1 -
الحكم الصادر بتوقيع الحجر للعتَّه: القضاء بصحة التصرفات السابقة عليه لا يعد إخلالاً بحجيته طالما أنه لم يقطع بقيام حالة العتَّه وقت حصول التصرف.
- الأصل هو صدور التصرف من الشخص عن إرادة سليمة ما لم يثبت العكس.
- اشتهار الشخص بالجنون أو العتَّه أو تعيين المحكمة قيماً عليه. مؤداه: افتراض أن التصرف الذي يصدر منه من وقت اشتهار الحالة أو من وقت تعيين القيم صدر وهو في هذه الحالة. عبء إثبات أن التصرف تم في حالـة إفاقة يقع على من يدعي ذلك.
- تقدير قيام حالة العتَّه الشائع وقت وقوع التصرف. من سلطة قاضي الموضوع. مثال لرفض طلب بطلان عقد تنازل لصحته وصدوره في تاريخ سابق على الحكم بتوقيع الحجر على المتصرف ولعدم اشتهار حالة العته.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن القضاء بصحة التصرفات السابقة على الحكم الصادر بتوقيع الحجز للعته لا يعتبر إخلالاً بحجيته مادام أنه لم يقطع بقيام حالة العته لدى المحجور عليه وقت حصول التصرف. كما أن النص في المادة 100 من القانون المدني على أنه " إذا كان جنون الشخص أو عتهه مشهوراً أو كانت المحكمة قد عينت له قيماً إفترض إنه أبرم التصرف في حالة جنونه أو عتهه على حسب الأحوال وإلا افترض أنه أبرم التصرف في حالة صحته وذلك كله ما لم يقم الدليل على عكسه، يدل- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- على أن الأصل هو توافر الإرادة لدى الشخص عند إجرائه تصرفاً ما ما لم يثبت العكس إلا أن المشرع أخذ بحكم مغاير بشأن المجنون والمعتوه فإن كان الجنون أو العته مشهوراً أو كانت المحكمة قد عينت قيماً على أي منهما إفترض أن التصرف قد تم في حالة الجنون والعته ومن ثم ينتقل عبء إثبات أن التصرف أبرم في حالة الإفاقة على من يدعيه. ومفاد ذلك أن القرينة التي وضعها المشرع لافتراض أن التصرف قد صدر في حالة الجنون أو العته لا تقوم إلا من وقت اشتهار هذه الحالة أو من وقت تعيين المحكمة للقيم، وأن تقدير قيام حالة العته الشائع وقت وقوع التصرف من عدمه هو مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى الذي لا يخضع فيه قاضى الموضوع لرقابة محكمة التمييز متى كان استخلاصه سائغاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب بطلان عقد التنازل المؤرخ 10/8/94 تأسيساً على صحته ولصدوره في تاريخ سابق على الحكم بتوقيع الحجر على المتصرف وأن هذا الحكم لم يقطع بقيام حالة العته بالمذكور وقت التصرف ولعدم اشتهار حالة العته لديه في هذا الوقت واستدل الحكم في نطاق سلطته التقديرية على صحة العقد بما استظهره من الأوراق من أن المتنازل وقت إبرام العقد كان يباشر التصرفات القانونية المعتادة بنفسه ونيابة عن والدته الطاعنة بموجب الوكالة رقم 15379 في 26/1/91 والتي خولته بموجبها الحق في إدارة أموالها العقارية والمنقولة وحق التصرف فيها وفي تمثيلها أمام المحاكم وقد استأجر بموجبها القسيمة موضوع الدعوى ثم تنازلت الطاعنة عنها وتنازل عنها بدوره للمطعون ضده الأول واعتدت إدارة أملاك الدولة بهذا التنازل. كما أضاف الحكم أيضاً أن الثابت من محضر جلسة 21/11/98 التي نظرت فيها الدعوى أمام محكمة أول درجه أن المطعون ضده الثاني- وهو السمسار الذي أبرم العقد بواسطته- قد قرر أن المتنازل كان يتمتع بكامل قواه العقلية وقت تحرير العقد، فضلاً عن أن البين من مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم 4785 لسنة 96 أحوال شخصية بتوقيع الحجر على ابن الطاعنة أنها أقرت بوكيلها بعدم وجود أموال للمحجور عليه فإن ذلك ينطوي على إقرارها ضمناً بصحة عقد التنازل. كما استدل الحكم على صحته لعدم اشتهار حالة العته بالمتصرف وقت التصرف بما ورد بمتن تقرير الطبيب الشرعي من أنه سئل المتنازل عن العديد من الأمور فتبين له أنه يدرك الأشخاص والزمان والمكان ويعرف النقود وقيمتها وملم بالعمليات الحسابية، كما أن الطاعنة قد تراخت في إقامة دعواها المطروحة إلى ما يقارب أربع سنوات من تاريخ إبرام العقد وعلل الحكم ما وقر في يقين المحكمة من أن مقابل التنازل كان يوازي القيمة الحقيقية للعقار وقت التصرف بأن التنازل ورد على أرض خالية من المنشآت وأن تقدير قيمته بمبلغ 120 ألف دينار بمعرفة خبراء الدراية فإن هذا المبلغ يشمل الأرض وما أقيم عليها من منشآت وأن الطاعنة لم تقدم بالأوراق ما يدل على أنها هي التي أقامت تلك المباني كما خلص الحكم في حدود سلطته في تقدير أقوال الشهود إلى عدم اطمئنان المحكمة إلى أقوال شاهدي الطاعنة لما ارتأته من أنها لا تخلو من شبهة المجاملة وأنه لا يستدل منها على أن المتنازل كان في حالة عته شائعة وقت تحرير العقد. وإذ كانت هذه الأسباب هي تقريرات قانونية وموضوعية صحيحة وسائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضائه ومن شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه ويواجه دفاع الطاعنة فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون على غير أساس.