1 -
التحكيم والقضاء. تشابههما في وظيفة الفصل في المنازعات واختلافهما في قيام الأول على أساس اختيار الخصوم للمحكم وثقتهم فيه وقيام الثاني على التجائهم إلى محاكم مشكلة من قضاة لا يختارونهم ولا تربطهم بهم أي روابط. مؤدى ذلك: أن علم الخصم بقيام سبب من أسباب عدم الصلاحية الخاصة بالقضاة بالمحكم وعدم رده له قبل إبداء أي دفع أو دفاع في موضوع التحكيم يسقط حقه في التمسك بهذا العيب ولا يبطل قضاء المحكم لعدم تعلق ذلك بالنظام العام خلافاً لبطلان قضاء القاضي الغير صالح لنظر الدعوى.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه ولأن كان هناك أوجه تشابه بين التحكيم وبين القضاء من حيث الوظيفة التي نيطت بكل منهما وهى الفصل في المنازعات بأحكام لها قوه الإلزام بما يبرر ما أتجه إليه الرأي من خضوع المحكم للقواعد المقررة في قانون المرافعات بشأن عدم صلاحية القضاة وردهم، إلا أنه لأمراء في أن بين التحكيم والقضاء فوارق أساسيه مستمده من طبيعة كل منهما، إذ أنه بينما يقوم التحكيم على أساس اختيار شخصي للمحكم والثقة فيه من جانب الخصوم أو أحدهم والنأي عن المغالاة في التمسك بالمظاهر والشكليات، يقوم القضاء على أساس الالتجاء إلى محاكم مشكلة من قضاه لا دخل للخصوم في اختيارهم تتوافر فيهم مظاهر الحيدة وعدم الارتباط بأحد من الخصوم بأي رباط قد يؤثر في هذا المظهر، وهو ما توخاه المشرع من وضع نظام عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى ونظام رده، ومؤدى ذلك أنه لا يؤثر في صحة اختيار المحكم قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 102 من قانون المرافعات، ومن بينها كونه وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخاصة أو إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها، ما دام أن هذا السبب كان معلوما للخصم وقت اختيار المحكم، إذ أن علم الخصم بعدم صلاحية المحكم وعدم رده قبل إبداء أي دفع أو دفاع في موضوع طلب التحكيم يسقط حقه في التمسك بهذا العيب، وترتيباً على ذلك لا يقع باطلاً قضاء المحكم في هذه الحالة، إذ لا يعتبر البطلان فيها متعلقاً بالنظام العام خلافاً لبطلان قضاء القاضي غير الصالح لنظر الدعوى والمنصوص عليه في المادة 103 من قانون المرافعات.
(الطعن 518/2001 تجاري جلسة 23/3/2002)
2 -
سبق إبداء القاضي رأياً في النزاع المطروح عليه أو قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو اتخاذه إجراء يكشف عن وجهة نظره فيها. من أسباب عدم صلاحيته لنظر الدعوى. مثال لما لا يعد كذلك.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن المشرع صونا لمكانة القضاء وعلو كلمته بين الناس واستيفاءً لمظهر الحيدة التي يجب أن يتسم بها القاضي ودرءاً لشبهة تأثره بما يكون قد أبداه من رأي يجعل من أسباب عدم صلاحيته لنظر الدعوى- ولو لم يرده أحد من الخصوم- سبق إبدائه رأيا في النزاع المطروح عليه أو قيامه بعمل يجعل له رأيا في الدعوى أو اتخاذه إجراء يكشف عن وجهة نظره فيها والجامع بين هذه الصور المتعددة أن يكون القاضي قد كشف عن اقتناعه برأي معين في الدعوى قبل الحكم فيها بما يتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزنا مجردا. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في الدعوى رقم 324 لسنة 1999 إداري وان كان قد أقام قضاءه بعدم الاختصاص بنظر الدعوى على أن القرار محل الطعن لا يعتبر صادراً في مطالبة بحق قرره قانون التأمينات الاجتماعية وإنما هو قرار بسحب قرار الطاعنة السابق بتسجيل ابن المطعون ضده لديها مما ينعقد الاختصاص بطلب إلغائه للدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية إلا أن هذا القضاء لم يتعرض لموضوع الدعوى وهو مدى شرعية قرار إلغاء أو سحب قرار التسجيل وعدم الاعتداد به ولم تبد المحكمة الاستئنافية رأيا أو تكشف عن اتجاه معين في هذا الخصوص وبالتالي فإن حكمها هذا لا يتحقق معه مناط المنع من نظر أي من أعضاء الهيئة التي أصدرته لموضوع الدعوى عند استئناف الحكم الصادر فيها من الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
(الطعن 543/2001 إداري جلسة 29/4/2002)
3 -
المحكم يرد لذات الأسباب التي يرد بها القاضي.
- أسباب رد المحكم. وجوب أن تكون قد جدت أو ظهرت بعد اختياره وتعيين شخصه. مؤدى ذلك. علم الخصوم بهذه الأسباب قبل اختياره لا يجيز لهم رده. ويجوز لهم التنازل عن طلب رده مع توافر موجباته.
- العلم بسبب الرد بعد صدور حكم المحكم. أثره. رفع دعوى بطلان خلال ثلاثين يوماً من ظهور هذا السبب وإلا سقط الحق في رفعها.
- استخلاص علم الخصوم أو جهلهم بسبب الرد أو عدم الصلاحية. واقع لمحكمة الموضوع. شرطه.
القواعد القانونية
مفاد المادتين 178، 187 من قانون المرافعات المدنية والتجارية -وعلى ما جرى به قضاءه هذه المحكمة -أن المشرع وإن كان قد سوى بين القاضي والمحكم في خصومة الرد بأن استلزم لرد المحكم ذات أسباب رد القاضي وأسباب عدم صلاحيته للحكم الواردة بالمادتين 102، 104 من قانون المرافعات إلا أنه نظراً لطبيعة التحكيم وما يرجوه الخصوم من الالتجاء إليه من حسم خلافاتهم على يد محكم يستمد سلطته في التحكيم من اتفاقهم -في جو خاص لا يسوده ما يسود جو المحاكم من رسميات وشكليات، فقد اشترط في أسباب رد المحكم أن تكون قد جدت أو ظهرت بعد اختياره وتعيين شخصه -وترتيبا على ذلك إذا كانت هذه الأسباب معلومة للخصوم بناء على ترشيح من أحدهم وعدم اعتراض الآخرين عليه فإن ذلك لا يؤثر على صحة الاختيار ولا يجوز بالتالي رد المحكم، كما أنه يجوز النزول عن طلب رد المحكم مع توافر موجباته، وأنه إذا تراخى العلم بسبب الرد إلى ما بعد صدور حكم المحكم وتحقق به سبب من الأسباب التي يجوز من اجلها التماس إعادة النظر فيه، فإنه يتعين رفع دعوى البطلان المبنية عليه خلال ثلاثين يوماً من اليوم الذي ظهر فيه هذا السبب وإلا سقط الحق في إقامتها. لما كان ذلك، وكان استخلاص علم الخصوم أو جهلهم بسبب الرد أو عدم الصلاحية في الحكم من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله.
(الطعن 118/2001 تجاري جلسة 2/12/2002)
4 -
عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى. أسبابها. صدور حكم رغم عدم صلاحية القاضي الذي أصدره أو اشتراكه في إصداره. أثره. بطلان هذا الحكم بطلاناً متعلقاً بالنظام العام. جواز التمسك به في أية حالة كانت عليه الدعوى. شرطه. مثال.
القواعد القانونية
النص في المادة 102 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن " يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم... إذا... كان قد سبق له نظرها قاضياً " والنص في المادة 103 من ذات القانون على أن "يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المشار إليها في المادة السابقة..." يدل على أن المشرع صوناً لمكانة القضاء وعلو كلمته بين الناس واستيفاءً لمظهر الحيدة التي يجب أن يتسم بها القاضي ونأياً عن مظنة التشبث بما يكون قد أبداه من آراء جعل من أسباب عدم صلاحيته لنظر الدعوى - ولو لم يرده أحد الخصوم - سبق إبدائه رأياً في ذات النزاع المعروض عليه أو في خصومة سابقة ترددت بين نفس الخصوم بحيث تعد القضية المطروحة استمراراً لها أو عوداً إليها إذا كان الفصل فيها يستدعي الإدلاء برأي في ذات الحجج والأسانيد التي أثيرت في القضية الأولى - وأن المقصود بسبق نظر القاضي للدعوى على هذا الأساس أن يكون سبق له أن أصدر حكماً فاصلاً أو حكماً فرعياً في جزء منها وكان من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن الحكم الذي يصدر في الدعوى رغم عدم صلاحية القاضي الذي أصدره أو اشترك في إصداره يقع باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام ويجوز التمسك به في أية حال كانت عليها الدعوى وإن كان يشترط للتمسك به أمام محكمة التمييز - لأول مرة - أن تكون عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن عناصر الدفع كانت مطروحة على محكمة الموضوع إذ أن الحكم السابق الذي أصدره القاضي والخاص بدعوى التطليق كان مطروحاً على المحكمة وقد أبدى فيه الرأي فإنه يمتنع عليه بالتالي نظر الدعوى الحالية ويجوز للطاعن التمسك بذلك ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز باعتبار أن عناصر النعي كانت مطروحة على محكمة الموضوع التي كان عليها أن تقضي به من غير دفع لتعلقه بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن طرفي الخصومة الماثلة سبق أن ترددت بينهما خصومة في الدعويين رقمي 79، 405 لسنة 2000 أحوال شخصية الجهراء وموضوعها طلب الطاعنة تطليقها من المطعون ضده، وكانت الدعوى الماثلة استمراراً لها وعوداً إليها وموضوعها طلب الحكم بإلزام الطاعنة برد ما قبضته من مهر وسقوط حقوقها المترتبة على الزواج والطلاق وإذ كان السيد القاضي/.... هو الذي أصدر الحكم في الدعوى المشار إليها بتطليق الطاعنة طلقة بائنة للضرر وإلزامها برد ما قبضته من مهر وسقوط حقوقها المالية المترتبة على الزواج والطلاق والذي ألغى الشق المتعلق بالحقوق المالية بالحكم في الاستئناف رقم 1356 لسنة 2001 أحوال شخصية، وكانت الدعوى الماثلة بطلب الحكم بإلزامها برد ما قبضته من مهر وبسقوط حقوقها المالية المترتبة على الزواج والطلاق فإنه يكون غير صالح لنظرها لسبق إبدائه الرأي في موضوعها، ويمتنع عليه الفصل فيها ومن ثم فإن الحكم الذي أصدره في تلك الدعوى يكون باطلاً. وإذ أيد الحكم المطعون فيه ذلك الحكم على الرغم من بطلانه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يُوجب تمييزه دونما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
(الطعن 196/2002 إداري جلسة 3/11/2003)
5 -
عدم صلاحية القاضي. حالاتها. مالا يعد من أسباب عدم الصلاحية. مثال: إلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من اعتبار الدعوى كأن لم تكن وإحالتها لمحكمة أول درجة لنظر الموضوع لا يعد سبباً لعدم الصلاحية.
القواعد القانونية
مفاد نص المادة 102/و من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن المشرع استيفاء لمظهر الحيدة التي يجب أن يتسم بها القاضي ونأياً به عن مظنة المتشبث بما يكون قد أبداه من آراء، جعل من أسباب عدم صلاحيته سبق إبدائه رأياً في ذات النزاع المعروض عليه أو في خصومة سابقة ترددت بين نفس الخصوم، وتعد القضية المطروحة استمراراً لها وعوداً إليها إذا كان الفصل فيها يستدعى الإدلاء برأي في ذات الحجج والأسانيد التي أثيرت في الخصومة الأولى، أما لو كان قد نظر دعوى أخرى متشابهة أو مرتبطة أو سبق أن أصدر حكماً في ذات الدعوى قبل الفصل في موضوعها لا يشف عن اتجاه رأيه في موضوع الدعوى، فلا يمنع ذلك من نظر الاستئناف عن الحكم في الموضوع والجامع في هذه الأمور هو إبداء رأى معين أو اتجاه معين فإذا لم يتحقق هذا لا تتحقق عدم الصلاحية. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 24/11/2002 قد اقتصر على إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من اعتبار الدعوى كأن لم تكن وإحالتها إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها دون أن يتناول الموضوع بأي بحث أو إبداء رأى فيه ومن ثم لا يكون سبباً لعدم صلاحية ذات الهيئة التي أصدرته بنظر استئناف الحكم الصادر في الموضوع ويكون ما تثيره الطاعنة بهذا السبب على غير أساس.
(الطعنان 179، 187/2004 عمالي جلسة 23/5/2005)
6 -
أوجه الطعن التي يتمسك بها الطاعن. وجوب تقديم الدليل على صحتها عند إيداع الصحيفة. علة ذلك. مثال بشأن النعي بوجود قرابة بين رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم ومحامي أحد الخصوم.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن المشرع ناط بالخصم نفسه تقديم الدليل على صحة ما يتمسك به من أوجه الطعن عند إيداع صحيفته على اعتبار أن ذلك من الإجراءات الجوهرية في الطعن. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يرفق بصحيفة طعنه الدليل على ما أثاره بسبب النعي من وجود صلة قرابة ودرجتها بين السيد المستشار رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه والمحامى وكيل المطعون ضدها الثانية حتى تتمكن هذه المحكمة من التحقق من صحة ما ينعاه الطاعن على هذا الحكم من بطلان فإن النعي بهذا السبب يضحي عارياً عن دليله وبالتالي غير مقبول.
(الطعن 171/2004 عمالي جلسة 30/5/2005)
7 -
- دعاوى الأحوال الشخصية التي أوجب المشرع قيام النيابة العامة برفعها أو التدخل فيها. اعتبارها خصماً في الدعوى لها كافة الحقوق المقررة للخصوم.
- النيابة العامة لا تتجزأ. مؤدى ذلك. جواز أن يكون عضو النيابة الذي مثلها بالحضور أو أبدى الرأي أمام محكمة الاستئناف هو ذاته الذي مثلها أمام محكمة أول درجة. مؤداه. عدم سريان قواعد عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى لسبق إبدائه الرأي. علة ذلك. أن النص الخاص برد القضاة في المادة 102 مرافعات قد ورد على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه في شأن أعضاء النيابة العامة.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه في دعاوى الأحوال الشخصية التي أوجب المشرع قيام النيابة العامة برفعها أو تدخلها فيها، فإنها تعتبر خصماً في الدعوى لها كافة الحقوق المقررة للخصوم أمام القضاء، وهى بطبيعتها لا تتجزأ، ويمثلها أي من أعضائها في كافة المهام التي تقوم بها طبقاً للقانون، وليس هناك ما يمنع من أن يكون عضو النيابة الذي مثلها بالحضور أو بإبداء الرأي بمذكرة أمام محكمة الاستئناف هو ذاته الذي مثلها أمام محكمة أول درجة، ولا يسرى في حقه قواعد عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى، باعتباره سبق أن أبدى الرأي فيها عملاً بنص المادة 102 من قانون المرافعات وما بعدها، إذ أن الباب السابع من الكتاب الثاني من قانون المرافعات المدنية والتجارية خاص بعدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيتهم وحدهم قد ورد سبيل الحصر والقصر، والاستثناء لايجوز التوسع فيه أو القياس عليه، فلا يسرى ذلك على أعضاء النيابة العامة، إذ أن رأيهم لا يعتبر بمثابة حكم في الدعوى، ولا يقيد المحكمة، ومن حقها أن تَطَّرحَه أو تأخذ به وفقاً لما تراه متفقاً مع القانون والواقع في الدعوى، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.