1 -
المراسيم والقرارات التي صدرت عن الدولة إبّان الغزو العراقي وبعده لحماية المصلحة العامة والنظام الاقتصادي للدولة وسلامة الأوراق النقدية. صدورها عن الدولة كسلطة حكم لا سلطة إدارة وتعتبر من أعمال السيادة التي تنحسر عنها رقابة القضاء وهيئات التحكيم. مثال بشأن المرسوم 2 لسنة 1990 بعدم التزام البنك المركزي بقيمة عملة البلاد التي قامت سلطات الاحتلال بسرقتها وطرحتها للتداول بعد الغزو.
القواعد القانونية
النص في المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1990 على أنه "ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة. "وكان المقرر أن المقصود بأعمال السيادة هي تلك التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة، فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقاتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية إذ تتخذها اضطراراً للمحافظة على كيان الدولة في الداخل أو للذود عن سيادتها في الخارج، وهي بطبيعتها أعمالاً إدارية ولكنها تخرج عن ولاية المحاكم، وقد ترك المشرع بما نص عليه في تلك المادة أمر تحديدها للقضاء اكتفاء بإعلان وجودها، وكان المسلم به في جميع التشريعات أن إعلان الحرب وما ترتب عليها من آثار للأعمال الحربية من صميم أعمال السيادة وتعفي الدولة من مسئولية الأعمال التي تجريها بسببها بالغاً ما بلغ الضرر الناشئ عنها للأفراد. لما كان ذلك، وكانت الدولة وبفعل الغزو العراقي وما ترتب عليه من أضرار جسيمة وسلب ونهب لمخزون العملة الاحتياطي من خزائن البنك المركزي، ولكي تحد الدولة من حجم الخسارة وتتمكن من تطويق التلاعب بالثروة، وحفاظاً منها على قيمة عملة البلاد قد أصدرت المرسوم بقانون رقم 2 أ لسنة 1990 بتاريخ 7/10/90 والذي نص على ألا يلتزم بنك الكويت المركزي بإعادة قيمة الأوراق النقدية المطبوعة والمودعة خزائنه والتي قامت سلطات الاحتلال العراقي بسرقتها وطرحها للتداول وخول وزير المالية بناء على عرض محافظ البنك المركزي إصدار قرار بتحديد فئات وأرقام الأوراق النقدية المسروقة فأصدر القرارين رقمي 1 أ، 2 أ لسنة 1990 حدد فيها أرقام وفئات الأوراق النقدية الكويتية التي لا يلتزم البنك المركزي بإعادة قيمتها تنفيذاً للمرسوم بقانون سالف الذكر. كما أصدرت الدولة أيضاً المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 91 بتاريخ 18/3/1991- بإضافة فقرة إلى البند (1) من المادة (10) من القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية المعدل بالمرسوم بالقانون رقم 130 لسنة 1977- نص في مادته الأولى على تحديد يوم 30/9/1991 موعداً نهائياً لالتزام البنك المركزي بتبديل الأوراق النقدية التي يصدر قرار بسحبها خلال شهر من تاريخ العمل بهذا القانون، والذي حددته المادة الثانية منه بتاريخ إصداره. وإذ كان البين أن هدف الشرع من إصدار هذين المرسومين بقانونين، والقرارين الوزاريين سالفي الذكر، هو حماية المصلحة العامة والنظام الاقتصادي للدولة وسلامة الأوراق النقدية، بما يجعلها ترقى جميعاً إلى وصفها بأنها صدرت عن الدولة كسلطة حكم لا إدارة وتضحي عملاً من أعمال السيادة التي تتطلب سياسة موحدة وسريعة وموازين وعناصر تقدير معينة لا تتوافر للقضاء ومن ثم تنحسر عنها رقابته. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن طلب المحتكم وعلى ما سلف بيانه هو إلزام المحتكم ضده الأول- بصفته- بتبديل مبلغ المليونين وثمانمائة ألف دينار كويتي التي في حوزته كأوراق نقدية قديمة بأخرى جديدة إعمالاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 91، وهو ما من شأنه التعرض لأحكام هذا المرسوم بقانون وكذلك لأحكام المرسوم بقانون رقم 2 أ لسنة 90 سالف الذكر، وهو ما يعد عملاً من أعمال السيادة التي تنأى عن رقابة القضاء وتقضي المحكمة بعدم اختصاص هيئة التحكيم ولائياً بنظر النزاع.
(الطعن 694/2003 تجاري جلسة 19/5/2004)
2 -
الأصل في الالتزام بدفع مبلغ من النقود. أن يكون بالعملة الكويتية. جواز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالعملة الأجنبية. لا يؤثر في ذلك ما تضمنته المادة الخامسة من الأمر الأميري الصادر في 3/8/1990. علة ذلك
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه ولئن كان الأصل طبقاً للفقرة الأولى من المادة 174 من القانون المدني أنه في الالتزام بدفع مبلغ من النقود يكون الوفاء بالعملة الكويتية، إلا أن الفقرة الثانية من نفس المادة قد أجازت الاتفاق على أن يكون الوفاء بالعملة الأجنبية ومن ثم فإنه لا يوجد ما يمنع اتفاق المتعاقدين على أن يتم الوفاء بالعملة الأجنبية ومنها العراقية سواء تم الاتفاق على ذلك عند نشأة الالتزام أو عند تنفيذه وأن المادة الخامسة من الأمر الأميري الصادر في 3/8/1990 التي تنص على أنه: "يقع منعدماً أي تشريع أو نظام أو قرار أو إجراء يصدر من أية سلطة تزعم أن لها ولاية على أرض الكويت أو ما يمس سيادتها أو استقلالها ولا يتبع في ذلك إلا ما يصدر عن الحكومة الشرعية لدولة الكويت، كما يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً وغير قابل للتنفيذ أي تصرف أو عقد أو تعامل يتم بالإكراه المادي أو المعنوي ودون الرضاء الكامل لأي شخص اعتباري أو طبيعي "لا تتضمن إلغاءً لما هو مقرر بموجب الفقرة الثانية من المادة 174 من القانون المدني السالفة البيان من جواز الاتفاق على الوفاء بالالتزام بعملة أجنبية ومنها العملة العراقية متى تم الرضاء بهذا الوفاء. لما كان ذلك، وكان تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والذي تطمئن إليه المحكمة لابتنائه على أسس قانونية صحيحة قد انتهى إلى أنه لا خلاف بين الطرفين على أن العامل قد استلم رواتب عن الأشهر نوفمبر وديسمبر 1990 ويناير وفبراير 1991 بالدينار العراقي ولم يثبت للمحكمة أن هذا الوفاء قد تم بالإكراه ودون رضى منه إذ لم يتحفظ على ذلك ولم يدع أنه قد اكره عليه ولم يطلب من المحكمة تمكينه من إثبات شيء من ذلك ولا ينال من ذلك التحفظ الذي أبداه لدى استلامه حقوقه العمالية الأخرى باعتبار أن هذا التحفظ لا تنصرف إلى ما قبضه من أجور أثناء فترة الغزو بالعملة الأجنبية إذ أن المعول عليه في مثل هذا التحفظ هو وقت صدوره ويكون ما تأخذ به الجمعية من وفاء لأجور الأشهر المشار إليها بالعملة العراقية يتفق مع مفهوم حكم المادة 174 من القانون المدني في فقرتها الثانية ولا يتعارض مع المادة الخامسة من الأمر الأميري الصادر في 3/8/1990 ببطلان أي تعامل أو إقرار أو إجراء يصدر من غير الحكومة الشرعية لدولة الكويت ويكون من ثم مبرءاً لذمة الجمعية من الأجور المطالب بها.