1 -
إحالة الموظف إلى التحقيق. يعد مانعاً حائلاً دون قبول استقالته أو إعمال قرينة قبولها حكما لفوات الميعاد لاعتبارها مقبولة. علة ذلك. ارتباط ذلك بالنظام التأديبي وما يقوم عليه من ردع ولعدم إفلات الموظف من المساءلة التأديبية عما اقترفه من ذنب إداري.
القواعد القانونية
النص في المادة (74/4) من المرسوم في شأن نظام الخدمة المدنية الصادر في 4/4/1979 على أنه (ولا يجوز قبول استقالة الموظف إذا كان قد أحيل إلى التحقيق أو أوقف عن العمل أو اتخذت ضده أية إجراءات تأديبية أخرى فإذا انتهت هذه الإجراءات إلى عدم مسئوليته أو مجازاته بغير عقوبة الفصل جاز قبول استقالته) والنص في المادة (75) من ذات القانون على أن (على الموظف أن يستمر في أداء عمله إلى أن يبلـغ بقرار قبـول الاستقالـة أو إلى أن ينقضي الميعـاد المحـدد لاعتبارها مقبولة، ويستحق الموظف مرتبه حتى تاريخ إبلاغه بقرار قبول الاستقالة أو انقضاء المدة التي تعتبر الاستقالة بعدها مقبولة) يدل على أن طلب الاستقالة -طبقاً للأصول العامة للوظيفة وللنظام القانوني لها -الذي يقوم على ضمان حسن سير العمل بالمرفق العام بانتظام واطراد -لاينتج بذاته أثره القانوني في فصم رابطة التوظيف، وإنما يتوقف حدوث هذا الأثر المنهي للخدمة على القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بقبولها صراحة أو انقضاء المدة التي تعتبر بعدها مقبولة حكماً، وينبني على ذلك أن الموظف الذي أبدى رغبته في ترك العمل بتقديم استقالته عليه أن يستمر في أداء عمله ومباشرة واجبات وظيفته إلى أن تخطره جهة الإدارة بقبولها، أو إلى ما بعد انقضاء الميعاد المحدد لاعتبارها مقبولة، فإذا كان الموظف قد أحيل إلى التحقيق فإن ذلك يعد حائلاً مانعاً دون قبول استقالته أو إعمال قرينة قبولها حكماً لفوات الميعاد لاعتبارها مقبولة، لارتباط ذلك بالنظام التأديبي وما يقوم عليه من زجر وردع، وما يرنو إليه في هذا الصدد من عدم إفلات الموظف من المساءلة التأديبية عما اقترفه من ذنب إداري. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد أحيل إلى التحقيق لما نسب إليه من ارتكابه المخالفة الإدارية بعدم مبيته في المستشفى أيام خفارته في 15 و 19 و 23 و 27 و 31 من شهر ديسمبر سنة 2001 وأنه حتى يوم تقديمه لاستقالته في 3/4/2002 لم تكن الجهة الإدارية قد أصدرت قرارها في خصوص ما انتهى إليه هذا التحقيق، فظل أمر قبول استقالته معلقاً إلى أن تنتهي الجهة الإدارية من تحديد مسئوليته، ثم بعد ذلك أصدرت بتاريخ 8/4/2002 قراراً بخصم بدل أيام الخفارة الخمس ومجازاته بخصم يومين من راتبه، ثم أعقبت ذلك بإصدار قرارها بتاريخ 24/4/2004 بقبول استقالة المطعون ضده اعتباراً من يوم تقديمها فإن هذا القرار الأخير لا ينال من سلامة القرار المطعون فيه بمجازاته تأديبياً إذ أن صفة المطعون ضده كموظف وحتى صدور قرار قبول استقالته في 24/4/2002 كانـت قائمة لم تنحسر عنه أو تزايله، ولم تنفصم عُرى علاقته القانونية بجهة عمله إلا من تاريخ صدور القرار الأخير، وذلك إعمالاً للقرار بأثر مباشر والذي يعد من قبيل القرارات الفورية التي تحدث أثرها وقت صدورها، فليس من شأن صدور قرار قبول استقالته لاحقاً وارتداد قبول استقالته حكماً إلى تاريخ تقديم استقالته القول بانتفاء صفة الموظف عن المطعون ضده التي كانت ما فتئت قائمة فعلاً عند صدور قرار توقيع الجزاء عليه بما يؤثر على صحة هذا القرار بحسبان أن العبرة في تقدير ما إذا كان القرار صحيحاً أو غير صحيح هى بكونه كذلك وقت صدوره لا بما قد يجد بعد ذلك من أحداث من شأنها أن تغير وجه الحكم عليه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى زوال صفة المطعون ضده كموظف منذ تاريخ تقديمه لاستقالته في 3/4/2002 وليس من تاريخ القرار الصادر بقبولها في 24/4/2002 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه ويُوجب تمييزه في هذا الخصوص.
(الطعنان 850، 853/2003 إداري جلسة 20/12/2004)
2 -
السبب في القرار التأديبي بوجه عام. ماهيته.
- للجهة المختصة بالتأديب سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء. شرط ذلك.
- للقضاء التحقق من سبب القرار وصحة الوقائع التي بني عليها وصحة تكييفها القانوني وملاءمة الجزاء وتناسبه مع المخالفة الثابتة في حق الموظف. استخلاص ذلك. موضوعي. مثال.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن السبب في القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه، سلباً أو إيجاباً أو يسلك سلوك معيناً ينطوي على تقصير أو إهمال في القيام بعمله أو في أداء واجبات وظيفته أو خروج على مقتضياتها أو إخلال بكرامتها أو بالثقة الواجب توافرها فيمن يقوم بأعبائها، وكان من المقرر أنه للجهة المختصة بالتأديب سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك إلا أن يشوب تقديرها غلو، الذي من صوره عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره، وللقضاء التحقق من سبب القرار ومن صحة الوقائع التي بنى عليها وصحة تكييفها القانوني ومن ملائمة الجزاء وتناسبه مع المخالفة الثابتة في حق الموظف ليكون الجزاء عادلاً واستخلاص ذلك هو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع بلا معقب عليها بما لها من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى متى كان استخلاصها سائغاً له سنده الثابت بالأوراق يؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وتأييد قرار الجزاء المطعون فيه على ما ثبت له من الأوراق من أن الطاعن أقام الدعوى رقم 138/2001 بطلب الحكم بتعديل مسماه الوظيفي من باحث اقتصادي إلى مراقب واصطنع لنفسه عدة مستندات منها هوية مجلس الأمة وشهادات ببيان راتبه ثابت بها أن مسمى وظيفته مراقب إدارة، على الرغم من أن مسمى وظيفته وفقاً لقرار تعينه رقم 138 لسنة 2001 هو "باحث اقتصادي" بإدارة الإعداد والمتابعة ووقع بالعلم على هذا المسمى، كما أنه ردد بالتحقيق أن حقيقة وظيفته هى "مراقب" وأن قرار تعيينه بوظيفة "باحث اقتصادي "هو قرار معيب، بالإضافة إلى أن "طباع" إدارة العلاقات العامة بالمجلس شهد في التحقيق بأن الطاعن طلب منه استخراج الهوية بوظيفة مراقب إدارة، وخلص الحكم إلى أن ما نسب إلى الطاعن باستخراجه لهويته بمجلس الأمة وبعض الشهادات بمسمى مراقب واستعماله لها رغم علمه بأن هذا المسمى غير صحيح ثابت في حقه ثبوتاً يقينياً، مما تقدم ومن أنه المستفيد الوحيد من استعمال هذا المسمى رغم أنه يعمل بوظيفة "باحث اقتصادي" حسب قرار تعيينه، وأنها تشكل ذنبا إدارياً خرج به على مقتضى الواجب الوظيفي يستوجب عقابه تأديبياً وإن قرار مجازاته المطعون فيه بتخفيض راتبه الشهري بمقدار الربع لمدة ستة أشهر هو جزاء متناسب مع المخالفة الثابتة في حقه وانتهى الحكم إلى أن القرار محل الطعن قام على سببه الصحيح الذي يبرره في غير غلو ورتب على ذلك قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبتأييد القرار، فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لا مخالفة فيها للقانون أو للثابت بالأوراق ولا يعدو النعي عليه بهذه الأسباب أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع لايجوز إثارته أمام محكمة التمييز ويضحي النعي برمته على غير أساس.