1 -
اعتبار العقد إدارياً. شرطه. أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنويا عاماً يتعاقد بوصفه سلطة عامة وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام وأن يتسم بانتهاج أسلوب القانون العام فيما يتضمنه من شروط استثنائية بالنسبة لروابط القانون الخاص.
القواعد القانونية
من المقرر -وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة- أنه يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً يتعاقد بوصفه سلطة عامة وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه، وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه هذه العقود من شروط استثنائية بالنسبة إلى روابط القانون الخاص.
(الطعن 581/2001 تجاري جلسة 26/5/2002)
2 -
العقود الإدارية. خضوعها لنظام قانوني خاص يختلف عن النظام الذي تخضع له العقود المدنية. علة ذلك. ما يمثله كل طرف من طرفي العقد الإداري من مصالح غير متعادلة إذ تنشد الإدارة تحقيق المصلحة العامة بينما ينشد المتعاقد معها صالحه الخاص. مؤدى ذلك: حق الإدارة في أن تضّمن عقودها الإدارية مع الأفراد أو الأشخاص المعنوية الخاصة جزاءات مالية غير مألوفة في عقود القانون الخاص. حكمة ذلك: تأمين المرافق العامة وضمان حسن سيرها وكفالة احترام المتعاقد معها لشروط العقد وبذل العناية والدقة في تنفيذه. استنفاد العقد لأغراضه بانتهاء الأعمال التي أبرم من أجل القيام بها. أثره. عدم جواز استخدام الإدارة تلك السلطات الاستثنائية أو توقيع جزاءات مالية على المتعاقد معها بدعوى إخلاله بالتزاماته أثناء تنفيذ العقد.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه ولئن كانت العقود الإدارية تخضع لنظام قانونى خاص يختلف اختلافاً أساسياً عن النظام الذي تخضع له العقود المدنية نظراً لما يمثله كل طرف من طرفي العقد الإداري من مصالح غير متعادلة إذ تنشد الإدارة فيه تحقيق المصلحة العامة بينما المتعاقد معها يتعاقد لصالحه الخاص الأمر الذي يحق معه لجهة الإدارة أن تضمن عقودها الإدارية مع الأفراد أو الأشخاص المعنوية الخاصة من الجزاءات المالية غير المألوفة في عقود القانون الخاص ما تستهدف به تأمين المرافق العامة وضمان حسن سيرها واضطراد وكفالة احترام المتعاقد معها لشروط العقد وبذل العناية والدقة في تنفيذه، وهذه الجزاءات لا تستهدف إعادة التوازن بين الالتزامات المتبادلة بين الطرفين ولا تتسم بطابع العقوبات فحسب وإنما هدفها الأساسي الوصول إلى تنفيذ الالتزام المتصل بالمرفق العام بما يحقق المصلحة العامة بضمان سيره بانتظام واطراد، وهذه الحكمة لا تتحقق إلا إذا كان هناك عقد من العقود يجرى تنفيذه فعلاً، أما إذا كان العقد قد استنفد أغراضه بانتهاء الأعمال التي أبرم من أجل القيام بها فلا يجوز للإدارة استعمال تلك السلطات الاستثنائية أو توقيع جزاءات مالية على المتعاقد معها بدعوى إخلاله بالتزاماته أثناء تنفيذ العقد، كما أنه من المسلم به أن المتعاقد مع الإدارة يبرأ من كل مسئولية، إذا قدرت الإدارة الظروف التي تحيط بتنفيذ العقد وظروف المتعاقد وقررت إعفاءه من مسئولية التأخير. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وتقدير الأدلة، والأخذ بما تطمئن إليه واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى وطرح ما عداه، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق وتؤدى إلى ما انتهى إليه من نتيجة، وهى غير ملزمة أيضاً بتتبع أقوال الخصوم ومناحي دفاعهم والرد عليها استقلالاً لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها و أوردت أدلتها الرد الضمني المسقط لما عداها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من إلزام الوزارة بأداء المبلغ المقضي به قد ارتكز على الاعتبارات التي استمدها من واقع الأوراق المقدمة في الدعوى وما استخلصه منها من أن الجهة الإدارية ذاتها كانت زاهدة في توقيع أية غرامات على الشركة المطعون ضدها وذلك لما ارتأته وكان محلاً لتقديرها من أن التأخير أو التقصير لم يكن مرجعه إلى الشركة وإنما كان لأسباب خارجة عن إرادتها حسبما جاء بالكتاب الصادر من مهندس الطرق بالوزارة وكتاب الوزارة ذاتها لديوان المحاسبة وهو ما من شأنه نفي التقصير عن الشركة في تنفيذ التزاماتها التعاقدية وهو الأمر الذي تنتفي معه أحقية الوزارة الطاعنة في احتجاز المبالغ المستحقة للشركة والامتناع عن عدم الوفاء بها، وأن الثابت من الأوراق أن الوزارة، الطاعنة لم توقع غرامة التأخير بنسبة 10% أثناء تنفيذ العقد أما بالنسبة للغرامات الموقعة ومقدارها 180920.00 د.ك فإن جهة الإدارة قامت بتوقيعها على الشركة المطعون ضدها في بادئ الأمر وخصمتها من مستحقاتها أثناء تنفيذ العقد إلا إنها عادت وبتاريخ 5/6/1989 وأفرجت عنها بشهادة الدفع رقم 18 واكتفت بتقديم المطعون ضدها لكفالة بنكية وهو ما يمثل عدولاً من جهة الإدارة عن توقيع هذه الغرامة وأن الأوراق خلت من صدور قرار من الوزارة بتوقيع الغرامات الموقعة مرة أخرى على المطعون ضدها أثناء تنفيذ العقد، ورتب الحكم على ذلك أن قيمة الغرامة البالغ مقدارها 280000 دينار والتي احتجزتها جهة الإدارة هى واجبة الرد للمطعون ضدها لاحتجازها بدون سند قانونى، وإذ كان ما استخلصه الحكم المطعون فيه من انتفاء تقصير الشركة المطعون ضدها في تنفيذ التزاماتها التعاقدية، وانتفاء دواعي وأسباب توقيع غرامات التأخير والغرامات الموقعة عليها وعدم توقيع غرامات التأخير أثناء تنفيذ العقد مما ينهض معه تبعاً لذلك حق الشركة في استئداء مستحقاتها عن الأعمال التي نفذتها، نزولاً على ما يقتضيه الأصل المقرر قانوناً من وجوب تنفيذ العقد بطريقة تتفق مع ما يوجبه حُسن النية الذي يُظل العقود جميعا والذي من مقتضى إعماله ألا يتعسف أي طرف في العقد في المطالبة بحقوقه الناشئة أو المنبثقة عنه، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه في مجموعه استدلال موضوعي سائغ له معينه الصحيح من الأوراق يكفي لحمله، ولا يعدو أن يكون النعي عليه بوجهيه محض جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز فمن ثم يكون النعي على غير أساس.
(الطعن 228/2003 إداري جلسة 26/1/2004)
3 -
اعتبار العقد عقداً إدارياً. شرطه. أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً يتعاقد بوصفة سلطة عامة وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه وأن يتسم بانتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه هذه العقود من شروط استثنائية.
- إعطاء العقود التي تبرمها جهة الإدارة وصفها القانوني الصحيح باعتبارها عقوداً إدارية أو مدنية. مناطه.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن اختصاص القضاء الإداري بالعقود الإدارية مرجعه ما تضمنته من روابط هي من مجالات القانون العام وليس كل عقد تبرمه الإدارة هو عقد إداري يخضع لذلك القانون بما مقتضاه أن يقتصر اختصاص القضاء الإداري على المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية بمعناها الفني، ومن المقرر أيضاً أنه وإذ عقدت المادة الثانية من المرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 1981 للدائرة الإدارية وحدها الاختصاص بنظر المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية والمتعاقد الآخر في عقود الالتزام والأشغال العامة والتوريد أو أي عقد إداري آخر، فيكون البين من أن تعداد تلك العقود بالنص سالف الذكر إنما جاء على سبيل المثال لا الحصر، باعتبارها من أهم العقود الإدارية المسماة ومن ثم لا يكون اختصاص الدائرة الإدارية مقصوراً على تلك العقود، بل يمتد إلى كافة العقود الإدارية بطبيعتها وفقاً لخصائصها الذاتية لا بتحديد القانون أو وفقاً لإرادة الطرفين وأنه يتعين لاعتبار العقد عقداً إدارياً أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً يتعاقد بوصفه سلطة عامة وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه هذه العقود من شروط استثنائية بالنسبة إلى روابط القانون الخاص، وأن إعطاء العقود الإدارية التي تبرمها جهة الإدارة وصفها القانوني الصحيح باعتبارها عقود إدارية أو مدنية يتم على هدي ما يجري تحصيله منها ومـدى تضمنها لشروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص الدائرة التجارية بالمحكمة بنظر الدعوى على سند من أن الطاعنة لم تقدم عقد التوريد محل التداعي للوقوف على ما انطوى عليه من شروط بما يساندها في دفعها ولم ينهض فيما حواه من شروط أسلوب القانون العام ورتب على ذلك أن التوريد الذي قامت به المطعون ضدها للطاعنة جاء تنفيذا لعقد تجاري بما يكون معه الدفع المبدي منها بعدم الاختصاص غير قائم على سند من الواقع أو القانون حرياً بالرفض، وهي تقريرات صحيحة وسائغة ولا مخالفة فيها للثابت بالأوراق ومن ثم يكون الحكم قد أعمل صحيح القانون ويكون النعي عليه لذلك على غير أساس.
(الطعنان 768، 769/2002 تجاري جلسة 2/3/2005)
4 -
خطأ الموظف الشخصي والخطأ المرفقي. التفرقة بينهما. معيارها. القصد الذي ينطوى عليه تصرف الموظف وهو يؤدى واجبات وظيفته. اعتبار الخطأ شخصياً إذا كان خطأ جسيماً قصد به الموظف النكاية أو الإضرار بالغير أو تغيا منفعته الذاتية. العمل الذي يقصد به الموظف تحقيق مصلحة عامة أو تحقيق أحد الأهداف المنوط بالإدارة تحقيقها وتدخل في وظيفتها الإدارية. اندماج الخطأ في هذه الحالة في أعمال الوظيفة. اعتباره خطأ مرفقياً تسأل عنه الإدارة دون الموظف. التفرقة بينهما يستخلصها القاضي من ظروف كل حالة على حدة مستهدياً بهذه المعايير.
القواعد القانونية
في مجال مسئولية الموظف المدنية يتعين التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الذي ينسب إلى الموظف ويعتبر الخطأ شخصياً إذا كان العمل مصطبغ بطابع يكشف عن الإنسان بضعفه ونزواته وعدم تبصره، أما إذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي وينم عن موظف معرض للخطأ والصواب فإن الخطأ في هذه الحالة يكون مرفقياً فالعبرة بالقصد الذي ينطوى عليه تصرف الموظف وهو يؤدى واجبات وظيفته فكلما قصد النكاية أو الإضرار بالغير أو تغيا منفعته الذاتية أو كان خطؤه جسيماً فإن خطؤه في هذه الحالة يكون شخصياً ويسأل عنه الموظف الذي وقع منه هذا الخطأ في ماله الخاص أما إذا كان الموظف يهدف من العمل الذي وقع منه تحقيق مصلحة عامة أو كان تصرف لتحقيق أحد الأهداف المنوطة بالإدارة تحقيقها والتي تدخل في وظيفتها الإدارية فإن خطأه يندمج في أعمال الوظيفة بحيث لا يمكن فصله عنها وتعتبر من الأخطاء المنسوبة إلى المرفق العام ويكون خطأ الموظف في هذه الحالة خطأ مرفقياً وتسأل عنه الإدارة عن الخطأ الذي وقع منها دون الموظف ومن المقرر أن التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي إنما يتحدد تبعاً لما يستخلصه القاضي من ظروف كل حالة على حده وملابساتها مستهدياً في ذلك بالمعايير السالف بيانها.
(الطعن 801/2004 تجاري جلسة 16/4/2005)
5 -
الجزاءات التي تملك الإدارة توقيعها على المتعاقد إذا ما خالف شروط العقد. هدفها سير المرافق العامة. مؤدى ذلك. لا يشترط لتوقيعها إثبات وقوع ضرر أصاب المرفق العام. علة ذلك. ليس للمحكمة سلطة في تقدير تلك الجزاءات.
القواعد القانونية
النص في المادة 382 من قانون التجارة على أن "خطاب الضمان تعهد يصدر من بنك بناء على طلب عميل له (الآمر) بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين لشخص آخر (المستفيد) دون قيد أو شرط إذ طلب منه ذلك خلال المدة المعينة في الخطاب، ويوضح في خطاب الضمان الغرض الذي صدر من أجله "يدل على أن خطاب الضمان هو تعهد شخصي ونهائي ينشئ بذاته في ذمة البنك التزاماً أصلياً مجرداً ومباشراً بأداء قيمته للمستفيد متى كلف ذلك خلال المدة المبينة فيه وهو التزام يقوم على استقلال كل من العلاقة بين البنك والعميل وتلك التي بين الأخير والمستفيد، وصدور خطاب الضمان بناء على طلب العميل لا ينشئ له حقاً على قيمته لأن البنك لم يتعهد بأدائها له وإنما بضمانه في حدودها، كما لا يمثل حقاً للعميل لدى المستفيد بما تعتبر معه المبالغ التي يمثلها الخطاب أموالاً مملوكة للبنك إلى أن يتم صرفها للمستفيد ومن ثم فإن العميل لا يستطيع المطالبة بها ولا يجوز لدائنيه توقيع الحجز عليها تحت يد البنك أو لدى المستفيد ولا تدخل ذمة الأخير المالية إلا إذا طلبها هو شخصياً في حدود التزام البنك وشروطه المبينة في الخطاب. وكان المقرر -وعلى ما جرى به قضاء محكمة التمييز- أن الجزاءات التي تملك الإدارة توقيعها على المتعاقد معها إذا ما خالف شروط العقد تستهدف أساساً سير المرافق العامة ولا تقتصر على جبر الضرر الذي يصيب الإدارة من جراء تقصير المتعاقد معها، فإنه لا يشترط لتوقيعها إثبات وقوع ضرر أصاب المرفق العام لأن ذلك الضرر يكون مفترضاً بمجرد تحقق سبب استحقاقها المنصوص عليه في العقد- لما ينطوي عليه التراخي في تنفيذ هذا العقد من إخلال بالنظم التي تضعها الإدارة وتحرص على التزامها وما في ذلك من مساس بالصالح العام الذي ينبغي أن يكون دائماً محلاً للاعتبار في العقود الإدارية، ومتى تحققت في الجزاء المالي المتفق عليه في العقد الإداري هذه الشرائط فإنه يعتبر من قبيل الغرامات التي توقع بغض النظر في وقوع الضرر والذي يمتنع معه على المحكمة أن تعمل تقديرها لتحديد مداه.