بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح
محكمة التمييز
الدائرة المدنية الثالثة
بالجلسة المنعقدة علناً بالمحكمة بتاريخ ۲۳ من ذو العقدة ١٤٤٣هـ الموافق ٢٠٢٢/٦/٢٢م
برئاسة السيد المستشار / د. عبيد مجول العجمي وكيل المحكمة وعضوية السادة المستشارين جمال سعد و مصطفى ثابت و صلاح بدران و فوزي حمدان وحضور الأستاذ حسين الشيخ رئيس النيابة وحضور السيد/ أحمد بهاء أمين سر الجلسة
صدر الحكم الآتي
في الطعن بالتمييز المرفوع من 1 وكيل وزارة الداخلية - بصفته.
وكيل وزارة العدل - بصفته.
والمقيد بالجدول برقم ٢٥٦٨ لسنة ٢٠٢٠ مدني / ٣
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
تابع حكم الطعن بالتمييز رقم ٢٥٦٨ لسنة ٢٠٢٠ مدني / ٣
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين بصفتهما الدعوى رقم ۲۰۱۹/۱۱۹۸ مدني كلي حكومة بطلب الحكم بمحو وإزالة وشطب بيانات الأحكام الصادرة في القضية رقم ۲۰۰۳/۱۱٧٦ جنايات ۲۰۰۳/۹۹ الرابية والمؤيد بالإستئناف رقم ۱۱۸۲/ ۲۰۰۴ والقضية رقم ۲۰۱۲/٧٢٦ مخدرات والمقيدة برقم ۲۰١٢/٧٢٤ مخفر مخدرات من أجهزة الحاسب الآلي التابعة لهما. وقال شرحاً لدعواه أنه كويتي الجنسية ومتطوع في وزارة الداخلية وأنه سبق إتهامه بالقضيتين المذكورتين وصدر في الأولى حكماً ببراءته وتأيد استئنافياً بالاستئناف رقم ٢٠٠٤/۱۱۸۲ وصدر قراراً بحفظ الثانية. والحكم الصادر بالبراءة وقرار الحفظ لا يعدان من السوابق القضائية. وتبين له أن بياناتهما لازالت ثابته وظاهره على أنظمة وأجهزة الطاعنين بصفتيهما، مما تسبب له بأضرار بالغة، فأقام دعواه بطلباته سالفة البيان.
قضت المحكمة في ۲۰۲۰/۱/٦ برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ٥٣٠ / ۲۰۲۰ تجاري مدني حكومة وفي ٩/١٦/ ۲۰۲۰ قضت المحكمة بقبول الإستئناف شكلاً وفي موضوعة بإلغاء الحكم المستأنف
والقضاء برفع وإزالة بيانات المطعون ضده من أجهزة المعلومات والتسجيل الجنائي في القضية رقم ۲۰۰۳/۱۱٧٦ جنایات - ۲۰۰۳/۹۹ الرابية وإستئنافها رقم ٢٠٠٤/۱۱۸۲ والقضية رقم ۲۰۱۲/۷۲٦ مخدرات والمقيدة برقم ۲۰۱۲/۷۲٤ مخفر مخدرات وإزالة جميع البيانات المتعلقة بهما لدى الجهات التابعة للطاعنين بصفتيهما.
طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق التمييز وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بتمييز الحكم المطعون. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث أنه عن السبب المبدى من النيابة والمتعلق بالنظام العام ببطلان الحكم لعدم اختصاص محكمة الموضوع نوعياً بنظر الدعوى وإنعقاد الإختصاص بنظرها للدائرة الإدارية. وحيث أن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما يقدم إليها من أدلة وبيانات ومستندات واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى، وأن التعرف على حقيقة طلبات الخصوم هو من شأن محكمة الموضوع، وعليها أن تنزل عليها وصفها الحق وتكييفها القانوني السليم على تلك الطلبات، بغير معقب عليها في ذلك متى كان إستخلاصها سائغاً، له أصله الثابت في الأوراق، دون خروج عن طلبات الخصوم، أو أستحداث طلبات جديدة لم تعرض عليها. وأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى الإلغاء دعوى عينيه توجه بالأساس إلى القرار الإداري، فإذا انتفى وجود القرار إنتفى مناط قبول الدعوى، وأن القرار السلبي يتحدد قوامه ومعناه بما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة " : " من المرسوم بالقانون رقم ۱۹۸۱/۲۰ بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية المعدل بالقانون رقم ۱۹۸۲/۱۱ من أنه يعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو اقتناعها عن إتخاذ قرار كان من الواجب اتخاذه وفق للقوانين واللوائح، ومؤدي ذلك أن القرار السلبي بالإمتناع يتمثل في إمتناع جهة الإدارة عن إصدار قرار كان من الواجب عليها إصداره وفقاً للقوانين واللوائح، بأن يكون ثمة نص قانون أو لائحة يلزمها بأتخاذ القرار، ومع ذلك تمتنع أو ترفض إصداره، في هذه الحالة يعتبر المشرع أن هذا الإمتناع أو الرفض من جانب جهة الإدارة في حكم القرار السلبي، ويجوز للأفراد مخاصمته بدعوى الإلغاء، أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك، ولم يكن ثمة نص قانون أو لائحة يلزم جهة الإدارة بالتدخل وإصدار القرار فإن امتناعها لا يشكل قراراً سلبياً مما يجوز الطعن عليه إلغاء وتعويضاً. لما كان ذلك وكانت طلبات المطعون ضده في دعواه هي شطب ومحو وإزالة جميع البيانات المتعلقة بالقضايا سالفة الذكر من أنظمة وأجهزة الحاسب الآلي للجهات التابعة للطاعنين بصفتيهما، فإن موضوع الدعوى من المسائل التي تدخل في اختصاص هذه الدائرة وبهذا التكييف تكون الدعوى الماثلة بمنأى عن اختصاص المحكمة الإدارية وبذلك يضحى الدفع بعدم اختصاص محكمة الموضوع نوعياً بنظر الدعوى على غير سند من القانون والواقع جديراً بالرفض. وحيث أن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين ينعى بهما الطاعنان بصفتيهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ بتطبيقه.
أولاً: الوجه الأول:
يقول الطاعنان أن الحكم المطعون فيه قضى بإزالة ومحو بيانات القضيتين محل التداعي من
أجهزة المعلومات بالوزارتين على الرغم من أن الاتهامات الموجهة للمطعون ضده صحيحة، وأن
الاحتفاظ بها لأسباب أمنية تهدف المصلحة العامة، مع قصر التعامل على الجهات المعنية بالوزارتين ولا يضر بالمطعون ضده، ويقتصر أثره على عمل الاحصائيات لأنواع الجرائم وتاريخها بهدف تقليلها وكشف مرتكبيها وفحص المرشحين لتولي مناصب معينة أو الترشح للمقاعد النيابة فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.
ثانياً : الوجه الثاني :-
يقول الطاعنان أنه قُضي بإزالة ومحو بيانات القضيتين محل التداعي من أجهزة المعلومات بوزارتي الداخلية والعدل على الرغم من أن الأوراق قد خلت مما يفيد أن الحكم الصادر في الجناية رقم ۲۰۰۳/۱۱۷۹ جنايات أصبح باتاً بفوات مواعيد الطعن بالتمييز أو صدر حكم فيه وما يفيد التصرف في القضية رقم ۲۰۱۷/۷۲٦ مخدرات وموقف المطعون ضده فمن ثم يكون الحكم
المطعون فيه معيباً ويستوجب تمييزه. وحيث أن النعي بوجهه الأول في غير محله ذلك أن المقرر قانوناً أن الحرية الشخصية حق طبيعي من حقوق الإنسان الواردة في المادتين ۳۰ ، ۳۱ من الدستور واعتبارها أساساً للحريات العامة الأخرى وحق أصيل للإنسان، ويندرج تحتها تلك الحقوق التي لا تكتمل الحرية الشخصية في غيبتها، ومن بينها حق الفرد في صون كرامته والحفاظ على خصوصياته التي يحرص على عدم تدخل الناس فيها بعدم إمتهانها وإنتهاك أسراره فيها إعمالاً لحقه في احترام مناطق خصوصيته، ذلك أن ثمة مناطق وجوانب خاصة بالفرد تمثل اغواراً لا يصح النفاذ إليها، وينبغي دوماً إلا يقتحمها أحد ضماناً لسريتها وصوناً لحرمتها، فكل ما يتعلق بخصوصية الفرد هو جزء من كيانه، لا يجوز لأحد أن يناله أو يطلع عليه إلا بإذنه الصريح. وحيث أنه من المقرر قانوناً أيضاً أن الدستور الكويتي قد كفل حق المواطن في حريته الشخصية في المادة ٣٠ منه بما يقتضيه ذلك من صون كرامته والحفاظ على معطيات الحياة التي يحرص على عدم تدخل الناس فيها بعدم إمتهانها وإنتهاك أسراره فيها، إعمالاً لحقه في احترام حياته الخاصة، بما يقف معه الحق في الخصوصية قلعة يحتمي فيها الفرد ضد تعكير صفو حياته الخاصة، ومرد ذلك أن كل ما يتعلق بالحياة الخاصة للإنسان هو جزء من كيانه المعنوي فلا يجوز لأحد أن يناله أو ينشر عنه شيئاً إلا بإذنه الصريح أو وفقاً للقانون، فلكل شخص الحق في أن يحجب أسراره عن أعين الناس حتى لا يصبح مضغة في أفواههم وحديثاً من أحاديثهم في مجالسهم الخاصة والعامة، بل ذهب الفقه والقضاء المقارن إلى أن الحق في الخصوصية لا يخص حياة الشخص وحده فقط، وإنما يخص أسرته التي تتأثر بلا ريب في كشف سره فلا غرابة أن كام المشرع الدستوري بحرصه على الحفاظ وصون الحرية الشخصية بمقوماتها قد رفع الحق في الخصوصية إلى مصاف الحقوق الدستورية بإعتباره من الحقوق اللازمة لصفة الإنسان. وحيث أن حرية الإنسان وأصل براءته وحسن نيته ومعصوميته المادية والمعنوية كل ذلك جوهر كرامته التي لا يجوز العبث بها أو إمتهانها بأي حال من الأحوال. وحيث أن المطعون ضده تم إتهامه في القضيتين الأولى رقم ٢٠٠٣/١١٧٦ جنايات - ۲۰۰۳/۹۹ الرابية والمؤيد بالاستئناف رقم ۱۱۸۲ / ۲۰۰۴ والثانية رقم ۲۰۱۲/٧٢٦ مخدرات والمقيدة برقم ۲۰۱۲/۷۲٤ مخفر مخدرات فتحصل في الأولى على حكماً نهائياً بالبراءة وصدر في الثانية قراراً من النيابة العامة بحفظها ومضى عليهما تسعة عشر سنة وعشر سنوات على التوالي ولا زالت حواسب وأجهزة وزارتي الداخلية والعدل تحتفظ ببيانتهما حتى اليوم، فلا هو مدان فيهما ويحق له رد الإعتبار القانوني أو الاتجاه إلى رد الاعتبار القضائي فيتم محو أثارهما، وهو في هذه الحالة يكون في مركز أسوء ممن أدين وتوافر في حقه شروط رد الاعتبار سواء كان قانونياً أو قضائياً ورد له اعتباره. وأضحت حياته الخاصة وأسرارها مكشوفة وتعطلت مصالحة الاجتماعية والإدارية وقد ينال أسرته ما يناله من التشهير وأصبحت تلك البيانات سيفاً مسلطاً على حياته الخاصة وأسرته دون أن يقوم الطاعنان بإزالتها ومحوها من سجله الجنائي فلم يكن أمامه في هذه الحالة اللجوء لقاضيه الطبيعي بطلباته في دعواه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفع وإزالة بيانات المطعون ضده من أجهزة المعلومات والتسجيل الجنائي في القضيتين سالفتي الذكر وإزالة جميع البيانات المتعلقة بهما لدى الجهات التابعة للطاعنين بصفتيهما على ما خلص إليه الحكم من أن المطعون ضده قضي ببراءته في القضية الأولى بموجب حكم نهائي وأنه لم يكن متهماً بالقضية الثانية وصدر قراراً من النيابة العامة بحفظها لإنقضاء الدعوى الجنائية فيها مما يتعين رفعهما من السجلات المعلوماتية لدى الجهات الإدارية التابعة للطاعنين بصفتيهما، وكان هذا من الحكم إستخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويتضمن الرد المسقط لما يثيره الطاعنين بالوجه الأول من سبب الطعن والذي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع ويضحى هذا النعي على غير أساس ولا ينال من ذلك ما نعى به الطاعنان بالوجه الثاني من سبب الطعن بخلو الأوراق مما يفيد أن الحكم الصادر في القضية الأولى أصبح باتاً وما يفيد التصرف في القضية الثانية إذ أن ذلك دفاع يختلط فيه الواقع بالقانون ولم يسبق لهما طرحه على محكمة الموضوع
بدرجتيها كما خلت الأوراق مما يدل على سبق تمسكهما به أمامها ومن ثم فإنه لا يقبل منهما إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز أو التحدي به أمامها ويضحى غير مقبول. وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وأعفت الطاعنين من المصروفات.
أمين سر الجلسة
وكيل المحكمة