1 -
تكييف الدعوى والطلبات فيها. لمحكمة الموضوع. شرطه. تقيدها بحقيقة الوقائع والطلبات المطروحة ومقصود الخصوم فيها. خضوعها في ذلك لرقابة محكمة التمييز. مثال بشأن دعوى الرجوع عن العرض والإيداع.
- رجوع المدين عن عرضه الذي لم يقبله دائنه. شرطه. أن يوجه له إعلاناً يخطره فيه بالرجوع وله بعد ثلاثة أيام استرداد ما أودعه على ذمة دائنه. قبول الدائن للعرض أو صدور حكم نهائي بصحته. مؤداه. عدم جواز الرجوع. خطأ الحكم في تكييف الدعوى وتطبيقه حكماً وارداً بنص قانوني في غير موضعه. خطأ في تطبيق القانون يُوجب تمييزه.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تكييف الدعوى والطلبات المعروضة عليها لكونها غير ملزمة بوصف الخصوم لها، إلا أنها مقيدة في ذلك بحقيقة الوقائع والطلبات المطروحة ومقصود الخصوم منها وهى في هذا التكييف تخضع لرقابة محكمة التمييز. وكان النص في المادة 303 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه " يجوز للمدين أن يرجع عن عرض لم يقبله دائنه وأن يسترد ما أودعه متى أثبت أنه أخبر على يد أحد مندوبي الإعلان برجوعه عن العرض وكان قد مضى على إخباره بذلك ثلاثة أيام. ولا يجوز الرجوع عن العرض ولا استرداد المودع بعد قبول الدائن لهذا العرض أو بعد صدور الحكم بصحة العرض وصيرورته نهائياً. " يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون على أن للمدين الرجوع عن عرضه الذي لم يقبله دائنه، شريطة أن يوجه له إعلاناً يخطره فيه برجوعه في العرض فيحق له بعد انقضاء ميعاد ثلاثة أيام الواردة بالنص استرداد ما أودعه على ذمة دائنه، وأن مناط عدم جواز رجوعه عن العرض والإيداع هو قبوله من الدائن أو صدور حكم نهائي بصحته. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنة وبعد أن تم إخلاؤها من العقار الذي تستأجره من المطعون ضدها الأولى - بموجب حكم قضائي نهائي. سعت لدى الأخيرة لكي تستمر العلاقة الإيجارية بينهما وعرضت عليها المبلغ محل النزاع كمقابل قيمة إيجارية عن مدة سنة جديدة إذا تم تجديد الإيجار، وإزاء رفض المطعون ضدها الأولى العرض أودعته باسمها ولمصلحتها لدى إدارة التنفيذ، وإذ لم يفلح مسعاها في تجديد العلاقة الإيجارية بينهما أنذرتها رسمياً في 21/12/97 بطلب تنازلها عن المبلغ المودع لكي تتمكن من استرداده من إدارة التنفيذ ثم أقامت دعواها بتاريخ 19/5/98 بذات الطلبات. فإن التكييف الصحيح لهذه الدعوى أنها دعوى رجوع عن العرض والإيداع للمبلغ المطالب به والذي لم يتم قبوله أو تسلمه من المطعون ضدها الأولى والتي يسري عليها نص الفقرة الأولى من المادة 303 من قانون المرافعات سالفة الذكر. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيما ذهب إليه من تكييف للدعوى بأنها دعوى رد غير المستحق وبنى على ذلك الحكم بقبول الدفع المبدي من المطعون ضدها بعدم سماعها بمرور الزمان بمضي ثلاث سنوات عملاً بنص المادة 263 من القانون المدني، فإنه يكون قد طبق حكم التقادم الوارد بهذا النص في غير موضعه مما يصمه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. بما يُوجب تمييزه جزئياً لهذا السبب دون حاجة لبحث بقية أسباب الطعن في هذا الخصوص.
(الطعن 428/2002 تجاري جلسة 22/10/2003)
2 -
العرض والإيداع إذا كان نقوداً أو شيئاً آخر مما يتيسر معه بغير مشقة تسليمه للدائن في موطنه الأصلي أو محل عمله. كيفيته: باتباع الخطوات المنصوص عليها في المادتين 299، 300 من قانون المرافعات وهي العرض الحقيقي بواسطة مندوب الإعلان الذي يجب عليه إثبات مضمون إجابة الدائن على العرض. قبول الدائن للعرض. أثره. عدم اتخاذ مرحلة الإيداع. الإيداع دون العرض السابق له. عدم اعتباره وفاءً مبرئاً للذمة. مثال لإيداع قيمة ايجارية دون عرضها.
القواعد القانونية
مفاد نص المادتين 299، 300 من قانون المرافعات. باعتباره قانون الإجراءات العام فيما لم يرد بشأنه نص مغاير في قانون خاص- وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية- أنه "إذا كان الدين نقوداً أو شيئاً آخر مما يتيسر معه بغير مشقة تسليمه للدائن في موطنه الأصلي أو في محل عمله فعلى المدين أن يعرضه على دائنه عرضاً حقيقياً فعلياً على يد أحد مندوبي الإعلان، ويتضمن الإعلان بياناً بشروط العرض وتحديد الشيء المعروض ثم يقوم مندوب الإعلان بإثبات مضمون ما يجيب به الدائن على هذا العرض من قبول أو رفض" وإذا انتهت المرحلة السابقة- مرحلة العرض الحقيقي- بقبول الدائن لهذا العرض- فلا حاجة للانتقال للمرحلة الثانية أي مرحلة الإيداع، أما إذا رفض الدائن قبول العرض الحقيقي فعندئذ يتعين مباشرة المرحلة الثانية وهى مرحلة الإيداع " وهو ما مؤداه أنه لكي ينتج العرض والإيداع أثرهما كسبيل للوفاء أن يتما وفقاً لأحكام هاتين المادتين، فإذا كان محضر الإيداع لم تسبقه إجراءات العرض الحقيقي المنصوص عليها فيهما، فإنه لا يعتبر وفاء مبرئاً للذمة، لما كان ما تقدم وكان الثابت من صورة الإنذار الرسمي المعلن للطاعنة في 10/3/2002 بناء على طلب المطعون ضدهما " مستند رقم 3 بحافظة مستندات الأخيرين المقدمة بجلسة 30/10/2002 أمام محكمة الاستئناف "- أنه تضمن عرض مستحقات الطاعنة من الأجرة عن شهر مارس سنة 2002 وجاء خلوا من عرض القيمة الايجارية عن شهر إبريل سنة 2002 كما خلت الأوراق مما يدل على قيام المطعون ضدهما بهذا الإجراء، وهو ما يجئ معه إيداعهما القيمة الايجارية لشهر إبريل سنة 2002 على نحو ما تضمنته الشهادة الصادرة من إدارة التنفيذ باطلاً حابط الأثر لمخالفته للمادتين 299، 300 مرافعات لعدم سبقه إجراء عرض القيمة الايجارية على الطاعنة بما لا يكون معه هذا الإيداع مبرئاً لذمة المطعون ضدهما عن دين الأجرة المستحقة عن ذلك الشهر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على ما ذهب إليه من أن قواعد القانون المدني هى المنطبقة على الواقعة، في حين أن هذا القانون الأخير- وعلى نحو ما جاء بمذكرته الإيضاحية- قد أحال إلى الإجراءات التي رسمها قانون المرافعات فيما يتعلق بإيداع دين الأجرة ومثيلاتها- فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما يُوجب تمييزه جزئياً في خصوص قضائه برفض المطالبة بالقيمة الايجارية المستحقة عن شهر إبريل سنة 2002.