أحصائية باعداد القوانين والتشريعات
قوانين : 412 (ق)
-
مواثيق واتفاقيات : 20 (ق)
-
لوائح وقرارات : 390 (ق)

للانضمام للجماعات المحظورة

المحرر منذ 4 أيام 54
للانضمام للجماعات المحظورة

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الكويت                                                                                                                                                      محكمة التمييز

باسم صاحب السمو أمير دولة الكويت

الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح

محكمة التمييز

الدائرة الجزائية الثانية    

بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 26 ربيع الأخر 1441هـ الموافق 23/12/2019م

برئاسة السيد المستشار/

 


عبدالله جاسم العبدالله

 

"وكيل المحكمة"

وعضوية السادة المستشارين/


منصور أحمد القاضي

عطية أحمد عطيه 

هاني محمد صبحي

خالد محمد القضابي

وحضور الأستاذ/

عبد الحميد محمد عبد الستار

رئيس النيابة

وحضور السيد/

جراح طالب العنزي

أمين سر الجلسة

"صــــــدر الحكـــــــم الآتـــــــي"

في الطعن بالتمييز المرفوع من:

أحمد ############

"ضــــــــد"

النيابة العامة.

والمقيد بالجدول برقم 946 لسنة 2019 جزائي2

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن:

أحمد #########

       بأنه في غضون الفترة من شهر أكتوبر 2013 حتى شهر فبراير 2018  في دائرة جهاز أمن الدولة:

1- قام بغير إذن من الحكومة بعمل عدائي ضد دولة أجنبية ( الجمهورية العربية السورية ) الذي من شأنه تعريض دولة الكويت لخطر قطع العلاقات السياسية بأن التحق بصفوف المقاتلين فيما يسمى بتنظيم الدولة بالعراق والشام المسمى داعش وتنظيم جبهة النصرة وتدرب على حمل واستعمال السلاح بأراضي الدولة الأجنبية سالفة البيان، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

2- اشترك ودعا للانضمام للجماعات المحظورة سالفة البيان، والتي من أغراضها العمل على نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية والانتقاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم بالبلاد، وهو عالم بالغرض الذي تعمل له هذه الجماعات، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

3- تدرب على حمل السلاح واستعمال الذخيرة وتلقن فنون القتال وهو عالم أن من يدربه ويلقنه يقصد الاستعانة به في تحقيق غرض غير مشروع، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

       وطلبت عقابه بالمادتين 74/1 ، 78 من قانون الجزاء، والمواد 4/1، 30/1، 31/1 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء.

       ومحكمة الجنايات قضت حضوريا بتاريخ 24/6/2018:

ببراءة المتهم من التهمتين الأولى والثانية، وبعدم الاختصاص الولائي بنظر التهمة الثالثة.

       استأنفت النيابة العامة هذا الحكم للثبوت وللخطأ في تطبيق القانون.

       ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 8/10/2018:

بوقف الفصل في استئناف النيابة العامة بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية وبإعادة القضية لمحكمة أول درجة لتفصل بالتهمة الثالثة بعد أن ألقت ما قضى به الحكم المستأنف من عدم الاختصاص، وقضت محكمة أول درجة بتاريخ 10/3/2019 بعد أن أعيدت إليها الدعوى ببراءة المتهم من التهمة الأخيرة.

       فاستأنفت النيابة العامة للثبوت.

       ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 17/6/2019:

بقبول استئناف النيابة العامة شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بحبس المتهم خمس سنوات مع الشغل عما أسند إليه.

       فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة

       بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة:       

      ومن حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

      وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الانضمام لجماعة محظورة والدعوة للانضمام إليها، والقيام بعمل عدائي ضد دولة أجنبية، والتدرب على استخدام السلاح والذخيرة مع علمه بالغاية الغير مشروعة منه، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه عول على إقراره بتحقيقات النيابة العامة دون أن يورد مضمونه ومؤداه، ناسبا إليه إقراره بارتكاب الواقعة رغم أن أقواله لا تؤدي إلى ما استخلصه الحكم منها، وقبل استئناف النيابة العامة رغم أنها لم تورد أسباباً له سواء شكلية أو موضوعية بيانا للعيب الذي شاب الحكم المستأنف، وأنه تمسك بعدم اختصاص القضاء الوطني ولائيا بنظر الدعوى لكون الجرائم قد ارتكبت خارج دولة الكويت، وأن الأفعال التي نسبت إليه غير مجرمة في قانون الدولة الأجنبية مكان الواقعة إلا إن الحكم أطرح دفعه هذا بما لا يصلح لإطراحه، ودانه رغم انتفاء أركان تلك الجرائم، لما ساقه من قرائن وشواهد، وانتفاء ارتكابه الواقعة، إلا أن الحكم عول بإدانته على أدلة غير يقينية تمثلت بأقوال ضابط المباحث رغم عدم صحتها وتناقضها، والذي لم ينتقل لسوريا ليتحقق من الواقعة، ولم يتوصل لحقيقة ما تقوم عليه أفكاره، ولم يثبت قيامه بأعمال عسكرية، كما أن تحرياته غير جدية وقامت على مجرد معلومات من مصدر سري لم يكشف عنه، ومجرد ترديد لما جاء بأقواله، ملتفتا عن إنكاره للاتهام ونفيه، وأن الثابت ولائه لنظام دولة الكويت وأميرها، وأخيرا يطلب وقف تنفيذ الحكم لحين الفصل في الدعوى، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

       وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله: أن الطاعن في الفترة من شهر أكتوبر 2013 غادر دولة الكويت إلى سوريا  وانضم إلى تنظيم داعش الجماعة المحظورة والتي من أغراضها العمل على نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية والانتقاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم بالبلاد وهو عالم بالغرض الذي تعمل له هذه الجماعات، وتلقى هناك تدريبا على استخدام السلاح والذخيرة في معسكرات تدريب، كما تولى إعطاء دروس بما يسمى دروس شرعية بمعسكرات للتنظيم، وتدريس منهج التنظيم للمنضمين والدعوة للانضمام إليه، واعتبر من المسؤولين البارزين في تنظيم الفتوى والمشورة فيما يخص أعمال التنظيم، وسجل له صوتا يثني فيه على التنظيم وقائده ويدعو فيه الآخرين للانضمام للتنظيم، كما أنه في خلال الفترة من شهر نوفمبر 2017 وحتى شهر فبراير 2018 انضم لتنظيم جبهة النصرة والتي أيضا من أغراضها العمل على نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية والانتقاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم بالبلاد كما أنضم لتنظيمات أخرى تابعة لذات التنظيم، وكان ملتحقا بما يسمى مركز دعاة الجهاد المسؤول من الناحية العقائدية والإعلامية عن تلك التنظيمات، كما انضم لمعسكر تدريبي تابع للتنظيم وتلقى تدريبات عسكرية على السلاح والذخائر، وألقى دروسا هناك بما يسمى دروس شرعية، وأقر الطاعن بالتحقيقات بحيازته لسلاح ناري وذخيرة ولبس عسكري يعود للتنظيم، وأنه حصل على إذن مكتوب صادر له من هيئة تحرير الشام، بإجازته للإمامة والخطابة وإعطاء دروس دينية والتنقل في المناطق التابعة للتنظيم.

      وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال ضابط الواقعة، وما أقر به الطاعن بالتحقيقات، وما ثبت من الصورة الضوئية للإذن الصادر من هيئة تحرير الشام المؤرخ 18/2/2017 بتولي الإمامة والخطابة، وقد حصل الحكم مضمون هذه الأدلة واستخلص مؤداها في بيان كاف، وهي أدلة في مجموعها سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.

       لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيانه للواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان ما أورده الحكم – على السياق المتقدم – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها وتتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بارتكابها، وأورد مؤدى الأدلة التي استند إليها ومنها إقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.

       لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجزائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى، ولو عدل عنه بعد ذلك، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، مادامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، ولا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج منها المحكمة ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة، وكان البين من الأوراق أن ما حاصله الحكم من أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة له أصله الثابت بالأوراق ولم يحد عما أدلى به من أقوال فيها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة إقراره ومطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.

       لما كان ذلك، وكانت المادة 202 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية تنص في فقرتها الأولى على أن: ( يرفع الاستئناف بعريضة تقدم لقلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقع على العريضة الخصم المستأنف أو من ينوب عنه ... .)، وتنص في فقرتها الثانية على: ( وتشمل عريضة الاستئناف بياناً كاملاً بالحكم المستأنف والدعوى التي صدر بشأنها وصفة المستأنف والمستأنف ضده، والأسباب التي يستند إليها المستأنف والطلبات التي يتقدم بها. )، كما تنص الفقرة الأولى من المادة 206 من القانون ذاته على أن: ( تقضي المحكمة بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد أو لانعدام صفة رافعه أو لأي عيب شكلي آخر يكون جوهرياً. )، فإن مفاد نص المادتين 202/1-2 ، 206/1 المشار إليهما سلفاً أن المشرع رسم طريقاً لطرح الدعوى على محكمة الدرجة الثانية وأوجب أن يكون ذلك بعريضة فاتخاذ أي سبيل آخر يجعل الاستئناف غير مقبول شكلاً، ثم أوضح البيانات التي تشتمل عليها العريضة، وتلك البيانات تهدف في مجموعها إلى تحديد الحكم المستأنف وصفة طرفي الاستئناف وبيان ما يطرح على محكمة الدرجة الثانية، وقد يترتب على إغفال بعض تلك البيانات بطلان العريضة، إذا تعلقت بالحكم المستأنف أو المستأنف نفسه، أما البيانات الأخرى التي لا تقيد المستأنف عند طرح الدعوى على محكمة الاستئناف، كالأسباب التي يستند إليها المستأنف، فإنها تعد من البيانات غير الجوهرية وإغفالها أو ذكرها إجمالاً لا يترتب عليه أي بطلان، إذ للمستأنف إبداء أسباب جديدة مادامت تتعلق بالموضوع المعروض على المحكمة الاستئنافية والتي تعيد نظر الدعوى في هذا النطاق، وإذ كان البين من عريضة الاستئناف أن النيابة العامة المستأنفة قد قررت بالاستئناف على النموذج الرسمي لعريضة الاستئناف وذيلتها بتوقيع ممثل النيابة، وأوردت فيها بياناً بالدعوى الابتدائية والحكم الصادر فيها وصفة المستأنف وأثبت به أنه يرفع الاستئناف للثبوت وذلك خلافاً لما يزعمه الطاعن، فإن رفع الاستئناف على تلك الصورة يكون متفقاً وما نص عليه القانون، إذ اشتملت العريضة على كافة البيانات الجوهرية ولا يشوبها أي بطلان ولا جناح على محكمة الاستئناف إذ هي قبلته، ورتبت عليه نقل الدعوى الجزائية برمتها إليها، فاتصلت بموضوعها اتصالاً خولها النظر فيه من جميع نواحيه، وحق لها من بعد أن تلغي الحكم المستأنف أو تعدله ولو ضد مصلحة المتهم، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ هو قضى بإلغاء الحكم المستأنف ومعاقبة الطاعن، ويضحى ما يثيره الأخير في هذا الصدد غير سديد .

       لما كان ذلك، وكان النص في المادة 11 من قانون الجزاء على أن: ( تسري أحكام هذا القانون على كل شخص يرتكب في إقليم الكويت وتوابعها جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه، وتسري على كل شخص يرتكب خارج إقليم الكويت فعلا يجعله فاعلا أصلياً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في إقليم الكويت. ) ، ومفاد ذلك أن المشرع يقرر في صدد سريان القانون من حيث المكان أن قانون الجزاء قانون إقليمي فهو يسرى على كل جريمة ترتكب في إقليم دولة الكويت وتوابعه أياً كان مرتكبها كويتياً أو أجنبياً ويتكون الركن المادي لأي جريمة من سلوك إجرامي ونتيجة ضارة وعلاقة سببية بينهما فإن تحقق أي من هذه العناصر في دولة الكويت ينشئ لمحاكمها اختصاصا بمحاكمة الجاني وفقاً لأحكام القوانين السارية فيها، وكانت النتيجة التي جعلها المشرع مناطاً للعقاب في جريمتي الدعوة للانضمام والاشتراك في جماعة محظورة المنصوص عليهما في المادتين 30، 31 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960،  والمسندة إلى الطاعن إتيانها، وهي هدم النظم الأساسية في المجتمع أو الانتقاض بالقوة على النظام الاجتماعي أو الاقتصادي القائم في الدولة تتحقق في جميع الأحوال داخل دولة الكويت بصرف النظر عن المكان الذي تتم فيه الأفعال الذى يترتب عليها الضرر، ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أخذا بالأدلة السالف بيانها انضمامه لجماعة محظورة - تنظيمي داعش وجبهة النصرة - وهي جماعة من أغراضها العمل على نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية والانتقاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم بالدولة والطاعن عالم بالغرض الذي تعمل له هذه الجماعات، وعليه فإن قانون الجزاء الكويتي يكون سارياً على كافة الجرائم المسندة إلى الطاعن والتي قد انتظمها مشروع إجرامي واحد، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ذلك، وأطرح دفع الطاعن بعدم سريان أحكام قانون الجزاء الكويتي على وقائع الدعوى، بما يساير النظر المتقدم، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.

        لما كان ذلك, وكان النص في المادة 30 من القانون رقم 31 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 على أنه: ( تحظر الجمعيات أو الجماعات أو الهيئات التي يكون غرضها العمل على نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية بطرق غير مشروعة أو إلى الانتقاض بالقوة على النظام الاجتماعي أو الاقتصادي القائم في البلاد، ويعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة المنظمون والداعون للانضمام إلى الهيئات المشار إليها، ويعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات كل من اشترك في هذه الهيئات وهو عالم بالغرض الذي تعمل له.) ، يدل على أن الركن المادي لجريمة تنظيم تلك الكيانات المحظورة والاشتراك فيها والدعوة للانضمام إليها يتحقق بكل نشاط أياً كان نوعه أو قدره يساهم به الجاني في مشروع يتسم بقدر من التنظيم أيا كانت صورته – جمعية أو جماعة أو هيئة – وأيا كان مسماه، بهدف تحقيق غرض مما نص عليه في هذه المادة، وأن العبرة في قيام هذه الجمعيات أو الجماعات أو تلك الهيئات وعدم مشروعيتها واعتبارها محظورة ليست بصدور تصريح أو قرارات باعتبارها كذلك، ولكن العبرة في ذلك بالغرض الذي تهدف إليه مما أشارت إليه المادة 30 سالفة البيان والوسائل التي تتخذها للوصول إلى ما تتغياه، ويتحقق القصد الجنائي فيها بتوافر علم الجاني بالمشروع والغرض منه وأن تتجه إرادته إلى تحقيق هذا الغرض، ولو لم يتم ذلك فعلاً، وتقدير توافر كل من تنظيم تلك الكيانات المحظورة والاشتراك فيها أو الدعوة للانضمام إليها والعلم بالغرض منها أو نفيه مما تستقل به محكمة الموضوع حسبما تستخلصه من الظروف المحيطة بالدعوى وعناصرها، مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستخلاص، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها على السياق المتقدم وفي الرد على دفاع الطاعن، تتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة الانضمام لجماعة محظورة والدعوة للانضمام إليها المسندة إليه، فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يكون سديداً.

       لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وأن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها، إذ العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناعها بناء على الأدلة المطروحة عليها بإدانة المتهم أو ببراءته، وأن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن تناقض الشاهد في أقواله أو مع أقوال غيره بفرض صحته لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى الراهنة، والتي لها أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى مادامت تلك التحريات معروضة على بساط البحث وقد اطمأنت إلى جديتها، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال ضابط الواقعة التي حصلها بغير تناقض، ووثق بروايته المؤيدة بباقي أدلة الثبوت ومن ذلك التحريات وما أقر به الطاعن بالتحقيقات، فإن كافة ما يثيره في أسباب طعنه من منازعة في القوة التدليلية للأدلة التي أخذ بها الحكم وما ساقه من شواهد وقرائن لتجريحها، لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها واستنباط معتقدها منها وتشكيكا في هذه الأدلة التي اطمأنت إليها، تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.

       لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بخصوص قصور أداء ضابط المباحث لعمله وتحرياته على النحو الذي ذهب إليه في أسباب طعنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق وللإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، ومن ثم يغدو منعاه في هذا الصدد غير مقبول.

       لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفاع القائم على نفي الاتهام وإنكاره، وباقي دفاع الطاعن الموضوعي الذي أورده بأسباب طعنه توصلا لنفي الاتهام، لا يعدو في مجمله أن يكون دفاعاً موضوعياً لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً ضمناً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم كما هو الحال في الدعوى الماثلة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ارتكاب الطاعن للجرائم التي دانه بها فلا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه لم يأخذ بها وأطرحها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عما ساقه من قرائن لتعزيز دفاعه المار بيانه ونفي التهمة عنه لا يكون مقبولا.

        لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر جميع الجرائم التي دان الطاعن بها مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة عملاً بالمادة 84/1 من قانون الجزاء وأوقع عليه عنها عقوبة واحدة تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمة الأشد جريمة الاشتراك في جماعة محظورة والدعوة للانضمام إليها موضوع التهمة الثانية،  التي دين بها والتي تكفي وحدها لحمل قضاء الحكم وقد سلمت مما نعاه الطاعن عليها، فإنه لا جدوى مما يثيره بشأن باقي الجرائم التي دين بها ولم يوقع الحكم عنها عقوبة مستقلة مما يضحى منعاه في هذا الخصوص غير منتج.

       لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون قائما على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، مما لا محل معه من بعد للنظر في طلب الطاعن وقف تنفيذ العقوبة لحين الفصل في الطعن بعدما خلصت المحكمة إلى رفض الطعن المقدم منه، ويضحى طلبه غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة: 

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه

أمين سر الجلسة

رئيس الجلسة

 

© جميع الحقوق محفوظة. 2025 بوابة القوانين فى دولة الكويت