1 -
الحساب الجاري. ماهيته: عقد يتفق بمقتضاه شخصان علي أن يقيدا في حساب عن طريق مدفوعات متبادلة ومتداخلة الديون الناشئة عن العمليات التي تتم بينهما. عدم قصره علي العمليات البنكية وعدم وجوب أن يكون البنك طرفاً فيه.
- خلو نصوص القانون من تحريم التعامل في الحساب الجاري بين الأشخاص التجارية بخلاف البنوك. مفاده. صحة المعاملة الحسابية بينهم.
- أهم مميزات الحساب الجاري عن الحساب البسيط. ماهيتها.
- المدفوعات المقيدة في الحساب الجاري. اندماجها في كل لا يتجزأ وينشأ عنها دين واحد هو دين الرصيد. أثره. عدم خضوع هذا الدين للتقادم الذي كان يحكمه قبل دخول الحساب وخضوعه للتقادم العادي المقرر للرصيد الناشئ عن عقد الحساب الجاري.
القواعد القانونية
إذ كان الحساب الجاري ورد نظامه في الفرع التاسع من الفصل السابع من الباب الثاني من قانون التجارة بعنوان عمليات البنوك في المواد من 388 إلى 404 - إلا أن العمل بهذا الحساب لا يقتصر علي العمليات البنكية كما يدل علي ذلك صريح نص المادة 388 التي عرفت الحساب الجاري بأنه "عقد يتفق بمقتضاه شخصان علي أن يقيدا في حساب عن طريق مدفوعات متبادلة ومتداخلة الديون الناشئة عن العمليات التي تتم بينهما...." ولم تُوجب أن يكون البنك طرفا في العقد، ولما كان الأصل في المعاملات الصحة ما لم ينص المشرع علي تحريم معاملة بين المعاملات بين الأشخاص، وإذ خلت نصوص القانون من تحريم التعامل في الحساب الجاري بين الأشخاص التجارية بخلاف البنوك فإنه يصح أن تكون المعاملة الحسابية بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى علي أساس الحساب الجاري اتفاقاً بينهما، وأهم ما يميزه عن الحساب البسيط هو شرط تبادل المدفوعات بما يُوجب علي كل من طرفيه أن يقدم مدفوعات للآخر ليصبح دائناً أحياناً ومديناً أخرى. ومن المقرر وفقاً لنص المادتين 395، 401 من قانون التجارة أن المدفوعات التي تقيد في الحساب الجاري تتحول إلى مجرد بنود أو قيود نتيجة الأثر التجديد للقيد في الحساب، وتفقد هذه المدفوعات خصائصها الذاتية وتندمج في كل لا يتجزأ إعمالاً لمبدأ تماسك الحساب الجاري وعدم تجزئته، تنصهر في بوتقته ويمتزج بعضها بعضاً بحيث ينشأ عن هذا المزج دين واحد هو دين الرصيد، بما يترتب عليه عدم خضوع الدين للتقادم الذي كان يحكمه قبل دخول الحساب بل يخضع للتقادم المقرر للرصيد الناشئ من عقد الحساب الجاري وهو التقادم العادي.
(الطعن 737/2001 تجاري جلسة 26/5/2002)
2 -
دخول الدين في الحساب الجاري. أثره. اعتباره مفرداً من مفرداته وصيرورته ديناً واحداً هو الدين النهائي لرصيد الحساب الجاري. م395 من قانون التجارة.
القواعد القانونية
من المقرر عملاً بالمادة 395 من قانون التجارة أن الديون المترتبة لأحد الطرفين إذا دخلت الحساب الجاري فقدت صفتها الخاصة وكيانها الذاتي، فلا تكون بعد ذلك قابلة على حدة للوفاء أو للمقاصة أو للسقوط بالتقادم، فإن مفاد ذلك أن من آثار دخول الدين في الحساب الجاري صيرورته مفرداً من مفردات ذلك الحساب فيذوب فيه ويندمج في غيره من المفردات وينتج عن هذا المزج دين واحد هو دين الرصيد أي الدين النهائي لرصيد الحساب الجاري.
(الطعنان 503، 515/2002 تجاري جلسة 26/4/2003)
3 -
ثبوت أن الدين تسهيلات مصرفية منحها البنك للمدين وفتح بها حساباً جارياً قيد فيه. اتجاه إرادة الطرفين إلى سريان الفائدة التأخيرية من تاريخ الاستحقاق وتصفية الحساب واستخراج الرصيد النهائي. مؤداه. التزام الطاعن بالفوائد من تاريخ الاستحقاق دون حاجة للاتفاق عليها. تقدير الحكم الفائدة بسعر الفوائد القانونية وإلزام المدين بها من تاريخ قفل الحساب حتى تمام السداد. لا عيب.
القواعد القانونية
مفاد المواد 110، 112، 113 من قانون التجارة -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الفوائد التأخيرية تكون عن دين في ذمة المدين حل أجل استحقاقه ولم يوف به، واعتباراً من تاريخ الاستحقاق لأن هذه الفوائد بمثابة تعويض عن تأخير المدين في الوفاء بالتزامه، ومادام لا يوجد نص في القانون، لأن هذه الفوائد بمثابة تعويض عن التأخير في الدين التجاري في ميعاد استحقاقه موجب للضرر بمجرد حصوله، والمقصود بالدين الذي حل أجله أن يكون معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام، وألا يكون الدين خاضعاً في تحديده لمطلق تقدير القضاء، أما حيث يكون الدين مستنداً إلى أسس ثابتة بين الطرفين بحيث لا يكون للقضاء سلطة رحبة في التقدير فإنه يكون معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام ولو نازع المدين في مقداره، إذ ليس من شأن هذه المنازعة إطلاق يد القضاء في التقدير بل تظل سلطته محدودة النطاق، مقصورة على الحكم في حدود الأسس المتفق عليها. لما كان ذلك، وكان الواقع الثابت بالأوراق أن المبلغ موضوع المنازعة هو تسهيلات مصرفية منحها البنك المطعون ضده الأول للطاعن وقد تم فتح حساب جاري للأخير لدى الأول قيد فيه هذا المبلغ، وقد إتجهت إرادة الطرفين على أن تسري الفائدة التأخيرية من تاريخ الاستحقاق وتصفية الحساب وإستخراج الرصيد النهائي- كما سلف بيانه في الرد على سببي الطعن رقم 503 لسنة 2002 تجاري 3 -، ومن ثم لا يخضع في تحديده المطلق لتقدير القضاء، ويكون معلوم المقدار حين نشوء الالتزام به، ويلزم المدين - الطاعن - بالفوائد التأخيرية دون حاجة إلى الاتفاق عليها، ومن تاريخ الاستحقاق، ولا يعفي منها مادام أنه لا يوجد اتفاق يقضي بذلك، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر المتقدم وألزم الطاعن بالفوائد القانونية بواقع 7% سنوياً اعتباراً من تاريخ قفل الحساب الجاري في 22/8/2001حتى تمام السداد فإنه يكون قد أعمل صحيح حكم القانون، ويضحي النعي عليه على غير أساس.
(الطعنان 503، 515/2002 تجاري جلسة 26/4/2003)
4 -
التحويل المصرفي. المقصود به. قيام البنك بإجراء يترتب عليه نقل مبلغ من حساب أحد العملاء إلى حساب آخر بناء على طلبه بطريق القيد فيقيد المبلغ في الجانب المدين للعميل الآمر بالتحويل وفى الجانب الدائن للحساب المحول إليه.
- استعانة البنك ببنك آخر وسيط. مؤداه. مسئولية البنك الأول أمام عميله عن أعمال البنك الأجنبي المراسل الذي يتولى تنفيذ التحويل طالما أنه هو الذي اختاره. مثال
القواعد القانونية
النص في المادة 354/1، 2 من قانون التجارة الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 68 لسنة 1980 على أنه: (1- النقل المصرفي عملية يقيد البنك بمقتضاها مبلغاً معيناً في الجانب المدين من حساب الآمر بالنقل بناء على أمر كتابي منه، وفى الجانب الدائن من حساب آخر. وذلك لتحقيق ما يأتي أ- نقل مبلغ معين من شخص إلى آخر لكل منهما حساب لدى البنك ذاته أو لدى بنكين مختلفين. ب- نقل مبلغ معين من حساب إلى آخر كلاهما مفتوح باسم الآمر بالنقل لدى البنك ذاته أو لدى بنكين مختلفين. 2- وينظم الاتفاق بين البنك و الآمر بالنقل شروط إصدار الأمر، ومع ذلك لا يجوز أن يكون أمر النقل لحامله "، يدل على أن المقصود بالتحويل المصرفي ما يقوم به البنك من إجراء يترتب عليه نقل مبلغ من حساب أحد العملاء إلى حساب أخر بناء على طلبه بطريق القيد بواسطة البنك، وذلك بـأن يقيـد المبلغ في الجانب المدين للعميل الآمر بالتحويل، وفى الجانب الدائن للحساب المحول إليه، وهذا التحويل يتم لحظة إجراء القيد بواسطة البنك في حساب ومكان المستفيد، ومن المقرر أنه إذا استعان البنك الصادر إليه الأمر بالتحويل ببنك آخر وسيط، فإن البنك الأول يكون مسئولاً أمام عميله عن أعمال البنك الأجنبي المراسل الذي يتولى تنفيذ التحويل طالما أنه هو الذي اختاره. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في حدود سلطته في تحصيل فهم الواقع في الدعوى ومما له أصله الثابت في الأوراق إلى أن الشركة المطعون ضدها قامت بتاريخ 9/4/1997 بتحويل مبلغ 40000 دولار أمريكي بما يعادل 12000 د.ك إلى الشركة السورية الليبية للاستثمارات الصناعية والزراعية بدمشق- سورية عن طريق البنك الطاعن إلا أنه لم يقم بتحويله واستدل الحكم على ذلك بأن البنك المذكور خاطب الشركة المطعون ضدها بتاريخ 13/1/2003 بعجزه عن تحويل المبلغ محل النزاع للشركة السورية الليبية أو استرداده لأن صاحب الشركة الأخيرة متحفظ عليه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ومما قدمه البنك الطاعن من مستندات أمام محكمة الاستئناف تفيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية مازالت تمد العقوبات على دولة ليبيا ومن إقرار الشركة المستفيدة بأنها لم تتسلم المبلغ المذكور عن طريق البنك الطاعن وإنما تسلمته بتاريخ 27/4/1997 عن طريق بنك برقان بالكويت. لما كان ما تقدم وكان البنك الطاعن لم يقدم لمحكمة الموضوع ما يدل على أن الشركة المطعون ضدها- مصدرة أمر النقل- هى التي اختارت البنك الوسيط في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم فإن البنك الطاعن يكون مسئولاً أمام عميله عن أعمال البنك الأجنبي الوسيط، خاصة وأنه -وعلى ما ثبت في الأوراق- استطاع بنك برقان تحويل مبلغ مماثل للشركة المستفيدة عن طريق بنك وسيط في ألمانيا ومن ثم تتحقق مسئولية البنك الطاعن أمام عميله (الشركة المطعون ضدها) نتيجة عدم تنفيذ أمر النقل الصادر منها إليه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من إلزام البنك الطاعن برد المبلغ محل النزاع والذي تم خصمه من حساب الشركة المطعـون ضـدها ولم يتم نقله لحساب الشركة المستفيدة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحاً ولم يخالف الثابت في الأوراق ويضحى النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس.
(الطعن 478/2004 تجاري جلسة 7/2/2005)
5 -
مدفوعات الحساب الجاري. تفقد ذاتيتها في الحساب وينشأ عن ذلك دين واحد هو الذي يستخلص عند قفل الحساب. قصر ذلك على العلاقة بين العميل وإن تعدد وبين البنك. العلاقة بين صاحبي الحساب المشترك. خضوعها لاتفاق الطرفين بشأنه من حيث الغرض من فتحه وما يلتزم كل منهما بإيداعه فيه وما أودعه بالفعل وما استعملت فيه هذه الإيداعات أو مسحوبات الطرفين. قفل الحساب. أثره. تصفية العلاقة بشأنه على أساس ما أودعه كل منهما في الحساب على حدة دون نظر إلى إيداع بعينه ما لم يثبت أن هذا الإيداع غير ما التزم به المودع. مخالفة ذلك. خطأ في تطبيق القانون.
القواعد القانونية
لئن كان صحيحاً أن المدفوعات في الحساب الجاري تفقد ذاتيتها وتذوب فيه وينشأ عن ذلك دين واحد هو الرصيد الذي يستخلص عند قفل الحساب، إلا أن ذلك لا يكون إلا بالنسبة للعلاقة بين العميل -وإن تعـدد -وبين البنك، أما العلاقة بين صاحبي الحساب المشترك نفسيهما فيحكمها اتفاق الطرفين بشأنه من حيث الغرض من فتح الحساب وما يلتزم كل منهما بإيداعه فيه وما أودعه بالفعل وما استعملت فيه هذه الإيداعات أو مسحوبات طرفي الحساب، وعند قفل الحساب تتم تصفية العلاقة بشأنه على أساس ما أودعه كل منهما في الحساب على حدة دون نظر إلى إيداع بعينه إلا أن يثبت أن هذا الإيداع غير ما التزم به المودع من إيداع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدها ما سحبه مما حول إلى الحساب المشترك بينهما من تعويضات من الهيئة العامة للتعويضات لحسابها دون أن يتحقق من اتفاق الطرفين بشأن الحساب من حيث الغرض من فتح الحساب وما يلتزم كل منهما بإيداعه فيه وما أودعه بالفعل وما استعملت فيه هذه الإيداعات أو مسحوبات الطرفين منه وصولاً إلى أحقية الطاعن في سحب المبلغ موضوع التداعي من عدمه فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب مما يُوجب تمييزه.