مؤلفون وفنانون حول العالم يخوضون معارك قضائية للدفاع عن أعمالهم، التي باتت تستخدم بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى جديد دون إذن مسبق. هذه المعركة القانونية، التي تتخذ من أوروبا وأميركا الشمالية مسرحاً لها، تبدو معقدة نظرًا لميل القوانين الحالية لصالح استخدامات الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أن المستقبل قد يحمل تغييرات جذرية.
في الولايات المتحدة، شهد يناير الماضي تقديم ثلاثة فنانين دعوى قضائية ضد كبرى شركات الذكاء الصناعي، ومنها "ستايبل ديفيوجن" و"ميدجورني"، معترضين على استخدام أعمالهم دون إذن. من جانب آخر، رفعت وكالة "غيتي" للتصوير دعوى ضد "ستايبل ديفيوجن"، احتجاجًا على تحويل نصوص إلى صور توليدية.
المفارقة تكمن في أن قوانين الاتحاد الأوروبي والأمريكية تبدو مرنة إلى حد ما تجاه "الحق في التنقيب عن البيانات"، حيث يسمح للذكاء الاصطناعي باستخدام النصوص والصور المتاحة للعامة، إلا في حال اعتراض أصحاب الحقوق صراحةً. هذه المرونة تعكس التوجه العام نحو تشجيع الابتكار والتطور التكنولوجي، لكنها تثير تساؤلات جوهرية حول حدود الملكية الفكرية وحقوق المؤلف.
على صعيد آخر، يعالج القانون الأميركي مسألة التنقيب عن البيانات ضمن "الاستخدام العادل"، بينما يظل موقف الأعمال التي تم توليدها عبر الذكاء الاصطناعي محل نقاش. القانون الفرنسي والأوروبي، مثل نظيره الأميركي، لا يعترف بالتزييف إلا في حال وجود نسخة من عمل محدد، ما يضع تحديات جديدة أمام المحاكم في التعامل مع هذه التقنيات.
مفهوم "التطفل" في أوروبا قد يوفر بعض الحماية للفنانين، حيث يعاقب القانون على استغلال جهود الآخرين بشكل غير مشروع. وفي سياق متصل، تمكنت دور أزياء فاخرة من الفوز بدعاوى ضد جهات في قطاع الموضة، بتهمة سرقة عناصر تصميمية.
تبقى مسألة الاستخدام التجاري للمحتوى المتولد عبر الذكاء الاصطناعي موضوع نقاش حاد، حيث يشدد المحامون على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن اعتباره مالكًا أو مؤلفًا، مما يفتح الباب أمام إمكانية التسويق التجاري لهذه المنتجات، مع طرح تساؤلات حول شفافية مصدر المحتوى أمام المستهلكين.
مع هذا الزخم القانوني والتكنولوجي، يبدو أن مستقبل حقوق الملكية الفكرية في عالم الذكاء الاصطناعي سيكون مسرحًا لتحديات وتغييرات قانونية واسعة النطاق، تتطلب توازنًا دقيقًا بين حماية الإبداع الإنساني وتشجيع الابتكار التكنولوجي.