بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح
محكمة التمييز
الدائرة الجزائية الثالثة
بالجلسة المنعقـدة علناً بالمحكمة بتاريخ 11 من رمضان 1440 هـــ الموافـق 16/5/2019 م
برئاسة السيد المستشار/
صالح المريشد
"وكيل المحكمة"
وعضوية السادة المستشارين/
عزمي الشافعي
و
جلال شاهين
و
يحيى منصور
و
محمد طاهر
وحضور الأستاذ/
محمد عبد العليم مهران
رئيس النيابة
وحضـــور السيـــــد/
محمد نبيل الشهاب
أمين سـر الجلســة
"صـــــدر الحكــــــم الآتــــــي"
في الطعن بالتمييز المرفوع من:########## .
"ضــــــــــــــــــــد"
النيابة العامة
والمقيد بالجدول برقم:-1449 لسنة 2017 جزائي/3.
" الوقائــــــع"
إتهمت النيابة العامة الطاعن :-
لأنه خلال الفترة من شهر يوليو سنه 2015 حتى 23/ 8 / 2016 بدائرة جهاز أمن الدولة- بدولة الكويت.
1- إنضم إلى جماعة محظورة تدعى (تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام – داعش ) والتي تنتهج الفكر المتطرف التكفيري والمناهض لسلطات الدولة والداعي إلى عصيانها بغية هدم نظمها الأساسية والانتفاض بالقوة على النظام الاجتماعي والإقتصاد القائم بالبلاد وذلك بطرق غير مشروعة على النحو المبين بالتحقيقات .
2- دعا للانضمام إلى جماعة محظورة تدعي ( تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام – داعش ) من خلال إختراق المواقع الإلكترونية لعدة شركات أجنبيه ونشر عليها شعار التنظيم وأفكاره بقصد للانضمام إليه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
3- دخل مواقع إلكترونية في الشبكة المعلوماتية لعدة شركات أجنبيه وغير تصاميمها بإستبدالها بتصاميم ما يسمى ( جيش الخلافة الإلكتروني – وإتحاد جيش الخلافة ) بإستعمال جهازي حاسب آلي وذلك أثناء تأدية وظيفته على النحو المبين بالتحقيقات.
4- نشر معلومات عن منظمة إرهابيه تدعي (( تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام – داعش)) على المواقع الإلكترونية في الشبكة المعلوماتية بإحدى وسائل تقنية المعلومات بإستخدام جهازي الحاسب الآلي المبينين بالتهمة محل الوصف (3) تحت مسمى (هاكر الدمار) لترويج أفكار تلك المنظومة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
5- التقط عمداَ دون وجه حق ما هو مرسل عن طريق الشبكة المعلوماتية بأن إخترق المواقع الإلكترونية لعدة شركات أجنبيه وشاهد وتحصل منها على بيانات ومعلومات مرتادي تلك المواقع وأفشاها بأن زود بها أعضاء ما يدعي بتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام – داعش– عبر برنامج التليغرام وذلك علي النحو المبين بالتحقيقات .
6- استخدم الشبكة المعلوماتية للوصول دون حق إلى أرقام وبيانات بطاقات ائتمانيه وبطاقات الدفع الالكتروني وذلك عن طريق الدخول للمواقع الالكترونية لعدة شركات أجنبيه وسحب تلك الأرقام والبيانات منها على النحو المبين بالتحقيقات .
7- أتلف مواقع الكترونية لعدة شركات أجنبية بطريق التغيير والتحوير بأستخدام وسيلة من وسائل تقنية المعلومات علي النحو المبين بالتحقيقات .
8- أساء عمداً استعمال وسائل الاتصالات الهاتفية ( جهاز هاتف نقال ) بأن استخدمه في إرتكاب التهم محل الاوصاف ( 1، 2 ، 5 ) وذلك علي النحو المبين بالتحقيقات .
وطلبت عقابه بالمادتين 74، 78 / 1 من قانون الجزاء / والمادة 30 من القانون رقم 31 لسنه 70 بتعديل بعض أحكام بعض قانون الجزاء رقم 16 لسنه 1960 والمواد 1 ، 3 / 2 ، 4 /2، 3 ، 5 / 1 ،10 ، 11 / 1 ، 13 / 1 من القانون رقم 63 لسنه 2015 في شان مكافحة جرائم تقنية المعلومات والمادة 70 / 1 بند / أ ، 2 من القانون رقم 37 لسنه 2014 بشأن أنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات .
ومحكمة الجنايات قضت حضورياً بتاريخ 27/ 3 / 2017:-
بمعاقبة المتهم بحبس عشر سنوات مع الشغل والنفاذ عما اسند اليه من إتهام وبمصادرة جهاز الحاسب الالي الخاص بالمتهم وهاتفة النقال المضبوطين / وبمحو وإعدام الصور ومقاطع الفيديو المتحصل عليها.
إستأنف المحكوم عليه هذا الحكم كما إستأنفته النيابة العامة للتشديد.
ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 25/9/2017.
بقبول إستئناف كل من النيابة العامة والمتهم شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق التمييز.
" المحكمـة"
بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع المرافعة ، وبعد المداولة:-
ومن حيث إن الطعن قد أستوفي الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى بمذكرتي أسباب طعنة على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجرائم الانضمام الي جماعة محظورة والدعوة الي الانضمام اليها ، ودخول الشبكه المعلوماتية وتغيير تصاميم مواقع إلكترونية أثناء تأدية وظيفته ، ونشر معلومات عليها أفكار جماعة محظورة ، والتقاط عمداً ما هو مرسل على مواقع إلكترونيه ، وإستخدام الشبكة المعلوماتية للوصول دون حق إلى أرقام وبيانات وبطاقات الدفع الالكتروني لشركات أجنبيه ، وإتلاف مواقع الكترونية ، والإساءة عمداً في استعمال إحدى وسائل الاتصالات الهاتفية ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع .
وذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والأدلة التي تساند إليها في قضائه بالأدلة بما تتوافر الأركان القانونية للجرائم التي دانه بها فضلا عن أن الأفعال التي إقترفها الطاعن لا تشكل جريمة القيام بعمل عدائي المؤثمة بالمادة 4 -1 من القانون رقم 31 لسنه 1970 بشأن تعديل أحكام قانون الجزاء ، وعول الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال ضابط الواقعة وأعتنق تصويره لها رغم عدم صحتها ومجافاتها للتحقيق والواقعة والتناقض في أقوالة وعلى تحريات المباحث رغم عدم جديتها وعلى أعترافه بالتحقيقات رغم الدفع ببطلانه لمخالفته للتحقيق والدافع وعدوله عنه أمام المحكمة ، كما ان أختراقه للمواقع الالكترونية ونشر صور الأعمال الإرهابية كان بقصد التمويه بناء على أوامر صادرة له من شاهدي الإثبات لتزويدهما بمعلومات ومخططات تلك الجماعة بغية المصلحة القومية لدولة الكويت بما تتوافر معه حالة الضرورة وتنتفي معه مسئولية الطاعن الجزائية عملاً بنص المادة 25 من قانون الجزاء ، وجاء تحقيقات النيابة العامة قاصرة في مواضع عددها ، ولم تستجب محكمتي الموضوع لطلب الطاعن بتكليف الأدلة الجنائية قسم تقنية المعلومات بتفريغ برنامج الواتساب بهاتفه لإثبات المراسلات النصية بينه وكلاً من جيش الخلافة الإلكتروني وشاهدي الإثبات الثاني والثالث ، وإستدعاء الأخيرين لسؤالهما ومواجهتهما بما يسفر عنه .
كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوي في قولة ( أن الضابط بجهاز أمن الدولة الرائد عبد العزيز مؤيد عبد العزيز شهد أنه توصل من خلال تحرياته ومتابعته للمواقع الداعمة للإرهاب بأن المتهم عثمان زين نايف الشمري والذي يعمل بالهيئة العامة للرعاية السكنية إدارة تطوير نظم المعلومات أنضم إلى ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام – داعش – وأنه منذ يوليو 2015 عضو تحت مسمى (هاكر الدمار) في مجموعة تابعة للتنظيم تدعي (جيش الخلافة الإلكترونية _ اسلامك سايبر أرمي ) متخصصه في اختراق المواقع الإلكترونية وأن المتهم بالتنسيق عبر برنامج التليغرام مع باقي أعضاء المجموعة عددهم أربعة مجهولين خارج الكويت أخترق ما يزيد عن خمسين موقعاً الكترونياً منها مواقع لعدة شركات أجنبيه منتشرة في دول العالم وذلك عمداً ودون وجه حق مستخدماً في ذلك جهاز الحاسب الآلي الخاص به وجهاز الحاسب الآلي المخصص له من وجهة عمله أثناء تأدية وظيفته ثم قام بتغيير تصاميم هذه المواقع بوضع تصاميم جيش الخلافة الإلكترونية وأتحاد جيش الخلافة وما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام _ داعش _ونشر عليها أخبار وبيانات ومعلومات وصور عن التنظيم المذكور بقصد الترويج لأفكاره والدعوة للانضمام إليه ثم عطل تلك المواقع بعد أن سحب ما وجده عليها من بيانات شخصيه خاصة بمن يستخدمها وزود بها أعضاء التنظيم عبر برنامج التليغرام فقاموا بنشرها على ذات البرنامج من خلال قنوات جيش الخلافة الإلكترونية وإتحاد جيش الخلافة بهدف تسهيل الوصول لأصحاب تلك البيانات واستهدافهم من قبل أنصار التنظيم _ الذئاب المنفردة _ إذا أرادو ذلك ، وأضاف أنه وتنفيذاً لأذن النيابة العامة الصادر بضبط المتهم وتفتيش شخصه ومسكنه ومقر عمله قام يوم 23/ 8/ 2016 في الساعة الخامسة عصراً بضبط المتهم وبحوزته هاتفه النقال أيفون ثم ذهب لتفتيش مسكنه فضبط جهاز الحاسب الآلي الخاص به في غرفة نومه وبتفتيش مكتب المتهم في مقر عمله بالهيئة العامة للرعاية السكنية ضبط جهاز الحاسب الآلي المخصص له من جهة عملة وبمواجهته للمتهم بالتحريات والمضبوطات أقر بأنه منضم إلى ما يسمي تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام _داعش _ تحت لقب ( هاكر الدمار ) وأنه أحد أعضاء جيش الخلافة الإلكترونية (سايبر أرمي ) الذي يقوم بإختراق المواقع الإلكترونية لصالح التنظيم المذكور تحت قياده شخص يلقب engisis وأنه يتواصل معهم من برنامج التواصل الاجتماعي التليغرام وأنه بإستخدام برامج الثغرات بالمواقع الالكترونيه ( هافيج – السكويل ) الموجود علي جهاز الحاسب الآلي الخاص به وجهاز الحاسب الآلي المخصص له من وجهة عمله تمكن من إختراق أكثر من خمسين موقع الكتروني في بريطانيا وأمريكا باسم تمويهي ( هاكر الدمار) لترويج أفكار تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام ونشر مبادئه وسحب بيانات المواقع وتزويد التنظيم بها وذلك بناء على أوامر قائد جيش الخلافة الإلكترونية ، كما أضاف ان التحريات التكميلية دلت على أن المتهم قام بعده إختراقات إلكترونية مستخدماً لقب ( هاكر الدمار ) لمواقع مختلفة في أمريكا وإيران وسوريا ثم نشر المواقع المخترقة عبر موقع البحث الالكتروني (جوجل ) وبالدلوف لهذه المواقع عثر فيها على صفحة تحمل شعار تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) وشعار جيش الخلافة الإلكتروني ، وأن جيش الخلافة الذي يضم المتهم ضمن أعضائه أتحد مع جماعة تسمي ( يونايتد سايبر أرمي) وهذه الجماعة تتبع تنظيم الدولة الإسلامية ونشاطها إختراق المواقع الإلكترونية لنشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية وترويج أفكار هذا التنظيم المحظور دولياً وتزويد التنظيم بما على المواقع المخترقة من بيانات وأن من تلك المواقع التي اخترقها موقع إلكتروني خاص مخصص لبيع الملابس والأغراض لرجال الشرطة في ولاية نيو جيرسي الأمريكية وسحب منه بيانات المشترين وسلمها لقائد جيش الخلافة الإلكتروني الملقب ( أنج ايسس) الذي قام بنشرها ومطالبة أتباع تنظيم الدولة الإسلامية _داعش _ بإستهداف أصحاب تلك البيانات من رجال الشرطة ) .
وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة إستمدها مما شهد به كلاً من الرائد / عبد العزيز مؤيد عبد العزيز ، والعقيد/ مشعل عبدلله الهولي ، والملازم اول/ علي عبدلله مساعد ، وفراس حسين نجم ، ونوره يوسف الخباز ، وما أقر به الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وأمام قاضي تجديد حبسه بتاريخي 8، 22 /9 لسنه 2016 وما ثبت من تقرير الأدلة الجنائية رقم 73 ج/ 2016 وما جاء بمحضر تفريغ النيابة العامة لجهاز الهاتف النقال المضبوط الخاص بالطاعن ومطالعة المحادثات والصور المشار إليها بمحضر التفريغ . وهي أدله سائغة وكافية ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – على النحو المار بيانه- كافياً في تفهم الواقعة بأركانه وظروفها وتتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وقد بين الحكم بياناً كافياً مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً تصوغ فيه المحكمة بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي إستخلصت منها الإدانة، وكان مجموع ما أورده الحكم – على السياق المتقدم- كافياً في تفهم الواقعة وظروفها وبيان أدلتها، فإن النعي عليه بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل.
لما كان ذلك ، وكان النص في المادة 30 من القانون رقم 31 لسنه 1971 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنه 1960 علي ان تحظر الجمعيات أو الجماعات أو الهيئات التي يكون غرضها العمل علي نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية بطرق غير مشروعه أو الإنتقاض بالقوة الاجتماعي أو الاقتصادي القائم في البلاد ، ويعاقب بالحبس مدة عشر سنوات كل من إشترك في هذه الهيئات وهو عالم بالغرض الذي تعمل له يدل على أن الركن المادي لجريمة تنظيم تلك الكيانات المحظورة والاشتراك بكل نشاط أياً كان نوعه أو قدره يساهم به الجاني في مشروع يتسم بقدر من التنظيم أياً كانت صورته _ جمعيه أو جماعه أو هيئه _ وأياً كان مسماه بهدف تحقيق غرض مما نص عليه في هذه المادة ، وأن العبرة في قيام هذه الجمعيات أو الجماعات أو الهيئات وعدم مشروعيتها وإعتبارها محظورة ليست بصدور قرار أو تصريح باعتبارها كذلك ، ولكن العبرة هي بالغرض الذي تهدف إليه مما أشارت إليه المادة 30 سالفة البيان والوسائل التي تتخذها للوصول إلى ما تتغياه ، ويتحقق القصد الجنائي فيها بتوافر علم الجاني بالمشروع والغرض منه وأن تتجه إرادته إلى تحقيق هذا الغرض ولو لم يتم ذلك فعلاً ، وتقدير قيام المساهمة في تنظيم تلك الكيانات المحظورة والاشتراك فيها والعلم بالغرض منها أو نفيه مما تستقل محكمة الموضوع حسبما تستخلصه من الظروف المحيطة بالدعوى وعناصرها ، مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستخلاص ، وكان ما أورده الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه في بيانه لواقعه الدعوى وأدلة الثبوت فيها وفي الرد على دفاع الطاعن تتوافر به الأركان القانونية لجريمتي الانضمام لجماعة محظورة والدعوى للانضمام إليها المسندة فإن منعاه في خصوص إنتفاء أركان تلك الجريمتين بحقه يكون غير سديد .
لما كان ذلك وكان البين من الحكم أنه لم يدن الطاعن بجريمة القيام بعمل عدائي والتي لم ترفع بها الدعوي عليه ، فإن نعي الطاعن بأن الأفعال التي اقترفها لا تشكل جريمة القيام بعمل عدائي المؤثمة بالمادة 4/ 1 من القانون 31 لسنه 1970 بشأن تعديل أحكام قانون الجزاء ، لا يكون متعلقا بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا المنعى لا يكون مقبولاً .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجزائية هي بإقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته ، وأن لمحكمة الموضوع أن تكون عقديتها مما تطمئن إلية من أدلة وعناصر في الدعوى وأن تأخذ من أي بينه أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها ولها أن تستخلص من أقوال الشاهد وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه إقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صدور أخرى لم تقتنع بها مادام إستخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشاهد وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليه من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إلية ، وهى متى أخذت بأقواله فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره _ بفرض حصوله _لا يعيب الحكم مادام قد إستخلص الإدانة من تلك الأقوال إستخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة في نطاق سلطتها التقديرية- قد اطمأنت إلى أقوال كلاً من ضباط الواقعة وأوردتها بغير تناقض وصحة تصويرهم لها والمؤيدة بباقي أدله الإثبات فإن ما يثيره الطاعن من منازعه حول التصوير الذى أخذت به المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الضباط أو محاوله تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأديا لمناقضة الصورة التي إرتسمت في وجدانها بالدليل الصحيح وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في قضائه إلي تحريات المباحث ولا تعدو العبارات التي نقلها الحكم عن ضابط المباحث في هذا الخصوص إلا جزءاً من أقواله التي اطمأنت إليها المحكمة وغير منفكة عنها، وأوردتها كما هي قائمة في الأوراق، ولا تنهض بذاتها دليلاً مستقلاً ولم يعول الحكم عليها بهذا الحسبان، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا المقام يكون في غير محله.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجزائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير قيمتها وصحتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك، متي أطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ، ولا يلزم أن يكون الاعتراف وارداً على الجريمة بجميع عناصرها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج منها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى بكافة الممكنات الفعلية ثبوت اقتراف المتهم للجريمة ، كما أن المحكمة ليست ملزمه في أخذها بأعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها تجزئته وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها، وكانت المحكمة – بدرجتيها – قد خلصت في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى سلامة الدليل المستمد من إعتراف الطاعن أمام النيابة العامة وجلسات تجديد حبسه – لما ارتأته من مطابقة للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وصدوره عنه طواعية واختياراً واطمأنت إلى إعترافه، فإن النعي ببطلان هذا الاعتراف يكون غير قويم.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن حاله الضرورة التي تسقط المسؤولية الجزائية طبقا لنص المادة 25 من قانون الجزاء هي التي تحيط بشخص تدفعه للجريمة ، ضرورة حماية نفسه أو غيره من حظر جسيم حال يصيب النفس أو المال ، ولم يكن لإرادته دخل فيه ، وأن تكون الوسيلة الوحيدة لدفع الحال به أن يكون ذلك لأسباب معقولة أساسها البحث والتحري ، وكان قصاري ما أورده الطاعن تبريراً لقيام حاله الضرورة هو أن الأفعال التي آتاها كانت بغية المصلحة القومية لدوله الكويت ، وكان هذا بمجرده لا يتحقق به حالة الضرورة إذا لم يقترن بخطر جسيم حال ، فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير مقبول . هذا فضلاً وكان كلاً من الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد عرض لدفاع الطاعن بأن الأفعال التي أتاها كانت على أوامر صادرة له من شاهدي الإثبات الثاني والثالث لتزويدهما بمعلومات ومخططات تلك الجماعة وأطرحه استناداً إلى إطمئنان المحكمة لأقوال الشاهدين سالفي الذكر من نفيهما قول الطاعن في هذا الخصوص ، وأن تواصل شاهد الإثبات الثاني مع الطاعن كان دون علمه بحقيقة أنضمام الأخير لتنظيم داعش أو أنه يمارس عمل محظور وكان هذا الذي أورده كلاً من الحكمين سائغ وكاف لإطراح ذلك الدفع الأمر الذي يضحي معه ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من قصور التحقيقات _ على نحو ما ورد بأسباب طعنه _ لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة علي المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن علي الحكم .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر علية مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البين من الأوراق أن المدافع عن الطاعن وأن أشار في مذكرته التي تقدم بها إلى محكمة الاستئناف إلى طلب تكليف الأدلة الجنائية بتفريغ برنامج الواتساب بهاتفه لإثبات المراسلات النصية بينه وكلاً من جيش الخلافة الالكتروني وشاهدي الإثبات الثاني والثالث وإستدعاء الأخيرين ومواجهتهما بما يسفر عنه ، إلا أنه أختم مرافعته أمامهما بجلسه المرافعة الأخيرة بطلب براءة الطاعن دون التمسك بتلك الطلبات بما يفقدها خصيصه الطلب الجازم الذي تلتزم بإجابته مادامت لم تر لزوما لإجرائه بعد أن تبينت أن الواقعة قد وضحت لديها بما يكفي لتكوين عقيدتها بشأنها فضلاً عن أنه من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أن المحكمة إذا كانت قد وضحت لديها الواقعة وكان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى أن تعرض عن ذلك بشرط أن تبين عله عدم إجابه هذا الطلب وكان الحكم المطعون فيه قد برر عدم إجابة طلب الدفاع عن الطاعن لطلبه سالف البيان بقوله وحيث أنه عن طلب الدفاع عن المتهم فض حرز الهاتف الخاص بالمتهم وتكليفه الإدارة العامة للأدلة الجنائية بتفريغ محتواه ، فتلتفت عنه المحكمة كونه لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما استقرت في يقين المحكمة ، بل كان المقصود منه مجرد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي إطمأنت إليها المحكمة طبقاً للتصوير الذي أخذت به فلا تثريب عليها إن رفضت إجابة المتهم له ، مادامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجه لاتخاذ هذا الإجراء سيما وأن النيابة العامة قامت بتفريغ محتوى هذا الجهاز على النحو الثابت بالأوراق . وحيث أنه عن طلب سماع شهادة الضابطين / مشعل الهولي/ على مساعد الشيخ وكانت هذه المحكمة _ في حدود سلطتها التقديرية لا ترى من جانبها حاجة لسماع الشاهدين المشار إليهما بحسبان أنه لا فأئده من ذلك بعد أن وضحت الواقعة لديها وإطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها على النحو المار بيانه، سيما وأن محكمة أول درجه سبق لها الإستجابة لطلب الدفاع في هذا الصدد، وقد كانت أقوال الشاهدين المشار إليهما أمام المحكمة واضحه وكافية بما يكفي للاستناد إليهما ، دون حاجه لإعادة سماعهم ، ومن ثم تقضي المحكمة برفض هذا الطلب وإذا كانت المحكمة قد إلتقت عن طلب الدفاع عن الطاعن ولم تر من جانبها حاجة إلى إجابته لها للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المار بيانه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون لا محل له .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن المادة 84/ 1 من قانون الجزاء وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك جماعة محظورة _ موضوع التهمة الأولى المسندة إليه _ والتي سلمت من العوار الذي نعاه الطاعن على الحكم بشأنها ، فإنه لا جدوى من وراء ما يثيره بالنسبة لباقي الجرائم الأخرى التي دانه بها أيا كان وجه الرأي فيها .
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
أمين سر الجلسة وكيل المحكمة