء على البقاء في الشيوع مدة خمس سنوات ، وانقضت هذه المدة ، أن يجددوا الاتفاق لمدة خمس سنوات ثانية ثم لمدة خمس سنوات ثالثة ، وهكذا .ولكن إذا كان قد انقضي من إحدى هذه المدد وقت يقل عن خمس سنوات ، كأن انقضى ثلاث سنوات ، وعمد الشركاء إلى التجديد ، فإن التجديد في هذه الحالة لا يجوز أن يكون إلا لمدة لا تزيد على خمس سنوات من قت نهاية ثلاث السنوات التي انقضت ، $ 886 $ لا من وقت انقضاء خمس السنوات التي كان الاتفاق قد تم عليها . فتجديد المدة معناه هنا إذن استبدال المدة الجديدة بالباقي من المدة القديمة ( $%&[1] ) بودري وفال في المواريث 2 فقرة 2194 - أوبري ورو 10فقرة 622ص 146 - بلانيول وريبر فيالتون فقرة 489 - بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 2798 .&%$ ) . ولو قلنا بغير ذلك لأمكن الشركاء بطريق غير مباشر أن يتعاقدوا على مدة أطول من خمس سنوات ، بأن يتعاقدوا أولاً على خمس سنوات وفي اليوم التالي مثلاً يتعاقدون على خمس سنوات أخرى ، فيصلوا بذلك إلى التعاقد على عشر سنوات ( $%&[1] ) محمد علي عرفة فقرة 319ص 426 - عبد المنعم البدراوي فقرة 151ص 181 - إسماعيل غانم فقرة 88 ص 205 - حسن كيرة فقرة 136ص 456 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 144ص 220 – منصور مصطفي منصور فقرة 75ص 188 . ويترتب على ذلك أن الاتفاق على البقاء في الشيوع لمدة خمس سنوات ، إذا تضمن شرطاً يقضي بتجديد المدة بعد انقضائها ، لا يسري إلا لمدة خمس سنوات دون تجديد تلقائي ( بودري وفال في المواريث 2 فقرة 2194ص 677 ) . فإذا انقضت مدة خمس السنوات ، جاز للشريك أن يعارض في التجديد ، وبذلك لا يكون ملزماً لمدة تزيد على خمس سنوات . أما إذا كانت المدة الأصلية ثلاث سنوات مثلا ، وتضمن الاتفاق شرطاً بالتجديد سنتين أخريين ، جاز ذلك ، إذ كان في الإمكان الاتفاق على خمس سنوات منذ البداية ( حسن كيرة فقرة 136ص 456 ) .&%$ ) .

وقد قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 492 .&%$ ) أن قسمة المهايأة المكانية لا يجوز أن تزيد على خمس سنوات لأن الشركاء يبقون في الشيوع في خلال هذه المدة ،ولا يقتسمون إلا المنفعة ، فإذا زادت مدة المهايأة على خمس سنوات ، كان في هذا إجبار للشركاء على البقاء في الشيوع لمدة تزيد على خمس سنوات ( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 338 - وقارن إسماعيل غانم فقرة 88ص 206 - حسن كيرة فقرة 136ص 459 - ص 560 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 144 ث 221 - منصور مصطفي منصور فقرة 75ص 189 .&%$ ) . وهذا ما يخالف المادة 834 مدني التي نحن بصددها ( $%&[1] ) ويجوز للشركاء تحويل الشيوع إلى شركة تتمتع بالشخصية المعنوية ، وتكون هي المالكة للمال ما بقيت شخصيتها قائمة ولو زادت المدة على خمس سنوات ( أوبري ورو 10 فقرة 622ص 137 - بلانيول وربير وفيالتون فقرة 491 - إسماعيل غانم فقرة 88ص 205 - حسن كيرة فقرة 128ص 439 ) .&%$ ) .

 $ 887 $

وليس من الضروري أن يكون ما يلزم الشركاء بالبقاء على الشيوع فيما بينهم وحدهم ، فيصح أن يكون اتفاقاً بينهم وبين السلف الذي تلقوا منه المال الشائع ، كما إذا وهب شخص مالا لشخصين على الشيوع واشترط عليهما البقاء في الشيوع لمدة لا تجاوز الخمس سنوات لباعث مشروع . كذلك قد لا يكون هناك اتفاق أصلاً ، كما لو أوصى شخص بمال لشخصين على الشيوع ، واشترط عليهما البقاء في الشيوع لمدة لا تتجاوز خمس سنوات لباعث مشروع . تستخلص هذه الأحكام من المادة 823 مدني التي تجيز ، كما رأينا ، في عقد الهبة أو في وصية أن يشترط الواهب أو الموصي عدم جواز التصرف في المال الموهوب أو الموصي به ، فأولي أن يصح للواهب أو الموصي أن يشترط البقاء في الشيوع وهو شرط أخف من شرط المنع من التصرف ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 88ص 205 - ص 206 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 144ص 221 - منصور مصطفي منصور فقرة 75ص 189 - وانظر في معنى عدم الجواز محمد كامل مرسي 2فقرة 97 - محمد عرفة فقرة 319 - عبد المنعم البدراوي فقرة 151 - حسن كيرة فقرة 136ص 458 - ص 459 .

أما في فرنسا ، فيفرقون بين الهبة والوصية ، ففي الهبة – وهي اتفاق – يجوز اشتراط البقاء في الشيوع طبقاً لأحكام المادة 815 مدني فرنسي .ويختلف الأمر في الوصية ، فهي ليست اتفاقاً ، ونص المادة 815 لا يجيز المنع ( prohibition ) من القسمة مهما قلت المدة ، ويجيز الاتفاق ( convention ) على البقاء في الشيوع لمدة لا تجاوز خمس سنوات ( بودري وفال في المواريث 2 فقرة 2186 ) وهناك من الفقهاء الفرنسيين من يجيز شرط البقاء في الشيوع في الوصية ( ديمولومب ) 15 فقرة 511 - أوبري ورو 10 فقرة 622ص 147 ) - وقد صدر حكم من محكمة النقض الفرنسية بفرق بين النصاب الجائز الإيصاء به فيجوز فيه أن تتضمن الوصية شرط البقاء في الشيوع ، وبين ما لم يدخل في هذا النصاب فلا يجوز فيه للمورث أن يترك وصية يلزم بها الورثة البقاء في الشيوع ( نقض فرنسي 25 نوفمبر سنة 1940 جازيت دي بالبيه 1941 - 1 - 17 - وانظر بلانيول وريبير وبولانجية 3 فقرة 2804 ) .&%$ ) .

وقد كان مشروع المادة 834 مدني يتضمن فقرة ثانية تجري على الوجه الآتي : " ومع هذا فللمحكمة ، بناء على طلب أحد الشركاء ، أن تأمر باستمرار الشيوع ، حتى إلى ما بعد الأجل المتفق عليه ، وحتى لو لم يوجد أي اتفاق على البقاء في الشيوع ، وذلك متى كانت القسمة العاجلة ضارة بمصالح الشركاء ، كما لها أن تأمر بالقسمة في الحال ، حتى قبل انقضاء الأجل المتفق عليه ، $ 888 $ إذا وجد سبب قوى يبرر ذلك " ( $%&[1] ) انظر آنفا نفس الفقرة في الهامش .&%$ ) وقد كان هذا النص يجعل الاتفاق على البقاء في الشيوع اتفاقاً بالغ المرونة ، فيمكن التحلل منه قبل انقضاء الأجل المحدد إذا وجد سبب قوى يبرر ذلك ،ويمكن المد في أجله ، بل يمكن الإلزام بالبقاء في الشيوع حتى لو لم يوجد اتفاق على ذلك أصلاً ، إذا كانت القسمة العاجلة ضارة بمصالح الشركاء ( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 101 .&%$ ) . ولما كان النص على هذا النحو يجعل من اليسير التحلل من الشروط البقاء على الشيوع ، فقد حذفته لجنة مجلس الشيوخ " توخياً لاستقرار التعامل " ( $%&[1] ) انظر آنفا نفس الفقرة في الهامش .&%$ ) . فأصبح الاتفاق على البقاء في الشيوع ، على الوجه الذي سبق بيانه ، ذا قوة ملزمة ، وتجب مراعاة الأجل المحدد فيه فلا يزيد ولا ينقص ( $%&[1] ) أما إذا لم يكن هناك اتفاق على البقاء في ا لشيوع ، فالأصل أن للشريك كما قدمنا حق طلب القسمة ما دام الشيوع قائما ، مع ذلك لا يجوز التعسف في استعمال هذا الحق . فإذا طلب الشريك القسمة في وقت غير مناسب وكانت القسمة فورا تضر بمصالح الشركاء وبمصلحته هو ، فإن للقاضي رفض طلبه وإبقاء الشيوع إلى وقت تصبح فيه القسمة غير ذات ضرر كبير بمصالح الشركاء ، وقد يستعيض القاضي عن القسمة النهائية في الحال بقسمة مهايأة تبقى إلى أن يحين الوقت المناسب للقسمة النهائية . انظر في هذا المعنى حسن كيرة فقرة 137 - وانظر عكس ذلك إسماعيل غانم فقرة 88ص 206 - ص 207 .

وقد مر بنا تطبيق تشريعي لهذا المبدأ ، إذ تنص المادة 41من قانون الولاية عل المال أنه " إذا رفعت دعوى ( للقسمة ) على القاصر أو المحجور عليه أو الغائب من وارث آخر ، فللمحكمة ، بناء على طبل من ينوب عنه أو بناء على طلب النيابة العامة ، أن توقف القسمة لمدة لا تجاوز خمس سنوات إذا ثبت لها أن في التعجيل بها ضرراً جسيماً " ( انظر آنفا فقرة 536 في الهامش ) .&%$ ) .

538 - أنواع القسمة : وستخلص مما قدمناه أن كل شريك له أن يطلب قسمة المال الشائع في أي وقت ما دام الشيوع قائماً ،وذلك ما لم يكن مجبراً على البقاء في الشيوع بنص في القانون أو بموجب اتفاق على النحو الذي بيناه .

والقسمة يمكن تقسيمها إلى أنواع مختلفة . فهي تنقسم أولاً إلى قسمة مؤقتة ( partage provisionnel ) وقسمة نهائية ( partage - definitif ) فالقسمة $ 889 $ المؤقتة هي قسمة المهايأة المكانية أو الزمانية على التفصيل الذي قدمناه ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 491 - فقرة 494 .&%$ ) وهي قسمة منفعة لا قسمة ملك ، ولذلك لا تبقى إلا لمدة معينة ، ومن ثم سميت بالقسمة المؤقتة . أما القسمة النهائية فهي قسمة ملك لا قسمة منفعة فحسب ، وإذا تمت فإنها تدوم ولا تزول كما تزول القسمة المؤقتة ، ما لم تكن معلقة على شرط بالقسمة غير البائتة ( partage provisoire ) فهناك إذن فرق بين القسمة المؤقتة ( provisionnel ) والقسمة الغير الباتة ( provisoire ) ، فالأولي لا تبقى إلا لمدة معينة تزول بعدها بغير أثر رجعي ، في حين أن الثانية تبقى دائماً أو تزول بأثر رجعي ، فهي أما موجودة على سبيل الدوام أو تعتبر كأن لم تكن والقسمة النهائية أما أن تكون قسمة كلية ( partage total ) أو قسمة جزئية ( portage partiel ) ، وإما أن تكون قسمة عينية ( partage en nature ) أو قسمة تصفية ( partage par licitation ) وإما أن تكون قسمة اتفاقية ( partage conventionnel amiable ) أو قسمة قضائية ( partage judiciaire ) فالقسمة الكلية هي القسمة التي تتناول جميع الأموال اشائعة ، فتقسمها كلها بين الشركاء ، وتقرر نصيب كل منهم في جميع هذه الأموال . وهذا هو الأصل في القسمة النهائية .ولكن قد تكون القسمة النهائية قسمة جزئية ، لا تتناول إلا بعض الأموال الشائعة فتقسمها بين الشركاء وتفرز نصيب كل منهم فيها ، أما ما بقى من الأموال فيبقى شائعاً على حاله . وقد تكون القسمة الجزئية بإفراز نصيب أحد الشركاء في جميع الأموال الشائعة ، وإبقاء سائر الشركاء على الشيوع في جميع الأموال الشائعة ، التي تبقى بعد استبعاد النصيب المفرز ( $%&[1] ) أوبري ورو 10فقرة 623ص 156هامش 5 ثالثاً – حسن كيرة فقرة 130 . وقد تكون القسمة بتقسيم الأموال الشائعة إلى مجموعتين أو أكثر ، يختص بكل مجموعة فريق من الشركاء ، فتبقى المجموعة شائعة بين أفراد هذا الفريق . وهذا ما يسمى بقسمة الطبقات أو قسمة الفئات ( منصور مصطفي منصور فقرة 71 ) .&%$ ) . والقسمة العينية هي قسمة الأموال الشائعة عيناً ، فيفرز نصيب كل شريك في نفس الأموال الشائعة . وهذا هو أيضاً الأصل في القسمة النهائية .ويكون $ 890 $ الإفراز أما بطريق التجنيب ( attribution ) أو بطريق القرعة ( tirage au sort ) ( $%&[1] ) ويكون الإفراز أيضاً بطريق التجميع بأن يتجمع نصيب الشريك في شيء مفرز واحد ، أو بطريق التفريق بأن يتفرق نصيب الشريك على جميع الأموال الشائعة فيأخذ الشريك جزءاً مفرزاً في كل مال منها .&%$ ) . وقد تكون القسمة العينية بمعدل ( soulte ) ، إذا لم تتيسر إلا عن طريق أن بعض الشركاء ينال نصيباً أكبر من حصته فيدفع للشركاء الآخرين الذين نالوا نصيباً أقل مبلغاً من النقود يعدل أنصبتهم فنكون معادلة لحصصهم . أما إذا أمكنت قسمة المال الشائع بحيث ينال كل شريك نصيباً مفرزاً من نفس هذا المال يساوي حصته الشائعة ، كانت هذه القسمة هي القسمة العينية بغير معدل وقد لا تمكن القسمة العينية حتى مع المعدل ، فلا يكون هناك إذن سبيل لقسمة المال الشائع إلا عن طريق التصفية معناها بيع المال الشائع في المزاد ، وقسمة ثمنه بين الشركاء بنسبة حصصهم الشائعة . ولما كان الثمن الذي يرسو به المزاد هو مبلغ من النقود ، فإن قسمته بين الشركاء تكون دائماً ممكنة . فإذا اتفق الشركاء فيما بينهم على أن مزاد المال الشائع ينحصر فيهم ، فلا يدخل في المزايدة أجنبي عنهم ، فهنا يكون رسو المزاد على أحد الشركاء قسمة بطريق التصفية . أما إذا لم يتفق الشركاء على انحصار المزاد فيهم ، فإنه يجوز عند ذلك أن يدخل في المزاد الشريك والأجنبي . فإن رسا المزاد على شريك ، كانت القسمة هنا أيضاً قسمة بطريق التصفية . وان رسا المزاد على أجنبي ، لم يتعتبر رسو المزاد قسمة تصفية ، بل يكون بيعاً عادياً صدر من جميع الشركاء إلى الأجنبي عن طريق المزاد .

والقسمة النهائية – كلية كانت أو جزئية ، عينية كانت أو قسمة تصفية – تكون أما قسمة اتفاقية ، أو قسمة قضائية . فتكون قسمة اتفاقية إذا انفق جميع الشركاء على إجراءاها بالتراضي دون الالتجاء إلى القضاء ، فيتفقون على كيفية قسمة الأموال الشائعة كلها أو بعضها ، كما يتفقون ، إذا اقتضى الأمر بيع المال الشائع بالمزاد ، على أن تكون المزايدة رضائية . فإذا لم يتيسر الاتفاق ، لم يعد هناك سبيل لقسمة الأموال الشائعة إلا عن طريق الالتجاء إلى القضاء وهذه هي القسمة القضائية .

 $ 891 $

وقد سبق الكلام في القسمة المؤقتة ، وهي المهايأة . ونتولى الآن بحث القسمة النهائية ، فنتكلم في مسألتين : ( 1 ) كيف يتم إجراء القسمة ، ( 2 ) ما يترتب على القسمة من الآثار .

المبحث الأول

كيف يتم إجراء القسمة

539 - القسمة الاتفاقية والقسمة القضائية : إجراء القسمة ، سواء كانت كلية أو جزئية ، وسواء كانت عينية أو بطريق التصفية ، يختلف في القسمة الاتفاقية عنه في القسمة القضائية . فنبحث إذن إجراء كل من القسمتين الاتفاقية والقضائية ، ونبحث بعد ذلك ما لدائني الشركاء من حق التدخل في القسمة ، اتفاقية كانت أو قضائية ، حماية لمصالحهم .

المطلب الأول

القسمة الاتفاقية

540 - نص قانوني : تنص المادة 835 مدني على ما يأتي : " للشركاء ، إذا انعقد إجماعهم ، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها . فإذا كان بينهم من هو ناقص الأهلية ، وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1203 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 906في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 904 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 835 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 104 - ص 105 ) .&%$ ) .

يقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 451 / 548 ( $%&[1] ) التقنين المدني السابق م 451 / 548 : وفي جميع الأحوال الأخرى ، يجوز للشركاء الذين لهم أهلية التصرف في حقوقهم ، إذا اقتضت الحال قسمة أموال مشتركة ، أن يباشروا القسمة بالطريقة التي يرضونها ، إذا كانوا متفقين بأجمعهم عليها .ولا خلاف في الحكم ما بين التقنينين السابق والجديد ، فيما عدا أن التقنين السابق في المادة 452 / 549 منه كان بموجب أن تكون القسمة قضائية فيما إذا كان أحد الشركاء قاصراً أو محجوراً عليه أو غائباً ) .&%$ ) .

 $ 892 $

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 789 – وفي التقنين المدني الليبي م 844 – وفي التقنين المدني العراقي م 1071 – وفي قانون الموجبات والعقود اللبناني المادتين 922 و 941 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 789 ( مطابق ) .

التقنين المدين الليبي م 844 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي / 1071 : 1 - الشركاء ،إذا لم يكن بينهم محجور ، أن يقتسموا المال الشائع قسمة رضائية بالطريقة التي يرونها . 2 - لا تتم القسمة الرضائية في العقار إلا بالتسجيل في دائرة الطابق .

3 - لدائني كل شريك أن يطعنوا في القسمة ، إذا كان فيها غش أضر بمصلحتهم .

( وحكم التقنين العراقي يتفق بوجه عام مع حكم التقنين المصري ) .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 922 : تجري القسمة بين الشركاء في شركات العقد أو الملك ، إذا كانوا راشدين ومالكين حق التصرف في حقوقهم ، وفاقا للطريقة المعينة في عقد إنشاء الشركة أو الطريقة التي ينفقون عليها ، ألا إذا قرروا بالإجماع إجراء التصفية قبل كل قسمة .

م 941 : عند نهاية التصفية في الحالة المنصوص عليها في المواد السابقة وفي جميع الأحوال الداعية إلى قسمة الأموال المشتركة ، يجوز للشركاء ،يجوز للشركاء المالكين حق التصرف في حقوقهم أن يشرعوا في القسمة على الطريقة التي يرونها مناسبة ، بشرط أن يتفقوا عليها بالإجماع – ويحق لجميع الشركاء ، حتى الذين لا يد لها في الإدارة ، أن يشتركوا مباشرة في أعمال القسمة ( عدلت بقانون 21كانون سنة 1954 ) . انظر أيضاً م 942وقد عدلت بقانون 21كانون الأول سنة 1954 . ( وحكم التقنين اللبناني يتفق في مجموعة مع حكم التقنين المصري ، إلا أن المشرع اللبناني ، في حالة المحجور والقاصر ، يقتصر على بسط رقابة المحكمة رقابة لاحقة للقسمة ، أما في القانون المصري فالرقابة سابقة ولاحقة : م 40,79من قانون الولاية على المال – وفي القانون اللبناني تشمل الرقابة الولي والوصي ، ولا تشمل في القانون المصري إلا الوصي - انظر في ذلك حسن كيرة في الحقوق العينية الأصلية في القانون المدني اللبناني المقارن مذكرات غير مطبوعة سنة 1965 ) .&%$ ) .

ويتبين من هذا النص أن القسمة الاتفاقية هي عقد تسرى عليه أحكام العقود بوجه عام .وسنرى إلى جانب ذلك ، أن هناك أحكاماً خاصة بنقض القسمة الاتفاقية للغبن

1 - كيف يتم إجراء القسمة الاتفاقية

541 - القسمة الاتفاقية عقد تسرى عليه أحكام سائر العقود : والقسمة الاتفاقية عقد كسائر العقود ، أطرافه الشركاء المشتاعون ، ومحله $ 893 $ المال الشائع ومن ثم تسرى على هذه القسمة أحكام العقود . فلابد من تراضي الشركاء ، وتوافرت الأهلية ، وخلو الإدارة من العيوب ، واستبقاء المحل لمشروطه ، ووجود سبب مشروع .

ويجوز تعليق الاتفاقية على شرط واقف ، كما إذا اتفق الشركاء على تعليق القسمة على ما إذا كانت عين من الأعيان الداخلة فيها تثبت ملكيتها للشركاء . كذلك يجوز تعليق القسمة على شرط فاسخ ، كما إذا اتفق الشركاء على انفساخ القسمة إذا تحول المال الشائع من أرض زراعية إلى أرض للبناء في خلال مدة معينة .

وإذا أبرم القسمة الاتفاقية بعض الشركاء دون بعض ، فإن الشركاء الذين أبرموها يبقون ملتزمين بها ، حتى إذا أقرها الشركاء الآخرون أصبحت نافذة في حق الجميع ( $%&[1] ) نقض مدني 5يونيه سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 212ص 451 - 22 فبراير سنة 1950مجموعة أحكام النقض 1 رقم 73ص 276 - 19 مايو سنة 1955مجموعة أحكام النقض 6رقم 153ص 1125 - ويعتبر عقد القسمة ، بالنسبة إلى من لم يقره من الشركاء إيجاباً موجها ً إلى هؤلاء ، فيكون لهم أو لورثتهم إقرار القسمة بقبولهم إياها . ولكن هذا الإيجاب يبقى قائما لمدة المحددة له أو المدة المعقولة ، وفقاً لأحكام المادة 93 مدني ( انظر إسماعيل غانم فقرة ص 209 هامش 2 ) .&%$ ) . وقد يجعل إقرار الشركاء الذين لم يبرموا العقد شرطاً واقفاً أو شرطاً فاسخا في القسمة ( $%&[1] ) وذلك فيما إذا لم يعتبر عق القسمة إيجاباً موجها لمن لم يقره من الشركاء ، كما سبق القول . أما القسمة التي تتم بين بعض الشركاء وتتناول كل المال الشائع ، فتهدر عمداً أو خطأ نصيب الشركاء الذين لم يشتركوا في القسمة ، فتكون بداهة باطلة ( بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 898ص 630 - ص 631 - بلانيول وريبير وموري وفيالتون 4 فترة 684 - إسماعيل غانم فترة 89ص 210 ) .&%$ ) .

وتخضع القسمة الاتفاقية للقواعد العامة في الإثبات . فإذا زادت قيمة المال الشائع الذي دخل القسمة على عشرة جنيهات ، كما هو الغالب ، فلا يجوز إثباتها إلا بالكتابة أو ما يقوم مقام الكتابة . أما إذا لم تزد القيمة على عشرة جنيهات ، فإنه يجوز إثبات القسمة بالبينة والقرائن .

وقد قدمنا أن المادة 846 / 2 مدني تقضي بأنه إذا دامت قسمة المهايأة المكانية خمس عشرة سنة ، انقلبت قسمة نهائية ، ما لم يتفق الشركاء على غير $ 894 $ ذلك فالتراضي هنا لم يقع ابتداء على قسمة نهائية ، وإنما وقع على مهايأة مكانية مؤقتة . ومع ذلك تنقلب هذه القسمة المؤقتة ، بحكم القانون لا بحكم التراضي ، إلى قسمة نهائية إذا دامت خمس عشرة سنة ولم يكن الشركاء قد اتفقوا من قبل على أن الهايأة لا تنقلب إلى قسمة نهائية .وقد سبق تفصيل القول في ذلك ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 492 .&%$ ) . ونكتفي هنا بالإشارة إلى أن المهايأة المكانية التي انقلبت إلى قسمة نهائية ليست بقسمة اتفاقية ، فلا يجوز تقضها للغبن كما تنقض القسمة الاتفاقية .وهي في الوقت ذاته ليست بقسمة قضائية ، وإنما هي قسمة وقعت بحكم القانون .

أما القسمة الفعلية ( partage de fait ) فهي قسمة اتفاقية يجوز نقضها للغبن والقسمة الفعلية تقوم على اتفاق بين الشركاء ، ولكنه ليس اتفاقاً صريحاً ، بل هو اتفاق ضمنى . فيتصرف أحد الشركاء في جزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته ، ثم ينهج نهجه سائر الشركاء ، كل منهم يتصرف في جزء مفرز يعادل حصته في المال الشائع . فيستخلص من تصرفاتهم هذه ضمنا أنهم ارتضوا قسمة المال الشائع فيما بينهم على الوجه الذي تصرفوا على مقتضاه ، ويكون نصيب كل منهم هو الجزء المفرز الذي سبق له أن تصرف فيه ( $%&[1] ) وللمحكمة أن تستخلص الإدارة الضمنية في القسمة الفعلية من ظروف الحال . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد استظهر مما استعرضه من التصرفات من الورثة في أوقات مختلفة ، ومما ذكره بعضهم في عقد صادر منه ببيع بعض ما أختص به من أنه يملك القدر المبيع بمضي المدة الطويلة – استظهر من ذلك أن الورثة اقتسموا الأرض المخلفة عن مورثهم ، وان كل وأحد منهم وضع يده على حصة مفرزة من التركة بصفته مالكا المدة المكسبة للملكية ، ثم رتب على القسمة التي قال بها ، ولو أنها لم تكن بعقد مسجل ، نتائجها القانونية في حق الغير ، فلم يعول على ما كان من أحد الورثة من رهنه إلى أحد دائنيه أرضاً شائعة لا يملك منها شيئا بمقتضى القسمة ، فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء ( نقض مدني 24 ديسمبر سنة 1942مجموعةم المكتب الفني في خمسة وعشرين عاماً 2 ص 886 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا قضت المحكمة لبعض الملاك المشتاعين بملكية بعض الأعيان المشتركة مفرزة ، وبنت حكمها على أن كلا منهم قد استقل بوضع يده على جزء معين من الملك الشائع حتى تملكه بمضي المدة ، مستدلة على ذلك بالبينة والقرائن ، فهذا الحكم لا يعتبر مؤسساً على التقرير بوقوع تعاقد على قسمة بين الشركاء ، ولذلك لا يصح المنعي عليه انه قد خالف القانون إذا هو لم يستند إلى دليل كتابي ( نقض مدني 4 أبريل سنة 1946مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما 2 ص 886 ) .وقضت أيضاً بأنه إذا كان الحكم ، إذ قضى بأحقية المدعى إلى الزراعة المحجوز عليها ما عدا المقدار الخاص بشريكته الحاجزة بإلغاء الحجز المتوقع على حصة شائعة في محصولات جميع الأعيان وبإلزامها بالتعويض ، قد استخلص استخلاصا سائغاً أن القسمة بين الشريكين حصلت فعلا وان الحاجزة علمت بها وأقرتها ، وبين من ناحية أخرى وجه الضرر الذي قضى بالتعويض من أجله ، فإن هذا كاف ولا يكون الحكم قد شابه القصور ( نقض مدني 26 أكتوبر سنة 1950 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاماً 2 ص 1149 ) . وقضت محكمة النقض ، من جهة أخرى ، بأنه متى كان الحكم المطعون فيه ،إذا قرر عدم حصول قسمة في العقار المشفوع به ، قد أقام قضاءه على ما حصلته المحكمة تحصيلا سائغا من أن الأعمال المادية – التي أثبتها خبير الدعوى – استحداث مبان بالمنزل – غير قاطعة في إفادة هذا المعنى ، ووجدت في تقرير الخبير وأوراق الدعوى ما يكفي تكوين عقيدتها ، فإن النص على الحكم بالقصور يكون في غير محله ( نقض مدني 31مايو سنة 1951 مجموعة الكتب الفني في خمسة وعشرين عاما 2 ص 905 ) .

وانظر أيضاً نقض مدني 21ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 177ص 503 استئناف مختلط 24أبريل سنة 1912م 25ص 326 - 15 يونيه سنة 1936م ( 5 ص 384 - 19 ديسمبر سنة 1939م 52ص 65 - 10 يونيه سنة 1947م 59ص 246 - 20 مايو سنة 1948م 60ص 121 - 28يونيه سنة 1949م 61ص 135 - وانظر عبد المنعم البدراوي فقرة 154 - حسن كيرة فقرة 140 .&%$ ) . ويكتفي $ 895 $ في تسجيل هذه القسمة بتسجيل التصرفات المتتابعة التي قام بها الشركاء متعاقبين وفي نقض هذه القسمة للغبن تكون العبرة في تقدير قيمة الشيء بوقت إبرام التصرف الأخير ، إذ أن القسمة الفعلية لم تتم إلا وقت إبرام هذا التصرف ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 91 ص 215 .&%$ ) .

542 - للشركاء اختيار طريقة القسمة الاتفاقية : وقد رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 540 .&%$ ) أن المادة 835 مدني تنص على أن " للشركاء ، إذا انعقد إجماعهم ، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها .. " فللشركاء إذن اختيار الطريقة التي تتم بها القسمة الاتفاقية . فقد يختارون أن تكون القسمة عينية ، فيفرزون نصيب كل منهم عيناً في المال الشائع . وقد تكون هذه القسمة العينية بمعدل ، أو تكون بغير معدل . وقد يختارون أن تكون القسمة قسمة كلية كما هو الغالب ، أو أن تكون قسمة جزئية فيبقون بعض المال في الشيوع ويفرزون نصيب كل منهم في المال الباقي ، أو يتفقون على تجنيب جزء مفرز من المال الشائع نصيباً لأحدهم ويستمر الباقون في الشيوع فيما بقى من المال بعد التجنيب .

 $ 896 $

وقد يختارون القسمة بطريق التصفية ، وبخاصة إذا كان يتعذر قسمة المال عيناً . ويتفقون على بيع المال الشائع ، كله أو بعضه ، في المزاد ، ويقتسمون ثمنه ، وما عسى إلا يباع من المال يبقى شائعاً فيما بينهم أو يقتسمونه عيناً . وقد يختارون البيع بالممارسة إذا أجمعوا على ذلك ، فليس هناك ما يجبرهم على البيع بالمزاد إلا إذا اختلفوا . وإذا باعوا المال بالمزاد ، فقد يتفقون على إلا يدخل المزاد إلا شريك منهم ، وإذا لم يتفقوا على ذلك جاز للأجنبي أن يدخل المزاد إلا شريك منهم ، وإذا لم يتفقوا على ذلك جاز للأجنبي أن يدخل في المزاد . وفي جميع الأحوال إذا رسا المزاد على أجنبي اعتبر رسوا المزاد بيعاً لا قسمة ، أما إذا رسا على أحد الشركاء فإنه يعتبر قسمة تصفية .

543 - وجود قاصر أو محجور عليه أو غائب بين الشركاء :

فإذا كان بين الشركاء قاصر أو محجور عليه لجنون أو عته أو غفلة أو سفه أو كان فيهم غائب ، فقد اوجبت المادة 835 مدني كما رأينا مراعاة الإجراءات التي فرضها القانون ,والقانون هنا هو قانون الولاية على المال ، وقد وردت فيه نصوص خاصة بالقسمة إذا كان يبين الشركاء من هو غير كامل الأهلية أو كان فيهم غائب .

فقد نصت المادة 40 من هذا القانون على ما يأتي : " على الوصي أن يستأذن المحكمة في قسمة مال القاصر بالتراضي إذا كانت له مصلحة في ذلك ، فإذا أذنت المحكمة عينت الأسس التي تجري عليها القسمة والإجراءات الواجبة الاتباع . وعلى الموصي أن يعرض على المحكمة عقد القسمة للتثبيت من عدالتها وللمحكمة في جميع الأحوال أن تقرر اتخاذ إجراءات القسمة القضائية .. " ونصت المادة 79 من نفس القانون على أن " يسرى في شأن قسمة مال الغائب والمحجور عيه ما يسري في شان قسمة مال القاصرين من أحكام " .

ويتبين من النصوص سالفة الذكر أن إجراء القسمة اعتبر أمراً له خطره ، فخرج عنا أن يكون عملاً من أعمال الإدارة المعتادة ، وألحق بالتصرفات ( $%&[1] ) قارن استئناف مختلط 9 مارس سنة 1937م 49ص 137 ( وقد أجاز الحكم الناظر الوقف طلب القسمة باعتبار أن القسمة لا تعتبر من أعمال التصرف ) .&%$ ) . ومن ثم اشترط القانون فيه إلا يستقل به الوصي أو القيم أو الوكيل عن الغائب ، بل يجب على أي من هؤلاء أن يحصل على إذن من المحكمة كما هو الأمر في $ 897 $ شأن أعمال التصرف ( $%&[1] ) وقد كان التقنين المدني السابق ( م 452 / 549 ) لا يكتفي بإذن المحكمة ، بل يوجب ، على قرار القانون الفرنسي ، أن تكون القسمة قضائية . والى هذا الحكم أشارت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي إذ تقول : " أما إذا لم ينعقد الإجماع فيما بينهم ، أو كان فيهم من هو ناقص الأهلية ، وجب اتباع إجراءات القسمة القضائية " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 105 ) .

وغنى عن البيان أن المذكرة الإيضاحية قد أخطأت إذ نسبت الحكم الذي كان معمولا به في التقنين المدني السابق إلى التقنين المدني الجديد . انظر عبد المنعم البدراوي فقرة 153ص 184 - إسماعيل غانم فقرة 89ص 208 هامش 1 .&%$ ) . أما الولي ، فلأنه يملك بوجه عام أن يستقل بأعمال التصرف لا يستأذن فيها المحكمة ، فقد أعفي في القسمة من الحصول على هذا الإذن وجاز له أن يستقل بها ( $%&[1] ) هذا الحكم لا شك فيه إذا كان الولي هو الأب ، وقد أطلقت يد الأب في التصرف في مال ابنه فيما عدا قيودا ليست القسمة من بينها . أما إذا كان الولي هو الجد ، فقد نصت المادة 15 من قانون الولاية على المال على أنه " لا يجوز للجد ، بغير إذن المحكمة ، التصرف في مال القاصر ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو إضعافها " . فمنع الجد من التصرف إلا بإذن المحكمة في قسمة مال الصغير .&%$ ) . وإذا طلب الوصي أو القيم أو الوكيل عن الغائب إذن المحكمة في القسمة الاتفاقية ، فعلى المحكمة اولاً أن تقدر ما إذا كانت هذه القسمة في مصلحة المحجور ، ولها أن ترفض القسمة الاتفاقية وتقرر أن تكون القسمة قضائية . فإذا ما قدرت أن القسمة الاتفاقية في مصلحة المحجور ، فعليها أن تعين الأسس التي تجري عليها هذه القسمة والإجراءات التي يجب اتباعها فيها . وإذا تمت القسمة الاتفاقية على مقتضى هذه الأسس وبموجب هذه الإجراءات فعلى الوصي أو القيم أو الوكيل عن الغائب أن يعود مرة ثانية إلى المحكمة ليعرض عليها القسمة التي تمت ، فإذا استوثقت المحكمة من أن الأسس التي وضعتها قد التزمت ، ون أن الإجراءات التي رسمها قد روعيت ، وتثبتت بوجه خاص من عدالة القسمة في ذاتها ، فإنها تأمر بإنقاذها .ولها في جميع الأحوال ، حتى في هذه المرحلة ، أن تقرر العدول عن القسمة الاتفاقية إلى القسمة القضائية إذا لم تطمئن إلى القسمة الاتفاقية التي تمت ( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية لقانون الولاية على المال . وقد قضت محكمة النقض بأن إجراء القسمة بالتراضي جائز ولو كان بين الشركاء من هو ناقص الأهلية ، على أن يحصل الوصي أو القيم على إذن من الجهة القضائية المختصة بإجراء القسمة على هذا الوجه ، وعلى أن تصدق هذه الجهة على عقد القسمة بعد تمامه حتى يصبح نافذاً في حق ناقص الأهلية . وإذا كان البطلان المترتب على عدم مراعاة هذه الإجراءات قد شرع لمصلحة القاصر ومن في حكمه حتى لا يتعاقد الوصي أو القيم على تصرف ليس له في الأصل أن يستقل به ، فإن هذا البطلان يكون نسبياً لا يحتج به إلا ناقص الأهلية الذي يكون له عند بلوغه سن الرشد أن كان قاصراً أو عند رفع الحجر عنه إن كان محجوراً عليه التنازل عن التمسك بهذا البطلان وإجازة القسمة الحاصلة بغير اتباع هذه الإجراءات ( نقض مدني 23يناير سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15رقم 24 ص 131 ) .&%$ ) .

 $ 898 $

544 - وجود الطعن في القسمة الاتفاقية : ولما كانت القسمة الاتفاقية ، كما قدمنا ، عقداً تسري عليه أحكام سائر العقود ، فإن وجوه الطعن فيها هي نفس وجوه الطعن في العقد .

فقج يطعن في القسمة الاتفاقية بالبطلان المطلق ، كما إذا وقعت قسمة اتفاقية بين الورثة قبل موت المورث ، فهذا العقد يكون تعاملا في تركة مستقبلة ، ومن ثم يكون باطلاً ، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يطعن فيه بالبطلان ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 537 .&%$ ) .

وقد يطعن في القسمة الاتفاقية بالإبطال لنقص الأهلية . فإذا كان أحد الشركاء قاصراً مثلا ، ولم تراع الإجراءات التي أسلفنا ذكرها في القسمة ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 543 .&%$ ) . جاز لهذا الشريك أن يطلب إبطال القسمة وفقاً للقواعد العامة ( $%&[1] ) نفض مدني 3 مايو سنة 1962 مجموعة أحكام 13رقم 89ص 595 - 23يناير سنة 1964مجموعة أحكام النقض 15 رقم 24ص 131 .&%$ ) .

وقد يطعن في القسمة الاتفاقية بالإبطال لعيب من عيوب الإدارة . فإذا وقع الشركاء مثلا في غلط جوهري في قيمة أحد أعيان الأموال الشائعة ، فقدرت قيمتها بأقل من الحقيقة أو بأكثر منها إلى حد كبير ، جاز للشريك الذي وقعت في نصيبه هذه العين إذا قدرت بأكثر من قيمتها ، أو للشركاء الآخرين إذا قدرت بأقل من قيمتها ، طلب إبطال القسمة الاتفاقية للغلط ( $%&[1] ) وكثيراً ما يغني نقض القسمة للغبن عن إبطال القسمة للغلط في قيمة المال الشائع . والى هذا تشير المناقشات التي دارت في لجنة مجلس الشيوخ في شأن المادة 845مدني المتعلقة بنقض القسمة للغبن ، فقد قيل في هذه اللجنة : " فالنص هنا واجب لأنه يحمي المتقاسم الذي يقع في الخطأ ( الغلط ) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 129 ) . ولكن يوجد مع ذلك فروق ما بين نقض القسمة للغبن وإبطال القسمة للغلط . فالغلط أولا لا يقتصر على الغلط في القيمة ، بل يتناول أيضاً الغلط في صفة جوهرية في الشيء أو في الشخص أو في الباعث ، فهو من هذه الناحية أوسع من الغبن . وفيما يتعلق بالغلط في القيمة ،لا يشترط فيه نصاب معين كما اشترط الخمس في الغبن ،ومدة رفع الدعوى في الغبن سنة واحدة منذ القسمة وهي ثلاث في الغلط منذ كشفه .ومهما يكن من أمر ، فإذا وقع في القسمة غلط جوهري ، ولكن المتقاسمين الآخرين أبدوا استعدادهم لتلاقي نتائجه بإجراء قسمة تكميلية مثلا أو بتعويض ، لم يكن لمن وقع في الغلط الإصرار على إبطال العقد ، عملا بأحكام المادة 124مدني . انظر في هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 90ص 210هامش 2 . وانظر في جواز إبطال القسمة للغلط نقض مدني 11 مايو سنة 1944مجموعة عمر 4 رقم 133 ص 362 .&%$ ) .

 $ 899 $

كذلك يجوز طلب إبطال هذه القسمة للتدليس ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد قضى ببطلان عقد قسمة أرض رسا مزادها على المقتسمين ، لما شاب رضاء أحد طرفي القسمة من تدليس ، بانيا ذلك على ما ثبت من أن الطرف الآخر استصدر هذا العقد في أثناء قيام دعوى الملكية المرفوعة منه على الوقف الذي كان يرى استحقاق بعض هذه الأرض ، وبعد أن أدرك من مراجعة مستندات الوقف ما يدخل من هذه الأرض في ملكيته وما يخرج عنها ، وأنه أخفي هذا عن قسيمه ، بل ألهمه غير ما علم كي يختص هو في عقد القسمة بما يخرج معظمهم عن ملك الوقف ويختص قسيمه بما سيكون ماله الاستحقاق ، ففي هذا الذي أثبته الحكم ما يكفي لاعتباره حيلة تفسد رضا من خدع بها ( نقض مدني أول ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 18ص 64 ) .&%$ ) . أو للإكراه . أما الغبن فقد أفرده القانون بأحكام خاصة لأهميته في القسمة ، فتنتقل الآن للكلام في نقض القسمة الاتفاقية للغبن .

2 - نقض القسمة الاتفاقية للغبن

545 - نص قانوني : تنص المادة 845 مدني على ما يأتي :

 " 1 - يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس ، على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة " .

 " 2 - ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة . وللمدعى عليه أن يقف سيرها ويمنع القسمة من جديد ، إذا أكمل للمدعي نقداً أو عيناً ما نقص من حصته " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1213 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن مقدار الغبن في المشروع التمهيدي كان الربع لا الخمس . وفي لجنة المراجعة عدل مقدار الغبن إلى الخمس ،ووافقت اللجنة على النص معدلا على هذا الوجه تحت رقم 916 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 914 .وفي لجنة مجلس الشيوخ ،اعترض على النص بأنه " ما دامت القسمة قد تمت بالتراضي فلا يجوز الرجوع فيها بسبب الغبن ، إذ لا يجب أن تعرض المعاملات للفسخ بسببه " . فأجيب بأن " الغرض من القسمة بالتراضي هو تتحقيق المساواة بين المتقاسمين ، فإذا لم تتحقق فالبتة من تحقيقها ، فالنص هنا واجب لأنه يحمي المتقاسم الذي يقع في الخطأ " . وعندئذ اقترح رفع نسبة الغبن من الخمس إلى الربع ، فلم توافق اللجنة على ذلك ، وأقرت النص كما هو تحت رقم 845 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما أقرته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 127 - ص 130 ) . وعندئذ اقترح رفع نسبة الغبن من الخمس إلى الربع ، فلم توافق اللجنة على ذلك ، وأقرت النص كما هو تحت رقم 845 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما أقرته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 127 - ص 130 ) .&%$ ) $ 900 $

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ( $%&[1] ) فلم يكن هناك ما يجيز نقض القسمة للغبن ، وكان يغني عن الغبن في هذه الحالة الغلط في قيمة الشيء . ومع ذلك كان القضاء المختلط يجيز نقص القسمة للغبن : استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1906م 18ص 125 - 14فبراير سنة 1922م 34ص 165 - 29مايو سنة 1923م 35ص 464 - 26 فبراير سنة 1924م 36ص 246ص - 16يونية سنة 1936م 48ص 321 - 25يناير سنة 1940م 52ص 111 .&%$ ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 799 - وفي التقنين المدني الليبي م 849 – وفي التقنين المدني العراقي / 1077 - وفي قانون الموجبات والعقود اللبناني م 947و 949 و 214 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى

التقنين المدني السوري م 799 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 849 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1077 : 1 - يجوز طلب نقض القسمة الحاصلة بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن فاحش ، ولا تسمع الدعوى بذلك بعد مرور ستة أشهر من انتهاء القسمة .وللمدعى عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعي نقداً أو عينياً ما نقص من حصته .

2 - ويعتبر الغبن فاحشاً متى كان على قدر ربع العشر في الدراهم ، ونصف العشر في العروض ،والعشر في الحيوانات ، والخمس في العقارات .

( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري في أن مقدار الغبن في المنقول في التقنين العراقي يتفاوت باختلاف نوع المنقول ، وفي أن مدة رفع الدعوى ستة أشهر في التقنين العراقي بدلا من سنة في التقنين المصري ) .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 947 : لا يجوز إبطال القسمة ، سواء أكانت اتفاقية أم قانونية أم قضائية ، إلا بسبب الغلط أو الإكراه أو الخداع أو الغبن .

م 949 :أن إبطال القسمة للأسباب التي عينها القانون يرجع كلا من المتقاسمين إلى الحال التي كان عليها من الوجهة القانونية والعملية عند حصول القسمة ، مع مراعاة الحقوق التي اكتسبها شخص ثالث حسن النية وفاقا للأصول ومقابل بدل – ويجب أن تقام دعوى الإبطال في السنة التي تلي القسمة ، ولا تقبل بعد انقضائها .

م 214 : أن الغبن لا يفسد في الأساس رضا المغبون .ويكون الأمر على خلاف ذلك ويصبح العقد قابلا للبطلان في الأحوال الآتية :أولا - إذا كان المغبون قاصراً . ثانياً – إذا كان المغبون راشداً وكان للغبن خاصتان ، الأولي أن يكون فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة ، والثانية أن يكون المستفيد قد أراد استثمار ضيق أو طيش أو عدم خبرة المغبون .ويمكن ، إلى الدرجة المبينة فيما تقدم ، إبطال عقود الفرز نفسها بسبب الغبن .

( ويتبين من مجموع هذه النصوص أن القانون اللبناني لا يجيز نقض القسمة للغبن إلا إذا كان الشريك قاصراً ، أما إذا كان بالغا فيشترط لنقض القسمة أن يكون الغبن فاحشاً وان يكون قد استغل في الشريك المغبون ضيق أو طيش أو عدم خبرة : وترفع دعوى الغبن في القسمة في خلال سنة من تمامها ) .&%$ ) .

 $ 901 $

ويلاحظ أن نقض القسمة للغبن مقصور على القسمة الاتفاقية ، أما القسمة القضائية فلا يجوز الطعن فيها بالغبن إذ المفروض أن هذه القسمة قد أحبطت بالضمانات الواجبة التي يكون من شأنها رفع الغبن عن المتقاسمين وكفالة المساواة فيما بينهم ( $%&[1] ) وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " أما القسمة القضائية فلا تقبل فيها دعوى الغبن ، لأن المفروض في هذه القسمة أن كل الاحتياطات قد اتخذت لمنع الغبن ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 128 ) .&%$ ) . ويخالف التقنين المدني الفرنسي ( م 887 – 88 ) التقنين المدني المصري في ذلك ، فالتقنين الفرنسي يبيح نقض القسمة للغبن ، ولو كانت قسمة قضائية .

546 - الغبن في ذاته عيب في عقد القسمة يجيز نقضها : إذا وقع في القسمة غبن بالمقدار الذي حدده القانون ، فهذا في ذاته عيب يجعل عقد القسمة قابلاً للنقض ، أي قابلاً للإبطال .وليس من الضروري أن يصحب الغبن تدليس أو غلط ، كما أنه ليس من الضروري أن يكون الغبن نتيجة لاستغلال طيش بين أو هوى جامح في الشريك المغبون . فالغبن وحده كاف لجعل عقد القسمة قابلاً للإبطال ، بناء على طلب الشريك المغبون . ويترتب على ذلك أن للشريك المغبون أن يجيز عقد القسمة الذي وقع فيه الغبن ، فيصبح $ 902 $ العقد بعد الإجازة غير قابل للنقض ( $%&[1] ) ولا يعتبر الشريك المغبون مميزاً لعقد القسمة إذا هو نزل ، في عقد القسمة نفسه ، عن حقه في نقضه للغبن ( بودري وفال في المواريث 3 فقرة 3567 ) .&%$ ) .وتكون هناك إجازة ضمنية إذا نفذ الشريك المغبون عقد القسمة تنفيذاً اختياريا بعد علمه بالغبن الذي لحق به ، كأن دفع المعدل الذي التزم بدفعه أو تسلمه إذا كان هو الدائن به ، أو تسلم المال المفرز الذي وقع في نصيبه راضياً ولو لم تنقض السنة التي يجب أن يرفع في خلالها دعوى الغبن ، أو تصرف في هذا المال المفرز بالبيع أو الهبة أو الرهن أو نحو ذلك من التصرفات الدالة على الرضاء بما قسم له والنزول عن دعوى النقض للغبن .

والغالب في العمل أن يكون الغبن قد وقع نتيجة لغلط في قيمة الشيء ،وعندئذ يكون عقد القسمة قابلا للإبطال للغلط إذا توافرت شروطه ، وكذلك قابلاً للنقض إذا توافرت شروط الغبن . أما لخطأ في الحساب ( erreur de caleul ) ، فلا يكون سببا لا للإبطال للغلط ، ولا للنقض للغبن ، ولكن يجب تصحيحه ولو كان الغبن الذي ترتب عليه الخمس أو اقل ( $%&[1] ) بودري وفال في المواريث 3 فقرة 3441ص 741 .&%$ ) . وقد يقع الغبن دون أن يكون هناك غلط أو تدليس أو إكراه ، كما إذا استحق جزء من المال الذي وقع في نصيب أحد الشركاء ، فيصبح الجزء الباقي أقل من أربعة أخماس ما يستحقه هذا الشريك . فعند ذلك يستطيع الشريك المغبون أن يرجع على باقي الشركاء بالغبن ، حتى لو كان سبب الاستحقاق قد استبعد في عقد القسمة من أن يكون سببا للرجوع بالضمان ( $%&[1] ) ديمولومب 17 فقرة 351وفقرة 363 - بودري وفال في المواريث 3 فقرة 3443 - عكس ذلك لوران 10 فقرة 447 وفقرة 455 . &%$ ) .

ويجوز نقض القسمة للغبن ، ولو نشأ الغبن من أن أحد الشركاء فرض عليه أن يدفع معدلا لشريك آخر فتبين أنه معسر وقت القسمة ، وترتب على إعساره أن لحق غبن بالمقدار الذي حدده القانون الشريك الدائن بهذا المعدل كذلك يجوز للوارث الذي وقع في نصيبه دين للتركة ، وتبين أن المدين كان معسراً منذ القسمة ، أن ينقص القسمة للغبن إذا ترتب على إعسار المدين أن لحق الوارث غبن بالمقدار الذي حدده القانون ( $%&[1] ) بودري وفال في المواريث 3 فقرة 3444 .&%$ ) . $ 903 $ ولكن لا يجوز نفض القسمة للغبن إذا كان الشريك يعلم وقت القسمة بالغبن ، وقد رضى به وفاء لالتزام طبيعي في ذمته لشريك آخر ، أو هبة منه لهذا الشريك ( $%&[1] ) بودري وفال في المواريث 3 فقرة 3442 .&%$ ) .

547 - مقدار الغبن وكيفية حسابه : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 845مدني تنص على أنه " يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس ، على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة " . وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 845مدني يشترط في الغبن أن يزيد على الربع لا على الخمس ، وذلك أسوة بمقدار الغبن في القسمة في القانون الفرنسي . ولكن لجنة المراجعة عدلت مقدار الغبن إلى الخمس أسوة بالغبن في بيع عقار القاصر ، ولأن الخمس هو المقدار المألوف في الغبن في الشريعة الإسلامية ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 545ص 899هامش 2 .&%$ )

ولمعرفة ما إذا كان قد وقع غبن في القسمة ، يجب تقدير المال الشائع محل القسمة ، وتقدير نصيب كل من الشركاء في هذا المال . وتقدر قيمة المال الشائع بواسطة خبير عند الاقتضاء ، ولا يعتد بالتقدير الوارد في عقد القسمة ( $%&[1] ) ديمولومب 17 فقرة 418 - لوران 10 فقرة 499 - بودري وفال في المواريث 3 فقرة 3450 .&%$ ) ثم تقدر قيمة نصيب كل شريك في هذا المال الشائع . فإذا فرضنا أن قدرت قيمة المال الشائع بمبلغ 5000جنيه ، وكان هناك شركاء خمسة بحصص متساوية كان الواجب أن تكون قيمة النصيب المفرز لكل شريك 1000جنيه ، ويجب حتى يعتبر الشريك مغبوناً في هذه القسمة ، أن تنزل قيمة المال المفرز الذي وقع في نصيبه عن أربعة الأخماس حتى يكون حتى يكون مغبوناً في أكثر من الخمس أي يجب أن تكون قيمة المال الذي وقع في نصيبه اقل من 800 جنيه .أما إذا كانت هذه القيمة 800 جنيه أو أكثر ، فإنه لا يجوز له أن ينقض القسمة للغبن . فإذا فرضنا أن أربعة من خمسة الشركاء كانت قيمة نصيب كل منهم 800 جنيه ، فيكون مجموع أنصبة الأربعة 3200جنيه ، وأخذ الشريك $ 904 $ الخامس الباقي أي اخذ 1800جنيه ، فبالرغم من التفاوت الكبير بين نصيب الشريك الخامس نصيب كل من الشركاء الأربعة لا يجوز لأي من الشركاء الأربعة أن يطلب نقض ونصيب كل للغبن ، لأن الغبن الذي أصاب كلا من الشركاء الأربعة لا يزيد على الخمس ( $%&[1] ) بودري وفال في المواريث 3 فقرة 3447 .&%$ ) .

والعبرة في التقدير بقمية الشيء وقت القسمة فيعتد بوقت القسمة في تقدير قيمة المال الشائع ، وفي تقدير قيمة نصيب كل من الشركاء . فإذا كانت قيمة نصيب أحد الشركاء وقت القسمة هي مبلغ معين ، فلا يعتد بأي أمر يحدث بعد القسمة ويزيد من هذه القيمة كتحسن الصقع ، أو ينقص منها كانخفاض أسعار الأوراق المالية أو إعسار شريك في ذمته معدل لشريك آخر إذا كان هذا الإعسار قد حدث بعد القسمة لا وقتها .

ويعتبر الشريك مغبونا إذا كان مجموع ما أصابه من الغبن يزيد على الخمس كما قدمنا ، فلا يعتد بما لحقه من الغبن في كل عين من الأعيان التي وقعت في نصيبه . فلو وقع في نصيب أحد الشركاء دار قيمتها الحقيقة 1000جنيه لكنها قدرت بمبلغ 1500جنيه فكان مغبونا في هذه الدار بمقدار 500 جنيه ، ووقع في نصيبه أيضاً أرض قيمتها الحقيقية 1200جنيه ولكنها قدرت بمبلغ 1000جنيه ، فإن ما كسب في الأرض وهو 200جنيه يستنزل مما خسر في الدار وهو 500جنيه . ويكون ما لحقه من الغبن هو 300جنيه فقط ، فإن كان هذا المقدار لا يزيد علىالخمس لم يستطيع الشريك أن ينقض القسمة للغبن .

548 - أنواع القسمة التي يجوز فيها لنقض للغبن :قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 545 .&%$ ) أن نقض القسمة للغبن إنما يكون في القسمة الإتفاقية دون القسمة القضائية . وأية قسمة اتفاقية يجوز فيها نقض العقد للغبن على الوجه الذي بسطناه فيجوز نقض القسمة للغبن ، إذا كانت القسمة الاتفاقية قسمة عينية ، بمعدل أو بغير معدل ، قسمة كلية أو قسمة جزئية . وكذلك يجوز النقض للغبن ، حتى لو تمت القسمة الاتفاقية بطريق التصفية ، والذي يعتد به هنا ليس هو الغبن الذي يقع في بيع المال الشائع إذا كان المشتري أجنبياً ، وإنما هو الغبن $ 905 $ في قسمة الثمن بين الشركاء .ولكن إذا كان المشتري في قسمة التصفية هو أحد الشركاء فإنه يعتد بالغبن الذي يقع في البيع ، لأن البيع في هذه الحالة يعتبر قسمة كما قدمنا . فإذا بيع المال الشائع لأحد الشركاء بأقل من أربعة أخماس القيمة ، وقسم الثمن بين الشركاء فكان نصيب كل منهم – فيما عدا الشريك المشتري – اقل من أربعة أخماس القيمة الحقيقية ، كان لكل من هؤلاء الشركاء طلب نقض القسمة للغبن .

وإذا تجزأت القسمة إلى عدة عقود وقع كل عقد منها على جزء من المال الشائع ، فغن الغبن ينظر إلى مجموع هذه العقود لا إلى كل عقد على حدة فلو غبن أحد الشركاء في بعض هذه العقود ، ولكنه في العقود الأخرى نال نصيباً أكثر مما يستحق بحيث أن الغبن الذي لحقه في مجموع العقود لا يزيد على الخمس ، فإنه لا يحق له طلب نقض القسمة للغبن ، أما إذا كان الغبن يزيد على الخمس ، فإنه له نقض العقوج جميعها ، ما زاد الغبن فيه على الخمس وما لم يزد ، لأن هذه العقود تعتبر مراحل متعاقبة في قسمة كلية واحدة .

وقد تأخذ القسمة الاتفاقية صورة عقد بيع أو عقد مقايضة أو عقد صلح أو غير ذلك من العقود ، وفي جميع الأحوال يعتد بحقيقة العقد لا بصورته فيكون عقد القسمة اتفاقية يجوز فيها نقض القسمة للغبن .

ولكن إذا كان العقد الذي يراد به القسمة هو عقد احتمالي ، لم يجز نقضه غذ أن العقود الاحتمالية تأبي طبيعتها أن تنقض للغبن . فلو أن دارا شائعة بين شريكين قسمت بينهما على أن تخلص ملكية الدار لأحد الشريكين ، ويرتب هذا الشريك للشريك الآخر إيراداً مرتباً طول الحياة في مقابل حصته في الدار ، أو يرتب له على الدار كلها حق انتفاع يبقى مدى حياة المنتفع ، فإن عقد ترتيب الإيراد المرتب مدى الحياة أو عقد ترتيب حق الانتفاع مدى الحياة عقد احتمالي ، ومن ثم لا يجوز الطعن في هذه القسمة بالنقض للغبن .

549 - دعوى نقض القسمة للغبن : فإذا ما تحقق الغبن في القسمة الاتفاقية على النحو الذي بسطناه ، جاز رفع دعوى نقض القسمة ، حتى لو كان المال المقسوم منقولاً ، بخلاف البيع فيشترط لجواز الطعن فيه للغبن أن يكون البائع غير متوافر الأهلية وان يكون المبيع عقاراً .

 $ 906 $

والمدعى في هذه الدعوى هو الشريك الذي لحقه الغبن ، فإذا كان بعض الشركاء قد لحق بهم غبن دون بعض آخر ، فلا يستطيع الشريك الذي يلم يلحقه غبن رفع الدعوى .وتنتقل دعوى الغبن من الشريك الذي لحقه الغبن إلى وارثه ، فيجوز للوارث بعد موت مورثه أن يرفع الدعوى أو أن يواصل السير فيها . ويجوز كذلك لدائن الشريك الذي لحقه الغبن أن يرفع الدعوى باسم مدينة ، طبقاً للقواعد المقررة في الدعوى غير المباشرة .

والمدعى عيه في دعوى الغبن هم سائر الشركاء ، لأن دعوى الغبن ترمي إلى إبطال القسمة الاتفاقية ، وهذه قد تمت بتراضي جميع الشركاء .

وتنص الفقرة الثانية من المادة 845مدني ، كما رأينا ، على أنه " يجب أن ترفع الدعوى في خلال السنة التالية للقسمة " . ونظير ذلك ما رأيناه في دعوى الغبن للاستغلال من أنها هي أيضاً يجب أن ترفع في " خلال سنة من تاريخ العقد وإلا كانت غير مقبولة " ( م 129 / 2 مدني ) . فالسنة في الحالتين ميعاد إسقاط ( delai de decheance ) لا مدة تقادم ( delai de prscription ) ، وذلك بخلاف المدة التي ترفع في خلالها دعوى الغبن في بيع عقار غير متوافر الأهلية فالنص صريح في أن المدة هي مدة تقادم إذ تنص المادة 426 / 1 مدني على أن " تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي يموت فيه صاحب العقار المبيع " . ومن ثم تكون السنة التي يجب أن ترفع في خلالها دعوى نقض القسمة للغبن هي ميعاد لرفع الدعوى ، لا مدة للتقادم . وتبدأ السنة من وقت تمام عقد القسمة للغبن هي ميعاد لرفع الدعوى ، لا مدة للتقادم .وتبدأ السنة من وقت تمام عقد القسمة الاتفاقية ، وتحسب بالتقويم الميلادي ( م 3 مدني ) فإذا انقضت السنة ، سواء علم الشريك المغبون بالغبن أو لم يعلم ، دون أن يرفع هذا الشريك دعوى نقض القسمة ، ورفعها بعد ذلك ، كانت الدعوى غير مقبولة ، والفرق بين ميعاد الإسقاط الذي نحن بصدده ومدة التقادم أن ميعاد الإسقاط لا ينقطع ولا يقف ، بخلاف مدة التقادم فيرد عليها الانقطاع والوقف .

وعبء إثبات الغبن الذي يزيد على الخمس يقع على عاتق المدعي أي الشريك المغبون ، وله أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات ومنها البينة والقرائن لأنه إنما يثبت واقعة مادية . والغالب في العمل أن تعين المحكمة خبيراً لتقدير $ 907 $ قيمة المال الشائع وقت القسمة ، ولتقدير قيمة المال المفرز الذي وقع فلي نصيب الشريك المغبون وقت القسمة أيضاً ، وبمقارنه هاتين القيمتين تمكن معرفة ما إذا كان الشريك قد لحقه غبن يزيد على الخمس بالنظر إلى مقدار حصته في المال الشائع قبل القسمة . ومتى ثبت للقاضي وقوع غبن للمدعى يزيد على الخمس ، على النحو الذي بسطناه ، فإنه يتعين عليه أن يقضي بنقض القسمة ، أي بإبطالها . ففي دعاوى الإبطال ، على خلاف دعاوى الفسخ ، لا يملك القاضي سلطة تقديرية ويتحتم عليه أن يقضي بإبطال العقد متى تحقق سبب الإبطال .

550 - الآثار التي تترتب على نقض القسمة للغبن : إذا انقضت القسمة الاتفاقية للغبن ، بطلت واعتبرت كأن لم تكن ، وعادت حالة الشيوع التي كان قد زالت بالقسمة قبل إبطالها ، واعتبر المال المملوك للشركاء شائعاً بينهم منذ بدأ الشيوع وكأنه لم ينقطع . فيجوز إذن لأي شريك أن يطلب القسمة من جديد ،سواء في ذلك الشريك المغبون الذي نقض القسمة أو أي شريك آخر لم يطلب نقضها . ويجوز أن تكون القسمة الجديدة قسمة اتفاقية كما كانت أول مرة وعندئذ يجوز نقضها هي أيضاً للغبن على الوجه الذي بيناه ، كما يجوز أن تكون قسمة قضائية وعندئذ لا يجوز نقضها للغبن .

ونقض القسمة للغبن له اثر رجعي كما قدمنا ، فيتسقط تصرفات الشركاء في الأموال المفرزة التي وقعت في نصيبهم نتيجة للقسمة ، وتعود هذه الأموال خالية من الحقوق التي ترتبت للغير طبقا للقواعد المقررة في شان إثر إبطال العقد في التصرفات الصادرة للغير ، أما أعمال الإدارة فتبقى محتفظة بأثرها حتى بعد نقض القسمة ، وذلك وفقا للقواعد المقررة في هذا الشأن .

551 - تفادي نقض القسمة بإكمال نصيب الشريك المغبون :

قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 545 .&%$ ) أن المادة 8ت 46 / 2 مدني تنص في شأن دعوى الغبن على أن " للمدعي عليه أن يقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعي نقداً أو عيناً ما نقص من حصته " .

 $ 908 $

ويلاحظ أن هناك حالتين أخريين يناظران تفادي نقض القسمة بإكمال نصيب الشريك المغبون . ( الحالة الأولي ) حالة الغبن عن طريق الاستغلال ، ففيها يجوز للمتعاقد المغبون أن يطلب إبطال العقد أو إنقاص التزاماته . وإنقاص الالتزامات هنا ليس ضرورياً أن يكون بحيث يرفع أي غبن عن المتعاقد المغبون ، بل يكفي أن يرفع عنه الغبن الفاحش ( $%&[1] ) الوسيط 1 فقرة 211 .&%$ ) وكذلك يجوز للمدعي عليه في عقود المعاوضة أن يتوقى دعوى الإبطال " إذا عرض ما يراه القاضي كافيا لرفع الغبن " ( م 129 / 3 مدني ) ولا يشترط أن تكون الزيادة التي يعرضها المدعي عليه لتوقي دعوى الإبطال " بحيث تجعل الثمن معادلاً لقيمة الشيء ، بل يكفي أن تكون بحيث تجعل الغبن الذي يتحمله البائع لا يصل إلى حد الغبن الفاحش " ( $%&[1] ) الوسيط فقرة 210 .&%$ ) . ( والحالة الثانية ) حالة الغبن في بيع عقار من لا تتوافر فيه الأهلية ، فقد نصت المادة 425 / 1 مدني على أنه " إذا بيع عقار مملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية ولقد نصت المادة 425 / 1 مدني على أنه " إذا بيع عقار مملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية وكان في البيع غبن يزيد على الخمس ، فللبائع أن يطلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المنزل " .

ففي الحالتين المتقدمتي الذكر من حالات الغبن ، لا يعوض الطرف إلا بما يرفع عنه الغبن الفاحش ، وهو عادة ما يزيد على الخمس فيكفي أن يرتفع الغبن بحيث يصبح غير زائد على الخمس ، وليس من الضروري أن يرتفع الغبن بتاتاً . أما في الحالة التي نحن بصددها ،وهي حالة نقض القسمة للغبن ، فلا يكفي ذلك ، بل يجب إكمال الشريك المغبون ، نقداً أو عيناً ، ما نقص من حصته . فيجب إذن ، لتفادي دعوى نقض القسمة ، رفع الغبن بتاتاً عن الشريك المغبون ، وإعطاؤه ما يجعل قيمة نصيبه في القسمة يعادل تماما حصته الشائعة دون نقص . والسبب في ذلك أن البيع وأمثاله من العقود تعتبر من عقود المضاربة ، يحتمل فيها للغبن ويتسامح فيه إلى حد معين . أما القسمة فليست من عقود المضاربة ، بل هي عقد يقوم في أساسه على المساواة ما بين المتقاسمين ، فإذا اختلت هذه المساواة اختل العقد . وإذا كان القانون قد تسامح في غبن لا يزيد على الخمس في بداية الأمر حتى لا تثار المنازعات $ 909 $ لأقل غبن يصيب الشريك ، فإنه تشدد متى زاد الغبن على الخمس فأوجب إكمال نصيب الشريك بما يساوي حصته تماماً ، ولم يكتف بابلاغ نصيب الشريك إلى أربعة الأخماس كما اكتفي في الاستغلال وفي بيع عقار غير كامل الأهلية . وحساب ما نقص من حصة الشريك المغبون يعتد فيه بوقت القسمة ، لا بوقت الدفع ، ويجب أن يضاف إلى ذلك ثمرات هذا الجزء الناقص أو فوائده من وقت القسمة إلى وقت الدفع ، حتى يكون تعويض الشريك المغبون كاملاً .

وإكمال نصيب الشريك المغبون على هذا النحو يصح أن يكون نقداً أو عيناً . فالنقد يكون بدفع مبلغ من النقود يساوي ما نقص من حصة الشريك المغبون على الوجه الذي سبق بيانه ، وقد يكون الإكمال عينا بأن يدفع إلى الشريك المغبون جزء من المال المقسوم عينه يكمل حصته ، والخيار بين الدفع نقداً أو الدفع عيناً يكون للمدين ، أي للمدعي عليه في دعوى نقض القسمة للغبن . فإذا عرض المدين الدفع نقداً وقبله الشريك المغبون ، فلا يصح للمدين بعد ذلك العدول عن الدفع إلى الدفع عينا . والعكس صحيح ، إذا عرض المدين الدفع عينا وقبله الشريك المغبون ، لم يجز للمدين بعد ذلك العدول إلى الدفع نقداً .

 ويجوز للمدعي عليه عرض إكمال حصة المدعي في أية حالة كانت عليها الدعوى ، وأمام المحكمة الاستئناف لأول مرة . بل يجوز له العرض حتى بعد صدور حكم نهائي بنقض القسمة للغبن ، وذلك إلى وقت إجراء قسمة جديدة ، فيمنع المدعي عليه تمام إجراء هذه القسمة الجديدة بعرضه إكمال حصة المدعي مضافاً إلى ذلك المصروفات التي تكبدها هذا الأخير بسبب البدء في إجراء القسمة الجديدة .ويظهر ذلك من عبارة النص ، إذ تقول المادة 845 / 2 مدني في شأن دعوى الغبن ، كما رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 545 .&%$ ) . أن " للمدعي عليه أن يقف سيرها ويمنع القسمة من جديد .. " فمنع القسمة من جديد هو الغرض الذي يهدف إليه المدعي عليه من عرضه إكمال حصة المدعي ، فيجوز له هذا العرض إلى ما قبل إتمام هذه القسمة ( $%&[1] ) انظر في هذا المعنى ديمولومب 17 فقرة 459 - بودري وفال في المواريث 3 فقرة 3555 - محمد على عرفة فقرة 335ص 453 .&%$ ) .

 $ 910 $

وإذا تعدد المدعى عليه ، وهذا ما يقع كثيراً فى العمل ، فلابد من أن يتفق هؤلاء جميعاً على مبدأ إكمال حصة المدعى نقداً أو عيناً . فإذا اتفقوا على ذلك ، واختلفوا فى مقدار ما يرد إلى المدعى ، تولت المحكمة الفصل فى ذلك . أما إذا لم يتفقوا على مبدأ الإكمال نفسه ، فإن من لم يوافق من الشركاء على الإكمال لا يلتزم به . وإذا دفع الشركاء الذين وافقوا على الإكمال ما يكمل نصيب الشريك المغبون كله ، لم يرجعوا على من لم يوافق من الشركاء بشئ ( $%&[1] ) ديمولومب 17 فقرة 469 وفقرة 471 - هيك 5 فقرة 471 - بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3556 .&%$ ) .

ويجوز إكمال صحة الشريك المغبون نيابة عن مدينيهم ( $%&[1] ) ديمولومب 17 فقرة 461 - بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3557 .&%$ ) .

المطلب الثانى

القسمة القضائية

522 - متى يجب أن يكون القسمة قضائية : يجب أن تكون القسمة قضائية فى حالتين :

( الحالة الأولى ) إذا لم تجمع آراء الشركاء على إجراء قسمة اتفاقية ، وأراد أحدهم الخروج من الشيوع ، فليس أمامه إلا أن يلجأ إلى القسمة القضائية ، فيرفع دعوى القسمة ( م 836 / 1 مدنى ) على التفصيل الذى سنورده فيما يلى .

( الحالة الثانية ) إذا انعقد إجماع الشركاء على إجراء قسمة اتفاقية ، ولكن كان فيهم من هو غير كامل الأهلية أو غائب . فقد رأينا أنه يستخلص من المادتين 40 / 1 و 79 من قانون الولاية على المال وجوب أن تكون القسمة قضائية فى فرضين : ( الفرض الأول ) أن يستأذن الوصى أو القيم أو الوكيل عن الغائر المحكمة فى إجراء قسمة اتفاقية ، فلا تأذن المحكمة ، وعندئذ يتعين أن تكون القسمة قضائية . ( الفرض الثانى ) أن تأذن المحكمة مبدئياً فى إجراء قسمة اتفاقية ، وعندما يعرض عليه عقد القسمة للتثبت من عدالته لا تقره ، وتقرر اتخاذ إجراءات القسمة القضائية ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 543 - وإذا سير فى إجراءات القسمة القضائية لمانع يحول دون القسمة الاتفاقية ، ثم زال المانع كأن اتفق الشركاء بعد أن كانوا مختلفين أو زال الحجر عن الشريك المحجور ، جاز للشركاء أن يعدلوا عن القسمة القضائية إلى القسمة الاتفاقية ( أوبرى ورو 10 فقرة 623 ص 154 - ص 155 ) .&%$ ) .

 $ 911 $

553 - قسمة المهايأة التى تسبق القسمة النهائية - إحالة : ويحدث أن يتف الشركاء ، فى أثناء إجراءات القسمة القضائية ، على قسمة المال الشائع بينهم قسمة مهايأة تظل نافذة إلى أن تتم القسمة القضائية . بل يجوز ، إذا لم يتفق الشركاء على قسمة المهايأة هذه ، أن يطالب أحد الشركاء ، فى أثناء إجراءات القسمة القضائية ، من القاضى الجزئى المختص بإجراء هذه القسمة أن يأمر بقسمة المهايأة إلى أن تتم القسمة القضائية . فيأمر بها القاضى ، وقد يستعين بخير عند الاقتضاء ، ويغلب أن يكون هذا الخبير هو نفس الخبير الذى يقوم بإجراءات القسمة القضائية . وقد نصت على كل ذلك المادة 849 مدنى فيما قدمناه ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 491 .&%$ ) ، وسبق لنا بحث هذه المسألة تفصيلاً فنحيل هنا إلى ما قدمناه هناك ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 494 .&%$ ) .

554 - دعوى القسمة : والقسمة القضائية تكون فى صورة دعوى تسمى بدعوى القسمة ( $%&[1] ) ودعوى القسمة لا تسقط بالتقادم . وقد نصت المادة 843 من قانون الموجبات والعقود اللبنانى على أنه " لا يسرى حكم مرور الزمن على دعوى طلب القسمة " .&%$ ) . ونبحث فى صدد هذه الدعوى مسألتين : ( 1 ) الخصوم والمحكمة المختصة . ( 2 ) قسمة التصفية والقسمة العينينة .

1 - الخصوم والمحكمة المختصة

555 - الخصوم فى دعوى القسمة – نص قانونى : تنص المادة 836 / 1 مدنى على ما يأتى :

 " إذا اختلف الشركاء فى اقتسام المال الشائع ، فعلى من يريد الخروج من الشيوع أن يكلف باقى الشركاء الحضور أمام المحكمة الجزئية " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1204 / 1 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " أما إذا اختلف الشركاء ، فعلى من يريد الخروج من الشيوع أن يكلف باقى الشركاء بالحضور أمام المحكمة الجزئية التى تقع فى دائرتها العقارات أو أكبرها قيمة ، وإن كان المواد قسمته منقولاً فأمام المحكمة الجزئية التى يقع فى دائرتها موطن أحد المدعى عليهم " . وفى لجنة المراجعة حذف الشق الأخير من النص ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه 907 / 1 فى المشروع النهائى – ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 905 / 1 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 836 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 106 - ص 108 ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق م 452 / 549 : أما إذا كانوا مختلفين فى الرأى ، أو كان أحدهم ليس فيه أهلية التصرف فى حقوقه ، فعلى من أراد منهم القسمة أن يكلف بالحضور باقى شركائه أمام محكمة المواد الجزئية التابع إليها مركز الشركة أو موقع العقار أو أمام المحكمة التابع لها محل أحد الشركاء إذا كان المراد قسمته منقولاً ، وأن يطلب من المحكمة تعيين واحد أو أكثر من أهل الخبرة لأجل التقويم وتعيين الحصص .

( والتقنين المدنى السابق يتفق مع التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن التقنين السابق كان يوجب أن تكون القسمة قضائية إذا وجد بين الشركاء من هو غير كامل الأهلية أو غائب ) .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 790 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 845 : إذا اختلف الشركاء فى اقتسام المال الشائع ، فعلى من يريد الخروج من الشيوع أن يقيم دعوى القسمة وفقاً لنصوص قانون المرافعات المدنية . ( والنص فى عمومه يوافق نص التقنين المصرى ) .

التقنين المدنى العراقى م 1072 / 1 : إذا لم يتفق الشركاء على القسمة ، أو كان بينهم محجور ، فللشريك الذى يريد الخروج من الشيوع مراجعة محكمة الصلاح لإزالته . ( ونص التقنين العراقى يوافق نص التقنين المصرى ، فيما عدا أن التقنين العراقى يوجب أن تكون القسمة قضائية إذا كان بين الشركاء محجور ) .

قانون الوجبات والعقود اللبنانى م 942 : إذا قام نزاع ، أو كان أحد الشركاء لا يملك حرية التصرف فى حقوقه ، أو كان بينهم شخص غائب ، جاز للشريك الذى يرغب فى الخروج من الشيوع أن يطلب من المحكمة إجراء القسمة وفاقاً للقانون .

( والتقنين اللبنانى يتفق مع التقنين المصرى ، فيما عدا أن التقنين اللبنانى يوجب أن تكون القسمة قضائية إذا وجد بين الشركاء محجور أو غائب ) .&%$ ) .

 $ 912 $

ويتبين من هذا النص أنه يجوز لأى شريك ، إذا لم يجمع الشركاء على القسمة الاتفاقية ، أن يرفع دعوى القسمة ، فيكون هو المدعى . ويجب أن يرفع الدعوى على سائر الشركاء ، فيدخلون جميعاً خصوماً فى دعوى القسمة ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن القضاء الصادر فى دعوى القسمة هو حكم يؤثر فى الملكية وتترتب عليه حقوقه . إذن فغير سديد القول بأن دعوى القسمة هى مجرد دعوى إجراءات لا تأثير لصفات الخصوم فيها ( نقض مدنى 7 مارس سنة 1940 مجموعة المكتب الفتى فى خمسة وعشرين عاماً جزء 2 ص 883 ) . وقضت أيضاً بأن الشريك فى ملك شائع الذى يتصرف فى حصته الشائعة بعد رفع دعوى القسمة لا يعتبر ممثلاً للمشترى منه ، متى سجل هذا الأخير عقد شرائه وانتقل إليه بذلك ملكية الحصة المبيعة قبل انتهاء إجراءات القسمة ( نقض مدنى 22 يناير سنة 1953 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء أول ص 63 ) .&%$ ) .

 $ 913 $

وإذا رفعت دعوى القسمة على بعض الشركاء دون بعض ، جاء بعد ذلك إدخال ن لم يدخل فى الدعوى ( $%&[1] ) استئناف مختلط 24 يناير سنة 1928 م 40 ص 151 .&%$ ) ، وجاز لهؤلاء أن يتدخلوا فى الدعوى من تلقاء أنفسهم ، وجاز للمحكمة أن تأمر بإدخالهم من تلقاء نفسها .

وإذا صدر الحكم فى دعوى القسمة دون أن يكون جميع الشركاء قد دخلوا خصوماً فى الدعوى ، لم يكن الحكم حجة على من لم يدخل . ولكن ليس للشركاء الذين دخلوا خصوماً أن يفعوا الدعوى بعدم قبولها ، لأن الشريك الذى لم يدخل خصماً هو وحده الذى يستطيع أن يتمسك بعدم نفاذ الحكم فى حقه ( $%&[1] ) نقض مدنى 24 نوفمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 209 ص 1527 .&%$ ) .

وإذا باع أحد الشركاء حصته الشائعة لأجنبى ، حل المشترى محل الشريك وأصبح شريكاً فى الشيوع مع سائر الشركاء ، وخرج الشريك البائع عن عداد الشركاء . ويترتب على ذلك أن المشترى ، وقد أصبح شريكاً فى الشيوع ، هو الذى له أن يرفع دعوى القسمة ، وهو الذى يختصم فيها ، دون الشريك البائع ( $%&[1] ) وإذا كان المال الشائع عقاراً ، فحتى يصبح المشترى لحصة شائعة فيه شريكاً يجب عليه أن يسجل عقده حتى تنتق إليه الملكية ، ولا يكفى أن يرفع دعوى بصحة التعاقد ولو سجل صحيفتها ( نقض مدنى 21 أبريل سنة 1960 ، مجموعة أحكام النقض 11 رقم 49 ص 324 ) . ولا يجوز له ، باعتباره دائناً للشريك البائع ، أن يعارض فى أن تتم القسمة بدون تدخله طبقاً للمادة 842 مدنى ( إسماعيل غانم فقرة 93 ص 217 هامش 1 ) .&%$ ) . أما إذا اشترى الأجنبى جزءاً مفرزاً من المال الشائع ، فإن هذا الشراء لا ينفذ فى حق سائر الشركاء كما سبق القول ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 531 .&%$ ) ، ومن ثم لا يعتبر المشترى للجزء المفرز شريكاً فى الشيوع ، فلا يجوز له رفع دعوى القسمة ولا يصح اختصامه فيها ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 531 فى الهامش . وانظر محمد كامل مرسى 2 فقرة 108 - إسماعيل غانم فقرة 93 ص 218 - حسن كيرة فقرة 142 ص 479 - عكس ذلك نقيض مدنى 16 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 58 ص 131 - 3 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 54 ص 189 - 30 يونيه سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 180 ص 1341 - 28 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 107 ص 760 - محمد على عرفة فقرة 323 . ولكن للمشترى لجزء مفرز بوصفه دائناً للشريك البائع ، أن يعارض فى أن تتم القسمة بغير تدخله ، وإذا سجل عقد البيع قبل رفع دعوى القسمة وجب على الشركاء إدخاله فيها ( إسماعيل غانم فقرة 93 ص 218 - ص 219 ) .&%$ ) .

 $ 914 $

وإذا كان أحد الشركاء يملك حصته الشائعة تحت شرط فاسخ ، جاز لهذا الشريك أن يرفع دعوى القسمة ، وإذا رفعها غيره من الشركاء وجب اختصامه فيها . ويجب فى جميع الأحوال اختصام الشريك الذى يملك حصته الشائعة تحت شرط واقف ، سواء كان من رفع دعوى القسمة هو الشريك تحت شرط فاسخ أو كان غيره من الشركاء . ولكن الشريك تحت شرط واقف لا يملك أن يرفع هو دعوى القسمة ، لأنه لا يملك أن يقوم إلا بالأعمال التحفيظية ورفع دعوى القسمة تخرج عن نطاق هذه الأعمال ( $%&[1] ) بودرى وفال فى المواريث 2 فقرة 2165 .&%$ ) .

556 - المحكمة المختصة : رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 555 .&%$ ) أن المادة 836 / 1 مدنى تجعل الاختصاص فى دعوى القسمة للمحكمة الجزئية . فالمحكمة الجزئية إذن هى المختصة بدعوى القسمة ، أياً كانت قيمة الأموال الشائعة التى يراد اقتسامها ، ولو زادت هذه القيمة على نصاب القاضى الجزئى . والمحكمة الجزئية هى المحكمة التى تقع فى دائرتها العقارات أو أكبرها قيمة ، فإن كان المراد قسمته منقولاً فالمحكمة الجزئية المختصة هى المحكمة التى يقع فى دائرتها مواطن أحد المدعى عليهم ( $%&[1] ) انظر المشروع التمهيدى للمادة 836 آنفاً فقرة 555 ص 911 هامش 4 .&%$ ) .

وإنما جعلت المحكمة الجزئية مختصة ولو زادت قيمة المال الشائع على نصابها ، لأن اختصاصها هذا لا يتناول إلا إجراءات القسمة بصرف النظر عن قيمة المال المراد قسمته ، وللتعجيل بالإجراءات حتى لا تبقى دعوى القسمة مدة طويلة أمام المحاكم .

فالذى تختص به المحكمة الجزئية إذن هو النظر فى إفراز نصيب شريك فى المال الشائع ، بأن تعين خبيراً عند الاقتضاء لتكون الحصص ، وإجراء $ 915 $ القسمة العينية بمعدل أو بغير معدل ، وتقدير هذا المعدل إن وجد ، وتعيين نصيب كل شريك بطريق التجنيب أو بطريق الاقتراع ، وإعطاء كل شريك نصيبه المفرز ، وبإجراء القسمة بطريق التصفية إن تعذرت القسمة العينية ، وبيع المال الشائع فى المزاد العلنى وقسمة الثمن بين الشركاء ( $%&[1] ) نقض مدنى 12 فبراير سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 19 ص 134 . قنا الكلية 28 أبريل سنة 1940 المحاماة 21 رقم 42 ص 60 .&%$ ) .

أما ما عدا ذلك من المنازعات التى لا تتعلق بإجراءات القسمة ، كتعيين حصة كل شريك فى المال الشائع وأصل ملكيته لهذه الحصة ، والمنازعات المتعلقة بتصرف الشريك فى حصته وحلول والمتصرف له مكانه فى دعوى القسمة ، وغير ذلك من المنازعات التى تثور حول القسمة ولا تدخل فى إجراءاتها ، فإن المحكمة المختصة بنظرها هى ، وفقاً للقواعد العامة ، المحكمة الجزئية أو المحكمة الكلية بحسب قيمة النزاع .

فإذا رفعت دعوى القسمة أمام المحكمة الجزئية المختصة ، نظرت هذه المحكمة ما إذا كانت القسمة العينية للمال الشائع غير ممكنة أو كان من شأن هذه القسمة إحداث نقص كبير فى قيمة المال الشائع ، وعند ذلك تقضى بأن تكون القسمة بطريق التصفيقة . أما إذا كانت القسمة العينية ممكنة دون نقص كبير يلحق المال الشائع ، فإن المحكمة الجزئية تأمر بإجراء هذه القسمة .

2 - قسمة التصفية والقسمة العينية

577 - قسمة التصفيقة – نص قانونى : تنص المادة 841 مدنى على ما يأتى :

 " إذا لم تمكن القسمة عينا ، أو كان من شأنها إحداث نقص كبير فى قيمة المال المراد قسمته ، بيع هذا المال بالطريق المبينة فى قانون المرافعات ، وتقتصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا ذلك بالإجماع " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1209 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدى كان يكتفى بأن يكون النقض فى قيمة المال الشائع ، عند القسمة العينية ، نقصاً " محسوساً " . وفى لجنة المراجعة أبدلت بعبارة " نقص محسوس " عبارة " نقص كبير " ، وأصبح النص رقمه 912 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 910 . وفى لجنة مجلس الشيوخ ، رأى أحد الأعضاء " إطلاق المزايدة يدخلها الشركاء وغير الشركاء حتى تتحقق مصلحة جميع الشركاء ، ويمتنع بذلك اتفاقهم على باطل إضراراً بغيرهم من الشركاء أو الدائنين " . ورد مندوب الحكومة بأن وجه النظر إلى أن قصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا هذا بالإجماع من شأنه " بقاء المال فى العائلة ، أما الدائنون فحقوقهم مكفولة بالمادة التالية " ، وأضاف " أنه ما دام جميع الشركاء قد اتفقوا على بيع المال الشائع بينهم فهم وشأنهم ، ولو كان فى اتفاقهم هذا ضرر بمصلحتهم ، ما دام لا يمس المصلحة العامة " . ووافقت اللجنة على النص دون تعديل تحت رقم 841 ، ووافق مجلس الشيوخ على النص كما أقرته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 116 - ص 117 ) .

ويقابل النصف فى التقنين المدنى السابق م 458 / 554 : إذا لم تمكن القسمة عينا ، تباع الأموال بالأوجه المبينة بقانون المرافعات . ( ويختلف التقنين السابق عن التقنين الجديد فى أمرين : ( 1 ) لم يذكر التقنين السابق إلا عدم إمكان القسمة عيناً ، أما التقنين الجديد فقد أضاف إمكان القسمة عيناً ولكن مع ضرر كبير . ( 2 ) أجاز التقنين الجديد قصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا هذا بالإجماع ) .

ويقابل النص فى التقنينات المدينة العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 795 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 845 ( سبق ذكرها آنفاً فقرة 555 فى الهامش – وقد نظم تقنين المرافعات الليبى قسمة المال الشائع عن طريق بيعه بالمزاد ) .

التقنين المدنى العراقى م 1073 : 1 - إذا تبين للمحكمة أن المشاع غير قابل للقسمة ، أصدرت حكماً ببيعه . 2 - وفى هذه الحالة تقدر المحكمة ، بناء على مراجعة المدعى أو أحد الشركاء ، بدل المثل بمعرفة أهل الخبرة . فإذا قبل المدعى ببيع حصته بالبدل المقدر ، عرضت المحكمة الشراء على سائر الشركاء ، ولإبداء رغبتهم فيه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تبليغهم بذلك . فإذا وافق الشركاء كلهم أو بعضهم على الشراء بالبدل المقرر ، بيعت الحصة إلى الراغبين بالتساوى فيما بينهم . أما إذا رغب أحد الشركاء فى شرائها ببدل أعلى ، فتجرى المزايدة عليها بين الشركاء وحدهم وتباع لأعلى مزايد . 3 - وإذا لم يقبل المدعى البيع بالبدل المقرر ، أو لم يرغب أحد الشركاء فى الشراء ، وبقى المدعى مصراً على طلبه ، بيع المشاع كله بالطريقة المقررة قانوناً ، وقسم الثمن على الشركاء كل بقدر نصيبه .

( والتقنين العراقى يأتى بأحكام تختلف عن أحكام التقنين المصرى كما نرى )

قانون الموجبات والعقود اللبنانى م 942 / 603 ( معدلة بقانون 21 كانون الأول سنة 1954 : انظر حسن كيرة فى الحقوق العينية الأصلية فى القانون المدنى اللبنانى المقارن مذكرات على الآلة الكاتبة سنة 1965 ص 217 ) .&%$ ) .

 $ 916 $

وسنرى ( $%&[1] ) انظر ما يلى فقرة 588 .&%$ ) أن المحكمة ، عندما ترفع إليها دعوى القسمة ، تندب ، إن رأت وجها لذلك ، خبيراً أو أكثر لقويم المال الشائع وقسمته حصصاً إن كان $ 917 $ المال يقبل القسمة عيناً دون أن يلحقه نقص كبير فى قيمته ( م 836 / 2 مدنى ) . فإذا تبين أن المال الشائع لا تمكن قسمته عيناً كأن كان فرساً أو خاتماً أو سيارة ، أو تمكن قسمته ولكن بإحداث نقص كبير ( $%&[1] ) ويجب أن يكون النقص كبيراً ، ولا يكفى أن يكون محسوساً ( انظر آنفاً نفس الفقرة ص 915 هامش 2 ) .&%$ ) فى قيمته كأن كان داراً إذا قسمت طبقات أحدثت القسمة على هذه الوجه نقصاً كبيراً فى قيمة الدار ، أو كان أرض بناء لو قسمت لأصبح كل قسم أو القسم الأصغر لا يصلح لبناء يستفاد منه استفاد معقولة ( $%&[1] ) استئناف مختلط 2 مايو سنة 1912 م 24 ص 317 - 2 مايو سنة 1944 م 56 ص 139 - أو كان المال الشائع مصنعاً لا تمكن تجزئته ( استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1937 م 39 ص 388 ) .&%$ ) ، فإن المحكمة تقضى بأن تكون القسمة بطريق التصفية ( licitation ) .

والقسمة بطريق التصفية تكون ببيع المال الشائع بطريق المزايدة العلنية ، وقسمة الثمن الذى يرسو به المزاد على الشركاء ، كل بنسبة حصته فى المال الشائع .

وتصدر المحكمة الجزئية المرفوع أمامها دعوى القسمة حكماً بإجراء البيع بالمزايدة ، متى تحققت أن المال الشائع لا تمكن قسمته عيناً دون أن يلحق به نقص كبير فى قيمته ، وذلك أياً كانت قيمة هذا المال الشائع ولو جاوزت القيمة نصاب القاضى الجزئى ، فإن الحكم بإجراء البيع بالمزايدة هنا يعتبر إجراء من إجراءات القسمة تختص به المحكمة الجزئية كما سبق القول ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 556 .&%$ ) .

ويباع المال الشائع بالمزايدة ، وفقاً للإجراءات التى قررها تقنين المرافعات . وتتلخص هذه الإجراءات ، بالنسبة إلى العقار ، ( $%&[1] ) أما إذا كان المال الشائع منقولاً ، فتتبع فى بيعه لعدم إمكان قسمته الإجراءات المقررة لبيع المنقول المحجوز عليه فيما لا يتعارض منها مع الغرض المقصود من البيع ( محمد على عرفة فقرة 239 - إسماعيل غانم فقرة 97 ص 225 ) .&%$ ) فى أن البيع يجرى بناء على قائمة بشروط البيع يودعها من يعينه التعجيل من الشركاء قلم كتاب المحكمة الجزئية . وتشمل قائمة شروط البيع حكم المحكمة الصادر بالبيع ، وتعيين العقار الشائع ( الموقع والحدود والمساحة ورقم القطعة واسم الحوض ورقمه وغير ذلك $ 918 $ من البيانات التى تفيد فى تعيينه ) ، وشروط البيع والثمن الأساسى الذى تقدره المحكمة الجزئية ، وتجزئة العقار إلى صفقات إذا اقتضت الحال مع ذكر الثمن الأساسى لكل صفقة ، وبيان سندات الملكية ، وبيان جميع الشركاء وموطن كل منهم . ويرفق بقائمة شروط البيع ، إلى جانب شهادة ببيان الضريبة وسندات الملكية وشهادة عقارية عن مدة عشر السنوات السابقة على إيداع القائمة ، صورة من الحكم الصادر بإجراء البيع . ويخبر قلم الكتاب بإيداع قائمة شروط البيع كلا من الدائنين المرتهنين رهناً حيازياً أو رسمياً ، وأصحاب حقوق الاختصاص والامتياز ، وجميع الشركاء . ولكن من الشركاء أن يبدى ما لديه من أوجه البطلان والملاحظات على شروط البيع ، بطريق الاعتراض على القائمة . ويباع العقار الشائع بالمزايدة طبقاً للقواعد المتعلقة بإجراءات بيع العقار بناء على طلب الدائنين ( $%&[1] ) ومن هذه الإجراءات ما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة 664مرافعات ، ويستخلص منها أنه إذا لم يتقدم مشتر أجل البيع مع تنقيص عشر الثمن الأساسى مرة بعد مرة كلما اقتضت الحال ذلك ( نقض مدنى 12 فبراير سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 19 ص 134 - إسماعيل غانم فقرة 97 ص 225 هامش 1 ) . وقد قضت محكمة النقض أيضاً بأنه إذا حدد القاضى بناء على طلب طالب البيع من الشركاء يوماً للبيع ، وجب أن يعلن به جميع الشركاء بالطريق الذى يعلن به أى خصم فى أية دعوى ، ولا يكفى ما ينشر أو يلصق من إعلانات ، وإلا كان حكم مرسى المزاد غير نافذ فى مواجهة من لم يعلن من الشركاء ( نقض مدنى 29 نوفمبر سنة 1951 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء أول ص 885 ) .&%$ ) ، وللأحكام الخاصة بزيادة العشر ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه فى حالة بيع العقار بالمحكمة لتعذر قسمته بين الشركاء ، يجوز لكل أحد استئناف المزايدة بالتقرير بزيادة العشر ، سواء أكان من أرباب الديون المسجلة أو من الدائنين بسند واجب التنفيذ أم لم يكن ( نقض مدنى 6 نوفمبر سنة 1947 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء أول ص 476 ) .&%$ ) وإعادة البيع على مسئولية المشترى المتخلف . وللأحكام الخاصة بحكم مرسى المزاد ( $%&[1] ) انظر فى كل ذلك المواد 712 - 721 و 723 مرافعات .&%$ ) .

والأصل أن يسمح للشركاء ولغير الشركاء فى الدخول فى المزايدة ، فإن رسا المزاد على شريك اعتبر البيع قسمة ، وإن رسا على أجنبى ، اعتبر أيضاً قسمة فيما بين الشركاء وبيعاً فى علاقة الشركاء بالراسى عليه المزاد . وقد يتفق الشركاء جميعاً على قصر المزايدة عليهم دون السماح لأجنبى فى الدخول فيها ، وذلك حفظاً للمال فى الأسرة . ويكون هذا الاتفاق صحيحاً ملزماً للشركاء ، $ 919 $ لأنهم هن الذين يقدرون مصلحتهم فى ذلك ، أما مصلحة الدائنين فمكفولة بما لهم من حق الاعتراض والتدخل ( $%&[1] ) وسنرى ( انظر ما يلى فقرة 565 ) أن للدائنين المعارضة فى أن يقتصر المزاد على الشركاء دون أن يدخل أجنبى فيه ، خشية من تواطؤ الشركاء على إرساء المزاد على أحد منهم بثمن بخس ، وسعياً وراء الوصول إلى أعلى ثمن ممكن عن طريق دخول الأجانب فى المزاد .&%$ ) ، ولا مساس بالمصلحة العامة فى شئ من ذلك ( $%&[1] ) انظر المناقشة التى دارت فى هذا الشأن فى لجنة مجلس الشيوخ آنفاً نفس الفقرة ص 915 هامش 2 .&%$ ) . وإذا كان بين الشركاء من هو غير متوافر الأهلية أو غائب ، وجب على نائبه الحصول على إذن المحكمة المختصة بالولاية على المال فى قبوله قصر المزايدة على الشركاء ، لأن هذا العمل يجاوز أعمال الإدارة المعتادة ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 97 ص 225 - 226 .&%$ ) . ومتى تم الاتفاق على قصر المزايدة على الشركاء على النحو الذى قدمناه ، أجريت المزايدة بين الشركاء وحدهم دون غيرهم ، ويعتبر وسو المزاد هنا قسمة لا بيعاً ، لأن المزاد لابد أن يرسو على أحد الشركاء ( $%&[1] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 119 - ويترتب على الحكم الصادر بتقسيم ؟؟؟؟؟ على الشركاء آثار القسمة ، سواء قصرت المزايدة على الشركاء أو سمح بدخول أجنبى ، فيجب تصديق المحكمة الابتدائية التى تتبعها محكمة القسمة على هذا الحكم إذا كان يوجد بين الشركاء من هو غير متوافر الأهلية أو غائب ( م 840 مدنى وم 40 / 2 من قانون الولاية على المال – إسماعيل غانم فقرة 97 ص 226 - عكس ذلك محمد على عرفة فقرة 328 ص 437 ) .&%$ ) .

588 - القسمة العينية – مراحلها الأربعة : فإذا أمكنت قسمة المال الشائع عيناً دون نقص كبير يلحقه ، أمرت المحكمة الجزئية بإجراء القسمة العينية ، وهذه القسمة تمر بمراحل أربعة :

( المرحلة الأولى ) قسمة المال الشائع إلى حصص أو التجنيب ( م 836 / 2 و 837 مدنى ) .

( المرحلة الثانية ) الفصل فى المنازعات ( م 838 مدنى ) .

( المرحلة الثالثة ) تصديق المحكمة الابتدائية على الحكم إذا كان بين الشركاء غائب أو كان فيهم من لم تتوافر فيه الأهلية ( م 840 مدنى ) .

 $ 920 $

559 - المرحلة الأولى – قسمة المال الشائع إلى حصص أو التجنيب – نصوص قانونية : تنص المادة 836 / 2 مدنى على ما يأتى :

 " وتندب المحكمة ، إن رأت وجهاً لذلك ، خبيراً أو أكثر لتقويم المال الشائع وقسمته حصصاً إن كان المال يقبل القسمة عيناً دون أن يلحقه نقص كبير فى قيمته " .

وتنص المادة 837 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - يكوّن الخبير الحصص على أساس أصغر نصيب حتى لو كانت القسمة جزئية ، فإن تعذرت القسمة على هذا الأساس جاز للخبير أن يجنب لكل شريك حصته " .

 " 2 - وإذا تعذر أن يختص أحد الشركاء بكامل نصيبه عيناً ، عوض بمعدل عما نقص من نصيبه " ( $%&[1] ) تاريخ النصوص :

م 836 / 2 : ورد هذا النص فى المادة 1204 / 2 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 907 / 2 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 905 / 2 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 836 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 106 - ص 108 ) .

م 837 : ورد هذا النص فى المادة 1205 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 908 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 906 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 837 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 108 - ص 109 ) .

وتقابل المادة 836 / 2 فى التقنين المدنى السابق م 452 / 459 العبارة الأخيرة ... وأن يطلب من المحكمة تعيين واحد أو أكثر من أهل الخبرة لأجل التقويم وتعيين الحصص . ( والنص موافق ) . ولا مقابل فى التقنين المدنى السابق لنص المادة 837 ، ولكن العمل كان جارياُ على هذا الحكم .

وتقابل النصوص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 790 / 2 و 791 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى : يحيل إلى تقنين المرافعات المدنية .

التقنين المدنى العراقى م 1072 / 2 و 3 و 4 : 2 - فإذا تبين للمحكمة أن المشاع قابل للقسمة ، قررت إجراءها . ويعتبر المشاع قابلاً للقسمة إذا أمكنت قسمته من غير أن تفوت على أحد الشركاء المنفعة المقصودة قبل القسمة . 3 - فإن كان المشاع عقاراً ، تمسح الأرض وفرز الحصص على أساس أصغر نصيب ، على أن يراعى فيها الموقع والجودة وجميع الميزات الأخرى . ويراعى كذلك بقدر الإمكان أن تستقل كل حصة بحق الطريق والشرب والمسيل وغيرها من حقوق الارتفاق . وتعين قيمة الحصة باتفاق الشركاء أنفسهم ، فإن لم يتفقوا عينها الحاكم بمعرفة خبيرة . وإذا تعذر أن يختص كل أحد من الشركاء بكامل نصيبه عيناً ، عوض عما نقص من القيمة بمعدل ولو من النقود . وتوزع الحصص بالقرعة ، وبتمامها تتم القسمة فتصدر المحكمة حكماً بتأييدها . 4 - وإذا كان المشاع منقولاً يفرز إلى حصص متعادلة بالقياس المعتاد استعماله فى قياس نوعه ، وتوزع على الشركاء . ( وكل هذه التفصيلات لا تتعارض مع أحكام التقنين المصرى ) .

قانون الواجبات والعقود اللبنانى م 942 / 3 - 1 و 2 و 3 و 4 و 5 معدلة بقانون 21 كانون الأول سنة 1954 : انظر حسن كيرة فى الحقوق العينية الأصلية فى القانون المدنى اللبنانى المقارن مذكرات على الآلة الكاتبة سنة 1965 ص 216 ) .&%$ ) .

 $ 921 $

ويستخلص من هذه النصوص أن المحكمة الجزئية المرفوع إليها دعوى القسمة تبدأ بتعيين خبير أو أكثر ، إن رأت وجهاً لذلك . وتكون مهمة الخبير هو أن يبدى رأياً فيما إذا كانت القسمة العينية ممكنة دون نقص كبير يلحق المال الشائع فى قيمته ، أو أنها غير ممكنة . فإن كانت غير ممكنة ، فقد بسطنا فيما تقدم ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 557 .&%$ ) أن المحكمة تجرى قسمة التصفية .

أما إذا كانت القسمة العينية ممكنة دون نقص كبير يلحق المال الشائع فى قيمته ، فإن الخبير يبدأ بقسمة المال الشائع حصصاً على أساس أصغر نصيب ، إذا كان ذلك ممكنا . وتستوى فى ذلك القسمة الكلية والقسمة الجزئية ، فإن كانت القسمة جزئية قسم الخبير إلى حصص الجزء من المال الشائع الذى تراد قسمته ، أو جنب نصيب كل شريك فى هذا الجزء كما سيأتى ، وترك الباقى من المال على شيوعه دون تقسيم أو تجنيب . وقد تكون القسمة جزئية بأن يكون بعض الشركاء هم الذين يريدون التخلص من الشيوع دون الآخرين ، فيفرز الخبير للأولين نصيبهم ويقسه إلى حصص أو يجنب لكل شريك نصيبه .

فإذا أمكنت قسمة المال إلى حصص متساوية ، كون الخبير هذه الحصص على أساس أصغر نصيب كما قدمنا . وتوضح المذكرة الإيضاحية هذه العملية فى شئ من الإسهاب فتقول : " فإذا أمكن قسمة المال عيناً دون أن يلحقه نقس ( كبير ) ، وعين خبير لتكون الحصص ، كونها على أسا أصغر نصيب ، حتى لو كانت القسمة جزئية بأن كان بعض الشركاء هم الذين يريدون $ 922 $ التخلص من الشيوع دون الآخرين ... أما إذا أمكن تكوين الحصص على أساس أصغر نصيب ( مثل ذلك أن تكون أنصبة الشركاء هى النصف والثلث والسدس فيقسم المال أسداساً ، أو تكون أنصبتهم هى الثلثان والربع وجزء من اثنى عشر فيقسم المال إلى اثنى عشر جزءاً ، وهكذا ) ، فإن قام نزاع فى تكوين الحصص فصلت فيه المحكمة الجزئية ... ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 119 - ص 120 . وانظر بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 2076 .&%$ ) " .

أما إذا تعذرت قسمة المال إلى حصص ( $%&[1] ) وتعتبر قسمة المال إلى حصص متعذرة إذا كان من شأن تقسيم المال إلى حصص صغيرة الإنقاص من قيمته ، أو اقتضى ذلك إجراءات معقدة ، أو كانت الحصص متباعدة بحيث يحتمل أن توقع القرعة فى نصيب أحد الشركاء حصصاً متناثرة ( انظر فى هذه المعنى إسماعيل غانم فقرة 96 ص 222 - منصور مصطفى منصور فقرة 77 ص 191 - ص 192 ) .&%$ ) على الوجه الذى قدمناه ، فإن الخبير يعمد مباشرة إلى تحديد نصيب كل شريك مفرزاً فى المال الشائع ، وذلك بقدر حصته فى هذا المال ، وهذا ما يسمى بالتجنيب ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " فإذا لم يتيسر للخبير تكون الحصص على أساس أصغر نصيب ، جاز له أن يقسم بطريق التجنيب ، وذلك بأن يعين لكل شريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع يتعادل مع حصته ، وإذا اقتضى الأمر معدلاً يكمل نصيب بعض الشركاء حدد هذا المعدل " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 120 ) .&%$ ) . ويصح أيضاً أن يلجأ الخبير إلى التجنيب ، ولو أمكن تكوين الحصص على أساس أصغر نصيب ، إذا اتفق الشركاء جميعاً على التجنيب ( $%&[1] ) ومتى وافق شريك على التجنيب ، لم يجز له الرجوع . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا وافق أحد الشركاء أمام محكمة أول درجة على إجراء القسمة بطريق التجنيب ، فلا يجوز له أن يرجع أمام محكمة ثانى درجة فى هذا ويطلب إجراء القسمة بطريق القرعة ( نقض مدنى 31 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 622 ) .&%$ ) ، فتجرى القسمة بطريق التجنيب إذن فى حالتين : إذا تعذرت قسمة المال إلى حصص على أساس أصغر نصيب ، وإذا لم تتعذر هذه القسمة ولكن الشركاء اتفقوا جميعاً على أن تكون القسمة بطريق التجنيب ( $%&[1] ) فالقسمة بطريق التجنيب لا يشترط فيها إذن اتفاق جميع الشركاء ، بل يكفى أن ترى المحكمة تعذر قسمة المال إلى حصص بناء على تقرير الخبير حتى يكون التجنيب ملزماً لجميع الشركاء ولو لم يوافقوا عليه ( انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 96 ص 222 هامش 1 - عبد المنعم فرج الصدة فقرة 148 228 - ص 229 - منصور مصطفى منصور فقرة 77 ص 191 هامش 1 - وانظر عكس ذلك محمد كامل مرسى 2 فقرة 113 – محمد على عرفة فقرة 326 ) .

أما فى القانون الفرنسى ، فيجب اتفاق جميع الشركاء على القسمة بطريق التجنيب ، ولو كانت قسمة المال إلى حصص على أساس أصغر نصيب متعذرة ، ويباع المال فى هذه الحالة لعدم إمكان قسمته . وهذا الحكم ينتقده الفقه الفرنسى ( بلانيول وريبير ؟؟؟؟؟ وفيالتون 4 فقرة 511 - بيدان وليبان 5 مكرر فقرة 622 ) . وقد كان التقنين المدنى المصرى السابق يجرى على حكم القانون الفرنسى من أن القسمة بطريق التجنيب يجب فيها اتفقا جميع الشركاء . وقد قضت محكمة النقض بأن نصوص القانون المدنى القديم كانت تقضى بأن القسمة بين الشركاء يجب أن تجرى أصلاً بطريق القرعة إلى إذا وافق الشركاء على إجراءها بطريق التجنيب . فإن تعذر الأمران – إجراء القسمة على أصغر نصيب تمهيداً للقرعة واتفاق الشركاء على القسمة بالتجنيب – وجب بيع العقار لعدم إمكان قسمته . ولكن هذه النصوص ، وإن اتفقت مع نص الفقرة الأولى من المادة 837 من القانون المدنى الحالى فى أن القرعة هى الأساس وأنه يجوز إجراء القسمة بطريق التجنيب إذا اتفق على ذلك الشركاء ، إلا أن النصوص تختلف فى حالة تعذر القسمة على أصغر نصيب تمهيداً لإجراء القرعة ، فالقانون القديم ما كان يبيح التجنيب بغير رضاء الشركاء بينما يبيح القانون الحالى ذلك ( نقض مدنى 31 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 622 ) .

ومع أن التقنين المدنى السابق كان يشترط فى القسمة بالتجنيب اتفاق جميع الشركاء على ما رأينا ، إلا أن محكمة الاستئناف المختلطة كانت تقضى بأن التجنيب ممكن ولو عارض أحد الشركاء فيه معارضة تنطوى على التعسف فى استعمال الحق ( استئناف مختلط 5 مارس سنة 1929 م 41 ص 286 - 9 يونيه سنة 1931 م 43 ص 440 - 5 يونيه سنة 1934 م 46 ص 314 - أول مارس سنة 1949 م 61 ص 76 - ومع ذلك انظر استئناف مختلط 28 يناير سنة 1947 م 59 ص 67 ) .&%$ ) .

 $ 923 $

وسواء قسم الخبير المال إلى حصص أو جنب نصيب كل شريك مفرزاً ، فقد يقتضى الأمر أن يلجأ الخبير إلى تحديد معدل ( soulte ) يكمل بعض الحصص الناقصة فى حالة التقسيم إلى حصص ، أو يكمل نصيب الشريك المفرز فى حالة التجنيب . وبيان ذلك أن الخبير قد لا يتمكن ، فى تقسيم المال إلى حصص ، أن يجعل هذه الحصص متساوية تماماً . فيلجأ إلى جعل الحصص متساوية بقدر الإمكان ، وإذا اضطر إلى تحديد إحدى هذه الحصص أكبر من حصة أخرى ، قدر مبلغاً من النقود تدفعه الحصة الكبرى إلى الحصة الصغرى حتى تتعادل الحصتان ، ولذلك سمى هذا المبلغ من النقود بالمعدل ( soulte ) ، كالمعدل فى المقايضة . فمن يقع من الشركاء فى نصيبه الحصة الكبرى بطريق القرعة كما سيأتى ، يصبح مديناً بهذا المعدل لمن يقع فى نصيبه الحصة الصغرى ، وبذلك يتساوى صاحب الحصة الصغرى مع صاحب الحصة الكبرى . وإذا لم يمكن تقسيم المال إلى حصص ولو بمعدل على الوجه المذكور ، ولجأ الخبير إلى $ 924 $ التجنيب ، فقد يضطر هنا أيضاً ، عند تحديد أنصبة الشركاء مفرزة ، إلى تحديد نصيب أحد الشركاء بأقل مما يستحق ، وتحديد نصيب شريك آخر بأكثر مما يستحق . فعند ذلك يقدر مبلغاً من النقود يتعادل به النصيبان ، ويصبح صاحب النصيب الأكبر مديناً بهذا المعدل لصاحب النصيب الأصغر ( $%&[1] ) والعبرة فى تحديد قيمة المال بوقت إجراء القسمة ، لا بوقت رفع دعوى القسمة ولا بوقت بدء الشيوع . وفى فرنسا تحدد المحكمة تاريخاً معيناً ، يسمى بتاريخ الانتفاع المقسوم ( jouissance divise ) ، يكون هو التاريخ الذى تقدر فيه قيمة المال ، ويكون فى الوقت ذاته هو التاريخ الذى يستولى فيه كل شريك على ثمار نصيبه المفرز ( بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3031 وفقرة 3069 - أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ Succession فقرة 1511 - فقرة 1512 ) .&%$ ) .

560 - المرحلة الثانية – الفصل فى المنازعات – نص قانونى : تنص المادة 838 مدنى على ما يأتى :

 " 2 - فإذا قامت منازعات لا تدخل فى اختصاص تلك المحكمة ، كان عليها أن تحيل الخصوم إلى المحكمة الابتدائية ، وأن تعين لهم الجلسة التى يحضرون فيها ، وتقف دعوى القسمة إلى أن يفصل نهائياً فى تلك المنازعات " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1206 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 909 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 907 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 838 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 110 - ص 111 ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق م 454 / 551 : إذا أمكنت قسمة الأموال عبنا ، وحصل نزاع فى تعيين الحصص ، تحكم محكمة ؟؟؟؟؟ الجزئية فى ذلك وفى المنازعات الأخرى الهى تكون من خصائصها . وإذا حصلت منازعات لم تكن من خصائص المحكمة المذكورة ، وجب عليها أن تحيل الأخصام على المحكمة الابتدائية ، وتعين الجلسة التى يلزم حضورهم فيها أمامها ، وتؤخر الفصل فى القسمة إلى أن يحكم قطعياً فى تلك المنازعات . ( والنص موافق لأحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السوى م 792 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى يحيل على تقنين المرافعات .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الموجبات والحقوق اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

ويتبين من هذا النص أن المنازعات التى تقع بين الشركاء ويجب الفصل $ 925 $ فيها قبل المضى فى دعوى القسمة على نوعين : ( النوع الأول ) المنازعات التى تتعلق بتكوين الحصص . ( والنوع الثانى ) المنازعات الأخرى التى لا تتعلق بتكوين الحصص .

أما المنازعات المتعلقة بتكوين الحصص ، كأن يدعى أحد الشركاء أن الحصص غير متساوية ، أو يدعى أن المعدل الذى قدره الخبير أقل مما يجب أو أكثر مما يجب ، أو أنه يمكن تقسيم المال إلى حصص بطريقة أفضل ، أو نحو ذلك من المنازعات التى ترجع إلى تكوين الحصص ، فهذه تتولى الفصل فيها المحكمة الجزئية ، ولو زادت قيمة الحصة على نصاب هذه المحكمة . ذلك أن تكوين الحصص يعتبر داخلاً فى أعمال القسمة ، والمحكمة الجزئية تختص بجميع أعمال القسمة أياً كانت قيمة المال المراد قسمته . ويلحق بالمنازعات التى تتعلق بتكوين الحصص المنازعات المعلقة بتجنيب أنصبة الشركاء ، فقد يدعى أحد الشركاء أن النصيب المفرز الذى جنبه له الخبير أقل مما يستحق ، أو أن هناك طريقة أفضل لتجنيب الأنصبة . فتكون المنازعات المتعلقة بتجنيب أنصبة الشركاء هى أيضاً من اختصاص المحكمة الجزئية ، تفصل فيها ولو زادت قيمة النصيب على نصاب القاضى الجزئى . وسواء تعلقت المنازعات بتكوين الحصص أو بتجنيب أنصبة الشركاء ، فإن المحكمة الجزئية عندما نفصل فيها ، وتكون قيمتها مما يجوز استئنافه أمام المحكمة الابتدائية التى تتبعها المحكمة الجزئية ، جاز لذى الشأن من الشركاء أن يستأنف حكم القاضى الجزئى أمام المحكمة الابتدائية . ولا ترجع المحكمة الجزئية إلى متابعة أعمال القسمة إلا بعد أن تصدر أحكام نهائية فى جميع هذه المنازعات .

بقيت المنازعات الأخرى التى لا تتعلق بتكوين الحصص . ومن أمثلة هذه المنازعات أصل ملكية الشريك لحصته الشائعة وما يقوم حول ذلك من منازعات بين الشركاء ، كأن يدعى أحد الشركاء أن شريكاً آخر داخلاً فى دعوى القسمة لا يملك شيئاً فى المال الشائع ويجب استبعاده من دعوى القسمة . ومن أمثلة هذه المنازعات أيضاُ تعيين حصة الشريك فى المال الشائع ، كأن ينازع أحد الشركاء شريكاً آخر فى مقدار حصته ، فيدعى مثلاً أنه الربع بدلاً من الثلث . وقد تثور منازعات تتعلق بتصرف الشريك فى حصته ، فيدعى أحد الشركاء $ 926 $ مثلاً أن شريكاً آخر قد تصرف فى حصته لأجنبى فلا يحق له الدخول فى القسمة . كل هذه المنازعات التى لا تتعلق بتكوين الحصص ، بعضها يكون بحسب قواعد الاختصاص من اختصاص المحكمة الجزئية التى تنظر دعوى القسمة ، وبعضها يكون من اختصاص المحكمة الابتدائية لأن قيمتها تجاوز نصاب القاضى الجزئى . فإذا أثار شريك أمام المحكمة الجزئية منازعة من هذه المنازعات وكان هذه المنازعة من اختصاص القاضى الجزئى ، فصلت المحكمة الجزئية فيها ( $%&[1] ) استئناف مصر 20 مايو سنة 1943 المحاماة 24 رقم 80 ص 206 .&%$ ) ، وإذا كان الحكم قابلاً للاستئناف استأنفه ذوى الشأن من الشركاء أمام المحكمة الابتدائية . وإذا كانت المنازعة التى أثارها الشريك هى من اختصاص المحكمة الابتدائية ، كان على المحكمة الجزئية أن توقف دعوى القسمة ، وأن تحيل الخصوم إلى المحكمة الابتدائية ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان النزاع الذى أثير فى الدعوى أمام محكمة القسمة يدور حول طبيعة الشيوع فى السلم المشترك ، وما إذا كان هذا الشيوع عادياً أو إجبارياً ، وحول تحديد نطاق الصلح المعقود بين الطرفين بشأن هذا السلم ، فهو بهذه المثابة نزاع لا يتعلق بتكوين الحصص ، ويخرج بحسب قيمته من اختصاص قاضى المواد الجزئية نوعياً إذ كانت قيمة السلم المتنازع عليه – كما قررها الخبير المنتدب فى دعوى القسمة وباتفاق الطرفين – تجاوز نصاب تلك المحكمة ، مما كان يتعين معه أن تحيل هذا النزاع إلى المحكمة الابتدائية للفصل فيه عملاً بالفقرة الثانية من المادة 838 مدنى . وإذ هى لم تفعل ، فإنها تكون قد جاوزن اختصاصها وخالفت القانون ( نقض مدنى 25 يناير سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 16 ص 104 ) .&%$ ) ، مع تحديد الجلسة التى يحضرون فيها أمام المحكمة ، مستعينة فى ذلك بالبيانات التى تحص عليها من قلم كتاب المحكمة الابتدائية ( $%&[1] ) ويشترط فى ذلك أن تتحقق محكمة القسمة من أن المنازعة جدية ( نقض مدنى 24 نوفمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 209 ص 1527 - 31 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 85 ص 622 ) . وتقدير جدية المناعة فى الملك الثابت فى دعوى القسمة هو مما يدخل فى سلطة محكمة الموضوع التقديرية التى لا رقابة فيها لمحكمة النقض ، ما دامت تقيم قضاءها على اعتبارات واقعية مقبولة وأسباب سائغة ( نقض مدنى 24 نوفمبر سنة 1955 مجموعة المكتب الفنى فى خمسة وعشرين عاماً جزء 2 ص 883 - 31 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 622 ) .

والتمسك بوجوب وقف دعوى القسمة حتى يفصل نهائياً فى الملكية هو من شأن الخصم الذى نازع فى هذه الملكية ، ولا صفة لغيره من الخصوم فى التحدى به ( نقض مدنى 31 مايو سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 ص 622 ) .&%$ ) . وتبقى دعوى القسمة موقوفة أمام المحكمة الجزئية إلى أن تفصل $ 927 $ المحكمة الابتدائية ، ومن بعدها محكمة الاستئناف حتى يكون الفصل نهائياً ، فى المنازعات التى أحالتها المحكمة الجزئية ، أو إلى أن تفصل المحكمة الابتدائية نهائياً فى الاستئناف الذى رفع إليها من الحكم الصادر من المحكمة الجزئية فى المنازعات التى تختص هذه المحكمة بالفصل فيها على ما قدمنا ( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 120 .&%$ ) .

561 - المرحلة الثانية – الحكم بإعطاء كل شريك نصيبه المفرز – نص قانونى : تنص المادة 839 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - متى انتهى الفصل فى المنازعات وكانت الحصص قد عينت بطريق التجنيب ، أصدرت المحكمة الجزئية حكماً بإعطاء كل شريك النصيب المفرز الذى آل إليه " .

 " 2 - فإن كانت الحصص لم تعين بطريقة التجنيب ، تجرى القسمة بطريق الاقتراع ، وتثبت المحكمة ذلك فى محضرها . وتصدر حكماً بإعطاء كل شريك نصيبه المفرز " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1207 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 910 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 908 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 839 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 112 - ص 113 ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق م 455 / 553 : تحصل القسمة بطريق القرعة أمام القاضى المعين للمواد الجزئية ، ويحرر بها محضر . ( والنص موافق لأحكام التقنين المدنى الجدي ، ولكنه لم يذكر القسمة بطريق التجنيب ، فكان القضاء يجرى على أن هذه القسمة لا تكون إلا باتفاق الشركاء جميعاً ( انظر آنفاً فقرة 559 ص 922 هامش 5 ) .

ويقابل النص فى التقنينات المدينة العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 793 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى يحيل إلى تقنين المرافعات .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل ( وتنص المادة 1074 من هذا التقنين على أنه إذا كان المشاع أعياناً منقولة متعددة وكانت متحدة الجنس ، يزال الشيوع فيها بقسمتها قسمة جمع ) .

قانون الموجبات والعقود اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

ويتبين من هذا النص أنه عندما يفصل نهائياً فى المنازعات التى أثيرت فيما بين الشركاء ، سواء ما كان من هذه المنازعات من اختصاص المحكمة $ 928 $ الجزئية أو ما كان منها من اختصاص المحكمة الابتدائية ، ننتقل بعد ذلك إلى المرحلة الثالثة من مراحل القسمة . فيعود الشركاء إلى المحكمة الجزئية ، بناء على طلب من يريد التعجيل منهم ، ويحركون دعوى القسمة بعد أن كانت المحكمة الجزئية قد وقفتها حتى يفصل نهائياً فى المنازعات .

وفى هذه المرحلة يكون قد بت نهائياً فى المنازعات ما بين الشركاء ، وأصبح حق كل شريك فى المال المراد قسمته مبتوتاً فيه خالياً من النزاع ، ويجيب هنا التمييز بين فرضين : إما أن يكون نصيب كل شريك قد عين بطريق التجنيب ، أو أن يكون المال المراد قسمته قد قسم إلى حصص .

ففى الفرض الأول ، وقد تعين نصيب كل ريك مفرزاً حكماً بإعطاء كل شريك النصيب المفرز الذى آل إليه . وقد يلتزم أحد الشركاء بدفع معدل إلى شريك آخر أو أكثر على الوجه الذى بسطناه فيما تقدم ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 555 .&%$ ) .

وفى الفرض الثانى ، والمال المراد قسمته قد قسم إلى حصص ، يجب توزيع هذه الحصص بين الشركاء كل بقدر نصيبه . ولما كانت الحصص بالذات التى تقع فى نصيب كل شريك غير معروفة ، فقد لجأ القانون إلى طريق الاقتراح لتعيين هذه الحصص ، حتى يطمئن الشركاء إلى أن فرصهم متساوية . ومن ثم تجرى المحكمة القرعة بين الشركاء ، فإذا كانت الحصص مثلاً سبعاً ، وكان الشركاء ثلاثة لواحد منهم حصة واحدة وللثانى حصتان وللثالث أربع حصص ، وضعت فى القبعة سبعة أوراق مرقمة من الواحد إلى السبعة ، ورقمت الحصص على هذا الوجه كذلك . وسحب الشريك الأول ورقة واحدة ، والشريك الثانى ورقتين ، والشريك الثالث أربع ورقات ، فيأخذ كل شريك الحصة أو الحصص التى أوقعت القرعة رقمها فى نصيبه . وقد لا يحصل الشريك ذو الحصص المتعددة إلا على حصص متباعدة بعضها عن بعض ، ولكن هذا هو شأن القرعة . ولا مفر من هذه النتيجة ، إلا إذا اتفق الشركاء فيما بينهم بعد إجراء القرعة على تقريب حصص كل واحد منهم . وقد يقع فى نصيب أحد الشركاء حصة أو أكثر تكون مدينة بمعدل لحصة أخرى $ 929 $ أو حصص وقعت فى نصيب شريك آخر ، على الوجه الذى بسطناه فيما تقدم ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 559 .&%$ ) . وتثبت المحكمة الجزئية كل ذلك فى محضرها ، ثم تصدر حكماً بإعطاء كل شريك نصبيه المفزر ، أى الحصة أو الحصص المفرزة التى أوقعتها القرعة فى نصيبه ( $%&[1] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 120 .&%$ ) .

ونرى من ذلك أن دعوى القسمة ، فى مرحلتها الثالثة ، تنتهى دائماً إلى حكم بالقسمة يعين النصيب المفرز الذى آل إلى كل شريك . وحكم القسمة هذا يختم دعوى القسمة ، إذا لم يكن بين الشركاء غائب أو شخص لم تتوافر فيه الأهلية وليس له ولى شرعى . أما إذا وجد بين الشركاء أحد من هؤلاء ، فلابد من المضى بالقسمة إلى مرحلتها الرابعة والأخيرة ، وهى محلة التصديق على حكم القسمة .

562 - المرحلة الرابعة – التصديق على حكم القسمة فى حالات خاصة – نص قانونى : تنص المادة 840 مدنى على ما يأتى :

 " إذا كان بين الشركاء غائب أو كان بينهم من لم تتوافر فيه الأهلية ، وجب تصديق المحكمة على حكم القسمة بعد أن يصبح نهائياً ، وذلك وفقاً لما يقرره القانون " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1208 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " إذا كان بين الشركاء غائب ، أو كان بينهم شخص لم تتوافر فيه الأهلية ، ولم يكن له ولى شرعى ، وجب تصديق المحكمة الابتدائية على حكم القسمة بعد أن يصبح نهائياً " . ووافقت عليه لجنة المراجعة ، تحت رقم 911 فى المشروع النهائى ، بعد حذف عبارة " ولم يكن له ولى شرعى " لتعميم حكم النص . وفى اللجنة التشريعية لمجلس النواب عدل النص على الوجه الآتى : " إذا كان بين الشركاء مفقود أو غائب ، أو كان بينهم من لم تتوافر فيه الأهلية ، وجب تصديق المحكمة على حكم القسمة بعد أن يصبح نهائياً ، ذلك وفقاً لما يقرر القانون " ، وقات اللجنة فى تقريرها إنها عدلت النص تعديلاً يتسق مع مشروع قانون المحاكم الحسبية الذى وافق عليه مجلس النواب ، ووافق مجلس النواب على النص بهذا التعديل تحت رقم 909 . وفى لجنة مجلس الشيوخ حذفت كلمتا " مفقود أو " اللتان أضافهما مجلس النواب ، لأن قانون المحاكم الحسبية ؟؟؟؟؟ بين الغائب والمفقود فى الحكم ، وأصبح رقم النص 840 . ووافق عليه مجلس الشيوخ بهذا التعديل ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 113 - ص 115 ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق م 456 / 552 : إذا كان أحد الشركاء قاصراً أو غير أهل للتصرف ، أو غائباً ، وجب التصديق من المحكمة الابتدائية على قسمة الأموال إلى حصص .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 794 : إذا كان بين الشركاء غائب أو كان بينهم من لم تتوافر فيه الأهلية وجب على قاضى الصلح أن يطلب من المحكمة ذات الاختصاص تعيين من يمثلها فى دعوى القسمة ، وذلك طبقاً لما يقرره القانون .

التقنين المدنى الليبى يحيل على تقنين المرافعات .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الموجبات والعقود اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

 $ 930 $

وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد هذا النص ما يأتى : " وحكم القسمة هذا هو الذى تصدق عليه المحكمة الابتدائية إذا كان بين الشركاء غائب أو شخص لم تتوافر فيه الأهلية ولم يكن له ولى شرعى . أما فى التقنين الحالى ( السابق ) فالمحكمة الابتدائية تصدق على قسمة الأموال إلى حصص ، وقد رؤى أن الأولى أن يكون التصديق على حكم القسمة نفسه " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 120 .&%$ ) . ويتبين من ذلك فى وضوح أن المادة 840 من التقنين المدنى الجديد قد قصدت مخالفة المادة 456 / 552 من التقنين المدنى السابق ، إذ أن هذا النص الأخير يقضى بتصديق المحكمة على قسمة الأموال إلى حصص ، أما نص التقنين المدنى الجديد فيقضى بتصديق المحكمة على حكم القسمة نفسه بعد أن يجتاز جميع مراحله ويصبح فى المرحلة النهائية ، أى بعد أن يجتاز مرحلة تكوين الحصص ومرحلة الفصل فى المنازعات ومرحلة إجراء القرعة أو التجنيب ، ويصبح حكم القسمة فى المرحلة النهائية كما سبق القول ، أى حكماً بإعطاء كل شريك النصيب المفرز الذى آل إليه . وقد كانت اللجنة التشريعية لمجلس النواب ، عند نظر مشروع نص المادة 840 سالفة الذكر ، قد عدلته إلى ما استقر عليه ، وقالت فى تقريرها إنها عدلته تعديلاً يتسق مع مشروع قانون المحاكم الحسبية الذى وافق عليه مجلس النواب ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 114 - وانظر أيضاً نفس الفقرة فى ص 929 هامش 3 .&%$ ) .

ولما صدر قانون الولاية على المال فى سنة 1952 ، أى بعد العمل بالتقنين المدنى الجديد ، وكان المفروض أن يساير هذا القانون التقنين المدنى ونتسق $ 931 $ الأحكام فى كل منها ، وقع عدم اتساق يستوقف النظر . ذلك أن المادة 40 من قانون الولاية على المال ، فى الفقرات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة منها ، نصت على ما يأتى : " وفى حالة القسمة القضائية تصدق المحكمة الابتدائية التى تتبعها محكمة القسمة على قسمة الأموال إلى حصص . ولهذه المحكمة ، عند الاقتضاء ، أن تدعو الخصوم لسماع أقوالهم فى جلسة تحدد لذلك . وإذا رفضت التصديق ، تعين عليها أن تقسم الأموال إلى حصص على الأسس التى تراها صالحة بعد دعوة الخصوم . ويقوم مقام التصديق الحكم الذى تصدره المحكمة بوصفها محكمة استئنافية تكوين الحصص " . ولا شك فى أن هذا النص صريح فى أن الذى تصدق عليه المحكمة ، ليس هو الحكم بالقسمة وهو فى مرحلته النهائية كما نصت على ذلك صراحة المادة 840 مدنى ، بل هو قسمة الأموال إلى حصص أى القسمة فى مراحلها الأولى . ويكون قانون الولاية على المال قد عدل بذلك عن مسايرة المادة 840 من التقنين المدنى الجديد ، إلى مسايرة المادة 456 / 552 من التقنين المدنى السابق . والغريب بعد ذلك أن تقول المذكرة الإيضاحية لقانون الولاية على المال : " وتضيف المادة ذاتها ( م 40 من قانون الولاية على المال ) .. أنه فى حالة القسمة القضائية تصدق المحكمة الابتدائية التى تتبعها محكمة القسمة على قسمة الأموال إلى حصص ، وأن لهذه المحكمة أن تدعو الخصوم لسماع أقوالهم فى جلسة تحدد لهذا الغرض عند الاقتضاء . وإذا رفضت المحكمة التصديق ، تعين عليها أن تقسم الموال إلى حصص على الأسس التى تراها صالحة بعد دعوة الخصوم ، وبديهى أن الحكم الذى تصدره المحكمة بوصفها محكمة استئنافية فى تكوين الحصص يقوم مقام التصديق المقدم ذكره . وقد فصلت الأحكام المتقدم ذكرها إعمالاً للإحالة المشار إليها فى المادة 840 من القانون المدنى ، وهى التى تقضى بأنه إذا كان بين الشركاء غائب أو كان بينهم من لم تتوافر فيه الأهلية ، وجب تصديق المحكمة على القسمة عد أن يصبح الحكم نهائياً ، وذلك وفقاً لما يقرره القانون " . فهذا التعارض بين ما تنص عليه المادة 40 من قانون الولاية على المال وما تنص عليه المادة 840 من التقنين المدنى ، وهذا القول بأن المادة 40 من قانون الولاية على المال إنما تعمل الإحالة المشار إليها فى المادة 840 من التقنين المدنى ، $ 932 $ مما يدعو إلى الخيرة . وكان الواجب أن المادة 40 من قانون الولاية على المال ، إذا أرادت حقاً إعمال الإحاطة على المادة 840 من التقنين المدنى ، أن تقضى بأن الذى تصدق عليه المحكمة هو حكم القسمة لا قسمة الأموال إلى حصص .

والآن بعد أن وقع عدم الاتساق هذا ، وإلى أن تعدل المادة 40 من الولاية على المال تعديلاً يجعلها تتسق مع المادة 840 مدنى ، لا مناص من القول بأن المادة 40 من قانون الولاية على المال نسخت ما تقدمها من نصوص تتعارض معها ومنها المادة 840 مدنى ( $%&[1] ) إذ تنص المادة 2 من قانون إصدار قانون الولاية على المال على أن " يلغى الكتاب الأول من قانون المحاكم الحسيبة الصادر بالقانون رقم 99 لسنة 1947 ، وكذلك يلغى كل ما كان مخالفاً للأحكام المقررة فى النصوص المرافقة لهذا القانون " .&%$ ) .

وعلى ذلك يجب القول إنه فى حالة تقسيم المال إلى حصص : إذا كان بين الشركاء غائب أو شخص لم تتوافر فيه الأهلية وليس له أب ( $%&[1] ) أما إذا كان وليه الشرعى هو الجد ، فقد قدمنا أن الجد لا يملك وحده قسمة مال محجوره ، بل لابد من استئناف ؟؟؟؟؟ الولاية على المال ( انظر آنفاً فقرة 543 فى الهامش ) . ومن ثم يدخل القاصر ، إذا كان وليه الشرعى هو الجد لا الأب ، فى حكم القاصر الذى ليس له ولى بل له وصى ، ومن ثم يجب التصديق على قسمة ماله .&%$ ) ، يتعين أن تصدق المحكمة الابتدائية التى تتبعها محكمة القسمة ، لا على الحكم بالقسمة فى مرحلته النهائية ، بل على قسمة المال إلى حصص . وللمحكمة عند الاقتضاء أن تدعو الشركاء ومعهم النائب عن المحجور لسامع أقوالهم ، ولها أن ترفض ما أقرته المحكمة الجزئية ( محكمة القسمة ) من قسمة المال إلى حصص ، وأن تعين أسساً أخرى تراها أصلح لقسمة المال إلى حصص . وإذا قامت منازعة فى شأن تكوين الحصص ، وفصلت فيها المحكمة الجزئية ، واستؤنف حكمها أمام المحكمة الابتدائية ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 560 .&%$ ) ( أى نفس المحكمة التى تصدق على قسمة المال إلى حصص ) ، فمن البديهى أن حكم المحكمة الابتدائية الصادر فى هذا الاستئناف يقوم مقام التصديق على قسمة المال إلى حصص ، غذ تكون المحكمة بوصفها محكمة استئنافية قد نظرت نفس المسألة التى كانت تنظرها بوصفها محكمة التصديق ( $%&[1] ) انظر فى ذلك محمد على عرفة فقرة 328 - حسن كيرة فقرة 144 ص 488 - وقارن إسماعيل غانم فقرة 96 ص 223 هامش 1 .&%$ ) .

 $ 933 $

هذا إذا جرت القسمة عن طريق قسمة المال إلى حصص . أما إذا جرت عن طريق التجنيب حيث لا يقسم المال إلى حصص ، فلا مجال لتطبيق المادة 40 من قانون الولاية على المال إذ أن هذه المادة مقصورة على قسمة المال إلى حصص . فهل يمكن تطبيق المادة 840 مدنى ، والقول بأن المحكمة الابتدائية تصدق ، فى حالة القسمة عن طريق التجنيب ، على حكم القسمة نفسه؟ الظاهر أن المادة 840 مدنى ، عندما أوجبت تصديق المحكمة ، أحالت على قانون خاص ينظم هذا التصديق إذ تقول : " وذلك وفقاً لما يقرره القانون " . فإذا توخينا الدقة ، وجب الرجوع فى ذلك إلى قانون الولاية على المال وهو القانون الذى ينظم تصديق المحكمة . ولما كانت المادة 40 من هذا القانون تتكلم عن التصديق على قسمة المال إلى حصص ، جاز القول بأن ما يقال قسمة المال إلى حصص فى القسمة بالافتراع هو تجنيب أنصبة الشركاء فى قسمة التجنيب ، فيجب التصديق على تجنيب أنصبة الشركاء يختلط من الناحية العملية بحكم القسمة ، ولا يفصل بينهما الاقتراع كما هو الأمر فى قسمة المال إلى حصص ، فإنه يصح القول ، من الناحية العملية دائماً ، إنه فى حالة القسمة عن طريق التجنيب تصدق المحكمة الابتدائية على حكم القسمة الصادر من المحكمة الجزئية بتجنيب أنصبة الشركاء ( $%&[1] ) انظر حسن كيرة فقرة 144 ص 488 .&%$ ) .

المطلب الثالث

تدخل الدائنين فى القسمة حماية لصالحهم

563 - نص قانونى : تنص المادة 842 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - لدائنى كل شريك أن يعارضوا فى أن تتم القسمة عيناً ، أو أن يباع المال بالمزاد ، بغير تدخلهم . وتوجه المعارضة إلى كل الشركاء . ويترتب عليها إلزامهم أن يدخلوا من عارض من الدائنين فى جميع الإجراءات ، وإلا كانت القسمة غير نافذة فى حقهم . ويجب على كل حال إدخال الدائنين المقيدة حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة " .

 $ 934 $

 " 2 - أما إذا تمت القسمة ، فليس للدائنين الذين لم يتدخلوا فيها أن يطعنوا عليها إلى فى حالة الغش " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1210 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدى كان خالياً فى آخر الفقرة الأولى من عبارة " ويجب على كل حال إدخال الدائنين المقيدة حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 913 فى المشروع النهائى . وفى لجنة الشئون التشريعية لمجلس النواب أضيفت إلى آخر الفقرة الولى عبارة " ويجب على كل حال إدخال الدائنين المدية حقوقهم فى الإجراءات " ، وذلك " حفظاً لحقوق الدائنين المسجلين حتى لا تتم قسمة المال الشائع فى غيبتهم " ، وأصبح رقم المادة 911 . وفى لجنة مجلس الشيوخ سئل عن المواد بالدائنين ، فأجيب بأنهم الدائنون المقيدة حقوقهم قبل القسمة ، فأضيف عبارة " قبل رفع دعوى القسمة " بعد حذف عبارة " فى الإجراءات " فى آخر الفقرة الأولى . " وقد أريد بذلك - كما ورد فى تقرير اللجنة – قصر التزام الشركاء فى إدخال الدائنين المقيدين على من قيدت حقوقهم قبل رفع الدعوى حيث تمكن معرفتهم عند ذلك ، ولتفادى تعرض إجراءات القسمة للبطلان إذا لم يدخل الشركاء دائنين مقيدين مع أن ديونهم لم تقيد إلا خلال الإجراءات أو عندما تشرف على النهاية . ومع ذلك فلا ضرر على هؤلاء الدائنين من هذا النص ، لأن لهم الحق دائماً فى التدخل فى الإجراءات من تلقاء أنفسهم " . ووافقت اللجنة على النص ، لأن لهم الحق دائماً فى التدخل فى الإجراءات من تلقاء أنفسهم " . ووافقت اللجنة على النص ، لأن لهم الحق دائماً فى التدخل فى الإجراءات من تلقاء أنفسهم " . ووافقت اللجنة على النص بهذا التعديل ، وأصبح رقمه 842 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 118 - ص 122 ) .&%$ ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق المادة 46 / 557 - 559 ( $%&[1] ) التقنين المدنى السابق م 460 / 557 - 559 : يجوز لأرباب الديون الشخصية التى على أحد الشركاء أن يعارضوا فى إجراء القسمة عيناً وفى بيع المال بغير دخولهم فى ذلك . ويكون إجراء المعارضة المذكورة بين أيدى الشركاء الآخرين ، ويترتب على حصولها ملزومية هؤلاء الشركاء بأن يطلبوا حضور الدائنين المعارضين فى كافة الإجراءات المتعلقة بالقسمة أو بالبيع ، وإلا كان العمل لاغياً .

( ويتفق حكم التقنين السابق مع حم التقنين الجديد ، فيما عدا أن التقنين السابق كان لا يلزم إدخال الدائنين المقيدين قبل القسمة إلا إذا عارضوا ) .&%$ ) .

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 796 - وفى التقنين المدنى الليبى م 846 - وفى التقنين المدنى العراقى م 1071 / 3 - وفى قانون الموجبات والعقود اللبنانى م 942 / 1 و 943 - 945 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 796 : 1 - لدائنى كل شريك أن يعارضوا فى القسمة عيناً أو فى بيع المال بالمزاد العلنى بغير تدخلهم . وتكون المعارضة فى حالة القسمة القضائية بتدخل الدائنين فى المحكمة أو أمام دائرة التنفيذ ، وفى حالة القسمة الرضائية بإنذار رسمى يبلغ إلى جميع الشركاء . ويترتب على الشركاء أن يدعوا من عارض من الدائنين إلى جميع الإجراءات ، وإلا كانت القسمة غير نافذة فى حقهم . ويجب على كل حال إدخال الدائنين المسجلة حقوقهم فى السجل العقارى قبل رفع دعوى القسمة . 2 - أما إذا تمت القسمة ، فليس للدائنين الذين لم يتدخلوا فيها أن يطعنوا إلا فى حالة الغش .

( وأحكام النص السورى تتفق فى مجموعها مع أحكام النص المصرى ، ويصرح النص السورى بأنه يسمل القسمة القضائية والقسمة الاتفاقية ) .

التقنين المدنى الليبى م 846 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1071 / 3 : لدائنى كل شريك أن يطعنوا بالقسمة ، إذا كان فيها غش أضر بمصلحتهم . ؟؟؟؟؟ ( ولم يورد التقنين العراقى نص التقنين المصرى ، وإنما أورد حكماً هو مجرد تطبيق للقواعد العامة ) .

قانون الموجبات والعقود اللبنانى م 943 : يحق لدائنى الشركة أو لدائنى أحد الشركاء المتقاسمين المصاب بإعسار أن يعارضوا فى إجراء القسمة أو بيع المال المشترك بالمزاد فى غيابهم . ويمكنهم التدخل على نفقتهم . ويحق لهم أيضاً طلب إبطال القسمة إذا كانت قد أجريت بالرغم من اعتراضهم .

م 944 : للشركاء المتقاسمين أو لأحدهم أن يوقفوا دعوى إبطال القسمة بإيفاء الدائن أو بإيداع المبلغ الذى يدعيه .

م 945 : إن الدائنين الذين أرسلت إليهم الدعوة حسب الأصول ، ولم يحضروا إلا بعد الفراغ من القسمة ، لا حق لهم أن يطالبوا بإبطالها . على أنه إذا لم يترك مبلغ كاف لإيفاء ديونهم ، حق لهم أن يستوفوا حقوقهم من الملك المشترك إذا كان قد بقى منه جزء لم تجرى عليه القسمة ، وإلا جاز لهم مداعاة الشركاء المتقاسمين على القدر المعين بمقتضى نوع الشركة ، سواء أكانت شركة عقد أم شركة ملك – وانظر أيضاً م 942 / 1 معدلة وتوجب إدخال أصحاب الحقوق العينية المقيدة حقوقهم فى السجل العقارى قبل رفع الدعوى .

( وأحكام القانون اللبنانى متفقة فى مجموعها مع أحكام القانون المصرى ، والقانون اللبنانى يريد بعبارة " إبطال القسمة " ( م 944 ) جعلها غير نافذة فى حق الدائنين – انظر حسين كيرة فى الحقوق العينية الأصلية فى القانون المدنى اللبنانى المقارن مذكرات غير مطبوعة سنة 1965 ص 214 - ص 215 ) .&%$ ) :

 $ 935 $

ونقول بادئى ذى بدئ إن النص سالف الذكر يوحى بأن تدخل الدائنين فى القسمة حماية لمصالحهم إنما هو مقصور على القسمة القضائية ، دون القسمة الاتفاقية . صحيح أن المشروع التمهيدى للنص لا يفرق بين القسمة القضائية والقسمة الاتفاقية فيجوز أن ينطبق على هذين النوعين من القسمة ، إذ أن العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى . وهى التى تصرح بدعوى القسمة ، لم تكن موجودة . ومع ذلك يفهم من المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى لهذا النص $ 936 $ قصر تدخل الدائنين على القسمة القضائية دون القسمة الاتفاقية ، إذ ورد فى هذه المذكرة ما يأتى : " أما إذا تمت القسمة دون تدخل من الدائنين ، أو كانت القسمة عقداً ، فليس للدائنين أن يطعنوا فى القسمة إلا بطريق الغش فى الحالة الولى ، أو بطريق الدعوى البولصية فى الحالة الثانية " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 120 .&%$ ) . ولكن ما ورد فى المذكرة الإيضاحية فى هذا الشأن ليس من شأنه أن يقيد من إطلاق النص . وقد أضيفت فى لجنة الشئون التشريعية لمجلس النواب ، إلى آخر الفقرة الأولى ، العبارة الآتية : " ويجب على كل حال إدخال الدائنين المقيدة حقوقهم فى الإجراءات " . والعبارة على هذا النحو يمكن أن تنطبق على القسمة الاتفاقية انطباقها على القسمة القضائية ، فبقى النص غير متمحض للقسمة القضائية . ولكن وقع بعد ذلك فى لجنة مجلس الشيوخ أن عدلت – بطريقة عارضة – العبارة المضافة فأصبحت : " ويجب على كل حال إدخال الدائنين المقيدة حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة " ، وكاد النص بهذا التعديل يتمحض للقسمة القضائية ( $%&[1] ) انظر آنفاً نفس الفقرة ص 934 هامش 1 .&%$ ) . ولما كانت القسمة القضائية ليست أولى من القسمة الاتفاقية بتدخل الدائنين ، بل لعل القسمة الاتفاقية وهى خالية من ضمانات القسمة القضائية أحوج إلى هذا التدخل ، لذلك يحسن التوسع فى تفسير النص بما يجعله شاملاً للقسمة القضائية وللقسمة الاتفاقية . ويدعى من الدائنين المقيدين ، فى القسمة القضائية وللقسمة الاتفاقية . ويدعى من الدائنين المقيدين ، فى القسمة الاتفاقية ، الدائنون المقيدون قبل إبرام هذه القسمة ، قياساً على دعوة الدائنين المقيدين قبل رفع دعوى القسمة فى حالة القسمة القضائية ( $%&[1] ) قارن إسماعيل غانم فقرة 100 ص 232 هامش 1 .&%$ ) . ولي فى مبادئ تفسير النصوص التشريعية ما يمنع من هذا التوسع . ما دامت حكمة تدخل الدائنين فى القسمة القضائية متوافرة تماماً ، بل هى أكثر توافراً فى القسمة الاتفاقية كما قدمنا . هذا إلى أن نص المادة 882 من التقنين المدنى الفرنسى ، وهو النص الذى استقى منه نص المادة 842 من التقنين المدنى المصرى ، لا خلاف فى انطباقه على كل من القسمة القضائية والقسمة الاتفاقية ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 100 ص 232 - ص 233 - وانظر عكس ذلك محمد على عرفة فقرة 330 ص 440 - محمد كامل مرسى فقرة 123 - عبد المنعم البدراوى فقرة 158 ص 190 – حسن كيرة فقرة 139 ص 471 هامش 1 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 144 ص 196 .&%$ ) .

 $ 937 $

ونبحث فى صدد النص سالف الذكر ، متوسعاً فى تفسيره على الوجه الذى قدمنا ، مسألتين : ( 1 ) موقف الدائنين قبل إتمام القسمة . ( 2 ) موقف الدائنين بعد إتمام القسمة .

1 - موقف الدائنين قبل إتمام القسمة

564 - مصالح الدائنين المراد حمايتها : قصد بنص المادة 842 مدنى حماية مصالح دائنى الشركاء عند قسمة المال الشائع ، سواء كانت القسمة قضائية أو اتفاقية على الوجه الذى بسطناه فيما تقدم ، وسواء كانت القسمة كلية أو جزئية ، قسمة عينية أو قسمة تصفية .

والدائنون هنا هم دائنو كل شريك . ويستوى أن يكون دائن الشريك دائناً شخصياً أو دائناً ذا حق مقيد ، كما يستوى أن يكون الحق المقيد واقعاً على المال الشائع المراد قسمته أو وقعاً على غيره من أموال الشريك ( $%&[1] ) ويجوز أن يكون حق الدائن مقترناً بأجل أو معلقاً على شرط ، ولا يعتبر دائناً من يدعى استحقاق المال الشائع ، وليست له مصلحة فى التدخل فى القسمة إذ هى غير نافذة فى حقه إذا أثبت استحقاقه ( بودرى وقال فى المواريث 3 فقرة 3262 ) .&%$ ) .

فالدائن ، على هذا النحو ، يعنيه أن تتم القسمة دون إضرار بمصالحه . فيعنيه مثلاً ألا يتعمد الشركاء ، حين يقتسمون المال ، أن يوقعوا فى نصيب مدينه أعياناً منقولة أو نقوداً يسهل على المدين تهريبها من تنفيذ الدائن عليها . ويعنيه كذلك ألا يقع فى نصيب مدينه أموال قيمتها أقل من القيمة الحقيقية لصحته ، فيقل بذلك ضمان الدائن . ويعنيه أيضاً ، إذا اتفق الشركاء على بيع المال الشائع أو كان المال الشائع ذاته لا يقبل القسمة فيتعين بيعه وهذه هى قسمة التصفية ، ألا يقصر البيع على الشركاء فلا يدخل فيه أجنبى ، فإن دخول أجنبى فى البيت أدعى لارتفاع الثمن الذى يرسو به المزاد ، فينتفع الدائن بذلك . ويعنيه بوجه خاص ألا يتعمد الشركاء إيقاع الجزء المفرز من المال الشائع المرهون للدائن فى نصيب شريك آخر غير الشريك الراهن ، فيجد $ 938 $ الدائن بذلك حق الرهن الذى له قد تحول من المال الذى قصد ارتهانه إلى مال آخر لم يكن له فى حساب . هذه جملة من المصالح لدائن الشريك ، هى وأمثالها تدفعه إلى التدخل فى القسمة حتى يراقب إجراءاتها ، فيمنع تواطؤ الشركاء على الإضرار بمصلحته ، أو تقصير مدينه فى دفع الغبن عن نفسه فيلحقه الغبن هو أيضاً تبعاً لذلك .

565 - للدائن حق المعارضة وحق التدخل ، إذا عرف الدائن أن لمدينه حصة فى مال شائع ، وأراد أن يصطنع الحيطة فى أمره ، فعليه أن يرسل لمدينه ولسائر شركاء هذا المدين فى الشيوع معارضة فى أن تتم قسمة هذا المال الشائع ، سواء عن طريق القسمة العينية أو عن طريق التصفية ، بغير تدخله . ولم يشترط القانون شكلاً خاصاً لهذه المعارضة ، والأفضل أن تكون إنذاراً على يد محضر . ولكن يصح أن تكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، بل يصح أن تكون شفوياً ولكن الدائن يحمل عبء الإثبات ( $%&[1] ) تعتبر معارضة كافية أن يحصل من مدينه أو من أى شريك آخر على وعد بألا تجرى قسمة المال الشائع بدون تدخل الدائن ، بشرط أن يعلن الدائن هذا الوعد إلى جميع الشركاء . ( بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3214 ص 556 ) . ولا يكفى ، فى اعتبار المعارضة ، مجرد علم الشركاء بدائن شريكهم ( السين 21 مارس سنة 1882 جازيت دى باليه سنة ( 81 - 82 ) 20 - 13 ) . ولكن إذا تعهد المدينون الشركاء لدائنهم ، فى عقد المديونية ، بأن يدعوه للتدخل فى قسمة المال الشائع ، قام هذا التعهد مقام المعارضة بالنسبة إلى هؤلاء الشركاء ( الجزائر 23 يناير سنة 1893 سيريه 93 - 2 - 284 ) .&%$ ) والمهم أن توجه المعارض إلى جميع الشركاء فى المال الشائع ، ويدخل فيهم الشريك المدين ( $%&[1] ) وإذا وجهت المعارضة إلى بعض الشركاء دون بعض ، لم يكن لها أثر بالنسبة إلى الشركاء الذين وجهت إليهم المعارضة ، لأن القسمة لا تتجزأ ( هيك 5 فقرة 300 - بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3216 ) .&%$ ) . وميعاد توجيه المعارضة على هذا النحو لم يحدده القانون ، فيصح أن يكون بمجرد علم الدائن بأن للمدين حصة فى مال شائع ، ويبقى حق الدائن فى المعارضة إلى أن تتم قسمة هذا المال ( $%&[1] ) ولا تعتبر القسمة قد تمت إذا صدر حكم بتعيين خبير ، أو بيع المال الشائع ، أو بتكوين الحصص إذا لم يجر الاقتراع ، أو بصدور حكم القسمة إذا لم تكن المحكمة الابتدائية قد صدقت عليه فى الحالات التى يجب فيها ذلك ( بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3220 ) .&%$ ) . والمعارضة عمل من الأعمال التحفظية ، فيكفى $ 939 $ أن تتوافر فى الدائن أهلية القيام بهذه الأعمال ( $%&[1] ) بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3225 .&%$ ) .

ومتى وصلت المعارضة إلى جميع الشركاء ، تعين عليهم ، إذا هم عمدوا إلى اقتسام المال الشائع ، أن يدخلوا الدائن المعارض فى جميع إجراءات القسمة ، سواء كانت القسمة قضائية أو اتفاقية ، وسواء كانت قسمة عينية أو قسمة تصفية ، كما سبق القول .

وهناك طائفة من الدائنين ، هم الدائنون المقيدة حقوقهم ، يجب على الشركاء إدخالهم فى إجراءات القسمة دون حاجة إلى أن يوجه هؤلاء الدائنون معارضة إلى الشركاء . فالدائن المرتهن رهناًً رسمياً أو رهناً حيازياً للمال الشائع ، والدائن الذى له حق اختصاص أو حق امتياز على المال الشائع ، إذا قيد هؤلاء حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة فى حالة القسمة القضائية ، أو قبل إبرام عقد القسمة فى حالة القسمة الاتفاقية ، يكونون بهذا القيد معروفين من الشركاء ، فليسوا إذن فى حاجة إلى أن يوجهوا إلى الشركاء معارضة . ويتعين على الشركاء ، دون معارضة ، أن يدخلوا هؤلاء الدائنين فى إجراءات القسمة قضائية كانت أو اتفاقية . ويستوى مع هؤلاء الدائنين المقيدة حقوقهم شخص اشترى من شريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع ، وسجل عقد البيع ، فهذا أيضاً يصبح دائناً بالضمان ، ومن ثم يجب على الشركاء إدخاله فى إجراءات القسمة متى كان قد سجل عقده ، وليس فى حاجة إلى توجيه معارضة إلى جميع الشركاء .

وسواء صدرت معارضة من الدائن على الوجه الذى بسطناه أو لم تصدر ، وسواء كان للدائن حق مقيد أو لم يكن ، فإنه بمجرد أن يباشر الشركاء قسمة المال الشائع يجوز للدائن ، إذا علم بذلك ، أن يتدخل من تلقاء نفسه دون دعوة من الشركاء فى إجراءات هذه القسمة . فغذا كانت القسمة اتفاقية ، جاز للدائن أن يتقدم إلى الشركاء متدخلاً فى القسمة ، طالباً مثلاً أن يراقب أعمال الخبير الذى قد يكون الشركاء عينوه لإجراء القسمة ، أو أن يثبت فيما إذا اتفق الشركاء على بيع المال الشائع بالمزاد من أنه حصل إعلان كافٍ عن البيع $ 940 $ ومن أن إجراءات البيع سليمة ، وما إلى ذلك . أما إذا كانت القسمة قضائية ، فإن سبيل الدائن إلى التدخل فى إجراءاتها من تلقاء نفسه هو السبيل المقرر فى تقنين المرافعات . وقد نصت المادة 153 من هذا التقنين على أنه " يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضماً لأحد الخصوم ، أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى " . فلا توجد إجراءات خاصة لتدخل الدائن فى دعوى القسمة ، بل هى الإجراءات المقررة بوجه عام فى تقنين المرافعات . ومن ثم يكون تدخل الدائن فى دعوى القسمة بصحيفة تعلن للشركاء قبل يوم الجلسة ، أو بطلب يقدم شفاها فى الجلسة فى حضورهم ويثبت فى محضرها ، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة ( م 154 مرافعات ) . وإذا تدخل الدائن فى دعوى القسمة ، فله أن يراقب جميع الإجراءات ليحترز من أن يتواطأ الشركاء على الإضرار بمصلحته ، أو أن يلحق الشريك المدين الغبن بنفسه عمداً أو تقصيراً ، وله أن يعترض فى حالة تقرير المحكمة بيع المال الشائع على أن يكون البيع مقصوراً على الشركاء وحدهم خشية من تواطؤهم على إرساء المزاد على أحدهم بثمن بخس ، وأن يطلب فتح باب المزايدة لأجانب من الشركاء حتى يصلوا بالثمن إلى أعلى مقدار ممكن ( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 331 ص 441 .&%$ ) .

566 - الأثر الذى يترتب على معارضة الدائن أو على تدخل : يترتب على معارضة الدائن أو على تدخله على النحو الذى بسطناه أن يصبح الدائن طرفاً فى جميع إجراءات القسمة منذ معارضته أو منذ تدخله ، فلا تجوز مباشرة هذه الإجراءات إلا فى مواجهته . ومن ثم لا تجوز مباشرة إجراءات بيع المال الشائع فى المزاد ، ولا تعيين خبير لتكون الحصص ، ولا الفصل فى المنازعات المتعلقة بإجراءات القسمة ، ولا إجراء القرعة ، ولا تجنيب انصبة الشركاء المفرزة ، ولا التصديق على حكم القسمة ، فى غير مواجهة الدائن ( $%&[1] ) استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 111 - 18 فبراير سنة 1915 م 27 ص 171 .&%$ ) .

ولكن لا يجوز للدائن طلب بيع المال فى المزاد بدلاً من قسمته عيناً ، إذا كانت القسمة العينية ممكنة دون ضرر كبير يلحق قيمة المال الشائع . كذلك $ 941 $ لا يجوز للدائن أن يطلب أن تكون القسمة قضائية ، إذا كان جميع الشركاء راضين بجعلها قسمة اتفاقية . ولا يجوز للدائن أن يمنع مدينه من التصرف فى حصته أو ترتيب حقوق عينية عليها ، فإن المعارضة أن التدخل ليس من شأنه أن يجعل حصة الشريك المدين غير قابلة للتصرف فيها ، مع احتفاظ الدائن بحقه فى الدعوى البولصية .

ويتحمل الدائن وحده نفقات معارضته ونفقات تدخله .

2 - موقف الدائنين بعد إتمام القسمة

567 - فروض ثلاثة : بعد إتمام القسمة يمكن تصور فروض ثلاثة : ( الفرض الأول ) أن يكون الدائن قد تدخل فعلاً فى إجراءات القسمة ، سواء عقب معارضة وجهها إلى الشركاء المتقاسمين فأدخله هؤلاء الشركاء فى هذه الإجراءات ، أو لأنه تدخل من تلقاء نفسه دون دعوة من الشركاء .

( الفرض الثانى ) أن يكون الدائن لم يدع للتدخل فى إجراءات القسمة ، بالرغم من المعارضة التى وجهها إلى الشركاء جميعاً ، أو بالرغم من أن له حقاً مقيداً .

( الفرض الثالث ) أن يكون الدائن لم يتدخل فى إجراءات القسمة لأنه لم يعارض ، أو عارض ( أو كان له حق مقيد ) ودعى إلى التدخل فلم يتدخل .

568 - الفرض الأول - تدخل الدائن فعلاً فى إجراءات القسمة : ما دام الدائن قد تدخل فعلاً فى إجراءات القسمة ، بناء على معارضته أو بناء على تدخله من تلقاء نفسه ، فقد أعطى الفرصة الكافية لمراقبة إجراءات القسمة ، ولمنع تواطؤ الشركاء على الإضرار بمصلحته . فإذا تمت القسمة ، فليس لهذا الدائن أن يعترض عليها . ولا يجوز له بوجه خاص أن يطعن فيها بالدعوى البولصية ، فقد حل تدخله فى القسمة محل هذه الدعوى ( $%&[1] ) ديمولومب 17 فقرة 228 - بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3236 .&%$ ) .

569 - الفرض الثانى - عدم إدخال الدائن فى إجراءات القسمة بالرغم من معارضته أو بالرغم من أن له حقاً مقدياً : أما إذا وجه الدائن معارضته إلى جميع الشركاء أو كان له حق مقيد ، وبالرغم من ذلك لم $ 942 $ يدع إلى التدخل فى إجراءات القسمة ، ولم يتدخل هو من تلقاء نفسه ، فإن الشركاء يكونون قد خالفوا القانون فى عدم دعوة الدائن إلى التدخل فى إجراءات القسمة بعد أن وجه إليهم جميعاً معارضة فى أن تتم القسمة دون تدخله ، أو بعد أن قيد حقه قبل رفع دعوى القسمة أو قبل إبرام عقد القسمة .

وجزاء ذلك هو ما تقول الفقرة الأولى من المادة 842 مدنى ، فيما رأينا ، من أن تكون " القسمة غير نافذة فى حقهم " أى فى حق الدائنين الذين عارضوا أو الذين لهم حقوق مقيدة . فالقسمة إذن تكون غير نافذة فى حق هؤلاء الدائنين ، وذلك دون حاجة إلى أن يثبتوا تواطؤ الشركاء ، بل ودون حاجة إلى أن يثبتوا عش الشريك المدين . فمجرد عدم دعوتهم إلى التدخل بعد أن عارضوا ، أو بعد أن قيدوا حقوقهم ، كاف لجعل القسمة غير نافذة فى حقهم ، ماداموا لم يتدخلوا فعلاً فى القسمة . ولكن يجب مع ذلك على الدائن أن يثبت أن القسمة قد عادت عليه بالضرر . ويكفى لإثبات الضرر أن يثبت الدائن مثلاً أن القسمة لم تضع فى نصيب الشريك المدين إلا أموالاً منقولة أو نقوداً يسهل تهريبها ، أو جعلت هذا الشريك دائناً فى القسمة بمعدل لشريك معسر ، أو جعلت نصيب هذا الشريك أقل من قيمة حصته الحقيقية ، أو لم توقع فى نصيب هذا الشريك المال الذى ارتهنه الدائن بل أوقعت هذا المال فى نصيب شريك آخر . أما إذا بيع المال الشائع فى المزاد واقتسم ثمنه ، فليس هناك ضرر لحق الدائن إذا لم يثبت أن المال الشائع قد بيع بثمن أقل كثيراً من قيمته الحقيقية .

ومتى أثبت الدائن الضرر الذى لحقه من القسمة ، وأصبحت القسمة غير نافذة فى حقه ، عاد المال إلى الشيوع بالنسبة إلى هذا الدائن . ومن ثم يجوز طلب قسمة المال من جديد لتكون القسمة نافذة فى حق الدائن ، ويجوز أن يطلب القسمة أى شريك حتى الشريك المديون ، كما يجوز أن يطلبها الدائن باسم هذا المدين .

ويجوز للدائن أن يقتصر ، بدلاً من إعادة طلب القسمة ، على مطالبة الشركاء جميعاً متضامنين بتعويض الضرر الذى لحقه من القسمة ، على أساس الخطأ الذى ارتكبه الشركاء فى عدم دعوة هذا الدائن إلى التدخل . كما $ 943 $ يجوز للشركاء أن يفوا الدائن حقه ، فلا تصبح له مصلحة فى الطعن فى القسمة ، ويرجع الشركاء الذين دفعوا الدين على شريكهم المدين .

وإذا كان للشريك المدين وجه للطعن فى القسمة ، كأن يطعن فيها بالغبن أو بالغلط أو بالإكراه أو بالتدليس أو بغير ذلك من وجوه الطعن ، جاز للدائن أن يستعمل حق مدينه فيطعن فى القسمة عن طريق الدعوى غير المباشرة ( $%&[1] ) بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3244 وفقرة 3256 .&%$ ) .

570 - الفرض الثالث - عدم تدخل الدائن فى القسمة لأنه لم يعارض أو بالرغم من دعوته إلى التدخل : بقى الفرض الأخير ، وهو أن يكون الدائن لم يتدخل فى القسمة ، إما لأنه لم يعارض . أو عارض ( أو كان له حق مقيد ) ودعى إلى التدخل فلم يتدخل بالرغم من دعوته إلى ذلك . وهذا الفرض هو الذى نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 842 مدنى ، فيما رأينا ، غذ تقول : " أما إذا تمت القسمة ، فليس للدائنين الذين لم يتدخلوا فيها أن يطعنوا عليها إلا فى حالة الغش " .

وفى هذا الفرض يكون الدائن إما غير مقصر إذا هو لم يعلم بالقسمة فلم يعارض ، أو يكون مقصراً إذا هو دعى إلى التدخل لمعارضته أو لأن حقه مقيد ومع ذلك لم يتدخل . وفى جميع هذه الأحوال ، مقصراً كان الدائن أو غير مقصر ، إذا تمت القسمة دون أن يتدخل فى إجراءاتها ، فإن الشركاء لا ذنب لهم فى ذلك . فالدائن لم يعارض ولم يكن حقه مقيداً ، ولذلك لا ذنب للشركاء إذا لم يدعوه التدخل . أو دعاه الشركاء إلى التدخل لأنه عارض أو كان حقه مقيداً ، فلا ذنب لهم أيضاً إذا كان هو لم يتدخل . ومن أجل ذلك تكون القسمة نافذة فى حق الدائن ، غلا إذا طعن هذا فيها بالدعوى البولصية ، فأثبت غش المدين وتواطؤ سائر الشركاء معه ، وفقاً للقواعد المقررة فى هذه الدعوى ( $%&[1] ) استئناف مختلط 4 مايو سنة 1916 م 28 ص 300 - 25 يناير سنة 1940 م 52 ص 111 .&%$ ) .

وإذا كانت القسمة قضائية ، وصدر حكم بالقسمة . جاز للدائن أن يطعن فى هذا الحكم بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها .

 $ 944 $

وتنص المادة 450 / 1 مرافعات فى هذا الصدد على أنه " يجوز لمن يعتبر الحكم الصادر فى الدعوى حجة عليه . ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها ، أن يعترض على هذا الحكم بشرط إثبات عش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهماله الجسيم " . والمطلوب من الدائن فى الفرض الذى نحن بصده أن يثبت تواطؤ الشريك المدين مع سائر الشركاء كما سبق القول ، أما فى اعتراض الخارج عن الخصومة فيكتفى من المدين أن يثبت غش المدين الشريك أو إهماله الجسيم .

ويختلف القانون الفرنسى عن القانون المصرى فى هذه المسألة . ففى القانون الفرنسى لا يجوز فى الفرض الذى نحن بصدده أن يطعن الدائن فى القسمة حتى بالدعوى البولصية ، سواء كان الدائن مقصراً أو غير مقصر ، ما دام الشركاء أنفسهم لم يقصروا . وقد أملى على القانون الفرنسى هذا الحكم حرصه على استقرار القسمة بعد تمامها ، فلا تعود عرضة للطعن فيها دون أن يكون هناك مبرر لذلك من تصير الشركاء . وقد أعطى القانون الفرنسى الدائن الفرصة فى منع الغش فى صورة وقائية ، بأن جعل له الحق فى التدخل فى القسمة قبل تمامها ، وذلك بدلاً من إعطائه الحق فى الطعن فيها بعد تمامها بالدعوى البولصية . فماد دام الدائن لم يتدخل ، ولو كان ذلك عن غير تقصير منه مادام الشركاء أنفسهم لم يقصروا ، فليس له بعد ذلك أن يطعن فى القسمة ولو بالدعوى البولصية . ولكن يجوز ، حتى فى القانون الفرنسى ، الطعن فى القسمة بالصورية ، وكذلك الطعن فيها بالغش ، إذا عجل الشركاء بالقسمة تعجيلاً غير مألوف ، وتعمدوا إخفاء ذلك عن الدائن إضراراً بمصالحه . وفى جميع الأحوال التى يحق فيها للدائن الطعن فى القسمة ، يجوز له ، بدلاً من الطعن فيها ، أن يرجع بالتعويض على الشركاء متضامنين لما ارتكبوه من خطأ ( $%&[1] ) انظر فى القانون الفرنسى فى هذه المسألة بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3247 - فقرة 3254 .

وانظر فى قسمة الأعيان التى انتهى فيها الوقف إسماعيل غانم فقرة 105 - فقرة 108 .

وانظر فى قسمة الوقف محمد كامل مرسى 2 فقرة 150 .&%$ ) .

 $ 945 $

المبحث الثانى

الآثار التى تترتب على القسمة

571 - بيان هذه الآثار : أهم أثر يترتب على القسمة هو إفراز حصة الشريك فى المال الشائع ، وما يصاحب ذلك من أثر كاشف .

والأثر الثانى هو ضمان المتقاسمين بعضهم لبعض ما قد يقع لأى منهم من تعرض أو استحقاق فى نصيبه المفرز لسبب سابق على القسمة .

وهذان الأثران هما اللذان تتولى بحثهما هنا ، تاركين آثاراً أخرى ثانوية ، كالتزام المتقاسم بدفع المعدل والتزام الراسى عليه مزاد المال الشائع بدفع الثمن الذى رسا به المزاد ، إلى حكم القواعد العامة ، فهذه القواعد هى التى تسرى فى هذا الصدد .

ويترتب على القسمة أيضاً حق امتياز المتقاسم . فللشركاء الذين اقتسموا منقولاً حق امتياز عليه ، تأميناً لحق كل منهم فى الرجوع على الآخرين بسبب القسمة ، وفى استيفاء ما نقرر لهم فيها من معدل ( م 1146 مدنى ) . وكذلك للشركاء الذين اقتسموا عقاراً حق امتياز عليه ، تأميناً لما تخوله القسمة من حق فى رجوع كل منهم على الآخرين ، بما فى ذلك حق المطالبة بمعدل القسمة ( م 1149 مدنى ) . ولكن حق امتياز المتقاسم على المنقول وعلى العقار يدخل فى موضوع التأمينات العينية ، وسنتناوله بالبحث فى الجزء العاشر من الوسيط مع سائر التأمينات .

المطلب الأول

الإفراز – الأثر الكاشف ( $%&[1] ) مراجع : Edouard du Card فى الأثر الكاشف للقسمة فى القانون القديم والقانون الحالى سنة 1895 - Wahl فى تطورات القضاء فيما يتعلق بالأثر الكاشف للقسمة ( كتاب العيد المئوى للتقنين المدنى الفرنسى 1 ص 443 وما بعدها ) – Pilon فى المجلس الفصلية للقانون المدنى سنة 1903 ص 917 وما بعدها – Desserteaux فى النظية العامة للأثر الكاشف فى القانون المدنى الفرنسى - باريس سنة 1908 - Guraud فى تقسيم الحقوق فى المجلس الانتقادية سنة 1928 - Lebret فى مصير الحقوق المترتبة على الأموال الشائعة فى المجلة الانتقادية سنة 1928 - Hebraud فى المجلة الفصلية للقانون المدنى سنة 1938 - Morel فى تصفية المشاركة بين الزوجين والتركة وقسمتها دروس لقسم الدكتوراه باريس سنة 1949 - سنة 1950 حسن كيرة فى تصريف الشريك فى جزء مفرز من الشئ الشائع فصلة من ؟؟؟؟ كلية الحقوق العددين الثالث والرابع لعام سنة 1962 - سنة 1963 - منصور مصطفى منصور فى تحليل أثر قسمة الأموال الشائعة وحماية كل شريك من تصرفات غيره فى مجلة العلوم القانونية والاقتصادية سنة 1964 ص 73 - ص 213 .

رسائل : Ducdodon رسالة من جرينويل سنة 1902 - Valentin رسالة من نانسى سنة 1902 - Boudier رسالة من باريس نسة 1903 - Lecat رسالة من ليل سنة 1905 - Le Bu رسالة من باريس سنة 1906 - Boudet رسالة من تولوز سنة 1907 - Renou رسالة من باريس سنة 1907 - Simon رسالة من باريس سنة 1910 - Paillard فى الأثر الكاشف للقسمة فى قانون الضرائب من بواتييه - Siesse رسالة من باريس سنة 1922 - Querel فى الطبيعة الافتراضية للمادة 883 من التقنين المدنى الفرنسى رسالة من ليون سنة 1923 - Leclerc دراسة ضرائبية للقسمة رسالة من باريس سنة 1930 - Vincent فى تقسيم حقوق التركة وديونها بين الورثة رسالة من باريس سنة 1930 - Chevalleir فى الأثر الكاشف للاتفاقيات والعقود رسالة من رِن سنة 1932 - Heber فى نقل الحقوق فى التركة رسالة من باريس سنة 1938 - Mourasر سلة من نانسى سنة 1947 - Merle فى النظرية العامة للتصرف الكاشف رسالة من تولوز سنة 1949 - Deprez رسالة من رن سنة 1953 .&%$ )

572 - نص قانونى : تنص المادة 843 مدنى على ما يأتى :

 $ 946 $

 " يعتبر المتقاسم مالكاً للحصة التى آلت إليه منذ أن تملك فى الشيوع وأنه لم يملك غيرها شيئاً فى بقية الحصص " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1211 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المرجعة تحت رقم 914 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 912 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 843 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 123 - ص 124 ) .&%$ ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى الوطنى السابق المادة 457 ، وفى التقنين المدنى المختلط المادة 555 ( $%&[1] ) التقنين المدنى الوطنى السابق م 457 : وكل حصة وقعت بموجب القسمة فى نصيب أحد الشركاء تعتبر أنها كانت ملكاً له قبل القسمة وبعدها ، ويعتبر أنه لم يملك غيرها من الأموال التى قسمت ( وهذا النص يوافق نص التقنين المدنى الجديد ) .

التقنين المدنى المختلط م 555 : قسمة المال عيناً تعتبر بمنزلة بيع كل من الشركاء حصته الشائعة قبل القسمة لمن وقعت فى نصيبه ، ويترتب عليها ما يترتب على البيع .

( وهذا النص يجعل للقسمة أثراً ناقلاً لا أثراً كاشفاً ، على خلاف التقنين المدنى الوطنى السابق والتقنين المدنى الجديد ) . ومع ذلك فقد جرى القضاء المختلط على أن يجعل للقسمة أثراً كاشفاً : استئناف مختلط 4 أبريل سنة 1889 م 1 ص 147 - 12 نوفمبر سنة 1918 م 31 ص 16 - 2 مايو سنة 1922 م 34 ص 377 - 29 مايو سنة 1923 م 35 ص 464 - 11 فبراير سنة 1926 م 38 ص 238 - 22 مارس سنة 1928 م 40 ص 250 - 9 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 41 ) .&%$ ) .

 $ 947 $

ويقابل فى التقنينات المدينة العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 797 - وفى التقنين المدنى الليبى م 847 - وفى التقنين المدنى العراقى م 1075 - وفى قانون الموجبات والعقود اللبنانى م 946 ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 797 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 847 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1075 : ترجع جهة الإفراز على جهة المبادلة فى القسمة ، فيعتبر كل متقاسم أنه كان دائماً مالكاً للحصة المفرزة التى آلت إليه ، وأنه لم يملك قط شيئاً ، باقى الحصص . ( وهذا النص يوافق نص التقنين المدنى الجديد ) .

قانون الموجبات والعقود اللبنانى م 946 : يعد كل متقاسم كأنه مالك فى الأصل للأشياء التى خرجت فى نصيبه أو التى اشتراها بالمزاد عند بيع المال المشترك ، وكأنه لم يكن مالكاً لسائر الأشياء . ( وهذا النص يوافق نص التقنين المدنى الجديد ) .&%$ ) .

ويتبين من هذا النص أن القسمة ، عندما تفرز نصيب كل شريك ، يكون لها اثر رجعى . ذلك أن الشريك يعتبر مالكاً وحده لهذا النصيب المفرز من وقت أن تملك فى الشيوع . فإذا كان قد تملك فى الشيوع بالميراث اعتبر مالكاً للنصيب المفرز من وقت موت المورث لا من وقت تمام القسمة ، وإذا كان قد تملك فى الشيوع بالشراء اعتبر مالكاً للنصيب المفرز من وقت الشراء لا من وقت تمام القسمة ، وإذا كان قد تملك فى الشيوع باعتباره شريكاً مال الشركة بعد حلها اعتبر مالكاً للنصيب المفزر من وقت حل الشركة لا من وقت تمام القسمة ، وهكذا ( $%&[1] ) ويستوى فى ذلك أن يكون الشريك قد دخل منذ بدء الشيوع ، أو دخل بعد ذلك بأن نزل له شريك فى الشيوع عن حصته الشائعة ( بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3389 ) .&%$ ) . وفى مقابل ذلك لا يعتبر الشريك أنه قد تملك $ 948 $ فى أى وقت أى مال آخر مفرز وقع فى نصيب أى شريك آخر ، فلا يعتبر أنه قد تملك ولو حصة شائعة فى هذا النصيب المفرز الذى تملكه الشريك الآخر . وهذه هى النظرة التقليدية لأثر القسمة ومنها يتبين أن ليس للقسمة أثر كاشف ( effect declaratif ) فحسب ، أى أنها لا تقتصر على أن تكشف عما يملكه الشريك مفرزاً فى المال الشائع ، بل لها أيضاً أثر رجعى ( effect retroactif ) أى أنها ترجع بملكية الشريك لنصيبه المفرز إلى الوقت الذى بدأ فيه الشيوع ، ولا تقف عند الوقت الذى تمت فيه القسمة ( $%&[1] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " القسمة ، سواء كانت عقداً أو قسمة قضائية ، وسواء كانت القسمة القضائية قسمة عينية أو قسمة تصفية ، يترتب عليها أثران : ( 1 ) ؟؟؟؟؟ لها أثر رجعى ، فيعتبر المتقاسم مالكاً للصحة التى آلت إليه منذ أن تملك فى الشيوع وأنه لم يملك غيرها فى بقية الحصص ( قارن م 555 من التقنين المدنى المختلط وهى تصن على أن القسمة منشئة كالبيع ) . ومن أجل هذا يقال عادة إن القسمة مقررة أو كاشفة للحق . ويترتب على هذا الأثر الرجعى نتائج كثيرة معروفة ، أهمها أن تصرفات الشريك فى جزء مفرز يوقف أثرها حتى تعرف نتيجة القسمة . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 128 ) .&%$ ) .

573 - الأثر الحقيقى للقسمة أثر مزدوج كاشف وناقل : والواقع من الأمر أن للقسمة ، بطبيعتها ، أثراً مزدوجاً ، كاشفاً وناقلاً . ولو اقتصرنا على صورة مبسطة لمال شائع ، وقلنا إن أرضاً يملكها اثنان فى الشيوع لكل منهما النصف ، فهذه الأرض قبل القسمة كانت ملكاً للشريكين تتزاحم عليها ملكية كل منهما . فإذا اقتطعنا أى جزء مفرز منها ، كان هذا الجزء هو أيضاً ملكاً للشريكين تتزاحم عليه ملكية ك منهما . فإذا نحن قسمنا الأرض بينهما ، وأفرزنا نصيب كل منهما فيها ، فإن هذا النصيب يصبح مملوكاً لأحد الشريكين وحده دون الشريك الآخر . فهل يكون للإفراز عن طريق القسمة أثر كاشف أو أثر ناقل؟ إن الشريك عندما أفرز نصيبه فى الأرض ، صار هذا النصيب المفرز ملكه وحده كما قدمنا . وكان هذا النصيب قبل القسمة ، وفى أثناء الشيوع ، ملكاً للشريكين لكل منهما النصف . فالإفراز إذن ثبت للشريك فى هذا النصيب المفرز ملكيته الثابتة قبل القسمة فى النصف ، ونقل إليه ملكية شريكه الثابتة قبل القسمة فى النصف الآخر ، فخلصت له بذلك الملكية الكاملة فى جميع النصيب المفر . ومن ثم يكون للقسمة أثر كاشف $ 949 $ فى نصف النصيب ، وأثر ناقل فى النصف الآخر . ويكون للقسمة إذن ، بطبيعتها ، أثر مزدوج ، كاشف وناقل ( $%&[1] ) وهذا التحليل الذى نقول به نجد له نظيراً فى الفقه الإسلامى ، فقد قال الكاسانى فى البدائع : " وأما بيان معنى القسمة ... فهى ... عبارة عن إفراز بعض الأنصباء عن بعض ومبادلة بعض ببعض ... فإذا قسمت ( العين ) بينهما نصفين ... فلابد ن يجتمع فى نصيب كل واحد منهما أجزاء بعضها مملوكة له وبعضها مملوكة لصاحبه على الشيوع . فلو لم تقع القسمة مبادلة فى بعض أجزاء المقسوم ، لم يكن المقسوم كله ملكاً للمقسوم عليه ، بل يكون بعضه ملك صاحبه . فكانت القسمة منهما بالتراضى أو بطلبتها من القاضى رضا من كل واحد منهما بزوال ملكه عن نصف نصيبه بعوض وهو نصف نصيب صاحبه ، وهو تفسير المبادلة . فكانت القسمة فى حق الأجزاء المملوكة له إفرازاً وتمييزاً أو تعييناً لها فى الملك ، وفى حق الأجزاء المملوكة لصاحبه معاوضة وهى مبادلة بعض الأجزاء المجتمعة فى نصيبه ببعض الأجزاء المجتمعة فى نصيب صاحبه ... والقسمة ليست بمعاوضة مطلقة ، بل هى إفراز ن وجه ومعاوضة من وجه .. " ( البدائع 7 ص 17 ) .

ونجد له نظيراً أيضاً فى الفقه الفرنسى الحديث ، إذ يقول أوبرى ورو : " والواقع من الأمر أن القسمة ليست محض كاشفة كما هو شأن الحكم القضائى ، وليست محض ناقلة كما هو شأن البيع والمقايضة . فهى ليست محض كاشفة ، لأنها تحول حقاً شائعاً فى مجموع المال المملوك فى الشيوع إلى حق مقصور على صاحبه فى جزء محدد تحديداً مادياً من هذا المال . وهى ليست ؟؟؟؟؟ ناقلة ، لأن كل شريك كان له قبل القسمة حق شائع فى كل ذروة من ذرات الجزء المفرز الذى آل إليه . ومن ثم يبدو غير صحيح أن يقال إن القسمة محض ناقلة أو يقال إنها محض كاشفة ، فالعبارة الأخيرة تقصر عن الحقيق ، فى حين أن العبارة الأولى تجاوز الحقيقية " ( أوبرى ورو 10 فقرة 625 هامش 1 ) .

ويقول كولان وكابيتان ودى لامورانديير : " يبدو أن القسمة ... لها طبيعة مزدوجة ، فهى فى وقت واحد كاشفة وناقلة " ( كولان وكليتان ودى لامور انديير الطبعة العاشرة 3 فقرة 1143 ص 588 ) : فهى كاشفة فيما يتعلق بما كان للمتقاسم من حق شائع فى الجزء الذى استقل به فى القسمة ، وناقلة فيما يتعلق بحقوق الشركاء التى كانت لهم فى هذا الجزء - وانظر أيضاً بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 712 ص 282 .&%$ ) .

ولما كان هذا الأثران يتعارضان ، لم يبق إلا أن نغلب أثراً على آخر فى المواضع التى يحسن فيها ، من الناحية العملية ، تغليب هذا الأثر . فتارة نغلب الأثر الكاشف حيث يحسن تغليبه ، وتارة نغلب الأثر الناقل إذا دعت المقتضيات العملية إلى ذلك .

ولما كانت المقتضيات العملية التى تستدعى تغليب الأثر الكاشف أهم من تلك التى تستدعى تغليب الأثر الناقل ، فقد سار التقنين المدنى على النهج التقليدى وعمم أثر القسمة ، فجعله فى جميع الأحوال أثراً كاشفاً .

 $ 950 $

574 - تأييد التاريخ لفكرة الأثر المزدوج : والتاريخ نفسه يؤيد فكرة الأثر المزدوج .

فقد كان للقسمة فى القانون الرومانى أثر ناقل ، أى أن هذا القانون كان يغلب فكرة الأثر الناقل على فكرة الأثر الكاشف . والتصوير الفنى الذى انتهى به إلى هذه النتيجة هو أنه اعتبر الشريك ، فى اختصاصه عند القسمة بنصيب مفرز ، يكون قد بادل شركاءه على حصصهم الشائعة فى هذا النصيب المفرز بحصته الشائعة فى كل نصيب مفرز لهؤلاء الشركاء . ولما كانت المبادلة ناقلة للمكلية ، فالقسمة التى أجرت هذه المبادلة تكون هى أيضاً ناقلة للملكية . ولكن هذا التحليل أغفل أمر الحصة الشائعة التى كانت للشريك قبل القسمة فى نصيبه المفرز ، فهذه الحصة قد اندمجت فى نصيبه هذا وبقيت له بعد القسمة ، ومن ثم تكون القسمة كاشفة عن حقه فى هذه الحصة لا نقالة لها . ومن أجل هذا قلنا إن القانون الرومانى قد غلب الأثر الناقل على الأثر الكاشف ، لن أثر القسمة لا يتمحض أثراً ناقلاً ، كما لا يتمحض أثراً كاشفاً . فإذا جعل القانون الرومانى للقسمة أثراً ناقلاً . فإنما يكون هذا تغليباً للأثر الناقل على الأثر الكاشف ، إذ لم تدع الحاجة العملية فى عهد القانون الرومانى إلى تغليب الأثر الكاشف . وقد رتب الرومان على أن للقسمة أثراً ناقلاً أن جعلوا كل متقاسم خلفاً خاصاً للمتقاسمين الآخرين فيما اختص به المتقاسم من نصيب مفرز ، فينتقل هذا النصيب المفرز إلى المتقاسم محملاً بالحقوق العينية التى رتبها المتقاسمون فى أثناء الشيوع عليه ، كحق رهن أو حق انتفاع . كذلك اعتبرت القسمة ، بوصفها عقداً ناقلاً للملكية ، سبباً صحيحاً فى التقادم القصير .

وبقيت القسمة ذات اثر ناقل فى القانون الفرنسى القديم إلى أواخر القرن الرابع عشر على الأقل ، ثم ظهرت فكرة الأثر الكاشف تحت ضغط الحاجات العملية ، فهذه الحاجات هى التى غلبت ، على نقيض ما كان الأمر فى القانون الرومانى ، الأثر الكاشف على الأثر الناقل .

ظهرت الحاجة العملية إلى الأثر الكاشف فى ميدان القانون المالى ، عندما أصبح التصرف فى أموال الإقطاع ( fielfs ) جائزاً بموافقة السيد ( Seigneur ) فى نظير تحصيل رسوم مالية ( droits seigneuriaux, de lods et ventes ) . $ 951 $ وإذا كانت القسمة ناقلة كما كان الأمر فى القانون الرومانى ، فقد كان مقتضى ذلك أن ورثة التابع عند قسمة أموال الإقطاع فيما بينهم يدفعون رسوماً للسيد إذ المال قد انتقل إليهم بالقسمة ، وذلك بالإضافة إلى الرسوم التى سبق لهم أن دفعوها عند انتقال أموال التركة إليهم من مورثهم . فتفاديا من تكرار دفع الرسوم ، عرضت المسالة للبحث . واستقر الرأى على أن تعفى القسمة العينية من الرسوم لأنها شبهت بالمقايضة ، وكانت المقايضة معفاة من الرسوم . أما قسمة التصفية ، فقد ذهب ديمولان إلى إعفائها من الرسوم أيضاً إذا رسا المزاد على أحد الشركاء ( $%&[1] ) أما إذا رسا المزاد على أجنبى ، فقد اعتبرت القسمة بيعاً ، ومن ثم أصبحت خاضعة للرسوم .&%$ ) . وقيل فى تبرير ذلك إن القسمة هى نقل ضرورى للملك ( alienaton necessaire ) ، لأن الوارث لا يجبر على البقاء فى الشيوع . وقيل كذلك إن الرسوم قد دفعت عندما تغير شخص التابع بأشخاص الورثة عند الميراث ، أما القسمة فلا يترتب عليها تغيير فى الأشخاص بل يبقى الورثة كما هم . ومهما يكن من أمر ، فإن الأثر الناقل للقسمة قد تقلص فى ميدان القانون المالى تحت ضغط الحاجة العملية ، وحل محله الأثر الكاشف .

وظهرت الحاجة العملية أيضاً إلى الأثر الكاشف فى مجال القانون المدنى ، إذ ظهر الرهن المعروف باسم " obligation bonorum " ، وكان رهناً خفياً عاماً ينشأ بحكم القانون على أثر أى تصرف فى ورقة رسمية أو على أثر أى حكم بالمديونية . فكان مقتضى أن للقسمة أثراً ناقلاً أن ينقل النصيب المفرز إلى الشريك محملاً بالحقوق التى ترتبت عليه فى أثناء الشيوع ، ومنها هذا الرهن الخفى العام الذى كان ذائع الانتشار . فقيل ، للتخلص من فكرة الأثر الناقل للقسمة وتفادى هذا الرهن ، إن القسمة ليست من عقود المضاربة ( contrats de commerce ) ، بل هى وسيلة لحصول الشريك على حقيقة قيمة الجزء الشائع الذى كان له . ومن ثم تقرر أن المتقاسم يحصل على الجزء المفرز الذى يقع فى نصيبه ، خالياً من الرهن الذى رتبه غيره ، ومن الحجز الذى وقع على حصة غيره ( $%&[1] ) وذلك بعد قضية مشهورة سميت بقضية الإخوة الأربعة ( l'affaire de quatre freres ) ، تمسك فيها ديمولان بالأثر الناقل للقسمة ، وتغلب الرأى العكسى تحت ضغط الحاجات العملية .&%$ ) . وهكذا تغلب فى مجال القانون المدنى ، كما تغلب $ 952 $ فى ميدان القانون المالى ، وتحت ضغط الحاجات العملية دائماً ، الأثر الكاشف للقسمة ، بعد أن كان الُر الناقل هو المتغلب . وما لبث أن استقر الأثر الكاشف للقسمة فى القانون الفرنسى القديم .

ونقل بوتييه القانون الفرنسى القديم فى هذه المسألة على الوجه الذى استقر عليه ، وحاول تفسيره بطبيعة الشيوع . ولكنه لجأ أخيراً إلى الافتراض القانونى ، فقال إن كل وارث يعتبر أنه ورث وحده ومباشرة كل ما وقع فى نصبيه ، وأنه لم يرث شيئاً فيما وقع فى نصيب غيره من الورثة . ومن هذه العبارة نقلت المادة 883 مدنى فرنسى ، واستقيت المادة 843 مدنى مصرى . ولا شك فى أن تعميم الأثر الكاشف للقسمة فى هذه النصوص إنما جاء عن طريق الافتراض والمجاز القانون .

575 - ظهور فكرة الأثر الكاشف فى الفقه الحديث على سبيل الحقيقة لا على سبيل المجاز والتمييز بين الأثر الكاشف والأثر الرجعى : ثم ظهر أخيراً فى الفقه الحديث اتجاه يذهب إلى أن الأثر الكاشف للقسمة لا يؤخذ على سبيل المجاز كما كان الأمر فى القانون الفرنسى القديم ، وكما انتقل بعد ذلك إلى التقنين المدنى الفرنسى ، بل يجب أخذه على سبيل الحقيقة ( $%&[1] ) انظر بلانيول وريبير ومورى وفيالتون 4 فقرة 639 - أنسيكولوبيدى داللوز 5 لفظ Succession فقرة 1765 - فقرة 1766 - Siesse رسالة من باريس سنة 1922 ص 456 وما بعدها وص 471 وما بعدها - Chevallire رسالة من رن 1932 - Houin بحوث جماعية هنرى كابيتان سنة 1947 جزء 3 ص 248 وما بعدها - Boyer رسالة من تولوز 1947 - Merle رسالة من تولوز سنة 1949 فقرة 152 وما بعدها - Deprez رسالة من رن سنة 1953 فقرة 92 وما بعدها .&%$ ) . فالقسمة بطبيعتها لها أثرك كاشف ، إذ هى لا تنشئ حقاً جديداً للمتقاسم ، بل إن الحق الذى كان له فى أثناء الشيوع هو الذى آل إليه بالقسمة . وكل ما أحدثته القسمة من أثر فى حق المتقاسم إنما كان فى تركيز هذا الحق فى محله المادى . فبعد أن كان الحق شائعاً بحصة معنوية فى كل المال الشائع ، وكان هناك تباين بين نطاقه المادى ونطاقه المعنوى ، أصبح النطاق المعنوى للحق ، بالقسمة ، مطابقاً لنطاقه المادى . فالأثر الكاشف للقسمة لا يتضمن أى $ 953 $ افتراض مخالفة للحقيقة ، وإنما هو بالذات الذى تقتضيه وظيفة القسمة عينها ( $%&[1] ) وقد ساير هذا الاتجاه فريق من الفقهاء فى مصر . فيقول الأستاذ إسماعيل غانم إن " التعليل الصحيح لحق الشريك المشتاع هو أنه حق ملكية محله المادى الشئ الشائع كله ، وإن كان محدداً تحديداً معنوياً بحصة الشريك فى الشيوع . فيترتب على ذلك أن القسمة ، بإفرازها للشريك جزءاً مادياً من الشئ الشائع يختص به وحده ، لا تكسبه حقاً جديداً لم يكن له من قبل ، فحقه أثناء الشيوع كان حق ملكية ؟؟؟؟؟ المادى الشئ الشائع كله . وإنما تقتصر على التغيير فى هذا الحق على وجه معين ، بإيجاد التطابق بين نطاقه المادى ونطاقه المعنوى . فبعد أن كان حق الشريك يرد على الشئ كله ولكنه يحدد تحديداً معنوياً بالثلث مثلاً ، وكان بذلك تشتبكاً بحقوق الشركاء الآخرين التى كانت ترد مثل حقه على الشئ الشائع كله ، أصبح هذا الحق ذاته بمقتضى القسمة محدداً تحديداً مادياً بجز معين من الشئ يختص به الشريك وحده ، ويعادل الحصة التى كانت له فى الشئ كله . القسمة إذن لا تنقل للمتقاسم حقاً جديداً ، وإنما هى محددة للحق الثابت له منذ أن تملك فى الشيوع ، فهى تقتصر على التغيير فى بعض عناصر هذا الحق ، فى نطاقيه المادى والمعنى ، يجعلهما متطابقين ، فتزيل بذلك العقبات التى كانت ترجع إلى تشابك حقوق الشركاء على الشئ والتى كانت تحول بين كل شريك وبين الانفراد بمباشرة ملكيته . وإذا اتضح أن هذه هى وظيفة القسمة ، فإن وصفها بأنها كاشفة يكون معبراً عن حقيقة الحال ... وإذا كان الأثر الكاشف لا يتضمن أى افتراض مخالف للحقيقة ، وإنما هو ما تقتضيه وظيفة القسمة ذاتها ، فلا ؟؟؟؟؟ للتضييق فى تطبيقه ... " ( إسماعيل غانم فقرة 113 ص 261 - ص 263 ) . ويقول الأستاذ حسن كيرة : " فالقسمة إذن لها أثر كاشف ، بمعنى أنها لا تخلق ؟؟؟؟؟ متقاسم حقاً جديداً لم يكن له ، بل هى تكشف عن حق ملكيته القائم أصلاً منذ الشيوع والممتد بعد القسمة ، ولكن بتعديل جوهرى فى محله : فبعد أن كانت ملكيته طوال الشيوع واقعة بمجرد حصة معنوية على الشئ الشائع كله دون تحديد ، تأتى القسمة فتعلن ما كان قائماً له من ملكية ولكنها تحد من محلها فتحصره – بما يطابق ما كان له من حصة معنوية – فى جزء مادى مفرز من هذا الشئ ، فتزيل بذلك ما كان يقيد من مباشرة هذه الملكية فى وضعها السابق بجعل سلطاتها على المحل المحدد بالإفراز مطلقة خالصة للمقسوم له وحده . فحق المتقاسم بعد القسمة هو نفس حقه القائم قبلها وبنفس سنده ، ولكن بعد أن تحقق بالإفراز التطابق بين الحل المادى والحصة المعنوية بما يمتنع معه ما كان مصاحباً للشيوع قبل القسمة - نتيجة انعدام هذا التطابق - من تعدد أصحاب الحق وتزاحم سلطاتهم على نفس المحل " ( حسن كيرة فقرة 153 ص 512 ) . ويقول الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة : " إن حق الشريك المشتاع ، وإن كان محدداً تحديداً معنوياً بحصته الشائعة ، غلا أنه يرد من الناحية المادية على الشئ الشائع كله ، ومن هذا كانت وظيفة القسمة هى تحقيق التطابق بين الحدود المعنوية والحدود المادية لحق الشريك ، وذلك بإفراز جزء من الشئ الشائع تخلص ملكيته للشريك خلوصاً تاماً . والقسمة إذ تحقق هذا التطابق إنما تكشف عن حق ثابت للشريك منذ بدء الشيوع ، فهى لا تخول الشريك سنداً جديداً ، وإنما سند حق الشريك هو السند الأصلى للملكية الشائعة ... وهى لا تخول الشريك حقاً جديداً ، بل يقتصر أمرها على التغيير فى حق الشريك بحيث يتحقق هذا التطابق .. والأثر الكاشف للقسمة بهذا المعنى يطابق الحقيقة كما قلنا ، لأنه مستمد من طبيعة القسمة " ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 153 ص 237 ) . ويخالف الأستاذ منذور مصطفى منصور هذا الفريق من الفقهاء ، ويذهب ، على النقيض منهم ، إلى أن القسمة بطبيعتها ناقلة لا كاشفة ، فيقول : " وجود حق شائع للمتقاسم قبل القسمة على الجزء المفرز الذى اختص به لا يمنع من القول إن القسمة ناقلة ، فالقسمة لم تنقل ... إلا الحق الشائع الذى كان لغير المتقاسم على الجزء المفرز الذى اختص به . وباجتماع هذا الحق مع ما كان للمتقاسم من قبل تخلص له الملكية مفرزة " . ( منصور مصطفى منصور فى تحليل أثر قسمة الأموال الشائعة فى مجلة العلوم القانونية والاقتصادية 6 سنة 1964 ص 132 ) . ويرد الأستاذ منصور مصطفى منصور على الفكرة الرئيسية فى أقوال هذا الفريق من الفقهاء ، من أن أثر القسمة هو تحقيق التطابق بين النطاق المادى لحق الشريك ونطاقه المعنوى وبذلك لا يصبح للشريك بعد القسمة حق جديد بل هو الحق القديم الذى كان قائماً وقت الشيوع بعد أن تحدد محله المادى ، بما يأتى : " معنى أن أثر القسمة هو تحقيق التطابق بين النطاق المادى لحق الشريك ونطاقه المعنوى ، أنها تعطى الشريك ، الذى له الثلث مثلاً ، حقاً له كل مضمون الملكية على ثلث الشئ ، بعد أن كان له حق يخوله ثلث مضمون الملكية على الشئ كله . ولا يمكن – فى ظل هذا التفسير – أن نقول إن القسمة قد أبقت على الحق ذاته بعد أن حددته ... ذلك أن حق الشريك بعد القسمة يختلف عن حقه قبل القسمة ، سواء من حيث المحل ومن حيث المضمون . فقبل القسمة كان له حق يرد على كل شئ ومضمونه هو جزء من مضمون الملكية ، وبعد القسمة أصبح للشريك حق يرد على جزء من الشئ ومضمونه هو كل مضمون الملكية . وهو ما يكفى – تقى تقديرنا – للقول إن القسمة تعطى الشريك حقاً آخرا غير الحق الذى كان له أثناء الشيوع " ( منصور مصطفى منصور فى تحليل أثر قسمة الأموال الشائعة فى مجلة العلوم القانونية والاقتصادية 6 سنة 1964 ص 171 ) .&%$ ) .

 $ 954 $

والقائلون بالأثر الكاشف الحقيقى للقسمة يميزون بين هذا الأثر الكاشف وبين الأثر الرجعى ، فيقولون بالأول ولا يقولون بالثانى . فالأثر الكاشف عندهم يكفى للوصول إلى أهم نتيجة يقصد إليها من القول بالأثر الرجعى ، وهى أن يخلص للمتقاسم نصيبه المفرز خالياً من تصرفات شركائه الصادرة فى أثناء الشيوع . فما دامت القسمة لها أثر كاشف ، فهى تكشف عن حق المتقاسم فى نصيبه المفرز ، وعن أن هذا الحق كان موجوداً قبل القسمة وفى أثناء الشيوع ، وأنه هو نفسه الذى آل إلى المتقاسم بالقسمة ، فيؤول خالياً من تصرفات شركائه ومحملاً بتصرفاته هو . ولا حاجة بعد ذلك إلى الأثر الرجعى ، وهو الأثر الذى ينطوى عليه نص المادة 883 مدنى فرنسى ونص المادة 843 مدنى مصرى ، إذ بموجب هذا الأثر " يعتبر المتقاسم مالكاً للحصة التى آلت إليه منذ أن تملك فى الشيوع ، وأنه لم يملك غيرها شيئاً فى بقية الحصص " . فيفترض إذن بمقتضى الأثر الرجعى أن كل وارث مثلاُ قد ملك نصيبه المفرز فى التركة منذ موت مورثه ، ويترتب على ذلك محو مرحلة الشيوع التى أعقبت $ 955 $ موت المورث وبقيت إلى أن تمت القسمة ، وهى مرحلة قد تطول سنين عديدة ، ومع ذلك يتجاهلها الأثر الرجعى ويعتبرها كأنها لم تكن . وواقع الأمر أن مرحلة الشيوع هذه قد وجدت ، وخلفت آثاراً لا يجوز تجاهلها . منها أن ما قبضه الورثة من الثمار فى أثناء الشيوع لا يجب رده ( $%&[1] ) وقد فضت محكمة النقض بأن الثمار التى تنتج من المال الشائع أثناء قيام الشيوع من حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم ، وإجراء القسمة بعد ذلك لا يجعل للمتقاسم حقاً فى الاستثمار بثمار الحصة التى خصصت له إلا من وقت حصول القسمة . ولا يقدح فى ذلك ما قضت به المادة 843 مدنى من اعتبار المتقاسم مالكاً للحصة التى آلت غليه منذ أن تملك فى الشيوع ، ذلك أن علة تقرير هذا الأثر الرجعى للقسمة هى حماية المتقاسم من الحقوق التى يرتبها غيره من الشركاء على المال الشائع أثناء قيام الشيوع بحيث يخلص لكل متقاسم نصيبه المفرز الذى خصص له فى القسمة مطهراً من هذه الحقوق . ويجب قصر إعمال الأثر الرجعى للقسمة فى هذا النطاق ، واستعباده فى جميع الحالات التى لا يكون المر فيها متعلقاً بحماية المتقاسم من تصرفات شركائه الصادرة قبل القسمة ( نقض مدنى 25 نوفمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 180 ص 1145 ) .&%$ ) ، ولو أعمل الأثر الرجعى لوجب ردها ولوجب أن يستولى كل وارث على ثمار نصيبه المفرز منذ موت مورثه . ومنها أن التركة ينظر إليها وقت القسمة لا وقت موت المورث ، بما دخل فيها وبما خرج منها من أموال ، ويعتد بقيمة المال وقت القسمة لا وقت موت المورث ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3123 .&%$ ) . فهذه مسائل تدل على وجوب الاعتداد بمرحلة الشيوع هذه ، فإنه لا يجوز القول بالأثر الرجعى ومن شأنه أن يمحو مرحلة الشيوع محواً تاماً ويعتبرها كأنها لم تكن ( $%&[1] ) انظر بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3127 - وانظر فى الأخذ بالأثر الكاشف دون الأثر الرجعى إسماعيل غانم فقرة 130 ص 293 - ص 294 وفقرة 132 ص 304 - ص 305 - حسن كيرة فقرة 155 وما بعدها – وانظر فى استساغة القول بالأثر الرجعى معم القول بالأثر الناقل للقسمة منصور مصطفى منصور فقرة 85 ص 213 - ص 215 .&%$ ) .

576 - تضارب الآراء فيما يجب إدخاله من تعديل فى نصوص التقنين المدنى الخاصة بأثر القسمة : وقد دعا هذا الأثر المزدوج للقسمة ، وتغليب الأثر الكاشف تارة بل جعله هو الأثر الطبيعى ، وتغليب الأثر الناقل $ 956 $ تارة أخرى ووصفه بأنه هو الأثر الطبيعى ، غلى تضارب الآراء فيما يقترح إدخاله من تعديل فى نصوص التقنين المدنى فى هذا الخصوص .

فمن قائل بضرورة إلغاء المادة 843 مدنى اعتماداً على أن القسمة كاشفة بطبيعتها ، فيغنى ذلك عن تقرير الأثر الرجعى . ويقول أنصار هذا الرأى إن " فى هذا التصوير الجديد للملكية الشائعة وللقسمة ، لم تعد للأثر الرجعى ضرورة تقتضيه . فتصرف الشريك أثناء الشيوع فى الشئ الشائع ، ولو أنه صادر من مالك ، إلا أنه لا يكون نافذاً قبل شركائه لما فيه من مساس بحقوقهم . ولن يتغير الوضع إذا ما تمت القسمة فوقع الجزء الذى تصرف فيه الشريك فى نصيب شريك آخر ، إذ أن الشريك الذى اختص بذلك الجزء ليس خلفاً للشريك المتصرف ، فالقسمة كاشفة لا ناقلة ، فيظل التصرف غير نافذ . وبذلك يخلص لكل متقاسم نصيبه المفرز ، وتتحقق حمايته من الحقوق التى تقررت من قبل متقاسم آخر ، بغير حاجة إلى افتراض أثر رجعى للقسمة " ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 132 ص 305 وفقرة 1333 .&%$ ) . ونرى مما قدماه أن صحة هذا الرأى يتوقف على التسليم بأن القسمة كاشفة بطبيعتها ، وهو تصوير حديث لا يزال محلاً للمناقشة والأخذ والرد ، ويوجد رأى يعارضه فيذهب إلى أن القسمة ناقلة بطبيعتها وقد سبقت الإشارة إلى هذا الرأى ( $%&[1] ) انظر آنفاً فقرة 575 ص 953 هامش 1 – ويلاحظ أن الاتجاه الحديث الذى يذهب إلى أن القسمة بطبيعتها أثراً كاشفاً من شأنه ، كما رأينا ، أن يجعل ؟؟؟؟؟ الحق الشائع للشريك ، فى أثناء الشيوع ، هو المال الشائع كله . وهذا يتعارض مع ما قدمنا من أن حق الشريك فى الشيوع يقع على حصة معنوية فى المال الشائع ( quote - part abstraite ) لا على كل المال الشائع ( انظر آنفاً فقرة 485 فقرة 514 فى الهامش ) .&%$ ) .

ومن قائل بضرورة تعديل المادة 843 مدنى بما يستبعد الأثر الرجعى للقسمة ويبرز أثرها الكاشف ، وفى رأى أصحاب هذا القول يمكن أن يتم التعديل على النحو الآتى : " يعتبر المتقاسم مالكاً للنصيب المقسوم بناء على السند الذى تملك به فى الشيوع ، وتكون ملكيته لهذا النصيب خالصة من كل حق رتبة غيره من الشركاء ( $%&[1] ) حسن كيرة فى نصرف الشريك فى جزء مفرز من الشئ الشائع فصلة من مجلة كلية الحقوق سنة 1962 - سنة 1963 ص 76 .&%$ ) " . ويعيب هذا الرأى ، فى نظرنا ، فضلاً عن أنه يذهب $ 957 $ إلى أن القسمة كاشفة بطبيعتها وهو رأى لا يزال محلاً للنظر كما قدمنا ، أنه يقصر الأثر الكاشف على بعض النتائج التى تترتب عليه ، ويغفل نتائج أخرى يتركها النص فتضطرب فيها الآراء . من ذلك هل يجوز اعتبار القسمة سبباً صحيحاً فى التقادم القصير ، فإذا قيل لا يصح وهو القول المعمول به تعارض هذا القول مع التعديل المقترح إذ لم يذكر هذا التعديل هذه النتيجة فيما ذكره .

ومن قائل بأن القسمة ناقلة بطبيعتها وليست بكاشفة ، ويقترح إلغاء المادة 843 مدنى ، " وبهذا الإلغاء – كما يقول أنصار هذا الرأى – يزول السند التشريعى لوصف القسمة بأنها كاشفة ، وتصبح مسألة بيان حقيقة أثر القسمة مسألة رأى تحتمل الخلاف " ( $%&[1] ) منصور مصطفى منصور فى تحليل أثر قسمة الأموال الشائعة فى مجل العلوم القانونية والاقتصادية 6 سنة 1964 ص 211 . وانظر فى بقية التعديلات التى يقترحها – غير إلغاء المادة 843 - نفس المرجع ص 212 - ص 213 .

ويذهب الأستاذ منصور مصطفى إلى إمكان استخدام نظرية الحلول العينى للوصول إلى جعل النصيب المفرز للشريك ينتقل إليه خالياً من تصرفات شركائه ، فيقول فى هذا المعنى : " فحق الشريك فى الشيوع بطبيعته معرض دائماً للتحول إلى ملكية مفرزة على ما يختص به هذا الشريك عند القسمة . ولما كان وصف حق الشريك فى الشيوع على هذا النحو مستمداً من طبيعة الحق نفسه ... فكل تصرف من الشريك فى حقه بإنشاء حق للغير عليه يؤدى إلى أن يكون حق الغير نفسه موصوفاً بمثل هذا الوصف على الأساس السابق وهو أن الشخص لا يعطى غيره أكثر مما له . فكما أن المالك تحت شرط أو المالك ملكية موقتة لا يستطيع أن ينشئ لغيره إلا حقاً معلقاً على شرط أو حقاً مؤقتا ، فكذلك المالك على الشيوع وحقه معرض دائماً للتحول على النحو الذى بيناه لا يستطيع أن يعطى غيره إلا حقاً معرضاً للتحول على نفس الوجه . فلا يتبع حق الشريك الذى ينتقل بالقسمة إلى متقاسم آخر ، وإنما يرد على ما يختص به الشريك الذى أنشأه . فنكون بصدد تغيير المحل ، فقد نشأ الحق ابتداء على حق الشريك الشائع ، ولما استبدل الشريك بمقتضى القسمة بهذا الحق الشائع حقاً مفرزاً ، يصبح الحق المفرز محلاً للحق الذى كان وارداً على الحق الشائع . وبذلك نكون أمام تطبيق من تطبيقات نظرية الحلول العينى " ( منصور مصطفى منصور فى تحليل أثر قسمة الأموال الشائعة فى مجلة العلوم القانونية والاقتصادية 6 سنة 1964 ص 182 ) .&%$ ) . وإذا ترك بيان حقيقة أثر القسمة مسألة رأى تحتمل الخلاف ، فالمنتظر أن الآراء تضطرب كثيراً فى ذلك ، وهى منذ الآن ومع وجود نص المادة 843 مضطربة . وقد رأينا أصحاب الرأى الأول يذهبون هم أيضاً إلى إلغاء المادة 843 ، ليصلوا إلى نتيجة هى عكس النتيجة التى يريد أن يصل إليها أصحاب هذا الرأى الأخير ، وهى أن القسمة كاشفة لا ناقلة .

 $ 958 $

وإلى أن ينحسم الخلاف حول هذه المسألة ، وإلى أن يستقر الرأى فى الاتجاه الجديد الذى أخذ يظهر فى الفقه الحديث ويقول أن القسمة كاشفة بطبيعتها ، لا ضرر من استبقاء المادة 843 مدنى كما هى ، تخلع على القسمة أثراً كاشفاً وأثراً رجعياً فى وقت واحد ، على أن يكون هذا وذاك على سبيل الافتراض القانونى أو المجاز . فتستخلص جميع النتائج التى تدعو الحاجات العلمية إلى استخلاصها من الأثر الكاشف المفترض ، دون استغراق لجميع النتائج التى يمكن أن تستخلص من الأثر الرجعى إذا لم توجد حاجة عملية تدعو إلى ذلك ( $%&[1] ) ومن المسائل التى يستبعد فيها الأثر الرجعى ، لأن الحاجة العملية لا تستدعى إعمال هذا الأثر ، ما يأتى :

أولاً - الثمار التى ينتجها المال الشائع فى أثناء الشيوع تكون من حق الشركاء كل بنسبة حصته الشائعة . فإذا تحولت حصة الشريك الشائعة بالقسمة إلى نصيب مفرز ، لم يكن لهذا الشريك أن يتمسك بالأثر الرجعى للمطالبة بثمار هذا النصيب المفرز من بدء الشيوع ، فهو إذن لا يستأثر بثمار هذا النصيب إلا من وقت القسمة ( انظر آنفاً فقرة 575 ) .

ثانياً - العبرة فى تحديد المال الشائع وفى تكوين الحصص تكون بالمال الموجود وبقيمة هذا المال ، لا وقت بدء الشيوع ، بل وقت القسمة . وكان مقتضى الأثر الرجعى أن تكون العبرة فى كل ذلك بوقت بدء الشيوع لا بوقت القسمة ( انظر آنفاً فقرة 575 ) .

ثالثاً - يبقى التصرف الصادر من جميع الشركاء فى أثناء الشيوع صحيحاً بعد القسمة ، حتى لو وقع المال المتصرف فيه فى نصيب شريك دون غيره من الشركاء ( انظر المادة 1039 / 1 مدنى ) .

وكان مقتضى الأثر الرجعى أن تسقط تصرفات الشركاء إلا تصرف الشريك الذى وقع فى نصيبه المال . وكالتصرف الصادر من جميع الشركاء التصرف الصادر من أغلبية الشركاء بالشروط الواردة فى المادة 832 مدنى .

رابعاً - إذا صدر قانون جديد فى أثناء الشيوع يقرر قواعد جديدة للقسمة ، وجب تطبيق هذا القانون الجديد على القسمة التى تتم بعد صدوره . وكان مقتضى الأثر الرجعى عدم تطبيق هذا القانون الجديد ، مادام الشريك يعتبر مالكاً لنصيبه المفرز بأثر رجعى فى وقت سابق على صدور هذا القانون .

وانظر فى مسائل أخرى متعلقة بكسب حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلى وبوقف التقادم وانقطاعه وبحق التقدم للدائن المرتهن على ؟؟؟؟؟ الذى اختص به الشريك الراهن : إسماعيل غانم فقرة 131 ص 297 - ص 301 .&%$ ) . ويشفع لما نقول أن القسمة فى حقيقتها لها أثر مزدوج ، فسواء قلنا إن لها أثراً كاشفاً أو قلنا إن لها أثراً ناقلاً ، فلابد من استخدام شئ من الافتراض والمجاز فى كل من القولين . فالقول بالأثر الكاشف قول ينطوى على افتراض $ 959 $ يغطى ما بداخل هذا الأثر الكاشف من أثر ناقل ، وكذلك القول بالأثر الناقل لا يخلو من افتراض يستبعد ما يوجد من أثر كاشف إلى جانب الأثر الناقل ( $%&[1] ) ولعل هذا هو الذى دفع لجنة تنقيح التقنين المدنى الفرنسى إلى أن تستبقى فى مشروعها التمهيدى نص المادة 883 مدنى فرنسى ( وهى التى تقابل المادة 843 من تقنينا المدنى ) . فقد انتهت اللجنة ، بعد مناقشات طويلة ومشروعات كثيرة ، إلى نص مستمد من المادة 883 يسرى على القسمة وعلى كل تصرف معادل للقسمة يكون الغرض منه إنهاء حالة الشيوع أو التمهيد لهذا الإنهاء ( انظر أعمال لجنة تنقيح التقنين المدنى الفرنسى سنة 1953 - سنة 1954 وسنة 1954 - سنة ؟؟؟؟؟ ص 301 وما بعدها ) .&%$ ) .

ومهما يكن من أمر ، فلا شك فى أن المادة 843 مدنى ، من ناحية القانون الوضعى ، تقرر الأثر الكاشف للقسمة مصحوباً بالأثر الرجعى ، وقد جاء كل ذلك على سبيل الافتراض والمجاز . فنبحث فى صدد هذا النص مسألتين :

( 1 ) مجال تطبيق الأثر الكاشف للقسمة . ( 2 ) النتائج التى تترتب على الأثر الكاشف .

1 - مجال تطبيق الأثر الكاشف للقسمة

577 - أ . مجال التطبيق من ناحية التصرفات : كل تصرف من شأنه أن ينهى الشيوع يكون له أثر كاشف . فالقسمة النهائية أياً كان نوعها ، قضائية كانت أو اتفاقية ( $%&[1] ) ولو كانت قسمة فعلية .&%$ ) ، عينية أو قسمة تصفية ، بمعدل أو بغير معدل ، يكون لها أثر كاشف ( $%&[1] ) محكمة النقض الفرنسية فى دوائرها المجتمعة 5 ديسمبر سنة 1907 داللوز 1908 - 1 - 113 - أوبرى ورو 10 فقرة 625 هامش 9 ثانياً - ببيدان وليبال 5 مكرر فقرة 417 - بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3131 - كولان وكابيتان ودى لامور انديير 3 فقرة 1147 .&%$ ) ، أما القسمة الموقتة ، وهى قسمة المهايأة ، فليس لها هذا الأثر ، إلا إذا بقيت المهايأة المكانية خمس عشرة سنة فانقلبت إلى قسمة نهائية ( $%&[1] ) انظر المادة 846 / 1 مدنى وانظر آنفاً فقرة 492 .&%$ ) .

وفى قسمة التصفية تفصيل ، إذ يجب التمييز بين ما إذا بيع المال الشائع لأحد الشركاء أو بيع لأجنبى . فإذا كان قد بيع لأحد الشركاء ، بيعاً فى المزاد $ 960 $ أو بيع ممارسة ، كان البيع قسمة أوقعت فى نصيب الشريك المشترى هذا المال بأثر كاشف ، فيعتبر أنه قد تملكه منذ بدء الشيوع ( $%&[1] ) أوبرى ورو 10 فقرة 625 هامش 6 ثانياً وهامش 6 ثالثاً - بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 730 - بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3132 - كولان وكابيتان ودى لامور انديير 3 فقرة 1149 .&%$ ) . ومن ثم تسقط تصرفات كل شريك آخر فى هذا المال تكون قد صدرت فى أثناء الشيوع ، وتتثبت تصرفات الشريك الذى وقع المال فى نصيبه . أما الثمن الذى بيع به المال للشريك فيكون له حكم معدل القسمة ، ولكن يتعين دفعه دون انتظار انتهاء عمليات القسمة . وإذا كان المال قد بيع لأجنبى ، بيعاً فى المزاد أو بيع ممارسة ، فإن التصرف يعتبر بيعاً فيما بين الشركاء والمشترى ( $%&[1] ) نقض فرنسى 2 يوليو سنة 1925 داللوز 1926 - 1 - 57 - 14 مارس سنة 1950 داللوز 1950 - 396 - أوبرى ورو 10 فقرة 625 هامش 6 رابعاً - بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 725 - بلانيول وبير وبولانجيه 3 فقرة 3133 - فقرة 3134 - كولان وكابيتان ودى لامور انديير 3 فقرة 1149 - فقرة 1150 .&%$ ) . ومن ثم يجوز للمشترى أن يطهر العقار المبيع من الرهون التى ترتبت عليه من الشركاء فى أثناء الشيوع ( $%&[1] ) وهناك نتائج أخر تترتب على أن التصفية تعتبر قسمة إذا وقعت العين فى نصيب أحد الشركاء ، وتعتبر بيعاً إذا وقعت لأجنبى . فإن التصفية إذا اعتبرت قسمة جاز نقضها للغبن ، وترتب عليها امتياز المتقاسم ، وكذلك ضمان الاستحقاق فى القسمة . أما إذا اعتبرت التصفية بيعاً ، فإنه لا يجوز نقضها للغبن إلا إذا كانت العين عقاراً وكان بين الشركاء من هو غير كامل الأهلية ، ويترتب عليها امتياز البائع لا امتياز المتقاسم ، وضمان الاستحقاق فى البيع لا فى القسمة ( بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3134 ) .&%$ ) . أما فيما بين الشركاء فالتصرف يعتبر قسمة لها أثر كاشف ، ومن ثم يعتبر الشريك الذى وقع فى نصيبه ثمن المبيع هو وحده الذى باع المال الشائع للأجنبى ، وعلى ذلك يكون للدائن الذى رتب له هذا الشريك رهناً على العقار المبيع حق التقدم فى الثمن الذى بيع به العقار دون أن يزاحمه دائن رتب له شريك آخر رهناً على العقار ( $%&[1] ) نقض فرنسى دوائر مجتمعة 5 ديسمبر سنة 1907 داللوز 1908 - 1 - 113 - نقض فرنسى 2 يوليه سنة 1925 داللوز 1926 - 1 - 57 - 14 مارس سنة 1950 داللوز 1950 - 396 - أوبرى ورو 10 فقرة 625 هامش 25 - بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 726 - فقرة 728 - بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3154 - فقرة 3156 كولان وكابيتان ودى لاموراندير 3 فقرة 1151 .&%$ ) .

 $ 961 $

578 - تصرفات تعادل القسمة فيكون لها أثر كاشف : ويعتبر بيع أحد الشركاء حصته الشائعة لشريك آخر تصرفاً معادلاً للقسمة فيكون له أثر كاشف ، إذ تضاف الحصة المبيعة إلى حصة الشريك المشترى ، ويتقاضى الشريك البائع ثمن حصته كما لو كان يتقاضى معدلاً ( $%&[1] ) نقض فرنسى 17 نوفمبر سنة 1890 داللوز 91 - 1 - 25 - أوبرى ورو 10 فقرة 625 وهوامش 7 على 8 ثانياً - بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3303 - بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 714 - كولان وكابيتان ودى لامورانديرا 3 فقرة 3136 .&%$ ) . ومن ثم يعتبر الشريك مالكاً للصحة المبيعة من وقت بدء الشيوع ، لا من وقت البيع . أما إذا وهب أحد الشركاء حصته لشريك آخر ، فلا تعتبر الهبة معادلة للقسمة لأن القسمة من المعاوضات لا من التبرعات ، ومن ثم تكون الهبة ناقلة لا كاشفة ( $%&[1] ) أوبرى ورو 10 فقرة 625 هامش 3 - بيدان وليبال 5 مكرر فقرة 714 - كولان وكابيتان ودى لامورانديير 3 فقرة 1152 - وقارن بلانيون وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3137 - ويوجد فى أحكام القضاء الفرنسى ما يقرر فى عبارات عامة أن كل تصرف يكون الغرض منه إنهاء الشيوع تماماً ما بين الورثة ، أو ما بين الشركاء فى الشيوع ، تكون له حتما طبيعة القسمة ، أياً كان الاسم الذى أعطاه المتعاقدون للتصرف ( جرينوبل 20 يناير سنة 1893 داللوز 93 - 2 - 127 - أورليان 23 و 30 نوفمبر سنة 1895 داللوز 98 - 2 - 339 ) . ومن ثم قد قضى بأن بيع بعض أعيان التركة الصادر لأحد الورثة من سائرهم يلحق بقسمة التصفية ويكون له أثر كاشف ( جرينوبل 20 يناير سنة 1893 داللوز 93 - 2 - 127 ) ، وعلى ذلك يعتبر الوارث فى هذه الحالة مالكاً لما ؟؟؟؟؟؟ من وقت موت المورث لا من وقت البيع .&%$ ) .

ويعال القسمة الكلية القسمة الجزئية . فالتصرف الصادر لريك من سائر الشركاء ، ويكون من شأنه أن ينهى الشيوع بالنسبة إلى هذا الشريك وحده مع بقاء الآخرين فى الشيوع ، يكون تصرفاً كاشفاً ، وعلى ذلك يعتبر الشريك فيما اختص به من المال مفرزاً مالكاً له من بدء الشيوع لا من وقت التصرف ( $%&[1] ) نقض فرنسى 23 مارس سنة 1903 داللوز 1903 - 1 - 326 - على أن القضاء الفرنسى ، فى مجموعه ، يقضى بعكس ذلك ، ويشترط حتى يكون التصرف كاشفاً أن ينتهى الشيوع بالنسبة إلى جميع الشركاء ( بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3141 - أنسيكلوبديى داللوز 5 لفظ Succession فقرة 1792 - فقرة 1793 ) .

وانظر فى فروض أخرى للقسمة الجزئية بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3143 - فقرة 3145 .&%$ ) .

579 - ب . مجال التطبيق من ناحية الأموال : ويتناول الأثر $ 962 $ الكاشف كل الأموال الشائعة التى كانت محلاً للقسمة وتم إفرازها ، فيتناول العقار والمنقول ، كما يتناول الأشياء المادية والحقوق المعنوية كحق المؤلف . وبذلك يخرج من مجال تطبيق الأثر الكاشف ما يأتى :

أولاً - معدل القسمة ، فإذا قسمت أرض ودار شائعتان بين شريكين ، فأخذ أحدهما الأرض والآخر الدار ، على أن يدفع صاحب الأرض معدلاً لصاحب الدار ، فإن هذا المعدل مال أجنبى عن الأموال التى أفرزت بالقسمة وهى الأرض والدار . فيسرى الأثر الكاشف على كل من الأرض والدار ، ولا يسرى على المعدل . ومن ثم يعتبر كل من الأرض الدار ملكاً لصاحبه من وقت بدء الشيوع ، لا من وقت القسمة . أما المعدل فلا يسرى عليه الأثر الكاشف ، فيقوم التزاماً فى ذمة المدين به بموجب القسمة ، ولكن بأثر ناقل لا بأثر كاشف . فلو أن المعدل كان عقاراً ، بأن التزم صاحب الأرض لصاحب الدار بإعطائه منزلاً صغيراً معدلاً للقسمة ، فإن القسمة بالنسبة إلى هذا المنزل الصغير تكون ناقلة لا كاشفة ، ويترتب على ذلك أن ملكية المنزلة لا تنتقل إلى صاحب الدار حتى فيما بين المتعاقدين إلا بالتسجيل .

ثانياً - الحقوق الشخصية ( creances ) التى تشتمل عليها التركة لا تدخل فى الشيوع مع أموال التركة الشائع’ن بل تنقسم بمجرد وفاة المورث على الورثة كل بنسبة حصته فى التركة ( $%&[1] ) ما لم تكن غير قابلة للتجزئة فتجرى عليها أحكام عدم القابلية للتجزئة ،؟؟؟؟؟ لا أحكام الشيوع .&%$ ) . ومن ثم لا تمر هذه الحقوق بمرحلة شيوع تسبق القسمة ، بل هى منذ البداية تنقسم بين الورثة كما قدمنا ، فلا مجال لإعمال الأثر الكاشف بالنسبة إليها . ويعتبر كل وراث صاحب صحته فى الحق الشخصى من وقت وفاة المورث ، لا بفضل الأثر الكاشف للقسمة ، بل يفضل انقسام الحق الشخصى بمجرد وفاة المورث . وإذا كانت المادة 907 مدنى تنص على أنه " إذا اختص أحد الورثة عند القسمة بدين للتركة ، فإن باقى الورثة لا يضمنون له المدين إذا هو أعسر بعد القسمة ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك " ، فليس هذا معناه أن الحق الذى للتركة يبقى شائعاً بين الورثة إلى حين القسمة . فهو ينقسم ، كما سبق القول ، على الورثة ، ثم إذا وضع كل الحق عند القسمة $ 963 $ فى نصيب أحد الورثة ، فإنما يكون ذلك فى العلاقة فيما بين الورثة وحدهم . أما بالنسبة إلى المدين بهذا الحق فإنه بموت المورث يصبح مديناً لكل وارث مقدار حصته ، وعندما يقع الحق فى نصيب وارث واحد عن طريق القسمة ، يجب على كل واحد من الورثة الآخرين أن يحول حصته فى الحق لهذا الوارث عن طريق حوالة الحق . ولا يصبح هذا الأخير صاحب الحصص الباقية من الحق ، بالنسبة إلى المدين ، إلا من وقت صيرورة الحوالة نافذة فى حق المدين بإعلانها أو بقبولها ( $%&[1] ) ولكن الورثة يضمنون للوارث الذى وقع فى نصيبه الحق ، ليس فحسب وجود الحق كما هى القاعدة العامة ( م 308 / 1 مدنى ) ، بل أيضاً يسار المدين وقت القسمة ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك – انظر فى هذه المسألة إسماعيل غانم فقرة 129 .&%$ ) .

580 - ج . مجال التطبيق من ناحية الأشخاص : يسرى الأثر الكاشف بالنسبة إلى جميع المتقاسمين ، أى بالنسبة إلى جميع الملاك على الشيوع وقت القسمة . ويستوى فى ذلك من كان يملك فى الشيوع منذ بداية الشيوع ومن كان يملك فى الشيوع بعد ذلك ما دام أنه مالك فى الشيوع وقت القسمة . ومن ثم يسرى الأثر الكاشف على جميع الورثة ، وكذلك على كل شخص غير وارث انتقلت إليه حصة الوارث فى الشيوع قبل القسمة . فليس من الضرورى إذن أن يكون جميع الملاك فى الشيوع قد استمدوا حقوقهم من سند واحد ، بل قد تختلف سندات التمليك فيملك أحد الملاك المشتاعين بموجب سند معين ويملك مالك مشتاع آخر بموجب سند غير السند الأول ، ومع ذلك يسرى الأثر الكاشف لقسمة المال المشتاع بالنسبة إلى الاثنين معاً ( $%&[1] ) أوبرى ورو 10 فقرة 625 وهامش 9 ثالثاً ورابعاً – بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3289 .&%$ ) .

ويسرى أيضاً الأثر الكاشف بالنسبة إلى الغير . فإذا رهن أحد الملاك المشتاعين قبل القسمة حصته أو جزءاً مفرزاً من المال الشائع لدائن مرتهن ، فإن هذا الدائن – وهو من الغير – يسرى فى حقه الأثر الكاشف . ويترتب على ذلك أنه عند القسمة ينتقل إلى شريك آخر ، غير الشريك الراهن ، نصيبه المفرز خالياً من الرهن ، بفضل الأثر الكاشف للقسمة وقد سرى فى حق $ 964 $ الدائن المرتهن وهو من الغير . وغذا رهن أحد الملاك المشتاعين عقاراً شائعاً ، ووقع هذا العقار كله فى نصيب مالك مشتاع آخر ، فإنه ينتقل إلى هذا المالك خالياً من الرهن ، وبذلك يسرى الأثر الكاشف هنا أيضاً فى حق الدائن المرتهن . بل إن هذا الدائن المرتهن لا يكون له حق التقدم على نصيب مدينه فى ثمن العقار ، فإن المدين يكون قد استبدل بحصته فى العقار الذى رهنه مبلغاً من النقود ، وقد أصبح هذا المبلغ ضماناً لدائنيه جميعاً ولا يتقدم عليهم الدائن المرتهن ( $%&[1] ) نقض فرنسى 16 أغسطس سنة 1888 داللوز 88 - 1 - 249 - 6 ديسمبر سنة 1901 داللوز 1904 - 1 - 180 - 12 يناير سنة 1909 داللوز 1910 - 1 - 33 - بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3173 .&%$ ) .

2 - النتائج التى تترتب على الأثر الكاشف

581 - بيان أهم هذه النتائج : من أهم النتائج التى تترتب على الأثر الكاشف للقسمة : ( 1 ) سقوط التصرفات الصادرة من الشركاء غير الشريك الذى وقع فى نصيبه جزء مفرز . ( 2 ) عدم اعتبار القسمة سبباً صحيحاً ناقلاً للملكية . ( 3 ) عدم ضرورة تسجيل القسمة فى العلاقة التى تقوم فيما بين المتقاسمين .

وهناك نتائج تترتب على الأثر الكاشف للقسمة ، وما يستتبعه هذا الأثر من أن القسمة عقد مساواة ما بين المتقاسمين وليست عقد مضاربة . ومن أهم هذه النتائج : ( 1 ) نقض القسمة للغبن . ( 2 ) عدم جواز استرداد المال المتنازع فيه إذا كان محلاً للقسمة . ( 3 ) ضمان التعرض والاستحقاق فى القسمة .

ونتناول فى إيجاز هذه النتائج بالبحث .

582 - سقوط التصرفات الصادرة من الشركاء غير الشريك الذى وقع فى نصيبه جزء مفرز : بينا فيما تقدم حكم تصرف المالك المشتاع فى حصته الشائعة أو فى جزء مفرز من المال الشائع ، ورأينا أنه عند القسمة ووقوع جزء مفرز من المال الشائع فى نصيب أحد الشركاء ، فإن هذا الجزء يخلص له خالياً من أثر التصرفات التى صدرت من شركائه الآخرين فى أثناء الشيوع $ 965 $ ويقع هذا بحكم الأثر الكاشف للقسمة ، فالشريك الذى وقع فى نصيبه جزء مفرز من المال الشائع يعتبر مالكاً له منذ بدء الشيوع لا من وقت القسمة ، ومن ثم لا ينفذ فى حقه أى تصرف وقع من شريك آخر فى أثناء الشيوع ، ولا يتثبت وينفذ إلا التصرفات الصادرة منه هو فى هذا الجزء المفرز . وهذه هى أهم نتيجة للأثر الكاشف للقسمة . وقد رأينا أن فكرة الأثر الكاشف نفسها لم تنبت فى القانون الفرنسى القديم إلا لتحديد مصير التصرفات التى تصدر من الشركاء فى أثناء الشيوع ، حتى يخلص لكل منهم بعد القسمة نصيبه المفرز خالياً من تصرفات شركائه الآخرين ومثقلاً بتصرفاته هو .

ويترتب على ذلك أن الشريك ، الذى خلص له نصيبه المفرز خالياً من تصرفات شركائه ، يستطيع أن يطلب شطب الرهون وغيرها من التكاليف العينية المترتبة على نصيبه المفرز من جانب أحد الشركاء الآخرين . فيستطيع أن يطلب من هذا الشريك ، وعلى نفقته ، أن يحصل على شطب الرهن الرسمى ورهن الحيازة وحق الاختصاص وحق الامتياز المترتبة من جانبه .

وكما تسقط الحقوق العينية التبعية المترتبة من جانب الشريك الآخر ، كذلك تسقط الحقوق العينية الأصلية . فإذا رتب أحد الشركاء حق انتفاع على مال شائع ، ووقع هذا المال بالقسمة فى نصيب شريك آخر ، فإن هذا الشريك الآخر يخلص له المال خالياً من حق الانتفاع الذى رتبه شريكه .

كذلك إذا باع شريك مالاً شائعاً أو وهبه ، ووقع المال الشائع بالقسمة فى نصيب شريك آخر ، فإن عقد البيع أو عقد الهبة الصادر من الشريك الأول يسقط ، ويخلص المال للشريك الآخر خالياً من هذه التصرفات . ومن باب أولى يسقط حق امتياز البائع ، إذا اشترى شخص المال الشائع من شريك لم يقع فى نصيبه هذا المال عند القسمة ، بل آل إلى شريك آخر .

583 - عدم اعتبار القسمة سبباً صحيحاً فى التقادم القصير : إذا اختص أحد الشركاء عند القسمة بعقار ، فإنه لا يعتبر مالكاً له بموجب عقد القسمة إذ القسمة كاشفة لا ناقلة ، ولكنه يعتبر مالكاً له كما قدمنا منذ بدء الشيوع .

ثم نفرض أحد فرضين : ( 1 ) أن يكون هذا العقار قد ورثه المشتاعون $ 966 $ فى تركة مورثهم ، وأن هذا المورث لم يكن يملك هذا العقار بل كان مغتصباً إياه أو واضعاً يده عليه دون سند تمليك . فالوارث الذى وقع فى نصيبه هذا العقار ، إذا استمر حائزاً له خمس سنوات وهو حسن النية ، لا يستطيع أن يتملكه بالتقادم القصير . فهو لا يستطيع أن يستند إلى القسمة ، إذ هى لا نعتبر سبباً صحيحاً لأنها كاشفة والسبب الصحيح يجب أن يكون ناقلاً ( $%&[1] ) نقض مدنى 29 أبريل سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 122 ص 819 .&%$ ) . ولا يستطيع أن يستند ، كسبب صحيح ، إلى الميراث وهو السبب الذى يصعد إليه كسند للتمليك نتيجة للأثر الكاشف للقسمة ، لأن الميراث ليس تصرفاً قانونياً بل هو واقعة مادية ، فلا يصلح سبباً صحيحاً فى التقادم القصير . ( 2 ) أن يكون العقار قد اشتراه المشتاعون من غير مالك شائعاً بينهم ، ووقع عند القسمة مفرزاً فى نصيب أحدهم . فهذا الشريك إذا استمر حائزاً للعقار خمس سنوات وهو حسن النية ، لا يستطيع أيضاً أن يتمسك بالقسمة سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم القصير لما قدمنا . ولكنه بفضل الأثر الكاشف للقسمة يصعد إلى البيع الذى بموجبه اشترى هو وشركاؤه العقار ، ومن ثم يصير مالكاً بالاستناد إلى هذا البيع ، وهو سبب صحيح لأنه ناقل للملكية . ونرى من ذلك أن الشريك يتملك العقار بالتقادم ، ولكن بفضل البيع لا بفضل القسمة ( $%&[1] ) نقض مدنى 24 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 260 ص 700 - 10 أكتوبر سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 197 ص 193 .&%$ ) .

584 - القسمة التسجيل : ميز قانون الشهر العقارى فى التسجيل بين العقود الناقلة للملكية كالبيع والعقود الكاشفة كالقسمة . ففى القعود الناقلة للملكية لا تنتقل الملكية بالنسبة إلى الغير ولا فيما بين المتعاقدين إلا بالتسجيل . أما فى العقود الكاشفة فالملكية تثبت فيما بين المتعاقدين بالعقد ذاته ولو لم يكن مسجلاً ، لأنه عقد كاشف لا ناقل ، فلا حاجة إلى تسجيل عقد يقتصر على كشف الملكية دون أن ينقلها . ومن ثم يعتبر كل متقاسم ، فى علاقته بالمتقاسمين الآخرين ، مالكاً ملكية مفرزة لنصيبه بالقسمة غير المسجلة ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه بمجرد حصول القسمة وقبل تسجيلها ، يعتبر المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذى وقع فى نصيبه دون غيره من أجزاء العقار المقسم ، وبأنه لا تحتج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة ( نقض مدنى 2 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 81 ص 503 ) . انظر أيضاً نقض مدنى 3 نوفمبر سنة 1955 مجموعة المكتب الفنى فى 25 عاماً جزء 2 ص 885 .&%$ ) .

 $ 967 $ $ 968 $

أما بالنسبة إلى الغير ، فلا يحتج بالقسمة عليهم إلا إذا سجلت ( $%&[1] ) ولما كانت القسمة كاشفة عن الملكية لا ناقلة لها ، فإن رسوم تسجيلها أقل من رسوم العقود الناقلة للملكية كالبيع .&%$ ) . فإذا باع شريك بعد القسمة وقبل تسجيلها حصته فى العقار شائعة ، وسجل المشترى البيع قبل أن تسجل القسمة ، استطاع المشترى أن يحتج بعقده المسجل على الشركاء . فإذا كان العقار المبيع قد وقع فى حصة شريك غير البائع ، فإن المشترى يستطيع أن يحتج عليه بعقد البيع الذى سجل قبل تسجيل عقد القسمة ( $%&[1] ) نقض مدنى 30 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 276 ص 821 - 30 أكتوبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 185 ص 1375 - وقرب نقض مدنى 17 ديسمبر سنة 1931 مجموعة المكتب الفنى فى 25 عاماً جزء 2 ص 987 - وقارن استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1950 المحاماة 32 رقم 105 ص 237 .

فيكون للمشترى طلب الحكم بتثبيت ملكيته للحصة الشائعة المبيعة له ، ويجوز أن يطلب إجراء قسمة جديدة ، إذ لا يزال لعقار شائعاً فى حقه ، وقد أصبح شريكاً على الشيوع فيه ( إسماعيل غانم فقرة 115 ص 267 ) .&%$ ) . أما إذا كان عقد القسمة قد سجل قبل تسجيل عقد البيع ، فإن الشريك الذى وقع فى نصيبه العقار يستطيع أن يحتج بعقد القسمة على المشترى ، ومن ثم لا يعتد بالبيع الصادر لهذا المشترى ( $%&[1] ) انظر فى أثر سوء النية والتواطؤ فى صحة التسجيل فى العقود الناقلة كالبيع وفى العقود الكاشفة كالقسمة الوسيط 4 فقرة 290 - وقارن إسماعيل غانم فقرة 115 ص 267 - ص 269 .&%$ ) .

ولكن إذا كان المتقاسم لا يستطيع أن يحتج على الغير بالقسمة إلا إذا سجلت ، فإن الغير يستطيع أن يحتج على المتقاسم بالقسمة غير المسجلة . فالمشترى للحصة الشائعة فى المثل الذى قدمناه ، إذا سجل عقد شرائه ، وكانت القسمة لم تسجلن يكون له الحق ، بالرغم من عدم تسجيل القسمة ، أن يتمسك بها فى مواجهة الشركاء . فقد أصبح بشرائه الحصة الشائعة شريكاً معهم ، وله أن يعتبر القسمة غير المسجلة نافذة فى حقه وفى حق سائر الشركاء ( $%&[1] ) والغير هنا ، بمعناه الفنى ، هو كل من تلقى حقاً عينياً على العقار وهو لا يزال شائعاً ، وقام بتسجيل عقده طبقاً للقانون ، وذلك كالمثل الذى أوردناه فى المتن . ويوجد كذلك ، إلى جانب الغير بمعناه الفنى ، شخص أجنبى أصلاً عن عقد القسمة . وهذا له أيضاً أن يتمسك لى مواجهة الشركاء بعقد القسمة ولو لم يسجل . فإذا كانت هناك أرض شائعة بين مالكين واقتسماها فاختص أحدهما بالقسم الشرقى من الأرض والآخر بالقسم الغربى ولم تسجل القسمة ، وباع الجار الملاصق للقسم الشرقى أرضه ، وهذا الجار يعتبر أجنبياً أضلا عن القسمة ، لم يجز للشريك الذى وقع فى نصيبه القسم الغربى الأخذ بالشفعة . ذلك أن هذا الشريك قد اعتبر ، بالنسبة إلى الجار الملاصق للقسم الشرقى ، مالكاً ملكية مفرزة للقسم الغربى بالقسمة حتى قبل أن تسجل ، ولم يصبح مالكاً للقسم الشرقى الملاصق للعقار المشفوع فيه ، فلم يعد جاراً ملاصقاً حتى يصح له الأخذ بالشفعة ، ويستطيع الجار – وهو أجنبى أصلا عن القسمة كما قدمنا – أن يتمسك عليه بالقسمة غير المسجلة ( انظر إسماعيل غانم فقرة 115 ص 265 هامش 1 - وقارن نقض مدنى 29 بناير سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 138 ص 409 - 17 مارس سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 111 ص 851 ) .

والمشترى لجزء مفرز بعد القسمة لا يعتبر من الغير بمعناه الفنى ، فليس له أن يحتج بعد تسجيل القسمة ، فإذا اقتسم شريكان أرضاً ، واختص كل منهما بجزء مفرز منهما ، وقبل تسجيل القسمة باع أحد الشريكين نصيبه المفرز ، فليس للمشترى لهذا النصيب أن يحتج بعد تسجيل القسمة ، وأن الأرض لا تزال على الشيوع ، وأنه بشرائه النصيب المفرز قد أصبح مالكاً على الشيوع ( نقض مدنى 15 يناير سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 5 ص 43 : انظر نقداً لأسباب الحكم وقد اعتبرت المشترى " غيراً " إسماعيل غانم فقرة 115 ص 266 هامش 2 ) . ومع ذلك قضت محكمة النقض فى حكم آخر بأنه إذا كان التصرف فى الجزء المفرز لاحقاً لإجراء قسمة لم تسجل . فإن الأمر لا يخرج عن أحد فرضين : ( الأول ) أن يكون الشريك البائع قد تصرف فى نصيبه الذى خصص له فى القسمة ، وفى هذه الحالة تكون القسمة حجة على المشترى ، ولا يجوز له أن يتحلل منها بحجة عدم تسجيلها ، أما على أساس أنه لا يعتبر من الغير لأنه قد بنى حقه على أساس القسمة التى تمت لا على أساس أن الشيوع مازال قائماً ، وإما على أساس أنه بشرائه الجزء المفرز الذى اختص به الشريك البائع بمقتضى القسمة غير المسجلة يكون قد ارتضاها . ( الثانى ) أن يقع التصرف على جزء مفرز غير الجزء الذى اختص به الشريك البائع بمقتضى القسمة غير المسجلة وفى هذه الحالة لا يتلقى المشترى حقه على أساس القسمة إذ هو قد أنكرها بشرائه ما لم تخصصه للبائع له ، وإنما على أساس أن الشيوع مازال قائماً رغم إجراء القسمة ، ومن ثم فإن المشترى إذ سجل عقده قبل تسجيل القسمة يعتبر فى هذا الفرض من الغير ، ولا يحتج عليه بالقسمة التى تمت ، ويكوون له إذا لم يرتض هذه القسمة أن يطلب إجراء قسمة جديدة ( نقض مدنى 2 ديسمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض 16 رقم 184 ص 1172 ) .

وكذلك المشترى لجزء مفرز قبل القسمة لا يعتبر من الغير ، ويحتج عليه بالقسمة غير المسجلة . وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يكون لمن اشترى جزءاً مفرزاً قبل القسمة ، ولم يقع هذا الجزء المفرز فى نصيب البائع له بموجب القسمة ، أن يطلب الحكم بصحة عقد البيع بالنسبة إلى ذلك الجزء ذاته ، طالما أن القسمة وإن كانت لم تسجل ، تعتبر حجة عليه ، وترتب انتقال حقه من الجزء المفرز المعقود عليه إلى النصيب الذى اختص به البائع له بموجب تلك القسمة ( نقض مدنى 2 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام النقض 15 رقم 81 ص 503 ) .&%$ ) .

 $ 969 $

585 - النتائج المترتبة على أن القسمة عقد مساواة بناء على الأثر الكاشف وليس عقد مضاربة : وقد ذكرنا فيما تقدم ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 581 .&%$ ) من هذه النتائج ثلاثا : نقض القسمة للعين وعدم استرداد المال المقسوم المتنازع فيه وضمان التعرض والاستحقاق فى القسمة .

والمقارنة فى كل هذا تقوم بين البيع والقسمة . فالبيع عقد مضاربة تتغابن به الناس عادة ، أما القسمة فعقد مساواة بين المتقاسمين وقد نظمه القانون على أساس هذه المساواة وجعله كاشفا عن الملك لا ناقلا له ، فالملك يؤول بالقسمة إلى المتقاسم بمقداره لا بأكثر ولا بأقل .

ويترتب على ذلك ، أولا ، أن الغبن الفاحش غير مسموح به فى القسمة فإن كانت قضائية ، ففى الإجراءات التى تحاط بها والضمانات التى تصحبها ما يكفل منع الغبن الفاحش . وإن كانت اتفاقية ، فقد رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 545 وما بعدها .&%$ ) أنه يجوز نقض عقد القسمة للغبن إذا زاد على الخمس . ولا يمنع تقض العقد إلا أن يرفع الغبن كله عن المتقاسم المغبون بإكمال ما نقص من حصته نقداً العقد إلا أن يرفع الغبن كله عن المتقاسم المغبون بإكمال ما نقص من حصته نقداً أو عينا ( م 845 مدنى ) ، وهذا كله تحقيقاً للمساواة ما بين المتقاسمين ، فإن غبن أحدهم يخل بهذه المساواة . أما البيع فالأصل فيه ألا ينقض للغبن ، فهو نم عقود المضاربة كما قدمنا ، ويسمح فيه حتى بالغبن الفاحش ما دام تراضى المتابعين خاليا من العروب . وفى حالة استثنائية فى البيع ، حالة بيع عقار لم تتوافر فيه الأهلية ، يجوز رفع دعوى تكملة الثمن بسبب الغين إذا زاد على الخمس . ولكن حتى فى هذه الحالة يقتصر المشترى على إكمال الثمن إلى أربعة أخماس قيمة العقار لا إلى قيمة العقار كلها .

ويترتب على ذلك ، ثانيا ، أنه لا يجوز استرداد المال المفرز الذى وقع فى نصيب أحد الشركاء بالقسمة إذا كان هذا المال متنازعا فيه . وهذا بخلاف البيع ، فقد نصت المادة 469 / 1 مدنى على أنه " إذا كان الحق المتنازع فيه قد نزل عنه صاحبه بمقابل إلى شخص آخر ، فللمتنازل ضده أن يتخلص من المطالبة إذا هو رد إلى المتنازل له الثمن الحقيقى الذى دفعه مع المصروفات وفوائد الثمن من وقت الدفع " فالبيع عقد مضاربة ، ونم ثم يعتبر من يشترى الحق $ 970 $ المتنازع فيه مضاربا يتصيد شراء الحقوق المتنازع فيها بأبخس الأثمان ليكسب من وراء ذلك الشيء الكثير . فأراد القانون أن يرد عليه قصده ، وأجاز لمن عليه الحق المتنازع به أن يسترده من مشتريه المضارب إذا هو رد له الثمن الحقيقى الذى دفعه لصاحب الحق مع المصروفات وفوائد الثمن من وقت الدفع . وليس الأمر مقصوراً على البيع ، بل يمتد إلى كل نزول عن الحق المتنازع فيه بمقابل ، ما دام هذا النزول ناقلا لملكية الحق . أما القسمة فهى كاشفة عن الحق وليست من عقود المضاربة ، ولذلك يمتنع أن يسترد المنازع فى الحق هذا الحق المتنازع فيه إذا آل بالقسمة إلى أحد الشركاء . فلو أن حقا متنازعا فيه وقع فى نصيب أحد الشركاء مقوما بأقل من قيمته ، لم يجز لمن عليه الحق أن يسترده الحق المتنازع فيه لو آل إلى أحد الشركاء حتى بالبيع لا بالقسمة . فقد قضت المادة 470 مدنى بمنع الاسترداد " إذا كان الحق المتنازع فيه شائعا بين ورقة أو ملاك وباع أحدهم نصيبه للآخر " ، فيكون منع الاسترداد فى القسمة أولى .

ويترتب على ذلك ، ثالثا ، أن ضمان التعرض والاستحقاق فى القسمة ينفرد ببعض أحكام خاصة تميزه عن ضمان التعرض والاستحقاق فى البيع ، وسنبين ذلك فيما يلى ( $%&[1] ) وهناك أحكام يشترك فيها البيع والقسمة ، لأنها تتعلق بمسائل لا ترجع إلى الأثر الناقل أو الأثر الكاشف . من ذلك أن امتياز المتقاسم تسرى عليه أحكام امتياز البائع فيما عدا القليل ، وأساس امتياز البائع أن البائع قد أضاف بالبيع جديداً إلى ذمة المشترى ، أما أساس امتياز المتقاسم فهو ضرورة تحقيق المساواة بين المتقاسمين . ونم هذه الأحكام جواز فسخ القسمة لعدم دفع المعدل أو لعدم دفع ثمن التصفية أو لعدم دفع التعويض فى ضمان التعرض واستحقاق . وقد ذهب القضاء الفرنسى إلى عدم جواز فسخ القسمة فى هذه الحالات ، ويكتفى بمطالبة المتقاسم المخل بالتزامه أن يفى بهذا الالتزام ، وذلك محافظة على مصلحة بقية المتقاسمين الذين يضرهم نقض القسمة بالفسخ . وهذا القضاء ؟؟؟ للنظر ، والأولى أن يرد الفسخ على القسمة كما يرد على البيع ، ويترك الأمر فى الحكم بالفسخ إلى تقدير القاضى ، وهو الذى يغلب المصلحة الراجحة ، فيقضى بفسخ القسمة أو لا يقضى . وهذه هى القاعدة العامة فى الفسخ ، فلا محل لاستثناء عقد القسمة منها ( الوسيط 1 فقرة 468 – إسماعيل غانم فقرة 122 – حسن كيرة فقرة 139 ص 470 – وقارن استئناف مختلط 2 مايو سنة 1922 م 34 ص 377 والحكم يمنع فسخ القسمة جريا على نهج القضاء الفرنسى ) .

وأنظر فى جواز إبطال القسمة إذا وقعت فى فترة الريبة تطبيقا للمادة 228 تجارى ، أسوة بسائد المعاوضات ، فتستوى القسمة مع البيع فى ذلك : إسماعيل غانم فقرة 123 .&%$ ) .

 $ 971 $

المطلب الثانى

ضمان التعرض والاستحقاق فى القسمة

586 - نص قانونى : تنص المادة 844 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض ما قد يقع من تعرض أو استحقاق لسبب سابق على القسمة ، ويكون كل منهم ملزما بنسبة حصته أن يعوض مستحق الضمان . على أن تكون العبرة فى تقدير الشيء بقيمته يوم القسمة . فإذا كان أحد المتقاسمين معسراً ، وزع القدر الذى يلزمه على مستحق الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين " .

 " 2 - غير أنه لا محل للضمان إذا كان هناك اتفاق صريح يقضى بالإعفاء منه فى الحالة الخاصة التى نشأ عنها . ويمتنع الضمان أيضا إذا كان الاستحقاق راجعاً إلى خطأ المتقاسم نفسه " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1212 م المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، عدا بعض خلافات أهمها ما ورد فى الفقرة الثانية من نص المشروع التمهيدى من أنه " لا محل للضمان إذا كان هناك شرط خاص صريح فى سند القسمة يقضى بالإعفاء من الضمان .. " . ووافقت عليه لجنة المراجعة ، تحت رقم 915 فى المشروع النهائى ، بعد إدخال تعديلات طفيفة وحذف عبارة " فى سند القسمة " ، فصار النص مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 913 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 844 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 124 – ص 126 ) .&%$ ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن القضاء المصرى كان فى مجموعه يسير على هذه الأحكام .

ويقابل النص فى التقنين المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 798 – وفى التقنين المدنى الليبى م 848 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1076 – وفى قانون الموجبات والعقود اللبنانى م 948( $%&[1] ) التقنين المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 798 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 848 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1076 ( مطابق للفقرة الأولى من المادة 844 مصرى ) .

قانون الموجبات والعقود اللبنانى م 948 : يضمن كل من الشركاء المتقاسمين أنصبة سائق الشركاء للأسباب السابقة على القسمة طبقا للأحكام الموضوعة للبيع . ( ويضع القانون اللبنانى أحكاما واحدة لضمان التعرض والاستحقاق فى البيع وفى القسمة .&%$ ) .

 $ 972 $

ويتبين من النص سالف الذكر أن كل متقاسم يضمن للمتقاسمين الآخرين ما يقع لهم من تعرض أو استحقاق فى المال المفرز الذى وقع فى نصيبهم نتيجة للقسمة . ولما كان ضمان التعرض والاستحقاق مفهوما فى البيع وقائما على أنه عقد ناقل للملكية فيجب على البائع أن يضمن للمشترى الملكية التى نقلها له ، فإن هذا الضمان فى القسمة ، والقسمة كاشفة لا ناقلة ، يقوم على أساس آخر هو أن القسمة تقتضى المساواة التامة فيما بين المتقاسمين ، فإذا وقع لأحدهم تعرض أو استحقاق فقد اختلفت هذه المساواة ووجب الضمان ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3175 ولذلك قد تكون بعض أحكام الضمان فى القسمة أشد من نظيرتها فى البيع ، وذلك تحقيقا للمساواة المتقاسمين من ذلك جعل المتقاسمين مسئولين من حصة المعسر منهم فى القسمة ، وتقدير قيمة التى وقت القسمة لا وقت الاستحقاق ، وعدم جواز الإعفاء من الضمان فى عبارات عامة ، وسنعرض لتفصيل ذلك فيما يلى .&%$ ) .

ويجب ، فيما لم يرد فيه نص فى ضمان التعرض والاستحقاق فى القسمة ، أن نرجع إلى أحكام ضمان التعرض والاستحقاق فى البيع ، ما لم تكن هذه الأحكام تتعارض مع وصف القسمة بأنها كاشفة أو مع تحقيق المساواة ما بين المتقاسمين ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض ، فى عهد التقنين المدنى السابق ، وكان هذا التقنين لا يشتمل على نص فى ضمان التعرض والاستحقاق فى القسمة ، بأن القواعد التى تحكم ضمان البائع هى التى تحكم ضمان المتقاسم ( نقض مدنى 10 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر رقم 97 ص 193 ) .&%$ ) .

ويجب الضمان فى كل قسمة ، اتفاقية كانت أو قضائية ، عينية أو قسمة تصفية ، بمعدل أو بغير معدل ، صريحة أو فعلية . ويمتد الضمان للتصرفات المعادلة للقسمة .

ونتكلم فى :

(1)   الشروط الواجب توافرها لقيام ضمان التعرض والاستحقاق فى القسمة .

(2)   الآثار التى تترتب على تحقق هذا الضمان .

1 - الشروط الواجب توافرها لقيام الضمان

587 - شروط أربعة : يشترط لقيام الضمان توافر شروط أربعة :

 $ 973 $

(1)   وقوع تعرض أو استحقاق .

(2)   لسبب سابق على القسمة .

(3)   عدم رجوع الاستحقاق إلى خطأ المتقاسم نفسه .

(4)   عدم جود شرط يعفى من الضمان .

588 - الشرط الأول – وقوع تعرض أو استحقاق : فيجب أن يقع تعرض أو استحقاق ، ولا يكفى أن تكون هناك عيوب خفية فى المال المفرز الذى وقع فى نصيب المتقاسم . والقانون لم يوجب فى القسمة ضمانا للعيوب الخفية كما أوجب فى البيع . ويرجع ذلك إلى سببين : أولهما أن الأموال الشائعة إذا كانت فيها عين معيبة ، فلابد من دخول هذه العين فى القسمة ومن وقوعها فى نصيب أحد الشركاء ، فهذا لا يمكن التحرز منه ، ومن ثم لا يكون هناك ضمان خاص للعيوب الخفية فى القسمة . والسبب الثانى أنه يمكن فى القسمة الاتفاقية مواجهة العيوب الخفية بجزاء خاص بالقسمة ، وهو الجزء الخاص بالغبن . فإذا وقعت عين معيبة فى نصيب أحد الشركاء ، وكان العيب حيث يلحق بالمتقاسم غبنا يزيد على الخمس ، فإن له أن ينقض القسمة للغبن ، إلا إذا أكمل ما نقص من حصته بسبب العيب ، على التفصيل الذى أسلفاه فى نقض القسمة للغبن .

والذى يؤخذ نم نص المادة 844 مدنى سالفة الذكر أن التعرض ، والاستحقاق إنما يقعان من الغير لا من أحد المتقاسمين أنفسهم ، وهذا ما عرض له النص . أما إذا وقع التعرض من أحد المتقاسمين ، فإنه يجب تطبيق القواعد العامة . وتطبيق هذه القواعد يقتضى أن المتقاسم يجب أن يمتنع عن التعرض المادى لمتقاسم آخر . فإذا كان فى الأموال الشائعة متجر وقع مفرزاً فى نصيب أحد المتقاسمين ، لم يجز لمتقاسم آخر أن يتعرض تعرضا ماديا للمتقاسم الذى وقع فى نصيبه المتجر ، فيقيم متجرأ آخر ينافسه ويعمل على جذب عملاء المتجر الأول . وهذا ما يقتضيه مبدأ حسن النية فى تحديد مضمون العقد وتنفيذه ( م 148 مدنى ) . أما إذا كان تعرض المتقاسم مبينا على سبب قانونى ، كأن كان فى الأموال التى كانت محلا للقسمة عين مملوكة ملكا خاصا لأحد المتقاسمين وليست شائعة ، فوقعت فى نصيب متقاسم آخر ، كان للمتقاسم المالك لهذه العين أن يستردها منه ، ولا يمنعه من ذلك التزام بالضمان . ذلك أن $ 974 $ القسمة كاشفة عن الحق لا ناقلة له ، والمالك للعين لم ينقل ملكيتها بالقسمة للمتقاسم الآخر ، فليس عليه التزام بالضمان . وإنما يجوز هنا إبطال القسمة للغلط ، كما يجوز ، بعد أن يسترد المالك العين المملوكة له ، أن يطلب المتقاسم الذى وقعت هذه العين فى نصيبه نقض القسمة للغبن إذا توافرت شروطه ، أو يرجع بضمان الاستحقاق على الوجه الذى سنبينه . وهذه الأحكام عينها هى التى يجب تطبيقاه حتى إذا وقعت العين فى نصيب المتقاسم نفسه الذى يملكها ملكا خاصا ، فإن لهذا المتقاسم أن يرجع بضمان الاستحقاق على المتقاسمين معه ، كما له أن يطلب إبطال القسمة للغلط ، أو نقضها للغبن ( $%&[1] ) أنظر فى هذا المعنى بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3401 – إسماعيل غانم فقرة 135 مكررة . ويذهب بعض الفقهاء إلى أن المتقاسم يضمن تعرضه المبنى على سبب قانونى ، فلا يستطيع استرداد العين المملوكة له ملكا خاصا ، ولا يبقى أمامه إلا إبطال القسمة للغلط ( بلانيول وريبير ومورى وفالتون 4 فقرة 686 ص 932 – بلانيول وريبير وبولانجيه 3 فقرة 3187 ) .&%$ ) .

والتعرض الذى يقع من الغير ، فيوجب ضمان الاستحقاق ، ليس هو التعرض المادى ، فإن المتقاسم لا يضمن التعرض المادى الصادر من الغير كما لا يضمه البائع . فإن المتقاسم لا يضمن التعرض المادى الصادر من الغير كما لا يضمنه البائع . وإنما يضمن المتقاسمون التعرض الصادر من الغير إذا كان مبنيا على سبب قانونى . فإذا ادعى شخص استحقاق عين وقعت فى نصيب أحد المتقاسمين ، أو ادعى عليها حقا عينيا كحق انتفاع ، أو حقا شخصيا كما لو استأجر العين من المورث شخص بأجر يقل عن أجر المثل ، فإن ضمان الاستحقاق يقوم فى جميع هذه الأحوال . ويجب أن يقع التعرض فعلا من الغير ، فيدعى حقا ويرفع دعوى بهذا الحق ( $%&[1] ) فمجرد علم المتقاسم بأن هناك حقا للغير قد يقع تعرض بسببه لا يكفى لقيام ضمان الاستحقاق ، ولكن يجوز فى هذه الحالة للمتقاسم أن يمتنع عن الوفاء بما التزم به بموجب القسمة ، فيحبس ما التزم به من معدل أو الثمن الذى رسا به المزاد عليه ، حتى يزول الخطر .&%$ ) على أن رفع الدعوى أمام القضاء ، وإن كان التعرض من الغير يقع به فى الغالب ، ليس ضروريا لوقوع التعرض فعلا ، فقد يقع التعرض من الغير دون أن ترفع به دعوى . ويتحقق ذلك إذا اعتقد المتقاسم أن الغير على حق فيما يدعيه ، فيسلم له ادعاءه أو يصالحه عليه . ولكن للمتقاسمين المدينين بالضمان فى هذه الحالة أن يثبتوا أن الغير لم يكن على حق فيما يدعيه على خلاف ما اعتقده المتقاسم ، وعندئذ يفقد هذا الأخير $ 975 $ حقه فى الرجوع بالضمان . كذلك يعتبر التعرض واقعا فعلا دون أن ترفع دعوى إذا ملك المتقاسم الدائن بضمان الاستحقاق العين بسبب آخر لا يرجع إلى القسمة ، مثل ذلك أن يرث المتقاسم هذه العين من مالكها أو يشريها منه ، فتكون العين فى الواقع من الأمر قد استحقت للمالك الحقيقى ثم انتقلت ملكيتها منه إلى المتقاسم ، ومن ثم تكون العين قد استحقت فعلا فوجب ضمان الاستحقاق .

589 - الشرط الثانى – سبب سابق على القسمة : ويجب أيضاً ، لقيام ضمان الاستحقاق ، أن يكون الحق الذى يدعيه الغير حقا يدعى أنه موجود قبل القسمة . وهذا ما تصرح به افقرة الأولى من المادة 844 مدنى سالفة الذكر ، إذ تقول : " يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض وقد يقع من تعرض أو استحقاق لسبب سابق على القسمة ... " . فإذا كان سبب الاستحقاق تاليا للقسمة لا قبلها ، فلا ضمان ( $%&[1] ) وقد قضت محكمة النقض بألا يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض ما قد يقع من تعرض أو استحقاق إلا فيما كان منهما لسبب سابق على القسمة ، فيمتنع الضمان إذا كان التعرض أو الاستحقاق لسبب لاحق للقسمة ( نقض مدنى 26 أبريل سنة 1962 مجموعة أحكام النقض 13 رقم 78 ص 506 ) .&%$ ) . مثل ذلك أن تنزع ملكية العين من تحت يد المتقاسم للمنفعة العامة ، وذلك بعد تمام القسمة . ومثل ذلك أيضاً أن تكون العين التى وقعت مفرزة فى نصيب المتقاسم فى حيازة أجنبى مدة طويلة ولكنها مدة غير كافية ليكسبها الحائز بالتقادم . ففى هذه الحالة تظل العين مملوكة للمتقاسم ، وعليه أن يقطع التقادم . فإذا أهمل فى قطعه حتى تكامت المدة وأصبحت العين مملوكة للحائز ، فإن المتقاسم لا يرجع لضمان الاستحقاق ، لأن سبب الاستحقاق وهو التقادم قد تحقق بعد القسمة لا قبلها والضمان لا يقوم إلا لسبب سابق على القسمة ( $%&[1] ) ديمولومب 17 فقرة 342 – لوران 10 فقرة 412 – بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3406 .&%$ ) كما قدمنا . وسنرى فيما يلى أن هذا الفرض الذى نحن صدده لا يقوم فيه الضمان لسبب آخر ، هو أن الاستحقاق راجع إلى خطأ المتقاسم لأنه أهمل فى قطع التقادم واسترداد العين .

أما إذا كان الحائز قد استكمل مدة التقادم قبل القسمة فصارت العين مملوكة له قبل أن تقع بالقسمة فى نصيب المتقاسم ، فإن ضمان الاستحقاق يقوم $ 976 $ فى هذا الفرض لأن سبب الاستحقاق وهو التملك بالتقادم قد تحقق قبل القسمة ، فكان الاستحقاق راجعا لسبب سابق على القسمة . ويلحق بهذا الفرض ما إذا كان الحائز وقت القسمة قد قارب استكمال مدة التقادم ، بحيث لم يبقى إلا وقت قصير لا يتمكن فيه المتقاسم من اتخاذ إجراءات تقطع التقادم . فإذا كان الحائز قد وضع يده على العين مدة خمس عشرة سنة إلا شهراً مثلا ، ثم وقعت العين بالقسمة فى نصيب المتقاسم ، فإن التقاسم لا يتيسر له فى الشهر الباقى لتمام مدة التقادم أن يكشف عن هذا الوضع وأن يتخذ الإجراءات اللازمة لقطع التقادم . فيكون الحق الذى يتمسك به الغير فى هذا الفرض فى حكم الثابت قبل القسمة ، ومن ثم يقوم ضمان الاستحقاق ( $%&[1] ) أوبرى ورو 10 فقرة 625 هامش 35 – إسماعيل غانم فقرة 136 ص 316 وهاشم 2 - أنظر عكس ذلك دى باج وديكوز 9 فقرة 1423 ص 1064 – وقارن بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3407 ص 716 .&%$ ) .

590 - الشرط الثالث – عدم رجوع الاستحقاق إلى خطأ المتقاسم نسفه : وتقول العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 844 مدنى سالفة الذكر : " ويمتنع الضمان أيضا إذا كان الاستحقاق راجعا إلى خطأ المتقاسم نفسه " . وقد رأينا فيما تقدم ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 589 .&%$ ) مثلا لاستحقاق يرجع إلى خطأ المتقاسم ، فيما إذا كانت العين التى وقعت فى نصيبه فى حيازة حائز لم يستكمل مدة التقادم ، وأهمل المتقاسم فى قطع المدة واسترداد العين حتى اكتملت مدة التقادم وأصبحت العين مملوكة للحائز ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى : " ويسقط الضمان كذلك إذا كان سببه راجعا إلى خطأ المتقاسم ، كأن أهمل فى قطع التقادم " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 128 ) .&%$ ) .

ويكون سبب الاستحقاق راجعا إلى خطأ المتقاسم أيضاً ، إذا رفعت عليه الغير دعوى الاستحقاق فتولى وحده الدفاع فى الدعوى ، دون أن يدخل المتقاسمين فيها ، وأهمل التمسك بدفع كان يؤدى إلى رفضها ، فيفقد فى هذا $ 977 $ الفرض حقه فى الضمان ( $%&[1] ) ديمولوب 17 فقرة 335 – لوران 10 فقرة 356 – بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3414 .&%$ ) . وقد قيس هذا الفرض على الفرض المنصوص عليه صراحة فى ضمان الاستحقاق فى البيع ، إذ تنص المادة 440 / 3 مدنى على ما يأتى : " وإذا لم يخطر المشترى البائع بالدعوى فى الوقت الملائم وصدر عليه حكم حاز قوة الأمر المقضى ، فقد حقه فى الرجوع بالضمان إذا أثبت البائع أن تدخله فى الدعوى كان يؤدى إلى رفض دعوى الاستحقاق " . ويفقد المتقاسم حقه فى الضمان حتى لو كان الدفع الذى أغفل التمسك به هو الدفع بالتقادم ، بأن كان حائزاً للعين وتملكها بالتقادم ، ولكنه أغفل التمسك بهذا الدفع إطاعة لوحى ضميره . فقد كان عليه أن يدخل المتقاسمين الآخرين فى الدعوى ، وكانوا هم يتولون عنه الدفع بالتقادم ، فلا يضطر أن يتمسك شخصيا بهذا الدفع ( $%&[1] ) ديمولوب 17 فقرة 355 – لوران 10 فقرة 356 – بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3414 – إسماعيل غانم 136 ص 317 هامش 2 .&%$ ) . كذلك يكون سبب الاستحقاق راجعا إلى خطأ المتقاسم ، إذا تولى وحده الدفاع فى دعوى الاستحقاق المرفوعة عليه من الغير ولم يدخل المتقاسمين الآخرين ، وأقر بالحق للغير أو انتهج سبيلا للدفاع أدى إلى خسارته للدعوى ، إذا أثبت المتقاسمون الآخرون أن الغير لم يكن على حق فى دعواه ، وذلك قياسا على المادة 441 مدنى الواردة فى ضمان الاستحقاق فى البيع .

591 - الشرط الرابع – عدم وجود شرط يعفى من الضمان : وتقول العبارة الأولى من الفقرة الثانية من المادة 844 مدنى سالفة الذكر : " غير أنه لا محل للضمان إذا كان هناك اتفاق صريح يقضى بالإعفاء منه فى الحالة الخاصة التى نشأ عنها ... " . ويحسن أن نضع إلى جانب هذا النص النص المقابل فى ضمان الاستحقاق فى البيع ، لنبين أن المشرع قد توخى فى القسمة أن يكون أكثر تشدداً فيما يتعلق بالإعفاء من الضمان ، فاشتراط ، على خلاف البيع ، أن يكون شرط الإعفاء صريحا وواردا على الحالة الخاصة التى نشأ عنها الضمان . فقد نصت المادة 445 مدنى ، فيما يتعلق بضمان الاستحقاق $ 978 $ فى البيع ، على ما يأتى : " 1 - يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا ضمان الاستحقاق ، أو أن ينقصا منه ، أو يسقطا هذا الضمان . 2 - ويفترض فى حق الارتفاق أن البائع قد اشترط عدم الضمان إذا كان هذا الحق ظاهرا ، أو كان البائع قد أبان عنه للمشترى . 3 - ويقع باطلا كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الأجنبى " .

ونرى من هذه النصوص أن أحكام الضمان ، سواء فى البيع أو فى القسمة ، ليست من النظام العام ، فيجوز الاتفاق على تعديلها . بالزيادة أو النقص أو الإسقاط .

ومثل الاتفاق على زيادة الضمان اشتراط ضمان نزع ملكية العين بعد القسمة أو بعد البيع ، واشتراط ضمان يسار المدين عند الوفاء .

ومثل الاتفاق على إنقاص الضمان اشتراط عدم ضمان حقوق الارتفاق فى القسمة أو فى البيع ، ويقع باطلا كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع أو كان المتقاسمون قد تعمدوا إخفاء حق الارتفاق . ذلك أنهم يكونون قد ارتكبوا غشا واشتراطوا عدم مسئوليتهم عنه ، ولا يجوز طبقا للقواعد العامة اشتراط عدم المسئولية عن الغش حتى لو كانت المسئولية عقدية . ويفترض فى حق الارتفاق أن البائع أو المتقاسمين قد اشترطوا عدم الضمان إذا كان هذا الحق ظاهراً ، أو كان البائع قد أبان عنه للمشترى . فيكفى إذن أن يكون المشترى أو المتقاسم عالما بحق ارتفاق قائم على العقار ، ويكون علمه آتياً من طريق ظهور هذا الحق أو الإبانة عنه ، حتى يكون هذا العلم بمثابة شرط بعدم الضمان . وكان الأصل أن هذا العلم وحده لا يكفى ، بل يجب أن يشترط عدم الضمان ، ويكون الشرط صريحا فيما يتعلق بالقسمة ( $%&[1] ) أنظر فى هذه المسألة الوسيط 4 فقرة 358 .&%$ ) .

بقى الاتفاق على إسقاط الضمان . ففى البيع يجوز للبائع إعفاء نفسه من الضمان بعبارة عامة لا يذكر يها سبب الاستحقاق بالذات الذى يريد إعفاءه منه ، ويصح أن يكون الشرط صريحا أو ضمنيا . وإذا أراد البائع إعفاء نفسه ، لا فحسب من التعويض ، بل أيضا من دفع قيمة المبيع وقت الاستحقاق ، فإنه يكفى أن يشترط ولو ضمنيا إسقاط الضمان ويثبت فى الوقت ذاته أن $ 979 $ المشترى كان يعلم وقت البيع بسبب الاستحقاق أو يثبت أن المشترى عندما قبل شرط إسقاط الضمان قد اشترى ساقط الخيار أى عالما بأن البيع احتمالى وقد أقدم عليه مخاطر ( $%&[1] ) أنظر فى ذلك الوسيط 4 فقرة 359 .&%$ ) . أما فى القسمة ، فقد تشرع المشرع كما قدمنا ، واشترط للإعفاء من الضمان أولا أن يكون شرط الإعفاء صريحا فلا يكفى الشرط الضمنى ( $%&[1] ) ومن باب أولى لا يكفى مجرد العلم بسبب الاستحقاق ، إذا لم يوجد شرط صريح بالإعفاء من الضمان . وقد كان الحكم ، فى عهد التقنين المدنى السابق على خلاف ذلك ، فكان مجرد علم المتقاسم بسبب الاستحقاق يجعل رجوعه على المتقاسمين الآخرين مقصورا على قيمة ما استحق وقت القسمة ، دون الرجوع بالتعويض ، قياسا على أن البائع لا يضمن سوى الثمن متى كان المشترى عالما وقت الشراء بسبب الاستحقاق . وقد قضت محكمة النقض ، فى عهد التقنين المدنى السابق ، بأن القواعد التى تحكم ضمان البائع هى التى تحكم ضمان المتقاسم . وعلى ذلك فالمتقاسم الذى يعلم وقت القسمة أن ما اختص به فيها مهدد بخط الاستحقاق لسبب أحيط به علما منن طريق من تقاسم معه أو من أى طريق آخر ، لا يسوغ له فى حالة الاستحقاق أن يرجع على قسيمة إلا بقيمة ما استحق وقت القسمة ، لأن تعيين قيمة الأموال المستحقة فى عقد القسمة يقابل تعيين الثمن فى عقد البيع . والمقرر فى عقد البيع ، على ما يستفاد من نص المادة 265 من القانون المدنى ، أن البائع لا يضمن سوى الثمن متى كان المشترى عالما وقت الشراء بسبب الاستحقاق ، وأنه مع هذا العلم لا حاجة إلى شرط عدم الضمان ليمتنع على المشترى الرجوع على البائع بأى تعويض فى حالة الاستحقاق ( نقض مدنى 10 أكتوبر سنة 1946 مجموعة المكتب الفنى فى 25 عاما جزء 2 ص 884 ) .&%$ ) ، واشترط ثانيا أن يذكر فى شرط الإعفاء سبب الاستحقاق بالذات المراد الإعفاء من ضمانه ، وذلك كله تحقيقا للمساواة بين المتقاسمين ( $%&[1] ) وهذا هو أيضاً الحكم فى القانون الفرنسى ، فيشترط أن يكون شرط الإعفاء من الضمان صريحا وخاصا ( بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3410 – فقرة 3411 ) .&%$ ) . وليس ضروريا أن يرد الشرط الصريح بالإعفاء من الضمان فى سند القسمة ذاته ، بل يصح أن يكون فى ورقة مستقلة أو فى مكاتبات متبادلة بين المتقاسمين ( $%&[1] ) بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3412 – إسماعيل غانم فقرة 136 ص 318 وهامش 2 – وقد كان المشروع التمهيدى لنص المادة 844 يشترط أن يكون الإعفاء من الضمان وارداً فى سند القسمة ذاته ، فحذفت لجنة المراجعة هذا الاشتراط ( أنظر آنفاً فقرة 586 فى الهامش ) .

وإذا ورد شرط الإعفاء من الضمان صحيحا على الوجه الذى بسطناه ، سقط الضمان ، ولكن هذا لا يمنع المتقاسم من طلب نقض القسمة للغبن إذا توافرت شروطه ( بودرى وفال فى المواريث 3 فقرة 3413 ) .&%$ ) .

 $ 980 $

2 - الآثار التى تترتب على تحقق الضمان

592 - الأحوال التى يرجع فيها المتقاسم بالتعويض عند تحقق الضمان : إذا تعرض الغير للمتقاسم على الوجه الذى بسطناه ، فالأولى بالمتقاسم أن يدخل المتقاسمين الآخرين ضامنين فى الدعوى ، وذلك على التفصيل الذى أوردناه فى ضمان التعرض فى البيع( $%&[1] ) أنظر فى هذه المسألة الوسيط 4 فقرة 345 – فقرة 350 .&%$ ) . ويتضح من ذلك أن المتقاسم ، كالبائع ، يرجع بالتعويض على المتقاسمين ، إذا استحقت العين التى وقعت فى نصيبه ( $%&[1] ) ويسقط بالتقادم الالتزام بالضمان فى القسمة بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذى يثبت فيه الاستحقاق ( عبدالمنعم البدراوى فقرة 165 – قارن محمد على عرفة فقرة 319 ص 453 ومحمد كامل مرسى 2 فقرة ص 240 ويذهبان إلى أن التقادم يسرى من وقت تمام القسمة ) .&%$ ) ، فى إحدى الأحوال الآتية :

1 - إذا أخطر المتقاسم المتقاسمين الآخرين بدعوى الاستحقاق ، فتدخل المتقاسمون ولكنهم لم يفلحوا فى دفع دعوى المتعرض .

2 - إذا أخطر المتقاسم المتقاسمين الآخرين بدعوى الاستحقاق ، فلم يتدخل المتقاسمون فى الدعوى ، وحكم للمتعرض ، ولم يستطع المتقاسمون إثبات تدليس المتقاسم الدائن بالضمان أو خطأه الجسيم .

3 - إذا أخطر المتقاسم المتقاسمين الآخرين بدعوى الاستحقاق ، فلم يتدخل المتقاسمون فى الدعوى ، وأقر المتقاسم الدائن بالضمان بحق المتعرض أو تصالح معه ، ولم يستطع المتقاسمون الآخرون إثبات أن المتعرض لم يكن على حق فى دعواه .

4 - إذا لم يخطر المتقاسم المتقاسمين الآخرين بدعوى الاستحقاق ، وحكم للمتعرض ، ولم يثبت المتقاسمون الآخرون أن تدخلهم فى الدعوى كان يؤدى إلى رفضها .

5 - إذا سلم المتقاسم للمتعرض بحقه دون دعوى يرفعها المتعرض ، ولم يثبت المتقاسمون الآخرون أن المتعرض لم يكن على حق فى دعواه ( $%&[1] ) أنظر فى كل ذلك الوسيط 4 فقرة 351 .&%$ ) .

 $ 981 $

فإذا وجب للمتقاسم على المتقاسمين الآخرين ضمان الاستحقاق فى حالة من الأحوال المتقدمة الذكر . لم تخل الحال من أحد فروض ثلاثة : ( أ ) فإما أن يكون الاستحقاق استحقاقا كليا ، فيجب على المتقاسمين الآخرين أن دفع تعويض كامل للمتقاسم الدائن بالضمان على النحو الذى سنبينه . ( ب ) أو أن يكون الاستحقاق استحقاقا جزئيا ، فيجب على المتقاسمين الآخرين أن يدفعوا للمتقاسم الدائن بالضمان تعويضاً بقدر الضرر الذى أصابه على التفصيل الذى سنذكره ( ج ) أو أن يكون المتقاسم الدائن بالضمان قد دفع للمتعرض شيئا فى مقابل حقه صلحا أو إقرار بهذا الحق ، فيجب على المتقاسمين الآخرين ، إذا أرادوا أن يتخلصوا من ضمان الاستحقاق ، أن يردوا للمتقاسم الدائن بالضمان ما أداه للمتعرض . ونستعرض كلا من هذه الفروض الثلاثة .

593 - الفرض الأول – الاستحقاق الكلى : المفروض هنا أن العين التى وقعت فى نصيب المتقاسم الدائن بالضمان قد استحقت استحقاق كليا ، بأن استطاع الأجنبى المتعرض أن يثبت ملكيته لها وأن يستردها من تحت يد المتقاسم . فعند ذلك يرجع المتقاسم ، لا بنقص القسمة كما فى الغبن ، ولا بفسخها ، ولكن بالتعويض على الوجه الذى يرجع به المشترى فى ضمان استحقاق المبيع ، وعلى ذلك يتكون التعويض من عنصرين أساسيين ( $%&[1] ) أنظر م 443 مدنى فى البيع .&%$ ) .

أولا - قيمة العين المستحقة وقت القسمة . ويلاحظ أن المشترى فى البيع يرجع على البائع بقيمة المبيع وقت الاستحقاق ، أما فى القسمة فيرجع المتقاسم الدائن بالضمان كما قدمنا على المقاسمين الآخرين بقيمة العين وقت القسمة وقد رأينا الفقرة الأولى من المادة 844 مدنى تقول : " ويكون كل منهم ( من المتقاسمين ) ملزما بنسبة حصته أن يعوض مستحق الضمان ، على أن تكون العبرة فى تقدير الشيء بقيمته يوم القسمة . فإذا كان أحد المتقاسمين معسراً ، وزع القدر الذى يلزمه على مستحق الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين " . والسبب فى التمييز بين البيع والقسمة على هذا النحو واضح . فالبيع عقد مضاربة يتعرض فيه المشترى للربح والخسارة . ومن ثم يستحق قيمة المبيع وقت الاستحقاق لا وقت البيع ، فإن زادت القيمة ربح وإن قلت خسر ، وطبيعة $ 982 $ عقد البيع تسمح بذلك . أم القسمة فقد روعى فيها المساواة التامة بين المتقاسمين ، ولذلك يتقاضى المتقاسم مستحق الضمان قيمة العين وقت القسمة ولا وقت الاستحقاق ، فلا يعرض نفسه لا للربح ولا للخسارة ، ويتساوى مع سائر المتقاسمين وقت أن أجريت القسمة بينهم . فإذا فرضنا أن قيمة العين وقت القسمة 1500 ، وكان عدد المتقاسمين خمسة حصصهم متساوية ومنهم المتقاسم مستحق الضمان ، تحمل هذا الأخير نصيبه فى هذه القيمة وهو 300 ، ورجع بالباقى وهو 1200 على المتقاسمين الأربعة الآخرين فيدفع له كل منهم 300 . فإذا أعسر واحد من الأربعة إعسارا كليا ، تحمل المتقاسم مستحق الضمان هو والمتقاسمون الثلاثة الباقون القدر الذى يلزم المتقاسم المعسر وهو 300 ، فيتحمل كل من هؤلاء المتقاسمين الأربعة 75 . ومن ثم يرجع المتقاسم مستحق الضمان على كل من المتقاسمين الثلاثة غير المعسرين بمبلغ 375 : 300 نصيبه الأصلى و 75 حصته فى نصيب المعسر . فيتقاضى المتقاسم مستحق الضمان من الثلاثة مبلغ 1125 ( 375×3 ) ، ويتحمل هو الباقى وهو مبلغ 375 ( 1500 - 1125 ) ، فيكون بذلك قد تحمل حصته فى نصيب المعسر وهى 75 .

ثانيا - ملحقات قيمة العين ، وهى الفوائد القانونية لهذه القيمة من وقت القسمة ، وقيمة الثمار التى ألزم المتقاسم مستحق الضمان أن يلزم بها المتعرض وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان المتقاسمون الآخرين سيئ النية ، وجميع مصروفات دعوى الضمان ، ودعوى الاستحقاق ، عدا ما كان المتقاسم مستحق الضمان يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر المتقاسمين الآخرين بالدعوى ، وبوجه عام تعويض المتقاسم مستحق الضمان ما لحقه من خسارة ( $%&[1] ) أنظر المادة 443 مدنى فى ضمان الاستحقاق فى البيع والوسيط 4 فقرة 352 .&%$ ) . ويلاحظ أن القسمة هنا تختلف عن البيع من وجهين :

(1)      أن المشترى يتقاضى من البائع ، إلى جانب ما لحقه من خسارة ، مقدار ما فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع . أما فى القسمة فالمتقاسم مستحق الضمان يتقاضى ما لحقه من خسارة دون ما فاته من كسب ، لأن القسمة لا يقصد بها المضاربة كالبيع .

(2)      أن المتقاسم مستحق الضمان يستنزل من الملحقات التى تقدم ذكرها نصيبه هو فيها ، ويرجع بالباقى $ 983 $ على المتقاسمين الآخرين ، وهذا ما نقتضيه طبيعة القسمة بخلاف ما تقتضيه طبيعة البيع .

594 - الفرض الثانى – الاستحقاق الجزئى : لم يفصل المشرع فى القسمة ، كما فصل فى البيع ، أحكام ضمان الاستحقاق ، بل اكتفى بالقول بأن يكون كل من المتقاسمين " ملزما بنسبة حصته أن يعوض مستحق الضمان " . أما فى البيع ، فيما يتعلق بالاستحقاق الجزئى ، فقد نصت المادة 444 مدنى على ما يأتى : : " 1 - إذا استحق بعض المبيع ، أو وجد مثقلا بتكليف ، وكانت خسارة المشترى من ذلك قد بلغت قدرا لو علمه لما أتم العقد ، كان له أن يطالب البائع بالمبالغ المبينة فى المادة السابقة ( المبالغ الواجب دفعها فى حالة الاستحقاق الكلى ) ، على أن يرد له المبيع وما أفاده منه . 2 - فإذا اختار المشترى استبقاء المبيع ، أو كانت الخسارة التى لحقته لم تبلغ القدر المبين فى الفقرة السابقة ، لم يكن له إلا أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق " . وتختلف القسمة عن البيع فى هذه المسألة . فإن المشترى ، فى حالة البيع ، يفتح له باب الخيار المذكور فى النص ، فيرد ما بقى من المبيع إلى البائع أو يستبقيه . أما فى القسمة فنرى أنه يصعب فتح باب الخيار للمتقاسم ، فالمتقاسمون لم ينقلوا له ملكية حتى يضمنوها على الوجه المبين فى النص ، هذا إلى أن رد الباقى من العين معناه فسخ القسمة وإجراء قسمة جديدة وهذا أمر غير مرغوب فيه إلا للضرورة . لذلك نرى الاقتصار ، فى الاستحقاق الجزئى فى القسمة ، على التعويض ، وليس للمتقاسم أن يرد ما بقى من العين .

ويتحقق الاستحقاق الجزئى بطرق مختلفة ، فقد يستحق جزء من العين شائع أو مفرز ، وقد يتبين أنه قد ترتب على العين حق انتفاع أو حق ارتفاق أو أن هناك حق ارتفاق ذكر أنه مترتب لمصلحة العين وظهر بعد ذلك أنه غير موجود ، ففى جميع هذه الأحوال يكون هناك استحقاق جزئى .

فإذا استحقت العين استحقاقا جزئيا على الوجه المتقدم ، فإن للمتقاسم أن يرجع على بقية المتقاسمين بالتعويض عما أصابه من خسارة ، ولكن لا يرجع عليهم ، كما يرجع البائع ، بالتعويض عما فاته من كسب .ويجب هنا أيضا تطبيق ما سبق أن قررناه فى الاستحقاق الكلى ، من أن العبرة فى تقدير العين بقيمتها $ 984 $ يوم القسمة ، ومن أن المتقاسم مستحق الضمان يساهم بقدر حصته فى التعويض ، ومن أنه إذا كان أحد المتقاسمين معسراً وزع القدر الذى يلزمه على مستحق الضمان وجميع المتقاسمين غير المعسرين .

595 - الفرض الثالث – رد ما أداه المتقاسم للمتعرض : تنص المادة 442 مدنى ، فيما يتعلق بضمان الاستحقاق فى البيع ، على أنه " إذا توفى المشترى استحقاق المبيع كله أو بعضه بدفع مبلغ مبلغ من النقود أو بأداء شيء آخر ، كان للبائع أن يتخلص من نتائج الضمان بأن يرد للمشترى المبلغ الذى دفعه أو قيمة ما أداه مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات " . والمفروض هنا أن المشترى توقى الحكم باستحقاق المبيع استحقاقا كليا أو استحقاقا جزئيا ، وذلك بأن اتفق مع المتعرض على ذلك فى مقابل مبلغ من النقود أو فى مقابل شيء آخر يؤديه له . فيثبت القانون عندئذ للبائع نوعا من الاسترداد يستطيع بموجبه أن يكفى نفسه نتائج الضمان ومؤونة التعويضات ، بأن يرد للمشترى ما أداه للمتعرض مع الفوائد القانونية وجميع المصروفات ، فيتخلص بذلك من ضمان الاستحقاق . وليس للمشترى أن يشكو ، فقد استطاع أن يستبقى المبيع سالما من الاستحقاق فى مقابل أداه للمتعرض ، فإذا استرد من البائع قيمة هذا المقابل ، فإنه يكون بذلك قد استبقى المبيع واسترد خسارته ، فلم ينله أى ضرر ( $%&[1] ) أنظر فى هذه المسألة الوسيط 4 فقرة 354 .&%$ ) .

ونرى أنه يجوز تطبيق هذا الحكم ، بطريق القياس ، فى ضمان الاستحقاق فى القسمة . فالحكمة متحققة ، بل إن القسمة أولى من البيع بالإبقاء عليها عن هذا الطريق الميسر( $%&[1] ) ويمكن القول بوجه عام إن أحكام ضمان الاستحقاق فى البيع هى الأحكام العامة الواجبة التطبيق فى ضمان الاستحقاق فى جميع المعارضات ، ومنها القسمة ، ما لم يتعارض حكم منها مع طبيعة العقد ومقوماته الخاصة .&%$ ) .

وحتى يكون للمتقاسمين الآخرين حق الاسترداد ، يجب أن يتفق المتقاسم مستحق الضمان مع المتعرض على تفادى استحقاق العين استحقاقا كليا أو جزئيا بأن يدفع المتقاسم للمتعرض مبلغا من المال فى مقابل نزول المتعرض عن ادعائه . وهذا الاتفاق يكون فى الغالب صلحا ، ولكن هذا الصلح يعتبر بالنسبة إلى $ 985 $ بقية المتقاسمين استحقاقا للعين فيجب عليهم الضمان ، وإن كانوا يستطيعون التخلص منه فى مقابل أن يردوا للمتقاسم مستحق الضمان المبلغ الذى دفعه للمتعرض وفوائده القانونية من يوم الدفع وكذلك مصروفات الصلح الذى تم بين المتقاسم والمتعرض . ويلاحظ هنا ، فى القسمة ، أن المتقاسم مستحق الضمان يساهم فى ذلك ، فيستنزل نصيبه فى هذا المبلغ بقدر حصته . ولا يختار المتقاسمون استعمال حق الاسترداد إلا إذا وجدوا أن المبلغ الذى سيردونه للمتقاسم مستحق الضمان أقل من التعويضات التى كانوا يدفعونها بسبب ضمان الاستحقاق ، وبفرض أن حق المتعرض لا يمكن دفعه .

وقد يكن الاتفاق الذى يتم بين المتقاسم مستحق الضمان والمتعرض صلحا لا يدفع فيه المتقاسم للمتعرض مبلغا من النقود . فقد يكون المستحق حق ارتفاق للعين ينكره المتعرض ، فيتفق معه من المتقاسم على أن يكف عن إنكاره فى نظير ترتيب حق ارتفاق مقابل لعقار المتعرض على العين . وفى هذه الحالة لا يتخلص المتقاسمون الآخرون من نتائج الضمان باستعمال حق الاسترداد ، إلا إذا دفعوا للمتقاسم مستحق الضمان قيمة حق الارتفاق الجديد الذى أنشئ على العين والفوائد القانونية لهذه القيمة من وقت إنشاء حق الارتفاق ومصروفات الصلح ، وذلك كله بعد استنزال نصيب المتقاسم مستحق الضمان فى هذه المبالغ بنسبة حصته كما سبق القول ( $%&[1] ) والمفروض فى استعمال المتقاسمين الآخرين لحق الاسترداد على النحو الذى قدمناه أن يكون المتقاسم مستحق الضمان قد اتفق مع المتعرض ، وتوفى باتفاقه هذا استحقاق العين . أما إذا ترك المتقاسم المتعرض يسير فى دعوى ا لاستحقاق دون أن يتفق معه ، وحكم للمتعرض بالاستحقاق الكلى مثلا فاسترد العين من تحت يد المتقاسم ، ثم اتفق المتقاسم مع المستحق على أن يعيد إليه العين بعقد جديد ، بيع أو مقايضة أو غير ذلك ، فإن ضمان الاستحقاق يكون واجبا على المتقاسمين الآخرين ، ولا يستطيع هؤلاء أن يتوقوه بأن يدفعوا للمتقاسم مستحق الضمان الثمن الذى دفعه هذا الخير فى البيع الجديد أو قيمة العين التى قايض بها . فضمان الاستحقاق يبقى ذمة المتقاسمين الآخرين ، وتسر عليه الأحكام التى بسطناها فيما تقدم . وعلاقة المتقاسم مستحق الضمان بالمتعرض يحكمها العقد الجديد الذى تم بينهما والذى بموجبه أعاد المتعرض العين للمتقاسم ، وليس فى هذا إلا تطبيق القواعد العامة .&%$ ) .

 $ 986 $

الفصل الثانى

الشيوع الإجبارى

( Copropriete avec indivision )

596 - نص قانونى : تنص المادة 850 مدنى على ما يأتى :

 " ليس للشركاء فى مال شائع أن يطلبوا قسمته ، إذا تبين من الغرض الذى أعد له هذا المال أنه يجب أن يبقى دائما على الشيوع( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1221 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 921 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 919 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 850 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 141 – ص 142 ) .&%$ ) " .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الأحكام كان معمولا بها .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 805 – وفى التقنين المدنى الليبى م 854 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1081 – وفى قانون الموجبات والعقود اللبنانى م 842( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 805 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 854 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1081 ( موافق ) .

قانون الموجبات والعقود اللبنانى م 842 : لا يجوز طلب القسمة إذا كان موضوع الشركة أشياء لا تبقى بعد قسمتها صالحة للاستعمال المعدة له .

( وأحكام القانون اللبنانى موافقة لأحكام القانون المصرى ) .&%$ ) .

ويؤخذ من النص سالف الذكر أن الشيوع الإجبارى يختلف عن الشيوع العادى الذى بسطنا أحكامه فيما تقدم ، فى أن الشيوع الإجبار لا يجوز لأى من الشركاء طلب القسمة فيه . ذلك أن الغرض الذى أعد له المال الشائع يقتضى أن يبقى دائما على الشيوع . مثل ذلك قنطرة شائعة بين الملاك المجاورين يعبرون عليها للطريق العام ، أو طريق مشترك أو ممر مشترك لملاك متجاورين ، أو فناء $ 987 $ مشترك يفصل ما بين ملكين متجاورين ، أو بئر مشترك ، أو مغس لمشترك ، أو ترعة مشتركة ، أو مصرف مشترك ( $%&[1] ) ومن أهم أحوال الشيوع الإجبارى " حالة الجوار إذا كان الشيوع نتيجة تبعية لعقارات متجاورة ومتلاصقة ومملوكة لغير مالك واحد ، وكان من اللازم إنشاء طريق لها يستفيد به أصحاب العقارات فى استغلالها أو ترك محل فسيح بينها بمثابة حرم لها ، بحيث تعتبر هذه المماشى والميادين المتروكة مخصصة جميعها للمنفعة الخاصة للمالكين " ( قنا الجزئية 25 مايو سنة 1942 المجموعة الرسمية 45 رقم 48 ص 95 ) . وقرب استئناف مختلط 9 يناير سنة 1929 م 41 ص 239 .

وقاضى الموضوع هو الذى يبت فيما إذا كان المال الشائع لا تمكن قسمته دون إخلال بالغرض الذى أعد له هذا المال ( نقض فرنسى 21 أكتوبر سنة 1889 داللوز 91 - 5 - 435 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 293 ) .&%$ ) . ومثل ذلك أيضاً الحائط المشترك ، والأجزاء المشتركة فى ملكية الطبقات ( $%&[1] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 141 .

وما قدمناه من الشيوع الإجبارى هو الشيوع الإجبارى التبعى ، لأن الشيء المشترك تابع لملكيات مفرزة وقد أعد لخدمتها . وهناك شيوع إجبارى أصلى محله شيء أصلى لا تابع مخصص لخدمة جماعة على وجه دائم ، وذلك كالمبانى والمرافق التى تقام فى الجبانات ( أما أراضى الجبانات فهى من الأمور العامة والبناء عليها يكون بترخيص إدارى ) ، وذلك صور الأسرة ووثائقها والأوسمة وما إلى ذلك ( محمد كامل مرسى 1 فقرة 173 ص 222 – ص 228 – إسماعيل غانم فقرة 143 ص 331 ) .&%$ ) .

597 - طبيعة حق الشريك فى الشيوع الإجبارى وأحكام هذا الشيوع : وإذا أخذنا أحد الأمثلة التى قدمناها فى الشيوع الإجبارى ، الطريق المشتركة بين مالكين مجاورين له ، لنبحث طبيعة حق كل شريك فى هذا الطريق ، كان علينا أن نختار بين أحد وضعين . الوضع الأول أن يكون نصف هذا الطريق مملوكا ملكية مفرزة للمالك المجاور لهذا النصف ولهذا المالك حق ارتفاق بالمرور فى النص فالآخر ، وهذا النصف الآخر مملوك ولهذا المالك حق ارتفاق بالمرور فى النصف الآخر ، وهذا النصف الآخر مملوك أيضاً ملكية مفرزة للمالك المجاور له ولهذا المالك حق ارتفاق بالمرور فى النصف الأول . والوضع الثانى أن يكون الطريق بأجمعه مملوكا ملكية شائعة للمالكين المجاورين لكل منهما النصف فى الشيوع ، ونظراً لما أعد له هذا الطريق من غرض مشترك يكون الشيوع إجباريا ولا تجوز القسمة . وهذا الوضع الثانى ، الملكية الشائعة شيوعا إجباريا ، هو الوضع الصحيح ( $%&[1] ) استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1906 م 18 ص 205 – نقض فرنسى 13 مارس سنة 1934 سيريه 1934 – 1 – 148 أووبرى ورو 2 فقرة 221 ثالثا ص 559 – بودرى و؟؟؟؟ فقرة 274 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 294 ص 289 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2756 – كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1043 – فقرة 1044 – مازو 2 فقرة 1316 – كاربونييه ص 93 – محمد كامل مرسى 2 فقرة 153 – شفيق شحاتة فقرة 151 ص 175 هامش 2 – محمد على عرفة فقرة 345 – عبد المنعم البدراوى فقرة 169 وفقرة 171 – إسماعيل غانم فقرة 144 – حسن كيرة فقرة 171 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 173 .&%$ ) ، وتترتب عليه نتائج هامة نذكر منها :

 $ 988 $

1-       إذا فصل الطريق المشترك بين بنائين فلمالك كل بناء أن يفتح مطلا مواجها على بناء جاره . والمسافة التى يتركها هى متران من حافة الطريق الملاصقة لأرض الجار ، لا من منتصف الطريق كما ينبغى أن يكون الأمر لو أن الوضع كان ملكية مفرزة لنصف الطريق مصحوبة بحق ارتفاق بالمرور ( $%&[1] ) نقض مدنى 2 نوفمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 154 ص 430 – نقض فرنسى 26 فبراير سنة 1912 داللوز 1913 – 1 – 244 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 294 .&%$ ) .

2-       لا يسقط حق المالك المجاور بعدم استعمال الطريق ، كما كان ينبغى أن يسقط لو أن له فقط حق ارتفاق بالمرور فى النصف الثانى من الطريق ( $%&[1] ) نقض فرنسى 25 أبريل سنة 1855 سيريه 56 – 1 – 396 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 294 .&%$ ) .

3-       لا يسرى على حق المالك المجاور بعد أحكام خاصة بحقوق الارتفاق وكانت تسرى لو أن حقه كان حق ملكية مفرزة مصحوبة بحق ارتفاق بالمرور .

ومن هذه الأحكام الخاصة التى لا تسرى ما نصت عليه المادة 1028 مدنى من أنه " 1 - ينتهى حق الارتفاق إذا تغير وضع الأشياء بحيث تصبح فى حالة لا يمكن فيها استعمال هذا الحق . 2 - ويعود إذا عادت الأشياء إلى وضع يمكن معه استعمال الحق ، إلا أن يكون قد انتهى بعدم الاستعمال " . ومنها أيضاً ما نصت عليه المادة 1029 مدنى من أن " لمالك العقار المرتفق به أن يتحرر من الارتفاق كله أو بعضه إذا فقد الارتفاق كل منفعة للعقار المرفق ، أو لمتبق له غير فائدة محدودة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به " ( $%&[1] ) أنظر أيضاً ، بين الأحكام الخاصة بحق الارتفاق ومن ثم لا تسرى ، م 1020 / 2 مدنى و م 1023 / 2 مدنى .&%$ ) .

وإذا تقرر أن الطريق المشترك ، فى المثل الذى قدمناه ، شائع شيوعا إجباريا ، فإن هذا الشيوع الإجبارى يختص بأحكام نذكر منه ما يأتى :

 $ 989 $

1-       لا يجوز التغيير فيما أعد له الطريق من غرض إلا بموافقة جميع الشركاء ، ولا يجوز لأحد منهم أن ينفرد بإدخال تعديل فى الطريق يكون من شأنه أن يعطل هذا الغر ، حتى لو كان الذى يقوم بهذا التعديل مالك له بناءان على حافتى الطريق مواجهان أحدهما للآخر وكان التعديل مقصورا على الجزء من الطريق الذى يفصل ما بين هذين البنائين( $%&[1] ) بودرى وشوفو فقرة 276 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 296 ص 293 – كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1041 – ص 839 .&%$ ) .

2-       تكون نفقات صيانة الطريق ، ليبقى مؤديا للغرض الذى أعد له ، على الشركاء ، بنسبة مصلحة كل منهم .

3-       يجوز لأى من الشركاء أن يتحلل من التزامه العينى بالمساهمة فى نفقات صيانة الطريق ، وذلك بتركة ( abandon ) حصته الشائعة فى ملكية الطريق ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 297 .&%$ ) .

4-         لا يجوز لأى من الشركاء أن يطلب القسمة لأن الشيوع إجبارى كما قدمنا ، كما لا يجوز أن يتصرف فى حصته الشائعة فى الطريق مستقلة عن العقار المملوك له ملكية مفرزة( $%&[1] ) مارتى ورينو فقرة 236 – كاربونييه ص 92 – محمد كامل مرسى 2 فقرة 154 – شفيق شحاتة فقرة 151 – محمد على عرفة فقرة 346 – فقرة 348 – عبد المنعم البدراوى فقرة 170 – إسماعيل غانم فقرة 145 – حسن كيرة فقرة 172 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 174 – فقرة 175 – منصور مصطفى منصور فقرة 97 ص 242 – ص 244 .

5-       وقد ورد فى التقنين المدنى العراقى عدة نصوص تنظم الطريق الخاص المشترك : أنظر المواد 1093 – 1097 من هذا التقنين .&%$ ) .

598 - أنواع خاصة من الشيوع الإجبارى : وهناك نوعان خاصان من الشيوع الإجبارى نظمها القانون تنظيما مفصلا ، هما الحائط المشترك ( ويلحق به الحائط الفاصل )( $%&[1] ) والحائط الفاصل ليس حائطا مشتركا ، بل هو ملك خاص لصاحبه ، فهو إذن ليس ملكية شائعة . ولكننا ألحقنا المشترك لاتصال الموضوعين أحدهما بالآخر اتصالا وثيقا ، وإن كان لكل منهما أحكامه الخاصة به .&%$ ) والأجزاء المشتركة فى ملكية الطبقات . ويمكن أن يلحق بهذين النوعين الخاصين من الشيوع الإجبارى نوع ثالث هو ملكية الأسرة ، ولكن الشيوع هنا وإن كان إجباريا شيوع موقت غير دائم ، ويقوم $ 990 $ على الاتفاق ما بين أفراد الأسرة . فيمكن القول إذن بأن ملكية الأسرة هى شيوع إجبارى ، وإن كان شيوعا اتفاقيا مؤقتا . ونتناول بالبحث كلا من هذه الأنواع الخاصة .

الفرع الأول

الحائط المشترك ( $%&[1] ) مراجع Delage فى المسائل التى يثيرها البناء الحديث فى شأن الحائط المشترك رسالة فى باريس سنة 1929 – Mejassol فى الحائط المشترك رسالة من باريس سنة 1939.&%$ )

( والحائط الفاصل )

( Mur mitoyen, et mur separatif )

599 - إثبات الاشتراك فى الحائط المشترك – نص قانونى : إذا فصل حائط ما بين بنائين ، فإن هذا الحائط قد يكون حائطا مشتركا ، وقد يكون حائطا فاصلا غير مشترك ولكنه مملوك ملكية خالصة لصاحب أحد البنائين .

ويجوز لكل ذى شأن أن يثبت أن الحائط الفاصل هو حائط مشترك . فيثبت أحد الجارين مثلا أنه أقام الحائط مع جاره بنفقات مشتركة ، أو أنه كان مملوكا لجاره ملكية خالصة ثم كسب من هذا الجار الاشتراك فى لحائط فى مقابل عوض دفعه له ، أو أن الجار جعل الحائط مشتركا بينهما بغير عوض . كما يجوز للجار أن يثبت الاشتراك فى الحائط بطريق التقادم المكسب ، بأن يثبت أنه حاز الحائط حيازة مشتركة مع جاره ، وتصرف فيه تصرف المالك للحائط المشترك دون أن يكون ذلك مبنيا على تسامح جاره ، وبقى كذلك طول المدة اللازمة للتقادم( $%&[1] ) أما إذا أقام أحد المالكين الحائط وحده ، ولكنه جعل بعض سمكه فى أرض جاره ، فإن هذا الجار يملك الجزء من الحائط المقام فى أرضه بطريق الالتصاق . ولكن يبدو أن الحائط لا يكون مشتركا أى شائعا ما بين المالكين ، بل إن كلا منهما يملك الجزء من الحائط المقام فى أرضه ( قارن إسماعيل غانم فقرة 146 ص 339 ) . وإذا كان البانى للحائط حسن النية ، فإنه يجوز له أن يجبر جاره على أن ينزل له عن ملكية الجزء من أرضه المشغولة بالحائط فى نظير تعويض عادل ( م 928 مدنى ) ، فيصبح الحائط فى هذه الحالة ملكا خالصا للبانى ، ويكون حائطا فاصلا غير مشترك .&%$ ) .

 $ 991 $

وقد وضع القانون قرينة قانونية نيسر إثبات الاشتراك فى الحائط ، فنصت المادة 817 مدنى على ما يأتى : " الحائط الذى يكون فى وقت إنشائه فاصلا بين بنائين يعد مشتركا حتى مفرقهما ، ما لم يقم دليل على العكس ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1185 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 888 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 886 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 817 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 61 – ص 62 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ، فقرينة الاشتراك فى الحائط فى عهد هذا التقنين قرينة قضائية لا قانونية .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى لا مقابل ( فالقرينة قرينة قضائية ) .

التقنين المدنى الليبى م 826 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى 1091 ( مطابق ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( فالقرينة قرينة قضائية ) .&%$ ) " . والقرينة كما نرى قابلة لإثبات العكس ، وحتى تقوم يجب توافر شرطين :

أولا - أن يكون الحائط فاصلا بين بنائين ، بأن يكون هناك بناءان متلاصقان يفصل بينهما حائط . فإذا لم يكن الحائط يفصل بين بنائين فلا تقوم القرينة . ومن ثم لا تقوم القرينة إذا كان هناك أرضان متلاصقان لمالكين مختلفين . وقد أقيم فى الحد الفاصل بين الأرضين حائط . كذلك لا تقوم القرينة إذا كان هناك بناء مجاور لأرض فضاء أو لفناء أو لحديقة أو لأرض زراعية ، وقد أقيم حائط فى الححد الفاصل بينهما( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 302 ص 298 .&%$ ) .

ثانيا - أن يكون الحائط قد فصل بين البنائين منذ إنشائه . فإذا أقيم الحائط ولم يكن هناك إلا بناء واحد ، فإن الحائط يكون جزءاً من هذا البناء وحده . وإذا أقيم بعد ذلك ملاصق للبناء الأول ، فإن الحائط لا يكون مشتركا ، بل يكون حائطا فاصلا بين البنائين غير مشترك ، وهو ملك خالص لصاحب البناء الأول كما سبق القول ( $%&[1] ) نقض فرنسى 24 أكتوبر سنة 1951 جازيت دى باليه 1952 – 1 – 29 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 302 ص 298 .&%$ ) .

 $ 992 $

فإذا توافر الشرطان سالفا الذكر ، قامت القرينة القانونية على أن الحائط مشترك . ولكن هذه القرينة القانونية قابلة كما قدمنا لإثبات العكس . فيجوز لأحد الجارين أن يثبت أن الحائط ملك خاص له ، كأن يقدم سندا على تملكه إياه ، أو كأن يثبت أنه ملك الحائط ملكا خالصا بالتقادم ، أو كأن يعارض القرينة بقرينة أخرى بأن يثبت مثلا أن الحائط كله مقام على أرضه " وملكية الأرض تشمل ما فوقها " ( م 803 / 2 ) . وإذا تعارضت القرائن رجع قاضى الموضوع بأيها يأخذ( $%&[1] ) نقض فرنسى 22 فبراير سنة 1932 جازيت دى باليه 1932 – 1 - 909 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 303 .&%$ ) .

ومتى ثبت أن الحائط مشترك ، وكان أحد البنائين المتلاصقين أعلى من الآخر ، فإن الحائط يعتبر مشتركا إلى الحد الذى يصل إلى قمة البناء الأقل علوا . أما الجزء من الحائط الذى يعلو فوق ذلك إلى قمة البناء الأعلى ، فيعتبر ملكا خالصا لصاحب هذا البناء . وهذا هو المعنى المقصود من المادة 817 مدنى سالفة الذكر عندما تقول ، عن الحائط الذى يكون وقت إنشائه فاصلا بين بنائين ، إنه " يعد مشتركا حتى مفرقهما " ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد ما أسلفناه : " والأصل أن الحائط الذى يكون وقت إنشائه فاصلا بين بنائين يعد مشتركا حتى مفرقهما ، ما لم يقم الدليل على العكس ( م 1185 من المشروع ، وهى تقابل م 69 من المشروع الإيطالى و م 653 من التقنين الإيطالى ) . ويشترط ، حتى تقوم هذه القرينة شرطان : ( أ ) أن يكون الحائط فاصلا بين بنائين ، فلا يكفى أن يكون فاصلا بين أرضين ، أو بين أرض وبناء . ( ب ) وأن يكون الحائط قد فصل بين البنائين منذ إنشائه ، فإذا لم يوجد وقت إنشاء الحائط إلا بناء واحد ، ثم قام بعد ذلك بناء آخر ملاصق استتر بالحائط ، فأصبح هذا الحائط جزءاً من البناء الأول ، فإن القرينة القانونية لا تقوم ، ويعتبر الحائط فى و ضعه الجديد فاصلا بين بنائين ومملوكا ملكية خالصة لصاحب هذا البناء . فإذا توافر الشرطان المتقدمان ، قامت القرينة القانونية على أن الحائط مشترك حتى مفرق البنائين ، إلى أن يقوم الدليل على العكس . أما الجزء الذى يعلو المفرق ، فملكيته خالصة لصاحب البناء الأعلى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 64 ) .&%$ ) .

ويتبين مما تقدم أن الحائط الفاصل بين بنائين قد يكون مشتركا ، قد يكون غير مشترك بل ملكا خالصا لصاحب أحد البنائين .

 $ 993 $

المبحث الأول

أحكام الحائط المشترك

600 - مسألتان : أحكام الحائط المشترك تتعلق بمسألتين :

( 1 ) النظام القانونى للحائط المشترك .

( 2 ) تعلية الحائط المشترك .

المطلب الأول

النظام القانونى للحائط المشترك

601 - نص قانونى : تنص المادة 814 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - لمالك الحائط المشترك أن يستعمله بحسب الغرض الذى أعد له . وأن يضع فوقه عوارض ليسند عليها السقف دون أن يحمل الحائط فوق طاقته " .

 " 2 - فإذا لم يعد الحائط المشترك صالحا للغرض الذى خصص له عادة ، فنفقة إصلاحه أو تجديده على الشركاء . كل بنسبة حصته فيه " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1182 من المشروع على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 885 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 883 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 814 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 55 – ص 57 ) .&%$ ) .

ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق . ولكن هذه الأحكام يمكن استخلاصها من القواعد العامة . وكان القضاء فى عهد هذا التقنين يطبقها دون نص( $%&[1] ) أنظر استئناف مختلط 3 يناير سنة 1900 م 12 ص 61 – 23 مايو سنة 1922 م 34 ص 423 – 29 مارس سنة 1923 م 35 ص 330 .&%$ ) .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى 974 – وفى التقنين المدنى الليبى م 823 – التقنين المدنى العراقى م 1087 – 1088 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 70( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 974 : 1 - لا يجوز لمالك حائط مشترك أن يرفعه أو ان يبنى عليه بدون رخصة شريكة فيه . 2 - إنما يجوز له أن يضع ، من جهة عقاره ، على الحائط المشترك ، أو أن يسند إليه ، جسورا أو منشآت أو سوى ذلك من الأبنية حتى غاية نصف الثقل الذى يتحمله الحائط . ( وهذه الأحكام تقارب أحكام القانون المصرى ) .

التقنين المدنى الليبى م 823 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1087 : 1 - لكل من الشريكين فى الحائط المشترك أن يضع عليه أخشابا أو غيرها بقدر ما لشريكه ، بشرط ألا يجاوز كل منهما ما يتحمله الحائط ، وليس لأحد منهما أن يزيد فى ذلك بدون إذن الآخر . 2 - وإذا لم يعد الحائط المشترك صالحا للغرص الذى خصص له عادة ، فنفقة إصلاحه أو تجديده على الشريكين مناصفة .

م 1088 : 1 - إذا وهى حائط مشترط وخيف مقوطه ، وأراد أحد الشريكين هدمه وأبى الآخر ، يجبر الآبى على الهدم . 2 - وإذا أنهدم الحائط المشترك ، وأراد أحدهما إعادة بنائه وأبى الآخر ، يجبر الآبى على البناء ، ويجوز لشريكه بإذن من المحكمة أن يعيد بناءه وأن يرجع على الآبى بنصيبه من نفقات البناء . ( والقانون العراقى يتفق فى مجموع هذه الأحكام مع القانون المصرى ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى م 70 : لا يجوز لصاحب حائط مشترك أن يرفع ، أو أن يبنى عليه بدون رخصة شريكة فيه . بيد أنه يجوز له أن يضع ، من جهة عقاره ، على الحائط المشترك أو أن يسند إليه جسورا أو منشآت أو سوى ذلك من الأبنية حتى غاية نصف الثقل الذى يتحمله الحائط . ( وهذه الأحكام تقارب أحكام القانون المصرى ) .&%$ ) .

 $ 994 $

ويخلص من هذا النص :

(1)      أن لمالك الحائط المشترك استعماله بحسب الغرض الذى أعد له .

(2)      فلا يجوز له فتح مناور فى هذا الحائط بدون إذن المالك الآخر .

(3)      ونفقات الصيانة والإصلاح تكون على الشركاء ، كل بنسبة حصته .

602 - استعمال الحائط المشترك بحسب الغرض الذى أعد له : لكل شريك فى الحائط المشترك أن يستعمله ، ويتقيد فى استعماله هذا الحق بقيدين : ( القيد الأول ) أن يكون الاستعمال بحسب الغرض الذى أعد له الحائط . والغرض الذى أعد له الحائط المشترك هو من جهة استتار كل شريك به بحيث يستند إليه بناؤه ، ومن جهة أخرى إقامة عوارض فوق الحائط المشترك ليسند عليها كل شريك سقف بنائه . ( والقيد الثانى ) ألا يحمل الحائط فوق طاقته فى استعماله للغرض الذى أعد له ، وألا يحول دون استعمال الشريك الآخر للحائط على الوجه المتقدم الذكر .

 $ 995 $

فإذا أقام الشريك عوارض فوق الحائط المشترك ، وجب عليه أن يراعى أن للشريك الآخر هو أيضاً حق إقامة عوارض . فلا يضع من العوارض إلا بمقدار نصف ما يتحمله الحائط ، حتى يدع لشريكه مجالا لاستعمال حقه . كذلك أراد أى شريك وضع عوارض ، وجب عليه أن يترك فى سمك قمة الحائط المسافة التى يحتاج إليها صاحبه لوضع عوارضه . وإذا وقع خلاف بين الشريكين فى استعمال حق كل منهما ، جاز الالتجاء إلى القضاء ، ويعين القضاء عند الاقتضاء خبيراً .

وغنى عن البيان أنه لما كان شيوع الحائط المشترك شيوعا إجبارياً نظراً للغرض الذى أعد له الحائط ، فإنه لا يجوز لأى الشريكين أن يطلب قسمة الحائط ، كما لا يجوز له التصرف فى حصته الشائعة فيه مستقلة عن العقار الذى يملكه ، ولا يجوز لدائنيه الحجز على هذه الحصة الشائعة استقلالا .

603 - عدم جواز فتح مناور فى الحائط المشترك : ولما كان الغرض الذى أعد له الحائط المشترك يتعارض مع فتح مناور أو فتحات أخرى فيه ، لأن الحائط المشترك إنما أعد للاستتار به وهذا يتنافى مع إحداث فتحات فيه ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 305 ص 300 – ص 301 .&%$ ) ، لذلك لا يجوز لأى شريك أن يفتح فى الحائط المشترك مناور أو فتحات أخرى تنفذ إلى ملك جاره دون موافقة هذا الجار . وقد ورد بهذا الحكم نص صريح فى التقنين المدنى الفرنسى ( م 675 ) ، ويمكن تطبيق الحكم دون نص فى القانون المصرى لأنه يتفق مع القاعدة التى تقضى بقصر استعمال الحائط المشترك على الغرض الذى أعد له .

وقد يفتح الجار منوراً فى الحائط الفاصل وهو ملك خالص له ( $%&[1] ) أما فتح المطل فيقتضى ترك مسافة مترين من الحد الفاصل ، هذا ما لم يكن الجار قد فتح المطل فى الحائط الفاصل وكسب هذا الحق بالتقادم .&%$ ) ، فإذا تمكن جاره من جعل الحائط مشتركا بالشراء أو بالتقادم أو بطلب المشاركة فى الجزء المعلى ( م 816 مدنى ) إذا فتح فيه المنور أو بغير ذلك من الأسباب ، فإنه يحق له عندئذ أن يطالب الجار بسد المنور( $%&[1] ) أنظر فى هذا المعنى بودرى وشوفو فقرة 958 – أوبرى ورو 2 فقرة 222 ص 587 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 305 ص 301 .&%$ ) .

 $ 996 $

وإذا فتح الجار منوراً فى الحائط المشترك بالرغم من عدم جواز ذلك ، وبقى المنور مفتوحا المدة اللازمة للتقادم ، لم يجز للجار بعد ذلك أن يطلب سد المنور . ولكن يلاحظ فى هذا أن يكون ترك المنور مفتوحا ليس راجعا إلى تسامح الجار . وما قلناه فى المنور نقول فى المطل ، إذ يجوز أن يفتح الشريك فى الحائط المشترك مطلا ، ويبقى المطل مفتوحا لأعلى سبيل التسامح المدة اللازمة للتقادم ، وعند ذلك لا يجوز للشريك الآخر إجبار شريكه على سد المطل( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 305 ص 301 .&%$ ) .

604 - نفقات الصيانة والإصلاح والتجديد : وصيانة الحائط المشترك يتحمل نفقتها الشركاء كل بنسبة حصته . وقد يصبح الحائط المشترك غير صالح للغرض الذى أعد له ، فيحتاج إلى إصلاح ، أو إلى هدم وإعادة بناء . ونفقات الإصلاح وتجديد الحائط كنفقات الصيانة يتحملها الشركاء ، كل بنسبة حصته .

أما إذا كان إصلاح الحائط المشترك أو إعادة بنائه ليس ضروريا ليقوم الحائط بالغرض الذى أعد له ، ومع ذلك قام الشريك بإصلاحه أو إعادة بنائه لمصلحته الخاصة ، فإن هذا الشريك وحده هو الذى يتحمل نفقات الإصلاح أو التجديد ( $%&[1] ) بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 310 ص 305 .&%$ ) . كذلك إذا كان الخلل الذى أصاب الحائط فاقتضى إصلاحه أو تجديده راجعا إلى خطأ شريك بالذات ، فإن هذا الشريك وحده هو الذى يتحمل نفقات الإصلاح والتجديد ( $%&[1] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 65 .&%$ ) .

ولما كان التزام الشريك بتحمل نفقات الصيانة والإصلاح والتجديد على الوجه سالف الذكر التزاما عينيا ( Propter rem ) ، فإنه يستطيع التخلص منه إذا هو تخلى عن حق ملكيته الشائعة ( abandon ) فى الحائط ( $%&[1] ) ولا يستطيع التخلى إذا كان هو الذى أحدث بخطأه الخلل الذى أصاب الحائط ، لأنه يصبح هو وحده الملزم بنفقات الترميم كما قدمنا ، فلا يجوز له أن يلقى عبئها على الشريك الآخر ( محمد على عرفة 344 ص 315 ) .&%$ ) . وإذا تخلى الشريك عن ملكيته الشائعة ، أصبح الشريك الآخر هو وحده الذى له حق استعمال الحائط بشرط أن يقوم بترميم الحائط وصيانته . فإن لم يرممه ، وسقط $ 997 $ الحائط ، كانت الأنقاض وأرض الحائط ملكا للشريكين وقسماها بينهما( $%&[1] ) أوبرى ورو 2 فقرة 222 ص 574 – بودر وشولو فقرة 977 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 311 ص 305 – ويفسر بعض الفقهاء ذلك بأن التخلى هنا لا يعنى أكثر من أن الشريك كان ينتفع بالحائط المشترك ومن ثم كان يتحمل تكاليفه ، وبنزوله عن الانتفاع بالحائط تسقط عنه التكاليف ، ولكن ملكية الحائط والأرض المقام عليها الحائط تبقى مشتركة ( كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 1051 ص 846 ) .&%$ ) . على أن حق الشريك فى التخلى عن الحائط على النحو الذى قدمناه يشترط فيه ألا يكون بناء هذا الشريك مستنداً إلى الحائط ، وإلا فإنه سيظل منتفعا بالحائط بالرغم من تخليه عنه . بل يجب أن يهدم البناء أولا ، ثم يتخلى عن الحائط . ولا يكفى أن يتعهد بهدم البناء ، فإنه قبل أن ينهدم البناء فعلا يظل شريكا فى الحائط ولا يستطيع التخلى عنه ( $%&[1] ) نقض فرنسى 16 ديسمبر سنة 1863 داللوز 64 – 1 - 409 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 311 ص 306 .&%$ ) .

المطلب الثانى

تعلية الحائط المشترك

605 - نص قانونى : تنص المادة 815 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - للمالك إذا كانت له مصلحة جدية فى تعلية الحائط المشترك أن يعليه ، بشرط ألا يلحق بشريكه ضررا بليغا . وعليه وحده أن ينفق على التعلية وصيانة الجزء المعلى ، وعمل ما يلزم لجعل الحائط يتحمل زيادة العبء الناشئ من التعلية دون أن يفقد شيئا من متانته " .

 " 2 - فإذا لم يكن الحائط المشترك صالحا لتحمل التعلية ، فعلى من يرغب فيها من الشركاء أن يعيد بناء الحائط كله على نفقته ، بحيث يقع ما زاد من سمكه فى ناحيته هو بقدر الاستطاعة . ويظل الحائط المجدد فى غير الجزء المعلى مشتركا ، دون أن يكون للجار الذى أحدث التعلية حق فى التعويض " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1183 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 886 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 884 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 815 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 57 – ص 59 ) .&%$ ) .

 $ 998 $

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الأحكام الواردة فيه تتفق مع القواعد العامة( $%&[1] ) أنظر استئناف مختلط 3 يناير سنة 1900 م 12 ص 61 – 29 مارس سنة 1923 م 35 ص 330 .&%$ ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 975 – وفى التقنين المدنى الليبى م 824 – التقنين المدنى العراقى م 1089 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى م 71( $%&[1] ) التقنين المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 975 : 1 - لا يلزم أحد بالتنازل لجاره عن حقه المشترك فى الحائط . 2 - إنما إذا أراد أحد الشركاء بالشيوع علو حائط ، وذلك برضاء الشريك الآخر ، فيحق للشريك الآخر إذا لم يكن قد تحمل شيئا من النفقة .... ( والتقنين السورى يختلف عن التقنين المصرى فى أنه يشترط فى تعلية الحائط المشترك رضاء كل من الشريكين ) .

التقنين المدنى الليبى م 824 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1089 ( موافق ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى م 71 : لا يلزم أحد التنازل لجاره عن حقه المشترك فى الحائط . بيد أنه إذا أراد أحد الشركاء بالشيوع علو حائط ، وذلك برخصة من الفريق الآخر ، يحق هذا الفريق ، إذا لم يكن قد تحمل شيئا من النفقة ... ( القانون اللبنانى ، كالتقنين السورى ، يختلف عن التقنين المصرى فى أنه يشترط فى تعلية الحائط رضاء كل من الشريكين ) .&%$ ) .

ويؤخذ من هذا النص أن هناك فرضين فى تعلية الحائط المشترك : فإما أن يعليه الشريك دون أن يعيد بناءه ، أو يعيد بناءه حتى يتمكن من تعليته . وفى الفرضين يبقى الحائط مشتركا فى غير الجزء المعلى ، أما الجزء المعلى فيكون ملكا خالصا للشريك الذى قام بتعلية الحائط .

606 - تعلية الحائط دون إعادة بنائه : قد يقتضى الأمر تعلية الحائط المشترك لمصلحة الشريكين معاً ، وعند ذلك تكون نفقة التعلية عليهما ، ويبقى الحائط –ويدخل فى ذلك الجزء المعلى - مشتركا على ما كان .

أما إذا اقتضت التعلية مصلحة جدية لأحد الشريكين دون الآخر ، كأن كان الشريك الذى تقتضى مصلحته التعلية يريد أن يبنى طابقا جديداً فوق طبقات بنائه الموجودة فعلا ، وكانت التعلية ممكنة دون حاجة إلى إعادة بناء الحائط ، جاز لهذا الشريك أن يقوم بتعلية الحائط بشرط ألا تضر التعلية $ 999 $ بالشريك الآخر ضرراً جسيما ، وعلى الشريك الذى يقوم بالتعلية أن يتحمل وحده نفقتها ، وأن يقوم بالأعمال اللازمة لجعل الحائط يتحمل زيادة العبء الناشئ عن التعلية دون أن يفقد شيئا من متانته ( $%&[1] ) وعلى ذلك يتمل وحده من نفقات صيانة الجزء المشترك من الحائط المصروفات التى اقتضتها زيادة العبء الناشئ عن التعلية ( إسماعيل غانم فقرة 148 ص 342 – وقارن محمد على عرفة 345 ص 316 ) .&%$ ) . وبعد أن تتم التعلية ، يكون عليه وحده نفقات صيانة الجزء المعلى لأن هذا الجزء يكون ملكا خالصا له ، بخلاف الجزء الأسفل فإنه يبقى مشتركا بين الجارين ويتحملان معاً نفقات صيانته ( $%&[1] ) أنظر فى كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية ص 65 .&%$ ) .

607 - تعلية الحائط عن طريق إعادة بنائه : فإذا لم تكن التعلية ممكنة دون إعادة بناء الحائط ، فللجار الذى له مصلحة جدية فى التعلية أن يهدم الحائط ويعيد بناءه معلىَّ – ويشترط هنا أيضاً ، قياسا على ما اشترط فى الفرض الأول ، ألا يلحق هدم الحائط وإعادة بنائه ضرراً جسيما بالجار الآخر . فإذا كان بناء الجار الآخر معتمداً على الحائط ، ولا يمكن هدم الحائط دون هدم بناء الجار أو هدم جزء كبير منه ، فإن هذا يعتبر ضرراً جسيما يلحق الجار ، ويمنع من يريد التعلية من القيام بها . وعليه فى هذه الحالة أن يترك الحائط المشترك على حاله ويبنى حائطا آخر إلى جانبه عند الاقتضاء ، ويكون هذا الحائط الآخر ملكا خالصا له .

أما إذا كانت إعادة بناء الحائط معلىَّ لا تلحق ضرراً جسيما بالجار ، كان لمن يريد التعلية أن يهدم الحائط ويعيد بناءه ، ويكون الهدم وإعادة البناء على نفقته . وإذا اقتضى الأمر زيادة سمك الحائط بسبب تعليته ، فعليه أن يجعل ما زاد من سمك الحائط فى ناحيته هو بقدر الاستطاعة ، وإلا فعليه أن يدفع لجاره تعويضاً عما زاد فى سمك الحائط من ناحية هذا الجار .

وبعد إعادة بناء الحائط ، يظل الحائط المجدد فى غير الجزء المعلى حائطا مشتركا بين الجارين ، ولا يرجع من أعاد بناء الحائط على جاره بأى تعويض ، كأن يطالبه بالفرق فى القيمة ما بين الحائط الجديد والحائط القديم . أما الجزء $ 1000 $ المعلى من الحائط الجديد فيكون ملكا خالصا لمن قام بالتعلية ، وعليه وحده نفقة صيانته ، ولا يجوز لجاره أن يستعمل هذا الجزء المعلى ، إلا إذا استعمل حقه فى أن يكون شريكا فيه على الوجه الذى سنبينه فيما يلى ، أو كسب الاشتراك فيه بطريق التقادم بأن استعمله مدة خمس عشرة سنة دون أن يكون ذلك محمولا على مظنة التسامح من جاره ( $%&[1] ) أنظر فى كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 65 .&%$ ) .

608 - جواز الاشتراك فى الجزء المعلى – نص قانونى : وتنص المادة 816 مدنى على ما يأتى :

 " للجار الذى لم يساهم فى نفقات التعلية أن يصبح شريكا فى الجزء المعلى ، إذا هو دفع نصف ما أنفق عليه قيمة نصف الأرض التى تقوم عليها زيادة السمك إن كانت هناك زيادة " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1184 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 887 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 885 ، فمجلس الشيوع تحت رقم 816 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 60 – ص 61 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .

ويقابل النص فى التقنين المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 975 / 2 : إنما إذا أراد أحد الشركاء بالشيوع علو حائط ، وذلك برضاء الشريك الآخر ، فيحق للشريك الآخر ، إذا لم يكن قد تحمل شيئا من النفقة ، أن يكتسب حق الشركة فى القسم المنشأ حديثا فى الحائط المشترك ، بشرط أن يدفع نصف هذه النفقة ، وأن يدفع أيضاً ، إذا اقتضى الأمر ، نصف قيمة الأرض المستعملة لزيادة كثافة الحائط .

( وأحكام التقنين السورى تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .

التقنين المدنى الليبى م 825 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1090 ( موافق ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى م 71 : ... بيد أنه إذا أراد أحد الشركاء فى الشيوع علو حائط ، وذلك برخصة من الفريق الآخر ، يحق لهذا الفريق إذا لم يكن قد تحمل شيئا من النفقة ، أن يكتسب حق الشراكة فى القسم المنشأ حديثا ف الحائط المشترك ، بشرط أن يدفع نصف هذا النفقة ، وأن يدفع أيضا ، إذا اقتضى الأمر ، نصف قيمة الأرض المستعملة لزيادة كثافة الحائط . ( وأحكام التقنين اللبنانى تتفق مع أحكام التقنين المصرى ) .&%$ ) .

 $ 1001 $

وقد قدمنا أن الجزء المعلى ، سواء كانت التعلية دون إعادة بناء الحائط أو بإعادة بنائه ، يبقى ملكا خالصا لمن قام بالتعلية ، يقوم هو بنفقات صيانته ، ولا يجوز لجاره أن يستعمل هذا الجزء دون إذنه .

ولكن يجوز للجار ، وهو شريك فى الجزء الأسفل من الحائط كما قدمنا ، أن يطلب أن يكون شركيا أيضاً فى الجزء المعلى ، فيصبح الحائط مشتركا فى جميع أجزائه . وهذا الحق فى الاشتراك فى الحائط مقصور ، فى القانون المصرى ، على الجار الذى يكون شريكا من قبل فى الجزء الأسفل ويريد الآن الاشتراك فى الجزء المعلى . أما إذا كان الحائط كله ملكا خالصا لأحد الجارين ، فلا يجوز للجار الآخر أن يطلب الاشتراك فيه ، كما يجوز ذلك فى القانون الفرنسى( $%&[1] ) أنظر ما يلى فقرة 611 .&%$ ) .

وعلى الجار الذى يريد أن يكون شريكا فى الجزء المعلى أن يعلن رغبته فى ذلك ، وليس لإعلان هذه الرغبة شكل خاص فيجوز أن يكون بإنذار على يد محضر ، كما يجوز أن يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، كما يجوز أن يكون شفويا وعليه عبء إثبات ذلك ، ويجب على هذا الجار ، حتى يصبح شريكا فى الجزء المعلى ، أن يدفع لجاره نصف ما أنفقه فى التعلية ، سواء المصروفات التى أنفقها فى تعلية الحائط دون إعادة بنائه ، أو المصروفات التى أنفقها فى إعادة بناء الحائط . ويدفع كذلك قيمة نصف الأرض التى تقوم عليها زيادة سمك الحائط ، إن كانت هناك زيادة . فإذا سلم له جاره بذلك دفع نصف النفقات على النحو السالف الذكر ، وإلا لجأ إلى القضاء .

وسواء سلم الجار أو حكم القضاء بالاشتراك فى الجزء المعلى ، يجب على من طلب الاشتراك أن يسجل الاتفاق أو الحكم الصادر لصالحه تطبيقا للمادة 9 من قانون الشهرى العقارى . ويبقى حق الاشتراك قائما ما قام سببه ، فلا يزول بالتقادم ومن ثم يجوز للجار أن يطلب الاشتراك فى الجزء المعلى حتى بعد انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ التعلية .

ومتى أصبح الجزء المعلى مشتركا ، فإن الحائط كله يصبح مشتركا بين $ 1002 $ الجارين ، فيتحملان معاً نفقات صيانته وإصلاحه وتجديده على الوجه الذى سبق أن بيناه( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 604 – وأنظر فى كل ذلك مجموعة الأعمال التحضيرية فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 65 .&%$ ) .

المبحث الثانى

أحكام الحائط الفاصل غير المشترك

609 - نص قانونى : تنص المادة 818 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - ليس للجار أن يجبر جاره على تحويط ملكه ، ولا على النزول عن جزء من حائط أو من الأرض التى عليها الحائط إلا فى الحالة المذكورة فى المادة 816 " .

 " 2 - ومع ذلك فليس لمالك الحائط أن يهدمه مختارا دون عذر قوى ، إن كان هذا يضر الجار الذى يستتر ملكه بالحائط " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1186 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 889 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 887 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 818 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 63 – ص 66 ) .&%$ ) .

ويقابل النص المادة 38 / 59 - 60 من التقنين المدنى السابق( $%&[1] ) التقنين المدنى السابق م 38 / 59 - 60 : ليس للجار أن يجبر جاره على إقامة حائط أو نحوه على حدود ملكه ، ولا على أن يعطيه جزءاً من حائطه أو من الأرض التى عليها الحائط المذكور . ومع ذلك ليس لمالك الحائط أن يهدمه بمجرد إرادته ، إذا كان ذلك يترتب عليه حصول ضرر للجار المستتر ملكه بحائطه ، ما لم يكن هدمه بناء على باعث قوى .

( وأحكام التقنين المدنى السابق تتفق مع أحكام التقنين المدنى الجديد ) .&%$ ) .

ويقابل فى التقنين المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى لا مقابل – وفى التقنين المدنى الليبى م 827 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1092 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل( $%&[1] ) التقنين المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى لا مقابل .

التقنين المدنى الليبى م 827 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1092 ( موافق ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

 $ 1003 $

وننتقل هنا إلى الحائط الفاصل غير المشترك ، وقد قرر القانون فى شأنه أموراً ثلاثة :

(1)      ليس للجار أن يجبر جاره على إقامة حائط فاصل يحوط به ملكه .

(2)      وليس للجار أن يطلب من جاره النزول عن جزء من الحائط الفاصل الذى يكون ملكا خالصا لهذا الجار .

(3)      ولكن لا يجوز للجار ، دون عذر قوى ، أن يهدم الحائط الفاصل الذى يكون ملكا خالصا له إذا كان جاره مستترا به .

610 - ليس للجار أن يجبر جاره على تحويطه ملكه : وهذا ما نصت عليه العبارة الأولى من المادة 818 / 1 مدنى فيما رأينا ، وقد جاء هذا النص على خلاف ما يقضى به التقنين المدنى الفرنسى ، إذا تقضى المادة 663 من هذا التقنين بأنه يجوز للجيران ، فى المدن وضواحيها ، أن يجبروا جيرانهم على إقامة ما يحوطون به مساكنهم وأفنيتهم وحدائقهم الموجودة فى هذه المدن والضواحى . وقد رأى المشرع الفرنسى أن السكان فى المدن وضواحيها فى حاجة إلى تحويط مساكنهم وأفنيهم وحدائقهم ، حتى يأمنوا فضول الناس وعبث العابثين وسطو اللصوص . فأجاز للجار إجبار على المساهمة فى ذلك ، وهذا ما يسمى بالتحويط الجبرى ( Cloture force ) . على أن هذه القاعدة فى القانون الفرنسى ليست من النظام العام ، فيجوز للجار أن ينزل عن حقه فى إلزام جاره بذلك ، بشرط أن يكون هذا النزول صريحا( $%&[1] ) نقض فرنسى 25 يوليه سنة 1928 داللوز 1929 – 1 - 29 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 445 ص 444 .&%$ ) . وإذا أقام أحد الملاك على نفقته حائطا فاصلا بينه وبين جاره ، لم يجز له أن يطلب من الجار أن يساهم فى هذه النفقات ، وإنما يجوز لهذا الأخير ، كما سنرى ، أن يطلب الاشتراك فى هذا الحائط فيكون حائطا مشتركا بينهما . كما يجوز للجار ، قبل أن يقيم الحائط الفاصل ، أن يجبر جاره على المساهمة معه فى إقامته كما سبق القول .

ولم يرد فى التقنين المدنى المصرى ، لا السابق ولا الجديد ، نص يلزم $ 1004 $ الجار بتحويط ملكه . بل ورد على العكس من ذلك ، فى كل من التقنينيين كما رأينا ، نص صريح يقضى بأنه " ليس للجار أن يجبر جاره على تحويط ملكه " . ولمن يريد تحويط ملكه أن يفعل ، دون أن يجبر جاره على المساهمة معه فى ذلك . فإذا بنى حائطا فاصلا بينه وبين جاره ، بناء على نفقته دون أن يلزم جاره بالاشتراك معه فى هذه النفقات . وعليه هو وحده أن يقوم بصيانة هذا الحائط ، وبترميمه إذا اقتضى الأمر ذلك .

611 - ليس للجار أن يطلب الاشتراك فى حائط جاره : وكما لا يجوز للجار أن يجبر جاره على المساهمة فى الحائط الفاصل الذى أقامه على نفقته ، كذلك لا يجوز للجار الآخر أن يجبر الجار الذى أقام الحائط على الاشتراك معه فى هذا الحائط ولو عرض عليه أن يدفع له نصف النفقات أو كلها ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 608 .&%$ ) . وتقول العبارة الأخيرة من المادة 818 / 1 مدنى ، كما رأينا ، فى هذا المعنى إنه ليس للجار أن يجبر جاره " على النزول عن جزء من حائط أو من الأرض التى عليها الحائط ، إلا فى الحالة المذكورة فى المادة 816 " . والحالة المذكورة فى المادة 816 مدنى هى ، كما رأينا ، حالة ما إذا قام الجار بتعلية الحائط المشترك على نفقته ، فيجوز لجاره أن يطلب الاشتراك فى الجزء المعلى ويصبح الحائط كله مشتركا . ولكن يشترط فى ذلك أن يكون الحائط منذ بدايته حائطا مشتركا ، وعلاه أحد الجارين على نفقته ، فحتى يتيسر إبقاء الحائط كله حائطا مشتركا حتى بعد التعلية ، أجاز المشرع المصرى للجار الذى لم يقم بالتعلية أن يطلب الاشتراك فى الجزء المعلى على التفصيل الذى سبق بيانه( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 608 – يضاف إلى هذه الحالة حالة ما إذا أعاد الجار بناء الحائط المشترك ، واضطر أن يزيد فى سمك الحائط وأن يأخذ جزءا من هذا السمك من أرض أجره ، حيث يجب أن يدفع للجار ثمن ما أخذه من أرضه ( أنظر آنفاً فقرة 607 ) – وأنظر Fourende رسالة من بوردو سنة 1940 – Roder رسالة من رن سنة 1940 – Renschel رسالة من ليون سنة 1941 – Gazia رسالة من كان سنة 1948 .&%$ ) .

أما المشرع الفرنسى فقد أجاز ما أجازه المشرع المصرى ، وذلك فى المادة 660 مدنى فرنسى . وأجاز فوق ذلك ما لم يجزه المشروع المصرى ، فقضى فى المادة 661 مدنى فرنسى بأنه يجوز للجار أن يطلب من جاره الاشتراك فى $ 1005 $ حائطه الفاصل ، كله أو بعضه ، بأن يدفع له نصف قيمته أو نصف قيمة الجزء الذى يريد جعله مشتركا ، مع نصف قيمة الأرض التى أقيم عليها الحائط ففى القانون الفرنسى إذن يجوز للجار أن يطلب الاشتراك فى الجزء المعلى الذى لم يشترك فى تعليته من الحائط الذى كان مشتركا منذ البداية ، وكذلك الاشتراك فى الحائط الفاصل الذى لم يكن حائطا مشتركا من قبل ( $%&[1] ) أنظر فى القانون الفرنسى فى هذه المسألة بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 312 – فقرة 318 .&%$ ) . أما فى القانون المصرى ، فالأمر الأول ، دون الأمر الثانى ، هو الجائز ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 608 .&%$ ) .

612 - ليس لمالك الحائط الذى يستتر به الجار أن يهدمه دون عذر قوى : ولما كان القانون المصرى لا يعطى للجار حقا فى أن يطلب الاشتراك فى الحائط الفاصل المملوك لجاره ملكا خالصا كما قدمنا ، فإنه عوض على الجار عن ذلك الحق بحق آخر . فإذا كان هناك حائط فاصل مملوك لصاحبه ملكا خالصا ، فإن الجار إذا كان لا يستطيع إلزام جاره بالاشتراك فيه ، يملك على الأقل أن يمنعه من هدم هذا الحائط الذى يستتر به إذا لم يكن هناك عذر قوى لهدمه . وتنص الفقرة الثانية من المادة 818 مدنى فى هذا الصدد ، كما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 609 .&%$ ) ، على ما يأتى : " ومع ذلك فليس لمالك الحائط أن يهدمه مختارا دون عذر قوى ، إن كان هذا يضر الجار الذى يستتر ملكه بالحائط " . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذا النص : " وفى هذا تطبيق لنظرية التعسف فى استعمال حق الملكية ، ورد فى التقنين الحالى ( السابق ) .. واحتفظ به المشروع ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 65 .&%$ ) " .

ويجب ، حتى تتقيد سلطة المالك فى هدم حائطه ، أن يكون جاره مستتراً بهذا الحائط ، فيكون ملك هذا الجار مسورا من جهات ثلاث ، والجهة الرابعة هى التى يستتر فيها بالحائط . أما إذا كان ملك الجار غير مسور إلا من جهتين أو من جهة واحدة ، أو كان غير مسور أصلا ، فلا يمكن أن يقال إنه مستتر بالحائط الفاصل .

 $ 1006 $

ثم يجب أن يكون هدم الحائط دون عذر قوى . فإذا كان لدى صاحب الحائط عذر قوى لهدمه ، كأن كان يريد إعادة تشييد بنائه على وضع يختلف عن وضعه السابق وتقتضى إعادة البناء هدم الحائط ، فمن حقه أن يهدمه حتى ولو كان جاره يستتر به ، لأن له مصلحة ظاهرة فى الهدم ، ولا يمكن أن يقال فى هذه الحالة إنه متعسف فى استعمال حقه فى هدم الحائط .

ويجب أخيراً أن يعود هدم الحائط بضرر محسوس على الجار الذى يستتر به . فإذا كان هذا الجار له أرفض فضاء سورها من جهات ثلاث واستتر بحائط جاره فى الجهة الرابعة ، فهدم الجار لحائطه لا يعود فى هذه الحالة بضرر محسوس على صاحب الأرض الفضاء .

وظاهر مما تقدم أن منع صاحب الحائط من هدمه ، إذا توافرت الشروط الثلاثة سالفة الذكر ، ليس إلا تطبيقا من تطبيقات نظرية التعسف فى استعمال الحق كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فيما قدمناه ، إذ يكون صاحب الحائط قد رمى من هدمه إلى تحقيق مصلحة قليلة الأهمية لا تتناسب البتة مع ما يصيب الجار من ضرر بسببها ( م 5 فقرة ب مدنى ) .

وكل ما للجاز من حق هو عدم هدم الحائط الذى يستتر به ، فلا يكون له أى حق فى الحائط غير هذا القيد السلبى ( $%&[1] ) وإذا هدم المالك حائطه بناء على باعث قوى ، فليس لجاره أن يلزمه بإعادة بناء الحائط ليستتر به ، وذلك لا يجبر الجار على الاشتراك فى مصروفات الحائط إذا أعاد المالك بناءه ( محكمة الزقازيق استئنافى 9 أبريل سنة 1907 المجموعة الرسمية 9 رقم 90 ص 206 ) .&%$ ) ، ولذلك عد هذا الحكم ضمن القيود التى ترد على حق الملكية . ومن ثم لا يكون للجار حق ملكية مشتركة فى الحائط الذى يستتر به ، إذ يبقى الحائط مملوكا ملكا خالصا لصاحبه ، ولا يجوز للجار استعماله فى غير الاستتار به إلا بإذن المالك ( $%&[1] ) وقد قضى بأنه يؤخذ من نص المادة 38 مدنى ( قديم ) المأخوذة من الشريعة الغراء ( م 69 مرشد الحيران ) أنه يجوز للجار أن يستتر بحائط جاره ، بدون أن يدخل فيه أبنية أو تخاشيب أو غير ذلك مما يضر به ( دسوق 26 أكتوبر سنة 1898 الحقوق 14 ص 194 ) .&%$ ) . ولا يكون للجار كذلك حق ارتفاق على الحائط ، وليس التزام صاحب الحائط بعدم هدمه إلا قيدا وارداً على حقه فى استعمال ملكه كما سبق القول . ولكن لا يوجد ما يمنع من أن يكسب $ 1007 $ الجار الاشتراك فى الحائط أو حق ارتفاق عليه بسبب قانونى ، كأن يشترى هذا الحق أو أن يكسبه بالتقادم ( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 349 – عبد المنعم البدراوى فقرة 95 ص 123 – إسماعيل غانم فقرة 48 .&%$ ) .

الفرع الثانى

ملكية الطبقات ( $%&[1] ) مراجع: Julliot فى بيع وتقسيم المنازل إلى طبقات وشقق الطبعة الثانية سنة 1927 – Fourcade رسالة من ليون سنة 1941 – Cazin فى الملكية المختلطة فى العقارات المقسمة إلى شقق كان سنة 1948 – السيد على المغازى فى ملكية طبقات المنازل فى القانون الفرنسى وفى القانون المصرى (الملغى والجديد ) سنة 1949.&%$ )

613 - السفل والعلو فى التقنين المدنى السابق : كان التقنين المدنى السابق يعرف ملكية الطبقات فى صورة السفل والعلو ، وهى الصورة التى نقلها عن الفقه الإسلامى . وتتلخص فى أن يكون كل من صاحب السفل وصاحب العلو مالكا لطبقة بنائه ملكية خالصة ، حوائط وأرضية وسقفا ونوافذ وأبوابا . ويملك صاحب السفل الأرض التى يقام عليها البناء كله ، أما صاحب العلو فله حق القرار على السفل . وتبعا لهذا التصوير كانت المادة 36 / 57 من التقنين المدنى السابق تنص على ما يأتى : " على مالك الطبقة السفلى إجراء ما يلزم لصيانة السقف والأخشاب الحاملة له ، إذ أنها تعتبر ملكا له . وعلى مالك الطبقة العليا صيانة أرضية طبقته من بلاط وألواح ، وعليه أيضا إجراء ما يلزم لصيانة السلم من ابتداء الموضع الذى لا ينتفع به صاحب الطبقة السفلى " .

وقد استبقى التقنين المدنى الجديد ملكية السفل والعلو كما كانت فى التقنين المدنى السابق ، ونقل من هذا التقنين النصوص الخاصة بهذا الموضوع ، وكذلك نقل عن القضاء المصرى ما أقره من المبادئ فى هذا الشأن ( $%&[1] ) أنظر المواد 859 – 861 مدنى .&%$ ) .

614 - الطبقات المفرزة والشيوع الإجبارى : ونقل التقنين المدنى $ 1008 $ الجديد أيضا عن القانون الفرنسى الصادر فى 28 يونيه سنة 1938 تصويراً آخر لملكية الطبقات أكثر حداثة وجدة ، ويتمشى مع حالة العمارات التى تتكون من عدد كبير من الطبقات والشقق . وفى هذا التصوير تتكون العمارة من أجزاء مفرزة هى الطبقات والشقق لكل طبقة أو شقة مالك يستقل بها ، ومن أجزاء شائعة شيوعا إجباريا وهى تشتمل على هيكل العمارة بأجمعه من أرض وحوائط رئيسية وأساسات ومداخل وأفنية وأسطح وسلالم ومصاعد ودهاليز ، وبالجملة كل أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك بين الجميع . فملكية الطبقات فى هذا التصوير الجديد تتكون من طبقات مفرزة وشيوع إجبارى .

وقد أراد المشرع ، من وضع التصوير الجديد من الطبقات المفرزة والشيوع الإجبارى إلى جانب الوضع القديم من سفل وعلو ، أن يشجع انتشار ملكية الطبقات بين أفراد الطبقة المتوسطة ، توقعا لأزمة المساكن وازدياد عدد السكان . وإلى هذا تشير المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى حين تقول : " وقد نقل هذا التنظيم من القانون الفرنسى الصادر فى 28 يونيه سنة 1938 ، وقصد من نقله إلى تشجيع انتشار ملكية الطبقات بين أفراد الطبقة المتوسطة ذات الإيراد المحدود ، فهذه لا يستطيع الفرد منها أن يملك منزلا كاملا ، ويؤثر على الاشتراك مع غيره فى الشيوع أن يستقل بملكية طبقة من طبقات المنزل . فإذا وضع نظام لتحديد العلاقات المستمرة بينه وبين جيرانه ، كان فى هذا طريق لحسم المنازعات التى تنشأ عن هذه الملكية ، وسبب لتيسيرها وانتشارها " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 10 – وأنظر حكما لمحكمة الاستئناف المختلطة يبرز الفرق بين ملكية العلو والسفل وملكية الطبقات : استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1918 م 31 ص 86 . وأنظر فى الفقه المصرى إلى التمييز بين ملكية العلو والسفل وبين ملكية الطبقات : إسماعيل غانم فقرة 149 – منصور مصطفى منصور فقرة 100 ص 249 – ص 250 – السيد على المغازى فى ملكية طبقات المنازل سنة 1949 فقرة 48 ص 91 – ص 94 – وأنظر فى عدم التمييز ما بين النوعين مع أنهما من مصدرين التلقين : محمد كامل مرسى 2 فقرة 165 – محمد على عرفة فقرة 184 وما بعدها – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 184 – فقرة 186 .&%$ ) .

 $ 1009 $

فنبحث فى ملكية الطبقات : ( أولا ) نظام السفل والعلو ، كما نقله التقنين المدنى الجديد عن التقنين المدنى السابق والقضاء المصرى والشريعة الإسلامية . ( ثانيا ) نظام الطبقات المفرزة والشيوع الإجبارى ، كما نقله التقنين المدنى الجديد عن القانون الفرنسى الصادر فى 28 يونيه سنة 1938 .

المبحث الأول

السفل والعلو

615 - تناقص أهمية هذا النوع من ملكية الطبقات : كان نظام السفل والعلو هو النظام السائد فى ملكية الطبقات فى عهد التقنين المدنى السابق . وقد أخذت أهميته تتناقص بانتشار العمارات الكبيرة ، التى يتلاءم معها نظام الطبقات المفرزة والشيوع الإجبارى . على أن نظام السفل والعلو لا يزال موجود من مخلفات العهد القديم ، وقد نظمه التقنين المدنى السابق كما قدمنا ، وعن هذا التقنين استمد التقنين المدنى الجديد النصوص الواردة فى هذا الشأن ( $%&[1] ) وقد اشتملت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى على خلط واضح بين نظام السفل والعلو ونظام الطبقات المفرزة والشيوع الإجبارى ( أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 9 – ص 10 و ص 167 – وأنظر فى انتقاد ذلك إسماعيل غانم فقرة 149 ص 247 هامش 1 ) .&%$ ) .

فإذا اقتصرنا هنا على هذا النظام ، دون خلط بينه وبين نظام الطبقات المفرزة والشيوع الإجبارى الذى سيأتى بيانه فيما يلى ، لزم أن نبين التزامات صاحب السفل ، ثم التزامات صاحب العلو . وتتفرع كل هذه الالتزامات من حق القرار الثابت العلو على السفل .

1 - التزامات صاحب السفل

616 - التزامان : يلتزم صاحب السفل بما يأتى : ( أولا ) أن يقوم بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو . ( ثانيا ) أن يعيد بناء السفل إذا أنهدم .

 $ 1010 $

617 - الالتزام الأول – القيام بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو – نص قانونى : تنص المادة 859 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - على صاحب السفل أن يقوم بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو " .

 " 2 - فإذا امتنع عن القيام بهذه الترميمات ، جاز للقاضى أن يأمر ببيع السفل . ويجوز فى كل حال لقاضى الأمور المستعجلة أن يأمر بإجراء الترميمات العاجلة " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1229 مكررة من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 930 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 928 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 859 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 163 – ص 164 ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنى السابق 34 / 55 : يجب على مالك الأسفل من طبقات الأماكن إجراء الأشغال والعمارات اللازمة لمنع سقوط العلو المملوك لغيره . فإذا امتنع من إجراء العمارات المقتضية لحفظ العلو المذكور ، جاز الحكم عليه ببيع ما يملكه فى المكان . وعلى كل حال فللقاضى المعين للمواد الجزئية أن يأمر بإجراء العمارات الضرورية ( وحكم التقنين المدنى السابق يتفق مع حكم التقنين المدنى الجديد ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 863 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 863 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1082 : إذا كان لأحد علو ولآخر سفل ، فلصاحب العلو حق القرار فى السفل ، والسقف ملك لصاحب السفل . ولصاحب العلو حق الانتفاع بسطحه انتفاعا معتادا ، ولصاحب السفل حق فى العلو بستره من الشمس ويقيه من المطر .

م 1083 : إذا كان باب السفل والعلو واحدا ، فلكل من صاحبيهما استعماله استعمالا مشتركا ، فلا يسوغ لأحدهما أن يمنع الآخر من الانتفاع به دخولا وخروجا .

م 1085 : 1 - إذا أنهدم السفل أو احتاج إلى ترميم ، فعلى صاحبه بناؤه أو ترميمه ، فإن امتنع ، وعمره صاحب العلو بإذنه أو بإذن المحكمة ، فله الرجوع عليه بما أنفقه على العمارة بالقدر المعروف . وإن عمره بلا إذن ، فليس له الرجوع إلا بالأقل من قيمتى البناء وقت العمارة أو وقت الرجوع . 2 - ولصاحب العلو أن يمنع فى الحالتين صاحب السفل من الانتفاع به حتى بوفيه حقه ، وله أن يؤجره بإذن المحكمة ويستخلص حقه من أجرته .

( وفى التقنين العراقى أحكام تفصيلية فى السفل والعلو مستمدة من أحكام الفقه الإسلامى )

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

 $ 1011 $

وقد قدمنا أن فى نظام السفل والعلو ، يملك السفل صاحبه مفرزا ويدخل فى ذلك الأرض المقام عليها البناء كله ، ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك ، ويدخل فى ذلك أيضاً الأساسات والجدران الرئيسية والسقف ، فلا شيء من ذلك يعتبر شائعا شيوعا إجباريا بينه وبين صاحب العلو كما يكون الأمر فى نظام الطبقات المفرزة والشيوع الإجبارى الذى سيأتى بيانه . ويملك العلو صاحبه مفرزاً أيضاً على النحو الذى يملك به السفل صاحبه فيما قدمناه ، فيدخل فى ذلك الجدران الرئيسية والسقف والأرضية . وكل ما يصل العلو بالسفل هو أن للعلو حق القرار على السفل ، وحق القرار هذا هو الذى تستمد منه التزامات صاحب السفل نحو صاحب العلو .

وأول التزام يستمد من حق القرار هذا هو أن يقوم صاحب السفل " بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو " ( م 859 / 1 مدنى ) . وترتيبا على ذلك يكون على مالك السفل " إجراء ما يلزم لصيانة السقف والأخشاب الحاملة له ، إذ أنها تعتبر ملكا له " ( م 36 / 57 مدنى سابق ) ، وذلك منعا لسقوط السقف فيسقط معه العلو . ولا يقتصر الأمر على صيانة السقف وترميمه بل يجب على صاحب السفل أيضاً صيانة جدران السفل وترميمها عند الاقتضاء . وبالجملة صيانة جميع أجزاء السفل المملوكة له ملكية مفرزة وترميمها ، وذلك لمصلحة العلو واحتفاظا له بحق القرار على السفل ( $%&[1] ) وإذا تعدد ملاك السفل . كانوا مسئولية بالتضامم عن هذا الالتزام ( استئناف مختلط 9 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 24 . وتتكلم المحكمة عن التضامن لا التضامم ) .&%$ ) . ولكنه لا يلتزم إلا بترميم سفله ، فلا يلتزم بإجراء ترميمات فى العلو نفسه لمنع سقوطه ( $%&[1] ) مصر الكلية الوطنية 26 مايو سنة 1931 المحاماة 13 رقم 142 ص 315 .&%$ ) .

فإذا قصر صاحب السفل فى القيام التزامه بحيث يترتب على تقصيره تهديد سلامة العلو ، جاز لصاحب العلو أن يلجأ إلى القضاء ليلزم صاحب السفل أن يقوم بالأعمال الضرورية فى سفله لمنع العلو من السقوط . ويجوز الالتجاء إلى قاضى الأمور المستعجلة فى ذلك ، إذا كان إجراء الترميمات أمراً عاجلا . ويجوز فى جميع الأحوال أن يستأذن صاحب العلو القضاء فى أن يقوم هو بالترميمات الضرورية فى السفل ، على أن يرجع بما أنفقه فى ذلك $ 1012 $ على صاحب السفل ( $%&[1] ) استئناف مصر 6 مارس سنة 1919 المجموعة الرسمية 21 رقم 8 ص 15 – محمد على عرفة فقرة 360 ص 482 – ص 484 .&%$ ) . ويجوز لصاحب العلو ، لاسترداد ما أنفقه من مصروفات وقياسا على ما سيجئ فى المادة 860 / 2 مدنى ، أن يحبس السفل فى يده إذا كان قد تسلمه لترميمه ، وأن يمنع صاحب السفل من السكنى والانتفاع حتى يؤدى ما فى ذمته . ويجوز لصاحب العلو أيضاً أن يحصل على إذن فى إيجاد السفل أو سكناه ، استيفاء لحقه . وليس فى هذا كله إلا تطبيق للقواعد العامة .

ويجوز لصاحب العلو ، بدلا مما تقدم ، أن يطلب من القاضى أن يأمر ببيع السفل لمن يشتريه ويرممه ، فيمنع بذلك سقوط العلو . والقاضى يجيب صاحب العلو إلى ما يطلب من ذلك ، إذا وجد مبرراص لإجابة الطلب . وتنص الفقرة الثانية من المادة 859 مدنى فى صدرها صراحة على ذلك ، إذ تقول : " فإذا امتنع ( صاحب السفل ) عن القيام بهذه الترميمات ، جاز للقاضى أن يأمر ببيع السفل " .

ويلاحظ أن التزام صاحب السفل بترميم سفله منعا لسقوط العلو التزام عينى ، فيستطيع التخلص منه إذا هو تخلى عن ملكية السفل ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " أما صاحب السفل فعليه أن يقوم بكل الأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو ، وهذا التزام إيجابى يستطيع التخلص منه بالتخلى عن ملكية السفل كما هى القاعدة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 167 ) .&%$ ) .

618 – الالتزام الثانى – إعادة بناء السفل إذا أنهدم – نص قانونى : تنص المادة 860 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - إذا أنهدم البناء ، وجب على صاحب السفل أن يعيد بناء سفله . فإذا امتنع ، جاز للقاضى أن يأمر ببيع السفل ، إلا إذا طلب صاحب العلو أن يعيد هو بناء السفل على نفقة صاحبه " .

 " 2 - وفى الحالة الأخيرة ، يجوز لصاحب العلو أن يمنع صاحب السفل من السكنى والانتفاع حتى يؤدى ما فى ذمته . ويجوز له أيضاً أن يحصل على إذن فى إيجار السفل أو سكناه أو سكناه ، استيفاء لحقه " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1229 مكررة ثانيا من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية فقد كانت فى المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : : " ويجوز له أيضاً أن يحصل على إذن فى إيجار السفل وفى استيفاء حقه من الأجرة " . ووافقت لجنة المراجعة النص ، تحت رقم 931 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 929 ، وذلك بعد أن استبدلت لجنة الشئون التشريعية عبارة " أو سكناه استيفاء لحقه " بعبارة " وفى استيفاء حقه من الأجرة " . ووافق على النص معدلا على هذا النحو مجلس الشيوخ تحت رقم 860 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 165 – ص 166 ) .

ويقابل النص التقنين المدنى السابق المادة 37 / 58 ، وكانت تجرى على الوجه الآتى : " إذا سقط البناء ، يجب على مالك الطبقة السفلى تجديد بناء طبقته ، والإجاز بيع ملكه بالمحكمة " . ( والنص فى مجموعه يتفق مع نص التقنين المدنى الجديد ) .

ويقابل النص فى التقنين المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 815 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 864 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1084 : إذا هدم صاحب السفل سفله تعدياً يجب عليه تجديد بنائه ، ويجبر على ذلك .

م 1085 : 1 - إذا أنهدم السفل أو احتاج إلى ترميم ، فعلى صاحبه بناؤه أو ترميمه . فإن امتنع ، وعمره صاحب العلو بإذن أو بإذن المحكمة ، فله الرجوع عليه بما أنفقه على العمارة بالقدر المعروف . وإن عمره بلا إذن ، فليس له الرجوع إلا بالأقل من قيمتى البناء وقت العمارة أو وقت الرجوع . 2 - ولصاحب العلو أن يمنع فى الحالتين صاحب السفل من الانتفاع به حتى يوفيه حقه ، وله أن يؤجره بإذن المحكمة ويستخلص حقه من أجرته . ( والتقنين العراقى يردد أحكام الفقه الإسلامى ، ونصوصه فى مجموعها تتفق مع نصوص التقنين المصرى ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

 $ 1013 $

ويجب التمييز هنا بين ما إذا كان انهدام البناء بخطأ صاحب العلو أو بغيره خطأه فإن كان بخطأه ، رجع صاحب السفل عليه بالتعويض الواجب ، ولم يكن ملزما بإعادة بناء السفل . ولكنه إذا أعاد بناءه فعلا ، رجع لصاحب العلو حقه فى القرار على السفل بعد أن يكون قد دفع التعويض لصاحب السفل ، ومن ثم يجوز له أن يبنى علوه من جديد مستقراً على السفل .

وإن كان انهدام البناء بغير خطأ صاحب العلو ، سواه كان الانهدام بخطأ صاحب السفل أو بغير خطأه ، فإن على صاحب السفل أن يعيد بناء سفله ، لأن لصاحب العلو حق القرار عليه . يعيد صاحب العلو بناء علوه مستقراً على السفل ، بعد أن اعاد صاحبه بناءه على ما قدمنا . ثم إذا كان هدم البناء بخطأ $ 1014 $ صاحب السفل ، وجب على هذا الأخير تعويض صاحب العلو عن الضرر الذى يصيبه من جراء هدم علوه ثم إعادة بنائه .

والمفروض طبعا أن البناء يكون قد وقع بعلوه وسفله ، بأن يكون السفل قد أنهدم فترتب على انهدامه العلو . أما إذا أنهدم العلو وحده ، فلا شأن لصاحب السفل فى انهدام العلو ، ويرجع صاحب العلو على من يكون قد تسبب الانهدام .

وإذا كان السفل آيلا للسقوط دون أن ينهدم ، فلصاحب العلو أن يستصدر من السلطة الإدارية المختصة أمراً بهدم السفل ، ثم يطالب بإعادة بنائه على الوجه الذى قدمناه( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 361 ص 484 – إسماعيل غانم فقرة 163 – ص 371 .&%$ ) .

وإذا امتنع صاحب السفل عن إعادة بنائه فى الأحوال التى يجب عليه فيها ذلك ، جاز لصاحب العلو إجباره على إعادة البناء ، ويكون ذلك بأن يختار صاحب العلو أحد أمرين . فإما أن يطلب من القاضى أن يأمر ببيع السفل على صاحبه ، ويكون ثمنه من حق صاحب السفل ، وعلى المشترى أن يعيد هو بناء السفل فإنه لم يشتره وهو منهدم إلا هذا الشرط ( $%&[1] ) ولا يوجد ما يمنع من أن يكون المشرتى هو صاحب العلو نفسه ، وعند ذلك يبنى السفل والعلو ويكون مالكا لهما معاً . ولكنه فى هذه الحالة لا يجبر على البناء ، فله أن يبتى السفل دون العلو ، وله ألا يبنى أيا منهما ، فهذا حقه .&%$ ) . أ, أن يطلب صاحب العلو من القاضى أن يأذن له فى أن يعيد هو بناء السفل على نفقة صاحبه . فإذا أعادة بناءه ، رجع بما أنفقه على صاحب السفل . ويكون له ضمانا لاستيفاء حقه أن يحبس السفل فى يده ، بل يجوز له أيضاً أن يحصل على إذن القاضى فى إيجار السفل أو سكناه بأجر المثل استيفاء لحقه ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " بل إن المشروع سار شوطا أبعد فى الأخذ بالشريعة الإسلامية فى هذه المسألة الهامة ، فألزم صاحب السفل ، إذا أنهدم سفله ، أن يعيد بناءه ، وإلا بيع السفل . ويجوز لصاحب العلو أن يعيد بناء السفل على نفقة صاحبه ، وله أن يمنع صاحب السفل من سكناه والانتفاع به حتى يوفيه حقه ، وله أن يؤجره بإذن القاضى ويستخلص حقه من أجرته ... م 67 مرشد الحيران " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 168 ) .

وقد قضى فى عهد التقنين المدنى السابق بأنه إذا امتنع مالك السفل الذى تهدم أن يعيد بناءه ، جاز للمحكمة بحسب الظروف إما أن تحكم ببيع ملكه ( م 37 مدنى قديم ) ، أو أن تأذن لمالك العلو ببناء السفل على نفقة مالك السفل ( م 117 مدنى قديم ) . وعلى أى حال لا يجوز الحكم على مالك السفل بدفع تعويض ( استئناف وطنى 6 مارس سنة 1919 المجموعة الرسمية 21 رقم 8 ص 15 ) . وقضى أيضاً بأن مالك العلو له الحق ، فى حالة سقوط بناء السف وتجديده ، أن يطلب إبقاء ارتفاع البناء الجديد كما كان قبل السقوط إذا كانت له مصلحة فى ذلك ( استئناف وطنى 7 أبريل سن ةن 1914 الشرائع 1 رقم 308 ص 160 ) . وقضى أيضاً بأنه إذا سقط العلو ، وكانت حوائط السفل بحالة يمكن معها تحمل إعادة بناء العلو ، إلا أن مصلحة التنظيم منعت صاحب العلو من إقامة علوه مراعاة لخط التنظيم ، ورفعت دعوى على صاحب السفل تطالبه بإزالة السفل ، ولكن المحكمة قضت لمصلحة صاحب السفل لأن سفله كان بحالة جيدة ، فليس لصاحب العلو أن يلزم صاحب السفل بهدم سفله وإعادة بنائه على خط التنظيم ليتمكن هو من إعادة بناء علوه ( استئناف وطنى 27 يناير سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 44 ص 91 ) . وقضى بأن قصد الشارع من تكليف صاحب السفل بتجديد بنائه هو جعل ذلك البناء صالحا لحمل العلو بالحالة التى كان عليها قبل السقوط ، دون تغيير أو زيادة فيها . فلا يجوز لصاحب ركوب مكون من دور أن يطلب من صاحب السفل أن يجدد له بناء يقو على تحمل ثلاث أو أربع طبقات ( استئناف مصر 26 مايو سنة 1931 المحاماة 12 رقم 165 ص 312 ) . وقضت محكمة مصر مع ذلك بأنه لا يلزم صاحب السفل بإصلاح سفله ليتمكن صاحب العلو من البناء عليه أو ترميم مبانيه ، وإنما يجوز بيع السفل جبراً على صاحبه ( مصر 26 مايو سنة 1931 المحاماة 13 رقم 142 ص 315 ) .&%$ ) .

 $ 1015 $

2 - التزامات صاحب العلو

619 - نص قانونى : تنص المادة 861 مدنى على ما يأتى :

 " لا يجوز لصاحب العلو أن يزيد فى ارتفاع بنائه بحيث يضر بالسفل " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1230 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . وافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 932 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 930 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 861 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 167 – ص 168 ) .&%$ ) .

ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 35 / 56( $%&[1] ) التقنين المدنى السابق : 35 / 56 : لا يجوز لصاحب العلو من الأماكن أن يزيد فى ارتفاع بأنه بحيث يضر بالبناء الأسفل . ( والحكم واحد فى التقنينيين السابق والجديد ) .&%$ ) .

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 816 – وفى التقنين المدنى الليبى م 865 – وفى التقنين المدنى العراقى م 1086 – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 816 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 865 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى م 1086 : 1 - لا يجوز لذى العلو أن يبنى بناء جديداً ، ولا أن يزيد فى ارتفاعه ، بغير إذن صاحب السفل ، إلا إذا كان ذلك لا يضر بالسفل فله أن يقوم به بغير إذن . 2 - ولا يجوز لذى السفل أن يحدث فيه ما يضر بالعلو ، وإذا أنهدم السفل وإعادة صاحبه ، جاز له أن يزيد فى ارتفاعه بما لا يضر صاحب العلو ، مع مراعاة القوانين الخاصة بالبناء . ( وهذه الأحكام تتفق فى مجموعها مع أحكام التقنين المصرى ) .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

 $ 1016 $

620 - عدم الارتفاع بالبناء أو زيادة العبء بحيث يضر بالسفل : والالتزام الأساسى الذى يقع على عاتق صاحب العلو هو أنه ، لما كان له حق القرار على السفل ، لا يجوز أن يزيد فى عبء هذا الحق .

ويترتب على ذلك ، أولا ، أنه لا يجوز لصاحب العلو أن يبنى طابقا فوق علوه إذا نجم عن ذلك ضرر لصاحب السفل . ولما كان العلو مملوكا ملكية مفرزة لصاحبه كما قدمنا ، فيملك هذا الحيطان الرئيسية والسقف والسطح وغير ذلك من أجزاء العلو ، فإنه يحق له أن يبنى فوق سطحه طابقا جديدا بالعلو الذى يختاره مع مراعاة أمرين :

(1)      أن يكون العبء من بناء الطابق الجديد لا يضر بالسفل وأن تتحمله أساسات البناء كما سبق القول .

(2)      ألا يكون فى بنائه للطابق الجديد مخالفة للوائح البناء ونظمه .

ويترتب على ذلك ، ثانياً ، أنه لا يجوز لصاحب العلو أن يزيد فى ارتفاع علوه –دون أن يبنى طابقا جديداً - إذا كانت الزيادة فى الارتفاع تضر بالسفل . فإن لم تكن تضر به ، وتتحملها أساسات البناء ، وتتفق مع لوائح البناء ونظمه ، جاز له ذلك .

وليس له بوجه عام أن يأتى بأى عمل يكون من شأنه أن يزيد فى عبء العلو ( م 68 من مرشد الحيران ) .

ويجب ، فوق ذلك ، على صاحب العلو صيانة أرضية علوه من بلاط وألواح ، حتى لا يتأثر سقف السفل من الإهمال فى هذه الصيانة . وكان المادة 36 / 57 من التقنين المدنى السابق ، كما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 613 .&%$ ) . تنص صراحة على ذلك إذ تقول : " ... وعلى مالك الطبقة العليا صيانة أرضية طبقته من بلاط وألواح ، وعليه أيضاً إجراء ما يلزم لصيانة السلم من ابتداء الموضع الذى لا ينتفع به $ 1017 $ صاحب الطبقة السفلى " . أما صيانة قاعد أرضية العلو ، وهى سقف السفل ، فعلى صاحب السفل ، وتنص على ذلك صراحة نفس المادة 36 / 57 ، كما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 613&%$ ) ، إذ نقول : " على مالك الطبقة السفلى إجراء ما يلزم لصيانة السقف والأخشاب الحاملة له ، إذا أنها تعتبر ملكا له " ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 617 .&%$ ) .

المبحث الثانى
الطبقات المفرزة والشيوع الإجبارى
621 - مسالتان : فى التصوير الجديد لملكية الطبقات ، وهو التصوير الذى نقله التقنين المدنى عن القانون الفرنسى الصادر فى 28 يونيه سنة 1938 ، قدمنا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 614 .&%$ ) أن البناء يتكون من أجزاء مفرزة هى الطبقات والشقق لكل طبقة أو شقة مالك يستقل بها ، ومن أجزاء شائعة شيوعا إجباريا وهى كل أجزاء البناء الأخرى المعدة للاستعمال المشترك بين الجميع .

فنبحث : ( أولا ) الأجزاء المفرزة والأجزاء الشائعة . ( ثانيا ) إدارة الأجزاء الشائعة عن طريق اتحاد ملاك الطبقات .

المطلب الأول
الأجزاء المفرزة والأجزاء الشائعة
622 - نص قانونى : تنص المادة 856 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - إذا تعدد ملاك الأرض وملكية أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك بين الجميع ، وبوجه خاص الأساسات والجدران الرئيسية والمداخل والأفنية والأسطح والمصاعد والممرات والدهاليز وقواعد الأرضيات وكل أنواع $ 1018 $ الأنابيب إلا ما كان منها داخل الطبقة أو الشقة ، كل هذا ما لم يوجد فى سندات الملك ما يخالفه " .

 " 2 - وهذه الأجزاء المشتركة من الدار لا تقبل القسمة . ويكون نصيب كل مالك فيها بنسبة قيمة الجزء الذى له فى الدار ، وليس لمالك أن يتصرف فى نصيبه هذا مستقلا عن الجزء الذى يملكه " .

 " 3 - والحواجز الفاصلة بين شقتين تكون ملكيتها مشتركة بين أصحاب هاتين الشقتين " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ور هذا النص فى المادة 1227 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه التقنين المدنى الجديد ، مع ورود لفظ " السلم " ضمن الأجزاء المشتركة فى المشروع التمهيدى . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 927 فى المشروع النهائى ، وحذف لفظ " السلم " دون سبب ظاهر لحذفه . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 925 فمجلس الشيوخ تحت رقم 856 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 155 – ص 158 ) .&%$ ) .

ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، إذا كان هذا التقنين لا يعرف إلا نظام السفل والعلو .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 811 – وفى التقنين المدنى الليبى م 860 – وفى التقنين المدنى العراقى لا مقابل – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 811 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 860 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

ويتبين من النص سالف الذكر أن فى الدار المملوكة الطبقات أو الشقق لملاك مختلفين أجزاء مفرزة كل جزء منها يملكه أحد هؤلاء الملاك مستقلا ، وأجزاء شائعة شيوعا دائما بين هؤلاء الملاك جميعا .

623 - الأجزاء المفرزة : والأجزاء المفرزة فى البناء متعدد الطبقات هى عادة الطبقات والشقق التى ينقسم إليها البناء ، فكل طبقة أو شقة فى البناء تكون مملوكة ملكية مستقلة لأحد الأشخاص . وتشمل الطبقة أو الشقة كل $ 1019 $ ما تحتويه مما هو معد للاستعمال الخاص بالمالك ، فتشمل ما يوجد داخل الطبقة أو الشقة من حواجز فاصلة بين الحجرات ، وما يوجد فيها من أنابيب الماء والغاز وأسلاك الكهرباء والأدوات الصحية وغيرها من الأدوات المثبتة ، وكذلك الباب الخارج والأبواب الأخرى والنوافذ والشرفات . أما الجدران الرئيسية والأرضية والسقف . فهذه كلها من الأجزاء الشائعة كما سنرى ، ولكن البلاط والأخشاب التى تكسو الأرضية والسقف والجدران هى ملك خالص لمالك الطبقة أو الشقة .
ولمالك الطبقة أو الشقة ما للملاك من حقوق . فله أن يستعمل طبقته أو شقته ، فيسكنها بنفسه أو يسكنها أحدا من ذويه . وله أن يستغلها ، فيؤجرها لغيره . وله أن يتصرف فيها بالبيع والهبة والرهن وغير ذلك من أنواع التصرفات . وله أن يشارك فيها غيره على الشيوع فتكون مملوكة على الشيوع لشخصين أو أكثر ، وذلك ما لم يتفق الملاك على منع التجزئة ، فيكون لكل طبقة أو شقة مالك واحد منعا من تكاثر الملاك وانخفاض قيمة الدار تبعا لذلك .

ويجب على المالك ألا يغلو فى استعمال حق ملكه فيضر بجيرانه –وهو هنا من ألصق الجيران إذ هم الساكنون معه فى نفس الدار - ضرراً غير مألوف . وعلى ذلك لا يجوز له أن يقوم بأى عمل فى الطبقة أو الشقة يكون من شأ ،ه أن يوهن البناء أو يضعف من متانته . وعليه أن يقوم بصيانة ما يكسو أرضية طبقته أو شقته وسقفها من بلاط وأخشاب ، حتى لا تتأثر قواعد الأرضيات والسقوف وهى ملك شائع من التقصير والإهمال فى الصيانة .

624 - الأجزاء الشائعة : وتعتبر أجزاء شائعة ، طبقا لنص المادة 856 / 1 مدنى ، " أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك بين الجميع " . فيدخل إذن ضمن الأجزاء الشائعة ما ذكرته المادة 856 / 1 مدنى ، لا على سبيل الحصر ، من أرض أقيم عليها البناء ، ومن أساسات وجدران رئيسية ومداخل وأفنية وأسطح ومصاعد وممرات ودهاليز ، وقواعد الأرضيات والأسقف ، وأنابيب المياه والغاز وأسلاك الكهرباء إلا ما كان من ذلك داخل الطبقة أو $ 1020 $ الشقة كما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 623 .&%$ ) . وقد أغفل نص المادة 856 / 1 مدنى ذكر السلم بين الأجزاء الشائعة ، مع أنه كان واردا فى المشروع التمهيدى للنص ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 622 ص 1018 هامش 1 .&%$ ) . والظاهر أن هذا الإعفاء جاء سهواً لا قصدا ، فيدخل السلم أيضاً بين الأجزاء الشائعة إذ هو من أهم هذه الأجزاء ، وقد قدمنا أن تعداد النص للأجزاء الشائعة لم يجئ على سبيل الحصر ( $%&[1] ) قارن محمد على عرفة فقرة 355 ص 425 .&%$ ) . ويدخل أيضاً ضمن الأجزاء الشائعة ، غير السلم مما هو ليس مذكوراً فى النص ، غرفة البواب ومحل سكنه ، والحديقة أو الحدائق المشتركة ، وأعالى المداخن ، وبالجملة كل ما كان معداً للاستعمال المشترك بين الجميع .

على أن الأصل أن تحدد سندات الملك الأجزاء الشائعة والأجزاء المفرزة فى البناء ، وتشتمل على تقدير لقيمة الأجزاء المفرزة للاستعانة بها عند توزيع النفقات والتكاليف على الملاك المتعددين ، وعند تحديد حصة كل مالك فى الأجزاء الشائعة . فيجوز أن يذكر الملاك فى سندات الملك أجزاء أخرى غير التى ذكرها القانون على أنها أجزاء شائعة ، كما يجوز أن يستبعدوا من الشيوع ما ذكر القانون أنه شائع . فالعبرة أولا بسندات الملك ، ويجئ بعد ذلك ما نص عليه القانون .

وقد أضافت الفقرة 3 من المادة 856 مدنى : كما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 622 .&%$ ) ، أن " الحواجز الفاصلة بين شقتين تكون ملكيتها مشتركة بين أصحاب هاتين الشقتين " ، فهى إذن لا تكون شائعة بين الجميع . ويقاس على ذلك ما كان خاصا ببعض الشقق دون بعض ، كباب أو دهليز خاص بشقتين دون غيرهما من الشقق .

625 - حقوق الملاك فى الأجزاء الشائعة – نص قانونى : والأجزاء المشتركة التى تقدم بيانها تعتبر مملوكة ملكية شائعة لجميع ملاك الطبقات والشقق . والشيوع هنا إجبارى دائم لا يقبل القسمة ، وحصة كل مالك فى هذه الأجزاء تكون بنسبة قيمة الجزء المفرز الذى له فى الدار . وليس له أن يتصرف فى هذه $ 1021 $ الحصة تصرفا مستقلا عن التصرف فى الجزء المفرز الذى يملكه ، إذ أن الحصة فى الأجزاء الشائعة تابعة تبعية مطلقة للجزء المفرز الذى يملكه المالك ، وقد أعدت إعداد كاملا لخدمة هذا الجزء . وفى هذا تقول الفقرة الثانية من المادة 856 مدنى ، كما رأينا ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 622 .&%$ ) ، " وهذه الأجزاء المشتركة من الدار لا تقبل القسمة ، ويكون نصيب كل مالك فيها بنسبة قيمة الجزء الذى له فى الدار ، وليس لمالك أن يتصرف فى نصيبه هذا مستقلا عن الجزء الذى يملكه " .

والعبرة فى تقدير قيمة الجزء المفرز الذى يملكه المالك –وهذه القيمة تحدد حصته فى الأجزاء الشائعة كما رأينا وكذلك نصيبه فى التكاليف المشتركة كما سنرى ( $%&[1] ) أنظر ما يلى فقرة 626 .&%$ ) - بوقت إنشاء الدار ، وتذكر عادة هذه القيمة فى سند التمليك ومن ثم لا تتغير القيمة بما يمضى من الزمن من وقت إنشاء الدار ، وما يستتبع ذلك من استهلاك البناء . ولا تتغير بالتغييرات الخارجية كإنشاء شارع أمام جانب من جوانب الدار أو إلغاء حديقة كانت أمام جانب آخر ، أو بالتغيرات الداخلية كتحسين المالك لشقته أو لطبقة من الداخل . بل تبقى القيمة ثابتة كما كانت وقت إنشاء الدار كما قدمنا ( $%&[1] ) أنظر فى الخلاف فى هذه المسألة إسماعيل غانم فقرة 153 – وأنظر فى الاعتداد بالتغيرات الخارجية دون الداخلية السيد على المغازى فقرة 18 ص 34 وفقرة 32 ص 64 – 65 – عبد المنعم البدراوى فقرة 177 ص 214 وفقرة 181 ص 217 – وأنظر فى الاعتداد بالتغيرات الخارجية والداخلية معاً محمد على عرفة فقرة 357 ص 479 – ص 480 – وأنظر فى عدم الاعتداد بأية تغييرات خارجية كانت أو داخلية إسماعيل غانم فقرة 153 ص 356 – ص 357 .&%$ ) .

أما فيما يتعلق باستعمال كل مالك لأجزاء الشائعة فى سبيل الانتفاع بالجزء المفرز الذى يملكه ، فتنص المادة 857 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - كل مالك ، فى سبيل الانتفاع بالجزء الذى يملكه فى الدار ، حر فى أن يستعمل الأجزاء المشتركة فيما أعدت له ، على ألا يحول دون استعمال باقى الشركاء لحقوقهم " .

 " 2 - ولا يجوز إحداث أى تعديل فى الأجزاء المشتركة بغير موافقة جميع الملاك حتى عند تجديد البناء ، إلا إذا كان التعديل الذى يقوم به أحد $ 1022 $ الملاك على نفقته الخاصة من شأنه أن يسهل استعمال تلك الأجزاء ، دون أن يغير من تخصيصها ، أو يلحق الضرر بالملاك الآخرين ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1228 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 928 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 926 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 857 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 158 – ص 160 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 812 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 861 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

ويتبين من هذا النص أن كل مالك من ملاك الطبقات والشقق له أن يستعمل الأجزاء الشائعة فيما خصصت له ، وعلى الوجه الذى لا يضر بالدار ، ولا يحول دون استعمال باقى الملاك لهذه الأجزاء الشائعة نفسها . فله أن يدخل من الباب العام للبناء فى أى وقت ، وأن يستعمل السلم أو المصعد للوصول إلى طبقته أو شقته ، وأن يوصل أنابيبه ومواسيره الداخلية بالأنابيب والمواسير المشتركة للدار فى الماء والغاز والكهرباء ، وأن يحفر داخل الدار الرئيسية دواليب ومداخن لاستعماله الخاص ، وأن يضع فى هذه الجدران أنابيبه ومواسيره الخاصة . ويجوز لمالك الطبقة السفلى من الدار أن يفتح بابا فى الجدار الرئيسى أو أن يحول نافذة إلى باب ، على شرط ألا يخل ذلك بمتانة البناء ولا بمظهره الخارجى ( $%&[1] ) نقض فرنسى 22 فبراير سنة 1939 جازيت دى باليه 1939 – 1 - 601 .&%$ ) . ولكن لا يجوز لمالك الطبقة السفلى أن يخل ذلك بمتانة البناء ولا بمظهره أو آبارا ، ولا يجوز لمالك الطبقة السفلى أن يحفر سراديب تحت الأرض أو آبارا ، ولا يجوز لمالك الطابق الأعلى أن يبنى طابقا جديدا فوق طابقه فإن جدران طابقه الرئيسية وسقفه معتبرة ضمن الأجزاء الشائعة كما قدمنا ، وهذا بخلاف صاحب العلو فقد رأيناه يستطيع أن يبنى فوق علوه بناء جديدا إذا كان ذلك لا يضر بالسفل ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 620 .&%$ ) .

 $ 1023 $

ولا يجوز لمالك الطبقة أو الشقة إدخال أى تعديل فى الأجزاء الشائعة للدار بغير موافقة سائر الملاك ( $%&[1] ) ولكن إذا تكون اتحاد الملاك الطبقات والشقق –كما سيجئ - فإنه يجوز لهذا الاتحاد ، بالأغلبية العادية ، أن يقرر إدخال أى تعديل فى الأجزاء الشائعة . وكذلك يجوز ، دون تكوين اتحاد الملاك ، وطبقا للقواعد المقررة فى إدارة الشيوع العادى ، للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع الأجزاء الشائعة أن يقرروا إدخال تعديلات تخرج عن حدود الإدارة المعتادة ، وللأقلية حق التظلم أمام المحكمة ( م 829 مدنى ) – أنظر آنفاً فقرة فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 154 ص 359 هامش 1 – وقارن السيد على المغازى فقرة 71 ص 122 .&%$ ) . وإنما يجوز له ، بغير موافقة الملاك ، إدخال تعديلات يكون من شأنها تيسير استعمال الجزء الشائع دون تغيير فى تخصيصه ودون إلحاق ضرر بالملاك الآخرين ، كأن يوسع السلم أو يحول المصعد إلى مكان أليق ، بشرط أن يكون ذلك على نفقته الخاصة( $%&[1] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 159 – ص 160 .

ويذهب بعض الفقهاء إلى ان تصوير ملكية الطبقات على أنها ملكية أجزاء مفرزة تتبعها ملكية أجزاء شائعة تصوير ناقص ، إذ أن هذا من شأنه أن يعدم اتصال أجزاء البناء المفرزة بعضها ببعض ككل لا يتجزأ فى بناء واحد . والأولى أن يقال إن ملاك الطبقات يملكون البناء كله شائعا ، على أن يكون لكل منهم منفرداً حق استعمال الطبقة أو الشقة التى تخصه ، ثم يستعمل مع غيره من الملاك سائق الأجزاء الشائعة ( Hebraud ص 25 وما بعدها – Chevallier ص 79 – Azoulay رسالة من باريس سنة 1956 – Mazeaud 2 فقرة 1326 ص 1083 ) . وهذا التصوير يؤدى إلى القول بأن الطبقات أو الشقق تكون شائعة بين الملاك ، وإنما تقسم بينهم قسمة أقرب إلى أن تكون قسمة مهايأة مكانية ، لكل منهم الطبقة أو الشقة التى تخصه ، ولكن المهايأه المكانية هنا تكون مهايأة دائمة .

على أن هذا التصوير لم يسد فى القضاء الفرنسى ، وتتمسك محكمة النقض الفرنسية بالتصوير المألوف من أن لكل مالك طبقة أو شقة يملكها وحده ملكية مفرزة مستقلة ، ويشارك بعد ذلك . بحصته الشائعة فى الأجزاء المشتركة ( نقض فرنسى 21 نوفمبر سنة 1955 جازيت دى باليه 1956 – 1 – 52 – وأنظر أيضا كاربونييه ص 200 – مارتى ورينو فقرة 240 ص 249 – ص 250 ) – وأنظر فى تطور الفقه الفرنسى فى طبيعة ملكية الطبقات مارتى ورينو فقرة 240 .

وأنظر فى جواز إجبار المالكين فى الشيوع لبناء على أن يقسموه فيما بينهم طبقات مارتى ورينو فقرة 241 .&%$ ) .

626 - - تكاليف الأجزاء الشائعة – نص قانونى : تنص المادة 585 على ما يأتى :

 " 1 - على كل مالك أن يشترك فى تكاليف حفظ الأجزاء المشتركة $ 1024 $ وصيانتها وإدارتها وتجديدها ، ويكون نصيبه فى هذه التكاليف بنسبة قيمة الجزء الذى له فى الدار ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك " .

 " 2 - ولا يجوز لمالك أن يتخلى عن نصيبه فى الأجزاء المشتركة للتخلص من الاشتراك فى التكاليف المتقدمة الذكر " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1229 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المشروع التمهيدى كانت تجرى كما يأتى : " هذا إذا لم تتعرض سندات الملك لشىء من ذلك ، أو إذا تناقضت هذه السندات بعضها مع البعض الآخر " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 929 فى المشروع النهائى ، بعد استبدال العبارة الآتية " ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك " بالعبارة الأخيرة من الفقرة الأولى . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 927 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 858 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 161 – ص 163 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 813 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 862 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى م 72 : إذا كانت طوابق بيت تخص مالكين مختلفين ، فإن التصليحات والتجديدات فى البناء تكون خاضعة للأحكام التالية ، ما لم يكن هناك شروط مخالفة مذكورة فى سندات الملكية : كلفة الجدران الضخة والسقوف هى على عاتق جميع أصحاب العقار ، كل واحد بنسبة الطابق الذى يملكه . على صاحب كل طابق كلفة أرض الطابق التى يمشى عليها . على صاحب الطابق الأول كلفة الرج المؤدى إلى ذلك الطابق ، وعلى صاحب الطابق الثانى كلفة فالدرج الذى يؤدى إليه ابتداء من الطابق لأول وهلم جرا ( والتقنين اللبنانى استقى هذا النص من المادة 664 مدنى فرنسى ) .&%$ ) .

ويؤخذ من هذا النص أن تكاليف حفظ الأجزاء الشائعة وصيانتها وإدارتها وتجديدها عند الاقتضاء يساهم فيها جميع الملاك ، لنهم جميعا ينتفعون بالأجزاء الشائعة ، أو هى فى القليل معدة لا نتفاعهم بها . ويدخل فى ذلك تكاليف ترميم الأجزاء الشائعة إذا احتاجت إلى ترميم ، وإصلاح المصعد ، ومصروفات الصيانة العادية من كنس ورش ، ونفقات تجديد ما يجب تجديده من هذه الأجزاء الشائعة كتجديد الباب العام للدار أو الآلة الرافعة للمياه ونحو ذلك . وتدخل أيضا تكاليف المياه والكهرباء ، ومصروفات صيانة المصعد والسلم ، وأجور $ 1025 $ الأشخاص الموكلين بتعهد هذه الأجزاء الشائعة وبخاصة أجرة البواب ، والعوائد التى تجيبها البلدية ، والضرائب المفروضة ، وأقساط التأمين على الأجزاء الشائعة .

ومساهمة كل مالك فى هذه التكاليف تكون بنسبة قيمة طبقته أو شقته ، كما هى مقدرة وقت إنشاء الدار كما سبق القول ( $%&[1] ) أنظر آنفاً فقرة 625 .&%$ ) .

وإذا كان المالك ملزما بالمساهمة فى هذه التكليف التزاما عينيا ، إلا أنه مع ذلك لا يستطيع التخلص من هذا الالتزام عن طريق التخلى عن ملكية حصته فى الأجزاء الشائعة ، بل هو لا يستطيع التخلص إلا إذا تخلى عن ملكية طبقته أو شقته نفسها بما يتبعها من حصة فى الأجزاء الشائعة . والسبب فى ذلك أنه إذا اقتصر على التخلى عن ملكية الحصة الشائعة ، فإنه فى الغالب من الأحوال سيستمر مستعملا للأجزاء الشائعة كما كان الأمر قبل التخلى ، فهو لابد منتفع بالباب للدخول ، والسلم وللصعود ، وبالجدران الرئيسة والأسقف والأرضيات وما إلى ذلك . وحتى لو استطاع أن يمتنع عن الانتفاع ببعض الأجزاء الشائعة كالمصعد والحديقة ، فإنه يصعب عمليا مع ذلك حساب نصيبه ، فينجم عن التخلى منازعات لا تنتهى .

كذلك يستوى فى المساهمة فى هذه التكاليف أن ينتفع المالك فعلا بالأجزاء الشائعة أو لا ينتفع ، فهى معدة لانتفاعه فى جميع الأحوال . ويستوى أن يكون انتفاعه بها بالمقدار الذى يساهم به فى التكاليف ، فصاحب الطبقة العليا إذا كانت قيمتها قليلة ينتفع بالمصعد أو السلم أكثر مما ينتفع به صاحب الطبقة الأدنى ذات القيمة الكبيرة ، ومع ذلك يساهم بنسبة أقل( $%&[1] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 162 .&%$ ) .

627 - إدارة الأجزاء الشائعة : ولما كانت الأجزاء المشتركة شائعة بين جميع ملاك الطبقات والشقق كما قدمنا ، فإن إدارتها تتبع فيها القواعد التى تتقدم ذكرها فى إدارة المالك الشائع .

فقد يتفق الملاك على وكيل عنهم لإدارتها ، وغالبا يكون الوكيل هو باب العمارة . وقد يقوم أحد الملاك بالإدارة فعلا ، فتثبت له الوكالة الضمنية إذا سكت بقية الملاك مرتضين إدارته .

 $ 1026 $

وإذا لم يكن هناك وكيل ، فالإدارة العادية تكفى فيها أغلبية الملاك على أساس قيمة الطبقات والشقق التى يملكونها . ولهذه الأغلبية أن تعين مديراً ، وأن تضع نظاما لإدارة الأجزاء الشائعة والانتفاع بها ( م 828 مدنى ) . أما الإدارة غير العادية ، فلابد فيها من أغلبية خاصة هى أغلبية ثلاثة أرباع الأنصبة ، وللأقلية أن تتظلم من قرارات هذه الأغلبية إلى القضاء ( م 829 مدنى ) . قد سبق تفصيل ذلك عند الكلام فى إدارة المال الشائع .

ولكن الشيوع هنا شيوع دائم إجبارى ، ولا يجوز فيه طلب القسمة كما سبق القول ، فى حين أن الشيوع العادى شيوع مؤقت يجوز فيه طلب القسمة فتضع القسمة حدا لمتابع الإدارة المشتركة . لذلك كفل القانون لملاك الطبقات والشقق ، وهم لا يستطيعون طلب قسمة الأجزاء الشائعة ، أن يكونوا اتحادا منهم لإدارتها ، وهذا ما ننتقل الآن إليه .

المطلب الثانى
إدارة الأجزاء الشائعة عن طريق تكوين اتحاد
628 - نص قانونى : تنص المادة 862 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - حيثما وجدت ملكية مشتركة لعقار مقسم إلى طبقات وشقق جاز للملاك أن يكونوا اتحاد فيما بينهم " .

 " 2 - ويجوز أن يكون الغرض من تكوين الاتحاد بناء العقارات أو مشتراها لتوزيع ملكية أجزائها على أعضائها " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1231 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا بعض خلاف لفظى طفيف ، وافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 933 فى المشروع النهائى ، بعد تعديلات لفظية طفيفة . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 931 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 862 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 169 – ص 170 ) .&%$ ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .

ويقابل التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى $ 1027 $ م 817 – وفى التقنين المدنى الليبى م 866 . وفى التقنين المدنى العراقى لا مقابل – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 817 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 866 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

ويتبين من هذا النص أن ملاك طبقات البناء وشققها يجوز لهم أن يكونوا فيما بينهم اتحادا فى إدارة الأجزاء الشائعة من سلطات أوسع وتيسيرات أكثر عما يكون عليه الأمر لو أنهم اقتصروا على تطبيق القواعد التى سبق تقريرها فى إدارة المال الشائع .

ويجب ، لتكوين هذا الاتحاد ، إجماع الملاك على تكوينه ( $%&[1] ) فاتحاد الملاك فى القانون المصرى جواز لا إجبارى ، بل يجب فى تكوينه إجماع ملاك الطبقات والشقق . أما فى القانون الفرنسى الصادر فى 28 يونيه سنة 1938 ، فاجتماع ملاك الطبقات والشقق فى اتحاد ( Syndicat ) إجبارى ، ويتم بحكم القانون . ذلك أن إدارة المال الشائع فى القانون الفرنسى ، فى الشيوع العادى ، لابد فيه من الإجماع ، وهذا النظام يتعذر تطبيقه فى الأجزاء الشائعة للبناء الواحد . ومن ثم جعل القانونى الفرنسى اجتماع الملاك فى اتحاد أمراً إجباريا فى حين أن القانون المصرى قد نظم الشيوع العادى تنظيما يكفل للأغلبية حق الإدارة ، فلم تكن هناك ضرورة ملحقة –كما وجدت فى القانون الفرنسى - إلى جعل اتحاد الملاك إجباريا ( أنظر إسماعيل غانم فقرة 154 ص 358 هامش 3 – وقارن محمد على عرفة فقرة 363 ص 488 ) .&%$ ) ، إذ أن سلطاته أوسع من سلطات المدير العادى للما الشائع كما سبق القول . ويكون جميع الملاك أعضاء فى الاتحاد ، ماداموا قد أجمعوا على إنشائه .

وليس من الضرورى أن يتكون هذا الاتحاد بعد إنشاء البناء ، بل يجوز أن يكون الغرض من تكوين الاتحاد هو بالذات الحصول على بناء متعدد الطبقات والشقق ، بينه الاتحاد أو يشتريه ، ثم يوزع طبقاته وشققه على الأعضاء . وفى هذا تشجيع كبير على الإكثار من ملكية الطبقات ، أشد ما تكون الحاجة إليها فى وقت اشتدت فيه أزمة المساكن عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية . وعلى أثر تزايد السكان تزايدا مضطردا سريعا .

 $ 1028 $

ونتكلم أولا فى اتحاد الملاك ، ثم فى مأمور اتحاد الملاك .

1 - اتحاد الملاك
629 - اتحاد الملاك يعتبر جمعية لها شخصية معنوية : الواضح أن اتحاد الملاك هو جمعية من جميع ملاك الطبقات والشقق فى البناء الواحد ، وقد تكونت لغرض غير الحصول على ربح مادى ، وهذا الغرض هو إدارة الأجزاء الشائعة فى البناء لمصلحة جميع الأعضاء( $%&[1] ) أنظر المادة الأولى من قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة ( قانون رقم 384 لسنة 1956 ) . وأنظر إسماعيل غانم فقرة 155 .&%$ ) .

ويتمتع اتحاد الملاك بالشخصية المعنوية ، شأنه فى ذلك شأن أية جمعية . يدل على ذلك بوجه خاص أنه يتعامل فى الحياة المدنية باعتباره شخصا ، فكل قرض يمنحه لأحد الملاك الشركاء لتمكينه من القيام بالتزامه يكون مضمونا بحق امتياز لمصلحة الاتحاد ( باعتباره شخصا معنويا ) على الجزء المفرز الذى يملكه الشريك وعلى حصته الشائعة فى الأجزاء المشتركة من العقار ( م 869 مدنى ) . ويدل على ذلك أيضاً أن الاتحاد يقاضى ويقاضى ، ويمثل المأمور الاتحاد أمام القضاء حتى فى مخاصمته الملاك الشركاء إذا اقتضى الأمر ( م 866 / 2 مدنى ) .

فلاتحاد الملاك إذن شخصية معنوية مستقلة عن شخصية ملاك الطبقات والشقق ، وتبعا لذلك تكون له ذمة مالية مستقلة .

ولكن لاتحاد الملاك تنظيم خاص به يختلف عن تنظيم الجمعيات بوجه عام ، فلا يشترط أن يكون للاتحاد نظام مكتوب كما يشترط ذلك فى الجمعية ، ولا أن يكن للاتحاد مجلس إدارة ويكفى أن يكون له مأمور كما سنرى ، وتتخذ قرارات الاتحاد بأغلبية الملاك جميعا من حضر ومن لم يحضر وفى الجمعية بأغلبية الأعضاء الحاضرين . وإذا تألف اتحاد لتشييد أو لشراء بناء ذى طبقات وشقق متعددة وتوزيعها على أعضائه ، فإن هذا الاتحاد يتخذ فى أول الأمر صورة الجمعية ، وهو فى الغالب يتخذ صورة الجمعية التعاونية حتى يستفيد من المزايا التى تمنحها الدولة لهذا النوع من الجمعيات ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 155 ص 360 هامش 3 – جابر جاد عبد الرحمن فى اقتصاديات ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!&%$ ) .

 $ 1029 $

وإذا كان لاتحاد الملاك شخصية معنوية وذمة مالية ، فإنه مع ذلك لا يعتبر مالكا للبناء ، بل ملاك البناء بأكمله هم أصحاب الطبقات والشقق ، يملكون بعض البناء مفرزاً وبعضه شائعاً على التفصيل الذي قدمناه ( $%&التعاون جزء أول من البنيان التعاونى سنة 1956 فقرة 10 ص 133 - ص 143 – حلمى مراد فى التعاون من الناحيتين المذهبية والتشريعية سنة 1961 فقرة 58 ص 101 - ص 112 .

( [1] ) أنظر آنفا فقرة 623 – فقرة 624 .&%$ ) . والاتحاد له ماله الخاص ، ويتكون فى الغالب من الاشتراكات التى قد يلزم الأعضاء بدفعها ، ومن المال الذي يجمعه من الأعضاء للإنفاق منه على إدارة الأجزاء الشائعة ، ومن القروض التى قد يحصل عليها لإقراض الأعضاء .

630 – وضع نظام لإدارة الأجزاء الشائعة – نص قانونى : تنص المادة 863 مدنى على ما يأتى :

 " للاتحاد أن يضع ، بموافقة جميع الأعضاء ، نظاما لضمان حسن الانتفاع بالعقار المشترك وحسن إدارته ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1232 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : " يجوز للنقابة أن تضع لائحة تكفل حسن الانتفاع بالعقار المشترك وتقرر قواعد لإدارته المشتركة ، بشرط أن يوافق جميع الأعضاء على هذه اللائحة . 2 - ولا تكون اللائحة ملزمة لخلف خاص لأحد أعضاء النقابة إلا بعد تسجيلها " . وقد وافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 934 فى المشروع البهائى ، بعد حذف الفقرة الثانية وإدخال تعديلات لفظية فى الفقرة الأولى ، فأصبح النص بذلك مطابقا لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 932 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 863 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 171 – ص 172 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 818 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 867 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) " .

ويؤخذ من هذا النص أن الاتحاد بالخيار ، إما أن يضع لائحة تنظيمية يسير عليها فى تمكين الأعضاء من الانتفاع بالأجزاء الشائعة من البناء وفى حسن إدارة هذه الأجزاء الشائعة ، أو ألا يضع لائحة ما ويكتفى باتخاذ القرارات الفردية اللازمة لإدارة الأجزاء الشائعة .

 $ 1030 $ وهو إذا وضع لائحة ، فإنه يتقيد بها ولا يستطيع أن ينحرف عنها . لذلك أوجب المشرع أن تكون هذه اللائحة " بموافقة جميع الأعضاء " ، فلا يجوز تعديلها إذن إلا بموافقة جميع الأعضاء أيضاً . وهذا يكفل استقرار العمل فى الاتحاد ، ويجعل سير الإدارة موطداً منتظماً على هدى من قواعد مقررة ونظام موضوع . ولو جعلت الأغلبية تكفى فى هذه اللائحة ، لاختلطت القرارات التنظيمية بالقرارات الفردية ، ولكفت الأغلبية فى اتخاذ القرارات الفردية وفى تعديل اللائحة نفسها ، ولترتب على ذلك أنه يمكن تعديل اللائحة بنفس الأغلبية التى يمكن بها اتخاذ القرارات الفردية ، فلا تصبح للائحة قيمة فى استقرار الإدارة . إذ يكفى عند ذلك ، إذا بدا للأغلبية اتخاذ قرار فردى مخالف للائحة التنظيمية ، أن تبدأ هذه الأغلبية بتعديل اللائحة ، ثم تتخذ القرار الفردى الذي تريده بعد هذا التعديل .

وقد يعترض على ذلك بأنه فى إدارة المال الشائع العادى ، تكفى الأغلبية لوضع نظام للإدارة ولحسن الانتفاع بالمال الشائع ( م 828 / 2 مدنى ) ، فكيف يطلب الإجماع فى وضع لائحة لإدارة الأجزاء الشائعة للبناء ذى الطبقات المتعددة ( $%&[1] ) انظر إسماعيل غانم فقرة 156 ص 362 هامش 2 .&%$ ) ؟ ولكن يلاحظ أن الاقتصار على مجرد الأغلبية فى وضع لائحة لإدارة الشيوع العادى ، إنما روعى فيه أن المقصود بالإدارة هى الإدارة المعتادة دون الإدارة غير المعتادة . أما اللائحة التى توضع لإدارة الأجزاء الشائعة للبناء متعدد الطبقات ، فإنها تتناول الإدارة المعتادة والإدارة غير المعتادة على السواء ، ولما كانت القرارات الفردية فى إدارة الأجزاء الشائعة إدارة غير معتادة يكفى فيها مجرد الأغلبية كما سنرى ، فقد وجد المشرع من الأحوط أن يشترط الإجماع فى اللائحة المستقرة الدائمة للإدارة المعتادة والإدارة غير المعتادة ، حتى لا يتيسر تعديل هذه اللائحة فى أى وقت تريده الأغلبية كما سبق القول .

وإذا وضع الاتحاد لائحة تنظيمية لأعماله على الوجه الذي بيناه ، فإن هذه اللائحة تسرى على جميع ملاك الطبقات والشقق وهم أعضاء الاتحاد ، وتسرى بطبيعة الحال على ورثتهم من بعدهم . فإذا مات أحد الملاك ، حلت ورثته .

 $ 1031 $ محله واصبحوا أعضاء فى الاتحاد مكانه ، وسرت عليهم اللائحة التنظيمية التى وافق عليها مورثهم . كذلك تسرى اللائحة التنظيمية على الخلف الخاص للمالك ، فإذا باع المالك طبقته أوشقته حل المشترى محله فى عضوية الاتحاد وفى التقيد باللائحة التنظيمية . وقد كان هناك نص صريح فى هذا المعنى فى المشروع التمهيدى لنص المادة 863 مدنى ( $%&[1] ) انظر آنفا نفس الفقرة ص 1029 هامش 2 . &%$ ) ، ولكن لجنة المراجعة حذفته دون أن تبين سبب الحذف ، والغالب أن يكون السبب هو عدم الحاجة إلى النص ، ففى القانون المصرى تسرى عقود السلف فى حق الخلف الخاص متى كانت الحقوق والالتزامات الناشئة من العقد تعتبر من مستلزمات الشىء الذي انتقل إلى الخلف الخاص ( م 146 مدنى ) . على أن هناك نصا صريحا فيما يتعلق باللائحة التى توضع لإدارة الشيوع العادى يمكن أن يقاس عليه هنا ، فقد نصت المادة 828 / 2 مدنى على أن النظام الذي يوضع " يسرى حتى على خلفاء الشركاء جميعا ، سواء أكان الخلف عاما أم كان خاصا " ( $%&[1] ) ولكن يجب على كل حال ، لسريان اللائحة فى حق الخلف الخاص ، أن يكون هذا عالما بها وقت انتقال ملكية الطبقة أو الشقة إليه من سلفه ( م 146 مدنى ) .

وأنظر إسماعيل غانم فقرة 156 ( ويقول فى خصوص تسجيل اللائحة : " ولا يشترط تسجيل اللائحة إذا كانت قاصرة على مجرد تنظيم الانتفاع والإدارة ، وعلى العكس يكون التسجيل واجبا للائحة إذا كانت قاصرة على مجرد تنظيم الانتفاع والإدارة ، وعلى العكس يكون التسجيل واجبا إذا كانت للائحة تمس نطاق الملكية ذاتها ، بأن حددت الأجزاء المشتركة والأجزاء المفرزة تحديدا يختلف عن التحديد الذى اتبعه المشرع فى المادة 856 " : أنظر فقرة 156 ص 363 )&%$ ) .

631 - الإدارة باتخاذ قرارات فردية دون وضع نظام عام للإدارة – نص قانونى : تنص المادة 864 مدنى على ما يأتى :

 " إذا لم يوجد نظام للإدارة ، أو إذ خلا النظام من النص على بعض الأمور ، تكون إدارة الأجزاء المشتركة من حق الاتحاد ، وتكون قراراته فى ذلك ملزمة ، بشرط أن يدعى جميع ذوى الشأن بكتاب موصى عليه إلى الاجتماع ، وأن تصدر القرارات من أغلبية الملاك محسوبة على أساس قيمة الأنصباء " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1233 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، مع بعض خلافات لفظية . وافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 935 فى المشروع النهائى ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية . ووافق عليه مجلس النواب – تحت رقم 933 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 864 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 172 - ص 174 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 819 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 868 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ )

 $ 1032 $ ويؤخذ من هذا النص أنه إذا لم يضع الاتحاد لائحة تنظيمية يسير عليها فى إدارته للأجزاء الشائعة ، أو إذا خلت اللائحة التنظيمية الموضوعة من نص فى المسألة التى يبحث الاتحاد فيها ، فإن سبيل الاتحاد في القيام بمهمته من الإدارة هو اتخاذ قرارات فردية فى كل مسألة من المسائل التى تعرض له على حدة .

ويستوى فى ذلك أن تكون المسألة متعلقة بالإدارة المعتادة ، أو متعلقة بالإدارة غير المعتادة . ففى الحالتين يتخذ الاتحاد قرارات فردية بأغلبية عادية ، أى بأغلبية الملاك محسوبة على أساس قيمة الأنصباء . وتكون هذه القرارات الفردية ملزمة لجميع الملاك ، من وافق منهم عليها ومن لم يوافق . وهذه هى المزية الكبرى من قيام الاتحاد ، فهو بأغلبية عادة يستطيع أن يدير الأجزاء الشائعة إدارة معتادة وهو ما تستطيعه أغلبية الملاك فى الشيوع العادى .

ويشترط لصحة هذه القرارات الفردية أمران : ( 1 ) أن يدعى جميع ملاك الطبقات والشقق إلى الاجتماع الذي يعقده الاتحاد ، وذلك عن طريق كتاب موصى عليه يرسل من مأمور الاتحاد عادة أو ممن يقوم مقامة ، فلا يكفى الكتاب العادى ، ومن باب أولى لا تكفى الدعوى الشفوية . ( 2 ) أن يصدر القرار بأغلبية جميع الملاك ( بحسب قيمة الأنصباء ) ، من حضر منهم ومن لم يحضر ، ولا تكفى أغلبية الحاضرين( $%&( [1] وليس من الضرورى أن يكون هناك جدول أعمال للجلسة ، وإذا وجد جدول أعمال فليس من الضرورى التقيد به . ومتى صدر قرار بالأغلبية المطلوبة ، فإنه لا يجوز لأحد الأعضاء أن يطعن فى هذا القرار ، إلا إذا كان القرار قد خرج عن حدود اختصاص الاتحاد ، أو شابه تعسف فى استعمال الحق ( إسماعيل غانم فقرة 157 ص 364 ) . &%$ ) .

 $ 1033 $

632 - التأمين على البناء وإجراء أعمال تترتب عليها زيادة قيمته – نص قانونى : تنص المادة 865 مدنى على ما يأتى :

 " للاتحاد ، بأغلبية الأصوات المنصوص عليها فى المادة السابقة ، أن يفرض أى تأمين مشترك من الأخطار التي تهدد العقار أو الشركات فى جملتهم ، وله أن يأذن فى إجراء أية أعمال أو تركيبات مما يترتب عليها زيادة فى قيمة العقار كله أو بعضه ، وذلك على نفقة من يطلب من الملاك ، وبما يضعه الاتحاد من شروط ، وما يفرضه من تعويضات والتزامات أخرى لمصلحة الشركاء " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1234 من المشروع التمهيد على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، مع بعض خلافات لفظية . وقد وافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 936 فى المشروع النهائى ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 934 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 865 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 174 - ص 176 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 820 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 869 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

وهنا ننتقل إلى مثلين من أعمال الإدارة العادية وهو التأمين على البناء ، والآخر من أعمال الإدارة غير العادية وهو إجراء أعمال تترتب عليها زيادة قيمة البناء . والعملان يدخلان فى اختصاص الاتحاد على السواء ، يقرر فى شأنهما ما يراه بالأغلبية العادية محسوبة على أساس قيمة الأنصباء ، العادى من العملين وغير العادى .

فيستطيع الاتحاد أن يقرر تأمين البناء – الأجزاء المفرزة والأجزاء الشائعة – من خطر الحريق ومن أى خطر آخر . كذلك يستطيع أن يؤمن من خطر الحوادث التى تنجم عن المصعد ، سواء كان تأمينا من المسئولية أو تأمينا من الأضرار . ويفرض فى سبيل ذلك أن يتحمل الأعضاء أقساط التأمين ، كل بنسبة قيمة ما يملك . والاتحاد يعقد التأمين لمصلحة الأعضاء ، فكل عضو $ 1034 $ يكون مستفيداً من هذا التأمين بقدر حصته ، وهو الذى يستحق مبلغ التأمين إذا تحقق الخطر المؤمن منه .

ويستطيع الاتحاد كذلك أن يقرر القيام بأعمال أو تعديلات فى البناء كله أو بعضه ، فى الطبقات المفرزة أو فى الأجزاء الشائعة مما يترتب عليه زيادة فى قيمة البناء كله أو بعضه . ويقرر ذلك بالأغلبية العادية محسوبة على أساس قيمة الأنصباء ، كما سبق القول . وإذا كان النص لم يذكر ذلك صراحة ، بل اقتصر على القول بأن الاتحاد يأذن لأحد الأعضاء فى القيام بهذه الأعمال على نفقته ، فإن هذا لا يعنى أن الاتحاد عاجز عن أن يقرر القيام بهذه الأعمال على نفقة جميع الأعضاء ، ما دامت أعمالا فى شأنها أن تزيد فى قيمة البناء . فيستطيع مثلا أن يقرر بناء طبقة جديدة إذا كانت الطبقات القائمة غير كافية لاستغلال الأرض الواسعة التى أقيم عليها البناء . ويقرر ، فى سبيل بناء طبقة جديدة ، أن يفترض وأن يرهن البناء ضماناً للقرض . وتعتبر الطبقة الجديدة ملكا شائعا لجميع ملاك الطبقات ، يديرها الاتحاد ويستغلها ، ويسدد من غلتها القرض ، ثم يقسم الغلة على الأعضاء كل بنسبة حصته فى الطبقة الجديدة ( $%&[1] ) وقد يقرر الاتحاد أن يبيع هذه الطبقة الجديدة مفرزة لمالك جديد ينخرط فى سلك ملاك طبقات البناء ، ويصبح عضواً فى الاتحاد . بل قد يقرر الاتحاد منذ البداية أن يعهد إلى شخص – أجنبى أو من بين الملاك أنفسهم – ببناء الطبقة الجديدة على أن يتملكها هذا الشخص مفرزة ويصبح عضواً فى الاتحاد إن لم يكن عضواً فيه من قبل ، وذلك بشروط يتفق عليها مع الاتحاد وتكون فى مصلحة الملاك جميعا .&%$ ) . وله كذلك أن يقرر ، فى مناسبة بناء طبقة جديدة ، أن يقيم مصعداً فى البناء ، على النحو الذي قدمناه فى إنشاء الطبقة الجديدة .

فإذا لم تتوافر الأغلبية اللازمة للقيام بهذه الأعمال الجديدة التى تترتب عليها زيادة قيمة البناء ، وأراد أحد الملاك أن يقوم بها هو على نفقته ، جاز للاتحاد بنفس الأغلبية أن يأذن لهذا المالك فى القيام بالعمل على نفقته الخاصة ، ويعض الاتحاد لذلك الشروط اللازمة للتثبت فى سلامة العمل ومن زيادة فى قيمة البناء . وقد يفرض تعويضات أو التزامات أخرى لمصلحة بقية الملاك فى ذمة المالك الذي ينفرد بالعمل ، إذا كان فى شأن هذا العمل مثلا أن يحرمهم $ 1035 $ بعض الوقت من الانتفاع ببعض الأجزاء الشائعة فى البناء ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 158 ص 365 وهامش 2 .&%$ ) .

633 - منح قروض للأعضاء – نص قانونى : تنص المادة 869 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - كل قرض يمنحه الاتحاد أحد الشركاء ، لتمكينه من القيام بالتزاماته ، يكون مضمونا بامتياز على الجزء المفرز الذي يملكه وعلى حصته الشائعة فى الأجزاء المشتركة من العقار " .

 " 2 - وتحسب مرتبة هذا الامتياز من يوم قيده " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1238 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، مع بعض خلافات لفظية . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 940 فى المشروع النهائى ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 938 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 869 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 182 - ص 184 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 824 ( مطابق ) .

التقنين الليبى م 873 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

والمفروض هنا أن الاتحاد منح قرضا لأحد الشركاء لتمكينه من القيام بالتزاماته . والمفروض كذلك أن هذا القرض قد منحه الاتحاد من ماله الخاص لهذا الشريك . فلا بد إذن من افتراض أن للاتحاد مالا خاصا ، وقد رأينا أنه يجوز أن يكون له هذا المال ، إما من اشتراكات يجمعها من الأعضاء ، أو من صفقة رابحة يحصل عليها فى أثناء قيامه بمهمته ، أو من قروض يعقدها ، أو من كل هذا جميعا أو من غير هذا من السبل .

والاتحاد يقرض العضو بقرار يصدر بالأغلبية العادية محسوبة على أساس قيمة الأنصباء ، ما دام المال الذي يقرضه للعضو هو ماله الخاص ( $%&[1] ) قارن إسماعيل غانم فقرة 161 – منصور مصطفى منصور فقرة 104 ص 362 - ص 363 .&%$ ) . وأهم $ 1036 $ سبب يدفع الاتحاد إلى إقراض العضو هو تمكين هذا العضو من القيام بالتزاماته ، كأن يمكنه من المساهمة بحصته من التكاليف التى يلتزم بها الأعضاء ، أو كأن يمكنه من المساهمة بنصيبه فى أعمال يقوم بها الاتحاد وتترتب عليها زيادة قيمة البناء ، أو كأن يمكنه من المساهمة بنصيبه فى تكاليف تجديد البناء بعد هلاكه كله أو بعضه .

ففى جميع هذه الأحوال يكون الاتحاد قد أقرض العضو مالا لتمكينه من القيام بالتزاماته . وقد أراد القانون تشجيع الاتحاد على إقراض العضو مالا لهذا الغرض حتى يتيسر للعضو القيام بالتزاماته ، فكفل للاتحاد أن يسترد هذا القرض من العضو بأن جعل القرض مضمونا بحق امتياز على الطبقة أو الشقة التى يملكها العضو المقترض وعلى ما يتبع هذه الطبقة أو الشقة من حصة شائعة للعضو فى الأجزاء المشتركة للبناء . ولما كان حق الامتياز هذا هو حق امتياز خاص على عقار ، فإنه يجب قيده ، وتحسب مرتبته من يوم هذا القيد .

أما إذا كان القرض ليس الغرض منه تمكين العضو من القيام بالتزاماته ، فإن القانون لا يجعله مضمونا بحق امتياز ، وذلك حتى يتردد الاتحاد طويلا قبل أن يقدم على إقراض العضو مالا لسبب لا يمت إلى قيام العضو بالتزاماته . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " أما إذا أعطى القرض لغرض آخر ، فلا يكون ممتازاً " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 184 .&%$ ) .

وقد استقى المشرع المصرى المادة 869 مدنى سالفة الذكر من المادة 11 من القانون الفرنسى الصادر فى 28 يونيه سنة 1938 . ونص المادة 11 من القانون الفرنسى يقرر لصالح الاتحاد حق امتياز ضد العضو الذي لا يفى بنصيب فى تكاليف الأجزاء المشتركة ، فإذا دفع الاتحاد لحساب أحد الملاك نصيبه فى هذه التكاليف ، فإن حق الاتحاد فى الرجوع على هذا العضو يكون مضمونا بحق امتياز على طبقة هذا المالك أو شقته وعلى حصته فى الأجزاء المشتركة . ومن ذلك نرى أن نص المادة 689 مدنى مصرى أوسع مدى من نص المادة 11 من القانون الفرنسى ( $%&[1] ) وعلى ذلك ينتقد بعض الفقهاء فى مصر نص المادة 869 مدنى مصرى فيما تضمنته من توسع ( السيد على المغاز فقرة 34 ص 67 وفقرة 68 ص 119 – عبد المنعم البدراوى فقرة 182 – إسماعيل غانم فقرة 161 ص 369 هامش 2 ) .&%$ ) .

 $ 1037 $

634 - تجديد البناء بعد هلاكه – نص قانونى : تنص المادة 868 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - إذا هلك البناء بحريق أو بسبب آخر ، فعلى الشركاء أن يلتزموا من حيث تجديده ما يقرره الاتحاد بالأغلبية المنصوص عليها فى المادة 864 ، ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك " .

 " 2 - فإذا قرر الاتحاد تجديد البناء ، خصص ما قد يستحق من تعويض بسبب هلاك العقار لأعمال التجديد ، دون إخلال بحقوق أصحاب الديون المقيدة " ( $%&[1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 1237 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا بعض خلافات لفظية . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 939 فى المشروع النهائى ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 937 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 868 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 180 - ص 182 ) .

ولا مقابل للنص فى التقنين المدنى السابق .

ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 823 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 872 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

ويؤخذ من هذا النص أنه فى حالة هلاك البناء هلاكا كليا أو جزئيا ، يكون للاتحاد رأى ملزم فيما يتعلق بإعادة بنائه . والبناء يهلك غالبا بسبب الحريق ، وقد يهلك بسبب آخر كغارة جوية أو زلزال أو اختلال فى أساسه أو قصفه بالمدافع فى أثناء الحرب أو نزع ملكيته للمنفعة العامة ، أو بغير ذلك من الأسباب .

فإذا هلك البناء ، قرر الاتحاد ، بأغلبية الأعضاء محسوبة على أساس قيمة الأنصباء أى بالأغلبية العادية ، ما إذا كان يجدد أو لا يجدد ، وذلك ما لم يوجد $ 1038 $ اتفاق سابق بين الأعضاء على التجديد أو عدم التجديد أو كانت هناك لائحة تنظيمية تقرر ما يتبع فى هذه الحالة .

فإذا قرر الاتحاد عدم التجديد ، أخذ كل مالك حقه فيما عسى أن يكون قد ترتب على الهلاك من تعويض أو مبلغ تأمين أو مقابل لنزع الملكية أو مساعدة تقدمها الدولة فى حالة الكوارث العامة ، وانحل الاتحاد تبعا لذلك إذ لم يعد هناك مسوغ لبقائه .

وإذا قرر الاتحاد تجديد البناء ، التزم الأعضاء بالتجديد . وقام الاتحاد بأعمال التجديد نيابة عن الأعضاء ، وخصص لذلك ما قد ترتب على الهلاك من تعويض أو مبلغ تأمين أو مقابل لنزع الملكية أو مساعدة تقدمها الدولة ، على أن يكمل الأعضاء من أموالهم الخاصة ما عسى أن ينقص ، كل بنسبة حصته . وإذا كانت هناك حقوق مقيدة على بعض الطبقات أو الشقق ، كرهن رسمى أو رهن حيازة أو حق اختصاص أو حق امتياز ، استوفى الدائنون أولا حقوقهم مما آل لأصحاب هذه الطبقات أو الشقق نتيجة لهلاك البناء ، وعلى هؤلاء إكمال نصيبهم فى تكاليف تجديد البناء من أموالهم الخاصة . وإذا عجز أحد الملاك عن دفع نصيبه فى تكاليف تجديد البناء من أموالهم الخاصة . وإذا عجز أحد الملاك عن دفع نصيبه فى تكاليف تجديد البناء ، لأن ما أصابه من المال الذي تبقى لا يفى بهذا النصيب أو لأنه قد استغرق فى وفاء الديون أو لأى سبب آخر ولم يكن عنده مال خاص لمواجهة التزاماته ، نظر الاتحاد فى الأمر . فمن الجائز أن يقرضه ما يستعين به على الوفاء بالالتزام ويكون للاتحاد حق امتياز يكفل ما أقرضه إياه على النحو الذي قدمناه ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 633 . &%$ ) ، ومن الجائز أن يقنعه بيع حقه فى البناء لشخص آخر من الملاك أنفسهم ، أو من غيرهم ويحل هذا الشخص الآخر محله فى البناء الجديد . فإذا لم يوجد حل لهذا الأمر ، تخلف عن عجز عن مواجهة تكاليف تجديد البناء بعد أخذ ما عسى أن يكون قد تبقى له من حق إذا رأى الاتحاد إعفاءه من الالتزام بالمساهمة فى تجديد البناء ، وجدد البناء لحساب من بقى من الملاك دونه ( $%&[1] ) انظر محمد على عرفة فقرة 369 : ويذهب إلى جواز إجبار الشريك المتخلف قضاءه على المساهمة فى تجديد البناء أو بيع طبقته عليه ، كما هو الأمر فى شأن صاحب السفل طبقا لما هو مقرر فى المادة 860 مدنى .

وأنظر فى التعقيب على هذا الرأى إسماعيل غانم فقرة 159 ص 367 .&%$ ) .

 $ 1039 $ والبناء المحدد يكون ملكا لأصحابه على النحو الذي كان عليه البناء القديم ، يملك كل منهم طبقته أو شقته مع حصته الشائعة فى الأجزاء المشتركة . وما لم يتفق الملاك على شىء آخر ، يبقى الاتحاد قائما لإدارة البناء الجديد ، طبقا للقواعد المقررة فى هذا الشأن .

هذا وقد يحتاج البناء إلى تجديد لا لأنه قد هلك ، بل لأنه قد بلى وأصبح فى حاجة إلى أن يجدد . وفى هذه الحالة يكون قرار الاتحاد بتجديد البناء من أعمال الإدارة غير المعتادة ، ويصدر القرار بالأغلبية العادية ، وينفذ على الوجه الذي بسطناه فى حالة هلاك البناء .

2 - مأمور اتحاد الملاك

635 - نصوص قانونية : تنص المادة 866 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - يكون للاتحاد مأمور يتولى تنفيذ قراراته ، ويعين بالأغلبية المشار إليها فى المادة 864 ، فإن لم تتحقق الأغلبية عين بأمر يصدر من رئيس المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار بناء على طلب أحد الشركاء بعد إعلان الملاك الآخرين لسماع أقوالهم . وعلى المأمور إذا اقتضى الحال أن يقوم من تلقاء نفسه بما يلزم لحفظ جميع الأجزاء المشتركة وحراستها وصيانتها ، وله أن يطالب كل ذى شأن بتنفيذ هذه الالتزامات . كل هذا ما لم يوجد فى نظام الاتحاد ما يخالفه " .

 " 2 - ويمثل المأمور الاتحاد أمام القضاء ، حتى فى مخاصمة الملاك إذا اقتضى الأمر " .

وتنص المادة 867 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - أجر المأمور يحدده القرار أو الأمر الصادر بتعيينه " .

 " 2 - ويجوز عزله بقرار تتوافر فيه الأغلبية المشار إليها فى المادة 864 ، أو بأمر يصدر من رئيس المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار بعد إعلان الشركاء لسماع أقوالهم فى هذا العزل " ( $%&[1] ) تاريخ النصوص :

م 866 : ورد هذا النص فى المادة 1235 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدني الجديد ، فيما عدا بعض خلافات لفظية . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 937 فى المشروع التمهيدى ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 935 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 866 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 176 - ص 178 ) .

م 867 : ورد هذا النص فى المادة 1236 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا بعض خلافات لفظية . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 938 فى المشروع التمهيدى ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 936 ، بعد إدخال بعض تعديلات لفظية أخرى . ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 867 ، بعد الاستعاضة عن عبارة " بأمر من القاضى " فى الفقرة الثانية بعبارة " بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 178 – ص 180 ) .&%$ ) .

 $ 1040 $ ولامقابل لهذه النصوص فى التقنين المدني السابق .

وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى

م 821 – 822 - وفى التقنين المدنى الليبى م 870 – 871 – وفى التقنين المدنى العراقى لا مقابل – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 821 - 822 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 870 – 871 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

636 - تعيين مأمور لاتحاد الملاك : ولما كان اتحاد الملاك مكونا من ملاك متعددين ، لذلك كان الاتحاد فى حاجة إلى شخص واحد لتنفيذ قراراته ، وهذا الشخص يسمى مأمور اتحاد الملاك . وهو فى الغالب شخص من بين الملاك أعضاء الاتحاد ، ولكن القانون لم يحتم ذلك فيصح أن يكون أجنبيا . ويعينه الاتحاد بالأغلبية العادية ، أى بأغلبية الأعضاء محسوبة على أساس قيمة الأنصباء . فإذا لم يظفر أحد بهذه الأغلبية ، جاز لأى عضو فى الاتحاد أن يقدم عريضة إلى رئيس المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها البناء ، يطلب فيها تعيين مأمور للاتحاد ، ويعلن الملاك الآخرين للحضور أمام رئيس المحكمة المشار إليه ليأخذ رأيهم فردا فردا فيمن يرون اختياره . ويصدر رئيس المحكمة أمراً على $ 1041 $ العريضة المشار إليها بتعيين الشخص الذي يكون مأمورا للاتحاد ، ويغلب أن يكون هذا الشخص هو كما قدمنا من بين الملاك أنفهسم .

637 - اختصاصات مأمور الاتحاد : ومأمور الاتحاد ، كما هو واضح من نص المادة 866 مدنى سالفة الذكر ، هو الأداة التنفيذية للجمعية العامة للاتحاد . وبهذه الصفة يتولى الاختصاصات الآتية :

1-   يقوم بتنفيذ قرارات الاتحاد ، ويكون مسئولا عن هذا التنفيذ أمام الجمعية العامة للاتحاد .

2-   يطالب كل مالك بتنفيذ التزاماته ، سواء كانت هذه الالتزامات مصدرها القانون ، أو مصدرها اللائحة التنظيمية للاتحاد ، أو مصدرها قرارات فردية اتخذها الاتحاد فى جمعيته العامة ، ويؤدى حسابا عن ذلك للاتحاد .

3-   يقوم من تلقاء نفسه بما يلزم لحفظ جميع الأجزاء المشتركة وحراستها وصيانتها . والأصل أن أعمال الحفظ والصيانة والحراسة للأجزاء المشتركة للبناء ، وإدارة هذه الأجزاء المشتركة بوجه عام ، هى من صميم عمل الاتحاد يتولاها بقرارات يتخذها ، ويقوم المأمور بتنفيذ هذه القرارات كما سبق القول .

ولكن هناك من هذه الأعمال ما يكون عاجلا لا بد من القيام به فورا ، فيجب على المأمور القيام به دون انتظار قرار من الاتحاد . ويعرض الأمر بعد ذلك على أقرب جلسة للجمعية العامة ، وهناك أيضا من هذه الأعمال ما هو محدود الأهمية لا يستدعى عقد جلسة لاتخاذ قرارات فى شأنه ، فيقوم المأمور بهذه الأعمال على مسئوليته ، ويعرض الأمر بعد ذلك على الجمعية العامة للاتحاد فى أقرب جلسة يعقدها .

4-   يمثل المأمور الاتحاد أمام القضاء ، فيرفع الدعاوى باسم الاتحاد ، وترفع عليه باسم الاتحاد الدعاوى . وهو فى كل ذلك يمثل الاتحاد بحكم القانون ، فهو ليس إذن فى حاجة إلى توكيل خاص ، وليس ضروريا أن يذكر أسماء الملاك فى صحيفة الدعوى . ولما كان الاتحاد شخصا معنوياً مستقلا عن أشخاص أعضائه كما سبق القول ، فقد يقاضى الاتحاد أحد الأعضاء مطالبا إياه بتنفيذ التزاماته ، أو يقاضى أحد الأعضاء الاتحاد طاعنا فى قراراته ، وفى جميع هذه الأحوال يمثل المأمور الاتحاد فى مقاضاته للأعضاء وفى مقاضاة الأعضاء له .

 $ 1042 $

638 - أجر المأمور وطريقة عزلة : وقد تكلفت المادة 867 مدنى سالفة الذكر ببيان أمرين :

( الأمر الأول ) تحديد أجر المأمور . ويقوم بتحديد هذا الأجر اتحاد الملاك نفسه إذا كان هو الذي اختار المأمور ، أو يقوم بتحديده رئيس المحكمة الابتدائية إذا كان هو الذي تولى تعيينه . وتمكن إعادة النظر فى الأجر من الجهة التى حددته ، بالنقض أو بالزيادة ، بحسب الأحوال . ويدخل الأجر ضمن التكاليف التى تنفق على الأجزاء المشتركة للبناء ، فتضاف إليها ، وتقسم بين الأعضاء كل بنسبة حصته كما سبق القول ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 626 .&%$ ) . ويصح أن يتبرع المأمور بعمله فلا يطلب أجراً عليه ، وبخاصة إذا كان واحدا من المالك . وله الرجوع فى تبرعه وطلب تحديد أجر له ، إذا رأى أن الأعمال الموكولة إليه تستغرق من وقته ومن جهده ما يستحق عليه أجراً .

( الأمر الثانى ) عزل المأمور . وتقول الفقرة الثانية من المادة 867 مدنى كما رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 635 .&%$ ) ، إنه يجوز عزل المأمور " بقرار تتوافر فيه الأغلبية المشار إليها فى المادة 864 ، أو بأمر يصدر من رئيس المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار بعد إعلان الشركاء لسماع أقوالهم فى هذا العزل " . والعزل يكون إما لإخلال المأمور بالتزاماته إخلالا واضحاً ، أو لعدم صلاحيته لما وكل إليه من العمل ، أو لصيرورته عاجزاً عن القيام بها ، أو لغير ذلك من الأسباب الجدية . وكما يجوز عزل المأمور ، يجوز كذلك أن يتنحى هو نفسه عن القيام بالوكالة المعهودة إليه ، شأنه فى ذلك شأن أى وكيل .

وليس من الضرورى أن تكون الجهة التى قامت بتعيينه هى التى تقوم بعزله ، فقد يختاره الاتحاد ويعزله رئيس المحكمة ، أو بالعكس يعينه رئيس المحكمة ويعزله الاتحاد بالأغلبية المعتادة ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ويجوز عزل السنديك ( المأمور ) بالأغلبية أو بأمر القاضي ، أيا كانت طريقة تعيينه " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 183 .&%$ ) .

 $ 1043 $ وإذا عزل المأمور أو تنحى ، يختار أو يعين مأمور غيره ، بالطريقة التى سبق بيانها .

الفرع الثالث

ملكية الأسرة

639 – الغرض من نظام ملكية الأسرة : استقى المشروع المصرى نظام ملكية الأسرة من التقنين المدنى السويسرى ومن المشروع الإيطالى الذي أصبح بعد ذلك التقنين المدنى الإيطالى ، ولكنه تأثر قبل كل شىء بالبيئة المصرية ذاتها . ذلك أن ملكية الأسرة فى مصر قائمة فعلا ، قبل أن توجد قانونا . وكثير من الأسر ، وبخاصة فى الريف ، تستبقى أموالها ، لا سيما إذا أتى عن طريق الميراث ، شائعا بين أفراد الأسرة ، يديره عميد الأسرة ويقدم حسابا عن إدارته لشركائه فى الشيوع . والعرف هو وحده الذي كان يتحكم فى النظام الذي تخضع له ملكية الأسرة على هذا الوجه ، وقل أن يلجأ أحد من أفراد الأسرة إلى طلب القسمة والاستغلال بنصيبه فى المال مفرزا . ولم تكن هذه التقاليد المستقرة فى الريف تخلو من العيوب ، بل لم تكن تخلو من بعض الأحيان من تحكم عميد الأسرة يدير أموالها على الوجه الذي يريده ، ويقدم حسابا أو لا يقدم . فأراد المشرع تنظيم هذا الضرب من الشيوع الإجبارى القائم على الاتفاق الضمنى ، فهذب من القواعد التى تسرى عليه وبسط رقابة كافية على إدارة الأموال ، وأفسح مجال الخروج منه لمن أراد من الشركاء ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " تعرض المواد ... الملكية الأسرة ، وهى ملكية استحدثها المشروع عن التقنين السويسرى والمشروع الإيطالى . على أن ملكية الأسرة فى مصر قائمة بالفعل ، فإن كثيرا من الأسرات يبقى فى الشيوع بعد موت المورث ، ولا ينقص هذه الملكية إلا التنظيم ، وهذا ما فعله المشروع " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 152 ) .&%$ ) .

وإذا كانت ملكية الأسرة ضربا من الشيوع الإجبارى ، فهى كما سنرى شيوع يفرضه الاتفاق لا القانون ، وهى كذلك شيوع مؤقت لا شيوع دائم .

 $ 1044 $ ونبحث فى ملكية الأسرة أركانها ، ثم أحكامها .

المبحث الأول

أركان ملكية الأسرة

640 - نصوص قانونية : تنص المادة 851 مدنى على ما يأتى :

 " لأعضاء الأسرة الواحدة الذين تجمعهم وحدة العمل أو المصلحة أن يتفقوا كتابة على إنشاء ملكية للأسرة ، وتتكون هذه الملكية إما من تركة ورثوها واتفقوا على جعلها كلها أو بعضها ملكا للأسرة ، وإما من أى مال آخر مملوك لهم اتفقوا على إدخاله فى هذه الملكية " .

وتنص المادة 852 مدنى على ما يأتى :

 " 1 – يجوز الاتفاق على إنشاء ملكية الأسرة لمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة ، على أنه يجوز لكل شريك أن يطلب من المحكمة الإذن فى إخراج نصيبه من هذه الملكية قبل انقضاء الأجل المتفق عليه إذا وجد مبرر قوى لذلك .

 " 2 - وإذا لم يكن للملكية المذكورة أجل معين ، كان لكل شرين أن يخرج نصيبه منها بعد ستة أشهر من يوم أن يعلن إلى الشركاء رغبته فى إخراج نصيبه " ( $%&[1] ) تاريخ النصوص :

م 851 : ورد هذا النص فى المادة 1222 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 922 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 920 . وفى لجنة مجلس الشيوخ رأى رئيس اللجنة إطلاق الأحكام الخاصة بإنشاء ملكية الأسرة وعدم تقييد إنشائها بوحدة العمل أو المصلحة بين أعضاء الأسرة الوحدة ، وكذلك رأى عدم تحديد أعضاء الأسرة بدرجة معينة لأنه من الجائز أن الذين تجمعهم وحدة العمل أو المصلحة من أعضاء الأسرة الواحدة ليسوا من الأقربين . فأجيب بأن " المفروض ألا تنشأ الملكية المشتركة إلا بعد أن تجمع أفراد الأسرة الواحدة وحدة العمل أو المصلحة . وهذه الوحدة هى التى تحدد أعضاء الأسرة الواحدة ، وغالبا ما يكون هؤلاء من الورثة " . ووافقت اللجنة على النص تحت رقم 851 ، ثم وافق عليه مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 143 - ص 144 )

م 852 : ورد هذا النص فى المادة 1223 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا عبارة وردت فى المشروع التمهيدى فى آخر الفقرة الثانية وهى ما يأتى : " ما لم يقض العرف فى الملكية الزراعية بغير ذلك " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 923 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 921 . ثم وافقت عليه لجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 852 ، وذلك بعد حذف العبارة التى كانت واردة فى آخر الفقرة الثانية " لأن نظام ملكية الأسرة نظام جديد ولا عرف فيه " . ووافق عليه مجلس الشيوخ بالتعديل الذي قررته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 145 – ص 146 ) &%$ ) .

 $ 1045 $ وليس لهذه النصوص مقابل فى التقنين المدنى السابق ، الذي لم يكن يعرف ملكية الأسرة .

وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى م 806 – 807 – وفى التقنين المدنى الليبى م 855 – 856 – وفى التقنين المدنى العراقى لا مقابل – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 806 – 807 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 855 – 856 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

641 - أركان أربعة : ويستخلص من النصوص سالفة الذكر أن لملكية الأسرة أركانا أربعة هى : ( 1 ) اتفاق مكتوب . ( 2 ) ما بين أعضاء أسرة واحدة . ( 3 ) على أموال مملوكة لهم فتكون ملكا للأسرة . ( 4 ) ولمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة .

642 - الركن الأول – اتفاق مكتوب : يجب أن يتفق أعضاء الأسرة الواحدة فيما بينهم على إنشاء ملكية الأسرة اتفاقا مكتوبا ، كما تصرح بذلك المادة 851 مدنى فيما قدمنا ( $%&[1] ) انظر آنفا فرة 640 .&%$ ) . والكتابة هنا للانعقاد لا للإثبات ، فالاتفاق غير المكتوب يكون باطلا ، ولو أقر به المتعاقدون أو وجهت فيه اليمين . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ويجب أن $ 1046 $ يكون الاتفاق كتابيا ، والكتابة هنا شرط للانعقاد لا لمجرد الإثبات " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 152 .&%$ ) .

والسبب فى ذلك أن ملكية الأسرة تدوم عادة مدة طويلة ، قد تصل إلى خمسة عشر عاماً ، فوجب أن يكون الاتفاق عليها مكتوبا حتى يرجع إليه عند الحاجة طوال هذه المدة . ولكن من جهة أخرى لا يشترط أن تكون الكتابة رسمية ، فالكتابة العرفية تكفى .

والاتفاق هو تراض على إنشاء ملكية الأسرة ، ويشترط فيه بهذا الوصف توافر الأهلية فى أعضاء الأسرة المتعاقدين . والأهلية هنا أعلى من أهلية الإدارة ، فالذي يضع ماله فى ملكية الأسرة لا يقوم بمجرد إدارته إدارة معتادة ، إذ هو يقيد من حريته فى التصرف فيه كما سنرى ، وفي الوقت ذاته يعطى لمن يدير هذه الملكية سلطات واسعة تجاوز فى كثير من الأحيان حدود الإدارة المعتادة ( $%&[1] ) هذا إلى أنه لو أدخل عضو الأسرة مالا مفرزا مملوكا له فى ملكية الأسرة فأصبح شائعا بين أعضائها ، كان فى هذا ضرب من التصرف فى المال المفرز يجعله شائعا ( انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 140 ص 326 – وانظر فى أنه تكفى أهلية الإدارة محمد كامل مرسى 2 فقرة 156 ص 278 – محمد على عرفة 349 ص 467 ) .&%$ ) . ومن ثم يجب توافر أهلية التصرف ، ولابد فيمن يدخل عضوا فى ملكية الأسرة أن يكون كامل الأهلية أى بالغا سن الرشد غير محجور عليه . فإذا كان غير متوافر الأهلية ، وجبت مراعاة الأحكام التى قررها قانون الولاية على المال فى شأن التصرف فى أموال القاصر . وعلى ذلك إذا كان بين أعضاء الأسرة من هو قاصر أو محجور عليه ، وجب على الوصى أو القيم الحصول على إذن المحكمة لإدخال ماله ضمن ملكية الأسرة .

643 – الركن الثانى – أعضاء أسرة واحدة : والأصل أن يكون الشركاء فى ملكية الأسرة هم ورثة المتوفى ، إذ يكون مورثهم قد ترك لهم مستغلا زراعيا أو صناعيا أو تجاريا ، يكون من المصلحة المحافظة على وحدة هذا المستغل بإبقائه فى الشيوع وترك أحد الورثة يديره مع إعطائه سلطات واسعة فى الإدارة . والورثة يكونون من ذوى القربى ، فيما عدا الزوج والزوجة $ 1047 $ فليس من الضرورى أن تقوم بينهما قرابة . فالقول بأن أعضاء الأسرة يجب أن يكونوا من ذوى القربى فيه شىء من التضييق ، وينبغى أن تتسع عضوية الأسرة لتشمل الزوج والزوجة . فليس من المتصور أن تقوم ملكية الأسرة ما بين أولاد الأعمام ، ولا تقوم ما بين الزوج والزوجة ( $%&[1] ) انظر فى معنى أن أعضاء الأسرة الواحدة يجب أن يكونوا من ذوى القربى ، فلا تنعقد ملكية الأسرة بين أحد الزوجين وأقارب الزوج الآخر : محمد كامل مرسى 2 فقرة 156 ص 278 - محمد على عرفة فقرة 349 ص 466 – عبد المنعم البدراوى فقرة 172 ص 206 – حسن كيرة فقرة 167 ص 576 .&%$ ) . إذن ينبغى تجنب القول بأنه لتحديد من هم أعضاء الأسرة يجب الرجوع إلى المادة 34 مدنى وهى تنص على أن " 1 - تتكون أسرة الشخص من ذوى قرباه . 2 - ويعتبر من ذوى القربى كل من يجمعهم أصل مشترك " . والأولى أن تؤخذ " الأسرة " بالمعنى المألوف فى كلام النسا ، فتدخل فى أعضاء الأسرة الزوجة والزوج ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 140 ص 323 – ص 324 – منصور مصطفى منصور فقرة 94 ص 233 .&%$ ) ، بل لا مانع من دخول الأصهار إذا كان هناك مقتض لذلك ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 174 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 177 - وسنرى أن الأجنبى قد يدخل فى ملكية الأسرة ، ولكن لا يكون ذلك ابتداء ، بل نتيجة لبيع أحد أعضاء الأسرة نصيبه لهذا الأجنبى أو تلك الأجنبى النصيب جبرا على عضو الأسرة ، ثم رضاء الأجنبى وباقى الشركاء دخول الأجنبى شريكا معهم ( م 853 / 2 مدنى ) – وانظر ما يلى فقرة 647 .&%$ ) . والضابط للأسرة هنا ليست هى القرابة ، بل هى " وحدة العمل والمصلحة " ، إذ تقول المادة 851 مدنى فى صدرها ، كما رأينا ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 640 .&%$ ) ، " لأعضاء الأسرة الواحدة الذين تجمعهم وحدة العمل أو المصلحة " . وفى هذا تقول المذكرة الإيضاحية : " فيجب أن يكون الشركاء إذن أعضاء أسرة واحدة ، ولا يشترط أن يكونوا إخوة ، وإنما يشترط أن تجمعهم وحدة مشتركة فى العمل أو المصلحة ، كما إذا اتفق أعضاء الأسرة على استغلال مال الأسرة استغلالا معينا يقضى وحدة الإدارة ، وكما إذا كان مال الأسرة تركة يحسن بقاؤها كتلة متماسكة حتى يمكن استغلالها على خير الوجوه " ( $%&[1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 152 – ويذهب الأستاذ إسماعيل غانم إلى " أن المشرع ، غذ نص فى المادة 851 على وحدة العمل أو المصلحة ، لم يكن يبين شرطا يترتب على تخلفه بطلان الاتفاق على ملكية الأسرة ، بل كان يريد الإشارة فى النص إلى العلة التى من أجلها يقدم أعضاء الأسرة على إبرام هذا الاتفاق " ( إسماعيل غانم فقرة 140 ص 324 – ص 325 ) .

وانظر فى هذا المعنى أيضاً منصور مصطفى منصور فقرة 94 ص 233 .&%$ ) .

 $ 1048 $ ويستخلص من ذلك أن يجب فهم " الأسرة " فهما مرنا ، يتكيف بحسب الظروف . فجميع الورثة ، ولو كان من بينهم الزوج أو الزوجة ، يعتبرون أعضاء أسرة واحدة . كذلك لو كان للزوج أو الزوجة أخ مثلا يشترك معه فى مال شائع ، وأراد الأخ إدخال هذا المال الشائع فى ملكية الأسرة ، فيجب النظر فيما إذا كانت وحدة العمل أو المصلحة تبرر دخول هذا المال فى ملكية الأسرة .

ولكن يجب على كل حال التقيد بمعنى الأسرة ، ولو على النحو الواسع الذي قدمناه . فلا يكفى أن تقوم بين الشركاء فى ملكية الأسرة صداقة وثيقة إذا لم يكونوا من أسرة واحدة ، ولو دعمت هذه الصداقة بدعائم قوية من وحدة العمل أو المصلحة .

644 - الركن الثالث – أموال مملوكة لأعضاء الأسرة : وتقول العبارة الأخيرة ، المادة 851 مدنى : " وتتكون هذه الملكية ( ملكية الأسرة ) ، إما من تركة ورثوها واتفقوا على جعلها كلها أو بعضها ملكا للأسرة ، وإما ، أى مال آخر مملوك لهم اتفقوا على إدخاله فى هذه الملكية " . وتتكون ملكية الأسرة عادة ، كما قدمنا ، من تركة يستبقيها الورثة على الشيوع لتدار إدارة مشتركة تتسع فيها سلطات المدير ، سعياً وراء حسن الاستغلال واحتفاظا بوحدة التركة . فهى ، أكثر ما تكون ، مستغل زراعى أو صناعى أو تجارى كما سبق القول ( $%&[1] ) والمشرع يحرص عادة على استبقاء وحدة هذه المستغلات ، حتى أنه نص فى المادة 906 مدنى على أنه " إذا كان بين أموال التركة مستغل زراعى أو صناعى أو تجارى مما يعتبر وحدة اقتصادية قائمة بذاتها ، وجب تخصيصه برمته لمن يطلبه من الورثة إذا كان أقدرهم على الاضطلاع به ... " .

وقد ترى الورثة استبقاء المستغل شائعا بينهم مع إدخاله فى ملكية الأسرة ، على النحو الذى بسطناه فيما تقدم .&%$ ) . ولا يوجد ما يمنع من أن يضاف إلى التركة مال آخر شائع أو مال مفرز ، لإدخاله فى ملكية الأسرة ، بل لا يوجد ما يمنع من أن يتفق أعضاء $ 1049 $ الأسرة الواحدة ابتداء على تقديم كل منهم لمال مفرز يملكه ، لتتكون من هذه الأموال المفرزة ملكية الأسرة الشائعة ، كما يفعل الشركاء عندما يؤسسون شركة ، غير أن الشركة تعتبر شخصا معنويا هو المالك لهذه الأموال ، أما ملكية الأسرة فتبقى مالا مملوكا على الشيوع لأعضاء الأسرة لا مالا مملوكا لشخص معنوى . ويجوز أن تتجمع كل هذه العمليات ، فيبدأ أعضاء الأسرة بتركة شائعة فيما بينهم ، ثم يضيفون إليها ، بعد أن تتكون ملكية الأسرة وتبدو بشائر نجاحها ، أموالا أخرى شائعة أو مفرزة مملوكة لأعضاء الأسرة ، إما مرة واحدة ، أو مرة بعد أخرى ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وتتكون ملكية الأسرة عادة من تركة يبقيها الورثة ، كلها أو بعضها ، فى الشيوع سعيا وراء حسن الاستغلال . ويجوز أيضا أن يتفق أعضاء الأسرة على تكوين ملكيتها من مال يقدمه كل منهم ولا يكون من تركة مشتركة ، وهذا أقرب إلى الشركة ، ويكون المقصود من ذلك استغلال هذا المال استغلالا معينا يقتضى وحدة الإدارة " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 152 – ص 153 ) .&%$ ) .

والمهم أن يكون المال الذي يقدمه عضو الأسرة مملوكا له ملكية حالة ، فلا يجوز أن تتكون ملكية الأسرة من أموال مستقبلة ، كأن تكون تركة مستقبلة ، على أن كل تعامل فى تركة مستقبلة ولو بطريق تكوين ملكية الأسرة باطل ( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 349 ص 466 .&%$ ) .

ويصح أن يكون المال عقارا أو منقولا ، وإن كان الغالب أن يكون عقارا أو منقولا معنويا كالمتجر والمصنع ، وإذا كان عقارا وجب تسجيله طبقا للمادة 9 من قانون الشهر العقارى ، حتى لو كان هذا العقار مملوكا على الشيوع بين أعضاء الأسرة قبل الاتفاق على إنشاء ملكية الأسرة ( $%&[1] ) محمود شوقى فى الشهر العقارى علما وعملا سنة 1951 ص 234 – محمد على عرفة فقرة 349 ص 467 – إسماعيل غانم فقرة 140 ص 325 – منصور مصطفى منصور فقرة 94 ص 234 .&%$ ) .

645 – الركن الرابع – مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة : وملكية الأسرة لا بد أن تكون مؤقتة ، ولا يجوز أن تزيد المدة فيها على خمس عشرة سنة . ويجب التمييز هنا بين فرضين : فإما أن تكون مدة قد حددت فى الاتفاق ، أو لم تحدد مدة ما .

 $ 1050 $

فإذا حددت مدة فى الاتفاق . وجب ألا تزيد هذه المدة على خمس عشرة سنة كما قدمنا . ويصح أن تكون المدة أقل من خمس عشرة سنة ، عشر سنين أو أقل أو أكثر ، والمهم ألا تزيد على خمس عشرة سنة ( $%&[1] ) " وإذا اتفق أعضاء الأسرة على مدة تزيد على خمس عشرة سنة ، أنقصت إلى هذا الحد " ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 153 ) .&%$ ) . فإذا حددت مدة لاتزيد على خمس عشرة سنة ، نقيد بها الشركاء فى ملكية الأسرة ، واصبح لزاما أن يسبقوا أموالهم داخلة فى هذه الملكية طوال المدة المحددة . ومن هنا نرى أن ملكية الأسرة أطول بقاء وأكثر استقرار من الشيوع العادى ، وهذه هى ميزتها . ففى الشيوع العادى لا يمكن الاتفاق على البقاء فى الشيوع مدة تزيد على خمس سنوات ، وهنا قد تطول المدة إلى خمس عشرة سنة . ويجوز ، بعد انقضاء المدة المحددة ابتداء ، أن تجدد المدة مرة ثانية فثالثة وهكذا . ولكن التجديد لا يكون إلا بعد انقضاء المدة السارية ، وإلا حسبت المدة الجديدة من وقت التجديد لا من وقت انقضاء المدة السارية ، وذلك على النحو الذى قدمناه فى الشيوع العادى ( $%&) ) انظر آنفا فقرة 537 – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " ولكن لا يوجد ما يمنع من تجديد المدة بعد انقضائها " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 153 ) .&%$ ) . فإذا لم تجدد المدة بعد انقاضئها ، ولم يطلب أحد القسمة ، بقى أعضاء الأسرة فى الشيوع ، ولكن الشيوع هنا يكون شيوعا عاديا لا شيوع ملكية الأسرة ( $%&[1] ) إسماعيل غانم فقرة 141 ص 327 .&%$ ) . ولكن مادام شيوع ملكية الأسرة قائما ، لا يجوز فى الأصل لأحد من الشركاء أن يخرج نصيبه من هذه الملكية . ومع ذلك يجوز ، على سبيل الاستثناء ، للشريك " أن يطلب من المحكمة الإذن فى إخراج نصيبه من هذه الملكية قبل انقضاء الأجل المتفق عليه ، إذا وجد مبرر قوى لذلك " ( م 852 / 1 مدنى )( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 640 .&%$ ) . فقد يجد أحد الشركاء نفسه قبل انقضاء المدة المحددة ، فى حاجة ملحة للمال الذي وضعه فى ملكية الأسرة ، أو يكون قد انتقل من الجهة التى كان يقيم فيها بجوار ملكية الأسرة فلا يعود مستطيعا أن يتابع سير العمل والإدارة فى هذه الملكية ، أو تكون العلاقة بينه $ 1051 $ وبين أعضاء الأسرة الآخرين قد ساءت إلى حد لا يرجى معه العودة إلى التفاهم( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " على أنه يجوز لكل شريك أن يطلب من المحكمة الإذن له فى إخراج نصيبه من هذه الملكية قبل انتهاء الأجل المتفق عليه إذا كان هناك مبرر قوى لذلك ، كما إذا اقتضت ظروفه الخاصة أن ينقل عمله إلى مقر آخر ، أو احتاج إلى مال ، أو وقع بينه وبين أعضاء الأسرة خلاف لا أمل فى تسويته " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 153 ) .&%$ ) .

وإذا لم تحدد لملكية الأسرة مدة فى الاتفاق ، " كان لكل شريك أن يخرج نصيبه منها بعد ستة أشهر من يوم أن يعلن إلى الشركاء رغبته فى إخراج نصيبه " ( م 852 / 2 مدنى )( $%&[1] ) انظر أنفاق فقرة 640 .&%$ ) . فالاتفاق غير محدد المدة على ملكية الأسرة يكون إذن عرضة لأن يخرج أى شريك منه بعد ستة أشهر من إعلان يوجهه إلى سائر الشركاء . ولا يشترط شكل خاص فى الإعلان ، فقد يكون إنذارا على يد محضر ، وقد يكون كتابا مسجلا أو غير مسجل ، وقد يكون شفويا ولكن يقع عبء إثباته على الشريك الخارج( $%&[1] ) وإذا خرج أحد الشركاء نصيبه ، بعد انقضاء ستة أشهر من الإعلان أو لوجود مبرر قوى فيما إذا كانت هناك مدة محددة ، فإن هذا لا يعتبر قيمة للمال الشائع بين الشركاء . فيصبح أن يكون إعطاء الشريك نصيبه عن طريق التجنيب ، بل يصح إعطاؤه مقابل نصيبه نقداً إذا تعذر التجنيب ( أنظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 141 ص 327 هامش 2 ) .&%$ ) . وفى ملكية الأسرة الزراعية ، نراعى المواعيد التي يحددها العرف الزراعى . وقد كان فى المشروع التمهيدى لنص المادة 852 / 2 مدنى عبارة فى هذا المعنى ، ولكنها حذفت هذه العبارة ، فإن الحكم نفسه يتفق مع القواعد العامة ( $%&[1] ) فالعرف الزراعى مثلا يقضى بوجوب انتظار جنى المحصول ، فيجب تحكيم هذا العرف فى خصوص إخراج أحد الشركاء لنصيبه فى ملكية الأسرة ( محمد على عرفة فقرة 350 ص 468 ) .

وقد جاء فى تقرير لجنة مجلس الشيوخ التى حذفت النص الخاص بالعرف الزراعى ، تبريراً لهذا الحذف ، ما يأتى : " لأن العرف الذى يشير إليه النص لم ينشأ بعد ، وهو إن نشأ فى المستقبل فلن يكون هناك ما يحول دون تطبيقه " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 147 – وانظر آنفا فقرة 640 ص 1044 هامش 1 ) . وأنظر فى هذه المسألة إسماعيل غانم فقرة 141 ص 328 هامش 1 .&%$ ) .

 $ 1052 $

المبحث الثانى

أحكام ملكية الأسرة

646 - نصوص قانونية : تنص المادة 853 مدنى على ما يأتى : " 1 - ليس للشركاء أن يطلبوا القسمة ما دامت ملكية الأسرة قائمة ، ولا يجوز لأى شريك أن يتصرف فى نصيبه لأجنبى عن الأسرة ، إلا بموافقة الشركاء جميعا " .

 " 2 - وإذا تملك أجنبى عن الأسرة حصة أحد الشركاء برضاء هذا الشريك أو جبراً عليه ، فلا يكون الأجنبى شريكا فى ملكية الأسرة إلا برضائه ورضاء باقي الشركاء " .

وتنص المادة 854 مدنى على ما يأتى :

 " 1 - للشركاء أصحاب القدر الأكبر من قيمة الحصص أن يعينوا من بينهم للإدارة واحدا أو أكثر . وللمدير أن يدخل على ملكية الأسرة من التغيير فى الغرض الذى أعد له المال المشترك ما يحسن به طرق الانتفاع بهذا المال ، ما لم يكن هناك اتفاق على غير ذلك " .

 " 2 - ويجوز عزل المدير بالطريقة التى عين بها ولو اتفق على غير ذلك ، كما يجوز للمحكمة أن نعزله بناء على طلب أى شريك إذا وجد سبب قوى يبرر هذا العزل " .

وتنص المادة 855 مدنى على مايأتى :

 " فيما عدا الأحكام السابقة ، تنطبق قواعد الملكية الشائعة وقواعد الوكالة على ملكية الأسرة " ( $%&[1] ) تاريخ النصوص :

م 853 : ورد هذا النص فى المادة 1224 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا أن العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية فى المشروع التمهيدى كانت تجرى على الوجه الآتى " فلا يشترك الأجنبى فى ملكية الأسرة إلا برضائه ورضاء باقى الشركاء " . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 924 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 922 . وفى لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة " فلا يكون الأجنبى شريكا فى ملكية الأسرة " بعبارة " فلا يشترك الأجنبى فى ملكية الأسرة " ، وجاء فى تقرير اللجنة تبريرا لهذا التعديل " أن المراد هو نفى صفة الشريك عن الأجنبى ، والتعديل يجعل هذا المعنى أوضح " . وأقرت اللجنة النص بهذا التعديل تحت رقم 853 ، ثم أقره مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 147 – ص 149 ) .

م 854 : ورد هذا النص فى المادة 1225 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن الفقرة الأولى من المشروع التمهيدى كانت تجرى على الوجه الآتى : " ... وللمدير أن يدخل على ملكية الأسرة من التغييرات ومن التعديل فى الغرض ... " .

ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 925 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 923 . وفى لجنة مجلس الشيوخ رؤى الاقتصار بالنسبة إلى سلطة المدير على التغيير فى الغرض الذي أعد له المال المشترك دون التعديل فى المال المشترك ، ولذلك استبدلت عبارة " وللمدير أن يدخل على ملكية الأسرة من التغيير " بعبارة " وللمدير أن يدخل على ملكية الأسرة من التغيير " بعبارة " وللمدير أن يدل على ملكية الأسرة من التغييرات ومن التعديل " . وأقرت اللجنة النص بهذا التعديل تحت رقم 854 ، ثم أقره مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 149 – ص 151 ) .

م 855 : ورد هذا النص فى المادة 1226 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 926 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 924 ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 855 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 152 – ص 154 ) .&%$ ) .

 $ 1053 $ ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق .

وتقابل فى التقنينات المدنية العربية : فى التقنين المدنى السورى م 808 - 810 – وفى التقنين المدنى الليبى م 857 - 859 - وفى التقنين المدنى العراقى لا مقابل – وفى قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل ( $%&[1] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدنى السورى م 808 – 810 ( مطابق ) .

التقنين المدنى الليبى م 857 – 859 ( مطابق ) .

التقنين المدنى العراقى لا مقابل .

قانون الملكية العقارية اللبنانى لا مقابل .&%$ ) .

ويؤخذ من هذه النصوص أن ملكية الأسرة هى ملكية شائعة بين عدد أعضاء اسرة واحدة ، يملكها هؤلاء الأعضاء على الشيوع ، وليست شخصا معنويا تستند إليه هذه الملكية . وهى كملكية شائعة تخضع فى الأصل لأحكام هذه الملكية إلا فيما تميزت به من أحكام ، وكملكية يوكل فيها الشركاء واحدا $ 1054 $ منهم ليديرها تخضع فى الأصل لأحكام الوكالة " فيما يتعلق بأعمال المدير ، والتزاماته " ( $%&[1] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 154 .&%$ ) ، سواء كان ذلك فى علاقة المدير بالشركاء( $%&[1] ) ويترتب على ذلك أن سائر الشركاء يكونون مسئولين عما أصاب المدير من ضرر دون خطأ منه سبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا ( م 711 مدنى ) ، وأنهم يكونون متضامنين قبل المدير فى تنفيذ الوكالة ( م 712 مدنى ) ، وأن على المدير إذا كان مأجورا أن يبذل فى إدارة ملكية الأسرة عناية الرجل المعتاد ( م 704 / 2 مدنى ) ، وعليه أن يقدم حسابا عن إدارته ( م 705 مدنى ) ، وأن له أن ينيب عنه غيره وتتحدد مسئوليته هو ونائبه طبقا لأحكام المادة 708 مدنى .

أنظر فى ذلك محمد على عرفة فقرة 353 .&%$ ) أو فى علاقته بالغير ، وذلك إلا فيما تميزت به هنا أيضا من أحكام .

وتتميز أحكام ملكية الأسرة عن أحكام الشيوع العادى وعن أحكام الوكالة فى ناحيتين : ناحية تصرف الشريك فى نصيبه ، وناحية إدارة ملكية الأسرة .

647 - تصرف الشريك فى نصيبه فى ملكية الأسرة : يبقى نصيب الشريك شائعا فى ملكية الأسرة ، ولا يستطيع الشريك أن يطلب القيمة ما دامت هذه الملكية قائمة وقد يبقى على هذا النحو مجبرا على البقاء فى الشيوع مدة خمس عشرة سنة إذا حدد هذا الأجل فى الاتفاق على إنشاء ملكية الأسرة ، وفى هذا تختلف هذه الملكية كما قدمنا عن الشيوع العادى حيث لا يجبر الشريك على البقاء فى الشيوع أكثر من خمس سنوات .

وكما يرد هذا القيد على حق الشريك فى طلب القسمة ، يرد قيد مماثل على حق الشريك فى التصرف فى نصيبه الشائع . وقد قدمنا أن الشريك يملك إخراج نصيبه من ملكية الأسرة إذا حدد لها أجل معين بشرط أن يقوم مبرر قوى لذلك ، ويملك فيما إذا لم يحدد لملكية الأسرة أجل معين إخراج نصيبه بعد انقضاء ستة أشهر من إعلانه الشركاء برغبته فى ذلك . ونضيف إلى ذلك أمرين :

أولا – إنه يملك ، دون إخراج نصيبه من ملكية الأسرة ، أن يتصرف فى هذا النصيب ( $%&[1] ) سواء كان التصرف معاوضه أو تبرعا ، وساء كان بالنزول أو بغير ذلك من التصرفات ( شفيق شحاتة فى التأمين العينى طبعة ثالثة سنة 1955 فقرة 27 ص 31 – عبد المنعم البدراوى فقرة 173 ص 207 هامش 1 - إسماعيل غانم فقرة 142 ص 329 – وقارن سليمان مرقس فى التأمينات العينية سنة 1951 فقرة 22 ص 29 - منصور مصطفى منصور فقرة 96 ص 239 ) .&%$ ) إلى أحد الشركاء ، فيخرج هو من ملكية الأسرة وتزاد $ 1055 $ حصة الشريك المتصرف إليه فى هذه الملكية بقدر نصيب الشريك المتصرف بل يجوز للشريك أن يتصرف فى نصيبه لأجنبى لا لأحد الشركاء ، ولكن يشترط فى ذلك موافقة باقى الشركاء ، وفى هذا ضرب من المنع من التصرف إلا بموافقة الشركاء ( $%&[1] ) ويترتب على ذلك أنه إذا باع الشريك نصيبه بغير موافقة الشركاء ، كان تصرفه باطلا ، إذ البطلان هو جزاء المنع من التصرف ( م 824 مدنى ) . أنظر فى هذا المعنى محمد على عرفة فقرة 351ص 469 – عبد المنعم البدراوى فقرة 173 ص 208 .&%$ ) . فإذا تصرف الشريك فى نصيبه لأجنبى ، ووافق باقى الشركاء على هذا التصرف ، نفذ التصرف فى حق باقى الشركاء . وحل الأجنبى محل الشريك ، لا فى ملكية الأسرة ، بل فى نصيب الشريك الشائع . فيستطيع الأجنبى إخراج هذا النصيب من ملكية الأسرة عن طريق التجنيب ، وقد يتفق الشركاء مع الأجنبى على إعطائه مقابلا من النقود . أما إذا أريد أن يحل الأجنبى أيضا محل الشريك فى ملكية الأسرة ذاتها ، فلابد فى ذلك من موافقة أخرى تصدر من باقى الشركاء ، ولابد أيضا من موافقة الأجنبى نفسه على بقاء النصيب الذى انتقل إليه فى ملكية الأسرة ( $%&[1] ) ونرى من ذلك أنه لابد من صدور موافقة باقى الشركاء مرتين ، مرة عند تصرف الشريك فى نصيبه لأجنبى ، ومرة أخرى عند استبقاء هذا النصيب فى ملكية الأسرة ، وبهذا تنتفى شبهة التعارض ما بين فقرتى المادة 853 مدنى ، وقد كانت هذه الشبهة أثيرت فى لجنة مجلس الشيوخ ، إذ لاحظ أحد الأعضاء " أن حكم الفقرة الثانية يناقض الحكم الوارد فى الفقرة الأولى التى تحرم على الشريك التصرف فى نصيبه لأجنبى إلا بموافقة الشركاء ، بينما الفقرة الثانية يفهم منها جواز التصرف الأجنبى ، فأجيب بأن حكم الفقرة الثانية وهو حكم خاص بالشريك الذى يتصرف فى نصيبه بغير التقيد بحكم الفقرة الأولى " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 148 ) . ولا شك فى أن الإجابة التى أدلى بها أمام لجنة مجلس الشيوخ خالية من الدقة . والصحيح – كما جاء فى المذكرة الإيضاحية – أن الأجنبى يحتاج إلى موافقة باقى الشركاء فى كسب نصيب الشريك أولا ، ثم يحتاج إلى موافقتهم مرة أخرى فى إبقاء هذا النصيب فى ملكية الأسرة . أنظر فى ذلك عبد المنعم البدراوى فقرة 173 ص 208 – ص 209 - إسماعيل غانم فقرة 142 ص 330 – حسن كيرة فقرة 168 ص 580 – ص 581 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 166 ص 221 – منصور مصطفى منصور فقرة 96 ص 240 - ص 241 - وقارن محمد على عرفة فقرة 351 ص 470 . &%$ ) . وهذا مثل نادر لدخول أجنبى $ 1056 $ فى ملكية الأسرة ، ولكنه لا يدخل ابتداء بل يدخل عقب تصرف أحد الشركاء فى نصيبه .

ثانياً – إن دائن الشريك يملك التنفيذ على نصيب الشريك فى ملكية الأسرة ، فإذا نفذ عليها وباعها جبراً لأحد الشركاء . أختص هذا الشريك بنصيب الشريك المنفذ عليه كما فى الفرض السابق . ولكن قد يرسو مزاد نصيب الشريك المنفذ عليه على أجنبى لا على شريك ، فيصبح هذا الأجنبى هو المالك لنصيب الشريك ، وله أن يخرجه من ملكية الأسرة عن طريق التجنيب أو عن طريق المقابل النقدى كما فى الفرض السابق أيضا . أما إذا أراد الأجنبى البقاء فى ملكية الأسرة ، فلا بد هنا أيضاً من موافقة باقى الشركاء على ذلك . ويكون هذا مثلا نادرا آخر لدخول أجنبى فى ملكية الأسرة ( $%&[1] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " فإذا تملك أجنبى حصة أحد الشركاء ، سواء كان ذلك فى بيع جبرى ، أو كان فى بيع اختيارى برضاء الشريك وموافقة سائر الشركاء ، فلا يشترك هذا الأجنبى مع ذلك فى ملكية الأسرة إلا باتفاق بينه وبين باقى الشركاء ... والغرض من هذا التقييد أن تبقى الملكية مقصورة على أفراد الأسرة بقدر الإمكان " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 153 ) .&%$ ) .

648 - إدارة ملكية الأسرة : وتتميز إدارة ملكية الأسرة بأنه يجوز للشركاء أن يعينوا شريكا منهم أو أكثر لإدارة هذه الملكية ، وتقول الفقرة الأولى من المادة 854 مدنى ، كما رأينا فى هذا الصدد : " للشركاء أصحاب القدر الأكبر من قيمة الحصص أن يعينوا من بينهم للإدارة واحد أو أكثر " . ويؤخذ من هذا النص أن من يملك تعيين المدير أو المديرين هم الشركاء أصحاب القدر الأكبر من قيمة الحصص ، أى أغلبية الشركاء محسوبة على أساس قيمة الأنصباء ، وأن المدير أو المديرين الذين يختارهم الشركاء لا بد أن يكونوا من بين الشركاء أنفسهم ، فلا يصح أن يكون المدير أجنبيا كما يصح ذلك فى الشيوع العادى .

وكما يعين المدير بأغلبية الشركاء على النحو السالف الذكر ، كذلك يجوز عزلة بهذه الأغلبية عينها ، حتى لو اتفق الشركاء على عدم جواز عزله ، بل إنه يجوز للمحكمة عزل المدير ، دون حاجة إلى أغلبية الشركاء ، إذا طلب $ 1057 $ عزله أحد الشركاء ووجد سبب قوى يبرر هذا العزل ، كأن كان المدير غير صالح لمهمته أو كان غير أمين .

ومتى عين مدير من الشركاء لإدارة ملكية الأسرة ، كان لهذا المدير سلطات واسعة تزيد كثيرا على سلطات المدير فى الشيوع العادى . فمدير ملكية الأسرة يملك الإدارة لعادية كما يملكها مدير الشيوع العادى ، ويملك فوق ذلك الإدارة غير العادية ولا يملكها المدير فى الشيوع العادى . بل إنه لا معقب على إدارة المدير غير العادية هنا ، وهذا بخلاف الإدارة غير العادية فى الشيوع العادى فقد رأينا أن للأقلية حق الالتجاء إلى القضاء ( $%&[1] ) انظر آنفا فقرة 501 .&%$ ) .

ولكن يلاحظ أنه إذا جاز لمدير ملكية الأسرة ، فى إدارته غير العادية ، أن يدخل على هذه الملكية من التغيير فى الغرض الذي أعد له المال المشترك ما يحسن به طرق الانتفاع بهذا المال " ، إلا أنه ترد على سلطته هذه قيدان : ( القيد الأول ) أنه لا يملك إدخال تعديلات فى ملكية الأسرة ذاتها بأن يبدل أموالا أخرى ببعض أموالها ، وكل ما يملكه هو التعديل فى الغرض الذي أعد له المال لا التعديل فى المال ذاته ( $%&[1] ) انظر التعديل الذى أدخلته لجنة مجلس الشيوخ فى هذا الصدد آنفا فقرة 646 ص 1052 هامش 1 .&%$ ) . ( والقيد الثانى ) أنه يجوز للشركاء ، بالأغلبية العادية التى سبقت الإشارة إليها ، أن يقيدوا من سلطات المدير الواسعة ، سواء عند تعيينه أو بعد تعيينه ، فيقصروها مثلا على الإدارة العادية ، أو يشترطوا موافقة الأغلبية على الإدارة غير العادية .

وليس من الضرورى أن يعين الشركاء مديراً لملكية الأسرة ، وإن كان هذا هو الطريق الأيسر . فيجوز أن يتولى الشركاء أنفسهم الإدارة ، العادية منها وغير العادية ، ويكون كل ذلك بالأغلبية العادية المشار إليها سالفا .

ولا يجوز للأقلية الاعتراض أمام المحكمة على الإدارة غير العادية ، كما يصح $ 1058 $ ذلك فى الشيوع العادي ( $%&[1] ) انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 142 ص 329 – منصور مصطفى منصور فقرة 96 ص 238 .&%$ ) . وهناك رأى يذهب إلى أنه إذا لم يعين مدير لملكية الأسرة ، طبقت القواعد العامة فى إدارة الشيوع العادى ، فلا يكون للأغلبية العادية سوى القيام بأعمال الإدارة العادية ( $%&[1] ) محمد على عرفة فقرة 353 – عبد المنعم البدراوى فقرة 175 – حسين كيرة فقرة 138 ص 431 .&%$ ) .

© جميع الحقوق محفوظة. 2024 بوابة القوانين فى دولة الكويت