1 -
اعتبار الحادث قوة قاهرة. شرطه. عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه. لا يلزم لاعتبار الحادث ممكن التوقع أن يقع وفقاً للمألوف من الأمور. كفاية أن تشير الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله ولا يلزم أن يكون المدين على علم بهذه الظروف إذا كانت لا تخفي عن الشخص شديد اليقظة والتبصر. علة ذلك: أن عدم إمكان التوقع اللازم لتوافر القوة القاهرة يجب أن يكون مطلقاً لا نسبياً. مخالفة الحكم ذلك. خطأ في تطبيق القانون يُوجب تمييزه. مثال بشأن مسألة فرض الحظر الاقتصادي على العراق والمترتب عليها احتمال ضبط أي باخرة في مياه الخليج للاشتباه في حملها بضائع عراقية وهي من الأمور الممكن توقعها ولا تخفي على أقل الناس يقظة أو تبصراً وبما لا تتوافر معه الظروف القاهرة.
القواعد القانونية
من المقرر-وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه يتعين لاعتبار الحادث قوة قاهرة، وفق المادة 437 من القانون المدني، عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه، فإذا تخلف أحد هذين الشرطين انتفت عن الحادث صفة القوة القاهرة، ولا يلزم لاعتبار الحادث ممكن التوقع أن يقع وفقاً للمألوف من الأمور، بل يكفى لذلك أن تشير الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله، كما لا يلزم أن يكون المدين قد علم بهذه الظروف إذا كانت لا تخفى عن الشخص شديد اليقظة والتبصر، لأن عدم إمكان التوقع اللازم لتوفر القوة القاهرة يجب أن يكون مطلقاً لا نسبياً، فالمعيار في هذه الحالة موضوعي لا ذاتي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب المؤسسة العامة للموانئ الكويتية - الطاعنة الثانية - إلزام الشركة المطعون ضدها بالرسوم ومصاريف إعاشة البحارة المترصدة للمؤسسة بذمة الشركة عن فترة احتجاز السفينة بالميناء، وذلك على ما أورده من أن دخول السفينة إلى الميناء إنما كان بقرار من قوات التحالف الدولي التابعة للأمم المتحدة العاملة بمياه الخليج تنفيذاً لقراري مجلس الأمن رقم 661، 665 لسنة 1990 بفرض الحظر الاقتصادي على الصادرات العراقية بعد أن اصطحبتها تلك القوات تنفيذاً للحظر المشار إليه إلى المياه الإقليمية لدولة الكويت، ومن ثم إلى الميناء، وذلك لفحص حمولتها، وإذ تبين أن الحمولة من نفط البصرة العراقي المحظور، فقد تم تفريغه وبيعه لحساب الأمم المتحدة، وأن المؤسسة العامة للموانئ الكويتية رفضت السماح للسفينة بالمغادرة ما لم تدفع الرسوم والمصاريف آنفة الذكر، وخلص الحكم من ذلك إلى أن استيقاف السفينة بمياه الخليج واصطحابها للمياه الإقليمية الكويتية ثم الميناء كان نتيجة ظروف قاهرة لا يد لها فيها وخارجة عن إرادتها. وإذ كان هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه مخالف لما هو مقرر قانوناً من أنه يشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه بينما الحال غير ذلك في الظروف التي ضبطت فيها السفينة التابعة للمطعون ضدها، ذلك أن مسألة فرض الحظر الاقتصادي على العراق منذ العام 1991 وحتى عهد قريب واحتمال ضبط أي باخرة في مياه الخليج للاشتباه في حملها بضائع عراقية هي من الأمور الممكن توقعها ولا تخفى على أقل الناس يقظة أو تبصراً، وبما لا تتوافر معه الظروف القاهرة التي عّول الحكم عليها في إعفائه الشركة المطعون ضدها من سداد الرسوم والمصاريف المستحقة على السفينة العائدة إليها، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن فساد استدلاله، مما يعيبه ويُوجب تمييزه.