1 -
- استناد المطعون ضده في المطالبة بالتعويض إلى خطأ محقق الإدارة العامة للتحقيقات لدي قيامه بالتصرف في الجنحة بأن قدمه هو للمحاكمة بدلاً من المتهم الحقيقي. صدور هذا الفعل من الادعاء العام في نطاق الاختصاص القضائي المخول له قانوناً. م102 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية. أثره. عدم جواز مساءلة الدولة بالتعويض عنه. اعتبار الحكم المطعون فيه هذا التصرف عملاً مادياً تتحقق به مسئولية الطاعن بصفته. خطأ في تطبيق القانون يُوجب تمييزه.
القواعد القانونية
- مفاد المواد 9، 102، 107 من القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أن المشرع قد ناط بالمحققين في دائرة الشرطة والأمن العام الاختصاص بمباشرة التحقيق والتصرف والادعاء في قضايا الجنح مثلما أناط بالنيابة العامة سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في قضايا الجنايات-ومن المقرر أن ما تصدره النيابة العامة باعتبارها شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية خصتها القوانين بسلطة قضائية بالتحقيق في الجرائم ورفع الدعوى على مرتكبيها فإن ما تصدره بصفتها الأمينة على الدعوى العمومية والمشرفة على رجال الضبطية القضائية يكون أعمالاً قضائية صادرة عن هيئة قضائية وليس من قبيل القرارات الإدارية سواء منها ما كان سابقاً على رفع الدعوى أو متعلقا بسيرها أو متصلا بتنفيذ الحكم فيها لما لها من صلة بأداء مرفق القضاء لمهمته سواء استندت النيابة العامة في مباشرتها إلى قانون الإجراءات الجزائية أو إلى تشريع خاص مادام مرد سلطتها في ذلك كله إلى القانون. والفيصل في التفرقة في طبيعة القرار تعرف الصفة التي باشرت العمل بمقتضاها فإن فعلت ذلك بصفتها الأمينة على الدعوى العمومية والمشرفة على الضبطية القضائية اعتبر العمل قضائياً، وإن اتخذته بعيداً عن ذلك النطاق وبحسبانها هيئة إدارية لها اختصاصاتها الإدارية الأخرى اعتبر العمل إدارياً وليس قضائياً ولا يجرد قرارها من صفته القضائية النعي عليه بمخالفة القانون وتجاوز السلطة أو غير ذلك من عيوب عدم المشروعية إذا صح القول به، كما أن من المقرر أن أعمال الضبط القضائي التي لا تسأل الدولة عنها تقتصر على أوامر وإجراءات مأموري الضبطية القضائية التي تصدر عنهم في نطاق الاختصاص القضائي الذي خولهم القانون إياه وأضفي عليهم فيه تلك الولاية القضائية كالقبض والتفتيش والحبس الاحتياطي والمنع من السفر الصادر من إحدى جهات التحقيق. لما كان ذلك، وكان الواقع الثابت بالأوراق أن المطعون ضده أقام دعواه بطلب إلزام الطاعن بصفته بالتعويض على سند من أن محقق الإدارة العامة للتحقيقات تابع الطاعن لدي مباشرته إجراءات التحقيق والتصرف في قضية الجنحة رقم 608/1998 العمرية أخطأ في بيان اسمه بأن اسند إليه تهمة السرقة المقام عنها تلك الجنحة بدلاً من المتهم الحقيقي مرتكب الفعل المؤثم وهو "...." مما ترتب عليه أنه اتهم بجريمة سرقة لم يقترفها حتى قضي في الاستئناف رقم 4615 لسنة 99 جنح مستأنف ببراءته من التهمة المسندة إليه وقد لحق به من جراء هذا الفعل الخاطئ أضراراً مادية وأدبية يقدر التعويض عنها مؤقتا بالمبلغ المطالب به، وإذ كان مؤدي ذلك أن المطعون ضده يؤسس دعواه على أن ثمة خطأ قد وقع من محقق الإدارة العامة للتحقيقات لدي قيامه بالتصرف في قضية الجنحة رقم 608 لسنة 89 جنح العمرية بأن قدمه للمحاكمة بدلاً من المتهم الحقيقي مرتكب الجريمة وكان هذا الفعل قد صدر من الادعاء العام في نطاق الاختصاص القضائي الذي خوله القانون إياه عملاً بنص المادة 102 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية التي ناطت بالمحقق بعد إتمام التحقيق أن يقدم المتهم للمحاكمة الجزائية مادام أن الفعل المسند إليه يشكل جريمة وأن الأدلة ضد المتهم كافيه لثبوت الفعل المؤثم في حقه وبالتالي فلا تسأل الدولة عن الخطأ المطالب بالتعويض عنه والذي وقع من المحقق لدي مباشرته اختصاصه القضائي بصفته الأمين على الدعوى العمومية إذ يعد هذا الفعل منه عملاً قضائياً وليس عملاً مادياً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن هذا التصرف من المحقق عملاً مادياً ولا يعتبر من أعمال سلطة الضبطية القضائية المتعلقة بالتصرف في قضية الجنحة المشار إليها ورتب على ذلك أن هذا الفعل يتوافر به ركن الخطأ في جانب الطاعن بصفته مما يُوجب مسئوليته عنه وانتهي في قضائه إلى إلزامه بالتعويض المقضي به فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يُوجب تمييزه.
(الطعن 243/2001 مدني جلسة 18/3/2002)
2 -
- القرار الإداري. ماهيته وما يميزه عن أعمال الإدارة التي تخرج عن اختصاص الدائرة الإدارية.
القواعد القانونية
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن القرار الإداري هو ذلك الذي تفصح به جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة، وهو يتميز عن أعمال الإدارة التي تخرج عن اختصاص الدائرة الإدارية المختصة نوعياً بنظر المنازعات الإدارية بأن الأول يجب أن يكون بقصد إحداث أثر قانوني معين سواء كان إنشاء حالة قانونية معينة أو تعديلها أو إلغاءها بالإرادة المنفردة الملزمة للسلطة الإدارية في حين أن تلك الأعمال سواء أكانت مادية أو إجراءات تنفيذية تباشرها جهة الإدارة تنفيذاً لأحكام القانون لا يترتب عليها بذاتها أثاراً قانونية معينة إلا ما كان منها وليد إرادة المشرع مباشرة.
(الطعنان 190، 193/2001 إداري جلسة 26/5/2003)
3 -
- الأسواق العامة المخصصة للنفع العام. شغلها يكون مقابل رسم لا أجرة وبموجب تراخيص مؤقتة غير ملزمة للسلطة المرخصة والتي لها إلغائها أو الرجوع فيها قبل حلول أجلها لداعي المصلحة العامة. إصطباغ هذه التراخيص بصبغة العقود الإدارية وتحكمها الشروط الواردة فيها والقواعد التي تنظم هذا النوع من الالتزام وكل ذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص أو القيود التي يفرضها. انعقاد الاختصاص بنظر أي نزاع بشأنها للدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية.
القواعد القانونية
من المقرر أن الأسواق العامة التي تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى للنفع العام لا يتم شغلها إلاّ على سبيل الترخيص المؤقت، وهو بطبيعته غير ملزم للسلطة المرخصة التي لها دائماً لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه أو الرجوع فيه قبل حلول أجله، ويكون منحه للمنتفع مقابل رسم لا أجرة، كما أنه يصطبغ في هذه الحالة بصبغة العقود الإدارية وتحكمه الشروط الواردة فيها والقواعد القانونية التي تنظم هذا النوع من الانتفاع، ومنها التزام المنتفع بالالتزامات الملقاة على عاتقه، وكل أولئك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام، ولا تخضع للقانون الخاص أو القيود التي يفرضها، وكان الطاعن لا يمارى في أن العين محل النزاع هى الخانة رقم 165 من (السوق المركزي للخضار والفواكه بالشويخ) وأنه قد رُخص له بالانتفاع بها بموجب (ترخيص إداري مؤقت) صادر له من إدارة أملاك الدولة بوزارة المالية برقم 34673 في 21/5/1988، فإنه بهذه المثابة يكون مصطبغاً بصبغة العقود الإدارية ويدخل في زمرتها، ويكون الاختصاص بنظر أي نزاع بشأنه معقوداً للدائرة الإدارية وحدها وفقاً لما تقضى به المادة 2 من المرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء الدائرة الإدارية المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1982.
(الطعنان 678، 683/2002 إداري جلسة 27/10/2003)
4 -
- أعمال السيادة. العناصر التي تميزها عن الأعمال الإدارية العادية. ماهيتها.
- طلب العامل تحويل كفالته إلى كفيل آخر لانتهاء علاقة العمل بينه وبين الأول. خروجه عما تصدره الحكومة من أعمال باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة لتنظيم علاقاتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية. دخوله في ولاية المحاكم. تصدي الحكم المطعون فيه لهذا الطلب وفصله فيه. لا يعيبه.
القواعد القانونية
من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن المشرع إذ لم يورد تعريفاً أو تحديداً لأعمـال السيادة التي نُصَّ -في المادة الثانية من القانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن تنظيم القضاء -على منع المحاكم من نظرهـا، فإنه يكون قد ترك أمر تحديدها للقضاء اكتفاءً بإعلان مبدأ وجودها، ومن ثم تكون المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من الحكومة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه، ومحكمة الموضوع تخضع في تكييفها هذا لرقابة محكمة التمييز، وأنه ولئن كان يتعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة أو حصر دقيق لها إلا أن ثمة عناصر تميزها عن الأعمال الإدارية العادية أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية فهي تصدر من الحكومة بوصفها سلطة حكم وليس بوصفها سلطة إدارة فينعقد لها في نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا في اتخاذ ما ترى فيه صلاحاً للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليها منه. لما كان ذلك، وكان طلب المطعون ضده الأول في حقيقته الحكم بأحقيته في تحويل كفالته من طرف المطعون ضده الثاني إلى كفيل آخر لانتهاء علاقة العمل بينه وبين الأول، يعد بمنأى عما تصدره الحكومة من أعمال باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة لتنظيم علاقاتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية ومن ثم فهو يدخل في ولاية المحاكم، وإذ تصدى الحكم المطعون فيه لهذا الطلب وفصل فيه فإنه لا يكون قد خالف القانون ويضحي النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
(الطعن 176/2002 مدني جلسة 4/10/2004)
5 -
- أعمال الإدارة. ماهيتها ورقابة القضاء عليها
القواعد القانونية
أعمال السيادة -وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- هى تلك التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم وليس بصفتها سلطة إدارة وتصدر عنها في نطاق وظيفتها السياسية كسلطة عليا تتخذ ما ترى فيه أمن الوطن وسلامته وللمحافظة على سيادة الدولة وكيانها. أما القرارات الإدارية التي تتخذها بصفتها سلطة إدارة لا سلطة حكم ومن ثم يجب أن تصدر هذه القرارات في إطار القانون المنظم لها وتلتزم ضوابطه وحدوده، ومن هذه القرارات ما تصدره الإدارة في مجال الصحف بتعطيل إصدارها أو وقفها أو إلغاء ترخيصها، فهي قرارات إدارية تتم على مقتضى أحكام الدستور والقانون الصادرة في الشأن الصحفي. لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه بإلغاء ترخيص إصدار مجلة الشاهد صدر استناداً إلى أحكام القانون رقم 3 لسنة 1961 في شأن المطبوعات والنشر وتعديلاته الذي حدد شروطه وضوابط إصداره في إطار تنظيم عام للمطبوعات والنشر، فإنه يكون من أعمال الإدارة لا من أعمال السيادة ومن ثم يخضع للرقابة القضائية وتختص المحاكم بنظر الطعن عليه.
(الطعن 294/2004 إداري جلسة 28/3/2005)
6 -
خطأ الموظف الشخصي والخطأ المرفقي. التفرقة بينهما. معيارها. القصد الذي ينطوى عليه تصرف الموظف وهو يؤدى واجبات وظيفته. اعتبار الخطأ شخصياً إذا كان خطأ جسيماً قصد به الموظف النكاية أو الإضرار بالغير أو تغيا منفعته الذاتية. العمل الذي يقصد به الموظف تحقيق مصلحة عامة أو تحقيق أحد الأهداف المنوط بالإدارة تحقيقها وتدخل في وظيفتها الإدارية. اندماج الخطأ في هذه الحالة في أعمال الوظيفة. اعتباره خطأ مرفقياً تسأل عنه الإدارة دون الموظف. التفرقة بينهما يستخلصها القاضي من ظروف كل حالة على حدة مستهدياً بهذه المعايير.
القواعد القانونية
في مجال مسئولية الموظف المدنية يتعين التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الذي ينسب إلى الموظف ويعتبر الخطأ شخصياً إذا كان العمل مصطبغ بطابع يكشف عن الإنسان بضعفه ونزواته وعدم تبصره، أما إذا كان العمل الضار غير مصطبغ بطابع شخصي وينم عن موظف معرض للخطأ والصواب فإن الخطأ في هذه الحالة يكون مرفقياً فالعبرة بالقصد الذي ينطوى عليه تصرف الموظف وهو يؤدى واجبات وظيفته فكلما قصد النكاية أو الإضرار بالغير أو تغيا منفعته الذاتية أو كان خطؤه جسيماً فإن خطؤه في هذه الحالة يكون شخصياً ويسأل عنه الموظف الذي وقع منه هذا الخطأ في ماله الخاص أما إذا كان الموظف يهدف من العمل الذي وقع منه تحقيق مصلحة عامة أو كان تصرف لتحقيق أحد الأهداف المنوطة بالإدارة تحقيقها والتي تدخل في وظيفتها الإدارية فإن خطأه يندمج في أعمال الوظيفة بحيث لا يمكن فصله عنها وتعتبر من الأخطاء المنسوبة إلى المرفق العام ويكون خطأ الموظف في هذه الحالة خطأ مرفقياً وتسأل عنه الإدارة عن الخطأ الذي وقع منها دون الموظف ومن المقرر أن التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي إنما يتحدد تبعاً لما يستخلصه القاضي من ظروف كل حالة على حده وملابساتها مستهدياً في ذلك بالمعايير السالف بيانها.